You are on page 1of 17

‫‪1‬‬

‫عالمية معاصرة –السنة الرابعة – قسم التاريخ – كمية‬


‫ّ‬ ‫المحاضرة الثانية – قضايا‬
‫اآلداب الثانية‪ -‬جامعة دمشق – الدكتور سومر سيف الدين حزنقور‪.‬‬

‫تطور نظام العالقات الدولية بين القوى ال ُكبرى منذ نياية الحرب‬

‫العالمية الثانية حتى العولمة‬

‫اختمفت طبيعة العالقة بين الدول الكبرى مع مرور األيام وتتابع األحداث الدولية التي‬
‫أثرت وتؤثر في ىذه العالقة سمباً أو إيجاباً‪ .‬فما نجم عن الحرب العالمية الثانية كان كبي اًر سواء‬
‫عمى مستوى التحالفات العالمية أو عمى طبيعة العالقات الدولية التي اعتاد عمييا العالم في‬
‫السابق‪ .‬فحدثت تغييرات كبيرة في ىيكل وموازين القوة الدولية السائدة في ذلك الوقت‪ .‬فنتائج‬
‫الحرب أدت إلى صعود قوة جديدة‪ ،‬قابمو انزواء وتراجع لقوة سابقة سادت العالم وتحكمت بو لفترة‬
‫زمنية طويمة‪.‬‬

‫كما فرضت الحرب عمى القوتين المتين ستصبحان القوتين العظمتين المييمنتين عمى النظام‬
‫الدولي الجديد وعمى العالقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية أن تخرجا من عزلتييما‪:‬‬
‫الواليات المتحدة التي اختارت العزلة بإرادتيا‪ ،‬واالتحاد السوفييتي الذي فُرضت عمية قس اًر‪ .‬فمن‬
‫ىذا المنطمق‪ ،‬ال يمكن استخدام المعيار نفسو في تقييم العالقات الدولية التي سادت النظام‬
‫العالمي في المرحمتين المتين أعقبتا الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة‪ .‬فالحربان شكمتا‬
‫مرحمتين فاصمتين في تاريخ النظام العالمي والعالقات الدولية‪ .‬وربما ما ُيميز فترة ما بعد الحرب‬
‫الباردة ىو أن العالقات أخذت تتغير بشكل متسارع ال مثيل لو لم تشيده العالقات الدولية في‬
‫السابق‪ .‬وال شك أن ىناك أسباباً ليذا التغير والتطور الدراماتيكي الذي شيدتو العالقات الدولية‪.‬‬
‫ويمكن أن ُنشير ىنا إلى قوة وفعالية الدور الذي قامت بو الواليات المتحدة الذي شكل المحرك‬
‫األساسي لطبيعة العالقات الدولية وشكل االستراتيجيات العالمية‪ .‬فأمريكا لم تستطع أن تحكم‬
‫العالم بشكل كامل عمى طريقة نظام القطبية الواحد الذي ساد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية‪،‬‬
‫والدول المعارضة لمقطبية األحادية لم تستطع بدورىا أن تفرض نظاماً دولياً جديداً‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫أوال ‪ :‬العالقات األوروبية ‪-‬األمريكية‬

‫كان من أىم النتائج التي تمخضت عنيا الحرب العالمية الثانية إنتاج نظام عالمي جديد‪ ،‬تبوأت‬
‫فيو الواليات المتحدة األمريكية مركز الدولة األولى في العالم‪ ،‬والمسيطرة عمى السياسات العالمية‬
‫المتمثمة بشكل خاص في أوروبا ومنطقة آسيا المحيط اليادي‪ .‬وقد منحت الحرب العالمية الثانية‬
‫الواليات المتحدة نقاطاً كثيرة من القوة‪ ،‬قابميا نقاط ضعف عانى منيا الجانب األوروبي‪.‬‬

‫ولعل أبرز مظاىر القوة التي امتمكتيا الواليات المتحدة تمثمت في القوة االقتصادية‬
‫واإلمكانيات المالية الكبيرة التي تمتعت بيا‪ ،‬في فترة تميزت بالحاجات االقتصادية الشديدة لمدول‬
‫األخرى‪ ،‬األوروبية منيا بشكل خاص‪.‬‬

‫أما المظير الثاني فتمثل بالقوة العسكرية اليائمة التي تمتعت بيا‪ ،‬في الوقت الذي ازدادت‬

‫فيو الحاجة األوروبية ليذه القوة في مواجية التيديدات القادمة من القطب العالمي اآلخر‪ ،‬االتحاد‬
‫السوفييتي‪ .‬ويضاف إلى ذلك عامل التأثير الثقافي والسياسي الذي دعم من موقف وقوة الواليات‬
‫المتحدة االقتصادية والعسكرية‪.‬‬

‫أما العامل األخير من عوامل قوة أمريكا فتمثل في إسياميا في احتالل بعض البمدان‬
‫الميمة كألمانيا وايطاليا‪ ،‬وقياميا ُمنفردة باحتالل اليابان‪ ،‬وتحويميا إلى قاعدة عسكرية حيوية‬
‫وحميف استراتيجي ميم ليا في منطقة آسيا‪.‬‬

‫يتقاسم كل من الغرب والواليات المتحدة الكثير من القواسم المشتركة والعالقات الوثيقة الثقافية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والسياسية العميقة التي كانت تربط المجتمع األمريكي باألوربيين‪ .‬وما‬
‫يفسر عمق ىذه العالقات‪ ،‬التاريخ الطويل من التواصل والغنى والتنوع الذي حممتو اليجارت‬
‫والموجات األوروبية خالل القرون الخمسة الماضية‪.‬‬

‫أقامت الواليات المتحدة عالقات مع الدول األوروبية منذ عام ‪ ، 3391‬حيث تأسست بعثة‬
‫الواليات المتحدة في الدول األوروبية المختمفة‪ ،‬المنضوية تحت سقف االتحاد األوروبي‪ .‬وتم‬
‫تمثيل المفوضية األوربية (االتحاد األوروبي اآلن) في الواليات المتحدة في عام ‪ 3391‬ومقرىا‬
‫في واشنطن‪ .‬ويعقد كل من االتحاد األوروبي والواليات المتحدة قمم رئاسية منتظمة لتقييم‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫وتطوير التعاون عبر األطمسي‪ .‬ونتج عن ىذه القمم المنتظمة إعالن األطمسي في تشرين الثاني‬
‫من عام ‪ 3331‬والذي شكل لممرة األولى الحوار بين الواليات المتحدة واالتحاد األوروبي في ذلك‬
‫الوقت‪ .‬وتغيرت طبيعة العالقات بين الطرفين حسب التطور الذي أصاب كل طرف‪ ،‬والقضايا‬
‫والمصالح لتي تيم كل دولة منيما‪.‬‬

‫تُقسم العالقات األوروبية ‪-‬األمريكية إلى ثالث مراحل أساسية‪.‬‬

‫األمريكية (‪)1961 - 1945‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬العالقات األوروبية‬

‫‪ -2‬العالقات األمريكية‪-‬األوروبية من عام ‪ 1961‬حتى نياية الحرب الباردة‪.‬‬

‫‪ -3‬العالقات بين الواليات المتحدة األمريكية واالتحاد األوروبي بعد الحرب الباردة‪.‬‬

‫األمريكية بين عامي ( ‪)1961 -1945‬‬


‫ّ‬ ‫األوروبية –‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬العالقات‬

‫تمكنت الواليات المتحدة األمريكية بين عامي (‪ ) 3391 – 3319‬من استغالل النتائج التي‬
‫أفرزتيا الحرب العالمية الثانية‪ :‬فظيورىا كقوة عظمى تمتمك من اإلمكانيات ما يمكنيا من التوسع‬
‫وفرض شروطيا عمى كثير من دول العالم‪ ،‬والتحكم بالقضايا العالمية‪ ،‬قابمو ضعف وخوف في‬
‫الوقت نفسو من قبل الدول األوروبية‪ .‬فيذه األخيرة كانت تنظر إلى أمريكا عمى أنيا المصدر‬
‫الوحيد لممساعدات االقتصادية والمالية والعسكرية‪ ،‬إال أنيا كانت في الوقت نفسو قمقة من أن‬
‫تعود أمريكا إلى سياسة العزلة التي اتبعتيا في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية األولى‪ .‬وقد‬
‫استغمت دول أوروبا ىذه األوضاع بشكل جيد وجعمت من نفسيا المحور األساسي لمسياسة‬
‫األمريكية‪ ،‬والمتمقي األكبر لممساعدات التي تقدميا‪ ،‬االقتصادية منيا (مشروع مارشال)‪،‬‬
‫والعسكرية‪.‬‬

‫أ‪ -‬المساعدات االقتصادية (مشروع مارشال)‪:‬‬

‫كانت بريطانيا أكبر المتحمسين لتقوية العالقات مع الواليات المتحدة األمريكية وأكبر المستفيدين‬
‫من المساعدات التي قدمتيا‪ .‬فالحكومة البريطانية التي كان يرأسيا اتمي من حزب العمال‪ ،‬عممت‬
‫جاىدة عمى توثيق العالقات األوروبية األمريكية‪ ،‬والحصول عمى العون العسكري واالقتصادي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫وينطمق البريطانيون في ذلك من إدراكيم حقيقة موقع ومكانة بريطانيا الجديد‪ .‬فيي لم تعد تمتمك‬
‫من اإلمكانيات‪ ،‬والموارد ما يمكنيا من أن تمعب الدور نفسو الذي كانت تتمتع بو من قبل عمى‬
‫المستوى االقتصادي والسياسي‪ .‬لذلك وجد البريطانيون أن السبيل الوحيد الذي يمكن أن يعوض‬
‫ىذا التراجع يكمن في إقامة عالقات قوية مع الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫ومثل مشروع مارشال اإلطار الذي حصمت من خاللو الدول األوروبية عمى المساعدات‬
‫االقتصادية‪ .‬وقد حاولت الواليات المتحدة األمريكية انتياج سياسة اقتصادية واستراتيجية لمواجية‬
‫الخطر الشيوعي من خالل منح الدول األوروبية المنيكة مساعدات اقتصادية‪ .‬فمشروع مارشال‬
‫عام ‪( 3311‬نسبة لوزير الخارجية األمريكي جورج مارشال) ييدف إلى إعادة بناء أوروبا‪ ،‬وىو‬
‫ليس ضد بمد أو عقيدة‪ ،‬بل ضد الفقر والجوع واليأس والفوضى‪ .‬فالصناعة والتجارة في الدول‬
‫األوروبية تعرضت لمدمار والتخريب‪ ،‬ولحقت فييا أضرار كبيرة وىذا يجعميا ساحة لممد‬
‫الشيوعي‪ ،‬لذلك من الواجب مساعدة ىذه الدول الستعادة اقتصادىا القوي‪ .‬ووفقاً لمشروع‬
‫مارشال‪ ،‬طالبت الدول األوربية مبمغ ‪ 82‬بميون دوالر‪ ،‬أنقصيا ترومان إلى ‪ 31‬بميون دوالر‪ ،‬في‬
‫حين وافق الكونغرس عمى ‪ 31‬بميون دوالر فقط‪.‬‬

‫لم يكن ىدف الواليات المتحدة من مشروع مارشال اقتصادياً فقط‪ ،‬بل سياسياً وعسكرياً أيضاً‪.‬‬
‫يكية‬
‫فاألىداف االقتصادية تتمثل في إعادة بناء اقتصاد أوروبا وتطويره بأموال ومساعدات أمر ّ‬
‫مما ينعكس إيجاباً عمى االقتصاد األمريكي الذي سينتعش بدوره ويتمتع بزيادة في معدالت النمو‬
‫االقتصادي‪ .‬فالدول األوربية مثمت‪ ،‬وال زالت تمثل مرك اًز ميماً لالستثمارات وسوقاً لمسمع‬
‫يكية‪.‬‬
‫األمر ّ‬

‫الشيوعية في أوروبا‬
‫ّ‬ ‫السياسية‪ :‬تركزت بشكل أساسي في مواىة خطر انتشار‬
‫ّ‬ ‫أما األىداف‬
‫ّ‬
‫أن المجتمعات التي تعاني من ويالت الحرب‪ ،‬ومن البطالة والفقر والجوع وانخفاض‬
‫الغر ّبية‪ .‬ذلك ّ‬
‫في مستوى المعيشة‪ ،‬تُشكل المناخ المناسب النتشار الفكر الشيوعي‪ .‬لذلك كانت الواليات المتّحدة‬
‫أن المساعدات االقتصادية‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات التي يمكن أن تدعم النظام‬
‫كية تنظر إلى ّ‬
‫األمري ّ‬
‫الديمقراطي في أوروبا وتُشكل السبيل األمثل لمواجية الخطر الشيوعي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫العسكرية كانت في تحقيق األمن العسكري لدول أوروبا الغربية من خالل‬


‫ّ‬ ‫في حين األىداف‬
‫عما فقدتو من‬
‫تحقيق األمن االقتصادي‪ .‬فإنشاء أوروبا عمى المستوى العسكري‪ ،‬وتعويضيا ّ‬
‫معدات عسكرية كبيرة‪ُ ،‬يشكالن أحد أىم األىداف العسكرية من مشروع مارشال‪ .‬يضاف إلى ذلك‬
‫تقوية ىذه البمدان عسكرياً لمواجية الخطر الشيوعي‪ ،‬وتحقيق األمن العسكري واالستراتيجي مع‬
‫القطب العالمي اآلخر المتمثل بالمعسكر الشرقي‪.‬‬

‫وتنوعت أشكال المساعدات األمريكية التي تضمنيا مشروع مارشال‪ .‬فالنسبة األكبر من‬
‫المساعدات المالية ( ‪ )%3‬قُدمت عمى شكل معونات‪ ،‬وبشروط ُميسرة من حيث سعر الفائدة‬
‫المنخفضة والمدة الزمنية الطويمة الالزمة لمسداد ( ‪ 89‬سنة)‪ .‬وتعددت المعونات االقتصادية‬
‫األمريكية األخرى منيا منح أوروبا معونات إضافية تمثمت في شكل معدات حربية وسمع‬
‫استثمارية ومواد تموينية‪.‬‬

‫وكان لالستثمارات األمريكية في أوروبا دور فاعل في اإلنعاش االقتصادي الذي شيدتو الدول‬
‫ومفيد لمشروع مارشال‪ ،‬أُنشئت منظمة التعاون االقتصادي‬ ‫األوربية‪ .‬ولضمان تنفيذ فاعل ُ‬
‫األوروبي المسؤولة عن الجوانب االقتصادية المتعمقة بمشروع مارشال‪.‬‬

‫ولم يكن تقديم األمريكيين لمشروع مارشال دون مقابل‪ .‬فالشروط األمريكية تمثمت بضرورة‬

‫‪ -‬تحرير التجارة في البمدان األوربية‪.‬‬


‫‪ -‬وأن تكون العالقات مع الطرف اآلخر الشرقي من أوروبا محدودة‪.‬‬
‫‪ -‬وأن تتمتع أمريكا بنفوذ خاص في بعض القضايا االقتصادية في بعض البمدان‪.‬‬

‫ولم يكن التدخل األمريكي في الجوانب االقتصادي أقل من التدخل في النواحي السياسية‬
‫واالستراتيجية‪ ،‬كالتدخل في االنتخابات اإليطالية‪ ،‬ومعارضة التيارات الشيوعية‪ ،‬واعادة تسميح‬
‫ألمانيا بعد تفجر الحرب في شبو الجزيرة الكورية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫العسكرية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ -‬المساعدات‬

‫كما ىو الحال في مشروع مارشال الذي تكفل بتقديم المساعدات االقتصادية‪ ،‬فإن حمف شمال‬
‫األطمسي شكل إطار التعاون العسكري األمريكي ‪-‬األوروبي‪.‬‬

‫فحمف الناتو (‪ ) North Atlantic Treaty Organization ()NATO‬يأتي كحمقة‬


‫ضمن سمسة التحالفات العسكرية التي جاءت تماشياً مع الوضع الجديد الذي أفرزتو الحرب‬
‫العالمية الثانية‪ ،‬ولمواجية مرحمة الحرب الباردة‪ .‬وقد أُعمن عن تشكيل ىذا الحمف في عام‬
‫وجعل مقر القيادة في باريس (مقره الحالي في العاصمة البمجيكية‬
‫‪ 3313‬في واشنطن‪ُ ،‬‬
‫بروكسل)‪ .‬وقد ضم الواليات المتحدة وكندا وانكمت ار وفرنسا وبمجيكا ولكسمبورغ وىولندا وايطاليا‬
‫والدنمارك والنروج وأيسمندا والبرتغال‪ .‬ثم انضمت اليونان وتركيا وألمانيا الغربية‪ .‬وفي عام‬
‫‪ 8113‬انتسبت كل من كرواتيا واليابان‪ ،‬ليصبح عدد الدول المنضوية تحت لواء الحمف األن‬
‫ثماني وعشرين دولة‪.‬‬

‫كان اليدف األساسي الذي أُنشئ من أجمو الحمف ىو الدفاع عن الدول األعضاء ضد أي خطر‬
‫ييددىا عمى أراضييا؛ ضد أي ىجوم تتعرض لو أراضييا أو قواتيا العسكرية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫التنسيق وتقديم المساعدة المتبادلة عمى المستويات األمنية والعسكرية والسياسية بين الدول‬
‫األعضاء في الحمف‪.‬‬

‫وشكمت الواليات المتحدة‪ ،‬لمواجية الخطر الشيوعي‪ ،‬ورداً عمى انتصار الشيوعية في الصين عام‬
‫‪ ،3313‬حمف جنوب شرق آسيا المعروف بسياتو وتم التوقيع عمى الميثاق األساسي لو في‬
‫العاصمة الفمبينية مانيال في عام ‪ . 3391‬وضم الحمف دوالً من آسيا كأستراليا والفمبين وتايالند‬
‫وباكستان إلى جانب دول أوربية ىي فرنسا وانكمت ار‪ .‬وكانت مانيال المقر األساسي لقيادة الحمف‬
‫العسكرية‪.‬‬

‫وقد جاء الحمف تتويجاً لممخاوف المشتركة بين الدول األوروبية الغربية والواليات المتحدة‬
‫األمريكية التي بدأت تواجو الخطر السوفييتي ومحاصرة المد الشيوعي‪ .‬وجاء في الوقت نفسو‬
‫تأكيداً عمى الصمة الوثيقة بين األمنين األوروبي واألمريكي المتصمين حيث ال يمكن الفصل‬
‫بينيما‪ .‬فالدول األوربية غير قادرة‪ ،‬بمفردىا عمى مواجية الخطر الشيوعي والقوة السوفييتية‪ ،‬ذلك‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫يطر عمى سياسات الحمف واستراتيجيتو‬


‫أن الواليات المتحدة ىي الوحيدة القادرة عمى الردع‪ .‬ولم أ‬
‫أي تغييارت ميمة بل بقيت سياسة الحمف‪ ،‬خالل مرحمة الحرب الباردة محكومة ومرتبطة‬
‫بالتطورت التي حصمت خالل تمك الفترة‪ ،‬ومرىونة بالسياسات الصادرة عن دول المعسكر‬
‫ا‬
‫االشتراكي‪.‬‬

‫ومع انتياء الحرب الباردة‪ ،‬حدثت تغييارت كبيرة في المشيد الدولي؛ فانيار االتحاد السوفييتي‪،‬‬
‫الصرع‬
‫ا‬ ‫واختفت الكتمة الشيوعية التي يقودىا‪ ،‬وتبدلت طبيعة العالقة بين الدول العظمى‪ ،‬وانتيى‬
‫طر تحول‬
‫األيديولوجي الذي تحكم بفترة الحرب الباردة‪ .‬ومع تغير الخريطة الجيوسياسية لمعالم‪ ،‬أ‬
‫ميم في طبيعة االىتمامات الدولية‪ .‬فانتقل االىتمام من األحالف العسكرية إلى التكتالت‬
‫االقتصادية الكبرى اإلقميمية أو العالمية‪ .‬ومع تقمص العبء األكبر الذي تمثل في مواجية‬
‫الخطر الشيوعي‪ ،‬بدأت سياسة الحمف الداخمية والخارجية تتغير‪ .‬وتمثل ىذا التغير بضرورة‬
‫تغيير الييكمية‪ ،‬واعادة توزيع وتقاسم األعباء‪ ،‬المالية بشكل خاص‪ ،‬ودخول دول جديدة لم يكن‬
‫التطورت من ضرورة‬
‫ا‬ ‫يسمح ليا بتكوين قوة عسكرية كاليابان عمى سبيل المثال‪ .‬وانطمقت ىذه‬
‫المتغيرت الجديدة التي بدأت بعد انتياء‬
‫ا‬ ‫االستعداد الجيد لمرحمة عالمية جديدة‪ ،‬والتالؤم مع‬
‫الحرب الباردة وانطالق الحرب عمى اإلرىاب‪.‬‬

‫‪ -2‬العالقات األمريكية‪-‬األوربية من عام ‪ 1961‬حتى نياية الحرب الباردة‪:‬‬

‫لم تسر العالقات األوروبية ‪-‬األمريكية عمى نفس النسق من التعاون والتفاىم‪ ،‬بل شابتيا‬
‫الخالفات والتناقضات والسيما بعدما بدأ االعتماد والحاجة األوروبية ألمريكا تخف مع االبتعاد‬
‫زمنياً عن الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وتحقيق أوروبا نجاحات اقتصادية كبيرة‪ .‬فكانت الخالفات‬
‫والتناقضات السياسية واالقتصادية والعسكرية الصفة األساسية التي ميزت العالقات األوروبية‪-‬‬
‫األمريكية في الفترة ما بين ‪ 3391‬و حتى ما قبل نياية الحرب الباردة بقميل‪.‬‬

‫ففي الستينات بدأ الخالف بين طرفي األطمسي حول رؤية كل طرف لدوره‪ ،‬ال سيما أوروبا التي‬
‫كانت تطالب بالحصول عمى نفوذ أكبر‪ .‬فجاء االقتراح األول لتعديل طبيعة العالقة من الرئيس‬
‫األمريكي جون كيندي الذي طرح مشروع "االتكال المتبادل عبر األطمسي"‪ .‬إال أن النتائج‬
‫العسكرية واالقتصادية كانت مخيبة‪ ،‬فأوروبا ال زالت مقسمة‪ ،‬وليس ليا قرار موحد فيما يتعمق‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫بالتعاون مع أمريكا‪ ،‬وبريطانيا ال زالت خارج األسرة األوروبية‪ ،‬وفرنسا الديغولية تبحث عن‬
‫االستقالل في سياستيا عن الواليات المتحدة‪.‬‬

‫وبدأت منذ العام ‪ 1963‬بوادر االستقالل في سياسة ديغول‪ :‬سحب األسطول الفرنسي في‬
‫البحر المتوسط من سمطة الناتو‪ ،‬واالنسحاب من البرنامج العسكري لمناتو في عام ‪ 3399‬مع‬
‫بقائيا عضواً فيو‪ .‬كما زادت من انتقادىا الشديد لمحرب األمريكية في فيتنام‪ ،‬ووسعت عالقاتيا‬
‫مع االتحاد السوفييتي وبمدان أوروبا الشرقية‪ .‬أما ألمانيا‪ ،‬فقد تخمت عن سياستيا المتشددة تجاه‬
‫االتحاد السوفييتي‪ ،‬وانتيجت سياسة التوجو شرقاً عمى الرغم من المعارضة األمريكية ليا‪ .‬وال‬
‫يمكن إىمال األعباء العسكرية التي تتكبدىا ألمانيا في دفاعيا التقميدي الذي تتحممو‪ ،‬في الوقت‬
‫الذي ال يعكس ذلك القوة الحقيقية أللمانيا التي ال يسمح ليا أن تمتمك قوة نووية‪.‬‬

‫وبدأ الصراع األمريكي ‪ -‬األوروبي من أجل نفقات الناتو‪ .‬فاألمريكيون مارسوا ضغوطاً كبيرة‬
‫عمى األوروبيين لمقيام بنصيب أكبر من نفقات الدفاع‪ .‬وظيرت االنتقادات من الكونغرس‬

‫األمريكي لمدول األوروبية التي تتردد في تحمل المزيد من النفقات‪ ،‬والسيما ّأنيا تمتمك اقتصاداً‬
‫يمكنيا من اإلسيام بفاعمية أكبر‪ .‬ونجح الضغط الذي بمغ أوجو في عام ‪ ،1973‬حيث تكفمت‬
‫أوروبا بدفع معظم التكاليف‪ ،‬وزادت ألمانيا الغربية من تعويضاتيا لمقوات االمريكية المتواجدة‬
‫عمى أراضييا‪.‬‬

‫وفي مطمع السبعينات من القرن الماضي‪ ،‬كانت أوروبا تسير نحو تحقيق وحدتيا السياسية‬
‫واالقتصادية‪ .‬فشكل ىذا التوجو األوروبي نحو التكامل مصدر خوف وقمق لدى اإلدارة األمريكية‬
‫كونو يقمص من دور أمريكا في أوروبا وييدد زعامتيا ويخفف من سياسة الييمنة التي كانت‬

‫تتمتع بيا عمى األطمسي‪ .‬وقادت كل من فرنسا وألمانيا ىذا التوجو‪ ،‬وكانت فرنسا ترغب‪ ،‬انطالقاً‬
‫من رغبتيا باالستقالل عن السياسة األمريكية‪ ،‬بأن يكون لدى أوروبا كممة واحدة تتكمم بيا خارج‬
‫نطاق حمف األطمسي‪ ،‬وبمورة سياسات مستقمة خاصة بالدول األوربية‪.‬‬

‫التغيرت التي كانت تشيدىا العالقات‬


‫ا‬ ‫وتعود الخالفات بين جانبي األطمسي إلى‬
‫االقتصادية وتطور القوة االقتصادية لكل طرف‪ .‬فالواليات المتحدة تييمن عمى االقتصاد العالمي‬
‫وتمتمك نصفو‪ ،‬إال أن إعادة بناء القوة االقتصادية األوروبية يمكن أن ييدد ىذه الحصة‪ ،‬ويؤدي‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫إلى تفوق الناتج القومي لألسرة األوروبية عمى نظيره األمريكي‪ .‬وكان أحد أىم نتائج التعافي‬
‫االقتصادي األوروبي ىو الموقف التدريجي لممساعدات االقتصادية األمريكية ألوروبا الغربية‪،‬‬

‫ترفق ذلك مع تخفيض في المساعدات العسكرية أيضاً‬


‫والتي قُطعت في نياية الخمسينات‪ .‬وقد ا‬
‫خالل الستينيات‪.‬‬

‫حاولت الواليات المتحدة إلغاء التعرفة الجمركية المفروضة عمى السمع األمريكية الواردة إلى دول‬
‫األسرة األوروبية لكنيا فشمت‪ .‬فقامت إدارة الرئيس نيكسون بفرض رسوم إضافية بمقدار ‪% 31‬‬
‫تصدرىا دول األسرة األوروبية إلى الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬والغاء قابمية‬
‫ّ‬ ‫عمى الواردات التي‬
‫تبديل الدوالر إلى ذىب‪ ،‬ومراقبة األجور واألسعار‪.‬‬

‫أما عمى الجانب السياسي‪ ،‬فقامت اإلدارة األمريكية بتغيير استراتيجية حمف شمال األطمسي‬
‫القائمة عمى مبدأ "الرد الشامل" عمى أي تيديد يمكن أن يكون مصدره االتحاد السوفييتي‪ ،‬التي‬
‫كانت تحظى برضى الدول األوروبية‪ ،‬إلى استراتيجية "الرد المرن"؛ أي التدرج باستخدام األسمحة‬
‫من التقميدية إلى النووية‪ ،‬وبما يتناسب مع مستوى التيديد‪.‬‬

‫واستمرت العالقات األوروبية الغربية مع االتحاد السوفييتي بقيادة الحكومة الفرنسية‪ .‬وعممت‬
‫ىذه الدول عمى االستمرار في تطوير عالقاتيا التجارية مع الكتمة الشيوعية عمى الرغم من‬
‫السياسة المتشددة التي اتبعتيا الواليات المتحدة تجاه االتحاد السوفييتي في عيد جيمي كارتر‪.‬‬
‫كما عارضت الدول األوروبية السياسات األمريكية تجاه العديد من مناطق ودول العالم‪ ،‬كالسياسة‬
‫التي أقرىا مبدأ ريغان مع دول العالم الثالث‪ .‬لقد أسيم الوضع الجديد ألوروبا مع بداية‬
‫السبعينات‪ ،‬ومعارضتيا لبعض السياسات األمريكية‪ ،‬إلى إجبار ىذه األخيرة عمى أن تُعيد‬
‫حساباتيا فيما يتعمق بسياساتيا الغربية والشرقية عمى حد سواء منذ مطمع الثمانينات‪.‬‬

‫وحمل عام ‪ 1989‬معو الكثير من األحداث التي فاجأت وأدىشت العالم في آن واحد‪ ،‬وأجبرت‬
‫القوة األمريكية عمى مراجعة سياساتيا مرة أخرى‪ .‬فقد شيدت أوروبا الشرقية العديد من التغيرات‬
‫المتسارعة‪ ،‬فتم تيديم جدار برلين في التاسع من تشرين الثاني عام ‪ ، 3323‬وىو ما سمح‬
‫بإعادة فتح الحدود بين البمدين‪ ،‬وامكانية توحيد األلمانيتين‪ ،‬وىذا ما تضمنو مشروع المستشار‬
‫األلماني ىمموت كول ذي النقاط العشر لتوحيد ألمانيا في دولة كونفدرالية‪ .‬ولم تصمد ألمانيا‬

‫‪9‬‬
‫‪11‬‬

‫الشرقية‪ ،‬وانيارت‪ ،‬لتندمج المقاطعات الشرقية الخمسة مع المقاطعات الغربية اإلحدى عشرة‬
‫مكونة دولة موحدة تحتفل بأول عيد قومي جديد ليا في الثالث من تشرين األول من عام ‪،3331‬‬
‫ُليصبح الثالث من تشرين األول العيد القومي السنوي أللمانيا الموحدة‪.‬‬

‫وسقطت ألمانيا الشرقية مقابل حزمة من المساعدات االقتصادية‪ ،‬واإلغراءات العسكرية‪ ،‬وتخمي‬
‫السوفييت عنيا‪ .‬فغورباتشوف السوفييتي تخمى عن الزعيم األلماني الشرقي ىونيكار وعن خمفو‬
‫كرنز‪ ،‬وسحب قوات بالده العسكرية من ألمانيا الشرقية مقابل وعد بالحصول عمى مساعدات‬
‫اقتصادية ضخمة تقدميا ألمانيا الغربية لبالده‪ ،‬وتخفيض عمى قواتيا المسمحة‪ .‬وأصبحت ألمانيا‬
‫الموحدة زعيمة االقتصاد في أوروبا الغربية‪ ،‬وقوة اقتصادية ضاربة في العالم‪ .‬وقد منح الوضع‬
‫الجديد أللمانيا الموحدة قدرة أكبر عمى المناورة السياسية والقدرة عمى اتخاذ ق اررات سياسية أكثر‬
‫استقاللية‪ .‬وبدأت ألمانيا بالعمل مع فرنسا‪ ،‬عدوتيا في األمس القريب‪ ،‬عمى تحقيق الوحدة‬
‫األوربية االقتصادية والسياسية‪ ،‬وربما العسكرية عمى المدى البعيد وىذا سيميد من دون شك إلى‬
‫إحداث تغيرات كبيرة في العالقات األوروبية‪-‬األمريكية من جية‪ ،‬وفي طبيعة العالقات الدولية‬
‫من جية ثانية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬العالقات بين االتحاد السوفييتي والصين‪:‬‬

‫مرت العالقات الصينية ‪-‬السوفيتية بمراحل متعددة‪ ،‬شيدت فييا الكثير من األحداث التي‬
‫انعكست سمباً أو إيجاباً عمى طبيعتيا‪ .‬وقد تأثرت العالقات بجممة من األحداث الخاصة بكل بمد‬
‫أو بأحداث يتشارك فييا البمدان‪.‬‬

‫الصينية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬العالقات السوفييتية‬

‫تُعد العالقات الروسية ‪ -‬الصينية قديمة (تعود إلى القرن السابع عشر) ومتشعبة‪ ،‬وتتأثر في‬
‫الوقت نفسو بالمصالح‪ ،‬وباألحداث التي شيدىا الطرفان‪ .‬لذلك لم تكن ىذه العالقات عالقة مودة‬
‫أو صداقة بالمعنى الحقيقي‪ .‬وقد أثرت الثورة الروسية في الصين الجميورية في عيد صن يات‬
‫صن‪ ،‬ومن ثم تشانغ كاي شيك‪ ،‬وفي صين ماوتسي تونغ الشيوعية‪ ،‬وأسيمت في بناء نوع من‬
‫العالقات المتميزة بين الدولتين وكذلك بين زعمائيم‪ .‬ويمكن أن ُنشير في ىذا المجال إلى معاىدة‬

‫‪11‬‬
‫‪11‬‬

‫الصداقة عام ‪ 3391‬التي وقعت بين كل من ماوتسي تونغ وستالين بعد قيام الجميورية الصينية‪،‬‬
‫والتي لم تختمف عن تمك التي ُعقدت عام ‪ 3319‬بين ستالين وتشانغ كاي شيك‪.‬‬

‫أ‪ -‬التقارب السوفييتي – الصيني‪:‬‬

‫ركزت المعاىدة التي تم توقيعيا بين الصين واالتحاد السوفيتي في عام ‪ 3391‬عمى التعاون‬
‫العسكري واألمني ضد اليابان بالدرجة األولى‪ .‬فقد نصت عمى أن يقوم الطرفان باتخاذ التدابير‬
‫واإلجراءات كافة التي من شأنيا منع اليابان من القيام بأي أعمال عدوانية أو من أي دولة أخرى‬
‫تنظم ليا في المستقبل‪ .‬وتعيد الطرفان كذلك بتقديم المساعدة العسكرية بعضيما لبعض ضد‬
‫اليابان‪ ،‬في حال قامت األخيرة بعدوان‪ ،‬إلجبارىا عمى توقيع معاىدة سالم‪ .‬كما تضمنت المعاىدة‬
‫تعيد الطرفان بعدم الدخول في أي تحالف موجو ضد الطرف اآلخر‪ ،‬وأن يتم التنسيق فيما بينيما‬
‫إليجاد الحمول المناسبة لممشكالت األساسية التي تيم البمدين‪ .‬وقد نجح الطرفان بالفعل في حسم‬
‫بعض المسائل الشائكة‪ ،‬وال سيما مشكمة سكة حديد تشانغ شوان لصالح ماوتسي تونغ‪ ،‬وىذا‬
‫يعني إعادة ربط مصير العديد من المناطق كجنوب منشوريا وشرق الصين وميناء بورت أرثر‬
‫ودايرين بالصين‪ .‬وعمى الرغم من عدم تركيز المعاىدة عمى الجوانب االقتصادية‪ ،‬فقد شيدت‬
‫ىذه العالقات تطو اًر كبي اًر ونمواً سريعاً‪.‬‬

‫واستغل ماوتسي تونغ المعطيات الدولية في تمك الفترة لتحقيق أىدافو من خالل التوقيع عمى تمك‬
‫المعاىدة؛ فاليابان ُىزمت في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وحزب الكومنتانغ (الحزب الوطني) لم يعد‬
‫موجوداً عمى األرض‪ ،‬وغير فاعل عمى المستوى السياسي‪ ،‬وجميورية الصين الشعبية قائمة وىي‬
‫المسيطرة عمى كامل األراضي الصينية اآلن وىي أيضاً صديقة لالتحاد السوفييتي‪ .‬فمن بين‬
‫ُ‬
‫المكاسب التي حققتيا الصين من خالل تمك االتفاقية‪ ،‬الحصول عمى قرض من االتحاد‬
‫السوفييتي قيمتو ‪ 111‬مميون دوالر لمدة خمس سنوات بفائدة ‪ %3‬بيدف بناء الصناعات الثقيمة‬
‫والمناجم والسكك الحديدية‪ ،‬عمى أن تقوم الصين بسداد قيمة ىذا لقرض مواد خام صينية‪.‬‬

‫ومن بين ما تضمنتو المعاىدة أيضاً ثالث مذكارت‪ ،‬المذكرة األولى ألغت معاىدة ‪ 3319‬بين‬
‫االتحاد السوفييتي والصين الوطنية‪ ،‬وتضمنت المذكرة الثانية اعتراف الدولتين باستقالل منغوليا‬
‫الخارجية‪ ،‬أما المذكرة الثالثة فنصت عمى أن يقوم السوفييت بتسميم الممتمكات اليابانية التي‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬

‫سيطروا عمييا في منشوريا‪ ،‬إضافة إلى المباني التي كانت تحتميا البعثة العسكرية الروسية في‬
‫بكين لمصين‪.‬‬

‫كان لمصين أكثر من ىدف تنوي تحقيقو من خالل إبرام ىذه المعاىدة‪:‬‬

‫اليدف األول ىو مواجية النظام الدولي الجديد الذي يعتمد عمى نظام القطبية الثنائية‪.‬‬

‫والثاني يتمثل في الحصول عمى مساعدات اقتصادية من االتحاد السوفييتي‪ ،‬لعمميا أن الحصول‬
‫عمى مثل ىذه المساعدات من الدول الغربية التي تتبنى نظاماً اقتصادياً مختمفاً أم اًر في غاية‬
‫الصعوبة‪.‬‬

‫ويتمثل اليدف الثالث في مواجية اليابان التي كانت تحتل أراض صينية‪.‬‬

‫أما اليدف الرابع لمصين فيو مواجية الواليات المتحدة األمريكية التي أمسكت بزمام أمور الدول‬
‫األوروبية التي أنيكتيا الحرب من خالل مشاريع إعادة اإلعمار‪ ،‬وأعادت تحالفيا مع اليابان‬
‫اآلسيوية لمواجية المد الشيوعي الصيني‪.‬‬

‫االمتيازت‪.‬‬
‫ا‬ ‫واستطاعت الصين خالل الحرب في الجزيرة الكورية من تحقيق الكثير من األىداف و‬
‫فعمى الرغم من عدم االستعداد ليذه الحرب‪ ،‬كانت الفائدة الصينية كبيرة‪ .‬فقد تمكنت الصين‬
‫خالل الحرب من تدعيم موقفيا‪ ،‬وتمتين العالقات الصينية ‪ -‬السوفييتية‪ ،‬وحصوليا عمى كميات‬
‫ضخمة من األسمحة السوفييتية التي مكنتيا من تحديث جيشيا وسالحو من جية‪ ،‬وجعميا قادرة‬
‫عمى مواجية أي تيديد يمكن أن تقوم بو الواليات المتحدة االمريكية ضدىا‪.‬‬

‫وحصمت الصين الشيوعية عمى مساعدات كثيرة عمى المستوى االقتصادي والفني‪ .‬فقدمت‬
‫موسكو لبكين تجييزات فنية ومعمومات تكنولوجية‪ .‬وتطور التعاون بين البمدين ليشمل قيام‬
‫االتحاد السوفييتي بضم ‪ 1111‬صيني لتدريبيم في المشروعات السوفيتية المختمفة‪ ،‬وتدريب عدد‬
‫من الصينيين في األكاديمية السوفيتية‪ ،‬واسياميم في إعادة ىيكمة وتنظيم التعميم الصيني عمى‬
‫نمط التعميم المتبع في بمدىم‪ ،‬وذلك من خالل تدريب ‪ 3111‬مدرس صيني في االتحاد‬
‫السوفييتي‪ ،‬وقبول عدد كبير من الطالب الصينيين في الدراسات العميا التابعة لمجامعات‬
‫السوفيتية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬

‫كان السوفييت ينظرون في عالقاتيم مع الصين عمى أنيا الطرف األصغر‪ ،‬وربما األضعف من‬
‫خالل إصرارىم عمى أن تكون القيادة ليم وتفوقيم في كل اتفاق ُيعقد بين الطرفين‪ ،‬في الوقت‬
‫الذي كان اليدف األساسي لمصينيين ىو تحقيق مصالحيم القومية‪ ،‬راضين بوضعيم كتابع‪،‬‬
‫ومستفيدين من الظروف اإلقميمية والدولية السائدة آنذاك‪.‬‬

‫إال أن المفارقة في العالقات بين االتحاد السوفييتي والصين ىو أن زيادة التقارب وتوسيع‬
‫وتنمية مجاالت التعاون وتوثيقيا ُيزيد من عوامل االحتكاك والخالف بينيما‪ .‬فعمى سبيل المثال‪،‬‬
‫كانت الحكومة الروسية تُصر عمى ضرورة أن يدفع الصينيون قيمة المساعدات التي يتمقونيا‪،‬‬
‫وكذلك اإلصرار الكبير من قبل الحكومة السوفيتية عمى ضرورة قيام الصين بدفع قيمة‬
‫المساعدات العسكرية التي ‪ . 3391‬فالسوفييت لم يكونوا معتادين ‪ -‬كانوا يتمقونيا خالل الحرب‬
‫الكورية ‪ 3391‬عمى أن يدفعوا بمثل ىذا السخاء ألي نظام حكم ميما كان نوعو‪ ،‬حتى لو كان‬
‫شيوعياً‪ ،‬والصينيون كانوا ينظرون إلى تمك المساعدات عمى أنيا ضئيمة مقارنة بالخدمات‬
‫والتضحيات التي يقدمونيا‪ ،‬والسيما في خالل الحرب الكورية‪ ،‬وىذا جعميم يعتقدون بأنيم وحدىم‬
‫من تحمل تكاليف الحرب الكورية‪.‬‬

‫وحتى عام ‪ 1956‬العام الذي توقف فيو العمل بمعاىدة ‪ ، 1951‬بدأت الخالفات تظير‬
‫بين الدولتين خالل فترة الستينات‪ .‬وقد أسيمت عدة عوامل في تطور ىذه الخالفات ووصول‬
‫الصينية ( ‪- 3399‬‬
‫ّ‬ ‫الثقافية‬
‫ّ‬ ‫بعضيا إلى حد التيديد العسكري والنزاع المسمح بينيما؛ الثورة‬
‫‪ ،)3319‬والنزاع المسمح عمى الحدود عام ‪ ،3393‬وقيام االتحاد السوفييتي عام ‪ 3313‬بعقد‬
‫معاىدة صداقة وتعاون مع اليند جارة الصين‪ ،‬وأحد أكثر البمدان عداوة ليا‪ .‬وقد أسيمت ىذه‬
‫ابتداء من عام ‪ 3311‬بالتوجو نحو‬
‫ً‬ ‫األحداث في إقناع الزعيم الشيوعي الصيني ماوتسي تونغ‪،‬‬
‫الغرب والواليات المتحدة األمريكية وتطبيع عالقات بالده معيما‪.‬‬

‫ب‪ -‬الخالف السوفييتي – الصيني‪:‬‬

‫بدأت الخالفات تظير في العالقات السوفيتية‪-‬الصينية مع مطمع الخمسينيات من القرن‬


‫الماضي‪ ،‬وبدأت بوادر ىذا الخالف تطفو عمى السطح وبشكل عمني في النصف الثاني من‬
‫الخمسينيات‪ .‬وبقيت ىذه الخالفات تتمحور بشكل أساسي حول المساعدات المالية واالقتصادية‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫والسيما عندما طمب االتحاد السوفييتي من الصين خدمات مقابل تمك المساعدات‪ .‬إال أن تمك‬
‫صرع أيديولوجي إال مع دخول العالم العقد السادس من‬
‫ا‬ ‫الخالفات لم تتطور إلى خالفات أو‬
‫القرن الماضي‪ .‬وقد كانت قضية األمن العسكري بين البمدين محور الخالف األيديولوجي قبل أن‬
‫يتحول إلى ص ارع عسكري عمى الحدود في عام ‪.3393‬‬

‫ويمكن القول إن الخطاب الذي ألقاه خرتشوف عام ‪ 3399‬كان السبب في ظيور الخالفات‬
‫األيديولوجية بين الصين واالتحاد السوفييتي‪ .‬فعمى الرغم من أن السوفييت اعتبروا أن ىذا‬
‫الخطاب شأن داخمي‪ ،‬إال أن الصينيين كانوا ينظرون لو عمى أنو شكل بداية القطيعة بين الفكر‬
‫الرسمالية في سبيل نشر‬
‫الصرع مع أ‬
‫الشيوعي الصيني (الماوي) الذي يعتمد عمى العنف و ا‬
‫الشيوعية‪ .‬فالرئيس خرتشوف أشار إلى إمكانية التخمي عن الحرب والتحول إلى االشتراكية عن‬
‫طريق السمم وطرح مبدأ التعايش السممي‪ .‬وقد مثمت ىذه المبادئ األسس الجديدة لمسياسة‬
‫السوفييتية الجديدة ىاجس خوف وقمق لدى الزعيم الصيني ماوتسي تونغ الذي شعر بأن ىذا‬
‫التوجو الجديد لمسياسة السوفييتية يمكن أن يحول الصين إلى دولة ضعيفة وغير قادرة عمى حسم‬
‫قضايا إقميمية تدخل في خانة األمن القومي الصيني (مسألة تايوان) وعمى مواجية الغرب‬
‫الرسمالي‪ ،‬ال سيما الواليات المتحدة‪.‬‬
‫أ‬

‫وتمثمت قمة المخاوف الصينية من سياسة خرتشوف في الزيارة التي قام بيا في عام ‪1959‬‬
‫إلى واشنطن بعد سمسمة من اإلجراءات التطبيعية مع الواليات المتحدة في محاولة لتحقيق انفراج‬
‫في العالقات بينيما؛ فعمل عمى تحقيق التوازن اإلستراتيجي مع الواليات المتحدة والتقميل من‬
‫مخاطر نشوب حرب معيا يمكن أن تُستعمل فييا أسمحة غير تقميدية‪ .‬فالمخاوف الصينية تأتي‬
‫من الخوف من أن يؤثر التعايش السممي بين االتحاد السوفييتي والغرب إلى إضعاف موقف‬
‫الصين والضرر بمصالحيا في تايوان‪ ،‬ذلك أن استعادة الجزيرة يستمزم استعمال التحالف‬
‫والتعاون الصيني ‪-‬السوفييتي بشكل كامل‪ .‬فالسياسة السوفييتية الجديدة اعادت التأكيد عمى‬
‫الخالف األيديولوجي بين موسكو التي كانت ترفض استعمال القوة العسكرية والحرب كوسيمة‬
‫المثمى‬
‫لتحقيق انتشار الشيوعية وانتصار‪ ،‬وبكين التي كانت تُؤكد أن الحروب ىي الوسيمة ُ‬
‫لتحقيق األىداف الشيوعية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪15‬‬

‫الثانية في الخالف األيديولوجي الصيني – السوفييتي في قضية إنتاج الصين‬


‫ّ‬ ‫وتمثل النقطة‬
‫لقنبمة نووية‪ ،‬فالرغبة الصينية في إنتاج القنبمة اصطدمت بمعارضة سوفييتية‪ .‬فقد اتفقت كل من‬
‫واشنطن وموسكو عمى حصر حق امتالك ىذا السالح بيما ومنع انتشاره من جية وابقاء الصين‬
‫ومع ذلك استطاعت‬ ‫ومستظمة بالمظمة النووية السوفييتية‪.‬‬
‫ُمعتمدة عمى االتحاد السوفييتي ُ‬
‫الصين أن تمتمك القنبمة النووية في عام ‪ .1964‬وقد أسيمت موسكو بشكل غير مباشر في‬
‫التكنولوجية‬
‫ّ‬ ‫ىذا االنجاز الصيني‪ .‬فالتعاون السوفييتي‪ -‬الصيني في المجاالت الصناعية و‬
‫التكنولوجية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التعميمية أسيمت إلى حد كبير في ذلك‪ .‬فالسوفييت قدموا المساعدات التقنية و‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫الصناعية الالزمة إلنتاج السالح النووي‪ ،‬واستقبموا في معاىدىم‬
‫ّ‬ ‫وأسيموا في بناء المنشآت‬
‫ومؤسساتيم التعميمية العديد من الطمبة الصينيين الذين تمقوا العموم ذات الصمة‪.‬‬

‫اتفاقية في عام ‪3399‬‬


‫ّ‬ ‫وتدخل قضية تايوان عمى خط الصراع في كال البمدين‪ .‬فقد وقع الطرفان‬
‫النووية‪ ،‬توفير المساعدة والغطاء‬
‫ّ‬ ‫تضمنت‪ ،‬إضافة إلى مساعدة السوفييت لمصين في إنتاج القنبمة‬
‫أن الصين باتت مقتنعة‪ ،‬بعد‬
‫االستراتيجي لمصين ضد الواليات المتّحدة في قضية تايوان‪ .‬إال ّ‬
‫أن‬
‫أن مثل ىذا التعيد غير قابل لمتطبيق‪ ،‬و ّ‬
‫التطورات الميمة في العالقات مع االتحاد السوفييتي‪ّ ،‬‬
‫السوفييت ُمترددين وغير جادين في تنفيذ تعيداتيم وال سيما تمك التي تتقاطع عندىا العالقات‬
‫الثالثية؛ الواليات المتّحدة والصين واالتحاد السوفييتي كقضية تايوان عمى سبيل المثال‪ .‬وقد‬
‫ّ‬
‫الصينية الفاشمة عمى تايوان‪ ،‬والغاء السوفييت لممعاىدة السرّية مع الصين في عام‬
‫ّ‬ ‫ش ّكمت الحممة‬
‫‪ 3393‬مرحمة جديدة من العالقات بين البمدين‪.‬‬

‫واستمرت العالقات في التدىور حتى وصمت في بداية الستينات إلى حد إثارة مشاكل الحدود بين‬
‫البمدين‪ .‬وتدىورت األوضاع عمى الحدود بشكل خطير في عام ‪ 3398‬مع اجتياز أعداد كبيرة‬
‫من بعض األقميات الصينية الحدود باتجاه األراضي السوفييتية‪ .‬ثم تحولت ىذه الخالفات الخطيرة‬
‫بعد ذلك إلى صراع دعاوى بين الطرفين حول امتالك بعض المناطق واألراضي الحدودية‪.‬‬
‫فأثارت الصين مسألة األراضي التي سيطرت عمييا روسيا القيصرية‪ ،‬وطالبت بضرورة إعادة‬
‫النظر في ىذه المعاىدات واسترداد بعض األراضي التي كانت قد سيطرت عمييا في السابق‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪16‬‬

‫وتدخل مسألة الصواريخ الكوبية عام ‪ 1962‬عمى خط تدىور العالقات بين الطرفين‪.‬‬
‫فالصينيون لم يراعوا المرحمة الحساسة التي تمر بيا عالقات موسكو بواشنطن‪ ،‬وأعمنوا مساندتيم‬
‫وتأييدىم لمطالب وحقوق كوبا‪ ،‬واتيموا االتحاد السوفييتي بالتخاذل والرضوخ لممطالب والتيديدات‬
‫وعدت أن الموقف الضعيف لالتحاد السوفييتي سوف ُيسيء لمكتمة الشيوعية ويظيرىا‬
‫األمريكية‪ّ .‬‬
‫بمظير الضعف ويقمل من ىيبتيا أمام الدول الصغيرة التي ستفقد الثقة بيا‪ ،‬ويقوي المركز‬
‫المضاد‪ ،‬مركز الرأسمالية والواليات المتحدة‪ .‬فالواليات المتحدة كانت قد فكرت في مياجمة كوبا‪،‬‬
‫بأنيا لن تسمح‬
‫قبل أن يستقر الرأي في قيام حظر عسكري عمييا‪ .‬وترافق ىذا الحظر مع التيديد ّ‬
‫بإرسال أسمحة ىجومية لكوبا‪ ،‬وطالبت السوفييت بتفكيك قواعد الصواريخ السوفييتية المبنية أو‬
‫قيد البناء وازالة جميع األسمحة اليجومية‪.‬‬

‫وكانت إدارة كيندي تتوقع عدم موافقة االتحاد السوفييتي وحدوث مواجية بين الطرفين‪ .‬وبالفعل‬
‫رفض خرتشوف‪ ،‬بالعمن‪ ،‬من خالل رسالة أرسميا لو رفضو لممطالب األمريكية‪ ،‬وىدد بأن‬
‫اإلجراءات األمريكية يمكن أن تتسبب في نشوب حرب صواريخ نووية‪ ،‬بينما أرسل عبر قنوات‬
‫سرية جممة من االقتراحات التي تُمثل حالً لممشكمة القائمة‪ .‬وانتيت األزمة في ‪ 82‬تشرين أول‬
‫‪ 3398‬باتفاق كل من الرئيس األمريكي جون كيندي واألمين العام لألمم المتحدة إزالة السوفييت‬
‫لقواعد الصواريخ الكوبية‪ ،‬عمى أن تتعيد الواليات المتحدة بعدم غزو كوبا‪ ،‬وأن تقوم بالتخمص‬
‫من الصواريخ البالستية‪.‬‬

‫ونتج عن االنشقاق بين االتحاد السوفييتي والصين عدد من الحروب بالوكالة في منطقة‬
‫جنوب شرق آسيا كالصراع بين كمبوديا وفيتنام‪ .‬إال أن الحرب الفيتنامية لعبت دو اًر ميماً في‬
‫الخالف السوفييتي ‪ -‬الصيني‪ .‬ففي الوقت الذي نجحت فيو الصين بتفجير قنبمتيا النووية‪،‬‬
‫وازاحة خرتشوف عن سمطة الكريممن عام ‪ 3391‬كانت حرب فيتنام سبباً في عودة الخالف بين‬
‫القطبين الشيوعيين‪ ،‬عمى الرغم من أن زيادة تواجد األمريكيين في اليند الصينية كان عامل قمق‬
‫ُمشترك لكل منيما‪ .‬فالسوفييت طالبوا الصينيين بضرورة التنسيق والتعاون لمساعدة فيتنام‬
‫الشيوعية‪ ،‬في الوقت الذي كانت فيو الصين ترفض مثل ىذا التعاون‪ ،‬بل وتُعرقل أي مساعدة‬
‫ُمقدمة من االتحاد السوفييتي لمفيتناميين الشماليين‪ .‬إال أن األحداث الداخمية الت أخذت تعاني‬
‫مدة الثورة الثقافية‪ ،‬أجبرتيا عمى االنكفاء نحو الداخل‪ ،‬لتعود إلى اتباع‬
‫منيا الصين في خالل ّ‬

‫‪16‬‬
‫‪17‬‬

‫سياسة العزلة الطوعية التي غالباً ما عاشتيا في فترات مختمفة من تاريخيا‪ ،‬وتتراجع عالقاتيا مع‬
‫العالم الخارجي لتصل إلى مستويات منخفضة جد‪.‬‬

‫واستمر تدىور العالقات في أعقاب احتالل االتحاد السوفييتي لتشيكوسموفاكيا ‪ ،3392‬واستمرار‬


‫نزاع الحدود‪ .‬وقد عمل الطرفان في خالل ىذه الفترة عمى إعطاء التصريحات التي تُشير إلى أن‬
‫العالقات بينيما تسير نجو التحسن‪ .‬وحاول السوفييت إعادة الدفئ لعالقاتيم مع الصينيين من‬
‫خالل التصريحات التي كان ُيصدرىا الكريممين عن استعدادىم إلعادة تطبيع العالقات مع‬
‫الصين‪ ،‬والسيما بعد زوال العامل األساسي في توتر العالقات وحدوث االنشقاق بين البمدين وىو‬
‫ماوتسي تونغ‪ ،‬لكن دون أن تحمل ىذه التصريحات تغي اًر فعمياً في المبادئ السياسية الحقيقية‪.‬‬

‫وأثار التقارب بين الواليات المتحدة والصين في سبعينيات القرن الماضي مخاوف االتحاد‬
‫السوفييتي‪ ،‬الذي كان يخشى أن يضطر لمحرب عمى جبيتين‪ :‬مع قوات حمف شمال األطمسي‬
‫التي تقوده الواليات المتحدة‪ ،‬ومع القوات الصينية عمى الجبية الشرقية‪ .‬وسعت الصين في بداية‬
‫الثمانينات إلى عقد اتفاقيات مع الواليات المتحدة بيدف تشكيل تحالف ضمني ضد االتحاد‬
‫السوفييتي‪ .‬وفي عام ‪ 3323‬قام الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف بزيارة لبكين بيدف‬
‫إصالح العالقات معيا‪ ،‬واعطاء دفعة جديدة لمحادثات ترسيم الحدود‪.‬‬

‫‪17‬‬

You might also like