You are on page 1of 4

‫المحور ‪ :II‬الشخص بوصفة قيمة‬

‫‪ ‬الطرح اإلشكالي للمحور‪:‬‬


‫إذا كان اإلنسان ٌشرك فً الكٌنونة مع الموجودات األخرى من أشٌاء مادٌة‬
‫باقً مجموع الحٌوانات األخرى كقٌمة مبتلة‪ ،‬فإن كونه شخصا ٌجعله ٌأخذ قٌمة‬
‫خاصة تسمو به عن كل وجود مادي أو حٌوانً فمن أٌن ٌستمد الشخص قٌمته؟ هل‬
‫تكمن قٌمته فً كونه غاٌة فً ذاته أم مجرد وسٌلة ؟ وهل هً قٌمة مطلقة أو نسبٌة ؟‬
‫وهل ٌستمد الشخص قٌمته من نفسه أو من عالقته مع األخرٌن؟‪.‬‬

‫مطلب التحليل‪(.‬تحليل نص إيمانويل كانط ص ‪)71‬‬ ‫‪‬‬


‫"الشخص غاية في ذاته"‬

‫‪ ‬التأطير اإلشكالي للنص‪:‬‬


‫ٌشكل النص لحظة أساسٌة فً التناول الفلسفً للشخص فً بعده القٌم‬
‫األخالقً‪ ،‬ما ٌضعنا ضمن المجال اإلشكالً للوضع البشري على مستوٌٌن الذاتً و‬
‫العالئقً ‪،‬وٌمكن حصر اإلشكال النص فً إشكال الشخص بوصفه قٌمة و هو‬
‫اإلشكال الذي حاول صاحب النص تناوله من خالل معالجته للتساؤل التالً‪:‬‬
‫من أٌن ٌستمد الشخص قٌمته ؟ هل تكمن قٌمة الشخص فً كونه غاٌة فً ذاته أم فً‬
‫كونه مجرد وسٌلة ؟و بأي معنى ٌمكن القول ان الشخص ذات حرة مستقلة واعٌة‬
‫اخالقٌة و لٌس مجرد موضوع و أداة فً ٌد الغٌر؟‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قيمة ‪ :‬المٌزة الخاصة بالشًء و سلوك إنسانً مرغوب فٌه‬ ‫‪-‬‬
‫الميول‪ :‬دوافع النفسٌة ذاتٌة ال تخضع اإلرادة‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ‬مستوى التحليل‪:‬‬
‫كجواب على هذه اإلشكال ٌرى كانط أن قٌمة الشخص تتحدد فً كونه غاٌة‬
‫فً ذاته ‪ ،‬ولٌس شٌئا أ و آداه أو موضوع ٌمكن استعماله للتحقٌق أهداف خاصة‪،‬‬
‫فاإلنسان كائن عاقل وواعً ٌمتلك اإلرادة و الحرٌة مما ٌجعله شخصا ٌتعٌن التعامل‬
‫معه كغاٌة فً ذاته ‪،‬أي بوصفه ذاتا أخالقٌة تستحق كل تقدٌر و احترام‬
‫فإذا كنا نستطٌع أن نتخذ من الموجودات الغٌر العاقلة و سائل نستخدمها للتحقٌق‬
‫اغراضنا‪ ،‬فإنه لٌس من حقنا أن نعامل الموجودات العاقلة على نفس النحو ‪،‬بل ٌجب‬
‫معاملتها كغاٌة فً ذاتها فالشخص باعتباره كائنا عاقال له قٌمة متمٌزة ال تقدر‬
‫بسعر‪ ،‬فهو وجود أخالقً ٌستشعر كرامة تفرض علٌه و على الغٌر احترام ذاته كما‬
‫تفرض علٌه احترام ذوات األخرٌن ‪،‬إن االستجابة لنداء الواجب األخالقً الكلً هو‬
‫الذي ٌشكل مبدأ موضوعٌا اإلرادة الخٌرة الذي بموجبها ٌجب التصرف اتجاه الكائن‬
‫العاقل بوصفه غاٌة فً ذاته ‪،‬باعتباره ذاتا لها كرامه تستوجب االعتراف بها كقٌمة‬
‫مطلقة تستحق االحترام و التقدٌر وهذا ما تعبر عنه الصٌغة الكنطٌة التً تعتبر‬
‫أمرا أخالقٌا "مطلقا" المبدأ األخالقً األسمى‪" :‬تصرف على نحو تعامل معه اإلنسانٌة‬
‫فً شخصك كما فً شخص غٌرك‪ .‬دائما و أبدا كغاٌة و لٌس مجرد وسٌلة بتاتا‪".‬‬
‫ولبناء أطروحته اعتمد صاحب النص على أزواج مفاهٌمٌة ضدٌة من قبٌل ‪:‬‬
‫العقل‪/‬المٌل‪ ،‬الغاٌة‪ /‬الوسٌلة‪ ،‬قٌمة مطلقة ‪ /‬قٌمة نسبٌة‪ ،‬الكائنات العاقلة ‪/‬الكائنات الغٌر‬
‫العاقلة‪ ،‬وٌسعى من خالل هذا التقابل التمٌٌز بٌن عام األشٌاء و عالم األشخاص على‬
‫مستوى القٌمة فالموجودات المجردة من العقل لٌس لها إال قٌمة الوسٌلة (قٌمة نسبٌة) ‪،‬‬
‫بٌنما الشخص بوصفه كائنا عاقال و مرٌدا تكمن قٌمة فً ذاته مما ٌمنحه قٌمة مطلقة‬
‫ال تقدر بسعر‪.‬‬
‫وإلقناعنا بأطروحته توسل كانط ببنٌة استداللٌة حجاجٌة قوامها أسلوب المقارنة و‬
‫التقابل بٌن الموجودات العاقلة و الغٌر عاقلة‪ ،‬لٌؤكد بان قٌمة الشخص تكمن فً‬
‫الطبٌعة العاقلة لإلنسان كما وظف عدة آلٌات حجاجٌه منها‪:‬‬
‫أسلوب اإلثبات والتأكٌد( إن اإلنسان ٌوجد كفاٌة‪ )...‬لٌؤكد لنا ان اإلنسان غاٌة فً‬
‫ذاته ألنه ٌمتلك الوعً واإلرادة‪ ،‬إضافة إلى أسلوب النفً‪ :‬لٌنفً على اإلنسان كل قٌمة‬
‫مشروطة (ولٌس كمجرد أداة‪.)...‬‬
‫تكمن قٌمة اطروحة كانط فً تأسٌسه لقٌمة الشخص على أساس عقل عملً‬
‫أخالقً حمل امرا أخالقٌا قطعٌا وشمولٌا وكونٌا ٌتوجب بشكل ملزم معاملة اإلنسان‬
‫دائما كفاٌة فً ذاته لما كرامة جدٌرة باالحترام‪ ،‬وامتالك اإلنسان للكرامة ٌكون علٌه‬
‫واجب احترام نفسه وغٌره عند كل تصرف‪ ،‬كما ٌصبح ملزما ٌفرض احترام الغٌر‬
‫له‪.‬‬
‫‪ ‬مستوى المناقشة‪ :‬استثمار نص جورج غوسدروف ص ‪21‬‬

‫‪ ‬موقف جورج غوسدروف‪( :‬استقاللية الشخص)‬

‫خالفا لفلسفة كانط التً تتناول الشخص لمنظور نظري نجد الفٌلسوف الفرنسً‬
‫جورج غوسدروف ٌتناوله من منظور عملً واقعً‪ ،‬فقٌمة الشخص ال تتحقق فً‬
‫نظره إال من خالل مشاركته للغٌر وأشكال انفتاحه علٌه‪ ،‬فالشخص ال ٌعٌش معزوال‬
‫وإنما مفروض علٌه العٌش داخل جماعة مع اآلخرٌن وهو بذلك مطالب بأن ٌحقق‬
‫ذلك االنتقال من االستقاللٌة الفردٌة والشخصٌة إلى ممارسة األخالق الملموسة التً‬
‫تجسدها كل مظاهر التضامن والمشارة مع الجماعة‪ ،‬وان هذه المشاركة الجماعٌة هً‬
‫التً ٌمكن للشخص أن ٌحقق عبرها ذاته بوصفه شخصا اخالقٌا‪ ،‬ولٌست حقٌقة‬
‫الشخص فً تجرده وعزلته‪ ،‬فالكمال األخالقً للشخص ال ٌتحقق فً مجال الوجود‬
‫الفردي‪ ،‬بل فً مجل الوجود الجماعً وفً أشكال التعاٌش والتضامن بٌن الناس‪.‬‬
‫بهذا ٌخلص غوسدروف إلى القول بأن قٌمة الذات واستقاللٌتها ال تحصل بالعزلة‬
‫والتعارض واالنفتاح واالنخراط مع الناس‪ .‬وفً هذا الصدد ٌقول غوسدروف‪:‬‬
‫"الشخص االخالقً ال ٌوجد إال بالمشاركة إنه ٌنفتح بذاته على الكون‪ ،‬وٌستقبل‬
‫الغٌر"‪.‬‬

‫التركيب‪:‬‬
‫إن اإلنسان كشخص وجود قٌم عاقل ٌستحٌل معه معاملته كأداة او تقٌٌمه‬
‫بسعر‪ ،‬عنه غاٌة فً ذاته‪ ،‬غٌر ان هذه القٌمة وهذه االستقاللٌة المتمٌزة للشخص‬
‫ال تتأتى فعلٌا إال لكائن ٌسهم لمجتمع فً صنعه باعتباره فردا واعٌا مسؤوال‬
‫وقادرا على التفاعل‪ .‬لكن أال ٌؤدي القول باكتساب الشخص لقٌمته عبر دخوله‬
‫فً عالقات مع الغٌر والتزامه بقٌم جماعٌة إلى فقدان الشخص استقاللٌته‬
‫وحرٌته‪.‬‬

You might also like