Professional Documents
Culture Documents
تاريخ القران عند المستشرقين
تاريخ القران عند المستشرقين
توطئة:
نزل القرآن الكريم من عند هللا تعالى بألفاظه نفسها التي قرأها رسول هللا‘ على الناس ،
وهذا يجعل تلك األلفاظ قدسية ؛ فيتعبد بتالوتها ،وال يجوز تبديلها بغيرها ،وال
التصـرف بها ،حتى بالمرادفات .
وبهذه األلفاظ المقدسة التي لفظها ومعناها من عند هللا تعالى يفرق بين القرآن
الكريم والحديث القدسي الذي نزل معناه دون لفظه ،وعبر عنه رسول هللا‘ بلسانه ،
وألجل ذلك كان اللفظ القرآني يتصف باإلعجاز البالغي ،ولو كان من صياغة النبي ‘
لما اختلف عن الحديث القدسي صياغة ،ومن جهة نظر بالغية على األقل،ولما اختلف
عن مطلق الحديث الذي تحدث به رسول هللا‘ ،مع ان كال منهما له من الخصائص
واألسلوب ما يميزه من اآلخر .
ويشهد أن القرآن الكريم نازال بلفظه من عند هللا تعالى ،توجيه الخطاب في كثير
من آيات القرآن إلى النبي‘ بعبارة «قل»حيث تكررت هذه اللفظة في القرآن أكثر من
ثالثمائة مورد ؛ مما يدل على عدم تدخل النبي‘ في صياغة الوحي ،فهو مخاطب به ال
متكلم ،حاٍك لما يسمعه ال معّبر ،قال تعالى :ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯿ ﰀ ﰁ
)(1
ﭼ ﰂ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ
أول ما نزل من القرآن الكريم:
باستثناء النزول اإلجمالي للقرآن الكريم ،وسواء قلنا بنزوله على رسول هللا ‘
محكما إجماال ،أو نزوله إلى السماء الدنيا( ، )2فإن تنزيل القرآن الكريم بدأ بسورة العلق
في مكة ،فقد
ورد في كثير من النصوص المروية عن أهل البيت^ وغيرهم ،إن أول ما نزل
ﭼ). (4 على رسول هللا ‘ (:)3ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ ﮋ ﮌ
وقال الزنجاني « :الصحيح أن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮆ ﮇ ﮈﭼ»(.)5
ولدينا اطمئنان من أن سورة العلق هي أول ما نزل من القرآن الكريم ؛ ويعلل
أستاذنا الدكتور الصغير سبب هذا االطمئنان انه ناشئ من أمرين :األول تأريخي
1
( )1سورة القيامة 16 /ـ .18
)2(2ظ :للتفصيل :أبو شامة ،المرشد الوجيز ،ص11وما بعدها +الزركـشي ،البرهان ،
000وما بعدها +السيوطي ،اإلتقان + 1/118 ،البيهقي ،األسماء 1/230
والصفات .236 ،
)1(3ظ :مجلة رسالة اإلسالم ،ع 9و ،10السنة الثانية ـ بغداد .29 ،
)2(4سورة العلق /االيات 1ـ .5
)3(5الزنجاني ,تاريخ القران .30,
()74
............................ الفصل الثاني :تاريخ القران الكريم عند المستشرقين األلمان
والثاني عقلي ،فأما السبب التاريخي «فمصدره إجماع المفسـرين تقريبًا ،ورواة األثر
وأساطين علوم القرآن»(.)1
وأما السبب العقلي فكون القرآن الكريم «ُأنزل على أمٍّي ال عهد له بالقراءة ليبلغه
إلىأميين ال عهد لهم بالتعلم ،فكان أول طوق يجب أن ُيكـسر ،وأول حاجز يجب أن
يتجاوز ،وهو الجمود الفكري ،والتقوقع على األوهام ،وما سبيل ذلك إال االفتتاح بما
يتناسب مع هذه الثورة ،وقد كان ذلك بداية للرسالة بهذه اآلياتﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮁ ﮂ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﭼ(.)2 ﮃ ﮄ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ ﮋ ﮌ
والباحث يؤيد الدكتور الصغير في أن سورة العلق في نزولها على الناس كانت
دعوة فطرية إلىأمرين مهمين هما العلم واإليمان بوقت واحد والبداية الطبيعية لملهم هذا
العلم «فهو
وكان نزولها يوم النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات هللا عليه
بغدير خم»(.)4
وقيل( :)5إن آخر ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالىﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ
ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭼ( ، )6والمؤكد أن سورة النصـر هي ﯿ ﰀ ﰁ
آخر سورة نزلت ،وقال الماوردي إن هذه السورة نزلت في يوم النحر في حجة الوداع
بمنى(.)4
ويبدو للباحث :ان اختالف الروايات في آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم ،
سببه هو غلبة ظن الرواة ،وإجتهاداتهم ،فكل منهم يروي آخر ما سمع من رسول هللا‘،
قبيل مرضه ،ثم فارقه ،فيظن الراوي أن ما يقوله الرسول × هو آخر ما سمع من
رسول هللا‘ وكانت اآليات المباركة تنزل طيلة الحياة النبوية بعد البعثة ،ال على تسلسلها
الوارد في المصحف المدون ،فلربما نزلت آية أو بضعة آيات من سورة ثم نزلت آيات
ُأَخ ر من سورة أخرى ! وكان رسول هللا ‘ بتوجيٍه من هللا تعالى يلحق اآليات بسورها ،
فيقول‘ «الحقوا اآلية كذا بالسورة كذا »...قال ابن عباس ((:كان جبرائيل إذا نزل على
النبي‘ بالوحي يقول له ضع هذه اآلية في سورة كذا في موضع كذا))()5؛ولهذا وقع
7
والحقائق الكونية الجليلة ،قال الزنجاني «على أنه يمكن أن نقول بأن روح القرآن وهي
أغراضه الكلية التي يرمي إليها تجّلت لقلبه الـشريف ،في تلك الليلة المباركة قال تعالىﮘ
ﮙ ﮚ ﮛ (. )7(»)6
فكان نزول القرآن الكريم على سبيل اإلجمال مرة واحدة ؛ ألن الهدف منه تنوير
قلب النبي‘ وتثقيف هللا تعالى له بالرسالة التي أعّد هلحملها .
أما النزول الثاني :فهو نزول القرآن الكريم على سبيل التفصيل وهو نزوله
بألفاظه المحدودة وآياته المتعاقبة ،فقيل:إّن النزول كان في حدود اآلية ،واآليتين ،
والثالث ،واألربع كما ورد نزول اآليات خمسًا وعشرًا وأكثر من ذلك وأقل ،وقد صح
نزول سورة كاملة( ،)8وعلى هذا المنوال ظّل القرآن ينزل نجومًا ،ليقرأه النبي ‘ على
أنه‘ أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة ،وتوفي وعمره الشريف ثالث وستون سنة ،
نرّج ح أن تكون مدة الوحي ثالثة وعشرين عامًا»(.)2
أمتاز القرآن الكريم عن الكتب السماوية السابقة عليه بإنزاله تدريجيًا ،فكما هو
معروف أن الكتب السماوية السابقة قد انزلها هللا سبحانه وتعالى كاملة على أنبيائه ،
ولكن هللا تعالى شاء أن ينزل القرآن الكريم منجمًا على النبي محمد ‘ ،وكان لهذا التدّرج
في إنزاله أثر كبير في تحقيق أهدافه وإنجاح الدعوة وبناء األمة ،و انه كان آية من آيات
اإلعجاز في القرآن الكريم ،والحكمة اإللهية من تعدد النزول هي(: )3
1ـ إن القرآن الكريم بتنزيله تدريجيًا كان إمدادًا معنويًا مستمرًا للنبي ‘ كما قال هللا
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸﭼ(.)4فجاء الجواب اإللهيﭽﯹ ﯺ تعالى :ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯻ ﯼﭼ()5؛ألن الوحي الذي كان يتجدد في كل حادثة أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل
إليه ،ويستلزم ذلك نزول الملك إليه وتجدد العهد به ،وتقوية امله في النصر ،بما يستجد
ويتعاقب من محن ومشاكل ،ولذا نجد القرآن الكريم ينزل مسليًا للنبي مرة بعد مرة ،
مهونًا عليه الشدائد ،فإذا وقع ‘ في محنة يأمره هللا تعالى تارة بالصبر أمرًا صريحًا
فيقول عز وجلﭽ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﭼ( ، )6وتارة أخرى ينهاه عن الحزن
تنزيله من لدن عليحكيم ،ولو لم يكن القرآن الكريم ليحصل على هذا البرهان لوال
إنزاله تدريجيًا في ظروف مختلفة وأحوال متعددة « ،وما التدرج في نزول القرآن إال
دليل من أدلةإعجازه البيانية ،فما نزل منه لم يكن في بادئ األمر إال سورًا قصيرة
وآيات متناثرة تناثر النجوم ،وهو بهذا القدر الضئيل ينادي بالتحدي ،فدل على إعجازه
في ذاته مع محاولة تقليده ومضاهاته ،سواء أكان جزءًا أم كًَال ،قليله معجز ،وكثيره
معجز»).(3
3ـ القرآن الكريم ليس كسائر الكتب التي ُتؤّلف للتعليم والبحث العلمي،وإنما هو
عملية تغيير اإلنسان شامًال كامًال في عقله وروحه وإرادته ،صنع أمة وبناء حضارة ،
وهذا األمل ال يمكن أن يوجد مرة واحدة وإنما هو عمل تدريجي بطبيعته ،ولهذا كان من
الالزم أن ينزل القرآن الكريم تدريجّيًا لُيحَك م عليه البناء ،وينشئ أساسًا بعد
أساس ،ويجتث جذور الجاهلية ورواسبها بأناة وحكمة ..
فـ « النقلة الفورية ليست خطوة عملية في التغيير االجتماعي الذي أرادته رسالة القرآن ،
فمن عزم األمور ـ إذن ـ ان تستجيب النفوس لهذا التغيير الجذري ،ولكن ال على أساس
المفاجأة الخطرة ،التي قد تولد ردة فعل مضادة ،تطوح بكل شيء ،بل تقليص القيم
القديمة شيئًا فشيئًا ،وتضييعها جزءًا فجزءا ،لتتالشى في نهاية المطاف وتختفي عن
صرح االجتماع ،وخير دليل على ذلك مسألة تحريم الخمر»(. )4
)3(1سورة األنعام /اآلية . 33
)4(2محمد حسين علي الصغير ،تأريخ القرآن . 45 ،
)1(3محمد حسين علي الصغير ،تأريخ القرآن . 40 ،
)2(4م .ن . 41 ، .
()79
............................ الفصل الثاني :تاريخ القران الكريم عند المستشرقين األلمان
وعليه يتضح أن مرحلة نزول القرآن الكريم مّر ت بمرحلتين أشار إليهما القرآن
الكريم:ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﭼ( ،)1فأول المرحلتين هي أحكام اآليات،
والثانية تفصيلهما ،وهو ينسجم مع فكرة تعدد اإلنزال ،فيكون النزول مرة واحدة على
سبيل
5
( )1ظ :نولدكه ،تأريخ القرآن .78 ،
( )2كتاب "مقدمة تاريخية نقدية الى القرآن " Bielefeld، 1844في(2+21ص) .وفيه يتكلم فايل عن
جمع القرآن الكريم والتسلسل التاريخي لسوره وآياته J.dugat histoire des..
.orientalistes,t,i.p.p42-48
()80
............................ الفصل الثاني :تاريخ القران الكريم عند المستشرقين األلمان
أما المستشرق األلماني فايل ( 1808ـ )1889فيرى أن سورة العلق فيها إشارة
إلى ان النبي محمد ‘ يتلقى في سورة العلق األمر بأن يتلو ما أوحي إليه سابقًا(. )1
ويعارضه نولدكه برأيه ،فيقول «ال يتعارض هذا التفسير النقل وحسب ،بل
واالحتمال الذاتي للنص أيضًا ،فألي سبب أمر هللا النبي ،بواسطة تنزيل خاص ،بأن
يتلو سورة كانت موجودة أو يقرأها؟»(.)2
أما شبر نجر1813(*sprengerـ )1893فهو يشير الى أن اآلية ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿﭼمن سورة العلق تفيد أن (أقرأ) تعني أقرأ كتب اليهود والمسيحيين المقدسة(. )3
أما هيرشفلد1854(Hirschfieldـ )1934فقد ترجم اآلية السابقة بالقول «أعلن اسم
)4
ربك» [ ]proctin the name of thy lordوعّد هذا المعنى غير موجود في العربية
(؛ويضيف نولدكه على قول هيرشفلد «لكن كلمة (ן ה ח ) ال يحتمل أن تكون مفعوًال
لها ،بل تعني [مستخدمًا اسم يهوه] فقط بهذا المعنى (اعلن بإسم ربك) يمكن
االعتراف بإمكانية االقتباس من االستعمال اللغوي العبري الشائع»( .)5واستشهد نولدكه
بالقول الوارد كثيرًا في العهد القديم (קרבשםיהה) وتعني بالعربية نادى باسم الرب ،
وكلمة (קרא) تعني نادى ـ دعى ـ وهي فعل ماٍض وتلفظ بالعبرية "كرا"(.)6؛ويوثق
نولدكه اعترافه بالقول «يضاف الى ذلك أن مختلف األحاديث التي تروي أن محمدًا
3
.sprenger,leben and die life mohammed , p. 5 -1
)2(4نولدكه ،تاريخ القرآن . 74 ،
Beitrӓgc zur Erkӓrung des Qurӓns , Leipzig,1886,p.6 -3
5
(בשם) = باسم .ـــ(יהה) = هللا / )4(6أعلن ،إقرأ ـ فعل أمر ،وتلفظ بالعبرية "كْر ًا" ـــ
الرب .
وفي أشعياء .40:60
(קולאומרקראואמרמהאקרא) (:קול)وتعني = صوت .ـــ(אומר)وتعني = يقول .
(קרא) وتعني = إدعو /أعلن /إقرأ (فعل أمر) .ـــ(ואמר)وتعني = وقال .
(מה) وتعني = ما (/ماالذي) .ـــ(אקרא) وتعني = أدعو إليه /أعلنه /إقرأه
ترجمها عن العبرية :األستاذ موريس شوحيط /رئيس الرابطة العالمية ليهود العراق /
واشنطن .
()81
............................ الفصل الثاني :تاريخ القران الكريم عند المستشرقين األلمان
أجاب على طلب المالك(اقرأ) بقوله(ما أقرأ) ذات صلة مريبة باآلية الواردة في أشعياء
. )1(»60:40
ـ اآلية 6من اشعيا «. 40صوت قائل :ناٍد :فقال :بماذا أنادي :كل جسد
عشب ،وكل جمالة كزهر الحقل .يبس العشب َ ،ذ ُبل الزهر ،ألن نفحة الرب
هّبت عليه ،حقًا الشعب عشب ،يبس العشب وذبل الزهر ،وأما كلمة إلهنا فتثبت
إلى األبد»(.)5
ومن المؤكد أن الفارق بين النصين واضح وضوح الشمس ،ومع ذلك فإن الفارق
هو :
ـ في سورة العلق ؛ نفي القراءة ألنها مطلوبة لمن يعرفها ،أما الرسول ‘ فهو أمي
ال يعرف القراءة والكتابة كما أسلفنا .
* 1كانت محاولة المستشرق األلماني نولدكه هي أول محاولة لترتيب سور القرآن الكريم زمنيًا ؛ ثم
أعقبتها محاولة المستشـرق االنجليزي ادوارد سيل عام 1898م حيث اصدر كتابًا بعنوان ( التطور
التاريخي للقرآن) Edward Sell, the historical development of the Quran.
** اعتمد الباحث على كتاب(تاريخ القرآن) للمـستشرق األلماني نولدكه ،الن الباحثين األلمان
وغيرهم عدّو ه األساس في تاريخ القرآن الكريم ،وأغلبيتهم يعّول عليه.
( )1ظ :الزنجاني ،تأريخ القرآن . 92 ،
()83
............................ الفصل الثاني :تاريخ القران الكريم عند المستشرقين األلمان
تسلسل زمني لسور القرآن الكريم هي المضمون وطبيعة الترتيب في داخل النص
القرآني من خالل األسلوب والفكرة ،وما نقله من كتب السيرة والتاريخ اإلسالمي
المتقدمة .
أما الصعوبات التي واجهت نولدكه في عمله فهي عدم الوثوق بما جاء في
الروايات اإلسالمية وال سيما فيما يخص منها السنوات المهمة والمراحل المختلفة من
حياة النبي محمد‘ الختالف معظم تلك الروايات وعدم اتفاقها ،وتعرض نولدكه لمدة
.
النبوة في مكة مثال عن تعدد تلك الروايات واختالفها
قّسم نولدكه السور القرآنية على قسمين ،السور المكية ،والقسمالثاني السور
المدنية ،ثم يقسم السور المكية على ثالث فترات .
ـ سور الفترة المكية األولى :وهي السور التي تبدأ بنزول القرآن الكريم ،أي السنة
األولى من البعثة ،حتى السنة الخامسة ،وهي السور القديمة الجياشة المشاعر .
ـ سور الفترة المكية الثانية :وهي السور التي حددها نولدكه بالسنتين الخامسة
والسادسة ،وتعتبر هذه الفترة حلقة وصل بين سور الفترة األولى والثالثة ،وهي تمثل
انحدار تدريجي من الفترة األولى الى الفترة الثالثة.
ـ سور الفترة المكية الثالثة :وتبدأ سور هذه الفترة من السنة السابعة من البعثة حتى
هجرة النبي‘ الى مدينة يثرب ،وهي السور المتأخرة التي كثيرًا ما تقارب في أسلوبها
السور المدنية .
اما القسم الثاني من تقسيم نولدكه لسور القرآن الكريم ،فهي السور المدنية :وهي
كل ما نزل بعد هجرة النبي‘ الى مدينة يثرب .
في الوقت نفسه يؤكد نولدكه أن اآليات (6ـ )19من سورة العلق تعود الى أوقات
الحقة وأضيفت الى اآلياتاألولى من السورة ،وقد عجز نولدكه عن تحديد وقت نزول
تلك اآليات بالضبط(. )2
وبعد سورة العلق رتب نولدكه سورة المدثر (ترتيبها في القرآن )74لتكون ثاني
أقدم سورة في القرآن الكريم ويعد نولدكه أن كلمات السورة نفسها تبدي انها ُنّز لت في
أوائل البعثة ،ويرى كذلك بان عبارة(يا أيها المدثر) مرتبطة بمناسبة نزول سورة العلق
نفسها..
وجاء ترتيب سورة المسد ( ترتيبها في القرآن )111بحسب ترتيب نولدكه الزمني
بعد المدثر ،وفيها يوضح نولدكه العالقة بين السورة ،وموقف عم النبي‘ أبي لهب
المعادي لدعوة النبي إلى الدين اإلسالمي؛ثم سورة قريش (ترتيبها في القرآن )106بعد
سورة المسد ،وقد أشار نولدكه الى جو الرضا الذي ينضح من السورة يدل على أنها
نشأت قبل بدء النزاع مع قريش ،والتذكر الكعبة في غير هذه من السور المكية ،قال
تعالى :ﭽ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ(. )3
ويصرح نولدكه في ترتيبه لسور الفترة األولى المكية بأنها تخلو من أي تسلسل
زمني ،وذلك «بسبب انعدام المعلومات التاريخية التي تقود خطانا في ذلك ،ولهذا نود
ان نوزعها بحسب مضمونها على مجموعات مختلفة ،معتمدين في ترتيبها بقدر
المستطاع على التطور التدريجي لألسلوب ولألفكار»(. )4
وتعد سورة الكوثر (ترتيبها في القرآن )108من أقدم السور بعد سورة قريش ،
وفيها يقول نولدكه ،بان هللا يطيب خاطر النبي ‘ من بعد اهانة وجهت له ،ثم سورة
التكاثر (ترتيبها في القرآن ، )102ويعلق نولدكهبأنها تتناول يهود المدينة ،وجاءت بعد
سورة التكاثر
بحسب ترتيب نولدكه سورة الفيل ( ترتيبها في القرآن ، )105التي عّد ها نولدكه
أول سورة يبين فيها محمد ‘ للخصوم ،كيف أن هللا عاقب أمثالهم.وبعد سورة الفيل
ويعقبها في الترتيب سورة القلم ( ترتيبها في القرآن ، )68وأشار نولدكه الى أن
سورة القلم يعّد ها بعضهم من أقدم السور أو ثانيها ،وذلك نتيجة الربط بين كلمة ( والقلم)
التي تبدأ بها السورة ومطلع سورة العلق ( ، )96ويؤكد نولدكه أن اآليات(17ـ )33و(
48ـ )60من سورة القلم ،قد أضيفت في الفترة الثانية الى السور القديمة،ثم سورة
األعلى (ترتيبها في القرآن )87التي يشير نولدكهالى انها ليست مدنية كما توّهم بعض
المفسـرين ،وتلتها سورة التين (ترتيبها في القرآن )95؛ويرى نولدكه ان في اآلية الثالثة
منها إشارة الى منطقة مكة المكرمة؛ ويظن نولدكه ان اآلية السادسة من سورة التين قد
ُأضيفت إليها الحقًا ،ألن طولها يفوق طول أي من اآليات األخرى ومعناها يضعف
االنطباع الذي يولده السياق ،ويؤكد نولدكه ان «عبارة :ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼال تستعمل إال
الحقًا في الفترة المكية المتأخرة»(.)2
ثم سورة العصر ( ترتيبها في القرآن ، )103وبعدها سورة البروج ( ترتيبها في
القرآن )85وفيها يشير نولدكه الى ان اآليات(8ـ« )11إضافة متأخرة ،ربما قام بها
محمد نفسه ،إذ هي تختلف عن اآليات األخرى المتصلة بها من حيث الطول والخطاب
المستفيض والفاصلة المختلفة»(.)3
اآلية( )20من سورة المزمل تعتبر مدنية،أما سورة القارعة (ترتيبها في القرآن
)101فيشير نولدكه الى ان االضطراب يتضح جليا في اآليات القصيرة للسور ،
ثم سورة الزلزلة (ترتيبها في القرآن )99؛ويصفهانولدكهأنها ذات مطلع رائع
وإيقاع ال يقاوم؛ثم سورتا االنفطار (ترتيبها في القرآن )81وسورة التكوير
( ترتيبها في القرآن )82ويعدهما نولدكه متشابهتين مع سورة الزلزلة ويتزينان
بصور أكثر غنى (. )1
وبعدهما سورة النجم (ترتيبها في القرآن )53التي يعدها نولدكه من السور
المتأخرة في الفترة المكية األولى ،ثم سورة االنشقاق ( ترتيبها في القرآن ، )84ثم
سورة العاديات ( ترتيبها في القرآن ، )100وأشار نولدكه الى أن بعض المسلمين
عّد وها خطأ مدنية ،وعلل ذلك «إذ يعتقدون أن اآليات األولى منها تشير الى
الخيل التي استعملها محمد في الحرب»(.)2
ثم سورة النازعات ( ترتيبها في القرآن ، )79ويقسمها نولدكه على ثالثة أجزاء
اآليات(1ـ )14تمثل الجزء األول ،واآليات(15ـ )26تمثل الجزء الثاني ،أما
اآليات(27ـ )46فهي تمثل الجزء األخير ،وعّد نولدكه الجزء األخير أحدث قليًال
من الجزأين السابقين.
ثم سورة المرسالت (ترتيبها في القرآن ، )77وسورة النبأ ( ترتيبها في القرآن)78
وسورة الغاشية ( ترتيبها في القرآن ، )88ويعّبر عنها نولدكه بأنها نزلت في سنة
احتالل مكة ( السنة الثامنة بعد الهجرة) ،ثم سورة الفجر ( ترتيبها في القرآن)89
ويرى نولدكه ان بعض المفسرين يعّد وها خطأ مدنية ،ثم سورة القيامة (ترتيبها في
القرآن ، )75ويشير نولدكهإلى أن اآليات(16ـ )19ال عالقة لها بما يجاورها من
اآليات وبسائر السورة .
12ـ تغّير األسلوب الخطابي الذي تمّيزت به سور الفترة األولى الى
استعماألساليب خطاب جديدة ،حيث اختفت على سبيل المثال األقسام المعقدة التي تمّيز
الفترة القديمة شيئًا فشيئًا .
ويصّر حنولدكه ان ما أعاقُه في الفترة المكية األولى من فقدانها للتسلسل الزمني بسبب
انعدام المعلومات ،فان سور هذه الفترة تسمح بقدر اكبر من السهولة إلخفائها لشـيء من
الترتيب الزمني ،وال يصح هذا بالطبع إاّل بصورة عمومية ،أما الحيز الدقيق الذي
تحتله كل سورة إزاءاألخرى ،فيؤكد نولدكهبأنه ال يمكن تحديده قطعًا(. )1
تبدأ سور هذه الفترة بسورة القمر(ترتيبها في القرآن ، )54ثم سورة الصافات (ترتيبها
في القرآن ، )37ثم تلتها سورة نوح (ترتيبها في القرآن ، )71ويشير نولدكه فيها إلى ان
محمدًا‘ جعل نوح األب األول يثور على أصنام العرب ،وتظهر السور ـ حسب رأي
نولدكه ـ وكأنها قطعة مأخوذة من نص أطول(.)2
أما سورة اإلنسان(ترتيبها في القرآن )76فقد عدها نولدكه تدور حول اآلخرة والحساب ،
ويعللنولدكه انه بسبب روايةغير صحيحة ؛ يعلن بعضهم ان اآلية( )24مدنية ،ثم بعد
سورة اإلنسان ،سورة الدخان (ترتيبها في القرآن ، )44ويشير نولدكهإلى ان بعضهم
يعّد اآلية( )14مدنية ألن (العذاب ) يعني المجاعة الطويلة ،التي عاقب بها هللا أهل مكة
بعد هجرة النبي محمد‘ ،ويعد نولدكه ان اآلية ( )15إشارة الى وقعة بدر ،ثم سورة ق
(ترتيبها في القرآن ,)50وبعدها سورة طه (ترتيبها في القرآن ، )20ويشير نولدكهإلى
ان اآليات
( 14و16و )17األولى قد دفعت عمر الى اعتناق اإلسالم ،ثم سورة الشعراء (ترتيبها
في القرآن ، )26ويقول نولدكه :إّن سورة الشعراء «تبدأ بعنوان شكلي للتصديق على
طابع الوحي»(.)3
وبعدها سورة الحجر (ترتيبها في القرآن ، )15ويشير نولدكه ان اآليتين(89و، )94هما
آيتان غارقتان في القدم ؛ألنهما أول ما تم به حث النبي الى الدعوة(. )4
ثم سورة مريم(ترتيبها في القرآن ، )19ثم سورة ص (ترتيبها في القرآن ، )38ثم سورة
يس (ترتيبها في القرآن )36وفيها يشير نولدكه أن اآلية( )47من سورة يس فيها عالقة
بين الدعوة الى عمل الخير في هذه اآلية والزكاة ،التي فرضت على المسلمين بعد
1ظ :نولدكه ،تاريخ القرآن . 108 ،
)2(2ظ :م .ن .110 ،.
)1(3نولدكه ،تاريخ القرآن.112 ,
)2(4ظ :م .ن . 117 ، .
()89
............................ الفصل الثاني :تاريخ القران الكريم عند المستشرقين األلمان
الهجرة ،ويشير كذلك إلى ان بعض الكلمات ربما سقطت من بين اآليتين(24و
، )25التي يحكي فيها عن قتل الكفار للمؤمن الوحيد(.)1
ثم سورة الزخرف (ترتيبها في القرآن ، )43ثم سورة الجن(ترتيبها في القرآن،)72
ويرى نولدكه انه ال يمكن خلط معلومات تاريخية دقيقة حول سورة الجن ،ويؤكد بأن
النبي محمد‘ اعتقد بكل جدية أنه كان عليه أيضًا أن يبشر الجن(. )2
ثم سورة الملك (ترتيبها في القرآن )67ويشير نولدكه الى ان عّد ها مدنية خطأ ويرجع
ذلك بسبب مشابهتها في الطول للسور من الحديد الى التحريم التي نزلت في المدينة.
وتليها في الترتيب سورة آل عمران (ترتيبها في القرآن ، )3ويرى نولدكه انه ال
يمكن تحديد زمن نزول الجزء األول ،اآليات(1ـ )86من سورة آل عمران ،فإذا كانت
السورة كلها قد نزلت في وقت واحد فينبغي ان يكون بعد وقعة بدر ،ويعدنولدكه تحديد
السنة السادسة أو السابعة كحد زمني أدنى لتأليفها خطأ كبير،ثم سورة الصف(ترتيبها في
القرآن)61؛ويعلق نولدكه أن السور مدنية وهذا ما يظهر في اآلية(« )89فمحمد لم يكن
في وسعه قبل الهجرة ان يتكلم بحزم كهذا وبسهولة عن النصر النهائي للسالم على كل
األدياناألخرى»(. )2
وبعد سورة الصف ،رتب نولدكه سورة الحديد(ترتيبها في القرآن، )57ويرجح
نولدكه نزول السورة الى ما بين وقعة احد وحرب الخندق ،ثم سورةالنساء(ترتيبها في
القرآن )4؛ويشير نولدكه بأن الجزء األكبر منها ينتمي الى الفترة الواقعة بين نهاية السنة
الثالثة والسنة الخامسة ،
ثم سورة الطالق (ترتيبها في القرآن )65التي رتبها نولدكه بعد سورة النساء ،ويعلل ذلك
«بسبب التشابه في المضمون بين النساء والطالق»(. )3
ثم سورة الحشر(ترتيبها في القرآن ، )59ويعلق نولدكه ؛ بان السورة تتعلق
معظمها بإخضاع قبيلة النضير اليهودية وطردها في شهر ربيع األول من السنة الرابعة؛
ولهذا تسمى السورة ـ حسب قول نولدكه ـ سورة النضير،وبعدها سورة األحزاب
(ترتيبها في القرآن )33ثم سورة المنافقون (ترتيبها في القرآن ، )63التي يرد نولدكه
زمن نزولها الى فترة قصيرة بعد غزوة بني المصطلق* .
ثم سورة النور(ترتيبها في القرآن ، )24وبعدها سورة المجادلة(ترتيبها في القرآن
، )58ثم سورة الحج(ترتيبها في القرآن ، )22ويرىنولدكه أن «القسم األكبر من سورة
سورة هود كما يظهر من مفتتحها ومختتمها والسياق الذي تجري عليه آياتها بيان
غرض اآلياتالقرآنية (( فنذكر أنها على احتوائها معارف الدين المختلفة من أصول
المعارف اإللهية واإلحكام الشرعية الراجعة إلى كليات العبادات والمعامالت
والسياسات والواليات ثم وصف عامة الخليقة كالعرش واللوح والكرسي
والقلموالسماء واألرض...ووصف بدء الخليقة وما ستعود اليه من الفناء والرجوع الى
هللا سبحانه وتعالى)3())....؛وأما سورة النحل* ( ترتيبها في القرآن ( )16وفي الترتيب
الزمني لنولدكه ، )70قال تعالى ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﭼ(.)4قال تعالى ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
3
ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬ
المهم في حياة اإلنسان والحيوان والنبات ،والثناء على الصبر وضبط النفس فذلك أحسن
الجزاء وعن التأكيد بأن هللا تعالى ال يبعث رسوال للبشـر إال من البشر ،
وإالاستحاإليصال الرسالة
واستحال تلقيها؛فتلك السور الثالث هي سور مكية ،فهل يجد أي قارئ غلبة الخطابة
والمخيلة على الفكر كما وجد نولدكه ؟
المالحظة الثانية :
يقول نولدكه في معرض كالمه للسور المدنية «اعتمد محمد في هذه الفترة أكبر
قدر من السكينة ،معدال أسلوبه ليبطل ويعطل الشك في انه شاعر أو كاهن»(.)1
ثم يقدم نولدكهاألدلة القرآنية على صحة قوله وهي «اآلية /70المؤمنون»و( اآليتان 8
و /46سبأ) و ( اآلية /184األعراف) .
نرى أن نولدكه يريد أن يصل الى أمر هو :ان القرآن الكريم قد ألفه شخص
اعتيادي ،كان يغّير أسلوبه مع تغّير المناسبات والظروف الطارئة .
وقبل الرد على ذلك ،يعرض البحث اآليات المباركة ،التي استشهد بها
المستشـرق نولدكه :
1ـ قال تعالى ﭽ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﭼ(.)2
ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭼ(.)3 2ـ قال تعالىﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فان كان ثمة تغيير في صيغة الجدال ؛ فان هللا أعلم وأعرف بطبيعة الظروف،
ويعلم سبحانه بالمقابل صيغة الخطاب التي تناسبها ألنه سبحانه وتعالى هو من كلف
محمد‘ بنشـر الدعوة وهو بشر من بين البشر ،وألن الدعوة استمرت منجمة ربع قرن
تقريبًا ؛ فكانت صيغ الخطاب تتغير شدًة ولينًا تبعًا لتطور العقل البشري المتلقي وتدرجه
في قبول الدعوة الموجهة إليه،وقد أكد القرآن الكريم أكثر من مرة على أن الرسالة
اإللهية ال توجه الى البشر إال عن طريق رسول بشـري ؛ قال تعالى :ﭽ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ(،)6وقال تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘ ﭙﭼ(. )7وهناك امر مهم هو اناليات التي استشهد بها نولدكهتل جميعا على رفع كونه
شاعر او كاهن ؛وهذا يدل على ان نولدكه لم يفهم مضمون هذه اآليات ابتداًء فكيف يحق
له الطعن تباعًا؟!
المالحظة الثالثة :يقول نولدكه « :ويقل حجم اآليات المدنية وهي تحتوي في
الغالب على تشـريعات قصيرة ومخاطبات وأوامر وما شابه ،في األصل عن حجم معظم
اآليات المكية المتأخرة التي تتألف من خطابات مسهبة»(. )8
مجموعاته الست لتكون تعديال للمبادئ التي وضعها نولدكه في ترتيب سور القرآن
الكريم (. )1
وهناك توافق تام بين تصنيف نولدكه وبين هيرشفلد في تحديد السور المدنية
باستثناء سورة واحدة هي سورة البّينة(ترتيبها في القرآن )98؛أما المجموعات الثالث
األولى( اإلعالن األول ـ السور التو كيدية ـ السور الواعظة) ،فكانت متشابهة تماما
لسور الفترة المكية األولى بالنسبة لنولدكه باستثناء [:سورة الذاريات ( ، )51وسورة
الفاتحة ( ، )1وسورة الرحمن ( ، )55وسورة الفلق( ، )113وسورة الناس(، ] )114
وجدت في الفترةالمكية األولى عند نولدكه ،يضاف إليها [سورة الشعراء( ، )26سورة
اإلنسان( ، )76سورة الجن ( ])72في الفترة المكية الثانية ،وسورة البينة ( )98من
السور المدنية عند نولدكه،أما المجموعات الثالث األخيرة ( السور القصصية ـ السور
الوصفية ـ السور التشريعية)فهي مع االستثناءات (التي ذكرت سابقا) موزعة بين
)(2
الفترتين المكيتين الثانية والثالثة حسب ترتيب نولدكه الزمني لسور القران الكريم
لم يراعوا عنصر الزمن فيما يتصل باآليات األخرى من السورة ذاتها ؛ فقد نجد أن اآلية
من السورة نزلت في زمن محدد أو حادثة معينة ،واآليات المجاورة نزلت في أوقات
الحقة .ومن المؤكد إن أي باحث آخر سيالقي ما القاه المستشـرق نولدكه من الصعوبة ،
بل نجزم أنه من غير الممكن تحديد زمن معين لنزول جميع اآليات والسور القرآنية
بشكل دقيق أو قطعي ..وهذه المحاوالت تؤدي إلى تفكيك النص القرآني وتشتيت الفكرة
باالنتقاالت المتعددة ما بين مواضع منفصلة من السور القرآنية ؛فالقرآن الكريم معجز
بترتيبه التوقيفي من عند هللا تعالى ،بتجانس آية في السور ،وتجانس سورة بعضها مع
بعضها اآلخر ،وهذا ما ليس بمقدور أي إنسان أن يغيره أو يعيد ترتيبه .