Professional Documents
Culture Documents
4 6001163996596539525
4 6001163996596539525
|
٢
|
٣
|
ﻧستﻜﻤل ﺑﺈذن الﻠه -ﻋز وﺟل -ﻣﺎ ﺑﺪأﻧﺎه ﻣﻦ تفس سورة الفتح ،أسأل الﻠه أن
ﺤﺎ لﻨﺎ ﰲ دﻳﻨﻨﺎ ،ودﻧيﺎﻧﺎ ،وآﺧﺮتﻨﺎ.
ﻳﺠﻌل هﺬه السورة ﻓت ً
سﻨﺤﺎول أن ﻧﺮتﻘﻲ ً
ﻗﻠيﻼ ﰲ ﻣﺠﺎلﺲ الﻘﺮآن ﻣﻦ ﺧﻼل ﴍح ﺑﻌﺾ الﻘواﻋﺪ؛
سوا ًء اﻷصوليﺔ ﰲ التفس ،أو الﻠﻐوﻳﺔ التﻲ ستسﻬل ﻋﻠيﻨﺎ ﺑﻌﺪ ذلﻚ؛ ﻷن اﳌﺮء
أﺣيﺎﻧًﺎ ﻳﺤتﺎج إﱃ ﴍح وتﺒي ﰲ أول ﻣﺮة ﻳسﻤﻊ ﻓيﻬﺎ الﻘﺎﻋﺪة ،لﻜﻦ ﺑﻌﺪ ذلﻚ
و ﺠﺮد ذﻛﺮ اسﻢ الﻘﺎﻋﺪة ،ﻓﺈﻧه سيتﺬﻛﺮ ،ﻣﻌﻨﺎهﺎ ولﻦ ﻳﺤتﺎج ﻛل ﻣﺮة إﱃ ﴍح
ﺟﺪﻳﺪ.
ﻣﺜﺎل؛ هﻨﺎك ﻗﺎﻋﺪة ﺑﻼﻏيﺔ :التﻘﺪﻳﻢ ﻳفيﺪ الﺤﴫ أو اﻻهت م ،ﻧﺤتﺎج أن
ﻧﴩح أﻳﻦ التﻘﺪﻳﻢ وﻣﺎ إسﻘﺎﻃه ،وهﺬا سيﺤتﺎج ﺑﻌﺾ الوﻗﺖ ،وهﻨﺎك ﻗﺎﻋﺪة
ي ﻗﺎﻋﺪة لﻐوﻳﺔ ﻣﻌيﻨﺔ ،هﺬا ﻳﺤتﺎج إﱃ
اﻹظﻬﺎر ﰲ ﻣوﺿﻊ اﻹﺿ ر ،أو أ ّ
ﴍح ﺑﻌﺾ اﳌﺼطﻠﺤﺎت لفﻬﻤﻬﺎ ،سواء ﻣﺼطﻠﺤﺎت اﻷصولي أو الﺒﻼﻏي
أو الﻨﺤوﻳ ،وهﺬا سيسﻬل ﻋﻠيﻨﺎ ﺑﻌﺪ ذلﻚ ﻋﻨﺪ ذﻛﺮ الﻘﺎﻋﺪة ،لﺬلﻚ سﻨﻘف
ﺑﻌﺾ الوﻗفﺎت لﻨﴩح ﻗﺎﻋﺪة ،ﺑﺤيﺚ ﻧﻜون ﻗﺪ ﻓﻬﻤﻨﺎهﺎ إذا تﻜﺮرت.
٤
|
ﻣﻠﺨﺺ ﴎﻳﻊ
ﰲ اﳌﺮة اﳌﺎﺿيﺔ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻋﻦ سورة الفتح ،وﴍﺣﻨﺎ أول آﻳت :
ٗ ّ ِ َ ۡ ِ َ َ َ ٱ ُ َ َ َ َم ِ َذ َ َو َ َ َ َ َو ُ ِ ِ ۡ َ َ ۥُ ﴿إ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ٗ
ِ ِ ِ
َ َۡ َ ََۡ َ َ َ ٗ
ۡ َ ِ ٗ ﴾ ]ﳏﻤﺪ.[٢-١ : ِ ٰ و ِ
تﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ السور التﻲ تﺒﺪأ ﺑـ إﻧّﺎ ،وأهﻤيﺔ هﺬه السورة ،وﻋﻼﻗﺔ سورة الفتح
ﺑسورة ﻣﺤﻤﺪ ،وﻋﻼﻗﺔ سورة الفتح ﺑﺂل ﺣﻢ ،وتﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ الﺨﻼف الﺤﺎصل
َ َو َ َ ﺑ اﳌفﴪﻳﻦ ﰲ الﻼم ﰲ ﻗوله تﻌﺎﱃ ﴿ ّ ِ َ ۡ َ َ َ ٱ ُ َ َ َ َ
م ِ ذ ِ ِ
ََ
﴾ ]ﳏﻤﺪ.[٢ : َ
ً
ﻓﻤﺜﻼ:
ﻗﺎل اﻹﻣﺎم الطﱪي :أن هﻨﺎك ﻣﺤﺬو ًﻓﺎ ،أي لتﺸﻜﺮ الﻠه ،ﻓيﻐفﺮ لﻚ ﺟزاء هﺬا
الﺸﻜﺮ.
. وﻗﻠﻨﺎ إن اﻹﻣﺎم اﺑﻦ ﻋطيﺔ اﻋﱰض ﻋﻠيه ،وﻗﺎل أن الﻼم هﻨﺎ ﻌﻨى
أﻣﺎ ﺑﻌﺾ اﳌفﴪﻳﻦ ﻓﻘﺪ ﻗﺎلوا إن هﺬه الﻼم هﻲ ﻻم الﻘسﻢ ،أي أن الﻠه ﻳُﻘسﻢ
ﺑﺎﳌﻐفﺮة ،وهو أﺿﻌف اﻷﻗوال ﰲ هﺬه اﻵﻳﺔ.
وﻗيل أﻳﻀً ﺎ :أن الفتح ﻋﻼﻣﺔ اﳌﻐفﺮة ،ﻓﺎلﻠه وﻋﺪ ﻧﺒيه ﺑوﻋود ﻣﻌيﻨﺔ :اﳌﻐفﺮة،
و ﺎم الﻨﻌﻤﺔ ،والﻬﺪاﻳﺔ ،والﻨﴫ ،وﻗﺎل له ستﻨﺎل هﺬه الﻨﻌﻢ اﻷرﺑﻊ ﺣيﻨ تُفتح
لﻚ ﻣﻜﺔ ،ﻓﻠ ُﻓتﺤﺖ ﻣﻜﺔ ﻛﺎﻧﺖ الﺒﴩى ﺑﺤﺼوله ﻋﻠيﻬﺎ.
٥
|
وﻗفﺎت لﻐوﻳﺔ
َ ٗ ۡ ََُ َ َۡ َ ََۡ َ َ َ َ َ َ ََ َّۡ َ َ َ ُ َ ََ
ِ ٰ و ِ و ِ ِ ۥ ُ َ َ َم ِ ذ ِ و ٱ ﴿ِ ِ
ۡ َ ِ ٗ َو َ ُ َ َك ٱ ُ َ ۡ ً ا َ ِ ً ا ﴾ ]ﳏﻤﺪ.[٣-٢ :
هﻨﺎ توﺟﺪ ﻗﺎﻋﺪة ﻧﺬﻛﺮهﺎ ﻳسﻤيﻬﺎ أهل الﺒﻼﻏﺔ اﻹظﻬﺎر ﰲ ﻣوﺿﻊ اﻹﺿ ر.
ﺿﻤ ،ولﻜﻦ أﺣيﺎﻧًﺎ -وﻷﺟل ﻏﺮض أي أن ﻳﻜون السيﺎق الطﺒيﻌﻲ أن ﻳأ
ﺑﻼﻏﻲُ -ﻳﺤﺬف الﻀﻤ ،وﻳأ اﻻسﻢ الﻈﺎهﺮ.
ﻓﻤﺜﻼ ،أﺷﻬﺮ ﻣﺜﺎل ﻳﴬﺑوﻧه ﻣﻦ الﻘﺮآن لﴩح هﺬه الﻘﺎﻋﺪة هو ﻗوله تﻌﺎﱃۡ َ ﴿ : ً
َز ۡو َ َو َ ۡ َ ٓ إ َ ٱ ِ َوٱ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ُو َر ُ َ ٓۚ إن ٱ َ ُ َٰ ُ َ
ِ ٱ
َ َ ُ ََۡ
ل ِ ٱ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ ِ ُ ۢ َ ِ ٌ ﴾ ]ا ادلة.[١ :
ﰲ ﻛل ﻣﺮة -ﰲ آﻳﺔ واﺣﺪةُ -ذﻛﺮ لفﻆ الﺠﻼلﺔ أرﺑﻊ ﻣﺮات ،ﻓفﻲ ﻛل ﻣﺮة ُﺣﺬف
الﻀﻤ ،و ُأ ﺑﻠفﻆ الﺠﻼلﺔ.
٦
|
هﺬا لﻐﺮض ﺑﻼﻏﻲ ﻳسﻤى ﺑﺎﻹظﻬﺎر -ﻌﻨى أﻧﻚ أظﻬﺮت لفﻆ الﺠﻼلﺔ -ﰲ
الﻀﻤ -؛ هﺬا له ﻏﺮض ﰲ الﻠﻐﺔ ﻣوﺿﻊ ﻛﺎن اﻷصل ﻓيه اﻹﺿ ر -أن ﻳأ
ليﺲ ﻋﺒﺜًﺎ.
لﻚ ﺷﺪة إتﻘﺎن الﻌﺮب لﻠﻐﺔ ،ﺣتى أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧوا ﺎزﺣون ﺑﻌﻀﻬﻢ وهﺬا ﻳﺒ
ﺑﺎلﺸﻌﺮ ،ﺛﻢ أﻋﺠزهﻢ الﻘﺮآن ﻋﲆ الﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻗﻤﺔ إتﻘﺎﻧﻬﻢ لﻬﺬه الﻠﻐﺔ ،وﻛﺎن ً
ﻓﻌﻼ
ﻣﻌﺠزة ،ﻓﻠﻢ ﻳستطيﻌوا أن ﻳﺠﺎروه.
ﻓفﻲ استفتﺎح سورة اﳌﺠﺎدلﺔ ﺑﻬﺬا الﺸﻜل دﻻلﺔ؛ ﳌﺎذا ﻳأ لفﻆ الﺠﻼلﺔ أرﺑﻊ
ﻣﺮات ﰲ أول آﻳﺔ ﻣﻦ السورة؟ وسورة اﳌﺠﺎدلﺔ هﻲ السورة الوﺣيﺪة التﻲ ذﻛﺮ
ﻓيﻬﺎ لفﻆ الﺠﻼلﺔ ﰲ ﻛل آﻳﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ الﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻨﺎسﺒﺔ ﳌوﺿوع السورة ،وﻧﺬﻛﺮه
ﰲ تفس سورة اﳌﺠﺎدلﺔ إن ﺷﺎء الﻠه إن أﻧﻌﻢ الﻠه ﻋﻠيﻨﺎ وأ ﻤﻨﺎه.
َ َ ََ ََ ُ َ ََ َّۡ َ َ َ
و ِ ﴾ -أي هو- ُ َ َ َم ِ ذ ِ و ٱ هﻨﺎ ﻗﺎل تﻌﺎﱃِ ِ ﴿ :
َ
﴿ ِ ۡ َ َ ُ ۥ َ ۡ َ ﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٢ :ﻓ ُﺬﻛﺮ هﻨﺎ الﻀﻤ اﳌستﱰ ﴿ َو َ ۡ ِ َ َ ﴾ -أي الﻠه-
ۡ َ ٗ َ ٗ
ﴫا ﻋزﻳ ًزا ،
ِ ﴾ ،ﻛﺎن اﳌتوﻗﻊ أن ﻳﻘول الﻠه تﻌﺎﱃ :وﻳﻨﴫك ﻧ ً ﴿ ِ ٰ
٧
|
ﺤﺎ
وﻗﺪ ﻛﺎن الﻨﺒﻲ ﻛﺬلﻚ ﻻ ﻳﻨﴗ رﺑه ﰲ ﻣواﻃﻦ الﻨﴫ؛ ﻓفﻲ دﺧوله ﻣﻜﺔ ﻓﺎت ً
ﻃأﻃأ رأسه الﴩﻳفﺔ ،ﺣتى ﻛﺎدت لﺤيته أن ﺲ ظﻬﺮ الﺪاﺑﺔ تواﺿ ًﻌﺎ لﻠه -
ﻋز وﺟل ،-ودﺧل ذاﻛ ًﺮا الﻠه -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ.-
ﻓﺈذا ﺟﺎء ﻧﴫ الﻠه ،والفتح؛ ﻋﻠيﻚ أن تستﻐفﺮ وتسﺒح وتﺬﻛﺮ الﻠه ،ﻛ ﻗﺎل
تﻌﺎﱃ:
َ َ ّۡ ِد ٱ ِ أَ ۡ َ ا ٗ َ َۡ ُ ُ َ
ن س ٱ َو َر َ ۡ َ َ ۡ ُ ٱ ِ َوٱ ۡ َ ۡ ُ َ ٓ
﴿إِذا َ َء
ِ ِ ِ
ُ َ َ َ َ ۡ َۡ َۡ َّ َ
تﻨﺲ رﺑﻚ ﻋﻨﺪ الﻨﴫ َوٱ ِ ۡ ُهۚ إِ ۥ ن ا ۢ ﴾ ]ﺳﻮرة الﻨﺼﺮ ،[٣-١ :ﻻ َ ِ ِرِ
وﻻ تﻨﺸﻐل ﺑﺎلﻨﻌﻤﺔ ﻋﻦ اﳌُﻨﻌﻢ.
ﻣﻊ الﻨﴫ؛ ﻓﻬﺬه أﻛ اﳌواﻃﻦ ﻣﻊ اﳌﻐفﺮة وﻳأ وﻗيل إن لفﻆ الﺠﻼلﺔ ﻳأ
التﻲ ﻳﻨﴗ ﻓيﻬﺎ الﻌﺒﺪ رﺑه؛ ﻣﻊ الﺬﻧوب ،وﻣﻊ الﻨﴫ.
٨
|
إﻻ ﺑﻌﺪ اﳌﻐفﺮة ،وأن الﻌﺎئﻖ اﻷسﺎﳼ لﻠﻨﴫ هو وﻗيل إن الﻨﴫ ﻻ ﻳأ
ّ ۡ َ
الﺬﻧوب ،ﻓﺠﺎء لفﻆ الﺠﻼلﺔ ﻣﻊ اﳌﻐفﺮة ﴿ ِ َ ِ َ َ ٱ ُ ﴾ َ ﴿ ...و َ ُ َ َك ٱ ُ ﴾،
ٓ أَن َ ُ ا ْ َر َ ٱ ۡ ۡ َ َ ُذ ُ َ َ
ۡ َا َ َ ﻛﺎن ﻗول الﺮﺑﺎﻧي ﴿ َو َ َ َن َ ۡ َ ُ ۡ ﻛ
ِ إِ
َ ۡ َ َ َّ ۡ ََۡ ََ َ ُ َۡ ََ َۡ ۡ ۡ َ
ٰ ِ ِ َ ﴾ ]آل ﻋﻤﺮان ،[١٤٧ :الﻘول الﺬي ٱ ِم ٱ ِ و ِ أ ا وٱ ِٓأ
ﻗﺎلوه ﺣ اﳌﻼﻗﺎة هو ﻃﻠب اﳌﻐفﺮة ،ﻗﺒل أن ﻳطﻠﺒوا الﻨﴫ ﻃﻠﺒوا اﳌﻐفﺮة؛ ﻷن
اﳌﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻧزول الﻨﴫ هو الﺬﻧوب.
ذﻛﺮﻧﺎ ﰲ اﳌﺮة اﳌﺎﺿيﺔ ﰲ دﻋﺎء اﻻستفتﺎح ،ﻃﻠب الفتح ﺑﺎل ُﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻛ
الﺬﻧوب؛ اللهم باعد بيني وب خطاياي ).(١
٩
|
وهﺬه ﻣﻦ دﻻئل ﻧﺒوة الﻨﺒﻲ ،وﻣﻦ أدلﺔ وﺟود اﳌﻠِﻚ -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ ،-تﺨيل
الﻨﺒﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻣستﻀﻌفًﺎ ﰲ ﻣﻜﺔ ،ﺛﻢ تﻨزل ﻋﻠيه آﻳﺎت تُﺒﴩه ﺑﺎلتﻤﻜ ﰲ
اﻷرض ،ﻛيف ﻋﻠﻢ ذلﻚ؟
لو أﻧه ﻳأ ﺑﻬﺬا الﻜﻼم ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧفسه ،ﻓ هﺬه الﺜﻘﺔ؟ وﻛيف ﺣﺪث هﺬا؟
لﺬلﻚ هﺬه اﻵﻳﺎت ﻣﻦ دﻻئل ﻧﺒوة الﻨﺒﻲ ،ﻓفﻲ ﻓتح الﺤﺪﻳﺒيﺔ ﻋﺎد ﺑﴩوط
ﴫا ﻋزﻳ ًزا، ﺤﺎ ٍ
آت وﻧ ً ﴩا أن هﻨﺎك ﻓت ً
ظﺎهﺮهﺎ اﻹﺑﺨﺎس ،ولﻜﻨه ﻛﺎن ﻣستﺒ ً
ﴩا ،ﺛﻢ ﻳﺤﺪث ﻛل هﺬا ،هﺬا ﻣﻦ دﻻئل ﻧﺒوته .
وﻳﻜون ﻣستﺒ ً
ﻣﺎ هﺬه الﺜﻘﺔ وﻣﺎ هﺬه الط ﻧيﻨﺔ وﻣﺎ هﺬا اليﻘ ؟ هو ﻣﻦ ﻗوة ﻓوق ﻗوة الﺒﴩ،
ﴩا ،الﺼﺤﺎﺑﺔ ِ
ﻳأت له ﻣﻦ ﺑﴩ ،لﺬلﻚ ﻛﺎن الﻨﺒﻲ ﻣستﺒ ً أي أن هﺬا الﻜﻼم
-ﻣﺜﻠ ﻗﻠﻨﺎ ﰲ رواﻳﺔ ﻗﺒل ذلﻚ -ﻛﺎن ﻳﺨﺎلطﻬﻢ الﺤزن والﻜﺂﺑﺔ ،وهو ﻣستﺒﴩ
وﻣوﻗﻦ ﺑﺎلﺬي سيﺤﺪث لﺒﻀﻊ آﻳﺎت ﻧزلﺖ ﻋﻠيه ،اﻧﻈﺮ إﱃ ﻳﻘيﻨه ﺑﺎﻵﻳﺎت !
ﻛﺎﻧﺖ تﻨزل ﻋﻠيه اﻵﻳﺎت ﻓيوﻗﻦ ﺑﻬﺎ وﻳتﺤول ،ﻳﺤﺪث تﻐي لﻠﻨﺒﻲ ولﻠﺼﺤﺎﺑﺔ،
ليﻘيﻨﻬﻢ ﰲ ﻛتﺎب الﻠه -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ -ﻛﺎﻧوا ﻳتﻠﻘون الﻘﺮآن ﺑيﻘ ،ﻛﻼم الﻠه
ﻛﺎن ﻳﻨزل ﻋﲆ ﻗﻠوﺑﻬﻢ ﻳﻐ هﻢ ،ﻓيتﻐ ون وﻳتﺤولون إﱃ ﺣﺎلﺔ ﻣﻦ اﻻستﺒﺸﺎر
واليﻘ ،والﻨﴫ ،والفﺮﺣﺔ.
١٠
|
وﻗيل أﻳﻀً ﺎ أن اﳌﻐفﺮة ذﻛﺮت هﻨﺎ ﺑﴩى ﺑطﺎﻋﺔ سوف تأ ،وﻳﻜون ﺛواﺑﻬﺎ
اﳌﻐفﺮة ﻣﻦ الﺬﻧوب ،ﻣﺎ هﻲ هﺬه الطﺎﻋﺔ؟ هﻲ الﺤﺞ.
تﻜﻦ ﺷﻌﺎئﺮ الﺤﺞ ﻗﺪ ﻓﺮﺿﺖ ﺑﻌﺪ ،إذ أن الﻜﻌﺒﺔ ليسﺖ تﺤﺖ ﻳﺪ اﳌسﻠﻤ ،
ﻛﺎﻧﺖ الﻌﻤﺮة ﻓﻘط ﻣتﺎﺣﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ هﺬه اﻵﻳﺎت ﺑﴩى له ،أﻧه ﻣﻦ ﺎم ﻧﻌﻤﺔ الﻠه
ﻋﻠيﻚ ،سوف توﻓﻖ إﱃ ﻃﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺛواﺑﻬﺎ ﻣﻐفﺮة الﺬﻧوب ،وﻳﻌود اﻹﻧسﺎن ﻣﻨﻬﺎ
ﻛيوم ولﺪته أﻣه.
هﺬه الﻌطﺎﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎلﺼﺔ لﻠﻨﺒﻲ ،لﺬلﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ سﻤﻌﻬﺎ الﺼﺤﺎﺑﺔ ﻗﺎلوا ﻳﺎ
ُُ ََ ٓ َ ََ ُ
بِ ِ ِ رسول الﻠه هﺬه لﻚ ،ﻓ لﻨﺎ؟ ﻓﻨزلﺖ اﻵﻳﺎت ﴿ َ ٱ ِي أ ل ٱ
ۡ َ ۡ ّ ۡ
ٱ ُ ۡ ِ ِ َ ﴾ ]الﻔﺘﺢ ِ ۡ ُ ِ ﴿ ،[٤ :ٱ ُ ۡ ِ ِ َ َوٱ ُ ۡ ِ َ ٰ ِ َ ٰ ٖ …﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٥ :ﻋطﺎﻳﺎ
الﻠه -ﻋز وﺟل -ﻷهل اﻹ ﺎن.
١١
|
وﻗفﺎت لﻐوﻳﺔ
َ ٓ َ ََ ُ
ِ َ ﴾ هﺬه تُسﻤى ﰲ الﻠﻐﺔ تﻌﺮﻳف الﺠزأﻳﻦ ،ذﻛﺮﻧﺎ اليوم ﴿ َ ٱ ِي أ ل ٱ
ﰲ الﻠﻐﺔ ،اﻷوﱃ :اﻹظﻬﺎر ﰲ ﻣﺤل اﻹﺿ ر، ﻣﻬﻤت ﰲ درسﻨﺎ ﻣسألت
واﳌسألﺔ الﺜﺎﻧيﺔ :تﻌﺮﻳف الﺠزأﻳﻦ وه اﳌﺒتﺪأ والﺨﱪ ،دا ًﺎ ﰲ الﺒﻼﻏﺔ ﻻ ﺑﺪ
أن ﻧفﻬﻢ أ ّو ًﻻ ﻣﺎ هو أصل الﺠﻤﻠﺔ ،ﺛﻢ تﻼﺣﻆ أن هﻨﺎك تﻐي ًا ﰲ الﺠﻤﻠﺔ ،ﺛﻢ
تﺒﺤﺚ ﳌﺎذا ﺣﺪث هﺬا التﻐي ؟
ﻷﺟل أن ﻳﺒﻠﻎ الﻜﻼم -وهﺬه هﻲ الﺒﻼﻏﺔ -أو ﺣتى ﻳﻜون ﻛﻼﻣﻚ ﻣﺆﺛ ًﺮا ،تﻘوم
ﺑتﻐي ﺑﻌﺾ تﺮاﻛيب الﻜﻼم ،هﺬا التﻐي ﻳُﺤﺪث أﺛ ًﺮا ﻓيﺒﻠﻎ إﱃ ﻧفوس الﻨﺎس،
ﻻ ﺑﺪ أن تفﻬﻢ اﻷصل؛ وهﺬا هو ﻣﺎ ﻳﺠﻌل الﻘﺮآن ﻣﻌﺠ ًزا ،وأن اﳌﴩك الﻌﺮ
ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻬﺮ ﺑس ع الﻘﺮآن؛ ﻓﻬو ﻳفﻬﻤه.
وهﺬا ﻳﺒ أهﻤيﺔ دراسﺔ الﻠﻐﺔ الﻌﺮﺑيﺔ التﻲ ُهﺠﺮت ﰲ واﻗﻌﻨﺎ ،وأصﺒح ﰲ ألسﻨتﻨﺎ
ُﻋﺠﻤﺔ ،أصﺒﺤﻨﺎ أﻋﺎﺟﻢ.
ﻣﻌﺮﻓﺔ أي أﻧﻨﻲ استﻌﻤﻠﺖ أداة ﻣﻊ الﻜﻠﻤﺔ ﺟﻌﻠﺖ هﺬه الﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻋﻨﺪك،
ﻓﺎستﻌﻤﻠﺖ أﻧﺎ أدوات لﻠتﻌﺮﻳف ﺟﻌﻠتﻚ تﻌﺮف هﺬه الﻜﻠﻤﺔ.
ُ ﻛﻨﺖ ﻻ تﻌﺮﻓﻬﺎ،
اﳌﻌﺮﻓﺔ ستﺔ أﻧواع :الﻀﻤ ،أو أن تﻀﻊ )الـ( التﻌﺮﻳف ،أو تﺬﻛﺮ اس ً ﻣﻌيﻨًﺎ
َﻋ َﻠ ً ﻋﻠيه ،أو تﺸ إليه ﺑﺎسﻢ إﺷﺎرة ،أو تﻀيف له صفﺔ ﻣﻦ صفﺎته ﺑﺎﻻسﻢ
اﳌوصول ،أو تﻀيف الﴚء إﱃ اسﻢ ﻣﻌ تﻌﺮﻓه ،هﺬه هﻲ أدوات التﻌﺮﻳف.
١٢
|
اﳌﺒتﺪأ ﻣﻌﺮﻓﺔ والﺨﱪ إذا أردت إﺧﺒﺎرك ﻋﻦ ﳾء ﻣﺎ ،ﻓأصل الﺠﻤﻠﺔ أن ﻳأ
ﻧﻜﺮة .ﻣﺎ ﻣﻌﻨى اﳌﺒتﺪأ والﺨﱪ؟
ﻳﻘول الﻠه تﻌﺎﱃ أﻧه هو ﻓﻘط ﻣﻦ ﻳستطيﻊ أن ﻳفﻌل ذلﻚ ،هو ﻓﻘط الﻠه -سﺒﺤﺎﻧه
وتﻌﺎﱃ -ﻣﻦ ﻳستطيﻊ إﻧزال السﻜيﻨﺔ ﰲ ﻗﻠوب الﻨﺎس ،ﰲ ﻗﻠوب ﻣﻦ ﻳﺸﺎء -
سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ -هو وﺣﺪه سﺒﺤﺎﻧه الﺬي أﻧزل السﻜيﻨﺔ ﰲ ﻗﻠوب اﳌﺆﻣﻨ ؛
أي ﻣﺎ ﺣﺪث لﻜﻢ ﰲ الﺤﺪﻳﺒيﺔ ﻻ ﻳستطيﻊ ﺑﴩ ﻛﺎئ ًﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﺎن أن ﻳفﻌﻠه ،ﻣﻦ
ﺑﺎلسﻜيﻨﺔ ،هﺬه تﺨﺺ الﻠه تﻌﺎﱃ .ﻷﺟل اﳌستﺤيل أن ﻳستطيﻊ أﺣﺪ أن ﻳأ
َ َ َ َۡ
ٰ ٰ ِت وٱ ِض﴾ ذلﻚ ﺟﺎء ﰲ ﻧفﺲ اﻵﻳﺔ ﴿ َو ِ ِ﴾ ولﻠه ﻓﻘطَ ﴿ ،و ِ ِ ُ ُ ُد ٱ
]الﻔﺘﺢ.[٤ :
أي أن السﻜيﻨﺔ أﻣﺮ داﺧﲇ ﺑﺎﻃﻨﻲ ،ﻻ تستطيﻊ أن تتﺪﺧل ﻓيه ،ﻗﺪ تﻜون ﻛل
اﻷسﺒﺎب الﺨﺎرﺟيﺔ ﻣواتيﺔ لﻠط ﻧيﻨﺔ وﻻ تﻜون ﻣطﻤئﻨًﺎ ،وﻗﺪ تﻜون ﻛل اﻷسﺒﺎب
١٣
|
الﺨﺎرﺟيﺔ ﻋﻜﺲ الط ﻧيﻨﺔ وتﻜون ﻣطﻤئ ًﻨﺎ ﺛﺎﺑتًﺎ ﴾ َ ُ ﴿ ،هو وﺣﺪه -سﺒﺤﺎﻧه
ۡ ََ ُُ ٓ َ ََ
ِب ٱ ُ ۡ ِ ِ َ ﴾ ]الﻔﺘﺢ.[٤ : ِ ِ وتﻌﺎﱃ﴿ -ٱ ِي أ ل ٱ
اﻧﺸﻐل ﺑﺎلﻠﱣه
َ ٓ َ َ
ِ َ ﴾ ،ﻗﻠﻨﺎ أن تﻌﺮﻳف الﺠزأﻳﻦ ﻳفيﺪ ِي أ َ ل ٱ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻘف ﻣﻊ هﺬه اﻵﻳﺔ ﴿ٱ
الﺤﴫ ،أي أن الﻠه -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ -هو ﻓﻘط الﺬي ﻓﻌل ذلﻚ.
َ ََ
وﻗفﺔ؛ ﴿أ ل﴾ ﻳﻘولون ﰲ الﻠﻐﺔ أﻧزل ﻣﺨتﻠفﺔ ﻋﻦ ﻧَ ﱠز َل ،ﻧَ ﱠز َل ﻣﻦ ﺛﺎ
ﻣﻌﺎﻧيﻬﺎ التﺪرج ،وﻗيل :أﻧزل أي دﻓﻌﺔ واﺣﺪة.
أﺣيﺎﻧًﺎ ﻗﺪ تﻜون ﻣتوت ًﺮا وﻣﻀط ًﺮﺑﺎ ،ﺛﻢ ﻓﺠأة -ﻻ تﻌﺮف ﻣﺎ الﺬي ﺣﺪث -أصﺒﺤﺖ
ﻣﻨﴩح الﺼﺪر ً
ﻣﻘﺒﻼ ﻋﲆ الطﺎﻋﺔ ،هﺬه الﻠﻤسﺔ التﻲ تﺸﻌﺮهﺎ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ هﻲ ﻣﻦ
ﻋﻨﺪ اﳌﻠﻚ -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ.-
ٓ َ ََ
﴿ ُ َ ٱ ِي أ ل﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٤ :وﻓيﻬﺎ إﺷﺎرة إﱃ أن تﻐي اﻷﺣوال ﻣﻦ ﻋﻨﺪ الﻠه ﻳفﻌﻠه
ﰲ لﺤﻈﺔ ،ﻣﺜل اﳌﻬﺪي ﻳﺼﻠﺤه الﻠه ﺑ ﻳوم وليﻠﺔ .ﻧﺤﻦ دا ًﺎ ﻧﺤتﺎج تﺪ ّر ًﺟﺎ
وأسﺒﺎﺑًﺎ ،الﻠه َس ﱠﻦ سﻨﺔ الﻜون ﻋﲆ هﺬا ،لﻜﻦ ﻳستطيﻊ ﺑﻘﺪرته -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ-
١٤
|
ً
ﻃوﻳﻼ تﺒﻖ
أن ﻳفﻌل ﻣﺎ ﻳﺸﺎء ،وأن ﻳﻐ اﻷوﺿﺎع ﰲ لﺤﻈﺔ -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ -ﻓﻼ َ
ﰲ ﻓﱰات الﺤزن والﻜﺂﺑﺔ ،وﻻ تﻘل إن هﺬا اﳌوﺿوع صﻌب ،وﻳﺤتﺎج تﻐي ًا
ﻛﻠ ًيﺎ ،وﻳﺤتﺎج ،وﻳﺤتﺎج ...ﻻ تﻨﺸﻐل ﺑﻬﺬا ،اﻧﺸﻐل ﺑﺎلﻠه وستﺠﺪ ﻣﺎ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ
ﻳتﻐ .
ﻣتى تأ السﻜيﻨﺔ؟
َ ٓ َ َ ُ
ِ َ ﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٤ :السﻜيﻨﺔ هﻲ ﻣﺎ ﻳتﻤﻨﺎه اﳌﺆﻣﻦ ﰲ ﻣوﺿﻊ ِي أ َ ل ٱ ﴿ َٱ
الﻘﻠﻖ واﻻﺿطﺮاب ،السﻜيﻨﺔ ﻣﻦ السﻜون والﻬﺪوء ،وﺟﺎءت ﻋﲆ وزن
»ﻓﻌيﻠﺔ« ،وهﺬا الوزن ﻳفيﺪ الﺜﺒﺎت ﻌﻨى ﺣﺎلﺔ ﻣﻦ اﻻستﻘﺮار.
َ
ِ َ﴾ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺒﺤﺚ أﻳﻦ وردت »السﻜيﻨﺔ« ﰲ الﻘﺮآن ،ﻧﻼﺣﻆ أن لفﻆ ﴿ٱ
ورد ﰲ الﻘﺮآن سﺖ ﻣﺮات ،ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ سورة واﺣﺪة ،واﺛﻨتﺎن ﰲ أﺧﺮى،
وواﺣﺪة ﰲ سورة ﺛﺎلﺜﺔ؛ ﺛﻼﺛﺔ ﰲ سورة الفتح وهﺬا ﻣﻦ الﻌﺠيب ،ﻷﻧه ﻛﺎن
اﳌتوﻗﻊ أن تﻜون ﺛﻼﺛﺔ ﰲ سورة الﺒﻘﺮة ﻷﻧﻬﺎ أﻃولﻬﻢ ،واﺛﻨتﺎن ﰲ التوﺑﺔ ﻷﻧﻬﺎ
أﻗﴫ ً
ﻗﻠيﻼ ،وواﺣﺪة ﰲ الفتح ﻷﻧﻬﺎ اﻷﻗﴫ ،لﻜﻦ الواﻗﻊ هو الﻌﻜﺲ ﺎ ًﻣﺎ؛
ﺛﻼﺛﺔ ﰲ الفتح ،واﺛﻨتﺎن ﰲ التوﺑﺔ ،وواﺣﺪة ﰲ الﺒﻘﺮة.
ﺛﻼﺛﺔ ﰲ سورة الفتح ،ﻷن الﻨﻌﻤﺔ والزاد ﻳﻨزﻻن ﻋﲆ ﻗﺪر الﺒﻼء ،ﻓﺎلﻠه ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻳﺒتﻠيﻚ ﻻ ﻳﱰﻛﻚ ،ﻻ ﻳﱰﻛﻚ اﳌﻠﻚ -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ.-
وﻛ ُروي ﻋﻦ الﻨﺒﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺣسﻨه اﺑﻦ ﻛﺜ :نزل الصﱪ ﻣن الﺴ ء عﲆ
قدر البﻼء ) (٢ﻋﲆ ﻗﺪر اﳌﺼيﺒﺔ ﻳﻨزل الﺼﱪ.
١٥
|
وﻣﺮت ﰲ التوﺑﺔ؛ ﻣﺮة ﻣﻊ ﻏزوة ﺣﻨ ،وﻣﺮة ﻣﻊ هﺠﺮة الﻨﺒﻲ وأ ﺑﻜﺮ -رﴈ
الﻠه ﻋﻨه،-
ٞ َ ۡ
ُ ُت ِ ِ َ ِ َ ﴾ وذﻛﺮت السﻜيﻨﺔ ﻣﺮة واﺣﺪة ﰲ سورة الﺒﻘﺮة ﴿أن َ ِ َ ُ ٱُ
ﻧﺠﺪ أن الستﺔ ﻣواﺿﻊ التﻲ ذﻛﺮت ﻓيﻬﺎ السﻜيﻨﺔ ﰲ الﻘﺮآن ﻛﻠﻬﺎ إﻣﺎ ﺟﻬﺎد أو
هﺠﺮة ،تتﻌﺠب! ﻷﻧﻚ تتوﻗﻊ أن تﻨزل السﻜيﻨﺔ ﻋﻠيﻚ وأﻧﺖ ﻣﻌتﻜف ﰲ ﻣسﺠﺪ
صﻐ ﻣﻈﻠﻢ ،أو وأﻧﺖ ﻣﻨﻌزل وﺣﺪك تتﻌﺒﺪ ،ﻛﻼ؛ هﺬا ﻓﻬﻢ ﺧﺎﻃئ لتﺤﺼيل
ﰲ اﳌﻌﺎرك ،وﰲ أوﻗﺎت التﻀﺤيﺔ ،والﺒﺬل ،وﰲ السﻜيﻨﺔ ،السﻜيﻨﺔ تأ
الﺠﻬﺎد والﻬﺠﺮة.
١٦
|
ﺣﺪث ﻛل ذلﻚ ﰲ صﻠح -أو ﻏزوة -الﺤﺪﻳﺒيﺔ ،ولﻜﻦ ﻣتى ﺑﺎلﻀﺒط؟ ﻣتى
اﺣتﺎﺟﻬﺎ الﺼﺤﺎﺑﺔ؟ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺎﻳﻌوا ﻋﲆ اﳌوت ﰲ ﺑيﻌﺔ الﺮﺿوان ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧوا
ﻳﻜتﺒون ﴍوط الﺼﻠح.
هﺬه السﻜيﻨﺔ هﻲ التﻲ ﻛﺎﻧﺖ -ﺣتى ﻧفﻬﻢ ﻣﻌﻨى السﻜيﻨﺔ -ﰲ ﻗﻠب ﻣوﳻ
ﰲ ﺛﺒﺎته أﻣﺎم ﻓﺮﻋون ،وﰲ ﻃ ﻧيﻨﺔ إﺑﺮاهيﻢ ﰲ الﻬواء ﻗﺒل أن ﻳﺼل إﱃ
الﻨﺎر ،وﰲ ﻳﻘ ﻣﺤﻤﺪ ﰲ الﻐﺎر ،وﰲ سﺠﺪة ﻳوﻧﺲ ﰲ ﺑطﻦ الﺤوت،
ﰲ ﻗﻤﺔ السﻜيﻨﺔ والط ﻧيﻨﺔ ﰲ هﺬه اﳌواﺿﻊ اﳌﻀطﺮﺑﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻣواﺿﻊ
ﻳﻀطﺮب ﻓيﻬﺎ اﻹﻧسﺎن.
١٧
|
ﻣﺤﻤﺪ ،وﰲ سﺠﺪة ﰲ ﺛﺒﺎت ﻣوﳻ ،وﰲ ﻃ ﻧيﻨﺔ إﺑﺮاهيﻢ ،وﰲ ﻳﻘ
ﻳوﻧﺲ ،ﰲ هﺬه اﳌواﻗف التﻲ ﻳﺤﺪث ﻓيﻬﺎ اﺿطﺮاب ،تﻨزل ﻓيﻬﺎ السﻜيﻨﺔ،
ﻓيﻘول إﺑﺮاهيﻢ وهو ﰲ الﻬواء -أي أﻗل ﻣﻦ لﺤﻈﺎت وﻳسﻘط ﰲ الﻨﺎر-
ﺣسﺒﻲ الﻠه وﻧﻌﻢ الوﻛيل ،ﻛيف استطﺎع أن ﻳﺠﻤﻊ ﺣﺮوﻓﻬﺎ؟ ﻛيف استطﺎع
أن ﻳتﺬﻛﺮهﺎ وهو ﰲ الﻬواء؟ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻘودة ﻋﲆ ﻗﻠﺒه.
ﴫ لَنا ،أَﻻ
) (٣عن خباب بن اﻷرت :ﺷَ كَ ْونا إﱃ َرسو ِل اللﱠ ِه ،وهو ُﻣتَ َو ﱢس ٌد بُ ْر َد ًة له ﰲ ِﻇ ﱢل الكَ ْعبَ ِة ،قُلْنا له :أَﻻ ت َْﺴتَنْ ِ ُ
ج َع ُل ِفي ِه ،فيُجا ُء باﳌِ ْنﺸا ِر فيُوﺿَ ُﻊ عﲆ َرأْ ِس ِه
ض ،فيُ ْ ﺟ ُل ِفي َمن قَبْلَكُ ْم يُ ْ
ﺤ َﻔ ُر له ﰲ اﻷ ْر ِ تَ ْد ُعو اللﱠ َه لَنا؟ َ
قال :كا َن ال ﱠر ُ
صدﱡهُ َ
ذلك ب ،وﻣا يَ ُ ص ٍ ﺤ ِم ِه ِﻣن َعظْمٍ أَ ْو َع َ ﺤ ِد ِ
يد ﻣا دُو َن لَ ْ ط بأَ ْﻣ ِ
ﺸاط ال َ ذلك عن ِدي ِن ِه ،و ُ ْﺸَ ُ
صدﱡهُ َ فيُﺸَ ﱡق باثْنَتَ ْ ِ ،وﻣا يَ ُ
ﺨاف إﻻّ اللﱠهَ ،أَ ِو ال ﱢذﺋ َ
ْب عﲆ ﴬ َﻣ ْوتَ ،ﻻ يَ ُ ح َْ ﺻنْعا َء إﱃ َ ب ِﻣن َ
عن ِدي ِن ِه ،واللﱠ ِه لَ ُيتِ ﱠم ﱠن هذا اﻷ ْﻣ َر ،حتّى يَ ِﺴ َ ال ّراكِ ُ
َﻏنَ ِم ِه ،ولَ ِكنﱠكُ ْم ت َْﺴتَ ْع ِ
جلُونَ.
البﺨاري )ت ،(٢٥٦ﺻﺤيﺢ البﺨاري • ٣٦١٢ﺻﺤيﺢ.
١٨
|
هﺬه اﻵﻳﺔ التﻲ أتﺖ ﻣتأﺧﺮة لﻠﺼﺤﺎﺑﺔ ،ﺟﺎءت لﻠﻨﺒﻲ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ السورة ﰲ اﻵﻳﺔ
ََۡ َ َ َ ٗ
ۡ َ ِ ٗ ﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٢ :لﻘﺪ سﺒﻘﻬﻢ الﻨﺒﻲ ﺑﻬﺬه الﻌطﺎﻳﺎ، ِ ٰ الﺜﺎﻧيﺔ﴿ :و ِ
ﻷﻧه ﻛﺎن ﰲ ﻗﻤﺔ اليﻘ .
رسول الل ِه! ونﺤن ﰲ الغارِ :لو أ ﱠن رﺟﻼً اﻃﱠلﻊ لرآنا ،فقال :ﻣا ﻇنﱡك باثنَ ِ الل ُه
َ ) (٤عن أ بكر الصديق :قلتُ :يا
ثالثُه ؟ وقال :أحدُه ﰲ حدي ِثه :لو أ ﱠن أحدَهم نظر ﻣوﺿ َﻊ قد ِﻣه ﻷب َ
ﴫنا ،فقال :ﻣا ﻇنﱡك باثنَ ِ الل ُه ثالثُه .
البزار )ت ،(٢٩٢البﺤر الزخار • ٩٦/١إسناده ﺻﺤيﺢ • أخرﺟه البﺨاري ) ،(٣٦٥٣وﻣﺴلم ) ،(٢٣٨١والﱰﻣذي
،والبزار ) (٣٦واللﻔﻆ له . ) ،(٣٠٩٦وأحمد ) (١١باختﻼف يﺴ
١٩
|
السﻜيﻨﺔ تُﺤﺪث لﻚ ﻧﻘﻠﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻛﻨﺖ إﻧسﺎﻧًﺎ ﻣﺤﺒطًﺎ أﺷﺒه ﺑﺎﳌيﺖ ،ﻓﺈذا ﻧزلﺖ
ﴫا ﻗوﻳًﺎ ،ﻓتتﺤﺮك لفﻌل ﻣﺮاد
ﻋﻠيﻚ السﻜيﻨﺔ ﰲ هﺬه اﻷوﻗﺎت تﺼﺒح ﺣيًﺎ ﻣﺒ ً
الﻠه.
أهﻤيﺔ السﻜيﻨﺔ
ﻣﻦ أهﻤيﺔ السﻜيﻨﺔ ﰲ هﺬه اﳌواﻃﻦ أﻧﻬﺎ ﻻ تﱰك اﻷﺣﺪاث تﺠﻌﻠﻚ تتﴫف
ﻋﻜﺲ ﻣﺮاد الﻠه ،ﻓأﺣيﺎﻧًﺎ هﻲ لﺤﻈﺔ؛ إﻣﺎ أن تتﴫف ﺑطﺮﻳﻘﺔ صﺤيﺤﺔ أو ﺧﺎﻃئﺔ،
ﰲ لﺤﻈﺔ واﺣﺪة تﺤﺼل لﻚ ﺷﺪة وﺿيﻖ ﻣفﺎﺟئ ،ﻣﺜل الﻬﺮوب الﺬي ﺣﺪث
ﰲ ﺣﻨ ؛ إﻣﺎ أن ﻳﻜﻤﻠوا الﻬﺮوب ،أو تﻨزل ﻋﻠيﻬﻢ السﻜيﻨﺔ وﻳتﺪارﻛوا أﻧفسﻬﻢ،
٢٠
|
ﻣﺜل ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ الﻐﺎر إﻣﺎ أن تﻨزل السﻜيﻨﺔ أو سيتﻜﻠﻢ الﺼﺪﻳﻖ ،ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ
أن تفﻘﺪ أﻋﺼﺎﺑﻚ ،وﻣﺜل الﺤﺪﻳﺒيﺔ ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن تفﻘﺪ أﻋﺼﺎﺑﻚ ،وتﺮﻓﺾ
ﴍوط الﺼﻠح ،وتﺨﺮج السﻬﻢ لتﻘتل ﺑه أﺣﺪً ا ﻣﻦ اﳌﴩﻛ .ﻓأﺣيﺎﻧًﺎ هﻲ
َ ۡ َ ٓ َ َ ۡ َ َ َٰ َ ۡ َ َ ۡ َ
َ
ِ ﴾ أن ر لﺤﻈﺎت تﺤتﺎج ﻓيﻬﺎ السﻜيﻨﺔ ﴿إِن دت ُ ۡ ِي ِ ِۦ
]الﻘﺼﺺ ،[١٠ :ﻛﺎدت هﻲ أن تفﻀح ﻧفسﻬﺎ ،لوﻻ أن ﻧزلﺖ ﻋﻠيﻬﺎ السﻜيﻨﺔ.
لﻜﻦ هﻨﺎك ﻓﺮق ﺑ السﻜيﻨﺔ والﻼﻣﺒﺎﻻة ،ﻓأﺣيﺎﻧًﺎ تﻜون هﻨﺎك أزﻣﺎت ﻃﺎﺣﻨﺔ ﰲ
ﺷﺨﺼﺎ لﺪﻳه ﻻﻣﺒﺎﻻة ،هﺬه ليسﺖ سﻜيﻨﺔ ﻓﻬﻨﺎك ﻓﺮق ﺑ السﻜيﻨﺔ
ً الﺪﻳﻦ وتﺠﺪ
والﻼﻣﺒﺎﻻة ،ﻓتﺠﺪ اﻷﻋﲆ ﻣﻨه إ ﺎﻧًﺎ ﻣتوت ًﺮا وهو ﻏ ﻣتوتﺮ .هﺬا ليﺲ ﻣﻌﻨﺎه أﻧه
٢١
|
أﻛﻤل إ ﺎﻧًﺎ ،ﻓأﺣيﺎﻧًﺎ تﻜون هﺬه ﻻﻣﺒﺎﻻة ،ﻓﺎﻷﻛﻤل أن تﺤﻤل هﻢ الﺪﻳﻦ وتﺒﺬل؛
ﻓتﻨزل ﻋﻠيﻚ هﺬه الط ﻧيﻨﺔ.
لﺬلﻚ السﻜيﻨﺔ تﻠﻚ ﻋﺠيﺒﺔ ﺟﺪً ا ،ﻧزلﺖ ﰲ ﻣوﻃﻦ ﻋﺠيب ،ﺣيﺚ ﻛل الﻨﺎس
ﻣتوتﺮون وﻗﻠﻘون ،ﻓيﻘوم وﻳﺼﲇ ،ﻛ ﻓﻌل ﰲ الﺨﻨﺪق ،ﻛ وصف الﱪاء
ﺑﻦ ﻋﺎزب الﺮسول ،والﺤﺪﻳﺚ ﰲ الﺒﺨﺎري ،والﱰاب ﻳﻐطﻲ ﺑطﻨه الﴩﻳفﺔ،
وهو ﻳﻘول أﺑيﺎتًﺎ ﻣﻦ الﺸﻌﺮ :الﻠﻬﻢ لوﻻ أﻧﺖ ﻣﺎ اهتﺪﻳﻨﺎ ،وﻻ صﻤﻨﺎ ،وﻻ صﻠيﻨﺎ،
ﻓأﻧزلﻦ سﻜيﻨﺔ ﻋﻠيﻨﺎ .
ﻓﺎلﻨﺒﻲ ﻳطﻠب السﻜيﻨﺔ ﰲ هﺬا اﳌوﻃﻦ ،ﰲ اﻷﺣزاب ،ﰲ ظل وﺟود ﻋﴩة
واليﻬود داﺧل اﳌﺪﻳﻨﺔ ،واﻹﻋﻼم آﻻف ﻓﺮد ﻳﺤيطون ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ ،واﳌﻨﺎﻓﻘ
اﳌﻀﺎد ﻳﻘول :هﺬه آﺧﺮ أﻳﺎم لﻺسﻼم ،وليسﺖ هز ﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﻣﺜل أﺣﺪ ،ﺑل ﻧﻬﺎﻳﺔ
اﻹسﻼم ،ولﻦ ﻳﻜون ﳾء اسﻤه اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ذلﻚَ ۡ َ َ ۡ َ َ ﴿ ،ب َ ُ َ َم َ ُ ۡ
ِ
ْ َ
ۡر ِ ُ ۚ ا﴾ ]اﻷﺣﺰاب ،[١٣ :هﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻹسﻼم ﰲ تﺼور اﳌﻨﺎﻓﻘ ،و ﻳﺤﻤل
الﱰاب وﻳﻘول أﺑيﺎتًﺎ ﻣﻦ الﺸﻌﺮ ،وﻳﻘول ﻓأﻧزلﻦ سﻜيﻨﺔ ﻋﻠيﻨﺎ ،وﻳﺮﺑط
الﺤﺠﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﺑطﻨه الﴩﻳفﺔ ﻣﻦ الﺠوع.
٢٢
|
ﻳﺜﺒتﻬﻢ! ﻓﻬو ﻻ ﻳوزﻋون ﻋﻠيه السﻜيﻨﺔ ﰲ السﺠﻦ ،ﺑل ﺑﺎلﻌﻜﺲ ،ولﻜﻦ ﺟﻨته
ﰲ صﺪره.
ﻳﺼﻠون ،ﺑ تﻨزل السﻜيﻨﺔ ﰲ ﻗﻠوب أهل اﻹ ﺎن ﻓﻘط ،لﺬلﻚ تﺠﺪ اﺛﻨ
صف واﺣ ٍﺪ ،ﻓﻌطﺎﻳﺎ
ٍ ﺧﺸوﻋﻬ وصﻼتﻬ ﻛ ﺑ الس ء واﻷرض وه ﰲ
اﳌﻠﻚ -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ -تﻌﻠﻢ أﻳﻦ تﺬهب.
ُُ ََ ٓ َ ََ ُ
ِب﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٤ :وﻛ ﻳﻘولون :أن هﺬا الﻘﻠب ِ ِ ﴿ َ ٱ ِي أ ل ٱ
ﺑﺪاﺧل الﺼﺪر ،والﺸيطﺎن ﻻ ﻳستطيﻊ أن ﻳﺼل إﱃ الﻘﻠب ،ﻓيﺒﺚ الﺸيطﺎن
الوسوسﺔ ﰲ الﺼﺪر ،ﻓتﻈل وسﺎوس الﺸيطﺎن تﺠول ﰲ الﺼﺪر ﺣتى تستطيﻊ
أن تﺼل إﱃ الﻘﻠب﴿ ،ٱ ِي ُ َ ۡ ِ ُس ِ ُ ُ ورِ ٱ ِس﴾ ]الﻨاس ،[٥ :ﰲ صﺪور
وليسﺖ الﻘﻠوب ،ﻓﻬﻨﺎ السﻜيﻨﺔ تﺨﱰق وتﺼل إﱃ الﻘﻠوب ﺑفﻌل اﳌﻠﻚ -
سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ.-
٢٣
|
ﻗيل ﰲ ﻛل ﺣﻜﻢ وﺣﺎدﺛﺔ تﺤﺪث ،ﻳﻜون لﻠه -ﻋز وﺟل -ﻓيﻬﺎ ﺣﻜﻢ ،ﻓﺈذا التزم
أهل اﻹ ﺎن ﺑﻬﺬا الﺤﻜﻢ ،ازدادوا إ ﺎﻧًﺎ ﻣﻊ اﻷﺣﻜﺎم السﺎﺑﻘﺔ ،أي ازدادوا إ ﺎﻧًﺎ
ﻣﻊ إ ﺎﻧﻬﻢ .ﻌﻨى ،ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس :ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺣﻜﺎم تﻨزل تﺒﺎ ًﻋﺎ ،ﻓﺈن ﻧزلﺖ
الﺼﻼة ،صﻠوا ،ﻓزادوا إ ﺎﻧًﺎ ،ﻓﻨزل الﺼيﺎم ،ﻓﺂﻣﻨوا ﺑه ،ﻓﺼﺎﻣوا ،ﻓﺎزدادوا إ ﺎﻧًﺎ،
ﻓﻨزلﺖ الزﻛﺎة ،… ،ﻓﻨزل الﺤﺞ… .
ً
أﻓﻌﺎﻻ ،وﻣﺮا ًدا لﻠه ﻌﻨى أن ﻛل ﻣوﻗف ستﻌيﺸه ﰲ الﺤيﺎة ،سيطﻠب ﻣﻨﻚ الﻠه
-ﻋز وﺟل ،-ﻓﺈذا ﻃﺒﻘﺖ ﻣﺮاد الﻠه -ﻋز وﺟل -ازددت إ ﺎﻧًﺎ.
ﻌﻨى ،ﺣتى ﻳزداد وﻳستﻤﺮ إ ﺎﻧﻚ ،ﻻ ﺑﺪ أن تطﺒﻖ ﻣﺮاد الﻠه ﻣﻊ ﻛل ﺣﺪث
سورة ﻣﺤﻤﺪ ﻳﺤﺪث ،لﺬلﻚ ﻛ ﻗﻠﻨﺎ ﻗﺒل ذلﻚ ﺑأن هﻨﺎك تﺮاﺑط وتﻨﺎسﻖ ﺑ
٢٤
|
أداء الﻌﻤﺮة ،ﺛﻢ ﻷداء الﻌﻤﺮة ،ﻓﺤيل ﺑيﻨﻬﻢ وﺑ ﻓﺎلﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﺎﻧوا ﺧﺎرﺟ
ﺧﺮﺟﺖ إﺷﺎﻋﺔ ﺑأن سيﺪﻧﺎ ﻋﺜ ن ُﻗتل ،ﻓﻘﺎلوا ﻧﺒﺎﻳﻊ ﻋﲆ اﳌوت ،ﺛﻢ ﻋﻠﻤوا أن
ﻓأي ﻃﻠب ُﻳطﻠب
ُﻳﻘتل ،وﻗيل لﻬﻢ لﻦ تُﻘﺎتﻠوا ،ﻓﺎستﺠﺎﺑواّ ، سيﺪﻧﺎ ﻋﺜ ن
ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻨفﺬوﻧه ﻋﲆ الفور ،ﻣﻬ ﻛﺎﻧﺖ التﻐ ات.
٢٥
|
ً
ﻣﺜﻼ ﰲ ﻏزوة ﺑﺪر ،ﺑﺪأت ﻏزوة ﺑﺪر ﺠﻤوﻋﺔ صﻐ ة ﻣﻦ الﻨﺎس ﺧﺮﺟﺖ لطﻠب
ا ْل ِﻌ ،ﻓﺎﻧﻘﻠب اﻷﻣﺮ ﳌﻌﺮﻛﺔ ﻛﺒ ة وﻓﺮﻗﺎن؛ ﻓﻠﻢ ﻳﱰاﺟﻊ اﳌﺆﻣﻨون ﻋﻨﻬﺎ ،ﺑل
ﻗﺎتﻠوا وﺟﺎهﺪوا ﰲ سﺒيل الﻠه.
٢٦
|
ﺟﻨود الﻠﱣه
َ َ َ َۡ
ٰ ٰ ِت وٱ ِض﴾ ]الﻔﺘﺢ:[٤ : وتُﺨتﻢ هﺬه اﻵﻳﺔ ﺑـ ﴿ َو ِ ِ ُ ُ ُد ٱ
ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻗﺎل :الس وات ﻣﻨﻬﺎ السﻜيﻨﺔ التﻲ ﻧزلﺖ ﻣﻦ الس ء ،و اﻷرض
هﻢ اﳌﺆﻣﻨون.
وﻗيل :أن الس وات هﻲ اﳌﻼئﻜﺔ التﻲ ﻧزلﺖ ﺑﺎلسﻜيﻨﺔَ ،و اﻷرض هﻢ
اﳌﺆﻣﻨون.
وﻗيل :أن الﻐﺮض ﻣﻨه السﻌﺔ؛ ﻓﻤﻬ ﺣﺎولﺖ أن تتﺨيل ﻓﻠﻦ تستطيﻊ أن تﻌﻠﻢ
َََ ُٰ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ َۡ ََۡ ُ ْ
ِ ۖا﴾ ِ ٱ ﺟﻨود الﻠه ،أو ﻛيف ﻳأتون؟ ﴿ ﻣﻦ أﻳﻦ ﻳأ
]اﳊﺸﺮ ،[٢ :ﻻ تﻌﻠﻢ.
هل تتﻜﻠﻢ اﻵﻳﺔ هﻨﺎ ﻋﻦ الﺠﻨود الﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧوا ﻣﻊ اﳌﺆﻣﻨ ؟ أم ﻋﻦ الﺠﻨود الﺬﻳﻦ
ﻧزلوا ﺿﺪ الﻜفﺎر؟
ﺷيئ
هل تتﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺷﺪة ﻣﺜل رﻳح أو صﺎﻋﻘﺔ تﻨزل ﻋﲆ الﻜفﺎر؟ أم تتﻜﻠﻢ ﻋﻦ ٍ
ﻛﺎن ﻣﻊ اﳌﺆﻣﻨ ؟
َ ٗ
ِ ﴾ ]الﻔﺘﺢ:
ت َوٱ ۡ َ ِض َو َ َن ٱ ُ َ ِ ً
َٰٰ ِ
َ اﻧﻈﺮ ﺧتﺎم اﻵﻳﺔ ﺑـ ﴿ َو ِ ِ ُ ُ ُد ٱ
،[٤إ ًذا اﻵﻳﺔ تتﺤﺪث ﻋﻦ اﳌﺆﻣﻨ .
ٓ ۡ
ُ ۡ َ َ َ ۖ َو َ َءتﺑﺨﻼف آﻳﺔ ٧التﻲ ﺟﺎءت ﺑﻌﺪ آﻳﺎت الﻜفﺎر ﴿ َو َ َ َ ُ ۡ َوأَ َ
َ
٢٧
|
َ ِ ً ﴾؛ ﻷن ﻣوﺿﻊ الﻜفﺎر ﻓيه ﺷﺪة وﻣﻐﺎلﺒﺔ ،ﻓﻬﻢ ﻳﻨﺎزﻋون دﻳﻦ الﻠه -ﻋز
وﺟل -والﻠه ﻻ ُﻳﻐَﺎلَب ،ﻓستﻜون ﻋﻠيﻬﻢ دائﺮة الس ْوء.
٢٨
|
استﺸﺎرهﺎ الﻨﺒﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻣﺮ الﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﺎلﺤﻠﻖ والﻨﺤﺮ ،ﻓﻤﻦ ﺷﺪة الﺤزن
ﻳستطيﻌوا ذلﻚ.
َ َ ََ َ ۡ َ ۡ
﴾ ﴿ ٰ وٱ ً
ﻓﻤﺜﻼ الفﺮق ﺑ هﻨﺎك ﻓﺮق ﺑ الﺮﻓﺾ ﻋﻨﺎ ًدا والﺮﻓﺾ لسﺒب،
واستﻜﱪ ،ﺑيﻨ الس وات وأﺷفﻘﻦ ،ﻓﺎلﺸيطﺎن أ َأ َﺑ ]الﺒﻘﺮة ،[٣٤ :وﺑ
َ ۡ َ َََۡ َ َ َۡ ََۡ ََ ۡ َ ۡ
اﻻﺛﻨ . ِ ﴾ ]اﻷﺣﺰاب[٧٢ :؛ هﻨﺎك ﻓﺮق ﺑ أن ِ وأ واﻷرض ﴿
ﻓﺎلﺼﺤﺎﺑﺔ ﰲ ﻣوﺿوع الﻨﺤﺮ والﺤﻠﻖ ،ﻛﺎن لﺪﻳﻬﻢ إﺷﻜﺎليﺔ ﻣﻌيﻨﺔ ،لﺸﺪة الﺤزن
وليﺲ الﺮﻓﺾ ﻋﻨﺎ ًدا.
ﻓﺎستﺸﺎر الﻨﺒﻲ أم سﻠﻤﺔ ،وأﺷﺎرت ﻋﻠيه أن ﻳﺤﻠﻖ رأسه وأن ﻳﻨﺤﺮ هﺪﻳه،
ﻓفﻌل ذلﻚ ﻓتﻘﺎتل الﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﲆ الﺤﻠﻖ ﺑﻌﺪ ذلﻚ.
وﻗيل ﻣﺎ تﻌﺎﻧيه اﳌﺮأة اﳌﺆﻣﻨﺔ ﰲ ﺑيتﻬﺎ وﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑه أﺣﺪ ،ﻣﺎ تﻌﺎﻧيه زوﺟﺔ
اﳌﺠﺎهﺪ ،زوﺟﺔ الﻌﺎﻣل لﺪﻳﻦ الﻠه ،ﻓﻬﻲ تﺸﻌﺮ ﺑﺂﻻم ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ أﺣﺪ ،ﻓﺎلﻈﺎهﺮ
ولﻜﻦ هﺬه
ﱠ هو الﺒﻼء الﺬي ﻳﻨزل ﻋﲆ الﺮﺟل ،ﻋﲆ اﳌﺠﺎهﺪ ،ﻋﲆ الﺬي ﻳﺒﺬل،
ﺑﺂﻻم ،ﻣﻦ صﱪ ﻋﲆ ﻗتل زوﺟﻬﺎ ،أو إ ﻳﺬائه ،أو ﻗﻠﺔ الﻨفﻘﺔ ،أو رﻋﺎﻳﺔ
اﳌﺮأة ﺮ ٍ
اﻷوﻻد ،ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ذلﻚ إﻻ الﻠه؛ ﻓﺨﺼﻬﺎ الﻠه -ﻋز وﺟل -ﺑﺬلﻚ ،ﻷﻧه ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺪى
ﻣﺎ تﻌﺎﻧيه اﳌﺮأة.
ﻣﻦ آﻻم، وأﺷﺎر إﱃ ذلﻚ اﳌﻌﻨى اﺑﻦ ﻋﺎﺷور -رﺣﻤه الﻠه -أن اﳌﺮأة تﻌﺎ
ﺧﺎصﺔ زوﺟﺔ اﳌﺠﺎهﺪ ،زوﺟﺔ الﻌﺎﻣل لﺪﻳﻦ الﻠه تﺸﻌﺮ ﺑﺂﻻم ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﻬﺎ أﺣﺪ،
تﻜﻦ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﺬاتﻬﺎ ،ﻓﻨﺎلﺖ ﻣﺎ ﻧﺎلوا. ﻓألﺤﻘﻬﺎ الﻠه -ﻋز وﺟل -ﺣتى لو
٢٩
|
أﻳﻀً ﺎ توﺟﺪ إﺷﺎرة إﱃ أن زوﺟﺔ اﳌﺠﺎهﺪ أو الﻌﺎﻣل لﺪﻳﻦ الﻠه تﻨﺎل ﻣﺎ ﻳﻨﺎل
ﺑﺼﱪهﺎ وﺑﺬلﻬﺎ ،ﻓتﻜون هﺬه اﻵﻳﺎت ﺑﴩى لﻬﻦ أﻳﻀً ﺎ.
ﴫا
اﻧﻈﺮ إﱃ تﺮﺑيﺔ الﻠه ﻷهل اﻹ ﺎن ،ﻓﺎلﻠه ﻗﺎل لﻠﺮسول أﻧه سيﻨﴫك أﻧﺖ ﻧ ً
ﺧﺎصﺎ لﻠﻨﺒﻲ ﺑفتح ﻣﻜﺔ -ﻛ ﻗﺎل ﻛﺜ ﻣﻦ أهل الﻌﻠﻢ-
ﻋزﻳ ًزا ،وهﺬا ﻛﺎن وﻋﺪً ا ً
ولﻜﻦ أهل اﻹ ﺎن ،ﺑﴩهﻢ الﻠه -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ -ﺑﻨزول السﻜيﻨﺔ ،وزﻳﺎدة
اﻹ ﺎن ،ودﺧول الﺠﻨﺔ ﻓﻘط .هل لﻦ ﻳﺮى أهل اﻹ ﺎن الﻨﴫ؟ سوف ﻳﺮوﻧه
ولﻜﻦ ليﺲ ﺟﻤيﻌﻬﻢ.
ّ ۡ َۡ َ َۡ
ۡ ِ َ ٱ َ ٰ ُ َ ٰ ِ ِ َ ِ َ َو ُ َ ِ َ َ ۡ ُ ۡ َ ّ ِ َٔ ِ ِ ۡ ۚ﴾ ]الﻔﺘﺢ،[٥ : ِي ِ ٖ
﴿ َٰ
ٱ ُ َ َّۡ َ َ َ
ﺑﻌﻀﻬﻢ هﻨﺎ ﻗﺎل أن ﻣﻊ الﻨﺒﻲ ﻗﺎل الﻠه :ليﻐفﺮ لﻚ ذﻧﺒﻚ ﴿ ِ ِ
َ َُۡ ۡ َُ َّ َ َ ََ ََ ََ
ِ و﴿ ﻓﻘﺎل: اﳌﺆﻣﻨ ﻣﻊ أﻣﺎ ،[ ٢ :]الﻔﺘﺢ ﴾ َ َم ِ ذ ِ و
ﻳأت ﻣﻘﱰﻧًﺎ ﻣﻊِ َ ّ ِ َٔ ِ ِ ۡ ۚ﴾ ]الﻔﺘﺢ .[٥ :ﻓﻠفﻆ السيئﺔ -الﺬي ﻓيه ﻣﻌﻨى اﻹسﺎءة-
الﻨﺒﻲ ،ولﻜﻦ ﺟﺎء ﻣﻘﱰﻧًﺎ ﻣﻊ أهل اﻹ ﺎن؛ ﻷن الﻨﺒﻲ - ﻛ ﻗﻠﻨﺎ -ﰲ درﺟﺔ
أﻋﲆ.
و ﺎ أن اﳌﻘﺎم ﻣﻘﺎم إ ﺎم ﻧﻌﻤﺔ ،ﻛﺎن تﺮتيب اﻵﻳﺔ اﳌتوﻗﻊ :أن ﻳﻘﺎل ﰲ الﺒﺪاﻳﺔ
ّ
﴿ َو ُ َ ِ َ َ ۡ ُ ۡ َ ّ ِ َٔ ِ ِ ۡ ۚ﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٥ :ﺛﻢ ﻳﺪﺧﻠﻬﻢ الﺠﻨﺔ ،ولﻜﻦ ذﻛﺮ التﻜف ﺑﻌﺪ
أن دﺧﻠوا الﺠﻨﺔ .اﻧﻈﺮ إﱃ لطف الﻠه ﰲ اﻵﻳﺎت؛ ﺑﻌﺪﻣﺎ دﺧﻠوا الﺠﻨﺔ ،ﻗيل لﻬﻢ
أﻧﻜﻢ ﻛﺎن لﺪﻳﻜﻢ سيئﺎت وﻛُفﺮت .ﻓﻠو ﻗيل له ﰲ الﺒﺪاﻳﺔ أﻧه ﻛﺎن لﺪﻳه سيئﺎت،
٣٠
|
وهﺬا الفتح ﺟﺎء ليﻜون سﺒ ًﺒﺎ لتﻌﺬﻳب اﳌﻨﺎﻓﻘ ،واﳌﻨﺎﻓﻘﺎت ،واﳌﴩﻛ ،
واﳌﴩﻛﺎت.
٣١
|
-ﻳﻘولون :سﻨسﺠﻨﻚ.
-ﻓيﻘول :سﺠﻨﻲ ﺧﻠوة ﻣﻊ الﻠه ،ﻓأﻧﺎ ﻣﺸﻐول ﻣﻨﺬ ﻓﱰة ﻋﻦ ورد الﻘﺮآن.
-ﻳﻘولون :سﻨﻨفيﻚ
-ﻳﻘولون سﻨﻘتﻠﻚ.
٣٢
|
ﻓﺈذا ﻗﻠﻨﺎ أن ﻣسألﺔ زﻳﺎدة اﻹ ﺎن ﻗﺒل ﻣﺠﻲء الﻨﴫ ،إ ًذا السﻜيﻨﺔ وزﻳﺎدة اﻹ ﺎن
تسﺒب أﳌًﺎ ﻧفس ًيﺎ لﻠﻤﻨﺎﻓﻘ واﳌﻨﺎﻓﻘﺎت واﳌﴩﻛ واﳌﴩﻛﺎت.
ذﻛﺮ الﻠه -ﻋز وﺟل- ﺛﺎﻧ ًيﺎ :ﰲ هﺬه اﻵﻳﺔ ذﻛﺮ اﳌﻨﺎﻓﻘﺎت واﳌﴩﻛﺎت ﻛ
اﳌﺆﻣﻨﺎت ،وﻗيل أن الﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ذﻛﺮ اﳌﻨﺎﻓﻘﺎت واﳌﴩﻛﺎت أﻧﻬﺎ ﺣﺮب
ﺟ ﻋيﺔ ،ﻳﺸﺎرك الﻜل ﻓيﻬﺎ ،ﻳﺸﺎرك ﻓيﻬﺎ الﺮﺟل ،وتﺸﺎرك ﻓيﻬﺎ اﳌﺮأة ،ﺣﺮب
ﺟ ﻋيﺔ لﻬﺪم اﻹسﻼم ،سواء تﺸﺎرك ﻓيﻬﺎ اﳌﺮأة -اﳌﻨﺎﻓﻘﺔ أو اﳌﴩﻛﺔ -ﺎلﻬﺎ
أو ﺑفتﻨتﻬﺎ أو ﺑﺪﻋﻤﻬﺎ لزوﺟﻬﺎ ،ﻓﻜأن ﻓيﻬﺎ ﺣﺾ لﻠﻤﺆﻣﻨﺎت أن هﺆﻻء ﻳﺠﺎهﺪن
لﻨﴫة الﺒﺎﻃل ،ﻓ ذا ستفﻌﻠﻦ؟ ﻓيﻬﺎ ﺣﺾ لﻠﻨسﺎء اﳌﺆﻣﻨﺎت ،وأﻳﻀً ﺎ ﳌﻌﺮﻓﺔ
ﺣﺠﻢ اﳌﻌﺮﻛﺔ ،ﻓﺎلﻜل ﻳﺸﺎرك لﻬﺪم اﻹسﻼم ،وﻣﻦ ﺑيﻨﻬﻢ اﳌﴩﻛﺎت
واﳌﻨﺎﻓﻘﺎت ،ﻓﻜ ﺷﺎرﻛوا ،ﻳﻨﺎلﻬﻢ ﻗسﻢ ﻣﻦ الﻌﺬاب وﻧﺼيب ﻣﻦ الﻌﺬاب.
٣٣
|
ﺟﺎءت ﺑﺎﳌﻨﺎﻓﻖ ﻗﺒل اﳌﴩك؛ ﻷﻧه هو الﻌﺪو الﺨفﻲ ،هﻢ ﰲ الﺪرك اﻷسفل
ِﻣﻦ الﻨﺎر ﻓأﻧﺖ ﻻ تﺸﻌﺮ ﺑﻬﻢ ،ولﺨطورتﻬﻢ .وﻛ تﺤﺪﺛﻨﺎ ﰲ درس سﺎﺑﻖ )ﻣتى
ﻳتﻜﻠﻢ اﳌﻨﺎﻓﻘون(؛ أن اﳌﻨﺎﻓﻘ ﻳﻈﻬﺮون وﻳتﻜﻠﻤون ﰲ هﺬه اﻷوﻗﺎت ،أوﻗﺎت
الفتﻨﺔ واﻻﺿطﺮاب والﺠﻬﺎد والﺸﻬوات ،هﻢ ﻳﻈﻬﺮون ﰲ هﺬه اﳌواﻗف،
ُ َ ۡ
وﻳتﻜﻠﻤون ﰲ هﺬه اﳌواﻗف .لﺬلﻚ ﻛ سيأ ﻣﻌﻨﺎ ﴿ َ َ ُ ل َ ٱ ُ َ ُ َن﴾
،[١١ﺑﺪأوا ﻳتﻜﻠﻤون ،ﻣتى ﻳتﻜﻠﻢ اﳌﻨﺎﻓﻘون؟ ﻳتﻜﻠﻤون ﰲ ﻣﺜل هﺬه ]الﻔﺘﺢ:
والﻨفﺎق ً
أصﻼ ﻳستﻠزم الﻌﺬاب ،ﻓﺎلوصف ﻳﺤتوي ﻋﲆ الﺠﺮ ﺔ ،ﺟﺮ ﺔ الﻨفﺎق
وﺟﺮ ﺔ الﴩك ﰲ اﳌﴩﻛ .وأﺿﺎف الﻠه -ﻋز وﺟل -إﱃ ﺟﺮ تﻬﻢ وصفًﺎ
آﺧ ًﺮا ،ﻓأﺿﺎف إﱃ ﺟﺮ ﺔ الﻨفﺎق وإﱃ ﺟﺮ ﺔ الﴩك واصفًﺎ لﻬﻢ وصفًﺎ هﺎ ًﻣﺎ
ﻣﻦ أﺧطﺮ اﻷوصﺎف التﻲ تﺆدي إﱃ الﻨزول ﰲ درﻛﺎت الﻨفﺎق والﴩك وهو
)ظﻦ السوء(.
لﺬا ﻓﻤسألﺔ ظﻦ السوء ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪً ا ﰲ هﺬه الﻠﺤﻈﺎت ،وﰲ سورة الفتح تﺤﺪﻳﺪً ا،
ﻓﻤﻦ ﻳﺜﺒﺖ ﰲ أوﻗﺎت الف واﻻﺿطﺮاب؟ ﻣﻦ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ ﻳﻘيﻨه؟
َُ َ
ﰲ ﻏزوة اﻷﺣزاب؛ ﻛﺎﻧﺖ الﻐزوة ﻛﻠﻬﺎ ﰲ الﻘﻠوب ،وﻛﺎﻧﺖ الﻬز ﺔ ﴿ َو ن
ِ ٱ ُ َ ۠﴾ ]اﻷﺣﺰاب ،[١٠ :وﻛﺎن الﻨﺠﺎح ﴿ َ ٰ َ ا َ َو َ َ َ ٱ ُ َو َر ُ ُ ُۥ َو َ َ َق ٱ ُ
ِ
ُ
َو َر ُ ُ ۚۥ﴾ ]اﻷﺣﺰاب ،[٢٢ :الﺜﺒﺎت واليﻘ .
٣٤
|
إ ًذا ،أﺧطﺮ ﻣﺎ ﰲ أوﻗﺎت الف واﻻﺿطﺮاب ،هو أن ﻳﺒﺪأ الﻨﺎس ﰲ إسﺎءة الﻈﻦ
ﺑﺎلﻠه ،ﻓيﺒﺪأ الﻨﺎس ﺑﻘول لﻦ ﻳﻜون هﻨﺎك إسﻼم ﺑﻌﺪ اليوم ،لﻘﺪ ذهب واﻧتﻬى
ﻛل ﳾء .
لﺬلﻚ الﱰﻛيز ﻋﲆ هﺬا الوصف ﻣﻬﻢ ،ﻷن اﻹﻧسﺎن ﻣﻤﻜﻦ أن ﻳﺒﺪأ -والﻌيﺎذ ﺑﺎلﻠه-
ﻳﻨزل ﰲ الﺪرﻛﺎت وهو ﻻ ﻳﺸﻌﺮ .ﻳﺒﺪأ ﰲ الﺒﺪاﻳﺔ ﺑﻀﻌف اﻹ ﺎن ،ﺛﻢ ﺮض
ۡ
ﰲ الﻘﻠب ،ﺛﻢ ﺑﺎلﻨفﺎق ،وﰲ الﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﺠتﻤﻊ ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ الﺒﻌﺾ ﴿۞ ِ
ۡ ۡ ُُ َ َ ِ ٱ ۡ ُ َ ٰ ِ ُ َن َوٱ ِ َ
ِ ِ َ ٞض َوٱ ُ ۡ ِ ُ َن ِ ٱ َ ِ َ ِ﴾ ]اﻷﺣﺰاب.[٦٠ : ِ
ﻓيوﺿﻌون ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ الﺒﻌﺾ ،ﻓﻀﻌيف اﻹ ﺎن والﺬي ﰲ ﻗﻠﺒه ﻣﺮض لو
ﻳﺤسﻦ ﻣﻦ ﻧفسه سيﺼل أن ﻳﻜون ﻣﺜﻠﻬﻢ ،والﺨطورة ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ظﻦ السوء،
والﺠﺮ ﺔ الﻜﱪى ﰲ هﺬه الﻠﺤﻈﺎت أﻧﻚ تﴘء الﻈﻦ ﺑﺎلﻠه.
إ ًذا ﻓﻤﻦ أﻧواع الﺒﻼء أن تﺤﺪث أﺣﺪاﺛًﺎ وﻳﴘء ﻓيﻬﺎ ﻛﺜ ﻣﻦ الﻨﺎس الﻈﻦ ﺑﺎلﻠه.
ﻓﻤﻦ أﻧواع اﻻﻣتﺤﺎﻧﺎت ،ﻣﻦ أﻧواع اﻷسئﻠﺔ التﻲ سيسأل اﳌﺆﻣﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ الﺪﻧيﺎ،
هﻲ أن تﺤﺪث أﺣﺪاﺛًﺎ ظﺎه ُﺮهﺎ أﻧه ﺑﻼء ﻋﻈيﻢ لﻦ ﺮ ،وأﻧﻬﺎ ستﻜون ﻧﻬﺎﻳﺔ
اﻹسﻼم ،والﻨﺠﺎح ﰲ هﺬا اﻻﻣتﺤﺎن هو اليﻘ ﰲ وﻋﺪ الﻠه .
ً
ﻓﻤﺜﻼ أسئﻠﺔ الﺒﻼء الﺠسﺪي ،وإﺟﺎﺑتﻬﺎ الﺼﱪ ،أسئﻠﺔ ﺿيﻖ ﰲ ﻓﻬﻨﺎك أسئﻠﺔ،
اﳌﺎدة وﺿيﻖ ﰲ اﳌﺎل ،وإﺟﺎﺑتﻬﺎ الﺼﱪ والتﺤﻤل والﺮﺿﺎ ،سﺆال سﻌﺔ الﺪﻧيﺎ،
وإﺟﺎﺑته أﻻ ﻧُف َ ﺑﻬﺎ ،سﺆال ﰲ اﻻﻣتﺤﺎن ﻋﻦ اﻻﺧتﻼف ﻣﻊ أﺧيﻚ اﳌسﻠﻢ،
ۡ ََ ۡ ُ ْ َ َ َۡ ُ
وإﺟﺎﺑﺔ هﺬا السﺆال أن تﺼﱪ ﻋﻠيه ﴿وأ ِ ا ذات ِ ۖ﴾ ]اﻷﻧﻔال.[١ :
وﻣﻦ اﻷسئﻠﺔ التﻲ تأتيﻚ ﰲ اﻻﻣتﺤﺎن -اﻣتﺤﺎن الﺪﻧيﺎ -ﻣﻦ الﺒﻼء أن تﺤﺪث
أﺣﺪاﺛًﺎ ﻋﺠيﺒﺔ ،ﻗﺪ تﺠﻌﻠﻚ تﴘء الﻈﻦ ﺑﺎلﻠه ،وتﺪﻓﻌﻚ لتتسﺎءل :هل
٣٥
|
ﺧُﺪﻋﺖ؟ هل اﻹسﻼم لﻦ ﻳﻨتﴫ؟ ﻳﺒﺪو أﻧﻨﺎ ﻧسﻌى لﻨﴫة ﻗﻀيﺔ ﺧﺎﴎة ﻣسﺒﻘًﺎ!
ُُ ٗ
ور ﴾ ]اﻷﺣﺰاب ،[١٢ :لﻘﺪ ُ َ َ ُ ُُ ٓ َ َ ََ
ﻗﺎل ﺑﻌﻀﻬﻢ ﴿ :و ﻛ
ٱ ور ۥ إِ
َٓ َ
ﺧُﺪﻋﻨﺎ ،ﻛ ﻗﺎل اﳌﻨﺎﻓﻘون ﻋﲆ أهل اﻹ ﺎنِ ُ َ ﴿ :ء ِد ُ ُ ۡ ۗ﴾ ]اﻷﻧﻔال،[٤٩ :
أي ﺧُﺪﻋوا ووﺛﻘوا ﰲ دﻳﻨﻬﻢ ﺑﺪرﺟﺔ زائﺪة.
اﳌؤﻣن يثق ﰲ دينه ،يثق ﰲ ﻣوعود الله ،وﰲ نﴫة الله لهذا الدين.
ۡ ِء ٱ
ََ َ ُۡ َ
ۡ ِء﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٦ :سيتﻜﺮر ﻣﻌﻨﺎ ﴿و ٱ
َ
ِ ِّ َ
وصف ﴿ٱ
ِ
َ ُ
َو ُ ۡ ۡ َ ۢ ُ ٗر ﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[١٢ :وسﻨتﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ »ﻗو ًﻣﺎ ﺑو ًرا« ﺑﻈﻦ السوء.
ٓ َ
﴿ٱ ّ ِ َ ِ ِ َ ٱ ۡ ِء َ ۡ ِ ۡ َدا ِ َ ُة ٱ ۡ ِء﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٦ :أي الﺬي ﻳﻈﻨوﻧه ﰲ
الﺪﻳﻦ ﻣﻦ أﻧه لﻦ ﻳﻨتﴫ وسيﻬزم ،هﺬا سوف ﻳﻌود وﻳﺪور ﻋﻠيﻬﻢ.
ٓ
هو اﻹﺣﺎﻃﺔ واﳌﴩﻛ ﻛﻠﻤﺔ ﴿ َدا ِ َ ُة﴾ أي تﺤيط ﺑﻬﻢ؛ ﻛأن ﺟﻬﺪ اﳌﻨﺎﻓﻘ
ﺑﺎلﺪﻳﻦ ،ﻳفﻌﻠون دا ًﺎ ﻣﺜل ﻓﻜﺮة اﻷﺣزاب ،ﻳﺮﻳﺪون دا ًﺎ أن ﻳﺤيطوا ﺑﺎلﺪﻳﻦ ﻣﻦ
ﻛل ﻧﺎﺣيﺔ ،ﻣﺜل أﺣﺪ اﳌﻌﺎ التﻲ ﻗيﻠﺖ ﰲ آﺧﺮ سورة الﺤﺠﺮ ﻣﻦ أﻧه ﻳﺮﻳﺪ أن
ﻨﻊ وصول الﺪﻳﻦ لﻠﻨﺎس ،الﺤل أن تﻜﴪ ﻳﺤيط ﺑﺎلﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻛل اتﺠﺎه،
ۡ َ
هﺬه الﺪائﺮة ﴿ ۡ َ ع ِ َ ُ ۡ َ ُ ﴾ ]اﳊﺠﺮ[٩٤ :؛ ﻻ تﱰك أﺣﺪً ا ﻳﺒﻨﻲ هﺬه الﺪائﺮة
وﻳﺨﻨﻖ الﺪﻳﻦ ،وﻳﻀيﻖ ﻋﲆ الﺪﻳﻦ.
٣٦
|
ﻓيﻘول الﻠه أن هﺬه الﺪائﺮة التﻲ ﻳﺤﺎولون وﻳﺒﺬلون لفﻌﻠﻬﺎ ﺣول الﺪﻳﻦ ،سوف
َ َٓ َ ُ
ِ ﴾ ]الﱪوج ،[٢٠:وهﺬا تﺪور ﻋﻠيﻬﻢ وتﻜون ﻋﻠيﻬﻢ؛ ﻷن الﻠه ﴿وٱ ِ ورا ِ ِ
ﻣﻦ ﻣﻌﺎ اسﻢ الﻠه اﳌﺤيط،
تطﻤئﻨﻚ هﺬه اﻵﻳﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺟﺎءت ﰲ ﺧتﺎم السورة التﻲ ﺣفﺮوا ﻓيﻬﺎ أﺧﺎدﻳﺪ ﰲ
وألﻘوهﻢ ﻓيﻬﺎ ،ﻓيﻘول الﻠه أن هﺬا ﻣﺎ ﻓﻌﻠه أهل اﻷرض ،وأﺣﺎﻃوا ﺑﺎﳌﺆﻣﻨ
َ َُ َ َ
ِ ِه ِۦ﴾ ]الﻜﻬﻒ: الﻜفﺮ ﺑأهل اﻹ ﺎن ،لﻜﻦ الﻠه ﻣﻦ ورائﻬﻢ ﻣﺤيط ،ﻣﺜل ﴿وأ ِ
،[٤٢لﻦ ﻳفﻠﺖ ﻣﻦ الﻠه.
َ ُ َ
﴿أ ۡم َ ِ َ ٱ ِ َ َ ۡ َ َن ٱ ّ ِ َٔ ِت أن َ ۡ ِ ُ َ ۚ﴾ ]الﻌﻨﻜﺒﻮت ،[٤ :ﻻ ،لﻦ تفﻠﺖ ﻷﻧﻚ
َ َٓ َ ُ
ِ ﴾ ]الﱪوج.[٢٠ : ﻣﺤﺎط ﴿وٱ ِ ورا ِ ِ
٣٧
|
ٓ
ُ ۡ َ َ َ ۖ َو َ َء ۡت َ ِ ٗ ﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٦ :أﻳﻀً ﺎ الﱰﻛيز ﻋﲆ الﻨﻬﺎﻳﺔ اﻷﺧﺮوﻳﺔ
َ ﴿ َوأَ َ
ّ ِ َ ِ ِ َ ٱ ۡ ِء﴾! هﺬا ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺨﺎف ﻛل هﺬا ﺑسﺒب أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧوا ﻣﻦ ﴿ٱ
ﻣﻦ إسﺎءة الﻈﻦ ﺑﺎلﻠه.
ٓ
﴿ َو َ َء ۡت َ ِ ٗ ﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٦ :ﻛيف سيﺤﺪث هﺬا لﻬﻢ؟ ﻛيف تﺤيط ﺑﻬﺆﻻء دائﺮة
السوء وﻧﺤﻦ ﻣستﻀﻌفون؟ وتﻈل تفﻜﺮ ..ﺛﻢ ﻳطﻤئﻨﻚ الﻠه -سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ-
َۡ
َ ٰ َ ٰ ِت َوٱ ِض﴾ ]الﻔﺘﺢ ،[٧ :ﻻ تﻘﻠﻖ ،ﻓأﻧﺖ ﻻ تﻌﻠﻢ ﻣﻦ وﻳﻘول لﻚ ﴿ َو ِ ِ ُ ُ ُد ٱ
أﻳﻦ سيأ الﻌﺬاب ،وﻻ ﻳﻠزم أن تﻌﻠﻢ ﻣﻦ أﻳﻦ سيأ ،لﻜﻦ ﻛﻦ واﺛﻘًﺎ.
ً
ﻓﻌﻼ هﺬه اﻵﻳﺔ ﻛأﻧﻬﺎ تﺠيﺒﻚ ﻋﲆ تسﺎؤل ،وهﺬا الﱰاﺑط الﻨفﴘ ﻣﻊ اﻵﻳﺎت ﻣﻦ
إﻋﺠﺎز الﻘﺮآن؛ أن ﻳتﺒﺎدر ﰲ ذهﻨﻚ تسﺎؤل ﻋﻨﺪ ﻗﺮاءة اﻵﻳﺔ ،ﻓتأ اﻵﻳﺔ التﻲ تﻠيﻬﺎ
لتطﻤئﻨﻚ ﻋﻦ ﻛيف ﻳﺤﺪث ذلﻚ.
٣٨
|
الﺤﻜﻤﺔ والﻌزة
َ َ َ َۡ
﴿ َو ِ ِ ُ ُ ُد﴾ ﺟﻤﻊُ ُ ُ ﴿ ،د ٱ ٰ ٰ ِت وٱ ِض﴾ و ﺎ أن اﻵﻳﺔ هﻨﺎ تﺒﴩك ﺑﻌﺬاب
َ
سيﻨزل ،ﺧُتﻤﺖ ﺑــ ﴿ َو َن ٱ ُ َ ِ ً ا َ ِ ً ﴾ ]الﻔﺘﺢ.[٧ :
والﺤﻜﻤﺔ ﰲ استﻌ ل الﻠطف والﻘوة ،ﰲ ﻛﻠتﺎ الﺤﺎلت تﺤتﺎج لﻠﺤﻜﻤﺔ؛ ﻓفﻲ
أوﻗﺎت اﻻستﻀﻌﺎف وﰲ أوﻗﺎت التﻤﻜ تﺤتﺎج إﱃ الﺤﻜﻤﺔ ،ﺣتى ﻧتﻌﻠﻢ ﻣﻦ
أﻓﻌﺎل الﻠه .ﰲ وﻗﺖ اﻻستﻀﻌﺎف وﰲ تﻌﺎﻣﻠﻚ ﻣﻊ اﳌﺆﻣﻨ تﺤتﺎج إﱃ ﻋﻠﻢ
ولطف ،وﰲ تﻌﺎﻣﻠﻚ ﻣﻊ الﻜفﺎر –وﻗﺖ التﻤﻜ -تﺤتﺎج إﱃ ﻋزة وﻏﻠﺒﺔ وﻗوة
َ
﴿ َو َن ٱ ُ َ ِ ً ا َ ِ ً ﴾ ]الﻔﺘﺢ.[٧ :
٣٩
|
ﻣﺎ ﻣﻌﻨى أن ﻳﺸﻬﺪ لﻚ الﻠه؟ أي أن الﻠه ﻳﺸﻬﺪ لﺮسوله أﻧه ﻋﲆ الﺤﻖ ،ﻓﺈن
ﻗﺎلوا ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺎلﻠه ،ﻓﺎلﻠه سيﺸﻬﺪ لﺮسوله ﺑأﻓﻌﺎله سﺒﺤﺎﻧه ،سﱰون ﻣﻦ
أﻓﻌﺎل الﻠه ﻣﻌﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﻬﺪ أ رسول الﻠه ،سﱰون أﺣﺪاﺛًﺎ ﻋﺠيﺒﺔ ،اﻧﻈﺮ إﱃ ﺛﻘﺔ
الﻨﺒﻲ ﺑﺎلﻠه! سﱰون ﻣﻦ أﻓﻌﺎل الﻠه لﻬﺬا الﺪﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﺑأن هﺬا الﺪﻳﻦ ﺣﻖ،
سﱰون ﻛيف ﻳﺮتب الﻠه تﺮتيﺒﺎت ﻋﺠيﺒﺔ لﻬﺬا الﺪﻳﻦ ﺣتى ﻳﻨتﴫ ،ولﻦ وت.
٤٠
|
الﻨﺎس ،ﻓتﺼل لﻬﻢ الﺪﻋوة، ﻛﺎن ﺑﺈزالﺔ اﳌواﻧﻊ والفواصل التﻲ ﺑيﻨﻨﺎ وﺑ
وﺑﺬلﻚ تﻜتﻤل الﺸﻬﺎدة ﻋﲆ الﻨﺎس.
ُذﻛﺮت الﺒﺸﺎرة هﻨﺎ ﻗﺒل الﻨﺬارة .لﻜﻦ الﻌﺠيب أن ﴿ َو ُ َ ّ ِ ٗ ﴾ ﺟﺎءت اسﻢ ﻓﺎﻋل،
أﻣﺎ ﴿ َو َ ِ ٗ ﴾ ﻓﺠﺎءت صيﻐﺔ ﻣﺒﺎلﻐﺔ؛ ﻛأن الﻨﺬارة أﻛ ،ﻓﻤﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن تﺒﺪأ
ﺑﺎلﺒﺸﺎرة لﻜﻦ ﻋﻠيﻚ أن تُﻜ ﻣﻦ الﻨﺬارة.
ﻓﺎﺧتﻼف الﺼيﻎ ﰲ الﻠﻐﺔ له دﻻﻻت ﻋﻈيﻤﺔ :ﻣﺒﴩ ﻳُسﻤى اسﻢ ﻓﺎﻋل ،أﻣﺎ
ﻧﺬﻳﺮ ﻓيسﻤى صيﻐﺔ ﻣﺒﺎلﻐﺔ .ﻧﻌﻢ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﻧﺒﺪأ ﺑﺎلﺒﺸﺎرة أﺣيﺎﻧًﺎ ،لﻜﻦ
ﻻ ﺑﺪ أن تﻜون الﻨﺬارة ﻛﺜ ة؛ ﻷﻧه ﻳﻐﻠب ﻋﲆ الﻨﺎس الﻨسيﺎن والﺒﻌﺪ ﻋﻦ الﻠه -
سﺒﺤﺎﻧه وتﻌﺎﱃ ،-وهﺬه الوظيفﺔ اﻷسﺎسيﺔ.
وإذا ﻛﺎﻧﺖ هﺬه وظيفﺔ الﻨﺒﻲ ،ﻓﻬﺬه وظيفتﻨﺎ ووظيفﺔ ﻛل ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳس
ﺧﻠف الﻨﺒﻲ .
ٓ َ ۡ
﴿إِ أ ۡر َ َ ٰ َ َ ٰ ِ ٗ ا َو ُ َ ّ ِ ٗ َو َ ِ ٗ ﴾ ﳌﺎذا؟ وﻛيف تﻜتﻤل الﺸﻬﺎدة؟ وﻛيف
تﻜتﻤل الوظيفﺔ؟ وﻛيف ﻧس ﻋﲆ ﻧﻬﺞ الﻨﺒﻲ ؟
أﻗول ﻗوﱄ هﺬا وأستﻐفﺮ الﻠه ﱄ ولﻜﻢ ،سﺒﺤﺎﻧﻚ الﻠﻬﻢ وﺑﺤﻤﺪك أﺷﻬﺪ أن ﻻ
إله إﻻ أﻧﺖ ،أستﻐفﺮك وأتوب إليﻚ.
٤١
|
٤٢