You are on page 1of 4

‫‪:‬دروس مادة الفلسفة‬

‫اٍألستاذة‪ :‬سميرة باجي‬


‫الوضع البشري‬
‫إن الحديث عن الوضع البشري او الوجود اإلنساني يفضي بنا إلى اعتبار اإلنسان كائنا متعدد السمات والخصائص‬
‫التي تجعل االنسان تركيبة معقدة لمجموعة من األبعاد‪ :‬أبعاد بيولوجية ثقافية أخالقية ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬وجودية ‪ ،‬سيكولوجية و أخرى‬
‫‪.‬سوسيولوجية‪ ...‬لكن يمكن أن تختزل كل هذه األبعاد في بعدين أساسيين‪ :‬البعد الذاتي‪/‬الذاتية ‪ ،‬البعد العالئقي‪/‬الغيرية‬
‫‪:‬مفهوم الشخص‬
‫تقديم‪ :‬بحديثنا عن البعد الذاتي نكون بصدد الحديث عن مفهوم الشخص الذي يشير إلى اإلنسان كأنا مفردة تنمو و تتطور وتتفاعل مع‬
‫اآلخرين‪ .‬إنها ذات تمتلك مالمح نفسية وجدانية وذهنية خاصة‪ ،‬فهي بنية نفسية تتميز عن غيرها باعتبارها تمتلك الوعي و التفكير واإلرادة‬
‫‪.‬و الحرية و المسؤولية مما يجعلها قادرة على تجاوز الشروط و الضرورات التي يفرضها عليها وضعها‬

‫" المحور األول‪ " :‬الشخص و الهوية‬


‫‪:‬إشكال المحور‬
‫بماذا تتحدد هوية الشخص؟‬
‫هل بجوهر ثابت أم ببنية دينامية متغيرة؟‬
‫اال يمكن ان يكون الوعي محددا لهوية الشخص؟ ام ان األساس الذي يحدد الهوية هو الالوعي ؟‬
‫ما عالقة صراع طبقات الجهاز النفسي بتحديد هوية الشخص ؟ الى أي مدى يمكن ربط الهوية بالطبع> والذاكرة لتحديد هوية الشخص؟‬
‫‪:‬موقف ديكارت‬
‫ينطلق ديكارت من التصور الجوهراني الماهوي لهوية الشخص و الذي يعتبر أن ماهية الشخص تتحدد بالوعي و التفكير‪ .‬فمن خالل تجربة‬
‫الشك التي أوصلته إلى حقيقة الكوجيطو‪":‬أنا أشك أنا أفكر[ إذن أنا موجود"‪ .‬يؤكد أن األنا جوهرها الفكر والعقل كنور فطري تابت و أصلي‪،‬‬
‫هو الذي يجعل الشخص ذاتا تتمتع بالوجود‪  ‬و القدرة على الوعي بهذا الوجود و القيام بكل العمليات الذهنية و النفسية المختلفة‪ ،‬فمتى توقفت األنا‬
‫عن التفكير‪ ،‬توقفت عن الوجود‪ .‬وبالتالي هوية الشخص تتوقف أساسا على الممارسة الفكرية بكل أبعادها‪ ،‬هذه الهوية التي تجعل الذات تدرك‬
‫أمام نفسها إدراكا مباشرا لكل ما يصدر عنها من أفعال والتي تبقى رغم تعددها عائدة وناتجة عن أصل ثابت هو الوعي‪ .‬وامام هذا التقديس‬
‫للوعي نتبين ان التصور الديكارتي العقالني حصر هوية الشخص في جوهر ثابت هو الوعي‬
‫‪:‬موقف جول الشوليي‬
‫ردا و انتقادا للتصور الجوهراني الماهوي القائل بأن تمت جوهر ثابت و تلقائي تتحدد هوية الشخص من خالله هو الوعي ‪.‬فهذا الوعي قابل الن‬
‫يغيب في مجموعة من الحاالت كالنوم‪ ،‬انفصام الشخصية وفقدان الذاكرة‪.‬مؤكدا على أن الشخص أنا واعية مطابقة لذاتها متميزة عن غيرها مما‬
‫يجعل الشخص هو هو رغم ما يعتريه من تغيرات و تحوالت خالل مراحل حياته‪ .‬إذن فهو يمتلك هوية تحدده انها هوية خاصة به وهي نتاج‬
‫آلليات نفسية تحقق وحدة الطبع و ترابط الذكريات مهما اختلفت المواقف وتعددت ردود األفعال تجاه العالم الخارجي و اآلخرين‪ ،‬إضافة إلى‬
‫‪.‬وحدة ذاكرته التي من خاللها يستطيع أن يربط حاضره بماضيه‬
‫‪:‬موقف سيغموند فرويد‬
‫من منظور مدرسة التحليل النفسي يؤكد سيغموند فرويد أن هوية الشخص تتحدد ببنية دينامية متغيرة تعود إلى الصراع القائم ما بين مكونات‬
‫الجهاز النفسي و المتمثلة في األنا باعتباره الجانب اإلدراكي الواعي الذي توكل له مهمة التوفيق بين رغبات الهو و أوامر و نواهي األنا األعلى‬
‫و ضغوط العالم الخارجي ‪ .‬اذ يمثل األنا األعلى مبدا االخالق كونه يعبر عن صوت الضمير األخالقي الذي تندرج ضمنه القيم و العادات‬
‫والتقاليد التي يتلقاها الفرد من تربيته و تنشئته االجتماعية في حين نجد أن الهو يرتبط بالجانب العميق من النفس و الذي يمثل مجموع الغرائز و‬
‫الرغبات الدفينة التي تحكم من قبل مبدأ اللذة ‪ .‬وألن الصراع يظل قائما بين هذه الطبقات فالدور األكبر و المهمة العسيرة توكل إلى األنا المطالب‬
‫بتحقيق التوازن بين كل طبقة من طبقات الجهاز النفسي‪ ،‬و إذا ما تعذر عليه ذلك فإن الشخصية تصاب بأمراض عصابية و بحاالت القلق و‬
‫‪.‬التوتر‬
‫"المحور الثاني‪ " :‬الشخص بوصفه قيمة‬
‫‪:‬إشكال المحور‬
‫بماذا تتحدد قيمة الشخص؟>‬
‫هل في كونه غاية في حد ذاته أم في كونه مجرد وسيلة؟>‬
‫ومن اين يستمد الشخص قيمته؟‬
‫هل من داخل ذاته ام خارجها؟>‬
‫الى أي مدى يمكن اعتبار> العقل العملي األخالقي مصدر قيمة الشخص؟‬
‫ما عالقة االمتثال> للواجب االجتماعي بقيمة الشخص؟‬
‫‪:‬موقف إيمانويل كانط‬
‫يؤكد الفيلسوف إيمانويل كانط أن امتالك الشخص للعقل العملي األخالقي يجعله غاية في حد ذاته و ليس مجرد وسيلة يمكن أن توظيفها من‬
‫طرف إرادات أخرى لتحقيق أغراضها و مصالحها‪ .‬فاإلنسان ما دام يمتلك العقل و الوعي فهو شخص و ليس شيئا بين األشياء‪ ،‬وألنه ليس‬
‫موضوع يجب احترامه و تقديره‪ .‬في حين نجد أن الكائنات األخرى تفتقد لهذه القيمة ألنها ال تمتلك العقل و الوعي فهي مجرد أشياء و‬
‫موضوعات مما يحولها إلى وسائل لتحقيق األغراض و المصالح وبذلك فقيمة الشخص تستمد من كونه ذات واعية اخالقية و لها إرادة مما‬
‫يجعلها ذات تمتاز بكرامة سامية وهو ما يجعلها محط احترام وتقدير و يضفي عليها بعدا أخالقيا‪ ..‬اال ان هذا البعد األخالقي في عالقته بقيمة‬
‫الشخص قد ال يكون محددا وحيدا لهذه القيمة ‪ ,‬اذ قد يسمد الشخص قيمته من مجتمعه‪ ,‬وهو ما يدفعنا للتساؤل ‪.‬ما عالقة امتثال الشخص للواجب‬
‫االجتماعي واألخالقي في تحديد قيمته؟‬
‫‪:‬موقف هيجل‬
‫يؤكد هيجل أن للشخص قيمة أخالقية اجتماعية يمتلكها بامتثاله للواجب األخالقي و انطالقا من التزامه بالواجبات االجتماعية‪ ,‬والقيام باألدوار‬
‫و المهام المسنودة له داخل مجتمعه‪ .‬كما تتمثل قيمة الشخص في وعيه بذاته و حريته و انفتاحه على الواقع الذي ينتمي إليه بالدخول مع‬
‫جماعته في عالقة تأثير و تأثر يسودها التضامن و التعاون المتبادل ‪.‬و ذلك امتثاال للواجب األخالقي االجتماعي الشيء الذي يعطي قيمة‬
‫‪ .‬للشخص وهي قيمة تتجاوز البعد الفردي الي البعد االجتماعي‬
‫"المحور الثالث‪ " :‬الشخص بين الضرورة و الحرية‬
‫‪:‬إشكال المحور‬
‫هل الشخص كيان حر في أفعاله و اختياراته أم أنه خاضع إلكراهات> و حتميات> خارجية> ؟‬
‫الى أي مدى يمكن لإلكراهات الغريزية> الطبيعية> ان تقيد حرية الشخص؟ اال يمكن ان يكون الشخص خاضعا إلكراهات سيكولوجية ام‬
‫انها إكراهات سوسيولوجية؟ اذا اعتبرنا> ان الشخص كيانا حرا‪ ,‬فما طبيعة هذه الحرية؟>‬

‫‪:‬موقف باروخ اسبينوزا‬


‫يرى اسبينوزا أن الشخص يعي رغباته و شهواته إال أنه يجهل العلل و األسباب الحقيقية التي تجعله يرغب و يريد و يشتهي و هذا ما يجعل‬
‫الشخص حسب اسبينوزا محكوما بضرورات طبيعية يجهلها‪ ،‬مما يجعله يتوهم بأنه حر بل و يتبجح بحريته التي يظن بأنه يمتلكها في حين أن‬
‫‪.‬هاته الحرية هي حرية مشروطة بقوانين وضرورات طبيعية ‪ .‬إذن فالشخص ليس كيان حرا بل هو خاضع لحتميات و إكراهات خارجية‬
‫"موقف العلوم النفسية‪ " :‬سيغموند فرويد‬
‫يرى فرويد أن الشخص خاضع لحتميات و إكراهات سيكولوجية الشعورية‪ .‬فالشخص هو حصيلة حتمية لطبيعة التفاعل القائم بين طبقات الجهاز‬
‫النفسي (األنا‪ ،....‬األنا األعلى‪ ،....‬الهو‪ )....‬و التي تتشكل في الطفولة المبكرة و يلعب فيها الالشعور دورا أساسيا و هو ما تؤكده‬
‫"مقولة فرويد‪" :‬الطفل أبو الرجل‬
‫"موقف علم االجتماع‪ " :‬إيميل دور كايم‬
‫من منظور سوسيولوجي يؤكد دور كايم أن الشخص هو ابن بيئته و وسطه االجتماعي‪ ،‬الثقافي‪ ،‬فهو كائن يتأثر بوسطه كما يؤثر فيه و ذلك بفعل‬
‫التنشئة االجتماعية التي تدمج القيم و العادات و التصورات السائدة في المجتمع في بنية الشخصية فتصبح جزءا منها‪ .‬و بالتالي فالشخص صورة‬
‫‪.‬لمجتمعه فهو مطبوع بطابعه‪ ،‬و هذا ما يجعل الشخص محكم بحتميات و إكراهات سوسيولوجية‬
‫‪:‬موقف جون بول سارتر‬
‫من منظور فلسفي وجودي يؤكد جون بول سارتر أن الشخص هو سيد مصيره و هو صانع وجوده‪ ،‬فوجوده سابق على ماهيته أي انه يوجد ثم‬
‫يختار مايريد ان يكون عليه انه يختار ماهيته وطبيعة وجوده‪ ،‬فما دام يمتلك الوعي و اإلرادة و الحرية فإنه يستطيع أن يتجاوز شروط هذا‬
‫الوجوده و أن يشكل شخصيته وفق ما يحدده من أهداف‪ ،‬فهو مشروع مستقبلي يبنى ويشيد باستمرار و ليس كيانا محكوما بالماضي الطفولي أو‬
‫‪.‬بالحاضر‬
‫مفهوم> الغير‬ ‫‪:‬‬
‫‪:‬تقديم‬
‫بحديثنا عن البعد العالئقي أو الغيري فسنكون أمام مظهرا اخر من مظاهر الوجود اإلنساني و هو الغيرية أو االختالف‪ .‬فبما أن الذات يتعذر‬
‫عليها أن تعيش منعزلة منفردة و ألنها ذات تميل إلى تحقيق االجتماع و التفاعل مع الذوات األخرى‪ ،‬فهي تتفاعل مع الغير باعتباره ذاتا مقابل‬
‫ذاتها وهذا ما يجعل الذوات اإلنسانية تعيش مع بعضها و تعمل على نسج عالقات فيما بينها الشئ الذي يضفي معنى على وجود األنا بالقدر الذي‬
‫يضفي معنى على وجود الغير‪ ،‬وهنا تكمن العالقة الجدلية بين االنا و الغير‪ ..‬هل يمكن لألنا أن يوجد بمعزل عن الغير ام أن وجوده يشترط‬
‫وجود الغير ؟هل معرفة الغير كذات ممكنة ام مستحيلة ؟ما طبيعة العالقة التي تجمع االنا بالغير؟‬

‫‪:‬إشكال المحور‬
‫هل وجود الغير ضروري لوجود األنا أم أن وجوده غير ضروري و افتراضي قابل للشك> ؟ الى أي حد يمكن ان‬
‫يتحقق وعي االنا> بذاتها من خالل الغير؟> ام ان االنا ال تحتاج> الى وسيط بينها وبين ذاتها ؟ واذا اعتبرنا> ان وجود الغير ضروري فما الذي‬
‫ينتج عن هذا الوجود رغم ضرورته ؟‬
‫‪:‬موقف ديكارت‬
‫يؤكد ديكارت أنه في عملية البحث عن الذات ليست األنا في حاجة إلى الغير بل يكفي للعقل أن يكون منسجما مع مبادئه فهو ينطلق من تجربة‬
‫الشك ليضع األنا الذي يشك و يفكر في عزلة وجودية مطلقة بحيث ال يحتاج إلى وساطة اآلخرين إلدراك وجوده‪ ،‬فوجوده يقيني على نحو مطلق‬
‫بينما وجود اآلخر افتراضي احتمالي قابل للشك و يعطي مثاال على ذلك بالنظر من النافذة و رؤية معاطف و قبعات تجعلنا نشك ما إذا كان‬
‫يحركها أشخاص أم عصي‪ .‬لكن الحقيقة التي ال يطالها الشك هي سمة الوعي و التفكير والشك التي تميز األنا و تثبت وجوده وهو ما تؤكده مقولة‬
‫‪.‬الكوجيطو‪":‬أنا أشك أنا أفكر[ إذن أنا موجود"‪ .‬مما يعني ان وجود[ الغير في نظر ديكارت غيرضروري[ بالنسبة لالنا‬
‫‪:‬موقف هيجل‬
‫ينطلق هيجل من االعتراض على الكوجيطو الديكارتي الذي ينفي أهمية الغير بالنسبة لألنا في حين يعتبر هيجل أن وعي األنا بذاتها يكون ناقصا‬
‫بسيطا منغمسا في الحياة منشغال بما هو طبيعي( مثال الطفل المتوحش و المرآة )‪ .‬مما يتطلب خروجه نحو الغير و تجاوز الرغبة الطبيعية نحو‬
‫رغبة أخرى هي انتزاع االعتراف به كذات واعية حرة مما يجعله يصطدم برغبة الغير الذي يرغب في نفس الرغبة‪ .‬وبذلك ينشأ الصراع بينهما‬
‫ينتهي بتنازل أحد الطرفين عن حريته و إرادته و القبول بالتحول إلى موضوع أي إلى وعي تابع بينما الطرف اآلخر يتابع المغامرة بحياته تشبتا‬
‫‪ .‬بحريته أي بوعيه الخالص‪ ،‬و بذلك يمثلك وعيه بذاته‪ .‬و هو ما يعبر عنه هيجل بجدلية العبد والسيد‬
‫‪:‬موقف جون بول سارتر‬
‫في معالجته إلشكال وجود الغير يؤكد الفيلسوف الوجودي سارتر أن وجود الغير ضروري لوجود األنا كونه يساهم في تحقيق وعي األنا بذاتها‪.‬‬
‫فالغير ليس شيئا أو موضوعا بل هو أنا آخر أي األنا الذي ليس أنا‪ ،‬ووجوده معطى جوهري وشرط ضروري لوجود األنا ووعيها بذاتها‪ ،‬إال أن‬
‫األنا حينما ينفتح على الغير ينفيه ويسلبه حريته مما يجعل األنا تحت نظرة الغير يتحول إلى موضوع وشيء كما يتحول الغير تحت نظرة األنا‬
‫‪.‬إلى موضوع و شيء مما يجعل معرفة الغيركذات مستحيلة و العالقة بينهما عالقة عدم و نفي للحرية‬
‫" المحور الثاني‪" :‬معرفة الغير‬
‫‪:‬إشكال المحور‬
‫هل معرفة الغير كذات ممكنة أم مستحيلة؟ هل هي معرفة يقينية أم معرفة ظنية تخمينية ؟ الى أي حد يمكن للنظرة التشيئية ان‬
‫تكون عائقا امام معرفة الغير؟ اال يمكن للتواصل ان يكون سبيال لمعرفة الغير؟‬
‫‪:‬موقف جون بول سارتر‬
‫يؤكد الفيلسوف الوجودي سارتر أن معرفة الغير كذات مستحيلة ألن النظر إلى الغير في وضع المعرفة معناه تشييئه أي جعله شيئا أو موضوعا‬
‫و نفي حريته و سلبه عفويته و معاني الوعي و اإلرادة و التلقائية لديه‪ .‬إذن فكل محاولة لتحقيق المعرفة بالغير ستكون مستحيلة ‪,‬ألن العالقة‬
‫بينهما هي عالقة عدم يستحيل معه كل تواصل فكل منهما يُ َشيُِّئ اآلخر‪ .‬و يجسد سارتر ذلك في مثال النظرة ‪ ،‬فاإلنسان و هو وحده يتصرف‬
‫بتلقائية و عفوية دون قيد أو شرط و ما إن ينظر إليه الغير حتى تتجمد حركته و يفقد عفويته و تلقائيته مما يصيب األنا بالخجل الشيء الذي‬
‫‪ ".‬يجعل العالقة بين األنا والغير تصل إلى عالقة جحيم وهو ما يعبر عنه سارتر بقوله ‪" :‬الجحيم هم اآلخرون‬

‫موقف مالبرانش‬
‫يؤكد مالبرانش أن معرفة الغير هي معرفة تخمينية تقريبية و ظنية خصوصا حينما تحاول الذات االنطالق مما يختلج داخل األحاسيس و المشاعر‬
‫والعواطف و االنفعاالت فتقوم بإسقاطات تنطلق فيها من ذاتها لتسقطها على الغير فتر الغير مماثال لها الشيء الذي يجعل معرفتها له قابلة للخطأ فهي‬
‫معرفة احتمالية و تخمينية[ ألن التشابه بين أحاسيس وعواطف األنا و أحاسيس وعواطف الغير غير ممكنة الشيء الذي يتعذر معه معرفة الغير معرفة‬
‫‪".‬يقينية و هو ما تؤكده مقولة مالبرانش ‪":‬أنا أخطئ دائما إذا حكمت على اآلخرين من خالل ذاتي‬

‫‪ ‬‬
‫‪:‬موقف ميرلوبونتي‬
‫يؤكد ميرلوبونتي أن معرفة الغير ليست مستحيلة و ليست تقريبية بل يمكن أن تكون يقينية من خالل ربط عالقة إنسانية قائمة على الحوار و التعاطف و‬
‫التواصل و االنفتاح على الغير‪ ،‬فكالهما يوجدان في هذا العالم و يتقاسمان الوجود فيه و هو ما يفرض على األنا والغير تحقيق المشاركة الوجدانية و ربط‬
‫‪ .‬جذور التواصل بينهما ‪ ،‬و لعل األداة الثقافية األكثر تعبيرا على الوجود المشترك بين األنا والغير هي اللغة‬
‫‪".‬و بهذا يقول ميرلوبونتي منتقدا للفلسفة الوجودية ‪":‬إن نظرة الغير إلَ ّي ال تحولني إلى موضوع كما أن نظرتي إليه ال تحوله إلى موضوع‬

‫" المحور الثالث‪" :‬العالقة مع الغير‬


‫‪:‬إشكال المحور‬
‫ما طبيعة العالقة التي تجمع االنا بالغير ؟‬
‫هل هي عالقة تتأسس> على الصراع> و العداوة أم على الحوار و التواصل ؟‬
‫الى أي حد يمكن ان تكون النظرة التشيئية> عائقا> امام ربط عالقة بالغير> ؟ اال يمكن لهذه العالقة ان تتأسس على‬
‫الصداقة ؟‬
‫‪:‬موقف سارتر‬
‫تتاسس العالقة بين االنا و الغير على العدم ‪,‬اذ تنعدم إمكانية ربط عالقة بين االنا والغير ‪ ,‬و هذا راجع للنظرة التشيئية ‪ .‬وهي نظرة متبادلة‬
‫بين االنا والغير الن كل منهما يشيئ االخر انها بتعبير سارتر ‪,‬رابطة األشياء الي ليس بينها عالقة ‪ .‬وهو ما يجعل حرية االنا تنتفي امام‬
‫نظرة الغير فيتولد لديه إحساس الخجل و التوتر و االرتباك‪ ,‬فتغيب العفوية والتلقائية ‪ .‬وبفعل ذلك تستحيل إمكانية التواصل بين االنا والغير ‪.‬‬
‫‪".‬و هو متجسده مقولة سارتر "الجحيم هم اآلخرون‬

‫‪:‬موقف هيجل‬
‫يرى هيجل ان العالقة بين االنا و الغير تقوم على الصراع ‪.‬و موضوع هذا الصراع هو الرغبة في تحقيق الوعي بالذات الذي ترغب فيه االنا‬
‫مثلما يرغب فيه الغير ويريد كل منهما انتزاع االعتراف بكونه ذات حرة من االخر‪ .‬وبذلك ينشأ الصراع بينهما فينتهي بتنازل أحد الطرفين‬
‫عن حريته و إرادته و القبول بالتحول إلى موضوع أي إلى وعي تابع بينما الطرف اآلخر يتابع المغامرة بحياته تشبتا بحريته أي بوعيه‬
‫‪ ".‬الخالص‪ ،‬و بذلك يمثلك وعيه بذاته‪ .‬و هو ما يعبر عنه هيجل‪" .‬بجدلية العبد و السيد‬

‫‪:‬موقف ميرلوبونتي>‬
‫يؤكد ميرلوبونتي ان العالقة بين االنا والغير تقوم على التواصل من خالل ربط جسور المحبة و الحوار ‪ ,‬و التعاطف و االنفتاح على الغير‪ ،‬فكالهما‬
‫يوجدان في هذا العالم و يتقاسمان الوجود فيه و هو ما يفرض على األنا والغير تحقيق المشاركة الوجدانية و ربط جسور التواصل بينهما ‪ ،‬و لعل األداة‬
‫‪ .‬الثقافية األكثر تعبيرا على الوجود المشترك بين األنا والغير هي اللغة‬
‫‪".‬و بهذا يقول ميرلوبونتي منتقدا للفلسفة الوجودية ‪":‬إن نظرة الغير إلَ ّي ال تحولني إلى موضوع كما أن نظرتي إليه ال تحوله إلى موضوع‬

‫‪:‬موقف أرسطو‬
‫يؤكد أرسطو أن الصداقة رابطة تجمع االنا بالغير‪,‬و هي من أنبل العالقات اإلنسانية فهي ضرورة بشرية ال يمكن االستغناء عنها ألي كان مهما‬
‫‪ ،‬عال الشأن و ارتفعت المكانة و كثرت الثروة و هو يصنف الصداقة إلى ثالثة أنواع ‪ :‬صداقة المتعة ‪ ،‬صداقة المنفعة و صداقة الفضيلة‬
‫و يعتبر النوعين األولين من الصداقة هي صداقة مؤقتة زائلة تزول بزوال المتعة و المصلحة فهي صداقة مزيفة أما الصداقة ال َحقة فهي صداقة‬
‫الفضيلة كونها صداقة دائمة ألنها تقوم على أساس المحبة و العدل و تؤدي إلى سيادة الفضيلة و القيم األخالقية السامية مما يجعل الناس قادرين‬
‫‪.‬على أن يستغنوا عن القوانين و التشريعات إذا سادت الفضيلة‬

You might also like