You are on page 1of 22

‫خطب الجمعة للشيخ محمد حسان مكتوبة ‪ -‬خطب اليوم الجديدة خطب الجمعة‬

‫للشيخ محمد حسان مكتوبة ‪ -‬خطب اليوم الجديدة خطب الجمعة للشيخ محمد حسان‬

‫اوال خطبه طريق الهدايه من الخطب المكتوبه للشيخ‬

‫‪.‬بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫طريق الهداية‬
‫إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن‬
‫‪.‬سيئات أعمالنا ‪ ،‬إنه من يهده الله فال مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‬
‫‪ .‬وأشهد أن ال إله إال الله وحده ال شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‬

‫آمنُوا ْ اتَّقُوا ْ الل َّه َح َّق ُتقَا ِت ِه َوال َ تَ ُموتُنَّ ِإ ال َّ َوَأنتُم ُّم ْسلِ ُم َ‬
‫ون{‬ ‫} يَا َأي ُّ َها ال َّ ِذ َ‬
‫ين َ‬
‫آل عمران‪102‬‬

‫ث{‬ ‫َّاس اتَّقُوا ْ َربَّك ُُم ال َّ ِذي َخلَقَك ُم ِّمن نَّفْ ٍس َو ِ‬


‫اح َد ٍة َو َخل ََق ِمن ْ َها َز ْو َج َها َوبَ َّ‬ ‫َأ‬
‫يَا يُّ َها الن ُ‬
‫َأل‬
‫ُون بِه َوا ْر َحا َم ِإ نَّ الل َّه ك َ‬
‫َان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫من ْ ُه َما ِر َجاال ً كَثيرا َون َساء َواتَّقُوا الل َّه الذي تَ َساءل َ‬‫ِ‬
‫عل َيْك ُْم َر ِقيبا ً } النساء‪1‬‬ ‫َ‬

‫آمنُوا اتَّقُوا الل َّ َه َوقُول ُوا ق َْوال ً َس ِديدا ً {‪ } 70‬ي ُ ْص ِل ْح لَك ُْم َأ ْ‬
‫ع َمالَك ُْم{‬ ‫ين َ‬ ‫َأيُّ َها ال َّ ِذ َ‬ ‫يَا‬
‫ع ِظيما ً } [األحزاب‪] 71،70‬‬ ‫ُذنُوبَك ُْم َو َمن ي ُ ِط ْع الل َّ َه َو َر ُسول َُه َفقَ ْد فَا َز ف َْوزا ً َ‬ ‫‪َ .‬وي َ ْغ ِف ْر لَك ُْم‬

‫‪ :‬أما بعد‬

‫فإن أصدق الحديث كتاب الله ‪ ،‬وخير الهدي هدي نبينا محمد‬
‫وشر األمور ‪،‬‬
‫‪ .‬محدثاتها ‪ ،‬وكل محدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضاللة ‪ ،‬وكل ضاللة في النار(‪)1‬‬

‫‪ ..‬ثم أما بعد‬

‫فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة التي طال والله شوقنا إليها ‪ ،‬وزكى‬
‫الله هذه األنفس الكريمة التي انصهرنا معها في بوتقة الحب في الله ‪ ،‬وشرح‬
‫‪ .‬الله هذه الصدور العامرة‪ ،‬التي جمعنا بها اإليمان بالله‬

‫‪ ،‬طبتم وطاب ممشاكم – أيها اإلخوة واألخوات ‪ -‬وتبوأتم جميعا ً من الجنة منزال‬
‫‪ ،‬وأسأل الله – جل وعال – الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته‬
‫في جنته ودار مقامته ‪ ،‬إنه ‪ r‬أن يجمعنا في اآلخرة مع سيد الدعاة المصطفي‬
‫‪ ..‬ولي ذلك والقادر عليه‬

‫‪ :‬أحبتي في الله ‪ ..‬طريق الهداية‬

‫هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم ‪ ،‬في هذا اليوم‬


‫<‬
‫‪ ،‬الكريم المبارك‬
‫وكعادتي حتى ال ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامنا ‪ ،‬فسوف ينتظم حديثي مع‬
‫‪ :‬حضراتكم في هذا الموضوع األهم في العناصر المحددة التالية‬

‫‪ .‬أوال ً ‪ :‬أقسام الهداية‬

‫‪ .‬ثانيا ‪ :‬أسباب الهداية‬

‫‪ .‬ثالثا ً ‪ :‬عالمات الهداية‬

‫‪ .‬وأخيرا ‪ :‬عقبات في طريق الهداية‬


‫فأعرني قلبك ‪ ،‬وسمعك أيها الحبيب اللبيب ‪ ،‬والله أسأل أن يهدينا جميعا إلى‬
‫‪ .‬صراطه المستقيم ‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‬

‫‪ :‬أوال ‪ :‬أقسام الهداية‬

‫أيها األحبة ‪ :‬إن أعظم وأشرف وأجل نعمة يمتن الله – جل وعال ‪ =-‬بها على‬
‫– عباده نعمة الهداية نعمة الهداية لإليمان والتوحيد ‪ ،‬بل لقد افترض الله‬
‫جل وعال – على عباده أن يتضرعوا إليه بطلب الهداية في كل ركعة من ركعات‬
‫الصالة سواء كانت الصالة فريضة أم نافلة ‪ ،‬فما من ركعة وإال تتضرع فيها إلى‬
‫المستَ ِق َ‬
‫يم‬ ‫اط ُ‬ ‫الله أن يهديك إلى الصراط المستقيم بقولك ‪{:‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َر َ‬
‫‪].‬الفاتحة‪}[6/‬‬

‫فما هي الهداية وما أقسام الهداية ؟‬

‫الهداية في اللغة ‪ :‬هي الداللة أو الداللة بالكسر والفتح للدال واللغتان‬


‫صحيحتان‪ ،‬الهداية هي الداللة والتعريف واإلرشاد والبيان وهي تنقسم إلى‬
‫‪ :‬أربعة أقسام‬

‫‪ :‬القسم األول ‪ :‬الهداية العامة‬

‫‪ :‬وهي مأخوذة من قول ربي حين سأل فرعون موسى وهارون عن ربهما قال فرعون‬
‫وسى{‬ ‫َال ف ََمن َّربُّك َُما يَا ُم َ‬ ‫ع َطى ]طه‪ } [49/‬ق َ‬ ‫َال َربُّنَا ال َّ ِذي َأ ْ‬
‫فأجابه موسى بقوله ‪{ :‬ق َ‬
‫ع َطى ك َُّل‬‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ب‬
‫َ ُّ َ‬‫ر‬ ‫{‬ ‫العامة‬ ‫الهداية‬ ‫هي‬ ‫هذه‬ ‫]‬ ‫‪50‬‬ ‫‪/‬‬ ‫طه‬ ‫[‬ ‫}‬ ‫ك َُّل َش ْي ٍء َخل ْ َق ُه ثُمَّ َه َدى‬
‫‪}.‬ش ْي ٍء َخلْقَ ُه ثُمَّ َه َدى‬ ‫َ‬

‫أي ‪ :‬ربنا الذي خلق كل شيء على صورته ‪ ،‬وشكله الالئق به ‪ ،‬الذي يؤهله‬
‫‪ .‬ويعينه على أداء المنفعة والمصلحة والمهمة التي خلق من أجلها‬

‫فالعين مثال خلقها الله بهذه الصورة البديعة والشكل الجميل ‪ ،‬وهيأها‬
‫لإلبصار ‪ ،‬فخلقها في علبة عظيمة قوية حتى ال تتلف ‪ ،‬وأحاطها بالرموش لتدفع‬
‫الرموش عن العين ضوء ‪ ،‬وأحاطها بأهداب لتمنع األهداب العرق من أن يتساقط‬
‫‪ .‬إلى داخل العين ‪ ،‬ثم أمدها بماء مالح لتحفظ العين من األتربة والميكروبات‬

‫واألذن مثال خلقها الله – عز وجل – بهذا الشكل البديع الجميل في هذا‬
‫التجويف العظمي الداخلي في الرأس ‪ ،‬ثم أحاطها من الخارج بهذا الصوان‬
‫الخارجي الجميل ‪ ،‬وهيأها للسمع حتى في النوم ‪ ،‬وأمدها بماء مر حتى ال تتسرب‬
‫‪ .‬الحشرات إليها وأنت نائم‬

‫والفم مثال ‪ ،‬خلقه الله بهذا الشكل البديع الذي يؤهله للطعام والكالم‬
‫فالشفتان تنفرجان للطعام ‪ ،‬دون أمر منك لهما باالنفراج والقواطع تقطع‬
‫واألنياب تمزق‪ ،‬والضروس تطحن‪ ،‬واللعاب يسهل ‪ ،‬واللسان يتحرك هنا وهنالك‬
‫‪.‬لتيسير المضغ وكذلك للكالم‬

‫كل هذا خلق من ؟ كل هذا صنع من ؟ كل هذا هدى من ؟‬

‫لله في اآلفاق آيات‬


‫ولعل ما في النفس من آياته‬
‫مشحون بأسرار‬
‫ٌ‬ ‫الكون‬
‫قل للطبيب تخطفته يد الردى‬
‫قل للمريض نجا وعوفي بعد ما‬
‫قل للصحيح مات ال من علة‬
‫بل سائل األعمى خطا وسط الزحام‬
‫بل سائل البصير كان يحذر ُحفرة‬
‫وسل الجنين يعيش معزوال بال‬
‫وإذ ترى الثعبان ينفث سمه فسله‬
‫واسأله كيف تعيش يا ثعبان‬
‫واسأل بطون النحل كيف تقاطرت‬
‫بل سائل اللبن المصفى من ببين فرث‬
‫وإذا رأيت النخل مشقوق النوى‬
‫وإذا رأيت البدر يسرى ناشرا‬
‫وإذا رأيت النار شب لهيبها‬
‫وإذ ترى الجبل األشم مناطحا‬
‫لله في اآلفاق آيات‬
‫ولعل ما في النفس من آياته‬

‫لعل أقلها هو ما إليه هداك‬


‫عجب عجاب لو ترى عيناك‬
‫إذا حاولت تفسيرا لها أعياك‬
‫يا مداوى األمراض من أرداك‬
‫ون الطب من عافاك‬ ‫عجزت فن ُ ُ‬
‫صحيح بالمنايا دهاك‬
‫ُ‬ ‫من يا‬
‫بال اصطدام من يا أعمى يقود خطاك‬
‫فهوى بها من ذا الذي أهواك‬
‫راع ومرعى من ذا الذي يرعاك‬ ‫ٍ‬
‫من يا ثعبان بالسموم حشاك‬
‫أو تحيا وهذا السم يمأل فاك‬
‫شهدا وقل للشهد من حالك‬
‫ودم من ذا الذي صفاك‬
‫فاسأله من يا نخل شق نواك‬
‫أنواره فاسأله من أسراك‬
‫فاسأل لهيب النار من أوراك‬
‫قمم السحاب فسله من أرساك‬
‫لعل أقلها هو ما إليه هداك‬
‫عجب عجاب لو ترى عيناك‬

‫!!أإله مع الله ؟‬

‫قال ابن القيم ‪ :‬من تأمل بعض هداياته في خلقه لعلم أنه اإلله الواحد الحق‬
‫الذي يستحق أن يوحد ويستحق أن يعبد بال منازع أو شريك { َربُّنَا ال َّ ِذي َأ ْ‬
‫ع َطى ك َُّل‬
‫َش ْي ٍء َخلْقَ ُه ثُمَّ َه َدى }[طه‪ ]50/‬أي ‪ :‬ثم هداه إلى ما يصلحه ‪ ،‬ويؤهله للقيام‬
‫بالوظيفة التي خلق من أجلها ووجد من أجلها ‪ ،‬هذه هي الهداية العامة لو‬
‫‪ .‬تدبرت كل شيء في الكون لوصلت إليها‬

‫في (( روح المعاني )) إضافة جديدة جميلة لآلية‬ ‫بل لقد أضاف العالمة األلوسي‬
‫َخل ْ َق ُه ثُمَّ َه َدى }[طه‪ ]50/‬قال ربنا الذي خلق كل‬ ‫فقال ‪َ { :‬ربُّنَا ال َّ ِذي َأ ْ‬
‫ع َطى ك َُّل َش ْي ٍء‬
‫وشكله الالئق به وجعل هذا الشيء دليال ً على وجوده‬ ‫‪ .‬شيء على صورته‬

‫ففي كل شيء له آية‬


‫سل الواحة الخضراء والماء جاريا‬
‫ولو ُجن هذا الليل وامتد سرمدا‬

‫تدل على أنه الواحد‬


‫سل الليل واإلصباح والطير شاديا‬
‫فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا‬

‫ال أريد أن أطيل النفس مع كل عنصر وإال فورب الكعبة إن كل عنصر من عناصر‬
‫‪ .‬اللقاء يحتاج إلى لقاء‬
‫‪ :‬الهداية العامة‬

‫‪ :‬ثانيا ‪ :‬من أقسام الهداية ‪ :‬هداية الداللة والبيان والتعريف واإلرشاد‬

‫ومعناها ‪ :‬أن الله – جل وعال – خلق اإلنسان وأرشده ودله وهداه وعرفه طريق‬
‫‪ .‬الخير والشر‬

‫‪.‬تدبر كل لفظة خلق الله اإلنسان ودله وأرشده وبين له وعرفه طريقي الخير والشر‬

‫اه الن َّْج َدي ْ ِن }[البلد‪ ]10/‬أي ‪ :‬الطريقين ‪ :‬طريق الخير‬


‫قال تعالى ‪َ { :‬و َه َديْن َ ُ‬
‫‪ .‬وطريق الشر‬

‫ِيل ِإ َّما َشا ِكرا ً َوِإ َّما كَفُورا ً }[اإلنسان‪]3/‬‬


‫السب َ‬
‫اه َّ‬
‫قال تعالى ‪ِ{ :‬إ ن َّا َه َديْن َ ُ‬

‫اها{‪ } 8‬ق َْد َأ ْفل ََح َمن‬


‫ور َها َوتَقْ َو َ‬ ‫اها{‪َ }7‬فَأل َْه َم َها ف ُ‬
‫ُج َ‬ ‫قال تعالى ‪َ { :‬ونَفْ ٍس َو َما َس َّو َ‬
‫اها} [ الشمس‪]10-7/‬‬ ‫س‬
‫َ َّ َ‬‫د‬ ‫ن‬ ‫اب َم‬‫اها{‪َ }9‬وق َْد َخ َ‬ ‫َزك َّ َ‬

‫ومع ذلك من رحمة الله بنا أن الله لم يعذب خلقه بعد هذه الهداية أي ‪ :‬بعد‬
‫هداية الداللة‪ ،‬بل أرسل الله إلى الخلق الرسل واألنبياء ‪ ،‬وأنزل الله عليهم‬
‫الكتب ‪ ،‬ليأخذ الرسل واألنبياء بيد البشر من ظالم الشرك والوثنية إلى أنوار‬
‫التوحيد واإليمان برب البرية ‪ ،‬ليدل الرسل واألنبياء البشر على الحق تبارك‬
‫ث َر ُسوال ً }[اإلسراء‪]15/‬‬ ‫‪ .‬وتعالى وقال – جل وتعالى ‪َ { :‬و َما كُن َّا ُم َع ِّذب َ‬
‫ِين َحتَّى نَبْ َع َ‬

‫ج ٌة بَ ْع َد‬ ‫ُون لِلن َِّاس َ‬


‫عل َى الل ِّه ُح َّ‬ ‫ين لَِئال َّ يَك َ‬ ‫ين َو ُم ِ‬
‫نذ ِر َ‬ ‫وقال سبحانه‪ُّ { :‬ر ُسال ً ُّمبَ ِّش ِر َ‬
‫‪ .‬ال ُّر ُس ِل}[ النساء‪]165/‬‬

‫اعبُ ُدوا ْ الل َّه َما لَك ُم ِّم ْن ِإ ل َـهٍ‬


‫يَا ق َْو ِم ْ‬ ‫َال‬‫اه ْم َصالِحا ً ق َ‬‫ود َأ َخ ُ‬
‫وقال تعالى‪َ { :‬وِإ ل َى ث َُم َ‬
‫اعبُ ُدوا ْ الل َّه‬
‫َال يَا ق َْو ِم ْ‬‫اه ْم ُهودا ً ق َ‬ ‫َأ َخ ُ‬ ‫عا ٍد‬‫َ‬ ‫َى‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ ِإ‬ ‫{‬ ‫‪:‬‬ ‫غَيْ ُر ُه} [هود‪ ، ]61/‬قال تعالى‬
‫َما لَك ُم ِّم ْن ِإ ل َـهٍ غَيْ ُر ُه} [هود‪]50/‬‬ ‫‪.‬‬

‫اعبُ ُدوا ْ الل َّه َما لَك ُم ِّم ْن ِإ ل َـهٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ { :‬وِإ ل َى َم ْدي َ َن َأ َخ ُ‬
‫اه ْم ُش َعيْبا ً ق َ‬
‫َال يَا ق َْو ِم ْ‬
‫‪ .‬غَيْ ُر ُه} [ هود‪]84/‬‬

‫‪ .‬وبالجملة ‪ :‬قال تعالى ‪َِ{ :‬إ ن ِّم ْن ُأ َّمةٍ ِإ لَّا خل َا ِف َ‬


‫يها ن َ ِذ ٌ‬
‫ير }[فاطر‪]24/‬‬

‫فالله – جل وعال – ال يعذب عباده إال بعد أن يقيم الحجة عليهم ببعثه‬
‫األنبياء والمرسلين‪ ،‬ومع ذلك من رحمة الله بخلقه أن أبقى في كل أمة بعد‬
‫رسولها ورثة لهذا النبي ‪ ،‬وهذا الرسول ‪ ،‬إنهم ورثة األنبياء ‪ ،‬إنهم الدعاة‬
‫المصلحون ‪ ،‬إنهم المخلصون المنصفون ‪ ،‬اآلمرون بالمعروف بمعروف ‪ ،‬والناهون‬
‫عن المنكر بغير منكر ‪ ،‬إنهم الشموع التي تحترق ‪ ،‬لتضيء لألمة طريق ربها‬
‫ونبيها ‪ ،‬إنهم العلماء الربانيون ‪ ،‬والدعاة الصادقون ‪ ،‬فهؤالء أيضا بعد‬
‫‪ ،‬الرسل يدلون الخلق على الحق ‪ ،‬ويأخذون بأيدي البشر إلى طريق رب البشر‬
‫‪ r .‬والسير على طريق سيد البشر‬

‫كما في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود ‪ (( :‬ما من نبي بعثه ‪ r‬قال رسول الله‬
‫الله في أمة قبلي إال وكان له من أمته حواريون وأصحاب )) ‪ ..‬اللهم اجعلنا‬
‫إال وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته(( ‪ r‬من حواري رسول الله‬
‫ويقتدون بأمره‪ ،‬ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما ال يفعلون ‪ ،‬ويفعلون‬
‫‪ ،‬ما ال يؤمرون ‪ ،‬فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ‪ ،‬ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن‬
‫‪ .‬ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ‪ ،‬وليس وراء ذلك من اإليمان حبة خردل ))(‪)1‬‬

‫إذا هداية الداللة يؤديها العلماء بعد الرسل واألنبياء ‪ ،‬ألنهم ورثة الرسل‬
‫ير ٍة َأنَا ْ‬
‫عل َى بَ ِص َ‬ ‫واألنبياء قال تعالى لنبينا ‪{ :‬ق ُْل َه ِـذ ِه َسبِيلِي َأ ْد ُ‬
‫عو ِإ ل َى الل ِّه َ‬
‫‪َ .‬و َم ِن اتَّبَ َع ِني} [يوسف‪]108/‬‬

‫حقا حتى يدعو إلى ما دعا ‪ r‬قال ابن القيم ‪ :‬وال يكون الرجل من أتباع النبي‬
‫‪ .‬على بصيرة ‪ r‬إليه النبي‬

‫‪ .‬هذه هي هداية الداللة‬


‫ثالثا ‪ :‬هداية التوفيق ‪ :‬وهذه ال يملكها َمل َّك مقرب ‪ ،‬وال نبي مرسل ‪ ،‬ولو كان‬
‫ال يملك هداية التوفيق إال الله ‪ ،‬نعم ! ال يملك هداية التوفيق ‪ r،‬المصطفى‬
‫إال الله ‪ ،‬ما عليك فقط إال أن تبحث عن هداية الداللة ‪ ،‬عن األسباب ‪ ،‬وأن‬
‫‪ .‬تجاهد ‪ ،‬وأن تسأل ربك الهدى ليرزقك هداية التوفيق‬

‫ما هي هداية التوفيق ؟‬

‫أن يوفقك الله – جل وعال – لتوحيده واإليمان به والسير على صراطه المستقيم‬
‫‪ ،‬ليست بيدك وال بيدي ‪ ،‬ليتعلم العلماء والدعاة األدب مع الله فوظيفتي ‪،‬‬
‫‪ .‬ووظيفتك اإلنذار والبالغ ‪ ،‬أما القلوب ‪ ،‬فإنها بيد عالم الغيوب‬

‫ما عليك إال أن تبذر بذرا ً صحيحا ً على القرآن والسنة ‪ ،‬وأن تدع النتائج بعد‬
‫ذلك إلى الله ‪ ،‬فليس من شأننا أن نقاضي العباد وإنما هذا شأن الله – سبحانه‬
‫‪ .‬وتعالى – الذي يحاسب الخلق على كل صغيرة وكبيرة‬

‫عمه أبا طالب الذي تفطر ‪ r‬لهدى النبي ‪ r‬ولو كانت هداية التوفيق بيد المصطفى‬
‫من أجل هدايته ‪ ،‬ألن أبا طالب كان يشكل حائط صد منيع ‪ ،‬طالما ‪ r‬قلب النبي‬
‫بكل ما يملك ‪ ،‬ومع ‪ r‬تحطمت عليه سيوف ورماح أهل الشرك في مكة أحاط النبي‬
‫ذلك‪ ،‬فلم يستطع النبي هدايته أبدا ‪ ،‬هو بذل له هداية الداللة ‪ ،‬وهي المرادة‬
‫يم }[الشورى‪]52/‬‬ ‫اط ُّم ْستَ ِق ٍ‬
‫‪ .‬في قوله تعالى‪َ { :‬وِإ ن ََّك لَتَ ْه ِدي ِإ ل َى ِص َر ٍ‬

‫أما هداية التوفيق قال الله فيها لنبيه ‪ِ{:‬إ ن ََّك ل َا تَ ْه ِدي َم ْن َأ ْحبَبْ َ‬
‫ت َول َ ِك َّن الل َّ َه‬
‫اء}[ القصص‪]56/‬‬ ‫‪ ....................‬ي َ ْه ِدي َمن يَ َش ُ‬

‫خطبه حق الله للشيخ‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫حق الله‬

‫إن الحمد لله ‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادى له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ال إله إال الله وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده‪ ،‬ورسوله وصفيه من‬
‫‪،‬خلقه وخليله‪ ،‬أدى األمانة وبلغ الرسالة ونصح لألمة فكشف الله به الغمة‬
‫وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين‪ ،‬فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا‬
‫عن أمته ورسوال عن دعوته ورسالته‪ ،‬وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله‬
‫‪.‬وصحبه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من استن بسنته‪ ،‬واقتفى أثره إلى يوم الدين‬

‫‪ ..‬أما بعد‬

‫وأيتها األخوات الفاضالت‪ ،‬وطبتم‬ ‫فحياكم الله جميعا ً أيها األخوة األخيار‬
‫منزال ً‪ ،‬وأسأل الله العظيم الحليم‬ ‫جميعا ً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة‬
‫المبارك الطيب على طاعته‪ ،‬أن‬ ‫الكريم وجل وعال الذى جمعنا فى هذا البيت‬
‫جنته ودار كرامته‪ ،‬إنه ولى ذلك‬ ‫يجمعنا فى اآلخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى‬
‫‪.‬والقادر عليه‬

‫‪:‬أحبتى فى الله‬

‫وقعت فى هذا االنفصام النكد ‪ r‬يوم أن أنحرفت األمة عن كتاب ربها وسنة نبيها‬
‫بين منهجها المنير وواقعها المؤلم المرير‪ ،‬فلقد شوه المسلمون اإلسالم بقدر‬
‫بقدر ما ضيعوا من سنته ‪ r‬ما ضيعوا من تعاليمه وحقوقه‪ ،‬وابتعدوا عن المصطفى‬
‫وأخالقه‪ ،‬والداعية الصادق األمين‪ -‬أسأل الله أن نكون منهم بمنه وكرمه‪ -‬هو‬
‫الذى ال يغيب عن أمته وال تغيب عنه أمته بآالمها وآمالها‪ .‬ولو قلبت صفحات‬
‫التاريخ كلها لن نجد فيها زمانا ً قد ضاعت فيه حقوق اإلسالم كهذا الزمان وهذه‬
‫األيام‪ ،‬وال حول وال قوة إال بالله العلى العظيم‪ ،‬فأحببت أن أذكر أمتى‬
‫لعلها أن تسمع من جديد عن الله عز وجل‪ ،‬ولعلها أن تسمع من جديد عن رسول‬
‫ولعلها أن تحول هذا المنهج المنير فى حياتها إلى منهج حياة وتردد ‪ r ،‬الله‬
‫مع الصادقين السابقين األولين قولتهم الخالدة ‪َ { :‬س ِم ْعنَا َوَأ َط ْعنَا ُ‬
‫غفْ َران َ َك َربَّنَا‬
‫ير} (‪ )285‬سورة البقرة‬ ‫‪َ .‬وِإ ل َيْ َك ال َْم ِص ُ‬
‫فتعالوا بنا أيها األحبة الكرام لنتعرف على حق الله جل وعال‪ ،‬وها هو نبينا‬
‫يبين لنا هذا الحق الكبير فى حديثه الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم من ‪r‬‬
‫يوما ً على حمار‪ -‬أى ‪ r‬حديث معاذ بن جبل‪ -‬رضى الله عنه‪ -‬قال‪ :‬كنت رديف النبى‬
‫"‪:‬لمعاذ ‪ r‬كان معاذ بن جبل يركب خلف النبى على ظهر حمار واحد‪ -‬فقال النبى‬
‫‪:‬يا معاذ أتدرى ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟" قال معاذ‬
‫حق الله على العباد أن يعبدوه وال "‪ r :‬الله ورسوله أعلم‪ ،‬فقال المصطفى‬
‫يشركوا به شيئا ً‪ ،‬حق العباد على الله أال يعذب من ال يشرك به شيئا ً" فقال‬
‫ال تبشرهم ‪ r :‬معاذ‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله أفال أبشر الناس بذلك؟ فقال المصطفى‬
‫‪ .‬فيتكلوا" ([‪)]1‬‬

‫وفى رواية‪ :‬فأخبر به معاذ بن جبل عند موته تأثما([‪ )]2‬أى خوفا ً من وقوعه فى‬
‫فحق الله على العباد أن يعبدوه وال ‪ r ،‬األثم‪ ،‬لكتمانه العلم عن النبى‬
‫‪.‬يشركوا به شيئا ً‬

‫ولكن أيها األحبة الكرام قبل أن أبين لحضراتكم حق الله سبحانه وتعالى أطرح‬
‫هذا السؤال المهم‪ :‬هل نعرف الله؟ والجواب على هذا السؤال هو موضوع لقائنا‬
‫مع حضراتكم >‪ <http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%C7%E1%ED%E6%E3‬اليوم‬
‫بإذن الله جل وعال‪ ،‬وسينتظم حديثى عن هذا السؤال المهم فى‬
‫‪:‬العناصر المحددة التالية‬

‫أوال ً‪ :‬من الله؟‬

‫‪.‬ثانيا ً‪ :‬مع القرآن فى آفاق السماء‬

‫‪.‬ثالثا ً‪ :‬مع القرآن فى جنبات األرض‬

‫‪.‬رابعا ً‪ :‬مع القرآن فى مراحل خلق اإلنسان‬

‫‪.‬وأخيرا ً‪ :‬عتاب يخزي‬

‫فأعرنى قلبك وسمعك فإن هذا اللقاء من الموضوعات التى تجدد اإليمان فى‬
‫القلب‪ ،‬وتعرف المخلوق بخالقه جل وعال‪ ،‬فمحال أن أعرف بحق الله جل وعال قبل‬
‫أن نتعرف على الله جل وعال‪ ،‬ومن ثم فإننا بإذن الله سنتعرف على الله جل‬
‫جالله‪ ،‬وإن قدر لنا الله البقاء واللقاء فى الشهر القادم بإذن الله جل‬
‫‪.‬وعال‪ ،‬سنتعرف على حقه سبحانه وتعالى على خلقه وعباده‬

‫‪:‬أوال ً‪ :‬من الله؟‬

‫ش ِه َد‬
‫والجواب من القرآن والسنة‪ :‬فإن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ‪{َ :‬‬
‫الل ُّه َأن َُّه ال َ ِإ ل ََه ِإ ال َّ ُه َو َوال َْمالَِئك َ ُة َوُأ ْول ُوا ْ ال ِْعل ْ ِم قَآِئ َما ً بِال ْ ِق ْس ِط ال َ ِإ ل ََه ِإ ال َّ ُه َو‬
‫يم} (‪ )18‬سورة آل عمران‪ .‬فإن أول من شهد لله بأنه الله هو الله‬ ‫ال َْع ِزي ُز ال َْح ِك ُ‬
‫}ش ِه َد الل ُّه َأن َُّه ال َ ِإ ل ََه ِإ ال َّ ُه َو{‬ ‫َ‬ ‫الله‬ ‫رسول‬ ‫حبيبنا‬ ‫هو‬ ‫بالله‬ ‫الناس‬ ‫أعرف‬ ‫‪ r‬وإن‬
‫إذا ً فلن تسمع منى جوابا ً على هذا السؤال الجميل إال بآية من كتاب الله ‪،‬‬
‫الجليل‪ ،‬وإال بحديث من كالم‬
‫‪r .‬البشير النذير‬

‫جل وعال فيقول‪{ :‬الل ُّه ال َ ِإ ل ََه ِإ ال َّ ُه َو ال َْح ُّي الْقَيُّو ُم ال َ‬ ‫من الله؟ يرد ربنا‬
‫ات َو َما ِفي اَأل ْر ِض َمن ذَا ال َّ ِذي يَ ْش َف ُع ِعن ْ َد ُه‬ ‫او ِ‬‫الس َم َ‬‫ِفي َّ‬ ‫تَْأ ُخذ ُُه ِسن َ ٌة َوال َ ن َ ْو ٌم ل َّ ُه َما‬
‫ون ب َِش ْي ٍء ِّم ْن ِعل ِْم ِه ِإ ال َّ ب َِما‬ ‫يط‬ ‫ِ‬
‫يه ْم َ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ َ‬
‫ح‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫و‬ ‫َأي ْ ِد ِ‬ ‫ِإ ال َّ ِبِإ ْذ ِن ِه يَ ْعل َُم َما بَي ْ َن‬
‫يم} (‪)255‬‬ ‫ِ‬
‫ظ‬
‫َ ُ‬ ‫ْع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫َ ُّ‬ ‫ل‬‫ْع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ُ ُ َ َ َُ‬ ‫ه‬ ‫ظ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫َواَأل ْر َ َ َ ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ود‬ ‫ُؤ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ض‬ ‫ات‬ ‫او ِ‬ ‫َشاء َو ِس َع ك ُْر ِسي ُّ ُه َّ‬
‫الس َم َ‬
‫‪.‬سورة البقرة‬

‫يجيب ويقول سبحانه‪ُ { :‬ه َو الل َّ ُه ال َّ ِذي ل َا ِإ ل ََه ِإ لَّا ُه َو َ‬


‫عالِ ُم ال ْ َغيْ ِب‬ ‫من الله؟‬
‫َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫اد ِة‬
‫وس‬‫يم * ُه َو الل ُه ال ِذي ل َا ِإ ل ََه ِإ لا ُه َو ال َْملِ ُك الْقُ ُّد ُ‬ ‫الر ِح ُ‬
‫الر ْح َم ُن َّ‬‫ُه َو َّ‬ ‫الش َه َ‬
‫َو َّ‬
‫ُون } (‪22‬‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ي‬
‫َ َّ ُ ْ ِ َ‬‫ا‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ان‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ر‬‫َب‬
‫ُ َ ِّ ُ ُ ْ َ َ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ْم‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ال ُْم َهي ْ ِم ُن ال َْع ِزي ُز ال َ َّ ُ‬
‫ار‬ ‫ب‬ ‫ْج‬ ‫السل َا ُم ال ُْمْؤ ِم ُن‬
‫‪َّ ،‬‬
‫الل َّ ُه ال َْخا ِل ُق ال ْبَ ِارُئ ال ُْم َص ِّو ُر ل َُه )‪23‬‬ ‫سورة الحشر هو الله هو الله هو الله { ُه َو‬
‫يم} (‪)24‬‬ ‫َوالَْأ ْر ِض َو ُه َو ال َْع ِزي ُز ال َْح ِك ُ‬ ‫ات‬ ‫او ِ‬ ‫الَْأ ْس َماء ال ُْح ْسنَى ي ُ َسبِّ ُح ل َُه َما ِفي َّ‬
‫الس َم َ‬
‫‪.‬سورة الحشر‬

‫الص َم ُد‬
‫َّ‬ ‫َأ َح ٌد * الل َّ ُه‬ ‫* من الله؟ الله جل وعال يجيب ويقول سبحانه‪{ :‬ق ُْل ُه َو الل َّ ُه‬
‫َأ َح ٌد{‬ ‫يَك ُن ل َّ ُه كُفُ ًوا‬ ‫‪ .‬سورة اإلخالص }ل َْم يَلِ ْد َول َْم يُول َْد * َول َْم‬

‫وفى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم من حديث أبى موسى األشعرى أن الحبيب‬
‫‪،‬قال‪" :‬إن الله ال ينام وال ينبغى له أن ينام يخفض القسط ويرفعه ‪ r‬النبى‬
‫يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار‪ ،‬وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه‬
‫‪،‬النور لو كشفه ألحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه حجابه النور‬
‫‪.‬نور على نور"([‪)]3‬‬

‫فكان ‪ r ،‬وفى صحيح مسلم من حديث أنس أنه قال‪ :‬نهينا أن نسأل رسول الله‬
‫‪ r‬يعجبنا أن يجئ الرجل العاقل من البادية أى من الصحراء ليسأل رسول الله‬
‫ونحن نسمع‪ ،‬فجاء أعرابى‪،‬فقال كلمات قاسية لكنها فطرته وجبلته‪ -‬يقول‬
‫األعرابى الذى ال يحسن أن يختار الكلمات ‪ :‬يا محمد‪ -‬هكذا‪ -‬والله ما غضب‬
‫المصطفى ‪ ،‬ولو نودى اليوم‬
‫على واحد منا >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%C7%E1%ED%E6%E3‬‬
‫باسمه ولو كان طالب من طالب علمه‪ ،‬والله لغضب وها هو المصطفى يعلم الدنيا‬
‫التواضع‪ ،‬يقول له األعرابى‪ :‬يا محمد‬
‫أتانا رسولك فزعم أن >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%E3%CD%E3%CF‬‬
‫‪:‬بكل تواضع وأدب وخلق ‪ r‬الله أرسلك فزعم أنك رسول من عند الله فقال المصطفى‬
‫صدق" صدق رسولى لم يعنف األعرابى ولم يوبخه ولم يحقر قوله بل قال المصطفى"‬
‫‪".‬صدق "‪r :‬‬

‫اسمع فقال اإلعرابى الفقيه‪ :‬يا محمد‬


‫من الذى رفع السماء؟ >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%E3%CD%E3%CF‬‬
‫‪:‬فقال المصطفى "الله" فقال األعرابى‪ :‬فمن الذى خلق األرض؟ اقل المصطفى‬
‫الله" فقال األعرابى‪ :‬فمن الذى نصب الجبال وجعل فيها ما جعل؟ فقال"‬
‫المصطفى‪ ":‬الله" فقال األعرابى‪ :‬فالذى رفع السماء وخلق األرض ونصب الجبال‬
‫وجعل فيها ما جعل الله أرسلك([‪)]4‬؟‬

‫على أسئلة ‪ r‬اسمع إلى فقه هذا األعرابى‪ ،‬والشاهد من حديث جواب النبى‬
‫‪".‬األعرابى بكلمة واحدة‪" :‬الله‬

‫وفى حديث مسلم من حديث أبى هريرة أن حبرا ً من أحبار اليهود جاء يوما ً إلى‬
‫فقال‪ :‬يا محمد ‪ r‬النبى‬
‫إننا نجد عندنا فى >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%E3%CD%E3%CF‬‬
‫التوراة الله تعالى يجعل السماوات على إصبع ويجعل األرضين على إصبع‪ ،‬ويجعل‬
‫الماء والثرى على إصبع ‪ ،‬ويجعل الشجر على إصبع ويجعل سائر الخالئق على إصبع‬
‫من كالم الحبر حتى بدت نواجذه ثم ‪ r‬ثم يهزهن ويقول‪ :‬أنا الملك‪ ،‬فضحك النبى‬
‫قرأ النبى قول الله جل وعال‪َ { :‬و َما ق ََد ُروا الل َّ َه َح َّق ق َْد ِر ِه َوالَْأ ْر ُض َج ِم ً‬
‫يعا قَبْ َضتُ ُه‬
‫ُون} (‪ )67‬سورة‬ ‫ع َّما يُ ْش ِرك َ‬ ‫حان َ ُه َوتَ َعال َى َ‬ ‫ات بِي َ ِمي ِن ِه ُسبْ َ‬
‫ات َم ْط ِويَّ ٌ‬
‫ماو ُ‬ ‫ام ِة َو َّ‬
‫الس َ‬ ‫ي َ ْو َم ال ْ ِقيَ َ‬
‫الزمر([‪)]5‬‬

‫‪:‬أخى الحبيب‬

‫اسم الله جال وعال‪ ،‬هو اإلسم المفرد العلم‪ ،‬العلم على ذاته القدسية‪ ،‬الجامع‬
‫لكل أسماء الجالل وصفات الكمال؛ لذا جعله الله االسم الدال على جميع‬
‫وه ب َِها } (‪ )180‬سورة‬ ‫ع ُ‬‫َاد ُ‬ ‫األسماء فقال سبحانه‪َ { :‬ولِل ِّه اَأل ْس َماء ال ُْح ْسنَى ف ْ‬
‫السل َا ُم‬ ‫وس‬ ‫د‬ ‫ق‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ا‬‫َّ‬ ‫ل‬ ‫األعراف‪ .‬وقال سبحانه‪ُ { :‬ه َو الل َّ ُه ال َّ ِذي ل َا ِإ ل ََه ِإ‬
‫َّ‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ُون } (‪ )23‬سورة‬ ‫ع َّ ُ ْ ِ َ‬
‫ك‬‫ر‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ان الل َّ ِه َ‬ ‫ح َ‬‫ال ُْمْؤ ِم ُن ال ُْم َهي ْ ِم ُن ال َْع ِزي ُز ال َْجبَّ ُار ال ُْمتَك َبِّ ُر ُسبْ َ‬
‫‪.‬الحشر‬

‫فالسالم اسم الله والقدوس والسالم والعزيز والمهيمن من أسماء الله‪ ،‬تدبر‬
‫معى فال يقال‪ :‬الله من أسماء الرحمن وال يقال‪ :‬الله من أسماء العزيز‪ ،‬بل‬
‫‪،‬يقال‪ :‬العزيز من أسماء الله‪ ،‬الرحمن من أسماء الله‪ ،‬القدوس من أسماء الله‬
‫‪.‬الملك من أسماء الله‬
‫فاسم الله هو االسم المفرد العلم على ذاته القدسية الجامع لكل أسماء الجالل‬
‫وصفات الكمال لله الكبير المتعال‪ ،‬هو االسم من أسماء الله الذى تكرر فى‬
‫القرآن ما يقرب من ألف مرة‪" ،‬الله" هو الوحيد فى السماء كلها الذى ورد ذكره‬
‫فى القرآن ما يقرب من ألف مرة بحسب إحصاء المعجم المفهرس أللفاظ القرآن‬
‫‪.‬الكريم (تسعمائة وثمانون) مرة على وجه التحديد‬

‫لذا يرى اإلمام ابن القيم واإلمام الطحاوى فى مشكل اآلثار وغيرهما أن اسم‬
‫الله هو االسم العظيم الذى إن سئل به أعطى وإن دعى به أجاب‪ ،‬فهو االسم الذى‬
‫ما ذكر فى قليل إال كثره‪ ،‬وهو االسم الذى إذا ذكره عند خوف إال أمنه‪ ،‬وهو‬
‫االسم الذى إذا ذكر عند هم إال كشفه‪ ،‬وهو االسم الذى ما ذكر عند كرب إال‬
‫فرجه‪ ،‬وهو االسم الذى ما ذكر فى فقر إال تحول الفقر إلى غنى‪ ،‬وهو االسم‬
‫‪،‬الذى ما تعلق به ذليل إال أعزه‪ ،‬وهو االسم الذى ما تعلق به فقير إال أغناه‬
‫وهو االسم الذى ما تعلق به مكروب إال قواه‪ ،‬وهو االسم الذى تستدفع به‬
‫الكربات ‪ ،‬وهو االسم الذى تستنزل به البركات‪ ،‬وهو االسم الذى تقال به‬
‫‪،‬العثرات‪ ،‬هو االسم الذى تستفزع به النقم‪ ،‬هو االسم الذى يستنزل به المطر‬
‫هو االسم الذى يستنصر به من السماء‪ ،‬هو االسم الذى من أجله قامت األرض‬
‫والسماء ‪ ...‬الله ‪ ...‬الله ‪ ...‬الله ‪ ...‬اسم تستنزل به البركات ‪ ،‬الله اسم‬
‫‪.‬تستنزل به الرحمات‪ ،‬الله اسم تزال به الكرب‪ ،‬الله اسم تزال به الهموم والغموم‬

‫الله ‪ ...‬الله ‪ ...‬الله اسم لصاحبه كل جالل الله اسم لصاحبه كل جالل‪ ،‬الله‬
‫اسم لصاحبه كل جالل وكمال وجالل‪ ،‬هو االسم المفرد العلم على ذاته القدسية‬
‫وأسمائه الحسنى وصفاته العلى‪ ،‬لذا تكرر هذا االسم فى القرآن كما ذكرت ما‬
‫يقرب من ألف مرة‪ ،‬فال يمكن أبدا ً أن تطالع صفحة من قرآن الله جل وعال إال‬
‫‪.‬ويرد لسانك اسم الله‪ ،‬ما يزيد على عشر مرات هذا فى الغالب‬

‫أيها األحبة الكرام هذا االسم العظيم الجليل الكريم‪ ،‬اإليمان به أصل‬
‫‪:‬السعادة والنجاة فى الدنيا واآلخرة‪ ،‬لذا ال أكون مبالغا إن قلت لحضراتكم‬
‫إن القرآن الكريم كله من أوله إلى آخره ال يتحدث إال عن قضية اإليمان بالله‬
‫جل وعال‪ ،‬لست مبالغا ً تريدون أن أدلل لكم على ذلك؟‬

‫خذوا الدليل القرآن الكريم كله من أوله إلى آخره‪ :‬إما حديث مباشر عن الله‬
‫جل وعال عن ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله‪ ،‬وإما دعوة إلى عبادة الله جل‬
‫‪.‬وعال‪ ،‬ترك عبادة ما سواه هذا من لوازم اإليمان بالله‪ ،‬بل هو اإليمان‬

‫وإما حديث عن الكفار المعاندين الذى كفروا برب العالمين وبيان جزائهم فى‬
‫‪.‬الدنيا وجزائهم فى اآلخرة وهذا جزاء المعرضين عن اإليمان‬

‫وإما حديث عن المؤمنين الصادقين‪ ،‬وما أعد الله لهم فى الدنيا واآلخرة من‬
‫‪.‬نعيم‪ ،‬وهذا جزاء من امتثل اإليمان‬

‫وإما حديث يأمر بطاعة الله ويأمر بامتثال أوامره واجتناب نهيه والوقوف عند‬
‫حدوده‪ ،‬وهذا كله من لوازم اإليمان‪ ،‬فلست مبالغا ً إن قلت‪ :‬إن القرآن الكريم‬
‫كله يتحدث عن قضية اإليمان بالله جل وعال‪ ،‬إذ أن اإليمان هو أصل األصول وهو‬
‫أصل االعتقاد وعليه مدار اإلسالم ولب القرآن‪ ،‬بل من أجله خلق الله السماوات‬
‫واألرض‪ ،‬ومن أجله خلق الله الجنة والنار‪ ،‬ومن أجله أنزل الله الكتب‪ ،‬ومن‬
‫‪ r.‬أجله أرسل الله الرسل وعلى رأسهم نبينا وحبيبنا المصطفى‬

‫ومن ثم‪:‬فإن أعظم منهج للتعريف بالله هو منهج القرآن‪ ،‬أكرر هذه العبارة‪ :‬إن‬
‫أعظم منهج للتعريف بالله هو منهج القرآن‪ ،‬وينبغى يقينا أن نعلم أن القرآن‬
‫يخاطب الناس فى كل زمان ومكان‪ ،‬يخاطب القرآن ساكن البادية وساكن الصحراء‬
‫األمى الذى ال يقرأ وال يكتب‪ ،‬ويخاطب عالم الذرة‬
‫ً‬ ‫ورائد الفضاء‪ ،‬ويخاطب‬
‫وعالم الطبيعة وعالم الكيمياء‪ ،‬ويخاطب كل أجناس األرض‪ ،‬وكل واحد من هؤالء‬
‫يجد فى القرآن الكريم ما يربطة بهذا الكون العظيم‪ ،‬وما يعرفه بالخالق‬
‫الكريم‪ ،‬كل واحد هؤالء يجد فى القرآن الكريم ما يمأل قلبه من إيمان باله‬
‫‪.‬سبحانه وتعالى‬

‫فالقرآن الكريم له أسلوب فريد ال نظير له البتة‪ ،‬أسلوب به يستوثق أصحاب‬


‫‪،‬الفطر السليمة بوحدانية الملك ليجيش القرآن الوجدان ويحرك القرآن القلوب‬
‫ويخاطب القرآن العقول السوية والفطر النقية‪ ،‬ليعرفها بخالق الكون سبحانه‬
‫وتعالى تارة بالحوار وتارة بالوصف وتارة باالستفهام‪ ،‬وتارة بالترغيب وتارة‬
‫بالترهيب‪ ،‬وتارة بالمثل وتارة بالقصص إلى آخر هذا األسلوب الرائع الذى‬
‫يبدعه القرآن إبداعا ً‪ ،‬وينشؤه القرآن إنشاءاً‪ ،‬فالقرآن الكريم يعرفنا بالله‬
‫الرحيم جل وعال من خالل تنقالنه الجميلة فى آفاق السماء وفى جنبات األرض‬
‫وفى بروج النفس البشرية العميقة‪ ،‬كل هذا ليعرف القرآن اإلنسان بالله سبحانه‬
‫‪.‬وتعالى‪ ،‬فتعالوا نقف مع القرآن وقفتنا الثانية‪ ،‬مع القرآن فى آفاق السماء‬

‫‪:‬ثانيا ً‪ :‬مع القرآن فى آفاق السماء‬

‫مع القرآن‪ ،‬وهذا هو عنصرنا الثانى؛ لتتعرف من خالل القرآن على الله‪ ،‬انظر‬
‫معى إلى السماء‪ ،‬أنا أعلم أنك تنظر إليها كل يوم ولكنى أريد منك اليوم‬
‫أن تنظر نظرة >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%C7%E1%ED%E6%E3‬‬
‫جديدة‪ ،‬أن تنظر إلى السماء نظرة مختلفة‪ ،‬هيا من اليوم‬
‫جدد النظر إلى >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%C7%E1%ED%E6%E3‬‬
‫‪.‬السماء‪ ،‬فإن إلف النظر يبلد المشاعر واألحاسيس‬

‫إن اإلنسان إذا اعتاد على شئ ال يلتفت إلى قيمته وال يلتفت إلى مواضع‬
‫الجمال فيه‪ ،‬لكننى أناشدك من اليوم‬
‫أن تجدد النظر >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%C7%E1%ED%E6%E3‬‬
‫إلى السماء بطريقة جديدة‪ ،‬هيا انظر معى إلى هذه القبة الزرقاء‪ ،‬إلى هذا‬
‫‪.‬السماء‬

‫فورب الكعبة إن نظرة هادئة مدققة فى السماء فى ليلة صافية تمأل القلب رهبة‬
‫وخشوعا ً لذى العظمة والجالل والكمال‪ ،‬كتاب مفتوح جميل‪ ،‬جمال متجدد‪ ،‬جمال‬
‫‪،‬متعدد باختالف الشروق والغروب‪ ،‬باختالف الليل والنهار‪ ،‬بصفاء السماء تارة‬
‫‪.‬وبضبابها وسحابها تارة أخرى‬

‫ثم انظر معى إلى هذه النجمة التى انفردت وحدها فى أفق السماء وكأنها عين‬
‫‪.‬طفلة جميلة تلمع بالمحبة والمودة والصفاء‬

‫ثم أنظر فى األفق اآلخر إلى هاتين النجمتين الوحيدتين المنفردتين وكأن كل‬
‫‪.‬واحدة منهما تناجى األخرى‬

‫ثم أنظر إلى هذه المجموعة المترابطة المتشابكة من النجوم وكأنها تشابكت‬
‫وتراصت فى عرس بهيج سعيد‪ ،‬وهذا القمر المنير وهذا الليل السادل وهذا الفلك‬
‫الدوار‪ ،‬وهذا الصبح الباهر وضوء الشمس المشرقة‪ ،‬كل هذا من صنع من؟ كل هذا‬
‫من خلق من؟‬

‫الشمس والبدر من آثار قدرته‬


‫الطير سبحه والوحش مجده‬
‫والنمل تحت الصخور الصم قدسه‬
‫والناس يعصونه جهرا ً فيسترهم‬

‫والبر والبحر فيض من عطاياه‬


‫والموج كبره والحوت ناجاه‬
‫والنحل يهتف حمدا فى خالياه‬
‫والعبد ينسى وربى ليس ينساه‬

‫اها * َرف ََع َس ْمك ََها‬


‫الس َماء بَن َ َ‬‫انظر من جيد‪ ،‬وتفكر من جديد‪َ{ ،‬أَأنتُ ْم َأ َش ُّد َخلْقًا َأ ِم َّ‬
‫الس َماء‬‫اها} (‪ )29 ،27‬سورة النازعات‪َ { .‬و َّ‬ ‫ح َ‬
‫خ َر َج ُض َ‬ ‫اها* َوَأغ َْط َش ل َيْل ََها َوَأ ْ‬ ‫ف ََس َّو َ‬
‫ون} (‪ )47‬سورة الذاريات‪ .‬ثم يقول ربنا جل وعال وهو‬ ‫وس ُع َ‬ ‫اها ِبَأيْ ٍد َوِإ ن َّا ل َُم ِ‬ ‫بَنَيْن َ َ‬
‫يخاطب العقول لكى تتفكر‪ ،‬ويلفت األنظار لتتدبر‪ ،‬لتتعرف على الخالق العظيم‬
‫ع ِظيمٌ} (‪75‬‬ ‫ون َ‬‫‪،‬سبحانه‪ ،‬فيقول ‪َ { :‬فل َا ُأق ِْس ُم ب َِم َوا ِق ِع الن ُُّجو ِم* َوِإ ن َُّه ل َ َق َسمٌ ل َّ ْو تَ ْعل َُم َ‬
‫‪.‬سورة الواقعة )‪76‬‬

‫الش ْم ُس‬ ‫ون * َو َّ‬ ‫{وآي َ ٌة ل َّ ُه ْم اللَّي ْ ُل ن َ ْسل َُخ ِمن ْ ُه الن ََّه َار َفِإذَا ُهم ُّم ْظ ِل ُم َ‬‫ثم يقول سبحانه ‪َ :‬‬
‫اد‬
‫َ َ‬ ‫ع‬ ‫َّى‬ ‫ت‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫از‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫اه‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬
‫َ َ َ َ َّ ْ َ ُ َ َ‬ ‫ر‬‫م‬ ‫ق‬‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫م‬ ‫ي‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ْع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يز‬ ‫ز‬
‫َِ ِ‬ ‫ْع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ير‬ ‫ِ‬
‫د‬
‫َْ ُ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ج ِري ِل ُم ْستَ َق ٍّر ل َّ َ‬
‫ه‬ ‫تَ ْ‬
‫الش ْم ُس يَنبَ ِغي ل ََها َأن تُ ْد ِر َك الْقَ َم َر َول َا اللَّيْ ُل َساب ُِق الن ََّه ِار‬ ‫ون الْقَ ِدي ِم* ل َا َّ‬ ‫ك َال ُْع ْر ُج ِ‬
‫ون} (‪ )40 ، 37‬سورة يــس‬ ‫ح َ‬‫‪َ .‬وك ٌُّل ِفي َفل ٍَك يَ ْسبَ ُ‬

‫يثبت العلم الحديث فى كالم جميل لرئيس أكاديمية العلوم الحديثه فى أمريكا‬
‫فى نيويورك‪ ،‬يثبت العلم الحديث أن القمر يدور فى فلك ومدار حدده له مدير‬
‫‪.‬الكون كله‪ ،‬والشمس تدور فى فلك فى مدار حدده لها مدبر الكون كله‬

‫يقول أهل العلم‪ :‬لو نزل القمر من مداره الذى يدور فيه اآلن واقترب‬
‫من األرض قليال ً الختلت حركة المد والجزر المعروفة ألهل الطبيعة ولغرقت األرض‬
‫‪.‬كلها بمن فيها‬

‫ولو الشمس تركت مدارها ونزلت قليال إلى أعلى لتجمد كل من‬
‫على ظهر األرض‪ ،‬ولو أن الشمس تركت مدارها ونزلت قليال الحترق كل حى على‬
‫ظهرها‪ ،‬كل هذا من صنع من ؟ كل هذا من خلق من؟ أإله مع الله؟ { َوك ٌُّل ِفي‬
‫ون‬
‫ح َ‬‫} َفل ٍَك يَ ْسبَ ُ‬

‫والشمس والقمر‪ ،‬كلنا رأى الشمس‪ ،‬وكلنا رأى القمر‪ ،‬لكننى أخاطبك من اليوم‬
‫أخى الحبيب‪ ...‬أن >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%C7%E1%ED%E6%E3‬‬
‫‪:‬تعاود من جديد النظر إلى الشمس والنظر إلى القمر لتوحد خالق الشمس والقمر‬
‫ين* { َفل َ َّما َج َّن{‬ ‫ُون ِم َن ال ُْمو ِق ِن َ‬ ‫ات َواَأل ْر ِض َولِيَك َ‬ ‫او ِ‬
‫الس َم َ‬ ‫ُوت َّ‬‫يم َملَك َ‬ ‫اه َ‬ ‫َوك َ َذلِ َك ن ُ ِري ِإ بْ َر ِ‬
‫ين * َفل َ َّما َرَأى‬ ‫ب اآل ِفلِ َ‬ ‫َال ال ُأ ِح ُّ‬ ‫َال َهذَا َربِّي َفل َ َّما َأف ََل ق َ‬ ‫عل َي ْ ِه اللَّيْ ُل َرَأى ك َْوك َبًا ق َ‬ ‫َ‬
‫َال لَِئن ل َّ ْم يَ ْه ِد ِني َربِّي ألك ُون َ َّن ِم َن الْقَ ْو ِم‬ ‫َال َهذَا َربِّي َفل َ َّما َأف ََل ق َ‬ ‫الْقَ َم َر بَ ِازغًا ق َ‬
‫َال يَا ق َْو ِم‬ ‫َت ق َ‬ ‫َال َهذَا َربِّي َهذَآ َأك ْبَ ُر َفل َ َّما َأ َفل ْ‬ ‫غ ًة ق َ‬ ‫ين * َفل َ َّما َرَأى َّ‬
‫الش ْم َس بَ ِاز َ‬ ‫الضالِّ َ‬ ‫َّ‬
‫ات َواَأل ْر َض َح ِنيفًا َو َما‬ ‫او ِ‬ ‫م‬
‫َّ َ َ‬‫الس‬ ‫ر‬
‫َ َ‬‫َط‬
‫ف‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ِ‬
‫ل‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ه‬
‫َ َّ ْ ُ َ ْ ِ َ‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ِإ ِّ‬ ‫*‬ ‫ُون‬
‫ِإ نِّي بَ ِريءٌ ِّم َّما تُ ْش ِرك َ‬
‫ين} (‪ )79 ،75‬سورة األنعام‬ ‫‪َ .‬أنَا ْ ِم َن ال ُْم ْش ِر ِك َ‬

‫انظر لتلك الشمس‬


‫فيها ضياء وبها‬
‫وقل من ذا الذى‬
‫ذاك هو الله‬
‫ذو حكمة بالغة‬

‫التى جذوتها مستعره‬


‫حرارة منتشره‬
‫يخرج منها الشرره‬
‫الذى أنعمه منهمره‬
‫وقدرة مقتدره‬

‫‪.‬ثم ينتقل بنا القرآن سريعا وإال إذا وقفت والله مع كل عنصر الحتجت إلى لقاءات‬

‫‪:‬ثالثا ً‪ :‬مع القرآن الكريم فى جنبات األرض‬

‫‪،‬ينتقل بنا القرآن إلى جنبات األرض وهذا هو عنصرنا الثالث من عناصر اللقاء‬
‫‪،‬مع القرآن الكريم فى جنبات األرض التى تجلس عليها اآلن‪ ،‬التى تعيش فيها‬
‫التى تسعى على ظهرها‪ ،‬هذه األرض إلف معيشتنا عليها أنسانا الشيطان كثيرا ً من‬
‫آياتها ونعمها‪ ،‬فإن الناس كما ذكرت إذا اعتادت شيئا ً نسيت فضله‪ ،‬وما يشعر‬
‫اإلنسان بقيمة الشئ‬
‫‪.‬إال إذا افتقده‬

‫األرض دابة ذلول كما قال ربنا جل وعال‪ُ { :‬ه َو ال َّ ِذي َج َع َل لَك ُُم الَْأ ْر َض َذل ُول ًا‬
‫ور } (‪ )15‬سورة الملك‪ .‬هذه‬ ‫َام ُشوا ِفي َمنَا ِكب َِها َوكُل ُوا ِمن ِّر ْز ِق ِه َوِإ ل َيْ ِه الن ُُّش ُ‬
‫ف ْ‬
‫الدابة المذللة ال تلقى براكبها من على ظهرها‪ ،‬بل إنها دابة جلوب تدر على‬
‫أهلها الخير واألرزاق والكنوز والنعيم‪ ،‬هذه الدابة الذلول تجرى تركض بسرعة‬
‫تجرى األرض! نعم‪ :‬األرض التى تعيش عليها وتجلس اآلن عليها وال تتحرك تجرى‬
‫وتدور بسرعة‪ ،‬لكنها ذلول ال تلقى راكبها من فوق ظهرها‪ ،‬ذللها الله وأرساها‬
‫بالجبال‪ ،‬ولكن الجبال التى جعلها الله أوتادا ً لألرض هى نفسها تجرى وتسير‬
‫اب ُصن ْ َع‬ ‫ح ِ‬ ‫الس َ‬‫ام َد ًة َو ِه َي تَ ُم ُّر َم َّر َّ‬
‫ح َسبُ َها َج ِ‬ ‫ال تَ ْ‬ ‫كما قال ربنا جل وعال‪َ { :‬وتَ َرى ال ْجِ بَ َ‬
‫ُون} (‪ )88‬سورة النمل‬ ‫ِير ب َِما تَفْ َعل َ‬ ‫ٌ‬ ‫ب‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َّه‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫‪.‬الل َّ ِه ال َّ ِذي َأتْقَ َن ك َُّل َش ْي‬

‫الجبال تسير؟ نعم ‪ ...‬واألرض تجرى؟ نعم ‪ ...‬ولكنها ذلول مذللة‪ ،‬بل ستعجب‬
‫إذا علمت أن العلم الحديث قد أثبت أن األرض تدور حول نفسها بسرعة مذهلة‬
‫قدرها العلماء بسرعة ألف ميل فى الساعة الواحدة‪ ،‬األرض ذلول تجرى وتدور‬
‫دورة كاملة حول نفسها بسرعة تقدر بألف ميل فى الساعة الواحدة‪ ،‬وتدور األرض‬
‫دورة ثانية تدور حول الشمس بسرعة قدرها العلماء بسرعة تزيد ‪ 65000‬ألف ميل‬
‫فى الساعة الواحدة‪ .‬وتدور األرض مرة ثالثة مع الشمس مع المجموعة الشمسية‬
‫بسرعة قدرها العلماء بـ ‪ 20000‬ألف ميل فى الساعة الواحدة صنع من؟ خلق من؟‬
‫أإله مع الله؟‬

‫أمر عجيب بل وأثبت العلم الحديث أن دورة األرض حول نفسها هى التى نشأ عنها‬
‫الليل والنهار‪ ،‬لو لم تدر األرض حول نفسها لما رأينا ليال ً وال نهار‪ ،‬لرأينا‬
‫ليال سرمدا أو نهارا سرمدا‪ ،‬لكن الله جل وعال سبحانه وتعالى جعل األرض تدور‬
‫حول نفسها دورة كاملة ومن خالل هذه الدورة رأينا الليل والنهار‪ ،‬ثم تدور‬
‫األرض حول الشمس وهذه الدورة نشأ عنها الفصول األريعة الصيف والشتاء‬
‫‪ .‬والربيع والخريف‬

‫أما الدورة الثالثة مع الشمس ومع المجموعة الشمسية فإن ستار الغيب لم يكشفه‬
‫عنها إلى اآلن فى عصر الذرة‪ ،‬لنعلم يقينا ً أن اإلنسان ال يعلم شيئا ً فى الكون‬
‫ون‬ ‫إال بالقدر الذى أراد أن يعلمه له خالق الكون قال سبحانه‪َ { :‬وال َ يُ ِح ُ‬
‫يط َ‬
‫ب َِش ْي ٍء ِّم ْن ِعل ِْم ِه} (‪ )255‬سورة البقرة‪ .‬حتى ال يتبجح اإلنسان المغرور ويدعى أنه‬
‫‪.‬أصبح اآلن قادرا ً على أن يعيش وحده بدون إله‬

‫لقد سمعنا ذلك وقرأناه يوم أن صدعوا رؤوسنا بالنعجة "دوللى" وخرج علينا من‬
‫العلمانيين المجرمين من يقول‪ :‬استطاع فى عصر العلم‪ ،‬ال فى عصر معجزات‬
‫األنبياء استطاع أن يخلق اإلنسان نعجة وفى المرحلة القادمة يستطيع اإلنسان‬
‫‪.‬أن يخلق إنسانا ً‬

‫ثم قال علمانى وقح‪ :‬لقد آن األوان ليعيش اإلنسان بعيدا ً عن الله‪ ،‬فورب‬
‫َاستَ ِم ُعوا‬ ‫َأ‬
‫ب َمث ٌَل ف ْ‬ ‫َّاس ُض ِر َ‬ ‫الكعبة ما خلقوا ذبابة ولن يخلقوا ذبابة‪{ :‬يَا ي ُّ َها الن ُ‬
‫اجتَ َم ُعوا ل َُه َوِإ ن يَ ْسل ُبْ ُه ُم‬ ‫ْ‬ ‫َو‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫خلُقُوا ذ َ ً َ‬
‫و‬ ‫ا‬ ‫اب‬ ‫ُب‬ ‫ون الل َّ ِه ل َن يَ ْ‬ ‫ون ِمن ُد ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ين تَ ْد ُ‬ ‫ل َُه ِإ نَّ ال َّ ِذ َ‬
‫ُوب* َما ق ََد ُروا الل َّ َه َح َّق ق َْد ِر ِه‬ ‫ل‬ ‫ط‬
‫ُ َ َ ْ ُ‬‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫الط‬
‫َّ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫ُوه‬
‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬‫َْ‬ ‫ي‬ ‫ا‬‫َّ‬ ‫ل‬ ‫اب َشيًْئا‬ ‫ال ُّذبَ ُ‬
‫ُوب * َما ق ََد ُروا‬ ‫ل‬
‫َ ْ ُ‬‫ط‬ ‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫الط‬
‫َّ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫{‬
‫ض‬‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫الحـج‬ ‫سورة‬ ‫)‬ ‫‪74‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪73‬‬ ‫(‬ ‫}‬ ‫ز‬
‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫ز‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ي‬‫ٌّ‬ ‫ِإ نَّ الل َّ َه لَقَ ِو‬
‫‪}.‬الل َّ َه َح َّق ق َْد ِرهِ‬

‫فهذه األرض مذللة‪ ،‬ثم شق الله فيها األنهار والبحار وزينها باألشجار‬
‫{وآيَ ٌة ل َّ ُه ُم الَْأ ْر ُض ال َْميْتَ ُة َأ ْحيَيْن َ َ‬
‫اها‬ ‫وأودعها الكنوز والخيرات قال سبحانه ‪َ :‬‬
‫ج ْرنَا‬
‫اب َو َف َّ‬‫عن َ ٍ‬ ‫َأ‬
‫ٍ َ ْ‬ ‫و‬ ‫يل‬ ‫ِ‬
‫َّخ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫َّات‬
‫ٍ‬ ‫يها َجن‬ ‫ُون * َو َج َعلْنَا ِف َ‬ ‫َوَأ ْخ َر ْجنَا ِمن ْ َها َحبًّا ف َِمن ْ ُه يَْأكُل َ‬
‫ون} (‪)33،35‬‬ ‫َأ‬
‫يه ْم َفل َا يَ ْشك ُُر َ‬ ‫َأ‬ ‫ون * لِيَْأكُل ُوا ِمن ث ََم ِر ِه َو َما َ‬
‫ع ِملَتْ ُه ي ْ ِد ِ‬ ‫يها ِم ْن ال ُْعي ُ ِ‬ ‫ِف َ‬
‫‪.‬سورة يــس‬

‫‪.‬سبحانه قدر خلق األزواج كلها مما تنبت األرض ومن أنفسهم ومما ال يعلمون آيات‬

‫أنظر لتلك الشجره‬


‫كيف نمت من حبه‬
‫ابحث وقل من ذا الذى‬
‫ذاك هو الله الذى‬
‫ذو حكمة بالغة‬
‫سل الواحة الخضراء‬
‫وهذى الصحارى‬
‫سل الروض مزدانا‬
‫سل الليل واإلصباح‬
‫وسل هذه األنسام‬
‫وسل كل شئ تسمع‬
‫ولو جن هذا الليل وامتد سرمدا‬

‫ذات الغصون النضره‬


‫وكيف صارت شجره‬
‫يخرج منها الثمرة‬
‫أنعمة منهمره‬
‫وقدرة مقتدره‬
‫والماء جاريا‬
‫والجبال الرواسيا‬
‫والزهر والندى‬
‫والطير شاديا‬
‫واألرض والسما‬
‫التوحيد لله ساريا‬
‫فمن عير ربى يرجع الصبح ثانيا ً‬

‫َات{‬ ‫الس َماء َماء َفَأنبَتْنَا ب ِِه َح َداِئ َق ذ َ‬ ‫ات َوالَْأ ْر َض َوَأن َز َل لَك ُم ِّم َن َّ‬ ‫َأ َّم ْن َخل ََق َّ‬
‫الس َم َاو ِ‬
‫ُون * َأ َّمن َج َع َل‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫ع‬ ‫ي‬
‫ُ ْ ْ ٌ َْ َ‬ ‫م‬ ‫َو‬‫ق‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َأ‬
‫َ َ َ َ ِإ ٌ َّ َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ش‬ ‫وا‬ ‫ت‬
‫ُ ُ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َأ‬ ‫َان لَك ُْم‬ ‫جةٍ َّما ك َ‬ ‫بَ ْه َ‬
‫ح َريْ ِن َحاجِ ًزا‬ ‫َ ْ‬ ‫ْب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫َْ َ‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ي‬
‫َ ََ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫َه‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫و‬
‫َ َْ ً َ َ َ‬‫ا‬ ‫ار‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫َأ‬ ‫ا‬‫َه‬ ‫ل‬‫َا‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫خ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫و‬
‫َ ً َ َ َ‬ ‫ا‬ ‫ار‬ ‫َر‬ ‫ق‬ ‫ض‬‫ْ َ‬ ‫ر‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫وء‬
‫الس َ‬ ‫اه َويَك ِْش ُف ُّ‬ ‫ع ُ‬‫يب ال ُْم ْض َط َّر ِإ ذَا َد َ‬ ‫ون * َأ َّمن يُجِ ُ‬ ‫َأِإ ل َ ٌه َّم َع الل َّ ِه بَ ْل َأكْث َُر ُه ْم ل َا ي َ ْعل َُم َ‬
‫ات‬ ‫ون * َأ َّمن يَ ْه ِديك ُْم ِفي ُظل َُم ِ‬ ‫ج َعلُك ُْم ُخلَفَاء الَْأ ْر ِض َأِإ ل َ ٌه َّم َع الل َّ ِه َقلِيل ًا َّما تَ َذك َّ ُر َ‬ ‫َوي َ ْ‬
‫اح بُ ْش ًرا بَي ْ َن ي َ َد ْي َر ْح َم ِت ِه َأِإ ل َ ٌه َّم َع الل َّ ِه تَ َعال َى الل ُهَّ‬ ‫الري َ َ‬‫ِّ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْب‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ر‬‫ا ِّ‬
‫َ‬ ‫ْب‬ ‫ل‬
‫الس َماء َوالَْأ ْر ِض َأِإ ل َ ٌه َّم َع‬ ‫يد ُه َو َمن يَ ْر ُز ُقك ُم ِّم َن َّ‬ ‫ُون * َأ َّمن يَبْ َدُأ ال َْخل َْق ثُمَّ ي ُ ِع ُ‬ ‫ع َّما ي ُ ْش ِرك َ‬ ‫َ‬
‫ين} (‪ )64 ،60‬سورة النمل‬ ‫‪ .‬الل َّ ِه ق ُْل َهاتُوا بُ ْر َهانَك ُْم ِإ ن ك ُنتُ ْم َصا ِد ِق َ‬

‫البعرة تدل على البعير‪ ،‬وأثر السير يدل على المسير‪ ،‬سماء ذات أبراج وأرض‬
‫ذات فجاج‪ ،‬وبحار ذات أمواج‪ ،‬أفال يدل ذلك على اللطيف الخبير‪ ،‬وأمسك اإلمام‬
‫أحمد بالبيضة يوما‪ ،‬بيضة من دجاجة فقال أحمد‪ :‬هذا حصن حصين أملس ليس له باب‬
‫وليس له منفذ‪ ،‬ظاهرة كالفضة البيضاء وباطنه كالذهب اإلبريز‪ ،‬وبينما هو كذلك‬
‫إذا اتصدع جداره وخرج منه حيوان جميل سميع بصير ذو صوت حسن وشكل مليح أإله‬
‫مع الله؟‬

‫يروا ِفي الَْأ ْر ِض ف ُ‬


‫َانظ ُروا ك َيْ َف بَ َدَأ ال َْخل َْق{‬ ‫سورة العنكبوت ‪ِ{ ،‬إ نَّ ِفي )‪ } (20‬ق ُْل ِس ُ‬
‫ين‬ ‫َّ‬
‫اب * ال ِذ َ‬ ‫ُأ‬
‫ات لِّ ْولِي األل ْبَ ِ‬ ‫ات َواَأل ْر ِض َو ْ‬
‫اخ ِتال َِف اللَّيْ ِل َوالن ََّه ِار آليَ ٍ‬ ‫او ِ‬ ‫الس َم َ‬‫َخل ِْق َّ‬
‫عل ََى‬
‫ودا َو َ‬
‫اما َوق ُُع ً‬ ‫ِ‬
‫ون الل َّه قيَ ً‬
‫ين ي َ ْذك ُُر َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ون الل َّه } اذكروا الله جل وعال {الذ َ‬ ‫ي َ ْذك ُُر َ‬
‫ات َواَأل ْر ِض } وبعد هذا التفكر يقولون حتما‬ ‫او ِ‬ ‫ون ِفي َخل ِْق َّ‬
‫الس َم َ‬ ‫‪:‬جنُوب ِِه ْم َويَتَ َفك َّ ُر َ‬ ‫ُ‬ ‫{‬
‫َاب الن َِّار} (‪ )191 ،190‬سورة آل عمران‬ ‫ذ‬
‫َ َ َ‬‫ع‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ح‬‫ب‬
‫ُ ْ َ َ‬ ‫س‬ ‫ً‬ ‫ال‬‫اط‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ذا‬ ‫ه‬
‫‪َ .‬ربَّنَا َما َ ْ َ َ‬
‫ت‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫خ‬

‫وأنتقل النقلة الرابعة مع القرآن الكريم على وجه السرعة أال وهو عنصرنا‬
‫‪.‬الرابع مع القرآن الكريم آيات خلق اإلنسان‬

‫ولكنى أرى عقارب الساعة تطاردنى فأرجئ الحديث عن هذا العنصر وعن الذى يليه‬
‫‪.‬بعد جلسة االستراحة وأقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم‬

‫‪:‬الخطبة الثانية‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال الله وحده ال شريك له‪ ،‬واشهد‬
‫أن سيدنا محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله‬
‫واصحابه وأحبابه وأتباعه‪ ،‬وعلى كل من اهتدى بهديه‪ ،‬واستن بسنته واقتفى أثره‬
‫‪.‬إلى يوم الدين‬

‫‪.‬أما بعد فيا أيها األحبة الكرام‬

‫‪:‬رابعا ً‪ :‬مع القرآن فى مراحل خلق اإلنسان‬

‫بإيجاز شديد مع العنصر الرابع‪ ،‬مع القرآن الكريم فى مراحل خلق اإلنسان‪ ،‬قال‬
‫اه ن ُ ْطفَ ًة ِفي ق ََر ٍار‬ ‫ين * ثُمَّ َج َعلْن َ ُ‬ ‫ان ِمن ُسل َال َةٍ ِّمن ِط ٍ‬ ‫نس َ‬ ‫سبحانه ‪َ { :‬ولَقَ ْد َخلَقْنَا الِْإ َ‬
‫اما‬‫َ ً‬ ‫ظ‬‫ع‬‫ِ‬ ‫ة‬ ‫غ‬ ‫ض‬
‫ُ ْ َ َ‬ ‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ق‬ ‫ل‬
‫َ ََْ‬ ‫َخ‬ ‫ف‬ ‫ة‬
‫َخل َ ْقنَا ال َْعل َ َ َ ُ ْ َ ً‬
‫غ‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ق‬ ‫عل َ َق ًة ف َ‬
‫ين * {ثُمَّ َخل َ ْقنَا الن ُّْط َف َة َ‬ ‫َّم ِك ٍ‬
‫ين} (‪12‬‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ْخ‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬
‫ُ ْ َ ُ‬‫َأ‬ ‫ه‬‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ار‬‫ب‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫آخ‬ ‫ا‬ ‫ق‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫اه‬
‫َّ َ َ ُ َ ً‬‫ن‬‫ْأ‬ ‫نش‬‫َأ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َح‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ظ‬ ‫ِ‬
‫ْع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫‪َ ،‬فك ََس ْون َ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫َ َ ْ ً‬
‫‪ .‬سورة المؤمنون )‪14‬‬

‫‪...‬أيها األحبة الكرام‬

‫إن خلق اإلنسان إعجاز‪ ،‬إنك أيها اإلنسان من أعجز آيات الله على ظهر هذه‬
‫األرض‪ ،‬فورب الكعبة نظرك فيك يكفيك على أن الخالق هو الله‪ ....‬أنظر إلى‬
‫رأسك ابتداء وسأرجع بعد ذلك إلى البداية‪ ،‬أنظر معى إلى رأسك‪ ،‬أنظر إلى‬
‫العين‪ ،‬أنظر إلى األنف‪ ،‬أنظر إلى األذن‪ ،‬أنظر إلى الفم وتدبر‪ .‬سترى فى كل‬
‫عضو من هذه األعضاء نوعا ً من الماء سترى ماء فى العين إنها الدموع‪ ،‬وسترى‬
‫‪.‬ماء فى األذن‪ ،‬وسترى ماء فى الفم‪ ،‬وسترى ماء فى األنف‪ ،‬لكن أنظر وتدبر‬

‫!!سترى ماء العين مالحا‪ ،‬وماء األنف حامضا‪ ،‬وماء األذن مرا‪ ،‬وماء الفم حلوا‬
‫صنع من؟ خلق من؟ وأصل هذا الماء واحد‪ ،‬وهو رأس اإلنسان‪ ،‬تدبر معى هذه‬
‫المراحل العجيبة‪ ،‬فالرجل يجتمع بامرأته ليضع نطفته تلك النطفة التى تحتوى‬
‫على ماليين الحيوانات المنوية‪ ،‬هذا المنى المهين خلقت منه { ُخلِ َق ِمن َّماء َدا ِف ٍق‬
‫الصل ِْب َوالت ََّراِئ ِب} (‪ )7 ،6‬سورة الطارق *‬
‫خ ُر ُج ِمن بَيْ ِن ُّ‬
‫‪.‬ي َ ْ‬

‫هذا الماء المهين ماليين الحيوانات المنوية تتسابق كلها لتصل كل هذه‬
‫الماليين إلى عروس واحد إنها البويضة التى تخرج من رحم المرأة مرة واحدة فى‬
‫‪.‬الشهر كأنها عروس فى ليلة زفافها‬

‫نعم! تخرج البويضة عليها تاج مشع هذا ليس تعبيرا ً بالغا ً أدبيا ً من عندى إنما‬
‫هو تعبير علمى تخرج البويضة وعليها تاج مشع لعلها بهذه اإلشعاعات أن تلفت‬
‫نظر حيوان منوى ليقترب منها‪ ،‬وتتسابق الماليين المملينة فى محاوالت إلى هذه‬
‫العروس‪ ،‬إلى هذه البويضة‪ ،‬لكن تموت كل هذه الماليين وال يصل إلى هذه‬
‫البويضة إال حيوان منوى واحد‪ ،‬هذه المعلومة التى لم يصل إليها العلم الحديث‬
‫إال فى هذا العصر‪ ،‬أخبرنا عنها نبينا منذ مئات السنين فقال كما فى صحيح‬
‫مسلم‪ ...‬تدبر ‪ ":...‬ليس من كل الماء يكون الولد" (مش كل الحيوانات المنوية‬
‫يكون منها الولد ال" "ليس من كل الماء‪ -‬أى المنى‪ -‬يكون الولد وإذا أراد‬
‫‪.‬الله خلق شئ لم يمنعه شئ"‪ .‬الحديث فى صحيح مسلم‪)]6[(.‬‬

‫يصل هذا الحيوان إألى البويضة فيلقحها‪ ،‬إذا ما اقترب الحيوان المنوى من‬
‫البويضة تقوم البويضة بفرز سائل لزج من شأنه يمسك بالحيوان المنوى على‬
‫جدراها‪ ،‬فإن التصق الحيوان المنوى بجدار البويضة أفرز هو اآلخر سائال ً من‬
‫شأنه أن يذيب هذا التاج المشع على رأس البويضة‪ ،‬فإن ذاب التاج اخترق‬
‫الحيوان المنوى جدار البويضة‪ ،‬فإن دخل أحكمت البويضة على الحيوان المنوى‬
‫األبواب والنوافذ حتى ال يخرج‪ ،‬من الذى علم البويضة ذلك؟ ثم تتخلص البويضة‬
‫فورا ً من التاج المشع لماذا؟ حتى ال تلفت بهذا التاج المشع نظر حيوان منوى‬
‫ان ِمن‬‫نس َ‬
‫جديد ألنها لم تعد تسمح بذلك‪ ،‬فتتكون النطفة األمشاج {ِإ ن َّا َخلَقْنَا الِْإ َ‬
‫اج } (‪ )2‬سورة اإلنسان‬ ‫‪.‬ن ُّْطفَةٍ َأ ْم َش ٍ‬

‫النطفة األمشاج‪ :‬هى اجتماع الحيوان المنوى مع البويضة بعد التخصيب‪ ،‬وبعد‬
‫أيام قليلة تتحول النطفة األمشاج إلى انشطارات عديدة من الخاليا‪ ،‬الخلية‬
‫تنشط إلى خليتين والخليتين إلى أربع وهكذا‪ ،‬حتى تتكون هذه النطفة األمشاج‬
‫‪.‬فى صورة جديدة تشبه تماما ً فعل التوت‬

‫ولذلك يسمى العلماء النطفة فى هذه المرحلة بالتوتة‪ -‬هذا اصطالح علمى‪ -‬هذه‬
‫النطفة األمشاج تنتقل بعد ذلك إلى مرحلة العلقة وسميت بالعلقة لتعلقها‬
‫بجدار الرحم عند المرأة‪ ،‬فإن تعلقت بجدار الرحم يبدأ الرحم هو اآلخر بفرش‬
‫‪،‬المكان بالوسائد والفرش من أوعية دموية حانية لهذا العلقة حتى ال تؤذى‬
‫‪،‬وبعد أيام قليلة تتمايز العلقة إلى طبقتين‪ :‬طبقة خارجية وإلى طبقة داخلية‬
‫‪،‬الطبقة الخارجية وظيفتها فقط أن تمتص الغذاء من الدماء فى جدار الرحم‬
‫والطبقة الداخلية وظيفتها فقط تكوين الجنين‪ ،‬صنع من؟‬

‫ثم تنتقل العلقة بعد ذلك إلى مرحلة جديدة تسمى المضغة وسميت بالمضغة‪ ،‬ألن‬
‫الجنين فى هذه المرحلة يشبه تماما ً قطعة اللحم التى مضغتها أسنان إنسان ثم‬
‫لفظت‪ ،‬إن نظرت إلى الجنين‪ ،‬سترى أن الجنين عبارة عن قطعة من اللحم عليها‬
‫آثار المضغ‪ ،‬ثم تتحول بعد ذلك المضغة‪ ،‬تدبر معى إألى عظام عظام من أين جاءت‬
‫العظام؟ لقد كانت نقطة ماء فتحولت إلى علقة (ماشى جائز) ثم قطعة لحم (جائز)‬
‫لكن تتحول إلى عظام‪ ... ،‬من أين جاء العظم عظام‪ ...‬وعظام عجيبة ليست قطعة‬
‫عظم عادية‪ ،‬بل عظام للوجه وللذراع وللصدر وللساق وللقدم ولألصابع‪ ،‬هيكل‬
‫‪.‬عظمى متكامل عجيب‬

‫نشْأن َ ُ‬
‫اه‬ ‫ثم يكسو الله هذه العظام باللحم ثم تأتى مرحلة الخلق اآلخر { ثُمَّ َأ َ‬
‫آخ َر } (‪ )14‬سورة المؤمنون‪ .‬فيأمر الله عز وجل الملك فينفخ فيه الروح‬ ‫َخلْقًا َ‬
‫والحديث فى الصحيحين‪ ":‬لقد وكل الله بالرحم ملكا يقول ‪ r‬يقول المصطفى‬
‫الملك‪ :‬أى ربى نطفة أى ربى علقة؟ أى ربى مضغة؟ أى ربى أذكر أم أنثى؟ أى ربى‬
‫‪ r :‬أشقى أم سعيد؟ أى ربى ما الرزق؟ أى ربى ما األجل؟" ([‪ )]7‬يقول المصطفى‬
‫‪".‬فيكتب الملك وبقضى ربك ما شاء ثم ينفخ الله عز وجل فى هذا الجنين الروح "‬

‫الروح ال العظام جائز‪ ،‬لكن فجأة ينبض القلب وتتحرك الجوارح واألعضاء وتبدأ‬
‫األذن فى السمع‪ ،‬تسمع وتتحرك‪ ،‬حياة تدب‪ ،‬حياة جديدة فى داخل الرحم‪ ،‬الله‬
‫‪.‬أكبر ‪ ...‬من أين هذا الخلق؟ أين هذه الحياة؟‬

‫وهنا وقف العالم الفرنسى الشهير الذى وقف يراقب مراحل نمو الجنين‬
‫‪:‬فى رحم امرأة مراقبة دقيقة بدقيقة‪ ،‬وعندما نفخت الروح فى الجنين صرخ وقال‬
‫‪ ).‬هنا الله ( ‪Here the God‬‬

‫من أين جاءت هذه الحياة‪ ،‬تعطلت كل أسباب العلم‪ ،‬إنها عظمة الملك جل جالله‬
‫أيها المسلم ‪ ...‬نظرك فيك يكفيك على أن الخالق هو الله‪ ،‬على أن الذى يستحق‬
‫بعد ذلك أن يعبد‪ ...‬هو الله وأن يوجد‪ ...‬هو الله وأن يمتثل أمره ‪ ...‬هو‬
‫الله‪ ،‬وأن يجتنب نهيه هو الله‪ ،‬وأن يقف المسلم عند حدوده هو الله‪ ،‬هو الله‬
‫‪.‬جل وعال‬

‫‪:‬أخيرا ً ‪ :‬عتاب مخزي‬

‫وهنا أختم اللقاء بعد هذه اإلطالة التى أعتذر عنها العنصر األخير عتاب أيها‬
‫‪.‬اإلنسان المغرور‬

‫علمك‪ ،‬يا من غرك‬ ‫أيها اإلنسان المتكبر‪ ،‬أيها اإلنسان المخدوع‪ ،‬يا من غرك‬
‫نفسك؟ أنسيت أنك‬ ‫منصبك‪ ،‬يا من غرك جاهك‪ ،‬يا من غرك مالك‪ ،‬أنسيت أصلك؟ أنسيت‬
‫بهذه الرؤيا الجميلة‬ ‫كنت فى العدم ال تذكر؟ تعرف على ربك‪ ،‬أعرف ربك من اآلن‬
‫تبارك وتعالى عليك‬ ‫‪.‬الجديدة‪ ،‬ثم تعرف على حقه تعرف على حق الله‬

‫فالسؤال‪ :‬أليس هذا اإلله العظيم يستحق منا أن يعبد؟ أليس هذا األله العظيم‬
‫يستحق أن تعرف حقوقه سبحانه وتعالى عليك؟ ينقسم الناس إلى قسمين‪ :‬فريق فى‬
‫‪.‬الجنة وفريق فى السعير‪ ،‬وفريق شقى وفريق سعيد‬

‫أما الشقى فيقول ‪ :‬ال ال يعترف بربه ويكفر بخالقه ويزداد عنادا وكفرا‬
‫وطغيانا‪ ،‬وأما السعيد هو الذى يذعن ويرتجف قلبه وتدمع عينه وتخشع جوارحه‬
‫ويقول‪ -‬ورب الكعبة‪ : -‬إننى فى حاجة إلى أن أتعرف من جديد على حقوق هذا‬
‫اإلله العظيم سبحانه‪ ،‬ألوفيها كاملة غير منقوصة مع تضرعى إليه بأن يرحمنى‬
‫‪.‬لعجزى وفقرى‬

‫والسؤال اآلن من كل مؤمن صادق بين يدى أو سيستمع إلى عبر شريط الكاسيت‪ ،‬أنا‬
‫ال أخاطب هذا الجمع الكريم بين يدى‪ ،‬وإنما أخاطب األمة كلها عبر هذه‬
‫الوسيلة العظيمة التى قيضها الله للدعوة فى هذا العصر الحديث‪ ،‬أال وهى‬
‫‪.‬الشريط اإلسالمى‬
‫على كل مسلم صادق وكل مسلمة صادقة‪ ،‬فما هو حق‬ ‫أقول السؤال اآلن الذى سيطرحه‬
‫غير منقوص؟ والجواب فى الشهر القادم بإذن الله جل‬ ‫الله علينا لنوفيه كامال ً‬
‫أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه‬ ‫‪.‬وعال ‪ ،‬أسأل الله سبحانه‬

‫‪...‬الدعاء‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪.‬رواه البحخارى فى الجهاد والسير (‪ )2856‬ومسلم فى اإليمان (‪(1) )30‬‬

‫‪.‬رواه البخارى فى العلم (‪ )128‬ومسلم فى اإليمان (‪(2) )32/53‬‬

‫‪.‬رواه مسلم فى افيمان (‪(1) )293 / 179‬‬

‫‪.‬رواه مسلم فى اإليمان (‪(1) )12/10‬‬

‫رواه البخارى فى التفسير (‪ ، )4811‬ومسلم فى صفة القيامة والجنة والنار )‪(2‬‬


‫‪(2786) .‬‬

‫رواه مسلم فى القدر (‪(1) )2644‬‬

‫‪.‬رواه البخارة فى الحيض (‪ )318‬ومسلم فى القدر (‪(1) )2646 ، 2645‬‬

‫خطب جمعة مكتوبة‬

‫نالحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‬


‫‪.‬ومنسيئات أعمالنا‪ ،‬إنه من يهده الله فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‬
‫‪.‬وأشهدأن ال إله إال الله وحده ال شريك له ‪ ،‬وأشهد أن سيدنا محمدا ً عبده ورسوله‬

‫‪ :‬أما بعد‬

‫فحياكمالله جميعا أيها األحبة الكرام ‪ ،‬وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعا ً‬
‫منالجنة منزال‪ ،‬وأسأل الله الكريم – جل وعال – الذي جمعنا في هذا‬
‫البيتالطيب المبارك على طاعته‪ ،‬أن يجمعنا في اآلخرة مع سيد الدعاة المصطفي‬
‫‪ ..‬فيجنته ودار مقامته‪ ،‬إنه ولي ذلك ومواله ‪r‬‬

‫وال زلنا بحول الله وطولهنواصل دروس العقيدة لمعهد إعداد الدعاة وال زال‬
‫‪.‬الحديث ممتدا ً عن أركاناإليمان بالله – جل وعال – فنحن ما فارقنا دروس العقيدة‬

‫ونحنالليلة على موعد مع الدرس السادس من دروس اإليمان بالله واليوم‬


‫اآلخر‪،‬وتكلمت في المحاضرة الماضية عن عالمات الساعة الصغرى التي وقعت‬
‫‪.‬وانقضتوانتهت‬

‫ونحن الليلة إن شاء الله – تعالى – على موعد مع العالماتالصغرى التي وقعت‬
‫‪،‬وال زالت‪ ،‬ومن الجائز أن يتكرر وقوعها قبل أن يرث اللهاألرض ومن عليها‬
‫وهذه العالمات التي سأشرع في الحديث عنها الليلة إن شاءالله تعالى‪ ،‬وقد‬
‫يطول حديثنا في هذا القسم من العالمات الصغرى ‪ ،‬إذ إننيسأتعرض في حديثي عن‬
‫‪ r‬الفتن والمالحم‪ ،‬التي أخبر عنها الصادق المصدوق الذيال ينطق عن الهوى‬
‫‪.‬والتي ال يعرفها كثير من أبناء األمة اآلن‬
‫أولهذه العالمات التي وقعت وال زالت وستكرر‪ ،‬أول هذه العالمات كما‬
‫ظهور الفتن هذه أول عالمة ‪ r.‬أخبرالصادق المصدوق الذي ال ينطق عن الهوى‬
‫‪،‬عن وقوعها ‪ ،‬فوقعت ولما تنقض بعد ‪ r‬منالعالمات الصغرى التي أخبر النبي‬
‫والزلنا نرى من هذه الفتن في كل يوم أنواعا ً وأشكاال‪ ،‬نسأل الله أن‬
‫‪.‬يحفظناوإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه على كل شيء قدير‬

‫قال ابنمنظور في ((لسان العرب))‪ :‬الفتن جمع فتنة‪ ،‬الفتن جمع فتنة وهي‬
‫االبتالءواالمتحان واالختبار ‪ ،‬ثم كثر استعمالها فيما أخرجه االختبار‬
‫للمكروه‪ ،‬ثمانطلقت على كل مكروه‪ ،‬أو آيل إلى مكروه كاإلثم والكفر والقتل‬
‫‪ .‬والتحريقوغير ذلك من األمور المكروهة هذا هو التأصيل اللغوي لمعنى كلمة الفتن‬

‫أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة‪ ،‬التي يلتبس ‪ r‬وقدأخبر النبي‬
‫فيهاالحق بالباطل فتزلزل هذه الفتن اإليمان في القلوب‪ ،‬حتى يصبح الرجل‬
‫مؤمنا ًويمسي كافرا ً ويمسي مؤمنا ً ويصبح كافرا ً ‪ ،‬كلما ظهرت فتنة من الفتن‬
‫قااللمؤمن‪ :‬هذه مهلكتي‪ ،‬هذه الفتنة مهلكتي‪ ،‬ثم تنكشف فيظهر غير هذه‬
‫الفتنةفيقول المؤمن‪ :‬هذه مهلكتي ثم تنكشف فتظهر فتنة جارية أخرى‪ ،‬وهكذا ال‬
‫‪ r.‬تزااللفتن تظهر إلى قيام الساعة كما أخبر الصادق‬

‫ففي الحديث الذيرواه اإلمام مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن‬
‫‪ frown.gif‬قااللجمعة للشيخ محمد حسان مكتوبة ‪ r‬النبي‬
‫بادروا(( ))بادروا باألعمال(>‪<http://www.vb.haeaty.com/threads1793/‬‬
‫باألعمال فتنا ً كقطع الليل المظلم)) أي‪:‬تقدموا باألعمال الصالحة بين يدي‬
‫الفتن التي ستكون كقطع الليل المظلم((بادروا باألعمال فتنا ً كقطع الليل‬
‫المظلم‪ ،‬يصبح الرجل مؤمنا ً)) ((يصبحالرجل مؤمنا ً ويمسي كافرا ً ويمسي مؤمنا ً‬
‫‪.‬ويصبح كافرا ً يبيع دينه بعرض منالدنيا))(‪)1‬‬

‫فكم من أناسيبيعون دينهم‪ ،‬بعرض من ‪ r،‬ها نحن اآلن نرى مصداق كالم النبي‬
‫الدنيا حقير‪ ،‬من أجل كرسي في مجلس الشعب‪ ،‬أو كرسيفي مجلس شورى‪ ،‬أو كرسي في‬
‫منصب من المناصب‪ ،‬أو وظيفة من الوظائف ‪ ،‬ربما اليتورع الرجل أن يكذب‪ ،‬وأن‬
‫ينافق وأن يخادع‪ ،‬وأن يماليء ‪ ،‬وأن ينافق بل وأنينفق كل ما يملك‪ ،‬للوصول‬
‫‪ :‬لهذه الغاية فإذا ما وصل إلى الغاية التي أرادتنكر لجل وعوده إن لم أقل‬
‫‪ .‬لكل وعوده التي وعد الناس بها‬

‫فالناخبيكذب على ناخبيه ‪ ،‬المرشح يكذب على ناخبيه ‪ ،‬والحاكم يكذب على‬
‫محكوميه‪،‬والعالم – إال من رحم ربي – قد يزل فْي الكذب فيزور الفتاوى العرجاء‬
‫‪ ،‬لذوي السلطان ‪ ،‬وهكذا – ((بادروا باألعمال فتنا ً كقطع الليل المظلم‪،‬‬
‫يصبحالرجل مؤمنا ً‪ ،‬يصبح الرجل مؤمنا ً ويمسي كافرا ً ويمسي مؤمنا ً ويصبح‬
‫‪)).‬كافراًيبيع دينه بعرض من الدنيا‬

‫من حديث عمرو بن عوف ‪ r‬ولذا حذر النبي‬ ‫من فتنة الدنيا كمافي الصحيحين‬
‫عليكم والله ما ‪ r‬األنصاري رضي الله عنه أنه‬ ‫قال ‪(( :‬والله ما الفقر أخشى‬
‫أنتبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان‬ ‫الفقر أخشى عليكم ‪ ،‬ولكني أخشى‬
‫كما تنافسوهافتهلككم كما أهلكتهم )) ([‪)]1‬‬ ‫‪.‬قبلكم فتنافسوها‬

‫وفي الحديث الذي رواه اإلمام أحمدفي مسنده ‪ ،‬وأبو داود في سننه وابن ماجه‬
‫كذا في السنن والحاكم في المستدرك‪ ،‬وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي‬
‫قال‪(( :‬إن بين يدي ‪ r‬واأللباني من حديث أبي موسى األشعريأن الحبيب النبي‬
‫الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبحالرجل مؤمنا ً ويمسي كافرا ً ويمسي مؤمنا ً‬
‫ويصبح كافرا ً القاعد فيها)) – أي‪ :‬في هذه الفتن – ((خير من القائم ‪ ،‬القاعد‬
‫فيها خير من القائم والقائمفيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي‬
‫فكسروا قسيكم وقطعواأوتاركم واضربوا بسيوفكم الحجارة فإن ُد ِخل على أحدكم‬
‫‪.‬فليكن كخير ابنيآدم))([‪ – )]2‬أي ‪ :‬الذي قُتل‬

‫رضوان الله عليها ‪ r‬وفي الحديث الذي رواه البخاري منحديث أم سلمة زوج النبي‬
‫ليلة فزعا ً – في ليلة أم سلمة استيقظ النبي ليلة‪ r‬قالت ‪ :‬استيقظ رسول الله‬
‫من لياليها فزعا ً وهويقول ‪ (( :‬سبحان الله ! سبحان الله ! ماذا أنزل الله من‬
‫الخزائن ؟ وماذاأنزل الله من الفتن ؟ من يوقظ صواحب الحجيرات ؟ ‪ -‬أي من‬
‫يوقظ زوجات النبيالطاهرات – من يوقظ صواحب الحجيرات ؟ لكي يصلين فرب كاسية‬
‫‪.‬في الدنيا عاريةفي اآلخرة))([‪)]3‬‬
‫وهو يقول‪ (( :‬سبحان الله ماذاأنزل الله من الفتن)) رأى النبي ‪ r‬استيقظ الني‬
‫في هذه الليلة الفتن الكثيرة التي وصفهاكأنها كقطع الليل األسود ‪ ،‬المظلم ‪r‬‬
‫لذا فهو يأمر أو يريد أن يوقظ نساءه –رضوان الله عليهن– ليصلين لله – جل‬
‫‪ .‬وعال – ثم قال‪(( :‬رب كاسية في الدنياعارية في اآلخرة))‬

‫وذكر الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى –أقواال ً كثيرة في تفسير هذه الكلمة‬
‫األخيرة ((رب كاسية في الدنيا عارية فياآلخرة )) فقال (( رب كاسية في‬
‫‪،‬الدنيا وهي عارية في اآلخرة )) أي تلبسلباسا ً ضيقا ً أي تلبس ثيابا ً شفافة‬
‫تظهر هذه الثياب عورتها‪ ،‬إما بضيقهاوإما بشفافيتها هذه يظهر الله – جل وعال‬
‫جزاء وفاقا ًإلظهارها لعورتها في الدنيا –‬
‫ً‬ ‫‪.‬عورتها في اآلخرة‪،‬‬

‫‪:‬قال ‪ r‬وأنتم تعلمون الحديث الصحيح الذي رواهمسلم من حديث أبي هريرة انه‬
‫– أرجو أن تنتبه المسلمات إلى هذا الحديث– )) صنفان من أمتي من أهل النار((‬
‫وهذه أيضا من )) صنفان من أمتيمن أهل النار لم أرهما بعد (( ‪ r :‬يقول النبي‬
‫‪ .‬الخالدة ومنعالمات الساعة كما سأبين إن شاء الله – تعالى ‪ r‬معجزات النبي‬

‫صنفان من أمتي منأهل النار لم أرهما بعد ‪ :‬رجال معهم سياط كأذناب البقر((‬
‫يضربون بها الناس))وأنتم ترون اآلن السياط التي تصنع من أذيال البقر وأذناب‬
‫البقر ! ليلهببها الظالمون والطغاة ظهور كثير من الناس من المظلومين‬
‫والمؤمنين فيالسجون‪ ،‬هنا وهنالك ((رجال معهم سياط كأذناب البقر ‪ ،‬ونساء‬
‫كاسيات عارياتمائالت مميالت رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ال يدخلن الجنة‬
‫وال يجدن ريحهاوإن ريحها – أي وإن ريح الجنة – ليوجد من مسيرة كذا وكذا ))([‪)]4‬‬

‫– يقول‪(( :‬رب كاسية في الدنيا بالنعم وهي عارية عن شكر المنعم ‪ r‬فالنبي‬
‫‪.‬تبارك وتعالى‬

‫وهناكمن يقول ‪ُ :‬رب كاسية في الدنيا بالثياب لغناها ‪ ،‬ولكنها عارية من‬
‫الثيابيوم القيامة‪ ،‬لتجردها في الدنيا من العمل الصالح ‪ ،‬الذي تكسي بفضله‬
‫‪.‬عندالله في اآلخرة‬

‫إذن يقول النبي – عليه الصالة والسالم‪(( :‬سبحانالله ! سبحان الله ! ماذا‬
‫أنزل الله من الخزائن ؟ وماذا أنزل الله منالفتن ؟ من يوقظ صواحب الحجيرات‬
‫؟ ‪ -‬أي من يوقظ زوجات النبي الطاهرات – منيوقظ صواحب الحجيرات ؟ لكي‬
‫يصلين)) ثم قال (( رب كاسية في الدنيا عارية فياآلخرة )) نسأل الله أن يستر‬
‫‪ .‬نساءنا في الدنيا واآلخرة‪ ،‬إنه ولي ذلكومواله‬

‫وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بنالعاص – رضي الله‬
‫‪،‬الصالة جامعة‪ r :‬عنهما قال – تدبر هذا الحديث – نادى منادي رسول الله‬
‫إن أمرا ً ‪ r‬الصالة جامعة – وإذا نادى المنادي بهذا النداء ‪ ،‬يعلم أصحابالنبي‬
‫يريد أن يخبر بشيء قد تمن ‪ ،‬أوبتشريع قد نزل فنادى ‪ r‬قد وقع وأن النبي‬
‫‪.‬المنادي‪ :‬الصالة جامعة ‪ ،‬الصالة جامعة‬

‫فقال – بأبي هو وأمي‪(( :‬إنه ‪ r‬يقولعبد الله بن عمرو ‪ :‬فاجتمعنا لرسول الله‬
‫لميكن نبي من قبلي إال كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه‬
‫إنه لم يكن نبي من قبلي إال كان حقا عليه أن يدل(( ‪ r‬لهم))تدبر كالم النبي‬
‫أمتهعلى خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل‬
‫‪.‬ثم الذي يليه ثم الذي يليه ‪ r‬عافيتهافي أولها)) فخير القرون قرن النبي‬

‫يقول– عليه الصالة والسالم‪(( :‬وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها‬
‫وسيصيبآخرها بالء ‪ ،‬وسيصيب آخرها بالء وأمور تنكرونها ‪ ،‬وتجيء الفتنة‬
‫‪.‬وتجيءالفتنة فيرقق بعضها بعضا)) ([‪)]5‬‬

‫يجسد فتن هذا ‪ r‬يا إلهي !! تعبير نبوي في غايةالبالغة‪ ،‬والله كأن النبي‬
‫الواقع المعصر – ((فيرقق بعضهابعضا)) ما معنى ذلك؟ معنى ذلك أنه قد تقع‬
‫الفتنة العظيمة التى تخلع القلوبوتصيب المؤمن بالذهول‪ ،‬فسرعان ما تقع فتنة‬
‫أخرى أعصف‪ ،‬فتنسي الفتنةالثانية الفتنة األولى‪ ،‬فيرقق بعضها بعضا‪ ،‬فينظر‬
‫المسلم إلى الفتنةالجديدة‪ ،‬إلى هولها وفظاعتها ‪ ،‬وبشاعتها ‪ ،‬فيرى أن الفتنة‬
‫األولى ‪ ،‬التىسبقت ما هي إال بسيطة‪ ،‬ورقيقة إلى جوار الفتنة الجديدة‬
‫وال حول ‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%C7%E1%CC%CF%ED%CF%C9> ،‬‬
‫‪.‬وال قوةإال بالله‬

‫الذي يقول‪(( :‬وإن أمتكم هذه جعلعافيتها في أولها وسيصيب ‪ r‬تدبر كالم النبي‬
‫آخرها بالء‪ ،‬وسيصيب آخرها بالء وأمور تنكرونها‪،‬وتجيء الفتنة وتجيء الفتنة‬
‫فيرقق بعضها بعضا‪ ،‬وتجيء الفتنة فيقول المؤمن‪:‬هذه هذه)) أي‪ :‬هذه مهلكتي هذه‬
‫مهلكتي اسمع ((فمن أحب أن يزحزح عن النارويدخل الجنة فلتأته منيته‪ ،‬وهو‬
‫‪ )).‬يؤمن بالله واليوم اآلخر‪ ،‬وليأت إلى الناسالذي يحب أن يؤتى إليهم‬

‫آمنُوا ْ اتَّ ُقوا ْ الل َّه َح َّق ُت َقا ِت ِه َوال َ‬


‫ين َ‬ ‫يقول الله – جل وعال ‪{ :‬يَا َأيُّ َهاال َّ ِذ َ‬
‫ون } [آل عمران‪]102/‬‬ ‫‪ .‬تَ ُموتُنَِّإال َّ َوَأنتُم ُّم ْسلِ ُم َ‬

‫أي في ظل هذهالفتن يجب عليك أن تجدد اإليمان أن تجدد اإليمان ‪ ،‬فإن اإليمان‬
‫يخلق فإناإليمان يضعف كما في الحديث الذي رواه الطبراني في ((معجمه‬
‫الكبير))والحاكم في ((المستدرك)) من حديث عبد الله بن عمرو وحسنه األلباني‬
‫قال ‪ (( :‬إن اإليمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب – أي ‪ r‬أنالنبي‬
‫‪.‬كمايبلى الثوب‪ -‬فاسألوا الله أن يجدد اإليمان في قلوبكم ))([‪)]6‬‬

‫فاألمريحتاج في ظل هذه الفتن – كما سنبين إن شاء الله – تعالى – إلى أن‬
‫يجدداإلنسان المسلم إيمانه بالله – جل وعال – وباليوم اآلخر وأن يتعوذ‬
‫‪ .‬باللهمن شر هذه الفتن ما ظهر منها وما بطن‬

‫فمن أحبأن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته‪ ،‬وهو (( ‪ r :‬يقول النبي‬
‫‪.‬يؤمن بالله واليوم اآلخر‪ ،‬وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليهم ))([‪)]7‬‬

‫وفي الحديثالذي رواه مسلم من حديث حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – أن‬
‫‪ frown.gif‬قااللجمعة للشيخ محمد حسان مكتوبة ‪ r‬النبي‬
‫وفي ))من الفتن ثالث ال يذرن شيئا ً(>‪<http://www.vb.haeaty.com/threads1793/‬‬
‫(( يكدن يذرن شيئا ومنهن))يعني‪ :‬النبي‬
‫ال‬ ‫يبين أن الفتن منها ما هو ‪ r‬لفظ‬
‫كبير وضخم ‪ ،‬ومنها ما هو صغير((ثالث ال يكدن يذرن شيئا ومنهن فتن كرياح‬
‫‪ ،‬الصيف منها صغار ومنهاكبار))([‪ )]8‬يبقى الفتن متدرجة منها ما هو شديد‬
‫ومنها ما هو كرياح الصيف‪ ،‬ومنها ما هو صغير‬

‫أن الفتن قد تشتد ‪ ،‬وأنالبالء قد يزيد ‪ ،‬لدرجة أن يتمنى ‪ r‬ولذلك أخبر النبي‬
‫العبد المؤمن ‪ ،‬إذا مر على قبر رجل منالصالحين ‪ ،‬يتمنى العبد المسلم ‪ ،‬أن‬
‫لو كان مكانه كما قال النبي – صلىالله عليه وسلم – كما في الحديث الذي رواه‬
‫بلورواه أيضا اإلمام البخاري يقول النبي صلى ‪ r -‬اإلمام مسلم يقول النبي‬
‫الله عليه وسلم وعلى آله وسلممن حديث أبي هريرة ‪ (( :‬ال تقوم الساعة حتى‬
‫‪.‬يمر الرجل على قبر الرجل فيقول‪ :‬ياليتني كنت مكانه ؟ )) ([‪)]9‬‬

‫ألم نسمع هذه الكلمة مراراًوتكرارا ً من كثير من الناس ‪ ،‬يتمنى كثير من الناس‬
‫‪ .‬من شدة الفتن والبالء –نسأل الله – عز وجل – أن يختم لنا ولكم بالصالحات‬

‫مع أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد حذر أن يتمنى أو نهى أن يتمنى العبد‬
‫‪.‬الموت لضر وقع به ([‪)]10‬‬

‫والجمعبين الحديثين – إذ ال تعارض أبدا ً – أن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلمنهى أن يتمنى العبد الموت من الله – عز وجل – من باب القنوط أو اليأس‬
‫أواإلحباط من الحياة وإنما ال حرج أن يقول العبد (( اللهم أحيني ما‬
‫دامتالحياة خيرا ً لي‪ ،‬وتوفني ما كانت الوفاة خيرا ً لي )) نسأل الله أن‬
‫‪ .‬يختملنا ولكم باإليمان‬

‫والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أنيتمنى العبد الموت من الله عز‬
‫وجل من باب القنوط أو اليأس أو اإلحباط ‪ ،‬منالحياة وإنما ال حرج أن يقول‬
‫العبد‪ (( :‬اللهم أحيني ما دامت الحياة خيراًلي ‪ ،‬وتوفني ما كانت الوفاة خيرا ً‬
‫‪ .‬لي )) ([‪ )]11‬نسأل الله أن يختم لناولكم باإليمان‬

‫إذن أيها األحبة الكرام ‪ :‬هذه أحاديث ذكرتها تبينأن النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم قد بين أن ظهور الفتن من أشراطوعالمات الساعة ومن أكثر الفتن‬
‫منها ‪ ،‬بل وبين مصدرها كانت من‪ r‬التي ظهرت في المسلمين ‪ ،‬وتعوذ النبي‬
‫المشرق ‪ ،‬قف لتقف على عظمة النبي محمد‬
‫وعلى أنه ال ينطق‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%E3%CD%E3%CF> r‬‬
‫‪ .‬عن الهوى ‪ ،‬قف مع هذه اللقطة المهمة‬

‫أقول‪ :‬معظمالفتن التي بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقوعها ‪ ،‬بين‬
‫أنها ستقعفي المشرق أو ستخرج من المشرق فقال – عليه الصالة والسالم – كما‬
‫– في الحديثالذي رواه مسلم من حديث ابن عمر ورواه البخاري أيضا ً يقول النبي‬
‫عليهالصالة والسالم – وهو يستقبل المشرق‪ (( :‬أال إن الفتنة ها هنا أال‬
‫‪ )) .‬إنالفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان‬

‫حديث رواه البخاريومسلم من حديث ابن عمر‪(( :‬أال إن الفتنة ها هنا )) ويشير‬
‫إلى جهةالمشرق ((أال إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان ‪ r‬النبي‬
‫‪))([12]).‬‬

‫ويقول – عليه الصالة والسالم – كما في رواية مسلم‪ (( :‬رأس الكفر من ها هنا‬
‫‪ .‬من حيث يطلع قرن الشيطان )) يعني ‪ :‬من المشرق‬

‫دعا فقال ‪ (( :‬اللهم بارك لنا ‪ r‬وعنابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي‬
‫فيصاعنا ومدنا ‪ ،‬اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا اللهم بارك لنا في‬
‫صاعناومدنا اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا )) قال رجل من القوم ‪ :‬يا رسول‬
‫(( ‪ :‬الله‪ ،‬وفي عراقنا ؟ تدبر‪ ،‬وفي عراقنا ؟ فقال الني عليه الصالة والسالم‬
‫‪.‬إنبها قرن الشيطان وتهيّج الفتن وإن الجفاء بالمشرق))([‪)]13‬‬

‫‪ )) .‬إن بها قرن الشيطان وتهيّج الفتن وإن الجفاء بالمشرق((‬

‫وهذاالحديث رواه الطبراني ورواة هذا الحديث ثقات ورواته ثقات قال عليه‬
‫‪ .‬الصالةوالسالم ‪ (( :‬إن بها قرن الشيطان وتهيّج الفتن وإن الجفاء بالمشرق ))‬

‫على صدق‬ ‫قاالبن حجر ‪ :‬وأول الفتن كان منبعها من قبِل المشرق‪ ،‬تدبر! لتقف‬
‫عن الهوى‬ ‫‪،‬يقول ابن حجر‪ :‬وأول الفتن كان منبعها من المشرق ‪ r‬منال ينطق‬
‫به‪ ،‬وكذلك‬ ‫فكانذلك سببا ً لفرقة المسلمين وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح‬
‫تلك الجهة‬ ‫‪.‬البدع‪،‬نشأت من‬

‫‪ r -‬فمن العراق ظهر الخوارج – تدبر ! لتقف علىبداية الفتن‪ ،‬كما قال النبي‬
‫من العراق ظهرت الخوارج‪ ،‬ظهر الشيعةوالروافض‪ ،‬وظهرت الباطنية والقدرية‪ ،‬كان‬
‫أول من قال في القدر بالبصرة معبدالجهني‪ ،‬هذه فتنة عاصفة والقدرية‬
‫والمعتزلة‪ ،‬الفتنة العاصفة التي ابتليفيها األئمة ‪ ،‬كانت في العراق‪ ،‬وأكثر‬
‫مقاالت الكفر كان منشؤها من المشرقمن جهة الشرق يعني من جهة الفرس‪ ،‬من جهة‬
‫الصين‪ ،‬من جهة روسيا هذا هوالمشرق‪ ،‬وأكثر الفتن ‪ ،‬وأكثر مقاالت الكفر‪ ،‬التي‬
‫‪ .‬بدأت وخرجت‪ ،‬خرجت من جهةالمشرق‪ ،‬كما قال الصادق الذي ال ينطق عن الهوى‬

‫‪،‬فمن جهة الفرسالمجوس‪ ،‬خرجت كل فرق الكفر والضالل كالزرداشتية‪ ،‬والقاديانية‬


‫والبهائية‪،‬والهندوسية‪ ،‬والبوذية‪ ،‬كل هذه الفرق من فرق الكفر والضالل خرجت‬
‫‪ .‬من جهةالمشرق كما قال النبي – عليه الصالة والسالم‬

‫وأيضا ظهر التتار فيالقرن السابع الهجري‪ ،‬كان ظهور التتار من قبل المشرق‬
‫وقد حدث على أيديهممن الدمار والقتل ما تعلمونه ‪ ،‬حتى وصلت برك الدماء في‬
‫‪ ،‬بالد المشرق المسلمالعربي في بالد العراق ‪ ،‬في بغداد على وجه التحديد‬
‫وصلت برك الدماءوأكوام األشالء إلى منتصف ساق الخيول ‪ ،‬من كثرة القتل والدم‬
‫ومنعت صالةالجماعة في بالد العراق أربعين يوما ً ‪ ،‬ال يستطيع أحد أن يخرج ‪،‬‬
‫‪.‬من بيته ‪،‬ليصلي الجماعة في المسجد‬

‫فتن وإلى يومنا هذا ال يزال المشرقمنبع كل فتنة ‪ ،‬لنعلم أن النبي ال ينطق‬
‫عن الهوى صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ‪ ،‬فالشيوعية الملحد في المشرق والصين‬
‫الشيوعية التي تهدد األرض فيالمشرق والفاتيكان وكل فرق الضالل وكل فرق ‪،‬‬
‫الكفر ى زالت إلى يومنا هذا منقبل المشرق وتخرج ابتداء من المشرق كما قال‬
‫‪ .‬النبي صلى الله عليه وعلى آلهوسلم‬
‫وأحاديث الفتن أيها األحبة كثيرة كثيرة جدا ‪ ،‬كما قال النبيصلى الله عليه‬
‫قد حذر األمة من هذه الفتن وأخبرأن هذه األمة ‪ r‬وعلى آله وسلم ‪ ،‬والنبي‬
‫ستصاب بهذه الفتن وهذا البالء العظيم ‪ ،‬وليس هناك عاصم ياإخوة من كل هذه‬
‫الفتن ‪ ،‬كما سأفرد لهذا محاضرة مستقلة بإذن الله – تعالى –وأنا أتكلم في‬
‫آخر محاضرة عن الفتن ‪ ،‬ألن الحديث طويل جدا – سأفرد محاضرةللنجاة من هذه‬
‫‪ .‬الفتن ‪ ،‬أسأل الله – عز وجل – أن يعصمنا وإياكم من الفتن ماظهر منها وما بطن‬

‫– وبالجملة أقول ‪ :‬ال عاصم أبدا من هذه الفتن إالاإليمان بالله – جل وعال‬
‫إال اإليمان بالله – جل وعال – وباليوم اآلخرولزوم جماعة المسلمين من أهل‬
‫– السنة ‪ ،‬ولو كانوا قلة واالبتعاد عن الفتنوالتعوذ منها ‪ ،‬كما قال النبي‬
‫عليه الصالة والسالم‪(( :‬تعوذوا بالله منالفتن ما ظهر منها وما بطن تعوذا‬
‫‪)).‬بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن‬

‫والحديثرواه مسلم من حديث زيد بن ثابت – رضي الله عنه – قال عليه الصالة‬
‫‪ .‬والسالم‪ (( :‬تعوذا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ))(‪)1‬‬

‫يتعوذ في صالته من فتنة المحيا وفتنة الممات ومن فتنة المسيح ‪r‬وكان النبي‬
‫الدجال(‪)2‬وهي أعصف وأخطر فتنة سيتعرض لها من يعيش في األرض في هذه اللحظات‬
‫التييخرج فيها الدجال والعياذ بالله يقول النبي عليه الصالة والسالم – كما‬
‫‪ :‬فيرواية الطبراني عن عصمة بن قيس وهو صاحب للنبي عليه الصالة والسالم‬
‫أنهكان يتعوذ في صالته من فتنة المغرب ‪ ،‬ومن فتنة المشرق ‪ ،‬وكان يتعوذ‬
‫يوما كيف فتنة المغرب يا رسول الله ؟ ‪ r‬منفتنة المشرق ‪ ،‬فسئل النبي‬

‫خرج أمريكا من الفتنة وهي أم الفتنة‬


‫اسمعلتجمع بين الفتنتين (أحسن حد ي ُ ْ‬
‫‪:‬اآلن)يقول‪ :‬النبي عليه الصالة والسالم كان يتعوذ من فتنة المشرق فقيل له‬
‫فكيففتنة المغرب يا رسول الله ؟ قال‪(( :‬تلك أعظم وأعظم)) وفي لفظ ((تلك‬
‫‪ .‬أعظموأطم تلك أعظم وأطم ))(‪)3‬‬

‫الذي ال ينطق عن الهوى ‪ ،‬وربما تتضح ‪ r‬وأظنكم ترون اآلن صدق كالم النبي‬
‫‪ .‬الصورة أكثر ‪ ،‬وأنا أتحدث عن المالحم إن شاء الله – تعالى‬

‫وعنزيد بن عبد الرحمن بن أبي سالمة عن أبي الرباب ‪ ،‬وصاحب له أنهما سمعا‬
‫أباذر – رضي الله عنه – يدعو الله – عز وجل – ويتعوذ في صالة صالها‬
‫فأطالقيامها وأطال ركوعها ‪ ،‬وأطال سجودها فلما أنهى أبو ذر الصالة قال‬
‫فسألناه مم تعوذت ؟ وفيم دعوت ؟ فقال ‪ :‬تعوذت بالله من يوم البالء‪:‬‬
‫ويومالعورة أن يدركني ‪ ،‬قلنا ‪ :‬وما ذاك ؟ ما يوم البالء وما يوم العورة ؟‬
‫فقاألبو ذر – رضي الله عنه ‪ :‬أما يوم البالء فتلتقي فئتان مسلمتان ‪ ،‬أو‬
‫فئتانمن المسلمين – فيقتل بعضهم بعضا ( وقع وال أل ؟ ) فتنة علي ومعاوية‬
‫وغفر الله لنا ولهم وجمعنا معهم ‪ r‬رضيالله عنهما ‪ ،‬وعن جميع أصحاب النبي‬
‫‪ .‬فيجنة النعيم ‪ ،‬وتجاوز عنا وعنهم ‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‬

‫سألرجل خبيث عالما ً من العلماء يوما ً عن الفتنة بين علي ومعاوية – رضي‬
‫اللهعنهما – وقد فصلت ذلك في شريطي ‪ :‬عثمان وعلي رضي الله عنهما ‪ ،‬وبينت‬
‫إال بشروط ‪ ،‬وهذا ‪ r‬أنهال يجوز لمسلم ‪ ،‬أو أي أحد أن يتكلم في أصحاب النبي‬
‫منأعظم ما أؤصله لكم اآلن أيها األحبة الكرام هذا من أغلى ما أذكره‬
‫‪ .‬فيمحاضرة الليلة‬

‫يتطلب ‪ :‬صفاء فيالعقيدة وإخالصا في النية ‪ r‬أقول‪ :‬إن الحديث عن أصحاب النبي‬
‫وأمانة في النقل ودقة في الفهم ‪ ،‬ونظرة فاحصةومدققة ألراجيف المغرضين‬
‫‪ .‬والكذابين والوضاعين‬

‫‪.‬قف على هذه األصول‪ ،‬فهي من أنفس ما أعلمه الليلة‪ ،‬إلخواننا وأحبائنا الطالب‬

‫يتطلب‪ :‬صفاء في العقيدة وإخالصا في النية ‪ r‬إنالحديث عن أصحاب النبي‬


‫وأمانةفي النقل ودقة في الفهم ‪ ،‬ونظرة فاحصة ومدققة ألراجيف المغرضين‬
‫‪ .‬والكذابينوالوضاعين‬

‫فسأل خبيث عالما ً من العلماء عن الفتنة بين عليومعاوية فقال له‪ :‬يا أخي إن‬
‫أخطأ معاوية ‪ ،‬فإن عليا كريم ‪ ،‬وإن رب عليومعاوية لغفور رحيم إن أخطأ‬
‫‪ .‬معاوية ‪ ،‬فإن عليا كريم ‪ ،‬وإن رب علي ومعاويةلغفور‬

‫ولله در الذهبي إذ يقول ‪ :‬تلك فتنة ‪ ،‬نعم فتنة بكاللمقاييس – فتنة سلمت‬
‫منها أيدينا فلتسلم منها ألستنا وعند الله تجتمعالخصوم نسأل الله – عز وجل‬
‫‪ .‬أن يغفر لنا ولهم وأن يجمعنا بهم في جنةالنعيم –‬

‫فأبو ذر يقول ‪ :‬يوم البالء فئتان من المسلمين ‪ ،‬يقتلبعضهم بعضا ‪ ،‬وأما يوم‬
‫العورة فإن نساء من المسلمات يسبين فيكشف عن سوقهن‪ ،‬فأيتهن كانت أعظم ساقا‬
‫‪ .‬اشتريت على عظم ساقها فدعوت الله أال يدركني هذاالزمان(‪)1‬‬

‫‪ .‬ولعلكما تدركانه ‪ ،‬هكذا يقول أبو ذر لصاحبيه – رضوان الله عليهم جميعا‬

‫وأقول‪:‬لقد وقع ما خشيه أبو ذر من يوم العورة ‪ ،‬فلقد كشفت اآلن عورات‬
‫المسلمات‪،‬وال حول وال قوة إال بالله العلي العظيم ‪ ،‬وأنتم ترون المسلمات قد‬
‫انطلقنفي الشوارع هائمات‪ ،‬وقد كشفت المرأة التي تنتمي إلى اإلسالم عن‬
‫‪،‬صدرها‪ ،‬وعنشعرها‪ ،‬وعن ساقيها‪ ،‬وعن ذراعيها كشفت عن فتنتها ‪ ،‬وعن عورتها‬
‫‪:‬كشفت عنساقيها كما قال أبو ذر رضوان الله عليه – بل زكما قال أبو ذر‬
‫فأيتهن كانتأعظم‪ ،‬كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها وقع ورب الكعبة ما‬
‫‪! .‬قاله أبو ذركيف وأين ؟‬

‫ألم تقرؤوا أيها األحبة وتسمعوا عن حفالت اختيارملكات جمال العالم ؟ ألم‬
‫تختر ملكة جمال العالم بمثل هذه المواصفات التيذكر؟ ينظر إلى كل تفاصيل‬
‫جسدها‪ ،‬ثم تقدم من تنال النصيب األوفر من هذهالمواصفات‪ ،‬وكذلك في حفالت‬
‫‪.‬عروض األزياء‬

‫ولم أبعد النجعة‪ ،‬بل إننانرى ذلك في شوارعنا وطرقاتنا‪ ،‬وال حول وال قوة إال‬
‫بالله العلي العظيم‪،‬نسأل الله أن يرد المسلمات إلى الحق ردا جميال‪ ،‬إنه ولي‬
‫‪.‬ذلك والقادر عليه‬

‫فهذه– ورب الكعبة – أيام العورة على حقيقتها كما قال أبو ذر – رضي الله‬
‫‪ ،‬عنهوأرضاه – فإننا نرى عورات المسلمات بل نرى عورات المسلمات المغلظة‬
‫نرىالعورات المغلظة على الشواطىء العارية ‪ ،‬وال حول وال قوة إال بالله‬
‫‪ .‬العليالعظيم‬

‫قال ‪(( :‬اللهم ال يدركني زمان ‪ r‬وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي‬
‫أو ال أدرك زمان قوم ال يتبعون العليم وال يستحيونمن الحليم قلوبهم قلوب‬
‫‪ )) .‬األعاجم وألسنتهم ألسنة العرب‬

‫وصف عجيب‪ ،‬والحديث رواه الحاكم في ((المستدرك)) وصححه على شرط الشيخين‬
‫ووافقهالذهبي‪ ،‬يقول النبي – عليه الصالة والسالم ‪ (( :‬اللهم ال يدركني زمان‬
‫أوال أدرك زمان قوم ال يتبعون العليم وال يستحيون من الحليم قلوبهم‬
‫قلوباألعاجم وألسنتهم ألسنة العرب ))([‪)]14‬‬

‫وإن جل األمة اآلن اليتبعون العلماء ‪ ،‬بل يتبعون السفهاء ‪ ،‬بل يتبعون‬
‫كما في حديثه الصحيح ‪ r‬الروبيضات ‪ ،‬يتبعونالروبيضات الذين أخبر عنهم النبي‬
‫الذي رواه أحمد فيمسنده ‪ ،‬والحاكم في ((مستدركه)) من حديث أبي هريرة ‪ ،‬قال‬
‫عليه الصالةوالسالم ‪ (( :‬سيأتي على الناس سنوات خداعات ‪ ،‬يصدق فيها –‬
‫الكاذب ويكذب فيهاالصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها األمين وينطق فيها‬
‫الروبيضة )) قيل‪ :‬من الروبيضة يا رسول الله ؟ قال ‪ (( :‬الرجل التافه يتكلم‬
‫‪.‬في أمر العامة)) ([‪)]15‬‬

‫هذا هو الذي يتكلم اآلن‪ ،‬الروبيضة‪ ،‬فاألمة ال تتبع اآلنالعلماء بل تتبع‬


‫‪،‬السفهاء‪ ،‬بل تك ُرم السفهاء ‪ ،‬ما لو أقاموا لله شرعا ًألقاموا عليهم الحد‬
‫والله تكرم األمة اآلن من يجب أن يقام عليهم الحد ‪،‬هذا واقع أليم ‪ ،‬ال تتبع‬
‫األمة العلماء‪ ،‬وال تستحي من أهل العلم أبداًقلوبهم قلوب األعاجم ‪ ،‬قلوب‬
‫‪ .‬الغرب ألسنتهم ألسنة الغرب‪ ،‬وال حول وال قوةإال بالله العلي العظيم‬
‫قد أخبر أن الفتن تُعرض ‪ r‬ويزداد األمر خطرا ً يا شباب ‪ ،‬إذا علمنا أنالنبي‬
‫على القلوب ‪ ،‬وهذا مكمن الخطر ‪ ،‬أن الفتنتعرض على القلوب ‪ ،‬كما في صحيح‬
‫قال ‪ (( :‬تعرض ‪ r‬مسلم من حديث حذيفة بن اليمان – رضي اللهعنه – أن النبي‬
‫الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودافأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء‬
‫وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاءحتى تعود القلوب على قلبين ‪ :‬قلب أسود ‪،‬‬
‫مربادا كالكوز مجخيا ً ال يعرفمعروفا وال ينكر منكرا إال ما أشرب من هواه‬
‫‪ .‬وقلب أبيض ال تضره فتنة مادامت السماوات واألرض)) ([‪)]16‬‬

‫اللهم اجعلنا من أصحاب هذه القلوب البيضاء التقية النقية التي ال تضرها‬
‫‪ .‬الفتن ما دامت السماوات واألرض برحمتك يا أرحم الراحمين‬

‫يقوالبن مسعود – رضي الله عنه وأرضاه ‪ :‬أخاف عليكم فتنا ً كأنها الليل – تدبر‬
‫أخاف عليكم فتنا كأنها الليل يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه – يا–‬
‫‪ ،‬الله!! أخاف عليكم فتنا كأنها الليل يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه‬
‫إيهورب الكعبة ‪ /‬كم من قلوب ماتت اآلن في الصدور ‪ ،‬كما تموت األبدان‬
‫وأصحابهاال يشعرون ‪ ،‬يموت القلب تحجب الفتن القلوب عن أنوار اإليمان عن‬
‫ون{‪}14‬كَلَّا ِإ ن َُّه ْم َ‬
‫عن َّربِّ ِه ْم‬ ‫عل َى ُقل ُوب ِِهم َّما ك َانُوا يَك ِْسبُ َ‬ ‫عالمالغيوب {كَلَّا بَ ْل َر َ‬
‫ان َ‬
‫ون}[المطففين‪]14/‬‬ ‫جوبُ َ‬
‫ح ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِئ‬
‫‪ .‬ي َ ْو َم ذٍ ل َم ْ‬

‫يقول ‪ :‬أخاف عليكم فتنا كأنهاالليل من سوادها وظالمها ‪ ،‬يموت فيها قلب‬
‫الرجل كما يموت بدنه والعياذبالله تنكت الفتنة في القلب ‪ ،‬إن تشرب القلب‬
‫الفتنة تنكت في القلب نكتةسوداء ‪ ،‬فإن لم يتب العبد إلى الله ويرجع يتشرب‬
‫قلبه فتنة أخرى تزيد بقعةالسواد في قلبه ‪ ،‬فإن لم يرجع إلى الله – جل وعال‬
‫بالتوبة واألوبة تعرضعلى قلبه فتنة ثالثة ‪ ،‬فيشربها القلب فتزيد بقعة –‬
‫‪ r‬السواد وهكذا ‪ ،‬حتى يحجبسواد الفتن نور اإليمان في القلوب كما قال النبي‬
‫في الحديث الذي ذكرتمرارا وهو حديث صحيح رواه أبو نعيم والديلمي وصححه‬
‫قال ‪ (( :‬ما من ‪ r‬األلباني من حديث عليرضي الله عنه – أن الحبيب النبي‬
‫القلوب قلب إال ولهسحابة كسحابة القمر فبينما القمر مضيء فعلته سحابة فأظلم‬
‫فإذا تجلت عنهأضاء القمر في كبد السماء ينير ‪ ،‬فإذا تحركت سحابة كثيفة ‪،‬‬
‫‪.‬وحالت بين القمروبين األرض حجبت السحابة نور القمر عن األرض ))(‪)1‬‬

‫كذلك القلب ياإخوة إذا تكون الران في القلب وإذا تكاثفتت سحب المعصية‬
‫والذنوب على القلب‪ ،‬حجبت هذه السحب الكثيفة المظلمة نور اإليمان في القلوب‬
‫فإن تاب العبدإلى عالم الغيوب وعاد إلى الله – جل وعال – ورجع انقشعت تلك ‪،‬‬
‫السحب أنقشعتسحب المعصية بماذا ؟ بالتوبة فيجع القلب يرجع اإليمان في القلب‬
‫‪ .‬إلى حالتهمن النور والتأللؤ واإلشراق‬

‫أيها األحبة الكرام ‪ :‬سأكتفي بهذاالقدر ألعاود الحديث إن شاء الله تعالى في‬
‫اللقاء المقبل عن الفتن معحذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه وأقول قولي‬
‫هذا وأستغفر الله لي ولكموصلى الله على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم >‪<http://www.vb.haeaty.com/tags.php?tag=%E3%CD%E3%CF‬‬
‫‪ .‬وجزاكم الله خيرا‬

You might also like