You are on page 1of 1

‫مدخل‬

‫يتوق الطفل إلى أن يصبح رجًال ‪ ,‬ولكن‬


‫ما عدد الرجال الذين يتقون إلى ما يتوق إليه ؟‬

‫ما يتصف به عالم النفس‬


‫ًا‬ ‫ًا‬
‫عالم النفس عقل وقلب ‪ ,‬وال يطلق أحكام أبد ‪ .‬أنه يالحظ ويحب ويفهم ‪ .‬انه ال يرى العمل ذاته ‪ ,‬اللهم إال من أجل‬
‫إصالحه إذا كان سيئًا ‪ .‬ولكنه يبحث عن المقاصد البعيدة الغور ‪ .‬فإذا أصلح القصد ‪ ,‬سار العمل على الطريق ذاتها ‪.‬‬
‫قواعده في عمله معرفه اإلنسانية والنفسانية والفيزيولوجية التي يجب أن تكون واسعة ‪ .‬فهو يعتمد عليها ‪ ,‬ولكنه يعيد‬
‫النظر فيها باستمرار ‪ .‬ذلك أن العنصر الذهني اإلنساني ال يخضع إلى أي تصنيف جاهز ‪.‬‬
‫وال ينس عالم النفس أبدًا أن كل موجود إنساني يعاني األلم ‪ .‬فتلك هي حالة ذاتها ‪ .‬ويبحث اإلنسان عن مخرج من هذا‬
‫العذاب بالوسائل التي في متناوله ‪ .‬وليست غالبية األعمال " الخبيثة " ‪ ,‬مع ذلك ‪ ,‬غير هذا البحث ‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫عالم النفس إنسان تقي ‪ ,‬واقصد بذلك أنه يعمل من أجل أن يشعر بأنه مرتبط بكل ما يحيط به شعور يتعاظم تدريجي ‪.‬‬
‫فهو يعلم أن الخوف يسيطر على كثير من الناس وأن الحصر يغمر نفوسهم ‪ .‬ويبحث الناس أذن عن األمن قبل كل‬
‫شيء ‪ ,‬أمن ينبغي على األسرة والمجتمع أن يوفراه ‪ .‬فإذا لم يجدوه فيهما ‪ ,‬تفاقم حصرهم ‪ .‬ودور عالم النفس إنما هو‬
‫منحهم أمنا جديدًا ‪ .‬أنه يعمل على أن يجده كل امرئ في ذاته ‪.‬‬

‫يسير عالم النفس على رمال متحركة بصورة مرعبة ‪ :‬رمال اإلنسانية برمتها ‪ .‬إنه ينظر إلى جميع األعمال اإلنسانية‬
‫بعين واحدة ‪ .‬فال شيء يدهشه ‪ ,‬وال شيء يثير في نفسه النفور ألنه يفتش عن الدوافع ‪ ,‬ويفهم دون أن يصدر حكمَا ‪.‬‬

‫بقصد عالم النفس مئات المراهقين واألمهات ‪ ,‬والمراهقات واآلباء ‪ ,‬واألزواج والزوجات ‪ .‬عواطفهم متناقضة على‬
‫الغالب ‪ ,‬أو حادة ‪ .‬وأحيانا ينتصب الواحد منهم ضد اآلخر ‪.‬‬

‫ويعيد الميزان عالم النفس إلى وضعه الطبيعي بالتوازن والوضوح الذي يمنحه إلى كل فرد ‪ .‬فهو يرى ‪ ,‬إزاء الحمقى ‪,‬‬
‫إن كانت هذه الحماقة واقعية أم أن ثمة امكانات غير نامية ‪ .‬فإذا كانت الحماقة واقعية حال بينها وبين أن تصبح خبثًا ‪.‬‬

‫انه يتحدث إلى كل فرد بلغته ‪ ,‬وال ينسى سلطان الكلمات الهائل أبدًا ‪ .‬ويسمع أسرارا واعترافات ال يسمعها أي شخص‬
‫آخر مطلقًا سوى الكاهن ‪ .‬أنها المادة اإلنسانية التي تنسكب أمامه ‪ .‬فهو يعد هذا األمر شرفًا ‪ ,‬وال يتباهى في نفسه بذلك‬
‫أبدَا ‪.‬‬

‫وليس كل هذا عاطفة ‪ ,‬بل هو الشرط الجوهري لدوره ‪.‬‬

‫‪1‬‬

You might also like