Professional Documents
Culture Documents
:إشكال المحور
هل وجود الغير ضروري لوجود األنا أم أن وجوده غير ضروري و افتراضي قابل للشك> ؟ الى أي حد يمكن ان
يتحقق وعي االنا> بذاتها من خالل الغير؟> ام ان االنا ال تحتاج> الى وسيط بينها وبين ذاتها ؟ واذا اعتبرنا> ان وجود الغير ضروري فما الذي
ينتج عن هذا الوجود رغم ضرورته ؟
:موقف ديكارت
يؤكد ديكارت أنه في عملية البحث عن الذات ليست األنا في حاجة إلى الغير بل يكفي للعقل أن يكون منسجما مع مبادئه فهو ينطلق من تجربة
الشك ليضع األنا الذي يشك و يفكر في عزلة وجودية مطلقة بحيث ال يحتاج إلى وساطة اآلخرين إلدراك وجوده ،فوجوده يقيني على نحو مطلق
بينما وجود اآلخر افتراضي احتمالي قابل للشك و يعطي مثاال على ذلك بالنظر من النافذة و رؤية معاطف و قبعات تجعلنا نشك ما إذا كان
يحركها أشخاص أم عصي .لكن الحقيقة التي ال يطالها الشك هي سمة الوعي و التفكير والشك التي تميز األنا و تثبت وجوده وهو ما تؤكده مقولة
.الكوجيطو":أنا أشك أنا أفكر[ إذن أنا موجود" .مما يعني ان وجود[ الغير في نظر ديكارت غيرضروري[ بالنسبة لالنا
:موقف هيجل
ينطلق هيجل من االعتراض على الكوجيطو الديكارتي الذي ينفي أهمية الغير بالنسبة لألنا في حين يعتبر هيجل أن وعي األنا بذاتها يكون ناقصا
بسيطا منغمسا في الحياة منشغال بما هو طبيعي( مثال الطفل المتوحش و المرآة ) .مما يتطلب خروجه نحو الغير و تجاوز الرغبة الطبيعية نحو
رغبة أخرى هي انتزاع االعتراف به كذات واعية حرة مما يجعله يصطدم برغبة الغير الذي يرغب في نفس الرغبة .وبذلك ينشأ الصراع بينهما
ينتهي بتنازل أحد الطرفين عن حريته و إرادته و القبول بالتحول إلى موضوع أي إلى وعي تابع بينما الطرف اآلخر يتابع المغامرة بحياته تشبتا
.بحريته أي بوعيه الخالص ،و بذلك يمثلك وعيه بذاته .و هو ما يعبر عنه هيجل بجدلية العبد والسيد
:موقف جون بول سارتر
في معالجته إلشكال وجود الغير يؤكد الفيلسوف الوجودي سارتر أن وجود الغير ضروري لوجود األنا كونه يساهم في تحقيق وعي األنا بذاتها.
فالغير ليس شيئا أو موضوعا بل هو أنا آخر أي األنا الذي ليس أنا ،ووجوده معطى جوهري وشرط ضروري لوجود األنا ووعيها بذاتها ،إال أن
األنا حينما ينفتح على الغير ينفيه ويسلبه حريته مما يجعل األنا تحت نظرة الغير يتحول إلى موضوع وشيء كما يتحول الغير تحت نظرة األنا
.إلى موضوع و شيء مما يجعل معرفة الغيركذات مستحيلة و العالقة بينهما عالقة عدم و نفي للحرية
" المحور الثاني" :معرفة الغير
:إشكال المحور
هل معرفة الغير كذات ممكنة أم مستحيلة؟ هل هي معرفة يقينية أم معرفة ظنية تخمينية ؟ الى أي حد يمكن للنظرة التشيئية ان
تكون عائقا امام معرفة الغير؟ اال يمكن للتواصل ان يكون سبيال لمعرفة الغير؟
:موقف جون بول سارتر
يؤكد الفيلسوف الوجودي سارتر أن معرفة الغير كذات مستحيلة ألن النظر إلى الغير في وضع المعرفة معناه تشييئه أي جعله شيئا أو موضوعا
و نفي حريته و سلبه عفويته و معاني الوعي و اإلرادة و التلقائية لديه .إذن فكل محاولة لتحقيق المعرفة بالغير ستكون مستحيلة ,ألن العالقة
بينهما هي عالقة عدم يستحيل معه كل تواصل فكل منهما يُ َشيُِّئ اآلخر .و يجسد سارتر ذلك في مثال النظرة ،فاإلنسان و هو وحده يتصرف
بتلقائية و عفوية دون قيد أو شرط و ما إن ينظر إليه الغير حتى تتجمد حركته و يفقد عفويته و تلقائيته مما يصيب األنا بالخجل الشيء الذي
".يجعل العالقة بين األنا والغير تصل إلى عالقة جحيم وهو ما يعبر عنه سارتر بقوله " :الجحيم هم اآلخرون
موقف مالبرانش
يؤكد مالبرانش أن معرفة الغير هي معرفة تخمينية تقريبية و ظنية خصوصا حينما تحاول الذات االنطالق مما يختلج داخل األحاسيس و المشاعر
والعواطف و االنفعاالت فتقوم بإسقاطات تنطلق فيها من ذاتها لتسقطها على الغير فتر الغير مماثال لها الشيء الذي يجعل معرفتها له قابلة للخطأ فهي
معرفة احتمالية و تخمينية[ ألن التشابه بين أحاسيس وعواطف األنا و أحاسيس وعواطف الغير غير ممكنة الشيء الذي يتعذر معه معرفة الغير معرفة
".يقينية و هو ما تؤكده مقولة مالبرانش ":أنا أخطئ دائما إذا حكمت على اآلخرين من خالل ذاتي
:موقف ميرلوبونتي
يؤكد ميرلوبونتي أن معرفة الغير ليست مستحيلة و ليست تقريبية بل يمكن أن تكون يقينية من خالل ربط عالقة إنسانية قائمة على الحوار و التعاطف و
التواصل و االنفتاح على الغير ،فكالهما يوجدان في هذا العالم و يتقاسمان الوجود فيه و هو ما يفرض على األنا والغير تحقيق المشاركة الوجدانية و ربط
.جذور التواصل بينهما ،و لعل األداة الثقافية األكثر تعبيرا على الوجود المشترك بين األنا والغير هي اللغة
".و بهذا يقول ميرلوبونتي منتقدا للفلسفة الوجودية ":إن نظرة الغير إلَ ّي ال تحولني إلى موضوع كما أن نظرتي إليه ال تحوله إلى موضوع
:موقف هيجل
يرى هيجل ان العالقة بين االنا و الغير تقوم على الصراع .و موضوع هذا الصراع هو الرغبة في تحقيق الوعي بالذات الذي ترغب فيه االنا
مثلما يرغب فيه الغير ويريد كل منهما انتزاع االعتراف بكونه ذات حرة من االخر .وبذلك ينشأ الصراع بينهما فينتهي بتنازل أحد الطرفين
عن حريته و إرادته و القبول بالتحول إلى موضوع أي إلى وعي تابع بينما الطرف اآلخر يتابع المغامرة بحياته تشبتا بحريته أي بوعيه
".الخالص ،و بذلك يمثلك وعيه بذاته .و هو ما يعبر عنه هيجل" .بجدلية العبد و السيد
:موقف ميرلوبونتي>
يؤكد ميرلوبونتي ان العالقة بين االنا والغير تقوم على التواصل من خالل ربط جسور المحبة و الحوار ,و التعاطف و االنفتاح على الغير ،فكالهما
يوجدان في هذا العالم و يتقاسمان الوجود فيه و هو ما يفرض على األنا والغير تحقيق المشاركة الوجدانية و ربط جسور التواصل بينهما ،و لعل األداة
.الثقافية األكثر تعبيرا على الوجود المشترك بين األنا والغير هي اللغة
".و بهذا يقول ميرلوبونتي منتقدا للفلسفة الوجودية ":إن نظرة الغير إلَ ّي ال تحولني إلى موضوع كما أن نظرتي إليه ال تحوله إلى موضوع
:موقف أرسطو
يؤكد أرسطو أن الصداقة رابطة تجمع االنا بالغير,و هي من أنبل العالقات اإلنسانية فهي ضرورة بشرية ال يمكن االستغناء عنها ألي كان مهما
،عال الشأن و ارتفعت المكانة و كثرت الثروة و هو يصنف الصداقة إلى ثالثة أنواع :صداقة المتعة ،صداقة المنفعة و صداقة الفضيلة
و يعتبر النوعين األولين من الصداقة هي صداقة مؤقتة زائلة تزول بزوال المتعة و المصلحة فهي صداقة مزيفة أما الصداقة ال َحقة فهي صداقة
الفضيلة كونها صداقة دائمة ألنها تقوم على أساس المحبة و العدل و تؤدي إلى سيادة الفضيلة و القيم األخالقية السامية مما يجعل الناس قادرين
.على أن يستغنوا عن القوانين و التشريعات إذا سادت الفضيلة