You are on page 1of 24

‫التهيئة النفسيـة‬

‫ِــب‬
‫‪N‬‬ ‫لشهر رمضان المبارك‬

‫ِيــن َء َام ُنــوا ْ ُكت َ‬ ‫ﵟيأ ُّي َهــا ٱلَّذ َ‬


‫َ َ‬
‫ٰٓ‬
‫َ َۡ ُ ُ ّ َ ُ َ َ ُ َ ََ‬
‫ـب علــى‬ ‫ٱلصيــام كمــا كتِـ‬ ‫َّعليكــم ِ‬
‫ك ۡ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ َ َّ ُ‬ ‫ٱلذ َ‬
‫ــم‬ ‫ِــن قبل ِكــم لعل‬ ‫ِيــن م‬
‫ََ‬ ‫َ َّ ٗ َّ ۡ ُ َٰ‬ ‫َ َّ ُ َ‬
‫ت فمــن‬ ‫ــدود َ ٖ ۚ‬ ‫تَتقَــون ُ‪ ١٨٣‬أي َّامــا ً مع َ‬
‫َ‬
‫يضــا أ ۡو عَلــ ٰى َّ َســف ٖر‬ ‫ــم م ِر ُ‬ ‫ِنك ۡ َ‬ ‫كان م‬
‫ـن‬ ‫ـر ۚ َوعَلَــى ٱلذِيـ َ‬ ‫ـن أيَّــا ٍم أ َخـ َ‬ ‫ـدة ّ ِمـ‬
‫َ َّ ‪ٞ‬‬
‫فعِـ‬
‫ِين‬ ‫ك‬ ‫ــ‬ ‫ِس‬ ‫ــام م ۡ‬ ‫ــهۥ ف ِۡديَــة‪َ ٞ‬ط َع ُ‬ ‫يقونَ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ي ِط‬
‫َّ ٖ ۖ‬
‫ـو َخ ۡيــر‪ ٞ‬لــه ۚۥُ‬ ‫ـرا َف ُهـ َ‬ ‫ع َخ ۡيـ ٗ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ‬
‫فمــن تطــو‬
‫نتـ ۡ‬ ‫ـم إن ُك ُ‬ ‫كـ ۡ‬ ‫َ َ َ ُ ُ ْ َ ۡ ‪ُ َّ ٞ‬‬
‫ـم‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬‫ي‬‫خ‬ ‫ـوا‬ ‫وأ َن تصومـ‬
‫ِي‬ ‫ــان ٱلَّــذ ٓ‬ ‫َ ُۡ َ َ َ َ‬ ‫َۡ ُ َ‬
‫َّ‬ ‫ُتعلم َــون ۡ ُ ۡ َ ُ ُ ٗ ّ‬
‫ض‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ــه‬ ‫ش‬ ‫‪١٨٤‬‬
‫ـاس‬ ‫ـزل فِيــهِ ٱلقــر ۡءان هــدى ۡ ل ِلنـ ِ‬ ‫أن َـ ّ َِ‬
‫ّ َ ُ َ ٰ َ َُۡ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬
‫ــان‬
‫ــت مِــن ٱلهــدى وٱلفرق ِ ۚ‬ ‫َوبيِن ٖ‬
‫ــهرَ‬ ‫ٱلش ۡ‬ ‫َّ‬ ‫ِنكــمُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فمــن شــهد م‬
‫ََۡ ُ ۡ ُ ََ ِ َ َ َ ً َ َ‬
‫يضــا أ ۡو عَل ـ ٰى‬ ‫ف َلي َصم َــهۖ وَّم ‪ٞ‬ـ ّـن ۡك َ ِ ُ‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ان‬
‫ـد‬ ‫ـر ۗ يُريـ ُ‬ ‫ـن أيَّــا ٍم أ َخـ َ‬ ‫ســفر فعِــدة مِـ‬
‫كــمُ‬ ‫َّ ُ ٖ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ُ ِ ُ‬
‫ـر وۡلا ي َّرِ َيـَـدُ ب ِ َ ّ ُ ْ‬ ‫كــم ۡٱلي ُسـ ْ‬ ‫ٱهَّلل ب ِ‬
‫ٱلۡ ُع ۡسـ َ‬
‫ـر َول ُِتك ِملــوا ٱلعِــدة و َل ِت َّكبِــروا‬
‫ك ۡ‬ ‫َّ َ َ َ ٰ َ َ َ ٰ ُ ۡ َ َ ُ‬
‫ــم‬ ‫ــم ولعل‬ ‫ٱهَّلل علــى مــا هدىك‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ َ‬
‫تشــك ُرون ‪َ ١٨٥‬وِإذا َس ُــألك ع َِبــادِي‬
‫ــوةَ‬ ‫َع ّنــي فَإن ّــي قريــبۖ أجيــب دع َ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ َّ ِ َِ َ َ ِ َ ۡ َ ۡ ِ َ ُ ْ‬
‫يبوا لِــي‬ ‫اع إ ِ ْذا دعــانِۖ فليســتج‬ ‫ٱلــد ِ‬
‫َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُِ َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ـدون ‪١٨٦‬ﵞ‬ ‫َول ُيؤم ُِنــوا بِــي لعلهــم يرشـ‬
‫َ‬
‫ﵝالبق َرة ِ ﵜ‬
‫َ‬

‫‪2‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬
‫عــن أمــر املؤمنــن علـ ٍّـي “عليــه الســام”‬
‫قــال ((خطــب رســول اللــه “صلــى اللــه‬
‫عليــه وآلــه” فــي آخــر جمعـ ٍـة مــن شــهر‬
‫شــعبان‪ ،‬فحمــد اللــه وأثنــى عليــه‪ ،‬ثــم‬
‫قال‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫“أيهــا النــاس‪ ،‬إنــه قــد أظلكــم شــهر فيــه ليلــة‬
‫ٌ‬
‫خيــر مــن ألــف شــهر‪ ،‬وهــو شــهر رمضــان فــرض‬
‫َّ‬
‫ليلــة منــه‬‫اهلل عــز وجــل صيامــه‪ ،‬وجعــل قيــام ً ٍ‬
‫بتطــوع صــا ٍة كمــن تطــوع ســبعين ليلــة فيمــا‬
‫َّ‬
‫ســواه مــن الشــهور‪ ،‬وجعــل ملــن تطــوع فيــه‬
‫مــن خصــال الخيــر والبــر؛ كأجــر مــن‬ ‫بخصلــة ً‬
‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فرائــض اهلل عــز وجــل فيمــا‬ ‫ً‬ ‫أدى فريضــة مــن‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فرائــض اهلل عــز‬ ‫أدى فريضــة مــن ً‬ ‫ســواه‪ ،‬ومــن‬
‫َّ‬
‫وجــل؛ كمــن أدى ســبعين فريضــة مــن فرائــض‬
‫َّ‬
‫اهلل عــز وجــل فيمــا ســواه مــن الشــهور‪ ،‬وهــو شــهر‬
‫َّ‬
‫الصبــر‪ ،‬و إن الصبــر ثوابــه الجنــة‪ ،‬وهــو شــهر‬
‫ٌ‬
‫املواســاة‪ ،‬وهــو شــهر يزيــد اهلل تعالــى فيــه فــي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫رزق املؤمــن‪ ،‬ومــن فطــر فيــه مؤمنــا صائمــا اكن‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫لــه عنــد اهلل «عــز وجــل» بذلــك عتــق رقبــة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ومغفــرة لذنوبــه فيمــا مضــى»‪ .‬قيــل‪ :‬يــا رســول‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫اهلل‪ .‬ليــس كلنــا يقــدر علــى أن يفطــر صائمــا‪.‬‬
‫َّ‬
‫فقــال‪( :‬إن اهلل تعالــى كريــم‪ ،‬يعطــي هــذا‬
‫َّ‬
‫لبــن‬ ‫مذقــة مــن ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الثــواب مــن ال يقــدر إاَّل علــى‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫ـذب‪ ،‬أو‬ ‫ـربة مــن مــا ٍء عـ ٍ‬ ‫يفطــر بهــا صائمــا‪ ،‬أو بشـ ٍ‬
‫تميــرات ال يقــدر علــى أكثــر مــن ذلــك‪ ،‬فهــو‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬
‫شــهر ٌ أولــه رحمــة‪ ،‬وأوســطه مغفــرة‪ ،‬وآخــره‬
‫ٌ‬
‫إجابــة و ِعتــق مــن النــار‪ ،‬ومــن خفــف فيــه عــن‬
‫َّ َّ‬
‫مملوكه‪ ،‬خفف اهلل «عز وجل» حسابه)‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫تـهنئة جـهادية‬

‫مع إطاللة شهر الله‪ ،‬شهر‬


‫الصيام والقيام‪ ،‬نتوجه‬
‫بتهنئة جهادية خاصة لكل‬
‫األخوة الذين لم يشغلهم‬
‫الصيام والقيام عن أن يكون‬
‫هذا الشهر الكريم هو شهر‬
‫الجهاد‪ ،‬وباألخص اإلخوة‬
‫املرابطني في الجبهات‪،‬‬
‫فهم باإلضافة إلى ما هم‬
‫فيه في هذا الشهر املبارك‬
‫بكل ما فيه من األجر‪،‬‬
‫والفضل‪ ،‬والقربة إلى الله‬
‫ٍ‬
‫عظيم‬ ‫«سبحانه وتعالى»‪ ،‬إال أنهم في عملٍ‬
‫جد ًا‪ ،‬هو الجهاد في سبيل الله «سبحانه وتعالى»‪.‬‬
‫ومـع قدوم شـهر الجهاد يجب أن نسـتحضر أننـا في مرحلة‬
‫فاصلـة‪ ،‬ومنعطـف مفصلـي فـي تاريـخ قضايـا أمتنـا‬
‫اإلسلامية عامة‪ ،‬وخاصـة القضية املركزيـة األولى (القضية‬
‫الفلسـطينية)‪ ،‬وأننـا ومن منطلق االلتزام الديني واألخالقي‬
‫والقيمـي واإلنسـاني ال يجـوز بـأي حـال أن نتجاهـل أو أن‬
‫نسـكت عمـا نـراه مـن املجـازر البشـعة‪ ،‬والحصـار القاتـل‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫والتهجري القسري ألخوتنا في قطاع غزة‪.‬‬


‫ومــن األهميــة بمــكان أيضــا أن نســتحضر أننــا فــي حالــة‬
‫مواجهــة‪ ،‬وفــي حــرب مباشــرة مــع أئمــة االســتبداد‪ ،‬وقــوى‬
‫الكفــر والطغيــان‪ ،‬املتمثــل فــي الشــيطان األكــر أمريــكا‪،‬‬
‫وربيبتهــا إســرائيل‪ ،‬والعجــوز الشــمطاء بريطانيــا‪ ،‬ومــن‬
‫هنــا ومــن بــاب التذكــر نــود أن ننــوه إلــى أنــه مــن املهــم‬
‫بالنســبة لــكل املؤمنــن فــي بلدنــا العزيــز عامــة‪ ،‬ولــكل‬
‫املجاهديــن واملرابطــن فــي ســاحات الجهــاد خاصــة‪ ،‬ألنهــم‬
‫هــم دون غريهــم فــي امليــدان األقــرب إلــى اللــه «ســبحانه‬
‫ـا‪ ،‬واملكانــة األعلــى قيم ًة‪،‬‬
‫وتعالــى»‪ ،‬وفــي املقــام األرفــع فضـ ً‬
‫ولهــذا فهــم أحــرص مــن غريهــم علــى أن يســتجلبوا املعونــة‬
‫اإللهيــة‪ ،‬والتأييــد الربانــي بالتقــرب إلــى اللــه بالذكــر‬
‫وااللتجــاء إليــه أكــر مــن غريهــم‪ ،‬وذلــك مــن خــال الرتكــز‬
‫على‪:‬‬
‫•اإلكثــار مــن ذكــر اللــه «ســبحانه وتعالــى»‪ ،‬بالحمــد‬
‫والتسبيح والتهليل والتعظيم‪.‬‬
‫•االهتمــام بالقــرآن بقــدر اإلمــكان (ســماع ًا أو تــاو ًة)‪ ،‬مــع‬
‫التفهــم ملعانيــه‪ ،‬والتدبــر آلياتــه‪ ،‬بحضــور قلــب‪ ،‬وباهتمــام‬
‫وتعظيم‪.‬‬
‫•االهتمــام بشــكل أكــر علــى االنتظــام فــي الصلــوات فــي‬
‫املســاجد جماعــة ألهميتهــا‪ ،‬وملــا لهــا مــن الفضــل واألجــر‬
‫املضاعف‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫•اإلكثــار مــن صــاة الليــل‪ ،‬وقيــام ليالــي هــذا الشــهر‬


‫الكريــم‪ ،‬التماســا لــكل مــا يمنحــه اللــه للقائمــن والركــع‬
‫الســجود فــي هــذه الليالــي مــن الرحمــة واملغفــرة والعتــق‬
‫من النار‪.‬‬
‫•الحـرص علـى الحضـور للربنامـج الرمضاني‪ ،‬في املسـاجد‬
‫وسـماع املحاضـرات التـي يقدمهـا السـيد القائـد بحضـور‬
‫قلب‪.‬‬
‫•اإلكثــار مــن الدعــاء بــكل خضــوع للــه‪ ،‬والتضــرع إلــى اللــه‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬وتلمس ساعات االستجابة‪.‬‬
‫•االلتجــاء إلــى اللــه «ســبحانه وتعالــى»‪ ،‬فهــو وحــده مــن‬
‫يجــب أن نتــوكل عليــه‪ ،‬وهــو وحــده مــن يجــب أن نعتمــد‬
‫عليــه‪ ،‬وخاصــة فــي هــذه املرحلــة الحساســة التــي تكالبــت‬
‫علينــا فيهــا أئمــة الكفــر والطغيــان‪ ،‬وتنصــل الكثــر مــن‬
‫املســلمني والعــرب عــن قضاياهــم‪ ،‬بــل وصــل ببعضهــم‬
‫الخــزي والعــار إلــى حالــة متقدمــة مــن الحمايــة واإلســناد‬
‫للعــدو األول واألزلــي للبشــرية جمعــاء (الكيــان‬
‫الصهيوني)‪.‬‬
‫•االهتمــام بــكل األعمــال الجهاديــة علــى كافــة املســتويات‬
‫ســواء علــى (املســتوى الدفاعــي‪ ،‬املســتوى الهجومــي‪ ،‬أو‬
‫علــى مســتوى املرابطــة)‪ ،‬فهــي كلهــا أعمــال عظيمــة‬
‫ومهمــة‪ ،‬إضافــة إلــى أن هــذه املرحلــة بالــذات تتطلــب‬
‫مســتويات أعلــى مــن الجاهزيــة واالســتعداد‪ ،‬ومســتويات‬
‫أرقــى وأدق مــن التخطيــط والتجهــز‪ ،‬وهــذا بالتأكيــد‬

‫‪6‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫يتطلــب حشــد كل الطاقــات وبأعلــى درجــات االنضبــاط‬


‫والتسليم املطلق في كافة املراحل‪.‬‬
‫•الرتكــز علــى أن هــذا الشــهر الكريــم باإلضافــة إلــى مــا فيــه‬
‫من كونه‪-:‬‬
‫‪1.‬شــهر العبــادات فهــو شــهر الصيــام والقيــام‪ ،‬ومــا يرتافــق‬
‫معهــا مــن صلــوات (جماعــة فــي املســجد) وكــذا صــاة الليــل‬
‫واالعتكاف‪ ،‬والتهجد‪ ،‬وخاصة العشر األواخر‪.‬‬
‫‪2.‬شــهر القــرآن ففيــه نــزل (القــرآن الكريــم) ويكــر املســلمون‬
‫فيه من قراءة القرآن‪ ،‬وتالوته وسماعه‪.‬‬
‫‪3.‬شــهر اإلحســان والتكافــل ففيــه تكــر الصدقــات‪ ،‬وتــوزع‬
‫الزكوات على الفقراء واملساكني‪.‬‬
‫‪4.‬شــهر تتــزل فــي أولــه الرحمــة‪ ،‬وفــي أوســطه املغفــرة‪،‬‬
‫ويختم آخره بالعتق من النار‪.‬‬
‫إال أنه‪-‬أيض ًا‪ -‬يتمزي بكونه‪-:‬‬
‫‪1.‬شــهر الجهــاد ففيــه كانــت غــزوة بــدر (يــوم الفرقــان)‪ ،‬أولــى‬
‫الغزوات ضد رأس الكفر قريش‪.‬‬
‫‪2.‬وشــهر الفتوحــات ففيــه مــنَّ‬
‫اللــه علــى املؤمنــن بالفتــح‬
‫املبني (فتح مكة)‪.‬‬
‫‪3.‬شهر التضحيات‬
‫واالستشهاد‪ ،‬ففيه‬
‫استشهد أمري املؤمنني‬
‫اإلمام علي عليه السالم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫فضل شهر رمضان الـمبارك‬


‫وعــن فضــل هــذا الشــهر الكريــم وحاجــة النــاس فيــه‬
‫للبينــات‪ ،‬يقــول الشــهيد القائــد ‪-‬رضــوان اللــه عليــه‪:-‬‬
‫«بمناســبة نــزول القــرآن فــي شــهر رمضــان أصبــح شــهر‬
‫رمضــان شــهر ًا مقدســ ًا وشــهر ًا عظيمــ ًا وهــذه األهميــة‪،‬‬
‫أهميــة القــرآن الكريــم هــي تتمثــل فــي أهميــة وعظمــة‬
‫البينــات والهــدى التــي هــي مضامــن‪ ،‬وهــي الغايــة مــن‬
‫إنزالــه‪ ،‬والبينــات والهــدى هــي فــي األخــر ملــن؟ للنــاس‪ .‬فيــدل‬
‫علــى الحاجــة املاســة‪ ،‬الحاجــة امللحــة بالنســبة للنــاس‪،‬‬
‫حاجتهــم إلــى هــذه البينــات‪ ،‬وهــذا الهــدى‪ .‬أن تكــون‬
‫الفريضــة التــي فرضــت فــي هــذا الشــهر العظيــم هــي‬
‫الصيــام‪ ،‬وهــو الشــهر الــذي أنــزل فيــه القــرآن‪ ،‬يــدل علــى أن‬
‫هنــاك عالقــة مــا بــن الصيــام‪ ،‬ومــا بــن القــرآن الكريــم مــن‬
‫حيــث أن مــا فــي القــرآن الكريــم مــن البينــات والهــدى‪ ،‬أن‬
‫االلــزام بهــذه البينــات والهــدى‪ ،‬أن القيــام بالديــن علــى أســاس‬
‫هــذا القــرآن العظيــم يحتــاج مــن اإلنســان إلــى أن تكــون لديــه‬
‫قــوة إرادة‪ ،‬وكبــح لشــهوات نفســه‪ ،‬وترويــض لنفســه علــى‬
‫الصرب‪ ،‬وعلى التحمل‪».‬‬
‫وأكــد ســام اللــه عليــه علــى االهتمــام بتدبــر القــرآن واالهتداء‬
‫بكتــاب اللــه‪ ،‬وأثــر ذلــك االهتــداء علــى واقــع املســلمني‬
‫والعــرب بقولــه «وفــي شــهر رمضــان مــا يــزال النــاس فــي أول‬
‫الشــهر فيحــاول النــاس أن يهتمــوا بتدبــر القــرآن الكريــم‪,‬‬
‫وســيعرفون أن األشــياء تكــون هامــة جــد ًا‪ ,‬هامــة جــد ًا‬

‫‪8‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫مســألة أن يكــون اإلنســان ملزتم ـ ًا بكتــاب اللــه‪ ,‬وأن يهتــدي‬


‫بكتــاب اللــه‪ ,‬قضيــة تتوقــف عليهــا نجاتــه‪ ،‬وهدايتــه فــي‬
‫الدنيــا وفــي اآلخــرة‪ ,‬ويتوقــف عليهــا عــزة املســلمني‪ ،‬وعــزة‬
‫العــرب بالــذات‪ ,‬عــزة العــرب بالــذات وقوتهــم وتمكينهــم‬
‫يتوقــف علــى االهتمــام بالقــرآن الكريــم‪ ,‬بغــره ال يمكــن أن‬
‫تقــوم لهــم قائمــة وال يمكــن أن ترتفــع لهــم رايــة‪ ،‬إطالق ـ َا؛‬
‫ألنهم ربطوا بالدين‪ ,‬ربط مصري العرب بالدين‪».‬‬
‫وعــن أثــر الصيــام فــي مجــال ترويــض النفــس‪ ،‬يقــول رضــوان‬
‫اللــه عليــه «فالصيــام لــه أثــره فــي هــذا املجــال‪ ،‬فــي مجــال‬
‫ترويــض النفــس‪ .‬ألنــك فــي أثنــاء نهــار شــهر رمضــان تكبــح‬
‫شــهوات نفســك‪ ،‬وتعــود نفســك الصــر‪ ،‬والتجلــد‪،‬‬
‫والتحمــل‪ ،‬تعــود نفســك أنــك أنــت الــذي تســيطر عليهــا‪،‬‬
‫أنــك الــذي تســيطر عليهــا‪ .‬فمــن املهــم جــد ًا بالنســبة لنــا‬
‫عندمــا نصــوم فــي شــهر رمضــان‪ ،‬عندمــا نصــوم أن‬
‫يستشــعر اإلنســان هــذه الغايــة مــن شــرعية الصيــام‪،‬‬
‫يستشــعر أنــه يتجلــد‪ ،‬ويتصــر‪ ،‬ويتحمــل‪ ،‬ليعلــم نفســه‪،‬‬
‫ـاء علــى توجيهات‬ ‫يعلمهــا أنــه هــو الــذي سيســيطر عليهــا بنـ ً‬
‫اللــه‪ ،‬بينــات اللــه‪ ،‬هــدى اللــه‪ .‬تعــود نفســك أنــت الــذي‬
‫تقهرها‪ ،‬وتخضعها لهدى الله وبيناته‪».‬‬
‫أمــا مــن حيــث األثــر النفســي وعالقتــه بالقــرب مــن اللــه‬
‫يؤكــد ‪-‬ســام اللــه عليــه‪ -‬أن «الصيــام لــه أثــر فيمــا يتعلــق‬
‫بصفــاء وجــدان اإلنســان‪ ،‬وذهنيتــه‪ ،‬ويحــس اإلنســان فــي‬
‫شــهر رمضــان‪ ،‬أليــس النــاس يحســون وكأنهــم أقــرب إلــى‬

‫‪9‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫اللــه مــن أي وقــت آخــر؟ هــذه فرص ـ ًة للدعــاء‪ ،‬تالحــظ كيــف‬


‫أن الصيــام مهــم فيمــا يتعلــق بالقــرآن الكريــم‪ ،‬القــرآن الكريــم‬
‫مهــم فيمــا يتعلــق بمعرفــة اللــه حتــى يجعلــك تشــعر‬
‫بالقرب من الله سبحانه وتعالى‪».‬‬
‫ومــن ناحيــة األثــر الكبــر للصيــام فــي نيــل الرعايــة اإللهيــة‬
‫الصيَ ـ ِ‬
‫ـام} ألنــه‬ ‫أكــر يقــول رضــوان اللــه عليــه ُ‬
‫«{أ ِحـ َّـل َل ُكـ ْـم َل ْي َلـ َـة ِّ‬
‫ـك ْم}‪ .‬فــي املســالة أمــام صيــام‪ ،‬يجــب‬ ‫ـون َأ ْن ُف َسـ ُ‬
‫{ك ْن ُتـ ْـم َت ْخ َتا ُنـ َ‬
‫ُ‬
‫أن نأخــذ مــن هــذا بأنــه أمــام مــا هو أشــد صعوبــة مــن الصيام‪،‬‬
‫أن رعايــة اللــه تكــون أكــر‪ ،‬أن رعايــة اللــه للنــاس تكــون أكــر‬
‫ـا‪ .‬ألنــه هــو ســبحانه وتعالــى الــذي شــرَّ ع الصيــام‪ ،‬والــذي‬ ‫فعـ ً‬
‫شــرع الجهــاد‪ .‬فعندمــا تجــد بأنــه أحــل للصائمــن فــي ليــل‬
‫رمضــان مــا كانــت علــى أســاس الصيــام مــن صيــام شــهر‬
‫رمضــان قضيــة األول ممنوعــة‪ ،‬أليــس هــذا نــوع تســهيل أليــس‬
‫هــذا نــوع تســهيل لــه عالقــة بمــاذا؟ بعمليــة الصيــام تبــدو‬
‫ـهال‪ ،‬فيبــدو ســهلة‪ ،‬أن يعــرف الناس‪:‬‬ ‫ســهلة‪ ،‬ليكــون أداؤهــا سـ ً‬
‫أن اللــه ســبحانه وتعالــى هــو يعــرف حاجــات اإلنســان‪ ،‬يعــرف‬
‫متطلبــات حيــاة اإلنســان‪ ،‬فعندمــا يقــول لعبــاده‪ :‬أن يكونــوا‬
‫أنصــار ًا لــه‪ ،‬أليــس الكثــر منــا يأتــي يقــدم قائمــة طويلــة‬
‫عريضــة! [لكــن إحنــا ومــا معنــا وكيــف يعمــل واحــد وأمــوال‬
‫واحــد يصعــب عليــه مفارقتهــا وقــد يحصــل وقــد وقــد]‬
‫وأشياء من هذه‪».‬‬

‫‪10‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫أمــا مــن ناحيــة عالقــة هــذا الشــهر الكريــم بالدعــاء فيقول‬


‫ســام اللــه عليــه «تحــدث عــن الصيــام وعــن هــذا الشــهر‬
‫ــادي‬‫شــهر رمضــان أنــه محــط للســؤال‪{َ :‬وإِ َذا َس َــأ َل َك ِع َب ِ‬
‫َع ِّنــي َفإِ ِّنــي َقرِ يـ ٌـب} (البقــرة‪ :‬مــن اآليــة‪ )681‬وهــذه فــي محلهــا أيضـ ًا‬
‫ـات‬‫{ك ُلــوا ِمـ ْـن َطيِّ َبـ ِ‬
‫ذكــر أن البــاري يقــدم مثلمــا قــال هنــاك‪ُ :‬‬
‫َمــا رَ َز ْق َن ُاكـ ْـم} (البقــرة‪ :‬مــن اآليــة‪ )75‬يأتــي هنــا يــرز فــي الصــورة بأنــه‬
‫أيضــ ًا أنتــم قــد عــرض عليكــم موســم معــن هــو مــن‬
‫ــادي َع ِّنــي َفإِ ِّنــي‬‫أفضــل املواســم للدعــاء َ{وإِ َذا َس َــأ َل َك ِع َب ِ‬
‫ــت ِج ُيبوا ِلــي‬ ‫الــد ِاع إِ َذا دَ َعــانِ َف ْليَ ْس َ‬ ‫يــب ُأ ِج ُ‬
‫يــب دَ ْع َ‬
‫ــو َة َّ‬ ‫َقرِ ٌ‬
‫َو ْليُ ْؤ ِمنــوا ِبــي} (البقــرة‪ :‬مــن اآليــة‪ )681‬يســتجيبون لــي عندمــا‬ ‫ُ‬
‫ون}‪».‬‬ ‫أهديهم وأشرع لهم في كل ما قدم َ{لعَ َّل ُه ْم ي َْر ُش ُد َ‬

‫شهر رمضان املبارك‬


‫ً‬
‫محطـــة مهمـــة جـــدا فـــي عطائهـــا التربـــوي‪،‬‬
‫وعطائه ــا األخالق ــي‪ ،‬وأثره ــا ف ــي واق ــع الحي ــاة‪.‬‬

‫حيفظه اهلل‬

‫‪11‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫ماكسب التقوى‬
‫{يَ ــا َأيُّ َهــا َّال ِذيــنَ َآم ُنــوا ُك ِتـ َـب َع َل ْي ُكــمُ ِّ‬
‫الصيَ ــامُ َك َمــا ُك ِتـ َـب َع َلــى‬
‫ـون} مــن أهــم ثمــار فريضــة‬ ‫َّال ِذيــنَ ِمــن َق ْب ِل ُكـ ْـم َلعَ َّل ُكـ ْـم َت َّت ُقـ َ‬
‫الصيــام‪ ،‬وأهــم مــا يخــرج بــه املؤمــن مــن نتائــج علــى املســتوى‬
‫النفســي والســلوكي فــي شــهر رمضــان الكريــم؛ ثمــرة‬
‫(التقــوى)‪ ،‬ويؤكــد ذلــك القــرآن الكريــم فــي ختــام اآليــة‬
‫ون}‪.‬‬‫الكريمة السابقة بعبارة َ{لعَ َّل ُك ْم َت َّت ُق َ‬
‫والتقــوى هــي أهــم مــا يحــرص عليــه املؤمنــون عامــة‪،‬‬
‫واملجاهدون خاصة‪ ،‬ملا لها من مكاسب‪ ،‬أهمها‪-:‬‬
‫أوال‪ /‬املكاســب والنتائــج اإليجابيــة فــي واقــع الفــرد‬ ‫ً‬
‫واملجتمع ومنها‪-:‬‬
‫• التقــوى مفتــاح الخــر والربكــة‪ :‬قــال تعالــى َ{و َلـ ْـو َأ َّن‬
‫ـاب َآم ُنــوا َوا َّت َقـ ْـوا َل َك َّف ْر َنــا َع ْن ُه ْم َســيِّ َئا ِت ِه ْم‬ ‫َأ ْهـ َـل ِ‬
‫الك َتـ ِ‬
‫الن ِع ِيم}‪.‬‬ ‫ات َّ‬ ‫َو َأل ْد َخ ْل َناهُ ْم َج َّن ِ‬
‫اللــهَ‬‫•املحبــة والتكريــم مــن اللــه‪ :‬قــال تعالــى {إِ َّن َّ‬
‫ي ُِحـ ُّـب ا ُمل َّت ِقــنَ } وقــال تعلــى {إِ َّن َأ ْكرَ َم ُكـ ْـم ِعنـ َـد َّ‬
‫اللـ ِـه‬
‫َأ ْت َق ُاك ْم}‪.‬‬
‫•معيــة اللــه ســبحانه وتعالــى‪ :‬يقــول اللــه ســبحانه‬
‫ــع ا ُمل َّت ِقــنَ } ففــي‬ ‫وتعالــى َ{و ْاع َل ُمــوا َأ َّن َّ‬
‫اللــهَ َم َ‬
‫مواجهــة التحديــات واألخطــار‪ ،‬واملؤامــرات‬
‫واملكائــد‪ ،‬اللــه ســبحانه وتعالــى مــع املتقــن؛‬
‫معهــم ينصرهــم‪ ،‬يكيــد لهــم‪ ،‬يضــرب أعداءهــم‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫يلقــي فــي قلــوب أعدائهــم الرعــب‪ ،‬يدفــع عنهــم‬


‫الكثــر مــن األخطــار‪ ،‬يعزهــم‪ ،‬يمنحهــم املنعــة وهــو‬
‫القوي العزيز‪ ،‬هذا مكسب كبري جد ًا‪.‬‬
‫•قبــول األعمــال‪ :‬مــن مكاســب التقــوى املهمــة قبــول‬
‫العمــل؛ اللــه ســبحانه وتعالــى يقــول {إِ َّن َمــا َي َت َق َّب ُــل‬
‫اللــهُ ِمــنَ ا ُمل َّت ِقــنَ } اإلنســان الــذي ال يتقبــل التقــوى فــي‬ ‫َّ‬
‫واقــع حياتــه مهمــا عمــل ومهمــا ســعى ومهمــا‬
‫جهــد‪ ،‬مهمــا قــدم مــن األعمــال الصالحــة فهــو جهــد‬
‫ضائــع يجعلــه اللــه يــوم القيامــة هبــاء منثــورا‬
‫ــن َع َمــلٍ َف َجعَ ْل َنــاهُ هَ َب ً‬
‫ــاء‬ ‫َ{و َق ِد ْم َنــا إِ َلــى َمــا َع ِم ُلــوا ِم ْ‬
‫َّم ُنثور ًا}‬
‫•تكفــر الســيئات‪ :‬مــن مكاســب التقــوى املهمــة مــا‬
‫اللــهَ ي َُك ِّف ْــر‬
‫ــق َّ‬
‫قالــه اللــه ســبحانه وتعالــى َ{و َمــن َي َّت ِ‬
‫َع ْنــهُ َســيِّ َئا ِت ِه َوي ُْع ِظـ ْـم َلــهُ َأ ْجــر ًا} فالــزام التقــوى ســبب‬
‫لتكفــر الســيئات‪ ،‬والــزام حالــة التقــوى يكفــر اللــه‬
‫بها السيئات بكل ما كان سيرتتب عليها‪.‬‬
‫•البصــرة العاليــة‪ :‬مــن املكاســب املهمــة للتقــوى مــا‬
‫حــكاه اللــه ســبحانه وتعالــى وهــو يخاطــب عبــاده‬
‫املؤمنــن { َيــا َأيُّ َهــا َّال ِذيــنَ َآم ُنــوا إِ ن َت َّت ُقــوا َّ‬
‫اللــهَ ي َْجعَ ــل‬
‫َّل ُكـ ْـم ُف ْر َقان ـ ًا}‪ ،‬يمنحهــم نــور ًا فــي قلوبهــم‪ ،‬وبصــرة‬
‫عاليــة‪ ،‬فيفرقــون بــن األمــور‪ ،‬وبهــا يمــزون الحــق‬
‫مــن الباطــل‪ ،‬وعندهــا ال يمكــن أن يكونــوا عرضــة ألن‬
‫يضلهــم املضلــون مهمــا كان لديهــم مــن إمكانيــات‬
‫وقــدرات علــى التضليــل والزتييــف والخــداع وقلــب‬
‫فاملؤمنون‪-‬بالتقوى‪-‬متنورون بنور الله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحقائق‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫أهمية االستعداد النفسي والذهني الستقبال شهر اهلل‬

‫وبمــا أننــا علــى مقربـ ٍـة مــن قــدوم الشــهر املبــارك (شــهر‬
‫رمضــان)‪ ،‬يجــب علينــا االســتعداد الذهنــي والنفســي‬
‫الســتقباله‪ ،‬وأجمــل مــا يجــب أن نســتوحيه مــن الســرة‬
‫النبويــة الطاهــرة أن نســتذكر خطــاب رســول اللــه‬
‫«صلــوات اللــه عليــه وعلــى آلــه» فــي آخــر جمعـ ٍـة مــن‬
‫شــهر شــعبان‪ ،‬ألن خطبتــه تلــك إنمــا أتــت بهــدف لفــت‬
‫االنتبــاه واالســتعداد الذهنــي والنفســي املســبق قبــل‬
‫دخول شهر رمضان املبارك‪.‬‬

‫خطورة استقبال شهر الصيام بشكل روتيني‬


‫البعض‪-‬لألســف‪-‬قد يدخــل إلــى شــهر رمضــان املبــارك‬
‫ـوال اعتياديـ ًا روتينيـ ًا‪ ،‬وهــذه الحالــة الروتينيــة االعتياديــة‬
‫دخـ ً‬
‫قــد أفقــدت الكثــر مــن النــاس قيمــة وأهميــة الكثــر مــن‬
‫األمــور املهمــة فــي دينهــم‪ ،‬ممــا قــد يفقــد اإلنســان استشــعار‬
‫عظمتــه‪ ،‬وقيمتــه‪ ،‬وأهميتــه‪ ،‬وعطائــه الرتبــوي والروحــي‪،‬‬
‫وهــذه مشــكلة تجعــل اإلنســان يخســر الكثــر مــن أثــره‬
‫الرتبوي املهم‪.‬‬
‫فعندمــا يدخــل اإلنســان بشــكلٍ اعتيــادي روتينــي إلــى‬
‫شــهر رمضــان املبــارك‪ ،‬بــدون أن يكــون مســتعد ًا‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫متهيئــ ًا نفســي ًا‪ ،‬ومــدرك ًا عظمــة هــذه الفرصــة‪ ،‬أهميــة‬


‫هــذه النعمــة‪ ،‬ومــا فيهــا مــن عطــاء اللــه الواســع الكبــر‪،‬‬
‫فهــذا يجعــل اإلنســان يفـ ِّـوت هــذه الفرصــة‪ ،‬ويَ ِضيــع شــهر‬
‫رمضــان فــي اهتمامــات ثانيــة ال قيمــة لهــا‪ ،‬والبعــض قــد‬
‫يقع في املعاصي‪.‬‬

‫عالقة االستعداد الذهني والنفسي بالتوفيق اإللهي‬

‫بــد لــك مــن االهتمــام‬‫إذا أردت أن تظفــر بليلــة القــدر‪ ،‬ال َّ‬
‫بهــذا الشــهر مــن بدايتــه إلــى نهايتــه‪ ،‬مــع كامــل االســتعداد‬
‫نفســيا وذهنيــا لهــذا الشــهر الكريــم‪ ،‬ومــا يرتافــق مــع ذلــك‬
‫االســتعداد مــن إقبــال علــى الطاعــات والعبــادات والذكــر‬
‫بكل اهتمام ورغبة وإخالص‪.‬‬
‫فلــو اتجهــت إلــى أن تتحيــل‪ ،‬أو أن تهمــل‪ ،‬فيدخــل شــهر‬
‫رمضــان وأنــت مــا زلــت ذلــك املهمــل‪ ،‬وذلــك املفــرِّ ط‪ ،‬ثــم‬
‫يمــر الكثــر منــه‪ ،‬تأتــي العشــر األواخــر وتظــن فــي نفســك‬
‫أنــك ســتهتم فيهــا فحســب‪ ،‬أو فــي بعــض الليالــي منهــا‪،‬‬
‫التــي عــاد ًة مــا يأتــي الرتكــز عليهــا‪ ،‬فقــد ال تتوفــق‪ ،‬قــد ال‬
‫تهتــم بالشــكل املطلــوب‪ ،‬ألنــك قــد ال تكــون علــى املســتوى‬
‫الذهنــي والنفســي واإليمانــي قــد ارتقيــت وتهيــأت‪ ،‬ألن‬
‫تكون محط هذه العناية اإللهية الكبرية جد ًا‪.‬‬

‫وعــن أهميــة هــذه العالقة‪-‬بــن االســتعداد النفســي‬


‫والذهنــي والتوفيــق اإللهي‪-‬يؤكــد الســيد القائــد عبــد امللــك‬

‫‪15‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫بــدر الديــن ‪-‬يحفظــه اللــه‪ -‬أن ((مــن يدخــل فــي شــهر‬


‫رمضــان‪ ،‬ثــم يخــرج وهــو ذلــك لــم يتغــر شــيء؛ لــم‬
‫ّ‬
‫يتحســن شــيء فــي واقعــه‪ ،‬ال زال قلبــه كمــا هــو عليــه مــن‬
‫قســاوة‪ ،‬ســلوكه لــم يتحســن فيــه شــيء‪ ،‬إقبالــه إلــى اللــه‬
‫ســبحانه وتعالــى علــى ذلــك املســتوى الــذي كان قبــل دخــول‬
‫هذا الشهر‪ ،‬فلربما قد ُس ِل َب التوفيق والعياذ بالله))‪.‬‬

‫كيف تنظر األمة اإلسالمية لهذه الفر يضة املهمة‬

‫النظــرة الســائدة لهــذه الفريضــة فــي أوســاط الســاحة‬


‫ـال‪ ،‬ونظــرة تقديــس لهــذا‬ ‫اإلســامية‪-‬عموما‪-‬هي نظــرة إجـ ٍ‬
‫ـراف بفضلــه‬‫الشــهر املبــارك بصيامــه وقيامــه‪ ،‬ونظــرة اعـ ٍ‬
‫وعظيــم مزنلتــه‪ ،‬وكذلــك النظــرة إليــه علــى أنــه ركــنٌ مــن‬
‫أركان اإلسالم‪.‬‬
‫وتتنــوع النظــرة بحســب كيفيــة التعامــل مــع شــهر الصيــام‬
‫إلى‪-:‬‬

‫‪-‬النظــرة الروتينيــة وهــي النظــرة الســائدة لــدى األكــر مــن‬


‫أبنــاء األمــة لهــذه الفريضــة املباركــة ولهــذا الشــهر الفضيــل‬
‫مــن حيــث االعتيــاد لصيامــه‪ ،‬واالعتيــاد لبعــض األعمــال‬
‫وأن األجــر فيــه مضاعــف‪ ،‬وااللتفــات‬ ‫الصالحــة فيــه‪َّ ،‬‬
‫بشــكلٍ أكــر إلــى القــرآن الكريــم‪ ،‬وإلــى ذكــر اللــه «ســبحانه‬
‫وتعالى»‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫‪-‬الرتكــز علــى جانــب القربــة إلــى اللــه «ســبحانه وتعالــى»‬


‫متقدمــة بعــض الشــيء‪ ،‬ولكنهــا ال تــزال‬ ‫ِّ‬ ‫وهــذه نظــرة‬
‫ً‬
‫ناقصــة‪ .‬فيتجــه البعــض عمليــا إلــى األعمــال الصالحــة‪،‬‬
‫فرتكزيهــم يتجه‪-‬بشــكلٍ رئيســي‪-‬نحو مــا فــي هــذا الشــهر‬
‫املبــارك مــن أجــرٍ كبــر علــى األعمــال الصالحــة فيــه‪ ،‬وإلــى‬
‫مــا فيــه مــن مضاعفــة للحســنات واألجــور‪ ،‬واالســتفادة مــن‬
‫األجــواء الروحيــة فيــه‪ ،‬التــي تعالــج عنــد اإلنســان قســوة‬
‫القلــب‪ ،‬وتســاعده علــى الخشــوع‪ ،‬والشــعور بالقــرب مــن‬
‫اللــه «ســبحانه وتعالــى» علــى نحــوٍ أفضــل ممــا عــداه مــن‬
‫الشهور‪.‬‬
‫‪-‬النظــرة إلــى هــذا الشــهر أنــه مشــكلة وعــبء‪ :‬هنــاك مــن‬
‫ينظــر إلــى هــذا الشــهر الكريــم بصيامــه وقيامــه‪ ،‬إلــى أنــه‬
‫ِّ‬
‫يمثــل بالنســبة لهــم مشــكلة‪ ،‬ويعتربونــه شــيئ ًا ال عالقــة لــه‬
‫فــي واقــع الحيــاة؛ وإنمــا هــو بهــدف اآلخــرة‪ ،‬وأتــى بشــكلٍ‬
‫يمثــل عبئـ ًا عليهــم‪ ،‬وأنــه يعرقــل عليهــم الكثــر مــن برامــج‬ ‫ِّ‬
‫عملهــم فــي اهتماماتهــم فــي هــذه الدنيــا‪ :‬اهتماماتهــم‬
‫التجاريــة‪ ،‬واالقتصاديــة واملعيشــية‪...‬الخ‪ .‬وقــد يتضايقــون‬
‫إلــى حـ ٍـد كبــر مــن فريضــة الصيــام‪ ،‬ومــا فيهــا مــن الزتامــات‪،‬‬
‫مثل‪ :‬االمتناع عن الطعام والشراب وغريها‪.‬‬
‫خطــورة الرؤيــة الناقصــة‪ :‬الرؤيــة الناقصــة قــد تجعــل‬
‫عملــي‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بتوجــه‬ ‫اإلنســان يخــرج مــن هــذا الشــهر املبــارك‬
‫ناقــص‪ ،‬وبنتائــج ناقصــة‪ ،‬وقــد تصــل الحالــة فــي بعــض‬
‫األمــور إلــى أن يخــرج اإلنســان خاســر ًا غــر رابــح (رُ َّب صائـ ٍـم‬
‫ليــس لــه مــن صيامــه َّإاَّل الجــوع والظمــأ‪ ،‬ورُ َّب قائـ ٍـم ليــس لــه‬
‫‪17‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫من قيامه َّإاَّل السهر والتعب)‪.‬‬


‫النظــرة القرآنيــة‪ :‬وهــي النظــرة التــي ينبغــي أن‬
‫نســتوعبها جيــد ًا كمســلمني؛ حتــى نســتفيد بشــكلٍ‬
‫أفضــل‪ ،‬وحتــى نســتغل هــذه الفريضــة املباركــة وهــذا‬
‫الشــهر العظيــم علــى نحــوٍ متكامــل؛ وهــي مــا ِّ‬
‫يقدمــه‬
‫ركــز عليــه الرســول «صلــوات‬ ‫لنــا القــرآن الكريــم‪ ،‬ومــا َّ‬
‫اللــه عليــه وعلــى آلــه» بخطاباتــه وأقوالــه علــى ضــوء‬
‫القــرآن الكريــم الــذي يقـ ِّـدم لنــا رؤيـ ًـة متكاملـ ًة عــن هــذا‬
‫الشهر املبارك‪ ،‬وعن صيامه وقيامه‪.‬‬
‫يمثــل هــذا الشــهر املبــارك بصيامــه‪ ،‬وقيامــه‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫وبرامجــه‪ ،‬وبركاتــه‪ ،‬وآثــاره‪ ،‬محطـ ًة تربويـ ًة عظيمـ ًة‬
‫جد ًا‪ ،‬حيث نكتسب من هذه الفريضة املباركة‪-:‬‬
‫✦قــوة فــي العــزم‪ ،‬قــوة فــي اإلرادة‪ ،‬قــوة فــي الصــر‬
‫والتحمل أمام الرغبات والشهوات‪.‬‬
‫✦وتكســب اإلنســان األثــر الروحــي العظيــم فــي زكاء‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ترســبات مشــاكل الحيــاة‪ ،‬التــي‬ ‫✦معالجــة الكثــر مــن ُّ‬
‫عــاد ًة مــا تكــون قــد تركــت أثــر ًا ســلبي ًا فــي مشــاعر‬
‫اإلنسان واهتماماته وتصرفاته‪.‬‬
‫✦ويثمــر ثمــر ًة عظيمــة‪ ،‬ويــرك أثــر ًا إيجابيــ ًا ملــن‬
‫يغتنمــه‪ ،‬ملــن يتجــه منــذ البدايــة إلــى اغتنــام هــذه‬
‫الفرصــة الثمينــة جــد ًا‪ ،‬وهــذه املحطــة العظيمــة‬
‫‪18‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫فيزتود منها التقوى‪.‬‬


‫ِّ‬
‫يشــكله مــن‬ ‫✦كمــا أن لــه أهميــة كبــرة فيمــا يمكــن أن‬
‫تأثــر إيجابــي وعظيــم فــي نفــس واقــع حياتنــا‪ :‬فــي‬
‫انخفــاض نســبة الجرائــم‪ ،‬وارتفــاع نســبة األعمــال‬
‫الصالحة بأثرها الصالح واإليجابي في واقع الحياة‪.‬‬
‫✦نكتســب مشــاعر الطمأنينــة‪ ،‬مشــاعر الســكينة‪،‬‬
‫والقرب من الله «سبحانه وتعالى»‪.‬‬
‫✦التخفيــف إلــى حــد كبــر مــن مشــاعر القلــق والشــعور‬
‫بالضيق في واقع النفوس‪.‬‬
‫يروينــا مــن حالــة الجفــاف علــى املســتوى الروحــي‪،‬‬
‫✦أن ِّ‬
‫فنعيــش حالــة االطمئنــان بذكــر اللــه «ســبحانه‬
‫وتعالــى»‪ ،‬واملشــاعر اإليجابيــة واإلنســانية الراقيــة‬
‫واملؤثرة إيجاب ًا في مشاعر اإلنسان ونفسيته وأعماله‬
‫✦وسيلة مساعدة لتحصيل الوقاية من كل الشرور‪.‬‬
‫✦االرتقــاء فــي واقعنــا النفســي واألخالقــي والعملــي‬
‫والســلوكي‪ ،‬لنكتســب منهــا القــوة النفســية فــي‬
‫مواجهة أعباء هذه الحياة‪ ،‬وتحدياتها‪.‬‬
‫✦نكتســب قــوة التحمــل للنهــوض بمســؤولياتنا فــي هــذه‬
‫الحيــاة‪ ،‬وقــوة التحمــل ملواجهــة املشــاكل التــي نعانــي‬
‫منها في هذه الحياة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫كيف نتعامل مع هذا الشـهر الـمبارك؟‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬ينبغي أن يحرص اإلنسان على‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بتوجــه صــادق إلــى‬ ‫❑أن يدخــل فــي هــذا الشــهر املبــارك‬
‫ـعي للتخلــص مــن املعاصــي‬
‫اللــه «ســبحانه وتعالــى»‪ ،‬وسـ ٍ‬
‫والذنوب‪.‬‬
‫❑أن يبتدئ شهره هذا بالتوبة إلى الله‪ ،‬واالستغفار‪.‬‬
‫❑أن يعــزم علــى اإلقــاع عــن املعاصــي‪ ،‬وعــن الكبائــر‪ ،‬وعــن‬
‫الذنوب‪ ،‬ويحرص على االستقامة‬
‫❑أن يتخلــص مــن املظاهــر الســيئة‪ ،‬ومــن األعمال الســيئة؛‬
‫حتــى يتقبــل اللــه منــه صيامــه وعملــه‪ ،‬ألنــه إذا دخــل‬
‫هــذا الشــهر وهــو مســتمر علــى الذنــوب واملعاصــي؛‬
‫فاستمراره على ذلك سيحبط عمله‪.‬‬
‫❑االســتجابة العمليــة للنظافــة واســتقبال الشــهر الكريــم‬
‫بالقيام بحمالت نظافة للبيوت والشوارع والحارات‪.‬‬
‫❑العنايــة باإلحسان‪ :‬فاإلحســان مــن أهــم القــرب إلــى اللــه‬
‫«ســبحانه وتعالــى»‪ ،‬ومــن أهــم األعمــال‪ ،‬وأعظمهــا‪،‬‬
‫اإلحســان بالصدقــات‪ ،‬وإخــراج الــزكاة‪ ،‬العنايــة بالــر وفعــل‬
‫الخــر تجــاه النــاس‪ ،‬تجــاه الضعفــاء‪ ،‬تجــاه الفقــراء‪ ،‬علــى‬
‫املســتوى الفــردي‪ ،‬وعلــى املســتوى التعاونــي والجمعيــات‬
‫الخريية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫ثانيـ ًا‪ /‬يجــب الرتكــز علــى مــا يمثلــه هــذا الشــهر مــن قربــة‬
‫عظيمة إلى الله «سبحانه وتعالى»‪.‬‬
‫❑ومــا يرتتــب عليــه مــن عطــاء إلهــي فــي الدنيــا واآلخــرة‪،‬‬
‫خــر عظيــم‪ ،‬األجــر فيــه كبــر‪ ،‬الفضــل‬ ‫فهــو موســم ٍ‬
‫فيــه كبــر‪ ،‬القيمــة لألعمــال الصالحــة فيــه قيمــة‬
‫ٍ‬
‫رابحــة مــع اللــه‬ ‫عاليــة جــد ًا‪ ،‬فهــو موســم تجــار ٍة‬
‫«ســبحانه وتعالــى»‪ ،‬إذ يمكــن أن يتحقــق لإلنســان‬
‫خــال هــذا الشــهر املبــارك مــن أثــر األعمــال الصالحــة‪،‬‬
‫ما ال يتحقق في غريه على مدى عمرٍ كامل وأكرث‪.‬‬
‫❑احــرام حــدود اللــه «ســبحانه وتعالــى»‪ ،‬والحــذر مــن‬
‫الحــرام واملعاصــي‪ ،‬والحــذر مــن األعمــال الســيئة‪،‬‬
‫واالســتقامة علــى طاعــة اللــه «ســبحانه وتعالــى»‪،‬‬
‫والحــذر ممــا يســبب لــه االنــزالق لألعمــال الفاســدة‪،‬‬
‫ـداء‪ ،‬يحــذر مــن خطــوات الشــيطان مــن‬‫يحــذر منهــا ابتـ ً‬
‫أول خطــوة‪ ،‬ويحــرص علــى االســتقامة والصــاح فــي‬
‫هذا الشهر املبارك؛ ليؤسس لذلك فيما بعده‪.‬‬
‫❑الحــرص علــى القيــام بفرائــض اللــه «ســبحانه‬
‫وتعالــى»‪ ،‬وواجباتــه العمليــة بــكل أنواعهــا‪ :‬الصــاة‬
‫جماعــة فــي املســجد‪ ،‬الصيــام‪ ،‬األعمــال الصالحــة‪،‬‬
‫الجهــاد‪ ،‬اإلنفــاق‪ ...‬كل األعمــال التــي تدخــل فــي‬
‫نطــاق املســؤوليات املهمــة واألعمــال األساســية التــي‬
‫فرضها الله «سبحانه وتعالى» علينا‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫❑االهتمــام بشــكل كبــر جــد ًا بذكــر اللــه «ســبحانه‬


‫وبالقلــب‬ ‫وبالوجــدان‬ ‫باللســان‪،‬‬ ‫وتعالــى»‬
‫وباملشــاعر‪ :‬بحيث يكــر اإلنســان مــن االســتغفار‪ ،‬ومــن‬
‫التســبيح‪ ،‬وهــذا أمــرٌ متــاح أينمــا كان اإلنســان‪ :‬فــي‬
‫الجبهــة يســتطيع أن يكــر مــن ذكــر اللــه «ســبحانه‬
‫وتعالــى»‪ ،‬فــي املــزل‪ ،‬فــي حركتــه‪ ،‬فــي ذهابــه‪ ،‬فــي‬
‫إيابــه‪ ،‬والذكــر للــه مــن أفضــل العبــادات والقــرب التــي‬
‫تقرِّ ب اإلنسان من الله «سبحانه وتعالى»‪.‬‬
‫❑االهتمــام بالقــرآن الكريم‪ :‬شــهر رمضــان كمــا قــال اللــه‬
‫ـان َّالـ ِـذي ُأ ْنــزِ َل ِفيـ ِـه‬
‫{شـ ْـهرُ رَ َم َضـ َ‬ ‫عنــه فــي كتابــه الكريم‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ــدى َوالفرقــانِ }‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ــاس َوبَ يِّ َنــات مــنَ ال ُه َ‬ ‫ــدى ِل َّلن ِ‬ ‫ــر ُآن هُ ً‬ ‫ْال ُق ْ‬
‫فينبغــي العنايــة بتــاوة القــرآن الكريــم بتأمــل وتدبــر‪،‬‬
‫والحــرص علــى االســتفادة مــن كتــاب اللــه «ســبحانه‬
‫وتعالــى»‪ ،‬واالهتــداء بــه‪ ،‬والنظــرة إليــه ككتــاب هدايــة‪،‬‬
‫كيــف نســتفيد منــه‪ ،‬كيــف نصحــح املفاهيــم الخاطئــة‬
‫لدينــا‪ ،‬كيــف نرســخ املبــادئ املهمــة‪ ،‬كيــف نتأثــر بمــا‬
‫يقدمــه مــن الهــدى املؤثــر علــى املســتوى النفســي‬ ‫ِّ‬
‫والوجداني‪.‬‬
‫ـادي َع ِّنــي َفإِ ِّنــي َقرِ يـ ٌـب‬ ‫❑العنايــة بالدعــاء‪{َ :‬وإِ َذا َسـ َـأ َل َك ِع َبـ ِ‬
‫ُأ ِجيـ ُـب دَ ْعـ َـو َة الـ َّـد ِاع إِ َذا دَ َعــانِ َف ْليَ ْســت ِج ُيبوا لــي َوليُ ؤمنــوا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ون}‪ ،‬فالدعــاء مهـ ٌـم جــد ًا فــي كل حــال‪،‬‬ ‫ِبــي َلعَ َّل ُهـ ْـم ي َْر ُشـ ُـد َ‬
‫يركز عليــه اإلنســان‪،‬‬ ‫وفــي شــهر رمضــان هــو مــن أهــم مــا ِّ‬
‫وشــهر رمضــان مــن املواســم العظيمــة واملهمــة للدعــاء‬

‫‪22‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫ولقبــول الدعــاء‪ ،‬وال ســيما باألشــياء املهمــة فــي عاجــل‬


‫الدنيا وفي آجل اآلخرة‪.‬‬
‫❑‪-‬الرتكــز علــى الزتكيــة للنفس‪ :‬علــى اإلنســان أن يلتفــت‬
‫جيــد ًا إلــى واقــع نفســه‪ ،‬ويقيِّ ــم نفســه بنفســه‪ ،‬فيســتذكر‬
‫جوانــب القصــور لديــه‪ ،‬الفرائــض التــي هــو مقصــرٌ فيهــا‪،‬‬
‫األعمــال واملســؤوليات املهمــة التــي هــو ُم ِخـ ٌـل بهــا أو مقصرٌ‬
‫فيهــا‪ ،‬األخطــاء والســلبيات واألعمــال الســيئة التــي تصــدر‬
‫منــه‪ ،‬ثــم يحــاول أن يســتعني باللــه «ســبحانه وتعالــى»‬
‫ويلتجــئ إلــى اللــه أن يوفقــه للخــاص منهــا‪ ،‬ويحــرص‬
‫علــى العــودة إلــى القــرآن‪ ،‬واالســتفادة مــن الصيــام‪،‬‬
‫والتوجــه العملــي للخــاص مــن تلــك الســلبيات‪ ،‬أو جوانب‬
‫التقصري‪.‬‬
‫❑االســتعانة باللــه والتمــاس التوفيــق منــه لإلنســان؛ لكــي‬
‫يتمكــن مــن اســتثمار هــذا الشــهر املبــارك‪ ،‬علــى اإلنســان‬
‫أن يدعــو اللــه «ســبحانه وتعالــى» بــأن ِّ‬
‫يوفقــه الغتنــام هــذا‬
‫الشــهر لالســتفادة منــه‪ ،‬وأن ِّ‬
‫يوفقــه فيــه إلــى األعمــال‬
‫الصالحة‪.‬‬
‫❑الحــذر مــن قرنــاء الســوء الذيــن يجــرون اإلنســان إلــى‬
‫الضياع في أعماله وفي اهتماماته‬
‫❑الحــذر فــي هــذا الشــهر الكريــم ممــا يســاهم فــي ضيــاع‬
‫ٍ‬
‫حالــة مــن الضيــاع والفــراغ‪،‬‬ ‫الوقــت علــى الســهرات فــي‬

‫‪23‬‬
‫التهيئة النفسيـة‬
‫لشهر رمضان المبارك‬

‫وفــي جــوٍ بعيــد عــن هــدى اللــه‪ ،‬وعــن الذكــر للــه‪ ،‬وعــن‬
‫القــرآن الكريــم‪ ،‬إمــا وراء املسلســات التلفزيونيــة‪ ،‬أو‬
‫وراء مواقــع التواصــل االجتماعــي‪ ،‬واالنشــغال بهــا‪،‬‬
‫وتضييــع الوقــت عليهــا‪ ،‬أو ســهرات فــي اجتماعــات‬
‫ليــس لهــا أي قيمــة إيجابيــة‪ ،‬وال تربويــة‪ ،‬وال أخالقيــة‪،‬‬
‫وال دينيــة‪ ،‬وليــس فيهــا اهتمــام ال بهــدى اللــه‪ ،‬وال‬
‫بالقــرآن الكريــم‪ ،‬وال بعمــلٍ صالــح‪ ،‬فيجــب الحــذر مــن‬
‫كل ذلك‪.‬‬

‫نسأل الله‬
‫«سبحانه وتعالى»‬
‫أن ِّ‬
‫يبلغنا وإيَّاكم شهره الكريم‪،‬‬
‫بالهداية‪ ،‬والتوفيق‪ ،‬والصحة‪ ،‬والعافية‬
‫يوفقنا لصيامه‪ ،‬وقيامه‪ ،‬وصالح األعمال فيه‪،‬‬‫وأن ِّ‬
‫وأن يجعلنا فيه من عتقائه من النار‪ ،‬إنه سميع الدعاء‪،‬‬
‫«جل شأنه» أن يرحم شهـداءنا األبـرار‪،‬‬ ‫ونسأله َّ‬
‫وأن يشفي جرحانا‪ ،‬وأن يفرِّ ج عن أسرانا‪،‬‬
‫وأن ينصــرنا بنصــــره‪،‬‬
‫إنه سميع الدعاء‪.‬‬

‫‪24‬‬

You might also like