You are on page 1of 59

‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫حادث انفجار محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية ‪ 62‬أبريل ‪6542‬م‬

‫د‪/‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬

‫مدرس بقسم العموم االجتماعية – كمية التربية – جامعة دمنهور – مصر ‪.‬‬

‫البريد اإللكتروني‪D_a_abdelsyed@edu.dmu.edu.eg :‬‬

‫ممخص البحث‪ :‬يتناول البحث حادثة انفجار محطة الطاقة النووية في تشيرنوبيل باالتحاد السوفيتي في‬
‫إبريل ‪6891‬م‪ ،‬فقد تطورت الطاقة النووية في االتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ونتيجة ليذا‬
‫بدأت في تأسيس المفاعبلت النووية‪ ،‬وقد وقعت حوادث نووية قبل تشيرنوبيل‪ ،‬تم التعتيم عمييا من قبل‬
‫السمطات السوفيتية‪ .‬وكان انفجار محطة تشيرنوبيل نتيجة لمجموعة من األسباب منيا ما يتعمق‬
‫بالعاممين ومنيا ما يتعمق بتصميم المفاعل‪ ،‬وكان لمحادث آثار خطيرة متمثمة في انتشار المواد المشعة‬
‫في المناطق المحيطة بالمحطة وامتداد الغبار الذري لمناطق واسعة سواء داخل االتحاد السوفيتي أو في‬
‫أوربا‪ ،‬حاولت السمطات السوفيتية القيام بمجموعة من التدابير لمواجية تداعيات الحادث كان من بينيا‬
‫إجبلء السكان وتطيير المنطقة من المواد المشعة‪ .‬ولكن كان لمحادث آثار متعددة الجوانب سواء عمى‬
‫السياسة الدولية في إطار العبلقات بين الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتي وتوتر العبلقات بينيم خبلل‬
‫ىذه الفترة‪ ،‬والذي انتيى بزيادة التعاون في مجاالت السبلمة النووية في إطار الوكالة الدولية لمطاقة‬
‫الذرية‪ .‬وكذلك كان لمحادث آثار صحية عمى األشخاص الذين تعرضوا لممواد المشعة وآثار سياسية‬
‫واجتماعية واقتصادية داخل االتحاد السوفيتي‪ ،‬ساىمت في التعجيل باالنييار الذي لحق بو في السنوات‬
‫التالية‪ .‬وامتد تأثير الحادث ليشمل الدول المحيطة باالتحاد السوفيتي في أوربا‪ ،‬وزيادة في القمق العالمي‬
‫من الطاقة النووية‪ .‬وحاولت األمم المتحدة بمنظماتيا المختمفة تقديم المساعدة لتخفيف آثار الحادث‪.‬‬

‫الكممات المفتاحية‪ :‬االتحاد السوفيتي – تشيرنوبيل – الطاقة النووية – أوكرانيا‬

‫‪626‬‬
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

Chernobyl Nuclear Power Plant Accident, 26 April 1986

Abstract: The present research investigates the 1986 Chernobyl nuclear


power plant explosion accident in the Soviet Union. Nuclear power developed
significantly in the Soviet Union after World War II, as a result, the Soviet
Union started to establish nuclear reactors like those in Chernobyl. Nuclear
accidents occurred prior to Chernobyl, but they were obscured by the Soviet
authorities. The explosion of the Chernobyl plant was the result of a range of
reasons, including personnel and reactor design. The Chernobyl accident also
had serious effects represented in the spread of radioactive materials around
the station and the spread of atomic dust to large areas, both inside the
Soviet Union and in Europe. The Soviet authorities attempted to take a series
of measures to counter the consequences of the accident, including
evacuating the population and clearing the area of radioactive materials.
Nevertheless, the accident had multifaceted impacts, both on international
policy within the framework of the relations between the United States and the
Soviet Union and the strained relations between them during this period,
which ended up with increased cooperation in the fields of nuclear safety
within the framework of the International Atomic Energy Agency (IAEA). In
addition to health effects on people who were exposed to radioactive
materials, the Chernobyl accident had political, social and economic
consequences within the Soviet Union, which contributed to accelerating the
collapse of it in the following years. The impact of the accident extended to
include countries surrounding the Soviet Union in Europe, and an increase in
global concern about nuclear power. Hence, the United Nations and its
various organizations have tried to provide assistance to mitigate the effects
of the accident.

Keywords: Soviet Union – Chernobyl – Nuclear Power – Ukraine

626
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫مقدمة‬

‫تعد قضية االستخدامات السممية لمطاقة النووية من األمور المطروحة باستمرار عمى الساحة‪،‬‬
‫خاصة في ظل تكرار أزمات الوقود األحفوري‪ ،‬وتذبذب أسعاره‪ ،‬وتأثره بالظروف السياسية في الدول‬
‫المنتجة‪ .‬وليذا كان اتجاه الدول الستخدام الذرة في توليد الطاقة‪ .‬وترجع أىمية الموضوع إلى أنو يناقش‬
‫قضية غاية في األىمية في ىذا المجال أال وىي انفجار محطة الطاقة النووية في تشيرنوبيل في عام‬
‫‪6891‬م‪ ،‬وما نتج عنيا من آثار سواء كانت داخل االتحاد السوفيتي أو خارجو في الدول المحيطة‪.‬‬
‫واإلطار الزمني لمدراسة يدور في الفترة الممتدة من وقوع الحادث في أبريل ‪6891‬م والسنوات البلحقة‬
‫مباشرة لمحادث‪ .‬في فترة كان العالم ينشد فييا قد ار أكبر من التفاىم بين القوتين العظمتين‪ .‬وكانت أىم‬
‫نتيجة لمحادث اإلدراك العام لخطورة الحوادث النووية‪ ،‬وعدم اقتصار آثارىا عمى الدولة التي وقع فييا‬
‫الحادث فقط وامتدادىا لدول أخرى‪ ،‬ولفترة زمنية طويمة‪ .‬ومن ىنا جاءت مشكمة الدراسة‪:‬‬

‫ما ىي طبيعة البرنامج النووي السوفيتي وأىدافو؟‬

‫ما ىي األسباب التي أدت إلى وقوع حادث تشيرنوبيل؟‬

‫ما ىي اإلجراءات التي اتخذتيا السمطات السوفيتية فور وقوع الحادث؟‬

‫ما ىي الصعوبات التي واجيتيا الحكومة السوفيتية في التعامل مع تداعيات الحادث؟‬

‫كيف تأثرت العبلقات السوفيتية – األمريكية من جراء ىذا الحادث؟‬

‫ما مدى تأثير ىذا الحادث عمى األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية لبلتحاد السوفيتي؟‬

‫ما مدى تأثير ىذا الحادث عمى الدول المحيطة باالتحاد السوفيتي؟‬

‫ما ىي التدابير الدولية تجاه مواجية ىذا الحادث والتعامل مع الحوادث المشابية في المستقبل؟‬

‫والمنيج الذي تتبعو الدراسة ىو الوصفي التحميمي‪ ،‬والذي من خبللو تم وصف الظروف التي وقعت‬
‫فييا حادثة تشيرنوبيل‪ ،‬وتحميل نتائج ىذا الحادث وتداعياتو‪ ،‬وتتبع آثاره المتنوعة سواء كانت سياسية أو‬
‫اقتصادية أو اجتماعية‪ ،‬والتي امتدت لمدول المحيطة‪ .‬كما تم اتباع المنيج التاريخي في معرفة أبعاد‬
‫الحادث وارتباطيا بطبيعة البرنامج النووي السوفيتي وتطوره‪.‬‬

‫‪636‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫لعبت الطاقة النووية دو اًر بار اًز بشكل استثنائي في تاريخ االتحاد السوفيتي‪ ،‬حيث عجمت في البداية‬
‫صعوده إلى مكانة القوى العظمى وعززت رؤيتو لممستقبل‪ ،‬لكنيا في النياية عجمت بزوالو في أعقاب‬
‫كارثة تشيرنوبيل ‪ .6891‬وليس ىناك شك في أنو دون األسمحة النووية‪ ،‬لم يكن االتحاد السوفيتي‬
‫ليتمكن من ترسيخ انتصاره بشق األنفس في الحرب العالمية الثانية (‪ )6891 – 6898‬وتحقيق مكانة‬
‫(‪)6‬‬
‫حيث كانت القوة النووية السوفيتية بمثابة رمز لتفوق النظم االقتصادية واأليديولوجية‬ ‫القوة العظمى‪.‬‬
‫الوطنية‪ ،‬من خبلل إثبات أن العمماء السوفييت كانوا قادرين‪ ،‬عمى الوصول إلى الغرب وتجاوزه في َن َواح‬
‫متقدمة من العموم‪ .‬وقد أدت اإلنجازات التي تحققت في المعرفة النووية إلى إضفاء شرعية عمى أجندات‬
‫(‪)2‬‬
‫النظام السياسية المحمية والدولية‪.‬‬

‫وقد طور االتحاد السوفيتي قنبمتو الذرية الخاصة وأختبرىا في عام ‪6898‬م‪ .‬وقد كان البرنامج‬
‫النووي المدني لبلتحاد السوفيتي لو أىمية من الناحية األيديولوجية تفوق في بعض األحيان أىميتو من‬
‫الناحية االقتصادية‪ .‬حيث دعا عمماء الذرة السوفييت إلى تسخير طاقة الذرة لتوليد الكيرباء منذ أواخر‬
‫األربعينيات‪ ،‬وقام ىؤالء العمماء بربط أول محطة لمطاقة النووية بالعالم بشبكة الكيرباء في أوبنينسك‬
‫‪ Obninsk‬بالقرب من موسكو‪ .‬ورغم أن كمية الطاقة المنتجة كانت ضئيمة‪ ،‬فإن مقدار الدعاية التي‬
‫ولدتيا لمدولة السوفيتية كان ىائبلً‪ .‬فمن الممكن لمدعاية السوفيتية أن تقارن بين ذرة الرأسمالية الحربية‬
‫(‪)9‬‬
‫النزعة في ىيروشيما وناجازاكي مع توأميا االشتراكي الذي يبدو أغراضو سممية‪.‬‬

‫وكانت الصناعة النووية السوفيتية النامية محاطة بالسرية‪ ،‬مثل عديد من البرامج األخرى‪ ،‬وحققت‬
‫السرية ثبلثة أىداف رئيسة‪ :‬أوليا‪ ،‬وأكثرىا وضوحاً‪ ،‬عممت عمى إخفاء ىذه الجيود عن العدو وىو‬
‫الواليات المتحدة وحمفائيا‪ .‬وكان اليدف الثاني‪ ،‬الذي لم يؤخذ في االعتبار عادة‪ ،‬ىو التحكم في العمماء‬
‫وبدرجة أقل الميندسين الذين كانوا العقول واأليدي في المشروع كمو‪ .‬وأخي ًار‪ ،‬كانت السرية تحمي قادة‬
‫الصناعة من كل النقد الخارجي‪ .‬وفي العام ‪6811‬م تم تحويل نصف محطات الطاقة النووية العاممة‬
‫من المؤسسة العسكرية إلى و ازرة الطاقة الكيربائية‪ ،‬وىذه الو ازرة كانت معتادة عمى تشغيل محطات حرق‬

‫‪(1) Stefan Guth, Fabian Luscher and Julia Richers, " Nuclear Technopolitics in the‬‬
‫‪Soviet Union and Beyond - An Introduction", Jahrbücher für Geschichte‬‬
‫‪Osteuropas, Vol. 66, No.1, (2018), p. 3.‬‬
‫‪(2) Paul R. Josephson, "Atomic-Powered Communism: Nuclear Culture in the‬‬
‫‪Postwar USSR", Slavic Review, Vol. 55, No. 2 (Summer, 1996), p.298.‬‬
‫‪(3) Stefan Guth, Fabian Luscher and Julia Richers, op. cit., p. 3.‬‬

‫‪636‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫الوقود أو الطاقة الكيرمائية‪ ،‬ولم تكن مستعدة لمتعامل مع التعقيدات اليائمة لمحطات الطاقة النووية‪ .‬ولم‬
‫(‪)6‬‬
‫يكن ىناك حرص عمى نقل الخبرة المؤسسية لمصناعة النووية لو ازرة الطاقة الكيربائية‪.‬‬

‫وبعد وقت قصير من تطوير الطاقة النووية المدنية‪ ،‬وقعت أول كارثة نووية كبرى في عام‬
‫‪6811‬م‪ .‬حيث انفجرت منشأة تخزين النفايات المشعة السائمة في مصنع معالجة ماياك ‪ Mayak‬في‬
‫منطقة كيشتيم ‪( Kyshtym‬إحدى مدن مقاطعة تشيميابينسك أوببلست ‪ )Chelyabinsk Oblast‬إلنتاج‬
‫البموتونيوم‪ .‬حيث انفجرت صياريج التخزين‪ -‬غير جيدة التيوية‪ -‬وتم إطبلق حوالي ‪ 22‬مميون كيوري‬
‫‪( Ci‬الكوري وحدة قياس النشاط اإلشعاعي) من النفايات المشعة في الغبلف الجوي‪ .‬وبسبب الطبيعة‬
‫المحصورة لبلنفجار فإن غالبية النفايات النووية (حوالي ‪ )% 82‬تفرقوا بالقرب من الخزانات عمى شكل‬
‫عجينة سائمة‪ .‬ومع ذلك فإن السحب قامت بتشتيت التموث في المنطقة المحيطة في مقاطعتي‬
‫تشيميابينسك وسفردلوفسك ‪( Sverdlovsk‬إحدى مقاطعات األورال)‪ ،‬حيث كان حوالي ‪ 29‬ألف شخص‬
‫(‪)2‬‬
‫وتم تمويث مساحة قدرىا ‪ 212‬ألف كيمومتر‬ ‫يعيشون في ‪ 99‬قرية عمى طول نير تيتشا ‪.Techa‬‬
‫(‪)9‬‬
‫حيث كانوا إذا عثروا عمى قرية‬ ‫مربع‪ .‬وأعيد توطين حوالي ‪ 62.222‬شخص في نياية المطاف‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫مموثة باإلشعاع‪ ،‬يتم إخبلؤىا حسب ما تمميو الظروف السياسية‪.‬‬

‫وىكذا أدت الممارسات غير المسؤولة إلدارة النفايات المشعة في مصنع ماباك إلى تموث جزء كبير‬
‫من المنطقة بشكل سيئ لدرجة أن القرويين المحميين سرعان ما بدءوا يصابون باألمراض المرتبطة‬
‫باإلشعاع‪ .‬وقد أجبرت الظروف الحكومة السوفيتية عمى البدء في إعادة توطين السكان‪ .‬بينما قام قادة‬
‫األحزاب بإجبلء المجتمعات األكثر تضر اًر بشكل متأخر‪ ،‬وسمح بعد المناطق المموثة إلى جانب الطبيعة‬
‫المغمقة لممجتمع السوفيتي‪ ،‬لمسمطات بمنع ىذه الكوارث من أن تصبح معرفة عامة‪ .‬وعمى الرغم من‬

‫‪(1) Sergei P. Kapitza, "Lessons of Chernobyl: The Cultural Causes of the Meltdown",‬‬
‫‪Foreign Affairs, Vol. 72, No. 3 (Summer, 1993), p.8.‬‬
‫‪)2( Daniel L. Collins, Nuclear Accidents in the Former Soviet Union : Kyshtym,‬‬
‫‪Chelyabinsk, Chernobyl, (Ph.D. Lt Col, Defense Nuclear Agency, Armed Forces‬‬
‫‪Radiobiology Research Institute Bethesda, MD 20889-5145, 1991, USAF), p. 3.‬‬
‫‪)3( Laura Sembritzki, "Maiak 1957 and its Aftermath: Radiation Knowledge and‬‬
‫‪Ignorance in the Soviet Union", Jahrbücher für Geschichte Osteuropas, 2018,‬‬
‫‪Neue Folge, Bd. 66, H. 1, Nuclear Techno politics in the Soviet Union and Beyond‬‬
‫‪(2018), p. 59.‬‬
‫‪)4( Daniel L. Collins, op. cit., p. 4.‬‬

‫‪632‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫انتشار اإلشاعات حول المناطق الميجورة‪ ،‬إال أن الحزب نجح في التيرب من العواقب السياسية المحمية‬
‫(‪)6‬‬
‫والدولية‪.‬‬

‫وعمى الرغم من إحاطة الحادثة بالسرية‪ ،‬فقد أكسبت السوفييت خبرة واسعة في الكوارث البيئية‬
‫(‪)2‬‬
‫وتطورت‬ ‫والصحية المرتبطة بالحوادث النووية‪ .‬وبدأت تتضح مخاطر اإلشعاع وتدابير الحماية منو‪.‬‬
‫طرق التخمص من النفايات النووية والنظائر المشعة‪ ،‬ومن الضروري التعامل مع الممارسات السوفيتية‬
‫خبلل الحادث من منظور تاريخي وفي ضوء المعرفة النووية المتاحة خبلل الخمسينيات والستينيات‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫والتي تبدو حالياً غير كافية‪.‬‬

‫ورغم وقوع حادثة كيشتيم واصرار الحكومة عمى السرية‪ ،‬تميزت المراحل األولى لمبرنامج النووي‬
‫السوفيتي بالنجاح‪ .‬وبعد ذلك سرعان ما بدأ عديد من العمماء واإلداريين الذين ساىموا في تصور وانشاء‬
‫ىذا المشروع في تركو‪ .‬وتم تسميم األمر لجيل جديد‪ ،‬وىو ما أحدث تغي ار حاسما‪ .‬فمم يتم اختيار ىؤالء‬
‫الخبراء بسبب تفوقيم العممي أو التقني ولكن بسبب والئيم السياسي‪ .‬وأدى ىذا المعيار الجديد إلى تدىور‬
‫تدريجي في المستوى الثقافي والفكري والميني لمصناعة‪ .‬ونتيجة لذلك حدث تدىور ممحوظ في معايير‬
‫التميز والمينية التي كانت سمة الصناعة في مراحميا األولى‪ .‬وكذلك لعب الوضع المتدىور لمميندسين‬
‫في المجتمع السوفيتي دو اًر أيضاً‪ ،‬حيث عانوا من ضعف الرواتب ومخصصات اإلسكان‪ ،‬ودعم األسرة‬
‫والرعاية الطبية والترفييية‪ ،‬وكان الميندسون عادة ما يضعون في مرتبة أدنى في السمم االجتماعي‬
‫(‪)9‬‬
‫لمرعاية من العمال الذين يديرونيم‪.‬‬

‫وقوع حادث تشيرنوبيل وتسمسل األحداث‬

‫في وقت وقوع حادث تشيرنوبيل في ‪ 21‬أبريل ‪6891‬م‪ ،‬كان برنامج الطاقة النووية السوفيتي يعتمد‬
‫بشكل أساسي عمى نوعين من المفاعبلت‪ ،‬مفاعل الماء الخفيف المضغوط ‪ ،WWER‬ومفاعل الماء‬
‫الخفيف الجرافيت ‪ .RBMK‬وبينما تم تصدير نوع ‪ WWER‬من المفاعبلت إلى دول أخرى‪ ،‬كان‬
‫تصميم ‪ RBMK‬مقصو اًر عمى الجميوريات داخل االتحاد السوفيتي‪ .‬ويتكون مجمع تشيرنوبيل لمطاقة‪،‬‬
‫الواقع عمى بعد حوالي ‪ 692‬كم شمال كييف ‪ ،Kyiv‬في أوكرانيا‪ ،‬وحوالي ‪ 22‬كم جنوب الحدود مع‬
‫بيبلروسيا ‪ ،Belarus‬من أربعة مفاعبلت نووية من تصميم ‪ RBMK‬بقدرة ألف ميجاوات‪ ،‬الوحدات‬

‫‪)1( Edward Geist, " Political Fallout: The Failure of Emergency Management at‬‬
‫‪Chernobyl", Slavic Review , Vol. 74, No. 1 (Spring, 2015), p. 109.‬‬
‫‪)2( Stefan Guth and Others, op. cit., p. 11, 12.‬‬
‫‪)3( Laura Sembritzki. op. cit., p.48.‬‬
‫‪)4) Sergei P. Kapitza, op. cit., p. 10.‬‬

‫‪633‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫‪ 6,2‬جرى بناؤىا بين عامي ‪6812‬م و‪6811‬م‪ ،‬بينما تم االنتياء من الوحدتين ‪ 9,9‬من نفس التصميم‬
‫في عام ‪ .6899‬وكان ىناك مفاعبلن آخران من نفس الطراز قيد اإلنشاء في الموقع وقت وقوع‬
‫الحادث‪ )6(.‬وقد شكمت الطاقة النووية حوالي ‪ % 66‬فقط من إجمالي توليد الكيرباء في االتحاد السوفيتي‬
‫في عام ‪ .6891‬وشكمت محطات الجرافيت مثل تشيرنوبيل ‪ % 1‬فقط‪ ،‬ومحطة تشيرنوبيل نفسيا حوالي‬
‫(‪)2‬‬
‫مفاعبل‬
‫ً‬ ‫وبحمول وقت وقوع حادث تشيرنوبيل عام ‪ ،6891‬كان لدى االتحاد السوفيتي ‪21‬‬ ‫‪.%6.1‬‬
‫لمطاقة قيد التشغيل‪ ،‬مقسمة بالتساوي تقر ًيبا بين مفاعبلت ‪ RBMK‬ومفاعبلت الماء الخفيف المشابية‬
‫(‪)9‬‬
‫لتمك الموجودة في الغرب‪ ،‬باإلضافة إلى عدد قميل من األنواع األخرى‪.‬‬

‫وتعتمد المفاعبلت من نوع تشيرنوبيل عمى توليد الح اررة من الوقود النووي‪ ،‬مثل اليورانيوم ‪،291‬‬
‫والذي يخضع لعممية تفكك تعرف باسم االنشطار‪ .‬وترتبط ىذه العممية باإلطبلق اليائل لمطاقة‪ ،‬وىي‬
‫أكبر بمبليين المرات من الطاقة المنبعثة عند حرق كتل مماثمة من الوقود األحفوري مثل الغاز أو النفط‬
‫أو الفحم‪ .‬ويتم إنتاج ىذه الح اررة في قمب المفاعل بمعدل متحكم فيو‪ ،‬ويتم استخبلصيا من القمب عن‬
‫طريق مجموعة متنوعة من المبردات‪ ،‬وتستخدم الطاقة المستخرجة بيذه الطريقة لتوليد البخار الذي‬
‫(‪)9‬‬
‫ومن المفارقات‪ ،‬فقد كان اختبار أمان غير حكيم ىو الذي تسبب‬ ‫يستخدم لتشغيل المولدات التوربينية‪.‬‬
‫في وقوع الحادث‪ ،‬فقد كان من المقرر إغبلق مفاعل الوحدة (‪ )9‬لمصيانة الروتينية في ‪ 21‬أبريل‬
‫‪6891‬م‪ .‬وتقرر االستفادة من ىذا اإلغبلق في إجراء ىذا االختبار‪ ،‬الذي كان اليدف منو ىو تحديد ما‬
‫إذا كانت مولدات توربينات المحطة‪ ،‬من خبلل طاقتيا الحركية المتبقية‪ ،‬يمكن أن توفر الكيرباء لؤلنظمة‬
‫الحيوية إلغبلق المحطة بأمان‪ ،‬خبلل الفترة بين فقدان الطاقة من خارج المحطة‪ ،‬أو انقطاع التيار‬
‫الكيربائي الداخمي‪ ،‬وتفعيل مولدات الديزل‪ .‬حيث تحتوي محطات ‪ RBMK‬عمى توربينين‪ ،‬يولد كل واحد‬
‫‪ 122‬ميجاوات‪ ،‬وعند إيقاف تشغيل التوربينات‪ ،‬ال تتوقف الدوارات عمى الفور‪ .‬في الواقع تتراكم كمية‬
‫كبيرة من الطاقة الحركية في اآللة الدوارة أثناء التشغيل‪ .‬وأثناء ىبوط التوربينات‪ ،‬يمكن استخدام ىذه‬
‫الطاقة لتوليد الكيرباء لتشغيل أنظمة الطوارئ حتى تتمكن مولدات الديزل من تولى الميمة‪ .‬وتم إجراء‬

‫‪)1( Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts " 2002 Update of‬‬
‫‪Chernobyl: Ten Years On", Nuclear Energy Agency Organisation for Economic Co-‬‬
‫‪Operation and Development, ( Paris: 2002), p. 23; John F. Ahearne, "Nuclear Power‬‬
‫‪after Chernobyl", Science, New Series, Vol. 236, No. 4802 (May 8, 1987), p. 673.‬‬
‫‪)2( David R. Marples, "Chernobyl: A Six-Month Review", Journal of Ukrainian‬‬
‫‪Studies, Vol. 11, No. 1, Summer (1986), p.15.‬‬
‫‪)3( Miles Pomper, The Russian Nuclear Industry: Status and Prospects, Nuclear‬‬
‫‪Energy Futures Paper, No. 3, (January 2009), p.3.‬‬
‫‪(4) Walter Huda. "Medical Consequences of Chernobyl", Journal of Ukrainian‬‬
‫‪Studies, Vol.11, No.1, Summer (1986), p. 35.‬‬

‫‪634‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫تخطيط الختبار جدوى ىذا اإلجراء‪ .‬حيث تم إجراء ىذا االختبار من قبل ولكن النتائج لم تكن حاسمة‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وكانت تجربة تشيرنوبيل عام ‪ 6891‬الختبار جياز جديد لمحفاظ عمى الجيد الكيربائي‪.‬‬

‫بعد بداية التجربة أصبح التحكم في المفاعل صعباً بشكل متزايد‪ ،‬بسبب فشل المشغمين في مراعاة‬
‫إجراءات التشغيل القياسية منخفضة الطاقة‪ .‬وبدأت المشاكل بانخفاض سريع في الطاقة عن المستوى‬
‫المخطط لو من ‪ 6222 – 122‬ميجاوات إلى ‪ 92‬ميجاوات فقط‪ ،‬أقل بكثير من مستوى التشغيل اآلمن‬
‫المسموح بو‪ .‬لزيادة الطاقة‪ ،‬قام المشغمون بسحب قضبان التحكم‪ ،‬واحتفظوا باالحتياطي من ستة إلى‬
‫ال من الثبلثين التي تتطمبيا ىوامش أمان المحطة‪ .‬واستمر المشغمون في إىمال‬
‫ثمانية قضبان فقط بد ً‬
‫(‪)2‬‬
‫واغبلق المزيد من أنظمة األمان التمقائية لتجنب تداخميم مع التجربة‪.‬‬

‫وفي الساعة ‪ 6:29‬صباحاً يوم السبت ‪ 21‬أبريل‪ ،‬ارتفع مستوى طاقة المفاعل من ‪ % 1‬إلى ‪12‬‬
‫‪ %‬من الطاقة الكاممة في أقل من ‪ 62‬ثوان‪ .‬أدى ذلك إلى تكوين سريع لمبخار عند ضغط عال‪ ،‬مما‬
‫أدى إلى انفجار أنابيب تبريد المفاعل‪ .‬تفاعل البخار في المفاعل التالف كيميائياً مع كسوة وقود‬
‫الزركونيوم الساخن إلنتاج الييدروجين‪ ،‬والذي شكل خميطاً قاببلً لبلشتعال مع اليواء‪ ،‬وأدى إلى انفجار‬
‫قوى تسبب في انفجار سقف مبنى التزود بالوقود فوق المفاعل‪ ،‬وأطمق عدداً من الحرائق‪ .‬وصمت‬
‫مستويات اإلشعاع في المنطقة المجاورة مباشرة لممفاعل المحترق إلى مستويات عالية لمغاية‪ ،‬تجاوزت‬
‫(‪)9‬‬
‫دمر ىذا االنفجار‬ ‫عشرات اآلالف من الريم ‪ Rem‬في الساعة (وحدة قياس جرعة اإلشعاع لئلنسان)‪.‬‬
‫المفاعل وكذلك ىيكل االحتواء المخصص لبلحتفاظ بالنويدات المشعة في حالة وقوع حادث أقل خطورة‪.‬‬
‫وأدى االنفجار إلى إخراج جزء كبير من قمب المفاعل‪ ،‬بما في ذلك عناصر الجرافيت والوقود‪ ،‬إلى قاعة‬
‫التوربينات المجاورة وكذلك عمى أرض المصنع‪ ،‬أنتجت ىذه المواد عالية النشاط اإلشعاعي مخاطر في‬
‫(‪)9‬‬
‫المنطقة المحيطة بمحطة الطاقة‪.‬‬

‫وجدير بالمبلحظة أنو الحقاً تم التركيز بشكل كبير عمى مسؤولية العاممين عن الحادث‪ ،‬ولم يتم‬
‫التركيز كثي ًار عمى أخطاء تصميم المفاعل‪ .‬وتشير التقييمات البلحقة إلى أن الحادث كان بسبب مزيج‬
‫(‪)1‬‬
‫من اإلثنين‪ ،‬مع مزيد من التركيز عمى أوجو القصور في التصميم‪ ،‬وأقل قميبلً عمى إجراءات التشغيل‪.‬‬

‫‪(1) John F. Ahearne, op. cit., p. 674; Edward Geist,op. cit., p. 111‬‬
‫‪)2( Bennett Ramberg, "Learning from Chernobyl", Foreign Affairs, Vol. 65, No. 2‬‬
‫‪(Winter, 1986), p. 308, 309.‬‬
‫‪)3( Walter Huda, op. cit., p. 35.‬‬
‫‪(4) Edward Geist, op. cit., p. 112.‬‬
‫‪)5( Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 28.‬‬

‫‪635‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫فقد كان الحادث بسبب خطأ كبير في التصميم في ىذا النوع من المفاعبلت‪ ،‬والذي تضخم بسبب الخطأ‬
‫(‪)6‬‬
‫البشري‪ .‬فقد اعترف السوفييت بأخطائيم الحقاً وألزموا أنفسيم بتصحيح عيوب التصميم والتشغيل‪.‬‬
‫حيث إنو أثناء تطوير المفاعبلت النووية السوفيتية سعى االتحاد السوفيتي إلى تقميل التكمفة عمى حساب‬
‫السبلمة‪ .‬فعند تصميم مفاعبلت الجرافيت المائي المستخدمة في تشيرنوبيل‪ ،‬اختار الميندسون النوويون‬
‫السوفييت ميزات تصميم محددة جعمت الحوادث الخطيرة – وان لم تكن كارثية – كميا حتمية‪ .‬وأسفرت‬
‫ىذه العيوب عن حوادث وقعت في الوحدة (‪ )6‬من محطة ليينجراد ‪ Leningrad‬لمطاقة النووية في عام‬
‫‪6811‬م‪ ،‬والوحدة (‪ )6‬من محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية عام ‪6892‬م‪ .‬وكبل الحادثين أدى إلى تموث‬

‫خطير لمباني المفاعبلت‪ ،‬وأدى إلى انبعاث إشعاعي‪ ،‬ولكن في كل حالة‪ ،‬تم إصبلح المفاعبلت الحقاً‬
‫(‪)2‬‬
‫واعادتيا إلى الخدمة‪.‬‬

‫ومع اندالع النار فيما تبقى من مبنى الوحدة الرابعة‪ ،‬أدى ذلك إلى ظيور سحب البخار والغبار‪.‬‬
‫وكان ىناك حاجة إلى أكثر من ‪ 622‬رجل إطفاء من الموقع واستدعوا من بريبيات ‪ ،Pripyat‬في‬
‫محاولة لمسيطرة عمى الحريق‪ ،‬وكانت ىذه المجموعة ىي التي تمقت أعمى معدالت التعرض لئلشعاع‬
‫وتكبدت أكبر الخسائر في األفراد‪ .‬وجدير بالذكر أن أعضاء ىذا الفريق لم يتمقوا تعميمات بشأن كيفية‬
‫العمل في الظروف المشعة‪ .‬وفي غضون ما يقارب الثبلث ساعات من وقوع الحادث‪ ،‬تمكن رجال‬
‫اإلطفاء‪ ،‬مع ما وصل ليم من تعزيزات من إخماد الحرائق عمى سطح قاعة اآلالت والسيطرة عمى‬
‫(‪)9‬‬
‫ولكن بحمول ىذا الوقت وفي الساعة الخامسة صباح ًا‪ ،‬كان حريق‬ ‫الحرائق عمى سطح قاعة المفاعل‪.‬‬
‫الجرافيت قد بدأ‪ .‬وأصبح مسؤوالً عن تشتيت النويدات المشعة وشظايا االنشطار عالي ًا في الغبلف‬
‫الجوي‪ .‬استمرت االنبعاثات لحوالي عشرين يوماً‪ ،‬ولكنيا كانت أقل بكثير بعد اليوم العاشر عندما تم‬
‫(‪)9‬‬
‫إطفاء حريق الجرافيت أخي ًار‪.‬‬

‫وفي المحظات األولى من الحادث‪ ،‬تم نقل اإلشارات من محطة تشيرنوبيل تمقائياً إلى مركز‬
‫الطوارئ المركزي في و ازرة الطاقة الذرية والصناعة في موسكو‪ ،‬وأشاروا إلى وقوع حادث خطير يتعمق‬
‫بالمفاعل النووي وحدوث انفجار وحريق وتسرب إشعاع‪ .‬ووفقاً لخطة الطوارئ الوطنية‪ ،‬أبمغ الضابط‬

‫‪)1( Richard Wilson, Robert Peter Gale, Frank von Hippel, William S. Lee, Donald C.‬‬
‫‪Winston, Marilyn Lloyd and Amory B. Lovins, "Chernobyl", Issues in Science and‬‬
‫‪Technology , Vol. 3, No. 2 (Winter, 1987), p. 9.‬‬
‫‪)2( Edward Geist, op. cit., p. 107.‬‬
‫‪(3) Anna Jo Keller, Soviet press coverage of the Chernobyl accident, (Master. Thesis,‬‬
‫‪Michigan State University, 1997), p. 29.‬‬
‫‪)4( Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 29.‬‬

‫‪636‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫المناوب عمى الفور المسؤولين‪ ،‬الذين توجيوا فو اًر إلى مركز الطوارئ في موسكو لتحميل المعمومات‪،‬‬
‫وأشارت االتصاالت الياتفية األولية مع المحطة (خطأ) إلى أن النواة التزال سميمة‪ ،‬وأن الحادث ال يزال‬
‫قاببلً لمتحكم‪ .‬ولكن خبلل ساعات قرر المسؤولون بو ازرة الطاقة الذرية والصناعة في موسكو أن الحرائق‬
‫واإلصابات تستدعى إرسال فريق من المتخصصين إلى الموقع‪ .‬ومع استمرار تحميل المعمومات‪ ،‬عمى‬
‫الرغم من عدم تقدير الحجم الكامل لمحادث بعد‪ ،‬فقد تقرر أن المؤشرات كانت خطيرة بما يكفي لتبرير‬
‫إرسال مسؤولين من الو ازرات والييئات الرئيسية (بما في ذلك الجيش)‪ .‬وفي وقت الحق صباح السبت‬
‫‪ 21‬أبريل‪ ،‬تم استدعاء كبار مسؤولي الو ازرة والحزب الشيوعي معاً لتشكيل لجنة حكومية‪ ،‬لمتعامل مع‬
‫(‪)6‬‬
‫تداعيات الحادث‪ ،‬وتعبئة الموارد البلزمة ليذا األمر‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫‪ ،Boris Shcherbina‬نائب رئيس مجمس وزراء‬ ‫وكانت ىذه المجنة يرأسيا بوريس شيربينا‬
‫االتحاد السوفيتي‪ ،‬وبدأ أعضاء المجنة في الوصول إلى تشيرنوبيل حوالي الساعة ‪ 9‬مساء يوم ‪21‬‬
‫أبريل‪ ،‬بعد حوالي ثبلث ساعات من وصول أول فريق من المتخصصين النوويين من موسكو‪ .‬ونظ اًر‬
‫عدم وجود خطة يتم تنفيذىا قبل وصول المجنة كان عمييا أن تضع مسا اًر لمعمل فو اًر‪ )9(.‬خاصة وأنو لم‬
‫يكن لدى القطاع المدني في الصناعة النووية السوفيتية خطة لمتعامل مع حالة طوارئ بيذا الحجم‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫وقد تم فرض تعتيم إخباري‪،‬‬ ‫واستغرق تقييم الوضع ثبلثين ساعة‪ ،‬وساد فييا االرتباك البيروقراطي‪.‬‬
‫ربما عمى أمل احتواء الحادث‪ .‬فالحجم الحقيقي لممأساة لم يتضح عمى الفور حتى لمحكومة السوفيتية‪.‬‬
‫ولم يكن ىناك إدراك في موسكو حتى ىذا الوقت أنو تم إطبلق كمية ىائمة من النشاط اإلشعاعي‬
‫(‪)1‬‬
‫المحمول جواً‪ ،‬والتي يصعب إخفاؤىا عن البمدان المجاورة‪.‬‬

‫‪)1( The International Chernobyl Project "Technical Report" Assessment of‬‬


‫‪Radiological Consequences and Evaluation of Protective Measures, Report by an‬‬
‫‪International Advisory Committee, ( IAEA, Vienna, 1991), p. 69, 70.‬‬
‫)‪ )2‬بىريس شزبينا‪ٌٚ :‬ذ ششث‪ٕ١‬ب ف‪ ٟ‬د‪٠‬جبٌزغ‪١‬ف‪( ٟ‬د‪١ٔٚ‬زغه) ‪ Debal’tsevo, Donetsk‬عّ‪ٛٙ‬س‪٠‬خ أ‪ٚ‬وشأ‪١‬ب‬
‫االشزشاو‪١‬خ اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪١‬خ ف‪ 5 ٟ‬أوز‪ٛ‬ثش ػبَ ‪ٌ 9191‬ؼبئٍخ أ‪ٚ‬وشأ‪١‬خ‪ .‬شبسن ششث‪ٕ١‬ب ف‪ ٟ‬ئٔشبء طٕبػخ اٌ‪ٛ‬ل‪ٛ‬د ‪ٚ‬اٌغبص ف‪ٟ‬‬
‫غشة ع‪١‬جش‪٠‬ب‪ٚ ،‬أطجؼ ف‪ ٟ‬رٌه اٌ‪ٛ‬لذ اٌغىشر‪١‬ش األ‪ٚ‬ي ٌٍؾضة اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٟ‬ف‪ِٕ ٟ‬طمخ ر‪ ٓ١ِٛ١‬أ‪ٚ‬ثالعذ ‪Tyumen‬‬
‫‪ٚ ،Oblast‬الؽمب ً ر‪ِٕ ٌٝٛ‬ظت ‪ٚ‬ص‪٠‬ش إٌفظ ‪ٚ‬اٌغبص ف‪ ٟ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ِٓ ٟ‬ػبَ ‪ٚ 9191‬اعزّش ف‪ ٟ‬إٌّظت‬
‫ؽز‪ ،9191 ٝ‬ف‪ ٟ‬ػبَ ‪ 9191‬طبس ػض‪ٛ‬اً ف‪ ٟ‬اٌٍغٕخ اٌّشوض‪٠‬خ ٌٍؾضة اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٟ‬اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٟ‬ؽز‪ٚ ٝ‬فبرٗ‪ .‬ف‪ ٟ‬ػبَ‬
‫‪ 9191‬طبس ٔبئجب ً ٌّغٍظ اٌ‪ٛ‬صساء اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ٚ ،ٟ‬ر‪ ٌٝٛ‬ػبَ ‪ 9191‬ئداسح أصِخ وبسصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ ً١‬اٌّذِشح‪ٚ ،‬وزٌه‬
‫ُِٕؼ ش‪١‬شث‪ٕ١‬ب ‪ٚ‬عبَ ٌ‪ٚٚ ،ٓ١ٕ١‬عبَ ص‪ٛ‬سح أوز‪ٛ‬ثش‪ .‬أظش‪:‬‬ ‫صٌضاي أسِ‪١ٕ١‬ب ‪.9199‬‬
‫‪https://encyclopedia2.thefreedictionary.com/Boris+Shcherbina Access:2/2/2022‬‬
‫‪(3) William Potter & Lucy Kerner, " The Soviet Military's Performance at Chernobyl",‬‬
‫‪Soviet Studies, Vol. 43, No. 6 (1991), p. 9, 10.‬‬
‫‪(4) Anna Jo Keller, op. cit., p. 30.‬‬
‫‪)5) A. Hewett & Victor H. Winston (ed.), Milestones in Glasnost and Perestroyka:‬‬
‫‪Politics and People, vol. 2, Brookings Institution Press, Paperback – September 1,‬‬
‫‪1991, p.20, 21.‬‬

‫‪636‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫كان حريق الجرافيت مشكمة خاصة‪ ،‬فقد كان ىناك القميل جداً من الخبرة الوطنية أو الدولية في‬
‫مكافحة حرائق الجرافيت‪ ،‬وكان ىناك خوف كبير جداً من أن أي محاولة إلخمادىا قد تؤدي إلى مزيد‬
‫من تشتت النويدات المشعة‪ ،‬فتم اتخاذ قرار بتغطية نار الجرافيت بكميات كبيرة من المواد المختمفة‪ ،‬كل‬
‫واحدة منيا مخصصة لمكافحة سمة مختمفة من النار واالنبعاث اإلشعاعي‪ .‬كانت الكمية اإلجمالية التي‬
‫تم إغراقيا في المفاعل حوالي ‪ 1222‬طن من (البورون‪ ،‬الرصاص‪ ،‬الرمل والطين‪ ،‬الدولوميت‪،‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الفوسفات‪ ،‬سائل البوليمر)‪.‬‬

‫واتجيت كل اآلمال إلى استخدام المروحيات لبلقتراب من المفاعل المدمر والمشتعل واغبلقو‬
‫بالرمال‪ .‬وعمى الرغم من رغبة شيربينا القوية في بدء ىذه العممية عمى الفور‪ ،‬لم يبدأ العمل إال في وقت‬
‫متأخر من بعد ظير يوم ‪ 21‬أبريل بعد حوالي ‪ 92‬ساعة من وقوع الحادث‪ .‬ويرجع ذلك التأخير إلى‬
‫ضرورة الحصول عمى معمومات وثيقة عن األوضاع‪ ،‬وعدم وجود مروحيات مزودة بمعدات اإلضاءة‬
‫المناسبة‪ ،‬وضرورة إيجاد موقع قاعدة مناسب لممروحيات‪ ،‬وكذلك تنظيم توريد الرمال وغيرىا من‬
‫اإلجراءات‪ .‬ولكن نظ اًر لعدم وجود تدريب ليذه الميمة المحددة‪ ،‬فقد تم تنفيذ عدد قميل نسبياً من الطمعات‬
‫الجوية (‪ 89‬طمعة) وتم نقل حمولة صغيرة من الرمال ‪ 12‬طناً في اليوم األول‪ .‬ولمضاعفة الحمولة تم‬
‫وضع خطة جديدة حيث تم استخدام مظبلت السحب لحمل الرمال المتدلية تحت المروحيات‪ .‬وبحمول‬
‫(‪)2‬‬
‫وبينما نجحت ىذه الجيود في إغبلق‬ ‫‪ 28‬أبريل زادت الحمولة التي تم إلقاؤىا إلى أربعة أضعاف‪.‬‬
‫المفاعل‪ ،‬فقد تم تحقيقيا بتكاليف عالية من حيث تعرض الطيارين لئلشعاع‪ ،‬فمم يكن لدى المروحيات وال‬
‫أطقميا‪ ،‬عمى سبيل المثال‪ ،‬أي حماية من اإلشعاع في البداية‪ .‬وحين بدأ الطيارون بوضع ألواح‬
‫(‪)9‬‬
‫الرصاص تحت مقاعدىم‪ ،‬كانوا قد شارفوا عمى االنتياء من الميمة‪.‬‬

‫وفي حوالي ‪ 6‬مايو‪ ،‬بدأت درجة الح اررة في لب المفاعل في االرتفاع‪ ،‬ربما نتيجة تحمل نواتج‬
‫االنشطار داخل المفاعل المغطى‪ ،‬مما أدى إلى مخاوف من حدوث مزيد من االنصيار‪ .‬قرر‬
‫المسؤولون في المجنة الحكومية ضخ النيتروجين السائل في المساحة تحت المفاعل‪ .‬وتم إحضار عمال‬
‫المناجم لحفر ثقوب في عدة أماكن بحيث يمكن ضخ كميات كبيرة من النيتروجين لممساعدة في تبريد‬
‫(‪)9‬‬
‫وبحمول ‪ 8‬مايو‪ ،‬تم إطفاء حريق الجرافيت‪،‬‬ ‫المب‪ .‬بحمول ‪ 1‬مايو بدأت درجات الح اررة في االنخفاض‪.‬‬

‫‪(1) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 29.‬‬
‫‪(2) William Potter & Lucy Kerner, op. cit., p. 1034, 1035.‬‬
‫‪(3) Sonja D. Schmid, Producing Power: The Pre-Chernobyl History of the Soviet‬‬
‫‪Nuclear Industry, (London: MIT Press, 2015), p.135.‬‬
‫‪(4) The International Chernobyl Project "Technical Report", op. cit., p. 72.‬‬

‫‪636‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫وبدأ العمل عمى تركيب لوح خرساني ضخم مع نظام لمتبريد مدمجا أسفل المفاعل‪ ،‬وعمل حوالي‬
‫أربعمائة شخص في ىذا النفق الذي اكتمل في ‪ 61‬يوما‪ ،‬مما سمح بتركيب الموح الخرساني‪ .‬حيث تم‬
‫استبدال األنابيب لتصريف المياه من أسفل المفاعل وضخ الخرسانة السائمة لتقوية أساساتو‪ ،‬ولم يكن ىذا‬
‫الموح مفيدًا فقط لتبريد المب إذا لزم األمر‪ ،‬بل سيكون أيض ًا بمثابة حاجز لمنع تسرب المواد المشعة إلى‬
‫المياه الجوفية‪ .‬وقد شارك في ىذه العممية القوات اليندسية في الجيش السوفيتي وعمال البناء وعمال‬
‫(‪)6‬‬
‫المناجم‪.‬‬

‫وفي أعقاب الحادث تم فحص عدة تصميمات لتغميف المفاعل التالف‪ .‬ووقع االختيار عمى تشييد‬
‫ىيكل ضخم من الخرسانة والفوالذ يستخدم كدعم لما تبقى من جدران المفاعل‪ .‬وتم بناء ىذه القشرة‬
‫الخرسانية فوق مستوى سطح األرض وتحتو‪ .‬واحتوت عمى حوالي ‪ 9‬مبليين متر مكعب من الخرسانة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ويبمغ عرضيا ‪ 19‬مت اًر‪ .‬وتحتوي عمى ممرات تيوية حتى ال يشتعل قمب المفاعل أو ينفجر مرة أخرى‪.‬‬
‫وبمغ وزن ىذا الييكل ‪ 922‬ألف طن‪ ،‬ويعرف باسم "التابوت"‪ .‬واكتممت ىذه العممية بعد سبعة أشير فقط‬
‫في نوفمبر ‪6891‬م‪ )9(.‬وقد تم وضع مستشعرات متعددة لمراقبة عوامل متعددة مثل إشعاع جاما‪ ،‬ودرجة‬
‫الح اررة‪ ،‬وتركيزات الييدروجين وأول أكسيد الكربون وبخار الماء في اليواء‪ .‬وتراقب مستشعرات أخرى‬
‫االستقرار الميكانيكي لمييكل واكتشاف أي اىت اززات أو تحوالت لممكونات الرئيسية‪ .‬وكل ىذه‬
‫(‪)9‬‬
‫المستشعرات متصمة بالحاسب اآللي‪ .‬كما تم وضع أنظمة مصممة لمتخفيف من أي ظروف معاكسة‪.‬‬

‫وعمى الرغم من ذلك ُيعد التابوت حبل مؤقتا في األساس‪ ،‬رغم التصريحات السوفيتية الرسمية بأنو‬
‫قد يستمر آلالف السنين‪ .‬شدد بعض العمماء السوفيت عمى أن مستقبل ىذا الييكل سيعتمد عمى األجيال‬
‫القادمة‪ ،‬والتي قد توفر أرض نفايات أكثر مبلءمة لمفاعل تشيرنوبيل المتضرر‪ ،‬ولكنو ال يزال شديد‬
‫(‪)1‬‬
‫فالييكل الحالي غير مصمم لتحمل الزالزل أو األعاصير‪ .‬وتم وضع الدرع البيولوجي‬ ‫الخطورة‪.‬‬
‫الخرساني العموي لممفاعل بين الجدران وقد يسقط‪ .‬وىناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن حالة القشرة‬
‫الخرسانية األرضية السفمية‪ ،‬التي تضررت من تغمغل المواد المنصيرة أثناء الحادث‪ .‬واذا تدمر ىذا الموح‬
‫(‪)1‬‬
‫وفي أعقاب وقوع الحادث تم‬ ‫قد يؤدى إلى انييار معظم المبنى واطبلق النويدات المشعة في البيئة‪.‬‬
‫إغبلق المحطات من نوع ‪ RBMK‬إلجراء تحسينات تقنية‪ ،‬وضمان تحقيق عوامل األمان‪ .‬وقد أدى‬

‫‪(1) William Potter & Lucy Kerner, op. cit., p. 1037.‬‬


‫‪(2) David R. Marples, op. cit., p. 9.‬‬
‫‪(3) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 109.‬‬
‫‪(4) The International Chernobyl Project "Technical Report", op. cit., p. 76.‬‬
‫‪(5( David R. Marples, op. cit., p. 9.‬‬
‫‪)6( Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 111.‬‬

‫‪636‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫الحادث إلى ىز الثقة بالنفس التي سادت الصناعة النووية السوفيتية‪ ،‬عندما كان المعيار الرئيسي ىو‬
‫(‪)6‬‬
‫وبسبب حادثة تشيرنوبيل‪ ،‬لم يتم تشغيل أي محطات طاقة نووية جديدة في االتحاد‬ ‫سرعة البناء‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫السوفيتي‪ ،‬وجرى التخمص التدريجي من عديدا منيا‪.‬‬

‫إجالء السكان وأعمال التطهير‪:‬‬

‫في وقت وقوع الحادث‪ ،‬كان ىناك حوالي ‪ 91‬ألف شخص يعيشون في الجوار المباشر لممحطة‪،‬‬
‫وحوالي ‪ 612‬ألف شخص في نطاق ‪ 92‬كم‪ )9(.‬لم تتموث مدينة بريبيات (القريبة من محطة تشيرنوبيل)‬
‫بشدة بسبب اإلطبلق األولى لمنويدات المشعة‪ ،‬ولكن بمجرد اندالع حريق الجرافيت سرعان ما أصبح من‬
‫الواضح أن التموث سيجعل المدينة غير صالحة لمسكن‪ .‬وفي مساء يوم ‪ 21‬أبريل قرر شيربينا المضي‬
‫قدماً واتخاذ االستعدادات إلخبلء المدينة‪ .‬وغادرت الحافبلت كييف والمدن األخرى المجاورة متجية إلى‬
‫بريبيات في الساعة ‪ 62:12‬من صباح يوم ‪ 21‬أبريل‪ ،‬وفي الساعة ‪ 62‬صباحاً تم إببلغ المسؤولين‬
‫المحميين أن اإلخبلء سيبدأ في الساعة ‪ 2‬بعد الظير‪ .‬وتوقفت الحافبلت‪ ،‬أمام كل مبنى لنقل سكانو‪.‬‬
‫وظمت المجنة الحكومية مترددة في نقل سكان البمدان والقرى األخرى في المنطقة المحيطة بمحطة‬
‫تشيرنوبيل لمطاقة النووية‪ ،‬خوفاً من تسرب أنباء الحادث والعتبارات سياسية‪ .‬ولكن مع حديث وسائل‬
‫اإلعبلم الغربية عن الحادث النووي في االتحاد السوفيتي‪ ،‬صدرت األوامر ظير يوم ‪ 28‬أبريل بإخبلء‬
‫(‪)9‬‬
‫منطقة تشيرنوبيل ونقل السكان لمناطق أكثر أماناً‪.‬‬

‫وفي يوم ‪ 2‬مايو اتخذ قرار إجبلء السكان من منطقة محيط ‪ 92‬كم في اجتماع المجنة الحكومية‪.‬‬
‫وأثناء المناقشات حول موضوع اإلخبلء‪ ،‬أصر كبار المتخصصين عمى ضرورة اإلخبلء‪ ،‬خاصة بسبب‬
‫عدم وجود تنبؤات بشأن سموك المصدر اإلشعاعي في ظل ظروف األرصاد الجوية السائدة خبلل ىذه‬
‫(‪)1‬‬
‫وفي األشير التي تمت الحادث وخبلل حالة الطوارئ آنذاك فقد تم اتخاذ تدابير إضافية تكفل‬ ‫الفترة‪.‬‬
‫التقميل التدريجي النتقاالت مزيد من السكان من والى المناطق المتضررة‪ ،‬وانتيى األمر بوضع تدابير‬
‫(‪)1‬‬
‫مضادة تكميمية منعت االنتقاالت تماماً‪.‬‬

‫‪)1( David R. Marples, op. cit., p. 15.‬‬


‫‪)2) Sergei P. Kapitza, op. cit., p. 10.‬‬
‫‪)3) John F. Ahearne, op. cit., p. 111.‬‬
‫‪)4) Edward Geist, op. cit., p. 119 – 121.‬‬
‫‪(5) The International Chernobyl Project "Technical Report", op. cit., p. 82.‬‬
‫(‪ )1‬ػجذ اٌغالَ ِٕظ‪ٛ‬س اٌش‪" ،ٜٛ‬اٌؾّب‪٠‬خ اٌذ‪١ٌٚ‬خ ِٓ اٌزٍ‪ٛ‬س اإلشؼبػ‪ ،"ٝ‬الوجلت الوصزيت للقانىى الذولى‪ ،‬اٌؼذد‬
‫اٌؾبد‪ٚ ٜ‬اٌغجؼ‪ ،)2195( ،ْٛ‬ص ‪.219 ،211‬‬

‫‪646‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫ورغم ىذه التدابير الحكومية فقد كان ىناك نقد وجو ليا يتمثل في تأخر قرار إخبلء مدينة بريبيات‪،‬‬
‫حيث ُسمح لمحياة بالمضي قدماً بشكل طبيعي خبلل اليوم األول بعد الحادث‪ ،‬واُتخذت خطوات لمنع‬
‫الذعر‪ .‬عمى سبيل المثال‪ ،‬لم يستخدم مسؤولو الدفاع المدني أقنعة الوجو إال بعد اإلخبلء‪ ،‬وأعيد افتتاح‬
‫مدينة مبلىي بريبيات‪ ،‬وكانت معطمة منذ شيور‪ ،‬قبل أيام قميمة من وقوع الحادث‪ ،‬وفي يوم السبت الذي‬
‫وقع فيو الحادث‪ ،‬كان فييا الكثير من الناس‪ .‬ولم تكن ىناك تحذيرات أو تعميمات بالبقاء في داخل‬
‫(‪)6‬‬
‫المنازل‪ ،‬ولم يتم إغبلق الحدائق‪ .‬ونتيجة لذلك تعرض األطفال وغيرىم لئلشعاع دون داع‪.‬‬

‫وفي عام ‪6891‬م‪ ،‬تم إخبلء حوالي ‪ 661‬ألف شخص من مناطق الخطر‪ 82 ،‬ألفا من جميورية‬
‫أوكرانيا‪ ،‬وأكثر من ‪ 99‬ألف شخص من جميورية بيبلروسيا‪ ،‬وما يقرب من ‪ 222‬شخص من جميورية‬
‫روسيا االتحادية‪ .‬وقد أقيمت لمسكان الذين تم إجبلؤىم بيوت جديدة في المناطق الريفية‪ ،‬أو قدمت ليم‬
‫شققا سكنية في المدن‪ ،‬ودفع ليم تعويض عما فقدوه من ممتمكات‪ .‬وقد تمت إعادة توطين السكان في‬
‫مستوطنات مختمفة في أقاليم بريانسك ‪ Bryansk‬وكييف وزيتومير ‪ Zhytomyr‬وموجيمف ‪Mogilev‬‬
‫وجوميل ‪ Gomel‬التي تموثت نتيجة حادث تشيرنوبيل‪ ،‬ألنو كان يتعذر‪ ،‬عن طريق تدابير إزالة التموث‬
‫(‪)2‬‬
‫وتحسين التربة‪ ،‬إبقاء جرعة اإلشعاع التي تمقاىا كل فرد ضمن الحد المقرر‪.‬‬

‫وفي عامي ‪6886 – 6882‬م‪ ،‬بدأت المرحمة الثانية إلعادة توطين األشخاص الذين يعيشون في‬
‫ال‬
‫مناطق كان تموثيا يتجاوز ‪ 92‬كورى ‪ /‬لمكيمومتر المربع فكانت إعادة توطين األسر التي تضم أطفا ً‬
‫دون الرابعة عشرة والحوامل باعتبارىا أس ار ذا أولوية‪ ،‬وأما إعادة توطين أولئك الذين يعيشون في مناطق‬
‫يقل تموثيا عن ‪ 61‬كورى ‪ /‬لمكيمومتر المربع فكانت تتم عمى أساس تطوعي‪ .‬إال أن االفتقار إلى معايير‬
‫واضحة لممستويات المأمونة من اإلشعاع وتحميل األخطار أدى إلى تعقيد تخطيط وسياسة إعادة‬
‫التوطين‪ .‬وبوجو عام تقاعس المسنون‪ ،‬الذين كانوا يشكمون نسبة عالية من السكان في المناطق المموثة‪،‬‬
‫عن مغادرة منازليم أمام خطر غير منظور‪ .‬في حين أن الشباب تكيفوا تكيفاً أسيل مع البيئة الجديدة‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫فإن اندماجيم‪ ،‬وكذلك اندماج األطفال‪ ،‬في مجتمعات جديدة دائماً كان سيبل‪.‬‬

‫‪)1( The International Chernobyl Project "Technical Report", op. cit., p. 81.‬‬
‫(‪ )2‬األهن الوخحذة‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪ ،ٝ‬اٌذ‪ٚ‬سح‬
‫اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ، 9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬‬
‫‪ ،A/45/342 ،9111‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )1‬الوصذر السابق ‪" ،‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬رخف‪١‬ف ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ِٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪21 ،‬‬
‫أوز‪ٛ‬ثش ‪ ،A/45/643 ،9111‬ص ‪.29‬‬

‫‪646‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫وفي ‪ 28‬مايو ‪6891‬م‪ ،‬قررت القيادة الوطنية إنشاء ىيئة استشارية تتمتع بسمطات غير محدودة‬
‫تقريباً‪ .‬وفرقة عمل من المكتب السياسي لمجنة المركزية لمحزب الشيوعي لبلتحاد السوفيتي لتتولى‬
‫المسائل المتعمقة بالقضاء عمى عواقب الحادث‪ .‬وكانت تتألف من أربعة أعضاء من المكتب السياسي‪،‬‬
‫وعضو المجنة المركزية لمحزب الشيوعي‪ ،‬ووزير الداخمية‪ ،‬وكان يرأسيا عضو المكتب السياسي رئيس‬
‫(‪)6‬‬
‫وتم‬ ‫مجمس وزراء اتحاد الجميوريات االشتراكية السوفيتية نيكوالي ريجكوف ‪. Nikolai Ryzhkov‬‬
‫اعتماد تدابير لتطيير المنطقة التي يبمغ محيطيا ‪ 92‬كم‪ .‬وشممت اإلجراءات التي تم القيام بيا غسل‬
‫المباني‪ ،‬وتنظيف المناطق السكنية وازالة التربة المموثة‪ ،‬وتنظيف الطرق وتطيير إمدادات المياه‪ .‬وتوجيو‬
‫اىتمام خاص لممدارس والمستشفيات والمباني األخرى التي يستخدميا عدد كبير من الناس‪ .‬وتم رش‬
‫(‪)2‬‬
‫الشوارع في المدن لقمع الغبار بمحمول خاص‪.‬‬

‫وقد شاركت القوات الكيميائية في الجيش السوفيتي في أعمال االستطبلع والتنظيف‪ .‬وتضمنت‬
‫ميمة االستطبلع تحديد الموقع الدقيق لبلنفجار‪ ،‬وتحديد مستويات النشاط اإلشعاعي‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تطورت‬
‫ميمة االستطبلع إلى المراقبة المستمرة لمستويات اإلشعاع في منطقة ‪ 92‬كيمومت ًار حول تشيرنوبيل‪ ،‬وفي‬
‫البمدان والقرى المتضررة من اإلشعاع‪ .‬وشممت ميام ىذه القوات تطيير محطة الطاقة النووية والطرق‬
‫والمباني المحيطة بيا‪ ،‬وتطيير التربة السطحية حتى عمق ‪62‬سم‪ ،‬وكذلك ميمة تنظيف سقف الوحدة‬
‫الثالثة من محطة تشيرنوبيل‪ ،‬التي كانت مموثة بالجرانيت عالي اإلشعاع من االنفجارات في الوحدة‬
‫الرابعة المجاورة‪ ،‬ولقد تم استخدام المتطوعين فقط‪ ،‬وتم السماح ليم بالعمل عمى بعض أجزاء السقف‬
‫لمدة ال تزيد عن ثوان‪ ،‬وكانوا مطالبين بارتداء بدالت واقية من الرصاص ثقيمة الوزن لمغاية‪ .‬وقد كان‬
‫ىناك صعوبة في استخدام الروبوتات السوفيتية أو األجنبية عمى السواء في ىذه الميمة‪ ،‬فمن ناحية‬
‫جعمت المستويات العالية من اإلشعاع الروبوت غير صالح لمعمل‪ ،‬وكذلك الحالة البدائية لمروبوتات‬
‫(‪)9‬‬
‫المتوفرة في ىذه الفترة وبطئيا‪.‬‬

‫رغم ىذا فجدير بالمبلحظة أن الحكومة السوفيتية قد واجيت صعوبات عممية كبيرة في تحديد مدى‬
‫التموث من المفاعل المدمر‪ .‬فمم تكن ىذه التحديات ناتجة فقط عن الطبيعة المعقدة والديناميكية‬
‫لبلنبعاثات (التي ظمت كبيرة ألسابيع بعد الحادث ولم تنتو إال بعد االنتياء من بناء التابوت حول الوحدة‬

‫‪(1) The International Chernobyl Project "Technical Report", op. cit., p. 370.‬‬
‫‪(2) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 54 ; David‬‬
‫‪R. Marples, op. cit., p. 9.‬‬
‫‪)3( William Potter & Lucy Kerner, op. cit., p. 1030 – 1032; Sonja D. Schmid, op. cit.,‬‬
‫‪p. 135.‬‬

‫‪642‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫المدمرة)‪ ،‬ولكن أيضاً في القيود التكنولوجية والمؤسسية‪ .‬ولتنفيذ المراقبة اإلشعاعية اعتمد االتحاد‬
‫السوفيتي بشكل كبير عمى قدرات القوات الكيميائية لمجيش وقوات الدفاع المدني‪ ،‬والتي استخدمت‬
‫مجموعة من المعدات واإلجراءات التي تم تطويرىا في األساس تحسباً لمحرب النووية‪ ،‬كما أدى نقص‬
‫الموظفين األكفاء إلى إعاقة جيود مراقبة اإلشعاع‪ .‬ونتيجة لذلك لم تنجح السمطات السوفيتية في تحديد‬
‫(‪)6‬‬
‫مدى التموث إال بعد وقت متأخر وبدقة محدودة‪.‬‬

‫ودفع موقع محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية في نير بريبيات‪ ،‬والذي يندمج مع نير دنيبر‬
‫‪ Dnieper‬قبل أن يتدفق ىذا النير عبر كييف‪ ،‬الحكومة السوفيتية إلى تنفيذ برنامج شامل لوقف انتشار‬
‫(‪)2‬‬
‫فبحمول ‪2‬‬ ‫التموث المنقول بالمياه قبل أن يؤثر بشكل خطير عمى إمدادات المياه بالعاصمة األوكرانية‪.‬‬
‫مايو ‪6891‬م‪ ،‬تمقى خبراء األلغام من القوات اليندسية في الجيش السوفيتي ونظرائيم المدنيين تعميمات‬
‫من المجنة الحكومية ببناء سمسمة من السدود عمى طول نير بريبيات إلى خزان كييف‪ .‬بسبب التنبؤات‬
‫بأنو سيكون ىناك أمطار غزيرة خبلل األسبوع األول من شير مايو‪ .‬وتبين أن التوقعات كانت خاطئة‪،‬‬
‫ال من الشير أو أكثر المطموب عادة ليذا‬
‫ولكن تم االنتياء من عدد كبير من السدود في فترة ‪ 62‬أيام بد ً‬
‫العمل‪ .‬فتم بناء ‪ 1.1‬كيمومترات من السدود الترابية واألسوار الطينية ممفوفة في صفائح البوليثين عمى‬
‫طول نير بريبيات‪ .‬وعندما تم االنتياء أخي اًر من أعمال حماية المياه في خريف عام ‪6891‬م‪ ،‬تم إنشاء‬
‫‪ 692‬سداً يبمغ إجمالي طوليا أكثر من ‪ 92‬كيمومت اًر‪ ،‬بما في ذلك سد فريد بطول كيمومترين تم بناؤه‬
‫عمى عمق ‪ 92‬مت ًار‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تم جرف أكثر من ‪ 922‬ألف متر مكعب من التربة والرمال‬
‫من قاع النير ووضع ما يقرب من ‪ 212‬ألف متر مكعب من الحصى تحت الماء إلنشاء مصايد‬
‫(‪)9‬‬
‫وسدود ترشيح‪.‬‬

‫ورغم ىذه الخطط الطموحة التي وضعتيا الحكومة السوفيتية في أعقاب حادث تشيرنوبيل لتطيير‬
‫المناطق المموثة واعادة توطينيا‪ ،‬إال أنيا وجدت نفسيا ال تستطيع تحقيق ىذه األىداف‪ .‬فاعتبا ًار من‬
‫مايو ‪6891‬م‪ ،‬كان القادة السوفييت يأممون في أن يتمكن جميع السكان الذين تم إجبلؤىم من العودة إلى‬
‫ديارىم في المستقبل المنظور‪ ،‬من خبلل جيود مكثفة إلزالة التموث‪ ،‬مما يساعد عمى تخفيف اإلحراج‬
‫اليائل الذي تسبب فيو حادث تشيرنوبيل لمنظام‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الفاعمية األقل من المتوقع لتقنيات إزالة‬

‫‪(1) Cynthia Dion-Schwarz, Sarah E. Evans, Edward Geist, Scott Warren Harold, V.‬‬
‫‪Ray Koym, Scott Savitz and Lloyd Thrall, Technological Lessons from the‬‬
‫‪Fukushima Dai-Ichi Accident, (Santa Monica, California: RAND Corporation,‬‬
‫‪2016), p. 45, 46.‬‬
‫‪(2) Ibid., p. 49.‬‬
‫‪(3( William Potter & Lucy Kerner, op. cit., p. 1039.‬‬

‫‪643‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫التموث المتاحة أقنعت المتخصصين بسرعة أنو ال يمكن تحقيق ىذا اليدف‪ .‬فقد فشمت تقنيات إزالة‬
‫التموث الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية في تمبية التوقعات في أعقاب كارثة تشيرنوبيل‪ .‬ولقد نشأت‬
‫بعض اإلخفاقات ىذه بسبب االختبلفات النوعية بين التموث اإلشعاعي الناجم عن التفجيرات النووية‬
‫(التي طور فييا الجيش السوفيتي والدفاع المدني إجراءات إزالة التموث) وتمك الناتجة عن احتراق مفاعل‬
‫(‪)6‬‬
‫تشيرنوبيل‪.‬‬

‫حادث تشيرنوبيل في إطار العالقات السوفيتية األمريكية‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫‪ Mikhail Gorbachev‬في مارس ‪6891‬م لمنصب األمين‬ ‫ُيعد ارتقاء ميخائيل جورباتشوف‬
‫العام لمحزب الشيوعي السوفيتي‪ ،‬نقطة التحول األىم في المرحمة األخيرة من الحرب الباردة‪ .‬إذ إنو كان‬
‫العامل األىم‪ ،‬دون منازع الذي عجل بنياية الحرب الباردة‪ ،‬وما صاحبيا من تحول جذري في العبلقات‬
‫‪Eduard‬‬ ‫السوفيتية األمريكية‪ .‬حيث ناصر جورباتشوف ووزير خارجيتو إدوارد شيفرنادزه‬
‫‪ Shevardnadze‬أفكا اًر جديدة ثورية بشأن األمن واألسمحة النووية وعبلقة األمرين بأىم أولوياتيما‪:‬‬
‫اإلصبلح الداخمي واعادة تجديد االشتراكية‪ .‬حيث وصل جورباتشوف ووزير خارجيتو إلى قناعة مفادىا‬
‫أن سباق التسمح يعود عمى بمدىما بالضرر‪ ،‬وأنو ال يضيف شيئاً إلى أمن الدولة الحقيقي‪ ،‬وفي الوقت‬
‫(‪)9‬‬
‫وكان ما قام بو جورباتشوف ىو إعادة النظر في المبادئ والقيم‬ ‫ذاتو يثقل اقتصادىا المترنح بالفعل‪.‬‬
‫والعقائد التي حكمت النظام الداخمي في االتحاد السوفيتي عمى مدى سبعين عاماً‪ ،‬وارتبط ذلك بإعادة‬
‫تقييم المفاىيم التي استندت إلييا‪ ،‬ووجيت السياسة الدولية لبلتحاد السوفيتي بشكل خاص في عبلقاتيا‬
‫مع الواليات المتحدة والغرب‪ .‬وقد ساعدت سياسة االنفتاح واعادة الييكمة السياسية واالقتصادية‪ ،‬عمى‬
‫(‪)9‬‬
‫تقميل أثر األيدلوجية في السياسة السوفيتية‪.‬‬

‫‪(1( Cynthia Dion-Schwarz and others, op. cit., p. 45, 46.‬‬


‫)‪ )2‬هيخائيل جىرباحشىف‪ِٛ ِٓ :‬اٌ‪١‬ذ ‪ِ 2‬بسط ‪ ،َ9119‬ثش‪٠‬ف‪ ،Privolnoye ٌٜٕٛٛ‬عزبفش‪ٚ‬ث‪ٛ‬ي وشا‪ٞ‬‬
‫‪ ، Stavropol kray‬ارؾبد اٌغّ‪ٛٙ‬س‪٠‬بد االشزشاو‪١‬خ اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪١‬خ‪ِ ،‬غإ‪ٚ‬ي ع‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ،ٟ‬األِ‪ ٓ١‬اٌؼبَ الرؾبد اٌغّ‪ٛٙ‬س‪٠‬بد‬
‫االشزشاو‪١‬خ اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪١‬خ اٌؾضة اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ٚ )9119-9195( ٟ‬سئ‪١‬ظ ٌالرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٟ‬ف‪ٟ‬‬
‫(‪ .)9119 -9111‬ع‪ٛٙ‬دٖ ٌٕشش اٌذ‪ّ٠‬مشاط‪١‬خ ف‪ ٟ‬ثالدٖ ‪ٚ‬اٌالِشوض‪٠‬خ ف‪ ٟ‬الزظبد٘ب لبدد ئٌ‪ ٝ‬عم‪ٛ‬ط اٌش‪ٛ١‬ػ‪١‬خ‬
‫‪ٚ‬أ‪١ٙ‬بس االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ػبَ ‪https://www.britannica.com/biography/Mikhail- .َ9119‬‬
‫‪Gorbachev Access: 1/2/2022‬‬
‫(‪ )1‬س‪ٚ‬ثشد ع‪ِ ٗ١‬بوّبْ‪ ،‬الحزب الباردة هقذهت قصيزة جذٍّا‪ ،‬رشعّخ‪ِ :‬ؾّذ فزؾ‪ ٟ‬خضش‪( ،‬اٌمب٘شح‪ِ :‬إعغخ‬
‫ٕ٘ذا‪ٌٍ ٞٚ‬زؼٍ‪ٚ ُ١‬اٌضمبفخ‪.951 ،951 ،)2191 ،‬‬
‫(‪ )4‬طبسق ِؾّذ رٔ‪ ْٛ‬اٌطبئ‪ ،ٝ‬العالقاث األهزيكيت الزوسيت بعذ الحزب الباردة‪( ،‬ثغذاد‪ِ :‬شوض ؽّ‪ٛ‬ساث‪ٌٍ ٝ‬جؾ‪ٛ‬س‬
‫‪ٚ‬اٌذساعبد االعزشار‪١‬غ‪١‬خ‪ ،)2192 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪644‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫(‪)6‬‬
‫‪ Ronald Reagan‬أكثر زعيم معاد لمشيوعية عبر حقبة الحرب الباردة‬ ‫وقد وجد رونالد ريجان‬
‫كميا‪ ،‬قائداً سوفيتياً يقبل بالحد من التسمح بكل سيولة‪ ،‬ويمضي نحو "نزع األيديولوجية"‪ ،‬ويتعيد بإخراج‬
‫القوات السوفيتية من أفغانستان‪ .‬وقد كان ريجان في البداية مستعداً لتخفيف – ثم التخمي تماماً عن –‬
‫قناعاتو الشخصية العميقة بشأن الطبيعة الخبيثة لمشيوعية‪ ،‬وبيذا سمح بحدوث ىذا التقارب الحقيقي‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وتقابل الرجبلن في قمة جنيف لمتعارف في نوفمبر ‪6891‬م‪ ،‬نتج عنيا القميل من األفعال الممموسة‪.‬‬
‫وقد وقعت حادثة تشيرنوبيل في أبريل ‪6891‬م أي بعد عقد قمة جنيف وفي إطار التمييد لعقد قمة‬
‫جديدة وكان ليا أثر عمى العبلقات بين الجانبين السوفيتي واألمريكي وحاول كل طرف التعامل مع‬
‫تداعيات الحادث بما يحقق مصالحو‪.‬‬

‫جاء اإلعبلن الرسمي السوفيتي عن الحادث في بيان موجز أصدره مجمس وزراء اتحاد الجميوريات‬
‫االشتراكية السوفيتية في ‪ 29‬أبريل جاء فيو "لقد وقع حادث في محطة تشيرنوبيل لمطاقة الذرية‪ .‬وقد‬
‫أصاب الضرر أحد المفاعبلت النووية‪ .‬ويتم اتخاذ تدابير إلزالة عواقب الحادث‪ .‬ويتم تقديم المساعدة‬
‫لمضحايا‪ .‬وقد تم إنشاء لجنة حكومية‪ ".‬وقد جاء ىذا اإلعبلن بعد استفسارات ومطالبات بالتوضيح تقدم‬
‫بيا السفير السويدي في موسكو حول تفاصيل الحادث النووي في مفاعل تشيرنوبيل‪ ،‬وتقدم بشكوى من‬
‫تأخر االتحاد السوفيتي في إخطار السويد بالحادث‪ .‬حيث تم تسجيل الحطام النووي المحمول جواً من‬
‫الحادث ألول مرة بواسطة محطات القياس "األوتوماتيكية" في السويد في ‪ 21‬أبريل ولكن لم تتم قراءتيا‬
‫إال في اليوم التالي‪ .‬وقد أعربت الدنمارك والنرويج عن قمقيما إزاء التردد السوفيتي في إببلغ الدول‬
‫(‪)9‬‬
‫وتدفقت إدانات التحفظ السوفيتي من جميع أنحاء أوربا وأمريكا الشمالية‪ .‬وحاول الجانب‬ ‫المجاورة‪.‬‬
‫السوفيتي أن يوضح أن التأخر في تقديم المعمومات إلى الغرب ألنو ال يوجد تيديدا لمسكان‪ .‬وعمى ما‬
‫يبدو وفي محاولة إلصبلح بعض األضرار الدبموماسية‪ ،‬التقى السفير السوفيتي في السويد‪ ،‬مع‬

‫)‪ )9‬رونالذ ريجاى‪ٌٚ :‬ذ ف‪ 1 ٟ‬فجشا‪٠‬ش ‪ ،َ9199‬ربِج‪١‬ى‪ ،ٛ‬ئٌ‪ ،Tampico, Illinois ٕٞٛ١‬ر‪ٛ‬ف‪َ2111 ٛ١ٔٛ٠ 5 ٟ‬‬
‫ف‪ٌٛ ٟ‬ط أٔغٍ‪ٛ‬ط‪ ،‬وبٌ‪١‬ف‪ٛ‬سٔ‪١‬ب‪ ،‬اٌشئ‪١‬ظ األسثؼ‪ٌٍٛ ْٛ‬ال‪٠‬بد اٌّزؾذح (‪ ،)َ9191 -9199‬ػٓ اٌؾضة اٌغّ‪ٛٙ‬س‪.ٞ‬‬
‫ع‪١‬بعبرٗ وبْ ٌ‪ٙ‬ب اٌفضً ف‪ ٟ‬اٌّغبّ٘خ ف‪ ٟ‬ص‪ٚ‬اي اٌش‪ٛ١‬ػ‪١‬خ اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪١‬خ ؽ‪١‬ش دػب ئٌ‪ ٝ‬ص‪٠‬بداد ٘بئٍخ ف‪١ِ ٟ‬ضأ‪١‬خ اٌذفبع‬
‫ٌز‪ٛ‬ع‪١‬غ ‪ٚ‬رؾذ‪٠‬ش اٌغ‪١‬ش ‪ٚ‬ؽش ػٍ‪ ٝ‬ارجبع ٔ‪ٙ‬ظ أوضش ػذ‪ٚ‬أ‪١‬خ ٌّؾبسثخ اٌش‪ٛ١‬ػ‪١‬خ ‪ٚ‬األشىبي راد اٌظٍخ ثبٌشّ‪١ٌٛ‬خ‬
‫اٌ‪١‬غبس‪٠‬خ‪ .‬وبٔذ ِؼبداح س‪٠‬غبْ اٌّزشذدح ٌٍش‪ٛ١‬ػ‪١‬خ ‪ ،‬أؽذ اٌؼ‪ٛ‬اًِ اٌؼذ‪٠‬ذح اٌز‪ ٟ‬عبّ٘ذ ف‪ ٟ‬رذ٘‪ٛ‬س اٌؼاللبد ِغ‬
‫االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬اٌغٕ‪ٛ‬اد األ‪ ِٓ ٌٝٚ‬سئبعزٗ‪ .‬رؾغٕذ اٌؼاللبد ث‪ ٓ١‬اٌ‪ٛ‬ال‪٠‬بد اٌّزؾذح ‪ٚ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٟ‬ثشىً‬
‫وج‪١‬ش خالي فزشح ‪ٚ‬ال‪٠‬خ س‪٠‬غبْ اٌضبٔ‪١‬خ‪ ،‬ؽ‪١‬ش رجٕ‪ٌٙ ٝ‬غخ أوضش رشغ‪١‬ؼًب رغبٖ اٌزغ‪١١‬شاد اٌز‪ ٟ‬ؽذصذ ف‪ ٟ‬االرؾبد‬
‫اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٟ‬آٔزان‪ .‬أظش‪ :‬أ‪ٚ‬د‪ ٚ‬صا‪ٚ‬رش‪ ،‬رؤساء الىالياث الوخحذة األهزيكيت هنذ ‪ 9871‬حخى اليىم‪ٌٕ( ،‬ذْ‪ :‬داس‬
‫اٌؾىّخ‪ ،)2111 ،‬ص ‪.291 – 292‬‬
‫(‪ )2‬س‪ٚ‬ثشد ع‪ِ ٗ١‬بوّبْ‪ ،‬هزجع سابق‪ ،‬ص ‪.955‬‬
‫‪)3( Intelligence Report Prepared in the Central Intelligence Agency, Washington,‬‬
‫‪April 29, 1986, FRUS, 1986.‬‬

‫‪645‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫المسؤولين السويديين في ‪ 92‬أبريل ووعد بأن تقدم الحكومة السوفيتية لؤلوروبيين معمومات أفضل إذا‬
‫(‪)6‬‬
‫ساء الوضع‪.‬‬

‫وليذا صدر البيان الثاني من مجمس الوزراء السوفيتي في ‪ 92‬أبريل وجاء في البيان أنو تم تشكيل‬
‫لجنة حكومية برئاسة شربينا ‪ .‬وأشار إلى موقع الحادث داخل المفاعل‪ ،‬وذكر حالتي الوفاة‪ ،‬وعمميات‬
‫اإلخبلء‪ .‬وذكر أن حالة اإلشعاع قد استقرت‪ ،‬وأن العمل جار لتطيير المناطق المتاخمة المموثة في‬
‫إقميم محطة الطاقة النووية‪ .‬وذكر البيان أنو "قد رددت بعض وكاالت األنباء في الغرب إشاعات مفادىا‬
‫أن آالف الناس لقوا حتفيم في حادث تشيرنوبيل‪ .‬وفي واقع األمر لم يمت سوى شخصين‪ ،‬ويجرى‬
‫معالجة ‪ 681‬شخصاً في المستشفيات‪ ،‬وغادر ‪ 98‬شخصاً منيم المستشفى بعد إجراء الفحوص الطبية‬
‫عمييم‪ .‬والعمل مستمر في المشاريع والمزارع الجماعية والحكومية والمؤسسات"‪ .‬وصدر البيان الثالث‬
‫لمجمس الوزراء السوفيتي في ‪ 6‬مايو وجاء فيو "أن العمل جارياً في محطة توليد الطاقة في تشيرنوبيل‬
‫لتنفيذ سمسمة من التدابير الفنية‪ ،‬وقد قل مستوى اإلشعاع في إقميم المحطة الذرية‪ .‬والعمل جار لتطيير‬
‫المناطق المتاخمة المموثة‪ ،‬وتقديم المساعدة لمضحايا‪ ".‬ولقد حرصت و ازرة خارجية االتحاد السوفيتي عمى‬
‫إببلغ سفراء المممكة المتحدة وفنمندة وىولندا والقائم باألعمال الفرنسي والنمساوي‪ ،‬بالحالة الخاصة بإزالة‬
‫(‪)2‬‬
‫آثار حادث تشيرنوبيل‪ ،‬خبلل الفترة بين ‪ 92‬أبريل و ‪ 6‬مايو عام ‪6891‬م‪.‬‬

‫ثم جاء رد الفعل الرسمي النيائي عمى لسان األمين العام لمحزب الشيوعي عن طريق التميفزيون‬
‫السوفيتي في ‪ 69‬مايو ‪6891‬م لتوضيح أبعاد الحادث‪ ،‬ومما جاء فيو "نظ اًر لمطابع غير العادي‬
‫والخطير لما حدث في تشيرنوبيل‪ ،‬تولى المكتب السياسي المسؤولية الكاممة عن تنظيم األعمال الرامية‬
‫إلى ضمان إزالة آثار الحادث بأسرع ما يمكن والحد من نتائجو‪ .‬وقد تم تشكيل لجنة حكومية انتقمت‬
‫عمى الفور إلى موقع الحادث‪ ،‬وفي الوقت نفسو‪ ،‬شكل المكتب السياسي فريقاً برئاسة نيكوالي ريجكوف‬
‫‪ Nikolai Ryzhkov‬لمعالجة المشاكل التنفيذية‪ ".‬وحول أسباب الحادث أعمن جورباتشوف "يفيد الخبراء‬
‫في تقاريرىم‪ ،‬أنو ازدادت قدرة المفاعل بصورة مفاجئة خبلل فترة إيقاف مقررة لتشغيل الوحدة الرابعة‬
‫لممفاعل‪ .‬وقد اندفعت كمية ىائمة من البخار أعقبيا حدوث تفاعل أدى إلى تكوين الييدروجين الذي‬
‫انفجر مدم اًر المفاعل ومتسبباً في تسريب مواد مشعة‪ .‬ومن السابق ألوانو إصدار حكم نيائي بشأن‬

‫‪)1( Anna Jo Keller, op. cit., p.36.‬‬


‫(‪ )2‬األهن الوخحذة ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح األسثؼ‪ِ ،ْٛ‬ؾضش ؽشف‪ِ ٝ‬إلذ ٌٍغٍغخ اٌزبعؼخ ‪ٚ‬اٌؼشش‪ ٓ٠‬ثؼذ اٌّبئخ‪،‬‬
‫‪ِ 9‬ب‪ ،A/40/PV.129 ،9191 ٛ٠‬ص ‪.92 ،99‬‬

‫‪646‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫أسباب الحادث‪ .‬فجميع جوانب المشكمة‪ ،‬بما فييا التشييد والتصميم والجوانب التقنية والتشغيمية‪ ،‬موضع‬
‫(‪)6‬‬
‫تمحيص دقيق من جانب المجنة الحكومية‪".‬‬

‫ويمكن القول إن استجابة الحكومة السوفيتية لحادث تشيرنوبيل قد مرت بثبلث مراحل‪ ،‬فخبلل‬
‫المرحمة األولى‪ ،‬التي استمرت منذ انفجار المفاعل في وقت مبكر من يوم ‪ 21‬أبريل وحتى مساء ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬فشمت السمطات السياسية في فيم طبيعة حالة الطوارئ‪ ،‬ومنعيا ذلك من صياغة الرد المناسب‪.‬‬
‫وخبلل المرحمة الثانية‪ ،‬التي استمرت من ‪ 21‬أبريل وحتى ‪ 69‬مايو‪ ،‬اتخذ القادة السوفيت خطوات‬
‫لحماية مواطنييم‪ ،‬ال سيما من خبلل عمميات اإلجبلء‪ ،‬بينما كانوا يحاولون في الوقت نفسو إبقاء أخبار‬
‫الكارثة سرية قدر اإلمكان لحماية أنفسيم من االنتقاد‪ .‬وىي االستراتيجية‪ ،‬التي استخدمتيا الحكومة‬
‫السوفيتية بنجاح في الكوارث السابقة‪ ،‬ولكنيا فشمت بسبب اكتشاف التموث اإلشعاعي من قبل المراقبين‬
‫الغربيين‪ ،‬الذين وصمت تقاريرىم المبالغ فييا إلى المواطنين السوفيت وقوضت الحسابات الرسمية‪ .‬وافتتح‬
‫خطاب جورباتشوف المتمفز في ‪ 69‬مايو المرحمة النيائية‪ ،‬التي تبنت خبلليا الحكومة عمى مضض‬
‫سياسة زيادة الصراحة مع استمرار الجيود البطولية الحتواء عواقب الحادث‪ .‬ولسوء الحظ‪ ،‬فإن ىذا‬
‫التحول في المواقف ال يمكن أن يبطل آثار االنتقادات التي الحقت الحكومة في السنوات التالية‬
‫(‪)2‬‬
‫فمم يكن من الممكن أن يفاجأ أي شخص مطمع عمى االتحاد السوفيتي بالصمت األولى‪،‬‬ ‫لمحادث‪.‬‬
‫وىو رد فعل يعكس تقميداً طويبلً من التحفظ السوفيتي بشأن المشاكل الداخمية‪ ،‬وعمى العكس من ذلك‪،‬‬
‫كان الجانب غير المعتاد من سموك السوفيت ىو استعدادىم غير المسبوق لئلببلغ عن الحادث وقبول‬
‫(‪)9‬‬
‫المساعدة الخارجية‪.‬‬

‫وتوضح التغطية الصحفية السوفيتية لحادث تشيرنوبيل ىذا األمر ففي البداية غطت الصحافة‬
‫السوفيتية الحادث‪ ،‬وفقاً لموسائل التقميدية لسيطرة الحزب الشيوعي السوفيتي عمى نقل األخبار السيئة‪:‬‬
‫بسمسمة من البيانات الرسمية الموجزة‪ ،‬والدعم اإلعبلمي لؤليديولوجية السوفيتية‪ .‬فمقد أصبحت ىذه‬
‫الوسائل التقميدية أقل أىمية في التغطية البلحقة لمحادث‪ .‬حيث غطت الصحافة السوفيتية الحقاً حادثة‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ Glasnost‬لتغطية األخبار السيئة‪:‬‬ ‫تشيرنوبيل وفقاً لمدور المعاصر الذي خصصو الجبلسنوست‬

‫(‪ )9‬الوصذر السابق ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌؾبد‪٠‬خ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬اٌّشفك‪" :‬اٌخطبة اٌز‪ ٜ‬أٌمبٖ األِ‪ ٓ١‬اٌؼبَ‬
‫ٌٍؾضة اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٝ‬ف‪ ٝ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ػٓ طش‪٠‬ك اٌزٍ‪١‬فض‪ ْٛ٠‬اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ف‪ِ 91 ٝ‬ب‪ِ 91 ،"9191ٛ٠‬ب‪،9191 ٛ٠‬‬
‫‪ ،A/41/339‬ص ‪.1 ،2‬‬
‫‪2‬‬
‫‪( ) Edward Geist, op. cit., p. 106.‬‬
‫‪(3) Spurgeon M. Keeny, Jr., "Focus: Fallout From Chernobyl", Arms Control Today,‬‬
‫‪Vol. 16, No. 3 (April 1986). P.1.‬‬
‫)‪ )1‬الجالسنىسج ‪" :‬االٔفزبػ" اٌغ‪١‬بعخ اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪١‬خ ٌٍّٕبلشخ اٌّفز‪ٛ‬ؽخ ٌٍمضب‪٠‬ب اٌغ‪١‬بع‪١‬خ ‪ٚ‬االعزّبػ‪١‬خ‪ .‬رُ رأع‪١‬غٗ ِٓ‬
‫لجً ِ‪١‬خبئ‪ ً١‬ع‪ٛ‬سثبرش‪ٛ‬ف ف‪ ٟ‬أ‪ٚ‬اخش اٌضّبٔ‪١ٕ١‬بد ‪ٚ‬ثذأ اٌذ‪ّ٠‬مشاط‪١‬خ ف‪ ٟ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ .ٟ‬ف‪ ٟ‬إٌ‪ٙ‬ب‪٠‬خ‪ ،‬ؽذصذ‬

‫‪646‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫الكشف عن عدم الكفاءة اإلدارية والتكنولوجية لصالح اإلصبلح االقتصادي وحشد الدعم الشعبي لو‪ .‬أي‬
‫أن الجبلسنوست كان يعمل في ىذه المرحمة فقط لتعزيز البيريسترويكا(‪ Perestroika)6‬داخل االتحاد‬
‫(‪)2‬‬
‫السوفيتي‪.‬‬

‫ومن الناحية السياسية حاول جورباتشوف دمج الحادث في حممة حذرة‪ ،‬ىدفيا المعمن إزالة جميع‬
‫(‪)9‬‬
‫حيث حاول الحصول عمى ميزة دعائية من خبلل التأكيد عمى‬ ‫األسمحة النووية من عمى وجو األرض‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫ولقد عبر عن ىذا‬ ‫"العواقب الوخيمة" لمحوادث التي تنطوي عمى استخدام األسمحة النووية أو إنتاجيا‪.‬‬
‫جورباتشوف في مذكراتو فذكر‪" :‬لقد لقننا حادث ‪6891‬م درساً خطي اًر فيما تستطيع أن تفعمو الذرة‬
‫المنفمتة من التحكم‪ ،‬حتى ولو كانت تستخدم ألغراض سممية"‪ )1(.‬وذكر جورباتشوف في خطابو السابق‬
‫في ‪ 69‬مايو "لقد أظيرت حادثة تشيرنوبيل‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬اليوة التي ستنفتح في حالة اندالع الحرب‬
‫النووية‪ ،‬فالترسانات النووية التي نممكيا تجسد آالف وآالف من الكوارث التي تفوق في شناعتيا كارثة‬
‫تشيرنوبيل بكثير‪ ".‬وأضاف أيضاً "قررت الحكومة السوفيتية أن تمد الوقف االختياري الذي فرضتو من‬
‫جانب واحد عمى التجارب النووية‪ ،‬إلى يوم ‪ 1‬أغسطس من نفس العام‪ ،‬أي حتى التاريخ الذي شيد‪ ،‬قبل‬
‫‪ 92‬عاما‪ ،‬إلقاء القنبمة النووية عمى مدينة ىيروشيما اليابانية‪ ،‬التي راح ضحيتيا مئات اآلالف من‬
‫الناس‪ ".‬وأكد كذلك في خطابو عمى االقتراح الذي عرضو عمى الرئيس ريجان لبلجتماع دون تأخير في‬

‫رغ‪١١‬شاد ع‪٘ٛ‬ش‪٠‬خ ف‪ ٟ‬اٌ‪١ٙ‬ىً اٌغ‪١‬بع‪ٌ ٟ‬الرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ :ٟ‬رُ رمٍ‪١‬ض ل‪ٛ‬ح اٌؾضة اٌش‪ٛ١‬ػ‪ٚ ،ٟ‬أعش‪٠‬ذ أزخبثبد‬
‫ِزؼذدح اٌّششؾ‪ .ٓ١‬وّب عّؾذ عالعٕ‪ٛ‬عذ ثبٔزمبد اٌّغإ‪ ٓ١ٌٚ‬اٌؾى‪ٚ ٓ١١ِٛ‬عّؾذ ٌ‪ٛ‬عبئً اإلػالَ ثٕشش األخجبس‬
‫‪ٚ‬اٌّؼٍ‪ِٛ‬بد ثؾش‪٠‬خ‪ .‬أظش‪https://www.britannica.com/topic/glasnost Access: 2/1/2022 :‬‬
‫)‪ )9‬البيزيسخزويكا ‪ ٛ٘ٚ :‬ثشٔبِظ رُ ‪ٚ‬ضؼٗ ف‪ ٟ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ِٓ ٟ‬لجً ِ‪١‬خبئ‪ ً١‬ع‪ٛ‬سثبرش‪ٛ‬ف ف‪ِٕ ٟ‬زظف‬
‫اٌضّبٔ‪١ٕ١‬بد إلػبدح ٘‪١‬ىٍخ إٌظُ االلزظبد‪٠‬خ ‪ٚ‬اٌغ‪١‬بع‪١‬خ اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪١‬خ‪ .‬عؼ‪١‬ب ً ئٌ‪ ٝ‬عؼً االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬بر‪ ٟ‬ػٍ‪ ٝ‬لذَ‬
‫اٌّغب‪ٚ‬اح االلزظبد‪٠‬خ ِغ اٌذ‪ٚ‬ي اٌشأعّبٌ‪١‬خ ِضً أٌّبٔ‪١‬ب ‪ٚ‬اٌ‪١‬بثبْ ‪ٚ‬اٌ‪ٛ‬ال‪٠‬بد اٌّزؾذح‪ ،‬لبَ غ‪ٛ‬سثبرش‪ٛ‬ف ثض‪ٛ‬اثظ‬
‫الزظبد‪٠‬خ الِشوض‪٠‬خ ‪ٚ‬شغغ اٌششوبد ػٍ‪ ٝ‬أْ رظجؼ رار‪١‬خ اٌزّ‪ .ً٠ٛ‬غ‪١‬ش أْ اٌج‪١‬ش‪ٚ‬لشاط‪١‬خ االلزظبد‪٠‬خ‪ ،‬خش‪١‬خ فمذاْ‬
‫ضب رمٍ‪ ً١‬اٌّشبسوخ اٌّجبششح ٌم‪١‬بدح اٌؾضة‬
‫ل‪ٛ‬ر‪ٙ‬ب ‪ٚ‬اِز‪١‬بصار‪ٙ‬ب‪ ،‬أػبلذ اٌىض‪١‬ش ِٓ ثشٔبِغٗ‪ .‬الزشػ ع‪ٛ‬سثبرش‪ٛ‬ف أ‪ً ٠‬‬
‫اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ؽىُ اٌجالد ‪ٚ‬ص‪٠‬بدح عٍطخ اٌؾى‪ِٛ‬بد اٌّؾٍ‪١‬خ‪ .‬ف‪ ٟ‬ػبَ ‪ ،9199‬رُ ئٔشبء ثشٌّبْ عذ‪٠‬ذ‪ ،‬اٌّإرّش‬
‫اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ٌٕٛ ٟ‬اة اٌشؼت‪ .‬وّب رُ ئٔشبء ِإرّشاد ِّبصٍخ ف‪ ٟ‬وً عّ‪ٛٙ‬س‪٠‬خ ع‪ٛ‬ف‪١‬ز‪١‬خ‪ٚ .‬أل‪ٚ‬ي ِشح‪ ،‬أربؽذ االٔزخبثبد‬
‫ٌ‪ٙ‬زٖ اٌ‪١ٙ‬ئبد ٌٍٕبخج‪ ٓ١‬اخز‪١‬بس اٌّششؾ‪ ،ٓ١‬ثّب ف‪ ٟ‬رٌه غ‪١‬ش اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ،ٓ١١‬ػٍ‪ ٝ‬اٌشغُ ِٓ اعزّشاس ع‪١‬طشح اٌؾضة‬
‫اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٟ‬ػٍ‪ ٝ‬إٌظبَ‪ .‬أظش‪https://www.britannica.com/topic/perestroika-Soviet- :‬‬
‫‪Access: 2/1/2022 government-policy‬‬
‫‪(2) Anna Jo Keller, op. cit., p.17.‬‬
‫‪(3) David R. Marples, op. cit., p. 4.‬‬
‫‪)4( Intelligence Report Prepared in the Central Intelligence Agency, Washington,‬‬
‫‪April 29, 1986, FRUS, 1986.‬‬
‫(‪١ِ )5‬خبئ‪ ً١‬ع‪ٛ‬سثبرش‪ٛ‬ف‪ ،‬البيزيسخزويكا حفكيز جذيذ لبالدنا وللعالن‪ ،‬رشعّخ ‪ :‬ؽّذ‪ ٜ‬ػجذ اٌغ‪ٛ‬اد‪( ،‬اٌمب٘شح‪ :‬داس‬
‫اٌشش‪ٚ‬ق‪ ،)9199 ،‬ص ‪.291‬‬

‫‪646‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫عاصمة أية دولة أوروبية تبدى استعدادىا الستقباليم‪ ،‬أو في ىيروشيما‪ ،‬لمتوصل إلى اتفاق عمى حظر‬
‫(‪)6‬‬
‫التجارب النووية‪.‬‬

‫كذلك عمل جورباتشوف عمى استغبلل الحادث لمدعوة إلى زيادة دور الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪،‬‬
‫وكان الدور الرئيسي لموكالة‪ ،‬من الناحية العممية إن لم يكن من الناحية النظرية‪ ،‬ىو ضمان عدم‬
‫استخدام محطات الطاقة النووية المدنية إلنتاج البموتنيوم وغيره من العناصر البلزمة لبرامج األسمحة‬
‫(‪)2‬‬
‫فأوضح جورباتشوف في الخطاب السابق أنو من الضروري التعمق الجدي لمتعاون في إطار‬ ‫النووية‪.‬‬
‫الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ .‬والخطوات التي يمكن النظر فييا في ىذا الصدد ىي‪ :‬إيجاد نظام دولي‬
‫لمتطوير المأمون لمطاقة النووية يقوم عمى تعاون وثيق بين جميع الدول التي تعنى بيندسة الطاقة‬
‫النووية‪ .‬وفي إطار ىذا النظام ينبغي أن يقام نظام لئلنذار السريع وتقديم المعمومات‪ ،‬في حال وقوع‬
‫حوادث أو أخطار في المحطات النووية لتوليد الطاقة‪ ،‬وعمي وجو الخصوص عندما يكون مقترناً بتسرب‬
‫اإلشعاع‪ .‬كما يتعين تشكيل ىيئة دولية‪ ،‬من أجل تقديم المساعدة بأقصى سرعة عند حدوث حاالت‬
‫خطيرة‪ .‬كذلك فمن الحكمة تعزيز دور وامكانيات المنظمة الدولية لمطاقة الذرية‪ ،‬وعبر االتحاد السوفيتي‬
‫(‪)9‬‬
‫عن استعداده ليذا األمر‪.‬‬

‫كما سعى جورباتشوف أيضاً في نفس الخطاب إلى مياجمة موقف الواليات المتحدة وحمف شمال‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ NATO‬من حادثة تشيرنوبيل‪ .‬ففي خطاب ‪ 69‬مايو أوضح أنيم شنوا حممة شعواء من‬ ‫األطمسي‬
‫العداء لمسوفييت حيث كتبوا في األيام األخيرة حول "آالف من الضحايا"‪ ،‬أو "المدافن الجماعية لمموتى"‪،‬‬

‫أو "كييف الميجورة"‪ ،‬أو "تسمم إقميم أوكرانيا بأكممو" وما إلى ذلك‪ .‬وأردف "لقد واجينا بصفة عامة ركاماً‬
‫من األكاذيب الصارخة والخبيثة‪ ،‬وينبغي أن يعرف المجتمع الدولي ما تعين عمينا مواجيتو‪ ".‬وأضاف‬
‫"كان منظمو ىذه الحممة تعوزىم ذريعة يستخدمونيا لمتشيير باالتحاد السوفيتي‪ ،‬وبسياستو الخارجية‪،‬‬

‫(‪ )9‬األهن الوخحذة ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌؾبد‪٠‬خ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬اٌّشفك‪" :‬اٌخطبة اٌز‪ ٜ‬أٌمبٖ األِ‪ ٓ١‬اٌؼبَ ٌٍؾضة‬
‫اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٝ‬ف‪ ٝ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ػٓ طش‪٠‬ك اٌزٍ‪١‬فض‪ ْٛ٠‬اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ف‪ِ 91 ٝ‬ب‪ِ 91 ،"9191ٛ٠‬ب‪،9191 ٛ٠‬‬
‫‪ ،A/41/339‬ص ‪.99 ،91‬‬
‫‪)2( David R. Marples, op. cit., p. 4.‬‬
‫(‪ )1‬األهن الوخحذة ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌؾبد‪٠‬خ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬اٌّشفك‪" :‬اٌخطبة اٌز‪ ٜ‬أٌمبٖ األِ‪ ٓ١‬اٌؼبَ ٌٍؾضة‬
‫اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٝ‬ف‪ ٝ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ػٓ طش‪٠‬ك اٌزٍ‪١‬فض‪ ْٛ٠‬اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ف‪ِ 91 ٝ‬ب‪ِ 91 ،"9191ٛ٠‬ب‪،9191 ٛ٠‬‬
‫‪ ،A/41/339‬ص ‪.91‬‬
‫)‪ )1‬ؽٍف ػغىش‪ ٞ‬غشث‪ ٟ‬رزضػّٗ اٌ‪ٛ‬ال‪٠‬بد اٌّزؾذح األِش‪٠‬ى‪١‬خ‪ ،‬أش‪ٝ‬ء ثّ‪ٛ‬عت ِؼب٘ذح ف‪ ٟ‬أثش‪٠ٚ ،9111 ً٠‬زى‪ْٛ‬‬
‫ِٓ اٌ‪ٛ‬ال‪٠‬بد اٌّزؾذح األِش‪٠‬ى‪١‬خ‪ٚ ،‬ثش‪٠‬طبٔ‪١‬ب‪ٚ ،‬فشٔغب‪ٚ ،‬وٕذا‪ٚ ،‬ئ‪٠‬طبٌ‪١‬ب‪ٚ ،‬ثٍغ‪١‬ىب‪ٌٕٛ٘ٚ ،‬ذا‪ٚ ،‬اٌجشرغبي‪ٚ ،‬ئ‪٠‬غٍٕذٖ‪،‬‬
‫‪ٚ‬إٌش‪٠ٚ‬ظ اٌذّٔبسن‪ٚ .‬أضّذ ئٌ‪ ٗ١‬ثؼذ رٌه أٌّبٔ‪١‬ب اٌغشث‪١‬خ ‪ٚ‬رشو‪١‬ب ‪ٚ‬اٌ‪ٔٛ١‬بْ‪ .‬رؼ‪ٛ‬د عز‪ٚ‬س اٌؾٍف ئٌ‪ ٝ‬اٌؾشة‬
‫اٌؼبٌّ‪١‬خ اٌضبٔ‪١‬خ ‪ٚ‬ثش ص أصٕبء اشزذاد ‪ٚ‬طأح اٌؾشة اٌجبسدح‪ٚ ،‬سغجخ اٌ‪ٛ‬ال‪٠‬بد اٌّزؾذح ف‪ ٟ‬اٌزظذ‪ٌٍٕ ٞ‬ف‪ٛ‬ر اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ٟ‬‬
‫اٌّزضا‪٠‬ذ ثؼذ اٌؾشة اٌؼبٌّ‪١‬خ اٌضبٔ‪١‬خ‪ .‬أظش‪ :‬ػجذ اٌ‪٘ٛ‬بة اٌى‪١‬بٌ‪ٚ ٝ‬أخش‪ ،ْٚ‬هىسىعت السياست‪ ،‬ط‪( ،1‬ث‪١‬ش‪ٚ‬د‪:‬‬
‫اٌّإعغخ اٌؼشث‪١‬خ ٌٍذساعبد ‪ٚ‬إٌشش‪ ،‬د‪.‬د)‪ ،‬ص ‪.159‬‬

‫‪646‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫ولمنيل من أثر المقترحات السوفيتية المتعمقة بإنياء التجارب النووية والقضاء عمى األسمحة النووية‪ ،‬مع‬
‫القضاء في الوقت نفسو عمى النقد المتزايد ضد مسمك الواليات المتحدة عمى الساحة الدولية وضد نزعتيا‬
‫العسكرية‪ .‬وبغير مواربة ىناك ساسة غربيون يتوخون أىدافاً محددة لمقضاء عمى أية فرصة لتحسين‬
‫(‪)6‬‬
‫العبلقات الدولية‪ ،‬مع نشر بذور التشكك واالرتياب في البمدان االشتراكية‪".‬‬

‫ومن ىذا يتضح أن البيانات الرسمية السوفيتية جاءت لدحض مزاعم الصحافة الغربية بشأن‬
‫الحادث‪ ،‬فعمي سبيل المثال‪ ،‬نقمت عديدا من البرامج التميفزيونية والصحف في الغرب تقرير وكالة‬
‫يونايتيد برس إنترناشيونال األمريكية ‪ United Press International‬عن وفاة ‪ 2222‬شخص في‬
‫أعقاب الحادث مباشرة‪ .‬ونشرت إنو بحمول ‪ 92‬أبريل تم إجبلء ما بين ‪ 62222‬و ‪ 61222‬شخص من‬
‫المنطقة‪ ،‬وأن ثمانين شخصاً لقوا مصرعيم بعد الحادث مباشرة‪ ،‬وتوفى ‪ 2222‬شخص وىم في طريقيم‬
‫إلى المستشفيات‪ ،‬وكان مستشفى أكتوبر في كييف مميئاً بضحايا اإلشعاع‪ .‬وكان الرد السوفيتي في عدد‬
‫من المقاالت في جريدة برافدا ‪ Pravda‬وازفيستيا ‪ Izvestia‬حيث وصفت المقاالت التغطية الغربية‬
‫بأنيا "حممة ضد السوفييت" و "حممة كراىية" و"دعاية مناىضة لمسوفييت"‪ .‬وانتقد الكتاب السوفييت‬
‫وسائل اإلعبلم الغربية الستخداميا التمفيقات واألكاذيب‪ ،‬ومن أجل استغبلل سوء الحظ والتشفي في‬
‫اإلخفاقات‪ .‬وذكرت جريدة برافدا أن وسائل اإلعبلم األمريكية سعت إلى صرف االنتباه عن األنشطة‬
‫اإلجرامية األخيرة مثل قصف ليبيا والحروب غير المعمنة في عدة دول‪ ،‬وخاصة نيجيا العدواني تجاه‬
‫سباق التسمح النووي ورفض مبادرات السبلم السوفيتية‪ .‬ومضت تقول إن مسؤولي البيت األبيض وو ازرة‬
‫الخارجية كانوا يشنون حممة جديدة مناىضة لمسوفييت‪ .‬حيث استغل بعض األفراد رفيعي المستوى في‬
‫واشنطن‪ ،‬وكذلك عواصم بعض دول الناتو األخرى‪ ،‬نبأ حادث تشيرنوبيل من أجل توظيفو في أىدافيم‬
‫السياسية المعادية‪ .‬وتم اختبلق قصص حول "آالف القتمى" وعن شعوب أوربا الغربية وحتى الواليات‬
‫المتحدة التي تأثرت بالنشاط اإلشعاعي نتيجة الحادث‪ .‬وبدأت الصحف السوفيتية التركيز عمى الحوادث‬
‫(‪)2‬‬
‫النووية في الواليات المتحدة وبريطانيا‪ ،‬وعن عدم كفاية معايير األمن في المرافق النووية لدييم‪.‬‬

‫واجماالً كان الموقف السوفيتي الرسمي عمى المستوى الداخمي قد حاول استغبلل الحادث سياسياً في‬
‫التأكيد عمى أىمية عممية اإلصبلح التي يقودىا جورباتشوف المتمثمة في االنفتاح وبرامج إعادة الييكمة‬
‫االقتصادية‪ .‬وعمى المستوى الخارجي استغل الحادث في مياجمة الغرب بسبب تقاريره المبالغ فييا عن‬

‫(‪)9‬األهن الوخحذة‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌؾبد‪٠‬خ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬اٌّشفك‪" :‬اٌخطبة اٌز‪ ٜ‬أٌمبٖ األِ‪ ٓ١‬اٌؼبَ ٌٍؾضة‬
‫اٌش‪ٛ١‬ػ‪ ٝ‬ف‪ ٝ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ػٓ طش‪٠‬ك اٌزٍ‪١‬فض‪ ْٛ٠‬اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٝ‬ف‪ِ 91 ٝ‬ب‪ِ 91 ،"9191ٛ٠‬ب‪،9191 ٛ٠‬‬
‫‪ ،A/41/339‬ص ‪.9‬‬
‫‪2‬‬
‫‪( ) Anna Jo Keller, op. cit., p. 39 – 52.‬‬

‫‪656‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫تداعيات الحادث‪ .‬وكذلك محاولة الدعوة لزيادة دور الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ ،‬والتعاون في مثل ىذه‬
‫الحوادث في المستقبل‪ .‬وكذلك التركيز عمى خطورة األسمحة النووية‪ ،‬ودعوة الغرب لتقميصيا ألقصى‬
‫درجة‪ ،‬واحراجيم‪.‬‬

‫وعن الموقف األمريكي من الحادث فقد جاء في خطاب الرئيس ريجان اإلذاعي في ‪ 9‬مايو حيث‬
‫ذكر "أن تعامل السوفييت مع الحادث يظير تجاىبلً لممخاوف المشروعة لمناس في كل مكان‪ .‬إن وقوع‬
‫حادث نووي يؤدى إلى تمويث عدد من البمدان بمواد مشعة ليس مجرد مسألة داخمية‪ ،‬السوفييت يدينون‬
‫(‪)6‬‬
‫ولقد بدأت الواليات المتحدة صياغة استراتيجيتيا في التعامل مع حادثة تشيرنوبيل‪،‬‬ ‫لمعالم بالشرح"‪.‬‬
‫ووفقاً لممذكرة التي أعدتيا و ازرة الخارجية األمريكية في تحميميا لؤلحداث أن حادث تشيرنوبيل قد يترك‬
‫السوفييت والواليات المتحدة عرضة لمخطر في المجاالت اآلتية‪:‬‬

‫‪ -6‬تم تقويض أسموب قيادة جورباتشوف ومصداقيتو محمياً‪ ،‬وفي الغرب بشكل أكبر‪.‬‬
‫‪ -2‬من المرجح أن يؤدى الحادث إلى التأثير عمى الزراعة وانتاج الطاقة والصادرات السوفيتية‪.‬‬
‫‪ -9‬سيخضع إتقان االتحاد السوفيتي لمتكنولوجيا النووية‪ ،‬واالعتماد عمييا لتدقيق مكثف في جميع أنحاء‬
‫العالم‪.‬‬
‫‪ -9‬الواليات المتحدة‪ ،‬عرضة لبلتيام بالمبالغة في الكارثة السوفيتية واستغبلليا ألغراضيا الخاصة‪ .‬وقد‬
‫يمارس الرأي العام الديمقراطي ضغوطاً أكبر عمينا لتقديم تنازالت بشأن األسمحة النووية أكثر مما‬
‫يمارسو عمى السوفييت‪.‬‬
‫‪ -1‬سيتم تعزيز حماة البيئة في إنجمت ار وألمانيا الغربية وربما أجزاء أخرى من أوربا الغربية‪.‬‬

‫ولمواجية ىذه المخاطر من وجية نظر و ازرة الخارجية األمريكية ينبغي اتباع التدابير اآلتية‪:‬‬

‫‪ -6‬إعادة بناء الثقة في االستخدامات السممية لمغرب لمطاقة الذرية‪ ،‬والتأكيد عمى أوجو القصور‬
‫السوفيتية واالختبلفات بين برامجنا النووية‪ .‬ويجب أن نعد سمسة من المقترحات الممموسة لتقوية‬
‫الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ ،‬إلضفاء الطابع المؤسسي عمى معايير األمان لممحطات النووية‪،‬‬
‫ولتعزيز أحكام الكشف عن المعمومات المتعمقة بالحوادث النووية‪ .‬ويجب دعوة السوفييت وآخرون‬
‫لمدخول في ترتيبات تدعو إلى اإلببلغ اإلجباري عن الحوادث النووية‪.‬‬

‫‪(1) Telegram From the Embassy in the Soviet Union to the Department of State,‬‬
‫‪Moscow, May 8, 1986, 2033Z, FRUS, 1986.‬‬

‫‪656‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫‪ -2‬االستعداد لتقديم المساعدة لمسوفييت وأوربا الشرقية في معالجة اآلثار قصيرة المدى وطويمة المدى‬
‫لمكارثة‪.‬‬
‫‪ -9‬في محادثات الحد من التسميح‪ ،‬من المرجح أن يؤجج الحادث الدعم الشعبي األوروبي واألمريكي‬
‫لمسيطرة عمى األسمحة النووية وتقميصيا‪ ،‬فضبلً عمى حظر أو الحد من التجارب النووية‪ .‬وسيوفر‬
‫ذلك وقتاً مناسباً إلظيار رغبتنا في المضي قدماً والضغط عمى السوفيت لتبنى مواقف أكثر واقعية‪.‬‬
‫‪ -9‬عمى جبية الدعاية‪ ،‬فمخاوف األوروبيين الشرقيين والغربيين عالية بالفعل‪ .‬وقد يكون تأثير الحادث‬
‫عمى عبلقتيم مع االتحاد السوفيتي أكبر من خبلل السماح ليم بالتوصل إلى استنتاجاتيم الخاصة‪،‬‬
‫دون جعل ىذه قضية شرق وغرب واختبار والء لبلتحاد السوفيتي‪ .‬ويجب أن نكون حريصين عمى‬
‫ال من ذلك نواصل تشجيع التغيرات الصغيرة‪ ،‬ولكن‬
‫"عدم فرك أنوف السوفييت في التراب" وبد ً‬
‫(‪)6‬‬
‫الميمة في سموكيم‪.‬‬

‫وقد تم تنفيذ ىذه االستراتيجية بشكل محدد في أول لقاء جمع بين وزير الخارجية السوفيتي‬
‫شيفرنادزه والسفير األمريكي في موسكو في ‪ 9‬مايو ‪ ،6891‬حيث تمت إثارة حادثة تشيرنوبيل‪ ،‬وافتتح‬
‫السفير االجتماع بتكرار اإلعراب عن تعاطف الرئيس ريجان‪ ،‬وعرض تقديم المساعدة فيما يتعمق بحادث‬
‫تشيرنوبيل‪ .‬وان الواليات المتحدة عمى استعداد لتقديم المساعدة سواء عمى المستوى الثنائي أو من خبلل‬
‫المنظمات الدولية‪ .‬وأكد السفير عمى عدم وجود "حممة منظمة" ضد االتحاد السوفيتي‪ ،‬كما أدعى بعض‬
‫المعمقين السوفييت‪ .‬وان ىذا بمثابة سوء قراءة لمرأي خارج الحدود السوفيتية‪ .‬وان الواليات المتحدة ميتمة‬
‫أيضاً مثل االتحاد السوفيتي بإقناع الناس بأن الحادث الحالي يمكن معالجتو بشكل معقول‪ ،‬وأنو يمكن‬
‫تجنب الحوادث المستقبمية‪ .‬ورد شيفرنادزه أن القمق بشأن الحادث كان مفيوماً تماماً‪ .‬لكن كان البعض‬
‫يحاول تكوين رأس مال سياسي وتشويو صورة االتحاد السوفيتي – سواء أكان منظماً أم ال – وىذه‬
‫مسألة أخرى‪ .‬وقد كان النقد العمني الذي وجيو الرئيس األمريكي لمحكومة السوفيتية – لعدم تقديم‬
‫معمومات كافية – من الصعب فيمو‪ .‬فقد قدمت المعمومات بالفعل في الوقت المناسب‪ ،‬لذلك لم يتم فيم‬
‫انتقادات الرئيس‪ .‬ورد السفير أنو كان ىناك مشكمة واحدة فقط وىي أن اإلعبلن األول عن الحادث‬
‫صدر عن الحكومة السويدية‪ ،‬وليس الحكومة السوفيتية‪ .‬ولو كان االتحاد السوفيتي قد أدلى بالبيان‬
‫األولى‪ ،‬وتابعو بالنشرات اليومية‪ ،‬لكان الناس قد فيموا ذلك‪ .‬وقال شيفرنادزه إن الدرس األخير من‬
‫تشيرنوبيل ىو الطبيعة "الرىيبة" لمطاقة الذرية‪ .‬إذا لم تستطع قوة عممية وتقنية عظيمة مثل االتحاد‬

‫‪)1( Telegram From the Department of State to Secretary of State Shultz in Tokyo,‬‬
‫‪Washington, May 3, 1986, From: S/P-Richard H. Solomon, To: The Secretary,‬‬
‫‪FRUS, 1986.‬‬

‫‪652‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫السوفيتي‪ ،‬السيطرة في البداية عمى وضع تشيرنوبيل‪ ،‬فإن الحرب النووية ستكون كارثة خطيرة تيدد نياية‬
‫البشرية جمعاء‪ .‬ولذلك فاالتحاد السوفيتي عازم عمى مضاعفة جيوده إلزالة جميع األسمحة النووية‪،‬‬
‫والبدء في ىذه العممية بفرض حظر شامل عمى التجارب النووية‪ ،‬السممية منيا والعسكرية‪ .‬واتفق السفير‬
‫عمى أن ىذا سيوفر الزخم لبذل كل ما في وسعنا لخمق مزيد من االستقرار وتجنب النزاعات‪ .‬وان القادة‬
‫(‪)6‬‬
‫من الجانبين متفقون عمى ىدف إزالة األسمحة النووية‪.‬‬

‫وبعد خطاب جورباتشوف في ‪ 69‬مايو عكفت و ازرة الخارجية األمريكية عمى تحميمو‪ ،‬حيث رأت أن‬
‫ىذا الخطاب ىو أبرز عبلمة عمى أن القيادة السوفيتية تشعر بأنيا محاصرة وتميل إلى االنخراط في‬
‫الداخل‪ .‬فقد كانت صيغة ىذا الخطاب ىي تمك التي استخدمتيا القادة السوفييت مرات عديدة من قبل‬
‫"نداء إلى الشعب السوفيتي لنتحد في مواجية حممة من قبل خصوميم الخارجيين الستغبلل الصعوبات‬
‫السوفيتية‪ ".‬ورأت و ازرة الخارجية األمريكية "أن انسحاب االتحاد السوفيتي ال يساعد مصالح الواليات‬
‫األمريكية‪ ،‬سواء في المضي قدماً في جدول األعمال المحدد في قمة جنيف‪ ،‬أو في التعامل عمى المدى‬
‫الطويل مع حمفائيم األوروبيين واآلسيويين‪ .‬وان الوقت قد حان ألن يأخذ الرئيس زمام المبادرة‪ ،‬ويشجع‬
‫(‪)2‬‬
‫االتحاد السوفيتي عمى االنخراط من جديد‪ .‬وانيا تنصح بإرسال رسالة لجورباتشوف لتميد الطريق‪".‬‬

‫وىذا األمر الذي أكده وزير الخارجية األمريكي شولتز ‪ George Shultz‬لمرئيس ريجان "لقد‬
‫أشرت في مناقشتي األخيرة معك‪ ،‬إلى أنو نتيجة لحادثة تشيرنوبيل وغيرىا من األحداث منذ قمة العام‬
‫الماضي‪ ،‬أصبح السوفييت أكثر دفاعاً وانسحاباً‪ .‬ومن الضروري بذل جيد خاص إلعادتيم إلى وضع‬
‫تفاوضي أكثر نشاطاً‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن المزاج السوفيتي الحالي يقوض احتماالت تقدم كبير في جدول‬
‫أعمالنا‪ .‬كما أن استمرار الجمود في العبلقات بين الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتي‪ ،‬قد يزيد من‬
‫الصعوبات االنتخابية التي تواجو مؤيديك األقوياء في أوربا‪ ،‬وأعتقد أن الوقت مناسب لرسالة شخصية‬
‫إلى جورباتشوف تشير إلى عدم رضاك عن النتائج منذ القمة‪ ،‬وتخبره أن وقت االتيامات قد انتيى‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫وتركز عمى اقتراحو لمتعاون في المجال النووي‪".‬‬

‫‪(1) Telegram From the Embassy in the Soviet Union to the Department of State,‬‬
‫‪Moscow, May 8, 1986, 2033Z, FRUS, 1986.‬‬
‫‪(2) Note From the Assistant Secretary of State for European and Canadian Affairs‬‬
‫‪(Ridgway) to Secretary of State Shultz, Washington, May 15, 1986, FRUS, 1986.‬‬
‫‪)3( Memorandum From Secretary of State Shultz to President Reagan, Washington,‬‬
‫‪May 19, 1986, FRUS, 1986.‬‬

‫‪653‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫وقد كانت و ازرة الخارجية األمريكية في تحميميا لمموقف السوفيتي ترى أنو عمى الرغم من أن‬
‫الواليات المتحدة أبدت تعاطفاً رسمياً ومساعدتيا لبلتحاد السوفيتي بعد تشيرنوبيل‪ ،‬وكانت مقيدة في‬
‫انتقاداتيا العمنية لمسرية السوفيتية‪ ،‬ربما يعتقد عديد من المسؤولين السوفييت حقاً أن الواليات المتحدة‬
‫تحاول استغبلل ىذه المحنة السوفيتية لتحقيق مكاسب سياسية‪ .‬فمن وجية النظر السوفيتية‪ ،‬فإن استجابة‬
‫الواليات المتحدة لمكارثة تتناسب مع نمط من اإلجراءات األمريكية األخرى التي تتعارض مع "روح‬
‫جنيف"‪ .‬ومن المحتمل أن يكون ىناك م اررة حقيقية في ردود الفعل السوفيتية عمى الطريقة التي تعاممت‬
‫بيا الواليات المتحدة مع تشيرنوبيل سواء رسمياً أو غير رسمياً‪ .‬ومثل غيره من القادة السوفيت يريد‬
‫(‪)6‬‬
‫جورباتشوف عبلقة تتعامل فييا الواليات المتحدة مع االتحاد السوفيتي كقوة عظمى "متساوية" تماماً‪.‬‬

‫وقد بدأ السوفييت بالفعل حممة لمواجية الواليات المتحدة‪ .‬من خبلل اقتراح تدابير تعاونية لمتعامل‬
‫مع كوارث من نوع تشيرنوبيل‪ ،‬مثل تعزيز الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ ،‬يأممون في تصوير أنفسيم كجزء‬
‫من حل لمشكمة مشتركة‪ ،‬وتخفيف االتيامات الغربية بأن السموك السوفيتي ىو المشكمة‪ .‬وليذا يجب أن‬
‫تكون سياسة الواليات المتحدة مع جورباتشوف موجو إلى إبعاده عن فكرة أن يضغط إلعادة بناء‬
‫العبلقات بين الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتي بشروطو‪ .‬وإليصال ىذه الرسالة‪ ،‬يجب االستجابة بقوة‬
‫لممحاوالت السوفيتية الستقطاب الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ ،‬وتحويل ما ينبغي أن يكون مراجعة دولية‬
‫لئلجراءات السوفيتية إلى ممارسة برعاية السوفييت‪ ،‬تيدف إلى تبيض األخطاء السوفيتية‪ .‬ورفض‬
‫محاوالت السوفيت الستخدام تشيرنوبيل النتزاع تنازالت من الواليات المتحدة قبل القمة‪ .‬ويمكن أن تمعب‬
‫تشيرنوبيل دو اًر مفيدًا إذا شجعت جورباتشوف عمى التركيز عمى نقاط الضعف الداخمية لبلتحاد‬
‫السوفيتي‪ ،‬والبدء في إدراك عدم التوافق بينيا وبين الطموحات الخارجية لبلتحاد السوفيتي‪ .‬وإلرسال‬
‫اإلشارات الصحيحة لجورباتشوف‪ ،‬يجب اتخاذ موقف إيجابي تجاه تحسين التعاون بشأن السبلمة النووية‬
‫في الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ .‬وكذلك نكرر لمسوفييت بقوة‪ ،‬عمى انفراد‪ ،‬توقعنا عقد قمة جديدة وتنفيذ‬
‫(‪)2‬‬
‫ما تم االتفاق عميو في جنيف‪.‬‬

‫وبناء عمى التوصيات والتحميبلت السابقة قام الرئيس األمريكي ريجان بإرسال رسالة إلى‬
‫جورباتشوف في ‪ 29‬مايو وبعد أن أعرب فييا عن إعجابو بالشجاعة التي استجاب بيا الشعب السوفيتي‬
‫لممأساة األخيرة في تشيرنوبيل‪ .‬واالستعداد لممساعدة في التعامل مع عواقب المأساة‪ .‬فقد تضمنت الرسالة‬

‫‪)1( Information Memorandum From the Director of the Policy Planning Staff‬‬
‫‪(Solomon) to Secretary of State Shultz, Washington, May 22, 1986, FRUS, 1986.‬‬
‫‪(2( Ibid.‬‬

‫‪654‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫ما يمي‪" :‬في خطابك بتاريخ ‪ 69‬مايو‪ ،‬قدمت بعض المقترحات البناءة لمتعاون الدولي في التعامل مع‬
‫سبلمة محطات الطاقة النووية‪ .‬أنا أتفق معك في أن مثل ىذا اإلجراء مرحب بو بشدة‪ ".‬وأردف "لقد حان‬
‫الوقت لمتخمي عن أي سوء تفاىم ناجم عن حادث تشيرنوبيل‪ ".‬وأشار ريجان إلى القمة المرتقبة في‬
‫‪6891‬م فذكر‪" :‬نحن عمى استعداد لمتوصل إلى اتفاق بحمول القمة المقبمة بشأن العناصر الرئيسية‬
‫لمعاىدات لخفض القوات النووية االستراتيجية‪ ،‬والقضاء عمى الصواريخ النووية متوسطة المدى‪ ،‬وازالة‬
‫التيديد باليجوم من الجانبين‪ ،‬واستخدام الفضاء لوضع أسمحة دمار شامل‪ .‬وانني مستعد الجتماع‬
‫خبرائنا لمناقشة القضية الخاصة بالتجارب النووية‪ ".‬وأوضح ريجان أيضاً "أرجو أن نتفق عمى أن الوقت‬
‫قد حان لمتركيز عمى جدول األعمال الذي وضعناه في جنيف في نوفمبر الماضي‪ .‬أنا مستعد ألقوم‬
‫بدوري‪ .‬كما قمت‪ ،‬أنا حريص عمى تحقيق نتائج عممية ممموسة في اجتماعنا المقبل‪ .‬وإليجاد جو مناسب‬
‫لمتقدم فإن النيج الذي أعتزم اتباعو في تصريحاتي العامة ىو إعادة تأكيد التزام الشخصي القوي بتحقيق‬
‫(‪)6‬‬
‫تقدم ممموس في جميع مجاالت عبلقتنا خبلل السنوات المتبقية في إدارتي‪".‬‬

‫كذلك أكد السفير األمريكي في موسكو أيض ًا "أن الرئيس ريجان يرحب بمقترحات جورباتشوف‬
‫بشأن سبلمة المحطات النووية‪ .‬وأشار إلى أن الواليات المتحدة تنقل عرض و ازرة الطاقة لتزويد االتحاد‬
‫(‪)2‬‬
‫السوفيتي بقاعدة بيانات عن اآلثار الصحية المحتممة لمحوادث النووية‪".‬‬

‫واجماالً يمكن القول إن جورباتشوف نتيجة لحادث تشيرنوبيل كان في حاجة إلى نجاح دولي لتيدئة‬
‫الرأي العام‪ .‬وكان مستعداً لقبول حمول أمريكية معقولة‪ )9(،‬ومن الناحية األخرى سعت الواليات المتحدة‬
‫لتقديم مثل ىذه المقترحات‪ ،‬وليذا تتالت بعد ذلك لقاءات القمة‪ ،‬حيث تم عقد قمة ريكيافيك ‪Reykjavík‬‬
‫(إيسمندا) في أكتوبر ‪6891‬م‪ ،‬وقمة واشنطن ‪6891‬م‪ ،‬وأخي اًر قمة موسكو في مايو م‪ ،6899‬واستطاع‬
‫جورباتشوف أن يعيد اليدوء إلى صراع الشرق والغرب‪ ،‬بل استطاع إقناع ريجان أن يوقع اتفاقية إلزالة‬
‫(‪)9‬‬
‫وىي ربما أىم اتفاقية في تاريخ سباق التسمح‬ ‫الصواريخ متوسطة المدى من أوربا ديسمبر ‪6891‬م‪،‬‬
‫(‪)6‬‬
‫النووي‪.‬‬

‫‪(1) Letter From President Reagan to Soviet General Secretary Gorbachev,‬‬


‫‪Washington, May 23, 1986, FRUS, 1986.‬‬
‫‪(2) Telegram From the Embassy in the Soviet Union to the Department of State,‬‬
‫‪Moscow, June 6, 1986, 1528Z, FRUS, 1986.‬‬
‫(‪ )1‬ث‪١‬بس ِ‪١‬ىبي‪ ،‬حاريخ العالن الوعاصز ‪ ،9119 – 9191‬رشعّخ‪ٛ٠ :‬عف ض‪ِٛ‬ظ‪( ،‬ث‪١‬ش‪ٚ‬د‪ :‬داس اٌغٍ‪،ً١‬‬
‫‪ ،)9111‬ص ‪.599‬‬
‫)‪ِ )1‬ؼب٘ذح اٌم‪ٛ‬اد إٌ‪٠ٚٛ‬خ ِز‪ٛ‬عطخ اٌّذ‪ ،ٜ‬االخزظبس ‪ ٟ٘ٚ ،INF‬ارفبل‪١‬خ اٌؾذ ِٓ األعٍؾخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ اٌز‪ ٟ‬ر‪ٛ‬طٍذ‬
‫ئٌ‪ٙ١‬ب اٌ‪ٛ‬ال‪٠‬بد اٌّزؾذح ‪ٚ‬االرؾبد اٌغ‪ٛ‬ف‪١‬ز‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ػبَ ‪ٚ ،َ9199‬اٌز‪ ٟ‬ارفمذ ف‪ٙ١‬ب ٘بربْ اٌذ‪ٌٚ‬زبْ ػٍ‪ ٝ‬اٌزخٍض ِٓ‬
‫ِخض‪ٔٚ‬بر‪ّٙ‬ب ِٓ األعٍؾخ ِز‪ٛ‬عطخ اٌّذ‪ٚ ٜ‬لظ‪١‬شح اٌّذ‪ ٜ‬اٌظ‪ٛ‬اس‪٠‬خ األسض‪١‬خ (اٌز‪ّ٠ ٟ‬ىٓ أْ رؾًّ سؤ‪ٚ‬عًب‬

‫‪655‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫وىكذا كان من نتائج حادث تشيرنوبيل وما تبعيا من تداعيات سياسية عمى المستوى الدولي ىو‬
‫توقيع اتفاقية "التبميغ المبكر عن وقوع حادث نووي" والتي اعتمدىا المؤتمر العام لموكالة الدولية لمطاقة‬
‫الذرية في دورتو االستثنائية التي انعقدت من ‪ 29‬إلى ‪ 21‬سبتمبر ‪6891‬م‪ ،‬ودخمت حيز التنفيذ يوم ‪21‬‬
‫أكتوبر ‪6891‬م‪ .‬والتي نصت في مادتيا الثانية عمى أنو "في حالة وقوع حادث نووي يتعين عمى أن‬
‫تبادر مباشرة‪ ،‬أو عن طريق الوكالة الدولية لمطاقة الذرية بتبميغ الدول التي أضيرت‪ ،‬أو يحتمل أن‬
‫تضار مادياً وتبمغ الوكالة بالحادث النووي وطبيعتو‪ ،‬ووقت حدوثو وموقعو بالتحديد كمما كان ذلك‬
‫مبلئماً‪ ،‬وتزويد ىذه الدول والوكالة بما يمزم من معمومات متاحة لمتقميل إلى أدنى حد من اآلثار‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلشعاعية‪".‬‬

‫وكذلك تم توقيع اتفاقية "تقديم المساعدة في حالة وقوع حادث نووي أو طارئ إشعاعي" والتي‬
‫اعتمدىا المؤتمر العام لموكالة في دورتو االستثنائية السابق اإلشارة إلييا‪ .‬والتي نصت في مادتيا الثانية‬
‫عمى أنو‪" :‬إذا احتاجت دولة طرف إلى مساعدة في حالة وقوع حادث نووي أو طارئ إشعاعي‪ ،‬سواء‬
‫نشأ أو لم ينشأ ىذا الحادث أو الطارئ داخل أراضييا أو في أراض تخضع لواليتيا أو لسيطرتيا‪ ،‬جاز‬
‫ليا أن تطمب ىذه المساعدة مباشرة أو عن طريق الوكالة من أية دولة طرف أخرى ومن الوكالة‪ ،‬أو‬
‫حسب االقتضاء‪ ،‬من غيرىا من المنظمات الدولية‪ .‬وتحدد الدولة الطرف والتي تطمب المساعدة نطاق‬
‫المساعدة المطموبة ونوعيا‪ ،‬وتزويد الطرف الذي يقدم المساعدة‪ ،‬إذا تيسر ليا ذلك‪ ،‬بما قد يمزمو من‬
‫(‪)9‬‬
‫معمومات لكي يقرر مدى قدرتو عمى تمبية الطمب‪".‬‬

‫وىذا األمر كان بداية لتطور في دور الوكالة الدولية لمطاقة الذرية التي كانت موجودة منذ ‪ 21‬عاما قبل‬
‫الحادث‪ ،‬وعمي األقل خبلل السنوات الخمس عشرة السابقة‪ ،‬فمم يحظ سوى نشاطين فقط لموكالة باىتمام‬
‫كبير‪ ،‬األول ىو نظام عدم االنتشار الذي تمعب فيو الوكالة دو اًر أساسياً‪ .‬وتدير الوكالة من خبللو نظام‬
‫لمتفتيش‪ .‬والثاني ىو المساعدة التقنية‪ ،‬حيث تقدم الوكالة المعدات والمشورة الفنية لمجموعة واسعة من‬
‫الجيود المتعمقة بالطاقة النووية‪ .‬وعمى الرغم من أن األمان النووي يندرج تحت المظمة العامة الىتمامات‬

‫ٔ‪٠ٚٛ‬خ)‪ .‬وبٔذ أ‪ٚ‬ي ِؼب٘ذح ٌزؾذ‪٠‬ذ األعٍؾخ رٍغ‪ ٟ‬فئخ وبٍِخ ِٓ أٔظّخ األعٍؾخ‪ .‬ثبإلضبفخ ئٌ‪ ٝ‬رٌه‪ٚ ،‬ضغ‬
‫ثش‪ٚ‬ر‪ٛ‬و‪ٛ‬الْ ٌٍّؼب٘ذح ئعشاءاد غ‪١‬ش ِغج‪ٛ‬لخ ٌٍّشالج‪ ِٓ ٓ١‬وال اٌجٍذ‪ٌٍ ٓ٠‬زؾمك ثشىً ِجبشش ِٓ رذِ‪١‬ش اٌذ‪ٌٚ‬خ‬
‫‪https://2009-2017.state.gov/t/avc/trty/102360.htm#text‬‬ ‫األخش‪ٌ ٜ‬ظ‪ٛ‬اس‪٠‬خ‪ٙ‬ب‪ .‬أظش‪:‬‬
‫‪Access: 3/1/2022‬‬
‫(‪)9‬ػجذ اٌخبٌك ػجذ هللا‪ ،‬العالن الوعاصز والصزاعاث الذوليت‪ ( ،‬اٌى‪٠ٛ‬ذ‪ :‬ػبٌُ اٌّؼشفخ‪ ،)9191 ،‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )2‬الىكالت الذوليت للطاقت الذريت‪ٔ ،‬ششح اػالِ‪١‬خ‪" ،‬ارفبل‪١‬خ اٌزجٍ‪١‬غ اٌّجىش ػٓ ‪ٚ‬ل‪ٛ‬ع ؽبدس ٔ‪ٛٔ 29 ،"ٜٚٛ‬فّجش‬
‫‪.INFCIRC/335 ،9191‬‬
‫(‪ )1‬الىكالت الذوليت للطاقت الذريت‪ٔ ،‬ششح اػالِ‪١‬خ‪" ،‬ارفبل‪١‬خ رمذ‪ ُ٠‬اٌّغبػذح ف‪ ٝ‬ؽبٌخ ‪ٚ‬ل‪ٛ‬ع ؽبدس ٔ‪ ٜٚٛ‬ا‪ ٚ‬طبسئ‬
‫اشؼبػ‪ٛٔ 29 ،"ٝ‬فّجش ‪.INFCIRC/336 ،9191‬‬

‫‪656‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫الوكالة‪ ،‬فقد حظيت باىتمام أقل من أعضائيا مقارنة بوظائف المساعدة والضمانات‪ .‬وقد كان من نتائج‬
‫(‪)6‬‬
‫حادث تشرنوبيل توسيع نطاق أنشطة الوكالة في مجال السبلمة واألمان النووي‪.‬‬

‫وكان لحادثة تشيرنوبيل تأثير كذلك عمى الصناعة النووية عمى المستوى الدولي‪ ،‬فقد كان الحادث‬
‫دليل عمى أن السبلمة النووية كانت أم ار مشكوكا فيو‪ .‬وقررت بعض الدول تقميص أو إنياء عمميات بناء‬
‫المنشآت النووية‪ ،‬وتوقف توسيع القدرة النووية تقريباً‪ ،‬وقد استغرق األمر ما يقرب من عقدين إلصبلح‬
‫(‪)2‬‬
‫سمعة الصناعة النووية‪.‬‬

‫اآلثار السياسية لحادث تشيرنوبيل‬

‫بوقوع الحادث سيطر القمق عمى األسر نتيجة النعدام الثقة بالموظفين والخبراء المحميين والوطنيين‪.‬‬
‫حيث كان اإلعبلم بشأن الكارثة متأخ اًر وغير كاف عمى السواء‪ ،‬مما أدى إلى مستوى عال من عدم‬
‫الثقة والقمق لدى الجميور‪ ،‬وبدرجة كبيرة يمكن عزو ذلك جزئياً إلى ما يسمى "بأخطاء الماضي"‪ ،‬فيعتقد‬
‫أن ذلك يعود إلى حد ما إلى انعدام اإلجماع بين العمماء عمى مستويات مقبولة من الجرعات‬
‫(‪)9‬‬
‫وقد أدركت الحكومة السوفيتية آنذاك ىذه المشكمة بسرعة‪ ،‬وحاولت مواجيتيا من خبلل‬ ‫اإلشعاعية‪.‬‬
‫دعوة خبراء أجانب لزيارة المناطق المموثة‪ ،‬وتقييم المشكبلت‪ ،‬وااللتقاء بالمختصين المحميين ونشر آرائيم‬
‫في اجتماعات مفتوحة وعمى شاشات التمفزيون‪ .‬وكان ليذه الزيارات أثر إيجابي‪ ،‬عمى األقل في البداية‪،‬‬
‫في تيدئة مخاوف الجميور في الجميوريات المموثة‪ ،‬فقد كان القمق والتوتر أكثر انتشا اًر ولم يقتصر عمى‬
‫المناطق األكثر تموث ًا‪ .‬بل أظيرت عديدا من الدراسات االستقصائية التي أجراىا سوفيت وباحثون آخرون‬
‫(‪)9‬‬
‫أن القمق الناجم عن الحادث قد انتشر إلى أبعد من المناطق األكثر تموثاً‪.‬‬

‫وخبلل ىذه الفترة اندلعت عدة مظاىرات في الشوارع في موسكو‪ ،‬شممت توزيع منشورات وجمع‬
‫توقيعات عمى عريضة مناىضة لؤلسمحة النووية وموجية إلى السمطات‪ .‬وكان المسؤول عن ىذه‬

‫‪)1) John F. Ahearne, op. cit., p. 677, 678.‬‬


‫‪)2( Chernobyl: Looking Back to Go Forward, Proceedings of An International‬‬
‫‪Conference On Chernobyl: Looking Back to Go Forward Organized By The‬‬
‫‪International Atomic Energy Agency On Behalf Of The Chernobyl Forum and Held‬‬
‫‪In Vienna, 6–7 September 2005, (Vienna: International Atomic Energy Agency,‬‬
‫‪2008), p.4.‬‬
‫(‪ )1‬األهن الوخحذة ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ ٜ‬االعزّبػ‪" ،ٝ‬اٌزؼب‪ْٚ‬‬
‫اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬رخف‪١‬ف ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ِٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ 21 ،‬أوز‪ٛ‬ثش ‪ ،A/45/643 ،9111‬ص‬
‫‪.19‬‬
‫‪4‬‬
‫‪( ) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p.93.‬‬

‫‪656‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫(‪)6‬‬
‫وكانت المظاىرات المناىضة لؤلسمحة النووية شائعة في‬ ‫المظاىرات مجموعات "‪."Trust Group‬‬
‫المدن الكبرى في بيبلروسيا (جوميل ومينسك)‪ ،‬وأوكرانيا (كييف والفيف ‪ )Lviv‬في السنوات التي أعقبت‬
‫الحادث‪ .‬وحاول بعض العمماء السوفييت والمسؤولين الحكوميين وصف رد الفعل العام بأنو "رىاب‬
‫اإلشعاع" وكان ىذا التشخيص مناسبا ليم حيث يشير إلى أن الجميور كان مخطئ ًا بطريقة ما‪ ،‬وأن‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد ساىمت حقيقة وقوع حادث تشيرنوبيل خبلل‬ ‫السمطات لم تكن قادرة عمى فعل أي شيء حيالو‪.‬‬
‫حكم جورباتشوف بشكل كبير في الفشل النيائي إلصبلحاتو‪ .‬ففي حين اعتقد جورباتشوف أن أخطاء‬
‫النظام السابقة نتجت عن أوجو قصور سطحية نسبياً سيساعد جبلسنوست "االنفتاح" في تحديدىا‪ ،‬فإن‬
‫استجابة حكومتو الضعيفة لكارثة تشيرنوبيل بدأت تثير التساؤل ليس فقط عن قيادتو‪ ،‬ولكن أيضاً عن‬
‫شرعية النظام السوفيتي نفسو‪ .‬ومن المفارقات أن سياسة االنفتاح التي انتيجيا جورباتشوف عجمت‬
‫(‪)9‬‬
‫بالتالي من انييار الدولة ذاتيا التي كان من المفترض أن تنقذىا‪.‬‬

‫وقد تكون التكمفة األكثر أىمية لمحادث عمى المدى الطويل‪ ،‬ىي تفاقم التوترات الطويمة األمد‬
‫واالستياء بين األقميات غير الروسية‪ .‬وبشكل خاص في الجميوريات الغربية غير الروسية في االتحاد‬
‫السوفياتي‪ .‬ففي بحر البمطيق‪ ،‬أثار طمب موسكو لمطعام والسكن والمصايف لمن تم إجبلؤىم من‬
‫كبير بين المواطنين في جميوريات البمطيق وأدى إلى‬
‫استياء ًا‬
‫ً‬ ‫تشيرنوبيل‪ ،‬وتجنيد االحتياط إلزالة التموث‬
‫احتجاجات نشطة‪ :‬فمقد نظمت مظاىرة في تالين ‪( Tallinn‬عاصمة أستونيا ) احتجاجا عمى االستخدام‬
‫القسري لجنود االحتياط العسكريين ألعمال إزالة التموث‪ .‬ومظاىرة في قاعدة عسكرية سوفيتية في إستونيا‬
‫بشأن التمييز العرقي المتصور في تجنيد غير الروس لمخدمة العسكرية في تشيرنوبيل‪ .‬وفي التفيا‬
‫واستونيا‪ ،‬حيث ال يشكل السكان االثنيون سوى أغمبية بسيطة‪ ،‬فقد احتج المواطنون عمى إعادة توطين‬
‫الجئي تشيرنوبيل األوكرانيين والبموروسيين‪ ،‬ألنيم اعتبروا ىؤالء "المياجرين" السبلفيين دليبلً آخر عمى‬
‫رغبة موسكو في إضعاف جنسيات البمطيق‪ .‬وفي ليتوانيا‪ ،‬أبمغت عن مظاىرات نشطة في يونيو ‪6891‬‬
‫(‪)9‬‬
‫ضد بناء مفاعل آخر ىناك مماثل لذلك الموجود في تشيرنوبيل‪.‬‬

‫وفي بيبلروسيا وأوكرانيا‪ ،‬ال يبدو أن الحادث قد أثار الكثير من االحتجاجات المناىضة لمنظام أو‬
‫ضد روسيا كما حدث في بحر البمطيق‪ ،‬لكن بعض الجماعات أعربت عن استيائيا الشديد من النظام‬

‫‪(1( David R. Marples, op. cit., p. 22.‬‬


‫‪(2) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p.93.‬‬
‫‪(3) Edward Geist, op. cit., p. 125.‬‬
‫‪(4) The Chernobyl' Accident: Social and Political Implications, a Research Paper,‬‬
‫‪Directorate of Intelligence, CIA/SOV 87-10078X, December 1987, p. 21.‬‬

‫‪656‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫بشأن تشيرنوبيل‪ :‬فعمى الرغم من عدم وجود أدلة عمى المظاىرات الشعبية واالحتجاجات في أوكرانيا‬
‫وبيبلروسيا بشكل عام‪ ،‬إال أن الحادث أثار انتقادات شديدة بين المثقفين‪ ،‬الذين كانوا مستائين بالفعل‬
‫بشأن مواقع عديد من المفاعبلت النووية في المنطقة‪ .‬وقد تم تحويل محطة الطاقة النووية التي تبمغ‬
‫طاقتيا ‪ 2222‬ميجاواط‪ ،‬والتي كانت قيد اإلنشاء بالقرب من مينسك إلى محطة طاقة ح اررية بسبب‬
‫(‪)6‬‬
‫االحتجاج العام‪ .‬ألنيا تقع بالقرب من مدينة يبمغ عدد سكانيا ‪ 6.1‬مميون نسمة‪.‬‬

‫اآلثار االقتصادية لحادث تشيرنوبيل‬

‫تأثير الحادث عمى اإلنتاج الزراعي والغابات‪ :‬سببت كارثة تشيرنوبيل أض ار ار فادحة لمزراعة‬
‫والغابات‪ .‬فمقد تعرض ما يقرب من ‪ 6.9‬مميون ىكتار (يساوى حوالي ‪ 2.1‬فدان) من األراضي الزراعية‬
‫لمتموث باإلشعاع بكثافة ‪ 1‬كم‪ 2‬أو أكثر لمسيزيوم ‪ .691‬وتوقفت مئات اليكتارات من األراضي المموثة‬
‫عن اإلنتاج‪ ،‬وتوقف العمل في مساحات كبيرة من الغابات‪ .‬ففي جميورية بيبلروسيا مثبلً‪ ،‬تم تعطيل‬
‫‪ 211‬ألف ىكتار من األراضي الزراعية وشممت ىذه التأثيرات أيضاً ‪ 122‬ألف ىكتار‪ .‬وىذا األمر أدى‬
‫إلى انخفاض غبلت المحاصيل وأعداد الماشية‪ ،‬مما أثر سمباً عمى إنتاج المنتجات الزراعية‪ .‬وفي‬
‫المرحمة األولية التي أعقبت كارثة تشيرنوبيل‪ ،‬تم تنفيذ عدد من التدابير لمنع المنتجات الغذائية الحاوية‬
‫عمى نويدات مشعة بكميات تفوق الحدود المؤقتة المقبولة‪ ،‬من دخول الجسم البشري‪ .‬وحيثما كان يتعذر‬
‫ىذا األمر‪ ،‬كانت المنتجات الغذائية تجمب من أماكن أخرى ليزود بيا سكان الريف‪ )2(.‬وعمى الرغم من‬
‫اإلعبلن عن تدابير لحظر استيبلك المنتجات الغذائية المحمية فى المناطق األشد تموثاً فقد كان توريد‬
‫األغذية "النظيفة" من خارج المنطقة محدوداً وغير متكافئ‪ .‬وبالتالى زادت االختبلالت فى التغذية من‬
‫(‪)9‬‬
‫حيث أدت آثار النقص في إمدادات منتجات غذاء‬ ‫إمكانية التعرض لؤلمراض‪ ،‬وخاصة بين األطفال‪.‬‬
‫األطفال المجيز‪ ،‬ومنتجات األلبان‪ ،‬والفواكو والخضروات‪ ،‬واإلمكانية المحدودة لمحركة‪ ،‬والوقت األقصر‬
‫الذي يقضى خارج المنزل‪ ،‬إلى ظيور مرض لين العظام بين األطفال وضعف في أجيزتيم المناعية‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫ويعود ىذا الخمل في توزيع المواد الغذائية النظيفة إلى عدم كفاية التوريدات‪،‬‬ ‫وقدرتيم عمى التكيف‪.‬‬
‫ونقص عام في عمميات النقل والتوزيع المنظم تنظيماً حسناً‪ .‬وكان ىناك صعوبات تتعمق بتعبئة األغذية‬

‫‪(1( Ibid., p. 21, 22.‬‬


‫(‪ )2‬األهن الوخحذة‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪ ،ٝ‬اٌذ‪ٚ‬سح‬
‫اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ، 9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬‬
‫‪ ،A/45/342 ،9111‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )1‬الوصذر السابق ‪" ،‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬رخف‪١‬ف ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ِٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪21 ،‬‬
‫أوز‪ٛ‬ثش ‪ ،A/45/643 ،9111‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )1‬الوصذر السابق‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ، 9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ً١‬‬
‫ٌٍطبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ ،A/45/342 ،9111 ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪656‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫وتخزينيا‪ ،‬حيث كان ال يوجد عدد كاف من الشاحنات المبردة لتوريد اإلمدادات الغذائية إلى المناطق‬
‫(‪)6‬‬
‫الريفية النائية‪ ،‬وال ثبلجات منزلية كافية لحفظ األغذية خبلل الفترة بين عمميات التوريد غير المنتظمة‪.‬‬

‫وكانت خطورة تموث التربة تكمن في أن النباتات تمتص النويدات المشعة في التربة‪ ،‬والتي‬
‫(‪)2‬‬
‫ومموثات‬ ‫يستيمكيا اإلنسان بعد ذلك وتؤدى إلى زيادة جرعات اإلشعاع الداخمي التي يتعرض ليا‪.‬‬
‫النويدات المشعة األكثر خطورة في الزراعة ىي تمك التي تمتصيا المحاصيل بشكل كبير نسبياً‪ ،‬وليا‬
‫معدالت انتقال عالية إلى المنتجات الحيوانية مثل الحميب والمحوم‪ ،‬وليا فترات عمر إشعاعية طويمة‬
‫نسبياً‪ .‬وتكمن المشكمة في المرحمة المبكرة من الحادث في أن اإلجراءات المضادة المصممة لتجنب‬
‫تعرض اإلنسان ليا طبيعة ممزمة وغالباً ما يتعين فرضيا عمى الفور‪ ،‬حتى قبل قياس مستويات التموث‪.‬‬
‫وتشمل ىذه اإلجراءات وقف العمل الميداني‪ ،‬واستيبلك الخضار الطازج‪ ،‬ورعى الحيوانات والدواجن‪،‬‬
‫وكذلك إدخال األعبلف غير المموثة‪ .‬ولسوء الحظ لم يتم تقديم ىذه التدابير عمى الفور‪ .‬ولكن تم اتخاذ‬
‫بعض التدابير المتطرفة في األيام القميمة األولى من الحادث‪ ،‬حيث تم ذبح ‪ 61222‬بقرة في أوكرانيا‬
‫بغض النظر عن مستويات تموثيا‪ ،‬في حين كان من الممكن أن يؤدى إدخال األعبلف النظيفة إلى‬
‫(‪)9‬‬
‫حيث ُيعد ىذا ىو اإلجراء األكثر فاعمية ولكن لم يتم تطبيقو عمى نطاق واسع‬ ‫تقميل التموث باإلشعاع‪.‬‬
‫في االتحاد السوفيتي‪ .‬وبعد عدة أشير من وقوع الحادث‪ ،‬تم تنفيذ تدابير زراعية طويمة األمد ضد‬
‫اإلشعاع في جميع المناطق المموثة‪ ،‬وشممت تغذية الحيوانات بأعبلف نظيفة ومعالجة الحميب‪ ،‬استخدام‬
‫(‪)9‬‬
‫األسمدة البوتاسية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمغابات‪ :‬فقد كان الترسيب لمنويدات المشعة فييا أعمى منو في المناطق الزراعية‪ .‬حيث‬
‫غالباً ما تؤدى المسارات البيئية في الغابات إلى زيادة االحتفاظ بالنويدات المشعة المموثة‪ .‬حيث يزيد‬
‫المحتوى العضوي العالي واستقرار تربة قاع الغابة من انتقال النويدات المشعة من التربة إلى النبات‪ .‬مما‬
‫يؤدي إلى أن الفطر والطحالب غالباً ما تظير تركيزات عالية من النويدات المشعة‪ .‬وفي عام ‪6882‬‬
‫قدر أن عمال الغابات في روسيا قد تمقوا جرعة عالية تزيد بثبلث مرات عن غيرىم ممن يعيشون في‬
‫نفس المنطقة‪ .‬وقد تم تنفيذ استراتيجيات مختمفة لمكافحة تموث الغابات‪ .‬ففي عام ‪ 6891‬تم اتخاذ تدابير‬

‫(‪ )9‬الوصذر السابق ‪" ،‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬رخف‪١‬ف ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ِٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪21 ،‬‬
‫أوز‪ٛ‬ثش ‪ ،A/45/643 ،9111‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪) ) Janette D. Sherman-Nevinger (ed.), Chernobyl Consequences of the‬‬
‫‪Catastrophe for People and the Environment, Annals of The New York Academy‬‬
‫‪of Sciences, Vol. 1181, 2009, p.223.‬‬
‫‪(3) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p.100.‬‬
‫‪(4) Chernobyl: Looking Back to Go Forward, op. cit., p.61, 62.‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫عبلجية لمحد من تموث األراضي‪ ،‬ومنع انتشار النويدات المشعة من خبلل حرائق الغابات في غابة‬
‫الصنوبر "الغابة الحمراء" التي تقع في الجنوب الغربي بالقرب من تشيرنوبيل‪ ،‬حيث تمت إزالة ‪– 62‬‬
‫‪ 61‬سم من سطح التربة‪ ،‬وقطع األشجار الميتة‪ .‬وتم وضع ىذه النفايات في خنادق وتغطيتيا بطبقة من‬
‫الرمل‪ ،‬ثم دفن ما وصل إجماليو إلى حوالي ‪ 622‬ألف متر مكعب‪ ،‬مما قمل من تموث التربة بعشر‬
‫(‪)6‬‬
‫وبالنسبة لمكائنات الحية المحمية‪ ،‬فقد تعرضت إلى جرعات قاتمة‪ ،‬في األسابيع‬ ‫مرات عمى األقل‪.‬‬
‫األولى من الحادث في المنطقة الواقعة عمى بعد بضعة كيمومترات من المفاعل‪ .‬ولكن بدأت معدالت‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلشعاع في االنخفاض‪ ،‬وبحمول عام ‪ ،6898‬بدأت ىذه النظم البيئية المحمية في التعافي‪.‬‬

‫المصاريف والخسائر الناجمة عن الحادث‪ :‬عطل الحادث الحياة الطبيعية والنشاط االقتصادي في‬
‫أجزاء كبيرة من أوكرانيا وبيبلروسيا وروسيا‪ .‬وأعاق إمدادات الكيرباء لؤلغراض االقتصادية‪ .‬وتضررت‬
‫األراضي الزراعية والغابات‪ ،‬وتوقف العمل في المؤسسات االقتصادية والزراعية الواقعة في المنطقة ذات‬
‫مستويات اإلشعاع العالية‪ .‬في الفترة األولى التي أعقبت الحادث‪ ،‬تم إيقاف استخدام ‪ 699‬ألف ىكتار‬
‫من األراضي الزراعية‪ ،‬وكذلك ‪ 982‬ألف ىكتار من أراضي الغابات؛ تم إجبلء ‪ 661‬شخصا وايجاد‬
‫منازل جديدة ليم‪ .‬في الفترة ‪ ،6891 – 6891‬تم إيجاد وبناء حوالي ‪ 61222‬شقة و‪ 2922‬منزل‬
‫لمسكان الذين أعيد توطينيم؛ وكذلك تم بناء حوالي ‪ 922‬مؤسسة اجتماعية وثقافية‪ .‬باإلضافة إلى إلحاق‬
‫ضرر جسيم بتطور الطاقة النووية‪ :‬فمقد توقف بناء مفاعبلت نووية جديدة في محطات الطاقة العاممة‪،‬‬
‫والغاء إنشاء محطات نووية جديدة في المناطق الفقيرة بالطاقة‪ ،‬مما كان لو تأثير سمبي عمى المجتمع‬
‫(‪)9‬‬
‫واالقتصاد بأكممو‪.‬‬

‫بمغت الخسائر المباشرة الناجمة عن فقدان الموجودات الثابتة وغيرىا من المرافق المادية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى المصاريف الناشئة عن إجراءات معالجة آثار الكارثة‪ 8.2 ،‬مميارات روبل من الفترة من ‪– 6891‬‬
‫‪ 6898‬وحدىا‪ .‬وىي تشمل‪ :‬خسائر في الموجودات الثابتة اإلنتاجية وغير اإلنتاجية تصل إلى ‪6.1‬‬
‫مميار روبل‪ ،‬وخسائر إنتاج في الزراعة وغيرىا من القطاعات تصل إلى ‪ 6.2‬مميار روبل‪ ،‬ومصاريف‬

‫‪(1) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p.103.‬‬
‫‪)2( Abel J. Gonzalez, "Chernobyl - Ten years after", IAEA Bulletin, Quarterly‬‬
‫‪Journal of the International Atomic Energy Agency, Vienna, Austria, Vol. 38, No. 3‬‬
‫‪(1996), p.4.‬‬
‫‪(3) One Decade After Chernobyl Summing up the Consequences of the Accident,‬‬
‫‪Proceedings of an International Conference Vienna, 8-12 April 1996, Jointly‬‬
‫‪sponsored by: European Commission, International Atomic Energy Agency, World‬‬
‫‪Health Organization, In Co-operation With The United Nations, ( IAEA, Vienna,‬‬
‫‪1996), p. 369, 370.‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫لتشييد المساكن والمرافق والخدمات االجتماعية والثقافية لمسكان المتأثرين بكارثة تشيرنوبيل‪ ،‬ومد الطرق‪،‬‬
‫وتدابير لحماية الغابات والمياه‪ ،‬وعمميات إزالة التموث وتوفير إمدادات الغاز لممستوطنات‪ ،‬وىي تصل‬
‫إلى ‪ 2.89‬مميار روبل‪ ،‬وأنواعاً مختمفة من التعويضات المدفوعة لمسكان تصل إلى ‪ 6.21‬مميار روبل‪،‬‬
‫ودفع مستحقات نقدية بسبب القيود المفروضة عمى استيبلك المنتجات الزراعية من المزارع المحمية‬
‫والممكيات الصغيرة الخاصة‪ ،‬تصل إلى ‪ 692‬مميون روبل‪ .‬عمى أن الخسائر غير المباشرة تمثل مقدا ار‬
‫أكبر‪ ،‬بما ال يقبل المقارنة‪ .‬وقد مولت المصاريف المذكرة‪ ،‬أساساً‪ ،‬من ميزانية الدولة‪ .‬وعبلوة عمى‬
‫مخصصات الميزانية لوكالة التأمين التابعة لمدولة في االتحاد السوفيتي‪ ،‬تم تقديم مدفوعات تأمين األفراد‬
‫والمنظمات الزراعية والتعاونية بمبمغ ‪ 219‬مميون روبل‪ .‬وشممت المصاريف الكمية أيضاً مبالغ تبرع بيا‬
‫أفراد ومنظمات إلى صندوق المساعدة عمى معالجة اآلثار البلحقة لكارثة تشيرنوبيل‪ ،‬وىى تبمغ ‪192‬‬
‫(‪)6‬‬
‫مميون روبل‪.‬‬

‫وكانت الحاجة إلى تحويل أموال الدولة الحتواء الكارثة أن أدت إلى بعض التعديبلت عمى مبادرات‬
‫جورباتشوف لمبرامج االجتماعية‪ ،‬بما في ذلك تحسين اإلسكان والرعاية الصحية‪ ،‬وأثرت عمى قدرة النظام‬
‫(‪)2‬‬
‫عمى الوفاء بوعوده‪.‬‬

‫اآلثار االجتماعية لحادث تشيرنوبيل‬

‫وتسبب الحادث أيضاً في تعطيل شبكات التواصل االجتماعي وأساليب الحياة التقميدية‪ .‬فنظ اًر ألن‬
‫معظم سكان المستوطنات المموثة ىم من السكان األصميين في المنطقة‪ ،‬وغالباً ما عاشوا ىناك طوال‬
‫حياتيم‪ ،‬فقد أدى عمميات إعادة التوطين في كثير من الحاالت إلى تدمير األسرة والشبكات االجتماعية‬
‫المجتمعية‪ ،‬ونقل المجموعات إلى مناطق جديدة مع احتمال التعرض فييا لبلستياء أو حتى النبذ‪ .‬وعمى‬
‫الرغم من ىذه العوائق‪ ،‬رغب حوالي ‪ % 12‬من األشخاص الذين يعيشون في المناطق المموثة في إعادة‬
‫توطينيم‪ .‬حيث يظير تأثر ذلك بالحوافز االقتصادية وتحسين مستويات المعيشة الناتجة عن إعادة‬
‫(‪)9‬‬
‫فقد كان ىناك آثار اقتصادية لمحادث‪ ،‬تمثمت في إخراج ‪ 699‬ألف ىكتار من األراضي‬ ‫التوطين‪.‬‬
‫الزراعية العالية التموث‪ ،‬من دائرة اإلنتاج‪ ،‬ولم يؤد ذلك إلى البطالة فقط‪ ،‬بل أدى أيضاً إلى إشاعة‬
‫االضطراب في اقتصاد المنطقة‪ ،‬وشكل إغبلق ‪ 982‬ألف ىكتار من الغابات خسارة لمنشاط االقتصادي‪،‬‬

‫(‪ )9‬األهن الوخحذة‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪ ،ٝ‬اٌذ‪ٚ‬سح‬
‫اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ، 9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬‬
‫‪ ،A/45/342 ،9111‬ص ‪.21‬‬
‫‪)2( The Chernobyl' Accident: Social and Political Implications, op. cit., p.24.‬‬
‫‪)3( Edward Geist, op. cit., p. 94.‬‬

‫‪662‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫كما أدى إلى صعوبات بالنسبة لمناس الذين اعتادوا عمى قضاء وقت طويل ىناك‪ ،‬ونجم عن إعادة‬
‫(‪)6‬‬
‫التوطين ضياع العمالة الماىرة من بعض الصناعات‪ ،‬في المناطق المموثة‪.‬‬

‫وفيما يتعمق بسكان عدد من األماكن الموجودة في المناطق المتأثرة بالتموث اإلشعاعي‪ ،‬أصدرت‬
‫حكومة اتحاد الجميوريات االشتراكية السوفيتية في عام ‪ 6891‬مرسوماً – تبعتو ق اررات مختمفة – يحدد‬
‫استيبلك المنتجات الغذائية من المزارع المحمية‪ ،‬ومن الممكيات الصغيرة الخاصة ألنيا تحتوي عمى‬
‫مستويات من النويدات المشعة‪ ،‬تفوق المستويات المقبولة‪ .‬وقدمت ليؤالء السكان امتيازات ومزايا‬
‫متنوعة‪ ،‬بما في ذلك تعويضات نقدية ووجبات طعام مجانية لؤلوالد في المدارس ومؤسسات رياض‬
‫األطفال‪ .‬وفي بداية عام ‪ ،6882‬كان بمغ عدد ىؤالء ما يقرب من ‪ 292‬ألف شخص ممن يسكنون في‬
‫مثل ىذه األماكن‪ ،‬منيم ‪ 662‬آالف في جميورية روسيا االتحادية االشتراكية‪ 12 ،‬ألفا في جميورية‬
‫(‪)2‬‬
‫أوكرانيا االشتراكية‪ 622 ،‬ألفا في جميورية بيبلروسيا االشتراكية‪.‬‬

‫وفي بيبلروسيا – عمى سبيل المثال – تم إصدار قانون في فبراير ‪ ،6886‬عنوانو "الحماية‬
‫االجتماعية لممواطنين المتضررين من كارثة محطة الطاقة النووية في تشيرنوبيل"‪ ،‬ويوضح القانون حالة‬
‫المتضررين من جراء الحادثة النووية‪ ،‬فيصنفيم إلى فئات متباينة ىي‪ :‬الميجرون‪ ،‬والسكان‪ ،‬والعمال في‬
‫المناطق المموثة‪ ،‬وكذلك تخصيص تعويضات بناء عمى كل فئة‪ .‬وتم إصدار القانون الثاني في فبراير‬
‫‪ ،6886‬والذي تناول "الوضع القانوني لممناطق المموثة بعد وقوع الكارثة في محطة الطاقة النووية‬
‫تشيرنوبيل"‪ ،‬وتعريف الظروف والوسائل البلزمة لتنظيم األنشطة في المجاالت االجتماعية واالقتصادية‬
‫في تمك المناطق المموثة‪ ،‬وكذلك البرنامج العممي المرافق لو‪ .‬كما نص القانون عمى تنظيم بيبلروسيا إلى‬
‫مناطق وقطاعات‪ .‬وقد تم تطبيق القانونيين عمى ما يقرب من ‪ 2‬مميون بيبلروسي‪ .‬وتم اإلقرار بأن ‪22‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ %‬أي ما يعادل ‪ 9222‬كم‪ 2‬من أراضي بيبلروسيا قد صارت مموثة بدرجة خطيرة‪.‬‬

‫وفي منتصف عام ‪ 6882‬تقريباً‪ ،‬وبسبب استمرار تدىور الوضع االقتصادي‪ ،‬نتيجة لبداية انييار‬
‫امبراطوية االتحاد السوفيتي‪ ،‬بعد قيام جورباتشوف بالمكاشفة والمصارحة؛ فقد زاد العبء المالي‬
‫المخصص لبرامج إعادة تأىيل سكان المناطق المتضررة‪ ،‬وتسبب نقص االعتمادات المالية إلى شبو‬

‫(‪ )9‬األهن الوخحذة ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ ٜ‬االعزّبػ‪" ،ٝ‬اٌزؼب‪ْٚ‬‬
‫اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬رخف‪١‬ف ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ِٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ 21 ،‬أوز‪ٛ‬ثش ‪ ،A/45/643 ،9111‬ص‬
‫‪.11‬‬
‫(‪ )2‬الوصذر السابق‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ،9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ً١‬‬
‫ٌٍطبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ ،A/45/342 ،9111 ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬ص ‪.99‬‬
‫(‪ )1‬ػجذ اٌغالَ ِٕظ‪ٛ‬س اٌش‪ ،ٜٛ‬هزجع سابق‪ ،‬ص ‪.212 ،219‬‬

‫‪663‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫توقف لتمك البرامج‪ ،‬مما دفع السكان إلى االعتماد عمى أنفسيم الكتساب أقواتيم اليومية‪ ،‬ومن ثم عاودوا‬
‫التعامل مع المنتجات البرية أكثر من أي وقت مضى لضمان معيشتيم اليومية‪ ،‬دون مراعاة كاممة‬
‫لممحاذير السابقة‪ .‬وباإلضافة إلى ىذا ولغياب المعرفة الجيدة عمى مستوى األفراد العاديين بالوسائل‬
‫الكافية لمسيطرة عمى إشعاعية المواد الغذائية ونوعيتيا وجودتيا عمى المستوى المحمي‪ ،‬فقد نتج عن ذلك‬
‫تأثيرات سمبية كثيرة‪ ،‬وأدى ىذا إلى زيادة مستوى التعرض اإلشعاعي لمسكان‪ ،‬وبخاصة األطفال‪.‬‬
‫ولمواجية ىذا الوضع تم االعتماد عمى برامج جديدة بيدف إشراك السكان في إدارة الوضع اإلشعاعي‪.‬‬
‫وقد أثبت ىذا النيج الجديد أنو من الممكن إشراك أصحاب المصمحة المحمية بطريقة مباشرة‪ ،‬في إدارة‬
‫الوضع اإلشعاعي يوماً بعد يوم‪ ،‬وجعل اإلجراءات الوقائية التي تتخذىا السمطات المسؤولة سيمة‬
‫وناعمة‪ ،‬وأثبت النيج الجديد أنو يمكن أن يطبق بطريقة دائمة‪ ،‬من خبلل االعتماد عمى المبادرات‬
‫الفردية بالدرجة األولى‪ ،‬والعمل عمى إنشاء شراكة بين الجيات المحمية الفاعمة‪ ،‬مع المؤسسات الوطنية‬
‫(‪)6‬‬
‫والمنظمات الدولية‪.‬‬

‫وبالنسبة لآلثار الصحية لمحادث فقد بمغ إجمالي النشاط اإلشعاعي المنطمق في البيئة من مفاعل‬
‫تشيرنوبيل التالف زىاء ميغا كوري‪ ،‬أو ‪ 9‬إلى ‪ 9‬في المائة من النشاط اإلشعاعي المشترك لمنتجات‬
‫االنشطار في المفاعل رقم ‪ 9‬لمحطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية‪ .‬وقد نتجت عن طول فترة تفريغ النويدات‬
‫اإلشعاعية من الجزء النشط التالف في المفاعل وتغير األحوال المناخية (اتجاه الريح واألمطار) في ىذا‬
‫الوقت‪ ،‬في الجزء األوروبي من الببلد‪ ،‬صورة غاية في التعقيد من التموث اإلشعاعي في عدد من‬
‫المناطق وتباين نمط التموث من المناطق (في نقاط مبعثرة) ومن حيث أنواع النويدات اإلشعاعية‪ .‬وكان‬
‫أوسع مصادر التموث انتشا اًر الذي نشأ عن مستوى مرتفع من اإلشعاع ىو النويدات اإلشعاعية لمسيزيوم‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.)Caesium- 137( 691‬‬

‫وقد كان السكان الرئيسيون الذين تعرضوا لئلشعاع من حادث تشيرنوبيل ىم‪:‬‬

‫المصفون ‪ :Liqidators‬يشار إلييم أيض ًا "عمال التنظيف"‪ ،‬ومن بين ىؤالء األشخاص الذين‬ ‫‪-‬‬
‫شاركوا في تنظيف منطقة الحادث (تنظيف المفاعل‪ ،‬وبناء التابوت‪ ،‬وازالة التموث‪ ،‬وبناء الطرق‪،‬‬
‫وتدمير ودفن المباني والغابات والمعدات المموثة)‪ ،‬باإلضافة إلى كثير آخرين‪ ،‬بما في ذلك األطباء‬

‫(‪ )9‬الوزجع السابق‪ ،‬ص ‪.215 – 211‬‬


‫(‪ )2‬األهن الوخحذة‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪ ،ٝ‬اٌذ‪ٚ‬سح‬
‫اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ، 9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬‬
‫‪ ،A/45/342 ،9111‬ص ‪.9 ،1‬‬

‫‪664‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫والمعممين والطياة والمترجمين الفوريين الذين عمموا في المناطق المموثة‪ .‬وقد تمقى ‪ 12‬ألف شخص‬
‫(مدني وعسكري) شيادات خاصة تؤكد وضعيم كمصفين‪ ،‬وفقاً لمقوانين الصادرة في بيبلروسيا‬
‫وروسيا وأوكرانيا‪.‬‬
‫السكان الذين تم إجبلؤىم أو نقميم من المناطق المموثة‪ :‬لقد أدت االنطبلقات الضخمة لممواد‬ ‫‪-‬‬
‫المشعة في الغبلف الجوي إلى إجبلء ‪ 661‬ألف شخص من المناطق المحيطة بالمفاعل خبلل عام‬
‫‪ ،6891‬واعادة توطين حوالي ‪ 222‬شخصا بعد عام ‪ ،6891‬في ما كان في ذلك الوقت‪ ،‬ثبلث‬
‫جميوريات مستقمة بيبلروسيا وروسيا االتحادية وأوكرانيا‪.‬‬
‫سكان المناطق المموثة الذين لم يتم إجبلؤىم‪ :‬ال يزال عديد من األشخاص يعيشون في مناطق‬ ‫‪-‬‬
‫شاسعة من الجميوريات الثبلث التي تعرضت لمتموث‪ .‬ويبمغ عدد السكان الذين ال يمزم إعادة توطين‬
‫(‪)6‬‬
‫منيا‪ ،‬حوالي خمسة مبليين شخص‪.‬‬

‫وقد تعرض ىؤالء السكان إلى نوعين من اآلثار الصحية التي يمكن أن تعزى إلى التعرض‬
‫لئلشعاع بسبب حادثة تشيرنوبيل‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬ىي المتبلزمات (األعراض) المبكرة التي يمكن مبلحظتيا سريرياً في األفراد‬
‫المعرضين‪ ،‬أي يمكن تشخيصيا من قبل ممارس متخصص يمكنو أن يشخص بشكل ال لبس في األفراد‬
‫المعرضين‪ ،‬وتحدث فقط عند التعرض لجرعات إشعاعية عالية نسبياً‪ .‬وعند التعرض لمجرعات الكبيرة‬
‫فإنيا تؤثر عمى الجسم كمو‪ ،‬ويتم تشخيصيا عمى أنيا متبلزمة اإلشعاع الحاد‪ )(.‬ولقد حدثت جميع‬
‫اآلثار الحادة بين "المصفون" حيث ارتبطت حالتا وفاة عمى الفور بالحادث‪ :‬شخص قتل في االنفجار‬
‫وآخر أصيب بتجمط في الشريان التاجي‪ .‬وتوفى شخص ثالث في الصباح الباكر من الحادث بالحروق‪.‬‬
‫وتوفى ثمانية وعشرون شخصاً آخر في وقت الحق في مراكز العبلج‪ ،‬مما رفع العدد اإلجمالي إلى ‪96‬‬
‫حالة وفاة في األسابيع األولى بعد الحادث‪ .‬وتم نقل جميع األشخاص المعرضين لئلشعاع من الموقع‬
‫إلى المستشفيات‪ .‬ومن إجمالي ‪ 988‬شخصاً تم قبوليم لممراقبة‪ ،‬تم تشخيص ‪ 291‬منيم في البداية عمى‬
‫أنيم يعانون من متبلزمة اإلشعاع الحاد‪ .‬تم وضع ‪ 222‬مريض في المستشفيات اإلقميمية والمراكز‬

‫المتخصصة في أول ‪ 29‬ساعة‪ .‬وتم توزيع المرضى عمى أربع فئات حسب شدة المرض اإلشعاعي وفقاً‬
‫لؤلعراض والعبلمات وتقديرات الجرعة‪ .‬في المجموعة األعمى تعرض ًا لئلشعاع بشكل حاد كانوا في حالة‬
‫يرثى ليا‪ ،‬وعانوا من الحمى والقيء واإلسيال والتسمم والحروق‪ .‬وتوفى جميع المرضى الذين تناولوا ىذه‬
‫الجرعات العالية تقريباً‪ .‬وعند التعرض المنخفض‪ ،‬تحسنت األعراض والعبلمات والنتائج المعممية‪ .‬ورغم‬

‫‪(1) Chernobyl: Looking Back to Go Forward, op. cit., p.80, 81.‬‬

‫‪665‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫ما عانوا منو وحمى وحروق وتسمم‪ ،‬لكن البقاء عمى قيد الحياة تحسن بشكل ممحوظ عند الجرعات‬
‫(‪)6‬‬
‫المنخفضة‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬ىو األورام الخبيثة المحتممة التي يسببيا اإلشعاع عمى المدى الطويل‪ ،‬والتي يصعب‬
‫أو يستحيل أحياناً تميزىا عن معدل الحدوث الطبيعي المرتفع ليذه األنواع من التأثيرات في السكان‪ .‬ال‬
‫يمكن أن تُعزى ىذه التأثيرات طويمة المدى مباشرة إلى اإلشعاع من نتيجة الفحوصات السريرية الفردية‪،‬‬
‫ولكن بشكل غير مباشر فقط من خبلل دراسات وبائية طويمة في مجموعات سكانية كبيرة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬إذا‬
‫كانت جرعة اإلشعاع صغيرة جدًا أو كان عدد األشخاص المصابين صغي اًر‪ ،‬فإن التأثيرات تصبح غير‬
‫قابمة لمكشف مقابل الحدوث الطبيعي‪ .‬وفي تشيرنوبيل‪ ،‬أصبحت ىذه اآلثار واضحة بصورة كبيرة مع‬
‫(‪)2‬‬
‫زيادة حدوث األورام الخبيثة في الغدة الدرقية لدى األطفال‪.‬‬

‫حيث لوحظت زيادة في عدد األطفال المصابين بتضخم وتشوىات الغدة الدرقية‪ ،‬حيث تم وضع‬
‫برنامج لرصد حالة الغدة الدرقية لؤلطفال في بيبلروسيا في مينسك ‪ Minsk‬في مايو‪ /‬يونيو ‪.6891‬‬
‫وخبلل السنوات الثماني التي سبقت عام ‪ ،6891‬شوىدت خمس حاالت فقط من سرطان الغدة الدرقية‬
‫في مينسك‪ ،‬وىي مركز بيبلروسيا الرئيسي لتشخيص وعبلج سرطان الغدة الدرقية لؤلطفال‪ .‬في الفترة‬
‫من ‪ 6891‬إلى ‪6898‬شوىدت من ‪ 9‬إلى ‪ 1‬حاالت من سرطان الغدة الدرقية لدى األطفال سنوياً في‬
‫بيبلروسيا‪ .‬في عام ‪ ،6882‬قفز العدد إلى ‪ 96‬حالة‪ ،‬ثم ‪ 12‬في عام ‪ ،6886‬ثم إلى ‪ 91‬في عام‬
‫‪ .6889‬وبحمول نياية عام ‪ ،6889‬وصل العدد اإلجمالي إلى أكثر من ‪ 122‬في بيبلروسيا‪ .‬وظير ما‬
‫يقرب من ‪ % 12‬من سرطانات الغدة الدرقية المبكرة لدى األطفال الذين تتراوح أعمارىم بين سنة وأربع‬
‫سنوات وقت وقوع الحادث‪ .‬في نفس الوقت تم تشخيص ‪ 992‬حالة في أوكرانيا‪ .‬وتظير بيانات أخرى‬
‫من أوكرانيا وروسيا زيادة مماثمة‪ ،‬ولكن ليست واضحة‪ ،‬في اإلصابة بسرطان الغدة الدرقية في مرحمة‬
‫الطفولة منذ عام ‪ .6891‬ويمكن أن نستنتج أن ىناك زيادة حقيقية وكبيرة في حاالت اإلصابة بسرطان‬
‫(‪)9‬‬
‫الغدة لدى األطفال في بيبلروسيا وأوكرانيا والتي من المحتمل أن تكون مرتبطة بحادث تشيرنوبيل‪.‬‬

‫وجدير بالمبلحظة أن الدراسات الوبائية قد فشمت في إثبات وجود صمة بين التعرض لئلشعاع من‬
‫حادثة تشيرنوبيل واإلصابة بسرطان الدم والتشوىات األخرى‪ .‬ولم يتم إثبات أي دليل وبائي عمى زيادة‬
‫سرطان الدم لدى األطفال حول تشيرنوبيل‪ .‬كذلك لم تُظير دراسة أجرتيا الوكالة الدولية ألبحاث‬

‫‪(1) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p 78, 79.‬‬
‫‪(2) Abel J. Gonzalez, op. cit., p 10.‬‬
‫‪(3) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p 84 – 86.‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫السرطان أي دليل ثابت عمى التأثير الجسدي لحادث تشيرنوبيل عمى التشوىات الخمقية أو نتائج‬
‫(‪)6‬‬
‫الحمل‪.‬‬

‫ويرى البعض أنو بعد حادثة تشيرنوبيل‪ ،‬ظيرت عديدا من المنشورات التي بالغت في تقدير عواقبيا‬
‫الطبية‪ .‬ومن بين دوافع المبالغة في التقدير المشاعر المعادية لؤلسمحة النووية‪ ،‬المنتشرة بين أتباع‬
‫الحركة الخضراء(‪،)2‬ومع ذلك‪ ،‬فإن موقفيم يمكن تفيمو فقد كان ينبغي منع المنشآت النووية من االنتشار‬
‫في البمدان المكتظة بالسكان‪ ،‬والتي تحكميا أنظمة غير مستقرة ومناطق ال يمكن فييا استبعاد‬
‫(‪)9‬‬
‫الصراعات واإلرىاب‪ .‬وقد أعاق حادث تشيرنوبيل تطور الصناعة النووية في جميع أنحاء العالم‪.‬‬

‫واجماالً يمكن القول إنو من بين عمال اإلنقاذ في حاالت الطوارئ في مكان الحادث‪ ،‬توفى حوالي‬
‫‪ 12‬شخصاً‪ ،‬إما بسبب أثر اإلشعاع الحاد في عام ‪6891‬م‪ ،‬أو بسبب أمراض أخرى في السنوات التي‬
‫تمت ذلك‪ ،‬حيث أصيب حوالي ‪ 9222‬طفل ومراىق بسرطان الغدة الدرقية نتيجة تناول حميب مموث‬
‫وأطعمة أخرى؛ وتوفى ‪ 61‬من ىؤالء األطفال‪ .‬بشكل عام‪ ،‬استناداً إلى النماذج اإلحصائية لجرعات‬
‫اإلشعاع التي تمقاىا العمال والسكان المحميون‪ ،‬فإن مجموعة ‪ 9222‬حالة وفاة ستعزى في النياية إلى‬
‫(‪)9‬‬
‫حادث تشيرنوبيل‪.‬‬

‫تأثير حادث تشيرنوبيل عمى الدول المحيطة باالتحاد السوفيتي‬

‫سبق القول إن التقارير األولى عن كارثة تشيرنوبيل‪ ،‬قد ظيرت في وسائل اإلعبلم الغربية بعد‬
‫ثبلثة أيام من انفجار المفاعل النووي‪ ،‬عندما اكتشف العمماء السويديون مستويات إشعاع متزايدة شمال‬
‫ستوكيولم ‪ ،Stockholm‬حوالي ‪ 6222‬كيمومتر شمال غرب موقع المفاعل‪ ،‬وأظير االنتشار البلحق‬
‫لمنشاط اإلشعاعي في جميع أنحاء أوربا‪ ،‬بوضوح أن عواقب حادث نووي يمكن أن تمتد إلى ما وراء‬

‫‪(1) Ibid., p. 89, 91.‬‬


‫)‪ِ )2‬غّ‪ٛ‬ػخ ِٓ ِخزٍف األؽضاة اٌغ‪١‬بع‪١‬خ راد اٌز‪ٛ‬عٗ اٌج‪١‬ئ‪ ٟ‬اٌز‪ ٟ‬رشىٍذ ف‪ ٟ‬ثذا‪٠‬خ اٌغجؼ‪١ٕ١‬بد‪ .‬رأعظ اٌؾضة‬
‫اٌ‪ٛ‬طٕ‪ ٟ‬األ‪ٚ‬ي ‪ٚ‬األوضش ٔغب ًؽب اٌّؼش‪ٚ‬ف ثبعُ ؽضة اٌخضش ف‪ ٟ‬أٌّبٔ‪١‬ب اٌغشث‪١‬خ ػٍ‪٠ ٝ‬ذ ٘شثشد عش‪ٚ‬ي ‪Herbert‬‬
‫‪ٚ Gruhl‬ث‪١‬زشا و‪ٚ Petra Kelly ٍٟ١‬آخش‪ ٓ٠‬ف‪ ٟ‬ػبَ ‪ٔٚ 9191‬شأ ػٓ أذِبط ؽ‪ٛ‬اٌ‪ِ 251 ٟ‬غّ‪ٛ‬ػخ ِٓ دػبح‬
‫اٌؾفبظ ػٍ‪ ٝ‬اٌج‪١‬ئخ‪ .‬عؼ‪ ٝ‬اٌؾضة ئٌ‪ ٝ‬رٕظ‪ ُ١‬دػُ عّب٘‪١‬ش‪ٌٍ ٞ‬غ‪١‬طشح ػٍ‪ ٝ‬اٌطبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ ‪ٚ‬رٍ‪ٛ‬س اٌ‪ٛٙ‬اء ‪ٚ‬اٌّبء‪.‬‬
‫أطجؼ ؽضة اٌخضش ؽضثًب َ‪ٚ‬طَِٕ‪ًّ١‬ب ف‪ ٟ‬ػبَ ‪ .9191‬ثؾٍ‪ٛ‬ي ٔ‪ٙ‬ب‪٠‬خ اٌضّبٔ‪١ٕ١‬بد‪ ،‬وبْ ٌذ‪ ٜ‬وً ثٍذ رمش‪٠‬جًب ف‪ ٟ‬غشة‬
‫أظش‪:‬‬ ‫ِشبثٗ‪.‬‬ ‫ثبعُ‬ ‫أ‪ٚ‬‬ ‫اٌخضش‬ ‫ثبعُ‬ ‫‪ُ٠‬ؼشف‬ ‫ؽضة‬ ‫أ‪ٚ‬س‪ٚ‬ثب‬ ‫‪ٚ‬شّبي‬
‫‪Access: 3/1/2022 https://www.britannica.com/topic/the-Greens-politics‬‬
‫‪(3) Sergei V. Jargin, "Debate on the Chernobyl Disaster: On the Causes of Chernobyl‬‬
‫‪Overestimation", International Journal of Health Services, Vol. 42, No. 1 (2012),‬‬
‫‪p. 29.‬‬
‫‪)4( Chernobyl: Looking Back to Go Forward, op. cit., p.3, 4.‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫حدود دولة معينة‪ ،‬وأثار قمقاً كبي اًر بشأن اآلثار الصحية الضارة المحتممة‪ ،‬وتموث المنتجات الزراعية في‬
‫(‪)6‬‬
‫البمدان المتضررة‪.‬‬

‫وقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية كانت أكثرىا انتشا ًار‪ ،‬ىي تمك التي لم يكن من المتوقع‬
‫أن تفرض أي عبء اجتماعي أو اقتصادي كبير‪ ،‬عمى سبيل المثال (نصائح بشأن غسل الطعام قبل‬
‫االستيبلك‪ ،‬والنصيحة بعدم استخدام مياه األمطار)‪ .‬وتضمنت التدابير الوقائية األخرى‪ ،‬التي ليا تأثير‬
‫اجتماعي واقتصادي كبير‪ ،‬قيودًا أو حظ ًار عمى استيبلك وتسويق الحميب ومنتجات األلبان والخضروات‬
‫الطازجة والمحوم‪ ،‬وضوابط الممارسات الزراعية (مثل الرعي في اليواء الطمق لمماشية) وتقديم المشورة‬
‫بشأن السفر إلى المناطق المموثة‪ .‬لقد كان االعتبار الرئيسي لمتدخل في معظم البمدان‪ ،‬ىو التحكم في‬
‫التعرض العام الناتج عن استيبلك العشب المموث من قبل حيوانات األلبان‪ ،‬واعتماد ضوابط عمى رعي‬
‫الماشية في اليواء الطمق‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تم اعتماد مجموعة متنوعة من التدابير الوقائية المتعمقة‬
‫باستيبلك الحميب ومنتجات األلبان‪ .‬وتراوحت ىذه التدابير من تقديم المشورة بشأن االستيبلك‪ ،‬إلى‬
‫القيود المفروضة عمى مستويات التموث المقبولة في الغذاء الذي سيتم استيبلكو‪ ،‬إلى حظر االستيبلك‬
‫من قبل مجموعة معينة (مثل الرضع واألطفال) في المناطق األكثر تموثاً‪ .‬وتم تبنى تدابير تتعمق بمراقبة‬
‫األغذية المموثة في جميع البمدان تقريباً‪ ،‬وكان ليا تأثير اقتصادي واجتماعي كبير عمى التجارة‬
‫(‪)2‬‬
‫الدولية‪.‬‬

‫وقد ساىمت تقارير وسائل اإلعبلم الدولية‪ ،‬في حدوث ارتباك حول مدى سوء األمور َحقًّا‪ :‬ومثال‬
‫عمى ذلك‪ ،‬فقد أثر التساقط الذرى الناتج عن حادثة تشيرنوبيل عمى النرويج بدرجة كبيرة‪ ،‬كما كان لو‬
‫(‪)9‬‬
‫حيث اتخذت الحكومة عدة إجراءات لمتخفيف من أثار األزمة‬ ‫عواقب وخيمة عمى الثروة الزراعية‪.‬‬
‫النووية‪ ،‬وازالة اآلثار اإلشعاعية‪ .‬فقد تأثر سكان الريف بشدة ودفعت ليم الحكومة تعويضات لمربى‬
‫الماشية من أبقار وأغنام والرنة‪ ،‬وىي الحيوانات الشائعة في مراعى تمك المناطق التي تنتشر بيا الغابات‬
‫والجبال الوعرة‪ ،‬بسبب ارتفاع امتصاص السيزيوم المشع في النباتات التي تنمو في ىذه التربة‪ ،‬مما‬
‫ساىم في استمرار مشكمة التموث اإلشعاعي في اإلنتاج الحيواني‪ .‬وفي خبلل عام ‪6891‬م وحده تم‬
‫إعدام ما يقرب من ‪ 912‬طنا من المحوم والتي تبمغ قيمتيا نحو ‪ 69‬مميون دوالر‪ .‬وتحممت الحكومة‬
‫تكاليف رصد وتعويض عن ىذه المحوم المموثة الصادر بحقيا قرار إعدام‪ ،‬وكذلك الحميب المموث‪ .‬ىذا‬

‫‪(1) David R. Marples, op. cit., p. 47.‬‬


‫‪(2( Nuclear Accidents Intervention Levels for Protection of the Public, A report by an‬‬
‫‪NEA Expert Group, ( Paris: Nuclear Energy Agency, 1989), p. 21.‬‬
‫‪(3) Sonja D. Schmid, op. cit., p. 136.‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫باإلضافة إلى التكمفة الجديدة الناشئة عن التعامل مع المخمفات المشعة‪ ،‬الناتجة عن اإلعدامات السابقة‬
‫الذكر‪ ،‬وكان من توابع تمك اإلجراءات أن ارتفعت تكمفة تربية الحيوانات‪ ،‬خاصة بعد أن حددت‬
‫(‪)6‬‬
‫السمطات األعبلف النظيفة التي يجب استخداميا كغذاء ليا‪.‬‬

‫ووصمت آثار حادث تشيرنوبيل ممثمو في السيزيوم المشع إلى جميع أنحاء المممكة المتحدة في‬
‫الفترة ‪ 9 – 2‬مايو ‪6891‬م‪ .‬وقد سجمت أعمى مستويات السيزيوم المشع في مناطق المرتفعات‬
‫البريطانية‪ ،‬حيث النشاط الرعوي لؤلغنام ىو النشاط األساسي ىناك‪ ،‬وتم إجراء برنامج واسع المدى‪،‬‬
‫امتد ليشمل المممكة المتحدة بأكمميا؛ حيث تم أخذ العينات وتحديد أثر الحادثة‪ ،‬وكان معظم التركيز‬
‫عمى لحوم األغنام كإحدى أىم المواد الغذائية إثارة لمقمق‪ ،‬بسبب استخداميا بصفة أساسية في النظام‬
‫الغذائي البريطاني‪ )2(.‬وقد تم فرض قيود عمى عمميات حركة وذبح ‪ 9.21‬مبليين رأس من األغنام في‬
‫مناطق جنوب غرب إسكتمندا وشمال شرق إنجمت ار وشمال ويمز وشمال أيرلندا‪ .‬ويرجع ذلك إلى حد كبير‬
‫إلى امتصاص الجذور لمسيزيوم من التربة‪ ،‬ولكن المنطقة المتضررة وعدد األغنام المرفوضة أخذت في‬
‫التناقص‪ ،‬بحمول يناير ‪6889‬م‪ ،‬كان حوالي ‪ 999‬ألف رأس من األغنام فقط ال تزال تخضع لمقيود‬
‫(‪)9‬‬
‫السابقة‪.‬‬

‫وفي أعقاب الحادث طمب البرلمان األوروبي من االتحاد السوفيتي‪ ،‬دفع تعويضات منصفة لدول‬
‫المجموعة االقتصادية األوروبية عن خسائرىا بسبب التموث النووي‪ ،‬وأدان البرلمان موقف السمطات‬
‫السوفيتية غير المقبول بسبب رفضيا تقديم المعمومات المحددة في الوقت المناسب‪ ،‬عن تطور الوضع‬
‫(‪)9‬‬
‫ولكن أكد االتحاد السوفيتي رفضو دفع تعويضات لمدول األوروبية الغربية‬ ‫في منطقة المفاعل النووي‪.‬‬
‫لخسائرىا الزراعية بسبب التموث الناجم عن الحادث‪ ،‬وأعمن السفير السوفيتي في بون ‪( Bonn‬عاصمة‬
‫(‪)1‬‬
‫فمم تكن ىناك‬ ‫ألمانيا الغربية) أن حكومتو تشعر أنيا غير ممزمة بدفع مثل ىذه التعويضات المقترحة‪.‬‬
‫أي أنظمة دولية لممسؤولية والتعويض منضما إلييا االتحاد السوفياتي‪ ،‬والتي بموجبيا يمكن لمضحايا في‬
‫(‪)1‬‬
‫البمدان المجاورة المطالبة بالتعويض المناسب‪.‬‬

‫(‪)9‬ػجذ اٌغالَ ِٕظ‪ٛ‬س اٌش‪ ،ٜٛ‬هزجع سابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬


‫(‪ )2‬الوزجع السابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪(3) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 102.‬‬
‫(‪ )1‬األهزام‪ِ 99 ،‬ب‪ ،9191 ٛ٠‬اٌؼذد‪ ،11191 :‬ص ‪1‬؛ الجوهىريت‪ِ 99 ،‬ب‪ ،9191 ٛ٠‬اٌؼذد‪ ،99929 :‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )5‬األهزام‪ِ 91 ،‬ب‪ ،9191 ٛ٠‬اٌؼذد‪ ،11129 :‬ص ‪.1‬‬
‫‪6‬‬
‫‪( ) Miles Pomper, op. cit., p. 25.‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫وأما بالنسبة لمتأثيرات االجتماعية والنفسية لمحادث في البمدان خارج االتحاد السوفيتي فكانت ضئيمة‬
‫مقارنة بتمك الموجودة داخل االتحاد السوفيتي‪ ،‬وكانت تظير بشكل عام عمى أنيا ردود فعل اجتماعية‬
‫أكثر منيا أعراضا صحية‪ .‬وبدا أن أخبار الحادث تعزز التصورات المضادة لؤلسمحة النووية لدى عامة‬
‫السكان‪ .‬وقد تجمى ذلك‪ ،‬عمى سبيل المثال‪ ،‬من خبلل المظاىرات التي جرت في ‪ 1‬يونيو ‪6891‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وفي ألمانيا‬ ‫لممطالبة بإيقاف تشغيل جميع محطات الطاقة النووية في جميورية ألمانيا االتحادية‪.‬‬
‫الغربية حضر ‪ 9222‬شخص اجتماعات في برلين الغربية و‪ 9222‬في شتوتجارت ‪ Stuttgart‬و‪6222‬‬
‫في مشتقات ‪ Darmstadt‬و ‪ 822‬في فرنكفورت و‪ 922‬في ميونخ‪ ،‬لممطالبة بإغبلق محطات الطاقة‬
‫النووية العشرين في ألمانيا الغربية بعد الكارثة النووية السوفيتية‪ .‬كما نظمت اجتماعات سممية لنفس‬
‫(‪)2‬‬
‫الغرض في عدد آخر من المدن األلمانية‪.‬‬

‫بينما انخفض الدعم العام في فرنسا لمتوسع في الطاقة النووية منذ وقوع الحادث‪ ،‬إذ شعر ‪% 19‬‬
‫من السكان أن مفاعبلت الطاقة النووية الفرنسية تعمل بكفاءة‪ .‬وربما كان الحد األدنى من تأثير حادث‬
‫تشيرنوبيل عمى الرأي العام الفرنسي يرجع إلى أن حوالي ‪ % 11‬من طاقتيم الكيربائية مستمدة من‬
‫المحطات النووية‪ ،‬باإلضافة إلى أن فرنسا كانت واحدة من أقل الدول األوروبية تموثاً‪ .‬وفي السويد تم‬
‫استطبلع رأي الجميور حيث طرح عمييم السؤال اآلتي‪" :‬بالخبرة التي لدينا اآلن‪ ،‬ىل تعتقد أنو من الجيد‬
‫أو السيئ أن تستثمر الدولة في الطاقة النووية؟" وقد ارتفع عدد الذين ردوا ب "السيئ" من ‪ % 21‬من‬
‫قبل‪ ،‬إلى ‪ % 91‬بعد تشيرنوبيل‪ .‬وربما ضاعف الحادث عدد األشخاص الذين اعترفوا بالمواقف السمبية‬
‫تجاه الطاقة النووية‪ .‬وقد كان القمق العالمي اآلخر الذي تجمى‪ ،‬ىو التخوف من السفر إلى االتحاد‬
‫(‪)9‬‬
‫وفي لندن أوضح استطبلع لمرأي لصحيفة الديمي ميل ‪ Daily Mail‬أن ‪ % 16‬من‬ ‫السوفيتي‪.‬‬
‫البريطانيين يريدون تخمى ببلدىم عن استخدام الطاقة النووية واستخدام الفحم والبترول بدالً منيا‪ ،‬مقابل‬
‫‪ % 99‬ال يحبذون ىذا الرأي‪ ،‬وقد زادت المعارضة لمطاقة النووية في بريطانيا بعد كارثة تشيرنوبيل‪،‬‬
‫وقالت الصحيفة إن ‪ % 12‬يعتقدون أن مثل ىذا الحادث يمكن وقوعو في بريطانيا مقابل ‪ % 21‬ال‬
‫(‪)9‬‬
‫يرون ذلك‪.‬‬

‫وفي روما قام عدد من اإليطاليين الغاضبين‪ ،‬بإلقاء سمة تحوي بعض الخضر المحظور تناوليا‬
‫مثل الخرشوف والخس أمام السفارة السوفيتية‪ .‬ومعيا الفتة مكتوب عمييا "احذروا السمع المشعة التي‬

‫‪(1) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 95.‬‬
‫(‪ )2‬األخبار‪ِ 5 ،‬ب‪ ،9191 ٛ٠‬اٌؼذد‪ ،91511 :‬ص ‪.1‬‬
‫‪(3) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p. 95, 96.‬‬
‫(‪ )1‬األخبار‪ِ 92 ،‬ب‪ ،9191 ٛ٠‬اٌؼذد‪ ،91111 :‬ص ‪.2‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫تحو نظائر إشعاعية"‪ .‬وكانت و ازرة الصحة اإليطالية قد أعمنت حظ ار لمدة ‪ 61‬يوما عمى أكل الخضر‬
‫ذات األوراق كإجراء احتياطي‪ ،‬وقد نظمت المظاىرة السممية أمام السفارة رابطة حماية البيئة وانضم إلييا‬
‫(‪)6‬‬
‫ويمكن القول إن حادثا‬ ‫أعضاء الحزب الراديكالي الذي يعارض المفاعبلت النووية في إيطاليا‪.‬‬
‫تشيرنوبيل أثار قمقا عالميا من مخاطر التعرض لئلشعاع‪ ،‬وزيادة المعارضة لمطاقة النووية والتوسع فييا‪.‬‬

‫وجدير بالمبلحظة أن محاوالت الحكومات الغربية لحماية مواطنييا من األطعمة والمشروبات‬


‫المموثة كانت غير كفوءة‪ ،‬خاصة عندما كانت تتعارض مع توصيات وكاالت األرصاد الجوية والحماية‬
‫من اإلشعاع‪ ،‬فعمى سبيل المثال تم تدمير الخضار في شمال إيطاليا التي كانت مستويات نشاطيا‬
‫اإلشعاعي أقل بكثير من تمك التي اعتبرىا عمماء منظمة الصحة العالمية آمنة‪ .‬كذلك في يونيو ‪،6891‬‬
‫تجاىمت و ازرة الزراعة البريطانية توصيات المجمس الوطني لمحماية من اإلشعاع وفرضت قيوداً باىظة‬
‫الثمن عمى ذبح الحمبلن‪ .‬وفي الواليات المتحدة شجع إعبلن غير مسؤول الكثير من الناس عمى تناول‬
‫حبوب يوديد البوتاسيوم‪ ،‬عمى الرغم من ضآلة الجرعات اإلشعاعية في ىذا البمد‪ .‬والدرس المستفاد من‬
‫حادث تشيرنوبل‪ ،‬أنو من الممكن أن يساعد التخطيط والمناقشة البناءة بين العمماء والسياسيين‪ ،‬في منع‬
‫(‪)2‬‬
‫التدمير غير الضروري لؤلغذية لمجرد إظيار أن ىذه الحكومات تعمل بجد لحماية الجميور‪.‬‬

‫التعاون الدولى فى مواجهة الحادث‬

‫في أعقاب حادثة تشيرنوبيل مباشرة‪ ،‬عقدت في فيينا في ربيع ‪ ،6891‬مشاورات مشتركة بين‬
‫الوكاالت شاركت فييا عمى وجو التحديد المنظمات التي تعالج المسائل الصحية والغذائية‪ ،‬وىي منظمة‬
‫األمم المتحدة لؤلغذية والزراعة‪ ،‬والوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ ،‬ولجنة األمم المتحدة العممية المعنية بآثار‬
‫اإلشعاع الذري‪ ،‬ومنظمة الصحة العالمية‪ .‬وأثناء دورة استثنائية لممؤتمر العام لموكالة الدولية لمطاقة‬
‫الذرية‪ ،‬التي عقدت في سبتمبر ‪ ،6891‬جرى اعتماد اتفاقيتين‪ :‬اتفاقية اإلخطار المبكر بوقوع حادثة‬
‫نووية‪ ،‬واتفاقية المساعدة في حالة وقوع حادثة نووية أو حالة إشعاعية طارئة‪ .‬وفي أعقاب اعتماد‬
‫االتفاقيتين‪ ،‬جرى توسيع نطاق التعاون المشترك بين الوكاالت ليشمل منظمات أخرى‪ ،‬وشكمت المجنة‬
‫المشتركة بين الوكاالت لمواجية الحوادث النووية‪ .‬وشاركت المنظمات التالية في أعمال ىذه المجنة‪:‬‬
‫(المجنة االقتصادية ألوروبا‪ ،‬ومنظمة األمم المتحدة لؤلغذية والزراعة‪ ،‬ومنظمة العمل الدولية‪ ،‬والمنظمة‬
‫البحرية الدولية‪ ،‬ومكتب األمم المتحدة لتنسيق عمميات اإلغاثة في حاالت الكوارث‪ ،‬وبرنامج األمم‬

‫(‪ )9‬الوصذر السابق‪ِ 5 ،‬ب‪ ،9191 ٛ٠‬اٌؼذد‪ ،91511 :‬ص ‪.1‬‬


‫‪(2) Richard Wilson, Chernobyl: Assessing The Accident, Issues in Science and‬‬
‫‪Technology, Vol. 3, No. 1 (FALL 1986), p. 27, 28.‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫المتحدة لمبيئة‪ ،‬ومنظمة األمم المتحدة لمتربية والعمم والثقافة‪ ،‬ولجنة األمم المتحدة المعنية بآثار اإلشعاع‬
‫الذري‪ ،‬ومنظمة الصحة العالمية‪ ،‬والمنظمة العالمية لؤلرصاد الجوية)‪ .‬عقدت دورة استثنائية لمجنة‬
‫المشتركة بين الوكاالت لمواجية الحوادث النووية‪ ،‬ولمناقشة االستجابات لطمبات ونداءات صدرت من‬
‫(‪)6‬‬
‫أجل المساعدة في تخفيف آثار حادثة تشيرنوبيل في جميوريات بيبلروسا وأوكرانيا وروسيا االتحادية‪.‬‬
‫وفيما يمي عرض ألبرز مساىمات المنظمات الدولية‪:‬‬

‫منظمة األمم المتحدة لؤلغذية والزراعة‪ :‬أنشأت لجنة دائمة تعنى بآثار اإلشعاع عمى الموارد‬
‫الطبيعية والمنتجات الزراعية‪ .‬وفي ديسمبر ‪ ،6891‬عقدت ىذه المنظمة مشاورات لخبراء بشأن تموث‬
‫المواد الغذائية بالنويدات المشعة‪ ،‬وأوصت بمستويات دولية مؤقتة مسموحا بيا لمنويدات المشعة بالنسبة‬
‫لممواد الغذائية التي تنتقل في التجارة الدولية‪ .‬وكذلك قامت المنظمة بتنظيم برامج تدريب إقميمية لموظفي‬
‫مراقبة المواد الغذائية‪ ،‬تشمل أخذ العينات ومنيجية تحديد مستويات تموث المواد الغذائية بالنويدات‬
‫المشعة‪ .‬كذلك أصدرت في عام ‪ 6898‬النشرة رقم ‪ 16‬المتعمقة بالتربة موضوعيا "السقط المشع في‬
‫التربة والمحاصيل الزراعية"‪ ،‬وىذه النشرة تقدم المشورة لمحكومات واألعضاء عن اآلثار فيما يخص‬
‫األراضي الزراعية وامدادات المياه‪ .‬كذلك المشاركة في مشروعات تقييم اآلثار الصحية والبيئية وتقييم‬
‫(‪)2‬‬
‫التدابير الوقائية‪ ،‬التي نظمتيا الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪.‬‬

‫الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ :‬في أكتوبر ‪ ،6898‬طمبت حكومة اتحاد الجميوريات االشتراكية‬
‫السوفيتية إلى الوكالة تنظيم عمميات تقدير يجرييا خبراء دوليون لممفيوم الذي وضعو االتحاد السوفيتي‪،‬‬
‫لتمكين السكان من العيش بأمان في المناطق المتأثرة بالتموث اإلشعاعي في أعقاب حادثة تشيرنوبيل‪.‬‬
‫وقد نظمت الوكالة مشروعاً بشأن اآلثار اإلشعاعية في االتحاد السوفيتي نتيجة الحادث يشمل تقدي اًر‬
‫لآلثار الصحية والبيئية‪ ،‬وتقييميا لمتدابير الوقائية‪ .‬ويقوم بتنفيذ المشروع فريق من الخبراء الدوليين‪ ،‬يضم‬
‫مشاركين من لجنة االتحادات األوروبية‪ ،‬ومنظمة األغذية والزراعة‪ ،‬وبرنامج األمم المتحدة لمبيئة‪ ،‬ولجنة‬
‫األمم المتحدة العممية المعنية بآثار اإلشعاع الذري‪ ،‬ومنظمة الصحة العالمية‪ .‬وقد نظم تنفيذ المشروع‬
‫وفقاً لخمس ميام رئيسة‪ ،‬عمى النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ -‬وصف تاريخي لؤلحداث والوضع في المنطقة‪.‬‬

‫(‪ )9‬األهن الوخحذة‪ :‬اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪ ،ٝ‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ،9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس‬
‫إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ ِؾطخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ ،9111 ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬سلُ‪ ،E/1990/97 :‬ص ‪.5 ،1‬‬
‫(‪ )2‬الوصذر السابق‪ :‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ ٜ‬االعزّبػ‪،ٝ‬‬
‫"اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬رخف‪١‬ف ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ِٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ 21 ،‬أوز‪ٛ‬ثش ‪،9111‬‬
‫‪ ،A/45/643‬ص ‪.9 ،9‬‬

‫‪662‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫ب‪ -‬توثيق تقديرات التموث البيئي من الجسيمات المشعة مثل السيزيوم والبموتنيوم‪.‬‬
‫ج‪ -‬توثيق تقديرات الجرعات الفردية والجماعية‪.‬‬
‫د‪ -‬اآلثار الصحية نتيجة التعرض اإلشعاعي وتقييم الصحة العامة‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫ه‪ -‬تقييم التدابير الوقائية‪ :‬معايير التدخل‪ ،‬والمستويات المقبولة‪ ،‬والتدابير المضادة‪.‬‬

‫منظمة الصحة العالمية‪ :‬لعبت دو اًر نشطاً فيما يخص آثار الحادث عمى الصحة‪ .‬وتراوح ىذا الدور‬
‫بين إجراء تقييمات دولية لآلثار المحتممة عمى الصحة فور وقوع الحادث‪ ،‬وبين بذل جيود تعاونية مع‬
‫سمطات االتحاد السوفيتي‪ ،‬لمتحقيق في اآلثار عمى صحة السكان الذين تعرضوا لئلشعاع‪ ،‬وشاركت‬
‫منظمة الصحة العالمية في المشروع الذي تنسقو الوكالة الدولية لمطاقة الذرية لمتابعة الحادث‪ .‬وفي‬
‫أبريل ‪ ،6882‬تم توسيع نطاق التعاون بين منظمة الصحة العالمية واتحاد الجميوريات االشتراكية‪،‬‬
‫لوضع برنامج دولي طويل األجل لرصد وتخفيف اآلثار الصحية الناجمة عن حادثة تشيرنوبيل‪ ،‬وانشاء‬
‫مركز دولي يعنى بأمور صحة اإلشعاع في مدينة أبينسك ‪ Abinsk‬في االتحاد السوفيتي‪ ،‬وعقد في‬
‫لينجراد في الفترة من ‪ 26‬إلى ‪ 29‬مايو ‪ 6882‬اجتماع لممثمي مراكز الصحة العالمية المتعاونة في‬
‫(‪)2‬‬
‫مجال االستعداد والمساعدة الطبية في حاالت اإلشعاع الطارئة‪.‬‬

‫منظمة األمم المتحدة لمتربية والثقافة‪ :‬تم توقيع اتفاقية في ‪ 6‬يونيو ‪ 6882‬بين المنظمة وحكومة‬
‫اتحاد الجميوريات االشتراكية السوفيتية‪ ،‬وتتعمق األىداف الرئيسة لممشروع في تعزيز الوعي واعادة بناء‬
‫(‪)9‬‬
‫الثقة العامة‪ ،‬وجمع األموال من أجل البحوث‪ ،‬ومن أجل ضحايا تشيرنوبيل‪.‬‬

‫ولكن يمكن القول إن االستجابة السياسية لمحكومات لحادث تشيرنوبيل كانت غير مناسبة‪ .‬فقد كان‬
‫رد الفعل األولى لمحكومة األمريكية‪ ،‬التي لم تصدق التقرير السوفيتي عن مقتل شخصين عمى الفور‬
‫واصابة ‪ 681‬شخصاً‪ ،‬مؤسفاً‪ .‬فمن الواضح أن تقرير وفاة ‪ 2222‬شخص بعد الحادث مباشرة الذي‬
‫ظير في الصحافة األمريكية كان خطأ‪ ،‬وكان عقبة أمام التعاون الدولي الذي كانوا في أمس الحاجة‬
‫(‪)9‬‬
‫وليذا اتسمت العبلقات الدولية المتعمقة بحادثة تشيرنوبيل لفترة طويمة بجو من السرية والعزلة‪.‬‬ ‫إليو‪.‬‬

‫(‪ )9‬الوصذر السابق‪ :‬اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪ ،ٝ‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ،9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ‬
‫ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ ِؾطخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ ،9111 ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬سلُ‪ ،E/1990/97 :‬ص ‪.9 – 5‬‬
‫(‪ )2‬الوصذر السابق ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ ٜ‬االعزّبػ‪،ٝ‬‬
‫"اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬رخف‪١‬ف ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ِٓ ؽبدصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ 21 ،‬أوز‪ٛ‬ثش ‪،9111‬‬
‫‪ ،A/45/643‬ص ‪.21 ، 91‬‬
‫(‪ )1‬الوصذر السابق‪ :‬اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪ ،ٝ‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌضبٔ‪١‬خ ٌؼبَ ‪" ،9111‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ‬
‫ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ ِؾطخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ"‪ ،9111 ٛ١ٌٛ٠ 1 ،‬سلُ‪ ،E/1990/97 :‬ص ‪.9‬‬
‫‪4‬‬
‫‪( ) Richard Wilson, op. cit., p. 27.‬‬

‫‪663‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫فقد قررت السمطات السوفيتية‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬التعامل مع اآلثار الناجمة عن االنفجار عمى المستوى‬
‫الوطني‪ ،‬ولم تطمب حكومة اتحاد الجميوريات االشتراكية السوفيتية من الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‬
‫إجراء دراسة دولية لمخبراء‪ ،‬وتقييم فعالية التدابير المتخذة إال في عام ‪ .6898‬حيث تم تنفيذ مشروع‬
‫تشيرنوبيل الدولي الذي شارك فيو حوالي ‪ 222‬عالم مستقل من ‪ 29‬دولة ومنظمة دولية‪ ،‬خبلل عام‬
‫‪ .6882‬ولم يوجو االتحاد السوفيتي إال في ‪ 21‬أبريل ‪ 6882‬نداء إلى البرلمانيين من جميع البمدان‬
‫(‪)6‬‬
‫والمنظمات الدولية من أجل المساعدة في حل المشكبلت الناجمة عن حادثة تشرنوبيل‪.‬‬

‫ولما كانت عددا من مؤسسات منظمة األمم المتحدة من بين الجيات التي قدمت تعاوناً في مرحمة‬
‫مبكرة كما تم التوضيح‪ .‬فأعقب ذلك‪ ،‬في إبريل ‪ ،6882‬طمب حكومات اتحاد الجميوريات االشتراكية‬
‫السوفيتية وجميورية بيبلروسيا االشتراكية وجميورية أوكرانيا االشتراكية إدراج بند عن التعاون الدولي‬
‫بشأن حادثة تشيرنوبيل‪ ،‬في جدول أعمال الدورة العادية األولى لممجمس االقتصادي االجتماعي لعام‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.6882‬‬

‫وبالتالي كان تقرير المجمس االقتصادي االجتماعي قد جاء فيو‪" :‬إنو يبلحظ مع بالغ القمق اآلثار‬
‫الناجمة لمحادثة التي وقعت في أبريل ‪ 6891‬في محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية‪ ،‬والتي اكتسبت‪،‬‬
‫بسبب أبعادىا‪ ،‬أىمية ليست وطنية فحسب بل دولية أيض ًا‪ .‬ونتيجة لمنداء الموجو إلى األمين العام‪،‬‬
‫والوارد في الرسالة الموجية من الممثمين الدائمين التحاد الجميوريات االشتراكية السوفيتية وجميورية‬
‫بيبلروسيا االشتراكية السوفيتية وجميورية أوكرانيا االشتراكية السوفيتية‪ ،‬من أجل تقديم كل مساعدة‬
‫ممكنة من الجيود المضطمع بيا حالياً إلزالة آثار حادثة محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية‪ .‬يطمب إلى‬
‫األمين العام لؤلمم المتحدة أن يقوم بتنسيق الجيود التي تضطمع بيا الحكومات والمنظمات غير‬
‫الحكومية والدولية والوطنية‪ ،‬من أجل إزالة آثار الحادثة‪ ،‬وتوسيع نطاق ىذه الجيود بإعداد مقترحات‬
‫بمساعدة لجنة التنسيق اإلدارية‪ ،‬وتقديم تقرير عن الموضوع كي تنظر فيو الجمعية العامة في دورتيا‬
‫الخامسة واألربعين‪ ،‬ويطمب أيضا إلى األمين العام أن يقوم بإيفاد بعثة مشتركة بين الوكاالت إلى‬

‫‪(1) One Decade After Chernobyl Summing up the Consequences of the Accident, op.‬‬
‫‪cit., p. 377.‬‬
‫(‪ )2‬األهن الوخحذة ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌغبدعخ األسثؼ‪ ،ْٛ‬اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪" ،ٝ‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ٌٝٚ‬‬
‫ٌذساعخ آصبس وبسصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٚ ً١‬رخف‪١‬ف‪ٙ‬ب ‪ٚ‬اإللالي ِٕ‪ٙ‬ب ئٌ‪ ٝ‬اٌؾذ األدٔ‪ ،A/46/215 ،9119 ٛ١ٔٛ٠ 1 ،"ٝ‬ص ‪.1‬‬

‫‪664‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫المناطق التي تأثرت بالحادثة‪ ،‬لتقييم االحتياجات ذات األولوية واببلغ المجتمع الدولي‪ ،‬دون إبطاء‬
‫(‪)6‬‬
‫بنتائج تمك البعثة في التقرير المشار إليو‪".‬‬

‫ونتيجة لذلك‪ ،‬في مايو ‪ ،6882‬كانت حادثة تشيرنوبيل بنداً رئيساً من بنود المناقشة في اجتماع‬
‫لجنة التنسيق اإلدارية‪ .‬ثم أرسل األمين العام بعثة لتقصى الحقائق إلى المناطق المتأثرة في سبتمبر‬
‫‪ ،6882‬رأسيا األمين التنفذي لمجنة االقتصادية ألوربا‪ ،‬وضمت ممثمي مركز األمم المتحدة لممستوطنات‬
‫البشرية‪ ،‬ومكتب األمم المتحدة لتقديم اإلغاثة في حاالت الكوارث‪ ،‬وبرنامج األمم المتحدة لمبيئة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واليونسيف ومكتب األمم المتحدة في فيينا‪ ،‬وادارة التعاون التقني ألغراض التنمية باألمانة العامة‪.‬‬

‫وكانت النتائج التي انتيت إلييا البعثة بمثابة أساس تقرير األمين العام لمدورة الخامسة واألربعين لمجمعية‬
‫العامة‪ ،‬وبعد أن نظرت الجمعية في التقرير‪ ،‬اتخذت القرار ‪ 682/91‬صدر في ‪ 26‬ديسمبر ‪6882‬‬
‫الذي نص عمى‪:‬‬

‫‪" -6‬دعوة األمين العام إلى اتخاذ التدابير المبلءمة لمعالجة اآلثار الناجمة عن حادثة تشيرنوبيل لمطاقة‬
‫النووية‪ ،‬ال سيما دعم لجنة التنسيق اإلدارية والمجنة المشتركة بين الوكاالت لمواجية الحوادث‬
‫النووية‪ ،‬بغية مواءمة المشاريع الدولية الرامية إلى تخفيف اآلثار الناجمة عن كارثة تشيرنوبيل‪،‬‬
‫والتنسيق بين ىذه المشاريع وتعزيزىا‪ ،‬والنظر في جممة األمور‪ ،‬في الفرص المتاحة لمقيام بما يمي‪-:‬‬
‫أ‪ -‬وضع برنامج لتنسيق األنشطة التي ستضطمع بيا الييئات والمؤسسات والبرامج التابعة لمنظمة‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬والتي تشارك في الجيود الرامية إلى معالجة اآلثار الناجمة عن كارثة تشيرنوبيل‬
‫وتخفيفيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تكميف وكبلء األمين العام بميمة التنسيق‪.‬‬
‫ج‪ -‬تشكيل فرقة عمل مسؤولة عن تدعيم أنشطة األمم المتحدة في ىذا الميدان ورصدىا‪.‬‬
‫د‪ -‬توجيو نداء لتقديم التبرعات من أجل استكمال موارد الميزانية العادية‪ ،‬والتي تستخدميا ىيئات‬
‫ووكاالت األمم المتحدة في تنفيذ األنشطة الرامية إلى التخفيف من آثار كارثة تشيرنوبيل‪.‬‬

‫(‪ )9‬الوصذر السابق‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪ ،ْٛ‬رمش‪٠‬ش اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪،ٝ‬‬
‫"اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬ئصاٌخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ ؽبدصخ ِؾطخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ اٌزس‪٠‬خ"‪ 9 ،‬عجزّجش ‪،9111‬‬
‫‪ ،A/45/3‬ص ‪.11 ،11‬‬
‫(‪ )2‬الوصذر السابق ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌغبدعخ األسثؼ‪ ،ْٛ‬اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪" ،ٝ‬اٌزؼب‪ْٚ‬‬
‫اٌذ‪ٌ ٌٝٚ‬ذساعخ آصبس وبسصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٚ ً١‬رخف‪١‬ف‪ٙ‬ب ‪ٚ‬اإللالي ِٕ‪ٙ‬ب ئٌ‪ ٝ‬اٌؾذ األدٔ‪،A/46/215 ،9119 ٛ١ٔٛ٠ 1 ،"ٝ‬‬
‫ص ‪.1‬‬

‫‪665‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫‪ -2‬تطمب إلى الييئات والوكاالت المتخصصة والبرامج التابعة لمنظمة األمم المتحدة أن تضع في‬
‫اعتبارىا‪ ،‬لدى النظر في المساعدة التقنية والمساعدات األخرى المحتممة لممناطق األكثر تأث اًر‪ ،‬ال‬
‫سيما في جميورية بيبلروسيا االشتراكية السوفيتية وجميورية أوكرانيا االشتراكية السوفيتية وجميورية‬
‫روسيا االتحادية االشتراكية‪ ،‬الطابع الذي لم يسبق لو مثيبل لمكارثة‪ ،‬والحالة الطارئة في ىذه‬
‫المناطق الناجمة عما يترتب عمى اإلشعاع الذي من صنع اإلنسان من آثار طويمة األجل عمى‬
‫(‪)6‬‬
‫األجيال في الحاضر والمستقبل‪".‬‬

‫وقامت منسقة األمم المتحدة‪ ،‬بمساعدة من الوكالة الدولية لمطاقة الذرية والمجان األخرى المعنية‪،‬‬
‫بإجراء مناقشات مستفيضة مع سمطات اتحاد الجميوريات االشتراكية السوفيتية والمناطق المتأثرة‪ ،‬ومع‬
‫ممثمي تمك السمطات في فيينا ونيويورك‪ ،‬بشأن طبيعة ونطاق وثيقة "خطة أساسية" لبلحتياجات من‬
‫المساعدة‪ ،‬وقدمت ليم مجمبلً عاماً لمخطة عمى سبيل اإلرشاد‪ .‬وبعثت منسقة األمم المتحدة برسالة في‬
‫‪ 68‬مارس إلى رؤساء وكاالت ومؤسسات منظومة األمم المتحدة‪ ،‬وأبمغتيم فييا باعتزام األمين العام‬
‫إنشاء فرقة عمل مشتركة بين الوكاالت تكون مسؤولة عن تحفيز ورصد األنشطة التي تضطمع بيا األمم‬
‫المتحدة فيما يتعمق بآثار حادثة تشيرنوبيل‪ .‬وذلك وفقاً لمفقرة (ج) من قرار الجمعية العامة ‪.682/91‬‬
‫وأقيمت فرقة العمل رسمياً في اجتماع لمجنة التنسيق اإلدارية الذي عقد في باريس في الفترة من ‪ 61‬إلى‬
‫‪ 68‬أبريل ‪ ،6886‬وكذلك بناء عمى دعوة من الحكومات المعنية قامت منسقة األمم المتحدة بزيارة اتحاد‬
‫الجميوريات االشتراكية السوفيتية والجميوريات الثبلث المتأثرة بحادثة تشيرنوبيل‪ ،‬في الفترة من ‪ 29‬إلى‬
‫‪ 28‬أبريل ‪ .6886‬وقد أبرزت الزيارة بوضوح شديد الشكوك العممية الكثيرة التي ما زالت تحيط بمسألة‬
‫تشيرنوبيل‪ ،‬والتي تضاعفيا الحالة الصعبة فيما يتعمق باالقتصاد وغيره من العوامل المحمية‪ .‬كذلك‬
‫أوضحت الزيارة بشدة الحالة المؤسفة التي ما زال ضحايا ىذه الحادثة الكثير يعيشون فييا‪ ،‬والتوتر‬
‫والقمق البالغين المذين يتعرضون ليما باستمرار‪ ،‬ألسباب صحية ولعوامل أخرى أقل وضوحاً ولكنيا‬
‫(‪)2‬‬
‫ليست أقل أىمية‪.‬‬

‫وصدر كذلك في ‪ 69‬ديسمبر ‪ ،6886‬قرار الجمعية العامة رقم ‪ 612/91‬بشأن تعزيز التعاون‬
‫الدولي وتنسيق الجيود في دراسة اآلثار الناجمة عن كارثة تشيرنوبيل وتخفيفيا وتقميميا‪ ،‬وجاء فيو‪:‬‬

‫(‪ )9‬الوصذر السابق ‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌخبِغخ ‪ٚ‬األسثؼ‪" ،ْٛ‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ِ ٝ‬ؼبٌغخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ‬
‫ؽبدصخ ِؾطخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٌٍ ً١‬طبلخ إٌ‪٠ٚٛ‬خ ‪ٚ‬رخف‪١‬ف‪ٙ‬ب"‪ ،‬سلُ‪ 29 ،911/15 :‬د‪٠‬غّجش ‪ ،9111‬ص ‪.952 ،959‬‬
‫(‪ )2‬الوصذر السابق‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌغبدعخ األسثؼ‪ ،ْٛ‬اٌّغٍظ االلزظبد‪ٚ ٜ‬االعزّبػ‪" ،ٝ‬اٌزؼب‪ْٚ‬‬
‫اٌذ‪ٌ ٌٝٚ‬ذساعخ آصبس وبسصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٚ ً١‬رخف‪١‬ف‪ٙ‬ب ‪ٚ‬اإللالي ِٕ‪ٙ‬ب ئٌ‪ ٝ‬اٌؾذ األدٔ‪،A/46/215 ،9119 ٛ١ٔٛ٠ 1 ،"ٝ‬‬
‫ص ‪.9- 5‬‬

‫‪666‬‬
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫"ترحب بالتدابير العممية التي اتخذىا األمين العام‪ ،‬ومنسقة األمم المتحدة لمتعاون الدولي في كارثة‬
‫تشيرنوبيل‪ ،‬من أجل تعزيز الجيود المبذولة في ذلك المجال‪ ،‬بما في ذلك إنشاء فرقة العمل المشتركة‬
‫بين الوكاالت والمعنية بالكارثة‪ ،‬واعداد الخطة المشتركة لمتعاون الدولي من أجل التخفيف من آثار كارثة‬
‫تشيرنوبيل‪ ،‬وتناشد جميع الدول واألعضاء والمنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية‪ ،‬والمؤسسات‬
‫واألوساط التجارية والييئات العممية واألفراد تقديم التعاون بمختمف األشكال والمساعدات الخاصة وغيرىا‬
‫من المساعدات‪ ،‬مع مراعاة طبيعة الكارثة اإلشعاعية والبيئية وحالة الطوارئ التي نشأت في أكثر‬
‫(‪)6‬‬
‫بعد ذلك نظرت الجمعية العامة لؤلمم‬ ‫المناطق تضر ًار‪ ،‬ال سيما بيبلروسيا وأوكرانيا وروسيا االتحادية‪".‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المتحدة مشكمة تشيرنوبيل كل عام في دورتيا العادية‪.‬‬

‫واجماالً يعد الدرس المستفاد األكثر أىمية ىو فيم أن حادثاً نووياً كبي اًر لو آثار عابرة لمحدود يمكن‬
‫أن تؤثر عواقبو‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬عمى عديد من البمدان حتى مسافات كبيرة من موقع‬
‫الحادث‪ .‬وقد أدى ذلك إلى جيد غير عادى لتوسيع وتعزيز التعاون الدولي في مجاالت مثل‬
‫االتصاالت‪ ،‬وتنسيق معايير إدارة الطوارئ وتنسيق اإلجراءات الوقائية‪ .‬وتم تحقيق تحسينات كبيرة منذ‬
‫وقوع الحادث‪ ،‬وتم إنشاء آليات دولية ميمة لمتعاون والمعمومات‪ ،‬مثل االتفاقيات الدولية بشأن اإلخطار‬
‫المبكر والمساعدة في حالة وقوع حادث إشعاعي‪ .‬وعمى المستوى الوطني حفز حادث تشيرنوبيل‬
‫السمطات والخبراء عمى إجراء مراجعة جذرية لفيميم تجاه قضايا الحماية من اإلشعاع والطوارئ النووية‪.‬‬
‫وقد دفع ىذا عديدا من البمدان إلى وضع خطط طوارئ وطنية باإلضافة إلى الييكل الحالي لخطط‬
‫الطوارئ المحمية لممنشآت النووية‪ .‬إلى جانب ما وفره الحادث من زخم جديد ألبحاث السبلمة النووية‪،‬‬
‫خاصة ما يتعمق بإدارة الحوادث النووية الشديدة‪ ،‬وتجديد الجيود لتوسيع المعرفة باآلثار الضارة لئلشعاع‬
‫(‪)9‬‬
‫وعبلجيا الطبي‪ ،‬وتنشيط البحوث البيئية اإلشعاعية‪.‬‬

‫(‪ )9‬الوصذر السابق‪ ،‬اٌغّؼ‪١‬خ اٌؼبِخ‪ ،‬اٌذ‪ٚ‬سح اٌغبدعخ ‪ٚ‬األسثؼ‪" ،ْٛ‬اٌزؼب‪ ْٚ‬اٌذ‪ ٌٝٚ‬ف‪ ٝ‬دساعخ ا‪٢‬صبس إٌبعّخ ػٓ‬
‫وبسصخ رش‪١‬شٔ‪ٛ‬ث‪ٚ ً١‬رخف‪١‬ف‪ٙ‬ب ‪ٚ‬رمٍ‪ٍٙ١‬ب"‪ ،‬سلُ‪ 99 ،951/11 :‬د‪٠‬غّجش ‪ ،9119‬ص ‪.912 ،919‬‬
‫‪2‬‬
‫‪( ) One Decade After Chernobyl Summing up the Consequences of the Accident, op.‬‬
‫‪cit., p. 377.‬‬
‫‪(3) Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts, op. cit., p.9.‬‬

‫‪666‬‬
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

:‫) توضح موقع محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية‬6( ‫خريطة رقم‬

Source: A. Hewett & Victor H. Winston (ed.), Milestones in Glasnost and


Perestroyka: Politics and People, vol. 2, Brookings Institution Press,
Paperback – September 1, 1991, p.20.

666
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫خريطة رقم (‪ )6‬توضح بؤر اإلشعاع الناتجة عن كارثة تشيرنوبيل النووية‪:‬‬

‫‪Source:‬‬
‫‪https://maps.lib.utexas.edu/maps/commonwealth/chornobyl_radiation96.jpg‬‬
‫‪Access: 1/11/2021‬‬

‫‪666‬‬
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

:‫المصادر والمراجع‬

:‫ الوثائق المنشورة‬:ً‫أوال‬

:Foreign Relation of United States (FRUS) ‫ مجموعة وثائق الخارجية األمريكية‬


- Intelligence Report Prepared in the Central Intelligence Agency,
Washington, April 29, 1986, FRUS, 1986.
- Telegram From the Embassy in the Soviet Union to the Department of
State, Moscow, May 8, 1986, 2033Z, FRUS, 1986.
- Telegram From the Department of State to Secretary of State Shultz in
Tokyo, Washington, May 3, 1986, From: S/P-Richard H. Solomon, To:
The Secretary, FRUS, 1986.
- Telegram From the Embassy in the Soviet Union to the Department of
State, Moscow, May 8, 1986, 2033Z, FRUS, 1986.
- Note From the Assistant Secretary of State for European and Canadian
Affairs (Ridgway) to Secretary of State Shultz, Washington, May 15, 1986,
FRUS, 1986.
- Memorandum From Secretary of State Shultz to President Reagan,
Washington, May 19, 1986, FRUS, 1986.
- Information Memorandum From the Director of the Policy Planning Staff
(Solomon) to Secretary of State Shultz, Washington, May 22, 1986,
FRUS, 1986.
- Letter From President Reagan to Soviet General Secretary Gorbachev,
Washington, May 23, 1986, FRUS, 1986.
- Telegram From the Embassy in the Soviet Union to the Department of
State, Moscow, June 6, 1986, 1528Z, FRUS, 1986.
.

666
‫د‪ /‬أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬ ‫العدد (‪ )62‬يناير ‪6266‬م‬

‫‪ ‬مجموعة وثائق وكالة المخابرات المركزية )‪:(CIA‬‬


‫‪-‬‬ ‫‪The Chernobyl' Accident: Social and Political Implications, a Research‬‬
‫‪Paper, Directorate of Intelligence, CIA/SOV 87-10078X, December 1987.‬‬
‫‪ ‬مجموعة وثائق األمم المتحدة‪:‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة األربعون‪ ،‬محضر حرفى مؤقت لمجمسة التاسعة والعشرين بعد المائة‪9 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مايو ‪.A/40/PV.129 ،6891‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة الحادية واألربعون‪ ،‬المرفق‪" :‬الخطاب الذى ألقاه األمين العام لمحزب‬ ‫‪-‬‬
‫الشيوعى فى االتحاد السوفيتى عن طريق التميفزيون السوفيتى فى ‪ 69‬مايو‪ 69 ،"6891‬مايو‬
‫‪.A/41/339 ،6891‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة الخامسة واألربعون‪ ،‬تقرير المجمس االقتصادى واالجتماعى‪ ،‬الدورة الثانية‬ ‫‪-‬‬
‫لعام ‪" ،6882‬التعاون الدولى فى إزالة اآلثار الناجمة عن حادثة تشيرنوبيل لمطاقة النووية"‪ 8 ،‬يوليو‬
‫‪.A/45/342 ،6882‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة الخامسة واألربعون‪ ،‬تقرير المجمس االقتصادى االجتماعى‪" ،‬التعاون الدولى‬ ‫‪-‬‬
‫فى تخفيف اآلثار الناجمة من حادثة تشيرنوبيل لمطاقة النووية"‪ 28 ،‬أكتوبر ‪.A/45/643 ،6882‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة الخامسة واألربعون‪ ،‬تقرير المجمس االقتصادى واالجتماعى‪" ،‬التعاون الدولى‬ ‫‪-‬‬
‫فى إزالة اآلثار الناجمة عن حادثة محطة تشيرنوبيل لمطاقة الذرية"‪ 1 ،‬سبتمبر ‪.A/45/3 ،6882‬‬
‫المجمس االقتصادى واالجتماعى‪ ،‬الدورة الثانية لعام ‪" ،6882‬التعاون الدولى فى إزالة اآلثار‬ ‫‪-‬‬
‫الناجمة عن حادثة محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية"‪ 9 ،‬يوليو ‪ ،6882‬رقم‪.E/1990/97 :‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة الخامسة واألربعون‪" ،‬التعاون الدولى فى معالجة اآلثار الناجمة عن حادثة‬ ‫‪-‬‬
‫محطة تشيرنوبيل لمطاقة النووية وتخفيفيا"‪ ،‬رقم‪ 26 ،682/91 :‬ديسمبر ‪.6882‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة السادسة األربعون‪ ،‬المجمس االقتصادى واالجتماعى‪" ،‬التعاون الدولى لدراسة‬ ‫‪-‬‬
‫آثار كارثة تشيرنوبيل وتخفيفيا واإلقبلل منيا إلى الحد األدنى"‪ 1 ،‬يونيو ‪.A/46/215 ،6886‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة السادسة واألربعون‪" ،‬التعاون الدولى فى دراسة اآلثار الناجمة عن كارثة‬ ‫‪-‬‬
‫تشيرنوبيل وتخفيفيا وتقميميا"‪ ،‬رقم‪ 69 ،612/91 :‬ديسمبر ‪.6886‬‬
‫‪ ‬مجموعة وثائق ومنشورات الوكالة الدولية لمطاقة الذرية (‪:)IAEA‬‬
‫الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‪ ،‬نشرة اعبلمية‪" ،‬اتفاقية التبميغ المبكر عن وقوع حادث نووى"‪26 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫نوفمبر ‪.INFCIRC/335 ،6891‬‬

‫‪666‬‬
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

‫ "اتفاقية تقديم المساعدة فى حالة وقوع حادث نووى او‬،‫ نشرة اعبلمية‬،‫الوكالة الدولية لمطاقة الذرية‬ -
.INFCIRC/336 ،6891 ‫ نوفمبر‬26 ،"‫طارئ اشعاعى‬

- Nuclear Accidents Intervention Levels for Protection of the Public, A report


by an NEA Expert Group,( Paris: Nuclear Energy Agency, 1989).

- Chernobyl: Assessment of Radiological and Health Impacts " 2002


Update of Chernobyl: Ten Years On", Nuclear Energy Agency
Organisation for Economic Co-Operation and Development, ( Paris: 2002
).
- The International Chernobyl Project " Technical Report" Assessment of
Radiological Consequences and Evaluation of Protective Measures, Report
by an International Advisory Committee, ( IAEA, Vienna, 1991).
- One Decade After Chernobyl Summing up the Consequences of the
Accident, Proceedings of an International Conference Vienna, 8-12 April
1996, Jointly sponsored by: European Commission, International Atomic
Energy Agency, World Health Organization, In Co-operation With The
United Nations, ( IAEA, Vienna, 1996).
- Chernobyl: Looking Back to Go Forward, Proceedings of An International
Conference On Chernobyl: Looking Back to Go Forward Organized By
The International Atomic Energy Agency On Behalf Of The Chernobyl
Forum and Held In Vienna, 6–7 September 2005, (Vienna: International
Atomic Energy Agency, 2008).

662
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

:‫ المؤلفات والدراسات‬:ً‫ثانيا‬

:‫ المؤلفات والدراسات العربية‬


‫ دار‬:‫ (بيروت‬،‫ يوسف ضومط‬:‫ ترجمة‬،6556 – 6591 ‫ تاريخ العالم المعاصر‬،‫بيار ميكال‬ -
.)6889 ،‫الجميل‬
:‫ (القاىرة‬،‫ محمد فتحي خضر‬:‫ ترجمة‬،‫ الحرب الباردة مقدمة قصيرة جدٍّا‬،‫روبرت جيو ماكمان‬ -
.)2269 ،‫مؤسسة ىنداوي لمتعميم والثقافة‬
‫ مركز حمورابى‬:‫ (بغداد‬،‫ العالقات األمريكية الروسية بعد الحرب الباردة‬،‫طارق محمد ذنون الطائى‬ -
.)2262 ،‫لمبحوث والدراسات االستراتيجية‬
.)6898 ،‫ عالم المعرفة‬:‫ ( الكويت‬،‫ العالم المعاصر والصراعات الدولية‬،‫عبد الخالق عبد اهلل‬ -
:‫ المؤلفات والدراسات األجنبية‬
- A. Hewett & Victor H. Winston (ed.), Milestones in Glasnost and
Perestroyka: Politics and People, vol. 2, Brookings Institution Press,
Paperback – September 1, 1991.
- Cynthia Dion-Schwarz, Sarah E. Evans, Edward Geist, Scott Warren
Harold, V. Ray Koym, Scott Savitz and Lloyd Thrall, Technological
Lessons from the Fukushima Dai-Ichi Accident,( Santa Monica,
California: RAND Corporation, 2016) .
- Sonja D. Schmid, Producing Power: The Pre-Chernobyl History of the
Soviet Nuclear Industry, (London: MIT Press, 2015).

:‫ الرسائل الجامعية‬:ً‫ثالثا‬

- Anna Jo Keller, Soviet press coverage of the Chernobyl accident, (Master.


Thesis, Michigan State University, 1997)
- Daniel L. Collins, Nuclear Accidents in the Former Soviet Union : Kyshtym,
Chelyabinsk, Chernobyl, (Ph.D. Lt Col, Defense Nuclear Agency, Armed
Forces Radiobiology Research Institute Bethesda, MD 20889-5145, 1991,
USAF).

663
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

:‫ البحوث‬:ً‫رابعا‬

:‫ البحوث العربية‬
‫ المجمة المصرية لمقانون‬،"‫ "الحماية الدولية من التموث اإلشعاعى‬،‫عبد السبلم منصور الشوى‬ -
.)2261( ،‫ العدد الحادى والسبعون‬،‫الدولى‬
:‫ البحوث األجنبية‬
- Abel J. Gonzalez, "Chernobyl - Ten years after", IAEA Bulletin, Quarterly
Journal of the International Atomic Energy Agency, Vienna, Austria,
Vol. 38, No. 3 (1996).
- Bennett Ramberg, Learning from Chernobyl, Foreign Affairs, Vol. 65, No.
2 (Winter, 1986).
- David R. Marples, "Chernobyl: A Six-Month Review", Journal of
Ukrainian Studies, Vol.11, No.1, summer (1986).
- Edward Geist, " Political Fallout: The Failure of Emergency Management at
Chernobyl", Slavic Review, Vol. 74, No. 1 (Spring, 2015)
- Janette D. Sherman-Nevinger (ed.), Chernobyl Consequences of the
Catastrophe for People and the Environment, Annals of The New York
Academy of Sciences, Vol. 1181, 2009.
- John F. Ahearne, "Nuclear Power after Chernobyl", Science, New Series,
Vol. 236, No. 4802 (May 8, 1987)
- Miles Pomper, The Russian Nuclear Industry: Status and Prospects,
Nuclear Energy Futures Paper, No. 3, (January 2009).
- Laura Sembritzki, Maiak 1957 and its Aftermath: Radiation Knowledge and
Ignorance in the Soviet Union, Jahrbücher für Geschichte Osteuropas,
2018, Neue Folge, Bd. 66, H. 1, Nuclear Techno politics in the Soviet
Union and Beyond (2018)
- Paul R. Josephson, "Atomic-Powered Communism: Nuclear Culture in the
Postwar USSR", Slavic Review, Vol. 55, No. 2 (Summer, 1996)

664
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

- Richard Wilson, Robert Peter Gale, Frank von Hippel, William S. Lee,
Donald C. Winston, Marilyn Lloyd and Amory B. Lovins, Chernobyl,
Issues in Science and Technology, Vol. 3, No. 2 (Winter, 1987)
- Richard Wilson, Chernobyl: Assessing The Accident, Issues in Science
and Technology, Vol. 3, No. 1 (FALL 1986)
- Sergei P. Kapitza, "Lessons of Chernobyl: The Cultural Causes of the
Meltdown", Foreign Affairs, Vol. 72, No. 3 (Summer, 1993)
- Sergei V. Jargin, "Debate on the Chernobyl Disaster: On the Causes of
Chernobyl Overestimation", International Journal of Health Services,
Vol. 42, No. 1 (2012)
- Spurgeon M. Keeny, Jr., "Focus: Fallout From Chernobyl", Arms Control
Today, Vol. 16, No. 3 (April 1986)
- Stefan Guth, Fabian Luscher and Julia Richers, "Nuclear Technopolitics in
the Soviet Union and Beyond - An Introduction", Jahrbücher für
Geschichte Osteuropas, Vol. 66, No.1, (2018).
- Walter Huda, "Medical Consequences of Chernobyl", Journal of Ukrainian
Studies, Vol.11, No.1, Summer (1986)
- William Potter & Lucy Kerner, " The Soviet Military's Performance at
Chernobyl", Soviet Studies, Vol. 43, No. 6 (1991)

:‫ المذكرات الشخصية‬:ً‫خامسا‬

،‫ حمدى عبد الجواد‬: ‫ ترجمة‬،‫ البيريسترويكا تفكير جديد لبالدنا ولمعالم‬،‫ميخائيل جورباتشوف‬ -
.)6899 ،‫ دار الشروق‬:‫(القاىرة‬

:‫ الدوريات‬:ً‫سادسا‬

.6891 ،‫األهرام‬ -
.6891 ،‫األخبار‬ -
.6891 ،‫الجمهورية‬ -

665
‫ أحمد عبد السيد إبراهيم األلفى‬/‫د‬ ‫م‬6266 ‫) يناير‬62( ‫العدد‬

:‫ الموسوعات‬:ً‫سابعا‬

،‫ دار الحكمة‬:‫ (لندن‬،‫ حتى اليوم‬6345 ‫ رؤساء الواليات المتحدة األمريكية منذ‬،‫أودو زاوتر‬ -
.)2221
،‫ المؤسسة العربية لمدراسات والنشر‬:‫ (بيروت‬،1‫ ج‬،‫ موسوعة السياسة‬،‫عبد الوىاب الكيالى وأخرون‬ -
.)‫ت‬.‫د‬

:‫ المواقع اإللكترونية‬:ً‫ثامنا‬

- https://www.britannica.com/biography/Mikhail-Gorbachev
- https://2009-2017.state.gov/t/avc/trty/102360.htm#text
- https://www.britannica.com/topic/glasnost
- https://www.britannica.com/topic/perestroika-Soviet-government-policy
- https://maps.lib.utexas.edu/maps/commonwealth/chornobyl_radiation96.jp
g

666

You might also like