You are on page 1of 96

‫رسائل ودراسات في منهج أهل‬

‫السنة ) ‪)) ( 17‬والجماعة ) ‪( 17‬‬

‫مباحث في‬

‫عقيدة أهل السنة‬


‫والجماعة‬
‫وموقف الحركات السلمية المعاصرة‬
‫منها‬

‫الشيخ د‪ .‬ناصر بن عبدالكريم العـقـل‬


‫الستاذ المشارك بقسم العـقيدة والمذاهب المعاصرة‬
‫في كلية أصول الدين بالرياض‬

‫_________‬
‫الطبعة الولى ‪ 1412 / 9 / 12‬هـ‬
‫دار الوطن للنشر‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬
‫~~~‬
‫إن الحمد لله ‪ ،‬نحمده ونستعينه ‪ ،‬ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور‬
‫ده الله فل مضل له ‪ ،‬ومن ُيضلل‬
‫أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ‪ ،‬من يه ِ‬
‫ي له ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن‬
‫فل هاد َ‬
‫محمدا ً عبده ورسوله ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مسِلمون {‬
‫م ُ‬
‫ن ِإلا وَأن ْت ُ ْ‬
‫موت ُ ّ‬
‫قات ِهِ وَل ت َ ُ‬
‫حق ّ ت ُ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫} َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫] سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪. [ 102 :‬‬

‫َ‬
‫خل َقَ ِ‬
‫من َْها‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬
‫س َوا ِ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خل َ َ‬
‫قك ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫قوا َرب ّك ُ ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬‫} َيا أي َّها الّنا ُ‬
‫ساَءُلو َ‬
‫ن ب ِهِ‬ ‫ذي ت َ َ‬‫ه ال ّ ِ‬
‫قوا الل ّ َ‬ ‫ساًء َوات ّ ُ‬ ‫جا لً ك َِثيًرا وَن ِ َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬
‫ث ِ‬ ‫جَها وَب َ ّ‬‫َزوْ َ‬
‫م رقيبا ً {‬ ‫ن ع َل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫م إِ ّ‬‫حا َ‬‫َوالأْر َ‬
‫] سورة النساء ‪ ،‬الية ‪. [ 1 :‬‬
‫قوا الل ّه وُقوُلوا قَولا ً سديدا ً * يصل ِح ل َك ُ َ‬ ‫َ‬
‫مال َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م أع ْ َ‬‫ْ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫} َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ما {‬ ‫ظي ً‬‫قد ْ َفاَز فَوًْزا ع َ ِ‬ ‫سول َ ُ‬
‫ه فَ َ‬ ‫ن ي ُط ِِع الل ّ َ‬
‫ه وََر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫وَي َغْ ِ‬
‫‪1‬‬
‫] سورة الحزاب ‪ :‬اليتان ‪[ 71 – 70 :‬‬

‫أما بعد ‪...‬‬

‫فهذه مباحث أقدمها بين يدي القرآء إسهاما ً مني بجهد المقل ‪ ،‬في‬
‫موضوعات عقدية ودعوية كانت هاجسا ً يدور في خاطري منذ زمن ‪،‬‬
‫وقد دفعتني إلى تسطيرها دوافع كثيرة ‪ ،‬أهمها ‪ :‬ما أشعر به من‬
‫واجب النصيحة لعامة المسلمين ‪ ،‬ولخاصة الدعاة إلى الله ‪ ،‬في‬
‫أمور تتعلق بالعقيدة والدعوة ‪ ،‬فإن أغلى ما يجب أن يعتز به‬
‫المسلمون ويحافظواعليه ويستمسكوا به ويدعـون إليه ‪ ،‬دينهم‬

‫‪ - 1‬هذه خطبة الحاجة المأثورة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – التي كان يعلمها أصحابه‬
‫‪ .‬راجع ‪ :‬خطبة الحاجة – رسالة مطبوعة لمحمد ناصر الدين اللباني ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وعقيدتهم ) السلم ( ‪ ،‬كيف ل وهو دين الله الحق الذي ل يرضى‬
‫لهم من الدين وغيره ‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬
‫م { ] سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪. [ 19 :‬‬ ‫عن ْد َ الل ّهِ الإِ ْ‬
‫سلا ُ‬ ‫ن ِ‬
‫دي َ‬
‫ن ال ّ‬
‫} إِ ّ‬

‫وقال ‪:‬‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫خَرةِ ِ‬
‫ه وَهُوَ ِفي الآ ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫قب َ َ‬
‫ل ِ‬ ‫سلام ِ ِديًنا فَل َ ْ‬
‫ن يُ ْ‬ ‫ن ي َب ْت َِغ غ َي َْر الإِ ْ‬‫م ْ‬‫} وَ َ‬
‫ن { ] سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪. [ 85‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ول يستقيم الدين إل بسلمة العتقاد ‪ ،‬وصحة العمل ‪ ،‬وذلك‬
‫بالستمساك بالكتاب والسنة ‪ ،‬وهدي السلف الصالح ‪.‬‬
‫والدعاة الذين رفعوا لواء الدعوة ‪ ،‬أفرادا ً أو جماعات ‪ ،‬هم أجدر‬
‫وأولى من يجب أن يعي هذه الحقيقة العظمى ‪ ،‬وهم المعنيون بما‬
‫سأتطرق إليه من مباحث خلل هذه الدراسة ‪.‬‬
‫لذا فقد تركزت هذه المباحث على المور التالية ‪:‬‬

‫* العـقيدة ‪ :‬تعريفها ‪ ،‬ومفهومها الصحيح ‪ ،‬وأهل السنة والجماعة‬


‫وتعريفهم ‪.‬‬
‫* عـقيدة التوحيد ‪ -‬على الخصوص ‪ -‬التي هي دين الرسل والغاية‬
‫من خلق الجن والنس ‪ ،‬وأن توحيد العبادة ) اللوهية ( هو الغاية‬
‫الولى ‪ ،‬والقضية الكبرى بين الرسل والمصلحين وخصومهم ‪ ،‬وعن‬
‫تاريخ عقيدة التوحيد هذه ‪ ،‬ومنزلتها في الرسالت عموما ً ‪ ،‬ورسالة‬
‫نبينا محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬على الخصوص ‪.‬‬
‫* مصادر العـقيدة عند أهل السنة ‪ ،‬وخصائصها وسماتها ‪.‬‬
‫فَرق‬ ‫* موجز لعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،‬وحقيقة انتماء ال ِ‬
‫إليه ‪ ،‬ومستلزمات دعوى النتساب لهل السنة والجماعة ‪ ،‬وحقيقة‬
‫هذه الدعوى عند الشاعرة ‪ -‬بخاصة ‪ -‬مع محاولة الدللة على أهل‬
‫السنة من خلل صفاتهم الشرعية في المسلمين اليوم ‪.‬‬
‫* عرض نقدي عام لمواقف ظهرت عن بعض الدعاة والدعوات‬
‫والحركات الصلحية ‪ -‬القائمة اليوم ‪ -‬التي تحمل شعار السلم ;‬
‫تجاه عقيدة أهل السنة والجماعة ‪ ،‬علما ً وعملً وقولً واعتقادا ً ‪ ،‬مع‬
‫بيان الثار المترتبة على مجانبة عقيدة السلف ‪ ،‬أو التساهل فيها أو‬
‫الجهل بها ‪.‬‬

‫وأعود فأقول ‪ :‬مما دفعني إلى البحث في هذا الموضوع ‪ ،‬بعض‬


‫الظواهـر التي أفرزتها الدعوات المعاصرة ‪ ،‬خاصة من الناحية‬

‫‪4‬‬
‫العقدية ل يسع السكوت عنها ‪ ،‬بل واجب النصيحة يفرضها من باب‬
‫التعاون على البر والتقوى ‪.‬‬
‫ومن أخطر هذه الظواهر ‪ ،‬الخلل ببعض أصول العقيدة السلفية‬
‫ومستلزمتها والتقصير فيما يجب نحوها فهما ً وتطبيقا ً ‪.‬‬
‫ويكفيني أني أسهمت وأعذرت ‪ ،‬وأجزم أن هناك غيري ممن هم أجدر‬
‫دلوهم ‪ ،‬وعلى الله أجرهم وأجري ‪.‬‬ ‫بذلك مني ‪ ،‬فليدلوا ب َ‬

‫ل اهتمامك في هذا البحث بيان‬ ‫م كان ج ّ‬‫وربما يقول قائل ‪ :‬ل ّ‬


‫أخطاء الدعوات نحو العقيدة ‪ ،‬وهل هذا يعني أنها ليس لها حسنات‬
‫ومناقب ؟!‬
‫فأقول ‪ :‬إن دراستي هذه ليست للعرض والدعاية ‪ ،‬بقدر ما هي‬
‫للنقد والنصح والتقويم ‪ ،‬لمور ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬أن الدعوات أفصحت كثيرا ً عما لديها من حسنات ‪ ،‬بل أطرت‬
‫نفسها وأشخاصها وطرائقها ومناهجها بأكثر مما ينبغي ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن نقدي لها ل يعني الستهانة بإيجابياتها وحسناتها فهي أمن‬
‫أفضل طوائف المة على العموم ‪ ،‬فهي أفضل من كثير من القاعدين‬
‫عن الدعوة ‪ ،‬وهذا شيئ أحسب أنه معلوم ومشهود ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أني ل أعني دعوة أو حركة بعينها ‪ ،‬أو أكثر ‪ ،‬إنما أعني‬
‫العموم والغلب ‪.‬‬

‫وبهذا أجد أنه ارتفع عني الحرج ‪ ،‬إذا علم القارئ أن الخير والصلح‬
‫والنفع هو الصل في العموم ‪ ،‬وأن هذه الخطاء إنما هي ظواهـر‬
‫تجب معالجتها وتفاديها ‪.‬‬
‫ي‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فأنا ممنون لكل من يهدي لي نصيحة أو يسدي إل ّ‬
‫توجيها ً في هذا الصدد أو غيره ‪.‬‬
‫والله الموفق ‪ ..‬وصلى الله وسلم على نبينا ‪ ،‬وآله وصحبه ‪.‬‬

‫ناصر بن عـبدالكريم العـقـل‬

‫‪5‬‬
‫المبحث الول‬

‫تمهــيــــد‬

‫ويشتمل ‪:‬‬

‫) ‪ ( 1‬تعريف العـقـيدة وموضوعها‬

‫) ‪ ( 2‬تعريف أهل السنة والجماعـة‬


‫‪6‬‬
7
‫)‪(1‬‬

‫تعـريف العـقــيدة وموضـوعـها‬

‫العـقيدة لغـة ‪:‬‬

‫من ) الَعـقــدِ ( وهو الربط والشد ّ بقوة ‪ ،‬ومنه الحكام والبرام‪،‬‬


‫‪1‬‬
‫صة ‪ ،‬والثبات والتوثـق ‪.‬‬ ‫سـك والمرا ّ‬
‫والتما ُ‬
‫عـقــد ٌ ( ‪.‬‬
‫ويطلق على العهد وتأكيد اليمين ) َ‬
‫وما عقد النسان عليه قلبه جازما ً به فهو ) عـقـيدة ( ‪.‬‬

‫العـقـيدة في الصـطلح العـام ‪:‬‬

‫اليمان الجازم بالله ‪ ،‬وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه‬


‫وصفاته ‪ ،‬واليمان بملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ‪ ،‬والقدر خيره‬
‫وشره ‪ ،‬وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور‬
‫الغيب وأخباره ‪ ،‬وما أجمع عليه السلف الصالح ‪ .‬والتسليم لله تعالى‬
‫في الحكم والمر والقدر والشرع ‪ ،‬ولرسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ -‬بالطاعة والتحكيم والتباع ‪.‬‬

‫موضوع عـلم العـقيـدة ‪:‬‬

‫العقيدة من حيث كونها علما ً ‪ -‬بمفهوم أهل السنة والجماعة ‪ -‬تشمل‬


‫‪ :‬موضوعات ‪:‬‬
‫التوحيد ‪ ، 2‬واليمان ‪ ،‬والسلم ‪ ،‬والغيبيات ‪ ،‬والنبوات ‪ ،‬والقدر ‪،‬‬
‫والخبار ‪ ،‬وأصول الحكام القطعية ‪ ،‬وسائر أصول الدين والعتقاد ‪،‬‬
‫ويتبعه الرد على أهل الهواء والبدع وسائر الملل والنحل الضالة ‪،‬‬
‫والموقف منهم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬لسان العرب ) عـقـد ( ‪*. 300 – 295 / 3‬‬


‫والقاموس المحيط ) عـقـد ( ‪. 328 – 327 / 1‬‬
‫والمعجم الوسيط ) عـقـد ( ‪. 621 – 620 / 2‬‬
‫‪ - 2‬يشمل ذلك توحيد الربوبية واللوهية والسماء والصفات ‪.‬‬
‫* تركت الشارة إلى الطبعة لكل المراجع المثبتة في الهامش اكتفاء بذكرها في فهرس‬
‫المراجع تخفيفا ً للحاشية ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وعلم العقيدة له أسماء أخرى ترادفه ‪ ،‬وتختلف هذه السماء يين أهل‬
‫السنة وغيرهم ‪،‬‬
‫فمن مسميات هذا العلم عند أهل السنة ‪:‬‬

‫‪ -1‬العـقـيدة ‪ ) :‬والعتـقاد والعـقائد(‪ ،‬فيقال ‪ :‬عقيدة السلف‬


‫‪1‬‬
‫وعقيدة أهل الثر ونحوه ‪.‬‬
‫‪ -2‬التوحيـد ‪ 2:‬لنه يدور على توحيد الله باللوهية والربوبية والسماء‬
‫والصفات ‪ ،‬فالتوحيد هو أشرف مباحث علم العقيدة وهو غايتها ‪،‬‬
‫فسمي به هذا العلم عند السلف تغليبا ً ‪.‬‬
‫سنة‬ ‫‪ -3‬السـنـة ‪ :‬والسنة الطريقة ‪ ،‬فأطلق على عقيدة السلف ال ّ‬
‫‪3‬‬

‫لتباعهم طريقة الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وأصحابه في‬


‫ذلك ‪.‬‬
‫وهذا الطلق هو السائد في القرون الثلثة الفاضلة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬أصول الدين ‪ 4 :‬وأصول الديانة ‪ ،‬والصول هي أركان اليمان‬
‫وأركان السلم ‪ ،‬والمسائل القطعية وما أجمع عليه الئمة ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الفقه الكـبر ‪ 5 :‬وهو يرادف أصول الدين ‪ ،‬مقابل الفقه الصغر‬
‫وهو الحكام الجتهادية ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الشريعـة ‪ 6 :‬أي ما شرعه الله ورسوله من سنن الهدي وأعظمها‬
‫أصول الدين ‪.‬‬
‫‪ - 7‬اليمان ‪ :‬ويشمل سائر المور العتقادية ‪.‬‬

‫هذه هي أشهر إطلقات أهل السنة على علم العقيدة ‪ ،‬وقد يشركهم‬
‫غيرهم في إطلقها بالتبع ‪ ،‬كبعض الشاعرة وأهل الحديث منهم‬
‫بخاصة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬من ذلك ‪ :‬كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث ‪ -‬للصابوني ‪ -‬ت * ‪ . 449 :‬وشرح أصول‬
‫اعتقاد أهل السنة و الجماعة ‪ -‬لللكائي ‪ ،‬ت ‪ . 418 :‬والعتقاد للبيهقي ‪ ،‬ت ‪. 458 :‬‬
‫‪ - 2‬من ذلك ‪ :‬كتاب التوحيد في الجامع الصحيح ‪ -‬للبخاري‪ -‬ت ‪ 256 :‬وكتاب التوحيد وإثبات‬
‫صفات الرب ‪ ،‬لبن خزيمة ‪ ،‬ت ‪ . 311 :‬وكتاب اعتقاد التوحيد ‪ ،‬لبي عبدالله محمد بن خفيف‬
‫‪ ،‬ت ‪ . 371 :‬وكتاب التوحيد ‪ ،‬لبن منده ‪ ،‬ت ‪ . 359:‬وكتاب التوحيد للمام محمد بن عبدالوهاب‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 3‬من ذلك ‪ :‬كتاب السنة ‪ ،‬للمام أحمد ‪ ،‬ت ‪ . 241:‬وكتاب السنة ‪ ،‬لعبدالله بن أحمد بن حنبل‬
‫‪ ،‬ت ‪ . 290 :‬والسنة ‪ ،‬للخلل ‪ ،‬ت ‪ . 311 :‬والسنة ‪ ،‬للعسال ‪ ،‬ت ‪ . 349 :‬والسنة ‪ ،‬للشرم ‪ ،‬ت ‪:‬‬
‫‪ . 273‬والسنة ‪ ،‬لبي داود ‪ ،‬ت ‪. 275 :‬‬
‫‪ - 4‬من ذلك ‪ :‬كتاب أصول الدين ‪ ،‬للبغدادي ‪ ،‬ت ‪ . 429 :‬والشرح والبانة عن أصول الديانة ‪،‬‬
‫لبن بطة ‪ ،‬ت ‪ . 378 :‬والبانة عن أصول الديانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ت ‪. 324 :‬‬
‫‪ - 5‬من ذلك ‪ :‬كتاب الفقه الكبر المنسوب لبي حنيفة ‪ ،‬ت ‪. 150 :‬‬
‫‪ - 6‬من ذلك ‪ :‬كتاب الشريعة ‪ ،‬للجري ‪ ،‬ت ‪ . 360 :‬والبانة عن شريعة الفرقة الناجية ‪ ،‬لبن‬
‫بطة ‪ ،‬ت ‪. 378 :‬‬
‫‪9‬‬
‫وهناك اصطلحات أخرى تطلقها الفرق ‪ -‬غير أهل السنة ‪ -‬على هذا‬
‫العلم ‪ ،‬من أشهر ذلك ‪:‬‬
‫‪ - 1‬علم الكلم ‪ :‬وهذا الطلق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة ‪،‬‬
‫كالمعتزلة والشاعرة ‪ 1 ،‬ومن يسلك سبيلهم ‪ ،‬وهو ليجوز لن علم‬
‫ول على الله بغير علم ‪،‬‬‫الكلم حادث مبتدع ‪ ،‬ويقوم على التق ّ‬
‫ويخالف منهج السلف في تقرير العقائد ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الفلسفة ‪ :‬عند الفلسفة ومن سلك سبيلهم ‪ ،‬وهو إطلق ل يجوز‬
‫في العقيدة لن الفلسفة مبناها على الوهام والعقليات الخيالية ‪،‬‬
‫والتصورات الخرافية عن أمور الغيب المحجوبة ‪.‬‬

‫‪ - 3‬التصوف ‪ :‬عند بعض المتصوفة والفلسفة ‪ ،‬والمستشرقين ومن‬


‫نحا نحوهم ‪ ،‬وهو إطلق مبتدع لنه ينبني على اعتبار شطحات‬
‫المتصوفة ومزاعمهم وخرافاتهم في العقيدة ‪.‬‬

‫‪ - 4‬اللهيات ‪ :‬عند أهل الكلم والفلسفة والمستشرقين وأتباعهم‬


‫وغيرهم ‪ ،‬وهو خطأ ‪ ،‬لن المقصود بها عندهم فلسفات الفلسفة ‪،‬‬
‫وكلم المتكلمين والملحدة فيما يتعلق بالله ‪ -‬تعالى ‪. -‬‬

‫‪ - 5‬ما وراء الطبيعة ‪ :‬أو " الميتافيزيقيا " كما يسميها الفلسفة‬
‫والكتاب الغربيون ومن نحا نحوهم ‪ ، 2‬وهي قريبة من معنى اللهيات ‪.‬‬

‫ويطلق الناس على ما يؤمنون به ويعتنقونه من مبادئ وأفكار ) عقائد‬


‫( وإن كانت باطلة أو ل تستند إلى دليل عقلي ول نقلي ‪ ،‬فإن للعقيدة‬
‫مفهوما ً صحيحا ً هو الحق ‪ ،‬وهو عقيدة أهل السنة والجماعة‬
‫المستمدة من الكتاب والسنة الثابتة ‪ ،‬وإجماع السلف الصالح ‪.‬‬
‫وللعقيدة ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬مفاهيم باطلة ‪ ،‬وهي كل المعتقدات التي تعارض أو‬
‫تخالف ما جاء عن الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫فإطلق مفهوم العقيدة كمفهوم الدين ‪ ،‬فالدين الحق ) دين الله(‬
‫يسمى دينًا‪ ،‬وكذلك تدين المشركين لغير الله يسمى دينا ً ‪ ،‬قال تعالى‬
‫‪:‬‬
‫ن { ] الية ‪ / 5‬سورة الكافرون [‬
‫ي ِدي ِ‬
‫م وَل ِ َ‬ ‫} ل َك ُ ْ‬
‫م ِدين ُك ُ ْ‬
‫‪ - 1‬من ذلك ‪ :‬شرح المقاصد في علم الكلم ‪ ،‬للتفتازاني ‪ ،‬ت ‪. 791 :‬‬
‫_____________________________‬
‫* حرف ) ت ( بعد اسم العلم رمزت به إلى تاريخ وفاته ‪.‬‬

‫‪ - 2‬أنظر ‪ :‬الموسوعة العربية الميسرة ) ميتافيزقيا ( ص ‪. 1794‬‬


‫‪10‬‬
‫فالشيوعي ‪ :‬يعتنق آراًء وأهواًء باطلة ‪ ،‬ويسميها عقيدة ودينا ً ‪.‬‬

‫والبـوذي ‪ :‬يعتنق آراًء وأهواًء باطلة ‪ ،‬ويسميها عقيدة ودينا ً ‪.‬‬

‫واليهودي ‪ :‬يعتنق آراًء وأهواًء باطلة ‪ ،‬ويسميها عقيدة ودينا ً ‪.‬‬

‫والنصراني ‪ :‬يعتنق آراًء وأهواًء باطلة ‪ ،‬ويسميها عقيدة ودينا ً ‪.‬‬

‫أما العـقيدة السلمية إذا أطلقت فهي ‪:‬‬

‫عقيدة أهل السنة والجماعة ‪ ،‬لنها هي السلم الذي ارتضاه الله دينا ً‬
‫لعباده ‪.‬‬
‫ونسبة أقوال الناس والفرق ومعتقداتها المخالفة للسلف إلى السلم‬
‫ل تجعلها من العقيدة السلمية الحقة ‪ ،‬بل هي معتقدات تنسب إلى‬
‫أصحابها ‪ ،‬والحق منها براء ‪ ،‬وقد يسميها بعض الباحثين ) إسلمية ( ‪،‬‬
‫من باب النسبة الجغرافية والتاريخية ‪ ،‬أو لمجرد دعوة النتماء ‪ ،‬أي ‪:‬‬
‫ون السلم ويسمونها إسلمية ‪ ،‬لكن المر‬ ‫أن أصحابها ومعتقديها يدع ّ‬
‫عند التحقيق يحتاج إلى العرض على الكتاب والسنة في أمر‬
‫العتقاد ‪ ،‬فما وافق الكتاب والسنة واستمد منهما فهو الحق ‪ ،‬وهو‬
‫من العقيدة السلمية ‪ ،‬وما لم يكن كذلك فيرد إلى صاحبه ُوينسب‬
‫إليه ‪.‬‬

‫‪11‬‬
12
‫)‪(2‬‬
‫التعريف بأهل السنة والجماعة‬

‫السنة لغة ‪ :‬الطريقة والسيرة ‪. 1‬‬


‫السنة اصطلحا ً ‪(*) :‬‬
‫الهدي الذي كان عليه الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وأصحابه ‪،‬‬
‫علما ً واعتقادا ً وقولً وعملً ‪ ،‬وهي السنة التي يجب اتباعها ‪ ،‬ويحمد‬
‫أهلها ‪ ،‬وُيذم من خالفها ‪ُ ، 2‬وتطلق السنة على سنن العبادات‬
‫والعتقادات ‪ ،‬كما تطلق على ما ُيقابل البدعة ‪. 3‬‬
‫الجماعة لـغـة ‪:‬‬
‫من الجتماع ‪ ،‬وهو ضد التفرق ‪ ،‬والجماعة هم القوم الين اجتمعوا‬
‫‪4‬‬
‫على أمر ما‬
‫الجماعة في الصطلح ‪(*) :‬‬
‫هم سلف المة ‪ ،‬من الصحابة والتابعين ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى‬
‫يوم الدين ‪ ،‬الذين‬
‫اجتمعوا على الكتاب والسنة وعلى أئمتهم ‪ ،‬والذين ساروا على ما‬
‫سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأصحابه والتابعون لهم‬
‫بإحسان ‪.5‬‬
‫فأهل السنة والجماعة ‪:‬‬
‫هم المستمسكون بسنة رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬الذين‬
‫اجتمعوا على ذلك ‪ ،‬وهم الصحابة والتابعون ‪ ،‬وأئمة الهدى المتبعون‬
‫‪6‬‬
‫لهم ‪ ،‬ومن سلك سبيلهم في العتقاد والقول والعمل إلى يوم الدين‬
‫‪ ،‬الذين استقموا على التباع ‪ ،‬وجانبوا البتداع في أي مكان وزمان ‪،‬‬
‫وهم باقون منصورون إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫فأهل السنة والجماعة هم المتصفون باتباع السنة ومجانبة‬
‫محدثات المور والبدع في الدين ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬مختار الصحاح ) سنن ( ص ‪ . 317‬ولسان العرب ) سنن ( ‪. 228 – 220 / 13‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬الوصية الكبرى في عقيدة أهل السنة والجماعة ‪ ،‬ص ‪ . 23‬وشرح العقيدة‬
‫الواسطية )*( ‪ ،‬لممد خليل هراس ‪ ،‬ص ‪ . 16‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 33‬‬
‫‪ - 3‬انظر المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪. 77‬‬
‫‪ - 4‬انظر ‪ :‬لسان العرب ) جمع ( ‪. 60 – 53 / 8‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬العتصام ‪ ،‬للشاطبي ‪ . 28 / 1 ،‬وشرح العـقيدة الواسطية * لمحمد خليل هراس‬
‫ص ‪ . 17 – 16‬وشرح العقيدة الطحاوية ص ‪ *] . 33‬العـقيدة الواسطية لبن تيمية والشرح‬
‫لهراس [ ‪.‬‬
‫‪ - 6‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬لبي العز الحنفي ‪ ،‬ص ‪ . 330‬ورسائل في العقيدة ‪،‬‬
‫للشيخ محمد بن صالح العثيمين ‪ ،‬ص ‪. 53‬‬
‫‪13‬‬
‫ول ُيقصد بالجماعة هنا محموع الناس وعامتهم ‪ ،‬ول أغلبهم ول‬
‫سوادهم ‪ 1‬مالم يجتمعوا على الحق ‪ ،‬لن النبي‪ -‬صلىالله عليه وسلم‪-‬‬
‫ذكر أن الطائفة المنصورة ) أهل السنة والجماعة ( فرقة واحدة من‬
‫ثلث وسبعين فرقة ‪ ،‬كما جاء في الحديث الصحيح ‪ ،‬عن أبي هريرة ‪-‬‬
‫ضي الله عنه ‪ -‬أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قال ‪:‬‬
‫) تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ‪،‬‬
‫والنصارى مثل ذلك ‪ ،‬وتفترق أمتي على ثلث وسبعين فرقة ( ‪. 2‬‬

‫وقد ُيسمي أهل السنة ببعض أسمائهم أو صفاتهم المأثورة عن‬


‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬أوعن أئمتهم المقتدى بهم ‪ ،‬فقد‬
‫ُيطلق عليهم ) أهل السنة ( دون إضافة ) الجماعة ( ‪ .‬وقد ُيطلق‬
‫عليهم ) الجماعة ( فقط ‪ ،‬أخذا ً من وصف النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ) : -‬إن هذه المة ستفترق على إحدى وسبعين فرقة ‪ ،‬كلها‬
‫في النار ‪ ،‬إل واحدة هي ‪ :‬الجماعة ( ‪. 3‬‬

‫وعبارة السلف الصالح ترادف أهل السنة والجماعة في اصطلح‬


‫‪4‬‬
‫المحقـقين ‪ ،‬كما ُيطلق عليها ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬أهل الثر أي السنة المأثورة‬
‫عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وأصحابه ‪.‬‬

‫وُيسمون أهل الحديث ‪ :‬وهم الخذون بسنة رسول الله ‪ -‬صلى‬


‫الله عليه وسلم ‪ -‬رواية ودراية ‪ ،‬والمتبعـون لهديـه ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬ظاهرا ً وباطنـا ً ‪ .‬فأهل السنة كلهم أهل حديث على هذا‬
‫المعنى ‪.‬‬

‫‪ُ- 1‬يستثنى من ذلك عصر الصحابة والتابعين ‪ ،‬فإن السواد العظم في ذلك الوقت على‬
‫الحق لقرب الناس من عهدالنبوة ولتزكية النبي صلى الله عليه وسلم للقرون الفاضلة ‪.‬‬
‫أما من بعدهم فل عبرة بالكثرة لعموم الدلة التي تدل على الناس سيكثر فيهم الخبث ‪،‬‬
‫وتفترق المة إلى ثلث وسبعين ‪ ،‬وأن السلم يعود غريبا ً ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫_______________________‬
‫) *( أقصد بالصطلح في الموضوعين إصطلح علماء العـقيدة وأصول الدين ‪.‬‬

‫‪ - 2‬أخرجه أبوداود في سننه ‪ ،‬كتاب السنة ‪ ،‬باب شرح السنة ‪ ،‬الحديث ‪ . 4596‬وابن ماجة ‪،‬‬
‫باب افتراق المم ‪ ،‬الحديث ‪ . 3991‬والترمذي ‪ ،‬كتاب اليمان ‪ ،‬باب افتراق هذه المة ‪،‬‬
‫الحديث ‪ ،2640‬وقال " حديث حسن صحيح " ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه ابن أي عاصم في الكتاب والسنة ‪ . 33 / 1‬وقال اللباني ‪ :‬حديث صحيح بما قبله‬
‫وما بعده بعد أن ذكر طرقا ً أخر للحديث ‪.‬‬
‫‪ - 4‬انظر مجموع الفتاوى ‪ ،‬لبن تيمية ‪ . 10/‬وشرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 439‬وذم التأويل ‪،‬‬
‫للمقدسي ‪ ،‬ص ‪. 331‬‬
‫‪14‬‬
‫وتسمية أهل السنة والطائفة المنصورة والفرقة الناجية بأنهم أهل‬
‫الحديث هذا أمر مستفيض عن السلف ‪ ،‬لنه مقتضى النصوص‬
‫ووصف الواقع والحال ‪ ،‬وقد ثبت ذلك عن ابن المبارك ‪ ،‬وابن‬
‫المديني ‪ ،‬وأحمد بن حنبل ‪ ،‬وأحمد بن سنان وغيرهم ‪ -‬رضي الله‬
‫عنهم أجمعين ‪. 1‬‬
‫دروا مؤلفاتهم بذلك ‪ ،‬مثل ‪ :‬كتاب "‬ ‫وكذا سماهم كثير من الئمة ‪ ،‬وص ّ‬
‫عقيدة السلف أصحاب الحديث " ‪ ،‬للمام اسماعيل الصابوني ‪ ،‬ت ‪:‬‬
‫‪. 449‬‬
‫وانظر ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬لشيخ السلم ابن تيمية ‪ ، 95 ، 9 / 4 ،‬فقد‬
‫أطلق على أهل السنة ) أهل الحديث ( ‪.‬‬

‫والفرقة الناجية ‪ :‬وهي التي تنجوا من النار باتباعها سنة رسول‬


‫الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أخذا ً من قوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫‪ ) :‬وإن هذه المة ستفترق على ثلثة وسبعين ‪ ،‬ثنتان وسبعون في‬
‫النار‪ ،‬وواحدة في الجنة ‪ ،‬وهي الجماعة (‪.2‬‬

‫وكذا كان كثير من السلف وأئمة الدين يصفون أهل السنة بالفرقة‬
‫الناجية‪ 3‬والظاهرين على الحق ‪ ،‬الطائفة المنصورة ‪ :‬وهم الذين‬
‫عناهم الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بقوله ‪ ) :‬لتزال طائفة من‬
‫أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة (‪. 4‬‬
‫‪5‬‬
‫وُيطلق عليهم ‪ -‬أحيانا ً ‪ -‬الجماعة ‪ -‬كما أسلفت ‪ -‬أو أهل الجماعة‬
‫‪.‬‬
‫فالجماعـة هم جماعة أهل السنة ‪ ،‬الذين اجتمعوا على الحق ‪ ،‬من‬
‫الجتماع ‪ ،‬وهو ضد الرفقة ‪ ،‬كما أنها تضمنت معنى الجتماع – أيضا ً –‬
‫وهو التفاق وضده الختلف ‪ ،‬فأهل السنة موصوفون بالجتماع على‬

‫‪ - 1‬راجع السلسلة الصحيحة لللباني ‪ ،‬الحديث رقم ‪ ، 270‬المجالد الول ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬ص‬
‫‪ . 137 -134‬وانظر ‪ :‬سنن الترمذي ‪ ،‬كتاب الفتن ‪ ،‬الحديث ‪. 2229‬‬
‫‪ - 2‬أخرجة أبو داود في سننه ‪ ،‬باب شرح السنة ‪ ،‬من كتاب السنة ‪ ،‬الحديث رقم ) ‪/ 5 ، ( 4597‬‬
‫‪ . 6،5‬عن معاوية ‪ ،‬وأحمد في المسند ‪ ،‬بإسناد صحيح عن أنس بن مالك ‪ . 120 / 3‬وله شاهد‬
‫عند الترمذي في كتاب اليمان ‪ ،‬باب ما جاء في افتراق هذه المة ورقم ‪ . 2640‬وعند‬
‫الحاكم في المستدرك ‪ ،‬كتاب العلم ‪ . 129 – 128 / 1 ،‬وقد صححه اللباني في " الصحيحة " ‪-‬‬
‫المجلد الول ‪ -‬الحديث ‪. 204 /‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬العـقيدة الواسطية ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬شرح محمد خليل هراس ‪ ،‬ص ‪. 16‬‬
‫‪ - 4‬حديث صحيح مستفيض أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد والحاكم ‪ .‬راجع ‪:‬‬
‫تخريج الحديث في سلسلة الصحيحة لللباني ‪ ،‬حديث ‪ ، 270 /‬الجزء الثالث ‪ ،‬ص ‪. 135 – 134‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬العـقيدة الواسطية ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬شرح محمد خليل هراس ‪. 180 ،‬‬
‫‪15‬‬
‫أصول الدين ‪ ،‬والجماع عليها ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬والجتماع على أئمة الدين‬
‫وولة المر ‪.‬‬

‫وُيوصفون ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬بـ أهل التباع ‪ ،‬لن من طريقتهم ‪ " :‬اتباع آثار‬
‫رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬باطنا ً وظاهرا ً ‪ ،‬واتباع سبيل‬
‫السابقين الولين من المهاجرين والنصار ‪ ،‬واتباع وصية رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬حيث قال‪ ) :‬عليكم بسنتي وسنة الخلفاء‬
‫ضـوا عليه بالنواجذ ‪ ،‬وإياكم‬ ‫سـكوا بها ‪ ،‬وع ّ‬
‫الراشدين من بعدي ‪ ،‬تم ّ‬
‫ومحدثات المور ‪ ،‬فإن كل بدعة ضللة ‪. 2 - 1 (...‬‬

‫‪ - 1‬أخرجه ابن عاصم في كتاب السنة ‪ .‬قال اللباني ‪ :‬إسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات ‪.‬‬
‫كتاب " السنة " ‪ – 29-1/19‬الحديث ‪ . 54 ،31 /‬والحديث مروي في السنن والمسانيد ‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬العـقيدة الواسطية ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬شرح محمد خليل هراس ‪ ،‬ص ‪.180 -179‬‬
‫‪16‬‬
‫المبـحـث الثـانـي‬

‫في تاريخ العـقيـدة وأصولـها‬

‫يشمل ‪:‬‬

‫‪ -1‬تاريخ العـقيدة ) عـقيدة التوحيد ( ‪ ،‬ومتى طرأ‬


‫النحراف عـليها ‪.‬‬

‫‪ -2‬عـقـيدة التوحيد في دعـوة الرسل عـموما ً ‪.‬‬

‫‪ -3‬عـقـيدة التوحيد في دعـوة محمد صلى الله عليه‬


‫وسلم ‪ ،‬بخاصة ‪.‬‬

‫‪ -4‬مصادر العـقـيدة عند أهل السنة ‪.‬‬

‫‪ -5‬خصائص العـقـيدة ) عـقيدة أهـل السنة‬


‫والجماعة ( ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫)‪(1‬‬

‫تأريخ العـقيدة ) عـقيـدة التوحيد ( ومتى طرأ‬


‫النحراف عليها‬

‫عقيدة التوحيد هي الدين الحنيف ‪ ،‬والدين القيم ‪ ،‬دين الفطرة التي‬


‫فطرالله الناس عليها ‪ ،‬فهي موجودة مع وجود هذا النسان كما ثبت‬
‫بالدليل القطعي وهوالقرآن الكريم الذي هو أوثق مصدر في التاريخ ‪.‬‬

‫فا فِط َْرة َ الل ّهِ ال ِّتي فَط ََر‬ ‫جه َ َ‬ ‫َ‬
‫حِني ً‬‫ن َ‬‫ِ‬ ‫دي‬
‫ك ِلل ّ‬ ‫م وَ ْ‬ ‫قال الله تعالى ‪ } :‬فَأقِ ْ‬
‫قيم ول َك َ‬
‫س لا‬ ‫ن ال ْ َ ّ ُ َ ِ ّ‬
‫ن أك ْث ََر الّنا ِ‬ ‫دي ُ‬‫ك ال ّ‬‫ق الل ّهِ ذ َل ِ َ‬ ‫ل لِ َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫س ع َل َي َْها ل ت َب ْ ِ‬
‫دي َ‬ ‫الّنا َ‬
‫ن { ] سورة الروم ‪ ،‬الية ‪. [ 30 :‬‬ ‫مو َ‬‫ي َعْل َ ُ‬

‫فآدم عليه السلم ‪ ،‬قد فطره الله على العقيدة السليمة ‪ ،‬وعلمه ما‬
‫حـدا ً لله ‪ -‬تعالى ‪ -‬التوحيد‬ ‫لم يعلم من أمور الدين والدنيا ‪ ،‬فكان مو ّ‬
‫الخاص ‪ ،‬معتقدا ً لله ما يجب له ‪ -‬تعالى ‪ -‬من التعظيم والطاعة‬
‫والرجاء والخشية ‪ ،‬وقد اصطفاه الله من عباده المخلصين ‪ ،‬قال الله‬
‫ن ع ََلى‬
‫مَرا َ‬
‫ع ْ‬
‫ل ِ‬ ‫م َوآ َ‬
‫هي َ‬ ‫حا َوآ َ‬
‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫م وَُنو ً‬ ‫فى آد َ َ‬‫صط َ َ‬‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫تعالى ‪ } :‬إ ِ ّ‬
‫ن { ] سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪. [ 33 :‬‬ ‫مي َ‬ ‫ال َْعال َ ِ‬
‫وقد شّرفه الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وأسجد له الملئكة ‪ ،‬قال ‪ -‬تعالى ‪:‬‬
‫م { ] سورة البقرة ‪ :‬الية ‪. [ 34‬‬ ‫دوا لآد َ َ‬‫ج ُ‬‫س ُ‬‫ملئ ِك َةِ ا ْ‬ ‫} وَإ ِذ ْ قُل َْنا ل ِل ْ َ‬

‫وقد أخذ الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬على بني آدم العهد والميثاق أنه ربهم ‪،‬‬
‫وأشهدهم على أنفسهم في أصل خلقهم من أصلبهم ‪ ،‬فقال ‪ -‬تعالى‬
‫‪:-‬‬
‫م ع ََلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شهَد َهُ ْ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫م ذ ُّري ّت َهُ ْ‬ ‫ن ظ ُُهورِه ِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫م ِ‬ ‫ن ب َِني آد َ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ك ِ‬ ‫خذ َ َرب ّ َ‬ ‫} وَإ ِذ ْ أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫مةِ إ ِّنا ك ُّنا‬‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬‫قوُلوا ي َوْ َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫شهِد َْنا أ ْ‬ ‫م َقاُلوا ب ََلى َ‬ ‫ت ب َِرب ّك ُ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫م أل َ ْ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ة ِ‬‫ل وَك ُّنا ذ ُّري ّ ً‬ ‫ن قَب ْـ ُ‬‫م ْ‬ ‫ك آَباؤ َُنا ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫ما أ َ ْ‬ ‫قوُلوا إ ِن ّ َ‬ ‫ن * أ َوْ ت َ ُ‬ ‫غافِِلي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬
‫ن { ] سورة العراف ‪ ،‬اليتان ‪. [173 -172‬‬ ‫مب ْط ُِلو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫ما فَعَ َ‬ ‫م أفَت ُهْل ِك َُنا ب ِ َ‬ ‫ب َعْد ِه ِ ْ‬
‫والناس كلهم ُيـولدون على الفطرة وينشأون عليها ‪ ،‬مالم تصرفهم‬
‫عنها صوارف الشر والضلل‪ ،‬من التربية على الكفر والضلل‪ ،‬ومن‬
‫أهواء و وساوس الشياطين ‪ ،‬وشبهات المبطلين ‪ ،‬وشهوات الدنيا‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫وقد جاء في الحديث القدسي قوله تعالى ‪ ... " :‬وإني خلقت عبادي‬
‫حنفاء كلهم ‪ ،‬وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم و حّرمت‬
‫عليهم ما أحللت لهم ‪ ،‬وأمرتهم أن يشركوا بي مالم أنزل به‬
‫سلطانا ً ‪ " ..‬الحديث ‪. 1‬‬
‫وقد أخبر الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬عن ذلك بقوله ‪ ) :‬ما من‬
‫صرانه ‪ ،‬أو‬ ‫مولود إل يولد على الفطرة ‪ ،‬فأبواه ي ُّهـودانه ‪ ،‬أو ُين ّ‬
‫جسانه ( ‪ .. 2‬الحديث ‪.‬‬ ‫ُيم ّ‬
‫فكما يتوجه هذا إلى كل إنسان مولود ‪ ،‬يتوجه إلى أول إنسان وهو‬
‫آدم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬من باب أولى ‪ ،‬فعقيدة التوحيد والخير والصلح‬
‫هي الصل الذي كان عليه آدم ‪ -‬عليه السلم ‪ ، -‬والجيال الولى من‬
‫ذريته ‪ ،‬فكانوا على التوحيد الخالص ‪ . 3‬أما الشرك والضلل فإنما هي‬
‫أمور طارئة لم تحدث إل بعد آدم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬بأزمان وأجيال ‪،‬‬
‫وعلى التدريج ‪ ،‬فقد صح عن ابن عباس ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬أنه قال ‪:‬‬
‫) كان بين نوح وآدم عشرة قرون ‪ ،‬كلهم على شريعة من الحق ‪،‬‬
‫فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ( ‪. 4‬‬
‫ث‬‫حد َة ً فَب َعَ َ‬
‫ة َوا ِ‬ ‫م ً‬ ‫ُ‬ ‫وإلى هذا تشير الية في قوله تعالى ‪َ } :‬‬
‫سأ ّ‬ ‫ن الّنا ُ‬ ‫كا َ‬
‫ن { ] سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪. [ 213 :‬‬ ‫من ْذ ِِري َ‬
‫ن وَ ُ‬‫ري َ‬ ‫مب َ ّ‬
‫ش ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه الن ّب ِّيي َ‬‫الل ُ‬
‫أي ‪ :‬كانوا على الحق والهدى أمة واحدة على دين واحد ‪ -‬أول المر ‪-‬‬
‫فاختلفوا فيما بعد ‪ .‬كذا فسرها كثير من السلف ‪. 5‬‬
‫وفي عهد نوح – عليه السلم – كان الشرك سائداص في قومه ‪،‬‬
‫فكانوا يعبدون الصنام من دون الله ‪ ،‬لذلك قال الله تعالى عن نوح ‪:‬‬
‫} ول َ َ َ‬
‫ن { ] اليتان ‪/ 26 -25 :‬‬ ‫مِبي ٌ‬
‫ذيٌر ُ‬ ‫مهِ إ ِّني ل َك ُ ْ‬
‫م نَ ِ‬ ‫حا إ َِلى قَوْ ِ‬ ‫سل َْنا ُنو ً‬
‫قد ْ أْر َ‬ ‫َ‬
‫سورة هود [ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أخرجه مسلم في صحيحه ‪ ،‬كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ‪ ،‬باب الصفات التي يعرف‬
‫بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار ‪ .‬الحديث ‪ ، 2865 /‬ج ‪. 2197 / 3‬‬
‫‪ - 2‬متفق عليه ‪ .‬انظر ‪ :‬صحيح البخاري – كتاب الجنائز – باب إذا أسلم الصبي – فتح الباري‬
‫‪ . 219 / 3‬ومسلم – كتاب القـدر – باب معنى كل مولود يولد على الفطرة ‪ .‬الحديث ‪، 2658 /‬‬
‫جـ ‪. 1047 / 3‬‬
‫‪ - 3‬وهذا خلف النظريات الخاطئة التي سادت بين من يسمون بعـلماء الجتماع وغيرهم‬
‫وبعض الكتاب المحدثين ‪ ،‬التي تزعم أن البشرية كانت تعـبد آلهة متعددة ‪ ،‬ثم تطورت من‬
‫الشرك والوثنية إلى التثليث والمثنوية فالتوحيد ‪ ،‬وهذا زعم يكذبه القرآن والسنة‬
‫والعـقل السليم ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ممن قال بهذا ‪ -‬أيضا ً – قتادة وابن جرير الطبري وابن كثير وغيرهم ‪ ،‬هامش )‪. (3‬‬
‫وتؤيده قراءة ) كان الناس أمة واحدة فاختلفوا ( ‪.‬‬
‫‪ - 5‬راجع الية السابقة في ‪ :‬تفسير الطبري ‪ . 195 – 194 / 2‬وتفسير ابن كثير ‪ . 218 / 1‬وانظر‬
‫دعوة التوحيد ‪ ،‬للدكتور محمد خليل هراس ‪ ،‬ص ‪. 119 – 106‬‬
‫______________‬
‫)*( هذا بالنسبة للنسان ‪ ،‬وكذلك الملئكة والجن الصل فيها التوحيد ‪ .‬أما المخلوقات‬
‫الخرى غير المكلفة فإنما قامت على التوحيد والعـدل ول يتصور منها الخروج عن ذلك ‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫وبهذا يتبين قطعا ً أن العقيدة السليمة والتوحيد الخالص هما الصل‬
‫في تاريخ البشرية ‪ ،‬وأن الضلل والشرك والوثنية أمور طارئة بعد‬
‫أحقاب من الزمان بعد آدم ‪ -‬عليه السلم )*( ‪ ..‬والله أعلم ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫)‪(2‬‬
‫عـقيـدة التـوحـيد في دعـوة الرسل عـامة‬

‫إذا تأملنا قصص المرسلين التي وردت في القرآن الكريم ‪ ،‬وما حدث‬
‫لهم مع أممهم ‪ ،‬نجد أنهم اتفقوا جميعا ً على دعوة واحدة ‪ ،‬هي‬
‫الدعوة إلى عبادة الله وحده ل شريك له ‪ ،‬واجتناب الشرك ‪ ،‬وإن‬
‫اختلفت شرائعهم ‪. 1‬‬
‫بل إن مسألة الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك ووسائله هي‬
‫القضية الولى التي جاء ذكرها في القرآن الكريم بين الرسل وأممهم‬
‫مخبرا ً عما أرسل به جميع الرسل ‪:‬‬ ‫‪ ،‬قال الله ‪ -‬تعالى ‪ُ -‬‬
‫حي إل َيه أ َنه لا إل َه إلا ّ أناَ‬ ‫}و َ‬
‫َ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ِ ْ ِ ّ ُ‬ ‫ل ِإلا ُنو ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن قَب ْل ِ َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫َ َ‬
‫ن { ] سورة النبياء ‪ ،‬الية ‪. [ 25 :‬‬ ‫دو ِ‬‫َفاع ْب ُ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قد ْ ب ََعثـَنا ِفي ك ُ ّ‬ ‫وقال ‪ -‬تعالى ‪ } : -‬وَل َ َ‬
‫ه‬
‫دوا الل َ‬ ‫ن اع ْب ُ ُ‬ ‫سو لً أ ِ‬ ‫مةٍ َر ُ‬ ‫لأ ّ‬
‫ت{‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬‫جت َن ُِبوا ال ّ‬ ‫َوا ْ‬
‫] سورة النحل ‪ ،‬الية ‪. [ 36 :‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫شاءُ ِ‬ ‫ن يَ َ‬‫م ْ‬ ‫مرِهِ ع ََلى َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ة ِبالّرو ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ملائ ِك َ َ‬ ‫وقال ‪ -‬تعالى ‪ } : -‬ي ُن َّز ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫عباده أ َ َ‬
‫ن { ] النحل ‪ ،‬الية ‪. [ 2 :‬‬ ‫قو ِ‬‫ه ِإلا أَنا َفات ّ ُ‬ ‫ه لا إ ِل َ َ‬ ‫ن أن ْذ ُِروا أن ّ ُ‬ ‫ِ َ ِ ِ ْ‬
‫وإذن ‪ :‬فجميع الرسل كان أول وأهم ما دعوا إليه هو التوحيد ‪ ،‬توحيد‬
‫الله بالعبادة وتقواه وطاعته وطاعة رسله ‪ .‬وكما ذكر الله عنهم ذلك‬
‫على سبيل التعميم ‪ ،‬فقد ذكر عن بعضهم على التفصيل ‪:‬‬
‫ن إ ِل َهٍ‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫فـنوح ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬قال لقومه ‪َ } :‬يا قَوْم ِ اع ْب ُ ُ‬
‫ره ُ { ] العراف ‪ ،‬الية ‪. [ 59 :‬‬ ‫غ َي ْ ُ‬
‫م‬‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫وكذلك هـود ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬قال لقومه ‪َ } :‬يا قَوْم ِ اع ْب ُ ُ‬
‫ن إ ِل َهٍ غ َي ُْره ُ { ] العراف ‪ ،‬الية ‪. [ 65 :‬‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ما‬‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫وكذلك شعيب ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬قال لقومه ‪َ } :‬يا قَوْم ِ اع ْب ُ ُ‬
‫ن إ ِل َهٍ غ َي ُْره ُ {‬‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫] سورة العراف ‪ ،‬الية ‪. [ 85 :‬‬
‫قوه ُ { ] سورة‬ ‫ه َوات ّ َـ ُ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫وإبراهيم‪ -‬عليه السلم ‪ -‬قال لقومه ‪ } :‬اع ْب ُ ُ‬
‫العنكبوت ‪ ،‬الية ‪. [ 16 :‬‬
‫فالدعوة إلى التوحيد ‪ ،‬والتحذير من الشرك ‪ ،‬وصحة العقيدة‬
‫وسلمتها هما الصل الول في دعوة المسلمين ‪ ،‬من لدن نوح إلى‬
‫محمد ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬وهذا هو الغاية الولى التي بها تصلح كل‬
‫شئون الدنيا والدين ‪ ،‬فإذا صحت العقيدة أذعن الناس لله وحده‬
‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬تطهير العتقاد ‪ ،‬للصنعاني ‪ ،‬ص ‪. 5‬‬
‫‪21‬‬
‫وأطاعوا رسله واستقاموا على شرعه على هدى وبصيرة ‪ ،‬ومن ثم‬
‫يصلح كل شيئ من أمورهم الدينية والدنيوية ‪.‬‬
‫وهذا ل يعني أن الرسل لم يهتموا بإصلح المفاسد الخرى ‪ ،‬ول أنهم‬
‫لم يدعوا إلى الفضائل الخرى ‪ ،‬بل جاءوا بشرائع ومناهج تسير‬
‫عليها المم وتصلح شئون حياتها الدنيا ‪ ،‬وأمروا بالمعروف والصلح‬
‫والعدل‪ ،‬ونهوا عن المنكر والفساد والظلم ‪ ،‬وأمروا بكل خير وفضيلة‬
‫‪ ،‬ونهوا عن كل شر ورذيلة تفصيلً وإجمالً ‪.‬‬

‫لكن أعظم الفضائل توحيد الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وتقواه ‪ ،‬وأعظم‬


‫المفاسد الشرك بالله ‪ ،‬وهو الظلم العظيم ‪ .‬فكان ذلك أعظم وأول‬
‫ما أرسل الله به الرسل ‪.‬‬

‫وهكذا كل دعوة ل تقوم على هذا الساس ‪ -‬في أي زمان‬


‫ومكان ‪ -‬فإنها دعوة قاصرة وناقصة ‪ ،‬ويخشى أن يكون نصيبها إما‬
‫الفشل ‪ ،‬وإما النحراف عن الصراط المستقيم ‪ ،‬أو هما معا ً ‪ ،‬لن هذا‬
‫أصل عظيم من أصول الدين متى غفلت عنه المم وقعت في كارثة‬
‫الشرك والبتداع ‪ .‬نسأل الله السلمة والعافية من ذلك ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫)‪(3‬‬

‫عـقـيدة التوحـيد في دعـوة نبـينا محمـد ‪ -‬صلى الله‬


‫عليه وسلم‬

‫إذا تأملنا القرآن الكريم ‪ ،‬وسيرة الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫في الدعوة ‪ ،‬نصل إلى حقيقة واضحة كل الوضوح ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫* أن غالب آيات القرآن الكريم جاءت في تقرير عقيدة‬
‫التوحيد ‪ ،‬توحيد اللوهية والربوبية والسماء والصفات ‪ ،‬والدعوة‬
‫إلى إخلص العبادة والدين لله وحده ل شريك له ‪ ،‬وتثبيت أصول‬
‫العتقاد ) اليمان والسلم ( ‪.‬‬
‫أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قضى غالب وقته ‪-‬‬
‫بعد النبوة ‪ -‬في تقرير العتقاد والدعوة إلى توحيد الله ‪ -‬تعالى ‪-‬‬
‫بالعبادة والطاعة ‪ ،‬وهذا هو مقتضى )ل إله إل الله محمد رسول‬
‫الله ( ‪.‬‬
‫فالدعوة إلى العقيدة تأصيلً وتصحيحا ً شملت الجزء الكبر من جهد‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬و وقته في عهد النبوة ‪.‬‬
‫وإليك بيان ذلك ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن الرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬قضى ثلثا ً وعشرين‬


‫سنة في الدعوة إلى الله ‪.‬‬
‫جلـها كانت في‬‫هي عهد النبوة ‪ ،‬منها ثلث عشرة سنة في مكة‪ُ ،‬‬
‫الدعوة إلى تحقيق )ل إله إل الله محمد رسول الله ( أي الدعوة إلى‬
‫توحيد الله ‪ -‬تعالى‪ -‬بالعبادة واللوهية وحده ل شريك له ‪ ،‬ونبذ‬
‫الشرك وعبادة الوثان وسائر الوسطاء ‪ ،‬ونبذ البدع والمعتقدات‬
‫الفاسدة ‪.‬‬
‫ومنها عشر سنين في المدينة ‪ ،‬وكانت موزعة بين تشريع الحكام ‪،‬‬
‫وتثبيت العقيدة ‪ ،‬والحفاظ عليها ‪ ،‬وحمايتها من الشبهات ‪ ،‬والجهاد‬
‫في سبيلها ‪ ،‬أي أن أغلبها في تقرير التوحيد وأصول الدين ‪ ،‬ومن ذلك‬
‫مجادلة أهل الكتاب ‪ ،‬وبيان بطلن معتقداتهم المحرفة ‪ ،‬والتصدي‬
‫لشبهاتهم وشبهات المنافقين ‪ ،‬وصد كيدهم للسلم والمسلمين ‪،‬‬
‫وكل هذا في حماية العقيدة قبل كل شيئ ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫فأي دعوة ل تولي أمر العقيدة من الهتمام كما أولها رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬علما ً وعملً ; فهي ناقصة ‪.‬‬

‫‪ -1‬أن الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬إنما قاتل الناس‬


‫على العقيدة )عقيدة التوحيد( حتى يكون الدين لله وحده ‪ ،‬تلك‬
‫العقيدة المتمثلة في شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ‪،‬‬
‫على الرغم أن سائر المفاسد والشرور كانت سائدة في ذلك‬
‫الوقت ‪ ،‬ومع ذلك فإن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬جعل‬
‫الغاية من قتال الناس تحقيق التوحيد‪ ،‬وأركان السلم ‪ ،‬فقد قال ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪: -‬‬
‫" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل الله ‪ ،‬وأن محمدا ً‬
‫رسول الله ‪ ،‬و يقيموا الصلة وُيؤتوا الزكاة ‪ ،‬فإن فعلوا ذلك عصموا‬
‫مني دماءهم إل بحق السلم ‪ ،‬و حسابهم على الله " ‪. 1‬‬
‫وهذا ل يعني أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬لم يبال بالمور‬
‫الخرى من الدعوة إلى الفضائل والخلق الحميدة من) البـر والصلة‬
‫والصـدق والوفـاء والمانة( ‪ ،‬وترك ضدها من ) الثام والكبائر كالربا‬
‫والظلم وقطيعة الرحم ( ‪.‬‬
‫وحاشاه ذلك ‪ ،‬لكنه جعلها في مرتبة بعد أصول العتقاد ‪ ،‬لنه يعلم‬
‫وهو القدوة ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أن الناس إذا استقاموا على‬
‫دين الله وأخلصوا له الطاعة والعبادة حسنت نياتهم وأعمالهم ‪،‬‬
‫وفعلوا الخيرات واحتنبوا المنهيات في الجملة ‪ ،‬وأمروا بالمعروف‬
‫حتى يسود بينهم ويظهر ‪ ،‬ونهوا عن المنكر حتى ل يظهر ول يسود ‪.‬‬
‫إذن فمدار الخير على صلح العقيدة ‪ ،‬فإذا صلحت استقام الناس‬
‫على الحق والخير ‪ ،‬وإذا فسدت فسدت أحوال الناس ‪ ،‬واستحكمت‬
‫فيهم الهواء ةالثام ‪ ،‬وسهلت عليهم المنكرات ‪.‬‬
‫وإلى هذا يشير الحديث الصحيح عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪" :‬‬
‫أل وإن الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ‪ ،‬وإذا فسدت فسد‬
‫الجسد كله ‪ ،‬أل وهي القلب " ‪. 2‬‬
‫فالرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بالضافة إلى كونه دعا إلى‬
‫إخلص الدين لله ‪ ،‬وقاتل الناس حتى يشهدوا بكلمة الخلص ‪ ،‬فإنه ‪-‬‬
‫‪ - 1‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب اليمان ‪ ،‬باب فإن تابوا وأقاموا الصلة ‪ ،‬فتح الباري ‪ .‬الحديث ‪24‬‬
‫جـ ‪ . 74 / 1‬وصحيح مسلم ‪ ،‬كتاب اليمان ‪ ،‬باب المر بقتال الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل‬
‫الله ‪ .‬الحديث ‪ 22‬جـ ‪ . 53 / 2‬إل أن مسلما ً لم يذكر ) إل بحق السلم ( ‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء ذلك في حديث أخرجاه في الصحيحين ‪.‬انظر ‪ :‬البخاري ‪ ،‬كتاب اليمان ‪ ،‬باب فضل‬
‫من استبرأ لدينه ‪ ،‬الحديث ‪ ، 52‬فتح الباري ‪ . 126 / 1‬وصحيح مسلم ‪ ،‬كتاب المساقاة ‪ ،‬باب‬
‫أخذ الحلل وترك الشبهات ‪ ،‬الحديث ‪ 1599‬جـ ‪. 122 ، 3‬‬
‫‪24‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬كان يدعوا إلى جميع الخلق الفاضلة ‪ ،‬جملة‬
‫وتفصيلً ‪ ،‬وينهى عن ضدها ‪ ،‬جملة وتفصيلً ‪.‬‬
‫وكما اهتم ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بإصلح الدين‪ ،‬كان يعمل على‬
‫إصلح دنيا الناس ‪ ،‬إنما كان ذلك كله في مرتبة دون الهتمام بامر‬
‫التوحيد وإخلص الدين لله وحده ‪ ،‬وهذا ما يجهله أو يتجاهله المنازع‬
‫في هذه المسألة ‪.‬‬
‫‪ – 3‬إذا تأملنا القرآن الكريم ‪ ،‬المنزل على رسول لله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬رحمة للعالمين ومنهاجا ً للمسلمين إلى يوم الدين ‪،‬‬
‫وجدنا أن أغلبه في تقرير العقيدة وتقرير أصولها ‪ ،‬وتحرير العبادة‬
‫والطاعة لله وحده ل شريك له ‪ ،‬واتباع رسوله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪. -‬‬
‫فأن أول شيئ نزل به القرآن ‪ ،‬وأمر الله تعالى رسوله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬أن يفعله هو أن يكّبـر الله تعالى ويعظمه وحده ‪ ،‬وأن‬
‫ينذر الناس من الشرك ‪ ،‬وأن يتطهر من الثام والذنوب وغيرها ‪،‬‬
‫ويهجر ما هم عليه من عبادة الصنام ‪ ،‬ويصبرعلى ذلك كله‪ ،‬قال الله‬
‫تعالى ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك فَط َّهر * َْوالّر ْ‬
‫جَز‬ ‫ك فَك َب ّْر * وَث َِياب َ َ‬ ‫ذر * ْوََرب ّ َ‬ ‫م فَأن ْ ِ‬‫مد ّّثر* قُ ْ‬ ‫} َيا أي َّها ال ْ ُ‬
‫صب ِْر { ] سورة المدثر ‪ ،‬الية ‪. [ 7 - 1 :‬‬ ‫ك َفا ْ‬ ‫ست َك ْث ُِر * وَل َِرب ّ َ‬‫ن تَ ْ‬‫من ُ ْ‬
‫جر * َْولا ت َ ْ‬ ‫َفاهْ ُ‬
‫ثم استمر القرآن الكريم يتنزل على رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬سائر العهد المكي ‪ ،‬لتثبيت العقيدة وتقريرها ‪ ،‬والدعوة إلى‬
‫إخلص العبادة والدين لله وحده ‪ ،‬و اتباع رسوله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫لذلك نجد أن أغلب آيات القرآن الكريم في العقيدة ‪ :‬إما بصريح‬
‫العبارة‪ ،‬وإما بالشارة ‪ ،‬حيث إن معظم القرآن جاء في تقرير توحيد‬
‫اللوهية وإخلص العبادة لله وحده ‪ ،‬وتوحيد الربوبية والسماء‬
‫والصفات ‪ ،‬وأصول اليمان والسلم ‪ ،‬وأمور الغيب والقدر خيره‬
‫وشره ‪ ،‬واليوم الخر ‪ ،‬والجنة وأهلها ونعيمها ‪ ،‬والنار وأهلها وعذابها‬
‫) الوعد والوعيد ( ‪ ،‬وأصول العقيدة تدور على هذه المور ‪.‬‬
‫وقد ذكر العلماء أن القرآن ‪ :‬ثلث أحكام ‪ ،‬وثلث أخبار ‪ ،‬وثلث توحيد‬
‫‪ . 1‬وهذا ما فسروا به قول النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ " : -‬قل هو‬
‫الله أحد تعدل ثلث القرآن " ‪.2‬‬

‫‪ - 1‬فممن قال بذلك ابن سريح وابن تيمية وابن حجر ‪ -‬رحمهم الله ‪ . -‬انظر ‪ :‬جواب أهل‬
‫العلم واليمان بتحقيق ما أخبر به الرحمن من أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ‪ ،‬لبن‬
‫تيمية ‪ ،‬مجموع الفتاوى ‪ . 103 ، 101 ، 13 / 17‬وانظر ‪ :‬فتح الباري ‪ ،‬لبن حجر ‪. 61 / 9 ،‬‬
‫‪25‬‬
‫ل هُو الل ّ َ‬
‫حد ٌ { اشتملت على أعظم التوحيد والتنزيه لله –‬ ‫هأ َ‬‫ُ‬ ‫فإن } قُ ْ َ‬
‫تعالى ‪. -‬‬
‫وآيات الحكام لتخلو من ذكر للعقيدة وأصول الدين ‪ ،‬وذلك من خلل‬
‫ذكر أسماء الله وصفاته ‪ ،‬وطاعته وطاعة رسوله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ، -‬وذكر حكم التشريع ‪ ...‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫وكذلك آيات الخبار والقصص أغلبها في اليمان والعتقاد ‪ ،‬وذلك من‬
‫خلل أخبار المغيبات والوعيد واليوم الخر ‪ ،‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫وبهذا يتحقق القول ‪ :‬بأن القرآن الكريم هو الهادي إلى التي هي‬
‫أقوم إلى يوم القيامة ‪ ،‬وغالب آياته في تقرير العقيدة والدعوة إليها‬
‫والدفاع عنها والجهاد في سبيلها ‪.‬‬
‫وبهذا نصل إلى نتيجة بينة ‪ ،‬هي ‪ :‬أنه على الدعاة الذين جعلوا القرآن‬
‫الكريم وسنة الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬هديهم أن يدركوا‬
‫هذه الحقيقة من القرآن والسنة ‪ ،‬و يعملوا بها ‪ ،‬كما فعل الرسول‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وأصحابه ‪ .‬والله الهادي إلى سواء السبيل ‪.‬‬

‫‪ - 2‬أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ‪ ،‬واللفظ لمسلم ‪ .‬انظر ‪ :‬صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب صلة‬
‫المسافر ‪ ،‬باب فضل قرآءة قل هو الله أحد الحديث ‪ . 800 /‬والبخاري ‪ ،‬كتاب فضائل‬
‫القرىن ‪ ،‬باب فضل قل هو الله احد ‪ 61 / 9 ،‬الفتح ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫)‪(4‬‬

‫مصادر العـقيدة ) عـقيدة أهـل السنة والجماعـة (‬

‫العقيدة لها مصدران أساسيان ‪ ،‬هما ‪:‬‬

‫‪ -1‬كتاب الله ‪ -‬تعالى ‪ ) -‬القرآن الكريم ( ‪.‬‬


‫‪ -2‬ما صح من سنة رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫فالرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬ل ينطق عن الهوى ‪ ،‬إن هو إل‬
‫وحي يوحى ‪.‬‬
‫وإجماع السلف الصالح ‪ :‬مصدٌر مبناه على الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أما الفطرة والعقل السليم فهما مؤيدان يوافقان الكتاب والسنة ‪،‬‬
‫ويدركان أصول العتقاد على الجمال ل على التفصيل‪ ،‬فالعقل‬
‫والفطرة يدركان وجود الله وعظمته‪ ،‬وضرورة طاعته وعبادته ‪،‬‬
‫واتصافه بصفات العظمة والجلل على وجه العموم ‪.‬‬
‫كما أن العقل والفطرة السليمين يدركان ضرورة النبوات وإرسال‬
‫الرسل ‪ ،‬وضرورة البعث والجزاء على العمال ‪ ،‬كذلك ‪ ،‬على‬
‫الجمال ل على التفصيل ‪.‬‬
‫أما هذه المور وسائر أمور الغيب ‪ ،‬فل سبيل إلى إدراك شيئ منها‬
‫على التفصيل إل عن طريق الكتاب والسنة ) الوحي ( ‪ ،‬وإل لما كانت‬
‫غيبا ً ‪.‬‬
‫وتعارض النص الصريح من الكتاب والسنة مع العقل الصحيح‬
‫) السليم ( غير متصور أصلً ‪ ،‬بل هو مستحيل ‪ ،‬فإذا جاء ما يوهم ذلك‬
‫دم ومحكم ‪ . 2‬لنه صادر عن المعصوم ‪ -‬صلى الله‬ ‫فإن الوحي مق ّ‬
‫عليه وسلم ‪ -‬والعقل ل عصمة له ‪ ،‬بل هو نظر البشر الناقص ‪ .‬وهو‬
‫‪3‬‬

‫معرض للوهم والخطأ والنسيان والهوى والجهل والعجز ‪ ،‬فهو قطعا ً‬


‫ناقص ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬العتصام ‪ ،‬للشاطبي ‪. 252 / 2 ،‬‬


‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬لبن أبي العز الحنفي ‪ ،‬ص ‪ . 141 ، 140‬وراجع ‪ :‬درء‬
‫تعارض العقل مع النقل ‪ ،‬لبن تيمية ‪ , . 280 – 88 / 1 ،‬ويراجع الكتاب كله فهو مفيد جدا ً‬
‫بهذا الصدد ‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪27‬‬
28
‫)‪(5‬‬

‫من خصائص العـقيدة السلميـة وأتباعـها‬

‫إن المتأمل المنصف ‪ ،‬لو قارن بين المعتقدات السائدة بين الناس‬
‫اليوم ; لوجد للعقيدة السلمية ‪ -‬المتمثلة في عقيدة أهل السنة‬
‫والجماعـة ‪ -‬خصائص وسمات تميزها وأهلها بوضوح عن المعتقدات‬
‫الخرى من ديانات أو فرق أو مذاهب أو غيرها ‪.‬‬

‫ومن هذه الخصائص والسمات ‪:‬‬

‫‪ – 1‬سلمة الصــدر ‪:‬‬


‫وذلك باعتمادها على الكتاب والسنة وإجماع السلف ‪ ،‬وأقوالهم‬
‫فحسب ‪.‬‬
‫وهذه الخاصية ل توجد في مذاهب أهل الكلم والمبتدعة والصوفية ‪،‬‬
‫الذين يعتمدون على العقل والنظر ‪ ،‬أو على الكشف والحدس‬
‫واللهام والوجـد ‪ ،‬وغير ذلك من المصادر البشرية الناقصة التي‬
‫ُيحـكمونها أو يعتمدونها في أمور الغيب ‪ ) ،‬و العقيدة كلها غيب ( ‪.‬‬
‫أما أهل السنة فهم ‪ -‬بحمد الله ‪ -‬معتصمون بكتاب الله وسنة رسوله‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وإجماع السف الصالح وأقوالهم ‪ ،‬وأي‬
‫معتقد يستمد من غير هذه المصادر إنما هو ضلل وبدعـة ‪.‬‬
‫فالذين يزعمون أنهما يستمدون شيئا ً من الدين عن طريق العقل‬
‫والنظر ‪ ،‬أو علم الكلم والفلسفة ‪ ،‬أو اللهام والكشف والوجـد ‪ ،‬أو‬
‫الرؤى والحلم ‪ ،‬أو عن طريق أشخاص يزعمون لهم العصمة ) غير‬
‫النبياء ( أو الحاطة بعلم الغيب ) من أئمة أو رؤساء أو أولياء أو‬
‫أقطاب أو أغواث أو نحوهم ( ‪ ،‬أو يزعمون أنه يسعهم العمل بأنظمة‬
‫االبشر وقوانينهم ‪ ،‬من زعم ذلك فقد افترى على الله أعظم الفرية ‪،‬‬
‫ونقول لمن زعم ذلك كما قال الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬لمن قال عليه بغير علم‬
‫‪:‬‬
‫ن { ] سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪. [ 111 :‬‬‫صاد ِِقي َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫هان َك ُ ْ‬
‫م إِ ْ‬ ‫هاُتوا ب ُْر َ‬ ‫} قُ ْ‬
‫ل َ‬
‫وأني له أن يأتي إل بشبه الشيطان ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وهذه الميزة والخصيصة ‪،‬أعني العتماد على الكتاب والسنة ‪ ،‬ومنهج‬
‫السلف الصالح ‪ ،‬سمة من سمات أهل السنة‪ ،‬لتكاد تتخلف في كل‬
‫مكان وزمان والحمد لله ‪.‬‬

‫‪ -2‬أنها تقوم على التسليم لله ‪ -‬تعالى ‪ -‬ولرسوله‪ -‬صلى‬


‫الله عليه وسلم‪-‬‬
‫لنها غيب ‪ ،‬والغيب يقوم ويعتمد على التسليم والتصديق المطلق‬
‫لله ‪ -‬تعالى ‪ -‬ولرسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فالتسليم بالغيب‬
‫من صفات المؤمنين التي مدحهم الله بها ‪ ،‬قال تعالى ‪ } :‬آلم * ذ َل ِ َ‬
‫ك‬
‫ن { ] سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪. [ 3 -1 :‬‬‫قي َ‬ ‫دى ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫ب ِفيهِ هُ ً‬ ‫ال ْك َِتا ُ‬
‫ب ل َري ْ َ‬
‫والغيب ل تدركه العقول ول تحيط به ‪ ،‬ومن هنا ‪ ،‬فأهل السنة يقفون‬
‫في أمرالعقيدة على ما جاء عن الله وعن رسوله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بخلف أهل البدع والكلم ‪ ،‬فهم يخوضون في ذلك رجما ً‬
‫‪1‬‬
‫بالغيب ‪ ،‬وأني لهم أن يحيطوا بعلم الغيب ‪ ،‬فل هم أراحوا عقولهم‬
‫بالتسليم ‪ ،‬ول عقائدهم وذممهم بالتباع ‪ ،‬ول تركوا عامة أتباعهم على‬
‫الفطرة التي فطرهم الله عليها ‪.‬‬

‫‪ - 3‬موافقتها للفطرة القويمة والعـقل السليم ‪:‬‬

‫لن عقيدة أهل السنة والجماعة تقوم على التباع والقتداء والهتداء‬
‫بهدى الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وهدي رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وما عليه‬
‫سلف المة ‪ ،‬فهي تستقي من مشرب الفطرة والعقل السليم ‪،‬‬
‫والهدي القويم‪ ،‬وما أعذبه من مشرب ‪.‬‬
‫أما المعتقدات الخرى فماهي إل أوهام وتخـرصات تعمي الفطرة ‪،‬‬
‫وتحّيـر العقول ‪.‬‬

‫‪ - 4‬اتصال سندها بالرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬


‫والصحابة والتابعين وأئمة الهدى قولً وعملً وعلما ً‬
‫واعتقادا ً ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ينبغي أن ل ُيـفهم من هذا أن السلم يحجر على العـقل ويعـطل وظيفته ويلغي موهبة‬
‫التفكير لدى النسان ‪ ،‬بالعكس فالسلم أتاح للعـقل من مجالت العـلم والنظر والتفكير‬
‫والبداع ما هو كفيل بإشباع هذه النزعة في خلق الله وشئون الحياة وآفاق الكون‬
‫الواسعة وعجائب النفس الكثيرة ‪ ،‬إنما ‪ -‬كما قلت ‪ -‬قد أراح الله الناس من التفكير فيما ل‬
‫سبيل له من أمور الغـيب ‪ .‬وذلك إشفاقا ً على العـقل وحماية له من التيه والضياع في‬
‫متاهات ليدرك غـورها ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫فل يوجد ‪ -‬بحمد الله ‪ -‬أصل من أصول عقـيدة أهل السنة والجماعة‬
‫ليس له أصل وسند وقدوة من الصحابة والتابعين ‪ ،‬وأئمة الدين إلى‬
‫اليوم ‪ ،‬بخلف عقائد المبتدعـة التي خالفوا فيها السلف ‪ ،‬فهي‬
‫محدثة ‪ ،‬ول سند لها من كتاب أو سنة ‪ ،‬أو عن الصحابة والتابعين ‪،‬‬
‫وما لم يكن كذلك فهو بدعـة ‪ ،‬وكل بدعـة ضللة ‪. 1‬‬

‫‪ - 5‬الوضوح والبيـان ‪:‬‬


‫تمتاز عـقيدة أهل السنة والجماعـة بالوضوح والبيان ‪ ،‬وخلوها من‬
‫التعارض والتناقض‬
‫والغموض ‪ ،‬والفلسفة والتـعـقيد في ألفاظها ومعانيها ‪ ،‬لنها مستمدة‬
‫من كلم الله المبين‬
‫الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه ‪ ،‬ومن كلم رسول‬
‫الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬الذي ل ينطق عن الهوى ‪ .‬بينما‬
‫المعتقدات الخرى هي من تخليط البشر أو تأويلهم وتحريفهم ‪،‬‬
‫وشتان بين المشربين ‪ ،‬ل سيما وأن العقيدة توقيفية غيبية ل مجال‬
‫للجتهاد فيها كما هو معلوم ‪.‬‬

‫‪ - 6‬سلمتها من الضطراب والتناقض واللبس ‪:‬‬

‫فإن العـقيدة السلمية الصافية لضطراب فيها ول التباس ‪ ،‬وذلك‬


‫لعتمادها على الوحي ‪ ،‬وقوة صلة أتباعها بالله ‪ ،‬وتحقيق العبودية له‬
‫وحده ‪ ،‬والتوكل عليه وحده ‪ ،‬وقوة يقينهم بما معهم من الحق ‪،‬‬
‫وسلمتهم من الحيرة في الدين ‪ ،‬ومن القلق والشك والشبهات ‪،‬‬
‫بخلف أهل البدع فل تخلو أهدافهم من عـلة من هذه العلل ‪.‬‬
‫أصدق مثال على ذلك ما حصل لكثير من أئمة علم الكلم والفلسفة‬
‫والتصوف ‪ ،‬من اضطراب وتقلب وندم ‪ ،‬بسبب ما حصل بينهم من‬
‫مجانبة عقيدة السلف ‪ ،‬ورجوع كثير منهم إلى التسليم ‪ ،‬وتقرير ما‬
‫يتعقده السلف ‪ ،‬خاصة عند التقدم في السن ‪ ،‬أو عند الموت ‪.‬‬
‫كما حصل للمام أبي الحسن الشعري ‪ ،‬حيث رجع إلىعقيدة أهل‬
‫السنة والجماعة في " البانة " بعد العتزال ثم التلفيق ‪.‬‬
‫والباقلني ت ‪ 403‬في " التمهيد " ‪.‬‬
‫ومثله أبو محمد الجويني ‪ ،‬ت ‪ ، 438‬والد إمام الحرمين ‪ ،‬في "‬
‫رسالة في إثبات الستواء والفوقية " ‪.‬‬
‫ومثله إمام الحرمين ‪ ،‬ت ‪ 478‬في " الرسالة النظامية " ‪.‬‬
‫‪.9‬‬ ‫‪ -‬انظر ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬لبن تيمية ‪/ 1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪31‬‬
‫والشهرستاني ‪ ،‬ت ‪ ، 548‬في " نهاية القدام " ‪.‬‬
‫والرازي ) فخر الدين ( ‪ ،‬ت ‪ 606‬في " أقسام الملذات " وغيرهم‬
‫كثيرون ‪ ،‬ومن ذلك أيضا ً ‪. 1‬‬

‫سلسة أتباعها ‪ -‬في العموم ‪ -‬من التلبس بالبدع والشركيات‬


‫والثام والكبائر ‪ ،‬فأهل السنة في عمومهم ‪ ،‬هم أسلم الناس من‬
‫الوقوع في البدع ‪ ،‬ول تكون فيهم الشركيات‪ .‬أما الذنوب والمعاصي‬
‫والكبائر فقد يقع فيها طوائف منهم لكنها فيهم أقل من غيرهم ‪،‬‬
‫وغيرهم ل يسلم من علة من هذه العلل البدعية والشركية ‪ ،‬كما أن‬
‫المعاصي والكبائر هي في أهل الفتراق أكثر من غيرهم في الجملة ‪.‬‬
‫فالمتكلمة من المعتزلة ‪ ،‬وكثير من الشاعرة ونحوهم قالوا في الله‬
‫بغير علم ‪ ،‬وخاضوا في الغيب بغير علم ‪ ،‬والمتصوفة والمقابريون‬
‫وسائر أهل البدع عبدوا الله بغير ما شرع ‪ ،‬والرافضة ‪ ،‬والباطنية‬
‫ونحوهم كذبوا على الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وافتروا على رسوله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬حتى صار الكذب دينا ً لهم ‪ ،‬والخوارج تشددوا في الدين‬
‫فشدد الله عليهم ‪.‬‬

‫‪ - 7‬أنها سبب الظهـور والنصر والفلح في الداريـن ‪:‬‬

‫من أبرز خصائص عـقيدة أهل السنة ‪ :‬أنها من أسباب النجاح والنصر‬
‫والتمكن لمن‬
‫قـام بها ودعـا إليها بصدق وعزم وصبر ‪.‬‬
‫فالطائفة التي تتمسك بهذه العـقيدة ‪ ،‬عـقيدة أهل السنة والجماعة‬
‫‪ ،‬هي الطائفة الظاهرة والمنصورة التي ل يضرها من خذلها ول من‬
‫عاداها إلى يوم القيامة ‪ .‬كما أخبرنا بذلك الرسول ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بقوله ‪ " :‬لتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ل‬
‫يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " ‪. 2‬‬

‫‪ - 8‬هي عـقيدة الجماعـة والجتماع ‪:‬‬


‫‪ - 1‬راجع ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬لبن تيمية ‪ . 73 ، 72 / 4 ،‬ودرء التعارض ‪. 170 – 157 / 1‬‬
‫وشرح الطحاوية ‪ ،‬لبن أبي العز ‪ ،‬ص ‪ 247 – 242‬تحقيق التركي والرناؤوط ‪ .‬ومقدمة‬
‫شعيب الرناؤوط ‪ ،‬على كتاب " أقاويل الثقات " للمام مرعي بن يوسف الكرمي ‪ ،‬ت‬
‫‪ ، 1033‬ص ‪. 22 – 14‬‬
‫‪ - 2‬أخرجه مسلم والترمذي وغيرهما عن ثوبان رضي الله عنه ‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬صحيح مسلم – كتاب المارة – باب ‪. 1523 / 3 – 53‬‬
‫والترمذي – كتاب الفتن – حديث ‪ ، 2229 /‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫ذلك أنها الطريقة المثلى لجمع شمل المسلمين ووحدة صفهم ‪،‬‬
‫وإصلح ما فسد من شئون دينهم وديناهم ‪ ،‬لنها تردهم إلى الكتاب‬
‫والسنة وسبيل المؤمنين ‪ ،‬وهذه الخاصية ل يمكن أن تتحقق على يد‬
‫فرقة أو دعوة أو أنظمة ل تقوم على هذه العقيدة أبدا ً ‪ ،‬والتاريخ‬
‫شاهد على ذلك ‪ ،‬فالدول التي قامت على السنة هي التي جمعت‬
‫شمل المسلمين وقام بها الجهاد والمر بالمعروف ‪ ،‬والنهي عن‬
‫المنكر ‪ ،‬وعّز بها السلم قديما ً وحديثـا ً ‪ ،‬منذ عهد الخلفاء الراشدين ‪،‬‬
‫والدولة العباسية في أول عهدها ‪ ،‬والدولة العثمانية في أول عهدها‪،‬‬
‫وعهد صلح الدين اليوبي ‪ ،‬والدولة السلمية في الندلس ‪ ،‬وعهد‬
‫الدولة السعودية ‪ ،‬حيث نصرت السنة ‪ ،‬ودعت إلى التوحيد ‪ ،‬وحاربت‬
‫البدع والشركيات ‪ ،‬وطـّهرت البلد المقدسة منها ‪ ،‬ول تزال كذلك ‪-‬‬
‫بحمد الله ‪ ، -‬وينبغي أن تبقى كذلك على عهدها ‪ .‬وغالب هذه الدول‬
‫حينما حدث فيها الفتراق وسادت فيها البدع فشلت وانهارت ‪ ،‬و‬
‫الدول التي قامت على غير السنة ‪ ،‬أشاعت الفوضى والفرقة والبدع‬
‫والمحدثات ‪ ،‬ومزقت الشمل ‪ ،‬وعطلت الجهاد‪ ،‬وأشاعت المنكرات ‪،‬‬
‫وصارت على يدها الهزائم‪ ،‬وانتشرفي عهدها الجهل بالدين ‪،‬‬
‫واندثرت السنة‪ ،‬مثل دول الرافضة‬
‫والباطنـيـة‪،‬والقـرامـطة‪ ،‬والصوفـيـة‪ ،‬وكـدولة بني بـويـه‪،‬‬
‫والفاطميـيـن ) العبيديين ( ‪،‬‬
‫التي مزقت المسلمين ‪ ،‬وأشاعت بينهم البدع والشركيات ‪ .‬ولما‬
‫صارت للمعتزلة وزارة ومراكز في عهد بعض الخلفاء العباسيين‬
‫ظهرت البدع الكلمية ‪ ،‬وحوصر أئمة أهل السنة ‪ ،‬وافتتن الناس ‪ -‬بل‬
‫العلماء ‪ -‬في دينهم ‪.‬‬

‫‪ - 9‬البقـاء والثـبات والستـقرار ‪:‬‬

‫من أهم خصائص عـقيدة أهل السنة ‪ :‬البقاء والثبات والستقرار‬


‫والتفاق ‪:‬‬
‫فعقيدتهم في أصول الدين ثابتة طيلة هذه القرون ‪ ،‬وإلى أن تقوم‬
‫الساعة ‪ ،‬بمعنى أنها متفقة ومستقرة ومحفوظة ‪ ،‬رواية ودراية ‪ ،‬في‬
‫ألفاظها ومعانيها ‪ ،‬تتناقلها الجيال جيلً بعد جيل ‪ ،‬لم يتطرق إليها‬
‫التبديل ول التحريف ‪ ،‬ول التلفيق ول اللتباس ‪ ،‬ول الزيادة ول‬
‫النقص ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ومن أسباب ذلك ‪ :‬أنها مستمدة من كتاب الله الذي ل يأتيه الباطل‬
‫من بين يديه ول من خلفه ‪ ،‬ومن سنة رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬الذي ل ينطق عن الهوى ‪ ،‬وقد تلقاها الصحابة ثم التابعـون ‪،‬‬
‫وتابعـوهم ‪ ،‬وأئمة الهدى المستمسكون بهديـه ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬إلى اليوم ‪ ،‬رواية ودراية ‪ ،‬تلقينا ً وكتابة ‪.‬‬
‫من ذلك ‪ -‬مثلً ‪ -‬قول أهل السنة في الصفات إجمالً وتفصيلً ‪ ،‬فهو ل‬
‫يزال واحد ا ً ‪ ،‬وقولهم في كلم الله ‪ ،‬والقرآن ‪ ،‬والستواء ‪ ،‬والنزول‬
‫والرؤية ‪ ،‬وقولهم في القدر ‪ ،‬واليمان ‪ ،‬والشفاعة ‪ ،‬والتوسل ‪،‬‬
‫وغيرها كله ل يزال كما نقل عن السلف والقرون الفاضلة ‪ .‬وهذا مما‬
‫تكفل به الله من حفظ دينه ‪.‬‬
‫بخلف الفرق الخرى ‪ ،‬وأقربها إلى أهل السنة " الشاعرة " و "‬
‫الماتريدية " ‪ ،‬ومع ذلك فهم مضطربون في كل ما خالفوا به السلف‬
‫مما أّولوه أو ابتدعوه ‪ ، 1‬ويكثر في عقائدهم التلفيق واللتباس‬
‫والضطراب ‪ ،‬والتوقف فيما جاء عن الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وعن رسوله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وابتداع اللفاظ والمعاني التي لم ترد عن‬
‫الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬ول عن رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪. -‬‬

‫‪ -‬انظر تفاصيل هذا الموضوع في فتاوى ابن تيمية ‪. 97 – 50 ، 30 – 1 / 4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪34‬‬
‫المـبحـث الـثـالـث‬

‫مـوجـز‬
‫اعـتـقـاد أهـل السـنـة و الجـماعـة‬
‫ومستلزمـاته‬

‫ويشمل ‪:‬‬

‫‪ – 1‬موجـز اعتـقـاد أهل السنة والجـماعـة ‪.‬‬

‫‪ – 2‬العتصام بعـقيدة أهل السنة أمـر متعيـن ‪.‬‬

‫‪ – 3‬حـقيـقة النتماء إلى أهل السنة والجماعة ومستلزماته ‪.‬‬

‫‪ – 4‬أمثلة لواقع الدعوات المعاصرة حيال عقيدة أهل السنة ‪.‬‬

‫‪ – 5‬بين أهل السنة والشاعرة ‪.‬‬

‫‪ – 6‬من أهـم المسائل التي خالف فيها الشاعرة أهل السنة ‪.‬‬

‫‪ – 7‬أيـن أهـل السنة ؟ ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫)‪(1‬‬

‫موجـز اعتـقـاد أهل السنة والجـماعـة‬

‫أولً ‪ :‬قـواعـد عامة ‪: 1‬‬

‫‪ -1‬مصادر عـقيدة أهل السنة والجماعة ‪:‬‬


‫نظرا ً لن عقيدة أهل السنة والجماعة توقيفية ‪ ،‬فهي تقوم على‬
‫التسليم بما جاء عن الله وعن رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬دون‬
‫تحريف ‪ ،‬ول تأويل ‪ ،‬ول تعطيل ‪ ،‬ول تمثيل ‪.‬‬
‫ولها مصدران أساسيان ‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫أ – القرآن الكريم ‪.‬‬
‫ب – ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫والجماع المعتبر في تقرير العقيدة مبنى على الكتاب والسنة أو‬
‫أحدهما ‪.‬‬

‫‪ - 1‬استنبطت هذه القواعد من خلل اطلعي على بعض كتب الئمة ‪ .‬ومن أهم الكتب التي‬
‫أفدت منها في استقراء وتقرير هذه القواعد ‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب اليمان ‪ ،‬للقاسم بن سلم ‪ ،‬ت ‪. 224 :‬‬
‫‪ -2‬الرد على الزنادقة والجهمية ‪ ،‬للمام أحمد ‪ ،‬ت ‪. 241 :‬‬
‫‪ -3‬كتاب اليمان ‪ ،‬للحافظ العـدني ‪ ،‬ت ‪. 243 :‬‬
‫‪ -4‬الختلف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ‪ ،‬لبن قتيبة ‪ ،‬ت ‪. 276 :‬‬
‫‪ -5‬السنة لبن أبي عاصم ‪ ،‬ت ‪. 287 :‬‬
‫‪ -6‬الرد على الجهمية ‪ ،‬والرد على المريسي ‪ ،‬وكلهما للدارمي ‪ ،‬ت ‪. 280 :‬‬
‫‪ -7‬السنة ‪ ،‬لعـبدالله بن المام أحمد ‪ ،‬ت ‪. 290 :‬‬
‫‪ -8‬البانة عن أصول الديانة للشعـري ‪ ،‬ت ‪. 324 :‬‬
‫‪ -9‬الشريعة ‪ ،‬للجري ‪ ،‬ت ‪. 360 :‬‬
‫‪ -10‬الشرح والبانة ‪ ،‬لبن بطـة ‪ ،‬ت ‪. 387 :‬‬
‫‪ -11‬عـقيدة السلف أصحاب الحديث ‪ ،‬لبي إسماعيل الصابوني ‪ ،‬ت ‪. 449 :‬‬
‫‪ -12‬ذم التأويل ‪ ،‬لبن قدامة المقدسي ‪ ،‬ت ‪. 620 :‬‬
‫‪ -13‬بعض كتب شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬ت ‪ ، 728 :‬وبخاصة ‪ :‬التدمرية ‪ ،‬والواسطية ‪،‬‬
‫والحموية ‪ ،‬ومجموع الفتاوى ‪ ،‬المجلدات ) ‪ ، ( 9 -1‬والعـقل والنقل ‪ ،‬ومنهاج السنة ‪ ،‬ونقض‬
‫التأسيس وغيرها ‪.‬‬
‫‪ -14‬الصواعق المرسلة على الجهمية والمعـطلة ‪ ،‬لبن القيم ‪ ،‬ت ‪. 751 :‬‬
‫‪ -15‬شرح العـقيدة الطحاوية لبن أبي العـز ‪ ،‬ت ‪. 792 :‬‬
‫‪ -16‬شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري في فتح الباري لبن حجر ‪ ،‬ت ‪. 852 :‬‬
‫‪ -17‬شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ عبدالله بن محمد الغنيمان ‪ .‬وغيرها‬
‫مماهو مثبت بالهوامش لحقا ً ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫والفطرة والعقل السليم ‪ :‬رافدان مؤيدان ل يستقلن بتقرير‬
‫تفصيلت العقيدة وأصول الدين ‪ ،‬فهما يوافقان الكتاب والسنة ول‬
‫يعارضهما ‪.‬‬
‫وإذا ورد ما يوهم التعارض بين النقل والعقل ‪ ،‬اتهمنا عقولنا ‪ ،‬فإن‬
‫حـكـم في الدين ‪ ،‬فتقديم عقول الناس‬ ‫م َ‬
‫النقل الثابت مقدم و ُ‬
‫وأرآئهم الناقصة على كلم الله ورسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه ‪ ،‬ضلل وتعسف ‪.‬‬

‫‪ -2‬ما صح عن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وإن كان من‬
‫خبر الحاد ‪ ،‬وجب قبوله ‪. 1‬‬

‫‪ -3‬ما اختلف فيه في أمور الدين فمرّده إلى الله ورسوله ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ) ، -‬الكتاب والسنة ( ‪ 2‬كما فهمها الصحابة‬
‫والتابعون ‪ ،‬والتابعون لهم من أئمة الهدى المتبعين ‪.‬‬
‫فالمرجع في فهم نصوص العقيدة الواردة في الكتاب والسنة هم‬
‫الصحابة والتابعون ‪ ،‬ومن اقتفى أثرهم من أئمة الهدى والدين ‪ ،‬ول‬
‫عبرة بمن خالفهم ‪ ،‬لنه متبع غير سبيل المؤمنين ‪.‬‬

‫‪ - 4‬أصول الدين والعقيدة توقيفية ) قد بينها رسول الله ‪ -‬صلى الله‬


‫عليه وسلم ‪ -‬بالقرآن والسنة ( ‪:‬‬
‫‪ -‬فإن كل محدثة في الدين بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضللة ‪ ،‬كما صح عن‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬فليس لحد أن يحدث أمرا ً من أمور الدين ‪ ،‬زاعما ً أنه يجب التزامه‬
‫أو اعتقاده ‪ ،‬فإن الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬أكمل الدين ‪ ،‬وانقطع الوحي ‪ ،‬وختمت‬
‫النبوة ‪ ،‬لقوله ‪ -‬تعالى ‪:‬‬
‫} ال ْيو َ‬
‫م { ] سورة المائدة ‪ ،‬الية ‪. [ 3 :‬‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬
‫م ِدين َك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬
‫َ ْ َ‬
‫وقوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ " : -‬من أحدث من أمرنا هذا ما ليس‬
‫منه فهو رد ّ " ‪ ، 3‬وهذا الحديث قاعدة من قواعد الدين ‪ ،‬وأصل من‬
‫أصول العقيدة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬مختصر الصواعق المرسلة ‪ ،‬لبن القـيم ‪ ،‬اختصار محمد بن الموصلي ‪– 359 / 2 ،‬‬
‫‪. 446‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬العتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ‪ ،‬للبيهـقي ‪ ،‬ص ‪. 227‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه البخاري في الصلح ‪ ،‬باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ‪ ،‬حديث ‪/‬‬
‫‪ . 2697‬فتح الباري ‪ . 301 / 5 ،‬ومسلم ‪ ،‬كتاب القضية ‪ ،‬باب نقض الحكام الباطلة ورد‬
‫محدثات المور ‪ ،‬حديث ‪. 1718‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ -‬ومن اعتقد أنه يسعه الخروج عما جاء به الرسول ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬من شرع‬
‫ودين ‪ ،‬فـقد خلع ربقة السلم من عنقه ‪.‬‬

‫‪ - 5‬يجـب التـزام اللفـاظ الواردة من الكتـاب والسنّـة في العـقـيدة‬


‫‪ ،‬واجتـناب اللفــاظ‬
‫المحدثة التي ابتدعها المتكلمون والفلسفة وسواهم ‪ ،‬لن العقيدة‬
‫توقيفية‪ ،‬فهي مما ل يعلمه إل الله ‪ -‬سبحانه ‪.‬‬

‫‪ - 6‬أمور العـقيدة غـيب ‪ ،‬ومبناها على التسليم بما جاء عن الله‬


‫تعالى‪ ،‬وعن رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ظاهرا ً وباطنا ً ‪ ،‬ما‬
‫عـقلناه منها وما لم نعـقله ‪ .‬فمن لم ُيسّلم فيها لله ‪ -‬تعالى‪-‬‬
‫سـلـم دينه ‪. 1‬‬
‫ولرسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬لم ي َ ْ‬
‫‪ -‬والتسليم لله وللرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يتمثل في التسليم‬
‫بالكتاب والسنة ‪. 2‬‬

‫‪- 7‬ل يجوز الخوض والجدل والمراء في العقيدة ونصوصها لنها‬


‫‪3‬‬
‫غيب ‪ ،‬إل بقدر البيان وإقامة الحجة مع التزام منهج السلف في ذلك‬
‫‪.‬‬

‫‪ - 8‬ليجوز تأويل نصوص العقيدة ‪ ، 4‬ول صرفها عن ظاهرها بغير دليل‬


‫شرعي ثابت عن المعصوم ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.5‬‬

‫‪ - 9‬من لوازم العقيدة العمل بالشريعة ‪:‬‬


‫فالحكم بغير ما أنزل الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬ينافي التوحيد والتسليم لله ‪-‬‬
‫تعالى ‪ -‬وللرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فالتزام غير شرع الله ‪-‬‬
‫تعالى ‪ -‬والعدول المطلق عنه أو تجويز الحكم بغير ما أنزل الله ‪-‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬لبي العـز الحنفي ‪ ،‬ص ‪. 143‬‬


‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬لبي العـز الحنفي ‪ ،‬ص ‪. 140‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬الشرح والبانة ‪ ،‬ص ‪ . 127 - 123‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 258‬والشريعة ‪،‬‬
‫للجري ‪ ،‬ص ‪. 67 - 54‬‬
‫‪ - 4‬وهذا بخلف النصوص الواردة في الحكام ‪ ،‬فإنه ل يجوز تأويلها أو صرفها عن‬
‫ظاهرها إذا وجد المقتضى الشرعي لها ‪ ،‬وبالشروط التي ذكرها أئمة الدين المعتبرون ‪.‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬الصواعق المرسلة ‪ ،‬لبن القيم ) المختصر ( ص ) ‪ . ( 90 -10‬وذم التأويل لموفق‬
‫الدين بن قدامة المقدسي ت ‪. 620 :‬‬

‫‪38‬‬
‫تعالى ‪ -‬كفر أكبر ‪ ،‬أما العدول عن شرع الله في واقعة معينة لهوى‬
‫أو إكراه مع التزام بشرع الله فهو كفر أصغر أو ظلم أو فسق !!‬

‫ثانـيا ً ‪ :‬قواعـد تفـصيلية ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عقيدتهم في أسماء الله وصفاته ‪:‬‬


‫إثبات ما أثبته الله لنفسه ‪ ،‬وما أثبته له رسوله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬ونفي ما نفاه الله عن نفسه ‪ ،‬وما نفاه رسوله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬من غير تمثيل ول تكليف‪ ) ،‬و ل تشبيه ( ‪ ،‬ول تحريف ‪،‬‬
‫) ول تأويل ( ‪ ،‬ول تعطيل ‪ .‬كما قال ‪ -‬تعالى ‪:‬‬

‫ميعُ ال ْب َ ِ‬
‫صيُر { ] سورة الشورى ‪ ،‬الية ‪. [ 11 :‬‬ ‫س ِ‬
‫يٌء وَهُوَ ال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫} ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬
‫مث ْل ِهِ َ‬
‫والله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وصف نفسه ووصفه رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بأنه ‪:‬‬
‫ي ‪ ،‬قدير‪ ،‬مريد ‪ ،‬وأنه مستوعلى‬ ‫سميع‪ ،‬بصير‪ ،‬عالم ‪ ،‬متكلم ‪ ،‬ح ّ‬
‫عرشه ‪ ،‬فوق عباده ‪ ،‬وأنه ‪ -‬تعالى ‪ :‬يرضى ويسخط ‪ ،‬ويغضب ويحب‬
‫ويكره ‪ ،‬ويجئ وينزل ‪ ،‬ويضحك ويعجب ‪ ،‬كما يليق بجلله وعظمته‬
‫) مع الجزم بنفي التشبيه ( ‪ ،‬كما وصف نفسه ‪ -‬تعالى ووصفه رسوله‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ :‬بالنفس ‪ ،‬والوجه ‪ ،‬واليد ‪ ،‬والعين ‪ ،‬وغير‬
‫ذلك مما جاء في القرآن وصحيح السنة ‪ ،‬فأهل السنة يصفونه بما‬
‫وصـف نفسه ووصفـه به رسوله ‪ -‬صلى الله عـليه وسلم ‪ -‬من غـير‬
‫تشبـيه ول تمثيل ول تكييف ول تعطيل ‪ 1‬ول تأويل ‪.‬‬

‫‪ -2‬عـقيدتهم في مسائل اليمان وسائر المغـيبات ‪:‬‬

‫‪ - 1‬راجع السنة ‪ ،‬لعبدالله بن المام أحمد ‪ ، 307 – 264 / 1 ،‬حيث اشتمل على كثير من أقوال‬
‫السلف في ذلك ‪.‬‬
‫وانظر ‪ :‬الشرح والبانة لبن بطة ‪ ،‬ص ‪ ، 192 – 187‬ص ‪ . 218 – 213‬وعقيدة السلف أصحاب‬
‫الحديث ‪ ،‬للمام الصابوني ‪ ،‬ص ‪ . 7 – 4‬والتدمرية ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 7‬والواسطية ‪ ،‬لبن‬
‫تيمية ‪ ،‬بشرح محمد خليل هراس ‪ ،‬ص ‪ . 23 – 21‬وشرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬لبن أبي العـز‬
‫الحنفي ‪ ،‬ص ‪ . 366 – 162‬وكتاب السماء والصفات ‪ ،‬للبيهـقي ‪ ،‬ص ‪ . 138 – 137‬والتحف في‬
‫مذهاب السلف ‪ ،‬للشوكاني ‪ ،‬المجلد الول ‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬ص ‪ ، 96 – 84‬من مجموعة‬
‫الرسائل المنبرية ‪ .‬ورسالة في إثبات الستواء والفوقية ‪ ،‬لبي محمد عبدالله الجويني ‪،‬‬
‫المجلد الول ‪ ،‬الجزء الول ص ‪ 186 – 174‬من مجموعة الرسائل المنبرية ‪ .‬والرد على‬
‫الجهمية ‪ ،‬للدارمي ‪ ،‬ص ‪ . 14‬وذم التأويل ‪ ،‬لبن قدامة المقدسي ‪ ،‬ص ‪ . 11‬والفتوى‬
‫الحموية الكبرى ‪ ،‬لبن تيمية ‪ .‬وأقاويل الثقاة في تأويل السماء والصفات ‪ ،‬لمرعي بن‬
‫يوسف الكرمي ‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫ومن ذلك ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬من أصول أهل السنة أن اليمان قول وعمل ‪ ،‬يزيد وينقص ‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ويشمل اليمان بكل ما أخبر الله به في كتابه ‪ ،‬أو أخبر عنه رسوله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من أمور الغيب والشهادة جملة وتفصيل ‪،‬‬
‫ومن ذلك ‪:‬‬
‫) أ ( اليمان بالله تعالى وتوحيده بالربوبية واللوهية والسماء‬
‫والصفات ‪. 2‬‬

‫مكّرمون ‪ ،‬ل يعصون الله ما أمرهم‬


‫) ب( اليمان بالملئكة وأنهم عباد ُ‬
‫‪ ،‬ويفعلون ما‬

‫ُيؤمرون‪ ،‬وأنهم موكلون بعبادة الله تعالى ‪ ،‬ومنهم من له وظائف‬


‫وأعمال أخرى ‪ ،‬من إنزال الوحي‪ ،‬وكتابة العمال‪ ،‬والمقادير‪ ،‬وقبض‬
‫الرواح ‪ ،‬ونصر المؤمنين ‪ ،‬وتسيير‬
‫السحاب ‪ ،‬وإنزال المطر ‪ ،‬ومنهم حملة العرش ‪ ... . 3‬إلخ ‪.‬‬

‫) جـ ( اليمان بالكتب المنزلة من الله تعالى إلى رسله هداية‬


‫للعباد ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫الزبور ‪ ،‬والتوراة ‪ ،‬والنجيل ‪ ،‬والقرآن الكريم ‪ ،‬وهو أكملها وناسخها‬
‫‪.4‬‬

‫) د ( اليمان بالنبياء والمرسلين جميعا ً ‪ ،‬ومن جاء ذكره منهم في‬


‫القرآن الكريم وصحيح السنة ; وجب اليمان به على وجه الخصوص ‪،‬‬
‫وأنهم كلهم بَلغوا رسالت الله ودعوا إلى توحيده ‪ ،‬وحذروا من‬
‫الشرك ‪. 5‬‬
‫ت { ] سورة النحل ‪ ،‬الية ‪. [ 36 :‬‬ ‫جت َن ُِبوا ال ّ‬
‫طا ُ‬ ‫َ‬
‫غو َ‬ ‫ه َوا ْ‬
‫دوا الل َ‬
‫ن اع ْب ُ ُ‬
‫}أ ِ‬
‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬كتاب السنة ‪ ،‬لعبدالله بن أحمد ‪ ، 307 / 1 ،‬تحقيق د‪ .‬محمد بن سعيد القحطاني ‪.‬‬
‫والشرح والبانة لبن بطـة ‪ ،‬ص ‪ . 177-176‬والعتقاد للبيهـقي ‪ ،‬ص ‪ . 174‬واليمان لبن‬
‫تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 261 - 186‬ولمعـة العتقاد ‪ ،‬للمقدسي ‪ ،‬ص ‪ . 28‬والبانة‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪. 67‬‬
‫وشرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬ص ‪ . 288‬وعقيدة السلف‪ ،‬للصابوني ‪ ،‬ص ‪ . 67‬وشرح السنة ‪،‬‬
‫للبغـوي ‪. 33 / 1 ،‬‬
‫‪ - 2‬توحيد السماء والصفات يعني ‪ :‬إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه ‪ ،‬وما أثبته له رسوله‬
‫صلى الله عليه وسلم من السماء والصفات ‪ ،‬ونفي ما نفاه الله عن نفسه ‪ ،‬وما نفاه‬
‫عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وتنزيهه من كل عيب ونقص ‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬الشرح والبانة ‪ ،‬لبن بـطة ‪ ،‬ص ‪ . 210‬وشرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪248 – 243‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 4‬انظر ‪ :‬شرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 257‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬الشرح والبانة ‪ ،‬ص ‪ . 211‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 257 – 256‬‬
‫‪40‬‬
‫وأن محمد ا ً ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬هو أفضل الخلق وخاتم النبيين‬
‫بعثه الله إلى الناس جميعا ً ‪ ،‬وبموته ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬انقطع‬
‫الوحي وأكمل الله الدين ‪. 1‬‬

‫) هـ ( اليمان باليوم الخر وأن الموت حق ‪ ،‬وبنعيم القبر‬


‫وعذابه ‪ ،‬والبعث والنفخ في الصور ‪ ،‬والنشور والعرض ‪ ،‬والحساب‬
‫والجزاء ‪ ،‬والصحف والميزان ‪ ،‬والصراط والحوض ‪ ،‬والجنة ونعيمها ‪،‬‬
‫والنار وعذابها ‪ ... . 2‬إلخ ‪.‬‬
‫وُيؤمنون بالساعة وأشراطها ‪ ،‬ومنها ‪ :‬خروج الدجال ‪ ،‬ونزول عيسى‪-‬‬
‫عليه السلم ‪ -‬وخروج المهدي ‪ ،‬ويأجوج ومأجوج ‪ ،‬وطلوع الشمس‬
‫من مغربها ‪ ،‬وخروج الدابة ‪ ، 3‬وغير ذلك مما ثبت في الخبار ‪.‬‬

‫) و ( اليمان بالقـدر خيره وشره من الله ‪ -‬تعالى‪ -‬وأن الله علم‬


‫كل شيئ قبل أن يكون ‪ ،‬وكتب ذلك في اللوح المحفوظ ‪ ،‬وأنه ‪-‬‬
‫تعالى – ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ‪ ،‬وأنه خالق كل شيئ ‪ ،‬وقد‬
‫قدر الرزاق والجال ‪ ،‬والسعادة والشقاء ‪ ،‬والهداية والضلل ‪ ،‬وأنه ‪-‬‬
‫تعالى ‪ -‬فعــال لما يريد ‪ ، 4‬وأنه ‪ -‬تعالى ‪ -‬أخذ الميثاق على بني آدم‬
‫وأشهدهم‬
‫على أنفسهم أنه ربهم ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ثانـيا ً القـرآن ‪ :‬من أصول أهل السنة ‪ :‬أن القرآن الكريم كلم الله‬
‫منزل غير مخلوق ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وأن من زعم أنه مخلوق فقد كفر ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫ثالثـا ً ‪ :‬الـرؤيـة ‪ ،‬وأن المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم‬


‫من غير كيف ول إحاطة ‪. 7‬‬
‫‪ - 1‬انظر شرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 105 – 103‬والعتقاد ‪ ،‬للبيهقي ‪ ،‬ص ‪. 305 – 255‬‬
‫‪ - 2‬شرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 369 ، 353 – 344‬وعقيدة السلف أصحاب الحديث ‪،‬‬
‫للصابوني ‪ ،‬ص ‪ . 63 ، 61 ، 60‬والشرح والبانة ‪ ،‬ص ‪. 223 – 219 ، 208 – 197‬‬
‫‪ - 3‬انظر شرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 447‬ولمعـة العتقاد ‪ ،‬ص ‪. 31 ، 30‬‬
‫‪ - 4‬انظر ‪ :‬عـقيدة السلف أصحاب الحديث ‪ ،‬للصابوني ‪ ،‬ص ‪ . 82 – 75‬والشرح والبانة ‪ ،‬ص‬
‫‪ . 192‬والبانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪ . 56‬وشرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 185‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬شرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 185‬وتفسير ابن كثير ‪ ،‬ص ‪. 229 – 227‬‬
‫‪ - 6‬راجع ‪ :‬السنة لعبدالله بن المام أحمد ‪ . 132 / 1 ،‬ولمعـة العتقاد ‪ ،‬لمقدسي ‪ ،‬ص ‪– 15‬‬
‫‪. 18‬والعتقاد ‪ ،‬للبيهـقي ‪ ،‬ص ‪ . 110 – 94‬والشرح والبانة ‪ ،‬لبن بـطة ‪ ،‬ص ‪. 186 – 184‬‬
‫والبانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪ . 56‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 109 – 107‬وعقيدة السلف‬
‫أصحاب الحديث ‪ ،‬للصابوني ‪ ،‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ - 7‬راجع ‪ :‬السنة ‪ ،‬لعبدالله بن المام احمد ‪ ، 264 – 2291 / ،‬فقد اشتمل على كثير من أقوال‬
‫السلف في ذلك ‪ ،‬تحقيق الدكتور محمد بن سعيد القحطاني ‪ .‬وانظر شرح العقيدة‬
‫‪41‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬الشفاعـة ‪ ،‬ويؤمنون بسائر الشفاعات التي ثبتت في‬
‫القرآن والسنة بشروطها يوم القيامة ‪ ،‬وأعظمها شفاعة محمد ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬العظمى لخلئق يوم القيامة ‪ ،‬وشفاعته ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬لهل الكبائر من أمته ‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫الشفاعات له ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ولغيره من الملئكة والنبيين‬
‫والمؤمنين وغيرهم ‪ ،‬كما جاءت بذلك الثار الصحيحة ‪. 1‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬السراء والمعراج ‪ -‬السراء إلى بيت المقدس ‪،‬‬


‫والمعراج إلى السماء السابعة ‪ -‬وسدرة المنتهى ‪ ،‬ثابت للنبي محمد ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬كما جاءت بذلك اليات والحاديث الثابتة ‪. 2‬‬

‫‪ – 3‬عقيدتهم في بقيـة الصول والحكام العتقادية ‪:‬‬

‫ب رسول الله ‪ -‬صلى الله‬ ‫أولً ‪ :‬من أصول الدين عند أهل السنة ‪ :‬ح ّ‬
‫ب للمرء من نفسه و ولده ‪ ،‬والناس‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬حتى يكون أح ّ‬
‫أجمعين ‪ ،‬ثم حب أصحاب رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫وزوجاته أمهات المؤمنين ‪ ،‬والترضي عنهم‪ ،‬وأنهم أفضل المة‪،‬‬
‫والكف عما شجر بينهم ‪ ،‬وأن بغضهم أو الطعن في أحد منهم ضلل‬
‫ونفاق ‪. 3‬‬
‫وأفضلهم ‪ -‬رضي الله عنهم جميعا ً ‪ -‬أبو بكر ‪ ،‬ثم عمر ‪ ،‬ثم عثمان ‪ ،‬ثم‬
‫ي ‪ ،‬والعشرة‬
‫عل ّ‬
‫المبشرون بالجنة ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫كما يدين أهل السنة بحب آل بيت رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ -‬ويستوصون بهم‬

‫الطاوية ‪ ،‬ص ‪. 56‬‬


‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬السنة ‪ ،‬لبن أبي عاصم ‪ . 364 / 2 ،‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 174‬والشريعة‬
‫للجري ‪ ،‬ص ‪ . 236 – 321‬ولمعة العتقاد ‪ ،‬ص ‪ . 34‬ومجموع الفتاوى ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪116 / 1‬‬
‫– ‪. 117‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 168‬والشريعة ‪ ،‬للجري ‪ ،‬ص ‪. 481‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬البانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪ . 59‬ولمعة العتقاد ‪ ،‬للمقدسي ‪ ،‬ص ‪ . 36‬والشرح والبانة‬
‫لبن بطـة ‪ ،‬ص ‪ . 271 – 265 ، 170 – 159‬والوصية الكبرى في عقيدة الفرقة الناجية ‪ ،‬لبن‬
‫تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 58 – 55‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 414‬‬
‫‪ - 4‬انظر ‪ :‬الوصية الكبرى ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 60 – 59‬والشرح والبانة لبن بطة ‪ ،‬ص ‪– 257‬‬
‫‪ . 261‬والعتقاد ‪ ،‬للبيهقي ‪ ،‬ص ‪ . 323 – 317‬والبانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪ . 59‬وعقيدة السلف ‪،‬‬
‫للصابوني ‪ ،‬ص ‪. 86‬‬
‫‪42‬‬
‫خير ا ً ‪ ،‬ويرعون لهم حقوقهم ‪ ،‬كما أمر رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪. 1‬‬

‫ثانيـا ً ‪ :‬مجانبـة أهل البدع والنفاق ‪ ،‬والهواء ‪ ،‬وأهل الكلم ‪،‬‬


‫وبغضهم ‪ ،‬والتحذير منهم ‪ ،‬كالرافضة ‪ ،‬والجهمية ‪ ،‬والخوارج ‪،‬‬
‫والقدرية ‪ ،‬وغلة المرجئة ‪ ،‬وغلة الصوفية ‪ ،‬والفلسفة ‪ ،‬وسائر‬
‫الفرق والطوائف ‪ ، 2‬التي جانبت السنة والجماعة ‪. 3‬‬

‫ثالثـا ً ‪ :‬لزوم الجماعـة ‪ ، 4‬الجتماع والعتصام بحبل الله ‪ ) ،‬القرآن‬


‫والسنة ( ‪ ،‬فإن الفرقة عن أهل الحق شذوذ وهلكة وضلل ‪. 5‬‬
‫فّر ُ‬
‫قوا { ] سورة آل عمران ‪،‬‬ ‫ميًعا َولا ت َ َ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬
‫ج ِ‬ ‫حب ْ ِ‬
‫موا ب ِ َ‬
‫ص ُ‬
‫قال تعالى ‪َ } :‬واع ْت َ ِ‬
‫الية ‪. [103 :‬‬

‫رابعـا ً ‪ :‬وجوب السمع والطاعة لولة المور بالمعروف ‪ ،‬ما‬


‫لم يأمروا بمعصية ‪ ،‬ول يجوز الخروج عليهم ‪ ،‬وإن جاروا ‪ ،‬إل أن يرى‬
‫ح عليه من الله برهان ‪. 6‬‬
‫منهم كفٌر بوا ٌ‬

‫خامسا ً ‪ :‬وجوب النصيحة لله ولرسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬


‫ثم لئمة المسلمين ‪ )،‬و هم ولة المور من المراء والعلماء (‬
‫وعامتهم ‪. 7‬‬

‫سادسا ً ‪ :‬الجهاد مع المام ‪ -‬برا ً كان أو فاجرا ً ‪ ،‬وهو ) أي الجهاد (‬


‫من شعائر الدين وذروة سنام السلم ‪ ،‬وأنه قائم إلى يوم القيامة ‪. 8‬‬
‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬الوصية الكبرى ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 59 – 58‬والعتقاد ‪ ،‬للبيهقي ‪ ،‬ص ‪. 330 – 324‬‬
‫ولمعة العتقاد ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ - 2‬تدخل في ذلك المذاهب والفرق والتجاهات الحديثة ‪ ،‬كالشيوعية ‪ ،‬والقاديانية ‪،‬‬
‫والبهائية ‪ ،‬والبابية ‪ ،‬وكذلك الشتراكية ‪ ،‬والعـلمانية ‪ ،‬والبعـثية ‪ ،‬وسائر القوميات التي‬
‫تقوم على العـصبية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬البانة ‪ ،‬للشعـري ‪ ،‬ص ‪ . 64‬ولمعة العتقاد ‪ ،‬ص ‪ . 43 – 42‬وعـقيدة السلف‬
‫أصحاب الحديث ‪ ،‬للصابوني ‪ ،‬ص ‪ . 112‬وشرح السنة للبغـوي ‪ ،‬ص ‪. 230 – 217‬‬
‫‪ - 4‬المقصود بالجماعة ‪ ،‬أهل السنة ‪ ،‬المتبعين للرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬وأصحابه‬
‫والتابعين لهم وأئمة الهدى في القرون الثلثة الفاضلة ومن سلك طريقهم إلى يوم‬
‫الدين ‪ ،‬اعتقادا ً وقولً وعملً ‪ .‬راجع ص ) ‪ ( 15 – 9‬من هذا البحث ‪.‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬شرح السنة ‪ ،‬للبغـوي ‪ ،‬ص ‪ . 209 – 189‬والوصية الكبرى ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪. 74‬‬
‫وشرح العـقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ ، 458‬ولعتقاد للبيهقي ‪ ،‬ص ‪. 246 – 242‬‬
‫‪ - 6‬انظر ‪ :‬شرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 330 – 327‬ولمعة العتقاد ‪ ،‬ص ‪ . 42‬والبانة ‪ ،‬ص ‪. 64‬‬
‫والشرح والبانة ‪ ،‬ص ‪ . 280 – 277‬والعتقاد ‪ ،‬للبيقهي ‪ ،‬ص ‪ . 246 – 242‬والشرح والبانة ‪ ،‬ص‬
‫‪. 281‬‬
‫‪ - 7‬انظر ‪ :‬فتح الباري ‪. 140 – 137 / 1 ،‬‬
‫‪ - 8‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 336‬والعقيدة الواسطية بشرح محمد خليل هراس‬
‫‪ ،‬ص ‪ . 181‬وعقيدة السلف أصحاب الحديث ‪ ،‬ص ‪. 93 – 92‬‬
‫‪43‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬المر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول‬
‫الدين ‪ ،‬ومن أعظم شعائر السلم ‪ ،‬وهو واجب على الستطاعة ‪. 1‬‬

‫ثامنا ً ‪ :‬أحكام المسلمين وحقوقهم ‪:‬‬

‫‪ -1‬من شهد أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ‪ ،‬وصلى صلتنا‪،‬‬
‫واستقبل قبلتنا‪ ،‬وأظه شعائر السلم ‪ ،‬فهو مسلم له ما للمسلمين ‪،‬‬
‫وعليه ما عليهم ‪ ،‬حرام الدم والمال والعرض ‪ ،‬وحسابه على الله ‪، 2‬‬
‫واختبار مجهول الحال ‪ ،‬وإساءة الظن به ‪ ،‬أو التوقف في إسلمه‬
‫بدعة وتنطع في الدين ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ليجوز تكفير أحد من أهل القبلة بذنب يرتكبه ‪ ، 3‬إل من جاء‬


‫تكفيره بالكتاب والسنة ‪ ،‬وقامت عليه الحجة‪ ،‬وانتفت في حقه‬
‫عوارض الكراه ‪ ،‬أو الجهل ‪ ،‬أوالتأول ‪ .‬كما ل يجوز الشك في كفر‬
‫من حكم الله ورسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بكفره ‪ ،‬من‬
‫المشركين واليهود والنصارى وغيرهم ‪.‬‬

‫‪ - 3‬لنجزم لحد بجنةٍ أو نار إلّ من شهد له رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪. 4‬‬

‫‪ - 4‬ومرتكب الكبيرة في الدنيا فاسق وعاص ‪ ،‬وفي الخرة تحت‬


‫مشيئة الله ‪ ،‬إن شاء عذبه‪ ،‬وإن شاء غفر له ‪ ،‬ول ُيخلد في النار‪،‬‬
‫ونرجو للمحسن‪ ،‬ونخاف على المسئ‪. 5‬‬

‫‪ - 5‬الصلة خلف أئمة المسلمين ‪ -‬برهم وفاجرهم ‪ -‬والجهاد‬


‫معهم ‪ ،‬والصلة على من مات على السلم من أهل القبلة برهم‬
‫وفاجرهم ‪.6‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬رسالة في المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ) ،‬مطبوع ( ‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 258‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬شرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 262 – 261 ، 258‬والبانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪ . 57‬ولمعة‬
‫العتقاد ‪ ،‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ - 4‬انظر ‪ :‬البانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪ . 58‬ولمعة العتقاد ‪ ،‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬شرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 317‬والبانة ‪ ،‬للشعري ‪ ،‬ص ‪ ، 58‬ولمعة العتقاد ‪ ،‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ - 6‬انظر ‪ :‬شرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 332 - 331‬والبانة للشعري ‪ ،‬ص ‪ . 62 - 61‬وعقيدة السلف‬
‫أصحاب الحديث ‪ ،‬الصابوني ‪ ،‬ص ‪. 92‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ - 6‬وجوب الحب في الله‪ ،‬والبغض في الله‪ ،‬ومن ذلك الولء‬
‫للمؤمنين الصالحين ‪ ،‬والبراء من المشركين والكافرين والمنافقين‪،‬‬
‫وكل مسلم له من الولية بقدرما لديه من اليمان والتباع للرسول‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ، 1 -‬ومن البرآءة بقـدر ما فيه من فسـق‬
‫ومعصية ‪.‬‬
‫‪ - 7‬كرامات الولياء حق ‪ ،‬وليس كل كرامة دليلً على التوفيق‬
‫والصلح ‪ ،‬إلّ لمن كان على هدى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ -‬ظاهرا ً وباطنا ً ‪.‬‬
‫وقد تكون الكرامة ابتلء ‪ ،‬وليس كل خارق يكون كرامة ‪ . 2‬والله أعلم‬
‫‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬شرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 332 – 331‬وكتاب اليمان ‪ ،‬للحافظ العدني ‪ ،‬ص ‪. 128‬‬
‫والشرح والبانة ‪ ،‬ص ‪. 274‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪. 188 – 159‬‬
‫والنبوات ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 10 – 7‬وشرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 446 – 442‬‬
‫‪45‬‬
‫) ‪ ( 2‬العتصام بعـقيدة أهل السنة والجماعة أمر‬
‫متعـين‬

‫لئن كانت عقيدة أهل السنة والجماعة مستمدة من كتاب الله‬


‫ورسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فهذا يعني أنها السلم والعلم‬
‫والحكم ‪ ،‬وهذا يعني ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬أنها بالضرورة هي الولى بالتباع ‪ ،‬وأن‬
‫التزامها متعين ‪ ،‬لنها الحق ‪ ،‬والحق أحق أن ُيتبع ‪ ،‬فهي العروة‬
‫الوثقى والدين الخالص ‪ ،‬والصراط المستقيم ‪ ،‬وهي وصية رسول‬
‫الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وهي سبيل المؤمنين ‪ ،‬والله تعالى‬
‫توعد من خالف الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬واتبع غير سبيلهم‬
‫‪ ،‬فقال الله تعالى ‪:‬‬

‫ل‬ ‫دى وَي َت ّب ِعْ غ َي َْر َ‬


‫سِبي ِ‬ ‫ه ال ْهُ َ‬
‫ن لَ ُ‬‫ما ت َب َي ّ َ‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬
‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫سو َ‬‫ق الّر ُ‬ ‫شاقِ ِ‬ ‫ن يُ َ‬‫م ْ‬ ‫}وَ َ‬
‫را { ] سورة النساء ‪،‬‬ ‫صي ً‬
‫م ِ‬‫ت َ‬ ‫ساَء ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫جهَن ّ َ‬‫صل ِهِ َ‬‫ما ت َوَّلى وَن ُ ْ‬
‫ن ن ُوَل ّهِ َ‬‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ال ْ ُ‬
‫الية ‪. [ 115 :‬‬

‫وسبيل المؤمنين لشك أنه سبيل الصحابة والتابعين ‪ ،‬والقرون‬


‫الفاضلة في الدين ‪ ،‬الذين أثنى الله عليهم ‪ ،‬وأثنى عليهم المعصوم ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬وأمرنا باتباعهم ‪.‬‬
‫كما أن مخالفة غير سبيل المؤمنين مشاقة لله تعالى ‪ ،‬ولرسوله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬كما ورد في الية نفسها ‪.‬‬

‫وإذا كان المر كذلك ‪ ،‬فإن التمسك بهذه العقيدة الحق ‪ ،‬عقيدة أهل‬
‫السنة والجماعة ‪ ،‬أمر متعين شرعا ً ‪ ،‬بأمر من الله تعالى ‪ ،‬وأمر‬
‫رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬قال الله تعالى ‪:‬‬

‫ن َرب ّك ُ ْ‬
‫م { ] سورة العراف ‪ ،‬الية ‪. [ 3 :‬‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫} ات ّب ُِعوا َ‬

‫وقد بّين النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أنه سيكون بعده اختلف‬
‫وافتراق كثير‪ ،‬وأن الحق مع المتمسكين بسنته ‪ ،‬وسنة الخلفاء‬
‫الراشدين ‪ ،‬حيث قال ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬في حديث العرباض ‪:‬‬
‫" اتقوا الله وعليكم بالسمع والطاعة وإن عبدا ً حبشيا ً ‪ ،‬وإنه من يعش‬
‫منكم بعدي فسيرى اختلفا ً كثيرًا‪ ،‬فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء‬
‫الراشدين المهديين ‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫ضوا عليها بالنواجذ ‪ ،‬وإياكم ومحدثات المور ‪ ،‬فإن كل بدعة ضللة‬ ‫ع ّ‬
‫"‪.1‬‬
‫ول ريب أن الذين تمسكوا بسنته ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬والخلفاء‬
‫الراشدين ‪ ،‬واجتنبوا البدع هو أهل السنة والجماعة ‪.‬‬
‫وقال ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬لقد جئتكم بها بيضاء نقية فل تختلفوا‬
‫بعدي " ‪. 2‬‬

‫وقال ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬لقد تركتم على مثل البيضاء ‪ ،‬ليلها‬
‫كنهارها ‪ ،‬ل يزيغ عنها بعدي إل هالك " ‪. 3‬‬

‫والبيضاء هي عقيدة أهل السنة والجماعة ‪ ،‬وسائر ما جاء به الرسول‬


‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من الشرع والدين ‪ ،‬حيث لم تتغير ولم‬
‫تتبدل منذ عهد السلف في القرون الفاضلة حتى اليوم ‪ ،‬بألفاظها‬
‫وأسانيدها ‪ ،‬كما جاءت في القرآن والسنة ‪ ،‬وكما تلفظ بها أئمة‬
‫الهدى ‪.‬‬
‫بخلف معتقدات المتكلمين من المعتزلة ثم الشاعرة والماتريدية‬
‫والكلبية ‪ ،‬ونحوهم ‪ ،‬فإنك تجد الكثير من ألفاظهم ومعتقداتهم ل‬
‫يطابق في لفظه ومعناه ما جاء عن أئمة السلف في القرون الفاضلة‬
‫‪ -‬إل القليل ‪ -‬ول تجد ‪ -‬كثيرا ً مما يعتقدونه مسندا ً إلى رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وأصحابه والتابعين ‪ ،‬وبخاصة في مسألة‬
‫الصفات والقدر ‪ ،‬بل ل تجدهم ‪ -‬في الغالب ‪ -‬متفقين على لفظ ول‬
‫معنى في المسائل التي ابتدعوها ‪.‬‬
‫فلتراجع كتبهم ‪ ،‬ففيها البرهان على ذلك ‪ ،‬والله المستعان ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أخرجه ابن أبي عاصم في السنة بأسانيد صحيحة ‪ ،‬انظر ‪ :‬جـ ‪ ، 1‬ص ‪ 29‬الحديث ‪. 54 /‬‬
‫‪ - 2‬أخرجه ابن بطة في الشرح والبانة ‪ ،‬ص ‪ . 407‬وله شاهد عند أحمد في المسند ‪/ 2 ،‬‬
‫سـنه اللباني في تخريج المشكاة ‪63 / 1‬‬ ‫‪ . 378 ، 338‬والبغـوي في شرح السنن ‪ . 270 / 2‬وح ّ‬
‫من مشكاة المصابيح ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أخرجه ابن أبي عاصم في السنة من طرق كثيرة ‪ ،‬وصححه اللباني ‪ .‬انظر ‪ :‬السنة ‪26 / 1‬‬
‫‪ ، 27 ،‬الحاديث ‪ . 49 ، 48 ، 47 /‬وابن ماجة في المقدمة ‪ ،‬ص ‪ 16‬في الحديثين ‪. 44 ، 43 /‬‬
‫‪47‬‬
‫) ‪ ( 3‬حـقيـقـة انتساب الجمــاعات المعــاصرة‬
‫إلى أهل السنة والجماعة ومستلزماته‬

‫إن المتأمل لواقع الدعوات والحركات السلمية القائمة اليوم يجد أن‬
‫غالبها يدعي النتماء إلى أهل السنة والجماعة ‪.‬‬
‫وهذه الدعوى ) ترويجية ( قد يدعيها الصادق والكاذب ‪ ،‬ويدعيها من ل‬
‫يعي معناها وهو الغلب ‪ ،‬فمثلها كمثل ادعاء السلم من قبل سائر‬
‫الفرق التي نشات في السلم حديثا ً وقديما ً ‪ ،‬فكما أن الرافضة‬
‫تدعي السلم ‪ -‬والسلم منها براء ‪ -‬وكذلك الجهمية والخوارج و‬
‫الباطنية ‪ ،‬وغلة الصوفية ‪ ،‬وغلة الفلسفة ‪ ...‬وكذلك القاديانية ‪،‬‬
‫والبهائية ‪ ،‬والبريلوية ‪ ،‬والبهرة ‪ ،‬و النصيرية ‪ ،‬والسماعيلية ‪ ،‬وغيرهم‬
‫كثير ‪ ،‬كل هؤلء يدعي السلم ‪ ،‬وربما بعضهم يدعي أنه وحده الجدير‬
‫بالسلم ‪.‬‬
‫فكما توجد هذه الدعوى ; كذلك توجد دعوى النتساب إلى أهل السنة‬
‫والجماعة من الكثيرين من الدعاة والحركات والدعوات المعاصرة ‪،‬‬
‫مع الفارق في نوع الدعوى ‪.‬‬
‫ول شك أن منها ‪ -‬أعني الدعوات والحركات المعاصرة ‪ -‬ما هوجدير‬
‫بالنتماء لهل السنة‪ ،‬ومنها ما هو بعيد منها كل البعدعن أهل السنة ‪،‬‬
‫ومنها من يعني بأهل السنة ‪ ،‬الشاعرة أو الماتريدية‪ ،1‬ونحوهم من‬
‫الفرق التي هي أقرب إلى أهل السنة في الجملة ‪ ،‬ومنها من ليدري‬
‫ما يعني تماما ً ‪ ،‬ومنها من ل يهمه إلى أي عقيدة ينتمي ‪.‬‬

‫هذا وسأذكر ‪ -‬بإيجاز ‪ -‬أهم ما يحضرني من المستلزمات التي تترتب‬


‫على النتماء لهل السنة والجماعة ‪ ،‬فمن ذلك ‪:‬‬

‫‪ - 1‬من أهم ما يلزم لمن انتمى إلى أهل السنة ‪-‬ل سيما إن كان‬
‫داعية ‪ -‬أن يتعلم عقيدتهم ‪ ،‬وأن يتشبع بها ‪ ،‬ويكون ملما ً بأصولها في‬
‫الجملة‪ ،‬وأن يطلب العلم الشرعي ‪ ،‬ويتفقه في الدين على العلماء‬
‫والمشايخ ‪ ،‬ليدعو على بصيرة وهدى ‪ ،‬وأن يوجه أتباعه إلى أخد‬
‫العلم الشرعي عن المشايخ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬دعوى الشاعرة والماتريدية ومن انتسب إليهم أنهم هم أهل السنة أو أنهم من أهل‬
‫السنة فيها شيئ من المغالطة واللبس واليهام ‪ ،‬ولذلك سأعقد لها فصلً لحقا ً يلي هذا‬
‫الفصل ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪ - 2‬وبعد ذلك ‪ ،‬لبد أن يدعو إليها ويبينها للناس ويذود عنها ‪ ،‬لنها‬
‫الحق ‪.‬‬
‫‪ - 3‬كما يتحتم على من انتمى لعقيدة أهل السنة والجماعة وهو‬
‫داعية ‪ ،‬أن ُيظهر أثرها على أفكاره وأهدافه ‪ ،‬وأقواله وكتاباته ‪ ،‬بل‬
‫وعلى سلوكه وأعماله ‪ ،‬بحيث يكون ملما ً بتفصيلتها في العموم ) في‬
‫الصول(‪ ، 1‬كاليمان ‪ ،‬والتوحيد ‪ ،‬والسماء ‪ ،‬والصفات ‪ ،‬والقدر‪،‬‬
‫وحقوق الصحابة ‪ ،‬وأن يكون متمسكا ً بالسنن والخلق الفاضلة ‪،‬‬
‫والهدى النبوي ‪ ،‬وعليه سمة السلف مخبرا ً ومظهرا ً ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ويجب على الداعي أن يقتفي منج أهل السنة في الدعوة ‪ ،‬والمر‬


‫بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬والنصيحة لئمة المسلمين وعامتهم ‪،‬‬
‫وتربية الدعاة والمنتسبين للدعوة على ذلك بكل حزم وقوة ‪.‬‬

‫‪ - 5‬ولبد للمنتسب لهل السنة أن يوالي دعوتهم ودعاتهم وأئمتهم‬


‫الماضين و المعاصرين ‪ ،‬وذلك مثل ‪ :‬دعوة الشيخ محمد بن‬
‫عبدالوهاب ‪ ،‬ومن سار على نهجها من جماعات وأفراد ‪ ،‬فهي أطهر‬
‫الدعوات المعاصرة التي سلكت سبيل أهل السنة والجماعة ‪،‬‬
‫قدا ً وسلوكا ً في العصر الحاضر ‪ ،‬لذلك تنبغي موالتها من ِقــبل‬
‫معـتـ َ‬
‫ُ‬
‫كل من ينتسب لهل السنة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أقصد بذلك الدعاة وطلب العلم والعلماء ‪ .‬أما عامة الناس ‪ ،‬فالسلف يرون أنهم ل‬
‫يكلفون بمعرفة العقائد على التفصيل وإنما على الجمال ‪ .‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة‬
‫الطحاوية ‪ ،‬ص ‪ . 11 – 10‬ودرء تعارض العـقل والنقل ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪. 51 / 1‬‬
‫‪49‬‬
‫) ‪ ( 4‬أمثلة لواقـع الدعـوات المعـاصرة‬
‫حيال عـقيدة أهل السنة‬

‫وحيث أن هذه المستلزمات تحتاج إلى تطبيق على الواقع لتبيين‬


‫الماراد منها ‪ ،‬فإني أبّين شيئا ً من المثلة بما عليه كثير من الدعوات‬
‫والحركات على وجه العموم ‪ ،‬من مخالفات بينة لعقيدة أهل السنة‬
‫اعتقادا ً ومنهجا ً وسلوكا ً ‪.‬‬
‫وخوفي من مغبـة التشهير‪ ،‬ومظنة الشماتة بالخرين ‪ ،‬يجعلني‬
‫أعرض شيئا ً من الخطاء ‪ ،‬دون ذكر للسماء أو العناوين ‪ ،‬انطلقا ً من‬
‫قاعدة ) ما بال أقوام (‪. 1‬‬
‫وسأطرح بعض التساؤلت حول واقع الدعوات ومواقفها حيال هذا‬
‫المر العظيم ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫ؤول صفات الله ‪ ،‬ويقول على الله‬ ‫* كيف ينتمي لهل السنة من ي َ‬
‫بغير علم ‪ ،‬ويقع فيما حذر منه السلف من تقديم العقل على كلم‬
‫الله وكلم رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬في صفات الله والقدر‬
‫وسائر أمور الغيب ؟!‬
‫إن بعض الدعوات القائمة ‪ ،‬تقوم على هذا الساس ‪ ،‬وتدعي أنها هي‬
‫أهل السنة ‪. 2‬‬

‫* ثم كيف ينتسب لهل السنة من يرى أن الطرق الصوفـية المبتدعة‬


‫منهجا ً سليما ً للدعوة ؟!‬

‫* والعجب كل العجب ‪ ..‬أن يدعي النتساب لهل السنة من الدعاة‬


‫من يدافع عن البدع أو يروج لها أو يرضى بها ‪ ،‬أو يرى أن أمرها يسير‬
‫‪ ،‬وانها ليست من مسائل الدين المهمة ‪ ،‬مثل بدع الموالد ‪،‬‬
‫والحتفالت الدينية البدعية ‪ ،‬وأين هذا من عقيدة السلف ‪ ،‬لن من‬
‫الدعاة من يعمل هذه البدع ‪ ،‬ومنهم من يستهين بأمرها ويهون من‬
‫خطرها ‪.‬‬

‫* والدهي من ذلك أن يوجد من الدعاة الكبار الذي ينتمون إلى‬


‫سح بالقبور والولياء من الموات‬
‫حركات إسلمية مشهورة من يتم ّ‬
‫‪ - 1‬كان النبي ‪ -‬صلى الله عليه سلم ‪ -‬إذا عاب شيئا ً من بعض الصحابة ‪ -‬رضوان الله‬
‫عليهم ‪-‬ل يسميهم بأسمائهم ‪ ،‬ول يشهر بهم ‪ ،‬بل يقول ‪ " :‬ما بال أقوام " ‪ ،‬من ذلك‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬ما بال أقوام يتنزهون عن الشئ أصنعه ‪ " ...‬الحديث ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يتجه ذلك إلى الشاعرة ‪ ،‬أكثر من غيرهم لنتشار مذهبهم في أغلب بلد المسلمين ‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫والحياء ‪ ،‬ويطلب منهم كشف الضّر ‪ ،‬وجلب النفع ‪ ،‬ويلجأ إليهم في‬
‫السراء والضراء ! ‪.‬‬

‫در للدعوة وهو ل يعرف‬ ‫* وكيف يدعي رفع شعار أهل السنة من يتص ّ‬
‫سئل أحدهم عن بدهيات العقيدة فل ُيجيب ‪،‬‬ ‫عقيدة السلف ‪ ،‬وربما ُ‬
‫وإن أجاب خلط ! ‪.‬‬

‫* وهل يكون من أهل السنة من لم يكف لسانه ول قلمه عن التعرض‬


‫بالنقيصة واللمز أو السباب لبعض الصحابة ‪ ،‬والتابعين وأئمة الهدى‬
‫المعتبرين وسلف المة الماضيين ‪ ،‬خاصة علماء السنة والحديث ؟!! ‪.‬‬

‫* وهناك ‪ -‬مع كل أسف ‪ -‬من كبار الدعاة أو ممن يزعمون أنهم دعاة‬
‫من ُيؤخر الصلة الفريضة عن وقتها دون ضرورة ‪ ،‬أو ل يهتم بصلة‬
‫الجماعة ‪ ،‬ومن يستحل أكل الربا ‪ ،‬ومن يستحل سماع الغاني‬
‫خـن ‪ ،‬ومنهم من‬ ‫سمة ‪ ،‬أو يد ّ‬
‫والموسيقى ‪ ،‬أو يقتني الصور المج ّ‬
‫يحلق لحيته ) دون ضرورة ( ‪ . 1‬أو يتشبه بالكفار في لباسه ومظهره‬
‫وسائر تصرفاته المعاشية ‪ ،‬ومنهم من ل يهتم بالحجاب الشرعي‬
‫للنساء ‪ ،‬أو يقّر الختلط المحرم ويرضى به‪ ..‬إلخ من المور التي‬
‫تخل بالدين‪ ،‬أو تجرح العدالة ‪ ،‬أو تنافي الفضيلة ‪ ،‬ول تقبل ممن‬
‫يتصدر الدعوة ويكون قدوة ‪.‬‬

‫* وهل يجوز أن ينتسب لهل السنة من ل يجعل من أهدافه وأهداف‬


‫دعوته تعلم وتعليم عقيدة أهل السنة ‪ ،‬ورفع لوائها ‪ ،‬والدعوة إليها ‪،‬‬
‫والدفاع عنها ؟!‬
‫لنها هي النهج السليم والصحيح للسلم ‪.‬‬

‫* بل كيف يكون من أهل السنة من يجعل من أهدافه تحاشي‬


‫التظاهر باعتقاد أصول أهل السنة ‪ ،‬وتحاشي الرد على الفرق‬
‫المخالفة ‪ ،‬وبدع المبتدعين بدعوى تفادي إثارة الخلفات بين‬
‫المسلمين ‪.‬‬

‫‪ - 1‬قلت ‪ " :‬دون ضرورة " لعلمي أن بعض المسلمين في بعض البلدان السلمية ربما‬
‫وتنتهك حقوقهم بسبب إعفاء اللحية ‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله ‪.‬‬
‫ُيعذبون ‪ ،‬وُيؤذون ‪ُ ،‬‬
‫‪51‬‬
‫* ومن الدعاة من يسعى إلى جمع المسلمين على غير كلمة سواء ‪،‬‬
‫إنما على ما افترقوا به من اختلف المعتقدات والضللت والبدع ‪،‬‬
‫كحاطب ليل !‬
‫ول شك أن جمع كلمة المسلمين هدف عظيم ‪ ،‬بل هو من أعظم‬
‫أصول الدين ‪ ،‬ول ينكره إل ضال أو جاهل ‪ ،‬لكن جمع المسلمين يجب‬
‫أن يكون على الحق ‪ ،‬وعلى الكتاب والسنة ‪ ،‬والعتصام بالله ‪ ،‬ل‬
‫على مجرد الشعارات السلمية الفارغة من العتقاد الحق ‪.‬‬

‫* ومنهم من يستهين بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬ومناصحة‬


‫ولة المور ‪ ،‬ويزعم أن هذا من القشـور والتوافه ‪ ،‬وهذا مخالف‬
‫لمنهج أهل السنة والجماعة وأصولهم ‪ ،‬كما أسلفت ‪.‬‬

‫وأخيرا ً ‪...‬‬
‫فإن هذه المور التي أشرت إلي شيئ منها ليست في واقع الدعوة‬
‫اليوم مجرد ظواهر أو تصرفات فردية ‪ ،‬بل هي سمات ومواقف‬
‫ومناهج وأهداف ‪ ،‬وسلوك عام لدى بعض الجماعات والدعوات‬
‫والدعاة ‪.‬‬

‫صـل في المر أكثر من‬‫وأشعر أن واجب النصح يتطلب مني أن أف ّ‬


‫ذلك ‪ ،‬وأن أبرهن على ما أدعيه ‪ ،‬لكن هذا لم يتأت لي في هذه‬
‫العجالة ‪ ،‬ولكني عازم ‪ -‬بإذن الله ‪ -‬على أن أفعل ‪ -‬إن تمكنت ‪ ، -‬كما‬
‫إني متيقن أن هناك من هو أقدر مني وأجدر مني بذلك ‪ ،‬لكني أشعر‬
‫أن هذا ل يمنع أن أسهم بما أستطيعه وما يسعني ‪ .‬والله الموفق ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫) ‪ ( 5‬بيـن أهل السنة والشاعـرة‬

‫هناك لبس كبير يقع فيه بعض الناس قديما ً وحديثا ً ‪ ،‬ذلكم هو دعوى‬
‫الشاعرة بأنهم أهل السنة ‪ ،‬ووصفهم بذلك من غيرهم ‪ -‬أحيانا ً ‪-‬‬
‫وهذه دعوى عريضة فيها الكثير من اليهام والخلط ‪ ،‬وبيان هذا ‪ -‬على‬
‫سبيل التفصيل ‪ -‬يحتاج إلى بحث طويل ‪ ،‬لكني سأحاول بيان ما‬
‫أعرفه حيال ذلك بإيجاز بالغ على النحو التالي ‪:‬‬

‫سموا بذلك لنهم هم الذين على‬ ‫أولً ‪ :‬أن أهل السنة والجماعة ‪ُ :‬‬
‫سنة رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وهم الجماعة الذين‬
‫ذكرهم رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪. 1 -‬‬
‫وعليه ‪ ،‬فأهل السنة ‪ :‬الصحابة والتابعون ومن تبعهم واقتفى أثرهم‬
‫إلى يوم الدين ‪ ،‬ولم يبتدع ولم يغّير ‪ .‬ومن غـّير أو بدل أو أحدث في‬
‫الدين ما ليس منه وما لم يكونوا عليه في العتقاد والسنة فليس‬
‫دل ‪.‬‬
‫منهم فيما غـّير أو ب ّ‬

‫ثانيا ً ‪ :‬أما الشاعـرة ‪ :‬فإنهم فرقة كلمية طارئة ‪ ،‬نشأت بعد‬


‫القرون الفاضلة ‪ ، 2‬فهي تنتسب إلى المام أبي الحسن علي بن‬
‫اسماعـيل الشعري المتوفى سنة )‪324‬هـ( رحمه الله ‪ -‬وكان معتزليا ً‬
‫‪ ،‬ثم تحول عن المعتزلة عام ) ‪ 300‬هـ ( تقريبا ً ‪ ،‬وصار يرد عليهم‬
‫بأساليبهم الكلمية من جانب ‪ ،‬وبنصوص الكتاب والسنـة من جانب‬
‫آخر ‪ ،‬وبهذا وقف للمعتزلة وتصدى لهم ‪ ، 3‬هو ومن نهج منهجه حتى‬
‫أفحمهم ‪ ،‬وهذا عمل جليل ُيحمد عليه ‪.‬‬

‫* وفي هذا الجو نشأ مذهب عقدي تلفيقي مخضرم ‪ ،‬ل هو سنـي‬
‫خالص ‪ ،‬ول كلمي عقلني خالص ‪ ،‬حتى هدأت العاصفة وانجلى غبار‬
‫المعركة ضد المعتزلة ‪ ،‬وقد أبلى فيها المام أبو الحسن الشعري‬
‫بلءا ً حسنا ً ‪ ،‬وخرج منتصرا ً على المعتزلة والجهمية ‪ ،‬ومن سلك‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬راجع ما جاء في المبحث الول ‪.‬‬


‫‪ - 2‬أي في نهاية القرن الثالث الهجري ‪ ،‬وذلك بعد أن تخلى المام أبو الحسن الشعري‬
‫عن العتزال سنة ) ‪ (300‬هـ ‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬مقدمة البانة ‪ ،‬للشيخ حماد النصاري ‪ ،‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬كذب المفترى ‪ ،‬لبن عساكر ‪ ،‬ص ‪. 45 – 38‬‬
‫‪53‬‬
‫سبيلهم ‪ . 1‬وهنا استبصر الشعري الحق وعرف أنه إنما انتصر بتعويله‬
‫على كتاب الله وسنة رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ونصره للسنة‬
‫وأهلها ‪ ،‬ووقفه مع أئمة السلف الخرين ‪.‬‬
‫ثم تراجع عن مقولته في الصفات وغيرها التي سلك فيها مسلك‬
‫التأويل والتعويل على‬
‫العقل ‪ ،‬والكلم في أمور الغيب والصفات والقدر فقرر أن يلحق‬
‫بركب أهل السنة والجماعة ‪ ،‬فأبان عن ذلك في كتابه " البانة " ‪، 2‬‬
‫ووفقه الله للتخلص من التلفيق العقديّ فقال ‪:‬‬
‫" ‪ ...‬وقولنا الذي نقول به ‪ ،‬وديانتنا التي ندين بها ‪ :‬التمسك بكتاب‬
‫ربنا عز وجل ‪ ،‬وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وما روي عن الصحابة والتابعين ‪ ،‬وأئمة الحديث ‪ ،‬ونحن بذلك‬
‫معتصمون ‪ ،‬بما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل ‪-‬‬
‫نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته ‪ -‬قائلون ‪ ،‬ولمن خالف‬
‫قوله مجانبون ‪. 3 " ...‬‬
‫لكن مذهبه الثاني ‪ :‬النقلة من العتزال إلى طريقة ابن كلّب الكلمية‬
‫بقي مذهبا ً ُيحتذى إلى اليوم ‪ ،‬لنه يشبع رغبات الفلسفة والمتكلمين‬
‫وأهل التأويل ‪.‬‬
‫فالشاعرة تنتسب إلى المام أبي الحسن الشعري قبل عودته إلى‬
‫أهل السنة ‪ .‬وبعد فراره من العتزال ‪ ،‬وبالرغم من أنه تخلى عن هذا‬
‫المذهب ‪ ،‬وكتب خلفه في " البانة " والمقالت ‪ ،‬إل أن الشاعرة ل‬
‫مـلونه تبعته ‪.‬‬‫يزالون ُيح ّ‬
‫هذاعن نشأ مذهبهم ‪ ،‬فالشاعرة مذهب طارئ ملفق بين أهل السنة‬
‫وأهل الكلم ‪ ،‬لذلك صاروا أقرب الفرق الكلمية إلى أهل السنة ‪.‬‬

‫ومن جانب آخر فالشعرية مرت بأطوار تاريخية ‪ ،‬في كل طور تزداد‬
‫الشقة بينهم وبين أهل السنة ‪ ،‬ل سيما ما أدخل فيها زعماؤهم‬
‫اللحقون تلك السس والمعتقدات الدخيلة من الفلسفة ‪ ،‬والتصوف ‪،‬‬
‫والمنطق ‪ ،‬والكلم ‪ ،‬والجدل ‪ ،‬حتى صارت عقيدة الشاعرة مزيجا ً‬
‫من تلك الخلط ‪.‬‬
‫ومن أبرز أولئـك ‪ :‬الباقلني ‪ ،‬المتوفى سنة )‪ 403‬هـ( ‪ ،‬والقشيري ‪،‬‬
‫المتوفى سنة )‪ 465‬هـ( ‪ ،‬وأبو المعالي الجويني ‪ ،‬المتوفى سنة )‪478‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬المصدرين السابقين ‪.‬‬


‫‪ - 2‬في هذا الكتاب قرر الشعري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬مذهب أهل السنة في سائر أصول‬
‫العتقاد ‪ .‬فليراجع ) مطبوع ( ‪.‬‬
‫‪ - 3‬راجع ‪ " :‬البانة عن أصول الديانة " ‪ ،‬ص ‪. 52‬‬
‫‪54‬‬
‫هـ( ‪ ،‬وابن العربي ‪ ،‬المتوفى سنة ) ‪ 543‬هـ( ‪ ،‬والغزالي ‪ ،‬المتوفى‬
‫سنة ) ‪ 505‬هـ ( ‪ ،‬والفخر ‪ ،‬الرازي ‪ ،‬المتوفى‬
‫سنة )‪ 606‬هـ( ‪ ،‬والمدي ‪ ،‬المتوفى سنة )‪ 682‬هـ( ‪ ،‬ونحوهم ‪ ،‬غفر‬
‫الله لنا ولهم ‪. 1‬‬

‫فأصبحت الشاعرة اليوم مزيجا ً من المشارب والمعتقدات بين أهل‬


‫السنة والفلسفة والتصوف وعلم الكلم ‪ ،‬لذلك نجدهم أكثر من‬
‫ينتسبون للسنة وقعا ً في المخالفات العقيدة والعبادية ) أي بدع‬
‫العقائد والعبادات ( وهذا بخلف أهل السنة في كل زمان ‪ .‬كما نجد‬
‫أن كثيرا ً من الشاعرة ) حاليا ً ( منضوون تحت الطرق الصوفية‬
‫البدعية ‪ ،‬وتكثر فيهم بدع القبور والتبرك البدعي بالشخاص‬
‫والشياء ‪ ،‬وبدع العبادات والذكار والموالد‬
‫ونحوها ‪ ،‬وهذه البدع هي التي تمّيزهم ‪ -‬حاليا ً ‪ -‬عن أهل السنة‬
‫بوضوح ‪.‬‬

‫فمن خلل الواقع اليوم ‪ ،‬يندر أن ترى أحدا ً من الشاعرة إل ولديه‬


‫شيئ من البدع ‪ ،‬أو الميل لذلك ‪ ،‬أو التساهل وعدم الكتراث بهذه‬
‫المسالة الخطيرة ‪ ،‬بينما العكس فيمن ينتسبون ‪ -‬حقا ً ‪ -‬لهل السنة ‪،‬‬
‫فإنه يندر أن تجد فيهم من يتعلق بشئ من البدع ‪ ،‬إل عن جهل ‪ ،‬وهذا‬
‫قليل جدا ً بحمد الله ‪.‬‬

‫لذا يطلق الشاعرة المعاصرون ‪ -‬تبعا ً للرافضة وسائر الطوائف غير‬


‫السنة ‪ -‬على أهل السنة في سائر بلد المسلمين اليوم ) وهابية ( ‪،‬‬
‫نسبة إلى الداعي المصلح محمد بن عبدالوهاب ‪ -‬رحمه الله ‪ ، -‬كما‬
‫أنهم قديم ا ً كانوا يطلقون على أهل السنة ) الحنابلة ( نسبة لمام‬
‫السنة أحمد بن حنبل ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬وما علموا أن نبذهم باسم هذين‬
‫المامين ‪ -‬أحمد بن حنبل ومحمد بن عبدالوهاب‪ -‬تزكية لهم وهو‬
‫شرف وشهادة لهم بأنهم مقتدون بأئمة الهدى ‪.‬‬

‫وبالجملة ‪ :‬فالشاعرة يوافـقون أهل السنة في أمور من العـقيدة ‪،‬‬


‫ويخالفونهم في أمورأخرى ‪ ،‬فهم فيما يوافـقون أهل السنة فيه يجوز‬
‫أن نطلق عليهم في هذا المرأهل سنة ‪ ،‬من حيث اتباعهم للسنة في‬

‫‪ - 1‬من توفيق الله لهؤلء الئمة الجلء – رحمهم الله – أن غالبهم تراجعوا عن مقولتهم‬
‫في التأويل أو بعضها فيما خالفوا فيه أهل السنة ‪ .‬انظر ‪ :‬المبحث الثاني ) خصائص‬
‫العقيدة السلمية ( من هذا البحث ‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ذلك المر ‪ ،‬لكنهم في الجملة حيث خالفوا أهل السنة في أصول‬
‫أخرى ليست قليلة ; ليسوا هم أهل السنة عند الطلق والعموم ‪،‬‬
‫وهذا المر قد يلتبس على كثير من الناس اليوم لقلة اطلعهم على‬
‫كلم أهل العلم في ذلك ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫) ‪ ( 6‬من أهم المسائل‬
‫التي خالف فيها الشاعرة أهل السنة‬

‫كأني بالقارئ يطالبني بالشارة إلى ما خالف فيه الشاعرة أهل‬


‫السنة ‪ ،‬من أصول ومعتقدات ‪ ،‬فأقول ‪ -‬بإيجاز ‪ -‬وبالله التوفيق ‪:‬‬

‫‪ - 1‬من أخطر ما خالف به الشاعرة أهل السنة خوضهم في صفات‬


‫الله ‪ -‬عز وجل ‪ -‬بالتأويل الذي نهى عنه السلف ‪ ،‬خاصة الصفات‬
‫الخبرية التي وصف الله بها نفسه ‪ ،‬أو وصفه بها رسوله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬مثل صفات ‪ :‬اليد ‪ ،‬والعين ‪ ،‬والنفس ‪ ،‬والبغض‪، 1‬‬
‫ونحوها من الصفات الخبرية التي ذكرها الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬في كتابه ‪ ،‬أو‬
‫صحت عن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فإنهم لم ُيؤمنوا بها‬
‫كما جاءت ‪ ،‬وكما فعل السلف ‪ ،‬فـقد أولوها وصرفوا ألفاظها إلى‬
‫غير ظاهرها ‪ ،‬هروبا ًُ من شبهة التجسيم والتمثيل‪ ،‬وغـفلوا عما يترتب‬
‫على فعلهم هذا من تحريفهم لكلم الله ‪ ،‬وتعطيل لمعانيه ‪ ،‬والقول‬
‫على الله بغير علم ‪ ،‬وغير ذلك من المستـلزمات التي يقتضيها‬
‫التأويل وتنافي التسليم لله ‪ -‬تعالى ‪ ، -‬إذ كيف يليق أن يقول الله عن‬
‫نفسه ‪ ،‬ويقول عنه رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بصفات ل تليق ‪،‬‬
‫أو تقتضي التشبيه والتجسيم ‪ ،‬ثم ل يكتشف هذه المسألة إل‬
‫المتكلمون بعد القرن الثالث الهجري ؟!‬
‫ثم كيف فات هذا الفهم على الصحابة والتابعين وسلف المة ثم‬
‫يدركه المتكلمون ؟!‬
‫هذا مما ل يليق تجاه كلم الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬وكلم رسوله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬و الصحابة والتابعين ‪ ،‬وأئمة الهدى الوائل ممن هم‬
‫أعلم منهم وأتقى لله ‪ .‬فإن الله سبحانه حين وصف نفسه بتلك‬
‫الصفات‪ :‬كاليدين ‪ ،‬والوجه ‪ ،‬والنفس ‪ ،‬والرضا ‪ ،‬والغضب ‪ ،‬والمجئ ‪،‬‬
‫والستواء ‪ ،‬والعلو ‪ ...‬إلخ من الصفات ‪ ،‬فقد سد باب شبهة التمثيل‬
‫بقوله سبحانه ‪:‬‬
‫يٌء { ] سورة الشورى ‪ :‬الية ‪. [ 11‬‬ ‫مث ْل ِهِ َ‬
‫ش ْ‬ ‫} ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬
‫فهل الذين أولوا تلك الصفات أعلم بالله من الله ؟! ‪.‬‬
‫وهل هم أشد تنزيها ً لله من رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬؟!‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر مثلً ‪ :‬أساس التقديس ‪ ،‬للفخر الرازي ‪ ،‬ص ‪ . 191 – 111‬والرشاد للجويني ص ‪-146‬‬
‫‪. 154‬‬
‫‪57‬‬
‫وهل هم أعلم بمراد الله من صحابة رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬وسلف المة من التابعين وتابعيهم وأئمة الهدى والسنة في‬
‫القرون الفاضلة ؟! الذين أمّروا هذه الصفات ‪ ،‬وغيرها من أمورالغيب‬
‫كما جاءت عن الله وعن رسول الله لفظا ً ومعنى على مراد الله‬
‫ورسوله ‪ ،‬من غير تشبيه ول تعطيل ‪ ،‬ول تأويل ‪.‬‬
‫وقد ابتلى المتكلمون ‪ -‬ومنهم الشاعرة ‪ -‬بسبب التأويل في صفات‬
‫الله ‪ ،‬وبعض مسائل‬
‫العقيدة ‪ ،‬بأن أدخلوا في عقائدهم من المصطلحات واللفاظ‬
‫والظنيات العقلية ما ل يليق القول به في حق الباري ‪ -‬سبحانه ‪-‬ل‬
‫نفيا ً ول إثباتا ً ‪.‬‬
‫وأقل ما يقال فيه إنه كلم مبتدع لم يرد عن الله ول عن رسوله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فالكف عنه أسلم ‪ ،‬والخوض فيه قول على‬
‫الله بل علم ‪ ،‬مثل ‪ :‬الحدود ‪ ،‬والغايات ‪ ،‬والجهات ‪ ،‬والماهية ‪،‬‬
‫والحركة ‪ ،‬والحيز ‪ ،‬والعرض ‪ ،‬والجوهر ‪ ،‬والحدوث ‪ ،‬والقدم ‪.‬‬
‫ودعوى قطعية العقل ‪ ،‬وظنية النقل ‪ ...‬ومثل كلمهم في ‪ :‬التركيب‬
‫والتبعيض ‪ ،‬وقولهم عن الباري ‪ -‬سبحانه ‪-‬ل داخل العالم ول خارجه‬
‫‪ ... 1‬إلخ ‪ ،‬ومما ابتدعوه من الكلم عن الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬نفيا ً أو إثباتا ً ‪.‬‬
‫وذلك انسياقا ً مع التزامات المعتزلة والجهمية والفلسفة العقلية‬
‫الجدلية ‪.‬‬
‫وكلمهم في هذه المور قد يشتمل على بعض الحق أحيانا ً ‪ ،‬لكن الله‬
‫‪ -‬تعالى ‪ -‬نهانا عنه ‪ ،‬وأقل ما ُيـقال فيه أنه قول على الله بغير علم ‪،‬‬
‫والله ‪ -‬تعالى ‪ -‬يقول ‪:‬‬
‫م { ] سورة السراء ‪ ،‬الية ‪. [ 36 :‬‬ ‫عل ْ ٌ‬‫ك ب ِهِ ِ‬‫س لَ َ‬
‫ما ل َي ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ق ُ‬‫} َولا ت َ ْ‬
‫ن ِفي‬ ‫دو َ‬
‫ح ُ‬‫ن ي ُل ْ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫عوه ُ ب َِها وَذ َُروا ال ّ ِ‬
‫سَنى َفاد ْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ماُء ال ْ ُ‬ ‫ويقول ‪ } :‬وَل ِل ّهِ الأ ْ‬
‫س َ‬
‫مائ ِهِ { ] سورة العراف ‪ ،‬الية ‪. [ 180 :‬‬
‫َ‬
‫س َ‬ ‫أ ْ‬

‫فأهل السنة ل يتكلمون في هذه المور ‪ -‬على سبيل التأصيل و‬


‫القرار والتقرير ‪ -‬إل من باب الرد وإلزام الحجة وبقدر الحاجة ‪،‬‬
‫فمخالفة الشاعرة لهل السنة في هذا الباب ) الصفات ( ليست‬
‫فرعية ‪ ،‬إذ هي متعلقة بأصل من أعظم أصول الدين ‪ ،‬وهو توحيد‬
‫الصفات المتعلقة بالباري ‪ -‬سبحانه جل شأنه ‪.‬‬
‫ومع ذلك يبقى الشاعرة هم أقرب الفرق الكلمية إلى أهل السنة ‪،‬‬
‫لن مقصدهم بالتأويل التنزيه ‪ ،‬لكن على غير هدى ول اقتداء ‪ ،‬بل‬
‫وقعوا فيما حذر منه أهل السنة من تحريم التأويل والجدل ‪ ،‬وضرب‬
‫‪ -‬انظر ‪ :‬القتصاد في العتقاد ‪ ،‬للغزالي ‪ ،‬ص ‪. 135 – 12‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪58‬‬
‫المثال لله ‪ -‬تعالى ‪ ، -‬ونحو ذلك مما ينافي وجوب التسليم بالنصوص‬
‫الشرعية ‪. 1‬‬

‫‪ – 2‬ومن الصول التي خالف فيها الشاعرة أهل السنة ‪ ،‬تعويلهم‬


‫على العقل والجدل وعلم الكلم ) النظر ( في صفات الله ‪ ،‬ومسائل‬
‫القدر والغيب ‪ ،‬وتقديمهم العقل ‪ -‬ما يسمونه القواطع العقلية ‪ -‬على‬
‫النقل ) الكتاب والسنة ( ‪ ،‬في أمور الغيب ومسائل العتقاد ‪ ،‬بل في‬
‫مسائل صفات الله ‪ -‬تعالى ‪. -‬‬
‫فالقاعدة عندهم ‪ -‬كما قررها الرازي والجويني وغيرهما ‪ ) -‬أن‬
‫الدلئل النقلية ل تفيد‬
‫اليقين (‪.2‬‬
‫و) أن الدلئل النقلية ظنية‪ ،‬وأن العقلية قطعية‪ ،‬والظن ل ُيعارض‬
‫القطع ( ‪ - . 3‬سبحان الله ‪!! -‬‬

‫‪ - 3‬ومن أصولهم المخالفة لهل السنة ‪ :‬تفسيرهم التوحيد بما‬


‫يحصره في توحيد الربوبية ‪ ،‬وغفلتهم عن توحيد اللوهية والعبادة لله‬
‫‪ -‬تعالى ‪ -‬وحده ‪ ،‬مع أنه التوحيد الذي أرسلت به الرسل ‪ ،‬قال الله ‪-‬‬
‫حي إل َيه أ َنه لا إل َه إلا أناَ‬ ‫تعالى ‪ } -‬و َ‬
‫ِ َ ِ َ‬ ‫ِ ْ ِ ّ ُ‬ ‫ل ِإلا ُنو ِ‬
‫سو ٍ‬
‫ن َر ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن قَب ْل ِ َ‬
‫ك ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫ما أْر َ‬
‫َ َ‬
‫دون { ] سورة النبياء ‪ :‬الية ‪. [ 25 :‬‬ ‫َفاع ْب ُ ُ‬
‫ما‬
‫وهو التوحيد الذي من أجله خلق الله الخق ‪ ،‬قال ‪ -‬تعالى ‪ } : -‬وَ َ‬
‫ن { ] سورة الذاريات ‪ ،‬الية ‪. [ 56 :‬‬ ‫دو ِ‬‫س ِإلا ّ ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫ن َوالإن ْ َ‬‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬
‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬
‫َ‬
‫لذلك نجد التلبس بالبدع في العبادات ‪ ،‬والوقوع في بعض الشركيات‬
‫كثيرة فيمن ينتسبون إلى الشاعرة المتأخرين ‪ ،‬لتساهلهم في توحيد‬
‫العبادة ‪.‬‬
‫وهذا ل يعني أن أهل السنة يستهينون بأمر توحيد الربوبية ‪ ...‬كل والله‬
‫! ‪ ،‬لكنهم يبدأون بما بدأ الله به ‪ ،‬وما بدأ به رسوله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬لن توحيد الربوبية فطري ‪ ،‬ل يكاد ينكر بالكلية إل نادرا ً ‪،‬‬
‫وغالب اليات التي جاءت في تقريره جاءت في سياق اللزام بتوحيد‬
‫العبادة والطاعة ‪ ،‬لذلك ل يعرف أن أمة من المم أنكرت توحيد‬

‫‪ - 1‬ورد عن أكابر الئمة مثل ‪ :‬المام أحمد ‪ ،‬وابن المديني ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬والبخاري ‪ ،‬وأبي‬
‫زرعة ‪ ،‬وأبي حاتم ‪ ،‬وغيرهم كثير ‪ ،‬فقد حذروا من الجدل والتأويل وعلم الكلم ‪ .‬أنظر ‪:‬‬
‫شرح أصول اعـتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،‬لبي القاسم الللكائي ‪ ،‬تحـقيــق ‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد سعـد حمدان ‪ ،‬ج ‪ – 1‬ص ‪. 186 – 151‬‬
‫‪ - 2‬راجع ‪ :‬كتاب " أصول الدين " لفخر الدين الرازي – ص ‪ . 24‬وكتاب " الرشاد " للجويني ‪،‬‬
‫ص ‪. 37 – 25‬‬
‫‪ - 3‬أصول الدين ‪ ،‬للرازي ص ‪. 24‬‬
‫‪59‬‬
‫الربوبية ‪ ،‬بل ل توجد طائفة أجمعت على هذا المر على الحقيقة ‪،‬‬
‫ولو حصل هذا لذكره الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬في قصص النبياء ‪.‬‬
‫وبعكسه توحيد اللوهية ‪ ،‬فهو الذي ضلت فيه المم والفرق‬
‫والطوائف حتى اليوم ‪.‬‬
‫ظـار الشاعرة وأئمتهم يبدأون مؤلفاتهم في العتقاد‬ ‫لذا نجد أن ن ّ‬
‫بالعقليات والنظريات ‪ ،‬والتصديقـات والتصورات ‪ ،‬والمصطلحات‬
‫ل تفيد‬
‫الكلميـة والفلسفـيـة ‪ ،‬وأن الدلئـل النقـليـــة ) السمعية (‬
‫اليقين‪ ،‬وأن العقليات قطعية يقينية‪ ،‬ثم حدوث العالم وإثبات الصانع‬
‫و‬
‫غير ذلك من الفلسفة وعلم الكلم ‪ ،‬وينتهون في ذلك إلى تقرير‬
‫توحيد الربوبية ‪ ، 1‬و هذا خلف ما درج عليه أهل السنة ‪ ،‬بل خلف‬
‫منهج القرآن الكريم ‪ ،‬فاليات التي جاءت لتقرير توحيد الربوبية قليلة‬
‫بإزاء اليات التي جاءت لتقرير توحيد العبادة والطاعة ‪ ،‬ثم إن كثيرا ً‬
‫من اليات في توحيد الربوبية جاءت لتقرير عبادة الله وحده كما‬
‫أسلفت ‪.‬‬

‫‪ - 4‬كما أنهم خالفوا أهل السنة في أصول أخرى‪ ،‬مثل‪:‬‬


‫قولهم في القرآن وكلم الله ‪، 2‬‬
‫واليمان‪ ، 3‬والقدر‪ ،4‬والنبوات ‪ ،5‬حيث تأثروا بالصول الكلمية‬
‫والفلسفية في نظرتهم لهذه المور ‪ ،‬فجاءت عقيدتهم فيها خليطا ً‬
‫من الحق والباطل بين أهل السنة والمعتزلة والفلسفة ‪ ،‬لذا تجدهم‬
‫كثير ا ً ما يستخدمون مصطلحات فلسفية وكلمية محتملة للحق‬
‫والصواب ضدها ‪ ،‬وتختلف عن ألفاظ الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫وهكذا ‪ ...‬فإن هذه المور التي خالف الشاعرة فيها أهل السنة ‪،‬‬
‫وهي من أصول العتقاد وفروعه تقتضي من الباحث المنصف ‪ -‬عند‬
‫‪ - 1‬انظر على سبيل المثال ‪ :‬أول كتاب التمهيد ‪ ،‬للبقلني ‪ .‬وأول كتاب النصاف للبقلني‬
‫– أيضا ً ‪ .‬وأصول الدين للفخر الرازي – أوله ‪ .‬وأول كتاب القتصاد في العتقاد ‪ ،‬للغـزالي ‪.‬‬
‫وأول أصول الدين ‪ ،‬للبغـدادي ‪ .‬وأول الرشاد للجويني ‪ .‬وأول كتاب العتقاد والهداية إلى‬
‫سبيل الرشاد ‪ ،‬للبيهقي ‪ ،‬وغيرها من الكتب المعتمدة لدى الشاعرة ‪ ،‬فإنها تبدأ بالنظر‬
‫والعـقـليات وعلم الكلم ‪ ،‬وتقرير القـواعد العـقـلية والفلسفية ‪ ،‬ول تكاد تذكر توحيد‬
‫العبادة والقصد إل نادرا ً ‪ ،‬مع حاجة المة إليه قديما ً وحديثا ً ‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬النصاف – للباقلني ‪ ،‬ص ‪ . 126 – 62‬وأصول الدين ‪ ،‬للرازي ‪ ،‬ص ‪. 67 -63‬‬
‫وكتاب الربعين في أصول الدين ‪ ،‬للغزالي ‪ ،‬ص ‪. 28 – 27‬‬
‫‪ - 3‬أنظر ‪ :‬كتاب اليمان لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 155 -100‬والنصاف ‪ ،‬للبقلني ‪ ،‬ص ‪. 55‬‬
‫ص ‪ . 90 – 89‬والتمهيد ‪ ،‬للبقلني ‪ ،‬ص ‪. 147 – 146‬‬ ‫والقتصاد في العتقاد ‪ ،‬للغزالي ‪،‬‬
‫‪ - 4‬انظر ‪ :‬النصاف ‪ ،‬للبقلني ‪ ،‬ص ‪ . 44 – 39‬وكتاب الربعين في أصول الدين ‪ ،‬للغزالي ‪،‬‬
‫ص ‪. 27 – 16‬‬
‫‪ - 5‬انظر ‪ :‬النبوات ‪ ،‬لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪ . 102 – 100‬وأصول الدين ‪ ،‬للرازي ‪ ،‬ص ‪. 105 -91‬‬
‫والقتصاد في العتقاد ‪ ،‬للغزالي ‪. 179 – 165 ،‬‬
‫‪60‬‬
‫‪1‬‬
‫التدقيق والتحقيق ‪ -‬أن يحكم كما هو رأي المحققين من أئمة السنة‬
‫‪ -‬بأن مذهب الشاعرة في العقيدة ‪ ،‬مذهب مستقل في بعض‬
‫الجوانب عن أهل السنة بأصوله ومناهجه ‪ ،‬وتصوراته واحكامه ‪،‬‬
‫بخاصة في مسائل الصفات واليمان والوحي والنبوات والقرآن وكلم‬
‫الله ‪ ،‬والقدر ‪.‬‬
‫فالشاعرة في هذه المسائل وغيرها يوافقون أهل السنة في أمور ‪،‬‬
‫ويخالفونهم في أخرى ‪.‬‬
‫كما أنه ل يجوز أن نحمل السلف ‪ -‬أهل السنة والجماعة ‪ -‬مقولت‬
‫الشاعرة فيما ابتدعوه من علم الكلم والفلسفة ‪ ،‬وإنه من الجحاف‬
‫والتجني أن ننسب تلك المقولت للصحابة والتابعين وأئمة الهدى في‬
‫القرون الفاضلة ‪ ،‬وهذه المقولت هي الغالبة في معتقدات في‬
‫معتقدات الشاعرة ‪ -‬كما أشرت في الفصل السابق ‪.‬‬
‫أما أهل السنة ‪ ،‬فهم الذين لم يحيدوا ولم يزيدوا على مذهب السلف‬
‫حتى اليوم ‪ ،‬فالذي ينتمي وينتسب لهل السنة يلزمه أن يعتقد ما‬
‫اعتقدوه في هذه الصول ‪ ،‬وأن يتـبع ما قالوه أو قرروه ‪ ،‬ل أن يقول‬
‫ويعتقد حسب قواعده العقلية الكلمية والفلسفية ‪ ، ،‬ثم ينسب قوله‬
‫وعقيدته إلى السلف ‪ ،‬كما فعل كثير من نظار الشاعرة ‪.‬‬
‫وإذا عرضنا الكثير من معتقدات الشاعرة على ما أثر ونقل عن‬
‫السلف في القرون الفاضلة وجدنا البون بينهما شاسعًا‪ ،‬ووجدنا أنهم‪-‬‬
‫أي الشاعرة – ابتدعوا وأحدثوا من المقولت ما كان ينهي عنه‬
‫السلف من الكلم في الصفات والغيبيات بالظنون والمبتدعات‬
‫الكلمية ‪ ،‬وقد عرضت شواهد ذلك ‪. 2‬‬

‫ومن الحق والنصاف أن نقول ‪:‬‬


‫إن الشاعرة ‪ -‬في العموم ‪ -‬هم أقرب الفرق الكلمية إلى أهل‬
‫السنة ‪ ،‬وأن منهم من هو إلى السنة أقرب من سائرهم ‪ ،‬وأن من‬
‫الشاعرة وممن انتسب إليهم ‪ :‬أئمة في الحديث ‪ ،‬وعلماء أجلء في‬
‫التفسير ‪ ،‬والفقه والعربية وغيرها ‪ ،‬ممن لهم قدرهم وفضلهم في‬
‫العلم والدين ‪ ،‬بل إنه من الملحظ أن من أئمة الحديث ممن انتسب‬
‫أو نسب إلى الشاعرة ; تجدهم من أهل السنة في جملة العتقاد ‪،‬‬
‫وتحتاج نسبتهم إلى الشاعرة إلى شيئ من التثبت والتحقيق ‪ ،‬من‬
‫أمثال ‪:‬‬
‫‪ - 1‬من أكثر من جلى هذه المسألة وأصلها شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪ ، -‬فلتراجع‬
‫مؤلفاته ‪ ،‬ومنهم على سبيل المثال ‪ :‬العـقيدة التدمرية ‪ ،‬والفتوى الحموية الكبرى ‪،‬‬
‫والعـقيدة الواسطية ‪ .‬انظر ‪ :‬المجلد الرابع من مجموع الفتاوى ‪ ،‬ص ‪. 190 – 1‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬ما سبق من هذا البحث ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫القاضي عياض ‪ ،‬وابن عساكر ‪ ،‬والنووي ‪ ،‬وابن حجر العسقلني ‪.‬‬
‫ونحوهم من أئمة السنة والحديث ‪ ،‬إذ هم إلى أهل الحديث أقرب‬
‫منهم إلى المتكلمين ‪.‬‬
‫فالعالم من الشاعرة كلما زاد علمه في السنة والحديث والثر‬
‫وجدناه في العتقاد إلى أهل السنة أقرب ‪ -‬في الغالب ‪. -‬‬

‫وأمر آخر تجدر الشارة إليه هنا ‪ ،‬وفيه البرهان القوى على أن‬
‫الشاعرة جانبوا أهل السنة في بعض مسائل العتقاد الكبرى ‪ ،‬وعلى‬
‫أنهم عند التحقيق والترّوي والتجرد يرجعون عن مقولتهم إلى عقيدة‬
‫أهل السنة ‪ ،‬وهذا البرهان ‪ :‬هو رجوع كثير من أئمتهم ونظارهم‬
‫الكبار إلى عقيدة السلف ‪ ،‬والتسليم بها في آخر المر ‪ ،‬أو آخر العمر‬
‫‪ ،‬كما حصل من المام أبي الحسن الشعـري نفسه ‪ ،‬حينما استقـر‬
‫على عقيدة السلف في ) البانة ( ‪ ،1‬وكما حصل من أبي المعالي‬
‫الجويني ‪ ،‬وأبي محمد الجويني ‪ ،‬والرازي ‪ ،‬والشهرستاني ‪،‬‬
‫والغزالي ‪ ،‬وابن العربي ‪ ،‬وغيرهم ‪ . 2‬فمنهم من رجع إلى قول أهل‬
‫السنة‪ ،‬وترك علم الكلم ‪ ،‬وبين ذلك من خلل كتابة ما استقر عليه‬
‫اعتقاده ‪ ،‬ومنهم من أعلن تسليمه لعقيدة أهل السنة على الطلق‬
‫قبيل الوفاة ‪ ،‬ولم يتمكن من الكتابة ‪. 3‬‬

‫وأختم قولي في هذا الفصل ‪:‬‬

‫أنه ظهر لي أن أشاعرة اليوم ) المعاصرين ( بعدوا عن أهل السنة‬


‫أكثر من أسلفهم لقلة فقههم بعقيدة السلف ‪ ،‬ولما تلبسوا به من‬
‫الفلسفة وعلم الكلم والبدع والخرافات ‪ ،‬والنضواء ‪ -‬من الكثير‬
‫صرنا وإياهم‬
‫منهم ‪ -‬تحت الطرق الصوفية ونحوها ‪ .‬هداهم الله ‪ ،‬وب ّ‬
‫‪4‬‬

‫بالحق والصراط المستقيم ‪.‬‬

‫كما تجدر الشارة إلى أن ما ذكرته من مفارقة الشاعرة لهل السنة‬


‫في بعض أصول العتقاد ل يعني أني أرى تكفيرهم ول تضليلهم ‪ ،‬بل‬
‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬كتابه " البانة عن أصول الديانة " ‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪ ) :‬خصائص العقيدة السلمية ( من هذا البحث ‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظر ‪ :‬شرح الطحاوية ‪ ،‬ص ‪. 153 – 150‬‬
‫‪ - 4‬وهذا بخلف ما كان عليه الشاعرة القدامى ‪ ،‬فإنهم كانوا إلى السنة أقرب ‪ ،‬ولم‬
‫تتأصل فيهم الصوفية ‪ ،‬والفلسفية والجدل ‪ ،‬وكانوا أهل سنة في أعمالهم وعباداتهم ‪.‬‬
‫أما المتأخرون من الشاعرة المعاصرين فأغلبهم من أنصار الطرق ‪ ،‬وأصحاب بدع في‬
‫العتقادات والعبادات ‪ .‬وهذا منشؤه التساهل في أمر توحيد العبادة في أصول الشاعرة‬
‫– كما بينت – فيما سبق في هذا المبحث ‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫لم أتعرض لهذا المر ‪ ،‬وأرى أنه جد خطير ‪ ،‬ويحتاج إلى تفصيل ليس‬
‫هذا مقامه ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫) ‪ ( 7‬أيـن أهـل السنة ؟‬

‫عرضت في فصول سابقة إلى التعريف بأهل السنة ‪ ،‬وسمات‬


‫عقيدتهم ‪ ،‬وخصائصها ‪ ،‬وذكرت أن الشاعرة ‪ -‬ومذهبهم منتشر في‬
‫غالب البلد السلمية ‪ -‬ليسوا هم أهل السنة عند الطلق ‪ ،‬بعد ذلك‬
‫يحق للمرء أن يتساءل ‪:‬‬
‫أين أهل السنة ؟ وكيف نعرفهم بين المسلمين اليوم ؟‬
‫فأقول بإيجاز ‪ ،‬وحسب ما يظهر لي ‪:‬‬
‫إن أهل السنة قد وصفهم الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وعينهم‬
‫تعيين ا ً يجعلهم كالشمس لمن وفقه الله وسلم من الهوى والعصبية‬
‫والتقليد العمى ‪ ،‬فمن صفاتهم المأثورة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنهم الذين على هدى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬مظهرا ً‬
‫ومخبرا ً ‪ ،‬عقيدة وسلوكا ً وعبادة ‪ ،‬وهدى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بّينته السنة أوضح بيان ‪.‬‬
‫فهم ‪ -‬أي أهل السنة ‪ -‬أعلم بارزون ظاهرون جيلً بعد جيل منذ عصر‬
‫الصحابة إلى يومنا ‪ ،‬معروفون بالتباع والقتداء والهتداء ‪.‬‬

‫‪ -2‬وأنهم المتمسكون بعقيدة السلف ‪ ،‬الصحابة والتابعون ‪ ،‬وأئمة‬


‫الهدى في القرون الثلثة الفاضلة ‪ ،‬وعقيدة السلف مأثورة معروفة‬
‫مسطرة ‪ -‬بحمد الله ‪ -‬من خلل ما صنفه أئمة الهدى كالمام أحمد ‪،‬‬
‫والبخاري ‪ ،‬وابن أبي عاصم ‪ ،‬والدارمي‪ ،‬وعبدالله بن أحمد ‪ ،‬وابن‬
‫خزيمة ‪ ،‬وابن بطة ‪ ،‬وابن منده ‪ ،‬والخلل ‪ ،‬والشعري ‪ 1‬بعد إبانته ‪،‬‬
‫وإسماعيل الصابوني ‪ ،‬والطحاوي ‪ ،‬وابن تيمية ‪ ،‬وغيرهم كثيرون‬
‫جد ا ً ‪ ،‬يعرفهم أهل العلم وكل من أراد التعرف عليهم ‪.‬‬

‫‪ - 3‬سلمتهم من التلبس بالبدع والشركيات والطرق ‪ ،‬فأهل السنة‬


‫أّيـ ا ً كانوا ل تراهم يتمسحون بالقبور والحجار والثار والصخور ‪ ،‬ول‬
‫يدعون غير الله ‪ ،‬ول يستغيثون بالموات ‪ ،‬ول يقيمون المشاهد‬
‫والقباب على القبور ‪ ،‬ول يقيمون الموالد والحتفالت البدعية ‪ ،‬وقل‬
‫أن تجد منهم من ينضوي تحت الطرق الصوفية ‪ ،‬إل عن جهل وغفلة‬
‫أو تقليد على غير بصيرة كبعض العوام ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أعلن المام أبو الحسن الشعري التزامه لعقيدة السلف في كتابه " البانة " ‪،‬‬
‫فليراجع ‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫‪ - 4‬تمسكهم بشعائر الدين ‪ ،‬الظاهرة والباطنة ‪ ،‬كما أمر الله وبّين‬
‫رسوله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ، -‬فهم يقيمون الفرائض والسنن ‪ ،‬ويأمرون بها ‪،‬‬
‫ويتركون الثام والمنكرات والمحرمات والبدع ‪ ،‬وينهون عنها ‪.‬‬

‫‪ – 5‬أنهم ظاهرون في مجتمعاتهم بالصدع بالحق ‪ ،‬والمر‬


‫بالمعروف ‪ ،‬والنهي عن المنكر ‪ ،‬ومحاربة البدع ‪ ،‬ل تأخذهم في الله‬
‫لومة لئم ‪ ،‬وهذه الصفة قد تختلف من بلد إلى آخر ‪ ،‬فإن من بلد‬
‫المسلمين ما ل يستطيع المسلمون فيه إظهار شعائرهم ‪ ،‬ول إعلن‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪.‬‬

‫وفي العموم ‪ :‬فأهل السنة ‪ -‬والله أعلم ‪-‬ل يحصرهم مكان ول‬
‫زمان ‪ ،‬فهم ‪ -‬بحمد الله ‪ -‬يوجدون في أكثر من مكان وأكثر من بلد ‪،‬‬
‫يقلون في بلد ‪ ،‬ويكثرون في آخر ‪ ،‬فهم في أرض الله الواسعة‬
‫منتشرون بحسب حالهم ‪.‬‬
‫ولو تأملت حال المسلمين اليوم‪ ،‬لوجدت أهل السنة منهم متميزين‬
‫في كل بحسب حاله ‪ ،‬كثرة أو قلة ‪ ،‬قوة أو ضعفا ً ‪ ،‬فقد تجدهم في‬
‫مصر والسودان أكثر ما يكونون بين أنصار السنة المحمدية ‪ ،‬وفي‬
‫غيرهم قليل ‪ ،‬وفي الشام في أهل الحديث والثر أكثر من غيرهم ‪،‬‬
‫وفي الهند والباكستان وأفغانستان يكثرون في أهل الحديث‬
‫والجماعات والجمعيات السلفية أكثر من غيرها ‪. 1‬‬
‫وقد أشرت من قبل أن من أبرز سمات أهل السنة في البلد الني ل‬
‫تكثر فيها البدع والطرق الصوفية وصفهم بـ ) الوهابية ( نسبة لدعوة‬
‫الشيخ محمد بن عبدالوهاب ‪ ،‬أو بـ ) الحنابلة ( نسبة إلى المام أحمد‬
‫بن حنبل ‪.‬‬
‫ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي المثال الحي الواضح لهل‬
‫السنة والجماعة معتقدا ً وسلوكا ً ‪ ،‬وقد تحقق بها قول النبي ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪" : -‬ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق‬
‫حتى تقوم الساعة " ‪ ، 2‬فهي حتى الن ظاهرة بحمد الله ‪.‬‬

‫‪ - 1‬هذا على سبيل التمثيل ل الحصر ول التحقيق ‪ ،‬لن التحقيق من هذه الحكام يحتاج‬
‫إلى مزيد من الدراسة والتحقيق الدقيق ‪ ،‬لكني ضربت بذلك مثالً فحسب ‪.‬‬
‫‪ - 2‬هذا الحديث مستفيض عن جمع من الصحابة أخرجاه في الصحيحين وغيرهما للفاظ‬
‫كثيرة ‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬صحيح البخاري – فتح الباري ‪ : -‬كتاب المناقب ‪ ،‬باب ‪ . ( 632 – 6 ) 27‬وكتاب العتصام ‪،‬‬
‫باب ‪ . ( 293 – 13 ) 10‬وكتاب التوحيد ‪ ،‬باب ‪ . ( 442 – 13 ) 29‬وصحيح مسلم ‪ ،‬كتاب المارة ‪ ،‬باب‬
‫‪ ، 53‬الحاديث ‪. ( 1525 – 1523 / 3 ) 1924 – 1920 /‬‬
‫‪65‬‬
‫هذا مع العلم أن عامة المسلمين الذين يقيمون شعائر الدين وهم‬
‫سالمون من الشركيات ‪ ،‬إنما هم على الفطرة ‪ ،‬ويدخلون في سواد‬
‫المة وأهل السنة في أي بلد ومكان كانوا ‪.‬‬
‫‪ ..‬وأهل السنة ) والله أعلم ( في آخر الزمان ليسوا أكثرية ‪ ،‬لن‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وصفهم بأنهم طائفة ‪ ،‬وأنهم‬
‫الغرباء ‪ ،‬وأنهم عصابة ‪ ،‬وأنهم فرقة واحدة من ثلث وسبعين فرقة‬
‫‪.1‬‬
‫وهذا يسقط دعوى بعـض الشاعـرة والماتريدية المعاصرين ‪ ،‬بأنهم‬
‫أهل السنـة ‪ ،‬لنهـم‬
‫الكثرون في بلد المسلمين ‪ ،‬فالكثرية ليست دليلً كافيا ً على‬
‫الصواب ‪ ،‬إنما العبرة باتباع الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪، -‬‬
‫والتمسك بكتاب الله ‪ ،‬وسنة رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬واتباع‬
‫هدي الصحابة والتابعين وأئمة الهدى العلم في العصور الثلثة‬
‫الفاضلة ‪ ،‬والذين اتبعوهم واقتفوا آثارهم ‪ ،‬ولم يغيروا ولم يبدلوا إلى‬
‫يوم الدين مهما قـّلوا ‪.‬‬

‫هذا من ناحية ‪ ،‬ومن ناحية أخرى فإن الكثرية من المسلمين اليوم‬


‫هم من العامة الذين يغلب عليهم الجهل ‪ ،‬وعدم اللمام بتفصيلت‬
‫العقائد ‪ ،‬وهؤلء جمهورهم على الفطرة ‪ ،‬والصل فيهم البرآءة‬
‫وسلمة العتقاد ‪ ،‬ومن كان هذا وصفه فهو داخل في سواد‬
‫المسلمين أهل السنة ‪ ،‬ما لم تجتلهم شياطين البدع والخرافات ‪،‬‬
‫وشياطين الفرق والطرق والهواء ودعاة الضللة ‪ .‬والله أعلم‬

‫‪ -‬انظر الحديث السابق ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪66‬‬
‫المـبـحث الـرابــع‬

‫في بـعض النتائج والخواطر حول‬


‫الموضوع‬

‫ويشتمل ‪:‬‬

‫‪ -1‬الثار الناجـمة عن ضعـف التمسك بهدي السلف ‪.‬‬

‫‪ -2‬خواطر ووقفات حول العـقيدة والدعـوة ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫)‪(1‬‬

‫الثار الناجمة‬
‫عن ضعـف تمسك بعض الحركات بهدي السلف‬

‫من نتائج تساهل بعض الحركات السلمية في أمر العقيدة ‪ ،‬أو‬


‫مجانبتها لعقيدة أهل السنة والجماعة ‪ ،‬أنها وقعت في كثير من‬
‫التجاورزات والخطاء ‪.‬‬
‫وأقصد بها تلك الخطاء العامة والشائعة بين الدعوات والدعاة ‪ -‬على‬
‫سبيل الجمال والعموم ‪ -‬أذكر منها ‪:‬‬

‫‪ – 1‬من أعظم وأخطر الخطاء التي تقع فيها الكثير من الدعوات‬


‫والدعاة ‪ :‬إهمال جانب التوحيد ‪ ،‬أو ضعف الهتمام به ‪ ،‬علما ً واعتقادا ً‬
‫وعملً ‪ ،‬وبخاصة توحيد اللوهية والعبادة ‪.‬‬
‫وهذا الجانب من التوحيد له من الهمية في الكتاب والسنة وأصول‬
‫الدين ودعوة النبياء والمصلحين ما ُيوجب كونه الهدف الول والغاية‬
‫الكبرى لي داعية أو دعوة مهما كانت مبررات قيامها في أي زمان‬
‫وأي مكان ‪ ،‬وقد أشرت في مبحث سابق إلى منزلة دعوة التوحيد‬
‫عموما ً ‪ ،‬وتوحيد العبادة واللوهية على الخصوص ‪ ، 1‬ول غرو ‪ ،‬فإن‬
‫هذا التوحيد ‪ -‬توحيد اللوهية والعبادة ‪ -‬هو الغاية الولى من خلق‬
‫س ِإلا ّ‬‫ن َواْل ِن ْ َ‬ ‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬‫ما َ‬ ‫الجن والنس ‪ ،‬قال الله ‪ -‬تعالى ‪ } :‬وَ َ‬
‫ن{ ] سورة الذاريات ‪ ،‬الية ‪. [ 56 :‬‬ ‫دو ِ‬‫ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫وهذا التوحيد هو أول ما يتوجه إليه أمر الله وقضاؤه ‪ .‬قال الله ‪-‬‬
‫تعالى ‪ } : -‬و ُ‬
‫موا‬ ‫قي ُ‬
‫فاَء وَي ُ ِ‬ ‫حن َ َ‬
‫ن ُ‬‫دي َ‬‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫مُروا ِإلا ّ ل ِي َْعبـُ ُ‬ ‫ما أ ِ‬‫َ َ‬
‫مةِ{ ] سورة البّيـنة ‪ ،‬الية ‪. [ 5 :‬‬ ‫قي ّ َ‬‫ن ال ْ َ‬
‫ك ِدي َُ‬ ‫صلاة َ وَي ُؤ ُْتوا الّز َ‬
‫كاة َ وَذ َل ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ياه ُ { ] سورة السراء ‪ ،‬الية ‪:‬‬ ‫دوا ِإلا ّ إ ِ ّ‬ ‫ك ألا ّ ت َعْب ُ ُ‬ ‫ضى َرب ّ َ‬ ‫وقال ‪ -‬تعالى ‪ } : -‬وَقَ َ‬
‫‪. [ 23‬‬
‫ن{ ] سورة الفاتحة ‪ ،‬الية ‪. [ 5 :‬‬ ‫ست َِعي ُ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ك ن َعْب ُد ُ وَإ ِّيا َ‬
‫وقال الله ‪ -‬تعالى ‪ } :‬إ ِّيا َ‬
‫والله ‪ -‬تعالى ‪ -‬ذكر أنه بعث جميع رسله بهذا التوحيد ‪ ،‬فقال ‪ -‬تعالى ‪:‬‬
‫جت َن ُِبوا ال ّ‬ ‫َ‬ ‫قد بعثـنا في ك ُ ّ ُ‬
‫ت{‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ه َوا ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫ن اع ْب ُ ُ‬ ‫سولا ً أ ِ‬ ‫مةٍ َر ُ‬ ‫لأ ّ‬ ‫} وَل َ َ ْ َ َ َ ِ‬
‫] سورة النحل ‪ ،‬الية ‪. [ 36 :‬‬

‫‪ -‬راجع )عقيدة التوحيد فو دعوة الرسل عامة ( من هذا المبحث ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪68‬‬
‫ويتفرع عن هذه المسألة أمر آخر جد خطير ‪ ،‬وقد غفلت عنه أكثر‬
‫الدعوات اليوم ‪ ،‬أل وهو وقوع كثير من المسلمين اليوم فيما يناقض‬
‫هذا التوحيد أو ينقصه أو يخل به ‪.‬‬
‫فمما يناقضه من أعمال واعتقادات بعض المنتسبين للسلم ‪ :‬دعاء‬
‫غير الله والستعانة‬
‫بغير الله ‪ ،‬والذبح والنذر لغير الله ‪ ،‬وتصديق الكّهـان ‪ ،‬وما يفعلون‬
‫عند القبور ‪ ،‬وعند‬
‫شيوخ الصوفية ‪ ،‬وغير ذلك مما ل يخفى على الدعاة ول غيرهم ‪.‬‬
‫ومما يناقض التوحيد ويخدشه ‪ :‬شيوع البدع والخرافات كالموالد‬
‫والتمسح بالقبور والشخاص والحجار والشجار وغيرها‪ ،‬ومن الحلف‬
‫بغير الله ‪ ،‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫كل هذا وغيره مما هو خلل في التوحيد ; من المراض المستشرية‬
‫في جسم المة السلمية ‪ ،‬ول بد من علجه أولً قبل غيره من‬
‫المراض الخلقية والجتماعية والسياسية والقتصادية والفكرية ‪...‬‬
‫إلخ ‪ .‬لن مرض العتقاد هو مرض القلوب ‪ ،‬وهو الداء العضال‬
‫والمرض الول الذي نتجت عنه جميع المراض والنحرافات الخلقية‬
‫وغيرها ‪ ،‬وهذا هو داء المم قديما ً وحديثا ً ‪.‬‬
‫فهذا المرض على الرغم من خطره وانتشاره ووضوحه لم يلق من‬
‫كثير من الدعوات الصلحية ما يستحقه ‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫حينما أقول ‪ :‬إنه يجب العناية أولً بالتوحيد ومحاربة البدع والشركيات‬
‫; فهذا ل يعني أن يغفل الدعاة الجوانب الخرى من تحقيق المصالح ‪،‬‬
‫ودرء المفاسد وعلج النحرافات الجتماعية والخلقية والفكرية‬
‫والسياسية والقتصادية ‪ ،‬وما أثقلها وأعظمها وأعقدها ‪ ،‬إنما أقول ‪:‬‬
‫إن الداعية يجب عليه أن يهتم بكل شيئ يهم السلم والمسلمين‬
‫مهما صغير أو قل ‪ ،‬ولو قصر في شيئ كان ملموا ً بقدر تقصيره فيما‬
‫يقدر عليه ‪ ،‬وهذا هو مقتضى المر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪،‬‬
‫والصلح الذي أمر الله به ‪ ،‬وأمر به رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ ، -‬فاهتمام الداعي المصلح ل سيما الدعوات والحركات الجماعية ل‬
‫بد أن يأخذ صفة الشمول في الصلح ‪ ،‬إنما يكون للولويات اعتبار ‪،‬‬
‫بحيث يبدأ بما بدأ الله به وبدأ به رسله الكرام جميعا ً ‪ ،‬وما بدأ به‬
‫رسولنا ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬على وجه الخصوص ‪ ،‬وهو التوحيد ‪،‬‬
‫فيبدأ بالخطر والعظم ظلما ً وهو الشرك والبدع وفساد العقائد ‪،‬‬
‫وفي الوقت نفسه يسعى إلى الصلح وينهى عن الفساد ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫وهناك أمر يغفل عنه الكثيرون ‪ ،‬أل وهو أن صلح أحوال الناس في‬
‫معاشهم وأخلقهم مرتبط بسلمة توحيدهم وعقيدتهم ‪ ،‬قال الله –‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬‫كا ٍ‬ ‫حَنا ع َل َي ْهِ ْ‬
‫م ب ََر َ‬ ‫وا ل َ َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫ق ْ‬
‫مُنوا َوات ّ َ‬
‫قَرى آ َ‬ ‫ن أ َهْ َ‬
‫ل ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫تعالى ‪ } : -‬وَل َوْ أ ّ‬
‫ض { ] سورة العراف ‪ ،‬الية ‪. [ 96 :‬‬ ‫ماِء َوالأَْر ِ‬
‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫واليمان والتقوى ل يتحققان إل بصحة العتقاد وسلمة العبادة ‪ ،‬إذ‬
‫قبول العمال الصالحة المفروضة منها والمسنونة كالصلة والزكاة‬
‫والصيام والحج والدعاء والحسان إلى الناس ‪ ،‬والبر والصدق‬
‫والعفاف والصلة ‪ ،‬كل ذلك وغيره مرتبط بصحة العتقاد ‪ ،‬وصحة‬
‫التباع ‪ ،‬وبالخلص لله تعالى وحده ‪ ،‬وأن يكون العمل صوابا ً على‬
‫مقتضى أمر الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬ورسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومما ُيؤسف له أن بعض الحركات ل تكتفي بالستهانة بهذا الواجب‬
‫العظيم والتخلي عنه ‪ ،‬وهو تطهير عقائد المسلمين وعباداتهم ‪ ،‬بل‬
‫تلمز من يقوم بذلك ‪ ،‬وترى أن هذا المنهج عقيم ناتج عن قصور‬
‫التفكير وضيق الفق ‪ ،‬وأحيانا ً تدعي أن ذلك اهتمام بالقشور‪ ،‬ويتمثل‬
‫هذا في الذين يأخذون على الدعوات السنة ‪ -‬كأنصارالسنة‬
‫والسلفيين و أهل الحديث‪ -‬اهتمامهم بتخليص المة من البدع‬
‫والخرافات وعنايتهم بتصحيح العقائد ‪ .‬نعم قد يكون لدى هذه‬
‫الجماعات شيئ من القصور والخطاء في الساليب ‪ ،‬أما اهتمامهم‬
‫بالعقيدة والعبادة ومحاربتهم البدع فهي منقبة كبرى تحمد لهم‪،‬‬
‫وُيمدحون بها ‪ ،‬بل إن اهتمام هذه الدعوات بالعقيدة ومحاربة‬
‫الشركيات والبدع ُيؤيد القول بأنها من الدعوات التي تنسب إلى أهل‬
‫السنة والجماعة ‪ ،‬والطائفة المنصورة ‪ ،‬والفرقة الناجية ‪ ،‬لتوافر أكثر‬
‫صفاتهم فيها أكثر من غيرهم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ومن الخطاء التي وقعت فيها غالب الحركات والجماعات بسبب‬


‫ضعف صلتها بمنهج السلف الصالح ‪ :‬ضعف الهتمام بالعلوم الشرعية‬
‫‪ ،‬تعلما ً وتعليما ً ‪ .‬وهذا الخلل يوجد لدى أغلب الحركات السلمية‬
‫المعاصرة غير السلفية ‪ ،‬فهي ل تولي هذا الجانب عناية كافية على‬
‫العموم ‪ ،‬كما أنه قل أن تجد فيها ومن أتباعها علماء متضلعين في‬
‫العلوم الشرعية ‪ ،‬وأحيانا ً يوجد بين الحركات والدعوات السلمية‬
‫وبين أفراد من العلماء المتمكنين في علوم الكتاب والسنة بعض‬
‫الجفوة ‪ ،‬وربما يكون سبب هذه الجفوة أن هؤلء العلماء ‪ -‬خاصة‬
‫علماء السنة ‪ -‬متفوقون في العلوم الشرعية ‪ ،‬وأتباع الحركات دونهم‬
‫‪ ،‬ولم تهتد الدعوات إلى السلوب المثل للفادة من علم أولئك ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ومما ُيؤلم أن فكرة التحرر من بعض العلوم الصولية ‪ ،‬وغير الصولية‬
‫‪ ،‬من العلوم الشرعية ‪ ،‬كعلوم الحديث والعقيدة وأصول الفقه‬
‫والفقه ‪ ،‬بدعوى ضرورة التجديد ‪ ،‬قد سرت وأثرت أثرها السلبي في‬
‫كثير من الدعاة اليوم ‪ ،‬ل سيما مع الجهل بقيمة هذه العلوم التي‬
‫يرتكز عليها الدين ‪.‬‬
‫وأنه ليحزنني كما يحزن كل مسلم أن يقول أو يعلن هذه الحقيقة‪،‬‬
‫لكنه واجب النصيحة ‪ ،‬وهي ‪ :‬أننا لو تأملنا واقع أكثر الدعوات والدعاة‬
‫لوجدناهم من المصابين بالضحالة في العلوم الشرعية ‪ ،‬وقلة‬
‫البضاعة من نصوص الكتاب والسنة ‪ ،‬وتراث سلفنا الصالح ‪ ،‬قرآءة‬
‫وحفظا ً وتدبرا ً وعلما ً وعملً ‪ .‬مما نجم عنه التخبط في العقيدة‬
‫والصول والحكام والمواقف ‪ ،‬وضعف التمسك بهدي القرآن والسنة‬
‫ة‬ ‫فُروا َ‬
‫كافّ ً‬ ‫ن ل ِي َن ْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫‪ ،‬ولو أنهم امتثلوا قول الله تعالى ‪ } :‬وَ َ‬
‫ن وَل ِي ُن ْذ ُِروا‬ ‫م َ‬ ‫ل فِْرقَةٍ ِ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫فَل َوَْل ن َ َ‬
‫دي ِ‬
‫فقُّهوا ِفي ال ّ‬ ‫ة ل ِي َت َ َ‬
‫ف ٌ‬
‫طائ ِ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫م ْ‬‫فَر ِ‬
‫ن { ] سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪. [ 122 :‬‬ ‫حذ َُرو َ‬ ‫م ل َعَل ّهُ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫جُعوا إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫م إ َِذا َر َ‬‫مه ُ ْ‬‫قَوْ َ‬
‫أقول ‪ :‬لو أن تلك الدعوات المعاصرة جندت طوائف منها للتخصص‬
‫في علوم الدين والعمق فيها ; لكان لذلك الثر العظيم ‪.‬‬
‫والرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬يقول ‪ " :‬من ُيرد الله به خيرا ً يفقه‬
‫‪1‬‬
‫في الدين "‬

‫‪ – 3‬ومن تلك الخطاء ‪ :‬التعصب والحزبية والغرور ‪:‬‬


‫وهذه السمة ‪ -‬مع السف ‪ -‬سمة غالبة في أكثر الجماعات والحركات‬
‫السلمية الصلحية ‪ ،‬فكل حزب بما لديهم فرحون‪ ،‬وكل فريق يرى‬
‫أنه الجدير بالتباع ‪ ،‬والجدير بقيادة المة ! ‪ ،‬وأنه الذي يملك القدرة‬
‫على حل مشكلتها ‪.‬‬
‫ومن الحركات من ينظر إلى غير منسوبي جماعته من عامة‬
‫المسلمين أو من الدعوات والدعاة الخرين ‪ ،‬على أنهم بدرجة أقل‬
‫من الجدارة والتفكير والدراك للمصالح ‪ ،‬أو على القل أنهم‬
‫) مساكين ( ينظر إليهم نظرة إشفاق وإهمال ‪.‬‬
‫دعي بعض الحركات أنها ) جماعة المسلمين ( ‪ ،‬أوأنها الجدر‬ ‫وربما ت ّ‬
‫بهذا الوصف !‪.‬‬
‫وقد أدى الغرور لدى بعض الحركات السلمية بأن جعلها تستهين‬
‫بالعلوم الشرعية ‪ ،‬وبالعلماء المتمكنين في علوم الشريعة الذين ل‬
‫ينتمون إليها ‪ ،‬ورمى بعضهم بالتغفيل وقصور التفكير وضيق الفق‬
‫‪ - 1‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب العتصام ‪ ،‬الباب ‪ ، 10‬الحديث رقم ) ‪ . ( 7312‬فتح الباري – ‪/ 13‬‬
‫‪. 293‬‬
‫‪71‬‬
‫لنهم لم يواكبوا هذه الدعوة والحركة أو تلك ‪ ،‬أو أنهم ربما اهتموا‬
‫بإنكار المنكرات بطريقة بدائية ‪ ،‬بل ربما ذهبوا للحكام والسلطين‬
‫لمناصحتهم أو نحو ذلك ‪.‬‬
‫أليس هذا هو الغرور القاتل ‪ ،‬والجهل بمنهج السلف الصالح ؟‪.‬‬

‫‪ - 4‬ومن تلك الخطار التي ترتبت على الجهل بمنهج السلف ‪ :‬التفرق‬
‫والختلف ‪ ،‬وهذا ‪ -‬مع السف ‪ -‬من أبرز سمات الحركات السلمية‬
‫القائمة ‪.‬‬
‫وهذه السمة قد ذّمها الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬ونهى عنها رسول الله ‪ -‬صلى‬
‫ميًعا‬‫ج ِ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫حب ْ ِ‬‫موا ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫الله عليه وسلم ‪ ، -‬فقال الله ‪ -‬تعالى‪َ} : -‬واع ْت َ ِ‬
‫قوا{ ] سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪. [ 103 :‬‬ ‫فّر ُ‬‫وَل ت َ َ‬
‫ما‬
‫ن ب َعْد ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫فوا ِ‬ ‫خت َل َ ُ‬‫فّرُقوا َوا ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫ذي َ‬‫كال ّ ِ‬
‫كوُنوا َ‬ ‫وقال ‪ -‬تعالى ‪َ } : -‬ولا ت َ ُ‬
‫ت { ] سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪. [ 105 :‬‬ ‫م ال ْب َي َّنا ُ‬ ‫جاَءهُ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫من ْهُ ْ‬‫ت ِ‬ ‫س َ‬‫شي ًَعا ل َ ْ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫م وَ َ‬‫ن فَّرُقوا ِدين َهُ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وقال الله ‪ -‬تعالى ‪ } -‬إ ِ ّ‬
‫ء { ] سورة النعام ‪ ،‬الية ‪. [ 159 :‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ِفي َ‬
‫وقال النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ " : -‬ول تختلفوا فإن من كان قبلكم‬
‫‪1‬‬
‫اختلفوا فهلكوا " ‪.‬‬

‫ومع شدة النهي عنها في الدين ; فقد وقعت فيها بعض الحركات‬
‫السلمية والدعاة المعاصرون ‪ ،‬على الرغم من إلحاح الحاجة إلى‬
‫الجتماع على الحق وعلى الكتاب والسنة ‪ ،‬فالدعوات المعاصرة ل‬
‫تزال متفـرقة في مناهجها وأهدافهـا وأساليبهـا وأعمالها ‪ ،‬وتعلن هذا‬
‫الخلف وتصّعده ‪ .‬بل حتى تلك الدعوات المتشابهة في المنهج ‪ ،‬أو‬
‫بعضه ‪ ،‬تنزع إلى الستقللية والتفرق واصطناع الختلف في واقع‬
‫أمرها ‪ ،‬مما يدل على أن المشكلة في رؤوس الشخاص أنفسهم ‪،‬‬
‫وأهوائهم ‪ ،‬والسبب الرئيسي لذلك ضعف الصلة بالكتاب والسنة‬
‫والثر ‪ ،‬وبمنهج السلف الصالح ) لدى الغالبية ( ‪ ،‬والتعصب والحزبية‬
‫والغرور ‪ ،‬ثم عدم اللتزام بعقيدة أهل السنة والجماعة التي تقضي‬
‫بوجوب الجتماع على الحق ‪ ،‬والعتصام بحبل الله المتين ‪ ،‬وتزول‬
‫بها أسباب الختلف في الدين ‪.‬‬
‫وأنا ل أطلب من الحركات والدعاة أن يجتمعوا على ما هم عليه من‬
‫مخالفات عقدية وسلوكية لمنهج السلف ‪ ،‬فهذا تلفيق أبرأ إلى الله‬

‫‪ - 1‬من حديث أخرجه البخاري في كتاب الخصومات – باب ما يذكر في الشخاص ‪ ،‬الحديث‬
‫في فتح الباري ‪ ، 70 / 5،‬رقم ‪ . 2410‬وانظر ‪ . 5062 ، 3476 :‬وأخرجه أحمد في المسند ‪/ 1‬‬
‫‪. 456 ، 412‬‬

‫‪72‬‬
‫أن أدعو إليه ‪ ،‬إنما المطلوب من الجميع الجتماع على الحق ‪ ،‬والحق‬
‫واضح من خلل كتاب الله ‪ ،‬وسنة رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪، -‬‬
‫وتراث سلفنا الصالح ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫) ‪ ( 2‬خواطر ووقفات حول الدعوة والعقـيدة‬

‫وبعد هذه الجولة السريعة الخفيفة في مسائل العقيدة والدعوة ‪،‬‬


‫وغيرها ‪ ،‬بقيت في نفسي بعض الخواطر والوقفات مرت الشارة‬
‫إليه‪ ،‬ول يزال في النفس منه رغبة في المزيد ‪ ،‬وبعضها لم تسبق‬
‫الشارة إليه ‪ ،‬ومن أهم هذه الخواطر والوقفات التي أحببت التنبيه‬
‫عليها ما يلي ‪:‬‬

‫ل ‪ :‬أن الدعوات والحركات السلمية المعاصرة وأكثر الدعاة في‬ ‫أو ً‬


‫شتى بقاع العالم هم في العموم من أفضل فئات المسلمين بحسب‬
‫حالهم اليوم ) ويستثنى من ذلك الحركات الهدامة وإن انتسبت‬
‫للسلم ‪ ،‬كالقاديانية ‪ ،‬والبابية ‪ ،‬والبهائية ‪ ،‬والبهرة ‪ ،‬والبريلوية ‪،‬‬
‫وأحزاب وطوائف الروافض والباطنية والصوفية الغالية والسماعيلية‬
‫وغيرها ( ‪.‬‬
‫فالدعوات الصلحية والحركات المعاصرة ‪ ،‬تحمد على كونها هّبت‬
‫للدعوة إلى الله ونصرة دين الله ‪ ،‬والهتمام بأمور المسلمين ورفع‬
‫رآية السلم ‪ ،‬وكل دعوة تجد عندها من الخير والصلح والنفع ‪،‬‬
‫بحسب حالها ‪ ،‬وبحسب أهدافها ‪ ،‬وإن كانت تتفاوت في ذلك تفواتا ً‬
‫عظيما ً ‪ .‬لكن الذي ل أشك فيه أن غالب هؤلء ينشدون الصلح‬
‫والصلح ‪ ،‬لكن كونها كذلك ل يعصمها من الخطأ والزلل ‪ ،‬بل العكس‬
‫يجعلهاعرضة للخطاء ‪ ،‬والنقد والنصح والتقويم والتسديد والمحاسبة‬
‫‪ ،‬حيث وضعت نفسها في هذه الوظيفة العظمى ) الدعوة إلى دين‬
‫الله ( ‪.‬‬
‫ثم أن مصائب المسلمين وانحرافاتهم في العموم أعظم وأخطر مما‬
‫عليه الدعاة ‪ ،‬لكن الدعاة هم القدوة ‪ ،‬وهم الرواد‪ ،‬والرائد ل يكذب‬
‫أهله ‪ ،‬ول ُيعذر حين يعظم زلـله‪.‬‬
‫وأنا قلت ذلك وكررته احترازا ً من أن ُيفهم عني أني أغمط الدعوات‬
‫حقها ‪ ،‬أو أن عدمها خير من وجودها ‪ ،‬كل ‪ ،‬فهي بالرغم مما ُيوجد‬
‫لديها من خلل ونقص وانحراف ‪ -‬أحيانا ً ‪ -‬ففيها الخير والنفع ‪ ،‬وعليها‬
‫أن تتجنب التعصب ‪ ،‬وأن تعالج أخطاءها على هدي من كتاب الله ‪،‬‬
‫وسنة رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وهدي السلف الصالح ‪،‬‬
‫وسيكون بذلك صلحها وفلحها وفلح المة على يدها ‪-‬إن شاء الله ‪-‬‬

‫‪74‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬من خلل ما أسمعه وأقرؤه عن كثير من المهتمين بالدعوة‬
‫والعقيدة ‪ ،‬ظهر لي أن هناك خطأ ً فادحا ً في التصورات حول الدعوة‬
‫ومستقبل السلم والمسلمين ‪ ،‬يقع فيه كثير من الناس ‪ ،‬وذلك حين‬
‫يتكلمون عما يجب أن يكون عليه المسلمون ‪ ،‬وأن تكون عليه‬
‫الحركات والدعوات الصلحية وعن المناهج والطرق السلم‬
‫والصوب لخراج المسلمين من وهدتهم ‪ ،‬وهوانهم ‪ ،‬وجهلهم وبعدهم‬
‫عن الدين ‪.‬‬
‫هذا الخطأ يتمثل ‪ :‬فيما يسلكه بعض الناس ‪ -‬خاصة من الدعاة‬
‫والمفكرين والحركات ‪ -‬من الجزم والصرار على دعوى أن‬
‫المسلمين ل يكون عزهم ونصرهم إل بالسلوب الذي يراه ذلك‬
‫الشخص ‪ ،‬أو تلك الجماعة ‪.‬‬
‫فمن قائل بأن الوصول إلى الحكم وإقامة الدولة السلمية هو الحل‬
‫الول ‪.‬‬
‫ومن قائل بأن القوة هي الطريق الوحيد لعودة المسلمين للدين !‪.‬‬
‫ومن قائل بأن التقدم الحضاري هو السلوب الوحد !‪.‬‬
‫ومدع أن التجمعات الحزبية وشبه الحزبية هي السلوب الحتمي ل‬
‫سواه !!‪.‬‬
‫ومن جازم بأن الصلح الفردي هو السلم ل سواه !‬
‫‪ ..‬إلخ من الراء والتجاهات السائدة في الساحة ‪.‬‬
‫وأنا ل اعتراض لي على مجرد طرح هذه المناهــج والتصورات‬
‫والعمل عليها بقناعـة‬
‫لدى من يراها ‪ ،‬وإنما اعتراضي واستنكاري على من يحدد طريقة‬
‫ويجزم بها ‪ ،‬ويعتقدها ويرتب عليها أحكاما ً شرعية ومستلزمات دعوية‬
‫‪ ،‬ويخطئ غيرها ويرده ‪ ،‬ويجعل فكرته هي الميزان ‪ ،‬وأن من حاد‬
‫عنها فهو مخطئ ‪ ،‬أو هوعقبة في وجه الدعوة والصلح‪ ،‬مما أدى‬
‫إلى وجود الحزبيات والتكتـلت والفرق بين صفـوف الدعاة ‪.‬‬
‫ويبدو هذا واضحا ً جليا ً من خلل كثرة التجاهات والجماعات ‪ ،‬نقد‬
‫الدعوات والدعاة بعضهم لبعض أحيانا ً ‪ ،‬ومن خلل نقد الخرين ‪-‬‬
‫أيضا ً ‪ -‬للدعاة ‪.‬‬
‫والذي أراه ‪ :‬أن مسألة السلوب المثل في الدعوة والصلح مسألة‬
‫اجتهادية مشروطة بالتقيد بنصوص القرآن والسنة ومنهج السلف‬
‫الصالح في الصلح والدعوة والجهاد والمر بالمعروف ‪ ،‬والنهي عن‬
‫المنكر ‪ ،‬وإن تعددت الساليب والوسائل في كل بلد بحسبه ‪ ،‬ما دام‬
‫المر في حدود المباح شرعا ً ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫والمر الخر ‪ :‬أن مسألة مستقبل الدعوة ومستقبل السلم‬
‫والمسلمين مسألة غيبية ل يعلمها إل الله ‪ ،‬والله ‪ -‬سبحانه ‪ -‬قد ُيهيئ‬
‫للمة من أمرها رشـدا ً بما ل يدور في خلد أحد ‪ ،‬مهما بالغنا في وضع‬
‫التصورات والفتراضات ‪.‬‬
‫* فربما يبعث الله لهذه المة مصلحا ً إماما ً يجمع كلمتها ‪ ،‬وُيوحد‬
‫صفها ‪ ،‬ويجدد لها دينها ‪ ،‬وينصر السنة وأهلها‪ ،‬كما وعد بذلك رسول‬
‫الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بقوله ‪:‬‬
‫" إن الله تعالى يبعث لهذه المة على رأس كل مائة سنة من يجدد‬
‫لها دينها " ‪. 1‬‬

‫* وربما يكون النصر والخير على يد حاكم أو دولة صالحة ‪ ،‬بل إن‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أخبر في الحديث الصحيح بقوله ‪" :‬‬
‫إن الله ُيؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " ‪. 2‬‬
‫* وربما تحدث أحداث عظـام جسـام تلجئ الناس إلىاللجوء إلى الحق‬
‫والعتصام بالدين ‪ ،‬والستمساك بالكتاب والسنة وهدي السلف‬
‫الصالح ‪ ،‬وربما يأتي الفتح من الله بما ل يخطر على بال بشر ‪.‬‬
‫* وربما يقضي الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬بانهيار المدنية الغربية الرأسمالية ‪ ،‬كما‬
‫انهارت الشيوعية دون عناء فتلجأ البشرية إلى السلم ‪.‬‬
‫وهذه افتراضات كلها جائزة ‪ -‬عقلً وشرعا ً ‪ -‬ولها أمثلة من التاريخ‬
‫السلمي قديما ً وحديثا ً ‪ ،‬فعلم الخلف في أمر غيب هو من مقادير‬
‫الله التي ل يعلمها إل هو سبحانه ؟‬
‫والذي أراه ‪ :‬أنه يجب أن يحترم كل مسلم وجهة نظرالخر ما دامت‬
‫في حدود الشرع ‪ ،‬ولم تخالف الكتاب والسنة ‪ ،‬وإن تعددت الوسائل‬
‫والمناهج الجتهادية ‪ ،‬ما دامت فيما يسع فيه الجتهاد والخلف ‪.‬‬
‫ثم إن اختلف بلد المسلمين وأحوالهم ومجتمعاتهم وأوضاعهم‬
‫الجغرافية والسياسية قد يستلزم تعدد الساليب والمناهج‬
‫الجتهادية ‪ ،‬فليعذر بعضهم بعضا ً في هذه الحدود ‪ ،‬أما ما يخالف‬
‫النصوص الشرعية ‪ ،‬وأحكام الشرع والعقيدة السليمة ‪ ،‬وما سارعليه‬

‫‪ - 1‬أخرجه أبو داود في الملحم ‪ ،‬باب ما يذكر في قرن المائة ‪ ،‬الحديث ) ‪ ،( 4291‬وأورده‬
‫السيوطي في الجامع الصغير برقم ) ‪ ، ( 1845‬وعزاه للحاكم في المستدرك والبيهقي في‬
‫المعرفة ‪ ،‬وقال ‪ ":‬حديث صحيح " ‪ ، 282 / 1‬وصححه اللباني في صحيح الجامع الصغير‬
‫برقم ) ‪ . 143 / 2 ( 1870‬وانظر مستدرك الحاكم ‪. 522 / 4‬‬
‫‪ - 2‬أخرجه البخاري في كتاب الجهاد ‪ ،‬باب إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر ‪ ،‬الحديث رقم‬
‫) ‪ ( 3062‬من فتح الباري ‪ . 179 / 6‬وفي القدر والمغازي – أيضا ً – ومسلم في كتاب اليمان ‪،‬‬
‫باب ) ‪ ( 47‬الحديث ) ‪. 106 – 105 / 1 ( 111‬‬

‫‪76‬‬
‫السلف من أصول الدين ; فيجب العدول عنه إلى الحق مع من كان ‪،‬‬
‫وأينما كان ‪.‬‬

‫ثالثا ُ ‪ :‬أرى كثيرا ً من الدعوات والدعاة المعاصرين يصرفون جل‬


‫اهتماهم إلى تشخيص وعلج مظاهرالنحراف والفساد الخلقي لدى‬
‫المسلمين ‪ ،‬وهذه خصلة تحمد لهم ‪ ،‬بل الواجب أن يكون المر كذلك‬
‫‪ ،‬لكني مع ذلك ل أعذرهم ‪ -‬أو الكثرين منهم ‪ -‬حين يذهلون ذهولً‬
‫أعمى عن الخلل العظم والخطر ‪ ،‬ذلكم الخلل الذي ل شك أنه هو‬
‫السبب الول للنحراف الخلقي والفساد الجتماعي‪ ،‬والفوضى‬
‫والجهل والتخلف و سائر المفاسد ‪ .‬ذلكم الخلل الحاصل في اعتقاد‬
‫المسلمين علما ً وعملً ‪ ،‬والمتمثل في ‪ :‬الجهل بأوليات السلم ‪،‬‬
‫والوقوع في المعتقدات الضالة ‪ ،‬والعمال الشركية والبدعية ‪ ،‬من‬
‫بدع المقابر ‪ ،‬وتقديس الشخاص الموات والحياء ‪ ،‬وتقديس الولياء‬
‫والقطاب والغواث ‪ ، 1‬وبدع الصوفية النكدة ‪ ،‬وبدع المشاهد والثار‬
‫والشجار والحجار ‪ ،‬وصرف كثير من أنواع العبادة لغير الله ‪ -‬سبحانه‬
‫‪ ، -‬ونحو ذلك مما يطول ذكره ‪ ،‬ول يخفى على ذي بصيرة ‪.‬‬
‫كما يتمثل هذا الخلل ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬لدى الدعاة في إغفال أكثرهم الهتمام‬
‫بأصول الدين وفرائض السلم ‪ ،‬أو إعطائها أقل مما تستحقه من‬
‫الهتمام والعناية ‪ ،‬مع العلم أنها هي مفاتيح الخير والصلح ‪ ،‬وهي‬
‫مغاليق الشر والفساد ‪ ،‬كالصلة ‪ ،‬والزكاة ‪ ،‬والصوم ‪ ،‬والحج ‪،‬‬
‫والجهاد ‪ ،‬والمر بالمعروف ‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬وإخلص العبادة لله‬
‫وحده ‪ ،‬ونبذ الشرك والبدع ووسائلهما ‪ ،‬ونحو ذلك من الصول ‪.‬‬
‫ولو تأملنا نصوص القرآن والسنة لوجدنا أن الهتمام بالصول يشير‬
‫إلى أن هذا هو الواجب الول في الدعوة ‪ ،‬وهو الذي به يحصل صلح‬
‫الناس وأحوالهم ‪ ،‬وبه ينتهون عن الفساد والمنكر من تلقاء أنفسهم ‪،‬‬
‫وإلى هذا المعنى وجهنا الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬إلى إقامة الصلة ‪ ،‬وهي من‬
‫الصول العظيمة ‪ ،‬وبّين أن إقامتها تنهى عن الفحشاء والمنكر ‪،‬‬
‫َ‬
‫شاءِ َوال ْ ُ‬
‫من ْك َرِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫صلاة َ ت َن َْهى ع َ ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫صلاة َ إ ِ ّ‬
‫فقال ‪ -‬تعالى ‪ } : -‬وَأقِم ِ ال ّ‬
‫{ ] سورة العنكبوت ‪ ،‬الية ‪. [ 45 :‬‬
‫وبّين الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أن عبادة الله وحده وترك‬
‫الشرك وإقامة أركان السلم هي السلم الذي يرضاه الله ويأمر به ‪،‬‬
‫وفي هذا إشارة إلى أن النسان إذا فعل ذلك صلحت أموره ‪ ،‬فقد‬
‫‪ - 1‬خرافة القطاب والغواث هذه من دواهي الصوفية التي رمتها على السلم ‪ ،‬فهم‬
‫يزعمون أن لهم يدا ً في تدبير تصاريف الكون ومقادير الخلق ‪ ،‬وحسبنا الله ونعم‬
‫الوكيل ‪ .‬لمزيد الإطلع عنها راجع ‪ :‬الفكر الصوفي ‪ ،‬لعبد الرحمن عبدالخالق ‪ ،‬ص ‪-219‬‬
‫‪. 245‬‬
‫‪77‬‬
‫جاء في حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم ‪ ،‬وفيه ‪ ) :‬فأتاه رجل‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬ما السلم ؟ قال ‪ " :‬أن تعبد الله ول تشرك به‬
‫شيئ ا ً ‪ ،‬وتـقيم الصلة المكتوبة ‪ ،‬وتؤدي الزكاة المفروضة ‪ ،‬وتصوم‬
‫رمضان ‪ " ...‬الحديث ( ‪. 1‬‬
‫ومن ذلك قصة الرجل الذي سأل النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬عن‬
‫السلم ‪ ،‬فذكر له صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬الصلة ‪ ،‬والصوم ‪،‬‬
‫والزكاة ‪ ،‬والحج " ‪ ،‬فقال الرجل ‪ " :‬والذي بعثك بالحق ل أزيد عليهن‬
‫ول أنقص منهن " ‪ ،‬فقال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬لئن‬
‫صدق ليدخلن الجنة " ‪. 2‬‬
‫وذلك لنه من المعلوم بالضرورة أن من فعل هذه المور العظيمة‬
‫على وجهها كما أمر الله ‪ ،‬مخلصا ً دينه لله ‪ ،‬فإن سائر أحواله ستصلح‬
‫ويهديه الله سبل الخير والصلح والفلح ‪ ،‬وجنة الله ورضوانه ‪ .‬كما‬
‫ل ع ََلى‬
‫ما ن ُّز َ‬‫مُنوا ب ِ َ‬‫ت َوآ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫مُنوا وَع َ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫قال ‪ -‬تعالى ‪َ } : -‬وال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫َ‬
‫م { ] سورة‬ ‫ح َبال َهُ ْ‬
‫صل َ َ‬‫م وَأ ْ‬‫سي َّئات ِهِ ْ‬
‫م َ‬ ‫م كَ ّ‬
‫فَر ع َن ْهُ ْ‬ ‫ن َرب ّهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مد ٍ وَهُوَ ال ْ َ‬
‫حق ّ ِ‬ ‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫ُ‬
‫محمد ‪ ،‬الية ‪. [ 2 :‬‬

‫ول يعني هذا أني أقلل من شان محاربة الفساد والنحرافات‬


‫الخلقية ‪ ،‬كل والله ‪ ،‬فهذا ) أي النهي عن الفساد ( أصل عظيم من‬
‫أصول الدين ‪ ،‬لكني أقول يجب أن نبدأ بما بدأ الله به ‪ ،‬وبدأ به أنبياؤه‬
‫من حيث الولوية ‪ ،‬ونعطي كل أمر حقه ‪ ،‬كما أمر الله ‪ ،‬فالسلم كل‬
‫ل يتجزأ ‪ ،‬واليمان بضع وسبعون شعبة ‪ ،‬لكني أقول‪ :‬إن حق الله‬
‫أولى ‪،‬‬
‫وبعده ترتب المور كما جاءت في دين الله ‪.‬‬

‫فتوحيد الله وطاعته ‪ ،‬وطاعة رسوله ‪ ،‬واتباع شرعه ‪ ،‬ونبذ الشرك‬


‫والطاغوت ‪ ،‬أصل عظيم ‪ ،‬ثم إقامة الفرائض من الصلة والزكاة‬
‫والصيام والحج أصل عظيم ‪ ،‬ثم الجهاد في سبيل الله ‪ ،‬والمر‬
‫بالمعروف ‪ ،‬والنهي عن المنكر أصل عظيم ‪ ،‬ثم النهي عن الفساد‬
‫في الرض ‪ ،‬والمر بالفضائل أصل عظيم كذلك ‪ ،‬فكل الصول يجب‬
‫أن نهتم بها ‪.‬‬
‫لكن الصل الول هو أجّلها وأعظمها ‪ ،‬وهو العروة الوثقى ‪ ،‬قال ‪-‬‬
‫ك ِبال ْعُْروَةِ‬
‫س َ‬
‫م َ‬
‫ست َ ْ‬ ‫ن ِبالل ّهِ فَ َ‬
‫قد ِ ا ْ‬ ‫ت وَي ُؤ ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫غو ِ‬ ‫فْر ِبال ّ‬
‫طا ُ‬ ‫ن ي َك ْ ُ‬
‫م ْ‬‫تعالى ‪ } : -‬فَ َ‬
‫ها { ] سورة البقرة ‪ ،‬الية ‪. [ 256 :‬‬ ‫م لَ َ‬ ‫صا َ‬
‫ف َ‬ ‫ال ْوُث ْ َ‬
‫قى لا ان ْ ِ‬

‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب اليمان ‪ ،‬باب اليمان والسلم والحسان ‪ ،‬الحديث ) ‪. 39 / 1 ( 9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب اليمان ‪ ،‬باب السؤال عن أركان السلم ‪ ،‬الحديث ) ‪. 42 / 1 ( 12‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪78‬‬
‫كما أني ل أّدعي أن الدعوات المعاصرة لم تهتم بهذا المر العظيم ‪،‬‬
‫لكني أقول وعلى ثقة ‪ -‬والواقع يشهد ‪ -‬أنها ‪ -‬أكثرها ‪ -‬لم تعطه حقه ‪،‬‬
‫ولم تنتبه إلى أنه هو العظم والخطر ‪ ،‬وأن النحراف فيه هو السبب‬
‫الول لكل انحراف وضلل ‪.‬‬
‫وقد أشرت سابقا ً إلى أن الرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬حينما‬
‫قاتل الناس في دين الله ‪ ،‬قاتلهم على الصول ‪ :‬شهادة أن ل إله إل‬
‫الله ) وعبادة الله وحده ونبذ الشرك ( ‪ ،‬وشهادة أن محمدا ً رسول‬
‫الله ‪ ،‬وإقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة ‪ ،‬وصوم رمضان ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬لن هذه‬
‫الصول إذا قام الناس بحقها ‪ -‬كما أمر الله ‪ -‬صلحت قلوبهم‬
‫وأعمالهم وسائر أحوالهم ‪ ،‬ثم إن الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫لم يهمل الجوانب الخرى من الحكام والداب والخلق ‪ ،‬لكنها جاءت‬
‫بعد تلك الصول لنها تبع لها ‪ ،‬ومبنية عليها ‪ ،‬ل العكس ‪.‬‬

‫وخلصة هذا الموضوع ‪:‬‬


‫أن صلح حال المسلمين وإخراجهم مما هم عليه من جهل وفساد‬
‫وانحراف وتخلف مرتبط قبل كل شيئ بصلح عقيدتهم واستقامتهم‬
‫على دين الله ‪ ،‬وعبادته وحده وتقواه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬وطاعته ‪ ،‬واتباع‬
‫رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وهذا هو منهج الرسل ومنهج‬
‫القرآن والسّنة ومنهج الصالحين المهتدين ‪ ،‬وما دعوة الشيخ محمد‬
‫بن عبدالوهاب ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬منا ببعيد ‪ .‬أما صرف بعض الدعاة‬
‫النظرعن هذه المسألة ‪ ،‬واهتمامهم بغيرها مما هو فرع منها فهو‬
‫بمثابة علج الشجة والجروح في رأس مقطوع ‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬هناك خلل أو تصور خاطئ يقع فيه بعض الناقدين الذين‬
‫يتابعون مسيرة الدعوات السلمية المعاصرة ‪ ،‬وهذا الخلل ‪ :‬تقدير‬
‫بعضهم لنجاح حركة ما أو فشلها بعدد أتباعها ‪ ،‬وانتشارها ‪ ،‬أو بذيوع‬
‫صيتها وأخبارها إعلميا ً ‪ ،‬أو بما تحققه من اتصارات سياسية ‪ ،‬أو‬
‫بكثرة ما تقوله وتكتبه ‪ ،‬أو برفعها للشعارات السلمية ‪ ،‬والنداءات‬
‫بتطبيق الشريعة السلمية ‪ ،‬ومحاربة اللحاد والقومية ‪ ..‬كل هذا أمر‬
‫طيب ومفيد ‪ ،‬لكن ذلك ‪ -‬بنظري ‪ -‬مسلك ل يتوافق مع موازين‬
‫السلم وأصوله ‪ ،‬إنما العبرة في تقويمنا لي دعوة من شخص أو‬
‫حركة أو جماعة أو دولة أو غيرها بمدى موافقتها لكتاب الله ‪ ،‬وسنة‬
‫رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وما يتبع ذلك من سلمة العقيدة ‪،‬‬
‫وسلمة المنهج شرعا ً ‪ ،‬واتباع هدي النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫في الحكام والسنن والداب وغيرها ‪ ،‬واتباع هدي السلف الصالح ‪،‬‬
‫‪79‬‬
‫وطلب العلم الشرعي ‪ ،‬وما عدا ذلك يبقى مجرد شعار من‬
‫الشعارات ‪ ،‬كسائر الشعارت الوضعية المطروحة في الساحة ‪.‬‬
‫ويدل على قولي هذا ‪:‬‬
‫أن الدعوة إلى الخلق الفاضلة ‪ ،‬وإلى الصلح ‪ ،‬وإلى النهضة‬
‫والتقدم ‪ ،‬وإلى حلول مشكلت المسلمين في ضوء الشريعة‬
‫السلمية ‪ ،‬وكذلك رفع الشعارات السلمية بشتى جوانب الحياة ‪،‬‬
‫أقول إن هذا قاسم مشترك ل يمتاز به أحد دون أحد من الدعاة‬
‫والدعوات في البلد السلمية ‪.‬‬
‫فالرافضة ‪ :‬ترفع هذا الشعار السلمي ! والتحريريون ) المعتزلة‬
‫الجدد(‪ ،‬والترابيون ‪ ،‬والتجديديون ‪ ،‬والعصرانيون يرفعون هذا الشعار‬
‫السلمي ‪ ،‬والقاديانية والبهائية ‪ ،‬والبابية ‪ ،‬والباطنيون ‪ ،‬والمتصوفة‬
‫الغلة والبدعيون كلهم يرفعون هذا شعارات إسلمية ! ‪ ،‬بل أصبح‬
‫رفع الشعارات السلمية سلعة يعرضها حتى القوميون والشتراكيون‬
‫بل والشيوعيون ‪ -‬أحيانا ً ‪ ، -‬وتلعب من خللها الماسونية والمخابرات‬
‫العالمية ) بشتى مشاربها ( ‪.‬‬
‫فيتحرر أن العتبار والميزان هو الكتاب والسّنة ‪ ،‬وما كان عليه‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، -‬وأصحابه وأئمة الهدى المتبعون ‪.‬‬
‫إذ ا ً ليست المسألة مسألة شعارات ترفع ‪ ،‬أو عواطف تسكب ‪ ،‬أو‬
‫عبارات تدبج ‪ ،‬أو نحوها ‪ ،‬إنما العبرة بتحقيق العبودية لله ‪ -‬تعالى ‪-‬‬
‫وحده ‪ ،‬وابتاع رسوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬منهجا ً وعقيدة وسلوكا ً‬
‫‪.‬‬
‫فالمسألة تحتاج إلى وقفة وتأمل ومحاسبة من قبل القائمين على‬
‫الدعوات ‪ ،‬فإن المر خطير ‪ -‬جد خطير ‪ ، -‬والمانة جد ثقيلة ‪،‬‬
‫وصراط الله المستقيم بيـن ظاهر ‪.‬‬
‫والحمد لله في الولى والخرة ‪ ،‬وله العقبى ‪.‬‬

‫وفقني الله وجميع المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه ‪ ،‬وجنبنا طريق‬


‫الضللة ‪.‬‬
‫ة حسنة وقـنا عذاب النار ‪ .‬ربنا‬
‫ة وفي الخر ِ‬‫ربنا آتـنا في الدنيا حسن ً‬
‫اغـفر لنا ولخواننا الذين سبـقونا باليمان ول تجعـل في قلوبنا غلً‬
‫للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيـم ‪.‬‬
‫اللهم صلي وسلم على نبينا محمد ‪ ،‬وآله وصحبه ‪ ،‬وأتباعه إلى يوم‬
‫الدين ‪ ،‬واجعلنا معهم على الحق ‪ ،‬برحمتك وتوفيقك ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫سبحانك ربك رب العزة عما يصفـون ‪ ،‬وسلم على المرسلين ‪.‬‬

‫والحمد لله رب العالمين‬

‫كتـبه ‪:‬‬
‫ناصر بن عبدالكريم العـقـل‬
‫الستاذ المشارك بقسم العقيـدة والمذاهـب المعاصرة‬
‫كلية أصول الدين – الرياض‬

‫‪81‬‬
‫المراجـع‬

‫‪ - 1‬البانةعن أصول الديانة ‪ ،‬المام أبوالحسن الشعري ‪ ،‬المتوفى‬


‫‪ ، 324‬ط ‪ :‬الجامعة السلمية بالمدينة المنورة ‪ 1405 ،‬هـ ‪ ،‬بتقديم‬
‫حماد النصاري ‪.‬‬
‫‪ - 2‬إحياء علوم الدين ‪ ،‬أبو حامد الغزالي ‪ ،‬المتوفى ‪ 806‬هـ ‪ ،‬ط ‪ :‬دار‬
‫المعرفة ‪ ،‬بيروت – لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الختلف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ‪ ،‬عبدالله بن‬
‫مسلم بن قتيبة المتوفى سنة ‪276‬هـ ‪ ،‬مطبوع ضمن مجموعة‬
‫) عقائد السلف ( بعناية ‪ :‬النشار والطالبي سنة ‪ 1971‬م ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الرشاد إلى قواطع الدلة في أصول العتقاد ‪ ،‬إمام الحرمين أبو‬
‫المعالي الجويني ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 478‬هـ ‪ .‬تحقيق ‪ :‬أسعد تميم ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫أولى ‪ ،‬مؤسسة الكتب الثقافية ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 5‬أساس التقديس ‪ ،‬فخر الدين الرازي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 606‬هـ ‪،‬‬
‫تحقيق ‪ :‬أحمد حجازي السقا ‪ ،‬نشر مكتبة الكليات الزهرية بمصر ‪،‬‬
‫‪ 1406‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 6‬السماء والصفات ‪ ،‬أبو بكر البيهقي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 458‬هـ ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫أولى ‪ 1405‬هـ ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 7‬أصول الدين ‪ ،‬المسمى معالم أصول الدين ‪ ،‬فخر الدين الرازي ‪،‬‬
‫مراجعة عبدالرؤوف سعد ‪ ،‬مكتبة الكليات الزهرية بالقاهرة ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪ - 8‬أصول الدين ‪ ،‬أبو منصور عبدالقاهر البغدادي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪429‬‬
‫هـ ‪ ،‬ط‪ :‬ثانية ‪ 1400‬هـ ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪ ،‬مصورة عن الطبعة الولى‬
‫باستانبول ‪ -‬تركيا ‪.‬‬
‫‪ - 9‬العتصام ‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم الشاطبي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪، 790‬‬
‫بتعريف ‪ :‬محمد رشيد رضا ‪ ،‬ط ‪ :‬دار المعرفة ‪1402 ،‬هـ ‪ ،‬بيروت‪-‬‬
‫لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 10‬العتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ‪ ،‬الحافظ أبو بكر البيهقي ‪،‬‬
‫المتوفى سنة ‪ 458‬هـ ‪ .‬تخريج وتعليق ‪ :‬أحمد عصام الكاتب ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫أولى ‪ ،‬دار الفاق الجديدة ‪ 1401‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 11‬أقاويل الثقات في تأويل السماء والصفات ‪ ،‬مرعى بن يوسف‬
‫الكرمي الحنبلي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 1033‬هـ ‪ .‬تحقيق ‪ :‬شعيب الرناؤوط‬
‫‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ 1406 ،‬هـ ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ - 12‬القتصاد في العتقاد ‪ ،‬أبو حامد الغزالي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد‬
‫مصطفى أبو العل ‪ 1972 / 7 ،‬م ‪ ،‬مكتبة الجندي ‪ ،‬القاهرة ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪ - 13‬الله – جل جللة ‪ ،‬سعيد حوي ‪ ،‬ط ‪ :‬ثالثة ‪ 1392 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 14‬المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪،‬‬
‫تحقيق ‪ :‬د‪ .‬صلح الدين المنجد‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ ،‬دارالكتاب الجديد ‪،‬‬
‫بيروت‪ -‬لبنان‪ 1396 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 15‬النصاف فيما يجب اعتقاده ول يجوز الجهل به ‪ ) ،‬المسمى ‪:‬‬
‫الرسالة الحرة ( تعليق ‪ :‬محمد زاهد الكوثري ‪ ،‬ط ‪ 1369 :‬هـ ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪ - 16‬إيضاح الدللة في عموم الرسالة ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬نشر‬
‫مكتبة الرياض الحديثة ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 17‬اليمان ‪ ،‬الحافظ محمد بن يحى العدني ‪ ،‬المتوفى سنة ‪243‬‬
‫هـ ‪ ،‬دراسة وتحقيق ‪ :‬حمد بن حمدي الحربي ‪ ،‬ط‪ :‬أولى ‪،‬‬
‫الدارالسلفية ‪ -‬الكويت ‪ 1407‬ه ‪.‬‬
‫‪ - 18‬اليمان ‪ ،‬أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ‪ ،‬ط ‪ :‬دار الثقافة‬
‫السلمية بالرياض ‪ ،‬منشورات المكتب السلمي بدمشق ‪ 1381‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 19‬اليمان ‪ ،‬الحافظ محمد بن إسحاق بن منده ‪ ،‬المتوفى سنة‬
‫‪ 395‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د ‪ .‬علي بن محمد الفقيهي ‪ ،‬ط ‪ :‬ثانية ‪ 1406‬هـ ‪.‬‬

‫)ب(‬

‫‪ - 20‬بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلمية ) نقض تأسيس‬


‫الجهمية ( ‪ ،‬بن تيمية ‪ ،‬إخراج ‪ :‬محمد بن عبدالرحمن قاسم ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫أولى ‪ 1391‬هـ ‪.‬‬

‫)ت(‬

‫‪ - 21‬تبسيط العقائد السلمية ‪ ،‬حسن أيوب ‪ ،‬نشر التحاد السلمي‬


‫العالمي للمنظمات الطلبية ‪ ،‬ط ‪ :‬دار القرآن الكريم ‪ 1400‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 22‬تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى المام الشعري‪ ،‬ابن‬
‫عساكر الدمشقي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 571‬هـ ‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي‬
‫) مصورة ( ‪ 1399‬هـ ‪ ،‬بعناية القدسي ‪.‬‬
‫‪ - 23‬تجديد الفكر السلمي ‪ ،‬د ‪ .‬حسن عبدالله الترابي ‪ ،‬ط ‪ :‬جمعية‬
‫الهدى القرآني ) محاضرة ألقيت بجامعة الخرطوم سنة ‪ 1977‬م ( ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ - 24‬تخريج المشكاة ‪ ،‬لمحمد ناصر الدين اللباني ‪ ،‬بهامش كتاب‬
‫مشكاة المصابيح للتبريزي ‪ ،‬الطبعة الثانية عام ‪ 1399‬هـ ‪ ،‬المكتب‬
‫السلمي ‪.‬‬
‫‪ - 25‬تطهير العتقاد عن أدران اللحاد ‪ ،‬محمد بن علي الشوكاني ‪،‬‬
‫المتوفى سنة ‪ 1182‬هـ ‪ ،‬تعليق ‪ :‬محمد عبدالمنعم خفاجي ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى‬
‫‪ ،‬مكتبة ومطبعة محمد صبيح ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪ - 26‬تفسير القرآن الكريم ‪ ،‬المام إسماعيل بن كثير ‪ ،‬المتوفى سنة‬
‫‪ 774‬هـ ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 27‬التمهيد ‪ ،‬أبو بكر الباقلني ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬الب رتشارد مكارثي ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫المكتبة الشرقية ) ‪ ( 1957‬بيروت – لبنان ‪ .‬وطبعة أخرى ‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫محمود محمد الخضيري ‪ ،‬و د ‪ .‬محمد عبدالباري ريدة ‪ ،‬ط ‪1967 :‬‬
‫م‪.‬‬
‫‪ - 28‬التوحيد وإثبات صفات الرب ‪ -‬عز وجل ‪ ،‬المام أبو بكر بن‬
‫خزيمة ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د ‪ .‬عبدالعزيز بن إبراهيم الشهوان ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى دار‬
‫الرشد ‪ ،‬بالرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 29‬التوسل ‪ ،‬أنواعه وأحكامه ‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني ‪ ،‬بعناية‬
‫محمد عيد العباسي ‪ ،‬ط ‪ :‬ثانية ‪ 1397‬هـ ‪ ،‬المكتب السلمي ‪.‬‬

‫)ج(‬

‫‪ - 30‬جامع البيان في تفسير القرآن ‪ ،‬المام أبو جعفر الطبري ‪ .‬ط ‪:‬‬
‫‪ 1398 ، 3‬هـ ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 31‬جامع الرسائل ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ .‬تحقيق ‪ :‬د ‪ .‬محمد‬
‫رشاد سالم ‪ ،‬ط ‪ :‬ثانية ‪ 1405 ،‬هـ ‪ ،‬دار المدني للنشر والتوزيع ‪.‬‬
‫‪ - 32‬الجامع الصحيح ) سنن الترمذي ( ‪ ،‬أبو عيسى محمد بن عيسى‬
‫الترمذي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 279‬هـ ‪ ،‬تحقيق وشرح ‪ :‬أحمد محمد‬
‫شاكر ‪ ،‬نشر المكتبة السلمية ‪.‬‬
‫‪ - 33‬الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير ‪ ،‬جلل الدين‬
‫السيوطي ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1401‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 34‬الجماعات السلمية في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬سليم الهللي‬
‫وزياد الدبيج ‪ ،‬ط ‪ :‬ثانية ‪ 1401‬هـ ‪.‬‬

‫)ح(‬

‫‪84‬‬
‫‪ - 35‬الحيدة ‪ ،‬المام عبدالعزيز الكناني ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 240‬هـ ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫الجامعة السلمية بالمدينة المنورة عام ‪ 1405‬هـ ‪ ،‬ط ‪ :‬ثانية ‪.‬‬

‫)خ(‬
‫‪ - 36‬خطبة الحاجة ‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني ‪ ،‬ط ‪ :‬ثالثة ‪ 1397‬هـ ‪،‬‬
‫المكتب السلمي ‪.‬‬

‫)د(‬

‫‪ - 37‬درء تعارض العقل والنقل ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬تحقيق د ‪.‬‬
‫محمد رشاد سالم ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1401‬هـ ‪ ،‬جامعة المام محمد بن‬
‫سعود السلمية ‪ ،‬الرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 38‬دعاة ل قضاة ‪ ،‬حسن الهضيبي ‪ ،‬ط ‪ :‬دار الطباعة والنشر‬
‫السلمية ‪ 1397‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 39‬دعوة التوحيد ‪ ،‬أصولها والدوار التي مرت بها ومشاهير دعاتها ‪،‬‬
‫د‪ .‬محمد خليل هراس ‪ ،‬ط ‪ :‬مكتبة الصحابة ‪ ،‬طنطا ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪ - 40‬دليل القارئ إلى مواضع الحديث في صحيح البخاري ‪ ،‬عبدالله‬
‫بن محمد الغنيمان ‪ ،‬ط ‪ :‬ثانية ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ 1404 ،‬هـ ‪.‬‬

‫)ذ(‬

‫‪ - 41‬ذم التأويل ‪ ،‬الموفق بن قدامة المقدسي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪620‬‬


‫هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬بدر بن عبدالله البدر ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1406‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 42‬رد المام الدارمي على بشر المريسي ‪ ،‬الحافظ عثمان بن‬
‫سعيد الدارمي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 280‬هـ ‪ ،‬بتعليق ‪ :‬محمد حامد الفقي ‪،‬‬
‫ط ‪ :‬أولى ‪ 1358‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 43‬الرد على الجهمية ‪ ،‬للدارمي الحافظ عثمان بن سعيد ‪ ،‬ضمن‬
‫مجموعة ) عقائد السلف ( ‪ ،‬طبع بعناية النشار والطالسبي سنة‬
‫‪ 1971‬م ‪.‬‬
‫‪ - 44‬الرد على الزنادقة والجهمية ‪ ،‬المام أحمد بن حنبل ‪ .‬ط ‪:‬‬
‫المطبعة السلفية ومكتبتها ‪ ،‬القاهرة ‪ 1393 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 45‬رسائل في العقيدة ‪ ،‬محمد بن صالح العثيمين ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪1404‬‬
‫هـ ‪ ،‬دار طيبة بالرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 46‬الرسالة التدمرية ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬ط ‪ :‬الدارة العامة‬
‫للمعاهد العلمية ‪ 1387‬هـ ‪ .‬الرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫‪ - 47‬الرسالة العرشية ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪1399‬‬
‫هـ ‪ ،‬نشرها قصي محب الدين الخطيب‬
‫‪ - 48‬الرسالة القشيرية في علم التصوف ‪ ،‬أبو القاسم عبدالكريم‬
‫القشيري ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 465‬هـ ‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪ ،‬مصورة عن ط ‪ 1367 /‬هـ ‪.‬‬

‫)س(‬

‫‪ - 49‬السّنة ‪ ،‬عبدالله بن أحمد بن جنبل ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د ‪ .‬محمد بن سعيد‬


‫القحطاني ‪ ،‬ط‪ :‬أولى ‪.‬‬
‫‪ - 50‬السّنة ‪ ،‬الحافظ عمرو بن أبي عاصم ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 287‬هـ ‪،‬‬
‫تخريج وتعليق ‪ :‬محمد ناصر الدين اللباني ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1400‬هـ ‪،‬‬
‫المكتب السلمي ‪ - 51 .‬سنن ابن ماجة ‪ ،‬الحافظ أبو عبدالله محمد‬
‫بن يزيد القزويني ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 275‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد فؤاد‬
‫عبدالباقي‪ ،‬ط ‪ :‬إحياء التراث العربي ‪ 1395‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 52‬سنن أبي داود ‪ ،‬الحافظ أبو داود سليمان بن الشعث‬
‫السجستاني ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 275‬هـ ‪ ،‬تعليق ‪ :‬عزت عبدالوهاب ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫أولى ‪ 1388‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 53‬سنن الدارمي ‪ ،‬المام محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن‬
‫الدارمي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 255‬هـ ‪ ،‬بعناية ‪ :‬محمد أحمد دهمان ‪ ،‬دار‬
‫إحياء السنة النبوية ‪.‬‬
‫‪ - 54‬سلسلة الحاديث الصحيحة ‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫ثانية ‪ ،‬المكتب السلمية ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬

‫)ش(‬

‫‪ - 55‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،‬أبو القاسم هبة الله‬
‫الللكائي‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 418‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د ‪ .‬أحمد سعد الحمدان ‪،‬‬
‫نشر دار طيبة ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬الممكلة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 56‬شرح السنة ‪ ،‬المام أبو محمد الحسين البغوي ‪ ،‬المتوفى سنة‬
‫‪ 516‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬شعيب الرناؤوط وزهير الشاويش ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى‬
‫‪ 1390‬هـ ‪ ،‬المكتب السلمي ‪.‬‬
‫‪ - 57‬شرح الطحاوية في العقيدة السلفية ‪ ،‬علي بن علي بن محمد‬
‫بن أبي العز الحنفي ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 792‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أحمد محمد‬
‫شاكر ‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫‪ - 58‬شرح العقيدة الواسطية ‪ ،‬د ‪ .‬محمد خليل هراس ‪ ،‬تصحيح‬
‫إسماعيل النصاري ‪ ،‬ط ‪ :‬رئاسة البحوث ‪ ،‬المملكة العربية السعودية‬
‫‪ ،‬ط ‪ :‬رابعة ‪.‬‬
‫‪ - 59‬شرح كتاب التوحيد في صحيح البخاري ‪ ،‬عبدالله بن محمد‬
‫الغنيمان ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1405‬هـ ‪ ،‬توزيع مكتبة الدار بالمدينة المنورة ‪.‬‬
‫‪ - 60‬شرح المقاصد في علم الكلم ‪ ،‬سعد الدين التفتازاني‪ ،‬المتوفى‬
‫سنة ‪ 791‬هـ ط ‪ :‬أولى ‪ ،‬دار المعارف النعمانية ‪ ،‬باكستان ‪ 1401‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 61‬الشرح والبانة على أصول السّنة والديانة‪ ،‬المام عبيد الله‬
‫محمد بن بطة ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 387‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬رضا بن نعسان‬
‫معطي ‪ ،‬ط ‪ 1404 :‬هـ ‪ ،‬المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ - 62‬الشريعة ‪ ،‬أبو بكر محمد بن الحسين الجري ‪ ،‬المتوفى سنة‬
‫‪ 360‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد حامد الفقي ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1403‬هـ ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 63‬الشيخ حسن البنا ومدرسة ) الخوان المسلمون ( ‪ ،‬د ‪ .‬رؤوف‬
‫شلبي ‪ ،‬نشر دار النصار ‪ ،‬بمصر ‪ ،‬ط ‪ :‬دار التحاد العربي للطباعة ‪.‬‬

‫)ص(‬

‫‪ - 64‬صحيح ابن خزيمة ‪ ،‬المام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ‪،‬‬
‫المتوفى سنة ‪ 311‬هـ ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬محمد مصطفى العظمي ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫أولى ‪ 1403‬هـ ‪ ،‬المكتب السلمي ‪ 1390 .‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 65‬صحيح الجامع الصغير وزيادته ‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني ‪ ،‬ط ‪:‬‬
‫ثالثة ‪ 1402‬هـ ‪ ،‬المكتب السلمي ‪.‬‬
‫‪ - 66‬صحيح مسلم ‪ ،‬المام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ‪.،‬‬
‫تحقيق ‪ :‬محمد فؤاد عبدالباقي ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪ ،‬إحياء الكتب العربية‬
‫‪ 1374‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 67‬الصفات ‪ ،‬الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ‪،‬‬
‫المتوفى سنة ‪ 385‬هـ ‪ .‬تحقيق ‪ :‬د ‪ .‬علي بن محمد الفقيهي ) مع‬
‫نزول الكتاب ( ‪.‬‬

‫)ع(‬

‫‪ - 68‬العقائد السلمية ‪ ،‬الشيخ سيد سابق ‪ ،‬ط ‪ :‬دار الكتاب العربي ‪،‬‬
‫بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ - 69‬عقائد السلف ) أحمد بن حنبل ‪ ،‬والبخاري ‪ ،‬وابن قتيبة ‪،‬‬
‫والدارمي ) مجموع ( ‪ ،‬جمع ‪ :‬علي سامي النشار ‪ ،‬وعمار الطالبي ‪.‬‬
‫نشر منشأة المعارف ‪ ،‬السكندرية ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪ - 70‬عقيدة السلف أصحاب الحديث ‪ ،‬أبو إسماعيل الصابوني ‪.‬‬
‫تحقيق ‪ :‬بدر البدر ‪ ،‬ط ‪ :‬الدار السلفية ‪ ،‬ط أولى ‪ 1404‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 71‬عقيدة المسلم ‪ ،‬محمد الغزالي ‪ ،‬ط ‪ :‬مطبعة حسان ‪ -‬القاهرة ‪.‬‬

‫)ف(‬
‫‪ - 72‬فتح الباري ‪ ،‬بشرح صحيح البخاري ‪ ،‬الحافظ أحمد بن حجر‬
‫العسقلني ‪ .‬تحقيق ‪ :‬عبدالعزيز ابن باز ‪ ،‬ط ‪ :‬رئاسة البحوث‬
‫بالمملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 73‬الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ‪ ،‬شيخ السلم ابن‬
‫تيمية ‪ .‬تعليق ‪ :‬محمد بن عبدالوهاب فايد ‪ ،‬نشر رئاسة البحوث‬
‫بالمملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 74‬فضائل الصحابة ‪ ،‬المام أحمد بن حنبل ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 241‬هـ ‪.‬‬
‫تحقيق ‪ :‬وحي الله بن محمد عباس ‪ .‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1403‬هـ ‪ .‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫سنة ‪ ،‬عبدالرحمن‬‫‪ - 75‬الفكر الصوفي في ضوء الكتاب وال ّ‬
‫عبدالخالق ‪ .‬ط ‪ :‬ثانية ‪ 1404‬هـ ‪ ،‬مكتبة ابن تيمية ‪ -‬الكويت ‪.‬‬

‫)ق(‬

‫‪ - 76‬قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬ط‬


‫‪ :‬ثانية ‪ 1398‬هـ ‪ ،‬المكتب السلمي ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 77‬القاموس المحيط ‪ ،‬لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز‬
‫أبادي ‪ ،‬المؤسسة العربية للطباعة والنشر ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 78‬القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى‪ ،‬محمد بن‬
‫صالح العثيمين ‪ .‬نشر وتوزيع الكوثر السلمية ‪ 1406‬هـ ‪.‬‬

‫)ك(‬

‫‪ - 79‬كتاب الربعين في أصول الدين ‪ ،‬أبو حامد الغزالي ‪ .‬تحقيق ‪:‬‬


‫محمد مصطفى أبو العل ‪ ،‬ط ‪ :‬القاهرة ‪ 1970‬م ‪.‬‬

‫)ل(‬
‫‪88‬‬
‫‪ - 80‬لسان العرب ‪ ،‬أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪ ،‬المتوفى‬
‫سنة ‪ 711‬هـ‪ .‬ط ‪ :‬دار صادر ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 81‬لمعة العتقاد ‪ ،‬الموفق بن قدامة المقدسي ‪ ،‬ط ‪ :‬رابعة ‪،‬‬
‫المكتب السلمي ‪.‬‬

‫)م(‬
‫‪ - 82‬مجموع فتاوي ابن تيمية ‪ ،‬أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ‪،‬‬
‫المتوفى سنة ‪ 728‬هـ ‪ .‬جمع ‪ :‬عبدالرحمن بن قاسم ‪ ،‬ط ‪ :‬أولى ‪-‬‬
‫مكتبة المعارف بالمغرب ‪.‬‬
‫‪ - 83‬مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا ‪ ،‬ط ‪ :‬دار الشهاب ‪-‬‬
‫مصر ‪.‬‬
‫‪ - 84‬مجموعة الرسائل المنيرية ‪ ،‬جمع ‪ :‬إدارة الطباعة المنيرية‬
‫لصاحبها محمد منير الدمشقي ‪ ،‬الناشر محمد أمين دمج ‪ 1970 .‬م ‪.‬‬
‫‪ - 85‬مختارالصحاح ‪ ،‬محمد بن أبي بكر الرازي‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 696‬هـ‬
‫‪ .‬ط ‪ :‬أولى ‪ 1967‬م ‪ .‬نشر دار الكتاب العربي ‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 86‬مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ‪ ،‬الصل ‪:‬‬
‫لبن القيم الجوزية ‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 751‬هـ ‪ ،‬اختصره ‪ :‬محمد بن‬
‫الموصلي ‪ ،‬ط ‪ :‬مكتبة الرياض الحديثة ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 87‬مذكرة من حزب التحرير مقدمة إلى العقيد معمر القذافي ‪،‬‬
‫حزب التحرير ‪ ، 1398‬مطبوع ‪.‬‬
‫‪ - 88‬المستدرك على الصحيحين ‪ ،‬الحافظ أبو عبدالله الحاكم‬
‫النيسابوري ‪ ،‬ط ‪ :‬مكتبة المطبوعات السلمية ‪.‬‬
‫‪ - 89‬مسند المام أحمد ‪ ،‬ط ‪ :‬المكتب السلمي ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت ‪-‬‬
‫لبنان ‪.‬‬
‫‪ - 90‬المعجم الوسيط ‪ ،‬مجمع اللغة العربية بمصر ‪ .‬ط ‪ :‬إحياء التراث‬
‫العربي ‪ ،‬بيروت ‪ .‬أخرجه إبراهيم مصطفى ‪ ،‬وأحمد الزيات ‪ ،‬وحامد‬
‫عبدالقادر ‪ ،‬ومحمد علي النجار ‪.‬‬
‫‪ - 91‬منهاج السّنة النبوية في نقض كلم الشيعة والقدرية ‪ ،‬شيخ‬
‫السلم ابن تيمية ‪ ،‬ط ‪ :‬مكتبة الرياض الحديثة ‪ ،‬الرياض ‪ -‬المملكة‬
‫العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ - 92‬الموسوعة العربية المّيسرة ‪ .‬ط ‪ :‬الثانية ‪ 1972‬م ‪.‬‬
‫‪ - 93‬النبوات ‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ .‬ط ‪ :‬مكتبة الرياض الحديثة ‪،‬‬
‫الرياض ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ - 94‬النظام الجتماعي في السلم ‪ .‬تقي الدين النبهاني ‪ .‬ط ‪ :‬ثالثة ‪،‬‬
‫منشورات حزب التحرير ) القدس ( عام ‪ 1372‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 95‬النظام القتصادي في السلم ‪ .‬تقي الدين النبهاني ‪ ،‬ط ‪ :‬ثالثة ‪،‬‬
‫منشورات حزب التحرير ) القدس ( عام ‪ 1372‬هـ ‪.‬‬

‫)و(‬

‫‪ - 96‬وجوب الخذ بحديث الحاد في العقيدة ‪ ،‬محمد ناصر الدين‬


‫اللباني ‪ ،‬سلسلة رسائل الدعوة السلفية )‪ ، (5‬ط ‪ 1394 :‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 97‬الوصية الكبرى في عقيدة أهل السنة والجماعة والفرقة الناجية‬
‫‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية ‪ .‬نشر ‪ :‬قصى محب الدين الخطيب عام‬
‫‪ 1379‬هـ ‪.‬‬

‫استدراك‬
‫‪ - 98‬التجاهات الفكرية المعاصرة ‪ ،‬المستشار الدكتور علي جريشة ‪.‬‬
‫الطبعة الولى عام ‪ 1407‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 99‬تربيتنا الروحية ‪ ،‬سعيد حوى ‪ .‬الطبعة الولى عام ‪ 1399‬هـ ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫فـهرس الموضوعات‬

‫المقدمة‬

‫المبحث الول ‪ :‬تمهيد ‪ ،‬ويشمل ‪:‬‬


‫‪ - 1‬تعريف العقيدة وموضوعها ‪.‬‬
‫* العقدية لـغة ‪.‬‬
‫* العقيدة في الصطلح العام ‪.‬‬
‫* العقيدة السلمية‬
‫* موضوع العقيدة وما ُيراد فيها ‪.‬‬
‫العقيدة ‪ /‬التوحيد ‪ /‬السّنة ‪.‬‬
‫أصول الدين ‪ /‬الفقه الكبر ‪ /‬الشريعة ‪.‬‬
‫اصطلح غير أهل السنة في علم العقيدة ‪.‬‬
‫علم الكلم ‪ /‬الفلسفة ‪ /‬التصوف ‪ /‬اللهيات ‪.‬‬
‫ما وراء الطبيعة ‪.‬‬

‫سـنة والجماعة ‪.‬‬ ‫‪ -2‬التعريف بأهل ال ّ‬


‫سـنة لغـة ‪.‬‬
‫* ال ّ‬
‫سـنة اصطلحا ً ‪.‬‬ ‫* ال ّ‬
‫* الجماعة في الصطلح ‪.‬‬
‫سـنة والجماعة ‪.‬‬ ‫* أهل ال ّ‬
‫سـنة والجماعة‬‫* مما يرادف أهل ال ّ‬
‫* السلف ‪ /‬أهل الثر ‪ /‬أهل الحديث ‪ /‬الفرقة الناجية ‪.‬‬
‫* الطائفة المنصورة ‪ /‬الجماعة ‪ /‬أهل الجماعة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬في تأريخ العقيدة وأصولها ‪ ،‬ويشمل ‪:‬‬


‫‪ - 1‬تأريخ العقيدة ) عقيدة التوحيد ( ومتى طرأ النحراف عليها ‪.‬‬
‫‪ -2‬عقيدة التوحيد في دعوة الرسل عامة ‪.‬‬
‫‪ -3‬عقيدة التوحيد في دعوة نبينا ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫* غالب آيات القرآن جاءت لتقرير التوحيد ‪.‬‬
‫* الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قضى غالب وقت النبوة لتقرير‬
‫التوحيد ‪.‬‬
‫* الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قاتل الناس على التوحيد ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ - 4‬مصادر العقيدة ) عقيدة أهل السنة والجماعة ( ‪.‬‬
‫‪ - 5‬من خصائص العقيدة السلمية ‪:‬‬
‫* سلمة المصدر ‪.‬‬
‫* اعتمادها على الكتاب والسنة وإجماع السلف ‪.‬‬
‫* أنها تقوم على التسليم ‪.‬‬
‫* موافقتها للفطرة والعقل السليم ‪.‬‬
‫* اتصال سندها بالرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫* الوضوح والبيان ‪.‬‬
‫* سلمتها من الضطراب والتناقض واللبس ‪.‬‬
‫* أنها سبب الظهور والنصر والفلح في الدارين ‪.‬‬
‫* هي عقيدة الجماعة والجتماع ‪.‬‬
‫* البقاء والثبات والستقرار ‪.‬‬

‫سـنة والجماعة وستلزماته ‪،‬‬


‫المبحث الثالث ‪ :‬موجز اعتقاد أهل ال ّ‬
‫ويشمل ‪:‬‬

‫‪ -1‬موجز اعتقاد أهل السنة ‪.‬‬


‫أولً ‪ :‬قواعد عامة ‪:‬‬
‫‪ ‬مصدار عقيدة أهل السنة والجماعة ‪.‬‬
‫‪ ‬الخذ بخبر الحاد إذا صح في العقيدة ‪.‬‬
‫‪ ‬مما اختلف فيه من أمور الدين فمرده إلى الله‬
‫‪ ‬كل أصول الدين بّينها الرسول بالتفصيل ) توقيفية ( ‪.‬‬
‫‪ ‬المرجع في فهم نصوص العقيدة هم الصحابة والسلف الصالح في‬
‫القرون الفاضلة ‪.‬‬
‫‪ ‬يجب التزام ألفاظ العقيدة الواردة في الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫‪ ‬أمور العقيدة غيب ‪.‬‬
‫‪ ‬التسليم لله والرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ ‬ل يجوز الجدل في الدين ‪.‬‬
‫‪ ‬ل يجوز تأويل نصوص العقيدة ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬قواعد تفصيلية ‪:‬‬


‫سـنة في أسماء الله وصفاته ‪.‬‬‫‪ -1‬عقيدة أهل ال ّ‬
‫سـنة في اليمان وسائر المغيبات ‪.‬‬ ‫‪ -2‬عقيدة أهل ال ّ‬

‫‪92‬‬
‫أن اليمان قول وعمل وأنه يزيد وينقص ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توحيد الله بالربوبية واللوهية والسماء والصفات ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اليمان بالملئكة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اليمان بالكتب ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اليمان بالنبياء ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اليمان باليوم الخر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اليمان بالقدر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عقديتهم في القرآن ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عقيدتهم في الرؤية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عقيدتهم في الشفاعة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عقيدتهم في السراء والمعراج ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عقيدتهم في بقية الصول والحكام العتقادية ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬


‫أولً ‪ :‬حب الصحابة ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬مجانبة أهل البدع ‪.‬‬
‫ثالثا ُ ‪ :‬لزوم الجماعة ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬وجوب السمع والطاعة لولة المور بالمعروف ‪.‬‬
‫خامس ا ً ‪ :‬النصيحة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولئمة‬
‫المسلمين وعامتهم ‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬الجهاد مع أئمة المسلمين ‪.‬‬
‫ثامنا ً ‪ :‬من أحكام المسلمين وحقوقهم ‪.‬‬
‫من نطق بالشهادتين وأظهر السلم فهو مسلم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ل يجوز تكفير أحد من أهل القبلة بذنب ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ليجوز الحكم لحد بجنة أو نار إل من شهد له رسول الله ‪ -‬صلى‬ ‫‪‬‬
‫الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫حكم مرتكب الكبيرة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الصلة خلف أئمة المسلمين بّرهم وفاجرهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الولء والبراء والحب والبغض في الله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كرامات الولياء حق ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -2‬العتصام بعقيدة أهل السنة والجماعة أمر متعّين‬


‫‪ -3‬حقيقة النتساب لهل السنة ومستلزماته ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫تعلم عقيدة أهل السنة والجماعة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الدعوة إليها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يظهر أثرها على أفكاره وأهدافه وأقواله وأفعاله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينصح لئمة المسلمين‬ ‫‪‬‬
‫وعامتهم ‪.‬‬
‫أن يواليهم ويوالي دعوتهم ودعاتهم وأئمتهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -4‬أمثلة لواقع الدعوات المعاصرة حيال عقيدة أهل السنة والجماعة ‪.‬‬
‫‪ ‬من يؤول الصفات مخالف لهل السنة ‪.‬‬
‫‪ ‬النضواء تحت الطرق الصوفية مخالفة لمنهج أهل السنة ‪.‬‬
‫‪ ‬الدفاع عن البدع وأهلها كذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬والتلبس بالبدع ‪.‬‬
‫‪ ‬والجهل بعقيدة السلف ‪.‬‬
‫‪ ‬ولمز السلف أو بعضهم والتنقيص من شأنهم ‪.‬‬
‫‪ ‬والتقصير في إقامة الفرائض والسنن ‪.‬‬
‫‪ ‬والستهانة بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪.‬‬
‫‪ ‬مواقف الدعاة والحركات من دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب‬
‫ميزان للموقف من دعوة السلف ‪.‬‬

‫‪ - 5‬بين أهل السنة والشاعرة ‪.‬‬


‫‪ ‬أهل السنة على ما كان عليه النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫والصحابة اعتقادا ً وعملً ‪.‬‬
‫‪ ‬الشاعرة فرقة كلمية طارئة ) في بعض عقائدها ( ‪.‬‬
‫‪ ‬نشأة الشاعرة ‪.‬‬
‫‪ ‬عقيدة أبي الحسن الشعري التي استقر عليها ‪.‬‬
‫‪ ‬الطوار التي مرت بها الشعرية ‪.‬‬
‫‪ ‬دخول الفلسفة والتصوف وعلم الكلم على الشعرية ‪.‬‬
‫‪ ‬كثرة البدع في بعض المنتسبين للشاعرة المتأخرين ‪.‬‬
‫‪ ‬تسمية الشاعرة ) وغيرهم ( لهل السنة ) وهابية ( ‪.‬‬
‫‪ ‬الشاعرة يوافقون أهل السنة في أمور ‪ ،‬ويخالفونهم في أخرى ‪.‬‬

‫‪ - 6‬من أهم المسائل التي خالف فيها الشاعرة أهل السنة ‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫خوضهم في بعض صفات الله تأويلً وابتداعا ً ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تعويلهم على العقل وعلم الكلم والنظر في العقائد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تفسيرهم التوحيد بتوحيد الربوبية ‪ ،‬وغفلتهم عن توحيد اللوهية‬ ‫‪‬‬
‫الذي من أجله أرسلت الرسل ‪.‬‬
‫مخالفتهم لهل السنة في بعض مسائل القرآن وكلم الله ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫واليمان ‪ ،‬والقدر ‪ ،‬والنبوات ‪.‬‬
‫مذهب الشاعرة مذهب مستقل في العموم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫سـنة ما ابتدعه المتكلمون من الشاعرة ‪.‬‬ ‫مل أهل ال ّ‬‫ل يجوز أن نح ّ‬ ‫‪‬‬
‫الشاعرة هم أقرب الفرق لهل السنة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رجوع كثير من كبار الشاعرة عن مقولتهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الشاعرة المعاصرون بعدوا عن السنة أكثر من أسلفهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ليجوز تكفير الشاعرة ول تضليلهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫سـنة ؟‬
‫‪ -7‬أين أهل ال ّ‬
‫‪ ‬هم الذين على هدى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قولً‬
‫وعملً واعتقادا ً ‪.‬‬
‫‪ ‬المتمسكون بعقية السلف ) الصحابة والتابعون وأئمة الهدى ( ‪.‬‬
‫‪ ‬سلمتهم من التلبس بالبدع والشركيات ‪.‬‬
‫‪ ‬تمسكهم بشعئر الدين الظاهرة والباطنة ‪.‬‬
‫‪ ‬ظهورهم في مجتمعاتهم بالصدع بالحق ‪.‬‬
‫‪ ‬تميزهم في كل بلد بحسب حاله ‪.‬‬
‫سـنة إذا سلموا من‬‫‪ ‬عامة المسلمين‪ -‬في كل مكان‪ -‬هم من أهل ال ّ‬
‫الشركيات‬
‫والبدع ‪ ،‬لنهم على الفطرة ‪.‬‬
‫* دعوى بعض الشاعرة والماتريدية انهم أهل السنة لنهم أكثرية‬
‫دعوى ساقطة ‪.‬‬
‫* عودة إلى تحقيق أن عامة المسلمين الصل فيهم السلمة ‪.‬‬

‫المبحث الرابـع ‪ :‬في بعض النتائج والخواطر حول الموضوع ‪،‬‬


‫ويشمل ‪:‬‬

‫‪ -1‬الثار الناجمة عن ضعف التمسك بهدي السلف ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫* إهمال جانب التوحيد أو ضعفه ‪.‬‬
‫* ضعف الهتمام بالعلوم الشرعية ‪.‬‬
‫* التعصب والحزبية والغرور‪.‬‬
‫* التفرق والختلف ‪.‬‬
‫‪ - 2‬خواطر ووقفات حول الدعوة والعقيدة ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬الدعوات والدعاة من أفضل المة في العموم ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬خطأ بعض التصورات حول الدعوة ومستقبل المسلمين ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ذهول الدعاة عن الخلل العظم في المة ‪ ،‬وهو جانب توحيد‬
‫اللوهية والعبادة والجهل بأبجديات السلم ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬الخطا في تقدير نجاح الدعوات وفشلها ‪.‬‬

‫‪ – 1‬قائمة المراجع ‪.‬‬


‫‪ – 2‬فهرس الموضوعات ‪.‬‬

‫~~~~~~‬

‫‪96‬‬

You might also like