You are on page 1of 31

‫الجمهورية العربية السورية‬

‫جامعة البعث‬
‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬
‫قسم اللغة العربية‬
‫شعبة الدراسات العليا‬
‫شعبة الدراسات األدبية‬

‫أثر السجن في شعر المعتمد بن عّباد‬

‫إشراف ‪ :‬أ‪.‬د فيروز الموسى‬

‫إعداد الطالبة ‪ :‬دالل حسن األحمد‬


‫فهرس المحتويات ‪:‬‬
‫مقدمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫متهيد ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أوًال‪ :‬أثر السجن في شعر المعتمد من الناحية المعنوية ‪.‬‬
‫وصف حادثة األسر ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫موقفه من يوسف بن تاشفني ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تصوير أمله ومعاناته يف السجن ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وصف املعتمد حلال أسرته من بعده ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اإلخوانيات واملطارحات ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫حنني املعتمد إىل أرضه وأهله‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫موقفه من الدهر ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬أثر السجن في شعر المعتمد من الناحية الفنية‪:‬‬
‫بناء القصيدة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫املوسيقى ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اللغة واألسلوب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الصورة الشعرية ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اخلامتة ونتائج البحث ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قائمة املصادر واملشاعر ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫املعاجم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مقّدمة ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫متّيز األدب األندلس‪Q‬ي عن غ‪Q‬ريه من العص‪Q‬ور األدبّي ة متيزًا جعل‪Q‬ه يس‪Q‬تقطب حمّبي‪Q‬ه املتعطش‪Q‬ني لدراس‪Q‬ته ‪،‬‬
‫والغوص يف أعماقه وكشف مكانته ‪.‬‬

‫وحلسن احلظ كنت من ه‪Q‬ؤالء احملبني ‪ ،‬فللش‪Q‬عر األندلس‪Q‬ي نكه‪Q‬ة خاص‪Q‬ة ج‪Q‬ذبتين إلي‪Q‬ه ‪ .‬ولع‪ّQ‬ل أك‪Q‬ثر م‪Q‬ا‬
‫يلفتين فيه مواقف ال‪Q‬وداع و الف‪Q‬راق والش‪Q‬كوى واحلنني ‪ .‬ل‪Q‬ذا فق‪Q‬د كتبت حبث‪ًQ‬ا يف أث‪Q‬ر الس‪Q‬جن يف ش‪Q‬عر‬
‫املعتم‪QQ‬د بن عب‪QQ‬اد ال‪QQ‬ذي ك‪QQ‬ان مق ‪ّQ‬د مًا يف ه‪QQ‬ذا املي‪QQ‬دان بع‪QQ‬د النكب‪QQ‬ة ال‪QQ‬يت أص‪QQ‬ابته فخل‪QQ‬ع و نفي ‪ ،‬وق‪QQ‬د متّي ز‬
‫باحلس املرهف ورقة الشعور ‪.‬‬

‫وق‪QQ‬د قمت بتقس‪QQ‬يم قص‪QQ‬ائده و مقطوعات‪QQ‬ه الش‪QQ‬عرية ال‪QQ‬يت قاهلا يف منف‪QQ‬اه وراء القض‪QQ‬بان إىل حماور متع‪QQ‬ددٍة‬
‫لتسهيل تناوهلا وقراءهتا يف الوقت نفسه ‪.‬‬

‫ومن خالل دراسة هذه احملاور ذات املوضوعات املتعددة تبني احنراف مساره الش‪QQ‬عري يف ه‪QQ‬ذه الف‪QQ‬رتة‬
‫من حياته عّم ا كان عليه من قبل ‪ ،‬إذ ساده جو البؤس والشقاء واحلرم‪Q‬ان واألس‪Q‬ى واألمل وغ‪Q‬ري ذل‪Q‬ك‬
‫مما كان يعانيه ويكابده يف سجنه ‪ ،‬فقد صور وقع حادثة األس‪Q‬ر يف نفس‪Q‬ه و يف نف‪QQ‬وس حمّبي‪Q‬ه ووص‪QQ‬ف‬
‫حال‪QQ‬ه يف الس‪QQ‬جن و ح‪QQ‬ال أس‪QQ‬رته من بع‪QQ‬ده ‪ ،‬كم‪QQ‬ا راس‪QQ‬ل بعض الش‪QQ‬عراء املق ‪ّQ‬ر بني إلي‪QQ‬ه بقص‪QQ‬ائد ش‪QQ‬عرية‬
‫حتكي قصة معاناته و حالته النفسّية من حنني و شوق وذكرى وأسى ‪...‬فرأى أن الدهر انقلب عليه‬
‫وأذاق‪QQ‬ه طعم املرارة من ج‪ّQ‬ر اء اخلط‪QQ‬وب ال‪QQ‬يت أمط‪QQ‬ره هبا ‪ ،‬فأط‪QQ‬ال التأم‪QQ‬ل يف تقلب‪QQ‬ات ال‪QQ‬دهر فأخ‪QQ‬ذ الع‪QQ‬ربة‬
‫من أسالفه وسّلم األمر هلل و حلكمته ولقي مصريه صابرًا حمتسبًا إىل أن وافته املنية يف أسره ‪.‬‬

‫وبع ‪QQ‬د الوق ‪QQ‬وف على أهم املوض ‪QQ‬وعات ال ‪QQ‬يت تناوهلا الش ‪QQ‬اعر ‪ ،‬قمت بدراس ‪ٍQ‬ة فني ‪ٍQ‬ة أتتب ‪QQ‬ع من خالهلا أث ‪QQ‬ر‬
‫الس‪QQ‬جن يف ش‪QQ‬كل القص‪QQ‬يدة و بنيته‪QQ‬ا و أس‪QQ‬لوهبا يف ش‪QQ‬عره ‪ .‬ومن مث خلص‪QQ‬ت ب‪QQ‬البحث إىل النت‪QQ‬ائج ال‪QQ‬يت‬
‫توص ‪QQ‬لت إليه ‪QQ‬ا ‪ ،‬ويف احلقيق ‪QQ‬ة أن ‪QQ‬ين مل أس ‪QQ‬تطع إجناز ه ‪QQ‬ذا البحث على ه ‪QQ‬ذه الص ‪QQ‬ورة ل ‪QQ‬وال توجيه ‪QQ‬ات‬
‫األس ‪QQ‬تاذة املش ‪QQ‬رفة ال ‪QQ‬يت أخ ‪QQ‬ذت بي ‪QQ‬دي وأم ‪QQ‬دتين ب ‪QQ‬أهم املص ‪QQ‬ادر ال ‪QQ‬يت ك ‪QQ‬انت عم ‪QQ‬اد ه ‪QQ‬ذا البحث ‪ ،‬فله ‪QQ‬ا‬
‫خالص االحرتام والتقدير ‪.‬‬

‫ونسأل اهلل التوفيق ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫تمهيد ‪ :‬المعتمد بمن عباد‪: 1‬‬
‫هو ابن املعتضد العبادي صاحب إشبيلية ‪ ،‬ول‪Q‬د يف مدين‪Q‬ة باح‪Q‬ة س‪Q‬نة ‪431‬هـ‪ ،‬وع‪Q‬اش يف كن‪Q‬ف‬
‫أبي‪QQ‬ه املعتض‪QQ‬د ‪ ،‬وق‪QQ‬د دّر ب‪QQ‬ه أب‪QQ‬وه على أم‪QQ‬ور احلكن وقي‪QQ‬ادة اجلي‪QQ‬وش ‪ ،‬وتفّتحت مواهب‪QQ‬ه األدبي‪QQ‬ة مبك‪QQ‬رًة ‪،‬‬
‫فق ‪QQ‬د رزق حس‪ًQ Q‬ا فني‪ًQ Q‬ا مرهف‪ًQ Q‬ا ‪ ،‬وأويت حظ‪ًQ Q‬ا من الثقاف ‪QQ‬ة واس ‪QQ‬عًا ‪ ،‬و اطل ‪QQ‬ع على عل ‪QQ‬وم اللغ ‪QQ‬ة واألدب‬
‫فأحس‪QQ‬ن االطالع و حف‪QQ‬ظ من روائ‪QQ‬ع املنظ‪QQ‬وم واملنث‪QQ‬ور ‪ ،‬وأج‪QQ‬اد الكتاب‪QQ‬ة وب‪QQ‬رع يف ق‪QQ‬ول الش‪QQ‬عر ‪ ،‬وبل‪QQ‬غ‬
‫مرتبًة عاليًة يف التذوق والنقد ‪.‬‬

‫خلف أباه املعتضد يف حكم إشبيلية سنة ‪461‬هـ وكان يف حنو الثالثني من عمره ‪ ،‬تلّقب باملعتم‪QQ‬د و‬
‫الظ‪QQ‬افر واملؤي‪QQ‬د ‪ ،‬وُع ِر ف بالس‪QQ‬خاء والش‪QQ‬جاعة و االرتي‪QQ‬اح لألدب والش‪QQ‬عر ‪ ،‬فقص‪QQ‬ده األدب‪QQ‬اء والش‪QQ‬عراء‬
‫والعلم‪QQ‬اء ح‪QQ‬ىت أص‪QQ‬بحت إش‪QQ‬بيلية كعب‪QQ‬ة الواف‪QQ‬دين ‪ ،‬و هنج املعتم‪QQ‬د يف توس‪QQ‬يع س‪QQ‬لطانه هنج أبي‪QQ‬ه ‪ ،‬فض‪QQ‬م‬
‫قرطبة إىل حكمه عام ‪462‬هـ و نفى عنه‪Q‬ا اجله‪Q‬اورة و حكامه‪Q‬ا الس‪Q‬ابقني ون‪Q‬ازل ال‪Q‬ربابرة يف غرناط‪Q‬ة‪،‬‬
‫واستوىل على ُم رسية ‪ ،‬واستفحل أمره بغرب األندلس ‪ ،‬وعلت ي‪Q‬ده على من ك‪Q‬ان هنال‪Q‬ك من مل‪Q‬وك‬
‫الطوائ‪Q‬ف ‪ ،‬فك‪Q‬انوا خيطب‪Q‬ون على س‪Q‬لمه ‪ ،‬ويغل‪Q‬ون يف مرض‪Q‬اته وأدت اخلص‪QQ‬ومة املس‪Q‬تعرة بني املعتم‪Q‬د و‬
‫بين ذي النون ملوك طليطلة إىل الكارثة الين زلزلت األندلس باحتالل ألفونس الس‪QQ‬ادس ( األذف‪QQ‬ونش‬
‫) مدين‪Q‬ة طليطل‪Q‬ة ع‪Q‬ام ‪478‬هـ ‪ ،‬وكأمنا ك‪Q‬ان س‪Q‬قوطها الن‪Q‬ذير باملس‪Q‬تقبل املظلم ال‪Q‬ذي ينتظ‪Q‬ر األندلس‪Q‬يني‬
‫وأدرك األندلس ‪QQ‬يون أّن ال طاق ‪QQ‬ة هلم ب ‪QQ‬رّد ألف ‪QQ‬ونس عن بالدهم ‪ ،‬فاس ‪QQ‬تغاثوا بيوس ‪QQ‬ف بن تاش ‪QQ‬فني مل ‪QQ‬ك‬
‫املرابطني باملغرب فأغاثهم ‪ ،‬و سارع إىل جندهتم واجتاز البخر إىل األن‪Q‬دلس ‪ ،‬وك‪Q‬انت موقع‪Q‬ة الزالق‪Q‬ة‬
‫‪479‬هـ ال‪QQ‬يت انتص‪QQ‬ر فيه‪QQ‬ا املرابط‪QQ‬ون واألندلس‪QQ‬يون ‪ ،‬وأوقف‪QQ‬وا الزح‪QQ‬ف الق‪QQ‬ادم من الش‪QQ‬مال ‪ ،2‬و ا ع‪QQ‬اد‬
‫ّمل‬
‫مل ‪QQ‬وك الطوائ ‪QQ‬ف إىل م ‪QQ‬ا ك ‪QQ‬انوا في ‪QQ‬ه من العبث والله ‪QQ‬و وظه ‪QQ‬ر هتاوهنم وعج ‪QQ‬زهم ‪ ،‬حّض األندلس ‪QQ‬يون‬
‫يوس ‪QQ‬ف بن تاش ‪QQ‬فني على أخ ‪QQ‬ذ األن ‪QQ‬دلس ‪ ،‬وأفت ‪QQ‬اه علم ‪QQ‬اؤهم " جبواز خل ‪QQ‬ع املعتم ‪QQ‬د و غ ‪QQ‬ريه من مل ‪QQ‬وك‬
‫‪ 1‬البيان المغرب ‪ ، 273 : 3‬الذخيرة ‪ ، 13 : 2‬نفح الطيب ‪ ، 158 : 8 :‬وفيات األعيان ‪ ،39-21 :5‬الوافي بالوفيات ‪-183 : 3‬‬
‫‪ ،188‬المعتمد بن عباد ‪ :‬علي أدهم ‪ :‬ص ‪ 8‬وما بعدها ‪ ،‬األعالم ‪ :‬الزركلي ‪ ، 51 -50 :7‬المعتمد بن عباد اإلشبيلي ‪ ،:‬صالح‬
‫خالص‪:‬ص ‪ ،‬مالمح الشعر األندلسي ‪ ،‬عمر الدقاق ‪.179 -165 :‬‬

‫‪ 2‬البيان المغرب ‪ ، 273 : 3‬الذخيرة ‪ ، 13 : 2‬نفح الطيب ‪ ، 158 : 8 :‬وفيات األعيان ‪ ،39-21 :5‬الوافي بالوفيات ‪-183 : 3‬‬
‫‪ ،188‬المعتمد بن عباد ‪ :‬علي أدهم ‪ :‬ص ‪ 8‬وما بعدها ‪ ،‬األعالم ‪ :‬الزركلي ‪ ، 51 -50 :7‬المعتمد بن عباد اإلشبيلي ‪ ،:‬صالح‬
‫خالص‪:‬ص ‪ ،‬مالمح الشعر األندلسي ‪ ،‬عمر الدقاق ‪ ،179 -165 :‬شعراء وراء القضبان ‪ ،‬حسن سليم نعيسة ‪ ،‬ص ‪ ،167‬دول الطوائف‬
‫‪ ،‬محمد عبد هللا عنان ‪ ،‬ص ‪.77:‬‬

‫‪4‬‬
‫الطوائ ‪QQ‬ف ‪ ،‬وبقت ‪QQ‬اهلم إن امتنع ‪QQ‬وا " ‪ ،‬وجّه ز يوس ‪QQ‬ف بن تاش ‪QQ‬فني العس ‪QQ‬اكر إىل األن ‪QQ‬دلس فقض ‪QQ‬وا على‬
‫مل‪QQ‬وك الطوائ‪QQ‬ف‪ ،‬واس‪QQ‬تولوا على إش‪QQ‬بيلية س‪QQ‬نة ‪484‬هـ واقت‪QQ‬ادوا املعتم‪QQ‬د بن عّب اد أس‪QQ‬ريًا ‪ ،‬و س‪QQ‬اقوه و‬
‫أهله ليسجن يف أغمات ‪.‬‬

‫و ق ‪QQ‬د أش ‪QQ‬جاه احلزن ‪ ،‬وأض ‪QQ‬ناه اهلّم ‪ ،‬فق ‪QQ‬ال أش ‪QQ‬عارًا يفيض أس ‪ًQ‬ى و حس ‪QQ‬رًة ‪ ،‬تص ‪QQ‬ف ل ‪QQ‬واعج نفس ‪QQ‬ه و‬
‫تصّو ر ما نزل به من تعاسة و شقاء ‪ .‬وظّل يف حمبس‪Q‬ه يتج‪ّQ‬ر ع غص‪Q‬ص األس‪Q‬ر ‪ ،‬ويع‪Q‬اين مض‪Q‬ض الغرب‪Q‬ة‬
‫حىت وافاه األجل عام ‪488‬هـ ‪ ،‬وقد أوصى بأن يكتب على قربه ‪:‬‬

‫حّق ًا ظفرَت بأشالِء ابن ع ــاِد‬ ‫قبَر الغريِب سقاَك الّر ائح الغادي‬
‫ّب‬

‫بالخصب إن أجدبوا بالرّي للصادي‬ ‫بالحلم بالعلم بالنعمى إذا اتصلت‬


‫‪1‬‬ ‫من ال مـاء فوافاني لميعـ ــاِد‬
‫ّس‬ ‫نعم هو الحـق وافـاني به قدٌر‬

‫أوًال ‪:‬أثر السجن في شعر المعتمد بن عباد‬

‫‪ 1‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.96:‬‬


‫‪5‬‬
‫ك‪QQ‬ان للس‪QQ‬جن أث‪QQ‬ر ب‪QQ‬الغ يف ش‪QQ‬عر املعتم‪QQ‬د بن عب‪QQ‬اد من اجلانبني املعن‪QQ‬وي والف‪QQ‬ين ‪ ،‬حاولن‪QQ‬ا تتب‪QQ‬ع ه‪QQ‬ذا األث‪QQ‬ر‬
‫ومل جند ب‪ّQ‬دًا من دراس‪QQ‬ته وتقس‪QQ‬يمه إىل موض‪QQ‬وعات فكري‪QQ‬ة تتض‪QQ‬من املع‪QQ‬اين ‪ ،‬ومن مث دراس‪QQ‬ة اخلص‪QQ‬ائص‬
‫الفنية اليت متيز هبا هذا النوع من شعر األسر والسجن يف ديوان املعتمد ‪.‬‬

‫وصف حادثة األسر ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫مل يكن املعتم‪QQ Q‬د بن عب‪QQ Q‬اد رج‪QQ Q‬ل علٍم وأدب‪ ،‬وص‪QQ Q‬احب مل ‪ٍQ Q‬ك ونعيم فحس‪QQ Q‬ب ‪ ،‬ب‪QQ Q‬ل ك‪QQ Q‬ان يتص‪QQ Q‬ف‬
‫بالشجاعة واألنفة العربية اليت تأىب اخلضوع واالستعطاف أو اخلنوع واالعرتاف باهلزمية أم‪QQ‬ام خص‪QQ‬ومه‬
‫بغي‪Q‬ة اس‪Q‬تعطافهم ‪ ،‬وه‪QQ‬و ي‪Q‬رفض ه‪QQ‬ذا الن‪Q‬وع من السياس‪Q‬ة ل‪Q‬ذلك مل يتن‪Q‬ازل عن ملك‪Q‬ه بس‪Q‬هولة ‪ ،‬ف‪Q‬رفض‬
‫نصح وزرائ‪Q‬ه ومن حول‪Q‬ه ‪ ،‬فهّب ي‪Q‬ذود عن س‪Q‬لطانه مس‪Q‬تميتًا ‪ ،‬ولكن ش‪Q‬اءت األق‪Q‬دار أن يس‪Q‬اق أس‪Q‬ريًا‬
‫شاخمًا ال تابعًا ذليًال ‪......‬يقول يف وصف هذه احلادثة ‪:‬‬

‫وتنّبه القلب الصديـْع‬ ‫لّم ا تماسكت الدمـوُع‬

‫فليبُد منك لهم خضوْع‬ ‫قالوا‪:‬الخضوع سياسـٌة‬

‫ع على فمي السّم النقيْع‬ ‫وألّذ من طعم الخضـو‬

‫ع أُيسَلُب الشرف الرفيْع‬ ‫لم ُأسَتَلب شرف الطبا‬


‫‪1‬‬
‫واألصل تتبعه الفـروْع‬ ‫شيُم الهوى أنا منهـُم‬

‫فوق‪Q‬ع املص‪QQ‬يبة ص‪QQ‬دع قلب الش‪Q‬اعر إّال أن‪Q‬ه بقي ص‪QQ‬امدًا ‪ ،‬ومل جيع‪QQ‬ل دموع‪QQ‬ه تس‪Q‬يطر علي‪Q‬ه ‪ ،‬ووق‪Q‬ف أم‪QQ‬ام‬
‫خص ‪QQ‬ومه ن‪ّQ Q‬دًا قوي‪ًQ Q‬ا يفّض ل املوت على التن ‪QQ‬ازل ‪ ،‬فه ‪QQ‬و يتحّلى بالش ‪QQ‬رف والكرام ‪QQ‬ة ال ‪QQ‬يت جعلت ‪QQ‬ه يقات ‪QQ‬ل‬
‫ويطلب املوت ويفضله على االستسالم ‪ ،‬متفاخرًا بشيمه و كرامته اليت ورثها عن أجداده ‪ ،‬وبره‪QQ‬ان‬
‫ذلك أن الفروع تتبع األصول ‪.‬‬

‫‪ 1‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.89-88 :‬‬


‫‪6‬‬
‫ويف‪QQ‬ارق املعتم‪QQ‬د م‪QQ‬ع عائلت‪QQ‬ه أوطان‪QQ‬ه أس‪QQ‬ريًا إىل أغم‪QQ‬ات ‪ ،‬مغ‪QQ‬ادرًا قص‪QQ‬وره ورياض‪QQ‬ه ‪ ،‬فب‪QQ‬دت ل‪QQ‬ه حزين ‪ًQ‬ة‬
‫مفجوعًة فقدت عّز ها وفخارها ‪ ،‬فأخذت تذرف الدموع الس‪Q‬جام على فراق‪Q‬ه ‪.........‬و يف وص‪QQ‬ف‬
‫هذا املنظر يقول ‪:‬‬

‫بكى على أثر غزالن و آسـاِد‬ ‫بكى المبارك‪ 1‬في إثر ابن عبــاِد‬

‫بمثل نوء الثريا الرائح الغـادي‬ ‫بكت ثرياُه ال ُغمت كواكبهـا‬

‫والنهر والتاج كٌّل ذّله بـادي‬ ‫بكى الوحيد ‪ ،‬بكى الزاهي وقّبته‬
‫‪2‬‬ ‫يا ل ة البحر دومي ذات إزباِد‬
‫ّج‬ ‫ماء السماء على أبنائــه درٌر‬

‫فيم ‪QQ‬ا يب ‪QQ‬دو أن الش ‪QQ‬اعر يف ه ‪QQ‬ذه األبي ‪QQ‬ات يش ‪QQ‬خص اجلم ‪QQ‬ادات من قص ‪QQ‬ور وح ‪QQ‬دائق ‪ ،‬ويض ‪QQ‬في عليه ‪QQ‬ا‬
‫صفات احلزن والكآبة لفراق حمبوبيه‪QQ‬ا ومؤنس‪Q‬يها من حس‪Q‬ناوات وق‪Q‬ادٍة أش‪Q‬اوس ‪ ،‬و ه‪QQ‬ؤالء هم عائلت‪Q‬ه‬
‫ال ‪QQ‬يت ف ‪QQ‬ارقت ملكه ‪QQ‬ا املهيب ‪ ،‬فب ‪QQ‬دا ذليًال خمذوًال ‪.‬وينتهي ب ‪QQ‬الفخر بنس ‪QQ‬به العري ‪QQ‬ق ‪ ،‬وذك ‪QQ‬ر ج ‪QQ‬ده م ‪QQ‬اء‬
‫السماء و يؤكد على أن ألبنائه درٌر غزيرٌة ال ينقطع جودها مثل زبد البحر مهم‪QQ‬ا تك‪QQ‬اثرت اخلط‪QQ‬وب‬
‫‪.‬‬

‫ه‪QQ‬ذا و ق‪QQ‬د ك‪QQ‬ان املعتم‪QQ‬د ملك ‪ًQ‬ا حمبوب ‪ًQ‬ا من قب‪QQ‬ل الكث‪QQ‬ريين يف لس‪QQ‬الف أيادي‪QQ‬ه ‪ ،‬وق‪QQ‬دمي إحس‪QQ‬انه ‪ ،‬وس‪QQ‬ابغ‬
‫كرمه‪ ،‬وهو يعلم أن أخب‪Q‬ار أس‪Q‬ره وم‪Q‬ا ح‪ّQ‬ل ب‪Q‬ه س‪Q‬يكون هلا أث‪ٌQ‬ر ب‪Q‬الٌغ يف نف‪Q‬وس العام‪Q‬ة وق‪Q‬د عرّب عن أث‪Q‬ر‬
‫الصدمة املفجعة يف أبيات نذكر منها ‪:‬‬

‫بل قد عممن جهات األرض إقالقا‬ ‫أبناُء أسرك قد طّبقن آفـاق ــا‬

‫حتى أتت شرقها تنعاك إشراقــا‬ ‫سرت من الغرب ال ُتطوى لها قدٌم‬

‫فأغرق الدمع آماقًا وأحداق ــا‬ ‫فأحرق الفجه أكبادًا وأفئ ــدًة‬

‫وقيل ‪ :‬إن عليك القيد قد ضاقـا‬ ‫قد ضاق صدر المعالي إذ ُنعيـَت لها‬
‫‪ 1‬المبارك والثريا والوحيد والزاهي ‪ :‬أسماء لقصور المعتمد في األندلس ‪" .‬ال ُغ مت كواكبها " ( فيها دعاء لها بأن يحول بينها وبين‬
‫كواكبها المجازية أي الشبيهة بالكواكب من جواريه و بناته وبنيه حائل و ( ُغ ّم) الهالل ‪ :‬بالضم أي حال دونه غيٌم رقيق ‪.‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.96 :‬‬


‫‪7‬‬
‫للغالبين وللُس ّباق سباقـ ــا‬ ‫أّنى ُغلبَت و كنت الدهر إذ غلَب‬

‫وكان عزمي لألعداء طّر اق ــا‬ ‫قلُت ‪ :‬الخطوُب أذلتني طوارقهـا‬


‫‪1‬‬
‫إذا نبرت لذوي األخطار أرماقـا‬ ‫متى رأيت صرف الدهر تاركـٌة‬

‫فهو يدرك ح‪ّQ‬ق اإلدراك املكان‪Q‬ة العالي‪Q‬ة ال‪Q‬يت يتبوأه‪Q‬ا عن‪Q‬د أه‪Q‬ل األن‪Q‬دلس فق‪Q‬د ك‪Q‬ان أهم مل‪Q‬وك الطوائ‪Q‬ف‬
‫يف حين ‪QQ‬ه ‪ ،‬وك ‪QQ‬انت أخب ‪QQ‬اره تنتق ‪QQ‬ل بني الش ‪QQ‬رق والغ ‪QQ‬رب ‪ ،‬ففجعت هزميت ‪QQ‬ه نف ‪QQ‬وس حمبي ‪QQ‬ه يف الش ‪QQ‬رق‬
‫والغ‪QQ‬رب وج‪QQ‬اؤوا م‪QQ‬ع ش‪QQ‬روق الش‪QQ‬مس ينع‪QQ‬ون ملك‪QQ‬ه الزائ‪QQ‬ل و ي‪QQ‬ذرفون على فراق‪QQ‬ه دموع‪ًQ‬ا حراق‪QQ‬ة ‪ ،‬ألن‬
‫املع‪QQ‬ايل واملك‪QQ‬ارم ُفق‪QQ‬دت م‪QQ‬ع ص‪QQ‬احبها ويتخي‪QQ‬ل الش‪QQ‬اعر التس‪QQ‬اؤل ال‪QQ‬ذي ي‪QQ‬دور يف قل‪QQ‬وب ه‪QQ‬ؤالء ‪ ،‬كي‪QQ‬ف‬
‫نال منه عدوه ‪ ،‬ومتّك ن من أسره مع أنه كان صاحب الغلبة و السبق والنص‪QQ‬ر املظّف ر على م‪ّQ‬ر الزم‪QQ‬ان‬
‫‪.‬‬

‫فيجيب على ذل ‪QQ‬ك ب ‪QQ‬أن املص ‪QQ‬ائب و اخلط ‪QQ‬وب ت ‪QQ‬رتّبص ب ‪QQ‬ه ‪ ،‬وق ‪QQ‬د ك ‪QQ‬ان من قب ‪QQ‬ل ي ‪QQ‬رتّبص بأعدائ ‪QQ‬ه و‬
‫يف ‪QQ‬اجئهم‪ ،‬ف ‪QQ‬دارت علي ‪QQ‬ه ال ‪QQ‬دوائر ألن ص ‪QQ‬روف ال ‪QQ‬دهر حّلت عزائم ‪QQ‬ه ووقفت عاتق ‪ًQ‬ا بين ‪QQ‬ه وبني إرادت ‪QQ‬ه‬
‫الص‪QQ‬لبة و خطفت‪QQ‬ه على حني غ ‪ّQ‬ر ة ‪ ،‬فمض‪QQ‬ى أس‪QQ‬ريًا إىل أغم‪QQ‬ات ‪ ،‬وق‪QQ‬د وص‪QQ‬ف لن‪QQ‬ا حال‪QQ‬ه ودموع‪QQ‬ه أثن‪QQ‬اء‬
‫رحلته من إشبيلية إىل أغمات حيث وصل إىل موض‪QQ‬ع ‪ ،‬وأه‪QQ‬ل البل‪Q‬د خ‪Q‬ارجون لالستس‪Q‬قاء ‪ ،‬فق‪QQ‬ال ل‪Q‬ه‬
‫‪ :‬دمعي يغنيكم عن املطر‪ ،‬لكنهم قالوا له ‪ :‬حقًا إن دموعك الغزيرة مقنعًا ‪ ،‬ولكنها ممزوج‪QQ‬ة بال‪QQ‬دماء‬
‫‪ ،‬يقول املعتمد ‪:‬‬

‫دمعي ينوب لكم عن األنواِء‬ ‫خرجوا ليستسقوا فقــلُت لهم‬


‫‪2‬‬ ‫لكنها ممزوجة بدمـ ــاِء‬
‫قالوا ‪ :‬حقيٌق في دموعك مقنٌع‬

‫" كما صور املعتمد حاله أثناء رحلته ‪ ،‬وقد أطّل على جب‪Q‬ال درٍن بالع‪Q‬دوة فأص‪Q‬اب قلب‪Q‬ه منه‪Q‬ا درن ‪،‬‬
‫ومتىّن ل ‪QQ‬و ‪،‬أهنا مل ت ‪QQ‬ره ومل يره ‪QQ‬ا وختي ‪QQ‬ل أهنا ختربه بأهنا س ‪QQ‬تقربه ‪ ،‬وق ‪QQ‬د ص ‪QQ‬دق حدس ‪QQ‬ه فق ‪QQ‬د م ‪QQ‬ات يف‬
‫أغمات باملغرب "‪.3‬‬
‫‪1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.110 :‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.89 :‬‬

‫‪ 3‬شعر األسر والسجن ‪ ،‬بسيم إبراهيم ‪ ،‬ص‪.52:‬‬


‫‪8‬‬
‫موقفه من ابن تاشفين ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫لقد ك‪Q‬ان موق‪Q‬ف املعتم‪Q‬د من ابن تاش‪Q‬فني موقف‪ًQ‬ا ينم عن ك‪Q‬رم أخالق‪Q‬ه ‪ ،‬وع‪Q‬دم نكران‪Q‬ه للجمي‪Q‬ل ‪ ،‬فق‪Q‬د‬
‫كان مقدرًا لفضل يوسف عليه يف يوم العروبة ‪ ،‬ومل تقف قضية أسره ونفيه إىل أغمات أمام تق‪QQ‬ديره‬
‫واحرتامه لوفاء هذا الرجل الذي اجتاز البحر ليغيث مملكة املعتمد يف يوم من األي‪QQ‬ام ‪ ،‬لكن‪QQ‬ه حيم‪QQ‬ل يف‬
‫قلبه عتبًا شديدًا يظهر جليًا يف القصيدة اليت نظمه‪QQ‬ا حني قدوم‪QQ‬ه إىل أغم‪Q‬ات ‪ ،‬حيث طلب من ح‪Q‬واء‬
‫بنت تاش‪QQ‬فني خب‪QQ‬اء عاري‪QQ‬ة ‪ ،‬فاعت‪QQ‬ذرت بأن‪QQ‬ه ليس عن‪QQ‬دها خب‪QQ‬اء ‪ ،‬فك‪QQ‬رب ذل‪QQ‬ك على نفس املعتم‪QQ‬د فأنش‪QQ‬د‬
‫هذه األبيات ‪ .‬وقد أشار فيها إىل ذكر يوسف و يوم العروبة قائًال ‪:‬‬

‫أطالوا بها في حشاك استع ــارا‬ ‫هم أوقدوا بين جنبيك نـارا‬

‫ك ‪ ،‬ولم يصحبوك خباًء معــارا؟‬ ‫أما يخجُل المجَد أن يرحلــو‬

‫ك – وحاشاهُم‪ -‬منك خزيًا وعـارا‬ ‫فقد قّنعوا المجَد إن كــان ذا‬

‫سواد العيون عليكم شعـ ــارا!‬ ‫يقُّل لعينيك أن يجعل ــوا‬

‫وحنينًا إليهم وخضت البح ــارا‬ ‫تراهم نسوا حين جزت الِق فا‬

‫إذا حاد من حاد عنها و جــارا‬ ‫بعهد لزوٍم لُس بل الوف ــا‬
‫‪1‬‬
‫فلوال الضلوُع عليه لطـ ــارا‬ ‫وقلبي نزوٌع إلى يوســف‬

‫لق‪QQ‬د ح‪Q‬ز يف نفس املعتم‪Q‬د م‪QQ‬ا ك‪Q‬ان من ابن‪Q‬ة تاش‪Q‬فني ‪ ،‬وت‪Q‬أّثر هبذا املوق‪Q‬ف ال‪Q‬ذي أرادت ب‪Q‬ه إذالل املل‪Q‬ك‬
‫املخلوع و عائلت‪Q‬ه والتش‪Q‬هري ب‪Q‬ه‪ ،‬وإب‪Q‬رازه للن‪Q‬اس بال خب‪Q‬اء مين‪Q‬ع عن‪Q‬ه أعني التص‪Q‬غري واملذّلة واهلوان ‪ ،‬فلم‬
‫تكرم عيين املعتمد وتليب طلبه بل أرادت أن يراه الناس عين‪ًQ‬ا بعني إش‪Q‬عارًا بنص‪Q‬ر أخيه‪Q‬ا ‪،‬فيع‪Q‬ود املعتم‪Q‬د‬
‫ليسأل عن سبب هذه املعاملة فهل نسوا آل تاشفني هلفتهم عليه ‪ ،‬وعلى ملك‪Q‬ه وإغاثت‪Q‬ه هلم ووق‪Q‬وفهم‬
‫إىل جانب ‪QQ‬ه ‪ ،‬ف ‪QQ‬إن ك ‪QQ‬انوا ق ‪QQ‬د نس ‪QQ‬وا ف ‪QQ‬إن املعتم ‪QQ‬د مل ينَس فض ‪QQ‬ل يوس ‪QQ‬ف بن تاش ‪QQ‬فني علي ‪QQ‬ه حني خ ‪QQ‬اض‬
‫البحار ولىّب النجدة وقطع العهود بالوفاء ألخيه املعتم‪Q‬د ال‪Q‬ذي محل يف قلب‪Q‬ه حمبت‪Q‬ه وأش‪Q‬واقه ال‪Q‬يت ال هتدأ‬

‫‪ 1‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص ‪.67:‬‬


‫‪9‬‬
‫‪ ،‬ويبدو أن‪Q‬ه أحس مبا يف األبي‪Q‬ات الس‪Q‬ابقة من وق‪Q‬ع ش‪Q‬ديد يف نفس يوس‪Q‬ف فأتبعه‪Q‬ا بأبي‪Q‬اٍت يف مدح‪Q‬ه‬
‫أشاد فيها مبوقفه يف يوم العروبة يقول ‪:‬‬

‫نصرت الهدا وأبيت الفرارا‬ ‫ويوم العروبة ذدَت العـدا‬

‫ب بين الضلوع لتأبى القرارا‬ ‫ثبّت هناك وأن القل ــو‬

‫رأينا الجزيرة للكفــر دارا‬ ‫ولوالك يا يوسف المتقــى‬


‫‪1‬‬
‫م وكالليل ذاك الغبار المثـارا‬ ‫رأينا السيوف ضحًى كالنجو‬

‫و نراه ها هنا يع‪Q‬رتف بالفض‪Q‬ل الكب‪Q‬ري ليوس‪Q‬ف بن تاش‪Q‬فني يف إنق‪Q‬اذ اجلزي‪Q‬رة اخلض‪Q‬راء من اخلط‪Q‬ر احملدق‬
‫هبا يف تل‪QQ‬ك اآلون‪QQ‬ة فيسرتس‪QQ‬ل مبدح‪QQ‬ه و اإلش‪QQ‬ادة ببطولت‪QQ‬ه ‪ ،‬وجنده يص‪QQ‬ف ض‪QQ‬راوة املع‪QQ‬ارك ال‪QQ‬يت خاض‪QQ‬عا‬
‫يوس‪QQ‬ف على ع‪QQ‬ادة الش‪QQ‬عراء يف م‪QQ‬دح الفرس‪QQ‬ان ‪ ،‬وجنده أيض ‪ًQ‬ا يت‪QQ‬أثر بالش‪QQ‬عر ال‪QQ‬ذي حيفظ‪QQ‬ه فيس‪QQ‬تقي من‬
‫صوره و يتضح ذلك يف البيت الرابع الذي يذكرنا ببيت بشار بن برد الذي يقول فيه ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫وأسيافنا ليٌل تهاوى كواكبه‬ ‫كأن مثار النقع فوق رؤوسنا‬

‫ويت‪QQ‬ابع املعتم‪QQ‬د تص‪QQ‬ويره جملري‪QQ‬ات املعرك‪QQ‬ة م‪QQ‬ربزًا بطول‪QQ‬ة ابن تاش‪QQ‬فني و بس‪QQ‬الته ال‪QQ‬يت زادت‪QQ‬ه ش‪QQ‬هرة ملا ك‪QQ‬ان‬
‫منه من إقدام وشجاعة يقول فيها ‪:‬‬

‫لقد زاد بأُس ك فيه اشتهـارا‬ ‫فلله دّر ك في هولــه !‬


‫ُح عند التناجز زدن استجارا‬ ‫تزيُد اجتراًء إذا ما الِّر ما‬
‫حِس بن األسنة فيها شــرارا‬ ‫إذا نار حربك ضّر متها‬
‫ب تنتثر بالمسك منك انتثارا‬ ‫ستلقى فعالك يوم الحسا‬
‫بحسن مقامك ذاك النهـارا‬ ‫وللشهداء ثناٌء عليـك‬
‫‪3‬‬
‫ن إال تخاف و أال ُتضــارا‬ ‫وأنهم بـك يستبشـرو‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.98-97‬‬

‫‪ 2‬ديوان بشار بن برد ‪ ،‬ص ‪.335‬‬

‫‪ 3‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص ‪.98 :‬‬


‫‪10‬‬
‫فق ‪QQ‬د زادت ه ‪QQ‬ذه املعرك ‪QQ‬ة ملا ذاع هلا من ص ‪QQ‬يت من ش ‪QQ‬هرة يوس ‪QQ‬ف ابن تاش ‪QQ‬فني يف الق ‪QQ‬وة والب ‪QQ‬أس ‪،‬‬
‫فكّلم ‪QQ‬ا محي وطيس املعرك ‪QQ‬ة كلم ‪QQ‬ا علت مهت ‪QQ‬ه وإقدام ‪QQ‬ه يف إش ‪QQ‬عال ن ‪QQ‬ارا حلرب ح ‪QQ‬ىت أن الرم ‪QQ‬اح لتب ‪QQ‬دو‬
‫كالشرار املتطاير حنو األعداء ويرى املعتمد أن بطوالت ابن تاشفني سوف حبسن اخلتام يوم احلساب‬
‫‪ ،‬وس‪QQ‬وف تزين‪QQ‬ه باملس‪QQ‬ك واألطي‪QQ‬اب ؛ألن‪QQ‬ه س‪QQ‬يكون يف ع‪QQ‬داد الش‪QQ‬هداء ال‪QQ‬ذين س‪QQ‬بقوه إىل جن‪QQ‬ان اخلل‪QQ‬د‬
‫وهم بانتظاره ليتبوأ مقامًا رفيعًا بينهم وجنده هنا يتأثر بآيات الذكر احلكيم ال‪QQ‬يت ن‪QQ‬زلت مبق‪QQ‬ام الش‪QQ‬هداء‬
‫يف جن‪QQ‬ان اخلل‪QQ‬د فق‪QQ‬د ق‪QQ‬ال تع‪QQ‬اىل ‪( :‬يستبش‪QQ‬رون بال‪QQ‬ذين مل يلحق‪QQ‬وا هبم من خلفهم أال خ‪QQ‬وٌف عليهم و‬
‫ال هم حيزنون)‬
‫" ويظه ‪QQ‬ر من وراء ه ‪QQ‬ذه القص ‪QQ‬يدة ال ‪QQ‬يت ميدح فيه ‪QQ‬ا ابن تاش ‪QQ‬فني أن ‪QQ‬ه أراد أن يس ‪QQ‬تميله ‪ ،‬ويس ‪QQ‬تلني قلب ‪QQ‬ه‬
‫باإلشادة مبوقفه يف يوم الزالقة ‪ ،‬ولعله حني مل جيد فائدة من ذلك طوى ذكره وأمس‪QQ‬ك عن اإلش‪QQ‬ارة‬
‫إليه ‪ ،‬وتلقى مصريه صابرًا حمتسبًا" ‪.1‬‬

‫تصوير ألمه و معاناته في السجن ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫كث‪Q‬ريًا م‪Q‬ا وص‪Q‬ف املعتم‪Q‬د حال‪Q‬ه ‪ ،‬و تطّلع إىل نفس‪Q‬ه مبرارة وإىل قي‪Q‬وده حبرق‪Q‬ة ووص‪Q‬ف مش‪Q‬اعره العميق‪Q‬ة‬
‫وآالمه الشديدة ‪.‬‬

‫‪ 1‬المعتمد بن عباد ‪ ،‬علي أدهم ‪ ،‬ص ‪.297 :‬‬


‫‪11‬‬
‫فكثريًا ما حتّد ث يف شعره عن آالم القي‪Q‬ود ‪ ،‬وخ‪Q‬اطب ه‪Q‬ذه األغالل خطاب‪ًQ‬ا حزين‪ًQ‬ا متوس‪ًQ‬ال إليه‪Q‬ا إىل أن ترّفق حبال‪Q‬ه واص‪Q‬فًا أثره‪Q‬ا يف أعض‪Q‬ائه الواهن‪Q‬ة و‬
‫عارضًا حلال صغاره عندما دخلوا عليه ورأوه قائًال ‪:‬‬

‫أبيت أن تشفق أو ترجمـا‬ ‫قيدي أما تعلمني مسلم ـًا‬


‫أكلته ال تهشم األعظمـا‬ ‫دمي شراب لك واللحم قـد‬
‫فينثني القلب وقد ُه شمـا‬ ‫يبصرني فيك أبو هاش ـٍم‬
‫لم يخش أن يأتيك مسترحما‬ ‫ارحم طفيًال طائشًا لّبــه‬
‫‪1‬‬
‫جرعتهن السّم و العلقمـا‬ ‫وارحم أخيات له مثلــه‬
‫فالشاعر يرى يف القيد آفة تنخ‪Q‬ر يف جس‪Q‬ده بش‪Q‬راهة وهنم ‪ ،‬فيس‪Q‬رتمحه ويتوس‪Q‬له أن ي‪Q‬رتفق ب‪Q‬ه وبص‪Q‬غاره‬
‫ال‪QQ‬ذين ال يتحمل‪QQ‬ون فظاع‪QQ‬ة املنظ‪QQ‬ر وليس بوس‪QQ‬عهم م‪QQ‬ا يفعلون‪QQ‬ه ليخلص‪QQ‬وا أب‪QQ‬اهم من عذابات‪QQ‬ه إال البك‪QQ‬اء‬
‫على حاله بأمل وحرقة ‪.‬‬
‫وقد تأمل املعتمد يومًا من قيده وضيقه وثقله فأنشد ‪:‬‬

‫بذّل الحديد و ثقل القيود ِ‬ ‫تبّد لت من عّز ظل البنـود‬


‫وعضبًا رقيقًا صقيل الحديِد‬ ‫وكان حديدي سنانًا ذليقًا‬
‫يعّض بساق عّض األسوِد‬
‫‪2‬‬
‫فقد صار ذاك وذا أدهمـا‬
‫ّي‬
‫ي ‪QQ‬وازن الش ‪QQ‬اعر بني حيات ‪QQ‬ه املرتف ‪QQ‬ة يف ملك ‪QQ‬ه الزائ ‪QQ‬ل ‪ ،‬وبني حي ‪QQ‬اة ال ‪QQ‬ذّل واهلوان يف س ‪QQ‬جنه حيث تثقل ‪QQ‬ه‬
‫القيود احلديدية وتذله بعد أن كان هو من ميسك باحلديد من الّس نان احلاد املاض‪Q‬ي ‪ ،‬والس‪Q‬يف الرقي‪Q‬ق‬
‫املصقول‪ ،‬فقد دارت عليه الدوائر و أصبح مطوقًا بالقيود تعض ساقه بضراوة تشبه ضراوة األسود‪.‬‬
‫و ق‪QQ‬د تن‪QQ‬وعت تش‪QQ‬بيهات الش‪QQ‬اعر لقي‪QQ‬وده ال‪QQ‬يت تالزم‪QQ‬ه ‪ ،‬فط‪QQ‬ورًا يش‪QQ‬بهها باآلف‪QQ‬ة وت‪QQ‬ارًة باألس‪QQ‬د ‪ ،‬وت‪QQ‬ارًة‬
‫أخ‪QQ‬رى بالثعب‪QQ‬ان ‪ ،‬فريس‪QQ‬م لن‪QQ‬ا ص‪QQ‬ورته يف الس‪QQ‬جن و ه‪QQ‬و مس‪QQ‬تلٍق وغ‪QQ‬دا القي‪QQ‬د جبانب‪QQ‬ه كالثعب‪QQ‬ان يف ح‪QQ‬ال‬
‫متّد ده فيقول‪:‬‬

‫فغدا عليك القيد كالثعبان‬ ‫قد كان كالثعبان رمحك في الوغى‬


‫‪3‬‬
‫متعّطفًا ال رحمة للعــاني‬ ‫متمددًا بحذاك كل تم ـ ـّد ٍد‬

‫‪ 1‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص ‪.112:‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.94 :‬‬

‫‪ 3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.113 :‬‬


‫‪12‬‬
‫يتحس‪Q‬ر الش‪Q‬اعر على م‪Q‬ا مض‪Q‬ى من أيام‪Q‬ه فق‪Q‬د ك‪Q‬ان يرس‪Q‬ل رحمه إىل ع‪Q‬دوه كالثعب‪Q‬ان ‪ ،‬أم‪Q‬ا اآلن فق‪Q‬د متّد د‬
‫القي‪Q‬د على جس‪Q‬ده وجبواره على ال‪Q‬دوام بال رمحة وال ش‪Q‬قفة ‪ ،‬ففي الس‪Q‬جن ال ي‪Q‬رى حول‪Q‬ه إال ه‪Q‬ذا القي‪Q‬د‬
‫واجلس‪QQ‬دية الكث‪QQ‬رية ‪ ،‬فال رفي‪QQ‬ق ل‪QQ‬ه يؤنس‪QQ‬ه بع‪QQ‬د أن‬ ‫الذي يعوق حركت‪Q‬ه و يؤذي‪Q‬ه كلم‪Q‬ا تقّلب ‪ ،‬ويع‪Q‬اين من اآلالم النفس‪Q‬ية‬
‫ُأطلق صراح من كان معه يف السجن من أهل فاس ‪ ،‬فبقي وحده يقاسي عنت السجن وِثقل القيود ‪ ،‬فلما دخلوا عليه مودعني قال ‪:‬‬

‫لقد آن أن يفنى ويفنى به الخــُّد‬ ‫أم النسكاب الدمع في الخّد راحـة‬


‫بما فيه قد عافاكم الصمد الفــرُد‬ ‫ٍس‬
‫َه ُبوا دعوًة يا آل فا لمبتلـ ـًى‬
‫على قيود لم يحن فّك ها بع ـ ـُد‬ ‫تخلصتم من سجن أغمات و التوت‬
‫‪1‬‬
‫تلّو ى ‪ ،‬وأما األيد والبطش فاألسُد‬ ‫من الّد هم ‪ ،‬أما حلقها فأســاوٌد‬
‫سعادته إن كان قد خانني سع ـُد‬ ‫فُه ِنئتم النعمى ‪ ،‬ودامت لكلكــم‬
‫‪2‬‬
‫وهلل في أمري وأمركم الحمـ ـُد‬ ‫خرجتم جماعات وُخ ّلفت واحـدا‬
‫فلم يبَق سوى املعتمد يف هذا السجن تلتف عليه األغالل السود اليت تش‪QQ‬به األف‪QQ‬اعي يف خلقته‪QQ‬ا ‪ ،‬ولكن‬
‫فعله ‪QQ‬ا فع ‪QQ‬ل األس ‪QQ‬ود ب ‪QQ‬القوة والبطش ‪ ،‬فيبعث الته ‪QQ‬اين أله ‪QQ‬ل ف ‪QQ‬اس ال ‪QQ‬ذين ختلص ‪QQ‬وا من ربق ‪QQ‬ة الس ‪QQ‬جون‬
‫وآالمها‪ ،‬ويسلم األمر هلل وحيمده على كل حال ‪ ،‬فيقول يف موضع آخر ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫بساقي منها في السجون حجوُل‬ ‫لك الحمد من بعد السيوف كبوُل‬
‫و نالحظ يف قراءتنا هلذه األبيات كثرة مقارنة الشاعر ملا كان عليه من قوة و أنفه وما آلت إليه حاله من ذّل ‪ ،‬فيصف الس‪Q‬يوف ال‪Q‬يت ك‪Q‬ان ميس‪Q‬ك هبا‬
‫‪ ،‬والقيود اليت أص‪Q‬بحت تكّب ل يدي‪Q‬ه فيح‪Q‬اول اس‪Q‬تعاطفها واس‪Q‬رتحامها ‪ .‬ذل‪Q‬ك من خالل خماطبته‪Q‬ا و إخباره‪Q‬ا بأن‪Q‬ه ف‪Q‬ارس ك‪Q‬رمي ال يس‪Q‬تحق ه‪Q‬ذا اهلوان ‪،‬‬
‫وقد قال يف قصيدة يصف فيها الكبل ‪:‬‬

‫ُيساورها عّض ًا بأنياب ضيغِم‬ ‫تعّطف قي ساقي تعّطف أرقم ِ‬


‫‪4‬‬
‫ومن سيفه في جّنٍة و جهّنم‬ ‫و إني من كان الرجال بسيبه‬
‫منكم من م ‪ّQ‬ر ة حياول املعتم ‪QQ‬د أن خيّف ف ه ‪QQ‬ذا القي ‪QQ‬د من وطئت ‪QQ‬ه على س ‪QQ‬اقيه ومعص ‪QQ‬ميه ‪ ،‬ولكن دون‬
‫جدوى فما القيود إال آلة جامدة ال تقّد ر كرامة الرجال وشيمهم ‪.‬‬
‫لكن الوحدة اليت يعيشها املعتمد يف السجن جعلته خياطب كل ش‪Q‬يٍء من مجاد وحي‪Q‬وان ‪ ،‬إذ ن‪Q‬راه يتوج‪Q‬ه إىل غرب‪Q‬ان أغم‪Q‬ات وي‪Q‬رى فيه‪Q‬ا ف‪Q‬أل خ‪Q‬ري فق‪Q‬د‬
‫ورده نبأ بقدوم بعض نسائه عليه فقال ‪:‬‬

‫‪ 1‬أساود ‪ :‬ج أسود ‪ :‬وهو الحية ‪.‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.95-94 :‬‬

‫‪ 3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.111 :‬‬

‫‪ 4‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.117 :‬‬


‫‪13‬‬
‫من الليالي و أفنانًا من الشجـر‬ ‫غربان أغمات ال تعد من طيبًة‬
‫من الحرور ‪ ،‬وتكفيها أذى المطر‬ ‫تظّل زغَب فراٍخ تستكن بهـا‬
‫مخبراٍت به عن أطيب الخــبر‬ ‫كما نعبتّن لي بالفأل يعجبنـي‬
‫‪1‬‬
‫مّنا مطالعها تسرى إلى القمـِر‬ ‫أن النجوم التي غابت قد اقتربت‬
‫فنراه يشبه نساءه بالنجوم اليت ج‪Q‬اءت إىل قمره‪Q‬ا واحلقيق‪Q‬ة أنن‪Q‬ا جنده يلج‪Q‬أ الطبيع‪Q‬ة يف كث‪Q‬ري من ص‪Q‬وره‬
‫فليس هن‪QQ‬اك من يط‪QQ‬الع آالم‪QQ‬ه س‪QQ‬واها ‪ ،‬ويف ال‪QQ‬وقت نفس‪QQ‬ه تك‪QQ‬ون بعض احلش‪QQ‬رات مص‪QQ‬در إزع‪QQ‬اج هلذا‬
‫الس‪QQ‬جني ال‪QQ‬ذي مل يع‪QQ‬رف مث‪QQ‬ل ه‪QQ‬ذه اآلف‪QQ‬ات من قب‪QQ‬ل يف حي‪QQ‬اة النعيم ‪ ،‬فق‪QQ‬د وص‪QQ‬ف ذع‪QQ‬ره من عق‪QQ‬ارب‬
‫أغمات ال‪Q‬يت تقّض مض‪Q‬جعه ودع‪Q‬ا عليه‪Q‬ا ب‪Q‬العقر وك‪Q‬ل أن‪Q‬واع الض‪Q‬رر مثلم‪Q‬ا مألت قلب‪Q‬ه خوف‪ًQ‬ا منه‪Q‬ا من‪Q‬ذ‬
‫أن فارق قصوره الفسيحة إىل هذا السجن البائس الذي ساقته إليه األق‪Q‬دار أس‪Q‬ريًا يائس‪ًQ‬ا من أن يك‪Q‬ون‬
‫له فرج ‪ ،‬ولكنه ال يلبث أن يعود ويستغفر اهلل من حالة الضجر تل‪Q‬ك ال‪Q‬يت جعلت‪Q‬ه يقن‪Q‬ط من رمحة اهلل‬
‫وفرجه القريب ‪ ،‬مثله يف ذلك مث‪Q‬ل ك‪Q‬ل س‪Q‬جني حيي‪Q‬ا وراء القض‪Q‬بان يص‪Q‬ور آالم‪Q‬ه ال‪Q‬يت ال ميّل تكراره‪Q‬ا‬
‫‪ ،‬ولكنه‪QQ‬ا – عن‪Q‬د املعتم‪Q‬د – تص‪QQ‬در عن إحس‪Q‬اس عمي‪Q‬ق و ش‪Q‬عور ص‪QQ‬ادق ق‪Q‬وي جيعلن‪Q‬ا ننف‪QQ‬ذ إلىل نفس‬
‫الشاعر ونشاركه إىل حٍّد ما يف اجلو الذي عاشه ‪.‬‬

‫وصف المعتمد لحال أسرته من بعده ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫لقد تامّل املعتمد كثريًا على ما حّل بأسرته من بعد زوال ملكه وأسره فقد عانت أس‪Q‬رته ال‪Q‬ذّل و اهلوان‪،‬‬
‫والفقر و العازة بعد النعيم والرتف ‪ ،‬فأسي املعتمد هلذه احلال وع‪QQ‬رب عن‪Q‬ه يف ش‪Q‬عره وق‪Q‬د طالعن‪Q‬ا ع‪QQ‬دد من‬
‫املقطوع‪QQ‬ات والقص‪QQ‬ائد ال‪QQ‬يت يص‪QQ‬ف فيه‪QQ‬ا بنات‪QQ‬ه ‪ ،‬وي‪QQ‬ذكر أن‪QQ‬ه ملا ُخ ل‪QQ‬ع وُس ِج ن بأغم‪QQ‬ات ق‪QQ‬الت ل‪QQ‬ه زوج‪QQ‬ه‬
‫اعتماد الرميكية ‪ :‬يا سيدي لقد هّنا هنا فقال ‪:‬‬
‫موالي أين جاهنا ؟‬ ‫قالت ‪ :‬لقد هّنا هنا‬
‫‪2‬‬
‫صّيرنا إلهنـ ــا‬ ‫قلت لها ‪ :‬إلى هنا‬
‫فليس بوس‪QQ‬عه أن ي‪QQ‬رد القض‪QQ‬اء ال‪QQ‬ذي انتهى بأس‪QQ‬رة ب‪QQ‬ين عب‪QQ‬اد إىل ه‪QQ‬ذا املق‪QQ‬ام الوض‪QQ‬يع ‪ ،‬فأمس‪QQ‬ت بنات‪QQ‬ه بال‬
‫معني يقدم هلّن ما حيتجنه من مأكل وملبس مما جعلهّن يقاس‪Q‬ني الش‪Q‬قاء والفاق‪Q‬ة يف أغم‪Q‬ات ‪ ،‬وُر وي أن‪Q‬ه‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.99 :‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.114 :‬‬


‫‪14‬‬
‫قد دخلت على املعتمد بناته وهو يف األسر ‪ ،‬وكان اليوم يوم عيد فرآهن يف أطم‪Q‬ار رّثة ‪ ،‬وح‪Q‬اٍل س‪Q‬يئة‬
‫فصد عن قلبه وأنشد ‪:‬‬
‫فساءُل العيد في أغمات مأسورا‬ ‫فيما مضى كنت باألعياد مسرورا‬
‫يغزلن للناس ‪ ،‬ما يملكن قطميرا‬ ‫ترى بناتك في األطمار جائعــة‬
‫أبصارهن حسيراٍت مكاسيـرا‬ ‫برزن نحوك للتسليم خاشع ــة‬
‫كأنها لم تطأ مسكًا وكافـورا‬ ‫يطأن في الطين واألقدام حافيــة‬
‫‪1‬‬
‫وليس إال مع األنفاس ممطـورا‬ ‫ال خّد إال ويشكو الجدب ظاهرة‬
‫نلتمس من خالل ه‪QQ‬ذه األبي‪QQ‬ات مش‪QQ‬اعر األس‪QQ‬ى ال‪QQ‬يت مألت قلب الش‪QQ‬اعر يف ه‪QQ‬ذا العي‪QQ‬د ‪ ،‬وه‪QQ‬و مكّب ل‬
‫ٍب ٍة‬
‫بقيود أسره ‪ ،‬وقد رأى بناته يف ثيا رث يتضورون جوعًا ‪ ،‬وبائسات خمذوالت لدى رؤية وال‪QQ‬دهّن‬
‫هبذا املوق‪QQ‬ف ‪ ،‬مكس‪QQ‬ورات اجلن‪QQ‬اح واخلاطر حافي‪QQ‬ات األق‪QQ‬دام ‪ ،‬جاف‪QQ‬ات اخلدود من ك‪QQ‬ثرة ال‪QQ‬دموع ال‪QQ‬يت‬
‫ال تنقط‪QQ‬ع فال‪QQ‬دمع يس‪ّQ‬ح عليه‪QQ‬ا س‪QQ‬حًا ‪ ،‬وق‪QQ‬د ت‪QQ‬أثر الش‪QQ‬اعر حلال بنات‪QQ‬ه األم‪QQ‬ريات الل‪QQ‬وايت كّن ميش‪QQ‬ني على‬
‫املسك والكافور ‪ ،‬أما اآلن فال جيدن ما حيمي أقدامهن من الطني واحلجارة ‪.‬‬
‫وتنم هذه األبيات عن شدة ت‪Q‬أثر األب على بنات‪Q‬ه بغض النظ‪Q‬ر عن ك‪Q‬ون ملك‪ًQ‬ا فق‪Q‬د حتّم ل مس‪Q‬ؤولية ه‪Q‬ذا‬
‫ال‪QQ‬ذّل ال‪QQ‬ذي وص‪QQ‬لن إلي‪QQ‬ه وق‪QQ‬د أّث ر س‪QQ‬وء احلال وش‪QQ‬ظف العيش ‪ ،‬ورداءة املطعم واملس‪QQ‬كن يف ص‪QQ‬حتهّن ‪،‬‬
‫فمرضت إحدى كرائمه ‪،‬و اتفق ذلك مع وفود الوزير األندلسي أيب العالء ابن زهر بن عبد املل‪QQ‬ك إىل‬
‫مراكش ‪ ،‬وك‪Q‬ان ق‪Q‬د اس‪Q‬تدعي لعالج ابنت‪Q‬ه ‪ ،‬ومطالع‪Q‬ة أحواهلا بنفس‪Q‬ه ‪ ،‬وابن زه‪Q‬ر إش‪Q‬بيلي األص‪Q‬ل وأح‪Q‬د‬
‫أف ‪QQ‬راد أس ‪QQ‬رة اش ‪QQ‬تهرت ب ‪QQ‬األدب والعلم ‪،‬فلم ي ‪QQ‬رتدد يف تلبي ‪QQ‬ة دع ‪QQ‬وة املعتم ‪QQ‬د وق ‪QQ‬ام بعالجه ‪QQ‬ا على الوج ‪QQ‬ه‬
‫املرض‪QQ‬ي‪ ،‬ورف‪QQ‬ع ق‪QQ‬در املعتم‪QQ‬د بالتبجي‪QQ‬ل ودع‪QQ‬ا ل‪QQ‬ه بط‪QQ‬ول البق‪QQ‬اء ‪ ،‬فكتب إلي‪QQ‬ه املعتم‪QQ‬د إث‪QQ‬ر ذل‪QQ‬ك باألبي‪QQ‬ات‬
‫التالية‪:‬‬

‫أسيرًا أن يطول به البقــاُء‬ ‫دعا لي بالبقاء وكيف يهوى‬


‫أليس الموت أروح من حياٍة‬
‫يطول على الشقي بها الشقاُء‬
‫فإن هواي من حتفي اللقـاُء‬ ‫فمن يُك من هواه لقاء حٍّب‬
‫عواري قد أضّر بها الحفــاُء‬ ‫أأرغب أن أعيش أرى بنـاتي‬
‫مراتبه – إذا أبدو – النـداُء‬ ‫خوادم بنت من قد كان أعلى‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.101-100 :‬‬


‫‪15‬‬
‫وكفهم إذا غّص الفن ــاُء‬ ‫وطرد الناس بين يدي ممـري‬
‫ضمير خالص نفع الدعــاُء‬ ‫ولكن الدعاء إذا دعــاه‬
‫نوى بّر ًا وصاحبك العــالُء‬ ‫جزيت أبا العالء جزاء ب ـٍّر‬
‫‪1‬‬
‫بأن الكل يدركه الفن ــاُء‬ ‫سيسلي النفس عما فات علمي‬
‫ي‪QQ‬رى الش‪QQ‬اعر أن ط‪QQ‬ول عم‪QQ‬ره يطي‪QQ‬ل ش‪QQ‬قاءه وبؤس‪QQ‬ه ‪ ،‬فق‪QQ‬د ع‪QQ‬دا يعش‪QQ‬ق املوت ‪ ،‬ويتمىّن أن يالقي‪QQ‬ه عم‪QQ‬ا‬
‫يتمىن احملب لقاء حبيبه ‪ ،‬فأي حياٍة يعيش فيها لريى تعاس‪Q‬ة بنات‪Q‬ه وخ‪Q‬ذالهنن أم‪Q‬ام الن‪Q‬اس ‪ ،‬ويش‪Q‬ري هن‪Q‬ا‬
‫إىل حادثة وقعت ألكرم بناته حينما جلأت إىل الغزل للناس لتقضي بأجره بعض حاهلا‪ ،‬فُأدخل عليه‪QQ‬ا‬
‫فيم‪QQ‬ا أدُخ ل غ‪QQ‬زل لبنت عري‪QQ‬ف الش‪QQ‬رطة أبيه‪QQ‬ا وك‪QQ‬ان يق‪QQ‬ف بني يدي‪QQ‬ه ي‪ِQQ‬ز ّع الن‪QQ‬اس ي‪QQ‬وم ب‪QQ‬روزه ‪،‬ومل يكن‬
‫املعتمد يراه إال يف ذلك اليوم‪,.‬‬
‫مث يع‪Q‬ود الش‪Q‬اعر لش‪Q‬كر أيب العالء وال‪Q‬دعوى ل‪Q‬ه ب‪Q‬العالء والرفع‪Q‬ة ‪،‬ويع‪Q‬زي نفس‪Q‬ه ب‪Q‬أن مص‪Q‬ري ك‪Q‬ل إنس‪Q‬ان‬
‫املوت مهما امتّد به العمر ‪.‬‬
‫فيه‪QQ‬ا ولدي‪QQ‬ه املأمون والراض‪QQ‬ي ‪ ،‬وق‪QQ‬د‬ ‫أما ما كان من الشاعر بشأن أوالده ‪ ،‬فقد وجدنا يف الديوان قصائد ي‪Q‬رثي ب‪Q‬ه‬
‫قتل األول بقرطبة والثاين برندة ‪ ،‬كما قد قتل ابنه السراج الدولة الذي قتله ابن عكاشة يف قرطبة فتأجج حسراته وتسري عرباته فيقول يف رثائهم ‪:‬‬

‫سأبكي وأبكي ما تطاول من عمري‬ ‫يقولون ‪ :‬صبرًا ‪،‬ال سبيل إلى الصبر‬
‫يزيد فهل عند الكواكب من خـبِر‬ ‫هوى الكوكبان ‪ :‬الفتح ثم شقيقه‬
‫تخّم س لهفًا وسطه صفحة البــدِر‬ ‫ترى زهرها في مأتٍم ك ليل ـٍة‬
‫ّل‬
‫وأصبر ما للقلب في الصبر من عذِر‬ ‫ينحن على نجمين ‪ ،‬أثكلُت ذا وذا‬
‫حتمل هذه األبيات فاجعة األب بفقد أوالده فلذات كبده فال سبيل يرشده إىل الص‪QQ‬رب ‪ ،‬وال س‪Q‬لوان‬
‫ل ‪QQ‬ه إال البك ‪QQ‬اء عليه ‪QQ‬ا طيل ‪QQ‬ة حيات ‪QQ‬ه ‪ .‬فيش ‪QQ‬بهها بالكوكب ‪QQ‬ان الل ‪QQ‬ذان س ‪QQ‬قطا من عليائهم ‪QQ‬ا ‪ ،‬ويتخّي ل بك ‪QQ‬اء‬
‫أخواهتما عليهما يف مأمت يقمنه كل ليلة خيمشن في‪Q‬ه وج‪Q‬وههن القمري‪Q‬ة من ه‪Q‬ول الفاجع‪Q‬ة ‪.‬ف‪Q‬أىن لقلب‬
‫املعتمد املفطور أن يصرب بعد فقدمها ‪.‬‬
‫ك‪QQ‬ذا ك‪QQ‬انت أس‪QQ‬رة املعتم‪QQ‬د بني مقت‪QQ‬ول وم‪QQ‬ذلول بع‪QQ‬د أن هتاوت أرك‪QQ‬ان مل‪QQ‬ك أبيهم ‪ ،‬وه‪QQ‬و يقب‪QQ‬ع وراء‬
‫القضبان يتأمل ويتفّج ع ويبث آالمهم بتلك القصائد اخلالدة ‪.‬‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.90 :‬‬


‫‪16‬‬
‫اإلخوانيات والمطارحات ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫" اإلخواني ‪QQ‬ات هي األش ‪QQ‬عار ال ‪QQ‬يت يص ‪QQ‬وغها الش ‪QQ‬عراء فيم ‪QQ‬ا ي ‪QQ‬دور بينهم وبني إخ ‪QQ‬واهنم ‪،‬وتتم ‪QQ‬يز بص ‪QQ‬دق‬
‫العاطفة وسهولة العبارة والبعد عن املبالغة والغل‪QQ‬و يف اجملامل‪QQ‬ة حيث ترف‪QQ‬ع الكلف‪QQ‬ة بني األص‪QQ‬دقاء ‪ ،‬ومن‬
‫الش‪QQ‬عر اإلخ‪QQ‬واين م‪QQ‬ا يع‪QQ‬رف باملطارح‪QQ‬ات واملراس‪QQ‬الت الش‪QQ‬عرية حبيث تق‪QQ‬وم القص‪QQ‬يدة أو املقطوع‪QQ‬ة مق‪QQ‬ام‬
‫الرسالة النثرية ‪ ،‬وال تسمى مطارحة إّال عندما يرد الصديق على شعر صاحبه بشعر مثله ‪ ،‬يتفق مع‪QQ‬ه‬
‫‪1‬‬
‫وزنًا وقافيًة ‪".......‬‬
‫وقد درسنا هذا النوع من شعر املعتمد بعد أسره وس‪Q‬جنه فرأين‪Q‬ا أن‪Q‬ه احنرف متام‪ًQ‬ا عم‪Q‬ا ك‪Q‬ان من قب‪Q‬ل يف الن‪Q‬دوات األدبي‪Q‬ة يف بالط‪Q‬ه يف ف‪Q‬رتة ملك‪Q‬ه ‪ ،‬فق‪Q‬د‬
‫دار موض‪QQ‬وع ه‪QQ‬ذه اإلخواني‪QQ‬ات ح‪QQ‬ول ش‪QQ‬كواه ومعانات‪QQ‬ه يف الس‪QQ‬جن وتب ‪ّQ‬د ل حال‪QQ‬ه من الع‪QQ‬ز إىل ال‪QQ‬ذّل ‪ .‬وك‪QQ‬ان الش‪QQ‬عراء ال‪QQ‬ذين ي‪QQ‬ردون علي‪QQ‬ه ‪ ،‬يكتب‪QQ‬ون ل‪QQ‬ه‬
‫قصائد ختّف ف عليه وط‪Q‬أة الس‪Q‬جن ‪ ،‬وترف‪Q‬ع من ش‪Q‬أنه ‪ ،‬ومن ه‪Q‬ذه القص‪Q‬ائد م‪Q‬ا تبادل‪Q‬ه م‪Q‬ه ابن‪Q‬ه الرش‪Q‬يد ‪ ،‬فق‪Q‬د كتب املعتم‪Q‬د إىل ابن‪Q‬ه الرش‪Q‬يد يف طريق‪Q‬ه من‬
‫مكناسة إىل أغمات عتبًا أفرط فيه فرد عليه قائًال‪:‬‬

‫وحبيُب النفوس واألرواِح‬ ‫يا حليف الندى ورّب الّس ماح‬


‫لمحة من جبينك الوّضـاِح‬ ‫من تمام الُنعمى علّي التماحي‬
‫‪2‬‬
‫عن ضياِء الصباح والمصباِح‬ ‫قد ُعنينا ببشره وسن ــاه‬
‫فأجابه املعتمد ‪:‬‬
‫وحبيب النفـوس واألرواِح‬ ‫كنت حلف الندى ورّب السماِح‬
‫مستباٍح الحمى مهيض الجناِح‬ ‫وأنا اليوم رهن أسٍر وفق ـ ـٍر‬
‫شغلتني األشجان عن أفراحي‬ ‫عاد بشري الذي عهدَت عبوسـًا‬

‫‪ 1‬شعر األسر و السجن ‪ ،‬بسيم إبراهيم ‪ ،‬ص‪.105 :‬‬

‫‪ 2‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.93 :‬‬


‫‪17‬‬
‫‪1‬‬
‫ولقد كان ُترفة الّلماحــي‬ ‫فالتماحي إلى العيون كريـ ــه‬
‫ميدح الرش‪Q‬يد وال‪Q‬ده ب‪Q‬الكرم و الس‪Q‬ماحة ال‪Q‬ذي اس‪Q‬تأثر يف قل‪Q‬وب الن‪Q‬اس و ش‪Q‬غلهم حمبت‪Q‬ه ‪ ،‬حبيث تك‪Q‬ون‬
‫نظ‪QQ‬رة من وجه‪QQ‬ه الص‪QQ‬بوح من أمت النعم ال‪QQ‬يت حيص‪QQ‬ل عليه‪QQ‬ا الرش‪QQ‬يد ‪ ،‬ففي‪QQ‬ه من الض‪QQ‬ياء والن‪QQ‬ور م‪QQ‬ا جيعل‪QQ‬ه‬
‫يستغين عن نور الصباح واملصباح معًا ‪ ،‬وهذا ال يك‪Q‬ون إّال يف قلب الص‪ّQ‬ب املتيم ال‪Q‬ذي ال ي‪Q‬رى ن‪Q‬ورًا‬
‫يض‪Q‬اهي ن‪Q‬ور وج‪Q‬ه حمبوب‪Q‬ه ‪ ،‬إّال أن املعتم‪Q‬د ي‪Q‬رد علي‪Q‬ه نافي‪ًQ‬ا ه‪Q‬ذه الص‪Q‬ور اجلميل‪Q‬ة املطبوع‪Q‬ة يف خميلت‪Q‬ه فق‪Q‬د‬
‫غرّي ت ص‪QQ‬روف ال‪QQ‬دهر حال‪QQ‬ه يف الس‪QQ‬جن فلم يع‪QQ‬د كم‪QQ‬ا ك‪QQ‬ان كرميًا مسوحًا حمبوب‪ًQ‬ا ‪ ،‬فه‪QQ‬و يقاس‪QQ‬ي الفق‪QQ‬ر‬
‫واألس ‪QQ‬ر مكس ‪QQ‬ور اجلن ‪QQ‬اح فلم تع ‪QQ‬د ل ‪QQ‬ه هيب ‪QQ‬ة وحتول بش ‪QQ‬ره إىل عب ‪QQ‬وٍس وانش ‪QQ‬غل ب ‪QQ‬األتراح عن األف ‪QQ‬راح‬
‫والسعادة واحلبور الذي كان ينعم به فمنظره ال يسّر اخلاطر مثلما كان من قبل ‪.‬‬
‫كما كتب قصيدة إىل ابن محديس يأسى على ملكه الزائل يقول يف مطلعها ‪:‬‬

‫سيبكي عليه منبر وسريـُر‬ ‫غريٌب بأرض المغربيين أسيــر‬

‫وينهّل دمٌع بينهّن غزي ـُر‬ ‫وتندبه البيض الصوارم و القنــا‬

‫فما ُيرتجى للجود بعد نشـُر‬ ‫إذا قيل في أغمات قد مات جوده‬

‫وأصبح عنه اليوم وهو نفـوُر‬ ‫مضى زمن والملك يستأنس بــه‬
‫‪2‬‬
‫متى صلحت للصالحين دهوُر‬ ‫برأي من الدهر المضّلل فاســد‬
‫ورد عليه ابن محديس بقصيدة من البحر والقافية وحرف الروي نفسه يقول ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫وجارز زماٌن كنت فيه تجوُر‬ ‫جرى بك جّد بالكرام ممثور‬
‫فقد رمى احلظ العاثر باملعتمد هذا املرمى ودارت عليه الدوائر وج‪Q‬ار علي‪Q‬ه الزم‪Q‬ان كم‪Q‬ا فع‪Q‬ل ه‪Q‬و من قب‪Q‬ل فق‪Q‬د ك‪Q‬ان س‪Q‬لطان زمان‪Q‬ه ‪ ،‬إّال أ‪ ،‬ابن محديس‬
‫يقوي عزمية املعتمد يف أسره ويذكره بأن النجوم تدور وال تستقر على ح‪Q‬ال ‪ ،‬وال ب‪Q‬د من م‪Q‬زج بع‪Q‬د ه‪Q‬ذا الض‪Q‬يق ‪ ،‬ويع‪Q‬ود لي‪Q‬ذكره مبكارم‪Q‬ه وش‪Q‬جاعته‬
‫يف س‪QQ‬بيل ال ‪QQ‬دفاع عن ال ‪QQ‬دين وحفاظ‪QQ‬ه علي ‪QQ‬ه ‪ ،‬وق ‪QQ‬د ك‪QQ‬ان حلدث نفي ‪QQ‬ه ب ‪QQ‬الغ األث ‪QQ‬ر على أرض األن ‪QQ‬دلس ح‪QQ‬ىت ب ‪QQ‬دت اجلب ‪QQ‬ال وكأهنا تري ‪QQ‬د أن هتاجر مكاهنا‬
‫وترحل مع املعتمد ‪ ،‬وتلك آية من آيات اهلل يوم القيامة كما يرى ابن محديس إذ يقول ‪:‬‬

‫وُقلقل رضوى منكم وبثي ـُر‬ ‫ولما رحلتم بالندى أُك فّك ــم‬
‫‪4‬‬
‫أّال فانظروا وهذي الجبال تسيُر‬ ‫رفعت لساني بالقيامة قد دنت‬

‫‪ 1‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.93 :‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.99-98 :‬‬

‫‪ 3‬ديوان ابن حمديس ‪ ،‬ص ‪.268 :‬‬

‫‪ 4‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪:‬‬


‫‪18‬‬
‫فق‪Q‬د ك‪Q‬انت عالق‪Q‬ة املعتم‪Q‬د ب‪Q‬ابن محديس قوي‪Q‬ة ج‪Q‬دًا ‪ ،‬ح‪Q‬ىت إن‪Q‬ه زاره يف منف‪Q‬اه ولكن‪Q‬ه مل ي‪Q‬ره ‪ ،‬فق‪Q‬د ص‪Q‬رفه‬
‫بعض خدم ‪QQ‬ه بأن ‪QQ‬ه ال يوج ‪QQ‬د يف ذل ‪QQ‬ك ال ‪QQ‬وقت ‪ ،‬فرج ‪QQ‬ع عب ‪QQ‬د اجلب ‪QQ‬ار إىل منزل ‪QQ‬ه ‪ ،‬ف ‪QQ‬أخرب املعتم ‪QQ‬د مبجيئ ‪QQ‬ه‬
‫ورجوعه فعّز عليه ذلك ‪ ،‬وعّنف خدمه ‪ ،‬وكتب إليه بالغداة هبذا الشعر يعتذر قائًال‪:‬‬
‫فاصغ فدتك النفس سمعًا إلى عـذري‬ ‫ُح جْبَت فال واهلل ما ذاك من أمــري‬
‫وال دار إخجال لمثلك في صــدري‬ ‫فما صار إخالل المكارم لي هــوًى‬
‫‪1‬‬
‫لنا السحر ‪،‬إن لم تأِت في زمن السحر‬ ‫وأنت ابن حمديس الذي كنت مهديًا‬
‫فشرح املعتمد ما ك‪Q‬ان ق‪Q‬د فعل‪Q‬ه أولئ‪Q‬ك اخلدم ال‪Q‬ذين ال يق‪Q‬درون املق‪Q‬ادير وف‪Q‬ق م‪Q‬ا تس‪Q‬تحق وال يفقه‪Q‬ون ش‪Q‬يئًا ‪ ،‬كم‪Q‬ا أهنم ال يعلم‪Q‬ون باملكان‪Q‬ة العالي‪Q‬ة ال‪Q‬يت‬
‫حيلها ابن محديس يف نفسه فجاوبه ابن محديس بعدد من األبيات مطلعها ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫بغير انقباٍض منك يجري إلى ذكِر‬ ‫أمثلك مولًى يبسط العبَد بالعذر‬
‫ويف ه ‪QQ‬ذه األبي ‪QQ‬ات ميدح املعتم ‪QQ‬د ويلتمس ل ‪QQ‬ه الع ‪QQ‬ذر و خلدم ‪QQ‬ه ويؤك ‪QQ‬د ل ‪QQ‬ه أن خيرب م ‪QQ‬ا يف نفس ‪QQ‬ه لس ‪QQ‬ابق‬
‫عطاياه وإحسانه وحيتار ملا حّل باملعتمد من مصائب ال جيد هلا علة ‪.‬‬
‫ولع‪QQ‬ل املطارح‪QQ‬ات ال‪QQ‬يت دارت بني املعتم‪QQ‬د وش‪QQ‬اعر ابن اللبان‪QQ‬ة ال‪QQ‬داين من أمجل م‪QQ‬ا م‪QQ‬ر معن‪QQ‬ا يف ه‪QQ‬ذا الب‪QQ‬اب ‪ ،‬فق‪QQ‬د وف‪QQ‬د ال‪QQ‬داين علي‪QQ‬ه يف أغم‪QQ‬ات و ا أراد‬
‫ّمل‬
‫الرحيل أرسل إليه املعتمد عشرين مثقاًال ‪ ،‬ومعها قصيدة يقول فيها ‪:‬‬

‫فإن تقبل تكْن عيَن الشكوِر‬ ‫إليك النزر من كّف األسير‬


‫وإن عذرته حاالُت الفقيـِر‬ ‫تقّبل ما يذوب له حيــاًء‬
‫‪3‬‬
‫أليس الخسف ملتزم البـدوِر‬ ‫وال تعجب لخطٍب عّض منه‬
‫واحلقيق‪QQ‬ة أن املعتم‪QQ‬د ي‪QQ‬ذوب خجًال هلذه األعطي‪QQ‬ة ‪ ،‬فم‪QQ‬ا تع‪QQ‬ود ش‪QQ‬عراؤه على ه‪QQ‬ذا ال‪QQ‬نزر ولكن ع‪QQ‬ذره يف ذل‪QQ‬ك فق‪QQ‬ره وس‪QQ‬وء حال‪QQ‬ه فيطلب من ال‪QQ‬داين أن‬
‫يأخ‪Q‬ذها ‪ ،‬مث ي‪QQ‬ذكره مبناقب‪QQ‬ه يف ملك‪Q‬ه ويطلب إلي‪QQ‬ه إّال يتس‪Q‬اءل عم‪Q‬ا أص‪QQ‬ابه من ذّل فمثل‪QQ‬ه يف ذل‪QQ‬ك مث‪QQ‬ل الب‪QQ‬دور ال‪QQ‬يت يص‪Q‬يبها اخلس‪Q‬ف ‪ ،‬إّال أن ال‪QQ‬داين ي‪QQ‬رد‬
‫أعطيته ويكتب إليه قصيدة يقول يف مطلعها ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫فذرني والذي لك في ضيري‬ ‫سقطَت من الوفا على خبر‬
‫فراجعه املعتمد بأبيات مطلعها ‪:‬‬
‫وجفا فاستحق لومًا وشكرًا‬ ‫رّد بّر ي بغيًا علي وبرًا‬
‫فريد الداين عليه قائًال ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫صرفي البّر إنما كان ب ـّر ًا‬ ‫أيها الماجد السميذع عذرًا‬

‫‪ 1‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.102-101 :‬‬

‫‪ 2‬ديوان ابن حمديس ‪ ،‬ص‪.271 :‬‬

‫‪ 3‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.103-102 :‬‬

‫‪ 4‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.104 :‬‬


‫‪19‬‬
‫‪1‬‬
‫يتشّك ى فقرًا وكم سّد فقرا‬ ‫حاشى اهلل أن أجيح كريمًا‬
‫فلم يكن رد ال‪QQ‬داين ألعطي‪QQ‬ه املعتم‪QQ‬د تكرّب ًا أو ش‪QQ‬فقه فق‪QQ‬د أص‪QQ‬اب من وراء قدوم‪QQ‬ه م‪QQ‬ا يري‪QQ‬د فق‪QQ‬د ك‪QQ‬ان هدف‪QQ‬ه مراس‪QQ‬لة املعتم‪QQ‬د والظف‪QQ‬ر ب‪QQ‬درر أش‪QQ‬عاره كم‪QQ‬ا‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫كيف ألقى دّر ًا وأطلب تبرا‬ ‫وكفاني كالُمك الرطُب نيًال‬
‫فقد أقام الداين بقرب املعتمد أيامًا سعد فيها ‪ ،‬ولكن ال من العودة إىل األندلس ووداع خليله املعتمد‪ ،‬فلّم ا هّم بالرحيل أنشد ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫وللنفس في ذكر الوداع حماُم‬ ‫وداٌع ولكني أقول سالٌم‬
‫فقد كان للوداع عنده وقعًا يشبه وقع املوت ‪ ،‬كذلك كان فراقه صعبًا على املعتمد الذي أجابه قائًال‪:‬‬

‫وسحٌر ولكن ليس فيه حراُم‬ ‫كالمك حٌّر والكالم غـالم‬


‫ٍء‬
‫فيا طيب بد لو تاله تمـاُم‬ ‫تحليت بالداني وأنت مباعـٌد‬
‫‪4‬‬
‫وعاد بها حين ارتحلت ظالُم‬ ‫أضاء لنا أغمات قربك برهًة‬
‫فشعر الداين ميثل صاحبه فهو حر مثله ‪ ،‬وله بياٌن ساحٌر للعقول من دون س‪Q‬حر ‪ ،‬ويتم‪Q‬ىن املعتم‪Q‬د ل‪Q‬و‬
‫أن كان امسًا على مسّم ى وبقي بقره يضيء له ظلمات السجن يف أغمات ‪.‬‬
‫واحلقيقة أن ه‪Q‬ذه املطارح‪Q‬ات اإلخواني‪Q‬ة ال‪Q‬يت دارت على لس‪Q‬ان املعتم‪Q‬د وأص‪Q‬دقائه وحمبي‪Q‬ه ‪ ،‬متّثل احللق‪Q‬ة‬
‫األهم يف دراسة أثر السجن يف نفسه من وحدة وأمل وشقاء وحنني ‪.‬‬

‫‪ 5‬وردت في تاج العروس ‪ :6/3‬السميذع ‪ :‬صرح بعضهم بأن إعجام ذا له خطأ ‪ ،‬السميذع ‪ :‬الشجاع ‪،‬األسد‪ ،‬الرئيس‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.104 :‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.104 :‬‬

‫‪ 3‬الذخيرة ‪.17 :2 ،‬‬

‫‪ 4‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص ‪.114 -113 :‬‬


‫‪20‬‬
‫حنين المعتمد إلى أرضه و أهله ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫" االغ ‪QQ‬رتاب عن ال ‪QQ‬وطن واأله ‪QQ‬ل حيرك املش ‪QQ‬اعر اإلنس ‪QQ‬انية عموم‪ًQ Q‬ا فض‪ًQ Q‬ال عن مش ‪QQ‬اعر الش ‪QQ‬عراء ال ‪QQ‬ذين‬
‫يتمتع ‪QQ‬ون حبساس ‪QQ‬ية مرهف ‪QQ‬ة ‪ ،‬وميتلك ‪QQ‬ون أداة التعب ‪QQ‬ري عن ه ‪QQ‬ذه املش ‪QQ‬اعر ‪ ،‬حيث يص ‪QQ‬وغوهنا ش ‪QQ‬عرًا حّي ًا‬
‫نابض ‪ًQ‬ا بالص‪QQ‬دق يعرّب عن مش‪QQ‬اعر الغرب‪QQ‬ة والوحش‪QQ‬ة ‪ ،‬وال ي‪QQ‬درك الش‪QQ‬وق إّال من يكاب‪QQ‬ده ‪ ،‬وإذا اجتم‪QQ‬ع‬
‫على الشاعر هّم الغربة وهّم السجن كان أمله أشد‪ ،‬وحنينه إىل وطنه وأهله أقوى وأعنف ‪.‬‬
‫ومن أظهر مسات شعر احلنني ‪ ،‬النزوع إىل األرض اليت كانت املنشأ والوطن ومسرح املاض‪QQ‬ي ‪ ،‬وه‪QQ‬و‬
‫ن ‪QQ‬زوٌع فط ‪QQ‬ري مثل ‪QQ‬ه يف ذل ‪QQ‬ك مث ‪QQ‬ل ال ‪QQ‬نزوع إىل األه ‪QQ‬ل والول ‪QQ‬د‪ ،‬وهلذا ب ‪QQ‬رز عن ‪QQ‬د معظم ش ‪QQ‬عراء األس ‪QQ‬ر و‬
‫السجن" ‪.1‬‬
‫وجند هذه الظ‪Q‬اهرة يف معظم ش‪Q‬عر املعتم‪Q‬د يف تل‪Q‬ك الف‪Q‬رتة من حيات‪Q‬ه ‪ ،‬فه‪Q‬و حين إىل وطن‪Q‬ه وملك‪Q‬ه وم‪Q‬ا‬
‫ك‪QQ‬ان ل‪QQ‬ه يف س‪QQ‬الف عص‪QQ‬ره من قص‪QQ‬ور وري‪QQ‬اض ‪ ،‬وأك‪QQ‬ثر من ذل‪QQ‬ك حيّن إىل أهل‪QQ‬ه وأوالده وبنات‪QQ‬ه ‪ ،‬وإىل‬
‫حياة احلرية خارج هذه القضبان بال قيود وال سالسل تعيق حركته ‪.‬‬
‫ومن القصائد اليت تعرب عن ذلك ما قاله عندما اجتاز عليه يف أسره سرب قطا ‪ ،‬فهاج وجده وأثار من لواعج الشوق ما عنده فقال ‪:‬‬

‫سوارح ال سجٌن يعوق وال كبُل‬ ‫بكيُت إلى سرب القطا إذ مررن بي‬

‫ولكن حنينًا أن شكلي لها شكُل‬ ‫ولم تك – واهلل المعيذ – حسادٌة‬


‫‪2‬‬
‫وجيع وال عيناي يبكيهما ثكُل‬ ‫فأسرح ال شملي صديٌع وال الحشا‬

‫‪ 1‬شعر األسر والسجن ‪ ،‬بسيم إبراهيم‪ ،‬ص‪.132 :‬‬


‫‪ 2‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.111-110 :‬‬
‫‪21‬‬
‫فق ‪QQ‬د أش ‪QQ‬علت ه ‪QQ‬ذه القط ‪QQ‬ا ن ‪QQ‬ار املعتم ‪QQ‬د فاهنالت دموع ‪QQ‬ه من عيني ‪QQ‬ه إذ ي ‪QQ‬رى تل ‪QQ‬ك الطي ‪QQ‬ور تس ‪QQ‬رح حملق ‪QQ‬ة يف‬
‫ع‪QQ‬ائق يعي ‪QQ‬ق حركته‪QQ‬ا وال قي ‪QQ‬د مينعه‪QQ‬ا ‪ ،‬إّال أن مش‪QQ‬اعره مش‪QQ‬اعر غبط ‪ٍQ‬ة ال مش‪QQ‬اعر حس‪QQ‬د‪ ،‬فيتم‪QQ‬ىن أن حال ‪QQ‬ه كحاهلا ينعم‬ ‫الفض‪QQ‬اء الفس‪QQ‬يح بال‬
‫باحلري‪QQ‬ة ‪ ،‬ومشله ملتٌّم وليس هن‪QQ‬اك من آالٍم تس‪QQ‬اوره ‪ ،‬ومل يفق‪QQ‬د عزي ‪Q‬زًا من أوالده أو ملك ‪ًQ‬ا ‪.‬ويه‪QQ‬نئ املعتم‪QQ‬د س‪QQ‬رب القط‪QQ‬ا على جتمع‪QQ‬ه م‪QQ‬ع بعض‪QQ‬ه ‪ ،‬فال‬
‫تباعد بني مجاعاته ينّغص سعادهتا ‪ ،‬وال سجنًا يقّض مضجعها إذا اهتز بابه أو صلصل قفله ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬

‫وال ذاق منها البعد من أهلها أه ـُل‬ ‫هنيئًا لها أن لم يفّر ق جميعها‬
‫‪1‬‬
‫إذا اهتز باب السجن أو صلصل القفُل‬ ‫وأن لم تبْت مثلي تطير قلوبها‬
‫فالش‪QQ‬اعر ي‪QQ‬درك متام ‪ًQ‬ا أن ذل‪QQ‬ك ك‪QQ‬ان قض‪QQ‬اؤه وق‪QQ‬دره ‪ ،‬ومل يكن ليحس‪QQ‬د س‪QQ‬رب القط‪QQ‬ا بش‪QQ‬يء ‪ ،‬ولكن‬
‫أراد أن يصف تطلع اخلالئق كلها إىل احلرية اليت منحها اهلل هلا ‪.‬‬
‫واملوت أهون عليه من حياة السجون والقيود هذه بعيدًا عن بناته وصغاره الذين يعانون شظف العيش من بعد سجنه فيقول ‪:‬‬

‫وصفُت الذي في ِج بلة الخلق من قبِل‬ ‫وما ذاك مما يعتريني وإنمــا‬

‫سواي يحب العيش في ساقه حجـُل‬ ‫لنفسي إلى لقيا الحمام تشّو ٌق‬
‫‪2‬‬
‫فإن فرخي خانها الماء والظ ـ ـُّل‬ ‫أال عصم اهلل القطا في فراخها‬
‫ومن مجي ‪QQ‬ل ش ‪QQ‬عره يف احلنني م ‪QQ‬ا كتب ‪QQ‬ه إىل ابن محديس حيكي ل ‪QQ‬ه آالم الغرب ‪QQ‬ة والس ‪QQ‬جن وه ‪QQ‬و أس ‪QQ‬ري يأس ‪QQ‬ى‬
‫على قص‪QQ Q‬وره وه‪QQ Q‬و يرس‪QQ Q‬خ حتت ن‪QQ Q‬ري الس‪QQ Q‬جن ال ح‪QQ Q‬ول وال ق‪QQ Q‬وة ل‪QQ Q‬ه ‪ ،‬فيحّن أليام‪QQ Q‬ه يف تل‪QQ Q‬ك القص‪QQ Q‬ور‬
‫والرياض ويتمىن لو يعود ذلك الزمان قائًال‪:‬‬
‫أمامي وخلفي روضٌة وغديُر ؟!‬ ‫فيا ليت شعري هل أبيتن ليل ـًة‬
‫تغني قياٌن أو ترّن طي ــوُر‬ ‫بمنبتة الزيتون موروثة الع ــال‬

‫تشيُر الثريا نحونا ونشيـ ـُر‬ ‫بزاهرها السامي الزراجاده الحيـا‬

‫غيورين والصّب المحّب غيـوُر‬ ‫ويلحظنا الزاهي وسعُد وسعـوده‬

‫أال كّل ما شاء اإلله يسي ـُر‬ ‫تراه عسيرًا أم يسرًا منالـ ــه‬
‫‪3‬‬
‫هنالك منا للنشور قب ــوُر‬ ‫قضى اهلل في حمص الحمام وبعثرت‬
‫يبّث الش‪QQ‬اعر يف ه‪QQ‬ذه األبي‪QQ‬ات أش‪QQ‬واقه وأماني‪QQ‬ه ب‪QQ‬أن تع‪QQ‬ود أي‪QQ‬ام الص‪QQ‬فاء واألنس يف قص‪QQ‬وره املطل‪QQ‬ة على‬
‫بعض‪QQ‬ها ‪ ،‬بني أش‪Q‬جار الزيت‪Q‬ون واألزاه‪QQ‬ري والغ‪QQ‬دائر ‪ ،‬يف جمالس الغن‪Q‬اء وت‪Q‬رنيم الطي‪Q‬ور وه‪QQ‬و يتس‪Q‬اءل ه‪QQ‬ل‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.111 :‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه‪،‬ص ‪.111 :‬‬

‫‪ 3‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.99 :‬‬


‫‪22‬‬
‫ذل‪QQ‬ك ممكٌن ؟‪ ،‬فيجيب نفس‪QQ‬ه أن ك‪QQ‬ل ش‪QQ‬يٍء ال يك‪QQ‬ون إّال ب‪QQ‬إرادة اهلل ومش‪QQ‬يئته ‪ ،‬وينتهي ب‪QQ‬ه الكالم إىل‬
‫الرضا بأمر القضاء عليه بأن ميوت يف منفاه بعيدًا عن أهله حىت يف قربه ‪.‬‬
‫ويستخدم الشاعر يف مقدمة هذه األبيات تعبريًا أصيًال يف الرتاث الشعري ‪ ،‬فقد استخدمه مجيل بثينة يف حنينه إىل حمبوبته قائًال‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫بوادي القرى إني إذن لسعيُد‬ ‫أال ليت شعري هل أبيتّن ليلًة‬
‫كما استخدمه مالك بن الريب يف نفس الغرض إذ يقول ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫بجنب الغضا أزجي القالص النواجيا‬ ‫أال ليت شعري هل أبيتّن ليلًة‬
‫وهذا م‪Q‬ا ي‪Q‬دلل على عم‪Q‬ق ثقاف‪Q‬ة املعتم‪Q‬د وتش‪ّQ‬ر به للم‪Q‬وروث الش‪Q‬عري فاس‪Q‬تطاع أن يرس‪Q‬م ص‪Q‬ورة احملّب‬
‫املتعطش إىل أحضان قصوره اليت طاملا أحبها وأحبته ‪.‬‬

‫موقف المعتمد من الدهر ‪:‬‬ ‫‪-7‬‬


‫لق‪Q‬د أط‪Q‬ال املعتم‪Q‬د التأم‪Q‬ل يف تقلب‪Q‬ات ال‪Q‬دهر يف ف‪Q‬رتة س‪Q‬جنه ونقم علي‪Q‬ه يف أحي‪Q‬اٍن كث‪Q‬رية‪ ،‬فبع‪Q‬د أن ك‪Q‬ان س‪Q‬يد زمان‪Q‬ه آم‪Q‬رًا ناهي‪ًQ‬ا انقلبت اآلي‪Q‬ة فص‪Q‬ار منهي‪ًQ‬ا‬
‫ومأمورًا فيقول ‪:‬‬

‫فرّدك الدهر منهّيًا ومأمورا‬ ‫من كان دهره إن تأمره ممتثًال‬


‫‪3‬‬
‫فإنما بات باألحالم مغرورا‬ ‫من بات بعدك في ملك يسّر به‬
‫‪ 1‬ديوان جميل بثينة ‪،‬ص‪.39 :‬‬

‫‪ 2‬جمهرة أشعار العرب ‪ ،‬القرشي ‪ ،‬ص ‪.758 :‬‬


‫‪23‬‬
‫يقدم الشاعر جتربته عربة ملن اعت‪Q‬رب ‪ ،‬فال يغ‪Q‬ر بطيب العيش ملك‪ًQ‬ا وال ي‪Q‬أمن ملك‪Q‬ر ال‪Q‬دهر وخطوب‪Q‬ه ‪،‬ألن‪Q‬ه ميد األم‪Q‬ل لإلنس‪Q‬ان وال يلبث أن يقطع‪Q‬ه خبطوب‪Q‬ه‬
‫ولكن كذا هي احلال اليت وصفها ‪:‬‬

‫والشوك ينبت فيه الورد واألُس‬ ‫من يصحب الدهر لم يعدم تقّلبه‬
‫‪1‬‬
‫فقلما جرحت إّال انثنت تاسو‬ ‫يمّر حينًا وتحلو لي حوادث ــه‬
‫ي‪QQ‬رى املعتم‪Q‬د أن تقّلب ال‪QQ‬دهر أم‪ٌQ‬ر ط‪Q‬بيعي كم‪Q‬ا أن األس وال‪QQ‬ورد منبت‪QQ‬ه الش‪Q‬وك فال‪QQ‬دهر يص‪Q‬فو م‪Q‬رة ويتعك‪Q‬ر أخ‪Q‬رى إّال أن‪QQ‬ه ال ي‪QQ‬داوي من جرح‪Q‬ه ‪ ،‬فيلقي‬
‫املعتمد بعتبه على دهره الذي اقرتف ذنبًا حبقه ‪ ،‬ويؤكد له أنه خسر بطًال يستهني بالصعاب فيقول ‪:‬‬

‫وأن يمحو الذنب الذي كان قّد ما‬ ‫أبى الدهر أن يقني الحياء ويندما‬
‫بعذٍر يغشي صفحتيه لتذمــما‬ ‫وأن يتلّق ى وجه عتيب وجهـه‬
‫‪2‬‬
‫إلى كل صعٍب من مراقيك ُس ّلما‬ ‫ستعلم بعدي من تكون سيوفه‬
‫ويبدو كأنه يعاتب صاحبًا غدر به ومل خيجل لفعله الذميم الذي خسر فارسًا مقدامًا غلب املصائب‬
‫و احملن اليت رماه الدهر هبا من قبل دون خوف أو وجل ‪.‬‬
‫ويع‪QQ‬ود الش‪QQ‬اعر الس‪QQ‬جني إىل رش‪QQ‬ده بع‪QQ‬د أن ختب‪QQ‬ط يف ش‪QQ‬رك مص‪QQ‬ائب ال‪QQ‬دهر لي‪QQ‬دُع نفس‪QQ‬ه كي تس‪QQ‬تكني‬
‫وهتدأ‪ ،‬وتقن ‪QQ‬ع بنّص ها من ال ‪QQ‬دنيا ‪ ،‬وحيمله ‪QQ‬ا على قب ‪QQ‬ول م ‪QQ‬ا ابتلي ب ‪QQ‬ه ‪ ،‬وقلب ‪QQ‬ه املص ‪QQ‬دوع ويبعث بعض‬
‫الطمأنينة يف نفسه الواهلة املعذبة فيقول‪:‬‬

‫وعِّز نفسك إن فارقت أوطانا‬ ‫اقنع بحّظك من دنياك ما كان ــا‬


‫فأشعر القلب إيمانًا و سلوانـا‬ ‫من اهلل من كّل مفقوٍد مضى عوٌض‬
‫مّج ت دموعك في خديك طوفانا‬ ‫أكلما سنحت فرصة طربت لهــا‬
‫بّز ته سود خطوب الدهر سلطانا‬ ‫أما سمعت بسلطاٍن شبيهك ق ــد‬
‫وِّطن على القرب وارقب إثره فرجًا‬
‫‪3‬‬
‫واستغنم اهلل تغنم من غفرانــا‬

‫‪ 3‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.101 :‬‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.107 :‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.108 :‬‬

‫‪ 3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.115-114 :‬‬


‫‪24‬‬
‫فه‪Q‬و حيّك م عقل‪Q‬ه يف وج‪Q‬وب القناع‪Q‬ة مبا ُقس‪Q‬م ل‪Q‬ه يف ه‪Q‬ذه ال‪Q‬دنيا ‪ ،‬وأن يس‪ّQ‬لي نفس‪Q‬ه بف‪Q‬راق أهل‪Q‬ه وحمّبي‪Q‬ه‬
‫وأص ‪QQ‬حابه وملك ‪QQ‬ه وقص ‪QQ‬وره ل ‪QQ‬ذا مجع ه ‪QQ‬ؤالء بكلم ‪QQ‬ة ( أوط ‪QQ‬ان ) ألن ‪QQ‬ه ي ‪QQ‬رى أن جزي ‪QQ‬رة األن ‪QQ‬دلس كلم ‪QQ‬ا‬
‫بالده‪.‬‬
‫فاهلل يعّو ضه عن كل ه‪Q‬ؤالء إن اش‪Q‬تعل ن‪Q‬ور اإلميان والص‪Q‬رب ي قلب‪Q‬ه ب‪Q‬دًال من األمل واحلس‪Q‬رة ‪.‬فال فائ‪Q‬دة‬
‫ترجى من ذرفه الدموع السجام على ذكرى فات أواهنا ‪ ،‬فلم يكن هو أول س‪QQ‬لطان ُينزع من ملك‪QQ‬ه‬
‫بفع‪QQ‬ل خط‪Q‬وب ال‪Q‬دهر ‪ ،‬ل‪Q‬ذا ي‪Q‬ردع نفس‪Q‬ه ويبعثه‪QQ‬ا على الص‪QQ‬رب وارتق‪QQ‬اب الف‪QQ‬رج من اهلل ع‪QQ‬ز وج‪Q‬ل وكل‪Q‬ه‬
‫أمل باملغفرة وحسن اخلتام ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬الخصائص الفنية ‪:‬‬

‫بناء القصيدة ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫يتبني لنا من دراسة ش‪Q‬عر املعتم‪Q‬د يف الس‪Q‬جن أن‪Q‬ه ينقس‪Q‬م إىل قس‪Q‬مني ‪ :‬قص‪Q‬ائد ومقطوع‪Q‬ات و ق‪Q‬د ك‪Q‬ان‬
‫أكثر ش‪Q‬عره على املقطوع‪Q‬ات ملا تتم‪Q‬يز ب‪Q‬ه من قص‪Q‬ر نفس وإجياز حيث يبّث ش‪Q‬حنة عاطفي‪Q‬ة أو انفعالي‪Q‬ة‬
‫‪ ،‬أو ينفث فيه‪QQ‬ا آالم‪QQ‬ه ومهوم‪QQ‬ه وهي ذات وح‪QQ‬دة عض‪QQ‬وية حبيث ي‪QQ‬دخل الش‪QQ‬اعر يف موض‪QQ‬وعه مباش‪QQ‬رًة‬
‫دون مق ‪QQ‬دمات ‪ ،‬مث إهنا يف الغ ‪QQ‬الب ت ‪QQ‬دور ح ‪QQ‬ول فك ‪QQ‬رة واح ‪QQ‬دة تعرّب عنه ‪QQ‬ا وق ‪QQ‬د أس ‪QQ‬لفنا احلديث عن‬
‫املوضوعات اليت تناوهلا املعتمد يف شعره ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الموسيقى ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وتتحق ‪QQ‬ق املوس ‪QQ‬يقى يف الش ‪QQ‬عر من خالل الكلم ‪QQ‬ة ال ‪QQ‬يت تكتب فتعطي مجالي ‪QQ‬ة خاص ‪QQ‬ة ‪ ،‬وقيم ‪ًQ‬ا فنّي ة تبع ‪ًQ‬ا‬
‫ملكاهنا يف الس ‪QQ‬ياق وق ‪QQ‬د أج ‪QQ‬اد املعتم ‪QQ‬د يف اختي ‪QQ‬ار ألف ‪QQ‬اظ ش ‪QQ‬عره يف الس ‪QQ‬جن وراوح بينه ‪QQ‬ا يف األغ ‪QQ‬راض‬
‫واملواقف املختلفة ‪ ،‬وقد استخدم أنواعًا متعددة من البديع نذكر منها ‪:‬‬
‫السجع والتصريع ‪ :‬فقد اهتم املعتمد فيهما وأكثر من استخدامهما يف شعره ومنه قوله ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫وعِّز نفسك إن فارقت أوطانا‬ ‫اقنع بحظك من دنياك ما كانا‬
‫الجناس ‪ :‬وقد استخدمه املعتمد على نطاق واسع يف شعره يف السجن ‪ ،‬وق‪QQ‬د تناس‪QQ‬ب جناس‪QQ‬ه‬ ‫‪-‬‬
‫مع الصورة ‪ ،‬وجاء على إيقاع موسيقي حمبب ومن أمثلته قوله ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫بسؤالهم ألحّق منهم فأعجُب‬ ‫سألوا العسير من األسير وإنه‬
‫رّد العجز على الصدر ‪ :‬جلأ إليه املعتمد إلضافة عنصر موسيقي جدي‪QQ‬د يلفت االنتب‪QQ‬اه فتص‪QQ‬غي‬ ‫‪-‬‬
‫إليه اآلذان والقلوب ‪ ،‬ومن ذلك قوله ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫فاستحّق الجفاء إذ عاَف نزرا‬ ‫عاف نزري إْذ خاف تأكيد ُضِّر‬

‫البح ــور واألوزان ‪ :‬نظم املعتم ‪QQ‬د ش ‪QQ‬عره على أك ‪QQ‬ثر البح ‪QQ‬ور الش ‪QQ‬عرية اس ‪QQ‬تخدامًا من طوي ‪QQ‬ل‬ ‫‪-‬‬
‫وبسيط ووافر ومتقارب و رمل ‪ ...‬واستخدم ك‪QQ‬ل حبر مبا تقتض‪QQ‬يه حاجات‪QQ‬ه النفس‪QQ‬ية من دون‬
‫أن يعي ذلك ‪.‬‬
‫أمـا القافيـة وحـرف الـروي ‪ :‬فق‪QQ‬د ج‪QQ‬اء ش‪QQ‬عره على ض‪QQ‬ربني من الق‪QQ‬وايف قافي‪QQ‬ة مطلق‪QQ‬ة (رويه‪QQ‬ا‬ ‫‪-‬‬
‫متح‪QQ‬رك ) وقافي‪QQ‬ة مقي‪QQ‬دة ( رويه‪QQ‬ا س‪QQ‬اكن) ‪ ،‬وب‪QQ‬ذلك ك‪QQ‬انت القافي‪QQ‬ة املطلق‪QQ‬ة أك‪QQ‬ثر وض‪QQ‬وحًا يف‬
‫الس‪QQ‬جع ‪ ،‬وأش‪QQ‬د أس‪QQ‬رًا لألذن ‪ ،‬أم‪QQ‬ا املقي‪QQ‬دة فهي أك‪QQ‬ثر غموض ‪ًQ‬ا وإحياًء ‪ ،‬ح‪QQ‬رص الش‪QQ‬اعر على‬
‫بثها يف نفوس ساجنيه لترتجم لوعته وآالمه ‪ ،‬كم دّل استخدامه للبحور املدّو رة على متّز ق‬
‫نفسه وانقسامها بني اليأس والرغبة يف اخلالص ‪.‬‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.114 :‬‬

‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.109 :‬‬

‫‪ 3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.104 :‬‬


‫‪26‬‬
‫اللغة واألسلوب ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫لق ‪QQ‬د ك ‪QQ‬انت لغت ‪QQ‬ه س ‪QQ‬هلة واض ‪QQ‬حة ال حتت ‪QQ‬اج يف غالبيته ‪QQ‬ا إىل كش ‪QQ‬ف معجمي ‪ ،‬وجلأ أحيان‪ًQ Q‬ا إىل بعض‬
‫األساليب اجلاهزة كقوله ‪ (:‬ليت شعري ) ‪.‬‬
‫أما أساليبه ‪:‬‬
‫فقد استخدم أسلوب القصر بداعي التوكيد واإلثبات ‪ ،‬ومن ذلك قوله مفتخرًا بنفسه راثيًا حاله ‪:‬‬

‫وذّل بني ماء السماء كثيـُر‬ ‫أذّل بني ماء السماء زمانهم‬
‫‪1‬‬
‫يفيض على األكباد منه بحوُر‬ ‫فما ماؤهم إّال بكاًء عليهم‬
‫كم‪Q‬ا اس‪Q‬تخدم أس‪Q‬لوب القس‪Q‬م لتأكي‪Q‬د القض‪Q‬ية ال‪Q‬يت يع‪Q‬رض هلا ‪ ،‬ومن أمثلت‪Q‬ه تك‪Q‬رار القس‪Q‬م باهلل على أن ينف‪ّQ‬ر واق‪Q‬ع الغرب‪Q‬ان وأّال يتطرّي منه‪Q‬ا ‪،‬ألهنا بّش رته‬
‫بقدوم بعض نسائه وكأنه يريد بتكرار القسم أن يدفع الغرابة عنه عن سامعيه فيقول‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫وال تطيرت للغربان بالعور‬ ‫واهلل واهلل ال نّف رت واقعها‬
‫وورد أيضًا أسلوب االستفهام يف شعره تعبريًا عن الدهشة ملا جرى له كما يف قوله ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫للغالبين وللسباق سباقا‬ ‫أّنى ُغلبَت وكنت الدهر ذا غلٍب‬

‫الصورة الشعرية ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫اس ‪QQ‬تقى املعمت ‪QQ‬د ص ‪QQ‬وره الفني ‪QQ‬ة من مص ‪QQ‬ادر متع ‪QQ‬ددة ويف مق ‪QQ‬دمتها ‪ :‬الق ‪QQ‬رآن الك ‪QQ‬رمي حيث هنل من معين ‪QQ‬ه‬
‫حبسب املعىن الذي يريده ففي حنينه إىل قصوره وهو يف أسره يتساءل هل من احملقق م‪QQ‬ا يري‪Q‬ده ويفض‪QQ‬ي‬
‫‪4‬‬
‫إذ يقول ‪:‬‬ ‫إىل أن مشيئة اهلل هي الغالبة مستفيدًا من معىن اآلية الكرمية (إن مع العسر يسرا)‬
‫‪5‬‬
‫إال كل ما شاء اإلله يسيُر‬ ‫تراه عسيرًا أم يسيرًا مناله‬
‫وتأثر الشاعر بالرتاث الشعري من اجلاهلية حىت العصر العباسي وقد تراوح هذا التأثر بني معارضة بعض القصائد أو تض‪Q‬مني بعض األبي‪Q‬ات واألش‪Q‬عار‬
‫‪ ،‬ولعل هذه املعارضات كان يقصد هبا إثبات التفوق والشاعرية ‪ ،‬على ما يبدو من قول املعتمد بن عباد مفتخرًا بشعره ‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫السيُف أصدق أنباًء من الكتِب‬ ‫فها كما قطعٌة يطوى لها حسدًا‬
‫فهو يعارض قصيدة أيب متام يف فتح عمورية اليت يقول يف مطلعها‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫في حّد ه الحد بين الجّد واللعِب‬ ‫السيُف أصدق أنباًء من الكتِب‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.99 :‬‬


‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.100 :‬‬
‫‪ 3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.89 :‬‬
‫‪ 4‬الشرح ‪ ،‬اآلية ‪.5 :‬‬

‫‪ 5‬ديوان المعتمد ‪ ،‬ص‪.99 :‬‬

‫‪ 6‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.109 :‬‬


‫‪27‬‬
‫وق‪QQ‬د اس‪QQ‬تمد املعتم‪QQ‬د ص‪QQ‬وره أيض ‪ًQ‬ا من الطبيع‪QQ‬ة ومن األمث‪QQ‬ال العربي‪QQ‬ة وغ‪QQ‬ري ذل‪QQ‬ك ‪ ،‬وق‪QQ‬د ج‪QQ‬اءت ص‪QQ‬وره‬
‫وجداني ‪QQ‬ة حين ‪ًQ‬ا وحس ‪QQ‬ية أحيان ‪ًQ‬ا أخ ‪QQ‬رى ‪ ،‬عرّب ب ‪QQ‬األوىل عن ل ‪QQ‬واعج نفس ‪QQ‬ه وبالثاني ‪QQ‬ة يف وص ‪QQ‬ف الس ‪QQ‬جن‬
‫وحاله ووصف حال بناته ‪...........‬‬

‫الخاتمة ونتائج البحث ‪:‬‬


‫بعد استعراض املوضوعات الشعرية اليت تناوهلا املعتم‪Q‬د يف قص‪Q‬ائده الس‪Q‬جينة ودراس‪Q‬ة خصائص‪Q‬ها الفني‪Q‬ة‬
‫ال بّد من الوقوف على النتائج اليت توصلنا إليها من خالل البحث وتتلخص فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬بقي املعتم‪QQ‬د ص‪QQ‬امدًا أم‪QQ‬ام عس‪QQ‬اكر ابن تاش‪QQ‬فني ومل يس‪ّQ‬لم ملك‪QQ‬ه ص‪QQ‬اغرًا ذليًال ب‪QQ‬ل فّض ل املوت‬
‫على اخلضوع لعدوه ‪.‬‬
‫‪ -2‬كان لفراق املعتمد قصوره وأهله يف األندلس أثر بالغ يف نفسه ونفوس حمبيه‪.‬‬
‫‪ -3‬ترّفع املعتمد بن عّباد عن االستعطاف واالسرتحام يف س‪Q‬جنه ملا ُع رف عن‪Q‬ه من ع‪Q‬زة وكربي‪Q‬اء‬
‫‪ ،‬أما عن مدحه البن تاشفني فقد ك‪Q‬ان القص‪Q‬د منه‪Q‬ا إظه‪Q‬ار الوف‪Q‬اء ملا ك‪Q‬ان بينهم‪Q‬ا يف س‪Q‬الف‬
‫عهده ‪ ،‬فبقي ملكًا حىت وهو مكبٌل بالقيود ‪.‬‬
‫‪ -4‬وصف املعتمد قيوده يف سجنه وما أحدثته يف جسده من جروٍح وق‪QQ‬روح وص‪QQ‬فًا رائع‪ًQ‬ا حيث‬
‫استعار هلا صفات األفاعي والوحوش املفرتسة ‪.‬‬
‫‪ -5‬وازن الشاعر يف مقطوعاته بني حياته يف ملك‪Q‬ه ورغ‪Q‬د عيش‪Q‬ه وبني حرمان‪Q‬ه وذّله وراء قض‪Q‬بان‬
‫الس‪QQ Q‬جن ‪ ،‬كم‪QQ Q‬ا وازن بني ش‪QQ Q‬جاعته وفتك‪QQ Q‬ه بع‪QQ Q‬دوه يف املع‪QQ Q‬ارك ‪ ،‬وبني فت‪QQ Q‬ك القي‪QQ Q‬ود ب‪QQ Q‬ه يف‬
‫السجن ‪ ،‬وهو مكبل ال حول له وال قوة ‪.‬‬
‫‪ّ -6‬محل املعتمد نفسه املسؤولية يف ترّدي أوض‪Q‬اع أس‪Q‬رته كم‪Q‬ا رثى أبن‪Q‬اءه رث‪Q‬اء أٍب عط‪Q‬وٍف فق‪َQ‬د‬
‫فلذات كبده ‪.‬‬

‫‪ 7‬ديوان أبي تمام ‪ ،‬ص‪.40 :‬‬


‫‪28‬‬
‫‪ -7‬تواص ‪QQ‬ل الش ‪QQ‬اعر م ‪QQ‬ع أص ‪QQ‬دقائه الش ‪QQ‬عراء من وراء القض ‪QQ‬بان ‪ ،‬فبّث ل ‪QQ‬واعج نفس ‪QQ‬ه إليهم وردوا‬
‫عليه مبا يعرّب عن أمسى معاين الصداقة واألخوة ‪.‬‬
‫‪ -8‬ضاق املعتمد ذرعًا يف سجنه فانبعثت أشعاره بنفحات من احلنني والشوق إىل حريت‪Q‬ه ووطن‪Q‬ه‬
‫يف األن ‪QQ‬دلس وأهل ‪QQ‬ه وخالن ‪QQ‬ه ون ‪QQ‬اجى بوجدان ‪QQ‬ه ح ‪QQ‬ىت طي ‪QQ‬ور الس ‪QQ‬ماء ال ‪QQ‬يت تنعم باحلري ‪QQ‬ة بغبط ‪ٍQ‬ة‬
‫وسرور‪.‬‬
‫‪ -9‬اض‪QQ‬طرب موق‪QQ‬ف املعتم‪QQ‬د من ال‪QQ‬دهر يف أول س‪QQ‬جنه ‪ ،‬إّال أن‪QQ‬ه س‪ّQ‬لم بقض‪QQ‬اء اهلل وق‪QQ‬دره يف آخ‪QQ‬ر‬
‫األمر ‪ ،‬ولقي مصريه صابرًا حمتسبًا‪.‬‬
‫متيزت املقطوع‪QQ Q‬ات الش‪QQ Q‬عرية عن القص‪QQ Q‬ائد بوح‪QQ Q‬دة املوض‪QQ Q‬وع واس‪QQ Q‬تيعاهبا للح‪QQ Q‬االت‬ ‫‪-10‬‬
‫الشعرية اليت تنتاب الشاعر ‪،‬وبذاك فاق عددها عدد القصائد ‪.‬‬
‫ج‪QQ‬اء ش‪QQ‬عر املعتم‪QQ‬د على إيق‪QQ‬اع موس‪QQ‬يقي حمّبب نتيج‪QQ‬ة حس‪QQ‬ن اس‪QQ‬تخدامه للمحس‪QQ‬نات‬ ‫‪-11‬‬
‫البديعية من سجه وتصريع و مقابلة وجناس و طباق وغريها ‪......‬‬
‫س ‪QQ‬ار املعتم ‪QQ‬د على املن ‪QQ‬وال ال ‪QQ‬ذي رمسه الش ‪QQ‬عراء من قب ‪QQ‬ل يف اإلكث ‪QQ‬ار من النظم على‬ ‫‪-12‬‬
‫حبور دون غريها ‪ ،‬ويف استخدام حروف الروي أيضًا ‪.‬‬
‫استقى الش‪Q‬اعر ص‪Q‬وره ومعاني‪Q‬ه من معني ال‪Q‬رتاث ال‪Q‬ديين والش‪Q‬عري ف‪Q‬ربهن ب‪Q‬ذلك على‬ ‫‪-13‬‬
‫سعة اطالعه و غىن ثقافته ‪.‬‬
‫واحلقيق‪QQ‬ة ال‪QQ‬يت خنلص إليه‪QQ‬ا أن املعتم‪QQ‬د أب‪QQ‬دع إب‪QQ‬داعًا رائع‪ًQ‬ا يف نظم‪QQ‬ه يف تل‪QQ‬ك الف‪QQ‬رتة من ال‪QQ‬زمن وأحس‪QQ‬ن‬
‫التعبري عما يدور حوله وعما جيول يف خاطره ‪ ،‬ألنه كان يقاسي آالم‪ًQ‬ا وأوجاع‪ًQ‬ا يرتمجه‪Q‬ا يف ش‪Q‬عره ‪،‬‬
‫فقد كان متنفسًا ملا يعتلج يف نفسه وهو يعاين الوحدة يف سجنه ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬
‫القرآن والكريم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -1‬األعالم ‪ ،‬خري الدين الزركلي ج‪ ، 7‬ط‪. 3‬‬
‫‪ -2‬البي‪QQ‬ان املغ‪QQ‬رب يف أخب‪QQ‬ار األن‪QQ‬دلس واملغ‪QQ‬رب ‪ ،‬ابن ع‪QQ‬ذاري املراكش‪QQ‬ي ‪ ،‬حتق بروفنس‪QQ‬ال ‪،‬‬
‫دار الثقافة ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ط‪1983 ،3‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬مجه‪QQ‬رة أش‪QQ‬عار الع‪QQ‬رب يف اجلاهلي‪QQ‬ة واإلس‪QQ‬الم ‪ ،‬القرش‪QQ‬ي ‪ ،‬حتق حمم‪QQ‬د علي البج‪QQ‬اوي ‪ ،‬ط‬
‫‪ ، 1‬دار النهضة ‪ ،‬الفجالة ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -4‬دول الطوائ‪QQ‬ف من‪QQ‬ذ قيامه‪QQ‬ا وح‪QQ‬ىت الفتح املرابطي ‪ ،‬حمم‪QQ‬د عب‪QQ‬د اهلل عن‪QQ‬ان ‪ ،‬جلن‪QQ‬ة الت‪QQ‬أليف‬
‫والرتمجة والنشر ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪1380 ، 1‬هـ ‪1960 -‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬ديوان بشار بن برد ‪ ،‬حتق حممد الطاهر بن عاش‪Q‬ور ‪ ،‬ج‪ ، 1‬الش‪Q‬ركة التونس‪Q‬ية للتوزي‪Q‬ع‪،‬‬
‫جانفي ‪1976 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬دي‪QQ Q‬وان أيب متام ‪ ،‬اخلطيب الت‪QQ Q‬ربيزي ‪ ،‬حتق حمم‪QQ Q‬د ع‪QQ Q‬زام ‪ ،‬مج ‪ ،1‬ط‪ ،4‬دار املع‪QQ Q‬ارف‬
‫مبصر‪.1967 ،‬‬
‫‪ -7‬ديوان مجيل بثينة ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بريوت ‪1966 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬ديوان ابن محديس ‪ ،‬حتق إحسان عباس ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بريوت ‪.‬‬
‫‪ -9‬دي‪QQ‬وان املعتم‪QQ‬د بن عب‪QQ‬اد مل‪QQ‬ك إش‪QQ‬بيلية ‪ ،‬حتق د‪ .‬حام‪QQ‬د عب‪QQ‬د احلمي‪QQ‬د ‪،‬أمحد أمحد ب‪QQ‬دوي ‪،‬‬
‫دار الكتب املصرية بالقاهرة ‪ ،‬ط‪.1997 ، 2‬‬
‫‪ -10‬ال‪QQ Q‬ذخرية يف حماس‪QQ Q‬ن أه ‪QQ Q‬ل اجلزي‪QQ Q‬رة ‪ ،‬ابن بس‪QQ Q‬ام الش‪QQ Q‬نرتيين( ‪542‬هـ)‪ ،‬مطبع‪QQ Q‬ة جلن‪QQ Q‬ة‬
‫التأليف والرتمجة والنشر ‪ ،‬القاهرة ‪1942‬م‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -11‬شعر األسر والسجن يف األندلس ‪ ،‬بسيم عبد العظيم ‪ ،‬عبد القادر إبراهيم ‪ ،‬مكتبة‬
‫اخلاجني ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪1416 ،1‬هـ ‪1995 -‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬شعر وراء القضبان ‪ ،‬حسن س‪QQ‬ليم نعيس‪QQ‬ة ‪ ،‬دار احلق‪QQ‬ائق ‪ ،‬ط‪1986 ،1‬م ‪ ،‬دمش‪QQ‬ق‬
‫سورية ‪.‬‬
‫‪ -13‬املعتمد بن عباد اإلشبيلي ‪ ،‬صاحل خالص ‪ ،‬دار األخبار بغداد ‪1958 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -14‬املعتمد بن عباد ‪ ،‬علي أدهم ‪،‬دار القدس ‪ ،‬بريوت لبنان ‪.‬‬
‫‪ -15‬مالمح الشعر األندلسي ‪ ،‬د‪ .‬عمر الدقاق ‪ ،‬دار الشرق ‪ ،‬بريوت ‪1975 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -16‬نفح الطييب من غصن األندلس الرطيب ‪ ،‬املقري (ت ‪1014‬هـ) مج ‪ ،4‬حتق حممد‬
‫حمي الدين العبد احلميد ‪ ،‬دار الكتاب العريب ‪ ،‬بريوت لبنان ‪.‬‬
‫‪ -17‬ال ‪QQ‬وايف بالوفي ‪QQ‬ات ‪ ،‬ص ‪QQ‬الح ال ‪QQ‬دين خلي ‪QQ‬ل بن أبي ‪QQ‬ك الص ‪QQ‬فدي هلم ‪QQ‬وت وي ‪QQ‬رت‪ ،‬ج‪، 3‬‬
‫فرانز شتايز بفيسبادون ‪ ،‬ط‪1318 ،2‬هـ‪1961 -‬م‪.‬‬

‫‪31‬‬

You might also like