Professional Documents
Culture Documents
ملحقات الدفاع()5-3
[البحث الول]:
المستقبل السياسي للسعودية
( في ضوء أحداث 11سبتمبر 2001م)
الصلح في وجه النهيار و /أو التقسيم***
ذلك الحدث وتوابعه في سياق ما سمي "الحملة ضد الرهاب "بما في ذلك الحرب ضد
أفغانستان -ولربما مستقبل ،ضد دول عربية أو إسلمية وكل ذلك يشير إلى ان المسلمين
ومنهم العرب تحديدا هم المستهدفون بدرجة واضحة من كل تلك الحملة واتجاهاتها -فتح
ملف العلقات الغربية العربية ومنها السعودية -المريكية تحديدا على مصراعيه باتجاه إعادة
صياغتها أو تغييرها وعلى نحو بدا أنة يؤسس لزمة ذات مخاطر على البلد العربية عموما
ومنها الدولة والمجتمع في السعودية تحديدا .تلك المخاطر تبدو هذه المرة مخاطر حقيقية
وجدية وبالتالي تتطلب في المقابل معالجة حقيقية وجدية ولكن على أسس وصيغ جديدة
لتتواكب وتتعامل مع مرحلة جديدة ومختلفة تماما عن سابقتها .
إن ما يهمنا في هذه الورقة ليس معالجة العلقات ,المريكية السعودية بذاتها وإنما
ملحظتها في سياق ارتباطها بأحداث الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001م والحملة
المريكية على ما سمي "الرهاب " وانعكاس ذلك على أو ارتباطه في المسألة الداخلية في
السعودية أل وهي علقة الدولة بالمجتمع وما يرتبط بذلك بما يمكن تسميته بالمستقبل
السياسي للسعودية .ولكي نصل إلى هذه وتلك الغاية لبد من ملحظة ما يمكن تسميته
بالزمة في العلقات المريكية السعودية وعناصرها ومدى صلة ذلك كله بمعادلة الدولة
والمجتمع في السعودية وما هي المعالجات لها إن وجدت ؟ وهل تلك المعالجة تمثل معالجة
سليمة وشافية ؟ أم أنها تحتاج إلى معالجات بديلة اكثر ملئمة مع تلك التحديات والتطورات
وذلك من اجل المكانية والستمرارية والبقاء للدولة والمجتمع على حد سواء .من هنا فأن
المشاهد للزمة الداخلية وفي سباق الزمة الخارجية واحتمالتها المفتوحة تحتاج الى تحديد
بما في ذلك المشاهد التي تمثل مخاطر حقيقية وكذلك المشاهد البديلة للخروج من الزمة
على الصعيد الداخلي .
هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م والتي أسست لولى حروب القرن الواحد
والعشرين - ,وما انطوت علية من مزاعم أمريكية بأن منفذيها هم في اغلبهم من السعودية
حيث أشير آلي خمسة عشر شخصا سعوديا من بين تسعة عشر متهما بتلك العمليات
الهجومية – ولدت توجهات وانتقادات حادة من قوى ونخب إعلمية وفكرية وسياسية ذات
صلة قوية بمراكز صنع القرار في الوليات المتحدة المريكية ضد الدولة السعودية إلي درجة
التعريض بشخصيات سعودية رسمية كانت خلل العقد المنصرم وحتى تلك الهجمات تحظى
بقبول واحترام كبيرين داخل الدارة المريكية وقواها السياسية ( . )2تلك الحملة المريكية
وبصلة بعناصر قيادية رسمية وخاصة في السلطة التشريعية ،بدأت متواضعة في البداية
ولكنها أخذت تكسب زخما وقوة مع مرور الوقت وخاصة قبيل الحرب المريكية على
أفغانستان وما بعدها (. )3ان تلك الحملة المناهضة للسعودية والتي أسست لزمة في العلقة
مع السعودية دولة ومجتمعا وكذلك كشفت عن تراكم أزمة بين الدولة والمجتمع في السعودية
– وتلك الخيرة حرصت القيادة السعودية وخاصة بقيادة المير عبداللة على محاولة احتوائها
–تمحورت حول عدة عناصر ومنها:
(أ) الزعم المريكي بتورط سعوديين في الهجمات آنفة الذكر مما فتح باب أسئلة
أمريكية جديدة حول التفريخ السعودي للتطرف و "الرهاب" لعناصر مجتمعية ذات توجهات
إسلمية تحديدا ولكن بالشارة آلي كونها محفوفة بسياسات حكومية رسمية .
(ب) ثم لحقا المطالبة المريكية بالمراقبة المالية وتجميد بعض الحسابات والرصدة
التابعة لمجموعات إسلمية بما فيها بعض الجمعيات الخيرية والمطالبة بتعديل مناهج التعليم
في سياقها السلمي والتي تزعم أطراف أمريكية بأنها تحض وتحرض على التطرف
والكراهية والعداء للخر وخاصة للغرب .
(ج) ومع اقتراب الحرب المريكية وعدوانها على أفغانستان بحجة مكافحة "الرهاب
السلمي"كانت الدارة تطالب بمزيد من التعاون السعودي الرسمي في السياق العسكري
وخاصة استخدام قاعدة الخرج كمركز للتحكم والسيطرة والقيادة للعمليات الحربية ضد
أفغانستان .
(د) ترافق ذلك كله وتردد سعودي رسمي تجاه مسألة الرقابة المالية ومسالة الزج
بأسماء السعوديين في الهجمات دونما تقديم دليل وكذلك الحرج من مسألة التعاون العسكري
العلني وخاصة السماح باستخدام قاعدة الخرج مما ولد ردود فعل عنيفة من قبل القوى
العلمية والسياسة المريكية تجاه الدولة السعودية وكذلك المصرية واتهامهما بأنهما تلعبان
أدوارا مزدوجة في التعامل مع حرب أمريكا على "الرهاب" (. )4
(ه) ترافق ذلك كله مع حالة شعبية في السعودية غير مسبوقة من المناهضة للسياسات
المريكية تجاه مزاعمها وكذلك مطالبها الرقابية المالية وتعديل المناهج وكذلك السخط الشعبي
من الحرب المريكية على أفغانستان باعتبار تلك الحرب كما نظر لها شعبيا ودعمت من
علماء إسلميين محليين ومن البلد العربية السلمية ( )5على أنها حرب صليبية ضد
السلم والمسلمين وفي القلب منهم العرب .
(و) ومما زاد من السخط الشعبي أن معظم المعتقلين والمحتجزين داخل أمريكا من باب
الشبهة وتحت ما سمي باستراتيجية البعثرة )Disruptive Strategy (6داخل الوليات
المتحدة هم من العرب بما فيهم السعوديين وكذلك ما لحق "بالعرب الفغان" والمجازر التي
ارتكبت ضدهم من قبل القوات المريكية وقوى التحالف الشمالي الفغاني وتوابعها لحقا بما
في ذلك مسألة السرى العرب والمعاملة المشينة وغير النسانية التي تلقوها على أيدي
المريكيين سواء في أفغانستان أو في معتقل "جوانتنامو" في كوبا لحقا .
(ز) ووصل المر بالحملة المريكية على السعودية في منتصف يناير عام 2002م بقيام
عناصر من الدارة المريكية (كارل ليفن مثل ) بالتلويح تهديدا بإعادة النظر بالتواجد
العسكري المريكي في السعودية أو بسحب قواتها استنادا إلى تلميحات بأن تلك الخطوة
مرتبطة بوجود رغبة سعودية غير محددة المصدر والتي لم تدم أو تصمد طويل أمام
تصريحات سعودية رسمية أو أمريكية علنية بعكس ذلك ( .)7إضافة إلى ذلك كله وفي
سياقه ومنذ البداية وحتى ألن كانت هناك تصريحات عن وتلميحات الى وتهديدات بمسألة
الستبداد والفساد السياسي للنظام في السعودية والدعوات الى الحاجة إلى إيجاد صيغ اكثر
ملئمة تأخذ بحسبانها حقوق النسان والمشاركة والحريات وان بشكل تدريجي وتلك الشارات
بدأت منذ خطاب بوش أمام الجمعية العامة للمم المتحدة في 17/11/2001م وفي كتابات
وتعليقات وانتقادات إعلميين ومفكرين ودبلوماسيين (. )8
الموقف الرسمي السعودي من أحداث 2001-9-11م وما بعدها ،بدا أنة -ورغم
ادانتة تلك العمليات وتوظيف بعض التخريجات الدينية من بعض علماء الدولة ( )9يميل إلى
التردد وخاصة في مسألة قبول الزج بأسماء سعوديين وكذلك تجاه التعاون المني والعسكري
وكذلك المالي الرقابي ( . )10ورغم ان السعودية من الناحية الرسمية كانت تعلن تعاونها
وموقفها ضد الرهاب ( ، )11إل أنها كانت تشعر بالحرج من مسألة الموافقة علنا على
استخدام قاعدة الخرج وكذلك من التوجهات الشعبية الداخلية المعادية للوليات المتحدة
وخاصة بعد بداية العمليات الحربية ضد أفغانستان وحكومة طالبان مما جعلها ،وتحت ضغط
إعلمي أمريكي متزايد ،إلى ان تقوم بالطلب من أئمة المساجد بوقف دعاء القنوت فجرا
ومغربا ضد الوليات المتحدة والمساند لحركة طالبان بالنصر (.)12
في المقابل كانت التوجهات الشعبية تزداد حدة وعداء للوليات المتحدة المريكية منذ
بداية الحداث (11سبتمبر )2001حيث كان الملحظ ان هناك نوع من البتهاج ( )13بما
حدث في أمريكا وضدها وذلك تشفيا بما يرى للعناصر و الفئات الشعبية وشرائحها المتنوعة
في السعودية بأن ذلك يشكل ردا على أمريكا وسياساتها المناهضة للعرب والمسلمين وخاصة
في فلسطين والعراق وأماكن أخرى .تلك المواقف الشعبية أخذت بالزيادة المطردة ضد
الوليات المتحدة من اغلب الفئات الشعبية بما في ذلك الشرائح اللبرالية وخاصة مع بداية
العمليات الحربية ضد أفغانستان وأحداثها المتعاقبة وكذلك في سياق الحملة المريكية على
السعودية وأيضا في سياق التوجهات المريكية – الداعمة لحكومة وسياسات الكيان
الصهيوني في عملياتها التدميرية ضد الشعب الفلسطيني ومقدرا ته وممتلكاته ومقدسا ته –
والتي أخذت بالتزايد إلى درجة إدراج حركات المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس
والجهاد ضمن قائمة الرهاب المريكي عندما بدا لها(أمريكا) أنها تتجه آلي حسم المور في
أفغانستان مكافأة للعدو و إذلل للعرب على وجه الخصوص .الموقف الرسمي السعودي
بدأ يستفيد من الحملة المريكية المتزايدة على السعودية و ذلك بتوظيفها و ذلك للحاطة
بالمسألة الداخلية وفي محاولة لردم الفجوة بينها وبين التوجه الشعبي والذي بدأ ولول مرة
بأنة بالفعل يتخذ مواقف متعارضة مع التوجهات الرسمية وخاصة فيما يتعلق بالموقف من
أحداث سبتمبر والتعاون مع أمريكا في مسالة مكافحة ما سمي "بالحملة على الرهاب"وكذلك
في سياقها "المسألة الفغانية " بما هي حرب على بلد مسلم خاصة في سياق التوجه
السلمي المدعوم من بعض القيادات العلمية السلمية المحلية والعربية المناهضة للتعاون
مع الجنبي والتحالف مع الكفار والمشركين ضد العرب والمسلمين ( . )14القيادة
السعودية وخاصة توجهات المير /عبد ال (ولي العهد) ،بدأت تتعامل مع الحملة المريكية
على أنها حملة ضد المسلمين و عقيدتهم ( , )15وكذلك مرتبطة بحملة صهيونية ذات
صلة بالجماعات الصهيونية الضاغطة (اللوبي الصهيوني) في واشنطن والبلد الغربية ضد
مواقف المملكة من القضية الفلسطينية والشارة إلى أن السعودية قد وصلت آلي طريق
مسدود مع الدارة المريكية في مسألة موقفها من وتحيزها مع الكيان الصهيوني في معالجة
القضية الفلسطينية .وفي محاولة للحاطة بالمسالة الداخلية عن طريق بوابة الحملة
المريكية والبعد الصهيوني فيها ،قام المير عبداللة بالجتماع ،وعلى مراحل ،بعدد من الفئات
والشرائح وبعض القوى السعودية من أساتذة الجامعات والمعلمين والتجار والمشايخ
والعسكريين وذلك في محاولة لكسب تلك المجموعات من الحملة السعودية المناهضة للحملة
المريكية وفي محاولة للتأكيد على الوحدة الوطنية وأهميتها للتعامل مع انعكاسات تلك الزمة
وتوابعها على الوضاع الداخلية (.)16
وبتوافق ولربما تناغم مع تلك الحملة السعودية المناهضة للحملة المريكية عليها بدا
ان السلطات السعودية تتيح لعناصر من الشعب السعودي ذات توجهات متباينة و بعضها غير
متسق مع الخط الرسمي للدولة للتحدث علنا في إطار الزمة ورؤيتها لها وخاصة من خلل
الدوات والقنوات العلمية العربية وبالذات الفضائية منها وبدرجة اكبر قناة الجزيرة
الفضائية (قطر) ( . )17في المقابل ،بدا ان السلطات السعودية وهي تواجه التحدي المريكي
وخاصة مع حسم المور في أفغانستان لصالح أمريكا –تتجه إلى محاولة التخفيف من الضغط
المريكي عليها وذلك من خلل التناغم معها وذلك بقبول المزاعم المريكية بتورط سعوديين
في الهجمات السبتمبرية على أمريكا ( , )18وكذلك بالتعامل مع الساحة المريكية مباشرة
من خلل القلم المريكية الزائرة أو المستكتبة من خلل شركتي التصالت والعلقات العامة
داخل الوليات المتحدة المريكية( .)19وكذلك من خلل العناصر القيادية السعودية في سياق
الوفد السعودي الكبير لجتماعات "منتدى دافوس" في أوائل فبراير 2002حيث رأس الوفد
رئيس الستخبارات السعودية (المير نواف بن عبد العزيز )ورافقة عدد من المراء والذين
أدلى بعضهم بتصريحات أجرى مقابلت تلفزيونية داخل أمريكا محاولين على ما يبدو التأكيد
على الدور التعاوني للسعودية في الماضي وفي الحاضر المستمر وفي القادم المحتمل (.)20
ويلحظ مع ذلك كل ,ان تلك الردود السعودية على الحملة المريكية انتهت إلى الدفاع عن
علقات السعودية مع أمريكا والتعامل مع تلك العناصر العلمية المريكية الموصوفة
بالمعادية للمملكة ( مثل ,نيويورك تايمز وال واشنطن بوست تحديدا )والمتحيّزة
للصهيونية ،وصول آلي تقديم مبادرة " التطبيع الكامل مقابل النسحاب الشامل لسرائيل من
الراضي العربية المحتلة منذ "1967رغم ما جرى عليها لحقا من تعديلت باتجاه " السلم
الشامل مقابل النسحاب الكامل " نتيجة للردود العربية تجاهها ,ثم إقرارها على صيغة اكثر
توازنا عربيا بالجماع في مؤتمر القمة العربية في بيروت -28-27مارس2002-م (.)21
تلك المعالجة السعودية الرسمية اللزمة على الصعيد الداخلي ل يبدو أنها طرقت
العناصر الساسية للزمة وجل مافعلتة أنها لمست بعض منها ملمسة غلب عليها الشكلية
وغلبت البعد الخارجي (المريكي والغربي وتوابعه ) على والمعالجة النية ()Add-hoc
البعد الداخلي المجتمعي المتصل بمسألة العلقة بين الدولة والمجتمع .وبينما بدا أن السلطات
السعودية تشعر بالرتياح آلي عدم تطور أحداث داخلية تتسم بالعنف وبالحدية -باستثناء
أحداث بدا أنها عارضة ( مثل التفجير الذي وقع في الخبر ،وكذلك محاولة التعرض لبعض
الجانب في الرياض ) وكذلك الدعية (القنوت)في صلوات الفجر والمغرب ضد الكفار
والمشركين وتلك أوقفتها السلطات السعودية عنوة لمن لم يتوقف طوعا ,وكذلك بالرتياح
الرسمي السعودي إلى ما بدا انه نهاية للمسألة الفغانية بإنهاء حركة طالبان وتدمير القاعدة
وعناصرها بدرجة كبيرة –و أن كانت هذه و تلك مسألتين لزالتا فيهما نظر ( , )22مما
خفف من الغليان الداخلي والذي ترافق مع العمليات الحربية المريكية ضد أفغانستان والذي
انعكس بدرجة واضحة على أحاديث ومناقشات كثير من الفئات والشرائح الشعبية وما اتصل
بتقلقل الرأي العام المحلي بما في ذلك التوجه نحو الدعاء غير المحدد (الدعاء بالنصر
للمجاهدين من كل مكان دون تحديد أفغانستان ) عندما اصبح الدعاء الصريح ممنوعا .و
بالقدر الذي بدا للسلطات السعودية أنها تحسم أمرها بمزيد من التعاون والتساق مع الغرب
وأمريكا تحديدا بما في ذلك ما يبدو أن له صلة بطرح المبادرة "التطبيع الكامل مقابل
النسحاب الكامل " ,رغم ما جرى عليه من تعديل أقرته قمة و بيان بيروت لحقا ,مضطرة
أو مقتنعة بذلك ,فقد بدا للمجتمع و فئاته أن ذلك الخيار تم على حساب مشاعره وتوجهاته
ود ونما أن يكون له الصوت المسموع في تلك السياسات والتوجهات مما زاد في سعة الفجوة
بين الدولة والمجتمع وعكس بدورة تراكم جذور أزمة في العلقة كانت تتشكل منذ عقد
ونيف ولكن تلك الحداث أفصحت عن مظاهرها .و بالقدر الذي أخطأت فيه الوليات المتحدة
المريكية في معالجتها لحداث 11سبتمبر باتباع استراتيجية " إرهابية " خارجية ودون
اللتفاف( مراجعة) حول سياساتها الخارجية والداخلية التي ولدتها ,فان السعودية هي
الخرى ,و بمراهنتها على الخارج وعلى الوقت لتجاوز المسألة الداخلية ,جازفت في
عدم التنبه آلي مسألة الزمة الداخلية وجذورها ومعالجتها معالجة حقيقية تنطلق من رؤية
صحيحة للخلل في العلقة بين الدولة والمجتمع ومن ثم تصويبها بشكل صلب يؤسس لمرحلة
قادمة .
رغم ان تفاعلت الدولة والمجتمع في السعودية وفي سياق الزمة ,من حيث كونها
تفاعلت كانت تميل آلي ان تكون غير متسقة وغير متوازنة ومتوازية وإنما بدرجة واضحة
تبدو اكثر متعارضة أو متفارقة ,بدأت تخف مع مرور الوقت وما بدا انه يتوافق مع حسم
المور عسكريا في أفغانستان ،إل أن الزمة الداخلية والعلقة بين الدولة والمجتمع ل يبدو
أنها طرقت على الطلق وما تم فيها كان معالجة وقتية ظرفية ذات اتجاه واحد يركز على
التعبئة العلمية الرسمية ولكن بالنهاية التوافق مع الخارج .ليس هناك على ,ما يبدو ,
رغبة أو رؤية في النظر بان تلك الحداث و توابعها ذات " منبع و مكّون داخلي " بحيث
تحلل على مستوى العلقة بين الدولة والمجتمع وبالبحث مع القوى الجتماعية على حلول
لها .وكما كانت أزمة الخليج الثانية ،فأن المعالجة للزمة الداخلية المتصلة بأحداث
11سبتمبر كانت المراهنة على الوقت مرة أخرى وان الداخل ليس هو المشكلة وإنما الخارج
والخارج فقط.
وحيث المر كذلك من حيث ان جذور الزمة في العلقة بين الدولة والمجتمع وكونها
لم تعالج البتة ،فان المسألة لزالت مفتوحة الحتمالت والبدائل والتي قد تحمل معها نذر
غير محمودة .ويبدو ان المشكلة في التحليل النهائي ترتبط بدرجة اكثر تحديدا بان هناك
أول سوء تقدير أو تصور خاطئ لهداف الحملة المريكية على السعودية وحصرها ببعدها
الصهيوني –أو هكذا قيل – والمسألة الدينية أو التعليمية .وثانيا أن هناك تجاوزا للمسألة
الداخلية ذاتها والتركيز على البعد الخارجي لها وذلك في سياق التصور الخاطئ وعدم
معالجة الشأن الداخلي معالجة تبدو فعلية وجدية وذات جرأة بما يعني ويتضمن الملئمة مع
متطلبات التكيّف للنظام السياسي في إطار المحافظة على استمراره واستقراره ولكن
بصيغ أخرى مستحدثة.
بداية يمكن التساّؤل هل يمكن حصر الحملة المريكية على السعودية في مسألة اللوبي
الصهيوني والموقف العدائي من المواقف السعودية تجاه المسألة الفلسطينية ؟ للجابة على
ذلك يمكن القول بداية أن ذلك قد يكون جزئيا صحيحا ولكنة ليس الهم والبرز في الرؤية
المريكية من وراء تلك الحملة وعناصرها .ما هو مطلوب أمريكيا هو أول ،أن الدولة
والسلطة السعودية على مستوى القرار السياسي يجب أن ل تتردد بل ويجب أن لتفكر بذلك
طالما أن الوليات المتحدة ترى أنها هي التي توفر الحماية والمن للدولة والنظام وبالتالي
فان التردد أو الحرج بذاته لم يكن مقبول على الطلق خاصة وان ذلك قد يعني أن التحالف
"الرهاب " سيتعرض للتشكيك والهتزاز وهو ما لم تكن الدارة المريكية في الحرب ضد
ترغب فيه ول العناصر التي
تقود تلك الحملة – ومن هنا كان التردد الظاهري للسعودية يمثل جرأة غير مقبولة من
دولة – هي مدينة ,في الرؤية المريكية ,في وضعها المني تحديدا ( )23وتوابعه بما في
ذلك القتصادي والنفطي للدولة والقوة المريكية .وثانيا وهذا يمثل النقطة الهم والبرز ،أن
المخطط المريكي اصل في الحرب التي اعلنتها ضد أفغانستان وفي سياق ما أسمتة الحرب
ضد "الرهاب" يتجاوز أفغانستان إلى الحاطة الكونية وبنقاط مركزية منها ذات صلة بالبعاد
الستراتيجية للنفط والغاز في دائرة محورها يمتد من أسيا الوسطى شرقا وحتى منطقة
الخليج العربي غربا .ومن هنا فأن الحاجة ستكون لحقة باتجاه إعادة صياغة الخرائط
للمنطقة العربية تحديدا وبالتالي فأن العودة لها ستكون أمر قائما تتطلبه تلك المهمة خاصة
وان المشروع المريكي هذا للمنطقة وبتوافق مع المشروع الصهيوني لها لم يتم بعد .
وإضافة إلى ذلك ثالثا ,فأن صورة الشعب السعودي وفئاته بدأت تتهاوى في الرؤية
المريكية وخاصة في سياق ما سمي بالتفريخ "للرهاب " بشرا وعقيدة (الوهابية ) وتمويل
خاصة إذا ما قبلنا فكرة أن الذين قاموا بعمليات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م هم في
غالبيتهم من السعوديين .إضافة إلى ذلك وفي صلبة فأن النظام السياسي السعودي بما
هو الحاضن لتلك التوجهات اصبح هو الخر يمثل ,في الرؤية المريكية ,عبئا ل
رصيدا وبالتالي فأن السعودية (دولة ومجتمعا) أصبحت مستهدفة في إطار المشروع
المريكي للحاطة الكونية و المتلقي مع المشروع الصهيوني بالمنطقة والذي لم ينجز يعد
وبالتالي يحتاج آلي تعويم ضمن إتمام المشروع المريكي ذاته .هذا الستهداف للمنطقة
العربية وبما هو تلقي بين المشروعين المريكي والصهيوني يؤكده وزير
الخارجيةالمريكي كولن باول إذ ,يقول ,في خطابه أمام جامعة لويزفيل في -11-19
2001م ,ان " الرؤية المريكية لمنطقة الشرق الوسط ستكون بعيدة المنال ما لم تكن
إسرائيل و جيرانها في حالة سلم . )24( " ....
إن الوصول إلى هذه النقطة من تعويم المشروع الصهيوني في المنطقة بإقامة
المشروع الشرق الوسطي في إطاره القتصادي والمتداخل مع المشروع المريكي للسيطرة
على منطقة الغاز والنفط (السيطرة هنا قد تكون للحتياج الذاتي أو للتحكم بالعالم من خلل
التحكم بالموارد النفطية ) والممتدة من شرق أفغانستان وبحر قزوين وحتى منطقة الخليج
العربي ( )25يتطلب بشكل أساسي أن تتواصل الحرب المريكية على " الرهاب" بما في ذلك
إزالة المعوقات القائمة في المنطقة وهي الحالة العراقية ومن ثم السورية .ولكن قبل
الوصول إلى هذه الغاية ل بد من البدء من " الحلقات أل ضعف " في المنطقة العربية ( والتي
قبلها أو معها قد تكون الدراة المريكية مشغولة في احتواء أو تصفية ما تسميه " الرهاب "
و "إرهاب القاعدة " في حلقاته أل ضعف على المستوى العالمي من الفلبين إلى جو رجيا
وهكذا )....لتنفيذ المخطط الستراتيجي للمنطقة والعالم .وبالتالي ستكون البداية الصومال
واليمن بدرجة احتمالية كبيرة ( والتي بوادرها بالفعل قد بدأت في الصومال حيث تضيق
الخناق على السواحل الصومالية بالساطيل الغربية المريكية واللمانية تحديدا بحجة منع
عناصر القاعدة وكذلك محاصرة المؤسسات التصالية والمصرفية لشركة البركات بحجة
علقتها بالتحويلت المالية للقاعدة ،وكذلك ما يجري في اليمن منذ يناير 2002م حيث
القوات اليمنية وبدعم أمريكي تطارد ما تسمية عناصر ذات صلة بالقاعدة مع تأكيد أمريكي
بلسان بوش بأن أمريكا تعمل على منع ان يتحول اليمن إلى أفغانستان أخرى للقاعدة وهو ما
رحبت به القيادة اليمنية ( )26و ذلك كله للحاطة الجيوبوليتكية بالصومال و /أو بالنفط
اليمني في تلك المعادلة المريكية الكونية وان تشكل ( الصومال و اليمن ) خلفية لمنطقة
الجزيرة العربية -بما فيها و بدرجة أساسية منها منطقة الخليج العربي -وكذلك
لمحورها في أسيا الوسطى (بحر قز وين وأفغانستان حاليا).
ومع إخضاع تلك الحلقات أل ضعف ,فعندها ولربما معها أو بعدها سيكون العراق
هو المستهدف للحاقه هو الخر بالمنظومة المريكية في إطار مشروعها الكوني وذلك من
خلل إقامة نظام حكم موالي لها كما هي الحالة الفغانية وتحت ذرائع ومسوغات تتراوح بين
التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل وحقوق النسان ....الخ .أن الدائرة النفطية وعناصر
الطاقة الممتدة من روسيا ومرورا ببحر قز وين وأفغانستان وإيران والخليج العربي بما في
ذلك العراق تمثل الدائرة الكبر والهم للحياة القتصادية العالمية المستقبلية .و العراق ,
إضافة إلى كونه مع الحالة السورية والفلسطينية يمثل عائقا للمشروع الصهيوني أصل ,
يمتلك بذاته احتياطيا هائل من تلك الموارد ,لذلك يبدو أن الهدف المريكي ،هو اختطاف
هذا البلد ووضع اليد على موارده النفطية والحاقة تماما بالدائرة النفطية للنفوذ المريكي (
.)27علية فان الوليات المريكية كانت منذ البداية ومع مرور الوقت تخطط للوصول إلى
استهداف العراق تحت ذرائع " محور الشر" و"أسلحة الدمار الشامل" و بتنسيق متناغم بين
كل من" بوش " و " بلير " و رغم ما يتعرض له الخير من ضغوط داخلية -بما في ذلك
عناصر متزايدة من حزبه -بعدم النسياق التلقائي وراء مخطط الول لضرب العراق (
.)28
من هنا فان المطلوب أن تكون السعودية وقرارها السياسي في نفس التجاه ،بداية ،
وكذلك فأن الخوف كل الخوف هو أن الحملة المريكية على السعودية ليست فقط حملة
صهيونية كما تراها السعودية وقياداتها وبعض من عناصرها العلمية ,وإنما هي أيضا
وبدرجة اكبر واخطر الضغط على السعودية لكي تحصل منها أمريكا على ما يمكن تسميته
"السترضاء" Appeasementالسعودي تجاه العملية القادمة بضرب العراق .تلك المسألة
"مسألة استرضاء" السعودية نحو المسألة العراقية بدا أنها في مراحلها التحضيرية الولى
تقترب من تحقيق بعض من ثمارها حيث ؛ أول أن تصريحات رئيس الستخبارات السعودي
السابق (المير تركي الفيصل ) ومقابلته مع وسائل العلم المريكي تشير إلى أن السعودية
سوف تتعاون مع أمريكا تجاه إسقاط النظام العراقي وان شدد على أن يكون ذلك من الداخل (
.)29وثانيا ان طرح المبادرة السعودية -في إطار " التطبيع الكامل مقابل النسحاب
الكامل " ورغم ما جرى عليها من ردود فعل واتجاهات بتعديلها وهو حدث بالفعل في مؤتمر
القمة العربية في بيروت (-28-27مارس ،2002بيروت ) وكذلك رغم احتمال ربطها
بالمسالة السياسية الداخلية من حيث محاولة التأكيد على تراتب السلطة و النفوذ – في هذا
الوقت وعلى مابدات أول مرة علية فأنها تمثل لربما محاولة من قبل بعض القوى والتي قد
تقف وراء الدفع بها إلى التعامل مع البعد الخارجي في سياق الحملة المريكية أو الصهيونية
أو أنها تمهد للتطبيع القادم المحتمل .ومهما يكن من أمر حول مستهدفات و نوايا تلك
الداخلية أو الخارجية ،فان قبول ضرب العراق -أو أي المبادرة وضر وفها و منابعها
بلد عربي أخر -والمساهمة في تغيير النظام بغض النظر عن طبيعة النظام و الموقف
منه ،سيكون بذاته سابقة خطيرة وورقة ترفعها الدول الغربية وبالذات المريكية في وجهة
أي نظام عربي بما في ذلك حلفاءها في المستقبل ومنهم السعودية تحديدا .و من هنا فان
المصالحة العربية التي تمت في أثناء مؤتمر القمة العربية في بيروت ( -28-27مارس-
2002م ) و خاصة بين السعودية و العراق و إلى حد ما بين العراق و الكويت والجماع
العربي في القمة و قراراته على الرفض القاطع لضرب العراق أو أي بلد عربي أخر ,
يشكل أحد المداخل الساسية لسد تلك الثغرة ( ضرب العراق و الملف العراقي و الحالة
العراقية الكويتية ) في وجه المخطط المريكي المحتمل للمشرق العربي ومنه ما يتصل
باحتمال التعرض للسعودية لحقا .و لذلك فان الخطوة التي اقدم عليها كل من المير عبد
ال و عزت إبراهيم تستحق الشادة ,إذ أنها تمثل الخطوة الهم و الساس في الطريق
الصحيح و الذي يحتاج إلى مزيد من تلك الخطوات للبناء عليها للوصول آلي تطبيع
العلقات العربية – العربية و منها و بدرجة أساسية السعودية -العراقية و كذلك الكويتية-
العراقية .
إذا تمت تلك العملية – عملية ضرب العراق ( -وهو ما نتمنى أن تكون القمة
العربية و قراراتها في بيان بيروت وفي إطارها المصالحة السعودية – العراقية و كذلك
الكويتية ,قد أسست لرضية تحول دون حدوثه و أن لزال هناك بعض المخاطر و كذلك
البدائل التي قد تستغلها أمريكا لتنفيذ العملية مستقبل ) و في سياقه أو ( معه أو قبله
الصومال و الذي ل يبدو يثير شجون و هموم العرب على نحو كاف ) وإسقاط النظام العراقي
تحت أي حجة وهي ستكون سابقة خطيرة ,كما أشرنا آنفا ,وقد تكون السلح الذي
يشهر بوجه الحلفاء الحاليين مستقبل - ،فان النقطة القادمة والبرز في إتمام المشروع
المريكي من الهيمنة على المنطقة وبما يتضمن تعويم المشروع الصهيوني ثم العودة إلى
استهداف الخليج والسعودية تحديدا ستكون سوريا هي المستهدفة ثانيا (بعد العراق )إذ
ستكون محاصرة من جميع الجهات بقوى إما معادية كما هي إسرائيل وتركيا أو أنها تقع في
النفوذ المريكي كما هي الردن والعراق –البديل إذا تم ,أو ضعيفة وهي الحالة اللبنانية .
عندها سيمكن إخضاع سوريا طوعا أو كرها ؛ أما طوعا فيتم الضغط عليها بتوقيع اتفاقية
تسوية مع إسرائيل كما هي اتفاقيات التسوية مع الردن 1994ومصر .1979وأما كرها فأن
المر ليس هو الخر مستبعدا وما لئحة الخيار النووي إل تمهيدا لذلك الخيار وأحتمالتة
رغم أن المر سيكون اسهل من ذلك بكثير إذا ما تم تحييد المسألة العراقية أصل (في حالة
ضرب العراق وتغيير النظام وإقامة نظام موالي ) .إن خيار اللئحة النووية المريكية والذي
سربته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز "قبل فترة و رغم انه فيما ورد أصل في التقرير
يستهدف سبعة دول هي الصين وروسيا وكوريا الشمالية والعراق وسوريا وإيران وليبيا إل
انه من الواضح فأن استهداف الصين وروسيا بقنابل نووية صغيرة أمر ل يمكن القبول أو
التصديق به ذلك أن اللعب بنار نووية وان كانت صغيرة مع دولة نووية أمر ل يمكن التحكم
به وبالتالي فانه خيار ل يمكن إل أن يكون لدول غير نووية أصل وخاصة الدول العربية
المعنية ومنها تحديدا سوريا كما هي العراق ولربما ليبيا ثم لحقا المسألة اليرانية وحتى
باكستان والتي عدم إدراجها اسمها في تلك القائمة يثير علمات استفهام واستغراب في
الوقت ذاته ( .)30فوق هذا و ذاك فان ذلك التلويح باللئحة النووية والخيار النووي
المحدود وهو يستهدف دول عربية (سوريا العراق ليبيا ) ,قد يراد به دول عربية أخرى
كما هي مصر والسعودية تحديدا للحصول على السترضاء لكي يتم إخضاع تلك الدول العربية
ومنها سوريا –هنا -عنوة أن لم يكن طوعا .
وإذا ما تم إخضاع سوريا عنوة أو طوعا وفي إطار الحاطة الكونية المريكية
لها والمشروع المريكي الصهيوني للمنطقة فان تسوية القضية الفلسطينية أو تصفية
سيكون أمرا ممكنا و ان كان ل يخلو من صعوبات ليست بالمر السهل .وفي سياق محاولة
تصفية القضية الفلسطينية يلحظ أن الدارة المريكية و في ضوء عدم رضاها على نتائج
و بيان بيروت و خاصة فيما يخص الجماع العربي ,بما فيه الموقف القمة العربية
السعودي و الكويتي ,الرافض لضرب العراق وبدرجة اكبر المصالحة السعودية و
الكويتية مع العراق جعلها ( الدارة المريكية ) تتأمر مع شار ون للطاحة بعرفات
وتدمير السلطة الفلسطينية بعدوانها الهمجي منذ صباح اليوم التالي لنتهاء مؤتمر القمة
العربية في بيروت و ذلك للحصول منه على تنازلت تحت الضغط وكذلك معاقبة للعرب
الخرين و تعويضا لربما لتلك الخسارة المريكية في المسألة العراقية .لذلك ليس
مستغربا أن توجه الدارة المريكية و على لسان وزير خارجيتها " كولن باول " في
تصريحاته الصحفية ( 2002-3-29م) ,و بشكل اكثر وضوحا وفجاجة على لسان الرئيس
المريكي " بوش " نفسه ,في تصريحاته ( 2002-3-31م ) ,التهام لعرفات و تحميلة
مسؤولية العدوان الصهيوني الذي يجري منذ 2002-3-29م ,وتبدي في المقابل
تعاطفها مع شار ون و إسرائيل وان من حقها الدفاع عن نفسها .
غير أن النقطة الهم انه وفي سياق ذلك المشهد الخضاعي ( إذا تم إخضاع
سوريا بعد إخضاع العراق و هي حالت و أوضاع نتمنى أن تكون القمة العربية الخيرة
في بيروت ,مارس 2002م ,و قياداتها قد وضعت قيدا قويا و مسافة بعيدة للوصول أليها
و تحقيقها ) أوفي ثناياه ستكون المهمة المريكية التالية هي إعادة إدماج العناصر مع
بعضها البعض وخاصة إدماج منطقة الخليج العربي ودولة بما فيه السعودية تحديدا في ذلك
التوجه وتلك الصياغة .وإذا ما تمت تلك المشاهد اعتمادا على فكرة تكسير " الحلقات أل
ضعف " أول ,فعندها ستكون مصر والردن ولربما لبنان وكذلك العراق خارج المعادلة
وبالتالي ستكون السعودية هي المستهدفة وفي وضع ل تستطيع فيه أن تقاوم ذلك الدماج .
ان ذلك الستهداف المريكي للسعودية وبتناغم مع الرؤية الصهيونية يعني ببساطة شديدة
ان تقبل دول الخليج العربي وعلى رأسها وفي المقدمة منها السعودية مسألة التطبيع مع
الكيان الصهيوني ( والذي يبدو ان السعودية في طرحها مبادرتها الخيرة تحاول لربما إما
التمهيد له أن لم تكن تحاول التخفيف من الحملة المريكية "استرضاء " والنتيجة النهائية في
الحالتين في حالة عدم التحصين الداخلي و العربي على أية حال واحدة ) وإحياء فكرة
الشرق أوسطية وبالتالي تعويم المشروع الصهيوني مندمجا مع المشروع المريكي .إننا
أمام عودة إلى الصول والساسيات للحملة المريكية على " الرهاب " والسعودية باعتبار
ان الخيرة ( السعودية في الرؤية الغربية و المريكية تحديدا ) هي " المركز للرهاب "
وهي " المشكلة " وهي " الخطر " على الغرب عموما وعلى الوليات المتحدة خصوصا
وبالتالي فان إعادة هيكلة السعودية أو تفكيكها هي المهمة الساس المؤجلة في بداية الحملة
لضرورات إتمام المشروع المريكي في سياق الحاطة الكونية وضمن تكتيك إنجاز المهام
مرحليا طبقا " للحلقات أل ضعف " ولكنها المهمة الساس ألنا جزة في نهاية مطاف "
الحلقات الضعف " .
في حالة ممانعة السعودية لذلك التوجه في حلقاته النهائية وهو التطبيع ،فأن المر
سيكون بالتلويح بأمر أخر اكبر واكثر خطورة مما يتوقعه الكثيرون ؛ انه مشهد التقسيم
والتفتيت للدولة والمجتمع في السعودية ولربما في منطقة الجزيرة العربية كلها وإعادة رسم
خرائطها على نحو أخر .
إن فكرة مشهد التقسيم والتي لتبدو في عناصرها جديدة ( , )31تقوم في توجهاتها
ومرتكزاتها الجديدة ،والتي حاولنا منذ عدة سنوات خلت الشارة لها ولفت أنظار المعنيين
في البلد العربية ( ، )32على إمكانية استغلل معطيين من صناع قرار و مثقفين
أساسيين هما :النفط والسلم (الماكن المقدسة) .إن النفط موجود بدرجة أساسية بالمشرق
العربي من العراق شمال و مرورا بالسعودية ومنطقة الخليج العربي جنوبا .وإما الماكن
المقدسة (السلم) فانه في الجزء الغربي من المشرق العربي من الحجاز (المنطقة الغربية)
في غرب السعودية بدرجة كبيرة و حتى فلسطين ( القدس ) شمال .و بقدر ما يتعلق المر
بالخليج العربي عموما و السعودية بدرجة اكبر خصوصا ,فان مشروع التقسيم سيكون
في مشهده الحتمالي على النحو التالي :إقامة مناطق أو دويلت عازلة أول :في المنطقة
الشرقية وما يتصل بها من مناطق بترولية خاصة بامتداد الربع الخالي ( و لربما تربط
بالشرق العربي من جنوب شرق الجزيرة و حتى العراق شمال في مرحلة من المراحل )
وحتى مشارف وادي ألد واسر . ،ثانيا :في الحجاز دولة إسلمية مفتوحة للجميع لداء
المشاعر السلمية وهذا الخيار الخير و بما قد تفعله أمريكا لقناع أو إكراه بعض من
المسلمين و /أو دولهم لربما قد يجد صدى عند بعض المسلمين من الناحية السلمية
ولربما سيكون مرحب به من قبل بعض الدول على القل .و قد تسند تلك التوجهات بمدينة "
القدس " مدّولة لكل الديان بما في ذلك السلم و بحلول مفروضة على العرب و
الفلسطينيين ان أمكن ذلك .ثالثا :أما المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية فأنها تترك
لقدرها تتطاير أو تتذرذر وبالشكل الذي تريده أو يراد لها أما على شكل إمارات أو محميات أو
على شكل ملحق لكيانات أخرى .عندها سيكون الجميع خاسر دولة ومجتمع ومناطق بما في
ذلك الوضعية العربية وتلك حالة ل أحد يرغب بحدوثها ولكن الرغبة شيء والعمل على
تفعيلها بممانعة جادة شيء آخر .
ولعل السؤال الكثر أهمية في ذلك السياق ،هو هل هذا المشهد التقسيمي واحتمال
حدوثه أمر ممكن أم ل؟ إن الجابة عليه باليقين أمرا ليس ممكنا ولكن القتراب منه أمرا قد
ل يكون عسيرا .ان ذلك احتمال قد يحدث و قد ل يحدث و لكن كل المؤشرات والدلئل
تشدد على ان الوليات المتحدة المريكية لن تترك السعودية في مرحلة ما قادمة على ما
كانت عليه وان إعادة هيكلة السعودية سيكون أمرا قادما ل محالة وان كان مؤجل للمرحلة
النية وهي النتهاء من " الحلقات الضعف " ) .وبينما كان هناك من يصرح بان هناك
توافق أمني استخباراتي أمريكي – روسي للتخلص من الحالة العراقية و اليرانية أول ثم
التفرغ للمهمة الهم في النهاية في الجزيرة العربية و تحديدا في السعودية و" الرهاب
السعودي " حتى و أن تطلب ذلك التخلص من أنظمة الحكم القائمة و هو ما أشير آلي
ضرورته في النهاية ,فان هناك من طرح فكرة إقامة سياج حول المنطقة الشرقية من
. )Fencing Eastern Province السعودية (33
و في سياق تلك المكانية و ذلك المشهد على أية حال ,ليتركز المر على بعض
من تصورها في سياق مشروطياتها :انطلقا من تلك التلميحات و التصريحات ,ماذا لو
قررت الوليات المتحدة وأعلنت خطوط الطول وأجزاء من العرض ( -بدل من خطوط
العرض كما هي الحالة العراقية ) -لشرق الدهناء وغرب الحجاز ،فمن الذي سيمنع الوليات
المتحدة المريكية من تنفيذ ذلك؟ هناك من ل يصدق أو لربما ل يريد ان يصدق بان ذلك قد
يكون ممكنا باعتبار ان ذلك وفي سياق المسالة النفطية السعودية والستقرار السياسي في
المنطقة لن يكون في مصلحة هذا الخيار .ولكن في المقابل يمكن القول انه ورغم ان
مصلحة الوليات المتحدة المريكية هي في الستقرار السياسي للمنطقة في إطار المسالة
البترولية و هي ما تراهن عليها عناصر و أطراف عربية و غربية واهمة أو متوهمة أن
أمريكا سوف تتركها و شأنها علي ما كانت علية ,فان هناك أيضا من يرى و من
عناصر متنفذة في الغرب وفي الوليات المتحدة المريكية تحديدا ( -و خاصة في سياق
الفكرة المهيمنة بان ترك " الحالة السعودية "على ما كانت علية أمر ل يمكن القبول به و
يجب معالجتها معالجة جذرية و إلى البد ) -انه من الممكن و في المصلحة المريكية
تنفيذ ذلك المشروع التقسيمي وان ذلك أمر ممكن وفي إطار صياغة التقسيمات الصغيرة
والضامنة للمسالة البترولية .أو ليس الوليات المتحدة المريكية هي القوة -على الرض
الضامنة حاليا لتلك المسالة البترولية ؟
ورغم أهمية العناصر الخارجية والتي قد نتعرض لبعض منها لحقا ،فان ما يهمنا
هو البعد والعناصر الداخلية في إمكانية تحقيق مشروع التقسيم .و نود التأكيد بداية على
ان ذلك المشهد وعوامله العربية و الداخلية تحديدا بالقدر الذي يمس و يفسر الحالة
السعودية و مستقبلها فانه لربما يقترب زيادة أو نقصا من ذلك القدر الذي يمس و يفسر
الحالة العربية لمعظم الدول العربية ان لم يكن كلها و خاصة تلك الدول التي تتعرض
لتحديات داخلية مترافقة مع ضغوطا خارجية .
بناء عليه فان ما هو داخلي يتصل و يمس مسا جوهريا مسالة أزمة الدولة
والمجتمع أو العلقة بين الدولة والمجتمع على ضوء عدم قدرة أو رغبة تكيّف النظام
السياسي أو القائمين عليه وما يرتبط بذلك من مقومات ل نجاح المشروع التقسيمي وخاصة
في سياق ضعف أو هشاشة ما يتصل بمسألة " الندماج " وغموض فكرة المواطنة وغياب
الشعور بالمسؤوليات لدى الفراد والجماعات في البلد وذلك لن سياسات الدولة اتسمت بعدم
التوازن من حيث التنمية وتوزيع مخرجاتها وذلك لغياب أصلً الشراك المتوازن في
المسؤوليات في إنتاج تلك السياسات المتوازنة المطلوبة .وتتداخل تلك المور مع تزايد
تلك المشاكل القتصادية والفساد المالي والداري في سياق استشراء المصلحة الخاصة
وعلى حساب المصلحة العامة أو بفقدانها أصل ،وكذلك مترافقة والبطالة وتزايد السكان مع
عدم وجود قوانين ومؤسسات لمواجهة تلك التحديات (.)34
إن كانت تلك تحديات حقيقية ،فمن الذي يمنع الوليات المتحدة إذا ما أعلنت أن
شرق الدهناء من شمال الخليج آلي جنوبه ،على سبيل المثال منطقة محظورة على التجاوز
؟من الذي سوف يحارب الوليات المتحدة المريكية ؟ هل أبناء تلك الدول لديهم الحساس
بتلك المسؤولية و يتوافرون على القدرة والتعبئة المطلوبة ؟ إن المواطنين في بلدان الخليج
العربي و منهم أبناء السعودية ،لربما ل يقلون عن أقرانهم الخرين في العالم في
رغبتهم في الدفاع عن بلدهم .ولكن لكي يحصل ذلك فلبد من مقومات وتلك المقومات ل
يبدو متوفرة ؛ إذ أن المواطن العادي ل يعرف بشكل عام استخدام المسدس فكيف بمقاتلة
دولة كبرى وتحدي قرارها ؟ ألم تستطيع أمريكا أن تفرض مناطق عازلة في شمال وجنوب
العراق وعلى بلد هو العراق وهو يعتبر أقوى بكثير من السعودية مثل ؟ وفوق هذا وذاك إننا
أمام مناطق ومجموعات لم تتولد لديها فكرة " الدمج " و "المواطنة " وبسبب من السياسات
التنموية غير المتوازنة والقائمين عليها .إنها مناطق ومجموعات تبدو معزولة أكثر عن
بعضها البعض و لدرجة أن كثيرا من الهالي ,أفرادا و جماعات ل يعرفون و لم يزوروا
تلك المناطق أو مدنها على الطلق ,بل أن هناك من لحظ و باستغراب و تساّؤل عن أن
أبناء البلد يعرفون مدنا عربية و أجنبية اكثر بكثير من معرفتهم لمدن و مناطق بلدهم و
بالتالي فهو يرى الحاجة ماسة إلى التواصل الجتماعي و الثقافي ( . )35وإذا ما تم
تواصل بينها فان ذلك لبعض ضرورات العمل أو المرور .وحتى المدن الرئيسية والتي
تستقطب معظم سكان البلد ( وهي الرياض ومكة وجدة والدمام والخبر ) ,فأنها ورغم إنها
تستقطب مجموعات من مناطق مختلفة وتبدو ظاهريا أكثر اندماجا أو دمجا من الناحية
الشكلية ,إل أن واقعها الجتماعي يشير إلى أنها مجتمعات مسكونة بتقاسمات مجموعات
غير مندمجة .ورغم ان الموروثات الجتماعية قد تكون مسؤولة إلى حد ما عن تلك
الوضعية إل إن السياسات التنموية غير المتوازنة بين المناطق والمجموعات وحتى في المدن
وأطرافها والرؤية الستراتيجية للقائمين عليها بما هي منظومة ناظمة ضاغطة قد تكون
بدرجة اكبر مسؤولة عن تواصلها وبالتالي بالتعاضد مع عوامل سالبة لبيئة و بنية نظام
تتسم بالجمود ,تقفان وراء تكّون البنية – التحتية النقسامية ومن ثم البذرة التي قد
تسهل عملية مشروع التقسيم في حالة الصرار على تنفيذه وفي غياب مشروع الصلح
واستمرار مشهد النهيار وهو ما نعالجه و نفصل فيه تاليا .
ان طبيعة الزمة الداخلية ليست عارضة كما بدأت وتبدو للوهلة الولى أوانها متصلة
فقط في سياق الموقف من السياسات المريكية ذات الصلة بالحملة على الرهاب والمشكلة
الفغانية في سياقها .إن تلك الحداث منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001م وصاعدا وحتى
هذه اللحظة --ولربما تتصاعد مستقبل على ضوء التقدم على مسار المشروع المريكي
في إطار " الحلقات الضعف " وبالذات ما يخص المنطقة العربية – هي بعض منها أو
مظاهرها وقواها المحفزة .إن طبيعة الزمة تتصل بالعلقة بين الدولة والمجتمع على خلفية
عدة محاور منها محور " الشرعية ومصادرها " ومحور " التنمية والعدالة " و "الدماج "
ومسألة "الفساد " المالي و الداري ومحور " المن والعلقة بالجنبي " ومحور "
الجديدة وصناعة القرار والميدان السياسي المشاركة السياسية " و ما يتصل بالتكوينات
و نطاقه عموما .كل هذه المحاور تتصل أساسا وبدرجة كبيرة بمسألة " بناء الدولة " وما
يتصل بذلك من مسألة قدرة الدول والنظمة السياسية ونخبها على التحول أو التكيّف مع
التحديات الداخلية والخارجية .ان واقع الدولة السعودية من حيث النظام وقدراته وامكانياتة
الحالية هو الذي يقبع وراء الزمة الداخلية أو انعكاسات الزمة الخارجية (العلقات السعودية
– الغربية ومنها المريكية وحملتها تحديدا) .
ان العلقة بين الدولة والمجتمع في السعودية كانت بداية وفي بداية التأسيس علقة
تقوم على فكرة " المساهمة والمشاركة " بين الفاعليات والتكوينات الجتماعية آنذاك سواء
كانت حضرية /قروية أو قبلية أو مناطقية من جهة وبين السلطة السياسية ممثلة بالملك عبد
العزيز آنذاك والذي مثل الزعامة التاريخية ونال شرعيتها .تلك المعادلة وصياغتها كانت
ترتكز على عملية التوازن بين السلطة وتلك القوى وكأنها عقد اجتماعي غير مكتوب يترك
القرار السياسي وصناعته للملك والسرة الحاكمة (المحدودة آنذاك) ولكنة في نفس الوقت
يترك مجال للتوازن مع تلك القوى من حيث فكرة " المساهمة والمشاركة " على الطريقة الخلد
ونية (.)36
تلك الصيغة يبدو أنها وخلل العقود الخمسة الماضية عبرت عن تلك المرحلة وقواها
الجتماعية ،غير ان التحولت في طبيعة القوى الجتماعية والمتصلة بالتحولت المادية
والتحديثية ذات الصلة بآثار مداخيل النفط بدأت وكأنها تتغير من طرف واحد إل وهو تشكل
و تّكون قوى جديدة بتطلعاتها ورغباتها ( رغم ما لحقها هي الخرى من تأكل أو فساد أو
انحرافات نتيجة تعطل قدراتها أو تعطيلها بسبب جمود الطرف المقابل والبعاد الجتماعية
المتداخلة معه ) ،بينما الطرف الخر وهو المجال السياسي ولمن الحق في المشاركة فيه
بقي كما هو دون تغير يذكر عدا لمسات تجميلية شكلية ( النظام السياسي –ومجلس الشورى
–والمناطق ) وهذه الخيرة لم تكن تتوافق وتغيرات العلقة الجديدة المتكّونة .وخلل تلك
الفترة السابقة بدا أن المعالجة المالية للمور تأخذ الحيز الكبر من عملية تعديل الختلل في
العلقة علما بان ذلك أيضا تركز على فكرة الحتواء التوظيفي وبعض المشاريع والبنى
الساسية غير المتكاملة أصل وبشكل عام وغير المتوازنة تحديدا وبشكل خاص على مستوى
أو بين المناطق والمجموعات .
ومع أزمة الخليج التالية 1990/1991وتوابعها بدأت السئلة المجتمعية في البروز ،
وخاصة من قبل القوى و الفئات و العناصر الجديدة وسواء كانت لبرالية أو إسلمية وحتى
التقليدية ،عن المن والعلقة مع الجنبي وكذلك إدارة موارد الدولة وتوازنها والحاجة إلى
مؤسسات سياسية وقانونية عصرية .ومع ان تلك الزمة كانت فرصة ثمينة لتكيّف النظام
السياسي بصياغة اكثر استجابة مع تطلعات القوى الجديدة واستمرار تقدم المجتمع ككل
واستقراره ،إل أن المراهنة على الوقت كانت لها الولوية .ومع تزايد النكشاف المني
المتصل في العلقة مع الوليات المتحدة وفي سياق المسألة العراقية وتواصلها وخاصة منذ
1995فصاعدا ،بدا أن هناك توجه تقلل من فئات اجتماعية وصل بها المر إلى قضية
التفجيرات في 1995/1996م .تلك التفجيرات ورغم إعدام بعض مرتكبيها وخاصة منفذي
عملية ،1995بدأت تؤسس لموقف شعبي معاد للوجود المريكي في الخليج وفي السعودية
تحديدا .ورغم ان السلطة السعودية نفسها بدأت هي الخرى تقلل من تأثيرات ذلك الوجود
ومسألة التدخلت في الشؤون الداخلية ( مسألة التحقيقات في التفجيرات وخاصة تفجير الخبر
1996م و الذي لم تكن التحقيقات في إطاره قد انتهت حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر
2001م ) وكذلك رغم التفاق الناتج عن تلك التفجيرات بين السعودية والوليات المتحدة
المريكية على إعادة نشر القوات المريكية وتجميعها في منطقة الخرج تحديدا إل أن تلك
المعالجات لم تكن لتكفي ردم الفجوة الداخلية بين رغبات وتطلعات الفئات والقوى الشعبية
وبين رؤية النظام وضروراته أو خياراته للتعامل مع تلك القضية .
إن الحل المني لتلك المسائل وخاصة العدامات للعناصر المعارضة والمتصلة
بالتفجيرات لم يحل المشكلة بل أن المسألة أخذت بالتطور وخاصة بعد 1996ثم لحقا بعد
أحداث 1998بضرب العراق والسودان وأفغانستان ثم انفجار النتفاضة ضد الحتلل
الصهيوني منذ 28سبتمبر 2000م وما رافق ذلك كله من بعض التقلقلت على صعيد بعض
الحداث الجتماعية كا لمظاهرات التي حدثت في الجوف والى حد ما في جدة والرياض
والدمام ( وان كانت الخيرات قليلة في حجمها ) وكذلك اختطاف الطائرة إلى بغداد .كل ذلك
-مع استمرار النتفاضة الفلسطينية ضد الحتلل و الحملة الوحشية الصهيونية
المتواصلة ،وصلة ذلك كله بالسياسات المريكية الداعمة للكيان الصهيوني بدون حدود ،
-أدى ,بالتعاضد مع التراجع القتصادي و قلة فرص العمل و تزايد البطالة وصلة ذلك
بموارد الدولة و إدارتها ,إلى تكوّن و تعزز بيئة تتنامى فيها أسئلة مجتمعية مفتوحة عن
تلك الوضاع وكذلك إلى تزايد العناصر المعارضة للوجود المريكي ولسياساتها في المنطقة
والمنحازة للكيان الصهيوني .ثم وفي أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر واتهام
السعوديين بالهجمات ،بدأ أن المر يتعلق بمسألة أساسية لم يفكر فيها كثيرا إل وهي أن
هناك مجموعات سعودية تجاوزت مجموعة ال 1995عددا وعدة وتخطيطا ومتجاوزة ،فوق
ذلك الدولة السعودية من حيث إعطاء النتماء والولء السياسي لمجموعة ومركز غير الدولة
وهذه الخيرة ل تعترف بها بل و تناصبها العداء .وإذا افترضنا أن هؤلء الخمسة عشر
مهاجما بالفعل سعوديون – كما يبدو أن السلطات السعودية أقرت به مؤخرا كما سبق
الشارة أليه – وكذلك ما بدا من تفاقم الزمة الفغانية و ما بعدها من أعداد متزايدة متعاطفة
مع تلك المجموعة من تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لدن فأن المر يعني فيما يعنيه ،
ول يقتصر فقط علية ،أن الدولة السعودية من حيث هي " سلطة ومركز " سياسي تعاني
بالفعل من ما يمكن تسميته ب" أزمة الشرعية " .أن الفتراق الشعبي مع الحكومة السعودية
في إطار سياساتها الخارجية والمستند على اختللت في السياسة الداخلية خاصة في سياق
انغلق الفق السياسي واختللت في التنمية وعدم توازنها خاصة بين المناطق إضافة آلي
مشاكل اقتصادية عامة ذات صلة بإدارة الموارد بشكل عام ،قد اصبح واضحا جدا في ثنايا
أزمة أحداث سبتمبر 2001ومابعدها .
إن الشرعية لي نظام سياسي غالبا ما تأتي من رضاء وقبول الناس لذلك النظام
وسياساته ومخرجاته .ومصادر الشرعية عادة ما ترتكز إلى عدة عناصر منها الزعامة
التاريخية العقيدة الدين (اليديولوجيا) والهوية وكذلك النجازات التنموية وتوفير الحماية
والمن وبشكل عام قدرة النظام على التعامل والتكيّف مع الحتياجات الشعبية والتحديات بكافة
تجلياتها .وحيث ان الزعامة التاريخية ( الملك عبد العزيز ) للدولة السعودية لم تعد هي
الماثلة و القائمة في المرحلة الحالية و ذلك بانقضاء مهامها أصل مع بداية تكوين الدولة ،
وكذلك مع تغليب المصالح السياسية على مسألة العقيدة والدين والهوية وخاصة بالنسياق
وراء العلقات الدولية وبالذات الغربية والمريكية تحديدا ،وكذلك حيث أن الدولة منذ 1990
فصاعدا بدأت وبشكل مكثف تعتمد على الحماية الجنبية والمريكية تحديدا وبالتالي عدم
قدرتها أو لربما رغبتها في توفير الحماية الذاتية ،ومع تنامي عجز الدولة في أداء متطلبات
التنمية وتوازنها بين كافة المناطق والمجموعات وعلى أسس تحقق العدالة والكرامة
والرفاهية للجميع وبشكل متوازن ،وكذلك مع تزايد البطالة والتي سوف تتفاقم مع تزايد
السكان ،ومع انعدام الشفافية والمكاشفة تجاه تلك القضايا والمسائل ،فان أزمة الشرعية
للدولة السعودية لم تعد منطقة غير واضحة .وبغياب النظمة والقوانين المؤسساتية وإلتي
توازن بين تلك الحاجات وتحقق الرضا والتوازن والستقرار ،ومع سيطرة قوى ونخب مغلقة
ذات إمتدادات عائلية (عدد من العائلت والسر )ومناطقية بعينها (وعدد من قرى أو مدن
من تلك المناطق وليس بالضرورة كلها ) على صياغة السياسيات التنموية وتوزيعات
مخرجاتها وعلى نحو يأخذ في حسبانها مصالحها هي بدرجة أساسية أو امتداداتها
المناطقية إلي حد ما ،فأن الفساد والمحسوبية أصبحت هي الخرى مستشرية في الدولة
والمجتمع على حد سواء .وبموازاة ذلك كله ،أصبحت المصلحة الخاصة والخاصة جدا هي
معيار العمل وعلى حساب المصلحة العامة وخاصة في مرافق الدولة ومؤسساتها .كل ذلك
أدى إلى انحرافات من قبل فئات اجتماعية متنامية سواء على مستوى الفراد أو المجموعات
أو المناطق وتلك النحرافات بدأت تأخذ أشكال متعددة بما في ذلك النحرافات الخلقية
والمادية وكذلك النحرافات في الولءات السياسية وتجاوز الدولة .وحيث ان الفراد
والمجموعات الشعبية ليست مشركة في العملية السياسية على نحو واضح ومحدود بحيث
تدخل في عملية صناعة القرار وإنتاج السياسات المطلوبة وتتحمل مسؤولياتها ،فأنها لن
تكون بمنأى عن تلك النحرافات وبالذات السياسية منها بما في ذلك التطرف والنزوع للعنف
ضد الدولة وسلطتها وسياساتها وارتباطاتها الخارجية ومنابعها الداخلية .وبالتالي فان
الزمة الداخلية ,ان لم يتم تداركها على نحو يقترب مما سوف نفصل فيه تاليا ,سوف
تتفاقم مع الوقت ولربما تعجل بنمو بذرة النهيار وبروز مشهدة .
إن جوهر الزمة بين الدولة والمجتمع يرتبط كما أسلفنا بانغلق الفق والنطاق
السياسي للنظام في وجه القوى والفئات الجتماعية والشعبية وما ولدته تلك الحالة من
افتراق بين الطرفين .ان معالجة الزمة الداخلية ل تتم من خلل المعالجة لبعدها الخارجي
مع الغرب بمزيد من التساق معه وهو ما يعمق ذلك الفتراق و يزيد أزمة الشرعية للنظام
تعقيدا ،وليس عن طريق الحلول المنية والقسرية ومحاولة المراهنة على الوقت بمعالجات
وقتية وظرفية .ان معالجة الزمة الخارجية وكذلك الزمة الداخلية تتجه جوهريا إلى
الحاطة بمسألة ذلك الفتراق و ما يتطلبه بالفعل من التجاه إلى إصلح الدولة وإعادة
بنائها بصياغة جديدة للبعاد السياسية والقتصادية والجتماعية والثقافية والعلمية.
إن نظريات التنمية السياسية بكافة تياراتها وتشعباتها (مدخل بناء الدولة القومية،
ومدخل معضلة الخيارات ومسألة التحديث والستقرار السياسي ومدخل قوة وضعف الدولة)
تؤكد جميعها ,و برغم الملحظات عليها ,ان قدرة النظام السياسي لي دولة على
الستمرار والبقاء والرتقاء بالمجتمع ومقدرا ته ،تقوم على قدرة ذلك النظام والدولة على
التكيّف مع التحديات الداخلية والخارجية وضروراتها .كل ذلك مرهون بمرحلة من المراحل
بقدرة ورغبة النخب الحاكمة على المضي في ذلك التجاه وليس الوقوف عند فكرة اللحظة
التاريخية لتولد ذلك النظام باعتبار أنها وصياغاتها فكرة خالدة أو يجب إن تستمر كذلك .
ان إدارة البلد وعلى الطريقة التقليدية حتى وان استندت إلى تكنوقراطية و
بيروقراطية تبدو حديثة -لم تعد تتناسب والتغيرات المجتمعية المحلية وكذلك المعطيات
الدولية والقليمية المحيطة .كانت تلك الدارة مناسبة لربما لفترة ما قبل نهاية الثمانينيات
من القرن الماضي أما ومنذ العقد الخير للقرن الماضي وبدرجة اكبر منذ دخولنا اللفية
الثالثة فان تلك الدارة ليست فقط غير مناسبة بل ان استمرارها يشكل عبئا وتكلفة باهظة
ليس على القائمين عليها فقط وإنما على البلد دولة ومجتمع .ورغم ما يقال عن ديموقراطية
الصحراء لتلك الدارة ومجالسها فان تلك لم تعد تمثل الطار المناسب و كذلك فان مرتادوها
هم في الغالب من كبار السن وليس من الجيال الجديدة والذين قد ل يجدون فيها الخلص .
ورغم الجانب النساني في تلك المجالس بان يقابل أعلى قيادي في البلد مواطنيه (وبعض
منهم بشكل دوري كما هي الحال مع سمو ولي العهد المير عبد ال) فان المر ل يخلو من
آثار سلبية في الوقت ذاته ،ذلك أن عدد من الذين يرتادون تلك المجالس غالبا هم من كبار
السن والشيوخ والذين يأتون من أماكن بعيدة للبحث عن حلول لمشاكلهم والتي لو وجدت
الليات والجراءات والمؤسسات المركزية والمحلية ذات الصلحيات والطر القانونية ،لما
كان لهذه المعاناة ان تحدث وتستمر .أضف إلى ذلك حقيقة بشرية و هي عدم إمكانية و
قدرة ان تستطيع القيادة ,أي قيادة مهما أوتيت من قدرات و رغبات في ذلك التجاه (رغم
احتمال وجود مستوى عال من الرغبة في ذلك)ان تحل مشاكل أفراد المجتمع وفئاته بهذه
الطريقة والتي أيضا ,إن وجدت ,قد تبقى أسيرة للحاجب والوسيط والذي يتحكم بمن
يدخل ومن ل يدخل ثم بعد ذلك للشارح والمنفذ والمتابع وكلها حلقات يصعب التحكم بكفاءاتها
وبالتالي إضعاف تلك الخير عموما لدرجة أنها تولد نقيضها من حيث عدم قدرتها على
الستجابة لتلك الحاجة الجتماعية العامة و بالتالي تصبح فعليا غير ملئمة .
ولحل الزمة الداخلية في السعودية -و لربما في البلدان العربية الخرى المماثلة
قياسا -وبما هي علقة بين الدولة والمجتمع فان المخرج هو بديل الصلح والذي يتطلب
التفهم و إمعان النظر فيه من قبل المعنيين ببقاء الدولة والمجتمع على حد سواء .وحيث ان
بديل الصلح يتطلب إصلح بنية الدولة وإعادة صياغة العلقة بين الدولة والمجتمع على
أساس تكيّف قدرات النظام في المجال السياسي والقتصادي والجتماعي ،فان الليات بحاجه
إلى تحديد الخطوط العامة للصلحات المطلوبة في تلك المجالت .
يجب النطلق من فكرة جوهرية وهي النطلق من المواطن نفسه و إعادة العتبار
أليه و الثقة فيه بحيث يكون الساس و الجوهر هو إشراك المواطن في الحكم بمعنى إدخال
المواطن آلي دائرة الحكم وصناعة القرار بدل من يكون خارجها كما هو حاليا .تلك تقتضي
معالجة مسالة المشاركة السياسية وهذا يتطلب إيجاد صياغة حقيقية لفصل السلطات
(التشريعية،والتنفيذية،والقضائية) منطلقة من قيام نظام دولة ملكية دستورية بحكومة رئاسية
وهذا يعني وبما يضمن بقاء و استمرار الملك على قمة هرم الدولة وهو ما يعني أو لربما
التأكيد على بقاء السرة السعودية باعتبارها القوة العلى في هرم قيادة وإدارة هذه الدولة .
وهذا يعني أو لربما إمكانية كون الملك ستكون له سلطات سياسية أصيلة واضحة تعطيه
الحق الدستوري عن طريق"الرادة الملكية"في تكليف تشكيل الحكومة أو إقالتها إذا لم
تنسجم مع السلطة التشريعية والقيام بمهامها "أي برنامجها الحكومي" بحيث تكون الحكومة
أصل مسؤولة أمام السلطة التشريعية بحيث يمكن للخيرة من التصويت على الحكومة بالثقة
من عدمها وبمحاسبة الوزراء وكذلك المساّءلة القانونية ومناقشة الميزانية والمصادقة عليها
أو رفضها .وأما من يكون الملك وهو رئيس هذه الدولة فهذا أمر يترك " للسرة السعودية "
وقد يكون من المناسب ان يقوم" مجلس السرة " -والذي يفترض ان يتشكل بّالية ترضى
الغلبية منها أو أنها تتوافق عليها -بعملية اختيار الملك .وتلك العناصر السابقة واللحقة
يجب ان ينص عليها دستور محدد النصوص وبموافقة شعبية عليه"استفتاء شعبي " ثم
يربط ذلك الدستور للمراجعة سواء بالتعديل أو الضافة أو الحذف فيه بالسلطة التشريعية
باعتبارها صاحبة الصلحية في تلك المور .
وتلك السلطة التشريعية والتي تأتى عن طريق آلية النتخابات هي المؤسسة التي يتم
من خللها إشراك المواطن في الحكم وصناعة القرار .والسلطة التشريعية تلك يمكن ان
تتكون من مجلسين بحيث يمكن إدخال القوى الجتماعية الجديدة والشعبية وكذلك إيجاد
التوازن مع القوى الجتماعية التقليدية والعيان والمشايخ وبعض القليات والعلماء .ولتمام
تلك العملية فان مجلس الشورى الحالي يتطلب التطوير إلي سلطة تشريعية أصيلة وتحويلة
إلي مجلسين ؛ ،مجلس شورى منتخب للشعب و آخر للعيان .ويمكن للخير أن يتم
اختيار أعضاءه بالتعيين بحيث يضمن دخول تلك القوى التقليدية ومن في حكمها من اجل
الموازنة وكذلك للحاطة بالمسألة الجتماعية .
وفي سياق تطوير مجلس شورى منتخب لربما هناك من يثير مسالة التخوف أو
التخويف من البعاد القبلية والطائفية وكذلك الشارة آلي عدم وعي الشعب في تلك التجاهات
.وتلك حجة ليست قوية إذ أن بعض البلدان العربية (لبنان – الردن -الكويت -اليمن)-
وكذلك الفريقية وحتى في الهند ومناطق أخرى أتاحت المجال للنتخابات رغم التنوع القبلي
أو الطائفي والعرقي ولم تتعطل العملية السياسية .فوق هذا ،فإننا نزعم أن القبيلة ,
كمؤسسة ناضمة مهيمنة على و محركة لمن ينتمون أليها ,في السعودية قد ضعفت
وضعفت بدرجة كبيرة .وهذه الوضعية تنسحب على كافة القبائل في السعودية وان كانت
بنسب متفاوتة إذ هي بالشمال اضعف منها في الجنوب والوسطى .و بغض النظر عن
الفوارق تلك و أسبابها (ولعل هذه النقطة الخيرة بما هي ظاهرة تحتاج إلى إعمال النظر و
الدراسة المعمقة لها ) فان فاعلية القبيلة في السعودية لم تعد واضحة إل في مسالة
النتساب الجتماعي وحل بعض المشاكل مثل الديات وتلك الخيرة ليست أساسا مسالة سلبية
بل إنها قد تكون إضافة في إطار بعض التكوينات للمجتمع الهلي .
ومهما يكن من أمر فان فاعلية القبيلة من حيث حركتها السياسية ومدى تحكم شيخها
في تلك الحركة لم تعد محسوسة تماما .كذلك فان القبيلة من حيث هي بنية ذات نظام سياسي
واجتماعي وقانوني "عرف" و ديناميكية في إطار الحمى "القليم" والغزو باعتبار الخير أحد
وسائل الحياة والعيش لم تعد قائمة أبدا ذلك أن الدولة أصبحت ليست فقط المنافسة بل
المهيمنة خاصة وان الخيرة هي المتحكمة بالموارد بكافة عناصرها .إضافة آلي ذلك فان
النتخابات ومسالة البعد الجتماعي منها إنما تحتاج إلى مزيد من الولوج باعتبار أن تلك
تجربة تحتاج آلي المساهمة في إنضاجها .ان ذلك يتطلب البدء فيها وليس النتظار لنه
ليس هناك نقطة نهائية للقول بالوصول عندها .أضف آلي ذلك كله أن تلك المخاوف يمكن
تحييدها عن طريق أليه إيجاد المجلسين لكي تعطى الفرص المتوازنة لتلك القوى التقليدية
مع القوى الخرى وذلك من خلل مجلس "شورى" العيان وعن طريق التعيين لنسبة ما من
أعضاءه أن كان ذلك ضروريا و خاصة في المراحل الولى من العملية السياسية بصيغتها
الصلحية .إضافة آلي ذلك كله فان هناك من يرى وبناء على ملحظة التجارب العالمية
تاريخيا وحاضرا بان التركيب القبلي أو الطائفي لم يكن عائقا تجاه التحول آلي المشاركة
السياسية النتخابية ذلك أن التوازنات القبلية بحد ذاتها و هي في سياق الندية والمساواة
ستعمل على موازنة بعضها البعض وبالتالي قد تكون دعامة قوية ضد الطغيان والستبداد
ذاته (. )37
إضافة آلي السلطة التشريعية بشقيها (شورى الشعب والخر للعيان) فان الحكومة
(السلطة التنفيذية ) يجب أن تشكل دائما بناء على اتجاهات النتخابات في السلطة التشريعية
ويكلف الملك الشخصية سواء أحد المراء أو أحد أبناء الشعب ويفضل الخير وذلك بما يعفي
السرة من مسؤوليات وتبعات إخفاق الحكومة وأدائها التي تشكل الحكومة من المجموعات أو
القوى أو الكتل الكثر وزنا (عدد المقاعد ) داخل السلطة التشريعية لمجلس الشورى المنتخب
.ويغض النظر عن من يرأس الحكومة فان تشكيل الحكومة يجب أن يربط ببرنامج محدد
ومسؤولية قانونية أمام مجلس شورى الشعب و العيان بحيث يمكن التصويت على الحكومة
وبرنامجها بالثقة أو سحبها ومساءلة الوزراء ومحاسبتهم وكذلك مناقشة الميزانية والموافقة
عليها أو رفضها .وفي حالة تشكيل أي حكومة سواء في أعقاب النتخابات التشريعية أو في
حالة إحلل حكومة بدل أخرى نتيجة التصويت والخيرة يجب أن تقدم استقالتها أمام الملك
فان ذلك يستند آلي صدور إرادة ملكية وبخطوط عامة للبرنامج الحكومي والذي يتحدد لحقا
بشكل تفصيلي لقراره من السلطة التشريعية .ويمكن التأكيد على أن يحتل بعض المناصب
الوزارية عدد من أفراد السرة السعودية وخاصة بعض الوزارات السيادية ( مثل الداخلية
والدفاع والخارجية ) وعلى نحو متعارف عليه والى فترة تشعر فيها السرة بنوع من
الطمئنان بان الصلح ل يستهدف القصاء وإنما يستهدف التطوير وتمتين العلقة بين الدولة
والمجتمع بحيث يكون الخير جزء ومركب أساسي من أساسيات النطاق السياسي واتخاذ
القرارات ومصدر مشروعيتها .وفي حالة التوجه آلي هذا البديل الصلحي فانه على
مستوى برنامج الحكومة ،فان مكافحة الفساد بكافة أشكاله وتجليا ته --,باعتبار أن
الفساد أصبح سرطانا يشمل الجميع ول يستثني أحدا تقريبا وخاصة في البعاد المالية
والدارية والمحسوبية وكذلك التأكيد على تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة --
,يجب أن تحظى بأولوية قصوى لي حكومة بهذا التجاه .
ارتباطا ببديل الصلح في بعدة السياسي والذي يرتكز على فكرة قيام نظام ملكي
دستوري رئاسي وهو ما يعني تنمية سياسية مطلوبة للتكيّف مع التحديات الخارجية والداخلية
فان قيام نظام وسلطة قضائية مستقلة يعتبر من مكونات ذلك البديل وأركانه الساسية .
إن هذا يعني فيما يعنيه قيام وإيجاد نظام قانوني دستوري يحدد تلك السلطات
والختصاصات وعلقاتها وبما يؤكد على سيادة القانون والذي يتمحور حول النسان وكرامته
وحقوق الفراد وحرياتهم الساسية في مقابل الواجبات الملقاة عليهم .ولكي يصار آلي هذا
النظام القضائي فيمكن الدمج بين المصادر التشريعية السلمية باعتبارها المصادر الساسية
ولها الولوية وبين المصادر القانونية النسانية و تلك الخيرة أصبحت ضرورات الحياة
تحتاجها ول تقوم بدونها ول تتعارض بالمطلق مع الولى .
وفي سياق تلك المسالة وتحقيقها فان هناك حاجة ماسة آلي إعادة هيكلية وتأهيل
الطاقم القضائي كامل بحيث يجمع بين متطلبات الشريعة وضرورات القوانين العالمية وان
يكون لدى القاضي إلمام قانوني فقهي إسلمي وعالمي مقارن .وفي هذا السياق يؤكد على
مساهمة كافة العلماء والمشايخ من كافة المدارس والمذاهب السلمية في تلك المؤسسات
القضائية وبما يعني النفتاح على المذاهب الفقهية الخرى وان ل يكون حكرا على فئة أو
مدرسة فقهية بعينه .
وينطبق هذا على التوجه بالنفتاح الديني على كافة التجاهات العامة بحيث يمكن
للمواطنين من مختلف المدارس والمذاهب الفقهية المساهمة في المسالة الدينية وشعائرها بما
في ذلك مهام الدعوة والرشاد وكذلك المر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذلك في إمامة
الصلوات و خاصة في قائمة أئمة وخطباء المساجد وبالذات الجمع .إن تلك الصلحات
القضائية و الدينية ذات الصلة في سياق بديل الصلح وخاصة وجود نظام قضائي دستوري
متطور ومنفتح هو أيضا أصبح من متطلبات التوجهات العالمية وخاصة فيما يتعلق بتسهيل
انضمام المملكة آلي منظمة التجارة العالمية والتي تشترط أساسا حدوث إصلحات جوهرية
في تلك البعاد وبما يضمن الحقوق والممتلكات للمستثمرين ويسهل من مهمتهم ،قبل قبول
النضمام .
ورغم أن هذا مرهون بعمل الحكومة وبرنامجها الحكومي لفترة عملها فان التأكيد هنا
يكون على التشديد على مسالة التعامل مع قضية التنمية القتصادية وأبعادها كافة بما يحقق
العدالة الجتماعية والرفاهية والتقدم والكرامة للجميع أفرادا وجماعات ومناطق وهذا يتطلب
أن تعاد صياغة أولويات التنمية والخدمات المتصلة بها(تعليميا-اجتماعيا-صحيا-مائيا-
زراعيا..........الخ) بحيث يكون هناك توزيع عادل ومتوازن للموارد وان تتاح الفرصة
الكاملة والمتساوية لبناء البلد ومناطقها للحصول على تلك الخدمات والحاجات من خلل ؛
أول ،توزيعها على المناطق وليس حصرها في مناطق أو مدن منها بعينها والذي يعني ,في
حالة استمرار انحرافها كما هي عليه ألن ,هو مزيد من التشوهات القتصادية والجتماعية
وبما يزيد من الهجرات من مدن ومناطق بعينها وبما يراكم مشاكل ومتطلبات ل تستطيع معها
تلك المدن أصل ول أجهزتها سواء خدماتية أو أمنية على السيطرة عليها .وثانيا إشراك
المواطن على مستوى الدولة المركزية و على مستوى المناطق والمحافظات والمراكز بعملية
صياغة السياسات التنموية ومخرجاتها وتقويمها .وفي هذا السياق فان وجود لمركزية في
مسائل المالية والصلحيات في اتخاذ القرارات على مستوى المناطق قد يكون هو الخيار
الفضل مع توفير قدر كاف من الموارد المالية للمناطق حسب احتياجاتها التنموية حتى تصل
آلي درجة معقولة من التوازن مع المناطق الخرى ثم تصبح المسالة لحقا حسب الحتياجات
النسبية لكل منطقة .
إن الختللت التنموية بين المناطق وخاصة التدني في مستوياتها في المناطق
الجنوبية والشمالية هو الذي يفسر آلي حد ما نزوع بعض الفراد والجماعات من تلك
المناطق آلي العنف أو تجاوز الدولة وهذا الربط بدأت تلحظه حتى المصادر الغربية .ورغم
ان الدولة وقياداتها وخاصة بتوجيهات المير عبداللة تحاول منذ أكثر من سنتين توجيه
الهتمام آلي تلك المناطق وبالذات الجنوبية على اثر انتشار حمى الوادي المتصدع (, )38
وبدرجة اقل الشمالية ،فان المور لزالت تسير ببطء .إن حالة نزوع الفراد آلي العنف
نتيجة الفقر والفقار والختللت القتصادية ل يجب أن ينظر أليها في بعد التظلم الفردي
للفقر والفقاروتلك حالة وان كانت عامة ( ,)39إل أنها وفي سياق الربط بالتظلم الجماعي أو
المناطقي –قد تكون هي المحرك لذلك النزوع العنفي حتى وان كان بعض الفراد المنخرطين
فيه من موسري الحال .وفي سياق المعالجة القتصادية فان معالجة البطالة والتوظيف
والديون وتطوير إدارة موارد الدولة يجب أن تحظى بأولوية قصوى لحكومة الصلح .
وفي المجال الجتماعي هناك حاجة ماسة لتطوير قوى ومكونات المجتمع الهلي في
كافة الفضاءات والشغالت الجتماعية وان لتربط بتشكيلت رسمية أو قيود وبما يعني
ويضمن إنهاء الوصاية الفوقية على تلك التكوينات (الجمعيات) الجتماعية بحيث يمكنها القيام
بمهام واد وار أصبحت الحاجة أليها في هذا العصر وفي سياق تقديم خدماتها في كافة
المجالت التنموية المعنوية والمادية لكثير من الفراد والمجموعات –ضرورة من ضرورات
الحياة والعيش المشترك خاصة مع تراجع قدرات الدولة في تقديم تلك الخدمات ومع تزايد
الدوار والمهام للقطاعات الخاصة الهلية في كافة الدول وبما يتماشى واتجاهات العولمة
وتحدياتها .إن ذلك التطوير والتفعيل لمكونات المجتمع الهلي في كافة الفضاءات والشغالت
الجتماعية يعني فيما يعنيه وبدرجة جوهرية تفعيل جمعيات أهلية مستقلة للنسان في مجال
الحقوق والحريات وكذلك البيئة والصحة والستهلك آلي جانب وجود جمعيات رسمية أو
حكومية .إن إعلن الحكومة السعودية منذ أكثر من سنتين عن تشكيل جمعيات حقوق
إنسان أهلية ورسمية خطوة في الطريق الصحيح والتي يجب أن يؤكد عليها مرة أخرى ولكن
بشكل يتطلب فكرة اكتساب المشروعية الهلية والقانونية وذلك بان يشرع لها ,من قبل "
السلطة التشريعية " المتكونة في سياق بديل الصلح ,وبما يحدد مهامها أو ضوابط عملها
انطلقا من صدور "تشريع" أو قانون لتلك الجمعيات وقوى المجتمع الهلي .وفي سياق
الصلح الجتماعي ,يجب التأكيد على مراجعة جدية و حقيقية ل وضاع و أدوار المرأة
في العملية التنموية بكافة أبعادها وكذلك في البعاد الخرى ذات الصلة من العملية
الصلحية
إضافة آلي ما تقدم من عناصر " بديل إعلن " فان على الحكومة وبرنامجها
الحكومي ،إعادة هيكلة التعليم والنفتاح على التعليم الحديث ووسائطه وتقنياته والطر
الفكرية من السلمية آلي العالمية ذات الوجوه النسانية مع التأكيد على الهوية العربية
السلمية في هذا التوجه .وفي سبيل المضي قدما في تحقيق هذا التوجه ،فان المر أيضا
يتطلب ويحتاج آلي إعادة تأهيل شبه شامل لكافة الكوادر التعليمية وخاصة في مستويات
التعليم مادون الجامعي وحتى البتدائي بحيث تكون الكفاءة واللتزام بأخلقيات العمل والعلم
هي الساس للعمل في المجال التعليمي والتربوي .إن على الحكومة في سياق برنامجها
الحكومي المتصل بالعملية الصلحية التربوية العمل على تفعيل كافة القطاعات النتاجية
بما يتوافق مع ان تكون الدورة التعليمية ذات مخرجات متنوعة وعصرية تدخل في كافة
العمليات النتاجية و ليس كما هي ألن دورة مقفلة يعاد إنتاجها لمتصاص بعض من
البطالة و التي تدور في حلقة مفرغة بتركيزها على استيعاب مخرجات الدورة التعليمية في
القطاع التعليمي نفسه ( العمل كمدرسين أو مدرسات ) أو في الوظائف الحكومية و التي
يبدو أنها تجاوزت درجة التشبع آلي التخمة المفرطة و التي وصلت آلي عدم القدرة على
المضي في تلك العملية الستيعابية و التي ستنعكس سلبا بإعادة إنتاج البطالة مرة أخرى .
طبعا هناك مخرجات متنوعة بعض الشيء في الدورة التعليمية في حلقاتها العليا ,و لكن
يلحظ انه و باستثناء بعض من التخصصات ,خاصة العلوم الطبية ,فان معظم الخريجين و
الخريجات من كافة التخصصات من الجامعات يبحثون عن عمل في القطاع التعليمي
( التدريس ) أو في الجهزة الحكومية .إضافة آلي ذلك هناك حاجة ماسة للتوسع في
القطاع التعليمي الجامعي و التطبيقي الرسمي و الصلح مع التأكيد على رفع القيود على
مثل تلك التوجهات و التركيز بدرجة اكبر على المناطق الخرى والتي لزالت تعاني من
نقص في المجال التعليمي و خاصة الجامعي منه .
ولعل الخطوة الخيرة ( المر الملكي في 2002-3-24م ) التي أقدمت عليها القيادة
السعودية بدمج الرئاسة العامة لتعليم البنات بوزارة المعارف خطوة تمثل محاولة للتعامل
مع معضلة التعليم و إعادة هيكلته في سياق النفصام الذي كان قائما بين المؤسسات
التعليمية للبنين و للبنات و ما يتصل بالزدواجية غير المبررة في المجالت الدارية و
المالية و المنهجية .ان كانت تلك الخطوة تستهدف إعادة هيكلة التعليم بحيث يحقق قدرا
عاليا من تمتين مستويات التعليم وجودة عالية ل دارة الموارد في تلك المجالت ,فان
ذلك يعتبر خطوة في الطريق الصحيح لكنها تحتاج إلى التعزيز في السياقات التعليمية
الصلحية الخرى .و ان كانت تلك الخطوة تستهدف التمهيد لتعديلت في المنهجيات
للتعامل مع الضغوط الخارجية الغربية و المريكية تحديدا فان ذلك ل يبدو ينظر إلى إعادة
لمعالجة الزمة الداخلية . هيكلة التعليم باعتبارها أحد متطلبات بديل الصلح
وفي السياق الثقافي العام فيجب أن يكون هناك انفتاح ومكاشفة وشفافية مع
النخب الفكرية والمثقفة والمتعلمة في البلد بحيث تكون الخيرة قادرة على المساهمة في بناء
الدولة والمجتمع والمة وان تتجاوز القيود المفروضة عليها في سبيل تلك المساهمات سواء
على مستوى الداخل أم الخارج وفية وفي درجة هامة النطاق العربي .وفي سياق المسالة
الثقافية ومساهمة المثقفين فانه من المثير للملحظة ان هناك شبة انعدام للمؤتمرات
والندوات عن القضايا الملحة داخليا ( .)40وإذا وجدت فإنها وفي سياقها الرسمي ,غالبا ما
تفتقر آلي الهامش المطلوب للرأي الخر .وأما بالنسبة لمشاركات المثقفين والمفكرين في
النشاطات الخارجية وخاصة في المنطقة العربية فإنها تخضع لقيود صارمة وتتطلب الحصول
على موافقات رسمية والتي غالبا ما تتأخر أو تأتي بالرفض .ولعلة من المفارقات العجيبة أن
هذا البلد يحتضن طاقات وكوادر متعلمة مثقفة لربما قل نظيرها في كثير من البلدان العربية
وذلك في كافة التخصصات ولكنها ولعدم قيامها بمهامها وتعطيل فاعلتها أدى بها آلي غيابها
بل آلي تراجع في إمكاناتها ومخزونها المعرفي والثقافي مع مرور الوقت .ولعلة من المثير
للملحظة وغريب المور أن تجد عناصر في البلد ممن يشيرون آلي مواقف المثقفين
والمفكرين الخرين وهم عادة من العرب اوالجانب باعتبارها مواقف سلبية تجاه السعودية
وان تلك المواقف تمثل نوع من الحسد أو الحقد ...الخ .ان تلك المسالة وان صحت جزئيا
ليست صحيحة على الجملة وان ما فيها من صحة مردها ،أيضا ،عدم إتاحة الفرصة
للمثقفين من البلد للقيام بمسؤولياتهم من حيث المساهمة والمشاركة والحوار مع أولئك
المثقفين وبالتالي تبديد الصورة النمطية عن النسان والدولة والمجتمع في السعودية ان
وجدت .
وفي الجانب الثقافي العلمي ،فيجب ان تكون هناك مكاشفة وشفافية تجاه الرأي
العام وبالتالي انفتاح الصحافة وتوسيع ان لم يكن إطلق هامش الحرية لديها بحيث تتسع
للرأي والرأي الخر وان تكون أحد وسائل وأدوات أطر إتاحة المعلومات وطرح ومناقشة
القضايا الملحة محليا وعربيا ودوليا في كافة المجالت ،خاصة وان المر لم يعد يحتمل في
ضوء وجود بدائل وقنوات ومساحات وساحات للمناقشات والحوار وتبادل المعلومات
وإيصالها للمواطنين من العلم العالمي والقليمي والعربي ووسائل التصال الحديث المتصل
بشبكة المعلومات العالمية النترنت وفضائياتها غير المحدودة وكذلك القنوات الفضائية ...الخ
.
إن إلقاء نظرة على العلم المحلي سواء المرئي أو المكتوب وخاصة واقع الصحافة
السعودية يبين أنها تعيد إنتاج نفسها في كل منطقة بحيث انك لتحد من الفوارق إل ما تعلق
بمحليات المناطق تحديدا ،أما الخطوط العامة السياسية والقتصادية والجتماعية والثقافية
والمتصلة بالشان العام المحلي فان قراءة صحيفة واحدة تكفيك عناء الطلع على البقية.
ولعل الكثر وضوحا في كل ذلك هو انعدام الرأي الخر انعداما يكاد يكون كامل –
رغم وجود أقلم ومواهب وكوادر تمتلك مقومات التحليل والنقد والتقويم والتعامل مع الفكار
الجديدة والمستجدة – وذلك بسبب من معوقات العمل وخاصة انعدام أو الضيق الشديد لهامش
الحريات .ان ذلك يؤدي آلي حجب أو تغييب تلك المكانات والعناصر الثقافية والمعرفية
وأصحابها ويضطر بعض منها آلي النفاق السياسي والرؤية الحاديه شديدة – النغلق
وبالتالي يفسح المجال فقط و فقط لؤلئك من الكتاب والذين ل يرون غضاضة في التماهي
مع تلك التوجهات والمساهمة في استدامتها على نحو قد يساهم جهلً أو عمدا في تواصل
إمكانية بروز مشهد النهيار.
ان الرأي الخر سواء على مستوى الثقافة والمثقفين والمفكرين في نطاق الندوات
والمؤتمرات والمساهمة فيها أم على مستوى العلم المقروء والمكتوب وفي المسموع يجب
ان يعطي الفرصة والضمانات المشروعة بأن يؤدي دوره منظور أليه ليس على انه هدام أو
معارضه هدامة كما هو شائع في عقول من هم ينتسبون آلي الحقول والقوالب والحقب
الماضية ,وإنما يجب إن ينظر أليه على انه رأي مختلف يقدم قراءة مختلفة ولربما يشكل
على هذا النحو ,وحسب مقولة وليم زارتمان دعامة للحكم( )41أكثر من أولئك الذين ل
يستطيعون إل إن يقدموا القالب والرؤية أل حادية و والواحدة والتي تتماشى مع ما يعتقدون
انه الخط العام المقبول .ان الختلف في الراي والنقد هو الذي يبين السلبيات ويطرح
والخيارات ؛ واما الرأي الواحد المماشي (الذي ل يستطيع طرح مناقشة إل قضايا ومشاكل
الخارج بما فيها مشاكل البلدان العربية من حيث حقوق النسان ومشاكل القليات والستبداد
السياسي والخفاق والقتصادي ,ولكنه ليريد أو ليقدر أن يتعامل مع تلك القضايا على
مستوى الداخل ) ,فانه وان كان يرى بأم عينيه المخاطر والحفر والمزالق فانه إما
ليستطيع أو ليريد إن يقول ذلك ,انه دائما راكبا للسفينه العمومية وزاعما الولء لها
محرضا على استعداء الرأي الخر على طريقه كسب مزيد من الود والترقي .
لعل من المثير للملحظة والستغراب أن آلرأي لخر في مستواه القصي محارب كما
تمثلها بشكل صارخ حالة ما تعرض له مؤخرا الشاعر عبدالمحسن المسلم من مساّءلة
واعتقال في السجن بسبب قصيدة " المفسدون في أل رض " و التي ينتقد فيها بعض القضاة
و نشرها في صحيفة " المدينة " في 2002-3-10م ,و كذلك اقالة رئيس تحريرالصحيفة
نفسها ( محمد مختار الفال ) بسبب نشرة لتك القصيدة( .)42أن تلك المعالجات القاسية
للرأي أل خر ,و هي ليست حالت معزولة على اية حال ,تعيد دوامة السياسات المنية و
التي ل تزيد المور إل تعقيدا ,بل انها تساهم بانتاج دوامة التطرف و تزيد من اتساع
دائرة المعترضين على الدولة و سياساتها و بما ينعكس سلبا على علقة الدولة بالمجتمع و
يفاقم من ازمتها بدل من حلها .ان مثل تلك الحادثة و مثيلتها و التي ل تبدو معزولة و
محدودة ,تثير الستغراب حقا ,ذلك ان هناك عناصر في اجهزة الدولة تساهم بجهل أم
بوعي في خلق أل عداء للدولة و تلك مفارقة يجب ان يعاد النظر فيها لنها ل تزيد
الزمة الداخلية إل تفاقما .
وحتى تلك الهجرة و طرق ساحاتها الثقافبة العربية محفوفة ببعض المخاطر اذ
لتخلو من توترات ازمة الدولة والمجتمع في سياقها الثقافي ،ذلك ان أعدادا من المثقفين
يتعرضون بين الحين والخر لمضايقات لتخلو من غرابة ومفارقة في نفس الوقت .فاما
الغرابة فيها فان من يمارسها هم عناصر واطر لعلقة لهم بالثقافة ولربما يتجاوزون بها
حتى النظمة واطرها واصحاب الشأن بها ؛ واما المفارقة فيها فان تلك المضايقات بما هي
تجاوزات تصادر الحقوق والبداع تساهم بقصد اوبجهالة بتعميق الزمة بين الدولة والمثقفين
وذلك من خلل ممارسة الكبت والحرمان والقهر وبما يعني التفنن بخلق وتزايد العناصر
المعادية و المعارضة للدولة .
إن استمرار تلك الوضعية الجامدة و المجمدة على ما يبدو في وجه أصحاب القلم و
الرأي في سياق المعلومة و أل علم و الثقافة و الرأي أل خر داخليا من جهة و بين
انفتاح آفاق غير محدودة للمعلومة و أطرها من أطراف خارجية من جهة أخرى ل يؤدي إل
آلي مزيد من ابتعاد كثير من المواطنين ,و خاصة المثقفين و المفكرين و أصحاب الرأي
و القلم ,عن الدولة و اطرها و سياساتها باعتبارها متفارقة معهم على نحو يخلق و
يعمق و يعزز الفصام و القطيعة بل رجعة بين الطرفين .ان تفعيل الطر الثقافية
ومكوناتها سواء على مستوى الثقافة العامة و المنتديات والجامعات أم على مستوى العلم
وبما يضمن هامش قانوني واسع لتفاعل الراء دون مضايقة على بعض منها ودونما تجريم
أو منع سيكون أحد الدعامات الساسية لمشروع وبديل الصلح.
ويتطلب ذلك العمل الجاد على تقوية علقات الدولة مع كافة الدول الخرى شرقية
كانت أم غربية وعلى نحو متنوع ومتوازن بما يحقق أيضا تنويع العلقات القتصادية وكذلك
تنويع مصادر السلحة وكذلك العمل على تطوير صناعة أسلحة محلية أو عربية في هذا
التجاه للخروج من مسالة العتماد على السلح والمصدر الواحد .وقد يكون من المناسب
أيضا تطوير قوة عربية خليجية للعتماد عليها .
ولضمان هذا التوجه فان مرتكز العلقات الخارجية سيكون إعطاء أهمية حاسمة
للدائرة العربية والخروج من ملف الزمات العربية وبدون عقد أو النتظار حتى يقرر الخر
(الغرب) .لذلك فان الحاجة ماسة لعادة النظر بالمسالة والحالة العراقية الكويتية على نحو
يقفل هذا الباب نهائيا وبما ينقذ كافة البلدان العربية وشعوبها من التورط في عمليات ل
تستهدف في النهاية سوى العرب بمن فيهم الذات .ان ضرب العراق واستهداف النظام فيه
وإسقاطه وبغض النظر عن التفاق أو الختلف معه قد يكون البوابة الواسعة التي يدخل
منها الغرب و الوليات المتحدة تحديدا والورقة السابقة --التاريخية التي ترفقها ضد
الدول العربية الواحدة تلو الخرى كما حاولنا ان نبين مخاطر ذلك سابقا .ان على السعودية
ومصر وسوريا العمل على إقناع الدول العربية الخرى من خلل القمة العربية القادمة أو
التفاق فيما بينها على القل على عدم التعاون مع الوليات المتحدة في ذلك التوجه والعمل
على إنهاء الملف العراقي و الحالة العراقية الكويتية بشكل نهائي ولمصلحة كل الطراف و
المة العربية عموما وذلك بالنطلق من حكم شرعي إسلمي طبقا وتطبيقا للية الكريمة :
(( وان طائفتان من المؤمنين أقتتلوا فاصلحوا بينهما ,فان بغت إحداهما على الخرى
فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر ال ,فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و اقسطوا ان
ال يحب المقسطين < >9إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم و أتقوا ال لعلكم
ترحمون < >10سورة الحجرات )) .أن المصالحات التي تمت في أثناء مؤتمر القمة العربية
في بيروت و قراراتها التي صدرت وهي تتصل بالتجاه نحو إغلق الملف العراقي تعتبر
أمور مهمة و مشجعة و تستحق الثناء و التقدير .أن الحاجة أصبحت ماسة ألن آلي البناء
على تلك التجاهات بخطوات تعزيزية اكبر و أهم للوصول آلي تطبيع كامل للعلقات العربية
العربية و كذلك التنبه آلي بعض المنافذ العالقة و التي قد تستغلها أمريكا في توتير الجواء
العربية من جديد و استخدام بعض المواقع و القواعد العسكرية العربية الخرى و التي
تعمل أمريكا على ما يبدو تجهيزها ( حيث التوجه المريكي بنقل أجهزة إلكترونية و حاسبات
لسل ح الجو المريكي آلي قطر و هو ما يعني نقل مقر سل ح الجو و قيادة العمليات
التشغلية هناك ) كمنطلق لشن الضربة على العراق .لذلك فان على الدول العربية الرئيسية
و منها السعودية مصر و سوريا مساعدة تلك الدول العربية الصغيرة و الوقوف معها ،
مثل قطر ,و التي قد تتعرض مستقبل للضغط عليها لتمام المشروع المريكي بضرب
العراق و بالتالي فتح مشاريع التفتيت و التقسيم و خاصة في الشرق العربي و منه الخليج و
السعودية في مقدمته .
وفي السياق العربي فان الحاجة تدعو آلي تطوير الطر العربية وتفعيلها بما في ذلك
مجلس التعاون الخليجي باتجاه كيان فيدرالي وكذلك مؤسسة القمة العربية والجامعة العربية
للوصول آلي ميثاق ومبادئ يمكن أن تؤطر بفعالية للعمل العربي المشترك والخروج من
ملف الزمات بما في ذلك أيجاد آلية للتصويت في مؤسسة القمة العربية تأخذ بالغلبية
المطلقة أو أغلبية الثلثين في اتخاذ القرارات بحيث تكون ملزمة للجميع بمن فيهم
المعارضون طالما هم أقلية .وفي هذا السياق يجب التركيز على تفعيل المحاور القتصادية
والثقافية ومناطق التجارة الحرة والمساهمة في قيام مؤسساتها إنهاء دعم وتفعيل ماهوقائم
منها .ان تلك التوجهات بما فيها التوافق والتفاق مع العناصر والطراف العربية المعنية
على إدارة الصراع العربي الصهيوني إدارة تكفل الحقوق الشرعية و المشروعة للشعب
الفلسطيني بما في ذلك الوصول آلي إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس مع التأكيد على
حق العودة للجئين و بما تتضمنه تلك الدارة من دعم شامل للنتفاضة وحمايتها حتى
الوصول إلى تلك الغايات – سيكسب الدولة شرعية محلية وعربية وإسلمية.
هذا المشهد بالنهيار يمكن تجاوزه فعليا ببديل الصلح وكذلك قطع مشهد التقسيم أو
التفتيت إذا وصل المر آلية قبل مشهد النهيار وهذا الخير سيكون الحافز والعامل الحاسم
في مسالة التسريع والتسهيل بتنفيذ مشهد التقسيم .ويجب التشديد هنا ان طرح ومناقشة
بديل الصلح إنما يعكس توجهات ونقاشات عامة وخاصة ودعوات فردية ضمن مقابلت و
منابر أطر إعلمية متنوعة ( . )43في هذا الصدد ولربما حتى بين أفراد السرة السعودية
المالكة وخاصة دعوات المير الوليد بن طلل والذي دعى آلي أيجاد نوع من النتخابات
لمجلس الشورى وان قصرت في مراحلها الولى على الرجال دون النساء قياسا بالتجربة
الكويتية وكذلك دعوات والدة المير طلل بن عبد العزيز والذي كان ول يزال في كثير من
مقابلته وتصريحاته يدعو آلي تطوير وإصلح تلك المؤسسات السياسية في السعودية .ومما
قاله الوليد بن طلل ،في دعوته للديمقراطية في السعودية 30/11/2001م في حوار مع
صحيفة " نيويورك تايمز" ,انه لمعالجة عدم الرضى الداخلي خصوصا بعد التطورات
الخيرة فانه (" إذا سمح للناس الحديث بحرية ومشاركة بقدر اكبر في العملية السياسية
فسيكون بالمكان احتواءهم وجعلهم جزء من العملية " ) ,وقال انه كلما تمت عملية
انتخابات مجلس الشورى بسرعة كلما كان افضل للمملكة .وقال انه يفضل إلغاء المخصصات
الملكية السنوية والتي قال أنها تصل آلي 180,000دولر أمريكي وذكر بأنة وهو يطرح
تلك الفكار فانه يساهم في النقاشات داخل السرة حول فكرة النتقال آلي ديمقراطية محدودة
والتي تطرح علنا فيما بين أفرادها وان لم تطرح علنا إعلميا .وذكر في النهاية ان السرة
لزالت بصدد دراسة ان تقول (نعم)أو(ل) (. )44
و رغم ان الوليد لم يكشف مواقف أفراد السرة المالكة تجاه تلك الديمقراطية
المحدودة ,إل انه يبدو أن هناك عناصر من السرة المالكة ،وان لم يكن بالمكان
حصرها ,أما أنها تشاطر هذا التوجه ,أو أنها ل تمانع من سلوكه .ويبدو ان تلك
العناصر والتي يصعب حصرها أو تحديد أعدادها تنطلق من مواقفها هذا من فكرة ان توسيع
دائرة المشاركة السياسية في صنع القرارليمس فقط البعاد الشعبية وإنما يمسها هي كذلك ؛
إذ أنها وعناصر أخرى داخل السرة تشكل حلقات بعيدة أهمية مبعدة عن مراكز القرار
وبالتالي عن دائرة ومقتسمات والثروة و /أهمية النفوذ .وكذلك يبدو ان لهذه العناصر
مصلحة في توسيع دائرة المشاركة انطلقا من مصالح ( المصالح ليست بالضرورة مادية وقد
تكون معنوية أهمية ذات صلة بالمكانة والنفوذ) لها تبدو غير محققة في ظل الوضع الراهن
حتى وان حصلت على بعض المتيازات الهامشية بالمقارنة بالمتيازات الضخمة للحلقات
ومراكز القوة الساسية .والبعض الخر منها ينطلق من إدراك ووعي بان المور أخذت
بالفعل بالتغيير في إطار علقة الدولة بالمجتمع ومكونات الخير و قواه ،وان افضل
طريقة لتماسك البلد بما هو دولة ومجتمع هو التنازل عن بعض الشياء مقابل الحتفاظ
بالشياء الخرى أو ببعضها على القل.
ومع ذلك فان هذه العناصر المنفتحة على التغيير و ولوج الصلح ،ل يبدو أنها
مسموعة في صوتها أوانها كما هي العناصر الشعبية مغيّبة أو غير قادرة على البوح
والمخاطبة والدفع بهذا التوجه ,ولربما تشعر بالضغوط والقوة الممارسة عليها ضد هذا
التوجه .في هذا السياق يلحظ ان المير طلل والذي يبدو اكثر الصوات داخل السرة
ارتفاعا في إطار التوجه الصلحي ،هو الخر يشعر بتلك القيود ولربما بعض من معاناتها
عندما يقول في حلقة ضمن برنامج بل حدود (قناة الجزيرة الفضائية /قطر) والتي خصصت
لردود الفعل على حلقات شهادته على العصر ,وذلك في 6/12/2000م انه بعد هذا اللقاء
فانه ل يريد أن يتكلم عن الشان العام وذلك لنه :ألن عرف ...؟ ان هناك ثلثة أشخاص
مصرح لهم بمثل هذا الحديث وهم الملك فهد والمير عبداللة والمير سلطان ( .)45ورغم أن
أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م وتوابعها وصلة ذلك بما سمي الحملة المريكية على
الرهاب وعلى السعودية ،قد أتاحت حديثا آخر للمير طلل ،إل انه و في مقابلة في برنامج
بل حدود – مرة أخرى (قناة الجزيرة الفضائية /قطر) (في 2002 /23/1م) لم يشأ الخوض
بالشأن العام الداخلي وركز جل همة على معالجة الزمة من طرفيها الخارجي (المريكي
تحديدا) عارضا فكرة استخدام ضغط المجتمع المدني العربي ومن خلل شركة للعلقات العامة
تؤمن الدخول آلي الساحة المريكية ،علما بان المير طلل يعلم بان مؤسسات المجتمع
المدني العربي ليست موجودة في عدد من البلدان العربية و منها بالذات السعودية ,
وبالتالي فان الصلح ل يكون من الخارج بل من الداخل بما في ذلك تفعيل ذلك التوجه(تنشيط
عمل مؤسسات المجتمع المدني أو الهلي كما نفضل تسميته ) داخليا وأول وقبل كل شيء (
. )46
وحيث تلك هي التوجهات داخل السرة وخاصة في إطار عدم الفصاح عن مدى حجم
وعدد الصوات تجاه دعوات الصلح وكذلك عدم خروجها إلى العلن من أصوات عناصر
واضحة ،إضافة إلى أن المسالة كانت ل تزال تدور في إطار دراسة هل نقول " نعم " أم "
ل لفكرة "الديموقراطية المحدودة " وخاصة الوصول إلى سلطة تشريعية منتخبة ،وكذلك
مع حالة السكون وما تعكسه من شعور بهدوء الوضاع ،فان ذلك كله يشير إلى ان هنالك ما
يبدو انه معوّق بنيّوي ضد الصلح والديموقراطية المحدودة في ثنايا أطر العائلة المالكة
وحلقاتها.
وعليه ,فان المر يبدو انه وفي ثنايا تلك الحلقات من العائلة ،فان معوق كبير
للصلح والديموقراطية يبدو مرتبط بعناصر من السرة والتي تسودها وتطغى عليها رؤية
أو عقلية مغرقة بالماضوية ؛ تلك هي "عقلية ملكية الجميع " ,بمعنى ان البلد ومن فيه
بشر وارض وموارد ومؤسسات ومخرجات هي ملك خاص في قبضة اليد والتي لها الحق
دون غيرها بالتصرف بما تشاء و كيفما تشاء ومتى تشاء .تلك العقلية بالملكية الخاصة
للجميع تستند إلى وتنطلق من مقولة أخرى اكثر ضيقا في رؤيتها إل وهي أن إقامة الكيان
والدولة السعودية إنما تمت(بالقوة وبحد السيف) وان من يريد اخذ شيء فليستخدم نفس
السلوب والداء ،أن كان يستطيع طبعا .وتلك مقولة خطيرة ل من حيث التلويح بالقوة ول
باستعداء الخرين بالولوج لها باعتبار ان الصلح باب مقفل .فوق هذا وذاك فان تلك
العقلية تنسى أو تتناسى أن تلك القوة التي كانت وراء تكوين الدولة السعودية ( في السياق
الداخلي فقط مع عدم إغفال أهمية العامل والقوى الخارجية في ذلك) لم تكن إل من القوى
المجتمعية والشعبية آنذاك سواء الحضرية منها "القروية والفلحية" في بداية النواة الولى
للتكوين أم من القوى القبلية (رغم التصادم مع بعضها لحقا عندما قامت شوكة الدولة)
وكذلك دور بعض العائلت في المدن والرياف والتي تحالفت مع الملك عبد العزيز وسهلت
تلك المهمة بدرجة كبيرة في القصيم وحائل والحساء والحجاز وعسير والجوف في مرحلة
التمدد والتوحيد .لذلك تميزت المرحلة الولى لقيام الدولة السعودية " بالمشاركة والمساهمة
" لتلك القوى أو من يمثلونها في مقابل الستقرار وإنهاء حالة الصراع الهلية البينية المتعددة
والمتواصلة قبل ذلك .
وفي إطار ذلك التوازن كانت تلك " العقلية بالملكية " لربما مقبولة قي الفترة
الماضية ,فترة التكوين وحتى لربما نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن العشرين ,
أما في المرحلة الحالية وخاصة منذ أزمة الخليج الثانية 1990فصاعدا ومع التحولت في
تركيبة المجتمع وقواه -والمتصلة بحركة التحديث منذ نهاية عقد الخمسينيات من القرن
العشرين فصاعدا وكذلك مع التطورات المحلية والقليمية والدولية بما في ذلك ثورة
المعلومات والتصالت ، -فان تلك العقلية ورؤيتها ليست فقط غير صالحة للمرحلة بل أنها
ستكون عبئا على الجميع "دولة ومجتمع" بمن فيهم أصحاب وعناصر تلك الرؤية والعقلية .
إضافة إلى تلك العقلية المهيمنة والمنتمية إلى الماضي ولكنها فاعلة في الحاضر ولو
إلى حين ،فان هناك عقبة بنيوية أخرى لربما تصل إلى ان تكون متساوية مع ان لم تكن
اكبر من عقبة" عقلية الملكية" وبالتالي ستكون الكثر فاعلية ضد بديل الصلح .تتمثل تلك
العقبة الخرى بالقوى المتنفذة في أجهزة الدولة ومؤسساتها "البيروقراطية" وخاصة في
مستوياتها العليا وأيضا حول عدد من العناصر القيادية في الدولة .هذه القوى المتنفذه هي
ذات امتدادات مناطقية محددة وترتبط بعائلت بعينها من مدن أو قرى محدودة من تلك
المناطق المحدودة رغم أنها ليست بالضرورة ممثلة لها أو لهلها على الجملة .
تلك العائلت وأبنائها وامتداداتها بدأت تسيطر على المناصب الرئيسية في القطاعات
المهمة من الدولة وتستحوذ بالتالي على نفوذ لربما يتجاوز كثيرا من أفراد السرة المالكة ,
بل أن أعدادا من الخيرة لربما ل يجدون مفرا من التعامل مع تلك السر وعن طريقها
للوصول إلى دائرة القرار في مدخل ته أو مخرجاته .تلك القوى المتنفذة والمرتبطة بعائلت
بعينها وذات امتدادات بقرى أو مدن من مناطق بعينها وان كانت ل تمثلها بالضرورة ،أخذت
تستحوذ على النفوذ ورسم السياسات وتوزيع المناصب داخل الهياكل الحكومية وبالتالي
أصبحت هي وبشكل متعاضد هي التي تعد وترسم وتنفذ سياسات الدولة وخاصة الداخلية منها
.من هنا يمكن ملحظة ان السياسات التنموية لم تكن متوازنة بين المناطق و اشغالتها
الجتماعية .لذلك فان ما يتضح من تلك التجاهات هو انه رغم ان " السرة السعودية" ل
زالت بيدها القرار النهائي لتلك السياسات إل أن من يقوم بالفعل بإدارة البلد هي تلك القوى
من العائلت المتنفذة .
أن تلك القوى المتنفذة هي ما يمكن ان يطلق عليه" الحرس القديم-الجديد" .أما كونه
قديما فليس المقصود به هو انه من القوى القديمة من الناحية الزمنية وإنما لنه يمثل
العتراض على الجديد "الصلح" ؛ و أما كونه جديدا فالمقصود به ليس لنه يمثل التكوينات
الجتماعية الجديدة بالضرورة ،وإنما لنه في مرحلة ما وهي السبعينيات من القرن
العشرين كان قد اخذ يحل وبشكل تدريجي محل النخبة السابقة والتي كانت تنتمي آلي
عائلت من منطقة أخرى بعينها التي كانت لها الهيمنة في بيروقراطية الدولة أنذراك .تلك
القوى المتنفذة هي التي تنعم بمكتسبات الدولة وخدماتها من مالية وخدماتية ومعنوية بما في
ذلك وبدرجة مهمة مسالة النفوذ والمكانة ،باعتبار أن النفوذ ذاته جالب للخيرات والملذات
كما يقول بذلك ابن خلدون ( .)47إنها تحصل على مرتبات ومخصصات عالية ،وتحصل على
تعليم عالي ولربما خاص ،وتحصل على خدمات صحية عالية حكومية وخاصة و لربما
على حساب الدولة ونفقاتها و كذلك تحصل في مناطق سكنها على خدمات بلدية ل يمكن
أن تجدها في أي من الحياء الخر غير المشغولة بتلك الفئات وعناصرها .لذلك فان تلك
الفئات والعائلت وقواها المتصلة بها لن تكون مع الصلح بل إنما ستكون العائق الكبر
لربما في هذا التجاه.
من هنا فان استمرار تلك العقبة ذات الصلة بالقوى المتنفذه والمتعاضدة والمتحالفة
ل منهما أو كلهما ,سيشكل العامل الحاسم والمحوري في
مع العقبة الولى عمدا أو جه ً
تواصل عملية النخر في ظل تواصل عقبة أخرى هي الفساد بكافة تجليا ته وبالذات المالية
والداريه والمحسوبيه واستشراء المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة وفي غياب
القانون والمحاسبة .وبالتالي ستكون تلك العقبات وخاصة الولى والثانية المسؤولة عن
تعويم بديل النهيار و /أو الوصول بالبلد إلى مشروع التقسيم والتفتيت .
وحيث المر كذلك ,فان بديل الصلح المطروح ينبه إلى ضرورة اللتفاف آلي
خطورة تلك العقبات وبالتالي معالجتها معالجة تفضي إلى إيقاف مخاطرها تلك .وعليه في
هذا السياق فان الحاجة ماسة إلى معالجه المعضلة المتمثلة بتلك القوى المتنفذة و وقوفها
ضد العملية الصلحية وما تمثله تلك العقبات و مواقفها من بقاء الوضاع كما هي .
وتلك الخيرة تمثل البيئة التي تترعرع و تنمو فيها بذرة النهيار ولربما تمهد في تنامي
فرص مشهد التفتيت خاصة و أن الغرب و تحديدا الوليات المتحدة عازمة جازمة هذه
المرة على أما أل تترك السعودية على ما كانت علية و أما ذلك فقط يحتاج آلي النتهاء
من الولويات في سياق مشروعها الكوني وتسلسل حلقاته .
والمعالجة تلك وأمرها ل يجب أن يفهم منهما بأن ما هو مطلوب هو استبدال تلك
العناصر بعناصر اكثر طيبة ونظافة ونزاهة لتقويم الداء الحكومي والذي بدا أن القيادة
بدأت تلحظ قصورا واضحا فيه وتحذر من أثاره على المواطنين ,و ذلك أمر محمود بذاته
,كما فعل و نبه أليه المير عبد ال ولي العهد وخاصة مؤخرا ( , )48وإنما الكثر
أهمية في المعالجة يتركز على الحاطة بجوهر المشكلة .
إن المعالجة لها والوصول أليها ل يتم فقط بالرجال الكفاء وان كان ذلك مهم
و ل يقلل من شأنه في ذاته ,وإنما بوجود مؤسسات واليات ذات صلة بالتكيّف السياسي
للنظام وأبعاده الخرى بحيث تتكون آليات ومؤسسات تستطيع القيام بمهام المسؤولية
والمحاسبة القانونية تجاه تلك العناصر والممارسات أي كان مصدرها وبغض النظر عن
أصاحبها وذلك ضمن إطار قانوني ودستوري يعتمد على إشراك المواطن في دائرة الحكم ول
يقصيه أو يستثنيه كما هو قائم حاليا .إن الثقة في المواطن و إعادة العتبار أليه في كل
تلك الحلقات هو الذي يؤسس إلى إقامة علقة متوازنة بين الدولة والمجتمع والتي تستطيع
بالتكيّف للنظام طبقا للتجاهات وظروفها أن تصمد أمام التحديات داخلية كانت أم خارجية,
خاصة و إن القادم منها وبالذات المريكي منها على وجه التحديد -و في سياق توجهاتها
المستقبلية للمنطقة و هي تشدد على إن الحالة السعودية يجب أن ل تبقى كما كانت حتى
ولو تتطلب ذلك تفكيكا لها أو إعادة هيكلة على نحو ما -هو اكبر مما يتصوره البعض .
إن الخوف كل الخوف إن تستمر عقلية التوهم بان الخطر زال و إن الزمة انقشعت و إن
الوضاع و أطرافها ساكنة هادئة و بالتالي ل ضرورة لمعالجة أو لصلح .
إن النتظار مطولً عند فكرة الصلح أو التردد تجاهها قد يكلف البلد (الدولة
والمجتمع) ثمنا باهضا قد يصل إلى فناءه وبالتالي يجب عدم النتظار حتى تفرض المور من
الخارج بهذا التجاه أو ذاك .أليس الجدى والكثر كرامة ولربما استحقاقا للتقدير إن
تأتي الصلحات من وعي و رغبة وقدرة وجرأه للنخب الحاكمة ؟ إن المل معقود على انه
هناك عناصر من النخب المسؤولة من لديهم بالفعل من العقلنية والحكمة والرشاد ما
يؤسس لمثل هذه التوجهات الصلحية .إن المر بدرجة كبيرة يرتبط بوجود رؤية
تقوم على فكرة " المساهمة و لمشروع دولة بحيث أنها ل تقصي و ل تستثني و إنما
المشاركة " للجميع أفرادا و جماعات و مناطق و بصيّغ و آليات و مؤسسات عصرية
تصون الحقوق و تحفظ الكرامة و تحقق العدالة و الرخاء و التقدم .
في النهاية نقول إن هذه الورقة ,وبما تضمنته من أفكار انطلقت من تصورات و
متابعات أكاديمية موضوعية و أيمانا بالمكاشفة المصارحة للمساهمة في إنقاذ البلد والمة ,
ل تدعي إن صيغة الصلح المقدمة ,هي الصيغة الوحيدة أو الكاملة .إن هناك بالتأكيد طاقات
وقدرات في أبناء هذا البلد وأبناء البلد العربية عموما والذين إذا ما أتيحت لهم الفرصة
فانهم بل شك سيعملون على صياغة مشروع وعقد(مثياق إجماعي جديد) لبلدانهم و أمتهم .
إن كل ما تسعى أليه الورقة هو أنها تريد أن تلفت إلى المخاطر والتحديات ومنها الداخلية
بدرجة اكبر وكذلك الخارجية ذات الصلة على بنيان وتماسك الدولة والمجتمع و المة في
الحاضر و المستقبل .وثانيا فإنها وبتلك الفكار تفتح المشروع والسئلة ذات الصلة بالدولة
والمجتمع في السعودية تحديدا ولربما في البلد العربية الخرى قياسا على الخرين
المناصرين والمناهضين وسواء من أهل الثقافة أو الفكر أو أهل القرار وقواه وذلك للتعامل
معها وبالطريقة التي قد تصل بهم إلى الجوبة و أبوابها التطبيقية أو لربما لفتح مزيد من
السئلة و البحث في النماذج الصلحية .
[البحث الثاني:
السلم والدستور]
السلم والدستور:ـ
الدستور :هــو الليات العصرية المؤسسية للحتساب على السلطات فيما بينها
لقامــة حــياة مدنية اســلمية عــادلة شوروية
11
للمزيد في التفصيلت أنظر الجزء الخاص بالدستور .
الساسية فإنها تصدر أحكاما ملزمة تجاه السلطة المخالفة ،بالغاء تلك القرارات أو القرار .
إضافة إلى ذلك ،تكون مؤسسات المجتمع الهلي المدني وتكويناته المختلفة ،والتي يضمن
الدستور قيامها وعملها واستقلليتها ،بالرقابة المؤسسية المجتمعية على السلطات ،وهو
ما يمثل " آلية الحتساب على السلطة " اسلميا ولكن بطريقة مؤسسية وليست فردية
وبكافة المجالت ذات الصلة بالعدل والحقوق والحريات والمصالح الخاصة والعامة وضد
الفساد والمظالم ...الخ ،وكذلك تقوم مؤسسات المجتمع الهلي المدني بالحتساب على
بعضها البعض للحفاظ على الحقوق والمصالح والتوازن في سياق المصلحة العامة .
هناك عدة نقاط تحتاج إلى توضيح فيما يتعلق بتلك الليات الدستورية وعدم
تناقضها مع القرآن والسنة .الولى تتعلق بمسألة الحقوق والحريات العامة للمواطنين "
حقوق النسان " وكذلك بمصادر الحكام ذات الصلة بالدستور أو بالحقوق أو بعمل السلطة
النيابية .فنقول أن المرجعية ذات الولوية في كل ذلك هي الحكام القطعية الواردة في القرآن
والسنة فيما يتعلق بالحقوق والحريات ،ومصادر أحكام الدستور لعمل السلطات .إضافة إلى
ذلك فإن الحقوق والحريات الساسية التي تقرها السلطة النيابية المتصلة بالمواثيق الدولية
المنسجمة مع السلم وغير المتعارضة تعتبر جزءا من تلك المنظومة الحقوقية .الثانية :
تتعلق بآلية فصل السلطات وخاصة فيما يتعلق بالسلطة النيابية فهذه في بعدها السلمي
والقرآني وسنة النبي وسيرة الخلفاء الراشدين هي " الشورى الملزمة " والمنتخبة شعبيا
ودوريا في المجتمع .وأما من المؤهل لذلك التمثيل " تمثيل الناس والمجتمع " " في تلك
السلطة ـ الشورى الملزمة " فهم من يطلق عليهم أهل الحل والعقد من أهل الرأي والخبرة
والعلم والختصاص في كافة المجالت الحياتية بما في ذلك أهل الختصاص في الشريعة
السلمية ،وأولئك وهؤلء جميعا هم من يطلق عليهم القرآن " أولي المر " والذي تنطبق
عليهم الية الكريمة التالية قال ال تعالى " :وإذا جاؤهم امر من المن أو الخوف أذاعوا
به ،ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي المر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ،ولو ل فضل
ال عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان إل قليلً " ( الية 83من سورة النساء ) " .أولوا المر"
في الية السابقة هم ،كما قال بذلك ،النووي في شرح صحيح ومسلم ،أهل العلم
،ويقول بذلك أيضا الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ،حيث 12
والمعروفة والرأي .
12عن رأي النووي في ذلك انظر صحيح ومسلم ،بشرح النووي " بيروت " دار بن حزم ط 1423 ، 11هـ 2002م ص . 1427
يقول " أولي المر" المقصود بهم ،أهل الرأي والعلم والنصح والرزانة الذين يعرفون المور .
13
13وعن رأي الشيخ السعدي أنظر ،الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ،تيسير الكريم الرحمن في تيسير كلم المنان " ،بيروت " :مؤسسة الرسالة ط 1
ـ 1423هـ ـ 2002م .
المجتمع والمة ،بما يعمل على نموهم وتقدمهم ،وإمكانية أن يتنافسوا فعليا مع المم
الخرى في المساهمة في الحضارة النسانية ،ولربما تقديم نموذج للتقدم والحياة وفي سياق
روحي ومدني متوازن .وباختصار نقول إنه ل عدل من دون شورى ،ول شورى من دون
الزام ،ول إلزام من دون محاسبة ومراقبة واحتساب ،ول محاسبة او مراقبة أو احتساب من
دون دستور .
الدول والمجتمعات الحديثة أصبحت معقدة في شئونها العامة والخاصة وفي
كافة مجالتها القتصادية والجتماعية والسكانية والثقافية والقيم والمعتقدات السياسية ...
الخ ،بحيث تطلب ادارتها على نحو فعال لتحقيق العدل والحياة الصالحة ومقاومة الظلم
والفساد وتجلياتها إمكانات وآليات جديدة .والدستور هو الليات والهياكل الحديثة التي تقدم
هذه المكانيات .والوسائل القديمة لتحقيق مقاصد الشريعة السلمية ،لم تعد في ضوء مثل
هذه التعقيدات كافية أو قادرة على أن تحقق تلك المقاصد .من هنا فإن الحاجة ماسة إلى
الستفادة من الهياكل والليات الدستورية التي تحقق ما عجزت عنه تلك الوسائل والليات
القديمة .والدستور بمرجعية اسلمية اساسية وتطبيق آلياته يعيد اللية " الشورى الملزمة "
،السلطة النيابية ،فاعليتها وروحها في سياق الدستور السلمي .واذا كان الدستور يحقق
العدل (القسط) الذي أمر ال الناس ليقوموا به ,فأنه يعتبر من الدين ,ذلك ان ابن القيم
الجوزيه في تفسيره لليه ( 25من سورة الحديد) .يقول "...فأي طريق أستخرج بها العدل
والقسط فهي من الدين ليست مخالفه له ,فل يقال إن السياسه العادله مخالفه لما نطق به
14
الشرع بل موافقه لما جاء به ,بل هي جزء من اجزائه "
وكما اشرنا سابقا إلى مثال نظام المرور وأهميته في تسيير المسألة
المرورية ،وما يتعلق بها وأخذه من قبل تجارب وحضارة الخرين ،فإن تجربة الدولة
السلمية الولى في أيام الخلفة الراشدة أيضا قد مرت بتجربة مشابهة ،من حيث
استيرادها لمفاهيم وآليات " الدواوين " او ما يمكن تسميته " بنظام الدارة " ،ولم يكن ذلك
يمثل تعارضا مع القرآن والسنة ،رغم إنه نظام استخدم من حضارة أخرى وتلك الحضارة
كانت كافرة .إن حسن الدارة والنظم والليات في حياة مدنية متطورة قد تجعل أمما كافرة
أكثر عدلً من أمم ودول مسلمة ،وكذلك أقدر على مقومات القوة والنتصار وهذا ما نراه هذه
14العلمة شمس الدين أبي عبد ال ،محمد بن القيم الجوزية ،الطرق الحكمية ،قدم له وشرحه وخرج أحاديثه ،زهير شفيق الكبي (بيروت) :دار إحياء
العلوم ط 1423 1هـ 2002 /م ص . 25
اليام من قبل تلك الدول والمم ،وليس غريبا أن ينصر ال الفئة الكافرة على الفئة المؤمنة
نتيجة امتلك اسباب القوة والدارة والتعامل مع معطياتها
انطلقا من ذلك التصور للعلقة السليمة بين الدستور والسلم " القرآن والسنة
" ثم صياغة خطاب " نداء إلى القيادة والشعب معا :الصلح الدستور أولً " ،والذي قدم
إلى القيادة السعودية بعد منتصف الشهر الخير من العام 2003م ،وذلك على بناء صيغة
اسلمية وعلى مرجعية اسلمية ولذلك فقد كان من بين الموقعين عليه ،والذين بلغوا اجمالً
مائة وستة عشر شخصا من أبرز النخب المعرفية والثقافية والشرعية والمهنية السعودية ـ
أكثر من خمسة وعشرين من أساتذة عقيدة وتربية اسلمية وقضاة ودعاة ومنهم رموز
وفعاليات اسلمية معروفة .
وتمشيا مع مشروعية الحتساب على السلطة ،في سياق المر بالمعروف والنهي
عن المنكر في المجال السياسي ،فإن دعاة الصلح الدستوري السلمي والمجتمع الهلي
المدني قدموا وطرحوا تلك الرؤى الصلحية الدستورية للقيادة والشعب انطلقا من أنها تمثل
دعوة للخير والصلح لقامة حياة مدنية اسلمية شورية عادله ،وعملً بقول الرسول (صلى
ال عليه وسلم) ":الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال " :ل ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين
وعامتهم .وهذه دعوة إصلحية دستورية سلمية وأما تطبيقها وتنفيذها فيعود إلى الفعاليات
الجتماعية وإلى تفهم وإدراك القيادة لغتنام الفرصة واعتبارها من ضرورات النتقال إلى
حياة مدنية اسلمية شوروية عادلة ،تنفي مع قيامها مسببات العنف والحتقانات واحتمالت
الصراع الجتماعي المفتوح ومشاريع التفتيت والتقسيم أو العاقة او التبعية والستعباد للبلد
والمجتمع والمنطقة عموما .
الصلح الدستوري " في السعودية " القضايا والسئلة الساسية
الملكية الدستورية :إقصاء أم إعادة تأسيس
15متروك الفالح " المستقبل السياسي للسعودية في ضوء 11/9/2001م الصلح في وجه النهيار أو التقسيم .موجودة على النترنت على موقع صحيفة
الشعب المصرية ويمكن الوصول إليها عن طريق موقع . GOOGLE
المدني الى فكرة الصلح الدستوري السلمي كانت مذكرة وخطاب " نداء للقيادة والشعب معا
:الصلح الدستوري أولً " والتي وقعها أكثر 116شخصا من النخب المثقفة والكاديمية بما
في ذلك أساتذة بارزين في العلم الشرعي في عدة جامعات سعودية ،دعاة وقضاة وكذلك
اعلميين ورجال أعمال ،وقدمت إلى القيادة السعودية بعد منتصف شهر ديسمبر 2003م .
وقد طالبت تلك المذكرة باصلحات سياسية شاملة تنطلق من المطالبة بالدستور ومن اعلن
الملكية الدستورية ،وكان هناك آلية مقترحة لتشكيل هيئة وطنية مستقلة ،من أهل الرأي
والخبرة والعلم في الفقه الدستوري والعلوم الجتماعية الخرى وكذلك أهل العلم الشرعي ،
لكي يعدوا مسودة عناصر الدستور ،لعرضها بشكلها النهائي على الشعب للتصويت عليها ،
لكي تشكل عقد اجتماعي لعلقة قانونية ملزمة بين المجتمع والسلطة ،تتحدد بها الحقوق
والواجبات وآليات الرقابة والمحاسبة على السلطات فيما بينها ,ويبدأ بتطبيق الصلح
الدستوري في غضون ثلثة سنوات .
وإذا كان المر كذلك ،فهل يعني تبني الدستور وبالذات الملكية الدستورية
أنه يهدف إلى إقصاء العائلة المالكة " السرة السعودية " عن الحكم ؟ لكي " تملك ول تحكم "
وتكون كالسرة المالكة البريطانية ،باعتبار إن بريطانيا ذات " ملكية دستورية " مجرد رمزية
شرفية .هناك من المسئولين من طرح هذه التساؤلت مباشرة على بعض من دعاة الصلح
الدستوري السلمي والمجتمع الهلي المدني .وقال أنتم تريدون ملكية دستورية ،يعني
تريدوننا " نملك ول نحكم" .كذلك طرح آخرون من بعض الكتاب أطروحات قريبة من هذا
وبعضهم هاجم مطلب الملكية الدستورية على إنه حرق للمراحل .هل هذه التساؤلت تنطلق
من مخاوف مشروعة أم من محاولة لحباط الصلح ؟ سؤال مفتوح ،ولكن جدلً هل هذه
التساؤلت صحيحة أم ل ؟ بداية نقول أن هذه التساؤلت والمخاوف ليست صحيحة البتة،
وسبق إن قلنا ذلك ،ولكن نعيد بعض النقاط للتأكيد عليها ولتوضيح فكرة الملكية الدستورية
وإنها ل تعني البتة إقصاء " آل سعود عن الحكم " .في مذكرة " الصلح الدستوري أولً "
كانت العناصر الدستورية التي حددت :
)1اقرار الحقوق والحريات العامة والساسية التي أقرتها الشريعة السلمية
والمواثيق الدولية والتي التزمت بها الدولة السعودية بما في ذلك حق التعبير والرأي
والجتماع والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات ( إدارة الشئون العامة ).
)2فصل السلطات وانتخاب سلطة نيابية " مجلس شورى ملزم " انتخابا شعبيا مباشرة
من أهل الرأي والخبرة والعلم والختصاصات ،فهم الذين تنطبق عليهم " أولي المر " وإنهم
أهل الحل والعقد .وهذه السلطة النيابية " مجلس شورى ملزم " المنتخبة شعبيا ودوريا تتمتع
بسلطات رقابية ومحاسبة على السلطات الخرى وخاصة السلطة التنفيذية ،بمعنى رقابة
أعمال وسياسات الحكومة " الوزارة " ،على أن تكون لها امكانية القدرة على المسائلة بما في
ذلك مسائلة الوزراء عن أعمالهم وكذلك مراقبة المال العام والميزانية.
)3وفي سياق فصل السلطات ،مسألة تعزيز استقلل القضاء وذلك ليؤدي دوره في
إقامة العدل عن طريق التقاضي والتخاصم دون أن تخضع لضغوط وتأثيرات من السلطات
الخرى وخاصة السلطة التنفيذية مما يدخل في العدالة القضائية .واستقلل القضاء الذي يراد
الوصول إليه هو ليس استقلل القضاة أنفسهم وإن كان هذا مطلوبا وإنما استقلل القضاء
كاستقلل " مؤسساتي " وهذا يتطلب معايير دولية على الدولة أن تضمنها للسلطة القضائية
في حدود الصلحيات الدستورية لها.
)4وفي سياق الحقوق والحريات العامة ،السماح بتكوينات المجتمع الهلي المدني
بالتشكيل والقيام من قبل الفراد والجماعات في المجتمع على أسس مهنية في المجالت
القتصادية والجتماعية والثقافية وفي مرحلة لحقة قد تكون السياسية مستقلة ،والهدف من
هذه الجمعيات الهلية والمدنية أن ترعى مصالحها وحقوقها وما يتعلق بالحتساب المؤسسي
على السلطة في سياق المر بالمعروف والنهي عن المنكر كل في مجاله وفي المجال العام.
إضافة إلى ذلك فإن هذه التكوينات الجتماعية الهلية المدنية تقوم بدور هام وهي إنها تساهم
في انخراط الفراد والمواطنين وخاصة الشباب في تلك الطر الجتماعية ،مما يتيح لها أن
تفصح عن رغباتها ومطالبها وإيجاد منافذ لها في التعبير وطرح الراء والمشاركة
الجتماعية بطريقة سلمية ،تبعدهم عن النحرافات والتجاهات ووسائل العنف ،والتي قد تكون
الوسيلة المتاحة في غياب تلك المؤسسات الهلية المدنية.
هذا الدستور بهذه العناصر والليات للرقابة والمحاسبة فيما بينها والحتساب
عليها ،يصوت عليه شعبيا بأن تتم صياغته من هيئة وطنية مستقلة من أهل العلم والرأي
والختصاصات في كافة المجالت بما في ذلك الفقه الدستوري والشريعة السلمية لكي يؤصل
على الســلم.
إذا تم التصويت عليه ،يكون لدينا " عقد اجتماعي جديد " ،يقنن العلقة الملزمة
بين السلطة والمجتمع ،الشعب ،المة ،بحيث تحدد الحقوق والواجبات والحريات ،وكذلك
يصبح المواطن جزءا أصيل داخل العملية السياسية وليس خارجا عنها عن طريق ممارسة
حق الترشيح أو التصويت لنتخاب ممثلي الشعب في السلطة النيابية"مجلس شورى منتخب
ملزم " ،وبالتالي يحقق حقه وحريته في المشاركة الشعبية وفي اتخاذ ورسم السياسات
والرقابة عليها .وتكون المرجعية في هذه المشاركة وللرقابة وللسلطة النيابية " الشورى
الملزمة " هي مرجعية شعبية" " ،سلطه المه في تحقيق مقاصد الشريعه " ،وتتحقق دائما
بالنتخابات الدورية وهذه " المرجعية الشعبية " هي التي تعطي السلطة النيابية مجلس
الشورى الملزم ،الحق في ممارسة اتخاذ القرارات والقوانين والنظمة ،ولكن مصادر أحكام
تلك القرارات والنظمة في بلد اسلمي مثل السعودية ،مثلً ،تبنى على أولوية النصوص
القطعية في الكتاب والسنة " الشريعة السلمية في حالة وجودها " .ومع تحقيق قدر كبير من
استقلل القضاء أيضا وكذلك قيام وعمل تكوينات المجتمع الهلي المدني لتمام عملية
المحاسبة والرقابة والحتساب على السلطات ,بما في ذلك على السلطة النيابية نفسها "
مجلس الشورى المنتخب الملزم " ،نكون بالفعل وصلنا إلى دولة وحكومة دستورية حيث
تكون سلطتها مقيدة عن طريق الرقابة والحتساب.
عند الوصول إلى ذلك ،نستطيع أن نضمن مزيدًا من العدل بكافة أشكاله
ومجالته في القتصاد والجتماع والحقوق والتخاصم والتقاضي والدارة ...الخ ،والذي أمر
ال به وأنزل البينات على رسله ليقوم الناس به .عندها نستطيع أن نقضي على الفساد
ونحارب الظلم والجور والرشوة والفساد المالي والداري وهدر المال العام والختللت
القتصادية في التنمية وسوء توزيع الثروة والموارد على المواطن والمناطق ،وكذلك
الختللت الجتماعية والثقافية والفكرية والتعليمية والطغيان والستبداد ،عندها يمكن اصلح
التعليم ،وإصلح الثقافة والقتصاد .أما قبلها وبدون الصلح السياسي القائم على " الدستور "
فإننا ل نستطيع ،بل فوق ذلك لندرك إننا نخادع أنفسنا و أننا سوف نصل إلى انهيار عاجلٍ
أم آجلٍ.
نختصر القول عن لماذا الدستور ،فنقول :إن ل عدل بكافة المجالت بدون شورى
ول شورى ملزمة دون أن تكون منتخبة شعبيا ودوريا وبسلطات رقابية ومحاسبة على المال
وسياسات الحكومة " السلطة التنفيذية " " ,الوزارة " ول سلطات رقابية ومحاسبية بدون
دستور مصوت عليه شعبيا ومتضمنا لتلك العناصر وتلتزم الدولة به باعتباره عقدا اجتماعيا
ل يجوز ابدا الخلل به.
في المقابل فإن النظام الساسي للحكم 1412هـ ـ 1992م في المملكة ,ينص
على أن الملك ,هو الذي تنتقل إليه السلطة ،بالوراثة ،ومن أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز آل
سعود .وهو ما يعني ان ليس بوسع الغالبية من آل سعود أن تتبوأ هذا المنصب ويحرمها
الحق في هذا رغم إنها من السرة - ,هو مرجع كل السلطات ،السلطة التنفيذية وما يسمى
بالسلطة التنظيمية " السلطة التشريعية في الدول الخرى " والسلطة القضائية وهو الذي يعين
ولي العهد .إذ نحن أمام أولى المر على أنه سلطة مطلقة كاملة مهيمنة على كل شئ بما في
ذلك السلطة القضائية " المحاكم " حيث إن الملك من خلل نظرية " ولي المر " هو القاضي
الول والساس وما القضاة المعينين سواء وكلء او نواب عنه .ولذلك في قضايا " التعزير"
ومنها القضايا السياسية والمنية والتي ليس فيها نصوص قطعية ،فإن الملك " ولي المر " له
الحق في عدم قبول الحكم ورده ورفضه وطلب تغييره ،أما بالتشديد أو التخفيف .وإذا أضفنا
إلى ذلك مشكلة تأثير وضغوط السلطة " ولي المر على السلطة القضائية " ،رغم القول إنها
مستقلة طبقا للنظام الساسي للحكم ،وإن ل سلطات عليها سوى الشريعة السلمية ،وكذلك
عدم وجود معايير محددة واضحة لستقلل القضاء كمؤسسة وليس كأفراد ،فإن هناك خلل
كبير في إقامة العدل على مستوى التقاضي والتخاصم ،وخاصة عندما تكون الدولة هي
الخصم المدعي تجاه المتهمين في قضايا سياسية ,فما بالك على مستوى عمل السلطة
التنفيذية والتي تجمع في عملها ،أعمال السلطة التشريعية أو التنظيمية .في الوقت نفسه
الملك هو رئيسها ( رئيس مجلس الوزراء ) وهو المرجع لها ،وهو الذي يصدر معظم
القرارات إما بمراسيم أو بقرارات من مجلس الوزراء ،ورئيسه وهو الملك أو من ينوب عنه،
والسلطة القضائية بوضعها الحالي وضمن صلحياتها ل سلطات لها على السلطة التنفيذية
والتشريعية " مجلس الوزراء " ،وأما مجلس الشورى " المعين " فهو بالنظام الساسي للحكم
وكذلك نظامه الساسي أصلً ل يتمتع بسلطات أو صلحيات رقابية ول في إصدار قرارات
ملزمة تجاه الحكومة " مجلس الوزراء" باعتبارها سلطة تشريعية وتنفيذية ،لها أن تأخذ
بتوصيات مجلس الشورى او ترفضها ،وللملك وحده الحق في أن يفصل في المسألة ،علما
بأنه رئيس مجلس الوزراء ،وفي موازاة ذلك عدم وجود جمعيات اهلية مدنية تقوم بالحتساب
على السلطة لمصالحها وحقوقها وللمصلحة العامة .إذا نحن أمام " سلطة مطلقة " في النظام
الساسي للحكم الحالي ،يتمتع بها الملك ،ول توجد آليات للمحاسبة والرقابة ،وحتى ديوان
المظالم ،هذا ديوان أو جهاز وإن كان يسمح نظامه بشكوى الموظفين الحكوميين لجهزتهم
الحكومية ،إل أنه جهاز أصلً غير مستقل وبالتالي ل يوجد آلية للرقابة والمحاسبة المطلوبة.
بناءً على ما تقدم ،هل النظام الساسي للحكم يعتبر دستوريا؟ الجواب ،بالتأكيد
ل ،ذلك لن النظام الساسي للحكم أولً ,ل يتضمن الليات والهياكل والعناصر الدستورية التي
تضمن اقامة العدل من خلل وجود آليات المحاسبة والرقابة على السلطة التنفيذية " الحكومة
" من قبل سلطة ذات مرجعية شعبية " الشورى المنتخبة الملزمة " وثانيا ،إضافة إلى عدم
اكتمال العناصر الخرى من حيث الحقوق والحريات العامة والساسية للناس وعدم وجود آلية
ملزمة بها وكذلك خلل في استقلل القضاء لذلك فإن النقطة الهم هي أن أي نظام للحكم لكي
يصبح دستور أو دستوريا ل بد أن يحظى بموافقة شعبية عن طريق التصويت ليصبح
الشعب وإرادته هي التي تقررمصالحه ,ويصبح دور الحاكم تنفيذيا ،وليس أي مرجعية أخرى
على أن تكون ممارسة الدولة " الحكومة " تدل بوضوح على التزامها بالحقوق والحريات،
والرقابة والمحاسبة عليها من قبل السلطات الخرى او بالحتساب عليها من قبل المجتمع،
عبر هياكل ومؤسسات المجتمع الهلي المدني الجمعيات والتحادات والروابط...الخ.
إذ نحن أمام نظام للحكم ليس دستوريا على الطلق ،بل ومن خلل الجمع بين
السلطات الثلثة ،فإنه يؤسس لنظام الحكم الفردي بالسلطات الشمولية " سلطات مطلقة "،
دون رقابة أو محاسبة ل من السلطات ول من المجتمع ول حتى مـن السرة نفسها.
إذ نحن أمام حكم ملكي ذو سلطة مطلقة ,وهذه بدورها تولد أنظمة استبداديه
تسلطيه في الجهزة والمؤسسات الحكومية ،ولذلك يستشري الفساد والمحسوبية وعدم
المبالة وهدر المصلحة العامة ،وذلك لغياب أيضا آليات المحاسبة ,والرقابة ,ويصبح الخلل
في كافة المجالت متغلغلً إلى درجة يصعب السيطرة عليه ,بل أيضا في ظل غياب آليات
المحاسبة والرقابة ،تصبح عملية السيطرة أمرا مستحيلً ،ولذلك ليس غريبا أن تؤدي تلك
الختللت إلي تنامي روح عدم النتماء للوطن وغياب الشعور بالوحدة الوطنية وكذلك تنامي
بذور العنف ,واحتمالت مفتوحة من الصراع الجتماعي ليست بعـيدة.
وهـذه الشكالية وتداعياتها ،ليست عيبا لصيقا " بالملكية المطلقة " فقط وإنما
هي أيضا عيبا ومشكلة حتى في النظمة العربية المسماة " جمهورية " طالما هي ايضا أنظمة
سلطوية استبدادية ،حتى وأن كانت تزعم بوجود دساتير ،ولكنها دساتير ل تقيد سلطات
الحكومات ول تعبر عـن إرادة شـعبية.
إذن فنحن في السعودية أمام نظام حكم ملكي وملكية " ذات السلطات المطلقة "،
بمعنى غير دستورية .في المقابل فإن الخذ بالدستور ,من حيث إننا نصل بالفعل إلى سلطة "
غير مطلقة " يعني أننا سنصل إلى الملكية الدستورية ،فما الذي يحدث بالنسبة للسعودية في
هذه الحاله؟ هل ذلك يلغي العائلة ( أو بعضا منها لنه ليس لكلها الحق في ذلك من خلل
النظام الساسي للحكم حيث يقتصر ذلك على أولئك البناء والحفاد من أبناء الملك عبد العزيز
فقط ) ،من الحكم ؟ أم ماذا؟.
الذي يحدث من تبني " الملكية الدستورية " هو إعادة تأسيس وتجديد للدولة
ومشروعيتها على أسس جديدة تقوم على " عقد اجتماعي " بحيث نكون أمام صياغة جديدة
تسير العملية السياسية واتخاذ القرارات ،يكون المواطن فيها جزءا أصيلً ،عن طريق
المشاركة الشعبية عبر جمعيات المجتمع الهلي المدني عامة ,وعبر مجلس النواب المنتخب
في السلطة النيابية و خاصة المجالس الثانوية و البلدية ,والمناطقيه وبذلك يصبح المجتمع
هو الدرى بمصالحة وله السلطة العليا في تحقيق مقاصد الشريعة.
إذن تبني " الملكية الدستورية " يعني إعلن ميلد وقيام " الدولة السعودية
إذ صح التعبير ،باعتبارها دولة ذات حكومة دستورية ،مما يجعلها شورية 16
الرابعـة "
عادلة ذات شرعية جديدة ،تقوم على التعاقد أو العقد الجتماعي الملزم للطرفين بين المجتمع
والسرة " آل سعــود " ،بحيث يصبح المجتمع عن طريق من يمثلونه " سلطة نيابية ـ
مجلس شورى ـ منتخب ملـزم " شريكا ومشاركا في الحكم وليس بديلً عن السرة أو
مقصيا لها .هذه الصيغة الجديدة للدولة السعودية الدستورية " الشوروية العادلة " وعن طريق
ذلك العقد الجتماعي " الدستور " تمكن السرة " آل سعود من الستمرار والتواصل لعقود بل
لقرون مفتوحة ،ضمن تلك الصيغة التشاركية مع المجتمع.
إذن الذي يحدث في تبني ملكية دستورية في السعودية هو إنه بدلً من نظام
حكم ملكي" بسلطات مطلقة " فإننا نصبح أمام نظام حكم ملكي " بحكومة أو سلطة مقيدة " .هل
يفقد الملك أو السرة حكمها؟ أو أن تحكم؟ طبعا هذا ليس صحيحا ،الذي يحدث هو أن الملك
ل يزال يتمتع بالسلطات قد تكون واسعة ولكنها ليست شاملة أو شمولية أو مطلقة ،كما كانت
16فكرة قيام " الدولة السعودية الرابعة " المؤسسه على الدستور ،هي في الساس للدكتور ـ عبد ال الحامد.
في السابق ،وذلك لدخال البعد الشعبي في المشاركة في صناعة القرار والسياسات والرقابة
والمحاسبة .إن الملك يبقى ضمن عناصر أخرى من السرة له القيادة العليا في الدولة ،وهو
المسئول الول عن الدولة ويعين الوزارات ويقيلها ويجري عليها التعديلت لمقتضيات
الضرورة والمصلحة العامة وهو القائد العلى للقوات المسلحة ،وهو المسئول عن السياسة
العامة للدولة .ولكن هذه السياسة العامة للدولة باعتبار إن التي تعدها الحكومة " الوزارة "
تخضع للرقابة والمحاسبة من قبل "سلطة نيابية مجلس شورى ملزم " يمثل الشعب .إذن
بالقدر الذي تم التنازل عنه ،هو القدر الذي أتاح للشعب والمواطن الحق بالمشاركة وصنع
السياسات وأعمال الرقابة والمحاسبة .إذ هو تنازل في سياق تعاقد اجتماعي عن جزء من
السلطة وبقيت أجزاء واســعة منها.
وإذا كان هذا ل يوضح الصورة بمعنى أن تبني الملكية الدستورية في السعودية ل
يعني اقصاء السرة الحاكمة من الحكم ،فإن لدينا تجربة كل من الردن والبحرين ،فكل من
الدولتين تبنت الملكية الدستورية وخاصة في تطبيقاتها الجديدة ،في الردن منذ 1989م وفي
البحرين منذ 2002م .فهل تطبيق الملكية الدستورية في كل من البلدين ازاح السرتين
المالكتين عن الحكم ؟ الجواب طبعا معروف ،ملك الردن وملك البحرين ل زال يتمتعان
بسلطات دستورية واسعة وكل ما حدث إنهما قبل مشاركة الشعب والدخول في آلية المحاسبه
والرقابة المجتمعية على أعمال الحكومة ,وإما مكانتهما والسرة فقد زادت شعبيا وتاييدا
والتفافا أكبر عن ذي قبل .فلماذا إذن ل نقيس على هذه التجربة العربية في الملكية
الدستورية؟ ولماذا نقيس على نموذج الملكية الدستورية البريطانية أو الوروبية؟ هذه
النماذج الوروبية وبالذات البريطانية لها أكثر من قرنين من الزمن حتى وصلت إلى ملكية
دستورية رمزية بالنسبة للسرة المالكة .الذين يقيسون على الملكية الدستورية الوروبية
وبالذات البريطانية ،والذين يقولون إن تبني الملكية الدستورية يعني حرق للمراحل ،هؤلء
إما يريدون ايجاد مخاوف لدى السرة السعودية ،أو أن تتخذ ذريعة لضرب مطالب الصلح
الدستوري ،أو أنهم يقدمون المبررات والمسوغات لتلك التوجهات وذلك لتداخل مصالحهم
ونفوذهم ومحاولة استدامة الوضاع ،بكل ما يعني ذلك وما تحمله من مخاطر تواصل مشاهد
النهيار وتزايد حالت الحتقانات واتجاهات العنف .لذلك فإنهم يتحملون كل مسئولية تترتب
على الخلل بمستقبل هــذا البلد والمجتمع.
نقطة قبل الخيرة ،بالنسبة للحديث عن الملكية الدستورية وماذا يترتب عليها
في حالة تبنيها انطلقا من الموافقة على دستور مكتوب مصوت عليه شعبيا ،بما يعني إنه
يمثل " تعاقد اجتماعي ملزم " بين السرة المالكة والمجتمع ،أي لتأسيس دولة دستورية
شوروية عادلة يمكن أن يطلق عليها " الدولة السعودية الرابعة " تلك النقطة تتعلق بأن ذلك
التبني للملكية الدستورية ل يعني فقط ايجاد حل لمسالة العدل والحقوق العامة للمجتمع،
وإنهاء الحتقانات والختللت وإيجاد حياة مدنية اسلمية شوروية عادلة متقدمة ،وإنما أيضا
يساهم في حل دستوري داخل السرة المالكة نفسها ،بحيث تقلل من الختلفات والتنازع على
المناصب ووليه العهد وغيرها ،حسم هذا المر يجب أن يضمن في ذلك الدستور والذي
يصوت عليه شعبيا بحيث تكون هناك شرعية دستورية شعبية مسبقة ومحددة تقضي على
احتمالت الصراع والتنافس وتجعل هناك آلية دستورية مسبقة تطمئن السرة المالكة نفسها
وكذلك المجتمع نفسه بأن ل تتفجر الوضاع يوما ما.
ختاما نقول إذن من هو المستهدف من تبني الملكية الدستورية في
السعودية؟ هل هو القضاء على الجور والظلم و الفساد وضياع الحقوق والثروات وكرامة
النسان ؟ أم هو اقصاء آل سعود عن الحكم ؟ إن تبني " الملكية الدستورية " في سياق
الصلح الدستوري يستهدف انقاذ البلد مجتمعا وسلطة من أجل حياة مدنية اسلمية شوروية
عادلة تقيم وتصون العدل والحقوق والكرامة النسانية .إنما نخشاه ويخشاه دعاة الصلح
الدستوري والمجتمع الهلي المدني ،إن أي تأخير وعرقلة لقيام ملكية دستورية في السعودية
في الوقت الراهن ،قد يجعل منها مطلبا غير معروض أصلً في المستقبل ،بل قد يكون
مرفوضا من قبل قوى العتراض خارج السلطة حتى لو أن السلطة عرضت أو قبلت به في
وقت لحق حينئذٍ تكون الفرصة قد ذهبت ولربما بدون رجعة .فهل هناك من عاقل رشيد
يبصر ويسمع ويبادر باتخاذ الخطوة التاريخية برؤية واضحة للمستقبل ،ويطلق قيام الدولة
السعودية الرابعة الدستورية الشوروية العادلة قبل فوات الوان.
الصلح الدستوري أول :في السعوديـة
القضايا والسئلة الساسية
الدستور المكونات الجوهـر والــروح
في البلد العربيه تثار قضيه ان لديها دستور ,او ان دستورها هو القرآن
والسنه ,كما في السعوديه تحديدا ,وان نظامها الساسي يقوم ويؤسس على ذلك ،بل ان
الدوله في قيامها ومشروعها أسست على ذلك ,وبالتالي فإن هناك في السلطة أو خارجها ,
من يثير فكره أن طرح الصلح السياسي وخاصة الصلح الدستوري بالتركيز على فكره
"الدستور" ل يأتي بجديد ,أو إنه لحاجه اليه باعتبار ان السلم والشريعه السلميه ( القرآن
و السنه ) هي دستور الدولة والمجتمع .فهل هذه المقوله ،قناعه أم تشكيكا لغايه ضرب
مشروع الصلح الدستورى هي مقوله يعتد بها ام ل ؟ واذا كانت هناك دساتير في بعض
الدول العربيه لماذا ليست لها الروح الفاعله ؟
بداية وقبل الجابه على هذه التساؤلت لبد من تحديد المقصود بالدستور .ذلك
ان هذه الكلمة غير مفهومه ليس فقط لدى عامه الناس ,بل حتى من النخب الثقافيه والفكرية
والدينية ,بل وحتى السياسيه ،ورغم إن هذه الكلمة لربما تسمعها تلك الفئات وترددها
وخاصة خلل العقد الخير المنصرم وبالذات خلل السنوات الخيره الماضية إل أن الكثير
منهم بمن فيهم بعض النخب المثقفه لتعي المعاني والدللت الساسيه السياسيه والحقوقيه
لها .من هنا فان الحاجة ماسه إلى إعطاء تصور محدد عن ما هو المقصود "بالدستور" حيث
ورد في الرؤى الصلحية وخاصة في وثيقة "الرؤية" لحاضر الوطن ومستقبله" وبشكل أكثر
تحديدا ،في وثيقة "الصلح الدستوري أول" والذي قدمت إلى القيادة السعودية في منتصف
الشهر الخير من العام 2003م وانتشرت على نطاق واسع حيث وقعها أكثر من 116#
شخصية من أبناء الوطن من مثقفين وعلماء وأساتذة جامعات وقضاة ورجال أعمال ومهتمين
بالشأن العام ونشطاء في مجال الدعوة إلى المجتمع الهلي المدني ( .)1الوثيقة آنفة الذكر,
تطالب بإصلح سياسي اقتصادي واجتماعي وثقافي شامل في السعودية يقوم على المطالبة
بالدستور ,وإعلن الملكية الدستورية ,في سياق مبادرة إصلحية من منظومة متكاملة من
العناصر الصلحية الدستورية ،على أن يصوت على ذلك الدستور وعناصره ,والذي يفترض
أن يصاغ بعناصره وبنوده من خلل هيئة وطنية مستقلة من بين أهل الخبرة والختصاص في
كافة العلوم وخاصة الفقه الدستوري والشريعة.
ما هو الدستور؟ وما هي عناصره الساسية ،ولماذا الدستور وأهميته في
الصلح الشامل والسياسي خاصة في السعودية ؟ وما هي روح الدستور؟
هناك فهم سائد قديم في الفقه الدستوري بأن الدستور هو مجموعه أحكام
وقواعد تحدد نظام الحكم (وشكله وطريقة انتقال السلطة) والسلطات واختصاصاتها وعلقاتها
ببعض ،والوظائف القتصادية والمدنية والجتماعية والثقافية التي تقوم بها الدولة ،وكذلك
حقوق وواجبات المواطن .ورغم أن هذا جزء من فهم الدستور إل أن هذا الفهم ل يبين
جوهر وروح الدستور والفهم السليم له ،وهذا ما سوف نوضحه تاليا.
إذا كنت في جزيرة ما ،وأنت سلطانها المر الناهي المتحكم بكل شيء على
سكانها ,فإن هؤلء السكان يعتبرون رعايا وأقرب إلى العبيد ،ذلك ان سلطة مطلقة ل يحدها
حد ,ول يقيدها قيد ،وبالتالي فإن العدل والعدالة تصبح مفقودة وكذلك الحرية والحقوق
بالنسبة الى سكان تلك الجزيرة .وحيث السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة ،فل بد من وضع
قيد عليها يمكن الناس من حقوقهم وحرياتهم ,وكذلك من آفاق مجتمع العدل والمواطنة
والعدالة الجتماعية(توزيع الثروة) .من هنا فإن الدستور هو ,بهذا المعنى ,يعني أن السلطة
(في أي بلد كان ) هي " سلطة مقيدة" ,وهذا يعني أن الرئيس أو المير او الملك وهو رئيس
السلطة التنفيذية أو رئيس الدولة بشكل أساسي – يجب أن تقيد سلطاته ,لكي تمنع مسألة
الستبداد "(النفراد) بالسلطات واحتكارها " وبالتالي الحد من القمع ضد المواطنين وحقوقهم
وحرياتهم وكذلك ضمان "العدالة والعدل".
إذن الدستور هو في المعاني السياسية والحقوقية هو السلطة أو "الحكومة
المقيدة" .وكل حكومة ملتزمة بذلك بالممارسة وليس بالنصوص تكون حكومة دستورية .
ولكن كيف يتم ضمان ذلك ،بأن تكون السلطة مقيدة ؟ ضمان ذلك يتم أولً عن طريق آلية
فصل السلطات وآليه المراقبة والمحاسبه(التراقب والتحاسب بين السلطات) .
السلطات في أي دولة تتكون بشكل أساسي من ثلث سلطات لكل منها مجالها
واختصاصها ,السلطة التنفيذية ،السلطة النيابية "التشريعية" ،والسلطة القضائية .وبالتالي
فإن السلطة المطلقة تقيد عن طريق آلية فصل السلطات ،وذلك بأن ل يكون الرئيس أو
المير أو الملك جامع بين السلطات الثلث ,وإنما يقتصر سلطانه على "السلطة التنفيذية" ,
فيما السلطة النيابية "التشريعية" يقوم بها نواب أو ممثلون منتخبون انتخابا مباشرا من
الشعب ,بحيث أن عملية النتخاب والتمثيل تقدم التفويض والشرعية للسلطة النيابية
"التشريعية" للقيام بمهام اتخاذ القرارات وإصدار القوانين في كافة المجالت ,وذلك وفقا
لمصادر وأحكام الدستور ,والذي في السلم يشكل القرآن والسنة المصادر الساسية له ,و
التي لها الولوية في العتماد والستناد إليها في سن القوانين والتشريعات والتنظيمات وذلك
بالنسجام مع تلك الحكام القطعية الواردة في القرآن والسنه .إضافة إلى سلطه نيابيه (مجلس
شورى منتخب)انتخابا شعبيا على فترات دوريه كل أربع سنوات إلى خمس ,مثل هناك أيضا
انتخابات مباشره ودوريه لمجلس الحكم المحلي والبلدية على مستوى المناطق والوليات
الداريه .في موازاة ذلك تكون السلطة القضائية (المحاكم ) ذات استقلليه عن تدخلت
السلطه التنفيذيه او النيابيه ،وتحتاج تلك الستقلليه لكي يشاراليها بالبنان إلى توفر معايير
استقلل القضاء ومنها قرار نظريه الحقوق الساسيه للمواطنين ومدونه معلنه محدده لحكام
التعزير ,استقلل مالي للقضاة ,عدم تدخل السلطه التنفيذيه بالحكام ,اشراف السلطه
القضائيه على تنفيذ الحكام ,اشراف السلطه القضائيه على السجون والمعتقلين والمتهمين ,
توحيد المحاكم ,وجود محكمه عليا دستوريه شرعيه للفصل في القرارات ومدى مشروعيتها
ودستوريتها , )2(.وان تكون تلك العناصر منصوصا عليها في الدستور وكذلك مطبقه فعليا
بالممارسه.
واستقلل القضاء المقصود به هنا ،ليس نزاهه واستقلل القضاة انفسهم ،فذلك
وان كان امرا مطلوبا ومحمودا ,فان المقصود باستقلل القضاء وتعزيزه هو استقلل
مؤسساتي (القضاء كمؤسسه وليس كقضاة) .ومع ذلك فان استقلل القضاء ل يعني عدم
امكانيه محاسبه القضاة في حاله التعسف او ارتكاب أخطاء ،بل ان ذلك لبد من وجود آليه
للمحاسبه عن طريق محاكم قضائيه خاصه ,مثل باشراف من المحكمه العليا الدستوريه
الشرعيه .
ان آليه فصل السلطات تلك تتضمن امكانيه وآليه موازيه لها وهي الرقابه
والمحاسبه بين السلطات وتجاه بعضها البعض .فالمحكمه العليا الدستوريه الشرعيه وهي
جزء من السلطه القضائيه يمكنها ان تلغي قررات وقوانين وتشريعات "السلطه النيابيه "
"التشريعيه " ,اذا وجدت بنفسها ,أوجهة ما رفعت اليها ,بان تلك القوانين والقرارات
مخالفه لحكام الدستور ,اواحكام مصادره الساسيه ,مثل اذا تعارضت مع احكام الشريعه
السلميه (آلقران والسنه ) .
ايضا في التوازي ,تستطيع السلطه النيابيه (التشريعيه ) ان تخضع السلطه
التنفيذيه او احد مسؤليها "الوزراء مثل" للمحاسبه ,وكذلك مراجعه ميزانيه الدوله والمال
العام والمصادقه عليها ،وكذلك على التعيينات ،وكذلك بالموافقه اوعدم الموافقه السياسيه
الخارجيه أوبعضها مثل على التفاقيات الدوليه ,وخاصه منها المنيه والعسكريه والقتصاديه
والثقافيه .....الخ ,وايضا الموافقه على تشكيل الحكومه او حجب الثقه ،عنها ،كما هي في
بعض نماذج الحكومات او الدول .في المقابل تستطيع السلطه التنفيذيه ورئيسها تحديدا ,ملكا
او رئيسا أو أميرا ,من تقديم مشروعات وقوانين لربما تقرها السلطة النيابية عن طريق
مناصريها ,او حق العتراض على قوانين تصدرها السلطه النيابيه في غضون فتره محدده ,
وكذلك اصدار بعض القوانين والقرارات من قبل السلطة التنفيذية في فترات محدودة
وكذك في بعض الدول الدستورية , (الجازات للضرورات ) ,مع طلب تصديقها لحقا,
تستطيع السلطه التنفيذيه أورئيسها حل السلطة النيابية والدعوة إلى انتخابات جديدة تعاد فيها
تشكيل السلطه النيابيه لربما وفق توجهات السلطه التنفيذيه.
ما الذي تعنيه أو تحققه آليه فصل السلطات المنبثقه عن الدستور ؟
إنها تحقق التي:
( )1محاصرة الستبداد وتقييده والوصول الى السلطه أوالحكومه المقيدة ,وبالتالي
إزالة القمع والقهر او الحد منهما الى اكبر درجه ممكنه ,عن طريق السلطه النيابيه,
الشورى المنتخبه والملزمه ,شعبيا ودوريا (فترات محدده ) ,وكذلك انتخابات مباشره
ودوريه لمجالس الحكم المحلي والبلديات لتصبح المشاركه الشعبيه امرا واقعا ويصبح
المواطن جزء من العمليه السياسيه ومساهما فاعل في اتخاذ القرارات ,على مستوى هياكل
السلطه المركزيه (السلطه النيابيه ) أو(مجلس الشورى المنتخب الملزم) ,او على مستوى
السلطات المحليه مجالس الحكم المحلي والبلديات ,وهنا يجمع بين حريه وحق المشاركه
وتحمل المسؤلية على مثل القرارات والسياسات المتخذه ,وهو ما يعني ويساهم في نفس
الوقت بالغاء او تقليص الستبداد ،ويقيد السلطه المطلقه ,وفي مقابل ذلك يتم تحقيق
الحقوق والحريات ويزداد هامشها .
)2اضافه الى ذلك فان المشاركه الشعبيه المباشره تلك ,سواء بالنتخابات ,
أو بالتصويت ,او بالدخول للمجلس ,بما يعنيه من تفويض شعبي للسلطه النيابيه (الشورى
المنتخبه الملزمه ) وباعتبار ان الشعب مصدر السلطات ،فان مسأله وقضيه العدل والعداله
الجتماعيه من توزيع الثروه والمال والفرص المتكافئه والمساواه القانونيه والمواطنه ,
والتنميه بما يحقق تقدم كرامه النسان والمواطن ,في كافه المجالت دون تمييز في كافه
المناطق ,تصبح هي النتيجه المطلوبه الثانيه (العداله ) بعد أو مع الحرية .
)3إضافة إلى ذلك ،فان استقلل القضاء وتأكيده ,عن طريق تلك اللية
الدستوريه سيضمن حقوق المواطن ,سواء فيما بينهم أو اتجاه الدوله ,وكذلك ضمان
مسألة المساواة والعدالة بين المواطنين في التقاضي والترافع وتطبيق الحكام .
اضافه الى تحقيق العداله والحريه ,من خلل آليه فصل السلطات والمراقبه ,
وبالتالي الوصول الى فكره "السلطه المقيده " ,والتي تعبر عن المعاني الساسيه والكبرى
للمفهوم الحديث للدستور ,فان عناصر ومحاور أي (دستور ) لبد ان يتضمن اساسا القرار
بالحقوق والحريات الساسيه والعامه (حقوق النسان ) للمواطن ,باعتبارها منظومه متكامله
من الحقوق والحريات اللصيقه بالمكونات والفطره النسانيه وايضا في اساس العلقات
الجتماعيه .وتلك الحقوق والحريات الساسيه العامه ابرزها السلم في القرآن والسنه
وكذلك في الممارسات السلميه ,مثل "الحريه" وخاصه بعض رموزها وخلفاءها ,كمقوله
لعمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا" .تلك الفكره التي للسف
لم تتبلور ال مع الطرح الفلسفي الوروبي وخاصه مع مقولت ( العقد الجتماعي ) للمفكر
الفرنسي جان جاك رسو ,كذلك فان المواثيق الدوليه كالميثاق الدولي لحقوق النسان
الصادرعن المم المتحده 1948وكذلك العهديين الدوليين عن الحقوق المدنيه والسياسيه
والقتصاديه والجتماعيه والثقافيه ...الخ ,قد اقرتها اغلب الدول بما فيها الدول العربيه
ومنها السعوديه ،رغم بعض التحفظات على ما ورد فيها .
ومن اهم الحقوق والحريات اضافه الى الحقوق الساسيه في العيش والتملك
والعمل ،فان هناك حقوق سياسيه ومدنيه ,من أهمها حريه الراي والتعبير والمشاركه في
اداره الشوؤن العامه وحق انشاء الجمعيات و النقابات والتحادات والنضمام لها ,وكذلك
الحق في حريه الشتراك في الجتماعات والجمعيات السلميه (.)3
تلك الحقوق والحريات ,وخاصه الساسيه منها ,هي احدى مكونات وهيكل
الدستور ,والذي لبد ان تقره الدول نظريا وممارسه ,وبموافقه شعبيه عليه ،لكي يكون
ضمن العناصر والليات والضمانات ,لكي يمكن لليه الفصل بين السلطات والمراقبه
والمحاسبه (التراقب والتحاسب) .ان تصل بقصبتي العداله والحريه الى افاقها والقياس عليها
,خاصه فيما يتعلق بمسأله قيام القضاء بمهامه ومن خلل استقلله و(معايير استقلل
القضاء) ,و لتطبيق الحكام ذات الصله بالحقوق والحريات وضمانها قضائيا وبالتالي
الوصول الى فكره الدستور باعتبارها "السلطه المقيده " فعل ل قول.
في هذا السياق وبالمقارنه ،فان كثير من الدول العربيه تقر في دساتيرها اوفي
نظامها الساسي للحكم ,السعوديه مثل ,عدد من الحقوق والحريات ،ولكن تلك الحقوق
والحريات اول ,تعتبر قاصره من حيث عدم اشتمالها لحقوق وحريات اساسيه خاصه في
المجال السياسي والمدني ،وثانيا ,فان الممارسه في الحياه العمليه ل تسندها ولتشير الى
التزامها بتلك الحقوق والحريات ,فضل عن عدم اكتمالها اصل .والسبب يعود إلى أن تلك
الدول تفتقر إلى الليه الدستوريه الحقيقيه وللفصل والمراقبه والمحاسبه بين السلطات
وبالتالي الحد من السلطه ،وذلك لنها أصل صادره بدون تفويض شعبي وبدون وجود آليات
للرقابه الشعبيه ( ارادة الشعب باعتبارها المرجعيه للسلطات ،وليس الفرد اوالحزب اوالعائله
سواء كان ملكا او رئيسا أو أميرا ) .
ومن هنا فان هذه الدول ,التي تزعم بانها تحافظ على الحقوق والحريات
وتصونها في انظمه كلها او دساتيرها (شكلية) ,إنما هي ل تخادع فقط شعوبها وانما تخادع
العالم ،اذا ان الشعب ,والعالم يعرف ,ان حقوقه مهدوره وحقوقه مصادره ,والممارسه خير
برهان ,في العتقالت والممارسات القمعيه ,ضد الحقوق في التعبير او الجتماع او حتى
السفر ,وهي ابسط الحقوق المصادره ،او ليس مثل هذه الممارسات القمعيه الصارخه ضد
دعاه الصلح والمشاريع الصلحيه داخليا وخارجيا وفي تناقض مفضوح مع اطروحات
الصلحات العربيه الرسميه سواء على مستوى الدول او جامعه الدول العربيه دليل صارخ
على الستبداد والقمع وبالتالي عدم الدستورية.
وضمن عناصر ومكونات الدستور لكي يكون الدستور هو الترجمه الفعليه
"للسلطه المقيده" ,فانه وفي سياق اقرار الحقوق والحريات الساسيه والعامه (السياسيه
والقتصاديه .....الخ ) ,فان على الدوله (أي دوله ) لكي يمكن وصفها بانها دوله
دستوريه ،ان تقبل وتضمن قيام وضمان عمل تكوينات المجتمع الهلي المدني.
ومفهوم المجتمع الهلي المدني هو ببساطه شديده يتكون من :
( )1تكوينات وهياكل مدنيه واهليه (عامه وخاصه )
()2منظومه من القيم (التسامح والحوار -التعدد ،نبذ العنف ) في التعامل والعلقات
والتنافس السلمي
()3ارتباطه بالبيئه والهيكل الدستورى
()4الوظائف والغراض والدوار (ومنها حمايه المصالح وتطويرها ,الحتساب على
السلطات وفيما بين المكونات الهليه ,والفصاح عن الرغبات والراء).......
والتكوينات والهياكل هي كل النواع من الطر (الجمعيات) الجتماعيه والثقافيه
والقتصاديه والمهنيه وفي احيانا حتى السياسيه وكذلك الخيريه والمنتديات والنوادي.....الخ
,والتي يقوم مجموعه من الفراد في مجتمع ما بتشكيلها للقيام بتحقيق اهداف اواغراض
خاصه اوعامه ،وتكون منسجمه مع الدستور .وتلك التشكيلت او التكوينات هي :
()1الجمعيات والتحادات والنقابات المهنيه النتماء اليها بالمهنه مثل جمعيه
المزارعين ,جمعيه التجار ،جمعيه المحامين ،جمعيه الطباء ....نقابات واتحادات العمال ،
واتحادات الطلب ....,الخ .والنتماء لهذه التكوينات والجمعيات هو اساسا انتماء طوعي
واختياري ,وتقوم في عملها وأدائها لوظائفها وكذلك في العلقة مع الخرين والتعامل معهم
على منظومه قيميه معينه ولكن اهمها السلميه , ,ونبذ العنف ،وقبول الخر ،والتعدديه
والحوار ،والتسامح والتنافس السلمي ,والتعاون وان تكون مستقلة عن السلطة .ويدخل في
هذه التكوينات ,ايضا,الجمعيات الخيريه والمنتديات والنوادي الثقافيه والرياضيه
..........الخ
()2القوى السياسه ومنها الحزاب السياسيه ،وهذه التكوينات هناك خلف بين علماء
السياسه والجتماع على احتسابها من ضمن مكونات المجتمع الهلي المدني ,ففريق يرى
باضافتها ,وفريق يرى بعدم اضافتها ,باعتبار ان هناك تداخل بينها وبين السلطه ,بخلف
الجمعيات المهنيه والتي تبدو منفصله عن السلطه السياسيه.
( )3التكوينات والطر الجتماعيه التقليديه (غير المهنيه) ,والتي تقوم على الرابطه
بين من ينتمون لها ليس على اساس المهنه ,وانما على روابط اساسيه كالدم والعرق والدين
والطائفه (مثل بعض العا ئلت او السر او العشائر او القبائل ،المناطق اوالطوائف
المذهبيه ،باعتبار ان النتماء هنا ليس اختياري وانما اجباري ).وهناك خلف ايضا بين
علماء السياسه والجتماع السياسي على اعتبار هذه التكوينات من مكونات المجتمع المدني ،
والغالب على كثير من العلماء هو استبعاد تلك التكوينات من النتماء الى المجتمع المدني ،
باعتبار أنها تفتقر إلى القيم المدنية ،مثل التسامح ،وقبول التعدد ،والحوار ،والتشديد على
الندية والصراع أكثر من التعاون....إلخ .ولكن يذهب بعض علماء الدين والجتماع ،ونحن
منهم إلى فكرة اضافة تلك المكونات التقليدية إلى المجتمع المدني ،خاصة وان ممارسات كثير
منها في البلدان العربية والجنبية(مثل لبنان" ،الطوائف" ،واليمن ،وعمان ،والردن ،
والسودان ،والهند) .......الخ .تبين أنها غير معادية للديمقراطية والتنافس السلمي ،وأن
"الندية" البارزة لديها وفيما بينها ليست بذاتها سيئة ,وإنما قد تكون أحد عوامل التوازن
ومنع الستبداد من قبل كل منهما أو تجاه بعضهم البعض ( .)5ولذلك كنا من ذلك التوجه ،
خاصة مع شيوع وانتشار تلك التكوينات التقليدية (الهلية) في البلدان العربية وفاعليتها
الكثر مقارنة وموازنة بالمكونات المدنية الحديثة في البلدان العربية والتي ل زالت تعاني من
أسباب عدم الفعالية والتي يعود جزء كبير منها إلى بنية وطبيعة الدولة العربية التسلطية ,
حيث اختراقها لتلك التكوينات وبالتالي عدم استقلليتها ،كما هو واضح مثل بالنسبة لعدد
من الدول العربية ,وكذلك بسبب سياستها التنموية غير المتوازنه بين المراكز والطراف ,
بين المدن والرياف ,مما ولد حاله متواصله من تداخل الرياف بالمدن بل وتحول المدن الى
مجمعات سكانيه متريفه ( )6نتيجه ذلك التداخل .ومع فكره قبول النخراط بالعمليه
الديمقراطيه من قبل التكوينات التقليد يه والهليه كما بينتها تجارب بعض البلدان العربيه
وخاصه في لبنان واليمن وكذلك ،الهند فاننا واخرون نرى اعتبار تلك التكوينات الهليه
التقليديه جزء من تكوينات المجتمع المدني ولذلك اطلق الدكتور/عبدال الحامد,ا احد ابرز
الباحثين والمهتمين بالشان العام والصلح الدستوري ,مفهوم ،المجتمع الهلي المدني ،
كمخرج ومفهوم جامع (. )7
" المجتمع الهلي المدني آليه للحتساب المؤسسي على السلطة وفيما بين مكـوناته"
على ان النقطة الهم المناطه بتكوينات المجتمع الهلي المدني ،ليس بذاتها
وهياكلها وانما بما تقدمه من اهداف واغراض ووظائف وخاصه في المجال العام .بعض
التكوينات المدنيه الهليه ،تقوم لتحقيق وظائف خاصه للمتسببين لها وذلك بالحفاظ على
مصالحهم وتنميتها وتطويرها سواء تجاه الدوله (السلطه )او المجتمع (التكوينات الخرى ) .
في المقابل فأن البعض يقوم بوظائف عامه ومن ذلك مثل ،جمعيات حقوق النسان وجمعيات
البيئه وحمايه المستهلك ودعاه المجتمع المدني في فترات التكوين والمطالبه ......الخ .
وهناك البعض من التكوينات تجمع بين الغايات الخاصه والعامه ,مثل اتحاد العمال فهو يقوم
بدور حمايه مصالح اعضاءه ,ولكنه في نفس الوقت ,اذا يتعلق المر بالسلطه والجور
والعمل ,فقد يقوم بالعلن عن مظاهرات سلميه احتجاجية ,وهولء وأولئك من التكوينات
التي تجمع بين الخاص والعام ,وكذلك حتى الخاصه ,عندما تتوازن مع الخرين اوالسلطه
,ويقومون بدور وآليات الرقابه والمحاسبة المجتمعيه المؤسسيه على السلطات وتجاه
المكونات الجتماعيه الخرى ,وبالتالي فان تلك التكوينات الجتماعيه المدنية والهليه تضيف
ابعادا اضافيه وفعليه الى آليات الحتساب الحديثه على السلطه ,وذلك بالمر بالمعروف
السياسي والنهي عن المنكر السياسي في قضايا العداله والحقوق والحريات والمصالح .
وهذه تناسب الطريقة السلمية بالحتساب على السلطات وفيما بين المكونات الهليه نفسها
وبآليات حديثه تتحقق من خللها مقاصد هامه وعديده من مقاصد الشريعه ,كل في مجاله
ولكن بشكل مؤسسي لحساب الفراد والجماعات المنتمين لها ,وبالتالي تسهم فعليا في
الوصول الى "السلطه او الحكومه المقيده" فعليا ,بما يحقق العداله ويصون الحقوق والحريات
العامه الساسيه ,وبالتالي ينهي ويحاصر الستبداد والقمع والظلم والمفاسد ،ويجد بالتالي
المواطن نفسه في مجتمع ودوله تكفل له الكرامه والمساواه النسانيه والفرص المتكافئه في
التقدم والرقي في حدود وآليات قانونيه واضحه (دستور) .
اضافه الى ذلك فان وجود تلك التكوينات والتشكيلت الجتماعيه الهليه
والمدنيه ولضمان استقلليه عملها ،فان وظيفه هامه جدا ,تقدمها تلك التكوينات الجتماعيه
الهليةالمدنية ،اضافه الى آليات أحتسابها على السلطات وفيما بين المكونات الهليه الخرى
،فانها اذا تقوم على نبذ العنف وتؤمن بالحوار والوسائل السلميه وقبول الخر والتعدديه
والتسامح ،فانها تتيح لعضاء المجتمع افرادا او جماعات النضواء تحت تلك الطر وبالتالي
تقوم بدور الموجه والمدرب وقيادة المواطنين وخاصةالشباب نحو التوجهات السلمية
والفصاح عن رغباتهم من خلل تلك القنوات ,وبالتالي المساهمة على نحو جذري في
القضاء على اتجاهات العنف ,والتي تبدو تتزايد مع غياب الطر الجتماعية المدنية الحديثة
أو الهلية القديمة – كما نلحظ ما تمر به بعض البلدان العربية من عنف في الجزائر
والسعودية وهذا مرتبط في جزء هام منه بغياب تلك الهياكل (مكونات وعمل المجتمع الهلي
المدني المستقله).
تلك العناصر والمحاور الساسية للدستور ,والتي تشكل آليات وهياكل
واجراءات تجعل من السلطة بالفعل" سلطة مقيدة" والحكومة حكومة دستورية بالفعل .عندها
يمكن من خلل تلك الليات وخاصة آليات الفصل والتراقب والتحاسب على السلطات وفيما
بينها ,وكذلك بالحتساب من قبل التكوينات الجتماعية ،المجتمع الهلي المدني على
السلطات ,وكذلك فيما بينها ,تحقيق وضمان العدالة والحرية .على أن " روح الدستور" هو
أن تتولد تلك العناصر الدستورية من خلل عقد اجتماعي مصوت عليه شعبيا ,بحيث
تكون"إرادة الشعب أوالمه هي مصدر سلطة الحكم" وأن تتجلى تلك الرادة من خلل
النتخابات الدورية النزيهة سواء على مستوى السلطة النيابية المركزية (الشورى المنتخبة
الملزمة ) ,أم على مستوى الحكم المحلي والبلديات ,وذلك ضمن قانون انتخابي يقوم
علىالقتراع العام والرأي الحر للمواطنين وعلى قدم المساواة .إذن روح الدستور والذي
يجعله فاعل في الممارسة وليس فقط في النصوص هو العلقة الجديدة القانونيه الملزمه ,
بين السلطة والمجتمع من خلل "العقد الجتماعي " ,والذي يمثل الدستور ,وتكون أرادةالمه
اوالشعب هي مصدرسلطة الحكم ويكون المواطن ,فعل ل قول ,جزءا من العملية السياسية
وجزءا من السلطة ،وخاصة في السلطة النيابية "الشورى المنتخبة الملزمة" ,على مستوى
المركز أو المجالس المحلية ,ذلك من خلل المشاركة الفعلية في الممارسة السياسية في
العملية النتخابية ,ترشيحا أو تصويتا أو تمثيل ,في تلك المجالس التي تمثل الرادة
المجتمعية ذات اللة الرقابية والمحاسبة على أعمال الحكومة وسياساتها .
إضافه الى ذلك فإن "إرادة المه الشعب" باعتبارها منبع الوليه ومصدر سلطة
الحكم ,تجعل أيضا من خلل النتخاب الدوري إن المواطن نفسه وخاصة الذي أصبح جزء
من العمل السياسي داخل السلطات النيابية أو المجالس المحلية ،هو نفسه أيضا عرضه
للمحاسبة والمسآءلة ,وإلى التغيير وعدم الدوام في المنصب ,وبالتالي تكون المصلحة
العامة دائما مقدمة ,وفي حالة الخلل بها فإن هناك آلية المحاكمات والحتسابات والمحاسبة
....إلخ .هذا هو الفهم الصحيح للدستور ،باعتبار انه "السلطة اوالحكومه ذات السلطه
المقيدة" ضمانا لمنع الستبداد ,وتحقيقا للعدالة والحريات والمشاركة الشعبية ,المتصلة
بإرادة المجتمع ,باعتبارها مصدرالسلطات ومرجعيتها العليا .
ورغم أن التحديد أعله لماهية وروح الدستور تقترب من جوهره ,فإن الدول
الدستورية تختلف من حيث الحدود القصوى والدنيا لحالة الممارسة الدستورية ,وخاصة
"السلطة اوالحكومه المقيدة" ولذلك تجد نماذج متنوعه من ,مثل,الملكيات الدستوريه والتي
تترواح بين الحد القصى والحد الدنى من تقييد الحكومه فيها ,غير أن الحد الدنى الذي ل
بد أن يدركه المواطنون هو وجود المشاركة الشعبية في القرارات والسياسات ,عن طريق
انتخاب سلطة نيابية "مجلس شورى منتخب ملزم" انتخابا حرا مباشرا ودوريا ,له صلحيات
وسلطات رقابية على السلطة التنفيذية و الحكومة وكذلك وجود حد معقول من "استقلل
القضاء " بما في ذلك وجود محكمة عليا دستورية ,والسماح بحرية التعبير والرأي بما في
ذلك حرية الصحافة والعلم والنشر ،وكذلك السماح بتكوينات المجتمع الهلي المدني,
ووجود ضمانات لستقللية عملها .
من هنا كانت الدعوة والمطالبة بالدستور " الصلح الدستوري" باعتباره
الركيزة والساس الذي يبني عليه أي إصلح شامل في السعودية ,لتحقيق غاياته في ضمان
العدالة والحرية والكرامة للمواطن والمجتمع والسلطة على حد سواء.
نقطة أخيرة ل بد من الشارة إليها سريعا وهذه تتصل بمن يصوغ ويعد
الدستور؟ جرت العادة في الدول التي تريد أن تتبنى حياة سياسية دستورية حقيقية أن
تتكون هيئة وطنيه مستقلة من أهل الرأي والخبرة والعلم في كافة الختصاصات ,بما في
ذلك الفقه الدستوري ( والشريعة السلمية في البلد العربية والسلمية ) ,لصياغة بنود
وعناصر وآليات الدستور المشار إلى أهم عناصرها السابقة مع تفصيلتها وفي شكل ابواب
ومواد ،ثم عند النتهاء من تلك الصياغة تقوم الحكومة " الدولة " بعرض ذلك الدستور
المقترح على الشعب للتصويت عليه ,وقد تكون صيغة التصويت بنعم أول .ومتى صوتت
الغالبية بنعم فيعتبر عقدا إجتماعيا جديدا ملزما للطرفين ,السلطة والمجتمع ,ونافذا,
وتتحدد بعدها مرحلة التنفيذ وآلياتها ,خاصة فيما يتعلق باجراء النتخابات العامة السلطة
النيابية ( الشورى الملزمة ) والمحلية والبلدية ,مع وجود قانون انتخابي مبني على احصاء
سكاني حديث .ويناط بالسلطة النيابية لحقا حق تعديل أو الغاء الدستور جزئيا أو كليا وطبقا
للية تصويت واضحة مثل غالبية الثلثين .ويناط بالمحكمة الدستورية العليا المراجعة
الدستورية ،بمعنى البت فيما هو دستوري أو متعارض مع الدستور من القرارات والقوانين
التي تسنها السلطة النيابية أو غيرها في حالت استثنائية .
من أجل ذلك ،طالب دعاة الصلح الدستوري والمجتمع الهلي المدني في
السعودية بتشكيل مؤتمر وطني للحوار الغاية منه هو الوصول ,بالحوار بين التيارات مع
الحكومة إلى تشكيل تلك الهيئة الوطنية المستقلة لصياغة الدستور .لذلك لم يكن الهدف من
ذلك المطلب الصلحي هوإقامة مركز وطني للحوار كما تبنته الدولة ,مهيمنة عليه دون ان
تكون طرفا فيه ,و إنما كان الهدف هو الوصول إلى تلك الهيئة لصياغة الدستور من أجل
البدء بتطبيقات الصلحات الدستورية في فتره لحقه معقوله .
الهوامش :
( )1في التفصيلت والسماء الموقعه على الوثيقه انظر ":ندا الى القياده والشعب
"الصلح الدستوري اول"ا 2003|12| 16م . معا"
( )2من معايير استقلل القضاء :اقرار نظريه الحقوق الساسيه للمواطنين و مدونه
معلنه محدده لحكام التعزير ،استقلل مالي للقضاة ،عدم تدخل السلطه التنفيذيه بالحكام ،
اشراف السلطه القضائيه على تنفيذ الحكام ،اشراف السلطه القضائيه على السجون
والمعتقلين والمتهمين ،توحيد المحاكم ،وجود محكمه عليا دستوريه شرعيه للفصل في
القرارات ومدى مشروعيتها ودستوريتها .في تفاصيل ذلك انظر ابو بلل ،عبدال الحامد,
المعايير الدوليه لستقلل القضاء في بوتقه الشريعه السلميه ,في طريقه للنشر ,من الدار
العربيه للعلوم ,وكذلك عبدال الحامد ,استقلل القضاء السعودي :عوائقه وكيفيه تعزيزه ,
بحث معدل ,ومقدم في الساس الى مؤتمر العداله الثاني ,المنعقد في القاهره في الفتره :
/24-22فبراير 2003/م
( )3عن تفصيلت الحقوق والحريات للنسان في كافه المجالت وخاصه في مجال
الحقوق السياسيه ،يمكن الطلع عليها من موقع المم المتحده على النترنت ولنظره موجزه
عامه لميثاق حقوق النسان الصادر في 1948انظر "العلن العالمي لحقوق النسان"
........1948قرار 217 #في .10/12/1948
( )4هناك ندوات ودراسات عن المجتمع المدني في البلد والوطن العربي ،لعل اهمها
ندوه المجتمع المدني في الوطن العربي ( بيروت مركز دراسات الوحده العربيه 1992م )
عزمي بشاره ،المجتمع المدني (بيروت ،مركز دراسات الوحده العربيه) احمد صبيحي
شكري ،المجتمع المدني ،متروك الفالح ،المجتمع والدوله والد يمقراطيه ،دراسه مقارنه
اشكاليه المجتمع المدني في ضوء تريف المدن (بيروت :مركز دراسات الوحده العربيه
2002م ) .أبو بلل /عبدال الحامد ,المجتمع الهلي المدني2003 ,م
( )5عن تريف المدن وعلقه ذلك بالمجتمع المدني انظر ،متروك الفالح المجتمع
والدولة والديمقراطية .
( )6اضافه الى دراستنا متروك الفالح ،المجتمع والدوله والديمقراطيه في البلدان
العربيه ،مصدر سابق انظر ايليا حريق ،العرب والتراث والديمقراطيه ،المستقبل العربي
عدد . #بنابر 2002م .
()7ابو بلل ,عبدال الحامد المجتمع الهلي المدني 2003م .
[البحث الثالث]:
الصلح الدستوري في السعودية
العنف ظاهرة قديمة قدم البشرية ،ولكنه مع تغيرات ضخمة في هيكلة وبناء
المجتمعات وتنوعها وتقاطع أطرافها واحتياجاتها ومصالحها ,ومع التقدم التقني بعناصر
القوى المادية ،وكذلك بعناصر نقل المعلومة بالصورة الفورية ،أخذ يتزايد أولً في انتشاره
وفي آثاره وبالتالي ولد قلقا واهتماما متزايدا ومتابعة الناس في كل مكان .وإذا كان العنف
ظاهرة موجودة في كل زمان وفي معظم المجتمعات بدرجة أو بأخرى ،فإن الذي يهمنا هو
ملحظة أن منطقتنا العربية وبلداننا العربية تشهد في معظمها درجات متزايدة من العنف الذي
وصل في بعضها إلى حالة من الصراع الجتماعي المفتوح " الحرب الهلية " .وحيث إن
السعودية من البلدان العربية التي بدأت تشهد ،وخاصة من أحداث سمتبمبر 2001م فصاعداَ
وبالذات منذ 12مايو 2003م ،أعمالً متصاعدة من العنف ،فإن معالجة الموضوع من حيث
العلقة بين العنف والصلح وخاصة مدى تأثير الول على مستقبل الخير ،من القضايا
الساسية المتصلة بفكرة ومطالب الصلح الدستوري في السعودية.
في مناقشة وتحليل العلقة بين العنف والصلح الدستوري ،ننطلق من محطات
أساسية ذات صلة بالعنف ومنها:
أولً :تعريف وتحديد مفهوم العنف.
ثانيا :مناقشة متغيرات العنف " تفسير العنف " في السعوديه
ثالثا :العنف والصلح الدستوري.
أولً :في مفهوم العنف:
أي معالجة لقضية ذات صلة ببعض المفاهيم ,تحتاج أن تحدد تلك المفاهيم من
خلل تعريف يوضح مكوناتها وخصائصها .عليه يمكن ،من خلل المعرفة في سياق علم
الجتماع السياسي ،تعريف العنف على انه؛
كل تصرف أو سلوك بشري ينزع إلى استخدام قدر من القوة القسرية ( بما في
ذلك الكراه والذى الجسدي بما في ذلك الضرب والذى النفسي) وخاصة استخدام السلح
وتقنيات التعذيب التقليدية والحديثة ,غير المشروع أو المخالف " المنتهك لحقوق النسان
الساسية ,التي أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية في التعامل مع أو إدارة العلقات
النسانية ( بما في ذلك وبدرجة أساسية الختلفات في المجالت الثقافية والجتماعية
والقتصادية والسياسية ) وبهدف تحقيق غايات في تلك المجالت تتراوح بين الخضاع
والضغط والتعديل والتهميش (القصاء) ،وبين الستئصال والتصفية والتغيير الشامل لتلك
العلقات وبالذات أطرافها " فواعلها " ,وقد يطال أذاه آخرين غير مستهدفين .وهذا السلوك
البشري القسري غير السلمي يحدث بين الفراد أو الجماعات أو السلطات تجاه بعضهم
البعض داخل مجتمع معين ،أو بين مجتمعات معينة وعناصر معينة أو عناصر منها تجاه
الخرى ،ويتولد أساسا من تقاطع أو تداخل أو تضافر عناصر من بيئات في تلك المجتمعات
صغيرة كانت أم كبيرة رئيسة أو فرعية حبلى بتعقيداتها من اختناقات واختللت في تلك
المجالت .وفي مرحلة لحقة قد يصبح العنف والعنف المضاد مغذيا لتلك البيئات المحفزة
وربما مدمراًَ لها.
بناءا عليه فإن هذا التحديد أو التعريف للعنف يتضمن العناصر والمكونات
والخصائص التالية الرئيسة الساسية:
سلوك بشري مع الخرين ـ أو تجاههم أو بينهم.
غير سلمي ( مسلح ـ قسوة ـ تعذيب ...الخ ).
غير مشروع وهذا يعني أن هناك عنفا مشروعا كمقاومة الحتلل أو الستعمار.
مخالف أو منتهك لحقوق النسان الساسية وهذا يعني إن الحق المشروع للدول
والحكومات في ممارسة العنف من أجل فرض السلم الهلي يجب أل ينتهك حقوق الناس
الساسية بما في ذلك في وقائع العتقال والسجن وعدم التعذيب والتحقير والكراه النفسي
للمتهم...الخ.
)5مجاله ،العلقات النسانية " الثقافية والجتماعية والقتصادية والسياسية ".
)6أهدافه وغاياته ،إلحاق قدر من الذى يترواح بين الخضاع أو الضغط أو التعديل أو
التهميش وبين الستئصال والتصفية والتغيير الشامل لتلك العلقات وأطرافها البشرية من
أفراد او جماعات أو سلطات ,أو بعضها على القل.
)7أطرافه ،الفراد والجماعات والسلطات " الحكومات " تجاه بعضهم البعض في
مجتمع بعينه ،وبين مجتمعات مختلفة أو بعض عناصرها مع الخرى.
) 8ومن خلل أهداف وأطراف العنف فإن هناك أنواعا منه ،فهناك العنف السري
والعنف الثقافي والعنف السياسي والذي قد يأخذ أشكالً متعددة ,بما في ذلك الصراع أو العنف
الجتماعي المفتوح أو الحرب الهلية.
) 9إنه ناتج مركب من اختلل واختناقات بيئة مجتمعات تلك الطراف أو بعضها ,وفي
المجالت القتصادية والجتماعية والثقافية والسياسية ,أو عوامل داخلية ,أو تقاطع أو تداخل
بين عناصر من بيئات مجتمعات مختلفة "عوامل خارجية".
)10إن للعنف تداعيات قد يلحق الذى والضرر على غير مستهدفين أصلً كالبرياء
الذين ل علقة لهم بالطراف مباشرة .وقد يؤدي العنف والعنف المضاد ودورته إلى أن يكون
منتجاًُ ومغذيا لتلك البيئات المختلة وقد يؤدي إلى دمارها.
17
ثانيا :في تفسير العنف في السعودية
البيئة والعوامل الداخلية .
لكل حالة أو ظاهرة عوامل مكونة لها .والعنف كظاهرة اجتماعية هو الخر
منتج مركب من عوامل متصلة ببيئة داخلية أو بتداخل من عوامل بيئة خارجية ،أو بخليط
منهما .والعنف الذي عرفناه آنفا هو تعريف مجرد عام ،بمعنى أنه يشمل جميع أنواع العنف
واطرافها المحتملة وغاياتها المحتملة .ولكننا هنا نريد أن نركز على حالة أو ظاهرة العنف
التي تجري في السعودية ،وخاصة منذ مايو 2003م فصاعدا ,رغم أن جذورها تمتد في
بعض العقود إلى الوراء .العنف الذي يجري في السعودية هو من نوع العنف العام أو
السياسي ،ذلك إن أطرافه " بعض الفئات من المجتمع والسلطة وغاياته تبدو سياسية " ،
رغم تداخل الغايات والطراف الخرى وكذلك البيئات المولدة لها .
الخطاب الرسمي ،وكذلك الثقافي والفكري والعلمي الموازي يقدم العنف "
أو الرهاب " على انه ناتج عن الغلو والتطرف في الفكار وبعض الخطاب الديني ,باعتبارها
أفكارا ضالة ومنحرفة وإنها تعود في جزء كبير منها إلى تأثر أطرافه " بما في ذلك عناصر
من الخارج.
ومع ذلك فإن هناك ملحظة وهي إن الفئات المنخرطة في أعمال العنف والرهاب
الحالية في أكثرها ,هي عناصر شابة ل يتجاوز أعمارهم ال 25عاما ،وهو ما يدل على إن
17عن نظريات العنف وتفسيرها أنظر ،متروك الفالح ،نظريات العنف والثورة :دراسة تنوعية مقارنة " القاهرة " مركز البحوث ـ كلية القتصاد والعلوم
السياسية جامعة القاهرة . 1991 ،وعن تفصيلت شامله عن دراسات ونظريات وأبحاث العنف ,هناك الدراسه الشامله التاليه:
Ekkart Zimmerman,Politicol violence , Crises and Revolutions, Theories and Research )Cambridge,
)Massachusetts:Schenkman Publishing Co,1983
تلك الفئات والعناصر وليدة وانتاج البيئة السعودية ذاتها ,حتى لو ركزنا على مسألة ثقافية
بعينها وخطاب ثقافي بعينه .على أية حال في تعريف العنف ضمن أحد مكوناته كمفهوم ،إنه
منتج أو ناتج مركب من بيئة فيها اختللت واختناقات في المجالت السياسية والقتصادية
والجتماعية الثقافية ,لذلك نقول إنه في سياق العوامل الداخلية فإن البيئة السعودية وانغلقها
وبتقاطعات وتضافر عواملها هي المولدة للعنف ،رغم إن المجال السياسي ،في العلقة بين
الدولة والمجتمع ،وفي سياق الممارسات والسياسات الحكومية ،تكون الوفر حظا في تولد
ذلك العنف وهي المسؤولة عنه بدرجة أساسية .وسنبين ونفصل ذلك في ما يلي:
:في المجال الثقافي ،يغيب في المدارس والجامعات السعودية سواء كانت دينية أو
غيرها الحوار والمناقشات .و يسود عوضا عنها التلقين والحفظ والتوجيه بدون مناقشة ,فل
رأي أخر ,ول تركيز على تطوير وسائل أساليب الفهم.
وفي الجانب الثقافي العام (والعلمي الصحافي) تحديدا ,فأن هناك رؤية واحدة
في الغالب تمثل الدولة وسياساتها مع غياب واضح ومتعمد للرأي الخر .وفي موازاة ذلك
هناك كبت وقمع ثقافي وخاصة على مستوى غياب الندوات والمحاضرات و المؤتمرات
الداخلية ،والتضييق على المثقفين في المشاركة في تلك المؤتمرات الموازية خارجيا ,بما في
ذلك المنع من المشاركة في البرامج الفكريه والثقافية والسياسية في القنوات الفضائية
العربية .وكذلك قلة وندرة معارض الكتاب ,والتي أصلُ تخضع لدرجة كبيرة من الرقابة ،كما
هي وسائل المعلومات الحديثة مثلُ النترنت ،ومواقعها حيث هناك منع وحذف الكثير من
المواقع وأحيانا قفل ومنع لها ،خاصة إذ كان مصدرها أو أصحابها من المثقفين أبناء البلد،
هذا فضلً عن غياب مراكز الترفيه .من هنا فإننا أمام منهجية مبرمجة من عملية متواصلة
للتجهيل ،تؤدي حتما إلى انغلق الرأي والبصيرة والحوار ,وخاصة على مستوى الشباب
الناشئ للتو .لذلك ليس غريبا عليهم التشدد والتطرف وعدم التسامح والجنوح أو النزوع
باتجاه العنف ,وخاصة في ضوء تضافر العوامل الخرى في المجالت الخرى كما سوف
تتكشف ,تاليا ,في مناقشات الجزاء المتبقيه من عوامل العنف.
ل كبيرا بينهما،
)2في المجال الجتماعي والقتصادي والنفسي حيث أن هناك تداخ ً
نلحظ اختللت في السياسات والممارسات الحكومية منها .هناك أولً سوء توزيع للثروة
والموارد في سياق التنمية لتوفير الخدمات والحاجات الساسية للناس في كافة المناطق
وعلى نحو متوازن .ثمة خلل كبير في بعض المناطق والرياف ولحساب بعض المناطق أو
أجزاء منها ,وكذلك بالمراكز " المدن أو أجزاء منها" .إذ ليس كل المدن بما فيها المدن
الرئيسية مثل الرياض أو جدة مثلً تخلو من هذا الخلل حيث ل تتوازن الخدمات في كافة
أحيائها .إضافة إلى ذلك وفي موازاته ،هناك هدر للمال العام سواء تعلق المر بإدارة الموال
العامة خاصة في سياق الميزانية العامة للدولة ،أو ما هو خارجها ،وهو ما يعني قدرا غير
قليل من الفساد المالي تحديدا ,طالما ل توجد آلية مجتمعية قانوية" دستورية " للرقابة
والمحاسبة .لذلك ليس غريبا مع غياب أو خلل في العدالة الجتماعية أن يكون هناك قدر
متعاظم من التظلم والتضجر الجتماعي الجماعي والحرمان النسبي Collective Social
لدى قطاعات 18
Injustice & Frustration and relative-deprivation
متزايدة من السكان وخاصة في بعض المناطق ومنها الجنوبية والشمالية وكذلك قرى وأرياف
المناطق الخرى ،إضافة إلى هوامش وأطراف حتى المدن الرئيسية .لذلك ليس غريبا أن تجد
أعدادا من المنخرطين في أعمال العنف " الرهاب " ينحدرون من تلك الجزاء أو الحياء
الجتماعية أو المناطقية ،ومن هنا يلحظ تمركز فئات وعناصر من المطلوبين في أحياء من
أطراف مدينة الرياض مثل السويدي ،النسيم ،الشفاء ...الخ.
عندما نتكلم عن حالة التظلم الجتماعي والجماعي والحرمان النسبي لدى فئات
وقطاعات من أبناء البلد ,وخاصة في بعض المناطق وبعض الجزاء الخرى فإننا ل نتكلم
بالضرورة عن الفقر والفقار على المستوى الفردي .ذلك إن الفراد المنخرطين في العنف قد
يكونون أغنياء بذاتهم ،ولكنهم انطلقا من الحساس بالتهميش والدونيه من قيل الدوله
وإدراكه أو التفكير فيه بعمق ,على مستوى البعد الجماعي لجماعة ما ,في منطقة ما فإنهم
غالباُ ما ينفسون عن ذلك بالتخراط أو النحراف في عمليات العنف أن لم يكن في النحرافات
الخرى .ولعل من المفارقات العجيبة ان الحكومة السعودية وحتى وقت قريب لم تتجاوز
السنتين تقريبا اعترفت بوجود حالة الفقر داخل المدن الرئيسية بما في ذلك مدينة الرياض
حيث قام ولي العهد المير عبد ال بزيارة أحد الحياء الفقيرة فيها .قبل ذلك لم يكن أحد من
المسؤولين يعرف عن تلك المسألة بل ل يريد أن يثيرها وذلك لتناقضها الفاضح مع قدرات
الدولة المالية الهائلة مقابل عدد سكان غير كبير في البلد.
18عن التعليم والتضجر الجتماعي والحرمان النسبي وعلقاتها بالعنف انظر ،
Rebel ) plinceton:Princeton Univ.Press Ted Gurr Why Men
) 1970
I.K.Feierabend,R.L Feierabend, and Ted R. Gurr )eds.(, Anger, Vielence, and Politics )Englewood Cliffs, N.J. : ,
Prentice Hall , inc. 1972(. Why Men
وإذا كانت تلك مفارقة عجيبة ،فالعجب أيضا مفارقتان متلزمتان :المفارقة الولى
هي أن العلم السعودي لم يتطرق قبل هذه الزيارة إلى الواقع القتصادي المتردي لفئات
اجتماعيه من المواطنين وخاصه في سياق حالة وواقع الفقر ,وهو أثبات آخر على تبعية
وعدم استقلليه العلم في تناول المواضيع العامه والتي تدل على تهميش واضح للرأي
الخر ,كما سبق الشاره أليه .والمفارقة الثانية ,هي أن الحكومة السعودية أقرت قبل وبعد
زيارة المير عبد ال لذلك الحي الفقير في الرياض استرايجية لمكافحة الفقر في البلد .ولكن
هذه السترايجية خصص لها أو جمع لها مبلغ يتراوح بين مائتين إلى ثلثمائة مليون ر
سعودي .في المقابل ومع اندلع أعمال العنف منذ مايو 2003م خصصت الحكومة لمكافحة
العنف والرهاب أكثر من 5بليون ر سعودي وذلك في ميزانية عام 1424ـ 1425هـ
2003ـ 2004م .وفي كل هذا وذاك يتكشف دور العلم المسيطر عليه بآحادية الرأي
والتوجه الرسمي ,فهو ل يثير القضايا إل بالضوء الخضر ويتوقف مع الضوء وعند الخط
الحمر.
في سياق مسألة مكافحة الفقر ومكافحة العنف أو الرهاب والمبالغ المخصصة
لها ،هناك عدة ملحظات منها:
أ) رغم إن أحدا ل ينازع في حاجة المن إلى أموال وموارد تخصص ،إل أن المن
يمكن الوصول إليه بطريقة التنمية المتكاملة المتوازنة لكافة المواطنين والمناطق وبما يعني
ضمان حاجاتهم المادية الساسية وكرامتهم النسانية في مجال الحقوق والحريات .وهذا
النهج حتى الن لم يتبع بعد ،وهل المن هو المنهج الفضل لمعالجة قضية الرهاب والعنف؟
في ميزانية مكافحة الفقر وما خصص للعام 2003ـ 2004م نحن أمام المعادلة
التالية:
300.000.000
1 = 1 = 5.000.000.00
16.6عشر ريا ًل يصرف 17
للمن, بمعنى إن هناك ريالً واحدا مخصصا للفقر ,مقابل سبعة
وهذا الخير فقط لميزانية عام واحد بينما الول " الفقر " قد تكون ميزانيته تشمل عدة
سنوات.
ب) في كل ذلك ،من يقرر ماذا ومتى وكم تلك الموال ؟ وكيف تصرف وعلى أي
أساس؟ في النهاية يبقى المواطن يتفرج على لجان تشكل باسمه بمعالجة اوضاعه وحاجاته
دون ان يكون شريكاُ في عملية صنع تلك السياسات .ويبقى المواطن الفقير بشكل خاص
خارج تلك الدوائر وصناعتها ،وقد تصله ,تلك الموال وقد ل تصله .وعلى أية حال فليس
هناك ضمان قانوني أو دستوري لتحقيق ذلك .ومن ثم ليس غريباُ أن مجموعات من تلك
المواطنين الفقراء والذين ازدادوا فقرا مع الوقت ،قد يشكلون بيئة خصبة للختطاف باتجاه
العنف وبغض النظر عن المسوغات سواء أكانت دينية أو اقتصادية واعية او جاهلة.
.)3في المجال الجتماعي أيضا هناك تهميش للناس من خلل هدم وتدمير البني
الجتماعية التقليدية من السر أو العائلت أو العشائر والقبائل… الخ .في المقابل لم تعمل
الحكومة على إيجاد بدائل من بنى وأطر اجتماعية حديثة تستوعب الفراد والفئات الجتماعية
بحيث يمكن أن ينخرطوا فيها مع الخرين في نشاطات سلمية تدافع عن حقوقهم ومصالحهم
وتفصح عن رغباتهم تجاه الدولة وفي نفس الوقت تقدم لهم امكانية أن يحددوا آلية للمشاركة
والمحاسبة والرقابة سواء تعلق المر بهم كمجموعات أو بينهم وبين الدولة " السلطات " او
ما يسمى بالحتساب على السلطة ,وفي ما بينهم من خلل جمعيات واتحادات أهلية مدنية .مع
غياب تلك المؤسسات والجمعيات الحديثة في الوقت الذي تدمر فيه المؤسسات والبنى
التقليدية ،فإن كافة المواطنين والناس عموما أفرادا أو جماعات ،وخاصة الشباب ل يجدون
وسيلة واطارا يعملون من خلله ويفصحون عن رغباتهم ومطالبهم وحقوقهم وبطريقة سليمة
تجاه الدولة وتجاه بعضهم البعض .لذلك ليس غريبا إنه وفي سياق تلك الوضعية من فقدان
الطر الجتماعية الهلية والمدنية المستقله ،وكذلك بالتلزم مع ضعف الدمج بين الجماعات
والمناطق " الوحدة الوطنية " من خلل سوء إدارة الموارد وكذلك سوء إدارة التنمية
وتوازناتها "خلل في العدل والعدالة الجتماعية " ،فإن هناك قدرا من الضعف في النتماء
والولء للدولة والسلطة ,وهو ما يفسر نزوع أفراد وفئات من المجتمع إلى اعطاء ولئهم
لقيادات وزعامات خارج البلد كما هي ملحوظة عند أولئك المرتبطين بالقاعدة مثلًُ.
)4في المجال السياسي تتبدى كل تلك الختللت السابقة وتتمظهر جليا باعتبارها
امتدادا وانعكاسا لبنية السياسة والدولة وممارساتها .ولعل المعضلة الكبرى في كل هذا وذاك
من اختللت ,تعود إلى طغيان " الستبداد " وشموليته لمناحي الحياة ,وفي مجالت كثيرة
حتى أدق تفصيلتها .نحن أمام دولة ذات " سلطة مطلقة " ل فصل فيها للسلطات ول وجود
لمشاركة شعبية من خلل سلطة نيابية لها سلطة رقابية ومحاسبة على السلطة التنفيذية .ل
سلطة قضائية مستقلة عمليا ,بأجراءات وهياكل ومعايير ،ل وجود لليات وأطر اجتماعية
للحتساب الجماعي على السلطة وفيما بينها .وبالتالي ليس غريبا أن يفتقد العدل لسس
إقامته ,ويختل تحقيق العدالة الجتماعية ,وتغيب الحريات وتنتهك ,بما في ذلك حرية الرأي
والتعبير والتجمع المدني السلمي ,وتهدر الحقوق ,ويستشري الفساد المالي والداري ,ويهدر
المال العام دون حسيب أو رقيب طالما ليس هناك دستور وحكومة دستورية.
والسؤال هنا ،ما هي العلقة بين قضية الستبداد السياسي والعنف ؟
يمكن الجابة على هذا السؤال من خلل عدة محاور متصلة بمسألة الستبداد
وكون الدولة والحكومة " كسلطة " حكومة ذات سلطة مطلقة شمولية ،وذلك على النحو
التالي:
أ :الستبداد يعني في الوقت ذاته القمع والقهر والقصاء للمجتمع أفراداَ وجماعة .إن
عدم وجود فصل السلطات ،يعني إن صناعة القرار محصورة بفئة معينة ومقصورة عليه وأما
الشعب فإنه خارج السلطة والعملية السياسية وبالذات صناعة القرار .إذن هناك اقصاء
للمواطن من السياسة ومن صناعة القرار ،أي إن هناك قرارات تتخذ في مجال السياسة
الداخلية والخارجية في ظل تهميش لرأي الشعب ,المر الذي يعني احتمال وجود قدر من
العتراض الشعبي على عدد من القرارات ,ولكن الحكومة " السلطة " تتصرف دون استشارة
شعبها .ومن ذلك مثلً قرار الذن بدخول القوات المريكية في الراضي السعودية أثناء وبعد
أزمة الخليج الثانية 1990والتي استمرت حتى الن .وكذلك ما يتصل بتواصل ضرب العراق
ما بين 1991و 2003م في مناطق الحظر وخاصة الجنوبي انطلقا من الراضي السعودية،
وكذلك تحالفات الدولة وقراراتها فيما يتعلق بغزو افغانستان 2001م ،والحتلل المريكي
للعراق مارس 2003م فصاعدا .وينطبق على ذلك قرارات القيادة السعودية " المبادرة للتطبيع
مع اسرائيل " في مؤتمر قمة بيروت مارس 2002م .هذه القرارات المنفردة بمعزل عن
الشعب ,أثارت ول زالت تثير كثيرا من تحفظ الناس عموما وبعض الفئات خصوصاًُ ,بما في
ذلك المجموعات الدينية والتي ترى حدودا للتعامل مع الجنبي وبعضها يذهب الىعدم جواز
دخول تلك القوات أرض الجزيرة العربية " السعودية " بلد الحرمين أو التصالح والتطبيع مع
الكيان الصهيوني ,ولذلك فإن عناصر من الشباب "الجهادي" في هذا السياق هم من الذين
انضموا إلى عناصر القاعدة في العتراض المسلح على الوجود المريكي في السعودية.
إضافة إلى ذلك فإن الستبداد يقابله القمع والكبت والقهر في كافة المستويات
وبالتالي فإن متنفساتها البديلة ،هي العنف ،وذلك في غياب المتنفسات المدنية السلمية وهي
المشاركة وإبداء الرأي والتعبير والعتراض السلمي .عندما يشارك الشعب من خلل من يثق
بهم ممن يمثلونه ،فإنه هو الذي يتحمل تلك القرارات إذا ما اتخذت؛ ذلك انه ل بد من أن
يناقشها ويخضعها للمداولة والتعديل ولربما العدول عنها إذا وجد إنها تتعارض والمصلحة
العليا للوطن.
ب :في الممارسات الحكومية المنية والمسألة الحقوقية في ظل الستبداد والسلطات
الشمولية المطلقة ،في أي بلد بما في ذلك السعودية ،فإن هناك ميلً واضحا لنتهاج سياسات
أمنية لمعالجة كثير من مظاهر عدم الرضا والعتراض على السياسات الحكومية .هذه
السياسات المنية ،تميل إلى عدم وجود ضوابط وأنظمة محددة ,إذ ل وجود لدستور مقيد
للسلطات ،وحتى عندما تتبنى الدولة " أنظمة ما " أو عندما تقر الدولة ـ السلطة " الحكومة
السعودية " بعض المواثيق الدولية ,مثلً في مجال حقوق النسان ,ومنها حقوق المتهم,
فإنها ل تلتزم بها ,ومن ثم فأنه ليس غريباُ أن تنتهكها ،وذلك لغياب الرقابة والمحاسبة
الدستورية القانونية الشعبية .لقد مارست السلطات المنية وخلل العقود الماضية ،منذ
الستينات من القرن الماضي فصاعدا انتهاكات في مجال حقوق النسان وبالذات في سياق
حقوق المتهم والمعتقلين ,ابتداءا بطريقة العتقالت ,ومرورا بأصناف ممارسات التعذيب,
والعزل النفرادي الطويل والهانات ,والمدة الطويلة للسجن والعتقال دون محاكمات,
وانتهاءا بالفصل والطرد من العمال والوظائف الحكومية .وتلك الممارسات المنية وخاصة
في السجون تم تدوينها وكتابة تقارير مفصلة عنها من قبل بعض الذين تعرضوا للسجن
أنفسهم وقدمت لمسؤولي وزارة الداخلية.
إضافة إلى ذلك ,فإن العناصر التي انخرطت في الجهاد " الجهاد الفغاني "
وعادت بعد خروج السوفيت ,لم تجد معاملة تليق بهما من الدولة ،بل لم تقم الدولة
باستيعابهم واحتوائهم وانما تم اهمالهم وتهميشهم ,رغم أن الحكومة كانت أساسا تدفع بهم
إلى افغانستان لمقاومة السوفيت هناك .وإذا كان هذا أكثر حدوثا في ما قبل صدور وتطبيق
نظام الجراءات الجزائية منذ مايو ,2003فإنه للسف ل تزال هناك كثير من تلك الممارسات
والنتهاكات المتواصلة ،كما إن معظم ان لم يكن كل المعتقلين أو المتهمين ل يعرفون حقوقهم
بما في ذلك حقهم في أن يكون لكل منهم محامي (وكيل) للدفاع عنه امام المحكمه وفي أثناء
التحقيق معه .وكيف لهم أن يعرفوا وليس هناك ثقافة حقوقية في البلد وقد ساهمت الدولة
أصلًُ في غيابها .وحتى أولئك المعتقلين الذين يعرفون بعض حقوقهم ,مثل حقهم في
المحامي ,فأنهم في الغالب يحرمون من هذا الحق أوأن تماطل الجهزه المنيه في تحقيقه ,أو
تعطيله وعرقله فاعليته اذا ماتم .ولعله من المفارقات ان هذه الممارسات الحكوميه المنيه
المنتهكه لحقوق النسان ,تمارس بينما تعلن الدوله ممثله بوزاره الداخليه تطبيق نظام
الجراءات الجزائيه الذي يتضمن نصوصا ومواد تمنع تلك الممارسات ,ذلك في تعارض
صارخ مع ما وقعت عليه المملكه من اتفاقيات دوليه تمنع تلك الممارسات وخاصه اتفاقيه
مناهضه التعذيب التي وقعتها السعوديه في عام 1997م .وإذا كانت تلك النتهاكات تطال في
الصل أي مواطن ،فإنها تركز على فئات من المواطنين وبالذات الفئات والعناصر " الجهادية
" .وبالتالي فإن الممارسات المنية التي تمثل انتهاكات لحقوق ولكرامة النسان ،داخل
السجن وفي القصاء خارج السجون ،جعلت من هؤلء الفراد أو المؤيدين لهم ينزعون على
نحو متزايد باتجاه العنف والنخراط فيه .طبعا هذا التحليل ل يعفي أهل العنف من تحمل
ممارساتهم ،ول يعني بأي حال من الحوال إن ليس لهم دور ومسؤولية في تواصل العنف.
ج :السلطة القضائية والحكام والتعزيرية المفتوحة في موازاة الممارسات المنية
القمعية داخل وخارج السجون ،ودون ضوابط وقانون ومحاسبة ،فإنه أيضا وفي سياق
الستبداد والسلطة المطلقة ،وعدم وجود فصل السلطات وآلية الرقابة والمحاسبة على بعضها
البعض وبالذات من السلطة القضائية تجاه السلطة التنفيذية والنيابية ،فإن السلطة القضائية
نفسها تعاني من اشكالية كبرى تتصل بمسألة عدم تمكينها من ممارسه استقللها عن
السلطة التنفيذية .وفي غياب مدونة واضحة وفعلية ومحددة لحكام وعقوبات التعزير ،وبشكل
عام في سياق غياب معايير دولية واجراءات وهياكل تعزز من استقلل السلطة القضائية
كمؤسسة وتضمنها ،بما في ذلك عدم علنية وشفافيه المحاكم وجلساتها السرية ,ووجود
محكمة دستورية عليا للبت في شرعية و مشروعية القرارات والنظمة...إلخ ,رغم أن نظام
الجراءات الجزائية المطبق منذ مايو 2003فصاعدا يجيز ذلك ،فإن القضاء خاصه في
القضايا التعزيريه (ومنها على وجه التحديد القضايا السياسيه والمتصله بالشأن العام ) قد
يصدر أحكاما قاسية و طويلة المد في حالت بعينها تصل إلى درجة العدام .من هنا فإن
الحكام القاسيه و /أو التعسفية التي صدرت ول زالت تصدر بتأثيرات وتدخلت من الحاكم
ضد المعتقلين وخاصة المنخرطين في نشاطات " جهادية " أو في الشأن العام قد ولدت عند
أولئك العناصر وخاصة الفئات الولى إحساسا بالتهميش والقصاء من الدولة وعزز لديهم
تصور أنه ليس هناك طريق سوى سلوك طريق العنف تحت أي مبرر أو مسوغ.
) 2البيئة والعوامل الخارجية والعنف في السعودية:
البيئة الخارجية وعواملها وصلتها بالعنف في السعودية ترتبط أساسا ببعدي
السياسات المريكية في المنطقة العربية وكذلك بالعلقات السعودية المريكية وما تتصل بهما
من تداخل ،بما في ذلك ما يمكن تسميته بالتحالف السعودي المريكي أو التبعية السعودية
للوليات المتحدة المريكية من منظور مختلف ،وتداخل كل من هاذين البعدين في البعد
الداخلي ،في العلقة بين الدولة والمجتمع وعلى محور بنية الدولة والسلطة فيهما:
)1مرحلة ما قبل عام 2001م :يمكن القول دون تفصيل إن هناك عدة عناصر ولدت
تلك البيئة وتداخلها مع البيئة السعودية وعواملها وكان لها أثر واضح في اندلع العنف بداية
ثم تطوره وتصاعده في المرحلة الثالثة من تلك العناصر وهي ذات صلة قوية بالعلقات
السعودية المريكية وبالسياسات المريكية في المنطقة :
أ .مع أزمة الخليج الثانية 1991-1990ودخول القوات المريكية للراضي السعودية
واستخدامها للراضي السعودية في الحرب على العراق 1991م ,ثم لحقا ما بين 1991
وحتى 2003بالضربات الجوية وفي تطبيق منطقتي الحظر الجوي وبالذات في جنوب العراق
,وكذلك في تطبيق " الحصار " القاتل على الشعب العراقي .كل ذلك تم بموافقة أو بغض
النظر من السلطات السعودية ,ولكن دون موافقة شعبية ،بل كان هناك عدم رضا وخاصة
بعد انتهاء العمليات العسكرية في 1991م ،واستمرار القوات والطائرات المريكية باستخدام
القواعد العسكرية والضربات الجوية ضد العراق ,وتطبيق الحصار على العراق .ذلك
الحصار الذي دام أكثر من اثني عشر عاما وقتل فيه مئات اللف من الطفال والنساء
والشيوخ كان محل استياء شعبي واضح حيث أخوانهم واشقاءهم في العراق يقتلون
ويحاصرون دون ذنب ،بل في محاولة لخضاع العراق والمنطقة وبمساهمة عربية بما فيها
مساهمة من بلدانهم ودولهم تجاه العمليات المريكية في العراق .
ب .في الوقت نفسه كانت السياسات المريكية تدعم اسرائيل دبلوماسيا وعسكريا
وماليا وتقنيا .وتلك السياسات تدعم ممارسات من نوع مصادرة الحقوق الفلسطينية ,من
خلل مصادرة الراضي ,وقتل الفلسطينيين وهدم المنازل وقلع وقطع الشجار و كلها كانت
محل غضب متزايد من الشعوب العربية بما في ذلك الشعب السعودي .هذا الغضب ايضا بدأ
يتزايد مع محاولة السياسات المريكية سواء في العراق اوعبر دعم اسرائيل المتواصل ،
اخضاع المنطقة ,وعن طريق اتفاقيات التسويه سواء تعلق بأوسلو أو بدول عربيه و مزيد
من الترتيبات القتصادية " مشروع الشرق أوسطية وشمال أفريقيا " منذ 1994فصاعدا,
والذي رغم انه توقف عام , 1996كان ينظر إليه على إنه امتداد لمشروع شمعون بيرز "
الشرق الوسط الجديد " والذي طرح منذ أوائل التسعينات من القرن العشرين وبعد ضرب
وتدمير القوة العراقية وارتكز على أربعة أسس أو قوى كلها تبدأ بحرف أل فور أم MS 4 :
وهي:
أولً :السوق ( المنطقة العربيه ) MARKET
المال الخليجي " العربي " MONEY
العقل اليهودي MIND
واليد العامله البشرية العربيه MEN
ويلحظ إن الذي يدير هو العقل اليهودي وله " الهيمنة " ,ومعادلتها على النحو التالي
)NEw Middle East = 4MS (Market +Money + Mind+Man
ومن ثم فقد ولدت السياسات المريكية في المنطقة بما انطوت عليه من هيمنة
واخضاع وما يترافق عنها من إذلل ومآسي في العراق وفلسطين ,غضباُ عارما لدى
الشعوب العربية ومنها الشعب في السعودية ,الذي بدأت عناصر فيه ,بما في ذلك عناصر
متصلة بالقاعدة ,بالقيام بأول عمليات العنف في 1995في الرياض ,ثم بالخبر 1996م
ضد التواجد العسكري في السعودية .ثم مع توالي الحداث ما منذ 1998تفجيرات نيروبي
ودار السلم وما نتج عنها من ضرب افغانستان والسودان في أغسطس سبتمبر 1998م ,ثم
الضربات الصاروخية للعراق في ديسمبر 1998م ,ولمدة ثلثة أيام متواصلة وفي أثناء ايام
رمضان الولى ,ثم ما تلى ذلك من محاولة غزو العراق بعدها 2000-1999م وعلى خلفية
أسلحة الدمار الشامل ,وعودة مفتشي السلحة ,وتفتيش كافة الماكن حتى القصور
الرئاسية في العراق ,وما ارتبط بتلك الزمة من اهانات للشعب العربي عموما ,بما في ذلك
أبناء السعودية ,والذين نظروا إلى تلك السياسات المريكية في العراق على أنها ل تمثل
أهانه للعراقيين فقط وإنما حتى لنفسهم .من هنا بدأت مشاعر من التعاطف في السعودية
تتكون و تتعاظم مع أسامة بن لدن والقاعدة وافغانستان والعراق والمقاومة الفلسطينية
بكافة فصائلها ومنها حماس والجهاد .ثم جاءت النتفاضة الفلسطينية في سبتمبر 2000م
وعلى خلفية التعسف الصهيوني وتدنيس القدس الشريف والمقدسات ،وما يعقبها من
عمليات مقاومة فلسطينية ,وارهاب اسرائيلي متواصل ضد البشر والشجر والحجر ,وكل
مناحي الحياة ,وفي ضوئها انطلق مزيد من المشاعر المعادية للوليات المتحدة واسرائيل ،
في البلد العربية كما انطلقت مظاهرات شعبية منددة بالحتلل السرائيلي بما في ذلك في
السعودية في كل من الجوف والظهران والقطيف وقليل في الرياض " بنات جامعة الملك
سعود" ,وجده.
-2مرحلة ما بعد 2001م
إذا كانت مرحلة ما قبل عام 2001م قد هيأت تلك الرضية من المشاعر
المعادية للسياسات المريكية في المنطقة ,سواء تعلق المر بالعراق او فلسطين ,ومن
خللهما بمحاولة فرض الهيمنة المريكية على المنطقة ،فإن أحداث 9/2001 / 11م ,
والتي هي انعكاس لتلك السياسات أو رد عليها ,وما أسفرت عنه من هجمات قاتلة على
مفاصل القوة المادية القتصادية والمالية المريكية ,هيأت المزيد من السياسات المتشددة
والعدوانية المريكيه تجاه البلدان العربية والسلمية وذلك على خلفية مشاركة ال 19شخصا
في تلك الهجمات وهم العرب والكثرية منهم من السعودية تحديدا .من هنا أتت ما سميت "
الحرب المريكية على الرهاب " ،والمقصود بالرهاب هو" العربي السلمي " وبالذات تلك
الجماعات " الجهادية "ومن أبرزها عناصر القاعدة ،في كل مكان وبالذات في أفغانستان .
وستكون السعودية ساحة جديدة لتلك الحملة المريكية على ما سمي " بالرهاب " ولكن
بطريقة مباشرة وعن طريق مزيد من الستجابة الرسمية السعودية للطلبات المريكية في تلك
السياقات .تلك الحرب المريكية على " الرهاب " كان ينظر لها اسلميا وعربيا وتحديدا "
شعبيا " على إنها حملة صليبية جديدة ,أو لم يقلها الرئيس المريكي " البن " ,حتى لو قيل
أنها زلة لسان أو إنه ل يقصد معانيها ودللتها التاريخية ؟
تلك الحملة المريكية على الرهاب :شملت التالي :
)1غزو افغانستان في اكتوبر , 2001واحتللها وتدمير حركة وحكومة طالبان
وتشتت عناصر القاعدة وترحيل مئات من العرب الفغان إلى معتقل قوانتنامو ,وإن لم تستطع
القضاء أوالقبض على أبرز قياداتها ومنها " أسامة بن لدن والظواهري " .
)2غزو واحتلل العراق في مارس أبريل 2003وتدمير الدولة العراقية ومؤسساتها
ونظامها والطاحة بها وعلى مرأى من القيادات العربية وشعوبها .
)3وما بينها وفي سياقها كانت هناك خطوات في محاصرة التحويلت المالية والتبرعات
للعناصر والمنظمات الجهادية ,بما في ذلك حركات المقاومة الفلسطينية " حماس والجهاد" ,
ومصادرة الرصدة والموال باعتبارها ارهابية .وشملت أيضا الجمعيات الخيرية السلمية
والعربية ,التي كانت تنشط في المشاريع والغاثة السلمية ,لعدد من البلدان السلمية
وفي بعض دول القليات ,واعتقال كثير من العرب والمسلمين في أمريكا وفي أروربا .كذلك
كانت هناك ضغوط في تلك المجالت في معظم البلد العربية وفي قضايا التعليم ومناهجه ،
وتبادل المعلومات حول العناصر الناشطة في الجهاد في افغانستان أو الشيشان أو العراق
أوجنوب شرق آسيا بما في ذلك العناصر في السعودية .
)4وفي ثنايا تلك الجراءات والحروب العدوانية المريكية كانت الجرائم الصهيونية في
فلسطين على قدم وساق ,وصلت إلى تدمير البنى التحتية للسلطة الفلسطينية ,وعناصرها
المنية وحصار رئيسها عرفات ,وفرض تغييرات اجبارية على هيكلة السلطة الفلسطينية .
وقد تم جزء كبير منها أمام الرؤساء والملوك العرب في قمة بيروت مارس 2002والتي
قدمت السعودية فيها مبادرة " التطبيع مع اسرائيل " :السلم مقابل الرض التي تبنتها القمة
لتصبح مبادرة عربية ،وكلها كانت استجابه لضغط الدارة المريكية .واستمرت الممارسات
القمعية الوحشية الصهيونية ضد الهل والراضي والممتلكات في فلسطين وبمباركة أمريكية ،
منذ ذلك الوقت 2002وحتى الن( ) 2004م ,ول زالت متواصله ,أمام أنظار حكومات
الدول العربية ,خاضعة خانعة للخارج ,سيدة متوحشة على الداخل ,وهذا وذاك أصل البلء
والداء .
وفي سياق ذلك كله ,وما يتصل بالمجتمع في السعودية وعلقاته في السلطة
,كان المجتمع في قطاعات غير قليلة منه " غاضبا على ما تم في أفغانستان والعراق وخاصة
استخدام القواعد والراضي السعودية لتنفيذ بعض من أجزاء تلك الحروب والغزوات
والحتلل .كل ذلك مثل ضربة لكثير من الناس في مشاعرهم تجاه حكومتهم وخضوعها
للرغبات المريكية ,وبالتالي تولد لديهم مزيد من الشعور لفقدان الدوله لسيادتها
ومشروعيتها وخاصة من الزاوية الدينية " السلمية " ,إذ كيف تقبل دولة وحكومة تقدم
نفسها على إنها عربية مسلمة بضرب بلد اسلمي وثم بضرب بلد عربي مجاور ,هذا فضلُ
عن منع السلطات الدينية في السعودية ,ممثله في وزارة الوقاف والشئون السلمية أئمة
المساجد من القيام بدعاء القنوت ضد أمريكا في حربها على كل من أفغانستان والعراق
والدعوة للفغان والمجاهدين وكذلك للعراقيين بالنصر ضد الغزاة .إضافة إلى ذلك فإن
الجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية ضد الجمعيات الخيرية والتبرعات المالية وجمعها
وتوزيعها وبمراقبة مستشارين أمريكيين في البنوك وخاصة ما يتصل بقضايا تتصل" بالجهاد"
ومنها ما يتعلق بفلسطين ،وكذلك باقفال جمعيات خيرية ،والتعديل في المناهج التعليمية
حسب الرغبة والمطالب والضغوط المريكية ،وكذلك تنسيق معلوماتي مع الوليات المتحدة
المريكية بشان عناصر ومواطنين قد يكون لهم صلة بالنشاطات" الجهادية " السابقة ،
وصولُ إلى مزيد من التنسيق الستخباراتي في ملحقة ومطاردة تلك العناصر واعتقالها ,
وقد تتطور اليام لتكشف وجود قوة مهام مشتركة في هذه التنسيقات .كل ذلك أشعل مزيدا
من المشاعر الغاضبة لدى قطاعات من المجتمع ضد الوجود المريكي وكذلك ضد تحالفات
الدولة السعودية أو انصياعها للضغوط المريكية سواء تعلق المر منها بأفغانستان أو العراق
أو فلسطين بما في ذلك ما يتصل " بمبادرة التطبيع " أو الجراءات التي اتخذتها منذ نهاية
2001م فصاعدا في سياق الحملة المريكية على الرهاب .لذلك ينفجر العنف أو" الرهاب"
بداية في الجوف " بمقتل الدكتور حمد الوردي " في 17/2/2003م ولكنه يأخذ البدايات
الحقيقية له بتفجيرات الرياض في 12مايو 2003م وما بعدها ليطال أماكن عديدة في
الرياض والقصيم والمدينة وجدة ومكة والجوف والرياض ,وبعض هذه المدن تتكرر فيها
أحداث العنف اوالرهاب أكثر من مره ,ويمتد إلى المراكز النفطية في كل من ينبع ثم الخبر
وقبلها بضرب دائرة المن السعودية ثم يتجه إلى قتل الفراد الجانب أو اختطافهم وقتلهم
.ويبدو إن الهدف من ضرب تلك الماكن الحيوية واختطاف الفراد وقتلهم هو ضرب
المقومات القتصادية للدولة وعلقتها بالمستثمرين والعاملين الجانب بما في ذلك العاملين في
قطاعات ذات صلة بالمن أو الجيش أو الحرس الوطني .والهدف هو محاولة الضغط على
الجانب ودولهم بسحب رعاياهم وبالتالي تحييد الصراع بين السلطة وبين أهل العنف أو
"الرهاب" ,وإذا كان المر كذلك فإن السلطات السعودية سوف تقوم وبمساعدة أمريكية ,
أقلها معلوماتية ,وإن كان هناك اعلن بعد ضرب دائرة المن ,بتشكيل " قوة مهام مشتركة
هذه السياسات المنية التعاونية ستفرز وقد تولد مزيدا من التعبئة لعناصر اضافية 19
"
وخاصة في سباق النظر إلى تلك القوة المشتركة " قوة المهام المشتركة" على إنها تعطي ,
لهل العنف " الرهاب " ,وفي نظر فئات اجتماعية مفترضة ،مشروعية مقاومة الوجود
19عن قوة المهام المشتركة بين السعودية وأمريكا في مجال مكافحة الرهاب أو العنف انظر إلى البيان الذي وزعته " السفارة السعودية في واشنطن"
الرياض اعتقلت 600مشتبه " الشرق الوسط عدد 9320 #في الجمعة 4/6/2004 :ص 4
المريكي في السعودية ,وكذلك ضد تحالف السلطة مع المركيين في هذه الحرب والحملة
على الرهاب أو العنف .من هنا فإن هناك خوفا من أن دائرة العنف أو العنف المضاد
وبغض النظر عن مبرراته ومسوغاته ومشروعيته او عدم مشروعيته ،ستزداد يوما بعد آخر
لتصل إلى مرحلة الصراح الجتماعي المفتوح " الحرب الهلية ".
وهذا الحتمال الخير يتوقف على أمور منها مدى الدعم المجتمعي للعنف أو
الرهاب وأهله ,وكذلك على مسألة الحلول التي يمكن أن تتبناها الدولة لمواجهة العنف على
الرهاب وعناصره ،وهل ستكون حلولً أمنية فقط ,أم تكون هناك حلول سلمية مدنية
إصلحية .قبل الوصول إلى مسألة العلقة بين العنف والصلح نود الشارة سريعاُ إلى مسألة
الدعم أو التأييد الشعبي للعنف وأهله وعناصره .قبل تفجيرات مايو 2003م وفيما يخص
القاعدة وخاصة أثناء حرب وغزو افغانستان وأيضا في سياق الحرب والغزو المريكي للعراق
فإن هناك تأييدا ملحوظا من قبل فئات وقطاعات غير قليلة من المجتمع في السعودية للقاعدة
وزعيمها أسامة بن لدن .وهذا التأييد أو الدعم ل يعني بالضرورة إن الناس المتعاطفين
يقبلون بكل معتقدات وتوجهات القاعدة ورموزها ،ولكن التأييد والتعاطف يفسر بأن تلك
الحركة وقيادتها وعناصرها وخلياها تقوم بأعمال فيها مقاومة للسياسة المريكية
والصهيونية في المنطقة العربية والسلمية .ولذلك ليس غريبا أن يكون هناك أكثر من %70
من الكويتيين يتعاطفون مع القاعدة في سياستها المناهضة للوليات المتحدة المريكية ،فكيف
إذن بالسعوديين والذين أيضا تشير بعض التقارير الستخبارية إلى أن أكثر من %80يؤيدون
القاعدة في حربها ومقاومتها للسياسات المريكية في المنطقة .ولذلك فإننا نتذكر وهذا ما يقع
في تلك النسبة ،إنه أثناء الحرب والغزو المريكي لفغانستان وكذلك ما بين 2001ــ
2002م كانت صور بن لدن تبث بشكل مكثف بين الجوالت في السعودية .طبعاً مع بداية
انفجارات الرياض في 12مايو 2003فصاعدا ,وخاصة مع تضاعف التفجيرات في مجمع
المحيا بالرياض ثم في دائرة المن ,ثم في اختطاف وقتل بعض الغربيين ،فإنه من المؤكد إن
هناك انخفاضا في نسبة التأييد لتلك العناصر الفاعلة في العنف أو الرهاب ,وأيضا عدم
20
موافقة أعداد متزايدة من الشعب بقبول بعض من هذه العمال على القل
20ومع ذلك فإن استغراب عدد من الكتاب العلميين بعدم قيام أئمة المساجد بالقنوت على الرهابيين في السعودية ،يدل على وجود التعاطف ،وكذلك
مطالبة المير عبد ال بعدم السكوت وخاصة من بعض القيادات الدينية ،ولذلك أصدر عدد منهم بيان في رفضهم للعنف ومنهم د .سلمان العودة ،وسفر
الحوالي وناصر العمر ...الخ أضافة إلى إن وزارة الوقاف أصدرت أمرًا تلزم فيه أئمة المساجد بالقنوت ضد الرهابيين ،في ذلك أنظر " السعودية وزارة
الشئون السلمية " تلزم المة والخطباء بالقنوت على الرهابيين " الحياة عدد 15044 #في السبت 5/6/2004م ص . 2 , 1
ومع ذلك تبقى البيئة الداخلية كما أشرنا إليها وتقاطعها مع البيئة الخارجية
وبالذات في سياق الستبداد الداخلي وممارساته الداخلية وكذلك في سياق تقاطعاته مع
الخارج المريكي ،حاسمه في تولد العنف؛ كل ذلك يعني أن تلك البيئة واختللتها هي التي
تعمل على تفريخ عناصر إضافية لجماعة وعناصر العنف .بل إن العتقالت المتزايدة منذ
سواء في 21
2001م فصاعدا ,وخاصة ما بين 2003و 2004م ,والتي تجاوزت اللف
سياق العتقال ,أو التحفظ المؤقت وبما يتضمنه من تجاوزات أمنيه بما في ذلك استمرار
النتهاكات لحقوق المتهم ,تعني أن هناك نسبة من المجتمع وفئاته تشكل مخزونا فيه قدر من
اللتزام بالنخراط في تلك العمليات " العنف أو الرهاب " وليس فقط التعاطف .ذلك المخزون
يمكن أن يقدر تقريبا مابين 10آلف إلى 40ألفا ممن لديهم " القابلية للنخراط " بالعنف
. 22
وبتلك الجماعات
ثالثا :في العنف والصلح" الدستوري
المحور الخير في هذه الورقه يتناول العلقة بين العنف والصلح وهل أهل العنف أو
ل مشروح إصلحي ،وهل المخرج
الرهاب يطالبون بالصلح الدستوري ،وهل لديهم أص ُ
مـن العنف هـو باتباع السياسات المنية الصارمة أم بمـاذا ؟
توصلنا في مناقشات وتحليل عوامل " العنف " إلى إن الستبداد هو اصل الداء
والبلء في البلد ،وكذلك منتجاته وفروعه في تلك الختللت في السياسات والممارسات
الحكومية ,في كافة المجالت الثقافية والجتماعية والقتصادية ,والسياسية بدرجة أكبر
وأساسية ,وكذلك في تحالفاته وتقاطعاته مع البيئة الخارجية " الوليات المتحدة المريكيـة ",
وتجاهل استشارة الشعب وموافقته وبغياب آليات المحاسبة الدستورية.
بناء عليه يمكن أختصار متغيرات العنف عن طريق المعادله التالية:
" الستبداد "( والممارسات وكذلك في التحالفات الخارجية ) = الجهل و التجهيل +
الفقر والفقار +القمع والكبت والقصاء والتهميش = ( العنف ) .وهذه المعادلة ل تنفي ول
تلغي دور أهل العنف في تلك الدائرة من العنف والعنف المضاد .ولذلك من مخاطر تواصل
العنف والعنف المضاد أن يتحول إلى دائرة عبثية تهلك الحرث والنسل ,والخضر واليابس،
21عن تلك العداد رغم أنها ل تكشف كل الحقيقة أنظر " السفارة السعودية في واشنطن " مصدر سابق .
22يمكن الوصول إلى تلك النسب بطريقة حسابية تقديرية افتراضية على النحو التالي سكان السعودية 20مليون يستبعد منهم الجانب والنساء والطفال
والشيوخ 14 = %6 -20مليون ال 14مليون – %50نساء = 7مليون 100÷70×7شباب بين عشرين و 40الناتج يساوي 5مليون 100÷80×5
تعاطف عام = 4مليون ولنفترض أن %1من هؤلء لديهم القابلية للنخراط 100÷ 1× 4.000000الناتج 40.000شخصاً تقريباً لديهم القابلبية للنخراط
في العنف ولكن هذا العدد يحتاج إلى توفر معطيات محددة ليصبح حقيقية مؤكدة .
خاصة في احتمالت تحولها إلى حرب أو صراع اجتماعي مفتوح ,وهذا أمر وارد في ضوء,
أولً استمرار نفس خلل السياسات الرسمية ،وكذلك ثانيا ,في احتمال فشل الدارة المريكية
في العراق وكذلك عدم ولوج الصلح الدستوري في السعودية.
طبعا أهل العنف ل يطالبون أصلً بالصلح وليس لديهم مشروع إصلحي،
ولذلك فإن هناك مسؤلين وكتابا وباحثين يستغربون الربط بين الصلح وبين العنف .المشكلة
في هذا الفهم هي أنهم يعتقدون أن هناك عددا من اهل العنف أذا ماتم قتلهم أواعتقالهم
فسوف ينتهي المر .وهذا يعني إن أولئك ل ينظرون إلى البيئة المولدة والداعمة للعنف أو
الرهاب وأهله .البيئة المولدة كما قلنا هي تلك البيئة السعودية في طبيعتها وانغلقها وبصفة
أساسية في بيئة الدولة ـ السلطة ،في الستبداد والسياسات الحكومية والممارسات المتولدة
عنه والتي ل زالت لم تتغير ،منذ ما بعد 2001م وحتى 2004م حيث تواصل أسس
ومقومات وعناصر تلك السياسات الحكومية وبنيتها أصلً ،أل وهي السلطة المطلقة
والستبداد.
التجاهات الرسمية والسياسات الحكومية ل زالت ترى إن بإمكانها معالجة العنف
أو الرهاب من خلل سياسة أمنية صارمة يتم عبرها ملحقة ومطاردة وقتل واعتقال أولئك
العناصرالذين يبدو للجهات الرسميه أن عددهم عدد محدود ،وفي سياق تعاون أمني محدود
ومعلوماتي "سعودي امريكي" وحتى في سياق تشكيل " قوة مهام مشتركة " سعودية أمريكية،
أعلنت مؤخرا.إضافة إلى ذلك ،صدرت مبادرة جديدة تتضمن اصدار "عفو" عن العناصر
المشاركة أو المرتبطة " بأهل العنف " ,والتي لم تتورط في أعمال قتل ،ولم يقبض عليهم,
حتى الن ,إذا سلموا أنفسهم خلل شهر من تاريخ صدور القرار .وجاء في خطاب المير عبد
ال الذي ألقاه نيابة عن الملك فهد بهذا الشأن :لذلك فإننا نعلن وللمرة الخيرة بأننا نفتح باب
العفو والرجوع للحق وتحكيم الشرع الحنيف لكل من خرج عن طريق الحق وارتكب جرما
باسم الدين وما هو ال الفساد في الرض ،ولكل من ينتمي إلى تلك الفئة التي ظلمت نفسها
ممن لم يقبض عليهم في عمليات الرهاب فرصة الرجوع إلى ال ومراجعة أنفسهم ,فمن أقر
بذلك وقام بتسليم نفسه ،طائعا مختارا في فترة أقصاها شهر من تاريخ هذا الخطاب فإنه آمن
23
بأمان ال على نفسه وسيعامل وفق شرع ال فيما يتعلق بحقوق الغير
23في 6/2004/ 23م اعلن العفو في تفصيلت الخبر ،أنظر في كلمة ألقاها ولي العهد السعودية تمهل فلوف الفئات الضالة شهراً للرجوع إلى الحق وتحكيم
الشرع " الشرق الوسط ،عدد 9340 #في الخميس 24/6/2004ص . 4هذا وقد مرت المدة المحددة للعفو ولم يستسلم سوى عدد ل يتجاوز الربعة ،
منهم اثنان ،احدهم مقعد والخر تاجر سلح .ولم يستسلم من الساسيين المطلوبين " القائمة المطلوبة " أحد حتى هذه اللحظة ،وقد اعتقل احدهم بعد تجاوز
مدة العفو وهو الزهراني .
ولنا ملحظات على ماتقدم هي:
)1بالنسبة للسياسات المنية الصارمة ،فإننا ل نعتقد إنها هي الحل ،بل لن تكون
الحل ،ذلك إن العنف يولد العنف .إضافة إلى ذلك هناك اعتقاد خاطئ لدى بعض المسؤولين
وغيرهم أن العناصر المنخرطة في أعمال العنف أو الرهاب محدودة العدد يمكن استئصالهم
بالقاء القبض عليهم أو قتلهم أو بالعتقالت المكثفة .وهذه فكرة خاطئة ،ذلك إن هؤلء أصلًَ
إنما تقدمهم البيئة والبيئة لم تتغير بعد .ولذلك كما أشرنا سابقا فإن تلك السياسات المنية
الصارمة ستولد أو تدفع بذلك المخزون من العناصر التي لديها " القابلية " للنخراط فعلً.
فوق هذا وذاك فإن مزيدا من التعاون المني السعودي المريكي سواء في سياق تبادل
المعلومات أو في أطر جديدة بالعلن عن انشاء " قوة مهام مشتركة " لمحاربة الرهاب في
السعودية يعني مزيدا من صب الزيت على النار ،وهذا قد يكون كارثياُ في ضوء خروج أمريكا
من العراق مهزومة أمام المقاومة العراقية والتي تضم عناصر عربية ولربما سعودية .كل
ذلك قد يوفر مقومات ومسوغات إضافيه لصراع اجتماعي مفتوح محتمل في السعودية .
)2بالنسبة إلى العفو ،فرغم أنه خطوة جيدة أن فيه قدرا من الغموض وعدم الوضوح
ذلك إن العفو مشروط وقد يترتب عليه محاكمات وأحكام طويلة المدى .والفضل لو .1إنه
صدر عفوا صريحا بإنهاء القضايا وتعليقها وان تحدد فترة حبس محددة معلنة.2 .وكذلك
تمكين من يستسلم منهم من محامين أو وكلء للدفاع عنهم في فترة التحقيق والمحاكمة ,وأن
تكون المحاكمات محاكمات علنية .3إضافة إلى ذلك ،فإن تلك الخطوة على كونها خطوة جيدة،
ل يمكن أن تفي بالغرض دونما إصلح وإصلح حقيقي ترافق معها.
المخرج الصحيح هو إضافة إلى وجود سياسات أمنية معقولة موازية هو (ا):
ولوج الصلح الدستوري الذي يدخل المواطن إلى دائرة السلطة ،فيحد من الستبداد ,ويقضي
على الختللت في كافة المجالت ،ويؤكد ويصون الحقوق والحريات العامة ,من خلل فصل
السلطات والسلطة النيابية المنتخبة " مجلس شورى ملزم " لها سلطات رقابية ومحاسبية"،
يتيح للمواطن الحق في المشاركة في القرارات وصنع السياسات.
يضاف إلى ذلك ضرورة ضمان وجود سلطة قضائية مستقلة بتمكينها من خلل
اجراءات وهياكل ومعايير ,لتستطيع المساهمة في توفير العدالة والمساواة والكرامة وحفظ
الحقوق والحريات للفراد .على أن تكون السلطة القضائية مستقلة من خلل تلك المعايير
والجراءات والهياكل وفي سياق فصل السلطات ذات الصلحيات الرقابية ضمن آلية وهياكل
الدستور ,والذي لكي يصبح له روح لبد أن يصوت عليه شعبيا.
هذا الصلح الدستوري ،سيولد بيئة جديدة من خللها يمكن امتصاص تلك
الختللت في كافة المجالت واعادة العتبار للمواطن من خلل اقامة العدل وضمان الحقوق
والحريات والكرامة والحق في المشاركة والتعبير .هذه البيئة الدستورية والتي تعني حكومة
دستورية ذات سلطات غير مطلقة ،وفي سياق محاسبة ومراقبة ومشاركة شعبية على
مستوى المؤسسات السلطة " خاصة النيابية مجلس الشورى المنتخب الملزم " وعلى مستوى
المشاركة والمساهمة في تشكيل جمعيات المجتمع الهلي المدني في كافة المجالت ليتاح
للمواطنين النخراط في تلك الجمعيات والتحادات والفصاح عن رغباتهم وآراءهم .إذا وصلنا
إلى سلطة مقيدة ،حكومة دستورية ،بإصلح دستوري نستطيع أن نلغي عوامل ومكونات
ودعائم وحوافز العنف في كافة المجالت .بما يتضمنه ذلك تصحيح للعلقة بين الدولة
والخارج على أسس تنطلق من مصالح الشعب وحقوقه وكرامته ,عبر مشاركة المواطن في
تلك السياسات ,بما في ذلك السياسة الخارجية للدولة ,وبالتالي إنهاء سلبيات الممارسات
الحكومية داخليا وسلبيات تحالفها خارجيا باعتبارها (أي السلطه المقيده) ضوابط شعبية "
إرادة ومشاركة شعبية ورقابة على تلك السياسات " .عندها يمكن أن تتولد أولً شرعية جديده
وصلبه للدولة والسرة ,تقوم على " تعاقد " بين المجتمع والسلطة " السرة " ,تضمن حقوق
وحريات المجتمع ,وتوفر الفرص للسرة لممارسة الحكم في السلطة بالمشاركة أو الشراكة
الدستورية مع الشعب أو من يمثله .وثانيا في تلك البيئة نستطيع أن نلغي الختللت وأن
نجفف بطريقة سلمية هادئة مصادر العنف وأسبابه .وبالتالي فإنه مع الوقت وتحقق تلك
الصلحات على الرض ,فإنك سوف تجد إن تلك العناصر المنخرطة في العنف بدأت تتقلص
بشكل كبير ,وبدأت تتلشى فعليا ،ذلك إن الدعم والمخزون القابل للعطاء ينتهي .طبعاُ وفي
سياق الصلحات الدستورية ل يمنع من اتباع السياسات المنية الموازية ,ولكن بطريقة تقلل
من القصاء والتهميش المباشر ,وأنتهاكات حقوق النسان بما في ذلك حقوق المتهم وبنفس
الوقت التركيز على الحلول الصلحية الدستوريه السلمية لتوفير المن ,من خلل ادخال
المواطن إلى صلب العملية السياسية ,لكي يشعر أنه بالفعل جزء من السلطة ,وإن السلطة
جزء منه .عندها فقط يمكن لنا أن نخرج من دائرة العنف .أما أية طرق غيرها فإنها قد تطيل
العنف وتزيده وتفجره إلى صراع اجتماعي مفتوح " حرب أهلية " ،والتي يخشى في حالة
اندلعها أن تولد آثارا أكبر على الدولة والمجتمع .كما أن الدول الكبرى حينها ومنها الوليات
المتحدة قد ترفع يدها عن الوضع حتى يثبت .وعندها قد تقرر التدخل في الوقت المناسب .أن
التأخر في دخول عملية الصلح الدستورية في الوقت الحاضر ،ومع احتمال اندلع " صراع
اجتماعي مفتوح " سيعقد مهمة الحكومه مستقبلً ويجعلها أكثر صعوبه اذ سوف يعتبر
عرضها لو تم مستقبلَ أمرا غير مقبول من قوى العتراض والعنف إذ ما أصبح لديها اليد
الطولى في الساحة.