Professional Documents
Culture Documents
مباحث في
_________
الطبعة الولى 1412 / 9 / 12هـ
دار الوطن للنشر
2
المقدمة
~~~
إن الحمد لله ،نحمده ونستعينه ،ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور
ده الله فل مضل له ،ومن ُيضلل
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يه ِ
ي له ،وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ،وأشهد أن
فل هاد َ
محمدا ً عبده ورسوله .
َ َ
مسِلمون {
م ُ
ن ِإلا وَأن ْت ُ ْ
موت ُ ّ
قات ِهِ وَل ت َ ُ
حق ّ ت ُ َ قوا الل ّ َ
ه َ مُنوا ات ّ ُ
نآ َ } َيا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ
] سورة آل عمران ،الية . [ 102 :
َ
خل َقَ ِ
من َْها حد َةٍ وَ َ
س َوا ِ ف ٍ ن نَ ْ
م ْ م ِ خل َ َ
قك ُ ْ ذي َ م ال ّ ِقوا َرب ّك ُ ُ س ات ّ ُ} َيا أي َّها الّنا ُ
ساَءُلو َ
ن ب ِهِ ذي ت َ َه ال ّ ِ
قوا الل ّ َ ساًء َوات ّ ُ جا لً ك َِثيًرا وَن ِ َ ما رِ َ من ْهُ َ
ث ِ جَها وَب َ َّزوْ َ
م رقيبا ً { ن ع َل َي ْك ُ ْ ه َ
كا َ ن الل ّ َ
م إِ ّحا ََوالأْر َ
] سورة النساء ،الية . [ 1 :
قوا الل ّه وُقوُلوا قَولا ً سديدا ً * يصل ِح ل َك ُ َ َ
مال َك ُ ْ
م م أع ْ َْ ُ ْ ْ ْ َ َ مُنوا ات ّ ُنآ َ ذي َ } َيا أي َّها ال ّ ِ
ما { ظي ًقد ْ َفاَز فَوًْزا ع َ ِ سول َ ُ
ه فَ َ ن ي ُط ِِع الل ّ َ
ه وََر ُ م ْ م وَ َم ذ ُُنوب َك ُ ْفْر ل َك ُ ْ وَي َغْ ِ
1
] سورة الحزاب :اليتان [ 71 – 70 :
فهذه مباحث أقدمها بين يدي القرآء إسهاما ً مني بجهد المقل ،في
موضوعات عقدية ودعوية كانت هاجسا ً يدور في خاطري منذ زمن ،
وقد دفعتني إلى تسطيرها دوافع كثيرة ،أهمها :ما أشعر به من
واجب النصيحة لعامة المسلمين ،ولخاصة الدعاة إلى الله ،في
أمور تتعلق بالعقيدة والدعوة ،فإن أغلى ما يجب أن يعتز به
المسلمون ويحافظواعليه ويستمسكوا به ويدعـون إليه ،دينهم
- 1هذه خطبة الحاجة المأثورة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – التي كان يعلمها أصحابه
.راجع :خطبة الحاجة – رسالة مطبوعة لمحمد ناصر الدين اللباني .
3
وعقيدتهم ) السلم ( ،كيف ل وهو دين الله الحق الذي ل يرضى
لهم من الدين وغيره .قال تعالى :
م { ] سورة آل عمران ،الية . [ 19 : عن ْد َ الل ّهِ الإِ ْ
سلا ُ ن ِ
دي َ
ن ال ّ
} إِ ّ
وقال :
ن
م َ
خَرةِ ِ
ه وَهُوَ ِفي الآ ِ
من ْ ُ قب َ َ
ل ِ سلام ِ ِديًنا فَل َ ْ
ن يُ ْ ن ي َب ْت َِغ غ َي َْر الإِ ْم ْ} وَ َ
ن { ] سورة آل عمران ،الية . [ 85 ري َ س ِ خا ِال ْ َ
ول يستقيم الدين إل بسلمة العتقاد ،وصحة العمل ،وذلك
بالستمساك بالكتاب والسنة ،وهدي السلف الصالح .
والدعاة الذين رفعوا لواء الدعوة ،أفرادا ً أو جماعات ،هم أجدر
وأولى من يجب أن يعي هذه الحقيقة العظمى ،وهم المعنيون بما
سأتطرق إليه من مباحث خلل هذه الدراسة .
لذا فقد تركزت هذه المباحث على المور التالية :
4
العقدية ل يسع السكوت عنها ،بل واجب النصيحة يفرضها من باب
التعاون على البر والتقوى .
ومن أخطر هذه الظواهر ،الخلل ببعض أصول العقيدة السلفية
ومستلزمتها والتقصير فيما يجب نحوها فهما ً وتطبيقا ً .
ويكفيني أني أسهمت وأعذرت ،وأجزم أن هناك غيري ممن هم أجدر
دلوهم ،وعلى الله أجرهم وأجري . بذلك مني ،فليدلوا ب َ
وبهذا أجد أنه ارتفع عني الحرج ،إذا علم القارئ أن الخير والصلح
والنفع هو الصل في العموم ،وأن هذه الخطاء إنما هي ظواهـر
تجب معالجتها وتفاديها .
ي
ومع ذلك ،فأنا ممنون لكل من يهدي لي نصيحة أو يسدي إل ّ
توجيها ً في هذا الصدد أو غيره .
والله الموفق ..وصلى الله وسلم على نبينا ،وآله وصحبه .
5
المبحث الول
تمهــيــــد
ويشتمل :
هذه هي أشهر إطلقات أهل السنة على علم العقيدة ،وقد يشركهم
غيرهم في إطلقها بالتبع ،كبعض الشاعرة وأهل الحديث منهم
بخاصة .
- 1من ذلك :كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث -للصابوني -ت * . 449 :وشرح أصول
اعتقاد أهل السنة و الجماعة -لللكائي ،ت . 418 :والعتقاد للبيهقي ،ت . 458 :
- 2من ذلك :كتاب التوحيد في الجامع الصحيح -للبخاري -ت 256 :وكتاب التوحيد وإثبات
صفات الرب ،لبن خزيمة ،ت . 311 :وكتاب اعتقاد التوحيد ،لبي عبدالله محمد بن خفيف
،ت . 371 :وكتاب التوحيد ،لبن منده ،ت . 359:وكتاب التوحيد للمام محمد بن عبدالوهاب
.
- 3من ذلك :كتاب السنة ،للمام أحمد ،ت . 241:وكتاب السنة ،لعبدالله بن أحمد بن حنبل
،ت . 290 :والسنة ،للخلل ،ت . 311 :والسنة ،للعسال ،ت . 349 :والسنة ،للشرم ،ت :
. 273والسنة ،لبي داود ،ت . 275 :
- 4من ذلك :كتاب أصول الدين ،للبغدادي ،ت . 429 :والشرح والبانة عن أصول الديانة ،
لبن بطة ،ت . 378 :والبانة عن أصول الديانة ،للشعري ،ت . 324 :
- 5من ذلك :كتاب الفقه الكبر المنسوب لبي حنيفة ،ت . 150 :
- 6من ذلك :كتاب الشريعة ،للجري ،ت . 360 :والبانة عن شريعة الفرقة الناجية ،لبن
بطة ،ت . 378 :
9
وهناك اصطلحات أخرى تطلقها الفرق -غير أهل السنة -على هذا
العلم ،من أشهر ذلك :
- 1علم الكلم :وهذا الطلق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة ،
كالمعتزلة والشاعرة 1 ،ومن يسلك سبيلهم ،وهو ليجوز لن علم
ول على الله بغير علم ،الكلم حادث مبتدع ،ويقوم على التق ّ
ويخالف منهج السلف في تقرير العقائد .
- 2الفلسفة :عند الفلسفة ومن سلك سبيلهم ،وهو إطلق ل يجوز
في العقيدة لن الفلسفة مبناها على الوهام والعقليات الخيالية ،
والتصورات الخرافية عن أمور الغيب المحجوبة .
- 5ما وراء الطبيعة :أو " الميتافيزيقيا " كما يسميها الفلسفة
والكتاب الغربيون ومن نحا نحوهم ، 2وهي قريبة من معنى اللهيات .
عقيدة أهل السنة والجماعة ،لنها هي السلم الذي ارتضاه الله دينا ً
لعباده .
ونسبة أقوال الناس والفرق ومعتقداتها المخالفة للسلف إلى السلم
ل تجعلها من العقيدة السلمية الحقة ،بل هي معتقدات تنسب إلى
أصحابها ،والحق منها براء ،وقد يسميها بعض الباحثين ) إسلمية ( ،
من باب النسبة الجغرافية والتاريخية ،أو لمجرد دعوة النتماء ،أي :
ون السلم ويسمونها إسلمية ،لكن المر أن أصحابها ومعتقديها يدع ّ
عند التحقيق يحتاج إلى العرض على الكتاب والسنة في أمر
العتقاد ،فما وافق الكتاب والسنة واستمد منهما فهو الحق ،وهو
من العقيدة السلمية ،وما لم يكن كذلك فيرد إلى صاحبه ُوينسب
إليه .
11
12
)(2
التعريف بأهل السنة والجماعة
- 1انظر :مختار الصحاح ) سنن ( ص . 317ولسان العرب ) سنن ( . 228 – 220 / 13
- 2انظر :الوصية الكبرى في عقيدة أهل السنة والجماعة ،ص . 23وشرح العقيدة
الواسطية )*( ،لممد خليل هراس ،ص . 16وشرح العقيدة الطحاوية ،ص . 33
- 3انظر المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،لبن تيمية ،ص . 77
- 4انظر :لسان العرب ) جمع ( . 60 – 53 / 8
- 5انظر :العتصام ،للشاطبي . 28 / 1 ،وشرح العـقيدة الواسطية * لمحمد خليل هراس
ص . 17 – 16وشرح العقيدة الطحاوية ص *] . 33العـقيدة الواسطية لبن تيمية والشرح
لهراس [ .
- 6انظر :شرح العقيدة الطحاوية ،لبي العز الحنفي ،ص . 330ورسائل في العقيدة ،
للشيخ محمد بن صالح العثيمين ،ص . 53
13
ول ُيقصد بالجماعة هنا محموع الناس وعامتهم ،ول أغلبهم ول
سوادهم 1مالم يجتمعوا على الحق ،لن النبي -صلىالله عليه وسلم-
ذكر أن الطائفة المنصورة ) أهل السنة والجماعة ( فرقة واحدة من
ثلث وسبعين فرقة ،كما جاء في الحديث الصحيح ،عن أبي هريرة -
ضي الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال :
) تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ،
والنصارى مثل ذلك ،وتفترق أمتي على ثلث وسبعين فرقة ( . 2
ُ- 1يستثنى من ذلك عصر الصحابة والتابعين ،فإن السواد العظم في ذلك الوقت على
الحق لقرب الناس من عهدالنبوة ولتزكية النبي صلى الله عليه وسلم للقرون الفاضلة .
أما من بعدهم فل عبرة بالكثرة لعموم الدلة التي تدل على الناس سيكثر فيهم الخبث ،
وتفترق المة إلى ثلث وسبعين ،وأن السلم يعود غريبا ً ..إلخ .
_______________________
) *( أقصد بالصطلح في الموضوعين إصطلح علماء العـقيدة وأصول الدين .
- 2أخرجه أبوداود في سننه ،كتاب السنة ،باب شرح السنة ،الحديث . 4596وابن ماجة ،
باب افتراق المم ،الحديث . 3991والترمذي ،كتاب اليمان ،باب افتراق هذه المة ،
الحديث ،2640وقال " حديث حسن صحيح " .
- 3أخرجه ابن أي عاصم في الكتاب والسنة . 33 / 1وقال اللباني :حديث صحيح بما قبله
وما بعده بعد أن ذكر طرقا ً أخر للحديث .
- 4انظر مجموع الفتاوى ،لبن تيمية . 10/وشرح الطحاوية ،ص . 439وذم التأويل ،
للمقدسي ،ص . 331
14
وتسمية أهل السنة والطائفة المنصورة والفرقة الناجية بأنهم أهل
الحديث هذا أمر مستفيض عن السلف ،لنه مقتضى النصوص
ووصف الواقع والحال ،وقد ثبت ذلك عن ابن المبارك ،وابن
المديني ،وأحمد بن حنبل ،وأحمد بن سنان وغيرهم -رضي الله
عنهم أجمعين . 1
دروا مؤلفاتهم بذلك ،مثل :كتاب " وكذا سماهم كثير من الئمة ،وص ّ
عقيدة السلف أصحاب الحديث " ،للمام اسماعيل الصابوني ،ت :
. 449
وانظر :مجموع الفتاوى ،لشيخ السلم ابن تيمية ، 95 ، 9 / 4 ،فقد
أطلق على أهل السنة ) أهل الحديث ( .
وكذا كان كثير من السلف وأئمة الدين يصفون أهل السنة بالفرقة
الناجية 3والظاهرين على الحق ،الطائفة المنصورة :وهم الذين
عناهم الرسول -صلى الله عليه وسلم -بقوله ) :لتزال طائفة من
أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة (. 4
5
وُيطلق عليهم -أحيانا ً -الجماعة -كما أسلفت -أو أهل الجماعة
.
فالجماعـة هم جماعة أهل السنة ،الذين اجتمعوا على الحق ،من
الجتماع ،وهو ضد الرفقة ،كما أنها تضمنت معنى الجتماع – أيضا ً –
وهو التفاق وضده الختلف ،فأهل السنة موصوفون بالجتماع على
- 1راجع السلسلة الصحيحة لللباني ،الحديث رقم ، 270المجالد الول ،الجزء الثالث ،ص
. 137 -134وانظر :سنن الترمذي ،كتاب الفتن ،الحديث . 2229
- 2أخرجة أبو داود في سننه ،باب شرح السنة ،من كتاب السنة ،الحديث رقم ) / 5 ، ( 4597
. 6،5عن معاوية ،وأحمد في المسند ،بإسناد صحيح عن أنس بن مالك . 120 / 3وله شاهد
عند الترمذي في كتاب اليمان ،باب ما جاء في افتراق هذه المة ورقم . 2640وعند
الحاكم في المستدرك ،كتاب العلم . 129 – 128 / 1 ،وقد صححه اللباني في " الصحيحة " -
المجلد الول -الحديث . 204 /
- 3انظر :العـقيدة الواسطية ،لبن تيمية ،شرح محمد خليل هراس ،ص . 16
- 4حديث صحيح مستفيض أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد والحاكم .راجع :
تخريج الحديث في سلسلة الصحيحة لللباني ،حديث ، 270 /الجزء الثالث ،ص . 135 – 134
- 5انظر :العـقيدة الواسطية ،لبن تيمية ،شرح محمد خليل هراس . 180 ،
15
أصول الدين ،والجماع عليها -أيضا ً -والجتماع على أئمة الدين
وولة المر .
وُيوصفون -أيضا ً -بـ أهل التباع ،لن من طريقتهم " :اتباع آثار
رسول الله -صلى الله عليه وسلم -باطنا ً وظاهرا ً ،واتباع سبيل
السابقين الولين من المهاجرين والنصار ،واتباع وصية رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -حيث قال ) :عليكم بسنتي وسنة الخلفاء
ضـوا عليه بالنواجذ ،وإياكم سـكوا بها ،وع ّ
الراشدين من بعدي ،تم ّ
ومحدثات المور ،فإن كل بدعة ضللة . 2 - 1 (...
- 1أخرجه ابن عاصم في كتاب السنة .قال اللباني :إسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات .
كتاب " السنة " – 29-1/19الحديث . 54 ،31 /والحديث مروي في السنن والمسانيد .
- 2انظر :العـقيدة الواسطية ،لبن تيمية ،شرح محمد خليل هراس ،ص .180 -179
16
المبـحـث الثـانـي
يشمل :
17
)(1
فا فِط َْرة َ الل ّهِ ال ِّتي فَط ََر جه َ َ َ
حِني ًن َِ دي
ك ِلل ّ م وَ ْ قال الله تعالى } :فَأقِ ْ
قيم ول َك َ
س لا ن ال ْ َ ّ ُ َ ِ ّ
ن أك ْث ََر الّنا ِ دي ُك ال ّق الل ّهِ ذ َل ِ َ ل لِ َ ْ
خل ِ س ع َل َي َْها ل ت َب ْ ِ
دي َ الّنا َ
ن { ] سورة الروم ،الية . [ 30 : مو َي َعْل َ ُ
فآدم عليه السلم ،قد فطره الله على العقيدة السليمة ،وعلمه ما
حـدا ً لله -تعالى -التوحيد لم يعلم من أمور الدين والدنيا ،فكان مو ّ
الخاص ،معتقدا ً لله ما يجب له -تعالى -من التعظيم والطاعة
والرجاء والخشية ،وقد اصطفاه الله من عباده المخلصين ،قال الله
ن ع ََلى
مَرا َ
ع ْ
ل ِ م َوآ َ
هي َ حا َوآ َ
ل إ ِب َْرا ِ م وَُنو ً فى آد َ َصط َ َها ْ ن الل ّ َتعالى } :إ ِ ّ
ن { ] سورة آل عمران ،الية . [ 33 : مي َ ال َْعال َ ِ
وقد شّرفه الله -تعالى -وأسجد له الملئكة ،قال -تعالى :
م { ] سورة البقرة :الية . [ 34 دوا لآد َ َج ُس ُملئ ِك َةِ ا ْ } وَإ ِذ ْ قُل َْنا ل ِل ْ َ
وقد أخذ الله -تعالى -على بني آدم العهد والميثاق أنه ربهم ،
وأشهدهم على أنفسهم في أصل خلقهم من أصلبهم ،فقال -تعالى
:-
م ع ََلى َ َ
شهَد َهُ ْ م وَأ ْ م ذ ُّري ّت َهُ ْ ن ظ ُُهورِه ِ ْ ْ م
م ِ ن ب َِني آد َ َ ْ مك ِ خذ َ َرب ّ َ } وَإ ِذ ْ أ َ
َ َ أ َن ْ ُ
مةِ إ ِّنا ك ُّناقَيا َ م ال ْ ِقوُلوا ي َوْ َ ن تَ ُ شهِد َْنا أ ْ م َقاُلوا ب ََلى َ ت ب َِرب ّك ُ ْ س ُ م أل َ ْ سه ِ ْ ف ِ
ن
م ْ ة ِل وَك ُّنا ذ ُّري ّ ً ن قَب ْـ ُم ْ ك آَباؤ َُنا ِ شَر َ ما أ َ ْ قوُلوا إ ِن ّ َ ن * أ َوْ ت َ ُ غافِِلي َ ذا َ ن هَ َ عَ ْ
َ
ن { ] سورة العراف ،اليتان . [173 -172 مب ْط ُِلو َ ل ال ْ ُ
ما فَعَ َ م أفَت ُهْل ِك َُنا ب ِ َ ب َعْد ِه ِ ْ
والناس كلهم ُيـولدون على الفطرة وينشأون عليها ،مالم تصرفهم
عنها صوارف الشر والضلل ،من التربية على الكفر والضلل ،ومن
أهواء و وساوس الشياطين ،وشبهات المبطلين ،وشهوات الدنيا،
18
وقد جاء في الحديث القدسي قوله تعالى ... " :وإني خلقت عبادي
حنفاء كلهم ،وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم و حّرمت
عليهم ما أحللت لهم ،وأمرتهم أن يشركوا بي مالم أنزل به
سلطانا ً " ..الحديث . 1
وقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم -عن ذلك بقوله ) :ما من
صرانه ،أو مولود إل يولد على الفطرة ،فأبواه ي ُّهـودانه ،أو ُين ّ
جسانه ( .. 2الحديث . ُيم ّ
فكما يتوجه هذا إلى كل إنسان مولود ،يتوجه إلى أول إنسان وهو
آدم -عليه السلم -من باب أولى ،فعقيدة التوحيد والخير والصلح
هي الصل الذي كان عليه آدم -عليه السلم ، -والجيال الولى من
ذريته ،فكانوا على التوحيد الخالص . 3أما الشرك والضلل فإنما هي
أمور طارئة لم تحدث إل بعد آدم -عليه السلم -بأزمان وأجيال ،
وعلى التدريج ،فقد صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما -أنه قال :
) كان بين نوح وآدم عشرة قرون ،كلهم على شريعة من الحق ،
فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ( . 4
ثحد َة ً فَب َعَ َ
ة َوا ِ م ً ُ وإلى هذا تشير الية في قوله تعالى َ } :
سأ ّ ن الّنا ُ كا َ
ن { ] سورة البقرة ،الية . [ 213 : من ْذ ِِري َ
ن وَ ُري َ مب َ ّ
ش ِ ن ُ ه الن ّب ِّيي َالل ُ
أي :كانوا على الحق والهدى أمة واحدة على دين واحد -أول المر -
فاختلفوا فيما بعد .كذا فسرها كثير من السلف . 5
وفي عهد نوح – عليه السلم – كان الشرك سائداص في قومه ،
فكانوا يعبدون الصنام من دون الله ،لذلك قال الله تعالى عن نوح :
} ول َ َ َ
ن { ] اليتان / 26 -25 : مِبي ٌ
ذيٌر ُ مهِ إ ِّني ل َك ُ ْ
م نَ ِ حا إ َِلى قَوْ ِ سل َْنا ُنو ً
قد ْ أْر َ َ
سورة هود [ .
- 1أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ،باب الصفات التي يعرف
بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار .الحديث ، 2865 /ج . 2197 / 3
- 2متفق عليه .انظر :صحيح البخاري – كتاب الجنائز – باب إذا أسلم الصبي – فتح الباري
. 219 / 3ومسلم – كتاب القـدر – باب معنى كل مولود يولد على الفطرة .الحديث ، 2658 /
جـ . 1047 / 3
- 3وهذا خلف النظريات الخاطئة التي سادت بين من يسمون بعـلماء الجتماع وغيرهم
وبعض الكتاب المحدثين ،التي تزعم أن البشرية كانت تعـبد آلهة متعددة ،ثم تطورت من
الشرك والوثنية إلى التثليث والمثنوية فالتوحيد ،وهذا زعم يكذبه القرآن والسنة
والعـقل السليم .
- 4ممن قال بهذا -أيضا ً – قتادة وابن جرير الطبري وابن كثير وغيرهم ،هامش ). (3
وتؤيده قراءة ) كان الناس أمة واحدة فاختلفوا ( .
- 5راجع الية السابقة في :تفسير الطبري . 195 – 194 / 2وتفسير ابن كثير . 218 / 1وانظر
دعوة التوحيد ،للدكتور محمد خليل هراس ،ص . 119 – 106
______________
)*( هذا بالنسبة للنسان ،وكذلك الملئكة والجن الصل فيها التوحيد .أما المخلوقات
الخرى غير المكلفة فإنما قامت على التوحيد والعـدل ول يتصور منها الخروج عن ذلك .
19
وبهذا يتبين قطعا ً أن العقيدة السليمة والتوحيد الخالص هما الصل
في تاريخ البشرية ،وأن الضلل والشرك والوثنية أمور طارئة بعد
أحقاب من الزمان بعد آدم -عليه السلم )*( ..والله أعلم .
20
)(2
عـقيـدة التـوحـيد في دعـوة الرسل عـامة
إذا تأملنا قصص المرسلين التي وردت في القرآن الكريم ،وما حدث
لهم مع أممهم ،نجد أنهم اتفقوا جميعا ً على دعوة واحدة ،هي
الدعوة إلى عبادة الله وحده ل شريك له ،واجتناب الشرك ،وإن
اختلفت شرائعهم . 1
بل إن مسألة الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك ووسائله هي
القضية الولى التي جاء ذكرها في القرآن الكريم بين الرسل وأممهم
مخبرا ً عما أرسل به جميع الرسل : ،قال الله -تعالى ُ -
حي إل َيه أ َنه لا إل َه إلا ّ أناَ }و َ
َ ِ َ ِ ِ ْ ِ ّ ُ ل ِإلا ُنو ِ سو ٍ ن َر ُ م ْ ك ِ ن قَب ْل ِ َ سل َْنا ِ
م ْ ما أْر َ َ َ
ن { ] سورة النبياء ،الية . [ 25 : دو َِفاع ْب ُ ُ
َ ُ قد ْ ب ََعثـَنا ِفي ك ُ ّ وقال -تعالى } : -وَل َ َ
ه
دوا الل َ ن اع ْب ُ ُ سو لً أ ِ مةٍ َر ُ لأ ّ
ت{ غو َ طا ُجت َن ُِبوا ال ّ َوا ْ
] سورة النحل ،الية . [ 36 :
َ
ن
م ْشاءُ ِ ن يَ َم ْ مرِهِ ع ََلى َ نأ ْ م ْ ح ِ ة ِبالّرو ِ ل ال ْ َ
ملائ ِك َ َ وقال -تعالى } : -ي ُن َّز ُ
َ َ عباده أ َ َ
ن { ] النحل ،الية . [ 2 : قو ِه ِإلا أَنا َفات ّ ُ ه لا إ ِل َ َ ن أن ْذ ُِروا أن ّ ُ ِ َ ِ ِ ْ
وإذن :فجميع الرسل كان أول وأهم ما دعوا إليه هو التوحيد ،توحيد
الله بالعبادة وتقواه وطاعته وطاعة رسله .وكما ذكر الله عنهم ذلك
على سبيل التعميم ،فقد ذكر عن بعضهم على التفصيل :
ن إ ِل َهٍ
م ْ م ِ ما ل َك ُ ْه َ دوا الل ّ َ فـنوح -عليه السلم -قال لقومه َ } :يا قَوْم ِ اع ْب ُ ُ
ره ُ { ] العراف ،الية . [ 59 : غ َي ْ ُ
مما ل َك ُ ْ ه َ دوا الل ّ َ وكذلك هـود -عليه السلم -قال لقومه َ } :يا قَوْم ِ اع ْب ُ ُ
ن إ ِل َهٍ غ َي ُْره ُ { ] العراف ،الية . [ 65 : م ْ ِ
ماه َ دوا الل ّ َ وكذلك شعيب -عليه السلم -قال لقومه َ } :يا قَوْم ِ اع ْب ُ ُ
ن إ ِل َهٍ غ َي ُْره ُ {م ْ
م ِ ل َك ُ ْ
] سورة العراف ،الية . [ 85 :
قوه ُ { ] سورة ه َوات ّ َـ ُ دوا الل ّ َ وإبراهيم -عليه السلم -قال لقومه } :اع ْب ُ ُ
العنكبوت ،الية . [ 16 :
فالدعوة إلى التوحيد ،والتحذير من الشرك ،وصحة العقيدة
وسلمتها هما الصل الول في دعوة المسلمين ،من لدن نوح إلى
محمد -عليهم السلم -وهذا هو الغاية الولى التي بها تصلح كل
شئون الدنيا والدين ،فإذا صحت العقيدة أذعن الناس لله وحده
- 1انظر :تطهير العتقاد ،للصنعاني ،ص . 5
21
وأطاعوا رسله واستقاموا على شرعه على هدى وبصيرة ،ومن ثم
يصلح كل شيئ من أمورهم الدينية والدنيوية .
وهذا ل يعني أن الرسل لم يهتموا بإصلح المفاسد الخرى ،ول أنهم
لم يدعوا إلى الفضائل الخرى ،بل جاءوا بشرائع ومناهج تسير
عليها المم وتصلح شئون حياتها الدنيا ،وأمروا بالمعروف والصلح
والعدل ،ونهوا عن المنكر والفساد والظلم ،وأمروا بكل خير وفضيلة
،ونهوا عن كل شر ورذيلة تفصيلً وإجمالً .
22
)(3
إذا تأملنا القرآن الكريم ،وسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم -
في الدعوة ،نصل إلى حقيقة واضحة كل الوضوح ،وهي :
* أن غالب آيات القرآن الكريم جاءت في تقرير عقيدة
التوحيد ،توحيد اللوهية والربوبية والسماء والصفات ،والدعوة
إلى إخلص العبادة والدين لله وحده ل شريك له ،وتثبيت أصول
العتقاد ) اليمان والسلم ( .
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قضى غالب وقته -
بعد النبوة -في تقرير العتقاد والدعوة إلى توحيد الله -تعالى -
بالعبادة والطاعة ،وهذا هو مقتضى )ل إله إل الله محمد رسول
الله ( .
فالدعوة إلى العقيدة تأصيلً وتصحيحا ً شملت الجزء الكبر من جهد
الرسول -صلى الله عليه وسلم -و وقته في عهد النبوة .
وإليك بيان ذلك :
23
فأي دعوة ل تولي أمر العقيدة من الهتمام كما أولها رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -علما ً وعملً ; فهي ناقصة .
- 1فممن قال بذلك ابن سريح وابن تيمية وابن حجر -رحمهم الله . -انظر :جواب أهل
العلم واليمان بتحقيق ما أخبر به الرحمن من أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ،لبن
تيمية ،مجموع الفتاوى . 103 ، 101 ، 13 / 17وانظر :فتح الباري ،لبن حجر . 61 / 9 ،
25
ل هُو الل ّ َ
حد ٌ { اشتملت على أعظم التوحيد والتنزيه لله – هأ َُ فإن } قُ ْ َ
تعالى . -
وآيات الحكام لتخلو من ذكر للعقيدة وأصول الدين ،وذلك من خلل
ذكر أسماء الله وصفاته ،وطاعته وطاعة رسوله -صلى الله عليه
وسلم ، -وذكر حكم التشريع ...ونحو ذلك .
وكذلك آيات الخبار والقصص أغلبها في اليمان والعتقاد ،وذلك من
خلل أخبار المغيبات والوعيد واليوم الخر ،ونحو ذلك .
وبهذا يتحقق القول :بأن القرآن الكريم هو الهادي إلى التي هي
أقوم إلى يوم القيامة ،وغالب آياته في تقرير العقيدة والدعوة إليها
والدفاع عنها والجهاد في سبيلها .
وبهذا نصل إلى نتيجة بينة ،هي :أنه على الدعاة الذين جعلوا القرآن
الكريم وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم -هديهم أن يدركوا
هذه الحقيقة من القرآن والسنة ،و يعملوا بها ،كما فعل الرسول-
صلى الله عليه وسلم -وأصحابه .والله الهادي إلى سواء السبيل .
- 2أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ،واللفظ لمسلم .انظر :صحيح مسلم ،كتاب صلة
المسافر ،باب فضل قرآءة قل هو الله أحد الحديث . 800 /والبخاري ،كتاب فضائل
القرىن ،باب فضل قل هو الله احد 61 / 9 ،الفتح .
26
)(4
أما الفطرة والعقل السليم فهما مؤيدان يوافقان الكتاب والسنة ،
ويدركان أصول العتقاد على الجمال ل على التفصيل ،فالعقل
والفطرة يدركان وجود الله وعظمته ،وضرورة طاعته وعبادته ،
واتصافه بصفات العظمة والجلل على وجه العموم .
كما أن العقل والفطرة السليمين يدركان ضرورة النبوات وإرسال
الرسل ،وضرورة البعث والجزاء على العمال ،كذلك ،على
الجمال ل على التفصيل .
أما هذه المور وسائر أمور الغيب ،فل سبيل إلى إدراك شيئ منها
على التفصيل إل عن طريق الكتاب والسنة ) الوحي ( ،وإل لما كانت
غيبا ً .
وتعارض النص الصريح من الكتاب والسنة مع العقل الصحيح
) السليم ( غير متصور أصلً ،بل هو مستحيل ،فإذا جاء ما يوهم ذلك
دم ومحكم . 2لنه صادر عن المعصوم -صلى الله فإن الوحي مق ّ
عليه وسلم -والعقل ل عصمة له ،بل هو نظر البشر الناقص .وهو
3
إن المتأمل المنصف ،لو قارن بين المعتقدات السائدة بين الناس
اليوم ; لوجد للعقيدة السلمية -المتمثلة في عقيدة أهل السنة
والجماعـة -خصائص وسمات تميزها وأهلها بوضوح عن المعتقدات
الخرى من ديانات أو فرق أو مذاهب أو غيرها .
29
وهذه الميزة والخصيصة ،أعني العتماد على الكتاب والسنة ،ومنهج
السلف الصالح ،سمة من سمات أهل السنة ،لتكاد تتخلف في كل
مكان وزمان والحمد لله .
لن عقيدة أهل السنة والجماعة تقوم على التباع والقتداء والهتداء
بهدى الله -تعالى -وهدي رسوله -صلى الله عليه وسلم -وما عليه
سلف المة ،فهي تستقي من مشرب الفطرة والعقل السليم ،
والهدي القويم ،وما أعذبه من مشرب .
أما المعتقدات الخرى فماهي إل أوهام وتخـرصات تعمي الفطرة ،
وتحّيـر العقول .
- 1ينبغي أن ل ُيـفهم من هذا أن السلم يحجر على العـقل ويعـطل وظيفته ويلغي موهبة
التفكير لدى النسان ،بالعكس فالسلم أتاح للعـقل من مجالت العـلم والنظر والتفكير
والبداع ما هو كفيل بإشباع هذه النزعة في خلق الله وشئون الحياة وآفاق الكون
الواسعة وعجائب النفس الكثيرة ،إنما -كما قلت -قد أراح الله الناس من التفكير فيما ل
سبيل له من أمور الغـيب .وذلك إشفاقا ً على العـقل وحماية له من التيه والضياع في
متاهات ليدرك غـورها ،والله أعلم .
30
فل يوجد -بحمد الله -أصل من أصول عقـيدة أهل السنة والجماعة
ليس له أصل وسند وقدوة من الصحابة والتابعين ،وأئمة الدين إلى
اليوم ،بخلف عقائد المبتدعـة التي خالفوا فيها السلف ،فهي
محدثة ،ول سند لها من كتاب أو سنة ،أو عن الصحابة والتابعين ،
وما لم يكن كذلك فهو بدعـة ،وكل بدعـة ضللة . 1
31
والشهرستاني ،ت ، 548في " نهاية القدام " .
والرازي ) فخر الدين ( ،ت 606في " أقسام الملذات " وغيرهم
كثيرون ،ومن ذلك أيضا ً . 1
من أبرز خصائص عـقيدة أهل السنة :أنها من أسباب النجاح والنصر
والتمكن لمن
قـام بها ودعـا إليها بصدق وعزم وصبر .
فالطائفة التي تتمسك بهذه العـقيدة ،عـقيدة أهل السنة والجماعة
،هي الطائفة الظاهرة والمنصورة التي ل يضرها من خذلها ول من
عاداها إلى يوم القيامة .كما أخبرنا بذلك الرسول -صلى الله عليه
وسلم -بقوله " :لتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ل
يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . 2
33
ومن أسباب ذلك :أنها مستمدة من كتاب الله الذي ل يأتيه الباطل
من بين يديه ول من خلفه ،ومن سنة رسول الله -صلى الله عليه
وسلم -الذي ل ينطق عن الهوى ،وقد تلقاها الصحابة ثم التابعـون ،
وتابعـوهم ،وأئمة الهدى المستمسكون بهديـه -صلى الله عليه
وسلم -إلى اليوم ،رواية ودراية ،تلقينا ً وكتابة .
من ذلك -مثلً -قول أهل السنة في الصفات إجمالً وتفصيلً ،فهو ل
يزال واحد ا ً ،وقولهم في كلم الله ،والقرآن ،والستواء ،والنزول
والرؤية ،وقولهم في القدر ،واليمان ،والشفاعة ،والتوسل ،
وغيرها كله ل يزال كما نقل عن السلف والقرون الفاضلة .وهذا مما
تكفل به الله من حفظ دينه .
بخلف الفرق الخرى ،وأقربها إلى أهل السنة " الشاعرة " و "
الماتريدية " ،ومع ذلك فهم مضطربون في كل ما خالفوا به السلف
مما أّولوه أو ابتدعوه ، 1ويكثر في عقائدهم التلفيق واللتباس
والضطراب ،والتوقف فيما جاء عن الله -تعالى -وعن رسوله -
صلى الله عليه وسلم ، -وابتداع اللفاظ والمعاني التي لم ترد عن
الله -تعالى -ول عن رسوله -صلى الله عليه وسلم . -
34
المـبحـث الـثـالـث
مـوجـز
اعـتـقـاد أهـل السـنـة و الجـماعـة
ومستلزمـاته
ويشمل :
– 6من أهـم المسائل التي خالف فيها الشاعرة أهل السنة .
35
)(1
- 1استنبطت هذه القواعد من خلل اطلعي على بعض كتب الئمة .ومن أهم الكتب التي
أفدت منها في استقراء وتقرير هذه القواعد :
-1كتاب اليمان ،للقاسم بن سلم ،ت . 224 :
-2الرد على الزنادقة والجهمية ،للمام أحمد ،ت . 241 :
-3كتاب اليمان ،للحافظ العـدني ،ت . 243 :
-4الختلف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ،لبن قتيبة ،ت . 276 :
-5السنة لبن أبي عاصم ،ت . 287 :
-6الرد على الجهمية ،والرد على المريسي ،وكلهما للدارمي ،ت . 280 :
-7السنة ،لعـبدالله بن المام أحمد ،ت . 290 :
-8البانة عن أصول الديانة للشعـري ،ت . 324 :
-9الشريعة ،للجري ،ت . 360 :
-10الشرح والبانة ،لبن بطـة ،ت . 387 :
-11عـقيدة السلف أصحاب الحديث ،لبي إسماعيل الصابوني ،ت . 449 :
-12ذم التأويل ،لبن قدامة المقدسي ،ت . 620 :
-13بعض كتب شيخ السلم ابن تيمية ،ت ، 728 :وبخاصة :التدمرية ،والواسطية ،
والحموية ،ومجموع الفتاوى ،المجلدات ) ، ( 9 -1والعـقل والنقل ،ومنهاج السنة ،ونقض
التأسيس وغيرها .
-14الصواعق المرسلة على الجهمية والمعـطلة ،لبن القيم ،ت . 751 :
-15شرح العـقيدة الطحاوية لبن أبي العـز ،ت . 792 :
-16شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري في فتح الباري لبن حجر ،ت . 852 :
-17شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ عبدالله بن محمد الغنيمان .وغيرها
مماهو مثبت بالهوامش لحقا ً .
36
والفطرة والعقل السليم :رافدان مؤيدان ل يستقلن بتقرير
تفصيلت العقيدة وأصول الدين ،فهما يوافقان الكتاب والسنة ول
يعارضهما .
وإذا ورد ما يوهم التعارض بين النقل والعقل ،اتهمنا عقولنا ،فإن
حـكـم في الدين ،فتقديم عقول الناس م َ
النقل الثابت مقدم و ُ
وأرآئهم الناقصة على كلم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم -
الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه ،ضلل وتعسف .
-2ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم ، -وإن كان من
خبر الحاد ،وجب قبوله . 1
-3ما اختلف فيه في أمور الدين فمرّده إلى الله ورسوله -صلى
الله عليه وسلم ) ، -الكتاب والسنة ( 2كما فهمها الصحابة
والتابعون ،والتابعون لهم من أئمة الهدى المتبعين .
فالمرجع في فهم نصوص العقيدة الواردة في الكتاب والسنة هم
الصحابة والتابعون ،ومن اقتفى أثرهم من أئمة الهدى والدين ،ول
عبرة بمن خالفهم ،لنه متبع غير سبيل المؤمنين .
- 1انظر :مختصر الصواعق المرسلة ،لبن القـيم ،اختصار محمد بن الموصلي – 359 / 2 ،
. 446
- 2انظر :العتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ،للبيهـقي ،ص . 227
- 3أخرجه البخاري في الصلح ،باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ،حديث /
. 2697فتح الباري . 301 / 5 ،ومسلم ،كتاب القضية ،باب نقض الحكام الباطلة ورد
محدثات المور ،حديث . 1718
37
-ومن اعتقد أنه يسعه الخروج عما جاء به الرسول -صلى الله عليه
وسلم -من شرع
ودين ،فـقد خلع ربقة السلم من عنقه .
38
تعالى -كفر أكبر ،أما العدول عن شرع الله في واقعة معينة لهوى
أو إكراه مع التزام بشرع الله فهو كفر أصغر أو ظلم أو فسق !!
ميعُ ال ْب َ ِ
صيُر { ] سورة الشورى ،الية . [ 11 : س ِ
يٌء وَهُوَ ال ّ
ش ْ } ل َي ْ َ
س كَ ِ
مث ْل ِهِ َ
والله -تعالى -وصف نفسه ووصفه رسول الله -صلى الله عليه
وسلم -بأنه :
ي ،قدير ،مريد ،وأنه مستوعلى سميع ،بصير ،عالم ،متكلم ،ح ّ
عرشه ،فوق عباده ،وأنه -تعالى :يرضى ويسخط ،ويغضب ويحب
ويكره ،ويجئ وينزل ،ويضحك ويعجب ،كما يليق بجلله وعظمته
) مع الجزم بنفي التشبيه ( ،كما وصف نفسه -تعالى ووصفه رسوله
-صلى الله عليه وسلم :بالنفس ،والوجه ،واليد ،والعين ،وغير
ذلك مما جاء في القرآن وصحيح السنة ،فأهل السنة يصفونه بما
وصـف نفسه ووصفـه به رسوله -صلى الله عـليه وسلم -من غـير
تشبـيه ول تمثيل ول تكييف ول تعطيل 1ول تأويل .
- 1راجع السنة ،لعبدالله بن المام أحمد ، 307 – 264 / 1 ،حيث اشتمل على كثير من أقوال
السلف في ذلك .
وانظر :الشرح والبانة لبن بطة ،ص ، 192 – 187ص . 218 – 213وعقيدة السلف أصحاب
الحديث ،للمام الصابوني ،ص . 7 – 4والتدمرية ،لبن تيمية ،ص . 7والواسطية ،لبن
تيمية ،بشرح محمد خليل هراس ،ص . 23 – 21وشرح العـقيدة الطحاوية ،لبن أبي العـز
الحنفي ،ص . 366 – 162وكتاب السماء والصفات ،للبيهـقي ،ص . 138 – 137والتحف في
مذهاب السلف ،للشوكاني ،المجلد الول ،الجزء الثاني ،ص ، 96 – 84من مجموعة
الرسائل المنبرية .ورسالة في إثبات الستواء والفوقية ،لبي محمد عبدالله الجويني ،
المجلد الول ،الجزء الول ص 186 – 174من مجموعة الرسائل المنبرية .والرد على
الجهمية ،للدارمي ،ص . 14وذم التأويل ،لبن قدامة المقدسي ،ص . 11والفتوى
الحموية الكبرى ،لبن تيمية .وأقاويل الثقاة في تأويل السماء والصفات ،لمرعي بن
يوسف الكرمي .
39
ومن ذلك :
أولً :من أصول أهل السنة أن اليمان قول وعمل ،يزيد وينقص ،
1
ويشمل اليمان بكل ما أخبر الله به في كتابه ،أو أخبر عنه رسوله
صلى الله عليه وسلم -من أمور الغيب والشهادة جملة وتفصيل ،
ومن ذلك :
) أ ( اليمان بالله تعالى وتوحيده بالربوبية واللوهية والسماء
والصفات . 2
ثانـيا ً القـرآن :من أصول أهل السنة :أن القرآن الكريم كلم الله
منزل غير مخلوق ، ُ
وأن من زعم أنه مخلوق فقد كفر .
6
ب رسول الله -صلى الله أولً :من أصول الدين عند أهل السنة :ح ّ
ب للمرء من نفسه و ولده ،والناس عليه وسلم -حتى يكون أح ّ
أجمعين ،ثم حب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وزوجاته أمهات المؤمنين ،والترضي عنهم ،وأنهم أفضل المة،
والكف عما شجر بينهم ،وأن بغضهم أو الطعن في أحد منهم ضلل
ونفاق . 3
وأفضلهم -رضي الله عنهم جميعا ً -أبو بكر ،ثم عمر ،ثم عثمان ،ثم
ي ،والعشرة
عل ّ
المبشرون بالجنة .
4
كما يدين أهل السنة بحب آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم
-ويستوصون بهم
-1من شهد أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ،وصلى صلتنا،
واستقبل قبلتنا ،وأظه شعائر السلم ،فهو مسلم له ما للمسلمين ،
وعليه ما عليهم ،حرام الدم والمال والعرض ،وحسابه على الله ، 2
واختبار مجهول الحال ،وإساءة الظن به ،أو التوقف في إسلمه
بدعة وتنطع في الدين .
- 3لنجزم لحد بجنةٍ أو نار إلّ من شهد له رسول الله صلى الله عليه
وسلم . 4
- 1انظر :رسالة في المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،لبن تيمية ) ،مطبوع ( .
- 2انظر :شرح العقيدة الطحاوية ،ص . 258
- 3انظر :شرح الطحاوية ،ص . 262 – 261 ، 258والبانة ،للشعري ،ص . 57ولمعة
العتقاد ،ص . 39
- 4انظر :البانة ،للشعري ،ص . 58ولمعة العتقاد ،ص . 39
- 5انظر :شرح الطحاوية ،ص . 317والبانة ،للشعري ،ص ، 58ولمعة العتقاد ،ص . 39
- 6انظر :شرح الطحاوية ،ص . 332 - 331والبانة للشعري ،ص . 62 - 61وعقيدة السلف
أصحاب الحديث ،الصابوني ،ص . 92
44
- 6وجوب الحب في الله ،والبغض في الله ،ومن ذلك الولء
للمؤمنين الصالحين ،والبراء من المشركين والكافرين والمنافقين،
وكل مسلم له من الولية بقدرما لديه من اليمان والتباع للرسول-
صلى الله عليه وسلم ، 1 -ومن البرآءة بقـدر ما فيه من فسـق
ومعصية .
- 7كرامات الولياء حق ،وليس كل كرامة دليلً على التوفيق
والصلح ،إلّ لمن كان على هدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم
-ظاهرا ً وباطنا ً .
وقد تكون الكرامة ابتلء ،وليس كل خارق يكون كرامة . 2والله أعلم
.
- 1انظر :شرح الطحاوية ،ص . 332 – 331وكتاب اليمان ،للحافظ العدني ،ص . 128
والشرح والبانة ،ص . 274
- 2انظر :الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ،لبن تيمية ،ص . 188 – 159
والنبوات ،لبن تيمية ،ص . 10 – 7وشرح الطحاوية ،ص . 446 – 442
45
) ( 2العتصام بعـقيدة أهل السنة والجماعة أمر
متعـين
وإذا كان المر كذلك ،فإن التمسك بهذه العقيدة الحق ،عقيدة أهل
السنة والجماعة ،أمر متعين شرعا ً ،بأمر من الله تعالى ،وأمر
رسوله -صلى الله عليه وسلم ، -قال الله تعالى :
ن َرب ّك ُ ْ
م { ] سورة العراف ،الية . [ 3 : م ْ
م ِ ما أ ُن ْزِ َ
ل إ ِل َي ْك ُ ْ } ات ّب ُِعوا َ
وقد بّين النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه سيكون بعده اختلف
وافتراق كثير ،وأن الحق مع المتمسكين بسنته ،وسنة الخلفاء
الراشدين ،حيث قال -صلى الله عليه وسلم -في حديث العرباض :
" اتقوا الله وعليكم بالسمع والطاعة وإن عبدا ً حبشيا ً ،وإنه من يعش
منكم بعدي فسيرى اختلفا ً كثيرًا ،فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين المهديين ،
46
ضوا عليها بالنواجذ ،وإياكم ومحدثات المور ،فإن كل بدعة ضللة ع ّ
".1
ول ريب أن الذين تمسكوا بسنته -صلى الله عليه وسلم -والخلفاء
الراشدين ،واجتنبوا البدع هو أهل السنة والجماعة .
وقال -صلى الله عليه وسلم " :لقد جئتكم بها بيضاء نقية فل تختلفوا
بعدي " . 2
وقال -صلى الله عليه وسلم " :لقد تركتم على مثل البيضاء ،ليلها
كنهارها ،ل يزيغ عنها بعدي إل هالك " . 3
- 1أخرجه ابن أبي عاصم في السنة بأسانيد صحيحة ،انظر :جـ ، 1ص 29الحديث . 54 /
- 2أخرجه ابن بطة في الشرح والبانة ،ص . 407وله شاهد عند أحمد في المسند / 2 ،
سـنه اللباني في تخريج المشكاة 63 / 1 . 378 ، 338والبغـوي في شرح السنن . 270 / 2وح ّ
من مشكاة المصابيح .
- 3أخرجه ابن أبي عاصم في السنة من طرق كثيرة ،وصححه اللباني .انظر :السنة 26 / 1
، 27 ،الحاديث . 49 ، 48 ، 47 /وابن ماجة في المقدمة ،ص 16في الحديثين . 44 ، 43 /
47
) ( 3حـقيـقـة انتساب الجمــاعات المعــاصرة
إلى أهل السنة والجماعة ومستلزماته
إن المتأمل لواقع الدعوات والحركات السلمية القائمة اليوم يجد أن
غالبها يدعي النتماء إلى أهل السنة والجماعة .
وهذه الدعوى ) ترويجية ( قد يدعيها الصادق والكاذب ،ويدعيها من ل
يعي معناها وهو الغلب ،فمثلها كمثل ادعاء السلم من قبل سائر
الفرق التي نشات في السلم حديثا ً وقديما ً ،فكما أن الرافضة
تدعي السلم -والسلم منها براء -وكذلك الجهمية والخوارج و
الباطنية ،وغلة الصوفية ،وغلة الفلسفة ...وكذلك القاديانية ،
والبهائية ،والبريلوية ،والبهرة ،و النصيرية ،والسماعيلية ،وغيرهم
كثير ،كل هؤلء يدعي السلم ،وربما بعضهم يدعي أنه وحده الجدير
بالسلم .
فكما توجد هذه الدعوى ; كذلك توجد دعوى النتساب إلى أهل السنة
والجماعة من الكثيرين من الدعاة والحركات والدعوات المعاصرة ،
مع الفارق في نوع الدعوى .
ول شك أن منها -أعني الدعوات والحركات المعاصرة -ما هوجدير
بالنتماء لهل السنة ،ومنها ما هو بعيد منها كل البعدعن أهل السنة ،
ومنها من يعني بأهل السنة ،الشاعرة أو الماتريدية ،1ونحوهم من
الفرق التي هي أقرب إلى أهل السنة في الجملة ،ومنها من ليدري
ما يعني تماما ً ،ومنها من ل يهمه إلى أي عقيدة ينتمي .
- 1من أهم ما يلزم لمن انتمى إلى أهل السنة -ل سيما إن كان
داعية -أن يتعلم عقيدتهم ،وأن يتشبع بها ،ويكون ملما ً بأصولها في
الجملة ،وأن يطلب العلم الشرعي ،ويتفقه في الدين على العلماء
والمشايخ ،ليدعو على بصيرة وهدى ،وأن يوجه أتباعه إلى أخد
العلم الشرعي عن المشايخ .
- 1دعوى الشاعرة والماتريدية ومن انتسب إليهم أنهم هم أهل السنة أو أنهم من أهل
السنة فيها شيئ من المغالطة واللبس واليهام ،ولذلك سأعقد لها فصلً لحقا ً يلي هذا
الفصل .فليراجع .
48
- 2وبعد ذلك ،لبد أن يدعو إليها ويبينها للناس ويذود عنها ،لنها
الحق .
- 3كما يتحتم على من انتمى لعقيدة أهل السنة والجماعة وهو
داعية ،أن ُيظهر أثرها على أفكاره وأهدافه ،وأقواله وكتاباته ،بل
وعلى سلوكه وأعماله ،بحيث يكون ملما ً بتفصيلتها في العموم ) في
الصول( ، 1كاليمان ،والتوحيد ،والسماء ،والصفات ،والقدر،
وحقوق الصحابة ،وأن يكون متمسكا ً بالسنن والخلق الفاضلة ،
والهدى النبوي ،وعليه سمة السلف مخبرا ً ومظهرا ً .
- 1أقصد بذلك الدعاة وطلب العلم والعلماء .أما عامة الناس ،فالسلف يرون أنهم ل
يكلفون بمعرفة العقائد على التفصيل وإنما على الجمال .انظر :شرح العقيدة
الطحاوية ،ص . 11 – 10ودرء تعارض العـقل والنقل ،لبن تيمية ،ص . 51 / 1
49
) ( 4أمثلة لواقـع الدعـوات المعـاصرة
حيال عـقيدة أهل السنة
در للدعوة وهو ل يعرف * وكيف يدعي رفع شعار أهل السنة من يتص ّ
سئل أحدهم عن بدهيات العقيدة فل ُيجيب ، عقيدة السلف ،وربما ُ
وإن أجاب خلط ! .
* وهناك -مع كل أسف -من كبار الدعاة أو ممن يزعمون أنهم دعاة
من ُيؤخر الصلة الفريضة عن وقتها دون ضرورة ،أو ل يهتم بصلة
الجماعة ،ومن يستحل أكل الربا ،ومن يستحل سماع الغاني
خـن ،ومنهم من سمة ،أو يد ّ
والموسيقى ،أو يقتني الصور المج ّ
يحلق لحيته ) دون ضرورة ( . 1أو يتشبه بالكفار في لباسه ومظهره
وسائر تصرفاته المعاشية ،ومنهم من ل يهتم بالحجاب الشرعي
للنساء ،أو يقّر الختلط المحرم ويرضى به ..إلخ من المور التي
تخل بالدين ،أو تجرح العدالة ،أو تنافي الفضيلة ،ول تقبل ممن
يتصدر الدعوة ويكون قدوة .
- 1قلت " :دون ضرورة " لعلمي أن بعض المسلمين في بعض البلدان السلمية ربما
وتنتهك حقوقهم بسبب إعفاء اللحية ،ول حول ول قوة إل بالله .
ُيعذبون ،وُيؤذون ُ ،
51
* ومن الدعاة من يسعى إلى جمع المسلمين على غير كلمة سواء ،
إنما على ما افترقوا به من اختلف المعتقدات والضللت والبدع ،
كحاطب ليل !
ول شك أن جمع كلمة المسلمين هدف عظيم ،بل هو من أعظم
أصول الدين ،ول ينكره إل ضال أو جاهل ،لكن جمع المسلمين يجب
أن يكون على الحق ،وعلى الكتاب والسنة ،والعتصام بالله ،ل
على مجرد الشعارات السلمية الفارغة من العتقاد الحق .
وأخيرا ً ...
فإن هذه المور التي أشرت إلي شيئ منها ليست في واقع الدعوة
اليوم مجرد ظواهر أو تصرفات فردية ،بل هي سمات ومواقف
ومناهج وأهداف ،وسلوك عام لدى بعض الجماعات والدعوات
والدعاة .
52
) ( 5بيـن أهل السنة والشاعـرة
هناك لبس كبير يقع فيه بعض الناس قديما ً وحديثا ً ،ذلكم هو دعوى
الشاعرة بأنهم أهل السنة ،ووصفهم بذلك من غيرهم -أحيانا ً -
وهذه دعوى عريضة فيها الكثير من اليهام والخلط ،وبيان هذا -على
سبيل التفصيل -يحتاج إلى بحث طويل ،لكني سأحاول بيان ما
أعرفه حيال ذلك بإيجاز بالغ على النحو التالي :
سموا بذلك لنهم هم الذين على أولً :أن أهل السنة والجماعة ُ :
سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم ، -وهم الجماعة الذين
ذكرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم . 1 -
وعليه ،فأهل السنة :الصحابة والتابعون ومن تبعهم واقتفى أثرهم
إلى يوم الدين ،ولم يبتدع ولم يغّير .ومن غـّير أو بدل أو أحدث في
الدين ما ليس منه وما لم يكونوا عليه في العتقاد والسنة فليس
دل .
منهم فيما غـّير أو ب ّ
* وفي هذا الجو نشأ مذهب عقدي تلفيقي مخضرم ،ل هو سنـي
خالص ،ول كلمي عقلني خالص ،حتى هدأت العاصفة وانجلى غبار
المعركة ضد المعتزلة ،وقد أبلى فيها المام أبو الحسن الشعري
بلءا ً حسنا ً ،وخرج منتصرا ً على المعتزلة والجهمية ،ومن سلك
ومن جانب آخر فالشعرية مرت بأطوار تاريخية ،في كل طور تزداد
الشقة بينهم وبين أهل السنة ،ل سيما ما أدخل فيها زعماؤهم
اللحقون تلك السس والمعتقدات الدخيلة من الفلسفة ،والتصوف ،
والمنطق ،والكلم ،والجدل ،حتى صارت عقيدة الشاعرة مزيجا ً
من تلك الخلط .
ومن أبرز أولئـك :الباقلني ،المتوفى سنة ) 403هـ( ،والقشيري ،
المتوفى سنة ) 465هـ( ،وأبو المعالي الجويني ،المتوفى سنة )478
- 1من توفيق الله لهؤلء الئمة الجلء – رحمهم الله – أن غالبهم تراجعوا عن مقولتهم
في التأويل أو بعضها فيما خالفوا فيه أهل السنة .انظر :المبحث الثاني ) خصائص
العقيدة السلمية ( من هذا البحث .
55
ذلك المر ،لكنهم في الجملة حيث خالفوا أهل السنة في أصول
أخرى ليست قليلة ; ليسوا هم أهل السنة عند الطلق والعموم ،
وهذا المر قد يلتبس على كثير من الناس اليوم لقلة اطلعهم على
كلم أهل العلم في ذلك .
56
) ( 6من أهم المسائل
التي خالف فيها الشاعرة أهل السنة
- 1انظر مثلً :أساس التقديس ،للفخر الرازي ،ص . 191 – 111والرشاد للجويني ص -146
. 154
57
وهل هم أعلم بمراد الله من صحابة رسول الله -صلى الله عليه
وسلم -وسلف المة من التابعين وتابعيهم وأئمة الهدى والسنة في
القرون الفاضلة ؟! الذين أمّروا هذه الصفات ،وغيرها من أمورالغيب
كما جاءت عن الله وعن رسول الله لفظا ً ومعنى على مراد الله
ورسوله ،من غير تشبيه ول تعطيل ،ول تأويل .
وقد ابتلى المتكلمون -ومنهم الشاعرة -بسبب التأويل في صفات
الله ،وبعض مسائل
العقيدة ،بأن أدخلوا في عقائدهم من المصطلحات واللفاظ
والظنيات العقلية ما ل يليق القول به في حق الباري -سبحانه -ل
نفيا ً ول إثباتا ً .
وأقل ما يقال فيه إنه كلم مبتدع لم يرد عن الله ول عن رسوله -
صلى الله عليه وسلم -فالكف عنه أسلم ،والخوض فيه قول على
الله بل علم ،مثل :الحدود ،والغايات ،والجهات ،والماهية ،
والحركة ،والحيز ،والعرض ،والجوهر ،والحدوث ،والقدم .
ودعوى قطعية العقل ،وظنية النقل ...ومثل كلمهم في :التركيب
والتبعيض ،وقولهم عن الباري -سبحانه -ل داخل العالم ول خارجه
... 1إلخ ،ومما ابتدعوه من الكلم عن الله -تعالى -نفيا ً أو إثباتا ً .
وذلك انسياقا ً مع التزامات المعتزلة والجهمية والفلسفة العقلية
الجدلية .
وكلمهم في هذه المور قد يشتمل على بعض الحق أحيانا ً ،لكن الله
-تعالى -نهانا عنه ،وأقل ما ُيـقال فيه أنه قول على الله بغير علم ،
والله -تعالى -يقول :
م { ] سورة السراء ،الية . [ 36 : عل ْ ٌك ب ِهِ ِس لَ َ
ما ل َي ْ َ ف َق ُ} َولا ت َ ْ
ن ِفي دو َ
ح ُن ي ُل ْ ِ
ذي َ عوه ُ ب َِها وَذ َُروا ال ّ ِ
سَنى َفاد ْ ُ ح ْ ماُء ال ْ ُ ويقول } :وَل ِل ّهِ الأ ْ
س َ
مائ ِهِ { ] سورة العراف ،الية . [ 180 :
َ
س َ أ ْ
58
المثال لله -تعالى ، -ونحو ذلك مما ينافي وجوب التسليم بالنصوص
الشرعية . 1
- 1ورد عن أكابر الئمة مثل :المام أحمد ،وابن المديني ،والوزاعي ،والبخاري ،وأبي
زرعة ،وأبي حاتم ،وغيرهم كثير ،فقد حذروا من الجدل والتأويل وعلم الكلم .أنظر :
شرح أصول اعـتقاد أهل السنة والجماعة ،لبي القاسم الللكائي ،تحـقيــق :
د .أحمد سعـد حمدان ،ج – 1ص . 186 – 151
- 2راجع :كتاب " أصول الدين " لفخر الدين الرازي – ص . 24وكتاب " الرشاد " للجويني ،
ص . 37 – 25
- 3أصول الدين ،للرازي ص . 24
59
الربوبية ،بل ل توجد طائفة أجمعت على هذا المر على الحقيقة ،
ولو حصل هذا لذكره الله -تعالى -في قصص النبياء .
وبعكسه توحيد اللوهية ،فهو الذي ضلت فيه المم والفرق
والطوائف حتى اليوم .
ظـار الشاعرة وأئمتهم يبدأون مؤلفاتهم في العتقاد لذا نجد أن ن ّ
بالعقليات والنظريات ،والتصديقـات والتصورات ،والمصطلحات
ل تفيد
الكلميـة والفلسفـيـة ،وأن الدلئـل النقـليـــة ) السمعية (
اليقين ،وأن العقليات قطعية يقينية ،ثم حدوث العالم وإثبات الصانع
و
غير ذلك من الفلسفة وعلم الكلم ،وينتهون في ذلك إلى تقرير
توحيد الربوبية ، 1و هذا خلف ما درج عليه أهل السنة ،بل خلف
منهج القرآن الكريم ،فاليات التي جاءت لتقرير توحيد الربوبية قليلة
بإزاء اليات التي جاءت لتقرير توحيد العبادة والطاعة ،ثم إن كثيرا ً
من اليات في توحيد الربوبية جاءت لتقرير عبادة الله وحده كما
أسلفت .
وأمر آخر تجدر الشارة إليه هنا ،وفيه البرهان القوى على أن
الشاعرة جانبوا أهل السنة في بعض مسائل العتقاد الكبرى ،وعلى
أنهم عند التحقيق والترّوي والتجرد يرجعون عن مقولتهم إلى عقيدة
أهل السنة ،وهذا البرهان :هو رجوع كثير من أئمتهم ونظارهم
الكبار إلى عقيدة السلف ،والتسليم بها في آخر المر ،أو آخر العمر
،كما حصل من المام أبي الحسن الشعـري نفسه ،حينما استقـر
على عقيدة السلف في ) البانة ( ،1وكما حصل من أبي المعالي
الجويني ،وأبي محمد الجويني ،والرازي ،والشهرستاني ،
والغزالي ،وابن العربي ،وغيرهم . 2فمنهم من رجع إلى قول أهل
السنة ،وترك علم الكلم ،وبين ذلك من خلل كتابة ما استقر عليه
اعتقاده ،ومنهم من أعلن تسليمه لعقيدة أهل السنة على الطلق
قبيل الوفاة ،ولم يتمكن من الكتابة . 3
63
) ( 7أيـن أهـل السنة ؟
- 1أعلن المام أبو الحسن الشعري التزامه لعقيدة السلف في كتابه " البانة " ،
فليراجع .
64
- 4تمسكهم بشعائر الدين ،الظاهرة والباطنة ،كما أمر الله وبّين
رسوله -صلى الله
عليه وسلم ، -فهم يقيمون الفرائض والسنن ،ويأمرون بها ،
ويتركون الثام والمنكرات والمحرمات والبدع ،وينهون عنها .
وفي العموم :فأهل السنة -والله أعلم -ل يحصرهم مكان ول
زمان ،فهم -بحمد الله -يوجدون في أكثر من مكان وأكثر من بلد ،
يقلون في بلد ،ويكثرون في آخر ،فهم في أرض الله الواسعة
منتشرون بحسب حالهم .
ولو تأملت حال المسلمين اليوم ،لوجدت أهل السنة منهم متميزين
في كل بحسب حاله ،كثرة أو قلة ،قوة أو ضعفا ً ،فقد تجدهم في
مصر والسودان أكثر ما يكونون بين أنصار السنة المحمدية ،وفي
غيرهم قليل ،وفي الشام في أهل الحديث والثر أكثر من غيرهم ،
وفي الهند والباكستان وأفغانستان يكثرون في أهل الحديث
والجماعات والجمعيات السلفية أكثر من غيرها . 1
وقد أشرت من قبل أن من أبرز سمات أهل السنة في البلد الني ل
تكثر فيها البدع والطرق الصوفية وصفهم بـ ) الوهابية ( نسبة لدعوة
الشيخ محمد بن عبدالوهاب ،أو بـ ) الحنابلة ( نسبة إلى المام أحمد
بن حنبل .
ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي المثال الحي الواضح لهل
السنة والجماعة معتقدا ً وسلوكا ً ،وقد تحقق بها قول النبي -صلى
الله عليه وسلم " : -ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق
حتى تقوم الساعة " ، 2فهي حتى الن ظاهرة بحمد الله .
- 1هذا على سبيل التمثيل ل الحصر ول التحقيق ،لن التحقيق من هذه الحكام يحتاج
إلى مزيد من الدراسة والتحقيق الدقيق ،لكني ضربت بذلك مثالً فحسب .
- 2هذا الحديث مستفيض عن جمع من الصحابة أخرجاه في الصحيحين وغيرهما للفاظ
كثيرة .
انظر :صحيح البخاري – فتح الباري : -كتاب المناقب ،باب . ( 632 – 6 ) 27وكتاب العتصام ،
باب . ( 293 – 13 ) 10وكتاب التوحيد ،باب . ( 442 – 13 ) 29وصحيح مسلم ،كتاب المارة ،باب
، 53الحاديث . ( 1525 – 1523 / 3 ) 1924 – 1920 /
65
هذا مع العلم أن عامة المسلمين الذين يقيمون شعائر الدين وهم
سالمون من الشركيات ،إنما هم على الفطرة ،ويدخلون في سواد
المة وأهل السنة في أي بلد ومكان كانوا .
..وأهل السنة ) والله أعلم ( في آخر الزمان ليسوا أكثرية ،لن
الرسول -صلى الله عليه وسلم -وصفهم بأنهم طائفة ،وأنهم
الغرباء ،وأنهم عصابة ،وأنهم فرقة واحدة من ثلث وسبعين فرقة
.1
وهذا يسقط دعوى بعـض الشاعـرة والماتريدية المعاصرين ،بأنهم
أهل السنـة ،لنهـم
الكثرون في بلد المسلمين ،فالكثرية ليست دليلً كافيا ً على
الصواب ،إنما العبرة باتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم ، -
والتمسك بكتاب الله ،وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم ،واتباع
هدي الصحابة والتابعين وأئمة الهدى العلم في العصور الثلثة
الفاضلة ،والذين اتبعوهم واقتفوا آثارهم ،ولم يغيروا ولم يبدلوا إلى
يوم الدين مهما قـّلوا .
66
المـبـحث الـرابــع
ويشتمل :
67
)(1
الثار الناجمة
عن ضعـف تمسك بعض الحركات بهدي السلف
-راجع )عقيدة التوحيد فو دعوة الرسل عامة ( من هذا المبحث . 1
68
ويتفرع عن هذه المسألة أمر آخر جد خطير ،وقد غفلت عنه أكثر
الدعوات اليوم ،أل وهو وقوع كثير من المسلمين اليوم فيما يناقض
هذا التوحيد أو ينقصه أو يخل به .
فمما يناقضه من أعمال واعتقادات بعض المنتسبين للسلم :دعاء
غير الله والستعانة
بغير الله ،والذبح والنذر لغير الله ،وتصديق الكّهـان ،وما يفعلون
عند القبور ،وعند
شيوخ الصوفية ،وغير ذلك مما ل يخفى على الدعاة ول غيرهم .
ومما يناقض التوحيد ويخدشه :شيوع البدع والخرافات كالموالد
والتمسح بالقبور والشخاص والحجار والشجار وغيرها ،ومن الحلف
بغير الله ،ونحو ذلك .
كل هذا وغيره مما هو خلل في التوحيد ; من المراض المستشرية
في جسم المة السلمية ،ول بد من علجه أولً قبل غيره من
المراض الخلقية والجتماعية والسياسية والقتصادية والفكرية ...
إلخ .لن مرض العتقاد هو مرض القلوب ،وهو الداء العضال
والمرض الول الذي نتجت عنه جميع المراض والنحرافات الخلقية
وغيرها ،وهذا هو داء المم قديما ً وحديثا ً .
فهذا المرض على الرغم من خطره وانتشاره ووضوحه لم يلق من
كثير من الدعوات الصلحية ما يستحقه .
تنبيه :
حينما أقول :إنه يجب العناية أولً بالتوحيد ومحاربة البدع والشركيات
; فهذا ل يعني أن يغفل الدعاة الجوانب الخرى من تحقيق المصالح ،
ودرء المفاسد وعلج النحرافات الجتماعية والخلقية والفكرية
والسياسية والقتصادية ،وما أثقلها وأعظمها وأعقدها ،إنما أقول :
إن الداعية يجب عليه أن يهتم بكل شيئ يهم السلم والمسلمين
مهما صغير أو قل ،ولو قصر في شيئ كان ملموا ً بقدر تقصيره فيما
يقدر عليه ،وهذا هو مقتضى المر بالمعروف ،والنهي عن المنكر،
والصلح الذي أمر الله به ،وأمر به رسوله -صلى الله عليه وسلم
، -فاهتمام الداعي المصلح ل سيما الدعوات والحركات الجماعية ل
بد أن يأخذ صفة الشمول في الصلح ،إنما يكون للولويات اعتبار ،
بحيث يبدأ بما بدأ الله به وبدأ به رسله الكرام جميعا ً ،وما بدأ به
رسولنا -صلى الله عليه وسلم -على وجه الخصوص ،وهو التوحيد ،
فيبدأ بالخطر والعظم ظلما ً وهو الشرك والبدع وفساد العقائد ،
وفي الوقت نفسه يسعى إلى الصلح وينهى عن الفساد .
69
وهناك أمر يغفل عنه الكثيرون ،أل وهو أن صلح أحوال الناس في
معاشهم وأخلقهم مرتبط بسلمة توحيدهم وعقيدتهم ،قال الله –
ن
م َ
ت ِكا ٍ حَنا ع َل َي ْهِ ْ
م ب ََر َ وا ل َ َ
فت َ ْ ق ْ
مُنوا َوات ّ َ
قَرى آ َ ن أ َهْ َ
ل ال ْ ُ َ
تعالى } : -وَل َوْ أ ّ
ض { ] سورة العراف ،الية . [ 96 : ماِء َوالأَْر ِ
س َ
ال ّ
واليمان والتقوى ل يتحققان إل بصحة العتقاد وسلمة العبادة ،إذ
قبول العمال الصالحة المفروضة منها والمسنونة كالصلة والزكاة
والصيام والحج والدعاء والحسان إلى الناس ،والبر والصدق
والعفاف والصلة ،كل ذلك وغيره مرتبط بصحة العتقاد ،وصحة
التباع ،وبالخلص لله تعالى وحده ،وأن يكون العمل صوابا ً على
مقتضى أمر الله -تعالى -ورسوله -صلى الله عليه وسلم .
ومما ُيؤسف له أن بعض الحركات ل تكتفي بالستهانة بهذا الواجب
العظيم والتخلي عنه ،وهو تطهير عقائد المسلمين وعباداتهم ،بل
تلمز من يقوم بذلك ،وترى أن هذا المنهج عقيم ناتج عن قصور
التفكير وضيق الفق ،وأحيانا ً تدعي أن ذلك اهتمام بالقشور ،ويتمثل
هذا في الذين يأخذون على الدعوات السنة -كأنصارالسنة
والسلفيين و أهل الحديث -اهتمامهم بتخليص المة من البدع
والخرافات وعنايتهم بتصحيح العقائد .نعم قد يكون لدى هذه
الجماعات شيئ من القصور والخطاء في الساليب ،أما اهتمامهم
بالعقيدة والعبادة ومحاربتهم البدع فهي منقبة كبرى تحمد لهم،
وُيمدحون بها ،بل إن اهتمام هذه الدعوات بالعقيدة ومحاربة
الشركيات والبدع ُيؤيد القول بأنها من الدعوات التي تنسب إلى أهل
السنة والجماعة ،والطائفة المنصورة ،والفرقة الناجية ،لتوافر أكثر
صفاتهم فيها أكثر من غيرهم .
70
ومما ُيؤلم أن فكرة التحرر من بعض العلوم الصولية ،وغير الصولية
،من العلوم الشرعية ،كعلوم الحديث والعقيدة وأصول الفقه
والفقه ،بدعوى ضرورة التجديد ،قد سرت وأثرت أثرها السلبي في
كثير من الدعاة اليوم ،ل سيما مع الجهل بقيمة هذه العلوم التي
يرتكز عليها الدين .
وأنه ليحزنني كما يحزن كل مسلم أن يقول أو يعلن هذه الحقيقة،
لكنه واجب النصيحة ،وهي :أننا لو تأملنا واقع أكثر الدعوات والدعاة
لوجدناهم من المصابين بالضحالة في العلوم الشرعية ،وقلة
البضاعة من نصوص الكتاب والسنة ،وتراث سلفنا الصالح ،قرآءة
وحفظا ً وتدبرا ً وعلما ً وعملً .مما نجم عنه التخبط في العقيدة
والصول والحكام والمواقف ،وضعف التمسك بهدي القرآن والسنة
ة فُروا َ
كافّ ً ن ل ِي َن ْ ِ
مُنو َ ن ال ْ ُ
مؤ ْ ِ ما َ
كا َ ،ولو أنهم امتثلوا قول الله تعالى } :وَ َ
ن وَل ِي ُن ْذ ُِروا م َ ل فِْرقَةٍ ِ ن كُ ّ فَل َوَْل ن َ َ
دي ِ
فقُّهوا ِفي ال ّ ة ل ِي َت َ َ
ف ٌ
طائ ِ َ من ْهُ ْ م ْفَر ِ
ن { ] سورة التوبة ،الية . [ 122 : حذ َُرو َ م ل َعَل ّهُ ْ
م يَ ْ جُعوا إ ِل َي ْهِ ْ
م إ َِذا َر َمه ُ ْقَوْ َ
أقول :لو أن تلك الدعوات المعاصرة جندت طوائف منها للتخصص
في علوم الدين والعمق فيها ; لكان لذلك الثر العظيم .
والرسول -صلى الله عليه وسلم -يقول " :من ُيرد الله به خيرا ً يفقه
1
في الدين "
- 4ومن تلك الخطار التي ترتبت على الجهل بمنهج السلف :التفرق
والختلف ،وهذا -مع السف -من أبرز سمات الحركات السلمية
القائمة .
وهذه السمة قد ذّمها الله -تعالى -ونهى عنها رسول الله -صلى
ميًعاج ِ ل الل ّهِ َ حب ْ ِموا ب ِ َ ص ُ الله عليه وسلم ، -فقال الله -تعالىَ} : -واع ْت َ ِ
قوا{ ] سورة آل عمران ،الية . [ 103 : فّر ُوَل ت َ َ
ما
ن ب َعْد ِ َ
م ْ فوا ِ خت َل َ ُفّرُقوا َوا ْ ن تَ َ ذي َكال ّ ِ
كوُنوا َ وقال -تعالى َ } : -ولا ت َ ُ
ت { ] سورة آل عمران ،الية . [ 105 : م ال ْب َي َّنا ُ جاَءهُ ُ َ
ممن ْهُ ْت ِ س َشي ًَعا ل َ ْ كاُنوا ِ م وَ َن فَّرُقوا ِدين َهُ ْ ن ال ّ ِ
ذي َ وقال الله -تعالى } -إ ِ ّ
ء { ] سورة النعام ،الية . [ 159 : ي ٍ ش ْ ِفي َ
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم " : -ول تختلفوا فإن من كان قبلكم
1
اختلفوا فهلكوا " .
ومع شدة النهي عنها في الدين ; فقد وقعت فيها بعض الحركات
السلمية والدعاة المعاصرون ،على الرغم من إلحاح الحاجة إلى
الجتماع على الحق وعلى الكتاب والسنة ،فالدعوات المعاصرة ل
تزال متفـرقة في مناهجها وأهدافهـا وأساليبهـا وأعمالها ،وتعلن هذا
الخلف وتصّعده .بل حتى تلك الدعوات المتشابهة في المنهج ،أو
بعضه ،تنزع إلى الستقللية والتفرق واصطناع الختلف في واقع
أمرها ،مما يدل على أن المشكلة في رؤوس الشخاص أنفسهم ،
وأهوائهم ،والسبب الرئيسي لذلك ضعف الصلة بالكتاب والسنة
والثر ،وبمنهج السلف الصالح ) لدى الغالبية ( ،والتعصب والحزبية
والغرور ،ثم عدم اللتزام بعقيدة أهل السنة والجماعة التي تقضي
بوجوب الجتماع على الحق ،والعتصام بحبل الله المتين ،وتزول
بها أسباب الختلف في الدين .
وأنا ل أطلب من الحركات والدعاة أن يجتمعوا على ما هم عليه من
مخالفات عقدية وسلوكية لمنهج السلف ،فهذا تلفيق أبرأ إلى الله
- 1من حديث أخرجه البخاري في كتاب الخصومات – باب ما يذكر في الشخاص ،الحديث
في فتح الباري ، 70 / 5،رقم . 2410وانظر . 5062 ، 3476 :وأخرجه أحمد في المسند / 1
. 456 ، 412
72
أن أدعو إليه ،إنما المطلوب من الجميع الجتماع على الحق ،والحق
واضح من خلل كتاب الله ،وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم ، -
وتراث سلفنا الصالح .
73
) ( 2خواطر ووقفات حول الدعوة والعقـيدة
74
ثانيا ً :من خلل ما أسمعه وأقرؤه عن كثير من المهتمين بالدعوة
والعقيدة ،ظهر لي أن هناك خطأ ً فادحا ً في التصورات حول الدعوة
ومستقبل السلم والمسلمين ،يقع فيه كثير من الناس ،وذلك حين
يتكلمون عما يجب أن يكون عليه المسلمون ،وأن تكون عليه
الحركات والدعوات الصلحية وعن المناهج والطرق السلم
والصوب لخراج المسلمين من وهدتهم ،وهوانهم ،وجهلهم وبعدهم
عن الدين .
هذا الخطأ يتمثل :فيما يسلكه بعض الناس -خاصة من الدعاة
والمفكرين والحركات -من الجزم والصرار على دعوى أن
المسلمين ل يكون عزهم ونصرهم إل بالسلوب الذي يراه ذلك
الشخص ،أو تلك الجماعة .
فمن قائل بأن الوصول إلى الحكم وإقامة الدولة السلمية هو الحل
الول .
ومن قائل بأن القوة هي الطريق الوحيد لعودة المسلمين للدين !.
ومن قائل بأن التقدم الحضاري هو السلوب الوحد !.
ومدع أن التجمعات الحزبية وشبه الحزبية هي السلوب الحتمي ل
سواه !!.
ومن جازم بأن الصلح الفردي هو السلم ل سواه !
..إلخ من الراء والتجاهات السائدة في الساحة .
وأنا ل اعتراض لي على مجرد طرح هذه المناهــج والتصورات
والعمل عليها بقناعـة
لدى من يراها ،وإنما اعتراضي واستنكاري على من يحدد طريقة
ويجزم بها ،ويعتقدها ويرتب عليها أحكاما ً شرعية ومستلزمات دعوية
،ويخطئ غيرها ويرده ،ويجعل فكرته هي الميزان ،وأن من حاد
عنها فهو مخطئ ،أو هوعقبة في وجه الدعوة والصلح ،مما أدى
إلى وجود الحزبيات والتكتـلت والفرق بين صفـوف الدعاة .
ويبدو هذا واضحا ً جليا ً من خلل كثرة التجاهات والجماعات ،نقد
الدعوات والدعاة بعضهم لبعض أحيانا ً ،ومن خلل نقد الخرين -
أيضا ً -للدعاة .
والذي أراه :أن مسألة السلوب المثل في الدعوة والصلح مسألة
اجتهادية مشروطة بالتقيد بنصوص القرآن والسنة ومنهج السلف
الصالح في الصلح والدعوة والجهاد والمر بالمعروف ،والنهي عن
المنكر ،وإن تعددت الساليب والوسائل في كل بلد بحسبه ،ما دام
المر في حدود المباح شرعا ً .
75
والمر الخر :أن مسألة مستقبل الدعوة ومستقبل السلم
والمسلمين مسألة غيبية ل يعلمها إل الله ،والله -سبحانه -قد ُيهيئ
للمة من أمرها رشـدا ً بما ل يدور في خلد أحد ،مهما بالغنا في وضع
التصورات والفتراضات .
* فربما يبعث الله لهذه المة مصلحا ً إماما ً يجمع كلمتها ،وُيوحد
صفها ،ويجدد لها دينها ،وينصر السنة وأهلها ،كما وعد بذلك رسول
الله -صلى الله عليه وسلم -بقوله :
" إن الله تعالى يبعث لهذه المة على رأس كل مائة سنة من يجدد
لها دينها " . 1
* وربما يكون النصر والخير على يد حاكم أو دولة صالحة ،بل إن
الرسول -صلى الله عليه وسلم -أخبر في الحديث الصحيح بقوله " :
إن الله ُيؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " . 2
* وربما تحدث أحداث عظـام جسـام تلجئ الناس إلىاللجوء إلى الحق
والعتصام بالدين ،والستمساك بالكتاب والسنة وهدي السلف
الصالح ،وربما يأتي الفتح من الله بما ل يخطر على بال بشر .
* وربما يقضي الله -تعالى -بانهيار المدنية الغربية الرأسمالية ،كما
انهارت الشيوعية دون عناء فتلجأ البشرية إلى السلم .
وهذه افتراضات كلها جائزة -عقلً وشرعا ً -ولها أمثلة من التاريخ
السلمي قديما ً وحديثا ً ،فعلم الخلف في أمر غيب هو من مقادير
الله التي ل يعلمها إل هو سبحانه ؟
والذي أراه :أنه يجب أن يحترم كل مسلم وجهة نظرالخر ما دامت
في حدود الشرع ،ولم تخالف الكتاب والسنة ،وإن تعددت الوسائل
والمناهج الجتهادية ،ما دامت فيما يسع فيه الجتهاد والخلف .
ثم إن اختلف بلد المسلمين وأحوالهم ومجتمعاتهم وأوضاعهم
الجغرافية والسياسية قد يستلزم تعدد الساليب والمناهج
الجتهادية ،فليعذر بعضهم بعضا ً في هذه الحدود ،أما ما يخالف
النصوص الشرعية ،وأحكام الشرع والعقيدة السليمة ،وما سارعليه
- 1أخرجه أبو داود في الملحم ،باب ما يذكر في قرن المائة ،الحديث ) ،( 4291وأورده
السيوطي في الجامع الصغير برقم ) ، ( 1845وعزاه للحاكم في المستدرك والبيهقي في
المعرفة ،وقال ":حديث صحيح " ، 282 / 1وصححه اللباني في صحيح الجامع الصغير
برقم ) . 143 / 2 ( 1870وانظر مستدرك الحاكم . 522 / 4
- 2أخرجه البخاري في كتاب الجهاد ،باب إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر ،الحديث رقم
) ( 3062من فتح الباري . 179 / 6وفي القدر والمغازي – أيضا ً – ومسلم في كتاب اليمان ،
باب ) ( 47الحديث ) . 106 – 105 / 1 ( 111
76
السلف من أصول الدين ; فيجب العدول عنه إلى الحق مع من كان ،
وأينما كان .
-صحيح مسلم ،كتاب اليمان ،باب اليمان والسلم والحسان ،الحديث ) . 39 / 1 ( 9 1
-صحيح مسلم ،كتاب اليمان ،باب السؤال عن أركان السلم ،الحديث ) . 42 / 1 ( 12 2
78
كما أني ل أّدعي أن الدعوات المعاصرة لم تهتم بهذا المر العظيم ،
لكني أقول وعلى ثقة -والواقع يشهد -أنها -أكثرها -لم تعطه حقه ،
ولم تنتبه إلى أنه هو العظم والخطر ،وأن النحراف فيه هو السبب
الول لكل انحراف وضلل .
وقد أشرت سابقا ً إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم -حينما
قاتل الناس في دين الله ،قاتلهم على الصول :شهادة أن ل إله إل
الله ) وعبادة الله وحده ونبذ الشرك ( ،وشهادة أن محمدا ً رسول
الله ،وإقام الصلة ،وإيتاء الزكاة ،وصوم رمضان ...إلخ ،لن هذه
الصول إذا قام الناس بحقها -كما أمر الله -صلحت قلوبهم
وأعمالهم وسائر أحوالهم ،ثم إن الرسول -صلى الله عليه وسلم -
لم يهمل الجوانب الخرى من الحكام والداب والخلق ،لكنها جاءت
بعد تلك الصول لنها تبع لها ،ومبنية عليها ،ل العكس .
رابعا ً :هناك خلل أو تصور خاطئ يقع فيه بعض الناقدين الذين
يتابعون مسيرة الدعوات السلمية المعاصرة ،وهذا الخلل :تقدير
بعضهم لنجاح حركة ما أو فشلها بعدد أتباعها ،وانتشارها ،أو بذيوع
صيتها وأخبارها إعلميا ً ،أو بما تحققه من اتصارات سياسية ،أو
بكثرة ما تقوله وتكتبه ،أو برفعها للشعارات السلمية ،والنداءات
بتطبيق الشريعة السلمية ،ومحاربة اللحاد والقومية ..كل هذا أمر
طيب ومفيد ،لكن ذلك -بنظري -مسلك ل يتوافق مع موازين
السلم وأصوله ،إنما العبرة في تقويمنا لي دعوة من شخص أو
حركة أو جماعة أو دولة أو غيرها بمدى موافقتها لكتاب الله ،وسنة
رسوله -صلى الله عليه وسلم ، -وما يتبع ذلك من سلمة العقيدة ،
وسلمة المنهج شرعا ً ،واتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم -
في الحكام والسنن والداب وغيرها ،واتباع هدي السلف الصالح ،
79
وطلب العلم الشرعي ،وما عدا ذلك يبقى مجرد شعار من
الشعارات ،كسائر الشعارت الوضعية المطروحة في الساحة .
ويدل على قولي هذا :
أن الدعوة إلى الخلق الفاضلة ،وإلى الصلح ،وإلى النهضة
والتقدم ،وإلى حلول مشكلت المسلمين في ضوء الشريعة
السلمية ،وكذلك رفع الشعارات السلمية بشتى جوانب الحياة ،
أقول إن هذا قاسم مشترك ل يمتاز به أحد دون أحد من الدعاة
والدعوات في البلد السلمية .
فالرافضة :ترفع هذا الشعار السلمي ! والتحريريون ) المعتزلة
الجدد( ،والترابيون ،والتجديديون ،والعصرانيون يرفعون هذا الشعار
السلمي ،والقاديانية والبهائية ،والبابية ،والباطنيون ،والمتصوفة
الغلة والبدعيون كلهم يرفعون هذا شعارات إسلمية ! ،بل أصبح
رفع الشعارات السلمية سلعة يعرضها حتى القوميون والشتراكيون
بل والشيوعيون -أحيانا ً ، -وتلعب من خللها الماسونية والمخابرات
العالمية ) بشتى مشاربها ( .
فيتحرر أن العتبار والميزان هو الكتاب والسّنة ،وما كان عليه
الرسول -صلى الله عليه وسلم ، -وأصحابه وأئمة الهدى المتبعون .
إذ ا ً ليست المسألة مسألة شعارات ترفع ،أو عواطف تسكب ،أو
عبارات تدبج ،أو نحوها ،إنما العبرة بتحقيق العبودية لله -تعالى -
وحده ،وابتاع رسوله -صلى الله عليه وسلم -منهجا ً وعقيدة وسلوكا ً
.
فالمسألة تحتاج إلى وقفة وتأمل ومحاسبة من قبل القائمين على
الدعوات ،فإن المر خطير -جد خطير ، -والمانة جد ثقيلة ،
وصراط الله المستقيم بيـن ظاهر .
والحمد لله في الولى والخرة ،وله العقبى .
80
سبحانك ربك رب العزة عما يصفـون ،وسلم على المرسلين .
كتـبه :
ناصر بن عبدالكريم العـقـل
الستاذ المشارك بقسم العقيـدة والمذاهـب المعاصرة
كلية أصول الدين – الرياض
81
المراجـع
82
- 12القتصاد في العتقاد ،أبو حامد الغزالي ،تحقيق :محمد
مصطفى أبو العل 1972 / 7 ،م ،مكتبة الجندي ،القاهرة -مصر .
- 13الله – جل جللة ،سعيد حوي ،ط :ثالثة 1392 ،هـ .
- 14المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،شيخ السلم ابن تيمية ،
تحقيق :د .صلح الدين المنجد ،ط :أولى ،دارالكتاب الجديد ،
بيروت -لبنان 1396 ،هـ .
- 15النصاف فيما يجب اعتقاده ول يجوز الجهل به ) ،المسمى :
الرسالة الحرة ( تعليق :محمد زاهد الكوثري ،ط 1369 :هـ ،
القاهرة -مصر .
- 16إيضاح الدللة في عموم الرسالة ،شيخ السلم ابن تيمية ،نشر
مكتبة الرياض الحديثة ،الرياض ،المملكة العربية السعودية .
- 17اليمان ،الحافظ محمد بن يحى العدني ،المتوفى سنة 243
هـ ،دراسة وتحقيق :حمد بن حمدي الحربي ،ط :أولى ،
الدارالسلفية -الكويت 1407ه .
- 18اليمان ،أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ،ط :دار الثقافة
السلمية بالرياض ،منشورات المكتب السلمي بدمشق 1381هـ .
- 19اليمان ،الحافظ محمد بن إسحاق بن منده ،المتوفى سنة
395هـ ،تحقيق :د .علي بن محمد الفقيهي ،ط :ثانية 1406هـ .
)ب(
)ت(
83
- 24تخريج المشكاة ،لمحمد ناصر الدين اللباني ،بهامش كتاب
مشكاة المصابيح للتبريزي ،الطبعة الثانية عام 1399هـ ،المكتب
السلمي .
- 25تطهير العتقاد عن أدران اللحاد ،محمد بن علي الشوكاني ،
المتوفى سنة 1182هـ ،تعليق :محمد عبدالمنعم خفاجي ،ط :أولى
،مكتبة ومطبعة محمد صبيح -مصر .
- 26تفسير القرآن الكريم ،المام إسماعيل بن كثير ،المتوفى سنة
774هـ ،ط :أولى ،دار القلم ،بيروت -لبنان .
- 27التمهيد ،أبو بكر الباقلني ،تحقيق :الب رتشارد مكارثي ،ط :
المكتبة الشرقية ) ( 1957بيروت – لبنان .وطبعة أخرى ،تحقيق :
محمود محمد الخضيري ،و د .محمد عبدالباري ريدة ،ط 1967 :
م.
- 28التوحيد وإثبات صفات الرب -عز وجل ،المام أبو بكر بن
خزيمة ،تحقيق :د .عبدالعزيز بن إبراهيم الشهوان ،ط :أولى دار
الرشد ،بالرياض -المملكة العربية السعودية .
- 29التوسل ،أنواعه وأحكامه ،محمد ناصر الدين اللباني ،بعناية
محمد عيد العباسي ،ط :ثانية 1397هـ ،المكتب السلمي .
)ج(
- 30جامع البيان في تفسير القرآن ،المام أبو جعفر الطبري .ط :
1398 ، 3هـ ،دار المعرفة ،بيروت -لبنان .
- 31جامع الرسائل ،شيخ السلم ابن تيمية .تحقيق :د .محمد
رشاد سالم ،ط :ثانية 1405 ،هـ ،دار المدني للنشر والتوزيع .
- 32الجامع الصحيح ) سنن الترمذي ( ،أبو عيسى محمد بن عيسى
الترمذي ،المتوفى سنة 279هـ ،تحقيق وشرح :أحمد محمد
شاكر ،نشر المكتبة السلمية .
- 33الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير ،جلل الدين
السيوطي ،ط :أولى 1401هـ ،دار الفكر ،بيروت -لبنان .
- 34الجماعات السلمية في ضوء الكتاب والسنة ،سليم الهللي
وزياد الدبيج ،ط :ثانية 1401هـ .
)ح(
84
- 35الحيدة ،المام عبدالعزيز الكناني ،المتوفى سنة 240هـ ،ط :
الجامعة السلمية بالمدينة المنورة عام 1405هـ ،ط :ثانية .
)خ(
- 36خطبة الحاجة ،محمد ناصر الدين اللباني ،ط :ثالثة 1397هـ ،
المكتب السلمي .
)د(
- 37درء تعارض العقل والنقل ،شيخ السلم ابن تيمية ،تحقيق د .
محمد رشاد سالم ،ط :أولى 1401هـ ،جامعة المام محمد بن
سعود السلمية ،الرياض -المملكة العربية السعودية .
- 38دعاة ل قضاة ،حسن الهضيبي ،ط :دار الطباعة والنشر
السلمية 1397هـ .
- 39دعوة التوحيد ،أصولها والدوار التي مرت بها ومشاهير دعاتها ،
د .محمد خليل هراس ،ط :مكتبة الصحابة ،طنطا -مصر .
- 40دليل القارئ إلى مواضع الحديث في صحيح البخاري ،عبدالله
بن محمد الغنيمان ،ط :ثانية ،مؤسسة الرسالة 1404 ،هـ .
)ذ(
)س(
)ش(
- 55شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ،أبو القاسم هبة الله
الللكائي ،المتوفى سنة 418هـ ،تحقيق :د .أحمد سعد الحمدان ،
نشر دار طيبة ،الرياض ،الممكلة العربية السعودية .
- 56شرح السنة ،المام أبو محمد الحسين البغوي ،المتوفى سنة
516هـ ،تحقيق :شعيب الرناؤوط وزهير الشاويش ،ط :أولى
1390هـ ،المكتب السلمي .
- 57شرح الطحاوية في العقيدة السلفية ،علي بن علي بن محمد
بن أبي العز الحنفي ،المتوفى سنة 792هـ ،تحقيق :أحمد محمد
شاكر .
86
- 58شرح العقيدة الواسطية ،د .محمد خليل هراس ،تصحيح
إسماعيل النصاري ،ط :رئاسة البحوث ،المملكة العربية السعودية
،ط :رابعة .
- 59شرح كتاب التوحيد في صحيح البخاري ،عبدالله بن محمد
الغنيمان ،ط :أولى 1405هـ ،توزيع مكتبة الدار بالمدينة المنورة .
- 60شرح المقاصد في علم الكلم ،سعد الدين التفتازاني ،المتوفى
سنة 791هـ ط :أولى ،دار المعارف النعمانية ،باكستان 1401هـ .
- 61الشرح والبانة على أصول السّنة والديانة ،المام عبيد الله
محمد بن بطة ،المتوفى سنة 387هـ ،تحقيق :رضا بن نعسان
معطي ،ط 1404 :هـ ،المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة .
- 62الشريعة ،أبو بكر محمد بن الحسين الجري ،المتوفى سنة
360هـ ،تحقيق :محمد حامد الفقي ،ط :أولى 1403هـ ،دار
الكتب العلمية ،بيروت -لبنان .
- 63الشيخ حسن البنا ومدرسة ) الخوان المسلمون ( ،د .رؤوف
شلبي ،نشر دار النصار ،بمصر ،ط :دار التحاد العربي للطباعة .
)ص(
- 64صحيح ابن خزيمة ،المام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ،
المتوفى سنة 311هـ ،تحقيق :د .محمد مصطفى العظمي ،ط :
أولى 1403هـ ،المكتب السلمي 1390 .هـ .
- 65صحيح الجامع الصغير وزيادته ،محمد ناصر الدين اللباني ،ط :
ثالثة 1402هـ ،المكتب السلمي .
- 66صحيح مسلم ،المام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري .،
تحقيق :محمد فؤاد عبدالباقي ،ط :أولى ،إحياء الكتب العربية
1374هـ .
- 67الصفات ،الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ،
المتوفى سنة 385هـ .تحقيق :د .علي بن محمد الفقيهي ) مع
نزول الكتاب ( .
)ع(
- 68العقائد السلمية ،الشيخ سيد سابق ،ط :دار الكتاب العربي ،
بيروت -لبنان .
87
- 69عقائد السلف ) أحمد بن حنبل ،والبخاري ،وابن قتيبة ،
والدارمي ) مجموع ( ،جمع :علي سامي النشار ،وعمار الطالبي .
نشر منشأة المعارف ،السكندرية -مصر .
- 70عقيدة السلف أصحاب الحديث ،أبو إسماعيل الصابوني .
تحقيق :بدر البدر ،ط :الدار السلفية ،ط أولى 1404هـ .
- 71عقيدة المسلم ،محمد الغزالي ،ط :مطبعة حسان -القاهرة .
)ف(
- 72فتح الباري ،بشرح صحيح البخاري ،الحافظ أحمد بن حجر
العسقلني .تحقيق :عبدالعزيز ابن باز ،ط :رئاسة البحوث
بالمملكة العربية السعودية .
- 73الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ،شيخ السلم ابن
تيمية .تعليق :محمد بن عبدالوهاب فايد ،نشر رئاسة البحوث
بالمملكة العربية السعودية .
- 74فضائل الصحابة ،المام أحمد بن حنبل ،المتوفى سنة 241هـ .
تحقيق :وحي الله بن محمد عباس .ط :أولى 1403هـ .مؤسسة
الرسالة ،بيروت -لبنان .
سنة ،عبدالرحمن - 75الفكر الصوفي في ضوء الكتاب وال ّ
عبدالخالق .ط :ثانية 1404هـ ،مكتبة ابن تيمية -الكويت .
)ق(
)ك(
)ل(
88
- 80لسان العرب ،أبو الفضل جمال الدين ابن منظور ،المتوفى
سنة 711هـ .ط :دار صادر ،بيروت -لبنان .
- 81لمعة العتقاد ،الموفق بن قدامة المقدسي ،ط :رابعة ،
المكتب السلمي .
)م(
- 82مجموع فتاوي ابن تيمية ،أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ،
المتوفى سنة 728هـ .جمع :عبدالرحمن بن قاسم ،ط :أولى -
مكتبة المعارف بالمغرب .
- 83مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا ،ط :دار الشهاب -
مصر .
- 84مجموعة الرسائل المنيرية ،جمع :إدارة الطباعة المنيرية
لصاحبها محمد منير الدمشقي ،الناشر محمد أمين دمج 1970 .م .
- 85مختارالصحاح ،محمد بن أبي بكر الرازي ،المتوفى سنة 696هـ
.ط :أولى 1967م .نشر دار الكتاب العربي ،بيروت -لبنان .
- 86مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ،الصل :
لبن القيم الجوزية ،المتوفى سنة 751هـ ،اختصره :محمد بن
الموصلي ،ط :مكتبة الرياض الحديثة -المملكة العربية السعودية .
- 87مذكرة من حزب التحرير مقدمة إلى العقيد معمر القذافي ،
حزب التحرير ، 1398مطبوع .
- 88المستدرك على الصحيحين ،الحافظ أبو عبدالله الحاكم
النيسابوري ،ط :مكتبة المطبوعات السلمية .
- 89مسند المام أحمد ،ط :المكتب السلمي ،دار صادر ،بيروت -
لبنان .
- 90المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية بمصر .ط :إحياء التراث
العربي ،بيروت .أخرجه إبراهيم مصطفى ،وأحمد الزيات ،وحامد
عبدالقادر ،ومحمد علي النجار .
- 91منهاج السّنة النبوية في نقض كلم الشيعة والقدرية ،شيخ
السلم ابن تيمية ،ط :مكتبة الرياض الحديثة ،الرياض -المملكة
العربية السعودية .
- 92الموسوعة العربية المّيسرة .ط :الثانية 1972م .
- 93النبوات ،شيخ السلم ابن تيمية .ط :مكتبة الرياض الحديثة ،
الرياض -المملكة العربية السعودية .
89
- 94النظام الجتماعي في السلم .تقي الدين النبهاني .ط :ثالثة ،
منشورات حزب التحرير ) القدس ( عام 1372هـ .
- 95النظام القتصادي في السلم .تقي الدين النبهاني ،ط :ثالثة ،
منشورات حزب التحرير ) القدس ( عام 1372هـ .
)و(
استدراك
- 98التجاهات الفكرية المعاصرة ،المستشار الدكتور علي جريشة .
الطبعة الولى عام 1407هـ .
- 99تربيتنا الروحية ،سعيد حوى .الطبعة الولى عام 1399هـ .
90
فـهرس الموضوعات
المقدمة
91
- 4مصادر العقيدة ) عقيدة أهل السنة والجماعة ( .
- 5من خصائص العقيدة السلمية :
* سلمة المصدر .
* اعتمادها على الكتاب والسنة وإجماع السلف .
* أنها تقوم على التسليم .
* موافقتها للفطرة والعقل السليم .
* اتصال سندها بالرسول -صلى الله عليه وسلم .
* الوضوح والبيان .
* سلمتها من الضطراب والتناقض واللبس .
* أنها سبب الظهور والنصر والفلح في الدارين .
* هي عقيدة الجماعة والجتماع .
* البقاء والثبات والستقرار .
92
أن اليمان قول وعمل وأنه يزيد وينقص .
توحيد الله بالربوبية واللوهية والسماء والصفات .
اليمان بالملئكة .
اليمان بالكتب .
اليمان بالنبياء .
اليمان باليوم الخر .
اليمان بالقدر .
عقديتهم في القرآن .
عقيدتهم في الرؤية .
عقيدتهم في الشفاعة .
عقيدتهم في السراء والمعراج .
93
تعلم عقيدة أهل السنة والجماعة .
الدعوة إليها .
أن يظهر أثرها على أفكاره وأهدافه وأقواله وأفعاله .
أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينصح لئمة المسلمين
وعامتهم .
أن يواليهم ويوالي دعوتهم ودعاتهم وأئمتهم .
-4أمثلة لواقع الدعوات المعاصرة حيال عقيدة أهل السنة والجماعة .
من يؤول الصفات مخالف لهل السنة .
النضواء تحت الطرق الصوفية مخالفة لمنهج أهل السنة .
الدفاع عن البدع وأهلها كذلك .
والتلبس بالبدع .
والجهل بعقيدة السلف .
ولمز السلف أو بعضهم والتنقيص من شأنهم .
والتقصير في إقامة الفرائض والسنن .
والستهانة بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
مواقف الدعاة والحركات من دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
ميزان للموقف من دعوة السلف .
- 6من أهم المسائل التي خالف فيها الشاعرة أهل السنة .
94
خوضهم في بعض صفات الله تأويلً وابتداعا ً .
تعويلهم على العقل وعلم الكلم والنظر في العقائد .
تفسيرهم التوحيد بتوحيد الربوبية ،وغفلتهم عن توحيد اللوهية
الذي من أجله أرسلت الرسل .
مخالفتهم لهل السنة في بعض مسائل القرآن وكلم الله ،
واليمان ،والقدر ،والنبوات .
مذهب الشاعرة مذهب مستقل في العموم .
سـنة ما ابتدعه المتكلمون من الشاعرة . مل أهل ال ّل يجوز أن نح ّ
الشاعرة هم أقرب الفرق لهل السنة .
رجوع كثير من كبار الشاعرة عن مقولتهم .
الشاعرة المعاصرون بعدوا عن السنة أكثر من أسلفهم .
ليجوز تكفير الشاعرة ول تضليلهم .
سـنة ؟
-7أين أهل ال ّ
هم الذين على هدى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قولً
وعملً واعتقادا ً .
المتمسكون بعقية السلف ) الصحابة والتابعون وأئمة الهدى ( .
سلمتهم من التلبس بالبدع والشركيات .
تمسكهم بشعئر الدين الظاهرة والباطنة .
ظهورهم في مجتمعاتهم بالصدع بالحق .
تميزهم في كل بلد بحسب حاله .
سـنة إذا سلموا من عامة المسلمين -في كل مكان -هم من أهل ال ّ
الشركيات
والبدع ،لنهم على الفطرة .
* دعوى بعض الشاعرة والماتريدية انهم أهل السنة لنهم أكثرية
دعوى ساقطة .
* عودة إلى تحقيق أن عامة المسلمين الصل فيهم السلمة .
95
* إهمال جانب التوحيد أو ضعفه .
* ضعف الهتمام بالعلوم الشرعية .
* التعصب والحزبية والغرور.
* التفرق والختلف .
- 2خواطر ووقفات حول الدعوة والعقيدة :
أولً :الدعوات والدعاة من أفضل المة في العموم .
ثانيا ً :خطأ بعض التصورات حول الدعوة ومستقبل المسلمين .
ثالثا ً :ذهول الدعاة عن الخلل العظم في المة ،وهو جانب توحيد
اللوهية والعبادة والجهل بأبجديات السلم .
رابعا ً :الخطا في تقدير نجاح الدعوات وفشلها .
~~~~~~
96