Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
احلمد هلل الذي علّم بالقلم ،علّم اإلنسان ما مل يعلم ،و الصالة و السالم على من هنج
العربية منهج األدب و على آله و أصحابه و أتباعه الذين بلغوا الذروة الفضلى بالتعليم
فإن للغة العربية شأنا يزيدها أمهية و خطورة و جيعل اإلملام هبا أمرا يفرضه هذا
املوقع الفريد الذي متيزت به عن سائر اللغات .فهي لغة القرآن الكريم و السنة الشريفة و لغة
اختارها رب العاملني لتكون لغة الوحي ألهل األرض مجيعا .و لذلك كان اإلهتمام بتعليم اللغة
يف خمتلف مراحل التدريس أمرا ضروريا و السيما تعليم القراءة. العربية
و هذا هو الكتاب من مادة القراءة العربية ،و هو ينظر إىل اللغة نظرة شاملة و
يتناوهلا بطريقة القواعد و األترجم ة .فهو يعاجل أحد املهارات اللغوية األساسية األربع يف توازن
بيد أنه يقدم فهم املقروء حسب أهداف تعليمها فهم الكتب العربية.
و هذا الكتاب يضيف إىل تطوير طبيعي يف مسرية الطالب لدراسة اللغة العربية .و
أنه يشمل على النصوص املناسبة بالعلوم الواردة ،و يركز على ثروة معاني املفردات إذ أن هبا
تفهم النصوص .فما من رجاء إال املوىل سبحانه أن جيعله سديد احلطى رشيد الغاية ،إنه ويل
التوفيق
-1-
احملتويات
النص الثالث عشر :تاريخ املدارس و املعاهد العلمية يف العامل اإلسالمي 25 ..............
-2-
{النص األوّل}
فائدة القراءة
الفرق بني العلم و اجلهل كالفرق بني النور و الظالم .ففي النور نرى األشياء و نعرفها
و نعرف ما نسري فيه من الطرق .و يف النور منيّز الناس بعضهم من بعض ،و منيّز األشياء مجيعها.
أما الظالم فال نرى فيه شيئا ،ال نرى فيه وجوه الناس و ال نعرف فيه طريقتنا ،و ال منيّز فيه بني
و العلم و اجلهل كذلك ،فبالعلم نعرف احلياة و نعرف كيف نفكّر و كيف نطوّر حياتنا،
و نعرف قدرة اهلل يف خلقه و نعرف كيف نفرّق بني الصواب و اخلطأ .و بالعلم نفهم أمور الدين،
و نفهم أسلوب الذي جيب أن نتّبعه يف التعامل مع الناس ،و نفهم أمور اجملتمع الذي نعيش بني أفراده،
و نفهم الكثري من شئون حياتنا.أما اجلهل فنحن ال نعرف شيئا ،و ال نفهم شيئا من كل أمور احلياة،
فنتخبّط و خنلط بني الصواب و اخلطأ ،و تظلّ حياتنا كاملاء الراكد الذي ال نفع فيه بأيّ حال من
األحوال.
فما الوسيلة إىل العلم ؟ الوسيلة هي القراءة و ال شيء غريها ،فالقراءة باب املعرفة.
هبا نعلم ما مل نكن نعلم ،و هبا نعرف قدرة اهلل يف خلقه ،و هبا نبين عقولنا و نصحّح أفكارنا ،و هبا
نطّلع على أخبار السابقني ،و هبا نعرف كيف نتعامل مع الناس .و لوال القراءة ما تطوّرت حياة الناس
و تقدّموا ،و لوالها ما وجد العلماء و ال املفكّرون و ال الفّنانون و ال األدباء ،و لوالها ما عرفنا
تعاليم الدين الذي نعبد اهلل به ،فهي النور الذي نرى فيه كل جوانب احلياة مباضيها و حاضرها.
-3-
بالقراءة نعرف تاريخ األمم اليت مضت و ما حدث هلا يف تأخّر و تقدّم .و نعرف تاريخ
امللوك و ما دار بينهم من صراع و حروب ،فنأخذ العرب و العظات .و نعرف تاريخ العلم و العلماء
فنستفيد من جتارب أولئك العلماء ،و ندرك ما فكّروا فيه و ما مل يفكّروا فيه .و بالقراءة نعرف
أسرار الكون بفضائه و ما فيه من كواكب و جنوم ،و نعرف أحوال األرض و ما فيها من يابسة
و بالقراءة نعرف جسم اإلنسان و ما فيه من أسرار ،و نعرف النفس البشرية و ما فيه
من أسرار .و بالقراءة نعرف كيف نزرع و كيف نصنع و كيف نبين ،و هبا نستفيد من جتارب
اجملتمعات يف العلم و الف ّن و األد ،فنطوّر ما لدينا و نضيف اجلديد .و يف القراءة جمال للرتويح
و قد يسأل سائل :ما الذي جيب أن أقرأه؟ و اجلواب أن القراءة ال حدود هلا ،فليس
هناك كتاب جتب قراءته و كتاب ال جتب قراءته .فكل كتاب سوف يكون مفيدا إال إذا اشتمل
على ما يفسد الدين و األخالق .فإذا عرفنا كتابا يشتمل على ما يفسد الدين و األخالق ،فلذلك
كتاب ال نقرؤه .و ما عدا هذا فباب القراءة مفتوح ،و كل ما نقرؤه حيمل لنا فائدة.
و الفلك و التكنولوجيا و الرحالت و املوسيقي .لتقرأ يف كل ما يقع بني يديك من الكتب و اجلرائد
و األوراق .و يف كل موضوع و عن كل شيء ،فكلّ ما تقرؤه يفيدك يف جماالت احلياة املختلفة.
-4-
{النص الثاني}
العمل و الفضاء
الفضاء ميدان رحب فسيح ال يعرف اإلنسان هنايته ،مليء باألسرار ،و حييطه الغموض،
تسبح فيه النجوم و الكواكب يف نظام إهلي دقيق .و لقد جذب أنظار العلماء منذ زمن بعيد،
فتتبّعوا أحوال النجوم ،و رصدوا حركاهتا ،و رصدوا الشمس و القمر بأحواهلما .إال أنّ علماء
الفلك القدامى مل يكن لديهم األجهزة العلمية اليت تتيح هلم أن يعرفوا املزيد عن عامل الفضاء ،لكنّ
ثمّ جاء العصر احلديث و قد بلغ فيه علم الفضاء مبلغا عظيما ،فاتسع جمال البحث،
و تطوّرت وسائل البحث كما تطوّرت وسائل الطريان ،فأرسل العلماء أول مركبة فضائية تدور حول
األرض و قد محلت أول رائد من روّاد الفضاء .ثم اتسعت دائرة العلوم الفضائية فأرسل العلماء
مركبة فضائية حتمل رواد الفضاء إىل القمر .و مع كل مرحلة من مراحل البحث و الدراسة ،يأتي
و قد استفادت البشرية من تنافس العلماء يف بعض الدول الكربى حول السبق إىل معرفة
املزيد من أحوال الفضاء بغرض االستفادة من الفضاء يف تطوير احلياة البشرية على األرض ،فاألحباث
العلمية مجيعها إمنا يقوم هبا العلماء خلدمة الناس يف كثري من شئون حياهتم .فاألغراض اليت تقف
وراء أحباث الفضاء عديدة متوعة ،منها :دراسة األرض وطبقاهتا و دراسة البحار و تيسري وسائل
-5-
اإلتصال بني املواقع األرضية املختلفة ،و توسيع دائرة البث اإلعالمي إىل جانب الفضائية األخرى اليت
يدرس فيها العلماء أحوال الكواكب ،و هل هناك حياة أخرى على هذه الكواكب أم ال.
كل هذه األحباث تفتح أمام اإلنسان مزيدا من أبواب املعرفة .و املزيد من املعرفة يؤدي إىل
تقدم احلياة اإلنسانية يف خمتلف اجلوانب .و قد كان لظهور األقمار الصناعية دور كبري يف تطوير
احلياة على األرض يف نواح عديدة كالتجارة و الزراعة و الصناعة و اجملال األعالمي و اجملال
العسكري و اجملال التعليمي و كذلك اجملال الثقايف ،حيث استطاع اإلنسان يف أي مكان على األرض
أن يعرف الكثري عن بقية بالد الكرة األرضية بعاداهتا و تقليدها و أحوال شعوهبا .فعلوم الفضاء
-6-
{النص الثالث}
مل يكن االتصال بني الناس قائما إال عند الضرورة ،و ذلك لبعد املسافات و عدم وجود وسائل السفر
السريعة .ثم ظهرت السفن فساعدت على االنتقال بني األماكن اليت تفصلها األهنار و البحار.
و بظهور الطائرات أصبح االنتقال بني الدول أمرا ميسورا ،و هبذا ضاقت املسافات.
و بعد تطور االتصاالت التلفونية الالسلكية ،صار االتصال بني األفراد يف أي مكان على أي
سطح األرض أمرا ال مشقة فيه .و مع تطور وسائل السفر و تطور وسائل االتصال التلفوني مل تعد
العامل أدنى مشكلة يف اتصال شخص بآخر مهما تباعدت املسافات .و بعد ظهور األقمار الصناعية
استطاع الناس يف أي دولة أن يكونوا على معرفة مبا جيري يف أي دولة أخرى.
فحني نقول :إن العامل اليوم قد صار قرية صغرية ،فمعنى هذا أن ما حيدث يف مكان من العامل
يعلمه الناس يف كل مكان ،فمن كان يف مشال الكرة األرضية يعلم ما جيري يف جنوهبا ،و من كان
يف شرقها يعلم ما جيري يف غرهبا ،و من امليسور أن يتصل كل إنسان بغريه يف أي مكان ،بسبب
التقدم اإلعالمي الذي مشل وسائل االنتقال من سيارات و سفن و قطارات و هواتف إىل جانب ما
قدّمه العلم من وسائل اإلعالم املتطوّرة يف جمال اإلذاعة و التليفزيون ،و إىل ما جانب ما قدّمه العلم
-7-
بسبب هذا كله صار العامل مجيعه يشبه القرية الصغرية ،و فيها يطّلع كل فرد يف أي مكان
منها على ما حيدث يف أي مكان آخر و يف أي وقت ،و ذلك لضيق مساحتها ،و تقارب املسافات
بني سكاهنا ،و سهولة اتصال كل إنسان بغريه ،فاألحداث اليت جتري يف القرية يعلمها أهل القرية
مجيعهم يف وقت واحد .و كذلك صار العامل اليوم ،فكل ما جتري فيه أحداث يعلمه سكان األرض
فكأنّ املسافات البعيدة قد اقرتب بعضها من بعض .و هلذا شبّهنا العامل بالقرية الصغرية.
-8-
{النص الرابع}
أخالق املسمل
األخالق هي الصفات اليت يعيش هبا اإلنسان بني الناس ،فإن كانت أخالقه حسنة رضي
اهلل عنه و أحبّه الناس و سعوا إىل صحبته .و إن كانت أخالقه سيّئة غضب اهلل عليه و نفر الناس
من صحبته .و حني تكون أخالق الناس – مجيعا – حسنة ،تسود املودة بينهم ،و حييا اجملتمع
يف سالم .فإن كانت عكس هذا ،سادت البغضاء بينهم و عاش اجملتمع يف اضطراب و عمّ اخلوف
و ساءت احلياة.
لقد جاء الدين اإلسالمي ليجعل املسلم متصفا بأفضل الصفات يف كل أفعاله و أقواله،
فال يفعل إ ّال اخلري و ال يقول إالّ الصّدق .فأخالق املسلم تشتمل على أمور ثالثة ال بد أن جتتمع كلها
يف حياته .أما األمر األول ،فهو اإلميان بأن اهلل واحد ال شريك له ،و أنه حياسب كل إنسان على
أفعاله .و إميان املسلم هبذا احلساب هو الذي يدفعه إىل كل فعل حسن و كل قول كريم.
و أما األمر الثاني ،فهو حق نفسه عليه و حق بدنه عليه .فحق نفسه عليه أن يعوّدها
اخلصال الكرمية فيطبعها على الشرف فال يكذب و ال يسرق و ال يفكّر يف إيذاء أحد .و ال يتّجه
إىل معصية و ال يظلم و ال يكسل عن طلب الرزق ى و ال يهمل طلب العلم .و أن خيتار أشرف
و حق بدنه عليه أن حيفظ من العادات الضارة اليت تذهب بنشاطه و حيويّته ،أو تذهب
عقله ،و أن يعوّده النظام الصحّيّ يف املأكل .فال يأكل إال إذا جاع ،و إذا أكل ال يشبع و أالّ يدخل
-9-
طعاما على طعام .و من حق البدن – أيضا أالّ يرهقه صاحبه باستمرار العمل ،و أن ينشّطه
و أما األمر الثالث ،فهو مراعاة حق اآلخرين ،فمن حقوقهم أن حنرتم حريتهم و أن حنرتم
آراءهم .و أن نؤدي ما جيب علينا حنو هم :حنرتم الكبري و نعطف على الصغري و نواسي املصاب
و نزور املريض و مندّ يد املساعدة ملن حيتاج إليها .و أن جنعل حياتنا مصدر خري للوالدين
و للصديق و للجار و للزميل .و أن نعفو و نصفح و أن يقبل العذر ممن يعتذر .كل هذه األمور هي
األخالق احلسنة اليت أمر اإلسالم أن تكون منهجا للمسلم ،و عمال بقول الرسول الكريم { :إمنا
- 10 -
{النص اخلامس}
أخالق الفتاة
حتدثت أم عن ابنتها الفتاة مفتخرة بأخالقها ،فقالت :حني أحتدث عن ابنيت فإني أشعر
بالسعادة و أشعر بالفخر؛ ألهنا قد حققت كل كنت أنتظره من أخالقها الكرمية ،و من سلوكها
تقسّم وقتها بني العبادة و أعمال املنزل و املذاكرة .فمن ناحية العبادة حترص على الصالة و على
ذكر اهلل يف كل األوقات ،فتعمل كل ما أمر به و ال تقدم على شيء هنى عنه .و هي حريصة على
أما يف املدرسة فمظهرها حسن دائما ،و كتبها الدراسية تالمزها ،و عند شرح الدرس
ال ينشغل ذهنها بغري ما تسمعه من الشرح ،حريصة على أدب احلوار مع املعلم أو املعلمة ،و إذا
خفي عليها شيء من الدرس طلبت إعادة شرحه يف أدب جم .و أما أخالقها مع صديقاهتا،
فهي خملصة يف صداقتها؛ فال تبخل على إحداهن بشيء يكون يف قدرهتا ،و ال تبخل بنصيحة
أو منشورة ،و ال تتحدث مع واحدة منهن إال يف األمور األخالقية الكرمية ،و إذا مازحت فمزاحها
بالطرف اجلميلة املهذبة ،و هي قبل هذا كله ال تصادق إال من كانت على خلق كريم.
و هي مع جرياهنا كثرية التودد إليهم ،حترتم كبريهم و تعطف على صغريهم ،و متد يد
املساعدة جلارهتا يف كثري من امل ناسبات و غري املناسبات ،و ال يصدر منها ما يؤذي جارهتا.
و هي مع كل الناس على خلق كريم فيما تتعامل به معهم ،فهي ال تنهر سائال ،و ال تلفظ إال مبا هو
- 11 -
طيب ،و ال تضمر شرا ألحد ،حمبة للخري لدى الناس مجيعا ،تصلح بني املتخاصمني.و لساهنا
ال يعرف النميمة و ال الوشاية .و أما سلوكها مع نفسها فهي ال تعرف التقليد األعمى فال تقلد غريها
إال يف املظهر املهذب ،و السلوك الرفيع و هي تنفر من كل فتاة متربجة ،و هي قانعة مبا لديها،
فال تشتهي ما ال تقدر عليه .ففي عموم أخالقها هي خري منوذج للفتاة.
ثم تابعت األم قائلة :و إني لسعيدة بابنيت ،وسر سعادتي أهنا هبذه األخالق سوف تكون
أما صاحلة ،و تعرف األسلوب الكريم الذي تنشىء عليه أوالدها ،من الصدق و األمانة و حب اخلري
و غري هذا من الصفات الشريفة اليت جيب أن تكون طبعا أصيال لدى كل إنسان .فرتبية الفتاة
على حسن اخللق هي تربية لألجيال القادمة اليت ترتبى على يديها ألن أثر األم يف تربية األوالد أقوى
من أثر األب .ثم ختمت األم حديثها هبذه العبارة :زينة الفتاة يف األدب ال يف اجلواهر و النسب.
- 12 -
{النص السادس}
األمانة
لألمانة معان كثرية منها :احملافظة على حقوق اآلخرين ،و الوفاء بالعهد و الصدق يف نقل
األخبار و ر ّد الودائع إىل أصحاهبا .فهي صفة من الصفات الكرمية اليت توجد لدى كل إنسان على
خلق كريم .و اإلنسان األمني هو الذي حيرص على هذه الصفات و لو تعامل معه اآلخرون بغري
األمانة ،فحني يكون اإلنسان صادقا يف أمانته ،أي حني تكون األمانة يف طبعه.
ثم وجد خيانة من غريه ،فإن هذه اخليانة من اآلخرين ال خترجه عن أمانته ،أما إن كانت
أمانته مشروطة بأن يكون الناس معه أمناء ،فمثل هذا الشخص ال يعترب أمينا ،بل هو أقرب إىل
اخليانة ،ألنه يقابل األمانة باألمانة ،و يقابل اخليانة باخليانة ،و ليس هذا من خلق األمني ،ألن األمني
يظل أمينا يف كل األحوال ،و قد قيل " :أد األمانة إىل من ائتمنك و ال ختن من خانك".
و األمانه صفة تدل على قوة النفس و عزهتا عند األمني ،حني تكون لديه ودائع للناس.
فهما كانت الوديعة غالية الثمن و مهما كان فقريا ،فإنّ الوديعة ال تغريه باإلستيالء عليها .أما ضعيف
النفس فإنه ينكرها .و كما تكون األمانة يف الودائع ،تكون يف األسرار اليت يأمتنك عليها الناس.
فاألمني هو حيفظ أسرار الناس و ال يذيعها ،و تكون يف العهد الذي جيري بني شخص و غريه.
فاألمني هو الذي حيفظ العهد و ال خيونه .و تكون فيما ينقله الشخص من الكالم بني اثنني
أو أكثر ،فاألمني حيدث مبا رأى أو مبا مسع من غري زيادة أو نقصان .و من مثرات األمانة أنّ األمني
شخص يقبل الناس عليه ،و يثقون يف كالمه و يف أفعاله وهو جدير هبذه الثقة.
- 13 -
{النص السابع}
مرتفعة التكاليف .و لذلك قام القادرون من حميب العلم بإنشاء املكتبات جيمعون فيها الكتب
و يفتحون أبواهبا للراغبني يف القراءة و البحث .و هذه املكتبات تؤدي ما تؤديه معاهد العلم
و قد أنشأ هارون الرشيد بيت احلكمة و هو أول مكتبة عامة ذات شأن يف العامل
اإلسالمي .فقد كان مركزا علميا جيتمع فيه العلماء للبحث و الدرس و يلجأ إليه الطالب .و يعترب
عصر اخلليفة املأمون أزهى عصور بيت احلكمة حيث نقل إليها عددا كبريا من كتب اليونان
و من املكتبات املشهورة دار احلكمة اليت أنشئت يف آخر القرن الرابع اهلجري بالقاهرة.
و قد محلت إليها الكتب من خزائن القصور و مسح بدخلوهلا لعامة الشعب .فمنهم من حيضر
للقراءة و منهم من حيضر للنسخ و منهم للدرس .و البناء املخصص هلذه املكتبات عظيم جدا
إذ مشلت على أربعني خزانة تسع الواحدة حنو مثانية عشر ألف كتاب و كانت الرفوف مفتوحة
- 14 -
{النص الثامن}
و العقل .امتاز اإلنسان عن كائن آخر بالعقل و العلم حيث كان العقل مفتاحا لرشد األمور و العلم
سبيال لفهم شؤون احلياة .إذا أمهل اإلنسان اعمال عقله كان أشبه بالبهائم و خاليا من أداة التمييز
بني اخلري و الشرّ و احلق و الباطل و النافع و الضار ،و صار بدونه ضعيفا ال يعرف اهلداية من
مازال اإلنسان كرميا يف ميزان اإلسالم مادام عقله مستفادا يف اكتساب العلم و املعرفة.
و قد جمّد اإلسالم العلم و جعل أهله يف املرتبة الثالثة بعد اهلل و املالئكة ،كما كان جمّد العقل أيضا
و جعل إمهاله سببا يف عذاب اآلخرة .فيتطلّب من اإلنسان إعمال العقل يف كل ما هو خري و ترك
ظلّ اإلسالم حيثّ الناس من خالل آيات القرآن الكرمية على إعمال العقل يف خمزونات الكون
و منافعه ،و التفكري يف اإلستفادة من طاقاته .فأصبح ذلك يدل على أن التفكري فريضة إسالمية
ال خيتلف عن بقية الفرائض اجلسدية اليت ميارسهما اإلنسان ،بل ليس اإلميان قويا إال بدليل عقلي
يطمئن إليه كل مؤمن ،و ال جيوز التقليد يف توارث العقائد ،فصار اإلعتماد على احلجة و الربهان
أصبح من الواضح أن اإلسالم رسالة بناء جمد و عزة و كرامة .و كان سبيل ذلك احلضارة
و التقدم ،ال تقوم احلضارات إال بسلطان العلم و العقل ،و يكون ختلف األمم و ضعفها بسبب اجلهل
- 15 -
و إمهال طاقات الفكر .فيحرص اإلسالم على بناء جمد األمة و حتقيق عزهتا و كرامتها على أساس
- 16 -
{النص التاسع}
اإلخالص
العمل جسم روحه اإلخالص ،إن اجلسم متى فارقته روحه -اليت هبا قوامه كان جثة
هامدة -ال حراك فيها و ال فائدة ترجى منها ،فكذلك العمل إذا زايله اإلخالص .كم رأينا قوما
يعملون! غري أننا مل نر أثرا صاحلا لعملهم و كثري منهم مل يوفق فيما قصد إليه ،فظل يف شاطئه،
أو خاض منه ضحضاحا و مل يستطع أن يصل إىل الغمر ،فنكص على عقبيه خسر النصب
و الذهب.
و ليس هلذه األمر من سبب ،إىل أن اإلخالص مل يكن رائد هذه الفئة ،ألهنا مل تعمل
إال جلر مغنم مذموم أو كسب شرف موهوم .و السر يف ذلك أن من يعمل خملصا يف عمله ألمته
و وطنه هتوى إليه أفئدة الناس و حيوطونه بالتشجيع و التحبيذ ،أو باملعونة و التنفيذ ،فيزداد بذلك
أما من يعمل غري خملص فإنه و إن كتم ما يضمره حينا من الدهر ،البد أن ينكشف عواره،
و يفتضح أمره ،فينفر منه من كان له معينا ،و يهمله من شجّعه و حبّذ عمله .و بذلك تضعف
مهته ،و تفرت عزميته ،فيدع ما كان يعمله مضطرا ،و تكون عاقبة أمره خسارة املادة و األدب،
و األمثال على ذلك كثرية :فكم رأينا مجعيات قامت؛ فما لبثت أن قعدت! و كم شاهدنا
مشروعات هنضت فما مكثت أن سقطت .و تعداد هذه احلوادث حيتاج إىل صحفات .فكن
- 17 -
خملصا يف عملك تبلغ أقصى أملك ،واحذر أن تبيع الوجدان باألصفر الرنان ،فذلك دأب املنافقني
- 18 -
{النص العاشر}
اإلسالمية و يف مسرية األمة اإلسالمية على امتداد التاريخ .هاتان الكلمتان مها اإلجتهاد و اجلهاد
و قد استقتا من مادة (ج هـ د) مبعنى بذل اجلهد (بضم اجليم) أي الطاقة ،أو حتمل اجلهد (بفتح
اجليم) أي املشقة .و الكلمة األوىل هدفها معرفة اهلدى و دين احلق الذي أرسل اهلل به رسوله،
و األخرى هدفها محايته و الدفاع عنه .األوىل ميداهنا الفكر و النظر و األخرى العمل و السلوك.
و عند التأمل جند أن كال املفهومني يكمل األخر و خيدمه .فاإلجتهاد إمنا هو لون من اجلهاد العلمي،
و مثرات اإلجتهاد ميكن أن تضيع إذا مل جتد من أهل القوة من يتبنى تنفيذها كما
أن مكاسب اجلهاد ميكن أن تضيع إذا مل جتد من أهل العلم من يضيئ هلا الطريق .و يف عصورنا
اإلسالمية الزاهرة مضى هذان األمران جنبا إىل جنب :اإلجتهاد و اجلهاد .فسعدت األمة بوفرة
اجملتهدين من محلة القلم و وفرة اجملاهدين من محلة السيف .األولون لفهم ما أنزل اهلل من الكتاب
و امليزان ،و األخرون حلمايته باحلديد ذي البأس الشديد .و هو ما تشري إليه األية الكرمية َ :لقَدْ
و يف بعض العصور وجد اجلهاد لكن مل يصحبه اإلجتهاد فجمدت احلياة اإلسالمية
و حتجرت على حني كانت اجملتمعات غري املسلمة ،قد بدأت يف اليقظة و التفتح و النهوض .ثم تلت
- 19 -
عصور أخرى فقد املسلمون فيها اإلجتهاد و اجلهاد معا .فغزوا يف عقر دارهم و فقدوا سيادهتم
و استقالهلم و وحدهتم.
الشريعة اإلسالمية هي خامتة الشرائع اليت حتمل اهلداية اإلهلية للبشر و قد خصها اهلل
بالعموم و اخللود و الشمول فهي رمحة اهلل للعاملني من كل أجناس و يف كل البيئات و كل األعصار إىل
أن تقوم الساعة .و يف كل جمالت احليات املتنوعة ،هلذا أودع اهلل فيها من األصول و األحكام
ما جيعلها قادرة على الوفاء حباجة اإلنسانية املتجددة على امتداد الزمان و اتساع املكان و تطور
اإلنسان.
- 20 -
{النص احلادي عشر}
ك
قد حتدث عن العلم يف قوله "اقرأ" فقد جاءت بعدها سورة أمرت بالنظافة يف قوله تعاىل :وَثِيَابَ َ
فَطَِّهرْ {املدثر.}4:
و من أهم أنواع النظافة؛ نظافة مصادر املياه كمياه األهنار و اآلبار .فقد شدّد اإلسالم
على عدم تلويثها بإلقاء القذارة أو النجاسة فيها ،و هنى عن التربز أو التبول يف املاء .فاملاء امللوث
ينقل الكولريا و التيفود و شلل األطفال .فقد قال الرسول :ال يبولن أحدكم يف املاء الدائم الذي
و دعا اإلسالم إىل نظافة املساكن و الشوارع و كل أرجاء املدينة ،فيمنع إلقاء القذارة
أو مجعها يف البيوت أو تركها يف الشوارع و يأمر املسلم إذا وجد شيئا يف الطريق أن يزحيه و حيرم
اإلسالم جيعل النظافة جزءا من العبادة بل من أصول الدين نفسه ،أال ترى أن الدخول
يف اإلسالم يستلزم بالطهارة و اإلستحمام قبل النطق بالشهادتني .و ال تصح الصالة إال بالوضوء
أو التيمم و لكي يهتم الناس بالنظافة عبّر عنها اإلسالم بكلمة "الطهارة" و عبّر عن القذارة بكلمة
"النجاسة".
و األيدي من أهم العوامل يف نقل اجلراثيم ،و ذلك عند ملس طعام ملوث أو شيء فيه قذارة
أو بعد الذهاب إىل احلمام .و من اجلراثيم اليت تنقلها اليد التيفود و الدوسنتاريا و غريمها.
- 21 -
و ال يكتفى اإلسالم بغسل األيدي عند الوضوء بل يستحب غسل اليد قبل الطعام و بعده ،و قبل
النوم و بعده ،و قبل الدخول على املريض و بعد اخلروج من زيارته ،و من املأثورات :اغسل يدك
لقد جاء اإلسالم يف وقت مل يكن الناس يعرفون شيئا عن أمهية النظافة يف القضاء على
األمراض ،مل يكونوا يعرفون اجلراثيم و الطفيليات ،فجاء اإلسالم يرشدهم إليها بعبارة سهلة .و هكذا
نرى أن اإلسالم أوجد الطب الوقائي ،و قد نفذه املسلمون قبل العامل كله بأربعة عشر قرنا.
- 22 -
{النص الثاني عشر}
اإلمام الشافعي
اإلمام أبو حممد بن إدريس الشافعي القريشي ،واحد من كبار مفكري العامل و أحد األئمة
األربعة بني الفقهاء املسلمني .ولد يف غزة من فلسطني سنة 105هجرية .و نشأ يف حجر أمه يتيما،
و محل إىل مكة و هو ابن سنتني ،و فيها نشأ و تلقى العلم .حفظ القرآن و هو ابن سبع سنني،
و درس اللغة و الشعر ،ثم أقبل على الفقه و احلديث ،و أخذ بالقسط األكرب من العلوم و املعارف
أخذ فقه الكتاب و السنة من احلجاز ،و حفظ "املوطّأ" لإلمام مالك ،ثم سافر
إىل املدينة فسمعه منه و أخذ فقهه .ثم رحل إىل العراق فأخذ من أهل الرأي علمهم و رأيهم.
و كان ذكيا قوي احلجة ،مسّاه أهل مكة ناصر السنة ألنه كان يلزم أهل الرأي وجوب إتباع السنة،
كان اإلمام أمحد بن حنبل –بعد أن جلس إليه -من املعجبني به حتى قال " :ما رأيت
أحدا أفقه يف كتاب اهلل من هذا الفتى" .و قال " :لو ال الشافعي ما عرفنا فقه احلديث" .كما ذكر
عنه أنه قال ":ما أحد ممن بيده حمربة أو ورق إال للشافعي يف رقبته منه" .و كان الشافعي يعرتف
لإلمام أمحد بن حنبل و أصحابه بالعلم باحلديث ،فقد روى منه أنه قال لإلمام ":أنتم أعلم باإلخبار
الصحاح منا ،فإذا كان اخلرب صحيحا فأعلمين حتى أذهب إليه".
فقد عاش الشافعي مع مالك تسع سنوات ،تلقى عليه فقه املدينة ،و لكنه كان مع ذلك يقوم
برحالت يف البالد العربية ،يستفيد منها ما يستفيده املسافر العامل بأحوال الناس و شؤون جمتمعهم،
- 23 -
و كان من وقت إىل آخر يذهب إىل مكة يزور أمه ،و يستفيد من نصائحها ،و ملا مات مالك سنة
179هجرية عاد الشافعي إىل مكة ،ثم سافر إىل جنران يف عمل ،و منها إىل العراق ،و أخريا انتهى
به املطاف إىل مصر سنة 199هجرية فهي تتوسط الديار اإلسالمية بني الشرق و الغرب
و األندلس ،و كانت هلا مكانة علمية لإلقامة تالميذ مالك هبا .أقام الشافعي بالفسطاط و أخذ
يلقى دروسه يف جامعتها .و قد بلغ من إجادته القول أن مسّاه معاصروه (خطيب العلماء).
خلّف اإلمام الشافعي مذهبا ضخما حيرتمه املسلمون مجيعا ،و ترك مؤلفات شأهنا عظيم
وهي كثرية منها :األم يف سبعة جملدات و فيه فقهه ،و املسند يف احلديث ،و أحكام القرآن،
و الرسالة يف أصول الفقه .تويف اإلمام الشافعي يف مصر سنة 204هجرية عن أربع و مخسني
سنة .و قد سئل أحد العلماء " :كيف و ضع الشافعي هذه الكتب و كان عمره يسريا ؟ فقال :
- 24 -
{النص الثالث عشر}
بل مدرسة يتعلم فيها املسلمون القراءة و الكتابة و علوم الشريعة و اللغة و فروع العلوم املختلفة.
ثم أقيم جبانب املسجد الكتّاب و خصّص لتعليم القراءة و الكتابة و القرآن و شيء من علوم العربية
و الرياضيات.
و مل يكن املدرسون يف صدر اإلسالم يأخذون أجرا على تعليمهم حتى إذا تقدمت احلضارة
و بنيت املدارس فجُعل للمدرسني فيها رواتب شهرية كانت كافية ليعيشوا عيشة سعيدة .و كان
للمدرسني مالبس خاصة هبم .و قد أخذ الغربيون عن مدرسي األندلس زيّهم فهو أصل الزي
يذكر التاريخ بأن نظامية بغداد أوىل املدارس النظامية و أمهها درس فيها مشاهر علماء
املسلمني فيما بني القرن اخلامس و التاسع اهلجري .و قد بلغ عدد طالهبا ستة آالف طالب يتعلمون
و رفع مستوى الثقافة باجملّان .كم كانت حضارتنا رائعة و كم كان لإلسالم من فضل يف نشر العلم
- 25 -
{النص الرابع عشر}
قادرا على حتمل املسؤولية ،و اختاذ القرارات املتعلقة بشؤون اخلاصة ،و حبيث يشعر بأمهيته ليقوم
بواجبه حنو نفسه أوال ،و حنو جمتمعه ثانيا .و يكون هذا بالسماح له باختيار مالبسه و تنظيم
مصروفه و تقديم رأيه يف كل ما خيصه ،و مشاركته يف اختاذ القرار املتعلق به حتى يشعر أنه نافع
من ذاته و ليس مفروضا عليه ،فال شيء أبعث للثقة يف النفس من أن ميارس املرء العمل بنفسه،
علينا أن مننح الطفل ثقّتنا و لكن حبيث يبقى حتت مراقبتنا إىل أن يبلغ رشده و يقدر على
حتمل مسؤولياته .و من واجبنا كذلك أن نعدّ له جمال التجريب ليتعلم باملمارسة ،و عن طريق
التجربة ما هو صواب و ما هو خطأ ألن أكثر أنواع التعليم ثباتا عند اإلنسان ما استطاع أن يكتشفه
و كثريا ما يسلك بعضنا طريق ختويف الطفل من القيام بعمل معيّن و ال يهتم بتوجيهه
و إرشاده ،فتنشأ عنه آثار ضارة يف نفسه .إن ختويف الطفل من اجلن أو اللصوص أو الكالب يغرس
يف نفسه اخلوف ،و قد يصبح يف املستقبل غري قادر على مواجهة مشكالته بثقة و اطمئنان ،وكذلك
تضعف قدرته على مواجهة خمتلف األمور اليت حيتاج إليها يف كثري من األحيان يف ميادين احلياة
املختلفة.
- 26 -
{النص اخلامس عشر}
أن فرص التعليم كانت قليلة يف املاضي ،حيث كان يلتحق باملدارس طالب قليلون ،هم يف الغالب
أبناء األغنياء و سكان املدن .أما اليوم فقد أصبح التعليم حقا لكل مواطن؛ فكثر عدد الطالب
و انتشرت املدارس يف كل مكان ،و شاع القول " :التعليم كاملاء و اهلواء".
كان طالب العلم يف املاضي يسافرون من بلد إىل بلد لطلب العلم ،و كانوا يواجهون
يف سفرهم كثريا من التعب؛ هم يركبون اجلمال أياما و أشهرا .أما اليوم ،فاملدارس و اجلامعات كثرية
يف كل مدينة و قرية ،حيث يذهب الطالب إىل مدرسته أو جامعته بالسيارة أو سريا على األقدام.
و من ناحية أخرى يستطيع الطالب أن يتعلم وهو يف بيته عن طريق الشبكة الدولية.
و من اإلختالفات أيضا ،أن املعلم كان ال يطلب أجرا على عمله التعليمي يف املاضي؛ ألنه
كان يطل ب األجر من اهلل تعاىل ،و كان هدف الطالب طلب العلم فحسب .أما اليوم فقد اختلف
األمر ،فاملعلم يطلب كثريا من األجر و الطالب يفكر يف الشهادة قبل العلم ألهنا وسيلة إىل العمل
- 27 -
{النص السادس عشر}
حيةل مفلس
كثر الدين على رجل مفلس حتى اختفى من أصحاب الدين فوجده أحدهم ،فقال له :ماذا
تعطيين إن عرفتك حيلة ختلصك من أصحاب الدين ؟ قال :أعطيك حقك و أزيدك مبا أقدر
عليه ،فصدّقه ،فقال له :غدا قبل الصالة اجلس أمام دكانك ،و إذا سلّم عليك أحد تنبح يف وجهه
كما ينبح الكلب ،و إذا ذهبوا بك إىل احلاكم و كلّمك فانبح عليه أيضا ،و ال تزد على النباح ،فلن
و يف اليوم التايل جلس الرجل أمام دكانه ،و صار ينبح يف وجه كل من يسلّم عليه ،حتى
مسع بذلك أصحاب الدين فأتوه ،فنبح يف وجوههم ،فحدّثوا احلاكم ،و أخربوه أنه ينبح كالكلب،
فأمرهم أن حيضروه ،فلما سأله نبح يف وجهه و استمر ينبح حتى يئس منه ،فأمر أصحاب الدين أن
و بعد ذلك ذهب إليه صاحب الدين الذي علّمه هذه احليلة ليأخذ دينه الذي وعده
املفلس بالوفاء به ،فنبح يف وجهه و استمر ينبح حتى يئس منه ،فرتكه و انصرف نادما على
ما فعل.
- 28 -