Professional Documents
Culture Documents
Ebook Rapport Santé Mentale VA 1
Ebook Rapport Santé Mentale VA 1
www.cese.ma
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
الصحة العقلية
وأسباب االنتحار بالمغرب
•طبقا لمقتضيات المادة 7من القانون التنظيمي رقم 128.12المتعلق بالمجلس االقتصادي واالجتماعي
والبيئي ،توصل المجلس بإحالة من السيد رئيس الحكومة ،بتاريخ 15يوليوز ،2021من أجل إعداد
دراسة حول موضوع الصحة العقلية على المستوى الوطني ،بما في ذلك رصد مسببات ظاهرة االنتحار
وتحديد آليات التصدي لها.
•وفي هذا اإلطار ،عَ هِ َد مكتب المجلس إلى اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا االجتماعية والتضامن
بإعداد هذه الدراسة.
•وخالل دورتها العادية 132المنعقدة بتاريخ 31مارس 2022صادقت الجمعية العامة للمجلس
االقتصادي واالجتماعي والبيئي باإلجماع على الدراسة التي تحمل عنوان «الصحة العقلية وأسباب
االنتحار بالمغرب».
•وقد جاءت هذه الدراسة ،الذي جرى إعدادها وفق مقاربة تشاركية ،ثمرة نقاشات موسعة بين مختلف
الفئات المكونة للمجلس ،فضال عن مخرجات جلسات اإلنصات المنظمة مع أبرز الفاعلين المعنيين.1
8
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
الفهرس
ملخص11 .....................................................................................
تقديم 13......................................................................................
المالحق 56...................................................................................
9
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
10
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
ملخص
حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية برسم سنة ،2019فإن حوالي شخص واحد من أصل كل ثمانية
أشخاص عبر العالم يعاني من اضطراب عقلي .فيما يُقْدِ ُم على االنتحار أزيد من شخص واحد من بين كل
مائة شخص .ورغم حجم هذه الظاهرة واعتبار منظمة الصحة العالمية أن الصحة العقلية مكون أساسي من
مكونات الصحة بشكل عام وال يمكن أن ينفصل عنها ،إال أن غالبية المنظومات الصحية بمختلف البلدان ال
تولي األهمية الالزمة للصحة العقلية وال توفر ما يكفي من العالجات وأشكال الدعم لألشخاص المعنيين ،إذ
ال تتجاوز نسبة مخصصات الصحة العقلية في الميزانيات الوطنية للصحة 2في المائة في المتوسط .ويقدر
أن أزيد من 75في المائة من األشخاص المصابين باضطرابات عقلية في البلدان ذات الدخل المنخفض أو
المتوسط ،ال يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية.
بالمغرب ،وفي ظل غياب معطيات شاملة ودقيقة حول االستثمار العمومي في مجال الصحة العقلية ،فإن
الخصاص المسجل حاليا على مستوى عرض العالجات النفسية والعقلية ( 2431سريرا ،و 454مختصا
نفسانيا) ،يؤشر على ضعف استثمار الدولة في منظومة الرعاية النفسية.
وقد خلص المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي إلى أن موضوع الصحة العقلية يتم تناوله بطريقة
قطاعية ومن زاوية المرض العقلي ،مع إغفال الدور األساسي للمحددات السوسيوثقافية للصحة .وتتسم
هذه المحددات بتعددها ،إذ تشمل العوامل البيولوجية ،واالجتماعية والثقافية (العنف األسري واالجتماعي،
التمييز في حق المرأة ،وغير ذلك) واالقتصادية (ظروف العمل في الوسط المهني ،البطالة ،وغير ذلك).
وإذا كانت نسبة تأثير منظومة العالجات على الوضعية الصحية تتراوح ما بين 20و 30في المائة ،فإن هذه
المحددات قد تؤدي إما إلى تحسين الصحة العقلية لألشخاص أو على العكس من ذلك ،إلى تدهورها ،وذلك
حسب درجة هشاشتهم ومدى حدة المخاطر المرتبطة بالبيئة التي يعيشون فيها.
باإلضافة إلى ذلك ،تمت معاينة عدد من أوجه القصور على مستوى اإلطار القانوني والخبرة القضائية
في مجال األمراض العقلية والنفسية .ينضاف إلى ذلك الصعوبات المرتبطة باإليداع القضائي لألشخاص
الذين يعانون من اضطرابات عقلية داخل مؤسسات العالج إما ألسباب وقائية أو جنائية ،وال سيما في ظل
الخصاص المسجل في الطاقة السريرية وبنيات الطب العقلي والنفسي.
وانطالقا من هذا التشخيص ،يقدم المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي جملة من التوصيات ،في ما
يلي أبرزها :
-بلورة سياسات وبرامج عمومية منسقة لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من االضطرابات العقلية والمخاطر
النفسية-االجتماعية ،على أن تقوم هذه السياسات والبرامج على مؤشرات مرقمة وقابلة للقياس ،وعلى
دراسات لألثر على المستويين الصحي واالجتماعي.
-تحسين إمكانية الولوج لرعاية نفسية وعقلية ذات جودة ،تكون مواكِ بة لما بلغته المعارف والعالجات
من تطور ،ومستجيبة لالحتياجات الخاصة للمرضى ،ال سيما تلك المتعلقة بالسن والحالة االجتماعية
واالقتصادية ووسط العيش وأشكال الهشاشة التي يعانون منها.
-مراجعة وتحيين المصنف العام لألعمال المهنية ( )NGAPفي الشق المتعلق بالتكفل باالضطرابات العقلية
والتعريفة الوطنية المرجعية ذات الصلة ،وذلك في ضوء التطورات الطبية التي شهدها مجال العالج
والتكفل بهذا النوع من االضطرابات ،مع الحرص على تطبيق تعريفة معقولة.
11
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
-النهوض بمهنة األخصائي النفسي من خالل وضع نظام أساسي خاص بهذه الفئة ،ووضع سجل رسمي
لألخصائيين النفسيين.
-تعزيز الضمانات القانونية والقضائية لألشخاص المصابين باالضطرابات العقلية ،بما يراعي حاالتهم
الصحية ،ويوفر لهم حماية أمثل .ولتحقيق هذا الغرض ،ينبغي العمل على )1إعادة النظر في مشروع
القانون رقم 71.13المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق األشخاص المصابين بها ،قبل
المصادقة عليه ،وذلك بالتشاور مع ممثلي المهنيين والمرتفقين ،و )2مالءمة أفضل لمقتضيات القانون
الجنائي وقانون المسطرة الجنائية مع خصوصيات المرض العقلي وحاجيات المرضى المعنيين.
-الرصد المبكر لحاالت األفكار االنتحارية لدى األطفال والشباب في الوسط العائلي وداخل المؤسسات
التعليمية والتكفل بها ،وفق بروتوكول معد سلفا.
-التدخل على مستوى األخطار النفسية-االجتماعية في الوسط المهني ،من خالل المصادقة على اتفاقية
منظمة العمل الدولية رقم 190بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل؛ وتطوير طب الشغل
داخل المقاوالت ،ومراجعة مدونة الشغل في اتجاه إقرار جريمة التحرش المعنوي؛ ومراجعة الئحة
األمراض المهنية من خالل إدراج االضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بظروف العمل.
12
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
تقديم
تشكل الصحة العقلية مكونا أساسيا من مكونات صحة اإلنسان .وتعتبر منظمة الصحة العالمية الصح َة
العقلية رهانا أساسيا من رهانات الصحة العمومية.
وتعرف منظمة الصحة العالمية الصحة على أنها «حالة من اكتمال السالمة بدنيا وعقليا واجتماعيا ،ال مجرد
انعدام المرض أو العجز» .2وبالتالي فإن مفهوم الصحة العقلية يتجاوز بدوره انعدام االضطرابات أو حاالت
3
العجز النفسية .فالصحة العقلية تعتبر أساس رفاه الفرد وسالمة المجتمع.
في سنة ،2004عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية على أنها «حالة العافية التي يحقق فيها
الفرد قدراته الذاتية ،ويستطيع مواكبة ضغوط الحياة العادية ،ويكون قادر على العمل اإليجابي والمثمر،
ويمكنه اإلسهام في مجتمعه».4
ويُ عتبر المرض العقلي أو االضطراب العقلي حالة من التغيير الذي يطرأ على التفكير والمزاج والسلوك
للفرد ،مما يتسبب له في المحنة والمعاناة.5
وقد تم تعريف وتحديد مجموع األمراض واالضطرابات العقلية في نظامين عالميين للتصنيف هما :الدليل
التشخيصي واإلحصائي لالضطرابات العقلية ،اإلصدار الخامس ( )DSM-5والتصنيف الدولي لألمراض،
«لالضطرابات
ِ المراجعة الحادية عشرة ( ،)CIM 11حيث يخصص هذا التصنيف األخير فصله السادس
النَفسيَّة والسُ لوكيَّة واضطرابات النماء العصبي».
وال يشكل المرض العقلي والصحة العقلية نقيضين ينتميان إلى نفس السيرورة ( ،)continuumوإنما يعتبران
سيرورتين متمايزتين ومترابطتين في الوقت ذاته.6
وقد أظهر المسح الوطني لتطور منتصف العمر في الواليات المتحدة ( 7)MIDUSالذي أنجز في الفترة من
1995إلى 2005في الواليات المتحدة في صفوف أشخاص بالغين تتراوح أعمارهم بين 25و 74سنة ،أن 75
في المائة من المشاركين ال يعانون من اضطرابات عقلية ،بينما 20في المائة فقط من المشاركين يتمتعون
8
«بصحة عقلية مزدهرة» ،والتي تعتبر المستوى األعلى في مستويات الصحة العقلية.
- 2تم إقرار دستور منظمة الصحة العالمية من لدن مؤتمر الصحة الدولي الذي عقد في نيويورك من 19يونيو إلى 22يوليوز 1946
https://apps.who.int/gb/bd/pdf_files/BD_49th-ar.pdf#page=7
3 - https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/mental-health-strengthening-our-response
4 - https://www.emro.who.int/ar/health-topics/mental-health/index.html
5 - https://www.quebec.ca/sante/conseils-et-prevention/sante-mentale/informer-sur-troubles-mentaux/troubles-mentaux/
a-propos-troubles-menhttps://www.quebec.ca/sante/conseils-et-prevention/sante-mentale/informer-sur-troubles-
mentaux/troubles-mentaux/a-propos-troubles-mentauxtaux ; Micoulaud-Franchi J-A, Quiles C, Falissard B. Commentaire du
texte de Spitzer et Endicott 1978:«Troubles médicaux et mentaux: proposition d’une définition et de critères», un article clé du
débat sur la nosographie psychiatrique. Ann Med Psychol.2018;176(7):678–685.
6 - Corey L. M. Keyes, “The Mental Health Continuum: From Languishing to Flourishing in Life”, Journal of Health and Social
Behavior, Vol. 43, No. 2, Selecting Outcomes for the Sociology of Mental Health: Issues of Measurement and Dimensionality
(Jun., 2002), pp. 207-222.
) 7 - Mid Life Development in the United States ( https://midus.colectica.org/
8 - Corey L. M. Keyes, “Mental Illness and/or Mental Health? Investigating Axioms of the Complete State Model of Health”,
Journal of Consulting and Clinical Psychology, 2005, Vol. 73, No. 3, pp.539-548.
13
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
9 - Institut national de santé publique du Québec, Déterminants de la santé, 2017 : https://www.inspq.qc.ca/exercer-la-
responsabilite-populationnelle/determinants-de-la-sante
10 - Isabelle Doré et Jean Caron : Santé mentale : concepts, mesures et déterminants dans Santé mentale au Québec, 2017,
)XLII, no 1, 125-145
11 - Corey Lee M. Keyes, “Social Well-Being”, Social Psychology Quarterly, Vol. 61, No. 2, Jun. 1998, pp. 121-140.
- 12من قبيل :المؤشر األسترالي الموحد لقياس مستوى الرفاه ( ،)The Australian Unity Wellbeingوالذي يقيس جودة الحياة من خالل الرفاه على
الصعيد الشخصي وكذا الرفاه على المستوى الوطني؛ مقياس الرفاه النفسي ( ،)Psychological well-being scaleالذي يعمل على تقييم الوضع النفسي
اإليجابي؛ مقياس الرفاه االجتماعي ( ،)The Social Well-Being Scaleالذي يقيس ازدهار األفراد في حياتهم االجتماعية من خالل مؤشر الرفاه المعتمد
في إطار المسح االجتماعي األوروبي ( ،)ESSوالذي يتضمن 54مؤشرا يتعلق بالرفاه العاطفي والنفسي واالجتماعي
14
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
- 13انظر :
Policy & practice COVID-19 and violence against children Bull World Health Organ 2021;99:730–738| doi: http://dx.doi.
org/10.2471/BLT.20.283051
UNICEF: UNICEF : La situation des enfants dans le monde 2021 « Dans ma tête »: Promouvoir, protéger et prendre en charge la
santé mentale des enfants
14 - « Observatoire de l’OIT : le COVID19 et le monde du travail », 7ème édition, 25 janvier 2021
15
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
وكان من بين أكثرها شيوعا البطالة وعدم االستقرار المالي ،العزلة االجتماعية ،والعنف األسري .15»)...وقد
شجع قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة حول «اتخاذ تدابير شاملة ومنسقة لمواجهة جائحة مرض فيروس
كورونا (كوفيد« 16»)-19الدول األعضاء على معالجة مسألة الصحة العقلية في تدابيرها لمواجهة الجائحة
والتعافي من آثارها ،وذلك بكفالة اتساع نطاق توافر خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي االجتماعي في
حاالت الطوارئ».
وفي المغرب ،كشفت نتائج بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في أبريل 2020أن 49.4في المائة
17
من المستجوبين صرحوا بأنهم عانوا من القلق خالل فترة الحجر الصحي ،فيما عانى 40.9في المائة من
الخوف ،و 29.6في المائة من الشعور برهاب األماكن المغلقة ،و 24.4في المائة من تعدد أنواع الرهاب،
و 23.7في المائة من اضطراب النوم ،و 8.5في المائة من الملل ،و 7.5في المائة من فرط الحساسية/
العصبية ،و 5.9في المائة من االكتئاب .من جهة أخرى ،أبرزت نتائج بحث ثان (يونيو )2020ه َّم العالقات
االجتماعية في ظل الجائحة ،18أنه مقارنـة مـع فتـرة مـا قبـل الحجـر الصحـي ،خصـص 51.5في المائة من
المستجوبين المزيـد مـن الوقـت السـتخدام الوسـائل اإللكترونيـة (الهاتـف واأللواح اإللكترونيـة والحواسـيب).
كما أن 18.1في المائة من األشخاص الذين شملهم البحث عانوا أثناء الحجر الصحي من االزدحـام داخـل
المسـكن أو انعـدام الخصوصيـة ،فيما عـاش 11في المائة مشـاكل مـع الجيران ،وعـاش 25في المائة حـاالت
صراع مـع األشـخاص الذيـن قضوا معهـم فتـرة الحجـر .وسلط البحث الضوء على المشاكل التي اعترت
الولوج إلى الخدمات الصحية جراء الحجر الصحي ،مبرزا أن 45.2في المائة من األشخاص الذين يعانون
من أمراض مزمنة تطلبت فحصا طبيا أثناء الحجر لم يستطيعوا الولوج إلى الخدمات الصحية .من جهة
أخرى ،أنجزت المندوبية السامية للتخطيط بحثا حول تأثير الجائحة على الوضعية االجتماعية واالقتصادية
والنفسية لالجئين بالمغرب (يونيو .19)2020وقد كشف هذا البحث أن القلـق أو االكتئـاب أو الخـوف يشكل
األثـر النفـسي الرئيـسي للحجـر الصحـي عـلى الالجئـين بنسـبة 52.5في المائة ،يليه الشعور بالحرمان من
حرية التصرف ( 50.8في المائة) .وينضــاف إلى ذلـك تأثــيرات أخــرى منهــا اضطرابــات النــوم ( 29.7في
المائة) ،والحساســية المفرطــة أو العصبيــة ( 14.4في المائة) ،أو مشــاعر الوســواس ( 8.1في المائة).
وقد أشار تقرير للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول االنعكاسات الصحية واالقتصادية واالجتماعية
لجائحة كورونا إلى التداعيات الصحية ألزمة كوفيد 19-على الساكنة .20كما أثار االنتباه بشكل خاص إلى
المخاطر الناجمة عن الحجر الصحي والتدابير االحترازية التقييدية األخرى على الصحة العقلية للساكنة ،ال
سيما على األشخاص ذوي الهشاشة :األطفال ،األشخاص في وضعية إعاقة ،النساء ضحايا العنف.
- 15منظمة الصحة العالمية« ،التأهب واالستجابة في مجال الصحة النفسية أثناء جائحة كوفيد ،»-19الدورة 48للمجلس التنفيذي 8 ،يناير ،2021تقرير
المدير العام (م ت )148/20
https://apps.who.int/gb/ebwha/pdf_files/EB148/B148_20-ar.pdf
- 16قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريخ 11سبتمبر )A/RES/74/306( 2020
https://undocs.org/ar/A/RES/74/306
- 17المندوبية السامية للتخطيط ،بحث حول تأثير فيروس كورونا على الوضع االقتصادي واالجتماعي والنفسي لألسر ،أبريل 2020
https://www.hcp.ma/file/215949/
- 18المندوبية السامية للتخطيط ،العالقات االجتماعية في ظل جائحة كوفيد ،-19المرحلة الثانية من البحث حول تأثير فيروس كورونا على الوضع
االقتصادي واالجتماعي والنفسي لألسر ،يوليوز 2020
https://www.hcp.ma/file/217073/
- 19المندوبية السامية للتخطيط ،تأثير كوفيد19 -على الوضعية االجتماعية واالقتصادية والنفسية لالجئين بالمغرب ،شتنبر 2020
https://www.hcp.ma/file/217997/
- 20المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،االنعكاسات الصحية واالقتصادية واالجتماعية لفيروس كورونا «كوفيد »19والسبل الممكنة لتجاوزها ،إحالة،
2020
16
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
النهوض بالصحة العقلية أمر أساسي من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة
2030
إن البلدان مدعوة ،في إطار تنزيل أهداف التنمية المستدامة في أفق سنة ،2030إلى «تخفيض الوفيات
المبكرة الناجمة عن األمراض غير المعدية بمقدار الثلث من خالل الوقاية والعالج وتعزيز الصحة
والسالمة العقليتين» (الغاية ،3.4المؤشر .)3.4.2ويتعين على البلدان «تعزيز الوقاية من إساءة استعمال
المواد ،بما يشمل تعاطي مواد اإلدمان وتناول الكحول عل نحو يضر بالصحة ،وعالج ،ذلك» (الغاية ،3.5
المؤشران 3.5.1و )3.5.2و»تحقيق التغطية الصحية الشاملة» (الغاية ،3.8المؤشران 3.8.1و ،)3.8.2بما
فيها الصحة العقلية.24
21 - https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/suicide
- 22جلسة إنصات مع منظمة الصحة العالمية 15 ،شتنبر 2021
23 - https://www.who.int/ar/news/item/18-02-1442-covid-19-disrupting-mental-health-services-in-most-countries-who-
survey
24 - https://apolitical.co/solution-articles/fr/efforts-du-gouvernement-en-matiere-de-sante-mentale-sdgs
17
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
إن محددات الصحة العقلية متعددة وتشمل العوامل البيولوجية الفردية ،والعوامل االجتماعية والثقافية
(العالقات االجتماعية اليومية ،والجانب الروحي ،والتعليم ،وأشكال التمييز ،واإلقصاء االجتماعي ،وجميع
أشكال العنف ،والشعور باألمان أو عدمه ،)...والعوامل المتعلقة بالبيئة بمعناها الواسع (وسط العيش :أي
الحي ،واألسرة ،والمدرسة ،والعمل ،إلخ) والعوامل االقتصادية ،وكذا المنظومة الصحة المتاحة.25
ال تتجاوز نسبة تأثير منظومة العالجات على الوضعية الصحية ما بين 20و 30في المائة.
وقد تؤدي مختلف هذه المحددات االجتماعية إما إلى تحسين الصحة العقلية لألشخاص أو على العكس
من ذلك ،إلى تدهورها ،وذلك حسب درجة هشاشتهم ومدى حدة المخاطر المرتبطة بالبيئة التي يعيشون
فيها .كما أن تأثيرها يرتبط بطبيعة وسائل الحماية التي يتمتع بها األشخاص في مختلف بيئات العيش
وكذا بقدراتهم الدفاعية الخاصة .هكذا ،فإن الفقر ،والهشاشة ،والتفاوتات ،والحيف االجتماعي ،ومدى
وحدَّ ة اإلجهاد ،والشغل
فعلية الحقوق ،والتمييز القائم على الجنس ،والمناخ االجتماعي غير السليم ،واإلعاقةِ ،
الناقص ،وعدم االستقرار المادي ،وضبابية اآلفاق ،والمس بالسالمة الجسدية ،وسوء التغذية أو نقص
التغذية ،والسكن الضيق و /أو العشوائي ،والصعوبات في االستفادة من الرعاية الصحية ،والتعرض المفرط
للسلوكيات المنطوية على مخاطر اإلدمان ،والتوريث الجيلي للفقر ،وغير ذلك ،كلها عوامل تنال من الصحة
العقلية ،ألنها تضعف حماية األفراد وقدرتهم على الدفاع عن أنفسهم (القدرة على الصمود).
- 25المنظمة العالمية للصحة ،تقرير اللجنة المعنية بالمحددات االجتماعية للصحة «تضيق الفجوة في المجال الصحي في غضون جيل واحد»2008 ،
file:///C:/Users/DELL 20%7420/Downloads/9789242563702_fre.pdf
26 - Jean-Yves Giordona « La stigmatisation en psychiatrie et en santé mentale » , ELSEVIER-MASSON, 2010
- 27أشار معهد الصحة العمومية بالكيبيك (كندا) سنة 2008إلى أن حوالي ثلثي األشخاص المصابين بمرض عقلي ال يستشيرون الطبيب بسبب األحكام
المسبقة التي تحيط بهذه االضطرابات .انظر الرابط التالي :
https://aqrp-sm.org/wp-content/uploads/2013/10/f17-xve-formation-ppt.pdf
28 - Céline Aufauvre, « Des procès en chair et en songe. Sainteté et exorcisme à Bouya Omar et Sidi Chamharouch », Altérités,
vol. 6, no 2, 2009 : 93-114
18
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
عالوة على ذلك ،يهم الوصم االجتماعي أيضا االنتحار ومحاوالت االنتحار ،كما هو الحال في العديد من
المجتمعات والثقافات في جميع أنحاء العالم وعبر التاريخ.
وتظل حاالت االنتحار والسلوكيات المشابهة لالنتحار (كاالمتناع عن تناول الطعام أو وقف العالج بوصف
ذلك طريقة تؤدي حتما للموت) ،لدى األشخاص المسنين على وجه الخصوص ،أمرا يدخل ضمن الطابوهات
في المجتمع.
إن وصم األشخاص المصابين بأمراض عقلية هو في الواقع تمييز في حقهم وإنكار لحقوقهم األساسية،
كما أنه يشكل عقبة كبرى أمام عالجهم وإعادة اندماجهم في المجتمع .وبسبب الوصم أيضا تصعب معرفة
العدد الحقيقي لحاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار بسبب عدول األسر عن التبليغ بها.
وتؤدي األحكام المسبقة والوصم في حق المرض العقلي إلى استمرار اللجوء إلى الممارسات والطقوس
«التقليدية» .وفي الوقت ذاته ،فإن اللجوء إلى هذه الممارسات ليس نابعا فقط من اإليمان باألمور
أيضا إلى عدم قدرة فئات واسعة من السكان على الولوج إلى الطرق
الخارقة 29فحسب ،بل إنه يرجع ً
والبنيات الحديثة للرعاية الطبية والنفسية واالجتماعية.
أشكال التمييز والفوارق القائمة على الجنس تكرس هشاشة النساء
من عوامل االختطار التي تجعل النساء أكثر هشاشة لإلصابة باالضطرابات النفسية ،استمرار مختلف
أشكال التمييز وعدم المساواة (في الفرص والدخل والحقوق) بينهن وبين الرجال في أبعادها المختلفة ،وكذا
العنف الممارس في حقهن وحق الفتيات القاصرات ،والتي جرت دراستها بعمق في العديد من آراء المجلس
االقتصادي واالجتماعي والبيئي ومؤسسات أخرى.
وتتجلى أشكال هذا التمييز وعدم المساواة في عدد من المؤشرات نذكر منها:
-وتيرة تزويج القاصرات التي ال تزال مرتفعة جدا30؛
-معدل عدم التمدرس ومغادرة الدراسة أكثر حدة في صفوف الفتيات ،خاصة انطالقا من الطور اإلعدادي،
( 12سنة فما فوق)31؛
-النسبة العالية جدا لإلناث ضمن فئة األشخاص الموجودين خارج دائرة الشغل والتعليم والتدريب () NEET
والتي تبلغ 76.4في المائة32؛
-ضعف معدل نشاط النساء ،إذ ال يتجاوز 22في المائة خالل السنوات األخيرة (المندوبية السامية
للتخطيط).33
29 - El Ayadi Mohammed, Rachik Hassan, Tozy Mohamed , « L’islam au quotidien : enquête sur les valeurs et pratiques
religieuses au Maroc. 2007
- 30تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،ما العمل أمام استمرار تزويج الطفالت بالمغرب2019 ،
)31 - UNICEF : Maroc rapport national sur les enfants non scolarisés (2015
32 - Étude de l’ONDH : «La Situation des jeunes NEET au Maroc »,
- 33المندوبية السامية للتخطيط ،مذكرة إخبارية حول المميزات األساسية للسكان النشيطين المشتغلين خالل سنة 2019
https://www.hcp.ma/Les-principales-caracteristiques-de-la-population-active-occupee-en-2019_a2463.html
19
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
20
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
ومن المؤكد أن العنف الجسدي والنفسي ضد المرأة الحامل ينطوي على خطر إصابة الجنين بأذى
مباشر جراءه ،غير أن ضرر هذا العنف يكمن أساسا في تأثيره غير المباشر على الجنين بسبب التغيرات
الفيزيولوجية والبيولوجية التي تحدث لألم المعنَّفة ،38بحيث يعيش الجنين الضغط والتوتر الذي يطال أمه.
وبعد الوالدة ،يؤثر أي اضطراب في العالقة بين األم والطفل تأثيرا سلبيا على الطفل .ومن بين تلك
االضطرابات نذكر اكتئاب ما قبل الوضع وبعده ،الذي يطال نسبة تتراوح بين 10و 15في المائة من األمهات
في العالم ،والذي له تأثير كبير على رفاه األمهات وأطفالهن .39وقد كشفت دراسة مغربية أجريت على عينة
من 144امرأة ،أن معدل انتشار اكتئاب ما بعد الوضع في صفوف المستجوبات بلغ 6.9في المائة بعد 6
أسابيع و 11.8في المائة بعد 6أشهر و 5.6في المائة بعد 9أشهر.40
وال تزال هذه األشكال من االكتئاب غير معروفة وال يتم تشخيصها بشكل جيد وبالتالي ال تحظى بما يكفي من
الرعاية والتكفل .وحسب المسح الوطني حول السكان وصحة األسرة برسم ،412018فقد بلغت نسبة األمهات
اللواتي حصلن على رعاية طبية بعد الوالدة 22في المائة فقط .كما أبرز هذا المسح أن السببين الرئيسيين
لهذه النسبة الضعيفة هما غياب المضاعفات الصحية ( 70.9في المائة) والجهل بأهمية االستشارة الطبية
بعد الوضع ( 15في المائة).
خالل سنوات الطفولة ،التي تعتبر فترة ذات أهمية قصوى في نمو الشخصية وتطورها ،يمكن أن يؤدي العنف
الجسدي والنفسي إلى حالة من القلق واالكتئاب لدى األطفال الصغار ،والتي تتجلى في عدد من االضطرابات
في السلوك والمزاج واضطرابات التعلم ،وعدم القدرة على تحمل الشعور باإلحباط ،والعدوانية ،واالنطواء
على الذات ،والسلبية ،والخجل المفرط ،والخوف من البالغين ،والتخوف ،واضطرابات التعلق ،وغير ذلك.
أيضا صعوبات في تحديد االنفعاالت والمشاعر ،وبالتالي صعوبات في وقد يواجه األطفال ضحايا العنف ً
العالقات االجتماعية ،وقد يكونون عرضة لخطر تبني أنماط عنيفة في حل النزاعات والتفاعل االجتماعي .
42
ويعتبر العنف داخل األسرة والعنف في الوسط التعليمي المظهران الرئيسيان للعنف الذي يقع ضحيته
األطفال ،ولهما آثار ضارة عليهم .وكشف البحث الوطني حول العنف ضد النساء والفتيات ،المنجز من لدن
المندوبية السامية للتخطيط أن 58.8في المائة من حاالت العف الممارس ضد النساء يكون في الفضاء
الزوجي.43
وفي حالة العنف الزوجي ،وفضال عن خطر تعرضهم إلصابة مباشرة ،فإن األطفال الذين ينشأون في جو
تتعرض في ظله أمهاتهم للعنف ،ال يكونون شهودا سلبيين ال حول لهم إزاء هذا العنف فحسب ،وإنما يصبحون
أيضا ضحايا له ،وذلك بسبب الضغط والتوتر النفسي الذي يولده لديهم .44ويمكن أن يؤدي الضغط الشديد
38 - Roger Henrion , Les femmes victimes conjugales, le rôle des professionnels de santé : rapport au
ministre délégué à la Santé. La Documentation française, 2001
39 - Catherine Agbokou; Florian Ferreri; Philippe Nuss et Charles-Siegfried Peretti, « Clinique des dépressions maternelles
posnatales », EMC – Psychiatrie, Vol. 8, N° 4, 2011
40 - Agoub M, Moussaoui D, Battas O. Prevalence of postpartum depression in a Moroccan sample. Archiches of Women’s
Mental Health. 2005 May;Vol 8 N°1:37-43. doi: 10.1007/s00737-005-0069-9. Epub 2005 May 4. PMID: 15868390.
- 41وزارة الصحة ،المسح الوطني حول السكان وصحة األسرة2018 ،
https://www.sante.gov.ma/Documents/2021/05/Enqu%C3%AAte 20%Nationale 20%sur 20%la 20%Population 20%et 20%la
20%Sant%C3%A9 20%Familiale 20%2018 20%(%C3%A9dition 20%Mars 20%2020)(version 20%Arabe).pdf
42 - « Les 1000 premiers jours, là où tout commence ». Rapport de la Commission des 1000 premiers jours, Septembre 2020.
)Ministère de la Santé et des Solidarités (France
- 43المندوبية السامية للتخطيط ،مذكرة حول العنف ضد النساء والفتيات ،البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال 2019
https://www.hcp.ma/Note-sur-les-violences-faites-aux-femmes-et-aux-filles_a2627.html
- 44يحيل مفهوم اإلجهاد على المجهود الذي يتم القيام به على المستوى العاطفي والعالئقي والفيزيولوجي الحيوي من أجل التكيف مع المواقف الصعبة
21
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
والمتكرر إلى حالة من المعاناة الشديدة التي تتجاوز قدرتهم على التأقلم مع الضغوط .وتظهر العديد من
األعمال العلمية 45أن الضغط ،ال سيما خالل فترة الطفولة ،له تأثيرات على تشكيل الهندسة الدماغية على
المستوى العصبي وكذا المشبك العصبي ،مع تأثيرات كبيرة بعيدة المدى على التطور والسلوك واإلدراك
والقدرات العالئقية والعاطفية والتعلمية .وقد تنطوي على مخاطر اإلصابة بأمراض نفسية على المدى
الطويل ،حسب درجات الهشاشة المكتسبة ومسارات النمو الفردية.
وحسب نتائج البحث الوطني حول العنف ضد النساء والفتيات فقــد صرحــت حــوالي 16في المائة مــن
النســاء ضحايــا العنــف الزوجــي بأن أطفالهــن ،الذيــن تتراوح أعمارهـم بيــن 5و 18ســنة ،يعانـون من
مشـاكل صحية ،خاصة ذات طبيعـة نفسية وسلوكية :العزلة والحزن ،الرعشة ،نوبــات القلــق أو الصـرع،
الكوابيــس ،التبــول الالإرادي ،العـدوانية ،االنحــراف ،التراجـع الـدراسي والتغيب عن المدرسة ،الهـروب.46
وهناك أيضا خطر االنتقال الجيلي للصدمات النفسية ،بسبب التعرض لسوء المعاملة و /أو العنف بين
47
األشخاص والعنف المنزلي.
بعد مرحلة الطفولة ،تأتي مرحلة المراهقة والتي تستمر ،من منظور نمو الدماغ ،حتى سن 25سنة .48وتعتبر
هذه الفترة حاسمة بالنسبة لصحة اإلنسان .فعلى الصعيد العالمي ،تشير التقديرات إلى أن 70في المائة من
وفيات البالغين بسبب األمراض غير المعدية مرتبطة بعوامل اختطار بدأت في مرحلة المراهقة ،وأن 50
في المائة من اضطرابات الصحة العقلية في مرحلة البلوغ تظهر قبل سن 14سنة ،ومعظمها ال يتم تشخيصه
وال معالجته .49فهؤالء «الشباب» مهددون بالمعاناة النفسية .وتزداد حدة معاناة هؤالء الشباب عندما تكون
آفاقهم المستقبلية غامضة وعندما يعيشون حالة من الفراغ الدائم.
تعرض األطفال للعنف في الوسط التعليمي
وال يتسبب العنف في الوسط التعليمي أو ما يسمى بالعنف «التربوي» 50في التوتر والخوف لدى الطفل
أيضا بشكل مباشر على قدرته على التعلم بسبب فقدانه تقدير الذات والثقة فيفحسب ،بل يمكن أن يؤثر ً
ُلحق هذا العنف التربوي دائما
النفس ،والحال أنهما عامالن مهمان لتحقيق النجاح الدراسي والمهني .وي ِ
الضرر بالطفل ،كما أنه يأتي بنتيجة عكسية للهدف المتوخى منه ،ال سيما وأن بعض األطفال الذين نلمس
فيهم تقاعسا عن الدراسة هم يعانون في الواقع من مشاكل حسية أو إدراكية لم يتم تشخيصها.51
وقد تعـرض أكـثر مـن %22مـن التلميـذات والطالبـات لواحـد أو أكثـر مـن أشـكال العنـف في مؤسســات
التعليــم والتكويــن .52وحسب المسح العالمي بالوسط المدرسي حول صحة التالميذ «( 53»GSHSالمغرب
54)2016فإن 13.6في المائة من التالمذة (عينة مكونة من 6745من التالمذة المتراوحة أعمارهم بين 13
45 - Lupien S J, McEwen B.S., Gunnar MR, Heim C, Effects of stress throughout the lifespan on the brain, behaviour and
cognition. Nature Reviews Neuroscience, 2009. 10: p. 434-445
- 46المندوبية السامية للتخطيط ،مذكرة حول العنف ضد النساء والفتيات ،البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال 2019
https://www.hcp.ma/Note-sur-les-violences-faites-aux-femmes-et-aux-filles_a2627.html
47 - Anna Maria Nicolò, Eleonora Strinati, « Transmission du traumatisme et défense transpersonnelle dans la famille », Cahiers
critiques de thérapie familiale et de pratiques de réseaux, Vol. 38, n° 1, 2007, pp. 61-79.
48 - Joseph Campellone, Raymond Kent Turley, Understanding the Teen Brain, University of Rochester Medical Center.
- 49جلسة إنصات مع القطاع الوزاري المكلف بالصحة بتاريخ 24نونبر 2021
50 - UNESCO, Analyse de la situation de la violence en milieu scolaire au Maroc, 2017 : https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/
pf0000261066
- 51جلسة إنصات لتحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب بتاريخ 09يونيو 2021
- 52المندوبية السامية للتخطيط ،مذكرة حول العنف ضد النساء والفتيات ،البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال 2019
)53 - Global school-based student health survey (Enquête mondiale sur la santé des élèves en milieu scolaire
54 - Ministère de la santé : Maroc 2016 :Rapport de l’Enquête Mondiale sur la Santé des Elèves (GSHS) Global School-based
Student Health Survey
22
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
و 17سنة) أقدموا لمرة أو أكثر على محاولة االنتحار خالل االثني عشر شهرا السابقة إلجراء البحث ،و 16في
المائة من التالمذة فكروا بجدية في االنتحار خالل الفترة نفسها .وتعتبر هذه النسبة أكثر حدة لدى الفتيات
من الفتيان ( 17.9في المائة و 14في المائة على التوالي) 64.1 .في المائة من المستجوبين الذين سبق وأن
تناولوا المخدرات ،صرحوا أنهم كانوا في سن 14سنة عندما قاموا بتعاطي المخدرات ألول مرة 6.5 .في
المائة تعاطوا الحشيش مرة واحدة أو أكثر خالل حياتهم 7.8 .في المائة من التالمذة المشمولين بالبحث
سبق وأن استهلكوا األمفيتامينات أو الميثامفيتامينات 31.6 .في المائة من التالمذة أصيبوا بجرح بليغ (37.7
لدى الفتيان و 23.7لدى الفتيات) 23.3 .في المائة تعرضوا للمهاجمة لمرة أو أكثر 38.5 .في المائة تعرضوا
للمضايقة أو االستقواء ليوم أو أكثر خالل الثالثين يوماً السابقة للبحث.
من جهة أخرى ،أضحت التكنولوجيا الرقمية تحتل مكانة بارزة في حياتنا .ويالحظ أن األنترنت ووسائل
اإلعالم الرقمية وشبكات التواصل االجتماعي مألى بالمحتويات السلبية ،كما أن مضامين وطبيعة التواصل
عبر الشبكة العنكبوتية تثير العديد من اإلشكاليات بما في ذلك تلك المتعلقة بالعنف اإللكتروني ،سواء
اللفظي أو المرئي ،والتحرش اإللكتروني ،والتشهير اإلعالمي (أو السحل اإلعالمي) ،إلخ ،والتي يمكن أن
تكون لها آثار ضارة بالصحة العقلية ورفاه األفراد (القلق واالكتئاب ،إلخ) خاصة األطفال.
التقدم في السن ومشاكل الصحة العقلية المرتبطة به
في تحديد فئة األشخاص المسنين هناك عامل مهم من عوامل الهشاشة أال وهو سن الخروج من الحياة
المهنية مع كل ما يمكن أن يتولد عن ذلك من تبعات اقتصادية واجتماعية ونفسية ،في مرحلة معينة من الحياة
يتسارع فيها إيقاع الشيخوخة ،وما يصاحب ذلك من مشاكل صحية ،وتزايد التبعية للغير.
هذا ،وتعتبر االضطرابات العقلية لدى المسنين المسبب األول لإلصابة باألمراض والمسؤولة عن 6.6في
المائة من مجموع حاالت العجز الكلي المرتبط بالتقدم في العمر .55كما ينجم عن تدهور الحالة الصحية
للمسنين انعكاسات اجتماعية واقتصادية على كل من:
-المساعدين الطبيعيين أو المساعدين العائليين ،بحيث إنهم معرضون بشدة إلى اإلصابة باالكتئاب،
ويحتاجون من ثمة للمواكبة؛
-ميزانية األسر؛
-منظومة الرعاية الصحية :للتكفل المادي بشخص مسن ،حسب درجة استقالليته ،انعكاسات اقتصادية
مهمة.
بين سنتي 2004و 2021تضاعف تقريبًا عدد السكان المغاربة الذين تزيد أعمارهم عن 60سنة ،حيث ارتفع
من 2.4مليون إلى 4.3مليون .56وقد انتقلت نسبة السكان البالغين من العمر 60سنة من إجمالي الساكنة،
من 6.3في المائة سنة 1960إلى 11في المائة سنة .2018ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 15.4في
57
المائة سنة .2030
هذه الدينامية الديمغرافية المتجهة نحو شيخوخة السكان تقتضي اتخاذ تدابير استباقية على المستوى
الصحي ،وال سيما الصحة العقلية والحماية االجتماعية للمسنين.
23
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
بحيث ال تترك لها دائماً الوقت للتكيف مع المشاكل والتفاعل بشكل مناسب معها ،ال سيما فيما يتعلق بحماية
األطفال وتعليمهم .كما أن تلك التحوالت قد تتسبب في تعميق االضطرابات النفسية والسلوكية في العالقات
بين الوالدين واألطفال ( .62)dysparentalitéورغم أن هذا األمر ليس بالظاهرة الجديدة ،إال أن فهمه
وتقعيده وضرورة إدماجه في السياسات المتعلقة بتعليم وحماية الطفل أصبح اليوم مطروحا بحدة.
التفكك األسري
يمكن ألي أسرة أن تعاني من اختالل وظيفي ،بمعنى أن تسودها عالقات وتفاعالت من شأنها أن تضر
بأفرادها .في هذا النوع من األسر ،تكثر النزاعات ،ويسود العنف اللفظي والجسدي والنفسي ،ويكثر أن تجد
أحد الوالدين أو كالهما مدمنا على الكحول أو المخدرات ،أو قد يعاني من اضطراب عقلي .لذلك ،فإن هذه
األسر ال يمكن أن توفر الحماية لألطفال.
24
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
وغالبا ما يكون لهذه االختالالت التي تعتري األسرة تأثير دائم على الصحة العقلية ألفرادها ،سواء كانوا
ضحايا أو شهودا ،ومما يزيد من وطأتها كونها تجري في فضاء خاص ،أي خلف األبواب الموصدة للمنازل.
في المغرب ،رغم ان أطباء األمراض العقلية والمتخصصين في علم النفس السريري والجمعيات
العاملة في مجال رعاية أطفال الشوارع واألطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم واألطفال ضحايا
االغتصاب وزنى المحارم والنساء ضحايا العنف ،وغيرهم ،على اطالع جيد بوجود حاالت الختالالت
العالقات بين الوالدين واألطفال واالختالالت األسرية ،غير أنه ال توجد معطيات وطنية حول حجم ونطاق
هذه اإلشكاليات.
25
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
تقدر الخسائر التي تتكبدها إنتاجية االقتصاد العالمي جراء حاالت االكتئاب والقلق في العمل بمليار
66
دوالر أمريكي.
وفي سنة ،2002قدرت المفوضية األوروبية 67تكلفة اإلجهاد المرتبطة بالعمل في 15دولة من دول االتحاد
األوروبي بـ 20مليار أورو سنويًا.
وفي ،2005-2006كلف االكتئاب واضطرابات القلق الناجمة عن اإلجهاد المرتبط بالعمل بريطانيا أكثر
من 530مليون جنيه إسترليني .وأشار تقرير المخاطر النفسية واالجتماعية بأوروبا 68إلى أن:
25-في المائة من العاملين يعانون من اإلجهاد مرتبطة بالعمل طيلة أو معظم أوقات عملهم؛
-صرح 25في المائة من العاملين أن للعمل آثاراً سلبية على صحتهم؛
80-في المائة من األطر قلقون من إجهاد العمل؛
20-في المائة يعتبرون أن العنف والتحرش يشكالن مشكلة كبرى.
وخالل فترة انتشار جائحة كوفيد 19-كشفت دراسة لمنظمة العمل الدولية 69أن 65في المائة من المقاوالت
المشمولة بالبحث صرحت أنها وجدت صعوبة في المحافظة على معنويات العاملين في مستوى جيد خالل
مدة العمل عن بعد .كما لوحظ أنه ظهرت على عامل واحد من أصل كل خمسة عاملين عبر العالم أعراض
70
االكتئاب والقلق خالل هذه الفترة.
إن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل ،والتوصية
خال من العنف والتحرش،رقم 206اللتان تتضمنان معايير جديدة وتقران بحق كل إنسان في عالم شغل ٍ
وتحددان إطارا واضحا ومشتركا من أجل الوقاية من ظاهرة العنف والتحرش في عالم الشغل والقضاء عليها،
وفق مقاربة شاملة ومندمجة ومراعية للنوع االجتماعي.
وتجدر اإلشارة إلى أن المغرب لم يصادق بعد على هذه االتفاقية ،كما لم يصادق على العديد من اتفاقيات
- 66المصدر نفسه
67 - Commission européenne, Manuel d’orientation sur le stress lié au travail, 2002.
68 - Eurofound and EU-OSHA (2014), Psychosocial risks in Europe: Prevalence and strategies for prevention, Publications Office
of the European Union, Luxembourg
69 - ILO, Managing work-related psychosocial risks during the COVID-19 pandemic, 2020: https://www.ilo.org/wcmsp5/
groups/public/---ed_protect/---protrav/---safework/documents/instructionalmaterial/wcms_748638.pdf
- 70جلسة إنصات مع منظمة العمل الدولية بتاريخ 15دجنبر 2022
26
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
أخرى متعلقة بالسالمة والصحة في أماكن العمل (ال سيما االتفاقيات رقم 161و 167و.)184
من جهة أخرى ،خُ صصت مقتضيات الكتاب الثاني من مدونة الشغل إلى ظروف الشغل ،مع إيالء أهمية
خاصة لألطفال القاصرين والنساء ،السيما الحوامل ،واألشخاص في وضعية إعاقة ،والوقاية من حوادث
الشغل ،وكذا طب الشغل .وإذا كانت مقتضيات مدونة الشغل تغطي عموما مسألة حماية سالمة العاملين
وصحتهم البدنية ،إال أنها ال تشير صراحة إلى االضطرابات النفسية وال إلى التحرش المعنوي.
وعلى غرار الكثير من البلدان األوروبية ،71فإن االضطرابات النفسية ليست مدرجة بعد ضمن قائمة األمراض
المهنية الجاري بها العمل في المغرب حاليا.72
إشكالية قياس وضعية الصحة العقلية
ال يوجد حاليا مؤشر دولي موحد لقياس الصحة العقلية ،كما أنه ليس هناك إطار مرجعي عالمي لمؤشرات
الصحة العقلية .لكن ،وبالنظر إلى وجود تقارب بين مفهومي الصحة العقلية والرفاه ،73فقد يكون من المفيد
اإلشارة إلى بعض مؤشرات قياس مستوى الرفاه المعمول بها ،من قبيل :المؤشر األسترالي 74الموحد لقياس
مستوى الرفاه ،والذي يقيس جودة الحياة من خالل الرفاه على الصعيد الشخصي وكذا الرفاه على المستوى
الوطني؛ مقياس الرفاه النفسي ،الذي يعمل على تقييم الوضع النفسي اإليجابي75؛ مقياس الرفاه االجتماعي،
الذي يقيس ازدهار األفراد في حياتهم االجتماعية من خالل مؤشر الرفاه المعتمد في إطار المسح االجتماعي
األوروبي ( ، )ESSوالذي يتضمن 54مؤشرا يتعلق بالرفاه العاطفي والنفسي واالجتماعي.76
في المغرب ،ال يتم قياس وضعية الصحة العقلية وال مستوى الرفاه .والحال أن قياس الصحة العقلية مع
إدراج مختلف مكونات الرفاه العاطفي والنفسي واالجتماعي ،من شأنه أن يمكن من تقييم المستوى العام
للصحة العقلية للساكنة ،وإجراء دراسات وبحوث تسمح بالتعرف بشكل أفضل على المحددات الرئيسية
للصحة العقلية والعوامل الكفيلة بتعزيزها ،وكذا تقدير مخاطر اإلصابة باالضطرابات العقلية وتقييم
تأثير تدابير النهوض والوقاية المتخذة في هذا المجال.
71 - Rapport d’étude Eurogip : Quelle reconnaissance des pathologies psychiques liées au travail? Février 2013. Ref.Eurogip-81F
- 72قرار لوزير التشغيل والشؤون االجتماعية رقم 160.14صادر في 19من ربيع األول 21 ( 1435يناير ) 2014بتغيير وتتميم قرار وزير التنمية االجتماعية
والتضامن والتشغيل والتكوين المهني رقم 919.99الصادر في 14من رمضان 23 ( 1420ديسمبر ) 1999المتعلق بتطبيق الظهير الشريف الصادر في 26من
جمادى األولى 31 ( 1362ماي ) 1943الممتدة بموجبه إلى األمراض المهنية مقتضيات القوانين التشريعية المتعلقة بالتعويض عن حوادث الشغل .الجريدة
الرسمية عدد 6303المنشورة بتاريخ 27أكتوبر ( 2014الصيغة العربية)
73 - Corey Lee M. Keyes, “Social Well-Being”, Social Psychology Quarterly, Vol. 61, No. 2, Jun. 1998, pp. 121-140.
74 - https://www.australianunity.com.au/about-us/wellbeing-index
75 - https://sparqtools.org/mobility-measure/psychological-wellbeing-scale/
76 - http://www.esswellbeingmatters.org/
27
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
77 - https://www.quebec.ca/sante/problemes-de-sante/maladie-mentale
- 78الدليل التشخيصي واإلحصائي لالضطرابات العقلية ( )Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders) (DSMتُصدره
الجمعية األمريكية للطب النفسي ،وقد بلغ طبعته الخامسة
- 79التصنيف اإلحصائي الدولي لألمراض والمشكالت المتعلقة بالصحة ( : )International Classification of Diseases) (CIMخصص بابه
والسلوك َّية واضطرابات النمو العصبي .ويصدر هذا التصنيف من قبل منظمة الصحة العالمية ويُستخدم في جميع أنحاء
ُ ِ
لالضطرابات العقلية السادس
العالم لرصد أسباب ال َم َراضة والوفيات التي تتعلق بمجال الطب .والجدير بالذكر أن المراجعة الحادية عشرة لهذا التصنيف جرى اعتمادها في ماي 2019
ودخلت حيز التنفيذ في فاتح يناير .2022
80 - N. Kadri et coll. 2007 : http://www.annals-general-psychiatry.com/content/6/1/6
28
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
ويؤكد الفاعلون (القطاع الوصي ،مهنيو الصحة) أن األرقام الواردة في هذا البحث تتوافق مع االتجاهات
الدولية بهذا الخصوص.81
يذكر أن السلوكات اإلدمانية ،التي تعتبرها التصنيفات الدولية شكال من أشكال االضطرابات العقلية ،تعد
ظاهرة متفشية ومتعددة األشكال .وفي هذا الصدد ،تبرز المؤشرات 82المتعلقة بالمغرب ما يلي :
-حسب معطيات سنة ،2005فإن حجم تعاطي المواد ذات التأثير النفسي والعقلي يقدر بـ 4.1في المائة،
وأن االستهالك المفرط للمخدرات واإلدمان عليها يقدر بـ 3في المائة ،وأن اإلفراط في استهالك الكحول
يناهز 2في المائة .وحسب دراسة إقليمية أ ُنجزت في سنة ،2016فإن عدد األشخاص الذين يتعاطون
المخدرات عن طريق الحقن في المغرب ُقدِّر بـ 18.500شخص؛ مع تسجيل معدل انتشار مرتفع في
صفوف األشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسب ( 11.4في المائة) ،وااللتهاب الكبدي «ج» (57
في المائة).
-يوجد في المغرب 6ماليين مدخن ،منهم 5.4ماليين من البالغين ونصف مليون من القاصرين دون سن
18سنة .ويتم استهالك 15مليار سيجارة كل سنة ،علماً أن محتوى السجائر في المغرب من النيكوتين
والمواد السامة أعلى من الكمية الموجودة في السجائر المرخصة بأوروبا .كما أن 35.6في المائة من
الساكنة معرضة للتدخين.
-إن تعاطي المؤثرات العقلية في صفوف المراهقين المتمدرسين ال يقل خطورة ،بحسب آخر البحوث
التي أنجزتها وزارة الصحة حول هذا الموضوع .83وفي هذا الصدد ،يبلغ معدل انتشار تعاطي التبغ 9في
المائة ،84وتبلغ هذه النسبة 7.9في المائة في صفوف التالمذة المتراوحة أعمارهم بين 13و 17سنة،
علما أن 63.3في المائة منهم بدأوا التدخين قبل بلوغ سن .14وصرح 9في المائة من المستجوبين أنهم
استهلكوا القنب الهندي مرة واحدة على األقل في حياتهم ( 64في المائة بدأوا في استهالكه قبل بلوغ
سن .)14وأفاد 13.3في المائة من المستجوبين أنه سبق لهم أن جربوا استخدام الكحول ،بينما صرح 5
في المائة منهم أنه سبق لهم استهالك المؤثرات العقلية .كما أن 1.4في المائة منهم سبق لهم استهالك
الكوكايين.
-حسب تقديرات الفاعلين في مجال ألعاب الرهان ،فإن ما بين 2.8إلى 3.3مليون شخص يمارسون ألعاب
الرهان والقمار في بالدنا ،علماً أن 40في المائة منهم يعتبرون معرضين لخطر اإلفراط في اللعب المضر
بمصالحهم.
-تنامي االستخدام ال َمر َِضي للشاشات وألعاب الفيديو واألنترنت في بالدنا .لكن ال يزال نطاق وتأثير هذه
اإلشكالية غير معروف بالقدر الكافي .وقد أظهرت دراسة وبائية تم إجراؤها سنة 2020على عينة تضم
800من تالمذة المستوى اإلعدادي تتراوح أعمارهم بين 13و 19سنة بمدينة الدار البيضاء ،أن 40في
المائة يستخدمون األنترنت بشكل يخلق لهم العديد من المشاكل وأن حوالي 8في المائة يوجدون في
وضعية إدمان.
81 - Driss Moussaoui, « La santé mentale au Maroc : enquête nationale sur la prévalence des troubles mentaux et des
toxicomanies », L’Encéphale, (2007) Supplément 4, S125-S126 : https://www.encephale.com/content/download/86395/1487222/
version/1/file/main.pdf
- 82تقرير أصدره المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي مؤخراً بعنوان «مواجهة السلوكات اإلدمانية :واقع الحال والتوصيات»2021 ،
- 83بحث المشروع المدرسي للبحر األبيض المتوسط حول الكحول والمخدرات األخرى ( )MedSPADالمغرب ،2017 ،المسح الصحي العالمي لطلبة
المدارس (.GSHS)، 2016
- 84خالل االثنتي عشر شهرا التي سبقت إنجاز البحث.
29
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
من ناحية أخرى ،وعلى الرغم من وجود استراتيجية وطنية لمكافحة اإلدمان وتسجيل المملكة لتقدم في هذا
الشأن مقارنة بدول المنطقة ،فإن التدخالت ال ُمنَسَّ قة تظل ضعيفة والسياسات العمومية محدودة وغير كافية
حيث تهيمن عليها المقاربة الزجرية المرتكزة على إطار تشريعي متقادم وال يوفر الحماية .وال يزال مفهوم
مكافحة اإلدمان متداخال بشكل كبير مع مكافحة المخدرات (علماً أن التصدي للمخدرات هو أمر ضروري
كاف لوحده) .وتظل السلوكات اإلدمانية بدون استخدام مواد مخدرة (ألعاب الرهان ،ألعاب الفيديو،لكنه غير ٍ
اإلدمان على األنترنت ،هوس التسوق...إلخ) غير مشمولة بسياسات الوقاية والتكفل.
وتتوفر بالدنا على 18بنية فقط لعالج اإلدمان ،مع وجود 15مركزًا للعالجات المتنقلة بما في ذلك 5مراكز
قادرة على توفير العالج البديل للمواد األفيونية ( )TSOو 3مصالح لإليواء في المراكز االستشفائية الجامعية
بالرباط والدار البيضاء وفاس .كما يسجل القطاع نقصاً في الموارد البشرية ،حيث ال تتوفر سوى على 64
طبيبا عامًا أو طبيبًا نفسيًا مكونين في طب اإلدمان.
ويواجه مسار العالجات داخل مصالح طب اإلدمان الموزعة على العديد من مستويات بنيات التكفل (شبكة
مؤسسات العالجات الصحية األساسية ،))ESSBمراكز طب اإلدمان ،مستشفيات جهوية ،مراكز استشفائية
جامعية) ،مجموعة من الصعوبات المتعلقة بالتكفل وإرجاع المصاريف من طرف هيئات التأمين عن المرض
(باستثناء الصندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي والصندوق الوطني للضمان االجتماعي).85
ويعزى هذا األمر إلى غياب االعتراف الواضح باإلدمان بوصفه مرضاً على مستوى اإلطار القانوني للتغطية
ُصنَّف
الصحية األساسية ،وعدم اإلشارة إلى أعمال التشخيص والعالج المتعلقة باضطرابات اإلدمان في «الم َ
العام لألعمال المهنية» ،بشكل يتيح إمكانية إرجاع مصاريف االستشفاء من طرف هيئات التأمين والضمان
االجتماعي .من جهة أخرى ،يتسم قرار وزير الصحة رقم 2518.05الصادر في 5سبتمبر 2005بتحديد
قائمة األمراض الخطيرة واألمراض التي يترتب عنها عجز يتطلب عالجا طويل األمد أو باهظ الثمن،
بصياغة تقييدية وغير واضحة ،بحيث يحصر التكفل فقط في حاالت «اضطرابات اإلدمان الخطيرة» في
إطار «االضطرابات الخطيرة للشخصية» .وقد أشارت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي إلى أنه رغم أن
الصندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي والصندوق الوطني للضمان االجتماعي يتكلفان بإرجاع
المصاريف الطبية المرتبطة بعالج اضطراب اإلدمان ،إال أن العديد من األعمال الطبية والعالجات ال تزال
غير مشمولة بهذا التعويض إلن التصنيف المعتمد حاليا لألعمال الطبية المهنية ال يحيل إليها أو ال يُدمج
التطورات الطبية التي يشهدها هذا التخصص وال الجيل الجديد لألدوية.
- 85في جوابه على طلب المعلومات الذي وجهه إليه المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،ذكر الصندوق التعاضدي المهني المغربي ( )CMIMأنه «ال
يقوم بالتعويض عن تكاليف العالج طويل األمد واالستشفاء المتعلق باإلدمان» .أما الجامعة المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين ،فقد صرحت من جانبها
أنه «بالنظر لكون اإلدمان ناجم عن سلوك إرادي يقوم به ال ُم َؤ َّمن ،فإنه غير مشمول بعقود التأمين الصحي»
30
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
وهكذا تفرعت عن طب األمراض العقلية والنفسية العديد من التخصصات كالطب النفسي لألطفال ،والطب
النفسي للمسنين ،والطب النفسي الشرعي ،والطب النفسي متعدد الثقافات ،وعلم اإلدمان .كما تطورت
بالموازاة معها تخصصات أخرى غير طبية مثل علم النفس السريري وعلم النفس االجتماعي والعالج
المهني وعالج صعوبات النطق ،كما بات الطب النفسي يلجأ بشكل متزايد إلى مهنيين آخرين من قبيل
المساعدين(ات) االجتماعيين المتخصصين ،والمكلفين باإلنصات في مراكز االتصال ،و»المساعدين النظراء»
(مرضى سابقون تماثلوا للشفاء وتم تكوينهم في مجال مواكبة األشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية.
إذ يضطلعون بدور متزايد األهمية في برامج التكفل والوقاية).
ويتمثل الهدف األساسي من هذه المقاربة اإليجابية في الحفاظ على الرصيد الصحي ،والوقاية من األمراض
وتعزيز الصحة الجيدة ،الجسدية منها والعقلية.
ويساهم التقدم الكبير الذي تم إحرازه بفضل البحث العلمي في مختلف المجاالت كعلوم األعصاب ،والمنظومة
الدوائية ،وعلم االجتماع ،والبحوث النفسية االجتماعية ،واألنثروبولوجيا ،وغيرها ،في إرساء فهم وتكفل
ال عن الوعي بالطابع البيولوجي والنفسي واالجتماعي لألمراض العقلية.
أفضل باالضطرابات العقلية ،فض ً
لقد تم التخلي عن العالجات الجراحية أو الكيماوية أو الكهربائية القديمة التي كانت قاسية وغير فعالة.86
ولم يعد من المقبول التحدث عن معازل أو مشافي المجانين .87وعالوة على ذلك ،تم حذف «األمراض» التي
جرى تصنيفها سابقا بناء على اعتبارات أخالقية أو ثقافية ،من التصنيفات الرسمية لألمراض واالضطرابات
العقلية.88
وهكذا فإن طب األمراض العقلية الحديث يشهد تطوراً ملحوظاً في طرق التدخل وتعريف األمراض ،حيث
انتقل من تخصص بيولوجي-طبي إلى تخصص بيولوجي-طبي-نفسي-اجتماعي ،مما يعني من الناحية
العملية أن عملية التكفل باألمراض العقلية لم تعد حكراً فقط على المؤسسات االستشفائية ،89وأن التكفل
بات يلجأ بشكل متزايد إلى رعاية المرضى خارج المستشفيات ،وأن التكفل أصبح يتم عبر العديد من طرق
العالج الفعالة ،وأنه بات يحتاج إلى دعم من قبل مجموعة من المهنيين والمؤسسات غير الطبية من أجل
مواكبة المصابين باضطرابات نفسية خالل مسار إعادة إدماجهم.
وقد كشفت مختلف جلسات اإلنصات التي عقدها المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي مع المهنيين
والمؤسسات المعنية عن وجود توجه نحو اعتماد هذه المقاربة متعددة التخصصات والمتكاملة للتكفل
باألمراض العقلية والتي تجمع بين العالجات الدوائية الحديثة والعالجات النفسية.
- 86رغم أن عملية فصل فص المخ الجبهي لعالج بعض األمراض النفسية والعصبية اشتهرت في منتصف القرن العشرين ونال صاحبها الدكتور البرتغالي
إيغاس مونيز جائزة نوبل في الطب سنة ،1949فإنها أصحبت تعتبر اليوم ممارسة طبية قاسية وخطيرة ،وذات فعالية غير مثبتة .من جهة أخرى ،شهدت
العالجات بالصدمات الكهربائية أو العالج بالتخليج الكهربائي تطورات عميقة وباتت اليوم ال توصف إال لحاالت بعينها .كما أن مضادات الذهان من الجيل
األول ،التي كان بعض جزيئاتها يسمى «فصل المخ الجبهي الكيماوي» أو «القميص القسري الكيماوي» ،أصبح يتم استبدالها ،بشكل متزايد ،بجزيئات جديدة.
وفي المغرب ،يبدو أن المرضى ال يستطيعون بعد الحصول على األجيال الجديدة من مضادات الذهان (جلسة اإلنصات لجمعيات األطباء النفسين ،بتاريخ
29شتنبر .)2011
87 - Ghita El Khayat, Une psychiatrie moderne pour le Maghreb, Paris, L’Harmattan, 1994 ; Ghita El Khayat, La Folie, El Hank -
Casablanca, Casablanca, EDDIF, 2000 ; Ervin Goffman, Asiles. Études sur la condition sociale des malades mentaux et autres
; reclus, trad. de Liliane et Claude Lainé, Éditions de Minuit, Paris, 1979
Michel Foucault, Histoire de la folie à l’âge classique, Gallimard, 1972.
- 88لم تعد الهستيريا بالمفهوم الفرويدي معتمدة في التصنيفات الدولية لألمراض العقلية ،كما تم سحب المثلية الجنسية (سنة )1990والتحول الجنسي
(سنة )2019من هذه التصنيفات.
- 89تهدف وزارة الصحة إلى دمج عالج الصحة العقلية على مستوى المستشفيات العامة ومؤسسات الرعاية الصحية األولية ،وتطوير البنيات الوسيطة،
وتحديد مدة االستشفاء في مدة معينة ،وتعزيز العالجات الخارجية (جلسة إنصات مع وزارة الصحة بتاريخ فاتح شتنبر .)2021
31
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
32
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
بشكل عام ،ترتكز بعض طرق العالج التقليدية إلى مجموعة من المعتقدات التي يمكن أن تكون مفيدة
وينبغي أخذها بعين االعتبار في عملية التكفل بالمصابين باألمراض العقلية .في المقابل ثمة طرق أخرى
قد تمس بسالمة الشخص المعني وكرامته اإلنسانية لذا وجبت محاربتها.
من جانب آخر ،ال ينبغي لهذا االستعداد الثقافي للساكنة للجوء إلى األساليب التقليدية في العالج أن
يحجب عنا حقيقة مهمة مفادها أن الصعوبات المادية في الولوج إلى عرض العالج بالطرق الحديثة تدفع
الكثير من الناس إلى العدول عن العالج 96أو إلى اللجوء إلى طرق العالج التقليدية .وهو توجه تكرسه
ظاهرة الوصم االجتماعي للمرض العقلي.
منطقة
منطقة منطقة
غرب المنطقة المنطقة المنطقة المجموع
جنوب شرق البحر المغرب
المحيط األوروبية األمريكية اإلفريقية العالمي
شرق آسيا المتوسط
الهادئ
17.2 3 62.7 5.2 13.6 2.6 14.5 6.2
- 96تتداول وسائل اإلعالم غير ما مرة العديد من الحاالت التي يقال إن أصحابها تعرضوا لالحتجاز في المنزل بسبب إصابتهم بأمراض عقلية
انظر بعض األمثلة:
https://www.maghress.com/fr/marochebdo/37529
https ://www.bladi.net/malade-mental-sequestration-maroc.html https://fr.le360.ma/societe/sequestre-par-sa-famille-a-
cause-de-sa-maladie-10431
- 97الصحة العقلية وحقوق اإلنسان :الحاجة الملحة إلى سياسة جديدة ،المجلس الوطني لحقوق اإلنسان2013 ،
http://cndh.ma/sites/default/files/lsh_lqly-_ltqryr_lkml_0.pdf
- 98جلسة إنصات مع المرصد الجهوي للصحة بجهة طنجة-تطوان -الحسيمة ،منظمة بتاريخ 29يناير 2021
33
جدول مقارن للموارد البشرية
100 99
عدد المهنيين لكل 100.000نسمة أعداد العاملين (المغرب)
0.7 0.1 2 0.1 1.5 0.7 0.4 -- -- 12 مساعد اجتماعي
0.008 0.1 3 0.004 0.1 0.02 0.1 25 معالج وظيفي
المجموع
398 95 1844 على المستوى
الوطني
34
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
يذكر أن بنيات التكفل «الوسيطة» بمفهومها الواسع ،من قبيل مراكز إعادة التأهيل النفسي واالجتماعي
التي تشرف على تدبيرها الجمعيات ،ال تزال ،رغم اضطالعها بدور مهم في التكفل بالمرضى بعد استقرار
وضعهم طبيا ،غير مشمولة بإحصائيات وزارة الصحة والحماية االجتماعية.
35
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
تعتبر منظمة الصحة العالمية االنتحار من أولويات الصحة العمومية .ويهدف أول تقرير عالمي نشرته هذه
المنظمة سنة 2014حول االنتحار بعنوان «منع االنتحار :ضرورة عالمية» ،101إلى التحسيس بأهمية االنكباب
على موضوع االنتحار ومحاوالت اإلقدام عليه من منظور الصحة العمومية ،وإلى جعل الوقاية من االنتحار
أولوية قصوى ضمن المبادرات العالمية ذات الصلة .ويهدف التقرير أيضا إلى مساعدة البلدان في بلورة أو
تعزيز استراتيجياتها للوقاية من االنتحار في إطار مقاربة متعددة القطاعات للصحة العمومية.
وقد التزمت الدول األعضاء في المنظمة بموجب خطة عمل منظمة الصحة العالمية للصحة النفسية 2013-
102 2030بالعمل من أجل تحقيق الهدف العالمي المتعلق بخفض معدل االنتحار في البلدان بمقدار الثلث
بحلول عام .2030
101 - OMS, Prévention du suicide : l’état d’urgence mondial, 2014 : https://apps.who.int/iris/bitstream/
handle/10665/131801/9789242564778_fre.pdf?sequence=1&isAllowed=y
_102 - OMS, Plan d’action de l’OMS pour la santé mentale 2013-2020, 2012 : https://www.who.int/mental_health/mhgap/mental
health_action_plan_FR_27_08_2012.pdf
- 103منظمة الصحة العالمية« :الوقاية من االنتحار :ضرورة عالمية».2014 ،
104 - Observatoire national du suicide. 1er rapport 2014
105 - OMS, La prévention du suicide, 2002.
106 - Guide de la certification des causes médicales de décès – Ministère chargé de la Santé
36
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
وفي المغرب ،يُدعم التصريح بالوفاة بشهادة معاينة مسلمة من طرف الطبيب أو الممرض التابع للصحة
العمومية ،وإذا تعذر ذلك ،بشهادة معاينة مسلمة من طرف ممثل السلطة المختصة .107وفي إطار تحسين
الخدمات المتعلقة بتسجيل أسباب الوفيات ،وضعت وزارة الداخلية ووزارة الصحة والحماية االجتماعية
استمارات جديدة ،كما تم تكوين مجموعة من األطباء على مستوى جماعة الرباط .كما يجدر التذكير بأن
ال للمرسوم التطبيقي للقانون رقم 37.99المتعلق بالحالة المدنية هو حاليا قيد مسطرة اإلعداد تعدي ً
والمصادقة ،وذلك بما يمكن من جعل شهادات الوفاة تصدر حصريًا من طرف أطباء أو ممرضين ،والذين
يتعين أن يحرصوا على التحديد الدقيق لسبب الوفاة.
108
2.االنتحار ومحاوالت االنتحار في أرقام
قُدر عدد حاالت االنتحار سنة 2019في جميع أنحاء العالم بـ 703.000شخص ،أي بمعدل 9أشخاص من
بين 100.000نسمة ( 12.6رجل من كل 100.000رجل ،و 5.4امرأة من كل 100.000امرأة).
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية ،جاء االنتحار في الرتبة 13من بين أسباب الوفيات في جميع أنحاء العالم،
لدى مختلف الفئات العمرية ،كما يعتبر خامس أكثر أسباب الوفيات شيوعً ا في صفوف المراهقين الذين
تتراوح أعمارهم بين 10و 19سنة .ويعتبر االنتحار رابع سبب رئيسي لوفيات الذكور الذين تتراوح أعمارهم
بين 15و 19سنة ،بعد حوادث السير والسل والعنف بين األشخاص ،كما يعد ثالث سبب لوفيات الفتيات
اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15و 19سنة .109وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية ،فإن 45800مراهق
ينتحرون سنوياً ،أي ما يمثل أكثر من شخص واحد كل 11دقيقة.
وعادة ما تقابل كل حالة انتحار حاالت أخرى عديدة من محاوالت االنتحار .وتقدر محاوالت االنتحار بما
بين 10و 20مليون محاولة سنوياً في جميع أنحاء العالم .وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية ،110فقد
سُ جلت في ،2019ما مجموعه 2617حالة انتحار في المغرب ،منها 865حالة في صفوف النساء و 1752حالة
وسط الرجال ،وهو ما يجعل معدل انتشار االنتحار يبلغ نحو 7.2لكل 100.000نسمة.
أيضا إلى أن جودة المعطيات المتوفرة عن المغرب تصنف في المستوى ،4أي أنها تعتبر أدنىوتجدر اإلشارة ً
مستوى على مقياس من 1إلى 4درجات ،تم اعتماده في التقرير السالف الذكر.111
وال شك أن المعطيات المتوفرة قد ال تعكس الحجم الحقيقي للظاهرة بالنظر إلى الطابوهات التي ال تزال
تحيط باالنتحار في العديد من الثقافات ،والتي ليس المغرب بمعزل عنها .وغالبًا ما يتم إدراج بعض حاالت
االنتحار ضمن الحوادث المنزلية أو غيرها من أنواع الحوادث.112
- 107المادة 32من المرسوم رقم 2.99.665الصادر في 9اكتوبر 2002بتطبيق القانون رقم 37.99المتعلق بالحالة المدنية
108 - https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/suicide
109 - UNICEF, La situation des enfants dans le monde 2021. Dans ma tête : Promouvoir, protéger et prendre en charge la santé
mentale des enfants, 2021 : https://www.unicef.org/fr/rapports/situation-enfants-dans-le-monde-2021
110 - Suicide worldwide in 2020: Global health estimates
- 111المعطيات الخاصة بتسجيل الوفيات غير متوفرة أو غير قابلة لالستخدام بالنظر إلشكاالت ترتبط بجودة هذه البيانات .يجب تأويل تقدير عدد
الوفيات حسب سبب الوفاة بحذر .يمكن الرجوع إلى هذه التقديرات من أجل تسطير األولويات ،غير أنها لن تكون في الغالب مفيدة لتقييم السياسات أو
المقارنات بين الدول .انظر :
https://www.who.int/healthinfo/global_burden_disease/GlobalCOD_method_2000-2016.pdf
- 112جلسة إنصات عقدت مع السيدة بيغديلي ( ،)Bigdelliممثلة منظمة الصحة العالمية بالمغرب.
37
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
وتتسم الدراسات المتعلقة بانتشار حاالت العود في محاوالت االنتحار بالمغرب بندرتها ،كما أنها ال تهم سوى
مجموعات محدودة .وحسب دراسة أجريت في جهة فاس على عينة من نزالء المؤسسات االستشفائية ،فقد
بلغ معدل حاالت العود 15في المائة.113
ال يتوفر المغرب على سجل وطني مركزي لحاالت االنتحار ،حيث تستند وزارة الصحة والحماية االجتماعية
التي تم اإلنصات إليها في هذا الشأن على األرقام التي نشرتها منظمة الصحة العالمية.
وفي ظل الوضعية الحالية لنظام المعلومات والتصديق على أسباب الوفاة ،فإن معدالت الوفيات الخام هي
وحدها التي تتسم بدقتها .بالمقابل ،تظل المعطيات المتعلقة باألمراض المصاحبة واألسباب المرضية
للوفيات (االكتئاب ،واضطرابات القلق ،والسكري ،وأمراض القلب والشرايين ،والسرطان ،وفيروس كوفيد
،19وما إلى ذلك) على المستوى الوطني تقريبية للغاية وال يمكن تتبعها بشكل دقيق .ومن المؤكد أن
المسطرة الجديدة لتسجيل الوفيات ،التي اعتمدتها وزارة الداخلية في جماعة الرباط ،والتي لم يتم
تعميمها بعد ،ستمكن من تحسين جودة المعطيات ذات الصلة.
113 - Chadya Aarab, Fatima Elghazouani, Rachid Aalouane,et Ismail Rammouz : Suivi prospectif sur 5 ans des tentatives de
suicide en population clinique dans la région de Fès, Maroc
Pan Afr Med J. 2014; 18: 321.
- 114انظر ضمن مالحق التقرير الجدول المخصص لحاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار في المؤسسات السجنية
- 115المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج :خطوط توجيهية ودليل المساطر :الوقاية من االنتحار ومحاوالت االنتحار والمس بالسالمة الجسدية
لنزالء المؤسسات السجنية.
116 - Ministère de la Santé et des Services Sociaux, Gouvernement du Québec, «S’entraider pour la Vie» Stratégie québécoise
d’action face au suicide, 1998, Canada.
38
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
- 117جلسة إنصات عقدت مع السيدة بيغديلي ( ،)Bigdelliممثلة منظمة الصحة العالمية بالمغرب بتاريخ 15شتنبر 2021
- 118انظر الرسومات البيانية في الملحق
- 119الرسم البياني رقم 2في الملحق
- 120الرسم البياني رقم 3في الملحق
- 121الرسم البياني رقم 4في الملحق
39
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
40
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
ال يمكن فصل حكامة منظومة الصحة العقلية عن حكامة منظومة الصحة ككل
شكلت حكامة المنظومة الصحية بالمغرب موضوع كتاب أبيض يحمل عنوان «من أجل حكامة جديدة لقطاع
الصحة» تم إنجازه سنة 2013في إطار التحضير للمناظرة الوطنية الثانية للصحة .وقد تضمنت هذه الوثيقة
العديد من التوصيات التي تدعو بشكل خاص إلى إحداث قطيعة مع نمط الحكامة المعتمد حاليا ،وإعمال
التعاقد التكاملي بين القطاعين العام والخاص ،ووضع الصحة في صلب السياسات العمومية ،واالشتغال المحلي
على المحددات االجتماعية للصحة ،ووضع نظام معلوماتي ذكي ،والتطوير الكمي والكيفي للموارد البشرية.
وقد جرى تقييم حكامة المنظومة الصحية في ضوء ثالث محاور: 125
حكامة ديمقراطية :تقوم على إرساء مشاركة مباشرة أكبر للمواطنات والمواطنين في عملية صنع القرار،
وتعزيز الالمركزية لضمان استفادةٍ أمثل من الكفاءات وتعزيز مسؤوليتها ،ومالءمة المنظومة الصحية مع
الخصوصيات المحلية ،وضمان انفتاح أكبر على صيغ جديدة للتمويل ،وتعزيز االلتقائية بين القطاعات
وترسيخ مبدأ المساءلة من أجل تقييم أثر السياسات العمومية على المجال الصحي؛
تنظيم عرض العالجات :الذي يحدد كيفيات الولوج إلى الخدمات ،والمسؤوليات وقواعد تدبير مختلف
بنيات الرعاية الصحية ،وضبط الممارسات المهنية ،وأنظمة المعلومات ،وطرق األداء بالنسبة للمؤسسات
والمهنيين ،وتدبير الجودة ،ويقتضي تنظيم العالجات إزالة العوائق والجمود اللذين يعتريان المنظومة الحالية،
والعمل في إطار شبكات ،واعتماد آليات للسوق الداخلية ،وإرساء المركزية القرارات ،وتعميم أنظمة تقييم
الجودة وتحسينها المستمر؛
المنظومة السريرية :تحيل على الجانب المهني الطبي الصرف ،وتهم استقبال المرضى ،وتشخيص مشاكلهم
الصحية والوقاية منها وعالجها والتخفيف من حدتها ومراقبتها وتوجيههم داخل منظومة العالجات الصحية.
بخصوص المحور األول المتعلق بالحكامة الديمقراطية ،نالحظ ما يلي :
)أال تزال هناك صعوبات في اإلرساء الفعلي للمقاربة التشاركية
استنادا إلى مخرجات جلسات اإلنصات المنظمة مع الفاعلين بالمجال ،تبين أن ثقافة المشاركة لم تصل بعد
إلى مستوى المطلوب.
فقد أشار الفاعلون المعنيون في مداخالتهم إلى ضعف إشراكهم وأخذ آرائهم باالعتبار أثناء بلورة مشاريع
القوانين .كما أبرزوا ضعف التفاعل مع توصياتهم المتعلقة بالعالجات الصحية األساسية ،والقطاع التعاضدي،
والقانون المتعلق بمزاولة الطب ،والقانون المتعلق بتنظيم مهنة العامالت والعاملين االجتماعيين ،والقانون
المتعلق باإلعاقة.
إذ يبدو أن المشاركة ،فكرا وممارسة ،ال ينظر إليها بعد بالقدر الكافي كحق قائم الذات .لذلك فإن إرساء
حوار بين جميع الفاعلين المعنيين أضحى أمرا ضروريا ومفيدا لتعزيز الثقة والشرعية وضمان انسجام
وفعالية القوانين والسياسات العمومية في مجال الصحة.
125 - André-Pierre Contandriopoulos, « La gouvernance dans le domaine de la santé: une régulation orientée par la performance »,
Santé Publique, 2008, Vol. 20, n°2, pp. 191-199 : https://www.cairn.info/revue-sante-publique-2008-2-page-191.htm
41
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
)بضعف في تنزيل مقتضيات القانون اإلطار رقم 34.09المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العالجات
منذ سنة ،2011ثمة نصان قانونيان يؤطران المنظومة الصحية بالمغرب ،هما:
•القانون اإلطار رقم 34.09المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العالجات :126يذكر هذا القانون بالمبدأ
الدستوري القاضي بأن الحق في الصحة حق من حقوق اإلنسان األساسية .وينص على أن تحقيق األهداف
األساسية للصحة يقوم على أساس مبادئ التضامن ،والمساواة ،واإلنصاف ،والتكامل بين القطاعات،
واعتماد مقاربة النوع في الخدمات الصحية .كما يؤكد أن مسؤولية إعمال هذه المبادئ تقع أساسا على
عاتق الدولة .ومن جهة أخرى ،ينص هذا القانون على المقتضيات التالية:
-تهدف أعمال الدولة في مجال الصحة إلى الوقاية من األخطار المهددة للصحة وإلى التربية الصحية
والتشجيع على اعتماد أنماط عيش سليمة وإلى المراقبة الصحية وتقديم خدمات وقائية أو عالجية أو
ملطفة وخدمات إعادة التأهيل؛
-تنهج الدولة سياسة مشتركة متكاملة ومندمجة بين القطاعات في مجال الوقاية الصحية؛
-تقع على الدولة مسؤولية ضمان التكوين والتكوين المستمر للموارد البشرية.
وقد حددت المناظرة الثانية للصحة 127سنة ،2013والتي تعتبر ثالث أكبر دينامية إصالح لقطاع الصحة،
محاور النهوض بهذه القطاع.
وقد سعت المناظرة إلى إرساء نموذج تنظيم للمنظومة الصحية قائم على اإلنصاف واالستدامة والنجاعة،
وذلك وفق ثالثة محاور :
1.تحسين محددات الصحة؛
2.التوجه نحو تغطية صحية شاملة؛
-تغطية توفرها بنيات صحية أساسية وذات جودة؛
-تغطية ضد المخاطر المالية؛
3.تحديث حكامة المنظومة الصحية؛
-إيجاد التوازن بين دور وموقع األطراف المعنية؛
-الحرص على أن تعزز السياسات واالستراتيجيات والتشريعات المعتمدة مبادئ اإلنصاف ،والتغطية
الشاملة والولوج ،والجودة ،وحقوق المرضى.
•القانون رقم 131.13المتعلق بمزاولة مهنة الطب كما تم تغييره وتتميمه : 128وقد أصدر المجلس
االقتصادي واالجتماعي والبيئي في إبانه رأيا حول مشروع هذا القانون 129الذي جرى بموجبه تحرير
القطاع الطبي من أجل تجاوز عدد من االختالالت ،والتخفيف من وطأة ندرة الموارد البشرية ،وتحسين
التوزيع الجغرافي لعرض العالجات.
- 126ظهير شريف رقم 1.11.83صادر في 29من رجب 2( 1432يوليوز )2011بتنفيذ القانون اإلطار رقم 34.09المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض
العالجات .الجريدة الرسمية عدد 5962المنشورة بتاريخ 21يوليوز 2011
- 127مراكش ،يوليوز 2013
- 128ظهير شريف رقم 1.15.26صادر في 29من ربيع اآلخر 19( 1436فبراير )2015بتنفيذ القانون رقم 131.13المتعلق بمزاولة مهنة الطب
- 129رأي المجلس االقتصادي واالجتماعي حول مشروع القانون 13-131المتعلّق بمزاولة مهنة ّ
الطب2014 ،
42
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
بعد تسع سنوات من المناظرة الوطنية الثانية للصحة ،يالحظ أنه لم يتم إحراز سوى تقدم طفيف في
مجال حكامة المنظومة الصحية .إذ ال يزال تدبير القطاع يتم أساسا من لدن القطاع الحكومي المكلف
بالصحة وفق طريقة ممركزة ،وذلك رغم الجهود المبذولة في ما يتصل بتعزيز التدبير الالمركزي للموارد.
كما أن القطاع الخاص ال يزال ينحو نحو التطور وفق منطق مبني على «منافسة» القطاع العمومي وليس
التكامل معه ،كما أن أنظمة المعلومات ال تزال ضعيفة ،فيما يتواصل الخصاص الكبير المسجل في
الموارد البشرية .من جهة أخرى ،لم تسجل عملية التفكير في مختلف آليات تحفيز مهني قطاع الصحة
على المستوى المالي واالجتماعي أي تطور .وأخيرا ال تزال غير كافية جهود تنزيل مقتضيات القانون
اإلطار رقم 34.09المتعلقة بالخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العالجات ،والتكامل الفعلي
بين القطاعين العام والخاص.
)جأوجه قصور في مجال تثمين الموارد البشرية والتأطير القانوني لمزاولة المهنة
اإلطار المنظم للمهنيين العاملين في تخصص الصحة العقلية ،سواء على المستوى القانوني أو المتعلق
بأخالقيات المهنة ،اليزال غير متطور بالقدر الكافي.
-ال يحظى المختصون في علم النفس بنظام أساسي مناسب لتخصصهم .إذ يتم إدراج هذه المهنة ضمن
المهن شبه الطبية ،كما أنها تخضع لنصوص تنظيمية غير مالئمة لطبيعتها .غير أنه ال بد من اإلشارة
إلى أن المرسوم رقم 2.21.528بتطبيق القانون رقم 98.15المتعلق بنظام التأمين اإلجباري األساسي
عن المرض والقانون رقم 99.15بإحداث نظام للمعاشات ،الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين،
جاء بمفهوم «المختصين في علم النفس دون األطباء المتخصصين في الطب النفسي» ،130وهو ما يعتبر
تقدما مهما على درب االعتراف بهذه المهنة.
في القطاع العمومي ،يعتبر المختص في علم النفس السريري ضمن األطر اإلدارية ويتم إدراج ممارسته
ضمن األعمال شبه الطبية ،كما أن دوره ال يزال غير معترف به ،وغالبًا ما يكون في موقع تبعية ال يتوفر
معه على إمكانية اختيار طريقة تدخله وأدوات عمله.
وتخضع مزاولة مهنة المتخصص في علم النفس ،كمهنة حرة ،لرخصة تمنحها األمانة العامة للحكومة.
131
43
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
-ال يتم االعتراف بالتحليل النفسي كتخصص قائم الذات ،وبالتالي فإن حصص التحليل النفسي ال يتم
التعويض عنها من قبل هيئات التأمين.
-ال يتمتع الممرضون المختصون في األمراض العقلية بحماية كافية في إطار القانون رقم 43.13المنظم
لمهنتهم .133ويطرح غياب الدقة على مستوى النصوص القانونية إشكالية التحديد الواضح لمسؤوليات
مؤسسة العالج من جهة ،ومسؤوليات مقدمي الخدمات الصحية من جهة ثانية ،السيما في حالة وفاة
المرضى أو عند وجود دعاوى قضائية.
-يعتبر المختصون في تقويم النطق والمعالجون الوظيفيون والمختصون في العالج النفسي الحركي فاعلين
أساسيين في مجال الصحة العقلية ،غير أن قلة قليلة فقط من الناس تعرف بوجودهم كما أن عددهم
يظل محدوداً ،فضال عن أن خدماتهم غير متاحة للجميع .وعالوة على ذلك ،فإن تدخالت المعالجين
الوظيفيين والمختصين في العالج النفسي الحركي غير مدرجة في المصنف العام لألعمال المهنية وال
يمكن بالتالي استرداد مصاريفها في إطار التغطية الصحية.
)ديعاني تنزيل السياسات العمومية الخاصة بالصحة العقلية من ضعف مشاركة باقي الفاعلين المعنيين،
وضعف التقييم وقلة المعطيات
يمكن القول إن االهتمام بالصحة العقلية في السياسات العمومية بالمغرب قد شهد نوعا من الدينامية
انطالقا من سنة ،2013وذلك في ضوء مختلف التدابير التي جرى تنفيذها منذ تلك الفترة .بحيث شكلت
الصحة العقلية إحدى أولويات االستراتيجية القطاعية للفترة ،2012-2016كما تفرع عن تلك االستراتيجية،
مخطط وطني للتكفل باألمراض النفسية والعقلية ،جرى إطالقه في يونيو سنة ،2013وتم في إطاره تنظيم
عملية «كرامة» ،وهي مبادرة هدفت إلى تسريع إيجاد حلول إلشكاليات الصحة العقلية ذات األولوية القصوى.
وقد تم وضع ،كما يجري إعداد ،عدد من االستراتيجيات والبرامج ،في مجاالت الصحة والصحة العقلية
ومحاربة االنتحار ،سواء من لدن وزارة الصحة والحماية االجتماعية أو وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي
والرياضة ،من قبيل البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية ،اإلستراتيجية الوطنية الثانية لتعزيز
صحة المراهقين والشباب الممتدة على الفترة ،2022-2030االستراتيجية الوطنية للصحة بالوسط
السجني (.)2022-2026
ورغم الجهود التي تبذلها مختلف القطاعات الحكومية على مستوى بلورة اإلستراتيجيات والبرامج ،يجدر
تسجيل المالحظات التالية:
-عدم تقديم مؤشرات تمكن من تقييم نطاق تفعيل هذه االستراتيجيات والبرامج على المستوى الوطني،
وكلفتها المادية ،والنتائج المحققة مقارنة مع األهداف المسطرة واألفق الزمني المحدد؛
-صعوبة الحصول على المعطيات ،إن وجدت ،أو عدم نشرها من األساس.
-في ما يتعلق بتتبع وتقييم منظومة الصحة على المستوى الترابي ،تواجه المراصد الجهوية للصحة ،التابعة
للمديريات الجهوية للصحة ،عدة صعوبات في االضطالع بمهامهما على الوجه األمثل ،نذكر منها: 134
•عدم كفاية الموارد البشرية (على مستوى الكم والكفاءات) وضعف اإلمكانات المادية؛
•تجميع المعطيات ال يزال يتم في نُسخ ورقية ،كما أن نقل تلك المعطيات يتم وفق مسطرة إدارية طويلة،
مع كل ما ينجم عن ذلك من حيث هدر الوقت وتوسيع احتماالت الوقوع في األخطاء؛
- 133القانون رقم 43.13المتعلق بمزاولة مهن التمريض ،الصادر في 22يونيو ،2016الجريدة الرسمية عدد 7( 6480يوليو )2016
- 134جلسة إنصات مع المرصد الجهوي للصحة بجهة طنجة-تطوان -الحسيمة ،منظمة بتاريخ 29يناير 2021
44
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
•كثرة التطبيقات؛
•العديد من مؤسسات الرعاية الصحية األولية غير متصلة بعد باإلنترنت؛
•بما أن التصديق على الوفاة ال يتم إجراؤه حصريًا من قبل األطباء عندما تحدث الوفاة في المنزل
(والحال أن غالبية الوفيات تحدث في المنزل) ،فإن المعطيات المتعلقة باألمراض المصاحبة وأسباب
الوفاة ليست موثوقة بالقدر المطلوب.
ومن جهة أخرى ،يظل قطاع الصحة الخاص خارجا تمامً ا عن نطاق هذا النظام المعلوماتي.
وحسب قسم علم األوبئة بوزارة الصحة والحماية االجتماعية ،فإن نظام المعلومات هو ورش مفتوح .لكن لم
يتسن الحصول على أي معلومات حول تصميمه ومستوى تقدم إنجازه.
ال يزال تقييم مدى مالءمة ونجاعة االستراتيجيات والبرامج ومدى تقدم إنجازها عملية صعبة ومحدودة
للغاية ،ذلك أن هذه االستراتيجيات ال توضع لها أهداف كمية دقيقة ومحددة في الزمن ،وال تتضمن
ميزانيات مخصصة للصحة العقلية في إطار ميزانية قطاع الصحة ،كما أن المعطيات ذات الصلة غير
متوفرة و /أو ال يمكن الولوج إليها.
وال شك أنه قد تم تنفيذ العديد من اإلجراءات في هذا المجال ،غير أن هذه االستراتيجيات لم يكن لها
حتى اآلن ما يكفي من التأثير اإليجابي والهام على المرتفقين من حيث التقليص من التفاوتات المجالية
وعدم المساواة في الولوج إلى الخدمات الصحية ،والحد من الفساد ،وضمان جودة الخدمات الصحية
وأنسنتها ،ودعم البحث افي المجال الطبي ،وغير ذلك.
وبعد مرور حوالي 8سنوات على اعتماد القانون رقم ،131.13لم تتحسن وضعية منظومة العالجات بالقدر
الكافي ،ال من حيث المساواة في الولوج إليها ،وال من حيث الخصاص المسجل في الموارد البشرية ،وال
من حيث التغطية المجالية .وهو ما أثبتته األزمة الصحية األخيرة .ويالحظ أنه في ظل سريان هذا النص
القانوني تفاقم الخصاص في الموارد البشرية في القطاع العام ،حيث توجه مئات األطباء إلى القطاع
الخاص أو اختاروا العمل منذ البداية في القطاع الخاص ،لكونه أكثر جاذبية.
)هطب الشغل :تخصص يجد صعوبة في التطور
هناك عدد قليل من أطباء الشغل بالمغرب ،إذ يبلغ 1400طبيب على الصعيد الوطني ،وهم يتدخلون فقط
لدى أجراء القطاع الخاص ،علما أن قلة من المقاوالت تتوفر على طبيب شغل .أما موظفو القطاع العمومي،
فيمكن القول بإن مستوى حمايتهم من حوادث الشغل واألمراض المهنية يظل ضعيفا ،ال سيما وأن هذا المجال
تؤطره نصوص مشتتة ومتقادمة .ويجري حاليا إعداد مشروع حول حوادث الشغل واألمراض المهنية.135
وكان المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي قد أشار في رأيه حول الصحة والسالمة في العمل إلى أن عدد
المقاوالت التي تتقيد بمقتضيات مدونة الشغل بشأن إحداث لجنة السالمة وحفظ الصحـة ال يتجاوز 17في
المائة .كما أبرز أن عـدد األجـراء الذين يشـملهم التأمين ضد حوادث الشغل يبلغ 2.6مليــون شــخص فقط،
من أصل ســاكنة نشــيطة (عــدا القطــاع العــام) تصل إلى ما يقرب من 10ماليين شخص.136
يشار إلى أن األخطار النفسية-االجتماعية ،واإلجهاد واالحتراق المهني ال تؤخذ بعين االعتبار بالقدر الكافي
في الوسط المهني.
- 135جلسة إنصات مع وزارة االنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة ،نظمتها لجنة الشغل العالقات المهنية بتاريخ 30دجنبر 2021
- 136المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،الصحة والسالمة في العمل :دعامة أساسية للتنمية االقتصادية واالجتماعية2020 ،
45
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
)والطب المدرسي
يعتبر مشروع القانون رقم 71.13المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق األشخاص المصابين
بها المعروض حاليا على أنظار البرلمان ،نتيجة مسار بدأ سنة 2007بمشروع حمل حينها عنوان «التشريع
المغربي للصحة العقلية» .ولم يلق مشروع القانون في صيغته الحالية تجاوبا وانخراطا من لدن جميع أطباء
األمراض العقلية ،138والحال أن األمر يتعلق بقانون مهيكل سوف يؤطر ممارسة طب األمراض العقلية وتطوره
للسنوات المقبلة.
من حيث التشريع الجنائي ،يتمثل الرهان في تحديد مدى القدرة على التمييز لدى األشخاص الذين يعانون
من اضطرابات عقلية عند البت في أعمال إجرامية منسوبة إليهم .وبالتالي ،يصبح اللجوء إلى الخبرة الطبية
العقلية أمرا حاسما في تحديد المسؤولية الجنائية وترتيب آثارها القانونية.139
أما على مستوى التشريع المدني ،فإن الرهان يكمن في تحديد األهلية القانونية لهؤالء األشخاص إلعطاء
موافقتهم الحرة والمستنيرة.
غير أن الخبرة القضائية النفسية والنفسانية ال تزال غير متطورة بالقدر الكافي في بالدنا ،وهو ما يطرح
إشكاال حقيقيا .وال يتجاوز عدد الخبراء القضائيين المسجلين في هذا القطاع 13خبيرً ا ،وهو ما يؤدي إلى
إطالة المسطرة القضائية بالنسبة لألشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية .ينضاف إلى ذلك صعوبة
اإلعمال الفعلي للقانون في ما يتعلق باإليداع القضائي 140داخل مؤسسة لعالج األمراض العقلية بالنسبة
لألشخاص الذين يعانون من اضطرابات في قدراتهم العقلية وكذا الوضع القضائي 141في مؤسسة للعالج
- 137جلسة إنصات مع وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة بتاريخ 24نونبر 2021
- 138جلسة إنصات مع جمعيات األطباء النفسيين بتاريخ 29شتنبر ،2021جلسة إنصات مع جمعيات عائالت المصابين باضطرابات عقلية ونفسية ،بتاريخ
22دجنبر ،2021الفيدرالية الوطنية للصحة العقلية ،مقترحات وتوصيات من أجل ظروف تكلف أفضل بالمرض العقلي وتحسين الصحة العقلية للمواطنين
بالمغرب ،دجنبر 2020
139 - Mohammed Barrimi, Said Khelafa, Souad Rharrabti, Chadia Aarab, Ismail Rammouz, Rachid Aalouane, « La détermination
de la responsabilité pénale de l’aliéné mental au Maroc et ses effets sur le déroulement du procès », dans : L’Information
psychiatrique, 2014, 90, pp. 843–849.
- 140المادة 75من القانون الجنائي
- 141المادة 80من القانون الجنائي
46
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
إن مراعاة حقوق األشخاص المصابين باضطرابات عقلية في التشريع الجنائي تقتضي األخذ بعين
االعتبار التقدم العلمي والتطورات التي حدثت على مستوى فهم األمراض واالضطرابات العقلية والتكفل
بها ،واحترام حقوق الفرد وصون كرامته ،وتوفير الحماية القضائية لألشخاص في حالة خلل عقلي مؤقت
أو دائم.
وتبعاً لذلك ،فإن الترسانة القانونية المتعلقة باالضطرابات العقلية -القانون الجنائي وقانون المسطرة
الجنائية -ومنظومة القضاء ينبغي حتماً أن تتطور وأن يتم تطويرها في إطار تعاون مؤسساتي وثيق بين
أطباء األمراض العقلية والمختصين في علم النفس السريري والخبراء القانونيين والفاعلين في منظومة
القضاء.
وعالوة على ذلك ،يجب تطوير الخبرة القضائية النفسية والعقلية بالنظر إلى أهميتها في القضايا
الجنائية والمدنية ،وذلك من أجل الحفاظ على حقوق األشخاص المصابين باضطرابات عقلية الذين
يُفترض أنهم «مدانون» بارتكاب مخالفات أو جنح أو جرائم أو من المحتمل أن يكونوا ضحية استغالل أو
سوء تصرف أو ابتزاز في حاالت الزواج (ال سيما زواج الطفالت) والطالق واقتسام التركة وإبرام العقود
وااللتزامات وغيرها...
47
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
)حمسألة التكفل بعالج اإلضرابات العقلية من لدن هيئات التأمين على المرض
تتطلب العالجات الدوائية والعالجات النفسية ،التي يحتاجها المرضى المصابون باضطرابات عقلية،
بروتوكوالت رعاية غالبا ما تكون طويلة ومكلفة ماديا .لكن نجد أن هناك العديد من األعمال العالجية ذات
الصلة بهذا المجال ال يشملها المصنف العام لألعمال المهنية أو ال يأخذها بعين االعتبار بالشكل المطلوب
والحال أنه يشكل اإلطار المرجعي الذي تتم على أساسه فوترة األعمال الطبية من لدن المهنيين وتحديد
مبلغ إرجاع مصاريف العالج من لدن هيئات التأمين عن المرض .كما أن االختالفات بين التعريفات المرجعية
والتعريفات المطبقة فعليا على أرض الواقع ،وفرض شركات التأمين الصحي لحد أقصى لعدد جلسات
العالج القابلة السترداد تكلفتها (المدة والوتيرة) ،كلها عوامل تحرم العديد من المرضى من الولوج إلى هذه
العالجات أو تحد من استفادتهم منها.
وحسب التقرير السنوي العام لنظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض برسم سنة ،2020فقد بلغ عدد
المنخرطين في هذا النظام المصابين باضطرابات عقلية 18.217شخصاً ،وهو ما يمثل 4.45في المائة
فقط من مجموع المنخرطين المصابين بأمراض مزمنة.145
)طهناك غياب للمعطيات حول حجم تمويل النفقات المتعلقة بالصحة العقلية ،ال يزال اإلنفاق على
الصحة يلقي بثقله على األسر ،وضعف استفادة القطاع العمومي من تمويل التأمين الصحي
ال توجد معطيات دقيقة عن النفقات المتعلقة بالصحة العقلية في منظومة العالجات الصحية ،كما يسجل
غياب دراسات قياسية متعلقة بالكلفة المالية واالجتماعية لعدم التكفل بعالج المرض العقلي ،خاصة وأنه من
المرجح أن ترتفع حاالت االضطرابات العقلية بشكل ملحوظ في السنوات المقبلة.
في سنة ،2020بلغت نفقات نظام التأمين اإلجباري عن المرض المرتبطة باالضطرابات العقلية 73.954.492
146
درهم ،وهو ما يعادل 1.2في المائة فقط من إجمالي النفقات المنجزة برسم مجموع األمراض المزمنة.
وحسب الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ،فقد «ارتفعت النفقات المشمولة بالتأمين المتعلقة باضطرابات
الشخصية الخطيرة ،بما في ذلك اضطرابات اإلدمان ،من 20مليون درهم إلى 30مليون درهم بين سنتي
2014و( 2019أي بزيادة قدرها 31.2في المائة) .وتشكل النفقات المتعلقة بهذه الفئة من األمراض 0.62
في المائة من إجمالي النفقات المرتبطة باألمراض طويلة األمد ( )ALDبرسم سنة .147»2019
أما في المغرب ،فقد ظل استثمار الدولة في المنظومة الصحية خالل العقود الماضية غير كاف على العموم.
ويجسد الخصاص التي يسم حاليا منظومة الرعاية النفسية ضعف استثمار الدولة في هذا المجال.
ورغم أن المغرب ال يتوفر على معطيات خاصة بالنفقات المخصصة للصحة العقلية ،فإن الحسابات الوطنية
للصحة برسم سنة 2018تتضمن بعض المعطيات الماكرواقتصادية المهمة حول الموضوع :
-في سنة ،2018وعلى غرار السنوات السابقة ،شكلت وزارة الصحة الممول الثالث لمجال الصحة بالمغرب
( 21.4في المائة ،بزيادة قدرها 1.4نقطة مقارنة بعام )2013بعد األسر ( 45.6في المائة) والتأمين
الصحي ( 29.3في المائة).
-انخفضت حصة الناتج الداخلي اإلجمالي المخصصة للصحة من 5.8في المائة سنة 2013إلى 5.5
في المائة سنة .2018علما أن هذه الحصة تعتبر منخفضة جدا بالنظر للمتوسط العالمي الذي يبلغ 10
148
في المائة.
- 145جواب مكتوب من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ،تم التوصل به بتاريخ 16فبراير 2022
- 146جواب كتابي من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي متوصل به بتاريخ 16فبراير 2022
- 147معطيات قدمتها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي للمجلس بتاريخ 16فبراير 2022
148 - https://www.who.int/fr/news/item/20-02-2019-countries-are-spending-more-on-health-but-people-are-still-paying-
too-much-out-of-their-own-pockets
48
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
-بلغ نصيب الفرد من إجمالي النفقات على الصحة سنة 1730 ،2018درهمًا بزيادة 9.6في المائة مقارنة
بسنة .2013وتنفق بلدان مثل تركيا ولبنان حوالي ِضعف ما ينفقه المغرب على الفرد الواحد .أما فرنسا،
فتنفق ما يقرب من 8أضعاف ما ينفقه المغرب ،في حين تنفق الواليات المتحدة أكثر مما ينفقه المغرب
بـ 16مرة.
-ويذهب أزيد من 90في المائة من النفقات التي تؤديها األسر بشكل مباشر إلى القطاع الخاص ،وذلك
على حساب القطاع العام الذي ال يستفيد سوى من 6.9في المائة.
-ال تستفيد المستشفيات العمومية (المراكز االستشفائية الجامعية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة)
األسرَّة المتوفرة على الصعيد الوطني ،إال من 8.4في المائة
والتي تمثل أكثر من 70في المائة من ِ
من النفقات في إطار نظام الثالث المؤدي ،أي بتراجع بنسبة 9.1نقاط مقارنة بسنة ( 2013من حيث
القيمة ،ارتفعت المبالغ المؤداة بنحو 37في المائة بين سنتي 2013و .)2018ويثير هذا األمر مسألة
جاذبية المستشفيات العمومية ومدى قدرتها على تعبئة المزيد من الموارد من نظام التأمين عن المرض،
مع العمل على تحسين مستوى استرجاع مصاريف العالجات المؤداة من قبل صناديق التأمين الصحي.
إن مشروع تعميم التأمين اإلجباري عن المرض يسائل بقوة السلطات العمومية بشأن منحى التمويالت
المخصصة له .فإذا استمر المنحى الحالي الستقطاب الموارد البشرية والمالية من قبل القطاع الخاص،
فسيواجه القطاع العام المزيد من المصاعب من أجل النهوض بأوضاعه ،وستستمر الفوارق في الولوج إلى
العالجات في التفاقم بشكل كبير ،كما ستتزايد نفقات صناديق التأمين الصحي بوتيرة أسرع مقارنة بالموارد.
بناء على الحسابات الوطنية للصحة ،بلغت نفقات االستثمار الخاصة بالقطاع الحكومي المكلف بالصحة
سنة 2018حوالي 1.4مليار درهم ،وهو ما يعادل 10.6في المائة من إجمالي نفقات الوزارة .وتهم هذه
النفقات أساسا االستثمارات التي تتم لفائدة بنيات وزارة الصحة وتتعلق باقتناء التجهيزات الطبية-التقنية
والمعدات التقنية والمعلوماتية ووسائل النقل ،والتي تمثل حوالي 47في المائة من النفقات .تليها النفقات
المتعلقة بإنجاز الدراسات وأعمال البناء والتهيئة واقتناء العقارات ...بنسبة 42في المائة من إجمالي نفقات
االستثمار .أما النفقات المخصصة للتكوين والبحث فال تشكل سوى 11في المائة.
شهد عرض التكوين في علوم الصحة بالمغرب ارتفاعا ملحوظا ،رغم استمرار الخصاص في عدد من
المجاالت ،ال سيما الصحة العقلية .كما تندرج الصحة ضمن المحاور ذات األولوية في مجال البحث العلمي
بالمغرب . 149وقد ساهم إحداث العديد من المراكز االستشفائية الجامعية خالل السنوات األخيرة ،إضافة
إلى تطوير المؤسسات الطبية الجامعية في القطاع الخاص ،في تعزيز إمكانات البحث العلمي في المجال
الطبي بشكل عام ،وفي مجال الصحة العقلية على وجه الخصوص .غير أن الموارد البشرية ال تزال محدودة
العدد مما يحول دون تشكيل مجتمع علمي ( )communauté scientifiqueبالنظر إلى أهميته البالغة لهيكلة
هذا المجال ،وتحقيق التراكم والتدافع والتفاعل الالزم ،وتوفير آليات التتبع والمصادقة على اإلنتاج العلمي
من قبل النظراء.150
وحسب آخر اإلحصائيات المتاحة ،يشكل اإلنفاق على البحث العلمي اليوم ما يقرب من 0.8في المائة من
الناتج الداخلي اإلجمالي .ويطمح المغرب إلى تحسين هذا الرقم من أجل بلوغ المتوسط العالمي بحوالي
2.2في المائة من الناتج الداخلي اإلجمالي.151
- 149جلسة إنصات مع القطاع الحكومي المكلف بالبحث العلمي
- 150المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي« ،تقييم البحث العلمي :الرهانات والمنهجيات واألدوات».2018 ،
- 151جلسة إنصات عقدت مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واالبتكار بتاريخ .29/12/2021
49
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
وعلى الرغم من هذه المعيقات والصعوبات العديدة ،يعرف البحث العلمي في مجال الصحة النفسية دينامية
مطردة ويستجيب للمعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال .وتجري مناقشة العديد من أطروحات الدكتوراه
في مختلف كليات الطب والصيدلة بالمملكة حول مواضيع تتعلق بالصحة العقلية ،وغالبًا ما تكون مصحوبة
بأبحاث ميدانية .ويحرص الباحثون المعتمدون على نشر أعمالهم في المَجَ َّاَّلت العلمية المُحَ َّكمَة وكذا
لدى أكبر دور النشر العلمية ،ويشاركون في مشاريع البحث الدولية والمؤتمرات والندوات التي يبادرون إلى
تنظيمها .وتهم هذه البحوث مجموعة واسعة من التخصصات :الطب النفسي ،وعلم النفس ،والتحليل النفسي،
وعلم االجتماع ،واألنثروبولوجيا ،والصحة العامة ،وغيرها.
)كبخصوص المحور الثاني المتعلق بتنظيم عرض العالجات
تعاني منظومة الصحة العمومية من نقص كبير في بنيات التكفل باالضطرابات العقلية.
يتسم عرض عالجات األمراض العقلية بكونه غير منظم على المستوى الترابي ،إذ ال يوجد هناك تنسيق
وربط ترابي رسمي بين البنيات االستشفائية والمتنقلة والوسيطة ،وبين المهنيين ،وبين مرحلتي الكشف عن
األمراض والتكفل بها.
ويتم تدبير ما يسمى بالبنيات الوسيطة ،بالنظر لموقعها الوسيط بين مستشفى األمراض العقلية ومجال
الرعاية النفسية-االجتماعية والمجتمعية ،أساسا من لدن الجمعيات ،بينما يتطلب عملها تدخل مهنيي
الصحة .وتهدف هذه البنيات النفسية-االجتماعية المحلية الوسيطة أساسا إلى منع االنتكاسات والعودة
إلى مؤسسات االستشفاء وإبقاء المرضى مندمجين داخل المجتمع .كما أن الغالبية العظمى من مؤسسات
152
استقبال األطفال في وضعية إعاقة ذهنية واليافعين ،هي من إنشاء الجمعيات الناشطة في هذا المجال.
كما أن هذه الجمعيات تضطلع بالتكفل النفسي-االجتماعي باألشخاص المسنين ،واألطفال في وضعية
الشارع أو األطفال المتخلى عنهم.
غير أن هذه البنيات ليس لها إطار قانوني خاص بها .ويبدو أن وزارة الصحة قامت سنة 2018ببلورة مشروع
قانون في هذا الصدد ،إال أنه لم ير النور بعد.153
)لبخصوص المحور الثالث المتعلق بالمنظومة السريرية
تشكل األعمال اإلدارية (غير الطبية) ،التي تستغرق وقتًا طويال ،عبئاً على مقدمي العالجات .وترتبط
هذه األعباء اليومية بأنشطة الدعم ذات الطبيعة اللوجستيكية (تدبير المخزون والتموين ،وتوثيق األنشطة
واألعمال ،وصيانة المعدات ،ووضع الجدول الزمني للعمل ،والتنظيف ،واالستالم ،وتوزيع الوجبات) ،وكذا
التدخالت ذات الطبيعة الطبية (فتح الملف الطبي 154وأرشفة الملفات الطبية ،وكتابة الوصفات الطبية،
وأخذ العينات وتوجيه المرضى ،ونقل المعلومات إلى األشخاص المناسبين في الوقت المناسب وتلقي نتائج
الفحوصات اإلشعاعية والكيميائية الحيوية ،وما إلى ذلك).
وتنتج عن هذه األنشطة تدفقات كبيرة جدًا من السلع واألشخاص والمعلومات ،التي يعد مستوى تنظيمها
عنصراً محدداً لمدى جودة منظومة العالجات وفعاليتها ونجاعتها .ويقتضي التدبير األمثل لهذه التدفقات
توفر أنظمة رقمية لالتصال والتدبير .غير أنه يسجل تأخر كبير في مجال رقمنة العمليات التنظيمية في
- 152تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،احترام حقوق وإدماج األشخاص في وضعية إعاقة2012 ،
- 153جلسة إنصات مع الجمعيات بتاريخ 22دجنبر 2021
- 154تنص المادة 89من مشروع القانون رقم 71.13المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق األشخاص المصابين بها ،المعروض حاليا على
مسطرة المصادقة ،على ما يلي « :يعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة من 10.000إلى 50.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،كل
طبيب أغفل فتح ملف طبي لكل مريض من مرضاه أو أغفل تضمينه الوثائق المنصوص عليها ( )...أو لم يدون فيه األعمال الطبية التي قام بها في إطار
التكفل بالمريض المعني».
50
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
المستشفيات ،السيما على مستوى نزع الطابع المادي للملفات الطبية ،ووضع أنظمة مندمجة للمعلومات،
وتبسيط مساطر استرجاع المصاريف من قبل هيئات التأمين.
من جهة أخرى ،تجدر اإلشارة إلى أنه ال يتم االستثمار األمثل لإلمكانيات التي يتيحها الطب عن بعد.
الطب عن بُعد هو شكل من أشكال الممارسة الطبية التي تقوم على استعمال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال.
ويسمح الطب عن بعد بالقيام بأعمال التشخيص الطبي وتتبع حالة المريض واستقاء رأي طبيب مختص أو
القيام بالمراقبة الطبية .ويمكن أن يؤدي الطب عن بعد إلى تحسين كبير في تنظيم عملية التكفل بالمريض
وبمساره العالجي ،وكذا تحسين الولوج إلى العالجات ،وتتبع المريض ،والتنسيق بين مهنيي الصحة ،وتقليل
اللجوء غير الضروري إلى أقسام المستعجالت ،وتقليص تكاليف النقل والعمل قدر اإلمكان على تجاوز النقص
الحاصل في أعداد المعالجين.
ويتمثل الهدف من االستخدام المكثف لتكنولوجيا اإلعالم واالتصال في منظومة الرعاية الصحية في
التخفيف من عبء المهام اليومية ذات الطبيعة اإلدارية-الطبية عن مقدمي العالجات حتى يتسنى لهم
تركيز جهودهم على تقديم العالجات بشكل أفضل وبتكلفة أقل ،وأن يتم استثمار كفاءاتهم وتدبير تدخالتهم
بشكل أمثل.
قام المرسوم رقم 2.18.378الصادر بتاريخ 25يوليوز 2018في شأن الطب عن بعد ،بتأطير أعمال
الطب عن بعد من قبيل االستشارة الطبية عن بعد ،وطلب الخبرة عن بعد ،والمراقبة الطبية عن بعد،
والمساعدة الطبية عن بعد ،واإلجابة الطبية التي تنجز في إطار الضبط الطبي على مستوى مصالح
المساعدة الطبية االستعجالية .ويشار إلى أن عددا قليال من المهنيين يعلمون بوجود هذا المرسوم .كما
أن مقتضياته غير محفزة للمهنيين ،فضال عن تعقد المسطرة المنصوص عليها للترخيص لمزاولة الطب
عن بعد ،حسب اإلفادات التي أدلى بها المهنيون خالل جلسات اإلنصات .باإلضافة إلى ذلك ،فإن هذا
النص ال يأخذ بعين االعتبار الجوانب التقنية المتصلة بأداء كلفة الخدمات وال الجوانب اإلدارية المتعلقة
بهيئات التأمين /التعاضديات.
عالوة على ذلك ،يالحظ أنه لم يتم وضع أي إستراتيجية تواصلية لتعريف المهنيين بالطب عن بعد
وتشجيعهم على االنخراط فيه ومواكبتهم من الناحية التقنية.
51
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
VI.الخالصات والتوصيات
بناء على عناصر التشخيص والتحليل الواردة في هذه الدراسة ،يجدر التأكيد على الخالصات التالية :
1.ال يزال تناول موضوع الصحة العقلية يتم بطريقة قطاعية ،من زاوية المرض العقلي .وهي مقاربة تغفل
الدور األساسي للمحددات السوسيوثقافية للصحة ،كما تحصر التدخل الطبي العمومي بشكل أساسي
في عرض العالجات؛
2.قصور السياسات العمومية في مجال الصحة العقلية على مستوى المعطيات والمؤشرات وآليات التتبع
والتقييم؛
3.يعاني عرض العالجات بشكل عام ،وفي مجال الصحة العقلية على وجه الخصوص ،من نقص في
التنظيم والبنيات التحتية الطبية وغير الطبية ،باإلضافة إلى نقص كبير في الموارد البشرية المؤهلة؛
4.الموارد البشرية ال تحظى بما يكفي من التثمين والتحفيز ،والدعم الخاص بالتكوين المستمر والتكوينات
المتخصصة؛
5.عدم مالءمة اإلطار القانوني المؤطر للمهن غير الطبية والجمعيات العاملة في مجال الصحة العقلية؛
6.تطور القطاع الخاص وفق منطق مبني على «منافسة» القطاع العمومي وليس التكامل معه؛
7.تمويل المنظومة الصحية ال يزال بشكل أساسي على عاتق األسر ،كما أن تمويل أنظمة التأمين الصحي
يستفيد منه بشكل شبه حصري القطاع الخاص؛
8.يعاني المرضى واألسر والمهنيون بشكل كبير من ثقافة الوصم االجتماعي للمرض العقلي واالنتحار
الموجودة داخل المجتمع؛
9.نسبة انتشار االنتحار في المغرب تبقى منخفضة نوعا ما ( 7.2حالة لكل 100.000نسمة) مقارنة مع
المعدالت الدولية ( 9.2حالة لكل 100.000نسمة) مع نقص في جودة المعلومات المتوفرة ،غير أن
أعداد محاوالت االنتحار تظل غير معروفة بالقدر الكافي؛
10.يشكل تطوير الطب عن بُعد فرصة حقيقية يجب اغتنامها ال سيما في ظل قلة الموارد البشرية الصحية.
52
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
التوصيات
يؤكد المجلس على جعل الصحة العقلية ورفاه المواطن في صلب انشغاالت السياسات العمومية ،وإعادة
توجيه مسلسل بلورة سياسة الصحة العقلية ومقاربتها ،بما يسمح بجعلها مكونا جوهريا من مكونات السياسة
الصحية.
ولتجسيد هذه الرؤية ،يقترح المجلس خمس توصيات كبرى:
1 .بلورة سياسات وبرامج قطاعية لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من االضطرابات العقلية والمخاطر
النفسية-االجتماعية ،على أن تقوم هذه السياسات والبرامج على مؤشرات مرقمة وقابلة للقياس.
وينبغي على كل قطاع توقع ودراسة ،بشكل قبلي وبعدي ،اآلثار الصحية واالجتماعية لما ينفذه من برامج
ومبادرات .ولتحقيق هذا الغرض ينبغي:
•تطوير كل قطاع حكومي لمجموعة من المؤشرات الدقيقة والمالئمة في مجال الصحة العقلية وتتبع
إعمالها.
•تطوير عمل المراصد الجهوية للصحة وتعزيز استقالليتها حتى تصبح بمثابة «قطب» إلنتاج مؤشرات
ومعطيات ودراسات جهوية موثوقة ومنتظمة ومتاحة الولوج
2.ضمان حماية أفضل لحقوق األشخاص المصابين باضطرابات عقلية .وفي هذا الصدد ينبغي العمل
على :
•إعادة النظر في مشروع القانون رقم 71.13المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق
األشخاص المصابين بها ،قبل المصادقة عليه ،وذلك بتشاور مع الجمعيات المهنية والمنظمات النقابية
ألطباء األمراض العقلية والمختصين في علم النفس وممرضي الصحة العقلية وجمعيات المرتفقين.
•مالءمة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية بما يسمح بمراعاة أفضل لالحتياجات الخاصة
لألشخاص المصابين باالضطرابات العقلية ويكفل حمايتهم في المنظومة القضائية؛
•ضمان حماية قانونية أفضل لممرضي الصحة العقلية في مزاولة مهامهم
•تطوير الخبرة القضائية في مجال الصحة العقلية والنفسية؛
•تقنين حمل صفة «معالج نفسي» ومكافحة الممارسات االحتيالية ألساليب عالجية مزعومة مضرة
بالصحة وحاطة بالكرامة.
3 .الوقاية بشكل مبكر من االضطرابات العقلية واالنتحار ،من خالل :
•العمل بشكل مستمر على محاربة الوصم االجتماعي لالضطرابات العقلية واالنتحار ،وذلك عبر تعبئة
مختلف وسائل اإلعالم والتحسيس المتوفرة (البرامج المدرسية ،شبكات التواصل االجتماعي ،وسائل
اإلعالم ،الخطب في المساجد ،إلخ).
•إعطاء األولوية لتعزيز الصحة العقلية لألطفال والمراهقين سواء في الوسط العائلي أو المدرسي ،من
خالل :
-االهتمام بصحة ورفاه األم والطفل خالل مرحلة الحمل وطيلة 1000يوم الموالية للوالدة؛
53
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
54
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
55
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
المالحق
56
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
57
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
النقابات
االحتاد الوطني للشغل باملغرب محمد زكيري
58
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
فئة اخلبراء
فؤاد ابن الصديق
حكيمة حميش
أمينة العمراني
عبد المقصود راشدي
احجبوها الزبير
فئة النقابات
أحمد بهنيس
محمد بنصغير (نائب المقرر)
محمد دحماني (نائب الرئيس)
محمد عبد الصادق السعيدي
لحسن حنصالي (المقرر)
جامع المعتصم
عبد الرحمان قنديلة
مصطفى اخالفة
59
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
60
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
61
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
13 1 12 1 11 0 1 0 0 حاالت االنتحار
وقد عملت المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج على تكوين مواردها البشرية في التعاطي مع
حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار
موظفو املتخصصون
أطباء
املؤسسات املمرضون يف علم األطباء
األسنان
املجموع السجنية النفس
امرأة رجل امرأة رجل امرأة رجل امرأة رجل امرأة رجل
املوارد البشرية
1935 228 1359 89 109 15 12 40 13 40 30 التي استفادت
من التكوين
إحصائيات تم التوصل بها من لدن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية
الرسم البياني رقم :1توزيع الحاالت التي تم التبليغ عنها حسب السنوات ()2000-2017
هكذا ،نالحظ زيادة في حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار بالقيمة المطلقة ابتدا ًء من سنة ،2012غير أنه
62
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
ال يمكن الجزم بأن معدل االنتحار قد ارتفع بالفعل دون األخذ بعين االعتبار المعطيات الديموغرافية ودون
النظر في ما إذا كانت هناك تغييرات طرأت على منظومة التصريح بهذه الحاالت وجمع المعطيات.
وتهم 42.9في المائة من حاالت التسمم المبلغ عنها الفئة العمرية ما بين 20و 40سنة (الشكل رقم ،)2
بينما تخص 73.61في المائة من الحاالت النساء.
الرسم البياني رقم :2توزيع الحاالت التي تم التبليغ عنها حسب الفئة العمرية
وقد سجل المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية 645حالة وفاة من بين هذه الحاالت التي
جرى التبليغ عنها ،وهو ما يمثل معدل إماتة يبلغ 2.6في المائة .وتأتي األدوية في مقدمة المنتجات المسببة
لحاالت التسمم بنسبة 53.3في المائة ،تليها مبيدات الحشرات بنسبة 31.9في المائة (الرسم البياني رقم
.)3
الرسم البياني رقم :3توزيع الحاالت حسب المادة المستعملة 2017-2000
وحسب التوزيع الجغرافي للحاالت المسجلة بين سنتي 2000و ،2016فقد جاءت جهة سوس -ماسة -درعة
في المقدمة بنسبة 19.8في المائة من الحاالت (الرسم البياني رقم .)4
63
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
الرسم البياني رقم :5توزيع الحاالت حسب الجهات برسم سنة 2017
يمكن تعريف حكامة المنظومة الصحية بكونها مسلسل بلورة وتنفيذ وتقييم األداء الجماعي .وترتكز
هذه الحكامة على:
•منظومة تدبير (مجموع القواعد التي تحدد كيفيات توزيع السلط والمسؤوليات)؛
•منظومة معلومات (مجموع المعطيات ونظم استغاللها الالزمة ليكون نظام العمل المعتمد واضحا
وشفافا في جميع األوقات بالنسبة للمهنيين والمكلفين بالتدبير والتخطيط وكذا المرضى
والمواطنين) ؛
•منظومة تمويل (مجموع التحفيزات الناشئة عن طرق تمويل المنظومة الصحية ،وآليات تخصيص
الميزانيات ،وآليات منح التعويضات المالية للفاعلين).
•تعتبر حكامة المنظومة الصحية فضاء للتقنين الجماعي ومجاال تتفاعل فيه أربع مجموعات من
الفاعلين ،جميعها يعتبر نفسه ُمنَاطاً به العمل باسم ومن أجل مصلحة الساكنة .ولكل مجموعة من
هذه المجموعات األربع منطق تدخل مختلف ،وهو ما يحدث نوعا من التجاذبات بينها.
64
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
65
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
حقائق علمية ثابتة .ذلك أن رفع هذا الرهان هو الكفيل بأن يجعلهم قادرين على تحمل المسؤولية عن
القرارات المتخذة وفقًا لضوابط ومعايير ذات طابع عام .وال بد من اإلشارة إلى أن منظومة االستشفاء
تختلف عن جميع القطاعات األخرى الخدماتية (التأمين ،األبناك ،وغير ذلك) بوجود عنصر جوهري غير
قابل لالختزال وهو الاليقين المرتبط بحقيقة أنه ال يمكن التنبؤ على وجه اليقين بالتشخيص أو تأثير
العالجات .ويتيح المنطق المهني التوفيق بين الشرطين اللذين تتطلبهما منظومة االستشفاء :التعامل مع
كل حالة على حدة وتحمل المسؤولية وفقًا لضوابط ومعارف ذات طابع عام.155
إن حكامة منظومة الصحة العقلية ال يمكن فصلها عن حكامة المنظومة الصحية ككل.
الملحق : 7معدل انتشار العنف أثناء الطفولة حسب النوع ووسط اإلقامة
المندوبية السامية للتخطيط :البحث الوطني الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط حول العنف ضد
النساء والرجال2019 ،
أشكال العنف
عنف جسدي و
عنف جسدي عنف جنسي
/أو جنسي
155 - André-Pierre Contandriopoulos, « La gouvernance dans le domaine de la santé: une régulation orientée par la
performance », Santé Publique, 2008, Vol. 20, n°2, pp. 191-199 : https://www.cairn.info/revue-sante-publique-2008-2-page-191.
htm
66
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
67
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
68
الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب
69
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
70