You are on page 1of 68

‫أوًال‪( :‬النحـو)‬

‫(انقسام الكلمة إلى اسم وفعل وحرف)‪:‬‬


‫قبل التعُّر ف على أقسام الكلمة البَّد من التعُّر ف على حقيقتها‪.‬‬
‫(الكلمة) هي‪ :‬اللفظ المفرد الموضوع لمعنى‪ ،‬سواء أكان هذا‬
‫اللفظ اسمًا أم فعًال أم حرفًا‪ ،‬فاالسم نحو‪« :‬خالد» و«سعيد»‪،‬‬
‫والفعل نحو‪( :‬نصَر ويكتُب و اْس جْد)‪ ،‬والحرف نحو‪( :‬مْن و إلى)‪.‬‬
‫أقسام الكلمة‪:‬‬
‫تنقسم الكلمة ثالثة أقسام‪ :‬اسم‪ ،‬وفعل‪ ،‬وحرف‪.‬‬
‫فاالسم هو‪:‬‬
‫كل كلمة دَّلت على ذات أو على معنى‪ ،‬وليس الزمان جزءًا من‬
‫داللتها‪.‬‬
‫أما (الذات) فتطلق على كل ما له جسم ويشغل حيزًا من الفراغ‪،‬‬
‫ويمكن إدراكه بإحدى الحواس الخمس‪ :‬السمع أو البصر أو الشّم‬
‫أو الذوق أو اللمس‪.‬‬
‫و الذوات أربعة‪ :‬ذات إنسان‪ ،‬و ذات حيوان‪ ،‬و ذات نبات‪ ،‬و ذات‬
‫جماد‪.‬‬
‫أما ذات اإلنسان فنحو‪« :‬محمد» و «خالد» و«صالح»‪،‬‬
‫و«فاطمة»‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬محمد رسول هللا)‪ ،‬وقوله‪( :‬يا نوح اهبط‬
‫بسالم)‪ ،‬وقوله‪( :‬يا مريم اقنتى لربك)‪.‬‬
‫فـ«محمد» و«نوح» و«مريم» كلها أسماء؛ ألنها دَّلت على ذات‬
‫إنسان‪.‬‬
‫وأما ذات الحيوان فنحو‪« :‬أسد» و«فيل» و«جمل»‪ .‬ومنه قوله‬
‫تعالى‪( :‬قالت نملة)‪ ،‬وقوله‪( :‬فالتقمه الحوت)‪ ،‬وقوله‪( :‬مالي ال‬
‫أرى الهدهد)‪.‬‬
‫فـ«نملة»‪ ،‬و«الحوت»‪ ،‬و«الهدهد» كلها أسماء؛ ألنها دَّلت‬
‫على ذات حيوان‪.‬‬
‫و أما ذات النبات فنحو‪« :‬تفاح» و«تمر» و«ليمون»‪ .‬ومنه قوله‬
‫تعالى‪ ( :‬والتين‬
‫والزيتون)‪ ،‬وقوله‪( :‬والنخل والزرع مختلفًا أكله والزيتون‬
‫والرمان)‪.‬‬
‫فـ«التين»‪ ،‬و«الزيتون»‪ ،‬و«النحخل»‪ ،‬و«الزرع»‪ ،‬و«الرمان»‬
‫كلها أسماء؛ ألنها دَّلت على ذات نبات‪.‬‬
‫وأما ذات الجماد فنحو‪« :‬منضدة» و«باب» و«مصباح»‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬أما السفينة فكانت لمساكين)‪ ،‬وقوله‪( :‬وأما‬
‫الجدار فكان لغالمين يتيمين)‪ ،‬وقوله‪( :‬وأنزلنا الحديد فيه بأس‬
‫شديد) ‪.‬‬
‫فـ«السفينة»‪ ،‬و«الجدار»‪ ،‬و«الحديد» كلها أسماء؛ ألنها دَّلت‬
‫على ذات جماد‪.‬‬
‫وأما المعنى فهو‪ :‬كل ما ال يمكن إدراكه بإحدى الحواس الخمس‪،‬‬
‫ولكنه يدرك بإعمال العقل‪ ،‬وقْدح الذهن‪ ،‬نحو‪« :‬الخشوع»‪،‬‬
‫و«اإلخالص»‪ ،‬و«العدل»‪ ،‬يقال‪( :‬الخشوع روح الصالة)‪،‬‬
‫و(العدل أساس الملك)‪.‬‬
‫( ‪ )2‬عالمات االسم‬
‫لالسم عالمات خمس يتميز بها عن الفعل والحرف‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬الجر‪ :‬وهو يشمل ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -‬الجر بحرف الجر‪ ،‬نحو‪( :‬صليت في المسجد)‪ ،‬و(خرجت من‬
‫المنزل)‪ ،‬فـ(المسجد) و(المنزل) اسمان؛ ألنهما مجروران بحرف‬
‫جر‪ ،‬هو‪( :‬في)‪ ،‬و(من)‪.‬‬
‫‪ -‬و الجر باإلضافة‪ ،‬نحو‪( :‬دخلت مكتبة الكلية)‪ ،‬و (أعجبني‬
‫عنواُن القصة)‪ ،‬فـ(الكلية)‪ ،‬و(القصة) اسمان؛ ألنهما مجروران‬
‫بإضافة ما قبلهما إليهما‪.‬‬
‫‪ -‬والجر بالتبعَّية‪ ،‬نحو‪( :‬جلسُت في مكاٍن فسيٍح )‪ ،‬فـ(فسيح)‬
‫اسم؛ ألنه‬
‫صفة مجرورة بسبب تبعيتها للموصوف‪ -‬وهو (مكان)‪ -‬في‬
‫إعرابه‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬التنوين‪ :‬وهو ُنوٌن ساكنٌة زائدة تلحق آِخ َر االسم لفظًا‬
‫وتفارقُه َخ طًا ووقفًا‪.‬‬
‫وترسم ضمتان في حالة الرفع‪ ،‬نحو‪( :‬سورٌة أنزلناها)‪،‬‬
‫وكسرتان في حالة الجر‪ ،‬نحو‪( :‬في ليلٍة مباركٍة)‪ ،‬و فتحتان على‬
‫ألف في حالة النصب‪ ،‬نحو‪( :‬كتابًا متشابهًا)‪ ،‬فهذه الكلمات كلها‬
‫أسماء؛ بدليل وجود التنوين في آخِر كِّل منها ‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬النداء‪ :‬وهو طلب اإلقبال بـ(يا) أو إحدى أخواتها‪ ،‬نحو‪( :‬يا‬
‫نوحُ )‪ ،‬و(يا شعيُب )‪ ،‬و( يا محمُد)‪ ،‬فالكلمات السابقة كلها أسماء؛‬
‫ألنها سبقت بـ(يا) التي للنداء‪ ،‬وال ينادى إال االسم‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬قبوله االقتران بـ(أْل )‪ :‬نحو‪( :‬الرجل)‪ ،‬و(الفرس)‪،‬‬
‫و(الكتاب)‪ ،‬و(البيت)‪ ،‬فهذه الكلمات كلها أسماء؛ لدخول (أل) في‬
‫أَّو له‪.‬‬
‫خامسها‪ :‬اإلسناد إليه‪ :‬وهو أْن تنسب إلى االسم حكمًا تحصل به‬
‫الفائدة‪ ،‬وبيان ذلك أن الجملة نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬جملة فعلية‪ ،‬تتكَّو ن من فعل وفاعل‪ ،‬وفيها يسند الفعل إلى‬
‫الفاعل‪ ،‬تقول‪( :‬نجح محمٌد) فـ(محمٌد) اسم؛ بدليل اإلسناد إليه؛ ألن‬
‫النجاح أسند إليه‪ ،‬فالفاعل (محمد) مسنٌد إليه‪ ،‬ومحكوٌم عليه‪،‬‬
‫والفعل (نجح) مسنٌد وحكم‪.‬‬
‫‪ -‬جملة اسمية‪ ،‬تتكَّو ن من مبتدأ وخبر‪ ،‬وفيها يسند الخبر إلى‬
‫المبتدأ‪ ،‬تقول‪( :‬خالٌد مسافٌر )‪ ،‬فـ(خالٌد) اسم؛ بدليل اإلسناد إليه؛‬
‫ألَّن السفر أسند إليه‪ ،‬فالمبتدأ (خالد) مسند إليه‪ ،‬ومحكوم عليه‪،‬‬
‫والخبر (مسافر) مسند وحكم‪.‬‬
‫(‪ )3‬انقسام االسم إلى‪( :‬معرب ومبني)‬
‫اإلعراب لغة‪ :‬اإلظهار واإلبانة‪ .‬و اصطالحًا‪ :‬تغُّير حركات أواخر‬
‫الكلمات‬
‫العربية بسبب اختالف العوامل الداخلة عليها‪.‬‬
‫والمعرب هو‪ :‬ما تغيرت حركة آخره بسبب تغير العوامل الداخلة‬
‫عليه‪ ،‬وذلك نحو كلمة (محمد) في األمثلة التالية‪.‬‬
‫تقول‪( :‬حضر محمٌد) برفع آخره؛ ألنه فاعل‪ ،‬وعامل الرفع هو‬
‫الفعل (حضر)‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬رأيت محمدًا) بنصب آخره‪ ،‬فتغيرت حركته إلى‬
‫النصب؛ لتغير العامل بعامل آخر يقتضي النصَب ‪ ،‬وهو (رأيت)؛‬
‫لتعديه إلى فاعل‪ ،‬و(محمد) صار مفعوًال به لهذا الفعل‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬سلمُت على محمٍد )بكسر آخره‪ ،‬فتغيرت حركته إلى‬
‫الجر؛ لتغير العامل بعامل آخر يقتضي الجر‪ ،‬وهو حرف الجر‬
‫(الباء)‪.‬‬
‫وإذا تَأَّم ْلَت في هذه األمثلة ظهر لك أن آِخ َر الكلمة ـ وهو الدال‬
‫من (محمد) ـ تغيرت حركته تبعًا لتغير العوامل الداخلة عليه؛ فجاء‬
‫مرفوعًا في المثال األَّو ل‪ ،‬ومنصوبًا في المثال الثاني‪ ،‬ومجرورًا‬
‫في المثال الثالث ‪.‬‬
‫وهذا التغير من حالة الرفع إلى النصب إلى الجِّر هو اإلعراب ‪،‬‬
‫وهذه الحركات الثالث ـ الرفع‪ ،‬والنصب‪ ،‬والجر ـ هي عالماُت‬
‫وَأَم اَر اُت اإلعراب ‪.‬‬
‫وأما البناء فهو لغة‪ :‬الثبوت واللزوم‪ .‬واصطالحًا‪ :‬لزوم آخر‬
‫الكلمة حركة واحدة ال تتغير عنها مهما تغيرت العوامل الداخلة‬
‫عليه‪ ،‬نحو كلمة (هؤالِء )‪.‬‬
‫تقول‪( :‬حضر هؤالِء )‪ ،‬و(رأيت هؤالِء )‪ ،‬و(مررُت بهؤالِء )‪.‬‬
‫فكلمة (هؤالِء ) في األمثلة السابقة لم يتغير آخرها ـ كما ترى ـ؛‬
‫فقد بقي آخرها‬
‫ـ وهو حرف الهمزة ـ مبنيًا على الكسر في جميع األمثلة‪ ،‬مع‬
‫أَّن العوامل نفسها التي دخلت على كلمة (محمد) وغّيرت آخره‬
‫دخلت على كلمة (هؤالء)‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فإنها لم تغير حركة آخره‪.‬‬
‫فكلمة (هؤالِء ) جاءت مالزمة للبناء على الكسر في األمثلة‬
‫الثالثة‪ ،‬مع تغير العوامل الداخلة عليها فيها‪ ،‬فوقعت في محل رفع‬
‫فاعل في المثال األول‪ ،‬و في محل نصب مفعول به في المثال‬
‫الثاني‪ ،‬وفي محل خفض في المثال األخير‪.‬‬
‫لالســـــــــــــــــم المبـــــــــــــــــني أربعـــــــــــــــــة أقســـــــــــــــــام ‪:‬‬

‫‪ -1‬مبني على الكسر‪ ،‬نحو‪( :‬هؤالِء )‪ ،‬وتقَّدم الحديث عنها‪.‬‬


‫‪ -2‬مبني على الفتح‪ ،‬نحو‪ :‬األعداد المركبة من (أحد عشر) إلى‬
‫(تسعة عشر)‪ ،‬عدا‪( :‬اثني عشر)‪.‬‬
‫تقول‪( :‬جاء أحد عشر طالبًا) فـ(أحد عشر)‪ :‬مبني على فتح‬
‫الجزءين في محل رفع فاعل‪ .‬و تقول‪( :‬قرأت تسع عشرة ورقة)‬
‫فـ(تسع عشرة)‪ :‬مبني على فتح الجزءين في محل نصب مفعول‬
‫به‪ .‬و تقول‪ ( :‬اعتمدت على ثالثة عشر دليًال )‪ ،‬فـ(ثالثة عشر)‪:‬‬
‫مبني على فتح الجزءين في محل جر بـ(على)‪.‬‬
‫أما العددان (اثنا عشر واثنتا عشرة) فإن الجزء األول من العــدد‬
‫يعرب إعراب المثنى‪ ،‬فيرفع باأللف‪ ،‬وينصب ويجر بالياء‪ ،‬والثــاني‬
‫ال محـــــــــــــــــــــــل لـــــــــــــــــــــــه من اإلعـــــــــــــــــــــــراب‪.‬‬
‫تقول‪( :‬جاء اثنا عشر رجًال)‪ ،‬فـ(اثنا) فاعل مرفوع باأللف؛ ألنه‬
‫ملحق بالمثنى‪ ،‬و(عشر)‪ :‬مبني على الفتح ال محل له من اإلعراب‪.‬‬
‫و تقول‪( :‬قرأت اثنتي عشرة ورقة)‪ ،‬فـ(اثنتي)‪ :‬مفعول به‬
‫منصوب بالياء؛ ألنه ملحق بالمثنى‪ ،‬و(عشر)‪ :‬مبني على الفتح ال‬
‫محل له من اإلعراب‪.‬‬
‫و(سلمت على اثني عشر رجًال) فـ(اثني)‪ :‬اسم مجرور بالياء ؛‬
‫ألنه ملحق‬
‫بالمثنى‪ ،‬و(عشر)‪ :‬مبني على الفتح ال محل له من اإلعراب‪.‬‬
‫‪ -3‬مبني على الضم‪ :‬نحو‪( :‬قبُل )‪( ،‬بعُد)‪ .‬ومنه قوله تعالى‪ ( :‬هلل‬
‫األمر من قبُل ومن بعُد )‪ ،‬فكالهما ظرف مبني على الضم؛ ألن‬
‫المضاف إليه محذوف‪ ،‬ومقدر معناه دون لفظه‪ ،‬والتقدير‪ :‬من قبل‬
‫ذلك ومن بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬مبني على السكون‪ :‬وهو األصل في البناء‪.‬‬
‫ومن أمثلته‪َ( :‬م ْن )‪ ،‬وهو مالزم للبناء على السكون في الحاالت‬
‫الثالث‪.‬‬
‫تقول‪( :‬جاءني مْن قام)‪ ،‬فـ(مْن ) مبنى على السكون في محل‬
‫رفع فاعل‪.‬‬
‫و(رأيت مْن قام)‪ ،‬فـ(مْن ) مبنى على السكون في محل نصب‬
‫مفعول‪.‬‬
‫و(مررت بمْن قام)‪ ،‬فـ(مْن ) مبنى على السكون في محل جر‬
‫بالباء‪.‬‬
‫ومثل(كْم ) االستفهامية؛ فهي مالزمة للبناء على السكون دائمًا‪.‬‬
‫تقول‪( :‬كْم ماُلك؟) فـ(كْم ) مبنى على السكون في محل رفع خبر‬
‫مقدم‪.‬‬
‫و(كْم عبًد ا ملكَت ؟) فـ(كْم ) مبنى على السكون في محل نصب‬
‫مفعول مقدم‪.‬‬
‫و(بكْم درهٍم اشتريَت ؟) فـ(كْم ) مبنى على السكون في محل جّر‬
‫بالباء‪ ،‬وهي مالزمة للسكون في األحوال الثالثة‪.‬‬
‫(واألصل في األسماء أن تكون معربة‪ ،‬وال ُتبنى إال إذا شابهت الحرف)‬
‫ومن األسماء المبنية ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬الضمائر‪ ،‬نحو‪ :‬أنا‪ ،‬أنت‪ ،‬نحن‪ ،‬هو‪ ،‬هي‪ ،‬إياك‪ ،‬إياكم‪.‬‬
‫‪ -‬أسماء اإلشارة‪ ،‬نحو‪ :‬هذا‪ ،‬هذه‪ ،‬هؤالء‪.‬‬
‫‪ -‬األسماء الموصولة‪ ،‬نحو‪ :‬الذي‪ ،‬التي‪ ،‬الذين‪ ،‬الالتي‪ ،‬الالئي‪.‬‬
‫‪ -‬أسماء االستفهام‪ ،‬نحو ‪ :‬مْن ‪ ،‬متى‪ ،‬كيف‪ ،‬كم‪ ،‬أين؟‬
‫‪ -‬أسماء الشرط‪ ،‬نحو ‪ :‬متى تحضر أحضر‪ ،‬من يذاكر ينجح‪.‬‬
‫‪ -‬األعداد المركبة‪ :‬من (أحد عشر) إلى (تسعة عشر) عدا (اثني‬
‫عشر)‪.‬‬
‫‪ -‬بعض الظروف‪ ،‬نحو ‪ :‬إذا‪ ،‬حين‪ ،‬بين‪.‬‬
‫(‪ )6‬الفعل‪ :‬أقسامه وعالماته‬
‫وأما الفعل فهو‪ :‬كل كلمة دَّلت على حدث مقترن بزمان‪ ،‬و أقسامه‬
‫ثالثة ‪ :‬الماضي والمضارع واألمر‪.‬‬
‫فالفعل الماضي هو‪ :‬ما دَّل على حدث مضى وانتهى قبل زمن‬
‫التكلم‪ ،‬نحو‪« :‬كتب»‪ ،‬و«قرأ»‪ ،‬و«سمع»‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬قد أفلح المؤمنون)‪ ،‬وقوله تعالى‪(:‬فرح‬
‫المخلفون)‪ ،‬وقوله (صلى هللا عليه وسلم)‪«:‬دخلت امرأة النار في‬
‫هرة حبستها)‪.‬‬
‫فاألفعال‪«:‬أفلح»‪ ،‬و«فرح»‪ ،‬و«دخل»‪،‬و«حبس» كلها أفعال‬
‫ماضية؛ ألنها دَّلت على حصول أحداث في زمان انتهى قبل زمن‬
‫التكلم‪.‬‬
‫و الفعل المضارع هو‪ :‬ما دَّل على حصول حدث أثناء زمن التكلم‪ ،‬ويمكن‬
‫استمرار حصوله في الزمن المستقبل‪ ،‬نحو‪«:‬يكتب»‪ ،‬و«يقرأ»‪،‬‬
‫و«يصلى»‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬وهللا يسمُع تحاوركما)‪ ،‬وقوله تعالى‪( :‬وهللا‬
‫يقضى بالحق)‪ ،‬وقوله تعالى‪( :‬والمالئكة يسِّبحون بحمد ربهم‬
‫ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا)‪.‬‬
‫فاألفعال‪( :‬يسمع‪ ،‬ويقضي‪ ،‬ويسبح‪ ،‬ويؤمن ويستغفر) كلها‬
‫أفعال مضارعة؛ ألنها دَّلت على حصول أحداث في زمان التكلم‬
‫المتصل بزمن المستقبل‪.‬‬
‫و فعل األمر هو ‪ :‬ما دَّل على طلب حصول حدث‪ ،‬وال يكون حصوله‬
‫إال في‬
‫الزمن المستقبل‪ ،‬أي‪ :‬بعد انتهاء المتكلم من طلب حصول الفعل‪،‬‬
‫نحو‪« :‬اجتهْد»‪ ،‬و«اذهْب »‪ ،‬و«استقْم »‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬اقرأ باْس م ربك)‪ ،‬وقوله‪( :‬فسِّبح بحمد ربك‬
‫واستغفره)‪.‬‬
‫فاألفعال‪«:‬اقرأ»‪ ،‬و«سبح»‪،‬و«استغفر» كلها أفعال أمر؛ ألنها‬
‫دَّلت على طلب حصول أحداث ال يتحَّقق حصولها إال بعد انتهاء‬
‫المتكلم من طلبه‪ ،‬أي‪ :‬مستقبًال‪.‬‬
‫(عالمات الفعل)‬
‫(أو ًال ‪ :‬عالمات الفعل الماضي وحكمه)‬
‫للفعل الماضي عالمتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬تاء التأنيث الساكنة‪ ،‬و تلحق آخر الفعل الماضي‪ ،‬والغرض‬
‫منها الداللة على أَّن الفعُل المتصل بها يكون فاعله مؤَّنثًا‪ ،‬نحو‬
‫قوله تعالى‪( :‬قالْت نملة)‪ ،‬و(فصَّك ْت وجهها)‪ ،‬و (إذا وقعت‬
‫الواقعة)‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬تاء الفاعل المتحركة‪ ،‬وتلحق آخر الفعل الماضي‪ ،‬ولها صور‬
‫ثالث‪:‬‬
‫‪ -1‬تكون مضمومة في حال التكُّلم‪ ،‬نحو‪( :‬ركْع ُت )‪ ،‬و(سجْدُت )‪،‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬ثم إني أعلْنُت لهم وأسرْر ُت لهم إسرارا)‪.‬‬
‫‪ -2‬تكون مفتوحة في حال الخطاب‪ ،‬نحو‪( :‬ذهْبَت )‪ ،‬و (قرْأَت )‪،‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪:‬‬
‫(أْس تْك بْر َت أم كْنَت من العالين)‪.‬‬
‫‪ -3‬تكون مكسورة في حال المخاطبة‪ ،‬نحو‪( :‬كتْبِت)‪،‬‬
‫و(اجتهْد ِت)‪.‬‬
‫(حكمه)‪:‬‬
‫األصل في األفعال أن تكون مبنية‪ ،‬و يبنى الفعل الماضي في‬
‫حاالت ثالث‪:‬‬
‫األولى‪ :‬يبنى على الفتح‪ ،‬وهو األصل فيه‪:‬‬
‫‪ -‬وذلك إذا لم يتصل به شيء‪ ،‬نحو ‪( :‬قد أفلح المؤمنون)‪ ،‬و‬
‫نحو ‪( :‬فرح المخلفون)‪ ،‬و نحو‪( :‬خلق اإلنسان من علق)‪،‬‬
‫فاألفعال (أفلَح )‪ ،‬و(فرَح ) و(خلَق ) مبنية على الفتح؛ لعدم اتصالها‬
‫بشىء‪.‬‬
‫‪ -‬أو اتصلت به تاء التأنيث‪ ،‬نحو‪( :‬قاَلت نملة)‪ ،‬ونحو‪( :‬إذا‬
‫وقَعت الواقعة)‪ ،‬فالفعالن (قاَل )‪ ،‬و(وقَع ) مبنيان على الفتح؛‬
‫التصالهما بتاء التأنيث‪.‬‬
‫‪ -‬أو اتصلت به ألف االثنين‪ ،‬نحو‪( :‬الطالبان حفَظا القصيدة‪،‬‬
‫وأجاَبا السؤال)‪ ،‬فالفعالن (حفَظ)‪ ،‬و(أجاَب ) مبنيان على الفتح؛‬
‫التصالهما بألف االثنين‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬يبنى على الضم‪:‬‬
‫وذلك إذا اتصلت به واو الجماعة‪ ،‬نحو‪( :‬وإذا سمُعوا اللغو‬
‫أعرُض وا عنه)‪ ،‬فالفعالن (سمع)‪ ،‬و(أعرض) مبنيان على الضم؛‬
‫التصالهما بواو الجماعة‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬يبنى على السكون‪:‬‬
‫إذا اتصل به ضمير من ضمائر الرفع المتحركة‪ ،‬وهي‪ :‬تاء‬
‫الفاعل‪ ،‬و نون النسوة و(نا) الدالة على الفاعلين‪.‬‬
‫فمثال اتصاله بـ(تاء الفاعل) قوله‪( :‬ثم إني أعلْنُت لهم)‪ ،‬و( ما‬
‫قلُت لهم)‪ ،‬فالفعالن (أعلن)‪ ،‬و(قال) مبنيان على السكون؛‬
‫التصالهما بتاء الفاعل‪.‬‬
‫ومثال اتصاله بـ(نون النسوة) قوله‪( :‬وقَّطْع ن أيديهن وقْلن)‪،‬‬
‫فالفعالن (قَّطع)‪،‬‬
‫و (قال) مبنيان على السكون؛ التصالهما بنون النسوة‪.‬‬
‫ومثال اتصاله بـ(نا) الدالة على الفاعلين قوله‪( :‬سمْع نا وأطْع نا)‪.‬‬
‫(سمع)‪ ،‬و (أطاع) مبنيان على السكون؛‬ ‫فالفعالن‬
‫التصالهما بـ(نا) الدالة على الفاعلين‪.‬‬
‫و الخالصة‪ :‬أن الفعل الماضي يبنى في ثالث حاالت‪:‬‬
‫‪ -‬فيبنى على الفتح إذا لم يتصل به شىء‪ ،‬أو اتصلت به تاء‬
‫التأنيث‪ ،‬أو اتصل به‬
‫ألف االثنين‪.‬‬
‫‪ -‬ويبنى على الضم إذا اتصلت به واو الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬ويبنى على السكون إذا اتصلت به تاء الفاعل‪ ،‬أو نون النسوة‪،‬‬
‫أو (نا) الدالة على الفاعلين‪.‬‬
‫(ثاني ًا ‪ :‬عالمة فعل األمر وحكمه)‬

‫لفعل األمر عالمة مركبة من َم ْج ُم وع َش ْيَئْيِن ‪ ،‬هما‪ :‬دالَلته على‬


‫الّطلب بلفظه‪ ،‬وقبوله االتصال بـ(َياء) المخاطبة‪.‬‬
‫َو َذ ِلَك َنْح و‪ُ( :‬قم) و(اقعد) و(اذهب)؛ َفِإَّنها أفعال أمر؛ لَد اللتها‬
‫على الطلب بلفظها‪َ ،‬و لقبولها َياء المخاطبة‪ ،‬يقال لْلَم ْر َأة‪( :‬قوِم ي)‪،‬‬
‫و(اقعدي)‪ ،‬و(اذهبي)‪.‬‬
‫َقاَل َتَعاَلى‪( :‬فكلي واشربي وقري عينًا) فاألفعال الثالثة أفعال‬
‫أمر؛ لتحقق العالمتان فيها؛ فقد دلت بلفظها على طلب األكل‬
‫والشرب وقِّر العين ‪ ،‬وقبلت االقتران بـ(ياء) المخاطبة‪.‬‬
‫حكم فعل اَألمر‪ :‬اَألْص ل في األفعال أن تكون مبنيًة‪ ،‬و يبنى فعل‬
‫األمر في حاالت ثالث‪:‬‬
‫األولى‪ :‬يبنى على الُّس ُك ون‪:‬‬
‫إذا لم يتصل به شىء‪ ،‬نحو‪( :‬اضرْب بعصاك البحر)‪ ،‬و (اذهْب‬
‫بكتابي هذا)‪ ،‬و(اقرْأ باسم ربك)‪ ،‬فهذه األفعال الثالثة كلها أفعال‬
‫أمر‪ ،‬وهي مبنية على السكون؛ لعدم اتصالها بشىء‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬يبنى على حذف آِخ ره‪:‬‬

‫ِإذا َك اَن آخره حرف علة‪ ،‬وحروف العلة ثالثة‪ :‬األلف المفتوح‬
‫ما قبلها‪ ،‬والواو المضموم ما قبلها‪ ،‬والياء المكسور ما قبلها‪.‬‬
‫فمثال ما آخره ألف قولك‪( :‬اسَع في طلب الرزق) فالفعل (اسَع )‬
‫فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (األلف)؛ ألن أصله‪( :‬اسعى)‬
‫بألف لينة‪.‬‬
‫ومثال ما آخره واو قوله تعالى‪( :‬ادُع إلى سبيل ربك) فالفعل‬
‫(ادُع) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الواو)؛ ألن أصله‪:‬‬
‫(ادعو)‪.‬‬
‫ومثال ما آخره ياء قوله تعالى‪( :‬فاقِض ما أنت قاض) فالفعل‬
‫(اقض) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الياء)؛ ألن أصله‪:‬‬
‫(اقضي)‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬يبنى على حذف الُّنون‪:‬‬
‫َو َذ ِلَك ِإذا اتصل بَألف االْثَنْيِن ‪َ ،‬نْح و‪( :‬قُوَم ا) ومنه قوله تعالى‪:‬‬
‫(اذهَبا إلى فرعون إنه طغى) فالفعالن السابقان كل منهما فعل أمر‬
‫مبني على حذف النون؛ التصاله بألف االثنين وأصلهما‪( :‬قومان)‪،‬‬
‫و (اذهبان)‪.‬‬
‫َأو اتصل به َو او الجماعة‪َ ،‬نْح و‪ :‬قوله تعالى‪ ( :‬اركعوا واسجدوا‬
‫واعبدوا ربكم وافعلوا الخير)‬
‫فاألفعال األربعة السابقة كلها أفعال أمر وهي مبنية على حذف‬
‫النون؛ التصالها بواو الجماعة‪ ،‬وأصلها‪ :‬اركعون‪ ،‬واسجدون‪،‬‬
‫واعبدون‪ ،‬وافعلون‪.‬‬
‫َأو اتصل به ياء المخاطبة‪َ ،‬نْح و‪ :‬قوله تعالى‪ ( :‬يا مريم اقنتي‬
‫لربك واسجدي واركعي مع الراكعين)‪.‬‬
‫فاألفعال الثالثة السابقة كلها أفعال أمر‪ ،‬وهي مبنية على حذف‬
‫النون؛‬
‫التصالها بياء المخاطبة‪ ،‬وأصلها‪ :‬اقنتين‪ ،‬واسجدين‪ ،‬واركعين‪.‬‬
‫و الخالصة أن فعل األمر يبنى في ثالث حاالت‪:‬‬
‫‪ -‬فيبنى على السكون إذا لم يتصل به شىء‪.‬‬
‫‪ -‬ويبنى على حذف حرف العلة إذا كان آخره حرفًا من حروف‬
‫العلة‪.‬‬
‫ويبنى على حذف النون إذا اتصل به ألف االثنين‪ ،‬أو (واو)‬ ‫‪-‬‬

‫الجماعة‪ ،‬أو (ياء) المخاطبة‪.‬‬


‫(ثالثـــــــــــًا‪ :‬عالمـــــــــــة الفعـــــــــــل المضـــــــــــارع وحكمـــــــــــه)‬
‫عالمة الفعل المضارع‪ :‬صالحيته لدخول (لم) الجازمة َع َلْيِه‪ ،‬وذلك‬
‫َنْح و قوله تعالى‪( :‬لم يلد َو لم ُيولد َو لم يكن َلُه كفوًا أحد)‪ ،‬فاألفعال‬
‫الثالثة كلها أفعال مضارعة؛ لصالحيتها لدخول (لم) عليها‪.‬‬
‫والغالب َأن يكون ِفي َأوله حرف من ُح ُر وف المضارعة‬
‫األربعة‪ ،‬وهي‪ :‬الهمزة الدالة على المتكلم‪ ،‬نحو‪( :‬أقوم)‪ ،‬أو الُّنون‬
‫الدالة على جماعة المتكلمين‪ ،‬نحو‪( :‬نقوم)‪ ،‬أو اْلَياء الدالة على‬
‫المذكر الغائب‪ ،‬نحو‪( :‬يقوم)‪ ،‬أو الَّتاء الدالة على المؤنثة الغائبة‪،‬‬
‫َنْح و‪( :‬تقوم)‪.‬‬
‫حكم الفعل المضارع ‪ :‬المضارع لُه حكمان‪ :‬حكم ِباْع ِتَبار َأوله‪،‬‬
‫َو حكم ِباْع ِتَبار آِخ ره‪:‬‬
‫َفَأما حكمه ِباْع ِتَبار َأوله َفِإَّنُه ُيضم َتاَر ة َو ُيفتح ُأْخ َر ى‪:‬‬
‫فيضم‪ِ :‬إن َكاَن ْ َماِض يه على أربعة أحرف‪َ ،‬نْح و‪( :‬دحرج ُيدحرج)‪ ،‬و(أكرم‬
‫ُيكرم)‪ ،‬و(عَّظم ُيعِّظم)‪ ،‬و(قاتل ُيقاتل)‪ ،‬و(زلزل ُيزلزل)‪.‬‬
‫َو يفتح ِإن لم يكنْ َماِض يه على َأربعة أحرف‪:‬‬
‫بأْن كان ثالثيًا‪َ ،‬نْح و‪( :‬ضرب َيْض رب) َو (ذهب َيذهب)‪َ ،‬و (دخل‬
‫َيْدخل)‪.‬‬
‫أو خماسيًا‪َ ،‬نْح و‪( :‬اْنطلق َيْنَطلق)‪ ،‬و(اْخ تصم َيختصم)‪ ،‬و (تشارك‬
‫َيتشارك)‪.‬‬
‫أو سداسيًا‪ ،‬نحو‪( :‬استخرج َيْس َتْخ رج)‪ ،‬و(استغفر َيْس تغفر)‪.‬‬
‫وأما حكمه ِباْع ِتَبار آِخ ره َفِإَّنُه َتاَر ة يْبنى على الفتح‪َ ،‬و تاَر ة يْبنى‬
‫على اْلسكون‪ ،‬و يعرب في غير هاتين الحالتين‪:‬‬
‫أما الحالة األولى فهي بناؤه على الفتح‪ :‬وذلك إذا اتصلت به نون‬
‫التوكيد الثقيلة أو الخفيفة‪.‬‬
‫‪ -‬فمثال اتصاله بنون التوكيد الثقيلة‪ -‬أي‪ :‬المشددة‪ -‬قوله‬
‫تعالى‪( :‬لينبَذ َّن في الحطمة)‪ ،‬فبني الفعل المضارع (ينبذ) على‬
‫الفتح التصاله بنون التوكيد الثقيلة‪.‬‬
‫‪ -‬ومثال اتصاله بنون التوكيد الخفيفة قوله تعالى‪( :‬لنسفَعًا‬
‫بالناصية)‪ ،‬فبني الفعل المضارع (نسفع) على الفتح التصاله بنون‬
‫التوكيد الخفيفة‪.‬‬
‫و أما الحالة الثانية فهي بناؤه على السكون‪ :‬وذلك إذا اتصلت به نون‬
‫النسوة‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬والوالدات يرضْع ن)‪ ،‬و قوله‪:‬‬
‫(والمطلقات يتربْص ن)‪.‬‬
‫فبني فعال المضارع (يرضع)‪ ،‬و(يترَّبص) على السكون‬
‫التصالهما بنون النسوة‪.‬‬
‫وفي غير هاتين الحالتين يكون المضارع معربًا‪ ،‬وإلعرابه ثالثة مواضع ‪:‬‬
‫الموضع األول‪ :‬النصب ‪:‬‬
‫وذلك إذا تقدمت عليه أداة من أدوات نصب الفعل المضارع‪،‬‬
‫نحو‪( :‬أْن ) و(لن)‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪( :‬أْن تقوَل نفس)‪ ،‬وقوله‪( :‬لن‬
‫نبرَح عليه عاكفين)‪.‬‬
‫فـ(تقول) مضارع منصوب بـ(أْن ) الناصبة‪ ،‬وعالمة نصبه‬
‫الفتحة الظاهرة‪.‬‬
‫و(نبرح) مضارع منصوب بـ(لْن ) الناصبة‪ ،‬وعالمة نصبه‬
‫الفتحة الظاهرة‪.‬‬
‫الموضع الثاني‪ :‬الجزم‪ :‬وذلك إذا تقَّدمت عليه أداة من األدوات التي‬
‫تجزم الفعل المضارع‪ ،‬نحو‪( :‬لم)‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪( :‬ألْم نشرْح لك‬
‫صدرك)‪ ،‬وقوله‪( :‬ألم نجعْل له عينين)‪ ،‬فالفعالن (نشرح)‪،‬‬
‫و(نجعل) كل منهما مضارع مجزوم بـ(لْم ) الجازمة‪ ،‬وعالمة جزمه‬
‫السكون‪.‬‬
‫الموضع الثالث ‪ :‬الرفع‪ :‬وذلك إذا لم تتقَّدم عليه أداة من أدوات نصب‬
‫الفعل المضارع‪ ،‬وال أداة من أدوات جزم الفعل المضارع‪ ،‬وذلك‬
‫نحو قوله تعالى‪( :‬يوم يكوُن الناس)‪ ،‬وقوله‪( :‬يوم يقوُم الناس)‪،‬‬
‫فالفعالن(يكوُن )‪ ،‬و(يقوُم ) كل منهما مضارع مرفوع وعالمة رفعه‬
‫الضمة الظاهرة؛ وعلة رفعهما تجردهما من أي أداة من األدوات‬
‫التي تنصبه‪ ،‬أو أي أداة من األدوات التي تجزمه‪.‬‬
‫الحرف و عالمته‬
‫و أما الحرف فهو‪ :‬ما ال يدل على معنى في نفسه‪ ،‬ولكنه يدل على‬
‫معنى إذا اقترن بغيره‪ ،‬أي‪ :‬جاء مذكورًا في جملة أو شبه جملة‪،‬‬
‫فيفهم معناه من سياق الكالم‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪«:‬من» و«إلى»‪ ،‬فال معنى لكل منهما في نفسه‪،‬‬
‫ولكنهما أفادا معنى حينما جاءا مذكورين في أول سورة اإلسراء‪،‬‬
‫حينما قال تعالى‪( :‬سبحان الذي أسرى بعبده ليًال من المسجد‬
‫الحرام إلى المسجد األقصى)‪.‬‬
‫فإن «مْن » أفادت ابتداء الغاية المكانية‪ ،‬أي أن المسجد الحرام‬
‫كان بداية رحلة اإلسراء‪ ،‬و«إلى» أفادت انتهاء الغاية المكانية‪ ،‬أي‬
‫أن المسجد األقصى كان نهاية هذه الرحلة المباركة‪.‬‬
‫و أما عالمة الحرف فهي‪ :‬عدم قبوله أي عالمة من عالمات االسم‪،‬‬
‫و ال أي‬
‫عالمة من عالمات الفعل‪.‬‬
‫ومن أمثلة الحرف‪ِ( :‬م ْن ) الجارة‪ ،‬و(َهْل ) االستفهامية‪ ،‬و(لْم )‬
‫الجازمة‪ ،‬فهذه الكلمات الثالثة حروٌف ؛ ألنها ال تقبل أي عالمة من‬
‫عالمات االسم الخمسة‪ ،‬فال تجُّر ‪ ،‬وال تنَّو ن‪ ،‬وال تنادى‪ ،‬وال تقبل‬
‫دخول (أل)‪.‬‬
‫وأيضًا‪ :‬ال تقبل أي عالمة من عالمات الفعل األربعة‪ ،‬فال يصح‬
‫أن تتصل بها تاء الفاعل‪ ،‬وال تاُء التْأنيِث‪ ،‬و ال ياء المخاطبة‪ ،‬وال‬
‫نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة‪.‬‬
‫و ينقسم الحرف قسمين‪ :‬مختص وغير مختص‪.‬‬
‫فغير المختص‪ :‬هو الذي يدخل على األسماء واألفعال‪ ،‬وال يختص‬
‫بأحدهما‪ ،‬نحو‪( :‬هل) االستفهامية؛ فإنها تدخل على االسم‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫(هل زيد قائم؟)‪ ،‬وتدخل على الفعل‪ ،‬تقول‪( :‬هل قام زيد؟)‪.‬‬
‫والمختص‪ :‬هو الذي يختص بالدخول على أحدهما‪ ،‬وهو قسمان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬المختص بالدخول على األسماء‪ ،‬ويشمل حروف الجر‪،‬‬
‫كـ(في)‪ ،‬نحو‪( :‬زيد في الدار)‪.‬‬
‫اآلخر‪ :‬المختص بالدخول على األفعال‪ ،‬ويشمل الحروف‬
‫الناصبة لها‪ ،‬كـ(لْن )‪ ،‬تقول‪( :‬لْن أقصَر في عملي)‪ ،‬والحروف‬
‫الجازمة لها‪ ،‬كـ(لْم )‪ ،‬نحو‪( :‬لْم يقْم زيد)‪.‬‬
‫وجميع الحروف مبنية؛ ألنها تلزم صورة واحدة ال تتغير عنها‪.‬‬
‫( أسئلة تدريبية )‬
‫أكمل النقاط التالية‪:‬‬
‫تنقسم الكلمة ثالثة أقسام‪ ،‬هي‪...................................:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬يعرف االسم بعالمات خمس‪،‬‬
‫هي‪........................................:‬‬
‫‪ -‬أنواع الجر ثالثة‪.................................................. :‬‬
‫‪ -‬التنوين هو‪..........................................................:‬‬
‫‪ -‬عالمة الحرف هي‪.................................................:‬‬
‫‪ -‬الفعل الماضي هو‪.................................................:‬‬
‫استخرج الفعل‪ ،‬وبين نوعه وعالمته التي تميزه عن االسم والحرف‪:‬‬
‫قال تعالى‪( :‬لينبذَّن في الحطمة)‪ - .‬قال تعالى‪( :‬ثم إني أعلْنُت‬
‫لهم)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬فصَّك ْت وجهها)‪ - .‬قال تعالى‪( :‬فكلي واشربي‬
‫وقِّر ي عينًا)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬لنسفعًا بالناصية)‪ - .‬قال تعالى‪( :‬ألم نشرْح لك‬
‫صدرْك )‪.‬‬
‫أكمل النقاط التالية‪:‬‬
‫اإلعراب لغة‪ ،......:‬واصطالحًا‪....................................:‬‬
‫يبنى الفعل المضارع في‬
‫حالتين‪.......................................:‬‬
‫يرفع الفعل المضارع إذا‪...............................................:‬‬
‫البناء لغة‪ ،.......:‬واصطالحًا‪......................................:‬‬
‫يبنى الفعل الماضي على الضم‬
‫إذا‪.........................................‬‬
‫استخرج الفعل المبني وبين عالمة بنائه في اآليات التالية‪:‬‬
‫قال تعالى‪(:‬إن الذين آمُنوا وهاجُر وا وجاهُدوا)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬فكلي واشربي وقري عينا)‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬والمطلقات يتربصن)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬وقالوا سمعنا وأطعنا)‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬وقطعن أيديهن)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬كال لينبذَّن في الحطمة)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬ادع إلى سبيل ربك بالحكمة)‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬وصدقْت بكلمات ربها)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬فاقض ما أنت قاض)‪.‬‬
‫‪ -‬استخرج فعل األمر‪ ،‬وبين عالمة بنائه‪:‬‬
‫قال تعالى‪( :‬فسّبح بحمد رّبك واستغفره إّنه كان توابًا)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬واستعينوا بالّص بر والصالة)‪.‬‬
‫يا بنّي امِش في األرض متواضعًا‪ ،‬واخَش هللا وحده‪.‬‬
‫‪ -‬استخرج الفعل المضارع‪ ،‬وبين حالته اإلعرابية‪:‬‬
‫قال تعالى‪( :‬وسيعلُم الذين ظلموا أّي منقلب ينقلبون)‬
‫‪ -‬الطالبات يكتْبن الدرس‪.‬‬
‫‪ -‬لتأمَر َّن بالمعروف‪ ،‬ولتنهَيَّن عن المنكر‪.‬‬
‫(صور تأليف اْلَك الم)‬
‫صور تأليف الكالم ِس ّت ؛ َو َذ ِلَك َألَّنُه يتألف ِإَّم ا من‪ :‬اْس َم ْيِن ‪َ ،‬أو‬
‫من فعل َو اسم‪َ ،‬أو من جملتين‪َ ،‬أو من فعل واسمين‪َ ،‬أو من فعل‬
‫َو َثالَثة َأسَم اء‪َ ،‬أو من فعل َو َأْر َبَعة َأسَم اء‪.‬‬
‫أما ائتالفه من اْسَمْيِن َفلُه أربع صور ‪:‬‬
‫ِإْحَداها‪َ :‬أن َيُك وَنا ُم ْبَتدأ وخبرًا‪َ ،‬نْح و‪( :‬زيد َقاِئٌم ) فـ(زيد) مبتدأ‪،‬‬
‫و(قائم) خبر‪.‬‬
‫الَّثانَِية‪َ :‬أن َيُك وَنا ُم ْبَتدأ وفاعًال سَّد مسَّد اْلَخ َبر‪َ ،‬نْح و‪( :‬أقائم‬
‫الزيدان)‪ ،‬وهو‬
‫مثل قولنا‪ :‬أيقوم الزيدان؟ فـ(قائم)‪ :‬مبتدأ‪ ،‬وهو وصف (اسم‬
‫فاعل)‪ ،‬و(الزيدان)‪ :‬فاعل سد مسد الخبر‪ .‬وهذا يقاس على كل‬
‫مبتدأ جاء وصفًا (اسم فاعل‪ ،‬اسم مفعول‪ ،‬صفة مشبهة) مسبوقًا‬
‫بنفي أو استفهام‪.‬‬
‫الَّثاِلَثة‪َ :‬أن يكون ُم ْبَتدأ ونائبًا َع ن َفاعل سد مسد اْلَخ َبر‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫أمفهوم الدرس؟ فهذا مثل قولنا‪ :‬أُيفَهم الدرُس ؟‪ -‬بالبناء للمجهول‪-‬‬
‫فـ(مفهوم)‪ :‬مبتدأ‪ ،‬وهو وصف (اسم مفعول)‪ ،‬والدرس‪ :‬نائب فاعل‬
‫سد مسد الخبر؛ألن اسم المفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول‪.‬‬
‫الَّر اِبَعة‪َ :‬أن َيُك وَنا اْس م فعل وفاعله‪َ ،‬نْح و‪َ( :‬هْيَهات العقيق)‪،‬‬
‫فـ(هيهات) اْس م فعل بمعنى (َبُعد)‪ ،‬و(العقيُق) َفاعل مرفوع السم‬
‫الفاعل‪.‬‬
‫َو أما ائتالفه من فعل َو اسم َفلُه ُص وَر َتاِن ‪:‬‬
‫ِإْح َد اهَم ا‪َ :‬أن يكون االْس م َفاِع ًال‪َ ،‬نْح و‪َ( :‬قاَم زيٌد)‪.‬‬
‫َو الَّثانَِية‪َ :‬أن يكون االْس م َناِئبًا َع ن اْلَفاِع ل‪َ ،‬نْح و‪ُ( :‬ض ٍرب زيٌد)‪.‬‬
‫َو أما ائتالفه من الجملتين َفلُه ُص وَر َتاِن أيضًا‪:‬‬
‫ِإْح َد اهَم ا‪ :‬جمَلة الَّش ْر ط َو اْلَج َز اء‪َ ،‬نْح و‪ِ( :‬إن َقاَم زيد ُقْم ت)‪ ،‬فجملة‬
‫(قام زيد) جملة الشرط‪ ،‬وجملة (قمُت ) هي جملة جزاء الشرط أو‬
‫جواب الشرط‪.‬‬
‫َو الَّثانَِية‪ :‬جملتا اْلقسم َو َج َو ابه‪َ ،‬نْح و‪َ( :‬أْح لف ِباهَّلل لزيٌد حاضٌر )‬
‫فـ(أحلف)‪ :‬جملة فعلية من فعل وفاعل‪ ،‬و(زيد حاضر)‪ :‬جملة‬
‫اسمية‪ ،‬مبتدأ وخبر‪.‬‬
‫َو أما ائتالفه من فعل واسمين فنحو‪:‬‬
‫(َك اَن زيٌد َقاِئمًا)‪ ،‬فـ(كان) فعل ناسخ‪ ،‬و(زيد) اسم (كان)‪،‬‬
‫و(قائمًا) خبرها‪.‬‬
‫َو أما ائتالفه من فعل َو َثالَثة َأسَم اء‪:‬‬

‫ففي األفعال المتعدية لمفعولين‪ ،‬نحو‪( :‬علمُت زيدًا َفاضًال)‪.‬‬


‫فـ(علم) فعل ناسخ‪ ،‬و(تاء) المتكلم فاعل‪ ،‬و(زيدًا) مفعول أول‪،‬‬
‫و(فاضًال) مفعول ثان‪.‬‬
‫َو أما ائتالفه من فعل َو َأْر َبَعة َأسَم اء‪ ،‬ففي األفعال المتعدية لثالثة‬
‫مفاعيل‪ ،‬نحو‪( :‬أعلمُت زيدًا عمرًا َفاضًال) فـ(علم) فعل ناسخ‪،‬‬
‫و(تاء) المتكلم فاعل‪ ،‬و(زيدًا) مفعول أول‪ ،‬و(عمرًا) مفعول ثان‪،‬‬
‫و(فاضًال) مفعول ثالث‪.‬‬

‫أنواع اإلعراب وعالماته األصلية‬


‫اإلعراب هو‪ :‬أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة‪.‬‬
‫فاألثر الظاهر‪ :‬هو المالحظ في آخر (زيد) في الجمل التالية‪:‬‬
‫في نحو‪( :‬جاء زيٌد)‪ ،‬أحدث الفعل (جاء) الرفع في (زيد)‪،‬‬
‫فظهرت عالمة اإلعراب (الضمة) عليه‪.‬‬
‫وفي نحو‪( :‬رأيت زيدًا)‪ ،‬أحدث الفعل (رأى) النصب في (زيد)‪،‬‬
‫فظهرت عالمة اإلعراب الفتحة عليه‪.‬‬
‫وفي نحو‪( :‬مررت بزيٍد )‪ ،‬أحدث حرف (الباء) الجر في االسم‬
‫(زيٍد )‪ ،‬فظهرت عالمة اإلعراب الكسرة عليه‪.‬‬
‫وأما األثر المقدر ‪ :‬فكما في األسماء المقصورة نحو (الفتى)‪.‬‬
‫تقول‪( :‬جاء الفتى)‪ ،‬فـ(الفتى) فاعل مرفوع بضمة مقدرة‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬رأيت الفتى)‪ ،‬فـ(الفتى) مفعول به منصوب بفتحة‬
‫مقدرة‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬مررت بالفتى) فـ(الفتى) اسم مجرور بكسرة مقدرة‪.‬‬
‫وقدرت الحركات الثالث لتعُّذ ر النطق بها على حرف العلة‬
‫األلف‪.‬‬
‫أنواع اإلعراب أربعة‪ :‬الرفع والنصب والجر والجزم‪:‬‬
‫فأما الرفع والنصب فيشترك فيهما االسم والفعل المضارع‪:‬‬
‫فيرفع االسم‪ ،‬نحو‪( :‬محمٌد مسافٌر )‪ ،‬و الفعل المضارع‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(ينجُح المجتهُد)‪.‬‬
‫وينصب االسم‪ ،‬نحو‪( :‬قرأُت كتابًا)‪ ،‬و الفعل المضارع‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(لن ينجحَ الكسوُل )‪.‬‬
‫وأما الجر فيختص به االسم‪ ،‬تقول‪ ( :‬سلمت على زيٍد )‪ ،‬وال‬
‫يدخل الفعل‪.‬‬
‫وأما الجزم فيختص به الفعل‪ ،‬نحو‪( :‬لم يكذْب )‪ ،‬وال يدخل‬
‫االسم‪.‬‬
‫وعالمات اإلعراب األصلية أربعة‪:‬‬
‫‪ -‬والفتحة وهي عالمة‬ ‫‪ -‬الضمة وهي عالمة الرفع‪.‬‬
‫النصب‪.‬‬
‫‪ -‬السكون وهو عالمة‬ ‫‪ -‬الكسرة وهي عالمة الجر‪.‬‬
‫الجزم‪.‬‬
‫وهناك عالمات فرعية تنوب عن عالمات اإلعراب األصلية‪،‬‬
‫وذلك عندما يتعذر ظهورها‪ ،‬ويتحقق ذلك في سبعة أبواب‪ :‬خمسة‬
‫في األسماء‪ ،‬واثنان في األفعال‪.‬‬
‫أما أبواب األسماء فهي‪ :‬األسماء الستة‪ ،‬والمثنى‪ ،‬وجمع المذكر‬
‫السالم‪ ،‬وجمع‬
‫المؤنث السالم‪ ،‬واالسم الممنوع من الصرف‪.‬‬
‫وأما بابا األفعال فهما‪ :‬األفعال الخمسة‪ ،‬والفعل المضارع المعتل‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫وإليك أحكام كل باب منها بالتفصيل‪:‬‬
‫(األسماء الستة)‬
‫من األبواب التي تنوب فيها الحروف عن الحركات باب‬
‫(األسماء الستة)‪.‬‬
‫حقيقة األسماء الستة‪:‬‬
‫األسماء الستة هي‪( :‬أبوك‪ ،‬وأخوك‪ ،‬وحموك‪ ،‬وفوك‪ ،‬وذو مال‪،‬‬
‫وهُنوه)‪.‬‬
‫إعرابها‪ :‬هذه األسماء الستة ترفع بالواو نيابة عن الضمة‪،‬‬
‫وتنصب باأللف نيابة عن الفتحة‪ ،‬وتجر بالياء نيابة عن الكسرة‪.‬‬
‫فالرفع نحو قوله تعالى‪( :‬وأبونا شيخ كبير)‪ ،‬فكلمة (أبو) مبتدأ‬
‫مرفوع وعالمة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ ألنه اسم من األسماء‬
‫الستة‪ ،‬و(أبو) مضاف‪ ،‬و(نا) ضمير مبني على السكون في محل‬
‫جر مضاف إليه‪.‬‬
‫و النصب نحو قوله تعالى‪( :‬إن أبانا لفي ضالل مبين)‪،‬فكلمة‬
‫(أبا) اسم (إَّن ) منصوب وعالمة نصبه األلف نيابة عن الفتحة؛‬
‫ألنه اسم من األسماء الستة‪ ،‬و(أبا) مضاف‪ ،‬و(نا) ضمير مبني‬
‫على السكون في محل جر مضاف إليه‪.‬‬
‫و الجر نحو قوله تعالى‪ ( :‬ارجعوا إلى أبيكم) فكلمة (أبي) اسم‬
‫مجرور وعالمة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ ألنه اسم من األسماء‬
‫الستة‪ ،‬و(أبي) مضاف‪ ،‬و(الكاف) ضمير مبني على الضم في محل‬
‫جر مضاف إليه‪ ،‬والميم عالمة الجمع‪.‬‬
‫شروط إعرابها بالحروف نيابة عن الحركات‪:‬‬
‫ذكر النحويون إلعراب هذه األسماء بالحروف شروطًا أربعة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن تكون مفردة‪:‬‬
‫أي‪ :‬ليست مثناة أو مجموعة؛ ألنها إذا كانت مثناة أعربت‬
‫بإعراب المثنى‪ ،‬فترفع باأللف‪ ،‬نحو‪( :‬هذان أبوا زيد)‪ ،‬و تنصب‬
‫وتجر بالياء‪ ،‬نحو‪( :‬رأيت أبوي خالد)‪ ،‬و(سلمت على أبويه)‪.‬‬
‫وإذا كانت مجموعة جمع تكسير أعربت بالحركات الظاهرة‪،‬‬
‫فرفعت بالضمة‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬قل إن كان آباؤكم)‪ ،‬وتنصب‬
‫بالفتحة‪ ،‬نحو‪( :‬رأيت آباءهم)‪ ،‬وتجر بالكسرة نحو‪( :‬مررت‬
‫بآبائهم)‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أْن تكون مكبرة‪:‬‬
‫أي‪ :‬ليست مصغرة؛ ألنها إذا كانت مصغرة أعربت بالحركات‬
‫الظاهرة‪ ،‬نحو‪( :‬هذا أبُّي زيٍد )‪ ،‬و (رأيت أبَّي زيٍد )‪ ،‬و(مررت بأبِّي‬
‫زيٍد )‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تكون مضافة‪:‬‬
‫أي‪ :‬ليست مفردة؛ ألنها إذا كانت مفردة فإنها حينئذ تعرب‬
‫بالحركات الظاهرة‬
‫نحو‪( :‬هذا أٌب )‪ ،‬و(رأيُت أبًا)‪ ،‬و(مررُت بأٍب)‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أْن تضاف إلى غير (ياء) المتكلم‪:‬‬
‫نحو‪( :‬هذا أبو زيد)؛ ألنها إذا أضيفت إلى ياء المتكلم أعربت‬
‫بحركات مقدرة على ما قبل الياء؛ والمانع من ظهورها انشغال‬
‫المحل بكسرة المناسبة لياء المتكلم‪ ،‬نحو‪( :‬هذا أبي)‪ ،‬و(صافحت‬
‫أخي)‪ ،‬و(مررت بأبي)‪ ،‬ولم تعرب بهذه الحروف‪.‬‬
‫و يشترط في (ذو) أن تكون بمعنى صاحب‪ ،‬وأن تكون مضافة إلى اسم جنس‬
‫ظاهر‪ :‬نحو‪( :‬جاءني ذو ماٍل ) و(رأيت ذا علم)‪ ،‬و(سلمت على ذي‬
‫خلٍق )‪ ،‬فجاءت (ذو) في األمثلة الثالثة بمعنى صاحب‪ ،‬ومضافة‬
‫إلى اسم جنس ظاهر‪.‬‬
‫و يشترط في إعراب (فو) بهذه األحرف خلوها من الميم‪:‬‬
‫نحو‪( :‬هذا فوه)‪ ،‬و(رأيت فاه)‪ ،‬و(نظرت إلى فيه)‪ .‬فإن لم يخل‬
‫منه أعرب بالحركات‪ ،‬نحو‪( :‬هذا فٌم )‪ ،‬و(رأيت فمًا)‪ ،‬و(نظرت إلى‬
‫فٍم )‪.‬‬
‫( أسئلة تدريبية )‬
‫استخرج األسماء الستة من اآليات التالية‪ ،‬وأعربـها‪:‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬ارجعوا إلى أبيكم)‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬وأبونا شيخ كبير)‪.‬‬
‫وقال‪( :‬إن أبانا لفي ضالل مبين)‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬أحُّب إلى أبينا منا )‪.‬‬
‫لَم لْم تعرب األسماء التي تحتها خط بإعراب األسماء الستة؟‬
‫– (إَّن هذا أخي)‪.‬‬ ‫‪ -‬رأيت أبوين‪.‬‬
‫‪ -‬رأيت فمًا مفتوحًا‪.‬‬ ‫‪( -‬قل إن كان آباؤكم)‪.‬‬
‫‪ -‬هذا ُأخٌّي كريم‪.‬‬
‫(المثنى)‬
‫من األبواب التي تنوب فيها الحروف عن الحركات باب‬
‫(المثنى)‪.‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫المثنى هو‪ :‬كل كلمة دلت على اثنين من الذكور أو اثنتين من‬
‫اإلناث‪ ،‬بزيادة ألف ونون في حالة الرفع‪ ،‬وياء ونون في حالة‬
‫النصب والجر‪.‬‬
‫إعرابه‪ :‬يرفع المثنى باأللف نيابة عن الضمة‪ ،‬وينصب بالياء‬
‫نيابة عن الفتحة‪ ،‬ويجر بالياء نيابة الكسرة‪.‬‬
‫فالرفع نحو قوله تعالى‪(:‬قال رجالن)‪ ،‬و قوله‪( :‬هذان خصمان)‪.‬‬
‫فـ(رجالن) و(خصمان) كل منهما اسم مرفوع وعالمة رفعه‬
‫األلف نيابة عن الضمة؛ ألنه مثنى‪.‬‬
‫والنصب نحو‪(:‬قرأت القصيدتين)‪ ،‬و(حفظت الحديثين)‪ ،‬و قوله‬
‫تعالى‪( :‬ألم نجعْل له عينين)‪ .‬فـ(القصيدتين)‪ ،‬و(الحديثين)‪،‬‬
‫و(عينين) كل منها اسم منصوب‬
‫وعالمة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ ألنه مثنى‪.‬‬
‫والجـر نحو‪( :‬نظرت إلى المسجدين)‪ ،‬و (سَّلمت على‬
‫المدرسين)‪ ،‬ونحو قوله‬
‫تعالى‪( :‬وأما الجدار فكان لغالمين)‪.‬‬
‫فـ(المسجدين)‪ ،‬و (المدرسين) و (غالمين) كل منها اسم‬
‫مجرور وعالمة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ ألنه مثنى‪.‬‬
‫(الملحـق بالمثنى)‪:‬‬
‫ويلحق بالمثنى كل ما دَّل على اثنين من الذكور‪ ،‬أو اثنتين من‬
‫اإلناث‪ ،‬ولم يكن له مفرٌد من لفظه‪.‬‬
‫ويلحق بالمثنى أربع كلمات‪( :‬اثنان واثنتان)‪ ،‬و(كال وكلتا)‪.‬‬
‫أما (اثنان واثنتان) فيلحقان بالمثنى‪ ،‬ويعربان بإعرابه بال شرط‪،‬‬
‫سواء أكانا مفردين– وهو الغالب‪ ،-‬نحو‪( :‬حضر اثنان‪ ،‬ورأيت‬
‫اثنين‪ ،‬وسلمت على اثنين)‪.‬‬
‫فـ(اثنان) فاعل مرفوع باأللف ألنه ملحق بالمثنى‪ ،‬و(اثنين)‬
‫األولى مفعول به منصوب بالياء ألنه ملحق بالمثنى‪ ،‬و(اثنين)‬
‫الثانية اسم مجرور وعالمة جره الياء؛ ألنه ملحق بالمثنى‪.‬‬
‫وكذا إن كانا مركبين نحو ‪( :‬حضر في الفصل اثنا عشر طالبًا)‪،‬‬
‫و(رأيت اثني عشر طالبًا)‪ ،‬و(دخلت على اثني عشر طالبًا)‪.‬‬
‫فـ(اثنا) فاعل مرفوع باأللف ألنه ملحق بالمثنى‪ ،‬و(اثني)‬
‫األولى مفعول به منصوب وعالمة نصبه الياء؛ ألنه ملحق‬
‫بالمثنى‪ ،‬و(اثني) الثانية اسم مجرور بـ(على) وعالمة جره الياء؛‬
‫ألنه ملحق بالمثنى‪.‬‬
‫وأما (كال) و(كلتا) فهما من األسماء المالزمة لإلضافة‪ ،‬ولهما حالتان ‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن يضافا إلى الضمير‪ ،‬فيعربان إعراب المثنى‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(اتفق الشريكان كالهما‪ ،‬وخرجت البنتان كلتاهما)‪ :‬فـ(كال‪ ،‬وكلتا)‬
‫كل منهما توكيد معنوي لما قبله‪ ،‬مرفوع وعالمة رفعه األلف؛ ألنه‬
‫ملحق بالمثنى‪ ،‬والهاء مضاف إليه‪ ،‬و(ما) عالمة التثنية‪.‬‬
‫و(رأيت الطالبين كليهما‪ ،‬و قرأت القصتين كلتيهما)‪ :‬فـ(كال‪،‬‬
‫وكلتا) كل منهما توكيد معنوي لما قبله‪ ،‬منصوب وعالمة نصبه‬
‫الياء؛ ألنه ملحق بالمثنى‪ ،‬والهاء مضاف إليه‪ ،‬و(ما) عالمة‬
‫التثنية‪.‬‬
‫و(ُبَّر بوالديك كليهما‪ ،‬وسلمت على الخالتين كلتيهما)‪:‬‬
‫فـ(كليهما وكلتيهما) كل منهما اسم مجرور وعالمة جره الياء؛ ألنه‬
‫ملحق بالمثنى‪ ،‬والهاء مضاف إليه‪ ،‬و(ما) عالمة التثنية‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أْن يضافا إلى االسم الظاهر‪ ،‬فتلزمها األلف‪ ،‬ويعربان‬
‫إعراب االسم المقصور‪ ،‬وذلك بالحركات المقدرة‪ ،‬نحو‪( :‬جاء كال‬
‫الرجلين)‪ ،‬فـ(كال) فاعل مرفوع وعالمة رفعه الضمة المقدرة على‬
‫األلف‪ ،‬منع من ظهورها التعذر‪.‬‬
‫و(رأيت كال الرجلين)‪ ،‬فـ(كال) مفعول به منصوب‪ ،‬وعالمة‬
‫نصبه الفتحة المقدرة على األلف‪ ،‬منع من ظهورها التعذر‪.‬‬
‫و(مررت بكال الرجلين)‪ ،‬فـ(كال) اسم مجرور وعالمة جره‬
‫الكسرة المقدرة على األلف‪ ،‬منع من ظهورها التعذر‪.‬‬
‫(جمع المذكر السالم)‬
‫من األبواب التي تنوب فيها الحروف عن الحركات باب (جمع‬
‫المذكر السالم)‪.‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫جمع المذكر السالم هو‪ :‬كل كلمة دَّلت على أكثر من اثنين من‬
‫الذكور‪ ،‬بزيادة‬
‫واو ونون في حالة الرفع‪ ،‬أو ياء ونون في حالتي النصب‬
‫والجر‪.‬‬
‫فهو جمع؛ ألنه دل على أكثر من اثنين‪ ،‬ومذكر؛ ألنه أكثر من‬
‫اثنين ال اثنتين‪ ،‬وسالم؛ ألن صورة المفرد تكون سالمة فيبقى‬
‫المفرد على صورته‪ ،‬وتزاد عليه الواو والنون‪ ،‬أو الياء والنون‪،‬‬
‫تقول‪( :‬مسلمون) رفعًا‪ ،‬و(مسلمين) نصبًا وجرًا‪ ،‬وقد سلمت فيهما‬
‫صورة المفرد‪ ،‬وهو (مسلم)‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬جمع المذكر السالم يرفع بالواو نيابة عن الضمة‪،‬‬
‫وينصب بالياء نيابة عن الفتحة‪ ،‬ويجر بالياء نيابة عن الكسرة‪.‬‬
‫فالرفع نحو قوله تعالى‪( :‬قد أفلح المؤمنون)‪ ،‬وقوله‪( :‬فرح‬
‫المخلفون)‪ ،‬فـ(المؤمنون‪ ،‬والمخلفون) كل منهما فاعل مرفوع‬
‫وعالمة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ ألنه جمع مذكر سالم‪.‬‬
‫والنصب نحو قوله تعالى‪( :‬إن المتقين في مقام أمين)‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(إن المسلمين والمسلمات)‪ .‬فـ(المتقين)‪ ،‬و(المسلمين) كل منهما‬
‫واقٌع اسمًا لـ(إَّن )‪ ،‬منصوب وعالمة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛‬
‫ألنه جمع مذكر سالم‪.‬‬
‫والجـر نحو قوله تعالى‪( :‬بالمؤمنين رءوف رحيم)‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫( من المؤمنين رجال)‪ ،‬فـ(المؤمنين) في اآليتين اسم مجرور‬
‫وعالمة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ ألنه جمع مذكر سالم‪.‬‬
‫وذلك أن الذي يجمع من الكلمات جمًعا مذكًر ا سالًم ا نوعان‪:‬‬
‫األول‪ :‬العلـم‪ ،‬نحو‪( :‬حضر المحمدون)‪ ،‬و له شروط أربعة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون لمذكر‪ ،‬فإن كان لمؤنث كـ(زينب)‪ ،‬لم يجز جمعه ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون لعاقل‪ ،‬فإن كان لغير عاقل كـ(الحق) علمًا لفرس‪،‬‬
‫لم يجمع‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون خالًيا من تاء التأنيث‪ ،‬فإن كان فيه تاء كـ(طلحة)‪،‬‬
‫لم يجمع ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون خالًيا من التركيب‪ ،‬فإن كان مركًبا كـ(بعلبك)‪ ،‬لم‬
‫يجمع ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الصفة‪ ،‬والمراد بها ما دَّل على معنى وذات‪ ،‬نحو‪( :‬ال‬
‫تصِغ إلى الكاذبين)‪ ،‬و للصفة شروط ستة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون لمذكر‪ ،‬فإن كانت لمؤنث كـ(حائض)‪ ،‬لم تجمع ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون لعاقل‪ ،‬فإن كانت لغير عاقل كـ(سابق) صفة لفرس‪،‬‬
‫لم تجمع ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون خالية من تاء التأنيث‪ ،‬فإن كانت فيها التاء‬
‫كـ(عالمة) لم تجمع‪.‬‬
‫‪ -4‬أال تكون من باب (أْفَعل فْع الء) فإن كانت من باب (أْفَعل)‬
‫الذي مؤنثه (فْع الء) لم تجمع كـ (أخضر خضراء) ‪.‬‬
‫‪ -5‬أال تكون من باب (فْع الن فْع لى) فإن كانت من باب (فْع الن)‬
‫الذي مؤنثه (فْع لى) لم تجمع كـ(شْبعان وشْبعى) ‪.‬‬
‫‪ -6‬أال تكون مما يستوي فيه المذكر والمؤنث‪ ،‬فإن كانت مما‬
‫يستوي فيه المذكر والمؤنث لم تجمع‪ ،‬وذلك كـ(صبور) فإنه يقال‪:‬‬
‫خالد صبور‪ ،‬وهند صبور‪.‬‬
‫الملحق بجمع المذكر السالم‪:‬‬
‫ويلحق بجمع المذكر السالم ألفاظ تدل على أكثر من اثنين‪،‬‬
‫ولكن ال مفرد لها من لفظها‪ ،‬وتعرب بالحروف مثله‪ ،‬فترفع بالواو‪،‬‬
‫وتنصب وتجر بالياء‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫منها‪( :‬أولو) وهي ملحقة بجمع المذكر؛ ألنها ال مفرد لـها من‬
‫لفظها‪ ،‬فتعرب إعراب جمع المذكر السالم‪ ،‬أي‪ :‬بالحروف‪.‬‬
‫تقول‪( :‬جاء أولو العلم)؛ فـ(أولو) فاعل مرفوع بالواو‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬رأيت أولي العلم)‪ ،‬فـ(أولي) مفعول به منصوب بالياء‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬استمعت إلى أولي العلم)‪ ،‬فـ(أولي) اسم مجرور‬
‫وعالمة جره الياء؛‬
‫ومنها‪ِ( :‬ع ْش ُروَن وَأَخ َو اُتُه)‪ ،‬وهي ألفاظ العقود‪ ،‬والمراد بها‪:‬‬
‫األعداد من (عشرين) إلى (تسعين)‪ ،‬وهي ملحقة بجمع المذكر ألنه‬
‫ليس لها مفرد‪ ،‬فتعرب إعراب جمع المذكر السالم‪ ،‬أي‪ :‬بالحروف‪.‬‬
‫تقول‪( :‬عندي عشرون كتابًا)‪ ،‬فـ(عشرون) مبتدأ مؤخر مرفوع‬
‫بالواو‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬اشتريت ثالثين ورقًة)‪ ،‬فـ(ثالثين) مفعول به منصوب‬
‫بالياء‪.‬‬
‫و(استشهدت بأربعين بيتًا)‪ ،‬فـ(أربعين) اسم مجرور وعالمة‬
‫جره الياء‪ ،‬وأعرب بالحروف ألنه ملحق بجمع المذكر السالم‪.‬‬
‫ومنها‪َ( :‬ع اَلُم وَن ) مفرده (َع اَلم) والمراد به‪ :‬كل من سوى هللا‬
‫تعالى‪ ،‬فهو ملحق بجمع المذكر فيعرب إعرابه‪ .‬قال تعالى‪( :‬إن هللا‬
‫لغني عن العالمين)‪ ،‬فـ(العالمين) اسم مجرور وعالمة جره (الياء)‬
‫ألنه ملحق بجمع المذكر السالم‪.‬‬
‫ومنها‪َ( :‬أْهُلوَن ) مفرده (أهل)‪ ،‬و هو ملحق بالجمع‪ ،‬فيعرب‬
‫بإعرابه‪.‬‬
‫نحو قوله تعالى‪( :‬شغلتنا أموالنا وأهلونا)‪ ،‬فـ(أهلونا) فاعل‬
‫مرفوع بالواو‪.‬‬
‫وقال تعالى‪( :‬إلى أهليهم أبدًا) فـ(أهليهم) اسم مجرور وعالمة‬
‫جره الياء‪.‬‬
‫ومنها‪ََ( :‬أَر ُضون) ‪-‬بفتح الراء‪ ،‬جمع (أْر ض) وهو علم لمؤنث‪،‬‬
‫ولم يسلم فيه بناء المفرد عند جمعه؛ فإن مفرده (أْر ض) بسكون‬
‫الراء‪ ،‬والجمع بفتحها‪ ،‬وجمع المذكر السالم البد أن يسلم فيه بناء‬
‫المفرد‪ ،‬فال يحصل فيه تغيير‪.‬‬
‫و مثله (سنين) ومفرده (سنة)‪ ،‬و (سنة) اسم ثالثي أصله (َس َنٌو )؛‬
‫بدليل جمعه على (سنوات)‪ ،‬حذفت المه وهي (الواو) ألن وزنه‬
‫(َفَعٌل )‪ ،‬وعوض عنها تاء التأنيث‪ ،‬وليس له جمع تكسير في اللغة‬
‫العربية‪.‬‬
‫وهو ملحق بجمع المذكر السالم في إعرابه‪ ،‬تقول‪( :‬هذه سنونُ‬
‫ِخ صٍب)‪ ،‬برفع (سنون) بالواو‪ ،‬وتقول‪( :‬أقمت عنده سنين) بنصب‬
‫(سنين) بالياء‪ ،‬و(درست النحو خمس سنين)‪ ،‬بجر (سنين) بالياء‪.‬‬
‫و باب (سنين) يشمل‪ :‬كل اسم ثالثي حذفت المه‪ -‬أي‪ :‬حرفه‬
‫الثالث األصلي‪ ،-‬وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة‪ ،‬ولم يعرف‬
‫له عند العرب جمع تكسير معرب بالحركات‪.‬‬
‫ومثله‪ِ :‬عَض ٌة (أي‪ :‬كذب وافتراء) وأصله‪ِ( :‬عَض ٌو )‪ ،‬فهو اسم‬
‫ثالثي حذفت المه‪ ،‬وعوض عنها تاء التأنيث‪ ،‬وليس له جمع‬
‫تكسير‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬الذين جعلوا القرآن ِعِض ين)‪ ،‬فـ(عضين) مفعول‬
‫ثان لـ(جعل)‪ ،‬وهو منصوب بالياء ألنه ملحق بجمع المذكر السالم‪.‬‬
‫ومثله ِع َز ٌة (بكسر العين وفتح الزاي وهي الفرقة من الناس)‬
‫وجمعها ‪ِ :‬ع ُز ون‪ ،‬قال تعالى‪( :‬عن اليمين وعن الشمال ِع ِزين)‪،‬‬
‫فـ(عزين) حال منصوب بالياء؛ ألنه ملحق بجمع المذكر السالم‪.‬‬
‫ومنها‪( :‬بنون) جمع (ابن)‪ ،‬لكنه لم يسلم من التغيير‪ ،‬فقد حذفت‬
‫منه الهمزة وتحركت الباء‪ ،‬فُألحق بجمع المذكر السالم في إعرابه‬
‫بالحروف‪.‬‬
‫قال تعالى ‪( :‬أم له البنات ولكم البنون)‪ ،‬فـ(البنون) مبتدأ مؤخر‬
‫مرفوع بالواو‪.‬‬
‫وقال‪( :‬وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة)‪ ،‬فـ(بنين) مفعول‬
‫به منصوب بـ(جعل)‪ ،‬وعالمة نصبه الياء‪.‬‬
‫ومنها‪ِ( :‬ع لُّيون) وهو اسم ألعلى الجنة‪ ،‬وهو في األصل جمع ثم‬
‫ُس ِّم ي به‪ ،‬فلذا ُألحق بهذا الجمع‪ ،‬فأعرب إعرابه‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬لفي عِّليين‪ ،‬وما أدراك ما عِّلُيون)‪ ،‬فاألولى‬
‫مجرورة بالياء‪ ،‬والثانية مرفوعة بالواو على أنها خبر (ما)‪.‬‬
‫(جمع المؤنث السالم)‬
‫من األبواب التي تنوب فيها حركة عن حركة باب (جمع المؤنث‬
‫السالم)‪.‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫جمع المؤنث السالم هو‪ :‬كل كلمة دَّلت على أكثر من اثنتين من‬
‫اإلناث‪ ،‬بزيادة ألف وتاء مطلقًا‪ ،‬نحو‪( :‬مسلمات)‪.‬‬
‫و سمي جمع المؤنث السالم بـ(السالم) ألنه سلم فيه بناء‬
‫الواحد المفرد‪ ،‬تقول‪( :‬مسلمات) رفعًا ونصبًا وجرًا‪ ،‬فسلم فيها‬
‫بناء المفرد‪ ،‬وهو (مسلمة)‪.‬‬
‫إعرابه‪:‬‬
‫جمع المؤنث السالم يرفع بالضمة‪ ،‬والضمة عالمة الرفع‬
‫األصلية‪ ،‬ويجر بالكسرة‪ ،‬و الكسرة عالمة الجر األصلية‪ ،‬وينصب‬
‫بالكسرة‪ ،‬والكسرة ليست عالمة النصب األصلية‪ ،‬بل هي نائبة‬
‫عنها‪ ،‬وهي الفتحة‪.‬‬
‫فالرفع نحو قوله تعالى‪( :‬والوالدات يرضعن )‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(والمطلقات يتربصن)‪.‬‬
‫فـ(الوالدات)و (المطلقات) كل منهما مبتدأ مرفوع وعالمة رفعه‬
‫الضمة‪ ،‬وهي عالمة الرفع أصلية‪ ،‬لم تنب فيها حركة عن حركة‪.‬‬
‫والجـر نحو قوله تعالى‪( :‬إن في السماواِت)‪ ،‬وقوله‪( :‬في جناِت‬
‫النعيم)‪.‬‬
‫فـ(السماواِت)‪ ،‬و(جناِت) كل منهما اسم مجرور وعالمة جِّر ه‬
‫الكسرة‪ ،‬وهي عالمة الجر األصلية‪.‬‬
‫والنصب نحو قوله تعالى‪( :‬وخلق هللا السماواِت)‪ ،‬وقوله‪( :‬إن‬
‫هللا يمسك السماواِت)‪ ،‬فـ(السماواِت ) في اآليتين مفعول به‬
‫منصوب وعالمة نصبه‬
‫الكسرة‪ ،‬والكسرة ليست عالمة النصب األصلية‪ ،‬ولكنها نابت‬
‫عن عالمته األصلية‪ ،‬وهي الفتحة؛ ألنها جمع مؤنث سالم‪.‬‬
‫(الملحق بجمع المؤنث السالم)‬
‫الملحق بجمع المؤنث السالم هو‪ :‬ما دل على أكثر من اثنتين‬
‫من اإلناث‪ ،‬ولكن ليس له مفرد من لفظه‪.‬‬
‫و من ذلك ‪:‬‬
‫(ُأوالت) ألنه ال مفرد له من لفظه بل من معناه‪ ،‬وهو‬
‫(صاحبات)‪ ،‬ومفرده (صاحبة)‪ ،‬وهو مالزم لإلضافة السم جنس‪،‬‬
‫ولهذا يعرب إعراب الجمع دون تنوين‪.‬‬
‫فـ(أوالت األحمال) مبتدأ‬
‫ُ‬ ‫قال تعالى‪( :‬وأوالُت األحمال أجلهن)‬
‫مرفوع بالضمة‪( ،‬واألحمال) مضاف إليه‪ ،‬والجملة بعده خبر‪،‬‬
‫والتقدير ‪( :‬أجُلهن َو ْض ُع حِم لهن)‪.‬‬
‫وقال تعالى‪ ( :‬وإْن كَّن أوالِت حمل) فـ(أوالِت حمل) خبر (كان)‬
‫منصوب بالكسرة‪ ،‬واسمها نون اإلناث المدغمة في نون (كان) ‪.‬‬
‫ومثله ‪( :‬عرفات)‪ ،‬تقول‪ :‬هذه عرفاٌت ‪ ،‬ورأيت عرفاٍت‪ ،‬ومررت‬
‫بعرفاٍت‪ ،‬فترفعه بالضمة‪ ،‬وتنصبه وتجره بالكسرة مع التنوين‬
‫مراعاة لظاهره‪ ،‬وهو أنه جمع مع أن مدلوله مفرد‪ ،‬ومنه قوله‬
‫تعالى‪ ( :‬فإذا أفضتم من عرفات)‪.‬‬
‫(أسئلة تدريبية)‬
‫مثل لما يأتي في جملة من عندك ‪:‬‬
‫‪ -‬جمع مذكر سالم‬ ‫‪ -‬مثنى منصوب بالياء‪.‬‬
‫مرفوع بالواو‪.‬‬
‫‪ -‬مثنى مرفوع‬ ‫‪ -‬جمع مؤنث سالم منصوب بالفتحة‪.‬‬
‫باأللف‪.‬‬
‫‪ -‬جمع مذكر سالم مجرور بالياء‪.‬‬
‫أعرب الكلمات التي تحتها خط في اآليات التالية‪:‬‬
‫قال تعالى‪( :‬هذان خصمان)‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬قد أفلح المؤمنون )‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬والوالدات يرضعن أوالدهن)‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬وأما الجدار فكان لغالمين)‪.‬‬
‫وقال‪ ( :‬إن المتقين في مقام أمين)‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬إَّن هللا يمسك السماوات واألرض)‪.‬‬
‫ضع خطًا تحت كل جمع مذكر سالم أو ملحق به فيما يأتي‪ ،‬ثم أعربه‪:‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪( :‬إن هللا يحب المتقين)‪.‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪( :‬هم فيها خالدون)‪.‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪( :‬وذلك جزاء المحسنين)‪.‬‬
‫‪ -‬حضر أربعون طالبًا‪.‬‬
‫‪( -‬من أوسط ما تطعمون أهليكم)‪.‬‬
‫(الممنوع من الصرف)‬
‫من األبواب التي تنوب فيها حركة عن حركة باب االسم‬
‫الممنوع من الصرف‪ ،‬والصرف هو التنوين‪ ،‬فاالسم الممنوع من‬
‫الصرف هو الممنوع من التنوين‪ ،‬أي أنه يعرب ولكنه ال ينون‪.‬‬
‫و االسم الممنوع من الصرف إما أْن يكون ممنوعًا منه لعلة‬
‫واحدة أو لعلتين‪.‬‬
‫أوًال‪ :‬ما يمنع من الصرف لعلة واحدة‪:‬‬
‫يمنع االسم من الصرف لعلة واحدة في حالتين‪:‬‬
‫أوالهما‪ :‬أن يكون االسم مختومًا بألف تأنيث زائدة‪ ،‬سواء أكانت‬
‫مقصورة‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫كبرى‪ ،‬وصغرى‪ ،‬ودنيا‪.‬‬
‫أم كانت ممدودة‪ ،‬نحو‪ :‬صحراء‪ ،‬وشهداء‪ ،‬وعلماء‪.‬‬
‫واألخرى‪ -‬أن يكون االسم على صيغة ُم نتهى الجموع‪ :‬وهي كل‬
‫جمع تكسير بعد ألف تكسيره حرفان‪ ،‬مثل‪ :‬مساجد‪ ،‬ومدارس‪،‬‬
‫ومصانع‪.‬‬
‫أو ثالثة أحرف وسطها ساكن‪ ،‬مثل‪ :‬مصابيح‪ ،‬وقناديل‪ ،‬وتماثيل‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬يعملون له ما يشاء من محاريَب وتماثيَل )‪،‬‬
‫فـ(محاريب وتماثيل) كالهما ممنوع من الصرف لعلة واحدة‪ ،‬وهي‬
‫أنهما على صيغة منتهى الجموع؛ ألن كًال منهما جمع تكسير‪ ،‬وبعد‬
‫ألف تكسيره ثالثة أحرف أوسطها ساكن‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬ما يمنع من الصرف لعلتين‪:‬‬
‫االسم إما أن يكون علمًا أو صفة‪ ،‬فإن كان علمًا منع من الصرف‬
‫إن وجدت معه علة أخرى مع علة العلمية الموجودة فيه أصًال‪،‬‬
‫وإن كان صفة منع من الصرف إن وجدت معه علة أخرى مع علة‬
‫الوصفية الموجودة فيه أصًال‪.‬‬
‫أ‪ -‬الممنوع من الصرف لعلتين إحداهما العلمية ‪:‬‬
‫ُيمنع الَعَلم من الصرف إذا وجدت معه علة أخرى من ست علل‪،‬‬
‫فيكون ممنوعًا من الصرف لعلتين مجتمعتين‪:‬‬
‫‪ -1‬العلمية والعجمة‪ُ :‬يمنع الَعَلم من الصرف إذا كان أعجمًّيا‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ليس‬
‫عربّي األصل‪ ،‬مثل‪ :‬إبراهيم‪ ،‬وإسماعيل‪ ،‬وإسحاق‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬صحِف إبراهيَم وموسى)‪ ،‬فـ(إبراهيم) مضاف‬
‫إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ ألنه ممنوع من الصرف‬
‫للعلمية والعجمة‪.‬‬
‫‪ -2‬العلمية و التأنيث‪ُ :‬يمنع العلم من الصرف إذا كان مؤنثًا‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫خديجة‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬وسعاد‪.‬‬
‫‪-3‬العلمية والعدل‪ ،‬نحو‪ُ :‬ع ّم ر وُز َح ل؛ فإن أصلهما (عامر‪ ،‬و‬
‫زاحل)‪.‬‬
‫‪-4‬الَع َلمية وزن الفعل‪ ،‬مثل‪:‬أحمد‪ ،‬وأشرف‪ ،‬ويزيد‪ ،‬و يحيى‪.‬‬
‫‪ -5‬الَع َلمية و زيادة األلف والنون‪ ،‬مثل‪ :‬شعبان‪ ،‬رمضان‪ ،‬عدنان‪،‬‬
‫رمضان الذي أنزل فيه القرآن)‪.‬‬
‫َ‬ ‫عّفان‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪( :‬شهر‬
‫فـ(رمضان) مضاف إليه مجرور وعالمة جره الفتحة نيابة عن‬
‫الكسرة؛ ألنه ممنوع من الصرف؛ للعلمية وزيادة األلف والنون‪.‬‬
‫‪ -6‬الَع َلمية والتركيب المزجي‪ ،‬مثل‪ :‬بعلبك‪ ،‬وحْض رموت‪،‬‬
‫وبورسعيد‪.‬‬
‫ب‪ -‬الممنوع من الصرف لعلتين إحداهما الوصفية‪:‬‬
‫ُتمنع الصفة من الصرف إذا وجدت معها علة أخرى من ثالث‬
‫علل‪ ،‬فيكون ممنوعًا من الصرف لعلتين مجتمعتين‪:‬‬
‫‪ -1‬الوصفية وزن الفعل‪ ،‬مثل‪:‬أْح سن‪ ،‬وأْك رم‪ ،‬وأْطهر‪ ،‬وأْبرع‪ ،‬وأكبر‪.‬‬
‫‪ -2‬الوصفية و زيادة األلف والنون‪ ،‬نحو‪ :‬غْض بان‪ ،‬وجْو عان‪ ،‬وظْم آن‪.‬‬
‫‪ -3‬الوصفية والعدل‪ ،‬نحو صيغتي‪َ( :‬م ْفعل) و(ُفعال) من العدد‪ ،‬كما في‬
‫قوله تعالى‪( :‬فانكحوا ما طاب لكم من النساء َم ثنى وُثالَث‬
‫وُر باَع )‪.‬‬
‫إعرابه ‪ :‬االسم الممنوع من الصرف يعرب وال ينَّو ن‪ -‬كما سبق‬
‫ذكره‪ ، -‬فيرفع بالضمة الظاهرة‪ ،‬وهي حركة أصلية‪ ،‬وال ينَّو ن‪،‬‬
‫نحو‪( :‬جاء إبراهيُم وأحمُد)‪ ،‬وينصب بالفتحة الظاهرة‪ ،‬وهي حركة‬
‫أصلية‪ ،‬وال ينَّو ن‪ ،‬نحو‪(:‬رأيت إبراهيَم )‪.‬‬
‫ويالحظ أن الممنوع من الصرف في حالتي رفعه ونصبه‬
‫السابقتين أعرب بحركتين‬
‫أصليتين‪ ،‬ولم تنب في إعرابه حركة عن حركة‪.‬‬
‫و لكن نيابة حركة عن حركة في إعرابه تتمثل في حالة الجر؛‬
‫ألنه يجر بالفتحةنيابة عن الكسرة وال ينَّو ن‪ ،‬نحو‪(:‬مررت‬
‫بإبراهيَم وأحمَد )‪.‬‬
‫وعلى ذلك فهو يخرج عن األصل في اإلعراب في حالة الجّر‬
‫فقط‪ ،‬فيجّر بالفتحة نيابة عن الكسرة‪ ،‬ولكن بشرط أال يكون معرًفا‬
‫بـ(أل)‪ ،‬أو مضاًفا‪.‬‬
‫فإن وقع االسم مضاًفا أو معرًفا بـ(أْل ) صار مصروًفا‪ ،‬وُأعرب في‬
‫كِّل أحواله بالعالمات األصلية‪ ،‬تقول‪( :‬صليت في‬
‫المساجِد )‪،‬و(سرت مع المساكيِن )‪ ،‬و(صليت في مساجِد الحي)‪،‬‬
‫و(عطفُت على مساكيِن الحي)‪ ،‬فـ(مساجد) و(مساكين) في الجمل‬
‫السابقة مصروفان؛ اسمان مجروران وعالمة جرهما الكسرة‬
‫حسب األصل‪ ،‬ألّن كال منهما وقع مرة معرفًا بـ(أل)‪ ،‬ومرة مضافًا‪.‬‬
‫أما في غير هاتين الحالتين فتكون عالمة جره الفتحة‪ ،‬نحو قوله‬
‫تعالى‪( :‬وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسنَ منها)‪ ،‬فـ(أحسَن ) اسم‬
‫مجرور بالباء وعالمة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ ألنه ممنوع‬
‫من الصرف‪.‬‬
‫(أسئلة تدريبية)‬
‫‪ -‬بين سبب منع األسماء التالية من الصرف‪:‬‬
‫( عائشة‪ ،‬تماثيل‪ ،‬حضرموت‪ ،‬عطشان‪ ،‬أحمد‪ ،‬رمضان‪،‬‬
‫صحراء‪ ،‬كبرى)‬
‫‪ -‬أعرب ما تحته خط‪:‬‬
‫قال تعالى ‪( :‬صحف إبراهيَم وموسى)‪.‬‬
‫وقال‪( :‬شهر رمضاَن الذي أنزل فيه القرآن)‪.‬‬
‫وقال‪ ( :‬يعملون له ما يشاء من محاريَب وتماثيَل )‪.‬‬
‫‪ -‬ضع كلمة (مساجد) في جملتين‪ ،‬بحيث تكون في األولى‬
‫مجرورة بالفتحة‪ ،‬وفي الثانية مجرورة بالكسرة؟‬
‫*******‬
‫(األفعال الخمسة)‬
‫من األبواب التي تنوب الحروف في إعرابها عن الحركات باب‬
‫األفعال الخمسة‪.‬‬
‫واألفعال الخمسة هي‪ :‬كل فعل مضارع اتصل به ألف االثنين أو واو‬
‫الجماعة‪ ،‬أو ياء المخاطبة‪.‬‬
‫وهنا سؤال‪ :‬كيف تكون األفعال خمسة‪ ،‬مع أن الصور المذكورة ثالث؟‬
‫والجواب ‪ :‬أَّن الفعل المضارع المتصل بألف االثنين ‪ :‬إما أْن يكون مبدوءًا‬
‫بتاء الخطاب‪ ،‬نحو‪( :‬تذاكران)‪ ،‬أو مبدوءًا بياء الغيبة‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(يذاكران)‪ ،‬فهاتان صورتان‪.‬‬
‫والفعل المضارع المتصل بواو الجماعة ‪ :‬إما أْن يكون مبدوءًا بتاء‬
‫الخطاب‪ ،‬نحو‪( :‬تذاكرون)‪ ،‬أو أن يكون مبدوءًا بياء الغيبة‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(يذاكرون)‪ ،‬فهاتان صورتان‪.‬‬
‫والفعل المضارع المتصل بتاء المخاطبة‪ :‬ال يكون إال للخطاب‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(تذاكرين‪ ،‬وتنجحين)‪ ،‬فهذه صورة واحدة‪.‬‬
‫وعليه فيكون مجموع صور أو أمثلة األفعال في هذا الباب‬
‫خمسة‪.‬‬
‫إعرابها‪ :‬ترفع األفعال الخمسة بثبوت النون نيابة عن الضمة‪،‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪( :‬والمالئكة يسبحون بحمد ربهم)‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(وتأكلون التراث أكًال لمَّـا)‪.‬‬
‫فالفعالن المضارعان (يسبحون‪ ،‬وتأكلون) كل منهما مرفوع‬
‫وعالمة رفعه ثبوت النون نيابة عن الضمة؛ ألنه من األفعال‬
‫الخمسة؛ التصاله بواو الجماعة‪.‬‬
‫وتنصب األفعال الخمسة بحذف النون نيابة عن الفتحة‪ ،‬وتجزم‬
‫بحذفها كذلك نيابة عن السكون‪.‬‬
‫فمثال النصب‪ :‬قوله تعالى‪ ( :‬إال أْن يؤمنوا باهلل العزيز الحميد)‪.‬‬
‫فالفعل‪( :‬يؤمنوا) فعل مضارع منصوب‪ ،‬وعالمة نصبه حذف‬
‫النون نيابة عن‬
‫الفتحة؛ ألنه من األفعال الخمسة؛ التصاله بواو الجماعة‪.‬‬
‫ومثال الجزم قوله تعالى‪( :‬قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا)‪.‬‬
‫فالفعل‪( :‬تؤمنوا) فعل مضارع مجزوم‪ ،‬وعالمة جزمه حذف‬
‫النون نيابة عن السكون؛ ألنه من األفعال الخمسة؛ التصاله بواو‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫و هناك آية كريمة اجتمع فيها مثاالن للنصب والجزم معًا‪ ،‬وذلك‬
‫في قوله تعالى‪َ( :‬فِإْن َلْم َتْفَعُلوا َو َلْن َتْفَعُلوا َفاَّتُقوا الَّناَر )‪.‬‬
‫فـ(تفعلوا) األولى فعل مضارع مجزوم‪ ،‬وعالمة جزمه حذف‬
‫النون نيابة عن‬
‫السكون؛ ألنه من األفعال الخمسة؛ التصاله بواو الجماعة‪.‬‬
‫و(تفعلوا) الثانية فعل مضارع منصوب‪ ،‬وعالمة نصبه حذف‬
‫النون نيابة عن الفتحة؛ ألنه من األفعال الخمسة؛ التصاله بواو‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫(أسئلة تدريبية)‬
‫استخرج الفعل المضارع‪ ،‬وأعربه‪:‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪ ( :‬إال أْن يؤمنوا باهلل العزيز الحميد)‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪( :‬قل لم‬ ‫‪ -‬وقال‪( :‬وتأكلون التراث)‪.‬‬
‫تؤمنوا)‪.‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪( :‬تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)‪.‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪( :‬فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار)‪.‬‬
‫مثل لما يأتي في جملة مفيدة‪:‬‬
‫‪ -‬فعل مضارع‬ ‫‪ -‬فعل مضارع مرفوع بثبوت النون‪.‬‬
‫مجزوم بحذف النون‪.‬‬
‫‪ -‬فعل مضارع منصوب بحذف النون‪.‬‬

‫ثانيًا‪( :‬علم الصـرف)‬


‫‪ -‬مبادئ علم الصرف وتعريفه ‪:‬‬
‫تعريفه‪:‬‬

‫الَّصْر ُف لغًة‪ :‬التغييُر والتحويل‪ ،‬ومنه قوله‪( :‬وتصريُف الرياِح)‬


‫أي‪ :‬تغييرها‪.‬‬
‫واصطالًحا بالمعنى الَع َم لي‪ :‬تحويُل اَألصِل الواحِد ‪-‬مثل‪( :‬ض ر‬
‫ب)‪ -‬إلى أمثلٍة مختلفٍة‪ِ ،‬لمعاٍن مقصودة ال تحُص ل إال بها‪،‬‬
‫فـ(ضاِرب) تدل على معنى اسم الفاعل‪ ،‬و(مضُر وب) تدل على‬
‫معنى اسم المفعول‪ ،‬و(ضاربان) تدُّل على معنى التثنية‪ ،‬إلى غير‬
‫ذلك من األمثلة الدالة على معان ال تحصل إال بهذا التحويل‪.‬‬
‫وبالمعنى الِع ْلِمّي ‪ :‬علٌم بأصول وقواعد ُيْعَر ف بها أحواُل أبنيِة‬
‫الكلمِة التي ليست بإعراٍب وال بناٍء ‪.‬‬
‫فاألبنية‪ :‬جمُع بناٍء ‪ ،‬وهى هيئُة الكلمِة من حيث عدد حروفها‪،‬‬
‫وترتيبها‪ ،‬وحركاتها وسكناتها‪.‬‬
‫والمراد بـ(أحوال أبنية الكلم) أي‪ :‬ما يعتريها من إعالل أو‬
‫إبدال‪ ،‬أو تخفيف أو تشديد‪ ،‬أو إدغام‪ ،‬أو أصالة حروفها أو‬
‫زيادتها‪.‬‬
‫وموضوُع ه‪ :‬األلفاُظ العربيُة من حيُث تلك األحواِل ‪ ،‬كالصَّح ة‬
‫واإلعالِل ‪ ،‬واألصالِة والزيادِة‪ ،‬ونحِو ها‪.‬‬
‫ويختُّص باألسماِء المتمكنِة‪-‬أي‪ :‬المعربة المنونة‪ ، -‬واألفعاِل‬
‫المتصّر فة‪ ،‬أي‪ :‬التي‬
‫تتأتى منها صور الفعل المختلفة تبعًا الختالف الزمان‪.‬‬

‫وواضُعه‪ُ :‬م عاذ بن ُم ْس ِلم الَهَّر اء‪ .‬بالتشديد‪ ،‬وقيل‪ :‬اإلمام علّى‬
‫كَّر م هللا وجهه‪.‬‬

‫و ثمرته‪َ :‬ص ْو ُن اللسان عن الخطِأ في المفرداِت‪ ،‬ومراعاُة قانوِن‬


‫اللغِة في الكتابِة‪.‬‬
‫(الميزان الصرفي)‬
‫علم التصريف شبيه بالصياغة‪ ،‬فالصائغ يصوغ من المعدن‬
‫الواحد أشياء مختلفة‪ ،‬والصرفي يحول المادة اللغوية الواحدة إلى‬
‫صور وأمثله مختلفة‪ ،‬لهذا يحتاج الصرفي في صناعته إلى ميزان‬
‫يعرف به عدد حروف الكلمة‪ ،‬وترتيبها‪ ،‬وما فيها من أصول‬
‫وزوائد‪ ،‬وحركات وسكنات‪ ،‬وما طرأ عليها من تغيير‪ ،‬وهذه هي‬
‫فائدته‪.‬‬
‫فالميزان الصرفي مقياس وضعه علماء العرب لمعرفة أحوال‬
‫بنية الكلمة‪ ،‬وهو من أحسن ما عرف من مقاييس ضبط اللغات‪.‬‬
‫وآثر الصرفيون أن تكون حروف الميزان هي (ف ع ل) ألمور‪:‬‬
‫‪ -‬أن الفعل هو الذي يكثر فيه التغيير ويطرد‪ ،‬وكذلك األسماء‬
‫المتصلة به‪.‬‬
‫‪ -‬أن مادة (ف ع ل) أشمل المواّد‪ ،‬وأعمها‪ ،‬فكل حدث يسمى‬
‫فعًال‪.‬‬
‫‪ -‬أّن مخارج الحروف ثالثة‪ ،‬الحلق واللسان والشفتان‪ ،‬فأخذوا‬
‫من كّل مخرج حرفًا‪ :‬الفاء من الشفة‪ ،‬والعين من الحلق‪ ،‬والالم‬
‫من اللسان‪.‬‬
‫لماذا كان الميزان من ثالثة أحرف؟ ألّن أكثر كلمات اللغة العربية‬
‫على ثالثة أحرف‪ ،‬ولو كان الميزان رباعيا أو خماسيا لما أمكن‬
‫وزن الثالثي إال بعد حذف حرف أو حرفين‪ ،‬والزيادة أسهل من‬
‫الحذف‪.‬‬
‫كيفية الوزن‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬وزن المجرد‪ :‬المجرد إما أن يكون ثالثيًا أو غير ثالثي‪:‬‬


‫‪ .1‬الثالثي‪ :‬إذا كانت الكلمة ثالثية قوبلت حروفها عند الوزن‬
‫بالفاء والعين والالم‪ ،‬فيقابل حرفها األول بالفاء‪ ،‬ويسمى فاء‬
‫الكلمة‪ ،‬ويحرك بحركتها‪ ،‬والثاني يقابل بالعين‪ ،‬ويسمى عين‬
‫الكلمة‪ ،‬ويحرك بحركتها أو سكونها‪ ،‬والثالث يقابل بالالم‪ ،‬وُيَس ّم ى‬
‫الم الكلمة‪.‬‬
‫فـ(َك َتب) وزنها (َفَعل)‪ ،‬و(َك ُر م) وزنها (َفُعل)‪ ،‬و(َح ِس ب) وزنها‬
‫(َفِع ل)‪.‬‬
‫‪ .2‬غير الثالثي‪ :‬إذا كانت الكلمة المجردة رباعية‪ ،‬أو خماسية‬
‫(وال تكون إال اسمًا) وجميع حروفها أصلية‪ ،‬أي‪ :‬ثابتة في جميع‬
‫تصاريف الكلمة‪ ،‬ففي هذه الحال نزيد في الميزان الًم ا َأو المين‬
‫على أحرف (ف ع ل)‪ .‬فـ(َدْح َرَج ) وزنها (َفْع َلَل )‪ ،‬و(ِد ْر َهم) وزنها‬
‫(ِفْع َلل)‪ ،‬و(َج ْح َمِر ش) وزنها (َفْع َلِلل)‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬وزن المزيد‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا كانت الزيادة ناشئة من تكرير حرف من أصول الكلمة‬
‫َك َّرْر َت ما يقابله في الميزان‪ ،‬وال يوضع الزائد بلفظه في الميزان؛‬
‫تنبيهًا على أّن التكرار وقع في حرف أصلّي ‪ ،‬فتقول في وزن‪:‬‬
‫(قَّدم)‪( :‬فَّعَل )‪ ،‬ويقال له‪ُ :‬م ضَّعُف العين‪ ،‬و (َج ْلَبَب )‪َ( :‬فْع َلَل )‪ ،‬ويقال‬
‫له مضعف الالم‪.‬‬
‫‪ .2‬إن كانت الزيادة ناشئة من زيادة حرف من حروف الزيادة‬
‫(سألتمونيها)‪ ،‬وضع الزائد بلفظه في الميزان‪ ،‬فتقول في وزن‪:‬‬
‫(َقاِئم) َفاِع ل‪ ،‬و(َتْك ُتب)‪َ :‬تْفُعل‪،‬‬
‫و(اْس َتْخ رج)‪ :‬استْفَعل‪ ،‬و(ُم ْج َتِهد)‪ُ :‬م ْفَتِع ل‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا اجتمع في الكلمة زيادتان‪ :‬زيادة بتكرير حرف أصلي‪ ،‬و‬
‫زيادة حرف من حروف (سألتمونيها) أعطينا لكِّل زيادة حكمها‬
‫الخاص‪.‬‬
‫فمثًال‪َ( :‬تَعَّلم وَتَقَّدم)‪ :‬التاء فيهما زائدة من حروف‬
‫(سألتمونيها)‪ ،‬فتوضع بلفظها في الميزان‪ ،‬وأما الالم فهي تكرير‬
‫لحرف أصلي‪ ،‬فتقابل في الميزان بما قوبل به الحرف األصلي‪،‬‬
‫فيقال في وزنهما‪َ( :‬تَفَّعل)‪.‬‬
‫‪ .4‬وإن حصل حذف في الموزون ُح ِذ ف ما يقابله في الميزان‪،‬‬
‫فتقول في وزن (ُقْل )‪ُ :‬فْل ؛ ألن أصلها‪ُ( :‬قول) على وزن (ُفْع ل)‪،‬‬
‫فلما حذفت الواو حذف ما يقابلها في الميزان‪ ،‬وهو العين‪.‬‬
‫وكذلك (قاٍض) وزنها (فاٍع)‪ ،‬ألن أصلها‪( :‬قاضي) على وزن‬
‫(فاعل)‪ ،‬فلما حذفت الياء حذف ما يقابلها في الميزان‪ ،‬وهو الالم‪.‬‬
‫(تطبيق)‪:‬‬
‫‪ -‬زن الكلمات التالية‪ ،‬مع بيان المجرد والمزيد منها‪ ،‬مع بيان‬
‫أحرف الزيادة‪:‬‬
‫( استغفر‪ ،‬انكسر‪ ،‬جْلَبب‪ِ ،‬د ْر هم‪ ،‬جْع فر‪ ،‬امِش‪ ،‬وْس َو س‪،‬‬
‫سفْر جل)‪.‬‬
‫( انقسام الفعل إلى مجَّرد ومزيد)‬
‫ينقسم الفعل من حيث التجّر د والّز يادة قسمين‪ :‬المجرد‪،‬‬
‫والمزيد‪.‬‬
‫فالمجرد‪ :‬ما كانت جميع حروفه أصلية‪ ،‬ال يسقط حرف منها في‬
‫تصاريف الكلمة بغير عَّلة‪.‬‬
‫وينقسم إلى‪ :‬مجّر د الثالثي‪ ،‬ومجّر د الرباعي‪ ،‬وال يزيد المجرد‬
‫عن أربعة أحرف‪ ،‬ألّنه أثقل من االسم؛ إذ يدّل على حدث و زمن‪،‬‬
‫وقد يّتصل به من الضمائر ما يصير به معه كالكلمة الواحدة‪.‬‬
‫والمزيد‪ :‬ما ِزيد فيه حرف أو أكثر على حروفه األصلية‪ ،‬وهو‬
‫كذلك قسمان‪َ :‬م زيد الثالثّي ‪ ،‬ومزيد الرباعّي ‪ ،‬وفيما يلي بيان أقسام‬
‫كل على حدة‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬أقسام المجّرد‪:‬‬
‫‪ -1‬الثالثي المجرد‪:‬‬

‫له باعتبار ماضيه فقط ثالثة أبواب‪ ،‬ألّنه دائًم ا مفتوح الفاء‪،‬‬
‫وعينه إما أن تكون مفتوحة نحو‪( :‬نَص َر ‪َ ،‬و َض َرَب ‪َ ،‬و َفتَح )‪ ،‬أو‬
‫مكسورة نحو‪َ( :‬فِرح‪ ،‬وَح ِس ب‪ ،‬وَش ِهد)‪ ،‬أو مضمومة نحو‪َ( :‬ك ُر م‪،‬‬
‫وَع ُظم)‪.‬‬
‫وباعتبار الماضي مع المضارع له ستة أبواب؛ ألن عين‬
‫المضارع إما مضمومة‪ ،‬أو مفتوحة‪ ،‬أو مكسورة‪ ،‬و حاصل ثالثة‬
‫في ثالثة هو تسعة‪ ،‬يمتنع منها ثالث صور‪:‬‬
‫فيمتنع كسر العين في الماضي مع ضمها في المضارع‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫َفِع ل يفُعل‪.‬‬
‫ويمتنع ضم العين في الماضي مع فتحها في المضارع‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫فُعل يْفَعل‪.‬‬
‫ويمتنع ضم العين في الماضي مع كسرها في المضارع‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫فُعل يْفِع ل‪.‬‬
‫فأبواب الثالثي إذن ستة‪ ،‬تفصيلها ما يلي‪:‬‬
‫الباب األول‪َ :‬فَعل َيْفُعل(بفتح العين في الماضي وضمها في‬
‫المضارع)‪:‬‬
‫َك َنَص َر َيْنُص ر‪ ،‬وَقَعَد َيْقُعُد‪َ ،‬و َأَخ َذ َيْأُخ ُذ ‪.‬‬
‫الباب الثاني‪َ :‬فَعل َيْفِع ل (بفتح العين في الماضي وكسرها في‬
‫المضارع)‪:‬‬
‫كَض َرَب َيْض ِر ب‪َ ،‬و َج َلَس َيْج ِلُس ‪َ ،‬و َح َقَد َيْح ِقُد‪.‬‬
‫الباب الثالث‪َ :‬فَعل َيْفَعل (بفتح العين في الماضي والمضارع)‪:‬‬
‫كفَتح يفَتح‪ ،‬وذَهب يذَهب‪َ ،‬و سَعى يسَعى‪َ ،‬و َقَر أ َيْقَر أ‪ ،‬وسَح َب‬
‫يسَح ب‪.‬‬
‫وكّل فعل يأتي على هذا الوزن البّد أن يكون عينه أو المه حرفًا‬
‫حلقيًا‪( :‬الهمزة‪ ،‬الهاء‪ ،‬العين‪ ،‬الحاء‪ ،‬الغين‪ ،‬الخاء)‪.‬‬
‫الباب الرابع‪َ :‬فِع ل َيْفَعل (بكسر العين في الماضي‪ ،‬وفتحها في‬
‫المضارع)‪:‬‬
‫كفِرَح يفَر ح‪ ،‬وعِلم َيعَلم‪ .‬ويأتي من هذا الباب األفعال الداّلة على‬
‫الفرح‪ ،‬كـ(فِرح وطِرَب )‪ ،‬أو الَغضب كـ(َغ ِض َب َو حِزن)‪ ،‬أو االمتالء‬
‫َو الُخ ْلّو ‪ ،‬كـ(َش ِبع‪ ،‬وعِط ش)‪ ،‬أو األلوان كـ(َح ِم ر وَس وَد )‪ ،‬أو العيوب‬
‫َك ـ(عِو َر َو َع ِمَش )‪ ،‬أو الصفات الخلقية كـ(غِيد‪َ ،‬و َهِيَف )‪.‬‬
‫الباب الخامس‪َ :‬فِع ل َيْفِع ل (بكسر العين في الماضي والمضارع)‪:‬‬
‫كـحِس ب يحِس ب‪ ،‬وِنعم ينِع م‪ ،‬ويِبس يْيِبس‪ ،‬والفتح فيها أقيس‬
‫وأجود‪.‬‬
‫الباب الخامس‪َ :‬فُعل َيْفُعُل (بضم العين في الماضي والمضارع)‪:‬‬
‫كَش ُر َف َيْش ُر ُف ‪ ،‬وَو ُس َم َيْو ُس ُم ‪ ،‬وَلُؤ َم َيْلُؤ ُم ‪ ،‬وهذا الباب لألوصاف‬
‫الِخ ْلقية التي لها ُم ْك ث‪.‬‬
‫‪ -‬تطبيق‪:‬‬
‫‪-‬بين الجائز والممتنع من الصور التالية‪( :‬فَعل يفَعل)‪( -‬فِع ل‬
‫يفَعل)‪( -‬فِع ل يفُعل) – (فُعل يفُعل)‪( -‬فُعل يفَعل)‪( -‬فَعل يفِع ل)‪.‬‬
‫‪-‬من أّي األبواب األفعال التالية؟ (أَخ ذ يأُخ ذ)‪ ،‬و(أِم ن يأَم ُن )‪،‬‬
‫و(أَس ر يأُس ر)‪ ،‬و(وَع د يِع ُد)‪ ،‬و(وِرث يِر ث)‪ ،‬و(رِض ي يْر َض ى)‪.‬‬
‫‪ -‬فيم يكثر باب (فُعل يفُعل)؟ مع التمثيل‪.‬‬
‫الرباعي المجّرد وملحقاته‪:‬‬

‫للرباعي المجَّر د وزن واحد‪ ،‬وهو َفْع لل‪ ،‬كَدْح َر ج يَدْح ِرج‪،‬‬
‫وَز ْخ َر ف ُيَز ْخ ِر ف‪ .‬ومنه أفعال نحتتها العرب من مركبات‪ ،‬فتحفظ‬
‫وال يقاس عليها‪ ،‬نحو‪( :‬بسَمَل )‪ :‬إذا قال‪ :‬بسم هللا‪ ،‬و(حوقل) إذا‬
‫قال‪ :‬ال حول وال قوة ِإال باهلل‪ ،‬و(َطْلَبق) إذا قال‪ :‬أطال هللا بقاءك‪،‬‬
‫و(َد ْم َعَز ) إذا قال‪ :‬أدام هللا عزك‪.‬‬
‫الملحق بالرباعي المجّرد‪:‬‬

‫واإللحاق‪ :‬أن تزيد في البناء زيادة‪ ،‬لتلحقه بآخَر أكثر منه‪،‬‬


‫فيتصرف تصرفه‪ ،‬وهي زيادة لفظية ال تدّل على معنى معّين‪،‬‬
‫ويلحق الفعل الثالثي بالرباعي المجرد بتكرير الالم‪ ،‬وبزيادة الواو‬
‫ثانية أو ثالثة‪ ،‬وزيادة الياء أوالنون وسطًا‪ ،‬واأللف آخرًا‪ ،‬وهذه‬
‫هي صور الملحق بالرباعي‪ ،‬وتفصيلها كالتالي‪:‬‬
‫األول‪َ :‬فْع َلَل ‪ ،‬كجلَبَبه؛ أي ألبسه الجلباب‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬فْو عل‪ ،‬كجوربه؛ أي ألبسه الَج ْو رب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬فْع َو ل‪ ،‬نحو‪َ :‬ر ْه َو ك في ِم شيته؛ أي أسرع‪ ،‬وَج ْه ور‪ ،‬أي‬
‫رفع صوته‪.‬‬
‫الرابع‪َ :‬فْيَعل‪َ ،‬ك َبْيطَر ؛ أي أصلح الدواب‪ ،‬وَسْيَطر‪ ،‬وَهْيَم ن‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬فْعَيَل ‪ ،‬نحو‪َ :‬ش ْر َيَف الزرَع ‪ ،‬أي‪ :‬قطع ِش ريافه‪ ،‬وهو‬
‫ورقه إذا جّف ‪.‬‬
‫السادس‪ :‬فْع َلى‪ ،‬نحو َس ْلَقى فالنًا‪ :‬إذا رماه على ظهره‪.‬‬
‫السابع‪َ :‬فْع َنَل ‪ ،‬كقلنسه‪ :‬ألبسه القلنسوة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أقسام المزيد‪:‬‬
‫أوزان الثالثي المزيد‪ :‬الفعل الثالثّي المزيد فيه ثالثة أقسام؛ ما زيد‬
‫فيه حرف‬
‫واحد‪ ،‬وما زيد فيه حرفان‪ ،‬وما زيد فيه ثالثة أحرف‪ ،‬فغاية ما‬
‫يبلغ الفعل بالزيادة ستة‪ ،‬بخالف االسم‪ ،‬فإنه يبلغ بالزيادة سبعة؛‬
‫ِلثقل الفعل‪ ،‬وِخ فة االسم‪.‬‬
‫‪ -‬فالذي زيد فيه حرف واحد‪ ،‬يأتي على ثالثة أوزان‪:‬‬
‫األول‪َ( :‬أْفَعل)‪ :‬كـ(أكَر م‪ ،‬وأعَطى)‪.‬‬
‫الثاني‪( :‬فاَع َل )‪ ،‬كـ(قاَتل‪ ،‬وآَخ ذ)‪.‬‬
‫الثالث‪َ( :‬فَّعَل )‪ :‬بالتضعيف‪ ،‬كـ(فَّر ح‪ ،‬وزكَّى ‪َ ،‬و بَّر أ)‪.‬‬
‫والذي زيد فيه حرفان يأتي على خمسة أوزان‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫األول‪ :‬اْنَفَعَل ‪ ،‬نحو‪ :‬انكَس ر‪ ،‬وانشَّق‪ ،‬وانقاد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اْفَتَعَل ‪ ،‬نحو‪ :‬اجتمع‪ ،‬واختار‪ ،‬واَّتقى‪ ،‬واْص َطبر‪،‬‬
‫واْض َطرب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬اْفَعَّل نحو‪ :‬احمَّر ‪ ،‬واعوَّر ‪ .‬وهذا الوْز ن يكون غالًبا في‬
‫األلوان والعيوب‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬تفَّعَل ‪ ،‬نحو‪ :‬تعَّلم وتزّك ى‪.‬‬
‫الخامس‪َ :‬تفاَع َل ‪ ،‬نحو‪َ :‬تَباَعَد وَتَشاَو َر ‪ ،‬وَتَباَر ك‪.‬‬
‫‪ -‬والذي زيد فيه ثالثة أحرف يأتي على أربعة أوزان‪:‬‬
‫األول‪ :‬اْس تْفَعَل ‪ ،‬نحو‪ :‬استخرج‪ ،‬واستقام‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬اْفَعوَع َل ‪ ،‬نحو‪ :‬اْغ دوَدَن ‪ ،‬أي‪ :‬طال‪ ،‬واْعشوشب المكان‪:‬‬
‫إذا كثر ُعْشبه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬اْفَعاّل نحو‪ :‬احماّر ‪ ،‬أي‪َ :‬قِوَيت ُح مرته‪ ،‬وابياّض ‪،‬‬
‫واسواّد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬اْفَعَّو َل نحو‪ :‬اجلَّو ذ‪ :‬أي‪ :‬أسرع‪ ،‬واعَلَّو َط‪ :‬أي‪ :‬تعلق‬
‫بعنق البعير فركبه‪.‬‬
‫(تطبيق)‪:‬‬
‫هات من األفعال التالية على وزن‪ :‬اْنَفَعل‪ ،‬اْفَتَعل‪َ ،‬تفاَع ل‪َ ،‬فاَع ل‪.‬‬
‫(فَتح) – (َر َس م)‪( -‬فِهم)‬
‫أوزان الرباعِي الَم ِز يد فيه وملحقاته‪:‬‬
‫ينقسم الرباعّي المزيد فيه قسمين‪ :‬ما زيد فيه حرف واحد‪ ،‬وما‬
‫زيد فيه حرفان‪:‬‬
‫فالذي زيد فيه حرف واحد‪ :‬له ووزن واحد‪ ،‬وهو (تَفعلَل )‪،‬‬
‫كتدحرَج ‪.‬‬
‫والملحق بما زيد فيه حرف واحد يأتي على ستة أوزان‪:‬‬
‫األول‪ :‬تَفْع َلَل ‪ ،‬نحو‪ :‬تَج ْلَبَب ‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬تَفْع وَل ‪ ،‬نحو‪َ :‬تَر ْه َو ك‪ ،‬وَتَدْه َو ر‪.‬‬
‫الثالث‪َ( :‬تَفْيَعل)‪ ،‬نحو‪َ :‬تَش ْيَطَن ‪.‬‬
‫الرابع‪َ( :‬تَفْو َع ل)‪ ،‬نحو‪َ :‬تَج َْْو رَب ‪.‬‬
‫الخامس‪َ( :‬تَم ْفَعل) نحو‪َ :‬تَم ْس َك َن ‪.‬‬
‫السادس‪َ( :‬تَفْع َلى) نحو‪َ :‬تَس ْلقى‪.‬‬
‫والذي زيد فيه حرفان وزنان‪:‬‬
‫األول‪( :‬اْفَعْنَلَل ) نحو‪ :‬اْح َر ْنَج َم ‪ ،‬يقال‪ :‬احرنجَم القوُم ‪ ،‬أي‪:‬‬
‫اجتمعوا‪.‬‬
‫الثاني‪( :‬افعَلَّل ) كاقشَعَّر ‪ ،‬واطمَأَّن ‪.‬‬
‫والملحق بما زيد فيه حرفان‪ ،‬وزنان‪:‬‬
‫األول‪ :‬اْفعْنَلل‪ ،‬نحو‪( :‬اْقعنَسَس )‪.‬‬
‫الثانى‪ :‬اْفعْنَلى‪ ،‬نحو‪( :‬اْس َلْنقى)‪.‬‬
‫والفرق بن وْز َنِي (اْح رنجَم ) و(اْقعْنَس س)‪ ،‬أن (اقعنَسَس ) إحدى‬
‫الميه زائدة لإللحاق‪ ،‬وأصله ثالثي (قعس)‪ ،‬بخالف (اْح رْنجم)؛‬
‫فإنهما فيه أصليتان‪ ،‬وأصله (حْر َج م)‪.‬‬
‫**********‬
‫(المعاجم وطريقة الكشف فيها)‬
‫‪ -‬المعجم هو‪ :‬كتاب يضم أكبر عدد من مفردات اللغة‪ ،‬مرتبة‬
‫على نمط معين‪ ،‬مقرونًة بشرحها وبيان معانيها‪ ،‬و مضافًا إليها ما‬
‫يناسبها من معلومات تفيد الباحث‪ ،‬و تعين الدارس على الوصول‬
‫إلى مراده‪.‬‬
‫‪ -‬أنواع المعاجم ‪:‬‬
‫يمكن تصنيف المعاجم اللغوية العربية إلى مجموعتين‪ ،‬أو‬
‫نوعين‪:‬‬
‫األول‪ :‬معاجم المعاني‪ :‬ويطلق على الكتب و الرسائل اللغوية التي‬
‫ُأِّلفت في موضوع واحد مثل‪ :‬كتاب النبات‪ ،‬كتاب الحشرات‪ ،‬كتاب‬
‫اإلبل‪ ،‬كتاب الخيل‪ ،‬كتاب المطر و األنواء‪ ،‬كتاب اللبن و اللبأ‪،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬معاجم األلفاظ‪ :‬ويطلق على المعاجم التي تعالج اللفظة‪،‬‬
‫فتضبطها‪ ،‬وتبين أصلها ومشتقاتها‪ ،‬وتشرح مدلولها‪ ،‬وتتخذ نهجًا‬
‫خاصًا في ترتيب األلفاظ‪.‬‬
‫أشهر المعاجم العربية‪:‬‬
‫من أشهر المعاجم العربية التي يمكن أن يعتمد عليها الّدارس‪:‬‬
‫‪ -‬الّص حاح في اللغة للجوهري(‪393‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -‬لسان العرب البن منظور(‪711‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -‬القاموس المحيط للفيروزآبادي (‪817‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -‬المصباح المنير‬ ‫‪ -‬مختار الصحاح للرازي‪.‬‬
‫للفيومي‪.‬‬
‫و فيما يلي بيان ألهِّم الطرق التي اتبعت في ترتيب مواد المعجم‬
‫العربي‪:‬‬
‫طريقة الكشف في المعجم‪:‬‬
‫‪ .1‬يتم البحث عن الكلمة المجردة في المعجم مباشرة‪ ,‬والكلمة‬
‫المجردة قد يكون‬
‫أصلها ثالثيًا مثل‪َ( :‬نَشر‪ ,‬وَك َتب)‪ ،‬أو رباعيًا مثل‪َ( :‬ز ْلَز ل‪ ،‬و‬
‫َدْح َر ج)‪.‬‬
‫‪ .2‬ترُّد الكلمة إلى مفردها إن كانت جمعًا‪ ،‬فمثًال‪( :‬أشجار) ُترد‬
‫إلى (شجرة)‪ ،‬و(أقالم) ُترد إلى (قلم)‪.‬‬
‫‪ .3‬يرُّد المضارع واألمر إلى الماضي‪ ،‬فمثًال‪(:‬يْذ هب واْذ هب) ُترُّد‬
‫إلى (ذهَب )‪.‬‬
‫‪ُ .4‬تجَّر ُد الكلمة من حروف الزيادة إن كانت مزيدة‪ .‬فمثًال‬
‫(ابتسام) تجرد من الزوائد‪ ،‬فتصبح‪( :‬بسم)‪ ،‬ومثًال‪( :‬اقرأ)‬
‫بتجريدها تصبح‪( :‬قرأ)‪ ،‬فالحروف التي تقابل الفاء والعين والالم‬
‫هي األصلية‪ ،‬وغيرها تعتبر مزيدة‪.‬‬
‫‪ُ .5‬ترد األلف إلى أصلها –الواو أو الياء– ؛ حيث أن األلف في‬
‫الكلمة تكون منقلبة عن الواو أو الياء‪.‬‬
‫‪ُ .6‬يرد الحرف المحذوف إلى مكانه‪ ،‬فمثًال‪( :‬هبة) أصلها‬
‫(وهَب )‪ ،‬فنبحث عن (هبة) في حرف الواو عند (وهَب )‪.‬‬
‫‪ُ . 7‬يفك الحرف المشدد‪ ،‬فمثًال‪ُ( :‬سَّر ) أصلها (ُس رر)‪ ،‬و(مَّر )‬
‫أصلها‪َ( :‬م َر ر)‪.‬‬
‫طرق ترتيب الكلمات في المعاجم العربية ‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬طريقة التقليبات‪:‬‬
‫ويقصد بها جمع الكلمات المكونة من حروف واحدة تحت نطاق‬
‫واحد‪ ،‬ويبحث عنها في باب واحد‪ ،‬وترتب هذه األبواب بطريقتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬حسب المخرج‪ ،‬بحيث تجمع الكلمة وتقليباتها وتوضع‬
‫تحت أبعد الحروف مخرجًا‪ ،‬حيث يبدأ بالحلقي‪ ،‬ثم اللساني‪ ،‬ثم‬
‫الشفوي‪ ،‬و ذلك مثل كلمة‪( :‬ك ر ب)‪ ،‬وتقليباتها‪( :‬ك ب ر‪ ،‬ب ر‬
‫ك‪ ،‬ب ك ر‪ ،‬ر ب ك‪ ،‬ر ك ب)‪ ،‬تجمع كلها تحت أبعد الحروف‬
‫مخرجًا‪ ،‬وهو الكاف الذي يخرج من أقصى اللسان‪ ،‬ويسمى‪:‬‬
‫باب (الكاف)‪ ،‬وأول من اخترع هذه الطريقة هو الخليل بن‬
‫أحمد‪ ،‬في معجمه‬
‫(العين)‪ ،‬و تبعه كثيرون‪ ،‬مثل األزهري في كتاب (تهذيب‬
‫اللغة)‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن ترّتب حسب األبجدية العادية‪ ،‬فالمادة السابقة مثًال‬
‫نجدها تحت باب الباء‪ ،‬ثم يذكر بعدها الكلمات المكونة من حروف‬
‫هذه المادة‪ ،‬وهذه الطريقة اتبعها ابن دريد في (جمهرة اللغة)‪ ،‬ولم‬
‫تتبع هذه الطريقة في المعاجم المتقّدمة لصعوبتها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬طريقة القافية‪:‬‬
‫القافية هي الحرف الذي تبنى عليه القصيدة‪ ،‬و أطلق على هذه‬
‫الطريقة تجوزًا طريقة القافية ألنها كانت تراعي الحرف األخير في‬
‫الكلمة فتجعله بابًا‪ ،‬ثم تنظر إلى الحرف األول و تجعله فصًال‪،‬‬
‫فيكون لكّل باب ثمانية و عشرون فصًال‪ ،‬هي بقية حروف الهجاء‪،‬‬
‫فمادة (ر ك ب) مثًال يبحث عنها في باب (الباء)‪ ،‬فصل (الراء)‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وقد اتبع هذه الطريقة كثير من اللغويين‪ ،‬ومنهم‪ :‬الجوهري‬
‫في (صحاح اللغة)‪ ،‬و الفيروزابادي في (القاموس المحيط)‪ ،‬و ابن‬
‫منظور في (لسان العرب)‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬طريقة األبجدية العادية‪:‬‬
‫وترتب هذه الطريقة المادة اللغوية حسب األبجدية العربية‬
‫العادية‪ ،‬فينظر إلى الحرف األول يجعل بابًا‪ ،‬ثّم ترتب بقية المواد‬
‫حسب الحرف الثاني فالثالث‪ ،‬وهذه الطريقة أسهل الطرق الثالث‪،‬‬
‫و الزالت متبعة حتى العصر الحاضر‪ ،‬وممن أخذ بها (المصباح‬
‫المنير) للفيومي‪ ،‬والمعجم الوسيط‪.‬‬
‫(تدريبات)‪:‬‬
‫كيف تبحث عن الكلمات‪ُ ( :‬هَم زة‪ِ -‬د ْر هم‪َ -‬ك ُنود – َقْض ب ) في‬
‫كل من ‪:‬‬
‫لسان العرب‪ ،‬والمعجم الوسيط‪ ،‬والقاموس المحيط‪.‬‬
‫التعريف بأهّم المعاجم العربية‪ ،‬وطرق الكشف فيها‪:‬‬
‫‪ .1‬العين للخليل بن أحمد الفراهيدي‪:‬‬
‫‪ -‬مؤلفه‪:‬‬
‫ولد الخليل بن أحمد الفراهيدي في عمان من أصل عربي سنة (‬
‫‪100‬هـ)‪ ،‬ونشأ بالبصر‪ ،‬وتلقى العلم عن أفاضل العلماء‪ ،‬وعرف‬
‫بالذكاء و الفطنة و الذهن الوقاد‪ ،‬ولم يقف تفوقه عند علوم اللغة‪،‬‬
‫بل تجاوزها إلى العلوم الشرعية و الرياضية‪ ،‬و هو واضع علم‬
‫(علم العروض)‪ ،‬و معجم (العين) مرتبًا ترتيبًا صوتيًا معتمدًا على‬
‫ضبط مخارج الحروف‪ ،‬توفي سنة ‪170‬هـ وقيل‪175 :‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -‬طريقة ترتيب معجم العين ‪:‬‬
‫رتب الخليل معجمه حسب ترتيب مخارج الحروف‪:‬‬
‫‪ .1‬بدأ بحروف الحلق ألنه أبعد المخارج‪ ،‬وانتهى بحروف‬
‫الشفة؛ ألنها أقربها‪.‬‬
‫‪ .2‬جعل ترتيب الحروف هكذا‪ :‬ع ‪ ،‬ح ‪ ،‬هـ ‪ ،‬خ ‪ ،‬غ ‪ ،‬ق ‪ ،‬ك‪ ،‬ج‬
‫‪ ،‬ش ‪ ،‬ض‪ ،‬ص ‪ ،‬س‪ ،‬ز ‪ ،‬ط ‪ ،‬د ‪ ،‬ت ‪ ،‬ظ‪ ،‬ذ ‪ ،‬ث‪ ،‬ر ‪ ،‬ل ‪ ،‬ن ‪ ،‬ف‬
‫‪ ،‬ب ‪ ،‬م ‪ ،‬و ‪ ،‬ي‪ ،‬وسمي كل حرف كتابًا ‪ ،‬وافتتح معجمه بحرف‬
‫(العين) ألنه أول حروف حسب ترتيب المخارج‪( ،‬من أقصى الحلق‬
‫) ثم بعده كتاب الحاء ثم الهاء ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫‪ .3‬حصر أبنية العربية بين الثنائي والخماسي‪ ( :‬الثنائي ‪،‬‬
‫الثالثي ‪ ،‬الرباعي ‪ ،‬الخماسي)‪.‬‬
‫‪.4‬أشار للمستعمل والمهمل في أبنية الثنائي والثالثي‪ ،‬أما‬
‫الرباعي والخماسي فأغفل اإلشارة إلى المهمل منهما؛ ألنه فوق‬
‫الحصر‪.‬‬
‫**************‬
‫‪ .2‬تاج اللغة و صحاح العربية للجوهري‪:‬‬
‫‪ -‬مؤلفه‪:‬‬
‫هو اإلمام أبو نصر إسماعيل الجوهري‪ ،‬قيل إنه ولد بفاراب‬
‫سنة (‪332‬هـ)‪ ،‬تلقى العلم على أبي سعيد السيرافي‪ ،‬و أبي علّي‬
‫الفارسي‪ ،‬و غيرهما‪ ،‬و سافر إلى الحجاز طلبًا لمزيد من العلم‪،‬‬
‫فأتيحت له فرصة مشافهة األعراب الخّلص في بالد مضر و ربيعة‪،‬‬
‫كان إمامًا في اللغة و األدب‪ ،‬ذكيًا‪ ،‬بارعًا في نظم الشعر‪ ،‬و ظّل‬
‫على هذه الحال إلى أن أصيب في آخر حياته بوسوسة جعلته‬
‫يحاول الطيران من أعلى سطح جامع‪ ،‬فضّم مصراعّي باب إلى‬
‫جنبيه‪ ،‬و ألقى بنفسه فمات‪ ،‬و كان ذلك في حدود سنة (‪393‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -‬معجمه (الصحاح )‪:‬‬
‫يعد الصحاح للجوهري خطوة رائدة في سبيل ابتكار طريقة‬
‫تسهل على الباحث الوصول إلى مراده‪:‬‬
‫حيث جمع ألفاظ العربية بعد تجريدها من الزوائد‪ ،‬مراعيًا‬
‫الحرف األخير في األصل بجعله بابًا‪ ،‬و الحرف األول بجعله فصًال‪.‬‬
‫مع اهتمام خاص بجمع صحيح اللغة بطريق الرواية و الدراية‬
‫و الصحة‪ ،‬وقد تيسر له ذلك بسبب مشافهة الفصحاء‪.‬‬
‫مع الحرص على الضبط الدقيق لأللفاظ اتقاًء للتصحيف و‬
‫التحريف‪ ،‬كقوله‪ :‬و الحلب بالتحريك‪ :‬اللبن المحلوب‪ ،‬و الحقبة‬
‫بالكسر‪ :‬هي السنة‪...‬‬
‫كما عني أحيانًا باإلشارة إلى اللغات (اللهجات)‪ ،‬مع اإلكثار من‬
‫القواعد الصرفية و النحوية‪.‬‬
‫*********‬
‫‪ .3‬لسان العرب البن منظور (‪ 711‬هـ)‬
‫مؤلفه‪:‬‬
‫أبو الفضل جمال الدين محمد بن منظور‪ ،‬ولد في شهر محرم‪،‬‬
‫عام ‪630‬ه‪ ،‬و توفي سنة ‪711‬ه‪ ،‬كان سريع البديهة‪ ،‬قوي الحفظ‪،‬‬
‫تلقى العلم عن خيرة من أعالم زمانه برزوا في علوم اللغة واألدب‬
‫و التاريخ‪ ،‬ثم تصّدر للتدريس فتتلمذ على يديه عدد من خيرة‬
‫العلماء‪.‬‬
‫معجم ( لسان العرب)‪:‬‬
‫الهدف من تأليفه معجم لسان العرب هو استقصاء اللغة‪ ،‬و‬
‫محاولة جمعها بطريقة حاصرة من أمهات كتب اللغة و األدب‪،‬‬
‫ومحاولة تيسير البحث على الباحثين بسبب انصراف الناس عن‬
‫تعلم العربية‪.‬‬
‫أما عن منهجه‪:‬‬
‫فقد جمع مواد معجمه من أمهات الكتب وجردها من الزوائد‪.‬‬
‫و رتب هذه المواد على نظام القافية بجعل الحرف األخير بابًا و‬
‫األول فصًال‪.‬‬
‫مع العناية بضبط األلفاظ اتقاًء للتصحيف‪ ،‬و جمع أقوال العلماء‬
‫في األلفاظ المشروحة مختصرة‪ ،‬و دعم هذا الشرح بالمأثور من‬
‫القرآن الكريم و الحديث و فصيح الشعر‪ ،‬مع العناية بلغات العرب‪،‬‬
‫واالهتمام بقواعد النحو الصرف‪.‬‬
‫ومن مميزاته‪:‬‬
‫‪ -‬كثرة مواده اللغوية‪ ،‬مع سهولة ترتيبها فيه‪.‬‬
‫‪ -‬عنايته الدقيقة بالشرح و االستشهاد و أشعار العرب‪ ،‬مع‬
‫توجيه القراءات‬
‫القرآنية‪ ،‬و العناية بالنواحي اللغوية‪ ،‬كالترادف‪ ،‬و التضاد‪.‬‬
‫**************‬
‫ثالثا‪ :‬النصوص األدبية‬
‫أ‪ -‬دراسة سورة الحجرات (‪) 13 -1‬‬
‫اآليات ‪ :‬بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫( َيا َأُّيَها اَّلِذ يَن َآَم ُنوا اَل ُتَقِّد ُم وا َبْيَن َيَد ِي ِهَّللا َو َر ُس وِلِه َو اَّتُق وا َهَّللا ِإَّن‬
‫َهَّللا َسِم يٌع َع ِليٌم ﴿‪َ ﴾1‬ي ا َأُّيَه ا اَّل ِذ يَن َآَم ُن وا اَل َتْر َفُع وا َأْص َو اَتُك ْم َف ْو َق‬
‫َص ْو ِت الَّنِبِّي َو اَل َتْج َهُر وا َلُه ِباْلَقْو ِل َك َج ْه ِر َبْع ِض ُك ْم ِلَبْع ٍض َأْن َتْح َب َط‬
‫َأْع َم اُلُك ْم َو َأْنُتْم اَل َتْش ُعُر وَن ﴿‪ِ ﴾2‬إَّن اَّل ِذ يَن َيُغُّض وَن َأْص َو اَتُهْم ِع ْن َد‬
‫َرُس وِل ِهَّللا ُأوَلِئَك اَّلِذ يَن اْم َتَح َن ُهَّللا ُقُلوَبُهْم ِللَّتْقَو ى َلُهْم َم ْغ ِف َر ٌة َو َأْج ٌر‬
‫َع ِظ يٌم ﴿‪ِ ﴾3‬إَّن اَّلِذ يَن ُيَناُدوَنَك ِم ْن َو َر اِء اْلُح ُج َر اِت َأْك َثُر ُهْم اَل َيْع ِقُل وَن ﴿‬
‫‪َ ﴾4‬و َلْو َأَّنُهْم َص َبُر وا َح َّتى َتْخ ُرَج ِإَلْيِهْم َلَك اَن َخ ْي ًر ا َلُهْم َو ُهَّللا َغُف وٌر‬
‫َرِح يٌم ﴿‪َ ﴾5‬ي ا َأُّيَه ا اَّل ِذ يَن آَم ُن وا ِإن َج اَء ُك ْم َفاِس ٌق ِبَنَب ٍإ َفَتَبَّيُن وا َأن‬
‫ُتِص يُبوا َقْو ًم ا ِبَج َهاَلٍة َفُتْص ِبُح وا َع َلى َم ا َفَعْلُتْم َن اِدِم يَن ﴿‪َ ﴾6‬و اْع َلُم وا‬
‫َأَّن ِفيُك ْم َر ُس وَل ِهَّللا َل ْو ُيِط يُعُك ْم ِفي َك ِث يٍر ِّم َن اَألْم ِر َلَعِنُّتْم َو َلِكَّن َهَّللا‬
‫َح َّبَب ِإَلْيُك ُم اِإل يَم اَن َو َز َّيَن ُه ِفي ُقُل وِبُك ْم َو َك َّرَه ِإَلْيُك ُم اْلُك ْف َر َو اْلُفُس وَق‬
‫َو اْلِع ْص َياَن ُأْو َلِئَك ُهُم الَّر اِش ُدوَن ﴿‪َ ﴾7‬فْض ًال مَن ِهَّللا َو ِنْع َم ًة َوُهَّللا َع ِليٌم‬
‫َح ِكيٌم ﴿‪َ ﴾8‬و ِإن َطاِئَفَتاِن ِم َن اْلُم ْؤ ِمِنيَن اْقَتَتُلوا َفَأْص ِلُح وا َبْيَنُهَم ا َف ِإن‬
‫َبَغْت ِإْح َداُهَم ا َع َلى اُألْخ َر ى َفَق اِتُلوا اَّلِتي َتْبِغ ي َح َّتى َتِفيَء ِإَلى َأْم ِر‬
‫ِهَّللا َف ِإن َف اَء ْت َفَأْص ِلُح وا َبْيَنُهَم ا ِباْلَع ْد ِل َو َأْقِس ُطوا ِإَّن َهَّللا ُيِح ُّب‬
‫اْلُم ْقِس ِط يَن ﴿‪ِ﴾9‬إَّنَم ا اْلُم ْؤ ِم ُنوَن ِإْخ َو ٌة َفَأْص ِلُح وا َبْيَن َأَخ َو ْيُك ْم َو اَّتُقوا َهَّللا‬
‫َلَعَّلُك ْم ُتْر َح ُم وَن ﴿‪َ ﴾10‬ي ا َأُّيَه ا اَّل ِذ يَن آَم ُن وا ال َيْس َخ ْر َق ْو ٌم ِّم ن َق ْو ٍم‬
‫َع َس ى َأن َيُك وُنوا َخ ْيًر ا ِّم ْنُهْم َو ال ِنَس اء ِّم ن ِّنَس اء َع َس ى َأن َيُك َّن َخ ْي ًر ا‬
‫ِّم ْنُهَّن َو ال َتْلِم ُز وا َأنُفَس ُك ْم َو ال َتَناَبُز وا ِباَألْلَق اِب ِبْئَس اِال ْس ُم اْلُفُس وُق‬
‫َبْعَد اِإل يَم اِن َو َم ن َّلْم َيُتْب َفُأوَلِئ َك ُهُم الَّظ اِلُم وَن ﴿‪َ ﴾11‬ي ا َأُّيَه ا اَّل ِذ يَن‬
‫آَم ُن وا اْج َتِنُب وا َك ِث يًر ا ِّم َن الَّظِّن ِإَّن َبْعَض الَّظِّن ِإْثٌم َو ال َتَج َّسُس وا َو ال‬
‫َيْغ َتب َّبْعُض ُك م َبْعًض ا َأُيِح ُّب َأَح ُد ُك ْم َأن َيْأُك َل َلْح َم َأِخ يـِه َم ْيًت ا َفَك ِرْه ُتُم وُه‬
‫َو اَّتُقوا َهَّللا ِإَّن َهَّللا َتَّو اٌب َّرِح يٌم ﴿‪َ ﴾12‬ي ا َأُّيَه ا الَّن اُس ِإَّن ا َخ َلْقَن اُك م ِّم ن‬
‫َذ َك ٍر َو ُأنَثى َو َج َعْلَن اُك ْم ُش ُعوًبا َو َقَباِئ َل ِلَتَع اَر ُفوا ِإَّن َأْك َر َم ُك ْم ِع نـَد ِهَّللا‬
‫َأْتَقاُك ْم ِإَّن َهَّللا َع ِليٌم َخ ِبيٌر ﴿‪) ﴾13‬‬
‫الدراسة‪:‬‬
‫اآلية األولى‪َ ( :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ال ُتَقِّد ُم وا َبْيَن َيَد ِي ِهَّللا َو َر ُس وِلِه‬
‫َو اَّتُقوا َهَّللا ِإَّن َهَّللا َسِم يٌع َع ِليٌم )‬
‫اللغة ‪:‬‬
‫(ال تقدموا) أي‪ :‬ال تتقدموا‪ ،‬والتقــدم قــد يكــون حســًيا‪ ،‬وقــد يكــون‬
‫معنويًا‪ ،‬قال أبــو عبيــدة‪ :‬تقــول العــرب‪ :‬فالن يقــدم بين يــدي اإلمــام‪،‬‬
‫وبين يدي أبيه‪ :‬يعجل باألمر والنهي دونه‪.‬‬
‫(واتقوا هللا)‪ :‬أي خافوه‪ ،‬واجعلوا بينكم وبين عذابه وقايــة باتبــاع‬
‫أوامره واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫و المعــنى‪ :‬ينهى هللا تعالى في هــذه اآليــة الكريمــة المؤمــنين عن‬
‫مخالفتهم أوامره وأوامر رسوله‪ ،‬مصدرًا خطابه لهم بالنداء المشــعر‬
‫بأهميـــة األمـــر وخطورته‪ ،‬و وصـــفهم بـــالمؤمنين ليـــبّين أن من‬
‫مقتضيات اإليمان عدم الخــروج على أمــر هللا ورســوله في أي شــأن‬
‫من الشؤون‪ ،‬فقال‪ :‬ال تقدموا أمرًا أو فعًال بين يدي هللا ورســوله‪ ،‬وال‬
‫تسرعوا في الحكم قبله‪ ،‬بــل كونــوا تبعـًا لــه في جميــع األمــور‪ ،‬فــإذا‬
‫عرضــت مســألة في مجلســه ‪ ‬فال تســبقوه بــالجواب‪ ،‬وإذا حضــر‬
‫الطعــام فال تبــدؤوا باألكــل قبلــه‪ ،‬ثم أمــرهم بتقــوى هللا؛ فإنــه ســميع‬
‫ألقوالهم (عليم) بنياتهم وأحوالهم‪.‬‬
‫اآليــة الثانيــة‪َ ( :‬ي ا َأُّيَه ا اَّل ِذ يَن آَم ُن وا ال َتْر َفُع وا َأْص َو اَتُك ْم َف ْو َق‬
‫َص ْو ِت الَّنِبِّي َو ال َتْج َهُروا َلُه ِباْلَقْو ِل َك َج ْه ِر َبْع ِض ُك ْم ِلَبْع ٍض َأن َتْح َب َط‬
‫َأْع َم اُلُك ْم َو َأنُتْم ال َتْش ُعُروَن )‪.‬‬
‫اللغة ‪:‬‬
‫( ال تجهروا ) ‪ :‬الجهر بالقول رفع الصوت به ‪.‬‬
‫(تحبط) ‪ :‬تبطل و تذهب‪ ،‬فال يكون لكم ثواب عليها‪.‬‬
‫سبب النزول ‪ :‬روي أنها نزلت في الشيخين أبي بكر و عمر ~‪،‬‬
‫فقد قدم وفد من بني تميم على النبي ‪ ‬فقال أبو بكــر‪ :‬أمــر (القعقــاع‬
‫بن معبد)‪ ،‬وقال عمر ‪ :‬بل أمر (األقرع بن حابس)‪ ،‬فقال أبو بكر‪:‬‬
‫مــا أردت إال خالفي‪ ،‬وقــال عمــر‪ :‬مــا أردت خالفــك‪ ،‬فتماريــا حــتى‬
‫ارتفعت أصواتهما ‪ ،‬فنـزلت اآلية ‪.‬‬
‫معنى اآلية‪ :‬في هذه اآلية يرشد هللا تعــالى المؤمــنين إلى وجــوب‬
‫توقير الرســول ‪ ‬وإجاللــه واحترامــه‪ ،‬فــإذا كلمتمــوه ‪ ‬فاخفضــوا‬
‫أصواتكم وال ترفعوها على صوته‪.‬‬
‫وقال العلماء‪ :‬يكره رفع الصوت عند قبره ‪ ‬كما يفعل المبتدعــة‬
‫والمشركون كما كان يكره في حياته‪ ،‬ألنه محترم حي ـًا وفي قــبره ‪‬‬
‫دائمًا‪ ،‬وال تبلغــوا حــد الجهــر عنــد مخاطبــة الرســول ‪ ‬كمــا يجهــر‬
‫بعضكم لبعض في الحديث‪ ،‬وال تخاطبوه باسمه كما يخاطب بعضكم‬
‫بعضًا‪ ،‬فتقولوا‪ :‬يا محمد‪ ،‬ولكن قولــوا‪ :‬يــا نــبي هللا‪ ،‬ويــا رســول هللا‪،‬‬
‫تعظيمًا لقدره‪ ،‬و احترامًا له‪ ،‬و كذلك التــأدب بهــذا األدب بعــد وفاته‬
‫‪ ‬بعدم ذكر اسمه مجرًد ا عن وصفه بــالنبوة أو الّرســالة أو الّص الة‬
‫عليه ‪ ، ‬حيث إّن ذلك من الجفاء وسوء األدب‪.‬‬
‫و النهي عن رفــع الصــوت عنــده ‪ ‬خشــية أن يغضــب من ذلــك‬
‫فيغضب هللا تعالى لغضبه فيحبط عمــل من أغضــبه وهــو ال يــدري‪،‬‬
‫كما جاء في الصحيح ‪ :‬وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط هللا تعالى‬
‫ال يلقي لها باًال يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء واألرض"‪.‬‬
‫اآلية الثالثة‪ِ ( :‬إَّن اَّلِذ يَن َيُغ ُّض وَن َأْص َو اَتُهْم ِع نَد َر ُسوِل ِهَّللا ُأْو َلِئ َك‬
‫اَّلِذ يَن اْم َتَح َن ُهَّللا ُقُلوَبُهْم ِللَّتْقَو ى َلُهم َّم ْغ ِفَر ٌة َو َأْج ٌر َع ِظ يٌم )‬
‫اللغة‪:‬‬
‫(يغضون)‪ :‬غّض الصوت أي خفضــه‪ ،‬و المعــنى يخفضــونها‪ ،‬و‬
‫ُيخافتون بها‪.‬‬
‫(امتحن هللا قلــوبهم )‪ ،‬قيــل معنــاه‪ :‬اختــبر هللا قلــوبهم فوجــدهم‬
‫مخلصين‪ ،‬وقيل المراد‪ :‬أخلصها ِللَّتْق َو ى‪ ،‬أي جعلهــا خالصــة ألجــل‬
‫التقوى‪ ،‬فلم يبق لغير التقوى فيها حــق‪ ،‬فكــأن القلــوب صــارت ملك ـًا‬
‫ِللَّتْقَو ى‪ ،‬وهذا أبلغ‪.‬‬
‫معنى اآلية‪:‬‬
‫إن الذين يخفضـون أصـواتهم في حضـرة النـبي ‪ ‬أولئك الـذين‬
‫أخلص هللا قلوبهم للتقــوى ومرنهــا عليهــا‪ ،‬وجعلهــا أهًال ومحًال لهــا‪،‬‬
‫(لهم مغفرة وأجر عظيم) أي أن لهم في اآلخرة صــفحا عن ذنــوبهم‪،‬‬
‫وثوابا عظيما في جنات النعيم‪.‬‬
‫اآليتين الرابعة و الخامسة‪:‬‬
‫( إَّن اَّلِذ يَن ُيَناُد وَنَك ِم ن َو َر اء اْلُحُج َر اِت َأْك َثُر ُهْم ال َيْع ِقُلوَن * َو َل ْو‬
‫َأَّنُهْم َص َبُروا َح َّتى َتْخ ُر َج ِإَلْيِهْم َلَك اَن َخ ْيًرا َّلُهْم َو ُهَّللا َغ ُفوٌر َّر ِح يٌم )‪.‬‬
‫(الحجـــرات)‪ :‬جمـــع حجـــرة‪ ،‬وهي األرض المحجـــورة بحائـــط‬
‫يحيطها‪.‬‬
‫(ال يعقلــون)‪ :‬أي ليســوا عقالء في ذلــك الموقــف‪ ،‬و ليس انتفــاء‬
‫العقل بالكلية‪.‬‬
‫معنى اآليــتين‪ :‬في هــاتين اآليــتين يــذم هللا تعــالى جفــاة األعــراب‬
‫الــذين لم يراعــوا األدب الــذي يتناســب مــع عظمــة النــبي ‪ ‬؛ حيث‬
‫نادوه من وراء الحجرات في وقت راحتــه بغلظــة وجفــاء‪ ،‬فوصــفهم‬
‫هللا تبارك وتعالى بعدم العقل والفطنة‪ ،‬مبينًا أن ذلــك دليــل على شــدة‬
‫الجهل والغباء‪ ،‬وأن من كمل عقله ال يقدم على مثل ذلك‪.‬‬
‫ثم أرشد سبحانه وتعالى إلى األدب الواجب في ذلــك فقــال‪( :‬ولــو‬
‫أنهم صبروا حتى تخــرج إليهم لكــان خــيرًا لهم)‪ ،‬أي‪ :‬لكــان في ذلــك‬
‫الخير والمصلحة في الدنيا واآلخرة‪ ،‬ثم قال جل ثنــاؤه داعيـًا لهم إلى‬
‫التوبة واإلنابة‪( :‬وهللا غفور رحيم) ‪.‬‬
‫اآلية السادسة‪:‬‬
‫(َيا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإن َج اَء ُك ْم َفاِس ٌق ِبَنَبٍإ َفَتَبَّيُن وا َأن ُتِص يُبوا َقْو ًم ا‬
‫ِبَج َهاَلٍة َفُتْص ِبُحوا َع َلى َم ا َفَع ْلُتْم َناِدِم يَن )‬
‫اللغة ‪:‬‬
‫(فاسق)‪ :‬الفسق هو الخروج عن الشرع بما ال يصــل حـّد الكفــر‪،‬‬
‫بل حد المعصية‪.‬‬
‫(بنبأ)‪ :‬النبأ الخبر الهام‪ ،‬ذا الفائدة العظيمة؛ ألنــه يحصــل بــه علم‬
‫أو غلبة ظن ‪.‬‬
‫(تبّينوا)‪ :‬تثبتوا حتى تعرفوا حقيقة الحال‪ ،‬أو النبأ‪.‬‬
‫سبب النزول ‪:‬‬
‫أرســل رســول هللا ‪ ‬الوليــد بن عقبــة إلى بــني المصــطلق بعــد‬
‫إسالمهم ليأخذ صدقاتهم‪ ،‬فلما سمعوا به ركبــوا إليــه‪ ،‬فلمــا ســمع بهم‬
‫خافهم‪ ،‬وظّن أّنهم يريدون به شرًا‪ ،‬فرجع إلى رسول هللا ‪ ‬وأخــبره‬
‫أنهم هموا بقتله‪ ،‬ومنعوا صدقاتهم‪ ،‬و ارتدوا عن اإلســالم‪ ،‬وجهــزوا‬
‫أنفسهم لقتاله‪ ،‬فهّم رسول هللا ‪ ‬بغزوهم‪ ،‬وبعث إليهم خالد بن الوليد‬
‫‪ ‬إليهم وأمره أن يتثبت وال يعجــل‪ ،‬فــانطلق حــتى أتاهم ليًال فبعث‬
‫عيونــه‪ ،‬فلمــا جــاءوا أخــبروا خالــدًا‪ ‬أنهم مستمســكون باإلســالم‪،‬‬
‫ســمعوا أذانهم وصــالتهم‪ ،‬فلمــا أصــبحوا أتاهم خالــد‪ ‬فــرأى الــذي‬
‫يعجبه‪ ،‬فرجع إلى رسول هللا ‪ ‬فأخبره الخبر‪ ،‬فأنزل هللا هذه اآلية‪.‬‬
‫معنى اآلية‪:‬‬
‫يأمر تعالى في هذه اآلية بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط لــه‪ ،‬وقــد‬
‫نهى هللا عز وجل عن اتباع سبيل المفسدين‪ ،‬أي إذا أتاكم فاسق غــير‬
‫موثوق بصدقه وعدالته بخبر من األخبار فتثبتــوا من صــحة الخــبر‪،‬‬
‫لئال تصيبوا قومًا وأنتم جاهلون حقيقة األمر‪ ،‬فتصــيروا نــادمين أشــد‬
‫الندم على صنيعكم‪.‬‬
‫اآليتين السابعة و الثامنة‪:‬‬
‫( َو اْع َلُم وا َأَّن ِفيُك ْم َر ُسوَل ِهَّللا َلْو ُيِط يُع ُك ْم ِفي َك ِثيٍر ِّم َن اَألْم ِر َلَعِنُّتْم‬
‫َو َلِكَّن َهَّللا َح َّبَب ِإَلْيُك ُم اِإل يَم اَن َو َز َّيَن ُه ِفي ُقُل وِبُك ْم َو َك َّر َه ِإَلْيُك ُم اْلُك ْف َر‬
‫َو اْلُفُسوَق َو اْلِع ْص َياَن ُأْو َلِئَك ُهُم الَّراِش ُد وَن *َفْض ال ِّم َن ِهَّللا َو ِنْع َم ًة َو ُهَّللا‬
‫َع ِليٌم َح ِكيٌم )‬
‫اللغة ‪:‬‬
‫(عنّتم)‪ :‬وقعتم في العنت وهو المشقة والهالك ‪.‬‬
‫(الفسوق)‪ :‬الذنوب الكبيرة‪ ،‬وقيل الكذب‪.‬‬
‫( العصـــيان)‪ :‬ارتكــاب مــا نهى هللا عنــه من مخالفــة رســـوله ‪،‬‬
‫وتضـــــــــــــــــييع مـــــــــــــــــا أمـــــــــــــــــر هللا بـــــــــــــــــه‪.‬‬
‫(الراشدون)‪ :‬السالكون طريق الحّق ‪.‬‬
‫معنى اآليتين‪:‬‬
‫اعلموا أيها المؤمنون أن فيكم رسول هللا ‪ ،‬فعظمــوه و وقــّروه‪،‬‬
‫وتأدبوا معــه وانقــادوا ألمــره‪ ،‬فإنــه أعلم بمصــالحكم وأشــفق عليكم‬
‫منكم‪ ،‬ورأيــه فيكم أتّم من رأيكم ألنفســكم‪ ،‬كمــا قــال تبــارك وتعــالى‪:‬‬
‫(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)‪.‬‬
‫ثم قــال‪( :‬لــو يطيعكم في كثــير من األمــر لعنتم)‪ ،‬أي‪ :‬لــو يســمع‬
‫وشاياتكم ويصغي بســمعه إلرادتكم ويطيعكم في غــالب مــا تشــيرون‬
‫عليه من األمــور لــوقعتم في الجهــد والهالك‪ ،‬وألّد ى ذلــك إلى عنتكم‬
‫وحرجكم‪.‬‬
‫وقولـــه عـــز وجـــل‪( :‬ولكن هللا حبب إليكم اإليمـــان وزينـــه في‬
‫قلوبكم)‪ ،‬أي‪ :‬ولكّنه تعــالى بمّن ه وفضــله نـّو ر بصــائركم‪ ،‬فحّبب إلى‬
‫نفوسكم اإليمان وحّسنه في قلوبكم‪ ،‬حتى أصبح أغلى عندكم من كــل‬
‫شيء‪.‬‬
‫(وكّر ه إليكم الكفر والفسوق والعصيان) أي‪ :‬وبّغ ض إلى نفوســكم‬
‫أنواع الضالل من الكفر والمعاصي والخروج عن طاعة هللا (أولئك‬
‫هم الراشدون) أي أولئك المّتصــفون بـالّنعوت الجليلــة هم المهتـدون‬
‫الراشدون في سيرتهم وسلوكهم‪.‬‬
‫(فضًال من هللا ونعمة) أي هــذا العطــاء تفضــل منــه تعــالى عليكم‬
‫وإنعـــام (وهللا عليم حكيم) أي عليم بمن يســـتحق الهدايـــة‪ ،‬حكيم في‬
‫خلقه وصنعه وتدبيره‪.‬‬
‫اآليتين التاسعة و العاشرة‪:‬‬
‫( َو ِإن َطاِئَفَت اِن ِم َن اْلُم ْؤ ِمِنيَن اْقَتَتُل وا َفَأْص ِلُحوا َبْيَنُهَم ا َف ِإن َبَغ ْت‬
‫ِإْح َد اُهَم ا َع َلى اُألْخ َر ى َفَقاِتُلوا اَّلِتي َتْبِغ ي َح َّتى َتِفيَء ِإَلى َأْم ِر ِهَّللا َف ِإن‬
‫َفاَء ْت َفَأْص ِلُحوا َبْيَنُهَم ا ِباْلَع ْد ِل َو َأْقِس ُطوا ِإَّن َهَّللا ُيِح ُّب اْلُم ْقِس ِط يَن * ِإَّنَم ا‬
‫اْلُم ْؤ ِم ُنوَن ِإْخ َو ٌة َفَأْص ِلُحوا َبْيَن َأَخ َو ْيُك ْم َو اَّتُقوا َهَّللا َلَع َّلُك ْم ُتْر َح ُم وَن )‬
‫اللغة ‪:‬‬
‫(طائفتان)‪ :‬الطائفة هي الجماعة من الناس‪.‬‬
‫(بغت)‪ :‬اعتـــدت واســـتطالت ‪ ،‬وأصـــله مجـــاوزة الحـــد في الظلم‬
‫والطغيان ‪.‬‬
‫(تفيء)‪ :‬ترجع‪( .‬أقسطوا)‪ :‬اعدلوا في كل أمــوركم‪( .‬المقســطين )‪:‬‬
‫العادلين ‪.‬‬
‫معنى اآليتين‪:‬‬
‫أي‪ :‬إن حدث أن فئتين وجمـاعتين من إخـوانكم المؤمـنين جنحـوا‬
‫إلى القتال فأصلحوا بينهما‪ ،‬واسعوا جهدكم في ذلك‪.‬‬
‫(فإن بغت إحداهما على األخرى) أي إن اعتدت وتجاوزت حدها‬
‫بــالظلم والطغيــان‪ ،‬ولم تقبــل الصــلح‪ ،‬وصــممت على البغي (فقــاتلوا‬
‫الــتي تبغي حــتى تفيء إلى أمــر هللا) أي‪ :‬فقــاتلوا الفئة الباغيــة حــتى‬
‫ترجــع إلى حكم هللا وشــرعه‪ ،‬وتقلــع عن البغي والعــدوان‪ ،‬وتعمــل‬
‫بمقتضى أخوة اإلسالم‪.‬‬
‫(فإن فاءت فأصــلحوا بينهمــا بالعــدل وأقســطوا) أي‪ :‬فــإن رجعت‬
‫وكفت عن القتــال فأصــلحوا بينهمــا بالعــدل‪ ،‬دون حيــف على إحــدى‬
‫الفئتين‪ ،‬واعــدلوا في جميــع أمــوركم (إن هللا يحب المقســطين) أي‬
‫يحب العادلين الذين ال يجورون في أحكامهم‪.‬‬
‫(إنمــا المؤمنــون إخــوة) أي ليس المؤمنــون إال إخــوة‪ ،‬جمعتهم‬
‫رابطــة اإليمــان‪ ،‬فال ينبغي أن تكــون بينهم عــداوة وال شــحناء وال‬
‫تباغض وال تقاتل‪.‬‬
‫و (إنما) للحصــر‪ ،‬فكأنــه يقــول‪ :‬ال ُأخ ـّو ة إال بين المؤمــنين‪ ،‬وفي‬
‫اآلية إشارة إلى أن أخــوة اإلســالم أقــوى من أخــوة النســب‪ ،‬بحيث ال‬
‫تعتــبر أخــوة النســـب إذا خلت عن أخــوة اإلســالم (فأصـــلحوا بين‬
‫أخـــويكم)‪ ،‬أي‪ :‬فأصـــلحوا بين إخـــوانكم المؤمـــنين‪ ،‬وال تتركوهم‬
‫يتقاتلون‪.‬‬
‫(واتقــوا هللا لعلكم ترحمــون) أي اتقــوا هللا تعــالى بامتثــال أوامــره‬
‫واجتناب نواهيه‪ ،‬لتنالكم رحمته وتسعدون بجنته ومرضاته ‪.‬‬
‫اآلية الحادية عشر‪:‬‬
‫(َيا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ال َيْسَخ ْر َقْو ٌم ِّم ن َقْو ٍم َع َس ى َأن َيُك وُن وا َخ ْي ًرا‬
‫ِّم ْنُهْم َو ال ِنَس اء ِّم ن ِّنَس اء َع َس ى َأن َيُك َّن َخ ْيًرا ِّم ْنُهَّن َو ال َتْلِم ُز وا َأنُفَس ُك ْم‬
‫َو ال َتَن اَبُز وا ِباَألْلَق اِب ِبْئَس اِال ْس ُم اْلُفُس وُق َبْع َد اِإل يَم اِن َو َم ن َّلْم َيُتْب‬
‫َفُأوَلِئَك ُهُم الَّظاِلُم وَن )‬
‫اللغة ‪:‬‬
‫(ال يسخر)‪ :‬السخرية االحتقار‪ ،‬وذكر العيوب على وجه يضــحك‬
‫منه‪.‬‬
‫(ال تلمزوا أنفسكم) اللمز‪ :‬العيب‪ ،‬ويكون بالقول وباإلشــارة باليــد‬
‫أو العين‪.‬‬
‫(ال تنـــابزوا باأللقـــاب) التنـــابز‪ :‬تعيـــير اآلخـــرين وتلقيبهم بمـــا‬
‫يكرهون‪.‬‬
‫سبب النزول ‪:‬‬
‫‪ -‬قيل ‪ :‬نزلت هذه اآلية في نساء النبي ‪ ،‬ألّنهّن عّيرن أم سلمة‬
‫بالقصر‪.‬‬
‫‪ -‬وقيل‪ :‬نزلت‪ ،‬في بني سلمة فقد قدم رسول هللا ‪ ‬المدينة‪ ،‬وكــل‬
‫منهم لــه اســمان أو ثالثــة‪ ،‬فكــان إذا دعــا أحــدًا منهم باســم من تلــك‬
‫األسماء قالوا‪ :‬يا رسول هللا إنه يغضب من هذا‪ ،‬فنـزلت اآلية‪.‬‬
‫معنى اآلية ‪:‬‬
‫ينهي هللا تعـــالى المؤمـــنين عن الســـخرية بالنـــاس واحتقـــارهم‬
‫واالستهزاء بهم؛ فقال‪ :‬يا معشر المؤمــنين‪ ،‬يــا من اتصــفتم باإليمــان‬
‫وصدقتم بكتاب هللا ورســوله‪ ،‬ال يهــزأ وال يســخر أحــد من أحــد‪ ،‬وال‬
‫جماعة من جماعــة‪ ،‬فقــد يكــون المحتقــر أعظم قــدرًا عنــد هللا تعــالى‬
‫وأحّب إليه من الساخر منه المحتقر له‪ ،‬وقد نّص على نهي الرجــال‪،‬‬
‫وعطف بنهي النساء‪( ،‬وال تلمزوا أنفسـكم وال تنـابزوا باأللقـاب) أي‬
‫وال يعب بعضكم بعضًا‪ ،‬وال يدع بعضكم بعضًا بلقب السوء‪.‬‬
‫وقال‪( :‬أنفسكم) ألن المسلمين في الحقيقة نفس واحدة‪ ،‬فــإذا عــاب‬
‫المؤمن أخــاه المــؤمن فكأنــه عــاب نفســه‪( ،‬بئس االســم الفســوق بعــد‬
‫اإليمــان)‪ ،‬أي بئس أن يســمي اإلنســان فاســقًا بعــد أن صــار مؤمن ـًا‪،‬‬
‫(ومن لم يتب فأولئك هم الظــالمون)‪ ،‬أي‪ :‬ومن لم يتب عن اللمــز و‬
‫التنابز فأولئك هم الظالمون بتعريض أنفسهم للعذاب‪.‬‬
‫اآلية الثانية عشر‪َ ( :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا اْج َتِنُبوا َك ِث يًرا ِّم َن الَّظِّن‬
‫ِإَّن َبْع َض الَّظِّن ِإْثٌم َو ال َتَج َّسُس وا َو ال َيْغ َتب َّبْعُض ُك م َبْع ًض ا َأُيِح ُّب‬
‫َأَح ُد ُك ْم َأن َيْأُك َل َلْح َم َأِخ يِه َم ْيًتا َفَك ِر ْهُتُم وُه َو اَّتُقوا َهَّللا ِإَّن َهَّللا َتَّو اٌب َّر ِح يٌم‬
‫)‬
‫اللغة ‪:‬‬
‫(الظن)‪ :‬هو األمــر الــذي بين الشــك واليقين‪ ،‬وليس عليــه قرينــة‬
‫وال دليل‪.‬‬
‫( ال تجسسوا )‪ :‬التجسس تتبع عورات الناس و كشفها ‪.‬‬
‫( ال يغتب ) ‪ :‬الغيبة هي ذكرك أخاك في غيبته بما يكره ‪.‬‬
‫معنى اآلية‪:‬‬
‫أي ابتعــدوا عن اتهــام النــاس وتخــوينهم وظن الســوء بهم‪( ،‬إن‬
‫بعض الظن إثم)‪ ،‬أي إن في بعض الظن إثم وذنب يســتحق صــاحبه‬
‫العقوبة عليه‪.‬‬
‫(وال تجسسوا) أي‪ :‬ال تبحثوا عن عــورات المســلمين‪ ،‬وال تتبعـوا‬
‫معايبهم‪.‬‬
‫(وال يغتب بعضــكم بعض ـًا) ال يــذكر بعضــكم بعض ـًا بالســوء في‬
‫غيبته بما يكرهه‪.‬‬
‫(أيحب أحــدكم أن يأكــل لحم أخيــه ميتــًا) تمثيــل لشــناعة الغيبــة‬
‫وقبحها‪ ،‬حيث شبه الغيبــة بأكــل لحم األخ حــال كونــه ميتـًا وإذا كــان‬
‫اإلنسان يكره لحم أخيه‪ ،‬فضًال عن كونه أخًا‪ ،‬وعن كونه ميتًا‪ ،‬وجب‬
‫عليه أن يكره الغيبة بمثل هذه الكراهة أو أشد‪.‬‬
‫و استثنى العلماء من ذلك‪ :‬غيبة الفاسق المجاهر‪ ،‬وأهــل البــدع و‬
‫ليس منهــا أيضــًا ذكــر من ظلمــك لمن ترجــو أن ينصــفك‪ ،‬أو لنفي‬
‫التهمة عنك‪.‬‬
‫(واتقــوا هللا) أي خــافوا هللا واحــذروا عقابــه‪ ،‬بامتثــال أوامــره‬
‫واجتنــاب نواهيــه‪( ،‬إن هللا تواب رحيم) أي إّن ه تعــالى كثــير التوبــة‬
‫عظيم الرحمــة‪ ،‬لمن اتقى هللا وتاب وأنــاب‪ ،‬وفيــه حث على التوبــة‪،‬‬
‫وترغيب بالمسارعة إلى الندم واالعتراف بالخطأ لئال يقنـط اإلنســان‬
‫من رحمة هللا‪.‬‬
‫اآلية الثالثة عشر‪َ(( :‬ي ا َأُّيَه ا الَّن اُس ِإَّن ا َخ َلْقَن اُك م ِّم ن َذ َك ٍر َو ُأنَثى‬
‫َو َج َع ْلَناُك ْم ُش ُعوًبا َو َقَباِئ َل ِلَتَع اَر ُفوا ِإَّن َأْك َر َم ُك ْم ِع ن ـَد ِهَّللا َأْتَق اُك ْم ِإَّن َهَّللا‬
‫َع ِليٌم َخ ِبيٌر ))‬
‫اللغة‪:‬‬
‫(شعوبًا)‪ ،‬الشعب‪ :‬الطبقة األولى من الطبقــات الســت الــتي عليهــا‬
‫العـــرب وهي‪ :‬الشـــعب‪ ،‬والقبيلـــة‪ ،‬والعمـــارة‪ ،‬والبطن‪ ،‬والفخـــذ‪،‬‬
‫والفصيلة‪ ،‬فالشعب يجمع القبائل‪ ،‬والقبيلة تجمــع العمــائر‪ ،‬والعمــارة‬
‫تجمــع البطــون‪ ،‬والبطن يجمــع األفخــاذ‪ ،‬والفخــذ يجمــع الفصــائل‪،‬‬
‫وسموا شعوبًا لتشعبهم واجتماعهم‪.‬‬
‫المعنى‪:‬‬
‫دعوة إلى التعارف‪ ،‬و إشارة إلى األصل الواحد الذي يجتمع إليه‬
‫الجنس البشرّي عامة‪ ،‬و هو آدم و حــواء‪ ،‬و بيــان للحكمــة من جعــل‬
‫الّن اس مختلفين متشــعبين‪ ،‬وهي التعــارف و التــآلف‪ ،‬و فيهــا أيض ـًا‬
‫إشــارة إلى المــيزان الحقيقّي الــذي يفّض ل النــاس بــه بعضــهم على‬
‫بعض‪ ،‬و هو ميزان التقوى و العمل الصالح‪.‬‬
‫مباحث بالغية‪:‬‬
‫(‪( )1‬وال تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) تشبيه ُم رَس ل‬
‫ُم جَم ل‪ ،‬لوجود أداة التشبيه وحذف وجه الشبه ‪.‬‬
‫(‪( )2‬حبب إليكم اإليمــان وزينــه في قلــوبكم وكــّره إليكم الكفــر‬
‫والفسوق والعصيان) فيها مقابلة‪ ،‬وهي أن يؤتي بمعنيين متوافقين أو‬
‫أكثر‪ ،‬ثم يؤتي بما يقابل ذلك على سبيل الترتيب‪.‬‬
‫(‪( )3‬وإن طائفتــان من المؤمــنين اقتتلــوا فأصــلحوا بينهمــا) فيهــا‬
‫طباق‪ ،‬وهو الجمع بين معنيين متقابلين‪ ،‬وهو هنا طباق بالتضــاد في‬
‫كلمتي‪( :‬اقتتلوا ) و(أصلحوا)‪.‬‬
‫(قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا) في اآلية طباق‪ ،‬ونوعه طبــاق‬
‫إيجاب وسلب‪.‬‬
‫(‪( )4‬وأقسطوا إن هللا يحب المقســطين) فيهــا جنــاس اشــتقاق بين‬
‫و(المقسطين)‪ ،‬و الجناس‪ :‬تشابه الكلمــتين في اللفــظ‬ ‫(أقسطوا)‬
‫مع اختالف المعنى‪.‬‬
‫(‪َ( )5‬أُيِح ُّب َأَح ُد ُك ْم َأْن َيْأُك َل َلْح َم َأِخ يِه َم ْيتـًا) قـال ابن األثـير‪ :‬فإّن ه‬
‫كّنى عن الغيبة بأكل اإلنسان لحم إنسان آخر مثله‪ ،‬ثم لم يقتصر على‬
‫ذلك حتى جعله كلحم األّخ ‪ ،‬ثّم لم يقتصر على ذلك حتى جعله َم ْيًت ا‪...‬‬
‫فهذه دالالت واقعة على ما قصدت له‪ ،‬مطابقــة للمعــنى الــذي وردت‬
‫من أجله‪.‬‬
‫فأما جعل الغيبة كأكل لحم اإلنسان لحم إنسان آخر مثله فالمناسبة‬
‫بينهمــا شــديدة‪ ،‬ألن الغيبــة إنمــا هي ذكــر مثــالب النــاس‪ ،‬وتمزيــق‬
‫أعراضهم‪ ،‬وتمزيق العــرض مماثــل ألكــل اإلنســان لحم من يغتابــه‪،‬‬
‫ألن أكل اللحم تمزيق على الحقيقة‪.‬‬
‫وأما جعلــه كلحم األخ فلمــا في الغيبــة من الكراهــة‪ ،‬ألن العقــل و‬
‫الشرع مجتمعان على استكراهها‪ ،‬آمران بتركها‪ ،‬والبعد عنها‪ ،‬ولمــا‬
‫كانت كذلك كانت بمنـزلة لحم األخ في كراهته‪ ،‬ومن المعلوم أن لحم‬
‫اإلنسان مستكره عند إنسان آخر‪ ،‬إال أنه ال يكون في مثل كراهة لحم‬
‫أخيه‪ ،‬فهذا القول مبالغة في استكراه الغيبة‪.‬‬
‫(‪( )6‬إنما المؤمنون أخوة)‪ :‬فيها تشبيه بليغ‪ ،‬و هو التشبيه الــذي‬
‫يحــذف منــه أداة الشــبه‪ ،‬ووجــه الشــبه‪ ،‬وأصــل الكالم‪ :‬المؤمنــون‬
‫كاإلخوة في وجوب الــتراحم والتناصــر‪ ،‬وفي الجملــة أيضـًا أســلوب‬
‫حصر باستخدام (إّنما)‪.‬‬
‫(‪َ( )7‬و َج َع ْلَن اُك ْم ُش ُعوبًا َو َقَباِئ َل ِلَتَع اَر ُفوا ِإَّن َأْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد ِهَّللا‬
‫َأْتَقاُك ْم )‪ ،‬هنا سؤال‪ :‬مـا الحكمـة في اختيـار النسـب من جملـة أسـباب‬
‫التفاخر‪ ،‬ولم يذكر المال؟‬
‫ألّن النسب أعال األمور الـتي يفتخـر بهـا اإلنسـان في الـدنيا‪ ،‬أمـا‬
‫المال فقد يحصل للفقير فيبطل افتخار المفتخر به‪ ،‬وقــد يفتقــر الغــني‬
‫فيبطل افتخاره‪ ،‬و كذلك غير المال من الجمال مثًال‪ ،‬فهو غير ثابت‪،‬‬
‫أما النسب فهو ثابت مستمر‪ ،‬و غير مقــدور التحصــيل لمن ليس لــه‪،‬‬
‫فاختاره هللا للذكر‪ ،‬وأبطل اعتباره بالنسبة إلى التقوى‪.‬‬
‫مباحث لغوية و نحوية‪:‬‬
‫‪( .1‬ال تقدموا ) ‪ :‬أي ال تقدموا أمرًا‪ُ ،‬ح ذف المفعــول بــه للتعميم؛‬
‫ليذهب ذهن السامع إلى كل ما يمكن تقديمه من قول أو فعل‪.‬‬
‫‪( .2‬أولئك هم الراشدون)‪ :‬أولئك‪ :‬اسم إشارة مبتدأ وما بعده خبر‪،‬‬
‫والجملة مستأنفة سيقت لمدح المؤمــنين المتصــفين بمــا ســبق‪ ،‬واســم‬
‫اإلشارة راجـع إليهم‪ ،‬وهــو التفـات من الخطــاب إلى الغيبـة‪ ،‬كمـا أن‬
‫اآلية تفيد حصر الرشاد عليهم دون غيرهم‪.‬‬
‫‪( .3‬إن جاءكم فاســق بنبــأ)‪ :‬تنكــير (فاســق) و(نبــأ) للتعميم‪ ،‬ألنــه‬
‫نكرة في سياق الشرط‪ ،‬وهي كالنكرة في سياق النفي تفيد العموم‪.‬‬
‫‪َ(.4‬أْن ُتِص يُبوا َقْو مًا)‪ :‬المصــدر المــؤول في موضــع نصــب ألنــه‬
‫مفعول ألجله‪ ،‬و (َفُتْص ِبُحوا) معطوف عليه‪.‬‬
‫‪( .5‬و إن َطاِئَفَتاِن ) مرفوع بإضــمار فعــل‪ ،‬والتقــدير‪ :‬وإن اقتتلت‬
‫طائفتــان‪ ،‬ألن إن للشــرط‪ ،‬والشــرط من األدوات الخاصــة بالــدخول‬
‫على الفعل‪ ،‬لذلك يقدر هنا فعل محذوف‪ ،‬وال يجوز حذف الفعــل مــع‬
‫شيء من حروف الشرط العاملة إال مع ( إن) وحدها‪ ،‬وذلك لقوتها‪،‬‬
‫وألنها أصل حروف الشرط‪.‬‬
‫‪( .6‬اقتتلــوا)‪ :‬الجمــع في (اقتتلــوا) باعتبــار المعــنى‪ ،‬والتثنيــة في‬
‫(بينهما) باعتبار اللفظ‪ ،‬وكان القياس أن يقول (اقتتلتــا)‪ ،‬ولكنــه جمــع‬
‫الضمير مراعاة للمعنى؛ ألن كال من الطائفتين جماعة مشــتملة على‬
‫أفراد‪ ،‬فروعي معنى الطائفتين أوًال في قوله‪( :‬اقتتلــوا) ولفظهمــا في‬
‫قوله ثانية (بينهما)‪ ،‬والنكتة في ذلـك أنهم في حالـة القتـال مختلطـون‬
‫مجتمعون‪ ،‬لذا جمع الضـمير‪ ،‬وفي حالـة الصـلح متمـيزون لـذا ثـنى‬
‫الضمير‪.‬‬
‫‪( .7‬ال تنابزوا)‪ :‬تنابز على وزن تفاعل‪ ،‬أي ينبز بعضكم بعضــًا‪،‬‬
‫و المعنى‪ :‬ال تتداعوا باأللقـاب الســيئة‪ ،‬أمـا اللقب فهـو مـا يـدعى بـه‬
‫الشخص من لفظ غير اسمه وغير كنيته‪ ،‬وهو قسمان‪ :‬قبيح‪ ،‬وهو ما‬
‫يكرهه الشخص؛ لكونه تقصيرا به وذمــا لــه‪ ،‬وحســن‪ ،‬وهــو بخالف‬
‫ذلك‪ ،‬كالصديق ألبي بكر‪ ،‬والفاروق لعمر‪.‬‬
‫‪( .8‬ال تجسسوا)‪ :‬التحّس س والتجســس معناهمـا متقـارب‪ ،‬وقيـل‪:‬‬
‫التجســس بــالجيم البحث عمــا يكتم عنــك‪ ،‬والتحســس بالحــاء طلب‬
‫األخبار والبحث عنها‪.‬‬
‫ب‪ -‬خطبة حجة الوداع‬
‫التعريف بالخطبة‪:‬‬
‫هي الخطبة التي ألقاها الرسول صلى هللا عليه وسلم في حجة‬
‫الوداع في العام العاشر للهجرة‪ ،‬يوم عرفة‪ ،‬من جبل الرحمة‪ ،‬وهو‬
‫على راحلته‪ ،‬وقد قرر فيها قواعد اإلسالم‪ ،‬وهدم فيها قواعد الشرك‬
‫والجاهلية‪ ،‬وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على‬
‫تحريمها‪ ،‬وهي الدماء واألموال واألعراض‪ ،‬ووضع فيها أمور‬
‫الجاهلية تحت قدميه‪ ،‬وأبطلها‪ ،‬وأوصى المسلمين فيها بالنساء خيرًا‪،‬‬
‫وذكر الحق الذي لهّن وعليهن‪ ،‬وأوصى فيها األمة باالعتصام‬
‫بكتاب هللا‪ ،‬وأخبر أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين به‪ ،‬وأنهم‬
‫مسئولون عنه‪ ،‬ثّم استنطقهم بماذا يشهدون؟ فقالوا‪ :‬نشهد أنك قد‬
‫بلغت وأديت ونصحت‪ ،‬فرفع أصبعه إلى السماء‪ ،‬واستشهد هللا‬
‫عليهم ثالث مرات‪ ،‬وأمرهم أن يبلغ شاهدهم غائبهم‪.‬‬
‫نّص الخطبة‪:‬‬
‫(الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ باهلل‬
‫من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل له‪،‬‬
‫ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك‬
‫له‪ ،‬وأشهد أّن محمدًا عبده ورسوله‪ ،‬أوصيكم عباد هللا بتقوى هللا‬
‫وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير‪.‬‬
‫أيها الناس‪ :‬اسمعوا قولي‪ ،‬فإني ال أدري لعلي ال ألقاكم بعد‬
‫عامي هذا‪ ،‬بهذا الموقف أبدًا‪.‬‬
‫أيها الناس‪ :‬إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا‬
‫ربكم‪ ،‬كحرمة يومكم هذا‪ ،‬وكحرمة شهركم هذا‪ ،‬وإنكم ستلقون‬
‫ربكم فيسألكم عن أعمالكم‪ ،‬وقد بلغت‪ ،‬فمن كانت عنده أمانة‪،‬‬
‫فليؤدها إلى من ائتمنه عليها‪ ،‬وإن كل ربا موضوع‪ ،‬ولكن لكم‬
‫رؤوس أموالكم ال تظلمون وال تظلمون‪ ،‬قضى هللا أنه ال ربا‪ ،‬وان‬
‫ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله‪ ،‬وإن كل دم في الجاهلية‬
‫موضوع‪ ،‬وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد‬
‫المطلب‪ ،‬كان مسترضعًا في بني ليث‪ ،‬فقتلته هذيل‪ ،‬فهو أول ما أبدأ‬
‫به من دماء الجاهلية‪.‬‬
‫أما بعد – أيها الناس – فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم‬
‫هذه أبدًا‪ ،‬ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به‪ ،‬مما تحقرون‬
‫من أعمالكم‪ ،‬فاحذروه على دينكم‪.‬‬
‫أيها الناس‪( :‬إنّم ا النسيء زيادة في الكفر‪ُ ،‬يَض ّل به الذين‬
‫كفروا‪ ،‬يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا‪ ،‬ليواطئوا عدة ما حرم هللا‪،‬‬
‫فيحلوا ما حرم هللا)‪ ،‬ويحرموا ما أحل هللا‪ ،‬وإن الزمان قد استدار‬
‫كهيئته يوم خلق هللا السموات واألرض‪ ،‬وإن عدة الشهور عند هللا‬
‫اثنا عشر شهرًا‪ ،‬منها أربعة حرم‪ ،‬ثالثة متوالية ورجب مضر الذي‬
‫بين جمادى وشعبان‪.‬‬
‫أما بعد أيها الناس‪ :‬فإّن لكم على نسائكم حقًا‪ ،‬ولهّن عليكم حقًا‪:‬‬
‫لكم عليهن أن ال يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه‪ ،‬وعليهن أن ال يأتين‬
‫بفاحشة مبينة‪ ،‬فإن فعلن فإن هللا قد أذن لكم أن تهجروهن في‬
‫المضاجع‪ ،‬وتضربوهن ضربًا غير مبّر ح‪ ،‬فإن انتهين فلهن رزقهّن‬
‫وكسوتهّن بالمعروف‪ ،‬واستوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عندكم‬
‫عوان ال يملكن ألنفسهن شيئًا‪ ،‬وإنكم إنما اخذتموهن بأمانة هللا‪،‬‬
‫واستحللتم فروجهن بكلمات هللا‪.‬‬
‫فاعقلوا – أيها الناس – قولي فإني قد بلغت‪ ،‬وقد تركت فيكم ما‬
‫إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا‪ ،‬أمرًا بينًا‪ :‬كتاب هللا وسنة نبيه‪.‬‬
‫أيها الناس‪ :‬اسمعوا قولي و اعقلوه‪ :‬تعلمون أن كل مسلم أخ‬
‫للمسلم‪ ،‬وأن المسلمين إخوة‪ ،‬فال يحل المرئ من أخيه إال ما‬
‫أعطاه عن طيب نفس منه‪ ،‬فال تظلمن أنفسكم‪.‬‬
‫أيها الناس إّن رّبكم واحد‪ ،‬وإن أباكم واحد‪ ،‬كلكم آلدم وآدم من‬
‫تراب‪ ،‬إّن أكرمكم عند هللا اتقاكم‪ ،‬وليس لعربي على عجمي فضل‬
‫إال بالتقوى– أال هل بلغت؟ فقال الناُس ‪ :‬اللهم نعم‪ ،‬فقال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ :‬اللهم فاشهد‪ ،‬فليبلغ الشاهد الغائب‪.‬‬
‫معاني الخطبة‪:‬‬
‫‪ -‬حجة الوداع‪ :‬سميت بذلك إما لوداعه الناس أو الحرم في تلك‬
‫الحجة‪.‬‬
‫‪ -‬أعراضكم‪ :‬والعرض بالكسر موضع المدح والذم من اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬حرام‪ :‬أي محرم ممنوع‪.‬‬
‫‪ -‬كحرمة يومكم هذا‪ :‬يعني تعرض بعضكم لدماء بعض وأمواله‬
‫وأعراضه في غير هذه األيام كحرمة التعرض لها في هذا اليوم‪،‬‬
‫وهو يوم عرفة‪.‬‬
‫‪ -‬كحرمة بلدكم هذا‪ :‬أي مكة أو الحرم المحرم‪.‬‬
‫‪ -‬إن الشيطان قد يئس أن يعبد‪ :‬أي يطاع في عبادة غير هللا‬
‫تعالى‪ ،‬وقيل معناه‪ :‬إن الشيطان يئس أن يعود أحد من المؤمنين إلى‬
‫عبادته‪.‬‬
‫‪ -‬تحّقرون من أعمالكم‪ :‬بتشديد القاف من التحقير‪ ،‬أي ستطيعونه‬
‫فيما دون الكفر من المعاصي‪ ،‬من القتل والنهب‪ ،‬ونحوهما من‬
‫الكبائر‪ ،‬مع تحقير الصغائر‪.‬‬
‫‪ -‬النسيء‪ :‬من أعمال الجاهلية‪ ،‬يجعلون شهر محرم صفر‪،‬‬
‫وشهر صفر يجعلونه محرم‪ ،‬وتارة يبقون محرم محّرمًا وصفر‬
‫حًال‪ ،‬وتارًة يعكسون فيجعلون محرم صفر ويستحلونه‪ ،‬ويؤخرون‬
‫محرم إلى صفر‪ ،‬يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا‪.‬‬
‫‪-‬إّن الزمان قد استدار‪ :‬يعني أّن هللا تعالى أمر أن يكون ذو الحجة‬
‫في هذا الوقت فاحفظوه‪ ،‬واجعلوا الحج فيه‪ ،‬وال تبدلوا شهرًا بشهر‬
‫كعادة أهل الجاهلية‪.‬‬
‫‪-‬واستوصوا بالنساء خيرًا‪ :‬المعنى أوصيكم بهّن خيرًا فاقبلوا‬
‫وصيتي فيهن‪.‬‬
‫‪-‬فإنما هّن عوان‪ :‬جمع عانية‪ ،‬و العاني هو األسير‪.‬‬
‫‪-‬إال أن يأتين بفاحشة مبينة‪ :‬كالنشوز وسوء العشرة وعدم‬
‫التعفف‪.‬‬
‫‪-‬اضربوهن ضربًا غير مبّر ح‪ :‬غير أي مجّر ح أو شديد شاق‪.‬‬
‫‪-‬فال يوطئن فرشكم من تكرهون‪ :‬أي ال يأذن ألحد أن يدخل‬
‫منازل األزواج والنهي يتناول الرجال والنساء‪.‬‬
‫مضامين الخطبة‪:‬‬
‫أ) تضمنت الخطبة مبادئ مهّم ة في حياة األمة اإلسالمية‪:‬‬
‫المبدأ األول حرمة سفك الدماء بغير حق‪ ،‬و التعّد ي على العرض‬
‫و المال‪ ،‬وفي هذا يقول عليه الصالة والسالم‪ ( :‬أيها الناس‪ ،‬إن‬
‫دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم‪ ،‬كحرمة يومكم هذا‪،‬‬
‫وحرمة شهركم هذا‪.)..‬‬
‫وقد كرر عليه الصالة والسالم هذه الوصية في خاتمة خطبته‪،‬‬
‫مؤكًد ا ضرورة االهتمام بها‪.‬‬
‫و المبدأ الثاني وضع كّل أمر من أمور الجاهلّية‪ ،‬كالثأر‪ ،‬و الربا‪،‬‬
‫و التفاخر‪ ،‬وذكر ذلك بالنص والتصريح الواضح‪ ،‬فكل ما كان عليه‬
‫أمر الجاهلية قد َبَطل‪ ،‬ولم يبَق له أي اعتبار‪ ،‬بل هو جيفة نتنة‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن ينهض بأمة‪ ،‬أو يبني حضارة تكون هدى للبشرية‪ ،‬بل هو‬
‫إلى الهدم والخراب أقرب‪.‬‬
‫وثالث المبادئ في خطبته § وصيته بالنساء خيًرا‪ ( ،‬واستوصوا‬
‫بالنساء خيًر ا ) ما أروعها من وصية‪ ،‬وما أحرى باإلنسانية اليوم أن‬
‫تلتزم بها وتهتدي بهديها‪ ،‬بعد أن أذاقت المرأة أشد العذاب ‪ -‬تحت‬
‫مسمى حرية المرأة ‪ -‬ودفعت بها إلى مهاوي الذل والرذيلة‪،‬‬
‫وجردتها من كل معاني الكرامة والشرف‪ ،‬تحت شعارات مزيفة‪ ،‬ال‬
‫تمت إلى الحقيقة في شيء‪.‬‬
‫أما المبدأ الرابع فكان وصيته § ألمته التمسك بكتاب ربها‬
‫واالعتصام به‪ ،‬مبيًنا أنه سبيل العزة والنجاة‪ ( :‬وقد تركت فيكم ما‬
‫لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به‪ :‬كتاب هللا‪ ،‬و سنتي )‪.‬‬
‫مباحث بالغية‪:‬‬
‫وصف الجاحظ كالم الرسول §‪ ،‬فقال‪( :‬وهو الكالم الذي قل عدد‬
‫حروفه‪ ،‬وكثر عدد معانيه‪ ،‬وجّل عن الّص نعة‪ ،‬ونّز ه عن التكّلف‪...‬‬
‫وهو الكالم الذي ألقى هللا المحبة عليه وغشاه بالقبول‪ ،‬وجمع له بين‬
‫المهابة والحالوة‪ ،‬وبين حسن اإلفهام وقلة عدد الكالم)‪.‬‬
‫ومن المباحث البالغية في الخطبة ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬حذف أداة النداء في (أيها الّناس)‪ :‬فيه داللة على تقريب‬
‫المنادى‪ ،‬تحببًا و لفتًا لالنتباه‪.‬‬
‫‪.2‬التوكيد‪ ،‬ومن أمثلته‪ ( :‬فإّني ال أدري) أي حتى هو بوصفه نبيًا‬
‫يوحى إليه يجهل وقت وفاته‪ ،‬ولعل مما يخالج نفوس المسلمين من‬
‫أن الرسول صلى هللا عليه وسلم يعلم بذلك‪ ،‬فلكي يستقر هذا المفهوم‬
‫في قلب السامع دون شّك جاء بصيغة التوكيد الذي من شأنه أن‬
‫يرسخ الفكرة في األذهان‪.‬‬
‫وقد تكررت أساليب التوكيد في الخطبة‪ ،‬و يقول البالغيون إّن ‪:‬‬
‫االهتمام بالشيء و انفعال النفس به يستوجب ضربًا من تأكيده‪،‬‬
‫أمرًا‪ ،‬أو نهيًا‪ ،‬أو خبرًا يستلزم طلبًا ‪ ...‬ولذلك وردت الحقائق التي‬
‫أراد الرسول § تقريرها في النفوس باعتبارها مسلمات ال تقبل‬
‫تأويًال بأساليب التوكيد المختلفة‪ :‬بإّن ‪ ،‬و بأسلوب القصر‪ ،‬و‬
‫بالتكرار‪ ،‬و بأداتي التحقيق و التأكيد قد‪ ،‬وكّل ‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬التوكيد بإن‪( :‬إن دماءكم و أموالكم عليكم حرام)‪( ،‬إّنكم ستلقون‬
‫رّبكم)‪.‬‬
‫‪ -‬التكرار‪( :‬كحرمة يومكم هذا‪ ،‬و كحرمة شهركم هذا)‪ ،‬وفيه‬
‫إيقاظ للحواس‪ ،‬و إيقاع لفظّي ‪ ،‬و حسن جرس‪.‬‬
‫‪ -‬أدوات التحقيق‪( :‬قد بلغت) وفيه إشعار بأنه بالغ نهائّي ال بالغ‬
‫بعده‪ ،‬و في العبارة أيضًا حذف المفعول به لعمومه و داللة ما سبقه‬
‫عليه‪ ،‬ومن جهة أخرى فيه داللة على االهتمام بالفعل دون متعلقاته‪،‬‬
‫و العناية بمضمونه‪ ،‬وهو التبليغ‪.‬‬
‫‪ .3‬األمر‪ ،‬كقوله‪( :‬فليؤدها)‪ ،‬أمر حقيقّي ‪ ،‬بصيغة الفعل المضارع‬
‫المجزوم بالم األمر‪ ،‬و جاء جوابًا لشرط مباشر‪ ،‬وّضح الحكم‬
‫بوجوب أداء األمانة دون تردد‪.‬‬
‫‪ .4‬االستفهام في قوله‪( :‬اللهّم هل بّلغت؟ ) وهو أسلوب إنشائي‬
‫طلبي‪ ،‬غرضه التقرير و التوثيق بالبالغ و األداء‪.‬‬

‫ج‪ .‬دراسة جزء من معلقة زهير بن أبي سلمى‬


‫التعريف بالشاعر‪:‬‬
‫زهير بن أبي سلمى شاعر جاهلّي من عائلة عرفت بأنها عائلة‬
‫جل أفرادها شعراء؛ فخاله (أوس بن حجر) الشاعر المعروف‪،‬‬
‫وأختاه شاعرتان‪ ،‬وولداه (كعب) و (بجير) شاعران‪ ،‬وكان زهير‬
‫كان يقول القصيدة في أربعة أشهر‪ ،‬وينقحها في أربعة أشهر‪،‬‬
‫ويرسلها في أربعة أشهر‪ ،‬فلذا سميت قصائده تلك بحوليات زهير‪.‬‬
‫مناسبة المعلقة‪:‬‬
‫أنشد زهير بن أبي سلمى معلقته هذه في مدح هرم بن سنان‪،‬‬
‫والحارث بن عوف‪ ،‬ألّنها سعيا إلى الصلح بين قبيلتي عبس و‬
‫ذبيان بعد عشرات السنين قضوها في حرب ضروس نشبت بينهم‪،‬‬
‫و عرفت بحرب داحس و الغبراء‪ ،‬و جمعا ديات القتلى التي بلغت‬
‫ثالثة آالف بعير‪ ،‬و دفعا بها إلى أسر القتلى‪.‬‬
‫نّص الدراسة‪:‬‬
‫سئمُت تكـــاليَف الحياة ومن يعش ** ثمانيـــَن حوًال ال أبا‬ ‫‪.1‬‬
‫لَك يســــأم‬
‫و أعلُم ما في اليوِم و األمِس قبـله ** ولكّنني عن عـــلم ما‬ ‫‪.2‬‬
‫في غـــــٍد عم‬
‫رأيُت المنايا خبَط عشواَء من تصب ** تمْتُه‪ ،‬ومن تخـــــطئ‬ ‫‪.3‬‬
‫يعّم ر فيــــهرِم‬
‫ومن ال ُيصانع في أمــــور كثيرة *** يضــَـّر س بأنياٍب‪ ،‬و‬ ‫‪.4‬‬
‫يوطأ بمــــنَس ِم‬
‫ومن يوِف ال ُيذمم‪ ،‬ومن يهَد قلبه *** إلى مطـــمئّن البّر ال‬ ‫‪.5‬‬
‫يتجــــمجُم‬
‫ومن هاَب أسبــــــاَب المنايا ينلنُه *** و إن يرَق أســـباَب‬ ‫‪.6‬‬
‫الّس ماِء بسّلم‬
‫ومن يجَعل المعـــروَف في غيِر أهله *** يكْن حـــمُده ذّم ًا‬ ‫‪.7‬‬
‫عليه‪ ،‬و يندم‬
‫ومن يغترب يحســـب عدوًا صــديَقه *** ومن ال يــكّر م‬ ‫‪.8‬‬
‫نفســـُه لم يكّر م‬
‫ومهما تكن عند امرئ من َخ ـليقة *** و إن خالها َتخفى عن‬ ‫‪.9‬‬
‫الّناس‪ُ -‬تعلم‬
‫لساُن الفتى نصٌف و نصٌف فؤاده *** فلم يبق إال صورة‬ ‫‪.10‬‬
‫اللحم و الّدم‬
‫و إّن سفاَه الّشيخ ال حـلم بعده *** و إّن الفتى بعد الّس ــفاهة‬ ‫‪.11‬‬
‫يحُلُم‬
‫سألنا فأعطــيُتم‪ ،‬وعدنا فعدتم *** ومن أكـثر التسآل يومًا‬ ‫‪.12‬‬
‫سُيـحَر م‪.‬‬
‫المفردات‪:‬‬
‫‪.1‬سئمُت ‪ :‬مللُت ‪ -‬تكاليف‪ :‬جمع تكلفة‪ ،‬و هي المشقة‪.‬‬
‫‪ .3‬المنايا‪ :‬جمع منية‪ ،‬و هي الموت – خبط‪ :‬ضرب‪ -‬عشواء‪:‬‬
‫الناقة ال تبصر ليًال‪.‬‬
‫‪ .4‬يصانع‪ :‬يداري و يجامل‪-‬يضّر س‪ :‬يكثر عّض ه‪ -‬المنسم‪:‬‬
‫طرف خّف البعير‪.‬‬
‫‪.5‬ال يتجمجم‪ :‬ال يتردد في الصلح‪.‬‬
‫‪ .6‬هاَب ‪ :‬خاف‪ -‬أسباب المنايا‪ :‬طرق الموت‪ ،‬و نواحيه – يرق‪:‬‬
‫يعلو‬
‫‪ .9‬خليقة‪ :‬طبيعة ‪ -‬خالها‪ :‬خاَل بمعنى تخّيل و ظّن ‪.‬‬
‫شرح األبيات‪:‬‬
‫‪ .1‬يقول الشاعر‪ :‬سئمت ما تجيء به الحياة من المشقة‪ ،‬فقد‬
‫امتّد بي العمر إلى ثمانين سنة‪ ،‬ومن يعش هذا العمر فال بّد أن‬
‫يصيبه السأم من مصائب الحياة و مصاعبها‪ ،‬و (ال أبا لك) كلمة‬
‫يراد بها الدعاء له‪ ،‬أي ال أب لك موجود في اآلباء المذمومين‪ ،‬بل‬
‫في اآلباء الممدوحين و الشرفاء‪،‬‬
‫‪ .2‬يقول ‪ :‬وقد يحيط علمي بما مضى وما حضر‪ ،‬ألني رأيُت‬
‫أحداث األمس‪ ،‬و رأيُت أحداث اليوم‪ ،‬ولكني عمي القلب عن‬
‫اإلحاطة بما هو منتظر و متوقع‪ ،‬ألنه ال قدرة لي على رؤية‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫‪ .3‬يتحّدث عن الموت و نظرته إليه‪ ،‬و أنه يشبه خبط عشواء‬
‫تصيب الناس على غير نسق و ترتيب و بصيرة‪ ،‬و الخبط ‪:‬‬
‫الضرب باليد ‪ ،‬والفعل خبط يخبط ‪ ،‬العشواء ‪ :‬تأنيث األعشى ‪،‬‬
‫والعشواء ‪ :‬الناقة التي ال تبصر ليال‪.‬‬
‫قوله‪ :‬ومن تخطئ ‪ ،‬أي ومن تتخطاه وال تصيبه يعّم ر حتى‬
‫يصيبه الهرم‪ ،‬و األصل‪ :‬تخطئه‪ ،‬حذف المفعول به‪ ،‬و هو هاء‬
‫الغائب الضمير المتصل‪ ،‬وحذفه سائغ كثير في الكالم والشعر‪.‬‬
‫‪ .4‬يقول ‪ :‬ومن لم يصانع الناس أي‪ :‬لم يترفق معهم‪ ،‬و لم‬
‫يدارهم في كثير من األمور قهروه وأذلوه وربما قتلوه‪ ،‬كالذي‬
‫يضرس بالناب ويوطأ بالمنسم وهو خّف البعير‪ ،‬و الضرس‪:‬‬
‫العض على الشيئ بالضرس‪ ،‬والتضريس مبالغة‪.‬‬
‫‪ .5‬وفيت بالعهد أفي به وفاء ‪ ،‬وأوفيت به إيفاء‪ ،‬وهما لغتان‬
‫جيدتان عن العرب‪ ،‬والثانية أجودهما ألنها لغة القرآن‪ ،‬قال هللا‬
‫تعالى ‪ (:‬وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم) ‪ ،‬يقول‪ :‬ومن أوفى بعهده لم‬
‫يلحقه ذم‪ ،‬ومن هدى قلبه إلى بر يطمئن القلب إلى حسنه‪ ،‬ويسكن‬
‫إلى وقوعه موقعه لم يتمتع في إسدائه لآلخرين‪.‬‬
‫‪ .6‬يقول ‪ :‬من خاف وتهيب أسباب المنايا نالته‪ ،‬ولم يمنعه‬
‫خوفه‪ ،‬ولو صعد إلى السماء فراًر ا منها فإّن المنية ستدركه أينما‬
‫كان‪.‬‬
‫‪ .7‬يقول‪ :‬ومن وضع إحسانه في غير من يستحقه‪ -‬ذمه الذي‬
‫أحسن إليه‪ ،‬ولم يحمده‪ ،‬و كان سببا في ندم المحسن على وضع‬
‫إحسانه في غير موضعه‪.‬‬
‫‪ .8‬يقول ‪ :‬من سافر واغترب حسب األعداء أصدقاء‪ ،‬ألنه لم‬
‫يجربهم‪ ،‬فتوقفه التجارب على معادنهم‪ ،‬ومن لم يكرم نفسه بتجنب‬
‫الدنايا لم يكرمه الناس‪.‬‬
‫‪ .9‬يقول ‪ :‬ومهما كان لإلنسان من خلق فظن أنه يخفى على‬
‫الناس علم ولم يخف عليهم‪ ،‬والخلق والخليقة واحد‪ ،‬والجمع‬
‫األخالق والخالئق‪.‬‬
‫‪ .10‬هذا البيت مستفاد من قول العرب‪ :‬المرء بأصغريه‪ ،‬قلبه و‬
‫لسانه‪.‬‬
‫‪ .11‬إذا كان الشيخ سفيها لم يرج حلمه ألنه ال حال بعد الشيب‬
‫إال الموت‪ ،‬والفتى إن كان نزقا سفيها أكسبه شيبه حلما ووقارا‪.‬‬
‫‪ .12‬يقول ‪ :‬سألناكم رفدكم ومعروفكم فجدتم بهما‪ ،‬فعدنا إلى‬
‫السؤال وعدتم‬
‫إلى العطاء‪ ،‬لكرمكم المتأصل فيكم‪ ،‬و لكن من أكثر السؤال حرم‬
‫يوما ال محالة‪.‬‬
‫أفكار الشاعر و أسلوبه‪:‬‬
‫هذه األبيات تعتبر من قبيل شعر الحكمة‪ ،‬وما ذكره الشاعر هو‬
‫خالصة تجاربه ونظرته للحياة و الناس‪ ،‬وغالب أفكاره قريبة من‬
‫واقع الحياة و الناس‪ ،‬فاإلنسان يمّل من طول حياته و مشاقها‬
‫عندما يطول به العمر إلى الثمانين‪ ،‬و علم اإلنسان ال يدرك‬
‫المستقبل‪ ،‬و مداراة الناس ضرورة ال بّد منها‪ ،‬و الخوف من‬
‫المنية ال يدفعها‪ ،‬فهي واقعة ال محالة‪ ،‬و أهّم ما في اإلنسان قلبه و‬
‫لسانه‪ ،‬و هكذا‪.‬‬
‫أما عن فكرته التي طرحها عن المنية فهي موافقة لعقيدته‬
‫الوثنية في ذلك الزمن‪.‬‬
‫و باستعراض ما جاء في النص من حكم نجد أن زهيَر أراد‬
‫بحكمه تلك إصالح مجتمعه‪ ،‬ولفت نظره إلى ترك ما ال فائدة فيه‪،‬‬
‫من الحروب و العداوات و الضغائن‪.‬‬
‫و تمتاز حكمه بالوضوح و المباشرة‪ ،‬فال تحتاج لتأويل‪ ،‬وال‬
‫يصعب فهمها‪.‬‬
‫أسلوبه‪:‬‬
‫أما أسلوبه فهو مبنّي على أساس انتقاء األلفاظ البعيدة عن‬
‫االبتذال و الغرابة‪ ،‬و اختيار األلفاظ السائرة و المفهومة بين الناس‬
‫حسب اللغة السائدة في العصر الجاهلّي ‪.‬‬
‫فاأللفاظ مثل‪( :‬يضّر س‪ ،‬منسم‪ ،‬و عشواء) إن كانت تبدو غريبة‬
‫علينا اليوم‪ ،‬فقد كانت سائدة مفهومة في ذلك الوقت‪ ،‬أما تراكيبه‬
‫فهي سلسة بعيدة عن التعقيد و التداخل‪ ،‬مشتملة على أصالة‬
‫الشاعر‪ ،‬و ذوقه الرفيع‪.‬‬

‫**********‬

You might also like