You are on page 1of 237

‫محاضرات في مادة علم اإلجرام‬

‫الموسم الجامعي‬
‫‪2023-2024‬‬
‫لماذا يرتكب المجرم الجريمة؟‬
‫أول جريمة في تاريخ البشرية‬
‫أول جريمة قتل في تاريخ البشرية ورد التنصيص عليها في القرآن الكريم‪،‬‬
‫حيث قام قابيل ابن آدم عليه السالم بقتل أخيه هابيل‪.‬‬
‫ق ِإ ْذ قَ َّربَا قُ ْربَانًا فَتُقُ ِب َل ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬
‫علَ ْي ِه ْم نَبَأ َ ا ْبنَ ْي آ َد َم ِب َ‬
‫ال‬ ‫يقول هللا تعالى‪َ " :‬واتْ ُل َ‬
‫ين (‪)27‬‬ ‫َّللاُ ِم َن ْال ُمت َّ ِق َ‬ ‫أَ َح ِد ِه َما َولَ ْم يُتَقَب َّْل ِم َن ْاْلخ َِر قَا َل ََل َ ْقتُلَنَّ َك ۖ قَا َل ِإنَّ َما َيتَقَبَّ ُل َّ‬
‫ب‬‫َّللا َر َّ‬
‫َاف ََّ‬ ‫ي ِإلَي َْك َِل َ ْقتُلَ َك ِإ ِني أَخ ُ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ط‬
‫ٍ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫طت‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ئ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ار ۚ‬ ‫َّ‬
‫ََ ِ ِ‬‫ن‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫ح‬ ‫ص‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ون‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ء‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫)‬ ‫‪28‬‬ ‫(‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ع‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال‬
‫ص َب َح ِم َن‬ ‫سهُ قَتْ َل أَ ِخي ِه فَقَتَلَهُ فَأ ْ‬ ‫ت لَهُ نَ ْف ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ط َّو َ‬ ‫ين (‪ )29‬فَ َ‬ ‫الظا ِل ِم َ‬ ‫وذلك َجزَ ا ُء َّ‬
‫س ْو َءةَ‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ار‬ ‫و‬
‫َ َ َِ‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ْف‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ُِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫غ‬ ‫ُ‬ ‫َّللا‬‫َّ‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫)‬ ‫‪30‬‬ ‫(‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫َا‬‫خ‬ ‫ال‬‫ْ‬
‫س ْو َءةَ أ ِخي‬ ‫ي َ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ار‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫غ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ا‬ ‫هذ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ون‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ز‬ ‫ْ‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ۚ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫ين"‪.‬‬ ‫ص َب َح ِم َن النَّا ِد ِم َ‬ ‫َفأ َ ْ‬
‫سورة المائدة‬
‫‪-‬يهدف علم اإلجرام إلى دراسة الظاهرة اإلجرامية بهدف تفسير أسبابها وضبط‬
‫تمظهراتها‪،‬قصد الوقوف على أنجع أسلوب للوقاية منها‪،‬وعالج فاعلها كي ال‬
‫يعود إليها من جديد ‪.‬‬
‫‪-‬مكونات الظاهرة اإلجرامية هي الجريمة كحقيقة واقعية‪،‬وهي محصلة إلشباع‬
‫غريزة إنسانية بشكل شاذ‪ ،‬والمجرم الذي يهتم علم اإلجرام بدراسته من جميع‬
‫النواحي العضوية والنفسية واالجتماعية‪...‬‬
‫‪-‬إذا كانت الجريمة هي أساس البحث الذى تدور حول دراسة علم اإلجرام ‪،‬فإن‬
‫المجرم هو المحور الرئيسي لهذه الدراسة‪.‬‬
‫نشأة علم اإلجرام وتطوره‬

‫‪ -‬تفسير الفالسفة للجريمة‪.‬‬


‫‪ -‬ميالد علم اإلجرام‬
‫نشأة علم اإلجرام وتطوره‬
‫‪-‬عرفت البشرية الجريمة منذ القدم فالمجتمعات البدائية عرفت الجريمة واعتبرتها‬
‫عبارة عن مخالفة ألوامر تمليها قدرة مقدسة مجهولة يحترمها وينساق إليها‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬بدأت اإلرهاصات األولى لدراسة الجريمة والمجرم في عهد فالسفة اليونان‪،‬الذين‬
‫يرون أن األرواح الشريرة‪،‬هي التي تدفع المجرم إلى ارتكاب الجريمة و إغضاب‬
‫اآللهة‪.‬‬
‫‪ -‬بعض اآلراء أعزت الجريمة إلى لعنة اآللهة التي تالحق المجرم فتؤدي به إلى‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬ولذلك ذهبوا إلى أن الوسيلة الوحيدة لمعالجة المجرم‪ ،‬هي‬
‫تعذيبه حتى يتم طرد األرواح الشريرة من جسده‪.‬‬
‫نشأة مدارس فكر علم اإلجرام‬
‫‪-‬يرجع للومبروزو الفضل في وضع أسس الحركة العلمية في مجال الدراسات اإلجرامية ‪،‬‬
‫وتمثل نظريته حجر الزاوية لكافة المذاهب البيولوجية والتكوينية التي جاءت بعده‪ ،‬والمتعلقة‬
‫بتفسير السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬يرى لومبروزو أن اإلنسان المجرم‪ ،‬يحتفظ عن طريق الوراثة بالخصائص األنثروبولوجية‬
‫والبيولوجية المماثلة لإلنسان البدائي ‪ ،‬فتدفعه دفعا ً إلى سلوك سبيل الجريمة ‪ ،‬أي أن المجرم‬
‫مجبر على ارتكاب الجريمة ‪ ،‬فهو مجرم بالميالد‪.‬‬
‫أهمية المدرسة الوضعية في علم اإلجرام‬

‫‪-‬ساهم ظهور المدرسة الوضعية اإليطالية في النصف الثاني من القرن‬


‫التاسع عشر في تقدم الدراسات المتعلقة بعلم اإلجرام‪ ،‬وفي إعطاء هذه‬
‫الدراسات بعدا ً منهجيا جديدا من خالل استخدام رائدها لومبروزو للمنهج‬
‫التجريبي في دراسة الشخصية اإلجرامية‪.‬‬
‫‪-‬تمثل األبحاث التي قام بها لومبروزو بداية الدراسة العلمية للظاهرة‬
‫اإلجرامية بالمعنى الدقيق‪ ،‬حيث قام بدراسة بيولوجية لسلوك المجرم في‬
‫كتابه اإلنسان المجرم‪.‬‬
‫من هو لومبروزو؟‬ ‫‪-‬‬

‫بدأ لومبروزو حياته المهنية كطبيب في الجيش االيطالي ثم عين بعدها استاذا ً للطب الشرعي‬
‫‪-‬‬

‫والعقلي في جامعة بافيا ثم في جامعة تورينو‪،‬و بحكم امتالكه للروح التأملية وعمله في الجيش‬
‫ومراقبته للسلوك االجرامي‪،‬فقد وضع خالصة أبحاثه العلمية في مؤلفه الشهير (االنسان المجرم)‪.‬‬
‫‪-‬الحظ لومبروزو ان الجنود المنحرفين يتميزون بعدة مميزات جسدية لم تكن موجودة في الجنود‬
‫االسوياء‪ ،‬حيث لمح انهم (أي الجنود المنحرفين) يميلون الى الوشم والرسوم الغريبة على‬
‫أجسادهم‪.‬‬
‫‪-‬تبين له بعد تشريحه لجثث عدد من المجرمين الذين ارتكبوا جرائم تتسم بالعنف والقسوة وجود‬
‫عيوب خلقية في تكوينهم الجسماني وشذوذ في الجمجمة‪.‬‬
‫‪-‬قام لومبروزو بتشريح حوالي ‪ 383‬جمجمة لمجرمين متوفين كما فحص حوالي ‪ 5907‬من‬
‫المجرمين االحياء‪ ،‬ومن ابرز الحاالت التي درسها حالة لص وقاطع طريق خطر يدعى فيليال‪،‬‬
‫حيث فحصه اثناء حياته وشرح جثته بعد وفاته‪ .‬وقد وجد تجويفا ً في جمجمته يشبه بعض‬
‫الحيوانات كالقردة‪ ،‬كما توصل الى نتائج مشابهة عند دراسته حالة مجرم خطر اخر يدعى فرسيني‬
‫الذي اعترف بقتل عشرين امرأة بطريقة وحشية وشرب دمائهن‪ ،‬حيث تبين له اتصاف هذا المجرم‬
‫ببعض الخصائص الجثمانية والتشريحية‪.‬‬
‫صفات المجرمين حسب لومبروزو‬
‫الصفات الجسدية للمجرمين‪:‬‬
‫طول أو قصر غير اعتيادي‪ ،‬أكتاف منحدرة مع صدر واسع‪ ،‬أذرع طويلة‪ ،‬رأس صغير ووجه‬
‫كبير‪.‬‬
‫‪ -‬جبهة صغيرة ومنحدرة‪ -‬خط شعر متراجع‪ -‬بثور في الجبهة والوجه ‪ -‬وجه عميق التجاويف‪.‬‬
‫‪ -‬آذان كبيرة ‪-‬ضربات في مؤخرة الرأس وحول األذن‪ -‬عظام جبهة عالية ‪ -‬حواجب غزيرة تميل‬
‫لاللتقاء فوق األنف‪-‬عيون غائرة‪ -‬أنف شبيه بالمنقار أو أنف مسطح ‪ -‬خط فك حاد‪ -‬شفاه‬
‫ممتلئة مع كون الشفة العليا أنحف ‪ -‬أسنان قواطع كبيرة‪ ،‬وأسنان غير اعتيادية ‪ -‬ذقن صغير أو‬
‫نحيف‪ -‬أصابع مستدقة‪.‬‬
‫الصفات النفسية واألخالقية للمجرمين‪:‬‬
‫ضعف اإلحساس باأللم‪ ،‬قساوة القلب‪ ،‬الغرور‪ ،‬فقدان الشعور بالخجل‪ ،‬تخلف الشعور بالشفقة‪،‬‬
‫وشم الجسم بالرسومات الغريبة األطوار والالأخالقية والمنحطة‪.‬‬
‫فيري وجاروفالو‬
‫فيري‪:‬‬
‫‪-‬يعتبر فيري تلميذا للومبروزو ‪،‬غير أنه يرى أن الجريمة ذات مصدر مركب‪،‬بيولوجي واجتماعي وطبيعي‪،‬وهذا المصدر يتراوح من حيث وسائله‬
‫وقوته بحسب الظروف بين األشخاص واألشياء واألزمنة واألمكنة‪.‬‬

‫‪-‬يعتبر فيري مؤسس الجناح البيولوجي االجتماعي للمدرسة اإليطالية‪/‬كما أسس علم االجتماع الجنائي وقد ابتدع أيضا ما يعرف بقانون التشبع‬
‫االجرامي أو الكثافة اإلجرامية‪.‬‬

‫تحديد المفاهيم‬
‫‪-‬علم االجتماع الجنائي هو العلم الذي يسعى لفهم أسباب السلوك المنحرف‪ ،‬بهدف فهم وعزل تفاعل العوامل المختلفة التي تدفع ببعض الناس‬
‫القتراف بعض األفعال اإلجرامية‪ ،‬ويهدف هذا العلم إلى عالج الجاني وتقليل حدوث الجرائم‪.‬‬

‫وضع فيري أُسسا ً للجريمة والسلوك اإلجرامي بمعادلة تشبه المعادلة الكيميائية أطلق عليها قانون‬ ‫‪-‬التشبع اإلجرامي أو الكثافة اإلجرامية‬
‫التشبع اإلجرامي أو الكثافة اإلجرامية‪.‬‬
‫‪-‬مقتضى هذا القانون أنه إذا تضافرت مجموعة من العوامل االجتماعية المختلفة (اجتماعية‪،‬اقتصادية‪،‬سياسية‪ ،)..‬فالبد أن تقع الجريمة بكثافة أو‬
‫نسبة معينة هي نسبة تشبع المجتمع بالجريمة‪ ،‬وهذه النسبة ال تزيد وال تقل ما لم يحدث تغيير أو تغير في تلك العوامل‪.‬‬
‫‪-‬كل حدث غير طبيعي كثورة‪،‬أو حرب‪ .‬يؤدي إلى اطراد سريع في معدل اإلجرام‪،‬وسرعان ما يعود المعدل إلى حالته السابقة بعد زوال هذا الحدث‪.‬‬
‫تفسير فيري للجريمة‪:‬‬

‫تعتبر نظرية انريكو فيري في تحليل السلوك اإلجرامي نموذجا لالتجاه التكاملي الذي يفسر الجريمة‪،‬إذ فسرها بناء‬
‫على عوامل متعددة فردية وطبيعية واجتماعية‪.‬‬
‫‪-1‬عوامل طبيعية‪ :‬مثل الموقع لجغرافي والمناخ واألحول الجوية‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫‪ -2‬عوامل فردية‪ :‬مثل السن والجنس والخصائص العضوية والعوامل الموروثة‪.‬‬
‫‪ -3‬عوامل اجتماعية‪ :‬مثل كثافة السكان والعادات والتقاليد والتنظيم السياسي والظروف االقتصادية وغيرها‪.‬‬
‫‪-‬يري فيري أن العوامل البيولوجية ال تنتج أثرها إال إذا صادفت بيئة اجتماعية معينة‪،‬وبغير هذه البيئة تظل العوامل‬
‫الفردية غير منتجة‪.‬‬
‫المنهج الذي اعتمده فيري وتصنيفه للمجرمين‬
‫التزم فيري في بحوثه ودراساته بالمنهج التجريبي الذي سلكه لومبروزو واختار عيّنة تتكون‬
‫من أشخاص مجانين و"سجناء وجنود‪ ،‬وقد راعى في اختيارهم أن يكونوا من األماكن ذاتها‬
‫التي ينتمي إليها المجرمون‪ ،‬ومن نفس المستوى االجتماعي‪.‬‬
‫‪-‬صنف فيري المجرمين الى خمس أصناف وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬المجرم بالوالدة أو بالغريزة ‪ :‬وهو المجرم الذي ال يستطيع مقاومة غريزته وما ينتج عن‬
‫ذلك من دوافع إجرامية ورثها منذ الوالدة‪.‬‬
‫‪ -2‬المجرم المجنون‪ :‬وهو المجرم الذي يرتكب األفعال اإلجرامية المخالفة لقواعد المجتمع‬
‫وقوانينه نتيجة لتخلفه أو لمرضه العقلي‪.‬‬
‫‪ -3‬المجرم بالصدفة ‪ :‬وهو المجرم الذي يرتكب فعله اإلجرامي نتيجة لظروف عائلية‬
‫وبيئية‪ -‬اجتماعية وثقافية‪ -‬أكثر من كونه ناتجاً عن عوامل شخصية أو نفسية متوارثة‪.‬‬
‫‪ -4‬المجرم العاطفي ‪ :‬وهو المجرم الذي يرتكب جرائمه نتيجة لعدم تمكنه من السيطرة على‬
‫نوازعه وانفعاالته‪.‬‬
‫‪-5‬المجرم المعتاد‪:‬وهو المجرم الذي تكونت لديه العادة على ارتكاب األفعال المخالفة للقانون‬
‫والعادات والتقاليد االجتماعية‪.‬‬
‫‪-‬توصل فيري من خالل أبحاثه إلى أن المسؤولية الجنائية تقوم على أساس من التضامن‬
‫االجتماعي الذي يفرض على المجتمع مسؤولية الدفاع عن نفسه من خالل تدابير وقائية‬
‫أكثر منها عقابية ‪.‬‬
‫كاروفالو‪:‬‬
‫كاروفالو هو قاضي وخبير قانوني في علم الجريمة‪ ،‬كرس حياته لدراسة‬
‫القوانين وتطوير النظرية الوضعية لعلم اإلجرام ويعتبر من مؤسسي‬
‫المدرسة الوضعية‪،‬وتميز بتفرقته بين الجرائم الطبيعية والمصطنعة‪.‬‬
‫‪-‬ارجع الجريمة إلى االنحطاطية األخالقية للمجرم‪،‬ويعتقد بأن العوامل‬
‫الطبيعية واالجتماعية تأتي في المرتبة الثانية‪،‬الن تأثيرها ال يمس‬
‫الجوهر‪.‬‬
‫لم يتفق كاروفالو مع لومبروزو حينما فسر الظاهرة اإلجرامية‪ ،‬باالرتداد‬
‫الوراثي واالنحطاط المرضي‪،‬ولم يتفق مع فيري حول الطبيعة المركبة‬
‫للجريمة‪.‬‬
‫يرى كاروفالو أن الجريمة ترجع إلى ما سماه باالنحطاطية األخالقية‪،‬أي‬
‫تقهقر الصفات األخالقية التي اكتسبها اإلنسان بحكم التطور والعودة به‬
‫إلى مستوى أدنى من المستوى العادي للبشر‪.‬‬
‫‪-‬قسم كاروفالو المجرمين الى اربع طوائف هي ‪ :‬المجرم القاتل والمجرم‬
‫بالعنف واللص والمجرم الشهواني‪.‬‬
‫تعريف علم اإلجرام‪-‬خصائص الجريمة‪-‬‬
‫الترتيب الزمني للظاهرة اإلجرامية‪-‬‬
‫أهمية دراسة علم اإلجرام‪-‬عالقة علم‬
‫اإلجرام ببعض العلوم األخرى‬
‫تعريف علم اإلجرام‬

‫تعريف علم اإلجرام‬


‫‪-‬علم االجرام هو العلم الذي يعنى بالدراسة العلمية للظاهرة االجرامية والبحث عن أسباب‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬عرف د رمسيس بهنام علم االجرام بأنه العلم الذي يدرس الجريمة كحقيقة واقعية توصال‬
‫إلى أسبابها وبواعثها عضوية كانت أو بيئية بغية الوقوف على أنجع أسلوب للوقاية منها‬
‫وفي عالج فاعلها كي ال يعود إليها من جديد‪.‬‬
‫‪-‬وعرف د عبد المنعم العوضي علم اإلجرام بأنه العلم الذي يهدف إلى الوقوف على أسباب‬
‫الظاهرة اإلجرامية تمهيدا لعالجها‪.‬‬
‫أ‬
‫استنتاج‬
‫‪-‬تربط هذه التعاريف بين الجريمة واسبابها ودوافعها ولم تركز على طبيعة‬
‫الفعل (أي هل الفعل منظور إليه كحقيقة قانونية(التحديد القانوني‬
‫للجريمة) أم كحقيقة واقعية(المفهوم االجتماعي للجريمة)‪ ،‬ويعزى ذلك ألن‬
‫الفقهاء اهتموا بتحديد العلم دون التساؤل عن طبيعة األفعال التي تدخل‬
‫في نطاقه‪.‬‬
‫‪-‬التحديد القانوني لألفعال المضرة يسهل عملية التفرقة بين األفعال‬
‫اإلجرامية وغيرها بخالف المفهوم االجتماعي الذي يوسع من نطاقها‬
‫فيشمل كل األفعال التي تحدث اضطرابا اجتماعيا ويعتبرها أفعاال إجرامية‪.‬‬
‫‪-‬تأرجح تعريف الجريمة ما بين المفهوم القانوني واالجتماعي‪ ،‬والعتبارات‬
‫عملية يؤخذ بالمفهوم القانوني الذي يساعد على تحديد الجريمة‪ ،‬لذلك‬
‫فعلم اإلجرام يعتمد لدراسة الجريمة على التحديد الذي يعطيه القانوني‬
‫ألنه ال يهتم بكل االنحرافات االجتماعية‪ ،‬بل فقط تلك التي ينص ويعاقب‬
‫عليها القانون الجنائي‪.‬‬
‫خصائص الجريمة‪/‬الجريمة ظاهرة اجتماعية وكونية‬
‫مالزمة للمجتمع ومستقرة فيه‬

‫‪-‬الجريمة ظاهرة اجتماعية‪ ،‬وهي مالزمة للمجتمع‪ ،‬وتقتضيها ضرورة الحياة المشتركة بين‬
‫األفراد‪.‬‬
‫‪-‬عاصرت الجريمة جميع المجتمعات اإلنسانية قديماً وحديثاً‪ ،‬فهي مرتبطة بالتجمعات اإلنسانية‪،‬‬
‫فأينما وجدت توجد الجريمة‪.‬‬
‫استنتاج‪-:‬الجريمة تالزم المجتمع البشري وهي ظاهرة اجتماعية وكونية تستقر في المجتمع‪.‬‬

‫مالزمة الجريمة للمجتمع‬


‫‪-‬توصل علماء اإلجرام إلى أن الجريمة الزمت اإلنسان منذ القدم ‪،‬ويذهب إميل دوركايم(فيلسوف‬
‫وعالم اجتماع فرنسي وأحد مؤسسي علم االجتماع الحديث) إلى أن الجريمة ظاهرة طبيعية‬
‫سوية تسود في كل المجتمعات‪ ،‬ويعلل ذلك بأن التنظيم االجتماعي وتفاعل العوامل الحية فيه‬
‫يحتم وجودها‪.‬‬
‫‪-‬ذهب العالم اإليطالي فيري الى أن الجريمة مالزمة للمجتمع واعتبر ظاهرة االجرام وليدة‬
‫العوامل والعناصر الطبيعية التي تقوم عليها الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫كونية الجريمة واستقرارها في المجتمع‬

‫‪-‬دفع استقرار الجريمة في المجتمع المهتمين الى الجزم بأن الجريمة‬


‫ليست ظاهرة اجتماعية فقط ‪،‬بل هي ظاهرة كونية تالزم المجتمع البشري‬
‫بصفة دائمة‪ ،‬وبغض النظر عن درجة تطور المجتمع والزمان والمكان‪.‬‬
‫‪-‬إثبات كونية الجريمة يقتضي التعرف على األوقات الثالثة للجريمة ثم رصد‬
‫تداخل هذه األوقات‪.‬‬
‫الترتيب الزمني للظاهرة‬
‫اإلجرامية‬
‫المرحلة األولى‪ :‬وضع القواعد الجنائية‬
‫‪-‬يتجلى ذلك في صياغة نمط اجتماعي من طرف الجماعة تفرضه على أفرادها حيث تضع‬
‫قواعد زجرية لمواجهة كل من يخالف هذا النمط االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬وضع القواعد القانونية يتبعه خرق وخروج على ما يتضمنه من أوامر ونواهي فالمنع أو‬
‫التحريم يدفع الى االصطدام بمضمون القواعد الجنائية‪ ،‬وبالتالي الى مخالفتها وعدم احترامها‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬خرق القواعد القانونية‬


‫‪-‬قد يؤثر عنصر الزجر الذي ينبني عليه القانون الجنائي على إرادة اإلنسان ويقضي على حرية‬
‫اختياره‪ ،‬ويولد لديه إحساس بعدم التضامن االجتماعي‪ ،‬فيستخف بالقواعد الزجرية ويرتكب‬
‫الجريمة دون اكتراث للعقوبة المقررة كرد فعل اجتماعي‪.‬‬
‫رد الفعل االجتماعي‬
‫‪-‬يترتب على خرق القواعد االجتماعية حدوث اضطراب اجتماعي فيتدخل‬
‫المجتمع للدفاع عن نفسه‪ ،‬وذلك بفرض السلوك االجتماعي الذي ارتضاه وتوقيع‬
‫عقوبات زجرية على كل من يخالف السلوك االجتماعي وال يحترمه‪.‬‬

‫‪-‬تخصيص عقوبة لكل مخالف يعبر عنه برد الفعل االجتماعي الزجري مقابل السلوك‬
‫اإلجرامي‪.‬‬

‫‪-‬تبرر رد الفعل االجتماعي ضرورة الحفاظ على التضامن االجتماعي وتماسكه حول‬
‫قواعد سلوك تضمن الحد األدنى للحفاظ على هذا السلوك‪ ،‬وبالتالي الحفاظ على‬
‫الطمأنينة واالستقرار في المجتمع‪.‬‬
‫ترابط وتداخل األوقات‬

‫‪-‬ال يمكن استيعاب األوقات الثالثة للجريمة منفردة‪ ،‬بل تكون كل واحدة‬
‫حلقة وتعمل كل واحدة على خلق األخرى‪.‬‬
‫‪-‬ال يمكن تصور جريمة في غياب فرض قاعدة سلوكية قابلة لالنتهاك‬
‫ومعاقب عليها‪،‬وال يكون لرد الفعل االجتماعي وجود في غياب الجريمة‬
‫والمجرم‪.‬‬
‫‪-‬ترابط هذه المراحل أمر ضروري في كل مجتمع‪ ،‬لذلك أصبحت الجريمة‬
‫ظاهرة كونية متداخلة ومرتبطة بمرحلة وضع القواعد القانونية وناتجة عن‬
‫رد الفعل االجتماعي ألنها انتهاك لهذه القواعد‪.‬‬
‫أهمية علم اإلجرام‬
‫‪-‬على المستوى التشريعي‬
‫‪-‬على المستوى القضائي‬
‫‪-‬على مستوى تنفيذ العقوبة‬
‫أهمية دراسة علم اإلجرام‬
‫على المستوى التشريعي‪:‬‬
‫تفيد أبحاث علم اإلجرام المشرع في المساهمة في مكافحة الظاهرة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬استنادا لما تقدمه أبحاثه من دراسات حول تصنيف المجرمين‬
‫إلى طوائف مختلفة‪ ،‬من خالل دراسة متكاملة لشخصية المجرم‪ ،‬وتحديد‬
‫العقوبة المناسبة له‪ ،‬واألسلوب المالئم له من ناحية المعاملة العقابية‪.‬‬
‫أهمية علم اإلجرام من الناحية القضائية‬
‫تمكن الدراسات التي تتم في نطاق علم اإلجرام القاضي الجنائي من اختيار العقوبة أو‬ ‫‪-‬‬

‫التدبير المالئم لكل متهم‪ ،‬وذلك في ضوء استعماله لسلطته التقديرية‪.‬‬


‫‪-‬يفيد ذلك القاضي في التعرف على شخصية المجرم ‪،‬ومعرفة مدى خطورته اإلجرامية على‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬تساعد الدراسات في مكافحة اإلجرام في المجتمع من خالل تطبيق الحد األدنى أو األقصى‬
‫للعقوبة‪ ،‬أو توقيع تدبير احترازي بدال من العقوبة الجنائية‪ ،‬أو اللجوء لنظام وقف التنفيذ‬
‫إذا كانت ظروف المتهم تقتضي ذلك‪.‬‬
‫أهمية علم اإلجرام من ناحية التنفيذ العقابي‬

‫‪-‬تمكن الدراسات الحديثة في علم اإلجرام السلطات القائمة على تنفيذ‬


‫العقوبة من اختيار أنسب وسائل للمعاملة العقابية للمحكوم عليه‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫من خالل تصنيف المجرمين من حيث السن والجنس والخطورة اإلجرامية‪،‬‬
‫ومن حيث اختيار نوع العمل داخل المؤسسة العقابية بالكيفية التي تساعد‬
‫على تأهيل المحكوم عليه‪ ،‬وإعادة إدماجه داخل المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬يتم اختيار أسلوب المعاملة العقابية كذلك من خالل الفحص البدني‬
‫والنفسي والعقلي واالجتماعي للمحكوم عليه‪ ،‬فهذا الفحص يساعد على‬
‫معرفة العوامل التي أدت إلى ارتكاب الجريمة و يفيد ذلك في معالجتها‬
‫والقضاء عليها‪.‬‬
‫عالقة علم اإلجرام بالعلوم األخرى‬
‫‪-‬عالقة علم اإلجرام بالقانون الجنائي‬
‫‪-‬عالقة علم اإلجرام بالسياسة الجنائية‬
‫‪-‬عالقة علم اإلجرام بعلم الضحية‬
‫‪-‬عالقة علم اإلجرام بعلم العقاب‬
‫‪-‬عالقة علم اإلجرام بعلم األدلة الجنائية‬
‫عالقة علم اإلجرام ببعض العلوم األخرى‬
‫تطرح صعوبات أمام وضع حدود لعلم اإلجرام نظرا لوجود ارتباط واضح وعالقة‬
‫وثيقة بين فروع العلوم الجنائية المختلفة‪ ،‬فهي جميعا ً تدور حول فكرة الجريمة‬
‫وتهتم بدراستها‪.‬‬
‫عالقة علم اإلجرام بالقانون الجنائي‬
‫‪-‬شكلت مسألة التمييز ما بين علم اإلجرام والقانون الجنائي الجدل التقليدي الذي‬
‫طفى على السطح منذ ظهور علم اإلجرام ومازال الجدل قائما وإن خفت حدته‪.‬‬
‫‪ -‬يضع القانون الجنائي قواعد لحماية أفراد المجتمع ويساعده علم االجرام بواسطة‬
‫الدراسات التي يقوم بها علماء االجرام حول أسباب االجرام وشخصية المجرم‪.‬‬
‫أوجه الشبه‬
‫‪-‬الجرائم التي ينص ويعاقب عليها القانون الجنائي هي نفسها التي يعتبرها علم‬
‫االجرام أفعال شاذة‪.‬‬
‫‪-‬يهدف كل من القانون الجنائي وعلم االجرام الى حماية الفرد والمجتمع ومكافحة‬
‫الجريمة عن طريق العقاب(القانون الجنائي)‪،‬او الوقاية والعالج وفقا لفلسفة علم‬
‫االجرام‪.‬‬
‫أوجه االختالف‬

‫يختلف علم االجرام عن القانون الجنائي من حيث الموضوع فموضوع علم االجرام‬

‫هو البحث عن أسباب الجريمة ودراسة السلوك االجرامي من خالل دراسة‬

‫المجرم دراسة بيولوجية وعقلية ونفسية واجتماعية بهدف الوصول إلى قوانين‬

‫علمية تفسر الجريمة وتساعد على ضبط الظاهرة اإلجرامية والتحكم فيها ‪ ،‬أما‬

‫موضوع القانون الجنائي فهو تحديد األفعال التي تعتبر جريمة وتحديد العقوبات‬

‫المخصصة لها بمعنى التجريم والعقاب‪.‬‬


‫الخالصة‬

‫رغم استقالل علم اإلجرام عن القانون الجنائي من حيث الموضوع وأسلوب دراسة الظاهرة اإلجرامية فإن‬ ‫‪--‬‬

‫الصلة بينهما وثيقة ويؤثر كل فرع في اآلخر‪ ،‬فالقانون الجنائي هو المصدر األساسي لعلم اإلجرام من خالل‬

‫تحديده للمفهوم القانوني للجريمة‪.‬‬

‫‪-‬في المقابل فانه وإبان سن التشريع الجنائي أو تعديله أو إلغائه يتم الرجوع إلى دراسات علم اإلجرام‬

‫ونظرياته للتعرف على الحقيقة الواقعية للسلوك الجرمي إلى جانب الحقيقة القانونية‪ ،‬وذلك تمهيداً إليجاد‬

‫عالج جذري للسلوك الجرمي من خالل التعرف على أسبابه وأنجع الطرق لعالجه‪.‬‬

‫‪-‬يجد القاضي الزجري صعوبة في الحكم على الجاني دون معرفة حالته العضوية والنفسية والعقلية وظروفه‬

‫االجتماعية واالقتصادية ودوافعه التي أدت إلى االنحراف وهو يستعين في ذلك بقوانين علم اإلجرام ونظرياته‪.‬‬

‫‪-‬تبنى المشرع مبدأ تفريد العقاب بمناسبة اهتمامه بشخصية المجرم الذي يعد أهم نتائج دراسات علماء‬

‫االجرام‪ ،‬حيث إن العقوبة يجب أن تناسب في حجمها وطبيعتها ومقدارها شخصية الجاني‪.‬‬
‫علم اإلجرام والسياسة الجنائية‬
‫‪-‬يقصد بالسياسة الجنائية مجموع الوسائل التي يستخدمها‬
‫المشرع أو التي يجب عليه استخدامها‪ ،‬والتي من شأنها أن تؤدي‬
‫إلي مكافحة الظاهرة اإلجرامية في المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬موضوع السياسة الجنائية هو الكشف عن صور السلوك‬
‫المناهضة للمجتمع في بلد معين وفي مرحلة تاريخية معينة‪،‬‬
‫وتنظيم رد الفعل االجتماعي تجاه الجريمة‪ ،‬والبحث في العقوبات‬
‫والتدابير وإجراءات الخصومة الجنائية الكفيلة بمواجهتها‪.‬‬
‫‪-‬رغم اختالف علم السياسة الجنائية عن علم اإلجرام من حيث‬
‫الموضوع الذي تهتم دراسات كل منهما بمعالجته‪ ،‬إال أن أبحاث‬
‫علم اإلجرام تعين السياسة الجنائية على رسم وضبط اإلطار‬
‫العام لسياسة التجريم والعقاب‪.‬‬
‫تتمة عالقة علم االجرام بالسياسة الجنائية‬

‫‪-‬تلتقي السياسة الجنائية مع علم اإلجرام في أن كال منهما يهتم بمعرفة أسباب الجريمة‪ ،‬ولكن علم‬

‫اإلجرام هو علم وصفي تفسيري يدرس ظاهرة الجريمة لبيان صورها وخصائصها والبحث عن أسبابها‪ ،‬أما‬

‫السياسة الجنائية فهي علم معياري يدرس الظاهرة الجرمية لوضع تنظيم قانوني لها‪.‬‬

‫‪-‬رغم استقالل السياسة الجنائية عن علم اإلجرام فإن النتائج التي يتوصل إليها علماء اإلجرام تلعب دوراً‬

‫أساسياً في رسم سياسة التجريم والعقاب والوقاية من الجريمة‪.‬‬


‫العالقة بين علم اإلجرام وعلم الضحية‬
‫تحديد طبيعة العالقة بين المجرم والضحية‬
‫علم الضحية هو مفهوم جديد ظهر بعد الحرب العالمية الثانية‪،‬‬
‫وهو علم مستقل يهتم بدراسة العالقة التفاعلية بين الجاني‬
‫والضحية قبل‪،‬أثناء وبعد ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫تحديد المفاهيم‬

‫تمييز الضحية عن المفاهيم المشابهة لها‬


‫تحديد المفاهيم‬
‫يقصد بالضحية في المعاجم اللغوية ما يبذل أو يضحى به في سبيل غاية معينة‪ ،‬واألضحية ما يذبح في أيام‬
‫النحر بنية التقرب إلى هللا عز وجل‪.‬‬
‫‪-‬تطور المفهوم مع تقدم الزمن وأصبح يشمل كل شخص لحقه ضرر‪ ،‬أيا كان نوعه سواء أكان جسمانيا أو‬
‫أدبيا أو ماليا‪ ،‬وبذلك ارتبطت كلمة الضحية بالضرر والخسارة التي تصيب الشخص بصرف النظر عن‬
‫مصدر هذا الضرر‪ ،‬وبعد ذلك تم استخدام المصطلح ليشمل كل المظاهر المختلفة للضرر كضحايا الحرب‬
‫وضحايا الحوادث‪ ،‬وضحايا الفيضانات والزالزل‪.‬‬
‫اصطالحا يطلق مصطلح ضحية الجريمة على كل من وقع عليه الفعل المجرم قانونا أو أصابه الضرر‪.‬‬
‫يشمل مصطلح ضحية الجريمة كل من المجني عليه والمتضرر من الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬يقصد بالمجني عليه من قصده الجاني باعتدائه‪ ،‬وأما المتضرر من الجريمة فقد يكون احد ورثة المجني‬
‫عليه‪ ،‬كما لو تسببت الجريمة في وفاة معيل األسرة ‪.‬‬
‫الخالصة‬
‫مصطلح ضحية الجريمة يطلق على "كل من وقع عليه الفعل المجرم قانونا أو‬
‫أصابه الضرر" ‪ ،‬وبالتالي فمصطلح ضحية الجريمة يشمل كل من المجني عليه‬
‫والمتضرر من الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬يقصد بالمجني عليه من قصده الجاني باعتدائه وأما المتضرر من الجريمة‬
‫فقد يكون أحد ورثة المجني عليه ‪ ،‬كما لو تسببت الجريمة في وفاة المعيل‬
‫المباشر لورثته أو أصابته بعاهة تقعده عن العمل‪.‬‬
‫المتضرر من الجريمة‬
‫‪-‬المجني عليه في جريمة القتل هو من أزهقت روحه ويسمى كذلك ضحية‪ ،‬أما المتضرر(أو‬
‫المضرور وهو الشخص الذي لحق به الضرر)‪ ،‬فهو من كان يعوله المجني عليه‪ ،‬فالمناط في‬
‫صفة المجني عليه‪ ،‬هو كونه صاحب الحق المشمول بحماية القاعدة الجنائية‪ ،‬والمناط في‬
‫صفة المتضرر هو الضرر الذي أصابه‪.‬‬
‫قضت محكمة النقض المصرية بأنه ليس في القانون ما يمنع من أن يكون المضرور من‬
‫الجريمة أي شخص ولو كان غير المجني عليه ما دام قد أثبت قيام الضرر‪ ،‬وكان ناتجا عن‬
‫الجريمة‪ ،‬فالمناط في صفة المدعي ليس وقوع الجريمة عليه وانما هو إلحاق الضرر‬
‫الشخصي به بسبب وقوع الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬استقرت أحكام محكمة النقض الفرنسية على اشتراط حدوث الضرر بالشخص حتى يكو ن‬
‫متضررا من الجريمة‪.‬‬
‫أصناف الضحايا‬
‫تصنف الدراسات الضحايا إلى عدة أصناف من بينها الدور الذي يلعبونه في مسرح الجريمة أو حيثياتها أو‬
‫على أساس عالقة الضحية بالجاني‪ :‬أهم تقسيم هو الذي اقترحه شافر حيث قسم الضحايا إلى اآلتي‪:‬‬
‫ضحايا ال عالقة لهم بالجاني‪ :‬ال يكون للضحية أي دور أو ذنب في وقوع الجرائم ضدها‪.‬‬
‫الضحية المتحدية ‪ :‬و هي التي تتسبب في وقوع السلوك اإلجرامي عليها بسبب ما سببته للجاني من ألم و‬
‫خسارة كأن تقوم باستفزاز الجاني فيقوم باالعتداء عليها انتقاما مما قامت بداية‪.‬‬
‫الضحية الحاثة‪ :‬التي تستفز الجاني من خالل بعض التصرفات ‪ ،‬فهي تستثير الحاسة اإلجرامية فيقوم‬
‫باالعتداء عليها ‪،‬مثال ثري مسن يسير ليال في مكان مظلم ويخلو من المارة ويحمل معه أشياء ثمينة‪،‬هذا‬
‫الموقف قد يجعله عرضة لجريمة السرقة‪.‬‬
‫الضحية الضعيفة بيولوجيا‪ :‬وهي التي تتسم بضعف في البنية يعزى لإلعاقة أو المرض مما يشجع الجاني‬
‫على االعتداء عليها بسبب ضعف قدرتها على الدفاع عن النفس و على المقاومة‪.‬‬
‫الضحية الضعيفة اجتماعيا‪ :‬هي فئة تتسم بالضعف االجتماعي لسبب من األسباب‪ ،‬كالمهاجرين ‪ ،‬األقليات‬
‫اإلثنية‪...‬‬
‫ضحية تجني على نفسها‪ :‬يندرج ضمن هذه الفئة مدمني المشروبات الكحولية و المخدرات‬
‫الذين يقومون بتدمير أنفسهم‪.‬‬

‫الضحايا السياسيون ‪:‬وهم الذين تعرضوا لالعتداء عليهم من قبل السلطات الحاكمة في وقت من األوقات‬
‫بسبب ميولهم السياسي ‪ ،‬األمر الذي يؤثر عليهم ويدفعهم إلى االعتداء على خصومهم عندما تسنح لهم‬
‫الفرصة بذلك بعد تقلد الحكم‪.‬‬
‫عالقة المجرم بالضحية‬

‫‪ --‬يرى علماء اإلجرام أن الجريمة تقع كمحصلة لعملية تفكير قد تطول وقد تقصر في ذهن‬
‫الجاني وهي نتاج تصارع قوتان لدى الجاني ‪،‬قوة الدافع إلى ارتكاب الجريمة وقوة المانع‬
‫منها‪.‬‬
‫‪-‬تقع الجريمة إذا تغلبت القوة الدافعة على القوة المانعة‪.‬‬
‫يذهب علماء اإلجرام إلى أن الضحية تقوم ببعض التصرفات‪،‬فتقل القوة المانعة في نفس‬
‫الجاني‪ ،‬ويقدم على ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬تصرفات الضحية تتيح الفرصة لتغلب الدافع على ارتكاب الجريمة فيستقر عزم الجاني على‬
‫ارتكابها ويصمم على تنفيذها‪.‬‬
‫عالقة علم اإلجرام بعلم الضحية‬
‫‪-‬يهتم علم الضحية بدراسة المجني عليه دراسة علمية‪ ،‬وبيان دوره في الظاهرة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬ففهم سلوك الجاني ودوافعه إلى الجريمة وتحديد مدى خطورته‬
‫اإلجرامية لن يتأتى إال بمعرفة مدى عالقته بالمجني عليه‪ ،‬وبيان دور هذا األخير‬
‫في خلق فكرة الجريمة أو تسهيلها أو التشجيع عليها‪.‬‬
‫‪-‬تكمن أهمية علم الضحية في كونه وبدراسته المتكاملة للمجني عليه‪ ،‬تكتمل‬
‫الدراسة العلمية للظاهرة اإلجرامية‪ ،‬باعتبار أن الضحية هو أحد أطرافها‪ ،‬وهذا‬
‫يؤدي إلى فهم أعمق وأشمل لظروف نشأة الجريمة وأسباب وقوعها‪ ،‬وخاصة ما‬
‫يتعلق منها بالضحية ‪ ،‬مما يساعد على تحديد مدى مسؤولية الجاني عن‬
‫الجريمة‪ ،‬واختيار نوع المعاملة العقابية المناسبة لحالته‪ ،‬ووضع سياسة جنائية‬
‫خاصة بالضحايا بهدف وقايتهم من الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬يعد علم الضحية أحد فروع علم اإلجرام عند غالبية الفقهاء‪ ،‬وبدراسة دورها في‬
‫الظاهرة اإلجرامية تصبح دراسة الجريمة بوصفها ظاهرة فردية واجتماعية‬
‫مكتملة‪.‬‬
‫دور الضحية في الجريمة‬
‫كما أنفت اإلشارة فإن الضحية تقوم ببعض التصرفات‪،‬فيقل المانع في‬
‫نفس الجاني‪ ،‬ويقدم بالتالي على ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬تصرفات الضحية تتيح الفرصة لتغلب الدافع على ارتكاب الجريمة‪،‬فيستقر‬
‫عزم الجاني على ارتكابها ويصمم على تنفيذها‪.‬‬
‫‪-‬حاول الباحثون في علم الضحية إبراز الدور الذي تلعبه الضحية في مرحلة‬
‫ما قبل الجريمة من خالل‪:‬‬
‫‪-‬خلق فكرة الجريمة لدى الجاني‪.‬‬
‫‪-‬تسهيل ارتكاب الجاني للجريمة‪.‬‬
‫‪-‬قبوله مقدما بوقوعها‪.‬‬
‫الدفاع الشرعي‬
‫االستفزاز‬
‫الفصل ‪ 124‬من القانون الجنائي المغربي‬

‫"ال جناية وال جنحة وال مخالفة في األحوال اآلتية‪:‬‬


‫‪ - 1‬إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية‪.‬‬
‫‪ - 2‬إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬أو كان في حالة استحال عليه‬
‫معها‪ ،‬استحالة مادية‪ ،‬اجتنابها‪ ،‬وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته‪.‬‬
‫‪ - 3‬إذا كانت الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة للدفاع الشرعي عن نفس‬
‫الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره‪ ،‬بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع‬
‫خطورة االعتداء"‪.‬‬
‫الفصل ‪ 125‬من القانون الجنائي المغربي‬

‫"تعتبر الجريمة نتيجة الضرورة الحالة للدفاع الشرعي في الحالتين اآلتيتين‪:‬‬


‫‪ - 1‬القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب ليال لدفع تسلق أو كسر حاجز أو‬
‫حائط أو مدخل دار أو منزل مسكون أو ملحقاتهما‪.‬‬
‫‪ - 2‬الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل أو نفس غيره ضد مرتكب‬
‫السرقة أو النهب بالقوة"‪.‬‬
‫الدفاع الشرعي‬

‫‪-‬يعتبر الدفاع الشرعي سببا من أسباب اإلباحة‪ ،‬وينبغي توفر الشروط‬


‫التي يتطلبها القانون وهي ‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون الخطر حقيقيا‪.‬‬
‫‪-‬أن يكون الخطر حاال‪.‬‬
‫‪-‬أن يستحيل اللجوء الى حماية السلطات لدفع الخطر‪.‬‬
‫‪-‬أن يتناسب الدفاع مع الخطر‪.‬‬
‫‪-‬في حالة تجاوز حدود الدفاع الشرعي يصبح المدافع عن نفسه جانيا‬
‫والجاني البادئ بالعدوان ضحية‪.‬‬
‫عذر االستفزاز‪:‬‬
‫أمثلة على الحاالت التي يعتد فيها باالستفزاز في القانون المغربي‬
‫الفصل ‪ 416‬من القانون الجنائي المغربي‬

‫"يتوفر عذر مخفض للعقوبة‪ ،‬إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب قد‬
‫ارتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم‬
‫على شخص ما"‪.‬‬
‫الفصل ‪418‬‬

‫"يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب‪ ،‬إذا ارتكبها أحد‬
‫الزوجين ضد الزوج اآلخر وشريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة‬
‫الزوجية"‪.‬‬
‫عذر االستفزاز في القانون‬
‫المغربي‬
‫‪-‬عرف بعض الفقهاء االستفزاز بأنه حالة من الهيجان النفسي‬
‫الجسيم الذي يعتري الشخص إثر تعرضه لباعث تلقائي غير‬
‫مشروع‪ ،‬فتضعف قدرته على ضبط نفسه‪ ،‬ويزيد اندفاعه الى الرد‬
‫على المعتدي‪.‬‬
‫‪-‬يعتبر بعض الفقهاء االستفزاز دفاع شرعي غير تام‪.‬‬
‫شروط االستفزاز‪:‬‬
‫‪-‬صدور فعل غير مشروع من الضحية‪.‬‬
‫‪-‬التعاصر بين االستفزاز والجريمة المرتكبة لرد االعتداء‪.‬‬
‫أثر رضا الضحية على قيام الجريمة‬
‫‪-‬القاعدة العامة ان رضا الضحية ال يؤثر على قيام الجريمة وال ينقص‬
‫العقوبة‪.‬‬
‫‪-‬وضع القانون اإلنجليزي قاعدة مستخلصة من السوابق القضائية‬
‫وسار عليها التشريع بحيث ال يعتبر رضا الضحية مبررا للجريمة إال في‬
‫الجرائم ذات الطبيعة الخاصة‪ ،‬والتي ال تؤذي الشعور العام وال تمس‬
‫باألخالق واألمن العام والمصلحة العامة وال السياسة العقابية بمعنى‬
‫انتفاء الضرر االجتماعي من الجريمة‪.‬‬
‫إذا انصب الرضا على مصلحة خاصة للشخص الذي صدر عنه‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يعتبر استعماال للحق أو ممارسة لحرية شخصية غير أنه ينبغي أال‬
‫يخالف ذلك القانون‪.‬‬
‫الشروط القانونية لرضا الضحية‬
‫لكي يرتب الرضا آثاره القانونية ينبغي توفر الشروط التالية وذلك في‬
‫الحاالت التي يعتد فيها القانون بشرعية اآلثار المترتبة على صدور الرضا‬
‫من الضحية‪:‬‬
‫‪)1‬أن يكون الرضا صادرا من صاحب الحق وال يعتد به إذا صدر من غيره‬
‫كرضا الموظف بتزوير توقيعه‪.‬‬
‫‪)2‬أن يكون الرضا صادرا من شخص يتوفر على األهلية الجنائية‪.‬‬
‫‪3‬أن تكون اإلرادة غير معيبة‪.‬‬
‫‪)4‬ان يصدر الرضا في الوقت الذي يعتد به القانون ويعد رضا نموذجيا ذلك‬
‫السابق أو المعاصر الرتكاب الجريمة والذي يستمر حتى إتمام الفعل‬
‫وتحقق النتيجة اإلجرامية‪.‬‬
‫‪)5‬عدم مخالفة الرضا للنظام العام واآلداب العامة‪.‬‬
‫موقف الفقه والتشريعات من رضا الضحية‬
‫‪-‬اختلف الفقه في اعتبار رضا الضحية سببا عاما لإلباحة من عدمه‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبر البعض رضا الضحية سببا عاما لإلباحة مبررين ذلك بأن الجريمة اعتداء‬
‫على حرية الفرد وبالتالي فرضاه يزيل عن الفعل صفة غير المشروعية‪ ،‬واعتبروا‬
‫الرضا سببا من أسباب اإلباحة في جميع الحاالت إذ يترتب على ذلك أن رضا‬
‫الضحية يمنع العقاب على فعل االعتداء‪.‬‬
‫‪-‬يرى البعض اآلخر أن رضى المجني عليه ال يعتبر سببا لإلباحة إال استثناء ‪،‬و‬
‫يقتصر أثره كسبب لإلباحة على الحقوق القابلة للتصرف فيها‪ ،‬كالحقوق المالية‬
‫‪.‬‬ ‫الخاصة بالمجني عليه فهي حقوق خالصة للفرد وال يوجد ضرر للمجتمع‬
‫‪-‬بعض التشريعات اعتبرت رضا الضحية سببا عاما لإلباحة و قيدت ذلك بشروط‬
‫(المادة ‪ 91‬من قانون العقوبات الهندي‪-‬المادة ‪ 51‬من قانون العقوبات السوداني‪-‬‬
‫التشريع اإليطالي)‪.‬‬
‫نطاق الرضا‬

‫‪-‬يعتد برضا الضحية في مجال الحقوق التي يجوز للشخص‬


‫التصرف فيها كالحقوق المالية‪ ،‬ألنها حقوق خالصة للفرد وال يوجد‬
‫فيها ضرر للمجتمع‪.‬‬
‫‪-‬يكون الرضا شرطا لإلباحة شريطة توفر الشروط الالزمة له‬
‫وهي‪ :‬عدم تعلقه بمصلحة ال يجوز التصرف فيها بالنظر إلى‬
‫طبيعتها‪-‬أن يجيز القانون المساس بهذه المصلحة ويحدد لذلك‬
‫شروطا معينة‪-‬أن يكون الباعث هو حماية تلك المصلحة‪.‬‬
‫من بين األمثلة التي يمكن أن نستدل بها على أثر رضا الضحية‬
‫وكونه شرطا يبيح الفعل الواقع ضده ‪:‬‬
‫‪-‬األعمال الطبية ومزاولة الرياضة غير أنه ينبغي أن يكون التصريح‬
‫بالرضا صريحا‪.‬‬
‫األعمال الطبية‬
‫‪-‬ال تخلو األعمال الطبية من خطورة لكونها تعرض جسم‬
‫المريض للجراحة واإلصابة عند إجراء العمليات الجراحية‪،‬‬
‫ناهيك عن حقن المرضى بمواد مخدرة أو بأمصال من‬
‫ميكروبات مختلفة للوقاية من األمراض الخطيرة أو‬
‫المعدية‪.‬‬
‫يكون رضا المريض شرطا الزما إلباحة عمل الطبيب شريطة‬
‫توفر الشروط التالية‪:‬‬
‫‪)-1‬حصول الطبيب المعالج على الدرجة العلمية فضال عن‬
‫الترخيص القانوني‪.‬‬
‫‪)2-‬رضا المريض‪.‬‬
‫‪)3-‬قصد العالج‪.‬‬
‫األلعاب الرياضية‬
‫لالستفادة من إباحة ممارسة األلعاب الرياضية ينبغي توفر الشروط التالية‪:‬‬
‫‪-‬رضا الالعب وموافقته صراحة أو ضمنا على ممارسة الرياضة وأن تصدر الموافقة‬
‫عن بينة‪ ،‬وذلك من خالل علمه بالنتائج المباشرة وغير المباشرة المترتبة على‬
‫ممارسة هذه اللعبة عن إدراك وتمييز‪.‬‬
‫‪-‬ترخيص القانون‪:‬مراعاة القواعد المنظمة لممارسة األلعاب الرياضية وعدم‬
‫مخالفتها‪ ،‬وأن تتم ممارسة األلعاب وفقا للنظم واللوائح والمواعيد واألماكن التي‬
‫حددها ونظمها القانون‪ ،‬دون تجاوز في ذلك أو خروج عن اإلطار المنظم لها‪.‬‬
‫اآلثار القانونية للرضا‬

‫الجاني‪:‬اليؤثر رضا الضحية على قيام الجريمة‬ ‫أثر رضا المجني عليه في تخفيف عقوبة‬
‫وذلك إذا طال االعتداء حق من الحقوق التي ال يجوز التصرف فيها‪.‬‬

‫الضحية‪ :‬تتم الجريمة في هذه الحالة برضا الضحية وبطلب‬ ‫القيام بالجريمة بناء على طلب‬
‫منه مثل القتل بدافع الشفقة واإلجهاض‪.‬‬
‫جريمة القتل بدافع الشفقة‪/‬القتل الرحيم‬
‫يتعلق االمر بالحالة التي يعاني فيها المجني عليه من آالم شديدة‬
‫فيطلب من الطبيب أو الممرضة قتله لتخليصه من األلم‪.‬‬
‫موقف التشريعات من القتل بدافع الشفقة أو القتل الرحيم‬
‫‪ -‬أجمعت التشريعات الوضعية على أن الرضا بالقتل ال يعد سببا‬
‫إلباحته وال أثر له على أركان الجريمة‪ ،‬غير أنها(أي التشريعات)‬
‫انقسمت بشأن دور رضا الضحية في تخفيف العقوبة في هذا النوع من‬
‫الجرائم‪ ،‬فمنها من وضعت قواعد خاصة لجريمة القتل بناء على طلب‬
‫المجني عليه تخفف العقوبة على الجاني‪ ،‬ومنها من اكتفت بإقرار‬
‫نص عام وأخضعت الجريمة للقواعد العامة لجريمة القتل العمد‬
‫وتركت للقاضي السلطة التقديرية لتمتيع الجاني بظروف التخفيف ‪.‬‬
‫‪-‬من التشريعات التي قررت تخفيف العقوبة إذا تم القتل برضا‬
‫المجني عليه نذكر التشريع اإليطالي واأللماني والسويسري‬
‫واللبناني‪.‬‬
‫‪-‬من بين التشريعات التي لم تعتبر هذا القتل عذر قانوني مخفض‬
‫نذكر (مصر –المغرب‪-‬فرنسا‪-‬الكويت)‪،‬غير أنه يمكن للقاضي تمتيع‬
‫الجاني بظروف التخفيف القضائية حسب ظروف ومالبسات النازلة وظروف‬
‫المجرم‪.‬‬
‫جريمة اإلجهاض بناء على طلب المرأة الحامل‬

‫يجرم المشرع المغربي اإلجهاض حسب الثابت من النصوص المنظمة لجريمة اإلجهاض‪،‬وقد جاء في الفصل‬
‫‪ 449‬من ق ج ما يلي‪:‬‬
‫"من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك‪ ،‬برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام‬
‫أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى‪ ،‬يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات‬
‫وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم‪.‬‬

‫وإذا نتج عن ذلك موتها‪ ،‬فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة"‪.‬‬

‫‪-‬يالحظ أن المشرع المغربي لم يعتد برضا المرأة في جريمة اإلجهاض‪.‬‬


‫‪-‬ال يعاقب على اإلجهاض إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في الفصل ‪ 453‬من القانون الجنائي المغربي‬
‫والذي جاء فيه ما يلي‪ ":‬ال عقاب على اإلجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة األم متى قام به‬
‫عالنية طبيب أو جراح بإذن من الزوج‪.‬‬
‫وال يطالب بهذا اإلذن إذا ارتأى الطبيب أن حياة األم في خطر غير أنه يجب عليه أن يشعر بذلك الطبيب‬
‫الرئيسي للعمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫وعند عدم وجود الزوج أو إذا امتنع الزوج من إعطاء موافقته أو عاقه عن ذلك عائق فإنه ال يسوغ للطبيب أو‬
‫الجراح أن يقوم بالعملية الجراحية أو يستعمل عالجا يمكن أن يترتب عنه اإلجهاض إال بعد شهادة مكتوبة من‬
‫الطبيب الرئيس للعمالة أو اإلقليم يصرح فيها بأن صحة األم ال تمكن المحافظة عليها إال باستعمال مثل هذا‬
‫العالج‪".‬‬
‫دور رضا الضحية في تغيير وصف القانوني للجريمة‬

‫‪-‬يعرف الفصل ‪ 486‬من ق ج االغتصاب بأنه مواقعة رجل المرأة دون رضاها‪.‬‬
‫‪-‬إذا وجد الرضا ينهار الركن المادي لجريمة االغتصاب‪ ،‬ويمكن أن يتابع‬
‫الجاني من أجل جريمة أخرى كالخيانة الزوجية إذا كانت الضحية متزوجة‬
‫(غير أنه ال مناص من تقديم شكاية) أوجريمة الفساد‪.‬‬
‫عالقة علم اإلجرام بعلم‬
‫العقاب‬
‫عالقة علم اإلجرام بعلم العقاب‬
‫عرف قاموس أوكسفورد اإلنجليزي علم العقاب بأنه «دراسة عقوبة الجريمة‪ ،‬وإدارة السجون»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬يهتم علم العقاب بمرحلة ما بعد ارتكاب الجريمة ويركز على كيفية معاقبة المجرمين وتنفيذ العقوبات‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫‪-‬الفرق بين علم العقاب وعلم االجرام‪ :‬أن علم االجرام يدرس الجريمة كظاهرة فردية واجتماعية بقصد‬
‫اكتشاف مختلف العوامل التي تدفع الفرد الى السلوك االجرامي‪،‬ويتضمن دراسة نمط الجريمة‪،‬وعوامل‬
‫الخطر والوقاية منها‪.‬‬
‫‪ -‬في المقابل مجال علم العقاب هو الدراسة العلمية للجزاء الجنائي من حيث بيان أغراضه وأساليب‬
‫تنفيذه‪.‬‬
‫مظاهر التكامل بين العلمين ‪ :‬علم العقاب يستفيد من نتائج أبحاث علم اإلجرام حول شخصية المجرم لكي‬
‫يتمكن من تحديد األهداف القريبة والبعيدة للجزاء الجنائي‪ ،‬ثم يختار بعد ذلك األساليب الكفيلة بتحقيق هذه‬
‫األهداف‪،‬وعليه ال يمكن دراسة الجزاء الجنائي إال بعد التعرف على أسباب اإلجرام ذاته‪ ،‬فبناء على ما‬
‫تسفر عنه أبحاث علم اإلجرام من نتائج حول أسباب الظاهرة اإلجرامية‪ ،‬والعوامل الدافعة إليها يمكن تحديد‬
‫أفضل األساليب في مجال المعاملة العقابية ‪ ،‬كي يؤتي الجزاء الجنائي ثماره‪ ،‬ويحدث أثره في نفس الجاني‬
‫وبقية أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬في المقابل فان علم اإلجرام يستفيد من مفاهيم وأبحاث علم العقاب لفهم العالقة بين الجريمة والعقوبة‬
‫وتحسين التدابير المتخذة لمكافحة الجريمة وتقليل معدالتها‪.‬‬
‫عالقة علم اإلجرام بعلم األدلة الجنائية‬

‫مسرح الجريمة‬
‫عالقة علم اإلجرام بعلم األدلة الجنائية‬
‫‪-‬يهتم علم األدلة الجنائية بالبحث عن الوسائل العلمية والفنية‬
‫التي تكشف عن مرتكب الجريمة وظروف ارتكابها وكذا الفاعل‬
‫و بإعطاء األدلة العلمية التي تساعد على معرفة درجة‬
‫الخطورة اإلجرامية من خالل معاينة مسرح الجريمة والعثور‬
‫على اآلثار واألدلة المادية كآثار البصمات واألقدام وبقع الدم‬
‫واآلالت وآثار الشعر وغيرها ‪.‬‬
‫‪-‬يعتمد علم األدلة الجنائية على تقنيات علمية وأساليب فنية‬
‫وتكنولوجية ترتبط بالتطور العلمي والتكنولوجي السائد في‬
‫المجتمع‪ ،‬ومن ذلك علم البصمات وعلم األسلحة النارية‬
‫والطب الشرعي‪،‬علم األمصال(تحليل السوائل الجسمية‬
‫المختلفة‪،‬ويستخدم لتحديد هوية األشخاص وتقديم أدلة على‬
‫وجودهم في مكان الجريمة أو تورطهم فيها) وتحليل بقع‬
‫الدم(يستخدم لتحديد مصدر الدم في مسرح الجريمة وتحديد ما‬
‫إذا كان الدم ينتمي إلى الضحية أو المشتبه به)‪.‬‬
‫العالقة بين علم االجرام وعلم األدلة الجنائية‬

‫يخدم علم األدلة الجنائية علم االجرام من خالل الكشف عن ظروف وكيفية‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬وهو ما يفسر الخطورة االجرامية الكامنة في المجرم‬
‫ومدى استعداده اإلجرامي‪.‬‬
‫تعريف مسرح الجريمة‬
‫‪-‬مسرح الجريمة هو المكان أو األماكن‬
‫التي تشهد مرحلة تنفيذ الجريمة‪ ،‬وتحتوي‬
‫على اآلثار المتخلفة عن ارتكابها‪ ،‬ويعتبر‬
‫ملحق لمسرح الجريمة كل مكان شهد‬
‫مرحلة من مراحلها المتعددة‪.‬‬
‫‪-‬يعتبر مسرح الجريمة الشاهد الصامت‬
‫الذي يستنطقه المحقق الفطن‪ ،‬ألن مسرح‬
‫الجريمة هو مستودع سرها الحتوائه على‬
‫اآلثار المادية واألدلة الجنائية‪ ،‬وهو الحلقة‬
‫األهم بالنسبة للمحقق لكونه مستودع السر‬
‫األساسي لمضمون جميع األدلة سواء‬
‫كانت أدلة االدانة أو أدلة البراءة ‪.‬‬
‫مناهج البحث في علم االجرام‬
‫حاول علماء اإلجرام أن يتبعوا عدة أساليب و مناهج في دراسة‬
‫الظاهرة اإلجرامية فركزوا تارة على المجرم و ركزوا تارة أخرى‬
‫على الجريمة‪ ،‬فاختلفت أساليبهم تبعا لذلك‪،‬ويميز في هذا الصدد‬
‫بين‪:‬‬
‫‪-‬األساليب الفردية‬
‫‪-‬األساليب الجماعية‬
‫األساليب الفردية‬

‫‪-‬تتعلق باألسباب التي دفعت المجرم إلى ارتكاب الجريمة وتشمل دراسة الجانب العضوي‬
‫والعقلي والنفسي للمجرم‪.‬‬
‫‪ -‬تستخدم في هذا األسلوب األدوات المستخدمة في الدراسات االكلينيكية في علم اإلجرام‬
‫والتي تبدأ بالمالحظة ثم فحص متعدد األبعاد طبي‪،‬بيولوجي‪،‬نفسي‪،‬عصبي بعد ذلك يتم‬
‫تفسير وتأويل المعطيات المتعلقة بالوضع الصحي والنفسي واالجتماعي للمجرم‪.‬‬
‫مرحلتي الفحص و التأويل‬

‫مرحلة الفحص‬
‫‪-‬يتسم الفحص بتعدد األبعاد والنتائج ويأخذ صبغة األخصائي الذي يقوم به‪.‬‬
‫‪-‬يفحص األخصائي البيولوجي المجرم من الناحية العضوية البيولوجية ويصل إلى نتائج‬
‫معينة‪.‬‬
‫‪-‬يقوم االخصائي النفسي بدراسة الحالة النفسية للمجرم ومدى تأثيرها في سلوكه‪.‬‬
‫مرحلة التفسير أو التأويل‬
‫يتم تفسير أو تأويل مختلف المعطيات المتعلقة بالمجرم‪ ،‬مما يمكن من التوصل الى‬
‫تشخيص حالة المجرم واستنتاج الدوافع الكامنة وراء سلوكه اإلجرامي‪.‬‬
‫األساليب الجماعية‬
‫‪-‬تشمل هذه األساليب األسلوب اإلحصائي وأسلوب المسح االجتماعي وأسلوب المقارنة‪.‬‬
‫األسلوب اإلحصائي‪ :‬يرمي اإلحصاء في علم اإلجرام إلى جمع المعلومات والبيانات والوقائع‬
‫المتعلقة بالظاهرة اإلجرامية وترجمتها إلى أرقام‪.‬‬
‫‪-‬ظهر على يد جيري وكتيليه خالل القرن ‪ 19‬ويمكن الباحثين من المقارنة بين المجرمين وغيرهم‬
‫ممن يعيشون في الظروف نفسها للوقوف على األسباب والدوافع التي أدت إلى اإلجرام‪.‬‬
‫‪-‬يعتمد في اإلحصاء الجنائي على طريقتين‪ :‬اإلحصاء المكاني(اإلحصاء الثابت)ويقصد بذلك دراسة‬
‫الجريمة في أمكنة معينة وعقد مقارنة بينها للوقوف على أسباب الجريمة فيها والطريقة الثانية هي‬
‫اإلحصاء الزماني (اإلحصاء المتحرك)يتم من خالل دراسة الجريمة في مكان واحد في فترات زمنية‬
‫متعددة والمقارنة بينها للوقوف على مدى تأثير تغير الظروف الزمنية على الظاهرة اإلجرامية‪.‬‬
‫تقييم األسلوب اإلحصائي‬
‫‪-‬ال يمكن االعتماد على األسلوب اإلحصائي بصفة نهائية في تحديد الظاهرة اإلجرامية لعدم دقته‬
‫‪-‬ال تمكن النتائج المتوصل إليها من تفسير النتائج بدقة وتحديد العوامل الحقيقية‪.‬‬
‫‪-‬ال يعبر األسلوب اإلحصائي بشكل دقيق عن اإلجرام الحقيقي ألن اإلحصاءات المعتمدة فيه‬
‫رسمية(تصدر عن وزارة الداخلية أو وزارة العدل أو المؤسسات السجنية) وال تعبر عن الرقم‬
‫الحقيقي للجريمة (الرقم األسود)‪.‬‬
‫أسلوب البحث االجتماعي أو المسح االجتماعي‬
‫‪-‬المسح االجتماعي هو عملية جمع البيانات والمعلومات حول الجوانب االجتماعية لمجتمع معين‪،‬ويستخدم هذا‬
‫النوع من األبحاث لفهم وتحليل الظواهر و المشكالت االجتماعية في المجتمع‪ ،‬ولدراسة سلوكيات األفراد‬
‫والمجموعات وتأثيرهم على بعضهم البعض‪.‬‬
‫‪-‬يستخدم المسح االجتماعي في علم اإلجرام كأداة بحثية لفهم ومعرفة أسباب الجريمة وعواملها المختلفة‪.‬‬
‫‪-‬يتطلب هذا األسلوب جهدا وبحثا ميدانيا‪ ،‬قد يدفع المشرف عليه الى االستعانة بفريق من الباحثين بوسائل أخرى‪،‬‬
‫كاالستبيان والمالحظة والمقابلة ودراسة الحالة‪.‬‬
‫‪-‬يعتمد المسح االجتماعي على أسلوبين يقوم األول على االستجواب من خالل وضع مجموعة من األسئلة حول‬
‫ظروف حياة المجرم ومعيشته وتوزع القائمة على مجموعة من المجرمين في مكان معين تسود فيه جرائم معينة‪،‬‬
‫ومن خالل األجوبة المختلفة يربط الباحث بين مختلف أنواع الجرائم والظروف المشتركة السائدة في تلك المنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬يطلق على األسلوب الثاني المسح البيئي أو المنهج االيكولوجي ومن خالله يقوم الباحث بتقسيم المكان الذي‬
‫يجري بحثه إلى عدة مناطق تختلف في ظروفها االقتصادية والثقافية واالجتماعية‪ ،‬ثم يحاول بيان مدى تأثير وجود‬
‫مختلف هذه العوامل أو تخلفها على الظاهرة اإلجرامية‪.‬‬
‫أسلوب المقارنة‬

‫‪-‬يعتبر أسلوب المقارنة أسلوبا مكمال لإلحصاء الجنائي وتتجلى أهميته في أنه يربط بين‬
‫العينات المدروسة التي من خالل مقارنتها ببعضها البعض‪ ،‬يتم استخالص القواعد العامة‬
‫في علم اإلجرام‪.‬‬
‫‪-‬يمكن أن تشمل المقارنة المجرمين وغير المجرمين الستخالص نقط الشبه واالختالف‬
‫بينهم في مرحلة أولى تمهيدا الستخالص الصفات المشتركة بين المجرمين وحدهم‪ ،‬والتي‬
‫تعتبر دوافع إجرامية‪.‬‬
‫األسلوب التكاملي‬
‫‪-‬لم تتمكن المناهج العلمية المطبقة في علم اإلجرام من شرح الظاهرة اإلجرامية‬
‫بشكل دقيق‪ ،‬سواء الفردية المعتمدة من طرف المدارس البيولوجية والنفسية‪ ،‬أو‬
‫الجماعية المعتمدة من طرف المدارس االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬نادى بعض علماء اإلجرام بتطبيق منهج يسمح باإللمام بالظاهرة اإلجرامية‬
‫المركبة ويتعلق األمر بالمنهج التكاملي ويمتاز بأخذه بعين االعتبار العوامل‬
‫المتعددة للسلوك اإلجرامي‪ ،‬بما في ذلك العوامل المقبولة التي اعتمدتها المدارس‬
‫السابقة البيولوجية واالجتماعية والنفسية‪.‬‬
‫‪-‬تتسم الدراسات التي اعتمدت المنهج التكاملي بالدقة والمصداقية مما جعلها‬
‫دراسات علمية ناجحة في علم اإلجرام‪.‬‬
‫أهم النظريات المفسرة للسلوك اإلجرامي‬
‫‪-‬لم تبدأ الدراسات العلمية للظاهرة اإلجرامية إال من عهد قريب‪ ،‬وقد حاولت تفسير السلوك‬
‫اإلجرامي بطريقة علمية في سياق إجابتها على السؤال المتعلق بــــ‪" :‬لماذا يسلك اإلنسان‬
‫مسلكا إجراميا؟‬
‫‪-‬اهتمت ثالثة مذاهب رئيسية بتفسير السلوك االجرامي ويتعلق األمر بالمذهب الفردي‬
‫والمذهب االجتماعي والمذهب المختلط‪.‬‬
‫المذهب الفردي‪ :‬يركز هذا المذهب على العوامل الفردية والنفسية التي تفضي الى ارتكاب‬
‫الجريمة‪،‬وتعتبر الجريمة نتيجة لقرار فردي يتخذه الشخص بناء على تقديره الشخصي‬
‫للتكاليف والفوائد‪ ،‬وتعزى الجريمة وفقا لهذا المذهب إلى المجرم نفسه‪.‬‬
‫‪-‬تأثر أنصار هذا المنهج بالمنهج التجريبي القائم على المالحظة والتفسير فانطلقوا من‬
‫شخصية المجرم وذاته من النواحي العضوية والنفسية والعقلية لتفسير السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬على الرغم من انطالق هذا المذهب من شخصية المجرم وذاته ومدى إسهامها في ارتكاب‬
‫الجريمة‪ ،‬فإنهم اختلفوا فيما بينهم حول مدى قوة تأثير كل عامل من العوامل الفردية‬
‫ومدى رجحانه على باقي العوامل‪.‬‬
‫‪-‬أكثر المدارس شهرة في هذا المذهب‪ :‬المدرسة الوضعية اإليطالية وخاصة رائدها‬
‫لومبروزو ‪-‬المدرسة التكوينية األمريكية‪-‬مدرسة التحليل النفسي‪.‬‬
‫المدرسة الوضعية اإليطالية‬
‫‪-‬من أقطاب هذه المدرسة سيزار لومبروزو وأنريكو فيري ورفاييل كاروفالو‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر لومبروزو األب الروحي لعلم اإلجرام ويرجع له الفضل في دراسة شخصية المجرم عل أساس علمي‬
‫سليم‪ ،‬وقد مكنته مهنته كطبيب من التعمق في دراسته حيث توصل إلى نظرية ضمنها في كتابه الشهير‬
‫االنسان المجرم‪ ،‬وخلص إلى تميز المجرم بصفات خاصة عضوية ونفسية‪.‬‬
‫‪-‬من الناحية العضوية للمجرم مالمح خاصة تكمن في عدم انتظام جمجمته ووجود تجويف غير عادي‬
‫بمؤخرة جمجمته مثل القردة ‪،‬إضافة إلى كثافة الشعر في الرأس والجسم وضيق في الجبهة وضخامة‬
‫الفكين وطول األذنين أو قصرهما وبروزهما الى الخارج مع عدم انتظام األسنان وعدم استقامة األنف‬
‫والطول المفرط في األطراف واألصابع‪.‬‬
‫من الناحية النفسية والعقلية والمزاجية‪ :‬الحظ لومبروزو أن المجرمين يتميزون بكثرة الوشوم وبذاءتها‬
‫واستنتج أنهم يتميزون بغلظة في قلوبهم وعدم اإلحساس باأللم مما يدفع إلى ارتكاب الجرائم بكل سهولة‬
‫ويسر‪.‬‬
‫‪ -‬يتميز المجرمون كذلك بحدة المزاج والميل نحو الكسل والغرور والميل نحو اإلدمان والرغبة الملحة في‬
‫المقامرة وااليمان بالخرافات والشعور بعدم االستقرار النفسي والعاطفي وفقدان السيطرة على النفس‪.‬‬
‫تصنيف لومبروزو للنماذج اإلجرامية‬

‫‪-‬ميز لومبروزو بين النموذج االجرامي الكامل والنموذج االجرامي غير الكامل‪.‬‬
‫‪-‬يتميز النموذج اإلجرامي الكامل بوجود أكثر من خمس سمات انحطاطية‪ ،‬أما‬
‫النموذج غير الكامل فتقل سماته االنحطاطية عن الخمس دون الثالث‪.‬‬
‫‪-‬ال يعتبر نموذجا إجراميا من تقل سماته االنحطاطية عن ثالث‪.‬‬
‫‪-‬السمات االنحطاطية التي يتميز بها المجرم تميزه عن غيره‪ ،‬وتزيد من قابلية‬
‫الفرد وتضاعف استعداده الرتكاب الجرائم أكثر من غيره‪.‬‬
‫الخالصة‪ :‬المجرم شخص مغلوب على أمره ألنه طبع على اإلجرام فهو مجرم‬
‫بالفطرة أو الميالد‪.‬‬
‫تقدير نظرية لومبروزو‬
‫‪-‬يرجع للومبروزو الفضل في دراسة المجرم دراسة علمية ركزت على الجانبين العضوي والنفسي‪ ،‬غير أن‬
‫نظريته لم تسلم من النقد الشديد نظرا لعنايتها بدراسة أعضاء جسم المجرم وشخصيته‪ ،‬واغفال دراسة‬
‫العوامل االجتماعية والبيئية‪ ،‬وكذا اعتقاده بوجود المجرم بالميالد‪.‬‬
‫‪-‬غالى لومبروزو في تمييز المجرمين بصفات جسدية معينة وبنى نظريته على دراسة بعض المجرمين‬
‫األحياء واألموات‪ ،‬ولم يقم الدراسة على عدد مماثل من غير المجرمين للجزم بتميز المجرمين بالصفات‬
‫التي ذكرها دون غيرهم مما أفقد دراسته المصداقية‪.‬‬
‫‪-‬دفعت هذه االنتقادات لومبروزو إلى إعادة النظر فيما توصل إليه‪ ،‬فانتهى إلى تصنيف المجرمين إلى عدة‬
‫طوائف وهي‪:‬‬
‫المجرم الفطرة أو الوراثة‪ :‬يتميز هذا النوع من المجرمين بوجود صفات ومقاييس انثربولوجية ترتد الى‬
‫األزمنة األولى من مراحل تطور الحياة وكان يتميز بها الحيوان واالنسان البدائي وتختلف عن المالمح‬
‫الطبيعية لإلنسان العادي‪.‬‬
‫المجرم المجنون‪ :‬يرتكب الجريمة تحت تأثير المرض العقلي وينبغي وضعه في مصحة عقلية لتجنب شره‪.‬‬
‫المجرم بالعادة‪ :‬وهو من اعتاد على اإلجرام بسبب ظروفه االجتماعية واتصاله بالمجرمين وادمانه‪.‬‬
‫المجرم بالصدفة‪ :‬يعزى إجرامه الى الظروف والمواقف التي يجد نفسه فيها وتدفعه إلى اإلجرام صدفة أو‬
‫بسبب حب الظهور أو التقليد‪.‬‬
‫‪-‬المجرم بالعاطفة‪ :‬يتميز بحساسية مفرطة تدفع به إلى االنفعاالت الهوجاء والعواطف المختلفة من غضب‬
‫وغيرة وحقد‪.‬‬
‫المدرسة التكوينية األمريكية‬
‫‪-‬يعتبر العالم األمريكي أرنست ألبير هوتون من أبرز المؤيدين للومبروزو في أمريكا وهو‬
‫أستاذ األنثروبولوجيا(علم مختص بدراسة اإلنسان) بجامعة هارفارد وقد قام بدراسات واسعة‬
‫شملت العديد ممن أدينوا من قبل القضاء وتم ايداعهم بالمؤسسات العقابية ودور اإلصالح‬
‫والرعاية االجتماعية ؛ كما قام بإجراء مقارنة على مجموعات من غير المجرمين ممن تتوافر‬
‫فيهم ذات الصفات العضوية ويتماثل مستوى ذكائهم ومستواهم الثقافي والحضاري بعضهم‬
‫أسوياء و آخرون غير أسوياء‪.‬‬
‫‪-‬نشر هوتون سنة ‪ 1939‬نتائج أبحاثه التي توصل من خاللها إلى أن المجرمين يتميزون‬
‫بوجود عالمات ارتدادية مثل التي توصل إليها لومبروزو وبوجود انحطاط جسماني موروث‬
‫ونقص ودونية بيولوجية‪ ،‬واستدل على هذا االنحطاط بوجود شذوذ عضوي يتمثل في انحدار‬
‫ورفع الشفاه ‪ ،‬وضآلة حجم األذن ‪ ،‬وطول الرقبة ورفعها وهبوط‬‫الجبهة‪ ،‬وفرطحة األنف ‪ُ ،‬‬
‫األكتاف‪ ،‬فضالً عن انتشار عادة الوشم بين المجرمين ‪ ،‬وكثافة ونعومة شعر الرأس وميله‬
‫للون الضارب للحمرة وغير األشيب ‪ ،‬وميل العيون للون الرمادي المشوب بالزرقة‪.‬‬
‫‪ -‬ذهب هوتون إلى حد تأكيد أن االنحطاط الجسماني الموروث يختلف باختالف المجرمين ‪،‬‬
‫فالقتلة يمتازون بطول القامة وامتالء الجسم ‪ ،‬وقصار القامة المفرطين في الوزن يرتكبون‬
‫الجرائم الجنسية‪.‬‬
‫تقدير نظرية هوتون‬
‫‪-‬يرجع لهوتون الفضل في التركيز على شخصية المجرم والبحث بداخلها عن تفسير للسلوك‬
‫اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬إذا كان هوتون قد تفادى النقد الذي وجه إلى لومبروزو فيما يتعلق بأسلوب البحث ‪ ،‬إذ شملت‬
‫دراساته ‪ ،‬المجرمين وغير المجرمين ‪ ،‬فإن نظريته لم تسلم من النقد لالعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪-‬تفتقد النظرية للموضوعية لعدم تقديمها دليالً علميا ً واحدا ً على أن االنحطاط الجسماني الذي يتميز‬
‫به المجرمون هو انحطاط يرجع إلى عامل الوراثة دون غيره من العوامل‪ ،‬مع إغفال دور العوامل‬
‫البيئية واالقتصادية أو الثقافية‪.‬‬
‫‪-‬انتقد هوتون حينما قال أن خصائص المجرمين تختلف تبعا ً الختالف نوع الجريمة المرتكبة ‪ ،‬ذلك‬
‫ألنه اكتفى باإلحصاءات الرسمية‪ ،‬بينما قد يرتكب جرائم أخرى وال يتم اكتشافها أو معرفة الجاني‪.‬‬
‫‪-‬من جهة ثانية فقد استند هوتون على عينات ال تفي باحتياجات الدراسة العلمية السليمة التي‬
‫تشترط التمثيل الجيد للعينة‪ ،‬فاألشخاص الذين اختارهم كعينات للدراسة ال يمكن أن يمثلوا كل نسيج‬
‫المجتمع األمريكي المتسم بتعدد تركيباته األنثروبولوجية والعرقية‪.‬‬
‫‪-‬إضافة إلى ذلك أقام هوتون أبحاثه على طائفة نزالء السجون الذي حكم القضاء بإدانتهم على‬
‫أساس أن هذه الطائفة تمثل جميع المجرمين ‪ ،‬والحقيقة أنها ال تضم سوى نسبة محدودة منهم ‪،‬‬
‫فهي ال تضم الذين حكم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ولكن مع إيقاف التنفيذ أو الذين حكم عليهم‬
‫بالغرامة فقط‪ .‬كما أن جز ًء ال بأس به من المجرمين لم يكتشف أمرهم بعد ويبقون خارج‬
‫المؤسسات العقابية‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫وليام شيلدون‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬اهتم شيلدون بالبناء العضوي لإلنسان‪ ،‬وأضاف إليه ما أسماه التكوين العقلي والمزاجي للشخصية ‪.‬‬
‫‪-‬قسم و صنف شيلدون الشخصيات حسب السمات الجسدية للفرد‪ ،‬وأسس نظريته على هذا األساس‪ ،‬وأثبت‬
‫في نظريته وجود عالقة بين الصفات الجسدية‪ ،‬وصفات الشخص‪ ،‬فأصحاب الصفات الجسدية المتشابهة‬
‫متشابهون في أغلب األحيان في شخصياتهم‪.‬‬
‫‪ -‬أسس شيلدون نظريته على أساس أن طبيعة الجسم‪ ،‬هي التي تحدد طبيعة الفرد االنفعالية وتنعكس على‬
‫سلوكه‪ ،‬ويشكل ذلك شخصيته‪.‬‬
‫‪-‬ميز شيلدون بين النماذج التالية‪:‬‬
‫‪-‬النموذج الداخلي ‪:‬يتميز بضخامة أحشاء الجهاز الهضمي والسمنة المفرطة واستدارة أجزاء ويتميز‬
‫الجسم‪ ،‬ويتميز بالميل نحو الراحة والمرح واإلفراط في األكل‪.‬‬
‫النموذج العظمي أو العضلي‪ :‬المتميز بقوة الجهاز العضلي و ضخامة العظام‪.‬‬
‫يتسم هذا النوع بالميل نحو إبراز القوة البدنية‪ ،‬وحب المغامرة‪ ،‬والميل نحو المقابلة والتنافس والعدوان‪.‬‬
‫النموذج الدقيق‪:‬المتميز بانخفاض الصدر‪ ،‬وضعف الجهاز العظمي والعضلي وكذلك األحشاء‪.‬‬
‫يتصف هذا النوع باالنطوائية والتحفظ‪.‬‬
‫‪-‬يستشف من نظرية شيلدون‪ ،‬أنه صنف خصائص الشخصية حسب التكوين الجسمي للشخص غير أن‬
‫هذه األبعاد الجسمية ليست لها عالقة دائمة بالطباع والشخصية‪ ،‬خاصة بعد تطور علم اإلجرام‪.‬‬
‫المدرسة النفسية‬
‫‪-‬بعد اخفاق التكوين البيولوجي في الكشف عن سبب الجريمة ظهر ت المدرسة النفسية‬
‫والتي حاول أنصارها سبر أغوار الجانب الخفي من الشخصية اإلنسانية للكشف عن علة‬
‫الجريمة ويعد سيغموند فرويد رائد هذا االتجاه‪.‬‬
‫‪-‬بدأ فرويد تفسيره للسلوك اإلجرامي بتقسيم النفس إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪-‬قسم الذات أو الذات الدنيا ويرمز إليه بــــــــ ‪:‬الهو ويشمل االستعدادات الموروثة والنزعات‬
‫الغريزية والميول الفطرية التي تتمركز في الالشعور‪.‬‬
‫‪-‬قسم األنا‪ :‬وهو الجانب الشعوري العاقل من النفس الذي يضم مجموعة من الملكات العقلية‬
‫ويرمز إليه ايكو وتحاول األنا إقامة نوعا من االنسجام والتكيف بين النزعات الغريزية من‬
‫جهة وبين العادات والتقاييد من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪-‬قسم األنا العليا وهو الجانب المثالي من النفس الذي يضم مجموعة المثل والقيم والعادات‬
‫والتقاليد الموروثة والروادع التي تولدها القيم الدينية واألخالقية والمبادئ الشخصية‪،‬‬
‫ويعرف هذا القسم بالضمير ودوره هو مراقبة األنا ومساءلتها‪.‬‬
‫تفسير السلوك اإلجرامي حسب فرويد‬
‫‪-‬يرجع السلوك اإلجرامي حسب فرويد إما إلى عجز األنا عن تكييف الميول الفطرية والغريزية لدى‬
‫الشخص مع متطلبات الحياة االجتماعية وتقاليدها أو إلى التسامي بها‪ ،‬أو كبتها في الالشعور وإما‬
‫الى عجز األنا العليا عن أداء وظيفتها المتمثلة في الردع‪.‬‬
‫‪-‬أورد فرويد أمثلة لما يحدث في جوانب النفس البشرية من خلل واضطراب أهمها عقدة أوديب‬
‫وعقدة الذنب‪.‬‬
‫عقدة أوديب‪ :‬تنطلق من الغريزة الجنسية التي يختلف اتجاهها بحسب مراحل العمر المختلفة ‪.‬‬
‫في المراحل األولى يحب الطفل ذاته ويعجب بها ‪.‬‬
‫في المرحلة الثانية تتجه عواطف الطفل نحو اآلخر فيميل في البداية نحو أفراد من جنسه‬
‫في مرحلة الحقة تبدأ الغريزة الجنسية بالنضج فيميل الشخص نحو الجنس اآلخر‪.‬‬
‫تحب الطفلة أباها ويحب الطفل أمه فيكره أباه وتكره الفتاة أمها وتعتبرها منافسة لها في هذا الحب‪.‬‬
‫‪-‬يشمل األب الطفل بحبه ورعايته فيتولد في نفس األخير صراعا سببه تناقض في المشاعر نحو‬
‫والده فيحبه ألنه يعطف عليه ويرعاه ويكرهه ألنه ينافسه في حبه ألمه ومن هنا تأتي عقدة أوديب‪.‬‬
‫عقدة الذنب‬
‫تتكون هذه العقدة في المراحل األولى لحياة اإلنسان‪ ،‬فيسيطر على الشخص شعور‬
‫بالذنب بسبب مغاالة الوالدين في توبيخه حينما كان طفال‪ ،‬وتوجيه العقوبة القاسية‬
‫إليه على الرغم من بساطة األخطاء التي ارتكبها‪،‬وهذا التصرف يدفع الطفل إلى‬
‫االعتقاد بأن األخطاء البسيطة هي خطايا كبيرة يستحق من أجلها العقاب‪.‬‬
‫‪-‬يرى فرويد أن شدة الشعور بالخطيئة قد يكون من أقوى البواعث على اإلجرام ال‬
‫نتيجة الجرم ذاته‪ ،‬وأن الكشف عن هذا الشعور المرضي أهم خطوة في سبيل‬
‫العالج‪.‬‬
‫‪-‬يصاب الشخص باالضطراب النفسي نتيجة غياب األنا العليا او ضعفها في فترة‬
‫زمنية فيرتكب سلوك شاذ غير مألوف ال يوصف بالجريمة‪ ،‬ثم يستعيد ضميره وهنا‬
‫تنشأ عقدة الشعور بالذنب والخطيئة لديه وذلك بسبب الشعور بتقصير األنا العليا‬
‫في السيطرة على التوازن النفسي‪،‬ويظل الشعور بالذنب يطارده حتى يدفعه إلى‬
‫ارتكاب الجريمة للتحرر من الشعور بالذنب عن طريق العقاب الذي يناله نتيجة‬
‫للجريمة التي ارتكبها‪.‬‬
‫اآلثار‬
‫عقدة الذنب هي حالة نفسية غير طبيعية تسيطر على وجدان الشخص‬
‫وأفكاره‪،‬وتجعله يعيش في دوامة جلد الذات بسبب خطأ ارتكبه تجاه نفسه أو اتجاه‬
‫غيره‪،‬فيتحول األمر إلى عقدة تتحكم بحياته‪،‬وقد يصاب باالكتئاب لعدم قدرته على‬
‫ممارسة حياته بشكل طبيعي‪.‬‬
‫‪-‬ينتج عن هذه الحالة مجموعة من اآلثار السلبية وهي‪:‬الشعور الدائم‬
‫بالقلق‪،‬األرق‪،‬لوم الذات بشكل مستمر‪،‬ضعف تقدير الذات‪،‬الميل الى العزلة‪،‬التردد‬
‫والبقاء في منطقة الراحة خوفا من األخطاء‪،‬العصبية واالنفعال‪،‬اإلدمان‪،‬اإلصابة‬
‫باألمراض النفسية كاالكتئاب والفصام والوسواس القهري‪،‬اإلصابة ببعض األمراض‬
‫العضوية كالسكري وأمراض القلب‪.‬‬
‫تقدير نظرية فرويد‬
‫رغم المحاوالت الجدية و الدراسات العلمية التي خلصت إليها نظرية فرويد إال أنها لم تسلم‬
‫من النقد ويؤخذ عليها ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬أنها ترتكز على جانب واحد من شخصية االنسان وهو الجانب النفسي(الحتمية‬
‫السيكولوجية)‪ ،‬وتقول بأن ضعف األنا األعلى أو الضمير‪ ،‬يقود دائما إلى طريق الجريمة‪ ،‬و‬
‫هذا غير صحيح فبعض الناس يضعف صوت الضمير لديهم و لكنهم ال يرتكبون الجرائم‪.‬‬
‫‪-‬يؤخذ على فرويد ارتكازه على جهاز مفاهيمي ال يستند على أساس علمي سليم كالهو واألنا‬
‫واألنا األعلى‪.‬‬
‫‪-‬لم تقدم النظرية برهان علمي على صحتها‪ ،‬لدرجة أن بعض أنصارها يعتقدون أن من‬
‫يجادلهم يعاني من خلل نفسي و هذا الخلل هو الذي يدفعه إلى نقدها‪.‬‬
‫تفسير السلوك االجرامي في ضوء المذهب االجتماعي‬

‫حاولت هذه النظرية إعطاء تفسيرات علمية للظاهرة اإلجرامية وأعزتها إلى عوامل اجتماعية‬ ‫‪--‬‬

‫ألن هذه األخيرة تؤثر في تكوين شخصية المجرم وفي تحديد سلوكه المنحرف وقد اعتبر‬
‫روادها السلوك اإلجرامي ظاهرة اجتماعية وتم ربط الجريمة بالمجتمع‪ ،‬وبكل القيم التي‬
‫تحركه وتؤثر في سلوك اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬لسبر أغوار هذا المذهب ارتأينا التطرق ألهم النظريات االجتماعية التي انتشرت في أوروبا‬
‫والنظريات التي انتشرت في أمريكا‪.‬‬
‫رواد المذهب االجتماعي األوروبي‬
‫‪-‬أعطى رواد هذه المدرسة أولوية للعوامل االجتماعية في تفسير الظاهرة‬
‫اإلجرامية‪،‬وينتسب إليها مجموعة من الرواد‪،‬الذين فسروا الجريمة بالعامل‬
‫االجتماعي‪،‬غير أنهم اختلفوا فيما بينهم حول بلورة دوره كسبب لإلجرام‪.‬‬
‫‪-‬من بين رواد هذا االتجاه نذكر الكاساني وكابرييل تارد ودوركهايم‪.‬‬
‫‪-‬عاصر الكاساني وكابرييل تارد ودوركهايم لومبروزو وانتقدوا أفكاره وجاءت‬
‫أفكارهم كرد فعل ألفكار المدرسة التكوينية‪.‬‬
‫ال كاساني‬
‫‪-‬يرجع للعالم والطبيب الفرنسي ال كاساني الفضل في التركيز على دور المحيط االجتماعي في‬
‫تفشي الجرائم‪ ،‬حيث ذهب إلى أن المجتمعات هي التي تصنع المجرمين وتفرز المجرمين الذين‬
‫تستحقهم ‪ ،‬وشبه المجتمعات بالتربة الصالحة إلنبات الجريمة‪ ،‬كما شبه ال كاساني المجرم‬
‫بالجرثومة التي ال ضرر منها إال منذ اللحظة التي تجد فيها الوسط المالئم لنموها‪.‬‬
‫‪-‬تدخل في الوسط االجتماعي حسب ال كاساني العوامل الطبيعية والجغرافية والثقافية‬
‫واالجتماعية إضافة إلى سوء التغذية وتعاطي المواد المسكرة والمخدرة‪ ،‬وخلص إلى أن السلوك‬
‫اإلجرامي هو نتاج هذا الوسط بحكم ما يحدثه من تأثير في اإلنسان‪.‬‬
‫تقدير نظرية ال كاساني‬

‫يؤخذ على أفكار ال كاساني المغاالة في اعتبار الوسط االجتماعي العامل األساسي في إحداث‬
‫الظاهرة اإلجرامية‪ ،‬غير أنه ال ينبغي إنكار فضل نظريته في تسليط الضوء على عامل الوسط‬
‫االجتماعي الذي يلعب دورا كبيرا في ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫كابرييل تارد‬
‫‪-‬اهتم عالم االجتماع الفرنسي كابرييل تارد بالجريمة وبعلم النفس االجتماعي‪ ،‬ومن أهم كتبه‬
‫القيمة نذكر اإلجرام المقارن والفلسفة العقابية وقوانين التقليد ودراسات جنائية واجتماعية‬
‫والفلسفة العقابية‪.‬‬
‫‪-‬يرى كابرييل تارد أن تنشئة الفرد االجتماعية ومعتقداته الثقافية ومحاكاته لآلخرين أسبابا‬
‫دافعة لإلجرام‪ ،‬ورفض ان يكون لإلجرام عالقة بالتكوين البيولوجي خالفا لما ذهب إليه‬
‫لومبروزو‪.‬‬
‫‪-‬يذهب كابرييل تارد إلى أن السلوك االجرامي ليس نمطيا سلوكيا وراثيا‪ ،‬وإنما يكتسب‬
‫بالتقليد الذي يتم بين فرد وآخر أو من جيل إلى جيل أو من المدينة إلى القرية‪.‬‬
‫‪-‬يفترض كابرييل تارد إلتمام عملية التقليد أن يكون الوسط االجتماعي موسوما بسوء‬
‫التنظيم‪ ،‬مما يتيح فرصة االتصال بين المجرمين وغير المجرمين‪ ،‬وتعتبر الجريمة حسب‬
‫كابرييل تارد حرفة أو مهنة خاصة يتهيأ لها اإلنسان منذ الصغر‪ ،‬ويتأتى ذلك من خالل تظافر‬
‫عوامل نفسية واجتماعية وثقافية‪ ،‬تساعد على تأهيله الحتراف اإلجرام‪ ،‬واالنتساب إلى‬
‫عالمه‪.‬‬
‫قوانين التقليد‬

‫صاغ كابرييل تارد ثالثة قوانين للتقليد لتفسير السلوك اإلجرامي‪:‬‬


‫‪)1‬القاعدة األولى‪ :‬تقتضي بأن يتجه التقليد من الداخل إلى الخارج ومفاد ذلك أن األفراد يقلدون‬
‫بعضهم البعض بصورة أكثر ظهورا كلما كانوا متقاربين‪ ،‬وتفسر هذه القاعدة إجرام األطفال الذين‬
‫يتربون في وسط غير سوي‪.‬‬
‫‪)2‬القاعدة الثانية‪ :‬يأخذ التقليد طريقه من القوي إلى الضعيف أي تقليد المرؤوس لرئيسه األعلى‬
‫‪،‬ويمكن االستدالل على ذلك بتقليد األفراد المكونين للعصابات اإلجرامية لرؤساء هذه العصابات‪.‬‬
‫‪)3‬القاعدة الثالثة‪ :‬تقوم على وجود موضات داخل فكرة التقليد نفسها‪ ،‬فالموضة الجديدة تطرد‬
‫الموضة القديمة ‪،‬فاإلنسان يقلد ما هو حديث دون القديم مما يفسر تطور اإلجرام واستعمال وسائل‬
‫جديدة تواكب التطور الذي تعرفه المجتمعات‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال الجرائم االلكترونية‪.‬‬
‫‪-‬أضاف كابرييل تارد الى فكرته حول التقليد دراسته عن المجرم المعتاد‪ ،‬وهي دراسة أغنت علم‬
‫اإلجرام سيما وأنه نظر إلى المجرم المعتاد كمجرم ال أمل في إصالحه العتياده العيش دون عمل‬
‫ودون عقاب‪ ،‬وهو ما دفع المهتمين بعلم اإلجرام الى التفطن بخطورة المجرمين المعتادين‪،‬‬
‫ومحاولة إيجاد ما يناسبهم من عقوبات‪.‬‬
‫تقدير نظرية كابرييل تارد‬
‫‪-‬يؤخذ على كابرييل تارد تشبعه بقانونه األخالقي‪ ،‬إذ اعتبر أن مستوى اإلجرام مؤشرا حقيقيا لألخالق في‬
‫مجتمع معين‪ ،‬وهو ما ينتج عنه بالضرورة التالزم بين األخالق والجريمة‪.‬‬
‫‪-‬يالئم هذا التطابق نوع ضئيل من الجرائم وهي الجرائم الطبيعية أي الماسة بالشعور العام بالشفقة‬
‫واألمانة‪ ،‬األمر الذي جعل تارد أسير نزعته الفردية‪ ،‬وال يقول بالقطيعة بين الفعل األخالقي والفعل‬
‫االجتماعي‪ ،‬كإحدى الخصائص األساسية لعلم السوسيولوجيا في عصره‪.‬‬
‫‪-‬يؤخذ على نظرية تارد حول التقليد أيضا تجاهلها للعوامل االجتماعية واالقتصادية التي تدفع الى ارتكاب‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬ال يمكن تفسير السلوك االجرامي باالعتماد على نظرية التقليد لوحدها‪ ،‬وانما يتعين مراعاة حقيقة‬
‫التفاوت النسبي في التأثير في األفراد‪ ،‬فهؤالء ليسوا على درجة واحدة من التأثر ‪،‬فبعضهم قد يكون لديه‬
‫استعداد إيجابي للتقليد بحكم تكوين شخصيته‪ ،‬وال يتوافر مثل هذا االستعداد لدى البعض اآلخر فيرفضون‬
‫التقليد‪ ،‬والقول بخالف ذلك يعني انضمام كافة أفراد المجتمع الى الجريمة وهذا غير صحيح ‪.‬‬
‫اميل دوركهايم‬
‫اعتبر الفيلسوف وعالم االجتماع الفرنسي إميل دوركهايم الجريمة ظاهرة طبيعية ترتبط وجودا وعدما بالمجتمع‪ ،‬فعلى‬ ‫‪-‬‬

‫الرغم من تعبيرها عن انعدام الشعور والتضامن في المجتمع الذي تنتشر فيه‪ ،‬فإنها مع ذلك تعد عالمة من عالمات الصحة‬
‫في المجتمع‪.‬‬

‫‪-‬توصل دركهايم من خالل أبحاثه إلى أن الجريمة هي وليدة الوسط االجتماعي‪ ،‬فال توجد أسبابها في الفرد المجرم ألن الفرد‬
‫من صنع المجتمع‪،‬وال يوجد مجتمع بدون جريمة‪،‬إذ حيث توجد المعايير والقواعد السلوكية‪ ،‬توجد االنحرافات والسلوك‬
‫المخالف للضوابط والمعايير االجتماعية‪.‬‬

‫‪-‬انطلق دوركهايم في دراسته السوسيولوجية من القطيعة مع النزعة الفردية التي كانت سائدة في القرن ‪، 18‬فلم يسلم بأن‬
‫الفرد هو أساس تقييم األشياء‪ ،‬ولم يسلم بأن المجتمع ال يتكون إال من مجموع أفراده‪ ،‬وإنما يمثل شيئا آخر له وجود في حد‬

‫ذاته أسماه دوركهايم الضمير الجماعي الذي يبقى تأثيره قويا على األفراد ويمارس نوعا من القهر واإللزام على األفراد‬

‫من الخارج‪ ،‬لذلك ذهب دوركهايم إلى أن السلوك يكون إجراميا حينما يؤدي الشعور الجماعي‪.‬‬
‫تتمة‬
‫ذهب دوركهايم في تفسيره للسلوك اإلجرامي إلى أن الحياة في المجتمع تفترض وجود قدر من النظام فيه‪ ،‬فإذا أصيب هذا‬

‫النظام بالخلل‪ ،‬انطلق أفراده نحو تحقيق رغباتهم على نحو يخالف ما أرساه المجتمع من نظام‪ ،‬مما يفسر ارتفاع الجرائم في‬

‫فترات األزمات االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ -‬اعتبر دوركهايم الجريمة مالزمة لكل مجتمع ينشد التطور ‪،‬وهي ظاهرة طبيعية من صنع المجتمع من خالل ما يجرمه من‬

‫أنماط سلوكية بموجب القواعد السائدة فيه‪ ،‬فإذا استطاع المجتمع القضاء نهائيا على هذه الظاهرة‪ ،‬تالشى المعيار الذي‬

‫يفرق بين السلوك المجرم والسلوك المشروع‪.‬‬

‫‪-‬تأكيدا لطرحه ذهب دوركهايم إلى أن الجريمة تمثل مرضا اجتماعيا ويجب قبولها لالعتبارات التالية‪:‬‬
‫االعتبارات‬
‫‪-‬تعتبر الجريمة ظاهرة طبيعية ومتوقعة في المجتمعات نظرا لوجودها على مر السنين‪.‬‬
‫‪ -‬تصبح الجريمة غير طبيعية عندما تزيد على المعدل المتوسط المقرر لها‪.‬‬
‫‪-‬يدل انخفاض عن المعدل المتوسط المقرر لها على وجود ظاهرة اجتماعية غير سوية كالقمع وتضييق‬
‫الحريات‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن اعتبار الجريمة ظاهرة مرضية في حالة عدم تأثيرها سلبا على المهام الوظيفية للمجتمع‪ ،‬بل هي‬
‫ظاهرة طبيعية عادية‪ ،‬وهي تعبير عن صحة المجتمع وسالمة نظمه عند عدم تعديها المتوسط المحدد لها‪.‬‬
‫‪-‬استعمل دوركهايم مفهوم الالمعيارية واعتبرها سببا لالنحراف االجتماعي‪ ،‬وهي كحالة الالقانون في‬
‫عالقتها مع اإلجرام‪ ،‬ويقصد بذلك الوضعية التي يجد فيها الفرد نفسه عاجزا عن تحقيق الرغبات الطبيعية‬
‫التي بدونها ال يمكن للحياة أن تستقيم‪ ،‬فالمجتمع يعجز عن توفير بعض الرغبات والحاجات لألفراد مما‬
‫يدفعهم إلى البحث عن تحقيقها‪ ،‬وعند عجزهم يستبيحون كل الوسائل بما في ذلك الجرائم التي يرتكبونها‬
‫نتيجة غياب قاعدة أو معيار يستندون إليه في سلوكهم السوي داخل المجتمع‪.‬‬
‫رواد المذهب االجتماعي في أمريكا‬
‫م‬

‫من أهم المدارس والنظريات االجتماعية التي سادت في أمريكا هناك نظرية التفكك االجتماعي‪-‬نظرية تصارع‬

‫الثقافات‪-‬نظرية االختالط الفاصل أو التفاضلي‪-‬نظرية التراخي االجتماعي‪..‬‬


‫أوال‪ :‬نظرية التفكك االجتماعي‪ :‬مقتضى النظرية أن المجتمع يتسم بالتفكك نظرا النعدام الروابط الموحدة‬
‫داخله‪،‬فتختلف وتتعدد تبعا لذلك الروابط المجتمعية‪ ،‬ويترتب على هذا التفكك االجتماعي نمو الظاهرة اإلجرامية في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬ربطت نظريات اجتماعية عديدة بين التفكك االجتماعي والسلوك اإلجرامي‪ ،‬وافترضت أن السلوك اإلجرامي ينشأ في‬
‫ظل وجود مظهر أو أكثر من مظاهر التفكك االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬من بين النظريات التي قدمت في إطار التفكك االجتماعي‪ ،‬نذكر نظرية (شو) الذي قام بمساعدة زمالء له بدراسة‬
‫شهيرة حول ظاهرة االنحراف في مدينة شيكاغو‪ ،‬واتضح من هذه الدراسة أن االنحراف يتركز في مناطق محددة‪،‬‬
‫حيث تزداد نسبة االنحراف في وسط المدينة‪ ،‬وتقل كلما ابتعدنا عن وسط المدينة‪ ،‬وقد لوحظ أن ‪ %25‬من أطفال‬
‫وسط المدينة سبق أن أدرجت أسماءهم في سجالت الشرطة كأطفال منحرفين‪ ،‬في حين ال تزيد النسبة المماثلة في‬
‫المناطق األخرى عن ‪ %1‬فقط‪.‬‬
‫‪-‬توصل (شو) إلى أن أكبر تجمع للمجرمين والجانحين يكون في أماكن تتسم بالتفكك االجتماعي‪ ،‬بحيث يصبح‬
‫المجتمع الكلي لهذه األماكن مفككا‪ ،‬وتضعف رقابته على أعضائه‪ ،‬وينعدم تكامل النظم االجتماعية فيه‪ ،‬وبالتالي فمن‬
‫من المتوقع أن تصبح األنماط اإلجرامية شائعة فيه وتنتقل بسهولة من شخص إلى آخر‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫نظرية التفكك االجتماعي‪-‬تتمة‪-‬‬
‫قارن ثورسين سيلين بين أنواع المجتمعات المختلفة من ناحية وحياة الفرد داخل المجتمع من ناحية أخرى‪،‬وتوصل إلى أن‬
‫المجتمعات الريفية تتسم باالنسجام والتضامن في ظروفها واحتياجات أفرادها ‪،‬فال يشعر الفرد بالعزلة وال يصدر عنه سلوك‬
‫معارض لسلوك فرد آخر أو لهدف من أهداف الجماعة‪ ،‬وال يعني ذلك عدم وقوع جرائم في هذه المجتمعات وإنما تتسم‬
‫بالقلة‪ ،‬وغالبا تقع بين أفراد هذه المجتمعات وأفراد آخرين ينتمون إلى مجتمعات أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬في المقابل يتسم المجتمع المتحضر باتساع نطاقه وتعدد الجماعات المتباينة فيه‪ ،‬مما يؤدي الى تعارض المصالح‬
‫وتضاربها بين فئاته‪ ،‬ومن تجليات الصراع المجتمعي الصراع بين فئة المتحررين وفئة المحافظين‪،‬وفئة األميين وفئة‬
‫المتعلمين‪،‬وفئة الفقراء وفئة األغنياء‪.‬‬

‫‪-‬استنتاج‪ :‬توصل علماء االجرام في أبحاثهم إلى أن السلوك اإلجرامي ظاهرة اجتماعية تعبر عن الالتوافق والالنتماء‬

‫االجتماعيين‪ ،‬و يزدادان في المجتمعات المركبة التي يضعف فيها دور المؤسسات غير الرسمية في اإلشراف على الضبط‬

‫‪.‬‬‫المطلوب الذي يناط بالسلطات الرسمية‪،‬والتي تفرض قيما رسمية يشكل الخروج عنها جريمة يعاقب عليها القانون‬
‫تقدير نظرية التفكك االجتماعي‬

‫‪-‬اتسمت هذه النظرية بالواقعية وصادفت الصواب في طرحها القائل بتميز المجتمعات‬
‫المتحضرة بالتفكك االجتماعي وتطور االجرام وزيادته مقارنة مع المجتمعات التقليدية‬
‫‪،‬الشيء الذي يفسر ارتفاع معدل الجريمة داخل المدن الكبرى مقارنة مع القرى أو المدن‬
‫الصغرى ‪.‬‬
‫‪-‬يؤخذ على النظرية اقتصارها على عامل التفكك االجتماعي كدافع لإلجرام‪ ،‬وإغفالها‬
‫للعوامل األخرى ‪،‬فضال على أنه ال يمكن األخذ بهذا الطرح على إطالقه‪ ،‬فبعض أفراد‬
‫المجتمع فقط يرتكبون أفعاال إجرامية دون البعض اآلخر‪ ،‬على الرغم من تأثرهم جميعا‬
‫بعامل التفكك االجتماعي‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬نظرية تصارع الثقافات‬
‫‪-‬تنسب هذه النظرية لعالم االجتماع واإلجرام األمريكي تورسين سيلين الذي نشر كتابا سنة ‪ 1938‬تحت‬
‫عنوان تنازع الثقافات والجريمة‪ ،‬تطرق فيه للدور الذي يلعبه تنازع الثقافات في تكوين الظاهرة‬
‫اإلجرامية‪.‬‬
‫‪-‬تعتبر نظرية تصارع الثقافات امتدادا لنظرية التفكك االجتماعي‪ ،‬ومفادها تعارض وتناقض ثقافات وقيم‬
‫ومبادئ معينة تسود في إحدى الجماعات مع ثقافات وقيم ومبادئ تسود في جماعات أخرى‪ ،‬فإما ينسجم‬
‫الفرد مع مبادئها أو يرفضها‪ ،‬ويترتب على ذلك ارتكاب السلوك اإلجرامي ويتخذ التصارع مظهران‪:‬‬
‫‪-‬تصارع خارجي أي تصارع الثقافة واختالفها في مجتمع معين مع مجتمع آخر أو بين دولة ودولة ويرجع‬
‫بعض العلماء أسباب هذا الصراع إلى ثالثة عوامل‪ :‬االستعمار وذلك بأن يفرض المستعمر مبادئ وقواعد‬
‫على أفراد الشعب بالدولة التي تم احتاللها والتي قد تتعارض مع بعض المبادئ التي كانت تعتنقها هذه‬
‫الدولة وقد تتعارض معها فتصبح بعض األفعال التي كانت مباحة في نظر هذه الدولة أفعاال إجرامية في‬
‫نظر المستعمر(تعدد الزوجات ‪-‬العالقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج)‪.‬‬
‫الهجرة‬

‫الهجرة‪ :‬يترتب على الهجرة تسرب ثقافة الجماعة المهاجرة الى دولة المهجر فيفضي ذلك‬
‫إلى حدوث نزاع بين ثقافتين متباينتين بسبب تمسك الجماعة المهاجرة بثقافتها‪،‬وهذا ما‬
‫الحظه سيلين في المجتمع األمريكي الذي يتكون في األصل من مجموعات وفدت إليه من كافة‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬
‫االتصال في مناطق الحدود‬
‫يتعلق األمر بالصراع بين ثقافة دولتين تتالصق حدودهما اإلقليمية ويندمج رعاياهما معا ً و‬
‫يفضي االتصال بين أفراد الدولتين المتجاورتين مع اختالف حضارتيهما إلى تعارض سلوك‬
‫األفراد المنتمين إليهما‪.‬‬
‫تصارع داخلي‬
‫‪-‬من أشكال هذا التنازع الثقافي تضارب وتعارض األفكار السائدة في مجتمع واحد‬
‫كمؤسسة األسرة ‪ ،‬و المدرسة ‪ ،‬و األندية ‪ ،‬وجماعة العمال وقد تسود في كل واحدة من‬
‫هذه الجماعات مبادئ تختلف عن تلك التي تسود في األخرى وتتعارض معها في االتجاه‪،‬‬
‫فيميل الفرد إلى السلوك الذي قد يرضي إحداها فحسب وهو سلوك قد يكون غير مشروع‪.‬‬
‫‪-‬من مظاهر هذا الصراع التصادم الذي ينشأ بين الثقافة األصلية السائدة في المجتمع وبين‬
‫الثقافات الفرعية التي تسود في جماعة صغيرة فينجم عن ذلك أفعاال مجرمة كما هو‬
‫الشأن بالنسبة لجرائم الثأر التي ترتكب في بعض الثقافات الفرعية‪ ،‬وتعتبره عمال‬
‫مشروعا وواجبا على أبنائها‪ ،‬بخالف الثقافة األصلية التي تشجبه لمخالفته أحكام‬
‫القانون‪.‬‬
‫•‬
‫تقدير نظرية تصارع الثقافات‬

‫للنظرية جانب من الصحة في طرحها القائل بدور النظام االجتماعي بتفاعالته والمبادئ السائدة فيه في‬

‫التأثير في األفراد نتيجة الصراع الثقافي األمر الذي قد يكون دافعا إلى ارتكاب الجرائم‪ ،‬غير أنها ال تستطيع‬

‫لوحدها تقديم تفسير كلي للظاهرة اإلجرامية‪ ،‬إذ ال يصح أن يقدم كل األفراد الذين يعانون من هذا الصراع‬

‫على ارتكاب أفعال إجرامية‪ ،‬األمر الذي يستشف منه أنه توجد عوامل أخرى تساهم في إحداث الظاهرة‬

‫اإلجرامية مما يجعل النظرية تتسم بالقصور‪.‬‬

‫•‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية االختالط التفاضلي‬
‫‪-‬نادى بهذه النظرية العالم األمريكي سذرالند الذي ينتمي إلى مدرسة شيكاغو األمريكية‪.‬‬
‫‪-‬يرى سذرالند أن السلوك اإلجرامي ال يمكن أن يرجع في كل األحوال إلى عامل الفقر أو إلى بعض‬
‫العوامل األخرى‪ ،‬كالعوامل النفسية واالجتماعية التي تتصل بالفقراء‪ ،‬فهناك من األغنياء من يخالف‬
‫القانون من أجل غايات يسعى إلى الوصول إليها‪.‬‬
‫‪-‬يعد سذرالند أول من ركز على إجرام األغنياء أو يسمى بالجرائم التي يرتكبها ذوو الياقات‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫‪-‬انطلق سذرالند من أن السلوك اإلجرامي ليس سلوكا موروثا وال ثمرة عامل واحد‪ ،‬وإنما هو‬
‫سلوك يكتسبه الفرد عن طريق االحتكاك واالختالط مع المجرمين‪ ،‬فبدون االحتكاك باآلخرين ال‬
‫تحدث عملية تعلم السلوك اإلجرامي‪،‬ويصبح الفرد مجرما عندما تغلب لديه عوامل مخالفة القواعد‬
‫القانونية على عوامل احترام هذه القواعد‪.‬‬
‫متى يظهر السلوك اإلجرامي؟‬
‫يظهر السلوك اإلجرامي حينما تطغى المعايير الجانحة السائدة في جماعة على المعايير‬
‫المتكيفة التي تحكم المجتمع الكلي ‪،‬وقد فسر سذرالند ذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ )-1‬ال يولد المجرم مجرما وإنما يكتسب السلوك اإلجرامي عن طريق التعلم من غيره‪.‬‬
‫‪)-2‬يكتسب السلوك الجانح عن طريق التواصل واالحتكاك بأشخاص آخرين ‪،‬وقد يكون ذلك‬
‫لفظيا أو باإلشارة أو التقليد‪.‬‬
‫‪)-3‬يتم تعلم السلوك اإلجرامي ضمن جماعة محصورة تتميز بالعالقات المباشرة والشخصية‪،‬‬
‫وال تساهم وسائل اإلعالم إال بدور ثانوي في نشأة السلوك المنحرف‪.‬‬
‫‪-)-4‬يشمل التدريب على االنحراف تعلم التقنيات اإلجرامية مع توجيه الميول والدوافع نحو‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫تتمة‬
‫‪)-5‬يصبح الفرد مجرما عند طغيان التفسيرات المضادة للقانون‪ ،‬على التفسيرات التي تؤيده‬
‫وتحترمه ‪.‬‬
‫‪-)-6‬تتنوع العوامل الفارقة من حيث التواتر المدة واألسبقية والشدة‪،‬فإذا تأثر الشخص بمعايير‬
‫منحرفة وجانحة قبل أن يتعرض لتأثير المعايير المتكيفة أو السوية قد يصبح جانحا بشكل نهائي‬
‫والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ )-7‬على الرغم من أن السلوك الجانح يرتكب لتلبية حاجات وأهداف معينة‪ ،‬إال أنه ال يفسر من‬
‫خاللها ‪،‬ألن السلوك غير الجانح هو أيضا تعبير عن نفس الحاجات والقيم ‪،‬فاللص يسرق من‬
‫أجل الحصول على النقود وهي قيمة ‪،‬والعامل يعمل من أجل تحقيق نفس الغاية لذلك فكل‬
‫التفسيرات التي تتناول االنحراف غير مجدية ألنها نفسها تفسر السلوكيات السوية‪.‬‬
‫•‬
‫تقدير النظرية‬
‫‪ -‬تعتبر نظرية االختالط التفاضلي من النظريات الرائدة في تفسير السلوك اإلجرامي‪،‬وقد قامت‬
‫على مجموعة من الفرضيات المترابطة‪ ،‬فضال عن تقاطع العديد من الدراسات الحديثة مع‬
‫هذه النظرية‪.‬‬
‫‪-‬غير أن النظرية تعرضت لعدة انتقادات أبرزها عجزها وقصورها في تفسير تفاوت‬
‫االستجابة بين شخص وآخر‪،‬إذ ينحرف البعض دون البعض اآلخر‪،‬إضافة إلى إغفال النظرية‬
‫لجرائم الصدفة والجرائم العاطفية‪.‬‬
‫‪ -‬لم تتمكن النظرية أيضا من تفسير اختالف تأثير البيئة باختالف التكوين الفردي لألشخاص‬
‫الذين يعيشون فيها‪.‬‬
‫‪-‬لم تتمكن النظرية من تفسير الجرائم التي تقع في فترات الطفولة المبكرة‪ ،‬قبل أن يخالط‬
‫الطفل غيره مدة كافية لتعلم السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬نظرية ميرتون‪/‬التراخي االجتماعي‬
‫‪-‬شكلت دراسة ميرتون قفزة نوعية في الفهم العلمي للسلوك اإلجرامي وقد اعتمد في نظريته على‬
‫تجاوز العوامل المنعزلة‪ ،‬واهتم بالبنية االجتماعية بما فيها من تناقضات تدفع بالفرد إلى الخروج‬
‫عن التنظيم االجتماعي‪ ،‬والسقوط في اإلجرام بفعل غياب المعايير االجتماعية‪.‬‬
‫‪-‬حاول ميرتون أن يعتمد في التفسيرات االجتماعية لالنحراف نظرة متكاملة للمجتمع األمريكي‪،‬‬
‫فانطلق من تحليل البنية االجتماعية محاوال معرفة األسباب التي تدفع بعض األفراد إلى السلوك‬
‫اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬توصل ميرتون إلى حصر األنماط السلوكية اعتمادا على مفهوم الالمعيارية أو حالة عدم النظام‬
‫التي تسيطر على المجتمع وتجعله بدون وسيلة ثقافية يعتمدها الناس لتحقيق رغباتهم‪ ،‬فيضطرون‬
‫إلى اإلجرام كوسيلة لبلوغ أهدافهم‪.‬‬
‫‪-‬لشرح نظريته ينطلق ميرتون من أن أغلب الناس لديهم رغبات وغرائز ليست بالضرورة طبيعية‪،‬‬
‫وإنما هي مجموعة من األهداف واإلغراءات التي ينتجها المجتمع وتكرسها الثقافة السائدة فيه‪،‬‬
‫ويترتب على عدم توفير اإلمكانيات وإتاحة الفرص لجميع فئات المجتمع لتحقيقها‪ ،‬لجوء بعضهم‬
‫إلى وسائل غير مشروعة إلشباعها‪ ،‬بعدما يتعذر عليه ذلك بوسائل مشروعة‪.‬‬
‫الوسائل العلمية التي اعتمد عليها ميرتون‬

‫‪-‬تنحصر الوسائل العلمية التي يعتمد عليها ميرتون لدراسة كل بنية اجتماعية في عنصرين هامين هما‬
‫األهداف والمعايير‪.‬‬
‫‪-‬األهداف‪:‬ينطلق ميرتون من أن كل مجتمع يحدد ألفراده مجموعة من األهداف واالهتمامات التي غالبا ما‬
‫تكون مشروعة ومرتبة حسب أهميتها‪.‬‬
‫‪-‬المعايير‪ :‬هي مجموع القواعد التي تحكم السلوك وتضبط وسائل الوصول إلى األهداف وذلك باتباع طرق‬
‫معينة يسهر المجتمع على تنظيمها‪ .‬والمعايير هي التي تنظم الوسائل التي تختلف بحسب قيمتها‬
‫االجتماعية ‪،‬فهناك الوسائل المثلى والمستحسنة والممنوعة‪.‬‬
‫‪-‬يذهب ميرتون إلى أنه كلما وجد توازن بين هذين العنصرين كلما كانت السلوكات داخل البنية تعكس ذلك‬
‫التوازن‪.‬‬
‫‪-‬إذا تم التركيز على األهداف على حساب المعايير‪،‬ستصبح كل الوسائل صالحة للوصول إلى األهداف‬
‫المنشودة‪ ،‬وسيصبح المجتمع هش وموسوم ببنية مصابة بالخلل‪.‬‬
‫مدارس ونظريات أخرى‬
‫المدرسة الجغرافية‬
‫‪-‬يعود الفضل في تأسيس هذه المدرسة إلى العالم البلجيكي كتيليه والعالم الفرنسي جيري اللذين قاما‬
‫بدراسة اإلحصاءات الجنائية التي نشرت في فرنسا منذ سنة ‪.1826‬‬
‫‪-‬الحظ جيري ارتفاع معدالت جرائم االعتداء على األشخاص في المناطق الجنوبية‬
‫الفرنسية‪،‬وخاصة في فصل الصيف‪،‬وزيادة جرائم االعتداء على األموال في المناطق الشمالية في‬
‫فصل الشتاء‪ ،‬وهذا ما دفعه إلى القول بوجود عالقة بين الموقع الجغرافي ودرجة الحرارة من‬
‫جهة‪،‬ومعدالت الجريمة من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪-‬صاغ جيري فكرته في ما أسماه قانون الحرارة اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬خلص كتيليه إلى نفس النتيجة التي توصل إليها جيري‪ ،‬وإن عمم فكرته بشكل أوسع وربطها‬
‫بمجموع القارة األوروبية‪.‬‬
‫تقدير النظرية‪ :‬صادفت هذه النظرية الصواب عند ربطها الجريمة بالعوامل الجغرافية‬
‫المناخية‪،‬وربطها ذلك بكم الجرائم ونوعها من خالل قانون الحرارة اإلجرامي إال أنها عجزت عن‬
‫تقديم تفسير كامل للظاهرة اإلجرامية‪.‬‬
‫‪-‬يذهب أنصار المذهب التكويني إلى أن التأثير ال يأتي من العوامل البيئية المناخية مباشرة‪،‬وإنما‬
‫مما تحدثه تلك العوامل من تأثيرات عميقة في شخصية الفرد من الناحيتين العضوية والنفسية‪.‬‬
‫المدرسة االشتراكية‬
‫‪-‬تستمد هذه المدرسة أصولها الفكرية من الفكر االشتراكي‪ ،‬وقد ذهب بعض العلماء االشتراكيين وعلى‬
‫رأسهم الفيلسوف األلماني كارل ماركس(فيلسوف ومفكر سياسي واقتصادي وعالم اجتماع)‬
‫و انجلز(فيلسوف وعالم اقتصاد سياسي ألماني ويعتبر من منظري االشتراكية)‪ ،‬إلى أن النظام الرأسمالي‬
‫هو العامل المفسر و المؤدي إلى السلوك االجرامي‪.‬‬
‫‪ -‬فالجريمة في نظر هؤالء هي جريمة مصطنعة ال وجود لها حقيقة‪ ،‬و إنما هي نتاج الطبقة البورجوازية‪،‬‬
‫ونتيجة لصراع طبقي بين القوى العاملة و الطبقة البورجوازية‪ ،‬فهذه األخيرة تشغل الطبقة العمالية و‬
‫تستغلها اقتصاديا و اجتماعيا علما أن الثروة التي يمتلكونها مكتسبة من خالل عمل العمال‪،‬فالنظام‬
‫الرأسمالي هو الذي ينتج اإلجرام الذي يعتبر رد فعل ضد الظلم االجتماعي‪.‬‬
‫‪-‬من الطبيعي أن تلجأ هذه الطبقات المستغلة و المظلومة إلى الجريمة السترداد حقوقها المسلوبة منها‪.‬‬
‫‪ -‬ينادي أنصار هذا االتجاه إلى تطبيق النظام االشتراكي و يعتبرونه هو الحل الختفاء الجرائم‪ ،‬بحيث ال‬
‫يمكن أن تختفي الجرائم إال في ظله‪،‬ألنه مجتمع يقوم على التضامن والمودة‪ ،‬وال مكان فيه لجهاز الدولة‬
‫الفوقي‪ ،‬وما يتفرع عنه من أدوات ووسائل قمعية كالقانون والسجون‪..‬‬
‫‪-‬تأثر بهذه النظرية عالم االجتماع الهولندي بونجر الذي ربط الجريمة بالنظام الرأسمالي ورفض إرجاع‬
‫أسبابها إلى العوامل الفسيولوجية الوراثية ‪،‬كما رفض الربط بين الجريمة واألخالق والقيم الدينية التي‬
‫ليست سوى إفرازات لما يخلفه النظام االقتصادي الرأسمالي من عالقات اجتماعية فاسدة قوامها حب الذات‬
‫والرغبة في السيطرة من طرف األغنياء والحقد والكراهية من طرف الفقراء‪.‬‬
‫‪-‬كما أكد بونجر أن ما يتسم به النظام الرأسمالي من سمات كامنة في تحقيق الربح وفائض اإلنتاج‪ ،‬يفضي‬
‫إلى ظهور سلوكات منحرفة داخل المجتمع كالسرقة‪.‬‬
‫تقدير النظرية‬
‫‪-‬يرجع لهذه المدرسة الفضل في تسليط الضوء على مساوئ النظام الرأسمالي وما يؤدي إليه‬
‫التقسيم الطبقي من ظهور جرائم ترتبط أساسا بالظروف المادية االقتصادية ‪.‬‬
‫‪-‬غير أنه إذا استطاعت هذه النظرية تفسير جرائم االعتداء على األموال‪،‬فإنها لم تستطع‬
‫تفسير جرائم االعتداء على األشخاص ‪.‬‬
‫‪-‬أخفق أنصار النظرية في إيجاد تفسير مقنع في ارتكاب بعض األشخاص دون غيرهم‬
‫لإلجرام‪ ،‬على الرغم من خضوعهم لنظام اقتصادي واحد‪.‬‬
‫‪-‬يعاب على النظرية ربطها المطلق للظاهرة اإلجرامية بطبيعة النظام الرأسمالي‪،‬والحال أن‬
‫العوامل االقتصادية على الرغم من تأثيرها فإنها مجرد عامل يضاف إلى العوامل األخرى‬
‫كالتكوينية منها واالجتماعية‪.‬‬
‫بواعث ظهور المنهج التكاملي‬
‫بالتأمل في النظريات السابقة التي فسرت الظاهرة اإلجرامية نستنتج جنوحها عن اعتماد أسلوب المعالجة الشاملة‬
‫في تبين عوامل اإلجرام ودوافعه؛ فانصب اهتمام كل اتجاه على جانب من جوانب الظاهرة اإلجرامية‪ ،‬مع إغفال أو‬
‫رفض الجانب اآلخر‪.‬‬
‫‪-‬ترتب عن ذلك الفصل بين المجرم كأساس للعوامل الذاتية او الفردية ومصدر لها‪ ،‬وبين الوسط االجتماعي أو‬
‫البيئي‪ ،‬كأساس للعوامل االجتماعية ومصدر لها كذلك؛ رغم ما بينهما من ترابط عضوي وتأثير وتفاعل متبادلين‪.‬‬
‫‪-‬لذلك فطن به بعض أنصار المذهبين (الفردي واالجتماعي) إلى األمر‪ ،‬وتراجعوا عن غلوهم معترفين بدور‬
‫العوامل التي أسقطوها من حسابهم‪ ،‬أو قللوا من أهميتها أو دورها في إحداث الظاهرة اإلجرامية‪.‬‬
‫‪-‬انطلق باحثون آخرون من البحث عن أسلوب شمولي نوعا ما ودون اإلفصاح عن تفاصيل المضمون‪ ،‬ومن ذلك‬
‫انريكو فيري‪ ،‬الذي رد الجرائم إلى خليط من العوامل الذاتية (العضوية والنفسية) والعوامل الخارجية (االجتماعية‬
‫والطبيعية) ‪ ،‬فخلص إلى وجود قانون للجريمة (قانون التشبع اإلجرامي)‪.‬‬
‫كذلك ذهب مارتن جولد إلى أن السلوك اإلجرامي ما هو إال صورة لتفاعل داخلي وخارجي‪.‬‬
‫دور المذهب المختلط في تفسير السلوك اإلجرامي‬

‫‪-‬لم يتبلور المنهج التكاملي في نظرية واضحة األسس والمضامين‪ ،‬إال بظهور نظرية االستعداد‬
‫اإلجرامي للعالم اإليطالي دي توليو والذي اعتمد منهجا تكامليا للكشف عن أسباب الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬تأثر دي توليو بأبحاث لومبروزو ودراساته وجعل منها منطلقا لتأسيس نظريته عن االستعداد‬
‫اإلجرامي‪ ،‬وحاول تحليل شخصية المجرم بوصفها المصدر األول للسلوك اإلجرامي‪ ،‬واعتبر‬
‫الجريمة سلوكا فرديا بيولوجيا اجتماعيا يحدث بسبب استجابة الدوافع الغريزية للمؤثرات‬
‫الخارجية‪.‬‬
‫أساس نظرية دي توليو‬
‫‪-‬يرى دي توليو(أستاذ علم طبائع المجرم في روما) أن اإلنسان يتمتع بتكوين نفسي وتكوين‬
‫عقلي وآخر عصبي يجعله قابال لإلصابة بأمراض معينة كالسل‪،‬ولديه أيضا تكوينا إجراميا‬
‫وهو الشخصية اإلجرامية ومن يرتكب الجريمة يرتكبها بسبب التكوين الخاص‬
‫لشخصيته‪،‬وهذه الشخصية لها صفات عضوية ونفسية خاصة‪ ،‬قد تكون وراثية أو مكتسبة‬
‫تميز صاحبها عن غيره من األشخاص األسوياء وتدفعه إلى السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬يتوفر االستعداد اإلجرامي عند المجرمين فقط الذين ال يستطيعون مقاومة غرائزهم والتكيف‬
‫مع البيئة االجتماعية بسبب الخلل العضوي والنفسي المولد لالستعداد اإلجرامي‪ ،‬بخالف‬
‫األسوياء اللذين ال يتأثرون بعوامل المحيط االجتماعي‪.‬‬
‫‪-‬تقوم فكرة االستعداد اإلجرامي حسب دي توليو على وجود نوعين من العوامل‪ ،‬تتمثل األولى‬
‫في وجود خلل في النمو العاطفي لدى المجرم‪ ،‬بسبب عوامل تتصل بغرائزه مما يحول دون‬
‫تقبله للقيم االجتماعية السائدة في مجتمعه‪ ،‬وتتمثل الثانية في العيوب الجسمانية الناجمة عن‬
‫الخلل الوظيفي دي الصلة باإلفرازات الغددية ‪ ،‬والذي يخلق الشخصية السيكوباتية غير‬
‫القادرة على التوافق مع المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬ال تكفي حسب دي توليو العوامل المذكورة أعاله و المحققة لالستعداد اإلجرامي لتحقق‬
‫الجريمة ‪،‬وإنما ينبغي أن تتفاعل مع العوامل الخارجية الكامنة في البيئة االجتماعية‪.‬‬
‫أنواع االستعداد اإلجرامي حسب دي توليو‬

‫‪-‬يميز دي توليو بين نوعين من االستعداد اإلجرامي االستعداد اإلجرامي األصيل‬


‫أو الفطري واالستعداد اإلجرامي العارض‪.‬‬
‫‪-‬االستعداد اإلجرامي األصيل‪ :‬يتصف هذا النوع بالديمومة بسبب ثبات مصدره‬
‫المتمثل في التكوين العضوي والنفسي والعصبي وهو الذي يؤدي عادة إلى‬
‫ارتكاب أخطر الجرائم‪.‬‬
‫االستعداد اإلجرامي العارض‪ :‬يتحقق بسبب وجود عوامل شخصية واجتماعية‬
‫تضعف المقاومة‪ ،‬وتدفع إلى ارتكاب الجرائم صدفة أو بطريقة عرضية‪.‬‬
‫تصنيف دي توليو للمجرمين حسب استعدادهم اإلجرامي‬

‫‪-‬استنادا إلى نوعي االستعداد اإلجرامي صنف دي توليو المجرمين بحسب‬


‫نوع استعدادهم أو تكوينهم إلى المجرمين العرضين والمجرمين بالتكوين و‬
‫المجرمين المجانين‪.‬‬
‫‪)1‬المجرم العرضي‬
‫يطلق عليه كذلك المجرم بالصدفة وأهم ما يميز هذه الطائفة هي االنتماء إلى الطبقة‬
‫المتوسطة والقدرة على حفظ التوازن بين غرائزهم الطبيعية وبين المتطلبات االجتماعية‪.‬‬
‫‪-‬يعزى إجرام المجرم العارض إلى تأثير عوامل خارجية وبيئية تضعف قدرته على التكيف مع‬
‫الحياة االجتماعية و القوانين السائدة‪،‬فيتولد عن ذلك ردود فعل استثنائية أي عرضية ووقتية‬
‫ذات طابع مضاد للمجتمع‪.‬‬
‫‪-‬ال يتوفر لدى هذا النمط استعداد أو ميل إجرامي أصيل بل عرضي‪،‬وتعتبر العوامل االجتماعية‬
‫مؤثرة‪ ،‬والجمع بين العاملين يفضي إلى ظروف مهيئة للجريمة‪.‬‬
‫‪-‬يقسم دي توليو المجرمين العرضيين إلى ثالثة أنواع المجرم بالصدفة المحض و المجرم‬
‫بالصدفة العاطفي والمجرم بالصدفة الشائع ‪.‬‬
‫توضيح‬

‫المجرم العرضي المحض‪ :‬هو الذي يرتكب الجريمة استجابة لدوافع استثنائية محضة‪،‬وفي‬
‫ظروف استثنائية محضة ‪ ،‬لم يتوقعها أو لم يكن بمقدوره توقعها‪.‬‬
‫المجرم بالصدفة العاطفي ‪:‬هوالذي يرتكب الجريمة مدفوعا بعوامل عاطفية أو انفعالية ذات‬
‫طابع نفسي في أغلب األحيان وعضوي أحيانا‪،‬وتفضي هذه العوامل إلى تعطيل قدرة التكيف‬
‫لديه بصورة مؤقتة وفي حدود معينة‪.‬‬
‫المجرم بالصدفة الشائع ‪ :‬يتسم هذا المجرم بنقص خلقي‪،‬ويميل إلى ارتكاب السلوك المضاد‬
‫للمجتمع‪،‬وبصفة خاصة جرائم األموال ‪.‬ومن السهل على هذا الشخص أن يتحول إلى مجرم‬
‫معتاد‪.‬‬

‫•‬
‫‪)2‬المجرمين بالتكوين‬
‫‪-‬ينفرد هؤالء المجرمون بمجموعة من العناصر التكوينية التي تتمثل في الخطورة‬
‫اإلجرامية وإصرارهم على ارتكاب الجريمة واحترافهم لإلجرام‪.‬‬
‫‪-‬يعتبر المجرم ذو التكوين اإلجرامي شخصا دون الرجل العادي من حيث الملكات‬
‫النفسية والوازع الخلقي ‪ ،‬ويتوافر لديه استعداد إجرامي أصيل ‪ ،‬يكشف عن كثافة‬
‫القوة الدافعة إلى الجريمة وتخلف قوى المنع منها‪ .‬وعادة ما يرجع إجرام هذا النمط‬
‫إلى وجود شذوذ غريزي‪ ،‬يسهم في حدته عيب في التكوين العضوي‪ ،‬أو خلل في‬
‫الجهاز العصبي وفي الملكات الذهنية‪.‬‬
‫‪-‬ميز دي توليو بين ثالثة نماذج داخل هذه الطائفة المجرم بالتكوين ذو النمو‬
‫الناقص‪ ،‬و المجرم ذو االتجاه العصبي السيكوباتي‪ ،‬والمجرم ذو االتجاه المختلط‪.‬‬
‫المجرم بالتكوين ذو النمو الناقص‬
‫‪-‬هو اقرب إلى اإلنسان البدائي كما وصفه لمبروزو المجرم بالميالد أو بالفطرة‬
‫ويتميز هذا النوع من المجرمين بخصائص مورفولوجية(المورفولوجيا البشرية هي‬
‫دراسة شكل جسم اإلنسان) ونفسية خاصة ‪ ،‬كالتكوين العاطفي المعيب ‪ ،‬والقابلية‬
‫لالستثارة بسهولة ‪ ،‬وسرعة االنسياق وراء األفكار التسلطية ‪ ،‬واألنانية المفرطة‬
‫واالعتداد بالذات ‪ ،‬وحدة المزاج ‪ ،‬والميل للكذب‪.‬‬
‫‪-‬يرجع إجرام هذا النوع من المجرمين إلى خلل موروث أو مكتسب في الطفولة‪.‬‬
‫‪-‬يكون هذا الصنف من الجناة مستعدا للقيام بكل نشاط مضاد للمجتمع فيصبح‬
‫لصا خطي ار أو منحرفا جنسيا أو معتديا على األشخاص بشراسة ووحشية خصوصا‬
‫إذا كان يعيش في بيئة فاسدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المجرم بالتكوين ذو االتجاه العصبي السيكوباتي‬

‫‪-‬يتميز بخلل واضح في جهازه العصبي يجعله سريع التأثر واالنفعال‪ ،‬ويضم هذا‬
‫الصنف مرضى (الصرع والهستريا‪.)...‬‬

‫يتميز هذا النمط من المجرمين بأن لديه إفراط في القوى الغريزية وقابلية كبيرة‬
‫للهيجان واالنفعال‪ ،‬وهذا اإلفراط يؤدي إلى أفعال يغلب فيها التعسف والتعدي‬
‫والعنف‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫•‬ ‫‪.‬‬
‫المجرم ذو االتجاه المختلط‬

‫‪-‬هو المجرم الذي يجمع في شخصيته بعض خصائص واضطرابات األنواع السابقة‪.‬‬
‫‪-‬تصدر عن هذا النوع أفعاال إجرامية غاية في الخطورة وتتفاعل لديه تيارات عديدة من‬
‫الشذوذ النفسي المتوافر في أكثر من اتجاه واحد تعزز الميل اإلجرامي الكامن في نفسه‪،‬‬
‫وتيسر لهذا الميل الفرصة للظهور بصورة غاية في الجسامة والشذوذ‪.‬‬
‫تقدير نظرية دي توليو‬
‫‪-‬سلك دي توليو منهجا تكامليا للكشف عن أسباب الظاهرة اإلجرامية يتمثل في الربط بين العوامل‬
‫الفردية (الذاتية) المتمثلة في التكوين اإلجرامي والعوامل االجتماعية المتمثلة في البيئة المحيطة‬
‫بالمجرم‪.‬‬
‫‪-‬يرجع لدي توليو الفضل في توجيه الباحثين نحو االهتمام بالسلوك اإلجرامي دراسة متكاملة‬
‫باعتباره نتاج عوامل فردية واجتماعية ‪.‬‬
‫‪-‬غير أنه يؤخذ على نظرية دي توليو الربط المطلق بين االستعداد اإلجرامي الفطري والجريمة‬
‫‪،‬وأيضا إنكارها ألي دور مستقل للعوامل االجتماعية فدور هذه األخيرة مشروط بوجود التكوين‬
‫اإلجرامي‪ ،‬وهو ما نفاه بعض الباحثين بعلة أن الكثير من الجرائم تقع بسبب العوامل االجتماعية‬
‫والبيئية المحيطة بالمجرم بغض النظر عن عامل التكوين أو االستعداد اإلجرامي‪.‬‬
‫العوامل الخارجية المؤثرة في السلوك‬
‫اإلجرامي‬
‫‪-‬العوامل الجغرافية‬
‫‪-‬العوامل االجتماعية‬
‫‪-‬العوامل االقتصادية‬
‫‪-‬العوامل الثقافية‬
‫العالقة بين العوامل الجغرافية والظاهرة اإلجرامية‬

‫‪-‬دراسة العالقة بين العوامل الجغرافية والظاهرة‬


‫اإلجرامية‬
‫‪-‬تقدير دور العوامل الجغرافية‬
‫العالقة بين العوامل الجغرافية والظاهرة اإلجرامية‬

‫‪-‬العوامل الجغرافية هي مجموعة من الظروف الطبيعية التي تسود في منطقة معينه مثل حالة‬
‫الطقس من حرارة وبرودة وكمية االمطار ونوع ودرجة الرياح وطبيعة األرض والتربة‪.‬‬
‫‪-‬يذهب أنصار النظرية الجغرافية في علم الجريمة إلى أن للظواهر الجغرافية أثرا ً كبيرا ً على‬
‫السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫رأي مونتسكيو‬

‫ذهب مونتسكيو إلى وجود عالقة بين العوامل الجغرافية والجريمة واظهر ذلك خالل أبحاثه‬
‫في علم االجتماع القانوني والفقه القانوني‪ ،‬وقد بين في كتابه" روح القوانين" أن للمناخ‬
‫وطبوغرافية األرض‪ ،‬تأثيرا ً على األفراد‪ ،‬وهي السبب في نشوء التمايز في الخصائص‬
‫العقلية والميول بين األفراد‪.‬‬
‫‪-‬توصل مونتسكيو إلى أن جرائم العنف والجرائم الجنسية تزيد نسبتها في المناطق‬
‫االستوائية والقريبة منها‪ ،‬بينما جرائم اإلدمان على المشروبات الكحولية تزداد نسبتها في‬
‫المناطق القريبة من القطبين‪.‬‬
‫‪-‬يرى مونتسكيو أيضا أن القوانين والعادات وكافة أشكال النظم هي عبارة عن نتاج للعوامل‬
‫الجغرافية‪.‬‬
‫رأي جيري‬

‫‪-‬قام "جيري" مدير الشؤون الجنائية بوزارة العدل الفرنسية بدراسة اإلحصاءات الجنائية التي‬
‫قامت بنشرها فرنسا خالل الفترة الممتدة من "‪ 1826‬إلى ‪ "1833‬وتوصل إلى النتائج‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ازدياد الجرائم ضد األشخاص في المناطق الجنوبية من فرنسا في الفصول الحارة‪.‬‬
‫‪ -‬ازدياد الجرائم ضد األموال في المناطق الشمالية خالل الفصول الباردة‪.‬‬
‫الخالصة التي توصل إليها جيري‪ :‬توجد عالقة بين الموقع الجغرافي ودرجة الحرارة من‬
‫ناحية‪ ،‬ومعدالت الجريمة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫بناء على ذلك وضع قانونه المعروف بـ" قانون الحرارة اإلجرامي‪".‬‬
‫رأي كتيليه‬
‫استفاد كتيليه من النتائج التي توصل إليها جيري وصاغ بدوره قانونين هما‪:‬‬
‫األول‪ :‬قانون ميزانية الجريمة‪ ،‬ومؤداه ثبات اإلجرام من عام إلى آخر‪.‬‬
‫‪ -‬حسب كتيليه كما توجد ضرائب مالية في المجتمع‪ ،‬توجد كذلك ضريبة إجرامية يجب على‬
‫المجتمع تحملها كل عام‪ ،‬ويمكن تحديدها كأي ضريبة‪ ،‬وتدرج في ميزانية الجريمة كافة أنواع‬
‫الجرائم التي سترتكب كل عام على أساس أن الجرائم ترتكب كل عام بالعدد نفسه وبالعقوبات‬
‫نفسها وبالنسبة نفسها تحت تأثير الوسط االجتماعي نفسه والظروف التي يمر بها المجتمع‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬قانون الحرارة اإلجرامي وهو نفس القانون الذي توصل إليه "جيري" وعممه على قارة‬
‫أوروبا‪ ،‬وذهب إلى أن جرائم األشخاص تسود في األقاليم الجنوبية ألوروبا حينما يكون الطقس‬
‫حا اًر‪ ،‬بينما تكثر جرائم األموال في األقاليم الشمالية ألوروبا حينما يكون الطقس بارداً‪.‬‬
‫‪-‬بفضل أَتباع هذه النظرية الذين انتشروا في القارتين األوربية واألمريكية توسعت مجاالت‬
‫الدراسة‪ ،‬حتى ذهب "فيري" إلى أن لبعض الظروف الطبيعية مثل طبيعة التربة والطبيعة الزراعية‬
‫والمناخ واختالف فصول السنة ودرجة الحرارة والحالة الجوية تأثي اًر على تكوين السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫عالقة الحيز الجغرافي بالظاهرة اإلجرامية‬

‫‪-‬أكدت اإلحصاءات الجنائية أن ارتفاع معدالت اإلجرام يرتبط بالمدن الكبرى‪،‬مقارنة‬


‫مع المدن الصغرى و القرى‪،‬ويعزى ذلك الرتفاع مستوى المعيشة بالمدن الكبرى‬
‫واإلغراءات الكثيرة التي تميز العيش بالمدن الكبرى‪ ،‬وسعي بعض األفراد إلى‬
‫إشباعها بطرق غير مشروعة‪.‬‬
‫‪-‬يالحظ أيضا وجود اختالف نوعي على مستوى الجرائم‪ ،‬فالجرائم المرتكبة في‬
‫القرى هي جرائم العنف كالضرب والجرح واإليذاء وإتالف المزروعات وجرائم‬
‫السرقة‪،‬بينما تسود في المدن جرائم القتل واالغتصاب واإلجهاض والتزوير‬
‫واالختالس والرشوة والجرائم االلكترونية‪..‬‬
‫تقدير دور العوامل الجغرافية‬
‫ال يمكن انكار دور العوامل الجغرافية في حركة االجرام ‪ ،‬غير أنه ال تكفي هذه العوامل‬
‫بمفردها في تفسير السلوك االجرامي ‪ ،‬و بالتالي ال يمكن اعتبارها سببا مباشـرا في‬
‫ارتكـاب الجرائم ‪ ،‬سيما وأن األبحاث ركزت أساسا على عالقة هذه العوامل مع نوعين من‬
‫الجرائم‪ ،‬و هما جرائم االعتداء على االشخاص و جرائم االعتداء على األموال ‪.‬‬
‫الصلة بين المحيط االجتماعي والظاهرة‬
‫االجرامية‬

‫‪-‬األسرة‬
‫‪-‬المسكن‬
‫‪-‬األصدقاء‬
‫‪-‬العمل‬
‫‪-‬تقدير دور هذه العوامل‬
‫مدى الصلة بين المحيط االجتماعي والظاهرة اإلجرامية‬

‫واألصدقاء‪.‬‬ ‫‪-‬يشمل المحيط االجتماعي األسرة والمسكن والعمل‬


‫األسرة‬
‫‪-‬لألسرة أهمية كبيرة في بناء شخصية الفرد بشقيها العاطفي والنفسي‪ .‬وهذا ما تؤكده‬
‫مجموعة من األبحاث و الدراسات‪ ،‬كما لها تأثير على تكوين الشخصية اإلجرامية للطفل‪،‬‬
‫سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫‪-‬توصلت العديد من األبحاث الميدانية إلى أن مستوى األسرة الثقافي والتعليمي و الدخل‪ ،‬يؤثر‬
‫بشكل مباشر في تنشئة أطفال هذه األسر و تربيتهم‪ ،‬و قد يكون السبب المباشر في انحرافهم‪.‬‬
‫‪ -‬توجد عالقة بين األسرة و السلوك اإلجرامي‪ ،‬و تحديدا لدى األحداث الجانحين المنتمين إلى‬
‫أسر تتسم بالتفكك والهشاشة والعنف‪ ،‬األمر الذي قد يدفع الحدث إلى الجريمة كرد فعل أو‬
‫تمرد على األوضاع السيئة التي يعيشها داخل أسرته‪.‬‬
‫العالقة بين المسكن والظاهرة اإلجرامية‬

‫هل توجد عالقة بين المسكن وسلوك اإلنسان؟‬


‫ثانيا‪ :‬المسكن‬
‫‪-‬يشمل المسكن العوامل والمؤثرات المحيطة بالفرد‪ ،‬والمتعلقة بالبيت الذي يقطن‬
‫فيه من حيث الموقع‪،‬المساحة‪،‬التهوية‪،‬النظافة‪،‬مدى مراعاة الشروط الصحية ‪،‬فكل‬
‫هذه العوامل قد تؤثر على التكوين الجسماني والنفسي للفرد‪ ،‬وينعكس ذلك إيجابا‬
‫أو سلبا على سلوكه‪.‬‬
‫‪ -‬أثبتت بعض الدراسات الخاصة بالجريمة‪ ،‬وخاصة تلك التي قام بها كلويك أن‬
‫الظاهرة اإلجرامية ترتبط بشكل وثيق بالوسط غير النظيف‪.‬‬
‫‪ -‬تبين من خالل األبحاث أن عددا ال بأس به من األفراد الذين تم ضبطهم في خاليا‬
‫إرهابية ينتمون إلى أحياء مهمشة‪.‬‬
‫المدرسة‬
‫‪-‬يعتبر مجتمع المدرسة أول مجتمع أجنبي يتصل به الطفل بعد‬
‫األسرة وفيه يلتقي بأقرانه ومدرسيه ‪.‬‬
‫‪-‬إذا نجحت المدرسة في أداء دورها التربوي والتعليمي‪ ،‬فإنها‬
‫ستساهم في إعداد فرد قادر على التكيف مع المجتمع بما يسوده من‬
‫قيم ومبادئ ‪،‬وإذا أخفقت المدرسة في القيام بالدور المنوط بها‬
‫حينئذ ال يستطيع الطفل التكيف مع الوسط المدرسي‪ ،‬فيغادر‬
‫المدرسة(ظاهرة الهدر المدرسي)‪،‬وقد ينضم إلى رفقاء السوء‬
‫ويتأثر بسلوكهم ويقلد أفعالهم اإلجرامية‪.‬‬
‫العالقة بين العمل والظاهرة اإلجرامية‬

‫هل تؤثر بيئة العمل على سلوك‬


‫اإلنسان؟‬
‫العمل‬
‫‪-‬يكتسي العمل أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫‪-‬يساهم العمل في تحقيق االستقرار المادي للفرد ويزيد من ثقته بنفسه ‪،‬ويساعد‬
‫األفراد في بناء الكثير من العالقات االجتماعية‪ ،‬ويساهم في اتصال الفرد‬
‫باآلخرين‪.‬‬
‫‪-‬قد تؤثر بيئة العمل ونوعه في ظاهرة اإلجرام‪ ،‬فقد يتعرض الشخص أثناء عمله‬
‫لظروف تدفعه إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬ومن أبرز صور ذلك سوء معاملة رب العمل‬
‫له‪ ،‬وقسوته أو عدم تشجيعه له أو تكليفه بمهام كثيرة أو سوء عالقته بزمالئه‪،‬‬
‫األمر الذي قد يؤثر على نفسيته ويدفعه إلى ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫العالقة بين طبيعة العمل والجريمة المرتكبة‬
‫‪-‬توصل بعض العلماء إلى وجود عالقة بين بيئة العمل والجريمة‬
‫المرتكبة‪ ،‬وهكذا فبعض المهن تتطلب وجود أدوات حادة بين أيدي‬
‫العاملين فيها‪ ،‬مثل فئة الجزارين والحالقين والحدادين والنجارين‪.‬‬
‫‪-‬قد تساعد المهنة أو الوظيفة أحيانا في ارتكاب الجريمة‪ ،‬كالطبيب‬
‫الذي يستغل مهنته في اإلجهاض‪ ،‬والصيدلي الذي يقوم بإعداد مواد‬
‫سامة‪ ،‬و قد يستغل الموظف العام وظيفته في ارتكاب جريمة‬
‫الرشوة‪.‬‬
‫العالقة بين جماعة األصدقاء والظاهرة اإلجرامية‬
‫يعتبر اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه لذا فإنه يسعى دائما لخلق عالقات اجتماعية‬ ‫‪--‬‬

‫جديدة ‪،‬والتواصل مع اآلخرين بشتى السبل‪ ،‬وألغراض متعددة‪،‬و يميل إلى‬


‫تكوين عالقات صداقة مع أشخاص يتفق معهم في ميوله واتجاهاته وهواياته‬
‫ويتقارب معهم سنا‪.‬‬
‫‪-‬تلعب عالقة الصداقة دورا رئيسيا يوازي أو يفوق دور األسرة والتربية‬
‫المنزلية‪ ،‬ويبرز التأثير األقوى لألصدقاء في أكثر مراحل تكوين شخصية الفرد‬
‫أهمية وحساسية وهي مرحلة المراهقة‪.‬‬
‫‪-‬هناك تأثير متبادل بين األصدقاء‪ ،‬فإذا اتسم أفراد جماعة األصدقاء بحسن الخلق‬
‫واإلبداع والتفوق‪،‬كان التأثير والتأثر إيجابيا‪.‬‬
‫‪-‬وفي المقابل فقد توصل علماء اإلجرام إلى أن الجماعات المنحرفة السلوك تؤثر‬
‫على األشخاص الذين يتصلون بها خاصة إذا كان لدى هؤالء األفراد استعداد‬
‫نفسي للسلوك االنحراف‪.‬‬
‫تقدير دور العوامل االجتماعية‬
‫‪-‬توصلت الدراسات إلى وجود عالقة بين الظاهرة اإلجرامية والعوامل االجتماعية التي تحيط‬
‫بالشخص كاألسرة والمدرسة و بيئة العمل واألصدقاء‪.‬‬
‫‪-‬تعتبر األسرة من أقوى العوامل الخارجية التي تؤثر في تكوين شخصية الفرد وتتحكم في‬
‫سلوكه‪ ،‬وتؤكد اإلحصاءات وجود الصلة بين التفكك األسري والسلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬غير أنه وعلى الرغم من أهمية هذه العوامل‪،‬فال ينبغي التغاضي عن انحراف األحداث‬
‫المنتمين إلى أسرة غير مفككة أو أسر ميسورة‪.‬‬
‫‪-‬من جهة ثانية ال يمكن اعتبار مجرد االنخراط في جماعة أصدقاء سيئة هو الدافع وراء‬
‫الجريمة‪،‬بل قد تتضافر معه عوامل أخرى خارجية أو داخلية‪.‬‬
‫العالقة بين العوامل االقتصادية والظاهرة اإلجرامية‬
‫‪-‬تضاربت آراء الباحثين حول الصلة بين الجريمة والعوامل االقتصادية‪ ،‬وقد ذهبت المدرسة‬
‫االشتراكية إلى وجود صلة بين الجريمة والنظام الرأسمالي ‪،‬باعتباره الباعث وراء إلجرام‬
‫بسبب ما يرتبه من سوء توزيع للثروة بين األفراد ‪،‬األمر الذي يؤدي إلى وجود فوارق‬
‫اجتماعية كبيرة‪ ،‬تولد الشعور بالظلم والحقد على الطبقات البورجوازية ‪،‬فيترجم ذلك إلى‬
‫أفعال إجرامية‪.‬‬
‫‪-‬في المقابل أغفلت دراسات أخرى العامل االقتصادي‪ ،‬وأرجعت الجريمة إلى مدى استعداد‬
‫الفرد لإلجرام ‪،‬ويبقى العامل االقتصادي مجرد محفز على إتيان األفعال اإلجرامية‪.‬‬
‫‪ -‬قد يكون العامل االقتصادي أحد العوامل اإلجرامية ‪،‬غير أنه ال يعتبر العامل الوحيد بل قد‬
‫تتضافر معه بعض العوامل األخرى‪.‬‬

‫‪‬‬
‫العالقة بين دخل الفرد والجريمة‬
‫‪-‬إذا كان دخل الفرد مرتفعا أو متناسبا مع مستوى األسعار‪ ،‬فإن ذلك يساعده في إشباع‬
‫رغباته‪ ،‬فتقل تبعا لذلك جرائم السرقة‪،‬غير أنه قد يرتكب جرائم أخرى كالرشوة والنصب‪،‬‬
‫وتناول الخمور وتعاطي المخدرات‪.‬‬
‫‪-‬في مقابل ذلك إذا كان دخل الفرد منخفضا أو منعدما ‪،‬فقد يرتكب بعض الجرائم‪،‬كالتسول‬
‫والسرقة‪.‬‬
‫‪ -‬اختلف علماء اإلجرام حول ربط الجريمة بالفقر‪ ،‬فبعض الدراسات تؤكد وجود صلة بين‬
‫الفقر والجريمة‪ ،‬بينما تنفي دراسات أخرى وجود صلة بينهما‪.‬‬
‫تقدير دور العوامل االقتصادية‬
‫‪-‬أثبتت الدراسات في مجال علم اإلجرام وجود عالقة بين العوامل االقتصادية‬
‫وخاصة الفقر والظاهرة اإلجرامية ‪.‬‬
‫‪-‬غير أنه أكدت دراسات أخرى ان الجريمة يرتكبها الفقراء وأيضا غير الفقراء‬
‫كرجال االعمال‪ ،‬وكبار التجار‪ ،‬وأصحاب المشاريع التجارية الضخمة‪،‬‬
‫والمستثمرين‪.‬‬
‫وبالتالي ال يمكن إنكار دور العوامل األخرى في ارتكاب األفعال اإلجرامية‪.‬‬
‫العالقة بين العوامل الثقافية والظاهرة‬
‫اإلجرامية‬

‫‪-‬الدين‬
‫‪-‬المعتقدات السائدة‬
‫‪-‬اإلعالم‬
‫الصلة بين العوامل الثقافية والظاهرة اإلجرامية‬
‫‪-‬مفهوم الثقافة‪-‬‬

‫‪-‬تدل الثقافة على مجموعة من السمات التي تميز أي مجتمع عن غيره‪،‬‬


‫وتشمل الدين والتربية والتعليم والفنون‪ ،‬واألعراف والعادات والتقاليد‬
‫السائدة‪ ،‬والقيم‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫الدين‬
‫الدين لغة هو الطاعة واالنقياد واصطالحا هو الخضوع واالنقياد هلل عز وجل وفق ما جاءت به الرسائل السماوية من هللا عز‬ ‫‪-‬‬

‫وجل‪.‬‬
‫‪-‬يساهم الدين في الوقاية من الجريمة عبر تهذيب النفوس‪ ،‬والحث على التمسك بالقيم والمثل السامية‪ ،‬مما يحول دون‬
‫وقوع الجرائم‪،‬فكلما كان الفرد متدينا وملتزما بتعاليم الدين‪،‬فإنه يبتعد عن اإلجرام‪.‬‬
‫‪-‬تقوم بعض المؤسسات الدينية بدور طالئعي في الوقاية من الجريمة والحيلولة دون وقوعها كالمساجد‪ ،‬ودور التوعية‬
‫واإلرشاد‪ ،‬والزوايا وحلقات تحفيظ القرآن‪.‬‬
‫‪-‬أشار بعض علماء اإلجرام إلى أهمية الدين في وقاية المجتمع من السلوك اإلجرامي‪ ،‬وان ضعف الوازع الديني هو العامل‬
‫الرئيس المؤدي إلى اإلجرام‪.‬‬
‫‪-‬تجدر اإلشارة إلى أن الفهم الخاطئ لتعاليم الدين قد يكون سببا ً وراء ارتكاب بعض الجرائم كما هو الشأن بالنسبة للجرائم‬
‫‪.‬‬ ‫اإلرهابية‬
‫المعتقدات السائدة‬
‫‪-‬تدفع بعض المعتقدات السائدة في المجتمع الفرد إلى ارتكاب الجريمة بسبب اعتقاده بقداستها‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للثأر‪،‬على الرغم من تعارضها الصريح مع القانون‪.‬‬
‫‪-‬في بعض المجتمعات كصعيد مصر واليمن‪ ،‬يقوم أقارب القتيل بقتل القاتل نفسه أو قتل أحد‬
‫أقاربه انتقاما ً ألنفسهم دون أن يتركوا للدولة حق إقامة القصاص الشرعي‪،‬و تعتبر ظاهرة‬
‫الثأر من أخطر الظواهر االجتماعية التي عانت منها المجتمعات البشرية ‪ ،‬وهي قديمة وتعتبر‬
‫من أخطر ما يهدد سالمة وأمن وسكينة المجتمعات‪.‬‬
‫اإلعالم‬
‫مفهوم اإلعالم‬
‫‪-‬‬

‫‪-‬أهميته‬
‫وسائل اإلعالم‬
‫‪-‬اإلعالم وسيلة اجتماعية مهمة للتواصل مع الجماهير‪.‬‬
‫‪-‬يطلق مصطلح اإلعالم على أي وسيلة أو تقنية أو منظمة أو مؤسسة‬
‫تجارية أو غير ربحية عامة أو خاصة مهمتها نشر األخبار ونقل‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫‪-‬يعتمد اإلعالم على مجموعة من الوسائل كالصحف اليومية واإلذاعة‬
‫والتلفزيون‪ ،‬والمجالت‪ ،‬وقد يكون اإلعالم رقميا يستخدم كافة الوسائل‬
‫االتصالية المتاحة ويعتمد على الوسائط المختلفة ونشرها عبر االجهزة‬
‫االلكترونية‪.‬‬
‫‪-‬تساهم وسائل اإلعالم المختلفة التقليدية منها والرقمية بمختلف أنواعها‬
‫سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية في تسهيل التواصل بين الدول‬
‫والمناطق على الرغم من اتساعها‪ ،‬وتحويل العالم إلى قرية صغيرة‪.‬‬
‫الدور اإليجابي لوسائل اإلعالم‬

‫‪-‬تساهم وسائل اإلعالم بشكل كبير في الوقاية من الجرائم من خالل نشر‬


‫أخبار الجرائم وتحذير الناس من خطورة األفعال اإلجرامية ألخذ الحيطة‬
‫والحذر منها‪.‬‬
‫‪-‬يلعب اإلعالم دورا طالئعيا في تكوين األجيال من خالل البرامج الهادفة‪،‬‬
‫والندوات الفاعلة‪ ،‬الرامية إلى تهذيب النفوس وتنوير العقول‪.‬‬
‫‪ -‬يساهم نشر أخبار الجريمة في تحقيق الردع العام من خالل تخويف‬
‫األفراد من توقيع العقوبة عليهم في حالة مخالفة أحكام القانون الجنائي‪.‬‬
‫الدور السلبي لإلعالم‬
‫‪-‬أكد الباحثون في علم اإلجرام أن لوسائل اإلعالم دور سلبي يتجلى في زيادة معدل السلوك اإلجرامي ‪،‬‬
‫خاصة لدى المراهقين والشباب‪ ،‬ألن الصوت والصورة يلعبان دورا مهما في تثقيف الفرد وتحديد‬
‫معايير السلوك لديه‪.‬‬
‫‪-‬نظرا لالنتشار الواسع لوسائل التواصل االجتماعي والفضائيات التي تغطي كل بقاع العالم‪ ،‬فقد يكون‬
‫لبعض المشاهد تأثير على سلوك األطفال والشباب وتشجيعهم على االنحراف واإلجرام‪ ،‬وتمكينهم من‬
‫االطالع على مجموعة من الحيل للهروب من السجن‪.‬‬
‫‪-‬ال يتمكن العديد من األفراد من استيعاب أو تحليل المادة اإلعالمية المقدمة إليهم ‪ ،‬يضاف إلى ذلك‬
‫الرغبة الجامحة في التقليد واالستخفاف بالقيم المجتمعية‪ ،‬ومخالفة القواعد القانونية لتأكيد الذات‬
‫خاصة بالنسبة لبعض المراهقين‪.‬‬
‫‪-‬يزداد األثر السلبي لوسائل اإلعالم إذا تعلق األمر بالوسائل المرئية‪ ،‬ألنها تعتمد على الصورة‪ ،‬فهذه‬
‫الوسائل قد تعرض بعض المشاهد التي قد تؤثر سلبا على بعض األشخاص‪ ،‬وتدفعهم إلى ارتكاب جرائم‬
‫االعتداء على األشخاص أو الجرائم األخالقية‪.‬‬
‫تقييم دور وسائل اإلعالم‬
‫‪-‬ال تعتبر وسائل اإلعالم عامالً إجراميا ً يساهم بشكل مباشر في ارتكاب الجريمة‪ ،‬بل‬
‫يتوقف األمر على طبيعة المادة اإلعالمية المعروضة ‪ ،‬وطبيعة المتلقي وما إذا كان‬
‫يتمتع بقوى مانعة قوية‪ ،‬أم تكمن بداخله عوامل االستعداد اإلجرامي‪،‬و يقتصر دور‬
‫وسائل اإلعالم على تحريكها‪.‬‬
‫‪-‬كل األفراد يتعرضون لتأثير الوسائل اإلعالمية‪ ،‬ولكن البعض منهم فقط يتأثر‬
‫بالمنتوج اإلعالمي ويقوم بأفعال إجرامية‪.‬‬
‫‪-‬نادت العديد من الدراسات بوجوب اإلشراف على وسائل اإلعالم السمعية‬
‫والبصرية وتعزيز دور الرقابة على شاشة التلفزيون والسينما‪ ،‬وإدارة حسابات‬
‫األطفال وأجهزتهم أثناء تصفحهم لإلنترنت‪ ،‬وأيضا إدارة التطبيقات ومتابعة الوقت‬
‫الذي يقضيه األطفال أمام األجهزة‪،‬ألن ذلك قد يؤثر على سلوكهم سلبا‪.‬‬
‫دراسة طبيعة العالقة بين التقلبات‬
‫االقتصادية والظاهرة اإلجرامية‬

‫يقصد بالتقلبات االقتصادية التغيير الذي يطرأ على بعض الظواهر‬


‫االقتصادية الجزئية ويتميز عن التطور االقتصادي بأنه يتم بسرعة وال يثبت‬
‫طويال وإنما يكون عرضة للتغيير بعد فترة وجيزة‪ ،‬كحدوث بعض األزمات‬
‫االقتصادية وارتفاع أو انخفاض أسعار بعض السلع‪،‬أو ارتفاع نسبة البطالة‬
‫أو تدني األجور‪.‬‬
‫ارتفاع أسعار والظاهرة اإلجرامية‬ ‫العالقة بين‬

‫‪-‬قد يترتب على ارتفاع أسعار السلع نقص في حجم‬


‫الطلب عليها فيقل تبعا لذلك ربح المنتجين‬
‫لها‪.‬‬
‫‪-‬أمام هذا الوضع قد يعمد المنتج إلى تخفيض‬
‫اإلنتاج حتى يتناسب العرض مع الطلب‪.‬‬
‫‪-‬قد يسبب هذا الوضع في استغناء أرباب المصانع‬
‫عن العمال‪،‬مما يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة‬
‫الجريمة‪.‬‬ ‫التي قد تكون دافعا إلى ارتكاب‬
‫العالقة بين البطالة والظاهرة اإلجرامية‬

‫دراسة العالقة بين المتغيرين‬


‫العالقة بين البطالة والظاهرة اإلجرامية‬
‫‪-‬اهتمت مجموعة من الأبحاث بدراسة العلاقة بين الجريمة والبطالة‪،‬وأشارت‬
‫إلى وجود علاقة طردية(معنى العلاقة الطردية كلما زاد شيء زاد الآخر‬
‫ونقيضها العلاقة العكسية ومقتضاها أنه كلما نقص أحد المتغيرين زاد‬
‫الآخر) بين معدلات البطالة والجريمة من بينهم مايكل تودار‪،‬وقد خلصت‬
‫مجموعة من الدراسات النظرية والميدانية إلى أن البطالة قد تدفع الأفراد‬
‫إلى الجريمة سواء باعتبارها عاملا مستقلا أو بتضافرها مع عوامل أخرى‪.‬‬
‫‪-‬قد تدفع البطالة بعض الأفراد إلى ارتكاب الجريمة إذا أحيطت بمواقف‬
‫وعلاقات اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية‪.‬‬
‫دراسة وثيقة‬
‫عينة الدراسة‪:‬المغرب‪-‬السعودية‪-‬لبنان ‪-‬مصر‬
‫انظر الدراسة التي قام بها ذ أمين جابر‬
‫الشديفات‪:‬دراسات‪،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪،‬المجلد‬
‫‪،44‬العدد األول ‪2017،‬‬
‫مرفقة بالمحاضرات‬

‫العالقة بين البطالة والجريمة‬


‫االقتصادية‬
‫استقراء بعض الدراسات العربية ‪:‬‬

‫أكدت دراسة عربية أن العامل االقتصادي أثر بنسبة أكبر لدى المجرم العاطل مقارنة مع غير‬
‫العاطل‪.‬‬
‫‪ -‬تنتشر األمية بين المجرمين العاطلين‪،‬مقارنة مع غير العاطلين اضافة إلى التفكك األسري‬
‫والفقر‪.‬‬
‫‪-‬أفادت نفس الدراسة المذكورة أعاله أن أهم العوامل الدافعة لجريمة السرقة في المجتمع‬
‫السعودي هي الفقر والبطالة ومعظم مرتكبيها من العاطلين عن العمل وذوي الدخل المنخفض‪.‬‬
‫العالقة بين البطالة والجريمة االقتصادية‬
‫‪-‬الجريمة االقتصادية هي فعل أو امتناع ضار له مظهر خارجي يخل بالنظام االقتصادي واالئتماني‬
‫للدولة وبأهداف سياستها االقتصادية‪.‬‬

‫‪-‬يندرج ضمن الجرائم االقتصادية ‪،‬تهريب األموال‪،‬تزييف العملة‪،‬اإلخالل بقانون حرية األسعار‬
‫والمنافسة‪،‬التهريب الجمركي ‪،‬غسل األموال‪..‬‬
‫‪-‬عالقة البطالة بالجرائم االقتصادية عالقة ديناميكية دائرية يصبح فيها السبب نتيجة والنتيجة سبب‪،‬‬
‫مع استمرار العالقة وتعقدها عبر الزمان والمكان‪.‬‬
‫‪ -‬تؤدي الجرائم االقتصادية الى ارتفاع معدل البطالة نتيجة تهريب األموال الى الخارج‪ ،‬مما يفضي‬
‫إلى عجز الدول التي هربت منها األموال عن االنفاق على االستثمارات الالزمة لتوفير فرص العمل‬
‫مما يؤدي الى تفشي ظاهرة البطالة‪.‬‬
‫العوامل الحضارية‬

‫العالقة بين الهجرة الداخلية والجريمة‬


‫العوامل الحضارية‬
‫التحضر‪ :‬هو عملية انتقال الناس من الريف إلى المدن‪.‬‬
‫‪-‬يرافق عملية االنتقال تغير على مستوى طبيعة األعمال والمهن التي يمارسها المهاجر والتي‬
‫تختلف عن األعمال التي كان يقوم بها قبل الهجرة‪.‬‬
‫تتطلب الهجرة تكيف المهاجرين مع الحياة االجتماعية الجديدة في المدن والتي تختلف كل االختالف‬
‫عن تلك التي اعتاد عليها هؤالء الناس في الريف‪.‬‬
‫‪-‬يتطلب هذا االنتقال من المهاجرين الدخول في عالقات واسعة ومتشعبة نتيجة للتنوع في تقسيم‬
‫العمل‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي هذا الوضع إلى بروز ظاهرة التفاوت الطبقي في المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬قد تدفع هذه الظاهرة البعض إلى الجريمة نتيجة سيطرة مشاعر الغبن وعدم المساواة في الوضع‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫العالقة بين الهجرة الداخلية والجريمة‬
‫‪-‬يقطن المهاجرون غالبا في أحياء بعيدة ومنعزلة وأحيانا عشوائية أو مهجورة‪.‬‬
‫‪-‬بما أن اليد العاملة غير مؤهلة فإنهم يقومون بأعمال شاقة‪ ،‬و يتقاضون في المقابل أجور‬
‫منخفضة ‪.‬‬
‫‪-‬قد تدفع هذه العوامل بعض المهاجرين إلى ارتكاب الجرائم مثل إدمان الخمور‬
‫والمخدرات‪،‬السرقة‪،‬جرائم اإليذاء‪..‬‬
‫اجرام المدن واجرام القرى‬
‫‪-‬ترتكب في القرية جرائم كثيرة بسبب طبيعة الحياة الريفية مثل السطو المسلح وقطع‬
‫الطرق والقتل للثأر وجرائم انتزاع حيازة األرض جرائم العنف بسبب الري‪.‬‬
‫‪-‬ترتكب في المدن عدة جرائم مثل الجرائم المرتبطة بالمرور والتزوير والرشوة والغش‬
‫وابتزاز المال والتهديد والنصب‪.‬‬
‫تحديد العوامل الداخلية المؤثرة في السلوك اإلجرامي‬
‫•‬

‫‪ -‬تتمثل العوامل الداخلية في صفات وخصائص ترتبط بالتكوين الطبيعي للمجرم‪ ،‬وخاصة الوراثة‬

‫النوع‪،‬السن‪،‬التكوين وهي عوامل أصلية ألنها تتوفر في الشخص منذ والدته‪.‬‬

‫‪-‬توجد إلى جانب هذه الصفات صفات أخرى مكتسبة أو عارضة يكتسبها اإلنسان بعد والدته أو رغما‬

‫عنه‪ ،‬ومنها األمراض العضوية والعقلية التي تصيب اإلنسان أثناء حياته أو نتيجة اإلدمان على‬

‫المشروبات الكحولية والمخدرات‪.‬‬

‫•‬
‫العوامل الداخلية المؤثرة في السلوك‬
‫اإلجرامي‬
‫الوراثة‬
‫الجنس أو النوع‬
‫الوراثة‬

‫تحديد المفهوم‬
‫تعريف الوراثة‬

‫‪-‬يقصد بالوراثة انتقال خصائص وصفات السلف إلى الخلف لحظة االخصاب أي لحظة نشأة الجنين‪.‬‬

‫القاطع‪.‬‬ ‫‪-‬تم إثبات هذه الحقيقة بالتجربة والمالحظة منذ القدم كما أثبتها العلم الحديث بالدليل العلمي‬
‫انتقال الصفات الوراثية‬

‫‪-‬تضم البويضة المخصبة المحتوى الوراثي الكامل لتكوين لإلنسان‪.‬‬


‫‪-‬تنتقل الصفات الوراثية من األصل إلى الفرع بواسطة الكروموسومات الموجودة في الخلية‪،‬‬
‫فجسم اإلنسان يتكون من ماليين الخاليا و تحتوي كل خلية على ‪ 46‬جزء من هذه‬
‫الكروموسومات‪.‬‬
‫‪-‬يتأثر الجنين بصفات األب أو بصفات األم أو بكليهما‪ ،‬باعتبار أن هذه الخلية المزدوجة‬
‫الجديدة تشمل هي األخرى على ‪ 46‬كروموسوما‪ ،‬و يكون نصفها قادما من األب و النصف‬
‫اآلخر آت من األم‪.‬‬
‫تعريف الكرموسوم‬
‫‪-‬الكروموسومات هي أجزاء مجهرية خيطية الشكل منظمة في الشكل والتركيب ومتواجدة‬
‫في الخاليا وتحمل المعلومات الوراثية المنقولة من الوالدين إلى األبناء على شكل جينات‪.‬‬
‫‪-‬تمتلك الكروموسومات خاصية االكتناز و تلعب دورا ً مهما ً في المساعدة على تنظيم المادة‬
‫الوراثية خالل عملية انقسام الخاليا والسماح لها بالدخول بسهولة داخل نواة الخلية‪.‬‬
‫كيف يتم توريث الكروموسومات؟‬
‫تنتقل نسخة واحدة من الكروموسومات من الجانب األنثوي واآلخر من الجانب الذكري‪،‬‬
‫ويكون الزوج األخير منها مسؤول عن تحديد الجنس للمولود‪ ،‬وهذا يفسر سبب امتالك‬
‫األبناء صفات من كال األبوين‪.‬‬
‫موقف علماء اإلجرام من دور الوراثة في تفسير‬
‫السلوك اإلجرامي‬
‫‪-‬ثار نقاش حاد بين علماء اإلجرام حول دور الوراثة في تفسير السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬ذهب االتجاه األول وعلى رأسه لومبروزو إلى أن المجرم يرث الصفات البدائية من أسالفه‪ ،‬وهذه الصفات‬
‫تدفعه حتما إلى ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬في المقابل أنكر اتجاه آخر دور الوراثة في تفسير الظاهرة االجرامية‪ ،‬مؤكدا أن ارتكاب الجريمة يرجع‬
‫إلى بعض العوامل االجتماعية أو البيئية المحيطة باألفراد و التي تؤثر فيهم و في سلوكهم‪ .‬ويعزى التشابه‬
‫بين خصائص السلف وخصائص الخلف إلى تأثر كل منهم بظروف بيئية واحدة تدفعهم في النهاية إلى‬
‫ارتكاب الجرائم ومن أبرز القائلين بهذا الرأي نذكر سذرالند‪.‬‬
‫‪-‬ذهب اتجاه ثالث نؤيده إلى التوفيق بين الطرحين‪ ،‬فالسلوك اإلجرامي حسب هذا االتجاه ال ينتقل حتما‬
‫بالوراثة ‪،‬كما أن الظروف البيئية ال تفسر وحدها السلوك اإلجرامي‪ ،‬ولكن ينبغي البحث في مدى إمكانية أن‬
‫يرث الشخص االستعداد االجرامي األمر الذي يجعله مهيئا و مستعدا الرتكاب الفعل الجرمي إذا ما صادفته‬
‫ظروف و عوامل خارجية وهي نفس اآلراء التي قال بها الباحث ديتوليو‪.‬‬
‫أساليب دراسة العالقة بين الوراثة والظاهرة‬
‫اإلجرامية‬
‫‪-‬يلجأ الباحثون في دراسة العالقة بين الوراثة والظاهرة اإلجرامية إلى أحد األساليب التالية‪ :‬دراسة شجرة‬
‫العائلة والدراسة اإلحصائية لبعض العائالت ودراسة التوائم‪.‬‬
‫دراسة شجرة العائلة‬
‫‪-‬يستند هذا األسلوب إلى دراسة عائلة معينة لمعرفة مدى انتشار اإلجرام بين أفرادها‪ ،‬ولتحديد مدى إمكانية‬
‫انتقاله من األصول إلى الفروع في نفس العائلة‪.‬‬
‫‪-‬من أشهر الدراسات الدراسة التي قام بها دوكدال على أفراد عائلة جوك الذين كان أصلهم المشترك مدمنا‬
‫واشتهرت زوجته بجرائم السرقة‪.‬‬
‫‪-‬تم التوصل الى النتائج التالية‪:‬ذرية هذه العائلة على مدى سبعة أجيال متعاقبة ضمت ‪ 709‬شخصا من‬
‫األبناء واألحفاد ‪ ،‬كان بينهم ‪ 120‬مجرم و‪ 120‬ممتهنة للدعارة و‪ 142‬من المتشردين وعدد آخر من‬
‫المتسولين والمتخلفين عقليا‪.‬‬
‫أمثلة أخرى‬
‫‪-‬من بين االبحاث األخرى الدراسة التي اتخذت موضوعا لها الذرية المنحدرة من زواج مارتن بمتخلفة‬
‫عقليا وقد شملت ‪ 480‬شخصا ‪ 134،‬منهم يتميزون بالضعف العقلي و‪ 36‬طفال غير شرعي و‪ 33‬ممتهنة‬
‫للدعارة و‪ 24‬مدمن و‪ 82‬طفل ماتوا في مرحلة الطفولة فضال عن المصابين بالصرع‪.‬‬
‫‪ -‬في المقابل تعلقت دراسة أخرى بذرية نفس الشخص مارتن حينما كان متزوجا بزوجة سوية وقد بلغ عدد‬
‫أفراد العائلة ‪ 496‬شخص جلهم أسوياء ماعدا اثنين منهم كانا مدمنين‪ ،‬وشخص آخر كان مصابا بمرض‬
‫عقلي‪.‬‬
‫‪ -‬تم التوصل إلى نتائج مختلفة تماما بناء على دراسة أخرى أجريت على عدد من األسر المعروفة‬
‫باالستقامة‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة ألسرة الواعظ األمريكي جاناتان إذ تبين من فحص ذرية هذا الواعظ أنه‬
‫لم يوجد بينهم مجرم واحد ‪،‬بل تمكن أغلبهم من الوصول إلى مناصب عليا في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫تقدير هذا األسلوب‬
‫يرجع لهذا األسلوب الفضل في بيان دور الوراثة في السلوك اإلنساني‪ ،‬غير أنه لم يسلم من النقد‪.‬‬
‫من أبرز االنتقادات التي وجهت لهذا األسلوب افتقاد نتائجه للدقة ‪،‬فهذه الدراسة تدل على وجود صفة في‬
‫أجيال متعاقبة ولكنها ال تثبت أن تلك الصفة ذات صبغة وراثية‪.‬‬
‫‪-‬يرث االبن صفات والديه ‪،‬فيكون نصيب كل من األصلين نصف ما ينتقل إلى االبن من خصائص وعندما‬
‫يتزوج االبن وينجب تنتقل الى االبن الخصائص الوراثية مناصفة من أبويه‪ ،‬ويصبح نصيب الجد في ما‬
‫ينتقل إلى حفيده الربع فقط ‪،‬وبالتالي يقل التأثير الوراثي كلما بعد الفرع عن األصل المجرم‪ ،‬لتدخل أصول‬
‫أخرى تنقل إليه خصائصها أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬يؤخذ على النظرية بناء نتائجها على حاالت فردية منتقاة‪ ،‬مما يتعذر معه استخالص قواعد عامة تعتمد‬
‫كنتائج يجري تعميمها على الظاهرة اإلجرامية بشكل عام‪.‬‬
‫‪-‬يعاب على هذا األسلوب استبعاده لتأثير البيئة التي يعيش فيها األفراد‪،‬والحال أنها في نظر بعض علماء‬
‫اإلجرام السبب الدافع إلى اإلجرام‪.‬‬
‫الدراسة اإلحصائية ألسر المجرمين‬
‫ال تركز هذه الوسيلة لدراسة العالقة بين الوراثة والظاهرة اإلجرامية على دراسة اإلجرام في أسرة‬
‫معينة‪،‬وإنما تمتد الدراسة إلى أقاربهم كاألخوة واألعمام واألخوال‪ ،‬كما أنها تتسع لتشمل مجموعة غير‬
‫منتقاة من المجرمين وذلك لتفادي تأثير البيئة الواحدة عليهم‪.‬‬
‫تقوم هذه الوسيلة على أحد األسلوبين‪- :‬األول ‪:‬اختيار مجموعة من المجرمين لمعرفة مدى انتشار اإلجرام‬
‫بين أسالفهم وأقاربهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اختيار مجموعة من الشواذ وبيان مدى انتشار ظاهرة ارتكاب الجريمة بين أسرهم وأقاربهم‪.‬‬
‫‪ -‬توصل الزوجان إليانور وشيلدون كلوويك في بحثهما خالل الخمسينات الذي شمل خمسمائة جانح‬
‫وخمسمائة طفل سوي من إحدى األحياء المهمشة في بوسطن‪ ،‬إلى ارتفاع نسبة اإلجرام عند آباء األطفال‬
‫المنحرفين مقارنة مع آباء األطفال غير المنحرفين‪.‬‬
‫‪-‬تتجلى أهمية الدراسة اإلحصائية في مقارنة اإلحصاءات الخاصة بأسر المجرمين بمثيلتها في أسر غير‬
‫المجرمين‪ ،‬وإبراز تأثير الوراثة على السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫تقدير النظرية‬
‫‪-‬على الرغم من أهمية الدراسة اإلحصائية ألسر المجرمين في تحديد دور الوراثة كعامل مفسر للسلوك‬
‫اإلجرامي‪ ،‬غير أنه يعاب عليها تجاهلها لعامل البيئة في توجيه األبناء نحو االنحراف‪.‬‬
‫‪ -‬حاول بعض الشراح دحض ذلك بحجتين تتمثل األولى في أن نسبة ارتكاب األبناء لجرائم السرقة التي‬
‫يكون فيها اآلباء قدوة سيئة ألبنائهم‪ ،‬ال تقل عن نسبة ارتكاب الجرائم الجنسية التي يخفيها اآلباء عن‬
‫أبنائهم‪.‬‬
‫‪ -‬تتمثل الحجة الثانية في أن األبناء الذين أدين آباؤهم وأبعدوا عنهم في سن مبكرة أصبحوا أكثر إجراما ممن‬
‫ابعدوا عن آبائهم وهم أكبر سنا‪.‬‬
‫‪-‬لكن إذا كان الهدف من الحجة الثانية هو تأكيد دور عامل الوراثة كعامل أساسي في ارتكاب السلوك‬
‫اإلجرامي ‪،‬فإنها تثبت من جهة ثانية دور الظروف البيئية المحيطة بالحدث في الدفع به إلى اإلجرام‪ ،‬بعد‬
‫الحكم على عائله وتفكك أسرته مما يحول دون توجيهه وتربيته‪,‬‬
‫دراسة التوائم‬
‫‪-‬أمام االنتقادات التي وجهت إلى الوسيلتين السابقتين(دراسة شجرة العائلة والدراسة اإلحصائية ألسر‬
‫المجرمين) لجأ الباحثون في علم اإلجرام إلى وسيلة ثالثة إلثبات الصلة بين الوراثة واإلجرام تتمثل في‬
‫دراسة التوائم‪ ،‬وتعتبر هذه الوسيلة أكثر الوسائل دقة في دراسة أثر الوراثة في نقل اإلجرام من األصول إلى‬
‫الفروع‪.‬‬
‫‪-‬ينقسم التوائم إلى نوعين‪ :‬األول ينشأ من تلقيح بويضة واحدة بواسطة حيوان منوي واحد ثم تنقسم‬
‫البويضة الملقحة إلى جزأين ويطلق على هذا النوع التوائم المتماثلة‪،‬و يتميز هذا النوع من التوائم بتشابه‬
‫أفراده في اغلب الخصائص‪.‬‬
‫‪ -‬ينشأ الثاني عن تلقيح بويضتين مختلفتين ويسمى التوائم غير المتماثلة‪ ،‬وتكون نسبة التشابه بين أفراد‬
‫هذا النوع في الخصائص أقل من درجته بالنسبة للتوائم المتماثلة‪.‬‬
‫‪ -‬اهتم العديد من الباحثين بهذا األسلوب كما هو الشأن بالنسبة للعالم األلماني النج‪،‬الذي أجرى سنة ‪1929‬‬
‫دراسة على ثالثين زوجا من التوائم البالغين ‪ 13‬زوجا من التوائم المتماثلة و‪ 17‬زوجا من التوائم غير‬
‫المتماثلة‪.‬‬
‫‪-‬أظهرت نتائج هذه األبحاث أن التشابه في السلوك اإلجرامي بين التوائم المتماثلة بلغ نسبة مرتفعة في حين‬
‫كانت النسبة منخفضة فيما يتعلق بالتوائم غير المتماثلة‪.‬‬
‫‪-‬اعتبر النج أن التشابه الكبير بين التوائم دليال على وراثة إجرامية‪.‬‬
‫تقدير النظرية‬

‫رغم أهمية ودقة النتائج التي توصل إليها علماء اإلجرام في هذا السياق‪ ،‬غير أن هذا األسلوب لم يسلم من النقد‪ ،‬فقد‬
‫دحض العديد من العلماء النتائج التي توصلت إليها الدراسات السابقة المرتبطة بدراسة التوائم لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪-‬عدم دقة األساس الذي تستند إليه هذه األبحاث‪ ،‬إذ من الصعب معرفة هل التوأم ناتج عن بويضة واحدة أو أكثر‪ ،‬وقد‬
‫يفضي ذلك إلى عدم دقة النتائج المتوصل إليها ‪،‬إلدخال التوائم المتماثلة ضمن زمرة التوائم غير المتماثلة‪.‬‬
‫‪-‬ضآلة عدد التوائم المشمولة بالدراسة‪ ،‬مما يحول دون استخالص قاعدة عامة يمكن اعتمادها لتقدير تفسير كلي للظاهرة‬
‫اإلجرامية‪.‬‬
‫‪-‬اإلحصاءات السابقة أكدت أن نسبة تعادل ثلث التوائم المتطابقة غير متوافقين في السلوك رغم عيشهم في ظروف بيئية‬
‫واحدة‪.‬‬

‫•‬
‫الجنس أو النوع‬
‫‪-‬يستشف من الدراسات التي قام بها الباحثون في علم اإلجرام أن هناك عالقة وثيقة بين ظاهرة اإلجرام وعامل‬
‫النوع أو جنس المجرم‪.‬‬
‫‪-‬تؤكد اإلحصاءات الجنائية أن الجرائم التي تقترفها النساء أقل بكثير مقارنة بالجرائم التي يرتكبها الرجال‪،‬ويعزى‬
‫ذلك الى الفروق الجوهرية بين الرجل والمرأة سواء من حيث التكوين العضوي أو النفسي أو من الدور االجتماعي‬
‫المنوط بكل واحد منهما‪.‬‬
‫مظاهر االختالف بين إجرام المرأة وإجرام الرجل‬
‫أكد الباحثون في علم اإلجرام أن إجرام النساء يختلف عن إجرام الرجال سواء من حيث الكمية أو من حيث‬
‫النوعية‪.‬‬
‫االختالف من حيث الكم‬
‫يستفاد من االحصاءات الجنائية في كل بقاع العالم أن إجرام النساء أقل مقارنة بإجرام الرجال الذي يعرف ارتفاعا‬
‫واضحا وقد أثبتت الدراسات التي قام بها العالم البلجيكي كتيليه أن نسبة إجرام المرأة ال تشكل سوى خمس إجرام‬
‫الرجل‪.‬‬
‫‪-‬تؤكد اإلحصاءات الصادرة عن وزارة العدل المغربية ‪-‬مركز الدراسات واألبحاث الجنائية ‪-‬خالل الفترة الممتدة من‬
‫‪ 2011-2002‬أن نسبة إجرام المرأة شكلت ‪ 18‬في المائة فقط في غضون هذه الفترة‪.‬‬
‫•‬
‫تحليل إحصائيات وزارة العدل المغربية‬
‫‪ -‬لم تتجاوز نسبة إجرام المرأة ‪ 8‬في المائة في الجنايات والجنح المرتكبة ضد األموال ‪.‬‬
‫‪-‬شكلت نسبة إجرام المرأة ‪ 7‬في المائة من مجموع الجنايات والجنح المرتكبة ضد األمن والنظام العام‪.‬‬
‫شكلت نسبة إجرام المرأة ‪ 7‬في المائة من مجموع القضايا المرتبطة بالتزوير والتزييف واالنتحال‪.‬‬
‫بلغت نسبة إجرام المرأة ‪ 47‬في المائة من مجموع الجنايات والجنح الماسة بنظام األسرة واألخالق العامة‬
‫ويندرج ضمنها‪ :‬هتك العرض‪،‬الفساد‪،‬الخيانة الزوجية‪،‬الدعارة‪،‬اإلجهاض‪،‬الشذوذ الجنسي‪،‬إهمال‬
‫األسرة‪،‬اختطاف القاصرين‪،‬قتل الوليد)‪.‬‬
‫‪-‬تشكل جريمة الفساد ‪ 44‬في المائة من العدد اإلجمالي لقضايا األخالق وتليها جرائم الدعارة بنسبة ‪22‬‬
‫في المائة وقضايا إهمال األسرة ‪ 16‬في المائة وجرائم المخدرات ‪ 2‬في المائة‪.‬‬
‫احصائيات أجنبية حول اإلجرام األنثوي‬
‫‪-‬أثبتت الدراسات اإلحصائية تحديدا في أروبا الغربية ارتباط إجرام المرأة بنوع معين من‬
‫اإلجرام يتصل بوضعها األنثوي‪ ،‬كجرائم الدعارة و الفساد و جريمة اإلجهاض ‪،‬وخيانة‬
‫األمانة‪..‬‬

‫‪-‬أكدت دراسة أجريت في إيطاليا ما بين ‪ 1929‬و‪ 1930‬ارتفاع معدل إجرام النساء مقارنة‬
‫مع الرجال‪ ،‬في جرائم اإلجهاض وخيانة األمانة والقتل بالتسميم‪..‬‬

‫‪-‬تؤكد اإلحصائيات كذلك أن أغلب الجرائم التي ترتكبها النساء عبارة عن جنح ومخالفات‬
‫وفي المقابل فإن نسبة الجنايات قليلة‪.‬‬
‫أسباب اختالف الرجل عن المرأة‬
‫‪-‬اختلف علماء اإلجرام في تعليل اختالف إجرام المرأة عن الرجل كما ونوعا وجسامة‪.‬‬
‫‪-‬يعزي بعضهم ذلك إلى االختالف في التكوين العضوي والنفسي لكل منهما‪ ،‬ومنهم من يفسر ذلك بتدين‬
‫المرأة وسمو أخالقها ‪،‬أو اختالف الدور االجتماعي المنوط بكل واحد منهما‪.‬‬
‫‪-‬االختالف في التكوين العضوي‪ :‬يرى بعض الباحثين أن المرأة أضعف تكوينا من الرجل وأن قوتها تعادل‬
‫نصف قوة الرجل مما يفسر انخفاض إجرام المرأة ‪،‬وعدم إقدامها على الجرائم التي تتطلب جهدا بدنيا‬
‫وميلها إلى جرائم القذف والسب والجرائم التي تتسم بالغدر و الخديعة واستعمال الحيلة‪.‬‬
‫على مستوى التكوين النفسي‪ :‬تمر المرأة بحاالت خاصة كفترة الحيض والحمل والرضاعة تؤثر على‬
‫الجانب العاطفي والغريزي لديها وتجعلها منفعلة ومتقلبة المزاج‪ ،‬األمر الذي يدفعها إلى ارتكاب بعض‬
‫الجرائم كاإلجهاض وقتل الوليد ‪.‬‬
‫‪-‬تشير إحصائيات أجريت في فرنسا وانجلترا أن ‪ 63‬في المائة من الجرائم ارتكبتها نساء في باريس خالل‬
‫فترة الحيض و‪ 41‬في المائة من جرائم النساء في إنجلترا قد ارتكبت وهن في نفس الحالة‪.‬‬
‫تقدير الرأي‬

‫مع التسليم بالرأي القائل أن المرأة أضعف من الناحية البدنية مقارنة‬


‫مع الرجل‪ ،‬فالنتائج غير دقيقة ألنه إذا كانت قوة المرأة تعادل نصف‬
‫قوة الرجل‪ ،‬فنسبة إجرام المرأة ال تتعدى الخمس‪.‬‬
‫اختالف الدور االجتماعي المنوط بكل من المرأة والرجل‬
‫‪-‬أعزى بعض الباحثين اختالف إجرام المرأة عن الرجل إلى الدور االجتماعي المنوط بكل منهما‪.‬‬
‫‪ -‬فمسؤولية المرأة حسب هذا الرأي أقل مقارنة مع مسؤولية الرجل ‪،‬كما أن المرأة تحظى بالحماية من‬
‫أفراد أسرتها وزوجها بعد الزواج‪ ،‬األمر الذي يبعدها عن المؤثرات الخارجية الدافعة إلى اإلجرام‪.‬‬
‫‪-‬في المقابل ترتفع نسبة إجرام المرأة في الدول التي تشارك فيها المرأة في تحمل أعباء الحياة‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن بالنسبة للدول الغربية‪.‬‬
‫‪-‬انتقد هذا الرأي استنادا إلى بعض اإلحصائيات التي أثبتت ارتفاع نسبة إجرام النساء المتزوجات مقارنة‬
‫مع غير المتزوجات‪ .‬غير أن هذا الرأي منتقد ألن نسبة إجرام المتزوجات قليلة مقارنة مع غير المتزوجات‬
‫لقلة مسؤولياتهن ولوجودهن تحت حماية الرجل‪.‬‬
‫‪-‬أثبتت إحصائيات أخرى أن زيادة أعباء النساء واقتحامهن لميادين كانت حكرا على الرجال ساهمت في‬
‫تخفيض نسبة إجرامهن مقارنة مع ما كان عليه الوضع سابقا‪.‬‬
‫تدين المرأة وسمو أخالقها‬
‫‪-‬أعزى أنصار هذا الرأي انخفاض نسبة إجرام المرأة مقارنة مع الرجل إلى تدينها‬
‫ورقة مشاعرها واتسامها بالعطف والحنان واإليثار والتضحية ‪.‬‬
‫‪-‬انتقد هذا الرأي بشدة نظرا لكثرة الجرائم التي ترتكبها المرأة والمرتبطة بمخالفة‬
‫القيم الدينية واألخالقية مثل قتل المواليد وشهادة الزور وخيانة األمانة والفساد‪..‬‬
‫‪-‬ال يفسر انخفاض إجرام المرأة مقارنة مع الرجل بعوامل تكوينية أو نفسية أو‬
‫اجتماعية محضة‪ ،‬وإنما هو انخفاض تفسره مجموعة من العوامل بعضها داخلي‬
‫يكمن في تكوينها الفردي والنفسي وبعضها خارجي يعزى للبيئة االجتماعية‬
‫المحيطة بها‪.‬‬
‫العوامل الداخلية األخرى المؤثرة في السلوك اإلجرامي‬

‫عامل السن‬

‫التكوين العضوي‪-‬وظائف األعضاء‪ -‬التكوين العقلي‬


‫الســــــن‬
‫‪-‬تؤكد األبحاث في علم اإلجرام على وجود عالقة بين اإلجرام‬
‫والسن‪ ،‬وتختلف نسبة اإلجرام كما ونوعا باختالف المراحل‬
‫العمرية التي يمر بها اإلنسان‪.‬‬
‫‪-‬لفهم مدى تأثير السن كعامل من العوامل الذاتية المؤثرة في‬
‫السلوك اإلجرامي‪ ،‬قسم المتخصصون السن إلى عدة مراحل‪.‬‬
‫المراحل‬
‫•‬ ‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة الطفولة وتمتد إلى غاية اثنتي عشرة سنة‪.‬‬ ‫ا‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة المراهقة وتمتد من الثانية عشرة إلى غاية الثامنة عشرة‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة النضج الفكري المبكر وتمتد من الثامنة عشرة إلى الخامسة‬
‫والعشرين‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة النضج المتوسط وتمتد ما بين الخامسة والعشرين والثالثين‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة‪ :‬مرحلة النضج الحقيقي وتمتد ما بين الخامسة والثالثين والخمسين‪.‬‬
‫المرحلة السادسة‪ :‬تميز الدراسات بين مرحلتين السن الحرجة وتمتد ما بين الخمسين‬
‫إلى الستين أو الخامسة والستين‪.‬‬
‫الشيخوخة‪.‬‬ ‫المرحلة األخيرة ‪:‬مرحلة‬
‫مرحلة الطفولة‬
‫‪-‬تمتد مرحلة الطفولة من الميالد إلى غاية ‪ 12‬سنة‪ ،‬وهي مرحلة هامة في تكوين شخصية اإلنسان فالتقصير في‬
‫رعاية الطفل خالل هذه المرحلة أو إساءة معاملته يؤثر سلبا على نموه وينعكس على شخصيته‪.‬‬

‫‪-‬يستشف من خالل الدراسات التي قام بها علماء اإلجرام أن الجرائم المرتكبة خالل هذه المرحلة قليلة جدا مقارنة‬
‫مع الجرائم المرتكبة خالل المراحل األخرى‪ ،‬ويعزى ذلك إلى الضعف البدني الذي يتميز به الطفل خالل هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬وقلة عالقاته االجتماعية وخبراته الحياتية ويفسر بعض المحللين النفسيين اإلجرام خالل هذه المرحلة‪،‬‬
‫بأنه مؤشر على وجود خلل في شخصية الطفل‪.‬‬
‫‪-‬أغلب القوانين الجنائية تعتبر الطفل غير مسؤول جنائيا لعجزه عن االدراك والتمييز‪.‬‬
‫‪-‬وهو التوجه نفسه الذي سار فيه القانون الجنائي المغربي‪ ،‬إذ ينص الفصل ‪ 138‬منه على ما يلي‪" :‬الحدث‬
‫الذي لم يبلغ سنه اثنتي عشرة سنة كاملة يعتبر غير مسؤول جنائيا النعدام تمييزه‪.‬‬
‫ال يجوز الحكم عليه إال طبقا للمقتضيات المقررة في الكتاب الثالث من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية‪".‬‬
‫المادة ‪ 458‬من ق م ج‬

‫وفي نفس السياق تنص المادة ‪ 458‬من قانون المسطرة الجنائية المغربي على ما يلي‪:‬‬
‫"يتحدد سن الرشد الجنائي ببلوغ ثمان عشرة سنة ميالدية كاملة‪ .‬يعتبر الحدث إلى غاية‬
‫بلوغه سن اثنتي عشرة سنة غير مسؤول جنائيا النعدام تمييزه‪ .‬يعتبر الحدث الذي يتجاوز‬
‫سن اثنتي عشرة سنة وإلى غاية بلوغه ثمان عشرة سنة مسؤوال مسؤولية ناقصة بسبب‬
‫عدم اكتمال تمييزه"‪.‬‬
‫مرحلة المراهقة‬
‫تعريف المراهقة‬
‫‪-‬المراهقة لغة مشتقة من فعل رهق(بفتح الراء وكسر الهاء) بمعنى قرب‪ ،‬فراهق‬
‫الشيء معناه قاربه‪ ،‬و راهق البلوغ يعني قارب البلوغ والمراهقة هي التدرج في‬
‫النضج من جميع الجوانب الجنسية الجسمية االجتماعية و العقلية‪.‬‬
‫‪-‬اصطالحا‪ :‬المراهقة هي المرحلة الفاصلة بين مرحلتي الطفولة والنضج ‪.‬‬
‫‪-‬تمتد هذه المرحلة من سن الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة‪ ،‬وتتميز بتغيرات‬
‫فيزيولوجية ونفسية‪ ،‬كما يتأثر الطفل بالبيئة الخارجية‪.‬‬
‫‪-‬تتميز هذه المرحلة بتسارع زيادة حجم الجسم‪ ،‬وبزيادة واضحة في القوة البدنية‬
‫والتغيير في إفراز بعض الغدد التي تؤثر في رغبة اإلنسان‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫تأثير البيئة واالعالم في سلوك المراهق‬
‫‪-‬يتسم سلوك بعض المراهقين خالل هذه الفترة بالطيش والتسرع واالنطالق خارج األسرة‬
‫والتمرد على القيود التي تفرضها األسرة والمدرسة‪.‬‬
‫‪-‬تؤثر العوامل البيئية بدورها بشكل كبير جدا في سلوك المراهق‪ ،‬النه يكون سريع االستجابة‬
‫لها ويتأثر بالعوامل الخارجية السلبية‪ ،‬كمخالطة المنحرفين او مشاهدة أفالم العنف أو االطالع‬
‫على مجالت تحتوي على صور مخلة باآلداب واألخالق‪،‬فضال عن إدمان مواقع التواصل‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫الخالصة‪ :‬يساهم ادمان االنترنيت وغياب مراقبة األبوين وأيضا بعض القنوات اإلعالمية أو‬
‫ألعاب الفيديو العنيفة في تفشي الظاهرة اإلجرامية نظرا لما يقدمونه من نماذج غير سوية‬
‫تدفع المراهق إلى محاكاة المجرمين والتشبه بهم في سلوكهم العدواني‪.‬‬
‫‪-‬العوامل المساهمة في انحراف المراهقين‬

‫‪-‬من أهم العوامل االجتماعية التي تساهم في انحراف المراهق التفكك األسري والتشرد والفقر‬
‫وغياب القدوة الحسنة ومصاحبة رفقاء السوء‪ ،‬يضاف ذلك إلى االضطرابات النفسية‬
‫والتغيرات الفسيولوجية التي تطرأ على المراهق وعدم النضج الذهني والرغبة الجارفة في‬
‫االستمتاع بالحياة‪ ،‬األمر الذي يدفع بعض المراهقين إلى ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬يسعى بعض المراهقين إلى إشباع نزواتهم باللجوء إلى السرقة من المنزل أو من الخارج‪.‬‬
‫– تعرف جرائم السرقة ارتفاعا بين األحداث وتسجل نسبا مرتفعة مقارنة مع الجرائم األخرى‪.‬‬
‫الجرائم التي يرتكبها المراهقين‬
‫‪-‬من بين الجرائم التي يرتكبها المراهق الجرائم الجنسية ويعزى ذلك للتغيرات في إفرازات‬
‫بعض الغدد التي تؤثر في رغبة الشخص‪.‬‬
‫‪ -‬يرتكب بعض المراهقين جرائم االعتداء على األشخاص‪ ،‬وخاصة اإليذاء ويفسر ارتفاع‬
‫نسبة جرائم اإليذاء البدني باندفاع بعض المراهقين نحو هذا النوع من الجرائم التي تستلزم‬
‫القوة البدنية قصد إثبات الذات‪.‬‬
‫مرحلة النضج المبكر‬
‫‪-‬تمتد هذه المرحلة ما بين السنة الثامنة عشرة إلى الخامسة والعشرين‪ ،‬يتميز الفرد خالل‬
‫هذه المرحلة بالقوة والحيوية وتسمى هذه المرحلة بربيع العمر‪ ،‬ألن اإلنسان يكون مفعما‬
‫بالنشاط والحيوية والقوة واالستقرار النفسي‪.‬‬
‫‪-‬في المقابل تعتبر هذه الفترة أخصب المراحل إجراما مقارنة مع المراحل األخرى‪ ،‬كما‬
‫تؤكد ذلك اإلحصاءات الصادرة في هذا الصدد إذ يتراوح ما بين ربع وثلث اإلجرام الكلي‪.‬‬
‫‪-‬يستشف من اإلحصاءات أيضا ارتفاع جرائم السرقة البسيطة والموصوفة وجرائم‬
‫االعتداء على العرض والحياة وسالمة البدن فضال عن الجرائم غير العمدية‪ ،‬كالقتل الخطأ‬
‫الناتج عن التهور أثناء القيادة والسياقة بسرعة مفرطة‪.‬‬
‫‪-‬تبلغ جرائم اإلجهاض ذروتها خالل هذه المرحلة بسبب استعداد المرأة للحمل خالل هذه‬
‫الفترة أو قابليتها له‪.‬‬
‫مرحلة النضج المتوسط‬

‫تمتد هذه المرحلة من الخامسة والعشرين إلى سن الثالثين‪،‬‬


‫وال تختلف عن المرحلة السابقة من حيث الخصائص‬
‫والصفات المميزة لها وكذا نوع الجرائم المرتكبة‪.‬‬
‫مرحلة النضج الحقيقي‬
‫‪-‬تمتد هذه المرحلة ما بين الخامسة والثالثين والخمسين وتتسم عادة باالستقرار األسري والمادي‪.‬‬
‫‪-‬تعرف جرائم السرقة وخيانة األمانة انخفاضا مقارنة مع جرائم النصب واالحتيال التي تعرف‬
‫ارتفاعا خالل هذه المرحلة‪ ،‬فضال عن ارتفاع نسبة جرائم القذف والسب مقارنة مع جرائم الضرب‬
‫والجرح التي تعرف تراجعا‪ ،‬ويفسر ذلك بتراجع القوى البدنية وضعفها في هذه الفترة‪.‬‬
‫‪-‬ترتفع نسبة إجرام النساء خالل هذه المرحلة نتيجة لحدوث اضطرابات نفسية وعضوية ناجمة عن‬
‫وصول المرأة لسن اليأس‪.‬‬
‫‪-‬تشير اإلحصائيات في هذا السياق إلى أن ‪ %34‬من النساء اللواتي ارتكبن جرائم القتل في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية تتجاوز أعمارهن األربعين سنة‪.‬‬
‫المرحلة الحرجة‬
‫تعتبر هذه المرحلة مرحلة انتقالية طبيعية يمر بها بعض األشخاص‪ ،‬رجاال ونساء‪ ،‬وتتميز بعدد من التغيرات البيولوجية‬ ‫‪-‬‬

‫والهرمونية‪.‬‬
‫‪-‬تعـرف هذه المرحلة بمرحلة السن الحرجة لدى بعض األشخاص أو أزمة منتصف العمر‪ ،‬وتمتد من سن الخمسين إلى‬
‫الستين أو الخامسة والستين في بعض األحيان‪.‬‬
‫‪-‬يصاحب هذه المرحلة عند بعض األشخاص اإلحساس بعدم األمان وعدم الرضا عما حققه في حياته‪،‬وينتج عن ذلك اتخاذ‬
‫قرارات منها ما يكون جذريا كتغيير مكان اإلقامة أو المهنة أو الطالق‪ ،‬ومنها ما يكون سطحيا كتغيير المظهر أو نمط العيش‪.‬‬
‫‪-‬ترتبط هذه الفترة بالهوية الفردية التي تعود على غرار مرحلة المراهقة لالضطرابات واالنشغاالت النفسية اآلتية من‬
‫الطفولة‪.‬‬
‫‪-‬يبدأ خالل هذه المرحلة الضعف من الناحية البدنية والذهنية‪ ،‬كما تضعف الغريزة الجنسية‪ ،‬ومن بين الجرائم التي ترتكب‬
‫خالل هذه المرحلة الخيانة الزوجية‪،‬النصب‪،‬خيانة األمانة‪.‬‬

‫•‬ ‫‪.‬‬
‫مرحلة الشيخوخة‬
‫‪-‬تتميزمرحلة الشيخوخة بهرم الخاليا وضعف الحواس والشعور باليأس‪.‬‬
‫‪-‬يصاحب هذه المرحلة تراجع معدل اإلجرام خاصة الجرائم التي تحتاج إلى مجهود بدني‬
‫وعضلي كجرائم االعتداء على األشخاص وجرائم السرقة بإالكراه‪ ،‬ويعزى ذلك لضعف‬
‫القدرات البدنية والعاطفية والذهنية لدى اإلنسان‪.‬‬
‫‪-‬غير أنه ترتكب جرائم أخرى خالل هذه الفترة‪ ،‬كالسب والقذف وبعض الجرائم الجنسية‪،‬‬
‫كهتك العرض واغتصاب األطفال الصغار نظرا لسهولة االتصال بهم‪ ،‬فضال عن جرائم النصب‬
‫وخيانة األمانة أو االشتراك في بعض الجرائم‪ ،‬مثل إخفاء األشـياء المسروقة أو المتحصلة‬
‫من بعض الجرائم التي يرتكبها الغير‪.‬‬
‫تقييم دور عامل السن في الظاهرة اإلجرامية‬
‫‪-‬يستخلص مما سبق أنه هناك عالقة بين السن واإلجرام فكل مرحلة عمرية تتميز بنوع معين من اإلجرام‪،‬‬
‫كما تختلف نسبة اإلجرام من حيث الكم انخفاضا وزيادةً حسب المرحلة العمرية للفرد‪.‬‬
‫‪-‬تتميز كل مرحلة عمرية بخصائص بيولوجية وفسيولوجية معينة تنعكس بدورها على التكوين البدني‬
‫والنفسي للفرد‪ ،‬ويمكن القول أن هذا التغير البيولوجي باعتباره عامالً داخليا ً دافعا ً الرتكاب الجريمة هو‬
‫األساس في تفسير اختالف نوع وكم اإلجرام من مرحلة عمرية إلى مرحلة عمرية أخرى في حياة الفرد‪.‬‬
‫‪-‬رغم صحة هذا التفسير إال أنه ال يمكن تجاهل دور البيئة الخارجية والعوامل االجتماعية في توجيه‬
‫سلوك الفرد نحو الجريمة بما يتالءم مع المرحلة العمرية التي يمر بها‪.‬‬
‫‪-‬يمكن االستدالل على أهمية دور البيئة المحيطة بالفرد بدراسة مرحلتين هامتين من المراحل العمرية وهما‬
‫مرحلة المراهقة ومرحلة الشيخوخة‪.‬‬
‫التكوين الطبيعي للمجرم‬

‫يقصد بالتكوين الطبيعي للمجرم الخصائص والصفات الخلقية التي تصاحب الشخص منذ والدته‪ ،‬سواء ما‬

‫يتعلق بتكوينه العضوي أو العقلي أو النفسي‪.‬‬

‫التكوين العضوي‬

‫‪-‬يقصد بالتكوين العضوي مجموع الصفات الخلقية المتصلة بشكل األعضاء‪.‬‬


‫أوال‪ :‬العالقة بين شكل األعضاء والظاهرة اإلجرامية‬
‫‪ -‬أبرز عالم اإلجرام اإليطالي لومبروزو عالقة التكوين العضوي للفرد بالسلوك‬
‫اإلجرامي‪ ،‬وأسس نظريته الشهيرة المجرم بالميالد ‪ ،‬فالمجرم ولد ليكون مجرما‪،‬‬
‫والمجرمون يتشابهون بصورة كبيرة في صفاتهم‪.‬‬
‫الصفات الجسدية للمجرمين‪:‬‬
‫طول أو قصر غير اعتيادي‪ ،‬أكتاف منحدرة مع صدر واسع‪ ،‬أذرع طويلة‪،‬‬
‫رأس صغير ووجه كبير‪.‬‬
‫‪ -‬جبهة صغيرة ومنحدرة‪ -‬خط شعر متراجع‪ -‬بثور في الجبهة والوجه ‪-‬‬
‫وجه عميق التجاويف‪ -‬آذان كبيرة ‪-‬ضربات في مؤخرة الرأس وحول‬
‫األذن‪ -‬عظام جبهة عالية ‪ -‬حواجب غزيرة تميل لاللتقاء فوق األنف‪-‬عيون‬
‫غائرة‪ -‬أنف شبيه بالمنقار أو أنف مسطح ‪ -‬خط فك حاد‪ -‬شفاه ممتلئة مع‬
‫كون الشفة العليا أنحف ‪ -‬أسنان قواطع كبيرة‪ ،‬وأسنان غير اعتيادية ‪ -‬ذقن‬
‫صغير أو نحيف‪.‬‬
‫‪-‬هذه الصفات االنحطاطية الموروثة تجعل المجرم شبيها باإلنسان البدائي‬
‫األول وتدفعه إلى اإلجرام‪.‬‬
‫موقف علماء االجرام من عالقة شكل الجسم بالسلوك االجرامي‬
‫دحض كورنك نظرية لومبروزو في أبحاثه التي قام بها خالل ثمانية أعوام ‪،‬وقد شملت الدراسة ثالثة آالف مجرم وعدد كبير من غير المجرمين‪،‬‬

‫وخلص إلى تحقق السمات االنحطاطية في عدد من المجرمين وغير المجرمين‪ ،‬ليخلص إلى غياب الصلة بين الصفات االنحطاطية والظاهرة اإلجرامية‬

‫على خالف ما ذهب إليه لومبروزو‪.‬‬

‫‪ -‬غير أن كورنك أكد االختالف بين المجرم وغير المجرم في صفات أخرى ترتبط بالوزن والحجم ‪،‬فالمجرم أقل وزنا وأصغر حجما مقارنة مع غير‬

‫المجرم‪ ،‬كما أن مستوى ذكائه أقل من مستوى ذكاء غيره من األسوياء‪.‬‬

‫‪-‬توصل العالم األمريكي هوتن إلى وجود فوارق عضوية بين المجرمين وغيرهم وانتهى إلى وجود ‪ 107‬صفة عضوية دنيا لدى المجرمين‪.‬‬

‫‪ -‬في دراسة أخرى صنف المجرمين إلى طوائف وتوصل إلى أن المجرمين الذين يرتكبون نوعا معينا من الجرائم يتسمون بخصائص معينة فمرتكبي‬

‫الجرائم التي تقع ضد األشخاص كجرائم القتل يتميزون بطول القامة وامتالء الجسم‪ ،‬ويتميز مرتكبو الجرائم الجنسية بقصر القامة والوزن المفرط‪.‬‬

‫‪-‬استنتاج‪ :‬ال يمكن أن تكون الخصائص البدنية وحدها الفيصل الذي يميز المجرمين عن غير المجرمين‪،‬وبالتالي ال توجد عالقة مباشرة ين الخصائص‬

‫البدنية للشخص وسلوكه اإلجرامي‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬العالقة بين وظائف األعضاء والسلوك اإلجرامي‬
‫‪-‬ربط بعض علماء اإلجرام بين الخلل في وظائف أجهزة الجسم الداخلية ‪ ،‬وبين السلوك‬
‫اإلجرامي‪.‬‬
‫‪-‬يرجع للطب الحديث المرتبط بعلم الغدد الفضل في اكتشاف الكثير من المظاهر الوظيفية‬
‫لألعضاء عامة‪ ،‬وظهر مجال بحثي يعرف بالفسيولوجيا الجنائية‪ ،‬والذي يعنى بالبحث عن‬
‫صفات ووظائف فسيولوجية معينة تصلح للكشف عن مظاهر التكوين البيولوجي لإلنسان‬
‫المجرم‪.‬‬
‫‪-‬يطلق مصطلح الغدة على العضو المسؤول عن إفراز وإطالق بعض المواد التي يكون لها‬
‫تأثير فعال في وظائف الجسم وأعضائه‪.‬‬
‫‪-‬قد تصاب بعض أعضاء الجسم بالتلف أو الضعف‪ ،‬فينتج عن ذلك اضطرابات وظيفية في‬
‫أجهزة الجسم‪ ،‬ويؤثر ذلك على التكوين العقلي والنفسي والعصبي‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم الغدد بوظائف مهمة في جسم اإلنسان‪ ،‬ويعتمد عليها بشكل مباشر‪ ،‬وتختلف تسميتها‬
‫باختالف وظيفتها ومكان تواجدها‪ ،‬وتفرز مواد في الجسم إما بصورة مباشرة أو من خالل‬
‫قنوات‪.‬‬
‫وتنقسم الغدد إلى نوعين رئيسيين‪ ،‬وكل نوع من هذه الغدد مسؤول عن أداء وظائف ومهام‬
‫تختلف تما ًما عن الوظائف التي يؤديها النوع االخر‪.‬‬
‫الغدد الصماء‬
‫الغدد الصماء‪:‬يتكون جهاز الغدد الصماء من عدد كبير من الغدد‪ ،‬منها ما يوجد في الدماغ‪،‬‬
‫مثل‪ :‬منطقة تحت المهاد‪ ،‬والغدة الصنوبرية‪ ،‬والغدة النخامية‪.‬‬
‫‪ -‬توجد الغدة الدرقية وجارات الدرقية في الرقبة‪ ،‬والغدة الزعترية بين الرئتين‪ ،‬والغدد‬
‫الكظرية فوق الكليتين‪.‬‬
‫‪-‬تجمع الغدد الصماء مواردها األولية من الدم مباشرة لتحولها إلى هرمونات‪ ،‬وتعيدها إلى‬
‫الدم الذي يقوم بتوزيعها بدوره على الجسم‪.‬‬
‫‪-‬لوظائف الغدد تأثير مباشر في أداء أجهزة الجسم لوظائفها المختلفة وخاصة الجهاز‬
‫العصبي‪ ،‬سيما ما يرتبط برد الفعل الذي يحدثه الجسم في مواجهة المؤثرات الخارجية ‪.‬‬
‫الغدة تحت المهاد‬
‫‪ -‬الغدة تحت المهاد من أهم أنواع الغدد الصماء‪ ،‬وهي مسؤولة عن تنظيم الكثير من عمل الغدد الصماء‬
‫األخرى‪.‬‬
‫‪-‬تقع في الدماغ وتعد الوظيفة األساسية لها الحفاظ على التوازن في الجسم عن طريق العمل كوصلة ما‬
‫بين جهاز الغدد الصماء والجهاز العصبي‪.‬‬
‫‪-‬تفرز الغدة تحت المهاد مجموعة مختلفة من الهرمونات وتتمثل وظائفها في ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬المحافظة على اتزان درجة حرارة الجسم‪.‬‬
‫‪-‬مسؤولة عن الشعور بالعطش‪.‬‬
‫‪-‬مسؤولة عن الشعور بالشهية للطعام وتنظيم الوزن وإفراز عصارة الهضم‪.‬‬
‫‪-‬التحكم بردات الفعل وتنظيم النوم‪.‬‬
‫‪-‬المساهمة في تنشيط الرغبة الجنسية‪.‬‬
‫‪-‬تنظيم ضغط الدم ودقات القلب‪.‬‬
‫‪-‬توازن السوائل داخل الجسم‪.‬‬
‫الغدة النخامية‬
‫توجد الغدة النخامية في الدماغ وتعد من أهم أنواع الغدد الصماء وتتشارك مع الغدة تحت المهاد في‬
‫المحافظة على توازن الجسم‪ .‬وتنقسم إلى قسمين الغدة النخامية األمامية والغدة النخامية الخلفية‪.‬‬
‫يتجلى دور الغدة النخامية األمامية في‪:‬‬
‫‪-‬تنظيم عملية النمو من خالل إفراز هرمون النمو المسؤول عن نمو العظام والعضالت وتوزيع‬
‫الدهون في الجسم‪.‬‬
‫‪-‬إفراز الهرمونات المسؤولة عن تنشيط الغدة الكظرية والغدة الدرقية والغدد التناسلية‪.‬‬
‫الغدة النخامية الخلفية‬
‫تعمل الغدة النخامية الخلفية على تخزين بعض الهرمونات التي تفرزها الغدة تحت المهاد وإفرازها‬
‫في وقت الحاجة لها‪ ،‬ومن هذه الهرمونات ما يأتي‪:‬‬
‫الهرمون المانع إلدرار البول‪ :‬يحافظ على توازن الماء وأمالح الصوديوم في الدم‪.‬‬
‫دورا مه ًما في تحفيز عملية الوالدة الطبيعية‪.‬‬
‫هرمون األوكسيتوسين‪ :‬يلعب ً‬
‫•‬
‫الغدة الصنوبرية‬
‫‪-‬تقع الغدة الصنوبرية في الدماغ أي ً‬
‫ضا‪ ،‬و يذهب العلماء إلى أن الغدة‬
‫الصنوبرية هي المسؤولة عن‪:‬‬
‫‪-‬تنظيم عملية النوم واالستيقاظ‪ ،‬بمعنى تنظيم الساعة البيولوجية للجسم‬
‫من خالل إفرازها لهرمون الميالتونين‪.‬‬
‫‪-‬تنظيم الهرمونات األنثوية والدورة الشهرية‪.‬‬
‫‪-‬الحماية من أمراض القلب والدورة الدموية‪ ،‬مثل‪ :‬تصلب الشرايين‬
‫وارتفاع ضغط الدم المزمن‪.‬‬
‫الغدة الدرقية‬
‫تقع الغدة الدرقية في العنق وتفرز هرمونات مهمة جدًا في تنظيم عمليات األيض في الجسم‪ ،‬وهي المسؤولة عن‬
‫تنظيم ما يلي‪:‬‬
‫الغدة الدرقية‬
‫ضربات القلب‪.‬‬
‫عملية التنفس‪.‬‬
‫نشاط الجهاز الهضمي‪.‬‬
‫الوزن‪.‬‬
‫قوة العضالت‪.‬‬
‫درجة حرارة الجسم‪.‬‬
‫تنظيم الدورة الشهرية‪.‬‬
‫مستوى الكوليسترول‪.‬‬
‫أما الغدد جارات الدرقية فهي أربعةغدد صغيرة الحجم موزعة بجانب الغدة الدرقية‪ ،‬وهي مسؤولة عن صحة‬
‫العظام وتنظيم مستويات الكالسيوم والفسفور في الدم‪.‬‬
‫تأثير الغدة الدرقية‬
‫يمكن أن تؤثر أمراض الغدة الدرقية في المزاج وهو ما يسبب القلق أو االكتئاب بشكل‬
‫أساسي‪ .‬و كلما زادت شدة مرض الغدة الدرقية‪ ،‬زادت حدة تغيّرات المزاج‪.‬‬
‫من بين األعراض المصاحبة لفرط نشاط الغدة الدرقية مايلي‪:‬‬
‫‪-‬عصبية غير عادية‬
‫‪-‬القلق‬
‫‪-‬الهياج‬
‫األعراض المصاحبة لقصور بالغدة الدرقية‪:‬‬
‫اإلرهاق‬
‫االكتئاب‬
‫الغدة الزعترية‬
‫ضا جزء‬‫تقع الغدة الزعترية بين الرئتين وهي من أنواع الغدد الصماء وأي ً‬
‫من أجزاء جهاز المناعة‪ ،‬تكون الغدة الزعترية في قمة نشاطها خالل‬
‫مرحلة الطفولة فهي مسؤولة عن إنتاج الخاليا التائية‪.‬‬
‫(تعريف الخاليا التائية‪ :‬هي مجموعة الخاليا اللمفاوية الموجودة بالدم‪،‬‬
‫وتلعب دورا أساسيا في المناعة الخلوية) ‪.‬وتشكل الخاليا التائية مع الخاليا‬
‫البائية المناعة المكتسبة وسميت بالخاليا التائية نسبة إلى مكان نضوجها‬
‫في الغدة الزعترية ‪ Thymus‬وينضج بعضها في اللوزتين بعد هجرتها‬
‫من نخاع العظام ‪/‬الخاليا البائية هي خاليا تعمل على إنتاج أجسام مضادة‬
‫لألجسام الغريبة التي دخلت الجسم ليقوم الجسم بتدميرها‪.‬‬
‫الغدة الكظرية‬
‫‪-‬تفرز الغدة الكظرية مجموعة من الهرمونات كالكورتيزول و األدرينالين‪ ،‬وينتجان عندما يتعرض الجسم‬
‫للتهديد‪.‬‬
‫‪ -‬ينبه التهديد الغدد الكظرية‪ ،‬الموجودة فوق الكليتين‪ ،‬إلطالق موجة من الهرمونات‪ ،‬بما في ذلك‬
‫األدرينالين والكورتيزول‪.‬‬
‫والتعرض المفرط للكورتيزول وغيره من هرمونات التوتر‬
‫ُّ‬ ‫‪-‬التنشيط طويل المدى لنظام االستجابة للتوتر‬
‫األخرى يمكن أن يسبب اضطرابًا لجميع عمليات الجسم‪ ،‬األمر الذي يجعل اإلنسان أكثر عرضةً لإلصابة‬
‫بالعديد من المشاكل الصحية كـــ‪:‬‬
‫القلق –االكتئاب ‪-‬مشكالت الهضم –الصداع ‪-‬شد في العضالت وألم بها‪-‬مرض القلب والنوبات القلبية‬
‫وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية –مشاكل في النوم ‪-‬زيادة الوزن‪-‬ضعف الذاكرة والتركيز‪.‬‬
‫البنكرياس‬
‫‪-‬البنكرياس عضو مستطيل الشكل يقع خلف المعدة‪ ،‬ويفرز إنزيمات‬
‫الهضم في االثني عشر عبر القناة البنكرياسية‪ ،‬كما يفرز هرمونات في‬
‫الدم‪.‬‬
‫‪-‬البنكرياس بأنه «غدة مختلطة»؛ حيث يؤدي وظائف الغدد الصماء‬
‫والغدد الخارجية اإلفراز‪.‬‬
‫يقوم البنكرياس بعدة وظائف أهمها ما يأتي‪:‬‬
‫‪-‬إفراز هرمونات تعمل على تكسير وهضم الطعام‪.‬‬
‫‪-‬تنظيم مستوى السكر في الدم عن طريق إفراز هرمون اإلنسولين‪.‬‬
‫اإلفراز‬
‫خارجية القنوية‬
‫الغدد الغدد‬

‫‪-‬تفرز الغدد خارجية اإلفراز مواد غير الهرمونات إلى خارج الجسم‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق القنوات‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك العرق واللعاب والدموع‪.‬‬
‫دورا مه ًما يتمثل في تنظيم درجة حرارة الجسم وحماية الجلد‬
‫‪-‬تلعب هذه الغدد ً‬
‫والعينين‪.‬‬
‫أنواع الخلل الغددي‬
‫‪-‬ينقسم الخلل الغددي إلى نوعين‪ ،‬األول أصلي والثاني مكتسب‪.‬‬
‫‪-‬الخلل األصلي‪ :‬يولد به الفرد ويكون له تأثير في طباعه وحالته النفسية‪.‬‬
‫‪-‬الخلل العارض أو المكتسب‪ :‬يصيب اإلنسان السليم في فترات عمرية معينة‬
‫تتميز بنشاط اإلفرازات الغددية وتارة بخمولها‪ ،‬ويندرج ضمن ذلك الغدد‬
‫التناسلية التي تعرف نشاطا في فترة المراهقة وخموال في فترة الشيخوخة‪.‬‬
‫أثر خلل وظائف الغدد على السلوك االجرامي‬
‫‪-‬ال يمكن انكار الحقيقة التي تثبت العالقة بين السلوك االجرامي وافرازات الغدد الصماء سيما أن هذه‬
‫الحقيقة أثبتتها التجارب العلمية العملية‪ ،‬والواقعية فالدليل العلمي قائم على وجود صلة بين الخلل‬
‫الوظيفي للغدد الصماء والسلوك االجرامي ‪.‬‬
‫‪-‬وهكذا فزيادة إفراز الغدة الدرقية يؤدي إلى التوتر العصبي واالنفعال السريع‪ ،‬وقلة إفرازها يؤدي‬
‫إلى الخمول الذهني‪.‬‬
‫‪-‬يؤدي النقص في إفرازات الغدة النخامية إلى الشعور بالجبن واالنعزالية واالنطواء ‪ ،‬كما قد يتسبب‬
‫ذلك في انحراف بعض الفتيات أخالقيا للبحث عن التعويض العاطفي بسبب احساسهن الدفين‬
‫بالنقص‪.‬‬
‫‪-‬تؤدي الزيادة في إفرازات الغدة الكظرية لمادة األدرينالين إلى تمتع الشخص بقدرة عالية على‬
‫التركيز واالستجابة ‪ ،‬بعكس النقص في االفرازات ‪ .‬غير أنه يترتب على كثرة افرازه اضطرابًا لجميع‬
‫عمليات الجسم األمر الذي يجعل اإلنسان أكثر عرضةً لإلصابة بالعديد من المشاكل الصحية وفقا لما‬
‫سبق توضيحه‪.‬‬
‫‪-‬يعتقد بعض األطباء النفسانيين وعلماء السيكولوجيا الهرمونية ‪ ،‬بإن نقص إفراز الغدة الصنوبرية‬
‫في بداية مرحلة المراهقة يمنع النضج الجنسي الطبيعي ‪ ،‬وان ورم الغدة الصنوبرية قد يؤدي إلى‬
‫النضج الجنسي المبكر ألوانه ‪ ،‬األمر الذي يؤثر في الحالتين على نفسية الفرد‪.‬‬
‫التكوين العقلي‬
‫‪-‬يراد بالتكوين العقلي مجموع اإلمكانات المرتبطة باإلدراك والتفكير والتي تمكن الشخص من‬
‫تكييف سلوكه بما يتفق والظروف البيئية‪.‬‬
‫‪-‬يعتبر التكوين العقلي من المفاهيم العلمية التي حظيت باهتمام العلم الحديث‪ ،‬خاصة منه علم‬
‫النفس‪ ،‬وسنتطرق لكل من االضطرابات العقلية للمريض‪ ،‬ومفهوم الذكاء‪.‬‬
‫‪-‬االضطراب العقلي مرض خطير يصيب الفرد في صورة اختالل شديد في التفكير والقوى‬
‫العقلية بوجه عام‪ .‬كما يتميز بعجز شديد عن ضبط النفس‪ ،‬مما يحول دون رعاية المريض‬
‫لنفسه‪ ،‬و يمنعه من التوافق االجتماعي في مختلف صوره‪.‬‬
‫‪-‬األمراض العقلية إما عضوية‪ ،‬يكون لها أساس عضوي معروف كتلف النسيج العصبي للمخ‪،‬‬
‫أو وظيفية‪ ،‬تتسبب فيها العوامل النفسية‪ ،‬كالفصام أو الدهان الدوري‪.‬‬
‫‪ -‬تتعدد أسباب األمراض العقلية كالوراثة‪ ،‬االضطرابات العضوية‪ ،‬الضغوط االجتماعية ‪،‬‬
‫العالقات العائلية‪ ،‬السن‪.‬‬
‫صور االضطرابات العقلية‬
‫أوال‪:‬االضطرابات المستقرة‬
‫الضعف العقلي‪ :‬هو حالة مرضية تصاحب الشخص منذ والدته‪ ،‬و تتمثل في توقف ملكاته‬
‫الذهنية عند حد معين دون مستوى النضج الطبيعي للعقل ‪ .‬للضعف العقلي صورتان و هي‪:‬‬
‫العته‪ :‬و فيه فئتين‪ ،‬الفئة األولى تعرف بذكاء الحيوان‪ ،‬و الفئة الثانية ذكاء اقل من ثالث‬
‫سنوات‪.‬‬
‫– البله‪ :‬هو أدنى مستويات الذكاء و لألبله مستوى ذكاء بين ثالث سنوات و ست سنوات‪،‬‬
‫ويمكن لألبله أداء بعض الواجبات الشخصية بنفسه‪ :‬كالنظافة و المحافظة على نفسه من‬
‫التعرض للضرر‪.‬‬
‫الخلل العقلي(الجنون)‪ :‬يقصد به الخلل الذي يصيب القوى الذهنية‪ ،‬و الذي يؤدي إلى‬
‫انحراف نشاطها و يرد األطباء هذا الخلل‪ ،‬إما للصدمات أو لالرتجاج الدماغي‪ ،‬أو النفعاالت‬
‫شديدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االضطرابات المتطورة‬
‫االكتئاب ‪ :‬يكون االكتئاب مصحوبًا في كثير من األحيان بالقلق واليأس‪ ،‬واألرق‪ ،‬ومشاعر الذنب المبالغ فيها‪ ،‬وفقدان الشهية‪،‬‬
‫المستمر ِللذَّات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والبكاء المتكرر‪ ،‬وانعدام الثقة بالنفس‪ ،‬والتأ ْ ِنيب‬
‫الهوس‪ :‬يصنف الهوس على أنه اضطراب عقلي يتميز بالنشاط الزائد والمرح والغرابة ‪ ،‬ويكون الفرد مليئا ً بالحيوية ‪ ،‬ال يكاد‬
‫ينتهي من شيء أو عمل حتى يبدأ في عمل آخر ‪ .‬وقد يبدأ في عمل قبل أن ينتهي من األول‪ ،‬وقد يصل نشاطه إلى درجة‬
‫العدوان والتحطيم‪ .‬وتتميز أفكاره بأنها غير منظمة‪ ،‬فهو ينتقل من فكرة إلى فكرة بسرعة دون داع‪ ،‬وتتميز لغته باإلغراق في‬
‫التفاصيل التي ال أهمية لها‪ ،‬وقد تظهر بعض األعراض الثانوية‪ ،‬مثل القلق والشك واضطراب الوعي‪.‬‬
‫الفصام‪:‬هو اضطراب عقلي مزمن وشديد يؤثر على طريقة تفكير الشخص وشعوره وسلوكه‪ ،‬كما قد يسمع المصابون به‬
‫أصواتًا غير موجودة‪ ،‬أو قد يعتقدون أن أشخا ً‬
‫صا آخرين يحاولون إيذاءهم‪ ،‬غالبًا ما يصفه األطباء بأنه نوع من الذهان‪ ،‬وهذا‬
‫قادرا على تمييز أفكاره الخاصة عن األفكار التي تحدث في الحقيقة‪.‬‬
‫يعني أن الشخص قد ال يكون دائ ًما ً‬
‫•‬ ‫الارتياب) والذهان‪:‬‬
‫البارا نويا‪:‬‬
‫جنون‬‫‪-‬‬
‫(‬ ‫نويا‬ ‫البارا‬
‫تفكير ينجم عنه الشعور الغير منطقي بفقد‬ ‫‪-‬مرض البارانويا أو ما يعرف بجنون االرتياب هو‪ -‬نمط‬
‫الدهان الدوري‬

‫الثقة بالناس‪ ،‬والريبة منهم واالعتقاد بوجود تهديد ما‪.‬‬


‫‪-‬من أعراضه أن المصاب تسيطر عليه أفكار معينة ومعتقدات خاطئة يستحيل عليه التخلص منها‪،‬‬
‫وتتنوع صور هذا المرض تبعا لطبيعة هذه المعتقدات فهناك بارا نويا االضطهاد حيث يسيطر على‬
‫المريض الشعور بأنه مضطهد‪ ،‬وبارا نويا العظمة الناشئة عن شعور المريض أنه أحد العظماء‪ ،‬و‬
‫وبارا نويا الغيرة التي تولد في المريض شعورا باألنانية واالستئثار وتجعله يغار بشدة على من يحب‪.‬‬
‫الذهان‪ :‬هو مجموعة من األعراض التي تؤثر على طريقة معالجة الدماغ للمعلومات‪ ،‬ويعاني‬
‫الشخص الذي يعاني من الذهان من أفكار مخالفة للحقيقة‪ ،‬فقد يرى الشخص أو يسمع أشياء غير‬
‫حقيقية مبنية على الهلوسة واألوهام‪.‬‬
‫نظرا إلى أن‬
‫‪-‬يتشابه كل من الذهان والفصام بشكل كبير‪ ،‬وقد يتم استخدام المصطلحان لذات الحالة‪ً ،‬‬
‫الذهان هو أحد أعراض الفصام‪ ،‬وعلى الرغم من ارتباط الحالتين ارتبا ً‬
‫طا وثيقًا‪ ،‬إال أن كل منهما‬
‫يختلف عن اآلخر من عدة نواحي‪ ،‬مثل األعراض‪ ،‬واألسباب‪ ،‬وتتشابه بشكل كبير في طرق العالج‪.‬‬
‫عالقة التكوين العقلي بالسلوك اإلجرامي‬
‫تؤكد الكثير من األبحاث واإلحصاءات على وجود صلة بين األمراض‪ ،‬وبين‬
‫السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫أوال‪:‬االضطرابات العقلية المستقرة‬
‫الضعف العقلي‬
‫أكد علماء اإلجرام أن فئة المعتوهين أقل خطورة إجرامية‪ ،‬كما أن أغلبهم‬
‫محجوزون في مراكز صحية‪ .‬أما فئة البلهاء فيتميزون ببعض السلوكات اإلجرامية‬
‫كالقتل و السرقة‪ ،‬وتتوافر لديهم خطورة إجرامية اذا كانون في حالة غضب‪.‬‬
‫الخلل العقلي‬
‫يعتبر الجنون العام مانعا من موانع المسؤولية الجنائية‪ ،‬نظرا الستحالة االدراك أو اإلرادة لدى‬
‫المجنون(الفصل ‪ 134‬من القانون الجنائي المغربي)‪.‬‬
‫‪ -‬تتميز هذه الفئة بارتكاب جرائم ضد األشخاص كالقتل‪ ،‬و هتك العرض و الضرب‪.‬‬
‫‪-‬في المقابل يتخذ الجنون المتقطع صورة نوبات دورية‪ ،‬و هنا تكمن الخطورة اإلجرامية لهذه‬
‫الفئة‪ ،‬حيث أن األشخاص يأتمنونههم و فجأة يرتكبون أعماال إجرامية‪.‬‬
‫‪ -‬تتعدد الجرائم المرتكبة من طرف هذه الفئة كالسرقة والحريق‪..‬‬
‫مفهوم الذكاء وأنواعه‬

‫‪-‬الذكاء هو القدرة االجمالية والمعقدة للشخص على التصرف لتحقيق غاية معينة والتفكير‬
‫بطريقة عقالنية‪ ،‬وإقامة صالت مفيدة مع الوسط الذي يعيش فيه‪.‬‬
‫‪-‬يختلف الناس من حيث اإلمكانات تبعا لذكائهم فقد يكون الذكاء فائقا أو متوسطا أو ضعيفا‪،‬‬
‫ومن حيث النوع قد يكون فكريا أو فنيا أو عمليا وذلك تبعا لميول الناس واتجاهاتهم‬
‫المختلفة‪ ،‬ومن حيث المدى يصنف العلماء الذكاء إلى ذكاء عام وذكاء خاص ينحصر في‬
‫كفاءة أو قدرة خاصة‪.‬‬
‫االتجاه التقليدي‬
‫اتجاهات تفسير عالقة معدل الذكاء باإلجرام‬
‫االتجاه التقليدي‬
‫‪-‬يذهب أنصار هذا االتجاه إلى وجود عالقة وثيقة ومباشرة بين الضعف العقلي‬
‫والظاهرة اإلجرامية‪.‬‬
‫‪-‬ساد بين أوساط الباحثين األمريكيين في القرن التاسع عشر اعتقاد بوجود عالقة‬
‫وثيقة بين الضعف العقلي والسلوك االجرامي‪ ،‬فجميع المجرمين والمنحرفين وفقا ً‬
‫لهذا االتجاه لديهم دونية عقلية ‪ ،‬وإن تفاوتت درجة هذه الدونية ‪،‬لذلك فعزل ضعاف‬
‫العقول هي الوسيلة الفعالة والوحيدة للوقاية من الجريمة ‪.‬‬
‫االتجاه الحديث‬
‫‪-‬ذهب أنصار هذا االتجاه إلى أن العالقة بين الضعف العقلي والظاهرة اإلجرامية عالقة غير‬
‫مباشرة وال تتسم بالحتمية ؛ وأن نسبة الذكاء بين المجرمين ال تختلف عن نسبته بين‬
‫األسوياء ‪ ،‬فيما عدا الحاالت القليلة التي يقف فيها الضعف العقلي وراء السلوك اإلجرامي‬
‫بشكل مباشر ‪.‬‬
‫‪-‬توصل العالم األمريكي سذرالند إلى عدم الربط بين معدل الذكاء والسلوك اإلجرامي من خالل‬
‫دراسة شملت حوالي ‪ 175000‬مجرم بين عامي‪ 1925‬و ‪1928‬وقد ذكر أن نسبة ضعاف‬
‫العقول بين عينة الدراسة لم تتعدى ‪ ، 20%‬وأن المسجونين ضعاف العقول ال يختلفون عن‬
‫غيرهم من المسجونين فيما يصدر عنهم من أخطاء داخل السجن أو في نسبة من يطلق‬
‫سراحهم بنا ًء على اإلفراج الشرطي‪ ،‬وال تختلف نسبة العائدين إلى ارتكاب الجريمة من‬
‫المجرمين ضعاف العقول عن نسبة العائدين المجرمين العاديين‪.‬‬
‫طرق قياس الذكاء‪/‬اختبار ويكسلر لقياس ذكاء الراشدين‬

‫‪-‬وضع ديفيد ويكسلر عام ‪ 1939‬مقياس ويكسلر لذكاء الراشدين والمراهقين‪ ،‬لقياس عدد‬
‫من القدرات العقلية األولية التي اعتقد أنها تتفاعل مع بضعها لتكون الذكاء العام‪ ،‬أو القدرة‬
‫العقلية العامة‪ ،‬التي يقصد بها ويكسلر القدرة على القيام بالفعل الهادف‪ ،‬والتفكير العقالني‬
‫والتعامل بفاعليه مع البيئة‪.‬‬
‫‪-‬يتألف المقياس من جزأين‪ ،‬لفظي وأدائي‪ ،‬ويتكون الجزء األول من ستة اختبارات فرعية‪،‬‬
‫هي‪ :‬المعلومات‪ /‬تذكر األرقام‪ /‬المفردات‪ /‬الحساب‪ /‬االستيعاب والمتشابهات‪ .‬أما الجزء‬
‫الثاني فيتألف من خمسة اختبارات فرعية‪ ،‬هي‪ :‬تكميل الصور‪ /‬ترتيب الصور‪ /‬تصميم‬
‫المكعبات‪ /‬تجميع األشياء واختبار الترميز‪ .‬ويتيح المقياس الوصول إلى ثالث نسب هي‪:‬‬
‫نسبة الذكاء اللفظية‪ ،‬ونسبة الذكاء األدائية ونسبة الذكاء الكلية‪.‬‬
‫‪ -‬يهدف المقياس إلى قياس القدرة العقلية العامة للراشدين‪ ،‬ويستخدم االختبار في العيادات‬
‫والمراكز اإلكلينيكية لألغراض التشخصية المرتبطة بمستوى األداء العقلي ضمن المدى‬
‫العمري للمقياس‪ ،‬كما يستخدم لألغراض البحثية‪.‬‬
‫الصلة بين معدل الذكاء و نوع الإجرام‬
‫جرائم ضعاف العقول‬
‫هي جرائم ال يتطلب من مرتكبها إمكانيات أو قدرات ذهنية خاصة بل يغلب أن يقدم على ارتكابها أفراد يقل مستوى ذكائهم عن مستوى‬
‫الذكاء العام ومن أمثلتها جرائم التسول ‪ ،‬والسب والقذف‪ ،‬وجرائم الحريق ‪ ،‬والدعارة والجرائم الماسة باألطفال ‪ ،‬وجرائم السرقة‬
‫والضرب والجرح ‪ ،‬والجرائم غير العمدية كاإلصابة والقتل الخطأ‪.‬‬
‫جرائم األذكياء‬
‫يفترض في الشخص المرتكب لجرائم األذكياء قدرا عاليا ً من المهارات الذهنية ‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لجرائم النصب وتزوير‬
‫المحررات وتزييف العملة وجرائم الجاسوسية والجرائم الماسة بأمن الدولة وجرائم التهريب الجمركي والتهرب الضريبي‪،‬والجرائم‬
‫االلكترونية‪.‬‬
‫‪-‬تجدر اإلشارة إلى أن هذا التقسيم ال يعني وجود جرائم خاصة باألذكياء‪ ،‬وأخرى خاصة باألغبياء ‪ ،‬فالمجرم قد يرتكب أية جريمة‬
‫غير أن الفرد بطبعه يميل إلى ارتكاب الجريمة التي تتناسب مع معدل قدراته وملكاته الذهنية‪.‬‬
‫عالقة المخدرات بالجريمة‬
‫تذهب الكثير من الدراسات إلى أن عالقة المخدرات بالجريمة نابعة من مصدرين يتمثل األول في‪ :‬التغير في‬
‫الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطي وما يحدث نتيجة ذلك التغيير من اختالل في وظائف اإلدراك والتفكير‬
‫وبالتالي ضعف السيطرة على ضبط الذات فيطلق عنان الرغبات والشهوات ويقترف الجرائم‪.‬‬
‫‪-‬يتمثل المصدر الثاني لعالقة المخدرات بالجريمة في حاجة الفرد الملحة إلى المادة المخدرة‪ ،‬حيث يشعر‬
‫المريض بضغط الرغبة الشديدة لتعاطي المخدر الذي تعود عليه‪ ،‬وبذلك يصبح المريض أسيرا ً لعادته حيث‬
‫يكون هاجسه الوحيد هو الحصول على المخدر‪.‬‬
‫‪ -‬تباع المخدرات في الخفاء عن طريق السماسرة والمروجين والمهربين لذلك فالمدمن يلجأ إليهم في كل مرة‬
‫يحتاج فيها للمخدرات‪.‬‬
‫‪ -‬قد ال يتردد المدمن في اتباع كل الطرق غير المشروعة للحصول على المال‪ ،‬كالسرقة أو القتل أو احداث‬
‫أضرار باألرواح أو الممتلكات‪.‬‬
‫تعريف المخدرات‬
‫‪-‬المخدرات هي مجموعة من المواد التي تسبب اإلدمان وتسمم الجهاز العصبي‪ ،‬ويطلق لفظ‬
‫(مخدر) على ما يُذهب العقل ويغيبه‪ ،‬الحتوائه على مواد كيميائية تؤدي إلى النوم أو غياب‬
‫الوعي‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي استخدام المخدرات إلى ما يسمى (متالزمة التبعية)‪ ،‬وهي مجموعة من الظواهر‬
‫السلوكية والمعرفية والفسيولوجية التي تتطور بعد االستخدام المتكرر للمواد‪ ،‬وتتضمن عادة‬
‫رغبة قوية في االستمرار بذلك على الرغم من عواقبها الوخيمة‪.‬‬
‫مراحل اإلدمان‬
‫مرحلة التجربة ‪ :‬يقوم الشخص فيها بتناول المواد المخدرة على سبيل‬
‫التجربة للتباهي‪ ،‬أو ألسباب أخرى تتعلق بتعرضه لمشاكل اقتصادية أو‬
‫اجتماعية أو نفسية تفوق قدرته على التحمل‪ ،‬وغالبا ما تتم التجربة بمساعدة‬
‫وتشجيع من االصدقاء ‪.‬‬
‫مرحلة التعاطي القصدي‪ :‬يقوم الشخص بالبحث عن المواد المخدرة‬
‫للحصول عليها وتعاطيها دون دفع أو تشجيع من أشخاص آخرين ‪ .‬وتختلف‬
‫هذه المرحلة‪ ،‬تبعا الختالف الظروف االجتماعية واالقتصادية ودور‬
‫الرقابة بين شخص وآخر ‪.‬‬
‫مرحلتي اإلدمان واالحتراق‬
‫‪-‬مرحلة اإلدمان‪ :‬اإلدمان هو رغبة قهرية لالستمرار في تعاطي المادة المخدرة أو الحصول‬
‫عليها بأي وسيلة‪ ،‬مع الميل إلى زيادة الجرعة‪.‬‬
‫‪-‬يصبح المدمن خالل هذه المرحلة مواظبا على تعاطي المادة المخدرة بشكل دوري‪ ،‬وقد يتناولها‬
‫أحيانا يوميا أو في كل وقت في أقصى الحاالت‪ ،‬إذ بدون تعاطيها في أوقاتها يفقد الكثير من‬
‫نشاطه وحيوته كقدرته على التواصل مع ذاته ومع المجتمع ‪.‬‬
‫‪-‬تتسم هذه المرحلة بالخطورة ‪،‬ألن المواد المخدرة تنتشر في الجسم بشكل كبير‪،‬وتؤثر على‬
‫تصرفات الشخص وطريقة تفكيره‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة االحتراق أو الالعودة‪ :‬هي مرحلة الذروة التي يصلها المدمن نتيجة تعاطيه المستمر‬
‫للمخدرات‪ ،‬اذ تصبح المخدرات في هذه الحالة غير قادرة على اعطائه ما يرغب فيه من نشوة‪،‬‬
‫ويصبح مجبرا على تناولها بشكل دائم وطوال الوقت وهذه المرحلة تتطلب العالج ألن المدمن‬
‫يكون مهددا بالموت ‪،‬وقد تدفع هذه المرحلة المدمن الى االنتحار‪ ،‬أو ارتكاب أبشع الجرائم مثل‬
‫قتل أفراد عائلته وأصدقائه المقربين ‪.‬‬
‫أنواع المخدرات‪:‬‬

‫توجد أنواع مختلفة من المخدرات‪،‬وتتنوع مصادرها ‪،‬ويمكن التمييز بين‬


‫المخدرات ذات المصدر الطبيعي (القات‪،‬القنب الهندي‪ ،‬الكوكا‪ ،)..‬أو ذات المصدر‬
‫ضا الحبوب المخدرة‪.‬‬ ‫االصطناعي (الهيروين‪ ..‬وأي ً‬
‫البوفا‪/‬الكراك‪/‬كوكايين الفقراء‬
‫البوفا هو مخدر يصنع من بقايا الكوكايين‪ ،‬ويتم خلط هذه البقايا باألمونيا ومواد أخرى وهو ما يمنحه شكله "البلوري"‪ .‬وينتشر‬
‫بشكل سريع وسط الشباب المغربي بالمدن الكبرى‪.‬‬
‫وفقا للباحث في السياسات والنظم الصحية‪ ،‬الطيب حمضي‪ ،‬انتشر هذا المخدر بشكل كبير في الواليات المتحدة األمريكية في بداية‬
‫الثمانينات‪ ،‬وتمت مكافحته ‪،‬لكنه انتشر في أوروبا بعد ذلك‪ ،‬ودخل السوق المغربية في السنوات األخيرة‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر البوفا مخدر قوي‪ ،‬إذ يمنح للمتعاطي شعورا سريعا بالنشوة منذ االستخدام األول‪ ،‬لكن مفعوله ينتهي بسرعة‪ ،‬مما يجعل‬
‫المتعاطي يسعى لتناول جرعات جديدة الستعادة النشوة األولى‪ ،‬وهذا يفسر انتشاره بين الشباب والمراهقين‪.‬‬
‫‪-‬وفقا لمعطيات صادرة عن وزارة الداخلية فإنه خالل الفترة الممتدة من فاتح يناير ‪ 2020‬إلى متم ماي ‪ 2023‬تم تسجيل ما‬
‫مجموعه مائتي قضية تتعلق بمخدر “البوفا”‪ ،‬جرى خاللها حجز حوالي ثالثة كيلوغرامات من المخدر المذكور‪ ،‬وتوقيف مائتين‬
‫واثنين وثمانين شخصا وإحالتهم على العدالة‪.‬‬
‫أعراض اإلدمان على مخدر البوفا‬
‫‪-‬يؤكد خبراء الصحة أن أعراض اإلدمان على مخدر “البوفا” أو “الكراك” تشمل‬
‫اكتئابا شديدا‪ ،‬وأفكار انتحارية‪ ،‬واإلصابة ببعض النوبات القلبية وتضخم عضلة‬
‫القلب‪ ،‬ويمكن أن يؤدي لحاالت من الهذيان والهياج والعدوانية‪.‬‬
‫يتميز المدمن بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪-‬فرط الحركة والنشاط –اليقظة ‪-‬التحدث بشكل سريع ‪-‬تناول الطعام بشراهة ‪-‬‬
‫اضطرابات فى النوم ‪-‬السلوكيات غير الطبيعية ‪-‬تقلبات مزاجية ‪-‬اضطرابات نفسية‪.‬‬
‫‪ .‬مخدر البوفا والتقلبات المزاجية‬
‫من أهم عالمات إدمان البوفا‪ ،‬التأثير على الناقالت العصبية في المخ والحالة المزاجية للمتعاطى‪ ،‬مما‬
‫يجعل حالته المزاجية غير مستقرة‪.‬‬
‫‪-‬أيضا ذو سلوك عنيف وعدواني‪،‬مما يدفعه إلى ارتكاب جرائم مختلفة‪.‬‬
‫مخدر البوفا وجنون العظمة‪:‬تظهر مشاكل عقلية في بداية تعاطي جرعات المخدر‪ ،‬وأبرزها جنون العظمة‪ ،‬حيث‬
‫يتخيل المتعاطى أنه يمكنه فعل أى شئ في الحياة‪.‬‬
‫مخدر البوفا واالكتئاب‪:‬يساعد على إفراز مادة الدوبامين بكميات كبيرة في المخ‪ ،‬لذا يشعر المتعاطي بالسعادة‪ ،‬لكن‬
‫مع مرور الوقت يفقد المخدر تأثيره‪ ،‬ويصبح من الصعب شعور المدمن بالسعادة ويصاب بنوبة اكتئاب حادة‪ ،‬وقد‬
‫يلجأ لزيادة الجرعة مما يسبب وفاته‪.‬‬
‫مخدر البوفا واالنتحار‪:‬يدخل المدمن في نوبة اكتئاب حادة‪ ،‬وتسوء حالته المزاجية‪ ،‬مما يؤدي إلى شعوره بعدم‬
‫الرغبة في الحياة‪ ،‬وتتردد على ذهنه الميول اإلنتحارية التي تتحكم في تفكيره‪ ،‬وقد يترتب عليها اإلنتحار‪.‬‬
‫الفرق بين التعاطي واإلدمان‬
‫التعاطي هو االستخدام المتكرر للمادة من أجل الحصول على بعض الشعور العالي بالسعادة‬
‫والنشوة‪ ،‬أو الهروب من بعض الضغوطات الحياتية ‪،‬مع الحفاظ على بعض القدرة‬
‫على التحكم في الذات والتوقف عن استخدام المادة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلدمان يعنى االعتماد النفسي والجسدي على المخدرات ويحدث اإلدمان عندما‬
‫يستمر الشخص بالتعاطي إلى حد يؤثر على كيميائية الدماغ‪ ،‬فيصبح معتمدا ً على‬
‫المواد التي يتعاطاها بشكل كامل ليتمكن من أداء وظائفه اليومية‪ ،‬وال يستطيع التوقف‬
‫عن تعاطيها وقتما يشاء إال بعد الخضوع لرحلة عالج متكاملة‪.‬‬
‫العالقة بين المخدرات والجريمة‬
‫‪-‬أثبتت العديد من الدراسات وجود عالقة وطيدة بين المخدرات والجريمة‪.‬‬
‫‪-‬أكد الباحثون أيضا على أن جرائم العنف ترتبط باإلدمان وليس مجرد تعاطي المخدرات ‪.‬‬
‫‪-‬توجد عالقة بين تعاطي األفيون ومشتقاته وارتكاب جرائم العنف‪.‬‬
‫‪-‬أثبتت بعض الدراسات أن األشخاص المتعاطي للكوكايين والمهلوسات و الحشيش بانتظام ولمدة طويلة‬
‫يرتكب جرائم ال تنطوي على العنف كالسرقة والتزوير‪.‬‬
‫‪-‬ينبغي التفرقة بين جرائم ترتكب تحت تأثير المخدر نفسه‪،‬وأخرى ترتكب تحت تأثير الحرمان من المخدر‬
‫الذي أدمن عليه الشخص‪،‬وذلك بدافع اللهفة للحصول على المخدر واستعادة آثاره النفسية والعضوية‪.‬‬
‫‪-‬يلجأ المدمن إلى أية وسيلة للحصول على المخدر وقد يرتكب الجريمة للحصول عليه‪،‬ألن اإلدمان يؤثر‬
‫بشكل كبير جدا على الشخص ويقلل من قدرته على التحمل والتكيف‪.‬‬
‫تؤكد الدراسات أن المخدرات مسؤولة عن تحفيز الميل الرتكاب الجريمة‪،‬ألنها تضعف القدرة على اإلدراك‬
‫والسيطرة على اإلرادة إلى درجة ال يستطيع المدمن معها كبح دوافعه اإلجرامية ألنها تبدد الخوف من‬
‫العقاب لدى الجاني‪.‬‬
‫العالقة بين التعاطي ونوع الجريمة‬
‫توجد عالقة وطيدة بين التعاطي وحوادث المرور‪،‬وأثبتت الدراسات أن العديد من الجرائم ترتكب‬
‫تحت تأثير المخدر‪.‬‬
‫‪-‬يوجد ترابط إيجابي بين شدة اإلصابة ودرجة تركيز المادة المخدرة في السوائل البيولوجية في‬
‫أجسام الضحايا‪.‬‬
‫‪-‬تشير اإلحصائيات أن العديد من جرائم االغتصاب في بريطانيا وعدد كبير من حوادث العنف في‬
‫أمريكا ناجمة عن تعاطي المخدرات‪.‬‬
‫‪-‬توصلت دراسة سعودية أن ‪ 28%‬من المحكوم عليهم بجرائم جنائية كانوا ممن يتعاطون‬
‫المخدرات‪،‬وأن المخدر يدفع الفرد بقوة إلى ارتكاب جرائم االعتداء الجنسي‪ ،‬حيث وصلت نسبتها‬
‫‪ 62%‬من جرائم هتك عرض الذكور‪ ،‬و‪ 56%‬من جرائم اغتصاب اإلناث‪.‬‬
‫تتمة‬
‫‪-‬بينت دراسة قام بها المعهد الوطني األمريكي لدراسة اإلدمان على المخدرات بالواليات‬
‫المتحدة وهي دراسة الغاية منها التعرف على أنماط الجرائم ومعدالتها لدى مدمني الهيروين‪،‬‬
‫وكان عدد أفراد العينة "‪ "243‬فردا ً وكان من نتائجها أن أفراد العينة ارتكبوا ما يزيد على‬
‫"‪ "45.700‬جريمة خالل مدة إدمان دامت حوالي "‪ "11‬عاماً‪ ،‬وذلك قبل إيداعهم بشكل‬
‫نهائي إلى مراكز حجز وعالج اإلدمان‪.‬‬
‫‪-‬أكدت دراسة عربية دراسة أجريت على نزالء بمؤسسة عقابية‪ ،‬االرتباط الوثيق بين تعاطى‬
‫مخدر الحشيش وجرائم بعينها؛ حيث تشير النتائج إلى أن ‪ %86‬من مرتكبى جرائم‬
‫االغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش‪ ،‬وأن ‪ %58‬من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا‬
‫يتعاطون مخدر الحشيش‪ ،‬و‪ %23.7‬من مرتكبى جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر‬
‫الحشيش‪ ،‬و‪ %24.3‬من مرتكبى جرائم السرقة باإلكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش‪.‬‬

You might also like