Professional Documents
Culture Documents
لن ال غيب ..ولن الستقبل غيب ..ولن الخرة غيب ..ولن من يذهب إل القب ل يعود
..راجت بضاعة اللاد ..وسادت الفكار الادية ..وعبد الناس أنفسهم واستسلموا لشهواتم
وانكبوا على الدنيا يتقاتلون على منافعها ..وظن أكثرهم أن ليس وراء الدنيا شيء وليس بعد
الياة شيء ..وتقاتلت الدول الكبى على ذهب الرض وخياتا ..وأصبح للكفر نظريات
وللمادية فلسفات وللنكار ماريب وسدنة وللمنكرين كعبة يتعلقون بأهدابا ويجون إليها ف
حلهم وترحالم ..كعبة مهيبة يسمونا "العلم"..
وحينما ظهر أمر "الينوم البشري" ذلك الكتيب الصغي من خسة مليي صفحة ف خليا كل
منا والدون ف حيز خلوي ميكروسكوب ف ثلثة مليارات من الروف الكيميائية عن قدر كل
منا ومواطن قوته ومواطن ضعفه وصحته وأمراضه ..أفاق العال كله كأنا بصدمة كهرباية ..
كيف ؟ ..ومت ؟ ..وبأي قلم غي مرئي كتب هذا "السفر" الدقيق عن مستقبل ل يأت بعد ..
ومن الذي كتب كل تلك العلومات ..وبأي وسيلة ..ومن الذي يستطيع أن يدون مثل تلك
الدونات .
ورأينا كلينتون رئيس أكب دولة ف العال يطالعنا ف التلفزيون ليقول ف نبات خاشعة :أخيا
أمكن جع العلومات الكاملة عن الينوم البشري وأوشك العلماء أن يفضوا الشفرة الت كتب
ال با أقدارنا..
نعم ..كانت صحوة مؤقتة ..أعقبها جدل ..وضجيج ..وعجيج ..وتكلم الكثي ..باسم
الدين ..وباسم العلم ..واختلفوا ..
وما موقف الدين من التطور ..ولاذا نقول باستحالة أن يكون القرآن مؤلفا ..
وعاد ذلك الوار القدي مع صديقي اللحد ليتردد ..وعادت موضوعاته ..عن الب والختيار
..والبعث ..والصي ..والساب ..لتصبح مواضيع الساعة ..
وتعود هذه الطبعة الديدة ف وقتها وميعادها ..لتشارك ف حل هذا اللغز ..ولتعود لتثي
الوضوع من منطلق العلم الثابت والشارات القرآنية ..واليقي اللي الذي ل يتزلزل .
جاء كتابنا مرة أخرى ..ف ميعاده ..
مصطفى ممود
الفصل الول
ل يلـد ول يولـد
صديقي رجل يب الدل ويهوى الكلم ..وهو يعتقد أننا – نن الؤمني السذج – نقتات بالوهام
ونضحك على أنفسنا بالنة والور العي وتفوتنا لذات الدنيا ومفاتنها ..وصديقي بذه الناسبة
ترج ف فرنسا وحصل على دكتوراه ..وعاش مع اليبز وأصبح ينكر كل شيء.
قال ل ساخرا:
أنتم تقولون :إن ال موجود ..وعمدة براهينكم هو قانون "السببية" الذي ينص على أن لكل صنعة
صانعا ..ولكل خلق خالقا ..ولكل وجود موجدا ..النسيج يدل على النسّاج ..والرسم يدل على
الرسّام ..والنقش يدل على النقّاش ..والكون بذا النطق أبلغ دليل على الله القدير الذي خلقه ..
صدّقنا وآمنّا بذا الالق ..أل يق لنا بنفس النطق أن نسأل ..ومن خلق الالق ..من خلق ال
الذي تدثوننا عنه ..أل تقودنا نفس استدللتكم إل هذا ..وتبعا لنفس قانون السببية ..ما رأيكم
ف هذا الطب دام فضلكم ؟
ونن نقول له :سؤالك فاسد ..ول مطب ول حاجة فأنت تسلّم بأن ال خالق ث تقول مَن
خلقه ؟! فتجعل منه خالقا وملوقا ًف نفس الملة وهذا تناقض..
والوجه الخر لفساد السؤال أنك تتصور خضوع الالق لقواني ملوقاته ..فالسببية قانوننا نن أبناء
الزمان والكان .
وال الذي خلق الزمان والكان هو بالضرورة فوق الزمان والكان ول يصح لنا أن نتصوره مقيدا
بالزمان والكان ..ول بقواني الزمان والكان .
وال هو الذي خلق قانون السببية ..فل يوز أن نتصوره خاضعا لقانون السببية الذي خلقه .
وأنت بذه السفسطة أشبه بالعرائس الت تتحرك بزمبلك ..وتتصور أن النسان الذي صنعها ل بد
هو الخر يتحرك بزمبلك ..فإذا قلنا لا بل هو يتحرك من تلقاء نفسه ..قالت :مستحيل أن
يتحرك شيء من تلقاء نفسه ..إن أرى ف عالي كل شيء يتحرك بزمبلك .
وأنت بالثل ل تتصور أن ال موجود بذاته بدون موجد ..لجرد أنك ترى كل شيء حولك ف
حاجة إل موجد .
وأنت كمن يظن أن ال متاج إل براشوت لينل على البشر ومتاج إل أتوبيس سريع ليصل إل
أنبيائه ..سبحانه وتعال عن هذه الوصاف علوّا كبيا ..
"وعمانويل كانت" الفيلسوف اللان ف كتابه "نقد العقل الالص" أدرك أن العقل ل يستطيع أن
ييط بكنه الشياء وأنه مُهيّأ بطبيعته لدراك الزئيات والظواهر فقط ..ف حي أنه عاجز عن إدراك
الاهيات الجردة مثل الوجود اللي ..وإنا عرفنا ال بالضمي وليس بالعقل ..شوقنا إل العدل كان
دليلنا على وجود العادل ..كما أن ظمأنا إل الاء هو دليلنا على وجود الاء ..
ل :إن الكرسي من الشب والشب من الشجرة .. أما أرسطو فقد استطرد ف تسلسل السباب قائ ً
والشجرة من البذرة ..والبذرة من الزارع ..واضطر إل القول بأن هذا الستطراد التسلسل ف
الزمن اللنائي لبد أن ينتهي بنا ف البدء الول إل سبب ف غي حاجة إل سبب ..سبب أول أو
مرك أول ف غي حاجة إل من يركه ..خالق ف غي حاجة إل خالق ..وهو نفس ما نقوله عن
ال ..
أما ابن عرب فكان رده على هذا السؤال "سؤال مَنْ خلق الالق" ..بأنه سؤال ل يرد إل على عقل
فاسد ..فال هو الذي يبهن على الوجود ول يصح أن نتخذ من الوجود برهانا على ال ..تاما كما
نقول إن النور يبهن على النهار ..ونعكس الية لو قلنا إن النهار يبهن على النور ..
فال هو الدليل الذي ل يتاج إل دليل ..لنه ال الق الواضح بذاته ..وهو الجة على كل شيء
..ال ظاهر ف النظام والدقة والمال والحكام ..ف ورقة الشجر ..ف ريشة الطاووس ..ف
جناح الفراش ..ف عطر الورد ..ف صدح البلبل ..ف ترابط النجوم والكواكب ..ف هذا القصيد
السيمفون الذي اسه الكون ..
لو قلنا إن كل هذا جاء مصادفة ..لكنا كمن يتصور أن إلقاء حروف مطبعة ف الواء يكن أن
يؤدي إل تمعها تلقائيا على شكل قصيدة شعر لشكسبي بدون شاعر وبدون مؤلف.
والقرآن يغنينا عن هذه الجادلت بكلمات قليلة وبليغة فيقول بوضوح قاطع ودون تفلسف:
{ُق ْل ُهوَ الّلهُ أَحَدٌ .ال الصمد .ل يلد ول يولد .ول يكن له كفوا أحد} سورة الخلص1:
ويسألنا صاحبنا ساخرا :ولاذا تقولون إن ال واحد ..؟ لاذا ل يكون اللة متعددين ..؟ يتوزعون
بينهم الختصاصات ؟
وسوف نرد عليه بالنطق الذي يعترف به ..بالعلم وليس بالقرآن ..
سوف نقول له إن الالق واحد ،لن الكون كله مبن من خامة واحدة وبطة واحدة ..فمن
اليدروجي تألفت العناصر الثنان والتسعون الت ف جدول "مندليف" بنفس الطريقة " ..بالدماج"
وإطلق الطاقة الذرية الت تتأجج با النجوم وتشتعل الشموس ف فضاء الكون .
كما أن الياة كلها بنيت من مركبات الكربون "جيع صنوف الياة تتفحم بالحتراق" وعلى
مقتضى خطة تشريية واحدة ..تشريح الضفدعة ،والرنب ،والمامة ،والتمساح ،والزرافة ،
والوت ،يكشف عن خطة تشريية واحدة ،نفس الشرايي والوردة وغرفات القلب ،ونفس
العظام ،كل عظمة لا نظيتا ..الناح ف المامة هو الذراع ف الضفدعة ..نفس العظام مع تور
طفيف ..والعنق ف الزرافة على طوله ند فيه نفس الفقرات السبع الت تدها ف عنق القنفذ ..
والهاز العصب هو هو ف الميع ،يتألف من مخ وحبل شوكي وأعصاب حس وأعصاب حركة ..
والهاز الضمي من معدة واثن عشر ،وأمعاء دقيقة وأمعاء غليظة والهاز التناسلي نفس البيض
والرحم والصية وقنواتا ..والهاز البول الكلية والالب ،وحويصلة البول ..ث الوحدة التشريية
ف الميع هي اللية ..وهي ف النبات كما ف اليوان كما ف النسان ،بنفس الواصفات ،تتنفس
وتتكاثر وتوت وتولد بنفس الطريقة ..
فأية غرابة بعد هذا أن نقول إن الالق واحد ؟ ..أل تدل على ذلك وحدة الساليب .
ولاذا يتعدد الكامل ..؟ وهل به نقص ليحتاج إل من يكمله ؟ ..إنا يتعدد الناقصون .
ولو تعدد اللة لختلفوا ،ولذهب كل إله با خلق ،ولفسدت السماوات والرض ,وال له
الكبياء والبوت وهذه صفات ل تتمل الشركة ..
ويسخر صاحبنا من معن الربوبية كما نفهمه ..ويقول أليس عجيبا ذلك الرب الذي يتدخل ف كل
صغية وكبية ،فيأخذ بناصية الدابة ،ويوحي إل النحل أن تتخذ من البال بيوتا ،وما تسقط من
ورقة إل يعلمها ،وما ترج من ثرات من أكمامها إ ّل أحصاها عددا ،وما تمل من أنثى ول تضع
إل بعلمه ..وإذا عثرت قدم ف حفرة فهو الذي أعثرها ..وإذا سقطت ذبابة ف طعام فهو الذي
أسقطها ..وإذا تعطلت الرارة ف تليفون فهو الذي عطلها ..وإذا امتنع الطر فهو الذي منعه ،وإذا
هطل فهو الذي أهطله ..أل تشغلون إلكم بالكثي التافه من المور بذا الفهم ..
ول أفهم أيكون الرب ف نظر السائل أجدر بالربوبية لو أنه أعفى نفسه من هذه السئوليات وأخذ
إجازة وأدار ظهره للكون الذي خلقه وتركه يأكل بعضه بعضا !
هل الرب الدير ف نظره هو رب عاطل مغمى عليه ل يسمع ول يرى ول يستجيب ول يعتن
بخلوقاته ؟ ..ث من أين للسائل بالعلم بأن موضوعا ما تافه ل يستحق تدخل الله ،وموضوعا آخر
مهما وخطي الشأن ؟
إن الذبابة الت تبدو تافهة ف نظر السائل ل يهم ف نظره أن تسقط ف الطعام أو ل تسقط ،هذه
الذبابة يكن أن تغيّر التاريخ بسقوطها التافه ذلك ..فإنا يكن أن تنقل الكوليا إل جيش وتكسب
معركة لطرف آخر ،تتغي بعدها موازين التاريخ كله.
أل تقتل السكندر الكب بعوضة ؟
إن أتفه القدمات مكن أن تؤدي إل أخطر النتائج ..وأخطر القدمات مكن أن تنتهي إل ل شيء
..وعال الغيب وحده هو الذي يعلم قيمة كل شيء .
وهل تصور السائل نفسه وصيّا على ال يدد له اختصاصاته ..تقدّس وتنّه ربنا عن هذا التصور
الساذج .
إنا الله الدير باللوهية هنا هو الله الذي أحاط بكل شيء علما ..ل يعزب عنه مثقال ذرة ف
الرض ول ف السماء .
الله السميع الجيب ،العتن بخلوقاته .
الفصل الثان
إذا كان ال قدّر عليّ أفعال فلماذا ياسبن؟
قال صديقي ف شاتة وقد تصوّر أنه أمسكن من عنقي وأنه ل مهرب ل هذه الرة :
أنتم تقولون إن ال يُجري كل شيء ف ملكته بقضاء وقدر ،وإن ال قدّر علينا أفعالنا ،فإذا كان هذا
هو حال ،وأن أفعال كلها مقدّرة عنده فلماذا ياسبن عليها ؟
ل تقل ل كعادتك ..أنا ميـَر ..فليس هناك فرية أكب من هذه الفرية ودعن أسألك :
هل خُـيّرتُ ف ميلدي وجنسي وطول وعرضي ولون ووطن ؟
هل باختياري ينل عليّ القضاء ويفاجئن الوت وأقع ف الأساة فل أجد مرجا إل الرية ..
لاذا يُكرهن ال على فعل ث يؤاخذن عليه ؟
وإذا قلت إنك حر ،وإن لك مشيئة إل جوار مشيئة ال أل تشرك بذا الكلم وتقع ف القول بتعدد
الشيئات ؟
ث ما قولك ف حكم البيئة والظروف ،وف التميات الت يقول با الاديون التارييون ؟
أطلق صاحب هذه الرصاصات ث راح يتنفس الصعداء ف راحة وقد تصوّر أن توفيت وانتهيت ،ول
يبق أمامه إل استحضار الكفن..
قلت له ف هدوء :
أنت واقع ف عدة مغالطات ..فأفعالك معلومة عند ال ف كتابه ،ولكنها ليست مقدورة عليك
بالكراه ..إنا مقدّرة ف علمه فقط ..كما تقدّر أنت بعلمك أن ابنك سوف يزن ..ث يدث أن
يزن بالفعل ..فهل أكرهته ..أو كان هذا تقديرا ف العلم وقد أصاب علمك ..
أما كلمك عن الرية بأنا فرية ،وتدليلك على ذلك بأنك ل تيّر ف ميلدك ول ف جنسك ول ف
طولك ول ف لونك ول ف موطنك ،وأنك ل تلك نقل الشمس من مكانا ..هو تليط آخر ..
وسبب التخليط هذه الرة أنك تتصوّر الرية بالطريقة غي تلك الت نتصورها نن الؤمني ..
أنت تتكلم عن حرية مطلقة ..فتقول ..أكنت أستطيع أن أخلق نفسي أبيض أو أسود أو طويل أو
قصيا ..هل بإمكان أن أنقل الشمس من مكانا أو أوقفها ف مدارها ..أين حريت ؟
ونن نقول له :أنت تسأل عن حرية مطلقة ..حرية التصرف ف الكون وهذه ملك ل وحده ..
خلُ ُق مَا َيشَاء وََيخْتَا ُر مَا كَانَ َلهُ ُم الْخَِي َرةُ } 68سورة
نن أيضا ل نقول بذه الرية { َورَّبكَ يَ ْ
القصص
ليس لحد الية ف مسألة اللق ،لن ال هو الذي يلق ما يشاء ويتار ..
ولن ياسبك ال على ِقصَرك ولن يعاتبك على طولك ولن يعاقبك لنك ل توقف الشمس ف مدارها
،ولكن مال الساءلة هو مال التكليف ..وأنت ف هذا الجال حر ..وهذه هي الدود الت نتكلم
فيها ..
أنت حر ف أن تقمع شهوتك وتلجم غضبك وتقاوم نفسك وتزجر نياتك الشريرة وتشجع ميولك
الية..
الرية الت يدور حولا البحث هي الرية النسبية وليست الرية الطلقة حرية النسان ف مال
التكليف..
وهذه الرية حقيقة ودليلنا عليها هو شعورنا الفطري با ف داخلنا فنحن نشعر بالسئولية وبالندم
على الطأ ،وبالراحة للعمل الطيب ..ونن نشعر ف كل لظة أننا نتار ونوازن بي احتمالت
متعددة ،بل إن وظيفة عقلنا الول هي الترجيح والختيار بي البديلت ..
ونن نفرق بشكل واضح وحاسم بي يدنا وهي ترتعش بالمى ،ويدنا وهي تكتب خطابا ..
فنقول إن حركة الول جبية قهرية ،والركة الثانية حرة اختيارية ..ولو كنا مسيين ف الالتي لا
استطعنا التفرقة ..
ويؤكد هذه الرية ما نشعر به من استحالة إكراه القلب على شيء ل يرضاه تت أي ضغط ..
فيمكنك أن تُكره امرأة بالتهديد والضرب على أن تلع ثيابا ..ولكنك ل تستطيع بأي ضغط أو
تديد أن تعلها تبك من قلبها ومعن هذا أن ال أعتق قلوبنا من كل صنوف الكراه والجبار ،
وأنه فطرها حرة ..
ولذا جعل ال القلب والنية عمدة الحكام ،فالؤمن الذي ينطق بعبارة الشرك والكفر تت التهديد
والتعذيب ل ياسب على ذلك طالا أن قلبه من الداخل مطمئن باليان ،وقد استثناه ال من
الؤاخذة ف قوله تعال { :إِ ّل مَنْ أُ ْك ِرهَ وََقلُْب ُه مُطْمَئِ ّن بِا ِليَا ِنٌ} 106سورة النحل
والوجه الخر من اللط ف هذه السألة أن بعض الناس يفهم حرية النسان بأنا علو على الشيئة ،
وانفراد بالمر ،فيتهم القائلي بالرية بأنم أشركوا بال وجعلوا له أندادا يأمرون كأمره ،ويكمون
كحكمه ،وهذا ما فهمته أنت أيضا ..فقلت بتعدد الشيئات ..وهو فهم خاطئ ..فالرية
النسانية ل تعلو على الشيئة اللية ..
إن النسان قد يفعل بريته ما يناف الرضا اللي ولكنه ل يستطيع أن يفعل ما يناف الشيئة ..
ال أعطانا الرية أن نعلو على رضاه "فنعصيه" ،ولكن ل يعط أحدا الرية ف أن يعلو على مشيئته
..وهنا وجه آخر من وجوه نسبية الرية النسانية ..
وكل ما يدث منا داخل ف الشيئة اللية وضمنها ،وإن خالف الرضا اللي وجانب الشريعة ..
وحريتنا ذاتا كانت منحة إلية وهبة منحها لنا الالق باختياره ..ول نأخذها منه كرها ول غصبا ..
إن حريتنا كانت عي مشيئته ..
ومن هنا معن الية َ { :ومَا َتشَاؤُونَ إِل أَن يَشَاء الّلهُ } 30سورة النسان
لن مشيئتنا ضمن مشيئته ،ومنحة منه ،وهبة من كرمه وفضله ،فهي ضمن إرادته ل ثنائية ول
تناقض ،ول منافسة منا لمر ال وحكمه ..
والقول بالرية بذا العن ل يناف التوحيد ،ول يعل ل أندادا يكمون كحكمه ويأمرون كأمره ..
فإن حرياتنا كانت عي أمره ومشيئته وحكمه ..
والوجه الثالث للخلط أن بعض من تناولوا مسألة القضاء والقدر والتسيي والتخيي ..فهموا القضاء
والقدر بأنه إكراه للنسان على غي طبعه وطبيعته وهذا خطأ وقعت فيه أنت أيضا ..وقد نفى ال
عن نفسه الكراه بآيات صرية :
والقضاء والقدر ل يصح أن يُفهم على أنه إكراه للناس على غي طبائعهم ..وإنا على العكس ..
ال يقضي على كل إنسان من جنس نيته ..ويشاء له من جنس مشيئته ،ويريد له من جنس إرادته ،
ل ثنائية ...تسيي ال هو عي تيي العبد ،لنه ال يسيّر كل امرئ على هوى قلبه وعلى مقتضى
نياته ..
{ مَن كَانَ ُيرِيدُ َح ْرثَ الْآ ِخ َرةِ َن ِزدْ َلهُ فِي َحرِْث ِه َومَن كَانَ ُيرِي ُد َحرْثَ الدّْنيَا نُؤِت ِه مِْنهَا } 20سورة
الشورى
{ إِن َي ْعلَمِ الّلهُ فِي ُقلُوبِكُمْ َخْيرًا ُي ْؤتِكُمْ َخْيرًا مّمّا أُخِ َذ مِنكُ ْم } 70سورة النفال
ال يقضي ويقدّر ،ويري قضاءه وقدره على مقتضى النية والقلب ..إن شرا فشر وإن خيا فخي..
ومعن هذا أنه ل ثنائية ..التسيي هو عي التخيي ..ول ثنائية ول تناقض ..
ال يسيّرنا إل ما اخترناه بقلوبنا ونياتنا ،فل ظلم ول إكراه ول جب ،ول قهر لنا على غي طبائعنا ..
سرَى .وََأمّا مَن َبخِ َل وَا ْسَتغْنَى .وَكَ ّذبَ
س ُرهُ لِ ْليُ ْ
سنَى .فَسَُنيَ ّ
{ فََأمّا مَن َأعْطَى وَاّتقَى َ .وصَدّقَ بِالْحُ ْ
سرَى } 5سورة الليل
س ُرهُ لِ ْلعُ ْ
سنَى .فَسَُنيَ ّ
بِالْحُ ْ
{ َومَا َرمَْيتَ ِإ ْذ َرمَْيتَ وََلكِنّ الّلهَ َرمَى } 17سورة النفال
هنا تلتقي رمية العبد والرمية القدّرة من الرب ،فتكون رمية واحدة ..وهذا مفتاح لغز القضاء والقدر
..على العبد النية ،وعلى ال التمكي ،إن خيا فخي ،وإن شرا فشر..
والرية النسانية ليست مقدارا ثابتا ،ولكنها قدرة نسبية قابلة للزيادة ..
النسان يستطيع أن يزيد من حريته بالعلم ..باختراع الوسائل والدوات والواصلت استطاع
النسان أن يطوي الرض ،ويهزم السافات ،ويترق قيود الزمان والكان ..وبدراسة قواني البيئة
استطاع أن يتحكم فيها ويسخرها لدمته ،وعرف كيف يهزم الر والبد والظلم ،وبذلك يضاعف
من حرياته ف مال الفعل ..
أما الوسيلة الثانية فكانت الدين ..الستمداد من ال بالتقرب منه ..والخذ عنه بالوحي والتلقي
والتأييد ..وهذه وسيلة النبياء ومن ف دربم ..
سخّر سليمان الن وركب الريح وكلّم الطي بعونة ال ومدده ..
وشق موسى البحر ..وأحيا السيح الوتى ..ومشى على الاء ..وأبرأ الكمه والبرص والعمى ..
ونقرأ عن الولياء أصحاب الكرامات الذين تُطوى لم الرض وتكشف لم الغيبات ..
وهي درجات من الرية اكتسبوها بالجتهاد ف العبادة والتقرب إل ال والتحبب إليه ..فأفاض
عليهم من علمه الكنون ..
إنه العلم مرة أخرى ..
ولكنه هذه الرة العلم "اللدن" ..
ولذا يُلخص أبو حامد الغزال مشكلة الخيّر والسيّر قائلً ف كلمتي :
النسان ميّر فيما يعلم ..
مسيّر فيما ل يعلم ..
وهو يعن بذا أنه كلما اتسع علمه اتسع مال حريته ..سواء كان العلم القصود هو العلم الوضوعي
أو العلم اللدنّي ..
ويطئ الفكرون الاديون أشد الطأ حينما يتصورون النسان أسي التميات التاريية والطبقية ..
ويعلون منه حلقة ف سلسلة من اللقات ل فكاك له ،ول مهرب من الضوع لقواني القتصاد
وحركة الجتمع ،كأنا هو قشة ف تيار بل ذراعي وبل إرادة ..
والكلمة الت يرددونا ول يتعبون من ترديدها وكأنا قانون " :حتمية الصراع الطبقي" وهي كلمة
خاطئة ف التحليل العلمي ،لنه ل حتميات ف الجال النسان ،وإنا على الكثر ترجيحات
واحتمالت ..وهذا هو الفرق بي النسان ،وبي التروس ،واللت والجسام الادية ..فيمكن
التنبوء بسوف الشمس بالدقيقة والثانية ،ويكن التنبؤ بركاتا الستقبلة على مدى أيام وسني ..
أما النسان فل يكن أن يعلم أحد ماذا يُضمر وماذا يُخبئ ف نياته ،وماذا يفعل غدا أو بعد غد ..
ول يكن معرفة هذا إل على سبيل الحتمال والترجيح والتخمي ،وذلك على فرض توفر العلومات
الكافية للحكم ..
وقد أخطأت جيع تنبؤات كارل ماركس ،فلم تبدأ الشيوعية ف بلد متقدم كما تنبأ ،بل ف بلد
متخلف ،ول يتفاقم الصراع بي الرأسالية والشيوعية ،بل تقارب الثنان إل حالة من التعايش
السلمي ،وأكثر من هذا فتحت البلد الشيوعية أبوابا لرأس الال المريكي ..ول تتصاعد
التناقضات ف الجتمع الرأسال إل الفلس الذي توقعه كارل ماركس ،بل على العكس ،ازدهر
القتصاد الرأسال ووقع الشقاق واللف بي أطراف العسكر الشتراكي ذاته ..
أخطأت حسابات ماركس جيعها دالة بذلك على خطأ منهجه التمي ..ورأينا صراع العصر الذي
يرك التاريخ هو الصراع اللطبقي بي الصي وروسيا ،وليس الصراع الطبقي الذي جعله ماركس
عنوان منهجه ..وكلها شواهد على فشل الفكر الادي ف فهم النسان والتاريخ ،وتبطه ف
حساب الستقبل ..وجاء كل ذلك نتيجة خطأ جوهري ،هو أن الفكر الادي تصوّر أن النسان
ذبابة ف شبكة من التميات ..ونسي تاما أنّ النسان حر ..وأن حريته حقيقة ..
أمّا كلم الاديي عن حكم البيئة والجتمع والظروف ،وأن النسان ل يعيش وحده ول تتحرك
حريته ف فراغ ..
نقول ردّا على هذا الكلم :إن حكم البيئة والجتمع والظروف كمقاومات للحرية الفردية إنا يؤكد
العن الدل لذه الرية ول ينفيه ..فالرية الفردية ..ل تؤكد ذاتا إل ّ ف وجه مقاومة تزحزحها..
أما إذا كان النسان يتحرك ف فراغ بل مقاومة من أي نوع فإنه ل يكون حرا بالعن الفهوم
للحرية ،لنه لن تكون هناك عقبة يتغلب عليها ويؤكد حريته من خللا ..
الفصل الثالث
لاذا خلق ال الشر؟
إذا كان ال مبة وجال وخيا فكيف يلق الكراهية والقبح والشر .
والشكلة الت أثارها صاحب من الشاكل الساسية ف الفلسفة وقد انقسمت حولا مدارس الفكر
واختلفت حولا الراء.
ونن نقول أن ال كله رحة وكله خي وأنه ل يأمر بالشر ولكنه سح به لكمة.
ط وَأَقِيمُواْ
سِحشَاء َأَتقُولُونَ َعلَى الّل ِه مَا َل َتعْلَمُو َن ( )28قُلْ َأ َمرَ رَبّي بِاْلقِ ْ
{إِ ّن الّلهَ لَ يَ ْأ ُمرُ بِاْلفَ ْ
سجِ ٍد ( })29العراف.28-
وُجُوهَكُ ْم عِندَ كُ ّل مَ ْ
ال ل يأمر إل بالعدل والحبة والحسان والعفو والي وهو ل يرضى إل بالطيب.
فلماذا ترك الظال يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق؟
لن ال أرادنا أحرارا ..والرية اقتضت الطأ ول معن للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة والطأ
والصواب ..والختيار الر بي العصية والطاعة.
وكان ف قدرة ال أن يعلنا جيعًا أخيارا وذلك بأن يقهرنا على الطاعة قهرا وكان ذلك يقتضي أن
يسلبنا حرية الختيار.
وف دستور ال وسنته أن الرية مع الل أكرم للنسان من العبودية مع السعادة ..ولذا تركنا نطيء
ونتأل ونتعلم وهذه هي الكمة ف ساحه بالشر.
ومع ذلك فإن النظر النصف الحايد سوف يكشف لنا أن الي ف الوجود هو القاعدة وأن الشر هو
الستثناء ..
فالصحة هي القاعدة والرض استثناء ونن نقضي معظم سنوات عمرنا ف صحة ول يزورنا الرض إل
أياما قليلة ..وبالثل الزلزل هي ف مملها بضع دقائق ف عمر الكرة الرضية الذي يصى بليي
السني وكذلك الباكي وكذلك الروب هي تشنجات قصية ف حياة المم بي فترات سلم طويلة
متدة.
ث أننا نرى لكل شيء وجه خي فالرض يلف وقاية والل يرب الصلبة واللد والتحمل والزلزل
تنفس عن الضغط الكبوت ف داخل الكرة الرضية وتمي القشرة الرضية من النفجار وتعيد
البال إل أماكنها كأحزمة وثقالت تثبت القشرة الرضية ف مكانا ،والباكي تنفث العادن
والثروات البيثة الباطنة وتكسو الرض بتربة بركانية خصبة ..والروب تدمج المم وتلقح بينها
وتمعها ف كتل وأحلف ث ف عصبة أمم ث ف ملس أمن هو بثابة مكمة عالية للتشاكي والتصال
..وأعظم الختراعات خرجت أثناء الروب ..البنسلي الذرة الصواريخ الطائرات النفاثة كلها
خرجت من أتون الروب.
ومن سم الثعبان يرج الترياق.
ومن اليكروب نصنع اللقاح.
ولول أن أجدادنا ماتوا لا كنا الن ف مناصبنا ،والشر ف الكون كالظل ف الصورة إذا اقتربت منه
خيل إليك أنه عيب ونقص ف الصورة ..ولكن إذا ابتعدت ونظرت إل الصورة ككل نظرة شاملة
اكتشفت أنه ضروري ول غن عنه وأنه يؤدي وظيفة جالية ف البناء العام للصورة.
وهل كان يكننا أن نعرف الصحة لول الرض ..إن الصحة تظل تاجا على رؤوسنا ل نراه ول نعرفه
إل حينما نرض.
وبالثل ما كان مكنا أن نعرف المال لول القبح ول الوضع الطبيعي لول االشاذ.
ولذا يقول الفيلسوف أبو حامد الغزال :إن نقص الكون هو عي كماله مثل اعوجاج القوس هو
عي صلحيته ولو أنه استقام لا رمى.
وظيفة أخرى للمشقات واللم ..أنا هي الت تفرز الناس وتكشف معادنم.
لول الشقة ساد الناس كلهم ...الود يفقر والقدام قتال
إنا المتحان الذي نعرف به أنفسنا ..والبتلء الذي تتحدد به مراتبنا عند ال.
ث إن الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولا فالوت ليس ناية القص
ولكن بدايتها.
ول يوز أن نكم على مسرحية من فصل واحد ول أن نرفض كتابا لن الصفحة الول ل تعجبنا.
الكم هنا ناقص..
ول يكن استطلع الكمة كلها إل ف آخر الطاف ..ث ما هو البديل الذي يتصوره السائل الذي
يسخر منا؟!
هل يريد أن يعيش حياة بل موت بل مرض بل شيخوخة بل نقص بل عجز بل قيود بل أحزان بل
آلم.
هل يطلب كمال مطلقا؟!
ولكن الكمال الطلق ل.
والكامل واحد ل يتعدد ..ولاذا يتعدد ..وماذا ينقصه ليجده ف واحد آخر غيه؟!
معن هذا أن صاحبنا لن يرضيه إل أن يكون هو ال ذاته وهو التطاول بعينه.
ودعونا نسخر منه بدورنا ..هو وأمثاله من ل يعجبهم شيء.
هؤلء الذين يريدونا جنة ..
ماذا فعلوا ليستحقونا جنة؟
وماذا قدم صاحبنا للنسانية ليجعل من نفسه ال الواحد القهار الذي يقول للشيء كن فيكون.
إن جدت أكثر ذكاء من الستاذ الدكتور التخرج من فرنسا حينما تقول ف بساطة:
"خي من ال شر من نفوسنا".
إنا كلمات قليلة ولكنها تلخيص أمي للمشكلة كلها ..
فال أرسل الرياح وأجرى النهر ولكن ربان السفينة الشع مل سفينته بالناس والبضائع بأكثر ما
تتمل فغرقت فمضى يسب ال والقدر ..وما ذنب ال؟! ..ال أرسل الرياح رخاء وأجرى النهر
خيا ..ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا الي شرا.
ما أصدقها من كلمات جيلة طيبة.
"خي من ال شر من نفوسنا".
الفصل الرابع
وما ذنب الذي ل يصله قرآن ؟
-قلت له:
-دعن أصحح معلوماتك أول ..فقد بنيت أسئلتك على مقدمة خاطئة ..فال أخبنا بأنه ل يرم
أحدًا من رحته ووحيه وكلماته وآياته.
(( وَإِن مّنْ ُأمّةٍ إِلّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ ( )) )24فاطر.
(( وََلقَدْ َبعَثْنَا فِي كُلّ ُأمّ ٍة رّسُولً ( )) )36النحل.
حت الصابئي الذين عبدوا الشمس على أنا آية من آيات ال وآمنوا بال الواحد وبالخرة والبعث
والساب وعملوا الصالات فلهم أجرهم عند ربم.
ومعلوم أن رحة ال تتفاوت.
وهناك من يولد أعمى وهناك من يولد مبصرا وهناك من عاش أيام موسى ورآه رأي العي وهو يشق
البحر بعصاه ..وهناك من عاش أيام السيح ورآه يي الوتى ..أما نن فل نعلم عن هذه اليات إل
سعًا ..وليس الب كالعيان ..وليس من رأي كمن سع.
ومع ذلك فاليان وعدمه ليس رهنًا بالعجزات.
والكابرون العاندون يرون العجب من أنبيائهم فل يزيد قولم على أن هذا " سحر مفترى ".
ول شك أن صاحبنا الدكتور القادم من فرنسا قد بلغه من الكتب ثلثة ..توراة وإنيل وقرآن وبلغته
..فلم تزده هذه الكتب إل إغراقًا ف الدل ..وحت يهرب من الوقف كله أحاله على شخص
مهول ف الغابات ل ينل عليه كتاب ..وراح يسألنا ..وما بالكم بذا الرجل الذي ل يصله قرآن
ول ينل عليه كتاب ..ملتمسًا بذلك ثغرة ف العدل اللي أو موهًا نفسه بأن السألة كلها عبث.
وهو لذلك يسألنا " ولاذا تتفاوت رحة ال " ..لاذا يشهد ال واحدًا على آياته ..ول يدري آخر
بتلك اليات إل سعًا.
ونن نقول أنا قد ل تكون رحة بل نقمة أل يقل ال لتباع السيح الذين طلبوا نزول مائدة من
السماء مذرًا:
(( إِنّي مَُنزُّلهَا َعلَيْكُ ْم فَمَن َي ْكفُرْ َبعْ ُد مِنكُ ْم فَإِنّي ُأعَذُّبهُ عَذَابًا لّ ُأعَذُّبهُ َأحَدًا مّنَ اْلعَالَ ِميَ ()) )115
الائدة.
ذلك لنه مع نزول العجزات يأت دائمًا تشديد العذاب لن يكفر.
وطوب لن آمن بالسماع ودون أن يرى معجزة.
والويل للذين شاهدوا ول يؤمنوا.
فالقرآن ف يدك حجة عليك ونذير ..ويوم الساب يصبح نقمة ل رحة.
وعدم إقامة هذه الجة البينة على السكيمو ساكن القطبي قد يكون إعفاء وتفيفًا ورحة ومغفرة
يوم الساب ..وقد تكون لفتة إل السماء من هذا السكيمو الاهل ذات ساعة ف عمره ..عند ال
كافية لقبوله مؤمنًا ملصًا.
أما لاذا يرحم ال واحدًا أكثر ما يرحم آخر فهو أمر يؤسسه ال على علمه بالقلوب.
(( َفعَلِ َم مَا فِي ُقلُوِبهِمْ فَأَنزَ َل السّكِيَن َة عََلْيهِمْ وََأثَاَبهُ ْم فَتْحًا َقرِيبًا ( )) )18الفتح.
وعلم ال بنا وبقلوبنا يتد إل ما قبل نزولنا ف الرحام حينما كنا عنده أرواحًا حول عرشه ..فمنا
من التف حول نوره ..ومنا من انصرف عنه مستمتعًا باللكوت وغافلً عن جال خالقه ..فاستحق
الرتبة الدنيا من ذلك اليوم وسبق عليه القول ..هذا كلم أهل الشاهدة.
وما نراه من تارينا القصي ف الدنيا ليس كل شيء ..
كان صديقنا الدكتور واثقا من نفسه كل الثقة هذه الرة وهو يلوك الكلمات ببطء ليلقي بالقنبلة
-كيف يعذبنا ال وهو الرحن الرحيم على ذنب مدود ف الزمن بعذاب ل مدود ف البد ( النار
خالدين فيها أبدا )
ومن نن وماذا نساوي بالنسبة لعظمة ال حت ينتقم منا هذا النتقام ..
وما النسان إل ذرة أو هبأة ف الكون وهو بالنسبة للل ال أهون من ذلك بكثي ..بل هو
اللشيء بعينه .
ونن نصحح معلومات الدكتور فنقول .
أول -إننا لسنا ذرة ول هبأة ف الكون ..وإن شاننا عند ال ليس هينا بل عظيما ..
أل ينفخ فينا من روحه ..
أل يسجد لنا اللئكة ..
أل يعدنا بياث السماوات والرض ويقول عنا :
( ولقد كرمنا بن آدم وحلناهم ف الب والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثي من خلقنا
تفضيل ) .
إن فينا إذا من روح ال .
ونن بالنسبة للكون لسنا ذرة ول هبأة ..
إننا نبدو بالنظر إل أجسادنا كذرة أو هبأة بالنسبة للكون الفسيح الواسع .
ولكن أل نتوي على هذا الكون ونستوعبه بعقلنا وندرك قوانينه وأفلكه ونرسم لكل كوكب مداره
..
ث ينل رائد الفضاء على القمر فيكتشف أن كل ما استوعبناه بعقلنا على الرض كان صحيحا ..
وكل ما رسناه كان دقيقا .
أل يدل هذا على أننا بالنظر إل روحنا أكب من الكون وأننا نتوي عليه وأن الشاعر كان على حق
حينما خاطب النسان قائل :
وتسب أنك جرم صغي *** وفيك انطوى العال الكب
وإن النسان كما يقول الصوفية هو الكتاب الامع والكون صفحاته .
إذا النسان عظيم الشأن كبي الطر.
وهو من روح ال .
وأعماله تستوجب الحاسبة .
أما عن الذنب الحدود ف الزمان الذي ياسبنا ال عليه بعذاب اللمدود ف البد ..
فمغالطة أخرى وقع فيها الدكتور العزيز الواثق من نفسه .
فال يقول عن هؤلء الخلدين ف النار حينما يطلبون العودة إل الدنيا ليعملوا غي ما عملوا ..
يقول سبحانه :
( ولو ردوا لعادوا لا نوا عنه وإنم لكاذبون).
أي أن ذنبهم ليس ذنبا مدودا ف الزمان بل هو خصلة ثابتة سوف تتكرر ف كل زمان ..
ولو ردوا لعادوا إل ذنبهم وإنم لكاذبون .
هي إذن صفحة مؤبدة ف النفس وليست سقطة عارضة ف ظرف عارض ف الدنيا .
وهو يقول عنهم ف مكان آخر :
( يوم يبعثهم ال جيعا فيحلفون له كما يلفون لكم ويسبون أنم على شيء ..أل إنم هم
الكاذبون ) .
هنا لون آخر من الصرار والتحدي يصل إل أنم يواجهون ال بالكذب واللف الكذب وهم بي
يديه يوم الوقف العظيم يوم ترفع الجب وينكشف الغطاء ..
وهذا غاية البوت والصلف .
ولسنا هنا أمام ذنب مدود ف الزمان .بل أمام ذنب مستمر ف الزمان وبعد أن يطوى الزمان وكل
زمان ..
نن هنا أمام نفس تمل معها شرها البدي .
ومن هنا كان تأبيد العذاب لذه النفس عدل .
ولذا تقول عنهم الية ف صراحة :
( وما هم بارجي من النار )
ويقول ابن عرب :
إن الرحة بالنسبة لؤلء أنم سوف يتعودون على النار ..وتصبح تلك النار ف الباد الؤبدة بيئتهم
اللئمة .
ول شك أن هناك مانسة بي بعض النفوس الجرمة وبي النار ..
فبعض تلك النفوس هي ف حقيقتها شعلة حسد وحقد وشهوة وغية وغل وضرام من الغضب
والنقمة والثورة والشاعر الجرامية الحتدمة وكأنا نار بالفعل .
مثل تلك النفوس ل تستطيع أن تعيش ف سلم ..ول تستطيع أن تيا ساعة دون أن تشعل حولا
حربا ..ودون أن تضرم حولا النيان ..لن النيان هي بيئتها وطبيعتها .
ومثل تلك النفوس يكون قرارها ف النار هو الكم العدل ويكون هذا الصي من قبيل وضع الشيء ف
مكانه ..
فلو أنا أدخلت النة لا تذوقتها .
أل تكن ترفض السلم ف الرض ؟
وينبغي أن نفهم النار والنة ف الخرة فهما واسع الفق ..
فالنار ف الخرة ليست شواية .وليس ما يري فيها هو الريق بالعن الدنيوي فال يقول إن الذنبي
يتكلمون ويتلعنون وأن النار فيها شجرة لا ثر ..
هي شجرة الزقوم الت ترج من أصل الحيم ..كما أن فيها ماء حيما يشرب منه العذبون .
مثل تلك النار الت فيها شجرة الزقوم وفيها ماء ..
ويتكلم فيها الناس فل بد أنا نار غي النار :
( كلما دخلت أمة لعنت أختها حت إذا اداركوا فيها جيعا قالت أخراهم لولهم ربنا هؤلء أضلونا
فآتم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن ل تعلمون ).
إنم يتكلمون وهم ف النار وهي نار :
(وقودها الناس والجارة )
هذه النار إذا من قبيل الغيب ..
وما ورد عنها إشارات .
ول يب أن يفهم من هذا الكلم أننا ننكر العذاب السي ونقول بالعذاب العنوي ..
فإن العذاب السي صريح ل يوز الشك فيه ونن نؤمن بوجوده .
وإنا نقول إن تفاصيل هذا العذاب وكيفيته ..كما أن كيفية تلك النار وأوصافها التفصيلية ..
هي غيب مهول ..فهي على ما يبدو ف الشارات القرآنية ..نار غي النار ..
كما أن أجسامنا ف تملها لتلك النار هي غي الجسام الترابية الشة الت لنا الن ...
ونفس الشيء ف النة ..فهي ليست سوق خضار وبلح ورمان وعنب ..
وإنا تلك الوصاف القرآنية هي مرد إشارات وضرب أمثلة وتقريب إل الذهان .
( مثل النة الت وعد التقون فيها أنار من ماء غي آسن وأنار من لب ل يتغي طعمه )
" مثل النة " ..أي أننا نضرب مثل يقرب فهم النة إليك ولكن القيقة أن التفاصيل غيب .
( فل تعلم نفس ما أخفي لم من قرة أعي جزاء با كانوا يعملون ) .
( جنة عرضها السموات والرض ) .
فهي ل يكن أن تكون مرد حديقة .
( وفاكهة كثية ل مقطوعة ول منوعة ) .
فهي غي فاكهتنا القطوعة والمنوعة ..وخر:
( ل يصدعون عنها ول ينفون ) .
فهي غي خرنا الت تصدع الرأس وتنف العقل
ويقول القرآن عن أهل النة :
( ونزعنا ما ف صدورهم من غل )
ها هنا نفوس طهرت بطريقة ل نعلمها .
النة إذا هي الخرى غيب وليس ف هذا الكلم أي إنكار للنعيم السي فنحن نؤمن بأن النة نعيم
حسي ومعنوي معا كما أن النار عذاب حسي ومعنوي ولكن ما نريد تأكيده أن تفاصيل هذا النعيم
أو العذاب وكيفياته غيب .
وأن النة ليست سوقا للفاكهة والضار ول النار فرنا لشوي اللحم .
وإن التعذيب ف الخرة ليس تبا من ال على عباده وإنا هو تطهي وتعريف وتقوي ورحة .
( ما يفعل ال بعذابكم إن شكرت وآمنتم )
فالصل هو عدم العذاب .
وال ل يعذب العارف الؤمن وإنا ينصب عذابه على الاحد النكر الذي فشلت معه كل وسائل
الداية والتعريف والتفهيم .
( ولنذيقنهم من العذاب الدن دون العذاب الكب لعلهم يرجعون ) .
سنة ال أن يذيق هؤلء من العذاب الصغر ف الدنيا ليقاظهم من غفلتهم ولزعاجهم من هذا الم
والسبات " ..لعلهم يرجعون " .
فإذا ل تفلح كل الوسائل ..
وظل النكر على إنكاره ل يبق إل مواجهته بالعذاب الق لتعريفه ..
والتعريف بالق هو عي الرحة ..
ولو أن ال تركهم على عماهم وجهلهم وأهلهم لكان ف حقه ظلما ..
سبحانه وتعال عن ذلك علوا كبيا ..فالعرض على النار بالنسبة لؤلء الهال ..عناية .
وكل أفعال ال رحة ..
يرحم الاهل بالحيم تأديبا وتعليما .
ويرحم العارف بالنة فضل وكرامة .
( عذاب أصيب به من أشاء ورحت وسعت كل شيء )
فجعل رحته تسع كل شيء حت العذاب .
ث دعونا نسأل الدكتور ..
أيكون ال أكثر عدل ف نظره لو أنه ساوى بي الظالي والظلومي وبي السفاحي وضحاياهم فقدم
لكل حفلة شاي ف الخرة .
وهل العدل ف نظر الدكتور أن يستوي البيض والسود .
وللذين يستبعدون عن ال أن يعذب نقول :أل يعذبنا ال بالفعل ف دنيانا ؟..
وماذا تكون الشيخوخة والرض والسرطان إل العذاب بعينه .
ومن خالق اليكروب ..؟!!
أليست جيعها إنذارات بأننا أمام إله يكن أن يعذب .
الفصل السادس
وحكاية السلم مع الرأة .؟
قال صديقي الدكتور :
-حكاية تعدد الزوجات وبقاء الرأة ف البيت ..والجاب والطلق ف يد الرجل ..والضرب
والجر ف الضاجع ..وحكاية ما ملكت أيانكم ..وحكاية الرجال قوامون على النساء ..ونصيب
الرجل الضاعف ف الياث .
التهم هذه الرة كثية ..والكلم فيها يطول ..ولنبدأ من البداية ..من قبل السلم ..وأظنك
تعرف تاما أن السلم جاء على جاهلية ،والبنت الت تولد نصيبها الوأد والدفن ف الرمل ،والرجل
يتزوج العشرة والعشرين ويكره جواريه على البغاء ويقبض الثمن ..فكان ما جاء به السلم من
إباحة الزواج بأربع تقييدا وليس تعديدا ..وكان إنقاذ للمرأة من العار والوت والستعباد والذلة .
وهل الرأة الن ف أوروبا أسعد حال ف النلل الشائع هناك وتعدد العشيقات الذي أصبح واقع
المر ف أغلب الزيات أليس أ كرم للمرأة أن تكون زوجة ثانية لن تب ..لا حقوق الزوجة
واحترامها من أن تكون عشيقة ف السر تتلس التعة من وراء الدران .
ومع ذلك فالسلم جعل من التعدد إباحة شبه معطلة وذلك بأن شرط شرطا صعب التحقيق وهو
العدل بي النساء .
( وإن خفتم أل تعدلوا فواحدة ) ( ..ولن تستطيعوا أن تعدلوا بي النساء ولو حرصتم )
فنفى قدرة العدل حت عن الريص فلم يبق إل من هو أكثر من حريص كالنبياء والولياء ومن ف
دربم .
أما البقاء ف البيوت فهو أمر وارد لزوجات النب باعتبارهن مثل عليا .
( وقرن ف بيوتكن ) .
وهي إشارة إل أن الوضع المثل للمرأة هي أن تكون أما وربة بيت تفرغ لبيتها ولولدها
ويكن أن نتصور حال أمة نساؤها ف الشوارع والكاتب وأطفالا ف دور الضانة واللجئ ..
أتكون أحسن حال أو أمة النساء فيها أمهات وربات بيوت والطفال فيها يتربون ف حضانة أمهاتم
والسرة فيها متكاملة الدمات .
الرد واضح .
ومع ذلك فالسلم ل ينع القتضيات الت تدعو إل خروج الرأة وعملها ..وقد كانت ف السلم
فقيهات وشاعرات ..وكانت النساء يرجن ف الروب ..ويرجن للعلم .
إنا توجهت الية إل نساء النب كمثل عليا ،وبي الثال والمكن والواقع درجات متعددة
وقد خرجت نساء النب مع النب ف غزواته .
وينسحب على هذا أن الروج لعونة الزوج ف كفاح شريف هو أمر ل غبار عليه .
أما الجاب فهو لصال الرأة .
وقد أباح السلم كشف الوجه واليدين وأمر بستر ما عدا ذلك .
ومعلوم أن المنوع مرغوب وأن ستر مواطن الفتنة يزيدها جاذبية .
وبي القبائل البدائية وبسبب العري الكامل يفتر الشوق تاما وينتهي الفضول ونرى الرجل ل يالط
زوجته إل مرة ف الشهر وإذا حلت قاطعها سنتي .
وعلى الشواطئ ف الصيف حينما يتراكم اللحم العاري الباح للعيون يفقد السم العريان جاذبيته
وطرافته وفتنته ويصبح أمرا عاديا ل يثي الفضول .
ول شك أنه من صال الرأة أن تكون مرغوبة أكثر وأل تتحول إل شيء عادي ل يثي .
أما حق الرجل ف الطلق فيقابله حق الرأة أيضا على الطرف الخر فيمكن للمرأة أن تطلب الطلق
بالحكمة وتصل عليه إذا أبدت البرات الكافية .
ويكن للمرأة أن تشترط الحتفاظ بعصمتها عند العقد ..وبذلك يكون لا حق الرجل ف الطلق .
والسلم يعطي الزوجة حقوقا ل تصل عليها الزوجة ف أوروبا – فالزوجة عندنا تأخذ مهرا ..
وعندهم تدفع دوطة ..والزوجة عندنا لا حق التصرف ف أملكها ..وعندهم تفقد هذا الق بجرد
الزواج ويصبح الزوج هو القيم على أملكها .
أما الضرب والجر ف الضاجع فهو معاملة الرأة الناشز فقط ..أما الرأة السوية فلها عند الرجل
الودة والرحة .
والضرب والجر ف الضاجع من معجزات القرآن ف فهم النشوز ..وهو يتفق مع أحدث ما وصل
إليه علم النفس العصري ف فهم السلك الرضي للمرأة .
وكما تعلم يقسم علم النفس هذا السلك الرضي إل نوعي :
" السلك الضوعي " وهو ما يسمى ف الصطلح العلمي " ماسوشزم " masochismوهو
تلك الالة الرضية الت تلتذ فيها الرأة بأن تضرب وتعذب وتكون الطرف الاضع .
والنوع الثان هو:
" السلك التحكمي " وهو ما يسمى ف الصطلح العلمي " سادزم " sadismوهو تلك الالة
الرضية الت تلتذ فيها الرأة بأن تتحكم وتسيطر وتتجب وتتسلط وتوقع الذى بالغي.
ومثل هذه الرأة ل حل لا سوى انتزاع شوكتها وكسر سلحها الت تتحكم به ،وسلح الرأة
أنوثتها وذلك بجرها ف الضجع فل يعود لا سلح تتحكم به ..
أما الرأة الخرى الت ل تد لذتا إل ف الضوع والضرب فإن الضرب لا علج ..ومن هنا كانت
كلمة القرآن :
( واهجروهن ف الضاجع واضربوهن ).
اعجازا علميا وتلخيصا ف كلمتي لكل ما أتى به علم النفس ف ملدات عن الرأة الناشز وعلجها .
أما حكاية " ما ملكت أيانكم " الت أشار إليها السائل فإنا ترنا إل قضية الرق ف السلم ..
اتام الستشرقي للسلم بأنه دعا إل الرق ..والقيقة أن السلم ل يدع إل الرق ..بل كان الدين
الوحيد الذي دعا إل تصفية الرق .
ولو قرأنا النيل ..وما قاله بولس الرسول ف رسائله إل أهل افسس وما أوصى به العبيد لوجدناه
يدعو العبيد دعوة صرية إل طاعة سادتم كما الرب .
" أيها العبيد ..أطيعوا سادتكم بوف ورعدة ف بساطة قلوبكم كما الرب " .
ول يأمر النيل بتصفية الرق كنظام وإنا أقصى ما طالب به كان المر بالحبة وحسن العاملة بي
العبيد وسادتم .
وف التوراة التداولة كان نصيب الحرار أسوأ من نصيب العبيد ..ومن وصايا التوراة أن البلد الت
تستسلم بل حرب يكون حظ أهلها أن يساقوا رقيقا وأسارى والت تدافع عن نفسها بالسيف ث
تستسلم يعرض أهلها على السلح ويقتل شيوخها وشبابا ونساؤها وأطفالا ويذبوا تذبيحا .
كان السترقاق إذا حقيقة ثابتة قبل ميء السلم وكانت الديان السابقة توصي بولء العبد لسيده .
فنل القرآن ليكون أول كتاب ساوي يتكلم عن فك الرقاب وعتق الرقاب .
ول يرم القرآن الرق بالنص والصريح ..ول يأمر بتسريح الرقيق ..لن تسريهم فجأة وبأمر قرآن
ف ذلك الوقت وهم مئات اللف بدون صناعة وبدون عمل اجتماعي وبدون توظيف يستوعبهم
كان معناه كارثة اجتماعية وكان معناه خروج مئات اللوف من الشحاذين ف الطرقات يستجدون
الناس ويارسون السرقة والدعارة ليجدوا اللقمة .وهو أمر أسوأ من الرق ،فكان الل القرآن هو
قفل باب الرق ث تصفية الوجود منه ..وكان مصدر الرق ف ذلك العصر هو استرقاق السرى ف
الروب فأمر القرآن بأن يطلق السي أو تؤخذ فيه فدية وبأن ل يؤخذ السرى أرقاء .
( فإما منا بعد ..وإما فداء ) .
فإما أن تن على السي فتطلقه لوجه ال ..وإما تأخذ فيه فدية .
أما الرقيق الوجود بالفعل فتكون تصفيته بالتدرج وذلك بعل فك الرقاب وعتق الرقاب كفارة
الذنوب صغيها وكبيها وبذا ينتهي الرق بالتدريج .
وإل أن تأت تلك النهاية فماذا تكون معاملة السيد لا ملكت يينه ..أباح له السلم أن يعاشرها
كزوجته .
وهذه حكاية " ما ملكت أيانكم " الت أشار إليها السائل ول شك أن معاشرة الرأة الرقيق كالزوجة
كان ف تلك اليام تكريا ل إهانة .
وينبغي أل ننسى موقف السلم من العبد الرقيق وكيف جعل منه أخا بعد أن كان عبدا يداس بالقدم
.
( إنا الؤمنون إخوة ) .
( هو الذي خلقكم من نفس واحدة ) .
( ل يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال ) .
وقد ضرب ممد عليه الصلة والسلم الثل حينما تبن عبدا رقيقا هو زيد بن حارثة فأعتقه وجعل
منه ابنه ..ث زوجه من الرة سليلة البيت الشريف زينب بنت جحش .
كل هذا ليكسر هذه العنجهية والعصبية ..وليجعل من ترير العبيد موقفا يقتدى به ..وليقول
بالفعل وبالثال أن رسالته عتق الرقاب .
أما أن الرجال قوامون على النساء فهي حقيقة ف كل مكان ف البلد السلمية .وف البلد السيحية
.وف البلد الت ل تعرف إلا ول دينا .
ف موسكو اللحدة الكام رجال من أيام ليني وستالي وخروشوف وبولاني إل اليوم ،وف فرنسا
الكام رجال ،وف لندن الكام رجال ،وف كل مكان من الرض الرجال هم الذين يكمون
ويشرعون ويترعون ،وجيع النبياء كانوا رجال ،وجيع الفلسفة كانوا رجال ،حت اللحني "
مع أن التلحي صنعة خيال ل يتاج إل "......رجال ،وكما يقول العقاد ساخرا :حت صناعة
الطهي والياكة والوضة وهي تصصات نسائية تفوق فيها الرجال ث انفردوا با .
وهي ظواهر ل دخل للشريعة السلمية فيها ..فهي ظواهر عامة ف كل بقاع الدنيا حيث ل تكم
شريعة إسلمية ول يكم قرآن .
إنا هي حقائق أن الرجل قوام على الرأة بكم الطبيعة واللياقة والاكمية الت خصه با الالق .
وإذا ظهرت وزيرة أو زعيمة أو حاكمة فإنا تكون الطرافة الت تروى أخبارها والستثناء الذي يؤكد
القاعدة .
والسلم ل يفعل أكثر من أنه سجل هذه القاعدة وهذا يفسر لنا بعد ذلك لاذا أعطى القرآن الرجل
ضعف النصيب ف الياث ..لنه هو الذي ينفق ولنه هو الذي يعول ..ولنه هو الذي يعمل .
كان موقف السلم من الرأة هو العدل .
وكانت سية النب مع نسائه هي الحبة والدب والنان ..الذي يؤثر عنه قوله :
" حبب إل من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عين ف الصلة " .
فذكر النساء مع الطيب والعطر والصلة وهذا غاية العزاز ،وكان آخر ما قاله ف آخر خطبة له قبل
موته هو التوصية بالنساء .
وإذا كان ال قد اختار الرأة للبيت والرجل للشارع فلنه عهد إل الرجل أمانة التعمي والبناء
والنشاء بينما عهد إل الرأة أمانة أكب وأعظم هي تنشئة النسان نفسه .
وإنه من العظم لشأن الرأة أن تؤتن على هذه المانة .
فهل ظلم السلم النساء ؟!!
الفصل السابع
هل الدين افيون ..؟
الفصل الثامن
الروح
قال صديقي الدكتور وهو يعلم هذه الرة أن الشكال سيكون عسيا .
_ ما دليلك على أن النسان له روح وأنه يبعث بعد موت وأنه ليس مرد السد الذي ينتهي إل
تراب ..وماذا يقول دينكم ف تضي الرواح ؟
قلت بعد برهة تفكي :
-لشك أن السؤال اليوم صعب والكلم عن الروح ضرب ف تيه والقائق الوجودة قليلة ولكنها
مع ذلك ف صفنا نن وليست ي صفكم .
الفصل التاسع
الضميـــــر
قال صاحب:
-أنتم تتكلمون عن الضمي ف تقديس كما لو كان شيئًا مطلقًا مع أنه أحد الصنوعات الجتماعية،
عملة ناسية ل أكثر صكت ودمغت وسبكت ف فرن التعاملت الجتماعية وهو عندنا شيء تتغي
أحكامه وضوابطه وفق الصال الارية والقيمة الت تفيد نقول عنها خيًا والقيمة الت تضر نقول عنها
شرًا ولو كانت هذه القيمة هي العفة الت تتمسكون با كعيونكم.
قلت له ف هدوء:
-نعم ..هذا هو رأي الفلسفة الادية على ما أسع ..أن الضمي سلطة زجر وردع نبتت من
الدواعى الجتماعية ..مرد تصيل خبة تتفاوت بي شخص وشخص وبي عصر وعصر وبي أمة
وأمة.
هذا كلمكم..
انظر إل عال اليوان حيث ل متمع ،ترى القطة تتبز ث تستدير لتغطى فضلتا بالتراب ،ف أي
متمع قططى تعلمت القطة هذا الوازع ؟
وكيف ميزت بي القذارة والنظافة ؟
وأنت ترى القطة تسرق السمكة فإذا ضبطتها وضربتها على رأسها طأطأت ونكست بصرها ف
إحساس واضح بالذنب ..وتراها تلهو مع الطفال ف البيت فتكسر فازة أثناء اللعب ..فماذا
يدث ،إنا ترى ف فزع وتتبء تت الكراسى وقد أدركت أنا أخطأت.
وليس ف ملكة القطط دواع لنشأة هذه الشاعر ..ول نرى حت متمعًا قططيًا من الساس.
وتقاليد الوفاء الزوجى ف المام ..
ونبل الصان ف ارتباطه بصاحبه حت الوت ..
وكبياء السد وترفعه عن الجوم على فريسته من اللف ..وخجل المل وتوقفه عن مضاجعة أنثاه
إذا وجد أن هناك عينًا ترقبه ..
ث تلك الادثة البليغة الت رآها جهور الشاهدين ف السيك القومى بالقاهرة ..حينما قفز السد
على الدرب ممد اللو من اللف وأنشب مالبه ف كتفه وأصابه برج قاتل ..
وبقية الادثة يرويها موظفو السيك ..كيف امتنع السد عن الطعام ..وحبس نفسه ف زنزانته ل
يبحها ..وكيف نقلوه إل حديقة اليوان وقدموا له أنثى لتروح عنه فضربا وطردها ..وظل على
صيامه ورفضه للطعام ث انقض على يده الثة وظل يزقها حت نزف ومات .
حيوان ينتحر ندمًا وتكفيًا عن جريته.
من أي متمع ف دنيا السباع أخذ السد هذه التقاليد ..هل ف متمع السباع أن افتراس النسان
جرية تدعو إل النتحار.
نن هنا أمام نبل وخلق وضمي ل نده ف بشر.
ونن أمام فشل كامل للتفسي الاديّ وللتصور الاديّ لقيقة الضمي.
ول تفسي لا نراه سوى ما يقوله الدين ..من أن الضمي هو نور وضعه ال ف الفطرة وأن كل دور
الكتساب الجتماعي أن يلو صدأ النفس فتشف عن هذا النور اللي.
وهذا هو ما حدث بي السد ومدربه ..العاشرة والحبة والصاحبة صقلت تلك النفس اليوانية
فأيقظت ذلك القبس الرحان ..فإذا بالسد يزن ويندم وينتحر كمدًا كالبشر .
(( اللل بي والرام بي )) ...كما قال نبينا عليه الصلة والسلم.
((استفت قلبك وإن أفتاك الناس )) .
لسنا ف حاجة إل كلية شريعة لنعرف الطأ من الصواب والق من اللل ..فقد وضع ال ف قلب
كل منا كلية شريعة ..وميزانا ل يطئ ..وكل ما نن مطالبون به أن نلو نفوسنا من غواشى الادة
ومن كثافة الشهوات فنبصر ونرى ونعرف ونيز بدون عكاز "البة الجتماعية" وذلك بنور ال
الذي اسه الضمي.
الفصل العاشر
هل مناسك الج وثنية ؟
قال صاحب وهو يفرك يديه ارتياحا ويبتسم ابتسامة خبيثة تبدي نواجذه وقد لعت عيناه بذلك البيق
الذي يبدو ف وجه اللكم حينما يتأهب لتوجيه ضربة قاضية .
-أل تلحظ معي أن مناسك الج عندكم هي وثنية صرية .ذلك البناء الجري الذي تسمونه
الكعبة وتتمسحون به وتطوفون حوله ،ورجم الشيطان ..والرولة بي الصفا والروة ،وتقبيل
الجر السود ..
وحكاية السبع طوفات والسبع رجات والسبع هرولت وهي بقايا من خرافة الرقام الطلسمية ف
الشعوذات القدية ،وثوب الحرام الذي تلبسونه على اللحم ..
ل تؤاخذن إذا كنت أجرحك بذه الصراحة ولكن ل حياء ف العلم .
وراح ينفث دخان سيجارته ببطء ويراقبن من وراء نظارته .
قلت ف هدوء :
-أل تلحظ معي أنت أيضا أن ف قواني الادة الت درستها أن الصغر يطوف حول الكب ،
اللكترون ف الذرة يدور حول النواة ،والقمر حول الرض ،والرض حول الشمس ،والشمس
حول الجرة ،والجرة حول مرة أكب ،إل أن نصل إل " الكب مطلقا " وهو ال ..أل نقول " ال
أكب " ..أي أكب من كل شيء ..
وأنت الن تطوف حوله ضمن مموعتك الشمسية رغم أنفك ول تلك إل أن تطوف فل شيء
ثابت ف الكون إل ال هو الصمد الصامد الساكن والكل ف حركة حوله ..
وهذا هو قانون الصغر والكب الذي تعلمته ف الفيزياء ..
أما نن فنطوف باختيارنا حول بيت ال ..
وهو أول بيت اتذه النسان لعبادة ال ..
فأصبح من ذلك التاريخ السحيق رمزا وبيتا ل ..
أل تطوفون أنتم حول رجل منط ف الكرملي تعظمونه وتقولون أنه أفاد البشرية ،ولو عرفتم
لشكسبي قبا لتسابقتم إل زيارته بأكثر ما نتسابق إل زيارة ممد عليه الصلة والسلم ..
أل تضعون باقة ورد على نصب حجري وتقولون أنه يرمز للجندي الجهول فلماذا تلوموننا لننا
نلقي حجرا على نصب رمزي نقول أنه يرمز إل الشيطان ..
أل تعيش ف هرولة من ميلدك إل موتك ث بعد موتك يبدأ ابنك الرولة من جديد وهي نفس الرحلة
الرمزية من الصفا " الصفاء أو الواء أو الفراغ رمز للعدم " إل الروة وهي النبع الذي يرمز إل الياة
و الوجود ..
من العدم إل الوجود ث من الوجود إل العدم ..
أليست هذه هي الركة البندولية لكل الخلوقات ..
أل ترى ف مناسك الج تلخيصا رمزيا عميقا لكل هذه السرار .
ورقم 7الذي تسخر منه ..دعن أسألك ما السر ف أن درجات السلم الوسيقي 7صول ل سي
دو ري مي فا ث بعد القام السابع يأت جواب الصول من جديد ..فل ند 8وإنا نعود إل سبع
درجات أخرى وهلم جرا ،وكذلك درجات الطيف الضوئي 7وكذلك تدور اللكترونات حول
نواة الذرة ف نطاقات 7والني ل يكتمل إل ف الشهر 7وإذا ولد قبل ذلك يوت وأيام السبوع
عندنا وعند جيع أفراد النس البشري 7وضعوها كذلك دون أن يلسوا ويتفقوا ..
أل يدل ذلك على شيء ..أم أن كل هذه العلوم هي الخرى شعوذات طلسمية.
أل تقبل خطابا من حبيبتك ..هل أنت وثن ؟ فلماذا تلومنا إذا قبلنا إذا قبلنا ذلك الجر السود
الذي حله نبينا ممد عليه الصلة والسلم ف ثوبه وقبله .ل وثنية ف ذلك بالرة ..لننا ل نتجه
بناسك العبادة نو الجارة ذاتا ..وإنا نو العان العميقة والرموز والذكريات .
إن مناك الج هي عدة مناسبات لتحريك الفكر وبعث الشاعر وإثارة التقوى ف القلب .أما ثوب
الحرام الذي نلبسه على اللحم ونشترط أل يكون ميطا فهو رمز للخروج من زينة الدنيا وللتجرد
التام أمام حضرة الالق ..تاما كما نأت إل الدنيا ف اللفة ونرج من الدنيا ف لفة وندخل القب ف
لفة ..أل تشترطون أنتم لبس البدل الرسية لقابلة اللك ونن نقول :إنه ل شيء يليق بللة ال إل
التجرد وخلع جيع الزينة لنه أعظم من جيع اللوك ولنه ل يصلح ف الوقفة أمامه إل التواضع التام
والتجرد ..ولن هذا الثوب البسيط الذي يلبسه الغن والفقي والهراجا والليوني أمام ال فيه معن
آخر للخوة رغم تفاوت الراتب والثروات .
والج عندنا اجتماع عظيم ومؤتر سنوي ..
ومثله صلة المعة وهي الؤتر الصغي الذي نلتقي فيه كل أسبوع .
هي كلها معان جيلة لن يفكر ويتأمل ..وهي أبعد ما تكون عن الوثنية .
ولو وقفت معي ف عرفة بي عدة مليي يقولون ال أكب ويتلون القرآن بأكثر من عشرين لغة
ويهتفون لبيك اللهم لبيك ويبكون ويذوبون شوقا وحبا – لبكيت أنت أيضا دون أن تدري وتذوب
ف المع الغفي من اللق ..وأحسست بذلك الفناء والشوع أمام الله العظيم مالك اللك الذي
بيده مقاليد كل شيء .
قلت ف هدوء:
-بل نن ف عصر يسهل فيه تاما أن نصدق بأن هناك ملئكة ل ترى ،وبأن القائق يكن أن تلقى
إل النسان وحيا ..فهم يتكلمون اليوم عن أطباق طائره تنل على الرض .كواكب بعيدة وأشعة
غي منظورة تقتل ،وأمواج لسلكية تدد الهداف وتضربا ..وصور تتحول إل ذبذبات ف الواء ث
تستقبل ف أجهزة صغية كعلب التبغ ..وكاميات تصور الشباح ..وعيون ترى ف الظلم ..ورجل
يشى على القمر ..وسفينة تنل على الريخ ..ل يعد غريبا أن نسمع أن ال أرسل ملكا خفيا من
ملئكته ..وأنه ألقى بوحيه على أحد أنبيائه ..لقد أصبح وجود جبيل اليوم حقيقة من الدرجة
الثانية ..وأقل عجبا وغرابة ما نرى ونسمع كل يوم.
أما لاذا ل نقول إن القرآن من تأليف ممد عليه الصلة والسلم ..فلن القران بشكله وعباراته
وحروفه وما احتوى عليه من علوم ومعارف وأسرار وجال بلغى ودقة لغوية هو ما ل يدخل ف
قدرة بشر أن يؤلفه ..فإذا أضفنا ال ذلك أن ممدا عليه الصلة والسلم كان أميا ،ل يقرأ ول يكتب
ول يتعلم ف مدرسة ول يتلط بضارة ،ول يبح شبه الزيرة العربية ،فإن احتمال الشك واحتمال
إلقاء هذا السؤال يغدو مستحيل ..وال يتحدى النكرين من زعموا أن القرآن مولف.
"قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون ال" استعينوا بالن واللئكة وعباقرة النس وأتوا
بسورة من مثله ومازال التحدى قائما ول يأت أحد بشيء ...إل ببعض عبارات مسجوعة ساذجة
سوها "سورة من مثله" ...أتى با أناس يعتقدون أن القرآن مرد كلم مسجوع ..و لكن سورة من
مثله ..أي با نفس العجاز البلغي و العلمي..
وإذا نظرنا إل القرآن ف حياد وموضوعية فسوف نستبعد تاما أن يكون ممد عليه الصلة والسلم
هو مؤلفه.
أول :لنه لو كان مؤلفه لبث فيه هومه وأشجانه ،ونن نراه ف عام واحد يفقد زوجه خدية وعمه
أبا طالب ول سند له ف الياة غيها ..وفجيعته فيهما ل تقدر ..ومع ذلك ل يأت لما ذكر ف
القرآن ول بكلمة ..وكذلك يوت ابنه إبراهيم ويبكيه ،ول يأقى لذلك خب ف القرآن ..القرآن
معزول تاما عن الذات الحمدية.
بل إن الية لتأتى مناقضة لا يفعله ممد وما يفكر فيه ..وأحيانا تنل الية معاتبة له كما حدث
بصدد العمى الذي انصرف عنه النب إل أشراف قريش:
"عبس وتول .أن جاءه العمى .وما يدريك لعله يزكى .أو يذكر فتنفعه الذكرى 4 -1 ،عبس
وأحيانا تنل الية فتنقض عمل من أعمال النب:
" ما كان لنب أن يكون له أسرى حت يثخن ف الرض ،تريدون عرض الدنيا وال يريد الخرة وال
عزيز حكيم .لول كتاب من ال سبق لسكم فيما أخذت عذاب عظيم" -68 -67النفال
وأحيانا يأمر القرآن ممد بأن يقول لتباعه ما ل يكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف الكلم تأليفا:
" قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل ب ول بكم" -9الحقاف
ل يوجد نب يتطوع من تلقاء نفسه ليقول لتباعه ل أدرى ما يفعل ب ول بكم ..ل أملك لنفسي
ضرا ول نفعا ..ول أملك لكم ضرا ول نفعا .فإن هذا يؤدى إل أن ينفض عنه أتباعه.
وهذا ما حدث فقد اتذ اليهود هذه الية عذرا ليقولوا ..ما نفع هذا النب الذي ل يدرى ماذا يفعل
به ول بنا ..هذا رجل ل جدوى فيه .مثل هذه اليات ما كان يكن أن يؤلفها النب لو كان يضع
القرآن من عند نفسه.
ثانيا :لو نظرنا بعد ذلك ف العبارة القرآنية لوجدنا أنا جديدة منفردة ف رصفها وبنائها ومعمارها
ليس ال شبيه فيما سبق من أدب العرب ول شبيه فيما أتى لحقا بعد ذلك ..حت لتكاد اللغة تنقسم
إل شعر ونثر وقرآن ..فنحن أمام كلم هو نسيج وحده ل هو بالنثر ول بالشعر .فموسيقى الشعر
تأتى من الوزن ومن التقفية فنسمع الشاعر ابن البرص السدى ينشد:
أقفر من أهله عبيد فليس يبدى ول يعيد
هنا الوسيقى ترج من التشطي ومن التقفية على الدال المدودة ،فهي موسيقى خارجية ..أما
موسيقى القران فهي موسيقى داخلية( :والضحى .والليل إذ ا سجى) -2 -1الضحى
ل تشطي ول تقفية ف هذه العبارة البسيطة ،ولكن الوسيقى تقطر منها ..من أين؟ إنا موسيقى
داخلية.
ول يتعرض القرآن لذه الوضوعات بتفصيل الكتاب العلمي التخصص ،لنه جاء ف القام الول
كتاب
عقيدة ومنهج وتشريع ..
ولو أنه تعرض لتلك الوضوعات بتفصيل ووضوح لصدم العرب با ل يفهمونه ..ولذا لأ إل
أسلوب
الشارة واللمحة والومضة لتفسرها علوم الستقبل وكشوفه بعد ذلك بئات السني ..وتظهر للناس
جيلً
بعد جيل كآيات ومعجزات على صدق نزول القرآن من ال الق..
ك
سهِمْ حَتّى يََتبَيّنَ َلهُمْ َأّنهُ الْحَقّ َأوَلَ ْم يَكْفِ ِبرَّب َ
ق وَفِي أَنفُ ِ
{ َسُنرِيهِمْ آيَاِتنَا فِي الْآفَا ِ
أَّن ُه عَلَى كُ ّل شَ ْيءٍ َشهِيدٌ } /53سورة فصلت ..
لنم ل يكتفوا بشهادة ال على كتابه ..فأصبح من الضروري أن نريهم ذلك باليات الكاشفة ..
هكذا يقول ال ف كتابه ..
وما زال القرآن يكشف لنا يوما بعد يوم مزيدا من تلك اليات العجيبة ..وحول كروية الرض
جاءت هذه اليات الصرية الت تستخدم لفظ التكوير لتصف انزلق الليل والنهار كنصفي كرة :
{ ُي َك ّورُ اللّيْ َل عَلَى الّنهَارِ َويُ َك ّورُ الّنهَا َر َعلَى اللّْيلِ } /5سورة الزمر
ث الية الت تصف دحو الرض ..
ك دَحَاهَا } 30سورة النازعات { وَالَْأ ْرضَ َبعْدَ ذَِل َ
ودحا هي الكلمة الوحيدة ف القاموس الت تعن البسط والتكوير معا ..والرض كما هو معلوم
مبسوطة ف
الظاهر ومكورة ف القيقة ،بل هي أشبه بالدحية " البيضة " ف تكويرها..
ث نقرأ إشارة أخرى صرية عن أن البال تسبح ف الفضاء ،وبالتال فالرض كلها تسبح ببالا
حيث هي والبال كتلة واحدة :
ب صُنْعَ الّلهِ الّذِي أَْتقَنَ كُ ّل شَ ْيءٍ } / 88
جبَالَ َتحْسَُبهَا جَامِ َدةً َوهِ َي تَ ُمرّ َمرّ السّحَا ِ
{ وََترَى الْ ِ
سورة النمل
فالبال الت تبدو جامدة ساكنة هي ف الواقع سابة ف الفضاء ..وتشبيه البال بالسحب فيه لحة
أخرى
عن التكوين الش للمادة ..الت نعرف الن أنا مؤلفة من ذرّات ،كما أن السحب مؤلفة من
قطيات .
ث الكلم عن تواقت الليل والنهار بدون أن يسبق أحدها الخر من مبدأ اللق إل نايته .
{ لَا الشّ ْمسُ يَنَبغِي َلهَا أَن ُت ْدرِكَ اْلقَ َم َر وَلَا اللّْيلُ سَاِبقُ الّنهَارِ } /40سورة يـس
إشارة أخرى إل كروية الرض ..حيث بدأ الليل والنهار معا وف وقت واحد منذ بدء الليقة
كنصفي كرة
ولو كانت الرض مسطحة لتعاقب النهار والليل الواحد بعد الخر بالضرورة .
ث تأت القيامة والرض ف ليل ونار ف وقت واحد كما كانت ف البدء .
{ َحتّىَ ِإذَا أَ َخ َذتِ ا َل ْرضُ زُ ْخ ُرَفهَا وَازّيَّنتْ وَظَنّ َأ ْهُلهَا أَّنهُمْ قَا ِدرُو َن عََلْيهَآ أَتَاهَا َأ ْمرُنَا َليْلً َأوْ َنهَارًا
ج َعلْنَاهَا َحصِيدًا كَأَن لّ ْم َتغْنَ بِا َل ْمسِ } / 24سورة يونس
فَ َ
ل أو نارا ..تأكيد لذا التواقت الذي ل تفسي له إل أن نصف الرض مجوب وف قوله تعال لي ً
عن الشمس ومظلم ،والخر مواجه للشمس ومضيء بكم كونا كروية ،ولو كانت مسطحة
لكان لا ف كل وقت وجه واحد ،ولا صح أن نقول َ { :ولَا اللّيْ ُل سَابِ ُق الّنهَارِ } /40سورة
يـس
ث تعدد الشارق والغارب ف القرآن فال يُوصَف :
ق وَاْل َمغَارِبِ } /40سورة العارج
{ ِب َربّ اْلمَشَارِ ِ
شرِقَيْ ِن َو َربّ الْ َم ْغرَِبيْنِ } /17سورة الرحن
{ َربّ الْ َم ْ
ولو كانت الرض مسطحة لكان هناك مشرق واحد ومغرب واحد ،يقول النسان لشيطانه يوم
القيامة :
شرَِقيْنِ } / 38سورة الزخرف
{ يَا لَْيتَ َبيْنِي وََبيَْنكَ ُبعْدَ الْمَ ْ
ول تكون السافة على الرض أبعد ما تكون بي مشرقي إل إذا كانت الرض كروية ..
ث الكلم عن السماء بأن فيها مسارات ومالت وطرقا :
حُبكِ } / 7سورة الذاريات
{ وَالسّمَاء ذَاتِ الْ ُ
والبك هي السارات..
{ وَالسّمَاء ذَاتِ الرّجْ ِع } /11سورة الطارق
أي أنا ترجع كل ما يرتفع فيها إل الرض ..ترجع بار الاء مطرا ..وترجع الجسام بالاذبية
الرضية ..
وترجع المواج اللسلكية بانعكاسها من طبقة اليونوسفي ..كما ترجع الشعة الرارية تت
المراء
معكوسة إل الرض بنفس الطريقة فتدفئها ف الليل ..
وكما تعكس السماء ما ينقذف إليها من الرض كذلك تتص وتعكس وتشتت ما ينقذف إليها من
العال
الارجي ،وبذلك تمي الرض من قذائف الشعة الكونية الميتة ،والشعة فوق البنفسجية القاتلة
..
فهي تتصرف كأنا سقف ..
حفُوظًا } / 32سورة النبياء
{ وَ َجعَ ْلنَا السّمَاء َس ْقفًا مّ ْ
{ وَالسّمَاء بََنيْنَاهَا بِأَيْ ٍد وَِإنّا لَمُو ِسعُونَ } / 47سورة الذاريات
وهو ما يعرف الن باسم تدد الكون الطرد ..
وكان مثقال الذرة يعرف ف تلك اليام بأنه أصغر مثقال ،وكانت الذرة توصف بأنا جوهر فرد ل
ينقسم ،فجاء القرآن ليقول بثاقيل أصغر تنقسم إليها الذرة ..وكان أول كتاب يذكر شيئا أصغر
من الذرة :
صغَ ُر مِن ذَِلكَ وَلَا أَ ْكَبرُ } / 3سورة
ض وَلَا َأ ْ
ت وَلَا فِي الَْأ ْر ِ
ب عَْن ُه مِْثقَا ُل َذرّةٍ فِي السّمَاوَا ِ
{ لَا َي ْعزُ ُ
سبأ
كل هذه لحات كاشفة قاطعة عن حقائق مذهلة مثل كروية الرض ،وطبيعة السماء والذرة ..
وهي حقائق ل تكن تطر على بال عاقل أو منون ف ذلك العصر البائد الذي نزل فيه القرآن ..
ث بصية القرآن ف تكوين النسان وكلمه عن النطفة النوية وانفرادها بتحديد جنس الولود :
{وَأَّنهُ َخلَقَ ال ّزوْ َجيْنِ الذّ َك َر وَالْأُنثَى .مِن نّ ْطفَةٍ ِإذَا تُمْنَى } 46 / 45سورة النجم
وهي حقيقة بيولوجية ل تُعرف إلّ هذا الزمان ..ونن نقول الن إن رأس اليوان النوي هو وحده
الذي يتوي على عوامل تديد النس . Sex Determination Factor
وتسوية البنان با فيه من رسوم البصمات الت أوردها ال ف مال التحدي عن البعث والتجسيد :
س ّويَ بَنَاَنهُ } 4 / 3سورة القيامة
جمَ َع عِظَا َمهُ .بَلَى قَا ِدرِي َن َعلَى أَن نّ َ
سبُ اْلإِنسَانُ َألّن نَ ْ
{ أََيحْ َ
بل سوف نسد حت ذلك البنان ونسويه كما كان ..وف ذلك لفتة إل العجاز اللحوظ ف
تسوية البنان بيث ل يتشابه فيه اثنان ..
وأوهن البيوت ف القرآن هو بيت العنكبوت ..ل يقل ال خيط العنكبوت بل قال بيت العنكبوت ..
وخيط العنكبوت كما هو معلوم أقوى من مثيله من الصلب أربع مرات ..إنا الوهن ف البيت
ل ف اليط ..حيث يكون البيت أسوأ ملجأ لن يتمي فيه ..فهو مصيدة لن يقع فيه من الزوار
الغرباء ..
وهو مقتل حت لهله ..فالعنكبوت النثى تأكل زوجها بعد التلقيح ..وتأكل أولدها عند الفقس ،
والولد يأكل بعضهم بعض .
إن بيت العنكبوت هو أبلغ مثال يضرب عن سوء اللجأ وسوء الصي ..وهكذا حال من يلجأ لغي
ال ..وهنا بلغة الية :
{ مَثَ ُل الّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِ الّلهِ َأوِْليَاء كَ َمثَلِ اْلعَنكَبُوتِ اتّخَ َذتْ بَْيتًا وَإِنّ َأ ْوهَنَ اْلبُيُوتِ لََبْيتُ
ت
اْلعَنكَبُو ِ
َلوْ كَانُوا َيعْلَمُونَ } /41سورة العنكبوت
وجاءت خاتة الية عبارة ( ..لو كانوا يعلمون ) ..إشارة إل أنه علم لن يظهر إل متأخرا ..
ومعلوم أن
هذه السرار البيولوجية ل تظهر إل متأخرة ..كذلك ند ف سورة الكهف ..
سعًا } /25سورة الكهف ي وَا ْزدَادُوا ِت ْ
ث مِائَ ٍة سِِن َ
{ وَلَِبثُوا فِي َك ْه ِفهِمْ َثلَا َ
ونعرف الن أن ثلثائة سنة بالتقوي الشمسي تساوي ثلثائة وتسعا بالتقوي القمري باليوم والدقيقة
والثانية..
وف سورة مري يكي ال تبارك وتعال عن مري وكيف جاءها الخاض فأوت إل جذع النخلة وهي
تتمن
الوت ،فناداها النادي أن تز بذع النخلة وتأكل ما يتساقط من رطب جن :
سيّا .فَنَادَاهَا مِن
سيًا مّن ِ
ع النّخَْلةِ قَاَلتْ يَا لَْيتَنِي ِمتّ قَبْ َل هَذَا وَكُنتُ نَ ْ
{ فََأجَاءهَا الْ َمخَاضُ إِلَى جِذْ ِ
حِتهَا
تَ ْ
ك رُطَبًا َجنِيّا .ع النّخَْلةِ تُسَاِقطْ َعلَْي ِ
حزَنِي َقدْ َجعَ َل رَّبكِ تَحَْتكِ َس ِريّا َ .و ُهزّي إَِلْيكِ بِجِذْ ِ
أَلّا تَ ْ
فَ ُكلِي وَا ْشرَبِي وََقرّي َعيْنًا } 23/26سورة مري
ولـاذا الرطـب ؟!!
إن أحدث بث علمي عن الرطب يقول :إن فيه مادة قابضة للرحم تساعد على الولدة ،وتساعد
على
منع النيف بعد الولدة ،مثل مادة ، Oxytocinوأن فيه مادة ملينة ..ومعلوم طبيا أن اللينات
النباتية
تفيد ف تسهيل وتأمي عملية الولدة بتنظيفها للقولون ..
إن الكمة العلمية لوصف الرطب وتوقيت تناول الرطب مع ماض الولدة فيه دقة علمية واضحة .
هذه المثلة من الصدق العلمي والصدق الجازي والصدق الرف هو ما أشار إليه ال سبحانه واصفا
القرآن بأنه { :لَا يَ ْأتِيهِ اْلبَاطِ ُل مِن َبيْنِ يَ َدْيهِ وَلَا مِنْ َخ ْل ِفهِ } /42سورة فصلت
وبأنه { :وََلوْ كَا َن مِنْ عِن ِد غَْيرِ الّلهِ َلوَجَدُوْا فِيهِ ا ْختِلَفًا َكثِيًا } /82سورة النساء
اختلفا بي اليات وبي بعضها بعن تناقضها ..واختلفا عن القائق الثابتة الت سوف تكشفها
العلوم ..
وكل الختلفي نده دائما ف الكتب الؤلفة ..ولذا يرص الؤلف على أن يضيف أو يذف أو
يعدل
كلما أصدر طبعة جديدة من كتبه ..ونرى النظريات تتلو بعضها البعض مكذبة بعضها البعض ..
ونرى
الؤلف مهما راعى الدقة يقع ف التناقض ..وهي عيوب ل ندها ف القرآن .
وهو بعد ذلك معجزة ،لنه يبك عن ماض ل يؤرخ ويتنبا بستقبل ل يأت ..
وقد صدقت نبوءات القرآن التعددة :
عن انتصار الروم بعد هزيتهم :
ض َوهُم مّن َبعْ ِد غَلَِبهِ ْم سََيغِْلبُونَ .فِي ِبضْعِ سِِنيَ لِّل ِه َ} 4 /2سورة
{ غُِلَبتِ الرّومُ .فِي َأ ْدنَى الَْأ ْر ِ
الروم
و " بضع " ف اللغة هي ما بي ثلث وتسع ..وقد جاء انتصار الروم بعد سني .
وعن انتصار بدر :
{ َسُي ْه َزمُ الْجَمْ ُع وَُيوَلّو َن الدُّبرَ} /45سورة القمر
وعن رؤيا دخول مكة :
ي ُرؤُوسَكُ ْم
حرَامَ إِن شَاء الّل ُه آمِِنيَ مُحَّل ِق َ
{ َلقَ ْد صَدَقَ الّلهُ َرسُوَلهُ ال ّرؤْيَا بِالْحَقّ َلتَدْ ُخلُنّ الْمَسْجِ َد الْ َ
صرِينَ } /27سورة الفتحَومُ َق ّ
وقد كان ..
وما زلت ف القرآن نبوءات تتحقق أمام أعيننا ..فهذا إبراهيم يدعو ربه:
ل َة
ح ّرمِ رَبّنَا لُِيقِيمُواْ الصّ َ
ت مِن ُذرّيّتِي ِبوَا ٍد غَْي ِر ذِي َزرْعٍ عِندَ َبيِْتكَ الْ ُم َ
{ رّبّنَا إِنّي َأسْكَن ُ
فَا ْجعَلْ َأفْئِ َد ًة مّنَ النّاسِ َت ْهوِي ِإلَْيهِ ْم وَا ْرزُ ْقهُم مّنَ الثّ َمرَاتِ َلعَّلهُ ْم يَشْ ُكرُونَ } /37سورة إبراهيم
لقد دعا بالرزق لذا الوادي الديب ..
ث جاء وعد ال لهل مكة بالرخاء والغن حينما أمرهم بنع الشركي من زيارة البيت فخافوا البوار
القتصادي والكساد " ،وكان أهل مكة يعتمدون ف رواجهم على حج البيت "
فقال ليطمئنهم :
سوْفَ ُيغْنِيكُمُ الّل ُه مِن َفضِْلهِ } /28سورة التوبة
{ وَإِنْ ِخفْتُ ْم َعيَْلةً فَ َ
وهو وعد نراه الن يتحقق أمامنا ف البترول الذي يتدفق من الصحراء بل حساب وترتفع أسعاره
ف جنون يوما بعد يوم ..ث ف كنوز اليورانيوم الت تفيها تلك الصحاري با يضمن لا الرخاء
إل ناية الزمان ..
ث نرى القرآن يدثنا عن الغيب الطلسم ف أسرار الن واللئكة ما ل يكشف إلّ لقلة من
الخصوصي من أهل التصوف ..فإذا رأي هؤلء فهم ل يرون إل ما يوافق كلمة القرآن ..
وإذا طالعوا ل يطالعون إل ما يطابق أسراره .
ث هو يقدم لنا الكلمة الخية ف السياسة والخلق ،ونظم الكم ،والرب والسلم ،والقتصاد
والجتمع ،والزواج والعاشرة ،ويشرع لنا من مكم الشرائع ما يسبق به ميثاق حقوق النسان ..
كل ذلك ف أسلوب منفرد وعبارة شامة وبنيان جال وبلغي هو نسيج وحده ف تاريخ اللغة .
سألوا ابن عرب عن سر إعجاز القرآن فأجاب بكلمة واحدة هي " :الصدق الطلق " ..
فكلمات القرآن صادقة صدقا مطلقا ،ف حي أقصى ما يستطيعه مؤلف هو أن يصل إل صدق نسب
،وأقصى ما يطمع فيه كاتب هو أن يكون صادقا حسب رؤيته ..ومساحة الرؤية دائما مدودة
ومتغية من عصر إل عصر ..كل واحد منا ييط بانب من القيقة وتفوته جوانب ،ينظر من
زاوية وتفوته زوايا ..
وما يصل إليه من صدق دائما صدق نسب ..أما صاحب العلم الحيط والبصر الشامل فهو ال
وحده ..
وهو وحده القادر على الصدق الطلق ..ولذا نقول على القرآن إنه من عند ال ،لنه أصاب
الصدق الطلق ف كل شيء.
عن انفجار شسنا وناية الياة على الرض وقيام القيامة يقول ربنا ف سورة الرحن اليات 37إل
: 44
ت َو ْر َدةً كَال ّدهَا ِن َ .فبَِأيّ آلَاء رَبّكُمَا تُكَذّبَا ِن َ .فَي ْومَئِذٍ لّا يُسْأَ ُل عَن ذَنِبهِ
ش ّقتِ السّمَاء فَكَاَن ْ {َفِإذَا ان َ
س وَلَاإِن ٌ
ج ِرمُونَ بِسِيمَاهُمْ َفُيؤْخَذُ بِالّنوَاصِي وَالْأَقْدَامِ َ .فبَِأيّ آلَاء جَانّ .فَبَِأيّ آلَاء َربّكُمَا ُتكَذّبَانِ ُ .ي ْعرَفُ الْمُ ْ
رَبّكُمَا
جرِمُو َن .يَطُوفُونَ َبيَْنهَا وََبيْنَ حَمِي ٍم آنٍ } سورة الرحن تُكَذّبَا ِن .هَ ِذهِ َج َهنّمُ الّتِي يُ َك ّذبُ ِبهَا الْ ُم ْ
وتأتينا علوم الفلك الن وبعد ألف وأربعمائة سنة من نزول القرآن ..بأن هذه ناية النجوم الت تل
السماء
بألوانا البهرة ..بل ويطلق الفلكيون على بعض هذه النجوم النفجرة اسم Rosettaأي وردة
..
من أي مصدر جاءت هذه النبوءات للرسول منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام ..
إل أن تكون من رب الكون نفسه ..ويستطيع أي قارئ أن يرى هذه العجائب على النترنت
موقع NASAباب Astronomical picture of the dayبعنوان Cats
eye
قال صاحب:
-تقول إن القران ل يتناقض مع نفسه فما بالك بذه الية" :فمن شاء فليؤمن ومن شاءفليكفر"
-39الكهف
ث ند القرآن يقول عن حساب الذنبي إنم سوف يسألون" :ستكتب شهادتم ويسألون"-19
الزخرف
الت تقول :إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الطوار اليوانية السابقة ،وإنه ليس مقطوع
الصلة
بأفراد عائلته من اليوانات ،وإنه والقرود أولد عمومة يلتقون معا ف سابع جد ..
وإن التشابه الكيد ف تفاصيل البنية التشريية للجميع يدل على أنم جيعا أفراد أسرة واحدة .
والسؤال هو هل تولدت من الطي خلية أول تعددت وأنبت كل تلك النواع والفصائل النباتية
واليوانية با ف ذلك النسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة ..بداية تطورت إل نباتات ،وبداية تطورت إل فرع من فروع
اليوان ،كالسفنج مثلً ،وبداية أخرى خرج منها فرع آخر كالساك ،وبداية خرجت منها
الزواحف ،وبداية خرجت منها الطيور ،وبداية خرجت منها الثدييات ،وبداية خرج منها النسان،
وبذلك يكون للنسان جد منفصل ،ويكون لكل نوع جد خاص به؟
إن التشابه التشريي للفروع والنواع والفصائل ل ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة ،وإنا يدل
هذا
التشابه التشريي ف الميع على وحدة الالق ،وأن صانعها جيعا واحد ،لنه خلقها جيعا من خامة
واحدة وبأسلوب واحد وبطة واحدة ..هذه هي النتيجة التمية.
ولكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة متمة لتشابها التشريي ..فوسائل الواصلت تتشابه
فيما بينها العربة والقطار والترام والديزل كلها تقوم على أسس هندسية وتركيبة متشابة ،دالة بذلك
على أنا جيعا من اختراع العقل البشري ..ولكن هذا ل ينع أن كل صنف منها جاء من أب
مستقل ومن فكرة هندسية مستقلة..
كما أننا ل يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائيا بكم القواني الباطنة فيها إل عربة حنطور،
ث إل عربة فورد ث إل قطار ،ث إل ديزل.
فالواقع غي ذلك ..وهو أن كل طور من هذه الطوار جاء بطفرة ذهنية ف عقل الخترع ،وقفزة
إبداع ف عقل الهندس ،ل يرج نوع من آخر ..مع أن الترتيب الزمن قد يؤيد فكرة خروج نوع من
نوع..
ولكن ما حدث كان غي ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل الخترع ،وبدأ مستقلً.
وهذه هي أخطاء داروين والطبات والثغرات الت وقع فيها حينما صاغ نظريته.
والهاز التناسلي :نفس الصية ،والبيض ،وقنوات الصية ،وقنوات البيض ..وكذلك الهاز البول
:
نفس الكلية ،والالب ،وحويصلة البول ..والهاز التنفسي :القصبة الوائية والرئتي ،وند أن الرئة
ف البمائيات هي نفس كيس العوم ف السمكة.
كان طبيعيا بعد هذا أن يتصور داروين أن اليوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بم البيئات
فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها ..
الوت ف النطقة الليدية لبس معطفا من الشحم ..والدببة لبست الفراء ..
وإنسان الغابة ف الشمس الستوائية أسودّ جلده فأصبح كالظلة الواقية ليقيه الشمس ..
وسحال الكهوف ضمرت عيونا لنا ل تد لا فائدة ف الظلم فأصبحت عمياء ف حي ند
سحال
الباري مبصرة ..واليوانات الت نزلت الاء طورت أطرافها إل زعانف ..والت غزت الو طورت
أطرافها
إل أجنحة ..وزواحف الرض طورت أطرافها إل أرجل.
ث أل يكي الني القصة ؟ ففي مرحلة من مراحل نوه نراه يتنفس بالياشيم ث تضمر الياشيم
وتظهر فيه الرئتان ،وف مرحلة ند له ذيلً يضمر الذيل ويتفي ،وف مرحلة نراه يكتسي بالشعر ث
ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .
ث أل تكي لنا طبقات الصخور با حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة اللقات عن ظهور
واختفاء هذه النواع الواحد بعد الخر من اليوانات البسيطة وحيدة اللية ،إل عديدة الليا ،إل
الرخويات ،إل القشريات ،إل الساك ،إل البمائيات ،إل الزواحف ،إل الطيور ،إل الثدييات
..
وأخيا إل النسان..
ولقد أصاب داروين وأبدع حينما وضع هذه القدمة القيمة ف التشابه التشريي بي اليوانات
وأصاب حينما قال بالتطور.
ولكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الرتقاء ،وأخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا
الرتقاء وتفاصيله.
كان تفسي داروين لعملية الرتقاء أنه يتم بالعوامل الادية التلقائية وحدها ،حيث تتقاتل اليوانات
بالناب والخلب ف صراع الياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف ويكون البقاء دائما للصلح..
تلك الرب الناشبة ف الطبيعة هي الت تفرز الصال والقوي وتشجعه ..وتبقي على نسله ..وتفسح
أمامه سبل الياة..
وإذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء القوى فإنا ل تفسر لنا بقاء الجل ،فإن الناح النقوش ل
يتاز بأي صلحيات مادية أو معاشية عن الناح البيض ،وليس أكفأ منه ف الطيان ..
وإذا قلنا إن الذكر يفضل الناح النقوش ،ف التزاوج ،فسوف نسأل ولاذا؟ ..ما دام هذا النقش ل
يثل أي مزيد من الكفاءة ؟
وإذا دخل تفضيل الجل ف الساب فإن النظرية الادية تنهار من أساسها ..
وتبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسي لاذا خرج من عائلة المار شيء كالصان ..ولاذا خرج
من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف وجيل كالغزال ..مع أنه أقل قوة وأقل احتما ًل ..كيف نفسر
جناح الدهد وريشة الطاووس وموديلت الفراش بألوانا البديعة ونقوشها الذهلة ..ونن هنا أمام
يد مصور فنان يتفنن ويبدع ..ولسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء وحرب الخلب والناب ..
والطأ الثان ف نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة ..
والطفرات هي الصفات الديدة الفاجئة الت تظهر ف النسل نتيجة تغيات غي مسوبة
ف عملية تزاوج اللية النثوية واللية الذكرية ولقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية ..
وأحيانا تكون هذه الصفات الديدة صفات ضارة كالسوخ والتشوهات ،وأحيانا تكون طفرات
مفيدة للبيئة الديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينل الاء أرجل مبططة ..فتكون صفة
جديدة مفيدة..
لن الرجل البططة أنسب للسباحة ،فتشجع الطبيعة هذه الصفة وتنقلها إل الجيال الديدة،
وتقضي على الصفة القدية لعدم صلحيتها ،وبذلك يدث الرتقاء وتتطور الرجل العادية إل أرجل
غشائية ..
وخطأ هذه النظرية أنا أقامت التطور على أساس الطفرات والخطاء العشوائية ..وأسقطت عملية
التدبي والبداع تاما ..
ول يكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساسا لا نرى حولنا من دقة وإبداع وإحكام ف كل
شيء ..
إن البعوضة تضع بيضها ف الستنقع ..وكل بيضة تأت إل الوجود مزودة بكيسي للطفو ..
من أين تعلمت البعوضة قواني أرشيدس لتزود بيضها بذه الكياس الطافية ؟
وأشجار الصحارى تنتج بذورا منحة تطي مع الرياح أميا ًل وتنتثر ف مساحات واسعة بل حدود ..
من أين تعلمت أشجار الصحارى قواني المل الوائي لتصنع لنفسها هذه البذور الجنحة ،الت تطي
مئات الميال بثا عن أراض ملئمة للنبات ؟
وهذه النباتات الفترسة الت تصطنع لنفسها الفخاخ والشراك الداعية العجيبة لتصيد الشرات
وتضمها وتأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك اليل ؟
نن هنا أمام عقل كلي يفكر ويبتكر لخلوقاته ويبدع لا أسباب اليل ..ل يكن تصور حدوث
الرتقاء بدون هذا العقل البدع { :الّذِي َأعْطَى كُلّ شَ ْيءٍ َخ ْلقَهُ ثُ ّم هَدَى } /50سورة طـه .
والعقبة الثالثة أمام نظرية داروين ..هي ما اكتشفناه الن باسم الريطة الكروموسومية ..أو خريطة
الينات ..ونن نعلم الن أن لكل نوع حيوان خريطة كروموسومية خاصة به ،ويستحيل أن يرج
نوع من نوع بسبب اختلف هذه الريطة الكروموسومية .
نلص من هذا إل أن نظرية داروين تعثرت ..وإذا كان التشابه التشريي بي اليوانات حقيقة متفق
عليها ،وإذا كان التطور أيضا حقيقة ،فإن مراحل هذا التطور وكيفياته ما زالت لغزا ..
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
والتطور وارد باللفظ الصريح ف القرآن ..كما أن مراحل اللق والتصوير والتسوية ونفخ الروح
واردة ..
ولكن ل يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك الراحل بعد ..وإذا عدنا لسورة السجدة الت تكي عن
ال
ي .ثُمّ َجعَلَ َنسَْل ُه مِن سُلَالَ ٍة مّن مّاء ّم ِهيٍ .ثُمّ َسوّاهُ َوَنفَخَ فِي ِه مِن
أنه { :وَبَدَأَ َخلْقَ الْإِنسَا ِن مِن ِط ٍ
رّو ِحهِ وَ َجعَلَ َلكُمُ السّمْ َع وَالَْأْبصَارَ وَالْأَ ْفئِ َدةَ قَلِيلًا مّا َتشْ ُكرُونَ } 9 / 7سورة السجدة
فإن معن الية صريح ف أن البدايات الول للنسان الت جاء منها آدم فيما بعد ،وهي تلك الت جاء
نسلها من ماء مهي ،ل يكن لا سع ول أبصار ول أفئدة ..
وإنا جاءت هذه البصار والساع والفئدة بعد نفخ الروح وهي آخر مراحل خلق آدم ..
هي إذن بدايات أشبه بالياة اليوانية التخلفة { :هَلْ أَتَى َعلَى الْإِنسَانِ ِحيٌ مّ َن ال ّد ْهرِ لَمْ يَكُن شَْيئًا
مّذْكُورًا } /1سورة النسان .
هو تفسي ل يتلف كثيا عن العلوم الت تتحدث عنها ..ولكن نفس الية قد تعن معن آخر هو
أطوار الني داخل الرحم وكيف يتخلق من بدايات ل سع فيها ول بصر ث يأت نفخ الروح ف هذه
الضغة ف الشهر الرابع فتستوي خلقا آخر ..آيات اللق إذن متشابات والقرآن يمل أكثر من وجه
من وجوه التفسي ..والقيقة بعد هذا ما زالت
لغزا ..ول يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف القيقة ..والسؤال ما زال مفتوحا للبحث ،وكل ما
جاء به العلم فروض ..
ك .فِي َأيّ صُو َرةٍ مّا
سوّاكَ َفعَدََل َ
وربا كانت أرجح الراء أن التسوية الذكورة ف القرآن { خََل َقكَ فَ َ
شَاء رَكَّبكَ } 7/8سورة النفطار.
كانت تسوية سللية بشيء أشبه بالندسة الوراثية وأن المر ليس تطورا كما يقول داروين ولكنه
تطوير يدث بتدخل وفعل إلي لعداد الشوة الية ( وهي ف أصل النشأ من الطي ) لتستقبل نفخة
الروح وحلول النفس فيها لتكون آدم ..
ث النفس وحكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازا ..
هل يكون للنفس تصوير ف القوالب الطينية فتكون لا تسدات متعداة وتاريخ وتطور هي الخرى ؟
أم أنا على حالا من علم ال با منذ الزل ..
ال أعلم ..والوضوع كله عماء ..
وربا كان أفضل فهم لعملية التطور أنا كانت تطويرا بفعل فاعل وبذات مبدعة خلّقة ول تكن
تطورا تلقائيا كما تصورها داروين وصحبه ول تكن مراحل متروكة للصدفة ..وإنا كانت تليقا
مرادا ومططا خالق قادر حكيم ..وإنا هندسة وراثية لهندس عظيم ليس كمثله شيء..
وما جاء ف القرآن هو أصدق صورة لا حدث ..
والقطع ف هذه القضية مستحيل ..
وما زال القرآن يفرض نفسه بل بديل ..
هل أنو من العذاب إذا قلت ل إله إل ال ..إذن فإن أقولا وأشهدك وأشهد الضور على ذلك ..
ل إله إل ال ..هل انتهي المر.
-بل أنت ل تقل شيئـا .
إن ل إله إل ال لن يعمل با وليست لن يشقشق با لسانه ..ل إله إل ال منهج عمل وخطة حياة
وليست مرد حروف ..ودعنا نفكر قليلً ف معناها ..إننا حينما نقول ل إله إل ال نعن أنه ل
معبود إل ال وبي ل وإل بي النفي والثبات ف العبارة بي هاتي الدفتي تقع العقيدة كلها ل النافية
تنفي اللوهية عن كل شيء ..عن كل ما نعبد من مشتهيات ف الدنيا ..عن الال والاه والسلطان
واللذات وترف العيش والنساء الباهرات والعز الفاره ..لكل هذا نقول ل ..ل نعبدك ..لست إلًا
..ث نقول ل لنفوسنا الت تشتهي تلك الشياء لن النسان يعبد نفسه ف العادة ويعبد رأيه ويعبد
هواه واختياره ومزاجه ويعبد ذكاءه ومواهبه وشهرته ويتصور أن بيده مقاليد المور وأقدار الناس
والجتمع ..ويعل من نفسه إلًا دون أن يدرى ..لذه النفس نن نقول ل ..ل نعبدك ..لست
إلًا.
فمن عمل با كانت له طلسمًا بالفعل يفتح له كل البواب العصية ..وكانت ناة ف الدنيا والخرة
ومدخلً إل النة .
أما نطق اللسان بدون تصديق القلب وعمل الوارح ..فإنه ل يغن .
و (( ل إله إل ال )) تعن أكثر من هذا موقفًا فلسفيًا .
يقول الدكتور زكى نيب ممود أن (( شهادة ل إله إل ال )) تتضمن القرار بثلث حقائق ..أن
الشاهد موجود والشهود موجود ..والضور الذين تلقى أمامهم الشهادة موجودون أيضًا أي أنا
إقرار صريح بأن الذات وال والخرين لم جيعًا وجود حقيقي .
وبذا يرفض السلم الفلسفة الثالية كما يرفض الفلسفة الادية ف ذات الوقت ..يرفض اليمي
واليسار معًا ويتار موقفـا وسطا .
يرفض الثالية الفلسفية ..لن الثالية الفلسفية ل تعترف بوجود الخرين ول بوجود العال الوضوعي
كحقيقة خارجية مستقلة عن العقل ..وإنا كل شيء ف نظر الفلسفة الثالية يرى كأنه حلم ف
دماغ ..أو أفكار ف عقل ..أنت والراديو والشارع والجتمع والصحيفة والرب كلها حوادث
ومرائى وأحلم ترى ف عقليّ ..ل وجود حقيقي للعــال الارجى .
وهذا الوقف الثال التطرف يرفضه السلم وترفضه الشهادة لنا كما قلنا إقرار صريح بان الشاهد
والشهود والضور الذين تلقى أمامهم الشهادة أي الذات وال والخرين حقائق مقررة .
كما يرفض السلم أيضًا الفلسفة الادية لن الفلسفة الادية تعترف بالعال الوضوعي ولكنها تنكر ما
وراءه ..تنكر الغيب وال .
والسلم بذا يقدم فلسفة واقعية وفكرًا واقعيًا فيعترف بالعال الوضوعي ث يضيف إل هذا العال كل
الثراء الذي يتضمنه الوجود اللي الغيب ..ويقدم تركيبًا جدليًا جامعًا بي فكر اليمي وفكر اليسار
ف فلسفة جامعة ما زالت تتحدى كل اجتهاد الفكرين فتسبق ما سطروا من نظريات ظنية ل تقوم
على يقي .
شهادة (( لإله إل ال )) تعن إذن منهج حياة وموقفًا فلسفيًا .
ولذا فأنت تكذب وأنت الرجل الاديّ الذي اخترت موقفـا فلسفــيـا ماديـا وأنت تنطق
بالشهادة كذبتي :
الكذبة الول – أنك تشهد با يناف فلسفتك .
والكذبة الثانية – أنك ل تعمل بذه الشهادة ف حياتك قدر خردلة .
أما حكاية ..ا .ل .م ..وكهيعص .حم .الر .فدعن أسألك ..وما حكـاية س ص ولوغاريتم
ومعادلة الطاقة ط = ك × س 2وهي ألغاز وطلسم بالنســبة لن ل يعرف شيئـا ف الساب
والب والرياضيات ..وعند العالي لا معان خطية .
-وهل فعلوها ؟
قلت ف هدوء :
-نعم فعلوها .
-وماذا كانت النتيجة ؟
-قال لنا العقل اللكترونّ أن أعلى التوسطات والعدلت موجودة ف سورة ق وأن هذه السورة قد
تفوقت حسابيـا على كل الصحف ف هذا الرف ..هل هي صدفة أخرى ؟
-غريب .
-وســورة الرعـد تبدأ بالرف ا ل م ر قدم لنا العقل اللكترونّ إحصائية بتوارد هذه الروف
ف داخل الســور كالت :
ا ترد 625مرة .
ل ترد 479مرة .
م ترد 260مرة .
ر ترد 137مرة .
هكذا وف ترتيب تنازل ا ث ل ث م ث ر ..بنفس الترتيب الذي كتبت به ا ل م ر تنازليـا ث قام
ن بإحصاء معدلت توارد هذه الروف ف الصحف كله ..وألقى إلينا بالقنبلة الثانية العقل اللكترو ّ
..أن أعلى العدلت والتوسطات لذه الروف هي ف سورة الرعد ..وأن هذه السورة تفوقت
حسابيـا ف هذه الروف على جيع الصحف .
وف سورة طـه ند أن الرف طـ والرف هـ يتواردان فيها بعدلت تتفوق على كل السور
الكية ..وكذلك ف كهيعص مري ترتفع معدلت هذه الروف على كل السور الكية ف الصحف
.
كما ند أن جيع السور الت افتتحت بالروف حـم ..إذا ضمت إل بعضها فإن معدلت توارد
الرف ح والرف م تتفوق على كل السور الكية ف الصحف .
وبالثل السورتان اللتان افتتحتا برف ص وها سورة ص والعراف "ا ل م ص" ويلحظ أنما نزلتا
متتابعتي ف الوحي ..إذا ضمتا معـا تفوقتا حسابيـا ف هذه الروف على باقي الصحف .
وكذلك السور الت افتتحت بالروف ا ل ر وهي إبراهيم ويونس وهود ويوسف والجر وأربع منها
جاءت متتابعة ف تواريخ الوحي ..إذا ضمت لبعضها ..أعطانا العقل اللكترونّ أعلى معدلت ف
نسبة توارد حروفها ا ل ر على كل السور الكية ف الصحف .
أما ف سورة يـس فإننا نلحظ أن الدللة موجودة ولكنها انعكست ..لن ترتيب الروف
انعكس؛ فالياء ف الول يـس "بعكس الترتيب البدي" .
ولذا نرى أن توارد الرف ي والرف س هو أقل من توارده ف جيع الصحف مدنيـا ومكـيًا .
فالدللة الحصائية هنا موجودة ولكنها انعكست .
وأي ميـــزان ..نن هنا أمام ميزان يدق حت يزن الشعرة والرف ..أظن أن فكرة النب الذي
يؤلف القرآن ويقول لنفسه سلفـا سوف أؤلف ســورة الرعد من حروف ا ل م ر وأورد با
أعلى معدلت من هذه الروف على باقي الكتاب وهو ل يؤلف بعد الكتاب مثل هذا الظن ل يعد
جائزًا ..وأين هذا الذي يصى له هذه العدلت وهي مهمة ل يستطيع أن يقوم با إل عقل
إلكترون ولو تكفل هو با فإنه سيقضى بضع سني ليحصى الروف ف سورة واحدة يمع ويطرح
بعلوم عصره وهول يعرف حت علوم عصره وهو سيؤلف أو يشتغل عدادًا للحروف .
ول أقول أن هذه كل أسرار الروف ..بل هي مرد بداية ل أحد يدرى إل أي آفاق سوف توصلنا
.
وهذه الروف بذه الدللة الديدة تنفي نفيًا باتًا شبهة التأليف .
ث هي تضعنا أمام موازين دقيقة ودللت عميقة لكل حرف فل يرؤ أحدنا أن يقول أنه أمام ..أي
كلم ..أل ترى يا صاحب أنك أمام كلم ل يكن أن يكون أي كلم .
ول يب صاحب ،وإنا ظل يقلب الكتاب النليزي ويتصفحه ث يعود يقلبه دون أن ينطق برف .
وقد وقع البهائيون ف نفس غلطتك حينما رفضوا العجزات ،وتصوروا أن قبولا فيه امتهان للعقل،
وازدراء بالعقل ،فتحايلوا على القرآن وحرّفوا معانيه عن ظاهرها ،فموسى ل يشق البحر بعصاه ،وإنا
كانت عصاه هي الشريعة الت فرقت الق من الباطل ،وبالثل كانت يده البيضاء هي رمز ليد الي..
وبالثل أحيا عيسى النفوس ول يي الجساد ..وفتح العقول ول يفتح العيون العمى ..وبذا أخرجوا
القرآن عن معانيه الرفية إل تأويلت وتفسيات مازية ورمزية كلما اصطدموا بشيء ل يعقلوه..
وكان هذا لنم أخطأوا فهم العجزة وتصوروا أنا ل معقول ،وخرق للقانون ،وهدم للنظام ،وهو
نفس ما وقعت فيه.
والق أننا نعيش ف عصر ل تعد تستغرب فيه العجزات.
وقد رأينا العلم يأخذ بيدنا إل سطح القمر ،وإذا كان العلم البشري أعطانا كل هذا السلطان ،فالعلم
اللي اللدن ل شك يكن أن يدنا بسلطان أكب ..استمع إل هذه الية الميلة :
شرَ الْجِ ّن وَاْلإِنسِ إِنِ ا ْستَ َطعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَا ِر السّمَاوَاتِ وَالَْأ ْرضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ ِإلّا
{ يَا َمعْ َ
سلْطَا ٍن } /33سورة الرحن بِ ُ
وهذا هو السلطان ..العلم البشري ..وأعظم منه العلم اللي.
-أعن أن ل أؤذي أحدا ول أسرق ،ول أقتل ،ول أرتشي ،ول أحسد ،ول أحقد ،ول أضمر سوءا
لخلوق ،ول أنوي إ ّل الي ،ول أهدف إ ّل إل النفع العام ..أصحو وأنام بضمي مستريح وشعار
حيات هو الصلح ما استطعت ..أليس هذا هو الدين؟ أل تقولون عندكم إن الدين العاملة؟ ..
-هذا شيء له اسم آخر ..اسه حسن السي والسلوك ..وهو من مقتضيات الدين ولكنه ليس الدين،
إنك تلط بي الدين وبي مقتضايته ..والدين ليس له إل معن واحد هو معرفة الله ..أن تعرف إلك
حق العرفة ،ويكون بينك وبي هذا الله سلوك ومعاملة ..أن تعرف إلك عظيما جليلً قريبا ميبا
يسمع ويرى فتدعوه راكعا ساجدا خاشعا خشوع العبد للرب ..هذه العاملة الاصة بينك وبي
الرب هي الدين ..أما حسن معاملتك لخوانك فهي من مقتضيات هذا التدين وهي ف حقيقة المر
معاملة للرب أيضا ..
يقول نبينا عليه الصلة والسلم ":إن الصدقة تقع ف يد ال قبل أن تقع ف يد السائل "..
فمن أحب ال أحب ملوقاته وأحسن إليها ..أما إذا اقتصرت معاملتك على الناس ل تعترف إل بم
ول ترى غيهم ..ول ترى غي الدنيا فأنت كافر تاما وإن أحسنت السي والسلوك مع هؤلء
الناس ..إنا يدل حسن سيك وسلوكك على الفطانة والسياسة والكياسة والطبع اللبيب وليس على
الدين فأنت تريد أن تكسب الناس لتنجح ف حياتك ،وحسن سيك وسلوكك ذريعة إل كسب
الدنيا فحسب ..وهذه طباع أكثر الكفار أمثالك.
-صدقن أنا أشعر أحيانا بأن هناك قوة..
-قوة !
-نعم ..ثة قوة مهولة وراء الكون ..أنا أؤمن تاما بأن هناك قوة..
-وما تصورك لذه القوة ..أتتصورها كائنا يسمع ويرى ويعقل ويتعهد ملوقاته بالرعاية والداية،
وينل لم الكتب ويبعث لم الرسل ويستجيب لصرخاتم وتوسلتم ؟
-بصراحة أنا ل أصدق هذا الكلم ول أتصوره ،وأكثر من هذا أراه ساذجا ل يليق بذه القوة
العظيمة..
-إذن فهي قوة كهرمغنطيسية عمياء تسوق الكون ف عبثية ل خلق لا ..وهذه هي الصفة الت تليق
بقوتك العظيمة..
-ربا ..
-بئس ما تصورت إلك ..خلق لك البصر فتصورته أعمى ..وخلق لك الرشد فتصورته عابثا
أخرق ..وال إنك الكافر بعينه ،ولو أحسنت السي والسلوك مدى الدهر ..وإنّ أعمالك الصالة
مصيها الحباط يوم الساب وأن تتبدد هباء ً منثورا ..
-أل يكون هذا ظلما..؟
-بل هو عي العدل ..فقد تصورت هذه العمال من ذاتك ليس وراءها الادي الذي هداك والرشيد
الذي أرشدك فظلمت إلك ..أنكرت فضله ..وهذا هو الفرق بي طيبات الؤمن وطيبات الكافر ،إذا
استوى الثنان ف حسن السي والسلوك الظاهر ..فكلها قد يبن مستشفى لعلج الرضى ..فيقول
الكافر :أنا بنيت هذا الستشفى العظيم للناس..
ويقول الؤمن :وفقن رب إل بناء هذا الستشفى للناس وما كنت إل واسطة خي..
ل إل مرد الوساطة وحت وما أكب الفرق ..واحد أسند الفضل لصاحب الفضل ول يبق لنفسه فض ً
هذه يشكر عليها ال ويقول :أحدك يا رب أن جعلتن سببا ..والخر أسند الفضل لنفسه وراح
يقول :أنا ..أنا ..أنا كل شيء ..فارق كبي بي الكبياء والتواضع ..وبي العلو وخفض الناح..
بي البوت والوداعة ..ولذا فأنتم ف ديانتكم الوثنية وإيانكم بذه القوة الكهرمغنطيسية العمياء ل
تصلون ول تسجدون..
-ولاذا نصلي ولن نصلي..؟ إن ل أرى لصلتكم هذه أي حكمة ..ولاذا كل تلك الركات أما
كان يكفي الشوع..؟
-حكمة الصلة أن يتحطم هذا الكبياء الزيف الذي تعيش فيه لظة سجودك وملمسة جبهتك
التراب وقولك بلسانك وقلبك " :سبحان رب العلى " ..وقد عرفت مكانك أخيا وأنك أنت
الدن وهو العلى ..وأنك تراب على التراب ..وهو ذات منهة من فوق سبع ساوات..
أما لاذا الركات ف الصلة ،ولاذا ل نكتفي بالشوع القلب فإن أسألك بدوري :
ولاذا خلق لك السد أصلً ..ولاذا ل تكتفي بالب الشفوي فتريد أن تعانق وتقبل..
لاذا ل تكتفي بالكرم الشفوي فتجود باليد والال ..بل خلق ال لك السد إذا كان خشوعك صادقا
فاض على جسدك فركعت وسجدت ..وإن كان خشوعك زائفا ل يتعد لسانك..
-هل تعتقد أنك ستدخل النة..؟
-كلنا سن ِردُ النار ..ث ينجي ال الذين اتقوا ..ول أعرف هل اتقيت أم ل ؟ ..يعلم هذا علم
القلوب ..وكل عملي – للسف – حب على ورق..
وقد يسلم العمل ول تسلم النية ..وقد تسلم النية ول يسلم الخلص ..فنظن الواحد منا أنه يعمل
الي لوجه ال وهو يعمله للشهرة والدنيا والاه بي الناس ..وما أكثر ما يدع الواحد منا ف نفسه
ويدخل عليه التلبيس وحسن الظن والطمئنان الكاذب من حيث ل يدري ..نسأل ال السلمة..
-وهل يستطيع النسان أن يكون ملصا ؟
-ل يلك ذلك من تلقاء نفسه ..وإنا ال هو الذي يلص القلوب ..ولذا يتكلم القرآن ف أكثر
اليات عن الخلَصي – بفتح اللم – وليس الخلِصي بكسر اللم ..ولكن ال وعد بأن " يهدي إليه
من ينيب " أي كل من يؤوب ويرجع إليه ..فعليك بالرجوع إليه ..وعليه الباقي..
-هذا لو كان ما ربتموه هو السعادة ..ولكن لو فكرنا معًا ف هدوء لا وجدنا هذه الصورة الت
وصفتها عن السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذات الت ل يعكرها خوف الرام
..لا وجدنا هذه الصورة إل الشقاء بعينه .
-الشقاء ..وكيف ؟
-لنا ف حقيقتها عبودية لغرائز ل تشبع حت توع ،وإذا أتمتها أصابا الضجر واللل وأصابك
أنت البلدة والمول ..هل تصلح أحضان امرأة لتكون مستقر سعادة ،والقلوب تتقلب والوى ل
يستقر على حال والغوان يغرهن الثناء ..وما قرأنا ف قصص العشاق إل التعاسة فإذا تزوجوا كانت
التعاسة أكب وخيبة المل أكب لن كل من الطرفي سوف يفتقد ف الخر الكمال العبود الذي كان
يتخيله ..وبعد قضاء الوطر وفتور الشهوة يرى كل واحد عيوب الخر بعدسة مكبة ..وهل الثراء
الفاحش إل عبودية إذ يضع الغن نفسه ف خدمة أمواله وف خدمة تكثيها وتميعها وحراستها
فيصبح عبدها بعد أن كانت خادمته ..وهل السلطة والاه إل مزلق إل الغرور والكب والطغيان ..
وهل راكب السلطان إل كراكب السد يوما هو راكبه ويوما هو مأكوله ..وهل المر والسكر
والخدرات والقمار والعربدة والنس بعيدًا عن العيون وبعيدًا عن خوف الرام سعادة ..وهل هي
إل أنواع من الروب من العقل والضمي وعطش الروح ومسئولية النسان بالغراق ف ضرام الشهوة
وسعار الرغبات ..وهل هو ارتقاء أم هبوط إل حياة القرود وتسافد البهائم وتناكح السوائم ..
صدق القرآن إذ يقول عن الكفار ..أنم :
(( َيتَمَّتعُو َن وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَْنعَا ُم وَالنّارُ َمْثوًى ّلهُ ْم )) ممد – .12
فهو ل ينكر أنم يتمتعون ولكن كما تتمتع النعام ـ وكما ترعى السوائم ..وهل هذه سعادة ـ
وهل حياة الشهوة تلك إل سلسلة من الشبق والتوترات والوع الكال والتخمة الانقة ل تت إل
السعادة القة بسبب ..وهل تكون السعادة القة إل حالة من السلم والسكينة النفسية والتحرر
الروحي من كافة العبوديات ..وهل هي ف تعريفها النهائي إل حالة صلح بي النسان ونفسه وبي
النسان والخرين وبي النسان وال ..وهذه الصالة والسلم والمن النفسي ل تتحقق إل بالعمل
..بأن يضع النسان قوته وماله وصحته ف خدمة الخرين وبأن ييا حياة الي والب نية وعملً وأن
تتصل العلقة بينه وبي ال صلةً وخشوعًا فيزيده ال سكينة ومددًا ونورا ..وهل هذه السعادة إل
الدين بعينه ..أل يقل الصوف لبس الرقة ..نن ف لذة لو عرفها اللوك لقاتلونا عليها بالسيوف ..
والذين عرفوا تلك اللذة ..لذة الصلة بال والصلح مع النفس ..يعلمون أن كلم الصوف على حق .
-أل تكن مثلنا من سنوات تسكر كما نسكر وتلهو كما نلهو وتسعد هذه السعادة اليوانية الت
نسعدها وتكتب الكفر بعينه ف كتابك ال والنسان فتسبق به إلاد اللحدة فماذا غيك من النقيض
إل النقيض ؟
-أعلم أنك تقول أن كل شيء بفضل ال ..ولكن ماذا كان دورك ..وماذا كان سعيك ؟
-نظرت حول فرأيت أن الوت ث التراب نكتة وعبثـا وهزل ورأيت العال حول كله مكمًا
دقيقـا منضبطـا ل مكان فيه للهزل ول للعبث ..ولو كانت حيات عبثا كما تصور العابثون
ونايتها ل شيء ..فلماذا أبكى ولاذا أندم ولا أترق وألتهب شوقـا على الق والعدل وأفتدى
هذه القيم بالدم والياة .
رأيت النجوم ترى ف أفلكها بقانون ..ورأيت الشرات الجتماعية تتكلم والنباتات ترى وتسمع
وتس ..ورأيت اليوانات لا أخلق ..ورأيت الخ البشرى عجيبة العجائب يتألف من عشرة
آلف مليون خط عصب تعمل كلها ف وقت واحد ف كمال معجز ..ولو حدث با عطل هنا
أوهناك لاء ف أثره الشلل والعمى والرس والتخليط والذيان وهي أمور ل تدث إل استثناء ..فما
الذي يفظ لذه اللة الائلة سلمتها ومن الذي زودها بكل تلك الكمالت .
ورأيت المال ف ورقة الشجر وف ريشة الطاووس وجناح الفراش وسعت الوسيقى ف صدح
البلبل وسقسقة العصافي وحيثما وجهت عين رأيت رسم رسام وتصميم مصمم وإبداع يد مبدعة
.
ورأيت الطبيعة بناءً مكمًا متكامل تستحيل فيها الصدفة والعشوائية ..بل كل شيء يكاد يصرخ ..
دبرن مدبر ..وخلقن مبدع قدير .
وقرأت القرآن فكان له ف سعي رني وإيقاع ليس ف مألوف اللغة وكان له ف عقليّ انبهار ..فهو
يأت بالكلمة الخية ف كل ما يتعرض له من أمور السياسة والخلق والتشريع والكون والياة
والنفس والجتمع رغم تقادم العهد على نزوله أكثر من ألف وثلثائة سنة ..وهو يوافق كل ما
يستجد من علوم رغم أنه أتى على يد رجل بدوى أميّ ل يقرأ ول يكتب ف أمة متخلفة بعيدة عن
نور الضارات ..وقرأت سية هذا الرجل وما صنع ..فقلت ..بل هو نب ..ول يكن أن يكون
إل نب ..ول يكن لذا الكون البديع إل أن يكون صنع ال القدير الذي وصفه القرآن ..ووصف
أفعاله .
قال صاحب ـ بعد أن أصغى باهتمام إل كل ما قلت ..وراح يتلمس الثغرة الخية :
-فماذا يكون الال لو أخطأت حساباتك وانتهيت بعد عمر طويل إل موت وتراب ليس بعده
شيء ؟
-لن أكون قد خسرت شيئـا فقد عشت حيات كأعرض وأسعد وأحفل ما تكون الياة ..
ولكنكم أنتم سوف تسرون كثيًا لو أصابت حساباتى وصدقت توقعاتى ..وإنا لصادقة سوف
تكون مفاجئة هائلة يا صاحب .
ونظرت ف عمق عينيه وأنا أتكلم فرأيت لول مرة بية من الرعب تنداح ف كل عي ورأيت
أجفانه تطرف وتتلج .
كانت لظة عابرة من الرعب ..ما لبث أن استعاد بعدها توازنه ..ولكنها كانت لظة كافية
لدرك أنه بكل غروره وعناده ومكابرته واقف على جرف من الشك والواء والفراغ ومسك بل
شيء .
-نعم ...
قلت :
وحينما كنت أعود وحدي تلك الليلة بعد حوارنا الطويل كنت أعلم أن قد نكأت ف نفسه جرحًا
..وحفرت تت فلسفته التهاوية حفرة سوف تتسع على اليام ولن يستطيع منطقه التهافت أن
يردمها .
قلت ف نفسي وأنا أدعو له ..لعل هذا الرعب ينجيه ..فمن سد على نفسه كل منافذ الق بعناده
ل يبقى له إل الرعب منفذًا .
ولكن كنت أتن له الداية وأدعو له با فليس أسوأ من الكفر ذنبًا ول مصيا .