You are on page 1of 2

‫شالة‬

‫[‪]3[]2[]1‬‬
‫تقع على الضفة‬ ‫شالة موقع أثري يقع في مدينة الرباط المغربية يرجع تاريخه إلى القرن السادس قبل الحقبة العامة‪،‬‬
‫الجنوبية لنهر أبي رقراق وتتكون من منطقة جنائزية مرينية على أطالل رومانية وفينيقية‪ ،‬وكله محصن بجدران موحدية‪.‬‬
‫أنشأ الفينيقيون سوقا هناك‪ ،‬وأطلقوا عليها اسم «ساال»‪ ،‬ثم صارت موضع المستعمرة الرومانية المعروفة باسم «ساال‬
‫كولونيا» (بالالتينية‪.)Sala Colonia :‬‬
‫ورد ذكر موقع شالة عند المؤرخين القدامى كمدينة صغيرة تقع على نهر يحمل اسم «سال كولونيا» (بالالتينية‪Sala :‬‬
‫‪ )Colonia‬والذي يطلق عليه حاليا اسم واد أبي رقراق‪ .‬وفي العهد اإلسالمي‪ ،‬أصبحت هذه التسمية مقتصرة على المدينة‬
‫الحديثة الواقعة على الضفة اليمنى للوادي أما الموقع فبدأ يحمل اسم شالة‪ .‬يرجع تاريخ «شالة» إلى القرن السابع أو السادس‬
‫قبل الميالد‪ .‬ويبدو أن المدينة قد ازدهرت تحت حكم الملوك الموريين خاصة خالل عهدي الملكين يوبا‬
‫الثاني وابنه بطليموس‪ ،‬حيث جهزت بعدة بنايات عمومية جسد جلها التأثير الهليني والروماني‪ ،‬وكما سكت نقودا تحمل‬
‫اسمها‪ .‬ابتداء من سنة ‪ 40‬م شهدت المدينة تحوال جديدا تحت الحكم الروماني‪ ،‬حيث تميزت بتغيير في مكوناتها الحضرية‬
‫بإنشاء الساحة العمومية والحمامات والمعبد الرئيسي وتحصينها بحائط متواصل امتد من الساحل األطلسي إلى حدود وادي‬
‫عكراش‪ .‬وفي سنة ‪144‬م أحيطت المدينة بسور دفاعي‪ ،‬لتبقى خاضعة لالحتالل الروماني حتى أواخر القرن الرابع أو بداية‬
‫القرن الخامس الميالدي‪ .‬ما زالت حدود المدينة القديمة غير معروفة‪ ،‬إذ لم يتم الكشف لحد اآلن إال عن الحي العمومي‪ .‬هذا‬
‫األخير ينتظم بجانبي شارع رئيسي الديكومانوس ماكسموس (مرصف ينتهي في جهته الشرقية بالساحة العمومية (الفوروم)‪.‬‬
‫أما بشمال غرب الساحة‪ ،‬فيتواجد معبد مكون من خمس مقصورات تبرز التأثيرالمعماري الموري‪.‬وقد كشفت الحفريات‬
‫جنوب الديكومانوس عن حوض الحوريات ومخازن عمومية وحمامات‪ .‬أما بشماله فقد ظهرت بقايا المعبد الرسمي‬
‫(الكابتول) وهو بناية ضخمة بني جزء منها فوق صف من الدكاكين المقببة‪ ،‬فتعلو بذلك فضاء واسعا يضم كال من قوس‬
‫النصر ودار العدالة التي لم يتبق منها إال أجزاء من الواجهة الرئيسية‪.‬‬
‫بقيت شالة مهجورة منذ القرن الخامس حتى القرن العاشر الميالدي حيث تحول الموقع إلى رباط يتجمع فيه المجاهدون‬
‫لمواجهة قبيلة برغواطة لكن هذه المرحلة التاريخية تبقى غامضة إلى أن اتخذ السلطان المريني أبو يوسف‬
‫يعقوب سنة ‪1284‬م من الموقع مقبرة لدفن ملوك وأعيان بني مرين حيث شيد النواة األولى لمجمع ضم مسجدا ودارا‬
‫للوضوء وقبة دفنت بها زوجته أم العز‪.‬‬
‫حضيت شالة على عهد السلطان أبي الحسن باهتمام بالغ‪ .‬أما ابنه السلطان أبو عنان فقد أتم المشروع‪ ،‬فبنى المدرسة شمال‬
‫المسجد والحمام والنزالة وزين أضرحة أجداده بقبب مزخرفة تعتبر نموذجا حيا للفن المعماري المتميز لدولة بني مرين‪.‬‬
‫تراجعت شالة مباشرة بعد قرار المرينيين بإعادة فتح مقبرة القلة بفاس‪ ،‬فأهملت بناياتها‪ ،‬بل وتعرضت في بداية القرن‬
‫الخامس عشر الميالدي للنهب والتدمير لتحتفظ بقدسيتها العريقة وتعيش بفضل ذكريات تاريخها القديم على هامش‬
‫مدينة رباط الفتح‪ ،‬وتصبح تدريجيا مقبرة ومحجا لساكنة المنطقة‪ ،‬بل معلمة تاريخية متميزة تجتذب األنظار‪.‬‬
‫في القرن الرابع عشر الميالدي (‪ )1339‬أحيط الموقع بسور خماسي األضالع مدعم بعشرين برجا مربعا وثالث بوابات‬
‫أكبرها وأجملها زخرفة وعمارة الباب الرئيسي للموقع المقابل للسور الموحدي لرباط الفتح‪ .‬أما داخل الموقع فقد تم تشييد‬
‫أربع مجموعات معمارية مستقلة ومتكاملة تجسد كلها عظمة ومكانة مقبرة شالة على العهد المريني‪.‬‬
‫ففي الزاوية الغربية للموقع ترتفع بقايا النزالة التي كانت تأوي الحجاج والزوار وفي الجزء السفلي تنتصب بقايا المقبرة‬
‫المرينية المعروفة بالخلوة‪ ،‬والتي تضم مسجدا ومجموعة من القبب أهمها قبة السلطان أبي الحسن وزوجته شمس الضحى‪،‬‬
‫والمدرسة التي تبقى منارتها المكسوة بزخرفة هندسية متشابكة ومتكاملة وزليجها المتقن الصنع نموذجا أصيال للعمارة‬
‫المغربية في القرن الرابع العاشر‪.‬‬
‫في الجهة الجنوبية الشرقية للموقع يوجد الحمام المتميز بقببه النصف دائرية‪ ،‬التي تحتضن أربع قاعات متوازية‪ :‬األولى‬
‫لخلع المالبس والثانية باردة والثالثة دافئة والرابعة أكثر سخونة‪.‬‬
‫أما حوض النون‪ ،‬فيقع في الجهة الجنوبية الغربية للخلوة وقد كان في األصل قاعة للوضوء لمسجد أبي يوسف‪ ،‬وقد نسجت‬
‫حوله الذاكرة الشعبية خرافات وأساطير جعلت منه مزارا لفئة عريضة من ساكنة الرباط ونواحيها‪ .‬مأخود من موقع وزارة‬
‫الثقافة المغربية‪.‬‬
‫األبحاث األثرية‬
‫في سنة ‪ ،2023‬أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل‪ ،‬عن اكتشافات أثرية مهمة بموقع شالة التاريخي‪.‬‬
‫تم إجراء أعمال الحفريات واالستبار من طرف المعهد الوطني لعلوم اآلثار والتراث‪ ،‬في إطار مشروع األبحاث األثرية‬
‫بموقع شالة الذي أطلقته وزارة الشباب والثقافة والتواصل في شهر أبريل ‪ .2023‬وكان الهدف من هذه األبحاث في المنطقة‬
‫الموجودة في شرق وجنوب ‪ -‬شرق سور شالة المريني‪ ،‬هو التعرف على امتداد وحدود مدينة سال المورية ‪ -‬الرومانية‪،‬‬
‫وعلى نظامها الدفاعي وتحديد مرسى المدينة القديم‪.‬‬
‫وبعد القيام بعمليات واسعة مرتبطة بإزالة األعشاب وأنقاض البنايات الحديثة‪ ،‬مكنت أعمال التنقيبات واالستبارات التي‬
‫أنجزت في أربعة نطاقات من الحصول على نتائج مثمرة ومن الوصول إلى اكتشافات مهمة وغير منتظرة‪ ،‬على مستوى‬
‫[‪]4‬‬
‫أربع نطاقات‪.‬‬
‫في النطاق األول‪ ،‬وهو سور مدينة سال المورية ‪-‬الرومانية‪ ،‬خصصت أعمال التنظيف والتنقيب لجزء من جدار يوجد على‬
‫بعد ‪ 130‬مترا تقريبا شرق سور شالة المريني ويمتد على مسافة أكثر من خمسين مترا موازاة مع طريق روبنسون‪.‬‬
‫وبمحاذاة هذا السور‪ ،‬تم التعرف على جدران من التراب ما زالت محفوظة بشكل جيد ولكن لم يتم الكشف عنها بصورة‬
‫كاملة‪.‬‬
‫وفي النطاق الثاني‪ ،‬تم الكشف مباشرة غرب السور القديم على بقايا معمارية مهمة تنتمي لحمام عمومي كبير شيد في بداية‬
‫القرن الثاني بعد الميالد‪ .‬إضافة إلى تمثال بحجم طبيعي ولكن من دون رأس‪ ،‬يمثل على األرجح إحدى اإللهات الرومانية‪.‬‬
‫وهو التمثال هو األول من نوعه الذي يكتشف بالمغرب منذ سنوات الستينات من القرن الماضي‪.‬‬
‫أما في النطاق الثالث‪ ،‬فقد تم تحديد منطقة جنائزية أي جبانة مورية رومانية وذلك بفضل اكتشاف مدفن من نوع‬
‫"كولومباريوم"‪ ،‬وهو أول مدفن من هذا النوع يعثر عليه لحد اآلن في محيط سال‪.‬‬
‫وبخصوص النطاق الرابع‪ ،‬وهو حي الميناء‪ ،‬فقد تم العثور على بقايا متنوعة متواجدة على عمق مهم وهي بقايا ثبت وجود‬
‫حي سكني يمتد‪ ،‬حسب التقديرات األولية‪ ،‬على مسافة ‪ 230‬مترا تقريبا من الشمال إلى الجنوب‪.‬‬

You might also like