Professional Documents
Culture Documents
إن طبيعة العالقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية كانت عبارة عن مواجهة سياسية بين معس كرين مختلفين في األفك ار
والسياسات ،بحيث كانت تداعيات الحرب العالمية الثانية بداية حقبة جديدة لجميع البلدان في العالم ،وذلك بعد إنهي ار جمي ع
اإلمبراطوريات اإلستعمارية األوروبية والصعود المتزامن لق وتين عظيم تين ،وهم ا اإلتح اد الس وفيتي ب الفكر اإلش تراكي
والواليات المتحدة األمريكية ب الفكر الرأس مالي الع المي ،بحيث أص بحا الوالي ات المتح دة األمريكي ة واإلتح اد الس وفييتي
متنافسين على الساحة العالمية بكافة المجاالت العلمية والصناعية والعسكرية والسياس ية واإلقتص ادية ،وذل ك بع دما ك انوا
حلفاء معًا خالل الحرب العالمية الثانية ،وعرفت هذه الف ترة بإس م ف ترة الح رب الب اردة ،وذل ك ألنه ا ك انت ح رب فكري ة
وسياسية ولم تكن حرب عسكرية.
في الواقع تم تقسيم قارة أوروبا في ذلك ال وقت إلى كتل ة غربي ة بقي ادة الوالي ات المتح دة األمريكي ة ،وكتل ة ش رقية بقي ادة
اإلتحاد السوفيتي ،وخالل هذه الفترة ظه رت المواجه ات بين الق وتين العظيم تين من خالل التحالف ات العس كرية والدعاي ة
وتطوير األسلحة والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي والتسابق النووي ،ويمكن الق ول أن ع دم تح ول
الحرب الباردة إلى حرب عسكرية كان بسبب إمتالك كال القوتين سالح نووي ،وهذا ب دوره ك ان رادع ًا لع دم إس تخدام إي
منهما القوة العسكرية أو الحربية في المواجهات.
حيث دمرت الحرب العالمية األولى والحرب العالمية الثانية بنية القوة الدولية األوروبية ،وأدت إلى بناء هيكل قوى ع المي
جديد ،وذلك ألنه قبل الحرب العالمية األولى والثانية ك انت ال دول األوروبي ة هي الق وى المركزي ة في الع الم ،وخصوص ًا
بريطانيا العظمى وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ،حيث كانت هذه ال دول هي الق وى الرئيس ية في السياس ة العالمي ة ،كم ا وك انت
الواليات المتحدة األمريكية في هذا الوقت تتبع سياسة اإلنعزالية عن العالم الخارجي.
ظهور الحرب الباردة :
في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قررت الواليات المتحدة إستخدام موقعها اإلقتصادي والعسكري المتفوق لملء ف راغ
السلطة في أوروبا ،ولهذا الغرض قررت كسب الدول األوروبية الديمقراطية من خالل خطة مارش ال ،كم ا وتبنت سياس ة
محاربة إنتشار الشيوعية ،ولكن عارض اإلتح اد الس وفياتي مث ل ه ذه المحاول ة األمريكي ة وق رر أيًض ا توس يع نف وذه في
أوروبا ،حيث نجح اإلتحاد السوفياتي في تص دير الش يوعية إلى معظم دول أوروب ا الش رقية ،ومن خالل ه ذه اإلختالف ات
الفكرية والسياسية بين الواليات المتحدة واإلتحاد السوفياتي نشأت حرب باردة بينهما.
أدى ظهور الحرب الباردة إلى تنظيم معسكرين متنافسين من قبل كل من الواليات المتح دة األمريكي ة واإلتح اد الس وفيتي،
ولقد قامت الواليات المتحدة في ذلك الوقت بعمل عدد كبير من التحالفات الثنائية والمتعددة األطراف مث ل الن اتو ،وس ياتو،
وأنزوس ،والعديد من التحالفات األخرى ،وذلك لتعزي ز ال دول الديمقراطي ة المعادي ة للش يوعية تحت قيادته ا ،أم ا اإلتح اد
السوفياتي عمل على تنظيم الدول الشيوعية في حلف وارسو ،ولق د أدت ه ذه التط ورات إلى ظه ور معس كرين متنافس ين،
وهما الكتلة األمريكية والكتلة السوفيتية ،وأصبح هذا الوضع يوصف بأنه ثنائي القطبية في السياسة العالمية.
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح الموقف الضعيف للقوى األوروبية والروح المعززة لتقرير المصير القومي والتح رر بين
المستعمرات عاملين أساس يين في ب دء عملي ة إنه اء اإلس تعمار واإلمبريالي ة في الع الم ،حيث نجحت ع دة دول في الع الم،
وخصوصًا الدول اآلسيوية واألفريقية في اإلطاحة باإلستعمار من أجل إستقالليتها ،مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الدول
ذات السيادة في العالم.
لقد جاءت نهاية الحرب العالمية الثانية مع إستخدام الواليات المتحدة لألسلحة النووي ة ض د الياب ان ،وك انت ه ذه هي بداي ة
العصر النووي في السياسة الدولية ،بحيث قسم العامل النووي الدول في العالم إلى دول نووية ودول غير نووية.
نهاية النظام الدولي التقليدي :
أصبح النظام الدولي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مختلفًا تمامًا عن النظام الدولي التقليدي بسبب ما يلي:
حدث تغيير كبير في العالقات السياسية العالمية نتيجة ظهور دول جديدة وتصفية اإلمبريالية واإلستعمار.
تم اإلعتراف بالسالم واألمن والتنمية واإلزدهار لجميع الدول كقيمة أساسية في العالقات الدولية.
حدث سباق تسلح بين القوتين العظيمتين وخاصة سباق التسلح النووي.
بسبب الزيادة في عدد الدول ،ظهرت العديد من المشاكل الجديدة وأصبحت العالقات الدولية معقدة للغاية.
أصبحت جميع األمم مدركة لضرورة الحفاظ على السالم من أجل األمن الجماعي.
وفي ختام هذا المقال نكون قد عرفنا كيف كانت طبيعة العالقات الدولية بعد الح رب العالمي ة الثاني ة ،كم ا ووض حنا جمي ع
التغييرات التي حدثت في العالقات الدولي ة بع د الح رب العالمي ة الثاني ة ،باإلض افة إلى ذك ر أس باب نهاي ة النظ ام ال دولي
التقليدي.