You are on page 1of 45

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﺻدﯾق ﺑن ﯾﺣﯾﻰ ‪ -‬ﺟﯾﺟـل‬

‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ – ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق‬

‫ﻣﺣﺎﺿرات ﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﺳﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﺎﺳﺗر ﻗﺎﻧون ﻋﺎم ﻣﻌﻣق‬

‫اﻟﻔﺻـل اﻟﺛﺎﻧﻲ‬

‫إﻋداد اﻟدﻛﺗور‪ /‬ﺑواﻟﻘـرارة زاﯾـد‬

‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪.2020-2019 /‬‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻷوﻟﻰ ‪:‬‬

‫ﻣﻘدﻣﺔ ‪:‬‬

‫إن اﻟدوﻟــﺔ ﻛﺎﻧــت ﻻ ﺗﺳــﺄل ﻋــن أﻋﻣﺎﻟﻬــﺎ وأﺧطﺎﺋﻬــﺎ ﺣﺳــب ﻣــﺎ ﻋرﻓﺗــﻪ أﻏﻠﺑﯾــﺔ اﻟــدول اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳــوﻧﯾﺔ‬
‫وﻣﻧﻬﺎ ﻓرﻧﺳﺎ اﻋﺗﺑﺎ ار ﻣن أن اﻟدوﻟﺔ ﺷﺧص ﻣﻌﻧـوي ﻣﺟﺳـد ﻓـﻲ ﺷـﺧص اﻟﻣﻠـك طﺑﻘـﺎ ﻟﻠﻣﺑـدأ اﻟﻣﻌـروف '‬
‫اﻟﻣﻠــك ﻻ ﯾﺧطــﺄ أﺑ ــدا' ‪،‬ﺣﯾــث ظﻠــت اﻟدوﻟ ــﺔ ﺑﺻــﻔﺔ ﻋﺎﻣ ــﺔ واﻹدارة ﺑﺻــﻔﺔ ﺧﺎﺻــﺔ ﻏﯾ ــر ﻣﺳــؤوﻟﺔ ﻋ ــن‬
‫أﻋﻣﺎﻟﻬــﺎ ووظﺎﺋﻔﻬــﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ وﻛــذا ﻋــن أﺧطــﺎء ﻣوظﻔﯾﻬــﺎ‪ ،‬وﯾﻌــود ذﻟــك ﻟﻠﻔﻛـرة اﻟﺗــﻲ ﻛﺎﻧــت ﺳــﺎﺋدة أﻧــداك‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻓﻛرة اﻟﺳﯾﺎدة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ إﻟﺗزام وﻣـﺎ ﺳـﺎﻋد ذﻟـك ﻧﺟـد اﻧﻌـدام اﻟـوﻋﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳـﻲ‬
‫واﻻﺟﺗﻣــﺎﻋﻲ واﻟﻘــﺎﻧوﻧﻲ واﻹﺟ ارﺋــﻲ ﻟــدى اﻟﺷــﻌوب ﺑﺣﻘوﻗﻬــﺎ وﺣرﯾﺎﺗﻬــﺎ وﻣراﻛزﻫــﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾــﺔ ﻓــﻲ ﻣواﺟﻬــﺔ‬
‫اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ظل اﻟﺗطورات اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ ﻣن دوﻟﺔ ﺣﺎرﺳﺔ ﺗﻛﺗﻔﻲ ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﺿد‬
‫اﻻﻋﺗداءات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ إﻟﻰ دوﻟﺔ ﻣﺗدﺧﻠﺔ ﺗﻣﺎرس اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺗروﻛﺔ ﻟﻸﻓراد ‪.‬‬

‫ﻓﺣﺳــب اﻟﻧظــﺎم اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳــوﻧﻲ‪ ،‬ﻓــﺈن اﻟﻣوظــف اﻟﻣرﺗﻛــب ﻟﻠﺧطــﺄ ﻫــو اﻟــذي ﯾﺳــﺄل ﺷﺧﺻــﯾﺎ ﻓــﻲ ذﻣﺗــﻪ‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾـﺔ اﻟﺧﺎﺻـﺔ‪ ،‬وطﺑـق ﻫـذا اﻟﺣـل ﻓـﻲ إﻧﺟﻠﺗـ ار إﻟـﻰ ﻏﺎﯾـﺔ ‪ 1947‬وأﻣرﯾﻛـﺎ إﻟـﻰ ﻏﺎﯾـﺔ ‪ ،1946‬إﻻ أن‬
‫ﺗطور اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﻬذﻩ اﻟدول‪ ،‬أدى ﻟﻼﻋﺗ ارف ﺑﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟـﺔ ﻋـن أﻋﻣﺎﻟﻬـﺎ اﻟﻣﺎدﯾـﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـﺔ‬
‫اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻟﻸﺿرار ﻟﻠﻐﯾر‪ ،‬وذﻟك ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟذي ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺧﺿوع اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻟﺳـﯾﺎدة اﻟﻘـﺎﻧون‬
‫ﺳواء ﻛﺎﻧوا ﺣﻛﺎﻣﺎ أم ﻣﺣﻛوﻣﯾن‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻛﺂﻟﯾﺔ رﻗﺎﺑﺔ ﻋن أﻋﻣـﺎل اﻹدارة‬
‫‪.‬‬

‫ﻟــذا ﻗــﺎم ﻣﺟﻠــس اﻟدوﻟــﺔ اﻟﻔرﻧﺳــﻲ ﺑﺗﺄﺳــﯾس ﻧظرﯾــﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠــﺔ ﺑﺷــﺄن ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟــﺔ ﻋــن أﻋﻣﺎﻟﻬــﺎ ﻣﻧــذ‬
‫ﺻدور ﺣﻛم روﺗﺷرﯾد ﺳﻧﺔ ‪ ، 1855‬واﻟذي ﻛـرس ﻓﯾـﻪ رﻓﺿـﻪ ﻟﺗطﺑﯾـق ﻗواﻋـد اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓـﺔ ﻓـﻲ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪.‬وﻫذا ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎزع اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﺑﻼﻧﻛـو‬
‫اﻟﺷــﻬﯾر‪ 1‬اﻟﺻــﺎدر ﺳــﻧﺔ ‪ 1873‬وﻛــذا ﺗطﺑﯾﻘــﺎ ﻷﺣﻛــﺎم وﻗ ـ اررات ﻗﺿــﺎﺋﯾﺔ ﺻــﺎدرة ﺑﻌــدﻩ ‪ .‬وﺑــذﻟك ﯾﻛــون‬

‫‪ -‬ﺗﺗﻠﺧص وﻗﺎﺋﻊ ﻗﺿﯾﺔ ﺑﻼﻧﻛو " أن طﻔﻠﺔ ﺗﺳﻣﻰ أﻧﯾﺎس ﺑﻼﻧﻛو ﺻـدﻣت ﺑﻌرﺑـﺔ ﺗﺎﺑﻌـﺔ ﻟﻣﺻـﻧﻊ اﻟﺗﺑـﻎ اﻟﺗﺎﺑﻌـﺔ ﻟﻠدوﻟـﺔ وأﺻـﯾﺑت‬ ‫‪1‬‬

‫ﺑﺟروح ﺑﻠﯾﻐﺔ ‪ ،‬رﻓﻊ واﻟدﻫﺎ اﻟﻧزاع أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺎدي ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﺿد اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﻣـدﻧﯾﺎ ﻋـن اﻷﺧطـﺎء‬

‫‪2‬‬
‫اﻟﻘﺿــﺎء اﻹداري ﺻــﺎﺣب اﻟﻔﺿــل ﻓــﻲ ﺗﺄﺳــﯾس ﻗواﻋــد ﻫــذﻩ اﻟﻧظرﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗــﻼءم اﻟﻘــﺎﻧون اﻟﻌــﺎم ﺑﺻــﻔﺔ‬
‫ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬واﻟﺗـﻲ ﺗﻬـدف ﻟﺗﺣﻘﯾـق اﻟﺗـوازن ﺑـﯾن اﻟﻣﺻـﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣـﺔ واﻟﺧﺎﺻـﺔ‬
‫‪.‬ﺣﯾث ﺗﻛون اﻹدارة ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﻏﯾر اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت أﻋﻣﺎل ﻣﺎدﯾﺔ أو ﻗ اررات إدارﯾﺔ ‪.‬‬

‫وﻋﻠﯾــﻪ ﺳــوف ﻧﺳــﻠط اﻟﺿــوء ﻋﻠــﻰ اﻷﺳــس اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾــﺔ ﻟﻠﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ ﺳ ـواء ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻟﺧطــﺄ أو‬
‫دون ﺧطﺄ ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‬

‫ﺳوف ﻧﺗطرق ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث ﻟﻠﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿـﺎﻓﺔ إﻟـﻰ إﺑـراز ﺧﺻﺎﺋﺻـﻬﺎ‬
‫‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول ‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‬

‫"ان ﻛﻠﻣﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﻟﻐﺔ ﻗﯾﺎم ﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﺄﻓﻌﺎل وﺗﺻرﻓﺎت ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ ﻋـن ﻧﺗﺎﺋﺟﻬـﺎ"‪ ،‬أﻣـﺎ‬
‫اﺻــطﻼﺣﺎ ﻓﻬــﻲ‪ ":‬ﺗﻠــك اﻟﺗﻘﻧﯾــﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗﺗﻛــون أﺳﺎﺳــﺎ ﻣــن ﺗــداﺧل إداري ﯾﻧﻘــل ﺑﻣﻘﺗﺿــﺎﻩ ﻋﺑــﺊ‬
‫اﻟﺿرر اﻟـذي وﻗـﻊ ﻋﻠـﻰ اﻟﺷـﺧص ﻣﺑﺎﺷـرة ﺑﻔﻌـل ﻗـواﻧﯾن اﻟطﺑﯾﻌـﺔ أو اﻟﻘـواﻧﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾـﺔ إﻟـﻰ ﺷـﺧص‬
‫آﺧــر ﯾﻧظــر إﻟﯾــﻪ ﻋﻠــﻰ أﻧــﻪ ﻫــو اﻟﺷــﺧص اﻟــذي ﯾﺟــب أن ﯾﺗﺣﻣــل ﻫــذا اﻟﻌﺑــﺊ ‪ ".‬وﻋﻠــﻰ ذﻟــك ﻓــﺈن‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ ﺗﺗرﺗـب ﻋﻧـدﻣﺎ ﯾﻧـﺗﺞ ﺿـر ار ﻣـﺎ ﻣـن ﺟـراء أﻋﻣـﺎل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣـﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔـﺔ‪ ،‬اﻷﻋﻣـﺎل‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺎدﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﻬدف ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫اﻷﻋﻣـــﺎل اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـــﺔ‪ :‬ﻫــﻲ ﺗﻠــك اﻷﻋﻣــﺎل ﺗﺗﺟﻣــﻊ ﻓﯾﻬــﺎ إرادة اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣــﺔ وﺗﺗﺟــﻪ إﻟــﻰ إﺣــداث ﻣرﻛــز‬
‫ﻗﺎﻧوﻧﻲ‪ ،‬ﻛﺎﻟﻘ اررات‪ ،‬اﻟﻌﻘود‪ ،‬اﻟﻠواﺋﺢ ‪...‬‬

‫أﻣـﺎ اﻷﻋﻣـﺎل اﻟﻣﺎدﯾــﺔ‪ :‬ﻫـﻲ ﺗﻠــك اﻷﻋﻣـﺎل اﻟﺗـﻲ ﺗﺗﺟــﻪ ﻓﯾﻬـﺎ إرادة اﻹدارة إﻟـﻰ ﺗﺣﻘﯾــق أﺛـر ﻗـﺎﻧوﻧﻲ ﻛﺑﻧــﺎء‬
‫اﻟﺟﺳور‪ ،‬ورﺻف اﻟﺷوارع‪ ،‬وﻫدم اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﺑرﺧﺻﺔ‪..‬‬

‫اﻟﻣرﺗﻛﺑﺔ ﻣن ﻋﻣﺎل اﻟﻣﺻﻧﻊ ‪ ،‬إﻻ أﻧﻬﺎ ﻧﺎزﻋت ﻓﻛرة اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ أدى ﻟرﻓﻊ اﻟﻧزاع إﻟﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎزع اﻟﺗـﻲ‬
‫ﻗررت أن اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻫو اﻟﻣﺧﺗص وﺣدﻩ " ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ ﻧـوع ﻣـن أﻧـواع اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـﺔ ﺗﻧﻌﻘـد وﺗﻘـوم ﻓـﻲ ﻧطـﺎق اﻟﻧظـﺎم اﻟﻘـﺎﻧوﻧﻲ‬
‫اﻹداري‪ ،‬وﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة‪ .‬وﯾﻣﻛـن ﺗﺣدﯾـد ﻣﻌﻧﺎﻫـﺎ اﻟﺿـﯾق‬
‫واﻟﺟزﺋ ــﻲ ﺑﺄﻧﻬ ــﺎ " اﻟﺣﺎﻟ ــﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾ ــﺔ اﻟﺗ ــﻲ ﺗﻠﺗ ــزم ﻓﯾﻬ ــﺎ اﻟدوﻟ ــﺔ أو اﻟﻣؤﺳﺳ ــﺎت أو اﻟﻣ ارﻓ ــق ‪ ،‬أو اﻟﻬﯾﺋ ــﺎت‬
‫اﻹدارﯾــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻧﻬﺎﺋﯾــﺎ ﺑــدﻓﻊ ﺗﻌــوﯾض ﻋــن اﻟﺿــرر اﻟــذي ﺗﺳــﺑﺑت ﻓﯾــﻪ ﻟﻠﻐﯾــر ﺑﻔﻌــل اﻷﻋﻣــﺎل اﻹدارﯾــﺔ‬
‫اﻟﺿــﺎرة ﺳ ـواء ﻛﺎﻧــت ﻫــذﻩ اﻷﻋﻣــﺎل اﻹدارﯾــﺔ ﻣﺷ ـروﻋﺔ أو ﻏﯾــر ﻣﺷــروﻋﺔ ‪ ،‬وذﻟــك ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻟﺧطــﺄ‬
‫اﻟﻣرﻓﻘﻲ أو اﻟﺧطﺄ اﻹداري أﺳﺎﺳﺎ أو ﺣﺗﻰ دون ﺧطﺄ "‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ‪:‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ‬

‫ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋدة ﺧﺻﺎﺋص ﺳوف ﻧﺑرزﻫﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ‬

‫ﺣﯾث ﯾﺗطﻠب ﻟوﺟودﻫﺎ وﺗﺣﻘﻘﻬﺎ اﺧﺗﻼف اﻟﺳﻠطﺎت اﻹدارﯾﺔ واﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻷﻋﻣـﺎل‬
‫اﻹدارﯾــﺔ اﻟﺿــﺎرة ﻋــن اﻷﺷــﺧﺎص اﻟﻣﺿــرورﯾن‪ .‬ﻛﻣــﺎ ﯾﺗطﻠــب ﻓﯾﻬــﺎ أن ﺗﺗﺣﻣــل اﻟدوﻟــﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣــﺔ‬
‫ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻹدارﯾﺔ اﻟﺿﺎرة ﻋﺑﺊ اﻟﺗﻌوﯾض ﻣن اﻟﺧزﯾﻧـﺔ اﻟﻌﺎﻣـﺔ ﺑﺻـﻔﺔ ﻧﻬﺎﺋﯾـﺔ ﻟﻠﻣﺿـرور ‪ ،‬ﻛﻣـﺎ‬
‫ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻬﺎ ﺗوﻓر ﻋﻼﻗﺔ أو راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﻓﻌﺎل اﻹدارﯾﺔ اﻟﺿﺎرة وﺑﯾن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺿﺎرة‬
‫اﻟﺗﻲ أﺻﺎﺑت ﺣﻘوق وﺣرﯾﺎت اﻷﻓراد اﻟﻌﺎدﯾﯾن ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة‬

‫إن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﻷﻧﻬﺎ ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ﻟوﺟود ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺑﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻹدارة وﻣوظﻔﯾﻬـﺎ‬
‫ﻋﻛــس اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷ ـرة اﻟﺗــﻲ ﻫــﻲ ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﺷــﺧص ﻋــن أﻓﻌﺎﻟــﻪ اﻟﺿــﺎرة ﻓــﻲ ﻣواﺟﻬــﺔ‬
‫ﺷﺧص اﻟﻣﺿرور ﻣﺛل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ذات ﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺳﺗﻘل وﺧﺎص ﺑﻬﺎ‬

‫ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﯾﺳت ﻋﺎﻣﺔ وﻻ ﻣطﻠﻘﺔ‪ ،‬ﻟﻛﻧﻬـﺎ ﺗﺗﻐﯾـر ﺗﺑﻌـﺎ ﻟطﺑﯾﻌـﺔ وﺣﺎﺟـﺔ ﻛـل ﻣرﻓـق‪.‬‬
‫ﻛﻣــﺎ أن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣــﺔ وﺣــدﻫﺎ ﻫــﻲ اﻟﺗــﻲ ﺗﻘــرر ظــروف وﺷــروط ﻛــل ﺣﺎﻟــﺔ‪ ،‬ﻓﻬــذﻩ اﻷﺧﯾـرة ﻟﻬــﺎ ﻧظﺎﻣﻬــﺎ‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺧﺎص اﻟذي ﯾﺳﺗﺟﯾب وﯾﺗﻔق ﻣﻊ أﻫداﻓﻬﺎ وﺣﺎﺟﺎﺗﻬﺎ وﯾﺗﻼءم ﻣﻊ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗوﻓﯾق واﻟﺗوازن ﺑﯾن‬
‫اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺣﻘوق وﺣرﯾﺎت اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹدارﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻓﻲ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـﺔ‬
‫اﻹدارﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺣدﯾﺛﺔ وﺳرﯾﻌﺔ اﻟﺗطور‬

‫إن ﻫذﻩ اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻗﺎﻧون ﺣدﯾث وﺳرﯾﻊ اﻟﺗطور ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺧﺎﻣس ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر‬

‫ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﺑﻌدة ﺧﺻﺎﺋص ﯾﻣﻛن إﺑرازﻫﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫أوﻻ – ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺻدر‬

‫ﯾﻣﺗﺎز ﻧظﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺟ ازﺋـر ﺑـﺑﻌض اﻟﺟواﻧـب اﻟﺗـﻲ ﻧظﻣﻬـﺎ اﻟﻣﺷـرع‪ ،‬ﻟﻛـن ﯾﻌـود أﺳـﺎس‬
‫ﻣﺻ ــدرﻫﺎ إﻟ ــﻰ اﻟﻘﺿ ــﺎء ‪،‬وﻗ ــد أﻛ ــدت اﻟﻐرﻓ ــﺔ اﻹدارﯾ ــﺔ ﺑ ــﺎﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠ ــﻰ ﺳ ــﺎﺑﻘﺎ اﺳ ــﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ‬
‫اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺗﯾن ﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺗﯾن ﻣﻊ ﻣﺎ أﻗرﺗﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎزع ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ إﺛر ﻗﺿﯾﺔ ﺑﻼﻧﻛو ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻷوﻟـﻰ ‪ :‬ﺑـﯾن ﻓرﯾـق ﺑـﺎردي ‪ BARDIES Montfa‬ﺿـد اﻟدوﻟـﺔ ‪ ،‬ﺣﯾـث ﺻـدر ﻗـرار ﻋـن‬
‫اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،1966/12/14‬ﺟﺎء ﻓﯾﻪ أن ﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟـﺔ ﻋـن اﻷﺿـرار‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺣق اﻷﻓراد ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺣﻛﻣﻬﺎ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ‪.‬وأن ﻫـذﻩ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ ﻟﯾﺳـت ﺑﺎﻟﻌﺎﻣـﺔ وﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺑل ﻟﻬﺎ ﻗواﻋدﻫﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻐﯾر ﺣﺳب اﻟظروف ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾـﺔ ‪ :‬ﺑـﯾن وزﯾـر اﻟﺻـﺣﺔ ﺿـد ﻋﺎﺋﻠـﺔ ﻋﺑـد اﻟﻣـؤﻣن ﺑﺗـﺎرﯾﺦ ‪ ، 1982/04/14‬ﺣﯾـث أﻗـرت‬
‫ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪ :‬ﺣﯾث أن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻘواﻋـد ذاﺗﯾـﺔ وأن أﺣﻛـﺎم اﻟﻘـﺎﻧون‬
‫اﻟﻣدﻧﻲ ﻫﻲ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻏﯾر ﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ – ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬

‫ﻟﻘــد ﺗــم اﻟﺗﺄﻛﯾــد ﻋﻠــﻰ ﻫــذﻩ اﻟﺧﺻــﺎﺋص ﻣــن ﺧــﻼل اﻟﺗﻔرﯾــق ﺑــﯾن اﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻــﻲ واﻟﻣرﻓﻘــﻲ ﻛﺄﺳــﺎس‬
‫ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ أﻛدت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ – ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث ﻣﺟﺎﻟﻬﺎ‬

‫ﯾﺗﻣﯾــز ﻧظــﺎم اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ ﺑﻣﺟــﺎل واﺳــﻊ ﺑﺣﯾــث ﯾﺷــﻣل ﻛــل ﻧﺷــﺎط اﻟﻣ ارﻓــق اﻟﻌﺎﻣــﺔ‪ ،‬وﻟﻘــد زاد ﻫــذا‬
‫اﻟﻣﺟﺎل اﺗﺳﺎﻋﺎ ﺑﺄﺧذ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻔﻛرة ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ودون ﺧطﺄ ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‬

‫ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﻣن أدق اﻟﻣوﺿوﻋﺎت ﻓـﻲ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ‪ ،‬ﻛـون أن‬
‫اﻟﻣ ارﻓــق أو اﻹدارات اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﺗﻘــوم ﺑﺄﻋﻣﺎﻟﻬــﺎ اﻹدارﯾــﺔ ﺑواﺳــطﺔ أﻓ ـراد ﺳ ـواء ﻛــﺎﻧوا ﻋــﺎﻣﻠﯾن أو ﻣــوظﻔﯾن‪،‬‬
‫ﺣﯾث ﯾﺗرﺗـب ﻋـن ﻫـذﻩ اﻷﻋﻣـﺎل أو اﻷﻧﺷـطﺔ ﺣـدوث أﺿـرار ﻟﻠﻐﯾـر ﻋـن طرﯾـق ﺧطـﺄ ﺷﺧﺻـﻲ ﯾﻧﺳـب‬
‫ﻟﻠﻣوظف أو ﺧطﺄ ﻣرﻓﻘﻲ ﯾﻧﺳب ﻟﻠﻣرﻓق ﺑﺣد ذاﺗﻪ ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‬

‫إن اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـﺔ‬
‫اﻟﻣوﺿــوﻋﯾﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗﺣﻛــم اﻟﻣﺳ ـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻟﺧطــﺄ‪ ،‬وذﻟــك ﻣــن ﺧــﻼل اﻟﻣﻔﻬــوم واﻟﻘواﻋــد‬
‫اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﻧظﺎم وﻛذا اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌـوﯾض‬
‫ﻟﺟﺑر اﻟﺿرر اﻟﻧﺎﺟم ﻋن اﻟﺧطﺄ ﺑﺈﺗﺑﺎع اﻹﺟراءات اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺧﺗص‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺧطﺄ‬

‫‪6‬‬
‫إن اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ ﺗﺧﺗﻠــف ﻋــن اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾــﺔ ﻣــن ﺣﯾــث ﺗﺄﺳــﯾس اﻟﺗﻌــوﯾض ﺧﺎﺻــﺔ وأن ﻫــذا‬
‫اﻷﺧﯾــر ﯾﺗﺄﺳــس ﺣﺳــب ﻣــﺎ ﻧﺻــت ﻋﻠﯾــﻪ اﻟﻣــﺎدة ‪ 124‬ﻣــن اﻟﻘــﺎﻧون اﻟﻣــدﻧﻲ‪ ،‬ﻓﻠــﯾس ﻛــل ﺧطــﺄ ﯾرﺗﻛﺑــﻪ‬
‫اﻟﻣوظف ﺗﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ إدارﯾﺔ‪ ،‬ﻟذا ﺳوف ُﻧﻌرف اﻟﺧطﺄ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺑراز أﻧواﻋﻪ ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ /‬ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم‬

‫إن أﻏﻠــب اﻟﺗﺷ ـرﯾﻌﺎت ﻟــم ﺗﻌــرف اﻟﺧطــﺄ‪ ،‬وﺗرﻛــت ﻣﻬﻣــﺔ ذﻟــك ﻟﻣﺣــﺎوﻻت و ﻣﺟﻬــودات اﻟﻔﻘــﻪ واﻟﻘﺿــﺎء‬
‫ﻓﺎﺧﺗﻠﻔت اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺻـﻔﺔ ﻋﺎﻣـﺔ‪ .‬ﺣﯾـث ﻋرﻓـﻪ اﻟﻔﻘﯾـﻪ‬
‫اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺎزو ﺑﺄﻧﻪ ﻋﯾب ﯾﺷوب ﻣﺳﻠك اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﺄﺗﯾﻪ رﺟل ﻋﺎﻗل ﻣﺗﺑﺻر أﺣﺎطﺗﻪ ظروف ﺧﺎرﺟﯾﺔ‬
‫ﻣﻣﺎﺛﻠــﺔ ﻟﻠظــروف اﻟﺗــﻲ أﺣﺎطــت اﻟﻣﺳــؤول ‪ .‬ﻛﻣــﺎ ﻋرﻓــﻪ ﺑﻼﻧﯾــول ﺑﺄﻧــﻪ "إﺧــﻼل ﺑــﺎﻟﺗزام ﺳــﺎﺑق "‪.‬إﻻ أن‬
‫ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء أروا أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن إﺿﺎﻓﺔ ﻋﻧﺻر اﻟﺗﻣﯾﯾز واﻹدراك ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻧﺻر اﻹﺧـﻼل ﺑـﺎﻹﻟزام‬
‫ﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ ﺗواﻓر اﻟﺗﻣﯾﯾز واﻹدراك ﻟدى اﻟﻣﺧل ﻟﻬذا اﻻﻟﺗزام‪. 2‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺧﺎﻟﻔـﺔ ﻷﺣﻛـﺎم اﻟﻘـﺎﻧون‪ ،‬ﺗﺗﻣﺛـل ﻓـﻲ أﻋﻣـﺎل ﻣﺎدﯾـﺔ أو ﻓـﻲ ﺗﺻـرﻓﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾـﺔ ‪،‬‬
‫وﺗﺄﺧــذ ﺻــورة أﻋﻣــﺎل إﯾﺟﺎﺑﯾــﺔ أو ﺗــﺄﺗﻲ ﻋﻠــﻰ ﻫﯾﺋــﺔ ﺗﺻ ـرﻓﺎت ﺳــﻠﺑﯾﺔ ﺗﻧﺷــﺄ ﻋــن ﻋــدم اﻟﻘﯾــﺎم ﺑﻣــﺎ ﯾوﺟﺑــﻪ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ‪ 3‬وﻟﻠﺧطـﺄ ﻋﻧﺻر ﻣوﺿوﻋﻲ وآﺧر ﻣﻌﻧوي ‪.‬‬

‫‪– 1‬اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﻠﺧطﺄ أو اﻟﺗﻌدي‬

‫ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟواﺟﺑﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ وﯾﺷﻣل ﺑدورﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺻر اﻟﺗﻌدي ‪،‬‬
‫ﻓﯾﻛون إﻣﺎ ﻣﺗﻌﻣدا إذا ﺗﻌﻣد ﺷﺧص اﻹﺿرار ﺑﻐﯾرﻩ ﻋن طرﯾق اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎت أو ﻗد ﯾﻛون‬
‫اﻟﺗﻌدي ﻋن طرﯾق اﻹﻫﻣﺎل أي دون ﻗﺻد اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر‪ .‬ﻓﺗﺗﺣدد ﻫذﻩ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﻋن طرﯾق‬
‫اﻟﻘﺎﻧون أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺗﺣدﯾد واﺟﺑﺎت واﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻐﯾر‪. 4‬‬

‫‪ -‬ﻟوﺻﯾف أﺣﻼم ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن أﺿرار اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺳﺗر ﺣﻘوق‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،‬ﻓرع اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر ‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ، 2014-2013 ،‬ص ‪. 20‬‬
‫‪ -‬ﻣﺎﺟد راﻏب اﻟﺣﻠو ‪ ،‬اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ‪ ،‬د ط ‪ ،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺻر ‪ ،‬د س ن ‪ ،‬ص ‪. 411‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ - 4‬ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ﺻﺎﻟﺣﻲ ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺷروﻋﺔ ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺳﺗر ‪ ،‬ﺗﺧﺻص اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر ﺑﺳﻛرة ‪ ، 2013-2012 ،‬ص ‪. 28‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ – 2‬اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻠﺧطﺄ‬

‫ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗزام ﻣوﺟـﻪ ﻟﻸﻓـراد ‪،‬ﺣﯾـث ﺗﻘـرر ﺣﻘـوق ﻟـﺑﻌض اﻷﺷـﺧﺎص وﺗﻔﺗـرض ﻓـﻲ ﻣـن‬
‫ﺗوﺟﻪ إﻟﯾﻬم ﺗوﻓر اﻟﺗﻣﯾﯾز واﻹدراك‪ ،‬أي ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻫذا اﻟﺷﺧص ﻣدرﻛﺎ ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻟﺗﻌدي اﻟﺗﻲ ﻗﺎم‬
‫ﺑﻬﺎ ﺳواء ﺑﻘﺻد أو وﻗﻌت ﻣﻧﻪ ﺑﻐﯾر ﻗﺻد ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ /‬أﻧواع اﻟﺧطﺄ ﯾﻧظر ﻟﻠﺧطﺄ ﻣن ﻋدة أﺳس وﻧواﺣﻲ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ‪ ،‬ﻟذا اﺧﺗﻠﻔت وﺗﻌددت أﻧواﻋﻪ ﻓﻣﻧﻪ‬
‫اﻟﺧطﺄ اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ واﻟﺳﻠﺑﻲ واﻟﺧطﺄ اﻟﻌﻣدي وﺧطﺄ اﻹﻫﻣﺎل وﻛذا اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳﯾم واﻟﯾﺳﯾر ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ‬
‫اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﻣرﻓﻘﻲ ‪.‬‬

‫‪ – 1‬اﻟﺧطﺄ اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ واﻟﺧطﺄ اﻟﺳﻠﺑﻲ‬

‫اﻟﺧطــﺄ اﻹﯾﺟــﺎﺑﻲ ‪ :‬ﻫــو إﺧــﻼل ﺑﺎﻟﺗ ازﻣــﺎت وواﺟﺑــﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾــﺔ ﻋــن طرﯾــق ارﺗﻛــﺎب ٕواﺗﯾــﺎن أﻓﻌــﺎل ﯾﻣﻧﻌﻬــﺎ‬
‫وﯾﻧﻬ ــﻰ ﻋﻧﻬ ــﺎ اﻟﻘ ــﺎﻧون ﻧﺗﺟ ــت ﻋﻧﻬ ــﺎ ﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ ﺟﻧﺎﺋﯾ ــﺔ أو ﻣدﻧﯾ ــﺔ أو ﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ إدارﯾ ــﺔ‪ ،‬وﻛ ــذا اﻷﻓﻌ ــﺎل‬
‫اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ واﻟﻣﻧﺎﻓﯾﺔ ﻟﻸﺧﻼق واﻟﺷرف واﻷﻣﺎﻧﺔ ﻛﺎﻟﻐش واﻟﺧدﯾﻌﺔ واﻟﺗدﻟﯾس ‪.‬‬

‫اﻟﺧطﺄ اﻟﺳﻠﺑﻲ ‪ :‬ﻓﻬو ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ إذا دل اﻻﻣﺗﻧﺎع أو اﻟﺗرك ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺗﺣرز واﻻﺣﺗﯾﺎط ﻣن اﻟﻣﻛﻠف‬
‫ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون أو اﻻﺗﻔﺎق ﺑدﻓﻊ اﻟﺿرر اﻟذي ﺣﺻل‪. 5‬‬

‫‪– 2‬اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﻣدي وﺧطﺄ اﻹﻫﻣﺎل‬

‫اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﻣدي ﻫو إﺧﻼل ﺑواﺟب أو اﻟﺗزام ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻗﺻد اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ﺑﺣﯾـث ﻻ ﯾﺗﻔـق ﻣـﻊ اﻟﺣﯾطـﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗطﻠﺑﻬﺎ اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﯾﻔرﺿﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ‪.‬‬

‫ﺧطﺄ اﻹﻫﻣـﺎل ﻫـو اﻹﺧـﻼل ﺑواﺟـب ﻗـﺎﻧوﻧﻲ ﺳـﺎﺑق ﻣﻘﺗـرن ﺑـﺈدراك اﻟﻣﺧـل ﻟﻬـذا اﻹﺧـﻼل دون اﻹﺿـرار‬
‫ﺑﺎﻟﻐﯾر ‪. 6‬‬

‫‪ -‬ﻋواﺑدي ﻋﻣﺎر ‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ وﻣﻘﺎرﻧﺔ ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت‬ ‫‪5‬‬

‫اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪ ، 2005 ،‬ص ‪. 36‬‬


‫‪ -‬ﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص ‪. 118‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳﯾم واﻟﺧطﺄ اﻟﺑﺳﯾط‬

‫ﻣﯾز اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳﯾم ﻋن اﻟﺑﺳﯾط ﺑﺄن اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳﯾم ﻫـو اﻟﺧطـﺄ اﻟـذي ﻻ ﯾﻘـﻊ ﻣـن ﺷـﺧص ﻗﻠﯾـل اﻟـذﻛﺎء‬
‫واﻟﻌﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬أي اﻟذي ﻻ ﯾرﺗﻛﺑﻪ اﻟﻔرد ﺑﺣﺳن اﻟﻧﯾﺔ دون ﻗﺻد اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر وﻻ ﯾﻧﺗﺞ ﺿرار ﺟﺳﯾﻣﺎ‪. 7‬‬

‫‪ - 4‬اﻟﺧطﺄ اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﺧطﺄ اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ‬

‫اﻟﺧطﺄ اﻟﻣدﻧﻲ ﻫو اﻟذي ﯾﻌﻘد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾـﺔ ﻓﻬـو إﺧـﻼل ﺑـﺄي اﻟﺗـزام ﻗـﺎﻧوﻧﻲ ‪ ،‬أﻣـﺎ اﻟﺧطـﺄ اﻟﺟﻧـﺎﺋﻲ‬
‫ﻫو اﻟذي ﯾﻛون رﻛن ﻣن أرﻛﺎن اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾـﺔ واﻟـذي ﯾﻘـوم ﻋﻠـﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔـﺔ واﺟـب أو اﻟﺗـزام ﻗـﺎﻧوﻧﻲ‬
‫ﺗﻔرﺿﻪ وﺗﻘررﻩ ﻗواﻧﯾن اﻟﻌﻘوﺑﺎت ‪ ،‬ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ذﻟك أن اﻟﺧطﺄ اﻟﻣدﻧﻲ أﻋم ﻣن اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ‪.‬‬

‫‪ -5‬اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ‬

‫اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﻫو ذﻟك اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﻧﺳب إﻟﻰ اﻟﻣرﻓق أي أن ﯾﻛون ﺳﺑب اﻟﺿرر ﻫو اﻟﻣرﻓق‬
‫ﺑﺎﻟذات ‪.‬‬

‫ﯾﻌﺗﺑ ـ ــر اﻟﺧط ـ ــﺄ اﻟﻣرﻓﻘ ـ ــﻲ ﺧط ـ ــﺄ ﺷﺧﺻ ـ ــﯾﺎ ﻣﻘﺗ ـ ــرف ﺑﻣرﻓ ـ ــق ﻣﻌ ـ ــﯾن ﻓﯾﺗﺧ ـ ــذ ﺻ ـ ــﻔﺔ اﻟﺧط ـ ــﺄ اﻟﻣرﻓﻘ ـ ــﻲ‪،‬‬
‫وﻟﻘد ﺗـم ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺧطﺄ ﻣوﺿوﻋﻲ ﯾﻧﺳب إﻟﻰ اﻟﻣرﻓق ﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﻫذا اﻟﻣرﻓق ﻣن‬
‫ﻗﺎم ﺑﺎرﺗﻛﺎب اﻟﺧطﺄ ﻓﯾﻪ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻫو اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﻛﺷف ﻋن اﻟﻌون اﻟﻌﻣوﻣﻲ وﻋن ﻧﯾﺗﻪ ‪،‬اﻟذي ﯾﺑﯾن أن ﻋﻣﻠﻪ‬
‫ﯾﻣﻠﯾﻪ ﻫدف ﺷﺧﺻﻲ ﻏﯾر وظﯾﻔﻲ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﺑﯾن ﻟﻧﺎ اﻟﻌون ﻧﻘﺎﺋﺻﻪ ﻋواطﻔﻪ وﺗﻬوراﺗﻪ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟراﺑﻌﺔ ‪/‬‬

‫ﻛﻣـ ــﺎ أن اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟﺷﺧﺻـ ــﻲ ﻫـ ــو اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟـ ــذي ﯾﻘﺗرﻓـ ــﻪ وﯾرﺗﻛﺑـ ــﻪ اﻟﻣوظـ ــف اﻟﻌـ ــﺎم إﺧـ ــﻼﻻ ﺑﺎﻟﺗ ازﻣـ ــﺎت‬
‫وواﺟﺑــﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾــﺔ ﯾﻘررﻫــﺎ ﻓــﻲ اﻟﻘــﺎﻧون اﻟﻣــدﻧﻲ‪ ،‬ﻓﯾﻛــون اﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻــﻲ ﻟﻣوظــف ﺧطــﺄ ﻣــدﻧﯾﺎ ﯾرﺗــب‬
‫ﻣﺳ ـ ــؤوﻟﯾﺔ ﺷﺧﺻ ـ ــﯾﺔ‪ ،‬وﻗ ـ ــد ﯾﻛ ـ ــون اﻹﺧ ـ ــﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗ ازﻣ ـ ــﺎت واﻟواﺟﺑ ـ ــﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾ ـ ــﺔ اﻟوظﯾﻔﯾ ـ ــﺔ اﻟﻣﻘ ـ ــررة و‬

‫‪ - 7‬وداد ﻋوﯾﺳﻰ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ وأﻫم ﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻻداري‪ ،‬ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‬
‫واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة‪ ، 2013/2014 ،‬ص ‪. 8‬‬

‫‪9‬‬
‫اﻟﻣﻧظﻣــﺔ ﺑواﺳــطﺔ ﻗواﻋــد اﻟﻘــﺎﻧون اﻹداري‪ ،‬ﻓﯾﻛــون اﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻــﻲ ﻟﻠﻣوظــف اﻟﻌــﺎم ﺧطــﺄ ﺗﺄدﯾﺑــﺎ ﯾﻘــﯾم‬
‫وﯾﻌﻘــد ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣوظــف اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾــﺔ‪ ،‬ﻛﻣــﺎ أن اﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻــﻲ ﻫــو اﻟﺧطــﺄ اﻟــذي ﯾﻧﻔﺻــل ﻋ ــن أداء‬
‫اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻣن اﻟطﺑﯾب أداﺋﻬﺎ ‪ ،‬وﺗﻘـوم ﺑـﻪ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻـﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾـب وﯾﻣﻛـن ﺣﺻـر‬
‫ﻫذﻩ اﻷﺧطﺎء ﻓـﻲ ‪ - :‬اﻷﺧطـﺎء اﻟﺧﺎﻟﯾـﺔ ﻣـن أي ﻋﻼﻗـﺔ ﻣـﻊ اﻟﻣرﻓـق – اﻟﺧطـﺄ اﻟﻣرﺗﻛـب ﺑﻣﻧﺎﺳـﺑﺔ أداء‬
‫اﻟﺧدﻣﺔ – اﻷﺧطﺎء اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ اﻟﻐﯾر ﻋﻣدﯾﺔ ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ظﻬرت ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺗﺣدﯾد اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ وﻫﻲ ﻣﻌﯾﺎر اﻟﻧزوة اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻌﯾﺎر اﻟﻬدف ‪ ،‬ﻣﻌﯾﺎر‬
‫اﻻﻧﻔﺻﺎل ﻋن اﻟوظﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗوﺟد ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ -‬اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ واﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ‪:‬‬

‫ﻟﻘــد طرﺣــت ﻣﺳ ـﺄﻟﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾــز ﺑــﯾن اﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ واﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻــﻲ ﻋﻧــد ﺗﺣدﯾــد ﻣــن اﻟﻣﺳــؤول ﻋــن‬
‫ﺗﻌــوﯾض اﻟﺿــرر اﻟــذي ﻟﺣــق ﺑﺎﻟﺿــﺣﺎﯾﺎ‪ ،‬ﻛﻣــﺎ ﯾﻛﺗﺳــب اﻟﺗﻣﯾﯾــز أﻫﻣﯾــﺔ ﻛﺑﯾ ـرة ﺑﺣﯾــث ﺗﺗرﺗــب وﻣﺎ ازﻟــت‬
‫ﺗﺗرﺗــب ﻋﻠﯾــﻪ ﻋــدة ﻧﺗــﺎﺋﺞ ﺧﺎﺻــﺔ ﻓﯾﻣــﺎ ﺗﻌﻠــق ﺑــﺎﺧﺗﻼف ﻗواﻋــد اﻻﺧﺗﺻــﺎص اﻟﻘﺿــﺎﺋﻲ وطﺑﯾﻌــﺔ اﻟــدﻋوى‬
‫اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻟﺣق اﻟﻌون اﻟﻌﻣـوﻣﻲ ﺿـر ار ﺑـﺎﻟﻐﯾر ﻓﻣـن ﯾﺗﺣﻣـل اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ واﻟﺗﻌـوﯾض ﻓﻬـل ﺗﺗﺣﻣﻠﻬـﺎ‬
‫اﻹدارة وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗرﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺿدﻫﺎ وﻟﯾس ﺿد اﻟﻣوظف‪ ،‬أم ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ ﻫـذا اﻷﺧﯾـر ﺑﺎﻋﺗﺑـﺎرﻩ اﻟﻣﺗﺳـﺑب‬
‫ﻓــﻲ اﻟﺿــرر ﻓﺗرﻓــﻊ اﻟــدﻋوى ﺿــدﻩ ‪ ،‬ﺣﯾــث ﺗﺳــﺄل اﻹدارة اﻟﺗــﻲ ﯾﺗﺑﻌﻬــﺎ؟ ﺗﺟــدر اﻹﺷــﺎرة إﻟــﻰ اﻟﻘــول ﺑــﺄن‬
‫اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﻣردﻩ إﻟﻰ ﻓﻛرة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟرﺋﺎﺳﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ‪.‬‬

‫‪ – 1‬ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ و اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﺗﺷرﯾﻌﯾﺎ‬

‫ﻟﻘــد ﺗﻌ ـرض اﻟﻣﺷــرع اﻟﺟ ازﺋــري ﻓــﻲ اﻟﻘــﺎﻧون إﻟــﻰ ﻓﻛ ـرة اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻ ـﻲ واﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ‬
‫ﺑﺻ ــورة ﻣﺑﺎﺷـ ـرة‪ ،‬ﺑﺣﯾ ــث ﺗ ــﻧص اﻟﻣ ــﺎدة ‪ 31‬ﻣ ــن اﻷﻣ ــر ‪ 03/06‬اﻟﻣﺗﺿ ــﻣن اﻟﻘ ــﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳ ــﻲ اﻟﻌ ــﺎم‬
‫ﻟﻠوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " إذا ﺗﻌرض اﻟﻣوظف ﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣن اﻟﻐﯾر ﺑﺳﺑب ﺧطﺄ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺧدﻣﺔ‪ ،‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ أو اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ ﯾﻧﺗﻣـﻲ إﻟﯾﻬـﺎ أن ﺗﺣﻣﯾـﻪ ﻣـن اﻟﻌﻘوﺑـﺎت اﻟﻣدﻧﯾـﺔ‬

‫‪10‬‬
‫اﻟﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ﺗﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠط ﻋﻠﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ﯾﻧﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب إﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻰ ﻫ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا‬
‫اﻟﻣوظف ﺧطﺄ ﺷﺧﺻﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻧﻔﺻﻼ ﻋن اﻟﻣﻬﺎم اﻟﻣوﻛﻠﺔ إﻟﯾﻪ‪.‬‬

‫ﻛﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻧص اﻟﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎدة ‪ 144‬ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ﻗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻧون اﻟﺑﻠدﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻟف اﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذﻛر‪'' :‬إن اﻟﺑﻠدﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫ﻣﺳ ـ ــؤوﻟﺔ ﻋ ـ ــن اﻷﺧط ـ ــﺎء اﻟﺗ ـ ــﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬ ـ ــﺎ رﺋ ـ ــﯾس اﻟﻣﺟﻠ ـ ــس اﻟﺑﻠ ـ ــدي و اﻟﻣﻧﺗﺧﺑ ـ ــون اﻟﺑﻠ ـ ــدﯾون وﻣوظﻔ ـ ــو‬
‫اﻟﺑﻠدﯾﺔ أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎﻣﻬم ﺑوظﺎﺋﻔﻬم أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺗﻬﺎ " ‪.‬‬

‫إذن ﻣ ــن ﺧ ــﻼل ﻫ ــذﻩ اﻟﻣـ ـواد ﻧﺟـ ـد أن اﻟﻣﺷ ــرع ﺗط ــرق ﻟﻔﻛـ ـرة اﻟﺗﻔرﻗ ــﺔ ﺑ ــﯾن اﻟﺧط ــﺄ اﻟﺷﺧﺻ ــﻲ واﻟﺧط ــﺄ‬
‫اﻟﻣرﻓﻘــﻲ إﻻ أﻧــﻪ ﻟــم ﯾﺣﺳــم ﻣﺳــﺄﻟﺔ اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻ ـﻲ واﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ ﺑﺻــورة ﻧﻬﺎﺋﯾــﺔ و‬
‫أﺷــﺎر ﻓﻘــط إﻟــﻰ ﻣﻼﻣــﺢ وآﻓــﺎق ﻛــﻼ اﻟﺧطــﺄﯾن وآﺛــﺎر ذﻟــك‪ ،‬ﻟــذﻟك ﺗرﻛ ـت ﻣﻬﻣــﺔ إﻧﺟــﺎز وﺗﺣﻘﯾــق ﻋﻣﻠﯾــﺔ‬
‫اﻟﺗﻔرﻗ ــﺔ ﺑ ــﯾن اﻟﺧط ــﺄ اﻟﺷﺧﺻ ــﻲ واﻟﺧط ــﺄ اﻟﻣرﻓﻘ ــﻲ ﻟﻛ ــل ﻣ ــن ﺟﻬ ــود اﻟﻔﻘ ــﻪ وﻻﺳ ــﯾﻣﺎ إﺟﺗﻬ ــﺎدات وﺣﻠ ــول‬
‫وﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎء ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣﻌﯾـــــــــﺎر اﻟﺗﻔرﻗـــــــــﺔ ﺑـــــــــﯾن اﻟﺧطـــــــــﺄ اﻟﺷﺧﺻـــــــــﻲ و اﻟﺧطـــــــــﺄ اﻟﻣرﻓﻘـــــــــﻲ ﻓـــــــــﻲ اﻟﻘﺿـــــــــﺎء‬


‫إن اﻟﻘﺿـ ـ ـ ـ ــﺎء اﻹداري ﯾﺄﺧـ ـ ـ ـ ــذ ﺑـ ـ ـ ـ ــﻪ ﻋﻠـ ـ ـ ـ ــﻰ ﺳـ ـ ـ ـ ــﺑﯾل اﻻﺳـ ـ ـ ـ ــﺗﺋﻧﺎس‪ ،‬ﺣﯾـ ـ ـ ـ ــث ﯾﻘـ ـ ـ ـ ــوم اﻟﻘﺎﺿـ ـ ـ ـ ــﻲ اﻹداري‬
‫ﺑﻔﺣص ﻛل ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدى ﻟﯾﺣدد ﻧوع اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﻣﺳﺗﻌﯾﻧﺎ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل ‪.‬‬

‫أ‪ -‬اﻷﺧطﺎء ﻣﻧﺑﺗﺔ اﻟﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣرﻓق اﻟﻌﺎم‪:‬‬

‫ﺗﺗﺣﻘـ ــق ﻓـ ــﻲ ﺣﺎﻟـ ــﺔ ﻣـ ــﺎ إذا ﻛـ ــﺎن اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟﻣرﺗﻛـ ــب واﻟﻣﻧﺳـ ــوب إﻟـ ــﻰ اﻟﻣوظـ ــف ﻻ ﻋﻼﻗـ ــﺔ ﻟـ ــﻪ ﺑﻌﻣﻠـ ــﻪ‬
‫اﻟــوظﯾﻔﻲ إطﻼﻗــﺎ ﻛــﺄن ﯾرﺗﻛﺑــﻪ ﻓــﻲ ﺣﯾﺎﺗــﻪ اﻟﺧﺎﺻــﺔ ﻛﻣــﺎ ﻟــو ﺧــرج أﺣــد اﻷﻓ ـراد ﯾﺗﻧ ـزﻩ ﺑﺳــﯾﺎرﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻــﺔ‬
‫ﻓﺄﺻﺎب أﺣد اﻟﻣﺎرة ﺑﺿرر‪ ،‬أو ﻛﺎن اﻟﻌﻣل اﻟﺿﺎر اﻟذي ارﺗﻛﺑـﻪ اﻟﻣوظـف أﺛﻧـﺎءّ اﻟﻌﻣـل‪ ،‬إﻻ أﻧـﻪ ﻣﻧﺑـت‬
‫اﻟﺻـﻠﺔ ﺗﻣﺎﻣــﺎ ﺑواﺟﺑــﺎت اﻟوظﯾﻔــﺔ‪ ،‬ﻛــﺄن ﯾﻘـﺑض اﻟﺑــوﻟﯾس ﻋﻠــﻰ أﺣــد اﻷﻓـراد اﻟﻣﺷـﺑوﻩ ﻓــﯾﻬم ﺛــم ﯾﺿــﻌﻪ ﻓــﻲ‬
‫أﺣــد أﻗﺳــﺎم اﻟﺷــرطﺔ وﯾﺗﻌــدى ﻋﻠﯾــﻪ اﻋﺗــداء ﻋﻧﯾﻔــﺎ ﺑــدون أي ﻣﺑــرر ودون ﻣﻘﺎوﻣــﺔ ﻣﻧــﻪ و ﻓﯾﻬــﺎ ﺗﺗﺣﻘــق‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣوظف ﺷﺧﺻﯾﺎ‪.8‬‬

‫ب‪-‬اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ أﺛﻧﺎء ﺗﺄدﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﺔ أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺗﻬﺎ‪:‬‬

‫‪ -8‬ﻋﻠﻲ ﺧطﺎر اﻟﺷطﻧﺎوي‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة‪ ،‬د ذ ر ط‪ ،‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻷردن‪،2002،‬ص‪. 195‬‬

‫‪11‬‬
‫ﯾﻣﻛـ ــن ﻟﻠﻣوظـ ــف أن ﯾرﺗﻛـ ــب أﺧطـ ــﺎء أﺛﻧـ ــﺎء ﺗﺄدﯾـ ــﺔ ﻣﻬﺎﻣـ ــﻪ‪ ،‬وﻗـ ــد ﺗﻧطـ ــوي ﻫـ ــذﻩ اﻷﺧﯾ ـ ـرة ﻋﻠـ ــﻰ ﺳـ ــوء‬
‫ﻧﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺳﺗﻬدﻓﺔ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻗد ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣن اﻟﺟﺳﺎﻣﺔ ‪.‬‬

‫ب‪ /1‬إذا ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ ﻋﻣدﯾﺎ ﻣﺳﺗﻬدﻓﺎ ﻏﯾر ﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫إذ ارﺗﻛــب اﻟﻣوظــف ﺧطــﺄ أﺛﻧــﺎء ﻣﻣﺎرﺳــﺗﻪ ﻟﻠوظﯾﻔــﺔ أو ﺑﻣﻧﺎﺳــﺑﺗﻬﺎ إﻻ أﻧــﻪ ﻏﯾــر ﻣﻧﺑــت اﻟﺻــﻠﺔ ﺑــﺎﻟﻣرﻓق‬
‫اﻟﻌـ ــﺎم ﻓﺈﻧـ ــﻪ ﯾﻌـ ــد ﺧطـ ــﺄ ﺷﺧﺻـ ــﯾﺎ إذا ﻗﺻـ ــد اﻟﻣوظـ ــف اﻟﻣﺧطـ ــﺊ ﻣـ ــن و ارﺋـ ــﻪ أﻏ ـ ـراض وﻣﻘﺎﺻـ ــد ﻏﯾـ ــر‬
‫أﻏ ـراض وﻣﻘﺎﺻــد اﻟﻣﺻــﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻛﺎﻟﻛﯾــد أو ﻧﯾﺗــﻪ ﻓــﻲ اﻻﻧﺗﻘــﺎم ﻣــن ﺧﺻــم‪ ،‬أو ﻣﺟﺎﻫﻠــﺔ أو ﻣﺣﺎﺑــﺎة‬
‫ﻟﺻدﯾق أو ﻗرﯾب ﻟﻪ‪. 9‬‬

‫ب‪ / 2‬إذا ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ ﺑﻠﻎ درﺟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣن اﻟﺟﺳﺎﻣﺔ‬

‫ﯾﻌـ ـ ــد ﺧطـ ـ ــﺄ ﺷﺧﺻـ ـ ــﯾﺎ ﺣﺗـ ـ ــﻰ ﻟـ ـ ــو اﺳـ ـ ــﺗﻬدف اﻟﻣﺻـ ـ ــﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣـ ـ ــﺔ إذا ﻛـ ـ ــﺎن اﻟﺧطـ ـ ــﺄ ﺟﺳـ ـ ــﯾﻣﺎ وﺗظﻬـ ـ ــر‬
‫ﺟﺳﺎﻣﺔ اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺛﻼث ﺻور‪:‬‬

‫أ ‪ -‬أن ﯾﺧطــﺊ اﻟﻣوظــف ﺧط ــﺄ ﺟﺳــﯾﻣﺎ ﻛﻣــﺎ ﻟ ــو ﻗــﺎم أﺣــد اﻷطﺑ ــﺎء ﺑﺗطﻌــﯾم ﻋــدد ﻣ ــن اﻷطﻔــﺎل ﺿ ــد‬
‫اﻟﺑﻛﺗﯾرﯾﺎ ﺑدون إﺗﺧﺎذ اﻻﺟراءات اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻓﺄدى إﻟﻰ ﺗﺳﻣم اﻷطﻔﺎل‪.‬‬

‫‪ϪΗρϠ‬‬
‫‪ѧγίϭΎ‬‬
‫‪ѧΟΗϳϱΫѧϟ΍‬‬
‫‪ϑ ѧυϭϣϟ΍‬‬
‫‪ΔѧϟΎ‬‬
‫‪Σϲѧϓ‬‬
‫‪Ύ‬‬
‫‪ѧϣϛϙѧϟΫϭˬΎ‬‬
‫‪ϣϳγΟΎ‬‬
‫‪ϳϧϭϧΎ‬‬ ‫ب‪Ί ρΧϳϥ΃-‬‬
‫‪ϗ΄ρΧϑ υϭϣϟ΍‬‬
‫‪ϪѧΟϭϥϭΩѧΑΩ΍‬‬
‫‪έѧϓ‬‬
‫‪Ϸ΍‬‬‫΃‪ΩѧΣ‬‬
‫‪ϪϛϠ‬‬
‫‪ϣϳρ΋‬‬
‫‪Ύ‬‬‫‪ΣϡΩϬΑϥϳϧρ΍‬‬
‫‪ϭϣϟ΍‬‬
‫΃‪ΩΣ‬‬
‫΃‪έϣ‬‬
‫‪ϭϟΎ‬‬
‫‪ϣϛˬΔόηΑΓέϭλ ΑϪΗΎ‬‬
‫‪λΎ‬‬‫‪λ ΗΧ΍‬‬
‫‪ϭ‬‬
‫ﺣق‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن ﯾﻛــون اﻟﻔﻌــل اﻟﺻــﺎدر ﻣــن أﺣــد اﻟﻣــوظﻔﯾن ﻣﻛوﻧــﺎ ﻟﺟرﯾﻣــﺔ ﺟﻧﺎﺋﯾــﺔ ﺗﺧﺿــﻊ ﻟﻘــﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑــﺎت‬
‫ﺳ ـواء ﻛﺎﻧــت اﻟﺟرﯾﻣــﺔ ﻣﻘﺻــورة ﻋﻠــﻰ اﻟﻣــوظﻔﯾن ﻛﺟرﯾﻣــﺔ إﻓﺷــﺎء اﻷﺳ ـرار أو ﺟرﯾﻣــﺔ اﻟﺧﯾﺎﻧــﺔ أو اﻟﻘﺗــل‬
‫أو اﻟﺳرﻗﺔ ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﻣرﻓﻘﻲ‬

‫‪ -‬ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 140‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪12‬‬
‫* ﺗﺣدﯾد اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿـﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻـل ﻓـﻲ دﻋـوى اﻟﺗﻌـوﯾض واﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻧﻌﻘـدة ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس‬
‫اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻟﻠﻣوظف اﻟﻌﺎم‪.‬‬

‫* ﺣﺳـن ﺳـﯾر اﻟوظﯾﻔـﺔ اﻟﻌﺎﻣـﺔ واﻧﺗظﺎﻣﻬـﺎ وﺗﻘـدﻣﻬﺎ‪ ،‬ﺣﯾـث أﻧﻬـﺎ ﺗﻬﯾـﺊ اﻟﺟـو اﻟﻼﺋـق واﻟﻣﻧﺎﺳـب ﻟﻠوظﯾﻔــﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣ ــﺔ‪ ،‬إذ أن إدراك اﻟﻣوظ ــف وﻫ ــو ﯾﺑﺎﺷ ــر ﻣﻬ ــﺎم اﻟوظﯾﻔ ــﺔ اﻟﻌﺎﻣ ــﺔ ﺑﻌ ــدم اﻟﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ ﻋ ــن اﻷﺧط ــﺎء‬
‫اﻟﻣرﻓﻘﯾ ــﺔ‪ ،‬ﻣ ــن ﺷ ــﺄﻧﻪ أن ﯾﺧﻠ ــق ﻟ ــﻪ ذﻟ ــك ﺟ ــو ﻣ ــن اﻟطﻣﺄﻧﯾﻧ ــﺔ واﻹﺳ ــﺗﻘرار اﻟﻧﻔﺳ ــﻲ ﻣﻣ ــﺎ ﯾدﻓﻌ ــﻪ ﻟﻠﺧﻠ ــق‬
‫واﻹﺑداع‪. 10‬‬

‫* إن اﻷﺧـذ ﺑﻘﺎﻋــدة اﻟﻔﺻـل اﻟﺗــﺎم ﺑـﯾن اﻟﺧطــﺄﯾن اﻟﺷﺧﺻـﻲ واﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘـﻲ ﯾــؤدي إﻟـﻰ ﺣﻣﺎﯾــﺔ ﻛﺎﻣﻠــﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺿـ ــرور ﻓـ ــﻲ ﺣﺎﻟـ ــﺔ اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟﻣرﻓﻘـ ــﻲ‪ ،‬ﻓـ ــﻲ ﺣـ ــﯾن أﻧﻬـ ــﺎ ﺗـ ــؤدي إﻟـ ــﻰ ﻋـ ــدم ﺗـ ــوﻓﯾر اﻟﺣﻣﺎﯾـ ــﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠـ ــﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺿرور ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ‪.‬‬

‫* ﻛﻣـﺎ أن ﻗﺎﻋـدة اﻟﻔﺻـل اﻟﺗـﺎم ﺗـؤدي إﻟـﻰ ﻣـﻧﺢ اﻟﺧطـﺄ اﻟﻣﻬﻧـﻲ اﻟﯾﺳـﯾر )اﻟﺧطـﺄ اﻟﻣرﻓﻘـﻲ( ﺣﻣﺎﯾـﺔ أﻛﺑـر‬
‫ﻣـ ــن اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟﺟﺳـ ــﯾم )اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟﺷﺧﺻـ ــﻲ( ﻣﻣـ ــﺎ ﯾـ ــؤدي إﻟـ ــﻰ إﺟﺣـ ــﺎف ﺑﺣـ ــق اﻟﻣﺗﺿـ ــرر ﻣـ ــن اﻟﺧطـ ــﺄ‬
‫اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻋﺳﺎر اﻟﻣوظف ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ‪:‬‬

‫‪ -4‬ﻗﺎﻋدة اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ و اﻟﻣرﻓﻘﻲ‬

‫‪ -10‬ﺑن ﻣﺷﯾش ﻓرﯾد ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎء اﻟﻣوظف اﻟﻌﺎم‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‪،‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون إداري‪،‬ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪،‬ﺑﺳﻛرة‪، 2014 -2013،‬‬
‫ص ‪. 44‬‬

‫‪13‬‬
‫ﻟﻘد ﺟﺳد اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺗطـورات ﻫﺎﻣـﺔ ﻓـﻲ ﻫـذا اﻟﻣﺟـﺎل إذ أﺻـﺑﺢ ﯾﺄﺧـذ ﺑﻘﺎﻋـدة اﻟﺟﻣـﻊ ﺑـﯾن اﻟﺧطـﺄ‬
‫اﻟﺷﺧﺻﻲ و اﻟﻣرﻓﻘﻲ ‪ ،‬ﺳواء ﻣن ﺣﯾث ﺟﻣﻊ اﻷﺧطﺎء أو اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻷﺧطﺎء‪:‬‬

‫ﯾﻘﺻ ــد ﺑﻔﻛـ ـرة اﻟﺟﻣ ــﻊ ﺑ ــﯾن اﻷﺧط ــﺎء ﻛﺄﺳ ــﺎس ﻟﻠﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾ ــﺔ وﺟ ــود ﺧط ــﺄﯾن و اﺷ ــﺗراﻛﻬﻣﺎ ﻓ ــﻲ‬
‫إﻟﺣ ــﺎق اﻟﺿ ــرر‪ ،‬ﺧط ــﺄ اﻟﻣوظ ــف اﻟﺷﺧﺻ ــﻲ اﻟ ــذي ﺣ ــدث داﺧ ــل اﻟﻣرﻓ ــق أو ﺧﺎرﺟ ــﻪ ﻟﻛ ــن ﺑﻣﻧﺎﺳ ــﺑﺗﻪ‬
‫وﺧطﺄ اﻟﻣرﻓق‪ ،‬ﻓﻠو ﻻ اﻟﻣرﻓق ﻟﻣﺎ ارﺗﻛب اﻟﻣوظف اﻟﺧطـﺄ‪ ،‬ﻣﺛـل ﻗﺿـﯾﺔ أﻧﺟـﻲ إﺛـر اﻟﺣـﺎدث اﻟـذي وﻗـﻊ‬
‫داﺧل ﻣﻛﺗب اﻟﺑرﯾد وﺑﻧـﺎء ﻋﻠـﻰ دﻋـوى اﻟﻣﺿـرور ارﺗـﺄى اﻟﻘﺎﺿـﻲ ﺑـﺄن اﻟﺣـﺎدث ﻧـﺗﺞ ﻋـن ﺧطـﺄﯾن ﻫﻣـﺎ‬
‫ﺧطــﺄ ﻣرﻓﻘــﻲ ﻧــﺎﺗﺞ ﻋــن ﻏﻠــق ﻣﻛﺗــب اﻟﺑرﯾــد ﻗﺑــل اﻟوﻗــت اﻟﻣﺣــدد‪ ،‬ﻓــﺎﻟﻣرﻓق ﺳــﯾر ﺑﺷــﻛل ﺳــﻲء وﺧطــﺄ‬
‫ﺷﺧﺻــﻲ ﻷﻋ ـوان اﻟﺑرﯾــد اﻟــذﯾن ﻋــﺎﻣﻠو ا اﻟﻣﺿــرور ﺑﻘﺳــوة ﻋــوض دﻋوﺗــﻪ إﻟــﻰ اﻟﺧــروج ﻣــن اﻟﻣﻛﺗــب‬
‫ﺑﻬدوء ‪.‬‬

‫ﻣـ ـن ﺗطﺑﯾﻘ ــﺎت اﻟﻘﺿ ــﺎء اﻟﺟ ازﺋ ــري ﻗﺿ ــﯾﺔ )ﺑﻠﻘﺎﺳ ــﻲ( اﻟ ــذي رﻓ ــﻊ دﻋ ــوى ﺗﻌ ــوﯾض ﺿ ــد وزﯾ ــر اﻟﻌ ــدل‬
‫وﺑﻌــد د ارﺳــﺔ اﻟﻣﻠــف ﻗــررت اﻟﻐرﻓــﺔ اﻹدارﯾــﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣــﺔ اﻟﻌﻠﯾــﺎ أن ﻫــذا اﻟﺿــرر ﯾﻌــود ﺳــﺑﺑﻪ إﻟــﻰ اﻟﺧطــﺄ‬
‫ﺷﺧﺻــﻲ إرﺗﻛﺑــﻪ ﻛﺎﺗــب اﻟﺿــﺑط ﺑﺳــﺑب إﻫﻣﺎﻟــﻪ وﺧطــﺄ ﻣرﻓﻘــﻲ ﯾﺗﻣﺛــل ﻓــﻲ ﺳــوء ﺗﺳــﯾﯾر ﻣﺻــﻠﺣﺔ ﻛﺗﺎﺑــﺔ‬
‫اﻟﺿﺑط‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺗﻌوﯾض اﻟﺳﯾد ﺑﻠﻘﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺿرر اﻟذي ﻟﺣق ﺑﻪ‪. 11‬‬

‫ب‪ -‬اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت‬

‫ﯾﻛـ ــون ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــذﻩ اﻟﺣﺎﻟـ ــﺔ ﺧطـ ــﺄ واﺣـ ــد و ﻫـ ــو ﺧطـ ــﺄ اﻟﻌـ ــون اﻟﻌﻣـ ــوﻣﻲ ﻣﺻـ ــدر اﻟﺿـ ــرر وﻟﻛـ ــون ﻫـ ــذا‬
‫اﻟﺧط ــﺄ ﺷﺧﺻ ــﯾﺎ ﯾﺟ ــب أن ﯾﻠ ــزم ﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌ ــون ﻓﻘ ــط‪ ،‬وﻟﻛ ــن اﻷﻣ ــر ﻟ ــﯾس ﻛ ــذﻟك‪ ،‬داﺋﻣ ــﺎ وﻫ ــذا أﺛ ــر‬
‫‪˯Ύ‬‬
‫΃‪ѧϧΛ‬‬
‫‪ΏѧϛΗέϣϟ΍‬‬
‫‪ϲλ Χηϟ΍‬‬ ‫اﻟﺗطور اﻟﻛﺑﯾر واﻟﻬﺎم واﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬ﻓﻘد ﺑدأ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻘـر ﺑ΄‪ϥ‬‬
‫‪΄ρΧϟ΍‬‬
‫اﻟﺧدﻣــﺔ أو ﺑﻣﻧﺎﺳــﺑﺗﻬﺎ ﯾﻠــزم ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣوظــف ‪ ،‬ﻟﻛــن ﺑﺳــﺑب اﻟﺗطــور اﻟﺣﺎﺻــل ﻓــﻲ ﻣﺟــﺎل اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ‬
‫أﺻﺑﺢ ﯾﻣﻛن إﻟزام أﻹدارة ﻋن اﻟﺗﻌوﯾﺿﺎت اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻟﻠﻣﺿرور‪.12‬‬

‫‪ -‬ﻟوﺻﯾف أﺣﻼم ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪ - 12‬ﻣﺣﯾو أﺣﻣد ‪ ،‬اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬ط ‪ ، 05‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬د س ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪ ،‬ص ‪. 257‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ – 5‬ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﻣرﻓﻘﻲ‬

‫إن اﻻﻋﺗراف ﺑﺟﻣﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺗﺗﻌﻠـق ﺑﻘواﻋـد اﻹﺟـراءات وﺑﻘواﻋـد اﻟﻣوﺿـوع ‪ ،‬ﻣﻣـﺎ‬
‫ﯾؤدي ﻟﺗﻛرﯾس دﻋوى اﻟﻣﺿرور ‪ ،‬ودﻋﺎوى اﻟرﺟوع ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗم رﻓﻌﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ϪѧϧΈ‬‬
‫‪ϓ‬‬‫‪ν ϳϭѧѧόΗϟ΍‬‬
‫‪ϰѧѧϠ‬‬
‫‪ϋέϭέѧο ϣϟ΍‬‬
‫‪ϝϭѧѧλ ΣΩѧλ ϗϯ ϭϋΩѧϟ΍‬‬
‫‪ΓέѧѧηΎ‬‬ ‫أ – دﻋـوى اﻟﻣﺿــرور ‪ϥѧϣ:‬‬
‫΃‪ΑϣϝѧѧΟ‬‬
‫ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‬

‫ﻓـــﻲ اﻟﻣﻘـــﺎم اﻷول ‪ :‬ﯾﺣــق ﻟﻠﺿ ــﺣﯾﺔ اﻻﺧﺗﯾــﺎر ﺑ ــﯾن رﻓــﻊ اﻟ ــدﻋوى ﺿــد اﻹدارة أﻣ ــﺎم اﻟﻘﺿ ــﺎء اﻹداري‬
‫أو رﻓﻌﻬــﺎ ﺿــد اﻟﻣوظــف أﻣــﺎم اﻟﻘﺿــﺎء اﻟﻌــﺎدي‪ ، 13‬وﻏﺎﻟﺑــﺎ ﻣــﺎ ﯾﺧﺗــﺎر اﻟﺿــﺣﯾﺔ طﻠــب اﻟﺗﻌــوﯾض اﻟﻛﻠــﻲ‬
‫ﻣن اﻹدارة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ أﯾﺳر ﻋﻠﻰ دﻓﻊ اﻟﺗﻌوﯾض ‪.‬‬

‫ﻓـــﻲ اﻟﻣﻘـــﺎم اﻟﺛـــﺎﻧﻲ‪ :‬إذا ﻛــﺎن ﻣﺑــدأ ﺟﻣــﻊ اﻟﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺎت ﯾﻬــدف إﻟــﻰ ﺗﻣﻛــﯾن اﻟﺿــﺣﯾﺔ ﻣــن اﻻﺧﺗﺑ ــﺎر‬
‫ﺑ ـ ــﯾن ﻣﺗﺎﺑﻌ ـ ــﺔ اﻹدارة أو اﻟﻣوظ ـ ــف‪ ،‬ﻓﺈﻧ ـ ــﻪ ﻻ ﯾﻣﻛ ـ ــن أن ﯾﺳ ـ ــﻣﺢ ﺑﺗﻌ ـ ــوﯾض اﻟﺿ ـ ــﺣﯾﺔ ﻣـ ـ ـرﺗﯾن ﻧﺗﯾﺟ ـ ــﺔ‬
‫اﻟدﻋوﯾﯾن اﻟﻣرﻓوﻋﺗﯾن‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻘﺎﺑل ﻣﺑدأ ﺟﻣﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت ﻣﺑدأ ﻋدم ﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﺗﻌوﯾﺿﯾن‪.14‬‬

‫ب– دﻋوى اﻟرﺟوع ‪:‬‬

‫ﺑﻌـ ـ ــد أن ﺗـ ـ ــدﻓﻊ اﻹدارة ﻛﺎﻣـ ـ ــل اﻟﺗﻌـ ـ ــوﯾض‪ ،‬ﺑﺎﻹﻣﻛـ ـ ــﺎن أن ﺗرﺟـ ـ ــﻊ ﻋﻠـ ـ ــﻰ اﻟﻌـ ـ ــون ﻟﻣطﺎﻟﺑﺗـ ـ ــﻪ ﺑﺎﺳـ ـ ــﺗرداد‬
‫اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟذي دﻓﻌﺗﻪ ﻟﻘﺎء ﺣﺻـﺗﻪ ﻓـﻲ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ ‪،‬وﻋﻠـﻰ اﻟﻌﻛـس ﯾﻣﻛـن أﯾﺿـﺎ رﻓـﻊ اﻟـدﻋوى ﻋﻠـﻰ اﻹدارة‬
‫ﻣن طرف اﻟﻌون ﻹﺳﺗرداد ﻣﺎ دﻓﻌﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻺدارة إدﺧﺎل اﻟﻐﯾر ﻛﻣﺳؤول ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ‪.15‬‬

‫ب‪ – 1‬دﻋوى رﺟوع اﻹدارة ﻋﻠﻰ اﻟﻣوظف‬

‫‪ϊѧѧϓ‬‬
‫΃‪έΗϥ‬‬
‫‪ϥѧѧϛϣϳϭ "ΔѧѧϳϧΎ‬‬
‫‪Λϟ΍‬‬
‫‪Ύ‬‬
‫‪ѧѧϬΗέϘ‬‬
‫‪ϓ‬‬‫‪ϲѧѧϓέϛΫѧѧϟ΍‬‬
‫‪Δϔ‬‬
‫‪ϟΎ‬‬
‫‪ѧѧγϟ΍‬‬
‫‪ΔѧѧϳΩϠ‬‬
‫‪Αϟ΍‬‬
‫‪ϥϭϧΎ‬‬
‫‪ѧѧϗϥѧѧϣ144ΓΩΎ‬‬
‫‪ѧѧϣϟ΍‬‬
‫‪ι ϧѧѧΗ‬‬
‫دﻋوى ﺿد ھؤﻻء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ارﺗﻛﺎﺑﮭم ﺧطﺄ ﺷﺧﺻﯾﺎ " ‪.‬‬

‫‪ -‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ ‪ ،‬ص ‪. 259‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ - 14‬ﻣﺑروﻛﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺗﺧﺻص‬
‫ﻗﺎﻧون إداري‪ ،‬ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة‪ ،‬ص ‪. 35‬‬
‫‪ - 15‬ﻣﺣﯾو أﺣﻣد ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 144‬‬

‫‪15‬‬
‫اﻟوﻻﯾـ ـ ــﺔ‬ ‫''‬ ‫اﻹﺿ ـ ــﺎﻓﺔ إﻟ ـ ــﻰ ﻧ ـ ــص اﻟﻣ ـ ــﺎدة ‪ 140‬ﻣ ـ ــن ﻗـ ـ ــﺎﻧون اﻟوﻻﯾ ـ ــﺔ اﻟﺗ ـ ــﻲ ﺗ ـ ــﻧص ﻋﻠ ـ ــﻰ أن‬
‫ﻣﺳ ــؤوﻟﺔ ﻣ ــدﻧﯾﺎ ﻋ ــن اﻷﺧط ــﺎء اﻟﺗ ــﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬ ــﺎ رﺋ ــﯾس اﻟﻣﺟﻠ ــس اﻟﺷ ــﻌﺑﻲ اﻟ ــوﻻﺋﻲ و اﻟﻣﻧﺗﺧﺑ ــون وﺗﺗ ــوﻟﻰ‬
‫اﻟوﻻﯾ ــﺔ ﻣﻣﺎرﺳ ــﺔ ﺣ ــق دﻋ ــوى اﻟرﺟ ــوع أﻣ ــﺎم اﻟﺟﻬ ــﺔ اﻟﻘﺿ ــﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻ ــﺔ ﺿ ــد ﻫ ــؤﻻء ﻓ ــﻲ ﺣﺎﻟ ــﺔ ﺧط ــﺄ‬
‫ﺷﺧﺻﻲ ﻣن ﺟﺎﻧﺑﮭم "‪.‬‬

‫ﺑﺎﻟﺗـ ــﺎﻟﻲ إذا ارﺗﻛـ ــب اﻟﻌـ ــون ﺧطـ ــﺄ ﺷﺧﺻـ ــﯾﺎ ودﻓﻌـ ــت اﻹدارة اﻟﺗﻌـ ــوﯾض ﻋوﺿـ ــﺎ ﻋﻧـ ــﻪ وﯾﺗﺻـ ــور ذﻟـ ــك‬
‫ﻓ ــﻲ اﻟﺣﺎﻟ ــﺔ اﻟﺗ ــﻲ ﯾﻛ ــون ﻓﯾﻬ ــﺎ اﻟﺧط ــﺄ اﻟﺷﺧﺻ ــﻲ ﻣرﺗﻛﺑ ــﺎ أﺛﻧ ــﺎء اﻟﺧدﻣ ــﺔ أو ﺑﻣﻧﺎﺳ ــﺑﺗﻬﺎ‪،‬أي ﻓ ــﻲ ﺣﺎﻟ ــﺔ‬
‫اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟﺷﺧﺻـ ــﻲ ﻏﯾـ ــر ﻗﺎﺑـ ــل ﻟﻠﻔﺻـ ــل ﻋـ ــن اﻟﺧدﻣـ ــﺔ ﻓﻬﻧـ ــﺎ ﺗـ ــدﻓﻊ اﻹدارة اﻟﺗﻌـ ــوﯾض وﺑﻌـ ــد ذﻟـ ــك ﻓـ ــﻲ‬
‫ﻣﻘ ــدورﻫﺎ اﻟرﺟ ــوع ﻋ ــن اﻟﻌ ــون ﻻﺳ ــﺗرداد ﻣ ــﺎ دﻓﻌﺗـ ـﻪ‪ ، 16‬وذﻟ ــك ﺗطﺑﯾﻘ ــﺎ ﻟ ــﻧص اﻟﻣ ــﺎدة ‪ 31‬ﻣ ــن اﻟﻘ ــﺎﻧون‬
‫اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠوظﯾف اﻟﻌﻣوﻣﻲ ‪.‬‬

‫ب‪ -2‬دﻋوى اﻟرﺟوع اﻟﻣرﻓوﻋﺔ ﻣن اﻹدارة ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر ‪:‬‬

‫ﻧطﺑ ــق ﻧﻔ ــس اﻟﻘواﻋ ــد ﻓ ــﻲ ﺣﺎﻟ ــﺔ ﻣ ــﺎ إذا ﻛ ــﺎن اﻟﺿ ــرر اﻟﻣﺳ ــﺗﺣق ﻟﻠﺗﻌ ــوﯾض ﻧﺎﺗﺟ ــﺎ ﻋ ــن ﻓﻌ ــل اﻟﻐﯾ ــر‬
‫ﺿ ــد ﻣوظ ــف ﺗ ــﺎﺑﻊ ﻹدارة ﻣﻌﯾﻧ ــﺔ ﻗﺎﻣ ــت ﺑﺗﻌوﯾﺿ ــﻪ‪ ،‬إذ ﺗﺣ ــل ﻫﻧ ــﺎ اﻹدارة ﻣﺣ ــل ﺣﻘ ــوق اﻟﻣﺿ ــرور أﻻ‬
‫وﻫــو ﻣوظﻔﻬــﺎ‪ ،‬وﻟﻛــﻲ ﺗﻘــوم اﻹدارة ﺑﺎﺳــﺗرداد اﻟﻣﺑــﺎﻟﻎ اﻟﺗــﻲ دﻓﻌﺗﻬــﺎ ﻟــﻪ وذﻟــك ﻋــن طرﯾــق دﻋــوى اﻟرﺟــوع‬
‫ﺿ ــد اﻟﻐﯾ ــر اﻟﻣﺗﺳ ــﺑب ﻓ ــﻲ اﻟﺿ ــرر‪ ،‬ذﻟ ــك أن ﻓﻌ ــل اﻟﻐﯾ ــر ﯾﻌﻔ ــﻲ ﺟزﺋﯾ ــﺎ أو ﻛﻠﯾ ــﺎ اﻹدارة‪ ،‬وﻣﻧ ــﻪ ﺗﺑﻘ ــﻰ‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﺎ ﺑﻘدر ﻧﺳﺑﺔ ﻣﺷﺎرﻛﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ‪.‬‬

‫راﺑﻌﺎ – ﺷروط ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‬

‫‪ -‬ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 192‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪16‬‬
‫ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻛﻣل وﺟﻪ ﻻﺑد ﻣن ﺗواﻓر ﺛﻼث أرﻛﺎن رﺋﯾﺳﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻲ رﻛن اﻟﺧطـﺄ اﻟـذي‬
‫ﯾﻘﻊ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻹدارة‪ ،‬ورﻛن ﺛﺎﻧﻲ وﻫو اﻟﺿرر ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺧطﺄ اﻹداري‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ رﻛن ﺛﺎﻟث وﻫو‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺿرر واﻟﺧطﺄ ‪.‬‬

‫‪ – 1‬اﻟﺿرر‪ :‬ﯾﻌـرف اﻟﺿـرر ﺑﺄﻧـﻪ ﻛـل إﺧـﻼل ﺑﺣـق أو ﻣﺻـﻠﺣﺔ ﻣﺷـروﻋﺔ ﻟﻠﻣﺿـرور ﻣﺎدﯾـﺔ ﻛﺎﻧـت أو‬
‫ﻣﻌﻧوﯾــﺔ‪ ،‬ﻛﻣــﺎ ﯾﻌــرف ﺑﺄﻧــﻪ اﻷذى اﻟــذي ﯾﺻــﯾب اﻟﻣﺿــرور ﻓــﻲ ﺣــق ﻣــن ﺣﻘوﻗــﻪ اﻟﺗــﻲ ﯾﺣﻣﯾﻬــﺎ اﻟﻘــﺎﻧون‬
‫ﺳواء ﻓﻲ ﺟﺳﻣﻪ أو ﻣﺎﻟﻪ أو ﺷرﻓﻪ أو ﻋواطﻔﻪ وﻋﻘﯾدﺗﻪ ‪.‬‬

‫أ‪ -‬أﻧواع اﻟﺿرر‬

‫ﻟﻠﺿرر ﻧوﻋﯾن ﯾﻣﺳﺎن ﺑﺎﻟﻣرﻛز اﻟﻣﺎﻟﻲ أو اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻠﻣﺿرور ‪ ،‬ﻟذا ﺗﻛﻣن ﻫذﻩ اﻷﻧواع ﻓﻲ اﻟﺿرر‬
‫اﻟﻣﺎدي )أوﻻ( ‪ ،‬اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي )ﺛﺎﻧﯾﺎ( ‪.‬‬

‫أ‪ -1‬اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي‬

‫ﻫو ذﻟك اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﻧﺻب ﻋﻠـﻰ ﺟﺳـم اﻟﺷـﺧص أو ﻣﺎﻟـﻪ أو ﯾـرد ﻋﻠـﻰ ﻋﻧﺻـر ﻣـن ﻋﻧﺎﺻـر ذﻣﺗـﻪ‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺄن ﯾؤدي ﺗﺻرف اﻹدارة اﻟﻐﯾـر ﻣﺷـروع إﻟـﻰ إﺻـﺎﺑﺔ ﺷـﺧص ﻣـﺎ ﻓـﻲ ﺟﺳـدﻩ وأﻣواﻟـﻪ ﻛـﺈﺗﻼف‬
‫ﻣزروﻋﺎﺗﻪ أو ﻫدم ﻋﻘﺎر ﯾﻣﻠﻛﻪ ‪.‬‬

‫ﻟﻛن ﻻﺑد أن ﺗﺗوﻓر ﻓﻲ اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط ﯾﻣﻛن إﺑرازﻫﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫* أن ﯾﻛــون اﻟﺿــرر ﻣؤﻛــدا أي أن ﯾﻛــون ﻣﺣﻘﻘــﺎ وﻗــﻊ ﻓﻌــﻼ أو ﺳــﯾﻘﻊ ﺣﺗﻣــﺎ‪ ،17‬ﻓﺎﻟﺿــرر اﻟﻣﺣﻘــق ﻻ‬
‫ﯾﺷ ــﻣل اﻟﺿ ــرر اﻟﺣ ــﺎﻟﻲ ﻓﻘ ــط‪ ،‬ﺑ ــل ﯾﺷ ــﺗﻣل ﺣﺗ ــﻰ اﻟﺿ ــرر اﻟ ــذي ﺗ ــﺄﺧرت آﺛ ــﺎرﻩ ﺑﻌﺿ ــﻬﺎ أو ﻛﻠﻬ ــﺎ إﻟ ــﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل‪ ،‬وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟـﻰ أن اﻟﺿـرر اﻟﻣﺳـﺗﻘﺑل ﯾﺗﻣﯾـز ﻋـن اﻟﺿـرر اﻟﻣﺣﺗﻣـل ﻓﺎﻟﺿـرر اﻟﻣﺳـﺗﻘﺑل‬
‫ﻫو ﺿرر وﻗﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌل وﻟﻛن آﺛﺎرﻩ ﺳﺗظﻬر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل‪ .‬أﻣـﺎ اﻟﺿـرر اﻟﻣﺣﺗﻣـل ﻓﻬـو ﺿـرر ﻣﺣﻘـق ﻗـد‬
‫ﯾﻘﻊ وﻗد ﻻ ﯾﻘﻊ ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻛون ﻣرﺟﻌﺎ ﻟﻠﺗﻌوﯾض إﻻ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﻌﻼ ‪.‬‬

‫* أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻣﺑﺎﺷ ار‬

‫‪ -‬ﻋواﺑدي ﻋﻣﺎر ‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 39‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪17‬‬
‫ﺣﺗـﻰ ﯾـﺗﻣﻛن ﻣـن اﻟﺗﻌـوﯾض ﻋـن اﻟﺿـرر ﻓــﻲ ﻣﺟـﺎل اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ ﯾﺗﻌـﯾن أن ﯾﻛـون ﻫـذا اﻟﺿــرر‬
‫ﻣﺑﺎﺷرا‪ ،‬أي اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﺳﺑب اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻣن ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻌوﯾض‪. 18‬‬

‫* أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﺷﺧﺻﻲ‬

‫ﯾﻘﺻد ﺑﻪ أن ﯾﻠﺣق اﻟﺿرر ﻓردا ﻣﻌـﯾن أو أﻓـراد ﻣﻌﯾﻧـﯾن ﺑـذواﺗﻬم‪ ،‬أﻣـﺎ اﻟﺿـرر اﻟﻌـﺎم ﻓﻬـو اﻟـذي ﯾﻣـس‬
‫ﻋــدد ﻏﯾــر ﻣﺣــدد ﻣــن اﻷﺷــﺧﺎص‪ ،‬وﻫــذا اﻟﻧــوع ﻣــن اﻟﺿــرر ﯾﺷــﺗرط ﻏﺎﻟﺑــﺎ اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟــﺔ ﻋــن‬
‫اﻟﻣﺧــﺎطر‪ ،‬أي ﯾﺷــﺗرط أن ﯾﻛــون اﻟﺿــرر ﺟﺳــﯾم وﻏﯾــر ﻋــﺎدل وﻓــﻲ اﻟﻛﺛﯾــر ﻣــن اﻷﺣﯾــﺎن ﯾﺷــﺗرط أن‬
‫ﯾﻛون ﻋﺎم ﯾﻣس ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﻓراد ‪.‬‬

‫* أن ﯾﻣس اﻟﺿرر ﺑﺣق ﻣﺷروع أو ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷروﻋﺔ‬

‫ﯾﺷ ــﺗرط ﻓ ــﻲ اﻟﺿ ــرر أن ﯾﻣ ــس ﺣﻘ ــﺎ ﻣﻛﺗﺳ ــﺑﺎ أو ﻣﺻ ــﻠﺣﺔ ﻣﺷ ــروﻋﺔ ﻏﯾ ــر ﻣﺧﺎﻟﻔ ــﺔ ﻟﻠﻧظ ــﺎم اﻟﻌ ــﺎم‬
‫واﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻛل ﺿرر ﯾﻠﺣق ﺑﺣـق ﻣـن ﺣﻘـوق اﻹﻧﺳـﺎن اﻟﻣﺣﻣﯾـﺔ ﻗﺎﻧوﻧـﺎ ﯾﺳـﺗوﺟب‬
‫طﻠب اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻪ‪ ،‬ﻣﺎ ﻟم ﯾوﺟد ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺧﻼف ذﻟك‪ ،‬ﻓﻛﻠﻣﺎ أﻧﺻب اﻟﺿرر ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺣق ﯾﺣﻣﯾﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺣق ﻟﻠﻣﺿرور رﻓـﻊ دﻋـوى ﻗﺿـﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑـﺔ ﺑـﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋـن اﻟﺿـرر اﻟـذي‬
‫أﺻﺎﺑﻪ‪ . 19‬ﻟذا ﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺗﻌوﯾض ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛون اﻟﻣﺿرور ﻓﻲ وﺿﻌﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ‪.‬‬
‫* أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻘﯾﯾم ﺑﺎﻟﻧﻘود‬
‫إن ﻫذا اﻟﺷرط ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺗﻪ ﻣـن ﺧـﻼل ﻛـون ﺗـواﻓر ذﻟـك ﯾﺣﻘـق ﺗﻧﻔﯾـذ اﻟﺣﻛـم اﻟﺻـﺎدر ﺑـﺎﻟﺗﻌوﯾض‬
‫ﻟـذا ﻻﺑــد أن ﯾﻛــون اﻟﺿـرر ﻣﻣﻛــن ﺗﻘﯾﯾﻣــﻪ ﻧﻘــدا‪ ،‬وﯾﻛـون ﻫــذا اﻟﺗﻘﯾــﯾم ﺳــﻬﻼ ﺧﺎﺻـﺔ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟــﺔ ﻛــون‬
‫اﻟﺿرر ﻣس ﺑﻣﻧﻘول أو ﻋﻘﺎر ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺳﺎدﺳﺔ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﻧداء ﻣﺣﻣد أﻣﯾن أﺑو اﻟﻬوى ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﻘ اررات اﻹدارﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ‬ ‫‪18‬‬

‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺷرق اﻷوﺳط ‪ ، 2010 ،‬ص ‪. 105‬‬
‫‪ - 19‬ﻋﺑﺎﺷﻲ ﻛرﯾﻣﺔ ‪ ،‬اﻟﺿرر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل طﺑﻲ ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ‪،‬‬
‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﯾزي وزو ‪. 2011- 2010 ،‬‬

‫‪18‬‬
‫أ‪ -2‬اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي‬
‫ﯾﻘﺻـد ﺑﺎﻟﺿـرر اﻟﻣﻌﻧـوي اﻟﺿـرر اﻟـذي ﯾﻠﺣـق اﻟﺷـﺧص ﻓـﻲ ﻏﯾـر ﺣﻘوﻗـﻪ اﻟﻣﺎﻟﯾـﺔ وﻻ ﻓـﻲ ﺳـﻼﻣﺗﻪ‬
‫اﻟﺟﺳــدﯾﺔ‪ٕ ،‬واﻧﻣــﺎ ﯾﺻــﯾﺑﻪ ﻓــﻲ ﻛراﻣﺗــﻪ أو ﺷــﻌورﻩ أو ﺷ ـرﻓﻪ أو ﻋﺎطﻔﺗــﻪ ‪ ،‬ﻓﯾﻠﺣــق ﺑﺷــرف اﻹﻧﺳــﺎن‬
‫وﺳﻣﻌﺗﻪ واﻋﺗﺑﺎرﻩ وﻣرﻛزﻩ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ‪.‬‬
‫إﻻ إن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ظﻬـر ﺧـﻼف ﻓﻘﻬـﻲ ﻣـن ﺣﯾـث إﻣﻛﺎﻧﯾـﺔ اﻟﺗﻌـوﯾض ﻋﻧـﻪ‪ ،‬ﻓﻬﻧـﺎك ﻣـن ﯾـرى‬
‫أﻧــﻪ ﻻ ﻣﺟــﺎل ﻟﻠﺗﻌــوﯾض ﻋــن اﻷﺿ ـرار اﻟﻣﻌﻧوﯾــﺔ ﺑﺎﺳــﺗﺛﻧﺎء ﻣــﺎ ﺗﻌﻠــق ﺑﺗﻠــك اﻟﻧﺎﺗﺟــﺔ ﻋــن اﻻﻋﺗــداء‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻔﻧﯾﺔ‪ .‬وﻗد ﺣدث ﻫذا ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳـﻲ ﻓـﻲ ﻗﺿـﯾﺔ ‪surdo‬‬
‫إﻻ أﻧــﻪ ﺗــم اﻟﺗ ارﺟــﻊ ﻋــن ذﻟــك ﻓــﻲ ﻗﺿــﯾﺔ ‪ letissmant‬ﻟﯾﻘﺑــل اﻟﺗﻌــوﯾض ﻋــن اﻵﻻم اﻟﻣﻌﻧوﯾــﺔ ‪،‬‬
‫وﻣن ﺟﻬﺗﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد أﻗر ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﺑﻣوﺟـب ﻧـص اﻟﻣـﺎدة ‪182‬‬
‫ﻣﻛ ــرر ﻣ ــن اﻟﻘ ــﺎﻧون اﻟﻣ ــدﻧﻲ اﻟﺗ ــﻲ ﻧﺻ ــت ﯾﺷ ــﻣل اﻟﺗﻌ ــوﯾض ﻋ ــن اﻟﺿ ــرر اﻟﻣﻌﻧ ــوي ﻛ ــل ﻣﺳ ــﺎس‬
‫ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ أو اﻟﺷرف أو اﻟﺳﻣﻌﺔ ‪.‬‬
‫ﻛﻣــﺎ أﻗــر اﻟﻘﺿــﺎء اﻹداري ﺑــﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋــن اﻟﺿــرر اﻟﻣﻌﻧــوي ﻓــﻲ ﻣﺧﺗﻠــف ﻗ اررﺗــﻪ اﻟﺻــﺎدرة ﻋــن‬
‫اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻘرار رﻗم ‪ 1326‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1977/7/9‬ﻓﻲ ﻗﺿـﯾﺔ‬
‫ﺑن أﺣﺳن أﺣﻣد ﺿد وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ إذ أﻗرت ﻓﻲ وﻗـﺎﺋﻊ ﻫـذﻩ اﻟﻘﺿـﯾﺔ ﺑﺄﻧـﻪ " اﻟطﻔﻠـﯾن ﻧﺎدﯾـﺔ وﻧـور‬
‫اﻟــدﯾن ﻓﻘــدا أﻣــﺎ وأﺧــوﯾن وأن ﻋواطﻔﻬﻣــﺎ ﺳــوف ﺗﺿــطرب ﺑﺷــدة ‪ ،‬وﺳــوف ﺗظﻬــر اﺧــﺗﻼﻻت ﻓــﻲ‬
‫ﺣﯾﺎﺗﻬم اﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻣؤﻛدة‪. 20‬‬

‫ب ‪ -‬إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر‬

‫ﯾﻘﻊ ﻋﺑﺊ إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق ﻣن ﯾدﻋﯾﻪ ‪ ،‬أي أن ﻋﺑﺊ إﺛﺑﺎت اﻟﺿـرر ﯾﻘـﻊ ﻋﻠـﻰ ارﻓـﻊ اﻟـدﻋوى‬
‫واﻟﻣطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض‪ ،‬وﯾﺟوز إﺛﺑﺎت ذﻟك ﺑﻛﺎﻓﺔ اﻟطـرق إﻻ أﻧـﻪ ﻓـﻲ ﻣﺟـﺎل اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ‪ ،‬وﻧظـ ار‬
‫ﻟﻠدور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ اﻟذي ﯾﻠﻌﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻗد ﯾﺧﻔف ﻣن ﻫذا اﻟﻌﺑﺊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ ﺑﺄن ﯾﻛﺗﻔﻲ‬

‫‪ - 20‬ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ‪ ،‬دروس ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻟث ‪ ،‬ﻧظﺎم اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ ‪،‬‬
‫اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ ،‬دار اﻟﺧﻠدوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر ‪ ،‬د ب ن ‪ ، 2007 ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪19‬‬
‫ﺑﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ ﻫذا اﻷﺧﯾـر ﻋﻠـﻰ أن ﯾﻛـون ﻣـﺎ ﻗدﻣـﻪ اﻟﻣﺗﺿـرر اﻟﻣزﻋـوم ﯾﺷـﻛل ﺳـﻧد دﻟﯾـل اﺑﺗـداﺋﻲ ﻷﻧـﻪ ﻻ‬
‫ﯾﻛﻔﻲ ﻣﺎ ﻗدﻣﻪ اﻟﻣدﻋﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺟرد اﻓﺗراﺿﺎت ‪.21‬‬

‫‪ – 2‬اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬

‫ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺗواﻓر اﻟﺧطﺄ واﻟﺿرر ﺑل ﯾﺟـب أن ﯾﻛـون‬
‫اﻟﺿرر ﻧﺎﺗﺞ ﻣﺑﺎﺷرة ﻋن اﻟﺧطﺄ‪ ،‬إذ أن اﻟﺷﺧص ﻻ ﯾﺳﺄل اﻟﺷﺧص اﻵﺧر ﻋن ﺿرر ﻟـم ﯾﻛـن ﻧﺗﯾﺟـﺔ‬
‫ﻣﺑﺎﺷ ـرة ﻟﻠﺧطــﺄ اﻟــذي أرﺗﻛﺑــﻪ‪ ،‬ﻓــﻼ ﻣﺟــﺎل ﻟﻘﯾ ـﺎم اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ إﻻ ﺑﺗ ـواﻓر ﺧطــﺄ ﻣــن ﺟﺎﻧــب اﻹدارة‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺿرر وﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ واﻟﺿرر ‪.‬‬

‫أ– ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬

‫ﻟﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 124‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﻛل ﻋﻣـل ﻛـﺎن ﯾرﺗﻛﺑـﻪ‬
‫اﻟﻣـرئ و ﯾﺳـﺑب ﺿـر ار ﻟﻠﻐﯾــر ‪ ،‬ﯾﻠـزم ﻣـن ﻛــﺎن ﺳـﺑﺑﺎ ﻓـﻲ ﺣدوﺛــﻪ ﺑـﺎﻟﺗﻌوﯾض"‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻼﻗـﺔ اﻟﺳـﺑﺑﯾﺔ ﺗﻌــد‬
‫اﻟـرﻛن اﻟﺛﺎﻟـث ﻣـن أرﻛـﺎن اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ و ﻧﻌﻧـﻲ ﺑﻬـﺎ أن ﯾﻛـون اﻟﺿـرر اﻟﻣﺗرﺗـب ﻋـن اﻟﺧطـﺄ ﻫـو‬
‫اﻟﻣﺻدر اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻟذﻟك اﻟﺧطﺄ ‪ .‬ﻓﻼ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﺧطﺄ وأن ﯾﻛـون ﻫﻧـﺎك ﺿـرر ﺑـل ﯾﺟـب أن‬
‫ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻬذا اﻟﺧطﺄ ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﺗﻘدﯾر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬

‫ﯾﻣﻛــن أن ﯾﺗﺳــﺑب ﺧطــﺄ واﺣــد ﻓــﻲ اﻟﻌدﯾــد ﻣــن اﻷﺿـرار‪ ،‬ﻛﻣــﺎ أﻧــﻪ ﻗــد ﺗﺗﺳــﺑب اﻟﻌدﯾــد ﻣــن اﻷﺧطــﺎء ﻓــﻲ‬
‫وﻗوع اﻟﺿرر ‪ ،‬ﻟذا اﻧﻘﺳم اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن إﻟﻰ ﻧظرﯾﺗﯾن أوﻟﻬﻣﺎ ﻧظرﯾﺔ ﺗﻌـﺎدل اﻷﺳـﺑﺎب و ﺛﺎﻧﯾﺗﻬﻣـﺎ‬
‫ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺗﺞ ‪.‬‬

‫‪ - 21‬ﺳﻠﯾﻣﺎن اﻟﺣﺎج ﻋزام ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﺷـﻔﯾﺎت‪ ،‬أطروﺣـﺔ ﻟﻧﯾـل ﺷـﻬﺎدة اﻟـدﻛﺗوراﻩ‪ ،‬ﻛﻠﯾـﺔ اﻟﺣﻘـوق واﻟﻌﻠـوم اﻟﺳﯾﺎﺳـﯾﺔ‪،‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة‪ ، 2010-2011 ،‬ص‪. 161‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬ﻧظرﯾﺔ ﺗﻛﺎﻓﺊ وﺗﻌﺎدل اﻷﺳﺑﺎب‬

‫ﻟﻘد أﻗر ﺑﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻔﻘﯾﻪ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ) ‪ (buri von‬وﻣؤداﻩ أن ﻛل ﺳﺑب ﻟﻪ دﺧل ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر‬
‫ﻓﺟﻣﯾﻊ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗدﺧﻠت ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر ﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ وﺗؤدي إﻟﻰ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻛـل ﻣـن ﺗﺳـﺑب ﻓﯾﻬـﺎ‪،‬‬
‫وﻣن اﻟﺻﻌب اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب ﺑﺣﺳب أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ أو ﺧطورﺗﻬﺎ ﻓﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﻣﺗﻌﺎدﻟﺔ‪. 22‬‬

‫ﻣــﺛﻼ ﻟــو أن ﺷــﺧص ﻗــد ﺗﻌــرض ﻻﻋﺗــداء ﺳــﺑب ﻟــﻪ أﺿ ـرار ﺟﺳــﻣﺎﻧﯾﺔ إﺳــﺗوﺟب ﻧﻘﻠــﻪ إﻟــﻰ اﻟﻣﺳﺗﺷــﻔﻰ‬
‫ﻓﺗﺄﺧر ﺳـﺎﺋق ﺳـﯾﺎرة اﻹﺳـﻌﺎف ﻓـﻲ ﺗوﺻـﯾﻠﻪ ﻟﻠﻣﺳﺗﺷـﻔﻰ ‪ ،‬ﻛﻣـﺎ ﺗـﺄﺧر اﻷطﺑـﺎء ﻓـﻲ إﺳـﻌﺎﻓﻪ أو أن ﻫﻧـﺎك‬
‫ﺧطﺄ طﺑﻲ وﻗﻊ أﺛﻧﺎء ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ اﻷﻣر اﻟذي أدى إﻟـﻰ وﻓﺎﺗـﻪ ﻓﺗطﺑﯾـق ﻧظرﯾـﺔ ﺗﻌـﺎدل اﻷﺳـﺑﺎب ﯾﻛـون ﻛـل‬
‫ﻣــن اﻟﺷــﺧص اﻟﻣﻌﺗــدي ﺑــﺎﻟﺟرح و اﻟﺿــرب ﻋﻠــﻰ اﻟﺿــﺣﯾﺔ وﺳــﺎﺋق اﻟﺳــﯾﺎرة اﻟــذي ﻧﻘﻠــﻪ إﻟــﻰ اﻟﻣﺳﺗﺷــﻔﻰ‬
‫واﻷطﺑ ــﺎء اﻟ ــذﯾن ﺗﻛﻔﻠـ ـوا ﺑﺣﺎﻟﺗ ــﻪ ﻣﺳ ــؤوﻟون ﺟﻣﯾﻌ ــﺎ ﻓ ــﻲ اﻷﺳ ــﺑﺎب اﻟﺗ ــﻲ أدت ﻟوﻓﺎﺗ ــﻪ وﻫ ــذا ﻷن ﺟﻣﯾ ــﻊ‬
‫اﻷﺳــﺑﺎب ﺳــﺎﻫﻣت ﻓــﻲ ﺣدوﺛــﻪ ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻣﺗﻌﺎدﻟــﺔ وﻣﺗﻛﺎﻓﺋــﺔ ‪ .‬ﻓﻬــذﻩ اﻟﻧظرﯾــﺔ ﺗﺄﺧــذ ﺑﺎﻟﻣﺳــﺎواة اﻟﻣطﻠﻘــﺔ ﺑــﯾن‬
‫اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ‪.23‬‬

‫‪-‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺗﺞ‬

‫ﺗرﺗﻛــز ﻫــذﻩ اﻟﻧظرﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺳــﺑب اﻟــذي ﯾﺣدﺛــﻪ داﺋﻣــﺎ اﻟﺿــرر وﺗﺄﺧــذ ﻣــن ﺑــﯾن اﻷﺣــداث اﻟﺣــدث‪ϱΫѧϟ΍‬‬
‫ﯾﺣﻣل ﺣﺳب اﻟﺳﯾر اﻟﻌﺎدي واﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎن اﺣﺗﻣﺎل ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺣدوث اﻟﺿرر ‪ ،‬ﺗﻣﯾز ﻫـذﻩ اﻟﻧظرﯾـﺔ‬
‫ﺑﯾن اﻟﺳﺑب اﻟﻌـﺎرض واﻟﺳـﺑب اﻟﻣﻼﺋـم واﻟﺳـﺑب اﻟﻣﻧـﺗﺞ وﺗﻌﺗﺑـر ﻫـذا اﻷﺧﯾـر ﻫـو اﻟﺳـﺑب اﻟﻣـﺄﻟوف اﻟـذي‬
‫ﯾﺣــدث اﻟﺿــرر ﻓــﻲ اﻟﻌــﺎدة واﻟﺳــﺑب اﻟﻌــﺎرض ﻫــو اﻟﺳــﺑب اﻟﻐﯾــر اﻟﻣــﺄﻟوف اﻟــذي ﻻ ﯾﺣــدث ﻋــﺎدة ﻫــذا‬
‫اﻟﺿــرر ‪ ،‬ﺗرﺟــﻊ ﻫــذﻩ اﻟﻧظرﯾــﺔ إﻟــﻰ اﻟﻔﻘــﻪ اﻷﻟﻣــﺎﻧﻲ إذ ﺗﻧﺳــب إﻟــﻰ اﻟﻔﻘﻬــﯾن ﺟوﻫــﺎﻧس ﻓــون ﻛ ـرﯾس‬
‫وروﻣﻠﯾن‪. 24‬‬

‫‪ -‬ﻟﻌﺷب ﻣﺣﻔوظ ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ‪ ،‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪ ، 1994 ،‬ص ‪. 47‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪ -‬ﺳﻠﯾﻣﺎن ﺣﺎج ﻋزام ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت ‪ ،‬أطروﺣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬‬ ‫‪23‬‬

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ، 2010-2011،‬ص‪. 161‬‬


‫‪24‬‬
‫‪ -‬ﻋواﺑ ــدي ﻋﻣ ــﺎر ‪ ،‬ﻧظرﯾ ــﺔ اﻟﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾ ــﺔ‪ ،‬ﻧظرﯾ ــﺔ ﺗﺄﺻ ــﯾﻠﯾﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾ ــﺔ وﻣﻘﺎرﻧ ــﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌ ــﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾ ــﺔ‪ ،‬دﯾـ ـوان اﻟﻣطﺑوﻋ ــﺎت‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،2005 ،‬ص ‪. 36‬‬

‫‪21‬‬
‫وﻣــن إﺟﺗﻬــﺎدات اﻟﻘﺿــﺎء اﻹداري اﻟﺟ ازﺋــري اﻟﻣﺟﺳــدة ﻟﻬــذﻩ اﻟﻧظرﯾــﺔ واﻟﺗــﻲ أﺷــﺎرت ﻓﯾــﻪ اﻟﻐرﻓــﺔ اﻹدارﯾــﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﺳـﺎﺑﻘﺎ إﻟـﻰ اﻟﻌﻼﻗـﺔ اﻟﺳـﺑﺑﯾﺔ ﺑـﯾن ﻧﺷـﺎط اﻹدارة واﻟﺿـرر وﻏﯾـﺎب اﻟﺿـرر اﻟﻣﺑﺎﺷـر ﻓـﻲ‬
‫ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺷرﻛﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﻗرارﻫﺎ اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪.25 22/10/1965‬‬

‫ﺣﯾــث ﺗ ـﺗﻠﺧص وﻗﺎﺋﻌﻬ ـﺎ أن اﻟﺷــرﻛﺔ اﻟﻣدﻋﯾــﺔ ﺗطﻠــب ﺗﻌوﯾﺿــﺎ ﻋــن اﻟﺿــرر ﺑﺳــﺑب أﺷــﻐﺎل اﻟﺑﻧــﺎء اﻟﺗــﻲ‬
‫اﺳــﺗﻐرﻗت ﻣــدة طوﯾﻠــﺔ أدت إﻟــﻰ أﺿ ـرار ﺗﺗﻣﺛــل ﻓــﻲ اﻧﺧﻔــﺎض ﻓــﻲ إﯾﺟــﺎر اﻟﻣﺳــﺎﻛن ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻋــدم ﻗــدوم‬
‫اﻟﻣﺳــﺗﺄﺟرﯾن اﻟﻣﺣﺗﻣﻠــﯾن‪ ،‬وﻛــذﻟك اﺳــﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟــدﺧول إﻟــﻰ اﻟﻣ ـرآب اﻟﺷــرﻛﺔ وﻗــد أﺟــﺎب ﻣﺟﻠــس اﻷﻋﻠــﻰ‬
‫ﺑﺧﺻــوص اﻟﺣﺎﻟــﺔ اﻷوﻟــﻰ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘــﺔ ﺑﺎﻧﺧﻔــﺎض اﻹﯾﺟــﺎرات ﻓﺈﻧــﻪ ﻏﯾــر ﺛﺎﺑــت أن اﻟﺿــرر اﻟﻣﺷــﺎر إﻟﯾــﻪ‬
‫ﯾﻣﻛ ــن ﻧﺳ ــﺑﺗﻪ إﻟ ــﻰ اﻷﺷ ــﻐﺎل ﻣﺣ ــل اﻟﻧـ ـزاع ﻷﻧ ــﻪ ﻏ ــداة اﻻﺳ ــﺗﻘﻼل ﺣﺻ ــل اﻧﺧﻔ ــﺎض ﻋ ــﺎم ﻓ ــﻲ ﺟﻣﯾ ــﻊ‬
‫اﻹﯾﺟﺎرات وﻣن اﻟﺻـﻌب إﺛﺑـﺎت اﻟﻌﻼﻗـﺔ اﻟﺳـﺑﺑﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷـرة ﺑـﯾن اﻷﺷـﻐﺎل و اﻟﺿـرر اﻟﻣﺳـﻧد إﻟﯾـﻪ و ﻓـﻲ‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟدﺧول إﻟﻰ اﻟﻣﺂرب ﻫﻧﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ ﻣﺑﺎﺷـرة ﻣـﻊ اﻷﺷـﻐﺎل‬
‫ﻣﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻬﺎ ﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻌوﯾض‪. 26‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ ‪:‬‬

‫ج ‪-‬ﺣﺎﻻت اﻧﺗﻔﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬

‫ﺗﻧﺗﻔــﻲ اﻟراﺑطــﺔ اﻟﺳــﺑﺑﯾﺔ ﺑــﯾن ﻧﺷــﺎط اﻹدارة و اﻟﺿــرر اﻟﺣﺎﺻــل‪ ،‬إذا ﺛﺑــت أن اﻟﺧطــﺄ ﯾرﺟــﻊ إﻟــﻰ ﺳــﺑب‬
‫آﺧر‪ ،‬ﻛﺎﻟﺣﺎدث اﻟﻣﻔـﺎﺟﺊ أو اﻟﻘـوة اﻟﻘـﺎﻫرة أو ﻓﻌـل اﻟﻐﯾـر أو ﻓﻌـل اﻟﻣﺿـرور‪ ،‬وﻗـد ﻧﺻـت اﻟﻣـﺎدة ‪127‬‬
‫ﻣ ــن اﻟﻘ ــﺎﻧون اﻟﻣ ــدﻧﻲ ﻋﻠ ــﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾ ــﺔ ﻫ ــدم ﻗرﯾﻧ ــﺔ اﻟﻌﻼﻗ ــﺔ اﻟﺳ ــﺑﺑﯾﺔ ﺑ ــﯾن اﻟﺧط ــﺄ واﻟﺿ ــرر اﻟﻣﺛﺑ ــت ﻣ ــن‬
‫اﻟﻣﺿ ــرور ﻣﺗ ــﻰ ﺗـ ـواﻓرت إﺣ ــدى ﺣ ــﺎﻻت ﻗط ــﻊ اﻟﻌﻼﻗ ــﺔ اﻟﺳ ــﺑﺑﯾﺔ ﺣﯾ ــث ﻧﺻ ــت ﻋﻠ ــﻰ أﻧ ــﻪ " اذا أﺛﺑ ــت‬
‫اﻟﺷﺧص أن اﻟﺿرر ﻗد ﻧﺷﺄ ﻋن ﺳﺑب ﻻ ﯾد ﻟﻪ ﻓﯾﻪ ﻛﺎن ﻏﯾر ﻣﻠزم ﺑﺗﻌوﯾض ﻫذا اﻟﺿرر ﻣﺎ ﻟم ﯾوﺟد‬
‫ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ أو اﺗﻔﺎق ﻣﺧﺎﻟف ﻟذﻟك " ‪ ،‬وﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﺗﻛﻣن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪ - 25‬أﺣــﻼم ﻟوﺻــﯾف‪ ،‬ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣــﺔ ﻋــن أﺿ ـرار اﻷﺷــﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾــﺔ ﻓــﻲ اﻟﺗﺷ ـرﯾﻊ اﻟﺟ ازﺋــري‪ ،‬ﻣــذﻛرة ﻣﻛﻣﻠــﺔ ﻣــن‬
‫ﻣﻘﺗﺿ ــﯾﺎت ﻧﯾ ــل ﺷ ــﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳ ــﺗر ﻓ ــﻲ اﻟﺣﻘ ــوق‪ ،‬ﻗ ــﺎﻧون إ داري‪ ،‬ﻗﺳ ــم اﻟﺣﻘ ــوق‪ ،‬ﻛﻠﯾ ــﺔ اﻟﺣﻘ ــوق واﻟﻌﻠ ــوم اﻟﺳﯾﺎﺳ ــﯾﺔ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣ ــد‬
‫ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ، 2013/2014 ،‬ص ‪. 10‬‬
‫‪ -‬ﺗوﻣﻲ إﯾﻣﺎن ‪ ،‬ﻋﻣﺎرة ﻧﺻﯾرة ‪ ،‬اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ‪،‬‬ ‫‪26‬‬

‫ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬ﺗﺧﺻص إدارة وﻣﺎﻟﯾﺔ ‪ ، 2017 ،‬ص ‪. 19‬‬

‫‪22‬‬
‫* ‪ -‬ﻓﻌل اﻟﻣﺿرور ‪:‬‬

‫ﺗﻧﺗﻔﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن ﻧﺷـﺎط اﻹدارة واﻟﺿـرر ﺑﻔﻌـل ﺧطـﺄ اﻟﻣﺿـرور ﻣـﺎ ﻣـن ﺷـﺄن اﻟﻘﺎﺿـﻲ إﻋﻔـﺎء‬
‫اﻹدارة ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻛﻠﯾﺎ‪ ،‬ﻣﺗﻰ ﺛﺑت ﻟدﯾﻪ أن ﺧطﺄ اﻟﻣﺿرور ﻫو ﻣﺣدث اﻟﺿرر ﺑﺷﻛل ﻣﻧﻔرد ‪.‬‬

‫أﻣــﺎ إذا ﺳــﺎﻫم ﺧطــﺄ اﻟﺿــﺣﯾﺔ ﺟزﺋﯾــﺎ ﻓــﻲ وﻗــوع اﻟﺿــرر إﻟــﻰ ﺟﺎﻧــب ﺧطــﺄ اﻹدارة‪ ،‬ﻓﺗﻌﻔــﻰ اﻹدارة ﻣــن‬
‫ﺟزء ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﻘدر ﺧطﺎ اﻟﺿﺣﯾﺔ ﻣﺛﺎﻟﻪ‪ :‬إﻋﻔﺎء ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﻧﺳﺑﺔ ﺛﻼث أرﺑﺎع ﺑﺳﺑب ﺧطـﺄ‬
‫اﻟﺿﺣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋدم اﺗﺧﺎذﻫﺎ اﻹﺟراءات اﻟﺿرورﯾﺔ ﻹﺧﻣﺎد اﻟﺣرﯾق أو اﻟﺣد ﻣن اﻷﺿرار ‪.‬‬

‫*‪ -‬ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ‪:‬‬

‫اﻟﻐﯾ ــر ﻫ ــو ﻛ ــل ﺷ ــﺧص ﻣﻬﻣ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــت ﺻ ــﻔﺗﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾ ــﺔ ﻏﯾ ــر ﺟﻬ ــﺔ اﻹدارة أو ﻣوظﻔﯾﻬ ــﺎ‪ ،‬وﻟ ــﯾس ﻣ ــن‬
‫اﻟﺿــروري أن ﯾﻛــون اﻟﻐﯾــر ﻣﻌــروف ‪ .‬وﯾﻘــﺎس ﺧطــﺄ اﻟﻐﯾــر ﺑﻣﻌﯾــﺎر اﻻﻧﺣ ـراف ﻋــن اﻟﺳــﻠوك اﻟﻣــﺄﻟوف‬
‫ﻟﻠرﺟل اﻟﻌﺎدي وﻟﻪ ﺷﺄن ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر ‪.‬ﻗد ﯾؤدي ﻓﻌل اﻟﻐﯾر إﻟـﻰ إﺣـداث اﻟﺿـرر ﻛـﺎﻣﻼ ﺑﺣﯾـث‬
‫ﯾﻌد ﻫو اﻟﺳﺑب اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺿـرر ﻓﻔـﻲ ﻫـذﻩ اﻟﺣﺎﻟـﺔ ﺗﻌﻔـﻰ اﻹدارة ﻛﻠﯾـﺔ ﻣـن اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣـﺎ ﺗﻌﻔـﻲ اﻹدارة‬
‫ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ إذا ﻛﺎن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ﻗد ﺳﺎھم ﻓﻲ ﻓﻌل اﻹدارة ﻓﻲ ﺣدوث اﻟﺿرر وإﺳﺗﻐرق ﺧطﺄ اﻟﻐﯾـر‬
‫ﺧطﺄ اﻹدارة ‪.‬أﻣـﺎ إذا اﺳـﺗﻐرق ﺧطـﺄ اﻹدارة ﺧطـﺄ اﻟﻐﯾـر ﺗﻛـون اﻹدارة ﻣﺳـؤوﻟﺔ وﺣـدﻫﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﺗﻌـوﯾض‪،‬‬
‫ٕواذا ﻛﺎﻧت اﻹدارة واﻟﻐﯾر ﻣﺷﺗرﻛﯾن ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر وﻟم ﯾﺳﺗﻐرق أﺣد اﻟﺧطﺄﯾن ﺧطﺄ اﻷﺧر ﻓﺈﻧﻬﻣﺎ‬
‫ﻻ ﯾﺳـﺄﻻن إﻻ ﺑﻧﺳـﺑﺔ ﻛـل واﺣـد ﻣﻧﻬﻣـﺎ ﻓـﻲ إﺣـداث اﻟﺿـرر ‪ ،27‬ﯾﻘــدر اﻟﻘﺎﺿـﻲ ﻧﺳـﺑﺔ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ ‪ ،‬ﻓــﻲ‬
‫وﻗوع اﻟﺿرر وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻹﻋﻔﺎء ﺟزﺋﯾﺎ ‪.28‬‬

‫وﻓـﻲ ذﻟـك ﺗـﻧص اﻟﻣـﺎدة ‪ 89‬ﻣـن ﻗـﺎﻧون اﻟﺑﻠدﯾـﺔ رﻗـم‪ 11/10‬ﻋﻠـﻰ أﻧـﻪ ‪ " :‬ﯾﺗﺧـذ رﺋـﯾس اﻟﻣﺟﻠـس ﺷـﻌﺑﻲ‬
‫اﻟﺑﻠ ــدي ﻓ ــﻲ إط ــﺎر اﻟﻘـ ـواﻧﯾن واﻟﺗﻧظﯾﻣ ــﺎت اﻟﻣﻌﻣ ــول ﺑﻬ ــﺎ ﻛ ــل اﻻﺣﺗﯾﺎط ــﺎت اﻟﺿ ــرورﯾﺔ ‪ ،‬وﻛ ــل اﻟﺗ ــداﺑﯾر‬
‫اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ ﻟﺿﻣﺎن ﺳﻼﻣﺔ وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﺷﺧﺎص واﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﻓﯾﻬﺎ أي‬

‫‪ -‬ﻟﺣﺳن ﺑن ﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ) اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ(‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول ‪ ،‬د ر ط‪ ،‬دار ﻫدى‬ ‫‪27‬‬

‫ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ، 2013 ،‬ص ‪. 89‬‬


‫‪ -‬ﺻﺎﻓﯾﺔ ﺣﻣﯾش‪ ،‬اﻟﺿرر اﻟﻘﺎﺑل ﻟﻠﺗﻌوﯾض ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﺑل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ﻓرع ادارة‬ ‫‪28‬‬

‫وﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،2011/2012 ،‬ص‪. 37‬‬

‫‪23‬‬
‫ﻛﺎرﺛﺔ أو ﺣـﺎدث '' ‪ ،‬وﻓـﻲ ﺣﺎﻟـﺔ اﻟﺧطـر اﻟﺟﺳـﯾم واﻟوﺷـﯾك ﯾـﺄﻣر رﺋـﯾس اﻟﻣﺟﻠـس اﻟﺷـﻌﺑﻲ اﻟﺑﻠـدي ﺑﺗﻧﻔﯾـذ‬
‫"‪.‬‬ ‫ﺗداﺑﯾر اﻷﻣن اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﯾﻬﺎ اﻟظروف وﯾﻌﻠم ﺑﻬﺎ اﻟواﻟﻲ ﻓو ار‬

‫ﻓﻣ ــن ﺧ ــﻼل ﻫ ــذﻩ اﻟﻣ ــﺎدة ﻧﺳ ــﺗﻧﺗﺞ أﻧ ــﻪ إذا ﺳ ــﺎﻋدت اﻹدارة ﻋﻠ ــﻰ وﻗ ــوع اﻟﺿ ــرر وذﻟ ــك ﺑﻌ ــدم إﺗﺧﺎذﻫ ــﺎ‬
‫اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﻼزﻣﺔ واﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﺈن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ رﺋﯾس اﻟﺑﻠدﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳـﺎس اﻟﻣﺧـﺎطر ﺗﺑﻘـﻰ ﻗﺎﺋﻣـﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻹدارة ﺗﻌﻔﻰ ﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﺎ ﺟزﺋﯾﺎ ‪.‬‬

‫*‪-‬اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺎرﺋﺔ ‪ :‬ﻋرﻓت اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺎرﺋﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺣدث داﺧﻠﻲ‪ ،‬ﻏﯾر ﻣﺗوﻗﻊ وﯾﺻﻌب دﻓﻌﻪ‪ ،‬ﻓﻬو ﺣدث‬
‫داﺧﻠﻲّ ﯾﻧﺟم ﻋن ﺷﯾﺊ ﻛﺈﻧﻔﺟﺎر ﺣرﯾق وﯾﻧﺳب ﻟﻺدارة ﻟﻛوﻧﻪ ﻏﯾر ﺧﺎرج ﻋﻧﻬـﺎ وﻫـو ﻏﯾـر ﻣﺗوﻗـﻊ أي‬
‫ﻏﯾر ﻣﻧﺗظر وﻗوﻋﻪ ﻣن اﻹدارة‪ ،‬إﻻ أن دﻓﻌـﻪ ﻟـﯾس ﻣﺳـﺗﺣﯾﻼ ﻛـﺎﻟﻘوة اﻟﻘـﺎﻫرة ﺑـل ﺻـﻌب ﻫﻧـﺎ‪ ،‬ﻗـد ﺗﻌﻔـﻰ‬
‫اﻹدارة ﻣــن اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟــﺔ اﻟﺧطــﺄ ﻷﻧــﻪ ﯾﻔﺗــرض أﻧﻬــﺎ ﻟــم ﺗﺧطــﺊ وﯾﺳــﻣﻰ اﻟظــرف اﻟطــﺎرئ ﻟﻠﺧطــﺄ‬
‫اﻟﻣرﻓﻘــﻲ اﻟــذي ﯾﺟﻬــل ﻧﻔﺳــﻪ ‪ .‬وﻟﺗﺳــﻬﯾل اﻟﺣﺻــول ﻋﻠــﻰ اﻟﺗﻌــوﯾض ﯾﻧﺻــﺢ ﺑﺗﺄﺳــﯾس اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠــﻰ‬
‫أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻔﻰ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ‪.29‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‬

‫وﺟــد اﻟﻔﻘــﻪ ﻓــﻲ ﻣــن ﻛــل ﻓرﻧﺳــﺎ وﻣﺻــر ﺻــﻌوﺑﺔ ﻓــﻲ وﺿــﻊ ﺗﻌرﯾــف ﺟــﺎﻣﻊ وﻣــﺎﻧﻊ ﻟﻠﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ ﻓﻬــو‬
‫ﻣﺻــطﻠﺢ ﻓﺿــﻔﺎض ﻣطﻠــق وﻋــﺎم ﻣــن اﻟﺻــﻌب ﺿــﺑط ﻣﻌﺎﻟﻣــﻪ وﺣــدودﻩ وﺗﺣدﯾــد ﻛــل ﻣظــﺎﻫرﻩ وأﺷــﻛﺎﻟﻪ‪،‬‬
‫ﻛﻣــﺎ أﻧــﻪ ﯾﺻــﻌب اﻟﻔﺻــل ﺑــﯾن اﻟﻧــوﻋﯾن ﻣــن اﻟﺧطــﺄ اﻟﺷﺧﺻــﻲ و اﻟﻣرﻓﻘ ـﻲ‪ ،‬ﻣﻣــﺎ ﯾﺻــﻌب ﻣــن ﻣﻬﻣــﺔ‬
‫ﺗﻌرﯾﻔﻬﻣــﺎ‪ ،‬وﻫــو ﻣــﺎ ﻋﺑــر ﻋﻧــﻪ اﻷﺳــﺗﺎذ أﺣﻣــد ﻣﺣﯾــو ﺑﻘوﻟــﻪ‪" :‬إن أﺳــﺎﺗذة اﻟﻘــﺎﻧون وﻛــذا أﻋﺿــﺎء اﻟﻣﺣــﺎﻛم‬
‫ﻣﺗﻔﻘــون ﺣــول اﻟﺗﻘرﯾــر ﺑﺄﻧــﻪ ﻣــن اﻟﺻــﻌب ﺗﻌرﯾــف اﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ وأﻧــﻪ ﯾﻣﻛــن ﺗﻌرﯾــف اﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ‬
‫ﺑﺗﻌرﯾف ﺳﻠﺑﻲ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟﺷﺧﺻﻲ‪.‬‬

‫‪-‬ﻋطﺎء ااﷲ ﺑوﺣﻣﯾدة‪ ،‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ) ﺗﻧظﯾم‪،‬ﻋﻣل‪،‬اﺧﺗﺻﺎص( د ذ ر ط دار ﻫوﻣﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟطﺑﺎﻋﺔ‬ ‫‪29‬‬

‫واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪. 318 ، 2011،‬‬

‫‪24‬‬
‫ﻟذا ﻓﺎﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﻫو ﻛل ﺧطﺄ ﻏﯾر ﺷﺧﺻﻲ ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻل اﻋﺗﺑﺎر ﻛل اﻷﺧطـﺎء ﻣرﻓﻘﯾـﺔ إﻻ إذا أﻣﻛـن‬
‫إﺛﺑﺎت أن اﻟﺧطﺄ ﺷﺧﺻﻲ ‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ ﯾﻛون اﻟﺧطﺄ ﻣرﻓﻘﻲ ﻛل ﺧطـﺄ ﻏﯾـر ﺷﺧﺻـﻲ ﻣﻧﺳـوب إﻟـﻰ اﻟﻣرﻓـق‬
‫وﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ إﺣداث ﺿرر ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ‬

‫ﯾﻌود ﻣﺻدر ﻧظرﯾﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌد اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﻣﺷﻬورة وﻫﻲ ﻗﺿﯾﺔ ''‬
‫ﺑﻼﻧﻛـو'' ‪ ،‬ﻟﻘـد اﺟﺗﻬـد ﻛـل ﻣـن اﻟﻔﻘـﻪ واﻟﻘﺿـﺎء اﻹدارﯾـﯾن ﻓـﻲ اﻟﻣوﺿـوع و ﺣـﺎوﻻ ذﻛـر ﺑﻌـض اﻟﺣـﺎﻻت‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر ﻋﻠﻰ وﺟـود اﻟﺧطـﺄ اﻟﻣرﻓﻘـﻲ‪ ،‬ﻛﻣـﺎ وﺿـﻊ ﺑﻌـض اﻟﻣﻌـﺎﯾﯾر ﻟﺗﺣدﯾـد ﻣﺟﺎﻟـﻪ‪ ،‬ﻣـن ﺧـﻼل ﺗﺣدﯾـد‬
‫اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺳب اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ إﻟﻰ اﻟﻧﺷﺎط اﻹداري أو ﻧﺷﺎط اﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻫذا اﻟﻧﺷـﺎط إﻻ‬
‫ﺑواﺳطﺔ أﻋﺿﺎء أو ﻣوظﻔﯾن ﺗﺎﺑﻌﯾن ﻟﻺدارة أو ﻟﻠﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬واﻟﺧطـﺄ اﻟﻣرﻓﻘـﻲ ﺣﺳـب اﻟﻔﻘﻬـﺎء ﯾﻛـون‬
‫إﻣﺎ ﺧطﺄ ﻣﺟﻬول أو ﺧطﺄ ﻣوظف ﻣﻌﯾن ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪-‬اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﺧطﺄ ﻣﺟﻬول‪:‬‬


‫ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﺟﻬول ﺑﺄﻧﻪ اﻟﺧطﺄ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟذي ﯾﺻﻌب أو ﯾﺳﺗﺣﯾل ﻧﺳﺑﺗﻪ إﻟﻰ ﻣوظف ﻣﻌﯾن‬
‫وﯾظﻬر ﻫذا اﻟطﺎﺑﻊ ﻟﻠﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ‪ ،‬ﻛﺧطﺄ ﻣﺟﻬول ﻓﻲ ﺻورﺗﯾن ‪:‬‬

‫اﻟﺻورة اﻷوﻟﻰ ‪:‬ﺗﺗﻣﺛل ﻫـذﻩ اﻟﺻـورة ﻓـﻲ ﺧطـﺄ ﻣرﻓﻘـﻲ ارﺗﻛـب ﻣـن طـرف ﺷـﺧص واﺣـد ﻟﻛﻧـﻪ ﻣﺟﻬـول‪،‬‬
‫ﻫذا ﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ أﻛﺳﯾر '' ‪ '' AHXERRE‬واﻟﺗﻲ ﻗرر ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ أن اﻹدارة ﻣﺳـؤوﻟﺔ‬
‫ﻋن اﻟﺣﺎدﺛـﺔ اﻟﺗـﻲ أدت إﻟـﻰ ﻗﺗـل ﺟﻧـدي إﺛـر ﻣﻧـﺎورات ﻋﺳـﻛرﯾﺔ ﻛـﺎن ﻣـن اﻟﻣﻔﺗـرض أن ﯾﺳـﺗﻌﻣل ﻓﯾﻬـﺎ‬
‫ﺧراطﯾش ﻏﯾر ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﺻورة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ‪:‬ﺗﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺻـورة ﻓـﻲ ﺧطـﺄ ﻣرﻓﻘـﻲ اﻟـذي ﯾﻧـﺗﺞ ﻋـن ﻣﺟﻣوﻋـﺔ ﻣـن اﻷﺧطـﺎء ارﺗﻛﺑـت‬
‫ﻣـن طـرف ﻣـوظﻔﯾن ﻣﺟﻬـوﻟﯾن‪ ،‬وﻋﺑـر ﻣﺟﻠـس اﻟدوﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻫـذﻩ اﻟﺣﺎﻟـﺔ ﻓـﻲ ﻗﺿـﯾﺔ '' '' ‪ANGUET‬‬
‫''‬ ‫‪BOIGARD‬‬ ‫''‪.‬‬ ‫وﻛررﻫ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻓ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ﻗﺿ ـ ـ ـ ـ ــﯾﺔ اﻟﺳ ـ ـ ـ ـ ــﯾد ﺑواﺟ ـ ـ ـ ـ ــﺎر‬
‫وﺗﺗﻠﺧص وﻗﺎﺋﻌﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫"دﺧﻠت اﻟﺳﯾدة '' ﺑواﺟﺎر إﻟﻰ "ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻋﻣوﻣﻲ ﻓـﻲ ﺻـﺑﺎح ذات ﯾـوم‪ ،‬وﻟـم ﯾـﺗم ﻓﺣﺻـﻬﺎ إﻻ ﻓـﻲ آﺧـر‬
‫ﻧﻔــس اﻟﯾــوم‪ ،‬ورﻏــم اﻟﻌــﻼج ازداد ﻣرﺿ ـﻬﺎ وﺗوﻓﯾــت إﺛــر ﻧﻘﻠﻬــﺎ إﻟــﻰ ﻣﺳﺗﺷــﻔﻰ آﺧــر وﺗﺑــﯾن ﻣــن ﺧــﻼل‬
‫اﻟﺗﺣﻘﯾــق أن ﺳــﺑب اﻟوﻓــﺎة ﯾﻌــود إﻟــﻰ ﻋــدة أﺧطــﺎء ﻓــﻲ ﺳــﯾر اﻟﻣﺳﺗﺷــﻔﻰ‪ ،‬ﻛﻌــدم ﻣراﻗﺑــﺔ ﻛﺎﻓﯾــﺔ وﻏﯾــﺎب‬
‫اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﻹﻧﻌﺎش واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﯾﺋﺔ ﺧﻼل ﻧﻘل اﻟﺿﺣﯾﺔ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ -‬ﺧطﺄ ﻣوظف ﻣﻌﯾن ‪:‬‬


‫ﻻ ﯾطرح ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ أي ﻣﺷﻛل ﻷن ﻣرﺗﻛﺑﻪ ﻣﻌروف ﻓﻬو ﻣوظف ﻣﻌﯾن ﺑذاﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻛﺄن ﯾﻘوم رﺟﺎل اﻟﺷرطﺔ ﺑﻣطﺎردة أﺣد اﻟﻣﺟرﻣﯾن وأﺛﻧﺎءﻫﺎ أطﻠق اﻟﺷرطﻲ رﺻﺎﺻﺔ طﺎﺋﺷﺔ أﺻﺎﺑت‬
‫أﺣد اﻟﻣﺎرة ﻓﺄﻟﺣق ﺑﻪ ﺿرر ﻓﺎﻟﺧطﺄ ﻣرﻓﻘﻲ ﺻدر ﻣن ﺷرطﻲ ﻣﻌﯾن أﺛﻧﺎء أداﺋﻪ ﻟﻣﻬﺎﻣﻪ ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ -‬ﺻور اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ‬

‫ﯾﺗﺧذ اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ﺻورﺗﯾن وذﻟك ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺿرر اﻟﺣﺎﺻل ﺑﺳﺑب ﻋدم ﺗﺄدﯾﺔ اﻟﻣرﻓق‬
‫ﻟﻠﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم اﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻣن وﺿﻊ اﻟﻣﺷرع‬
‫‪–2‬‬ ‫أو اﻟﻣرﻓق ذاﺗﻪ ‪ .‬ﻓﺗﻛﻣن ﻫذﻩ اﻟﺻورﺗﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪ – 1 :‬ﺧطﺄ ﻣوظف ﻣﻌﯾن ﺑﺎﻟذات ‪.‬‬
‫اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﻧﺳب ﻟﻠﻣوظف ‪.‬‬

‫أوﻻ – ﺧطﺄ اﻟﻣوظف ﻣﻌﯾن ﺑﺎﻟذات‬

‫ﺗﺗﺣﻘق ﻫذﻩ اﻟﺻورة إذا أﻣﻛن ﺗﺣدﯾد اﻟﺷﺧص أو اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻠذﯾن ﻗـﺎﻣوا ﺑﺎﻟﺗﺻـرف اﻟﺿـﺎر ‪ ،‬ﺑﺣﯾـث‬
‫ﯾﻣﻛن إﺳﻧﺎد اﻟﺧطﺄ إﻟﻰ ﻣوظف ﻣﻌﯾن ﺑذاﺗﻪ أو ﻋدة ﻣوظﻔﯾن ﺑدواﺗﻬم ﻣﻣن ﯾﻌﻣﻠـون ﻓـﻲ ﺧدﻣـﺔ اﻟﻣرﻓـق‬
‫دون أن ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺧطﺄ اﻟواﻗـﻊ ﻣـﻧﻬم ﺧطـﺄ ﺷﺧﺻـﯾﺎ وﻓﻘـﺎ ﻟﻠﻣﻌـﺎﯾﯾر اﻟﺳـﺎﺑق ذﻛرﻫـﺎ وﯾطﻠـق اﻟﻔﻘـﻪ اﻟﻔرﻧﺳـﻲ‬
‫‪ .‬ﻓﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﻫـذﻩ اﻟﺻـورة‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺧطﺄ‪ Faute de service‬أي اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ‬
‫‪30‬‬

‫أن ﯾﺟــري أﺣــد رﺟــﺎل اﻷﻣــن ﻣﺗﻌﻘﺑــﺎ أﺣــد اﻟﻣﺟــرﻣﯾن اﻟﻬــﺎرﺑﯾن ﻓــﻲ اﻟطرﯾــق اﻟﻌــﺎم ﺑﻘﺻــد اﻟﻘــﺑض ﻋﻠﯾــﻪ‪،‬‬

‫‪ -‬ﻋواﺑدي ﻋﻣﺎر ‪ ،‬اﻷﺳس اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋـن أﻋﻣـﺎل ﻣوظﻔﯾﻬـﺎ ‪ ،‬اﻟﺷـرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾـﺔ ﻟﻠﻧﺷـر واﻟﺗوزﯾـﻊ ‪ ،‬اﻟﺟ ازﺋـر ‪،‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪ ، 1982‬ص ‪. 127‬‬

‫‪26‬‬
‫وأﺛﻧـﺎء اﻟﻣطــﺎردة ﯾﺻــدم أﺣـد اﻟﻣــﺎرة ﻓﯾﺻــﯾﺑﻪ ﺑﺿـرر أو أن ﯾﻬﻣــل اﻟﻣﺷـرﻓون ﻋﻠـﻰ ﻣﺳﺗﺷــﻔﻰ ﻟﻸﻣـراض‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑواﺟﺑﺎﺗﻬم ﻋﻠﻰ أﺣﺳن وﺟﻪ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻫـروب أﺣـد اﻟﻣﺟـﺎﻧﯾن و إﻟﺣﺎﻗـﻪ أﺿـرار‬
‫ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺑﺎﻵﺧرﯾن ‪ .‬ﻓﻛل ﻣن اﻟﺧطﺄﯾن ﯾﻌﺗﺑر ﺧطـﺄ ﻣرﻓﻘﯾـﺎ ﺑـﺎﻟرﻏم ﻣـن وﻗوﻋـﻪ ﻣـن ﻣوظـف ﻣﻌـﯾن ﺑﺎﻟـذات‬
‫رﺟل اﻷﻣن ﻓﻲ اﻟﻣﺛﺎل اﻷول‪ ،‬و ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣـوظﻔﯾن ﻣﻌـروﻓﯾن اﻟﻣﺷـرﻓون ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺳﺗﺷـﻔﻰ ﻓـﻲ اﻟﻣﺛـﺎل‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ -‬ﺧطﺄ ﯾﻧﺳب إﻟﻰ اﻟﻣرﻓق‬

‫ﻓﺗﺗﺣﻘ ـ ـ ـ ــق ﻫ ـ ـ ـ ــذﻩ اﻟﺻ ـ ـ ـ ــورة ﻋﻧ ـ ـ ـ ــدﻣﺎ ﯾﻧﺳ ـ ـ ـ ــب اﻟﺧط ـ ـ ـ ــﺄ إﻟ ـ ـ ـ ــﻰ اﻟﻣرﻓ ـ ـ ـ ــق ذاﺗ ـ ـ ـ ــﻪ دون إﻣﻛﺎﻧﯾ ـ ـ ـ ــﺔ ﺗﺣدﯾ ـ ـ ـ ــد‬
‫ﻣﺻـ ــدر اﻟﻔﻌـ ــل اﻟﺿـ ــﺎر اﻟـ ــذي أدى إﻟـ ــﻰ ﻣﺳـ ــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔﻌـ ــل اﻟﺧـ ــﺎطﺊ وﻗـ ــﻊ ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾـ ــد‪ ،‬إﻻ أﻧـ ــﻪ‬
‫ﻻ ﯾﻣﻛـ ـ ــن ﻣﻌرﻓـ ـ ــﺔ اﻟﻣوظـ ـ ــف اﻟـ ـ ــذي ﺻـ ـ ــدر ﻋﻧـ ـ ــﻪ ﺑﺎﻟﺿـ ـ ــﺑط أو ﻣـ ـ ــوظﻔﯾن ﻣﻌﯾﻧـ ـ ــﯾن ﺑـ ـ ــذواﺗﻬم ﺑـ ـ ــل أن‬
‫اﻟﺧطـ ــﺄ ﯾرﺟـ ــﻊ إﻟـ ــﻰ ﺳـ ــوء ﺗﻧظـ ــﯾم اﻟﻣرﻓـ ــق اﻟﻌـ ــﺎم و طرﯾﻘـ ــﺔ أداﺋـ ــﻪ ﻟﻠﻌﻣـ ــل‪ ،‬ﻛﻣـ ــﺎ ﯾﻘـ ــول اﻟﻌﻣﯾـ ــد ﺑوﻧـ ــﺎر‬
‫ﻋﻧـ ـ ــدﻣﺎ ﯾﻛـ ـ ــون ﻛـ ـ ــل ﻣوظـ ـ ــف ﻗـ ـ ــد أدى واﺟﺑـ ـ ــﻪ ﺑـ ـ ــدون‬ ‫ﺗﻌﻠﯾﻘ ـ ــﺎ ﻋﻠـ ـ ــﻰ أﺣﻛـ ـ ــﺎم ﻣﺟﻠـ ـ ــس اﻟدوﻟـ ـ ــﺔ‪'' ،‬‬
‫ﺗﻘﺻـ ــﯾر وﺑـ ــدون ﺣﻣـ ــﺎس ﺷـ ــدﯾد‪ ،‬وﻣـ ــﻊ ذﻟـ ــك وﻗـ ــﻊ اﻟﺿـ ــرر ‪ ...‬إن اﻟﻣرﻓـ ــق ﻧﻔﺳـ ــﻪ ﻫـ ــو اﻟـ ــذي أﺧطـ ــﺄ‬
‫‪31‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﻓﻬو اﻟﻣﺳؤول‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻧظﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺷﻲء ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾدﻩ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟدﻗﺔ "‬

‫ﻟ ــذا ﻧﺟ ــد ﺻ ــورة اﻟﺧط ــﺄ اﻟﺗ ــﻲ ﯾﺗﻌ ــذر ﻓﯾﻬ ــﺎ ﻣﻌرﻓ ــﺔ اﻟﺷ ــﺧص ﻣﺻ ــدر اﻟﺿ ــرر أو ﯾﺗﻌ ــذر ﻧﺳ ــﺑﺗﻪ إﻟ ــﻰ‬
‫ﺷـ ــﺧص ﻣﻌـ ــﯾن ﺑﺎﻟـ ــذات ﻣـ ــن ﺑـ ــﯾن أﺷـ ــﺧﺎص ﻋـ ــددﯾن ﯾﺣﺗﻣـ ــل أن ﯾﻛـ ــون ﻣـ ــن ارﺗﻛـ ــب اﻟﺧطـ ــﺄ واﺣـ ــدا‬
‫ﻣﻧﻬم‪ ،‬ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﺻطﻼح ‪service du Faute‬أي ﺧطﺄ اﻟﻣرﻓق ‪.‬‬

‫ﻓﻣ ـ ـ ــن أﻣﺛﻠﺗﻬ ـ ـ ــﺎ أن ﯾﻘﻣ ـ ـ ــﻊ أﺣ ـ ـ ــد أﻓـ ـ ـ ـراد اﻟﺷ ـ ـ ــرطﺔ إﺣ ـ ـ ــدى اﻟﻣظ ـ ـ ــﺎﻫرات‪ ،‬وأﺛﻧ ـ ـ ــﺎء ذﻟ ـ ـ ــك ﯾ ـ ـ ــﺗم اﻟﻘ ـ ـ ــﺑض‬
‫ﻋﻠـ ــﻰ أﺣـ ــد اﻟﻣﺗظـ ــﺎﻫرﯾن وﻓـ ــﻲ ﻗﺳـ ــم اﻟﺷـ ــرطﺔ ﯾﺗﻌـ ــدى ﻋﻠﯾـ ــﻪ ﺑﻌـ ــض أﻓ ـ ـراد اﻷﻣـ ــن ﺑﺎﻟﺿـ ــرب ﻓﯾﻠﺣﻘـ ــﻪ‬
‫ﻣـ ــن ﺟ ـ ـراء ذﻟـ ــك أﺿ ـ ـرار ﺟﺳـ ــﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓـ ــﺈذا ﺗﻌـ ــذر ﻋﻠـ ــﻰ اﻟﻘﺿـ ــﺎء ﻣﻌرﻓـ ــﺔ اﻟﻔﺎﻋـ ــل أو اﻟﻔـ ــﺎﻋﻠﯾن ﻟﻠﻔﻌـ ــل‬
‫ﻧظر ﻷﻧﻪ ﻧﺟم ﻋن ﺳوء ﻣرﻓق اﻟﺑوﻟﯾس ‪.‬‬
‫اﻟﺿﺎر‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ ﻣرﻓﻘﯾﺎ ا‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﻋﺑد اﷲ طﻠﺑﺔ ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ‪ ،‬اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻹدارة ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ‪،‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪ ، 1996‬ص ‪. 347‬‬

‫‪27‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ -‬ﺣﺎﻻت اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ ‪:‬‬

‫‪-1‬ﺳوء أداء اﻟﻣرﻓق ﻟﻠﺧدﻣﺔ ‪:‬‬


‫ﻟﻘد أﻟزم ﻗﺎﻧون اﻟﺑﻠدﯾﺔ اﻟﻘدﯾم ﺑﺗﻧظﯾم ﻣرﻓق ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺣرﯾق‪ ،‬ﻓﺳوء ﺗﻧظﯾم ﻫذا اﻟﻣرﻓق ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺷﻰء‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ أو اﻟﺑﻠدﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﺣﺻل ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ﺑن "ﻣﺷﯾش" ﺿد ﺑﻠدﯾﺔ اﻟﺧروب وﺗﺗﻠﺧص‬
‫وﻗﺎﺋﻊ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ" ‪:‬‬

‫ﺷب ﺣرﯾق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 1969/05/28‬ﻓﻲ ورﺷﺔ اﻟﻧﺟﺎرة اﻟﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻟﻠﺳﯾد ﺑن "ﻣﺷﯾش" وﯾﻌود اﻟﺣرﯾـق إﻟـﻰ‬
‫رﻣﻲ ﻣﻔرﻗﻌﺎت ﻣـن طـرف أطﻔـﺎل ﯾﺣﺗﻔﻠـون ﺑﺎﻟﻣوﻟـد اﻟﻧﺑـوي اﻟﺷـرﯾف ﻓـﻲ ﻣـدﺧل اﻟﺗﻬوﯾـﺔ ﻟﻠﻘﺎﻋـﺔ اﻟﻣﻬﯾـﺄة‬
‫ﻛورﺷ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻧﺟ ـ ـ ـ ـ ــﺎرة‪ ،‬وﻗ ـ ـ ـ ـ ــررت اﻟﻐرﻓ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻹدارﯾ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﻌﻠﯾ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻓﯾﻣ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﯾﺗﻌﻠ ـ ـ ـ ـ ــق ﺑﻣﺳ ـ ـ ـ ـ ــؤوﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﺑﻠدﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫"ﯾﺟد اﻟﺿرر اﻟﻣﻧﺻب ﻋﻠﻰ ﻣﻠك اﻟﻣﺳﺗﺄﻧف ﻣﺻدرﻩ ﻓﻲ ﺧطﺄ رﺋﯾس اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌﺑﻲ اﻟﺑﻠدي‪ ،‬واﻟـذي‬
‫ﺑﺗﺟﺎﻫﻠﻪ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﻟم ﯾﺗﺧذ ﻛل اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﺿﻣﺎن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ ﺗـراب اﻟﺑﻠدﯾـﺔ‪ ..‬ﺣﯾـث‬
‫ﯾﻧ ــﺗﺞ ﻣ ــن اﻟﻣﻠ ــف ﺑ ــﺄن اﻟﺷ ــروط اﻟﺗ ــﻲ ﻣورﺳ ــت ﻓﯾﻬ ــﺎ ﻣﻛﺎﻓﺣ ــﺔ اﻟﺣرﯾ ــق ﺗظﻬ ــر ﻋ ــدم ﻛﻔﺎﯾ ــﺔ اﻟوﺳ ــﺎﺋل‬
‫اﻟﺿــرورﯾﺔ ﻟﺗﻔــﺎدي اﻟﺧﺳــﺎرة‪ ،‬وأن رﺋــﯾس اﻟﺑﻠدﯾــﺔ ﻗــﺎم ﺷﺧﺻــﯾﺎ ﺑــﺈدارة ﺗﻠــك اﻟﻌﻣﻠﯾــﺔ وﻛــﺎن ﯾﻘــود ﺑﻧﻔﺳــﻪ‬
‫إﺣـدى اﻟﺷــﺎﺣﻧﺎت اﻟﻣﻌﺑﺋــﺔ ﺑﺎﻟﻣﯾـﺎﻩ‪ ،‬وﻋﻧــد ﻻ إذ ﯾﻣﻛــن ﻧﺳـﺑﺔ أي ﺧطــﺄ ﻟﻠﺑﻠدﯾــﺔ ﻓـﻲ ﺗﻧظــﯾم وﺳــﯾر اﻟﻣرﻓــق‬
‫اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻣﻛﺎﻓﺣﺔ ﺿد اﻟﺣرﯾق‪"..‬‬

‫ﻓﻣن ﺧﻼل اﻟﻘرار ﯾﺗﺿﺢ ﻣوﻗف اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾـﺔ ﺑـﺎﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠـﻰ واﻟـذي اﻋﺗـرف ﺑﺎﻟﺧطـﺄ اﻟـذي ﺣـرك‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺑﻠدﯾﺔ ﺑﻌـدم ﻣﻧـﻊ اﺳـﺗﻌﻣﺎل اﻷﻟﻌـﺎب اﻟﻧﺎرﯾـﺔ ﻛـﺈﺟراء ﻓـﻲ إطـﺎر اﻟﺿـﺑط اﻹداري‪ ،‬وﻟـم ﯾﻌﺗـرف‬
‫ﺑﺳوء ﺗﻧظﯾم اﻟﻣرﻓق ﻧظ ار ﻟﻌدم وﺟود اﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺣرﯾق‪ ،‬ﻣـﺎ وﻫـو ﻋﺑـر ﻋﻧـﻪ اﻟﻣﺷـرع‬
‫‪/22‬ﺑﻘوﻟﻬـ ــﺎ‪" :‬ﻓـ ــﻲ‬ ‫‪/07‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫ﻓـ ــﻲ اﻟﻣـ ــﺎدة ‪ 140‬ﻣـ ــن ﻗـ ــﺎﻧون اﻟﺑﻠدﯾـ ــﺔ ‪ 10/11‬اﻟﻣـ ــؤرخ ﻓـ ــﻲ‬
‫ﺣﺎﻟــﺔ وﻗــوع ﻛﺎرﺛــﺔ أو ﻧﻛﺑــﺔ أو ﺣرﯾــق‪ ،‬ﻓــﻼ ﺗﺗﺣﻣــل اﻟﺑﻠدﯾــﺔ أﯾــﺔ ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﺗﺟــﺎﻩ اﻟدوﻟــﺔ واﻟﻣ ـواطﻧﯾن إﻻ‬
‫ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺧﻠﻰ ﻋن أﺧذ اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋدم أداء اﻟﻣرﻓق ﻟﻠﺧدﻣﺔ‬

‫‪28‬‬
‫ﻟ ـ ـ ــم ﯾﺗوﻗ ـ ـ ــف اﻟﺗط ـ ـ ــور ﻓ ـ ـ ــﻲ ﻣﺟ ـ ـ ــﺎل ﺗطﺑﯾ ـ ـ ــق ﻣﺑ ـ ـ ــدأ ﻣﺳ ـ ـ ــؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟ ـ ـ ــﺔ ﺑ ـ ـ ــﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋ ـ ـ ــن اﻷﺿـ ـ ـ ـرار‬
‫اﻟﻣﺗرﺗﺑ ـ ــﺔ ﻋﻠ ـ ــﻰ اﻟﺧط ـ ــﺄ اﻟﻣرﻓﻘ ـ ــﻲ ﻋﻧ ـ ــد اﻟﻣظﻬ ـ ــر اﻷول واﻟﻣﺗﻣﺛ ـ ــل ﻓ ـ ــﻲ ﺳ ـ ــوء أداء اﻟﻣرﻓ ـ ــق ﻟﻠﺧدﻣ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﻣطﻠوﺑـ ـ ــﺔ ﻣﻧـ ـ ــﻪ‪ ،‬ﺑـ ـ ــل ﺗﻘـ ـ ــدم ﺧطـ ـ ــوة إﻟـ ـ ــﻰ اﻷﻣـ ـ ــﺎم ﺣﯾـ ـ ــث اﺗﺳ ـ ـ ــﻊ ﻧطـ ـ ــﺎق اﻟﻣﺳـ ـ ــؤوﻟﯾﺔ روﯾـ ـ ــدا روﯾ ـ ـ ــدا‬
‫ﻟﯾﺷﻣل ﻣظﻬ ار آﺧر ﯾﺗﻣـﺛل ﻓﻲ ﻋدم أداء اﻟﻣرﻓق ﻟﻠﺧـدﻣﺔ اﻟﻣطﻠوﺑـﺔ ﻣﻧـﻪ ‪.‬‬

‫وﯾﻧــﺗﺞ ﻋــن ﻋــدم ﻛﻔــﺎءة اﻷﻋـوان اﻟﻌﻣــوﻣﯾﯾن‪ ،‬وﻗــد ﯾﻛــون ذﻟــك ﺑﺳــﺑب إﻫﻣــﺎل اﻷﻋـوان أو اﺗﺧــﺎذ ﺗــداﺑﯾر‬
‫ﻻﺣﻘﺔ أو ﻣﺗﺳـرﻋﺔ وﻛﺛﯾـ ار ﻣـﺎ ﺗﺣـدث ﻫـذﻩ اﻟﺣﺎﻟـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷـﻔﯾﺎت وﻣﺛﺎﻟﻬـﺎ ﻗـرار ﻣﺟﻠـس اﻟدوﻟـﺔ ﺑﺗـﺎرﯾﺦ‬
‫‪ 2003 06/ 03/‬ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ورﺛﺔ اﻟﻣرﺣوم م‪.‬ش ﺿد اﻟﻘطﺎع اﻟﺻﺣﻲ ﺑﻌﯾن ﻋﯾن وﻟﻣﺎن ‪،‬‬

‫ﻛﻣ ــﺎ ﯾﻧط ــوي ﺗﺣ ــت ﻫ ــذﻩ اﻟﺻ ــورة إﻣﺗﻧ ــﺎع اﻟﻌ ــون اﻟﻌﻣ ــوﻣﻲ ﻋ ــن اﻟﻘﯾ ــﺎم ﺑﻌﻣﻠ ــﻪ ﻋﻠ ــﻰ اﻹط ــﻼق واﻟﺗ ــﻲ‬
‫ﺗﻛــون ﻓﯾﻬــﺎ اﻷﺿ ـرار اﻟﻼﺣﻘــﺔ ﺑﺎﻟﺿــﺣﯾﺔ ﻧﺎﺗﺟــﺔ ﻋــن ﺟﻣــود اﻟﻣرﻓــق وﻋــدم ﻋﻣﻠــﻪ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗــﺎﻟﻲ اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ‬
‫ﻫﻧﺎ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻣﺗﻧﺎع اﻹدارة ﻋن آداء اﻟواﺟب رﻏم أﻧﻬﺎ ﻣﻠزﻣﺔ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﺑﺄداﺋﻪ‪. 32‬‬

‫ﻓﺎﻻﺧﺗﺻـ ــﺎص اﻟـ ــوظﯾﻔﻲ ﻟـ ــﯾس اﻣﺗﯾـ ــﺎز أو ﺣـ ــق ﺷﺧﺻـ ــﯾﺎ ﻣﻘـ ــرر ﻟﺻـ ــﺎﻟﺢ اﻟﻣوظـ ــف ﯾﻣﺎرﺳـ ــﻪ ﻛﯾﻔﻣـ ــﺎ‬
‫ﺷــﺎء‪ ،‬ﺑــل أﻧــﻪ اﻟﺗ ـزام ﻗــﺎﻧوﻧﻲ وﺑﻬــذا ﯾﺗﻌــﯾن ﻋﻠــﻰ اﻟﻣوظــف اﻟﻣﺧــﺗص أن ﯾﻣــﺎرس ﺻــﻼﺣﯾﺎﺗﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾــﺔ‬
‫ﺑﻧﻔﺳـ ــﻪ‪ ،‬وأن ﯾﻣﺎرﺳـ ــﻬﺎ وﻓـ ــق ﻟﻠﺷـ ــروط اﻟﻣﺣـ ــددة ﻗﺎﻧوﻧـ ــﺎ ﺳ ـ ـواء ﻛﺎﻧـ ــت ﺻـ ــﻼﺣﯾﺗﻪ ﺗﻘدﯾرﯾـ ــﺔ أو ﻣﻘﯾـ ــدة ‪،‬‬
‫وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻋدم ﺗﺳﯾﯾﺞ ﺑرﻛﺔ ﻣﺎﺋﯾﺔ‪.33‬‬

‫‪ -3‬ﺑطﺊ اﻟﻣرﻓق ﻓﻲ آداء اﻟﺧدﻣﺔ أﻛﺛر ﻣن اﻟﻼّ زم ‪:‬‬

‫ﺗﺗﺣﻘ ــق ﻫ ــذﻩ اﻟﺻ ــورة ﻋﻧ ــدﻣﺎ ﺗﺗ ــﺄﺧر اﻹدارة ﻓ ــﻲ ﺗﻘ ــدﯾم اﻟﺧدﻣ ــﺔ اﻟﻣﻠزﻣ ــﺔ ﺑﻬ ــﺎ أﻛﺛ ــر ﻣ ــن اﻟﻌ ــﺎدة‪ ،‬دون‬
‫ﻣﺑــررا‪ ،‬ﻣﻣــﺎ ﯾــؤدي ﻹﻟﺣــﺎق اﻟﺿــرر ﺑــﺎﻟﻐﯾر‪ ،‬وﻟــﯾس اﻟﻣﻘﺻــود ﻫﻧــﺎ أن اﻟﻘــﺎﻧون ﺣــدد وﻗــت ﻣﻌــﯾن ﻷداء‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺧدﻣﺔ ﻷن ﻫذا ﯾﻧدرج ﺗﺣت ﺻور اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺔ‪.34‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻲ ﺧطﺎر اﻟﺷطﻧﺎوي‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة‪،‬د ذ ر ط‪ ،‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻷردن‪،2002،‬ص‪195‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪ - 33‬ﻗـرار ﻣﺟﻠــس اﻟدوﻟــﺔ ﻓــﻲ ‪ 2004/02/10‬ﻓــﻲ ﻗﺿــﯾﺔ )اﻟزوﺟــﺔ ﺿــد س‪.‬أ وﻣــن ﻣﻌــﻪ(‪ ،‬أﻧظــر ﻟﺣﺳــن ﺑــن ﺷــﯾﺦ أث ﻣﻠوﯾــﺎ‪،‬‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬اﻟﺟزءاﻷول‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‪ ،‬دار اﻟﻬدى ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر‪ ،‬د ب ن‪ ،2013 ،‬ص‪37‬‬
‫‪ - 34‬ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣﺣﻣد اﻟطﻣﺎوي ‪،‬اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري‪ )،‬ﻗﺿﺎء اﻟﺗﻌوﯾض وطرق اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم‪ (،‬اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬د ذ ر ط‪ ،‬دار‬
‫اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ‪ 1977،‬د ب ن‪ ،‬ص‪.147‬‬

‫‪29‬‬
‫ﻟﻘـ ــد ﺳـ ــﺎر اﻟﻘﺿـ ــﺎء اﻹداري ﺧطـ ــوة إﻟـ ــﻰ اﻷﻣـ ــﺎم‪ ،‬ﻣوﺳـ ــﻌﺎ ﺑـ ــذﻟك ﻣـ ــن ﻧطـ ــﺎق ﻣﺳـ ــؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟـ ــﺔ ﻋـ ــن‬
‫أﻋﻣـ ـ ــﺎﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻘررﻫ ـ ــﺎ وﺣﻛ ـ ــم ﺑﻬ ـ ــﺎ ﻓ ـ ــﻲ ﺣﺎﻟ ـ ــﺔ ﺑ ـ ــطء اﻹدارة أو ﺗﺄﺧرﻫ ـ ــﺎ ﻓ ـ ــﻲ اﻟﻘﯾ ـ ــﺎم ﺑﺎﻟﺧدﻣ ـ ــﺔ أو اﻟﻌﻣ ـ ــل‬
‫اﻟﻣﻧـ ــوط ﺑﻬـ ــﺎ ﻓﺿـ ــﻼ ﻋـ ــن ﻣﺳـ ــؤوﻟﯾﺗﻬﺎ ﻓـ ــﻲ ﺣـ ــﺎﻟﺗﻲ ﺳـ ــوء أداء اﻟﺧدﻣـ ــﺔ أو اﻻﻣﺗﻧـ ــﺎع ﻋـ ــن أداﺋﻬـ ــﺎ‪ ،‬و‬
‫ﯾﻌﺗﺑـ ــر ﻫـ ــذا اﻟﻣظﻬـ ــر أﺣـ ــدث اﻟﺻـ ــور اﻟﺗـ ــﻲ أﺧـ ــذ ﻓﯾﻬـ ــﺎ ﻣﺟﻠـ ــس اﻟدوﻟـ ــﺔ اﻟﻔرﻧﺳـ ــﻲ ﺑﻣﺳـ ــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة‬
‫ﺣﯾ ــث ﺗﺳ ــﺄل ﻋﻧ ــد ﺗﺑﺎطﺄﻫ ــﺎ أﻛﺛ ــر ﻣ ــن اﻟﻣﻌﻘ ــول ﻓ ــﻲ أداء اﻟﺧدﻣ ــﺔ إذا ﻟﺣ ــق اﻷﻓـ ـراد ﺿ ــرر ﻣ ــن ﺟـ ـراء‬
‫ﻫذا اﻟﺗﺄﺧﯾر ‪.‬‬

‫ﻓـ ـ ــﻼ ﯾﻘﺻـ ـ ــد ﺑﻬـ ـ ــذﻩ اﻟﺣﺎﻟـ ـ ــﺔ أن ﯾﻛـ ـ ــون اﻟﻘـ ـ ــﺎﻧون ﻗـ ـ ــد ﺣـ ـ ــدد ﻣﯾﻌـ ـ ــﺎدا ﯾﺟـ ـ ــب ﻋﻠـ ـ ــﻰ اﻹدارة أن ﺗـ ـ ــؤدي‬
‫ﺧ ـ ــدﻣﺎﺗﻬﺎ ﺧﻼﻟ ـ ــﻪ ﻷن ﻫ ـ ــذا ﯾﻧ ـ ــدرج ﺗﺣ ـ ــت اﻟﺣﺎﻟ ـ ــﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾ ـ ــﺔ ﺳ ـ ــﺎﺑﻘﺔ اﻟ ـ ــذﻛر‪ ،‬ﻓﻣﺟ ـ ــرد ﻣ ـ ــرور اﻟﻣوﻋـ ـ ــد‬
‫اﻟﻣﺣـ ــدد ﻷداء اﻟﺧدﻣـ ــﺔ دون أن ﺗﻧﻔـ ــذ اﻹدارة واﺟﺑﻬـ ــﺎ ﯾﻌﺗﺑـ ــر اﻟﻣرﻓـ ــق ﻗـ ــد اﻣﺗﻧـ ــﻊ ﻋـ ــن اﻷداء‪ ،‬وﻟﻛـ ــن‬
‫اﻟﻣﻘﺻ ـ ــود ﻫﻧ ـ ــﺎ أن ﺗﻛ ـ ــون اﻹدارة ﻏﯾ ـ ــر ﻣﻘﯾ ـ ــدة ﺑﻣ ـ ــدة ﻣﻌﯾﻧـ ـ ــﺔ وﻣ ـ ــﻊ ذﻟ ـ ــك ﺗﺑطـ ـ ــﺊ أﻛـ ـ ــﺛر ﻣ ـ ــن اﻟ ـ ــﻼزم‬
‫و ﺑﻐﯾ ــر ﻣﺑ ــرر ﻣﻘﺑ ــول ‪ .35‬ﻟ ــذا ﺗﺑﻘ ــﻰ اﻹدارة ﻣﻠزﻣ ــﺔ ﺑ ــﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻓ ــﻲ ﺣﺎﻟ ــﺔ اﻟ ــﺑطء ﻓ ــﻲ ﺗﻧﻔﯾ ــذ اﻟﺧدﻣ ــﺔ‬
‫اﻟﻣﻧوطﺔ ﺑﻬﺎ ‪ ،‬ﺣﯾث أﺧﺿﻊ ﻧﺷﺎط اﻹدارة ﻟرﻗﺎﺑﺗﻪ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻟﺗﻌوﯾض ‪.36‬‬

‫راﺑﻌﺎ – إﺛﺑﺎت اﻟﺧطﺄ اﻟﻣرﻓﻘﻲ‬

‫ﺣﺳب اﻟﻣﺑﺎدىء اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾدﻋﻲ اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر أن ﯾﺛﺑﺗـﻪ‪ ،‬وﺑﻧـﺎءا‬
‫ﻋﻠــﻰ ذﻟــك ﻓﺈﻧــﻪ ﻋﻠــﻰ طﺎﻟــب اﻟﺗﻌــوﯾض اﻟــذي ﯾــدﻋﻲ اﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ أن ﯾﺛﺑــت وﺟــودﻩ‪ ،‬إﻻ أن ﻫــذﻩ‬
‫اﻟﻘﺎﻋــدة ﺗﺻــطدم ﺑﻌــدة ﺻــﻌوﺑﺎت ﺗواﺟﻬﻬــﺎ اﻟﺿــﺣﯾﺔ ذﻟــك ﻷن إﺛﺑــﺎت اﻟﺧطــﺄ ﯾوﺟــد ﻋــﺎدة ﻓــﻲ ﻣﻠﻔــﺎت‬
‫اﻹدارة‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺗطورات اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﺗﺟـﻪ إﻟـﻰ اﻟﺑﺣـث ﻋـن طـرق ﻟﺗﺳـﻬﯾل إﺛﺑـﺎت اﻟﺧطـﺄ ﻣـن ﻗﺑـل‬
‫اﻟﺿــﺣﯾﺔ‪ ،‬ﻛــﺈﻟزام اﻹدارة ﺑﺗﺳــﺑﯾب ﻗ ارراﺗﻬــﺎ وﻓــرض إﻣﻛﺎﻧﯾــﺔ اﻹطــﻼع ﻋﻠــﻰ ﻣﻠﻔﺎﺗﻬــﺎ‪ ،‬وذﻟــك إﻟــﻰ ﺟﺎﻧــب‬
‫اﻟــدور اﻟــذي أﺻــﺑﺢ ﯾﻠﻌﺑــﻪ اﻟﻘﺎﺿــﻲ اﻹداري ﻓﻌﻧــدﻣﺎ ﺗﻣﺗﻧــﻊ اﻹدارة أو ﺗﻌﺟــز ﻋــن ﺗﻘــدﯾم وﺛﯾﻘــﺔ أو ﻣﻠــف‬

‫‪ - 35‬ﻣﺣﺳن ﺧﻠﯾل‪ ،‬اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ و رﻗﺎﺑﺗﻪ ﻷﻋﻣﺎل اﻹدارة ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪ 689‬وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ‪.‬‬
‫‪-‬ﻗرار ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪25/07/1930‬ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ‪Bouvel‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪30‬‬
‫‪37‬‬
‫‪،‬‬ ‫ﺑﻧــﺎءا ﻋﻠــﻰ اﻹﺟـراءات اﻟﻘﺿــﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﺑطﻠــب اﻟﻘﺎﺿــﻲ ﻓــﺎن ﻫــذا اﻷﺧﯾــر ﯾﻌﺗﺑــر اﻟﺧطــﺄ اﻟﻣرﻓﻘــﻲ ﻗﺎﺋﻣــﺎ‬
‫‪38‬‬
‫وﻛذﻟك اﻷﻣر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إدﻋﺎء اﻹدارة وﺟود ﺳﺑب ﻟﻧﻔﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﺎ ﻓﻌﻠﯾﻬﺎ إﺛﺑﺎت ذﻟك‬

‫وﻗــد ﺟــﺎء اﻻﺟﺗﻬــﺎد اﻟﻘﺿــﺎﺋﻲ ﻓــﻲ ﺑﻌــض اﻟﻣﯾــﺎدﯾن ﺑﻣــﺎ ﯾﺳــﻣﻰ ﺑﺎﻟﺧطــﺄ اﻟﻣﻔﺗــرض وﻣﻔــﺎدﻩ ﻧﻘــل ﻋــبء‬
‫اﻹﺛﺑــﺎت‪ ،‬إذ أن ﺗﻘﻧﯾــﺔ اﻻﻓﺗ ـراض ﺗﺳــﻣﺢ ﺑﺎﺳــﺗﻧﺗﺎج ﺣﻘﯾﻘــﺔ اﻷﻓﻌــﺎل اﻟﺿــﺎرة اﻟﺗــﻲ ﯾﺳــﺗﺣﻲ إﺛﺑﺎﺗﻬــﺎ ﻣــن‬
‫ﺧﻼل وﺟود أﻓﻌﺎل ﺿﺎرة ﺛﺎﺑﺗﺔ ‪.‬‬

‫ﻛﻣـﺎ أﻧـﻪ ﯾﻣﻛـن ﻟﻠﻘﺎﺿـﻲ اﻹداري ﻟﺗﻛـوﯾن اﻗﺗﻧﺎﻋـﻪ ﺣـول وﺟـود اﻟﺧطـﺄ اﻟﻣرﻓﻘـﻲ أن ﯾـﺄﻣر ﺑـﺈﺟراء ﺗﺣﻘﯾـق‬
‫ﺗﻛﻣﯾﻠﻲ ﻛﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة ﺑﺧﻼف اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟذي ﻫو ﻗﻠﯾل اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل‪ ،‬وﻣﻬﻣـﺎ ﯾﻛـن ﻣـن‬
‫أﻣر ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺑﻘﻰ ﺣ ار ﻓﻲ ﺗﻘدﯾرﻩ ﻟوﺟود اﻟﺧطـﺄ اﻟﻣرﻓﻘـﻲ وﻧﺳـﺑﺗﻪ إﻟـﻰ اﻹدارة‪ ،‬وﻣـن ﺛـم ﻓـﻲ ﺗﻘـدﯾرﻩ‬
‫ﻷدﻟﺔ إﺛﺑﺎت اﻷطراف ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‬

‫إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺄ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر اﻟﻐﯾر ﻣﺷروع اﻟـذي‬
‫ﯾﻣﺛــل اﻟﺧطــﺄ‪ ،‬ﻓــﺈن اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطــﺄ ﺗﺳــﺗﻧد إﻟــﻰ اﻟﻌﻣــل اﻟﻣﺷــروع اﻟــذي ﯾؤدﯾــﻪ اﻟﻣرﻓــق ‪ ،‬وﻣــﻊ ﻫــذا‬
‫ﯾﺳﺄل ﻋﻧﻪ إن ﻫو رﺗب أﺿ ار ار ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﻐﯾر ﺧطﺄ ﻫﻲ ﻧوع آﺧر ﺣدﯾث ﻣن‬
‫اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﺗﺗﺣﻣﻠــﻪ اﻹدارة دون أن ﺗرﺗﻛــب ﺧطــﺄ ‪ .‬ﻟ ـذا ﺳــوف ﺗرﺗﻛــز د ارﺳــﺗﻧﺎ ﻋﻠــﻰ ﻣﻔﻬــوم اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ‬
‫اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ٕواﺑراز ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول ‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‬

‫‪37‬‬
‫‪-Mercel monin, AFDA, ellips, édition marketing, 1995 : conclusion David (extraits) sur t.08.‬‬
‫‪fevrier1873, blanco , p 76 .‬‬
‫‪38‬‬
‫‪- Mercel monin , opcit , p 77 .‬‬

‫‪31‬‬
‫اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ دون ﺧطــﺄ ﻫــﻲ ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻗﺿــﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻــﻧﻊ وﺗــدﺧل اﻟﻣﺷــرع ﻟﯾﻘــرر ﺑﻌــض ﺣﺎﻻﺗﻬــﺎ‬
‫وﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳـﯾن ﻓﻘـط اﻟﺿـرر واﻟﻌﻼﻗـﺔ اﻟﺳـﺑﺑﯾﺔ‪ ،‬وﯾﺗﻣﯾـز اﻟﺿـرر ﻓﯾﻬـﺎ ﺑدرﺟـﺔ ﻣﻌﯾﻧـﺔ ﻣـن اﻟﺧطـورة‬
‫ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﺿرر ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ‪.39‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑدون ﺧطﺄ‬

‫ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑدون ﺧطﺄ ﺑﻌدة ﺧﺻﺎﺋص ﯾﻣﻛن إﺑراز أﻫﻣﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪ -‬إن إﺛﺑﺎت أو ﻧﻔﻲ اﻟﺧطـﺄ ﻻ أﺛـر ﻟـﻪ ﻋﻠـﻰ ﺟﻬـﺔ اﻹدارة ٕواﻟزاﻣﻬـﺎ ﺑﺟﺑـر ﻣـﺎ وﻗـﻊ ﻣـن ﺿـرر ‪ ،‬أي أﻧـﻪ‬
‫ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺈﺛﺑﺎت وﻗوع اﻟﺿرر‪ ،‬وﻧﺳﺑﺗﻪ ﻟﻔﻌل اﻹدارة ﻓﻬﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﻊ ﺑﻘوة اﻟﻧظﺎم ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟﺧطﺄ ﻧظرﯾﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻣوﻣﻬﺎ ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟﺧطﺄ ذات طﺎﺑﻊ ﻣوﺿوﻋﻲ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗدور ﺣول اﻟﺿرر وﻧﺳـﺑﺗﻪ‬
‫إﻟــﻰ ﻧﺷــﺎط اﻹدارة ﻣــن ﻋدﻣــﻪ وﻫــو ﺑﺣــث ﻣوﺿــوﻋﻲ ﯾرﺗﻛــز ﻋﻠــﻰ ﺗﺣﻠﯾــل ﻫــذا اﻟﻧﺷــﺎط ذاﺗــﻪ ‪ ،‬وﻟﯾﺳــت‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ذات طﺎﺑﻊ ﺷﺧﺻﻲ ﺗدور ﺣول ﻣﻌرﻓﺔ ﻣرﺗﻛـب اﻟﺧطـﺄ ودواﻓﻌـﻪ ‪ .‬ﻓﺎﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘـوم ﺣﺗـﻰ ﻓـﻲ‬
‫ﻏﯾﺎب اﻟﺧطﺄ وﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺧﺎطر اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطــﺄ ذات طــﺎﺑﻊ ﺟﻣــﺎﻋﻲ ‪ ،‬ﻓــﺈذا ﻛــﺎن اﻟطــﺎﺑﻊ اﻟﻔــردي ﻫــو ﻣﯾ ـزة اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠــﻰ‬
‫أﺳــﺎس اﻟﺧطــﺄ ‪ ،‬ﻓــﺈن اﻟطــﺎﺑﻊ اﻟﺟﻣــﺎﻋﻲ ﻫ ـو اﻟــذي ﯾﻐﻠــب ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻓــﻲ اﻧﻌــدام اﻟﺧطــﺄ ‪ ،‬إذ أن‬
‫اﻟﺗزام اﻹدارة ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﯾﺄﺗﻲ ﺗﺄﻛﯾدا ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫‪ ،‬ﻓﻣﺳــﺎس اﻟﺿــرر ﺑﺄﺣــد اﻷﻓ ـراد أو ﺑــﺑﻌظﻬم ﯾوﺟــب ﻣﺷــﺎرﻛﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋــﺔ ﺑﺄﻛﻣﻠﻬــﺎ ﻓــﻲ ﺗﺣﻣــل ﻋﺑــﺊ ﻫــذﻩ‬
‫اﻷﺿرار دون ﺗرك اﻟﻣﺿرور ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ ﺑﻣﻔردﻩ ‪.‬‬

‫‪ -‬ﻋدم اﺷﺗراط ﺻدور ﻗرار إداري ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑدون ﺧطﺄ ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑدون ﺧطﺄ ﺑﺗواﻓر رﻛﻧﯾن ﻓﻘط‪ ،‬اﻟﺿرر وﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن ﻧﺷﺎط اﻹدارة ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑدون ﺧطﺄ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻓﯾﺟوز إﺛﺎرﺗﻬﺎ ﻓﻲ أي ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟدﻋوى‪. 40‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -‬ﺑوﺣﻣﯾدة ﻋطﺎء ﷲ ‪ ،‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ‪ ،‬دار ھوﻣﺔ ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ ‪ ، 2014‬ص ‪. 294‬‬

‫‪32‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث ‪ :‬أﺳس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‬

‫اﻟﻣﻘﺻــود ﺑﺎﻷﺳــﺎس ﺣﺳــب اﻷﺳــﺗﺎذ "إﺑ ـراﻫﯾم اﻟﻔﯾــﺎض" ﻣﺑﺗــدأ اﻟﻧﺷ ـﺄ‪ ،‬أﻣــﺎ اﻟﻣﻘﺻــود ﺑﺄﺳــﺎس اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ‬
‫ﻗﺎﻧوﻧـﺎ ﻓﻬــو أﺻــل وﺳــﺑب ﻗﯾﺎﻣﻬــﺎ‪ ،‬وﻗــد اﻋﺗــﺎد اﻟﻔﻘــﻪ اﻟﻌرﺑــﻲ واﻟﻔرﻧﺳــﻲ ﻋﻠــﻰ اﺳــﺗﻌﻣﺎل ﻣﺻــطﻠﺢ أﺳــﺎس‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ "‪ " La base de la responsabilité‬ﻟﻠﺗدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺑـررات ﻫـذﻩ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬وﻛﺛﯾـ ار ﻣـﺎ‬
‫وﻗﻊ اﻟﺧﻠط ﻟدى ﺑﻌض اﻟﻛﺗﺎب ﺑﯾن أﺳس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﺷروطﻬﺎ ‪.‬‬

‫أﻣﺎم ﻋﻣوﻣﯾﺔ وﻏﻣوض اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﺧﺻوص أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻘد ﺛﺎر ﺟدل ﻛﺑﯾر وﺧﻼف‬
‫ﺣﺎد ﻋﻠـﻰ ﻣﺳـﺗوى اﻟﻔﻘـﻪ‪ ،‬اﻷﻣـر اﻟـذي أدى إﻟـﻰ ظﻬـور ﻧظرﯾـﺎت ﻣﺗﻌـددة ﺑﻌﺿـﻬﺎ ﺑﻘـﻲ ﻣﻧﻌـزﻻ وﻟـم ﯾﻠـق‬
‫اﻻﻧﺗﺷــﺎر اﻟــذي ﻟﻘﯾــﻪ اﻟــﺑﻌض اﻵﺧــر ﻣــن اﻟﻧظرﯾــﺎت ‪ ،‬وﻣــن أﻣﺛﻠــﺔ اﻟﻧظرﯾــﺎت اﻟﺗــﻲ ﻻﻗــت رواﺟــﺎ ﻛﺑﯾ ـ ار‪:‬‬
‫ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطر‪ ،‬ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطـر‬


‫اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطر ﻫو أن ﻣن أﻧﺷﺄ ﻣﺧﺎطر ﯾﻧﺗﻔﻊ ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻠﯾﻪ ﺗﺣﻣل ﺗﺑﻌﺔ اﻷﺿرار اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ‬
‫ﻋﻧﻬﺎ ‪،‬وﻟﻘد اﺳﺗﺣدﺛت ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﺎدئ ذي ﺑدء‪ ،‬ﻣن طرف ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ‬

‫اﻟﻣﺧـﺎطر اﻟﻣﻬﻧﯾـﺔ وﯾــرى أﻧﺻـﺎر ﻧظرﯾـﺔ اﻟﻣﺧــﺎطر أن اﻟﻌداﻟـﺔ ﺗﻘﺗﺿـﻲ اﻟﺗﻌــوﯾض ﻋـن ﺟﻣﯾـﻊ اﻷﺿـرار‬
‫ﺑﻐـ ــض اﻟﻧظـ ــر ﻋـ ــن ارﺗﻛـ ــﺎب ﺧطـ ــﺄ أم ﻻ‪،‬ﻏﯾـ ــر أن اﻟـ ــﺑﻌض اﻵﺧـ ــر وﻣـ ــﻧﻬم اﻷﺳـ ــﺗﺎذ ﺳـ ــﺎﻓﺎﺗﻲ "روﻧـ ــﻲ‬
‫"‪ "Savatier Rene‬اﻋﺗﺑــر اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻟﻣﺧــﺎطر ﻻ ﯾﻣﻛــن أن ﺗﻛــون إﻻ ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ‬
‫اﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ‪ ،‬وأﻧـﻪ ﻻ ﯾﺟـب أن ﯾﻔرﺿـﻬﺎ اﻟﻣﺷـرع إﻻ ﻓـﻲ ﻣﯾـﺎدﯾن ﻣﺣـدودة ‪ ،41‬ﻛﻣـﺎ ﺗﺗﺻـف ﺑﺄﻧﻬـﺎ ﻟﯾﺳـت‬
‫ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺗﺣرك وﺗﻘوم ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻣﺣـدود‪ ،‬وأﺧﯾـ ار ﺗﺗﺻـف وﺗﺗﻣﯾـز ﺑﺄﻧـﻪ ﯾﺣﻛـم ﺑـﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻓـﻲ ﺣﺎﻟـﺔ‬
‫ﺗﺣﻘﻘﻬﺎ وأﻫم ﺧﺻﺎﺋص ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫*ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطر ﻧظرﯾﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻣوﻣﻬﺎ‬

‫‪ - 40‬ﺣﺳﯾن ﺑن اﺑراﻫﯾم ﻣﺣﻣد ﯾﻌﻘوب ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻹداري واﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫)دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧون و اﻹﻗﺗﺻﺎد ‪ ،‬اﻟرﺑﺎض ‪ ، 2012 ،‬ص ص ‪. 88-87‬‬
‫‪41‬‬
‫‪- Henri, Jean et Léon Mazeaud, Leçons de droit civil, éditions Montchrestien, Tome 2, 1er‬‬
‫‪Volume, 2003, p.412.‬‬
‫‪33‬‬
‫ﻟﻘــد ﺳــﺑق اﻟﻘــول واﻟﺗﻘرﯾــر أﻧ ـﻪ ﯾﻌــود اﻟﻔﺿــل ﻓــﻲ وﺟــود ﻧظرﯾــﺔ اﻟﻣﺧــﺎطر ﻓــﻲ اﻟﻘــﺎﻧون اﻹداري ٕواﺑرازﻫــﺎ‬
‫وﺗطﺑﯾﻘﻬــﺎ إﻟــﻰ اﻟﻘﺿــﺎء اﻹداري‪ ،‬وﺧﺎﺻــﺔ اﻟﻘﺿــﺎء اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳــﻲ‪ ،‬أﻣــﺎ دور اﻟﻣﺷــرع ﻓﯾﻬــﺎ ﻓﻬــو دور‬
‫ﺿﻌﯾف ﺣﯾث أن اﻟﻣﺷرع ﻗد ﻗرر ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻣﺣدود ﺟدا ‪.‬‬

‫* ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻬﺎ ﺻدور ﻗرار إداري‬

‫إذا ﻛﺎن ﻧﺷﺎط اﻟﺳﻠطﺔ اﻹدارﯾﺔ وأﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﺗﺗﻛون وﺗﺷﻣل اﻷﻋﻣﺎل واﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟرﯾﻬﺎ‬
‫وﺗﻘوم ﺑﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘ اررات اﻹدارﯾﺔ واﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﯾﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻧظرﯾﺔ ﺻدور ﻗارر إداري ﺣﺗﻰ ﯾﺣﻛم ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ‪ ،‬وﻫﻲ ﺑذﻟك ﺗﺧﺗﻠف وﺗﺗﻣﯾز‬
‫ﻋن ﻛل ﻣن ﻧظرﯾﺗﻲ اﻻﻧﺣراف ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻹدارﯾﺔ واﻟﺗﻌﺳف ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺣﻘوق اﻹدارﯾﺔ اﻟﻠﺗﺎن‬
‫ﯾﺷﺗرطﺎ ﻓﯾﻬﻣﺎ ﺻدور ﻗرار إداري ‪.‬‬

‫* ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطر ﻧظرﯾﺔ ﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‬


‫إن اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻷﺻﯾل واﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻫو‬
‫اﻟﺧطﺄ‪ ،‬وﻟﻛن ﻗد ﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻟﻌﻣل أو اﻟﻧﺷﺎط اﻹداري اﻟﺿﺎر ﻗد ﺗﻼﺑﺳﻪ ﻣﻼﺑﺳﺎت وﺗﺣﯾط‬
‫ﺑﻪ ظروف ﺗﺟﻌل اﻟﺧطﺄ ﻣﻌدوﻣﺎ أو ﻣﺟﻬوﻻ‪.‬‬
‫ﻓﻬﻲ أﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ﻗررﻩ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻛﺻﻣﺎم أﻣﺎن وﺻﯾﻐﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺣﻘق اﻟﺗوازن ﺑﯾن‬
‫اﻟﺣﻘوق واﻻﻣﺗﯾﺎزات اﻟﻣﻘررة ﻟﻺدارة ﻣن ﺣﯾث إﻋﻔﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻣن اﻟﺧطﺄ ٕواﺻﺑﺎغ أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ‬
‫وأﻓﻌﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ ‪.‬‬
‫واﺷﺗراط درﺟﺔ ﻛﺑﯾرة أو اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت وﺑﯾن‬
‫ﺣﻘوق اﻷﻓراد وﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌداﻟﺔ وﻣﻘﺗﺿﯾﺎﺗﻬﺎ ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿـرة اﻟﻌﺎﺷرة ‪:‬‬

‫* ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطر ﻟﯾﺳت ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﻣداﻫﺎ‬

‫أي أن اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻻ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ داﺋﻣﺎ ﻛﻠﻣﺎ اﻧﺗﻔﻰ اﻟﺧطﺄ أو اﺳﺗﺣﺎل إﺛﺑﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﻣﺣﻛـوم‬
‫وﻣﻘﯾــد ﻓــﻲ إطــﺎر اﻟﻧظــر واﻟﻔﺻــل ﻓــﻲ ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﺳــﻠطﺔ اﻹدارﯾــﺔ دون ﺧطــﺄ‪ ،‬ﺑــﺎﻟظروف اﻻﻗﺗﺻــﺎدﯾﺔ‬

‫‪34‬‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ واﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﺧزﯾﻧﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓـﺈذا ﻛـﺎن اﻟﻘﺿـﺎء اﻹداري ﻗـد‬
‫أرﺳ ـ ـ ـ ــﻰ ووط ـ ـ ـ ــد ﻗواﻋ ـ ـ ـ ــد ﻫ ـ ـ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾ ـ ـ ـ ــﺔ ﺣﻣﺎﯾ ـ ـ ـ ــﺔ وﺗﺄﻣﯾﻧ ـ ـ ـ ــﺎ ﻟﺣﻘ ـ ـ ـ ــوق اﻷﻓـ ـ ـ ـ ـراد وﻣﺻ ـ ـ ـ ــﺎﻟﺣﻬم ﻓ ـ ـ ـ ــﻲ‬
‫ﻣواﺟﻬﺔ أﻋﻣﺎل وﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺳﻠطﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣرة واﻟﻣﺗزاﯾدة ﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ﺑﻣﺧﺎطرﻫﺎ اﻟﻛﺛﯾرة ﻣـن‬
‫ﺟﻬﺔ‪ ،‬وﺗﺄﻣﯾﻧﺎ ﻟﺣرﯾـﺔ اﻟﺣرﻛـﺔ ﻟﻠﺳـﻠطﺔ اﻹدارﯾـﺔ واﻟﻌﻣـل ﻋﻠـﻰ ﺗﺣﻘﯾـق اﻟﺻـﺎﻟﺢ اﻟﻌـﺎم اﻟﻣﺷـﺗرك ﻣـن ﺟﻬـﺔ‬
‫أﺧرى‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻘﺿﺎء داﺋﻣﺎ أن ﯾراﻋﻲ ﻣﻘدرة اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ‪ ،‬وﻣـن ﺛـم ﻓـﺈن‬
‫ﻧظرﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﻣﺧ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎطر ﻫ ـ ـ ـ ـ ـ ــذﻩ ﻏﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻣطﻠﻘ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ﻣﻘﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة وﻣﺣﻛوﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﺑﺄوﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎع اﻟدوﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫وظروﻓﻬﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻗدرﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ‪.‬‬

‫* اﻟﺟزاء ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﯾﻛون داﺋﻣﺎ اﻟﺗﻌوﯾض‬

‫إن ﺗطﺑﯾق ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطر ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﺣﻛم ﺑـﺎﻟﺗﻌوﯾض ﺣﯾـث أن ﻫـذﻩ اﻟﻧظرﯾـﺔ ﻻ ﻋﻼﻗـﺔ ﻟﻬـﺎ إطﻼﻗـﺎ‬
‫ﺑﻘﺿﺎء اﻟﺗﻌوﯾض‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺑذﻟك ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﻧظرﯾﺔ اﻻﻧﺣـراف ﺑﺎﻟﺳـﻠطﺔ وﺗﻠﺗﻘـﻲ ﻣـﻊ ﻧظرﯾـﺔ اﻟﺗﻌﺳـف ﻓـﻲ‬
‫اﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻟﺣﻘــوق اﻹدارﯾــﺔ إذ ﯾﺣﻛــم ﻓﯾﻬــﺎ داﺋﻣــﺎ ﺑــﺎﻟﺗﻌوﯾض ﺑﺎﻹﻟﻐــﺎء‪ ،‬ﻷن اﻟﻘ ـرار اﻹداري ﻓﯾﻬــﺎ ﺳــﻠﻣت‬
‫ﺟﻣﯾـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ أرﻛﺎﻧـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ﻋﯾـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب اﻟﻣﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروﻋﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ وﺑﺎﻟﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻟﻲ ﻟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ﯾﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬
‫ﻣﻌـﻪ اﻟﺗﺻـرف اﻟﻘـﺎﻧوﻧﻲ ﻣﻧطوﯾـﺎ ﻋﻠـﻰ ﺧطـﺄ ﻣرﻓﻘـﻲ أو ﺷﺧﺻـﻲ‪ ،‬ﻓـﻼ ﯾﺟـوز اﻟطﻌـن ﺑﺈﻟﻐـﺎء ﻓـﻲ اﻟﻘـرار‬
‫اﻹداري اﻟﺳــﻠﯾم‪ٕ ،‬واﻧﻣﺎ ﯾﻣﻛــن أن ﯾﺣﻛــم ﺑــﺎﻟﺗﻌوﯾض إﻣــﺎ ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس ﻧظرﯾــﺔ اﻟﻣﺧــﺎطر أو ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس‬
‫ﻧظرﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﺗﻌﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف ﻓ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ اﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺗﻌﻣﺎل اﻟﺣﻘ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوق اﻹدارﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‪.‬ﻓﻧظرﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﻣﺧﺎطر ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ داﺋﻣﺎ اﻟﺗﻌوﯾض ﻻ اﻹﻟﻐﺎء‪. 42‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ ﺗﺣﻣل اﻷﻋﺑﺎء واﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ ﻣﺳﺎواة اﻷﻓراد أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء واﻟﺗﻛـﺎﻟﯾف اﻟﻌﺎﻣـﺔ ﻣﺑـدأ دﺳـﺗورﯾﺎ ﺗـﻧص ﻋﻠﯾـﻪ ﺻـراﺣﺔ اﻟﻣواﺛﯾـق‬
‫اﻟدوﻟﯾــﺔ واﻟدﺳــﺎﺗﯾر اﻟداﺧﻠﯾــﺔ‪ ،‬وﻋﻠﯾــﻪ ﻻ ﯾﺟــوز ﻟﻠﺳــﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻓــﻲ اﻟدوﻟــﺔ ﺧــرق ﻫــذا اﻟﻣﺑــدأ ﺑﺎﻋﺗﺑــﺎرﻩ‬
‫ﺿﻣﺎﻧﺔ أﺳﺎﺳـﯾﺔ ﻣـن ﺿـﻣﺎﻧﺎت ﺣﻘـوق اﻷﻓـراد وﺣرﯾـﺎﺗﻬم وﺑﻧـﺎء ﻋﻠﯾـﻪ ﯾﻌـد إﺧـﻼﻻ ﺑﻬـذا اﻟﻣﺑـدأ اﻷﺳﺎﺳـﻲ‬
‫إذا ﺑﻘﯾت اﻷﻋﻣﺎل واﻷﻧﺷطﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺳﺑﺑﺔ ﻟﻠﺿرر ﺑﻼ ﺗﻌوﯾض ﻣﺎ دام أن ﻣﻌظم اﻷﻓراد ﯾﺳﺗﻔﯾدون‬
‫ﻣﻧﻬـ ـ ـ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻫﻛـ ـ ـ ـ ــذا ﻧﺟـ ـ ـ ـ ــد أن اﻹﺟ ـ ـ ـ ـ ـارءات واﻟﺗـ ـ ـ ـ ــداﺑﯾر واﻷﻧﺷـ ـ ـ ـ ــطﺔ اﻹدارﯾـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﺗـ ـ ـ ـ ــﻲ ﺗﻬـ ـ ـ ـ ــدف أﺳﺎﺳـ ـ ـ ـ ــﺎ‬

‫‪ - 42‬ﻋواﺑدي ﻋﻣﺎر‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،2007 ،‬ص ‪.205‬‬

‫‪35‬‬
‫ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣﻧﻬﺎ أﻏﻠب أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ دون أن ﯾﻘدﻣوا أي ﺗﺿﺣﯾﺔ ودون أن ﯾﺗﺣﻣﻠوا‬
‫أي ﻋبء إﺿﺎﻓﻲ ﺗﺗﺣﻣﻠﻪ ﻓﺋﺔ ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻣﻧﻬم‪.‬‬

‫وﻋﻠﯾــﻪ‪ ،‬ﻧﺟــد ﻣﺟﻣوﻋــﺔ اﻷﻓ ـراد ﺳ ـواء ﻛــﺎﻧوا ﻣﺳــﺗﻔﯾدﯾن ﻣــن اﻟﻧﺷــﺎط اﻹداري أم ﻏﯾــر ﻣﺳــﺗﻔﯾدﯾن ﺗﺣﻣﻠ ـوا‬
‫أﻋﺑﺎء إﺿﺎﻓﯾﺔ ﺑﺳﺑب اﻟﺿرر اﻟذي ﻟﺣق ﺑﻬم ﻣن ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذا اﻟﻧﺷﺎط‪ ،‬وﻣن أﻣﺛﻠﺗﻬﺎ اﻷﺿرار اﻟداﺋﻣـﺔ أو‬
‫اﻟﻌرﺿﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻷﺷﻐﺎل واﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﯾﺗﺣﻣل اﻟﺷﺧص اﻟﻣﺗﺿرر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﻧﺎ ﻫذﻩ‪ ،‬أﻋﺑـﺎء‬
‫وﺗﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺣﯾﺎت ﺗزﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ ،‬ﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ﺗﻔ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوق اﻷﻋﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎء واﻟﺗﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺣﯾﺎت اﻟﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ‬
‫ﯾﺗﺣﻣﻠﻬــﺎ ﺑــﺎﻗﻲ اﻷﻓ ـراد‪ ،‬ﻫﻛــذا ﯾﺧﺗــل ﻣﺑــدأ اﻟﻣﺳــﺎواة أﻣــﺎم اﻷﻋﺑــﺎء واﻟﺗﻛــﺎﻟﯾف اﻟﻌﺎﻣــﺔ‪ ،‬وﻟــﯾس ﻫﻧــﺎك ﻣــن‬
‫ﺳﺑﯾل ﻹﻋﺎدة اﻟﺗوازن اﻟﻌﺎدل إﻻ ﺑﺗوزﯾﻊ ﻋبء ﺗﻌوﯾض اﻟﺿـرر ﻋﻠـﻰ ﺟﻣﯾـﻊ اﻷﻓـراد ﻓـﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪،‬وﻫـو‬
‫ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﺗﻘ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ اﻟدوﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﺣﯾﻧﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدﻓﻊ اﻟﺗﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوﯾض ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن اﻟﺧزﯾﻧ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ واﻟﻘﺎدﻣﺔ أﻣواﻟﻬﺎ ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻓراد‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺎد إﺻﻼح اﻟﺧﻠل اﻟذي ﯾﻣس ﻣﺑـدأ اﻟﻣﺳـﺎواة‬
‫أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء واﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺟدﯾد‪. 43‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟراﺑﻊ ‪ :‬أﻧواع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر‬


‫ﺗﺧﺗﻠف اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻧﺷﺎط اﻹدارة إذ ﺑﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ أو‬
‫ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻣﺧﺎطر ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻷﻣراض اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ‪ ،‬أو اﺳﺗﻌﻣﺎل‬
‫اﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﻧﺎرﯾﺔ ‪...‬إﻟﺦ ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋن اﻷﺿرار اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‬

‫إن اﻟﺿــرر اﻟﻧــﺎﺟم ﻋــن اﻷﺷــﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾــﺔ ﻫــو أول ﺿــرر ﻻ ﯾﺷــﺗرط ﻟﺗﻌوﯾﺿــﻪ وﺟــود ﺧطــﺄ ﻣرﻓﻘــﻲ‪،‬‬
‫ﺑﺣﯾث ﻗد ﺗﻠﺣق أﺷﻐﺎل ﻋﻣوﻣﯾﺔ أﺿ ار ار ﺑﺎﻷﻓراد دون أي ﺧطﺄ‪ ،‬وﻣﺎ داﻣت اﻷﺿرار اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن ﻫـذﻩ‬
‫اﻷﺧﯾرة ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ ﺟﻣﯾﻊ أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﻻ ﺗﻌوﯾض إﻻ إذا ﺑﻠﻎ ﻫـذا اﻟﺿـرر درﺟـﺔ ﻣﻌﯾﻧـﺔ‬
‫ﻣن اﻟﺧطورة وﻣس ﻋدد ﻣﺣدود وﻣﻌﯾن ﻣن اﻷﻓراد‪.‬‬

‫‪ - 43‬ﻋﻠــﻲ ﺧــﺎطر ﺷــطﻧﺎوي‪ ،‬ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻋــن أﻋﻣﺎﻟﻬــﺎ اﻟﺿــﺎرة‪ ،‬اﻟطﺑﻌــﺔ اﻷوﻟــﻰ‪ ،‬دار واﺋــل ﻟﻠﻧﺷــر‪،‬ﻋﻣﺎن اﻷردن‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص‪. 246.‬‬

‫‪36‬‬
‫أوﻻ‪ /‬ﻣﻔﻬوم اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‬

‫ﻋرف اﻟﺷﻐل اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻛل ﻋﻣـل ﯾﻘـوم ﺑـﻪ ﺷـﺧص ﻣﻌﻧـوي ﻋـﺎم ﻟﺻـﺎﻟﺣﻪ أو ﻟﺻـﺎﻟﺢ ﺷـﺧص‬
‫آﺧـر ﻣﻌﻧـوي ﯾﻧﺻـب ﻋﻠـﻰ ﻋﻘـﺎر ﯾﻬـدف ﻣـن وراء ﺗﻧﻔﯾـذﻩ ﺗﺣﻘﯾـق ﻣﺻـﻠﺣﺔ ﻋﺎﻣـﺔ ‪.‬وﻟﻘـد ﺗﺟـﺎوز اﻟﻘﺿـﺎء‬
‫ﻫــذا اﻟﺗﻌرﯾــف اﻟﺗﻘﻠﯾــدي ووﺳــﻊ ﻣــن ﻣﻔﻬــوم اﻷﺷــﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾــﺔ اﻧطﻼﻗــﺎ ﻣــن ﻗ ـرار "‪"Effimief‬أﯾــن‬
‫اﻋﺗﺑرت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎزع اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻣﻧﺟزة أﺷﻐﺎﻻ ﻋﺎﻣﺔ رﻏم أﻧﻬﺎ ٕوان ﻛﺎﻧت أﺷﻐﺎﻻ ﻋﻘﺎرﯾﺔ ﺗﻬدف إﻟـﻰ‬
‫إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء ﻋﻘﺎرات ﺗﺷﻛل ﻣﻠﻛﯾﺎت ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻷﺷﻐﺎل ﻟـم ﺗﻬـدف إذن إﻟـﻰ ﺗﺣﻘﯾـق ﻣﺻـﻠﺣﺔ‬
‫ﻋﺎﻣﺔ ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺗﺣدﯾد ﻧظﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋن اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ‪:‬‬

‫طــرح اﻟﻔﻘــﻪ ﻋﻠــﻰ ﺿــوء اﻟﺗطﺑﯾﻘــﺎت اﻟﻘﺿــﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻋــن اﻷﺷــﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾــﺔ ﻣﻌﯾــﺎ ار ﻟﺗﺣدﯾــد ﻗواﻋــد‬
‫اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻋــن اﻷﺿ ـرار اﻟﻧﺎﺟﻣــﺔ ﻋﻧﻬــﺎ وﯾﺳــﺗﻧد ﻫــذا اﻟﻣﻌﯾــﺎر إﻟــﻰ طﺑﯾﻌــﺔ اﻟﺿــرر‪ ،‬وﻣﯾــز ﻓﯾــﻪ ﺑــﯾن‬
‫اﻟﺿرر اﻟـداﺋم واﻟﺿـرر اﻟﻌرﺿـﻲ‪ ،‬ﻓﻔـﻲ اﻷول أﺳـس اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطـﺄ أي ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟﻣﺧـﺎطر‬
‫ﺑﺎﻋﺗﺑــﺎر اﻟﺿــرر ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﺣﺗﻣﯾــﺔ وﻣﺣﺳــوﺑﺔ ﺿــﻣن ﻣﺧــﺎطر ﺗﻧﻔﯾــذ اﻷﺷــﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾــﺔ‪ ،‬أﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺛــﺎﻧﻲ‬
‫اﺷﺗرط ﻟﺗﻌوﯾﺿﻪ وﻗوع ﺧطﺄ‪ ،‬ﻓﻬﻲ إذن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﺷـروطﺔ ﻷن اﻟﺿـرر ﻛـﺎن ﻣﻣﻛﻧـﺎ أﻻ ﯾﺣﺻـل ﻛوﻧـﻪ‬
‫ﻟﯾس ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺗﻣﯾﺔ ﻟﻸﺷﻐﺎل ﺑل ﺣﺎدث ﻣن ﺣوادث ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻘد ﻫﺟر ﻫذا اﻟﻣﻌﯾﺎر واﺳﺗﻧد‬
‫إﻟــﻰ ﻣﻌﯾــﺎر اﻟﺿــﺣﯾﺔ‪ ،‬وﻣﯾــز ﺑــﯾن ﻣــﺎ إذا ﻛﺎﻧــت اﻟﺿــﺣﯾﺔ ﻣــن اﻟﻐﯾــر أو اﻟﻣﺷــﺎرك أو اﻟﻣرﺗﻔــق ورﺗــب‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ وأﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى ﺑدون ﺧطﺄ ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬اﻷﺿرار اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺷﺎرك ﻫـو اﻟﺷـﺧص اﻟـذي ﯾﻧﻔـذ ﺑطرﯾﻘـﺔ أو ﺑـﺄﺧرى اﻟﺷـﻐل اﻟﻌﻣـوﻣﻲ )أي ﯾﺷـﺎرك ﻓـﻲ إﻧﺷـﺎء اﻟﻣﺑﻧـﻰ‬
‫اﻟﻌﻣ ــوﻣﻲ( وﯾﻧ ــدرج ﺗﺣ ــت ﻫ ــذا اﻟﺗﻌرﯾ ــف اﻟﻣﻘ ــﺎول وﻋﻣﺎﻟ ــﻪ‪ ،‬اﻟوﻛﯾ ــل وﻣﺳ ــﺎﻋدﯾﻪ‪ ،‬وﻗ ــد ﯾﻛ ــون اﻟﻣﺷ ــﺎرك‬
‫ﺷﺧﺻﺎ إﻋﺗﺑﺎرﯾﺎ ‪.‬‬

‫ب‪ .‬اﻷﺿرار اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﺗﻔﻘﯾن‬

‫‪37‬‬
‫اﻟﻣرﺗﻔــق ﻫــو اﻟﺷــﺧص اﻟــذي ﯾﺳــﺗﻌﻣل ﻓﻌــﻼ اﻟﻣﺑﻧــﻰ اﻟﻌﻣــوﻣﻲ واﻟﻣﺗﺳــﺑب ﻓــﻲ اﻟﺿــرر‪ ،‬ﻣﻌﻧــﻰ ذﻟــك أن‬
‫اﻟﻌﻼﻗــﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷ ـرة ﻣــﺎﺑﯾن اﻟﺿــﺣﯾﺔ ٕواﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﺑﻧــﻰ ﺗﻌﺗﺑــر ﻣﻌﯾــﺎ ار أﺳﺎﺳــﯾﺎ ﻓــﻲ ﺗﺣدﯾــد اﻟﻣرﻓــق ﻛوﻗــوع‬
‫ﺷــﺟرة ﻋﻠــﻰ أﺷــﺧﺎص ﻓــﻲ ﺣدﯾﻘــﺔ ﻋﻣوﻣﯾــﺔ‪ .‬وﯾﻌﺗﺑــر ﻣرﺗﻔﻘــﺎ ﻛــذﻟك اﻟﻣﺳــﺗﻔﯾد ﺑﻣ ارﻓــق اﻟﻣــﺎء‪ ،‬اﻟﻐــﺎز و‬
‫اﻟﻛﻬرﺑﺎء‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﺷﺧص ﻣرﺗﻔﻘﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺻﯾﺑﻪ ﺿر ار ﻣن اﻟﻘﻧﺎة اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬وﯾﻌﺗﺑر ﻣـن‬
‫اﻟﻐﯾر إن ﻛﺎن ﻣﺻدر اﻟﺿرر اﻟﻘﻧﺎة اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ - 2‬طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺿرر ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋن اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ و ﺻورﻩ ‪:‬‬

‫أ‪ /‬طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺿرر ‪:‬إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺷروط اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺿرر اﻟﻘﺎﺑل ﻟﻠﺗﻌوﯾض ﺑﺄن ﯾﻛـون ﺷﺧﺻـﯾﺎ‪ ،‬ﻣؤﻛـدا أو‬
‫ﻣﺣﻘﻘﺎ‪ ،‬وأن ﯾﻣس ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷروﻋﺔ‪ ،‬ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﺿـرر ﻣـﺎدي وﻏﯾـر ﻋـﺎدي وأن ﺗﻛـون اﻟﻌﻼﻗـﺔ‬
‫ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺿرر واﻟﺷﻐل اﻟﻌﻣوﻣﻲ ‪.‬‬

‫ب‪ /‬ﺻــور اﻟﺿــرر ‪:‬ﻣــن ﺻــور اﻟﺿــرر اﻟﻧــﺎﺟم ﻋــن اﻷﺷــﻐﺎل اﻟﻌﻣوﻣﯾـﺔ ﻣــﺎ ﯾﻠــﻲ ‪: -‬ﺿــرر ﻧــﺎﺟم ﻋــن‬
‫إﻧﺟﺎز أﺷﻐﺎل ﻋﻣوﻣﯾﺔ ‪ -‬ﺿرر ﻧﺎﺟم ﻋن ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ ﺷﻐل ﻋﻣوﻣﻲ ﻛﻌدم وﺟـود إﺷـﺎرات ﻣﺗﻌﻠﻘـﺔ ﺑوﺟـود‬
‫أﺷــﻐﺎل ﻋﻣوﻣﯾــﺔ‪ ،‬وﻫــو ﻣــﺎ ﺟﺳــد ﻓــﻲ ﻗﺿــﯾﺔ ﺷــرﻛﺔ اﻟﺗــﺄﻣﯾن" ‪ ،" Le soleil‬ﺣﯾــث إﻋﺗﺑــرت اﻟﻐرﻓــﺔ‬
‫اﻹدارﯾﺔ ﺑﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء اﻟﺟزاﺋر أن ﻋدم اﻹﺷﺎرة ﻟوﺟود اﻟﺧطر ﻋﻠﻰ طرﯾق ﻋﻣوﻣﻲ (ﻣﺑﻧﻰ ﻋﻣوﻣﻲ (‬
‫ﻛﺎن ﺳﺑب ﻓﻲ ﺣدوث ﺿرر أدى إﻟﻰ وﻓﺎة اﻟﺿﺣﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -‬ﺿرر ﻧـﺎﺟم ﻋـن ﺳـوء أو ﻋـدم ﺻـﯾﺎﻧﺔ ‪ -‬ﺿـرر ﻧـﺎﺟم ﻋـن ﺳـوء ﺳـﯾر ﻣﺑﻧـﻰ ﻋﻣـوﻣﻲ ﻛﺗـدﻓق ﻣﯾـﺎﻩ‬
‫ﻣﻠوﺛﺔ أو راﺋﺣﺔ ﻛرﯾﻬﺔ ﯾﻌود ﻣﺻدرﻫﺎ إﻟﻰ ﺷﻐل ﻋﻣوﻣﻲ أو ﻣﺑﻧﻰ ﻋﻣوﻣﻲ ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿـرة اﻟﺣﺎدﯾﺔ ﻋﺷر ‪:‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾﺔ‬

‫اﻣﺗد ﻣﺟﺎل ﺗطﺑﯾـق ﻧظرﯾـﺔ اﻟﻣﺧـﺎطر ﻟﯾﺷـﻣل ﺑﻌـض اﻷﻧﺷـطﺔ واﻷﺷـﯾﺎء اﻟﺧطـرة‪ ،‬وﻛـذا ﺑﻌـض اﻟﺣـﺎﻻت‬
‫اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟظرﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻷﻧﺷطﺔ واﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧطرة‬

‫‪38‬‬
‫ﺗﻧدرج ﺗﺣﺗﻬﺎ اﻟﺣﺎﻻت اﻵﺗﯾﺔ ‪:‬‬

‫أوﻻ‪ /‬اﻟﻣﺗﻔﺟـــرات واﻟـــذﺧﯾرة ‪ ،:44 Regnault Desroziers‬وﺗﻌ ــود وﻗ ــﺎﺋﻊ اﻟﻘﺿ ــﯾﺔ أﻧ ــﻪ ﺑﺗ ــﺎرﯾﺦ‬
‫‪ 03/04/1916‬وﻗـﻊ اﻧﻔﺟـﺎر ﻣﻬـول ﻓـﻲ ﻗﻠﻌـﺔ ‪ La double couronne‬ﻓـﻲ ﺷـﻣﺎل ‪Saint Denis‬‬
‫أﯾــن ﺗــم ﺗﺧ ـزﯾن ﻣﺟﻣوﻋــﺔ ﻣــن اﻟــذﺧﯾرة اﻟﺣرﺑﯾــﺔ‪ ،‬وﻗــد ﺧﻠــف اﻟﺣــﺎدث ﻓــﻲ اﻟﻣدﯾﻧــﺔ واﻟﻣﻧــﺎطق اﻟﻌﻣراﻧﯾــﺔ‬
‫اﻟﻣﺟــﺎورة اﻟﻌدﯾــد ﻣــن اﻟﺿــﺣﺎﯾﺎ وأﺿ ـ ار ار ﻣﺎدﯾــﺔ ﺑﻠﯾﻐــﺔ‪ ،‬ﻓطﻠــب اﻟﻣــدﻋون اﻟﺗﻌــوﯾض ﻋــن اﻷﺿـرار اﻟﺗــﻲ‬
‫أﺻــﺎﺑﺗﻬم وﻗﺑــل ﻣﺟﻠــس اﻟدوﻟــﺔ اﻟطﻠــب ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻟﻣﺧــﺎطر اﻻﺳــﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺟ ـوار دون أن ﯾﻠﺟــﺄ إﻟــﻰ‬
‫اﻟﺧطﺄ ﻣﻌﺗرﻓﺎ ﺑﺄن ﺣﯾـﺎزة و ازرة اﻟﺣرﺑﯾـﺔ ﻵﻻت ﺧطﯾـرة ﻓـﻲ ظـروف ﻣﻣﺎﺛﻠـﺔ ﺗﺣﺗـوي ﻋﻠـﻰ ﻣﺧـﺎطر ﺗﻔـوق‬
‫ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ ﻋﺎدة ﻋن اﻟﺟوار ﯾرﺗب ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻟﻘــد ﺳــﻧﺣت اﻟﻔرﺻــﺔ ﺑﻌــد ذﻟــك ﻟﻠﻣﺣﻛﻣــﺔ اﻟﻌﻠﯾــﺎ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾــر ﻋــن ﻣوﻗﻔﻬــﺎ ﺑوﺿــوح ٕواﻋﻼﻧﻬــﺎ ﺗطﺑﯾــق ﻧظرﯾــﺔ‬
‫اﻟﻣﺧﺎطر اﻹﺳﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺟـوار‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗـﺎﻟﻲ اﻟﺳـﯾر ﻋﻠـﻰ طرﯾـق اﻻﺟﺗﻬـﺎد اﻟﻘﺿـﺎﺋﻲ اﻟﻔرﻧﺳـﻲ‪ ،‬وﯾﺗﺿـﺢ ذﻟـك‬
‫ﻣن ﺧﻼل ﻗﺿﯾﺔ " اﺣﻣد ﺑن ﺣﺳﺎن" ﺿد وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،45‬ﺣﯾث ﺗﺗﻠﺧص وﻗﺎﺋﻊ اﻟﻘﺿـﯾﺔ ﻓـﻲ اﺷـﺗﻌﺎل‬
‫ﺣرﯾــق ﻓــﻲ ﻣ ـرآب ﺗــﺎﺑﻊ ﻟﻣﺣﺎﻓظــﺔ اﻟﺷــرطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾــﺔ ﺑــﺎﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻــﻣﺔ‪ ،‬وﻛــﺎن ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻻﻧﻔﺟــﺎر ﺧ ـزان‬
‫ﺑﻧزﯾن‪ ،‬ﻓﺄﺳﻔر اﻟﺣﺎدث ﻋـن وﻓـﺎة زوﺟـﺔ اﻟﻣـدﻋﻲ ﺑـن ﺣﺳـﺎن أﺣﻣـد و ﺟﻧﯾﻧﻬـﺎ ٕواﺑﻧﺗـﻪ‪ ،‬ﻓرﻓـﻊ دﻋـوى أﻣـﺎم‬
‫اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء اﻟﺟزاﺋر ﻗﺻد ﺗﻌوﯾﺿﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺿت ﻋﻠـﻰ اﻟدوﻟـﺔ ﻣﻣﺛﻠـﺔ ﻓـﻲ وزﯾـر اﻟداﺧﻠﯾـﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض‪ ،‬وأﻗرت ﺣول ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة أن وﺟود ﻣﺛل ﻫـذا اﻟﺧـزان ﯾﺷـﻛل ﻣﺧـﺎطر اﺳـﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‬
‫ﻋﻠــﻰ اﻷﺷــﺧﺎص واﻷﻣ ـوال وأن اﻷﺿ ـرار اﻟﺗــﻲ ﺗﻠﺣ ــق ﺑﺎﻟﺿــﺣﺎﯾﺎ ﺿــﻣن ﻫــذﻩ اﻟظــروف ﺗﺗﺟــﺎوز ﻓ ــﻲ‬
‫ﺧطورﺗﻬﺎ اﻷﻋﺑﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ ﻋﺎدة اﻷﻓراد‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ /‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺳﺑب أﻧﺷطﺔ ﻣراﻛز اﻟﺗرﺑﯾﺔ و اﻟﻣراﻗﺑﺔ‬

‫أﻧﺷﺋت ﻫذﻩ اﻟﻣراﻛز ﺧﺻﯾﺻﺎ ﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺟﺎﻧﺣﯾن اﻷﺣداث وﺑﻬدف إدراﺟﻬم ﻓﻲ اﻟﺣﯾـﺎة اﻟﻌﺎدﯾـﺔ‪ ،‬ﻓﻣـﺎ ﻫـو‬
‫أﺳــﺎس اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟــﺔ ﻫــروب أﺣــدﻫم ﻣﻧﻬــﺎ ؟ وأﺛﻧــﺎء ﻓ ـ اررﻩ إرﺗﻛــب ﺟرﯾﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻐﯾــر أو ﻋﻠــﻰ‬
‫ﺟﯾران اﻟﻣرﻛز؟ ﻟﻘد ﻛﺎن ﻗرار ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﻓـﻲ ‪ 03/02/1956‬ﻓـﻲ ﻗﺿـﯾﺔ ‪Thouzellier‬ﺿـد وزﯾـر‬

‫‪ -‬ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ ، Regnault Desrozier ، 28/03/1919،‬ص ‪. 153‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻗﺿﯾﺔ ﺑن ﺣﺳﺎن أﺣﻣد ﺿد وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪03/07/1977. 2‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪39‬‬
‫اﻟﻌــدل أول ﻗ ـرار دﺷــن اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﺑــدون ﺧطــﺄ ﻋــن اﻟﻣﺧــﺎطر اﻟﺧﺎﺻــﺔ اﻟﺗــﻲ ﯾﺗﺳــﺑب ﻓﯾﻬــﺎ اﻷﺣــداث‬
‫اﻟﻣﺟــرﻣﯾن‪ .‬ﺣﯾــث ﻫــرب اﺛﻧــﺎن ﻣــن اﻷﺣــداث اﻟﻣوﺟــودﯾن ﺑﺈﺣــدى ﻣ ارﻛــز اﻟﺗرﺑﯾــﺔ ﻋﻧــدﻣﺎ ﻛــﺎﻧوا ﻓــﻲ ﻧزﻫــﺔ‬
‫ﻧﺿﻣﻬﺎ ﻣﺳـؤوﻟو اﻹﺻـﻼﺣﯾﺔ وﻗﺎﻣـﺎ ﺑﺳـرﻗﺔ أﺣـد اﻟﻣﻧـﺎزل اﻟﻣﺟـﺎورة‪ .‬ورﻏـم اﻧﻌـدام اﻟﺧطـﺄ ﻷن اﻟﻣﺷـرﻓﯾن‬
‫ﺑﻠّﻐوا ﻋن ﻫروب اﻟﺣـدﺛﯾن‪ ،‬إﻻ أن ﻣﺟﻠـس اﻟدوﻟـﺔ اﻟﻔرﻧﺳـﻲ ﻗﺿـﻰ ﺑـﺎﻟﺗﻌوﯾض ‪.‬واﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ أن ﻫـذا اﻟﻘـرار‬
‫ﯾﺿ ــﯾف ﺟدﯾ ــدا وﯾؤﻛ ــد ﻗ ــدﯾﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺟدﯾ ــد أﻧ ــﻪ ﻣ ــن اﻵن ﻓﺻ ــﺎﻋدا ﻓ ــﺈن ﻣﺧ ــﺎطر اﻟﺟـ ـوار ﺳﺗﺷ ــﻣل ﻛﺎﻓ ــﺔ‬
‫اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺧطرة وﻟﯾس اﻧﻔﺟﺎر اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻘط ﻛﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣر ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ‪،Desroziers Regnault‬‬
‫واﻟﻘـدﯾم أن ﻗـرار ‪Thouzellier‬ﻣــﺎزال ﻣﺗﻣﺳـﻛﺎ ﺑﻔﻛـرة اﻟﺟـوار ﺣﯾـث ﻻ ﺗﻌــوض إﻻ اﻷﺿـرار اﻟﻼﺣﻘــﺔ‬
‫ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص واﻟﻣﻠﻛﯾﺎت اﻟﻣﺟﺎورة‪.46‬‬

‫ﺛم ﻟﯾن ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﻣوﻗﻔﻪ وأﻋﺎد اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم اﻟﺟـوار ﺧﺎﺻـﺔ ﺑﻌـد ﺗطـور وﺳـﺎﺋل اﻟﻧﻘـل اﻟﺳـرﯾﻌﺔ‬
‫اﻟﺗــﻲ ﺗﺳــﻣﺢ ﻟﻸﺣــداث اﻟﻔــﺎرﯾن ﻣــن ارﺗﻛــﺎب ﺟ ـراﺋﻣﻬم ﺑﻌﯾــدا ﻋــن ﻣ ارﻛــزﻫم وﻋﻠــﻰ ذﻟــك أﺻــﺑﺢ اﻟﻘﺿــﺎء‬
‫اﻹداري ﯾﺄﺧذ ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎطر ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾـﺔ ﻟﻠﻐﯾـر ﺑـدﻻ ﻣـن اﻟﻣﺧـﺎطر ﻏﯾـر اﻟﻌﺎدﯾـﺔ ﻟﻠﺟـوار ﻣﻣـﺎ أدى‬
‫إﻟﻰ ﺗوﺳﯾﻊ ﻣﻔﻬوم اﻟﺿﺣﺎﯾﺎ اﻟذﯾن ﻟﻬم اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺿرر ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ /‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻷﻣراض اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ‬

‫ﻟﻘد أﻗﯾﻣت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣـر ﻋﻠـﻰ اﻟﺧطـﺄ اﻟﺟﺳـﯾم ‪ ،‬وﺑـﺎﻟﺗطور أﺳﺳـت ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺧـﺎطر ﻷن‬
‫اﻟﺧروج ﻣﻧﻬﺎ وﻟو ﻛﺎن ﻣرﺧﺻﺎ ﻟﺑﻌض اﻟﻣرﺿﻰ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﺷﻛل ﻣﺧﺎطر ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﺔ ‪.‬‬

‫راﺑﻌﺎ‪ /‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﻧﺎرﯾﺔ‬

‫وﻣــن ﺑﯾﻧﻬــﺎ اﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻷﺳــﻠﺣﺔ اﻟﻧﺎرﯾــﺔ ﻣــن طــرف أﻋ ـوان ﻣﺻــﺎﻟﺢ اﻷﻣــن‪ ،‬وﻟﻘــد إﺳــﺗﻘر اﻟﻔﻘــﻪ واﻟﻘﺿــﺎء‬
‫وﻟــم ﺗﻧﺗــف‬ ‫اﻹدارﯾــﯾن ﻋﻠــﻰ ﻣﺑــدأ ﻋــدم ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟــﺔ ﻋــن ﻧﺷــﺎط ﻣرﻓــق اﻟﺷــرطﺔ ﻛﻘﺎﻋــدة ﻋﺎﻣــﺔ‬
‫ﻣﺳـؤوﻟﯾﺗﻬﺎ اﻟﺧطﺋﯾـﺔ إﻻ ﻓـﻲ ‪ 10/01/1905‬ﺑﻣﻧﺎﺳـﺑﺔ ﻗﺿـﯾﺔ ‪ Tomaso – Gricco‬وﺗـﺗﻠﺧص وﻗـﺎﺋﻊ‬
‫اﻟﻘﺿــﯾﺔ ﻓــﻲ إﺻــﺎﺑﺔ ﻫــذا اﻷﺧﯾــر ﺑﺟــروح أﺛﻧــﺎء ﻣطــﺎردة رﺟــﺎل اﻟــدرك ﻟﺛــور ﻫــﺎﺋﺞ ﻓــﻲ إﺣــدى اﻷﺣﯾــﺎء‬

‫‪ - 46‬ﻟﺣﺳن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻣﻧﺗﻔﻰ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬دار ﻫوﻣﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪40‬‬
‫اﻟﺗوﻧﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻓرﻓض ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ طﻠﺑﻪ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻧـﻪ ﻟـم ﯾﺛﺑـت أن اﻟطﻠﻘـﺔ اﻟﺗـﻲ أﺻـﺎﺑﺗﻪ ﺻـﺎدرة ﻋـن‬
‫اﻟدرك‪ ،‬وﻻ ﻣﺎ ﯾﺛﺑت أن اﻟﺣﺎدﺛﺔ ﺗﻌود إﻟﻰ ﺧطﺄ ﻣﺻﻠﺣﻲ ‪،‬‬

‫وذﻟــك ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻟﺧطــﺄ اﻟﺟﺳ ـﯾم‪ ،‬ﺛــم وﻗــﻊ ﻓــﻲ ﺗــﺎرﯾﺦ ﻻﺣــق اﻟﺗﻣﯾﯾــز ﺑــﯾن اﻟﻧﺷــﺎط اﻹداري اﻟﻣرﻓﻘــﻲ‬
‫وأﺳﺳت ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟﺧطـﺄ اﻟﺑﺳـﯾط‪ ،‬واﻟﻌﻣـل اﻟﻣـﺎدي اﻟﺗﻧﻔﯾـذي وأﺳﺳـت ﻓﯾـﻪ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ‬
‫ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﻟﺧطــﺄ اﻟﺟﺳــﯾم‪ .‬وﯾﺷــﺗرط ﻟﺗطﺑﯾــق اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﺑــدون ﺧطــﺄ وﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس اﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳــﻼح‬
‫اﻟﻧــﺎري أو اﻟﺳــﻼح اﻟﺧطﯾــر ﺗ ـواﻓر ﺛﻼﺛــﺔ ﺷــروط وﻫــﻲ ‪: -‬اﺳــﺗﻌﻣﺎل أﺳــﻠﺣﺔ أو آﻻت ذات ﻣﺧــﺎطر‬
‫اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸﺷﺧﺎص واﻷﻣوال ‪ -‬أن ﺗﻛون اﻷﺿـرار ﻧﺗﯾﺟـﺔ ذﻟـك اﻻﺳـﺗﻌﻣﺎل ‪. -‬أن ﺗﻛـون ﺗﻠـك اﻷﺿـرار‬
‫ﻣﺗﻣﯾـ ـزة ﻓ ــﻲ ﺟﺳ ــﺎﻣﺗﻬﺎ وﺗﺗﺟ ــﺎوز اﻟﻣﺳ ــﺎوي اﻟﻌﺎدﯾ ــﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟ ــﺔ ﻋ ــن وﺟ ــود ﻣﺻ ــﺎﻟﺢ اﻟﺷ ــرطﺔ‪ .‬وﻓ ــﻲ آﺧ ــر‬
‫اﻟﻣطـﺎف ﻓـﺈن اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ أﺳﺎﺳــﻬﺎ ﻧظرﯾـﺔ اﻟﻣﺧـﺎطر وﻻ ﻋﻼﻗـﺔ ﻟﻘواﻋــد اﻟﻘـﺎﻧون اﻟﻣـدﻧﻲ‪ ،‬وﻋﻠـﻰ اﻷﺧــص‬
‫اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺎﺑﻊ واﻟﻣﺗﺑوع‪.47‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺧطﺎر اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟظرﻓﯾﺔ ﻓـﻲ اﻟﻣراﻓـق اﻟﻌﺎﻣـﺔ )اﻟﻣﺟﺎﻧﯾـﺔ( ﻧﺷـﯾر‬
‫ﻓــﻲ اﻟﺑداﯾــﺔ إﻟــﻰ أﻧــﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳــﺑﺔ ﻟﻸﻋ ـوان اﻟــداﺋﻣﯾن اﻟﺗــﺎﺑﻌﯾن ﻟــﻺدارة واﻟــذﯾن ﻛــﺎﻧوا ﺿــﺣﺎﯾﺎ ﻋﻣﻠﻬــم ‪ ،‬ﻓــﺈن‬
‫ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ أﻗﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻷﻣر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر‪ ،‬ﻟﻛن ﻗ اررﻩ ﻫذا ﻋرف ﺗراﺟﻌـﺎ وﻟـم‬
‫ﺗﻛن ﻟﻪ ﻓﺎﺋدة أو أﻫﻣﯾـﺔ اﺑﺗـداءا ﻣـن ﺻـدور اﻟﻧﺻـوص اﻟﻣﺗﻌﻠﻘـﺔ ﺑﺈﺻـﺎﺑﺎت اﻟﻌﻣـل واﻷﻣـراض اﻟﻣﻬﻧﯾـﺔ‪،‬‬
‫وﻗد ﺻدرت ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﺳﻧﺔ ‪.1983‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳـﺑﺔ ﻟﻠﻣﺗﻌـﺎوﻧﯾن ﻏﯾـر اﻟـداﺋﻣﯾن‬
‫أو ﻛﺎﻧوا ﻣن اﻟﻐﯾر وﻗدﻣوا ﻣﺳﺎﻋدﺗﻬم ﻣﺟﺎﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ وﺳﻊ ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ﻣن ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻌـﺎون ﻓـﻲ‬
‫ﻋﻼﻗﺗــﻪ ﻣــﻊ اﻟﻣرﻓــق‪ ،‬ﻓﺑﻌــد أن ﻛــﺎن ﯾﺷــﺗرط ﻓﯾــﻪ أن ﯾﻛــون ﻣﻘﺑــوﻻ ﻣــن اﻹدارة ﺻــﺎر ﻣطﻠوﺑــﺎ‪ ،‬ﺛــم ﻗﺑﻠــت‬
‫ﻣﺷﺎرﻛﺗﻪ اﻟﻔﺟﺎﺋﯾﺔ وﻧظر إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ﻧظرة ﻣرﻧﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬أﻣﺛﻠﺔ ﻋن ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر‬

‫أوﻻ‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن ﻣﺧﺎطر اﻟﻛوارث اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ‬

‫‪ -‬ﻣﺑروﻛﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻧﯾب ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ‪ ،‬ﺗﺧﺻص اﻟﻘﺎﻧون‬ ‫‪47‬‬

‫اﻹداري ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ـ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﺑﺿر ﺑﺳﻛرة ‪ ، 2014- 2013 ،‬ص ‪. 47‬‬

‫‪41‬‬
‫اﻟﻛﺎرﺛﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﺟﺎﺋﯾﺔ ‪ ،‬أي ﻏﯾر ﻣﺗوﻗﻌﺔ ‪ -‬وطﺑﯾﻌﯾﺔ أي أن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ دﺧـل وﻻ ﯾـد ﻟـﻪ‪ ،‬ﻓﻣـﺎ دﺧـل‬
‫ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹﻧﺳــﺎن ﻓﯾﻬــﺎ؟ ﻋﻠﻣــﺎ أن اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ ﻫــﻲ ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ إﻧﺳــﺎﻧﯾﺔ ﻷن اﻹدارة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫــﺎ‬
‫ﺷﺧﺻــﺎ ﻣﻌﻧوﯾــﺎ ﯾﺑﺎﺷــر ﻧﺷــﺎطﻬﺎ اﻷﻋ ـوان اﻹدارﯾــﯾن ﻟﺻــﺎﻟﺣﻬﺎ وﺑﺎﺳــﻣﻬﺎ ‪.48‬إن اﻟﺗطــور اﻟﻌﻠﻣــﻲ اﻟــذي‬
‫ﺗﻌرﻓــﻪ اﻟﺑﺷـرﯾﺔ وﺳــﻊ ﻣــن ﺗــدﺧل اﻹﻧﺳــﺎن ﻓــﻲ اﻟطﺑﯾﻌــﺔ وﺳــﯾطرﺗﻪ ﻋﻠﯾﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺻــﺑﺢ ﯾﻐﯾــر ﻣــن ﺟﻐراﻓﯾﺗﻬــﺎ‬
‫وﻣﺣﯾطﻬﺎ ﻟﯾﺳﺗﻘر وﯾﺿﻣن أﻣﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻛـن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻧـﺎ اﺳـﺗﺑﻌﺎد ﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹﻧﺳـﺎن ﻓـﻲ ﺑﻌـض اﻟﻛـوارث‬
‫اﻟطﺑﯾﻌﯾــﺔ ﻛــﺎﻟزﻻزل واﻟﻔﯾﺿــﺎﻧﺎت واﻧــزﻻق اﻷ ارﺿــﻲ واﻷﻋﺎﺻــﯾر واﻟﺑ ـراﻛﯾن ﻓــﺈن ﻫــذﻩ اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ﺗظﻬــر‬
‫أﻛﺛر ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﺧرى ﻣن اﻟﻛوارث‪ ،‬واﻟﺗـﻲ ﺗﺣـدث أﺳﺎﺳـﺎ ﺑﻔﻌـل اﻹﻧﺳـﺎن ﻛﺎﻧﻬﯾـﺎر ﻋﻘـﺎرات واﻧﻔـﻼت‬
‫ﻣﯾﺎﻩ اﻟﺳد‪ ،‬اﻟﺣوادث اﻟﻧووﯾﺔ اﻧﻬﯾﺎر ﻣﻧﺟم ‪ ...‬اﻟﺦ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر‬

‫وﻣــن أﻣﺛﻠــﺔ ذﻟــك ‪: -‬اﻟﻣرﺳــوم رﻗــم ‪ 25_81‬اﻟﻣــؤرخ ﻓــﻲ ‪ 28‬ﻓﯾﻔــري ‪ 1981‬واﻟﻣﺗﺿــﻣن ﺗﺄﺳــﯾس ﻟﺟﻧــﺔ‬
‫ﻟﺗﻌــوﯾض ﺿــﺣﺎﯾﺎ اﻟﺷــﻠف‪ ،‬واﻟــذي ﺗــم ﺑﻣوﺟﺑــﻪ ﺗﻌــوﯾض اﻟﻌــﺎﺋﻼت اﻟﻣﻧﻛوﺑــﺔ ﻋﻠــﻰ إﺛــر زﻟ ـزال أﻛﺗــوﺑر‬
‫‪.1981‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣــﺎدة ‪ 202‬ﻣــن اﻟﻘــﺎﻧون رﻗــم ‪ 20_87‬اﻟﻣــؤرخ ﻓــﻲ ‪ 23‬دﯾﺳــﻣﺑر ‪ 1987‬واﻟﻣﺗﺿــﻣن ﻗــﺎﻧون اﻟﻣﺎﻟﯾــﺔ‬
‫ﻟﺳــﻧﺔ ‪ ،1988‬اﻟﺗــﻲ ﺗــم ﺑﻣوﺟﺑﻬــﺎ إﻧﺷــﺎء ﺻــﻧدوق اﻟﺿــﻣﺎن ﺿــد اﻟﻛـوارث اﻟﻔﻼﺣﯾــﺔ واﻟﻣرﺳــوم اﻟﺗﻧﻔﯾــذي‬
‫‪49‬‬
‫‪.‬‬ ‫رﻗم ‪ 158-90‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 26‬ﻣﺎي ‪ 1990‬اﻟﻣﺣدد ﻟﻛﯾﻔﯾﺎت ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ‬

‫ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻧﺣن أﻣﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻏﯾر ﺧطﺋﯾـﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑـﺎر أﻧﻧـﺎ أﻣـﺎم ﻗـوة ﻗـﺎﻫرة ﺑـﺄﺗم ﻣﻌﻧـﻰ اﻟﻛﻠﻣـﺔ إذ‬
‫ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺣﺎدث طﺑﯾﻌﻲ ﺧﺎرﺟﻲ ﻻ ﯾد ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻓﯾﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن دﻓﻌﻪ أو ﺗوﻗﻌﻪ‬

‫‪ -2‬ﺗﺄﺳﯾس ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‬

‫إن ﻛﺎن اﻷﺻل ﻫو ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻛوارث اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر ﻓﺈﻧﻪ أﺣﯾﺎﻧﺎ‬
‫ﯾؤﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون أو اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‪ ،‬وﻣن أﻣﺛﻠـﺔ ذﻟـك ﻧﺟـد اﻟﻣـﺎدة ‪ 147‬ﻣـن ﻗـﺎﻧون اﻟﺑﻠدﯾـﺔ‬

‫‪ -‬ﺷﯾﻬوب ﻣﺳﻌود ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﯾق ‪ ،‬ص ‪. 258‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪ -‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﻋدد ‪ ، 22‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 30‬ﻣﺎي ‪. 1990‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪42‬‬
‫رﻗم ‪ 11/10‬اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 2011/06/22‬اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﻓﻲ ﺣﺎﻟـﺔ وﻗـوع ﻛﺎرﺛـﺔ طﺑﯾﻌﯾـﺔ ﻻ‬
‫ﺗﺗﺣﻣل اﻟﺑﻠدﯾﺔ أﯾﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺟﺎﻩ اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣواطﻧﯾن إذا أﺛﺑﺗت أﻧﻬﺎ إﺗﺧذت اﻹﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﺎﺗﻘﻬــﺎ واﻟﻣﻧﺻ ـوص ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﺑﻣوﺟــب اﻟﺗﺷ ـرﯾﻊ واﻟﺗﻧظــﯾم اﻟﻣﻌﻣــول ﺑﻬﻣــﺎ" ‪ .‬ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﺻــدد داﺋﻣــﺎ ﻧﺟــد‬
‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ إﺣدى ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﺗﻘﯾم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋدم أﺧذ اﻻﺣﺗﯾﺎطﯾﺎت اﻟﻼزﻣﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ -‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ‬

‫ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻛـﺎن ﻣﺻـﯾر ﺿـﺣﺎﯾﺎ اﻷﻋﻣـﺎل اﻹرﻫﺎﺑﯾـﺔ ﻣﻬﻣﺷـﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑـﺎر أن ﻣﺟﻠـس اﻟدوﻟـﺔ اﻟﻔرﻧﺳـﻲ ﻛـﺎن‬
‫ﯾـرﻓض اﻻﻋﺗـراف ﺑﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟـﺔ ﺑـدون ﺧطـﺄ‪ ،‬ﻓﻛـﺎن ﯾﺷـﺗرط أن ﯾﻛـون ﻫﻧـﺎك ﺧطـﺄ ﺟﺳـﯾم ﻣـﺎدام أن‬
‫ذﻟــك ﯾﺗﻌﻠــق ﺑﺎﻟﻧﺷــﺎط اﻟﻣــﺎدي ﻟﻣﺻــﺎﻟﺢ اﻷﻣــن‪ ،‬ﻋﻠــﻰ ﺳــﺑﯾل اﻟﻣﺛــﺎل واﻟﺗــﻲ ﺗﻣﺛﻠــت وﻗﺎﺋﻌﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻏﺗﯾــﺎل‬
‫ﺳﻔﯾر ﺗرﻛﯾﺎ ﻓﻲ ﻗﺿـﯾﺔ " ‪ "yener‬ﺑﻔرﻧﺳـﺎ وﻫـذا وﺳـط ﻣدﯾﻧـﺔ ﺑـﺎرﯾس‪ ،‬ﻓـﺈن اﻻﻋﺗـراف ﺑﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟـﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳـﯾم ﺑﺳـﺑب ﻋـدم اﻻﺣﺗﯾـﺎط ﺿـد اﻟﻬﺟﻣـﺎت واﻻﻋﺗـداءات‪،‬‬
‫وﻋدم ﻛﻔﺎﯾﺔ ﺗداﺑﯾر اﻷﻣن ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ أﻋﺿﺎء ﺑﻌث دﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫أﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺟ ازﺋــر ﻓــﺄول ﻧــص ﺻــدر ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﻣﺟــﺎل ﻫــو اﻟﻣــﺎدة ‪ 145‬ﻣــن ﻗــﺎﻧون اﻟﻣﺎﻟﯾــﺔ ‪ ،‬واﻟﻣرﺳــوم‬
‫اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم ‪ 93-181‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 19‬ﯾﻧﺎﯾر ‪ ،1993‬اﻟﻣﺣدد ‪ 3‬ﻟﺳـﻧﺔ‪ 1993‬ﻟﻛﯾﻔﯾـﺎت ﺗطﺑﯾـق أﺣﻛـﺎم‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أﯾن ﺗم إﻧﺷﺎء ﺻﻧدوق ﺧﺎص ﺑﺗﻌوﯾض ﺿﺣﺎﯾﺎ اﻹرﻫﺎب اﻟذي ﯾﺗﻛﻔل ﺑﺗﻌوﯾض ذوي ﺣﻘوق‬
‫اﻟﺿﺣﺎﯾﺎ اﻟﻣﺗوﻓﯾن وﻛذا اﻷﺿرار اﻟﺟﺳدﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺷر ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ ﺗﺣﻣل اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫ﺗﺗﺟﺳد ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺿرورة وﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ ﺷروط وﻫـﻲ اﻟﺧطـﺄ واﻟﻣﺧـﺎطر ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﻫو ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﻪ أﺳـﺎس ﻋـﺎم ووﺣﯾـد ﻟﻠﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾـﺔ وﯾﺗطﻠـب ﺗﻌﻣﯾﻣﻬـﺎ‪ ،‬ﻓﻛﻠﻣـﺎ‬
‫ﺣﺻـل ﺿــرر ﻛﻠﻣـﺎ ﻛــﺎن ﻫﻧـﺎك ﻣﺳــﺎس ﺑﻣﺑـدأ اﻟﻣﺳــﺎواة ‪ .‬ﺣﯾـث أن ﻣﺑــﺎدئ اﻟﻌـدل ﺗﻘﺗﺿــﻲ ﻋـدم ﺗﺣﻣــل‬
‫أي ﻓــرد ﺑﺳ ــﺑب أﺿ ـرار اﻹدارة أﻋﺑ ــﺎء إﺿــﺎﻓﯾﺔ أﻛﺛ ــر ﻣــن اﻵﺧـ ـرﯾن ‪.‬ﻟــذا طﺑ ــق ﻫــذا اﻟﻣﺑ ــدأ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟ ــﺔ‬

‫‪43‬‬
‫ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋــن ﻋــدم ﺗﻧﻔﯾــذ اﻷﺣﻛــﺎم واﻟﻘ ـ اررات اﻟﻘﺿــﺎﺋﯾﺔ واﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾــﺔ ﺑﺳــﺑب ﻧﺻــوص‬
‫ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ‪.‬‬

‫أوﻻ‪ /‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋن ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻷﺣﻛﺎم واﻟﻘ اررات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‬

‫ﻟﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 145‬ﻣن دﺳﺗور ‪ 1996‬اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠـﻰ أﻧـﻪ " ﻋﻠـﻰ ﻛـل أﺟﻬـزة اﻟدوﻟـﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻـﺔ أو‬
‫ﻧﻘوم ﻓﻲ ﻛل وﻗت وﻓﻲ ﻛـل ﻣﻛـﺎن وﻓـﻲ ﺟﻣﯾـﻊ اﻟظـروف ﺑﺗﻧﻔﯾـذ أﺣﻛـﺎم اﻟﻘﺿـﺎء " وﻫـذا ﻣـﺎ أﻛـدت ﻋﻠـﻰ‬
‫اﻟﻣــﺎدة ‪ 163‬ﻣــن اﻟﺗﻌــدﯾل اﻟدﺳــﺗوري ﻟﺳــﻧﺔ ‪ . 2016‬ﻟــذا ﻓﺟﻣﯾــﻊ اﻷﺣﻛــﺎم ﻗﺎﺑﻠــﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾــذ ﻓــﻲ ﻛــل أﻧﺣــﺎء‬
‫أ ارﺿــﻲ اﻟﺟﻣﻬورﯾــﺔ واﻷﺟــل اﻟﺗﻧﻔﯾــذ اﻟﺟﺑــري ﻟﻸﺣﻛــﺎم واﻟﻘ ـ اررات ﯾطﻠــب ﻗﺿــﺎة اﻟﻧﯾﺎﺑــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻣﺑﺎﺷ ـرة‬
‫اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻘوة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬وﯾﺷـﻌر اﻟـواﻟﻲ ﺑـذﻟك وﻋﻧـدﻣﺎ ﯾﻛـون اﻟﺗﻧﻔﯾـذ ﻣـن ﺷـﺄﻧﻪ اﻹﺧـﻼل ﺑﺎﻟﻧظـﺎم اﻟﻌـﺎم‬
‫إﻟــﻰ درﺟــﺔ اﻟﺧطــورة ﺑﻣﻛــن ﻟﻠ ـواﻟﻲ اﺗﺧــﺎذ اﻹﺟ ـراءات ﻟﺗوﻗﯾﻔــﻪ ‪ .‬وﻋﻧــد ﻋــدم اﻟﺗﻧﻔﯾــذ ﯾﺣــق ﻟﻠﻣﺿــرور‬
‫اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ‪ ،‬ﺟراء ﻣﺎ ﺑﺣﻘﻪ ﻣن أﺿرار ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑدوت ﺧطﺄ ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺣﺎﻟﺔ رﻓض اﻹدارة ﺗﻧﻔﯾذ ﻗرار ﺻﺎدر ﺿدﻫﺎ‬

‫ﺣﯾ ــث ﺗﻛ ــون ﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ ﻫ ــذﻩ اﻹدارة ﻋ ــن ﻋ ــدم ﺗﻧﻔﯾ ــذ اﻟﻘـ ـ اررات اﻟﻘﺿ ــﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘ ــﺔ ﺑ ــدﻋوى اﻹﻟﻐ ــﺎء ‪،‬‬
‫ﻓﺗﺗوﻗــف ﺳــﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿــﻲ اﻹداري ﻓــﻲ دﻋــوى اﻹﻟﻐــﺎء ﻋﻧــد ﺣــدود اﻟﻧطــق ﺑﺈﻟﻐــﺎء اﻟﻘ ـرار اﻹداري ﻏﯾــر‬
‫اﻟﻣﺷروع ‪ ،‬ﻓﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺿـرور اﻟﻣطﺎﻟﺑـﺔ ﺑـﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻓـﻲ ﻫـذﻩ اﻟﺣﺎﻟـﺔ ‪ .‬ﻟﻛـن اﻟﻘـ اررات اﻟﻘﺿـﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘـﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻻﺑد أن ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻬﺎ ﺷروط وﻫﻲ ‪ - :‬أن ﺗﻛون اﻟﻘ اررات ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ – أن ﯾﺣدد اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﻣﺣﻛوم‬
‫ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻹدارة ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺣﺎﻟــﺔ رﻓــض اﻹدارة ﺗﻧﻔﯾــذ ﻗـرار ﻗﺿــﺎﺋﻲ ﺻــﺎدر ﻟﻔﺎﺋــدة ﺷــﺧص آﺧــر ﻏﯾــر اﻷﺷــﺧﺎص اﻟﻣﻌﻧوﯾــﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫‪44‬‬
‫ﻟﻘـد اﻋﺗﺑـر اﻟﻔﻘــﻪ رﻓـض اﻹدارة ﺗﻧﻔﯾـذ أو ﻣـﻧﺢ ﯾـد اﻟﻣﺳــﺎﻋدة ﻣـن أﺟــل ﺗﻧﻔﯾـذ ﻗـرار أو ﺣﻛــم ﻧﻬـﺎﺋﻲ ﻟﻔﺎﺋــدة‬
‫ﻓرد ﺿد آﺧر ﯾﻌد ﺧرﻗﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ ﺗﺣﻣل اﻷﻋﺑـﺎء واﻟﺗﻛـﺎﻟﯾف اﻟﻌﺎﻣـﺔ ‪ ،‬وﯾرﺗـب ﻣﺳـؤوﻟﯾﺗﻬﺎ ﻋـن‬
‫ﺗﻌوﯾض اﻷﺿرار ﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣدﻋﻲ ﺻـﺎﺣب اﻟﺣﻛـم أو اﻟﻘـرار‪ ،‬وذﻟـك واﺿـﺢ ﻣـن ﺧـﻼل ﻗـرار ﻛوﺗﯾـﺎس‬
‫اﻟﯾوﻧــﺎﻧﻲ اﻷﺻــل اﻟــذي رﻓــﻊ دﻋــوى اﻟﺗﻌــوﯾض ﻋــن اﻷﺿ ـرار ﻟﻼﺣﻘــﺔ ﺑــﻪ ﺟ ـراء ﻋــدم ﺗﻣﻛﻧــﻪ ﻣــن ﺗﻧﻔﯾــذ‬
‫اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻟﻣﺻﻠﺣﺗﻪ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم ﻟﻘطﻌﺔ أرض اﻛﺗﺳﺑﻬﺎ ﻣن اﻟدوﻟﺔ " ‪.50‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ /‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺳﺑب اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬

‫ﻟﻘــد أﻗــر اﻟﻘﺿــﺎء اﻟﻔرﻧﺳــﻲ ﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻗواﻧﯾﻧﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻗـرار ﻟﻣﺟﻠــس اﻟدوﻟــﺔ ﺑﺗــﺎرﯾﺦ ‪ 14‬ﺟــﺎﻧﻔﻲ‬
‫‪ 1938‬ﺑﻣﻧﺎﺳــﺑﺔ ﻧﺿ ـرﻩ ﻓــﻲ ﻗﺿــﯾﺔ ﺷــرﻛﺎت ﻣﻧﺗﺟــﺎت اﻟﺣﻠﯾــب‪ ،‬واﻟﺗــﻲ ﺗــﺗﻠﺧص ﻓــﻲ ﺻــدور ﻗ ـرار ﺳــﻧﺔ‬
‫‪ϥΑѧϠ‬‬
‫‪ϟ΍‬‬
‫‪ϥѧϣϻ·Δѧϣϳέϛϟ΍‬‬ ‫‪ 1934‬ﺑﻬدف ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﻧﺗﺟﻲ اﻷﻟﺑـﺎن ‪ϧѧλ ϊѧϧϣϡΛϥϣϭˬ La fleurette‬‬
‫‪ΔϋΎ‬‬
‫‪ ، % 100ι ϟΎ‬وﻗــد أﺿــطر ﻫــذا اﻟﻘ ـﺎﻧون إﻟــﻰ وﻗــف إﻧﺗــﺎج ﻫــذﻩ اﻟﺷــرﻛﺔ ﻷﻧﻬــﺎ ﺗﻧــﺗﺞ ﻧوﻋــﺎ ﻣــن‬
‫‪ѧѧΧϟ΍‬‬
‫اﻟﻛرﯾﻣــﺔ ﺑﺧﻠــﯾط اﻟﻠــﯾن وزﯾــت اﻟزﯾﺗــون اﻟﺳــوداﻧﻲ وﺻــﻔﺎر اﻟﺑــﯾض وﺗﺣﻣﻠـت ﺟـراء ذﻟــك ﺧﺳــﺎﺋر ﺣﻘﯾﻘﯾــﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻣــﺎ رﻓــﻊ ﺻــﺎﺣب اﻟﺷ ــرﻛﺔ دﻋــوى اﻟﺗﻌــوﯾض ﺟـ ـراء ﻫــذا اﻟﻘــﺎﻧون ﻷن إﻧﺗﺎﺟ ــﻪ ﻻ ﯾﺷــﻛل ﺧط ـ ار ﻋﻠ ــﻰ‬
‫اﻟﺻــﺣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾــﺔ‪ ،‬أدى ﻹﻧﺻــﺎﻓﻪ وﺻــدور ﻗ ـرار ﯾﻣــﻧﺢ ﻟــﻪ اﻟﺗﻌــوﯾض ﻣــن اﻟدوﻟــﺔ ﺑﺳــﺑب ﻫــذا اﻟﻘــﺎﻧون‬
‫اﻟﻣﺟﺣف ﺑﺣﻘﻪ ‪.‬‬

‫اﻧﺗﻬﻰ ﺑﻌون اﷲ وﺑﺣﻣدﻩ‪.‬‬

‫‪ - 50‬ﻣﺑروﻛﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ـ ص ص ‪. 55-54‬‬


‫‪45‬‬

You might also like