You are on page 1of 92

‫فاستجاب لهم‬ ‫‪4‬‬

‫ربهم ‪..‬‬
‫‪5‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه‪،‬‬


‫ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فهو‬
‫المهتد‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل‬
‫إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمدًا عبدهه ورسوله ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫منُوا ات ّ ُ‬‫ين آ َ‬
‫ذ َ‬‫ها ال ّ ِ‬
‫‪ ‬يَا أي ّ َ‬
‫قاتِه و َل تَموتُن إ ّل َ‬
‫ون ‪] ‬آل‬
‫م َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬
‫م ُ‬ ‫وأنْت ُ ْ‬
‫ّ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫تُ َ ِ َ‬
‫عمران[‪.‬‬
‫س ات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫قوا‬ ‫ها النّا ُ‬ ‫وقال تعالى‪  :‬يَا أي ّ َ‬
‫ة‬
‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫ذي خَل َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫َربّك ُ ُ‬
‫ال‬‫ج ل‬ ‫ر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ث ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬‫ق ِ‬ ‫وخَل َ َ‬ ‫َ‬
‫ساءَل ُ َ‬
‫ون‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫ساءل َ‬‫ون ِ َ‬ ‫يرا َ‬ ‫كَث ِ ل‬
‫قيبلا ‪‬‬ ‫م َر ِ‬ ‫ان عَلَيْك ُ ْ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ام إ ِ ّ‬
‫ح َ‬ ‫ال َ ْر َ‬‫و ْ‬ ‫ه َ‬‫بِ ِ‬
‫]النساء[‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫منُوا ات ّ ُ‬
‫قوا‬ ‫ين آ َ‬ ‫ذ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬‫وقال تعالى‪  :‬يَا أي ّ َ‬
‫م‬‫ح لَك ُ ْ‬
‫صل ِ ْ‬ ‫ديدلا * ي ُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫و لل َ‬ ‫ق ْ‬‫قولُوا َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬‫الل ّ َ‬
‫ع‬‫ن يُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫م ذُنُوبَك ُ ْ‬ ‫ْف ْر لَك ُ ْ‬
‫ويَغ ِ‬ ‫م َ‬‫مالَك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫أَ ْ‬
‫ما ‪‬‬ ‫عظِي ل‬ ‫و لزا َ‬ ‫ف ْ‬‫از َ‬
‫ف َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬‫سول َ ُ‬‫و َر ُ‬ ‫ه َ‬‫الل ّ َ‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪6‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫]الحزاب[‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى‬
‫وأحسن الهدي هدي محمد ‪ ‬وكل محدثة‬
‫بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة في‬
‫النار)‪.(1‬‬
‫فهذه رسالة عن عبادة عظيمة هجرها‬
‫بعض الناس وقد وسمتها فاستجاب لهم‬
‫ربهم‪.‬‬
‫ولقد بدأت هذه الرسالة بشواهد من‬
‫قصص بعض النبياء عليهم أفضل الصلة‬
‫وأتم التسليم والصحابة الكرام والتابعين لهم‬
‫بإحسان ثم ختمت الشواهد بقصص من‬
‫الواقع المعاصر‪.‬‬
‫ولقد ضمنت آخر الرسالة أحوال الناس‬
‫في الدعاء وشروط الدعاء وآدابه والوقات‬
‫الشرعية للدعاء وتوجيهات قبل الدعاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫)( هذه خطبة الحاجة التي كان يبدأ بها النبي ‪ ‬أخرجه‬
‫مسلم )‪ – 868 – (2/593‬وأبو داود )‪- (2/239‬‬
‫‪ 2118‬والترمذي )‪ – 1105 – (4/61‬والنسائي )‬
‫‪ 3278 – (6/89‬وأحمد )‪.(393-1/302‬‬
‫‪7‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫آمل أن ينفع الله بها‪ ،‬وتكون من السباب‬


‫القوية المؤثرة بالتصال برب العالمين‪،‬‬
‫والتمسك بالعقدية‪ ،‬ونبذ الشرك بالله‬
‫واللجوء إليه سبحانه‪ .‬ولقد اختصرته في‬
‫سند الشواهد لسرعة الوصول إلى الشاهد‬
‫ثم أحلت إلى المصدر‪.‬‬
‫وفي الختام أسأل الله القبول في القول‬
‫والعمل‬

‫صالح بن راشد بن محمد الهويمل‬

‫****‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪8‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪(1‬‬
‫قصة نبي الله أيوب عليه السلم‬
‫ه‬ ‫وب إ ِ ْ‬ ‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫دى َرب ّ ُ‬ ‫ذ نَا َ‬ ‫وأي ّ َ‬ ‫َ‬
‫ين *‬ ‫َ‬ ‫الضر َ‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫اح ِ‬‫الر ِ‬‫م ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت أ ْر َ‬ ‫وأن ْ َ‬ ‫ّ ّ َ‬ ‫ي‬‫سن ِ َ‬‫م ّ‬ ‫أنّي َ‬
‫ض ّر‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ما ب ِ ِ‬ ‫فنَا َ‬ ‫ش ْ‬ ‫فك َ َ‬ ‫ه َ‬‫جبْنَا ل َ ُ‬ ‫است َ َ‬
‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ل‬ ‫ح َ‬‫م َر ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مثْل َ ُ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ه أَ ْ‬
‫هل َ ُ‬ ‫وآتَيْنَا ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ين ‪] ‬النبياء‪.[84-83 :‬‬ ‫د َ‬ ‫عاب ِ ِ‬ ‫و ِذك ْ َرى لِل ْ َ‬ ‫دنَا َ‬ ‫عن ْ ِ‬‫ِ‬
‫إن حادثة أيوب بلسم للمرضى وفي‬
‫ذكرها رفع لمستوى اليمان »وذلك أن أيوب‬
‫كان له من الدواب‪ ،‬والنعام‪ ،‬والحرث شيء‬
‫كثير والولد كثر ومنازل مرضية فابتلي في‬
‫ذلك كله وذهب عن آخره ‪...‬‬
‫ثم ابتُلي أيوب عليه السلم في جسده‬
‫بمرض الجذام في سائر بدنه ولم يبق منه‬
‫سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما الله‬
‫سبحانه‪ ،‬حتى إن الناس بعد ما كانوا أقرب‬
‫إليه عافه أهل البلد ووضع في مكان في آخر‬
‫البلد‪ ،‬ولم يبق أحد يحنو إليه سوى زوجته‪،‬‬
‫كانت تقوم بأمره حتى إنها احتاجت فأخذت‬
‫تخدم في البيوت لكي تؤمن له الطعام‬
‫والشراب ولقد كان نبي الله أيوب عليه‬
‫‪9‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫السلم غاية في الصبر‪ ،‬يُضرب به المثل في‬


‫ذلك قال يزيد بن ميسرة‪ :‬لما ابتلى الله‬
‫أيوب عليه السلم بذهاب الهل والمال‬
‫والولد ولم يبق شيء له أحسن الذكر ثم‬
‫قال‪ :‬أحمدك رب الرباب الذي أحسنت إلي؛‬
‫أعطيتني المال والولد فلم يبق من قلبي‬
‫شعبة إل وقد دخله ذلك فأخذت ذلك كله‬
‫مني وفرغت قلبي فليس يحول بيني وبينك‬
‫شيء لو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت‬
‫منكرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫حسدني‪ ،‬قال‪ :‬فلقي إبليس من ذلك‬
‫وقد طال بأيوب البلء حتى إنه لبث في البلء‬
‫سبع سنين‪ ،‬وقيل ثلث‪ ،‬وقيل ثماني عشرة‬
‫سنة حتى إن إبليس حاول إغواء أيوب‬
‫بواسطة صاحبيه في أن يشرب الخمر‬
‫فنهرهما وقال عليه السلم لصاحبيه كلمكما‬
‫وطعامكما وشرابكما حرام فقاما من عندهه‬
‫ثم إن إبليس – لعنه الله – تنكر بصورة‬
‫طبيب فقال لزوجته قد طال سقم أيوب فإذا‬
‫أراد أن يبرأ فليأخذ ذبابًا وليذبحه باسم صنم‬
‫بني فلن فإنه يبرأ‪ ،‬ويتوب بعد ذلك‪ ،‬فقالت‬
‫ذلك ليوب فقال قد أتاك الخبيث‪ ،‬لله علي‬
‫إن برأت أن أجلدك مائة جلدة فخرجت‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪10‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫تسعى عليه‪ ،‬فحظر عنها الرزق فلما اشتد‬
‫عليها ذلك وخافت على أيوب الجوع حلقت‬
‫من شعرها قرنًا فباعته لصبية من بنات‬
‫كثيرا فأتت‬
‫ً‬ ‫ما طيبًا‬ ‫الشراف؛ فأعطوها طعا ً‬
‫به أيوب فلما رآه أنكره وقال من أين لك‬
‫هذا؟ قالت عملت لناس فأطعموني فأكل‬
‫منه فلما كان الغد خرجت فطلبت أن تعمل‬
‫ضا قرنًا فباعته على تلك‬ ‫فلم تجد فحلقت أي ً‬
‫ضا من ذلك الطعام‬ ‫الجارية فأعطوها أي ً‬
‫فأتت به أيوب‪ ،‬فقال‪ :‬والله ل أطعمه حتى‬
‫أعلم من أين هو؟ فوضعت خمارها فلما رأى‬
‫رأسها محلوقًا جزع جزعًا شديدًا فعند ذلك‬
‫َ‬
‫ي‬‫سن ِ َ‬
‫م ّ‬‫دعا الله عز وجل فقال‪  :‬أنّي َ‬
‫ين ‪ ‬فقال الله‬ ‫َ‬ ‫ضر َ‬
‫م َ‬ ‫ح ِ‬ ‫الرا ِ‬
‫م ّ‬ ‫ح ُ‬‫ت أ ْر َ‬‫وأن ْ َ‬‫ال ّ ّ َ‬
‫اردٌ‬ ‫س ٌ‬
‫ل بَ ِ‬ ‫غت َ َ‬‫م ْ‬ ‫هذَا ُ‬ ‫ك َ‬ ‫جل ِ َ‬‫ر ْ‬ ‫ارك ُ ْ‬
‫ض بِ ِ‬ ‫له‪ْ  :‬‬
‫اب ‪ ‬فاغتسل أيوب عليه السلم بهذا‬ ‫ش َر ٌ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫الماء الذي أمره الله عز وجل به فعافاه‬
‫الله‪ ،‬ولقد رد الله عليه ماله‪ ،‬وولده عينًا‬
‫ومثلهم معهم«)‪.(1‬‬
‫فيا ليت أصحاب المراض والمنكوبين‬
‫‪1‬‬
‫)( ابن كثير‪ ،‬إسماعيل‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ج ‪،3‬‬
‫ص ‪] 185-183‬بتصرف[‬
‫‪11‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫يتعظون من قصة نبي الله أيوب عليه‬


‫السلم‪.‬‬
‫****‬
‫)‪(2‬‬
‫قصة يونس عليه السلم‬
‫ب‬ ‫ه َ‬ ‫ون إِذْ ذَ َ‬ ‫وذَا الن ّ ِ‬ ‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫فنَادَى‬ ‫ه َ‬ ‫د َر عَلَي ْ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫فظ َ ّ‬ ‫ضبلا َ‬ ‫مغَا ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حان َ َ‬
‫ك‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه إ ِ ّل أن ْ َ‬ ‫ن َل إِل َ َ‬ ‫ات أ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫في الظّل ُ َ‬ ‫ِ‬
‫جبْنَا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫است َ َ‬
‫ف ْ‬ ‫ين * َ‬ ‫م َ‬ ‫ن الظّال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫إِنّي كُن ْ ُ‬
‫ين‬
‫من ِ ََ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫جي ال ْ ُ‬ ‫ك نُن ْ ِ‬‫وكَذَل ِ َ‬ ‫ن الْغ ّ‬
‫َم َ‬ ‫م َ‬ ‫جيْنَاهُ ِ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫َ‬
‫‪] ‬سورة النبياء[‪.‬‬
‫»كان يونس عليه السلم قد بعثه الله‬
‫إلى أهل قرية نينوى ‪ -‬وهي قرية من أرض‬
‫الموصل ‪ -‬فدعاهم إلى الله تعالى فأبوا عليه‬
‫وتمادوا على كفرهم فخرج من بين أظهرهم‬
‫مغاضبًا لهم ووعدهم بالعذاب بعد ثلث‪ ،‬ثم‬
‫ركب مع قوم في سفينة فلجلجت بهم‬
‫وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل‬
‫يلقونه من بينهم يتخففون منه‪ ،‬فوقعت‬
‫القرعة على يونس عليه السلم فأبوا أن‬
‫ضا‪ ،‬فأبوا‬
‫يلقوه‪ ،‬ثم أعادوها فوقعت عليه أي ً‬
‫ضا؛ قال تعالى‪ :‬‬ ‫ثم أعادوها فوقعت عليه أي ً‬
‫ين ‪‬‬
‫ض َ‬‫ح ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مدْ َ‬ ‫م َ‬ ‫فك َ َ‬
‫ان ِ‬ ‫م َ‬
‫ه َ‬
‫سا َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫]الصافات[ أي وقعت عليه القرعة فقام‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪12‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫يونس وتجرد من ثيابه ثم ألقى نفسه في‬
‫البحر وقد أرسل الله سبحانه من البحر‬
‫الخضر – فيما قاله ابن مسعود – حوتًا يشق‬
‫البحار حتى جاء فالتقم يونس حين ألقى‬
‫نفسه من السفينة فأوحى الله إلى ذلك‬
‫ما ول تهشم له‬‫الحوت أن ل تأكل له لح ً‬
‫ما فإن يونس ليس لك رزقًا وإنما بطنك‬ ‫عظ ً‬
‫تكون له سجنًا قال ابن مسعود‪ :‬وكان يونس‬
‫ظلمات ثلث‪ :‬ظلمة بطن‬ ‫ٍ‬ ‫عليه السلم في‬
‫الحوت‪ ،‬وظلمة البحر‪ ،‬وظلمة الليل‪ ،‬وقال‬
‫ابن مسعود وابن عباس وغيرهما في ذلك‬
‫أنه ذهب به الحوت في البحار يشقها حتى‬
‫انتهى به إلى قرار البحر فسمع يونس تسبيح‬
‫الحصى في قراره فنادى في الظلمات‪ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ك إِنّي كُن ْ ُ‬
‫ت ِ‬ ‫حان َ َ‬
‫سب ْ َ‬ ‫ه إ ِ ّل أن ْ َ‬
‫ت ُ‬ ‫ن َل إِل َ َ‬‫أ ْ‬
‫ين ‪ ‬قال عوف العرابي‪ :‬لما صار‬ ‫م َ‬ ‫الظّال ِ ِ‬
‫يونس عليه السلم في بطن الحوت ظن أنه‬
‫قد مات ثم حرك رجليه فلما تحركت سجد‬
‫مكانه‪ ،‬ثم نادى يا رب اتخذت لك مسجدًا في‬
‫موضع لم يبلغه أحد من الناس‪ ،‬وقال سعيد‬
‫بن الحسن البصري‪» :‬مكث في بطن‬
‫ما رواهما ابن جرير وقال‬
‫الحوت أربعين يو ً‬
‫محمد بن إسحاق بن يسار عمن حدثه عن‬
‫عبده الله بن رافع مولى أم سلمة سمعت أبا‬
‫هريرة يقول‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬لما أراد‬
‫‪13‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫الله حبس يونس في بطن الحوت‬


‫أوحى الله إلى الحوت أن خذه ول‬
‫ما‬
‫ما ول تكسر له عظ ل‬ ‫تخدش له لح ل‬
‫فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع‬
‫حسا‪ ،‬فقال في نفسه‪ :‬ما‬ ‫ل‬ ‫يونس‬
‫هذا؟ فأوحى الله إليه في بطن‬
‫الحوت أن هذا تسبيح دواب البحر‪،‬‬
‫قال‪ :‬وسبح وهو في بطن الحوت‬
‫فسمعت الملئاكة تسبيحه فقالوا‪ :‬يا‬
‫ل‬
‫ضعيفا بأرض‬ ‫ربنا إنا نسمع صوتلا‬
‫غريبة قال‪ :‬ذلك عبدي يونس عصاني‬
‫فحبسته في بطن الحوت في البحر‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬العبد الصالح الذي كان يصعد‬
‫له في كل يوم وليلة عمل صالح؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فشفعوا له عند ذلك‬
‫فأمر الحوت فقذفه في الساحل كما‬
‫يم ‪‬‬
‫ق ٌ‬‫س ِ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫و ُ‬
‫]الصافات‪[145 :‬‬
‫وقال ‪ ... :‬دعوة ذي النون إذ هو في‬
‫َ‬
‫حان َ َ‬
‫ك‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ه إ ِ ّل أن ْ َ‬
‫ت ُ‬ ‫بطن الحوت ‪َ ‬ل إِل َ َ‬
‫ين ‪ ‬فإنه لم يدع‬ ‫م َ‬ ‫ن الظّال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫إِنّي كُن ْ ُ‬
‫ت ِ‬
‫بها مسلمَ ربه في شيء قط إل‬
‫)‪(1‬‬
‫استجاب له« رواه الترمذيه والنسائي ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫)( ابن كثير‪ ،‬إسماعيل‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ج ‪3‬ص‬
‫‪] 188-186‬بتصرف[‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪14‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪(3‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬لم أبي هريرة‬
‫قال أبو هريرة رضي الله عنه‪ :‬كنت أدعو‬
‫ما‬
‫أمي إلى السلم وهي مشركة فدعوتها يو ً‬
‫فأسمعتني في رسول الله ‪ ‬ما أكره‪ ،‬فأتيت‬
‫رسول الله ‪ ‬وأنا أبكي‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول الله‪،‬‬
‫إني كنت أدعو أمي إلى السلم فتأبى علي‬
‫فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره‪ ،‬فأدع‬
‫الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله‬
‫‪» :‬اللهم اهد أم أبي هريرة« فخرجت‬
‫مستبشرا بدعوة نبي الله ‪ ‬فلما جئت‬
‫ً‬
‫فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف – أي‪:‬‬
‫مغلق – فسمعت أمي خشف قدمي – أي‬
‫صوتهما على الرض – فقالت‪ :‬مكانك يا أبا‬
‫هريرة وسمعت خضخضة الماء – أي صوت‬
‫تحريك الماء – قال‪ :‬فاغتسلت ولبست‬
‫درعها‪ ،‬وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم‬
‫قالت‪ :‬يا أبا هريرة؛ أشهد أن ل إله إل الله‬
‫وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‪ .‬قال‪:‬‬
‫فرجعت إلى رسول الله ‪ ‬وأتيته وأنا أبكي‬
‫من الفرح‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله أبشر‬
‫قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي‬
‫‪15‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫خيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫هريرة‪ ،‬فحمد الله وأثنى عليه وقال‬
‫قال‪ :‬قلت يا رسول الله أدع الله أن يحببنيه‬
‫أنا وأمي إلى عباده المؤمنين‪ ،‬ويحببهم إلينا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقال رسول الله ‪» :‬اللهم حبب‬
‫عبَيدك هذا – يعني أبا هريرة – وأمه إلى‬ ‫ُ‬
‫عبادك المؤمنين وحبب إليهم‬
‫المؤمنين« فما خُلق مؤمن يسمع بي ول‬
‫يراني إل أحبني ]مسلم ‪.[4546‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪16‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪(4‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬لعروة بن أبي‬
‫الجعد الباقري‬
‫رضي الله عنه‬
‫ذلك أن النبي ‪ ‬أعطى عروة بن أبي‬
‫دينارا يشتري به شاة‬
‫ً‬ ‫الجعد البارقي‬
‫فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار‪،‬‬
‫فجاء بدينار وشاة‪ ،‬فدعا له بالبركة في بيعه‪،‬‬
‫وكان لو اشترى التراب لربح فيه‪ .‬وفي‬
‫مسند المام أحمد أنه قال له‪» :‬اللهم‬
‫بارك له في صفقة يمينه؛ فكان يقف‬
‫في الكوفة ويربح أربعين ألفًا قبل أن يرجع‬
‫إلى أهله« ]مسند أحمد ‪.(1)[4/376‬‬
‫)‪(5‬‬
‫دعاء النبي ‪ ‬لنس بن مالك‬
‫رضي الله عنه‬
‫عن أنس رضي الله عنه قال جاءت بي‬
‫أمي أم أنس إلى رسول الله ‪ ‬وقد أزرتني‬
‫بنصف خمارها وردتني بنصفه فقالت‪ :‬يا‬
‫رسول الله هذا أُنيس ابني أتيتك به يخدمك‬
‫‪1‬‬
‫)( القحطاني‪ ،‬سعيد بن علي بن وهف‪ .‬شروط الدعاء‪،‬‬
‫وموانع الجابة‪ ،‬ص ‪.108-106‬‬
‫‪17‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫فادع الله له فقال ‪» :‬اللهم أكثر ماله‬


‫وولده«‪ .‬قال أنس رضي الله عنه فوالله‬
‫إن مالي كثير وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون‬
‫على نحو المائة اليوم‪] .‬أخرجه مسلم[‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬لعبد الله بن عباس‬
‫رضي الله عنهما‬
‫فقد دعا ‪ ‬لبن عباس رضي الله عنهما‪،‬‬
‫وهو يومئذه غلم فقال‪» :‬اللهم فقهه في‬
‫الدين وعلمه التأويل« فخرج أفقه‬
‫الناس في الدين‪ ،‬وأعلمهم بالتأويل‪ ،‬حتى‬
‫سمي البحر‪ ،‬لسعة علمه‪ ،‬رضي الله عنه‪.‬‬
‫)‪(7‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬للنابغة الجعدي‬
‫رضي الله عنه‬
‫فقد دعا رسول الله ‪ ‬للنابغة الجعدي‬
‫م َر‪،‬‬
‫بقوله له‪» :‬ل يفضض الله فاك« فعُ َ‬
‫ثغرا كلما سقطت له‬ ‫وكان أحسن الناس ً‬
‫سن نبتت له أخرى)‪.(1‬‬
‫)‪(8‬‬
‫‪1‬‬
‫)( السلمان‪ ،‬عبد العزيز بن محمد‪ ،‬سلح اليقظان‬
‫لطرد الشيطان‪ ،‬ص ‪.127-126‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪18‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫دعاء عمير بن سعد رضي الله عنه‬
‫عندما أراد الرسول ‪ ‬غزوة تبوك أمر‬
‫المسلمين بأخذ العدة‪ ،‬والعتاد‪ ،‬ويتجهزون‪،‬‬
‫ويستعدون‪ ،‬وفي يوم من اليام كان الفتى‬
‫عمير بن سعد عائدًا إلى بيته بعد أداء الصلة‬
‫في المسجد وقد امتلت نفسه بطائفة‬
‫مشرقة من صور بذل المسلمين وتضحيتهم‪،‬‬
‫رآها بعينيه‪ ،‬وسمعها بأذنيه وما كاد يسمع‬
‫الجلس ما سمع – وهو زوج أمه – حتى‬
‫انطلقت من فمه كلمة أطارت صواب الفتى‬
‫المؤمن إذ سمعه يقول‪ :‬إن كان محمد‬
‫صادقًا فيما يدعي من النبوة فنحن شر من‬
‫الحمير‪ .‬فالتفت عمير إلى الجلس وقال‪:‬‬
‫والله يا جلس ما كان على ظهر الرض أحد‬
‫بعد محمد بن عبد الله أحب إلي منك‪ ،‬فأنت‬
‫آثر الناس عندي وأجلهم يدًا علي‪ ،‬ولقد قلت‬
‫مقالة إن ذكرتها فضحتك‪ ،‬وإن أخفيتها خنت‬
‫أمانتي‪ ،‬وأهلكت نفسي وديني‪ ،‬وقد عزمت‬
‫على أن أمضي إلى رسول الله ‪ ،‬وأخبره بما‬
‫قلت فكن على بينة من أمرك‪.‬ه ومضى‬
‫الفتى عمير إلى المسجد وأخبر النبي ‪ ‬بما‬
‫ستَبْقَاه رسول‬
‫سمع من الجلس بن سويد فا ْ‬
‫‪19‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫الله ‪ ‬عنده‪،‬ه وأرسل أحد أصحابه يدعو‬


‫الجلس‪ ،‬فجاء الجلس وحيَا رسول الله ‪،‬‬
‫وجلس بين يديه فقال له النبي ‪» :‬ما‬
‫مقالة سمعها منك عمير بن سعد؟«‬
‫وذكر له ما قاله‪ :‬فقال‪ :‬كذب علي يا رسول‬
‫الله وافترى‪ ،‬فما تفوهت بشيء من ذلك‪.‬‬
‫والتفت الرسول ‪ ‬إلى عمير فرأى وجهه قد‬
‫مدرارا من‬
‫ً‬ ‫احتقن بالدم‪ ،‬والدموع تنحدر‬
‫عينيه فتساقط على خديه وصدره وهو‬
‫يقول‪ :‬اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمت‬
‫به ‪ ...‬اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمت‬
‫به‪.‬‬
‫فبرز الجلس وقال‪ :‬إن ما ذكرته لك يا‬
‫رسول الله هو الحق‪ ،‬وإن شئت تحالفنا بين‬
‫يديك‪ ،‬وإني أحلف بالله إني ما قلت شيئًا‬
‫مما نقله لك عمير‪.‬‬

‫فما إن انتهى من حلفه حتى أخذت عيون‬


‫الناس تنتقل عنه إلى عمير بن سعد‪ ،‬حتى‬
‫غشيت رسول الله ‪ ‬السكينة‪ ،‬فعرف‬
‫الصحابة إنه الوحي‪ ،‬فلزموا أماكنهم‪،‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪20‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫وسكنت جوارحهم‪ ،‬ولذوا بالصمت‪ ،‬وتعلقت‬
‫أبصارهم بالنبي ‪ ،‬وهنا ظهر الخوف‪،‬‬
‫والوجل على الجلس‪ ،‬وبدأ التلهف والتشوق‬
‫على عمير‪،‬ه وظل الجميع كذلك حتى سري‬
‫ون‬
‫ف َ‬‫حل ِ ُ‬
‫عن النبي ‪ ‬فتل قوله عز وجل‪  :‬ي َ ْ‬
‫ر‪‬‬ ‫ف ِ‬‫ة الْك ُ ْ‬‫م َ‬‫قالُوا كَل ِ َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫قالُوا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫بِالل ّ ِ‬
‫خي ْ لرا‬‫ك َ‬ ‫ن يَتُوبُوا ي َ ُ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫إلى قوله عز وجل‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ما ‪‬‬ ‫عذَابلا ألِي ل‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬‫ه ُ‬ ‫عذّب ْ ُ‬ ‫ول ّ ْ‬
‫وا ي ُ َ‬ ‫ن يَت َ َ‬‫وإ ِ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫]التوبة‪.[74 :‬‬
‫فارتعد الجلس من هول ما سمع وكاد‬
‫ينعقد لسانه من الجزع ثم التفت إلى رسول‬
‫الله ‪ ‬وقال‪ :‬بل أتوب يا رسول الله ‪ ...‬بل‬
‫أتوب ‪ ...‬صدق عمير يا رسول الله وكنت‬
‫من الكاذبين ‪ ...‬وهنا توجه الرسول ‪ ‬إلى‬
‫الفتى فإذا دموع الفرح تبلل وجهه المشرق‬
‫بنور اليمان‪ ،‬فمد رسول الله ‪ ‬يده الشريفة‬
‫إلى أذنه وأمسكها برفق وقال‪» :‬وفت‬
‫أذنك يا غلم ما سمعت‪ ،‬وصدقت‬
‫ربك«)‪.(1‬‬
‫)‪(9‬‬
‫‪1‬‬
‫)( الباشا‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬صور من حياة الصحابة‪ ،‬ج ‪،4‬‬
‫ص ‪] 20-12‬بتصرف[‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫دعاء الرسول ‪ ‬على بعض أعدائاه‬


‫من ذلك أن المشركين آذوا رسول الله ‪‬‬
‫في مكة وأمر أبو جهل بعض القوم أن يضع‬
‫سل الجزور بين كتفي النبي ‪ ‬وهو ساجد‬
‫ففعل ذلك عقبة بن أبي معيط فلما قضى‬
‫النبي ‪ ‬صلته رفع صوته ثم دعا عليهم‪:‬‬
‫»اللهم عليك بقريش« ثلث مرات فلما‬
‫سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا‬
‫دعوته ثم قال‪» :‬اللهم عليك بأبي جهل‬
‫بن هشام‪ ،‬وعتبة بن ربيعة‪ ،‬وشيبة بن‬
‫ربيعة‪ ،‬والوليد بن عتبة‪ ،‬وأمية بن‬
‫خلف‪ ،‬وعقبة بن أبي معيط« قال ابن‬
‫مسعود‪ :‬فوالذي بعث محمدًا ‪ ‬بالحق لقد‬
‫سحبوا‬‫رأيت الذي سمى صرعى يوم بدر‪ ،‬ثم ُ‬
‫إلى القليب‪ ،‬قليب بدر وفي رواية‪ :‬فأقسم‬
‫بالله لقد رأيتهم صرعى على بدر قد غيرتهم‬
‫حارا ]مسلم ‪.[3/1420‬‬‫ً‬ ‫ما‬
‫الشمس‪ ،‬وكان يو ً‬
‫)‪(10‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬على سراقة بن‬
‫مالك‬
‫رضي الله عنه‬
‫لحق سراقة بالنبي ‪ ‬يريد أن يقتله وأبا بكر‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪22‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫رضي الله عنه؛ لكي يحصل على دية كل‬
‫واحد منهما؛ لن قريشً ا جعلوا لمن يقتل‬
‫رسول الله ‪ ‬وأبا بكر – رضي الله عنه – أو‬
‫أسرهما دية لكل واحد منهما‪ ،‬فلحق سراقة‬
‫بالنبي ‪ ‬وعندما رآه أبو بكر – رضي الله عنه‬
‫– قال‪ :‬يا رسول الله هذا فارس قد لحق بنا‬
‫فالتفت إليه رسول الله ‪ ‬فقال‪» :‬اللهم‬
‫اصرعه« وساخت يد فرس سراقة في‬
‫الرض حتى بلغت الركبتين‪ .‬فقال سراقة‪ :‬يا‬
‫رسول الله ادع الله لي‪ ،‬فدعا له رسول الله ‪‬‬
‫ونجت فرسه‪ ،‬ورجع يخفي عنهما‪ ،‬فكان أول‬
‫النهار جاهدًا على النبي ‪ ‬وكان آخر النهار‬
‫مسلحة له يخفي عنه ]البخاري في الفتح‬
‫‪ 249 ،240 ،7/238‬برقم ‪،3908 ،3906‬‬
‫‪.[3911‬‬
‫)‪(11‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬يوم بدر‬
‫عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫لما كان يوم بدر نظر رسول الله ‪ ‬إلى‬
‫المشركين وهم ألف‪ ،‬وأصحابه ثلثمائة‬
‫وتسعة عشر رجل ً فاستقبل نبي الله ‪ ‬القبلة‬
‫ثم مد ّ يده فجعل يهتف بربه‪» :‬اللهم أنجز‬
‫‪23‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫لي ما وعدتني‪ ،‬اللهم آت ما وعدتني‪،‬‬


‫اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل‬
‫السلم ل تعبد في الرض« فما زال‬
‫يهتف بربه مادًا يديه مستقبل القبلة حتى‬
‫سقط رداؤه فأتاه أبو بكر فألقاه على منكبيه‬
‫ثم التزمه من ورائه وقال‪ :‬يا نبي الله كذاك‬
‫– أي كفاك – مناشدتك ربك فإنه سينجز لك‬
‫وعدك‪.‬ه فأنزل الله عز وجل‪:‬‬
‫م أَنّي‬
‫اب لَك ُ ْ‬
‫ج َ‬ ‫است َ َ‬‫ف ْ‬ ‫م َ‬ ‫ون َربّك ُ ْ‬
‫غيث ُ َ‬ ‫‪ ‬إِذْ ت َ ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫َ‬
‫ين ‪‬‬
‫ف َ‬ ‫م ْر ِد ِ‬‫ة ُ‬ ‫م َلئاِك َ ِ‬
‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬‫ف ِ‬‫م بِأل ْ ٍ‬ ‫مدّك ُ ْ‬
‫م ِ‬
‫ُ‬
‫]مسلم‬ ‫]النفال‪ .[9 :‬فأمده الله بالملئكة‬
‫‪.[3/1384‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬بينما رجل من المسلمين‬
‫يومئذه يشتد في أثر رجل من المشركين‬
‫أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه‪ ،‬وصوت‬
‫الفارس يقول أقدم حيزوم‪ ،‬فنظر إلى‬
‫المشرك أمامه فخر مستلقيًا فنظر إليه فإذا‬
‫هو قد خطم أنفه‪ ،‬وشق وجهه كضربة‬
‫السوط فاحضر ذلك أجمع‪ ،‬فجاء النصاري‬
‫فحدث بذلك رسول الله ‪ ‬فقال‪» :‬صدقت‬
‫ذلك من مدد السماء الثالثة« فقتلوا‬
‫يومئذه سبعين وأسروا سبعين‪] .‬مسلم‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪24‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫‪.[1385-3/1384‬‬

‫)‪(12‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬يوم الحزاب‬
‫كان المحاربون لرسول الله ‪ ‬في غزوة‬
‫الحزاب خمسة أصناف هم‪ :‬المشركون من‬
‫أهل مكة‪ ،‬والمشركون من قبائل العرب‪،‬‬
‫واليهود من خارج المدينة‪ ،‬وبنو قريطة‪،‬‬
‫والمنافقون‪ ،‬وكان من حضر الخندق من‬
‫الكفار عشرة آلف‪ ،‬والمسلمون مع النبي ‪‬‬
‫شهرا ولم‬
‫ً‬ ‫ثلثة آلف‪ ،‬وقد حاصروا النبي ‪‬‬
‫يكن بينهم قتال إل ما كان من عمرو بن ود‬
‫العامري مع علي بن أبي طالب رضي الله‬
‫عنه فقتله علي رضي الله عنه‪ ،‬وكان ذلك‬
‫في السنة الرابعة من الهجرة ]زاد المعاد‬
‫‪.[276 – 3/269‬‬
‫ودعا رسول الله ‪ ‬عليهم فقال‪» :‬اللهم‬
‫منزل الكتاب‪ ،‬سريع الحساب‪ ،‬اهزم‬
‫الحزاب‪ ،‬اللهم اهزمهم وزلزلهم«‬
‫]البخاري مع الفتح ‪ 7/406‬برقم ‪.[415‬‬
‫وأرسل الله على الحزاب جندًا من الريح‬
‫‪25‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫قدرا إل‬
‫ً‬ ‫فجعلت تقوض خيامهم‪ ،‬ول تدع لهم‬
‫كفأته‪ ،‬ول طنبًا إل قلعته‪ ،‬ول يقر لهم قرار‪،‬‬
‫وجند الله الملئكة يزلزلونهم ويلقون في‬
‫قلوبهم الرعب والخوف ]زاد المعاد ‪.[3/274‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫منُوا‬ ‫ين آ َ‬ ‫ذ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫قال الله تعالى‪  :‬يَا أي ّ َ‬
‫جنُودٌ‬‫م ُ‬ ‫جاءَتْك ُ ْ‬ ‫م إِذْ َ‬ ‫ه عَلَيْك ُ ْ‬‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬‫اذْك ُ ُروا ن ِ ْ‬
‫ها‬‫و َ‬‫م ت َ َر ْ‬‫جنُودلا ل َ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ري ل‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫فأ َ ْر َ ْ‬
‫َ‬
‫سلنَا عَلي ْ ِ‬
‫يرا ‪] ‬الحزاب[‬ ‫ص ل‬‫ون ب َ ِ‬ ‫مل ُ َ‬‫ع َ‬‫ما ت َ ْ‬‫ه بِ َ‬ ‫ان الل ّ ُ‬‫وك َ َ‬ ‫َ‬
‫)‪.(1‬‬
‫)‪(13‬‬
‫دعاء النبي ‪ ‬على عتبة بين أبي‬
‫لهب‬
‫جم ِ إِذَا‬ ‫روى أن النبي ‪ ‬لما تل ‪َ ‬‬
‫والن ّ ْ‬
‫وى ‪ ‬قال عتبة بن أبي لهب كفرت بالذي‬ ‫ه َ‬
‫َ‬
‫دنا فتدلى فقال النبي ‪» :‬اللهم سلّط‬
‫عليه كلبلا من كلبك« يعني السد‪ ،‬فخرج‬
‫عتبة مع أصحابه في عير إلى الشام حتى إذا‬
‫كانوا في طريقهم زأر السد فجعلت فرائص‬
‫عتبة ترتعد فقال أصحابه من أي شيء ترتعد‬
‫فوالله ما نحن وأنت إل سواء فقال إن‬
‫‪1‬‬
‫)( القحطاني‪ ،‬سعيد بن علي بن وهف‪ .‬شروط الدعاء‬
‫وموانع الجابة‪ ،‬ص ‪.113-108‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪26‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫علي وما تُرد له دعوة ول أصدق‬
‫َ‬ ‫محمدًا دعا‬
‫منه لهجة فوضعوا العشاء‪ ،‬فلم يدخل عتبة‬
‫يده فيه وحاط القوم أنفسهم بمتاعهم‬
‫وجعلوا عتبة وسطهم وناموا فجاء السد‬
‫يشم رؤوسهم حتى انتهى إلى عتبة فهشمه‬
‫هشمة أوصلته إلى آخر رمق‪ ،‬فقال‪ :‬وهو‬
‫بآخر رمق ألم أقل لكم إن محمدًا أصدق‬
‫الناس لهجة؟)‪.(1‬‬
‫)‪(14‬‬
‫دعاء الله بصالح العمال‬
‫حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن‬
‫الزهري حدثني سالم بن عبده الله بن عمر‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬سمعت رسول الله ‪‬‬
‫يقول‪» :‬انطلق ثالثاة رهط ممن كان‬
‫قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار‬
‫فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل‬
‫فسدت عليهم الغار فقال‪ :‬إنه ل‬
‫ينجيكم من هذه الصخرة إل أن تدعوا‬
‫الله بصالح أعمالكم‪ ،‬فقال رجل‬
‫منهم‪ :‬اللهم كان لي أبوان شيخان‬
‫‪1‬‬
‫)( السلمان‪ ،‬عبد العزيز بن محمد‪ .‬سلح اليقظان‬
‫لطرد الشيطان‪ ،‬ص ‪.127-126‬‬
‫‪27‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫كبيران وكنت ل أغبق قبلهما أهل ل‬


‫ومال ل فنأى بي طلب شيء فلم أرح‬
‫عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقها‬
‫فوجدتهما نائامين وكرهت أن أغبق‬
‫قبلهما أهل ل أو مال ل فلبثت والقدح‬
‫على يدي أنتظر اسيتقاظهما حتى‬
‫برق الفجر‪ ،‬فاستيقظا فشربا‬
‫غبوقهما‪ ،‬اللهم إن كنت فعلت ذلك‬
‫ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه‬
‫من هذه الصخرة فانفرجت شيئلا ل‬
‫يستطيعون الخروج‪ .‬قال النبي ‪ :‬وقال‬
‫الخر‪ :‬اللهم كانت لي بنت عم كانت‬
‫أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها‬
‫فامتنعت مني حتى قدرت عليها‬
‫قالت‪ :‬ل أحل لك أن تفض الخاتم إل‬
‫بحقه فتحرجت من الوقوع عليها‬
‫فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي‬
‫وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم‬
‫إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج‬
‫عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة‬
‫غير أنهم ل يستطيعون الخروج منها‪.‬‬
‫قال النبي ‪ :‬وقال الثالث‪ :‬اللهم إني‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪28‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫استأجرت أجراء فأعطيتهمَ أجرهم‬
‫غير رجل واحد ترك الذي له وذهب‬
‫مرت أجره حتى كثرت منه الموال‬ ‫فث ّ‬
‫فجاءني بعد حين فقال‪ :‬يا عبد الله أ ِد‬
‫إلي أجري فقلت له‪ :‬كل ما ترى من‬
‫أجرك من البل والبقر والغنم‬
‫والرقيق فقال‪ :‬يا عبد الله ل تهزأ‬
‫بي‪ .‬فقلت‪ :‬إني ل أستهزئ بك‬
‫فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه‬
‫شيئلا‪ ،‬اللهم فإن كنت فعلت ذلك‬
‫ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه‬
‫فانفرجت الصخرة فخرجوا‬
‫يمشون«)‪.(1‬‬
‫)‪(15‬‬
‫دعاء عمر رضي الله عنه على‬
‫نفسه‬
‫‪ ...‬عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه‪،‬‬
‫أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما نفر‬
‫من منى‪ ،‬أناخ بالبطح‪ ،‬ثم كوم كومة من‬
‫بطحاء فألقى عليها طرف رداءه‪ ،‬ثم‬
‫‪1‬‬
‫)( البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الجارة‪ ،‬رقم‬
‫الحديث ‪.2111‬‬
‫‪29‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫استلقى‪ ،‬ورفع يديه إلى السماء‪ ،‬ثم قال‪:‬‬


‫اللهم كبرت سني وضعفت قوتي‪ ،‬وانتشرت‬
‫رعيتي‪ ،‬فاقبضني إليك غير مضيع‪ ،‬ول‬
‫مفرط‪،‬ه فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن‬
‫فمات رحمه الله )‪.(1‬‬
‫)‪(16‬‬
‫النعمان يقسم على ربه‬
‫‪ ...‬عن أبي ثابت بن شداد بن أوس رضي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال النعمان بن قوقل رضي‬
‫الله عنه يوم أحد‪ :‬اللهم إني أقسم عليك أن‬
‫أُقتل‪ ،‬فأدخل الجنة‪ ،‬فقُتل‪ ،‬فقال رسول الله‬
‫‪» :‬إن النعمان أقسم على الله‪ ،‬فأبره‬
‫فلقد رأيته يطأ في حظيرتها ما به‬
‫من عرج«)‪.(2‬‬
‫)‪(17‬‬
‫دعاء المكروبَ‬
‫‪ ...‬عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬كان‬
‫رجل من أصحاب رسول الله ‪ ‬من النصار‬
‫تاجرا يتجر بمال له‬
‫ً‬ ‫يكنى أبا معلق‪ ،‬وكان‬

‫‪1‬‬
‫)( الحافظ أبي الدنيا‪ ،‬مجابو الدعوة؛ تحقيق محمد عبد‬
‫القادر عطاء‪ ،‬ص ‪] 66‬بتصرف[‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق‪.63 ،‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪30‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫ولغيره يضرب به الفاق‪ ،‬وكان ناسكًا ورعًا‬
‫فخرج مرة فلقيه لص مقنع بسلح فقال له‪:‬‬
‫ضع ما معك فإني قاتلك‪ ،‬قال‪ :‬ما تريد إلى‬
‫دمي؟ شأنك بالمال‪ ،‬قال‪ :‬أما المال فلي‪،‬‬
‫ولست أريد إل دمك‪ ،‬قال‪ :‬أما إذا أبيت‪،‬‬
‫ل ما بدا‬‫فذرني أصلي أربع ركعات قال‪ :‬ص َ‬
‫لك‪ ،‬فتوضأ‪ ،‬ثم صلى أربع ركعات‪ ،‬فكان من‬
‫دعائه في آخر سجدة أن قال‪ :‬يا ودود يا ذا‬
‫العرش المجيد يا فعَال لما يريد‪ ،‬أسألك‬
‫بعزك الذي ل يرام‪ ،‬وملكك الذي يُضام‬
‫وبنورك الذي مل أركان عرشك‪ ،‬أن تكفينيه‬
‫شر هذا اللص‪ ،‬يا مغيث أغثني‪ ،‬يا مغيث‬
‫أغثني‪ ،‬قال دعا‪ :‬بها ثلث مرات‪،‬ه فإذا هو‬
‫بفارس قد أقبل بيدهه حربة واضعها بين أذني‬
‫فرسه‪ ،‬فلما بصر به اللص أقبل نحوه‪،‬‬
‫فطعنه‪ ،‬فقتله ثم أقبل إليه‪ ،‬فقال‪ :‬قم قال‬
‫من أنت؟ بأبي أنت وأمي؛ فقد أغاثني الله‬
‫بك اليوم‪ ،‬قال‪ :‬أنا ملك من أهل السماء‬
‫الرابعة دعوت بدعائك الول‪ ،‬فسمعت‬
‫لبواب السماء قعقعة‪ ،‬ثم دعوت بدعائك‬
‫الثاني فسمعت لهل السماء ضجة‪ ،‬ثم‬
‫دعوت بدعائك الثالث فقيل لي‪ :‬دعاء‬
‫‪31‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫مكروبه فسألت الله أن يوليني قتله‪.‬‬


‫قال أنس‪ :‬فاعلم أنه من توضأ‪ ،‬وصلى‬
‫أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء‪ ،‬استجيب له‬
‫مكروبًا كان‪ ،‬أو غير مكروبه )‪.(1‬‬

‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65-64‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪32‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪(18‬‬
‫دعاء سعد بن أبي وقاص‬
‫رضي الله عنه‬
‫‪ ...‬عن جابر بن سمرة رضي الله عنه‪،‬‬
‫قال‪ :‬شكا أهل الكوفة سعدًا رضي الله عنه‬
‫إلى عمر رضي الله عنه‪ ،‬حتى قالوا‪ :‬إنه ل‬
‫يحسن يصلي‪ ،‬قال سعد‪ :‬أما أنا فإني كنت‬
‫أصلي بهم صلة رسول الله ‪ ،‬ل أخرم – أي‬
‫ل أنقص – عنها‪ ،‬أركد في الوليين وأحذف‬
‫الخرين‪ ،‬قال عمر رضي الله عنه‪ :‬ذلك‬
‫الظن بك يا أبا إسحاق‪ ،‬ثم بعث رجال ً‬
‫يسألون عنه في مجالس الكوفة فكانوا ل‬
‫خيرا‪ ،‬وقالوا‬
‫ً‬ ‫سا إل أثنوا عليه‬
‫يأتون مجل ً‬
‫معروفًا‪ ،‬حتى أتوا مسجدًا من مساجدهم‪،‬‬
‫فقال رجل يقال له أبو سعدة‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم‬
‫إذا سألتمونا‪ ،‬فإنه كان ل يعول في القضية‪،‬‬
‫ول يقسم بالسوية‪ ،‬ول يسير بالسرية‪ ،‬فقال‬
‫سعد رضي الله عنه‪ :‬اللهم إن كان كاذبًا‬
‫فاعم بصره‪ ،‬وأطل فقره‪ ،‬وعرضه للفتن‪.‬‬
‫قال عبده الملك‪ :‬فأنا رأيته يتعرض للماء‬
‫في السكك‪ ،‬فإذا قيل له‪ :‬كيف أنت يا أبا‬
‫سعدة؟ قال‪ :‬كبير فقير مفتون‪ ،‬أصابتني‬
‫‪33‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫دعوة سعد)‪.(1‬‬

‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74-73‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪34‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪(19‬‬
‫فضل دعاء العمى‬
‫عن نافع‪ ،‬أن ابن عمر رضي الله عنهما‬
‫أضاف رجل ً أعمى‪ ،‬فأكرمه ابن عمر رضي‬
‫الله عنهما‪ ،‬وأنامه في منزله الذي ينام فيه‪،‬‬
‫فلما كان في جوف الليل‪ ،‬قام ابن عمر‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬فتوضأ‪ ،‬فأسبغ الوضوء‪ ،‬ثم‬
‫صلى ركعتين‪ ،‬ثم دعا بدعاء فهمه العمى‪،‬‬
‫فلما رجع ابن عمر رضي الله عنهما إلى‬
‫مضجعه‪ ،‬قام العمى إلى فضل وضوء ابن‬
‫عمر رضي الله عنهما‪ ،‬فتوضأ‪ ،‬وأسبغ‪ ،‬ثم‬
‫صلى ركعتين‪ ،‬ثم دعا بذلك الدعاء‪ ،‬فرد الله‬
‫عليه بصره‪ ،‬فشده الصبح مع ابن عمر رضي‬
‫بصيرا‪ ،‬فلما فرغ‪ ،‬التفت إلى ابن‬
‫ً‬ ‫الله عنهما‬
‫عمر رضي الله عنهما فقال‪ :‬يا أبا عبده‬
‫الرحمن دعاء سمعته منك البارحة تدعو به‪،‬‬
‫فهمته‪ ،‬فقمت‪ ،‬فصنعت مثل الذي صنعت‪،‬‬
‫فرد الله علي بصري‪ ،‬قال‪ :‬ذاك دعاء علَمناه‬
‫رسول الله ‪ ،‬وأمرنا أن ل نعلمه أحدًا يدعو‬
‫به في أمر الدنيا‪ ،‬قال‪» :‬قل اللهم رب‬
‫الرواح الفانية‪ ،‬والجساد البالية‪،‬‬
‫أسألك بطاعة الرواح الراجعة إلى‬
‫‪35‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫أجسادها‪ ،‬وبطاعة الجساد الملتئمة‬


‫بعزتك‪ ،‬وبكلماتك النافذة فيهم‪،‬‬
‫وأخذك الحق بينهم‪ ،‬والخلئاق بين‬
‫يديك ينتظرون فصل قضائاك‪،‬‬
‫ويرجون رحمتك‪ ،‬ويخافون عقابك‪،‬‬
‫أن تجعل النور في بصري‪ ،‬واليقين‬
‫في قلبي‪ َ،‬وذكرك بالليل والنهار‬
‫حا‬‫على لساني‪ ،‬وعمل ل صال ل‬
‫فارزقني«)‪.(1‬‬
‫)‪(20‬‬
‫دعاء عمرو السرايا‬
‫عن عمرو السرايا‪ ،‬قال‪ :‬كنت أغزو في‬
‫بلد الروم وحدي‪ ،‬فبينا أنا ذات يوم نائم‪ ،‬إذا‬
‫ورد علي علج‪ ،‬فحركني فانتبهت‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫عربي اختر إن شئت مطاعنة‪ ،‬وإن شئت‬
‫مسايفة‪ ،‬وإن شئت مصارعه‪ ،‬فقلت‪ :‬أما‬
‫المسايفة والمطاعنة فل طاقة لي بقتالهما‪،‬‬
‫ولكن مصارعه‪ .‬فنزل‪ ،‬فلم ينهنهني – أي لم‬
‫يمهلني – أن صرعني‪ ،‬وجلس على صدري‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أي قتلة أقتلك فتذكرت‪ ،‬فرفعت‬
‫طرفي إلى السماء‪ ،‬فقلت‪ :‬أشهد أن كل‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪36‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫معبود ما دون عرشك إلى قرار أرضك‬
‫باطل‪ ،‬غير وجهك الكريم‪ ،‬قد ترى ما أنا فيه‬
‫ففرج عني‪ ،‬فأغمي علي ثم أفقت‪ ،‬فإذا‬
‫الرومي قتيل إلى جانبي‪.‬‬
‫)‪(21‬‬
‫صفوان بن محرز يدعو في جوف‬
‫الليل‬
‫حدثنا جعفر بن سليمان قال‪ :‬سمعت ثابتًا‬
‫البناني‪ ،‬قال‪ :‬أخذ عبيده الله بن زياد ابن أخ‬
‫لصفوان بن محرز فحبسه في السجن‪ ،‬فلم‬
‫يدع صفوان شريفًا بالبصرة يرجو منفعته إل‬
‫حا فبات‬‫تجمل به عليه فلم ير لحاجته نجا ً‬
‫في مصلهه حزينًا‪ ،‬قال‪ :‬فهوم من الليل فإذا‬
‫آت قد أتاه في منامه‪ ،‬فقال‪ :‬يا صفوان قم‬
‫فاطلب حاجتك من وجهها‪ ،‬قال‪ :‬فانتبه‬
‫فزعًا‪ ،‬فقام فتوضأ‪ ،‬ثم صلى‪ ،‬ثم دعا فأرق‬
‫ابن زياد‪ ،‬فقال‪ :‬علي بابن أخي صفوان بن‬
‫محرز‪ ،‬فجاء الحراس‪ ،‬وجيء بالنيران‪،‬‬
‫وفتحت تلك البواب الحديدية في جوف‬
‫الليل‪ ،‬فقيل‪ :‬أين ابن أخي صفوان بن‬
‫محرز؟ أخرجوه‪ ،‬فإني قد منعت من النوم‬
‫منذه الليلة‪ ،‬فأتى به ابن زياد‪ ،‬فكلمه‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫‪37‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫انطلق بل كفيل ول شيء‪ ،‬فما شعر صفوان‬


‫حتى ضرب عليه ابن أخيه بابه‪ ،‬قال صفوان‪:‬‬
‫ما هذا؟ قال‪ :‬أنا فلن‪ ،‬قال فأي ساعة هذه‬
‫الساعة؟ فحدثه الحديث)‪.(1‬‬
‫)‪(22‬‬
‫دعاء بسر بن سعيد على الواشي‬
‫حدثني الحجاج بن صفوان بن أبي يزيد‪،‬‬
‫قال‪ :‬وشي رجل ببسر بن سعيد إلى الوليد‬
‫]بن عبد الملك أنه يطعن على المراء‪ ،‬أو‬
‫يعيب بني مروان[ قال‪ :‬فأرسل إليه الوليد‪،‬‬
‫والرجل عنده‪ ،‬قال فجيء به ترعده فرائصه‪،‬‬
‫فأدخل عليه‪ ،‬فسأله عن ذلك‪ ،‬فأنكره بسر‬
‫وقال‪ :‬ما فعلت‪ ،‬فالتفت الوليد إلى الرجل‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا بسر هذا يشهد عليك بذلك‪ ،‬فنظر‬
‫إليه بسر وقال‪ :‬أهكذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فنكسه‬
‫رأسه وجعل ينكت في الرض‪ ،‬ثم رفع‬
‫رأسه‪ ،‬وقال‪ :‬اللهم قد شهد بما قد علمت‬
‫أني لم أقله‪ ،‬فإن كنت صادقًا‪ ،‬فأرني به على‬
‫ما قال‪ :‬فانكب الرجل على وجهه‪ ،‬فلم يزل‬
‫يضطرب حتى مات)‪.(2‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100-99‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪38‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫‪39‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫)‪(23‬‬
‫دعاء مريض شافاه الله‬
‫عن عمر بن ثابت الخزرجي‪ ،‬قال‪ :‬دخلت‬
‫في أذن رجل من أهل البصرة حصاة‪،‬‬
‫فعالجها الطباء‪ ،‬فلم يقدروا عليها‪ ،‬حتى‬
‫وصلت إلى صماخه فأسهرت ليله‪ ،‬ونغصت‬
‫عيشه نهاره‪ ،‬فأتى رجل من أصحاب‬
‫الحسن‪ ،‬فشكا ذلك إليه‪ ،‬فقال‪ :‬ويحك إن‬
‫كان شيء ينفعك فدعوةه العلء بن‬
‫الحضرمي التي دعا بها في البحر وفي‬
‫علي‪ ،‬يا‬
‫ّ‬ ‫المفازة‪ ،‬قال‪ :‬وما هي؟ قال‪ :‬يا‬
‫عظيم‪ ،‬يا عليم‪ ،‬يا حليم‪ ،‬قال‪ :‬فدعا بها‪،‬‬
‫فوالله ما برحنا حتى خرجت من أذنه ولها‬
‫طنين حتى صكت الحائط وبرأ)‪.(1‬‬
‫)‪(24‬‬
‫فضل دعاء المجاهد في سبيل‬
‫الله‬
‫ما من المهاجرين‬‫عن الشعبي‪ :‬أن قو ً‬
‫خرجوا متطوعين في سبيل الله‪ ،‬فنفق – أي‬
‫مات – حمار رجل منهم‪ ،‬فأرادوه على أن‬
‫ينطلق معهم فأبى‪ ،‬فانطلق أصحابه‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪40‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫مترجلينه وتركوه‪ ،‬فقام‪ ،‬وتوضأ وصلى‪ ،‬ثم‬
‫رفع يديه فقال‪ :‬اللهم إني خرجت مجاهدًا‬
‫في سبيلك‪ ،‬وابتغاء مرضاتك‪ ،‬وأشهد أنك‬
‫تحيي الموتى‪ ،‬وأنك تبعث من في القبور‪،‬‬
‫اللهم فأحيي لي حماري‪ ،‬ثم قام إلى الحمار‬
‫فضربه فقام الحمار ينفض أذنيه فأسرجه‬
‫وألجمه‪ ،‬ثم ركبه فأجراه حتى لحق بأصحابه‪،‬‬
‫فقالوا له‪ :‬ما شأنك؟ قال‪ :‬إن الله تعالى‬
‫بعث لي حماري‪.‬‬
‫قال إسماعيل‪ :‬قال الشعبي‪ :‬أنا رأيت‬
‫هذا الحمار بيع أو يباع بالكناسة‪ :‬مكان‬
‫بالكوفة)‪.(1‬‬
‫)‪(25‬‬
‫دعاء النجاة من القتل‬
‫سا مع‬‫عن عامر الشعبي‪ ،‬قال‪ :‬كنت جال ً‬
‫زياد بن أبي سفيان‪ ،‬فأُتى برجل يُحمل‪ ،‬ما‬
‫نشك في قتله‪ ،‬قال‪ :‬فرأيته حرك شفتيه‬
‫بشيء ما ندري ما هو‪ ،‬قال‪ :‬فخلي سبيله‪،‬‬
‫فقال بعض القوم‪ :‬لقد جيء بك وما نشك‬
‫في قتلك‪ ،‬فرأيناك حركت شفتيك بشيء ما‬
‫ندري ما هو‪ ،‬فخُلي سبيلك! قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪41‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫اللهم رب إبراهيم‪ ،‬ورب إسحاق ويعقوب‪،‬‬


‫ورب جبريل‪ ،‬وإسرافيل‪ ،‬ومنزل التوراة‬
‫والنجيل والزبور والفرقان العظيم‪ ،‬ادرأ‬
‫عني شر زياد‪ ،‬قال فخلى عني)‪.(1‬‬
‫)‪(26‬‬
‫خروج الحصاة من الذن‬
‫في رواية عن سعيد بن عنبسة قال‪ :‬بينما‬
‫رجل جالس يعبث بالحصى ويحذف به إذا‬
‫رجعت حصاة منها عليه فصارت في أذنه‬
‫فجهدوا بكل حيلة فلم يقدروا على إخراجها‬
‫فبقيت الحصاة في أذنه مدةه وهي تؤلمه‬
‫فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع قارئًا يقرأ‬
‫ضطَ ّر إِذَا دَعَاهُ ‪ ‬فقال‬ ‫َ‬
‫يب ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ج ُ‬‫ن يُ ِ‬
‫م ْ‬
‫‪‬أ ّ‬
‫الرجل‪ :‬يا رب أنت المجيب وأنا المضطر‬
‫فاكشف عني ضر ما أنا فيه فنزلت الحصاة‬
‫من أذنه في الحال‪.‬‬
‫)‪(27‬‬
‫دعاء عاصم بن أبي إسحاق‬
‫)شيخ القراء في زمانه(‬
‫روى البيهقي في فضائل العمال عن‬
‫حماد بن سلمة أن عاصم ابن أبي إسحاق –‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪42‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫شيخ القراء في زمانه – قال‪ :‬أصابتني‬
‫خصاصة أي حاجة‪ ،‬وفاقة فجئت إلى بعض‬
‫إخواني فأخبرته بأمري فرأيت في وجهه‬
‫الكراهة فخرجت من منزلي إلى الجبانة –‬
‫أي إلى الصحراء – فصليت ما شاء الله‬
‫تعالى‪ ،‬ثم وضعت وجهي على الرض فقلت‪:‬‬
‫يا مسبب السباب‪ ،‬يا مفتح البواب‪ ،‬ويا‬
‫سامع الصوات‪ ،‬ويا مجيب الدعوات‪ ،‬ويا‬
‫قاضي الحاجات‪ ،‬اكفني بحللك عن حرامك‪،‬‬
‫وأغنني بفضلك عمن سواك – يلح على الله‬
‫بهذا الدعاء – قال‪ :‬فوالله ما رفعت رأسي‬
‫حتى سمعت وقعة بقربي فرفعت رأسي‬
‫سا أحمر‪ ،‬فأخذت‬ ‫فإذا بحدأة طرحت كي ً‬
‫وجوهرا‬
‫ً‬ ‫دينارا‬
‫ً‬ ‫الكيس فإذا فيه ثمانون‬
‫ملفوفًا في قطنة‪ ،‬فبعت الجواهر بمال‬
‫عظيم‪ ،‬وأفضلت – أي أبقيت الدنانير –‬
‫عقارا وحمدت الله تعالى‬ ‫ً‬ ‫وأشتريت منها‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫)‪(28‬‬
‫دعاء أصبغ بن زيد‬
‫عن أصبغ بن زيد قال‪ :‬مكثت أنا ومن‬
‫عندي ثلثًا لم نطعم شيئًا من الجوع فخرجت‬
‫إلى ابنتي الصغيرة وقالت‪ :‬يا أبت الجوع –‬
‫تشكو الجوع – قال‪ :‬فأتيت الميضأة‬
‫فتوضئت‪ ،‬وصليت ركعتين أُلهمت دعاء‬
‫دعوت في آخره‪» :‬اللهم افتح علي منك‬
‫رزقًا ل تجعل لحد علي فيه منة ول لك علي‬
‫في الخرة تبعة‪ ،‬برحمتك يا أرحم الراحمين‪،‬‬
‫ثم انصرفت إلى البيت فإذا بابنتي الكبيرة‬
‫قد قامت إلي‪ ،‬وقالت‪ :‬يا أبتاه جاء – رجل‬
‫مي – بهذه الصرة من الدراهم‪،‬‬ ‫يقول‪ :‬إنه عَ َ‬
‫وبحمال عليه دقيق‪ ،‬وحمال عليه من كل‬
‫شيء في السوق‪ ،‬وقال‪ :‬أقرئوا أخي‬
‫السلم‪ ،‬وقولوا له إذا احتجت إلى شيء ادع‬
‫بهذا الدعاء فتأتيك حاجتك‪ .‬قال أصبغ بن‬
‫زيد‪ :‬والله ما كان لي أحد قط‪ ،‬ول أعرف‬
‫من كان هذا القائل‪ ،‬ولكن الله على كل‬
‫شيء قدير«‪.‬‬
‫)‪(29‬‬
‫دعاء شقيق البلخي‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪44‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫عن شقيق البلخي قال‪ :‬كنت في بيتي‬
‫قاعدًا فقال لي أهلي‪ :‬قد ترى ما بهؤلء‬
‫الطفال من الجوع قال‪ :‬فتوضأت وكان لي‬
‫صديق ل يزال يقسم علي بالله إن يكن لي‬
‫حاجة أعلمه بها‪ ،‬ول أكتمها عنه‪ ،‬فخطر ذكره‬
‫ببالي‪ ،‬فلما خرجت من المنزل مررت‬
‫بالمسجد‪ ،‬فذكرت ما روي عن أبي جعفر‬
‫قال‪ :‬من عرضت له حاجة إلى مخلوق فليبدأ‬
‫فيها بالله عز وجل‪ ،‬قال‪ :‬فدخلت المسجد‬
‫وصليت فيه ركعتين‪ ،‬فلما كنت في التشهد‬
‫أفرغ علي النوم فرأيت في منامي أنه قيل‪:‬‬
‫يا شقيق أتد ُ ُ‬
‫ل العباد على الله ثم تنساه‪،‬‬
‫قال‪ :‬فاستيقظت‪ ،‬وعلمت أن ذلك تنبيه‬
‫نبهني به ربي فلم أخرج من المسجد حتى‬
‫صليت العشاء الخرة ثم تركت الذهاب‬
‫لصاحبي وتوكلت على الله‪ ،‬وانصرفت إلى‬
‫المنزل فوجدت الذي أردت أن أقصده قد‬
‫حركه الله وأجرى لهلي على يديه ما أغناهم‬
‫إن ربي لسميع الدعاء‪.‬‬
‫)‪(30‬‬
‫دعاء سعيد بن جبير على الديك‬
‫كان لسعيد بن جبيره ديك يقوم من الليل‬
‫‪45‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫بصياحه‪ ،‬فلم يصح ليلة من الليالي حتى‬


‫أصبح ولم يصل سعيد تلك الليلة – أي لم‬
‫يصل قيام الليل – فشق عليه ذلك قال‪ :‬ما‬
‫له قطع الله صوته – يعني الديك – وكان‬
‫سعيد مجاب الدعوة فما سمع للديك صوت‬
‫بعد ذلك الدعاء فقالت أم سعيد‪ :‬يا بُني ل‬
‫تدع على شيء بعدها ذكر ذلك الذهبي في‬
‫كتابه )سير أعلم النبلء()‪.(1‬‬
‫)‪(31‬‬
‫دعاء من وشي به عند الحجاج‬
‫ذكر التنوخي أن رجل ً وشي به عند‬
‫الحجاج‪ ،‬فأمر بإدخاله السجن تمهيدًا لقتله‬
‫فقام الرجل المسجون في جوف الليل‪،‬‬
‫وصلى أربع ركعات ثم دعا بقوله‪ :‬اللهم إنك‬
‫تعلم أني كنت على إساءتي وظلمي‬
‫وإسرافي على نفسي لم أجعل لك ولدًا ول‬
‫شريكًا ول ندًا ول كفوًا فإن تعذب فعدل منك‬
‫وإن تعف فأنت العزيز الحكيم‪ ،‬اللهم إني‬
‫أسألك يا من ل يأتي عطاؤه بإلحاح الملحين‪،‬‬
‫من بعفوه‪ ،‬أن تجعل في ساعتي هذه‬ ‫ول ي َ ُ‬
‫‪1‬‬
‫)( الدويش‪ ،‬إبراهيم بن عبد الله‪ .‬يا سامعًا لكل شكوى‬
‫)شريط تسجيل(‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪46‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫جا مما أنا فيه من حيث أرجو‬ ‫جا ومخر ً‬‫فر ً‬
‫ومن حيث ل أرجو وخذ لي بقلب عبدك‬
‫الحجاج وسمعه وبصره ويده ورجله حتى‬
‫يخرجني في ساعتي هذه فإن قلبه وناصيته‬
‫في يدك‪ ،‬يا رب يا رب‪ ،‬قال وقد كثَر الدعاء‬
‫فوالذي ل إله غيره ما انقطع دعاؤه حتى‬
‫ضرب باب السجن وقيل‪ :‬يا فلن فقام‬
‫الرجل وقال للسجناء‪ :‬يا هؤلء إن تكن‬
‫العافية فوالله ل أدع الدعاء لكم‪ ،‬وإن تكن‬
‫الثانية فجمع الله بيننا وبينكم في مستقر‬
‫رحمته‪ ،‬فبلغه من الغد أنه خُلي سبيله)‪.(1‬‬
‫)‪(32‬‬
‫دعوة الوالد لولده‬
‫يذكر الشيخ محمد المختار الشنقيطي‬
‫رجل ً في ضعف وبؤس وضيق حال كان‬
‫يذهب ويسعى لوالده فإذا جاء بأجرة يومه‬
‫وضعها على المنضدة وذلك استحياء من أن‬
‫يمدها بيده لبيه فتكون منّة على أبيه‪ ،‬يقول‬
‫الرجل‪ :‬فكنت كلما أضع المال بين يديه‬
‫يدعو الله ويقول‪ :‬اللهم ارزق ابني القرآن‬
‫‪1‬‬
‫)( الشويعر‪ ،‬محمد بن سعد‪ .‬مكان الدعاء‪ ،‬جريدة‬
‫الجزيرة‪) 9269 ،‬الجمعة ‪ 16‬شوال ‪1418‬هه( ص ‪.9‬‬
‫‪47‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫ما‬
‫واجعله من أهله فبلغ أكثر من عشرين عا ً‬
‫ما من‬‫وهو تائه في العمال حتى شاء الله يو ً‬
‫اليام وهو راجع من عمله إذا به يلتقي بعالم‬
‫كان عمدة في بلده في الفتوى فقال العالم‬
‫للرجل‪ :‬ما الذي أنت فيه؟ قال الرجل‪ :‬ما‬
‫ترى أسعى بالرزق‪ .‬قال العالم‪ :‬هل لك أن‬
‫ما من أسبوعك؟ قال الرجل‪:‬‬ ‫تجعل لي يو ً‬
‫نعم ونعمت عيني بذلك‪ ،‬فما زال يتردد عليه‬
‫حتى جاء اليوم الذي يُناقش فيه الرجل في‬
‫رسالة الدكتوراه في تفسير القرآن الكريم‪،‬‬
‫فلما دُعي للمناقشة وجلس إذا بشيخه‬
‫وأستاذه يقوم مهابة له وإجلل ً لما كان له‬
‫من العلم فقال‪ :‬تفضل يا شيخ – ومن‬
‫المعلوم أن الشيخ ل يتنزل لطالبه – وإذا به‬
‫أمام الجمع قال‪ :‬هالني ما رأيت فيه من‬
‫العلم والمعرفة بكتاب الله فعظمته وأجللته‬
‫فلما تفضل الرجل جلس وهو يبكي فقال‬
‫الشيخ‪ :‬تبكي ونحن نريد أن نجلك؟ قال‬
‫الرجل‪ :‬تذكرت دعوة أبي رحمه الله‪ :‬اللهم‬
‫ارزق ابني القرآن واجعله من أهله‪ ،‬فبلَغه‬
‫الله هذه المنزلة العظيمة)‪.(1‬‬
‫‪1‬‬
‫)( الشنقيطي‪ ،‬محمد المختار‪ .‬رحمة الضعفاء‪) ،‬شريط‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪48‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪(33‬‬
‫الدعاء وطلب الوظيفة‬
‫يذكر الشيخ محمد المختار الشنقيطي‪:‬‬
‫أن رجل ً تنكدته عليه وظيفته وبقي في حزن‬
‫وشجى فشاء الله أن لقيه الشيخ وقد بلغ‬
‫الرجل من الهم والغم ما بلغ وكان يبحث عن‬
‫رجل يؤثّر على صاحب الصلحية في‬
‫التوظيف فقال للشيخ‪ :‬هل رأيت فلن؟‬
‫فأجاب الشيخ‪ :‬أنه لم يره‪ ،‬ثم سأله الشيخ‪:‬‬
‫هل انقضت حاجتك؟ قال‪ :‬لم تنقض حتى‬
‫الن‪ ،‬وإني أبحث عن الرجل الذي له تأثير‬
‫قال الشيخ‪ :‬هناك من يحل موضوعك‬
‫ويكفيك همك‪.‬‬
‫فسأل الرجل‪ :‬وهل يؤثر على صاحب‬
‫صلحية التوظيف؟ قال الشيخ‪ :‬نعم يؤثر‬
‫عليه‪ .‬فسأل الرجل‪ :‬وهل تعرفه؟ قال‬
‫الشيخ‪ :‬نعم‪ .‬فسأل الرجل‪ :‬وهل تستطيع‬
‫أن تكلمه؟ فقال الشيخ‪ :‬نعم وتستطيع أن‬
‫ضا‪ .‬فقال الرجل‪ :‬بل كلمه أنت‬
‫تكلمه أنت أي ً‬
‫خيرا‪ .‬فسأل الرجل‪ :‬من هو؟ قال‬
‫ً‬ ‫جزاك الله‬
‫الشيخ‪ :‬إنه الله – هنا أصاب الرجل‪ :‬نوع من‬
‫تسجيل(‪] ،‬بتصرف[‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫التردد – ثم قال الشيخ‪ :‬يا أخي اتق الله‪ ،‬لو‬


‫قلت‪ :‬فلن من البشر لقلت‪ :‬هيَا بنا إليه‪،‬‬
‫ولما قلت‪ :‬الله ترددت!ه نعم ما عرفت الله‬
‫فهل جربت دعوة السحار؟ وشاء الله أن‬
‫يتقابل الشيخ بالرجل بعد أسبوع وإذا بالوجه‬
‫البشوش‪ .‬يقول الرجل‪ :‬من العجب أني‬
‫قمت من مجلسك ومن توفيق الله أني‬
‫صا‬
‫استيقظت وقت السحار وكأن شخ ً‬
‫يوقظني فشاء الله وأن صليت ودعوت الله‬
‫ولذت بالله كأني أراه فعندما أصبح الصباح‬
‫فأردت أن أهب إلى مكان الوظيفة ثم شاء‬
‫الله وأن أغير الطريق فمررت بمصلحة من‬
‫المصالح ونزلت وسألت مديره المصلحة‬
‫فرحب بي فأخبرته بموضوعي فقال المدير‪:‬‬
‫أين أنت؟ نبحث عن أمثالك فخيرني بين‬
‫وظيفتينه وقد كنت أتمنى أقل منها)‪.(1‬‬

‫‪1‬‬
‫)( الشنقيطي‪ ،‬محمد المختار‪ .‬العتصام بالله )شريط‬
‫تسجيل(‪] ،‬بتصرف[‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪50‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪(34‬‬
‫دعوة شاب صالح لوالده‬
‫يحدث الشيخ عمر بن سعود العيد أن‬
‫حا يحب الخيار ويحب‬ ‫هناك شابًا صال ً‬
‫مجالستهم وكان له أب على نقيضه يكره‬
‫الصالحين وكان إذا رآهم عنده ابنه ربما‬
‫طردهم من المنزل غير مراع لشعور ابنه –‬
‫ما مع والده يدعوه ويدعو له‬ ‫وكان ابنه حلي ً‬
‫‪ ...‬وفي ليلة من الليالي كان لوالده مع‬
‫الهداية موعدًاه ‪ ...‬قام البن في ثلث الليل‬
‫وصلى ما تيسر له أن يصلي وفي آخر ركعة‬
‫من صلته رفع يديه إلى السماء وبدأ يدعو‬
‫لوالده بالهداية‪ ،‬فما لبث إل قليل ً حتى بدأت‬
‫دموعه تنهمر من عينيه وأخذ يبكي وأخذت‬
‫تلك الدعوات الصادقة تخرج من قلبه خوفًا‬
‫وخشية على أبيه وفي تلك اللحظات‬
‫المفعمة بصدق اللتجاء إلى الله دخل والده‬
‫ما من إحدى سهراته وسمع باكيًا‬ ‫البيت قاد ً‬
‫يبكي بحرقة وألم فذهب يلتمس مصدر‬
‫م بفتح الباب‬ ‫الصوت وعندما وصل إليه وه َ‬
‫إذا به يسمع ابنه يتضرعه إلى الله يدعو له‬
‫بالهداية ‪ ...‬فتأثر الب وجثا على ركبتيه عنده‬
‫باب الغرفة وأخذ يبكي ويقول‪ ... :‬ولدي‬
‫يدعو لي وأنا أضايقه ‪ ،...‬يدعو لي وأنا‬
‫‪51‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫أحاربه‪ ،‬وفي غضون ذلك انتهى البن من‬


‫صلته‪ ،‬ولما فتح باب الغرفة إذا بأبيه جالس‬
‫يبكي‪ ،‬فلما رأى الب ابنه اشتد بكاؤه وضم‬
‫ابنه وقال له‪ :‬والله ل أضايقك بعد اليوم‪.‬‬
‫والعجب من ذلك كله ما قاله الشيخ‬
‫بعدها‪ ،‬حيث قال‪ :‬وكان الب بعد ذلك ربما‬
‫قام مع ابنه يصليان آخر الليل سويًا)‪.(1‬‬
‫)‪(35‬‬
‫الدعاء بطلب الذرية‬
‫يروي لي شاب قصة مفادها أنه كان‬
‫يعيش أيام الشباب في أحلم يريد تحقيقها‬
‫ولكن ل لوحده بل معه أبناؤه ‪ ...‬وبعد أيام‬
‫تحقق جزء من أحلمه فقد تزوج ولكن تأخر‬
‫الحمل عند زوجته وصار الناس ينظرون إليه‬
‫بنظرة إشفاق ورحمة وأخذ بعضهم يطرح‬
‫عليه أسماء لمعة من الطباء كي يتدارك‬
‫العمر ليرى فلذات الكباد فأصبح كلما جلس‬
‫في مجلس نصحه الكبير والصغير ولكن ما‬
‫هي هذه النصيحة؟! إنها نصيحة بالخذ‬
‫بالسباب الدنيوية وللسف الشديد ربما‬

‫‪1‬‬
‫)( عبد المحسن‪ ،‬عبد المحسن بن عبد الرحمن‪،‬‬
‫غرقى فمن ينقذهم‪ ،‬ص ‪.34-33‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪52‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫ينسون السباب القوية المؤثرة أل وهي‬
‫التصال برب العالمين برفع قوة اليمان‪.‬‬
‫وفي مجلس من المجالس أخذ‬
‫الحاضرون يطرحون اللئمة عليه وكأنهم‬
‫يظنون أن هذا بيدهه حتى ضاقت عليه الرض‬
‫بما رحبت ثم إن زوجته قد شُ حنت كذلك من‬
‫النساء اللتي يجلسن معها والمرأة‬
‫المسكينة ربما تتعلق بالكلم ولو أنه من‬
‫نسج الخيال‪ ،‬فيقول‪ :‬فحدثتنيه بذلك‪ ،‬مما‬
‫زاد الطين بلة‪ .‬يقول‪ :‬فصليت لله ركعتين‬
‫أناجي فيهما ربي في دعاء عريض عنده‬
‫السجود وأتذكر قول الله تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ف‬
‫ش ُ‬ ‫ضطَ ّر إِذَا دَعَاهُ َ‬
‫ويَك ْ ِ‬ ‫م ْ‬‫يب ال ْ ُ‬
‫ج ُ‬ ‫ن يُ ِ‬
‫م ْ‬ ‫‪‬أ ّ‬
‫ْ َ‬ ‫م خُل َ َ‬
‫ض ‪ ‬يقول‪:‬‬ ‫فاءَ ال ْر ِ‬ ‫علُك ُ ْ‬‫ج َ‬
‫وي َ ْ‬‫السوءَ َ‬
‫ّ‬
‫بحمد الله لم ينقض شهر إل وقد قدر الله‬
‫الحمل عند الزوجة‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫)‪(36‬‬
‫الدعاء على الولد وللولد‬
‫شاب كان يرعى الغنم لبيه‪ ،‬ورأى تهافت‬
‫الشباب على السفر والنخراط في السلك‬
‫العسكري فطلب من أبيه أن يسمح له‬
‫بالذهاب معهم فرفض الب ذلك‪ ،‬حاول‬
‫مرارا فلم يأذن له الب فقرر أن‬‫ً‬ ‫الشاب‬
‫يذهب بالرغم من عدمه رضا والده فقال الب‬
‫لبنه‪ :‬أما القوة فما لي عليك من قوة‪ ،‬ولكن‬
‫ما لي عليك إل دعوة أرفعها إلى الله وقت‬
‫السحر‪ ،‬فذهب الشاب وترك غنمه مع أحد‬
‫أقرانه وذهب إلى سفره‪ ،‬وعلم الب بسفره‬
‫حا تقيًا – فرفع يديه إلى‬
‫– وكان الب صال ً‬
‫الحي القيوم وسأل الله عز وجل أن يريه‬
‫في ولده ما يكره‪،‬ه فعمي البن وهو في‬
‫الطريق وأستقبله بعض أفراد قبيلته في‬
‫الطائف وسألوه ماذا يريد؟ قال‪ :‬كنت أريد‬
‫الوظيفة أما الن فأعمى ل يقبل مثلي في‬
‫الوظيفة‪ :‬فأتوا به إلى أبيه وعندما دخل عليه‬
‫وهو في جوف الليل وكان والده ضعيف‬
‫البصر فنادى الشاب‪ .‬فقال أبوه‪ :‬أفلن‬
‫أنت؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال أبوه‪ :‬هل وجدت‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪54‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫السهم؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬فدخل على أبيه يُقاد‪.‬‬
‫ما وتأثر‬‫لكن الب الحنون حزن حزنًا عظي ً‬
‫كبيرا وكان يود لو كانت في غير عينيه‬
‫ً‬ ‫تأثرا‬
‫ً‬
‫فقام ليلته تلك يبكي ويئن يركع ويسجد‬
‫ويلحس بلسانه عين ولده ويدعو الله عز‬
‫وجل والله قريب مجيب فما قام لصلة‬
‫الفجر حتى عاد لولده البصر فحمد الله‬
‫كثيرا)‪.(1‬‬
‫ً‬

‫‪1‬‬
‫)( القرني‪ ،‬علي‪ .‬عقوق الوالدين )شريط تسجيل(‪،‬‬
‫]بتصرف[‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫أحوال الناس في الدعاء‬


‫طرحنا في الصفحات السابقة شواهد من‬
‫الدعاء وهي من قبل النبياء والصالحين‪،‬‬
‫أناس رفعوا أكف الضراعة إلى الله فأجاب‬
‫دعواتهم‪ ،‬وسبب طرحي لذلك علها أن تريح‬
‫القلوب فتطمئن بأن الله سبحانه هو الواحد‬
‫الحد الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه‪.‬‬
‫أخي الداعي‪ :‬ربما يأتيك الشيطان‬
‫ويدعوكه ويقول لك دعوت الله ولم يستجب‬
‫لك فنقول‪ :‬ل تعجل أخي فربما يريد الله أن‬
‫يسمع تضرعك ويرى إنطراحك ويسمع‬
‫استغفارك ويرى دموع ندمك تنسكب من‬
‫عينيك مصحوبة بالتوبة‪ ،‬واللتجاء‪ ،‬والخوف‬
‫من الله‪ ،‬ثم اعلم أخي‪ :‬أن الداعي في‬
‫أحوال ثلثة‪ :‬إما أن يستجيب الله له في‬
‫الحال‪ ،‬وإما أن يصرف الله عنه من الشرور‬
‫بقدر ما دعا‪ ،‬أو أن الله يدخر دعوته إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬فيجزل له العطايا‪ ،‬وذلك لن الله ل‬
‫يضيع أجر من أحسن عملً‪ ،‬حتى أن أهل‬
‫الدعوات المستجابة في الدنيا يتمنون أن‬
‫الله ما استجاب لهم دعواتهم لما يرون‬
‫لخوانهم الذين ادخر الله لهم أجرهم يوم‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪56‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫القيامة‪.‬‬
‫فعن جابر رضي الله عنه عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫»يدعو الله بالمؤمن يوم القيامة حتى‬
‫يوقفه بين يديه‪ ،‬فيقول‪ :‬عبدي إني‬
‫أمرتك أن تدعوني‪ ،‬ووعدتك أن‬
‫أستجيب لك‪ ،‬فهل كنت تدعوني؟‬
‫فيقول‪ :‬نعم يا رب‪ ،‬فيقول‪ :‬أما إنك‬
‫لم تدعني بدعوة إل استجبت لك‪،‬‬
‫أليس دعوتني يوم كذا وكذا أن أفرج‬
‫عنك ما نزل بك ففرجت عنك‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬نعم يا رب‪ ،‬فيقول‪ :‬إني‬
‫عجلتها لك في الدنيا‪ ،‬ودعوتني يوم‬
‫كذا وكذا أن أفرج عنك ما نزل بك فلم‬
‫فجرا‪ ،‬قال‪ :‬نعم يا رب‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫ل‬ ‫تر‬
‫إني ادخرت لك بها في الجنة كذا‬
‫وكذا‪ ،‬ودعوتني في حاجة أقضيها لك‬
‫يوم كذا وكذا فقضيتها‪ ،‬فيقول‪ :‬نعم‬
‫يا رب‪ ،‬فيقول إني عجلتها لك في‬
‫الدنيا‪ ،‬ودعوتني يوم كذا وكذا في‬
‫حاجة أقضيها لك فلم تر قضاءها‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬نعم يا رب فيقول‪ :‬إني‬
‫ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا«‬
‫‪57‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫قال رسول الله ‪» :‬فل يدع دعوة دعا‬


‫بها عبده المؤمن إل بيّن له إما أن‬
‫جل له في الدنيا‪ ،‬وإما أن‬‫يكون ع ّ‬
‫يكون أُدخر له في الخرة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فيقول المؤمن في ذلك المقام يا‬
‫جل له شيء من دعائاه«‬ ‫ليته لم يكن ع ّ‬
‫انظر جامع الصول )‪.(1)(4/164‬‬
‫أخي‪ :‬إن بعض الناس يتكل على المور‬
‫الدنيوية بل ربما ينسى الله في أغلب‬
‫ضا بأخذ‬‫الحوال وترى من حوله ينصحه أي ً‬
‫السباب الدنيوية قبل السباب القوية‬
‫المؤثرة وهي التصال برب العالمين لرفع ما‬
‫به من شكوى إلى الله‪ .‬فهو الشافي‪ ،‬وهو‬
‫الواقي وهو على كل شيء قدير‪ .‬ول يمنع‬
‫من الخذ بالسباب الدنيوية بعد التوكل على‬
‫الله واللجوء إليه‪ ،‬وذلك لما حدث في قصة‬
‫نبي الله أيوب عليه السلم فقال‪  :‬أَنّي‬
‫ين *‬ ‫َ‬ ‫ضر َ‬
‫م َ‬‫ح ِ‬‫الرا ِ‬
‫م ّ‬ ‫ح ُ‬‫ت أ ْر َ‬ ‫وأن ْ َ‬
‫ي ال ّ ّ َ‬ ‫سن ِ َ‬
‫م ّ‬ ‫َ‬
‫ض ّر‬
‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬‫ما ب ِ ِ‬‫فنَا َ‬ ‫ش ْ‬‫فك َ َ‬ ‫جبْنَا ل َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫است َ َ‬
‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫ه ‪] ‬النبياء[‪ ،‬وفي موضع آخر‬ ‫وآَتَيْنَاهُ أ َ ْ‬
‫هل َ ُ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫)( السعدي‪ ،‬حسين عبد الله‪ ،‬معذرة المؤمنين إلى رب‬
‫العالمين‪ ،‬ص ‪.38-37‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪58‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫اردٌ‬ ‫س ٌ‬
‫ل بَ ِ‬ ‫غت َ َ‬ ‫هذَا ُ‬
‫م ْ‬ ‫جل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ارك ُ ْ‬
‫ض بِ ِ‬ ‫قال‪ْ  :‬‬
‫اب ‪] ‬ص[‪.‬‬ ‫و َ‬
‫ش َر ٌ‬ ‫َ‬
‫‪59‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫شروط الدعاء‬
‫أولها‪ :‬الخلص لله في الدعاء‪ :‬أي‬
‫أن ل يدعو النسان غير الله وأن ل يشرك به‬
‫أحدًا فإن أشرك أحبط الله عمله يقول‬
‫تعالى‪:‬‬
‫قبْل ِ ََ‬
‫ك‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ين ِ‬
‫ذ َ‬‫وإِلَى ال ّ ِ‬‫ك َ‬ ‫ي إِلَي ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫قدْ أُو ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ن‬‫ولَتَكُون َ ّ‬
‫ك َ‬‫مل ُ َ‬
‫ع َ‬ ‫حبَطَ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ت لَي َ ْ‬‫ش َرك ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫لَئ ِ ْ‬
‫ين ‪] ‬الزمر[ وقال الله تعالى‪ :‬‬ ‫ر َ‬ ‫ن الْخ ِ‬
‫َاس ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ف َل تَدعُوا مع الل ّ َ‬ ‫َ‬
‫حدلا‬ ‫هأ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ‬‫اجدَ لِل ّ ِ‬‫س ِ‬ ‫م َ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬
‫‪] ‬الجن[‪.‬‬
‫ثاانيها‪ :‬عدم الستعجال فعن أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه عن النبي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫»ل يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثام‬
‫أو قطيعة رحم ما لم يستعجل« قيل‪:‬‬
‫يا رسول الله فما الستعجال؟ فقال ‪:‬‬
‫»يقول قد دعوت فلم أر يستجب لي؛‬
‫فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء«‬
‫]رواه مسلم[‪.‬‬
‫ثاالثها‪ :‬الدعاء بالخير فل يدعو بإثم أو‬
‫قطيعة رحم كما جاء في الحديث السابق‬
‫فعليه بالدعاء بالخير له ولجميع إخوانه‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪60‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫رابعها‪ :‬حضور القلب‪ ،‬وهو شرط‬
‫مهم في الدعاء لنك تخاطب رب الرباب‬
‫وملك الملوك فقد جاء عن أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬ادعوا‬
‫الله وأنتم موقنون بالجابة واعلموا‬
‫أن الله ل يستجيب دعاء من قلب له«‬
‫]حسن رواه الترمذيَ ‪ [9/450‬أي يجب أن‬
‫تعي ما تقول وأن تتذكر أنك أمام الله‬
‫وتستشعر قبول العمل فإذا دعوت بالجنة‬
‫تيقن بأنك تجاب ويقال لك‪ :‬نعم لقد أجيبت‬
‫دعوتك أو العكس – نسأل الله السلمة –‬
‫ل‬‫فعلينا اللحاح على الله بقبول الدعاء ع َ‬
‫الله أن يستجيب فإن الله يحب الملحين‬
‫عليه بالدعاء‪.‬‬
‫وخامسها‪ :‬إطابة المأكل‪ :‬فإن الكل‬
‫الحلل يورث لصاحبه تقوى من الله‪ ،‬وقد‬
‫قال الرسول ‪ ‬لسعد بن أبي وقاص‪» :‬أطب‬
‫مطعمك تكن مستجاب الدعوة«‪.‬‬
‫وقد ذ ُكر في حديث أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬ثام ذكر‬
‫الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد‬
‫يديه إلى السماء‪ :‬يا رب يا رب‬
‫ومطعمه حرام ومشربه حرام‬
‫‪61‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫وملبسهَ حرام وغذي بالحرام فأنى‬


‫يستجاب لذلك« ]رواه مسلم ‪.[7/100‬‬
‫سادسها‪ :‬الصلة على النبي ‪‬؛‬
‫لقوله عليه الصلة والسلم‪» :‬كل دعاء‬
‫محجوب حتى يصلى على النبي ‪«‬‬
‫]حسن‪ :‬صحيح الجامع الصغير ‪.[4523‬‬
‫ويبدو أن هذا الشرط ليس شرطًا أساسيًا‬
‫فقد صح عن الرسول ‪ ‬أدعية كثيرة‪ ،‬ولم يُرد‬
‫فيها الصلة على النبي ‪ ‬ولكن يحمل على‬
‫الستحباب والله أعلم)‪.(1‬‬

‫****‬

‫‪1‬‬
‫)( الخضري‪ ،‬عبد الله‪ .‬الدعاء‪ ،‬ص ‪] 25-21‬بتصرف[‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪62‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫بعض آداب الدعاء‬
‫ضا منها‪:‬‬
‫للدعاء آداب نذكر بع ل‬
‫أولها‪ :‬الثناء على الله قبل الدعاء‪،‬‬
‫والصلة على النبي ‪.(1) ‬‬
‫وهذا قد تراه في البشر عندما يطلب أحد‬
‫من أحدٍ أدنى حاجة تجد الطالب يتقدمه‬
‫بعبارات الثناء والمدح والحترام ولله المثل‬
‫العلى سبحانه فلقد سمع النبي ‪ ‬رجل ً وهو‬
‫يقول‪ :‬يا ذا الجلل والكرام فقال‪» :‬قد‬
‫استجيب لك فسل« ]حديث حسن رواه‬
‫الترمذيَ ‪.(2)[9/512‬‬
‫ثاانيها‪ :‬الدعاء باسم الله العظم‪:‬‬
‫في صحيح ابن حبان من حديث عبد الله‬
‫بن بريدةه عن أبيه أن رسول الله ‪ ‬سمع‬
‫رجل ً يقول‪» :‬اللهم إني أسألك بأني أشهد‬
‫أنك أنت الله ل إله إل أنت الحد الصمد الذي‬
‫لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد‪ .‬فقال‬
‫‪ :‬لقد سأل الله بالسم الذي إذا سئل‬
‫به أعطى وإذا دعي به أجاب« وفي‬
‫‪1‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪2‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪63‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫لفظ‪» :‬لقد سألت الله باسمه‬


‫العظم«‪.‬‬
‫ضا من‬ ‫وفي السنن وصحيح ابن حبان أي ً‬
‫حديث أنس بن مالك‪ :‬أنه كان مع رسول‬
‫سا ورجل يصلي ثم دعا فقال‪:‬‬ ‫الله ‪ ‬جال ً‬
‫اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ل إله إل أنت‬
‫المنان بديع السموات والرض يا ذا الجلل‬
‫والكرام يا حي يا قيوم‪ .‬فقال النبي ‪» :‬لقد‬
‫دعا باسمه العظيم الذي إذا دُعي به‬
‫سئل به أعطى« وأخرج‬ ‫أجاب وإذا ُ‬
‫الحديثينه المام أحمد في مسنده وهو في‬
‫جامع الترمذي وصحيح الحاكم من حديث‬
‫سعد بن أبي وقاص عن النبي ‪» :‬دعوة‬
‫ذي النون‪ ،‬إذ دعا وهو في بطن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك إِنّي‬‫حان َ َ‬
‫سب ْ َ‬ ‫ه إ ِ ّل أن ْ َ‬
‫ت ُ‬ ‫ن َل إِل َ َ‬ ‫الحوت ‪ ‬أ ْ‬
‫ين ‪ ‬إنه لم يدع بها‬ ‫م َ‬ ‫ن الظّال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫كُن ْ ُ‬
‫ت ِ‬
‫مسلمَ في شيء قط إل استجاب الله‬
‫له« ]قال الترمذي‪ :‬حديث صحيح[‪.‬‬
‫ضا من حديث‬ ‫وفي مستدرك الحاكم أي ً‬
‫سعد عن النبي ‪» :‬أل أخبركم بشيء إذا‬
‫نزل برجل منكم أمر مهم فدعا به‬
‫يفرج الله عنه؟ دعاء ذي النون«‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪64‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫ضا عنه سمع النبي ‪ ‬يقول‪» :‬هل‬ ‫وفيه أي ً‬
‫أدلكم على اسم الله العظم‪ ،‬دعاء‬
‫يونس«‪ .‬قال رجل يا رسول الله‪ :‬هل كانت‬
‫ليونس خاصة؟ فقال‪» :‬أل تسمع قوله‬
‫ن الْغ ّ‬
‫َم‬ ‫م َ‬
‫جيْنَاهُ ِ‬
‫ون َ ّ‬
‫ه َ‬‫جبْنَا ل َ ُ‬‫است َ َ‬
‫ف ْ‬‫تعالى‪َ  :‬‬
‫ين ‪] ‬النبياء[‪ .‬فأيما‬ ‫من ِ َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫جي ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وكَذَل ِ َ‬
‫ك نُن ْ ِ‬ ‫َ‬
‫مسلمَ دعا بها في مرضه أربعين مرة‬
‫فمات في مرضه هذا أعطى أجر‬
‫مغفورا له«‪.‬‬
‫ل‬ ‫شهيد‪ ،‬وإن برئ برئ‬
‫وفي مسند المام أحمد من حديث علي‬
‫بن أبي طالب رضي الله عنه قال‪» :‬علمني‬
‫رسول الله إذا نزل كرب أن أقول‪ :‬ل إله‬
‫إل الله الحليم الكريم‪ ،‬سبحان الله‬
‫وتبارك الله رب العرش العظيم‪َ،‬‬
‫والحمد لله رب العالمين«‪.‬‬

‫ضا من حديث عبد الله بن‬


‫وفي مسنده أي ً‬
‫مسعود قال‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬ما أصاب‬
‫أحدلا قط هم‪ ،‬ول حزن‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم‬
‫إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك‬
‫ماض في حكمك عدل‬ ‫ٍ‬ ‫ناصيتي بيدك‬
‫‪65‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم‬


‫هو لك سميت به نفسك أو علمته‬
‫أحدلا من خلقك أو أنزلته في كتابك‬
‫أو استأثارت به في علم الغيب عندك‬
‫أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي‬
‫ونور صدري وجلء حزني وذهاب‬
‫همي إل أذهب الله همه وحزنه‬
‫حا‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رسول‬‫وأبدله مكانه فر ل‬
‫الله‪ ،‬أل نتعلمها؟ قال‪ :‬بلى ينبغي لمن‬
‫سمعها أن يتعلمها«)‪.(1‬‬
‫ثاالثها‪ :‬حسن الظن بالله‪:‬‬
‫إن الظن الحسن بالله هو من أقوى‬
‫السباب في إجابة الدعوة فعن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله ‪:‬‬
‫»يقول الله عز وجل أنا عند ظن‬
‫عبدي بي وأنا معه حين يذكرني« فإن‬
‫ظن الداعي ظن خير بالله وظن إجابة‬
‫الدعوة فإن الله عند ظن العبد وإن كان‬
‫العكس فل حول ول قوة إل بالله‪ ،‬وجاء في‬
‫حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬إن ربكم حيي‬
‫‪1‬‬
‫)( ابن القيم‪ .‬الجواب الكافي‪ ،‬ص ‪] 34-30‬بتصرف[‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪66‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه‬
‫إليه أن يردهما صفرا« ]حسن رواه‬
‫الترمذيَ ‪ 9/544‬وأبو داود ‪.[1474‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫قال رسول الله ‪» :‬ادعوا الله وأنتم‬
‫موقنون بالجابة« أي‪ :‬وأنتم تعتقدون‬
‫أن الله ل يخيبكم لسعة كرمه وعظم فضله‬
‫ق َ‬
‫ال‬ ‫و َ‬
‫ولقد وعد الله بالجابة لمن دعاه‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫م ‪] ‬غافر‪،[60 :‬‬ ‫ب لَك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬‫ست َ ِ‬
‫م ادْعُونِي أ ْ‬‫َربّك ُ ُ‬
‫عنّي‬ ‫عبَا ِدي َ‬
‫ك ِ‬ ‫سأَل َ َ‬
‫وإِذَا َ‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫ُ‬ ‫فإِنّي َ‬
‫َ‬
‫اع إِذَا دَع ِ‬
‫َان ‪‬‬ ‫ْوةَ الدّ ِ‬
‫يب دَع َ‬
‫ج ُ‬‫يب أ ِ‬
‫ر ٌ‬‫ق ِ‬
‫]البقرة‪.[186 :‬‬
‫رابعها‪ :‬العتراف بالذنب‪:‬‬
‫إن من الدب الجم إظهار العبد التذلل‬
‫لله عز وجل والقرار بالخطيئة لعلمه أن‬
‫الله مطلع على كل شيء ويُعتبر العتراف‬
‫بالذنب والقرار بالخطيئة من كمال‬
‫العبودية لله سبحانه فعن علي بن أبي‬
‫طالب – رضي الله عنه – قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله ‪» :‬إن الله ليعجب من العبد إذا‬
‫قال‪ :‬ل إله إل أنت إني قد ظلمت‬
‫‪67‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه ل يغفر‬


‫الذنوب إل أنت‪ ،‬قال‪ :‬عبدي عرف أن‬
‫له ربلا يغفر ويعاقب« ]حديث صحيح‬
‫رواه الحاكم انظر صحيح الجامعَ الصغير‬
‫رقم ‪.(1)[1818‬‬
‫خامسها‪ :‬خفض الصوت ولينه‪:‬‬
‫لقد أمرنا المولى جل شأنه بالتضرع له‬
‫والذل والمسكنة فقال عز وجل‪  :‬ادْعُوا‬
‫ب‬ ‫ه َل ي ُ ِ‬
‫ح ّ‬ ‫ة إِن ّ ُ‬ ‫وخ ْ‬
‫ُفي َ ل‬ ‫ض ّرعلا َ‬‫م تَ َ‬ ‫َربّك ُ ْ‬
‫ين ‪] ‬العراف‪.[55 َ:‬‬ ‫د َ‬ ‫عت َ ِ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫قال المام القرطبي رحمه الله‪ :‬هذا أمر‬
‫بالدعاء وتعبد به‪ ،‬ثم قرن عز وجل بالمر‬
‫صفات تحسن معه‪ ،‬وهي الخضوع‬
‫والستكانة والتضرع‪ .‬ومعنى )خفية( أي‬
‫سرا في النفس ليبعد عن الرياء وبذلك‬ ‫ً‬
‫مخبرا عنه‪  :‬إِذْ‬
‫ً‬ ‫أثنى على نبيه زكريا إذ قال‬
‫َفيّا ‪] ‬مريم[‪ .‬قال‬
‫ه نِدَاءل خ ِ‬
‫نَادَى َرب ّ ُ‬
‫ما ما كان على‬ ‫الحسن‪ :‬لقد أدركت أقوا ً‬
‫سرا‬
‫ً‬ ‫الرض عمل يقدرون على أن يكون‬
‫جهرا أبدًا‪ ،‬ولقد كان المسلمون‬ ‫ً‬ ‫فيكون‬

‫‪1‬‬
‫)( الخضيري‪ ،‬عبد الله‪ .‬الدعاء‪ ،‬ص ‪] 33-31‬بتصرف[‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪68‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫يجتهدون في الدعاء فل يُسمع لهم صوت‪،‬‬
‫إن هو إل الهمس بينهم وبين ربهم‪.‬‬
‫ويعلق المام ابن القيم – رحمه الله –‬
‫على هذه الية الكريمة‪ ،‬مبينًاه فوائد إخفاء‬
‫الدعاء العديدة الكثيرة فيقول‪:‬‬
‫أولها‪ :‬أنه أعظم إيمانًا‪ ،‬لن صاحبه يعلم‬
‫أن الله يسمع دعاءه الخفي‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أنه أعظم في الدب والتعظيم‪،‬‬
‫ولهذا ل تخاطب الملوك‪ ،‬ول تُسأل برفع‬
‫الصوت‪ ،‬وإنما تخفض عندهم الصوات‪،‬‬
‫وتخف عندهم الصوات‪ ،‬ويخفت عندهم‬
‫الكلم بمقدار ما يسمعونه‪ ،‬ومن رفع صوته‬
‫لديهم مقتوه‪،‬ه ولله المثل العلى‪ ،‬فإذا كان‬
‫ربنا يسمع الدعاء الخفي‪ ،‬فل يليق بالدب‬
‫بين يديه إل خفض الصوت‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أنه – يعني الخفاء – أبلغ في‬
‫التضرع والخشوع‪ ،‬والذي هو روح الدعاء‬
‫ولبه ومقصوده‪ ،‬فإن الخاشع الذليل‬
‫الخاضع‪ ،‬إنما يسأل مسألة مسكين ذليل‪،‬‬
‫وقد انكسر قلبه‪ ،‬وذلت جوارحه‪ ،‬وخشع‬
‫صوته‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫رابعها‪ :‬أنه أبلغ في الخلص‪.‬‬


‫خامسها‪ :‬أنه أبلغ في جمع القلب على‬
‫الله في الدعاء فإن رفع الصوت يفرقه‬
‫ويشتته‪ ،‬فكلما خفض صوته كان أبلغ في‬
‫حمده‪،‬ه وتجريد همته وقصده للمدعو‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫سادسها‪ :‬وهو من النكت السريعة‬
‫البديعة جدًا أنه دال على قرب صاحبه من‬
‫الله‪ ،‬وأنه لقترابه منه‪ ،‬وشدة حضوره‪،‬‬
‫يسأله مسألة أقرب شيء إليه‪ ،‬فيسأله‬
‫مسألة مناجاة القريب للقريب‪ ،‬ل مسألة‬
‫نداء البعيد للبعيد‪.‬‬
‫سابعها‪ :‬أنه أدعى إلى دوام الطلب‬
‫والسؤال‪ ،‬فإن اللسان ل يمل‪ ،‬والجوارح ل‬
‫تتعب‪ ،‬بخلف ما إذا رفع صوته‪ ،‬فإنه يكل‬
‫لسانه‪ ،‬وتضعف بعض قواه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ويكفي العبد منها أن يتذكر ما حدث من‬
‫الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬والرد النبوي‬
‫على هذا المر‪ .‬فعن أبي موسى – رضي‬
‫الله عنه – قال‪ :‬قال رسول الله ‪:‬‬
‫»أربعوا على أنفسكم‪ ،‬إنكم ل‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪70‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫ما‪ ،‬ول غائابلا‪ ،‬إنكم تدعون‬ ‫تدعون أص ل‬
‫بصيرا«)‪.(1‬‬
‫ل‬ ‫عا‬
‫سمي ل‬
‫سادسها‪ :‬اللحاح في المسألة‪.‬‬
‫فإن العزم واللحاح من آداب الدعاء‬
‫ذلك ليظهر الداعي عدمه الستعجال والملل‬
‫من مناجاة الله فلعل الله يريد أن يسمع‬
‫منك أخي الداعي التذلل فيؤخر إجابتك فل‬
‫تيأس من تأخر إجابة الدعاء بل اعزم وألح‬
‫على الله فإن الله يحب الملحين في‬
‫الدعاء‪.‬‬

‫سابعها‪ :‬الدعاء ثالثالا‪:‬‬


‫وفيه كما ذكرنا نوع من اللحاح على الله‬
‫بالشيء المطلوب وفيه الحرص من‬
‫الداعي على استجابة الله دعوته فعن أنس‬
‫بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله ‪» :‬من سأل الجنة ثالثا مرات‬
‫قالت الجنة‪ :‬اللهم أدخله الجنة‪ .‬ومن‬
‫استجار من النار ثالثا مرات قالت‬
‫‪1‬‬
‫)( الحافظ أبي الدنيا‪ ،‬مجابوا الدعوة؛ تحقيق مجدي‬
‫إبراهيم‪ ،‬ص ‪.13-12‬‬
‫‪71‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫]صحيح‬ ‫النار‪ :‬اللهم أجره من النار«‬


‫رواه ابن ماجة ‪ 4340‬وأحمد ‪.[3/117‬‬
‫ثاامنها‪ :‬الدعاء بالجوامع من‬
‫الدعاء‪.‬‬
‫أي أن الداعي يدعو بجوامع الكلم كما‬
‫كان هدي الرسول الله ‪ ‬فقد كان يدعو‬
‫بالجوامع فعن فروة بن نوفل قال‪ :‬سألت‬
‫عائشة رضي الله عنها عن دعاء كان يدعو‬
‫به رسول الله ‪ ‬فقالت‪ :‬كان يقول‪:‬‬
‫»اللهم إني أعوذ بك من شر ما‬
‫عملت وشر ما لم أعمل« ]رواه مسلم‬
‫‪ /17‬وأبو داود ‪.[1535‬‬
‫صل رسول الله ‪ ‬كذلك الدعاء‬ ‫وقد ف َ‬
‫تفصيل ً ولكن ربما يزل الداعي بالتفصيل‬
‫بكلمة فيها خطأ إما في العقيدة أو في‬
‫الدب مع الله فيفضل اللتزام بالمأثور قدر‬
‫المستطاع لما فيه من أمن من الزلل‬
‫والخطأ ومن الدعية الشاملة لخير الدنيا‬
‫في‬ ‫و ِ‬
‫ة َ‬
‫سن َ ل‬
‫ح َ‬‫في الدّنْيَا َ‬‫والخرة ‪َ ‬ربّنَا آَتِنَا ِ‬
‫ار ‪] ‬البقرة[‪.‬‬ ‫عذَ َ‬
‫اب الن ّ ِ‬ ‫قنَا َ‬
‫و ِ‬‫ة َ‬ ‫سن َ ل‬
‫ح َ‬ ‫ة َ‬ ‫ال َ ِ‬
‫خ َر ِ‬ ‫ْ‬
‫تاسعها‪ :‬الداعي يبدأ بنفسه‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪72‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫إن من الدب بداية الداعي بنفسه؛ لن‬
‫ذلك الدعاء يرجع فائدته له ومن ثم لخيه‬
‫المسلم فقد جاء على لسان عباد الله‬
‫ين‬
‫ذ َ‬‫ْوانِنَا ال ّ ِ‬
‫و ِلِخ َ‬‫ف ْر لَنَا َ‬‫غ ِ‬‫المؤمنين‪َ  :‬ربّنَا ا ْ‬
‫ان ‪] ‬الحشر‪ ،[10 :‬وقوله‬ ‫م ِ‬ ‫قونَا ب ِ ْ‬
‫الِي َ‬ ‫سب َ ُ‬
‫َ‬
‫خي‬ ‫و ِل َ ِ‬
‫ف ْر لِي َ‬ ‫غ ِ‬‫با ْ‬ ‫ال َر ّ‬‫ق َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫خلْنَا ِ‬ ‫وأَدْ ِ‬
‫م‬ ‫ح ُ‬‫ت أ ْر َ‬ ‫وأن ْ َ‬‫مت ِ َ َ‬‫ح َ‬ ‫في َر ْ‬ ‫َ‬
‫ين ‪] ‬العراف[‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬‬ ‫م َ‬ ‫ح ِ‬‫الرا ِ‬‫ّ‬
‫م‬
‫و َ‬
‫ين ي َ ْ‬
‫من ِ َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ولِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ي َ‬ ‫والِدَ ّ‬
‫ول ِ َ‬
‫ف ْر لِي َ‬ ‫غ ِ‬ ‫َربّنَا ا ْ‬
‫اب ‪] ‬إبراهيم[‪ .‬وهذا ديدن‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫وم ال ْ ِ‬‫ق ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫المؤمنين يشركون معهم إخوانهم في‬
‫دعائهم لينالهم نصيب من الخير فعن ابن‬
‫عباس عن أبي بن كعب »أن رسول الله ‪‬‬
‫كان إذا ذكر أحدًا فدعا له بدأ بنفسه«‬
‫]صحيح رواه الترمذي ‪ .[9/1327‬ولم يكن‬
‫ذلك عادة لرسول الله ‪ ‬فقد قال لبن‬
‫عباس »اللهم فقهه في الدين«)‪،(1‬‬
‫وقال‪» :‬اللهم اهد أم أبي هريرة«‪،‬‬
‫دوسا وأت بهم«‪.‬‬‫ل‬ ‫وقال‪» :‬اللهم اهد‬
‫والدعاء فيه خير عظيم أرأيت إذا‬
‫أحسنت لمسلم أل يكون لك أجر؟ بل أجور‬
‫‪1‬‬
‫)( الخضيري‪ ،‬عبد الله‪ .‬الدعاء‪ ،‬ص ‪] 38-35‬بتصرف[‪.‬‬
‫‪73‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫وحسنات مضاعفة فإنك إذا دعوت لخوانك‬


‫المسلمين فإن الله بكرمه ورحمته يعطيك‬
‫عن كل مسلم حسنة بل حسنات والله‬
‫يضاعف لمن يشاء‪ ،‬ودعوة الخ المسلم‬
‫لخيه في ظهر الغيب حرية بالجابة مثل‪:‬‬
‫اللهم اغفر لي وللمسلمين‪.‬‬

‫****‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪74‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫الوقات الشرعية للدعاء‬
‫إليك أخي بعض الوقات الشرعية للدعاء‬
‫فمنها‪:‬‬
‫‪ -1‬الدعاء في جوف الليل‪:‬‬
‫عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن‬
‫النبي ‪ ‬قال‪» :‬ينزل ربنا تبارك وتعالى‬
‫كل ليلة إلى السماء الدنيا حين‬
‫يبقى ثالث الليل الخر فيقول‪ :‬من‬
‫يدعوني فاستجب له‪ ،‬ومن يسألني‬
‫فأعطيه‪ ،‬ومن يستغفرني فاغفر‬
‫له« ]رواه البخاريَ ‪ 11/128‬ومسلم )‪(758‬‬
‫الترمذيَ )‪ (9/471‬وأحمد ‪.[4/16‬‬
‫‪ -2‬الدعاء بين الذان والقامة‪:‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنهما‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬الدعاء ل يرد‬
‫بين الذان والقامة فادعوا« ]صحيح‬
‫رواه ابن خزيمة وابن حبان[‪.‬‬
‫‪ -3‬الدعاء في الصلة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال‪» :‬لينتهين أقوام عن‬
‫‪75‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫رفع أبصارهم عند الدعاء في الصلة‬


‫إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم«‬
‫]مسلم ‪.[4/152‬‬
‫‪ -4‬الدعاء في السجود‪:‬‬
‫عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال‪» :‬أقرب ما يكون‬
‫العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا‬
‫الدعاء« ]مسلم ‪.[4/200‬‬
‫‪ -5‬الدعاء بعد الصلوات‪:‬‬
‫عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – أن‬
‫رسول الله أخذ بيدهه وقال‪» :‬يا معاذ إني‬
‫والله لحبك‪ ،‬فل تدعن في دبر كل‬
‫صلة أن تقول‪ :‬اللهم أعني على‬
‫ذكرك وشكرك وحسن عبادتك«‬
‫]صحيح رواه أبو داود ‪ 1508‬وأحمد ‪.[5/245‬‬
‫‪ -6‬الدعاء عند النداء والدعاء عند‬
‫البأس‪:‬‬
‫عن سهل بن سعد – رضي الله عنه –‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬ثانتان ل تردان‬
‫– أو‪ :‬قلما تردان ‪ :-‬الدعاء عند النداء‬
‫وعند البأس حين يلحم بعضهم‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪76‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫ضا« ]صحيح رواه أبو داود ‪.[2523‬‬
‫بع ل‬
‫‪ -7‬الدعاء في الساعة التي في‬
‫يوم الجمعة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫أبو القاسم ‪» :‬في يوم الجمعة ساعة‬
‫ل يوافقها مسلمَ وهو قائام يصلي‬
‫خيرا إل أعطاه إياه‪ ،‬وقال‬ ‫ل‬ ‫يسأل الله‬
‫بيده‪،‬ه قلنا‪ :‬يقللها يزهدها« ]رواه البخاريَ‬
‫‪.[11/199‬‬
‫‪ -8‬الدعاء يوم عرفة‪:‬‬
‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‬
‫أن النبي ‪ ‬قال‪» :‬خير الدعاء دعاء يوم‬
‫عرفة‪ ،‬وخير ما قلت أنا والنبيون من‬
‫قبلي‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك‬
‫له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل‬
‫شيء قدير« ]حسن رواه الترمذي‬
‫‪.[10/44‬‬
‫‪ -9‬الدعاء عند صياح الديكة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن‬
‫النبي ‪ ‬قال‪» :‬إذا سمعتم صياح الديكة‬
‫فاسألوا الله من فضله فإنها رأت‬
‫‪77‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫ملكلا وإذا سمعتم نهيق الحمار‬


‫فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها‬
‫رأت شيطانلا« ]رواه مسلم ‪،17/46‬‬
‫الترمذيَ ‪.[9/426‬‬
‫‪ -10‬الدعاء عند تغميض الميت‪:‬‬
‫عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت‪:‬‬
‫دخل رسول الله ‪ ‬على أبي سلمة – رضي‬
‫الله عنهما – وقد شق بصره‪ ،‬فأغمضه ثم‬
‫قبض تبعه‬ ‫قال ‪» :‬إن الروح إذا ُ‬
‫البصر« فضج الناس من أهله فقال ‪» :‬ل‬
‫تدعوا على أنفسكم إل بخير فإن‬
‫الملئاكة يؤمنون على ما تقولون ثام‬
‫قال‪ :‬اللهم اغفر لبي سلمة وارفع‬
‫درجته في المهديين واخلفه في‬
‫عقبه في الغابرين‪ ،‬واغفر لنا وله يا‬
‫رب العالمين وافسح له في قبره‬
‫ونور له فيه« ]مسلم ‪.[6/222‬‬
‫‪ -11‬الدعاء في ليلة القدر‪:‬‬
‫عن عائشة بنت أبي بكر – رضي الله‬
‫عنهما – عندما قالت‪ :‬يا رسول الله أرأيت‬
‫إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال‪:‬‬
‫»قولي اللهم إنك عفو تحب العفو‬
‫فاعف عني« ]حديث صحيح رواه أحمد‬
‫‪ ،1/419‬وابن ماجة ‪.[3850‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪78‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫‪ -12‬الدعاء عند نزول المطر‪:‬‬
‫عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪» :‬ثانتان ما تردان الدعاء عند النداء‬
‫وتحت المطر« ]حديث حسن رواه الحاكم‬
‫راجعَ صحيح الجامعَ الصغير رقم ‪.(1)[3073‬‬

‫‪1‬‬
‫)( الخضيري‪ ،‬عبد الله‪ .‬الدعاء‪ ،‬ص ‪] 51-41‬بتصرف[‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫توجيهات قبل الدعاء‬


‫أولل‪ :‬الدعاء له آداب وشروط ل بد‬
‫من تعلمها والحرص عليها واقرأ الكلم‬
‫النفيس لبن القيم رحمه الله قال‪» :‬وإذا‬
‫جمع العبد مع الدعاء حضور القلب‪،‬‬
‫وصادف وقتًا من أوقات الجابة‪ ،‬وخشوعًا‬
‫وانكسارا بين يدي الرب‪ ،‬وذل ً‬
‫ً‬ ‫في القلب‪،‬‬
‫له‪ ،‬وتضرعًا‪ ،‬ورقة واستقبل الداعي القبلة‬
‫وكان على طهارة ورفع يديه إلى الله وبدأ‬
‫بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلة على‬
‫رسول الله ثم قدم بين يدي حاجته التوبة‬
‫والستغفار ثم دخل على الله وألح في‬
‫المسألة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل‬
‫إليه بأسمائه الحسنى وصفاته وتوحيده‬
‫وقدّم بين يدي دعائه صدقة‪ ،‬فإن هذا‬
‫الدعاء ل يكاد يُرد أبدًا ول سيما إذا صادف‬
‫الدعية التي أخبر النبي ‪ ‬أنها مظنة الجابة‬
‫وأنها متضمنة للسم العظم« ]انتهى‬
‫بتصرف من الجواب الكافي ص ‪.[19‬‬
‫ثاانيلا‪ :‬الصدقة‪:‬‬
‫قد أكد عليها ابن القيم في كلمه‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪80‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫السابق ولها أثر عجيب في قبول الدعاء؛‬
‫بل وفي فعل المعروف أيا كان‪ ،‬فصنائع‬
‫المعروف تقي مصارع السوء كما قال أبو‬
‫بكر رضي الله عنه وبعضهم يرفعه إلى‬
‫النبي ‪.‬‬
‫ثاالثلا‪ :‬الصبر وعدم اليأس والقنوط‬
‫وفي هذا توجيهات‪:‬‬
‫أولل‪ :‬اعلم أن الدعاء عبادة ولو لم‬
‫يحصل لك من دعائك إل الجر على هذا‬
‫الدعاء بعد إخلصك لله عز وجل فيه لكفى‪.‬‬
‫ثاانيلا‪ :‬أن تعلم بأن الله أعلم بمصلحتك‬
‫منك فيعلم سبحانه أن مصلحتك في تعجيل‬
‫الجابة أو عدمها‪.‬‬
‫ثاالثلا‪ :‬ل تجزع من عدم الجابة فربما‬
‫دُفع عنك بهذا الدعاء شر كان سينزل بك‪،‬‬
‫فعن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى‬
‫عنه أن رسول الله ‪ ‬قال‪» :‬ما على‬
‫الرض مسلمَ يدعو الله تعالى بدعوة‬
‫إل آتاه الله إياها أو صرف عنه من‬
‫السوء مثلها ما لم يدع بإثام أو‬
‫قطيعة رحم‪ ،‬فقال رجل من القوم‪ :‬إذ ًا‬
‫‪81‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫]رواه الترمذي‪،‬‬ ‫نكثر‪،‬ه قال ‪ :‬الله أكثر«‬


‫وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬ورواه الحاكم‬
‫من رواية أبي سعيد‪ ،‬وزاد فيه‪» :‬أو يدخر له‬
‫من الجر مثلها«‪.‬‬

‫عا‪ :‬ربما كان عدم الجابة أو تأخيرهاَ‬


‫راب ل‬
‫امتحانلاَ لصبركَ وتحملك وجلدك فهل تستمر‬
‫في الدعاء؟ أم تستحسر وتمل وتترك‬
‫الدعاء؟ ففي الحديث عن أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه أن رسول الله ‪ ‬قال‪» :‬يستجاب‬
‫لحدكم ما لم يعجل يقول قد دعوت ربي‬
‫فلم يستجب لي« ]متفق عليه[ وفي رواية‬
‫مسلم قيل‪ :‬يا رسول الله ما الستعجال‬
‫قال ‪» :‬يقول قد دعوت فلم أر‬
‫يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويدع‬
‫الدعاء«‪.‬‬
‫سا‪ :‬أن تلقي باللوم على نفسك‬ ‫خام ً‬
‫وهي من أهمها فقد يكون سبب عدم‬
‫الجابة وقوعك أنت في بعض المعاصي أو‬
‫التقصير أو إخللك بالدعاء أو تعديك فيه؛‬
‫فمن أعظم المور أن تتهم نفسك وتنسب‬
‫التقصير وعدم الجابة لنفسك فهذا من‬
‫ضا‬
‫أعظم الذل والفتقار إلى الله‪ ،‬واقرأ أي ً‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪82‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫هذا الكلم النفيس لبن رجب رحمه الله‬
‫في نور القتباس يقول‪» :‬إن المؤمن إذا‬
‫أستبطأ الفرج ويئس منه ول سيما بعد كثرة‬
‫دعائه وتضرعه ولم يظهر عليه أثر الجابة‬
‫رجع إلى نفسه باللئمة يقول لها‪ :‬إنما‬
‫وتيت من قبلك ولو كان فيك خير لُجبت‬ ‫أُ‬
‫ُ‬
‫وهذا اللوم أحب لله من كثير من الطاعات؛‬
‫فإنه يوجب انكسار العبد لموله واعترافه‬
‫له بأنه ليس بأهل لجابة دعائه فلذلك‬
‫يسرع له إجابة الدعاء وتفريج الكرب فإنه‬
‫تعالى عنده المنكسرة قلوبهم وعلى قدر‬
‫الكسر يكون الجبر« انتهى كلمه رحمه‬
‫الله‪.‬‬
‫عا‪ :‬من التوجيهات الساسية‪:‬‬
‫راب ل‬
‫تعرف على الله في الرخاء يعرفك في‬
‫الشدة قال سلمان الفارسي رضي الله‬
‫عنه‪ :‬إذا كان الرجل دعَاءً في السراء‬
‫فنزلت به ضراء فدعا الله عز وجل قالت‬
‫الملئكة‪ :‬صوت معروف فشفعوا له‪ ،‬وإذا‬
‫كان ليس بدعَاءٍ في السراء فنزلت به‬
‫ضراء فدعا الله عز وجل قالت الملئكة‪:‬‬
‫صوت ليس بمعروف فل يشفعون له‪ .‬ذكر‬
‫‪83‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫ذلك ابن رجب في نور القتباس‪.‬‬


‫خامسا‪:‬‬
‫ل‬
‫إن اليمان بالقضاء والقدر ركن من‬
‫أركان اليمان بالله تعالى وفيه اطمئنان‬
‫للنفس وراحة للقلب فاعلم أن ما أصابك‬
‫لم يكن ليخطئك‪ ،‬وأن ما أخطأك لم يكن‬
‫ما أن كل شيء بقضاء‬ ‫ليصيبك وتذكر دائ ً‬
‫وقدر وأنه من عنده الله واعلم أن الله أرحم‬
‫بك من أبيك وأمك‪.‬‬
‫سادسا‪:‬‬
‫ل‬
‫احرص على أكل الحلل فهو شرط‬
‫من شروط إجابة الدعاء وفي الحديث »ثم‬
‫ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد‬
‫يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه‬
‫حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذ َي‬
‫اب له« ]أخرجه مسلم‬ ‫ج ُ‬
‫بالحرام فأنى يُست َ‬
‫من حديث أبي هريرة[‪ .‬فالله الله بالحلل‬
‫أثرا عجيبًا في إجابة الدعاء‪.‬‬
‫فإن له ً‬
‫عا‪ :‬أكثر من الستغفار في‬ ‫ساب ل‬
‫الليل والنهار فلو لم يكن في الحث عليه إل‬
‫ْف ُروا‬
‫استَغ ِ‬
‫ت ْ‬‫قل ْ َُ‬
‫ف ُ‬
‫قول الحق عز وجل‪َ  :‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪84‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫ماءَ‬ ‫الس َ‬
‫ّ‬ ‫ل‬
‫س ِ‬‫ارا * ي ُ ْر ِ‬ ‫ف ل‬ ‫غ ّ‬ ‫ه كَ َ‬
‫ان َ‬ ‫م إِن ّ ُ‬ ‫َربّك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ين‬
‫وبَن ِ َ‬‫ال َ‬ ‫و ٍ‬‫م َ‬ ‫م بِأ ْ‬‫ددْك ُ ْ‬‫م ِ‬‫وي ُ ْ‬
‫ارا * َ‬ ‫مدْ َر ل‬‫م ِ‬ ‫عَلَيْك ُ ْ‬
‫ل لَك ُ َ‬
‫ارا ‪‬‬‫ه ل‬ ‫م أن ْ َ‬‫ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬
‫وي َ ْ‬‫ات َ‬ ‫جن ّ ٍ‬
‫م َ‬ ‫ل لَك ُ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬‫وي َ ْ‬
‫َ‬
‫]نوح[ لكان كافيًا‪ .‬فأين من يشكو الفقر‬
‫والعقم والقحط في هذه الية؟‬
‫هذه توجيهات سبع انتبه لها قبل أن ترفع‬
‫يديك إلى السماء علك أن تكون مجاب‬
‫الدعاء )‪.(1‬‬

‫****‬

‫‪1‬‬
‫)( الدويش‪ ،‬إبراهيم بن عبد الله‪ .‬يا سامعًا لكل‬
‫شكوى‪) ،‬شريط تسجيل(‪] ،‬بتصرف[‪.‬‬
‫‪85‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫الخاتمََة‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على‬
‫من ل نبي بعده ‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫في ختام هذه الرسالة آمل أن أكون قد‬
‫وفقت في عرض بعض الشواهد والتي‬
‫أتمنى أن تستمر في إصدارات أخرى بإذن‬
‫الله‪ ،‬كما آمل أن أكون قد وفقت في‬
‫عرض أحوال الناس في الدعاء وبعض آدابه‬
‫والوقات الشرعية للدعاء وتوجيهات قبل‬
‫الدعاء‪.‬‬
‫كما ل يسعني بعد شكر الله شكر كل‬
‫من ساهم في إخراج هذه الرسالة سائل ً‬
‫الله أن يثيبهم خير الثواب إنه جواد كريم بر‬
‫رحيم‪.‬‬
‫ثم إني أخشى أن أكون كشمعة‬
‫تضيء للخرين وتحرق نفسها‪ ،‬وكالبرة‬
‫تكسو غيرها وهي عريانة‪.‬‬
‫وصفت التقى حتى‬
‫وريح الخطايا في‬ ‫كأني ذو تقى‬
‫ثايابي تعبق‬
‫ما جميل ً في صيد‬
‫ولقد تأملت كل ً‬
‫الخاطر لبن الجوزي يقول فيه‪ :‬لقد تاب‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪86‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي‬
‫ألف‪ ،‬وأسلم على يدي أكثر من مائتي‬
‫نفس‪ ،‬وكم سالت عين متجبره لم تكن‬
‫تسيل‪ ،‬ويحق لمن تلمح هذا النعام أن‬
‫يرجوا التمام‪ ،‬وربما لحت أسباب الخوف‬
‫إلى تقصيري وزللي‪ ،‬يقول‪ :‬ولقد جلست‬
‫ما فرأيت حولي أكثر من عشرة آلف‬ ‫يو ً‬
‫وما منهم إل قد رق قلبه أو دمعت عينه‬
‫فقلت لنفسي‪ :‬كيف بك إن نجوا وهلكت؟‬
‫فصحت بلسان وجدي‪ :‬إلهي وسيدي إن‬
‫قضيت علي بالعذاب غدًا فل تعلمهم بعذابي‬
‫صيانة لكلمك ل لجلي‪ ،‬لن ل يقولوا عذ َب‬
‫من دل عليه‪ ،‬إلهي قد قيل لنبيك محمد ‪:‬‬
‫أقتل أُبي المنافق‪ .‬فقال‪ :‬ل يتحدث الناس‬
‫أن محمدًا يقتل أصحابه‪ ،‬إلهي فاحفظ‬
‫في بكرمك أن تعلمهم‬
‫َ‬ ‫حسن عقائدهم‬
‫بعذاب الدليل عليك‪ .‬حاشاك والله يا ربي‬
‫من تكديره الصافي – إلى أن قال‪ :‬إلهي أنت‬
‫أكرم الكرمين وأرحم الراحمين فل تخيب‬
‫من علق أمله ورجاءه بك وانتسب إليك‬
‫ودعا عبادك إلى بابك وإن كان متطفل ً‬
‫على كرمك ولم يكن أهل ً للسمسرة بينك‬
‫‪87‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫وبين عبادك ولكنه طمعًا في سعة جودك‬


‫وكرمك فأنت أهل الجود والكرم فربما‬
‫استحي الكريم من رد من تطفل علي‬
‫سماط كرمه انتهى كلمه رحمه الله )‪.(1‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫صالح بن راشد بن محمد الهويمل‬
‫غفر له ولوالديه ولجميع المسلمين ‪...‬‬
‫آمين‬

‫****‬

‫‪1‬‬
‫)( الدويش‪ ،‬إبراهيم بن عبد الله‪ ،‬روائع السحار‬
‫)شريط تسجيل(‪.‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪88‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫المراجََع‬

‫‪ -1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر‪ .‬تفسير‬
‫القرآن العظيم‪ ،‬ج ‪ ،3‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪،‬‬
‫‪1411‬هه‪.‬‬
‫‪ -3‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي‬
‫بكر‪ .‬الجواب الكافي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪1407 ،‬هه‪.‬‬
‫‪ -4‬الباشا‪ ،‬عبد الرحمن بن رأفت‪ .‬صور‬
‫من حياة الصحابة‪ ،‬ط ‪ ،5‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫النفائس ‪1398‬هه‪.‬‬
‫‪ -5‬الحافظ ابن أبي الدنيا‪ .‬مجابو‬
‫الدعوة؛ه تحقيق عبد القادر عطاء بيروت‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪1406 ،‬هه‪.‬‬
‫‪ -6‬الحافظ أبي الدنيا‪ .‬مجابو الدعوة؛ه‬
‫تحقيق مجدي إبراهيم‪.‬‬
‫‪ -7‬الخضيري‪ ،‬عبد الله‪ .‬الدعاء‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫دار الوطن‪1413 ،‬هه‪.‬‬
‫‪ -8‬الدويش‪ ،‬إبراهيم بن عبده الله‪ .‬روائع‬
‫‪89‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫السحار )شريط تسجيل(‪ ،‬الرياض‪،‬‬


‫تسجيلت الطلئع السلمية‪1418 ،‬هه‪.‬‬
‫‪ -9‬الدويش إبراهيم بن عبده الله‪ .‬يا‬
‫سامعًا لكل شكوى )شريط تسجيل(‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬تسجيلته التقوى‪1418 ،‬هه‪.‬‬

‫‪ -10‬السعدي‪ ،‬حسين بن عبده الله‪.‬‬


‫معذرة المؤمنين إلى رب العالمين في‬
‫الدعاء والذكار‪ ،‬جدة‪ ،‬عالم المعرفة‪،‬‬
‫‪1418‬هه‪.‬‬
‫‪ -11‬السلمان‪ ،‬عبد العزيز بن محمد‪.‬ه‬
‫سلح اليقظان لطرد الشيطان‪ ،‬ط ‪،13‬‬
‫الرياض‪ ،‬مطابع المدينة‪1418 ،‬هه‪.‬‬
‫‪ -12‬الشنقيطي‪ ،‬محمد المختار‪.‬‬
‫العتصام بالله )شريط تسجيل(‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫تسجيلت التقوى‪1409 ،‬هه؟‬
‫‪ -13‬الشنقيطي‪ ،‬محمد المختار‪ .‬رحمة‬
‫الضعفاء )شريط التسجيل(‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫تسجيلت التقوى‪1417 ،‬هه‪.‬‬
‫‪ -14‬الشويعر‪ ،‬محمد بن سعد‪ .‬مكانة‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪90‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫الدعاء‪ ،‬جريدةه الجزيرة‪ ،‬ع ‪) ،9269‬الجمعة‬
‫‪ 16‬شوال ‪1418‬هه(‪.‬‬
‫‪ -15‬عبد المحسن‪ ،‬عبده المحسن بن عبد‬
‫الرحمن‪ .‬غرقى فمن ينقذهم‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار‬
‫القاسم‪1417 ،‬هه‪.‬‬
‫‪ -16‬القرني‪ ،‬علي‪ .‬عقوق الوالدين‬
‫)شريط تسجيل(‪ ،‬جدة‪ ،‬تسجيلت النصار‪،‬‬
‫‪1409‬هه؟‬

‫****‬
‫‪91‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫الفهَََرسَ‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‪5...............‬‬
‫)‪8.......................................... (1‬‬
‫قصة نبي الله أيوب عليهه السلم‪8......‬‬
‫)‪11........................................ (2‬‬
‫قصة يونس عليهه السلم‪11..............‬‬
‫)‪14........................................ (3‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬لم أبي هريرة‪14......‬‬
‫)‪16........................................ (4‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬لعروة بن أبي الجعد‬
‫الباقري ‪16...................................‬‬
‫رضي الله عنه‪16..........................‬‬
‫)‪16........................................ (5‬‬
‫دعاء النبي ‪ ‬لنس بن مالك‪16........‬‬
‫رضي الله عنه‪16..........................‬‬
‫)‪17........................................ (6‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬لعبد الله بن عباس ‪17‬‬
‫)‪17........................................ (7‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬للنابغة الجعدي‪17.....‬‬
‫رضي الله عنه‪17..........................‬‬
‫)‪17........................................ (8‬‬
‫دعاء عمير بن سعد رضي الله عنه ‪18.‬‬
‫)‪20........................................ (9‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪92‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬على بعض أعدائه‪21. .‬‬
‫)‪21...................................... (10‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬على سراقة بن مالك ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫رضي الله عنه‪21..........................‬‬
‫)‪22...................................... (11‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬يوم بدر‪22..............‬‬
‫)‪24...................................... (12‬‬
‫دعاء الرسول ‪ ‬يوم الحزاب‪24........‬‬
‫)‪25...................................... (13‬‬
‫دعاء النبي ‪ ‬على عتبة بين أبي لهب‪. .‬‬
‫‪25‬‬
‫)‪26...................................... (14‬‬
‫دعاء الله بصالح العمال‪26..............‬‬
‫)‪28...................................... (15‬‬
‫دعاء عمر رضي الله عنه على نفسه‪...‬‬
‫‪28‬‬
‫)‪29...................................... (16‬‬
‫النعمان يقسم على ربه‪29...............‬‬
‫)‪29...................................... (17‬‬
‫دعاء المكروب ‪29..........................‬‬
‫)‪32...................................... (18‬‬
‫دعاء سعد بن أبي وقاص‪32..............‬‬
‫‪93‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫رضي الله عنه‪32..........................‬‬


‫)‪34...................................... (19‬‬
‫فضل دعاء العمى‪34.....................‬‬
‫)‪35...................................... (20‬‬
‫دعاء عمرو السرايا‪35.....................‬‬
‫)‪36...................................... (21‬‬
‫صفوان بن محرز يدعو في جوف الليل‬
‫‪36‬‬
‫)‪37...................................... (22‬‬
‫دعاء بسر بن سعيد على الواشي‪37. . .‬‬
‫)‪39...................................... (23‬‬
‫دعاء مريض شافاه الله‪39...............‬‬
‫)‪39...................................... (24‬‬
‫فضل دعاء المجاهد في سبيل الله‪39..‬‬
‫)‪40...................................... (25‬‬
‫دعاء النجاة من القتل‪40.................‬‬
‫)‪41...................................... (26‬‬
‫خروج الحصاة من الذن‪41...............‬‬
‫)‪41...................................... (27‬‬
‫دعاء عاصم بن أبي إسحاق‪41...........‬‬
‫)شيخ القراء في زمانه(‪41...............‬‬
‫)‪43...................................... (28‬‬
‫دعاء أصبغ بن زيد‪43......................‬‬
‫فاستجاب لهم‬ ‫‪94‬‬
‫ربهم ‪..‬‬
‫)‪43...................................... (29‬‬
‫دعاء شقيق البلخي‪43....................‬‬
‫)‪44...................................... (30‬‬
‫دعاء سعيد بن جبير على الديك‪44......‬‬
‫)‪45...................................... (31‬‬
‫دعاء من وشي به عند الحجاج‪45.......‬‬
‫)‪46...................................... (32‬‬
‫دعوة الوالد لولده‪46......................‬‬
‫)‪48...................................... (33‬‬
‫الدعاء وطلب الوظيفة‪48................‬‬
‫)‪50...................................... (34‬‬
‫دعوة شاب صالح لوالده‪50..............‬‬
‫)‪51...................................... (35‬‬
‫الدعاء بطلب الذرية‪51...................‬‬
‫)‪53...................................... (36‬‬
‫الدعاء على الولد وللولد‪53..............‬‬
‫أحوال الناس في الدعاء‪55..............‬‬
‫شروط الدعاء‪59...........................‬‬
‫بعض آداب الدعاء‪62......................‬‬
‫الوقات الشرعية للدعاء‪74..............‬‬
‫توجيهات قبل الدعاء‪79...................‬‬
‫الخاتمههة ‪85.................................‬‬
‫المراجههع ‪88.................................‬‬
‫‪95‬‬ ‫فاستجاب لهم ربهم ‪..‬‬

‫الفههههرس ‪91...............................‬‬

‫****‬

You might also like