Professional Documents
Culture Documents
شخصيـة النبـي محمد في الشـعر العربـي بين القديم والجديد
شخصيـة النبـي محمد في الشـعر العربـي بين القديم والجديد
نجمــــــة حجّـــــار
وإذا كانت بدايات مديـح النبـي تعود الى أوائل سنوات الهجرة،
فإن هذا الفـنّ تطوّر على يد عدد من الشـعراء على مـرّ العصور
السلميـة حتـى أصبح اليوم فنـًا قائمـًا بذاته له خصائصه
وغدا المديـح النبـوي يشكّل أحد أهمّ الفنـون في وطرقه.
المجتمعات السلميـة الحديثـة.
والمرحلة الوسـيطة
يقول ابن خلدون (ت سنة ٨٠٨هـ 1406 /مـ) «إن فـنّ الشـعر
من بين الكلم كان شريفـًا عند العرب ولذلك جعلوه ديوان
علومهم وأخبارهم» )١(.والشـعر هو التعبيـر البداعي الوّل عن
تجربة العرب النفعاليـة والفكريـة والثقافيـة قبل السـلم.
وبالتالي أصبح الشـعر العربـي أوّل الفنـون السلميـة ليس فقط
لن العرب شكّلوا النواة الولـى للمجتمع السـلمي ،ولكن ايضـًا
بسبب الدور الذي لعبه الشـعر في بدايات الدعوة السلميـة،
وفي نشر لغة السـلم والثقافة العربيـة السلميـة في العصور
اللحقة.
عفا عنه الرسـول «ورمى ببـردته على كتفيه هبة منه له)٧(».
سلَـمِ
أَمِـن َتذَكّـرِ جيـرانٍ بِذي َ
عتُـهُ
هُـوَ الحبيبُ الذي تُرجـى شَفا َ
مسٌ
َو ُكلّهُـم مِـن رَسـولِ الِ مُلتَ ِ
منَ الدّيَمِ
منَ البَحرِ أَو رَشفـًا ِ
غَـرفًا ِ
منَ ال َعدَم
لَولهُ لَم تَخ ُرجِ الدّنيا ِ
سلَمِ
في حُسنِ مَطلَعِ أَقماري بِذي َ
مديح آل البيت:
هلَـه
هـذا ابنُ فاطمـةٍ إن كُنتَ جا ِ
ختِمـــوا
ِبجَـدّهِ أَنبِيـاءُ الِ قَد ُ
من جانبهم عمد شـعراء السـنّة الى تقليد المديـح الذي وضع
أصوله البوصيـري (كما فعل غيرهم في أقطار عربيـة أخرى).
فانحصر همّهم في تخميس وتشطير مدائحه وبعض قصـائد عمر
بن الفارض ،وكرّروا الموضوعات والمعاني والصور التقليديـة .لكن
جديدهم قصّر عن اللحاق بالصل في جمالية الخيال وصدق
العاطفة والحاسيس .فجاءت مدائحهم نظمـًا لسيرة الرسـول،
وسردًا لصفاته وأخلقه ،وصلت أحيانـًا حدّ إضافة الخرافات
لشخصيـة النبـي( .ل ننسى أن بـردة البوصيـري ايضـًا احتوت
على معتقدات صوفيـة وشعبيـة كثيـرة اعتبـرت من «المخالفات
الشرعيـة» في نظر بعض الفقهاء) .وأخذ علوان على الشـعراء
العراقيين ابتعادهم عمّا يمكن ان توحيه سيرة الرسـول وأحاديثه
لمواجهة القضايا الراهنة فلم يلتفتوا مثلً الى شخصيـة النبـي
«باعتباره ثائـرًا ومجدّدا ومصلحـًا وداعية . . .الى حياة جديدة
وآفاق انسانيـة رحبة )62(».وهكذا بقي شـعر المديـح النبـوي
في القرن التاسع عشر بمعزل عن التجربة النفعاليـة بقضايا
العصر الجتماعيـة والسياسيـة والفكريـة .ول تختلف التجربة
العراقيـة كثيرًا عن سائر القطار العربيـة.
من أهمّ قصـائد المديـح النبـوي لكبار شـعراء مصر في هذه الفترة
قصيدة محمود سـامي البارودي (« )1905-1840كشف الغمّـة
بمديـح سـيّد المّـة» ،ومطلعها
سلَـم.
وَاحدُ الغَمـامَ الى حَـيّ بِـذي َ
مطبوعـًا في ذاكرتنا الطفوليـة ،إذ كنا نردّده أثناء اللعب دون أن
ندري حتـى مَن وضعه ،أو فيمن قيلت معانـي الهدى والمجد
والقدم فيه.
ت ضِياءُ
وُِلدَ الهُدى فالكائنا ُ
متُــهُ
د صَفـوةُ البــاري ،وَ َرحْ َ
محمّـ ٌ
قلَـمِ
يا قا ِرئَ اللّـوحِ ،بَـل يا لمِـسَ ال َ
حكَـمِ
لَـكَ الخَـزائنُ مِـن عِلـمٍ َومِن ِ
ب خـالصٌ َوهَوىً
ك حُـ ّ
مَديـحُـُه في َ
كلِـمِ
وَصـا ِدقُ الحُـبّ يُملـي صا ِدقَ ال َ
وإذا كان هذا هو الدافع الى المديـح عند شوقي فغايته كذلك
كغاية البوصيـري هي الشـفاعة والتوسّـل .ولكن بمقابل
«أنانيـة» البوصيـري في تشفّعه لنفسه تأتـي «شـمولية»
شوقي الذي يتعدّى توسّـله الذات ليشمل جميع المسلمين،
فيختتم «بـردته» بمناجاة ال أن يتكرّم بحكمه على المسلمين
ويلطف بهم «من أجل» الرسـول الذي أحسن البدء بـه ويـ«تـمّم
الفضل» بمنحهم «حسن مختتم» .ربّما لهذا وصف الدكتور محمد
حسين هيكل اختتام شوقي لقصيدته بـ«حسن الختام٨٨».
خلصـة:
في مسيرته الطويلة لكثر من أربعة عشر قرنـًا فقد شـعر المديـح
النبـوي جوهر المديـح بغياب الممدوح الصلي .لكنه لم يفقد
أصالته لن الذات الشـاعرة ،المقلّدة والمجدّدة ،كانت في سـعي
دائم للتقاط اللحظة الشـعرية التـي تدنيها من الصل القديم.
وبهذا السـعي نحو الصالة الدينيـة والشـعرية ،أصبح المديـح
النبـوي أكثر الفنون السلميـة ثباتـًا واستمراريـة (زمنيـًا وفنيـًا)،
وربّما أقلّ الفنون الدبيـة العربيـة تحوّل.
في زمن الحداثة اتبّع شعراء التقليد القديم نصـًا وروحـًا .وفيما
عقد شـعراء «النهضة» الرجاء على نهوض عقلنـي عِلمانـي
جديد لرسالة النبـي القديمة (الرصافي) ،ترقّب شـعراء «التجديد»
انبعاث روح النبـي الجهاديـة القديمة حياة جديدة في أمّتـه
العربيـة المحتضرة (السـّياب في حضرة الموت وهو من الشـعراء
«التمّوزيين.
الهوامش
-١ابن خلدون ،مقدمة ابن خلدون ،بيروت ،دار القلم ،1978 ،ص
.570
سيَر
-٦مارون عبود ،أدب العرب :مختصر تاريخ نشأته وتطوّره و ِ
مشاهير رجاله وخطوط أولى من صورهم ،الطبعة الثالثة ،بيروت،
دار الثقافة ،١٩٧٩ ،ص .120
http://www.shamsqatar.com/vb/showthread.php?t=17267
-15عمر فرّوخ ،تاريخ الفكر العربـي الى أيّام ابن خلدون ،الطبعة
الرابعة ،بيروت ،دار العلم للمليين ،1983 ،ص .559
http://saaid.net/arabic/ar20.htm
www.alsoufia.com/articles.aspx?id=877&page_id=0&page
_size=a5&links=False&gate_id=0
www.3amara.com/forum/archive/index.php/t-8896.html
www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=13710
htpp://www.tunisalmoslima.com/modules.php?name=New
s&file=article&sid=70
وفي الردّ على الردّ ،مقال بعنوان« :دفاعًا عن الشيخ ابن عثيمين
في نصرة العقيدة» ،على موقع طريق القرآن:
=htpp://www.quranway.net/dboard/showthread.asp?Lang
&forumid=4&threaded=793
www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=13710
http://saaid.net/arabic/ar20.htm
ومقال السيد علوي بن عبد القادر السقّاف« ،قراءة في بـردة
البوصيـري وشـعره» ،مقالة مؤرخة ،18/04/2007نشرت على
موقع آل البيت على العنوان:
Htpp://www.alalbayt.com/index.php?option=com_content
&task=view&id=3110&Itemid=80
http://muhamadadnan.maktoobblog.com/?post=271275
http://www/babil.info/printVersion.php?mid=7926
87ورد رأي الدكتور احمد كمال زكي في شلتاغ عبود شرّاد ،أثر
القرآن في الشـعر العربـي الحديث ،دمشق ،دار المعرفة،1987 ،
ص .175
نجمــــــة حجّـــــار
تقديم