Professional Documents
Culture Documents
نشكر اهلل على مجيع ما مّن علينا من نعمه العظيمة ،منها نعمة اإلميان واإلسالم وكذلك نعمة الصحة والعافية ،حيث كّنا هبذه
النعم نستطيع أن جنتمع يف هذا املكان املبارك ،يف هذه الفرصة الثمينة ،ويف هذه املناسبة امليمونة .
إن حب الوطن واإللتصاق به واإلحساس باإلنتماء إليه شعور قطري غريزي يعم الكائنات احلية ويستوي فيه اإلنسان
واحليوان ،فكما أن اإلنسان حيب وطنه ويألف العيش فيه ويشتاق إليه مىت بعد عنه ،فإن احليوانات هي أيضا تألف أماكن عيشها
ومقارها ،ومهما هاجرت عن أوطنها خالل بعض فصول العام ،هي ما تلبث أن تعود مشتاقة إليها
وألن حب اإلنسان لوطنه فط رة مزروع ة في ه فإنه ليس من الضروري أن يكون الوطن جنة مفعمة باجلمال الط بيعي ،
تتشابك فيها األشجار ومتتد على أرضها املساحات اخلضراء ،وتتفجر يف حدائقها ينابيع املاء ،كي حيبه أبناؤه ويتشبثوا به ،فقد
يكون الوطن جافا ،جرداء أرضه ،قاسيا مناخه ،تلهب أدميه أشعة الشمس احلارقة ،وتزكم األنوف هبات غباره املتصاعدة ،
وحترق الوجوه لفحات هجريه املتقدة ،وقد تكون أرضه عرضة للزالزل ،أو تكون ميدانا لألعاصري ،أو غري ذلك من السمات
اجلغرافية واملناخية اليت ينفر منها الناس عادة ،لكن الوطن ،رغم كل هذا ،يظل يف عيون أبنائه حبيبا وعزيزا وغاليا ،مهما قسا
وساء .
و لكل وطن اساسية يرج ع اليه ا اهله ا ولوطني ا املبادئ اخلمسة الىت تعلمنا طريقة احلي اة يف بقعة خيتل ف دين وش عبة
وجنسية اهلها و الىت تشرح معىن التسامح بني متدينني الذى يؤدي إىل األلفة و اإلحتاد كما نتصفح يف افتتاح القانون الوضعي سنة
الف تسع مائة مخسة اربعني :بذل النفوس و حراكة اإلستقالل يف اندونسيا قد وصل اىل السالمة و السعادة ,الىت توصل اهلها الىى
اإلستقالل و األلفة و اإلحتاد .فإذ تصفحنا التاريخ كيف كان األبطال حيرر هذه البلدة من سطرة مستعمرين,فحادثة عسرة نوفمبار
اعلى النمازيج الىت تصور جهدهم .صوت القنابل و الرصاص و صيح املسعمرين الينزل معنويتهم و مهتهم ويهجمون بشجاعتهم
كأهنم اسد تفرتس حىت متلئ هذه القعة بالدماء مما يدل على شدة حمبتهم هلذا البلد وما وظيفتنا األن ايها الشباب ؟؟ اال وهو حفظ
إن حب الوطن فط رة متأصلة يف النفوس ،جتعل اإلنسان يسرتيح إىل البقاء في ه ،ويتش بث العيش على أرضه ،وال
يفارقه رغبة عنه ،وحين إليه إذا غاب عنه ،ويدافع عنه إذا هوجم ( من مات دون أرضه فهو شهيد ) ويغضب له إذا انتقص ،
ولذلك ال ميكن أن يكرهه ،وإن أصابه فيه ما أصابه .
بال دي وإن جارت علي عزيزة #وأهلي وإن ضنوا علي كرام
وما أروع ما صّح عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه وقف خياطب مكة املكرمة مودعا هلا وهي وطنه الذي أخرج منه
( ما أطيبك من بلد ،ولوال أن قومي أخرجوين منك ما سكيت غريك )
وعلى ذلك جيب أن تتوجه كل وسائل الرتبية واإلعالم إىل تعميق جذور الوطنية يف القلوب بتحقيق :
تربي ة اإلنش ان على استش عار ما لل وطن من أفضال سابقة وال حقة علي ه ـ ـ ـ بعد فضل اهلل سبحانه وتعاىل ـ ـ منذ نعومة
أظفاره ،ومن مث تربيته على رد الدميل ،وجمازاة اإلحسان باإلحسان ( ،هل جزاء اإلحسان إال اإلحسان )
نش ر احملبة واملودة بني أبناء الوطن يف أي مكن منه ،واستش عار األخوة اإلنسانية اليت جتمع بني أفراد اجملتمع ،مع
اختالف الذين والل ون واجليس واللغ ة ،فاجلميع يعيش ون فوق تراب وطن واحد يش ربون من نيل ه ،واجلمي ع تظلل ه
مساؤه ،وهذا خيلق جوا من التألف والتأخي والتأزر بني أعضائه ،الذين ميثلون يف جمموعهم جسدا واحدا متماسكا يف
مواجهة الظروف املختلفة .
احملافظة على خريات الوطن اليت من حق اجلميع أن ينعم هبا ،وهذا يوجب علينا أال خنرب عامرا وأال حنرق شيئا ،وأن
يدرك من يفعل ذلك أنه يدمر نفسه ووحيرقها .
لعل من بني أشكال احلب األكثر قوة ونفادا حب الوطن والسقوط يف اسر عسقه الذي غاليا ما يرتجم عرب أفعال إجيابية
كاإلخالص يف العمل والتفاين يف خدمة مصاحله العليا والنضال من أجل ازدهاره عرب واجبة متعددة ،قد ختتلف خبتالف مواقعنا
ودرجة انتمائنا وسخاء عطائنا ،هبذا الشكل يكون اإلنتماء للوطن وجدانيا ،يسري يف عروقنا كي ميتزج مع دورة دمائنا وقد
يتجاوز هذا الشكل من اإلنتماء حدود الزمان واملكان ،حيث حنمل وطننا معنا أينما كنا ورحلنا وارحتلنا .
معاشر الحاضرين رحمكم اهلل
أكتفي هبذا ،وندعو اهلل سبحانه وتعاىل عس أن يدفع عنا الغالء والبالء والربا والزنا والزالزل واحملن ما ظهر منه وما
بطن عن بلدنا اندونسيا هذا خاصة وعن سائر بالد املسلمني ،ويوفقنا مجيعا إىل كل خري يف الدنيا والدين وجينبنا موارد الضاملني
حبرمة سيد األنبياء واملرسلني واحلمد هلل رب العاملني ،امني ،هذا والعفو منكم مث السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته .