You are on page 1of 70

‫الصحة العقلية‬

‫وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫إحالة رقم ‪2022/23‬‬

‫‪www.cese.ma‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫الصحة العقلية‬
‫وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫إحالة رقم ‪2022/23‬‬


‫صاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل‬
‫إحالة رقم ‪2022/23‬‬

‫•طبقا لمقتضيات المادة ‪ 7‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 128.12‬المتعلق بالمجلس االقتصادي واالجتماعي‬
‫والبيئي‪ ،‬توصل المجلس بإحالة من السيد رئيس الحكومة‪ ،‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪ ،2021‬من أجل إعداد‬
‫دراسة حول موضوع الصحة العقلية على المستوى الوطني‪ ،‬بما في ذلك رصد مسببات ظاهرة االنتحار‬
‫وتحديد آليات التصدي لها‪.‬‬
‫•وفي هذا اإلطار‪ ،‬عَ هِ َد مكتب المجلس إلى اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا االجتماعية والتضامن‬
‫بإعداد هذه الدراسة‪.‬‬
‫•وخالل دورتها العادية ‪ 132‬المنعقدة بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ 2022‬صادقت الجمعية العامة للمجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي والبيئي باإلجماع على الدراسة التي تحمل عنوان «الصحة العقلية وأسباب‬
‫االنتحار بالمغرب»‪.‬‬
‫•وقد جاءت هذه الدراسة‪ ،‬الذي جرى إعدادها وفق مقاربة تشاركية‪ ،‬ثمرة نقاشات موسعة بين مختلف‬
‫الفئات المكونة للمجلس‪ ،‬فضال عن مخرجات جلسات اإلنصات المنظمة مع أبرز الفاعلين المعنيين‪.1‬‬

‫يقدم املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي تقريره‪:‬‬

‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬


‫تم إعداد التقرير من طرف‬
‫اللجنة الدائمة املكلفة بالقضايا االجتماعية والتضامن‬

‫رئيس اللجنة ‪ :‬عبد احلي بسة‬


‫مقرر املوضوع ‪ :‬جواد شعيب‬
‫اخلبراء الداخليون ‪ :‬نادية السبتي‪ ،‬أحمد بندلة‬

‫‪ - 1‬الملحق رقم ‪ : 1‬الئحة جلسات اإلنصات‬


‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪8‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫الفهرس‬

‫ملخص‪11 .....................................................................................‬‬

‫تقديم ‪13......................................................................................‬‬

‫‪ .I‬أبرز عناصر السياق ‪15.....................................................................‬‬

‫‪ .II‬محددات الصحة العقلية ‪18.............................................................‬‬

‫‪ .III‬االضطرابات العقلية بالمغرب ‪28......................................................‬‬

‫‪ .IV‬االنتحار ومحاوالت االنتحار بشكل عام وفي المغرب‪36.............................‬‬

‫‪ .V‬حكامة منظومة الصحة العقلية والسياسات العمومية المتعلقة‬


‫بالصحة العقلية ‪41.........................................................................‬‬

‫‪ .VI‬الخالصات والتوصيات ‪52..............................................................‬‬

‫المالحق ‪56...................................................................................‬‬

‫الملحق ‪ : 1‬الئحة الفاعلين الذين تم اإلنصات إليهم ‪56......................................‬‬


‫الملحق ‪ : 2‬الئحة أعضاء اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا االجتماعية والتضامن ‪59..‬‬
‫الملحق ‪ 3‬الخبراء الداخليون الذين واكبوا اللجنة في إعداد هذه الدراسة‪60.............‬‬
‫الملحق ‪ : 4‬التصنيف الدولي لالضطرابات العقلية‪61.........................................‬‬
‫الملحق ‪ : 5‬إحصائيات حول حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار‪62.........................‬‬
‫الملحق ‪ :6‬حكامة المنظومة الصحية ‪64.......................................................‬‬
‫الملحق ‪ : 7‬معدل انتشار العنف أثناء الطفولة حسب النوع ووسط اإلقامة ‪66............‬‬

‫‪9‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪10‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫ملخص‬

‫حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية برسم سنة ‪ ،2019‬فإن حوالي شخص واحد من أصل كل ثمانية‬
‫أشخاص عبر العالم يعاني من اضطراب عقلي‪ .‬فيما يُقْدِ ُم على االنتحار أزيد من شخص واحد من بين كل‬
‫مائة شخص‪ .‬ورغم حجم هذه الظاهرة واعتبار منظمة الصحة العالمية أن الصحة العقلية مكون أساسي من‬
‫مكونات الصحة بشكل عام وال يمكن أن ينفصل عنها‪ ،‬إال أن غالبية المنظومات الصحية بمختلف البلدان ال‬
‫تولي األهمية الالزمة للصحة العقلية وال توفر ما يكفي من العالجات وأشكال الدعم لألشخاص المعنيين‪ ،‬إذ‬
‫ال تتجاوز نسبة مخصصات الصحة العقلية في الميزانيات الوطنية للصحة ‪ 2‬في المائة في المتوسط‪ .‬ويقدر‬
‫أن أزيد من ‪ 75‬في المائة من األشخاص المصابين باضطرابات عقلية في البلدان ذات الدخل المنخفض أو‬
‫المتوسط‪ ،‬ال يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية‪.‬‬
‫بالمغرب‪ ،‬وفي ظل غياب معطيات شاملة ودقيقة حول االستثمار العمومي في مجال الصحة العقلية‪ ،‬فإن‬
‫الخصاص المسجل حاليا على مستوى عرض العالجات النفسية والعقلية (‪ 2431‬سريرا‪ ،‬و‪ 454‬مختصا‬
‫نفسانيا)‪ ،‬يؤشر على ضعف استثمار الدولة في منظومة الرعاية النفسية‪.‬‬
‫وقد خلص المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي إلى أن موضوع الصحة العقلية يتم تناوله بطريقة‬
‫قطاعية ومن زاوية المرض العقلي‪ ،‬مع إغفال الدور األساسي للمحددات السوسيوثقافية للصحة‪ .‬وتتسم‬
‫هذه المحددات بتعددها‪ ،‬إذ تشمل العوامل البيولوجية‪ ،‬واالجتماعية والثقافية (العنف األسري واالجتماعي‪،‬‬
‫التمييز في حق المرأة‪ ،‬وغير ذلك) واالقتصادية (ظروف العمل في الوسط المهني‪ ،‬البطالة‪ ،‬وغير ذلك)‪.‬‬
‫وإذا كانت نسبة تأثير منظومة العالجات على الوضعية الصحية تتراوح ما بين ‪ 20‬و ‪ 30‬في المائة‪ ،‬فإن هذه‬
‫المحددات قد تؤدي إما إلى تحسين الصحة العقلية لألشخاص أو على العكس من ذلك‪ ،‬إلى تدهورها‪ ،‬وذلك‬
‫حسب درجة هشاشتهم ومدى حدة المخاطر المرتبطة بالبيئة التي يعيشون فيها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تمت معاينة عدد من أوجه القصور على مستوى اإلطار القانوني والخبرة القضائية‬
‫في مجال األمراض العقلية والنفسية‪ .‬ينضاف إلى ذلك الصعوبات المرتبطة باإليداع القضائي لألشخاص‬
‫الذين يعانون من اضطرابات عقلية داخل مؤسسات العالج إما ألسباب وقائية أو جنائية‪ ،‬وال سيما في ظل‬
‫الخصاص المسجل في الطاقة السريرية وبنيات الطب العقلي والنفسي‪.‬‬
‫وانطالقا من هذا التشخيص‪ ،‬يقدم المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي جملة من التوصيات‪ ،‬في ما‬
‫يلي أبرزها ‪:‬‬
‫ ‪-‬بلورة سياسات وبرامج عمومية منسقة لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من االضطرابات العقلية والمخاطر‬
‫النفسية‪-‬االجتماعية‪ ،‬على أن تقوم هذه السياسات والبرامج على مؤشرات مرقمة وقابلة للقياس‪ ،‬وعلى‬
‫دراسات لألثر على المستويين الصحي واالجتماعي‪.‬‬
‫ ‪-‬تحسين إمكانية الولوج لرعاية نفسية وعقلية ذات جودة‪ ،‬تكون مواكِ بة لما بلغته المعارف والعالجات‬
‫من تطور‪ ،‬ومستجيبة لالحتياجات الخاصة للمرضى‪ ،‬ال سيما تلك المتعلقة بالسن والحالة االجتماعية‬
‫واالقتصادية ووسط العيش وأشكال الهشاشة التي يعانون منها‪.‬‬
‫ ‪-‬مراجعة وتحيين المصنف العام لألعمال المهنية (‪ )NGAP‬في الشق المتعلق بالتكفل باالضطرابات العقلية‬
‫والتعريفة الوطنية المرجعية ذات الصلة‪ ،‬وذلك في ضوء التطورات الطبية التي شهدها مجال العالج‬
‫والتكفل بهذا النوع من االضطرابات‪ ،‬مع الحرص على تطبيق تعريفة معقولة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ ‪-‬النهوض بمهنة األخصائي النفسي من خالل وضع نظام أساسي خاص بهذه الفئة‪ ،‬ووضع سجل رسمي‬
‫لألخصائيين النفسيين‪.‬‬
‫ ‪-‬تعزيز الضمانات القانونية والقضائية لألشخاص المصابين باالضطرابات العقلية‪ ،‬بما يراعي حاالتهم‬
‫الصحية‪ ،‬ويوفر لهم حماية أمثل‪ .‬ولتحقيق هذا الغرض‪ ،‬ينبغي العمل على ‪ )1‬إعادة النظر في مشروع‬
‫القانون رقم ‪ 71.13‬المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق األشخاص المصابين بها‪ ،‬قبل‬
‫المصادقة عليه‪ ،‬وذلك بالتشاور مع ممثلي المهنيين والمرتفقين‪ ،‬و‪ )2‬مالءمة أفضل لمقتضيات القانون‬
‫الجنائي وقانون المسطرة الجنائية مع خصوصيات المرض العقلي وحاجيات المرضى المعنيين‪.‬‬
‫ ‪-‬الرصد المبكر لحاالت األفكار االنتحارية لدى األطفال والشباب في الوسط العائلي وداخل المؤسسات‬
‫التعليمية والتكفل بها‪ ،‬وفق بروتوكول معد سلفا‪.‬‬
‫ ‪-‬التدخل على مستوى األخطار النفسية‪-‬االجتماعية في الوسط المهني‪ ،‬من خالل المصادقة على اتفاقية‬
‫منظمة العمل الدولية رقم ‪ 190‬بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل؛ وتطوير طب الشغل‬
‫داخل المقاوالت‪ ،‬ومراجعة مدونة الشغل في اتجاه إقرار جريمة التحرش المعنوي؛ ومراجعة الئحة‬
‫األمراض المهنية من خالل إدراج االضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بظروف العمل‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫تقديم‬

‫تشكل الصحة العقلية مكونا أساسيا من مكونات صحة اإلنسان‪ .‬وتعتبر منظمة الصحة العالمية الصح َة‬
‫العقلية رهانا أساسيا من رهانات الصحة العمومية‪.‬‬
‫وتعرف منظمة الصحة العالمية الصحة على أنها «حالة من اكتمال السالمة بدنيا وعقليا واجتماعيا‪ ،‬ال مجرد‬
‫انعدام المرض أو العجز»‪ .2‬وبالتالي فإن مفهوم الصحة العقلية يتجاوز بدوره انعدام االضطرابات أو حاالت‬
‫‪3‬‬
‫العجز النفسية‪ .‬فالصحة العقلية تعتبر أساس رفاه الفرد وسالمة المجتمع‪.‬‬
‫في سنة ‪ ،2004‬عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية على أنها «حالة العافية التي يحقق فيها‬
‫الفرد قدراته الذاتية‪ ،‬ويستطيع مواكبة ضغوط الحياة العادية‪ ،‬ويكون قادر على العمل اإليجابي والمثمر‪،‬‬
‫ويمكنه اإلسهام في مجتمعه»‪.4‬‬
‫ويُ عتبر المرض العقلي أو االضطراب العقلي حالة من التغيير الذي يطرأ على التفكير والمزاج والسلوك‬
‫للفرد‪ ،‬مما يتسبب له في المحنة والمعاناة‪.5‬‬
‫وقد تم تعريف وتحديد مجموع األمراض واالضطرابات العقلية في نظامين عالميين للتصنيف هما‪ :‬الدليل‬
‫التشخيصي واإلحصائي لالضطرابات العقلية‪ ،‬اإلصدار الخامس (‪ )DSM-5‬والتصنيف الدولي لألمراض‪،‬‬
‫«لالضطرابات‬
‫ِ‬ ‫المراجعة الحادية عشرة (‪ ،)CIM 11‬حيث يخصص هذا التصنيف األخير فصله السادس‬
‫النَفسيَّة والسُ لوكيَّة واضطرابات النماء العصبي»‪.‬‬
‫وال يشكل المرض العقلي والصحة العقلية نقيضين ينتميان إلى نفس السيرورة (‪ ،)continuum‬وإنما يعتبران‬
‫سيرورتين متمايزتين ومترابطتين في الوقت ذاته‪.6‬‬
‫وقد أظهر المسح الوطني لتطور منتصف العمر في الواليات المتحدة (‪ 7)MIDUS‬الذي أنجز في الفترة من‬
‫‪ 1995‬إلى ‪ 2005‬في الواليات المتحدة في صفوف أشخاص بالغين تتراوح أعمارهم بين ‪ 25‬و‪ 74‬سنة‪ ،‬أن ‪75‬‬
‫في المائة من المشاركين ال يعانون من اضطرابات عقلية‪ ،‬بينما ‪ 20‬في المائة فقط من المشاركين يتمتعون‬
‫‪8‬‬
‫«بصحة عقلية مزدهرة»‪ ،‬والتي تعتبر المستوى األعلى في مستويات الصحة العقلية‪.‬‬

‫‪ - 2‬تم إقرار دستور منظمة الصحة العالمية من لدن مؤتمر الصحة الدولي الذي عقد في نيويورك من ‪ 19‬يونيو إلى ‪ 22‬يوليوز ‪1946‬‬
‫‪https://apps.who.int/gb/bd/pdf_files/BD_49th-ar.pdf#page=7‬‬
‫‪3 - https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/mental-health-strengthening-our-response‬‬
‫‪4 - https://www.emro.who.int/ar/health-topics/mental-health/index.html‬‬
‫‪5 - https://www.quebec.ca/sante/conseils-et-prevention/sante-mentale/informer-sur-troubles-mentaux/troubles-mentaux/‬‬
‫‪a-propos-troubles-menhttps://www.quebec.ca/sante/conseils-et-prevention/sante-mentale/informer-sur-troubles-‬‬
‫‪mentaux/troubles-mentaux/a-propos-troubles-mentauxtaux ; Micoulaud-Franchi J-A, Quiles C, Falissard B. Commentaire du‬‬
‫‪texte de Spitzer et Endicott 1978:«Troubles médicaux et mentaux: proposition d’une définition et de critères», un article clé du‬‬
‫‪débat sur la nosographie psychiatrique. Ann Med Psychol.2018;176(7):678–685.‬‬
‫‪6 - Corey L. M. Keyes, “The Mental Health Continuum: From Languishing to Flourishing in Life”, Journal of Health and Social‬‬
‫‪Behavior, Vol. 43, No. 2, Selecting Outcomes for the Sociology of Mental Health: Issues of Measurement and Dimensionality‬‬
‫‪(Jun., 2002), pp. 207-222.‬‬
‫) ‪7 - Mid Life Development in the United States ( https://midus.colectica.org/‬‬
‫‪8 - Corey L. M. Keyes, “Mental Illness and/or Mental Health? Investigating Axioms of the Complete State Model of Health”,‬‬
‫‪Journal of Consulting and Clinical Psychology, 2005, Vol. 73, No. 3, pp.539-548.‬‬

‫‪13‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وتكشف نتائج هذه الدراسة عن ثالث مالحظات رئيسية‪:‬‬


‫‪1.‬غياب االضطرابات العقلية ال يعني بالضرورة التمتع بصحة عقلية جيدة؛‬
‫‪2.‬وجود اضطرابات عقلية ال يعني بالضرورة وجود صحة عقلية سيئة؛‬
‫‪3.‬كل حالة نفسية أدنى من مستوى الصحة العقلية الجيد يدل على أداء نفسي منخفض‪ ،‬سواء كان‬
‫الشخص يعاني من اضرابات عقلية أو ال‪.‬‬
‫وقد أظهرت هذه الدراسة أن وجود مستوى منخفض للصحة العقلية‪ ،‬حتى عند غياب أي اضطراب عقلي‪،‬‬
‫له تداعيات سلبية على أداء ووضعية الفرد‪ ،‬بنفس القدر الذي قد ينجم عن االضطرابات العقلية‪ :‬مشاكل‬
‫عاطفية ومعرفية مختلفة‪ ،‬مشاكل صحية‪ ،‬اللجوء المتكرر للخدمات الصحية‪ ،‬تراجع المردودية في العمل‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬تفيد غالبية الدراسات أن التدخالت العالجية تساهم بنسبة تتراوح بين ‪ 20‬في المائة‬
‫و‪ 30‬في المائة فقط في الحالة الصحية‪ ،‬بينما تتوقف النسبة المتبقية‪ ،‬أي ما بين ‪ 70‬و‪ 80‬في المائة على‬
‫المحددات االجتماعية والثقافية واالقتصادية والبيئية للصحة‪.9‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن تعزيز الصحة النفسية اليوم يقتضي اعتبارها موردا أساسيا يجب حمايته ورعايته ودعمه‪،10‬‬
‫والنظر إليها كمسألة يجب مقاربتها على المستويات الفردية والجماعية والمجتمعية‪ ،‬وكذا من الجانب‬
‫الجسدي والنفسي واالجتماعي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يوجد حاليا مؤشر دولي موحد لقياس الصحة العقلية‪ ،‬كما أنه ليس هناك إطار‬
‫مرجعي عالمي لمؤشرات الصحة العقلية‪ .‬لكن‪ ،‬وبالنظر إلى وجود تقارب بين مفهومي الصحة العقلية‬
‫والرفاه‪ ،11‬فقد يكون من المفيد اإلشارة إلى بعض مؤشرات قياس مستوى الرفاه المعمول بها في عدد من‬
‫البلدان‪.12‬‬
‫استنادا إلى هذه المقاربة التي تميز كما تربط بين محددات الصحة العقلية واالضطراب العقلي‪ ،‬يرمي‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي من خالل هذه الدراسة إلى تحديد االختالالت والعقبات الرئيسية‬
‫التي يتعين معالجتها وتجاوزها في مجال سياسة الصحة العقلية‪ ،‬والتكفل باالضطرابات العقلية والوقاية من‬
‫االنتحار‪.‬‬
‫كما تسعى إلى المساهمة في بناء مقاربة متجددة للتعاطي مع الصحة العقلية‪ ،‬وبلورة توصيات نابعة من‬
‫اإلنصات الموسع إلى الفاعلين المعنيين‪ ،‬وتتضمن تدابير فعالة في مجاالت الوقاية والحماية والرعاية‬
‫والتحسين المستمر للصحة العقلية‪.‬‬

‫‪9 - Institut national de santé publique du Québec, Déterminants de la santé, 2017 : https://www.inspq.qc.ca/exercer-la-‬‬
‫‪responsabilite-populationnelle/determinants-de-la-sante‬‬
‫‪10 - Isabelle Doré et Jean Caron : Santé mentale : concepts, mesures et déterminants dans Santé mentale au Québec, 2017,‬‬
‫)‪XLII, no 1, 125-145‬‬
‫‪11 - Corey Lee M. Keyes, “Social Well-Being”, Social Psychology Quarterly, Vol. 61, No. 2, Jun. 1998, pp. 121-140.‬‬
‫‪ - 12‬من قبيل ‪ :‬المؤشر األسترالي الموحد لقياس مستوى الرفاه (‪ ،)The Australian Unity Wellbeing‬والذي يقيس جودة الحياة من خالل الرفاه على‬
‫الصعيد الشخصي وكذا الرفاه على المستوى الوطني؛ مقياس الرفاه النفسي (‪ ،)Psychological well-being scale‬الذي يعمل على تقييم الوضع النفسي‬
‫اإليجابي؛ مقياس الرفاه االجتماعي (‪ ،)The Social Well-Being Scale‬الذي يقيس ازدهار األفراد في حياتهم االجتماعية من خالل مؤشر الرفاه المعتمد‬
‫في إطار المسح االجتماعي األوروبي (‪ ،)ESS‬والذي يتضمن ‪ 54‬مؤشرا يتعلق بالرفاه العاطفي والنفسي واالجتماعي‬

‫‪14‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫‪I.‬أبرز عناصر السياق‬

‫انعكاسات شديدة لألزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد‪ 19-‬على الصحة‬


‫النفسية‬
‫لقد كانت لجائحة كوفيد‪ 19-‬تداعيات سلبية شديدة الوطأة على الصحة العقلية لألفراد‪ ،‬ال سيما األطفال‬
‫الذين تترك أعراض القلق والتوتر آثارا طويلة األمد على نفسيتهم‪ ،‬ويعزى ذلك لمختلف التدابير التي جرى‬
‫اتخاذها في إطار التصدي للجائحة (الحجر الصحي‪ ،‬تقييد التنقل‪ ،‬إغالق المدارس واألماكن العمومية‪ ،‬وقف‬
‫مختلف األنشطة)‪ ،‬مع ما أسفر عنه ذلك من مناخ من الشكوك وعدم اليقين وشعور بالخوف‪ ،‬وكذا بالنظر‬
‫لحاالت الوفيات التي تسببت فيها الجائحة‪ .‬كما أدت هذه األخيرة إلى أزمة اجتماعية واقتصادية تفاقمت في‬
‫ظلها التفاوتات وأشكال التمييز والفوارق االجتماعية‪.‬‬
‫ورغم أن المعطيات المتوفرة حاليا على الصعيد العالمي‪ 13‬تظل أولية‪ ،‬إال أن التدابير المتخذة للتصدي‬
‫النتشار فيروس كوفيد‪ 19-‬وكذا االنعكاسات االجتماعية واالقتصادية لهذه الجائحة أدت بالتأكيد إلى زيادة‬
‫ال عن انتشار االكتئاب واالنتحار‬
‫مظاهر الهشاشة وأشكال العنف‪ ،‬السيما في حق النساء واألطفال‪ ،‬فض ً‬
‫ومحاوالت االنتحار‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تم تسجيل المعطيات التالية ‪:‬‬
‫•‪ 142‬مليون طفل إضافي سقطوا في الفقر سنة ‪2020‬؛‬
‫•‪ 160‬مليون طفل عبر العالم أجبروا على العمل سنة ‪ ،2020‬فيما هناك ماليين آخرون مهددون بالمصير‬
‫نفسه خالل السنوات القادمة؛‬
‫•‪ 243‬مليون امرأة وفتاة (تتراوح أعمارهن بين ‪ 15‬و ‪ 49‬عامًا) تعرضن للعنف الجنسي أو الجسدي من لدن‬
‫شركائهن أو أزواجهن؛‬
‫•‪ 10‬مليون فتاة معرضة لخطر الزواج المبكر خالل العقد المقبل؛‬
‫•مليون و‪ 134‬ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو ولي أمرهم نتيجة لجائحة ‪-‬كوفيد‪ 19‬ما بين فاتح مارس‬
‫‪ 2020‬و‪ 30‬أبريل ‪2021‬؛‬
‫•‪ 114‬مليون شخص فقدوا وظائفهم بسب األزمة الصحية‪.14‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬أشارت منظمة الصحة العالمية‪ ،‬إلى أن التدابير الرامية إلى مكافحة جائحة كوفيد‪ 19-‬أدت‬
‫إلى «زيادة عزلة األشخاص المصابين بحاالت نفسية (‪ )...‬كما أصبح األشخاص المودعون في مستشفيات‬
‫الطب النفسي أكثر عزلة مما كانوا عليه»‪ .‬وأضافت المنظمة أن القيود االجتماعية المرتبطة بالجائحة يرجح‬
‫أن تكون قد زادت من معدالت تعاطي الكحول وغيره من مواد اإلدمان‪ ،‬كما تعددت الشدائد خالل الجائحة‬

‫‪ - 13‬انظر ‪:‬‬
‫‪Policy & practice COVID-19 and violence against children Bull World Health Organ 2021;99:730–738| doi: http://dx.doi.‬‬
‫‪org/10.2471/BLT.20.283051‬‬
‫‪UNICEF: UNICEF : La situation des enfants dans le monde 2021 « Dans ma tête »: Promouvoir, protéger et prendre en charge la‬‬
‫‪santé mentale des enfants‬‬
‫‪14 - « Observatoire de l’OIT : le COVID19 et le monde du travail », 7ème édition, 25 janvier 2021‬‬

‫‪15‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وكان من بين أكثرها شيوعا البطالة وعدم االستقرار المالي‪ ،‬العزلة االجتماعية‪ ،‬والعنف األسري‪ .15»)...‬وقد‬
‫شجع قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة حول «اتخاذ تدابير شاملة ومنسقة لمواجهة جائحة مرض فيروس‬
‫كورونا (كوفيد‪« 16»)-19‬الدول األعضاء على معالجة مسألة الصحة العقلية في تدابيرها لمواجهة الجائحة‬
‫والتعافي من آثارها‪ ،‬وذلك بكفالة اتساع نطاق توافر خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي االجتماعي في‬
‫حاالت الطوارئ»‪.‬‬
‫وفي المغرب‪ ،‬كشفت نتائج بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في أبريل ‪ 2020‬أن ‪ 49.4‬في المائة‬
‫‪17‬‬

‫من المستجوبين صرحوا بأنهم عانوا من القلق خالل فترة الحجر الصحي‪ ،‬فيما عانى ‪ 40.9‬في المائة من‬
‫الخوف‪ ،‬و‪ 29.6‬في المائة من الشعور برهاب األماكن المغلقة‪ ،‬و‪ 24.4‬في المائة من تعدد أنواع الرهاب‪،‬‬
‫و‪ 23.7‬في المائة من اضطراب النوم‪ ،‬و‪ 8.5‬في المائة من الملل‪ ،‬و‪ 7.5‬في المائة من فرط الحساسية‪/‬‬
‫العصبية‪ ،‬و‪ 5.9‬في المائة من االكتئاب‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬أبرزت نتائج بحث ثان (يونيو ‪ )2020‬ه َّم العالقات‬
‫االجتماعية في ظل الجائحة‪ ،18‬أنه مقارنـة مـع فتـرة مـا قبـل الحجـر الصحـي‪ ،‬خصـص ‪ 51.5‬في المائة من‬
‫المستجوبين المزيـد مـن الوقـت السـتخدام الوسـائل اإللكترونيـة (الهاتـف واأللواح اإللكترونيـة والحواسـيب)‪.‬‬
‫كما أن ‪ 18.1‬في المائة من األشخاص الذين شملهم البحث عانوا أثناء الحجر الصحي من االزدحـام داخـل‬
‫المسـكن أو انعـدام الخصوصيـة‪ ،‬فيما عـاش ‪ 11‬في المائة مشـاكل مـع الجيران‪ ،‬وعـاش ‪ 25‬في المائة حـاالت‬
‫صراع مـع األشـخاص الذيـن قضوا معهـم فتـرة الحجـر‪ .‬وسلط البحث الضوء على المشاكل التي اعترت‬
‫الولوج إلى الخدمات الصحية جراء الحجر الصحي‪ ،‬مبرزا أن ‪ 45.2‬في المائة من األشخاص الذين يعانون‬
‫من أمراض مزمنة تطلبت فحصا طبيا أثناء الحجر لم يستطيعوا الولوج إلى الخدمات الصحية‪ .‬من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬أنجزت المندوبية السامية للتخطيط بحثا حول تأثير الجائحة على الوضعية االجتماعية واالقتصادية‬
‫والنفسية لالجئين بالمغرب (يونيو ‪ .19)2020‬وقد كشف هذا البحث أن القلـق أو االكتئـاب أو الخـوف يشكل‬
‫األثـر النفـسي الرئيـسي للحجـر الصحـي عـلى الالجئـين بنسـبة ‪ 52.5‬في المائة‪ ،‬يليه الشعور بالحرمان من‬
‫حرية التصرف (‪ 50.8‬في المائة)‪ .‬وينضــاف إلى ذلـك تأثــيرات أخــرى منهــا اضطرابــات النــوم (‪ 29.7‬في‬
‫المائة)‪ ،‬والحساســية المفرطــة أو العصبيــة (‪ 14.4‬في المائة)‪ ،‬أو مشــاعر الوســواس (‪ 8.1‬في المائة)‪.‬‬
‫وقد أشار تقرير للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول االنعكاسات الصحية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫لجائحة كورونا إلى التداعيات الصحية ألزمة كوفيد‪ 19-‬على الساكنة‪ .20‬كما أثار االنتباه بشكل خاص إلى‬
‫المخاطر الناجمة عن الحجر الصحي والتدابير االحترازية التقييدية األخرى على الصحة العقلية للساكنة‪ ،‬ال‬
‫سيما على األشخاص ذوي الهشاشة‪ :‬األطفال‪ ،‬األشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬النساء ضحايا العنف‪.‬‬

‫‪ - 15‬منظمة الصحة العالمية‪« ،‬التأهب واالستجابة في مجال الصحة النفسية أثناء جائحة كوفيد‪ ،»-19‬الدورة ‪ 48‬للمجلس التنفيذي‪ 8 ،‬يناير‪ ،2021‬تقرير‬
‫المدير العام (م ت ‪)148/20‬‬
‫‪https://apps.who.int/gb/ebwha/pdf_files/EB148/B148_20-ar.pdf‬‬
‫‪ - 16‬قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريخ ‪ 11‬سبتمبر ‪)A/RES/74/306( 2020‬‬
‫‪https://undocs.org/ar/A/RES/74/306‬‬
‫‪ - 17‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬بحث حول تأثير فيروس كورونا على الوضع االقتصادي واالجتماعي والنفسي لألسر‪ ،‬أبريل ‪2020‬‬
‫‪https://www.hcp.ma/file/215949/‬‬
‫‪ - 18‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬العالقات االجتماعية في ظل جائحة كوفيد‪ ،-19‬المرحلة الثانية من البحث حول تأثير فيروس كورونا على الوضع‬
‫االقتصادي واالجتماعي والنفسي لألسر‪ ،‬يوليوز ‪2020‬‬
‫‪https://www.hcp.ma/file/217073/‬‬
‫‪ - 19‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬تأثير كوفيد‪19 -‬على الوضعية االجتماعية واالقتصادية والنفسية لالجئين بالمغرب‪ ،‬شتنبر ‪2020‬‬
‫‪https://www.hcp.ma/file/217997/‬‬
‫‪ - 20‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬االنعكاسات الصحية واالقتصادية واالجتماعية لفيروس كورونا «كوفيد ‪ »19‬والسبل الممكنة لتجاوزها‪ ،‬إحالة‪،‬‬
‫‪2020‬‬

‫‪16‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫الصحة العقلية‪ :‬الحلقة األضعف في السياسات العمومية‬


‫يعاني أزيد من مليار شخص عبر العالم من اضطراب عقلي‪ .‬وينتحر شخص كل ‪ 40‬ثانية‪ .‬ويعد االنتحار رابع‬
‫أهم سبب للوفاة بين األشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 15‬و‪ 29‬سنة‪.21‬‬
‫هذا‪ ،‬ورغم إدراك تأثير المعاناة النفسية واالضطرابات العقلية على األفراد واألسر والمجتمع‪ ،‬فإن االستثمار‬
‫في الصحة العقلية على الصعيد العالمي يظل دون مستوى االحتياجات في هذا المجال‪ .‬ويقدر أن ‪75‬‬
‫في المائة من األشخاص المصابين باضطرابات عقلية في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط‪ ،‬ال‬
‫يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية‪.22‬‬
‫وحسب منظمة األمم المتحدة‪ ،‬تع ّد الصحة العقلية «من مجاالت الصحة العمومية األكثر إهماال في العالم»‪،‬‬
‫إذ ال تتجاوز النسبة التي تنفقها البلدان في المتوسط من ميزانياتها الصحية على الصحة العقلية ‪ 2‬في‬
‫المائة‪ .‬أما حصة المساعدات اإلنمائية الدولية المقدمة في مجال الصحة النفسية‪ ،‬فإن نسبتها ال تتجاوز ‪1‬‬
‫في المائة من إجمالي المساعدات اإلنمائية المقدمة في مجال الصحة‪.23‬‬

‫النهوض بالصحة العقلية أمر أساسي من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة‬
‫‪2030‬‬
‫إن البلدان مدعوة‪ ،‬في إطار تنزيل أهداف التنمية المستدامة في أفق سنة ‪ ،2030‬إلى «تخفيض الوفيات‬
‫المبكرة الناجمة عن األمراض غير المعدية بمقدار الثلث من خالل الوقاية والعالج وتعزيز الصحة‬
‫والسالمة العقليتين» (الغاية ‪ ،3.4‬المؤشر ‪ .)3.4.2‬ويتعين على البلدان «تعزيز الوقاية من إساءة استعمال‬
‫المواد‪ ،‬بما يشمل تعاطي مواد اإلدمان وتناول الكحول عل نحو يضر بالصحة‪ ،‬وعالج‪ ،‬ذلك» (الغاية ‪،3.5‬‬
‫المؤشران ‪ 3.5.1‬و‪ )3.5.2‬و»تحقيق التغطية الصحية الشاملة» (الغاية ‪ ،3.8‬المؤشران ‪ 3.8.1‬و‪ ،)3.8.2‬بما‬
‫فيها الصحة العقلية‪.24‬‬

‫‪21 - https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/suicide‬‬
‫‪ - 22‬جلسة إنصات مع منظمة الصحة العالمية‪ 15 ،‬شتنبر ‪2021‬‬
‫‪23 - https://www.who.int/ar/news/item/18-02-1442-covid-19-disrupting-mental-health-services-in-most-countries-who-‬‬
‫‪survey‬‬
‫‪24 - https://apolitical.co/solution-articles/fr/efforts-du-gouvernement-en-matiere-de-sante-mentale-sdgs‬‬

‫‪17‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪II.‬محددات الصحة العقلية‬

‫إن محددات الصحة العقلية متعددة وتشمل العوامل البيولوجية الفردية‪ ،‬والعوامل االجتماعية والثقافية‬
‫(العالقات االجتماعية اليومية‪ ،‬والجانب الروحي‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وأشكال التمييز‪ ،‬واإلقصاء االجتماعي‪ ،‬وجميع‬
‫أشكال العنف‪ ،‬والشعور باألمان أو عدمه‪ ،)...‬والعوامل المتعلقة بالبيئة بمعناها الواسع (وسط العيش ‪ :‬أي‬
‫الحي‪ ،‬واألسرة‪ ،‬والمدرسة‪ ،‬والعمل‪ ،‬إلخ) والعوامل االقتصادية‪ ،‬وكذا المنظومة الصحة المتاحة‪.25‬‬
‫ال تتجاوز نسبة تأثير منظومة العالجات على الوضعية الصحية ما بين ‪ 20‬و ‪ 30‬في المائة‪.‬‬
‫وقد تؤدي مختلف هذه المحددات االجتماعية إما إلى تحسين الصحة العقلية لألشخاص أو على العكس‬
‫من ذلك‪ ،‬إلى تدهورها‪ ،‬وذلك حسب درجة هشاشتهم ومدى حدة المخاطر المرتبطة بالبيئة التي يعيشون‬
‫فيها‪ .‬كما أن تأثيرها يرتبط بطبيعة وسائل الحماية التي يتمتع بها األشخاص في مختلف بيئات العيش‬
‫وكذا بقدراتهم الدفاعية الخاصة‪ .‬هكذا‪ ،‬فإن الفقر‪ ،‬والهشاشة‪ ،‬والتفاوتات‪ ،‬والحيف االجتماعي‪ ،‬ومدى‬
‫وحدَّ ة اإلجهاد‪ ،‬والشغل‬
‫فعلية الحقوق‪ ،‬والتمييز القائم على الجنس‪ ،‬والمناخ االجتماعي غير السليم‪ ،‬واإلعاقة‪ِ ،‬‬
‫الناقص‪ ،‬وعدم االستقرار المادي‪ ،‬وضبابية اآلفاق‪ ،‬والمس بالسالمة الجسدية‪ ،‬وسوء التغذية أو نقص‬
‫التغذية‪ ،‬والسكن الضيق و ‪ /‬أو العشوائي‪ ،‬والصعوبات في االستفادة من الرعاية الصحية‪ ،‬والتعرض المفرط‬
‫للسلوكيات المنطوية على مخاطر اإلدمان‪ ،‬والتوريث الجيلي للفقر‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬كلها عوامل تنال من الصحة‬
‫العقلية‪ ،‬ألنها تضعف حماية األفراد وقدرتهم على الدفاع عن أنفسهم (القدرة على الصمود)‪.‬‬

‫‪ 1.‬استمرار النظرة االجتماعية السلبية‬


‫الوصم االجتماعي للمرض العقلي‬
‫يقوم الوصم في مجال الطب النفسي والصحة العقلية على إلصاق صفة تمييزية بالشخص المصاب‪ ،‬تحيل‬
‫إلى وضع مخجل اجتماعيا‪ ،‬وعلى جعل المرض العقلي هوية اجتماعية جديدة مميزة لصاحبها‪.26‬‬
‫هذا‪ ،‬ويظل وصم األمراض العقلية واالنتحار ومحاوالت االنتحار سلوكا موجودا في مختلف المجتمعات‪.27‬‬
‫ولهذا الوصم أثر سلبي على التكفل باألمراض العقلية‪ ،‬ألنه يؤدي إلى العدول عن العالج الطبي‪ ،‬بما في‬
‫ذلك بالنسبة للحاالت األكثر خطورة‪ ،‬أو يؤدي إلى اللجوء إلى أساليب موازية‪ ،‬قد تُعرض المرضى ألشكال‬
‫مختلفة من اإلساءة واالستغالل والمعاملة الالإنسانية من قبيل التكبيل بالسالسل‪ ،‬واإلخضاع لممارسات‬
‫تعذيب يُعتقد أنها ذات نفع عالجي‪ ،‬واإلجبار على عدم األكل وغير ذلك من أشكال العنف‪ ،‬وطقوس أخرى‬
‫غير عقالنية‪ ،‬بحيث ينظر للمريض على أنه شخص به مس وبالتالي يشكل خطرا على محيطه‪ .‬وقد شكل‬
‫ضريح «بويا عمر» الذي تم إغالقه سنة ‪ 2015‬لفترة طويلة أبرز فضاء غير استشفائي لالحتفاظ بالمرضى‬
‫العقليين في المغرب‪.28‬‬

‫‪ - 25‬المنظمة العالمية للصحة‪ ،‬تقرير اللجنة المعنية بالمحددات االجتماعية للصحة «تضيق الفجوة في المجال الصحي في غضون جيل واحد»‪2008 ،‬‬
‫‪file:///C:/Users/DELL 20%7420/Downloads/9789242563702_fre.pdf‬‬
‫‪26 - Jean-Yves Giordona « La stigmatisation en psychiatrie et en santé mentale » , ELSEVIER-MASSON, 2010‬‬
‫‪ - 27‬أشار معهد الصحة العمومية بالكيبيك (كندا) سنة ‪ 2008‬إلى أن حوالي ثلثي األشخاص المصابين بمرض عقلي ال يستشيرون الطبيب بسبب األحكام‬
‫المسبقة التي تحيط بهذه االضطرابات‪ .‬انظر الرابط التالي ‪:‬‬
‫‪https://aqrp-sm.org/wp-content/uploads/2013/10/f17-xve-formation-ppt.pdf‬‬
‫‪28 - Céline Aufauvre, « Des procès en chair et en songe. Sainteté et exorcisme à Bouya Omar et Sidi Chamharouch », Altérités,‬‬
‫‪vol. 6, no 2, 2009 : 93-114‬‬

‫‪18‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬يهم الوصم االجتماعي أيضا االنتحار ومحاوالت االنتحار‪ ،‬كما هو الحال في العديد من‬
‫المجتمعات والثقافات في جميع أنحاء العالم وعبر التاريخ‪.‬‬
‫وتظل حاالت االنتحار والسلوكيات المشابهة لالنتحار (كاالمتناع عن تناول الطعام أو وقف العالج بوصف‬
‫ذلك طريقة تؤدي حتما للموت)‪ ،‬لدى األشخاص المسنين على وجه الخصوص‪ ،‬أمرا يدخل ضمن الطابوهات‬
‫في المجتمع‪.‬‬

‫إن وصم األشخاص المصابين بأمراض عقلية هو في الواقع تمييز في حقهم وإنكار لحقوقهم األساسية‪،‬‬
‫كما أنه يشكل عقبة كبرى أمام عالجهم وإعادة اندماجهم في المجتمع‪ .‬وبسبب الوصم أيضا تصعب معرفة‬
‫العدد الحقيقي لحاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار بسبب عدول األسر عن التبليغ بها‪.‬‬
‫وتؤدي األحكام المسبقة والوصم في حق المرض العقلي إلى استمرار اللجوء إلى الممارسات والطقوس‬
‫«التقليدية»‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬فإن اللجوء إلى هذه الممارسات ليس نابعا فقط من اإليمان باألمور‬
‫أيضا إلى عدم قدرة فئات واسعة من السكان على الولوج إلى الطرق‬
‫الخارقة‪ 29‬فحسب‪ ،‬بل إنه يرجع ً‬
‫والبنيات الحديثة للرعاية الطبية والنفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫أشكال التمييز والفوارق القائمة على الجنس تكرس هشاشة النساء‬
‫من عوامل االختطار التي تجعل النساء أكثر هشاشة لإلصابة باالضطرابات النفسية‪ ،‬استمرار مختلف‬
‫أشكال التمييز وعدم المساواة (في الفرص والدخل والحقوق) بينهن وبين الرجال في أبعادها المختلفة‪ ،‬وكذا‬
‫العنف الممارس في حقهن وحق الفتيات القاصرات‪ ،‬والتي جرت دراستها بعمق في العديد من آراء المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي والبيئي ومؤسسات أخرى‪.‬‬
‫وتتجلى أشكال هذا التمييز وعدم المساواة في عدد من المؤشرات نذكر منها‪:‬‬
‫ ‪-‬وتيرة تزويج القاصرات التي ال تزال مرتفعة جدا‪30‬؛‬
‫ ‪ -‬معدل عدم التمدرس ومغادرة الدراسة أكثر حدة في صفوف الفتيات‪ ،‬خاصة انطالقا من الطور اإلعدادي‪،‬‬
‫(‪ 12‬سنة فما فوق)‪31‬؛‬
‫ ‪-‬النسبة العالية جدا لإلناث ضمن فئة األشخاص الموجودين خارج دائرة الشغل والتعليم والتدريب (‪) NEET‬‬
‫والتي تبلغ ‪ 76.4‬في المائة‪32‬؛‬
‫ ‪-‬ضعف معدل نشاط النساء‪ ،‬إذ ال يتجاوز ‪ 22‬في المائة خالل السنوات األخيرة (المندوبية السامية‬
‫للتخطيط)‪.33‬‬

‫‪29 - El Ayadi Mohammed, Rachik Hassan, Tozy Mohamed , « L’islam au quotidien : enquête sur les valeurs et pratiques‬‬
‫‪religieuses au Maroc. 2007‬‬
‫‪ - 30‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬ما العمل أمام استمرار تزويج الطفالت بالمغرب‪2019 ،‬‬
‫)‪31 - UNICEF : Maroc rapport national sur les enfants non scolarisés (2015‬‬
‫‪32 - Étude de l’ONDH : «La Situation des jeunes NEET au Maroc »,‬‬
‫‪ - 33‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬مذكرة إخبارية حول المميزات األساسية للسكان النشيطين المشتغلين خالل سنة ‪2019‬‬
‫‪https://www.hcp.ma/Les-principales-caracteristiques-de-la-population-active-occupee-en-2019_a2463.html‬‬

‫‪19‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪2.‬أشكال الهشاشة المرتبطة بمراحل الحياة‬


‫تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن ثلثي الوفيات المبكرة وثلث عبء المرض العالمي لدى‬
‫األشخاص البالغين سببهما أمراض أو سلوكيات غير سليمة تم تبنيها خالل مرحلة الشباب‪.‬‬
‫الهشاشة القصوى لألطفال إزاء العنف داخل األسرة وفي الوسط التعليمي من فترة الحمل إلى مرحلة‬
‫المراهقة‬
‫يكون الطفل ضعيفًا هشا ألنه ال يزال في طور التكون البيولوجي والنفسي واالجتماعي‪ ،‬وبصدد تطوير‬
‫وسائل دفاعه الخاصة في بيئة تعرضه ألشكال مختلفة من الهيمنة غير المتكافئة‪ .‬ويعتبر األطفال المتخلى‬
‫عنهم‪ ،‬واألطفال المحرومون من بيئتهم األسرية‪ ،‬أو في وضعية إعاقة أو الذين يعيشون في الشارع هم األكثر‬
‫هشاشة‪ .‬بحيث إن احتياجاتهم من الحماية تكون كبيرة وكيفيات مواكبتهم معقدة‪.‬‬
‫وحسب تقديرات منظمة األمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف)‪ 34‬فإن ‪:‬‬
‫ ‪-‬أكثر من ‪ 13‬بالمائة من المراهقين من الفئة العمرية ‪ 19–10‬سنة مصابون باضطرابات عقلية تم تشخيصها‬
‫وفق معايير منظمة الصحة العالمية لتصنيف االضطراب العقلي؛‬
‫ ‪-‬ثمة ‪ 89‬مليون فتى من الفئة العمرية ‪ 19–10‬سنة و‪ 77‬مليون فتاة من الفئة العمرية نفسها مصابون‬
‫باضطرابات عقلية؛‬
‫ ‪-‬تصل معدالت انتشار االضطرابات التي تم تشخيصها إلى أعلى مستوى لها في منطقة الشرق األوسط‬
‫وشمال إفريقيا‪ ،‬ومنطقة أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية (نسبة االنتشار في صفوف الفتيان تبلغ ‪17.3‬‬
‫في المائة و‪ 16.8‬لدى الفتيات)؛‬
‫ ‪-‬تشكل اضطرابات القلق واالكتئاب حوالي ‪ 40‬بالمائة من االضطرابات العقلية التي تم تشخيصها‪ .‬أما‬
‫االضطرابات األخرى فتشمل اضطراب نقص االنتباه ‪ /‬فرط النشاط‪ ،‬واالضطرابات السلوكية‪ ،‬واإلعاقات‬
‫الذهنية‪ ،‬واالضطراب الثنائي القطب‪ ،‬واضطرابات األكل‪ ،‬وطيف التوحد‪ ،‬والفصام‪ ،‬ومجموعة من‬
‫اضطرابات الشخصية‪.‬‬
‫وحسب المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬يُظهر تحليل معدالت انتشار العنف خالل الطفولة حسب الفئة العمرية‬
‫للرجال أن ‪ 52‬في المائة من الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 15‬و‪ 34‬سنة قد تعرضوا لشكل من أشكال العنف‬
‫الجسدي و‪/‬أو الجنسي قبل سن ‪ ،15‬منهم ‪ 4‬في المائة تعرضوا العتداء جنسي‪ ،‬وتصل هذه النسبة إلى ‪45‬‬
‫في المائة في صفوف الرجال الذين تبلغ أعمارهم ‪ 60‬سنة فأكثر‪ 2 ( ،‬في المائة منهم تعرضوا العتداء‬
‫جنسي)‪ .35‬وهكذا‪ ،‬تشير هذه النتيجة‪ ،‬إلى ارتفاع نسبة انتشار العنف ضد األطفال في المجتمع‪ ،‬بما في ذلك‬
‫االعتداء الجنسي‪.36‬‬
‫لقد أضحى من الثابت اليوم أن أول ‪ 1000‬يوم من حياة الطفل‪ ،‬بما في ذلك فترة ما قبل الوالدة‪ ،‬تعتبر مرحلة‬
‫حاسمة بالنسبة للسنوات الموالية على مستوى تطوره الحسي والمعرفي والحركي وتنشئته االجتماعية‪ .‬وفي‬
‫‪37‬‬
‫هذه المرحلة‪ ،‬يكون الطفل محتاجا أكثر ما تكون الحاجة إلى بيئة آمنة لينمو بشكل مناسب‪.‬‬

‫‪ - 34‬منظمة اليونيسيف‪ ،‬حالة أطفال العالم ‪2021‬‬


‫‪https://www.unicef.org/media/115606/file/SOWC 20 20%21 20%full 20%report 20%Arabic.pdf‬‬
‫‪ - 35‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬مذكرة حول العنف ضد النساء والفتيات‪ ،‬البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال ‪2019‬‬
‫‪ - 36‬انظر المالحق‬
‫‪37 - https://thousanddays.org/‬‬

‫‪20‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫ومن المؤكد أن العنف الجسدي والنفسي ضد المرأة الحامل ينطوي على خطر إصابة الجنين بأذى‬
‫مباشر جراءه‪ ،‬غير أن ضرر هذا العنف يكمن أساسا في تأثيره غير المباشر على الجنين بسبب التغيرات‬
‫الفيزيولوجية والبيولوجية التي تحدث لألم المعنَّفة‪ ،38‬بحيث يعيش الجنين الضغط والتوتر الذي يطال أمه‪.‬‬
‫وبعد الوالدة‪ ،‬يؤثر أي اضطراب في العالقة بين األم والطفل تأثيرا سلبيا على الطفل‪ .‬ومن بين تلك‬
‫االضطرابات نذكر اكتئاب ما قبل الوضع وبعده‪ ،‬الذي يطال نسبة تتراوح بين ‪ 10‬و‪ 15‬في المائة من األمهات‬
‫في العالم‪ ،‬والذي له تأثير كبير على رفاه األمهات وأطفالهن‪ .39‬وقد كشفت دراسة مغربية أجريت على عينة‬
‫من ‪ 144‬امرأة‪ ،‬أن معدل انتشار اكتئاب ما بعد الوضع في صفوف المستجوبات بلغ ‪ 6.9‬في المائة بعد ‪6‬‬
‫أسابيع و‪ 11.8‬في المائة بعد ‪ 6‬أشهر و‪ 5.6‬في المائة بعد ‪ 9‬أشهر‪.40‬‬
‫وال تزال هذه األشكال من االكتئاب غير معروفة وال يتم تشخيصها بشكل جيد وبالتالي ال تحظى بما يكفي من‬
‫الرعاية والتكفل‪ .‬وحسب المسح الوطني حول السكان وصحة األسرة برسم ‪ ،412018‬فقد بلغت نسبة األمهات‬
‫اللواتي حصلن على رعاية طبية بعد الوالدة ‪ 22‬في المائة فقط‪ .‬كما أبرز هذا المسح أن السببين الرئيسيين‬
‫لهذه النسبة الضعيفة هما غياب المضاعفات الصحية (‪ 70.9‬في المائة) والجهل بأهمية االستشارة الطبية‬
‫بعد الوضع (‪ 15‬في المائة)‪.‬‬
‫خالل سنوات الطفولة‪ ،‬التي تعتبر فترة ذات أهمية قصوى في نمو الشخصية وتطورها‪ ،‬يمكن أن يؤدي العنف‬
‫الجسدي والنفسي إلى حالة من القلق واالكتئاب لدى األطفال الصغار‪ ،‬والتي تتجلى في عدد من االضطرابات‬
‫في السلوك والمزاج واضطرابات التعلم‪ ،‬وعدم القدرة على تحمل الشعور باإلحباط‪ ،‬والعدوانية‪ ،‬واالنطواء‬
‫على الذات‪ ،‬والسلبية‪ ،‬والخجل المفرط‪ ،‬والخوف من البالغين‪ ،‬والتخوف‪ ،‬واضطرابات التعلق‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫أيضا صعوبات في تحديد االنفعاالت والمشاعر‪ ،‬وبالتالي صعوبات في‬ ‫وقد يواجه األطفال ضحايا العنف ً‬
‫العالقات االجتماعية‪ ،‬وقد يكونون عرضة لخطر تبني أنماط عنيفة في حل النزاعات والتفاعل االجتماعي ‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫ويعتبر العنف داخل األسرة والعنف في الوسط التعليمي المظهران الرئيسيان للعنف الذي يقع ضحيته‬
‫األطفال‪ ،‬ولهما آثار ضارة عليهم‪ .‬وكشف البحث الوطني حول العنف ضد النساء والفتيات‪ ،‬المنجز من لدن‬
‫المندوبية السامية للتخطيط أن ‪ 58.8‬في المائة من حاالت العف الممارس ضد النساء يكون في الفضاء‬
‫الزوجي‪.43‬‬
‫وفي حالة العنف الزوجي‪ ،‬وفضال عن خطر تعرضهم إلصابة مباشرة‪ ،‬فإن األطفال الذين ينشأون في جو‬
‫تتعرض في ظله أمهاتهم للعنف‪ ،‬ال يكونون شهودا سلبيين ال حول لهم إزاء هذا العنف فحسب‪ ،‬وإنما يصبحون‬
‫أيضا ضحايا له‪ ،‬وذلك بسبب الضغط والتوتر النفسي الذي يولده لديهم‪ .44‬ويمكن أن يؤدي الضغط الشديد‬

‫‪38 - Roger Henrion , Les femmes victimes conjugales, le rôle des professionnels de santé : rapport au‬‬
‫‪ministre délégué à la Santé. La Documentation française, 2001‬‬
‫‪39 - Catherine Agbokou; Florian Ferreri; Philippe Nuss et Charles-Siegfried Peretti, « Clinique des dépressions maternelles‬‬
‫‪posnatales », EMC – Psychiatrie, Vol. 8, N° 4, 2011‬‬
‫‪40 - Agoub M, Moussaoui D, Battas O. Prevalence of postpartum depression in a Moroccan sample. Archiches of Women’s‬‬
‫‪Mental Health. 2005 May;Vol 8 N°1:37-43. doi: 10.1007/s00737-005-0069-9. Epub 2005 May 4. PMID: 15868390.‬‬
‫‪ - 41‬وزارة الصحة‪ ،‬المسح الوطني حول السكان وصحة األسرة‪2018 ،‬‬
‫‪https://www.sante.gov.ma/Documents/2021/05/Enqu%C3%AAte 20%Nationale 20%sur 20%la 20%Population 20%et 20%la‬‬
‫‪20%Sant%C3%A9 20%Familiale 20%2018 20%(%C3%A9dition 20%Mars 20%2020)(version 20%Arabe).pdf‬‬
‫‪42 - « Les 1000 premiers jours, là où tout commence ». Rapport de la Commission des 1000 premiers jours, Septembre 2020.‬‬
‫)‪Ministère de la Santé et des Solidarités (France‬‬
‫‪ - 43‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬مذكرة حول العنف ضد النساء والفتيات‪ ،‬البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال ‪2019‬‬
‫‪https://www.hcp.ma/Note-sur-les-violences-faites-aux-femmes-et-aux-filles_a2627.html‬‬
‫‪ - 44‬يحيل مفهوم اإلجهاد على المجهود الذي يتم القيام به على المستوى العاطفي والعالئقي والفيزيولوجي الحيوي من أجل التكيف مع المواقف الصعبة‬

‫‪21‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫والمتكرر إلى حالة من المعاناة الشديدة التي تتجاوز قدرتهم على التأقلم مع الضغوط‪ .‬وتظهر العديد من‬
‫األعمال العلمية‪ 45‬أن الضغط‪ ،‬ال سيما خالل فترة الطفولة‪ ،‬له تأثيرات على تشكيل الهندسة الدماغية على‬
‫المستوى العصبي وكذا المشبك العصبي‪ ،‬مع تأثيرات كبيرة بعيدة المدى على التطور والسلوك واإلدراك‬
‫والقدرات العالئقية والعاطفية والتعلمية‪ .‬وقد تنطوي على مخاطر اإلصابة بأمراض نفسية على المدى‬
‫الطويل‪ ،‬حسب درجات الهشاشة المكتسبة ومسارات النمو الفردية‪.‬‬
‫وحسب نتائج البحث الوطني حول العنف ضد النساء والفتيات فقــد صرحــت حــوالي ‪ 16‬في المائة مــن‬
‫النســاء ضحايــا العنــف الزوجــي بأن أطفالهــن‪ ،‬الذيــن تتراوح أعمارهـم بيــن ‪ 5‬و ‪ 18‬ســنة‪ ،‬يعانـون من‬
‫مشـاكل صحية‪ ،‬خاصة ذات طبيعـة نفسية وسلوكية ‪ :‬العزلة والحزن‪ ،‬الرعشة‪ ،‬نوبــات القلــق أو الصـرع‪،‬‬
‫الكوابيــس‪ ،‬التبــول الالإرادي‪ ،‬العـدوانية‪ ،‬االنحــراف‪ ،‬التراجـع الـدراسي والتغيب عن المدرسة‪ ،‬الهـروب‪.46‬‬
‫وهناك أيضا خطر االنتقال الجيلي للصدمات النفسية‪ ،‬بسبب التعرض لسوء المعاملة و‪ /‬أو العنف بين‬
‫‪47‬‬
‫األشخاص والعنف المنزلي‪.‬‬
‫بعد مرحلة الطفولة‪ ،‬تأتي مرحلة المراهقة والتي تستمر‪ ،‬من منظور نمو الدماغ‪ ،‬حتى سن ‪ 25‬سنة‪ .48‬وتعتبر‬
‫هذه الفترة حاسمة بالنسبة لصحة اإلنسان‪ .‬فعلى الصعيد العالمي‪ ،‬تشير التقديرات إلى أن ‪ 70‬في المائة من‬
‫وفيات البالغين بسبب األمراض غير المعدية مرتبطة بعوامل اختطار بدأت في مرحلة المراهقة‪ ،‬وأن ‪50‬‬
‫في المائة من اضطرابات الصحة العقلية في مرحلة البلوغ تظهر قبل سن ‪ 14‬سنة‪ ،‬ومعظمها ال يتم تشخيصه‬
‫وال معالجته‪ .49‬فهؤالء «الشباب» مهددون بالمعاناة النفسية‪ .‬وتزداد حدة معاناة هؤالء الشباب عندما تكون‬
‫آفاقهم المستقبلية غامضة وعندما يعيشون حالة من الفراغ الدائم‪.‬‬
‫تعرض األطفال للعنف في الوسط التعليمي‬
‫وال يتسبب العنف في الوسط التعليمي أو ما يسمى بالعنف «التربوي»‪ 50‬في التوتر والخوف لدى الطفل‬
‫أيضا بشكل مباشر على قدرته على التعلم بسبب فقدانه تقدير الذات والثقة في‬‫فحسب‪ ،‬بل يمكن أن يؤثر ً‬
‫ُلحق هذا العنف التربوي دائما‬
‫النفس‪ ،‬والحال أنهما عامالن مهمان لتحقيق النجاح الدراسي والمهني‪ .‬وي ِ‬
‫الضرر بالطفل‪ ،‬كما أنه يأتي بنتيجة عكسية للهدف المتوخى منه‪ ،‬ال سيما وأن بعض األطفال الذين نلمس‬
‫فيهم تقاعسا عن الدراسة هم يعانون في الواقع من مشاكل حسية أو إدراكية لم يتم تشخيصها‪.51‬‬
‫وقد تعـرض أكـثر مـن ‪ %22‬مـن التلميـذات والطالبـات لواحـد أو أكثـر مـن أشـكال العنـف في مؤسســات‬
‫التعليــم والتكويــن‪ .52‬وحسب المسح العالمي بالوسط المدرسي حول صحة التالميذ «‪( 53»GSHS‬المغرب‬
‫‪ 54)2016‬فإن ‪ 13.6‬في المائة من التالمذة (عينة مكونة من ‪ 6745‬من التالمذة المتراوحة أعمارهم بين ‪13‬‬
‫‪45 - Lupien S J, McEwen B.S., Gunnar MR, Heim C, Effects of stress throughout the lifespan on the brain, behaviour and‬‬
‫‪cognition. Nature Reviews Neuroscience, 2009. 10: p. 434-445‬‬
‫‪ - 46‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬مذكرة حول العنف ضد النساء والفتيات‪ ،‬البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال ‪2019‬‬
‫‪https://www.hcp.ma/Note-sur-les-violences-faites-aux-femmes-et-aux-filles_a2627.html‬‬
‫‪47 - Anna Maria Nicolò, Eleonora Strinati, « Transmission du traumatisme et défense transpersonnelle dans la famille », Cahiers‬‬
‫‪critiques de thérapie familiale et de pratiques de réseaux, Vol. 38, n° 1, 2007, pp. 61-79.‬‬
‫‪48 - Joseph Campellone, Raymond Kent Turley, Understanding the Teen Brain, University of Rochester Medical Center.‬‬
‫‪ - 49‬جلسة إنصات مع القطاع الوزاري المكلف بالصحة بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪2021‬‬
‫‪50 - UNESCO, Analyse de la situation de la violence en milieu scolaire au Maroc, 2017 : https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/‬‬
‫‪pf0000261066‬‬
‫‪ - 51‬جلسة إنصات لتحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب بتاريخ ‪ 09‬يونيو ‪2021‬‬
‫‪ - 52‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬مذكرة حول العنف ضد النساء والفتيات‪ ،‬البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال ‪2019‬‬
‫)‪53 - Global school-based student health survey (Enquête mondiale sur la santé des élèves en milieu scolaire‬‬
‫‪54 - Ministère de la santé : Maroc 2016 :Rapport de l’Enquête Mondiale sur la Santé des Elèves (GSHS) Global School-based‬‬
‫‪Student Health Survey‬‬

‫‪22‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫و‪ 17‬سنة) أقدموا لمرة أو أكثر على محاولة االنتحار خالل االثني عشر شهرا السابقة إلجراء البحث‪ ،‬و‪ 16‬في‬
‫المائة من التالمذة فكروا بجدية في االنتحار خالل الفترة نفسها‪ .‬وتعتبر هذه النسبة أكثر حدة لدى الفتيات‬
‫من الفتيان (‪ 17.9‬في المائة و‪ 14‬في المائة على التوالي)‪ 64.1 .‬في المائة من المستجوبين الذين سبق وأن‬
‫تناولوا المخدرات‪ ،‬صرحوا أنهم كانوا في سن ‪ 14‬سنة عندما قاموا بتعاطي المخدرات ألول مرة‪ 6.5 .‬في‬
‫المائة تعاطوا الحشيش مرة واحدة أو أكثر خالل حياتهم‪ 7.8 .‬في المائة من التالمذة المشمولين بالبحث‬
‫سبق وأن استهلكوا األمفيتامينات أو الميثامفيتامينات‪ 31.6 .‬في المائة من التالمذة أصيبوا بجرح بليغ (‪37.7‬‬
‫لدى الفتيان و‪ 23.7‬لدى الفتيات)‪ 23.3 .‬في المائة تعرضوا للمهاجمة لمرة أو أكثر‪ 38.5 .‬في المائة تعرضوا‬
‫للمضايقة أو االستقواء ليوم أو أكثر خالل الثالثين يوماً السابقة للبحث‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬أضحت التكنولوجيا الرقمية تحتل مكانة بارزة في حياتنا‪ .‬ويالحظ أن األنترنت ووسائل‬
‫اإلعالم الرقمية وشبكات التواصل االجتماعي مألى بالمحتويات السلبية‪ ،‬كما أن مضامين وطبيعة التواصل‬
‫عبر الشبكة العنكبوتية تثير العديد من اإلشكاليات بما في ذلك تلك المتعلقة بالعنف اإللكتروني‪ ،‬سواء‬
‫اللفظي أو المرئي‪ ،‬والتحرش اإللكتروني‪ ،‬والتشهير اإلعالمي (أو السحل اإلعالمي)‪ ،‬إلخ‪ ،‬والتي يمكن أن‬
‫تكون لها آثار ضارة بالصحة العقلية ورفاه األفراد (القلق واالكتئاب ‪ ،‬إلخ) خاصة األطفال‪.‬‬
‫التقدم في السن ومشاكل الصحة العقلية المرتبطة به‬
‫في تحديد فئة األشخاص المسنين هناك عامل مهم من عوامل الهشاشة أال وهو سن الخروج من الحياة‬
‫المهنية مع كل ما يمكن أن يتولد عن ذلك من تبعات اقتصادية واجتماعية ونفسية‪ ،‬في مرحلة معينة من الحياة‬
‫يتسارع فيها إيقاع الشيخوخة‪ ،‬وما يصاحب ذلك من مشاكل صحية‪ ،‬وتزايد التبعية للغير‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وتعتبر االضطرابات العقلية لدى المسنين المسبب األول لإلصابة باألمراض والمسؤولة عن ‪ 6.6‬في‬
‫المائة من مجموع حاالت العجز الكلي المرتبط بالتقدم في العمر‪ .55‬كما ينجم عن تدهور الحالة الصحية‬
‫للمسنين انعكاسات اجتماعية واقتصادية على كل من‪:‬‬
‫ ‪-‬المساعدين الطبيعيين أو المساعدين العائليين‪ ،‬بحيث إنهم معرضون بشدة إلى اإلصابة باالكتئاب‪،‬‬
‫ويحتاجون من ثمة للمواكبة؛‬
‫ ‪-‬ميزانية األسر؛‬
‫ ‪-‬منظومة الرعاية الصحية‪ :‬للتكفل المادي بشخص مسن‪ ،‬حسب درجة استقالليته‪ ،‬انعكاسات اقتصادية‬
‫مهمة‪.‬‬
‫بين سنتي ‪ 2004‬و‪ 2021‬تضاعف تقريبًا عدد السكان المغاربة الذين تزيد أعمارهم عن ‪ 60‬سنة‪ ،‬حيث ارتفع‬
‫من ‪ 2.4‬مليون إلى ‪ 4.3‬مليون‪ .56‬وقد انتقلت نسبة السكان البالغين من العمر ‪ 60‬سنة من إجمالي الساكنة‪،‬‬
‫من ‪ 6.3‬في المائة سنة ‪ 1960‬إلى ‪ 11‬في المائة سنة ‪ .2018‬ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى ‪ 15.4‬في‬
‫‪57‬‬
‫المائة سنة ‪.2030‬‬
‫هذه الدينامية الديمغرافية المتجهة نحو شيخوخة السكان تقتضي اتخاذ تدابير استباقية على المستوى‬
‫الصحي‪ ،‬وال سيما الصحة العقلية والحماية االجتماعية للمسنين‪.‬‬

‫‪ - 55‬منظمة الصحة العالمية‪ ،‬الصحة النفسية وكبار السن‪2017 ،‬‬


‫‪https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/mental-health-of-older-adults‬‬
‫‪ - 56‬الحسابات الوطنية للصحة ‪2018‬‬
‫‪57 - Fonds des Nations Unies pour la Population, Population et Développement au Maroc (https://morocco.unfpa.org/sites/‬‬
‫‪default/files/pub-pdf/Population 20%et 20%D%2B%C2%ACveloppement 20%au 20%Maroc.pdf).‬‬

‫‪23‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪ 3.‬الهشاشة المرتبطة بوضعيات اإلعاقة‬


‫اعتمد تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول احترام حقوق وإدماج األشخاص في وضعية‬
‫إعاقة‪ 58‬المقاربة الحقوقية التي تجعل من اإلعاقة تفاع ًال ديناميكي ًا بين الحالة الصحية والعوامل الظرفية‪،‬‬
‫سواء كانت شخصية أو بيئية‪ .‬ويشكل هذا النموذج اإلطار المفاهيمي الوارد في «التصنيف الدولي لتأدية‬
‫الوظائف والعجز والصحة»‪ ،‬المعتمد من طرف منظمة الصحة العالمية في سنة ‪ .2001‬واعتبر التقرير أن‬
‫النموذج المفاهيمي المعتمد في المغرب أصبح متجاوزا ويساهم في استمرار الحواجز الثقافية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية التي تعرقل تحقيق المشاركة االجتماعية لألشخاص في وضعية إعاقة‪.‬‬
‫بالنسبة لألشخاص ذوي اإلعاقة‪ ،‬فإن العوامل االجتماعية واالقتصادية والثقافية والبيئية إما أن تعزز ولوجهم‬
‫إلى الحقوق والعدالة والتعليم والشغل والعالجات الصحية والسكن ووسائل النقل واألماكن العمومية‪ ،‬وإما أن‬
‫تؤدي‪ ،‬على العكس من ذلك‪ ،‬إلى عرقلة الولوج إلى تلك الحقوق‪ .‬ويعتمد هذا الجانب بشكل كبير على عمل‬
‫السلطات العمومية ومضمون السياسات المنفذة في هذا المجال‪ .‬وقد تمت بلورة القانون اإلطار رقم ‪97.13‬‬
‫المتعلق بحماية حقوق األشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها من أجل االستجابة لهذه اإلشكاليات‪ .‬وكان‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي قد أصدر رأيا حول هذا القانون اإلطار‪ 59‬أوصى فيه بشكل خاص‬
‫باتخاذ عدد من التدابير في مجال الرعاية الطبية والتغطية الصحية المالئمين لفائدة األشخاص في وضعية‬
‫إعاقة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن مستوى تفعيل هذا القانون اإلطار يظل ضعيفا‪ ،‬ال سيما وأن نصوصه التطبيقية‬
‫لم تصدر بعد‪.‬‬

‫‪ 4.‬المخاطر المرتبطة بشكل خاص بالوسط األسري‬


‫اختالالت العالقة بين الوالدين واألبناء‬
‫يعتبر الوسط العائلي بالنسبة للطفل الفضاء األول للتعلم والتنشئة االجتماعية‪ ،‬ويكون الوالدان هما المسؤوالن‬
‫األوالن عن تعليم أطفالهما وحمايتهم‪ .‬لكن‪ ،‬التحوالت االجتماعية والمجتمعية‪ 60‬قد تنعكس على األسر‬
‫‪61‬‬

‫بحيث ال تترك لها دائماً الوقت للتكيف مع المشاكل والتفاعل بشكل مناسب معها‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق بحماية‬
‫األطفال وتعليمهم‪ .‬كما أن تلك التحوالت قد تتسبب في تعميق االضطرابات النفسية والسلوكية في العالقات‬
‫بين الوالدين واألطفال (‪ .62)dysparentalité‬ورغم أن هذا األمر ليس بالظاهرة الجديدة‪ ،‬إال أن فهمه‬
‫وتقعيده وضرورة إدماجه في السياسات المتعلقة بتعليم وحماية الطفل أصبح اليوم مطروحا بحدة‪.‬‬
‫التفكك األسري‬
‫يمكن ألي أسرة أن تعاني من اختالل وظيفي‪ ،‬بمعنى أن تسودها عالقات وتفاعالت من شأنها أن تضر‬
‫بأفرادها‪ .‬في هذا النوع من األسر‪ ،‬تكثر النزاعات‪ ،‬ويسود العنف اللفظي والجسدي والنفسي‪ ،‬ويكثر أن تجد‬
‫أحد الوالدين أو كالهما مدمنا على الكحول أو المخدرات‪ ،‬أو قد يعاني من اضطراب عقلي‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن هذه‬
‫األسر ال يمكن أن توفر الحماية لألطفال‪.‬‬

‫‪ - 58‬تقرير صادر في يوليوز ‪2012‬‬


‫‪ - 59‬رأي المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول مشروع القانون رقم ‪ 97.13‬المتعلق بحماية حقوق األشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها‪ ،‬إحالة‬
‫رقم ‪15/2015‬‬
‫‪60 - Jamal Khalil (dir.), Familles et dynamiques contemporaines, Casablanca, LADSIS, 2021 ; IRES, Rapport de l’enquête‬‬
‫‪nationale sur le lien social au Maroc, 2012.‬‬
‫‪ - 61‬من قبيل التحول نحو األسرة النووية‪ ،‬بل وتوجهها نحو نوع من التفكك‪ ،‬وتطور أنماط الحياة واالستهالك‪ ،‬وتطور العالقات بين الرجل والمرأة‪ ،‬وتأخر سن‬
‫الزواج‪ ،‬وآثار الدينامية العمرانية المتسارعة‪ ،‬وضعف أنظمة الحماية االجتماعية‪ ،‬وعدم االستقرار المهني‪ ،‬والعولمة‪ ،‬والرقمنة‪ ،‬وتفاقم الفوارق ‪...‬‬
‫‪62 - Jean-Pierre CAMBEFORT : DYSPARENTALITE, ALIENATION PARENTALE ET MESALLIANCE A LA REUNION‬‬

‫‪24‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫وغالبا ما يكون لهذه االختالالت التي تعتري األسرة تأثير دائم على الصحة العقلية ألفرادها‪ ،‬سواء كانوا‬
‫ضحايا أو شهودا‪ ،‬ومما يزيد من وطأتها كونها تجري في فضاء خاص‪ ،‬أي خلف األبواب الموصدة للمنازل‪.‬‬

‫في المغرب‪ ،‬رغم ان أطباء األمراض العقلية والمتخصصين في علم النفس السريري والجمعيات‬
‫العاملة في مجال رعاية أطفال الشوارع واألطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم واألطفال ضحايا‬
‫االغتصاب وزنى المحارم والنساء ضحايا العنف‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬على اطالع جيد بوجود حاالت الختالالت‬
‫العالقات بين الوالدين واألطفال واالختالالت األسرية‪ ،‬غير أنه ال توجد معطيات وطنية حول حجم ونطاق‬
‫هذه اإلشكاليات‪.‬‬

‫‪ 5.‬المخاطر النفسية‪-‬االجتماعية في الوسط المهني‬


‫يعرِّف المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي بفرنسا المخاطر النفسية‪-‬االجتماعية (‪ )PSR‬على أنها مزيج‬
‫من عدد كبير من المتغيرات التي تتقاطع فيها األبعاد الفردية والجماعية والتنظيمية للنشاط المهني‪ ،‬مما‬
‫يفسر الطابع المعقد والمركب في كثير من األحيان لتلك المخاطر‪.63‬‬
‫أما المخاطر النفسية‪-‬االجتماعية األكثر شيوعا في أماكن العمل فهي‪ :‬اإلجهاد والتحرش المعنوي واإلرهاق‬
‫والعنف واالعتداء‪ .‬وتتسبب تلك المخاطر‪ ،‬من ضمن عوامل أخرى‪ ،‬في العديد من األمراض مثل اضطرابات‬
‫النوم واالكتئاب واالضطرابات العضلية الهيكلية واألمراض النفسية‪-‬الجسدية‪.‬‬
‫وتختلف طبيعة ونطاق تأثير المخاطر النفسية‪-‬االجتماعية باختالف القطاعات واألنشطة االقتصادية‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن لكل قطاع إكراهاته الخاصة‪ :‬توقيت وساعات العمل‪ ،‬العالقة مع الزبناء‪ ،‬انعدام األمان الوظيفي‪،‬‬
‫ونمط التدبير المعتمد‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وقد أصدر المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي مؤخرا رأيا حول الصحة والسالمة في العمل‪ ،64‬سلط‬
‫فيه الضوء على عدد من أوجه الهشاشة والقصور التي ينبغي تجاوزها من أجل تقليص المخاطر النفسية‪-‬‬
‫االجتماعية في الوسط المهني‪ .‬ومن بين هذه النقائص نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫ ‪-‬غياب مقتضيات قانونية حول التحرش المعنوي في أماكن العمل؛‬
‫ ‪-‬قلة توفر الموارد البشرية المؤهلة في تخصص طب الشغل‬
‫وقد مكنت مخرجات جلسات اإلنصات المنظمة في إطار هذه الدراسة مع مكتب العمل الدولي واالتحاد العام‬
‫لمقاوالت المغرب والنقابات‪ ،‬من تأكيد هذه المالحظات‪.‬‬
‫وتُعرِّف منظمة العمل الدولية إجهاد العمل بكونه األذى النفسي والبدني الناجم عن اختالل التوازن بين‬
‫متطلبات العمل وبين ما يملكه األفراد من قدرات وموارد للتعامل معها‪ .‬ويكمن الوضع األمثل في حرص إدارة‬
‫المؤسسة على جعل متطلبات العمل مالئمة لقدرات وموارد العاملين‪ ،‬وذلك حفاظا على صحتهم العقلية‬
‫وتعزيزا لرفاههم‪.‬‬
‫ويمكن أن يؤدي التعرض المتكرر لإلجهاد في العمل إلى ظهور االضطرابات العقلية‪ ،‬كما يمكن أن يؤدي إلى‬
‫درجات قصوى من اإلجهاد‪ ،‬وإلى اإلنهاك أو ما يسمى «االحتراق المهني» (‪ .65)burn-out‬كما يؤدي اإلجهاد‬
‫في العمل إلى انعكاسات سلبية كبيرة على المردودية‪:‬‬
‫‪63 - https://www.inserm.fr/‬‬
‫‪ - 64‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬إحالة ذاتية‪ ،‬الصحة والسالمة في العمل‪ :‬دعامة أساسية للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.2020 ،‬‬
‫‪ - 65‬جلسة إنصات مع منظمة العمل الدولية ‪ 15‬دجنبر ‪2021‬‬

‫‪25‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ ‪-‬التغيب أو الحضور المفرط لمقر العمل؛‬


‫ ‪-‬اضطرابات في عالقات الشغل؛‬
‫ ‪-‬ضعف الحافز للعمل؛‬
‫ ‪-‬تراجع مستوى الرضا واإلبداع؛‬
‫ ‪-‬عدم استقرار الموارد البشرية؛‬
‫ ‪-‬التنقيالت الداخلية وإعادة التوجه المهني؛‬
‫ ‪-‬تضرر صورة المؤسسة‪.‬‬

‫تقدر الخسائر التي تتكبدها إنتاجية االقتصاد العالمي جراء حاالت االكتئاب والقلق في العمل بمليار‬
‫‪66‬‬
‫دوالر أمريكي‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،2002‬قدرت المفوضية األوروبية‪ 67‬تكلفة اإلجهاد المرتبطة بالعمل في ‪ 15‬دولة من دول االتحاد‬
‫األوروبي بـ ‪ 20‬مليار أورو سنويًا‪.‬‬
‫وفي ‪ ،2005-2006‬كلف االكتئاب واضطرابات القلق الناجمة عن اإلجهاد المرتبط بالعمل بريطانيا أكثر‬
‫من ‪ 530‬مليون جنيه إسترليني‪ .‬وأشار تقرير المخاطر النفسية واالجتماعية بأوروبا‪ 68‬إلى أن‪:‬‬
‫ ‪ 25-‬في المائة من العاملين يعانون من اإلجهاد مرتبطة بالعمل طيلة أو معظم أوقات عملهم؛‬
‫ ‪-‬صرح ‪ 25‬في المائة من العاملين أن للعمل آثاراً سلبية على صحتهم؛‬
‫ ‪ 80-‬في المائة من األطر قلقون من إجهاد العمل؛‬
‫ ‪ 20-‬في المائة يعتبرون أن العنف والتحرش يشكالن مشكلة كبرى‪.‬‬

‫وخالل فترة انتشار جائحة كوفيد‪ 19-‬كشفت دراسة لمنظمة العمل الدولية‪ 69‬أن ‪ 65‬في المائة من المقاوالت‬
‫المشمولة بالبحث صرحت أنها وجدت صعوبة في المحافظة على معنويات العاملين في مستوى جيد خالل‬
‫مدة العمل عن بعد‪ .‬كما لوحظ أنه ظهرت على عامل واحد من أصل كل خمسة عاملين عبر العالم أعراض‬
‫‪70‬‬
‫االكتئاب والقلق خالل هذه الفترة‪.‬‬
‫إن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ‪ 190‬بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل‪ ،‬والتوصية‬
‫خال من العنف والتحرش‪،‬‬‫رقم ‪ 206‬اللتان تتضمنان معايير جديدة وتقران بحق كل إنسان في عالم شغل ٍ‬
‫وتحددان إطارا واضحا ومشتركا من أجل الوقاية من ظاهرة العنف والتحرش في عالم الشغل والقضاء عليها‪،‬‬
‫وفق مقاربة شاملة ومندمجة ومراعية للنوع االجتماعي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المغرب لم يصادق بعد على هذه االتفاقية‪ ،‬كما لم يصادق على العديد من اتفاقيات‬

‫‪ - 66‬المصدر نفسه‬
‫‪67 - Commission européenne, Manuel d’orientation sur le stress lié au travail, 2002.‬‬
‫‪68 - Eurofound and EU-OSHA (2014), Psychosocial risks in Europe: Prevalence and strategies for prevention, Publications Office‬‬
‫‪of the European Union, Luxembourg‬‬
‫‪69 - ILO, Managing work-related psychosocial risks during the COVID-19 pandemic, 2020: https://www.ilo.org/wcmsp5/‬‬
‫‪groups/public/---ed_protect/---protrav/---safework/documents/instructionalmaterial/wcms_748638.pdf‬‬
‫‪ - 70‬جلسة إنصات مع منظمة العمل الدولية بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪2022‬‬

‫‪26‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫أخرى متعلقة بالسالمة والصحة في أماكن العمل (ال سيما االتفاقيات رقم ‪ 161‬و‪ 167‬و‪.)184‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬خُ صصت مقتضيات الكتاب الثاني من مدونة الشغل إلى ظروف الشغل‪ ،‬مع إيالء أهمية‬
‫خاصة لألطفال القاصرين والنساء‪ ،‬السيما الحوامل‪ ،‬واألشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬والوقاية من حوادث‬
‫الشغل‪ ،‬وكذا طب الشغل‪ .‬وإذا كانت مقتضيات مدونة الشغل تغطي عموما مسألة حماية سالمة العاملين‬
‫وصحتهم البدنية‪ ،‬إال أنها ال تشير صراحة إلى االضطرابات النفسية وال إلى التحرش المعنوي‪.‬‬
‫وعلى غرار الكثير من البلدان األوروبية‪ ،71‬فإن االضطرابات النفسية ليست مدرجة بعد ضمن قائمة األمراض‬
‫المهنية الجاري بها العمل في المغرب حاليا‪.72‬‬
‫إشكالية قياس وضعية الصحة العقلية‬
‫ال يوجد حاليا مؤشر دولي موحد لقياس الصحة العقلية‪ ،‬كما أنه ليس هناك إطار مرجعي عالمي لمؤشرات‬
‫الصحة العقلية‪ .‬لكن‪ ،‬وبالنظر إلى وجود تقارب بين مفهومي الصحة العقلية والرفاه‪ ،73‬فقد يكون من المفيد‬
‫اإلشارة إلى بعض مؤشرات قياس مستوى الرفاه المعمول بها‪ ،‬من قبيل ‪ :‬المؤشر األسترالي‪ 74‬الموحد لقياس‬
‫مستوى الرفاه‪ ،‬والذي يقيس جودة الحياة من خالل الرفاه على الصعيد الشخصي وكذا الرفاه على المستوى‬
‫الوطني؛ مقياس الرفاه النفسي‪ ،‬الذي يعمل على تقييم الوضع النفسي اإليجابي‪75‬؛ مقياس الرفاه االجتماعي‪،‬‬
‫الذي يقيس ازدهار األفراد في حياتهم االجتماعية من خالل مؤشر الرفاه المعتمد في إطار المسح االجتماعي‬
‫األوروبي (‪ ، )ESS‬والذي يتضمن ‪ 54‬مؤشرا يتعلق بالرفاه العاطفي والنفسي واالجتماعي‪.76‬‬

‫في المغرب‪ ،‬ال يتم قياس وضعية الصحة العقلية وال مستوى الرفاه‪ .‬والحال أن قياس الصحة العقلية مع‬
‫إدراج مختلف مكونات الرفاه العاطفي والنفسي واالجتماعي‪ ،‬من شأنه أن يمكن من تقييم المستوى العام‬
‫للصحة العقلية للساكنة‪ ،‬وإجراء دراسات وبحوث تسمح بالتعرف بشكل أفضل على المحددات الرئيسية‬
‫للصحة العقلية والعوامل الكفيلة بتعزيزها‪ ،‬وكذا تقدير مخاطر اإلصابة باالضطرابات العقلية وتقييم‬
‫تأثير تدابير النهوض والوقاية المتخذة في هذا المجال‪.‬‬

‫‪71 - Rapport d’étude Eurogip : Quelle reconnaissance des pathologies psychiques liées au travail? Février 2013. Ref.Eurogip-81F‬‬
‫‪ - 72‬قرار لوزير التشغيل والشؤون االجتماعية رقم ‪ 160.14‬صادر في ‪ 19‬من ربيع األول ‪ 21 ( 1435‬يناير ‪ ) 2014‬بتغيير وتتميم قرار وزير التنمية االجتماعية‬
‫والتضامن والتشغيل والتكوين المهني رقم ‪ 919.99‬الصادر في ‪ 14‬من رمضان ‪ 23 ( 1420‬ديسمبر ‪ ) 1999‬المتعلق بتطبيق الظهير الشريف الصادر في ‪ 26‬من‬
‫جمادى األولى ‪ 31 ( 1362‬ماي ‪ ) 1943‬الممتدة بموجبه إلى األمراض المهنية مقتضيات القوانين التشريعية المتعلقة بالتعويض عن حوادث الشغل‪ .‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 6303‬المنشورة بتاريخ ‪ 27‬أكتوبر ‪( 2014‬الصيغة العربية)‬
‫‪73 - Corey Lee M. Keyes, “Social Well-Being”, Social Psychology Quarterly, Vol. 61, No. 2, Jun. 1998, pp. 121-140.‬‬
‫‪74 - https://www.australianunity.com.au/about-us/wellbeing-index‬‬
‫‪75 - https://sparqtools.org/mobility-measure/psychological-wellbeing-scale/‬‬
‫‪76 - http://www.esswellbeingmatters.org/‬‬

‫‪27‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪III.‬االضطرابات العقلية بالمغرب‬

‫تتمثل أعراض االضطراب العقلي في ما يلي‪:‬‬


‫‪1.‬عالمات تغيير‪ ،‬يمكن أن يالحظها المقربون في سلوك الشخص المصاب؛‬
‫‪2.‬أعراض يشعر بها الشخص نفسه‪.77‬‬
‫تتعدد أسباب االضطرابات النفسية وتختلف من اضطراب إلى آخر‪ .‬وقد تكون تلك األسباب مجهولة أو‬
‫مرتبطة بعوامل وراثية أو عوامل بيولوجية عصبية‪ .‬وتندرج االضطرابات العقلية اليوم ضمن تصنيفين‬
‫‪78‬‬
‫دوليين‪ ،‬هما الدليل التشخيصي واإلحصائي لالضطرابات العقلية المعروف باالختصار العلمي (‪)5DSM‬‬
‫والمراجعة الحادية عشرة للتصنيف اإلحصائي الدولي لألمراض والمشكالت المتعلقة بالصحة (‪.79)CIM-11‬‬
‫ويعتمد تشخيص األمراض العقلية على طبيعة االضطراب وعلى الشخص المصاب وعلى العوامل المرتبطة‬
‫باالضطراب‪ .‬وتتسم بعض االضطرابات بكونها عابرة‪ ،‬في حين أن البعض اآلخر قد يستمر مدى الحياة وقد‬
‫تنجم عنها إعاقة شديدة‪ .‬كما أن مستوى القدرة أو العجز قد يختلف باختالف مجاالت الحياة‪ .‬وعالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬يختلف تشخيص االضطرابات التي تعتبر خطيرة وشديدة التعقيد من حالة إلى أخرى‪.‬‬

‫‪1.‬نطاق انشار االضطرابات العقلية‬


‫يُعتبر «المسح الوطني حول انتشار االضطرابات النفسية وسط عموم السكان» (‪ )2003-2006‬الذي أنجزته‬
‫وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية‪ ،‬البحث الوطني الوحيد المتعلق باالضطرابات العقلية‪.‬‬
‫وأظهر هذا البحث أن ‪ 48.9‬في المائة من المواطنات والمواطنين الذين شملهم البحث‪ ،‬المتراوحة أعمارهم‬
‫بين ‪ 15‬عامًا فما فوق‪ ،‬تعرضوا لواحد على األقل من ‪ 25‬اضطرابًا طفيفًا أو كبيراً جرى فحصه‪ ،‬مع تسجيل‬
‫معدل انتشار أكبر في صفوف النساء‪ ،‬وكذا وسط الشباب ممن يمتلكون مستوى دراسيا ضعيفا أو ليس لهم‬
‫أي مستوى دراسي وممن ال يزاولون نشاطاً مهنياً قاراً‪.‬‬
‫وتقدر نسبة انتشار االكتئاب وسط عموم السكان بـ ‪ 26.5‬في المائة‪ ،‬بينما تمثل اضطرابات القلق ‪ 9‬في‬
‫المائة‪ ،‬واالضطرابات الذهانية ‪ 5.6‬في المائة‪ ،‬بينما أبدى ‪ 6.5‬في المائة أفكاراً انتحارية (ذات شدة خفيفة‪:‬‬
‫‪ 84.6‬في المائة‪ ،‬متوسطة‪ 9 :‬في المائة‪ ،‬مرتفعة‪ 6.5 :‬في المائة)‪.‬‬
‫وقد خلص بحث سابق اشتغل على عينة تمثيلية على مستوى مدينة الدار البيضاء‪ 80‬إلى نفس النسب المئوية‬
‫المسجلة بالنسبة الضطرابات القلق‪.‬‬

‫‪77 - https://www.quebec.ca/sante/problemes-de-sante/maladie-mentale‬‬
‫‪ - 78‬الدليل التشخيصي واإلحصائي لالضطرابات العقلية (‪ )Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders) (DSM‬تُصدره‬
‫الجمعية األمريكية للطب النفسي‪ ،‬وقد بلغ طبعته الخامسة‬
‫‪ - 79‬التصنيف اإلحصائي الدولي لألمراض والمشكالت المتعلقة بالصحة (‪ : )International Classification of Diseases) (CIM‬خصص بابه‬
‫والسلوك َّية واضطرابات النمو العصبي‪ .‬ويصدر هذا التصنيف من قبل منظمة الصحة العالمية ويُستخدم في جميع أنحاء‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لالضطرابات العقلية‬ ‫السادس‬
‫العالم لرصد أسباب ال َم َراضة والوفيات التي تتعلق بمجال الطب‪ .‬والجدير بالذكر أن المراجعة الحادية عشرة لهذا التصنيف جرى اعتمادها في ماي ‪2019‬‬
‫ودخلت حيز التنفيذ في فاتح يناير ‪.2022‬‬
‫‪80 - N. Kadri et coll. 2007 : http://www.annals-general-psychiatry.com/content/6/1/6‬‬

‫‪28‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫ويؤكد الفاعلون (القطاع الوصي‪ ،‬مهنيو الصحة) أن األرقام الواردة في هذا البحث تتوافق مع االتجاهات‬
‫الدولية بهذا الخصوص‪.81‬‬
‫يذكر أن السلوكات اإلدمانية‪ ،‬التي تعتبرها التصنيفات الدولية شكال من أشكال االضطرابات العقلية‪ ،‬تعد‬
‫ظاهرة متفشية ومتعددة األشكال‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تبرز المؤشرات‪ 82‬المتعلقة بالمغرب ما يلي ‪:‬‬
‫ ‪-‬حسب معطيات سنة ‪ ،2005‬فإن حجم تعاطي المواد ذات التأثير النفسي والعقلي يقدر بـ ‪ 4.1‬في المائة‪،‬‬
‫وأن االستهالك المفرط للمخدرات واإلدمان عليها يقدر بـ ‪ 3‬في المائة‪ ،‬وأن اإلفراط في استهالك الكحول‬
‫يناهز ‪ 2‬في المائة‪ .‬وحسب دراسة إقليمية أ ُنجزت في سنة ‪ ،2016‬فإن عدد األشخاص الذين يتعاطون‬
‫المخدرات عن طريق الحقن في المغرب ُقدِّر بـ ‪ 18.500‬شخص؛ مع تسجيل معدل انتشار مرتفع في‬
‫صفوف األشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسب (‪ 11.4‬في المائة)‪ ،‬وااللتهاب الكبدي «ج» (‪57‬‬
‫في المائة)‪.‬‬
‫ ‪-‬يوجد في المغرب ‪ 6‬ماليين مدخن‪ ،‬منهم ‪ 5.4‬ماليين من البالغين ونصف مليون من القاصرين دون سن‬
‫‪ 18‬سنة‪ .‬ويتم استهالك ‪ 15‬مليار سيجارة كل سنة‪ ،‬علماً أن محتوى السجائر في المغرب من النيكوتين‬
‫والمواد السامة أعلى من الكمية الموجودة في السجائر المرخصة بأوروبا‪ .‬كما أن ‪ 35.6‬في المائة من‬
‫الساكنة معرضة للتدخين‪.‬‬
‫ ‪-‬إن تعاطي المؤثرات العقلية في صفوف المراهقين المتمدرسين ال يقل خطورة‪ ،‬بحسب آخر البحوث‬
‫التي أنجزتها وزارة الصحة حول هذا الموضوع‪ .83‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يبلغ معدل انتشار تعاطي التبغ ‪ 9‬في‬
‫المائة‪ ،84‬وتبلغ هذه النسبة ‪ 7.9‬في المائة في صفوف التالمذة المتراوحة أعمارهم بين ‪ 13‬و‪ 17‬سنة‪،‬‬
‫علما أن ‪ 63.3‬في المائة منهم بدأوا التدخين قبل بلوغ سن ‪ .14‬وصرح ‪ 9‬في المائة من المستجوبين أنهم‬
‫استهلكوا القنب الهندي مرة واحدة على األقل في حياتهم (‪ 64‬في المائة بدأوا في استهالكه قبل بلوغ‬
‫سن ‪ .)14‬وأفاد ‪ 13.3‬في المائة من المستجوبين أنه سبق لهم أن جربوا استخدام الكحول‪ ،‬بينما صرح ‪5‬‬
‫في المائة منهم أنه سبق لهم استهالك المؤثرات العقلية‪ .‬كما أن ‪ 1.4‬في المائة منهم سبق لهم استهالك‬
‫الكوكايين‪.‬‬
‫ ‪-‬حسب تقديرات الفاعلين في مجال ألعاب الرهان‪ ،‬فإن ما بين ‪ 2.8‬إلى ‪ 3.3‬مليون شخص يمارسون ألعاب‬
‫الرهان والقمار في بالدنا‪ ،‬علماً أن ‪ 40‬في المائة منهم يعتبرون معرضين لخطر اإلفراط في اللعب المضر‬
‫بمصالحهم‪.‬‬
‫ ‪-‬تنامي االستخدام ال َمر َِضي للشاشات وألعاب الفيديو واألنترنت في بالدنا‪ .‬لكن ال يزال نطاق وتأثير هذه‬
‫اإلشكالية غير معروف بالقدر الكافي‪ .‬وقد أظهرت دراسة وبائية تم إجراؤها سنة ‪ 2020‬على عينة تضم‬
‫‪ 800‬من تالمذة المستوى اإلعدادي تتراوح أعمارهم بين ‪ 13‬و‪ 19‬سنة بمدينة الدار البيضاء‪ ،‬أن ‪ 40‬في‬
‫المائة يستخدمون األنترنت بشكل يخلق لهم العديد من المشاكل وأن حوالي ‪ 8‬في المائة يوجدون في‬
‫وضعية إدمان‪.‬‬

‫‪81 - Driss Moussaoui, « La santé mentale au Maroc : enquête nationale sur la prévalence des troubles mentaux et des‬‬
‫‪toxicomanies », L’Encéphale, (2007) Supplément 4, S125-S126 : https://www.encephale.com/content/download/86395/1487222/‬‬
‫‪version/1/file/main.pdf‬‬

‫‪ - 82‬تقرير أصدره المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي مؤخراً بعنوان «مواجهة السلوكات اإلدمانية‪ :‬واقع الحال والتوصيات»‪2021 ،‬‬
‫‪ - 83‬بحث المشروع المدرسي للبحر األبيض المتوسط حول الكحول والمخدرات األخرى (‪ )MedSPAD‬المغرب‪ ،2017 ،‬المسح الصحي العالمي لطلبة‬
‫المدارس (‪.GSHS)، 2016‬‬
‫‪ - 84‬خالل االثنتي عشر شهرا التي سبقت إنجاز البحث‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬وعلى الرغم من وجود استراتيجية وطنية لمكافحة اإلدمان وتسجيل المملكة لتقدم في هذا‬
‫الشأن مقارنة بدول المنطقة‪ ،‬فإن التدخالت ال ُمنَسَّ قة تظل ضعيفة والسياسات العمومية محدودة وغير كافية‬
‫حيث تهيمن عليها المقاربة الزجرية المرتكزة على إطار تشريعي متقادم وال يوفر الحماية‪ .‬وال يزال مفهوم‬
‫مكافحة اإلدمان متداخال بشكل كبير مع مكافحة المخدرات (علماً أن التصدي للمخدرات هو أمر ضروري‬
‫كاف لوحده)‪ .‬وتظل السلوكات اإلدمانية بدون استخدام مواد مخدرة (ألعاب الرهان‪ ،‬ألعاب الفيديو‪،‬‬‫لكنه غير ٍ‬
‫اإلدمان على األنترنت‪ ،‬هوس التسوق‪...‬إلخ) غير مشمولة بسياسات الوقاية والتكفل‪.‬‬
‫وتتوفر بالدنا على ‪ 18‬بنية فقط لعالج اإلدمان‪ ،‬مع وجود ‪ 15‬مركزًا للعالجات المتنقلة بما في ذلك ‪ 5‬مراكز‬
‫قادرة على توفير العالج البديل للمواد األفيونية (‪ )TSO‬و‪ 3‬مصالح لإليواء في المراكز االستشفائية الجامعية‬
‫بالرباط والدار البيضاء وفاس‪ .‬كما يسجل القطاع نقصاً في الموارد البشرية‪ ،‬حيث ال تتوفر سوى على ‪64‬‬
‫طبيبا عامًا أو طبيبًا نفسيًا مكونين في طب اإلدمان‪.‬‬
‫ويواجه مسار العالجات داخل مصالح طب اإلدمان الموزعة على العديد من مستويات بنيات التكفل (شبكة‬
‫مؤسسات العالجات الصحية األساسية ‪ ،))ESSB‬مراكز طب اإلدمان‪ ،‬مستشفيات جهوية‪ ،‬مراكز استشفائية‬
‫جامعية)‪ ،‬مجموعة من الصعوبات المتعلقة بالتكفل وإرجاع المصاريف من طرف هيئات التأمين عن المرض‬
‫(باستثناء الصندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي والصندوق الوطني للضمان االجتماعي)‪.85‬‬
‫ويعزى هذا األمر إلى غياب االعتراف الواضح باإلدمان بوصفه مرضاً على مستوى اإلطار القانوني للتغطية‬
‫ُصنَّف‬
‫الصحية األساسية‪ ،‬وعدم اإلشارة إلى أعمال التشخيص والعالج المتعلقة باضطرابات اإلدمان في «الم َ‬
‫العام لألعمال المهنية»‪ ،‬بشكل يتيح إمكانية إرجاع مصاريف االستشفاء من طرف هيئات التأمين والضمان‬
‫االجتماعي‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬يتسم قرار وزير الصحة رقم ‪ 2518.05‬الصادر في ‪ 5‬سبتمبر ‪ 2005‬بتحديد‬
‫قائمة األمراض الخطيرة واألمراض التي يترتب عنها عجز يتطلب عالجا طويل األمد أو باهظ الثمن‪،‬‬
‫بصياغة تقييدية وغير واضحة‪ ،‬بحيث يحصر التكفل فقط في حاالت «اضطرابات اإلدمان الخطيرة» في‬
‫إطار «االضطرابات الخطيرة للشخصية»‪ .‬وقد أشارت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي إلى أنه رغم أن‬
‫الصندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي والصندوق الوطني للضمان االجتماعي يتكلفان بإرجاع‬
‫المصاريف الطبية المرتبطة بعالج اضطراب اإلدمان‪ ،‬إال أن العديد من األعمال الطبية والعالجات ال تزال‬
‫غير مشمولة بهذا التعويض إلن التصنيف المعتمد حاليا لألعمال الطبية المهنية ال يحيل إليها أو ال يُدمج‬
‫التطورات الطبية التي يشهدها هذا التخصص وال الجيل الجديد لألدوية‪.‬‬

‫‪2.‬تطور التكفل باألمراض العقلية‬


‫في الماضي غالبا ما كان يؤدي الربط شبه الممنهج للصحة العقلية بالمرض العقلي في التمثالت االجتماعية‬
‫وفي السياسات العمومية‪ ،‬إلى اعتماد مقاربة «سلبية» للصحة العقلية‪ .‬لكن هذه المقاربة أضحت تتجه باطراد‬
‫نحو سياسة للصحة العقلية اإليجابية‪ ،‬مع التركيز على النهوض بالصحة العقلية والوقاية من االضطرابات‬
‫العقلية من خالل تعزيز البعد النفسي لدى األفراد وقدرتهم على الصمود والتأقلم وحسن التعامل مع وضعيات‬
‫اإلجهاد‪ ،‬والتحكم في انفعاالتهم وسلوكياتهم بشكل أفضل منذ سن مبكرة‪ .‬وبالتالي فإن مفهوم الصحة العقلية‬
‫اإليجابية يحث على العمل‪ ،‬بشكل فردي وجماعي‪ ،‬طيلة أطوار الحياة (الجنين‪ ،‬الطفولة المبكرة‪ ،‬الطفولة‪،‬‬
‫المراهقة‪ ،‬الشباب‪ ،‬الشيخوخة)‪ ،‬على االنتباه إلى مختلف العوامل التي من شأنها أن تُحسن الصحة العقلية‬
‫أو أن تضر بها‪.‬‬

‫‪ - 85‬في جوابه على طلب المعلومات الذي وجهه إليه المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬ذكر الصندوق التعاضدي المهني المغربي (‪ )CMIM‬أنه «ال‬
‫يقوم بالتعويض عن تكاليف العالج طويل األمد واالستشفاء المتعلق باإلدمان»‪ .‬أما الجامعة المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين‪ ،‬فقد صرحت من جانبها‬
‫أنه «بالنظر لكون اإلدمان ناجم عن سلوك إرادي يقوم به ال ُم َؤ َّمن‪ ،‬فإنه غير مشمول بعقود التأمين الصحي»‬

‫‪30‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫وهكذا تفرعت عن طب األمراض العقلية والنفسية العديد من التخصصات كالطب النفسي لألطفال‪ ،‬والطب‬
‫النفسي للمسنين‪ ،‬والطب النفسي الشرعي‪ ،‬والطب النفسي متعدد الثقافات‪ ،‬وعلم اإلدمان‪ .‬كما تطورت‬
‫بالموازاة معها تخصصات أخرى غير طبية مثل علم النفس السريري وعلم النفس االجتماعي والعالج‬
‫المهني وعالج صعوبات النطق‪ ،‬كما بات الطب النفسي يلجأ بشكل متزايد إلى مهنيين آخرين من قبيل‬
‫المساعدين(ات) االجتماعيين المتخصصين‪ ،‬والمكلفين باإلنصات في مراكز االتصال‪ ،‬و»المساعدين النظراء»‬
‫(مرضى سابقون تماثلوا للشفاء وتم تكوينهم في مجال مواكبة األشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية‪.‬‬
‫إذ يضطلعون بدور متزايد األهمية في برامج التكفل والوقاية)‪.‬‬
‫ويتمثل الهدف األساسي من هذه المقاربة اإليجابية في الحفاظ على الرصيد الصحي‪ ،‬والوقاية من األمراض‬
‫وتعزيز الصحة الجيدة‪ ،‬الجسدية منها والعقلية‪.‬‬
‫ويساهم التقدم الكبير الذي تم إحرازه بفضل البحث العلمي في مختلف المجاالت كعلوم األعصاب‪ ،‬والمنظومة‬
‫الدوائية‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬والبحوث النفسية االجتماعية‪ ،‬واألنثروبولوجيا‪ ،‬وغيرها‪ ،‬في إرساء فهم وتكفل‬
‫ال عن الوعي بالطابع البيولوجي والنفسي واالجتماعي لألمراض العقلية‪.‬‬
‫أفضل باالضطرابات العقلية‪ ،‬فض ً‬
‫لقد تم التخلي عن العالجات الجراحية أو الكيماوية أو الكهربائية القديمة التي كانت قاسية وغير فعالة‪.86‬‬
‫ولم يعد من المقبول التحدث عن معازل أو مشافي المجانين‪ .87‬وعالوة على ذلك‪ ،‬تم حذف «األمراض» التي‬
‫جرى تصنيفها سابقا بناء على اعتبارات أخالقية أو ثقافية‪ ،‬من التصنيفات الرسمية لألمراض واالضطرابات‬
‫العقلية‪.88‬‬
‫وهكذا فإن طب األمراض العقلية الحديث يشهد تطوراً ملحوظاً في طرق التدخل وتعريف األمراض‪ ،‬حيث‬
‫انتقل من تخصص بيولوجي‪-‬طبي إلى تخصص بيولوجي‪-‬طبي‪-‬نفسي‪-‬اجتماعي‪ ،‬مما يعني من الناحية‬
‫العملية أن عملية التكفل باألمراض العقلية لم تعد حكراً فقط على المؤسسات االستشفائية‪ ،89‬وأن التكفل‬
‫بات يلجأ بشكل متزايد إلى رعاية المرضى خارج المستشفيات‪ ،‬وأن التكفل أصبح يتم عبر العديد من طرق‬
‫العالج الفعالة‪ ،‬وأنه بات يحتاج إلى دعم من قبل مجموعة من المهنيين والمؤسسات غير الطبية من أجل‬
‫مواكبة المصابين باضطرابات نفسية خالل مسار إعادة إدماجهم‪.‬‬
‫وقد كشفت مختلف جلسات اإلنصات التي عقدها المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي مع المهنيين‬
‫والمؤسسات المعنية عن وجود توجه نحو اعتماد هذه المقاربة متعددة التخصصات والمتكاملة للتكفل‬
‫باألمراض العقلية والتي تجمع بين العالجات الدوائية الحديثة والعالجات النفسية‪.‬‬

‫‪ - 86‬رغم أن عملية فصل فص المخ الجبهي لعالج بعض األمراض النفسية والعصبية اشتهرت في منتصف القرن العشرين ونال صاحبها الدكتور البرتغالي‬
‫إيغاس مونيز جائزة نوبل في الطب سنة ‪ ،1949‬فإنها أصحبت تعتبر اليوم ممارسة طبية قاسية وخطيرة‪ ،‬وذات فعالية غير مثبتة‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬شهدت‬
‫العالجات بالصدمات الكهربائية أو العالج بالتخليج الكهربائي تطورات عميقة وباتت اليوم ال توصف إال لحاالت بعينها‪ .‬كما أن مضادات الذهان من الجيل‬
‫األول‪ ،‬التي كان بعض جزيئاتها يسمى «فصل المخ الجبهي الكيماوي» أو «القميص القسري الكيماوي»‪ ،‬أصبح يتم استبدالها‪ ،‬بشكل متزايد‪ ،‬بجزيئات جديدة‪.‬‬
‫وفي المغرب‪ ،‬يبدو أن المرضى ال يستطيعون بعد الحصول على األجيال الجديدة من مضادات الذهان (جلسة اإلنصات لجمعيات األطباء النفسين‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 29‬شتنبر ‪.)2011‬‬
‫‪87 - Ghita El Khayat, Une psychiatrie moderne pour le Maghreb, Paris, L’Harmattan, 1994 ; Ghita El Khayat, La Folie, El Hank -‬‬
‫‪Casablanca, Casablanca, EDDIF, 2000 ; Ervin Goffman, Asiles. Études sur la condition sociale des malades mentaux et autres‬‬
‫; ‪reclus, trad. de Liliane et Claude Lainé, Éditions de Minuit, Paris, 1979‬‬
‫‪Michel Foucault, Histoire de la folie à l’âge classique, Gallimard, 1972.‬‬
‫‪ - 88‬لم تعد الهستيريا بالمفهوم الفرويدي معتمدة في التصنيفات الدولية لألمراض العقلية‪ ،‬كما تم سحب المثلية الجنسية (سنة ‪ )1990‬والتحول الجنسي‬
‫(سنة ‪ )2019‬من هذه التصنيفات‪.‬‬
‫‪ - 89‬تهدف وزارة الصحة إلى دمج عالج الصحة العقلية على مستوى المستشفيات العامة ومؤسسات الرعاية الصحية األولية‪ ،‬وتطوير البنيات الوسيطة‪،‬‬
‫وتحديد مدة االستشفاء في مدة معينة‪ ،‬وتعزيز العالجات الخارجية (جلسة إنصات مع وزارة الصحة بتاريخ فاتح شتنبر ‪.)2021‬‬

‫‪31‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪3.‬الطرق التقليدية لعالج األمراض العقلية بالمغرب‬


‫تعرف منظمة الصحة العالمية الطب التقليدي بوصفه «حصيلة مجمل المعارف والمهارات والممارسات‬
‫القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات المتأصلة في مختلف الثقافات‪ ،‬سواء كانت قابلة للشرح‬
‫والتفسير أم ال‪ ،‬وتستعمل في صيانة الصحة‪ ،‬وفي الوقاية من االعتالل البدني والنفسي‪ ،‬وتشخيصه‪ ،‬وتخفيفه‬
‫ومعالجته»‪ .90‬وتشجع المنظمة الدول األعضاء على « استغالل المساهمة المحتملة للطب التقليدي والتكميلي‬
‫في تحقيق الصحة والعافية‪ ،‬وفي الرعاية الصحية التي تركز على اإلنسان‪ ،‬وفي تعزيز االستعمال المأمون‬
‫والفعال للطب التقليدي والتكميلي»‪.‬‬
‫في المغرب‪ ،‬يتشكل الطب التقليدي من جملة من المعارف والممارسات والمهارات‪ ،‬التي تعتبر نتاج قرون من‬
‫المالحظة والتجريب المباشر‪ ،‬مع بقايا العلوم الطبية القديمة وبعض الممارسات الدينية (الرقية الشرعية)‬
‫والطقوس غير العقالنية ‪ :‬نظريات المزاج‪ ،‬والطبائع‪ ،‬واألحوال المقابلة لألخالط األربعة وهي السوداء والبلغم‬
‫والدم والصفراء والتي يحدد توازنها الحالة الصحية لإلنسان‪ ،‬صراع األضداد‪ ،‬فضال عن زيارة المواسم‬
‫واألضرحة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬إن هذه المعرفة العالجية‪ ،‬التي تنتقل أساسا بشكل شفهي‪ ،‬داخل بعض العائالت‬
‫أو المجتمعات المحلية (مثل فوائد بعض النباتات الطبية)‪ ،‬أو من المْعلم إلى المتْعلم‪ ،‬توفر عالجات لمجموعة‬
‫واسعة من االضطرابات‪ ،‬وذلك باستخدام كل من المنتجات النباتية (النباتات والجذور واألعشاب ‪،) ...‬‬
‫والحيوانات (الدم ‪ ،‬البيض ‪ ،‬مشتقات الحليب (السمن) ‪ ، )...‬المعادن (الملح‪ ،‬الحديد‪ ،‬النحاس ‪ ،‬الشبة‪)...‬‬
‫وعناصر مثل (النار‪ ،‬الماء‪ )...‬وتوظيف معين لرموز نابعة من معارف تقليدية مثل علم األوفاق والتنجيم‪.91‬‬
‫وفي ما يتعلق بالمرض العقلي‪ ،‬فإن العالجات التقليدية كثيرة ومتنوعة‪ ،92‬بعضها غير ضار‪ ،‬بل قد يكون مفيدا‬
‫في بعض الحاالت‪ ،‬والبعض اآلخر قد يكون خطيرا أو غير إنساني أو حاطا من الكرامة‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وكشف بحث حول القيم والممارسات الدينية بالمغرب‪ 93‬عن وجود استعداد قبلي لدى المستجوبين‪،‬‬
‫يمكنه في ظروف معينة وبتضافر عوامل أخرى‪ ،‬أن يؤدي بهم إلى اللجوء إلى طرق العالج التقليدية في‬
‫مواجهة االضطراب العقلي‪ .‬كما يمكن أن يتقوى هذا االستعداد القبلي بسبب ظهور بعض االضطرابات‬
‫العقلية‪ ،‬وتواترها‪ ،‬وانعدام األمل في العالج الكامل والنهائي منها‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذه المعتقدات‬
‫موجودة بنفس القدر لدى مختلف فئات المجتمع‪ ،‬كما كشف البحث المشار إليه عن نسب متقاربة جدا في‬
‫اآلراء حول الموضوع بين الرجال والنساء‪ ،94‬وبين ساكنة الوسط الحضري والقروي‪.95‬‬

‫‪ - 90‬استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب التقليدي (الشعبي) ‪2014-2023‬‬


‫‪https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/92455/9789246506095_ara.pdf?sequence=8&isAllowed=y‬‬
‫‪91 - Jamal Bellakhdar, Contribution à l’étude de la pharmacopée traditionnelle au Maroc : la situation actuelle, les produits,‬‬
‫‪les sources du savoir. Enquête ethnopharmacologique de terrain réalisée de 1969 à 1992, Thèse de Doctorat en Science de la‬‬
‫‪Vie, Université de Metz, 1997.‬‬
‫‪92 - Radia El Barkaoui, Le traitement de la maladie mentale par la médecine traditionnelle au Maroc : rituels et pouvoir de‬‬
‫‪guérison, Thèse de Doctorat de l’Université de Lyon, 2020‬‬
‫‪93 - Mohamed Tozy et al., L’Islam au quotidien. Enquête sur les valeurs et les pratiques religieuses au Maroc, Casablanca, La‬‬
‫‪Croisée des Chemins, 2013.‬‬
‫‪94 - Croyances aux : Djinns (86,5% femmes et 85% hommes) ; Magie (87,7% femmes et 83,9% hommes ; Mauvais œil (93,1%‬‬
‫‪femmes et 83,9 % hommes) ; Voyance (41,9% femmes et 32,9% hommes) ; Saints (40,1% femmes et 24,1% hommes).‬‬
‫‪95 - Croyances aux : Djinns (87,5% rural et 83,8 urbain) ; Magie (89,6% rural et 81,5% urbain) ; Mauvais œil (93,5% rural et 87,9%‬‬
‫‪urbain) ; Voyance (50% rural et 23% urbain) ; Saints (40,6% rural et 23% urbain).‬‬

‫‪32‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫بشكل عام‪ ،‬ترتكز بعض طرق العالج التقليدية إلى مجموعة من المعتقدات التي يمكن أن تكون مفيدة‬
‫وينبغي أخذها بعين االعتبار في عملية التكفل بالمصابين باألمراض العقلية‪ .‬في المقابل ثمة طرق أخرى‬
‫قد تمس بسالمة الشخص المعني وكرامته اإلنسانية لذا وجبت محاربتها‪.‬‬
‫من جانب آخر‪ ،‬ال ينبغي لهذا االستعداد الثقافي للساكنة للجوء إلى األساليب التقليدية في العالج أن‬
‫يحجب عنا حقيقة مهمة مفادها أن الصعوبات المادية في الولوج إلى عرض العالج بالطرق الحديثة تدفع‬
‫الكثير من الناس إلى العدول عن العالج‪ 96‬أو إلى اللجوء إلى طرق العالج التقليدية‪ .‬وهو توجه تكرسه‬
‫ظاهرة الوصم االجتماعي للمرض العقلي‪.‬‬

‫‪4.‬العرض المتوفر في مجال العالجات النفسية‬


‫في سنة ‪ ،2013‬أصدر المجلس الوطني لحقوق اإلنسان تقريرا حول الصحة العقلية وحقوق اإلنسان في‬
‫المغرب‪ .97‬وتمثل الهدف من هذا العمل في إبراز الروابط القائمة بين الصحة العقلية وحقوق اإلنسان وفي‬
‫تسليط الضوء على وضعية مؤسسات عالج األمراض العقلية‪ .‬وأشار التقرير‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬إلى الطابع‬
‫المتقادم للنصوص التشريعية المؤطرة لهذا المجال‪ ،‬وما يعتري بنيات التكفل الموجودة من أوجه خصاص‪،‬‬
‫باإلضافة إلى النقص الحاد في الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية المختصة‪.‬‬
‫ورغم جهود وزارة الصحة‪ ،‬من أجل تطوير عرض العالجات العقلية‪ ،‬إال أن هذا العرض ال يزال ضعيفا بشكل‬
‫عام سواء على مستوى الموارد البشرية المؤهلة أو على مستوى البنيات التحتية والطاقة االستيعابية‪ .‬وتشير‬
‫المعطيات التي قدمها المرصد الجهوي للصحة بجهة طنجة‪-‬تطوان‪ -‬الحسيمة خالل جلسة اإلنصات التي‬
‫نظمت معه‪ ،98‬إلى أن متوسط معدل اإليواء بالمؤسسات االستشفائية في ما يتعلق باألمراض العقلية يبلغ ‪115‬‬
‫في المائة‪ ،‬مع تسجيل رقم قياسي على مستوى عمالة طنجة‪-‬أصيلة يبلغ ‪ 197‬في المائة‪.‬‬
‫وال تتجاوز الطاقة االستيعابية الوطنية من األ َِسرَّة (القطاع العمومي والقطاع الخاص والطب العسكري) ‪2431‬‬
‫سريراً‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 6.2‬سريراً لكل ‪ 100.000‬نسمة‪ ،‬موزعة على ‪ 36‬مستشفى لألمراض العقلية‪ ،‬و‪25‬‬
‫مصلحة لألمراض العقلية داخل المستشفيات العمومية‪ ،‬وقسمين للطب النفسي لألطفال‪ ،‬و ‪ 18‬مركزًا لطب‬
‫اإلدمان (ثالثة منها مصالح استشفائية)‪.‬‬
‫األسرَّ ة لكل ‪ 100.000‬نسمة‬
‫جدول مقارن للطاقة االستيعابية من ِ‬

‫منطقة‬
‫منطقة‬ ‫منطقة‬
‫غرب‬ ‫المنطقة‬ ‫المنطقة‬ ‫المنطقة‬ ‫المجموع‬
‫جنوب‬ ‫شرق البحر‬ ‫المغرب‬
‫المحيط‬ ‫األوروبية‬ ‫األمريكية‬ ‫اإلفريقية‬ ‫العالمي‬
‫شرق آسيا‬ ‫المتوسط‬
‫الهادئ‬
‫‪17.2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪62.7‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪13.6‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪14.5‬‬ ‫‪6.2‬‬

‫‪ - 96‬تتداول وسائل اإلعالم غير ما مرة العديد من الحاالت التي يقال إن أصحابها تعرضوا لالحتجاز في المنزل بسبب إصابتهم بأمراض عقلية‬
‫انظر بعض األمثلة‪:‬‬
‫‪https://www.maghress.com/fr/marochebdo/37529‬‬
‫‪https ://www.bladi.net/malade-mental-sequestration-maroc.html‬‬ ‫‪https://fr.le360.ma/societe/sequestre-par-sa-famille-a-‬‬
‫‪cause-de-sa-maladie-10431‬‬
‫‪ - 97‬الصحة العقلية وحقوق اإلنسان ‪ :‬الحاجة الملحة إلى سياسة جديدة‪ ،‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪2013 ،‬‬
‫‪http://cndh.ma/sites/default/files/lsh_lqly-_ltqryr_lkml_0.pdf‬‬
‫‪ - 98‬جلسة إنصات مع المرصد الجهوي للصحة بجهة طنجة‪-‬تطوان‪ -‬الحسيمة‪ ،‬منظمة بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪2021‬‬

‫‪33‬‬
‫جدول مقارن للموارد البشرية‬

‫‪100‬‬ ‫‪99‬‬
‫عدد المهنيين لكل ‪ 100.000‬نسمة‬ ‫أعداد العاملين (المغرب)‬

‫منطقة غرب‬ ‫منطقة‬ ‫منطقة‬ ‫المهن‬


‫المنطقة‬ ‫المنطقة‬ ‫المنطقة‬ ‫المجموع‬ ‫اإلجمالي‬ ‫القطاع‬ ‫الطب‬ ‫القطاع‬
‫المحيط‬ ‫جنوب‬ ‫شرق البحر‬ ‫المغرب‬
‫األوروبية‬ ‫اإلفريقية‬ ‫األمريكية‬ ‫العالمي‬ ‫الوطني‬ ‫الخاص‬ ‫العسكري‬ ‫العام‬
‫الهادئ‬ ‫شرق آسيا‬ ‫المتوسط‬
‫طبيب متخصص في‬
‫‪1‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪1.12‬‬ ‫‪1.23‬‬ ‫‪428‬‬ ‫‪188‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪222‬‬ ‫األمراض العقلية‬
‫طبيب نفسـي‬
‫‪0.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0.07‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪16‬‬ ‫مختصـ في األطفـال‬
‫متخصص في‬
‫‪0.7‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0.61‬‬ ‫‪214‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪14‬‬ ‫علم النفس‬
‫طبيب مختص في‬
‫‪64‬‬ ‫‪--‬‬ ‫‪--‬‬ ‫‪64‬‬ ‫العالج من اإلدمان‬
‫ممرض الصحة‬
‫‪5.3‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪25.2‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3.83‬‬ ‫‪1335‬‬ ‫‪--‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪1301‬‬ ‫العقلية‬
‫مختص في‬
‫‪0.008‬‬ ‫‪0.04‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.001‬‬ ‫‪0.02‬‬ ‫‪0.01‬‬ ‫‪0.02‬‬ ‫‪0.57‬‬ ‫‪--‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪168‬‬ ‫تقويم النطق‬
‫مختص في العالج‬
‫‪--‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪22‬‬ ‫النفسي الحركي‬

‫‪0.7‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪--‬‬ ‫‪--‬‬ ‫‪12‬‬ ‫مساعد اجتماعي‬

‫‪0.008‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0.004‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0.02‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪25‬‬ ‫معالج وظيفي‬

‫المجموع‬
‫‪398‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪1844‬‬ ‫على المستوى‬
‫الوطني‬

‫‪34‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪ - 99‬معطيات تم التوصل بها من لدن وزارة الصحة بتاريخ ‪ 1‬شتنبر ‪2021‬‬


‫‪100 - OMS, Menthal Health Atlas, 2020.‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫يذكر أن بنيات التكفل «الوسيطة» بمفهومها الواسع‪ ،‬من قبيل مراكز إعادة التأهيل النفسي واالجتماعي‬
‫التي تشرف على تدبيرها الجمعيات‪ ،‬ال تزال‪ ،‬رغم اضطالعها بدور مهم في التكفل بالمرضى بعد استقرار‬
‫وضعهم طبيا‪ ،‬غير مشمولة بإحصائيات وزارة الصحة والحماية االجتماعية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪IV.‬االنتحار ومحاوالت االنتحار بشكل عام وفي المغرب‬

‫تعتبر منظمة الصحة العالمية االنتحار من أولويات الصحة العمومية‪ .‬ويهدف أول تقرير عالمي نشرته هذه‬
‫المنظمة سنة ‪ 2014‬حول االنتحار بعنوان «منع االنتحار‪ :‬ضرورة عالمية»‪ ،101‬إلى التحسيس بأهمية االنكباب‬
‫على موضوع االنتحار ومحاوالت اإلقدام عليه من منظور الصحة العمومية‪ ،‬وإلى جعل الوقاية من االنتحار‬
‫أولوية قصوى ضمن المبادرات العالمية ذات الصلة‪ .‬ويهدف التقرير أيضا إلى مساعدة البلدان في بلورة أو‬
‫تعزيز استراتيجياتها للوقاية من االنتحار في إطار مقاربة متعددة القطاعات للصحة العمومية‪.‬‬
‫وقد التزمت الدول األعضاء في المنظمة بموجب خطة عمل منظمة الصحة العالمية للصحة النفسية ‪2013-‬‬
‫‪ 102 2030‬بالعمل من أجل تحقيق الهدف العالمي المتعلق بخفض معدل االنتحار في البلدان بمقدار الثلث‬
‫بحلول عام ‪.2030‬‬

‫‪1.‬تعريف االنتحار ومحاولة االنتحار‬


‫تشير منظمة الصحة العالمية أنه أثناء عملية إعداد تقريرها حول الموضوع‪ ،103‬جرت نقاشات متعددة حول‬
‫تعريف "االنتحار" و "محاولة االنتحار"‪ .‬لذا‪ ،‬فإن المنظمة تشدد على أنها ال تدعي تقديم تعريف «رسمي»‪،‬‬
‫وهي تعتبر أن االنتحار هو «القتل العمد للنفس»‪ ،‬كما «يستخدم تعبير محاولة االنتحار ليعني أي سلوك‬
‫انتحاري غير قاتل‪ ،‬ويشير إلى تناول الشخص للسم عمد ًا أو اإلصابة أو إيذاء النفس الذي قد يكون أو ال‬
‫يكون له نية أو نتيجة قاتلة»‪ .‬ويشير التقرير مع ذلك إلى أنه « يصعب تقييم نية االنتحار حيث إنها قد تكون‬
‫محاطة بالتناقض أو حتى اإلخفاء»‪.‬‬
‫وفي العديد من األنظمة القانونية‪ ،‬يتم اإلقرار بأن الوفاة ناتجة عن انتحار‪ ،‬إذا كانت ظروف ومالبسات الوفاة‬
‫متطابقة مع فعل االنتحار‪ ،‬وإذا ما تم استبعاد حاالت القتل والوفاة العرضية واألسباب الطبيعية‪.104‬‬
‫وبالنظر لتنوع العناصر التي يجب تقييمها من أجل اعتبار حالة وفاة انتحاراً‪ ،‬فإن المعطيات المتعلقة بسلوك‬
‫االنتحار هي «نتاج مجموعة من مصادر المعلومات‪ ،‬تشمل األشخاص الذين يكتشفون الجثة (غالبًا أفراد‬
‫األسرة) واألطباء والشرطة‪ ،‬واألطباء الشرعيون وخبراء اإلحصائيات»‪.105‬‬
‫«تشكل معرفة أسباب الوفيات ركيزة أساسية لوضع السياسات واالستراتيجيات والبرامج الخاصة بالصحة‬
‫العمومية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مصداقية اإلحصائيات المتعلقة بالوفيات تعتمد على جودة المعطيات التي يتم‬
‫جمعها وعلى جودة األنظمة الموضوعة لجمع المعلومات ارتكازاً على عنصري التصديق وترميز األسباب‬
‫الطبية للوفاة»‪.106‬‬

‫‪101 - OMS, Prévention du suicide : l’état d’urgence mondial,‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪https://apps.who.int/iris/bitstream/‬‬
‫‪handle/10665/131801/9789242564778_fre.pdf?sequence=1&isAllowed=y‬‬
‫_‪102 - OMS, Plan d’action de l’OMS pour la santé mentale 2013-2020, 2012 : https://www.who.int/mental_health/mhgap/mental‬‬
‫‪health_action_plan_FR_27_08_2012.pdf‬‬
‫‪ - 103‬منظمة الصحة العالمية‪« :‬الوقاية من االنتحار‪ :‬ضرورة عالمية»‪.2014 ،‬‬
‫‪104 - Observatoire national du suicide. 1er rapport 2014‬‬
‫‪105 - OMS, La prévention du suicide, 2002.‬‬
‫‪106 - Guide de la certification des causes médicales de décès – Ministère chargé de la Santé‬‬

‫‪36‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫وفي المغرب‪ ،‬يُدعم التصريح بالوفاة بشهادة معاينة مسلمة من طرف الطبيب أو الممرض التابع للصحة‬
‫العمومية‪ ،‬وإذا تعذر ذلك‪ ،‬بشهادة معاينة مسلمة من طرف ممثل السلطة المختصة‪ .107‬وفي إطار تحسين‬
‫الخدمات المتعلقة بتسجيل أسباب الوفيات‪ ،‬وضعت وزارة الداخلية ووزارة الصحة والحماية االجتماعية‬
‫استمارات جديدة‪ ،‬كما تم تكوين مجموعة من األطباء على مستوى جماعة الرباط‪ .‬كما يجدر التذكير بأن‬
‫ال للمرسوم التطبيقي للقانون رقم ‪ 37.99‬المتعلق بالحالة المدنية هو حاليا قيد مسطرة اإلعداد‬ ‫تعدي ً‬
‫والمصادقة‪ ،‬وذلك بما يمكن من جعل شهادات الوفاة تصدر حصريًا من طرف أطباء أو ممرضين‪ ،‬والذين‬
‫يتعين أن يحرصوا على التحديد الدقيق لسبب الوفاة‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪2.‬االنتحار ومحاوالت االنتحار في أرقام‬
‫قُدر عدد حاالت االنتحار سنة ‪ 2019‬في جميع أنحاء العالم بـ ‪ 703.000‬شخص‪ ،‬أي بمعدل ‪ 9‬أشخاص من‬
‫بين ‪ 100.000‬نسمة (‪ 12.6‬رجل من كل ‪ 100.000‬رجل‪ ،‬و‪ 5.4‬امرأة من كل ‪ 100.000‬امرأة)‪.‬‬
‫ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية‪ ،‬جاء االنتحار في الرتبة ‪ 13‬من بين أسباب الوفيات في جميع أنحاء العالم‪،‬‬
‫لدى مختلف الفئات العمرية‪ ،‬كما يعتبر خامس أكثر أسباب الوفيات شيوعً ا في صفوف المراهقين الذين‬
‫تتراوح أعمارهم بين ‪ 10‬و‪ 19‬سنة‪ .‬ويعتبر االنتحار رابع سبب رئيسي لوفيات الذكور الذين تتراوح أعمارهم‬
‫بين ‪ 15‬و‪ 19‬سنة‪ ،‬بعد حوادث السير والسل والعنف بين األشخاص‪ ،‬كما يعد ثالث سبب لوفيات الفتيات‬
‫اللواتي تتراوح أعمارهن بين ‪ 15‬و‪ 19‬سنة‪ .109‬وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية‪ ،‬فإن ‪ 45800‬مراهق‬
‫ينتحرون سنوياً‪ ،‬أي ما يمثل أكثر من شخص واحد كل ‪ 11‬دقيقة‪.‬‬
‫وعادة ما تقابل كل حالة انتحار حاالت أخرى عديدة من محاوالت االنتحار‪ .‬وتقدر محاوالت االنتحار بما‬
‫بين ‪ 10‬و‪ 20‬مليون محاولة سنوياً في جميع أنحاء العالم‪ .‬وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية‪ ،110‬فقد‬
‫سُ جلت في ‪ ،2019‬ما مجموعه ‪ 2617‬حالة انتحار في المغرب‪ ،‬منها ‪ 865‬حالة في صفوف النساء و‪ 1752‬حالة‬
‫وسط الرجال‪ ،‬وهو ما يجعل معدل انتشار االنتحار يبلغ نحو ‪ 7.2‬لكل ‪ 100.000‬نسمة‪.‬‬
‫أيضا إلى أن جودة المعطيات المتوفرة عن المغرب تصنف في المستوى ‪ ،4‬أي أنها تعتبر أدنى‬‫وتجدر اإلشارة ً‬
‫مستوى على مقياس من ‪ 1‬إلى ‪ 4‬درجات‪ ،‬تم اعتماده في التقرير السالف الذكر‪.111‬‬
‫وال شك أن المعطيات المتوفرة قد ال تعكس الحجم الحقيقي للظاهرة بالنظر إلى الطابوهات التي ال تزال‬
‫تحيط باالنتحار في العديد من الثقافات‪ ،‬والتي ليس المغرب بمعزل عنها‪ .‬وغالبًا ما يتم إدراج بعض حاالت‬
‫االنتحار ضمن الحوادث المنزلية أو غيرها من أنواع الحوادث‪.112‬‬

‫‪ - 107‬المادة ‪ 32‬من المرسوم رقم ‪ 2.99.665‬الصادر في ‪ 9‬اكتوبر ‪ 2002‬بتطبيق القانون رقم ‪ 37.99‬المتعلق بالحالة المدنية‬
‫‪108 - https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/suicide‬‬
‫‪109 - UNICEF, La situation des enfants dans le monde 2021. Dans ma tête : Promouvoir, protéger et prendre en charge la santé‬‬
‫‪mentale des enfants, 2021 : https://www.unicef.org/fr/rapports/situation-enfants-dans-le-monde-2021‬‬
‫‪110 - Suicide worldwide in 2020: Global health estimates‬‬
‫‪ - 111‬المعطيات الخاصة بتسجيل الوفيات غير متوفرة أو غير قابلة لالستخدام بالنظر إلشكاالت ترتبط بجودة هذه البيانات‪ .‬يجب تأويل تقدير عدد‬
‫الوفيات حسب سبب الوفاة بحذر‪ .‬يمكن الرجوع إلى هذه التقديرات من أجل تسطير األولويات‪ ،‬غير أنها لن تكون في الغالب مفيدة لتقييم السياسات أو‬
‫المقارنات بين الدول‪ .‬انظر ‪:‬‬
‫‪https://www.who.int/healthinfo/global_burden_disease/GlobalCOD_method_2000-2016.pdf‬‬
‫‪ - 112‬جلسة إنصات عقدت مع السيدة بيغديلي (‪ ،)Bigdelli‬ممثلة منظمة الصحة العالمية بالمغرب‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وتتسم الدراسات المتعلقة بانتشار حاالت العود في محاوالت االنتحار بالمغرب بندرتها‪ ،‬كما أنها ال تهم سوى‬
‫مجموعات محدودة‪ .‬وحسب دراسة أجريت في جهة فاس على عينة من نزالء المؤسسات االستشفائية‪ ،‬فقد‬
‫بلغ معدل حاالت العود ‪ 15‬في المائة‪.113‬‬

‫ال يتوفر المغرب على سجل وطني مركزي لحاالت االنتحار‪ ،‬حيث تستند وزارة الصحة والحماية االجتماعية‬
‫التي تم اإلنصات إليها في هذا الشأن على األرقام التي نشرتها منظمة الصحة العالمية‪.‬‬
‫وفي ظل الوضعية الحالية لنظام المعلومات والتصديق على أسباب الوفاة‪ ،‬فإن معدالت الوفيات الخام هي‬
‫وحدها التي تتسم بدقتها‪ .‬بالمقابل‪ ،‬تظل المعطيات المتعلقة باألمراض المصاحبة واألسباب المرضية‬
‫للوفيات (االكتئاب‪ ،‬واضطرابات القلق‪ ،‬والسكري‪ ،‬وأمراض القلب والشرايين‪ ،‬والسرطان‪ ،‬وفيروس كوفيد‬
‫‪ ،19‬وما إلى ذلك) على المستوى الوطني تقريبية للغاية وال يمكن تتبعها بشكل دقيق‪ .‬ومن المؤكد أن‬
‫المسطرة الجديدة لتسجيل الوفيات‪ ،‬التي اعتمدتها وزارة الداخلية في جماعة الرباط‪ ،‬والتي لم يتم‬
‫تعميمها بعد‪ ،‬ستمكن من تحسين جودة المعطيات ذات الصلة‪.‬‬

‫‪3.‬حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار في المؤسسات السجنية‬


‫تفيد المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج أن الدراسات الدولية تكشف أن معدالت االنتحار والمس‬
‫بالسالمة الجسدية في أماكن االعتقال هي أعلى من المعدالت المسجلة وسط عموم السكان‪ .‬وفي المغرب‪،‬‬
‫يظل عدد حاالت االنتحار في المؤسسات السجنية محدوداً بشكل عام‪ ،114‬لكن محاوالت االنتحار والمس‬
‫خاصا»‪.115‬‬
‫ً‬ ‫بالسالمة الجسدية تعتبر إشكالية توليها المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج اهتمامًا‬

‫‪4.‬األسباب المؤدية لالنتحار‬


‫«االنتحار ظاهرة معقدة تتحدد معالمها عبر تفاعل عدة عوامل‪ .‬إذ يشكل فيها الفرد وماضيه ومحيطه‬
‫المباشر وبيئته االجتماعية سلسلة يكاد يكون من المستحيل تفكيك عناصرها»‪.116‬‬
‫ومن المؤكد أن االنتحار يمكن أن يكون نتاج تطور أمراض عقلية معينة مثل حاالت االكتئاب الشديد أو‬
‫الفصام‪ ،‬أو رد فعل لصدمة نفسية مؤلمة للغاية ال يمكن تحملها‪ ،‬لكن من المؤكد أيضاً أنه مرتبط بتضافر‬
‫جملة من العوامل االجتماعية التي يحتمل أن تكون غير مواتية لتحقيق رفاهية األفراد‪.‬‬
‫إن مسببات االنتحار متعددة‪ .‬وهي مرتبطة بالهشاشة‪ ،‬ومعدل البطالة‪ ،‬وعدم قدرة المرء على تحقيق مشروع‬
‫حياته‪ ،‬والطابوهات والمحظورات التي تحيط بالجنس والعالقات الجنسية خارج الزواج والعنف بكل أشكاله‬
‫ال سيما في حق المرأة والقاصرين‪ ،‬وغياب الدعم المجتمعي أو الدعم االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬إلخ‪ .‬من‬
‫هذا المنطلق‪ ،‬يتعين العمل على الرصد الميداني للعوامل االجتماعية واالقتصادية والثقافية التي تؤدي إلى‬
‫االنتحار‪ ،‬وتكثيف جهود التوعية والتحسيس‪ ،‬على اعتبار أن محاولة االنتحار تعد عامال حاسما في اإلقدام‬

‫‪113 - Chadya Aarab, Fatima Elghazouani, Rachid Aalouane,et Ismail Rammouz : Suivi prospectif sur 5 ans des tentatives de‬‬
‫‪suicide en population clinique dans la région de Fès, Maroc‬‬
‫‪Pan Afr Med J. 2014; 18: 321.‬‬
‫‪ - 114‬انظر ضمن مالحق التقرير الجدول المخصص لحاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار في المؤسسات السجنية‬
‫‪ - 115‬المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‪ :‬خطوط توجيهية ودليل المساطر‪ :‬الوقاية من االنتحار ومحاوالت االنتحار والمس بالسالمة الجسدية‬
‫لنزالء المؤسسات السجنية‪.‬‬
‫‪116 - Ministère de la Santé et des Services Sociaux, Gouvernement du Québec, «S’entraider pour la Vie» Stratégie québécoise‬‬
‫‪d’action face au suicide, 1998, Canada.‬‬
‫‪38‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫الفعلي على االنتحار‪.117‬‬


‫ويبدو أن خطر االنتحار يكون أعلى في حالة العزلة‪ ،‬وعندما يكون الدعم االجتماعي واألسري ضعيفًا أو‬
‫منعدماً‪ ،‬وهو الوضع الذي أصبح يعيشه المزيد من األشخاص المسنين‪.‬‬
‫وحسب المصلحة المركزية للشرطة القضائية التابعة للدرك الملكي‪ ،‬فمن بين ‪ 4553‬حالة انتحار ومحاولة‬
‫انتحار تم تسجيلها بين سنتي ‪ 2017‬و‪( 2021‬في الوسط القروي) ‪:‬‬
‫ ‪ 2052-‬شخصاً كانوا مصابين باضطرابات نفسية (‪ 44.93‬في المائة)؛‬
‫ ‪ 1306-‬أشخاص كانوا يعانون من مشاكل أسرية (‪ 28.6‬في المائة)؛‬
‫ ‪ 50-‬شخصاً كانوا يعانون من مشاكل مالية (‪ 1.09‬في المائة)؛‬
‫ ‪-‬بالنسبة لـ ‪ 1159‬شخصا المتبقين‪ ،‬فإن السبب غير معروف (‪ 25.38‬في المائة)‪.‬‬

‫‪5.‬الطرق المستعملة في االنتحار‬


‫يعد تناول المبيدات الحشرية والشنق واستخدام األسلحة النارية أكثر طرق االنتحار شيوعً ا في العالم‪.‬‬
‫وحسب معطيات المصلحة المركزية للشرطة القضائية التابعة للدرك الملكي (الفترة ‪ ،)2017-2021‬فإن‬
‫االنتحار شنقاً هو الطريقة األكثر استخدامًا (‪ 58.3‬في المائة)‪ ،‬يليه تناول المواد السامة (‪ 22.51‬في المائة)‪،‬‬
‫وإلقاء النفس من أماكن عالية (‪ 7.29‬في المائة)‪ ،‬وتناول أدوية (‪ 5.45‬في المائة) وإيذاء النفس (‪ 3.11‬في‬
‫المائة)‪ .‬وتمثل حاالت االنتحار بحرق الذات واستخدام األسلحة النارية والغرق ما يقرب من ‪ 3‬في المائة‪.‬‬
‫ويُسَ جَّ ل استخدام األساليب العنيفة لدى الرجال أكثر من النساء‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ينبغي تسليط الضوء على العمل الذي يقوم به المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة‬
‫الدوائية‪ ،‬حيث يقدم إحصائيات منتظمة حول حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار عن طريق تناول مواد سامة‬
‫على المستوى الوطني‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تلقى هذا المركز بين سنتي ‪ 2000‬و‪ 2017‬ما مجموعه ‪24530‬‬
‫عملية تبليغ عن حاالت انتحار ومحاوالت انتحار عن طريق تناول مواد سامة‪ .118‬وتهم ‪ 42.9‬في المائة من‬
‫حاالت التسمم المبلغ عنها الفئة العمرية ما بين ‪ 20‬و‪ 40‬سنة‪ ،119‬بينما تخص ‪ 73.61‬في المائة من الحاالت‬
‫النساء‪ .‬وقد سجل المركز ‪ 645‬حالة وفاة من بين هذه الحاالت التي جرى التبليغ عنها‪ ،‬وهو ما يمثل معدل‬
‫إماتة يبلغ ‪ 2.6‬في المائة‪ .‬وتأتي األدوية في مقدمة المنتجات المسببة لحاالت التسمم بنسبة ‪ 53.3‬في‬
‫المائة‪ ،‬تليها مبيدات الحشرات بنسبة ‪ 31.9‬في المائة‪.120‬‬
‫وحسب التوزيع الجغرافي للحاالت المسجلة بين سنتي ‪ 2000‬و‪ ،2016‬فقد جاءت جهة سوس ‪ -‬ماسة ‪ -‬درعة‬
‫في المقدمة بنسبة ‪ 19.8‬في المائة من مجموع الحاالت‪.121‬‬

‫‪ - 117‬جلسة إنصات عقدت مع السيدة بيغديلي (‪ ،)Bigdelli‬ممثلة منظمة الصحة العالمية بالمغرب بتاريخ ‪ 15‬شتنبر ‪2021‬‬
‫‪ - 118‬انظر الرسومات البيانية في الملحق‬
‫‪ - 119‬الرسم البياني رقم ‪ 2‬في الملحق‬
‫‪ - 120‬الرسم البياني رقم ‪ 3‬في الملحق‬
‫‪ - 121‬الرسم البياني رقم ‪ 4‬في الملحق‬

‫‪39‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪6.‬مالحظات وتوصيات منظمة الصحة العالمية‬


‫تشدد منظمة الصحة العالمية على النقص الموجود في المعطيات المتعلقة باالنتحار ومحاوالت االنتحار‪،‬‬
‫والنقص في جودة هذه المعطيات على الصعيد العالمي‪ ،‬إذ أن حوالي ‪ 80‬دولة عضو فقط تتوفر على أنظمة‬
‫لتسجيل معطيات الحالة المدنية ذات جودة التي يمكن استخدامها بشكل مباشر لتقدير معدالت االنتحار‪.122‬‬
‫وال تقتصر مشكلة جودة المعطيات المتعلقة بالوفيات على االنتحار‪ ،‬ولكن نظرًا لحساسية هذا الموضوع‪-‬‬
‫وعدم قانونية السلوك االنتحاري في بعض البلدان – فقد يشكل نقص اإلبالغ وسوء التصنيف مشاكل أكبر‬
‫بالنسبة لحاالت االنتحار مقارنة بمعظم األسباب األخرى للوفاة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه لم يقم سوى عدد‬
‫قليل من البلدان بإدراج الوقاية من االنتحار ضمن أولوياتها الصحية إذ أفادت ‪ 38‬دولة فقط بتوفرها على‬
‫استراتيجية وطنية للوقاية من االنتحار‪.‬‬
‫وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن حاالت االنتحار يمكن تجنبها مبدئيا‪ ،‬وأنه يمكن اتخاذ تدابير على مستوى‬
‫السكان والمجموعات السكانية وعلى المستوى الفردي للوقاية من حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار‬
‫والتقليص من معدالتها‪.‬‬
‫وترتكز المقاربة التي توصي بها منظمة الصحة العالمية للوقاية من االنتحار على أربعة محاور للتدخل‪:123‬‬
‫‪1.‬تقييد الوصول إلى وسائل االنتحار (مبيدات الحشرات واألسلحة النارية وبعض األدوية)؛‬
‫‪2.‬التفاعل مع وسائل اإلعالم من أجل المعالجة المسؤولة لحاالت االنتحار؛‬
‫‪3.‬تعزيز القدرات النفسية واالجتماعية للمراهقين؛‬
‫‪4.‬رصد األفكار أو السلوكات االنتحارية في مرحلة مبكرة وتقييم حالة المعني باألمر والتكفل به وتتبعه‪.‬‬
‫وينبغي بالموازاة مع اتخاذ هذه التدابير الحرص على احترام المبادئ األساسية‪ 124‬التالية‪:‬‬
‫ ‪-‬إنتاج معطيات موثوقة في هذا المجال ومراقبتها وتتبعها وتقييمها؛‬
‫ ‪-‬التعاون والتنسيق بين مختلف الفاعلين المعنيين (القطاعات الحكومية المكلفة بالصحة والتعليم والتشغيل‬
‫والفالحة والصناعة والعدل‪ ،‬والمجتمع المدني‪ ،‬واألحزاب السياسية‪ ،‬ووسائل اإلعالم‪ ،‬وغيرها)؛‬
‫ ‪-‬تعزيز القدرات؛‬
‫ ‪-‬التمويل‪.‬‬

‫‪ - 122‬منظمة الصحة العالمية‪ ،‬الوقاية من االنتحار‪ :‬ضرورة عالمية‪2014 ،‬‬


‫‪https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/250540/EMROPUB_2014_AR_1731.pdf?sequence=1&isAllowed=y‬‬
‫‪ - 123‬المصدر نفسه‬
‫‪ - 124‬المصدر نفسه‬

‫‪40‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫‪V.‬حكامة منظومة الصحة العقلية والسياسات العمومية المتعلقة‬


‫بالصحة العقلية‬

‫ال يمكن فصل حكامة منظومة الصحة العقلية عن حكامة منظومة الصحة ككل‬

‫شكلت حكامة المنظومة الصحية بالمغرب موضوع كتاب أبيض يحمل عنوان «من أجل حكامة جديدة لقطاع‬
‫الصحة» تم إنجازه سنة ‪ 2013‬في إطار التحضير للمناظرة الوطنية الثانية للصحة‪ .‬وقد تضمنت هذه الوثيقة‬
‫العديد من التوصيات التي تدعو بشكل خاص إلى إحداث قطيعة مع نمط الحكامة المعتمد حاليا‪ ،‬وإعمال‬
‫التعاقد التكاملي بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬ووضع الصحة في صلب السياسات العمومية‪ ،‬واالشتغال المحلي‬
‫على المحددات االجتماعية للصحة‪ ،‬ووضع نظام معلوماتي ذكي‪ ،‬والتطوير الكمي والكيفي للموارد البشرية‪.‬‬
‫وقد جرى تقييم حكامة المنظومة الصحية في ضوء ثالث محاور‪: 125‬‬
‫حكامة ديمقراطية‪ :‬تقوم على إرساء مشاركة مباشرة أكبر للمواطنات والمواطنين في عملية صنع القرار‪،‬‬
‫وتعزيز الالمركزية لضمان استفادةٍ أمثل من الكفاءات وتعزيز مسؤوليتها‪ ،‬ومالءمة المنظومة الصحية مع‬
‫الخصوصيات المحلية‪ ،‬وضمان انفتاح أكبر على صيغ جديدة للتمويل‪ ،‬وتعزيز االلتقائية بين القطاعات‬
‫وترسيخ مبدأ المساءلة من أجل تقييم أثر السياسات العمومية على المجال الصحي؛‬
‫تنظيم عرض العالجات‪ :‬الذي يحدد كيفيات الولوج إلى الخدمات‪ ،‬والمسؤوليات وقواعد تدبير مختلف‬
‫بنيات الرعاية الصحية‪ ،‬وضبط الممارسات المهنية‪ ،‬وأنظمة المعلومات‪ ،‬وطرق األداء بالنسبة للمؤسسات‬
‫والمهنيين‪ ،‬وتدبير الجودة‪ ،‬ويقتضي تنظيم العالجات إزالة العوائق والجمود اللذين يعتريان المنظومة الحالية‪،‬‬
‫والعمل في إطار شبكات‪ ،‬واعتماد آليات للسوق الداخلية‪ ،‬وإرساء المركزية القرارات‪ ،‬وتعميم أنظمة تقييم‬
‫الجودة وتحسينها المستمر؛‬
‫المنظومة السريرية‪ :‬تحيل على الجانب المهني الطبي الصرف‪ ،‬وتهم استقبال المرضى‪ ،‬وتشخيص مشاكلهم‬
‫الصحية والوقاية منها وعالجها والتخفيف من حدتها ومراقبتها وتوجيههم داخل منظومة العالجات الصحية‪.‬‬
‫بخصوص المحور األول المتعلق بالحكامة الديمقراطية‪ ،‬نالحظ ما يلي ‪:‬‬
‫ )أال تزال هناك صعوبات في اإلرساء الفعلي للمقاربة التشاركية‬

‫استنادا إلى مخرجات جلسات اإلنصات المنظمة مع الفاعلين بالمجال‪ ،‬تبين أن ثقافة المشاركة لم تصل بعد‬
‫إلى مستوى المطلوب‪.‬‬
‫فقد أشار الفاعلون المعنيون في مداخالتهم إلى ضعف إشراكهم وأخذ آرائهم باالعتبار أثناء بلورة مشاريع‬
‫القوانين‪ .‬كما أبرزوا ضعف التفاعل مع توصياتهم المتعلقة بالعالجات الصحية األساسية‪ ،‬والقطاع التعاضدي‪،‬‬
‫والقانون المتعلق بمزاولة الطب‪ ،‬والقانون المتعلق بتنظيم مهنة العامالت والعاملين االجتماعيين‪ ،‬والقانون‬
‫المتعلق باإلعاقة‪.‬‬
‫إذ يبدو أن المشاركة‪ ،‬فكرا وممارسة‪ ،‬ال ينظر إليها بعد بالقدر الكافي كحق قائم الذات‪ .‬لذلك فإن إرساء‬
‫حوار بين جميع الفاعلين المعنيين أضحى أمرا ضروريا ومفيدا لتعزيز الثقة والشرعية وضمان انسجام‬
‫وفعالية القوانين والسياسات العمومية في مجال الصحة‪.‬‬

‫‪125 - André-Pierre Contandriopoulos, « La gouvernance dans le domaine de la santé: une régulation orientée par la performance »,‬‬
‫‪Santé Publique, 2008, Vol. 20, n°2, pp. 191-199 : https://www.cairn.info/revue-sante-publique-2008-2-page-191.htm‬‬

‫‪41‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ )بضعف في تنزيل مقتضيات القانون اإلطار رقم ‪ 34.09‬المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العالجات‬

‫منذ سنة ‪ ،2011‬ثمة نصان قانونيان يؤطران المنظومة الصحية بالمغرب‪ ،‬هما‪:‬‬
‫•القانون اإلطار رقم ‪ 34.09‬‏المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العالجات‪ :126‬يذكر هذا القانون بالمبدأ‬
‫الدستوري القاضي بأن الحق في الصحة حق من حقوق اإلنسان األساسية‪ .‬وينص على أن تحقيق األهداف‬
‫األساسية للصحة يقوم على أساس مبادئ التضامن‪ ،‬والمساواة‪ ،‬واإلنصاف‪ ،‬والتكامل بين القطاعات‪،‬‬
‫واعتماد مقاربة النوع في الخدمات الصحية‪ .‬كما يؤكد أن مسؤولية إعمال هذه المبادئ تقع أساسا على‬
‫عاتق الدولة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ينص هذا القانون على المقتضيات التالية‪:‬‬
‫ ‪-‬تهدف أعمال الدولة في مجال الصحة إلى الوقاية من األخطار المهددة للصحة وإلى التربية الصحية‬
‫والتشجيع على اعتماد أنماط عيش سليمة وإلى المراقبة الصحية وتقديم خدمات وقائية أو عالجية أو‬
‫ملطفة وخدمات إعادة التأهيل؛‬
‫ ‪-‬تنهج الدولة سياسة مشتركة متكاملة ومندمجة بين القطاعات في مجال الوقاية الصحية؛‬
‫ ‪-‬تقع على الدولة مسؤولية ضمان التكوين والتكوين المستمر للموارد البشرية‪.‬‬
‫وقد حددت المناظرة الثانية للصحة‪ 127‬سنة ‪ ،2013‬والتي تعتبر ثالث أكبر دينامية إصالح لقطاع الصحة‪،‬‬
‫محاور النهوض بهذه القطاع‪.‬‬
‫وقد سعت المناظرة إلى إرساء نموذج تنظيم للمنظومة الصحية قائم على اإلنصاف واالستدامة والنجاعة‪،‬‬
‫وذلك وفق ثالثة محاور ‪:‬‬
‫‪1.‬تحسين محددات الصحة؛‬
‫‪2.‬التوجه نحو تغطية صحية شاملة؛‬
‫ ‪-‬تغطية توفرها بنيات صحية أساسية وذات جودة؛‬
‫ ‪-‬تغطية ضد المخاطر المالية؛‬
‫‪3.‬تحديث حكامة المنظومة الصحية؛‬
‫ ‪-‬إيجاد التوازن بين دور وموقع األطراف المعنية؛‬
‫ ‪-‬الحرص على أن تعزز السياسات واالستراتيجيات والتشريعات المعتمدة مبادئ اإلنصاف‪ ،‬والتغطية‬
‫الشاملة والولوج‪ ،‬والجودة‪ ،‬وحقوق المرضى‪.‬‬
‫•القانون رقم ‪ 131.13‬‏المتعلق بمزاولة مهنة الطب كما تم تغييره وتتميمه‪ : 128‬وقد أصدر المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي والبيئي في إبانه رأيا حول مشروع هذا القانون‪ 129‬الذي جرى بموجبه تحرير‬
‫القطاع الطبي من أجل تجاوز عدد من االختالالت‪ ،‬والتخفيف من وطأة ندرة الموارد البشرية‪ ،‬وتحسين‬
‫التوزيع الجغرافي لعرض العالجات‪.‬‬

‫‪ - 126‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.83‬صادر في ‪ 29‬من رجب ‪ 2( 1432‬يوليوز ‪ )2011‬بتنفيذ القانون اإلطار رقم ‪ 34.09‬‏المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض‬
‫العالجات‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5962‬المنشورة بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪2011‬‬
‫‪ - 127‬مراكش‪ ،‬يوليوز ‪2013‬‬
‫‪ - 128‬ظهير شريف رقم ‪ 1.15.26‬صادر في ‪ 29‬من ربيع اآلخر ‪ 19( 1436‬فبراير ‪ )2015‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 131.13‬المتعلق بمزاولة مهنة الطب‬
‫‪ - 129‬رأي المجلس االقتصادي واالجتماعي حول مشروع القانون ‪ 13-131‬المتعلّق بمزاولة مهنة ّ‬
‫الطب‪2014 ،‬‬

‫‪42‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫بعد تسع سنوات من المناظرة الوطنية الثانية للصحة‪ ،‬يالحظ أنه لم يتم إحراز سوى تقدم طفيف في‬
‫مجال حكامة المنظومة الصحية‪ .‬إذ ال يزال تدبير القطاع يتم أساسا من لدن القطاع الحكومي المكلف‬
‫بالصحة وفق طريقة ممركزة‪ ،‬وذلك رغم الجهود المبذولة في ما يتصل بتعزيز التدبير الالمركزي للموارد‪.‬‬
‫كما أن القطاع الخاص ال يزال ينحو نحو التطور وفق منطق مبني على «منافسة» القطاع العمومي وليس‬
‫التكامل معه‪ ،‬كما أن أنظمة المعلومات ال تزال ضعيفة‪ ،‬فيما يتواصل الخصاص الكبير المسجل في‬
‫الموارد البشرية‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬لم تسجل عملية التفكير في مختلف آليات تحفيز مهني قطاع الصحة‬
‫على المستوى المالي واالجتماعي أي تطور‪ .‬وأخيرا ال تزال غير كافية جهود تنزيل مقتضيات القانون‬
‫اإلطار رقم ‪ 34.09‬المتعلقة بالخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العالجات‪ ،‬والتكامل الفعلي‬
‫بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬
‫ )جأوجه قصور في مجال تثمين الموارد البشرية والتأطير القانوني لمزاولة المهنة‬

‫اإلطار المنظم للمهنيين العاملين في تخصص الصحة العقلية‪ ،‬سواء على المستوى القانوني أو المتعلق‬
‫بأخالقيات المهنة‪ ،‬اليزال غير متطور بالقدر الكافي‪.‬‬
‫ ‪-‬ال يحظى المختصون في علم النفس بنظام أساسي مناسب لتخصصهم‪ .‬إذ يتم إدراج هذه المهنة ضمن‬
‫المهن شبه الطبية‪ ،‬كما أنها تخضع لنصوص تنظيمية غير مالئمة لطبيعتها‪ .‬غير أنه ال بد من اإلشارة‬
‫إلى أن المرسوم رقم ‪ 2.21.528‬بتطبيق القانون رقم ‪ 98.15‬المتعلق بنظام التأمين اإلجباري األساسي‬
‫عن المرض والقانون رقم ‪ 99.15‬بإحداث نظام للمعاشات‪ ،‬الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين‪،‬‬
‫جاء بمفهوم «المختصين في علم النفس دون األطباء المتخصصين في الطب النفسي»‪ ،130‬وهو ما يعتبر‬
‫تقدما مهما على درب االعتراف بهذه المهنة‪.‬‬
‫في القطاع العمومي‪ ،‬يعتبر المختص في علم النفس السريري ضمن األطر اإلدارية ويتم إدراج ممارسته‬
‫ضمن األعمال شبه الطبية‪ ،‬كما أن دوره ال يزال غير معترف به‪ ،‬وغالبًا ما يكون في موقع تبعية ال يتوفر‬
‫معه على إمكانية اختيار طريقة تدخله وأدوات عمله‪.‬‬
‫وتخضع مزاولة مهنة المتخصص في علم النفس‪ ،‬كمهنة حرة‪ ،‬لرخصة تمنحها األمانة العامة للحكومة‪.‬‬
‫‪131‬‬

‫طوياًل جدًا مما‬


‫ً‬ ‫وحسب الفاعلين الذين جرى اإلنصات إليهم‪ ،‬فإن هذه المسطرة يمكن أن تستغرق وقتاً‬
‫يدفع المختصين في علم النفس إلى مزاولة مهنتهم‪ ،‬طالما أن القانون ال يمنع ذلك‪ ،‬من خالل إحداث‬
‫شركات ذات مسؤولية محدودة أو عيادات لتقديم الخدمات االستشارية أو عبر نظام المقاول الذاتي‪ .‬وال‬
‫يتوفر المختصون في علم النفس السريري على هيئة مهنية ينضوون تحت لوائها كما أنهم غير مدرجين‬
‫بهذه الصفة ضمن قائمة المهن الخاضعة للضريبة‪.‬‬
‫ ‪-‬ليس هناك إطار قانوني أو إطار ألخالقيات المهنة ينظم تسمية «المعالج النفساني»‪ .‬فلكي يصبح‬
‫الشخص»معالجً ا نفسيًا» في المغرب‪ ،‬ليس من الضروري أن يكون طبيبا متخصصا في األمراض العقلية‬
‫أو متخصصا في علم النفس السريري‪ .‬ويمكن ألي شخص تلقى تكويناً في مجال العالج النفسي أن‬
‫يكتسب صفة المعالج النفسي‪ .‬ومن شأن هذا الفراغ القانوني أن يفتح الباب أمام تجاوزات تتعلق‬
‫بممارسات الدجل واالحتيال وغير ذلك‪ ،‬وهي انحرافات تم رصدها في بلدان أخرى أيضا‪.132‬‬
‫‪ - 130‬مرسوم رقم ‪ 2.21.528‬صادر في ‪ 23‬من ربيع اآلخر ‪ 29 ( 1443‬نوفمبر ‪ ) 2021‬بتطبيق القانون رقم ‪ 98.15‬المتعلق بنظام التأمين اإلجباري األساسي‬
‫عن المرض والقانون رقم ‪ 99.15‬بإحداث نظام للمعاشات‪ ،‬الخاصين بفئات المهنيين والعمال المستقلين واألشخاص غير األجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا‪،‬‬
‫فيما يتعلق بالقوابل‪ ،‬ومزاولي مهن الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي‪ ،‬وصناع رمامات األسنان‪ ،‬والمختصين في الحمية والتغذية‪ ،‬والمختصين في‬
‫علم النفس دون األطباء المتخصصين في الطب النفسي‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 7043‬مكرر‬
‫‪131 - http://www.sgg.gov.ma/Portals/1/profession_reglemente_ar/ProcedureParamedicaleAutreloi.pdf‬‬
‫‪132 - Bernard Brusset, « Les psychothérapies et la loi : un débat d’actualité », Revue Française de Psychanalyse, Vol. 69, n°2,‬‬
‫‪2005, pp. 537-560.‬‬

‫‪43‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ ‪-‬ال يتم االعتراف بالتحليل النفسي كتخصص قائم الذات‪ ،‬وبالتالي فإن حصص التحليل النفسي ال يتم‬
‫التعويض عنها من قبل هيئات التأمين‪.‬‬
‫ ‪-‬ال يتمتع الممرضون المختصون في األمراض العقلية بحماية كافية في إطار القانون رقم ‪ 43.13‬المنظم‬
‫لمهنتهم‪ .133‬ويطرح غياب الدقة على مستوى النصوص القانونية إشكالية التحديد الواضح لمسؤوليات‬
‫مؤسسة العالج من جهة‪ ،‬ومسؤوليات مقدمي الخدمات الصحية من جهة ثانية‪ ،‬السيما في حالة وفاة‬
‫المرضى أو عند وجود دعاوى قضائية‪.‬‬
‫ ‪-‬يعتبر المختصون في تقويم النطق والمعالجون الوظيفيون والمختصون في العالج النفسي الحركي فاعلين‬
‫أساسيين في مجال الصحة العقلية‪ ،‬غير أن قلة قليلة فقط من الناس تعرف بوجودهم كما أن عددهم‬
‫يظل محدوداً‪ ،‬فضال عن أن خدماتهم غير متاحة للجميع‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن تدخالت المعالجين‬
‫الوظيفيين والمختصين في العالج النفسي الحركي غير مدرجة في المصنف العام لألعمال المهنية وال‬
‫يمكن بالتالي استرداد مصاريفها في إطار التغطية الصحية‪.‬‬
‫ )ديعاني تنزيل السياسات العمومية الخاصة بالصحة العقلية من ضعف مشاركة باقي الفاعلين المعنيين‪،‬‬
‫وضعف التقييم وقلة المعطيات‬

‫يمكن القول إن االهتمام بالصحة العقلية في السياسات العمومية بالمغرب قد شهد نوعا من الدينامية‬
‫انطالقا من سنة ‪ ،2013‬وذلك في ضوء مختلف التدابير التي جرى تنفيذها منذ تلك الفترة‪ .‬بحيث شكلت‬
‫الصحة العقلية إحدى أولويات االستراتيجية القطاعية للفترة ‪ ،2012-2016‬كما تفرع عن تلك االستراتيجية‪،‬‬
‫مخطط وطني للتكفل باألمراض النفسية والعقلية‪ ،‬جرى إطالقه في يونيو سنة ‪ ،2013‬وتم في إطاره تنظيم‬
‫عملية «كرامة»‪ ،‬وهي مبادرة هدفت إلى تسريع إيجاد حلول إلشكاليات الصحة العقلية ذات األولوية القصوى‪.‬‬
‫وقد تم وضع‪ ،‬كما يجري إعداد‪ ،‬عدد من االستراتيجيات والبرامج‪ ،‬في مجاالت الصحة والصحة العقلية‬
‫ومحاربة االنتحار‪ ،‬سواء من لدن وزارة الصحة والحماية االجتماعية أو وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي‬
‫والرياضة‪ ،‬من قبيل البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية‪ ،‬اإلستراتيجية الوطنية الثانية لتعزيز‬
‫صحة المراهقين والشباب الممتدة على الفترة ‪ ،2022-2030‬االستراتيجية الوطنية للصحة بالوسط‬
‫السجني (‪.)2022-2026‬‬
‫ورغم الجهود التي تبذلها مختلف القطاعات الحكومية على مستوى بلورة اإلستراتيجيات والبرامج‪ ،‬يجدر‬
‫تسجيل المالحظات التالية‪:‬‬
‫ ‪-‬عدم تقديم مؤشرات تمكن من تقييم نطاق تفعيل هذه االستراتيجيات والبرامج على المستوى الوطني‪،‬‬
‫وكلفتها المادية‪ ،‬والنتائج المحققة مقارنة مع األهداف المسطرة واألفق الزمني المحدد؛‬
‫ ‪-‬صعوبة الحصول على المعطيات‪ ،‬إن وجدت‪ ،‬أو عدم نشرها من األساس‪.‬‬
‫ ‪-‬في ما يتعلق بتتبع وتقييم منظومة الصحة على المستوى الترابي‪ ،‬تواجه المراصد الجهوية للصحة‪ ،‬التابعة‬
‫للمديريات الجهوية للصحة‪ ،‬عدة صعوبات في االضطالع بمهامهما على الوجه األمثل‪ ،‬نذكر منها‪: 134‬‬
‫•عدم كفاية الموارد البشرية (على مستوى الكم والكفاءات) وضعف اإلمكانات المادية؛‬
‫•تجميع المعطيات ال يزال يتم في نُسخ ورقية‪ ،‬كما أن نقل تلك المعطيات يتم وفق مسطرة إدارية طويلة‪،‬‬
‫مع كل ما ينجم عن ذلك من حيث هدر الوقت وتوسيع احتماالت الوقوع في األخطاء؛‬

‫‪ - 133‬القانون رقم ‪ 43.13‬المتعلق بمزاولة مهن التمريض‪ ،‬الصادر في ‪ 22‬يونيو ‪ ،2016‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 7( 6480‬يوليو ‪)2016‬‬
‫‪ - 134‬جلسة إنصات مع المرصد الجهوي للصحة بجهة طنجة‪-‬تطوان‪ -‬الحسيمة‪ ،‬منظمة بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪2021‬‬

‫‪44‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫•كثرة التطبيقات؛‬
‫•العديد من مؤسسات الرعاية الصحية األولية غير متصلة بعد باإلنترنت؛‬
‫•بما أن التصديق على الوفاة ال يتم إجراؤه حصريًا من قبل األطباء عندما تحدث الوفاة في المنزل‬
‫(والحال أن غالبية الوفيات تحدث في المنزل)‪ ،‬فإن المعطيات المتعلقة باألمراض المصاحبة وأسباب‬
‫الوفاة ليست موثوقة بالقدر المطلوب‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يظل قطاع الصحة الخاص خارجا تمامً ا عن نطاق هذا النظام المعلوماتي‪.‬‬
‫وحسب قسم علم األوبئة بوزارة الصحة والحماية االجتماعية‪ ،‬فإن نظام المعلومات هو ورش مفتوح‪ .‬لكن لم‬
‫يتسن الحصول على أي معلومات حول تصميمه ومستوى تقدم إنجازه‪.‬‬

‫ال يزال تقييم مدى مالءمة ونجاعة االستراتيجيات والبرامج ومدى تقدم إنجازها عملية صعبة ومحدودة‬
‫للغاية‪ ،‬ذلك أن هذه االستراتيجيات ال توضع لها أهداف كمية دقيقة ومحددة في الزمن‪ ،‬وال تتضمن‬
‫ميزانيات مخصصة للصحة العقلية في إطار ميزانية قطاع الصحة‪ ،‬كما أن المعطيات ذات الصلة غير‬
‫متوفرة و ‪ /‬أو ال يمكن الولوج إليها‪.‬‬
‫وال شك أنه قد تم تنفيذ العديد من اإلجراءات في هذا المجال‪ ،‬غير أن هذه االستراتيجيات لم يكن لها‬
‫حتى اآلن ما يكفي من التأثير اإليجابي والهام على المرتفقين من حيث التقليص من التفاوتات المجالية‬
‫وعدم المساواة في الولوج إلى الخدمات الصحية‪ ،‬والحد من الفساد‪ ،‬وضمان جودة الخدمات الصحية‬
‫وأنسنتها‪ ،‬ودعم البحث افي المجال الطبي‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وبعد مرور حوالي ‪ 8‬سنوات على اعتماد القانون رقم ‪ ،131.13‬لم تتحسن وضعية منظومة العالجات بالقدر‬
‫الكافي‪ ،‬ال من حيث المساواة في الولوج إليها‪ ،‬وال من حيث الخصاص المسجل في الموارد البشرية‪ ،‬وال‬
‫من حيث التغطية المجالية‪ .‬وهو ما أثبتته األزمة الصحية األخيرة‪ .‬ويالحظ أنه في ظل سريان هذا النص‬
‫القانوني تفاقم الخصاص في الموارد البشرية في القطاع العام‪ ،‬حيث توجه مئات األطباء إلى القطاع‬
‫الخاص أو اختاروا العمل منذ البداية في القطاع الخاص‪ ،‬لكونه أكثر جاذبية‪.‬‬
‫ )هطب الشغل‪ :‬تخصص يجد صعوبة في التطور‬

‫هناك عدد قليل من أطباء الشغل بالمغرب‪ ،‬إذ يبلغ ‪ 1400‬طبيب على الصعيد الوطني‪ ،‬وهم يتدخلون فقط‬
‫لدى أجراء القطاع الخاص‪ ،‬علما أن قلة من المقاوالت تتوفر على طبيب شغل‪ .‬أما موظفو القطاع العمومي‪،‬‬
‫فيمكن القول بإن مستوى حمايتهم من حوادث الشغل واألمراض المهنية يظل ضعيفا‪ ،‬ال سيما وأن هذا المجال‬
‫تؤطره نصوص مشتتة ومتقادمة‪ .‬ويجري حاليا إعداد مشروع حول حوادث الشغل واألمراض المهنية‪.135‬‬
‫وكان المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي قد أشار في رأيه حول الصحة والسالمة في العمل إلى أن عدد‬
‫المقاوالت التي تتقيد بمقتضيات مدونة الشغل بشأن إحداث لجنة السالمة وحفظ الصحـة ال يتجاوز ‪ 17‬في‬
‫المائة‪ .‬كما أبرز أن عـدد األجـراء الذين يشـملهم التأمين ضد حوادث الشغل يبلغ ‪ 2.6‬مليــون شــخص فقط‪،‬‬
‫من أصل ســاكنة نشــيطة (عــدا القطــاع العــام) تصل إلى ما يقرب من ‪ 10‬ماليين شخص‪.136‬‬
‫يشار إلى أن األخطار النفسية‪-‬االجتماعية‪ ،‬واإلجهاد واالحتراق المهني ال تؤخذ بعين االعتبار بالقدر الكافي‬
‫في الوسط المهني‪.‬‬

‫‪ - 135‬جلسة إنصات مع وزارة االنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة‪ ،‬نظمتها لجنة الشغل العالقات المهنية بتاريخ ‪ 30‬دجنبر ‪2021‬‬
‫‪ - 136‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬الصحة والسالمة في العمل‪ :‬دعامة أساسية للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪2020 ،‬‬

‫‪45‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ )والطب المدرسي‬

‫في مجال الطب المدرسي‪ ،‬تم وضع العديد من االستراتيجيات والبرامج‪:‬‬


‫ ‪-‬البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية؛‬
‫ ‪-‬االستراتيجية الوطنية للصحة المدرسية والجامعية؛‬
‫ ‪-‬االستراتيجية الوطنية لتعزيز صحة المراهقين والشباب؛‬
‫‪137‬‬
‫ ‪-‬المخطط االستراتيجي الوطني للنهوض بالصحة العقلية لألطفال والمراهقين والشباب‪.‬‬
‫غير أن الطب المدرسي ال يضطلع بعد على الوجه األمثل بدوره في ما يتعلق بانتظام الزيارات الطبية‬
‫للمؤسسات طيلة المسار المدرسي للتلميذ‪ ،‬والكشف عن األمراض داخل المؤسسات المدرسية‪ ،‬والكشف‬
‫المبكر عن اضطرابات االنتباه والتعلم‪ ،‬والتنسيق بين المؤسسة و»طبيب المدرسة»‪ ،‬وتتبع حالة التالميذ الذين‬
‫يعانون من مشاكل صحية‪ ،‬واتخاذ القرار بشكل جماعي بخصوص تمدرسهم‪ ،‬إلخ‪ .‬لذلك‪ ،‬عمليا‪ ،‬ال يزال هذا‬
‫المسار برمته على عاتق الوالدين‪.‬‬
‫ )زال تمكن القوانين المتعلقة بالصحة العقلية وال طريقة تنفيذها من توفير الحماية الكافية لألشخاص‬
‫المصابين باضطرابات عقلية‬

‫يعتبر مشروع القانون رقم ‪ 71.13‬المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق األشخاص المصابين‬
‫بها المعروض حاليا على أنظار البرلمان‪ ،‬نتيجة مسار بدأ سنة ‪ 2007‬بمشروع حمل حينها عنوان «التشريع‬
‫المغربي للصحة العقلية»‪ .‬ولم يلق مشروع القانون في صيغته الحالية تجاوبا وانخراطا من لدن جميع أطباء‬
‫األمراض العقلية‪ ،138‬والحال أن األمر يتعلق بقانون مهيكل سوف يؤطر ممارسة طب األمراض العقلية وتطوره‬
‫للسنوات المقبلة‪.‬‬
‫من حيث التشريع الجنائي‪ ،‬يتمثل الرهان في تحديد مدى القدرة على التمييز لدى األشخاص الذين يعانون‬
‫من اضطرابات عقلية عند البت في أعمال إجرامية منسوبة إليهم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يصبح اللجوء إلى الخبرة الطبية‬
‫العقلية أمرا حاسما في تحديد المسؤولية الجنائية وترتيب آثارها القانونية‪.139‬‬
‫أما على مستوى التشريع المدني‪ ،‬فإن الرهان يكمن في تحديد األهلية القانونية لهؤالء األشخاص إلعطاء‬
‫موافقتهم الحرة والمستنيرة‪.‬‬
‫غير أن الخبرة القضائية النفسية والنفسانية ال تزال غير متطورة بالقدر الكافي في بالدنا‪ ،‬وهو ما يطرح‬
‫إشكاال حقيقيا‪ .‬وال يتجاوز عدد الخبراء القضائيين المسجلين في هذا القطاع ‪ 13‬خبيرً ا‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى‬
‫إطالة المسطرة القضائية بالنسبة لألشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية‪ .‬ينضاف إلى ذلك صعوبة‬
‫اإلعمال الفعلي للقانون في ما يتعلق باإليداع القضائي‪ 140‬داخل مؤسسة لعالج األمراض العقلية بالنسبة‬
‫لألشخاص الذين يعانون من اضطرابات في قدراتهم العقلية وكذا الوضع القضائي‪ 141‬في مؤسسة للعالج‬

‫‪ - 137‬جلسة إنصات مع وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪2021‬‬
‫‪ - 138‬جلسة إنصات مع جمعيات األطباء النفسيين بتاريخ ‪ 29‬شتنبر ‪ ،2021‬جلسة إنصات مع جمعيات عائالت المصابين باضطرابات عقلية ونفسية‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 22‬دجنبر ‪ ،2021‬الفيدرالية الوطنية للصحة العقلية‪ ،‬مقترحات وتوصيات من أجل ظروف تكلف أفضل بالمرض العقلي وتحسين الصحة العقلية للمواطنين‬
‫بالمغرب‪ ،‬دجنبر ‪2020‬‬
‫‪139 - Mohammed Barrimi, Said Khelafa, Souad Rharrabti, Chadia Aarab, Ismail Rammouz, Rachid Aalouane, « La détermination‬‬
‫‪de la responsabilité pénale de l’aliéné mental au Maroc et ses effets sur le déroulement du procès », dans : L’Information‬‬
‫‪psychiatrique, 2014, 90, pp. 843–849.‬‬
‫‪ - 140‬المادة ‪ 75‬من القانون الجنائي‬
‫‪ - 141‬المادة ‪ 80‬من القانون الجنائي‬

‫‪46‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫أسرَّة مصالح الطب‬


‫بالنسبة لألشخاص الذين يعانون من اإلدمان‪ .‬ويؤدي الخصاص في بعض الحاالت في ِ‬
‫النفسي إلى استمرار اعتقال المتهمين الذين يعانون من أمراض نفسية‪ ،‬وذلك لعدة سنوات‪ ،‬قبل أن تصدر في‬
‫حقهم أحكام نهائية‪ ،‬أو إلى سجن أشخاص تم اعتبارهم غير مسؤولين عن أفعالهم‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذا الوضع ال يهم سوى عدد محدود نسبيًا من األشخاص (‪ 50‬في سنة ‪ ،2017‬و‪34‬‬
‫في سنة ‪ ،)2020142‬غير أن األمر يشكل انتهاكًا جسيماً لحقوقهم‪ .‬وقد عبرت كل من رئاسة النيابة العامة‬
‫‪143‬‬
‫وزارتي العدل والداخلية عن أسفها لهذا الوضع‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬وعلى الرغم من أن الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.73.282‬بتاريخ ‪ 28‬ربيع الثاني‬
‫‪ 21( 1394‬مايو ‪ )1974‬المتعلق «بزجر اإلدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات»‬
‫يخول القاضي إصدار أمر بإجراء عالج لفائدة متعاطي المخدرات بعد قبولهم بالخضوع للعالج‪ ،‬فإن العدد‬
‫الكبير للحاالت المعروضة يوميًا على المحاكم‪ ،‬وضعف إمكانياتها في سياق يشهد خصاصا كبيرا في مراكز‬
‫الرعاية الصحية‪ ،‬يؤدي إلى عدم تفعيل شبه كلي إلمكانية االستفادة من أمر بالخضوع للعالج والوضع‬
‫القضائي في مؤسسة للعالج‪ .‬وأمام هذا الوضع‪ ،‬يميل القضاة إلى إصدار أحكام بالحبس تتراوح بين ‪ 6‬أشهر‬
‫وسنة واحدة عوض إصدار أمر باإليداع القضائي قد تستغرق مسطرته ما يصل إلى سنتين من االنتظار‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬رغم أن القانون يعاقب على استهالك مواد إدمانية غير مشروعة بغرامة مالية‪ ،‬فإن‬
‫الهشاشة التي يعاني منها األفراد المعنيون تجعلهم غير قادرين في الكثير من األحيان على أداء مبلغ الغرامة‬
‫التصالحية‪ .144‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬يتعين التفكير في إضفاء مرونة أكبر على القانون‪ ،‬من خالل إلغاء العقوبات‬
‫السالبة للحرية بالنسبة للحاالت المتابعة باالستهالك فقط وتعويضها بإلزامية الخضوع لبرنامج للعالج‬
‫وإعادة اإلدماج االجتماعي‪.‬‬

‫إن مراعاة حقوق األشخاص المصابين باضطرابات عقلية في التشريع الجنائي تقتضي األخذ بعين‬
‫االعتبار التقدم العلمي والتطورات التي حدثت على مستوى فهم األمراض واالضطرابات العقلية والتكفل‬
‫بها‪ ،‬واحترام حقوق الفرد وصون كرامته‪ ،‬وتوفير الحماية القضائية لألشخاص في حالة خلل عقلي مؤقت‬
‫أو دائم‪.‬‬
‫وتبعاً لذلك‪ ،‬فإن الترسانة القانونية المتعلقة باالضطرابات العقلية ‪ -‬القانون الجنائي وقانون المسطرة‬
‫الجنائية ‪ -‬ومنظومة القضاء ينبغي حتماً أن تتطور وأن يتم تطويرها في إطار تعاون مؤسساتي وثيق بين‬
‫أطباء األمراض العقلية والمختصين في علم النفس السريري والخبراء القانونيين والفاعلين في منظومة‬
‫القضاء‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬يجب تطوير الخبرة القضائية النفسية والعقلية بالنظر إلى أهميتها في القضايا‬
‫الجنائية والمدنية‪ ،‬وذلك من أجل الحفاظ على حقوق األشخاص المصابين باضطرابات عقلية الذين‬
‫يُفترض أنهم «مدانون» بارتكاب مخالفات أو جنح أو جرائم أو من المحتمل أن يكونوا ضحية استغالل أو‬
‫سوء تصرف أو ابتزاز في حاالت الزواج (ال سيما زواج الطفالت) والطالق واقتسام التركة وإبرام العقود‬
‫وااللتزامات وغيرها‪...‬‬

‫‪ - 142‬معطيات قدمتها المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‬


‫‪ - 143‬جلسات إنصات عقدت مع وزارة الداخلية بتاريخ ‪ 01/12/2021‬ومع رئاسة النيابة العامة ووزارة العدل بتاريخ ‪.08/01/2021‬‬
‫‪ - 144‬تمكن مسطرة الصلح المشتبه به من إسقاط متابعته أمام القضاء‪ ،‬مقابل دفع نصف مبلغ الغرامة المنصوص عليها في الفصل ‪ 8‬من ظهير سنة‬
‫‪( 1974‬التي يبلغ قدرها ‪ 5000‬درهم‪ ،‬أي انه سيدفع ‪ 2500‬درهم)‬

‫‪47‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ )حمسألة التكفل بعالج اإلضرابات العقلية من لدن هيئات التأمين على المرض‬

‫تتطلب العالجات الدوائية والعالجات النفسية‪ ،‬التي يحتاجها المرضى المصابون باضطرابات عقلية‪،‬‬
‫بروتوكوالت رعاية غالبا ما تكون طويلة ومكلفة ماديا‪ .‬لكن نجد أن هناك العديد من األعمال العالجية ذات‬
‫الصلة بهذا المجال ال يشملها المصنف العام لألعمال المهنية أو ال يأخذها بعين االعتبار بالشكل المطلوب‬
‫والحال أنه يشكل اإلطار المرجعي الذي تتم على أساسه فوترة األعمال الطبية من لدن المهنيين وتحديد‬
‫مبلغ إرجاع مصاريف العالج من لدن هيئات التأمين عن المرض‪ .‬كما أن االختالفات بين التعريفات المرجعية‬
‫والتعريفات المطبقة فعليا على أرض الواقع‪ ،‬وفرض شركات التأمين الصحي لحد أقصى لعدد جلسات‬
‫العالج القابلة السترداد تكلفتها (المدة والوتيرة)‪ ،‬كلها عوامل تحرم العديد من المرضى من الولوج إلى هذه‬
‫العالجات أو تحد من استفادتهم منها‪.‬‬
‫وحسب التقرير السنوي العام لنظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض برسم سنة ‪ ،2020‬فقد بلغ عدد‬
‫المنخرطين في هذا النظام المصابين باضطرابات عقلية ‪ 18.217‬شخصاً‪ ،‬وهو ما يمثل ‪ 4.45‬في المائة‬
‫فقط من مجموع المنخرطين المصابين بأمراض مزمنة‪.145‬‬
‫ )طهناك غياب للمعطيات حول حجم تمويل النفقات المتعلقة بالصحة العقلية‪ ،‬ال يزال اإلنفاق على‬
‫الصحة يلقي بثقله على األسر‪ ،‬وضعف استفادة القطاع العمومي من تمويل التأمين الصحي‬

‫ال توجد معطيات دقيقة عن النفقات المتعلقة بالصحة العقلية في منظومة العالجات الصحية‪ ،‬كما يسجل‬
‫غياب دراسات قياسية متعلقة بالكلفة المالية واالجتماعية لعدم التكفل بعالج المرض العقلي‪ ،‬خاصة وأنه من‬
‫المرجح أن ترتفع حاالت االضطرابات العقلية بشكل ملحوظ في السنوات المقبلة‪.‬‬
‫في سنة ‪ ،2020‬بلغت نفقات نظام التأمين اإلجباري عن المرض المرتبطة باالضطرابات العقلية ‪73.954.492‬‬
‫‪146‬‬
‫درهم‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ 1.2‬في المائة فقط من إجمالي النفقات المنجزة برسم مجموع األمراض المزمنة‪.‬‬
‫وحسب الوكالة الوطنية للتأمين الصحي‪ ،‬فقد «ارتفعت النفقات المشمولة بالتأمين المتعلقة باضطرابات‬
‫الشخصية الخطيرة‪ ،‬بما في ذلك اضطرابات اإلدمان‪ ،‬من ‪ 20‬مليون درهم إلى ‪ 30‬مليون درهم بين سنتي‬
‫‪ 2014‬و‪( 2019‬أي بزيادة قدرها ‪ 31.2‬في المائة)‪ .‬وتشكل النفقات المتعلقة بهذه الفئة من األمراض ‪0.62‬‬
‫في المائة من إجمالي النفقات المرتبطة باألمراض طويلة األمد (‪ )ALD‬برسم سنة ‪.147»2019‬‬
‫أما في المغرب‪ ،‬فقد ظل استثمار الدولة في المنظومة الصحية خالل العقود الماضية غير كاف على العموم‪.‬‬
‫ويجسد الخصاص التي يسم حاليا منظومة الرعاية النفسية ضعف استثمار الدولة في هذا المجال‪.‬‬
‫ورغم أن المغرب ال يتوفر على معطيات خاصة بالنفقات المخصصة للصحة العقلية‪ ،‬فإن الحسابات الوطنية‬
‫للصحة برسم سنة ‪ 2018‬تتضمن بعض المعطيات الماكرواقتصادية المهمة حول الموضوع ‪:‬‬
‫ ‪-‬في سنة ‪ ،2018‬وعلى غرار السنوات السابقة‪ ،‬شكلت وزارة الصحة الممول الثالث لمجال الصحة بالمغرب‬
‫(‪ 21.4‬في المائة‪ ،‬بزيادة قدرها ‪ 1.4‬نقطة مقارنة بعام ‪ )2013‬بعد األسر (‪ 45.6‬في المائة) والتأمين‬
‫الصحي (‪ 29.3‬في المائة)‪.‬‬
‫‪-‬انخفضت حصة الناتج الداخلي اإلجمالي المخصصة للصحة من ‪ 5.8‬في المائة سنة ‪ 2013‬إلى ‪5.5‬‬
‫في المائة سنة ‪ .2018‬علما أن هذه الحصة تعتبر منخفضة جدا بالنظر للمتوسط العالمي الذي يبلغ ‪10‬‬
‫‪148‬‬
‫في المائة‪.‬‬
‫‪ - 145‬جواب مكتوب من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي‪ ،‬تم التوصل به بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪2022‬‬
‫‪ - 146‬جواب كتابي من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي متوصل به بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪2022‬‬
‫‪ - 147‬معطيات قدمتها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي للمجلس بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪2022‬‬
‫‪148 - https://www.who.int/fr/news/item/20-02-2019-countries-are-spending-more-on-health-but-people-are-still-paying-‬‬
‫‪too-much-out-of-their-own-pockets‬‬
‫‪48‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫ ‪-‬بلغ نصيب الفرد من إجمالي النفقات على الصحة سنة ‪ 1730 ،2018‬درهمًا بزيادة ‪ 9.6‬في المائة مقارنة‬
‫بسنة ‪ .2013‬وتنفق بلدان مثل تركيا ولبنان حوالي ِضعف ما ينفقه المغرب على الفرد الواحد‪ .‬أما فرنسا‪،‬‬
‫فتنفق ما يقرب من ‪ 8‬أضعاف ما ينفقه المغرب‪ ،‬في حين تنفق الواليات المتحدة أكثر مما ينفقه المغرب‬
‫بـ ‪ 16‬مرة‪.‬‬
‫ ‪-‬ويذهب أزيد من ‪ 90‬في المائة من النفقات التي تؤديها األسر بشكل مباشر إلى القطاع الخاص‪ ،‬وذلك‬
‫على حساب القطاع العام الذي ال يستفيد سوى من ‪ 6.9‬في المائة‪.‬‬
‫ ‪-‬ال تستفيد المستشفيات العمومية (المراكز االستشفائية الجامعية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة)‬
‫األسرَّة المتوفرة على الصعيد الوطني‪ ،‬إال من ‪ 8.4‬في المائة‬
‫والتي تمثل أكثر من ‪ 70‬في المائة من ِ‬
‫من النفقات في إطار نظام الثالث المؤدي‪ ،‬أي بتراجع بنسبة ‪ 9.1‬نقاط مقارنة بسنة ‪( 2013‬من حيث‬
‫القيمة‪ ،‬ارتفعت المبالغ المؤداة بنحو ‪ 37‬في المائة بين سنتي ‪ 2013‬و‪ .)2018‬ويثير هذا األمر مسألة‬
‫جاذبية المستشفيات العمومية ومدى قدرتها على تعبئة المزيد من الموارد من نظام التأمين عن المرض‪،‬‬
‫مع العمل على تحسين مستوى استرجاع مصاريف العالجات المؤداة من قبل صناديق التأمين الصحي‪.‬‬

‫إن مشروع تعميم التأمين اإلجباري عن المرض يسائل بقوة السلطات العمومية بشأن منحى التمويالت‬
‫المخصصة له‪ .‬فإذا استمر المنحى الحالي الستقطاب الموارد البشرية والمالية من قبل القطاع الخاص‪،‬‬
‫فسيواجه القطاع العام المزيد من المصاعب من أجل النهوض بأوضاعه‪ ،‬وستستمر الفوارق في الولوج إلى‬
‫العالجات في التفاقم بشكل كبير‪ ،‬كما ستتزايد نفقات صناديق التأمين الصحي بوتيرة أسرع مقارنة بالموارد‪.‬‬

‫ )ياستثمار غير كاف في التكوين والبحث العلمي الصحي‬

‫بناء على الحسابات الوطنية للصحة‪ ،‬بلغت نفقات االستثمار الخاصة بالقطاع الحكومي المكلف بالصحة‬
‫سنة ‪ 2018‬حوالي ‪ 1.4‬مليار درهم‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ 10.6‬في المائة من إجمالي نفقات الوزارة‪ .‬وتهم هذه‬
‫النفقات أساسا االستثمارات التي تتم لفائدة بنيات وزارة الصحة وتتعلق باقتناء التجهيزات الطبية‪-‬التقنية‬
‫والمعدات التقنية والمعلوماتية ووسائل النقل‪ ،‬والتي تمثل حوالي ‪ 47‬في المائة من النفقات‪ .‬تليها النفقات‬
‫المتعلقة بإنجاز الدراسات وأعمال البناء والتهيئة واقتناء العقارات‪ ...‬بنسبة ‪ 42‬في المائة من إجمالي نفقات‬
‫االستثمار‪ .‬أما النفقات المخصصة للتكوين والبحث فال تشكل سوى ‪ 11‬في المائة‪.‬‬
‫شهد عرض التكوين في علوم الصحة بالمغرب ارتفاعا ملحوظا‪ ،‬رغم استمرار الخصاص في عدد من‬
‫المجاالت‪ ،‬ال سيما الصحة العقلية‪ .‬كما تندرج الصحة ضمن المحاور ذات األولوية في مجال البحث العلمي‬
‫بالمغرب‪ . 149‬وقد ساهم إحداث العديد من المراكز االستشفائية الجامعية خالل السنوات األخيرة‪ ،‬إضافة‬
‫إلى تطوير المؤسسات الطبية الجامعية في القطاع الخاص‪ ،‬في تعزيز إمكانات البحث العلمي في المجال‬
‫الطبي بشكل عام‪ ،‬وفي مجال الصحة العقلية على وجه الخصوص‪ .‬غير أن الموارد البشرية ال تزال محدودة‬
‫العدد مما يحول دون تشكيل مجتمع علمي (‪ )communauté scientifique‬بالنظر إلى أهميته البالغة لهيكلة‬
‫هذا المجال‪ ،‬وتحقيق التراكم والتدافع والتفاعل الالزم‪ ،‬وتوفير آليات التتبع والمصادقة على اإلنتاج العلمي‬
‫من قبل النظراء‪.150‬‬
‫وحسب آخر اإلحصائيات المتاحة‪ ،‬يشكل اإلنفاق على البحث العلمي اليوم ما يقرب من ‪ 0.8‬في المائة من‬
‫الناتج الداخلي اإلجمالي‪ .‬ويطمح المغرب إلى تحسين هذا الرقم من أجل بلوغ المتوسط العالمي بحوالي‬
‫‪ 2.2‬في المائة من الناتج الداخلي اإلجمالي‪.151‬‬
‫‪ - 149‬جلسة إنصات مع القطاع الحكومي المكلف بالبحث العلمي‬
‫‪ - 150‬المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪« ،‬تقييم البحث العلمي‪ :‬الرهانات والمنهجيات واألدوات»‪.2018 ،‬‬
‫‪ - 151‬جلسة إنصات عقدت مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واالبتكار بتاريخ ‪.29/12/2021‬‬
‫‪49‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وعلى الرغم من هذه المعيقات والصعوبات العديدة‪ ،‬يعرف البحث العلمي في مجال الصحة النفسية دينامية‬
‫مطردة ويستجيب للمعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال‪ .‬وتجري مناقشة العديد من أطروحات الدكتوراه‬
‫في مختلف كليات الطب والصيدلة بالمملكة حول مواضيع تتعلق بالصحة العقلية‪ ،‬وغالبًا ما تكون مصحوبة‬
‫بأبحاث ميدانية‪ .‬ويحرص الباحثون المعتمدون على نشر أعمالهم في المَجَ َّاَّلت العلمية المُحَ َّكمَة وكذا‬
‫لدى أكبر دور النشر العلمية‪ ،‬ويشاركون في مشاريع البحث الدولية والمؤتمرات والندوات التي يبادرون إلى‬
‫تنظيمها‪ .‬وتهم هذه البحوث مجموعة واسعة من التخصصات‪ :‬الطب النفسي‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬والتحليل النفسي‪،‬‬
‫وعلم االجتماع‪ ،‬واألنثروبولوجيا‪ ،‬والصحة العامة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ )كبخصوص المحور الثاني المتعلق بتنظيم عرض العالجات‬

‫تعاني منظومة الصحة العمومية من نقص كبير في بنيات التكفل باالضطرابات العقلية‪.‬‬
‫يتسم عرض عالجات األمراض العقلية بكونه غير منظم على المستوى الترابي‪ ،‬إذ ال يوجد هناك تنسيق‬
‫وربط ترابي رسمي بين البنيات االستشفائية والمتنقلة والوسيطة‪ ،‬وبين المهنيين‪ ،‬وبين مرحلتي الكشف عن‬
‫األمراض والتكفل بها‪.‬‬
‫ويتم تدبير ما يسمى بالبنيات الوسيطة‪ ،‬بالنظر لموقعها الوسيط بين مستشفى األمراض العقلية ومجال‬
‫الرعاية النفسية‪-‬االجتماعية والمجتمعية‪ ،‬أساسا من لدن الجمعيات‪ ،‬بينما يتطلب عملها تدخل مهنيي‬
‫الصحة‪ .‬وتهدف هذه البنيات النفسية‪-‬االجتماعية المحلية الوسيطة أساسا إلى منع االنتكاسات والعودة‬
‫إلى مؤسسات االستشفاء وإبقاء المرضى مندمجين داخل المجتمع‪ .‬كما أن الغالبية العظمى من مؤسسات‬
‫‪152‬‬
‫استقبال األطفال في وضعية إعاقة ذهنية واليافعين‪ ،‬هي من إنشاء الجمعيات الناشطة في هذا المجال‪.‬‬
‫كما أن هذه الجمعيات تضطلع بالتكفل النفسي‪-‬االجتماعي باألشخاص المسنين‪ ،‬واألطفال في وضعية‬
‫الشارع أو األطفال المتخلى عنهم‪.‬‬
‫غير أن هذه البنيات ليس لها إطار قانوني خاص بها‪ .‬ويبدو أن وزارة الصحة قامت سنة ‪ 2018‬ببلورة مشروع‬
‫قانون في هذا الصدد‪ ،‬إال أنه لم ير النور بعد‪.153‬‬
‫ )لبخصوص المحور الثالث المتعلق بالمنظومة السريرية‬

‫تشكل األعمال اإلدارية (غير الطبية)‪ ،‬التي تستغرق وقتًا طويال‪ ،‬عبئاً على مقدمي العالجات‪ .‬وترتبط‬
‫هذه األعباء اليومية بأنشطة الدعم ذات الطبيعة اللوجستيكية (تدبير المخزون والتموين‪ ،‬وتوثيق األنشطة‬
‫واألعمال‪ ،‬وصيانة المعدات‪ ،‬ووضع الجدول الزمني للعمل‪ ،‬والتنظيف‪ ،‬واالستالم‪ ،‬وتوزيع الوجبات)‪ ،‬وكذا‬
‫التدخالت ذات الطبيعة الطبية (فتح الملف الطبي‪ 154‬وأرشفة الملفات الطبية‪ ،‬وكتابة الوصفات الطبية‪،‬‬
‫وأخذ العينات وتوجيه المرضى‪ ،‬ونقل المعلومات إلى األشخاص المناسبين في الوقت المناسب وتلقي نتائج‬
‫الفحوصات اإلشعاعية والكيميائية الحيوية‪ ،‬وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫وتنتج عن هذه األنشطة تدفقات كبيرة جدًا من السلع واألشخاص والمعلومات‪ ،‬التي يعد مستوى تنظيمها‬
‫عنصراً محدداً لمدى جودة منظومة العالجات وفعاليتها ونجاعتها‪ .‬ويقتضي التدبير األمثل لهذه التدفقات‬
‫توفر أنظمة رقمية لالتصال والتدبير‪ .‬غير أنه يسجل تأخر كبير في مجال رقمنة العمليات التنظيمية في‬

‫‪ - 152‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬احترام حقوق وإدماج األشخاص في وضعية إعاقة‪2012 ،‬‬
‫‪ - 153‬جلسة إنصات مع الجمعيات بتاريخ ‪ 22‬دجنبر ‪2021‬‬
‫‪ - 154‬تنص المادة ‪ 89‬من مشروع القانون رقم ‪ 71.13‬المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق األشخاص المصابين بها‪ ،‬المعروض حاليا على‬
‫مسطرة المصادقة‪ ،‬على ما يلي ‪« :‬يعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة من ‪ 10.000‬إلى ‪ 50.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬كل‬
‫طبيب أغفل فتح ملف طبي لكل مريض من مرضاه أو أغفل تضمينه الوثائق المنصوص عليها (‪ )...‬أو لم يدون فيه األعمال الطبية التي قام بها في إطار‬
‫التكفل بالمريض المعني»‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫المستشفيات‪ ،‬السيما على مستوى نزع الطابع المادي للملفات الطبية‪ ،‬ووضع أنظمة مندمجة للمعلومات‪،‬‬
‫وتبسيط مساطر استرجاع المصاريف من قبل هيئات التأمين‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أنه ال يتم االستثمار األمثل لإلمكانيات التي يتيحها الطب عن بعد‪.‬‬
‫الطب عن بُعد هو شكل من أشكال الممارسة الطبية التي تقوم على استعمال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪.‬‬
‫ويسمح الطب عن بعد بالقيام بأعمال التشخيص الطبي وتتبع حالة المريض واستقاء رأي طبيب مختص أو‬
‫القيام بالمراقبة الطبية‪ .‬ويمكن أن يؤدي الطب عن بعد إلى تحسين كبير في تنظيم عملية التكفل بالمريض‬
‫وبمساره العالجي‪ ،‬وكذا تحسين الولوج إلى العالجات‪ ،‬وتتبع المريض‪ ،‬والتنسيق بين مهنيي الصحة‪ ،‬وتقليل‬
‫اللجوء غير الضروري إلى أقسام المستعجالت‪ ،‬وتقليص تكاليف النقل والعمل قدر اإلمكان على تجاوز النقص‬
‫الحاصل في أعداد المعالجين‪.‬‬
‫ويتمثل الهدف من االستخدام المكثف لتكنولوجيا اإلعالم واالتصال في منظومة الرعاية الصحية في‬
‫التخفيف من عبء المهام اليومية ذات الطبيعة اإلدارية‪-‬الطبية عن مقدمي العالجات حتى يتسنى لهم‬
‫تركيز جهودهم على تقديم العالجات بشكل أفضل وبتكلفة أقل‪ ،‬وأن يتم استثمار كفاءاتهم وتدبير تدخالتهم‬
‫بشكل أمثل‪.‬‬

‫قام المرسوم رقم ‪ 2.18.378‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪ 2018‬في شأن الطب عن بعد‪ ،‬بتأطير أعمال‬
‫الطب عن بعد من قبيل االستشارة الطبية عن بعد‪ ،‬وطلب الخبرة عن بعد‪ ،‬والمراقبة الطبية عن بعد‪،‬‬
‫والمساعدة الطبية عن بعد‪ ،‬واإلجابة الطبية التي تنجز في إطار الضبط الطبي على مستوى مصالح‬
‫المساعدة الطبية االستعجالية‪ .‬ويشار إلى أن عددا قليال من المهنيين يعلمون بوجود هذا المرسوم‪ .‬كما‬
‫أن مقتضياته غير محفزة للمهنيين‪ ،‬فضال عن تعقد المسطرة المنصوص عليها للترخيص لمزاولة الطب‬
‫عن بعد‪ ،‬حسب اإلفادات التي أدلى بها المهنيون خالل جلسات اإلنصات‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هذا‬
‫النص ال يأخذ بعين االعتبار الجوانب التقنية المتصلة بأداء كلفة الخدمات وال الجوانب اإلدارية المتعلقة‬
‫بهيئات التأمين‪ /‬التعاضديات‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬يالحظ أنه لم يتم وضع أي إستراتيجية تواصلية لتعريف المهنيين بالطب عن بعد‬
‫وتشجيعهم على االنخراط فيه ومواكبتهم من الناحية التقنية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ ‪VI.‬الخالصات والتوصيات‬

‫بناء على عناصر التشخيص والتحليل الواردة في هذه الدراسة‪ ،‬يجدر التأكيد على الخالصات التالية ‪:‬‬
‫‪1.‬ال يزال تناول موضوع الصحة العقلية يتم بطريقة قطاعية‪ ،‬من زاوية المرض العقلي‪ .‬وهي مقاربة تغفل‬
‫الدور األساسي للمحددات السوسيوثقافية للصحة‪ ،‬كما تحصر التدخل الطبي العمومي بشكل أساسي‬
‫في عرض العالجات؛‬
‫‪2.‬قصور السياسات العمومية في مجال الصحة العقلية على مستوى المعطيات والمؤشرات وآليات التتبع‬
‫والتقييم؛‬
‫‪3.‬يعاني عرض العالجات بشكل عام‪ ،‬وفي مجال الصحة العقلية على وجه الخصوص‪ ،‬من نقص في‬
‫التنظيم والبنيات التحتية الطبية وغير الطبية‪ ،‬باإلضافة إلى نقص كبير في الموارد البشرية المؤهلة؛‬
‫‪4.‬الموارد البشرية ال تحظى بما يكفي من التثمين والتحفيز‪ ،‬والدعم الخاص بالتكوين المستمر والتكوينات‬
‫المتخصصة؛‬
‫‪5.‬عدم مالءمة اإلطار القانوني المؤطر للمهن غير الطبية والجمعيات العاملة في مجال الصحة العقلية؛‬
‫‪6.‬تطور القطاع الخاص وفق منطق مبني على «منافسة» القطاع العمومي وليس التكامل معه؛‬
‫‪7.‬تمويل المنظومة الصحية ال يزال بشكل أساسي على عاتق األسر‪ ،‬كما أن تمويل أنظمة التأمين الصحي‬
‫يستفيد منه بشكل شبه حصري القطاع الخاص؛‬
‫‪8.‬يعاني المرضى واألسر والمهنيون بشكل كبير من ثقافة الوصم االجتماعي للمرض العقلي واالنتحار‬
‫الموجودة داخل المجتمع؛‬
‫‪9.‬نسبة انتشار االنتحار في المغرب تبقى منخفضة نوعا ما (‪ 7.2‬حالة لكل ‪ 100.000‬نسمة) مقارنة مع‬
‫المعدالت الدولية (‪ 9.2‬حالة لكل ‪ 100.000‬نسمة) مع نقص في جودة المعلومات المتوفرة‪ ،‬غير أن‬
‫أعداد محاوالت االنتحار تظل غير معروفة بالقدر الكافي؛‬
‫ ‪10.‬يشكل تطوير الطب عن بُعد فرصة حقيقية يجب اغتنامها ال سيما في ظل قلة الموارد البشرية الصحية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫التوصيات‬

‫يؤكد المجلس على جعل الصحة العقلية ورفاه المواطن في صلب انشغاالت السياسات العمومية‪ ،‬وإعادة‬
‫توجيه مسلسل بلورة سياسة الصحة العقلية ومقاربتها‪ ،‬بما يسمح بجعلها مكونا جوهريا من مكونات السياسة‬
‫الصحية‪.‬‬
‫ولتجسيد هذه الرؤية‪ ،‬يقترح المجلس خمس توصيات كبرى‪:‬‬
‫‪1 .‬بلورة سياسات وبرامج قطاعية لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من االضطرابات العقلية والمخاطر‬
‫النفسية‪-‬االجتماعية‪ ،‬على أن تقوم هذه السياسات والبرامج على مؤشرات مرقمة وقابلة للقياس‪.‬‬
‫وينبغي على كل قطاع توقع ودراسة‪ ،‬بشكل قبلي وبعدي‪ ،‬اآلثار الصحية واالجتماعية لما ينفذه من برامج‬
‫ومبادرات‪ .‬ولتحقيق هذا الغرض ينبغي‪:‬‬
‫•تطوير كل قطاع حكومي لمجموعة من المؤشرات الدقيقة والمالئمة في مجال الصحة العقلية وتتبع‬
‫إعمالها‪.‬‬
‫•تطوير عمل المراصد الجهوية للصحة وتعزيز استقالليتها حتى تصبح بمثابة «قطب» إلنتاج مؤشرات‬
‫ومعطيات ودراسات جهوية موثوقة ومنتظمة ومتاحة الولوج‬
‫‪2.‬ضمان حماية أفضل لحقوق األشخاص المصابين باضطرابات عقلية‪ .‬وفي هذا الصدد ينبغي العمل‬
‫على ‪:‬‬
‫•إعادة النظر في مشروع القانون رقم ‪ 71.13‬المتعلق بمكافحة االضطرابات العقلية وبحماية حقوق‬
‫األشخاص المصابين بها‪ ،‬قبل المصادقة عليه‪ ،‬وذلك بتشاور مع الجمعيات المهنية والمنظمات النقابية‬
‫ألطباء األمراض العقلية والمختصين في علم النفس وممرضي الصحة العقلية وجمعيات المرتفقين‪.‬‬
‫•مالءمة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية بما يسمح بمراعاة أفضل لالحتياجات الخاصة‬
‫لألشخاص المصابين باالضطرابات العقلية ويكفل حمايتهم في المنظومة القضائية؛‬
‫•ضمان حماية قانونية أفضل لممرضي الصحة العقلية في مزاولة مهامهم‬
‫•تطوير الخبرة القضائية في مجال الصحة العقلية والنفسية؛‬
‫•تقنين حمل صفة «معالج نفسي» ومكافحة الممارسات االحتيالية ألساليب عالجية مزعومة مضرة‬
‫بالصحة وحاطة بالكرامة‪.‬‬
‫‪3 .‬الوقاية بشكل مبكر من االضطرابات العقلية واالنتحار‪ ،‬من خالل ‪:‬‬
‫•العمل بشكل مستمر على محاربة الوصم االجتماعي لالضطرابات العقلية واالنتحار‪ ،‬وذلك عبر تعبئة‬
‫مختلف وسائل اإلعالم والتحسيس المتوفرة (البرامج المدرسية‪ ،‬شبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬وسائل‬
‫اإلعالم‪ ،‬الخطب في المساجد‪ ،‬إلخ)‪.‬‬
‫•إعطاء األولوية لتعزيز الصحة العقلية لألطفال والمراهقين سواء في الوسط العائلي أو المدرسي‪ ،‬من‬
‫خالل ‪:‬‬
‫ ‪-‬االهتمام بصحة ورفاه األم والطفل خالل مرحلة الحمل وطيلة ‪ 1000‬يوم الموالية للوالدة؛‬

‫‪53‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ ‪-‬تطوير الطب المدرسي؛‬


‫ ‪-‬الرصد المبكر‪ ،‬في الوسط المدرسي واألسري‪ ،‬الضطراب نقص االنتباه لدى األطفال (مع‬
‫فرط النشاط أو بدونه)‪ ،‬أو اضطرابات التعلم أو االضطرابات السلوكية و‪/‬أو اضطرابات النمو أو‬
‫األفكار االنتحارية‪ ،‬وتقديم المساعدة لألطفال المعنيين؛‬
‫ ‪-‬وضع برامج لدعم الوالدين في مجال تربية األبناء؛‬
‫ ‪-‬مكافحة العنف األسري والمدرسي والوقاية منه؛‬
‫ ‪-‬وقاية وحماية األطفال من التحرش والتحرش عبر الفضاء الرقمي؛‬
‫ ‪-‬مكافحة الفراغ والبطالة لدى الشباب والوقاية منهما‪.‬‬
‫•وضع سياسات عمومية لرصد األخطار المرتبطة باستعمال الوسائط الرقمية والوقاية منها وحماية‬
‫األشخاص من أضرارها؛‬
‫•التدخل على مستوى أوجه هشاشة األشخاص المسنين‪ ،‬من خالل‪:‬‬
‫ ‪-‬مكافحة العزلة االجتماعية والهشاشة في صفوف األشخاص المسنين؛‬
‫ ‪-‬تطوير علم الشيخوخة‪.‬‬
‫•التدخل على مستوى األخطار النفسية‪-‬االجتماعية في الوسط المهني‪ ،‬من خالل‪:‬‬
‫ ‪-‬المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ‪ 190‬بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم‬
‫العمل؛‬
‫ ‪-‬إضفاء دينامية جديدة على جهود النهوض بالصحة في أماكن العمل وحمايتها؛‬
‫ ‪-‬تطوير طب الشغل داخل المقاوالت من أجل تعزيز الوقاية من المخاطر النفسية‪-‬االجتماعية؛‬
‫ ‪-‬إدراج التحرش المعنوي في مدونة الشغل؛‬
‫ ‪-‬مراجعة الئحة األمراض المهنية من خالل إدراج االضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بظروف‬
‫العمل؛‬
‫‪4.‬تحسين إمكانية الولوج لرعاية نفسية وعقلية ذات جودة‪ ،‬تكون مواكبة لما بلغته المعارف والعالجات من‬
‫تطور‪ ،‬ومستجيبة لالحتياجات الخاصة للمرضى‪ ،‬ال سيما المتعلقة بالسن والحالة االجتماعية واالقتصادية‬
‫ووسط العيش ومكامن الهشاشة‪ .‬ويقتضي هذا األمر اتخاذ التدابير التالية ‪:‬‬
‫•تعزيز تكوين األطباء المختصين في األمراض العقلية في كليات الطب وتطوير المهن غير الطبية‬
‫المرتبطة بالصحة العقلية‪ :‬المختصون في علم النفس‪ ،‬والعالج بممارسة األنشطة (أو العالج الوظيفي)‪،‬‬
‫والعالج النفسي الحركي‪ ،‬وتقويم النطق‪ ،‬والمساعدون النظراء‪ ،‬سواء في القطاعين العام أو الخاص؛‬
‫•النهوض بمهنة المتخصصين في علم النفس من خالل وضع نظام أساسي خاص بهم واضح ومحفز‪ ،‬بما‬
‫يمكنهم من التوفر على صفة قانونية وضريبية‪ ،‬وإحداث سجل وطني رسمي لمزاولي هذا التخصص؛‬
‫•تعزيز تكوين األطباء العامين في مجال الصحة العقلية‪ ،‬بما يسمح بجعلهم نقطة انطالق تُدرج المريض‬
‫في مسار عالجي ُمنَسَّ ق يتلقى فيه العالجات النفسية والعقلية الضرورية‪ ،‬السيما في ما يتصل بالكشف‬

‫‪54‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫والتكفل المبكر باضطرابات االكتئاب والقلق والفصام؛‬


‫•وضع شبكة ترابية فعالة للتكفل بحاالت االضطرابات العقلية المستعجلة؛‬
‫•تسريع االنتقال الرقمي لمنظومة الصحة وتطوير الطب عن بعد‪ ،‬وذلك بهدف التدبير األمثل لعمل‬
‫المكلفين بتقديم خدمات الرعاية الصحية وتحسين الولوج للعالجات‪.‬‬
‫•االرتقاء بعرض العالجات الذي توفره على المستوى الترابي بنيات العالجات المتنقلة والبنيات الوسيطة‬
‫(غير الطبية) والجمعوية العاملة في مجال إعادة التأهيل وإعادة اإلدماج النفسي‪-‬االجتماعي؛‬
‫•مراجعة وتحيين كل من المصنف العام لألعمال المهنية (‪ )NGAP‬في الشق المتعلق بالتكفل‬
‫باالضطرابات العقلية‪ ،‬وكذا التعرفة الوطنية المرجعية ذات الصلة‪ ،‬وذلك في ضوء التطورات الطبية‬
‫التي شهدها مجال العالج‪ ،‬والتكفل بهذا النوع من االضطرابات مع الحرص على تطبيق تعريفة معقولة؛‬
‫•تعزيز عمل الجمعيات على المستوى الترابي‪ ،‬ومنح الجمعيات العاملة في المجال الطبي‪ -‬النفسي‪-‬‬
‫االجتماعي وضعا قانونيا خاصا يسمح لها بالعمل بشراكة مع السلطات الترابية في إطار برامج تعاقدية‬
‫متعددة السنوات وفي ظل احترام معايير التكفل المعمول بها‪.‬‬
‫‪5.‬الوقاية من االنتحار ومحاوالت االنتحار لدى جميع الفئات العمرية‪ ،‬من خالل العمل على ‪:‬‬
‫•تحسين نظام المعلومات المتعلق بحاالت االنتحار‪ ،‬وهو ما يقتضي العمل من جهة على تحسين مسطرة‬
‫التصديق على شهادة الوفاة‪ ،‬والتشريح النفسي‪ ،‬ومراقبة الوضعية الوبائية على المستوى الترابي‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى إنجاز دراسات حول هذه الظاهرة‪.‬‬
‫•التدخل على مستوى المحددات االجتماعية والثقافية واالقتصادية والبيئية المؤثرة في رفاه األشخاص‬
‫‪ :‬التمييز بمختلف أشكاله‪ ،‬العنف‪ ،‬التحرش‪ ،‬الهشاشة‪ ،‬العزلة‪ ،‬الوحدة؛‬
‫•الرصد المبكر لحاالت األفكار االنتحارية لدى األطفال والشباب في الوسط العائلي وداخل المؤسسات‬
‫التعليمية والتكفل بها؛‬
‫•رصد مخاطر االنتحار في أماكن العمل والتكفل بالحاالت المعنية؛‬
‫•مواكبة األشخاص الذين سبق وأن حاولوا االنتحار وضمان التتبع الطبي والنفسي واالجتماعي لوضعيتهم‬
‫من لدن مهنيين مختصين‪ ،‬مع ضمان اشتغال هؤالء المهنيين في إطار شبكات مهنية ترابية؛‬
‫•تطوير ودعم الممارسات الجمعوية الفضلى في مجال الوقاية من االنتحار والتكفل النفسي واالجتماعي‬
‫باألطفال والبالغين الذين يعانون من مشاكل نفسية‪ ،‬من قبيل إحداث خطوط هاتفية ومنصات رقمية‬
‫لإلنصات‪ ،‬واالشتغال على مستوى شبكات التواصل االجتماعي ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫المالحق‬

‫الملحق ‪ : 1‬الئحة الفاعلين الذين تم اإلنصات إليهم‬


‫رئيسة قسم األمراض غیر‬
‫املعدیة مبديرية علم األوبئة‬ ‫د لطيفة بلخال‬
‫ومحاربة األمراض‬
‫حفيظة بومروان‬ ‫وزارة الصحة‬
‫مديرية السكان‬
‫يوسف العلوي‬
‫قسم الصحة املدرسیة واجلامعیة‬ ‫هدى العمراني‬
‫ممثلة منظمة الصحة العاملية باملغرب‬ ‫د مرمي بكدلي‬
‫منظمة الصحة‬
‫مكلف بالبرامج مبكتب‬ ‫العاملية باملغرب‬
‫د‪ .‬حفيظ هشري‬
‫منظمة الصحة العاملية‬
‫ائتالف األخصائيني النفسانيني‬
‫كرمي بنكيران‬
‫املمارسني باملغرب‬ ‫متخصصون يف علم‬
‫اجلمعية املغربية لعلم‬ ‫النفس اإلكلينيكي‬
‫كنزة ناجي‬
‫النفس اإلكلينيكي‬
‫اجلمعية املغربية للطب النفسي‬ ‫د‪ .‬براهيم بنبراهيم‬
‫اجلمعية املغربية لألطباء‬
‫د‪ .‬نادية كدري‬
‫النفسيني للقطاع اخلاص‬
‫اجلمعية املغربية لألطباء‬
‫د‪ .‬نورالدين بلحنيشي‬
‫النفسانيني بالقطاع العام‬
‫أطباء متخصصون‬
‫اجلمعية املغربية للطب النفسي‬
‫د‪ .‬نوال اإلدريسي اخلمليشي‬ ‫يف الصحة العقلية‬
‫للطفل واملهن املساهمة‬
‫د‪ .‬حكيمة ناسلحسن‬
‫النقابة الوطنية لألطباء النفسيني‬
‫د‪ .‬محمد ياسني أنور‬
‫العاملني بالقطاع اخلاص‬
‫د‪ .‬هاشم تيال‬
‫النقابة املستقلة للممرضني‬ ‫ممرضون متخصصون‬
‫مصطفى جعى‬
‫وتقنيي الصحة‬ ‫يف الصحة العقلية‬
‫االئتالف الوطني لألطباء‬
‫د‪ .‬صالح الدين الوايف‬
‫العامني باملغرب‬ ‫أطباء عامون‬
‫اجلمعية املغربية للطب العام‬ ‫د‪ .‬عبد الهادي بن عبو‬

‫‪56‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫كلية الطب والصيدلة بالرباط‬ ‫البروفيسور مونة معمر‬


‫أطباء متخصصون‬
‫مستشفى الرازي لألمراض‬ ‫يف طب املسنني‬
‫البروفيسور مارية صابر‬
‫العقلية بسال‬
‫جمعية أخصائيي تقومي النطق‬ ‫مختصون يف‬
‫جيهان زمامة‬
‫باملغرب‪ -‬الدار البيضاء‬ ‫تقومي النطق‬
‫سعيد نافع‬
‫اجلمعية املغربية للعالج الوظيفي‬ ‫املعاجلون الوظيفيون‬
‫عبد الرزاق حجيوي‬
‫اجلمعية الوطنية ألخصائيي العالج‬
‫طالل الزيتوني‬
‫النفسي احلركي باملغرب‬ ‫املختصون يف العالج‬
‫اجلمعية املغربية للعالج‬ ‫النفسي احلركي‬
‫هناء العلوي‬
‫النفسي احلركي‬
‫مدير حماية األُسْ رَة والطفولة‬ ‫وزارة التضامن واإلدماج‬
‫عبد الرزاق العدناني‬
‫واألشخاص املسنني‬ ‫االجتماعي واألسرة‬
‫طارق السعيد‬
‫اجلامع الوطني ألطباء الشغل‬ ‫أطباء الشغل‬
‫موالي هاشم مرجتي‬
‫رئيسة وحدة حماية‬
‫مليكة العاطفي‬ ‫اليونيسيف‬
‫الطفولة باليونيسيف‬
‫رئيسة مصلحة تتبع العمل‬
‫الصحي والبرامج الوطنية للوقاية‪،‬‬ ‫د‪ .‬إميان الكوهن‬ ‫وزارة التربية الوطنية‬
‫قسم تنظيم احلياة املدرسية‬
‫رئيس قسم املستندات‬
‫محمد عادل زوكاري‬
‫مبديرية األمن واملستندات‬
‫وزارة الداخلية‬
‫رئيسة مصلحة طب الشغل‪،‬‬
‫فاطنة لفحل‬
‫املديرية العامة للوقاية املدنية‬
‫رئيس مصلحة مواكبة املكاتب‬
‫اجلماعية حلفظ الصحة‪ ،‬املديرية‬ ‫يوسف البوعزاوي‬
‫العامة للجماعات الترابية‬
‫نائب رئيس املصلحة املركزية‬
‫الكولونيل رشيد عطفي‬ ‫الدرك امللكي‬
‫للشرطة القضائية‬
‫املديرية العامة‬
‫مراقب عام‬ ‫أحمد آيت الطالب‬
‫لألمن الوطني‬
‫رئيس شعبة تتبع تنفيذ السياسة‬
‫مراد العلمي‬ ‫النيابة العامة‬
‫اجلنائية وحتليل ظاهرة اجلرمية‬
‫رئيسة قسم القضايا اجلنائية‬
‫نادية حديدو‬ ‫وزارة العدل‬
‫اخلاصة‪ ،‬مديرية الشؤون اجلنائية‬

‫‪57‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫مختصة يف السالمة والصحة‬


‫يف العمل مبكتب منظمة العمل‬ ‫عائدة مللوم‬ ‫منظمة العمل الدولية‬
‫الدولية للمنطقة املغاربية‬
‫االحتاد العام‬
‫جلنة خاصة‬ ‫محمد التوزاني‬
‫ملقاوالت املغرب‬
‫االحتاد املغربي للشغل‬ ‫فاطمة اإلدريسي‬
‫االحتاد العام للشغالني باملغرب‬ ‫مصطفى مكروم‬

‫الكونفدرالية الدميقراطية للشغل‬ ‫محمد البندوني‬

‫النقابات‬
‫االحتاد الوطني للشغل باملغرب‬ ‫محمد زكيري‬

‫الفدرالية الدميقراطية للشغل‬ ‫عبد الرحمن لعميري‬

‫اجلمعية املغربية الضطرابات‬


‫زهور لقويدر‬
‫وصعوبات التعلم‬
‫مركز استقبال املهاجرين التابع‬
‫سلمى البهيج‬
‫لكاريتاس املغرب‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫اجلمعية املغربية ملستعملي‬
‫أمال مطران‬
‫الطب النفسي‬
‫جمعية املساعدة بالنظراء‬ ‫أشرف الشفشاوني‬
‫على االدماج االجتماعي‬ ‫املجتمع املدني‬
‫إميان بهتي‬
‫جمعية آفاق‬ ‫نادية مشتاق‬
‫جمعية شمس تنسيفت‬
‫حسن هاركون‬
‫للصحة النفسية‬
‫جمعية آباء وأصدقاء األشخاص‬
‫أمينة ملسفر‬
‫املعاقني ذهنيا (هدف)‬
‫جمعية ابتسامة رضا‬ ‫مرمي بوزيدي العراقي‬
‫وزارة التعليم‬
‫مدير البحث العلمي واالبتكار‬ ‫أحمد حموش‬ ‫العالي والبحث‬
‫العلمي واالبتكار‬

‫‪58‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫رئيس املرصد اجلهوي للصحة‬


‫قوبع بومتني‬ ‫املرصد اجلهوي للصحة‬
‫بطنجة‪-‬تطوان‪-‬احلسيمة‬
‫مدير شؤون الرئاسة‬ ‫املجلس اإلقليمي‬
‫سعيد هاللي‬
‫واملجلس بإدارة املجلس‬ ‫لشفشاون‬

‫الملحق ‪ : 2‬الئحة أعضاء اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا االجتماعية والتضامن‬

‫فئة اخلبراء‬
‫فؤاد ابن الصديق‬
‫حكيمة حميش‬
‫أمينة العمراني‬
‫عبد المقصود راشدي‬
‫احجبوها الزبير‬

‫فئة النقابات‬
‫أحمد بهنيس‬
‫محمد بنصغير (نائب المقرر)‬
‫محمد دحماني (نائب الرئيس)‬
‫محمد عبد الصادق السعيدي‬
‫لحسن حنصالي (المقرر)‬
‫جامع المعتصم‬
‫عبد الرحمان قنديلة‬
‫مصطفى اخالفة‬

‫فئة الهيئات واجلمعيات املهنية‬


‫محمد حسن بنصالح‬
‫عبد الحي بسة (الرئيس)‬
‫محمد بولحسن‬

‫‪59‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫فئة الهيئات واجلمعيات النشيطة يف مجاالت االقتصاد االجتماعي والعمل اجلمعوي‬


‫ليلى بربيش‬
‫جواد شعيب (مقرر الموضوع)‬
‫عبد الرحمان الزاهي‬
‫الزهرة زاوي‬

‫فئة األعضاء املعينني بالصفة‬


‫عبد العزيز عدنان‬
‫خالد الشدادي‬
‫لطفي بوجندار‬

‫الملحق ‪ 3‬الخبراء الداخليون الذين واكبوا اللجنة في إعداد هذه الدراسة‬


‫نادية السبتي‬
‫اخلبيران الداخليان للمجلس‬
‫أحمد بندلة‬
‫يوسف ستان‬
‫اخلبيران املكلفان بالترجمة‬
‫إبراهيم لساوي‬

‫‪60‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫الملحق ‪ : 4‬التصنيف الدولي لالضطرابات العقلية‬


‫الدليل التشخيصي واإلحصائي‬ ‫المراجعة الحادية عشرة للتصنيف اإلحصائي الدولي‬
‫لالضطرابات العقلية (‪)5DSM‬‬ ‫لألمراض والمشكالت المتعلقة بالصحة(‪)CIM-11‬‬
‫اضطرابات النمو العصب‬ ‫اضطرابات النمو العصبي‬
‫طيف الفصام واالضطرابات الذهانية‬ ‫الفصام أو االضطرابات الذهانية األولية األخرى‬
‫األخرى (الكاتاتونيا)‬ ‫الكاتاتونيا‬
‫االضطرابات ثنائية القطب واالضطرابات ذات الصلة‬ ‫اضطرابات المزاج (االضطرابات ثنائية القطب‬
‫أو االضطرابات ذات الصلة؛ اضطرابات‬
‫االضطرابات االكتئابية‬ ‫اكتئابية؛ اضطرابات المزاج الناجمة عن تناول‬
‫مادة معينة؛ متالزمة المزاج الثانوية)‬
‫اضطرابات القلق‬ ‫قلق اضطرابات مرتبطة بخوف‬
‫اضطرابات الوسواس القهري‬ ‫اضطرابات الوسواس القهري‬
‫واالضطرابات ذات الصلة‬ ‫واالضطرابات ذات الصلة‬
‫االضطرابات المتعلقة بالصدمة وعوامل اإلجهاد‬ ‫االضطرابات المرتبطة بشكل خاص باإلجهاد‬
‫االضطرابات التفارقية (االنشقاقية)‬ ‫االضطرابات التفارقية‬
‫اضطرابات العرض الجسدي‬
‫واالضطرابات ذات الصلة‬
‫اضطرابات السلوكات الغذائية واألكل‬ ‫اضطرابات اإلطعام أو اضطرابات األكل‬
‫اضطرابات في التخلص من المفرغات‬
‫اضطرابات ضائقة جسدية أو معاناة جسدية‬
‫اضطرابات اإلفراغ‬
‫اضطرابات النوم واليقظة‬ ‫اضطرابات اليقظة والنوم (الباب السابع)‬
‫اختالالت الوظيفة الجنسية‬ ‫اختالالت في األداء الجنسي‬
‫االنزعاج من الجندر‬ ‫عدم التوافق الجندري‬
‫اضطرابات التشوش والتحكم باالندفاع والمسلك‬ ‫اضطرابات التحكم في االندفاعات‬
‫اضطرابات ناجمة عن تعاطي مواد‬
‫االضطرابات المتعلقة بمادة واالضطرابات اإلدمانية‬
‫اإلدمان أو سلوكيات إدمانية‬
‫سلوك تخريبي أو اضطرابات الخلل االجتماعي‬
‫االضطرابات العصبية المعرفية‬ ‫االضطرابات العصبية المعرفية‬
‫اضطرابات الشخصية‬ ‫اضطرابات الشخصية وما يتصل بها من صفات‬
‫اضطرابات الولع الجنسي‬ ‫اضطرابات الولع الجنسي‬

‫‪61‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫اضطرابات نفسية أو سلوكية ترافق‬


‫الحمل أو الوالدة أو النفاس‬
‫الملحق ‪ : 5‬إحصائيات حول حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار‬
‫إحصائيات متوصل بها من لدن المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج (بتاريخ ‪ 31‬أكتوبر ‪.)2021‬‬

‫املجموع‬ ‫بني ‪18‬‬ ‫أقل من‬


‫البالغون‬
‫املجموع‬ ‫حسب اجلنس‬ ‫و‪ 20‬سنة‬ ‫‪ 18‬سنة‬
‫رجال نساء رجال نساء رجال نساء رجال نساء‬
‫نزالء يتعاطون‬
‫‪6504‬‬ ‫‪404 6100‬‬ ‫‪381‬‬ ‫‪5901‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪182‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪17‬‬
‫املؤثرات العقلية‬
‫‪151‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪146‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫محاوالت االنتحار‬

‫‪13‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫حاالت االنتحار‬

‫وقد عملت المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج على تكوين مواردها البشرية في التعاطي مع‬
‫حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار‬

‫موظفو‬ ‫املتخصصون‬
‫أطباء‬
‫املؤسسات‬ ‫املمرضون‬ ‫يف علم‬ ‫األطباء‬
‫األسنان‬
‫املجموع‬ ‫السجنية‬ ‫النفس‬
‫امرأة‬ ‫رجل‬ ‫امرأة‬ ‫رجل‬ ‫امرأة‬ ‫رجل‬ ‫امرأة‬ ‫رجل‬ ‫امرأة‬ ‫رجل‬

‫املوارد البشرية‬
‫‪1935‬‬ ‫‪228 1359‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪109‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫التي استفادت‬
‫من التكوين‬
‫إحصائيات تم التوصل بها من لدن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية‬
‫الرسم البياني رقم ‪ :1‬توزيع الحاالت التي تم التبليغ عنها حسب السنوات (‪)2000-2017‬‬

‫هكذا‪ ،‬نالحظ زيادة في حاالت االنتحار ومحاوالت االنتحار بالقيمة المطلقة ابتدا ًء من سنة ‪ ،2012‬غير أنه‬
‫‪62‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫ال يمكن الجزم بأن معدل االنتحار قد ارتفع بالفعل دون األخذ بعين االعتبار المعطيات الديموغرافية ودون‬
‫النظر في ما إذا كانت هناك تغييرات طرأت على منظومة التصريح بهذه الحاالت وجمع المعطيات‪.‬‬
‫وتهم ‪ 42.9‬في المائة من حاالت التسمم المبلغ عنها الفئة العمرية ما بين ‪ 20‬و‪ 40‬سنة (الشكل رقم ‪،)2‬‬
‫بينما تخص ‪ 73.61‬في المائة من الحاالت النساء‪.‬‬
‫الرسم البياني رقم ‪ :2‬توزيع الحاالت التي تم التبليغ عنها حسب الفئة العمرية‬

‫وقد سجل المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية ‪ 645‬حالة وفاة من بين هذه الحاالت التي‬
‫جرى التبليغ عنها‪ ،‬وهو ما يمثل معدل إماتة يبلغ ‪ 2.6‬في المائة‪ .‬وتأتي األدوية في مقدمة المنتجات المسببة‬
‫لحاالت التسمم بنسبة ‪ 53.3‬في المائة‪ ،‬تليها مبيدات الحشرات بنسبة ‪ 31.9‬في المائة (الرسم البياني رقم‬
‫‪.)3‬‬
‫الرسم البياني رقم ‪ :3‬توزيع الحاالت حسب المادة المستعملة ‪2017-2000‬‬

‫وحسب التوزيع الجغرافي للحاالت المسجلة بين سنتي ‪ 2000‬و‪ ،2016‬فقد جاءت جهة سوس ‪ -‬ماسة ‪ -‬درعة‬
‫في المقدمة بنسبة ‪ 19.8‬في المائة من الحاالت (الرسم البياني رقم ‪.)4‬‬

‫‪63‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫الرسم البياني رقم ‪ :4‬توزيع الحاالت حسب الجهات ‪2016-2000‬‬

‫الرسم البياني رقم ‪ :5‬توزيع الحاالت حسب الجهات برسم سنة ‪2017‬‬

‫الملحق ‪ :6‬حكامة المنظومة الصحية‬

‫يمكن تعريف حكامة المنظومة الصحية بكونها مسلسل بلورة وتنفيذ وتقييم األداء الجماعي‪ .‬وترتكز‬
‫هذه الحكامة على‪:‬‬
‫•منظومة تدبير (مجموع القواعد التي تحدد كيفيات توزيع السلط والمسؤوليات)؛‬
‫•منظومة معلومات (مجموع المعطيات ونظم استغاللها الالزمة ليكون نظام العمل المعتمد واضحا‬
‫وشفافا في جميع األوقات بالنسبة للمهنيين والمكلفين بالتدبير والتخطيط وكذا المرضى‬
‫والمواطنين) ؛‬
‫•منظومة تمويل (مجموع التحفيزات الناشئة عن طرق تمويل المنظومة الصحية‪ ،‬وآليات تخصيص‬
‫الميزانيات‪ ،‬وآليات منح التعويضات المالية للفاعلين)‪.‬‬
‫•تعتبر حكامة المنظومة الصحية فضاء للتقنين الجماعي ومجاال تتفاعل فيه أربع مجموعات من‬
‫الفاعلين‪ ،‬جميعها يعتبر نفسه ُمنَاطاً به العمل باسم ومن أجل مصلحة الساكنة‪ .‬ولكل مجموعة من‬
‫هذه المجموعات األربع منطق تدخل مختلف‪ ،‬وهو ما يحدث نوعا من التجاذبات بينها‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫•المهنيون‪ :‬منطق مهني «طبي»؛‬


‫•المكلفون بالتدبير (المؤدون‪ ،‬التأمين الصحي اإلجباري‪ ،‬المكلفون بالتقييم)‪ :‬منطق تقنوقراطي؛‬
‫•الفاعلون في السوق (شركات األدوية‪ ،‬المستثمرون في عرض العالجات) منطق السوق؛‬
‫•الفاعلون السياسيون (المنتخبون‪ ،‬الممثلون الشرعيون لمختلف المجموعات)‪ :‬منطق ديمقراطي‪.‬‬
‫هكذا‪ ،‬تشكل حكامة المنظومة الصحية فضاء للنقاش والتفاوض الدائم بين مختلف هؤالء الفاعلين من‬
‫أجل ضمان انسجام المنظومة بأكملها‬
‫على المستوى الكلي (‪ :)Macroscopique‬التقنين الديمقراطي الذي يكفل تحديد المبادئ التنظيمية‬
‫الرئيسية للمنظومة الصحية‪ .‬ويشمل ذلك عدة محاور كنطاق تغطية نظام التأمين عن المرض‪ ،‬والساكنة‬
‫المستفيدة من التأمين‪ ،‬وتوزيع السلطات بين مستويات صنع القرار (درجات الالمركزية)‪ ،‬وتحديد نطاقات‬
‫تدخل مختلف المهنيين‪ ،‬وصيغ تمويل منظومة العالجات‪ ،‬وااللتقائية بين السياسات الصحية المشتركة‬
‫بين القطاعات وسياسات العالجات الصحية‪ .‬ويحيل مفهوم الحكامة وفق المستوى الكلي‪ ،‬على إرساء‬
‫مساهمة مباشرة أكبر للمواطنات والمواطنين في عملية صنع القرار‪ ،‬وتعزيز الالمركزية لضمان استفادةٍ‬
‫أمثل من الكفاءات وتعزيز مسؤوليتها‪ ،‬ومالءمة المنظومة الصحية مع الخصوصيات المحلية‪ ،‬وضمان‬
‫انفتاح أكبر على صيغ جديدة للتمويل‪ ،‬وتعزيز االلتقائية بين القطاعات وترسيخ مبدأ المساءلة من أجل‬
‫تقييم أثر السياسات العمومية على المجال الصحي‪.‬‬
‫على المستوى المتوسط (‪ :)Mésoscopique‬تنظيم عرض العالجات وفق المنطقين التجاري والتكنوقراطي‬
‫اللذين يتيحان تحديد كيفيات الولوج إلى الخدمات‪ ،‬والمسؤوليات وقواعد تدبير مختلف البنيات الصحية‬
‫(المستشفيات‪ ،‬المراكز المحلية للخدمات االجتماعية (‪ ،)CLSCs‬العيادات الخاصة‪ ،‬ومراكز اإليواء لتقديم‬
‫العالجات طويلة األمد (‪ ،)CHSLDs‬وغير ذلك)‪ ،‬وضبط الممارسات المهنية‪ ،‬وأنظمة المعلومات‪ ،‬وطرق‬
‫الدفع بالنسبة للمؤسسات والمهنيين‪ ،‬وتدبير الجودة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬يحدد هذان المنطقان‬
‫بنية منظومة تقديم الخدمات وقواعد سيرها‪ .‬لكن نطاق التقنين الذي يرسمانه يظل محدودا‪ ،‬بسبب‬
‫المبادئ الكبرى المؤطرة للمنظومة الصحية المستمدة من القرارات التي يتم اتخاذها على المستوى‬
‫الكلي‪ ،‬وكذا بسبب متطلبات االستشفاء الطبي الذي يهيمن عليه المنطق المهني‪ .‬ويقوم مفهوم الحكامة‬
‫على مستوى تنظيم العالجات على فكرة مفادها أنه إذا أردنا إزالة العوائق والجمود اللذين يعتريان‬
‫المنظومة الحالية‪ ،‬يتعين العمل في إطار شبكات‪ ،‬واعتماد آليات داخلية للتعامل مع السوق‪ ،‬وإرساء‬
‫المركزية القرارات‪ ،‬وتعميم أنظمة تقييم الجودة وتحسينها المستمر‪.‬‬
‫على المستوى الدقيق (‪ :)Microscopique‬إخضاع منظومة االستشفاء بشكل حصري للمنطق المهني‪.‬‬
‫تقع منظومة االستشفاء في صلب منظومة العالجات الصحية‪ ،‬وهي التي تتيح استقبال المرضى‪،‬‬
‫وتشخيص مشاكلهم الصحية والوقاية منها وعالجها والتخفيف من حدتها ومراقبتها وتوجيههم داخل‬
‫منظومة العالجات الصحية‪ .‬ويتمثل الهدف من منظومة االستشفاء في تمكين كل مريض من الخدمات‬
‫التي تستجيب بشكل أمثل لحاجياته الخاصة (الجودة والخصوصيات) بفضل المعارف المتوفرة (الصبغة‬
‫الكونية) والكفاءات التي يتمتع بها مختلف المهنيين (النجاعة) ‪ -‬من خالل تكامل العالجات في المكان‬
‫والزمان وبين المهنيين (االستمرارية والشمولية والتفاعل)‪ .‬وتضع متطلبات منظومة االستشفاء المهنيين‬
‫في مفارقة‪ :‬فهم من جهة مدعوون إلى اتخاذ القرار األمثل‪ ،‬بحرية تامة‪ ،‬لمالءمة رصيدهم المعرفي مع‬
‫الحالة الخاصة لكل مريض‪ ،‬كما أنهم مدعوون في الوقت نفسه إلى التثبت من أن قراراتهم مبنية على‬

‫‪65‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫حقائق علمية ثابتة‪ .‬ذلك أن رفع هذا الرهان هو الكفيل بأن يجعلهم قادرين على تحمل المسؤولية عن‬
‫القرارات المتخذة وفقًا لضوابط ومعايير ذات طابع عام‪ .‬وال بد من اإلشارة إلى أن منظومة االستشفاء‬
‫تختلف عن جميع القطاعات األخرى الخدماتية (التأمين‪ ،‬األبناك‪ ،‬وغير ذلك) بوجود عنصر جوهري غير‬
‫قابل لالختزال وهو الاليقين المرتبط بحقيقة أنه ال يمكن التنبؤ على وجه اليقين بالتشخيص أو تأثير‬
‫العالجات‪ .‬ويتيح المنطق المهني التوفيق بين الشرطين اللذين تتطلبهما منظومة االستشفاء‪ :‬التعامل مع‬
‫كل حالة على حدة وتحمل المسؤولية وفقًا لضوابط ومعارف ذات طابع عام‪.155‬‬
‫إن حكامة منظومة الصحة العقلية ال يمكن فصلها عن حكامة المنظومة الصحية ككل‪.‬‬

‫الملحق ‪ : 7‬معدل انتشار العنف أثناء الطفولة حسب النوع ووسط اإلقامة‬

‫المندوبية السامية للتخطيط ‪ :‬البحث الوطني الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط حول العنف ضد‬
‫النساء والرجال‪2019 ،‬‬

‫أشكال العنف‬

‫عنف جسدي و‬
‫عنف جسدي‬ ‫عنف جنسي‬
‫‪ /‬أو جنسي‬

‫‪52.5‬‬ ‫‪52.2‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫حضري‬

‫‪43.7‬‬ ‫‪43.7‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫قروي‬ ‫وسط اإلقامة‬

‫‪49.3‬‬ ‫‪49.1‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫المجموع‬

‫‪155 - André-Pierre Contandriopoulos, « La gouvernance dans le domaine de la santé: une régulation orientée par la‬‬
‫‪performance », Santé Publique, 2008, Vol. 20, n°2, pp. 191-199 : https://www.cairn.info/revue-sante-publique-2008-2-page-191.‬‬
‫‪htm‬‬

‫‪66‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫‪67‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪68‬‬
‫الصحة العقلية وأسباب االنتحار بالمغرب‬

‫‪69‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪70‬‬

You might also like