Professional Documents
Culture Documents
][1
بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر
المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء التاسع
والستون مؤسسة الوفاء بيروت -لبنان الطبعة الثانية المصححة 1403ه
1983 -م
][1
بسم ال الرحمن الرحيم )) * (94باب( * * " )فضل الفقر والفقراء وحبهم
ومجالستهم والرضا بالفقر( " * * " )وثواب اكرام الفقراء وعقاب من
استهان بهم( " * اليات :الكهف :واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي يريدون وجهه ول تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا
ول تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا ).(1
الفرقان :تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها
النهار ويجعل لك قصورا ) .(2الزخرف :ولول ان يكون الناس امة واحدة
لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون
* ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكؤن * وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع
الحيوة الدنيا والخرة عند ربك للمتقين ) .(3الفجر :فاما النسان إذا ما
ابتليه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتليه وقدر عليه
رزقه فيقول ربي أهانن ).(4
) (1الكهف (2) .28 :الفرقان (3) .10 :الزخرف (4) .35 - 33 :الفجر- 15 :
[*] .16
][2
تفسير " :واصبر نفسك " أي احبسها وثبتها قال الطبرسي رحمه ال ) (1في
نزولها :انها نزلت في سلمان ) (2وأبي ذر وصهيب وعمار وخباب
وغيرهم من فقراء أصحاب النبي صلى ال عليه وآله وذلك أن المؤلفة
قلوبهم جاؤا إلى رسول ال صلى ال عليه وآله عيينة بن حصن والقرع
بن حابس وذووهم فقالوا يا رسول ال إن جلست في صدر المجلس
ونحيت عنا هؤلء وروائح صنانهم ) (3وكانت عليهم جباب الصوف -
جلسنا نحن اليك وأخذنا عنك ،فما يمنعنا من الدخول عليك ال هؤلء ،فلما
نزلت الية قام النبي صلى ال عليه وآله فأصابهم في مؤخر المسجد
يذكرون ال فقال :الحمد ل الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع
رجال من امتي ،معكم المحيا ومعكم الممات " .مع الذين يدعون " الخ أي
يداومون على الصلوات والدعاء عند الصباح والمساء ل شغل لهم غيره،
فيستفتحون يومهم بالدعاء ،ويختمونه بالدعاء " يريدون وجهه " أي
رضوانه وقيل :يريدون تعظيمه والقربة إليه دون الرئاء والسمعة " ول
تعد عيناك عنهم " أي ول تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء
الدنيا " تريد زينة الحيوة الدنيا " تريد في موضع الحال أي مريدا مجالسة
أهل الشرف والغنا وكان النبي صلى ال عليه وآله حريصا على إيمان
العظماء من المشركين طمعا في إيمان أتباعهم ولم يمل إلى الدنيا وزينتها
قط ول إلى أهلها ،وإنما كان يلين في بعض الحايين للرؤساء طمعا في
إيمانهم ،فعوتب بهذه الية ،وامر بالقبال على فقراء المؤمنين
) (1مجمع البيان ج 6ص (2) .465ذكر سلمان والمؤلفة قلوبهم مما يوهن ذلك
فان اليات مكية وسلمان والمؤلفة قلوبهم انما اسلموا بالمدينة والظاهر
اختلط أسامي الصحاب على الرواة (3) .الصنان :بالضم دفر البط وهو
رائحة البط المنتن ،وفي الدر المنثور بدل الصنان -جبابهم ،وهو الصح
فان الجباب جمع جبة وهو ثوب مقطوع الكم طويل يلبس فوق الثياب
ولذلك يقول بعده " وكانت عليهم جباب الصوف " ولكن صحفت الكلمة
في الصل والمصدر بجبات[*] .
][3
وأن ل يرفع بصره عنهم إلى مجالسة الشراف " .ول تطع من أغفلنا قلبه عن
ذكرنا " قيل :فيه أقوال :أحدها أن معناه ول تطع من جعلنا قلبه غافل عن
ذكرنا بتعريضه للغفلة ،ولهذا قال " :واتبع هواه " ومثله " فلما زاغوا
أزاغ ال قلوبهم " وثانيها :نسبنا قلبه إلى الغفلة كما يقال :أكفره إذا نسبه
إلى الكفر ،وثالثها صادفناه غافل ،ورابعها جعلناه غفل لم نسمه بسمة
قلوب المؤمنين ،ولم نعلم فيه علمة لتعرفه الملئكة بتلك السمة،
وخامسها تركنا قلبه وخذلناه ،وخلينا بينه وبين الشيطان بتركه أمرنا "
واتبع هواه " أي في شهواته وأفعاله " وكان أمره فرطا " أي سرفا
وإفراطا وتجاوزا عن الحد أو ضياعا وهلكا .وأقول :فيها مدح عظيم
للفقراء ،وحث على مصاحبتهم ومجالستهم ،إذا كانوا زاهدين في الدنيا،
مواظبين على ذكر ال والصلوات ،ومنع عن مجالسة الغنياء المتكبرين
اللهين عن ال .قوله تعالى " :تبارك " ) (1أي تقدس " الذي إن شاء
جعل لك " أي في الدنيا " خيرا من ذلك " أي مما قالوا " ويجعل لك
قصورا " في الدنيا أو في الخرة على القراءتين ومعلوم من السياق أن
الخرة خير من الدنيا ،واختارها ال لحب خلقه " .ولول أن يكون الناس
" ) (2قد مر تفسيره مرارا .قوله سبحانه " :فأما النسان إذا ما ابتليه
ربه " ) (3أي اختبره وامتحنه بالنعمة " فأكرمه " بالمال " ونعمه " بما
وسع عليه من أنواع الفضال " فيقول ربي اكرمن " أي فيفرح بذلك
ويسر - 1 .المؤمن :باسناده عن الصبغ قال :كنت عند أمير المؤمنين
عليه السلم قاعدا فجاء رجل فقال :يا امير المؤمنين وال إني لحبك في
ال ،فقال :صدقت إن
) (1الفرقان (2) .10 :الزخرف (3) .33 :الفجر[*] .15 :
][4
طينتنا مخزونة أخذ ال ميثاقها من صلب آدم عليه السلم فاتخذ للفقر جلبابا فاني
سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :وال يا علي إن الفقر لسرع
إلى محبيك من السيل إلى بطن الوادي ) - 2 .(1كا :عن محمد بن يحيى،
عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن سنان ،عن أبان بن عبد الملك قال:
حدثني بكر الرقط ،عن أبي عبد ال عليه السلم أو عن شعيب ،عن أبي
عبد ال عليه السلم أنه دخل عليه واحد ،فقال له ،أصلحك ال إني رجل
منقطع إليكم بمودتي وقد أصابتني حاجة شديدة ،وقد تقربت بذلك إلى أهل
بيتي وقومي ،فلم يزدني بذلك منهم إل بعدا قال :فما آتاك ال خير مما أخذ
منك قال :جعلت فداك ادع ال أن يغنيني عن خلقه ،قال :ان ال قسم رزق
من شاء على يدي من شاء ،ولكن اسأل ال أن يغنيك عن الحاجة التي
تضطرك إلى لئام خلقه ) .(2بيان " :أصلحك ال " مشتمل على سوء أدب
ال أن يكون المراد إصلح أحوالهم في الدنيا ،وتمكينهم في الرض ودفع
أعدائهم ،أو أنه جرى ذلك على لسانهم للفهم به ،فيما يجري بينهم من
غير تحقيق لمعناه ،ومورده " إني رجل منقطع إليكم " كأنه ضمن
النقطاع معنى التوجه أي منقطع عن الخلق متوجها إليكم بسبب مودتي
لكم أو مودتي مختصة بكم " وقد تقربت بذلك " الشارة إما إلى مصدر
أصابتني أو إلى الحاجة والمستتر في قوله " :فلم يزدني " راجع إلى
مصدر تقربت ،ومرجع الشارة ما تقدم ،وقوله " :إل بعدا " استثناء
مفرغ ،وهو مفعول لم يزدني أي لم يزدني التقرب منهم بسبب فقري شيئا
إل بعدا منهم.
) (1المؤمن مخطوط وروى الصدوق في المعاني ص 182عن أحمد بن المبارك
قال :قال رجل لبي عبد ال عليه السلم :حديث يروي أن رجل قال لمير
المؤمنين عليه السلم اني احبك ،فقال له :أعد للفقر جلبابا فقال :ليس
هكذا قال ،انما قال له :أعددت لفاقتك جلبابا ،يعني يوم القيامة(2) .
الكافي ج 2ص [*] .266
][5
" فما آتاك ال " قيل :الفاء للتفريع على قوله " :إني رجل منقطع إليكم " فقوله:
" ما آتاك ال " المودة ،وقيل :هو الفقر والول أظهر " مما أخذ منك "
أي المال " إلى لئام خلقه " اللئام جمع اللئيم ،وفي المصباح لؤم بضم
الهمزة لؤما فهو لئيم يقال ذلك للشحيح والدني النفس والمهين ونحوهم،
لن اللؤم ضد الكرم ويومي الحديث إلى أن الفقر المذموم ما يصير سببا
لذلك ،وغيره ممدوح وذمه لن اللئيم ل يقضي حاجة أحد وربما يلومه في
رفع الحاجة إليه ،وإذا قضاه ل يخلو من منة ،ويمكن أن يشمل الظالم
والفاسق المعلن بفسقه ،وفي كثير من الدعية اللهم ل تجعل لظالم ول
فاسق على يدا ول منة ،وذلك لن القلب مجبول على حب من أحسن إليه،
وفي حب الظالم معاصي كثيرة كما قال تعالى " :ول تركنوا إلى الذين
ظلموا فتمسكم النار " ) - 3 .(1كا :عن العدة ،عن سهل بن زياد ،عن
علي بن أسباط ،عمن ذكره عن أبي عبد ال عليه السلم قال :الفقر الموت
الحمر ،فقلت لبي عبد ال عليه السلم :الفقر من الدينار والدرهم ؟ فقال:
ل ،ولكن من الدين ) .(2بيان :قال في النهاية ،وفيه :تعلمون ما في هذه
المة من الموت الحمر يعنى القتل لما فيه من حمرة الدم أو لشدته يقال:
موت أحمر أي شديد ،ومنه حديث علي عليه السلم :كنا إذا احمر البأس
اتقينا برسول ال صلى ال عليه وآله ) (3أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا
العدو به وجعلناه لنا وقاية ،وقيل :أراد إذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت
كما يقال في الشر بين القوم اضطرمت نارهم تشبيها بجمرة النار ،وكثيرا
ما يطلقون الحمرة على الشدة " .ولكن من الدين " نظيره قول أمير
المؤمنين عليه السلم :الفقر والغنى بعد العرض على ال ) (4والمعنى
أنهما يظهر ان بعد الحساب وهو ما أشار إليه رسول ال صلى ال عليه
وآله
) (1هود (2) .113 :الكافي ج 2ص (3) .266نهج البلغة ج 2ص (4) .206
نهج البلغة ج 2ص [*] .250
][6
بقوله :أتدرون ما المفلس ؟ فقيل :المفلس فينا من ل درهم له ول متاع له ،فقال:
المفلس من امتي من يأتي يوم القيامة بصلة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم
وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من
حسناته ،وهذا من حسناته ،فان فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ
من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ،بل قد يقال :إن المفلس
حقيقة هو هذا .ويحتمل أن يراد بقوله عليه السلم " :ولكن من الدين "
الفقر القلبي وضده الغنى القلبي فالفقير على هذا من ليس له في الدين
معرفة وعلم بأحكامه ول تقوى ول ورع وغيرها من الصفات الحسنة كذا
قيل ،وأقول يحتمل أن يكون المعنى الذي يضر بالدين ول يصبر عليه
ويتوسل بالظالمين والفاسقين كما مر - 4 .كا :عن علي بن إبراهيم ،عن
محمد بن عيسى ،عن يونس ،عن ابن سنان عن العل ،عن ابن أبي يعفور،
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض
الجنة قبل أغنيائهم باربعين خريفا ثم قال :سأضرب لك مثل ذلك إنما مثل
ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا
فقال :أسربوها ،ونظر في الخرى فإذا هي موقرة فقال :احبسوها ).(1
بيان :في القاموس :تقلب في المور تصرف كيف شاء ،وقال في النهاية:
فيه :فقراء امتي يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا :الخريف
الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء ،ويريد به
أربعين سنة لن الخريف ل يكون في السنة إل مرة واحدة ،فإذا انقضى
أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة انتهى .وروى في معاني الخبار )(2
بإسناده عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن عبدا مكث في النار سبعين
خريفا والخريف سبعون سنة إلى آخر الخبر ،وفسره صاحب المعالم بأكثر
من ذلك وفي بعض الروايات أنه ألف عام ،والعام ألف سنة ،وقيل:
][7
إن التفاوت بهذه المدة إذا كان الغنياء من أهل الصلح والسداد وأدوا الحقوق
الواجبة ،ولم يكتسبوا من وجه الحرام ،فيكون حبسهم بمجرد خروجهم من
عهدة الحساب والسؤال عن مكسب المال ومخرجه ،وإل فهم على خطر
عظيم " .مر بهما " على بناء المجهول والباء للتعدية والظرف نائب
الفاعل ،والعاشر من يأخذ العشر على الطريق ،في المصباح :عشرت المال
عشرا من باب قتل وعشورا أخذت عشره ،واسم الفاعل عاشر وعشار "
فقال :أسربوها " على بناء الفعال أي أرسلوها وخلوها تذهب ،والسارب
الذاهب على وجهه في الرض " فإذا هي موقرة " بفتح القاف أو كسرها،
في القاموس :الوقر بالكسر :الحمل الثقيل أو أعم وأوقر الدابة إيقارا وقرة
ودابة وقرى :موقرة ،ورجل موقر ذو وقر ونخلة موقرة وموقره وموقر
وموقرة " .فقال احبسوها " بالمر من باب ضرب والتشبيه في غاية
الحسن والكمال والحديث يدل على أن الفقر أفضل من الغنى ،ومن الكفاف
للصابر ،وما وقع في بعض الروايات من استعاذتهم عليهم السلم من الفقر
يمكن حمله على الستعاذة من الفقر الذي ل يكون معه صبر ،ول ورع
يحجزه عما ل يليق بأهل الدين أو على فقر القلب أو على فقر الخرة ،وقد
صرح به بعض العلماء ودل عليه بعض الروايات .وللعامة في تفضيل
الفقر على الغنى والكفاف أو العكس أربعة أقوال :ثالثها الكفاف أفضل
ورابعها الوقف ،ومعنى الكفاف ان ل يحتاج ول يفضل ،ول ريب أن الفقر
أسلم وأحسن بالنسبة إلى أكثر الناس ،والغنى أحسن بالنسبة إلى بعضهم
فينبغي أن يكون المؤمن راضيا بكل ما أعطاه ال وعلم صلحه فيه وسؤال
الفقر لم يرد في الدعية بل ورد في أكثرها الستعاذة عن الفقر الذي يشقى
به ،وعن الغنى الذي يصير سببا لطغيانه - 5 .كا :عن العدة ،عن البرقي،
عن أبيه ،عن سعدان قال :قال
][8
أبو عبد ال عليه السلم :المصائب منح من ال ،والفقر مخزون عند ال ).(1
بيان " :منح من ال " المنح بكسر الميم وفتح النون جمع منحة بالكسر
وهي العطية ،في القاموس :منحة كمنعه وضربه أعطاه ،والسم المنحة
بالكسر وأقول :الخبر يحتمل وجهين .أحدهما أن ثواب المصائب منح
وعطايا يبذلها ال في الدنيا ،وثواب الفقر مخزون عند ال ل يعطيه إل في
الخرة لعظمه وشرافته والدنيا ل يصلح أن يكون عوضا عنه .وثانيهما أن
المصائب عطايا من ال عزوجل يعطيها من يشاء من عباده والفقر من
جملتها مخزون عنده ،عزيز ل يعطيه إل من خصه بمزيد العناية ،ول
يعترض أحد بكثرة الفقراء ،وذلك لن الفقير هنا من ل يجد ال القوت من
التعفف ول يوجد من هذه صفته في ألف ألف واحد .أقول :أو المراد به
الفقر الذي يصير سببا لشدة الفتقار إلى ال ،ول يتوسل معه إلى
المخلوقين ،ويكون معه أعل مراتب الرضا ،وفيه تنبيه على أنه ينبغي أن
يفرح صاحب المصيبة بها كما يفرح صاحب العطية بها - 6 .كا :عن
العدة ،عن البرقي رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :يا علي إن ال جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن سره
أعطاه ال مثل أجر الصائم القائم ،ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء
حاجته فلم يفعل فقد قتله ،أما إنه ما قتله بسيف ول رمح ولكنه قتله بما
نكى من قلبه ) .(2بيان " :فقد قتله " أي قتل المسؤل السائل ،والعكس
كما زعم بعيد جدا في المصباح نكأت القرحة انكأها مهموز بفتحتين
قشرتها ونكيت في العدو نكأ من باب نفع أيضا لغة في نكيت فيه أنكى من
باب رمى والسم النكاية بالكسر أذا قتلت وأثخنت 7 .كا :عن العدة ،عن
البرقي ،عن محمد بن علي ،عن داود الحذاء
][9
عن محمد بن صغير ،عن جده شعيب ،عن مفضل قال :قال أبو عبد ال عليه
السلم :كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته .وبإسناده قال :قال
أبو عبد ال عليه السلم لول الحاح المؤمنين على ال في طلب الرزق
لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها ) .(1بيان :الزدياد هنا
لزم بمعنى الزيادة " وإيمانا وضيقا " تميزان وفي المصباح ازداد الشئ
زاد وازددت مال زدته لنفسي زيادة على ما كان ،ويؤيده ما نسب إلى أمير
المؤمنين عليه السلم :وكم من أديب عالم فطن * مستكمل العقل مقل عديم
وكم من جهول يكثر ماله * ذاك تقدير العزيز العليم والسر ما مر من فوائد
البتلء من المثوبات التي ليس لها انتهاء وأيضا الكثار موجب للتكبر
والخيلء ،واحتقار الفقراء ،والخشونة والقسوة والجفاء والغفلة عن ال
سبحانه ،بسبب اشتغالهم بحفظ أموالهم وتنميتها ،مع كثرة ما يجب عليهم
من الحقوق التي قل من يؤديها ،وبذلك يتعرضون لسخط ال تعالى
والفقراء مبرؤن من ذلك ،مع توسلهم بربهم وتضرعهم إليه وتوكلهم
عليه ،وقربهم عنده بذلك مع سائر الخلل الحميدة التي ل تنفك عن الفقر
إذا صبر على الشدائد التي هي من قواصم الظهر - 8 .كا :عن العدة ،عن
البرقي ،عن بعض أصحابه رفعه قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :ما
اعطى عبد من الدنيا إل اعتبارا ،ول زوي عنه إل اختبارا ) .(2بيان " :إل
اعتبارا " مفعول له ،وكذا " اختبارا " وكأن المعنى ل يعطيه إل ليعتبر به
غيره ،فيعلم أنه ل خير فيه ،لما يظهر للناس من مفاسده الدنيوية
والخروية أو ليعتبر بحال الفقراء ،فيشكر ال على الغنا ،ويعين الفقراء
كما مر في حديث آدم عليه السلم حيث سأل عن سبب اختلف ذريته فقال
تعالى في سياق جوابه :وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني وينظر
الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني
][10
لكن الول في هذا المقام أنسب .وقوله " إل اختبارا " في بعض النسخ بالياء
المثناة التحتانية أي لنه اختاره وفضله وأكرمه بذلك ،وفي بعضها
بالموحدة أي امتحانا فإذا صبر كان خيرا له والبتلء والختبار في حقه
تعالى مجاز باعتبار أن فعل ذلك مع عباده ليترتب عليه الجزاء شبيه بفعل
المختبر منا مع صاحبه وال فهو سبحانه عالم بما يصدر عن العباد قبل
صدوره عنهم و " زوي " على بناء المجهول ،في القاموس :زواه زيا
وزويا نحاه فانزوى ،وسيره عنه :طواه والشئ جمعه وقبضه وأقول نائب
الفاعل ضمير الدنيا وقيل :هذا مخصوص بزمان دولة الباطل ،لئل ينافي ما
سيأتي من الخبار في كتاب المعيشة - 9 .كا :عن محمد بن يحيى ،عن
أحمد بن محمد ،عن الشعري ،عن بعض مشايخه ،عن إدريس بن عبد
ال ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال النبي صلى ال عليه وآله :يا
علي الحاجة أمانة ال عند خلقه ،فمن كتمها على نفسه أعطاه ال ثواب
من صلى ،ومن كشفها إلى من يقدر أن يفرج عنه ولم يفعل فقد قتله ،أما
إنه لم يقتله بسيف ول سنان ول سهم ولكن قتله بما نكا من قلبه ).(1
بيان :من صلى أي في الليل كله أو واظب عليها - 10 .كا :عن العدة ،عن
البرقي ،عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف عن رجل ،عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إل القوت
شرقوا إن شئتم أو غربوا لم ترزقوا إل القوت ) .(2بيان :قال الجوهري:
المصاص خالص كل شئ ،يقال :فلن مصاص قومه إذا كان أخلصهم نسبا
يستوي فيه الواحد والثنان والجمع والمؤنث ،وفي النهاية ومنه الحديث:
اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا أي بقدر ما يمسك الرمق من المطعم وفي
المصباح :القوت ما يؤكل ليمسك الرمق ،قاله ابن فارس والزهري انتهى
وقيل :هو البلغة يعني قدر ما يتبلغ به من العيش ويسمى ذلك أيضا كفافا
لنه
][11
قدر يكفه عن الناس ويغنيه عن سؤالهم ثم بالغ عليه السلم في أن نصيبهم القوت
بقوله شرقوا -الخ وهو كناية عن الجد في الطلب والسير في أطراف
الرض - 11 .كا :عن العدة ،عن البرقي ،عن أحمد ،عن علي بن الحكم،
عن سعدان قال :قال أبو عبد ال عليه السلم إن ال عزوجل يلتفت يوم
القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم ،فيقول :وعزتي وجللي
ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي ولترون ما أصنع بكم اليوم فمن
زود أحدا منكم في دار الدنيا معروفا فخذوا بيده فادخلوه الجنة ،قال :فيقول
رجل منهم :يا رب أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ،ولبسوا
الثياب اللينة ،وأكلوا الطعام ،وسكنوا الدور ،وركبوا المشهور من الدواب،
فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك وتعالى لك ولكل عبد منكم مثل ما
أعطيت أهل الدنيا منذ كانت إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا ) .(1بيان:
" ولترون " بسكون الواو وتخفيف النون أو بضم الواو وتشديد النون
المؤكدة " ما أصنع " ما موصولة أو استفهامية " فمن زود " على بناء
التفعيل أي أعطى الزاد للسفر ،كما ذكره الكثر أو مطلقا فيشمل الحضر في
المصباح زاد المسافر :طعامه المتخذ لسفره وتزود لسفره وزودته أعطيته
زادا ،ونحوه قال الجوهري وغيره لكن قال الراغب :الزاد المدخر الزائد
على ما يحتاج إليه في الوقت " منكم " أي أحدا منكم كما في بعض
النسخ ،وقيل " :من " هنا اسم بمعنى البعض ،وقيل :معروفا صفة
للمفعول المطلق المحذوف أي تزويدا معروفا وفي النهاية التنافس من
المنافسة وهي الرغبة في الشئ والنفراد به وهو من الشئ النفيس الجيد
في نوعه ونافست في الشئ منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه ،ونفس بالضم
نفاسة أي صار مرغوبا فيه ونفست به بالكسر أي بخلت ونفست عليه
الشئ نفاسة إذا لم تره له أهل .والمشهور من الدواب التي اشتهرت
بالنفاسة والحسن ،في القاموس المشهور
][12
المعروف المكان المذكور والنبيه وفي النهاية فيه :الضعف في المعاد أي مثلي
الجر يقال إن أعطيتني درهما فلك ضعفه أي درهمان ،وربما قالوا تلك
ضعفاه ،وقيل :ضعف الشئ مثله ،وضعفاه مثله وقال الزهري :الضعف
في كلم العرب المثل فما زاد وليس بمقصور على مثلين فاقل الضعف
محصور في الواحد وأكثره غير محصور - 12 .كا :عن العدة ،عن سهل،
عن إبراهيم بن عقبة ،عن إسماعيل بن سهل وإسماعيل بن عباد جميعا،
يرفعانه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال :ما كان من ولد آدم مؤمن إل
فقيرا ول كافر إل غنيا حتى جاء إبراهيم عليه السلم فقال " :ربنا ل
تجعلنا فتنة للذين كفروا " ) (1فصير ال في هؤلء أموال وحاجة وفي
هؤلء أموال وحاجة ) .(2بيان " :ربنا ل تجعلنا " أقول هذا تتمة قول
إبراهيم حيث قال في سورة الممتحنة " قد كان لكم اسوة حسنة في إبراهيم
والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون ال كفرنا
بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بال وحده إل قول
إبراهيم لبيه لستغفرن لك وما أملك لك من ال من شئ ربنا عليك توكلنا
وإليك أنبنا وإليك المصير * ربنا ل تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا
إنك أنت العزيز الحكيم " .قال في مجمع البيان :معناه ل تعذبنا بأيديهم ول
ببلء من عندك ،فيقولوا لو كان هؤلء على حق لما أصابهم هذا البلء،
وقيل :معناه ل تسلطهم علينا فيفتنونا عن دينك ،وقيل :معناه الطف لنا
حتى نصبر على أذاهم ول نتبعهم فنصير فتنة لهم ،وقيل :معناه اعصمنا
من موالة الكفار فانا إذا واليناهم ظنوا أنا صوبناهم وقيل :معناه ل تخذلنا
إذا حاربناهم ،فلو خذلتنا لقالوا لو كان هؤلء على الحق لما خذلوا ،انتهى
).(3
) (1الممتحنة (2) .5 :الكافي ج 2ص (3) .262مجمع البيان ج 9ص [*] .271
][13
وأقول :المعنى المستفاد من الخبر قريب من المعنى الول لن الفقر أيضا بلء
يصير سببا لفتتان الكفار إما بأن يقولوا لو كان هؤلء على الحق لما
ابتلوا بعموم الفقر فيهم ،أو بأن يفروا من السلم خوفا من الفقر في
هؤلء " .أموال وحاجة " أي صار بعضهم ذوي مال وبعضهم محتاجين
مفتاقين ،ول ينافي هذا كون الموال في الكفار أو غير الخلص من
المؤمنين أكثر ،والفاقة في خلص المؤمنين أو كلهم أكثر وأشد - 13 .كا:
عن العدة ،عن البرقي ،عن عثمان بن عيسى ،عمن ذكره عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :جاء رجل موسر إلى رسول ال صلى ال عليه وآله نقي
الثوب فجلس إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فجاء رجل معسر درن
الثوب فجلس إلى جنب الموسر فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه ،فقال
له رسول ال صلى ال عليه وآله :أخفت أن يمسك من فقره شئ ؟ قال :ل،
قال :فخفت أن يصيبه من غناك شئ ؟ قال :ل ،قال :فخفت أن يوسخ
ثيابك ؟ قال :ل ؟ قال :فما حملك على ما صنعت ؟ فقال :يا رسول ال إن
لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن ،وقد جعلت له نصف مالي،
فقال رسول ال صلى ال عليه وآله للمعسر :أتقبل ؟ قال :ل ،فقال له
الرجل :لم ؟ قال :أخاف أن يدخلني ما دخلك ) .(1بيان " :فجلس إلى
رسول ال صلى ال عليه وآله " قال الشيخ البهائي قدس سره " :إلى "
إما بمعنى " مع " كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى " :من
أنصاري إلى ال " ) (2أو بمعنى عندكما في قول الشاعر * :أشهى إلي
من الرحيق السلسل * ويجوز أن يضمن جلس معنى توجه أو نحوه "
درن الثوب " بفتح الدال وكسر الراء صفة مشبهة من الدرن بفتحهما،
وهو الوسخ ،وأقول :في المصباح درن الثوب درنا فهو درن ،مثل وسخ
وسخا فهو وسخ وزنا ومعنى " .فقبض الوسر ثيابه " قيل :أي أطراف
ثوبه " من تحت فخذيه " كأن الظاهر
][14
إرجاع ضمير فخذيه إلى المعسر ،ولو كان راجعا إلى الموسر لما كان لجمع الطرف
الخر وجه إل أن يكون لموافقة الطرف الخر وفيه تكلفات اخر .وقال
الشيخ المتقدم رحمه ال :ضمير " فخذيه " يعود إلى الموسر أي جمع
الموسر ثيابه وضمها تحت فخذي نفسه لئل تلصق ثياب المعسر ،ويحتمل
عوده إلى المعسر ،و " من " على الول إما بمعنى " في " أو زائدة على
القول بجواز زيادتها في الثبات ،وعلى الثاني لبتداء الغاية ،والعود إلى
الموسر أولى كما يرشد إليه قوله عليه السلم " فخفت أن يوسخ ثيابك "
لن قوله عليه السلم :فخفت أن يوسخ ثيابك الغرض منه مجرد التقريع
للموسر كما هو الغرض من التقريعين السابقين أعني قوله " :خفت أن
يمسك من فقره شئ " " خفت أن يصيبه من غناك شئ " وهذه التفريعات
الثلث منخرطة في سلك واحد ،ولو كان ثياب الموسر تحت فخذي
المعسر ،ل يمكن أن يكون قبضها من تحت فخذيه خوفا من أن يوسخها.
أقول :ما ذكره قدس سره وان كان التقريع فيه أظهر وبالولين أنسب لكن
ل يصير هذا مجوزا لرتكاب بعض التكلفات إذ يمكن أن يكون التقريع لن
سراية الوسخ في الملصقة في المدة القليلة نادرة أو لن هذه مفسدة قليلة
ل يحسن لجلها ارتكاب إيذاء مؤمن " .إن لي قرينا يزين لي كل قبيح "
قال رحمه ال :أي إن لي شيطانا يغويني ويجعل القبيح حسنا والحسن
قبيحا ،وهذا الفعل الشنيع الذي صدر مني من جملة إغوائه لي .أقول:
ويمكن أيضا أن يراد بالقرين النفس المارة التي طغت وبغت بالمال ،أو
المال أو العم كما قال تعالى " :إن النسان ليطغى * أن رآه استغنى " )
(1وقال في النهاية ومنه الحديث ما من أحد إل وكل به قرينه أي مصاحبه
من الملئكة أو الشياطين ،وكل إنسان فان معه قرينا منهما فقرينه من
الملئكة يأمره بالخير ويحثه عليه ،وقرينه من الشياطين يأمره بالشر
ويحثه عليه.
][15
" وجعلت له نصف مالي " أي في مقابلة ما صدر مني إليه من كسر قلبه وزجرا
للنفس عن العود إلى مثل هذه الزلة " قال أخاف أن يدخلني ما دخلك " أي
مما ذكرت أو من الكبر والغرور والترفع على الناس واحتقارهم وسائر
الخلق الذميمة التي هي من لوازم التمول والغنى - 14 .كا :عن علي بن
إبراهيم ،عن علي بن محمد القاساني ،عن القاسم بن محمد ،عن سليمان
بن داود المنقري ،عن حفص بن غياث ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال
في مناجاة موسى عليه السلم :يا موسى إذا رأيت الفقر مقبل فقل مرحبا
بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنا مقبل فقل ذنب عجلت عقوبته ) .(1بيان:
الشعار بالكسر ما ولي الجسد من الثياب لنه يلى شعره ،ويستعار للصفات
المختصة ،وفي حديث النصار :أنتم الشعار دون الدثار ،والشعار أيضا
علمة يتعارفون بها في الحرب ،والفقر من خصائص الصالحين ،ومرحبا
أي لقيت رحبا وسعة ،وقيل :معناه رحب ال بك مرحبا ،والقول كناية عن
غاية الرضا والتسليم " .ذنب عجلت عقوبته " أي أذنبت ذنبا صار سببا
لن أخرجني ال من أوليائه واتصفت بصفات أعدائه أو ابتلني بالمشقة
التي ابتل بها أصحاب الموال كما قال تعالى " :إنما يريد ال ليعذبهم بها
في الحيوة الدنيا " ) (2وما قيل من أن الذنب من الغنا فهو بعيد جدا- 15 .
كا :عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبد ال عليه
السلم ،قال :قال النبي صلى ال عليه وآله :طوبى للمساكين بالصبر ،وهم
الذين يرون ملكوت السماوات والرض ).(3
) (1الكافي ج 2ص (2) .263براءة (3) .55 :الكافي ج 2ص [*] .263
][16
بيان :قد مر تفسير طوبى ) (1وقوله " :بالصبر " إما للسببية أي طوبى لهم
بسبب الصبر أو للملبسة فيكون حال عن المساكين ،ول يبعد أن يقرء
المساكين بالتشديد للمبالغة أي المتمسكين كثيرا بالصبر .ورؤية ملكوت
السماوات والرض للكمل منهم ،وهم النبياء والوصياء ومن يقرب منهم
من الولياء ،ويمكن أن يكون لرؤية ملكوت السماوات والرض مراتب
يحصل لكل منهم مرتبة يليق بهم ،فمنهم من يتفكر في خلق السماوات
والرض ونظام العالم ،فيعلم بذلك قدرته تعالى وحكمته ،وأنه لم يخلقها
عبثا بل خلقها لمر عظيم ،وهو عبادة ال سبحانه ومعرفته ،كما قال
تعالى " :يتفكرون في خلق السموات والرض ربنا ما خلقت هذا باطل " )
.(2ومنهم من يتفكر في أن خالق السماوات والرض ل يكون عاجزا ول
بخيل فلم يفقرهم ويحوجهم ال لمصلحة عظيمة فيصبر على بلء ال
ويرضى بقضائه
) (1روى الصدوق في المعاني ص 112باسناده عن أبي بصير قال :قال الصادق
عليه السلم :طوبى لمن تمسك بامرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد
الهداية ،فقلت له جعلت فداك وما طوبى ؟ قال :شجرة في الجنة أصلها
في دار علي بن أبي طالب عليه السلم وليس مؤمن إل وفي داره غصن
من أغصانها ،وذلك قول ال عزوجل " طوبى لهم وحسن مآب " .وروى
العياشي في تفسيره ج 2ص 213عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه
السلم في حديث :وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول ال
فليس من مؤمن ال وفي داره غصن من أغصانها ل ينوي في قلبه شيئا
إل آتاه ذلك الغصن ،ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج
منها ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلها حتى يبياض هرما .وقال
الشرتوني في القرب :الطوبى مصدر بمعنى الطيب أصله طيبي -بضم
الطاء -قلبت الياء واوا لسكونها بعد ضمة وجمع الطيبة ،هو من نوادر
الجموع ،وتأنيث الطيب والغبطة والسعادة والحسنى والخير والخيرة
وشجرة في الجنة أو الجنة بالهندية ،ويقال لها طيبي -بكسر الطاء -
أيضا (2) .آل عمران[*] .191 :
][17
وكأن تفسير المساكين هنا بالنبياء والوصياء عليهم السلم أظهر ،وقد ورد في
بعض الخبار تفسيره بهم عليهم السلم فان المسكنة والخضوع
والخشوع ،والتوسل بجناب الحق سبحانه ،والعراض عن غيره ،قال في
النهاية :قد تكرر في الحديث ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن
وكلها يدور معناها على الخضوع والذلة وقلة المال والحال السيئة،
واستكان إذا خضع ،والمسكنة فقر النفس وتمسكن إذا تشبه بالمساكين،
وهو جمع المسكين ،وهو الذي ل شئ له ،وقيل :هو الذي له بعض الشئ،
وقد تقع المسكنة على الضعف ،ومنه حديث قيلة صدقت المسكنة أراد
الضعف ولم يرد الفقر وفيه :اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني
في زمرة المساكين :أراد به التواضع والخبات وأن ل يكون من الجبارين
المتكبرين وفيه أنه قال للمصلي تبأس وتمسكن أي تذل وتخضع ،وهو
تمفعل من السكون - 16 .كا :عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن
السكوني ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :يا معشر المساكين طيبوا نفسا ،وأعطوا ال الرضا من قلوبكم ،يثبكم
ال عزوجل على فقركم :فان لم تفعلوا فل ثواب لكم ) .(1بيان " :نفسا "
تميز ،ويدل على أن الثواب إنما هو على الرضا بالفقر ل على أصل الفقر،
وحمل على اصول المتكلمين وهي أن الثواب هو الجزاء الدائم في الخرة،
وهو ل يكون إل على الفعل الختياري ،وأما ما يعطيه ال على اللم التي
يوردها على العبد في الدنيا بغير اختياره ،فانما هو الجزاء المنقطع في
الدنيا أو في الخرة أيضا ،على قول بعضهم ،حيث جوزوا أن يكون
انقطاعها على وجه ل يشعر به ،فل يصير سببا للمه ،ومنهم من جوز
كون العوض دائما في الخرة .قال العلمة قدس ال روحه في الباب
الحادي عشر :السادسة في أنه تعالى يجب عليه فعل عوض اللم الصادرة
عنه ،ومعنى العوض هو النفع المستحق الخالي
][18
عن التعظيم والجلل ،وإل لكان ظالما تعالى ال عن ذلك ،ويجب زيادته على اللم،
وال لكان عبثا .وقال بعض الفاضل في شرحه :اللم الحاصل للحيوان إما
أن يعلم فيه وجه من وجوه القبح ،فذلك يصدر عنا خاصة ،أو ل يعلم فيه
ذلك فيكون حسنا وقد ذكر لحسن اللم وجوه :الول كونه مستحقا ،الثاني
كونه مشتمل على النفع الزائد ،الثالث كونه مشتمل على دفع الضرر الزائد
عنه ،الرابع كونه بمجرى العادة ،الخامس ،كونه متصل على وجه الدفع،
وذلك الحسن قد يكون صادرا عنه تعالى وقد يكون صادرا عنا .فأما ما كان
صادرا عنه تعالى على وجه النفع فيجب فيه أمران :أحدهما العوض ،وإل
لكان ظالما تعالى ال عنه ،ويجب أن يكون زائدا على اللم إلى حد يرضى
عنه كل عاقل لنه يقبح في الشاهد إيلم شخص لتعويضه ألمه من غير
زيادة لشتماله على العبث ،وثانيهما اشتماله على اللطف إما للمتألم أو
لغيره ليخرج عن العبث فاما ما كان صادرا عنا مما فيه وجه من وجوه
القبح ،فيجب عليه تعالى النتصاف للمتألم من المؤلم لعدله ،ولدللة الدلة
السمعية عليه ويكون العوض هنا مساويا لللم ،وإل لكان ظلما .وهنا
فوائد :الول العوض هو النفع المستحق الخالي عن تعظيم واجلل فبقيد
المستحق خرج التفضل ،وبقيد الخلو عن تعظيم خرج الثواب .الثاني ل
يجب دوام العوض لنه يحسن في الشاهد ركوب الهوال العظيمة لنفع
منقطع قليل .الثالث العوض ل يجب حصوله في الدنيا لجواز أن يعلم ال
تعالى المصلحة في تأخره ،بل قد يكون حاصل في الدنيا ،وقد ل يكون.
الرابع الذي يصل إليه عوض ألمه في الخرة إما أن يكون من أهل الثواب
أو من أهل العقاب ؟ فإن كان من أهل الثواب فكيفية إيصال أعواضه إليه
بأن
][19
يفرقها ال على الوقات أو يتفضل ال عليه بمثلها ،وإن كان من أهل العقاب أسقط
بها جزءا من عقابه ،بحيث ل يظهر له التخفيف بأن يفرق القدر على
الوقات .الخامس اللم الصادر عنا بأمره أو إباحته والصادر عن غير
العاقل كالعجماوات وكذا ما يصدر عنه تعالى من تفويت المنفعة لمصلحة
الغير وإنزال الغموم الحاصلة من غير فعل العبد عوض ذلك كله على ال
تعالى لعدله وكرمه .وأقول :كون أعواض اللم الغير الختيارية منقطعة
مما لم يدل عليه برهان قاطع ،وبعض الروايات تدل على خلفه كالروايات
الدالة على أن حمى ليلة تعدل عبادة سنة ،وأن من مات له ولد يدخله ال
الجنة صبر أم لم يصبر جزع أم لم يجزع ،وإن من سلب ال كريمته وجبت
له الجنة ،وأمثال ذلك كثيرة ،وإن أمكن تأويل بعضها مع الحاجة إليه.
وقيل :للفقير ثلثة أحوال :أحدها الرضا بالفقر ،والفرح به ،وهو شأن
الصفياء ،وثانيها الرضا به دون الفرح وله أيضا ثواب دون الول،
وثالثها عدم الرضا به والكراهة في القسمة ،وهذا مما ل ثواب له أصل.
وهو كلم على التشهي لكن روى السيد الرضي رضي ال عنه في نهج
البلغة أنه قال أمير المؤمنين عليه السلم لبعض أصحابه في علة اعتلها:
جعل ال ما كان من شكواك حطا لسيئاتك ،فان المرض ل أجر فيه ولكنه
يحط السيئات ويحتها حت الوراق وإنما الجر في القول باللسان ،والعمل
باليدي والقدام ،وإن ال سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة
من يشاء من عباده الجنة ) .(1ثم قال السيد رحمه ال :وأقول :صدق
عليه السلم إن المرض ل أجر فيه لنه من قبيل ما يستحق عليه العوض،
لن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل ال تعالى بالعبد من اللم
والمراض ،وما يجري مجرى ذلك ،والجر والثواب يستحقان على ما كان
في مقابلة فعل العبد فبينهما فرق قد بينه عليه السلم كما
][20
يقضيه علمه الثاقب ،ورأيه الصائب ،انتهى .وقوله عليه السلم :اعتلها أي اعتل
بها ،والشكوى المرض ،والحط الوضع والحدر من علو إلى سفل ،وحت
الورق كمد سقطت فانحتت وتحاتت ،وحت فلن الشئ أي حطه يتعدى ول
يتعدى والسريرة ما يكتم كالسر ولو كانت الرواية صحيحة يؤيد مذهب
القوم في الجملة .وقال قطب الدين الراوندي في شرحه على النهج :قول
السيد :إن المرض ل أجر له ليس ذلك على الطلق ،وذلك لن المريض إذا
احتمل المشقة التي حملها ال عليه احتسابا كان له أجر الثواب على ذلك،
والعوض على المرض ،فعلى فعل العبد إذا كان مشروعا الثواب ،وعلى
فعل ال إذا كان ألما على سبيل الختيار العوض .وقال ابن أبي الحديد )(1
ينبغي أن يحمل كلم أمير المؤمنين عليه السلم في هذا الفصل على تأويل
يطابق ما يدل عليه العقول وأن ل يحمل على ظاهره ،وذلك لن المرض إذا
استحق عليه النسان العوض لم يجز أن يقال العوض يحط السيئات بنفسه
ل على قول أصحابنا ،ول على قول المامية .أما المامية فانهم مرجئة ل
يذهبون إلى التحابط ،وأما أصحابنا فانهم ل تحابط عندهم إل في الثواب
والعقاب ،فأما العقاب والعوض فل تحابط بينهما لن التحابط بين الثواب
والعقاب إنما كان باعتبار التنافي بينهما ،من حيث كان أحدهما يتضمن
الجلل والعظام ،والخر يتضمن الستخفاف والهانة ،ومحال أن يكون
النسان الواحد مهانا معظما في حال واحد ،ولما كان العوض ل يتضمن
إجلل وإعظاما ،وإنما هو نفع خالص فقط ،لم يكن منافيا للعقاب ،وجاز أن
يجتمع للنسان الواحد في الوقت الواحد كونه مستحقا للعقاب والعوض إما
بأن يوفر العوض عليه في الدار الدنيا ،وإما بأن يخفف عنه بعض عقابه،
ويجعل ذلك بدل من العوض الذي كان سبيله أن يوصل إليه.
][21
وإذا ثبت ذلك وجب أن يحمل كلم أمير المؤمنين عليه السلم على تأويل صحيح
وهو الذي أراده عليه السلم لنه كان أعرف الناس بهذه المعاني ،ومنه
تعلم المتكلمون علم الكلم ،وهو أن المرض واللم يحط ال تعالى عن
النسان المبتلى به ما يستحقه من العقاب على معاصيه السالفة تفضل منه
سبحانه ،فلما كان إسقاطه للعقاب متعقبا للمرض وواقعا بعده بل فصل جاز
أن يطلق اللفظ بأن المرض يحط السيئات ويحتها حت الورق ،كما جاز أن
يطلق اللفظ بأن الجماع يحبل المرأة وبأن سقي البذر الماء ينبته وإن كان
الولد والزرع عند المتكلمين واقعا من ال تعالى على سبيل الختيار ل على
سبيل اليجاب ،ولكنه أجرى العادة بأن يفعل ذلك عقيب الجماع وعقيب
سقي البذر الماء .فان قلت :يجوز أن يقال :إن ال تعالى يمرض النسان
المستحق للعقاب ويكون إنما أمرضه ليسقط عنه العقاب ل غير ؟ قلت :ل،
لنه قادر على أن يسقط عنه العقاب ابتداء ،ول يجوز إنزال اللم ال حيث
ل يمكن اقتناص العوض المجزي به إليه ،إل بطريق اللم وإل كان فعل
اللم عبثا أل ترى أنه ل يجوز أن يستحق زيد على عمرو ألف درهم
فيضربه ويقول :إنما أضربه لجعل ما يناله من ألم الضرب مسقطا لما
أستحقه من الدراهم عليه ،ويذمه العقلء ويسفهونه ويقولون له فهل
وهبتها له وأسقطتها عنه من غير حاجة إلى أن تضربه ؟ وأيضا فان اللم
قد تنزل بالنبياء وليسوا ذوي ذنوب ومعاص ليقال إنه يحطها عنهم .فأما
قوله عليه السلم " :وإنما الجر في القول " إلى آخر الفصل فانه عليه
السلم قسم أسباب الثواب أقساما ،فقال :لما كان المرض ل يقتضي الثواب
لنه ليس من فعل المكلف ،إنما يستحق المكلف الثواب على ما كان من
فعله ،وجب أن نبين ما الذي يستحق به المكلف الثواب .الذي يستحق
المكلف به ذلك أن يفعل فعل إما من أفعال الجوارح ،وإما من أفعال
القلوب ،فأفعال الجوارح إما قول باللسان أو عمل ببعض الجوارح وعبر
][22
عن سائر الجوارح عدا اللسان باليدي والقدام ،لن أكثر ما يفعل بها ،وإن كان قد
يفعل بغيرها ،نحو مجامعة الرجل زوجته إذا قصد به تحصينها وتحصينه
عن الزنا ونحو أن ينحي حجرا ثقيل برأسه عن صدر إنسان قد كاد يقتله،
وغير ذلك .وأما أفعال القلوب فهي العزوم والرادات والنظر والعلوم
والظنون والندم فعبر عليه السلم عن جميع ذلك بصدق النية والسريرة
الصالحة ،واكتفى بذلك عن تعديد هذه الجناس .فان قلت :فان النسان قد
يستحق الثواب على أن ل يفعل القبيح ،وهذا يخرم الحصر الذي حصره
أمير المؤمنين عليه السلم .قلت :يجوز أن يكون يذهب مذهب أبي علي
في أن القادر بقدرة ل يخلو عن الفعل والترك ،انتهى .قال ابن ميثم )(1
قدس سره :دعا عليه السلم لصاحبه بما هو ممكن وهو حط السيئات
بسبب المرض ،ولم يدع له بالجر عليه معلل ذلك بقوله " فان المرض ل
أجر فيه " والسر فيه أن الجر والثواب إنما يستحق بالفعال المعدة له كما
اشار إليه بقوله " :وإنما الجر في القول -إلى قوله بالقدام " وكنى
بالقدام عن القيام بالعبادة ،وكذلك ما يكون كالفعل من عدمات الملكات
كالصوم ونحوه ،فأما المرض فليس هو بفعل العبد ،ول عدم فعل من شأنه
أن يفعله .فأما حطه للسيئات فباعتبار أمرين :أحدهما أن المريض تنكسر
شهوته وغضبه اللذين هما مبدءا الذنوب والمعاصي ومادتهما ،الثاني أن
من شأن المرض أن يرجع النسان فيه إلى ربه بالتوبة والندم على
المعصية والعزم على ترك مثلها ،كما قال تعالى " :وإذا مس النسان
الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما " الية ) .(2فما كان من السيئات
حالت غير متمكنة من جوهر النفس فانه يسرع زوالها منها ،وما صار
ملكة فربما يزول على طول المرض ودوام النابة إلى ال تعالى
][23
واستعار لزوالها لفظ الحت وشبهه في قوة الزوال والمفارقة بحت الوراق .ثم نبه
عليه السلم بقوله " :وإن ال " إلى آخره على أن العبد إذا احتسب
المشقة في مرضه ل بصدق نيته مع صلح سريرته ،فقد يكون ذلك معدا
لفاضة الجر والثواب عليه ،ودخوله الجنة ،ويدخل ذلك في أعدام الملكات
المقرونة بنية القربة إلى ال ،وكلم السيد رحمه ال مقتضى مذهب
المعتزلة .انتهى .وقال الكيدري نور ال ضريحه :المرض ل أجر فيه
للمريض بمجرد اللم بل فيه العوض وإذا احتمل المريض ما حمل احتسابا
اثيب على ذلك .انتهى .وأقول :إذا اطلعت على ما ذكره المخالف والمؤالف
في هذا الباب فاعلم أنهم جروا في ذلك على ما نسجوه من قواعدهم
الكلمية نسج العنكبوت ول طائل في الخوض فيها ،لكن لبد من الخوض
في اليات والخبار الواردة في ذلك والجمع بينهما .والذي يظهر منها أن
ال تعالى بلطفه ورحمته يبتلي المؤمنين في الدنيا بأنواع البليا على قدر
إيمانهم ،وسبب ذلك إما إصلح نفوسهم ،وردعها عن الشهوات أو
تعريضهم بالصبر عليها لجزل المثوبات ،أو لحط ما صدر عنهم من
السيئات إذا علم أن صلحهم في العفو بعد البتلء ،ليكون رادعا لهم عن
ارتكاب مثلها ومع ذلك يعوضهم أو يثيبهم بأنواع العواض والمثوبات.
ولو صح قولهم :إن العوض ل يكون دائما ،يمكن أن يقال :دخولهم الجنة
وتنعمهم بنعيمه الدائم إنما هو باليمان والعمال الصالحة ،لكن لما كانت
معاصيهم حائلة بينهم وبين دخولهم الجنة ابتداء ،قد يبتليهم في الدنيا
ليطهرهم من لوثها وقد يؤخرهم إلى سكرات الموت أو عذاب البرزخ أو
في القيامة ليدخلوا الجنة مطهرين من لوث المعاصي ،وكل ذلك بحسب ما
علم من صلحهم في ذلك .ثم إن جميع ذلك في غير النبياء والوصياء
والولياء عليهم السلم وأما فيهم عليهم السلم فليس إل لرفع الدرجات،
وتكثير المثوبات ،كما عرفت مما سبق من الروايات
][24
فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ،ول تصغ إلى شبهات المضلين ،وقد سبق منا
بعض القول فيه - 17 .كا :عن العدة ،عن أحمد بن محمد ،عن ابن أبي
نصر ،عن عيسى الفراء ،عن محمد بن مسلم ،عن أبي جعفر عليه السلم
قال :إذا كان يوم القيامة أمر ال تبارك وتعالى مناديا ينادي بين يديه :أين
الفقراء ؟ فيقوم عنق من الناس كثير فيقول :عبادي ! فيقولون :لبيك ربنا،
فيقول :إني لم افقركم لهوان بكم علي ولكن إنما اخترتكم لمثل هذا اليوم،
تصفحوا وجوه الناسن فمن صنع اليكم معروفا لم يصنعه إل في فكافوه
عني بالجنة ) .(1بيان :كان تحتمل التامة والناقصة ،كما مر " بين يديه "
أي قدام عرشه وقيل :أي يصل نداؤه إلى كل أحد كما أنه حاضر عند كل
أحد وفي النهاية فيه يخرج عنق من النار أي طائفة ،وقال :عنق من
الناس أي جماعة " لهوان بكم علي " أي لمذلة وهوان علي كان بكم "
ولكن إنما اخترتكم " أي اصطفيتكم " لمثل هذا اليوم " أي لهذا اليوم
فكلمة " مثل " زائدة نحو قولهم مثلك ل يبخل أو لهذا اليوم ومثله لثيبكم
قال في المصباح المثل يستعمل على ثلثة أوجه :بمعنى التشبيه ،وبمعنى
نفس الشئ وزائدة ،وقال :صفحت الكتاب قلبت صفحاته ،وهي وجوه
الوراق وتصفحته كذلك وصفحت القوم صفحا رأيت صفحات وجوههم "
لم يصنعه إل في " الجملة جزاء الشرط أو صفة لقوله " معروفا " أي
معروفا يكون خالصا والول أظهر ،ويومئ إليه قوله " :فكافوه عني ".
- 18كا :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن إبراهيم
الحذاء ،عن محمد بن صغير ،عن جده شعيب ،عن المفضل قال :قال أبو
عبد ال عليه السلم :لول إلحاح هذه الشيعة على ال في طلب الرزق،
لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق ) .(2بيان " :هذه الشيعة
" أي المامية ،فان الشيعة أعم منهم ،أو إشارة
][25
إلى غير الخلص منهم ،فانهم ل يلحون ،وكأن الشارة على الول لبيان
الختصاص ،وعلى الثاني للتحقير - 19 .كا :عن أبي علي الشعري ،عن
محمد بن عبد الجبار ،عن ابن فضال عن محمد بن الحسين بن كثير
الخزاز ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال لي :أما تدخل السوق ؟ أما
ترى الفاكهة تباع والشئ مما تشتهيه ؟ فقلت :بلى ،فقال :أما إن لك بكل ما
تراه فل تقدر على شراه حسنة ) .(1بيان " :والشئ مما تشتهيه " أي من
غير الفاكهة أعم من المأكول والملبوس وغيرهما ،والظاهر من الحسنة
المثوبة الخروية ،وحمل على العوض أو على أن الحسنة للصبر والرضا
بالقضاء على الصل المتقدم - 20 .كا :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن
محمد بن عيسى ،عن محمد بن سنان عن علي بن عثمان ،عن مفضل بن
عمر ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن ال جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده
المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الخ إلى أخيه ،فيقول :وعزتي
وجللي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك علي فارفع هذا السجف
فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا قال :فيرفع فيقول :ما ضرني ما منعتني
مع ما عوضتني ) .(2بيان " :ليعتذر " كأنه مجاز كما يومئ إليه ما مر
في التاسع ) " (3شبيها بالمعتذر " والمحوج يحتمل كسر الواو وفتحها،
في المصباح :أحوج وزان أكرم من الحاجة ،ويستعمل أيضا متعديا يقال:
أحوجه ال إلى كذا ،وفي القاموس :السجف ويكسر وككتاب الستر " ما
ضرني " ما نافية " ما منعتني " ما مصدرية " مع ما عوضتني " ما
موصولة ،وتحتمل المصدرية أيضا - 21 .كا :عن علي ،عن أبيه ،عن ابن
أبي عمير ،عن هشام بن الحكم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إذا كان
يوم القيامة قام عنق من الناس حتى يأتوا باب الجنة
) (2 - 1الكافي ج 2ص (3) .264يعني الخبر التاسع في كتاب الكافي وقد مر
تحت الرقم [*] .11
][26
فيضربوا باب الجنة فيقال لهم :من أنتم ؟ فيقولون :نحن الفقراء ،فيقال لهم :أقبل
الحساب ؟ فيقولون :ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه ،فيقول ال
عزوجل :صدقوا ادخلوا الجنة ) .(1بيان " :أقبل الحساب " أي أتدخلون
الجنة قبل الحساب على التعجب أو النكار " ما أعطيتمونا " أي ما أعطانا
ال شيئا وإضافته إلى الملئكة لنهم مقربوا جنابه بمنزلة وكلئه "
تحاسبونا " قيل :يجوز فيه تشديد النون كما قرئ في سورة الزمر "
تأمروني " ) (2بالتخفيف وبالتشديد وبالنونين والمخاطب في " صدقوا "
الملئكة وفي " ادخلوا " الفقراء إذا قرئ على بناء المجرد كما هو
الظاهر ،وأمرهم بالدخول يستلزم أمر الملئكة بفتح الباب ويمكن أن يقرأ
على بناء الفعال فالمخاطب الملئكة أيضا وقيل :هو من قبيل ذكر اللزم
وارادة الملزوم ،أي افتحوا الباب ولذا حذف المفعول بناء على أن فتح
الباب سبب لدخول كل من يستحقه ،وان كان الباعث الفقراء ،وكان هذا
مبني على ما سيأتي من أن ال تعالى ل يحاسب المؤمنين على ما أكلوا
ولبسوا ونكحوا وأمثال ذلك إذا كان من حلل - 22 .كا :عن العدة ،عن
البرقي ،عن عثمان بن عيسى ،عن مبارك غلم شعيب قال :سمعت أبا
الحسن موسى عليه السلم يقول :أن ال عزوجل يقول :إني لم اغن الغني
لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي ،وهو مما ابتليت به
الغنياء بالفقراء ولول الفقراء لم يستوجب الغنياء الجنة ) .(3بيان" :
وهو مما ابتليت به الغنياء " كأن ضمير هو راجع إلى التفاوت المفهوم
من الكلم السابق ،أقول :إذا كان من للتبعيض يدل على أن ابتلء الناس
بعضهم ببعض يكون على وجوه شتى منها ابتلؤهم بالفقر والغنا ،ويحتمل
أن يكون من للتعليل " ولول الفقراء " كأن المعنى أن عمدة عبادة
الغنياء إعانة الفقراء أو أنه يلزم الغنا أحوال ل يمكن تداركها إل برعاية
الفقراء فتأمل.
) (1الكافي ج 2ص (2) .264الزمر (3) .64 :الكافي ج 2ص [*] .265
][27
- 23كا :عن علي بن إبراهيم ،عن محمد بن عيسى ،عن يونس ،عن إسحاق بن
عيسى ،عن إسحاق بن عمار والمفضل بن عمر قال :قال أبو عبد ال عليه
السلم :مياسير شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم ،فاحفظونا فيهم يحفظكم
ال ) .(1بيان :المياسير والمحاويج جمعا الموسر والمحوج ،لكن على
غير القياس لن القياس جمع مفعال على مفاعيل ،قال الفيروز آبادي:
أيسر إيسارا ويسرا صار ذا غنى فهو موسر ،والجمع مياسير ،وقال
صاحب مصباح اللغة :أحوج وزان أكرم من الحاجة فهو محوج ،وقياس
جمعه ،بالواو والنون لنه صفة عاقل والناس يقولون محاويج ،مثل
مفاطير ومفاليس ،وبعضهم ينكره ويقول غير مسموع ،انتهى .وأقول:
وروده في الحديث يدل على مجيئه لكن قال بعضهم :إنهما جمعا ميسار
ومحواج اسمى آلة استعمل في الموسر والمحوج للمبالغة " .امناؤنا على
محاويجهم " كونهم امناءهم عليهم السلم إما مبنى على ما ذكره الكليني
رحمه ال ) (2في آخر كتاب الحجة أن الموال كلها للمام ،وإنما رخص
لشيعتهم التصرف فيها فتصرفهم مشروط برعاية فقراء الشيعة وضعفائهم
أو على أنهم خلفاء ال ويلزمهم أخذ حقوق ال من الغنياء ،وصرفها في
مصارفها ،ولما لم يمكنهم في أزمنة التقية والغيبة أخذها منهم وصرفها
في مصارفها وأمروا الغنياء بذلك فهم امناؤهم على ذلك ،أو على أنه لما
كان الخمس وسائر أموالهم من الفئ والنفال بايديهم ،ولم يمكنهم إيصالها
إليهم عليهم السلم فهم امناؤهم في إيصال ذلك إلى فقراء الشيعة :فيدل
على وجوب صرف حصة المام من الخمس وميراث من ل وارث له وغير
ذلك من أموال المام إلى فقراء الشيعة ،ول يخلو من قوة والحوط صرفها
إلى الفقيه المحدث العادل ،ليصرفها في مصارفها نيابة عنهم عليهم السلم
وال يعلم " .فاحفظونا فيهم " أي ارعوا حقنا فيهم لكونهم شيعتنا
وبمنزلة عيالنا " يحفظكم ال " أي يحفظكم ال في أنفسكم وأموالكم في
الدنيا ومن عذابه في الخرة ،ويحتمل
) (1الكافي ج 2ص (2) .265راجع اصول الكافي ج 1ص 407باب أن الرض
كلها للمام عليه السلم وص 538باب الفئ والنفال وتفسير الخمس
وحدوده وما يجب فيه[*] .
][28
أن تكون جملة دعائية ،وقيل :يدل على أن الغنياء إذا لم يراعوا الفقراء سلبت
عنهم النعمة ،لنه إذا ظهرت الخيانة من المين يؤخذ ما في يده ،كما قال
أمير المؤمنين عليه السلم :إن ل تعالى عبادا يخصهم بالنعم لمنافع
العباد ،فيقرها في أيديهم ،ما بذلوها ،فإذا منعوها نزعها منهم ،ثم حولها
إلى غيرهم - 24 .كا :عن علي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام
بن سالم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :الفقر أزين للمؤمنين من العذار على خد الفرس ) .(1بيان" :
أزين للمؤمنين " اللم للتعدية ،وفي النهاية :فيه الفقر أزين للمؤمن من
عذار حسن على خد فرس ،العذاران من الفرس كالعارضين من وجه
النسان ،ثم سمى به السير الذي يكون عليه من اللجام عذارا باسم
موضعه ،انتهى .وأقول :يمكن أن يقال لتكميل التشبيه أن الفقر يمنع
النسان من الطغيان كما يمنع اللجام الفرس عن العصيان .وقال بعض
شراح العامة :لن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور أشخصته إلى
مكروه ،فطلبها شين والقلة زين - 25 .كا :عن العدة ،عن سهل بن زياد،
عن ابن محبوب ،عن عبد ال بن غالب ،عن أبيه ،عن سعيد بن المسيب
قال :سألت علي بن الحسين عليهما السلم عن قول ال عزوجل " :ولول
أن يكون الناس امة واحدة " ) (2قال :عنى بذلك امة محمد صلى ال عليه
وآله أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم " لجعلنا لمن يكفر بالرحمن
لبيوتهم سقفا من فضة " ولو فعل ال ذلك بامة محمد لحزن المؤمنون
وغمهم ذلك ،ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم ) .(3بيان :قد مر تفسير الية،
وأما تأويله عليه السلم فلعل المعنى أن المراد بالناس
) (1الكافي ج 2ص (2) .265الزخرف (3) .33 :الكافي :ج 2ص [*] .265
][29
امة محمد صلى ال عليه وآله بعد وفاته بقرينة المضارع في " يكون " و " يكفر
" ،والمراد بمن يكفر بالرحمن :المخالفون المنكرون للمامة ،والنص
على المام ،ولذا عبر بالرحمن إشعارا بأن رحمانية ال يقتضي عدم
إهمالهم في امور دينهم ،أو المراد أن المنكر للمام كافر برحمانية الملك
العلم .والحاصل أنه لول أنه كان يصير سببا لكفر المؤمنين لحزنهم
وغمهم وانكسار قلبهم ،فيستولي عليهم الشيطان فيكفرون ويلحقون
بالمخالفين إل شاذ منهم ل يكفي وجودهم لنصرة المام ،أو يهلكون غما
وحزنا ،وأيضا لو كان جميع المخالفين بهذه الدرجة من الغنا والثروة،
وجميع المؤمنين في غاية الفقر والمهانة والمذلة لم يناكحوهم أي
المخالفون المؤمنين بأن يعطوهم بناتهم أو يأخذوا منهم بناتهم ،فلم يكن
يحصل فيهم نسب يصير سببا للتوارث فبذلك ينقطع نسل المؤمنين،
ويصير سببا لنقراضهم ،أو لمزيد غمهم الموجب لرتدادهم ،وبتلك
السباب يصير امة محمد صلى ال عليه وآله كلهم كفرة ومخالفين،
فيكونوا امة واحدة كفرة إما مطلقا أو إل من شذ منهم ،ممن محض اليمان
محضا ،فعبر بالناس عن الكثرين لقلة المؤمنين فكأنهم ليسوا منهم.
فالمراد بالمة في قوله " :عنى بذلك امة محمد صلى ال عليه وآله " أعم
من امة الدعوة والجابة قاطبة ،أو العم من المؤمنين والمنافقين
والمخالفين وذلك إشارة إلى الناس ،والمراد بالمة في قوله " :ولو فعل
ذلك بامة محمد " المنافقون والمخالفون أو العم منهم ومن سائر الكفار،
والول أظهر بقرينة " ولم يناكحوهم " فان غيرهم من الكفار ل يناكحون
الن أيضا ،والضمير المرفوع راجع إلى المخالفين والمنصوب إلى
المؤمنين ،وكذا " ولم يوارثوهم " - 26 .لي :عن الفامي ،عن محمد
الحميري ،عن أبيه ،عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير ،عن
هشام بن سالم ،عن الصادق عليه السلم قال :كاد الفقر أن يكون كفرا
وكاد الحسد أن يغلب القدر )(1
][30
ل :عن حمزة العلوي ،عن علي ،عن أبيه ،عن ابن المغيرة ،عن السكوني عن
الصادق ،عن آبائه عليهم السلم عن النبي صلى ال عليه وآله مثله ).(1
كتاب المامة والتبصرة :عن سهل بن أحمد ،عن محمد بن محمد بن
الشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ،عن أبيه ،عن آبائه
عليهم السلم ،عن النبي صلى ال عليه وآله مثله .توضيح :هذه الرواية
من المشهورات بين الخاصة والعامة ،وفيها ذم عظيم للفقر ،ويعارضها
الخبار السابقة وما روي عن النبي صلى ال عليه وآله " :الفقر فخري
وبه أفتخر " وقوله صلى ال عليه وآله " :أللهم أحيني مسكينا وأمتني
مسكينا واحشرني في زمرة المساكين " ويؤيد هذه الرواية ما رواه العامة
عنه صلى ال عليه وآله " :الفقر سواد الوجه في الدارين " وقد قيل في
الجمع بينها وجوه .قال الراغب في المفردات :الفقر يستعمل على أربعة
أوجه :الول وجود الحاجة الضرورية ،وذلك عام للنسان ما دام في دار
الدنيا بل عام للموجودات كلها ،وعلى هذا قوله عزوجل " :يا أيها الناس
أنتم الفقراء إلى ال وال هو الغني الحميد " ) (2وإلى هذا الفقر أشار
بقوله في وصف النسان " :ما جعلناهم جسدا ل يأكلون الطعام " ).(3
والثاني عدم المقتنيات وهو المذكور في قوله " :للفقراء الذين احصروا
في سبيل ال -إلى قوله :يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " ) " (4إنما
الصدقات للفقراء والمساكين " ) .(5الثالث فقر النفس وهو الشره المعني
بقوله صلى ال عليه وآله :كاد الفقر أن يكون كفرا
) (1الخصال ج 1ص (2) .9فاطر (3) .15 :النبياء (4) .8 :البقرة(5) .273 :
براءة[*] .60 :
][31
وهو المقابل بقوله :الغنا غنى النفس ،والمعنى بقولهم :من عدم القناعة لم يفده
المال غنى .الرابع :الفقر إلى ال المشار إليه بقوله :اللهم أغنني بالفتقار
إليك ،ول تفقرني بالستغناء عنك ،وإياه عنى تعالى بقوله " :رب إني لما
أنزلت إلي من خير فقير " ) (1وبهذا ألم الشاعر فقال :ويعجبني فقري
إليك ولم يكن * ليعجبني لول محبتك الفقر ويقال :افتقر فهو مفتقر وفقير،
ول يكاد يقال فقر وإن كان القياس يقتضيه وأصل الفقير هو المكسور
الفقار .انتهى ) .(2وهذا أحسن ما قيل في هذا المقام ،ومنهم من حمل
سواد الوجه على المدح أي إنه كالخال الذي على وجه المحبوب فانه يزينه
ول يشينه ،وقيل :المراد بالوجه ذات الممكن ،ومن الفقر احتياجه في
وجوده وسائر كمالته إلى الغير ،وكون ذلك الحتياج بسواد وجهه عبارة
عن لزومه لذاته ،بحيث ل ينفك كما ل ينفك السواد عن محله ،ول يخفى
بعدهما ،والظهر حمله مع صحته على الفقر المذموم كما مر .وقال
الغزالي في شرح هذا الخبر :إذ الفقر مع الضطرار إلى ما لبد منه قارب
أن يوقع في الكفر ،لنه يحمل على حسد الغنياء ،والحسد يأكل الحسنات
وعلى التذلل لهم بما يدنس به عرضه ،وينثلم به دينه ،وعلى عدم الرضا
بالقضاء وتسخط الرزق ،وذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه ،ولذلك
استعاذ المصطفى من الفقر .وقال بعضهم :لن أجمع عندي أربعين ألف
دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم وذل في سؤال الناس ،ووال
ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض ،فلعلي أكفر ول
أشعر ،فلذلك قال :كاد الفقر أن يكون كفرا
][32
لنه يحمل المرء على كل صعب وذلول .وربما يؤديه إلى العتراض على ال
والتصرف في ملكه ،والفقر نعمة من ال داع إلى النابة واللتجاء إليه،
والطلب منه ،وهو حلية النبياء وزينة الولياء ،وزي الصلحاء -ومن ثم
ورد خبر :إذا رأيت الفقر مقبل فقل مرحبا بشعار الصالحين ،فهو نعمة
جليلة بيد أنه مولم شديد التحمل .قال الغزالي :هذا الحديث ثناء على المال،
ول تقف على وجه الجمع بين المدح والذم إل بأن تعرف حكمة المال،
ومقصوده وفوائده وغوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه ،شر من
وجه ،وليس بخير محض ،ول بشر محض بل هو سبب للمرين معا :يمدح
مرة ويذم مرة ،والبصير المميز يدرك أن الممدوح منه غير المذموم .وقال
بعض أصحابنا :في الدعاء :نعوذ بك من الفقر والقلة ،قيل :الفقر المستعاذ
منه إنما هو فقر النفس الذي يفضي بصاحبه إلى كفران نعم ال ونسيان
ذكره ،ويدعوه إلى سد الخلة بما يتدنس به عرضه ويثلم به دينه ،والقلة
تحمل على قلة الصبر أو قلة العدد .وفي الخبر أنه صلى ال عليه وآله
تعوذ من الفقر ،وقال :الفقر فخري وبه أفتخر على سائر النبياء ،وقد
جمع بين القولين بأن الفقر الذي تعوذ منه صلى ال عليه وآله الفقر إلى
الناس ،والذي دون الكفاف ،والذي افتخر به الفقر إلى ال تعالى وإنما كان
هذا فخرا له على سائر النبياء مع مشاركتهم له فيه ،لن توحيده واتصاله
بالحضرة اللهية ،وانقطاعه إليه :كان في الدرجة التي لم يكن لحد مثلها
في العلو ففقره إليه كان أتم وأكمل من فقر سائر النبياء .وقال الكرماني
في شرح البخاري في قوله صلى ال عليه وآله :أعوذ بك من الفقر:
استدل به على تفضيل الغنا ،وبقوله تعالى " :إن ترك خيرا " أي مال
وبأنه صلى ال عليه وآله توفي على أكمل حالته ،وهو موسر بما أفاء ال
عليه وبأن الغنى وصف للحق وحديث :أكثر أهل الجنة الفقراء ،إخبار عن
الواقع كما يقال :أكثر أهل الدنيا الفقراء ،وأما تركه الطيبات ،فلنه لم
يرض أن يستعجل من الطيبات.
][33
وأجاب الخرون بأنه إيماء إلى أن علة الدخول الفقر ،وتركه الطيبات يدل على
فضل الفقر ،واستعاذته من الفقر معارض باستعاذته من الغنا ،ول نزاع في
كون المال خيرا بل من الفضل ،وكان عند وفاته صلى ال عليه وآله
درعه مرهونا ،وغنى ال تعالى بمعنى آخر انتهى .وذهب أكثرهم إلى أن
الكفاف أفضل من الغنا والفقر فانه سالم من آفاتهما وليس ببعيد وقال
بعضهم :هذا كله صحيح لكن ل يدفع أصل السؤال في أيهما أفضل الغنا أو
الفقر ؟ لن النزاع إنما ورد في حق من اتصف بأحد الوصفين أيهما في
حقه أفضل وقيل :إن السؤال أيهما أفضل ل يستقيم لحتمال أن يكون
لحدهما من العمل الصالح ما ليس للخر ،فيكون أفضل ،وإنما يقع السؤال
عنهما إذا استويا بحيث يكون لكل منهما من العمل ما يقاوم به عمل الخر،
فتعلم أيهما أفضل عند ال ،ولذا قيل صورة الختلف في فقير ليس
بحريص ،وغنى ليس بممسك إذ ل يخفى أن الفقير القانع أفضل من الغني
البخيل وأن الغني المنفق أفضل من الفقير الحريص قال وكل ما يراد لغيره
ول يراد لعينه ينبغي أن يضاف إلى مقصوده فيه ،ليظهر فضله فالمال ليس
محذورا لعينه ،بل لكونه قد يعوق عن ال ،وكذا العكس فكم من غني لم
يشغله غناه عن ال ،وكم من فقير شغله فقره عن ال .إلى أن قال :وإن
أخذت بالكثر فالفقير عن الخطر أبعد لن فتنة الغني أشد من فتنة الفقر،
وقال بعضهم :كلم الناس في أصل المسألة يختلف ،فمنهم من فضل الفقر،
ومنهم من فضل الغنا ،ومنهم من فضل الكفاف ،وكل ذلك خارج عن محل
الخلف أي الحالين أفضل عند ال للعبد حتى يتكسب ذلك ويتخلق به ،هل
التقلل من المال أفضل ليتفرغ قلبه عن الشواغل ،وينال لذة المناجاة ول
ينهمك في الكتساب ليستريح من طول الحساب ؟ أو التشاغل باكتساب
المال أفضل ليستكثر من القرب من البر والصلة لما في ذلك من النفع
المتعدي .قال :وإذا كان المر كذلك فالفضل ما اختاره النبي صلى ال عليه
وآله وجمهور أصحابه من التقلل في الدنيا والبعد عن زهرتها ويبقى النظر
فيمن حصل له شئ من الدنيا
][34
بغير تكسب منه كالميراث وسهم الغنيمة هل الفضل أن يبادر إلى إخراجه في وجوه
البر حتى ل يبقى منه شئ أو يتشاغل بتثميره ليستكثر من نفعه المتعدي.
قال :وهو على القسمين الولين ،وقال ابن حجر :مقتضى ذلك أن يبذل إلى
أن يبقى في حالة الكفاف ،ول يضر ما يتجدد من ذلك إذا سلك هذه
الطريقة .ودعوى أن جمهور الصحابة كانوا على التقلل والزهد ممنوعة،
فان المشهور من أحوالهم أنهم كانوا على قسمين بعد أن فتحت عليهم
الفتوح فمنهم من أبقى ما بيده مع التقرب إلى ربه بالبر والصلة والمواساة
مع التصاف بغنى النفس ،ومنهم من استمر على ما كان عليه قبل ذلك،
وكان ل يبقى شيئا مما فتح عليه ،وهم قليل ،والخبار في ذلك متعارضة،
ومن المواضع التي وقع فيها التردد من ل شئ له ،فالولى في حقه أن
يستكسب للصون عن ذل السؤال ،أو يترك وينتظر ما يفتح عليه بغير
مسألة انتهى .وأقول :مقتضى الجمع بين اخبارنا أن الفقر والغنا كل منهما
نعمة من نعم ال تعالى يعطي كل منهما من شاء من عباده بحسب ما يعلم
من مصالحه الكاملة وعلى العبد أن يصبر على الفقر بل يشكره ويشكر
الغنا إن أعطاه ،ويعمل بمقتضاه فمع عمل كل منهما بما تقتضيه حاله،
فالغالب أن الفقير الصابر أكثر ثوابا من الغني الشاكر ،لكن مراتب
أحوالهما مختلفة غاية الختلف ،ول يمكن الحكم الكلي من أحد الطرفين،
والظاهر أن الكفاف أسلم وأقل خطرا من الجانبين ولذا ورد في أكثر
الدعية طلبه وسأله النبي صلى ال عليه وآله لله وعترته ،وسيأتي تمام
القول في ذلك في كتاب المكاسب ان شاء ال .وأما قوله صلى ال عليه
وآله " :كاد الحسد أن يغلب القدر " فقد شرحناه في كتاب السماء والعالم،
وحمله أكثر المحققين على تأثير العين فانه ينشأ غالبا من حسد العاين،
وهذا هو الظاهر وهو مبالغة في تأثير العين بأنه يقرب أن يغلب قضاء ال
وقدره .وهذا الحديث مروي في شهاب الخبار عن أنس بن مالك عنه
صلى ال عليه وآله وقال
][35
الراوندي في الضوء :المعنى أن للحسد تأثيرا قويا في النظر في إزالة النعمة من
المحسود ،أو التمني لذلك فانه ربما يحمله حسده على قتل المحسود،
وإهلك ماله وإبطال معاشه ،فكأنه سعى في غلبة المقدور ،لن ال تعالى
قد قدر للمحسود الخير والنعمة ،وهو يسعى في إزالة ذلك عنه ،وقيل:
الحسد يأكل الجسد انتهى .وقال بعض المخالفين :أي كاد الحسد في قلب
الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر ،فل يرى أن النعمة التي حسد عليها إنما
صارت إليه بقدر ال وقضائه ،فل تزول إل بقضائه وقدره ،وغرض
الحاسد زوال نعمة المحسود ،ولو تحقق القدر لم يحسده ،واستسلم وعلم
أن الكل مقدر - 27 .لي :عن أبيه ،عن أحمد بن إدريس ،عن ابن هاشم،
عن ابن محبوب عن ابن رئاب ،عن موسى بن بكر ،عن أبي الحسن الول:
عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ل
تستخفوا بفقراء شيعة علي وعترته من بعده ،فان الرجل منهم ليشفع في
مثل ربيعة ومضر ) .(1بيان :ربيعة ومضر ) (2قبيلتان عظيمتان يضرب
المثل بهما في الكثرة - 28 .لي :عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن
الحسين بن سعيد ،عن علي بن الحكم ،عن داود بن النعمان ،عن إسحاق
بن عمار ،عن الصادق جعفر ابن محمد عليه السلم قال :إذا كان يوم
القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلهما من أهل الجنة :فقير في الدنيا
وغني في الدنيا ،فيقول الفقير :يا رب على ما اوقف ؟ فوعزتك إنك لتعلم
أنك لم تولني ولية فأعدل فيها أو أجور ،ولم
) (1أمالي الصدوق ص (2) .185ربيعة ومضر ابنا نزار قبيلتان عظيمتان وهو
نزار بن معد بن عدنان ،قال ابن عبد البر في النباء ص 69أن العرب
وجميع أهل العلم بالنسب أجمعوا على أن اللباب والصريح من ولد
اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلم ربيعة ،ومضر ابنا نزار بن معد بن
عدنان ،ل خلف في ذلك[*] .
][36
ترزقني مال فاؤدي منه حقا أو أمنع ول كان رزقي يأتيني منها إل كفافا على ما
علمت وقدرت لي ،فيقول ال جل جلله :صدق عبدي خلوا عنه يدخل
الجنة ويبقى الخر حتى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيرا
لكفاها ،ثم يدخل الجنة .فيقول له الفقير :ما حبسك ؟ فيقول :طول الحساب،
ما زال الشئ يجيئني بعد الشئ يغفر لي ثم اسأل عن شئ آخر حتى تغمدني
ال عزوجل منه برحمة وألحقني بالتائبين ،فمن أنت ؟ فيقول :أنا الفقير
الذي كنت معك آنفا فيقول :لقد غيرك النعيم بعدي ) .(1بيان :وقف على
بناء المعلوم أو المجهول ،فانه جاء لزما ومتعديا والثاني أظهر لما سيأتي
ولعل تصديق ال تعالى العبد لسعة لطفه وكرمه ،وإل فنعمة ال على كل
عبد أكثر من أن تحصى ،بل نعمة الفقر أيضا من أعظم النعم عليه ،أو
التصديق معناه أنه صدق أني ل احاسب العبد على تلك النعم لسعة رحمتى،
وفي القاموس " قال آنفا " كصاحب وكتف وقرئ بهما أي مذ ساعة أي
في أول وقت يقرب منا انتهى ) (2ولعل هذا نظرا إلى أيام الخرة
وساعاتها - 29 .لي :عن الحسن بن عبد ال بن سعيد ،عن عبد ال بن
محمد بن عبد الكريم عن محمد بن عبد الرحمن ،عن عمرو بن أبي سلمة،
عن أبي عمر الصنعاني ،عن العل ابن عبد الرحمن ،عن أبيه ،عن أبي
هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال :رب أشعث أغبر ذي طمرين
مدقع بالبواب لو أقسم على ال لبره ) .(3توضيح :قال في النهاية:
الشعث أي بالتحريك إنتشار المر ،ومنه قولهم:
) (1أمالي الصدوق ص (2) .216القاموس ج 3ص ،119والية " :ومنهم من
يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال
آنفا " القتال 16 :قال في المجمع ج 9ص 101روي في بعض الروايات
عن ابن كثير آنفا بالقصر ،والقراءة المشهورة آنفا بالمد (3) .أمالي
الصدوق ص [*] .232
][37
لم ال شعثه ،ومنه حديث الدعاء أسئلك رحمة تلم بها شعثي أي تجمع بها ما تفرق
من أمري ،ومنه الحديث رب أشعث أغبر ذي طمرين ل يؤبه له ،لو أقسم
على ال لبره ،وقال :الطمر أي بالكسر الثوب الخلق ،وقال :فيه قال
للنساء :إنكن إذا جعتن دقعتن ،الدقع الخضوع في طلب الحاجة ،مأخوذ من
الدقعاء وهو التراب أي لصقتن به ،ومنه الحديث ل تحل المسألة إل لذي
فقر مدقع أي شديد يفضين بصاحبه إلى الدقعاء ،وقيل هو سوء احتمال
الفقر ،وفي القاموس أبر اليمين أمضاها على الصدق .وأقول :يدل على
جواز السؤال عند شدة الحاجة ،وكأن المراد بالشعث تفرق الشعر وتداخله
وعدم تسريحه واصلحه ،وكذا المراد بالغبرة عدم تنظيف الجسد وظهور
آثار الفقر ،وذلك إما لشدة الفقر أو كثرة الشغال بالعبادة ،وقد مر الكلم
فيه .وأقول :روى هذا الحديث في المشكوة ) (1عن أبي هريرة عنه صلى
ال عليه وآله رب اشعث مدفوع بالبواب لو أقسم على ال لبره ،وقال
الطيبي في شرحه :قال البيضاوي :الشعث هو المغبر الرأس المتفرق
الشعور والصواب مدفوع بالدال اي يدفع عند الدخول على العيان
والحضور في المحافل ،ول يترك أن يلج الباب فضل عن أن يحضر معهم
ويجلس فيما بينهم " لو أقسم على ال لبره " أي لو سأل ال شيئا وأقسم
عليه أن يفعله لفعله ،فشبه إجابة المبر المقسم على غيره بوفاء الحالف
يمينه وبره فيها ،وقيل :معناه لو حلف أن ال يفعله أو ل يفعله صدقه في
يمينه وأبره فيها بما يوافقها .ثم قال الطيبي :ومما يؤيد الول لفظة على
ال لنه أراد به المسمى ولو اريد به اللفظ لقيل :بال ،وأما معنى البرار
فعلى ما ذهب إليه القاضي من باب الستعارة ،ويجوز أن يكون من باب
المشاكلة المعنوية - 30 .لي :في مناهي النبي صلى ال عليه وآله قال
صلى ال عليه وآله :أل ومن استخف
][38
بفقير مسلم فقد استخف بحق ال ،وال يستخف به يوم القيامة ،إل أن يتوب وقال
صلى ال عليه وآله :من أكرم فقيرا مسلما لقى ال يوم القيامة وهو عنه
راض ) - 31 .(1لي :عن ابن إدريس ،عن أبيه ،عن جعفر بن محمد بن
مالك ،عن محمد ابن أحمد المدايني ،عن فضل بن كثير ،عن الرضا عليه
السلم قال :من لقى فقيرا مسلما فسلم عليه خلف سلمه على الغني لقى
ال عزوجل يوم القيامة وهو عليه غضبان ) - 32 .(2فس " :ول تطرد
الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من
شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين " )(3
فأنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون
أصحاب الصفة ،وكان رسول ال صلى ال عليه وآله أمرهم أن يكونوا في
صفة يأوون إليها .كان رسول ال صلى ال عليه وآله يتعاهدهم بنفسه
وربما حمل إليهم ما يأكلون ،وكانوا يختلفون إلى رسول ال فيقربهم ويقعد
معهم ويؤنسهم ،وكان إذا جاء الغنياء والمترفون من أصحابه ينكروا
عليه ذلك ويقولوا له :اطردهم عنك .فجاء يوما رجل من النصار إلى
رسول ال صلى ال عليه وآله وعنده رجل من أصحاب رسول ال من
أصحاب الصفة قد لزق برسول ال صلى ال عليه وآله ورسول ال يحدثه
فقعد النصاري بالبعد منهما ،فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله :تقدم
فلم يفعل ،فقال له رسول ال :لعلك خفت أن يلزق فقره بك ؟ فقال
النصاري :اطرد هؤلء عنك فأنزل ال " ول تطرد الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي " الية ثم قال " :وكذلك فتنا بعضهم ببعض " أي اختبرنا
الغنياء بالغنى لننظر كيف مواساتهم للفقراء ؟ وكيف يخرجون ما فرض
ال عليهم في أموالهم لهم ؟ واختبرنا الفقراء
) (1أمالي الصدوق ص (2) .257أمالي الصدوق (3) .265 :النعام.53 - 52 :
]*[
][39
لننظر كيف صبرهم على الفقر ؟ وعما في أيدي الغنياء ؟ " ليقولوا " أي الفقراء
" أهؤلء " الغنياء " من ال عليهم من بيننا أليس ال بأعلم بالشاكرين
" ) - 33 .(1ل :الخليل بن أحمد ،عن أبي العباس السراج ،عن قتيبة ،عن
عبد العزيز ،عن عمرو بن أبي عمرو ،عن عاصم بن عمرو بن قتادة ،عن
محمود بن لبيد أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال :شيئان يكرههما ابن
آدم :يكره الموت والموت راحة للمؤمن من الفتنة ،ويكره قلة المال وقلة
المال أقل للحساب ) - 34 .(2ل :محمد بن أحمد القضاعي ،عن إسحاق بن
العباس بن إسحاق بن موسى ابن جعفر ،عن أبيه ،عن آبائه ،عن الحسين
بن علي عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :أهلك الناس
اثنان :خوف الفقر وطلب الفخر ) - 35 .(3ل :فيما أوصى به رسول ال
صلى ال عليه وآله إلى علي عليه السلم :يا علي أربعة من قواصم
الظهر :إمام يعصي ال ويطاع أمره ،وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه
وفقر ل يجد صاحبه له مداويا ،وجار سوء في دار مقام ) - 36 .(4مع:
أبي ،عن سعد ،عن البرقي ،عن ابن فضال ،عن يونس بن يعقوب ،عن
العقرقوفي قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :شئ يروى عن أبي ذر
رحمه ال أنه كان يقول :ثلثة يبغضها الناس وأنا احبها :احب الموت
واحب الفقر واحب البلء ،فقال :إن هذا ليس على ما تروون إنما عني:
الموت في طاعة ال أحب إلي من الحياة في معصية ال ،والفقر في طاعة
ال أحب إلي من الغنا في معصية ال ،والبلء في طاعة ال احب الي من
الصحة في معصية ال ) .(5جا :أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار،
عن ابن معروف ،عن ابن
) (1تفسير القمي ص (2) .189الخصال ج 1ص (3) .37الخصال ج 1ص .36
) (4الخصال ج 1ص (5) .96 .معاني الخبار ص [*] .165
][40
مهزيار ،عن ابن فضال مثله ) - 37 .(1مع أبي ،عن أحمد بن إدريس ،ومحمد
العطار ،عن الشعري ،عن محمد بن الحسين ،عن منصور ،عن أحمد بن
خالد ،عن أحمد بن المبارك قال :قال رجل لبي عبد ال عليه السلم حديث
يروى أن رجل قال لمير المؤمنين عليه السلم :إني احبك فقال له :أعد
للفقر جلبابا ،فقال :ليس هكذا قال إنما قال له :أعددت لفاقتك جلبابا يعني
يوم القيامة ) - 38 .(2مع :أبي ،عن سعد ،عن البرقي ،عن محمد بن
علي ،عن حارث بن الحسن الطحان ،عن إبراهيم بن عبد ال ،عن فضيل
بن يسار ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :ل يبلغ أحدكم حقيقة اليمان
حتى يكون فيه ثلث خصال :يكون الموت أحب إليه من الحياة ،والفقر
أحب إليه من الغنى ،والمرض أحب إليه من الصحة قلنا :ومن يكون
كذلك ؟ قال :كلكم ،ثم قال :أيما أحب إلى أحدكم ؟ يموت في حبنا أو يعيش
في بغضنا ؟ فقلت :نموت وال في حبكم أحب إلينا ،قال :وكذلك الفقر
والغنى والمرض والصحة ،قلت :إي وال ) - 39 .(3مع :ابن الوليد ،عن
الصفار ،عن اليقطيني ،عن صفوان بن يحيى ،عن ذريح المحاربي ،عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :الفقر الموت الحمر ،فقيل الفقر من الدنانير
والدراهم ؟ قال :ل ،ولكن من الدين ) - 40 .(4مع :أبي ،عن أحمد بن
إدريس ،عن الشعري ،عن محمد بن عبد -الحميد ،عمن حدثه قال :مات
رجل من آل أبي طالب لم يكن حضره أبو الحسن عليه السلم فجاءه قوم
فلما جلس أمسك القوم كأن على رؤوسهم الطير فكانوا في ذكر الفقراء
والموت ،فلما جلس عليه السلم قال ابتداء منه :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :ما بين
][41
الستين إلى السبعين معترك المنايا ،ثم قال :الفقراء محسن السلم ) - 41 .(1ما:
المفيد ،عن ابن قولويه ،عن محمد الحميري ،عن أبيه ،عن البرقي ،عن
التفليسي ،عن البقباق ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :يا فضيل ل
تزهدوا في فقراء شيعتنا فان الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة
ومضر ) .(2أقول :سيأتي في وصايا رسول ال صلى ال عليه وآله لبي
ذر أنه قال :أوصاني رسول ال أن أنظر إلى من هو دوني ول أنظر إلى من
هو فوقي ،وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم ) (2وفي خبر آخر عنه
قال :قال لي رسول ال صلى ال عليه وآله :أحبب المساكين ومجالستهم )
(4وفي خبر آخر عنه قال :قال لي رسول ال صلى ال عليه وآله :عليك
بحب المساكين ومجالستهم - 42 .فس " :ول تمدن عينيك إلى ما متعنا
أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى " )(5
قال أبو عبد ال صلوات ال عليه :لما نزلت هذه الية استوى رسول ال
صلى ال عليه وآله جالسا ثم قال :من لم يعز بعزاء ال تقطعت نفسه
حسرات ،ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه ،ولم يشف غيظه
ومن لم يعرف ل عليه نعمة إل في مطعم ومشرب قصر أجله ودنا عذابه )
- 43 .(6ما :فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلم عند وفاته،
اوصيك بحب المساكين ومجالستهم ).(7
) (1معاني الخبار ص 402وفيه :الفقر )اء( محن السلم (2) .أمالي الطوسي ج
1ص (3) .46تراه في ج 77ص 73نقل عن الخصال ج 2ص (4) .3
نقله في كتاب الروضة ج 77ص 73من هذه الطبعة نقل عن معاني
الخبار ص 332الخصال ج 2ص 103أمالي الطوسي ج 2ص .138
) (5طه (6) .131 :تفسير القمي (7) .424 :أمالي الطوسي ج 1ص .6
]*[
][42
- 44ع :ابن المتوكل ،عن الحميري ،عن محمد بن عيسى ،عن ابن محبوب ،عن
هشام بن سالم قال :قال أبو عبد ال عليه السلم لحمران :يا حمران انظر
إلى من هو دونك ،ول تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فان ذلك أقنع لك
بما قسم لك وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك الخبر ) - 45 .(1ل:
الربعمائة قال أمير المؤمنين :الفقر هو الموت الكبر وقال عليه السلم :ل
تحقروا ضعفاء إخوانكم فانه من احتقر مؤمنا لم يجمع ال عزوجل بينهما
في الجنة إل أن يتوب ) - 46 .(2ثو :ابن المتوكل ،عن محمد بن يحيى،
عن الشعري رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم أنه قال لبعض أصحابه،
أما تدخل السوق ؟ أما ترى الفاكهة تباع والشئ مما تشتهيه ؟ فقلت :بلى
وال فقال :أما إن لك بكل ما تراه ول تقدر على شرائه وتصبر عليه حسنة
) - 47 .(3ثو :ابن الوليد ،عن الصفار ،عن ابن يزيد ،عمن ذكره ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :إذا كان يوم القيامة أمر ال عزوجل مناديا
فينادي :أين الفقراء ؟ فيقوم عنق من الناس فيؤمر بهم إلى الجنة فيأتون
باب الجنة فيقول لهم خزنة الجنة :قبل الحساب ؟ فيقولون :أعطيتمونا )(4
شيئا فتحاسبونا عليه ؟ فيقول ال عزوجل :صدقوا عبادي ما أفقرتكم
هوانا بكم ،ولكن ادخرت هذا لكم لهذا اليوم ،ثم يقول لهم :انظروا
وتصفحوا وجوه الناس فمن آتى إليكم معروفا فخذوا بيده وأدخلوه الجنة )
.(5
) (1علل الشرائع ج 2ص (2) .246الخصال ج 2ص (3) .157ثواب العمال
ص (4) .164ما أعطونا خ ل (5) .ثواب العمال ص [*] .166
][43
جع :مثله ) - 48 .(1ثو :حمزة العلوي ،عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن
السكوني ،عن الصادق ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :يا معشر المساكين طيبوا نفسا وأعطوا الرضا من قلوبكم
يثبكم ال على فقركم ،فان لم تفعلوا فل ثواب لكم )) .(2أقول( :قد أوردنا
بعض الخبار في باب من أذل مؤمنا في كتاب العشرة ) - 49 .(3ص :عن
أبي جعفر عليه السلم قال :قال ال تعالى لموسى :يا موسى ل ل تستذل
الفقير ول تغبط الغني بالشئ اليسير - 50 .ير :إبراهيم بن هاشم ،عن أبي
عبد ال البرقي ،عن خلف بن حماد عن ابن طريف ،عن ابن نباتة قال:
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلم فقال :إني لدين ال بوليتك،
وإني لحبك في السر كما احبك في العلنية ،فقال له :صدقت طينتك من
تلك الطينة ،وعلى وليتنا اخذ ميثاقك ،وإن روحك من أرواح المؤمنين،
فاتخذ للفقر جلبابا فوالذي نفسي بيده لقد سمعت رسول ال صلى ال عليه
وآله يقول :ان الفقر إلى محبينا أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى
أسفله ) .(4ير :أحمد بن محمد ،عن الهوازي ،عن الحسين بن علوان،
عن سعد بن طريف ،عن الصبغ بن نباتة قال :كنت مع أمير المؤمنين
عليه السلم وذكر مثله ) - 51 .(5ير :عباد بن سليمان ،عن محمد بن
سليمان ،عن أبيه سليمان الديلمي عن هارون بن الجهم ،عن سعد
الخفاف ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :بينا أمير المؤمنين
][44
عليه السلم يوما جالس في المسجد وأصحابه حوله ،فأتاه رجل من شيعته فقال :يا
أمير المؤمنين أن ال يعلم أني أدينه بحبك في السر كما أدينه بحبك في
العلنية وأتولك في السر كما أتولك في العلنية ،فقال أمير المؤمنين:
صدقت أما فاتخذ للفقر جلبابا فان الفقر أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى
قرار الوادي ) - 52 .(1صح :عن الرضا ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره
أو قلة ذات يده شهره ال تعالى يوم القيامة ثم يفضحه ) .(2وبإسناده:
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما كان ول يكون إلى يوم القيامة
مؤمن إل وله جار يؤذيه ) - 53 .(3يج :روى سعيد بن عبد ال ،عن
محمد بن الحسن بن شمون قال :كتبت إليه عليه السلم ) (4أشكو الفقر،
ثم قلت في نفسي :أليس قال أبو عبد ال عليه السلم :الفقر معنا خير من
الغنى مع غيرنا ،والقتل معنا خير من الحياة مع غيرنا ،فرجع الجواب أن
ال محص أولياءه إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر ،وقد يعفو عن كثير ،وهو كما
حدثت نفسك :الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا ،ونحن كهف لمن التجى،
ونور لمن استضاء بنا ،وعصمة لمن اعتصم ،من أحبنا كان معنا في
السنام العلى ،ومن انحرف عنا فإلى النار ،قال أبو عبد ال عليه السلم:
تشهدون على عدوكم بالنار ،ول تشهدون لوليكم بالجنة ،ما يمنعكم من
ذلك إل
) (1بصائر الدرجات ص 391في حديث (2) .صحيفة الرضا ص ،32وتراه في
عيون أخبار الرضا ج 2ص 33وفي ط الحجري ص ،209وسيأتي) .
(3صحيفة الرضا عليه السلم ص ،32ول يوجد في بعض نسخ
الصحيفة ،عيون الخبار ج 2ص ،33والحديث ل يناسب الباب وانما
نقل ههنا لتوهم أن هذا الحديث من تتمة الحديث السابق ففي الصل
وهكذا نسخة الكمباني هكذا :شهره ال يوم القيامة ثم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :يفضحه ما كان ول يكون الخ (4) .يعني أبا محمد
العسكري عليه السلم[*] .
][45
الضعف ؟ ) .(1كشف :من دلئل الحميري ،عن محمد بن الحسن بن شمون مثله )
.(2كش :أحمد بن علي بن كثلوم ،عن إسحاق بن محمد ،عن محمد بن
الحسن بن شمون مثله ) - 54 .(3شى :عمرو بن جميع رفعه إلى أمير
المؤمنين عليه السلم قال :الفقر الموت الكبر ) - 55 .(4جا :أحمد بن
الوليد ،عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن ابن محبوب ،عن العل،
عن ابن أبي يعفور ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن فقراء المؤمنين
ينقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ،ثم قال :سأضرب لك
مثال ذلك ،إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في
إحداهما فلم يجد فيها شيئا ،فقال :أسربوها ،ونظر في الخرى فإذا هي
موقرة ،فقال :احبسوها ) - 56 .(5كش :خلف بن حماد ،عن سهل ،عن
أحمد بن عمر الحلبي قال :دخلت على الرضا عليه السلم بمنى فقلت له:
جعلت فداك كنا أهل بيت عطية وسرور ونعمة ،وإن ال تعالى قد أذهب
بذلك كله حتى احتجت إلى من كان يحتاج إلينا فقال لي :يا أحمد ما أحسن
حالك يا أحمد بن عمر ،فقلت له :جعلت فداك حالي ما أخبرتك ! فقال لي :يا
أحمد أيسرك أنك على بعض ما عليه هؤلء الجبارون ولك الدنيا مملوة
ذهبا ؟ فقلت :ل وال يا ابن رسول ال فضحك ثم قال :ترجع من ههنا إلى
خلف فمن أحسن حال منك وبيدك صناعة ل تبيعها بملء الرض ذهبا
) (1ل يوجد في مختار الخرائج المطبوع (2) .كشف الغمة ج 3ص (3) .300
رجال الكشي ص (4) .448تفسير العياشي ج 2ص (5) .120مجالس
المفيد ص [*] .91
][46
أل ابشرك ؟ قلت :نعم ،فقد سرني ال بك وبآبائك .فقال لي أبو جعفر عليه السلم
في قول ال عزوجل " :وكان تحته كنز لهما " ) (1لوح من ذهب فيه
مكتوب بسم ال الرحمن الرحيم ل إله إل ال محمد رسول ال عجبت لمن
أيقن بالموت كيف يفرح ؟ ومن يرى الدنيا وتغيرها بأهلها كيف يركن إليها
وينبغي لمن عقل عن ال أن ل يستبطي ال في رزقه ،ول يتهمه في
قضائه ،ثم قال :رضيت يا أحمد ؟ قال :قلت :عن ال تعالى وعنكم أهل
البيت ) - 57 .(2ضه :قال أبو الحسن موسى عليه السلم :إن النبياء
وأولد النبياء وأتباع النبياء خصوا بثلث خصال :السقم في البدان،
وخوف السلطان ،والفقر .وقال أمير المؤمنين عليه السلم :الفقر يخرس
الفطن عن حجته ،والمقل غريب في بلده ،طوبى لمن ذكر المعاد ،وعمل
للحساب ،وقنع بالكفاف .الغني في القربة وطن ،والفقر في الوطن غربة،
القناعة مال ل ينفد ،الفقر الموت الكبر ،ما أحسن تواضع الغنياء للفقراء
طلبا لما عند ال ،وأحسن منه تيه الفقراء على الغنياء اتكال على ال.
وقال رسول ال صلى ال عليه وآله :من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره
لفقره وقلة ذات يده شهره ال يوم القيامة ثم يفضحه .وقال صلى ال عليه
وآله :اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين.
وقال صلى ال عليه وآله :إذا أحب ال عبدا في دار الدنيا يرجعه ،قالوا :يا
رسول ال وكيف يرجعه ؟ قال :في موضع الطعام الرخيص ،والخير الكثير
ولي ال ل يجد الطعام ما يمل به بطنه .وقال صلى ال عليه وآله :أبواب
الجنة مفتحة على الفقراء ،والرحمة نازلة على الرحماء ،وال راض عن
السخياء.
][47
وقال صلى ال عليه وآله :الفقر فقران :فقر الدنيا وفقر الخرة ،ففقر الدنيا غنى
الخرة ،وغنى الدنيا فقر الخرة وذلك الهلك .وقال صلى ال عليه وآله:
ما اوحى إلي أن أجمع المال وكن من التاجرين ولكن اوحى إلي أن سبح
بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .وقال لقمان
لبنه :يا بني ل تحقرن أحدا بخلقان ثيابه ،فان ربك وربه واحد - 58 .جع:
سئل عن النبي صلى ال عليه وآله ما الفقر ؟ فقال :خزانة من خزائن ال
قيل -ثانيا -يارسول ال ما الفقر ؟ فقال :كرامة من ال ،قيل :ثالثا :ما
الفقر ؟ فقال عليه السلم :شئ ل يعطيه ال ال نبيا مرسل أو مؤمنا كريما
على ال تعالى .وقال النبي صلى ال عليه وآله :الفقر أشد من القتل .قال
النبي صلى ال عليه وآله :أوحى ال تعالى إلى إبراهيم عليه السلم فقال:
يا إبراهيم خلقتك وابتليتك بنار نمرود فلو ابتليتك بالفقر ورفعت عنك
الصبر فما تصنع ؟ قال إبراهيم :يا رب الفقر إلي أشد من نار نمرود ،قال
ال :فبعزتي وجللي ما خلقت في السماء والرض أشد من الفقر ،قال :يا
رب من أطعم جايعا فما جزاؤه ؟ قال :جزاؤه الغفران وإن كان ذنوبه يمل
ما بين السماء والرض .وقال عليه السلم :لول رحمة ربي على فقراء
امتي كاد الفقر يكون كفرا فقام رجل من الصحابة فقال :يا رسول ال فما
جزاء مؤمن فقير يصبر على فقره ؟ قال :إن في الجنة غرفة من ياقوتة
حمراء ينظر أهل الجنة إليها كما ينظر أهل الرض إلى نجوم السماء ل
يدخل فيها إل نبي فقير ،أو شهيد فقير ،أو مؤمن فقير .قال أمير المؤمنين
عليه السلم للحسن عليه السلم :ل تلم إنسانا يطلب قوته ،فمن عدم قوته
كثر خطاياه ،يا بني الفقير حقير ل يسمع كلمه ،ول يعرف مقامه ،لو كان
الفقير صادقا يسمونه كاذبا ،ولو كان زاهدا يسمونه جاهل ،يا بني من
ابتلى بالفقر
][48
ابتلي بأربع خصال :بالضعف في يقينه ،والنقصان في عقله ،والرقة في دينه ،وقلة
الحياء في وجهه ،فنعوذ بال من الفقر .وقال عليه السلم :الفقر مخزون
عند ال بمنزلة الشهادة يؤتيه ال من يشاء .عن النبي صلى ال عليه
وآله :من توفر حظه في الدنيا انتقص حظه في الخرة ،وإن كان كريما.
وقال الفقراء لرسول ال :إن الغنياء ذهبوا بالجنة يحجون ،ويعتمرون
ويتصدقون ،ول نقدر عليه ،فقال عليه السلم :إن من صبر واحتسب منكم
تكن له ثلث خصال ليس للغنياء أحدها أن في الجنة غرفا ينظر إليها أهل
الجنة كما ينظر أهل الرض إلى نجوم السماء ل يدخلها إل نبي فقير أو
شهيد فقير أو مؤمن فقير ،وثانيها يدخل الفقراء الجنة قبل الغنياء
بخمسمائة عام ،وثالثها إذا قال الغني :سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال
وال أكبر ،وقال الفقير مثل ذلك لم يلحق الغني الفقير ،وإن أنفق فيها
عشرة آلف درهم ،وكذلك أعمال البر كلها فقالوا :رضينا .عن أنس بن
مالك ،عن النبي صلى ال عليه وآله :يقوم فقراء امتي يوم القيامة وثيابهم
خضر ،وشعورهم منسوجة بالدر والياقوت ،وبأيديهم قضبان من نور،
يخطبون على المنابر فيمر عليهم النبياء فيقولون :هؤلء من الملئكة،
وتقول الملئكة :هؤلء من النبياء ،فيقولون :نحن ل ملئكة ول أنبياء،
بل نفر من فقراء امة محمد صلى ال عليه وآله ،فيقولون :بما نلتم هذه
الكرامة ؟ فيقولون :لم يكن أعمالنا شديدا ولم نصم الدهر ،ولم نقم الليل،
ولكن أقمنا على الصلوات الخمس ،وإذا سمعنا ذكر محمد صلى ال عليه
وآله فاضت دموعنا على خدودنا .عن أبي هريرة قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :كلمني ربي فقال :يا محمد إذا أحببت عبدا أجعل معه ثلثة
أشياء :قلبه حزينا ،وبدنه سقيما ،ويده خالية عن حطام الدنيا وإذا أبغضت
عبدا أجعل معه ثلثة أشياء :قلبه مسرورا ،وبدنه صحيحا ،ويده مملؤة.
من حطام الدنيا.
][49
قال النبي صلى ال عليه وآله :من جاع أو احتاج فكتمه الناس وأفشاه إلى ال كان
حقا على ال أن يرزقه رزق سنة من الحلل .وقال صلى ال عليه وآله:
اللهم أحيني مسكينا ،وأمتني مسكينا ،واحشرني في زمرة المساكين .وقال
عليه السلم :الفقراء ملوك أهل الجنة ،والناس كلهم مشتاقون إلى الجنة
والجنة مشتاقة إلى الفقراء .وقال صلى ال عليه وآله :الفقر فخري ).(1
قال النبي صلى ال عليه وآله :من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره
وقلة ذات يده ،شهره ال يوم القيامة ثم يفضحه .قال أبو الحسن موسى
عليه السلم :إن النبياء وأولد النبياء وأتباع النبياء خصوا بثلث
خصال :السقم في البدان ،وخوف السلطان ،والفقر .روي أن أحدا من
الصحابة شكى إلى النبي صلى ال عليه وآله عن الفقر والسقم ،قال النبي
صلى ال عليه وآله :فإذا أصبحت وأمسيت فقل :ل حول ول قوة إل بال
توكلت على الحي الذي ل يموت ،والحمد ل الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له
شريك في الملك قال :فوال ما قلته إل أياما حتى أذهب عني الفقر والسقم.
وقال عليه السلم :الفقر شين عند الناس وزين عند ال يوم القيامة .عن
عبيد البصري يرفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم أنه قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :يا علي إن ال جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن ستره
كان كالصائم القائم ،ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل
فقد قتله ،أما إنه ما قتله بسيف ول رمح ولكن بما أنكا من قلبه )- 59 .(2
محص :عن المفضل قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :كلما ازداد العبد
إيمانا ازداد ضيقا في معيشته - 60 .محص :عن عبد ال بن سنان قال:
قال أبو عبد ال عليه السلم :أكرم ما يكون
) (1في المصدر هنا تقديم وتأخير (2) .جامع الخبار ص [*] .130 - 128
][50
العبد إلى ال أن يطلب درهما فل يقدر عليه ،قال عبد ال بن سنان :قال أبو عبد ال
عليه السلم هذا الكلم وعندي مائة ألف وأنا اليوم ما أملك درهما- 61 .
محص :عن عباد بن صهيب قال :سمعت جعفر بن محمد عليه السلم
يقول :قال ال تعالى :لول أنني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له
خرقة يتوارى بها إل أن العبد إذا تكامل فيه اليمان ابتليته في قوته ،فان
جزع رددت عليه قوته ،وإن صبر باهيت به ملئكتي فذاك الذي تشير إليه
الملئكة بالصابع - 62 .محص :عن أمير المؤمنين عليه السلم قال :وكل
الرزق بالحمق ،ووكل الحرمان بالعقل ،ووكل البلء بالصبر - 63 .محص:
عن محمد بن سليمان قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :من استذل مؤمنا
لقلة ذات يده شهره ال يوم القيامة على رؤوس الخلئق ل محالة- 64 .
محص :عن ابن مسلم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :المصائب منح
من ال ،والفقر عند ال مثل الشهادة ،ول يعطيه من عباده إل من أحب.
- 65محص :عن علي بن عفان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
ال ليعتذر إلى عبده المؤمن المحتاج كان في الدنيا كما يعتذر الخ إلى
أخيه ،فيقول :ل وعزتي ما أفقرتك لهوان بك علي ،فارفع هذا الغطاء
فانظر )ما عوضتك من الدنيا فيكشف فينظر( ما عوضه ال من الدنيا ،ما
يضرني ما منعتني مع ما عوضتني - 66 .محص :عن محمد بن خالد
البرقي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :وال ما اعتذر إلى ملك مقرب
ول نبي مرسل إل إلى فقراء شيعتنا ،قيل له :وكيف يعتذر إليهم ؟ قال:
ينادي مناد أين فقراء المؤمنين ؟ فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب
فيقول :وعزتي وجللي وعلوي وآلئي وارتفاع مكاني ما حبست عنكم
شهواتكم في دار الدنيا )هوانا بكم علي ولكن ذخرته لكم لهذا اليوم -أما
ترى قوله " :ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا "( اعتذارا ؟ قوموا
اليوم وتصفحوا وجوه خلئقي فمن وجدتم له عليكم منة بشربة من ماء
فكافوه عني بالجنة .وعن أبي عبد ال عليه السلم قال :قل لمصاص
شيعتنا غربوا أو شرقوا لن ترزقوا
][51
ال القوت ) - 67 .(1محص :عن مبارك ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال
ال :إني لم اغني الغني لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي،
وهو مما ابتليت به الغنياء بالفقراء ،ولول الفقراء لم يستوجب الغنياء
الجنة - 68 .محص :عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
العبد المؤمن الفقير ليقول :يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر
ووجوه الخير ،فإذا علم ال ذلك منه كتب له من الجر مثل ما يكتبه لو
عمله ،إن ال واسع كريم - 69 .محص :عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :يقول ال عزوجل :لول عبدي المؤمن
لعصبت رأس الكافر بعصابة من جوهر - 70 .محص :عن أمير المؤمنين
عليه السلم قال :من ضيق عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك حسن نظر
من ال له ،فقد ضيع مأمول ،ومن وسع عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك
استدراج من ال فقد آمن مخوفا - 71 .محص :عن محمد بن مسلم ،عن
أبي جعفر عليه السلم قال :إنا نحب المال وأن ل نؤتى منه خير لنا ،إن
عليا أمير المؤمنين عليه السلم كان يقول :أنا يعسوب )المؤمنين( وأمير
المؤمنين ،وإن أكثر المال عدو للمؤمنين ويعسوب المنافقين- 72 .
محص :عن ابن أبي يعفور ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن رجل
من النصار أهدى إلى رسول ال صلى ال عليه وآله صاعا من رطب،
فقال رسول ال صلى ال عليه وآله للخادم التي جائت به :ادخلي فانظري
هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتيني به ؟ فدخلت ثم خرجت إليه
فقالت :ما أصبت قصعة ول طبقا ،فكنس رسول ال صلى ال عليه وآله
بثوبه مكانا من الرض ،ثم قال لها :ضعيه ههنا على الحضيض ،ثم قال:
والذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل عند ال مثقال جناح بعوضة ما
أعطى كافرا ول منافقا منها شيئا.
) (1المصاص :خالص كل شئ ،يقال فلن مصاص قومه :إذا كان أخلصهم نسبا،
يستوي فيه الواحد والثنان والجمع والمؤنث والمذكر ،ويقال :غرب فلن
إذا امعن في سيره حتى بلغ المغرب كما يقال شرق إذا بلغ المشرق كذلك.
]*[
][52
- 73محص :عن جابر ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :يقول ال عزوجل :يا دنيا تمرري على عبدي المؤمن بأنواع
البلء ،وضيقي عليه في المعيشة ،ول تحلولي فيركن إليك )- 74 .(1
محص :عن ابن أبي العل ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :لول كثرة
الحاح المؤمن في الرزق لضيق عليه من الرزق أكثر مما هو فيه- 75 .
محص :عن المفضل قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :لول الحاح هذه
الشيعة على ال في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم عليها إلى ما هو
أضيق - 76 .محص :عن عبد ال بن سنان قال :قال أبو عبد ال عليه
السلم :الفقر أزين على المؤمن من العذار على خد الفرس ،وإن آخر
النبياء دخول إلى الجنة سليمان ،وذلك لما اعطى من الدنيا - 77 .محص:
عن ابن دراج ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ما سد ال على مؤمن
باب رزق إل فتح ال له خيرا منه ،قال ابن أبي عمير ،ليس يعني بخير منه
أكثر منه ،ولكن يعني إن كان أقل فهو خير له - 78 .محص :عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :من حقر مؤمنا مسكينا لم يزل ال له حاقرا ماقتا حتى
يرجع عن محقرته إياه - 79 .محص :عن محمد بن مسلم ،عن أبي جعفر
عليه السلم قال :إن ال ليعطي الدنيا من يحب ويبغض ،ول يعطي الخرة
إل من يحب ،وإن المؤمن ليسأل ربه موضع سوط في الدنيا فل يعطيه،
ويسأله الخرة فيعطيه ما شاء ويعطي الكافر في الدنيا قبل أن يسأله ما
شاء ،ويسأله موضع سوط في الخرة فل يعطيه شيئا - 80 .محص :عن
حمران ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن هذه الدنيا يعطاها البر
والفاجر ،وإن هذا الدين دين ل يعطيه ال إل خاصته - 81 .محص :عن
عبد ال بن سنان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن الفقر مخزون عند
ال ل يبتلى به إل من أحب من المؤمنين ،ثم قال :إن ال يعطى
) (1تمرري أي صيري مرة ،ول تحلولي :أي ل تصيري حلوة ،من الحليلء[*] .
][53
الدنيا من أحب ومن أبغض ول يعطى دينه إل من أحب - 82 .دعوات الراوندي :قال
النبي صلى ال عليه وآله :لول ثلثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شئ:
المرض ،والموت ،والفقر ،وكلهن فيه وإنه لمعهن لوثاب - 83 .نهج :قال
عليه السلم :الغنى في الغربة وطن ،والفقر في الوطن غربة ) .(1وقال
عليه السلم :الفقر يخرس الفطن عن حجته ،والمقل غريب في بلدته ).(2
وقال عليه السلم :الفقر الموت الكبر ) .(3وقال عليه السلم لبنه محمد:
يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بال منه فان الفقر منقصة للدين،
ومدهشة للعقل ،داعية للمقت ) .(4وقال عليه السلم :العفاف زينة الفقر
والشكر زينة الغنا ) .(5وقال عليه السلم :أل وإن من البلء الفاقة ،وأشد
من الفاقة مرض البدن وأشد من مرض البدن مرض القلب ،أل وإن من
النعم سعة المال ،وأفضل من سعة المال صحة البدن ،وأفضل من صحة
البدن تقوى القلب ) .(6وقال عليه السلم :الغنا والفقر بعد العرض على
ال سبحانه ) - 84 .(7كنز الكراجكي :قال لقمان لبنه ،اعلم أي بني إني
قد ذقت الصبر وأنواع المر فلم ار أمر من الفقر ،فان افتقرت يوما فاجعل
فقرك بينك وبين ال
(1) -نهج البلغة ج 2ص (2) .156نهج البلغة ج 2ص (3) .144نهج
البلغة ج 2ص (4) .184نهج البلغة ج 2ص (5) .221نهج
البلغة ج 2ص (6) .156نهج البلغة ج 2ص (7) .238نهج
البلغة ج 2ص [*] .250
][54
ول تحدث الناس بفقرك ،فتهون عليهم ،ثم سل في الناس هل من أحد دعا ال فلم
يجبه ؟ أو سأله فلم يعطه ) - 85 .(1عدة الداعي :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :الفقر خير للمؤمن من حسد الجيران ،وجور السلطان ،وتملق
الخوان .وروى حسان بن يحيى ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
رجل فقيرا أتى رسول ال صلى ال عليه وآله وعنده رجل غني فكف ثيابه
وتباعد عنه ،فقال له رسول ال :ما حملك على ما صنعت ؟ أخشيت أن
يلتصق فقره بك ؟ أو يلصق غناك به ؟ فقال يارسول ال أما إذا قلت هذا
فله نصف مالي ،قال النبي صلى ال عليه وآله للفقير :أتقبل منه ،قال :ل،
قال :ولم ؟ قال :أخاف أن يدخلني ما دخله .وعنه عليه السلم قال :في
النجيل إن عيسى عليه السلم قال :اللهم ارزقني غدوة رغيفا من شعير،
وعشية رغيفا من شعير ،ول ترزقني فوق ذلك فأطغى ) .(2وعن
الصادقين عليهم السلم :من كثر اشتباكه بالدنيا ،كان أشد لحسرته عند
فراقها .وقال أمير المؤمنين عليه السلم :تخففوا تلحقوا ،فانما ينتظر
بأولكم آخركم .وتحسر سلمان الفارسي رضي ال عنه عند موته فقيل له:
علم تأسفك يا أبا عبد ال ؟ قال :ليس تأسفي على الدنيا ،ولكن رسول ال
صلى ال عليه وآله عهد الينا وقال :ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب ،وأخاف
أن نكون قد جاوزنا أمره وحولي هذه الوساد وأشار إلى ما في بيته،
وقال :هو دست وسيف وجفنة .وقال أبو ذر رحمة ال عليه :يا رسول ال
الخائفون الخاشعون المتواضعون الذاكرون ال كثيرا يسبقون الناس إلى
الجنة ؟ قال :ل ،ولكن فقراء المؤمنين يأتون فيتخطون رقاب الناس،
فيقول لهم خزنة الجنة :كما أنتم حتى تحاسبوا فيقولون :بم نحاسب ؟
فوال ما ملكنا فنجور ونعدل ،ول افيض علينا فنقبض
][55
ونبسط ،ولكن عبدنا ربنا حتى أتانا اليقين ) .(1وفيما أوحى ال إلى موسى عليه
السلم :إذا رأيت الفقر مقبل فقل مرحبا بشعار الصالحين ،وإذا رأيت الغنا
مقبل فقل ذنب عجلت عقوبته ) .(2وقال عيسى عليه السلم :خادمي
يداي ،ودابتي رجلي ،وفراشي الرض ووسادي الحجر ،ودفئي في
الشتاء مشارق الرض ) (3وسراجي بالليل القمر وإدامي الجوع،
وشعاري الخوف ،ولباسي الصوف ،وفاكهتي وريحاني ما أنبتت الرض
للوحوش والنعام ،أبيت وليس لي شئ ،وأصبح وليس لي شئ ،وليس
على وجه الرض أحد أغنى مني .وقال الصادق عليه السلم :إن ال
عزوجل ليعتذر إلى عبده المحوج كان في الدنيا ،كما يعتذر الخ إلى أخيه،
فيقول :وعزتي ما أفقرتك لهوان كان بك على فارفع هذا الغطاء فانظر ما
عوضتك من الدنيا ،فيكشف فينظر ما عوضه ال عزوجل من الدنيا،
فيقول :ما ضرني يا رب ما زويت عني ،مع ما عوضتني ) .(4وقال ال
عزوجل لعيسى عليه السلم :إني وهبت لك المساكين ورحمتهم :تحبهم
ويحبونك ،يرضون بك إماما وقائدا وترضى بهم صحابة وتبعا ،وهما
خلقان ،من لقيني بهما لقيني بازكى العمال واحبها إلي .وقال النبي صلى
ال عليه وآله :الفقر فخري وبه أفتخر .وقال عيسى عليه السلم :بحق
أقول لكم إن أكناف السماء لخالية من الغنياء ولدخول جمل في سم الخياط
أيسر من دخول غني الجنة .وعن النبي صلى ال عليه وآله :اطلعت على
الجنة فوجدت أكثر أهلها الفقراء والمساكين
) (1عدة الداعي ص (2) .84عدة الداعي ص (3) .85يعني ما يدفع ويدفأ به
سورة الشتاء وبرودته الرواح إلى مشارق الرض التي يكون شروق
الرض عليها اكثر يعني البلد الحارة (4) .عدة الداعي ص [*] .86
][56
وإذا ليس فيها أحد أقل من الغنياء والنساء ) - 86 .(1كتاب المامة والتبصرة:
عن أحمد بن علي ،عن محمد بن الحسن ،عن محمد بن الحسن الصفار،
عن إبراهيم بن هاشم ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن جعفر بن محمد،
عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
سائلوا العلماء وخاطبوا الحكماء ،وجالسوا الفقراء .ومنه :عن القاسم بن
علي العلوي ،عن محمد بن أبي عبد ال ،عن سهل بن زياد عن النوفلي،
عن السكوني ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :طوبى للمساكين بالصبر ،هم الذين
يرون ملكوت السماوات .ومنه :عن محمد بن عبد ال ،عن محمد بن
محمد ،عن موسى بن إسماعيل ،عن أبيه عن آبائه عليهم السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :الفقر خير من الغنى ،إل من حمل في مغرم
وأعطى في نائبة .وقال صلى ال عليه وآله :الفقر فقر القلب ،وقال صلى
ال عليه وآله :الفقر راحة) (95) .باب( * " )الغنا والكفاف( " * اليات:
المؤمنون :أيحسبون أنما نمدهم من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل
ل يشعرون ) .(2العلق :إن النسان ليطغى * أن رآه استغنى * إن إلى ربك
الرجعى ) (3التكاثر :ألهيكم التكاثر -إلى قوله :ثم لتسئلن يومئذ عن
النعيم.
][57
تفسير " :أيحسبون " في المجمع معناه أيظن هؤلء الكفار أن ما نعطيهم ونزيدهم
في الموال والولد إنما نعطيهم ثوابا مجازاة لهم على أعمالهم أو لرضانا
عنهم ولكرامتهم علينا ؟ ليس المر كما يظنون ،بل ذلك إملء لهم
واستدراج لهوانهم علينا ،وللبتلء في التعذيب لهم .وروى السكوني ،عن
أبي عبد ال ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :إن ال تعالى يقول :يحزن عبدي المؤمن إذا قترت عليه
شيئا من هذه الدنيا وذلك أقرب له مني .ويفرح إذا بسطت له في الدنيا،
وذلك أبعد له مني ،ثم تل هذه الية إلى قوله " :بل ل يشعرون " ثم قال:
إن ذلك فتنة لهم .ومعنى " نسارع " نسرع ونتعجل وتقديره نسارع لهم
به في الخيرات والخيرات المنافع التي يعظم شأنها ونقيضها الشرور،
وهي المضار التي يشتد أمرها والشعور والعلم الذي يدق معلومه وفهمه
على صاحبه كدقة الشعر ،وقيل :هو العلم من جهة المشاعر وهي الحواس
ولهذا ل يوصف القديم سبحانه به ) .(1وقال البيضاوي :أي بل هم
كالبهائم ل فطنة بهم ول شعور لهم ليتأملوا فيعلموا ان ذلك المداد
استدراج ل مسارعة في الخير ) - 1 .(2كا :عن علي ،عن أبيه ،عن غير
واحد ،عن عاصم بن حميد ،عن أبي عبيدة الحذاء قال :سمعت أبا جعفر
عليه السلم يقول :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :قال ال عزوجل:
إن من أغبط أوليائي عندي رجل خفيف الحال ،ذا حظ من صلة أحسن
عبادة ربه بالغيب ،وكان غامضا في الناس ،جعل رزقه كفافا فصبر عليه
عجلت منيته فقل تراثه وقلت بواكيه ) .(3بيان :الغبط مأخوذ من الغبطة
بالكسر وهي حسن الحال والمسرة " خفيف
) (1مجمع البيان ج 1ص (2) .109انوار التنزيل (3) .288 :الكافي ج 7ص
[*] .140
][58
الحال في بعض النسخ بالحاء المهملة وفي بعضها بالمعجمة ) (1فعلى الثاني أي
قليل المال والحظ من الدنيا والول أيضا قريب منه ،قال في النهاية :فيه
إنه صلى ال عليه وآله لم يشبع من طعام إل على حفف ،الحفف الضيق
وقلة المعيشة ،يقال :أصابه حفف وحفوف وحفت الرض إذا يبس نباتها
أي لم يشبع إل والحال عنده خلف الرخاء والخصب ومنه حديث قال له
وفد العراق :إن أمير المؤمنين بلغ منا وهو حاف المطعم أي يابسه وقحله
ومنه رأيت أبا عبيدة حفوقا أي ضيق عيش ،ومنه إن عبد ال بن جعفر
حفف وجهد أي قل ماله انتهى " .ذا حظ من صلة " أي صاحب نصيب
حسن وافر من الصلة فرضا ونقل كما وكيفا ،ويحتمل أن يكون " من "
للتعليل أي ذا حظ عظيم من القرب أو الثواب أو العفة وترك المحرمات أو
العم بسبب الصلة لنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وهي قربان كل تقي.
" أحسن عبادة ربه بالغيب " أي غائبا عن الناس والتخصيص لنه أخلص
وأبعد من الرئاء أو بسبب إيمانه بموعود غائب عن حواسه ،كما قال
تعالى " :يؤمنون بالغيب " أو الباء لللة إي إحسان عبادتهم بالقلب ل
بالجوارح الظاهرة فقط والول أظهر " .وكان غامضا في الناس " في
النهاية أي مغمورا غير مشهور وأقول :إما للتقية أو المعنى أنه ليس طالبا
للشهرة ورفعة الذكر بين الناس " جعل " على بناء المفعول " رزقه كفافا
" أي بقدر الحاجة ،وبقدر ما يكفه عن السؤال ،قال في النهاية :الكفاف
هو الذي ل يفضل عن الشئ ويكون بقدر الحاجة إليه ،ومنه ل تلم على
كفاف أي إذا لم يكن عندك كفاف لم تلم على أن ل تعطي أحدا وفي
المصباح :قوته كفاف
) (1ولعل الصواب " خفيف الحاذ " وان كان الحاذ والحال بمعنى ،قال الفيروز -
آبادي :هما بحاذة واحدة ،أي بحالة واحدة ،وقال في التاج :الحاذ
والحاذة :الحال والحالة ،واللم أعلى من الذال ،وقال الجوهري :وفي
الحديث :مؤمن خفيف الحاذ " أي خفيف الظهر[*] .
][59
بالفتح أي مقدار حاجته من غير زيادة ول نقص ،سمي بذلك لنه يكف عن سؤال
الناس ويغني عنهم " .عجلت منيته " كأن ذكر تعجيل المنية لنه من
المصائب التي ترد عليه وعلم ال صلحه في ذلك لخلصه من أيدي
الظلمة ،أو بذله نفسه ل بالشهادة وقيل :كأن المراد بعجلة منيته زهده في
مشتهيات الدنيا وعدم افتقاره إلى شئ منها كأنه ميت ،وقد ورد في الحديث
المشهور موتوا قبل أن تموتوا ،أو المراد أنه مهما قرب موته قل تراثه
وقلت بواكيه ،لنسلله متدرجا عن أمواله وأولده .وأقول :سيأتي نقل عن
مشكوة النوار :مات فقل تراثه ) .(1وقال في الصحاح :التراث أصل التاء
فيه واو ،وقلة البواكي لقلة عياله وأولده وغموضه وعدم اشتهاره ،ولنه
ليس له مال ينفق في تعزيته فيجتمع عليه الناس - 2 .كا :عن علي ،عن
أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :طوبى لمن أسلم وكان عيشه كفافا ).(2
بيان :قال في النهاية :فيه فطوبى للغرباء ،طوبى إسم الجنة ،وقيل :هي
شجرة فيها وأصلها فعلى من الطيب فلما ضمت التاء انقلبت الياء واوا )(3
وفي القاموس العيش الحياة عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشا ومعيشة
وعيشة بالكسر ،والطعام وما يعاش به والخبز - 3 .كا :بالسناد ،عن
السكوني ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل محمد العفاف
والكفاف ،وارزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد ) .(4تبيان:
العفاف بالفتح عفة البطن والفرج ،أو التعفف عن السؤال من الخلق أو
العم ،ثم إن هذه الخبار تدل على ذم كثرة الموال والولد
) (1مشكاة النوار ،22 :ولم يخرجه (2) .الكافي ج 2ص (3) .140راجع ص 16
فيما سبق ففي الذيل شرح لذلك (4) .الكافي ج 2ص [*] .140
][60
والخبار في ذلك مختلفة ،وورد في كثير من الدعية طلب الغنا وكثرة الموال
والولد ،وورد في كثير منها ذم الفقر والستعاذة منه ،والجمع بينها ل
يحلو من إشكال .ويمكن الجمع بينها بأن الغنا الممدوح ما يكون وسيلة إلى
تحصيل الخرة ول يكون مانعا من الشتغال بالطاعات ،كما ورد نعم المال
الصالح للعبد الصالح ،وهو نادر ،والفقر المذموم هو ما ل يصبر عليه
ويكون سببا للمذلة والفتقار إلى الناس ،وربما يحمل الفقر والغنا
الممدوحان على الكفاف فانه غني بحسب الواقع ويعده أكثر الناس فقرا،
ول ريب في أن كثرة الموال والولد والخدم ملهية غالبا عن ذكر ال
والخرة كما قال سبحانه " :إنما أموالكم وأولدكم فتنة " ) (1وقال " :إن
النسان ليطغى ،إن رآه استغنى " ) .(2وأما إذا لم تكن حصول هذه
الشياء مانعة عن تحصيل الخرة ،وكان الغرض فيها طاعة ال وكثرة
العابدين ل ،فهي من نعم ال على من علم ال صلحه فيه ،وكأن هذه
الخبار محمولة على الغالب ،ومضمون هذا الحديث مروي في طرق
العامة أيضا ففي صحيح مسلم عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال :اللهم
اجعل رزق محمد قوتا ،وعنه أيضا اللهم اجعل رزق محمد كفافا ،وفي
رواية اخرى اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا .قال عياض :ل خلف في
فضيلة ذلك لقلة الحساب عليه ،وإنما اختلف أيهما أفضل الفقر أو الغنا ؟
واحتج من فضل الفقر بدخول الفقراء الجنة قبل الغنياء قال القرطبي:
القوت ما يقوت البدان ويكف عن الحاجة ،وهذا الحديث حجة لمن قال :إن
الكفاف أفضل ،لنه صلى ال عليه وآله إنما يدعو بالرجح وأيضا فان
الكفاف حالة متوسطة بين الفقر والغنا ،وخير المور أوسطها ،وأيضا فانه
حالة يسلم معها من آفات الفقر وآفات الغنا.
][61
وقال البي :في إكمال الكمال :في المسألة خلف والمتحصل فيها أربعة أقوال،
قيل :الغنا أفضل ،وقيل :الفقر أفضل ،وقيل :الكفاف أفضل ،وقيل :بالوقف،
وقال :المراد بالرزق المذكور ما ينتفع به صلى ال عليه وآله في نفسه
وفي أهل بيته وليس المراد به الكسب لنه كسب من خيبر وغيرها فوق
القوت انتهى - 4 .كا :عن العدة ،عن البرقي ،عن يعقوب بن يزيد ،عن
إبراهيم بن محمد النوفلي رفعه إلى علي بن الحسين صلوات ال عليهما
قال :مر رسول ال صلى ال عليه وآله براعي إبل فبعث يستسقيه فقال:
أما ما في ضروعها فصبوح الحي ،وأما ما في آنيتها فغبوقهم ،فقال رسول
ال صلى ال عليه وآله :اللهم أكثر ماله وولده .ثم مر براعي غنم فبعث
إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها وأكفأ ما في إنائه في إناء رسول
ال صلى ال عليه وآله وبعث إليه بشاة وقال :هذا ما عندنا ،وإن أحببت
أن نزيدك زدناك قال :فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :اللهم ارزقه
الكفاف .فقال له بعض أصحابه :يا رسول ال دعوت للذي ردك بدعاء
عامتنا نحبه ودعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلنا نكرهه ،فقال رسول
ال صلى ال عليه وآله :إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ،اللهم ارزق
محمدا وآل محمد الكفاف ) .(1توضيح :الصبوح بالفتح شرب الغداة أو ما
حلب أول النهار ،والغبوق بالفتح أيضا الشرب بالعشي أو ما حلب آخر
النهار ،وفي القاموس كفأه كمنعه صرفه وكبه وقلبه كأكفأه وقال
الجوهري :كفأت الناء كببته وقلبته فهو مكفوء ،وزعم ابن العرابي أن
أكفأته لغة ،وقال الكسائي :كفأت الناء كببته وأكفأته أملته وقال :أسعفت
الرجل بحاجته إذا قضيتها له - 5 .كا :عن العدة ) (2عن أبيه ،عن أبي
البختري ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن ال عزوجل يقول :يحزن
عبدي المؤمن إن قترت عليه ،وذلك أقرب له مني ،ويفرح عبدي المؤمن
أن وسعت عليه وذلك أبعد له مني ) .(3بيان :الحزن بالضم الهم وحزن
كفرح لزم ،وحزن كنصر متعد ،يقال:
) (1الكافي ج 2ص 140و (2) .141في المصدر :عنه عن أبيه (3) .الكافي ج 2
ص [*] .141
][62
حزنه المر حزنا وأحزنه ،وهنا يحتمل الوجهين بأن يكون " يحزن " بفتح الزاي
و " عبدي " فاعله ،و " إن " بالكسر حرف شرط أو " يحزن " بالضم
و " عبدي " مفعوله و " أن " بالفتح مصدرية في محل الفاعل ،والتقتير
التضييق وكذا قوله " :يفرح " يحتمل بناء المجرد ورفع " عبدي "
وكسر " إن " أو بناء التفعيل ونصب " عبدي " وفتح " أن " واللم في
" له " في الموضعين للتعدية - 6 .كا :عن الحسين بن محمد ،عن أحمد
بن إسحاق ،عن بكر بن محمد الزدي عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
قال ال عزوجل :إن من أغبط أولياء عندي عبدا مؤمنا ذا حظ من صلح،
أحسن عبادة ربه ،وعبد ال في السريرة ،وكان غامضا في الناس ،فلم
يشر إليه بالصابع ،وكان رزقه كفافا ،فصبر عليه ،فعجلت به المنية فقل
تراثه وقلت بواكيه ) .(1بيان :السر والسريرة ما يكتم أي عبد ال خفية،
فهو يؤيد الغيب ) (2بالمعنى الول أو في القلب عند حضور المخالفين
فيؤيد الخير ،والول أظهر " فلم يشر " على بناء المجهول كناية عن
عدم الشهرة تأكيدا وتفريعا على الفقرة السابقة وقد مر مضمونه في
الحديث الول ،ول در من نظم الحديثين فقال :أخص الناس باليمان عبد
* خفيف الحال ) (3مسكنه القفار له في الليل حظ من صلة * ومن صوم
إذا طلع النهار وقوت النفس يأتي من كفاف * وكان له على ذاك اصطبار
وفيه عفة وبه خمول * إليه بالصابع ل يشار وقل الباكيات عليه لما *
قضى نحبا وليس له يسار فذاك قد نجى من كل شر * ولم تمسسه يوم
البعث نار - 7ل :عن علي بن عبد ال السواري ،عن أحمد بن محمد بن
قيس ،عن أبي يعقوب ،عن علي بن خشرم ،عن عيسى ،عن ابن عبيدة،
عن محمد بن كعب
) (1الكافي ج 2ص (2) .141يعني في الحديث الول (3) .وقد يروى " خفيف
الحاذ "[*] .
][63
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إنما أتخوف على امتي من بعدي ثلث
خلل :أن يتأولوا القرآن على غير تأويله ،أو يبتغوا زلة العالم ،أو يظهر
فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا ،وسأنبئكم المخرج من ذلك أما القرآن
فاعملوا بمحكمه ،وآمنوا بمتشابهه ،وأما العالم فانتظروا فيئته ول تبتغوا
زلته ،وأما المال فان المخرج منه شكر النعمة وأداء حقه ) - 8 .(1فس" :
من كان يريد حرث الخرة نزد له في حرثه " يعني ثواب الخرة " ومن
كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الخرة من نصيب " ) (2قال:
حدثني أبي ،عن بكر بن محمد الزدي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
المال والبنون ]حرث الدنيا ،والعمل الصالح[ حرث الخرة وقد يجمعهما
ال لقوام ) - 9 .(3ع :أبي ،عن محمد العطار ،عن المقرئ الخراساني،
عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ،عن أبيه عليهم السلم قال:
أوحى ال عزوجل إلى موسى عليه السلم يا موسى ل تفرح بكثرة المال،
ول تدع ذكري على كل حال ،فان كثرة المال تنسى الذنوب ،وإن ترك
ذكري يقسي القلوب ) - 10 .(4ع :أبي ،عن سعد ،عن محمد بن الحسين،
عن ابن محبوب ،عن إبراهيم الجازي ،عن أبي بصير قال :ذكرنا عند أبي
جعفر عليه السلم من الغنياء من الشيعة فكأنه كره ما سمع منا فيهم،
قال :يا با محمد إذا كان المؤمن غنيا رحيما وصول له معروف إلى
أصحابه ،أعطاه ال أجر ما ينفق في البر أجره مرتين ضعفين ،لن ال
عزوجل يقول في كتابه " :وما أموالكم ول أولدكم بالتي تقربكم عندنا
زلفى ،إل من آمن وعمل صالحا فاولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم
في
) (1الخصال ج 1ص (2) .78الشورى (3) .20 :تفسير القمي ص (4) .601
علل الشرائع ج 1ص 77وفيه :عن العمركي الخراساني ظ[*] .
][64
الغرفات آمنون " ) - 11 .(1ن :البيهقي ،عن الصولي ،عن القاسم بن إسماعيل،
عن إبراهيم بن العباس قال :حدثني علي بن موسى الرضا ،عن أبيه ،عن
جعفر بن محمد أنه قال :إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره،
وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه ) - 12 .(2لي :ابن إدريس ،عن
أبيه ،عن ابن هاشم ،عن ابن مرار ،عن يونس عن عبد ال بن سنان ،عن
الصادق عليه السلم قال :خمس من لم تكن فيه لم يتهن بالعيش :الصحة
والمن والغنا والقناعة والنيس الموافق ) - 13 .(3ن :بالسانيد الثلثة،
عن الرضا ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :أتاني ملك فقال :يا محمد إن ربك يقرئك السلم ويقول :إن شئت
جعلت لك بطحاء مكة ذهبا قال :فرفع رأسه إلى السماء فقال :يا رب أشبع
يوما فأحمدك وأجوع يوما فأسألك ) - 14 .(4ما :الفيد ،عن محمد بن
المظفر ،عن محمد بن عبد ربه ،عن عصام بن يوسف ،عن أبي بكر بن
عياش ،عن عبد ال بن سعيد ،عن أبيه ،عن أبي هريرة قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :اللهم من أحبني فارزقه الكفاف والعفاف ،ومن
أبغضني فأكثر ماله وولده ) - 15 .(5ما :حمويه ،عن أبي خليفة ،عن ابن
مقبل ،عن عبد ال بن شبيب ،عن إسحاق بن محمد القروي ،عن سعيد بن
مسلم ،عن علي بن الحسين ،عن أبيه ،عن علي عليهم السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :من رضى من ال بالقليل من الرزق رضي
) (1علل الشرائع ج 2ص 291والية في سورة سبأ (2) .37 :عيون الخبار ج 2
ص (3) .130أمالي الصدوق ص (4) .175عيون الخبار ج 2ص
(5) .30أمالي الصدوق ج 1ص [*] .132
][65
ال منه بالقليل من العمل ) - 16 .(1مع :أبي ،عن سعد ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن
محمد بن عمر ،عن أبيه عن النضر بن قابوس قال :سألت أبا عبد ال
عليه السلم ،عن معنى الحديث :من رضي من ال باليسير من الرزق
رضي ال منه باليسير من العمل ،قال :يطيعه في بعض ويعصيه في بعض
) - 17 .(2ما :الغضايري ،عن الصدوق ،عن محمد بن أحمد بن علي
السدي ،عن عبد ال بن سليمان وعبد ال بن محمد الدهني وأحمد بن
عمير ،ومحمد بن أبي أيوب جميعا ،عن عبد ال بن هاني بن عبد الرحمن،
عن أبيه ،عن عمه إبراهيم بن ام الدرداء عن أبي الدرداء قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :من أصبح معافا في جسده ،آمنا في سربه عنده
قوت يومه ،فكأنما حيزت له الدنيا .يا ابن جعشم يكفيك منها ما سد
جوعتك ،ووارى عورتك ،وان يكن بيت يكنك فذاك ،وان يكن دابة تركبها
فبخ بخ ،وإل فالخبز ،وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب ) - 18 .(3ب:
ابن سعد ،عن الزدي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :أن من أغبط
أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظ من صلح أحسن عبادة ربه وعبد ال في
السريرة وكان غامضا في الناس ،فلم يشر إليه بالصابع ،وكان رزقه كفافا
فصبر عليه تعجلت به المنية ،فقل تراثه وقلت بواكيه ثلثا ) - 19 .(4ل:
حمزة العلوي ،عن علي بن إبراهيم ،عن ابن يزيد ،عن ابن أبي عمير ،عن
الحسين بن عثمان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن ال عزوجل
يبغض الغني الظلوم ،والشيخ الفاجر ،والصعلوك المختال .ثم قال :أتدري
ما الصعلوك
) (1أمالي الطوسي ج 2ص (2) .19معاني الخبار ص (3) .260أمالي الطوسي
ج 2ص (4) .42قرب السناد ص [*] .20
][66
المختال ؟ قال :فقلنا :القليل المال ؟ قال :ل هو الذي ل يتقرب إلى ال عزوجل بشئ
من ماله ) - 20 .(1ضا :أروي عن العالم عليه السلم أنه قال :يقول ال
عزوجل :إن أغبط عبادي يوم القيامة عبد رزق حظا من صلحه ،قترت في
رزقه فصبر حتى إذا حضرت وفاته قل تراثه وقل بواكيه .ونروي أن
رسول ال صلى ال عليه وآله قال :اللهم ارزق محمدا وآل محمدا ومن
أحبهم العفاف والكفاف ،وارزق من أبغض محمدا وآل محمدا المال والولد.
وروي أن قيما كان لبي ذر الغفاري في غنمه فقال :قد كثر الغنم وولدت
فقال :تبشرني بكثرتها ما قل وكفى منها أحب إلي مما كثر وألهى .وروي
طوبى لمن آمن وكان عيشه كفافا - 21 .سر :من كتاب ابن تغلب ،عن ابن
الوليد ،عن يونس بن يعقوب ،عن عطية أخي أبي العرام ) (2قال :سمعت
أبا جعفر عليه السلم يقول :إنا لنحب الدنيا ول نؤتاها وهو خير لنا وما
اوتي عبد منها شيئا إل كان أنقص لحظه في الخرة ،وليس من شيعتنا من
له مائة ألف ول خمسون ألفا ول أربعون ألفا ولو شئت أن أقول ثلثون
ألفا لقلت ،وما جمع رجل قط عشرة آلف من حلها - 22 .محص :عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :الفقر خير
للمؤمن من الغنا إل من حمل كل وأعطى في نائبة ،قال :وقال رسول ال
صلى ال عليه وآله :ما أحد يوم القيامة غني ول فقير إل يود أنه لم يؤت
منها إل القوت - 23 .محص :عن إبراهيم بن عمر ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :ما أعطى ال عبدا ثلثين ألفا وهو يريد به خيرا .وقال ما جمع
رجل قط عشرة آلف من حل وقد جمعهما ال لقوام إذا أعطوا القريب،
ورزقوا العمل الصالح ،وقد جمع ال لقوم
) (1الخصال ج 1ص (2) .43كذا في الصل ،ولعله أخو أبي العوام ،كما في
التهذيب باب الذبائح والطمعة وفي الكافي ج 6ص 314باب القديد من
أبواب الطعمة أخو أبي المغرا[*] .
][67
الدنيا والخرة - 24 .محص :عن المفضل ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :المال
أربعة آلف واثنا عشر ألف كنز ،ولم يجتمع عشرون ألفا من حلل،
وصاحب الثلثين ألفا هالك ،وليس من شيعتنا من يملك مائة ألف- 25 .
محص :عن إسحاق بن عمار قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول:
من أعطى في هذه الدنيا شيئا كثيرا ثم دخل الجنة كان أقل لحظه فيها26 .
-محص :عن الفضيل بن يسار ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن ال
يعطي المال البار والفاجر ،ول يعطي اليمان إل من أحب - 27 .نوادر
الراوندي :بإسناده عن موسى بن جعفر ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :ما قرب عبد من سلطان إل تباعد من ال
تعالى ،ول كثر ماله إل اشتد حسابه ،ول كثر تبعه إل كثر شياطينه ).(1
وبهذا السناد قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :طوبى لمن أسلم
وكان عيشه كفافا وقوله سدادا ) .(2وبهذا السناد قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل
محمد العفاف والكفاف ،وارزق من أبغض محمدا وآل محمد كثرة المال
والولد ) - 28 .(3نهج :قال عليه السلم :المال مادة الشهوات ) .(4وقال
عليه السلم :العفاف زينة الفقر ،والشكر زينة الغنا ).(5
) (1نوادر الراوندي ص (2) .4المصدر نفسه ،وفيه " وقواه سدادا " وفي أصل
المؤلف " وقواه شدادا " والتصحيح من نسخة المامة والتبصرة كما
سيأتي (3) .نوادر الراوندي ص (4) .16نهج البلغة ج 2ص ،156
والمعنى أن المال يمد في الشهوات ويدعو إليها (5) .نهج البلغة ج 2
ص [*] .225
][68
وقال عليه السلم :إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة ) .(1وقال عليه السلم :ل ينبغي
للعبد أن يثق بخصلتين :العافية والغنا ،بينا تراه معافا إذ سقم ،وبينا تراه
غنيا إذ افتقر ) .(2وقال عليه السلم :الدنيا دار مني لها الفناء ولهلها
منها الجلء وهي حلوة خضرة قد عجلت للطالب ،والتبست بقلب الناظر،
فارتحلوا عنها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد ،ول تسألوا فيها فوق
الكفاف ،ول تطلبوا منها أكثر من البلغ ) - 29 .(3كتاب المامة
والتبصرة :عن القاسم بن علي العلوي ،عن محمد بن أبي عبد ال ،عن
سهل بن زياد ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه،
عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :طوبى
لمن أسلم وكان عيشه كفافا وقوله سدادا .ومنه بهذا السناد قال :طوبى
لمن رزق الكفاف ثم صبر عليه .ومنه عن أحمد بن علي ،عن محمد بن
الحسن ،عن محمد بن الحسن الصفار ،عن إبراهيم بن هاشم ،عن
النوفلي ،عن السكوني ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :الغنى في القلب والفقر في
القلب .وقال صلى ال عليه وآله :الغنى عقوبة.
) (1نهج البلغة ج 2ص (2) .198نهج البلغة ج 2ص (3) .245نهج البلغة
ج 1ص [*] .104
][69
)) * (96باب( * * " )ترك الراحة( " * - 1 .مص :قال الصادق عليه السلم :ل
راحة لمؤمن على الحقيقة إل عند لقاء ال وما سوى ذلك ففي أربعة
أشياء :صمت تعرف به حال قلبك ونفسك فيما يكون بينك وبين باريك،
وخلوة تنجو بها من آفات الزمان ظاهرا وباطنا ،وجوع تميت به الشهوات
والوسواس والوساوس ،وسهر تنور به قلبك ،وتنقي ) (1به طبعك وتزكي
به روحك .قال النبي صلى ال عليه وآله :من أصبح آمنا في سربه ،معافا
في بدنه ،وعنده قوت يومه ،فانما حيزت له الدنيا بحذافيرها .وقال وهب
بن منبه :في كتب الولين مكتوب يا قناعة العز والغنا معك قرب من
قاربك .وقال أبو درداء :ما قسم ال لي ل يفوتني ،ولو كان في جناح ريح.
وقال أبو ذر :هتك ستر من ل يثق بربه ،ولو كان محبوسا في الصم )(2
الصلخيد ) (3فليس أحد أخسر وأخذل وأنزل ممن ل يصدق ربه فيما
ضمن له وتكفل به ،من قبل أن خلقه له ،وهو مع ذلك يعتمد على قوته
وتدبيره وسعيه وجهده ويتعدى حدود ربه بأسباب قد أغناه ال عنها ).(4
) (1في المصدر المطبوع :وتصفى ،وكلهما بمعنى (2) .الصم جمع الصم وحجر
اصم صلب مصمت (3) .كذا في الصل ،والصلخيد كأنه جمع صلخد -
كجعفر -وهو القوي الشديد والصحيح كما في المصدر الصياخيد ،وهو
جمع صيخود وصخرة صيخود وصيخاد :شديدة الصلبة (4) .مصباح
الشريعة ص [*] .21
][70
)) * (97باب الحزن( * - 1مص :قال الصادق عليه السلم :الحزن من شعار
العارفين ،لكثرة واردات الغيب على سرائرهم ،وطول مباهاتهم تحت ستر
الكبرياء ،والمحزون ظاهره قبض وباطنه بسط ،يعيش مع الخلق عيش
المرضاء ) (1ومع ال عيش القرباء .والمحزون غير المتفكر لن المتفكر
متكلف ،والمحزون مطبوع ،والحزن يبدو من الباطن والتفكر يبدو من
رؤية المحدثات ،وبينهما فرق قال ال عزوجل في قصة يعقوب عليه
السلم " إنما أشكوا بثي وحزني إلى ال وأعلم من ال ما ل تعلمون " )
(2فبسبب ما تحت الحزن علم خص به من ال دون العالمين .وقيل لربيع
بن خثيم :مالك مهتم ؟ قال :لني مطلوب .ويمين الحزن البتلء )،(3
وشماله الصمت ،والحزن يختص به العارفون ل ،والتفكر يشترك فيه
الخاص والعام ،ولو حجب الحزن عن قلوب العارفين ساعة لستغاثوا ،ولو
وضع في قلوب غيرهم لستنكروه .فالحزن أول ثانيه المن والبشارة،
والتفكر ثان أوله تصحيح اليمان بال وثالثه الفتقار إلى ال عزوجل
بطلب النجاة ،والحزين متفكر ،والمتفكر ،معتبر
) (1أراد جمع المريض وليس بصحيح وجمع المريض مرضى ،وفي المصدر
المطبوع صححت الكلمة هكذا " :وعيش المرضى ،ومع ال عيش
القربى " (3) .يوسف (4) .86 :في المصدر :النكسار[*] .
][71
ولكل واحد منهما حال وعلم وطريق وعلم يشرق ) - 2 .(1جا :الصدوق ،عن ابن
الوليد ،عن الصفار ،عن ابن أبي الخطاب ،عن ابن أسباط ،عن ابن أبي
حمزة ،عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :أوحى ال إلى
عيسى بن مريم عليه السلم :يا عيسى هب لي من عينيك الدموع ،ومن
قلبك الخشوع ،واكحل عينك بميل الحزن ،إذا ضحك البطالون ،وقم على
قبور الموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم ،وقل إني
لحق بهم في اللحقين ) - 3 .(2محص :عن رفاعة ،عن جعفر عليه
السلم قال :قرأت في كتاب علي عليه السلم إن المؤمن يمسي ويصبح
حزينا ول يصلح له إل ذلك ).(3
) (1مصباح الشريعة ص ،62وفيه " وحلم وشرف " (2) .مجالس المفيد ص
(3) .147مشكوة النوار نقل من كتاب روضة الواعظين ،قال النبي
صلى ال عليه وآله إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل ما يكفرها
ابتله ال بالحزن ليكفرها .وقال الصادق عليه السلم :من كثرت ذنوبه
ولم يجد ما يكفرها به ابتله ال عزوجل بالحزن في الدنيا ليكفرها به فان
فعل ذلك به ،وإل عذبه في قبره فيلقى ال عزوجل يوم يلقاه وليس شئ
يشهد عليه لشئ من ذنوبه .ومن كتاب السيد ناصح الدين :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :ان ال يحب كل قلب حزين[*] .
][73
][74
بسم ال الرحمن الرحيم )أبواب( الكفر ومساوى الخلق أقول :سيجئ في أبواب
كتاب العشرة ،وكتاب الداب والسنن ،والوامر والنواهي ،ما يتعلق بهذه
البواب من الخبار فانتظره) * (98) .باب( * * " )الكفر ولوازمه وآثاره
وأنواعه وأصناف الشرك( " * اليات :البقرة :إن الذين كفروا سواء
عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون * ختم ال على قلوبهم وعلى
سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) .(1وقال تعالى:
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ).(2
وقال تعالى :فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة ال على الكافرين *
][75
بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل ال بغيا أن ينزل ال من فضله على
من يشاء من عباده فباؤا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين *
وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل ال قالوا نؤمن بما انزل علينا ويكفرون بما
ورائه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء ال من قبل إن كنتم
مؤمنين ) .(1وقال تعالى :وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون
الناس السحر ) .(2وقال تعالى :إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك
عليهم لعنة ال والملئكة والناس أجمعين * خالدين فيها ل يخفف عنهم
العذاب ول هم ينظرون ) .(3وقال تعالى :ومن يبدل نعمة ال من بعد ما
جاءته فان ال شديد العقاب ) .(4وقال تعالى :والكافرون هم الظالمون )
.(5وقال تعالى :والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى
الظلمات اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .(6وقال تعالى :وال ل
يهدي القوم الكافرين ) .(7آل عمران :إن الذين كفروا بآيات ال لهم عذاب
شديد ) .(8وقال تعالى :إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم
من ال شيئا واولئك وقود النار * كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا
بآياتنا فأخذهم ال بذنوبهم وال شديد العقاب ) .(9وقال تعالى :إن الذين
يكفرون بآيات ال ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون
بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم * اولئك الذين
) (1البقرة (2) .91 - 89 :البقرة (3) .102 :البقرة (4) .162 - 161 :البقرة:
(5) .211البقرة (6) .254 :البقرة (7) .257 :البقرة (8) .264 :آل
عمران (9) .4 :آل عمران[*] .11 - 10 :
][76
حبطت أعمالهم في الدنيا والخرة وما لهم من ناصرين ) .(1وقال تعالى :فأما الذين
كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والخرة وما لهم من ناصرين ).(2
وقال تعالى :ما كان لبشر أن يؤتيه ال الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول
للناس كونوا عبادا لي من دون ال ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون
الكتاب وبما كنتم تدرسون * ول يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنبيين أربابا
أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ) .(3وقال تعالى :إن الذين كفروا بعد
إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم واولئك هم الضالون * إن الذين
كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم مل الرض ذهبا ولو افتدى به
اولئك لهم عذاب أليم ومالهم من ناصرين ) .(4وقال سبحانه :ول تكونوا
كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جائهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم )
.(5وقال سبحانه :إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم من
ال شيئا واولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * مثل ما ينفقون في هذه
الحيوة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته
وما ظلمهم ال ولكن أنفسهم يظلمون ) .(6وقال تعالى :وليمحص ال
الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) .(7وقال تعالى :سنلقي في قلوب الذين
كفروا الرعب بما أشركوا بال ما لم ينزل به سلطانا ومأويهم النار وبئس
مثوى الظالمين ).(8
) (1آل عمران (2) .22 - 21 :آل عمران (3) .56 :آل عمران (4) .80 - 79 :آل
عمران (5) .91 - 90 :آل عمران (6) .105 :آل عمران.117 - 116 :
) (7آل عمران (8) .141 :آل عمران[*] .151 :
][77
وقال تعالى :ول يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا ال شيئا يريد ال
أل يجعل لهم حظا في الخرة ولهم عذاب عظيم * إن الذين اشتروا الكفر
باليمان لن يضروا ال شيئا ولهم عذاب أليم ) .(1النساء :إن ال ل يغفر
أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بال فقد افترى إثما
عظيما ) .(2وقال تعالى :إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما
نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن ال كان عزيزا
حكيما ) .(3وقال تعالى :إن ال أعد للكافرين عذابا مهينا ) .(4وقال تعالى:
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين
نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن ال ل يغفر أن يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بال فقد ضل ضلل بعيدا ).(5
وقال تعالى :ومن يكفر بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر فقد ضل
ضلل بعيدا ) .(6وقال تعالى :إن الذين يكفرون بال ورسله ويريدون أن
يفرقوا بين ال ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن
يتخذوا بين ذلك سبيل * اولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا
مهينا ) .(7وقال تعالى :إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل ال قد ضلوا
ضلل بعيدا * إن الذين كفروا وظلموا لم يكن ال ليغفر لهم ول ليهديهم
طريقا إل طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على ال يسيرا ).(8
) (1آل عمران (2) .177 - 176 :النساء (3) .48 :النساء (4) .56 :النساء:
(5) .102النساء (6) .116 - 115 :النساء (7) .136 :النساء- 150 :
(8) .151النساء[*] .169 - 168 :
][78
المائدة :والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم ) .(1وقال تعالى :إن
الذين كفروا لو أن لهم ما في الرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من
عذاب يوم القيمة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من
النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم ) .(2وقال تعالى :إن ال ل
يهدي القوم الكافرين ) .(3وقال تعالى :فل تأس على القوم الكافرين ).(4
وقال تعالى :وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا ال ربي وربكم إنه من
يشرك بال فقد حرم ال عليه الجنة ومأويه النار وما للظالمين من أنصار
) .(5وقال تعالى :ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) .(6وقال تعالى:
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم ) .(7وقال تعالى :قل ل
يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) .(8النعام :ثم الذين
كفروا بربهم يعدلون ) .(9وقال تعالى :ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق
بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن ) .(10وقال تعالى :الذين
خسروا أنفسهم فهم ل يؤمنون ) .(11وقال تعالى :وإن يهلكون إل أنفسهم
وما يشعرون * ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ول نكذب
بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو
ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون
) (1المائدة (2) .10 :المائدة (3) .37 - 36 :المائدة (4) .67 :المائدة(5) .68 :
المائدة (6) .72 :المائدة (7) .73 :المائدة (8) .86 :المائدة(9) .100 :
النعام (10) .1 :النعام (11) .10 :النعام[*] .12 :
][79
إلى قوله تعالى :قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * قد خسر الذين كذبوا بلقاء
ال حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم
يحملون أوزارهم على ظهورهم أل ساء ما يزرون ) .(1وقال تعالى:
والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشاء ال يضلله ومن يشأ
يجعله على صراط مستقيم ) .(2وقال تعالى :قل أرأيتكم إن أتيكم عذاب ال
بغتة أو جهرة هل يهلك إل القوم الظالمون -إلى قوله تعالى :والذين كذبوا
بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ) .(3وقال تعالى :وذر الذين
اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما
كسبت ليس لها من دون ال ولي ول شفيع ) .(4وقال تعالى :ولو أشركوا
لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) .(5وقال تعالى :وجعلوا ل مما ذرأ من
الحرث والنعام نصيبا فقالوا هذا ل بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان
لشركائهم فل يصل إلى ال وما كان ل فهو يصل إلى شركائهم ساء ما
يحكمون * وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولدهم شركاؤهم ليردوهم
وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء ال ما فعلوه فذرهم وما يفترون * وقالوا
هذه أنعام وحرث حجر ل يطعمها إل من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت
ظهورها وأنعام ل يذكرون اسم ال عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا
يفترون * وقالوا ما في بطون هذه النعام خالصة لذكورنا ومحرم على
أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم )
.(6وقال تعالى :قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن ل تشركوا به شيئا )
.(7
) (1النعام (2) .31 - 26 :النعام (3) .39 :النعام (4) .49 - 47 :النعام) .70 :
(5النعام (6) .88 :النعام (7) .139 - 136 :النعام[*] .151 :
][80
وقال تعالى :إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى
ال ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ) .(1العراف :إن الذين كذبوا بآياتنا
واستكبروا عنها ل تفتح لهم أبواب السماء ول يدخلون الجنة حتى يلج
الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين * لهم من جهنم مهاد ومن
فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين إلى قوله تعالى :فأذن موذن بينهم أن
لعنة ال على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل ال ويبغونها عوجا وهم
بالخرة كافرون ) .(2وقال تعالى :وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما
كانوا مؤمنين ) .(3وقال سبحانه :سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في
الرض بغير الحق وإن يروا كل آية ل يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد ل
يتخذوه سبيل وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيل * ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا
وكانوا عنها غافلين * والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الخرة حبطت أعمالهم
هل يجزون إل ما كانوا يعملون ) .(4وقال تعالى :ساء مثل القوم الذين
كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ) .(5وقال تعالى :والذين كذبوا بآياتنا
سنستدرجهم من حيث ل يعلمون * واملي لهم إن كيدي متين ) .(6النفال:
ذلك بأنهم شاقوا ال ورسوله ومن يشاقق ال ورسوله فان ال شديد
العقاب * فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار ) .(7وقال سبحانه :ذلكم وأن
ال موهن كيد الكافرين ).(8
) (1النعام (2) .159 :العراف (3) .45 - 40 :العراف (4) .72 :العراف:
(5) .147 - 146العراف (6) .177 :العراف(7) .183 - 182 :
النفال (8) .14 - 13 :النفال[*] .18 :
][81
وقال سبحانه :ول تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم ل يسمعون * إن شر الدواب عند
ال الصم البكم الذين ل يعقلون * ولو علم ال فيهم خيرا لسمعهم ولو
أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) .(1وقال سبحانه :كدأب آل فرعون والذين
من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل
كانوا ظالمين * ان شر الدواب عند ال الذين كفروا فهم ل يؤمنون * الذين
عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم ل يتقون ) .(2التوبة:
وأن ال مخزي الكافرين ) .(3وقال تعالى :وبشر الذين كفروا بعذاب أليم )
.(4وقال تعالى :والذين يؤذون رسول ال لهم عذاب أليم -إلى قوله
تعالى :ألم يعلموا أنه من يحادد ال ورسوله فان له نار جهنم خالدا فيها
ذلك الخزي العظيم ) .(5وقال تعالى :استغفر لهم أو ل تستغفر لهم إن
تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر ال لهم ذلك بأنهم كفروا بال ورسوله
وال ل يهدي القوم الفاسقين ) .(6يونس :والذين كفروا لهم شراب من
حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ) .(7وقال تعالى :ول تكونن من الذين
كذبوا بآيات ال فتكون من الخاسرين ) .(8هود :ولقد أرسلنا نوحا إلى
قومه إني لكم نذير مبين * أن ل تعبدوا إل ال إني أخاف عليكم عذاب يوم
أليم ).(9
) (1النفال (2) .23 - 21 :النفال (3) .56 - 54 :براءة (4) .2 :براءة(5) .3 :
براءة (6) .63 - 61 :براءة (7) .80 :يونس (8) .4 :يونس(9) .95 :
هود[*] .26 - 25 :
][82
وقال تعالى حاكيا عن هود :يا قوم اعبدوا ال ما لكم من إله غيره إن أنتم إل
مفترون -إلى قوله تعالى :وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله
واتبعوا أمر كل جبار عنيد * واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيمة أل إن
عادا كفروا ربهم أل بعدا لعاد قوم هود ) .(1الرعد :وجعلوا ل شركاء قل
سموهم أم تنبئونه بما ل يعلم في الرض أم بظاهر من القول بل زين للذين
كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل ال فماله من هاد * لهم
عذاب في الحيوة الدنيا ولعذاب الخرة أشق وما لهم من ال من واق ).(2
وقال تعالى :وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل
نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ) .(3ابراهيم :وويل للكافرين من
عذاب شديد ) .(4وقال تعالى :وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الرض
جميعا فان ال لغني حميد ) .(5وقال تعالى :مثل الذين كفروا بربهم
أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ل يقدرون مما كسبوا على
شئ ذلك هو الضلل البعيد ) .(6الحجر :ربما يود الذين كفروا لو كانوا
مسلمين ) .(7النحل :للذين ل يؤمنون بالخرة مثل السوء ول المثل
العلى وهو العزيز الحكيم ) .(8وقال تعالى :الذين كفروا وصدوا عن سبيل
ال زدناهم عذابا فوق العذاب
) (1هود (2) .60 - 50 :الرعد (3) .34 - 33 :الرعد (4) .42 :ابراهيم(5) .2 :
ابراهيم (6) .8 :ابراهيم (7) .18 :الحجر (8) .2 :النحل[*] .60 :
][83
بما كانوا يفسدون ) .(1وقال تعالى :إن الذين ل يؤمنون بآيات ال ل يهديهم ال
ولهم عذاب أليم * إنما يفتري الكذب الذين ل يؤمنون بآيات ال واولئك هم
الكاذبون ) .(2وقال تعالى :وإن ال ل يهدي القوم الكافرين ) .(3أسرى:
وأن الذين ل يؤمنون بالخرة أعتدنا لهم عذابا أليما ) .(4الكهف :أفحسب
الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين
نزل * قل هل ننبئكم بالخسرين أعمال * الذين ضل سعيهم في الحيوة
الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * اولئك الذين كفروا بآيات ربهم
ولقائه فحبطت أعمالهم فل نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم
بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا ) .(5مريم :فاختلف الحزاب من
بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ) .(6طه :إنه من يأت ربه
مجرما فان له نار جهنم ل يموت فيها ول يحيى ) .(7وقال تعالى :وكذلك
نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الخرة أشد وأبقى ).(8
النبياء :ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي
الظالمين ) .(9الحج :إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى
والمجوس
) (1النحل (2) .88 :النحل (3) .105 - 104 :النحل (4) .107 :أسرى(5) .10 :
الكهف (6) .106 - 102 :مريم (7) .37 :طه (8) .74 :طه(9) .127 :
النبياء[*] .29 :
][84
][85
على ربه ظهيرا ) .(1وقال تعالى :والذين ل يدعون مع ال إلها آخر ) .(2النمل :إن
الذين ل يؤمنون بالخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون * اولئك الذين لهم
سوء العذاب وهم في الخرة هم الخسرون ) .(3القصص :ويوم يناديهم
فيقول ماذا أجبتم المرسلين * فعميت عليهم النباء يومئذ فهم ل يتسائلون
) .(4العنكبوت :والذين كفروا بآيات ال ولقائه اولئك يئسوا من رحمتي
واولئك لهم عذاب أليم ) .(5وقال تعالى :وما يجحد بآياتنا إل الكافرون )
.(6وقال تعالى :وما يجحد بآياتنا إل الظالمون ) .(7وقال تعالى :والذين
آمنوا بالباطل وكفروا بال اولئك هم الخاسرون إلى قوله تعالى:
يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) .(8الروم :وأما الذين
كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الخرة فاولئك في العذاب محضرون ).(9
لقمان :ومن كفر فل يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن ال
عليم بذات الصدور ) .(10التنزيل :أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ل
يستوون -إلى قوله تعالى :وأما الذين فسقوا فمأويهم النار كلما أرادوا أن
يخرجوا منها اعيدوا فيها وقيل لهم
) (1الفرقان (2) .55 :الفرقان (3) .68 :النمل (4) .5 - 4 :القصص) .66 - 65 :
(5العنكبوت (6) .23 :العنكبوت (7) .47 :العنكبوت(8) .49 :
العنكبوت (9) .54 - 52 :الروم (10) .16 :لقمان[*] .23 :
][86
) (1التنزيل (2) .20 - 18 :الحزاب (3) .73 :سبأ (4) .8 - 5 :سبأ(5) .33 :
فاطر (6) .2 :فاطر (7) .39 - 36 :ص (8) .2 :ص (9) .27 :الزمر:
(10) .7الزمر (11) .63 :الزمر[*] .71 :
][87
المؤمن :وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ) .(1وقال
تعالى :إن الذين كفروا ينادون لمقت ال أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون
إلى اليمان فتكفرون ) .(2السجدة :إن الذين يلحدون في آياتنا ل يخفون
علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيمة اعملوا ما شئتم
إنه بما تعملون بصير ) .(3حمعسق :والذين يحاجون في ال من بعدما
استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد -
إلى قوله تعالى :أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به ال
ولول كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ) .(4وقال
تعالى :والكافرون لهم عذاب شديد ) .(5الزخرف :إن المجرمين في عذاب
جهنم خالدون * ل يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ) .(6الجاثية :هذا هدى
والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم ) .(7وقال تعالى :وأما
الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين *
وإذا قيل إن وعد ال حق والساعة ل ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن
نظن إل ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما
كانوا بهم يستهزؤن * وقيل اليوم ننسيكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا
) (1المؤمن (2) .6 :المؤمن (3) .10 :السجدة (4) .40 :الشورى(5) .21 - 16 :
الشورى (6) .26 :الزخرف (7) .75 - 74 :الجاثية[*] .11 :
][88
ومأويكم النار ومالكم من ناصرين ) .(1محمد :الذين كفروا وصدوا عن سبيل ال
أضل أعمالهم -إلى قوله تعالى :ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ).(2
وقال تعالى :والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما
أنزل ال فأحبط أعمالهم ) .(3وقال تعالى :والذين كفروا يتمتعون ويأكلون
كما تأكل النعام والنار مثوى لهم ) .(4وقال تعالى :إن الذين كفروا وصدوا
عن سبيل ال وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا ال
شيئا وسيحبط أعمالهم ) .(5وقال تعالى :إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل
ال ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر ال لهم ) .(6الفتح :ويعذب المنافقين
والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بال ظن السوء عليهم دائرة
السوء وغضب ال عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ).(7
]وقال تعالى[ :ومن لم يؤمن بال ورسوله فانا أعتدنا للكافرين سعيرا ).(8
الذاريات :فان للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فل يستعجلون ).(9
الحديد :والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم ) .(10التغابن:
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار خالدين
) (1الجاثية (2) .34 - 31 :القتال (3) .3 - 1 :القتال (4) .9 - 8 :القتال) .12 :
(5القتال (6) .32 :القتال (7) .34 :الفتح (8) .6 :الفتح(9) .13 :
الذاريات (10) .59 :الحديد[*] .19 :
][89
فيها وبئس المصير ) .(1الملك :وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير )
.(2المزمل :فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا ) .(3المدثر:
فإذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير )
.(4النشقاق :فمالهم ل يؤمنون * وإذا قرئ عليهم القرآن ل يسجدون *
بل الذين كفروا يكذبون * وال أعلم بما يوعون * فبشرهم بعذاب أليم )
.(5البروج :بل الذين كفروا في تكذيب ) .(6الغاشية :إل من تولى وكفر *
فيعذبه ال العذاب الكبر ) .(7البينة :إن الذين كفروا من أهل الكتاب
والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية ) - 1 .(8ل:
عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن فضال معا،
عن علي بن أسباط ،عن الحسن بن زيد ،عن محمد بن سالم ،عن ابن
طريف ،عن ابن نباتة قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :اليمان على
أربع دعائم ) (9على الصبر واليقين والعدل والجهاد .والصبر على أربع
شعب :على الشوق والشفاق والزهد والترقب ،فمن اشتاق إلى الجنة سل
عن الشهوات ،ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ،ومن زهد في
الدنيا تهاون بالمصيبات ،ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات.
) (1التغابن (2) .10 :الملك (3) .6 :المزمل (4) .17 :المدثر(5) .10 - 8 :
الشتقاق (6) .24 - 20 :البروج (7) .19 :الغاشية(8) .24 - 23 :
البينة (9) .6 :مر هذا الخبر بأسانيد مختلفة في الجزء 68من هذه
الطبعة باب دعائم اليمان والسلم ،وهناك شرح مستوفي لمعضلت
الحديث فراجع وسيأتي في الباب التي[*] .
][90
واليقين على أربع شعب :على تبصرة الفطنة ،وتأول الحكمة ،وموعظة العبرة،
وسنة الولين ،فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة ،ومن تأول الحكمة
عرف العبرة ،ومن عرف العبرة فكأنما عاش في الولين .والعدل على
أربع شعب :على غائص الفهم ،وغمرة العلم ،وزهرة الحكمة وروضة
الحلم ،فمن فهم فسر جمل العلم ،ومن علم شرع غرائب الحكم ،ومن كان
حكيما لم يفرط في أمر يليه في الناس ) .(1والجهاد على أربع شعب :على
المر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،والصدق في المواطن ،وشنآن
الفاسقين ،فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ،ومن نهى عن المنكر
أرغم أنف المنافق ،ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه ،ومن شنأ
الفاسقين وغضب ل عزوجل غضب ال له ،وذلك اليمان ودعائمه
وشعبه .والكفر على أربع دعائم :على الفسق والعتو والشك والشبهة.
والفسق على أربع شعب :على الجفاء والعمى والغفلة والعتو فمن جفا
حقر الحق ومقت الفقهاء ،وأصر على الحنث العظيم ،ومن عمي نسي
الذكر ،واتبع الظن وألح عليه الشيطان ،ومن غفل غرته الماني وأخذته
الحسرة إذا انكشف الغطاء وبدا له من ال ما لم يكن يحتسب ،ومن عتا
عن أمر ال تعالى ال عليه ،ثم أذله بسلطانه ،وصغره لجلله ،كما فرط في
جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم .والعتو على أربع شعب :على التعمق
والتنازع والزيغ والشقاق ،فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إل غرقا
في الغمرات فلم تحتبس عنه فتنة إل غشيته أخرى وانخرق دينه فهو يهيم
في أمر مريج ،ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل وذاق وبال أمره،
وساءت عنده الحسنة ،وحسنت عنده السيئة ،ومن ساءت عليه الحسنة
اعتورت عليه طرقه ،واعترض عليه أمره ،وضاق عليه مخرجه ،وحري
أن يرجع من دينه ،ويتبع غير سبيل المؤمنين.
][91
والشك على أربع شعب على الهول والريب والتردد والستسلم ،فبأي آلء ربك
يتمارى المتمارون ،فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه ،ومن تردد
في الريب سبقه الولون ،وأدركه الخرون ،وقطعته سنابك الشياطين،
ومن استسلم لهلكة الدنيا والخرة هلك فيما بينهما ،ومن نجا فباليقين.
والشبهة على أربع شعب :على العجاب بالزينة وتسويل النفس ،وتأول
العوج وتلبيس الحق بالباطل ،ذلك بأن الزينة تزيد على الشبهة وأن تسويل
النفس يقحم على الشهوة ،وأن العوج يميل ميل عظيما وأن التلبيس
ظلمات بعضها فوق بعض ،فذلك الكفر ودعائمه وشعبه .والنفاق على أربع
دعائم :على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع .فالهوى على أربع شعب:
على البغي والعدوان والشهوة والطغيان ،فمن بغى كثرت غوائله وغلته،
ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ،ولم يسلم قلبه ،ومن لم يعزل نفسه عن
الشهوات خاض في الخبيثات ومن طغى ضل على غير يقين ول حجة له.
وشعب الهوينا الهيبة والغرة والمماطلة والمل ،وذلك لن الهيبة ترد على
دين الحق وتفرط المماطلة في العمل حين يقدم الجل ،ولول المل علم
النسان حسب ما هو فيه ،ولو علم حسب ما هو فيه مات من الهول
والوجل .وشعب الحفيظة :الكبر والفخر والحمية والعصبية فمن استكبر
أدبر ،ومن فخر فجر ،ومن حمي أصر ،ومن أخذته العصبية جار ،فبئس
المر أمر بين الستكبار والدبار وفجور وجور .وشعب الطمع أربع :الفرح
والمرح واللجاجة والتكاثر ،والفرح مكروه عند ال عزوجل ،والمرح
خيلء ،واللجاجة بلء لمن اضطرته إلى حبائل الثام ،والتكاثر لهو وشغل،
واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ،فذلك النفاق ودعائمه وشعبه ).(1
][92
- 2فس :أبي ،عن بكر بن صالح ،عن أبي عمر الزبيري ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :الكفر في كتاب ال على خمسة وجوه فمنه كفر الجحود وهو
على وجهين جحود بعلم وجحود بغير علم ،فأما الذين جحدوا بغير علم فهم
الذين حكا ال عنهم في قوله) :وقالوا ما هي إل حياتنا الدنيا نموت ونحيا
وما يهلكنا إل الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إل يظنون( ) (1وقوله:
)إن الذين كفروا سواء عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون( )(2
فهؤلء كفروا وجحدوا بغير علم .وأما الذين كفروا وجحدوا بعلم فهم الذين
قال ال تبارك وتعالى) :وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما
جائهم ما عرفوا كفروا به " ) (3فهؤلء كفروا وجحدوا بعلم .وقال:
وحدثني أبي ،عن ابن أبي عمير ،عن حماد ،عن حريز ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :نزلت هذه الية في اليهود والنصارى يقول ال تبارك
وتعالى " :الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه " ) (4يعني رسول ال صلى ال
عليه وآله " كما يعرفون أبنائهم " لن ال عزوجل قد أنزل عليهم في
التوراة والنجيل والزبور صفة محمد صلى ال عليه وآله وصفة أصحابه
ومبعثه ومهاجره وهو قوله " :محمد رسول ال والذين معه أشداء على
الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضل من ال ورضوانا
سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التورية ومثلهم في
النجيل " ) (5فهذه صفة رسول ال صلى ال عليه وآله في التوراة
والنجيل وصفة أصحابه ،فلما بعثه ال عزوجل عرفه أهل الكتاب كما قال
جل جلله " :فلما جائهم ما عرفوا كفروا به ".
) (1الجاثية (2) .24 :البقرة (3) .6 :البقرة (4) .89 :البقرة (5) .146 :الفتح:
[*] .29
][93
وكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي :أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة
ويكون مهاجره بالمدينة ،وهو آخر النبياء وأفضلهم ،في عينيه حمرة،
وبين كتفيه خاتم النبوة ،يلبس الشملة ،يجتزئ بالكسرة والتميرات ويركب
الحمار العرية وهو الضحوك ،القتال يضع سيفه على عاتقه ل يبالي من
لقى ،يبلغ سلطانه منقطع الحف والحافر ،لنقتلنكم به يا معشر العرب قتل
عاد .فلما بعث ال نبيه بهذه الصفة ،حسدوه وكفروا به كما قال ال" :
وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به
" .ومنه كفر البراءة وهو قوله " :ثم يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض " )
(1أي يتبرأ بعضكم من بعض ،ومنه كفر الترك لما أمرهم ال وهو قوله:
" ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ومن كفر " ) (2أي
ترك الحج وهو مستطيع فقد كفر ،ومنه كفر النعم وهو قوله " :ليبلونئ
أشكر أم أكفر ومن شكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر " ) (3أي ولم من
يشكر نعمة ال فقد كفر ،فهذه وجوه الكفر في كتاب ال ) - 3 .(4فس:
أبي ،عن مسعدة بن صدقة ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سئل عن
قول النبي صلى ال عليه وآله :إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة
سوداء ،في ليلة ظلماء ،قال :كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من
دون ال ،فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون ،فنهى ال المؤمنين
عن سب آلهتهم لكيل يسب الكفار إله المؤمنين ،فيكون المؤمنون قد
أشركوا بال من حيث ل يعلمون فقال " :ول تسبوا الذين يدعون من دون
ال " ) (5الية ).(6
) (1العنكبوت (2) .25 :آل عمران (3) .97 :النمل (4) .40 :تفسير القمي ص
(5) .28النعام (6) .108 :تفسير القمي ص [*] .200
][94
- 4فس :في رواية أبي الجارود ،عن أبي جعفر عليه السلم في قوله) :اتخذوا
أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال والمسيح بن مريم( ) (1أما المسيح
فعصوه وعظموه في أنفسهم حين زعموا أنه إله ،وأنه ابن ال ،وطائفة
منهم قالوا :ثالث ثلثة ،وطائفة منهم قالوا :هو ال ،وأما أحبارهم
ورهبانهم فانهم أطاعوا وأخذوا بقولهم واتبعوا ما أمروهم به ،ودانوا بما
دعوهم إليه فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم ،وتركهم أمر ال وكتبه ورسله،
فنبذوه وراء ظهورهم وما أمرهم به الحبار والرهبان اتبعوه وأطاعوهم
وعصوا ال ) - 5 .(2فس :أحمد بن إدريس ،عن أحمد بن محمد ،عن
علي بن الحكم ،عن موسى بن بكر ،عن الفضيل ،عن أبي جعفر عليه
السلم في قول ال تبارك وتعالى " :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم
مشركون " ) (3قال :شرك طاعة ليس شرك عبادة ،والمعاصي التي
يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بال في الطاعة
لغيره ،وليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير ال ) - 6 .(4فس :جعفر بن
أحمد ،عن عبيد ال بن موسى ،عن ابن البطائني ،عن أبيه ،عن أبي
بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله " :واتخذوا من دون ال
آلهة ليكونوا لهم عزا * كل سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " )
(5يوم القيامة أي يكون هؤلء الذين اتخذوهم آلهة من دون ال عليهم
ضدا يوم القيامة ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيامة ،ثم قال:
ليس العبادة هي السجود ول الركوع إنما هي طاعة الرجال ،ومن أطاع
المخلوق في معصية الخالق فقد عبده ).(6
) (1براءة (2) .32 :تفسير القمي ص (3) .264يوسف (4) .106 :تفسير القمي
ص (5) .334مريم (6) .81 :تفسير القمي ص [*] .415
][95
- 7فس " :ومن الناس من يعبد ال على حرف " قال :على شك " فان أصابه
خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة " )
(1فانه حدثني أبي ،عن يحيى بن أبي عمران ،عن يونس ،عن حماد ،عن
ابن الطيار ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :نزلت هذه الية في قوم
وحدوا ال وخلعوا عبادة من دون ال ،وخرجوا من الشرك ،ولم يعرفوا أن
محمدا رسول ال صلى ال عليه وآله فهم يعبدون ال على شك في محمد،
وما جاء به ،فأتوا رسول ال فقالوا :ننظر فان كثرت أموالنا وعوفينا في
أنفسنا وأولدنا علمنا أنه صادق وأنه رسول ال صلى ال عليه وآله وإن
كان غير ذلك نظرنا ) .(2فأنزل ال " فان أصابه خير اطمأن به وإن
أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو الخسران
المبين * يدعو من دون ال ما ل يضره وما ل ينفعه " انقلب مشركا يدعو
غير ال ويعبد غيره .فمنهم من يعرف ويدخل اليمان قلبه ،فهو مؤمن
ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى اليمان ،ومنهم من يلبث على
شكه ،ومنهم من ينقلب إلى الشرك ).(3
) (1الحج (2) .11 :قال البيضاوي في أنوار التنزيل ص :278روى أنها نزلت في
اعاريب قدموا إلى المدينة وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا
سريا وولدت امرأته غلما سويا وكثر ماله وماشيته قال :ما أصبت منذ
دخلت في ديني هذا ال خيرا واطمأن ،وان كان المر بخلفه قال :ما
أصبت ال شرا وانقلب .قال :وعن أبي سعيد أن يهوديا أسلم فأصابته
مصائب فتشأم بالسلم فأتى النبي صلى ال عليه وآله فقال :أقلني !
فقال :ان السلم ل يقال ،فنزلت .وروى مثله الطبرسي في المجمع ج 7
ص 75عن ابن عباس فراجع (3) .تفسير القمي ص ،436وروى مثله
الكليني في الكافي ج 2ص 413عن علي ابن ابراهيم بسندين آخرين
فراجع[*] .
][96
- 8ل :ابن الوليد ،عن الصفار ،عن الخشاب ،عن يزيد بن إسحاق ،عن العباس بن
زيد ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قلت :إن هؤلء العوام يزعمون أن
الشرك أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء على المسح السود )(1
فقال :ل يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير ال ،أو يذبح لغير ال ،أو
يدعو لغير ال عزوجل ) - 9 .(2مع :ابن الوليد ،عن الصفار ،عن ابن
يزيد ،عن ابن أبي عمير ،عن عبد الحميد بن أبي العل قال :قال أبو عبد
ال عليه السلم :إن الشرك أخفى من دبيب النمل ،وقال :منه تحويل الخاتم
ليذكر الحاجة وشبه هذا ) - 10 .(3مع :أبي وابن الوليد معا ،عن
الحميري ،عن ابن أبي الخطاب عن النضر بن شعيب ،عن عبد الغفار
الجازي قال :حدثني من سأله يعني الصادق عليه السلم هل يكون كفر ل
يبلغ الشرك ؟ قال عليه السلم :إن الكفر هو الشرك ثم قام فدخل المسجد،
فالتفت إلي وقال :نعم الرجل يحمل الحديث إلى صاحبه فل يعرفه فيرده
عليه فهي نعمة كفرها ولم يبلغ الشرك ) - 11 .(4ب :هارون ،عن ابن
صدقة قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم وسئل عن الكفر والشرك أيهما
أقدم ؟ قال :الكفر أقدم ،وذلك أن إبليس أول من كفر وكان كفره غير شرك،
لنه لم يدع إلى عبادة غير ال ،وإنما دعا إلى ذلك بعد فأشرك ).(5
) (1المسح -بالكسر -البلس يقعد عليه ،والكساء من شعر كثوب الرهبان ،وفي
نسخة الكمباني " :المسيح " والمناسب من معانيه هنا :المنديل الخشن
كما في أقرب الموارد (2) .الخصال ج 1ص (3) .67معاني الخبار ص
(4) .379معاني الخبار ص (5) .137قرب السناد ص [*] .23
][97
- 12مع :أبي ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن ابن معروف ،عن صفوان عن ابن
مسكان ،عن محمد بن مسلم قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم " :عتل
بعد ذلك زنيم " ) (1قال :العتل العظيم الكفر ،والزنيم المستهتر بكفره ).(2
- 13ير :أحمد بن محمد بن عيسى ،عن آدم بن إسحاق ،عن هشام ،عن
الهيثم التميمي قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :يا هيثم التميمي إن قوما
آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن ،فلم ينفعهم شئ ،وجاء قوم من بعدهم
فآمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر ،فلم ينفعهم ذلك شيئا ،ول إيمان بظاهر إل
بباطن ،ول بباطن إل بظاهر ) - 14 .(3شى :عن موسى بن بكر الواسطي
قال :سألت أبا الحسن موسى عليه السلم عن الكفر والشرك أيهما أقدم ؟
فقال :ما عهدي بك تخاصم الناس ؟ قلت :أمرني هشام بن الحكم أن أسألك
عن ذلك ،فقال لي :الكفر أقدم ،وهو الجحود ،قال لبليس " :أبى واستكبر
وكان من الكافرين " ) - 15 .(4شى :عن عبيد بن زرارة قال :سألت أبا
عبد ال عليه السلم " ومن يكفر باليمان فقد حبط عمله " ) (5قال :ترك
العمل الذي أقر به ،من ذلك أن يترك الصلة من غير سقم ول شغل ،قال:
قلت له :الكبائر أعظم الذنوب ؟ قال :فقال :نعم ،قلت :هي أعظم من ترك
الصلة ؟ قال :إذا ترك الصلة تركا ليس من أمره كان داخل في واحدة من
السبعة ).(6
) (1القلم (2) .13 :معاني الخبار ص ،149والمستهتر -بالفتح على بناء
المفعول يقال :استهتر الرجل بكذا -على ما لم يسم فاعله -صار
مستهترا به أي مولعا به ل يتحدث بغيره ول يفعل غيره ،وفي اللسان:
يقال " استهتر فلن فهو مستهتر :إذا كان كثير الباطيل ،وفي نسخة
الكمباني " المستهزئ بكفره " (3) .بصائر الدرجات ص (4) .536
تفسير العياشي ج 1ص ،34والية في سورة البقرة (5) .34 :المائدة:
(6) .5تفسير العياشي ج 1ص [*] .296
][98
- 16شى :عن أبان بن عبد الرحمن قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول:
أدنى ما يخرج به الرجل من السلم أن يرى الرأي بخلف الحق فيقيم
عليه ،قال " :ومن يكفر باليمان فقد حبط عمله " وقال :الذي يكفر
باليمان :الذي ل يعمل بما أمر ال به ول يرضى به ) - 17 .(1شى :عن
محمد بن مسلم ،عن أحدهما في قول ال " :ومن يكفر باليمان فقد حبط
عمله " قال :هو ترك العمل حتى يدعه أجمع قال :منه الذي يدع الصلة
متعمدا ل من شغل ول من سكر يعني النوم ) - 18 .(2شى :عن جابر ،عن
أبي جعفر عليه السلم قال :سألته عن تفسير هذه الية " ومن يكفر
باليمان فقد حبط عمله " ]فقال [:يعني بولية علي عليه السلم " وهو
في الخرة من الخاسرين " ) - 19 .(3شى :عن هارون بن خارجة قال:
سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال " :ومن يكفر باليمان فقد حبط
عمله " قال :فقال :من ذلك ما اشتق فيه ) - 20 .(4شى :عن زرارة قال:
كتبت إلى أبي عبد ال عليه السلم مع بعض أصحابنا فيما يروي الناس
عن النبي عليه وآله السلم :إنه من أشرك بال فقد وجبت له النار ،ومن
لم يشرك بال فقد وجبت له الجنة ،قال :أما من أشرك بال فهذا الشرك
المبين ،وهو قول ال " :ومن يشرك بال فقد حرم ال عليه الجنة " )(5
وأما قوله :من لم يشرك بال فقد وجبت له الجنة قال أبو عبد ال عليه
السلم :ههنا النظر ،هو من لم يعص ال ) - 21 .(6شى :عن زرارة قال:
سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال " :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم
مشركون " ) (7قال :من ذلك قول الرجل :ل وحياتك ).(8
) (4 - 1تفسير العياشي ج 1ص (5) .297المائدة (6) .72 :تفسير العياشي ج 1
ص (7) .335يوسف (8) .106 :تفسير العياشي ج 2ص [*] .199
][99
- 22شى :عن يعقوب بن شعيب قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم " وما يؤمن
أكثرهم بال إل وهم مشركون " قال :كانوا يقولون :نمطر بنوء كذا وبنوء
كذا ) (1ومنها أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم فيما يقولون )23 .(2
-شى :عن محمد بن الفضيل ،عن الرضا عليه السلم قال :شرك ل يبلغ به
الكفر ) - 24 .(3شى :عن زرارة ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :شرك
طاعة قول الرجل ل وال وفلن ،ولول ال وفلن ،والمعصية منه )25 .(4
-شى :عن أبي بصير ،عن أبي إسحاق قال :هو قول الرجل :لول ال وأنت
ما صرف عني كذا وكذا وأشباه ذلك ) - 26 .(5شى :عن زرارة ،عن أبي
جعفر عليه السلم قال :شرك طاعة وليس بشرك عبادة ،والمعاصي التي
يركبون مما أوجب ال عليها النار شرك طاعة أطاعوا الشيطان وأشركوا
بال في طاعته ،ولم يكن بشرك عبادة فيعبدون مع ال غيره )- 27 .(6
شى :عن مالك بن عطية ،عن أبي عبد ال في قوله " :وما يؤمن أكثرهم
بال إل وهم مشركون " قال :هو قول الرجل لول فلن لهلكت ،ولول
) (1النوء بالفتح :النجم إذا مال للغروب وأصل النوء سقوط نجم بالغد في المغرب
وطلوع نجم بحياله من ساعته في المشرق في كل ليلة إلى ثلثة عشر
يوما وهكذا كل نجم منها إلى انقضاء السنة ما خل الجبهة ،فان لها أربعة
عشر يوما .وانما يكون ذلك لنجوم الخذ وهي منازل القمر وهي ثمانية
وعشرون نجما ،فلكل نجم رقيب ،هذا هو الصل ،ثم سموا كل نجم منها
باسم فعله ،فقالوا :استقينا بنوء كذا واستمطرنا به قال أبو عبيد :ولم
نسمع في النوء أنه السقوط ال في هذه المواضع ،وكانت العرب تضيف
المطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها ،وقال الصمعي :إلى
الطالع منها في سلطانه فيقولون مطرنا بنوء كذا .راجع الصحاح ص
،79وسيأتي في ج 58من البحار من هذه الطبعة ص 346 - 312بحث
في ذلك (6 - 2) .تفسير العياشي ج 2ص [*] .199
][100
فلن لصبت كذا وكذا ،ولول فلن لضاع عيالي ،أل ترى أنه قد جعل ل شريكا في
ملكه يرزقه ويدفع عنه ؟ قال :فيقول :لول أن ال من علي بفلن لهلكت،
قال :نعم ل بأس بهذا ) - 28 .(1شى :عن زرارة وحمران ومحمد بن
مسلم ،عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم قالوا :سألناهما فقال:
شرك النعم ) - 29 .(2شى :عن زرارة ،عن أبي جعفر عليه السلم قال:
شرك طاعة ليس شرك عبادة في المعاصي التي يرتكبون ،فهي شرك
طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بال في الطاعة غيره ،وليس باشراك
عبادة أن يعبدوا غير ال ) - 30 .(3تفسير النعماني :بالسناد التي في
كتاب فضل القرآن عن أمير المؤمنين عليه السلم قال :وأما الكفر المذكور
في كتاب ال تعالى فخمسة وجوه منها كفر الجحود ،ومنها كفر فقط،
والجحود ينقسم على وجهين ،ومنها كفر الترك لما أمر ال تعالى به،
ومنها كفر البراءة ،ومنها كفر النعم .فأما كفر الجحود فأحد الوجهين منه
جحود الواحدانية ،وهو قول من يقول :ل رب ول جنة ول نار ول بعث ول
نشور وهؤلء صنف من الزنادقة وصنف من الدهرية الذين يقولون " :ما
يهلكنا إل الدهر " وذلك رأي وضعوه لنفسهم استحسنوه بغير حجة فقال
ال تعالى " :إن هم إل يظنون " ) (4وقال " :إن الذين كفروا سواء
عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون( ) (5أي ل يؤمنون بتوحيد ال.
والوجه الخر من الجحود هو الجحود مع المعرفة بحقيقته قال تعالى" :
وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " ) (6وقال سبحانه" :
وكانوا من
) (3 - 1تفسير العياشي ج 2ص (4) .200البقرة (5) .78 :البقرة(6) .6 :
النمل[*] .14 :
][101
قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة ال على
الكافرين " ) (1أي جحدوه بعد أن عرفوه .وأما الوجه الثالث من الكفر
فهو كفر الترك لما أمر ال به وهو من المعاصي قال ال سبحانه " :وإذ
أخذنا ميثاقكم ل تسفكون دمائكم ول تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم
وأنتم تشهدون إلى قوله :أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " )(2
فكانوا كفارا لتركهم ما أمر ال تعالى به ،فنسبهم إلى اليمان باقرارهم
بألسنتهم على الظاهر دون الباطن ،فلم ينفعهم ذلك لقوله تعالى " :فما
جزاء من يفعل ذلك منهم إل خزي في الحيوة الدنيا " إلى آخر الية .وأما
الوجه الرابع من الكفر فهو ما حكاه تعالى عن قول إبراهيم عليه السلم:
" كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بال
وحده " ) (3فقوله " :كفرنا بكم " :أي تبرأنا منكم ،وقال سبحانه في
قصة إبليس وتبريه من أوليائه من النس إلى يوم القيامة " :إني كفرت
بما أشركتمون من قبل " ) (4أي تبرأت منكم وقوله تعالى " :إنما اتخذتم
من دون ال أوثانا مودة بينكم في الحيوة الدنيا " إلى قوله " :ويوم
القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " ) (5الية .وأما الوجه
الخامس من الكفر وهو كفر النعم قال ال تعالى عن قول سليمان عليه
السلم) :هذا من فضل ربي ليبلوني أءشكر أم أكفر( ) (6الية وقوله
عزوجل " :لئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد( ) (7وقال
تعالى " :فاذكروني أذكركم واشكروا لي ول تكفرون " ).(8
) (1البقرة (2) .89 :البقرة (3) .84 - 85 :الممتحنة (4) .4 :ابراهيم(5) .22 :
العنكبوت (6) .25 :النمل (7) .40 :ابراهيم (8) .7 :البقرة[*] .152 :
][102
فأما ما جاء من ذكر الشرك في كتاب ال تعالى فمن أربعة أوجه قوله تعالى " :لقد
كفر الذين قالوا إن ال هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل
اعبدوا ال ربي وربكم إنه من يشرك بال فقد حرم ال عليه الجنة ومأويه
النار وما للظالمين من أنصار " ) (1فهذا شرك القول والوصف .وأما
الوجه الثاني من الشرك فهو شرك العمال قال ال تعالى " :وما يؤمن
أكثرهم بال إل وهم مشركون " ) (2وقوله سبحانه " :اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون ال " ) (3أل إنهم لم يصوموا لهم ولم يصلوا
ولكنهم أمروهم ونهوهم فأطاعوهم ،وقد حرموا عليهم حلل وأحلوا لهم
حراما فعبدوهم من حيث ل يعلمون ،فهذا شرك العمال والطاعات .وأما
الوجه الثالث من الشرك فهو شرك الزنا قال ال تعالى " :وشاركهم في
الموال والولد " ) (4فمن أطاع ناطقا فقد عبده ،فان كان الناطق ينطق
عن ال تعالى ،فقد عبد ال ،وإن كان ينطق عن غير ال تعالى فقد عبد
غير ال .وأما الوجه الرابع من الشرك فهو شرك الريا قال ال تعالى" :
فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا "
) (5فهؤلء صاموا وصلوا واستعملوا أنفسهم بأعمال أهل الخير إل أنهم
يريدون به رئاء الناس فأشركوا لما أتوه من الرياء ،فهذه جملة وجوه
الشرك في كتاب ال تعالى .وأما ما ذكر من الظلم في كتابه فوجوه شتى
فمنها ما حكاه ال تعالى عن قول لقمان لبنه " :يا بني ل تشرك بال إن
الشرك لظلم عظيم " ) (6ومن الظلم مظالم الناس فيما بينهم من معاملت
الدنيا وهو شتى قال ال تعالى " :ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت
والملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون
) (1المائدة (2) .72 :يوسف (3) .106 :براءة (4) .31 :أسرى(5) .64 :
الكهف (6) .110 :لقمان[*] .13 :
][103
عذاب الهون بما كنتم تقولون( ) (1الية .فأما الرد على من أنكر زيادة الكفر فمن
ذلك قول ال عزوجل في كتابه " :إنما النسئ زيادة في الكفر " ) (2وقوله
تعالى " :وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا
وهم كافرون " ) (3وقوله " :إن الذين آمنوا ثم كفروا ]ثم آمنوا ثم كفروا[
ثم ازدادوا كفرا " ) (4الية وغير ذلك في كتاب ال - 31 .مشكوة النوار:
نقل من المحاسن عن أبي عبد ال عليه السلم قال في قول ال تبارك
وتعالى " :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون " ) (5قال :يطيع
الشيطان من حيث يشرك - 32 .كتاب المامة والتبصرة :عن سهل بن
أحمد ،عن محمد بن محمد بن الشعث ،عن موسى بن إسماعيل بن موسى
بن جعفر ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :الريب كفر.
) (1النعام (2) .93 :براءة (3) .37 :براءة (4) .125 :النساء(5) .137 :
يوسف[*] .106 :
][104
)) * (99باب( * * " )اصول الكفر وأركانه( " * - 1كا :الحسين بن محمد ،عن
أحمد بن إسحاق ،عن بكر بن محمد ،عن أبي بصير قال :قال أبو عبد ال
عليه السلم :اصول الكفر ثلثة :الحرص والستكبار والحسد فأما الحرص
فان آدم عليه السلم حين نهي عن الشجرة حمله الحرص على أن أكل
منها وأما الستكبار فابليس حين امر بالسجود لدم استكبر ،وأما الحسد
فابنا آدم حيث قتل أحدهما صاحبه ) .(1بيان :كأن المراد باصول الكفر ما
يصير سببا للكفر أحيانا ل دائما وللكفر أيضا معان كثيرة منها ما يتحقق
بانكار الرب سبحانه واللحاد في صفاته ومنها ما يتضمن إنكار أنبيائه
وحججه ،أو ما أتوا به من امور المعاد وأمثالها ومنها ما يتحقق بمعصية
ال ورسوله ،ومنها ما يكون بكفران نعم ال تعالى إلى أن ينتهي إلى ترك
الولى .فالحرص يمكن أن يصير داعيا إلى ترك الولى أو ارتكاب صغيرة
أو كبيرة حتى ينتهي إلى جحود يوجب الشرك والخلود ،فما في آدم عليه
السلم كان من الول ثم تكامل في أولده حتى انتهى إلى الخير ،فصح أنه
أصل الكفر وكذا ساير الصفات .وقيل :قد كان إباء إبليس من السجود عن
حسد واستكبار ،وإنما خص الستكبار بالذكر لنه تمسك به حيث قال" :
أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " ) (2أو لن الستكبار أقبح
من الحسد انتهى .وقوله " :فأما الحرص " فهو مبتدأ وقوله " :فان "
إلى قوله " أكل منها "
][105
خبر والعائد تكرار المبتدأ وضعا للظاهر موضع المضمر ،مثل " الحاقة ما الحاقة "
وقوله " :فابليس " بتقدير فمعصية إبليس ،وكذا قوله " :فابنا آدم "
بتقدير فمعصية ابني آدم أي معصية أحدهما كما قيل - 2 .كا :عن علي بن
إبراهيم ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أركان الكفر أربعة :الرغبة
والرهبة والسخط والغضب ) .(1بيان :أركان الكفر قريب من اصوله ،ولعل
المراد بالرغبة الرغبة في الدنيا والحرص عليها أو اتباع الشهوات
النفسانية ،وبالرهبة الخوف من فوات الدنيا واعتباراتها بمتابعة الحق ،أو
الخوف من القتل عند الجهاد ،ومن الفقر عند أداء الزكاة ،ومن لوم
اللئمين عند ارتكاب الطاعات ،وإجراء الحكام .وقيل :الخوف من فوات
الدنيا والهم من زوالها ،وهو يوجب صرف العمر في حفظها والمنع من
أداء حقوقها ،وبالسخط عدم الرضا بقضاء ال وانقباض النفس في أحكامه
وعدم الرضا بقسمه ،وبالغضب ثوران النفس نحو النتقام عند مشاهدة ما
ل يلئمها من المكاره واللم - 3 .كا :عدة من أصحابنا ،عن أحمد بن
محمد بن خالد ،عن نوح بن شعيب عن عبيدال الدهقان ،عن عبد ال بن
سنان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :إن أول ما عصي ال عزوجل به ست :حب الدنيا ،وحب الرياسة،
وحب الطعام ،وحب النوم ،وحب الراحة ،وحب النساء ) .(2بيان :حب
الدنيا أي مال الدنيا ،والبقاء للذاتها وما لوفاتها ل للطاعة ،وحب الرياسة
بالجور والظلم والباطل أو في نفسها ل لجراء أوامر ال وهداية عباده
والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وحب الطعام لمحض اللذة ل لقوة
الطاعة ،أو الفراط في حبه بحيث ل يبالي من حلل حصل أو من حرام
وكذا حب النوم أي الفراط فيه بحيث يصير مانعا عن الطاعات الواجبة أو
المندوبة ،أو
][106
في نفسه ل للتقوي على الطاعة ،وكذا حب الستراحة على الوجهين ،وكذا حب
النساء أي الفراط فيه بحيث ينتهي إلى ارتكاب الحرام أو ترك السنن
والشتغال عن ذكر ال بسبب كثرة معاشرتهن أو ما يوجب اطاعتهن في
الباطل وإل فقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله :اخترت من دنياكم
الطيب والنساء - 4 .كا :محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن محمد
بن سنان ،عن طلحة بن زيد عن أبي عبد ال عليه السلم أن رجل من
خثعم ) (1جاء إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال :أي العمال أبغض إلى
ال عزوجل ؟ فقال :الشرك بال ،قال :ثم ماذا ؟ قال :قطيعة الرحم قال :ثم
ماذا ؟ قال :المر بالمنكر والنهي عن المعروف ) .(2بيان :المنكر ما حرمه
ال أو ما علم بالشرع أو العقل قبحه ،ويحتمل شموله للمكروه أيضا .وقال
الشهيد الثاني قدس سره :المنكر المعصية قول أو فعل ،وقال أيضا :هو
الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه أو دل عليه ،والمعروف ما عرف
حسنه عقل أو شرعا ،وقال الشهيد الثاني رحمه ال :هو الطاعة قول أو
فعل وقال رحمه ال :يمكن بتكلف دخول المندوب في المعروف - 5 .كا:
علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن حسن بن عطية عن
يزيد الصائغ قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :رجل على هذا المر إن
حدث كذب ،وإن وعد أخلف ،وإن ائتمن خان ،ما منزلته ؟ قال :هي أدنى
المنازل من الكفر وليس بكافر ).(3
) (1خثعم بن أنمار :قبيلة من القحطانية تنتسب إلى خثعم بن أنمار بن أراش بن
عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلن ،وقال الجوهري في
الصحاح ج 5ص 1909خثعم أبو قبيلة وهو خثعم بن أنمار ويقال لهم:
من معد ،وصاروا باليمن وقال النووي في تهذيب السماء واللغات ص
،289قيل :خثعم جبل سميت به لنزولها اياه وتعاقدها عليه ،وقيل غير
ذلك .راجع معجم قبائل العرب ج 1ص (2) .331الكافي ج 2ص 289
و (3) .290الكافي ج 2ص [*] .290
][107
بيان " :على هذا المر " صفة رجل ،وجملة " إن حدث " خبر " أدنى المنازل "
أي أقربها من الكفر أي الذي يوجب الخلود في النار " وليس بكافر " بهذا
المعنى وان كان كافرا ببعض المعاني ،ويشعر بكون خلف الوعد معصية
بل كبيرة ،والمشهور استحباب الوفاء به - 6 .كا :علي بن إبراهيم ،عن
أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :من علمة الشقا جمود العين ،وقسوة
القلب ،وشدة الحرص في طلب الدنيا ،والصرار على الذنب ) .(1بيان:
الشقا والشقوة والشقاوة سوء العاقبة بالعقاب في الخرة ضد السعادة
وهي حسن العاقبة باستحقاق دخول الجنة ،وجمود العين كناية عن بخلها
بالدموع وهو من توابع قسوة القلب ،وهي غلظته وشدته وعدم تأثره من
الوعيد بالعقاب والمواعظ ،قال ال تعالى " :فويل للقاسية قلوبهم من ذكر
ال " ) (2وكون تلك المور من علمة الشقا ظاهر .وفيه تحريص على
ترك تلك الخصال ،وطلب أضدادها بكثرة ذكر ال ،وذكر عقوباته على
المعاصي ،والتفكر في فناء الدنيا وعدم بقاء لذاتها ،وفي عظمة المور
الخروية ومثوباتها وعقوباتها وأمثال ذلك - 7 .كا :علي بن إبراهيم ،عن
أبيه ،عن علي بن أسباط ،عن داود بن النعمان عن أبي حمزة ،عن أبي
جعفر عليه السلم قال :خطب رسول ال صلى ال عليه وآله الناس فقال:
أل أخبركم بشراركم ؟ قالوا :بلى يارسول ال ،فقال صلى ال عليه وآله:
الذي يمنع رفده ،ويضرب عبده ،ويتزود وحده ،فظنوا أن ال لم يخلق خلقا
هو شر من هذا ثم قال :أل أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟ قالوا :بلى
يارسول ال قال :الذي ل يرجى خيره ول يؤمن شره .فظنوا أن ال لم
يخلق خلقا هو شر من هذا ثم قال :أل أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟ قالوا:
بلى يارسول ال قال :المتفحش اللعان الذي إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم
وإذا ذكروه
][108
لعنوه ) .(1بيان) :الذي يمنع رفده( الرفد بالكسر العطاء والصلة وهو اسم من رفده
رفدا من باب ضرب :أعطاه وأعانه ،والظاهر أنه أعم من منع الحقوق
الواجبة والمستحبة )ويضرب عبده( أي دائما أو في أكثر الوقات أو من
غير ذنب أو زائدا على القدر المقرر أو مطلقا ،فان العفو من أحسن
الخصال " ويتزود وحده " أي يأكل زاده وحده ،من غير رفيق مع
المكان ،أو أنه ل يعطي من زاده غيره شيئا من عياله وغيرهم ،وقيل :أي
ل يأخذ نصيب غيره عند أخذ العطا وهو بعيد .ثم اعلم أنه ل يلزم حمل هذه
الخصال على المور المحرمة ،فانه يمكن أن يكون الغرض عد مساوي
الخلق ل المعاصي .والتفحش المبالغة في الفحش وسوء القول ،واللعان
المبالغة في اللعن وهو من ال الطرد والبعاد من الرحمة ،ومن الخلق
السب والدعاء على الغير وقريب منه ما في النهاية - 8 .كا :عدة من
أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،عن بعض أصحابنا ،عن عبد ال ابن سنان،
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
ثلث من كن فيه كان منافقا وان صام وصلى وزعم أنه مسلم ،من إذا
ائتمن خان ،وإذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،إن ال عزوجل قال في
كتابه " :ان ال ل يحب الخائنين " ) (2وقال " :أن لعنة ال عليه إن كان
من الكاذبين " ) (3وفي قوله عزوجل " :واذكر في الكتاب إسمعيل إنه
كان صادق الوعد وكان رسول نبيا " ) .(4بيان :اعلم أنه كما يطلق
المؤمن والمسلم على معان كما عرفت ،فكذلك
) (1الكافي ج 2ص (2) .290النفال (3) .58 :النور (4) .7 :الكافي ج 2ص
،290والية في مريم[*] .54 :
][109
يطلق المنافق على معان منها أن يظهر السلم ويبطن الكفر ،وهو المعنى
المشهور ومنها الرياء ،ومنها أن يظهر الحب ويكون في الباطن عدوا ،أو
يظهر الصلح ويكون في الباطن فاسقا ،وقد يطلق على من يدعي اليمان
ولم يعمل بمقتضاه ولم يتصف بالصفات التي ينبغي أن يكون المؤمن عليها
فكان باطنه مخالفا لظاهره وكأنه المراد هنا وسيأتي معاني النفاق في بابه
إنشاء ال تعالى والمراد بالمسلم هنا المؤمن الكامل المسلم لوامر ال
ونواهيه ،ولذا عبر بلفظ الزعم المشعر بأنه غير صادق في دعوى السلم.
" من إذا ائتمن " أي على مال أو عرض أو سر " خان " صاحبه وقيل:
المراد به من أصر على الخيانة كما يدل عليه قوله تعالى " :ان ال ل
يحب الخائنين " حيث لم يقل إن ال ل يحب الخيانة ويدل على أنه كبيرة ل
يقبل معها عمل ،وال كان محبوبا في الجملة .وأما الستدلل بآية اللعان
فلنه علق اللعنة بمطلق الكذب وان كان مورده الكذب في القذف ،ولو لم
يكن مستحقا للعن لم يأمره ال بهذا القول وأما قوله عليه السلم " :وفي
قوله عزوجل " فلعله عليه السلم إنما غير السلوب لعدم صراحة الية
في ذمه ،بل إنما يدل على مدح ضده وبتوسطه يشعر بقبحه ،وإنما لم يذكر
عليه السلم الية التي هي أدل على ذلك حيث قال " :يا أيها الذين آمنوا لم
تقولون ما ل تفعلون * كبر مقتا عند ال أن تقولوا مال تفعلون " )(1
وسيأتي الستدلل به في خبر آخر ،إما لظهوره واشتهاره أو لحتمال
معنى آخر كما سيأتي وقيل :كلمة " في " في " في قوله " بمعنى " مع
" أي قال في سورة الصف ما هو مشهور في ذلك مع قوله في سورة
مريم " :واذكر " لدللته على مدح ضده - 9 .كا :علي بن إبراهيم ،عن
محمد بن عيسى ،عن يونس ،عن بعض أصحابه ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أل اخبركم بأبعدكم مني
شبها ؟
][110
قالوا :بلى يارسول ال قال :الفاحش المتفحش البذي البخيل المختال الحقود
الحسود القاسي القلب البعيد من كل خير يرجى غير المأمون من كل شر
يتقى ) .(1بيان :الفحش القول السيئ والكلم الردي وكل شئ جاوز الحد
فهو فاحش ومنه غبن فاحش والتفحش كذلك مع زيادة تكلف وتصنع،
وقيل :المراد بالمتفحش الذي يقبل الفحش من غيره ،فالفاحش المتفحش
الذي ل يبالي ما قال ول ما قيل له ،والول أظهر وبعد من كان كذلك من
مشابهة الرسول صلى ال عليه وآله ظاهر لنه صلى ال عليه وآله كان
في غاية الحياء ،وكان يحترز عن الفحش في القول حتى أنه كان يعبر عن
الوقاع والبول والتغوط بالكنايات ،بل بأبعدها ،تأسيا بالرب سبحانه في
القرآن .قال في النهاية فيه إن ال يبغض الفاحش المتفحش :الفاحش ذو
الفحش في كلمه وفعاله والمتفحش الذي يتكلف ذلك ويتعمده ،وقد تكرر
ذكر الفاحش والفاحشة والفواحش في الحديث وهو كل ما يشتد قبحه من
الذنوب والمعاصي وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا وكل خصلة قبيحة
فهي فاحشة من القوال والفعال وقال :البذاء بالمد الفحش في القول.
وفلن بذي اللسان .وفي المصباح بذا على القوم يبذ وبذاء بالفتح والمد
سفه وأفحش في منطقه وإن كان كلمه صدقا فهو بذي على فعيل ،وفي
النهاية فيه من جر ثوبه خيلء لم ينظر ال إليه :الخيلء بالضم والكسر
الكبر والعجب ،يقال اختال فهو مختال ،وفيه خيلء ومخيلة ،أي كبر وتقييد
الخبر والشر بكونه مرجوا أو يتقى منه إما للتوضيح أو للحتراز والول
كأنه أظهر - 10 .كا :الحسين بن محمد ،عن معلى بن محمد ،عن منصور
بن العباس ،عن علي بن أسباط رفعه إلى سلمان قال :إذا أراد ال عزوجل
هلك عبد نزع منه الحياء ،فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إل خائنا مخونا،
فان كان خائنا مخونا نزع منه المانة ،فإذا نزعت منه المانة لم تلقه إل
فظا غليظا ،فإذا كان فظا غليظا
][111
نزعت منه ربقة اليمان ،فإذا نزعت منه ربقة اليمان ،لم تلقه إل شيطانا ملعونا )
.(1بيان " :إذا أراد ال هلك عبد " لعله كناية عن علمه سبحانه بسوء
سريرته وعدم استحقاقه اللطف " نزع منه الحياء " أي سلب التوفيق منه
حتى يخلع لباس الحياء وهو خلق يمنع من القبايح والتقصير في حقوق
الخلق والخالق " ،فإذا نزع منه الحياء " المانع من ارتكاب القبايح " لم
تلقه إل خائنا مخونا " وقد مر معنى الخائن وذمه .وأما المخون فيحتمل
أن يكون بفتح الميم وضم الخاء أي يخونه الناس فذمه باعتبار أنه السبب
فيه ،أو المراد أنه يخون نفسه أيضا ويجعله مستحقا للعقاب فهو خائن
لغيره ولنفسه ،وبهذا العتبار مخون ،ففي كل خيانة خيانتان أو يكون بضم
الميم وفتح الخاء وفتح الواو المشددة منسوبا إلى الخيانة مشهورا به ،أو
بكسر الواو المشددة أي ينسب الناس إلى الخيانة مع كونه خائنا .في
القاموس :الخون أن يؤتمن النسان فل ينصح ،خانه خونا وخيانة واختانه
فهو خائن وقد خانه العهد والمانة وخونه تخوينا نسبه إلى الخيانة
ونقضه " نزعت منه المانة " لنها ضد الخيانة .فان قيل :كان هذا
معلوما ل يحتاج إلى البيان ،قلت :يحتمل أن يكون المراد أنه إذا لم يبال من
الخيانة يصير بالخرة إلى أنه يسلب منه المانة بالكلية أو المعنى أنه
يصير بحيث ل يأتمنه الناس على شئ " .لم تلقه إل فظا غليظا " في
القاموس الفظ الغليظ السيئ الخلق القاسي الخشن الكلم انتهى .والغلظة
ضد الرقة ،والمراد هنا قساوة القلب وغلظته ،كما قال تعالى " :ولو كنت
فظا غليظ القلب " ) (2وتفرع هذا على نزع المانة ظاهر لن الخائن ل
سيما من يعلمه الناس كذلك لبد من أن يعارض الناس ويجادلهم فيصير
][112
سيئ الخلق الخشن ول يرحم الناس لذهابه بحقهم فيقسو قلبه وأيضا إصراره على
ذلك دليل على عدم تأثير المواعظ في قلبه ،فإذا كان كذلك نزع منه ربقة
اليمان لسلب أكثر لوازمه وصفاته عنه كما مر في صفات المؤمن،
والمراد كمال اليمان أو أحد المعاني التي مضت منه ،ول أقل أنه ينزع منه
الحياء ،وهو رأس اليمان " لم تلقه إل شيطانا " أي شبيها به في
الصفات أو بعيدا من ال وهدايته وتوفيقه " ملعونا " يلعنه ال والملئكة
والناس أو بعيدا من رحمة ال تعالى - 11 .كا :علي بن إبراهيم ،عن أبيه،
عن ابن أبي عمير ،عن إبراهيم بن زياد الكرخي ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ثلث ملعونات :ملعون من
فعلهن :المتغوط في ظل النزال ،والمانع الماء المنتاب ،والساد الطريق
المقربة ) .(1بيان " :ثلث " مبتدأ وقد يجوز كون المبتدأ نكرة محضة
لسيما في العدد " وملعون من فعلهن " استيناف بياني والمعنى أن اللعن
ل يتعلق بالعمل حقيقة بل بفاعله وقرء بعض الفاضل باضافة ثلث إلى
ملعونات ،فالجملة خبر ،وقوله " المتغوط " خبر مبتدأ محذوف بتقدير
مضاف أيضا والتقدير :هن صفة المتغوط والضمير لثلث ،ويمكن عدم
تقدير المضاف فالتقدير :هو المتغوط ،والضمير لمن فعلهن .وفي المصباح
الغائط :المطمئن الواسع من الرض ثم اطلق الغائط على الخارج المستقذر
من النسان كراهة لتسميته باسمه الخاص لنهم كانوا يقضون حوائجهم
في المواضع المطمئنة فهو من مجاز المجاورة ثم توسعوا فيه حتى اشتقوا
منه وقالوا تغوط النسان انتهى .وكأن نسبة اللعن إلى الفعل مجاز في
السناد أو كناية عن قبحه ونهي الشارع عنه .والمراد بظل النزال تحت
سقف أو شجرة ينزلها المسافرون ،وقد يعم بحيث يشمل المواضع المعدة
لنزولهم وإن لم يكن فيه ظل لشتراك العلة أو بحمله على
) (1الكافي ج 2ص ،292وفيه " الطريق المعربة "[*] .
][113
العم والتعبير بالظل لكونه غالبا كذلك ،والظاهر اختصاص الحكم بالغائط لكونه
أشد ضررا وربما يعم ليشمل البول والمشهور بين الصحاب كراهة ذلك
وظاهر الخبر التحريم ،إذ فاعل المكروه ل يستحق اللعن ،وقد يقال :اللعن
البعد من رحمة ال وهو يحصل بفعل المكروه أيضا في الجملة .ول يبعد
القول بالحرمة إن لم يكن إجماع على خلفه للضرر العظيم فيه على
المسلمين ،لسيما إذا كان وقفا فانه تصرف مناف لغرض الواقف ومصلحة
الوقف ،ول يبعد القول بهذا التفصيل أيضا ،ويمكن حمل الخبر على أن
الناس يلعنونه ويشتمونه ،لكن يقل فائدة الخبر إل أن يقال :الغرض بيان
علة النهي عن الفعل .قال في النهاية :فيه اتقوا الملعن الثلث هي جمع
ملعنة ،وهي الفعلة التي يلعن بها فاعلها كأنها مظنة للعن ومحصل له،
وهو أن يتغوط النسان على قارعة الطريق أو ظل الشجرة أو جانب النهر
فإذا مر بها الناس لعنوا فاعلها ومنه الحديث اتقوا اللعنين أي المرين
الجالبين للعن الباعثين للناس عليه ،فانه سبب للعن من فعله في هذه
المواضع ،وليس كل ظل ،وإنما هو الظل الذي يستظل به الناس ويتخذونه
مقيل ومناخا وأصل اللعن الطرد والبعاد من ال تعالى ،ومن الخلق السب
والدعاء انتهى " .والمانع الماء المنتاب " الماء مفعول أول للمانع إما
مجرور بالضافة من باب الضارب الرجل أو منصوب على المفعولية،
والمنتاب اسم فاعل بمعنى صاحب النوبة ،فهو مفعول ثان ،وهو من
النتياب افتعال من النوبة ويحتمل أن يكون اسم مفعول صفة للماء من
انتاب فلن القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى .والماء المنتاب هو الماء الذي
يرد عليه الناس متناوبة ومتبادلة لعدم اختصاصه بأحدهم كالماء المملوك
المشترك بين جماعة ،فلعن المانع لحدهم في نوبته والماء المباح الذي
ليس ملكا لحدهم كالغدران والبار في البوادي فإذا ورد عليه الواردون
كانوا فيه سواء فيحرم لحدهم منع الغير من التصرف فيه ،على قدر
الحاجة ،لن في المنع
][114
تعريض مسلم للتلف فلو منع حل قتاله قال الجوهري :انتابه انتيابا أتاه مرة بعد
اخرى ،وفي النهايه نابه ينوبه نوبا وانتابه إذا قصده مرة بعد أخرى ،ومنه
حديث الدعا :يا أرحم من انتابه المسترحمون ،وفي حديث صلة الجمعة
كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم " .والساد الطريق المعربة "
بالعين المهملة على بناء المفعول أي الواضحة التي ظهر فيها أثر
الستطراق ،في النهاية :العراب البانة والفصاح ،وفي أكثر النسخ
المقربة بالقاف ،فيمكن أن يكون بكسر الراء المشددة أي الطريق المقربة
إلى المطلوب :بأن يكون هناك طريق آخر أبعد منه ،فان لم يكن طريق آخر
فبطريق أولى .وهذه النسخة موافقة لروايات العامة لكنهم فسروه على
وجه آخر قال في النهاية :فيه من غير المطربة والمقربة فعليه لعنة ال
المطربة واحدة المطارب وهي طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار ،وقيل:
هي الطرق الضيقة المتفرقة يقال :طربت عن الطريق أي عدلت عنه،
والمقربة طريق صغير ينفذ إلى طريق كبير وجمعها المقارب وقيل :هو من
القرب وهو السير ]بالليل وقيل :السير[ إلى الماء ،ومنه الحديث ثلث
لعينات :رجل عور طريق المقربة ،وقال في القاموس :المقرب والمقربة
الطريق المختصر وقال :القرب بالتحريك سير الليل لورد الغد ،والبئر
القريبة الماء وطلب الماء ليل وفي الفائق :المقربة المنزل أصلها من
القرب وهو السير إلى الماء - 12 .كا :محمد بن يحيى ،عن أحمد بن
محمد ،عن ابن محبوب ،عن إبراهيم الكرخي ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ثلث ملعونات من فعلهن:
المتغوط في ظل النزال ،والمانع للماء المنتاب ،والساد الطريق المسلوك )
.(1بيان :تذكير ضمير الطريق هنا وتأنيثه في ما تقدم باعتبار أن الطريق
يذكر ويؤنث - 13 .كا :عدة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،وعلي بن
إبراهيم ،عن أبيه
][115
جميعا ،عن ابن محبوب ،عن ابن رئاب ،عن أبي حمزة ،عن جابر بن عبد ال قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أل اخبركم بشرار رجالكم ؟ قلنا :بلى يا
رسول ال قال :إن من شرار رجالكم البهات الجرئ الفحاش ،الكل وحده،
والمانع رفده ،والضارب عبده ،والملجئ عياله إلى غيره ) .(1بيان:
البهات مبالغة من البهتان ،وهو أن يقول في الناس ما ليس فيهم قال
الجوهري :بهته بهتا أخذه بغتة ،قال ال تعالى " :بل تأتيهم بغتة فتبهتهم
" ) .(2وتقول أيضا :بهته بهتا وبهتا وبهتانا فهو بهات أي قال عليه ما لم
يفعله فهو مبهوت انتهى ) (3والجري بالياء المشددة وبالهمزة أيضا على
فعيل ،وهو المقدام على القبيح من غير توقف والسم الجرأة والفحاش ذوا
الفحش وهو كلما يشتد قبحه من القوال والفعال وكثيرا ما يراد به الزنا،
وقد مر الكلم فيه " .الكل وحده " أقول :لعل النكتة في ايراد العاطف في
الخيرات وتركها في الول الشعار بأن البهت والجرأة والفحش صارت
لزمة له كالذاتيات ،فصرن كالذات التي اجريت عليها الصفات فناسب إيراد
العاطف بين الصفات لتغايرها ويحتمل أن تكون العلة الفصل بالمعمول أي
وحده ورفده وعبده بين الفقرات الخيرة وعدمها في الول فتأمل" ،
والمانع رفده " قد مر الكلم فيه وعدم حرمة هذه الخصلة ل ينافي كون
المتصف بجميع تلك الصفات من شرار الناس ،فانه الظاهر من الخبر ،ل
كون المتصف بكل منها من شرار الناس ،وقيل :يفهم منه ومما سبقه أن
ترك المندوبات وما هو خلف المروة شر ،فالمراد بشرار الرجال فاقد
الكمال سواء كان فقده موجبا للعقوبة أم ل انتهى " والملجئ عياله إلى
غيره " أي ل ينفق عليهم ول يقوم بحوائجهم - 14 .كا :علي بن إيراهيم،
عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن ميسر ،عن
) (1الكافي ج 2ص (2) .292النبياء (3) .40 :الصحاح ج 20ص [*] .244
][116
أبيه ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :خمسة
لعنتهم -وكل نبي مجاب -الزائد في كتاب ال ،والتارك لسنتي ،والمكذب
بقدر ال ،والمستحل من عترتي ما حرم ال ،والمستأثر بالفئ المستحل له
) .(1بيان) :كل نبي مجاب( أقول :يحتمل أن يكون عطفا على فاعل لعنتهم
وترك التأكيد بالمنفصل للفصل بالضمير المنصوب ،مع أنه قد جوزه
الكوفيون مطلقا وقيل) :كل( منصوب على أنه مفعول معه ،فقوله :مجاب
صفة للنبي أي لعنهم كل نبي أجابه قومه أو لبد من أن يجيبه قومه ،أو
أجاب ال دعوته فالصفة موضحة ،ويحتمل أن يكون )كل( مبتدأ )ومجاب(
خبرا والجملة حالية أي والحال أن كل نبي مستجاب الدعوة ،فلعني يؤثر
فيهم ل محالة ويحتمل العطف أيضا .ويؤيد الول ما في مجالس الصدوق
وغيره من الكتب ولعنهم كل نبي " .والتارك لسنتي " أي مغير طريقته
والمبتدع في دينه " والمكذب بقدر ال " أي المفوضة الذين يقولون:
ليس ل في أعمال العباد مدخل أصل كالمعتزلة وقد مر تحقيقه "
والمستحل من عترتي ما حرم ال " المراد بعترته أهل بيته والئمة من
ذريته باستحلل قتلهم أو ضربهم أو شتمهم أو إهانتهم أو ترك مودتهم أو
غصب حقهم أو عدم القول بامامتهم أو ترك تعظيمهم " .والمستأثر بالفئ
المستحل له " في النهاية :الستيثار النفراد بالشئ وقال :الفئ ما حصل
للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ول جهاد انتهى .وأقول :الفئ
يطلق على الغنيمة والخمس والنفال وكل ذلك يتعلق بالمام كل أو بعضا
كما حقق في محله - 15 .كا :عن علي ،عن أبيه ،عن حماد بن عيسى،
عن إبراهيم بن عمر اليماني ،عن عمر بن اذينة ،عن أبان بن أبي عياش،
عن سليم بن قيس الهللي
][117
عن أمير المؤمنين صلوات ال عليه قال :بني الكفر ) (1على أربع دعائم :الفسق،
والغلو
) (1هذا الحديث جزء من خطبة خطبها علي عليه الصلة والسلم في داره أو في
القصر وأصحابه مجتمعون حوله ،ثم أمر عليه السلم فكتب في كتاب
وقرئ على الناس ،وقد يقال أن عبد ال بن الكواء سأله صلوات ال عليه
عن صفة السلم واليمان والكفر والنفاق فخطبها ،والخطبة مروية
بطرق مختلفة رواها أرباب الجوامع الحديثية صدرها في بيان شرف
السلم واليمان وخصائصهما وبعده بيان دعائم اليمان والكفر والنفاق
وشرح شعب كل واحد منها .فبعضهم رواها مفصل من أوله إلى آخره في
فصل واحد كما تراه في تحف العقول ص ) 163 - 158ط -اسلمية(
وهكذا رواها بأجمعها إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات على ما
أخرجه المؤلف العلمة في ج 68ص 385من طبعتنا هذه ،كما مر
فصوله الخيرة عن خصال الصدوق ص 89من هذا المجلد .وبعضهم
جزءها في فصول متعددة وروى في كل فصل ما يناسب عنوانه كما فعله
ثقة السلم الكليني في الكافي فروى صدرها في باب صفة السلم ج 2
ص ،49وبعده في باب صفة اليمان ص ) 50وقد نقلهما المؤلف العلمة
مشروحا في ج 68في باب واحد الباب 27باب دعائم اليمان والسلم(.
ثم ما بعده في باب دعائم الكفر وشعبه ج 2ص 391وآخره في باب
صفة النفاق والمنافق ص 393وقد جمع المؤلف العلمة بينهما في هذا
الباب كما تراه وقد أراد أن يشرح فقراتها نقل عن شرحه على الكافي
)مرآت العقول( فعاقه عن ذلك الجل -رضوان ال عليه .-قال في ج 68
ص :374أقول :فرق الكليني قدس ال روحه الخبر على أربعة أبواب
فجمعنا ما أورده في بابي السلم واليمان هنا ،وسنورد ما أورده في
بابي الكفر والنفاق في بابيهما مع شرح تتمة ما أورده السيد )يعني
الرضي في نهج البلغة( وصاحب التحف وغيرهما )كمجالس المفيد ص
170ومجالس الشيخ ج 1ص .(35ولكن كما ترى القارئ الكريم ما
يتعلق بباب الكفر والنفاق منقول في هذا الباب تماما من دون شرح فمن
أراد شرح ذلك فليراجع مرآت العقول ج 2ص 387 - 379ولما كان
الشرح طويل لم ننقله ههنا حذرا من التطويل ،وانما ننقل منه ما ل بد
منه في فهم المراد وال المستعان[*] .
][118
والشك والشبهة ) .(1والفسق على أربع شعب :على الجفاء والعمى والغفلة
والعتو ،فمن جفا احتقر الحق ،ومقت الفقهاء وأصر على الحنث العظيم،
ومن عمى نسي الذكر واتبع الظن وبارز خالقه ،وألح عليه الشيطان،
وطلب المغفرة بل توبة ول استكانة ول غفلة ) .(2ومن غفل جنى على
نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا وغرته الماني وأخذته
الحسرة والندامة إذا قضي المر وانكشف عنه الغطاء ،وبدا له ما لم يكن
يحتسب ،ومن عتا عن أمر ال شك ومن شك تعالى ال عليه فأذله بسلطانه
وصغره بجلله كما اغتر بربه الكريم وفرط في أمره .والغلو على أربع
شعب :على التعمق بالرأي ) (3والتنازع فيه والزيغ والشقاق ،فمن تعمق
لم ينب إلى الحق ولم يزدد إل غرقا في الغمرات ،ولم
) (1قال الراغب في المفردات ص :433الكفر ستر الشئ ووصف الليل بالكافر
لستره الشخاص ،والزراع لستره البذر في الرض ،وليس ذلك باسم
لهما وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها ،قال تعالى " :فل
كفران لسعيه " وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة
والكفران في جحود النعمة أكثر استعمال ،والكفر في الدين أكثر ،والكفور
فيهما جميعا .وقال ابن ميثم في شرح النهج :583وأما الكفر :فرسمه
أنه جحد الصانع أو انكار أحد رسله عليهم السلم أو ما علم مجيئهم به
بالضرورة ،وله أصل ،وهو ما ذكرناه وكمالت ومتممات هي الرذائل
الربع التي جعلها دعائم له (2) .قوله " :ول غفلة " أي غفلة عن
الذنوب وشبهة عرضت له فيها ،ويحتمل أن يكون تصحيف " :نقلة "
أي انتقال عن الذنوب وتركها (3) .أي التعمق والغور في المور بالراء
والمقاييس الباطلة يقال تعمق في المر :اي بالغ في النظر فيه ،والمراد
به المبالغة المفضية إلى حد الفراط وبعد ظهور الحق كمن وصل في
البئر إلى الماء وقضى الوطر ،ثم غاص في البئر فغرق -منه ره[*] .
][119
تنحسر عنه فتنة إل غشيته اخرى وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج ) (1ومن
نازع في الرأي وخاصم شهر بالعثل ) (2من طول اللجاج ،ومن زاغ قبحت
عنده الحسنة ،وحسنت عنده السيئة ،ومن شاق أعورت عليه طرقه،
واعترض عليه أمره ،فضاق مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين .والشك
على أربع شعب :على المرية والهوى والتردد والستسلم ،وهو قول ال
عزوجل " :فبأي آلء ربك تتمارى " ) .(3وفي رواية أخرى :على المرية
والهول من الحق والتردد والستسلم للجهل وأهله فمن هاله ما بين يديه
نكص على عقبيه ،ومن امترى في الدين تردد في الريب وسبقه الولون
من المؤمنين ،وأدركه الخرون ،ووطئته سنابك الشيطان ) (4ومن
استسلم لهلكة الدنيا والخرة ،هلك فيما بينهما ،ومن نجا من ذلك فمن
فضل اليقين ،ولم يخلق ال خلقا أقل من اليقين .والشبهة على أربع شعب:
إعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأول العوج )(5
) (1أي أمر مختلط بالباطيل المختلفة أو بالحق والباطل (2) .في بعض النسخ
بالعين المهملة والثاء المثلثة أي الحمق وقد يقرء بالتاء المثناة ومعناه
السراع إلى الباطل ،وفي أكثر النسخ " بالفشل " وهو الضعف والجبن،
قيل :وإنما شهر بالفشل لن خصمه المبطل ل ينقاد للحق ،بل ل يزال
يجادل بالباطل ليدحض به الحق فيظهر ضعف هذا الحق فيشهر به ،منه
ره (3) .النجم ،55 :والتمارى :المجادلة لظهار قوة الجدل ،وقد يكون
الممارى شاكا في نفسه أو يعتقد خلفه ،ومعذلك يتمارى مع الخصم
ليغلب عليه (4) .السنابك جمع سنبك كقنفذ ،وهو طرف الحافر ،كناية عن
استيلء الشيطان وجنوده عليه ،منه ره (5) .أي تأول المر المعوج
والباطل بما يظن أنه حق ومستقيم ،وقيل يعني التأويل الغير المستقيم،
منه ره[*] .
][120
ولبس الحق بالباطل ،وذلك بأن الزينة تصدف عن البينة ) (1وأن تسويل النفس
تقحم على الشهوة وأن العوج يميل بصاحبه ميل عظيما وأن اللبس ظلمات
بعضها فوق بعض ،فذلك الكفر ودعائمه وشعبه .وقال :والنفاق على أربع
دعائم :على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع .فالهوى على أربع شعب:
على البغي والعدوان والشهوة والطغيان ،فمن بغى كثرت غوائله ،ونخلي
منه نصر عليه ،ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه ،ولم يملك
نفسه عن الشهوات ،ومن لم يعذل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات،
ومن طغى ظل على العمل بل حجة ) .(2والهوينا ) (3على أربع شعب:
على الغرة والمل والهيبة والمماطلة ،وذلك لن الهيبة ترد عن الحق،
والمماطلة تفرط في العمل ،حتى يقدم عليه الجل ولول المل علم النسان
حسب ما هو فيه ولو علم حسب ما هو فيه مات خفاتا ) (4من الهول
والوجل ،والغرة تقصر بالمرء عن العمل .والحفيظة على أربع شعب :على
الكبر والفخر والحمية والعصبية ،فمن استكبر أدبر عن الحق ومن فخر
فجر ،ومن حمي أصر على الذنوب ،ومن أخذته العصبية جار ،فبئس المر
أمر بين إدبار وفجور ،وإصرار وجور على الصراط .والطمع على أربع
شعب :الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر ،فالفرح مكروه عند ال ،والمرح
خيلء ،واللجاجة بلء لمن اضطرته إلى حمل الثام
) (1يعني أن زينة الباطل يمنع النظر ويصدفه عن الدليل الذي يبين الحق من
الباطل وهذا هو المراد بقوله " اعجاب بالزينة " (2) .في بعض النسخ
" على عمد بل حجة " كما في المصدر المطبوع (3) .الهوينا :التؤدة
والرفق ،وهي تصغير الهونى والهونى تأنيث الهون ويجوز أن تكون
الهونى فعلى اسما من الهينة أي السكينة والوقار ،ولعل المراد هنا
السكينة والهوينا التي تراها على الفراعنة والجبارين ،وهي المناسبة
للغرة والمل والهيبة والمماطلة (4) .اي مات فجاءة[*] .
][121
والتكاثر لهو ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ،فذلك النفاق
ودعائمه وشعبه .وال قاهر فوق عباده ،تعالى ذكره وجل وجهه وأحسن
كل شئ خلقه وانبسطت يداه ،ووسعت كل شئ رحمته ،فظهر أمره وأشرق
نوره ،وفاضت بركته ،واستضاءت حكمته ،وهيمن كتابه ،وفلجت حجته،
وخلص دينه ،و استظهر سلطانه ،وحقت كلمته ،وأقسطت موازينه ،وبلغت
رسله ،فجعل السيئة ذنبا والذنب فتنة ،والفتنة دنسا ،وجعل الحسنى عتبى،
والعتبى توبة ،والتوبة طهورا .فمن تاب اهتدى ،ومن افتتن غوى ،ما لم
يتب إلى ال ويعترف بذنبه ،ول يهلك على ال إل هالك .ال ال فما أوسع
ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم ،وما أنكل ما عنده من
النكال والجحيم والبطش الشديد ،فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته ومن
دخل في معصيته ذاق وبال نقمته ،وعما قليل ليصبحن نادمين - 16 .ل )
(1لى :عن ابن الوليد ،عن الصفار ،عن ابن معروف ،عن بكر بن محمد
الزدي ،عن أبي بصير قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :اصول الكفر
ثلثة :الحرص والستكبار والحسد ،فأما الحرص فان آدم عليه السلم
حين نهي عن الشجرة حمله الحرص على أن أكل منها ،وأما الستكبار
فابليس حين امر بالسجود لدم استكبر وأما الحسد فابنا آدم حين قتل
أحدهما صاحبه حسدا ) - 17 .(2لى :عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي،
عن السكوني ،عن الصادق عن آبائه عليهم السلم ،عن النبي صلى ال
عليه وآله قال :أركان الكفر أربعة :الرغبة والرهبة والسخط والغضب )
- 18 .(3ل :في ما أوصى به النبي صلى ال عليه وآله عليا عليه السلم:
يا علي كفر بال العظيم
][122
من هذه المة عشرة :القتات ،والساحر ،والديوث ،وناكح المرأة حراما في دبرها
وناكح البهيمة ،ومن نكح ذات محرم منه ،والساعي في الفتنة ،وبايع
السلح من أهل الحرب ،ومانع الزكاة ،ومن وجد سعة فمات ولم يحج ).(1
- 19ل :عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن
فضال معا ،عن ابن أسباط ،عن الحسن بن يزيد ،عن محمد بن سالم ،عن
ابن طريف ،عن ابن نباته قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :الكفر على
أربع دعائم :على الفسق والعتو ) (2والشك والشبهة .والفسق على أربع
شعب :على الجفاء والعمى والغفلة والعتو ،فمن جفا حقر الحق ومقت
الفقهاء وأصر على الحنث العظيم ،ومن عمي نسي الذكر واتبع الظن وألح
عليه الشيطان ،ومن غفل غرته الماني وأخذته الحسرة إذا انكشف الغطاء
وبدا له من ال ما لم يكن يحتسب ،ومن عتا عن أمر ال تعالى ال عليه ثم
أذله بسلطانه وصغره بجلله كما فرط في جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم.
والعتو ) (3على أربع شعب :على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق ،فمن
تعمق لم ينب إلى الحق ،ولم يزدد إل غرقا في الغمرات ،فلم تحتبس منه
فتنة إل غشيته اخرى وانخرق دينه فهو يهيم في أمر مريج ،ومن نازع
وخاصم قطع بينهم الفشل ،وذاقوا وبال أمرهم وسائت عنده الحسنة،
وحسنت عنده السيئة ،ومن سائت عليه الحسنة اعتورت عليه طرقه،
واعترض عليه أمره ،وضاق عليه مخرجه ،وحري أن يرجع من دينه،
ويتبع غير سبيل المؤمنين .والشك على أربع شعب :على الهول والريب
والتردد والستسلم " فبأي آلء ربك تتمارى " :المتمارون ،فمن هاله ما
بين يديه نكص على عقبيه ومن تردد في الريب سبقه الولون وأدركه
الخرون ،وقطعته سنابك الشياطين ومن استسلم لهلكة الدنيا والخرة هلك
فيما بينهما ،ومن نجا فباليقين .والشبهة على أربع شعب :على العجاب
بالزينة ،وتسويل النفس وتأول العوج
وتلبس الحق بالباطل .وذلك بأن الزينة تزيد على الشبهة وأن تسويل النفس يقحم
على الشهوة وأن العوج يميل ميل عظيما ،وأن التلبس ظلمات بعضها فوق
بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه ) - 20 .(1سر :عن ابن محبوب ،عن
أبي أيوب ،عن محمد بن مسلم قال :سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول :ل
دين لمن دان بطاعة من يعصي ال ،ول دين لمن دان بفرية باطل على
ال ،ول دين لمن دان بجحود شئ من آيات ال) * (100) .باب( * * "
الشك في الدين ،والوسوسة ،وحديث النفس ،وانتحال اليمان " * اليات:
البقرة :وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به ال فيغفر لمن يشآء
ويعذب من يشاء وال على كل شئ قدير ) .(2النعام :ثم أنتم تمترون ).(3
الحج :ومن الناس من يعبد ال على حرف فان أصابه خير اطمأن به وإن
أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو الخسران
المبين ) .(4سبا :إنهم كانوا في شك مريب ) .(5المؤمن :ولقد جائكم
يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم
لن يبعث ال من بعده رسول كذلك يضل ال من هو مسرف مرتاب ).(6
السجدة :وإنهم لفي شك منه مريب ).(7
][124
حمعسق :وإن الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب ) .(1الدخان :بل
هم في شك يلعبون ) .(2الحجرات :إنما المؤمنون الذين آمنوا بال
ورسوله ثم لم يرتابوا ) .(3النجم :فبأي آلء ربك تتمارى ) - 1 .(4ضا:
نروي من شك في ال بعد ما ولد على الفطرة لم يتب أبدا .وأروي أن أمير
المؤمنين عليه السلم قال في كلم له :إن من البلء الفاقة ،وأشد من
الفاقة مرض البدن ،وأشد من مرض البدن مرض القلب .وأروي ل ينفع
من الشك والجحود عمل .وأروي من شك أو ظن فأقام على إحداهما أحبط
عمله .وأروي في قول ال عزوجل) :وما وجدنا لكثرهم من عهد وإن
وجدنا أكثرهم لفاسقين( ) (5قال :نزلت في الشكاك .وأروي في قوله" :
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " ) (6قال :الشك ،الشاك في الخرة
مثل الشاك في الولى .نسأل الثبات وحسن اليقين .وأروي أنه سئل عن
رجل يقول بالحق ويسرف على نفسه بشرب الخمر ويأتي الكبائر ،وعن
رجل دونه في اليقين وهو ل يأتي ما يأتيه فقال صلى ال عليه وآله:
أحسنهما يقينا كنائم على المحجة إذا انبته ركبها والدون الذي يدخله
الشك كالنائم على غير طريق ل يدري إذا انبته أيهما المحجة - 2 .مص:
قال الصادق عليه السلم :ل يتمكن الشيطان بالوسوسة من العبد إل وقد
أعرض عن ذكر ال ،واستهان بأمره ،وسكن إلى نهيه ،ونسي اطلعه
على سره .فالوسوسة ما يكون من خارج البدن باشارة معرفة العقل،
ومجاورة الطبع
) (1الشورى (2) .14 :الدخان (3) .9 :الحجرات (4) .15 :النجم(5) .55 :
العراف (6) .102 :النعام[*] .82 :
][125
وأما إذا تمكن في القلب فذلك غي وضللة وكفر ،وال عزوجل دعا عباده باللطف
دعوة ،وعرفهم عداوته ،فقال عز من قائل " إن الشيطان لكم عدو مبين "
) (1وقال " :إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا " ) (2الية .فكن معه
كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه ،وكذلك إذا أتاك
الشيطان موسوسا ليصدك عن سبيل الحق ،وينسيك ذكر ال فاستعذ بربك
وربه منه ،فانه يؤيد الحق على الباطل ،وينصر المظلوم لقوله عزوجل "
إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " ) (3ولن تقدر
على هذا ومعرفة إتيانه ومذهب وسوسته إل بدوام المراقبة ،والستقامة
على بساط الخدمة وهيبة المطلع ،وكثرة الذكر ،وأما المهمل لوقاته فهو
صيد الشيطان ل محالة .واعتبر بما فعل بنفسه من الغراء والستكبار من
حيث غره وأعجبه عمله وعبادته وبصيرته ورأيه ،قد أورثه عمله
ومعرفته واستدلله بمعقوله عليه اللعنة إلى البد ،فما ظنك بنصيحته
ودعوته غيره ،فاعتصم بحبل ال الوثق ،وهو اللتجاء والضطرار بصحة
الفتقار إلى ال في كل نفس ،ول يغرنك تزيينه الطاعات عليك ،فانه يفتح
لك تسعة وتسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المائة فقابله بالخلف
والصد عن سبيله ،والمضادة باستهزائه ) - 3 .(4شى :قال الحسين بن
الحكم الواسطي :كتبت إلى بعض الصالحين أشكو الشك فقال :إنما الشك
فيما ل يعرف ،فإذا جاء اليقين فل شك يقول ال " وما وجدنا لكثرهم من
عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين( ) (5نزلت في الشكاك ).(6
) (1لفظ اليات " انه لكم عدو مبين " (2) .فاطر (3) .6 :النحل (4) .99 :مصباح
الشريعة ص (5) .26العراف (6) .102 :تفسير العياشي ج 2ص .23
]*[
][126
شى :عن زرارة ،عن أبي جعفر عليه السلم " وأما الذين في قلوبهم مرض
فزادتهم رجسا إلى رجسهم( ) (1يقول :شكا إلى شكهم ) - 5 .(2جا :علي
بن أحمد الكاتب ،عن محمد بن همام ،عن الحميري ،عن البرقي عن
القاسم ،عن جده ،عن محمد بن مسلم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
اعلموا أن ال يبغض من خلقه المتلون ،فل تزولوا عن الحق وأهله ،فان
من استبد بالباطل وأهله هلك ،وفاتته الدنيا ،وخرج منها ]صاغرا[ ظ ).(3
- 6ب :ابن سعد ،عن الزدي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم :إن الشك والمعصية في النار ،ليسا منا ول الينا،
وإن قلوب المؤمنين لمطوية باليمان طيا فإذا أراد ال انارة ما فيها فتحها
بالوحي فزرع فيها الحكمة زارعها وحاصدها ) - 7 .(4ل :أبي ،عن أحمد
بن إدريس ،عن الشعري ،عن موسى بن جعفر البغدادي ،عن علي بن
معبد ،عن إبراهيم بن إسحاق ،عن عبد ال بن سنان ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :كان رسول ال صلى ال عليه وآله يتعوذ في كل يوم من
ست :من الشك والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد ) - 8 .(5ن:
بالسانيد الثلثة ،عن الرضا ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :أفضل العمال عند ال عزوجل إيمان ل شك فيه،
وغزو ل غلول فيه ،وحج مبرور ،وأول من يدخل الجنة شهيد ،وعبد
مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده ،ورجل عفيف متعفف ذو عبادة
وأول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل ،وذو ثروة من المال لم يعط
المال حقه
) (1براءة (2) .125 :تفسير العياشي ج 2ص (3) .118مجالس المفيد ص .88
) (4قرب السناد ص (5) .17الخصال ج 1ص [*] .160
][127
وفقير فخور ) - 9 .(1لى :أبي ،عن علي ،عن أبيه ،عن صفوان ،عن الكناني ،عن
الصادق عليه السلم قال :قال النبي صلى ال عليه وآله :الريب كفر ).(2
- 10ثو :أبي ،عن سعد ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن بكر بن محمد الزدي
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :إن
الشك والمعصية في النار ليسا منا ول إلينا ) .(3سن :أبي ،عن بكر بن
محمد مثله ) - 11 .(4سن :ابن عيسى ،عن ابن محبوب ،عن ابن سنان،
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :من شك في ال وفي رسوله فهو كافر )
- 12 .(5سن :علي بن عبد ال ،عن موسى بن سعدان ،عن عبد ال بن
القاسم ،عن المفضل ،عن الصادق ،عن أبيه عليهما السلم قال :إن ال
عزوجل جعل عليا علما بينه وبين خلقه ،ليس بينه وبينهم علم غيره فمن
تبعه كان مؤمنا ،ومن جحده كان كافرا ،ومن شك فيه كان مشركا )13 .(6
-ضا :أروي أنه سئل العالم عليه السلم عن حديث النفس فقال :من يطيق
أل تحدث نفسه ،وسألت العالم عليه السلم عن الوسوسة إن كثرت ،قال:
ل شئ فيها يقول :ل إله إل ال .وأروي أن رجل قال للعالم :يقع في نفسي
أمر عظيم ،فقال :قل :ل إله إل ال ،وفي خبر آخر :ل حول ول قوة إل
بال.
) (1عيون الخبار ج 2ص (2) .28أمالي الصدوق ص (3) .292ثواب العمال
ص (4) .231المحاسن ص (5) .249المحاسن ص (6) .89المصدر
نفسه[*] .
][128
ونروي أن ال تبارك وتعالى عفا لمتي عن وساوس الصدر ونروي عنه أن ال
تجاوز لمتي عما تحدث به أنفسها ال ما كان يعقد عليه .وأروي إذا خطر
ببالك في عظمته وجبروته أو بعض صفاته شئ من الشياء فقل :ل إله إل
ال محمد رسول ال وعلي أمير المؤمنين ،إذا قلت ذلك عدت إلى محض
اليمان .وأروي أن ال تبارك وتعالى أسقط عن المؤمن ما ل يعلم ،وما ل
يعتمد والنسيان ،والسهو ،والغلط ،وما استكره عليه ،وما اتقي فيه ،وما ل
يطيق - 14 .شى :عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله:
" كذلك يجعل ال الرجس على الذين ل يؤمنون " ) (1قال :هو الشك ).(2
- 15كا :عن علي بن إابراهيم ،عن هارون بن مسلم ،عن مسعدة بن
صدقة قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :وسئل عن إيمان من
يلزمنا حقه واخوته كيف هو وبما يثبت وبما يبطل ؟ فقال :إن اليمان قد
يتخذ على وجهين أما أحدهما فهو الذي يظهر لك من صاحبك ،فإذا ظهر
لك منه مثل الذي تقول به أنت ،حقت وليته واخوته ،إل أن يجئ منه نقض
للذي وصف من نفسه وأظهره لك .فان جاء منه ما تستدل به على نقض
الذي ظهر لك ،خرج عندك مما وصف لك وظهر ،وكان لما أظهر لك
ناقضا ،إل أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقية ،ومع ذلك ينظر فيه ،فان كانت
ليس مما يمكن أن يكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك ،لن للتقية
مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له .وتفسير ما يتقي مثل ]أن
يكون[ قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله ،فكل
شئ يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما ل يؤدي إلى الفساد في الدين
فانه جائز ).(3
) (1النعام (2) .125 :تفسير العياشي ج 1ص (3) .377الكافي ج 2ص .168
]*[
][129
بيان) :وسئل( الواو للحال بتقدير " قد " واثبات اللف في قوله " :بم " في
الموضعين مع دخول حرف الجر شاذ وقوله " :فقال " تكرير وتأكيد
لقوله " :يقول " قوله " :قد يتخذ " " قد " هنا للتحقيق .وإنما اكتفى
بذكر أحد وجهي اليمان مع التصريح بالوجهين وكلمة " أما " التفصيلية
المقتضية للتكرار لظهور القسم الخر من ذكر هذا القسم ،والقسم الخر
هو ما يعرف بالصحبة المتأكدة والمعاشرة المتكررة الموجبة للظن القوي
بل اليقين ،وإن كان نادرا ،فان اليمان أمر قلبي ل يظهر للغير إل بآثاره
من القول والعمل المخبرين عنه كما مر تحقيقه ،أو القسم الخر ما كان
معلوما بالبرهان القطعي كالحجج عليهم السلم وخواص أصحابهم الذين
أخبروا بصحة إيمانهم وكماله كسلمان وأبي ذر والمقداد وأضرابهم رضي
ال عنهم .ونظير هذا في ترك معادل " أما " قوله تعالى " :وأنزلنا اليكم
نورا مبينا * فأما الذين آمنوا بال واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه
وفضل " ) (1إذ ظاهر أن معادله :وأما الذين كفروا بال ولم يعتصموا به
فسيدخلهم جهنم " .حقت " بفتح الحاء وضمها ،لنه لزم ومتعد " وليته
" أي محبته " واخوته " أي في الدين " ومع ذلك ينظر فيه " أي فيه
تفصيل " فان كان " اسمه الضمير الراجع إلى )ما تستدل به( وجملة "
ليس " الخ خبره ،و " ذلك " إشارة إلى الدعوى المذكور في ضمن " ال
أن يدعي " و " تفسير " مبتدأ و " يتقى " على بناء المجهول بتقدير "
يتقى فيه " و " مثل " خبره .و " قوم " مضاف إلى السوء بالفتح و "
ظاهر " صفة السوء ،وجملة " حكمهم " الخ صفة للقوم ،أو ظاهر صفة
القوم لكونه بحسب اللفظ مفردا ،أي قوم غالبين " وحكمهم " الخ جملة
اخرى كما مر ،أو " حكمهم " فاعل " ظاهر " أي قوم سوء كون حكمهم
وفعلهم على غير الحق ظاهر ،أو " ظاهر " مرفوع مضاف إلى " حكمهم
" وهو مبتدأ و " على غير " خبره ،والجملة صفة القوم.
][130
وبالجملة يظهر منه أن التقية إنما تكون لدفع ضرر ل لجلب نفع بأن يكون السوء
بمعنى الضرر ،أو الظاهر بمعنى الغالب ،ويشترط فيه عدم التأدي إلى
الفساد في الدين ،كقتل نبي أو إمام أو اضمحلل الدين بالكلية ،كما أن
الحسين عليه السلم لم يتق للعلم بأن تقيته يؤدي إلى بطلن الدين بالكلية.
فالتقية إنما تكون فيما لم يصر تقيته سببا لفساد الدين وبطلنه ،كما أن
تقيتنا في غسل الرجلين أو بعض أحكام الصلة وغيرها ل تصير سببا
لخفاء هذا الحكم وذهابه من بين المسلمين ،لكن لم أر أحدا صرح بهذا
التفصيل ،وربما يدخل في هذا التقية في الدماء وفيه خفاء .ويمكن أن يراد
بالداء إلى الفساد في الدين أن يسري إلى العقائد القلبية ،أو يعمل التقية
في غير موضع التقية .ثم اعلم أنه يستفاد من ظاهر هذا الخبر وجوب
المواخاة وأداء الحقوق بمجرد ثبوت التشيع ،قيل :وهو على إطلقه مشكل
كيف ولو كان ذلك كذلك للزم الحرج وصعوبة المخرج ،إل أن يخصص
التشيع بما ورد من الشروط في أخبار صفات المؤمن وعلماته .وأقول:
يمكن أن يكون الستثناء الوارد في الخبر بقوله " :إل أن يجئ منه نقض
" شامل لكبائر المعاصي بل العم.
][131
)) (101باب( * " )كفر المخالفين والنصاب وما يناسب ذلك( " * أقول :قد مضى
الخبار في كتاب المامة باب أن مبغضهم كافر حلل الدم ) - 1 .(1فس:
أبي ،عن النضر ،عن يحيى الحلبي ،عن المعلى بن خنيس ،عن أبي عبد
ال عليه السلم في قوله " :ان الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا " )(2
قال :فارق القوم وال دينهم ) - 2 .(3ل :أبي ،عن سعد ،عن علي بن
إسماعيل الشعري ،عن محمد بن سنان ،عن أبي مالك الجهني قال:
سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :ثلثة ل يكلمهم ال يوم القيامة ،ول
ينظر إليهم ول يزكيهم ولهم عذاب أليم :من ادعى إماما ليست إمامته من
ال ،ومن جحد إماما إمامته من عند ال عزوجل ،ومن زعم أن لهما في
السلم نصيبا ) - 3 .(4ع :ابن الوليد ،عن محمد العطار ،عن الشعري،
عن إبراهيم بن إسحاق ،عن عبد ال بن حماد ،عن عبد ال بن سنان ،عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لنك ل
تجد رجل يقول :أنا ابغض محمدا وآل محمد ولكن الناصب من نصب لكم
وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا ).(5
) (1راجع كتاب المامة الباب 130باب ذم مبغضيهم وأنه كافر حلل الدم وثواب
اللعن على أعدائهم (2) .النعام (3) .159 :تفسير القمي ص (4) .210
الخصال ج 1ص (5) .52علل الشرائع ج 2ص [*] .289
][132
ثو :أبي ،عن أحمد بن إدريس ،عن الشعري مثله ) - 4 .(1ع :ابن إدريس ،عن
أبيه ،عن الشعري ،عن أبي عبد ال الرازي عن علي بن سليمان بن
رشيد باسناده رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلم قال :يحشر المرجئة
عميانا إمامهم أعمى ،فيقول بعض من يراهم من غير امتنا :ما تكون امة
محمد إل عميانا ،فأقول لهم :ليسوا من امة محمد ،لنهم بدلوا فبدل ما بهم
وغيروا فغير ما بهم ) .(2ثو :ابن الوليد ،عن محمد العطار ،عن الشعري
مثله ) - 5 .(3ع :عن محمد بن عيسى ،عن الفضل بن كثير المدايني ،عن
سعيد بن سعيد البلخي قال :سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول :إن ل
عزوجل في وقت كل صلة يصليها هذا الخلق لعنة .قال :قلت :جعلت فداك
ولم ذاك ؟ قال :بجحودهم حقنا وتكذيبهم إيانا ) .(4ثو :أبي ،عن سعد ،عن
محمد بن عيسى مثله ) - 6 .(5مع :أبي ،عن سعد ،عن ابن أبي الخطاب،
عن محمد بن سنان ،عن حمزة ومحمد ابني حمران قال :قال أبو عبد ال
عليه السلم لحمران :التر تر حمران مد المطمر بينك وبين العالم )(6
قلت :يا سيدي وما المطمر ؟ فقال :أنتم تسمونه خيط البناء ،فمن خالفك
على هذا المر فهو زنديق ،فقال حمران :وإن كان علويا
) (1ثواب العمال ص (2) .187علل الشرائع ج 2ص (3) .289ثواب العمال
ص (4) .188علل الشرائع ج 2ص (5) .289ثواب العمال ص .188
) (6إنما قال عليه السلم ذلك لحمران بعد ما أقر بالعقائد الحقة وشهده
عنده عليه السلم بالمامة والرسالة[*] .
][133
فاطميا ؟ فقال أبو عبد ال عليه السلم :وإن كان محمديا علويا فاطميا )- 7 .(1
مع :ابن المتوكل ،عن علي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن عبد ال بن
سنان قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :ليس بينكم وبين من خالفكم إل
المطمر ،قلت :وأي شئ المطمر ؟ قال :الذي تسمونه التر ،فمن خالفكم
وجازه فابرؤا منه ،وإن كان علويا فاطميا ) - 8 .(2ثو :عن أبيه ،عن
سعد ،عن البرقي ،عن علي بن عبد ال ،عن موسى ابن سعيد ،عن عبد
ال بن القاسم ،عن المفضل بن عمر ،عن الصادق ،عن أبيه عليهما السلم
قال :إن ال تبارك وتعالى جعل عليا عليه السلم علما بينه وبين خلقه ليس
بينهم وبينه علم غيره ،فمن تبعه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ،ومن
شك فيه كان مشركا ) - 9 .(3ثو :عن أبيه ،عن سعد .عن البرقي ،عن
محمد بن حسان ،عن محمد بن جعفر ،عن أبيه عليه السلم قال :علي
عليه السلم باب هدى من خالفه كان كافرا ومن أنكره دخل النار ).(4
سن :عن محمد بن حسان مثله ) - 10 .(5ثو :بالسناد المتقدم عنه عليه
السلم قال :نزل جبرئيل على النبي صلى ال عليه وآله فقال :يا محمد
السلم يقرئك السلم ويقول :خلقت السماوات السبع وما فيهن والرضين
السبع ومن عليهن وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام ،ولو أن
عبدا دعاني منذ خلقت السماوات والرض ثم لقيني جاحدا لولية علي
صلوات ال عليه لكببته في سقر ).(6
][134
سن :عن محمد بن حسان مثله ) - 11 .(1ثو :عن أبيه ،عن سعد ،عن البرقي ،عن
أبي عمران الرمني ،عن ابن البطائني ،عن أبيه ،عن ابن أبي العل قال:
سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :لو جحد أمير المؤمنين عليه السلم
جميع من في الرض لعذبهم ال جميعا وأدخلهم النار ) .(2سن :عن أبي
عمران مثله ) - 12 .(3سن :في رواية أبي حمزة ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :التاركون ولية علي عليه
السلم المنكرون لفضله المظاهرون أعداءه خارجون عن السلم ،من
مات منهم على ذلك ) - 13 .(4سن :عن محمد بن علي ،عن المفضل بن
صالح ،عن محمد بن مروان عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :من أبغضنا أهل البيت بعثه ال يهوديا قيل:
يارسول ال وإن شهد الشهادتين ؟ قال :نعم إنما احتجب بهاتين الكلمتين
عند سفك دمه أو يؤدي إلي الجزية وهو صاغر ،ثم قال :من أبغضنا أهل
البيت بعثه ال يهوديا قيل :وكيف يارسول ال ؟ قال :إن أدرك الدجال آمن
به ) - 14 .(5سن (6) :عن أبيه وابن الوليد وابن المتوكل جميعا ،عن
سعد والحميري معا ،عن محمد بن عيسى ،عن ابن محبوب ،عن أبي سعيد
المكاري عن عمار ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سمعته يقول :من
مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية كفر وشرك وضللة.
) (1المحاسن ص (2) .90ثواب العمال (3) .189 :المحاسن(4) .89 :
المحاسن (5) .89 :المحاسن 90 :وترى مثله في ثواب العمال ص
(6) .184كذا ،والطريق للصدوق[*] .
][135
- 15سن (1) :علي بن أحمد ،عن حمزة العلوي ،عن الحسن بن محمد الفارسي
عن عبد ال بن قدامة الترمذي ،عن أبي الحسن عليه السلم قال :من شك
في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل ال عزوجل أحدها معرفة المام في كل
زمان وأوان بشخصه ونعته .أقول :أوردنا كثيرا منها في باب وجوب
معرفة المام ) - 16 .(2شى :عن أبي بصير قال :سمعت أبا جعفر عليه
السلم يقول :أعداء علي هم المخلدون في النار ،قال ال " :وما هم
بخارجين منها " ) - 17 .(3شى :عن منصور بن حازم قال :قلت لبي
عبد ال عليه السلم " :وما هم بخارجين من النار " قال :أعداء علي هم
المخلدون في النار أبد البدين ودهر الداهرين ) - 18 .(4سر :من كتاب
المسائل من مسائل محمد بن علي بن عيسى حدثنا محمد بن أحمد بن
محمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي قال :كتبت إلى أبي الحسن عليه
السلم أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه
الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما ؟ فرجع الجواب :من كان على هذا
فهو ناصب - 19 .شى :عن عبد ال بن أبي يعفور قال :قلت لبي عبد ال
عليه السلم :إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام ل يتولونكم ويتولون
فلنا وفلنا لهم أمانة وصدق ووفاء ،وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك المانة
ول الوفاء ول الصدق قال :فاستوى أبو عبد ال عليه السلم جالسا وأقبل
علي كالغضبان ثم قال :ل دين لمن دان بولية إمام جائر ليس من ال ،ول
عتب على من دان بولية إمام عدل من ال .قال :قلت :ل دين لولئك ول
عتب على هؤلء ؟ فقال :نعم ل دين لولئك ول عتب على هؤلء ،ثم قال:
أما تسمع لقول ال " :ال ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور
" يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة
) (1كذا ،والطريق للصدوق مثل السابق (2) .راجع ج 23ص (4 - 3) .95 - 76
تفسير العياشي ج 1ص 317والية في المائدة 37 :والبقرة[*] .163 :
][136
لوليتهم كل إمام عادل من ال ،قال ال " :والذين كفروا أوليائهم الطاغوت
يخرجونهم من النور إلى الظلمات " .قال :قلت :أليس ال عنى بها الكفار
حين قال " :والذين كفروا " قال :فقال :وأي نور للكافر وهو كافر فاخرج
منه إلى الظلمات ؟ إنما عنى ال بهذا أنهم كانوا على نور السلم فلما أن
تولوا كل إمام جائر ليس من ال خرجوا بوليتهم إياهم من نور السلم إلى
ظلمات الكفر فأوجب لهم النار مع الكفار فقال) :اولئك أصحاب النار هم
فيها خالدون( ) - 20 .(1شى :عن عمار ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :من طعن في دينكم هذا فقد كفر ،قال ال " :وطعنوا في دينكم " إلى
قوله " :ينتهون " ) - 21 .(2ختص :عن عبد العزيز القراطيسي قال :قال
أبو عبد ال عليه السلم :الئمة بعد نبينا صلى ال عليه وآله إثنا عشر
نجيبا مفهمون .من نقص منهم واحدا أو زاد فيهم واحدا خرج من دين ال،
ولم يكن من وليتنا على شئ ) - 22 .(3ختص :عبد ال بن محمد السائي،
عن الحسن بن موسى ،عن عبد ال بن محمد النهيكي ،عن محمد بن
سابق بن طلحة النصاري قال :كان مما قال هارون لبي الحسن حين
ادخل عليه :ما هذه الدار ؟ فقال :هذه دار الفاسقين ) (4قال " :سأصرف
عن آياتي الذين يتكبرون في الرض بغير الحق وإن يروا كل آية ل يؤمنوا
بها وإن يروا سبيل الرشد ل يتخذوه سبيل وإن يروا سبيل الغي يتخذوه
سبيل " ) (5الية .فقال له هارون :فدار من هي ؟ قال :هي لشيعتنا فترة
ولغيرهم فتنة قال :فما بال صاحب الدار ل يأخذها ؟ فقال :اخذت منه
عامرة ول يأخذها
) (1تفسير العياشي ج 1ص ،138والية في سورة البقرة (2) .257 ،تفسير
العياشي ج 2ص ،79في آية التوبة (3) .12 :الختصاص(4) .233 :
يعني قوله " سأريكم دار الفاسقين " (5) .العراف[*] .146 :
][137
إل معمورة ،قال :فأين شيعتك ؟ فقرأ أبو الحسن عليه السلم " لم يكن الذين كفروا
من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة " ) (1قال :فقال له:
فنحن كفار ؟ قال :ل ،ولكن كما قال ال " :الذين بدلوا نعمت ال كفرا
وأحلوا قومهم دار البوار " ) (2فغضب عند ذلك وغلظ عليه )- 23 .(3
ختص :عمرو بن ثابت قال :سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال" :
ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا يحبونهم كحب ال " ) (4قال:
فقال :هم وال أولياء فلن وفلن وفلن اتخذوهم أئمة دون المام الذي
جعله ال للناس إماما فذلك قول ال " :ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون
العذاب أن القوة ل جميعا وأن ال شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من
الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم السباب * وقال الذين اتبعوا لو أن
لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم ال أعمالهم حسرات عليهم
وما هم بخارجين من النار " ) (5ثم قال أبو جعفر عليه السلم :هم وال يا
جابر أئمة الظلمة وأشياعهم ) - 24 .(6ختص :قال الصادق عليه السلم:
إن ال تبارك وتعالى جعلنا حججه على خلقه ،وامناءه على علمه ،فمن
جحدنا كان بمنزلة إبليس في تعنته على ال ،حين أمره بالسجود لدم،
ومن عرفنا واتبعنا كان بمنزلة الملئكة الذين أمرهم ال بالسجود لدم
فأطاعوه ) - 25 .(7تقريب المعارف لبي الصلح الحلبي :عن أبي علي
الخراساني عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلم قال :كنت معه عليه
السلم في بعض خلواته فقلت :إن لي عليك حقا أل تخبرني عن هذين
الرجلين :عن أبي بكر وعمر ؟
) (1البينة (2) .1 :إبراهيم (3) .28 :الختصاص 262 :ومثله في العياشي ج 2
ص (4) .29البقرة (5) .160 :البقرة(7 - 6) .163 - 161 :
الختصاص[*] .334 :
][138
فقال :كافران كافر من أحبهما .وعن أبي حمزة الثمالي أنه سئل علي بن الحسين
عليهما السلم عنهما فقال :كافران كافر من تولهما .قال :وتناصر الخبر
عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلم من
طرق مختلفة أنهم قالوا :ثلثة ل ينظر ال إليهم يوم القيامة ول يزكيهم
ولهم عذاب أليم :من زعم أنه إمام وليس بامام ،ومن جحد إمامة إمام من
ال ،ومن زعم أن لهما في السلم نصيبا ومن طرق آخر أن للولين ومن
آخر للعرابيين في السلم نصيبا ثم قال رحمه ال :إلى غير ذلك من
الروايات عمن ذكرناه وعن أبنائهم عليهم السلم مقترنا بالمعلوم من
دينهم ،لكل متأمل حالهم أنهم يرون في المتقدمين على أمير المؤمنين
عليه السلم ومن دان بدينهم أنهم كفار ،وذلك كاف عن إيراد رواية،
وأورد أخبارا اخر أوردناها في كتاب الفتن - 26 .نهج :قام إلى أمير
المؤمنين عليه السلم رجل فقال :أخبرنا عن الفتنة وهل سألت عنها
رسول ال صلى ال عليه وآله ؟ فقال عليه السلم :لما أنزل ال سبحانه
قوله " :الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون " )(1
علمت أن الفتنة ل تنزل بنا ورسول ال صلى ال عليه وآله بين أظهرنا،
فقلت :يارسول ال صلى ال عليه وآله ما هذه الفتنة التي أخبرك ال بها ؟
فقال :يا علي إن امتي سيفتنون من بعدي ،فقلت :يا رسول ال صلى ال
عليه وآله أو ليس قد قلت لي يوم احد حيث استشهد من استشهد من
المسلمين وحيزت عني الشهادة فشق ذلك علي فقلت لي :أبشر فان
الشهادة من ورائك فقال لي :إن ذلك لكذلك ،فكيف صبرك إذا ؟ فقلت:
يارسول ال ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر.
وقال :يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم ،ويمنون بدينهم على ربهم
ويتمنون رحمته ،ويأمنون سطوته ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة،
والهواء الساهية ،فيستحلون الخمر بالنبيذ ،والسحت بالهدية ،والربا
بالبيع ،فقلت:
) (1العنكبوت[*] .12 :
][139
يارسول ال فبأي المنازل انزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال:
بمنزلة فتنة ) - 27 .(1كتاب البرهان :أخبرنا محمد بن الحسن قال :حدثني
الحسن بن خضير قال :حدثني إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد
البصري وحدثنا محمد بن يحيى وموسى بن محمد النصاري قال :حدثنا
اسماعيل بن إسحاق بن اسمعيل القاضي قال :حدثني أبي إسماعيل بن
إسحاق بن حماد واللفظ له قال :بعث إلي وإلى عدة من المشايخ يحيى بن
أكثم القاضي فأحضرنا وقال :إن أمير المؤمنين يعني المأمون أمرني أن
احضر غدا مع الفجر أربعين رجل كلهم فقيه ،يفهم ويحسن الجواب فسموا
من تعرفون ؟ فسمينا له قوما فأحضرهم وأمرنا بالبكور .فغدونا عليه قبل
طلوع الشمس ،فركب وركبنا معه ،فدخل إلى المأمون وأمرنا أن نصلي فلم
نستتم الصلة حتى خرج الذن فقال :ادخلوا فدخلنا وإذا أمير المؤمنين
جالس على فراشه ،وعلى سواده ،والعمامة الطويلة ،فلما سلمنا رد السلم
ثم حدر عن عرشه ونزع عمامته وسواده وأقبل علينا وقال :إن أمير
المؤمنين أحب مناظرتكم على مذهبه الذي هو عليه ودينه الذي يدين ال
به ،قلنا :ليقل أمير المؤمنين أيده ال ،فقال :إني أدين ال عزوجل بأن
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم خير خلق ال بعد رسول ال
صلى ال عليه وآله وأولى الناس بمقام رسول ال وأحقهم بالخلفة من
بعده ،فأطرقنا جميعا ،فقال يحيى :أجيبوا أمير المؤمنين .فلما رأيت سكوت
القوم جثوت على ركبتي ثم قلت :يا أمير المؤمنين إن فينا من ل يعرف ما
ذكر أمير المؤمنين من أمر علي ،وقد دعا للمناظرة ،ونحن مناظروه على
ما ذكر ،فقال :يا إسحاق إن شئت سألتك وإن شئت فاسألني ،فاغتنمتها منه
وقلت :بل أسأل ،فقال :سل .قلت :من أين قال أمير المؤمنين :إن علي بن
أبي طالب عليه السلم أفضل
][140
الناس من بعد رسول ال ،وأحقهم بالخلفة من بعده ؟ قال :أخبرني عن الناس
بماذا يتفاضلون ؟ قلت :بالعمال الصالحة قال :فأخبرني عمن فضل
صاحبه على عهد رسول ال ثم إن المفضول عمل بعد وفات رسول ال
صلى ال عليه وآله بأكثر من عمل الفاضل على عهد رسول ال صلى ال
عليه وآله أيلحق به ؟ قلت :ل يلحق المفضول على عهد رسول ال صلى
ال عليه وآله بالفاضل أبدا .قال :فانظر ما رواه أصحابك -ممن أخذت
دينك عنهم ،وجعلتهم قدوة لك -من فضائل علي عليه السلم فقس إليها ما
انزل به من فضائل أبي بكر فان وجدت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل علي
فقل :إنه أفضل ،ل وال ولكن قس فضائله إلى ما روى لك من فضائل أبي
بكر وعمر ،فان وجدت لهما من المفاضيل مثل الذي لعلي وحده فقل إنهما
أفضل ل بل فقس فضائله إلى فضائل العشرة الذين شهد لهم بالجنة فان
وجدتها تشاكل فضائله فقل إنهما أفضل منه .يا إسحاق أي العمال كانت
أفضل يوم بعث ال عزوجل رسوله ؟ قلت :الخلص بالشهادة والسبق إلى
السلم ،قال :صدقت ،إن ذلك في كتاب ال عز وجل " السابقون السابقون
* اولئك المقربون * في جنات النعيم " ) (1إنما عنى السابق إلى السلم،
فهل علمت أحد سبق عليا إلى السلم ؟ قلت :يا أمير المؤمنين أسلم علي
وهو حدث صغير السن ل يجوز عليه الحكم ،وأسلم أبو بكر وقد تكامل
عقله وجاز عليه الحكم .قال أجبني :أيهما أسلم قبل صاحبه ؟ حتى اناظرك
من بعد في الحداثة قلت :علي أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة قال:
فأخبرني حين أسلم أيخلو أن يكون رسول ال صلى ال عليه وآله دعاه
فأجاب أو يكون الهاما من ال لعلي ؟ فأطرقت مفكرا وقلت :إن قلت :إلهاما
قدمته على رسول ال ،لن رسول ال لم يعرف السلم حتى جاء به
جبرئيل عن ال عزوجل ،فقلت :بل دعاه رسول ال صلى ال عليه وآله
قال :فيخلو النبي أن يكون دعا عليا بأمر ال أو تكلف ذلك من قبل نفسه ؟
قلت:
][141
ل أنسب النبي صلى ال عليه وآله إلى التكلف لن ال عزوجل يقول " :وما كان
لرسول أن يأتي بآية إل باذن ال " ) (1ولكن دعاه بأمر ال .قال :يا
إسحاق فمن صفة الجبار أن يكلف رسله ما ل طاقة لهم به ؟ قلت :أعوذ
بال قال :أو ل ترى أن ال عزوجل في قولك " أسلم علي وهو صغير ل
يجوز عليه الحكم " قد كلف رسول ال صلى ال عليه وآله من دعاء
الصبيان ما ل يطيق وشغله بصبي ل يجوز عليه الحكم ،فهو يدعوه
الساعة ويرتد بعد ساعة ثم يعاود ويعاود الصبي الرتداد ،فل حكم يجوز
عليه ول النبي صلى ال عليه وآله يفرغ منه لدعاء غيره أرأيت هذا جايزا
عندك أن تنسبه إلى ربنا سبحانه ؟ قلت :أعوذ بال قال :فأراك إنما قصدت
فضيلة فضل ال بها عليا عليه السلم على هذا الخلق جميعا ،أتاها له
ليعرف بها مكانه وفضله ،بان لم يشرك به ساعة قط فجعلتها نقصا عليه،
ولو كان ال عزوجل أمر نبيه ان يدعو الصبيان ألم يكن دعاهم كما دعا
عليا عليه السلم قلت :بلى ،قال :فهل بلغك أن النبي صلى ال عليه وآله
دعا أحدا من صبيان الجاهلية وقرابته بدأ بهم لئل يقال :هذا ابن عمه أو
من ساير الناس كما فعل بعلي ؟ قلت :ل .قال :ثم أي الفعال كانت أفضل
بعد السبق إلى السلم ؟ قلت :الجهاد في سبيل ال ،قال :صدقت فهل تجد
لحد في الجهاد إل دون ما تجد لعلي ؟ قلت :في أي وقت يا أمير
المؤمنين ؟ قال :في أي الوقات شئت قلت :في يوم بدر ،قال :نعم ل أزيدك
عليها ،كم قتلى بدر يوم بدر ؟ قلت :نيف وستون رجل من الكفار قال :كم
قتلى علي وحده منهم ؟ قلت :نيف وعشرون رجل وأربعون لساير الناس
قال :فأي الناس أفضل جهادا ؟ قلت :إن أبا بكر كان مع رسول ال صلى
ال عليه وآله في عريشه ،قال يصنع ماذا ؟ قلت :يدبر المر .قال :ويلك
دون رسول ال أو شريكا مع رسول ال أو إفتقارا من رسول ال إلى أبي
بكر ؟ قلت :أعوذ بال من أن يدبر أبو بكر دون رسول ال ،أو يكون
][142
شريكا مع رسول ال صلى ال عليه وآله أو يكون رسول ال صلى ال عليه وآله
فقيرا إليه ،قال :فما الفضيلة في العريش إن كان المر على ما وصفت ؟
أليس من ضرب بسيفه أفضل ممن جلس ؟ قلت :كل الجيش كان مجاهدا
قال :صدقت إل أن الضارب بالسيف المحامي عن رسول ال وعن الجيش
كان أفضل من الجيش ،أما قرأت كتاب ال عزوجل " ل يستوي القاعدون
من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل ال بأموالهم
وأنفسهم فضل ال المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين أجرا
عظيما درجات منه ومغفرة وكان ال غفورا رحيما " ) .(1قلت :أفكان أبو
بكر وعمر مجاهدين أم ل ،قال :بلى ،ولكن أخبرني هل كان لبي بكر وعمر
فضل على من لم يشهد ذلك المشهد ؟ قلت :نعم ،قال :فكذلك يسبق الباذل
نفسه على أبي بكر وعمر قلت :أجل قال :يا إسحاق أتقرأ القرآن ؟ قلت:
نعم قال :إقرأ " هل أتى على النسان حين من الدهر " فقرأت إلى قوله" :
ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " إلى قوله " :وإذا
رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا " قال :على رسلك ! فيمن أنزل هذا ؟
قلت :في علي .قال :هل بلغك أن عليا حين أطعم المسكين واليتيم والسير
قال :إنما نطعمكم لوجه ال على ما سمعت ال يقول في كتابه ؟ قلت :ل،
قال :صدقت إن ال جل ثناؤه عرف سريرة علي ونيته ،فاظهر ذلك في
كتابه تعريفا منه لخلقه حال علي ومذهبه وسريرته ،فهل علمت أن ال
عزوجل وصف شيئا مما وصف في الجنة غير هذه السورة " قوارير من
فضة " قلت :ل قال :أجل وهذه فضيلة اخرى إن ال وصف له في الجنة ما
لم يصفه لغيره ،أو تدري ما معنى " قوارير من فضة " ؟ قلت ل ،قال:
آنية من فضة ينظر الناظر ما في داخلها كما يرى في القوارير .يا إسحاق
ألست ممن يشهد إن العشرة في الجنة ؟ قلت :بلى ،قال :أرأيت لو أن رجل
قال :ما أدري هذا الحديث صحيح أم ل ،وما أدري لعل رسول ال
][143
صلى ال عليه وآله قاله أم لم يقله ،أكان عندك كافرا ؟ قلت :أعوذ بال قال :فلو أن
رجل قال :وال ما أدري هذه السورة من القرآن أم ل ،أكان عندك كافرا ؟
قلت :نعم ،قال :يا إسحاق أرى أثرهم ها هنا متأكدا ،القرآن يشهد لهذا،
والخبار تشهد لهؤلء .ثم قال :أتروي يا إسحاق حديث الطائر ؟ قلت :نعم،
قال :حدثني به فحدثته به ،قال :أتؤمن أن هذا الحديث صحيح ؟ قلت :رواه
من ل يمكنني بأن أرد حديثه ،ول أشك في صدقه ،قال :أفرأيت من أيقن أن
هذا الحديث صحيح ثم زعم أن أحدا أفضل من علي أيخلو من أن يقول:
دعاء النبي صلى ال عليه وآله مردود أو أن ال عرف الفاضل من خلقه
فكان المفضول أحب إليه منه ،أو يقول :أن ال عزوجل لم يعرف الفاضل
من المفضول ؟ فأي الثلثة أحب إليك أن تقول ؟ فانك إن قلت منها شيئا
استبذيت ،فان كان عندك في الحديث تأويل غير هذه الثلثة أوجه فقل.
قلت :ل أعلم ،وإن لبي بكر فضل ،قال :أجل لول أن لبي بكر فضل لم أقل
علي أفضل منه ،فما فضله الذي قصدت به الساعة ؟ قلت :قول ال
عزوجل " :ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه ل تحزن إن ال
معنا " ) (1فنسبه ال عزوجل إلى صحبة النبي صلى ال عليه وآله قال:
يا إسحاق أما أني ل أحملك على الوعر من طريقك ،فاني وجدت ال جل
ثناؤه نسب إلى صحبة من رضيه ورضي عنه كافرا فقال " :إذ يقول
لصاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ،ثم سويك
رجل " ) (2قلت :إن ذلك كان كافرا وأبو بكر كان مؤمنا قال :فإذا جاز أن
ينسب إلى صحبة من رضيه ورضي عنه كافرا جاز أن ينسب إلى صحبة
نبيه مؤمنا وليس بأفضل المؤمنين ،ول بالثاني ،ول بالثالث .قلت :إن ال
جل وعل يقول " :ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه
ل تحزن إن ال معنا " فأنزل ال سكينته عليه ،قال :يا إسحاق إنك تأبى إل أن
اخرجك إلى الستقصاء عليك أخبرني عن حزن أبي بكر أكان ل رضا أو
كان معصية ؟ قلت :إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول ال خوفا عليه من
أن يصل إليه شئ من المكروه ،قال :فحزنه كان ل رضا أو معصية ؟ قلت:
بل ل رضا قال :فكان بعث إليه رسول ينهاه عن طلب رضاه وعن طاعته ؟
قلت :أعوذ بال قال :ألم تزعم أن حزن أبي بكر رضى ؟ قلت :بلى ،قال :أو
لم تجد أن القرآن يشهد أن النبي صلى ال عليه وآله يقول :ل تحزن نهيا
له عن الحزن ،والحزن ل رضى أفل تراه قد نهى عن طلب رضى ال إن
كان المر على ما وصفت ،وأعوذ بال أن يكون كذلك فانقطعت عن جوابه.
قال :يا إسحاق إن مذهبي الرفق بك ،لعل ال أن يردك ،فأخبرني عن قول
ال جل ثناؤه " :وأنزل ال سكينته عليه " من عنى بذلك :رسول ال
صلى ال عليه وآله أو أبا بكر ؟ قلت :بل رسول ال قال :صدقت فأخبرني
عن قول ال " :ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت
عليكم الرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل ال سكينته على
رسوله وعلى المؤمنين " ) (1أتعلم المؤمنين الذين أرادهم ال في هذا
الموضع ؟ قلت :ل ،قال :إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول
ال صلى ال عليه وآله إل سبعة من بني هاشم :علي يضرب بسيفه،
والعباس آخذ بلجام بغلته ،والباقون يحدقون برسول ال صلى ال عليه
وآله خوفا أن يناله من سلح القوم شئ حتى أعطى ال رسوله النصر.
فالمؤمنون في هذا الموضع علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم ،وقد
قيل :إن سلمان الفارسي وعمارا كانا فيهم ،فمن أفضل يا إسحاق ؟ من
كان مع النبي صلى ال عليه وآله فنزلت السكينة على النبي صلى ال عليه
وآله وعليه ؟ أم من كان مع رسول ال صلى ال عليه وآله ونزلت السكينة
على النبي صلى ال عليه وآله ولم يره موضعا لتنزيلها عليه معه ؟ قلت:
بل من انزلت السكينة عليه مع النبي صلى ال عليه وآله.
][145
قال :فمن أفضل عندك من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ،ووقاه بنفسه ؟
أن ال عزوجل أمر النبي صلى ال عليه وآله أن يأمر عليا عليه السلم
بالنوم على فراشه وأن يقي النبي صلى ال عليه وآله بنفسه فأمره بذلك،
فبكى علي فقال له النبي صلى ال عليه وآله :ما يبكيك يا علي قال :الخوف
عليك أفتسلم يا رسول ال ؟ قال :نعم ،فاستبشر علي عليه السلم وقال:
سمعا وطاعة لربي طابت نفسي بالفداء لك يا رسول ال ،ثم أتى علي
مضجعه فاضطجع وتسجى بثوبه وجاء المشركون من قريش فاحدقوا به
ول يشكون أن النبي صلى ال عليه وآله حاصل في أيديهم قد أجمعوا أن
يضربه كل بطن من قريش بالسيف لئل يطلب بنو هاشم بطنا من بطون
قريش بدمه ،وهو يسمع ما القوم فيه من تلف نفسه ،فلم يدعه ذلك إلى
الجزع كما جزع صاحبه في الغار ،ولم يزل صابرا محتسبا ،وبعث ال إليه
ملئكة تمنعه من مشركي قريش حتى أصبح فلما أصبح قام فنظر القوم
إليه فقالوا :أين محمد ؟ قال :ل أعلم أين هو ؟ قالوا :ل نراك إل كنت تغرنا
منذ الليلة ،ثم لحق برسول ال صلى ال عليه وآله فلم يزل علي أفضل لما
بدا منه يزيد ول ينقص حتى قبضه ال إليه .يا إسحاق أتروي حديث
الولية ؟ قلت :نعم قال :اروه فرويته ،فقال :أليس هذا الحديث قد أوجب
لعلي على أبي بكر وعمر ما لم يجب لهما عليه ؟ قلت :نعم إل أن الناس ل
يقولون بذلك وقالوا بأن :هذا الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثة لشئ
جرى بينه وبين علي فأنكر ولء علي فقال النبي صلى ال عليه وآله هذا
القول عند ذلك ،قال :يا سبحان ال لهذه العقول ! متى قال رسول ال صلى
ال عليه وآله لعلي عليه السلم :من كنت موله فعلي موله وفي أي
موضع ؟ قلت :بغدير خم عند منصرفه من حجة الوداع قال :أجل ،فمتى
قتل زيد بن حارثة ؟ قال :موضع بموتة قال :فكم كان بين قتل زيد وبين
غدير خم ؟ قلت :سبع سنين أو ثماني سنين ) (1قال :ويحك كيف رضيت
لنفسك بهذا وقد علمت أن خطابه للمسلمين كافة ألست أولى بكم من
أنفسكم ؟ قالوا :بلى يارسول ال قال :من كنت موله فعلي موله اللهم وال
من واله وعاد من عاده .ويلكم ل تجعلوا فقهاءكم أربابكم إن ال عزوجل
) (1بل سنتان فان غزوة مؤتة كانت سنة ثمان للهجرة[*] .
][146
يقول " :اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال " ) (1ولم يصلوا لهم ولم
يصوموا ول زعموا أنهم آلهة ولكنهم أمروهم فأطاعوهم أفتوا بغير حق
فضلوا وأضلوا أتروي يا إسحاق حديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى
؟ قلت :نعم ،قال اروه فرويته قال :فهل يمكن أن يكون النبي صلى ال
عليه وآله فرح بهذا القول ؟ قلت :أعوذ بال قال :أفما تعلم أن هارون من
موسى أخوه لبيه وامه ؟ قلت :بلى ،قال :فعلي أخو رسول ال صلى ال
عليه وآله لبيه وامه ،قلت :ل ،قال :أو ليس هارون نبيا قلت :نعم ،قال:
وعلي غير نبي ؟ قلت :بلى ،قال :فهذان معدومان في علي من الحال التي
كانت في هارون فما معنى قوله لعلي :أنت مني بمنزلة هارون من موسى،
قلت له :انما أراد أن يطيب نفس علي لما قال المنافقون استخلفه استثقال
له قال :فأراد أن يطيب قلب علي بقول ل معنى له ؟ فسكت .فقال :إن له
معنى في كتاب ال جل ثناؤه ظاهرا بينا قلت :وما هو ؟ قال غلبت عليكم
الهواء والعماية ،هو قول ال عزوجل يخبر عن موسى حيث يقول "
اخلفني في قومي وأصلح ول تتبع سبيل المفسدين " ) (2قلت :إن موسى
استخلف هارون في قومه وهو حي ومضى إلى ربه ،وإن النبي صلى ال
عليه وآله استخلف عليا عليه السلم حين خرج إلى غزوته قال :كل ليس
كما قلت :أخبرني عن موسى حين استخلف هارون هل كان معه حين ذهب
إلى ربه أحد من أصحابه أو من بني إسرائيل ؟ قلت :ل ،قال :أو ليس
استخلفه على جماعتهم ؟ قلت :نعم ،قال :فأخبرني عن النبي صلى ال
عليه وآله حين خرج إلى غزوته هل خلف إل الضعفاء والنساء والصبيان
فأنى يكون هذا مثل ذلك ،وما معنى الستخلف ههنا ،وعلى أن النبي صلى
ال عليه وآله قد بين ذلك بقوله :إل أنه ل نبي بعدي ،فقد كشف ذلك بأنه
استخلفه من بعده على كل حال إل على النبوة ،إذ كان خاتم النبيين صلى
ال عليه وآله ولم يكن قول النبي صلى ال عليه وآله ليبطل أبدا .أتروي يا
إسحاق حديث المباهلة ؟ قلت :نعم ،قال :أتروي حديث الكساء ؟
][147
قلت :نعم :قال ففكر في هذا أو هذا ،واعلم أي شئ فيهما ؟ ثم قال :من ذا الذي
تصدق وهو راكع ؟ قلت :علي تصدق بخاتمه ،قال :أتعرف غيره ؟ قلت:
ل ،قال :فما قرأت " إنما وليكم ال ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
الصلة ويؤتون الزكوة وهم راكعون " ) (1قلت :نعم .قال :أفما في هذه
الية نص ال على علي بقوله " :إنما وليكم ال ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون الصلة ويؤتون الزكوة وهم راكعون " قلت :يا أمير
المؤمنين قد جمع بقوله " :الذين آمنوا " قال :القرآن عربي ونزل بلغات
العرب ،والعرب تخاطب الواحد بخطاب الجمع ويقول الواحد :فعلنا
وصنعنا ،وهو من كلم الملك والعالم والفاضل وكذلك قال ال " خلقنا
السموات " ) (2وبنينا فوقكم سبعا ) " (3وهو ال الواحد ،وقال :جل
ثناؤه حكاية من خطابه سبحانه قال " :رب ارجعون " ) (4ولم يقل
ارجعني لهذه العلة .ثم قال :يا إسحاق أوما علمت أن جماعة من أصحاب
رسول ال صلى ال عليه وآله لما أشاد بذكر علي وبفضله ،وطوق
أعناقهم وليته وإمامته ،وبين لهم أنه خيرهم من بعده ،وأنه ل يتم لهم
طاعة ال إل بطاعته ،وكان في جميع ما فضله به نص على أنه ولي المر
بعده ،قالوا إنما ينطق النبي صلى ال عليه وآله عن هواه ،وقد أضله حبه
ابن عمه وأغواه ،وأطنبوا في القول سرا فانزل ال المطلع على السراير "
والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى *
إن هو إل وحي يوحى " .ثم قال :يا إسحاق إن الناس ل يريدون الدين إنما
أرادوا الرياسة وطلب ذلك أقوام فلم يقدروا عليه بالدنيا ،فطلبوا ذلك
بالدين ،ول حرص لهم
) (1المائدة (2) .55في آيات عديدة (3) .النبأ (4) .12 :المؤمنون[*] .99 :
][148
عليه ،ول رغبة لهم فيه .أما تروي أن النبي صلى ال عليه وآله :يذاد قوم من
أصحابي عن الحوض فأقول :يا رب أصحابي أصحابي فيقال لي :إنك ل
تدري ما أحدثوا بعدك ،رجعوا القهقري ،قلت :نعم ،قال :ففكر في هذا .فقال
الناس ما أرادوا وطال المجلس وعلت الصوات وارتفع الكلم .فقال يحيى
بن أكثم :يا أمير المؤمنين قد أوضحت لمن أراد ال به الخير وبينت وال
ما ل يقدر على أحد على دفعه ،فأقبل علينا فقال :ما تقولون ؟ قلنا :كلنا
يقول بقول أمير المؤمنين وفقه ال ،قال :وال لول أن رسول ال صلى ال
عليه وآله قبل القول من الناس لم أكن لقبله منكم ،اللهم إني قد نصحت
اللهم إني قد أرشدت ،اللهم إني قد أخرجت المر من عنقي اللهم إني أدين
لك وأتقرب إليك بحب علي ووليته ،فنهضنا من عنده ،وكان هذا آخر
مجلسنا منه ) - 28 .(1كتاب البرهان :أخبرنا محمد بن الحسن قال :حدثنا
الحسن بن خضر عن أبيه ،عن عثمان بن سهيل أن الرشيد أمر يحيى بن
خالد أن يجمع المتكلمين في داره وأن يكون من وراء الستر من حيث
يسمع كلمهم ول يعلمهم بمكانه ،ففعل ذلك فسأل بيان الحروري هشام بن
الحكم فقال :أخبرني أصحاب علي وقت حكم الحكمين أي شئ كانوا ؟
مؤمنين أم كافرين ،قال :كانوا ثلثة أصناف :صنف مؤمنون وصنف
مشركون ،وصنف ضلل ،فأما المؤمنون فالذين عرفوا إمامة علي عليه
السلم من كتاب ال عزوجل ،ونص رسول ال صلى ال عليه وآله وقليل
ما كانوا ،وأما المشركون فقوم مالوا إلى إمامة معاوية بصلح فأشركوا إذ
جعلوا معاوية مع علي ،وأما الضلل فمن خرج على سبيل العصبية
والحمية للقبايل والعشاير ،ل للدين .قال :فما كان أصحاب معاوية ؟ قال:
ثلثة أصناف صنف :كافرون ،وصنف مشركون ،وصنف ضلل ،فأما
الكافرون فقوم قالوا :معاوية إمام وعلي ل يصلح فكفروا وجحدوا إماما
من ال عزوجل ذكره ،ونصبوا إماما من غير ال ،وأما المشركون فقوم
قالوا :معاوية إمام وعلي يصلح لول قتل عثمان ،وأما الضلل
) (1روي المناظرة الصدوق في العيون ج 2ص 184بغير هذه اللفاظ وهكذا ابن
عبد ربه في العقد فراجع[*] .
][149
فقوم خرجوا على سبيل العصبية والحمية للقبايل والعشاير ل للدين .قال :فانبرى له
ضرار بن عمرو الضبي وكان من المعتزلة ممن يزعم أن عقد المام ليس
بفرض ول واجب ،وإنما هي ندبة حسنة إن فعلوها جاز ،وإن لم يفعلوها
جاز ،فقال :أسألك يا هشام قال :إذا تكون ظالما في السؤال ،قال :ولم ؟
قال :لنكم مجمعون على رفع إمامة صاحبي ،وخلفي في الصل ،وقد
سألتم مسألة فيجب أن أسألكم قال له :سل قال :أخبرني عن ال عزوجل لو
كلف العمى قراءة الكتب والنظر في المصاحف ،وكلف المقعد المشئ إلى
المساجد والجهاد في سبيل ال ،وكلف ذوي الزمانات ما ل يوجد في
وسعهم أكان جابرا أم عادل ؟ قال :لم يكن ليفعل ذلك ،قال :قد علمت أن ال
عزوجل ل يفعل ذلك ،ولكني سألتك على طريق الجدل والخصومة لو فعل
ذلك كان جابرا أم عادل ،قال :بل جابرا قال :أصبت فخبرني الن هل كلف
ال العباد من أمر الدين أمرا واحدا يسألهم عنه يوم القيامة ل اختلف
فيه ؟ قال :نعم ،قال :فجعل لهم على إصابة ذلك دليل فيكون داخل في باب
العدل ؟ أم ل فيكون داخل في باب الجور ؟ فأطرق ضرار ساعة ثم رفع
رأسه وقال :لبد من دليل ،وليس بصاحبك ،فتبسم هشام وقال :صرت إلى
الحق ضرورة ول خلف بيني وبينك ،إل في التسمية ،قال :فاني أرجع
سائل قال هشام :سل .قال ضرار :كيف تعقد المامة ؟ قال :كما عقد ال
عزوجل النبوة ،قال ضرار :فهو إذا نبي قال هشام :ل إن النبوة يعقدها
بالملئكة والمامة بالنبياء ،فعقد النبوة إلى جبرئيل ،وعقد المامة إلى
رسول ال صلى ال عليه وآله وكل من عقد ال ،قال ضرار :فما الدليل
على ذلك الرجل بعينه إذا كان المر إلى ال ورسوله .قال :ثمانية أدلة
أربعة في نعت نفسه ،وأربعة في نعت نسبه ،فأما التي في نعت نسبه فهو
أن يكون مشهور الجنس ،مشهور النسب ،مشهور القبيلة ،مشهور البيت،
وأما التي في نعت نفسه فأن يكون أعلم الناس بدقيق الشياء وجليلها،
معصوما من الذنوب صغيرها وكبيرها ،أسخى أهل زمانه ،وأشجع أهل
زمانه.
][150
فلما اضطر المر إلى هذا لم نجد جنسا في هذا الخلق أشهر جنسا من العرب الذي
منه صاحب الملة والدعوة المنادي باسمه على الصوامع في كل يوم خمس
مرات فتصل دعوته إلى كل بر وفاجر ،وعالم وجاهل ،مقر ومنكر في شرق
الرض وغربها ،ولو جاز أن يكون في غير هذا الجنس من الحبش
والبربر والروم والخزر والترك والديلم لتى على الطالب المرتاد دهر من
عمره ول يجد إلى وجوده سبيل فلما لم يجب أن يكون إل في هذا الجنس
لهذه العلة وجب أن ل يكون من هذا الجنس إل في هذا النسب ،ومن هذا
النسب إل في هذه القبيلة ،ومن هذه القبيلة إل في هذا البيت ،وأن يكون
من النبي صلى ال عليه وآله إشارة إليه وإل ادعاها جميع أهل هذا البيت
وأما التي في نعت نفسه فهو كما وصفناه .قال له عبد ال بن زيد الباضي:
لم زعمت أن المام ل يكون إل معصوما ؟ قال :ان لم يكن معصوما لم
يؤمن عليه أن يدخل في الذنوب والشهوات ،فيحتاج إلى من يقيم عليه
الحدود ،كما يقيمها هو على ساير الناس ،وإذا استوت حاجة المام وحاجة
الرعية لم يكونوا بأحوج إليه منه إليهم ،وإذا دخل في الذنوب والشهوات
لم يؤمن عليه أن يكتمها على حميمه وقرابته ونفسه ،فل يكون فيه سد
حاجة .قال :فلم زعمت أنه أعلم الناس بدقيق الشياء وجليلها ؟ قال :لنه
إذا لم يكن كذلك لم يؤمن عليه أن يقلب الحكام والسنن ،فمن وجب عليه
الحد قطعه ،ومن وجب عليه القطع حده ،ومن وجب عليه الدب أطلقه،
ومن وجب عليه الطلق حبسه ،فيكون فسادا بل صلح .قال :فلم زعمت
أنه أسخى الناس ؟ قال :لنه خازن المسلمين الذي يجتمع عنده أموال
الشرق والغرب ،فان لم تهن عليه الدنيا بما فيها شح على أموالهم فأخذها.
قال :فلم قلت :أنه أشجع الناس ؟ قال :لنه فئة المسلمين الذين يرجعون
إليه وال تبارك وتعالى يقول " :ومن يولهم يومئذ دبره إل متحرفا لقتال
أو
][151
متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من ال " ) (1فل يجوز أن يجبن المام كما تجبن
المة ،فيبوء بغضب من ال ،وقد قلت :إنه معصوم ،ولبد في كل زمان من
واحد بهذه الصفة .فقال الرشيد لبعض الخدم :اخرج إليه فقل له :من في
هذا الزمان بهذه الصفة ؟ قال :أمير المؤمنين صاحب القصر يعني الرشيد،
فقال الرشيد :وال لقد أعطاني من جراب فارغ ،وإني لعلم إني لست بهذه
الصفة ،فقال جعفر بن يحيى وكان معه داخل الستر ،إنما يعني موسى بن
جعفر قال :ما عداها وقام يحيى بن خالد فدخل الستر فقال له الرشيد:
ويحك يا يحيى من هذا الرجل ؟ قال :من المتكلمين ،قال :ويحك مثل هذا
باق ويبقى لي ملكي ؟ وال للسان هذا أبلغ في قلوب العامة من مائة ألف
سيف ،ما زال مكررا صفة صاحبه ونعته حتى هممت أن أخرج إليه ،فقال:
تكفى يا أمير المؤمنين .وكان يحيى محبا لهشام مكرما له ،وعلم أن هشاما
قد غلط على نفسه فخرج إليه فغمزه فقام هشام وترك رداءه ونهض كأنه
يقضي حاجة وتهيأ له الخلص فخرج من وقته إلى الكوفة ،فمات بها
رحمه ال ) - 29 .(2كتاب البرهان :أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:
حدثنا محمد بن الفضل بن ربيعة الشعري قال :حدثنا علي بن حسان قال:
حدثنا عبد الرحمن ابن كثير ،عن جعفر ،عن أبيه ،عن علي بن الحسين
عليهم السلم قال :لما أجمع الحسن بن علي على صلح معاوية خرج حتى
لقيه فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن أن يقوم
أسفل منه بدرجة ،ثم تكلم معاوية ،فقال :هذا الحسن بن علي رآني للخلفة
أهل ولم ير نفسه لها أهل وقد أتانا ليبايع ،ثم قال :قم يا حسن ،فقام
الحسن عليه السلم فخطب فقال :الحمد ل المستحمد باللء ،وتتابع
النعماء ،وصارفات الشدايد والبلء ،عند الفهماء وغير الفهماء المذعنين
من عباده لمتناعه بجلله وكبريائه وعلوه عن لحوق الوهام ببقائه
المرتفع عن كنه طيات
) (1النفال (2) .16 :البرهان مخطوط ،وترى المناظرة في كمال الدين ج 2ص
[*] .31
][152
المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين ،وأشهد أن ل إله إل ال
وحده ل شريك له في ربوبيته ،ووجوده وحدانيته ،صمدا ل شريك له فردا
ل وتر معه ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،اصطفاه وانتجبه وارتضاه،
فبعثه داعيا إلى الحق سراجا منيرا ،وللعباد مما يخافون نذيرا ،ولما
يأملون بشيرا فنصح للمة ،وصدع بالرسالة ،وأبان لهم درجات العمالة
شهادة عليها أموت وأحشر ،وبها في الجلة اقرب واحبر .وأقول معشر
الملء فاستمعوا ولكم أفئدة وأسماع فعوا ،إنا أهل بيت أكرمنا ال بالسلم،
واختارنا واصطفانا واجتبانا ،فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا والرجس
هو الشك فل نشك في الحق أبدا وطهرنا وأولدنا من كل ]أفن وغية[
مخلصين إلى آدم لم يفترق الناس فرقتين إل جعلنا في خيرهما ،حتى بعث
ال عزوجل محمدا صلى ال عليه وآله بالنبوة ،واختاره للرسالة ،وأنزل
عليه كتابه .ثم أمره بالدعاء إلى ال عزوجل ،فكان أبي رضوان ال عليه
أول من استجاب ل ولرسوله ،وقد قال ال جل ثناؤه في كتابه المنزل على
نبيه المرسل " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " )(1
فرسول ال صلى ال عليه وآله بينة من ربه وأبي الذي يتلوه شاهد منه.
وقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله حين أمره أن يسير إلى أهل مكة
ببرائة :سر بها يا علي فاني امرت أن ل يسير بها إل أنا أو رجل مني فعلي
من رسول ال ورسول ال منه ،وقال له حين قضى بينه وبين جعفر وبين
زيد بن حارثة في ابنة حمزة وأما أنت يا علي فرجل مني وأنا منك ،وأنت
ولي كل مؤمن بعدي فصدق ]أبي[ رسول ال صلى ال عليه وآله ووقاه
بنفسه ،في كل موطن يقدمه رسول ال وفي كل شديدة ثقة منه وطمأنينة
إليه ،لعلمه بنصيحته ل ولرسوله .وأنه أقرب المقربين من ال ،ورسوله،
وقد قال ال عزوجل " السابقون
][153
السابقون اولئك المقربون " ) (1وكان أبي سابق السابقين إلى ال ورسوله و
أقرب القربين وقد قال ال عزوجل " ل يستوي منكم من أنفق من قبل
الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة " ) (2فأبي كان أولهم إسلما ،وأقدمهم
هجرة وأولهم نفقة .وقال " :والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا
إنك رؤف رحيم " ) (3فالناس من بعده من جميع المم يستغفرون له
بسبقهم إياهم إلى اليمان بنبيه صلى ال عليه وآله ولم يسبقه إلى اليمان
أحد وقد قال ال عزوجل " :السابقون الولون من المهاجرين والنصار
الذين إتبعوهم باحسان " ) (4لجميع السابقين وهو سابقهم وكما أن ال
عزوجل )فضل السابقين( على المتخلفين ،فكذلك فضل سابق السابقين
على السابقين .وقال تعالى " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام
كمن آمن بال ورسوله وجاهد في سبيل ال ل يستون عند ال " ) (5فكان
أبي المؤمن بال واليوم الخر والمجاهد في سبيل ال وفيه نزلت هذه
الية ،واستجاب رسول ال عمه حمزة وابن عمه جعفر ]فقتل شهيدين في
قتلى[ كثيرة معهما فجعل ال حمزة سيد الشهداء من بينهم ،وجعل جناحين
لجعفر يطير بهما مع ]الملئكة[ في الجنان كيف يشاء وذلك لمكانهما من
رسول ال صلى ال عليه وآله ولمنزلتهما هذه ولقرابتهما منه ،وصلى
رسول ال صلى ال عليه وآله على حمزة سبعين صلة من بين ]الشهداء
الذين استشهدوا[ معه .وجعل لنساء النبي أجرين ]للمحسنة منهن
وللمسيئة منهن وزرين
) (1الواقعة (2) .11 - 10 :الحديد (3) .10 :الحشر (4) .10 :براءة(5) .100 :
براءة[*] .19 :
][154
) (1راجع الحزاب 13 :و (2) .32آل عمران (3) .61 :الحزاب[*] .33 :
][155
تكرمة من ال لنا وفضيلة اختصنا بها على جميع الناس ،وقد رأيتم مكان أبي من
رسول ال صلى ال عليه وآله ومنزلنا من منازل رسول ال ،أمره ال أن
يبني المسجد فابتنى فيه عشرة أبيات تسعة لنبيه ولبي العاشر ،وهو
متوسطها ،والبيت هو المسجد وهو البيت الذي قال ال عزوجل " :أهل
البيت " فنحن أهل البيت ،ونحن ]الذين[ أذهب ال عنا الرجس وطهرنا
تطهيرا .أيها الناس إني لو قمت سنة أذكر الذي أعطاه ال وخصنا به من
الفضل في كتابه ،وعلى لسان نبيه لم أحصه كله ،وإن معاوية زعم إني
رأيته للخلفة أهل ولم أر نفسي لها أهل وكذب دعواه وإني أولى الناس
بالناس في كتاب ال على لسان رسوله غير أنا لم نزل أهل البيت مظلومين
منذ قبض رسول ال صلى ال عليه وآله ،فال بيننا وبين من ظلمنا حقنا،
ونزل على رقابنا ،وحمل الناس على أكتافنا ،ومنعنا سهمنا في كتاب ال
عزوجل من الفئ والمغانم ،ومنع امنا فاطمة عليها السلم ميراثها من
أبيها .إنا ل نسمي أحدا ولكن اقسم بال لو أن الناس منعوا أبي وحموه
وسمعوا وأطاعوا لعطتهم السماء قطرها ،والرض بركتها ،ولما طمعت
فيها يا معاوية ولكنها لما خرجت من معدنها تنازعتها قريش ،وطمعت أنت
فيها يا معاوية وأصحابك وقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما ولت
أمه أمرها رجل قط ،وفيهم من هو أعلم منه إل لم يزل أمرهم يذهب سفال
حتى يرجعوا إلى ما تركوا ،وقد تركت بنوا إسرائيل هارون ،وعكفوا على
العجل ،وهم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم ،وقد تركت المة أبي وتابعت
غيره ،وقد سمعوا رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :أنت مني بمنزلة
هارون من موسى إل أنه ل نبي بعدي ،وقد رأوا رسول ال صلى ال عليه
وآله حيث نصبه بغدير خم ونادى له بالولية على المؤمنين ثم أمرهم أن
يبلغ الشاهد الغائب وقد هرب رسول ال صلى ال عليه وآله من قومه إلى
الغار ،وهو يدعوهم ،فلما لم يجد عليهم أعوانا هرب ،وقد كف أبي يده
وناشدهم واستغاث فلم يغث ،ولم يجد أعوانا عليهم ،ولو وجد أعوانا
عليهم ما أجابهم ،وقد جعل في سعة كما جعل النبي صلى ال عليه وآله
][156
في سعة حين هرب إلى الغار ،إذ لم يجد أعوانا .وقد خذلتني المة .فبايعتك ،ولو
وجدت عليك أعوانا ما بايعتك ،وقد جعل ال هارون في سعة حين
استضعفوه وعادوه ،وكذلك أنا وأبي في سعة من ال عزوجل حين تركتنا
المة ،وبايعت غيرنا ،ولم نجد أعوانا ،وإنما هي السنن والمثال يتبع
بعضها بعضا .أيها الناس لو التمستم بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجل
أبوه وصي رسول ال صلى ال عليه وآله ،وجده نبي ال غيري وغير
أخي لم تجدوا ،فاتقوا ال ول تضلوا بعد البيان ،وإني قد بايعت هذا ول
أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين .أيها الناس أنه ل يعاب إحد بترك حقه،
وإنما يعاب من يأخذ ما ليس له وكل صواب نافع ،وكل خطأ غير ضار ،وقد
انتهت القضية إلى داود ففهمها سليمان ،فنفعت سليمان ولم تضر داود،
وأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي للمؤمن أنفع ،قال رسول ال صلى ال
عليه وآله لعمه أبي طالب في الموت قل :ل إله إل ال أشفع لك بها يوم
القيامة ،ولم يكن رسول ال صلى ال عليه وآله يقول له ،إل ما يكون منه
على يقين ،وليس ذلك لحد من الناس لقول ال عزوجل " :وليست التوبة
للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الن ول
الذين يموتون وهم كفار اولئك أعتدنا لهم عذابا أليما " ) .(1أيها الناس
اسمعوا وعوا ،واتقوا ال وارجعوا ،وهيهات منكم الرجعة إلى الحق وقد
خامركم الطغيان والجحود ،والسلم على من اتبع الهدى ).(2
) (1النساء (2) .18 :البرهان مخطوط وترى الحديث في أمالي الشيخ ج 2ص
174مع اختلف ،واعلم أنه قال الشهيد الثاني رحمه ال في رسالة
حقائق اليمان :اعلم أن جمعا من علماء المامية حكموا بكفر أهل
الخلف :والكثر على الحكم باسلمهم ،فان أرادوا بذلك كونهم كافرين
في نفس المر ،ل في الظاهر ،فالظاهر أن النزاع لفظي ،إذ القائلون
باسلمهم يريدون ما ذكرناه من الحكم بصحة جريان أكثر أحكام
المسلمين عليهم في الظاهر ل أنهم مسلمون في نفس المر فلذا نقلوا
الجماع على دخولهم في النار ،وان أرادوا بذلك ]*[
][157
)) * (102باب( * * " )المستضعفين والمرجون لمر ال( " * اليات :النساء:
إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ل يستطيعون حيلة ول
يهتدون سبيل * فاولئك عسى ال أن يعفو عنهم وكان ال عفوا غفورا )
.(1التوبة :وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا
عسى ال أن يتوب عليهم إن ال غفور رحيم .إلى قوله تعالى :وآخرون
مرجون لمر ال إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وال عليم حكيم ) (2الية1 .
-فس :عن يحيى بن أبي عمران ،عن يونس ،عن حماد ،عن ابن الطيار
عن أبي جعفر عليه السلم قال :سألته عن المستضعف فقال :هو الذي ل
يستطيع حيلة الكفر فيكفر ،ول يهتدي سبيل إلى اليمان ]فيؤمن[ ل
يستطيع أن يؤمن ول يستطيع أن يكفر ،فهم الصبيان ومن كان من الرجال
والنساء على مثل عقول الصبيان ومن رفع عنه القلم ) - 2 .(3فس :بهذا
السناد قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :المرجون لمر ال قوم كانوا
مشركين قتلوا حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم دخلوا بعده في
السلم ،فوحدوا ال وتركوا الشرك ،ولم يعرفوا اليمان بقلوبهم ،فيكونوا
من المؤمنين فتجب لهم الجنة ،ولم يكونوا على جحودهم فيجب لهم النار،
فهم على
) (1كونهم كافرين باطنا وظاهرا فهو ممنوع ،ول دليل عليه ،بل الدليل قائم على
اسلمهم ظاهرا كقوله صلى ال عليه وآله " :أمرت أن اقاتل الناس حتى
يقولوا ل إله إل ال (1) " .النساء (2) .99 - 98 :براءة.106 - 102 :
) (3تفسير القمي ص [*] .137
][158
تلك الحالة مرجون لمر ال ،إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) - 3 .(1فس :أبي ،عن
ابن محبوب ،عن ابن رئاب ،عن ضريس الكناسي ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :قلت له :جعلت فداك ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد
صلى ال عليه وآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام،
ول يعرفون وليتكم ؟ فقال :أما هؤلء فإنهم في حفرهم ل يخرجون منها
فمن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فانه يخد له خدا إلى الجنة
التي خلقها ال بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتى
يلقى ال فيحاسبه بحسناته وسيئاته فإما إلى الجنة ،وإما إلى النار ،فهؤلء
الموقوفون لمر ال .قال عليه السلم :وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله
والطفال وأولد المسلمين ،الذين لم يبلغوا الحلم .وأما النصاب من أهل
القبلة فانهم يخد لهم خدا إلى النار التي خلقها ال في المشرق ،فيدخل
عليهم اللهب والشرر والدخان ،وفورة الحميم " ثم " بعد ذلك مصيرهم
إلى الجحيم " في النار يسجرون * ثم قيل لهم أينما كنتم تشركون من دون
ال " ) (2أي أين إمامكم الذي اتخذتموه دون المام الذي جعله ال للناس
إماما ) - 4 .(3ل :ماجيلويه ،عن محمد العطار ،عن الشعري ،عن سهل،
عن الحسين بن سعيد ،عن ابن أبي عمير ،عن حماد ،عن الحلبي ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :الناس على ست فرق :مستضعف ،ومؤلف،
ومرجئ ،ومعترف بذنبه ،وناصب ومؤمن ) - 5 .(4ل :القطان :عن ابن
زكريا ،عن ابن حبيب ،عن محمد بن عبد ال ،عن
) (1تفسير القمي ص (2) .588المؤمن (3) .73 :تفسير القمي ص (4) .588
الخصال ج 1ص [*] .162
][159
علي بن الحكم ،عن أبان بن عثمان ،عن محمد بن الفضيل الزرقي ،عن أبي عبد
ال عن آبائه ،عن علي عليهم السلم قال :إن للجنة ثمانيه أبواب باب
يدخل منه النبيون والصديقون ،وباب يدخل منه الشهداء والصالحون،
وخمسة أبواب يدخل منه شيعتنا ومحبونا ،وباب يدخل منه سائر المسلمين
ممن يشهد أن ل إله إل ال ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل
البيت .الخبر ) - 6 .(1ل :في خبر العمش ،عن الصادق عليه السلم:
أصحاب الحدود فساق ل مؤمنون ول كافرون ،ول يخلدون في النار،
ويخرجون منها يوما ما ،والشفاعة لهم جايزة وللمستضعفين إذا ارتضى
ال دينهم ) .(2ن :فيما كتب الرضا عليه السلم للمأمون مثله )- 7 .(3
مع :ابن مسرور ،عن ابن عامر ،عن عمه ،عن الحسن بن علي بن فضال،
عن ثعلبة ،عن عمر بن أبان ،عن الصباح بن سيابة ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون ،فيدخله ال
الجنة ،وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون ،فيدخله ال النار الخبر )
- 8 .(4مع :أبي وابن الوليد معا ،عن الحميري ،عن ابن أبي الخطاب عن
نضر بن شعيب ،عن عبد الغفار الجازي ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :إن المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضا ،ومن لم يكن من أهل
القبله ناصبا فهو مستضعف ) - 9 .(5مع :ابن الوليد ،عن أبن أبان ،عن
الحسين بن سعيد ،عن النضر وفضالة معا ،عن موسى بن بكر ،عن
زرارة ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :سألته
) (1الخصال ج 2ص (2) .39الخصال ج 2ص (3) .154عيون الخبار ج 2
ص (4) .125معاني الخبار ص (5) .392معاني الخبار ص .200
]*[
][160
عن قول ال عزوجل " :إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان " )(1
فقال :هو الذي ل يستطيع الكفر فيكفر ،ول يهتدي سبيل اليمان فيؤمن
والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان مرفوع
عنهم القلم ) - 10 .(2مع :أبي وابن الوليد معا ،عن سعد ،عن ابن عيسى،
عن الوشا عن أحمد بن عائذ ،عن أبي خديجة ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قي قوله عزوجل " :إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان
ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " فقال :ل يستطيعون حيلة إلى
النصب فينصبون ،ول يهتدون سبيل أهل الحق فيدخلون فيه ،وهؤلء
يدخلون الجنة باعمال حسنة ،وباجتناب المحارم التي نهى ال عزوجل
عنها ،ول ينالون منازل البرار ) - 11 .(3مع :ابن الوليد ،عن الصفار،
عن ابن عيسى ،عن علي بن الحكم عن عبد ال بن جندب ،عن سفيان بن
السمط قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :ما تقول في المستضعفين ؟
فقال لي شبها بالمفزع :وتركتم أحدا يكون مستضعفا ؟ وأين المستضعفون
؟ فوال لقد مشى بأمركم هذا العواتق ]إلى العواتق[ في خدورهن وتحدث
به السقايات بطرق المدينة ) - 12 .(4مع :أبي ،عن أحمد بن إدريس ،عن
الشعري ،عن إبراهيم بن إسحاق )عن عمرو بن إسحاق( قال :سئل أبو
عبد ال عليه السلم ما حد المستضعف الذي ذكره ال عزوجل ؟ قال :من
ل يحسن سورة من القرآن ،وقد خلقه ال عزوجل خلقة ما ينبغي له أن ل
يحسن ) - 13 .(6مع :ابن الوليد ،عن ابن أبان ،عن الحسين بن سعيد،
عن صفوان ابن يحيى ،عن حجر بن زايدة ،عن حمران ،قال :سألت أبا
عبد ال عليه السلم عن قول
) (1النساء (4 - 2) .98 :معاني الخبار ص (5) .201ما بين العلمتين زيادة من
المصدر (6) .معاني الخبار ص [*] .202
][161
ال عزوجل " :ال المستضعفين " قال :هم أهل الولية ،قلت :وأي ولية فقال :أما
انها ليست بولية في الدين ،ولكنها الولية في المناكحة والموارثة
والمخالطة ،وهم ليسوا بالمؤمنين ول بالكفار ،وهم المرجون لمر ال
عزوجل ) .(1شي :عن حمران مثله ) - 14 .(2مع :عن المظفر العلوي،
عن ابن العياشي ،عن أبيه ،عن علي بن محمد ،عن أحمد بن محمد ،عن
الحسن بن علي ،عن عبد الكريم بن عمرو ،عن سليمان ابن خالد قال:
سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال عزوجل " :إل المستضعفين
من الرجال والنساء والولدان " الية قال :يا سليمان في هؤلء
المستضعفين من هو أثخن رقبة منك ،المستضعفون قوم يصومون
ويصلون تعف بطونهم وفروجهم ل يرون أن الحق في غيرها ) (3آخذين
بأغصان الشجرة " فاولئك عسى ال أن يعفو عنهم " إذ كانوا آخذين
بالغصان وإن لم يعرفوا اولئك ،فان عفى عنهم فبرحمته وإن عذبهم
فبضللتهم عما عرفهم ) .(4شي :عن سليمان بن خالد مثله )- 15 .(5
مع :أبي ،عن سعد ،عن البرقي ،عن عثمان بن عيسى ،عن موسى ابن
بكر ،عن سليمان بن خالد ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :سألته عن
المستضعفين فقال :البلهاء في خدرها والخادم تقول لها :صلي فتصلي ل
تدري إل ما قلت لها ،والجليب ) (6الذي ل يدري إل ما قلت له ،والكبير
الفاني والصبي الصغير
هؤلء المستضعفون فأما رجل شديد العنق جدل خصم يتولى الشراء والبيع ،ل
تستطيع أن تغبنه في شئ تقول :هذا مستضعف ؟ ل ول كرامة ) .(1شي:
عن سليمان مثله ) - 16 .(2مع :أبي ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن علي
بن الحكم ،عن سيف ابن عميرة ،عن أبي الصباح ،عن أبي جعفر عليه
السلم أنه قال في المستضعفين الذين ل يجدون حيلة ول يهتدون سبيل :ل
يستطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر ول يهتدون فيدخلوا في اليمان ،فليس
هم من الكفر واليمان في شئ ) - 17 .(3مع :أبي ،عن سعد ،عن ابن أبي
الخطاب ،عن الحسن بن علي بن فضال ،عن أبي المغرا ،عن أبي حنيفة
رجل من أصحابنا ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :من عرف الختلف
فليس بمستضعف ) - 18 .(4مع :المظفر العلوي ،عن ابن العياشي ،عن
أبيه ،عن حمدويه ،عن محمد بن عيسى ،عن يونس ،عن ابن مسكان ،عن
أبي بصير قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :من عرف اختلف الناس
فليس بمستضعف ) - 19 .(5سن :أبي ،عن النضر ،عن يحيى الحلبي،
عن ابن مسكان ،عن زرارة ،قال :سئل أبو عبد ال عليه السلم وأنا
جالس عن قول ال " :من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ) (6يجري
لهؤلء ممن ل يعرف منهم هذا المر ؟ فقال :ل إنما هذه للمؤمنين خاصة،
قلت له :أصلحك ال ،أرايت من صام وصلى واجتنب المحارم وحسن
ورعه ممن ل يعرف ول ينصب ،فقال :إن ال يدخل اولئك الجنة
][163
برحمته ) - 20 .(1غط :عن الفزاري ،عن محمد بن جعفر بن عبد ال ،عن أبي
نعيم محمد بن أحمد النصاري قال :وجه قوم من المفوضة والمقصرة
كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد عليه السلم قال كامل :فقلت في
نفسي :أسأله ل يدخل الجنة إل من عرف معرفتي وقال بمقالتي ،قال :فلما
دخلت على سيدي أبي محمد نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه ،فقلت في
نفسي :ولي ال وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة
الخوان ،وينهانا عن لبس مثله ،فقال متبسما :يا كامل وحسر ذراعيه فإذا
مسح أسود خشن على جلده ،فقال :هذا ل وهذا لكم .فسلمت وجلست إلى
باب عليه ستر مرخى فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بصبي كأنه فلقة
قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها ،فقال لي :يا كامل بن إبراهيم
فاقشعررت من ذلك والهمت أن قلت :لبيك يا سيدي ،فقال :جئت إلى ولي
ال وحجته وبابه تسأله يدخل الجنة إل من عرف معرفتك ،وقال بمقالتك ؟
فقلت :إي وال قال :إذن وال يقل داخلها ،وال إنه ليدخلها قوم يقال لهم:
الحقية ،قلت :يا سيدي ومن هم ؟ قال :قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه
ول يدرون ما حقه وفضله تمام الخبر ) - 21 .(2شي :عن سماعة قال:
سألت أبا عبد ال عليه السلم عن المستضعفين قال :هم أهل الولية ،قلت:
أي ولية تعني ؟ قال :ليست ولية ]في الدين[ ولكنها في المناكحة
والمواريث والمخالطة ،وهم ليسوا بالمؤمنين ول الكفار ،ومنهم المرجون
لمر ال ،فأما قوله " :والمستضعفين ]من الرجال والنساء والولدان[
الذين يقولون ربنا أخرجنا -إلى -نصيرا " ) (3فاولئك نحن ).(4
) (1المحاسن ص (2) .158غيبة الشيخ الطوسي ص (3) .159النساء(4) .75 :
تفسير العياشي ج 1ص [*] .257
][164
- 22شى :عن أبي خديجة ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال " :المستضعفين من
الرجال والنساء ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " قال :ل يستطيعون
سبيل أهل الحق فيدخلون فيه ،ول يستطيعون حيلة أهل النصب فينصبون،
قال :هؤلء يدخلون الجنة بأعمال حسنة ،وباجتناب المحارم التي نهى ال
عنها ،ول ينالون منازل البرار ) - 23 .(1شى :عن زرارة قال :قال أبو
جعفر عليه السلم :وأنا اكلمه في المستضعفين أين أصحاب العراف ؟
أين المرجون لمر ال ؟ أين الذين خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا ؟ أين
المؤلفة قلوبهم ؟ أين أهل تبيان ال ؟ أين المستضعفين من الرجال
والنساء والولدان ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل * فاولئك عسى
ال أن يعفو عنهم وكان ال عفوا غفورا ) - 24 .(2شى :عن زرارة قال:
قلت لبي عبد ال عليه السلم :أتزوج المرجئة أو الحرورية أو القدرية ؟
قال :ل عليك بالبله من النساء ،قال زرارة :فقلت :ما هو إل مؤمنة أو
كافرة ،فقال أبو عبد ال عليه السلم :فأين أهل استثناء ال ،قول ال
أصدق من قولك " ،إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان -إلى
قوله -سبيل " ) - 25 .(3شى :عن أبي الصباح قال :قلت لبي عبد ال
عليه السلم :ما تقول :في رجل دعى إلى هذا المر فعرفه ،وهو في أرض
منقطعة إذ جاءه موت المام ،فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت ،فقال :هو
وال بمنزلة من هاجر إلى ال ورسوله فمات فقد وقع أجره على ال ).(4
- 26شى :عن زرارة قال :دخلت أنا وحمران على أبي جعفر عليه السلم
فقلنا :إنا نمد المطمر ،فقال :وما المطمر ؟ قلنا :الذي من وافقنا من علوي
أو غيره توليناه ،ومن خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره ،قال :يا زرارة
قول ال أصدق من قولك ،فأين الذين قال ال " :إل المستضعفين من
الرجال والنساء
) (3 - 1تفسير العياشي ج 1ص (4) .269تفسير العياشي ج 1ص [*] .270
][165
والولدان الذين ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " أين المرجون لمر ال ؟
أين الذين خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا ؟ أين أصحاب العراف ؟ أين
المؤلفة قلوبهم ؟ فقال زرارة :ارتفع صوت أبي جعفر وصوتي حتى كان
يسمعه من على باب الدار ،فلما كثر الكلم بيني وبينه قال لي :يا زرارة
حقا على ال أن يدخلك الجنة ) - 27 .(1شى :عن هشام بن سالم ،عن أبي
عبد ال عليه السلم في قول ال " :وآخرون مرجون لمر ال " ) (2قال:
هم قوم من المشركين أصابوا دما من المسلمين ثم أسلموا فهم المرجون
لمر ال ) - 28 .(3شى :عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ،عن أبي
جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم قال :المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر
واحد ويوم حنين ،وسلوا ) (4عن المشركين ثم أسلموا بعد تأخره فاما
يعذبهم وإما يتوب عليهم ) - 29 .(5شى :عن زرارة ،عن أبي جعفر عليه
السلم في قول ال " :وآخرون مرجون لمر ال " قال :هم قوم مشركون
فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم إنهم دخلوا في
السلم فوحدوا ،وتركوا الشرك ،ولم يؤمنوا فيكونوا من المؤمنين ،فيجب
لهم الجنة ،ولم يكفروا فيجب لهم النار ،فهم على تلك الحال مرجون لمر
ال .قال حمران :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن المستضعفين قال:
إنهم ليسوا بالمؤمنين ول بالكافرين ،وهم المرجون لمر ال )- 30 .(6
شى :عن ابن الطيار قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :الناس على ست
فرق يؤتون إلى ثلث فرق :اليمان ،والكفر ،والضلل ،وهم أهل الوعد من
الذين وعد ال الجنة والنار ،وهم المؤمنون والكافرون والمستضعفون
والمرجون لمر ال
) (1تفسير العياشي ج 2ص (2) .93براءة (4) .102 :أي هجروا المشركين،
وفي المصدر :سلموا 3) .و 5و (6تفسير العياشي ج 2ص [*] .110
][166
إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ،والمعترفون بذنوبهم خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا،
وأهل العراف ) - 31 .(1شى :عن زرارة ،عن أبي جعفر عليه السلم
قال :المرجون لمر ال قوم كانوا مشركين ،فقتلوا مثل قتل حمزة وجعفر
وأشباههما ،ثم دخلوا بعد في السلم فوحدوا ال وتركوا الشرك ،ولم
يعرفوا اليمان بقلوبهم ،فيكونوا من المؤمنين فيجب لهم الجنة ،ولم
يكونوا على جحودهم فيكفروا فيجب لهم النار ،فهم على تلك الحال إما
يعذبهم وإما يتوب عليهم .قال أبو عبد ال عليه السلم :يرى فيهم رأيه
قال :قلت :جعلت فداك من أين يرزقون ؟ قال :من حيث شاء ال ،وقال أبو
إبراهيم عليه السلم :هؤلء قوم وقفهم حتى يرى فيهم رأيه )- 32 .(2
شى :عن الحارث ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سألته بين اليمان
والكفر منزلة ؟ فقال :نعم ،ومنازل ،لو يجحد شيئا منها أكبه ال في النار:
بينهما " آخرون مرجون لمر ال " وبينهما " المستضعفون " وبينهما
" آخرون خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا " وبينهما قوله " :على
العراف رجال " ) - 33 .(3شى :عن داود بن فرقد قال :قلت لبي عبد
ال عليه السلم :المرجون قوم ذكر لهم فضل علي فقالوا :ما ندري لعله
كذلك وما ندري لعله ليس كذلك ؟ قال :أرجه قال تعالى " :وآخرون
مرجون لمر ال " ) (4الية - 34 .كش :محمد بن قولويه ،عن سعد ،عن
أحمد بن هلل ،عن ابن محبوب عن ابن رئاب قال :دخل زرارة على أبي
عبد ال عليه السلم فقال :يا زرارة متأهل أنت ؟ قال :ل ،قال :وما يمنعك
عن ذلك ؟ قال :لني ل أعلم تطيب مناكحة هؤلء أم ل ؟ قال :فكيف تصبر
وأنت شاب ؟ قال :أشتري الماء ،قال :ومن أين طابت لك نكاح الماء ؟
قال :إن المة إن رابني من أمرها شئ بعتها ،قال :لم أسألك عن هذا ولكن
سألتك من أين طاب لك فرجها ؟ قال له :فتأمرني أن أتزوج قال له :ذاك
اليك.
][167
قال :فقال له زرارة :هذا الكلم يتصرف على ضربين إما أن ل تبالي أن أعصي ال
إذ لم تأمرني بذلك ،والوجه الخر أن يكون مطلقا لي ،قال :فقال :عليك
بالبلهاء ،قال :فقلت :مثل التي يكون على رأي الحكم بن عتيبة ،وسالم ابن
أبي حفصة ؟ قال :ل ،التي ل تعرف ما أنتم عليه ول تنصب ،قد زوج
رسول ال صلى ال عليه وآله أبا العاص بن الربيع وعثمان بن عفان
وتزوج عائشة وحفصة وغيرهما .فقال :لست أنا بمنزلة النبي صلى ال
عليه وآله الذي كان يجري عليه حكمه ،وما هو إل مؤمن أو كافر ،قال ال
عزوجل " :فمنكم كافر ومنكم مؤمن " ) (1فقال له أبو عبد ال عليه
السلم :فأين أصحاب العراف ؟ وأين المؤلفة قلوبهم ؟ وأين الذين خلطوا
عمل صالحا وآخر سيئا ؟ وأين الذين لم يدخلوها وهم يطمعون ؟ .قال
زرارة :أيدخل النار مؤمن ؟ فقال أبو عبد ال عليه السلم :ل يدخلها إل أن
يشاء ال ،قال زرارة :فيدخل الكافر الجنة ؟ قال أبو عبد ال عليه السلم:
ل ،فقال زرارة :هل يخلو أن يكون مؤمنا أو كافرا ؟ فقال أبو عبد ال عليه
السلم :قول ال أصدق من قولك
) (1التغابن ،2 :استدل زرارة بهذه الية على أن الناس صنفان :مؤمن وكافر،
وقال على ما في رواية الكافي " :ل وال ل يكون أحد من الناس ليس
بمؤمن ول كافر " وهو سهو ظاهر ،فان ال عزوجل يقول :فمنكم كافر
ومنكم مؤمن ،و " من " للتعبيض وليس ظاهرها الترديد بين الكفر
واليمان ولذلك لو قال بعده " ومنكم مذبذبين بين ذلك ل إلى هؤلء ول
إلى هؤلء " أو قال " ومنكم المستضعف الذي ل يعرف اليمان والكفر
" كالمجانين وغيرهم لصح الكلم .وهذا الحديث مروي بطرق مختلفة
وعبارات متفاوتة ،فقد مر شطر منه عن تفسير العياشي مرسل وفي
الكافي باب الضلل تحت الرقم 2حديث طويل في ذلك وله شرح ضاف
في المرآت ج 2ص 393 - 391من أراد الطلع فليراجع .وليعلم أن
أحاديث كتاب الكافي التي تناسب هذا الباب لم يخرجها المؤلف العلمة
ههنا ،فليراجع[*] .
][168
يا زرارة بقول ال أقول :يقول ال تعالى " ،لم يدخلوها وهم يطمعون " ) (1لو
كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة ،ولو كانوا كافرين لدخلوا النار .قال :فماذا ؟
فقال أبو عبد ال عليه السلم :أرجئهم حيث أرجأهم ال أما إنك لو بقيت
لرجعت عن هذا الكلم ،وتحللت عنك عقدك .قال :فأصحاب زرارة يقولون:
لرجعت عن هذا الكلم وتحللت عنك عقد اليمان ).(2
) (1العراف (2) .26 :قال في القاموس :تحلل في يمينه :استثنى ،وحل العقدة:
نقضها فانحلت وقال :عقد الحبل والبيع والعهد يعقده :شده ،والعقد،
الضمان والعهد ،والعقد -بالكسر -القلدة ،والعقدة -بالضم -الولية
على البلد ،والجمع كصرد -إلى أن قال :وتحللت عقده :سكن غضبه ،فإذا
عرفت هذا فهذا الكلم يحتمل وجوها :الول :أن يكون العقد بضم العين
وفتح القاف جمع العقدة بالضم ،والمراد انك ان كبر سنك رجعت عن هذا
المذهب الباطل الذي استقر في نفسك ،وانحلت عنك العقد التي في قلبك
من الشكوك والشبهات في ذلك :استعار العقد للشبهات وهي شايعة في
المحاورات بين الناس وهذا أظهر الوجوه ،و من قرء " تحللت " بصيغة
المتكلم فهو تصحيف ،إذ لم أجده في اللغة متعديا .الثاني أن يكون المراد
بتحلل العقد سكون غضبه على المخالفين كما مر عن القاموس .الثالث
هذا الذي ذكره الكشي حيث قال :وأصحاب زرارة يقولون الخ ولعل المراد
بأصحاب زرارة القائلون بهذا القول الذي كان زرارة عليه ،أول ،فانهم
لما لم يرجعوا عن هذا القول ظنوا أن المام عليه السلم كان يصوب رأي
زرارة باطنا ويتكلم معه ظاهرا للتقية ،فأخبر بأنه يرجع بعد كبره عن هذا
القول ،ويرجع بذلك عن اليمان ،أو يضعف ايمانه ،ول يخفى ركاكة هذا
التأويل ،ال أن يكون مرادهم تحلل العقد في مسألة اليمان ،فيرجع إلى ما
ذكرنا أول .الرابع ما قيل :ان المعنى رجعت عن هذا القول الباطل وتحللت
عنك هذه القلدة = ]*[
][169
فكل من أدرك زرارة بن أعين فقد أدرك أبا عبد ال فانه مات بعد أبي عبد ال عليه
السلم بشهرين أو أقل ،وتوفى أبو عبد ال عليه السلم وزرارة مريض
مات في
= أو هذا الرأي .الخامس :أي رجعت عن دين الحق وتحللت عنك هذا العهد
والبيعة .وأقول :ل يخفى اشتمال هذا الخبر على قدح عظيم لزرارة ،ولم
يجعله وأمثاله الصحاب قادحة فيه ،لجماع العصابة على عدالته وجللته
وفضله وثقته ،وورد الخبار الكثيرة في فضله وعلو شأنه .والحق أن
علو شأن هؤلء الجلء ،وكثرة حاسديهم صار سببا للقدح فيهم وأيضا
قدحوا في هذه الرواية )يعني رواية الكافي عن علي ،عن محمد بن
عيسى ،عن يونس ،عن رجل ،عن زرارة ،عن أبي جعفر عليه السلم:
بالرسال وبمحمد بن عيسى اليقطيني وان كان له مدح وتوثيق من بعض
الصحاب فانه جزم السيد الجليل ابن طاوس بضعفه والصدوق محمد بن
بابويه وشيخه ابن الوليد .وقال الشهيد الثاني قده :قد ظهر اشتراك جميع
الخبار القادحة في استنادها إلى محمد بن عيسى وهو قرينة عظيمة على
ميل وانحراف منه عن زرارة ،مضافا إلى ضعفه في نفسه ،منه رحمه
ال في شرح الكافي .وأقول :هذه الرواية من الكشي وان لم يكن في
طريقه محمد بن عيسى اليقطيني ولكنه ضعيف بأحمد بن هلل ،ولكن
الحديث له طريق آخر في الكافي باب أصحاب العراف وهو محمد بن
يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن ابن فضال ،عن ابن بكير ،عن زرارة،
فالحديث موثق بهذا السند كما اعترف به العلمة المؤلف في شرح
الكافي ج 2ص 396حيث قال :موثق كالصحيح .فالحق أن يقال :هذه
المباحثة والمجادلة كان من زرارة في شبابه كما قال عليه السلم "
فكيف تصبر وأنت شاب " وليس بلزم أن نقول بجللة قدره ومعرفته
الكاملة في شبابه ،بل هو كلما طعن في السن صارت معرفته كاملة حتى
بلغ ما بلغ[*] .
][170
مرضه ذلك ) - 35 .(1فس :عن سعيد بن الحسن بن مالك ،عن بكار ،عن الحسن
بن الحسين عن منصور بن مهاجر ،عن سعد ،عن أبي جعفر عليه السلم
أنه سئل عن هذه الية " محمد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار
رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضل من ال ورضوانا " )(2
فقال :مثل إجراء ال في شيعتنا كما يجري لهم في الصلب ،ثم يزرعهم
في الرحام ،ويخرجهم للغاية التي أخذ عليها ميثاقهم في الخلق ،منهم
أتقياء وشهداء ،ومنهم الممتحنة قلوبهم ،ومنهم العلماء ومنهم النجباء،
ومنهم النجداء ،ومنهم أهل التقى ،ومنهم أهل التقوى ،ومنهم أهل التسليم،
فازوا بهذه الشياء سبقت لهم من ال ،وفضلوا الناس بما فضلوا وجرت
للناس بعدهم في المواثيق حالهم .-أسماؤهم :حد " المستضعفين " وحد
" المرجون لمر ال إما أن يتوب عليهم " وحد " عسى أن يتوب عليهم
" وحد " لبثين فيها أحقابا " وحد " خالدين فيها مادامت السموات
والرض " ثم حد الستثناء من ال من الفريقين منازل الناس في الخير
والشر خلقان من خلق ال فيهما المشية فمن ساير من خلقه في قسمة ما
قسم له تحويل عن حال ،زيادة في الرزاق أو نقص منها ،أو تقصير في
الجال وزيادة فيها أو نزول البلء أو دفعه ،ثم أسكن البدان على ما شاء
ال من ذلك ،فجعل منه مستقرا في القلوب ثابتا لصله ،وعواري بين
القلوب والصدور إلى أجل له وقت ،فإذا بلغ وقتهم انتزع ذلك منهم فمن
ألهمه ال الخير وأسكنه في قلبه ،بلغ منه غايته التي أخذ عليها ميثاقه في
الخلق الول ) - 36 .(3أقول :وجدت في كتاب سليم بن قيس فيما جرى
بين أمير المؤمنين عليه السلم وبين الشعث بن قيس لعنه ال أن الشعث
قال له عليه السلم :وال لئن كان المر
) (1رجال الكشي ص 128مع اختلف في الذيل ،وما في المتن اختيار القهباني
راجع قاموس الرجال ج 4ص (2) .178الفتح (3) .29 :لم نجده في
تفسير القمي[*] .
][171
كما تقول لقد هلكت المه غيرك ،وغير شيعتك ،قال :فان الحق وال معي يا ابن
قيس كما أقول ،وما هلك من المة إل الناصبين والمكابرين والجاحدين
والمعاندين ،فأما من تمسك بالتوحيد ،والقرار بمحمد والسلم ،ولم يخرج
من الملة ،ولم يظاهر علينا الظلمة ،ولم ينصب لنا العداوة ،وشك في
الخلفة ولم يعرف أهلها وولتها ،ولم يعرف لنا ولية ،ولم ينصب لنا
عداوة ،فان ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة ال ويتخوف عليه
ذنوبه - 37 .كتاب المسائل :لعلي بن جعفر ،عن أخيه موسى عليه السلم
قال :سألته عن نبي ال هل كان يقول على ال شيئا قط أو ينطق عن
الهوى أو يتكلف ؟ فقال :ل ،فقلت :أرأيتك قوله لعلي عليه السلم " من
كنت موله فعلي موله " ال أمره به ؟ قال نعم ،قلت :فأبرأ إلى ال ممن
أنكر ذلك منذ يوم أمر به رسول ال ؟ قال :نعم قلت :هل يسلم الناس حتى
يعرفوا ذلك ؟ قال :ل " إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ل
يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " ) (1قلت :من هم قال :أرأيتم خدمكم
ونساؤكم ممن ل يعرف ذلك أتقتلون خدمكم وهم مقرون لكم ؟ وقال :من
عرض عليه ذلك فأنكره فأبعده ال واسحقه ل خير فيه ).(2
) (1النساء (2) .89 :كتاب المسائل أخرجه بتمامه في ج 10ص 291 - 249من
هذه الطبعة الحديثة ترى موضع النص في ص 266فراجع.
][172
)) * (103باب النفاق( * اليات :البقرة :ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم
الخر وما هم بمؤمنين * يخادعون ال والذين آمنوا وما يخدعون إل
أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم ال مرضا ولهم عذاب
أليم بما كانوا يكذبون * وإذا قيل لهم ل تفسدوا في الرض قالوا إنما نحن
مصلحون * إل إنهم هم المفسدون ولكن ل يشعرون * وإذا قيل لهم آمنوا
كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء أل إنهم هم السفهاء ولكن ل
يعلمون * وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا
معكم إنما نحن مستهزؤن * ال يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون
* اولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا
مهتدين * مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال
بنورهم وتركهم في ظلمات ل يبصرون * صم بكم عمي فهم ل يرجعون *
أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم
من الصواعق حذر الموت وال محيط بالكافرين * يكاد البرق يخطف
أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء ال
لذهب بسمعهم وأبصارهم إن ال على كل شئ قدير ) .(1آل عمران :وقيل
لهم تعالوا قاتلوا في سبيل ال قالوا لو نعلم قتال لتبعناكم هم للكفر يومئذ
أقرب منهم لليمان يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم وال أعلم بما
يكتمون ) .(2وقال تعالى :ل تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن
يحمدوا بما لم يفعلوا فل تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم ).(3
) (1البقرة (2) .20 - 8 :آل عمران (3) .167 :آل عمران[*] .188 :
][173
النساء :وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل ال وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون
عنك صدودا ) .(1وقال :فما لكم في المنافقين فئتين وال أركسهم بما
كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل ال ومن يضلل ال فلن تجد له سبيل )
.(2وقال :بشر المنافقين بأن لهم عذاب أليما -إلى قوله -إن ال جامع
المنافقين والكافرين في جهنم جميعا * الذين يتربصون بكم فان كان لكم
فتح من ال قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ
عليكم ونمنعكم من المؤمنين فال يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل ال
للكافرين على المؤمنين سبيل * إن المنافقين يخادعون ال وهو خادعهم
وإذا قاموا إلى الصلوة قاموا كسالى يراؤن الناس ول يذكرون ال إل قليل
* مذبذبين بين ذلك ل إلى هؤلء ول إلى هؤلء ومن يضلل ال فلن تجد له
سبيل -إلى قوله تعالى -إن المنافقين في الدرك السفل من النار ولن تجد
لهم نصيرا * إل الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بال وأخلصوا دينهم ل
فاولئك مع المؤمنين وسوف يؤت ال المؤمنين أجرا عظيما ) .(3التوبة:
يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا
إن ال مخرج ما تحذرون * ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب
قل أبال وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن * ل تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم
إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين * المنافقون
والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف
ويقبضون أيديهم نسوا ال فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون * وعد ال
المنافقين والمنافقات والكفار نارا جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم
ال ولهم عذاب مقيم -إلى قوله تعالى :يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن
ترضوا عنهم فإن ال ل يرضى عن القوم الفاسقين -إلى قوله تعالى:
وممن حولكم من العراب منافقون
) (1النساء (2) .61 :النساء (3) .88 :النساء[*] .146 - 138 :
][174
ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ل تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم
يردون إلى عذاب عظيم ) .(1وقال سبحانه :وإذا ما انزلت سورة نظر
بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف ال قلوبهم بأنهم
قوم ل يفقهون ) .(2العنكبوت :ومن الناس من يقول آمنا فإذا اوذي في ال
جعل فتنة الناس كعذاب ال ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو
ليس ال بأعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن ال الذين آمنوا وليعلمن
المنافقين ) .(3الحزاب :وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما
وعدنا ال ورسوله إل غرورا إلى قوله تعالى :ويعذب المنافقين إن شاء أو
يتوب عليهم إن ال كان غفورا رحيما ) .(4وقال تعالى :لئن لم ينته
المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم
ل يجاورونك فيها إل قليل * ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيل ).(5
محمد :إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان
سول لهم واملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل ال سنطيعكم
في بعض المر وال يعلم أسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملئكة يضربون
وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط ال وكرهوا رضوانه
فأحبط أعمالهم * أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج ال
أضغانهم * ولو نشاء لريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن
القول وال يعلم أعمالكم ).(6
) (1براءة (2) .64 - 101 :براءة (3) .127 :العنكبوت (4) .11 - 10 :الحزاب:
(5) .24 - 12الحزاب (6) .60 - 61 :القتال[*] .30 - 25 :
][175
الفتح :يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من ال شيئا إن أراد
بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان ال بما تعملون خبيرا ) .(1الحديد :يوم
يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل
ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه
الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم
فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الماني حتى جاء أمر ال وغركم
بال الغرور * فاليوم ل يؤخذ منكم فدية ول من الذين كفروا مأويكم النار
هي موليكم وبئس المصير ) .(2المجادلة :ألم تر إلى الذين تولوا قوما
غضب ال عليهم ما هم منكم ول منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون
* أعد ال لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون * اتخذوا أيمانهم
جنة فصدوا عن سبيل ال فلهم عذاب مهين * لن تغني عنهم أموالهم ول
أولدهم من ال شيئا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يوم يبعثهم ال
جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ أل إنهم هم
الكاذبون * استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر ال اولئك حزب الشيطان
أل إن حزب الشيطان هم الخاسرون ) .(3المنافقون :إذا جاءك المنافقون
قالوا نشهد إنك لرسول ال وال يعلم إنك لرسوله وال يشهد إن المنافقين
لكاذبون -إلى آخر السورة - 1 .ير .شى :عن محمد بن الفضيل ،عن أبي
الحسن الرضا عليه السلم قال :كتبت إليه أسأله عن مسألة فكتب إلي إن
ال يقول " إن المنافقين يخادعون ال وهو خادعهم إلى قوله سبيل " )
(4ليسوا من عترة رسول ال ،وليسوا من المؤمنين ،وليسوا من
المسلمين ،يظهرون اليمان ويسرون الكفر والتكذيب لعنهم ال ).(5
) (1الفتح (2) .11 :الحديد (3) .15 - 13 :المجادلة (4) .19 - 14 :النساء:
(5) .142تفسير العياشي ج 1ص [*] .282
][176
- 2جا :المراغي ،عن علي بن الحسن ،عن جعفر بن محمد بن مروان ،عن أبيه،
عن أحمد بن عيسى ،عن محمد بن جعفر ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :خلتان ل تجتمعان في
منافق :فقه في السلم ،وحسن سمت في الوجه ) - 3 .(1نوادر
الراوندي :باسناده عن موسى بن جعفر ،عن آبائه عليهم السلم عن النبي
صلى ال عليه وآله مثله ) - 4 .(2ختص :قال الصادق عليه السلم :أربع
من علمات النفاق :قساوة القلب ،وجمود العين ،والصرار على الذنب،
والحرص على الدنيا ) - 5 .(3محص :عن عباد بن صهيب قال :سمعت أبا
عبد ال عليه السلم يقول :ل يجمع ال لمنافق ول فاسق حسن السمت
والفقر ،وحسن الخلق أبدا - 6 .نهج :من خطبة له عليه السلم يصف فيها
المنافقين :نحمده على ما وفق له من الطاعة ،وزاد عنه من المعصية،
ونسأله لمنته تماما وبحبله اعتصاما ،ونشهد أن محمدا عبده ورسوله،
خاض إلى رضوان ال كل غمرة ،وتجرع فيه كل غصة ،وقد تلون له
الدنون ) (4وتألب عليه القصون وخعلت إليه العرب أعنتها ،وضربت
إليه في محاربته بطون رواحلها ،حتى أنزلت
][177
بساحته عداوتها ،من أبعد الدار ،وأسحق المزار .اوصيكم عباد ال بتقوى ال
واحذركم أهل النفاق ،فانهم الضالون المضلون ،والزالون المزلون،
يتلونون الوانا ،ويفتنون افتنانا ،ويعمدونكم بكل عماد ،ويرصدونكم بكل
مرصاد ،قلوبهم دوية ،وصفاحهم نقية ) (1يمشون الخفاء ،ويدبون
الضراء ) (2وصفهم دواء ،وقولهم شفاء ،وفعلهم الداء العياء ،حسدة
الرخاء ،ومؤكدوا البلء ،ومقنطوا الرجاء .لهم بكل طريق صريع ،وإلى كل
قلب شفيع ،ولكل شجو دموع يتقارضون الثناء ،ويتراقبون الجزاء ،إن
سألوا ألحفوا ،وإن عذلوا كشفوا ،وإن حكموا أسرفوا .قد أعدوا لكل حق
باطل ،ولكل قائم مائل ،ولكل حي قاتل ،ولكل باب مفتاحا ،ولكل ليل
مصباحا ،يتوصلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم وينفقوا به
أعلقهم ،يقولون فيشبهون ،ويصفون فيموهون ،قد هينوا الطريق
وأضلعوا المضيق ،فهم لمة الشيطان ،وحمة النيران ،اولئك حزب الشيطان
أل إن حزب الشيطان هم الخاسرون ).(3
) (1يعني أن قلوبهم مريضة بالشك والريب والنفاق ،وأما ظاهر وجوههم وبشرهم
نقية من المراض ،ذو طلقة وبشر حسن (2) .الضراء -كسحاب -
المشي الخفي ختل ومكرا ،يقال للرجل إذا ختل صاحبه :هو يدب له
الضراء ،ويمشي له الخمر -يعني في ظل الشجر الملتف ليواري شخصه
وشبحه من أعين الناس (3) .نهج البلغة ج 1ص ،525الرقم 192من
الخطب[*] .
][178
)) * (104باب( * * " )المرجئة والزيدية والبترية والواقفية( " * * )" وساير
فرق أهل الضلل وما يناسب ذلك( " * - 1كش :سعد بن جناح ،عن علي
بن محمد بن يزيد ،عن ابن عيسى ،عن الهوازي ،عن فضالة ،عن
الحسين بن عثمان ،عن سدير قال :دخلت على أبي جعفر عليه السلم
ومعي سلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير
النوا وجماعة معهم ،وعند أبي جعفر عليه السلم أخوه زيد بن علي عليه
السلم ،فقالوا لبي جعفر عليه السلم :نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ
من أعدائهم ،قال :نعم ،قالوا :نتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم،
قال :فالتفت إليهم زيد بن علي وقال لهم :أتتبرؤن من فاطمة ؟ بترتم أمرنا
بتركم ال ،فيومئذ سموا البترية ) - 2 .(1كش :عمر بن رباح قيل :إنه
كان أول يقول بامامة أبي جعفر عليه السلم ثم إنه فارق هذا القول وخالف
أصحابه مع عدة يسيرة تابعوه على ضللته ،فانه زعم أنه سأل أبا جعفر
عليه السلم عن مسألة فأجابه فيها بجواب ثم عاد إليه في عام آخر وزعم
أنه سأله عن تلك المسألة بعينها فأجابه فيها بخلف الجواب الول ،فقال
لبي جعفر عليه السلم :هذا بخلف ما أجبتني في هذه المسألة عامك
الماضي ،فذكر أنه قال له :إن جوابنا خرج على وجه التقية .فشك في أمره
وإمامته ،فلقى رجل من أصحاب أبي جعفر عليه السلم يقال له :محمد بن
قيس فقال :إني سألت أبا جعفر عليه السلم عن مسئلتي فأجابني فيها
بجواب ثم سألت عنها في عام آخر فأجابني فيها بخلف الجواب الول
فقلت له :لم فعلت ذلك ؟ قال :فعلته للتقية ،وقد علم ال أنني ما سألته إل
وإني صحيح العزم على التدين بما يفتيني فيه ،وقبوله والعمل به ،ول
وجه لتقائه إياي ،وهذه حاله.
][179
فقال له محمد بن قيس :فلعله حضرك من اتقاه ؟ فقال :ما حضر مجلسه في واحد
من المجالس غيري .ل ،ولكن كان جوابيه جميعا على وجه التخيب ولم
يحفظ ما أجاب به في العام الماضي فيجيب بمثله ،فرجع عن إمامته ،وقال:
ل يكون إمام يفتي بالباطل على شئ من الوجوه ،ول في حال من الحوال،
ول يكون إماما يفتي بتقية من غير ما يجب عند ال ،ول هو مرخ ستره،
ويغلق بابه ،ول يسع المام إل الخروج ،والمر بالمعروف ،والنهي عن
المنكر .فمال إلى سنته بقول البترية ومال معه نفر يسير ) .(1أقول :قد
أوردنا كثيرا من أخبار أحوال الزيدية في كتاب المامة بعد باب النصوص
على الئمة الثني عشر عليهم السلم ) (2وأوردنا أيضا أخبارا كثيرة في
شأن الواقفية وأمثالهم في مطاوي أبواب أحوالهم عليهم السلم أيضا- 3 .
شى :عن موسى بن بكر ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :أشهد أن
المرجئة على دين الذين قالوا " :أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين
" ) - 4 .(3كش :حمدويه :عن ابن يزيد ،عن محمد بن عمر ،عن ابن
عذافر ،عن عمر بن يزيد قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الصدقة
على الناصب وعلى الزيدية فقال :ل تصدق عليهم بشئ ،ول تسقهم من
الماء ،إن استطعت ،وقال لي :الزيدية هم النصاب ) - 5 .(4كش :محمد بن
الحسن ،عن أبي علي الفارسي قال :حكى منصور عن الصادق علي بن
محمد بن الرضا عليهم السلم أن الزيدية والواقفية والنصاب بمنزلة عنده
سواء ).(5
) (1رجال الكشي ص (2) .206راجع ج 37ص (3) .34 - 1تفسير العياشي ج
2ص ،24والية في العراف ،111 :والمراد من الذين قالوا :أرجه
وأخاه الخ ملء فرعون الجبار (5 - 4) .رجال الكشي [*] .199
][180
- 5كش :محمد بن الحسن ،عن أبي علي ،عن ابن يزيد ،عن ابن أبي عمير عمن
حدثه قال :سألت محمد بن علي الرضا عليهما السلم عن هذه الية "
وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة " ) (1قال :نزلت في النصاب
والزيدية ،والواقفية من النصاب ) - 6 .(2كش :حمدويه :عن أيوب بن
نوح ،عن صفوان ،عن داود بن فرقد عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ما
أحد أجهل منهم يعني العجلية ،إن في المرجئة فتيا وعلما ،وفي الخوارج
فتيا وعلما ،وما أحد أجهل منهم ) - 7 .(3كش :محمد بن مسعود ،عن عبد
ال بن محمد بن خالد ،عن الحسن بن علي الخزاز ،عن علي بن عقبة،
عن داود بن فرقد قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :عرضت لي إلى ربي
تعالى حاجة فهجرت فيها إلى المسجد ،وكذلك كنت أفعل أذا عرضت لي
الحاجة ،فبينا أنا اصلي في الروضة إذا رجل على رأسي فقلت :ممن الرجل
؟ قال :من أهل الكوفة ،قال :فقلت :ممن الرجل ؟ فقال :من أسلم ،قال:
قلت :ممن الرجل ؟ قال :من الزيدية ،قلت :يا أخا أسلم من تعرف منهم ؟
قال :أعرف خيرهم وسيدهم وأفضلهم هارون بن سعد ،قال :قلت :يا أخا
أسلم رأس العجلية أما سمعت ال عزوجل يقول " :ان الذين اتخذوا العجل
سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحيوة الدنيا " ) (4وإنما الزيدي حقا
محمد بن سالم بياع القصب ) - 8 .(5كش :سعد بن صباح ،عن على بن
محمد ،عن ابن عيسى ،عن ابن بزيع عن محمد بن فضيل ،عن سعد
الجلب ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :لو أن البترية صف واحد ما
بين المشرق والمغرب ما أعز ال بهم دينا.
) (1رجال الكشي ص (2) .202البرجاس :بالضم :غرض في الهواء يرمي به
وأظنه مولدا قاله الجوهري وقال في برهان قاطع :البرجاس بضم الباء
وسكون الجيم واللف الممدودة :الغرض مطلقا كان في الهواء ،أو
منصوبا في الرض ،والعرب تخصه بالول ويسمى الثاني هدفا[*] .
][182
فلما دخلنا وأبي أمامي يقدمني عليه بدأه وأنا خلفه على يد أبي ) (1حتى حاذيناه
فنادى أبي :يا محمد ارم مع أشياخ قومك الغرض وإنما أراد أن يهتك بأبي
وظن أنه يقصر ويخطئ ،ول يصيب إذا رمى ،فيشتفي منه بذلك ،فقال له
أبي :قد كبرت عن الرمي فان رأيت إن تعفيني فقال :وحق من أعزنا بدينه
ونبيه محمد صلى ال عليه وآله ل اعفيك ثم أومى إلى شيخ من بني امية
أن أعطه قوسك .فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ ثم تناول منه سهما
فوضعه في كبد القوس ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه ،ثم رمى
فيه الثانية فشق فواق سهمه إلى نصله ،ثم تابع الرمي حتى شق تسعة
أسهم بعضها في جوف بعض ،وهشام يضطرب في مجلسه ،فلم يتمالك أن
قال :أجدت يا با جعفر ! وأنت أرمى العرب والعجم كل زعمت أنك قد كبرت
عن الرمي ،ثم أدركته ندامة على ما قال ،وكان هشام لم يكن أحدا قبل أبي
ول بعده في خلفته ،فهم به وأطرق إطراقة يرتوي فيه رأيا ،وأبي واقف
بحذاه .مواجها له ،وأنا وراء أبي .فلما طال وقوفنا بين يديه غضب أبي
فهم به ،وكان أبي عليه وعلى آبائه السلم إذا غضب نظر إلى السماء نظر
غضبان يتبين للناظر الغضب في وجهه ،فلما نظر هشام إلى ذلك من أبي
قال له :يا محمد اصعد ! فصعد أبي إلى سريره وأنا أتبعه فلما دنى من
هشام قام إليه فاعتنقه وأقعده عن يمينه ،ثم اعتنقني وأقعدني عن يمين
أبي ،ثم أقبل على أبي بوجهه فقال له :يا محمد ل تزال العرب والعجم
تسودها قريش مادام فيهم مثلك ،ل درك من علمك هذا الرمي ،وفي كم
تعلمته ؟ فقال له أبي :قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيام
حداثتي ثم تركته فلما أراد أمير المؤمنين مني ذلك عدت فيه .فقال له :ما
رأيت مثل هذا الرمي قط مذ عقلت ،وما ظننت إن في الرض
) (1في المصدر المطبوع :ما زال يستدنينا منه حتى حاذيناه وجلسنا قليل فقال
لبي :يا أبا جعفر لو رميت مع أشياخ قومك الغرض وإنما أراد أن يضحك
بأبي ظنا منه الخ .وهكذا بين النسختين اختلفات[*] .
][183
أحدا يرمي مثل هذا الرمي ،أين رمي جعفر من رميك ؟ فقال :إنا نحن نتوارث
الكمال والتمام والدين إذ أنزل ال على نبيه في قوله " :اليوم أكملت لكم
دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا " ) (1والرض ل
تخلو ممن يكمل هذه المور التي يقصر عنها غيرنا .قال :فلما سمع ذلك
من أبى انقلبت عينه اليمنى فأحولت واحمر وجهه وكان ذلك علمة غضبه
إذا غضب ،ثم أطرق هنيئة ثم رفع رأسه فقال لبي :ألسنا بني عبد مناف
نسبنا ونسبكم واحد ؟ فقال أبي :نحن كذلك .ولكن ال جل ثناؤه اختصنا من
مكنون سره وخالص علمه بما لم يخص به أحدا غيرنا ،فقال :اليس ال
جل ثناؤه بعث محمدا صلى ال عليه وآله من شجرة عبد مناف إلى الناس
كافة أبيضها وأسودها وأحمرها ؟ من أين ورثتم ما ليس لغيركم ورسول
ال مبعوث إلى الناس كافة وذلك قول ال تبارك وتعالى " :وما من غائبة
في السماء والرض " إلى آخر الية ) (2فمن أين ورثتم هذا العلم ؟ وليس
بعد محمد نبي ول أنتم أنبياء ؟ فقال :من قوله تعالى لنبيه " :ل تحرك به
لسانك لتعجل به " )] (3فالذي أبداه فهو للناس كافة و[ الذي لم يحرك به
لسانه أمر ال أن يخصنا به من دون غيرنا ،فلذلك كان يناجى أخاه عليا
من دون أصحابه ،وأنزل ال بذلك قرآنا في قوله " :وتعيها اذن واعية "
) (4فقال رسول ال صلى عليه عليه وآله لصحابه :سألت ال أن يجعلها
اذنك يا علي فلذلك قال علي بن أبي طالب عليه السلم بالكوفة :علمني
رسول ال صلى ال عليه وآله ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب،
خصه به رسول ال صلى ال عليه وآله من مكنون سره فكما خص ال
أكرم الخلق عليه كذلك خص نبيه أخاه عليا من مكنون سره وعلمه بما لم
يخص به أحدا من قومه ،حتى صار إلينا ،فتوارثنا من دون أهلها .فقال
هشام بن عبد الملك :إن عليا كان يدعي علم الغيب ،وال لم يطلع
) (1المائدة (2) .3 :النمل ،75 :والمصدر خال من ذكر الية وسيأتي (3) .القيامة:
(4) .16الحاقة[*] .12 :
][184
على غيبه أحدا فمن أين ادعى ذلك ؟ فقال أبي :إن ال جل ذكره أنزل على نبيه كتابا
بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في قوله " :ونزلنا عليك الكتاب
تبيانا لكل شئ " ) " (1وهدى وموعظة للمتقين " وفي قوله " :كل شئ
أحصيناه في إمام مبين " ) (2وفي قوله " :وما فرطنا في الكتاب من شئ
" ) (3وفي قوله " :وما من غائبة في السماء والرض إل في كتاب مبين
" ) (4وأوحى ال إلى نبيه عليه السلم أن ل يبقي في غيبه وسره
ومكنون علمه شئ إل يناجي به عليا ،فأمره أن يؤلف القرآن من بعده،
ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه ،وقال لصحابه :حرام على
أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي فانه مني وأنا منه،
له مالي وعليه ما علي ،وهو قاضي ديني ومنجز موعدي .ثم قال صلى ال
عليه وآله لصحابه :علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت
على تنزيله ،ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إل عند علي
عليه السلم ولذلك قال رسول ال صلى ال عليه وآله لصحابه :أقضاكم
علي .أي هو قاضيكم وقال عمر بن الخطاب :لول علي لهلك عمر ،يشهد
له عمر ويجحد غيره .فأطرق هشام طويل ثم رفع رأسه فقال :سل حاجتك،
فقال :خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي ،فقال :قد آمن ال
وحشتهم برجوعك إليهم ،ول تقم أكثر من يومك ،فاعتنقه أبي ودعا له
وودعه ،وفعلت أنا كفعل أبي ،ثم نهض ونهضت معه ،وخرجنا إلى بابه،
وإذا ميدان ببابه ،وفي آخر الميدان اناس قعود عدد كثير.
) (1النحل ،89 :وذيلها " :وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " وفي سورة آل
عمران " :هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين " ولعله سقط ذيل
الولى و صدر الثانية (2) .يس (3) .12 :النعام (4) .38 :النمل.75 :
]*[
][185
قال أبي :من هؤلء ؟ قال الحجاب :هؤلء القسيسون والرهبان ،وهذا عالم لهم
يقعد إليهم في كل سنة يوما واحدا يستفتونه فيفتيهم ،فلف أبي عند ذلك
رأسه بفاضل ردائه ،وفعلت أنا فعل أبي ،فاقبل نحوهم حتى قعد نحوهم،
وقعدت وراء أبي ،ورفع ذلك في الخبر إلى هشام فأمر بعض غلمانه أن
يحضر الموضع فينظر ما يصنع أبي .فاقبل وأقبل عدد من المسلمين
فأحاطوا بنا ،وأقبل عالم النصارى وقد شد حاجبيه بحريرة صفراء حتى
توسطنا فقام إليه جميع القسيسين والرهبان مسلمين عليه فجاء إلى صدر
المجلس ،فقعد فيه وأحاط به أصحابه وأبي وأنا بينهم فأدار نظره ثم قال
لبي :أمنا أم من هذه المة المرحومة ؟ فقال أبي :بل من هذه المة
المرحومة فقال :من أين أنت من علمائها أم من جهالها ؟ فقال له أبي:
لست من جهالها فاضطرب اضطرابا شديدا ثم قال له :أسالك ؟ فقال له
أبي :سل ،فقال :من أين ادعيتم أن أهل الجنة يطعمون ويشربون ول
يحدثون ول يبولون ؟ وما الدليل فيما تدعونه من شاهد ل يجهل ؟ فقال له
أبي :دليل ما ندعي من شاهد ل يجهل الجنين في بطن امه ،يطعم ول
يحدث ،قال :فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا ثم قال :كل زعمت إنك
ليست من علمائها ،فقال له أبي :ول من جهالها ) (1وأصحاب هشام
يسمعون ذلك ؟ فقال لبي :أسألك عن مسألة اخرى ؟ فقال له أبي :سل،
فقال :من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة أبدا غضة طرية موجودة غير
معدومة ،عند جميع أهل الجنة ،ل تنقطع ،وما الدليل فيما تدعونه من
شاهد ل يجهل ؟ فقال له أبي :دليل ما ندعي أن قرآننا ) (2أبدا غض طري
موجود غير معدوم عند جميع المسلمين ل ينقطع ،فاضطرب اضطرابا
شديدا ثم قال :كل زعمت إنك لست من علمائها فقال له أبي :ول من
جهالها .فقال :أسألك عن مسألة ؟ فقال له :سل قال :أخبرني عن ساعة
من ساعات
) (1في المصدر :فقال أبي :قلت لست من جهالها :وهكذا فيما ياتي (2) .في
المصدر :الفرات[*] .
][186
الدنيا ليست من ساعات الليل ول من ساعات النهار ،فقال له أبي :هي الساعة التي
بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ،يهدأ فيها المبتلى ،ويرقد فيها
الساهر ،ويفيق المغمي عليه ،جعلها ال في الدنيا رغبة للراغبين ،وفي
الخرة للعاملين لها ،ودليل واضحا وحجابا بالغا على الجاحدين المنكرين
التاركين لها .قال :فصاح النصراني صيحة ثم قال :بقيت مسألة واحدة،
وال لسألنك عن مسألة ل تهتدي إلى الجواب عنها أبدا فأسألك ؟ فقال له
أبي :سل فانك حانث في يمينك ،فقال :أخبرني عن مولودين ولدا في يوم
واحد وماتا في يوم واحد ،عمر أحدهما خمسون ومائة سنة ،والخر
خمسون سنة في دار الدنيا .فقال له أبي :ذلك عزير وعزرة ولدا في يوم
واحد ،فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين عاما مر عزير على حماره
راكبا على قرية بأنطاكية ،وهي خاوية على عروشها ،فقال :أنى يحيى ال
هذه بعد موتها ،وقد كان اصطفاه وهداه فلما قال ذلك القول ،غضب ال
عليه فأماته ال مائة عام سخطا عليه بما قال ،ثم بعثه على حماره بعينه
وطعامه وشرابه .فعاد إلى داره .وعزرة أخوه ل يعرفه ،فاستضافه
فاضافه ،وبعث إلى ولد عزرة وولد ولده وقد شاخوا وعزير شاب في سن
ابن خمس وعشرين سنة ،فلم يزل عزير يذكر أخاه وولده وقد شاخوا وهم
يذكرون ما يذكرهم ،ويقولون ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنون
والشهور ،ويقول له عزرة وهو شيخ ابن مائة وخمس وعشرين سنة ما
رأيت شابا في سن خمس وعشرين سنه أعلم بما كان بيني وبين أخي
عزيز أيام شبابي منك ،فمن أهل السماء أنت أم من أهل الرض ؟ فقال
عزير لخيه عزرة :أنا عزير سخط ال علي بقول قلته بعد أن اصطفاني
وهداني ،فاماتني مائة سنة ،ثم بعثني ليزدادوا بذلك يقينا إن ال على كل
شئ قدير ،وها هو هذا حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من
عندكم أعاده ال لي كما كان يعيدها فأيقنوا ،فأعاشه ال بينهم خمسا
وعشرين سنة ثم قبضه ال وأخاه في يوم واحد.
][187
فنهض عالم النصارى عند ذلك قائما وقام النصارى على أرجلهم فقال لهم عالمهم:
جئتموني بأعلم مني وأقعدتموه معكم حتى يهتكني ويفضحني ويعلم
المسلمون أن لهم من أحاط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا ،ل وال ل كلمتكم
من رأسي كلمة ول قعدت لكم أن عشت سنة .فتفرقوا وأبي قاعد مكانه،
وأنا معه ،ورفع ذلك الخبر إلى هشام بن عبد الملك فلما تفرق الناس نهض
أبي وانصرف إلى المنزل الذي كنا فيه فوافانا رسول هشام بالجايزة،
وأمرنا أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا ،ول نحتبس لن الناس ماجوا
وخاضوا فيما جرى بين أبي وبين عالم النصارى .فركبنا دوابنا منصرفين،
وقد سبقنا بريد من عند هشام إلى عامل مدين على طريقنا إلى المدينة أن
ابني أبي تراب الساحرين محمد بن علي وجعفر بن محمد الكذابين -بل هو
الكذاب لعنه ال -فيما يظهران من السلم وردا علي فلما صرفتهما إلى
المدينة مال إلى القسيسين والرهبان من كفار النصارى وتقربا إليهم
بالنصرانية فكرهت أن انكل بهما لقرابتهما ،فإذا قرأت كتابي هذا فناد في
الناس :برئت الذمة ممن يشاريهم أو يبايعهم أو يصافحهم أو يسلم عليهم،
فانهما قد ارتدا عن السلم ،ورأى أمير المؤمنين أن يقتلهما ودوابهما
وغلمانهما ومن معهما أشر قتلة .قال :فورد البريد إلى مدينة مدين ،فلما
شارفنا مدينة مدين قدم أبي غلمانه ليرتادوا له منزل ،ويشتروا لدوابنا
علفا ،ولنا طعاما ،فلما قرب غلماننا من باب المدينة أغلقوا الباب في
وجوهنا ،وشتمونا وذكروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم
وقالوا :ل نزول لكم عندنا ،ول شري ول بيع ،يا كفار ! يا مشركين يا
مرتدين يا كذابين يا شر الخلئق أجمعين .فوقف غلماننا على الباب حتى
انتهينا إليهم فكلمهم أبي ،ولين لهم القول ،وقال لهم اتقوا ال ول تغلطون،
فلسنا كما بلغكم ،ول نحن كما تقولون ،فاسمعونا ).(1
][188
فقال أبي :فهبنا كما تقولون ،افتحوا لنا الباب ،وشارونا وبايعونا كما تشارون
وتبايعون اليهود والنصارى والمجوس ،فقالوا :أنتم أشر من اليهود
والنصارى والمجوس ،لن هؤلء يؤدون الجزية ،وأنتم ما تؤدون ،فقال
لهم أبي :افتحوا لنا الباب وأنزلونا ،وخذوا منا الجزية كما تأخذون منهم،
فقالوا :ل نفتح ول كرامة لكم حتى تموتوا على ظهور دوابكم جياعا مياعا
) (1وتموت دوابكم تحتكم .فوعظهم أبي فازدادوا عتوا ونشوزا قال :فثنى
أبي برجله عن سرجه وقال لي :مكانك يا جعفر ل تبرح ،ثم صعد الجبل
المطل على مدينة مدين ،وأهل مدين ينظرون إليه ما يصنع ؟ فلما صار في
أعله استقبل بوجهه المدينة وحده ثم وضع أصبعيه في اذنيه ،ثم نادى
باعل صوته " :وإلى مدين أخاهم شعيبا " إلى قوله " :بقية ال خير لكم
إن كنتم مؤمنين " ) (2نحن وال بقية ال في أرضه .فأمر ال ريحا
سوداء مظلمة فهبت واحتملت صوت أبي فطرحته في أسماع الرجال
والنساء والصبيان ،فما بقي أحد من الرجال والنساء والصبيان إل صعد
السطوح وأبي مشرف عليهم ،وصعد فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير
السن ،فنظر إلى أبي على الجبل ،فنادى باعل صوته :اتقوا ال يا أهل
مدين ،فانه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب عليه السلم حين دعى
على قومه فان أنتم لم تفتحوا الباب ولم تنزلوه ،جائكم من العذاب وأتى
عليكم ،وقد أعذر من أنذر .ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا وكتب العامل
بجميع ذلك إلى هشام ،فارتحلنا في اليوم الثاني فكتب هشام إلى عامل
مدين يأمره بأن يأخذ الشيخ فيطموه ) (3فاخذوه
) (1لعله اتباع كما يقال :كثير بثير ،وشزر مزر ،وأكثر ما يكون بل واو (2) .هود:
(3) ..86 - 84يعني أن يأخذوه ويدفنوه في حفيرة حيا ،كما هو نص
المصدر[*] .
][189
فطموه رحمة ال عليه وصلواته ،وكتب إلى عامل المدينة الرسول أن يحتال في سم
أبي في طعام أو شراب فمضى هشام ولم يتهيأ له في أبي شئ من ذلك )
) * (105) .(1باب( * * " )جوامع مساوي الخلق( " * اليات:
المائدة :وترى كثيرا منهم يسارعون في الثم والعدوان وأكلهم السحت
لبئس ما كانوا يعملون ) .(2النفال :ول تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم
بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل ال وال بما يعملون محيط ).(4
الرعد :والذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن
يوصل ويفسدون في الرض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ).(4
الكهف :ومن أظلم ممن ذكر بايات ربه فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه
إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى
الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ) .(5ق :ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع
للخير معتد مريب * الذي جعل مع ال إلها آخر فالقياه في العذاب الشديد )
- 1 .(6ل :العطار ،عن أبيه ،عن الشعري ،عن أبي عبد ال الرازي ،عن
ابن أبي عثمان ،عن أحمد بن عمر ،عن يحيى الحلبي قال :سمعت أبا عبد
ال عليه السلم
) (1دلئل المامة ص 108 - 104ط النجف (2) .المائدة (3) .62 :النفال) .47 :
(4الرعد (5) .25 :الكهف (6) .57 :ق[*] .26 - 24 :
][190
يقول :ل يطمعن ذو الكبر في الثناء الحسن ،والخب في كثرة الصديق ،ول السيئ
الدب في الشرف ،ول البخيل في صلة الرحم ،ول المستهزئ بالناس في
صدق المودة ،ول القليل الفقه في القضاء ،ول المغتاب في السلمة ،ول
الحسود في راحة القلب ،ول المعاقب على الذنب الصغير في السؤدد ،ول
القليل التجربة المعجب برأيه في رئاسة ) - 2 .(1ل :ابن الوليد ،عن
الصفار ،عن ابن أبي الخطاب ،عن محمد بن أسلم الجبلي باسناده يرفعه
إلى أمير المؤمنين عليه السلم قال :إن ال عزوجل يعذب ستة بست:
العرب بالعصبية ،والدهاقة بالكبر ،والمراء بالجور ،والفقهاء بالحسد،
والتجار بالخيانة ،واهل الرستاق بالجهل ) .(2سن :أبي ،عن داود النهدي،
عن ابن أسباط ،عن الحلبي رفعه إلى أمير -المؤمنين عليه السلم مثله )
.(3ختص :عن أبي عبد ال ،عن آبائه ،عن أمير المؤمنين عليه السلم
مثله ) - 3 .(4ل :أبي وابن الوليد معا ،عن محمد العطار وأحمد بن إدريس
معا ،عن الشعري ،عن جعفر بن محمد بن عبيدال ،عن أبي يحيى
الواسطي عمن ذكره أنه قال لبي عبد ال عليه السلم :أترى هذا الخلق
كله من الناس ؟ فقال :ألق منهم التارك المسواك .والمتربع في موضع
الضيق ،والداخل فيما ل يعنيه ،والمماري فيما ل علم له به ،والمتمرض
من غير علة ،والمتشعث من غير مصيبة ،والمخالف على أصحابه في
الحق ،وقد اتفقوا عليه ،والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح
أعمالهم فهو بمنزلة الخليج ) (5يقشر لحاء عن لحاء حتى يوصل إلى
جوهريته
) (1الخصال ج 2ص (2) .53الخصال :ج 1ص (3) .158المحاسن :ص ) .10
(4الختصاص (5) .234 :شجر كالطرفاء حبه كالخردل[*] .
][191
وهو كما قال ال عزوجل " :إن هم إل كالنعام بل هم أضل سبيل " ) .(1سن :أبي،
عن أبي الحسن الواسطي عمن ذكره مثله ) - 4 .(2ل :أبي ،عن أحمد بن
إدريس ،عن الشعري .عن موسى بن جعفر عن ابن معبد ،عن إبراهيم بن
إسحاق ،عن عبد ال بن سنان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :كان
رسول ال صلى ال عليه وآله يتعوذ في كل يوم من ست :من الشك
والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد ) - 5 .(4مع :أبي ،عن سعد،
عن البرقي ،عن أبيه ،عن أحمد بن النضر ،عن عمرو بن شمر ،عن
جابر ،عن أبي جعفر عليه السلم أنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :أخبرني جبرئيل عليه السلم إن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف
عام ،ما يجدها عاق ول قاطع رحم ،ول شيخ زان ،ول جار إزاره خيلء )
،(4ول فتان ،ول منان ول جعظري ،قال :قلت :فما الجعظري ؟ قال :الذي
ل يشبع من الدنيا وفي حديث آخر :ول حيوف وهو النباش ،ول زنوف
وهو المخنث ،ول جواض ول جعظري وهو الذي ل يشبع من الدنيا )6 .(5
-ل :أبي ،عن علي ،عن أبيه ،عن الفارسي ،عن الجعفري ،عن عبد ال
بن الحسين بن زيد ،عن أبيه ،عن الصادق ،عن آبائه عليهم السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ال عزوجل لما خلق الجنة خلقها
من لبنتين :لبنة من ذهب ولبنة من فضة ،وجعل حيطانها الياقوت،
وسقفها الزبرجد ،وحصباؤها اللؤلؤ
) (1الخصال ج 2ص (2) .39المحاسن ص (3) .11الخصال ج 1ص (4) .160
الزار :حلة واسعة كانوا يعقدونها على أوساطهم سترا للفرج والفخذ،
وربما لبسوا حلة طويلة من دون ان يقطعوها حلتين )ازارا ورداء(
ويجرون الزائد منها على الرض تكبرا وتعظما وخيلء (5) .معاني
الخبار ص [*] .330
][192
وترابها الزعفران ،والمسك الذفر ،فقال لها :تكلمي ! فقالت :ل إله إل أنت الحي
القيوم ،قد سعد من يدخلني فقال ال عزوجل :بعزتي وعظمتي وجللي
وارتفاعي ل يدخلها مدمن خمر ول سكير ول قتات وهو النمام ،ول ديوث
وهو القلطبان ،ول قلع وهو الشرطي ،ول زنوق وهو الخنثى ،ول خيوف
وهو النباش ،ول عشار ،ول قاطع رحم ،ول قدري ) - 7 .(1ل :أبي وابن
الوليد معا ،عن أحمد بن إدريس ومحمد العطار معا عن الشعري ،عن
محمد بن الحسين رفعه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ل يدخل
الجنة مدمن خمر ول سكير ول عاق ول شديد السواد ول ديوث ول قلح
وهو الشرطي ول زنوق وهو الخنثى ،ول خيوف وهو النباش ول عشار
ول قاطع رحم ول قدري .قال الصدوق رضي ال عنه :يعني الشديد الذي ل
يبيض شئ من شعر راسه ول من شعر لحيته من كبر السن ويسمى
الغربيب ) - 8 .(2لي :عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن هاشم ،عن الدهقان،
عن درست ،عن ابن سنان قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :ل تمزح
فيذهب نورك .ول تكذب فيذهب بهاؤك ،وإياك وخصلتين :الضجر والكسل،
فانك إن ضجرت لم تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا ،قال عليه
السلم :وكان المسيح عليه السلم يقول :من كثر همه سقم بدنه ،ومن
ساء خلقه عذب نفسه ،ومن كثر كلمه كثر سقطه ،ومن كثر كذبه ذهب
بهاؤه ،ومن لحا الرجال ذهبت مروته ) - 9 .(3ل :عن أبيه ،عن محمد
العطار وأحمد بن إدريس معا ،عن سهل ،عن محمد بن الحسن بن زيد،
عن عمرو بن عثمان ،عن ثابت بن دينار ،عن ابن ظريف عن ابن نباتة
قال :كان أمير المؤمنين عليه السلم يقول :الصدق أمانة ،والكذب خيانة
والدب رياسة ،والحزم كياسة ،والسرف مثواة ،والقصد مثراة ،والحرص
مفقرة
) (2 - 1الخصال ج 2ص (3) .54أمالي الصدوق ص [*] .324
][193
والدناءة محقرة ،والسخاء قربة ،واللوم غربة ،والدقة استكانة ،والعجز مهانة
والهوى ميل ،والوفاء كيل ،والعجب هلك والصبر ملك ) - 10 .(1لى:
ابن المتوكل ،عن محمد العطار ،عن ابن أبي الخطاب ،عن ابن أسباط ،عن
عمه ،عن الصادق عليه السلم قال :ثلث من لم يكن فيه فل يرجى خيره
ابدا :من لم يخش ال في الغيب ،ولم يرعو عند الشيب ،ولم يستحي من
العيب ) - 11 .(2ل :ابن الوليد ،عن سعد ،عن البرقي ،عن محمد بن
سنان ،عن العل ابن فضيل ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ثلث إذا كن
في الرجل فل تجرح إن تقول إنها في جهنم :الجفاء والجبن والبخل،
وثلث إذا كن في المرأة فل تجرح أن تقول انها في جهنم :البذاء والخيلء
والفجر ) - 12 .(3ل :عن العطار ،عن سعد ،عن ابن أبي الخطاب ،عن
جعفر بن بشير عن أبان بن عثمان ،عن الحارث بن المغيرة النضري ،عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :سمعته يقول :ستة ل تكون في المؤمن:
العسر والنكر واللجاجة والكذب والحسد والبغي ) - 13 .(4ل :عن أبيه،
عن محمد العطار ،عن الشعري ،عن موسى بن عمر ،عن أبي علي بن
راشد رفعه إلى الصادق عليه السلم إنه قال :خمس هن كما أقول :ليست
لبخيل راحة ،ول لحسود لذة ،ول لملوك وفاء ،ول لكذاب مروة ،ول يسود
سفيه ) - 14 .(5مع :عن الطالقاني ،عن البزوفري ،عن إبراهيم بن هيثم،
عن أبيه عن جده ،عن المعافا بن عمران ،عن إسرائيل ،عن المقدام بن
شريح بن هاني
) (1الخصال ج 2ص (2) .94أمالي الصدوق (3) .247 :الخصال ج 1ص ) .76
(4الخصال ج 1ص (5) .158الخصال ج 1ص [*] .130
][194
عن أبي السرد ) (1قال :سأل أمير المؤمنين عليه السلم ابنه الحسن بن علي فقال:
يا بني ما العقل ؟ قال :حفظ قلبك ما استودعه ،قال :فما الحزم ؟ قال :أن
تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك ،قال :فما المجد ؟ قال :حمل الغارم
وابتناء المكارم قال :فما السماحة قال :إجابة السائل وبذل النائل ،قال :فما
الشح قال :أن ترى القليل سرفا وما أنفقت تلفا ،قال :فما السرقة ؟ قال:
طلب اليسير ومنع الحقير ،قال :فما الكلفة ؟ قال :التمسك بمن ل يؤمنك،
والنظر فيما ل يعنيك ،قال :فما الجهل ؟ قال :سرعة الوثوب على الفرصة
قبل الستمكان منها ،والمتناع عن الجواب ونعم العوان الصمت في
مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا .ثم أقبل على الحسين ابنه عليه السلم فقال
له :يا بني ما السؤدد ؟ قال :احشاش العشيرة ) (2واحتمال الجريرة ،قال:
فما الغنى ؟ قال :قلة أمانيك والرضا بما يكفيك ،قال :فما الفقر ؟ قال:
الطمع وشدة القنوط ،قال :فما اللؤم ؟ قال :احراز المرء نفسه واسلمه
عرسه ،قال :فما الخرق ؟ قال :معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرك
ونفعك .ثم التفت إلى الحارث العور فقال :يا حارث علموا هذه الحكم
أولدكم فانها زيادة في العقل والحزم والرأي ) - 15 .(3ل :عن أبيه ،عن
أحمد بن إدريس ،عن الشعري ،عن أبي عبد ال الرازي .عن ابن أبي
عثمان ،عن أحمد بن عمر ،عن يحيى الحلبي قال :سمعت أبا عبد ال عليه
السلم يقول سبعة يفسدون أعمالهم :الرجل الحليم ذو العلم الكثير ل يعرف
بذلك ول يذكر به ،والحكيم الذي يدبر ماله كل كاذب منكر لما يؤتي إليه
والرجل الذي يأمن ذا المكر والخيانة ،والسيد الفظ الذي ل رحمة له ،والم
) (1في المصدر عن أبيه شريح (2) .يقال :أحش فلنا :أعانه على جمع الحشيش،
وعن حاجته :أعجله عنها ،و في المصدر المطبوع :اصطناع العشيرة،
ومعناه اسداء المعروف إليهم (3) .معاني الخبار ص [*] .401
][195
التي ل تكتم عن الولد السر وتفشي عليه ) (1والسريع إلى لئمة إخوانه ،والذي
يجادل أخاه مخاصما له ) - 16 .(2ص :بالسناد ،عن الصدوق ،عن أبيه،
عن محمد العطار ،عن ابن أبان ،عن ابن اورمة ،عن مصعب بن يزيد،
عمن ذكره ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :جاء نوح عليه السلم إلى
الحمار ليدخل السفينة فامتنع عليه ،قال :وكان إبليس بين أرجل الحمار
فقال :يا شيطان ادخل فدخل الحمار ودخل الشيطان ،فقال إبليس :اعلمك
خصلتين ؟ فقال نوح :ل حاجة لي في كلمك فقال إبليس :إياك والحرص
فانه أخرج آدم من الجنة ،وإياك والحسد ،فانه اخرجني من الجنة فأوحى
ال إليه ]اقبلهما[ وإن كان ملعونا - 17 .ص :بالسناد عن الصدوق ،عن
ابن موسى ،عن السدي ،عن سهل عن عبد العظيم الحسني ،عن علي بن
محمد العسكري عليه السلم قال :جاء إبليس إلى نوح فقال :إن لك عندي
يدا عظيمة فانتصحني فاني ل أخونك ،فتأثم نوح بكلمه ومساءلته ،فأوحى
ال إليه أن كلمه وسله فاني سانطقه بحجة عليه ،فقال نوح :تكلم ،فقال
إبليس :إذا وجدنا ابن آدم شحيحا أو حريصا أو حسودا أو جبارا أو عجول
تلقفناه تلقف الكرة ،فان اجتمعت لنا هذه الخلق سميناه شيطانا مريدا
فقال نوح صلوات ال عليه :ما اليد العظيمة التي صنعت ؟ قال :إنك دعوت
ال على أهل الرض فالحقتهم في ساعة بالنار ،فصرت فارغا ولول
دعوتك لشغلت بهم دهرا طويل - 18 .ثو :عن أبيه ،عن علي بن موسى،
عن أحمد بن محمد ،عن بكر بن صالح ،عن ابن فضال ،عن عبد ال بن
إبراهيم ،عن الحسين بن زيد ،عن الصادق عن آبائه عليهم السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن أسرع الخير ثوابا البر وإن أسرع
الشر عقابا البغي ،وكفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس إلى ما يعمى عنه
من نفسه
) (1يعني بالسر :النكاح ،كما في قوله تعالى " ولكن ل تواعدوهن سرا " على ما
قيل (2) .الخصال ج 2ص [*] .5
][196
أو يعير الناس بما ل يستطيع تركه ،أو يؤذي جليسه بما ل يعنيه ) - 19 .(1سن:
عن أبيه ،عن نوح بن شعيب النيسابوري ،عن الدهقان ،عن عبد ال بن
سنان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :إن أول ما عصي ال به ست :حب الدنيا ،وحب الرئاسة ،وحب
الطعام ،وحب النساء ،وحب النوم ،وحب الراحة ) - 20 .(2سن :عن أبيه،
عن ابن المغيرة ومحمد بن سنان ،عن طلحة بن زيد ،عن أبي عبد ال
عليه السلم أن رجل من خثعم جاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله
وقال :أي العمال أبغض ألى ال ؟ فقال :الشرك بال ؟ فقال :ثم ماذا ؟
قال :قطيعة الرحم ،قال :ثم ماذا ،قال :المر بالمنكر والنهي عن المعروف
) - 21 .(3شى :عن عمرو بن جميع رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلم
قال :مكتوب في التوراة :من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح لقضاء ال
ساخطا ،ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ال ،ومن أتى
غنيا فتواضع لغنائه ذهب ال بثلثي دينه ومن قرء القرآن من هذه المة ثم
دخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات ال هزؤا ومن لم يستشر يندم ،والفقر
الموت الكبر ) - 22 .(4جا :عن عمر بن محمد الصيرفي ،عن علي بن
مهرويه ،عن داود بن سليمان عن الرضا ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :ثلثة أخافهن على امتي الضللة بعد
المعرفة ،ومضلت الفتن ،وشهوة البطن والفرج ) - 23 .(5جا :ابن
قولويه ،عن الكليني ،عن علي بن إبراهيم ،عن اليقطيني عن يونس ،عن
سعدان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :بينما موسى ابن عمران عليه السلم جالس إذ أقبل إبليس وعليه
برنس ذو الوان ،فلما دنى من
) (1ثواب العمال ص 2) .151و (3المحاسن :ص (4) .295تفسير العياشي ج
1ص 120في آية البقرة (5) .131 :مجالس المفيد ص [*] .72
][197
موسى عليه السلم خلع البرنس وأقبل عليه فسلم عليه ،فقال له موسى :من أنت ؟
قال :أنا إبليس قال موسى :فل قرب ال دارك فيم جئت ؟ فقال :إنما جئت
لسلم عليك لمكانك من ال عزوجل .فقال له موسى :فما هذا البرنس ؟
قال :أختطف به قلوب بني آدم قال موسى :فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه
ابن آدم استحوذت عليه ؟ فقال :إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله ،وصغر
في عينيه ذنبه ،ثم قال له :اوصيك بثلث خصال :يا موسى ل تخل بامرأة
ول تخل بك فانه ل يخلو رجل بامرأة ول تخلو به إل كنت صاحبه دون
أصحابي وإياك أن تعاهد ال عهدا فانه ما عاهد ال أحد إل كنت صاحبه
دون أصحابي حتى أحول بينه وبين الوفاء به ،وإذا هممت بصدقة فامضها
فانه إذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه
وبينها ،ثم ولى إبليس وهو يقول :يا ويله ويا عوله علمت موسى ما يعلمه
بني آدم ) - 24 .(1جا :عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن
ابن معروف عن ابن مهزيار ،عن فضالة ،عن عبد ال بن زيد ،عن ابن
أبي يعفور ،عن أبي -عبد ال عليه السلم قال :قال لي ل يغرنك الناس
عن نفسك ،فان المر يصل إليك دونهم ،ول تقطع عنك النهار بكذا وكذا
فان معك من يحفظ عليك ،ول تستقل قليل الخير فانك تراه غدا حيث يسرك
ول تستقل قليل الشر فانك تراه غدا حيث يسوؤك ،وأحسن فاني لم أر شيئا
أشد طلبا ول أسرع دركا من حسنة لذنب قديم ،إن ال جل اسمه يقول" :
إن الحسنات يذهبن بالسيئات ذلك ذكرى للذاكرين " ) - 25 .(2ختص:
الصدوق ،عن أبيه ،عن الحسين بن محمد بن عامر ،عن عمه عبد ال،
عن محمد بن زياد ،عن ابن أبي عمير قال :قال الصادق عليه السلم :من
لم يبال بما قال وما قيل له فهو شرك الشيطان ،ومن شغف بمحبة الحرام
وشهوة الزنا فهو
][198
شرك الشيطان ،ثم قال عليه السلم :إن لولد الزنا علمات أحدها بغضنا أهل البيت
وثانيها أنه يحن إلى الحرام الذي خلق منه ،وثالثها الستخفاف بالدين
ورابعها سوء المحضر للناس ،ول يسئ محضر إخوانه إل من ولد على
غير فراش أبيه أو من حملت به امه في حيضها ) - 26 .(1نوادر
الراوندي :باسناده عن موسى بن جعفر ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :ل إيمان لمن ل أمانة له ،ول دين لمن ل
عهد له ،ول صلة لمن ل يتم ركوعها وسجودها ) .(2وبهذا السناد قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إنه ل ينبغي لولياء ال تعالى من أهل
دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم ]أن يكونوا أولياء الشيطان
من أهل دار الغرور الذين كان لهم سعيهم وفيها رغبتهم[ ) (3ثم قال :بئس
القوم قوم ل يأمرون بالمعروف ،ول ينهون عن المنكر ،بئس القوم قوم
يقذفون المرين بالمعروف والناهين عن المنكر ،بئس القوم قوم ل
يقومون ل تعالى بالقسط ،بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون الناس
بالقسط في الناس ) (4بئس القوم قوم جعلوا طاعة إمامهم دون طاعة ال،
بئس القوم قوم يختارون الدنيا على الدين ،بئس القوم قوم يستحلون
المحارم والشهوات بالشبهات .قيل :يا رسول ال فأي المؤمنين أكيس ؟
قال صلى ال عليه وآله :أكثرهم في الموت ذكرا ،وأحسنهم له استعدادا،
اولئك هم الكياس ) - 27 .(5الدرة الباهرة :قال الصادق عليه السلم:
يهلك ال ستا بست :المراء بالجور والعرب بالعصبية ،والدهاقين بالكبر،
والتجار بالخيانة ،وأهل الرساتيق
][199
بالجهالة ،والفقهاء بالحسد .وقال أبو الحسن الثالث عليه السلم :الحسد ماحق
الحسنات ،والزهو جالب المقت ،والعجب صارف عن طلب العلم داع إلى
الغمط ) (1والجهل ،والبخل أذم الخلق ،والطمع سجية سيئة - 28 .نهج:
قال أمير المؤمنين عليه السلم :عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه
هرب ويفوته الغنى الذي اياه طلب ،فيعيش في الدنيا عيش الفقراء،
ويحاسب في الخرة حساب الغنياء ،وعجبت للمتكبر الذي كان بالمس
نطفة ،ويكون غدا جيفة ،وعجبت لمن شك في ال وهو يرى خلق ال،
وعجبت لمن نسى الموت وهو يرى من يموت ،وعجبت لمن أنكر النشأة
الخرى وهو يرى النشأة الولى وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء
) - 29 .(2عده الداعي :روي عن النبي صلى ال عليه وآله إنه قال :إياكم
وفضول المطعم فانه يسم القلب بالفضلة ،ويبطئ بالجوارح عن الطاعة،
ويصم الهمم عن سماع الموعظة ،وإياكم وفضول النظر فانه يبذر الهوى،
ويولد الغفلة ،وإياكم واستشعار الطمع ،فانه يشوب القلب بشدة الحرص،
ويختم على القلب بطابع حب الدنيا ،وهو مفتاح كل معصية ،ورأس كل
خطيئة ،وسبب إحباط كل حسنة ) - 30 .(3نهج :قال أمير المؤمنين عليه
السلم لرجل سأله أن يعظه :ل تكن ممن يرجو الخرة بغير العمل ،ويرجئ
التوبة بطول المل ،يقول في الدنيا بقول الزاهدين ،ويعمل فيها بعمل
الراغبين ،إن اعطى منها لم يشبع ،وإن منع منها لم
) (1يقال :غمط الناس -من بابي ضرب وعلم -استحقرهم وازدرى بهم والعافية:
لم يشكرها والنعمة :بطرها وحقرها ؟ وغمط الحق -من باب علم -
جحده ،ومنه قولهم " :شر ما استقبلت به اليادي الغمط ،وخير ما شيعت
به البسط (2) .نهج البلغة ج 2ص ،272الرقم 126من الحكم(3) .
عدة الداعي ص [*] .236
][200
يقنع ،يعجز عن شكر ما اوتي ،ويبتغي الزيادة فيما بقي ،ينهي ول ينتهي ،ويأمر
بما ل يأتي ،يحب الصالحين ول يعمل عملهم ،ويبغض المذنبين وهو
أحدهم يكره الموت لكثرة ذنوبه ،ويقيم على ما يكره الموت له ) .(1إن
سقم ظل نادما ،وإن صح أمن لهيا ،يعجب بنفسه إذا عوفي ،ويقنط إذا
ابتلى ،إن أصابه بلء دعا مضطرا ،وإن ناله رخاء أعرض مغترا ،تغلبه
نفسه على ما يظن ول يغلبها على ما يستقين ،يخاف على غيره بادنى من
ذنبه ،ويرجو لنفسه بأكثر من عمله ،إن استغنى بطر وفتن ،وإن افتقر قنط
ووهن ،يقصر إذا عمل ،ويبالغ إذا سأل ،إن عرضت له شهوة أسلف
المعصية ،وسوف التوبة وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملة ،يصف
العبرة ول يعتبر ،ويبالغ في المواعظ ول يتعظ ،فهو بالقول مدل ،ومن
العمل مقل ،ينافس فيما يفني ويسامح فيما يبقى ،يرى الغنم مغرما ،والغرم
مغنما .يخشى الموت ،ول يبادر الفوت ،يستعظم من معصية غيره ما
يستقل أكثر منه من نفسه ،ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره،
فهو على الناس طاعن ،ولنفسه مداهن ،اللغو مع الغنياء أحب إليه من
الذكر مع الفقراء يحكم على غيره لنفسه ،ول يحكم عليها لغيره ،يرشد
غيره ،ويغوي نفسه ،فهو يطاع ويعصى ،ويستوفي ول يوفى ،ويخشى
الخلق في غير ربه ،ول يخشى ربه في خلقه .قال السيد -رضي ال عنه
:-ولو لم يكن في هذا الكتاب إل هذا الكلم لكفى به موعظة ناجعة ،وحكمة
بالغة ،وبصيرة لمبصر ،وعبرة لناظر مفكر ) - 31 .(2نوادر الراوندي:
باسناده ،عن موسى بن جعفر ،عن آبائه عليهم السلم
) (1يعني أنه يكره الموت لكثرة ذنوبه لئل يدركه الموت على تلك الحال وعلى أحد
الذنوب فتكون له عقبى السوء ،لكنه مع ذلك يقيم على تلك الذنوب
ويداوم عليها ول يرعوي عنها (2) .نهج البلغة الرقم 150من الحكم.
]*[
][201
قال :قال علي عليه السلم :خطبنا رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :أيها الناس
الموتة الموتة الوحية الوحية ) (1ل ردة ،سعادة أو شقاوة ،جاء الموت
بما فيه :بالروح والراحة ،لهل دار الحيوان ،الذين كان لها سعيهم ،وفيها
رغبتهم ،جاء الموت بما فيه :بالويل والكرة الخاسرة لهل دار الغرور
الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم .بئس العبد عبد له وجهان :يقبل بوجه
ويدبر بوجه إن اوتى أخوه المسلم خيرا حسده ،وإن ابتلى خذله ،بئس
العبد عبد أوله نطفة ،ثم يعود جيفة ،ثم ل يدري ما يفعل به فيما بين ذلك،
بئس العبد عبد خلق للعبادة ،فألهته العاجلة عن الجلة ) ،(2وشقي
بالعاقبة ،بئس العبد عبد تجبر واختال ،ونسى الكبير المتعال ،بئس العبد
عبد عتا وبغى ،ونسي الجبار العلى ،بئس العبد عبد له هوى يضله،
ونفس تذله ،بئس العبد عبد له طمع يقوده إلى طبع ).(3
) (1الموتة :الموت ،وهي أخص منه و " الموتة " الثانية تكرار للول تأكيدا
ونصبهما بتقدير " اتقوا " ونحوه ،وهكذا في " الوحية الوحية " وهما
صفتان للموتة ،يقال :موت وحي :أي سريع .وقوله " ل ردة " أي ل
رجعة بعدها حتى يستدرك الشقي السعادة ويستزيد السعيد من السعادة،
بل أذا جاء الموت فبعده إما سعادة أو شقاوة ،وقوله بعد ذلك " جاء
الموت بما فيه بالروح والراحة الخ تفصيل بيان السعادة وقوله بعد ذلك
" جاء الموت بما فيه :بالويل والكرة الخاسرة " الخ تفصيل بيان
الشقاوة وقوله " بالكرة الخاسرة " إشارة إلى الحشر الذي يخسر فيه
المبطلون ،كما في قوله تعالى " تلك إذا كرة خاسرة " النازعات) .12 :
(2زاد في المصدر :فاز بالرغبة العاجلة (3) .نوادر الراوندي ص ،22
وقوله " طبع " بالتحريك :الدنس ومنه قولهم " رب طمع يهدى إلى
طبع " ،وقيل :الوسخ الشديد من الصداء والشين والعيب والرين،
والوصف منه على كتف ،يقال " :هو طبع طمع " أي دنس ل يستحي
من سوءة[*] .
][202
)) * (106باب( * * " )شرار الناس ،وصفات المنافق والمرائي والكسلن( " *
* " )والظالم ومن يستحق اللعن( " * اليات :العراف :ولقد ذرأنا لجهنم
كثيرا من الجن والنس لهم قلوب ل يفقهون بها ولهم أعين ل يبصرون
بها ولهم آذان ل يسمعون بها اولئك كالنعام بل هم أضل اولئك هم
الغافلون ) .(1الحج :إن ال ل يحب كل خوان كفور ) .(2السجدة :وويل
للمشركين الذين ل يؤتون الزكوة وهم بالخرة هم كافرون ) .(3الجاثية:
ويل لكل أفاك أثيم * يسمع آيات ال تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم
يسمعها فبشره بعذاب أليم * وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا اولئك
لهم عذاب مهين * من ورائهم جهنم ول يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ول ما
اتخذوا من دون ال أولياء ولهم عذاب عظيم ) .(4القلم :ول تطع كل
حلف مهين * هماز مشاء بنميم * مناع للخير معتد أثيم * عتل بعد ذلك
زنيم * أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الولين )
.(5الحاقة :وأما من اوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم اوت كتابيه *
ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك
عني سلطانية * خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها
سبعون ذراعا فاسلكوه *
) (1العراف (2) .179 :الحج (3) .38 :السجدة (4) .7 :الجاثية(5) .10 - 7 :
القلم[*] .15 - 10 :
][203
إنه كان ل يؤمن بال العظيم * ول يحض على طعام المسكين * فليس له اليوم ههنا
حميم * ول طعام إل من غسلين * ل يأكله إل الخاطئون ) .(1المعارج :كل
إنها لظى * نزاعة للشوى * تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى * إن
النسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا )
.(2المدثر :يتسائلون * عن المجرمين ما سلككم في سقر * قالوا لم نك
من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين *
وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين ) .(3القيمة :فل صدق ول صلى
* ولكن كذب وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى * أولى لك فأولى * ثم
أولى لك فأولى ) .(4الماعون :أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع
اليتيم * ول يحض على طعام المسكين * فويل للمصلين * الذينهم عن
صلوتهم ساهون * الذينهم يراعون ويمنعون الماعون - 1 .مع ) (5لي:
الوراق ،عن سعد ،عن إبراهيم بن مهزيار ،عن أخيه عن الحارث بن
محمد بن النعمان ،عن جميل بن صالح ،عن أبي عبد ال ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من أحب أن يكون أكرم
الناس فليتق ال ،ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على ال ،ومن
أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند ال عزوجل أوثق منه بما في
يده .ثم قال صلى ال عليه وآله :أل أنبئكم بشر الناس ؟ قالوا :بلى يا
رسول ال قال :من أبغض الناس وأبغضه الناس ،ثم قال :أل أنبئكم بشر
من هذا ؟ قالوا :بلى يا رسول ال ،قال :الذي ل يقيل عثرة ،ول يقبل
معذرة ،ول
) (1الحاقة (2) .37 - 25 :المعارج (3) .21 - 15 :المدثر(4) .47 - 40 :
القيامة (5) .35 - 31 :معاني الخبار ص [*] .196
][204
يغفر ذنبا ،ثم قال :أل انبئكم بشر من هذا ؟ قالوا :بلى يا رسول ال قال :من ل
يؤمن شره ،ول يرجى خيره .إن عيسى بن مريم عليه السلم قام في بني
إسرائيل فقال :يا بني إسرائيل ل تحدثوا بالحكمة الجهال فتظلموها ،ول
تمنعوها أهلها فتظلموهم ،ول تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم.
المور ثلثة :أمر تبين لك رشده فاتبعه ،وأمر تبين لك غيه فاجتنبه ،وأمر
اختلف فيه فرده إلى ال عزوجل ) - 2 .(1ل :حمزة العلوي ،عن أحمد
الهمداني ،عن يحيى بن الحسن ،عن محمد بن ميمون الخزاز ،عن القداح،
عن الصادق ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :ستة لعنهم ال وكل نبي مجاب ) (2الزائد في كتاب ال ،والمكذب
بقدر ال ،والتارك لسنتي ،والمستحل من عترتي ما حرم ال ،والمتسلط
بالجبروت ليذل من أعزه ال ،ويعز من أذله ال ،والمستأثر بفئ المسلمين
المستحل له ) - 3 .(3ل :ابن المتوكل ،عن محمد العطار ،عن الشعري،
عن أحمد بن محمد ،عن أبي القاسم الكوفي ،عن عبد المؤمن النصاري،
عن أبي عبد ال عليه السلم
) (1أمالي الصدوق ص (2) .183قد مر في الباب 99ص 115هذا الحديث وكان
لفظه " سبعة لعنتهم -وكل نبي مجاب " والمعنى أن هذه السبعة لعنتهم
أنا والحال أن كل نبي مجاب الدعوة يتحقق دعاؤه على الناس ولهم باذن
ال تعالى ،فكيف دعائي وأنا أفضل النبيين وأوجههم عند ال عزوجل.
وأما على ما في هذا الحديث وما يأتي بعده فالمعنى إن هذه السبعة
ملعونون على لسان ال ولسان أنبيائه قبلي ،لكنه ل يناسب الوصاف
السبعة المذكورة ،فانها من خصائص شرعه ودينه صلى ال عليه وآله،
خصوصا قوله " والمستحل من عترتي ما حرم ال " وهكذا قوله "
المستأثر بفئ المسلمين " والمغانم إنما أحل في هذه الشريعة .والظاهر
عندي أن تغيير العبارة من الرواة توهما منهم أن هذا هو الصحيح(3) .
الخصال ج 1ص [*] .164
][205
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إني لعنت سبعة لعنهم ال وكل نبي مجاب
قبلي ،فقيل :ومن هم يا رسول ال ؟ فقال :الزايد في كتاب ال ،والمكذب
بقدر ال ،والمخالف لسنتي ،والمستحل من عترتي ما حرم ال ،والمتسلط
بالجبرية ليعز من أذل ال ويذل من أعز ال ،المستأثر على المسلمين
بفيئهم مستحل له ،والمحرم ما أحل ال عزوجل ) .(1سن :أبي ،عن عبد
الرحمن بن حماد ،عمن ذكره ،عن عبد المؤمن النصاري مثله )- 4 .(2
ل :الحافظ ،عن محمد بن الحسين الخثعمي ،عن ثابت بن عامر ،عن عبد
الملك بن الوليد ،عن عمرو بن عبد الجبار ،عن عبد ال بن زياد ،عن زيد
بن علي ،عن آبائه عليهم السلم ،قال :قال النبي صلى ال عليه وآله:
سبعة لعنهم ال وكل نبي مجاب المغير لكتاب ال ،والمكذب بقدر ال،
والمبدل سنة رسول ال ،والمستحل من عترتي ما حرم ال عزوجل،
والمتسلط في سلطانه ليعز من أذل ال ،ويذل من أعز ال ،والمستحل لحرم
ال ،والمتكبر على عباد ال عزوجل ) - 5 .(3لي :ابن مسرور ،عن ابن
عامر ،عن عمه ،عن ابن محبوب ،عن مالك ابن عطية ،عن الثمالي ،عن
علي بن الحسين عليه السلم ،قال :المنافق ينهي ول ينتهي ويأمر بما ل
يأتي ،إذا قام في الصلة اعترض ،إذا ركع ربض ،وإذا سجد نقر وإذا جلس
شغر ،يمسي وهمه الطعام وهو مفطر ،ويصبح وهمه النوم ولم يسهر إن
حدثك كذبك ،وإن وعدك أخلفك ،وإن ائتمنته خانك ،وإن خالفته اغتابك )
- 6 .(4ب عن هارون ،عن ابن زياد ،عن جعفر ،عن أبيه عليه السلم إن
النبي صلى ال عليه وآله
) (1الخصال ج 2ص (2) .6المحاسن (3) .11 :الخصال ج 2ص (4) .6أمالي
الصدوق ص [*] .295
][206
قال :للمرائي ثلث علمات :يكسل إذا كان وحده .وينشط إذا كان عنده أحد ويحب
أن يحمد في جميع اموره ،وللظالم ثلث علمات :يقهر من فوقه بالمعصية
ومن هو دونه بالغلبة ،ويظاهر الظلمة ،وللكسلن ثلث علمات :يتوانى
حتى يفرط ،ويفرط حتى يضيع ،ويضيع حتى يأثم .وللمنافق ثلث علمات
إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا ائتمن خان ) - 7 .(1ل :عن أبيه،
عن سعد ،عن الصبهاني ،عن المنقري ،عن حماد بن عيسى ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :قال لقمان لبنه :يا بني لكل شئ علمة يعرف
بها ويشهد عليها ،وان للدين ثلث علمات العلم ،واليمان ،والعمل به،
ولليمان ثلث علمات :اليمان بال وكتبه ورسله ،وللعالم ثلث علمات:
العلم بال وبما يحب وما يكره ،وللعامل ثلث علمات :الصلة والصيام
والزكاة .وللمتكلف ثلث علمات :ينازع من فوقه ،ويقول ما ل يعلم،
ويتعاطا ما ل ينال وللظالم ثلث علمات :يظلم من فوقه بالمعصية ،ومن
دونه بالغلبة ،ويعين الظلمة وللمنافق ثلث علمات :يخالف لسانه قلبه،
وقلبه فعله ،وعلنيته سريرته ،وللثم ثلث علمات :يخون ،ويكذب،
ويخالف ما يقول ،وللمرائي ثلث علمات :يكسل إذا كان وحده وينشط إذا
كان للناس عنده ،ويتعرض في كل أمر للمحمدة ،وللحاسد ثلث علمات
يغتاب إذا غاب ،ويتملق إذا شهد ،ويشمت بالمعصية ،وللمسرف ثلث
علمات يشتري ما ليس له ،ويلبس ما ليس له ،ويأكل ما ليس له،
وللكسلن ثلث علمات :يتوانى حتى يفرط ،ويفرط حتى يضيع ،ويضيع
حتى يأثم ،وللغافل ثلث علمات :السهو اللهو والنسيان .قال حماد بن
عيسى :قال أبو عبد ال عليه السلم :ولكل واحدة من هذه العلمات شعب
يبلغ العلم بها اكثر من ألف باب ،وألف باب وألف باب ،فكن يا حماد طالبا
للعلم في آناء الليل والنهار ،وإن أردت أن تقر عينك ،وتنال خير الدنيا
والخرة فاقطع الطمع مما في أيدي الناس ،وعد نفسك في الموتى ،ول
تحدثن نفسك
][207
أنك فوق أحد من الناس ،واخزن لسانك كما تخزن مالك ) .(1أقول :قد مضى مثله
في أبواب العقل - 8 .مص :قال الصادق عليه السلم :المنافق قد رضي
ببعده من رحمة ال تعالى لنه يأتي بأعماله الظاهرة شبيها بالشريعة،
وهو لغ باغ له بالقلب عن حقها مستهزئ فيها ،وعلمة النفاق قلة
المبالة بالكذب والخيانة والوقاحة ،والدعوى بل معنى ،وسخنة العين )(2
والسفه والغلط ،وقلة الحياء واستصغار المعاصي واستضياع أرباب الدين،
واستخفاف المصايب في الدين ،والكبر ،وحب المدح والحسد ،وإيثار الدنيا
على الخرة والشر على الخير ،والحث على النميمة ،وحب اللهو ،ومعونة
أهل الفسق والبغي والتخلف عن الخيرات ،وتنقص أهلها واستحسان ما
يفعله من سوء واستقباح ما يفعله غيره من حسن ،وأمثال ذلك كثيرة .وقد
وصف ال تعالى المنافقين في غير موضع فقال عز من قائل " :ومن
الناس من يعبد ال على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة
انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو الخسران المبين " )(3
وقال عزوجل في صفتهم " ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر
وما هم بمؤمنين ]يخادعون ال والذين آمنوا وما يخدعون إل أنفسهم وما
يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم ال مرضا[ " ) .(4وقال النبي صلى
ال عليه وآله :المنافق من إذا وعد أخلف ،وإذا فعل افشى ) (5وإذا قال
كذب ،وإذا ائتمن خان ،وإذا رزق طاش ،وإذا منع عاش .وقال النبي صلى
ال عليه وآله :من خالفت سريرته علنيته فهو منافق ،كائنا من كان
) (1الخصال :ج 1ص (2) .60السخنة بالضم -الحرارة ،وهي كناية عن الحزن
والبكاء لن دموع الحزن تكون سخنة ودموع السرور تكون باردة قارة،
ولذلك يقال فيمن يدعى عليه " :أسخن ال عينه ،ولمن يدعى له " :أقر
ال عينه " (3) .الحج (4) .11 :البقرة (5) .8 - 9 :في المصدر :أساء.
]*[
][208
وحيث كان ،وفي أي أرض كان ،وعلى أي رتبة كان ) - 9 .(1ين :النضر ،:عن
ابن سنان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :ل أحب الشيخ الجاهل ،ول الغني الظلوم ،ول الفقير المختال.
- 10نوادر الراوندي :باسناده عن جعفر بن محمد ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن أبغض الناس إلى ال
من يقتدي بسيئة المؤمن ول يقتدي بحسنته) (107) .باب( * " )لعن من
ل يستحق اللعن ،وتكفير من ل يستحقه( " * - 1ب عن هارون ،عن ابن
صدقة ،عن أبي عبد ال ،عن أبيه عليهما السلم قال :إن اللعنة إذا خرجت
من صاحبها ترددت بينه وبين الذي يلعن ،فان وجدت مساغا وإل عادت
إلى صاحبها ،وكان أحق بها ،فاحذروا أن تلعنوا مؤمنا فيحل بكم )- 2 .(2
ثو :عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن الوشاء ،عن البطائني ،عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت،
فان وجدت مساغا وإل رجعت على صاحبها ) - 3 .(3ثو :عن أبيه ،عن
أحمد بن إدريس ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن أحمد ابن النضر ،عن عمرو
بن شمر ،عن جابر ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :ما شهد رجل على
رجل بكفر قط إل باء به أحدهما :إن كان شهد على كافر صدق ،وإن كان
مؤمنا رجع الكفر عليه ،وإياكم والطعن على المؤمنين ) - 4 .(1كنز الكراجكي :عن
أحمد بن محمد بن شاذان ،عن أبيه ،عن ابن الوليد عن الصفار ،عن محمد
بن زياد ،عن المفضل بن عمر ،عن يونس بن يعقوب ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :ملعون ملعون من رمى مؤمنا بكفر ،ومن رمى مؤمنا
بكفر فهو كقتله - 5 .م :إن الثنين إذا ضجر بعضهما على بعض وتلعنا
ارتفعت اللعنتان فاستأذنتا ربهما في الوقوع بمن لعنا إليه ،فقال ال
لملئكته :انظروا فان كان اللعن أهل للعن وليس المقصود به أهل
فأنزلوهما جميعا باللعن ،وإن كان المشار إليه أهل وليس اللعن أهل
فوجهوهما إليه ،وإن كانا جميعا لها أهل فوجهوا لعن هذا إلى ذاك.
ووجهوا لعن ذاك إلى هذا ،وإن لم يكن واحد منهما لها أهل ليمانهما ،وإن
الضجر أحوجهما إلى ذلك فوجهوا اللعنتين إلى اليهود الكاتمين نعت محمد
وصفته صلى ال عليه وآله وذكر على عليه السلم وحليته ،وإلى
النواصب الكاتمين لفضل علي والدافعين لفضله )) * (108) .(2باب( * *
" )الخصال التى ل تكون في المؤمن( " * أقول :سيأتي بعض الخبار في
باب اللواط - 1 .سر :من جامع البزنطي ،عن الحارث بن المغيرة ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :ستة ل تكون في المؤمن :الحسر والنكد
واللجاجة والكذب والحسد والبغي - 2 .ل :أبي :عن سعد ،عن البرقي ،عن
عدة من أصحابنا ،عن ابن أسباط
) (1ثواب العمال ص (2) .242تفسير المام ص 260و 261في قوله تعالى:
اولئك يلعنهم ال ويلعنهم اللعنون البقرة[*] .159 :
][210
عن بعض أصحابه ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ما ابتلى ال به شيعتنا فلن
يبتليهم بأربع :بأن يكونوا لغير رشدة ،وأن يسألوا بأكفهم ،وإن يؤتوا في
أدبارهم ،وإن يكون فيهم أخضر أزرق ) - 3 .(1ل :ابن الوليد ،عن محمد
العطار ،عن الشعري ،عن أبي عبد ال الرازي ،عن ابن أبي عثمان ،عن
أبيه ،عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :أربع خصال ل
تكون في مؤمن :ل يكون مجنونا ،ول يسأل عن أبواب الناس ،ول يولد
من الزنا ،ول ينكح في دبره ) - 4 .(2ل :القطان وابن موسى معا ،عن ابن
زكريا ،عن ابن حبيب ،عن ابن بهلول ،عن أبي معاوية ،عن العمش ،عن
الصادق عليه السلم وابن حبيب ،عن عبد ال بن محمد بن باطويه ،عن
علي بن عبد المؤمن الزعفراني ،عن مسلم بن خالد الزنجي ،عن الصادق
عليه السلم عن أبيه ،عن جده عليهم السلم وابن حبيب ،عن الحسن بن
شيبان ،عن أبيه ،عن محمد بن خالد ،عن مسلم بن خالد ،عن جعفر بن
محمد قالوا كلهم :ثلثة عشر وقال تميم :ستة عشر صنفا من امة جدي ل
يحبونا ول يحببونا إلى الناس ،ويبغضونا ول يتولونا ،ويخذلونا ويخذلون
الناس عنا ،فهم أعداؤنا حقا لهم نار جهنم ولهم عذاب الحريق .قال :قلت:
بينهم لي يا أبه وقاك ال شرهم ،قال :الزايد في خلقه فل ترى أحدا من
الناس في خلقه زيادة إل وجدته مناصبا ولم تجده لنا مواليا )(3
][211
والناقص الخلق من الرجال فل ترى ل عزوجل خلقا ناقص الخلقة إل وجدت في
قلبه علينا غل ،والعور باليمين للولدة ،فل ترى ل خلقا ولد أعور اليمين
إل كان لنا محاربا ول عدائنا مسالما ،والغربيب من الرجال فل ترى ل
عزوجل خلقا غربيبا -وهو الذي قد طال عمره فلم يبيض شعره وترى
لحيته مثل حنك الغراب -إل كان علينا مؤلبا ولعدائنا مكاثرا .والحلكوك )
(1من الرجال فل ترى منهم أحدا إل كان لنا شتاما ولعدائنا مداحا،
والقرع من الرجال فل ترى رجل به قرع إل وجدته همازا لمازا مشاء
بالنميمة علينا ،والمفضض بالخضرة من الرجال فل ترى منهم أحدا وهم
كثيرون إل وجدته يلقانا بوجه ويستدبرنا بآخر ،يبتغي لنا الغوائل،
والمنبوذ ) (2من الرجال فل تلقي منهم أحدا إل وجدته لنا عدوا مضل
مبينا ،والبرص من الرجال
كان لغافل عن صاحب ياسين إنه كان مكنعا -ثم رد أصابعه -فقال كاني أنظر إلى
تكنيعه أتاهم فأنذرهم ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه ،ثم قال عليه السلم:
إن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إل أنه ل يقتل نفسه .أقول:
روى الكشي في رجاله ص 194في المغيرة بن سعيد أنه كان يدس
الحاديث وروى أن هشام بن الحكم سمع أبا عبد ال عليه السلم يقول:
ل تقبلوا علينا حديثا إل ما وافق القرآن والسنة ،أو تجدون معه شاهدا
من أحاديثنا المتقدمة فان المغيره بن سعيد لعنه ال دس في كتب أصحاب
أبي أحاديث لم يحدث بها أبي ،الحديث .ولعل هذا الحديث الذي يوافق
مذهبه ومسلكه في عدم ابتلء المؤمن بالعاهات من مدسوساته لعنه ال
في روايات أصحابنا رضوان ال عليهم ،وكيف كان لما كان هذا الحديث
مخالفا لسائر أحاديثهم عليهم السلم لبد من طرحه (1) .الحلكوك
كعصفور وقربوس -الشديد السواد ،ولعله أراد مثل جون غلم أبي ذر أو
بلل بن رباح الحبشي ! ؟ نعوذ بال من الضلل (2) .المنبوذ :الصبي
تلقيه امه في الطريق ،وولد الزناء ،ولعله أراد المعنى الخير وإل فما
ذنب الصبي المنبوذ[*] .
][212
فل تلقي منهم أحدا إل وجدته يرصد لنا المراصد ،ويقعد لنا ولشيعتنا مقعدا ليضلنا
بزعمه عن سواء السبيل ،والمجذوم وهم حصب جهنم هم لها واردون
والمنكوح فل ترى منهم أحدا إل وجدته يتغنى بهجائنا ويؤلب علينا .وأهل
مدينة تدعى سجستان ) (1هم لنا أهل عداوة ونصب وهم شر الخلق
والخليقة ،عليهم من العذاب ما على فرعون وهامان وقارون ،وأهل مدينة
تدعى الري هم أعداء ال وأعداء رسوله صلى ال عليه وآله وأعداء أهل
بيته يرون حرب أهل بيت رسول ال جهادا ومالهم مغنما ،ولهم عذاب
الخزي في الحياة الدنيا والخرة ولهم عذاب مقيم ،وأهل مدينة تدعى
الموصل شر من على وجه الرض ،وأهل مدينة تسمى الزوراء تبنى في
آخر الزمان يستشفون بدمائنا ويتقربون ببغضنا يوالون في عداوتنا
ويرون حربنا فرضا وقتالنا حتما ؟ يا بني فاحذر هؤلء ثم احذرهم ،فانه ل
يخلو اثنان منهم باحد من اهلك ال هموا بقتله .واللفظ لتميم من أول
الحديث إلى آخره ).(2
) (1كان أهل سجستان والري والموصل وبغداد ان كان هو الزوراء معاديا لهل
البيت في سابق الزمان ،فانهم كانوا من أهل الجماعة وبعضهم كان
خارجيا واسماعيليا واما الن فكلهم شيعة أهل البيت ،وقال العلمة
المؤلف في ج 60ص 206بعد نقل هذا الخبر :الزوراء يطلق على دجلة
بغداد وعلى بغداد ،لن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة،
ويمكن أن تتبدل أحوال هذه البلد باختلف الزمنة ويكون ما ذكر في
الخبر حالهم في ذلك الزمان .أقول :معذلك يبقى الكلم في بغداد ومن
محلتها الكرخ أعظم محلة منها كانت تسكنها الشيعة وبها نشئ أعاظم
الصحاب ،مع قوله عليه السلم في الزوراء إنها مدينة تبنى في آخر
الزمان ،وبغداد بنيت في زمن المنصور العباسي وكان معاصرا لبي عبد
ال عليه السلم (2) .الخصال ج 2ص ،95 - 94وتميم هو ابن بهلول.
]*[
][213
)) * (109باب( * * " )من استولى عليهم الشيطان من أصحاب البدع( " * * "
)وما ينسبون إلى أنفسهم( " * * " )من الكاذيب وأنها من الشيطان( "
* - 1كش :عن سعد ،عن عبد ال بن علي بن عامر باسناده ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :قال ترائا وال إبليس لبي الخطاب على سور
المدينة والمسجد وكأني أنظر إليه وهو يقول :أيها تظفر الن ايها تظفر
الن ) - 2 .(1كش :عن سعد ،عن أحمد بن محمد ،عن أبيه ويعقوب بن
يزيد والحسين ابن سعيد ،عن ابن أبي عمير ،عن إبراهيم بن عبد الحميد،
عن حفص بن عمرو النخعي ،قال :كنت جالسا عند أبي عبد ال عليه
السلم فقال له رجل :جعلت فداك إن أبا منصور حدثني إنه رفع إلى ربه
ومسح على رأسه ،فقال له بالفارسية " :بايست " فقال له أبو عبد ال
عليه السلم :حدثني أبي عن جدي رسول ال صلى ال عليه وآله قال :إن
ابليس اتخذ عرشا في ما بين السماء والرض ،واتخذ زبانية كعدد الملئكة
فإذا دعى رجل فأجابه ووطئ عقبه وتخطت إليه القدام ،ترائا له إبليس
ورفع إليه ،وإن أبا منصور كان رسول إبليس ،لعن ال أبا منصور ،لعن
ال ابا منصور ثلثا ) - 3 .(2كش :سعد ،عن أحمد بن محمد بن عيسى،
عن الحسين بن سعيد ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن الحكم ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :إن بنانا والسري وبزيعا لعنهم ال ترائا لهم
الشيطان في أحسن ما يكون في صورة آدمي من قرنه إلى سرته ،قال:
فقلت :إن بنانا يتأول هذه الية " وهو الذي في السماء إله وفي
][214
الرض إله " ) (1أن الذي في الرض غير إله السماء ،وإله السماء غير إله
الرض وأن إله السماء أعظم من إله الرض ،وإن أهل الرض يعرفون
فضل إله السماء ويعظمونه فقال عليه السلم :وال ما هو إل ال وحده ل
شريك له ،إله في السماوات وإله في الرضين كذب بنان ،عليه لعنة ال،
لقد صغر ال جل جلله وصغر عظمته ) - 4 .(2كش :وجدت بخط جبرئيل
بن أحمد حدثني محمد بن عيسى ،عن علي ابن الحكم ،عن حماد بن
عثمان ،عن زرارة قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :أخبرني عن حمزة
أيزعم إن أبي ياتيه ؟ قلت :نعم ،قال :كذب وال ما يأتيه إل المتكون إن
إبليس سلط شيطانا يقال له :المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء إن
شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ،ول وال ما يستطيع أن
يجيئ في صورة أبي عليه السلم ) - 5 .(3كش :سعد ،عن أحمد بن
محمد ،عن أبيه والحسين بن سعيد ،عن ابن أبي عمير ،ومحمد بن عيسى،
عن يونس وابن أبي عمير ،عن محمد بن عمر بن اذينة عن بريد بن
معاوية العجلي قال :كان حمزة بن عمارة البربري لعنه ال يقول لصحابه:
إن أبا جعفر عليه السلم يأتيني في كل ليلة ،ول يزال إنسان يزعم أنه قد
أراه إياه ،فقدر لي أني لقيت أبا جعفر عليه السلم فحدثته بما يقول حمزة،
فقال :كذب ،عليه لعنة ال ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ول
وصي نبي ) - 6 .(4كش :محمد بن مسعود ،عن علي بن محمد بن يزيد،
عن ابن عيسى ،عن البزنطي ،عن علي بن عقبة ،عن أبيه قال :دخلت
على أبي عبد ال عليه السلم فسلمت وجلست ،فقال لي :كان في مجلسك
هذا أبو الخطاب ومعه سبعون رجل كلهم إليه
) (1الزخرف (2) .84 :رجال الكشي ص (3) .257رجال الكشي ص (4) .254
رجال الكشي ص [*] .257
][215
ينالهم منه شئ فرحمتهم فقلت لهم :أل اخبركم بفضائل المسلم فل أحسب أصغرهم
إل قال :بلى جعلت فداك قلت :من فضائل المسلم أن يقال له :فلن قارئ
لكتاب ال عزوجل وفلن ذو حظ من ورع ،وفلن يجتهد في عبادته لربه
فهذه فضائل المسلم مالكم وللرياسات ؟ إنما للمسلمين رأس واحد إياكم
والرجال ،فان الرجال مهلكة ،فاني سمعت أبي يقول :إن شيطانا يقال له:
المذهب يأتي في كل صورة إل أنه ل يأتي في صورة نبي ول وصي نبي،
ول أحسبه إل وقد ترائا لصاحبكم فاحذروه ،فبلغني أنهم قتلوا معه،
فأبعدهم ال وأسحقهم ،إنه ل يهلك على ال إل هالك ) - 7 .(1كش :محمد
بن قولويه ،عن سعد ،عن محمد بن عيسى ،عن يونس قال :سمعت رجل
من الطيارة يحدث أبا الحسن الرضا عليه السلم عن يونس بن ظبيان أنه
قال :كنت في بعض الليالي وأنا في الطواف ،فإذا نداء من فوق رأسي يا
يونس " إني أنا ال ل إله إل أنا فاعبدني وأقم الصلة لذكري " فرفعت
رأسي فإذا ح ]كذا[ .فغضب أبو الحسن غضبا لم يملك نفسه ثم قال للرجل:
اخرج عني لعنك ال ولعن ال من حدثك ،ولعن يونس بن ظبيان ألف لعنة
تتبعها ألف لعنة كل لعنة منها تبلغك إلى قعر جهنم وأشهد ما ناداه إل
شيطان أما إن يونس مع أبي الخطاب في أشد العذاب مقرونان،
وأصحابهما إلى ذلك الشيطان مع فرعون وآل فرعون في أشد العذاب،
سمعت ذلك من أبي عبد ال عليه السلم .فقال يونس :فقال الرجل من
عنده فلما بلغ الباب إل عشرة خطاء حتى صرع مغشيا عليه قد قاء رجيعه
وحمل ميتا فقال أبو الحسن عليه السلم :أتاه ملك بيده عمود فضربه على
هامته ضربة قلب فيها مثانته حتى قاء رجيعه وعجل ال بروحه إلى
الهاوية وألحقه بصاحبه الذي حدثه يونس بن ظبيان ،ورأى الشيطان الذى
كان ترائا له ).(2
][216
- 8نوادر الراوندي :باسناده عن موسى بن حعفر ،عن آبائه عليهم السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من عمل في بدعة خله الشيطان
والعبادة .وألقى عليه الخشوع والبكاء .وبهذا السناد قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :أبى ال لصاحب البدعة بالتوبة وأبى ال لصاحب
الخلق السئ بالتوبة ،فقيل :يا رسول ال وكيف ذلك ؟ قال :أما صاحب
البدعة فقد اشرب قلبه حبها ،وأما صاحب الخلق السئ فانه إذا تاب من
ذنب وقع في ذنب أعظم من الذنب الذي تاب منه )) * (110) .(1باب( *
* )" عقاب من أحدث دينا أو أضل الناس "( * * )" وأنه ل يحمل أحد
الوزر عمن يستحقه " * اليات :النساء :ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من
الكتاب يشترون الضللة ويريدون أن تضلوا السبيل * وال أعلم باعدائكم
وكفى بال وليا وكفى بال نصيرا ) .(2وقال تعالى :ألم تر إلى الذين اوتوا
نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلء
أهدى من الذين آمنوا سبيل * اولئك الذين لعنهم ال ومن يلعن ال فلن
تجد له نصيرا ) .(3العراف :ول تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون
عن سبيل ال من آمن
) (1نوادر الراوندي ص (2) .18النساء (3) .45 - 44 :النساء[*] .52 - 51 :
][217
به وتبغونها عوجا ) .(1هود :ومن أظلم ممن افترى على ال كذبا اولئك يعرضون
على ربهم ويقول الشهاد هؤلء الذين كذبوا على ربهم أل لعنة ال على
الظالمين * الذين يصدون عن سبيل ال ويبغونها عوجا وهم بالخرة هم
كافرون * اولئك لم يكونوا معجزين في الرض وما كان لهم من دون ال
من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا
يبصرون * اولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون * ل
جرم أنهم في الخرة هم الخسرون ) .(2إبراهيم :ويصدون عن سبيل ال
ويبغونها عوجا اولئك في ضلل بعيد ) .(3وقال تعالى :وجعلوا ل أندادا
ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فان مصيركم إلى النار ) .(4النحل :ليحملوا
أوزارهم كاملة يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم أل ساء ما
يزرون ) .(5الشعراء :وبرزت الجحيم للغاوين -إلى قوله تعالى -وما
أضلنا إل المجرمون ) .(6القصص :وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم
القيمة ل ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيمة هم من
المقبوحين ) .(7العنكبوت :وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا
ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون *
وليحملن أثقالهم
) (1العراف (2) .86 :هود (3) .22 - 18 :إبراهيم (4) .3 :إبراهيم(5) .30 :
النحل (6) .25 :الشعراء (7) .99 - 91 :القصص[*] .42 - 41 :
][218
وأثقال مع أثقالهم وليسئلن يوم القيمة عما كانوا يفترون ) .(1سبا :ولو ترى إذ
الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين
استضعفوا للذين استكبروا لول أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا
للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جائكم بل كنتم مجرمين
* وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا
أن نكفر بال ونجعل له أندادا ) .(2الصافات :وأقبل بعضهم على بعض
يتسائلون * قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين * قالوا بل لم تكونوا مؤمنين
* وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين * فحق علينا قول
ربنا إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين ) .(3ص :هذا فوج مقتحم
معكم ل مرحبا بهم إنهم صالوا النار * قالوا بل أنتم ل مرحبا بكم أنتم
قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا من
النار ) .(4المؤمن :واذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا
إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا
إنا كل فيها إن ال قد حكم بين العباد ) .(5النجم :أم لم ينبأ بما في صحف
موسى * وإبراهيم الذي وفى * أل تزر وازرة وزر اخرى * وأن ليس
للنسان إل ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزيه الجزاء الوفى )
.(6
) (1العنكبوت (2) .13 - 12 :سبأ (3) .33 - 31 :الصافات (4) .32 - 27 :ص:
(5) .61 - 59المؤمن (6) .48 - 47 :النجم[*] .41 - 36 :
][219
- 1ن :بالسانيد الثلثة ،عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :إن ال غافر كل ذنب إل من أحدث دينا أو اغتصب
أجيرا أجره أو رجل باع حرا ) - 2 .(1ع :عن أبيه ،عن سعد ،عن أيوب
بن نوح ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن الحكم ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :كان رجل في الزمن الول طلب الدنيا من حلل فلم يقدر عليها،
وطلبها من حرام فلم يقدر عليها .فأتاه الشيطان فقال له :يا هذا إنك قد
طلبت الدنيا من حلل فلم تقدر عليها وطلبتها من حرام فلم تقدر عليها أفل
أدلك على شئ تكثر به دنياك ويكثر به تبعك ؟ قال :بلى قال :تبتدع دينا
وتدعو إليه الناس .ففعل فاستجاب له الناس وأطاعوه وأصاب من الدنيا ثم
أنه فكر فقال :ما صنعت ؟ ابتدعت دينا ودعوت الناس ما أرى لي توبة إل
أن آتي من دعوته إليه فارده عنه ،فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه فيقول
لهم :إن الذي دعوتكم إليه باطل ،وإنما ابتدعته ،فجعلوا يقولون :كذبت
وهو الحق ولكنك شككت في دينك .فرجعت عنه ،فلما رأى ذلك عمد إلى
سلسلة فوتد لها وتدا ثم جعلها في عنقه ،وقال :ل احلها حتى يتوب ال
عزوجل علي .فأوحى ال عزوجل إلى نبي من النبياء قل لفلن :وعزتي
لو دعوتني حتى تنقطع أوصالك ،ما استجبت لك ،حتى ترد من مات إلى ما
دعوته إليه فيرجع عنه ) .(2ثو :عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن يزيد ،عن
ابن أبي عمير ،عن هشام بن الحكم ،عن أبي عبد ال عليه السلم وعن
محمد بن حمران ،عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :كان
رجل إلى اخر ما مر ).(3
) (1عيون الخبار ج 2ص (2) .32علل الشرائع ج 2ص (3) .178ثواب
العمال ص [*] .230
][220
- 3مع :عن ماجيلويه ،عن عمه ،عن البرقي ،عن النهيكي رفعه إلى أبي عبد ال
عليه السلم أنه قال :من مثل مثال أو اقتنى كلبا فقد خرج من السلم فقيل
له :هلك إذا كثير من الناس ؟ فقال :ليس حيث ذهبتم إنما عنيت بقولي من
مثل مثال من نصب دينا غير دين ال ،ودعا الناس إليه ،وبقولي من اقتنى
كلبا مبغضا لنا أهل البيت اقتناه فأطعمه وسقاه ،ومن فعل ذلك فقد خرج من
السلم ) - 4 .(1مع :عن ابن الوليد ،عن الصفار ،عن ابن عيسى ،عن
ابن معروف عن حماد ،عن حريز ،عن ابن مسكان ،عن أبي الربيع قال:
قلت :ما أدنى ما يخرج به الرجل من اليمان ؟ قال :الرأي يراه مخالفا
للحق فيقيم عليه ) - 5 .(2مع :بالسناد ،عن ابن عيسى ،عن الحسين بن
سعيد ،عن ابن أبي عمير ،عن حماد ،عن الحلبي ،قال :قلت لبي عبد ال
عليه السلم :ما أدنى ما يكون به العبد كافرا ؟ قال :أن يبتدع شيئا فيتولى
عليه ويبرأ ممن خالفه ) - 6 .(3مع :بالسناد ،عن ابن عيسى ،عن ابن
أبي عمير ،عن ابن اذينة ،عن بريد العجلي قال :قلت لبي عبد ال عليه
السلم :ما أدنى ما يصير به العبد كافرا ؟ قال :فأخذ حصاة من الرض
فقال :أن يقول لهذه الحصاة :إنها نواة ،ويبرء ممن خالفه على ذلك،
ويدين ال بالبراءة ممن قال بغير قوله ،فهذا ناصب قد أشرك بال وكفر
من حيث ل يعلم ) - 7 .(4ج :بالسناد إلى أبي محمد العسكري ،عن آبائه،
عن علي بن الحسين عليهم السلم في تفسير قوله تعالى " :ولكم في
القصاص حيوة " ) (5الية ولكم يا امة محمد في القصاص حياة لن من
هم بالقتل فعرف أنه يقتص منه فكف لذلك عن القتل كان حياة للذي كان هم
بقتله ،وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل
][221
وحياة لغيرهما من الناس ،إذا علموا أن القصاص واجب ل يجسرون على القتل
مخافة القصاص " يا اولي اللباب " اولى العقول " لعلكم تتقون " .ثم
قال عليه السلم :عباد ال هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا وتفنون
روحه أل انبئكم باعظم من هذا القتل وما يوجبه ال على قاتله مما هو
أعظم من هذا القصاص ؟ قالوا :بلى يا ابن رسول ال قال :أعظم من هذا
القتل أن يقتله قتل ل ينجبر ول يحيى بعده أبدا ،قالوا :ما هو ؟ قال :أن
يضله عن نبوة محمد وعن ولية علي بن أبي طالب صلوات ال عليهما،
ويسلك به غير سبيل ال ويغريه باتباع طرائق أعداء علي عليه السلم
والقول بامامتهم ،ودفع علي عن حقه وجحد فضله وأل يبالي باعطائه
واجب تعظيمه فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنم خالدا
مخلدا أبدا فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم ) - 8 .(1ل :أبي،
عن محمد العطار ،عن الشعري ،عن محمد بن عيسى ،عن محمد ابن
إبراهيم النوفلي ،عن الحسين بن المختار باسناده يرفعه قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :ملعون ملعون من كمه أعمى ،ملعون ملعون من
عبد الدينار والدرهم ،ملعون ملعون من نكح بهيمة ) .(2مع :ابن إدريس،
عن أبيه ،عن الشعري ،عن ابن يزيد ،عن محمد بن إبراهيم النوفلي مثله.
ثم قال الصدوق :قوله " :من كمه أعمى " يعني من أرشد متحيرا في دينه
إلى الكفر وقرره في نفسه حتى اعتقده ،وقوله " :من عبد الدينار والدرهم
" يعني به من يمنع زكاة ماله ويبخل بمواساة إخوانه ،فيكون قد آثر عبادة
الدينار والدرهم على عبادة خالقه ) .(3أقول :قد مضت أخبار كثيرة في
باب البدع والمقاييس في ذلك.
) (1الحتجاج ص (2) .174الخصال :ج 1ص (3) .64معاني الخبار ص .402
]*[
][222
- 9سن :عدة من أصحابنا ،عن ابن أسباط ،عن عمه يعقوب ،عن زرارة ،عن أبي
جعفر عليه السلم قال :من اجترأ على ال في المعصية وارتكاب الكبائر
فهو كافر ،ومن نصب دينا غير دين ال فهو مشرك ) - 10 .(1شى :عن
أبي حمزة ،عن أبي جعفر عليه السلم في قوله " :ليحملوا أوزارهم كاملة
يوم القيمة " ) (2يعني ليستكملوا الكفر يوم القيامة " ومن أوزار الذين
يضلونهم بغير علم " يعني كفر الذين يتولونهم قال ال " :أل ساء ما
يزرون " )) * (111) .(3باب( * * " )من وصف عدل ثم خالفه إلى
غيره( " * اليات :البقرة :أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم
تتلون الكتاب أفل تعقلون ) .(4تفسير " :أتأمرون الناس بالبر " في
تفسير المام عليه السلم أي بالصدقات وأداء المانات " وتنسون أنفسكم
" أي تتركونها " وأنتم تتلون الكتاب " أي التوراة المرة لكم بالخيرات
الناهية عن المنكرات " أفل تعقلون " ما عليكم من العقاب في أمركم بما
به ل تأخذون ،وفي نهيكم عما أنتم فيه منهمكون .نزلت في علماء اليهود
ورؤسائهم المردة المنافقين المحتجنين أموال الفقراء المستأكلين
للغنياء ،الذين كانوا يأمرون بالخير ويتركونه ،وينهون عن الشر
ويرتكبونه ).(5
) (1المحاسن ص (2) .209النحل (3) .25 :تفسير العياشي ج 2ص (4) .257
البقرة (5) .44 :تفسير المام ص [*] .113
][223
أقول :في القاموس احتجن المال ضمه واحتواه .وقال علي بن إبراهيم :نزلت في
الخطباء والقصاص وهو قول أمير المؤمنين عليه السلم :وعلى كل منبر
خطيب مصقع يكذب على ال وعلى رسوله وعلى كتابه ) .(1وفي المجمع
عن أنس قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :مررت ليلة اسري بي
على اناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار ،فقلت :من هؤلء يا
جبرئيل ؟ فقال :هؤلء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس
بالبر وينسون أنفسهم ) .(2وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلم
قال :من لم ينسلخ من هواجسه ،ولم يتخلص من آفات نفسه وشهواتها،
ولم يهزم الشيطان ،ولم يدخل في كنف ال وأمان عصمته ،ل يصلح للمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ،لنه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلما أظهر
يكون حجة عليه ،ول ينتفع الناس به ،قال ال تعالى " :أتأمرون الناس
بالبر وتنسون أنفسكم " ويقال له :يا خائن أتطالب خلقي بما خنت به
نفسك ،وأرخيت عنه عنانك ) - 1 .(3كا :عن علي ،عن أبيه ،عن ابن أبي
عمير ،عن يوسف البزاز ،عن المعلى ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
إن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدل ثم عمل بغيره ) .(4بيان:
" من وصف عدل " أي بين للناس أمرا حقا موافقا لقانون العدل أو أمرا
وسطا غير مائل إلى إفراط أو تفريط ولم يعمل به ،أو وصف دينا حقا ولم
يعمل بمقتضاه كما إذا إدعى القول بامامة الئمة عليهم السلم ولم يتابعهم
قول وفعل ويؤيد الول قوله عليه السلم " :أتأمرون الناس بالبر وتنسون
أنفسكم "
) (1تفسير القمي ص (2) .38مجمع البيان ج 1ص (3) .98مصباح الشريعة
ص (4) .42الكافي ج 2ص [*] .299
][224
وقوله سبحانه " :لم تقولون ما ل تفعلون " ) (1وما ورى عن النبي صلى ال
عليه وآله أنه قال :مررت ليلة اسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقارض
من نار ،فقلت :من أنتم ؟ قالوا :كنا نأمر بالخير ول نأتيه ،وننهي عن
الشر ونأتيه ،ومثله كثير - 2 .كا :عن محمد ،عن أحمد ،عن ابن عيسى،
عن ابن سنان ،عن قتيبة العشى ،عن أبي عبد ال عليه السلم ،أنه قال:
من أشد الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدل وعمل بغيره )- 3 .(2
كا :عن علي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن سالم ،عن ابن
أبي يعفور ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن من أعظم الناس حسرة
يوم القيامة من وصف عدل وخالفه إلى غيره ) .(3بيان :وإنما كانت
حسرته أشد لوقوعه في الهلكة مع العلم ،وهو أشد من الوقوع فيها بدونه،
ولمشاهدته نجاة الغير بقوله ،وعدم نجاته به ،وكان أشدية العذاب
والحسرة بالنسبة إلى من لم يعلم ولم يعمل ولم يأمر ،ل بالنسبة إلى من
علم ولم يفعل ولم يأمر ،لن الهداية وبيان الحكام وتعليم الجهال والمر
بالمعروف والنهي عن المنكر كلها واجبة كما أن العمل واجب ،فإذا تركهما
ترك واجبين ،وإذا ترك أحدهما ترك واجبا واحدا .لكن الظاهر من أكثر
الخبار بل اليات اشتراط الوعظ والمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بالعمل ،ويشكل التوفيق بينها وبين سائر اليات والخبار الدالة على
وجوب الهداية والتعليم ،والنهي عن كتمان العلم ،وعلى أي حال الظاهر
أنها ل تشمل ما إذا كان له مانع من التيان بالنوافل مثل ،ويبين للناس
فضلها وأمثال ذلك - 4 .كا :عن محمد بن يحيى ،عن الحسين بن إسحاق،
عن علي بن مهزيار ،عن
][225
عبد ال بن يحيى ،عن ابن مسكان ،عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال في قول ال عزوجل " :فكبكبوا فيها هم والغاوون " ) (1قال :يا
بابصير هم قوم وصفوا عدل بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره ) .(2بيان" :
فكبكبوا " أقول :قبلها في الشعراء " وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم
أينما كنتم تعبدون من دون ال هل ينصرونكم أو ينتصرون " وفسر
المفسرون " ما كنتم تعبدون " بآلهتهم " فكبكبوا فيها هم والغاوون "
قالوا :أي اللهة وعبدتهم ،والكبكبة تكرير الكب لتكرير معناه كأن من القى
في النار ينكب مرة بعد اخرى حتى يستقر في قعرها .قوله عليه السلم :هم
قوم أي ضمير " هم " المذكور في الية راجع إلى قوم أو " هم " ضمير
راجع إلى مدلول هم في الية ،والمعنى إن المراد بالمعبودين في بطن الية
المطاعون في الباطل ،كقوله تعالى " :ان ل تعبدوا الشيطان " ) (3وهم
قوم وصفوا السلم ،ولم يعملوا بمقتضاه ،كالغاصبين للخلفة حيث ادعوا
السلم ،وخالفوا ال ورسوله في نصب الوصي ،وتبعهم جماعة ،وهم
الغاوون ،أو وصفوا اليمان وادعوا اتصافهم به ،وخالفوا الئمة الذين
ادعوا اليمان بهم ،وغيروا دين ال ،وأظهروا البدع فيه ،وتبعهم الغاوون.
ويحتمل أن يكون " هم " راجعا إلى الغاوين ،فهم في الية راجع إلى عبدة
الوثان أو معبوديهم أيضا لكنه بعيد عن سياق اليات السابقة ،وقال علي
بن إبراهيم بعد نقل هذه الرواية مرسل عن الصادق عليه السلم :وفي
خبر آخر :قال :هم بنو امية " والغاوون " بنو فلن أي بنو العباس ).(4
- 5كا :عن محمد ،عن أحمد ،عن ابن عيسى ،عن ابن أبي عمير ،عن
علي
) (1الشعراء (2) .94 :الكافي ج 2ص ،300ومثله في المحاسن ص (3) .120
يس (4) .60 :تفسير القمي ص [*] .473
][226
ابن عطية ،عن خيثمة قال :قال لي أبو جعفر عليه السلم :أبلغ شيعتنا أنه لن ينال
ما عند ال إل بعمل ،وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من
وصف عدل ثم يخالفه إلى غيره ) .(1بيان :ما عند ال أي من المثوبات
والدرجات والقربات) * (112) .باب( * * " )الستخفاف بالدين،
والتهاون بأمر ال( " * اليات :الكهف :ويجادل الذين كفروا بالباطل
ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما انذروا هزوا ) .(2طه :ولقد عهدنا
إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما ) .(3الروم :ثم كان عاقبة الذين
أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات ال وكانوا بها يستهزؤن ) .(4الصافات :بل
عجبت ويسخرون * وإذا ذكروا ل يذكرون * وإذا رأوا آية يستسخرون *
وقالوا إن هذا إل سحر مبين ) .(5ص :وقالوا مالنا ل نرى رجال كنا نعدهم
من الشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم البصار ) .(6الزخرف:
فلما جائهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ) .(7الجاثية :وإذا علم من آياتنا
شيئا اتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين ).(8
) (1الكافي ج 2ص (2) .300الكهف (3) .56 :طه (4) .115 :الروم(5) .10 :
الصافات (6) .15 - 12 :ص (7) .63 - 62 :الزخرف(8) .47 :
الجاثية[*] .9 :
][227
وقال تعالى :وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن إلى قوله
تعالى :ذلكم بأنكم اتخذتم آيات ال هزوا وغرتكم الحيوة الدنيا فاليوم ل
يخرجون منها ول هم يستعتبون ) .(1النجم :أفمن هذا الحديث تعجبون *
وتضحكون ول تبكون * وأنتم سامدون ) - 1 .(2ل :ابن مسرور ،عن ابن
عامر ،عن عمه ،عن محمد بن زياد ،عن ابن عميرة ،عن الصادق عليه
السلم قال :إن لولد الزنا علمات أحدها بغضنا أهل البيت وثانيها أنه يحن
إلى الحرام الذي خلق منه ،وثالثها الستخفاف بالدين ،ورابعها سوء
المحضر للناس ،ول يسئ محضر إخوانه إل من ولد على غير فراش أبيه
إو حملت به امه في حيضها ) - 2 .(3ن :بالسانيد الثلثة ،عن الرضا،
عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :سمعت
رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :إني أخاف عليكم استخفافا بالدين
وبيع الحكم ؟ وقطيعة الرحم ،وأن تتخذوا القرآن مزامير ،تقدمون أحدكم
وليس بأفضلكم في الدين ) - 3 .(4ثو :عن أبيه ،عن سعد ،عن جعفر بن
محمد بن عبيدال ،عن عبد ال بن ميمون ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :إياكم والغفلة ،فانه من غفل فانما يغفل عن نفسه ،وإياكم والتهاون
بأمر ال عزوجل ،فانه من تهاون بأمر ال أهانه ال يوم القيامة ).(5
) (1الجاثية (2) .35 - 33 :النجم (3) .61 - 59 :الخصال ج 1ص (4) .102
عيون الخبار ج 2ص (5) .42ثواب العمال ص [*] .184
][228
سن :جعفر بن محمد الشعري ،عن القداح مثله ) - 4 .(1سن :النوفلي ،عن
السكوني ،عن أبي عبد ال ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :إن ال ليبغض المؤمن الضعيف الذي ل دين له) .
) (113باب( * " )العراض عن الحق والتكذيب به( " * اليات :البقرة:
فان تولوا فانما هم في شقاق ) .(2آل عمران :ألم تر إلى الذين اوتوا
نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب ال ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم
وهم معرضون ) .(3وقال :فان تولوا فان ال ل يحب الكافرين ) .(4وقال:
فان تولوا فان ال عليم بالمفسدين ) .(5وقال :فان تولوا فقولوا اشهدوا
بأنا مسلمون ) .(6النعام :وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إل كانوا عنها
معرضين * فقد كذبوا بالحق فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن )
.(7وقال تعالى :انظر كيف نصرف اليات ثم هم يصدفون ) .(8وقال
تعالى :فمن أظلم ممن كذب بآيات ال وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون
عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) .(9التوبة :وإن يتولوا يعذبهم
ال عذابا أليما في الدنيا والخرة ومالهم
) (1المحاسن ص (2) .96البقرة (3) .137 :آل عمران (4) .23 :آل عمران:
5) .32و (6آل عمران 63 :و (7) .64النعام 4 :و (8) .5النعام:
(9) .46النعام[*] .157 :
][229
من ناصرين ) .(1هود :وإن تولوا فاني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ) .(2الحجر:
وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين ) .(3طه :إنا قد اوحى إلينا أن العذاب
على من كذب وتولى إلى قوله تعالى :ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى )
.(4وقال تعالى :من أعرض عنه فانه يحمل يوم القيمة وزرا ).(5
النبياء :بل أكثرهم ل يعلمون الحق فهم معرضون ) .(6الحج :وإذا تتلى
عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون
بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفانبئكم بشر من ذلكم النار وعدها ال الذين
كفروا وبئس المصير ) .(7المؤمنون :قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم
على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا تهجرون -إلى قوله تعالى:
بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ) .(8الفرقان :فقد كذبتم
فسوف يكون لزاما ) .(9الشعراء :وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث
إل كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن )
.(10وقال تعالى :فكذبوه فاهلكناهم إن في ذلك لية وما كان أكثرهم
مؤمنين ).(11
) (1براءة (2) .74 :هود (3) .3 :الحجر (4) .81 :طه (5) .56 - 48 :طه.100 :
) (6النبياء (7) .24 :الحج (8) .72 :المؤمنون(9) .71 - 66 :
الفرقان (10) .77 :الشعراء 5 :و (11) .6الشعراء[*] .8 :
][230
وقال تعالى :فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة ) .(1النمل :وجحدوا بها واستيقنتها
أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) .(2العنكبوت :وإن
تكذبوا فقد كذب امم من قبلكم وما على الرسول إل البلغ المبين ).(3
لقمان :وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في اذنيه
وقرا فبشره بعذاب اليم ) .(4وقال تعالى :وما يجحد باياتنا إل كل ختار
كفور ) .(5فاطر :وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جائتهم رسلهم
بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير * ثم اخذت الذين كفروا فكيف كان نكير )
.(6وقال تعالى :وأقسموا بال جهد أيمانهم لئن جائهم نذير ليكونن أهدى
من إحدى المم فلما جائهم نذير ما زادهم إل نفورا ) .(7يس :وما تأتيهم
من آية من آيات ربهم إل كانوا عنها معرضين ) .(8ص :قل هو نبأ عظيم
* أنتم عنه معرضون ) .(9المؤمن :كذلك يؤفك الذين كانوا بايات ال
يجحدون إلى قوله تعالى :ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات ال أنى
يصرفون * الذين كذبوا بالكتاب ربما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون )
.(10
) (1الشعراء (2) .189 :النمل (3) .14 :العنكبوت (4) .18 :لقمان(5) .7 :
لقمان (6) .32 :فاطر (7) .26 - 25 :فاطر (8) .42 :يس(9) .46 :
ص (10) .68 - 67 :المؤمن[*] .70 - 63 :
][231
الجاثية :ويل لكل أفاك أثيم * يسمع آيات ال تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم
يسمعها فبشره بعذاب أليم ) .(1محمد :إن الذين ارتدوا على أدبارهم من
بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملي لهم ) .(2ق :بل كذبوا
بالحق لما جائهم فهم في أمر مريج ) .(3الطور :فويل يومئذ للمكذبين *
الذين هم في خوض يلعبون ) .(4الرحمن :فبأي آلء ربكما تكذبان ).(5
نوح :رب إني دعوت قومي ليل ونهارا * فلم يزدهم دعائي إل فرارا *
وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم
وأصروا واستكبروا استكبارا ) .(6الجن :ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه
عذابا صعدا ) .(7المدثر :وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم
الدين -إلى قوله تعالى :فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر
مستنفرة * فرت من قسورة ) .(8المرسلت :ويل يومئذ للمكذبين ).(9
العلق :أرأيت إن كذب وتولى * ألم يعلم بأن ال يرى * كل لئن لم ينته
لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة * فليدع ناديه * سندع الزبانية )
- 1 .(10قس :في رواية أبي الجارود ،عن أبي جعفر عليه السلم في
قوله تعالى:
) (1الجاثية (2) .8 - 7 :القتال (3) .25 :ق (4) .5 :الطور (5) .12 - 11 :في
آيات عديدة (6) .نوح (7) .7 - 5 :الجن (8) .17 :المدثر) .51 - 45 :
(9في آيات عديدة (10) .العلق[*] .18 - 13 :
][232
" وخاب كل جبار عنيد " ) (1قال :العنيد المعرض عن الحق ) - 2 .(2جا:
بالسناد إلى أبي قتادة ،عن الصادق عليه السلم قال :إن الحق منيف
فاعملوا به ،ومن سره طول العافية فليتق ال ) - 3 .(3ف :عن أبي محمد
عليه السلم قال :ما ترك الحق عزيز إل ذل ،ول أخذ به ذليل إل عز )) .(4
) * (114باب( * * " )الكذب وروايته وسماعه( " * اليات :المائدة:
ومن الذين هادوا سماعون للكذب -إلى قوله تعالى :يحرفون الكلم من بعد
مواضعه -إلى قوله تعالى :سماعون للكذب ) .(5التوبة :فأعقبهم نفاقا في
قلوبهم بما أخلفوا ال ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) .(6النحل :وتصف
ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى ل جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون ).(7
الكهف :إن يقولون إل كذبا ) .(8الحج :واجتنبوا قول الزور ) .(9الحزاب:
لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في
) (1إبراهيم (2) .15 :تفسير القمي (3) .344 :مجالس المفيد (4) :تحف العقول:
489في ط (5) .المائدة (6) .42 - 41 :براءة (7) .77 :النحل) .62 :
(8الكهف (9) .5 :الحج[*] .30 :
][233
المدينة لنغرينك بهم ثم ل يجاورونك فيها إل قليل ) .(1الزمر :إن ال ل يهدي من
هو كاذب كفار ) .(2المؤمن :إن ال ل يهدي من هو مسرف كذاب ).(3
الجاثية :ويل لكل أفاك أثيم ) - 1 .(4كا :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن
محمد بن عيسى ،عن علي بن الحكم عن إسحاق بن عمار ،عن أبي
النعمان قال :قال أبو جعفر عليه السلم :يا با النعمان ل تكذب علينا كذبة
فتسلب الحنيفية ،ول تطلبن أن تكون رأسا فتكون ذنبا ،ول تستأكل الناس
بنا فتفتقر ،فانك موقوف ل محالة ومسؤل ،فان صدقت صدقناك وإن كذبت
كذبناك ) .(5بيان " :كذبة " أي كذبة واحدة فكيف الكثر ،والكذب الخبار
عن الشئ بخلف ما هو عليه ،سواء طابق العتقاد أم ل ،على المشهور،
وقيل :الصدق مطابقة العتقاد ،والكذب خلفه وقيل :الصدق مطابقة
الواقع والعتقاد معا والكذب خلفه ،والكلم فيه يطول ،ول ريب في أن
الكذب من أعظم المعاصي وأعظم أفراده وأشنعها الكذب على ال وعلى
رسوله وعلى الئمة عليهم السلم " .فتسلب الحنيفية " الحنيفية مفعول
ثان لتسلب أي الملة المحمدية المائلة عن الضللة إلى الستقامة ،أو من
الشدة إلى السهولة ،أي خرج عن كمال الملة والدين ولم يعمل بشرايطها ل
أنه يخرج من الملة حقيقة ،وقد مر نظائره ،أو هو محمول على ما إذا تعمد
ذلك ،لحداث بدعة في الدين ،أو للطعن على الئمة الهادين.
) (1الحزاب (2) .60 :الزمر (3) .3 :المؤمن (4) .28 :الجاثية (5) .7 :الكافي:
ج 2ص [*] .338
][234
وفي النهاية الحنيف المائل إلى السلم ،الثابت عليه ،والحنيفية عند العرب من كان
على دين إبراهيم وأصل الحنف الميل ،ومنه الحديث بعثت بالحنيفية
السمحة السهلة انتهى .والكذب يصدق على العمد والخطا ،لكن الظاهر أن
التم يتبع العمد والكذب عليهم يشمل افتراء الحديث عليهم ،وصرف
حديثهم إلى غير مرادهم والجزم به ،ونسبة فعل إليهم ل يرضون به ،أو
ادعاء مرتبة لهم لم يدعوها كالربوبية وخلق العالم ،وعلم الغيب ،أو
فضلهم على الرسول صلى ال عليه وآله وأمثال ذلك أو نسبة ما يوجب
النقص إليهم كفعل ينافي العصمة وأشباهه " .ول تطلبن أن تكون راسا
فتكون ذنبا " الفاء متفرع على الطلب وهو يحتمل وجوها :الول :أن
يكون الذنب كناية عن الذل والهوان عند ال وعند الصالحين من عباده.
الثاني :أن يكون المراد به التأخر في الخرة عمن طلب الرياسة عليهم وقد
نبه على ذلك بتشبيه حسن وهو أن الركبان المترتبين الذاهبين في طريق
إذا بدا لهم الرجوع أو اضطروا إليه يقع لضيق الطريق ل محالة المتأخر
متقدما والمتقدم متأخرا ،وكذا القطيع من الغنم وغيره إذا رجعوا ينعكس
الترتيب .الثالث :أن يكون المعنى تكون ذنبا وذليل ول يتحصل مرادك في
الدنيا أيضا فان الطالب لكل مرتبة من مراتب الدنيا يصير محروما منها
غالبا ،والهارب من شئ منها تدركه .الرابع :أن يكون المعنى أن الرياسة
في الدنيا لوساط الناس ،ل يكون إل بالتوسل برئيس أعلى منه إما في
الحق أو في الباطل ،ولما كان في غير دولة الحق ل يمكن التوسل بأهل
الحق في ذلك ،فلبد من التوسل بأهل الباطل فيكون ذنبا وتابعا لهم ومن
أعوانهم وأنصارهم ،محشورا في الخرة معهم ،لقوله تعالى " :احشروا
الذين ظلموا وازواجهم " ) (1إل أن يكون مأذونا من قبل إمام الحق
خصوصا أو عموما ،ويفعل
][235
ذلك بنيابتهم على الوجه الذي أمروا به ،وهذا في غاية الندرة ،وأكثر الوجوه مما
خطر بالبال ،وال أعلم بحقيقة الحال .وربما يقرء " ذئبا " بالهمزة بدل
النون أي آكل للناس أموالهم ،وهو مخالف للنسخ المضبوطة " .ول
تستأكل الناس بنا " أي ل تطلب أكل أموال الناس بوضع الخبار الكاذبة
فينا ،أو بافتراء الحكام ونسبتها إلينا " فتفتقر " أي في الدنيا والخرة
والخير أنسب بما هنا ،لكن كان في ما مضى " ول تقل فينا مال نقول في
أنفسنا فإنك موقوف " - 2 .كا :عن العدة ،عن البرقي ،عن ابن مهران،
عن ابن عميرة ،عمن حدثه ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :كان علي بن
الحسين عليهما السلم يقول لولده :اتقوا الكذب الصغير منه والكبير ،في
كل جد وهزل ،فان الرجل إذا كذب في الصغير اجترئ على الكبير ،أما
علمتم أن رسول ال قال :ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه ال صديقا ،وما
يزال العبد يكذب حتى يكتبه ال كذابا ) .(1بيان :في المصباح جد في المر
يجد جدا من باب ضرب وقتل اجتهد فيه والسم الجد بالكسر ،ومنه يقال
فلن محسن جدا أي نهاية ومبالغة وجد في الكلم جدا من باب ضرب
هزل ،والسم منه الجد بالكسر أيضا ،والول هو المراد هنا للمقابلة ،وهزل
في كلمه هزل من باب ضرب مزح ولعب والفاعل هازل وهزال مبالغة،
والظاهر أن كل واحد من الجد والهزل متعلق بالصغير والكبير وتخصيص
الول بالصغير ،والثاني بالكبير بعيد .وظاهره حرمة الكذب في الهزل أيضا
ويؤيده عمومات النهي عن الكذب مطلقا ولم أذكر تصريحا من الصحاب
في ذلك ،وروي من طريق العامة عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال:
ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك فويل له ثم ويل له ،وروى أنه صلى ال
عليه وآله كان يمزح ول يقول إل حقا ول يؤذي قلبا ول يفرط فيه.
][236
][237
أقفال وجعل مفاتيح تلك القفال الشراب ،والكذب شر من الشراب ) .(1بيان :الشر
في الول صفة مشبهة وفي الثاني أفعل التفضيل ،والمراد بالشراب جميع
الشربة المسكرة ،وكان المراد بالقفال المور المانعة من ارتكاب الشرور
من العقل وما يتبعه ويستلزمه من الحياء من ال ومن الخلق والتفكر في
قبحها وعقوباتها ومفاسدها الدنيوية والخروية ،والشراب يزيل العقل،
وبزوالها ترتفع جميع تلك الموانع ،فتفتح جميع القفال ،وكأن المراد
بالكذب الذي هو شر من الشراب ،الكذب على ال وعلى حججه عليهم
السلم فانه تالى الكفر وتحليل الشربة المحرمة ثمرة من ثمرات هذا
الكذب فان المخالفين بمثل ذلك حللوها .وقيل :الوجه فيه أن الشرور
التابعة للشراب تصدر بل شعور ،بخلف الشرور التابعة للكذب وقد يقال:
الشر في الثاني أيضا صفة مشبهة و " من " تعليلة والمعنى أن الكذب
أيضا شر ينشأ من الشراب ،لئل ينافي ما سيأتي في كتاب الشربة أن
شرب الخمر أكبر الكبائر - 3 .كا :عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر ،عن حماد بن عثمان ،عن الحسن الصيقل
قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :إنا قد روينا عن أبي جعفر عليه
السلم في قول يوسف عليه السلم " :أيتها العير إنكم لسارقون " )(2
فقال :وال ما سرقوا وما كذب ،وقال إبراهيم " بل فعله كبيرهم هذا
فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " ) (3فقال :وال ما فعلوا وما كذب .قال :فقال
أبو عبد ال عليه السلم :ما عندكم فيها يا صيقل ؟ قال :قلت :ما عندنا
فيها إل التسليم ،قال :فقال :إن ال أحب اثنين وأبغض اثنين أحب الخطر
فيما بين الصفين وأحب الكذب في الصلح ،وأبغض الخطر في الطرقات،
وأبغض الكذب
) (1الكافي ج 2ص (2) .338يوسف (3) .70 :النبياء[*] .63 :
][238
في غير الصلح ،إن إبراهيم عليه السلم إنما قال " :بل فعله كبيرهم هذا " إرادة
الصلح ودللة على أنهم ل يعقلون ،وقال يوسف عليه السلم :إرادة
الصلح ) .(1بيان " :في قول يوسف عليه السلم " هذا لم يكن قول
يوسف عليه السلم وإنما كان قول مناديه ،ونسب إليه لوقوعه بأمره،
والعير بالكسر البل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة " ،وقال إبراهيم
عليه السلم " عطف على الجملة السابقة بتقدير روينا وقيل :قال :هنا
مصدر فان القال والقيل مصدران كالقول فهو عطف على " قول يوسف ".
" بل فعله كبيرهم " اريد بالكبير الكبير في الخلقة أو التعظيم ،قيل كانت
لهم سبعون صنما مصطفة ،وكان ثمة صنم عظيم مستقبل الباب من ذهب
في عينيه جوهرتان تضيئان بالليل ،ولعل إرجاع الضمير المذكر العاقل إلى
الصنام من باب التهكم أو باعتبار أنها تعقل وتفهم وتجيب بزعم عبادها.
وأما ضمير الجمع في قوله " وال ما فعلوا " فراجع إلى الكبير ،باعتبار
إرادة الجنس الشامل للتعدد ولو فرضا ،أو إلى الصنام للتنبيه على اشتراك
الجميع في عدم صلحية صدور ذلك الفعل منه ،وقيل :إنما أتى بالجمع
لمناسبة ما سرقوا أو مبنى على أن الفعل الصادر عن أحد من الجماعة قد
ينسب إلى الجميع نحو قوله تعالى " :فنادته الملئكة " ) (2بناء على أن
المنادي جبرئيل فقط ،وقيل :ويمكن أن يكون إرجاع ضمير " فاسئلوهم "
أيضا من هذا القبيل إذ لو كان المقصود نطق كل واحد في الزمان
المستقبل ،تكون زيادة " كانوا " في المضارع لغوا ،وإن كان العرض
النطق في الزمان الماضي ل يترتب عليه صحة السؤال ،إذ ل يلزم من
جواز نطقهم قبل الكسر جواز ذلك بعده " .أحب الخطر في ما بين الصفين
" في النهاية يقال خطر البعير بذنبه يخطر أذا رفعه وحطه إنما يفعل ذلك
عند الشبع والسمن ومنه حديث مرحب فخرج يخطر بسيفه يهزه معجبا
بنفسه متعرضا للمبارزة ،أو أنه كان يخطر في
][239
مشيته أي يتمايل ويمشي مشية المعجب ،وسيفه في يده أي كان يخطر سيفه معه.
" إرادة الصلح " لعل المراد إرادة إصلح حال قومه برجوعهم عن
عبادة الصنام ،وجه الدللة أن العاقل إذا تفكر في نسبة الكسر إليها وعلم
أنه ل يصح ذلك إل من ذي شعور عاقل قادر وعلم أن هذه الوصاف
منتفية منها وعلم أنها ل تقدر على دفع الستخفاف والضرر من أنفسها
علم أنها ليست بمستحقة لللوهية والعبادة ،ويكون ذلك داعيا إلى الرجوع
عنها ورفض العبادة لها .وللعلماء فيه وجوه اخرى :الول :أنه من
المعاريض التي يقصد بها الحق وإلزام الخصم وتبكيته فلم يكن قصده عليه
السلم أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم وإنما قصد أن يقرره لنفسه
على اسلوب تعريضي مع الستهزاء والتبكيت كما لو قال لك من ل يحسن
الخط فيما كتبته بخط رشيق :أنت كتبت ؟ فقلت :بل كتبته أنت ،كان قصدك
بهذا الجواب تقريره لك مع الستهزاء به ل نفيه عنك وإثباته لصاحبك
المي والتعريض مما يجوز عقل ونقل لمصلحة جلب نفع أو دفع ضرر أو
استهزاء في موضعه ونحوها .الثاني :أنه عليه السلم غاظته الصنام حين
رآها مصطفة مزينة ،وكان غيظ كبيرها أشد لما رأى من زياده تعظيمهم
وتوقيرهم له ،فأسند الفعل إليه ،لنه هو السبب في استهانته وكسره لها
والفعل كما يسند إلى المباشر يسند إلى السبب أيضا .الثالث :أن ذلك حكاية
لما يقود إليه مذهبهم كأنه قال :ما تنكرون أن يفعله كبيرهم فان من حق
من يعبد ويدعي إليه أن يقدر على أمثال هذه الفعال ل سيما الكبير الذي
يستنكف أن يعبد معه هذه الصغار .الرابع :ما وري عن الكسائي أنه كان
يقف عند قوله " :بل فعله " ثم يبتدئ " كبيرهم هذا " أي فعله من فعله
وهذا من باب التورية إذ له ظاهر وباطن ،وباطنه ما ذكر ،وظاهره إسناد
الفعل إلى الكبير ،وفهمهم تعلق به ومراده عليه السلم
][240
هو الباطن .الخامس :ما روي عن بعضهم أنه كان يقف عند قوله " :كبيرهم " ثم
يبتدئ بقول " :هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " وأراد بالكبير نفسه ،لن
النسان أكبر من كل صنم ،وهذا أيضا من باب التورية وقيل :إنه يتم بدون
الوقف أيضا بأن يكون هذا إشارة إلى نفسه المقدسة ،والمغايرة بين
المشير والمشار إليه كاف بحسب العتبار .السادس :إن في الكلم تقديما
وتأخيرا ،والتقدير بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فاسئلوهم فيكون
إضافة الفعل إلى كبيرهم مشروطا بكونهم ناطقين ،فلما لم يكونوا ناطقين
لم يكونوا فاعلين ،والغرض منه تسفيه القوم وتقريعهم وتوبيخهم لعبادة
من ل يسمع ول ينطق ول يقدر أن يخبر من نفسه بشئ .ويؤيده ما روي
في كتاب الحتجاج أنه سئل الصادق عليه السلم عن قول ال عزوجل في
قصة إبراهيم " :قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون "
قال :ما فعله كبيرهم ،وما كذب إبراهيم ،قيل :وكيف ذلك فقال :إنما قال:
إبراهيم فاسئلوهم إن كانوا ينطقون ان نطقوا فكبيرهم فعل ،وإن لم ينطقوا
فلم يفعل كبيرهم شيئا ،فما نطقوا وما كذب إبراهيم ) .(1وقال البيضاوي:
وما روي أن لبراهيم عليه السلم ثلث كذبات تسمية للمعاريض كذبا لما
شابهت صورتها صورته " .وقال يوسف عليه السلم إرادة الصلح "
كأن المراد الصلح بينه وبين إخوته في حبس أخيه بنيامين عنده،
وإلزامهم ذلك بحيث ل يكون لهم محل منازعة ولم يتيسر له ذلك إل
بأمرين :أحدهما نسبة السرقة وثانيهما التمسك بحكم آل يعقوب في
السارق ،وهو استرقاق السارق سنة ،وكان حكم ملك مصر أن يضرب
السارق ويغرم ما سرق ،فلم يتمكن من أخذ أخيه في دين الملك ،فلذلك أمر
فتيانه بأن يدسوا الصاع في رحل أخيه وأن ينسبوا السرقة إليه وأن
يستفتوا في
][241
جزاء السارق منهم " فقالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه " أي أخذ
السارق نفسه هو جزاؤه ل غير .فلما فتشوا وجدوا الصاع في رحل أخيه،
فأخذوا برقبته ،وحكموا برقيته ،ولم يبق لخوته محل منازعة في حبسه،
إل أن قالوا على سبيل التضرع واللتماس " :فخذ أحدنا مكانه إنا نريك
من المحسنين " ) (1فردهم بقوله " :معاذ ال أن نأخذ إل من وجدنا
متاعنا عنده إنا إذا لظالمون " قيل :أراد أنا إذا أخذنا غيره لظالمون في
مذهبكم لن استعباد غير من وجد الصاع في رحله ظلم عندكم ،أو أراد أن
ال أمرني وأوحى إلى أن آخذ بنيامين فلو أخذت غيره كنت عامل بخلف
الوحي ،وللعلماء أيضا وجوه اخرى :الول أن ذلك النداء لم يكن بأمره بل
نادوا من عند أنفسهم لنهم لما لم يجدوا الصاع غلب على ظنهم أنهم
أخذوه .الثاني :أنهم لم ينادوا أنكم سرقتم الصاع فلعل المراد أنكم سرقتم
يوسف من أبيه ،يدل عليه ما رواه الصدوق في العلل باسناده عن أبي عبد
ال عليه السلم أنه قال في تفسير هذه الية :إنهم سرقوا يوسف من أبيه
ال ترى أنهم حين قالوا :ماذا تفقدون ؟ قالوا :نفقد صواع الملك ،ولم
يقولوا :سرقتم صاع الملك ) .(2الثالث :لعل المراد من قولهم :إنكم
لسارقون الستفهام كما في قوله حكاية عن إبراهيم " :هذا ربي " )(3
وإن كان ظاهره الخبر وايد ذلك بأن في مصحف ابن مسعود " ءإنكم "
بالهمزتين .وقال بعض الفاضل :حاصل الجواب أن لكل من الصدق
والكذب معنيين أحدهما لغوي والخر عرفي ،فالول هو الموافق للواقع،
والمخالف للواقع والثاني الموافق للحق ،والمخالف للحق ،والمراد بالحق
رضا ال تعالى فكما
) (1يوسف (2) .78 :علل الشرائع ج 1ص (3) .49النعام[*] .76 :
][242
يمكن أن ل يكون الصادق اللغوي ،صادقا عرفيا كما قال تعالى " :فإذ لم يأتوا
بالشهداء فاولئك عند ال هم الكاذبون " ) (1فكذلك يمكن أن ل يكون
الكاذب اللغوي كاذبا عرفيا كما ذكره عليه السلم في هذا الخبر - 5 .كا:
عن علي ،عن أبيه ،عن صفوان ،عن أبي مخلد السراج ،عن عيسى بن
حسان ،قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :كل كذب مسؤل عنه
صاحبه يوما إل كذبا في ثلثة :رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه ،أو
رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا ،يريد بذلك الصلح ما
بينهما ،أو رجل وعد أهله شيئا وهو ل يريد أن يتم لهم ) .(2بيان :يوما
لعل البهام لحتمال أن يكون السؤال في القبر أو في القيامة ويحتمل الدنيا
أيضا فان للناس أن يعيروه بذلك " إل كذبا " المراد به الكذب اللغوي فهو
موضوع عنه أي إثمه مرفوع عنه ل يأثم عليه " .يلقى هذا بغير ما يلقي
به هذا " كأن يقول لكل منهما :التقصير منك وهو غير مقصر في حقك أو
يلقي كل منهما بكلم غير الكلم الذي سمع من الخر فيه من الشتم
وإظهار العداوة وهذا أنسب معنى ،والول لفظا .و " ما " في قوله " :ما
بينهما " موصولة وهو مفعول الصلح " أو رجل وعد أهله " فيه أن
الوعد من قبيل النشاء والصدق والكذب إنما يكونان في الخبر ولعله
باعتبار أنه يلزم إذا لم يف به أن يعتذر بما يتضمن الكذب ،كأن يقول:
نسيت أو لم يمكنني وأمثال ذلك ،باعتبار ما يستلزمه من الخبار ضمنا
بارادة الوفاء ،هذا بحسب ما هو أظهر عندي في الوعد لكن ظاهر أكثر
العلماء أنه من قبيل الخبر وسيأتي الكلم فيه في باب خلف الوعد .قال
الراغب :الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبل ،وعدا
كان أو غيره ،ول يكونان بالقصد الول إل في القول ،ول يكونان من القول
][243
إل في الخبر دون غيره من أصناف الكلم )الستفهام والمر والدعاء( ولذلك قال:
" ومن أصدق من ال قيل " ) " (1ومن أصدق من ال حديثا " )" (2
واذكر في الكتاب إسمعيل إنه كان صادق الوعد " ) (3وقد يكونان
بالعرض في غيره من أنواع الكلم كالستفهام والمر والدعاء ،وذلك نحو
قول القائل :أزيد في الدار فان في ضمنه إخبارا بكونه جاهل بحال زيد،
وكذا إذا قال :واسني في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة ،وإذا قال :ل
تؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه انتهى ) .(4ثم اعلم أن مضمون الحديث متفق
عليه بن الخاصة والعامة ،فروى الترمذي عن النبي صلى ال عليه وآله ل
يحل الكذب إل في ثلث :يحدث الرجل امرأته ليرضيها ،والكذب في
الحرب ،والكذب في الصطلح بين الناس ،وفي صحيح مسلم قال ابن
شهاب وهو أحد رواته :لم أسمع يرخص في شئ مما يقول الناس كذبا إل
في ثلث الحرب والصلح بين الناس وحديث الرجل امرأته ،وحديث
المرءة زوجها .قال عياض :ل خلف في جوازه في الثلث وإنما يجوز في
صورة ما يجوز منه فيها ،فأجاز قوم فيها صريح الكذب ،وأن يقول ما لم
يكن لما فيه من المصالح ويندفع فيها الفساد ،قالوا :وقد يجب لنجاة مسلم
من القتل ،وقال بعضهم :ل يجوز فيها التصريح بالكذب ،وإنما يجوز فيها
التورية بالمعاريض ،وهي شئ يخلص من المكروه والحرام إلى الجايز إما
لقصد الصلح بين الناس أو لدفع ما يضر أو لغير ذلك ،وتأول المروي
على ذلك وقال :مثل أن يعد زوجته أن يفعل لها ويحسن إليها ،ونيته إن
قدر ال تعالى ،أو يأتيها فهذا بلفظ محتمل وكلمة مشتركة تفهم من ذلك ما
يطيب قلبها وكذلك في الصلح بين الناس ينقل لهؤلء من هؤلء الكلم
المحتمل ،وكذلك في الحرب مثل أن يقول لعدوه :انحل حزام سرجك ويريد
فيما مضى ،ويقول لجيش عدوه :مات أميركم ،ليذعر قلوبهم
) (1النساء (2) .122 :النساء (3) .87 :مريم (4) .54 :مفردات غريب القرآن:
[*] .277
][244
ويعني النوم أو يقول لهم غدا يأتينا مدد ،وقد أعد قوما من عسكره ليأتوا في صورة
المدد ،أو يعني بالمدد الطعام ،فهذا نوع من الخدع الجايزة والمعاريض
المباحة .وقال القرطبي :لعل ما استند في منعه التصريح بقاعدة حرمة
الكذب وتأويله الحاديث بحملها على المعاريض ما يعضده دليل ،وأما
الكذب ليمنع مظلوما من الظلم عليه فلم يختلف فيه أحد من المم ل عرب
ول عجم ومن الكذب الذي يجوز بين الزوجين الخبار بالمحبة والغتباط،
وان كان كذبا لما فيه من الصلح ودوام اللفة - 6 .كا :عن محمد بن
يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن علي بن الحكم ،عن عبد ال بن يحيى
الكاهلي ،عن محمد بن مالك ،عن عبد العلى مولى آل سام قال :حدثني
أبو عبد ال عليه السلم بحديث فقلت له :جعلت فداك أليس زعمت لي
الساعة كذا وكذا ؟ فقال :ل ،فعظم ذلك علي فقلت :بلى وال زعمت ،فقال:
ل وال ما زعمته ،قال :فعظم علي فقلت :بلى وال قد قلته ،قال :نعم قد
قلته أما عملت أن كل زعم في القرآن كذب ) .(1بيان :في القاموس الزعم
مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد ،وأكثر ما يقال فيما يشك فيه
والزعمى الكذاب والصادق ،وزعمتني كذا ظننتني والتزعم التكذب وأمر
مزعم كمقعد ،ل يوثق به ،وفي النهاية فيه أنه ذكر أيوب عليه السلم
فقال :إذا كان مر برجلين يتزاعمان وقال الزمخشري :معناه أنهما
يتحادثان بالزعمات وهي ما ل يوثق به من الحاديث ،ومنه الحديث بئس
مطية الرجل زعموا ،معناه ان الرجل إذا أراد المسير إلى بلد والظعن في
حاجة ركب مطية حتى يقضي إربه ،فشبه ما يقدمه المتكلم أمام كلمه
ويتوصل به إلى غرضه من قوله :زعموا كذا وكذا ،بالمطية التي يتوسل
بها إلى الحاجة ،وإنما يقال :زعموا في حديث ل سند له ول ثبت فيه ،وإنما
يحكي عن اللسن على البلغ فذم من الحديث ما هذا سبيله ،والزعم بالضم
والفتح قريب من الظن.
][245
وقال في المصباح :زعم زعما من باب قتل وفي الزعم ثلث لغات فتح الزاي
للحجاز ،وضمها لسد ،وكسرها لبعض قيس ،ويطلق بمعنى القول ،ومنه
زعمت الحنيفية ،وزعم سيبويه أي قال ،وعليه قوله تعالى " :أو تسقط
السماء كما زعمت " ) (1أي كما أخبرت ،ويطلق على الظن يقال :في
زعمي كذا ،وعلى العتقاد ومنه قوله تعالى " :زعم الذين كفروا أن لن
يبعثوا " ) (2قال الزهري :وأكثر ما يكون الزعم فيما يشك فيه ،ول
يتحقق ،وقال بعضهم :هو كناية عن الكذب ،وقال المرزوقي :أكثر ما
يستعمل في ما كان باطل وفيه ارتياب وقال ابن القوطية :زعم زعما قال
خبرا ل يدري احق هو أو باطل ،قال الخطابي :ولذا قيل :زعم مطية الكذب،
وزعم من غير مزعم ،قال غير مقول صالح وادعى ما ل يمكن انتهى.
أقول :وإذا علمت ذلك ،ظهر لك أن الزعم إما حقيقة لغوية أو عرفية أو
شرعية في الكذب ،أو ما قيل بالظن أو بالوهم من غير علم وبصيرة،
فاسناده إلى من ل يكون قوله إل عن حقيقة ويقين ،ليس من دأب أصحاب
اليقين ،وإن كان مراده مطلق القول أو القول عن علم فغرضه عليه السلم
تأديبه وتعليمه آداب الخطاب مع ائمة الهدى وساير اولي اللباب ،واما
الحكم بكون ذلك كذبا وحراما فهو مشكل إذ غاية المر أن يكون مجازا ول
حجر فيه .وأما يمينه عليه السلم على عدم الزعم فهو صحيح لنه قصد
به الحقيقة أو المجاز الشايع وكأنه من التورية والمعاريض لمصلحة
التاديب أو تعليم جواز مثل ذلك للمصلحة فان المعبر في ذلك قصد المحق
في المتخاصمين كما ذكره الصحاب ،وكأنه لذلك ذكر المصنف رحمه ال )
(3الخبر في هذا الباب وإن كان مع قطع النظر عن ذلك له مناسبة خفية له
فتأمل .قوله عليه السلم " :إن كل زعم في القرآن كذب " أي أطلق في
مقام
) (1السراء (2) .92 :التغابن (3) .7 :يعني الكليني في الكافي باب الكذب[*] .
][246
إظهار كذب المخبر به ،فل ينافي ذلك قوله تعالى حاكيا عن المشركين " :أو تسقط
السماء كما زعمت علينا كسفا " فانهم أشاروا بقوله :زعمت إلى قوله
تعالى " :إن نشأ نخسف بهم الرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء " )
(1فان ما أشاروا إليه بقوله :زعمت ،حق لكنهم أوردوه في مقام التكذيب،
ويمكن ايضا تخصيصه بما ذكره ال من قبل نفسه سبحانه غير حاك من
غيره كما قال تعالى " :زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا " وقال سبحانه" :
بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا " ) (2وقال " :أين شركائي الذين كنتم
تزعمون " ) (3وقال " :قل ادعوا الذين زعمتم من دونه " ) - 7 .(4كا:
العدة .عن سهل بن زياد ،عن علي بن أسباط ،عن أبي إسحاق الخراساني،
قال :كان أمير المؤمنين عليه السلم يقول :إياكم والكذب فان كل راج
طالب ،وكل خائف هارب ) .(5بيان :فيه إما إرسال أو إضمار بأن يكون
ضمير قال راجعا إلى الصادق عليه السلم أو الرضا عليه السلم " إياكم
والكذب " أراد عليه السلم ل تكذبوا في ادعائكم الرجاء والخوف من ال
سبحانه ،وذلك لن كل راج طالب لما يرجو ساع في أسبابه وأنتم لستم
كذلك ،وكل خائف هارب مما يخاف منه مجتنب مما يقربه منه ،وأنتم لستم
كذلك .وهذا مثل قوله عليه السلم الذي رواه في نهج البلغة أنه عليه
السلم قال بعد كلم طويل لمدع كاذب انه يرجو ال :يدعي بزعمه انه
يرجو ال كذب والعظيم ،ما باله ل يتبين رجاؤه في عمله .وكل من رجا
عرف رجاؤه في عمله ،إل رجاء ال فانه مدخول ،وكل خوف محقق إل
خوف ال فانه معلول ،يرجو ال في الكبير ،ويرجو العباد في الصغير،
فيعطي العبد ما ل يعطي الرب ،فما بال ال جل ثناؤه يقصر به عما يصنع
لعباده ،أتخاف أن تكون
) (1سبأ (2) .9 :الكهف (3) .48 :النعام (4) .22 :اسرى (5) .56 :الكافي :ج 2
ص [*] .343
][247
في رجائك له كاذبا أو تكون ل تراه للرجاء موضعا ؟ وكذلك إن هو خاف عبدا من
عبيده أعطاه من خوفه ل يعطي ربه ،فجعل خوفه من العباد نقدا ،وخوفه
من خالقه ضمارا ووعدا ) .(1وقال بعضهم :حذر من الكذب على ال
وعلى رسوله وعلى غيرهما في ادعاء الدين مع ترك العمل به ،ورغب في
الصدق بأن الكذب ينافي اليمان ،وذلك لن الكاذب لم يطلب الثواب ،وكل
من لم يطلب الثواب فهو ليس براج بحكم المقدمة الولى ،ولم يهرب من
العقاب وكل من لم يهرب من العقاب فهو ليس بخائف بحكم المقدمة
الثانية ،ومن انتفى عنه الخوف والرجاء فهو ليس بمؤمن كما هو المقرر
عند اهل اليمان انتهى ،وارتكب انواع التكلف لقلة التتبع والمقصود ما
ذكرنا - 8 .كا :عن العدة ،عن البرقي ،عن أبيه .عمن ذكره ،عن محمد بن
عبد الرحمان ابن أبي ليلى ،عن أبيه .عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن
الكذب هو خراب اليمان ) .(2بيان :الحمل على المبالغة أي هو سبب
خراب اليمان وقد يقرء بتشديد الراء بصيغة المبالغة - 9 .كا :عن محمد
بن يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن علي بن الحكم عن أبان
الحمر ،عن فضيل بن يسار ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن أول من
يكذب الكذاب ال عزوجل ،ثم الملكان اللذان معه ،ثم هو يعلم أنه كاذب )
.(3بيان :لفظة ثم إما للترتيب الرتبي ويحتمل الزماني أيضا إذ علم ال
مقدم على إرادته أيضا ثم بالهام ال يعلم الملكان المقربان أو عند الرادة
تظهر منه رائحة خبيثة .يعلم الملكان قبحه وكذبه كما يظهر من بعض
الخبار ،ويمكن أن يكون
) (1نهج البلغة الرقم 158من الخطب (3 - 2) .الكافي ج 2ص [*] .339
][248
علم الملكين لمصاحبتهما له وعلمهما بأحواله ،بناء على عدم تبدلهما في كل يوم
كما هو ظاهر أكثر الخبار ،وأما تأخر علمه فلنه ما لم يتم الكلم ل يعلم
يقينا صدور الكذب منه - 10 .كا :عن علي بن الحكم )عن أبان( عن عمر
بن يزيد قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :إن الكذاب يهلك
بالبينات ويهلك أتباعه بالشبهات ) .(1بيان :اريد بالكذاب في هذا الحديث
إما مدعي الرياسة بغير حق ،وسبب هلكه بالبينات إفتاؤه بغير علم مع
علمه بجهله ،وسبب إهلك أتباعه بالشبهات تجويز كونه عالما وعدم
قطعهم بجهله ،فهم في شبهة من أمره أو من يضع الحديث ويبتدع في
الدين فهو يهلك نفسه بأمر يعلم كذبه ،وأتباعه يهلكون بالشبهة والجهالة
لحسن ظنهم به ،واحتمالهم صدقه ،والوجهان متقاربان - 11 .كا :عن
محمد بن يحيى .عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن ابن أبي نجران عن
معاوية بن وهب قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :إن آية الكذاب
بأن يخبرك خبر السماء والرض والمشرق والمغرب ،فإذا سألته عن حرام
ال وحلله لم يكن عنده شئ ) .(2بيان " :بأن يخبرك " كأن الباء زائدة
أو التقدير تعلم بأن يخبرك وإنما كان هذا آية الكذاب لنه لو كان علمه
بالوحي واللهام لكان أحرى بأن يعلم الحلل والحرام ،لن الحكيم العلم
يفيض على النام ما هم أحوج إليه من الحقائق والحكام ،وكذا لو كان
بالوراثة عن النبياء والوصياء عليهم السلم ولو كان بالكشف فعلى
تقدير إمكان حصوله لغير الحجج عليهم السلم فالعلم بحقائق الشياء على
ما هي عليه ل يحصل لحد إل بالتقوى وتهذيب السر من رذائل الخلق.
قال ال تعالى " :واتقوا ال ويعلمكم ال " ) (3ول يحصل التقوى إل
بالقتصار على الحلل
) (1الكافي :ج 2ص 339والسند معلق على سابقه (2) .الكافي ج 2ص ) .340
(3البقرة[*] .282 :
][249
والجتناب عن الحرام .ول يتيسر ذلك إل بالعلم بالحلل والحرام ،فمن أخبر عن
شئ من حقائق الشياء ولم يكن عنده معرفة بالحلل والحرام ،فهو ل
محالة كذاب يدعى ما ليس له - 12 .كا :عن علي ،عن أبيه .عن ابن أبي
عمير .عن منصور بن يونس ،عن أبي بصير قال :سمعت أبا عبد ال عليه
السلم يقول :إن الكذبة لتفطر الصائم ،قلت :وأينا ل يكون ذلك منه ؟ قال:
ليس حيث ذهبت إنما ذلك الكذب على ال وعلى رسوله وعلى الئمة
عليهم السلم ) .(1بيان :يدل على إن الكذب على ال وعلى رسوله وعلى
الئمة عليهم السلم يفسد الصوم كما ذهب إليه جماعة من الصحاب ،وهم
اختلفوا فقيل :يجب به القضاء والكفارة .وقيل :القضاء خاصة ،والمشهور
انه ل يفسد ،وان نقص به ثوابه وفضله ،وتضاعف به العذاب والعقاب.
- 13كا :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن بعض
أصحابه رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال :ذكر الحائك لبي عبد ال
عليه السلم أنه ملعون فقال :إنما ذلك الذي يحوك الكذب على ال وعلى
رسوله صلى ال عليه وآله ) .(2بيان :قوله " :أنه ملعون " بفتح الهمزة
بدل اشتمال للحائك ،ويحتمل أن يكون للحديث عنده عليه السلم موضوعا
ولم يمكنه إظهاره ذلك تقية ،فذكر له تأويل يوافق الحق ومثل ذلك في
الخبار كثير يعرف ذلك من اطلع على اسرار أخبارهم عليهم السلم
واستعارة الحياكة لوضع الحديث شايعة بين العرب والعجم - 14 .كا :عن
العدة ،عن أحمد بن أبي عبد ال ،عن أبيه ،عن القاسم بن عروة ،عن عبد
الحميد الطائي ،عن الصبغ بن نباته قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم
ل يجد عبد طعم اليمان حتى يترك الكذب هزله وجده ) (3بيان :وجدان
طعم اليمان كناية عن كماله ،وترتب الثمرات العظيمة عليه
) (3 - 1الكافي ج 2ص [*] .340
][250
ول يكون ذلك إل بوصوله درجة اليقين ،وصاحب اليقين المشاهد لمثوبات الخرة
وعقوباتها دائما ،ل يجترئ على شئ من المعاصي ،ل سيما الكذب الذى
هو من كبائرها - 15 .كا :عن علي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن عبد
الرحمن بن الحجاج قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :الكذاب هو الذي
يكذب في الشئ ؟ قال :ل ،ما من أحد إل يكون ذاك منه ،ولكن المطبوع
على الكذب ) .(1بيان " :المطبوع على الكذب " المجبول عليه ،بحيث
صار عادة له ول يتحرز عنه ول يبالي به ول يندم عليه ،ومن ل يكون
كذلك ل يصدق عليه الكذاب مطلقا فانه صيغة مبالغة أو المراد الكذاب الذي
يكتبه ال كذابا كما مر أو الكذاب الذي ينبغي أن يجتنب مواخاته كما سيأتي
وفيه إيماء إلى أن الكذب مطلقا ليس من الكبائر وفي القاموس طبع على
الشئ بالضم جبل - 16 .كا :عن العدة ،عن أحمد بن أبي عبد ال ،عن
الحسين بن طريف عن أبيه ،عمن ذكره ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :قال عيسى بن مريم صلوات ال عليه :من كثر كذبه ذهب بهاؤه ).(2
بيان :ذهب بهاؤه أي حسنه وجماله ووقره عند ال سبحانه وعند الخلق،
فان الخلق وإن لم يكونوا من أهل الملة يكرهون الكذب ويقبحونه
ويتنفرون من أهله - 17 .كا] :عنه[ عن عمرو بن عثمان ،عن محمد بن
سالم رفعه قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم ،ينبغي للرجل المسلم أن
يجتنب مواخاة الكذاب فانه يكذب حتى يجئ بالصدق فل يصدق ) .(3بيان:
" حتى يجئ بالصدق فل يصدق " الظاهر إنه على بناء المفعول من
التفعيل أي لكثرة ما ظهر لك من كذبه ل يمكنك تصديقه فيما يأتي به من
الصدق
][251
أيضا ،فل تنتفع بمواخاته ومصاحبته ،مع أنه جذاب لطبع الجليس إلى طبعه.
ويخطر بالبال أنه يحتمل أن يكون المراد به أن هذا الرجل المواخي يكذب
نقل عن الخ الكذاب لعتماده عليه ،ثم يظهر كذب ما أخبر به حتى ل
يعتمد الناس على صدقه أيضا كما ورد في الخبر كفى بالمرء كذبا أن
يحدث بكل ما يسمع ،وما سيأتي في البابين يؤيد المعنى الول ،وربما يقرء
" يصدق " على بناء المجرد أي إذا أخبر بصدق يغيره ويدخل فيه شيئا
يصير كذبا - 18 .كا :عنه عن ابن فضال ،عن إبراهيم بن محمد الشعري،
عن عبيد ابن زرارة قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :إن مما
أعان ال ]به[ على الكذابين النسيان ) .(1بيان " :إن مما أعان ال على
الكذابين " أي أضرهم به وفضحهم فان كثيرا ما يكذبون في خبر ثم
ينسون ويخبرون بما ينافيه ويكذبه فيفتضحون بذلك عند الخاصة والعامة،
قال الجوهري :في الدعاء رب أعني ول تعن علي - 19 .كا :عن محمد بن
يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن أبي يحيى الواسطي عن بعض
أصحابنا ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :الكلم ثلثة :صدق وكذب
وإصلح بين الناس ،قال :قيل له :جعلت فداك ما الصلح بين الناس ؟
قال :تسمع من الرجل كلما يبلغه فتخبث نفسه فتقول :سمعت من فلن قال
فيك من الخير كذا وكذا خلف ما سمعت منه ) .(2بيان " :تسمع من
الرجل كلما " كأن " من " بمعنى " في " كما في قوله تعالى " :إذا
نودي للصلوة من يوم الجمعة " ) (3أي فيه وكذا قالوا في قوله سبحانه:
" أروني ماذا خلقوا من الرض " ) (4أي في الرض ،ويحتمل أن يكون
تقدير الكلم تسمع من رجل كلما في حق رجل آخر يذمه به فيبلغ الرجل
الثاني ذلك
][252
الكلم فتخبث نفسه على الول أي يتغير عليه ويبغضه ،فتلقى الرجل الثاني فتقول
سمعت من الرجل الول فيك كذا وكذا من مدحه خلف ما سمعت منه من
ذمه والتكلف فيه من جهة إرجاع ضمير يبلغه إلى الرجل الثاني وهو غير
مذكور في الكلم ،لكنه معلوم بقرينة المقام .وهذا القول وإن كان كذبا لغة
وعرفا جايز لقصد الصلح بين الناس ،وكأنه ل خلف فيه عند أهل
السلم والظاهر أنه ل تورية ول تعريض فيه وإن أمكن أن يقصد تورية
بعيدة كأن ينوي أنه كان حقه أن يقول كذا ولو صافيته لقال فيك كذا لكنه
بعيد ،وقد اتفقت المة على أنه لو جاء ظالم ليقتل رجل مختفيا ليقتله ظلما
أو يطلب وديعة مؤمن ليأخذها غصبا وجب الخفاء على من علم ذلك ،فلو
أنكرها فطولب باليمين ظلما يجب عليه أن يحلف .لكن قالوا :إذا عرف
التورية بما يخرج به عن الكذب وجبت التورية ،كأن يقصد ليس عندي مال
يجب علي أداؤه إليك ،أو ل أعلم علما يلزمني الخبار به وأمثال ذلك.
وقالوا :إذا لم يعرفها وجب الحلف والكذب بغير تورية أيضا فإنه وإن كان
قبيحا إل أن إذهاب حق الدمي أشد قبحا من حق ال تعالى في الكذب أو
اليمين الكاذبة ،فيجب ارتكاب اخف الضررين ،ولن اليمين الكاذب عند
الضرورة مأذون فيه شرعا كمطلق الكذب النافع بخلف مال الغير ،فانه ل
يباح إذهابه بغير إذنه مع إمكان حفظه ،فأمثال هذا الكذب ليست بمذمومة
في نفس المر ،بل إما واجبة أو مندوبة ويدل الحديث على أن الكذب
شرعا إنما يطلق على ما كان مذموما ،فغير المذموم قسم ثالث من الكلم
يسمى إصلحا فهو واسطة بين الصدق والكذب - 20 .كا :عن الشعري:
عن محمد بن عبد الجبار ،عن الحجال ،عن ثعلبة ،عن معمر بن عمرو،
عن عطا ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :ل كذب على مصلح ثم تل " أيتها العير إنكم لسارقون " ) (1ثم قال:
وال ما سرقوا وما كذب
][253
ثم تل " بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " ) (1ثم قال :وال ما
فعلوه وما كذب ) .(2تكملة :قال بعض المحققين :اعلم أن الكذب ليس
حراما لعينه ،بل لما فيه من الضرر على المخاطب ،أو على غيره ،فان أقل
درجاته أن يعتقد المخبر الشئ على خلف ما هو به ،فيكون جاهل ،وقد
يتعلق به ضرر غيره ،ورب جهل فيه منفعة ومصلحة .فالكذب تحصيل
لذلك الجهل ،فيكون مأذونا فيه وربما كان واجبا كما لو كان في الصدق قتل
نفس بغير حق .فنقول :الكلم وسيلة إلى المقاصد ،فكل مقصود محمود
يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب ،جميعا فالكذب فيه حرام ،وإن أمكن
التوصل بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ،إن كان تحصيل ذلك
المقصود مباحا ،وواجب إن كان المقصود واجبا كما إن عصمة دم المسلم
واجبة .فمهما كان في الصدق سفك دم مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه
واجب ،ومهما كان ل يتم مقصود الحرب أو إصلح ذات البين أو استمالة
قلب المجني عليه إل بالكذب ،فالكذب مباح إل أنه ينبغي أن يحترز عنه ما
يمكن ،لنه إذا فتح على نفسه باب الكذب فيخشى أن يتداعى إلى ما
يستغني عنه ،وإلى ما لم يقتصر فيه على حد الواجب ومقدار الضرورة،
فكان الكذب حراما في الصل إل لضرورة .والذي يدل على الستثناء ما
روي عن ام كلثوم قال :ما سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يرخص
في شئ من الكذب إل في ثلث :الرجل يقول يريد الصلح والرجل يقول
القول في الحرب ،والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها .وقالت
أيضا :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ليس بكذاب من أصلح بين اثنين
) (1النبياء (2) .63 :الكافي ج 2ص .343وقوله " ثم تل " كلم الراوي،
والضمير راجع إلى الصادق عليه السلم ،أو كلم المام والضمير راجع
إلى الرسول صلى ال عليه وآله والول أظهر وقد مر مثله تحت الرقم 4
في حديث الصيقل ،منه رحمه ال[*] .
][254
فقال خيرا أو نما خيرا .وقالت أسماء بنت يزيد :إن رسول ال صلى ال عليه وآله
قال :كل الكذب يكتب على ابن آدم إل رجل كذب بين رجلين يصلح بينهما.
وروى عن أبي كاهل قال :وقع بين رجلين من أصحاب النبي صلى ال
عليه وآله كلم حتى تصادما فلقيت أحدهما فقلت :مالك ولفلن فقد سمعته
يحسن الثناء عليك ،ولقيت الخر فقلت له مثل ذلك حتى اصطلحا ثم قلت:
أهلكت نفسي وأصلحت بين هذين ،فاخبرت النبي صلى ال عليه وآله فقال:
يا أبا كاهل أصلح بين الناس ولو بالكذب .وقال عطاء بن يسار :قال رجل
للنبي :أكذب أهلي ؟ قال :ل خير في الكذب قال :أعدها وأقول لها ؟ قال :ل
جناح عليك .وعن النواس بن سمعان الكلبي قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :مالي أراكم تتهافتون في الكذب تهافت الفراش في النار ؟ كل
الكذب مكتوب كذبا ل محالة إل أن يكذب الرجل في الحرب فان الحرب
خدعة أو يكون بين رجلين شحناء فيصلح بينهما أو يحدث امرأته يرضيها.
وقال علي عليه السلم :إذا حدثتكم عن رسول ال صلى ال عليه وآله
فلن أخر من السماء أحب إلى من أن أكذب عليه ،وإذا حدثتكم فيما بيني
وبينكم فالحرب خدعة .فهذه الثلث ورد فيها صريح الستثناء ،وفي
معناها ما عداها إذا ارتبط به مقصود صحيح له أو لغيره ،أما ماله فمثل أن
ياخذه ظالم ويسأله عن ماله فله أن ينكر أو يأخذ السلطان فيسأله عن
فاحشة بينه وبين ال ارتكبها فله أن ينكرها ،ويقول ما زنيت ول شربت،
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من ارتكب شيئا من هذه القاذورات
فليستتر بستر ال ،وذلك لن إظهار الفاحشة فاحشة اخرى .فللرجل أن
يحفظ دمه وماله الذي يؤخذ ظلما وعرضه بلسانه وإن كان كاذبا .وأما
عرض غيره فبأن يسأل عن سر أخيه فله أن ينكره وأن يصلح بين ]اثنين
وأن يصلح بين[ الضرات من نسائه بأن يظهر لكل واحدة أنها أحب إليه،
أو كانت امرأته
][255
ل نطيعه إل بوعد ما ل يقدر عليه فيعدها الحال تطييبا لقلبها أو يعتذر إلى انسان
بالكذب وكان ل يطيب قلبه إل بانكار ذنب وزيادة تودد فل بأس به .ولكن
الحد فيه أن الكذب محذور .ولكن لو صدق في هذه المواضع تولد منه
محذور ،فينبغي أن يقابل أحدهما بالخر ،ويزن بالميزان القسط ،فإذا علم
أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعا في الشرع من الكذب ،فله
الكذب وإن كان ذلك المقصود أهون من مقصود الصدق فيجب الصدق ،وقد
يتقابل المران بحيث يتردد فيهما ،وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى ،لن
الكذب مباح بضرورة أو حاجة مهمة فإذا شك في كون الحاجة مهمة
فالصل التحريم فيرجع إليه .ولجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي
أن يحترز النسان من الكذب ما أمكنه ،وكذلك مهما كانت الحاجة له،
فيستحب أن يترك أغراضه ويهجر الكذب ،فأما إذا تعلق بغرض غيره .فل
يجوز المسامحة بحق الغير والضرار به وأكثر كذب الناس إنما هو
لحظوظ أنفسهم ،ثم هو لزيادات المال والجاه ولمور ليس فواتها محذورا
حتى أن المرأة ليحكي من زوجها ما تتفاخر به وتكذب لجل مراغمة
الضرات وذلك حرام .قالت أسماء :سمعت امرءة تسأل رسول ال صلى ال
عليه وآله قالت :إن لي ضرة وأنا أتكثر من زوجي بما ل يفعل اضارها
بذلك فهل لي فيه شئ ؟ فقال :المتشبع بما لم يعط كلبس ثوبي زور ،وقال
النبي صلى ال عليه وآله :من تطعم بما لم يطعم ،وقال لي وليس له،
واعطيت ولم يعط ،كان كلبس ثوبي زور يوم القيامة ،ويدخل في هذا
فتوى العالم بما ل يتحققه ،ورواية الحديث الذي ليس يثبت فيه ،إذ غرضه
أن يظهر فضل نفسه ،فهو لذلك يستنكف من أن يقول :ل أدري وهذا حرام
ومما يلتحق بالنساء الصبيان فان الصبي إذا كان ل رغبة له في المكتب إل
بوعد ووعيد وتخويف ،كان ذلك مباحا .نعم ،روينا في الخبار أن ذلك
يكتب كذبة ،ولكن الكذب المباح أيضا
][256
يكتب ويحاسب عليه ،ويطالب لتصحيح قصده فيه ،ثم يعفى عنه ،لنه إنما ابيح
بقصد الصلح ،ويتطرق إليه غرور كثيرة ،فانه قد يكون الباعث له حظه
وغرضه الذي هو مستغن عنه ،وإنما يتعلل ظاهرا بالصلح ،فلهذا يكتب.
وكل من أتى بكذبة فقد وقع في خطر الجتهاد ليعلم أن المقصود الذي كذب
له هل هو أهم في الشرع من الصدق أو ل ،وذلك غامض جدا ،فالحزم في
تركه إل أن يصير واجبا ل يجوز تركه كما يؤدي إلى سفك دم أو ارتكاب
معصية ،كيف كان .وقد ظن ظانون أنه يجوز وضع الخبار في فضائل
العمال وفي التشديد في المعاصي ،وزعموا أن القصد منه صحيح وهو
خطاء محض إذ قال صلى ال عليه وآله :من كذب علي متعمدا فليتبوء
مقعده من النار ،وهذا ل يترك إل لضرورة ،ول ضرورة ههنا .إذ في
الصدق مندوحة عن الكذب ،ففيما ورد من اليات والخبار كفاية عن
غيرها .وقول القائل :إن ذلك قد تكرر على السماع وسقط وقعها ،وما هو
جديد على السماع فوقعه أعظم فهذا هوس إذ ليس هذا من الغراض التي
تقاوم محذور الكذب على رسول ال صلى ال عليه وآله وعلى ال تعالى،
ويؤدي فتح بابه إلى امور تشوش الشريعة ]فل يقاوم خير هذا بشره
أصل ،فالكذب على رسول ال صلى ال عليه واله من الكبائر التي ل
يقاومها شئ .ثم قال (1) [:قد نقل عن السلف أن في المعاريض لمندوحة
عن الكذب وعن ابن عباس وغيره أما في المعاريض ما يغني الرجل عن
الكذب ،وإنما أرادوا من ذلك إذا أضطر النسان إلى الكذب ،فأما إذا لم يكن
حاجة وضرورة فل يجوز التعريض ول التصريح جميعا ،ولكن التعريض
أهون .ومثال المعاريض ما روي أن مطرفا دخل على زياد فاستبطاه فتعلل
بمرض فقال :ما رفعت جنبي منذ فارقت المير إل ما رفعني ال ،وقال
إبراهيم :إذا بلغ الرجل عنك
) (1ما بين العلمتين أضفناه من شرح الكافي ج 2ص [*] .329
][257
شئ فكرهت أن تكذب فقل إن ال ليعلم ما قلت من ذلك من شئ ،فيكون قوله " ما
" حرف النفي عند المستمع وعنده للبهام .وكان النخعي ل يقول لبنته
أشتري لك سكرا بل يقول أرايت لو اشتريت سكرا فانه ربما ل يتفق وكان
إبراهيم إذا طلبه في الدار من يكرهه قال للجارية :قولي له اطلبه في
المسجد ،وكان ل يقول ليس ههنا لئل يكون كاذبا ،وكان الشعبي إذا طلب
في البيت وهو يكرهه فيخط دائرة ويقول للجارية ضع الصبع فيها وقولي
ليس ههنا .وهذا كله في موضع الحاجة فأما مع عدم الحاجة فل ،لن هذا
تفهيم للكذب ،وإن لم يكن اللفظ كذبا ،وهو مكروه على الجملة ،كما روي
عن عبد ال ابن عتبة قال :دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز
فخرجت وعلي ثوب فجعل الناس يقولون :هذا كساء أمير المؤمنين ! فكنت
أقول جزى ال أمير المؤمنين خيرا ،فقال لي يا بني اتق الكذب إياك
والكذب وما أشبهه فنهاه عن ذلك لن فيه تقريرا لهم على ظن كاذب لجل
غرض المفاخرة .وهو غرض باطل ،فل فائدة فيه .نعم المعاريض مباح
لغرض خفيف كتطييب قلب الغير بالمزاح كقوله صلى ال عليه وآله ل
تدخل الجنة عجوز ،وفي عين زوجك بياض ،ونحملك على ولد البعير .وأما
الكذب الصريح فكما يعتاده الناس من مداعبة الحمقى بتغريرهم بأن امرأة
قد رغبت في تزويجك ،فان كان فيه ضرر يؤديه إلى إيذاء قلب فهو حرام،
وإن لم يكن إل مطايبة فل يوصف صاحبها بالفسق ،ولكن ينقص ذلك من
درجة إيمانه ،وقال رسول ال صلى ال عليه وآله :ل يستكمل المرء
اليمان حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه وحتى يجتنب الكذب في مزاحه.
وأما قوله صلى ال عليه وآله إن الرجل يتكلم بالكلمة يضحك بها الناس
يهوي بها أبعد من الثريا أراد به ما فيه غيبة مسلم أو إيذاء قلب ،دون
محض المزاح .ومن الكذب الذي ل يوجب الفسق ما جرت به العادة في
المبالغة كقوله قلت
][258
لك كذا مائة مرة ،وطلبتك مائة مرة ،فانه ل يراد بها تفهيم المرات بعددها ،بل تفهيم
المبالغة ،فان لم يكن طلب إل مرة واحدة كان كاذبا وإن طلب مرات ل يعتاد
مثلها في الكثرة ،فل يأثم ،وإن لم يبلغ مائة ،وبينهما درجات يتعرض
مطلق اللسان بالمبالغة فيها لخطر الكذب .وربما يعتاد الكذب فيه ويتساهل
به أن يقال كل الطعام لحد فيقول :ل أشتهيه وذلك منهي عنه ،وهو حرام،
إن لم يكن فيه غرض صحيح قال مجاهد :قالت أسماء بنت عميس :كنت
صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول ال صلى ال عليه وآله
ومعي نسوة قال :فوال ما وجدنا عنده قوتا إل قدحا من لبن فشرب ثم
ناوله عائشة قالت :فاستحييت الجارية فقلت :ل تردين يد رسول ال خذي
منه ،قالت :فأخذته على حياء فشربت منه ثم قال :ناولي صواحبك فقلن :ل
نشتهيه ،فقال :ل تجمعن جوعا وكذبا قالت :فقلت :يا رسول ال إن قالت
أحدنا لشئ يشتهيه :ل نشتهيه أيعد ذلك كذبا ؟ قال :إن الكذب ليكتب حتى
يكتب الكذيبة كذيبة .وقد كان أهل الورع يحترزون عن التسامح بمثل هذا
الكذب ،قال الليث ابن سعد :كانت ترمص عينا سعيد بن المسيب حتى يبلغ
الرمص خارج عينيه فيقال له :لو مسحت هذا الرمص فيقول :فاين قول
الطبيب وهو يقول لي :ل تمس عينيك فأقول :ل أفعل ،وهذه من مراقبة
أهل الورع ،ومن تركه انسل لسانه عن اختياره فيكذب ول يشعر .وعن
خوات التيمي قال :قد جاءت اخت الربيع بن خثيم عائدة إلى بني لي فانكبت
عليه فقالت :كيف أنت يا بني ،فجلس الربيع فقال :أرضعته ؟ فقالت ل،
قال :ما عليك لو قلت يا ابن أخي فصدقت .ومن العادة أن يقول " يعلم ال
" فيما ل يعلمه قال عيسى :إن من أعظم الذنوب عند ال أن يقول العبد إن
ال يعلم لما ل يعلم ،وربما يكذب في حكاية المنام والثم فيه عظيم ،قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :إن من أعظم الفري أن يدعي الرجل إلى
غير أبيه أو يرى عينيه في المنام ما لم تريا أو يقول علي ما لم أقل ،وقال
صلى ال عليه وآله :من
][259
كذب في حلمه كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعرتين - 21 .لي :عن الصادق عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أقل الناس مروة من كان
كاذبا ) .(1أقول :قد مضى بعض الخبار في باب جوامع المكارم ،وبعضها
في باب العدالة - 22 .لي :عن ابن مسرور ،عن ابن عامر ،عن عمه ،عن
محمد بن سنان ،عن طلحة بن زيد ،عن الصادق عليه السلم عن آبائه
عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله كثرة المزاح تذهب
بماء الوجه ،وكثرة الضحك يمحو اليمان ،وكثرة الكذب تذهب بالبهاء )
- 23 .(2لي :قال أمير المؤمنين عليه السلم :ل سوء أسوء من الكذب )
- 24 .(3لي :العطار :عن أبيه ،عن ابن يزيد ،عن القندي ،عن أبي وكيع،
عن أبي إسحاق السبيعي ،عن الحارث العور ،عن علي عليه السلم قال:
ل يصلح من الكذب جد ول هزل ،ول أن يعد أحدكم صبيته ثم ل يفي له ،إن
الكذب يهدي إلى الفجور ،والفجور يهدي إلى النار ،وما يزال أحدكم يكذب
حتى يقال كذب وفجر ،وما يزال أحدكم يكذب حتى ل يبقى في قلبه موضع
أبرة صدق ،فيسمى عند ال كذابا ) - 25 .(4لي :عن الصادق عليه السلم
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :شر الرواية رواية الكذب ).(5
- 26لي :عن أبيه ،عن سعد ،عن أبي هاشم ،عن الدهقان ،عن درست،
عن
) (1أمالي الصدوق ص (2) .14أمالي الصدق (3) .163 :أمالي الصدوق ص
(4) .193أمالي الصدوق ص (5) .252أمالي الصدوق ص [*] .292
][260
عبد ال بن سنان قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :ل تمزح فيذهب نورك ،ول
تكذب فيذهب بهاؤك ،وإياك وخصلتين الضجر والكسل ،فانك إن ضجرت لم
تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا .قال :وكان المسيح عليه السلم
يقول :من كثر همه سقم بدنه ،ومن ساء خلقه عذب نفسه .ومن كثر كلمه
كثر سقطه ،ومن كثر كذبه ذهب بهاؤه ،ومن لحا الرجال ذهبت مروته )
- 27 .(1ع ) (2ما :عن أمير المؤمنين عليه السلم أل فاصدقوا فان ال
مع الصادقين وجانبوا الكذب فان الكذب مجانب اليمان ،أل وإن الصادق
على شفا منجاة و كرامة أل وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة )- 28 .(3
ما :عن المفيد ،عن ابن قولويه ،عن محمد بن همام ،عن أحمد بن إدريس
عن ابن عيسى ،عن الحسن بن سعيد ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن
سالم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن فيمن ينتحل هذا المر لمن
يكذب حتى يحتاج الشيطان إلى كذبه ) - 29 .(4ع :عن ابن الوليد ،عن
الصفار ،عن هارون بن مسلم ،عن علي بن الحكم ،عن حسين بن الحسن
الكندي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم
بها صلة الليل ،فإذا حرم صلة الليل حرم بها الرزق ) - 30 .(5مع :عن
أبيه ،عن سعد ،عن أحمد بن محمد ،عن ابن فضال ،رفعه إلى أبي جعفر
عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن لبليس كحل
ولعوقا وسعوطا فكحله النعاس ،ولعوقه الكذب ،وسعوطه الكبر ).(6
][261
- 31ل :عن أبيه ،عن علي ،عن أبيه ،عن ابن مرار ،عن يونس رفعه إلى أبي عبد
ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :يا علي أنهاك
عن ثلث خصال عظام الحسد والحرص والكذب ) - 32 .(1ل :عن الخليل:
عن أبي العباس السراج ،عن قتيبة ،عن قرعة ،عن إسماعيل بن أسيد،
عن جبلة الفريقي أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال :أنا زعيم ببيت
في ربض الجنة ،وبيت في وسط الجنة ،وبيت في أعل الجنة ،لمن ترك
المراء وإن كان محقا ولمن ترك الكذب وإن كان هازل ،ولمن حسن خلقه )
- 33 .(2ل :عن سفيان الثوري قال :قال الصادق عليه السلم :يا سفيان
ل مروة لكذوب .ول أخ لملوك ،ول راحة لحسود ،ول سؤدد لسيئ الخلق )
- 34 .(3ل :عن العسكري ،عن محمد بن موسى بن وليد ،عن يحيى بن
حاتم ،عن يزيد بن هارون ،عن شعبة ،عن العمش ،عن عبد ال بن مرة.
عن مسروق ،عن عبد ال بن مسعود ،عن النبي صلى ال عليه وآله قال:
أربع من كن فيه فهو منافق ،وإن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة
من النفاق حتى يدعها :من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف ،وإذا عاهد
غدر ،وإذا خاصم فجر ) - 35 (4ل :عن الصادق عليه السلم قال :ليس
لكذاب مروة ) - 36 .(5ل :عن أمير المؤمنين عليه السلم قال :إعتياد
الكذب يورث الفقر ) - 37 .(6ل :عن أمير المؤمنين عليه السلم قال:
الصدق أمانة ،والكذب خيانة ) - 38 .(7ثو :عن جعفر ،عن أبيه علي ]عن
الحسين[ ،عن أبيه الحسن بن المغيرة ،عن
) (1الخصال ج 1ص (2) .62الخصال ج 1ص (3) .70الخصال ج 1ص ،80
ول اخاء لمملوك خ (4) .الخصال ج 2ص (5) .121الخصال ج 1ص
(7 - 6) .8الخصال ج 2ص [*] .94
][262
عثمان ابن عيسى ،عن ابن مسكان ،عمن رواه ،عن أبي عبد ال عليه السلم،
قال :إن ال عز وجل جعل للشر أقفال ،وجعل مفاتيح تلك القفال الشراب
وأشر من الشراب الكذب ) - 39 .(1س :في رواية أبي بصير قال :سمعت
أبا عبد ال عليه السلم يقول :إن العبد ليكذب حتى يكتب من الكذابين وإذا
كذب قال ال :كذب وفجر ) - 40 .(2سن :عن معمر بن خلد ،عن الرضا
عليه السلم ،قال سئل رسول ال صلى ال عليه وآله يكون المؤمن جبانا ؟
قال :نعم ،قيل :ويكون بخيل ؟ قال :نعم ،قيل :ويكون كذابا ؟ قال :ل ).(3
- 41سن :في رواية الصبغ بن نباتة قال :قال علي عليه السلم :ل يجد
عبد حقيقة اليمان حتى يدع الكذب جده وهزله ) - 42 .(4سن :في رواية
الفضيل بن يسار ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :أول من يكذب الكاذب
ال عزوجل :ثم الملكان اللذان معه .ثم هو يعلم أنه كاذب ) - 43 .(5ضا:
روي أن رجل أتى سيدنا رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :يا رسول ال
علمني خلقا يجمع لي خير الدنيا والخرة ،فقال :ل تكذب ،فقال الرجل:
فكنت على حالة يكرهها ال فتركتها خوفا من أن يسألني سائل عملت كذا
وكذا فأفتضح أو أكذب فأكون قد خالفت رسول ال صلى ال عليه وآله فيما
حملني عليه - 44 .شى :عن العباس بن هلل ،عن أبي الحسن الرضا
عليه السلم أنه ذكر رجل كذابا ثم قال :قال ال " :إنما يفتري الكذب الذين
ل يؤمنون " ) - 45 .(6ختص :قال النبي صلى ال عليه وآله :ل يكذب
الكاذب إل من مهانة نفسه وأصل السخرية الطمأنينة إلى أهل الكذب ).(7
][263
- 46الدرة الباهرة :عن أبي محمد العسكري عليه السلم قال :جعلت الخبائث في
بيت وجعل مفتاحه الكذب - 47 .دعوات الراوندي :قال النبي صلى ال
عليه وآله :أربا الربا الكذب ،وقال رجل له صلى ال عليه وآله :المؤمن
يزني ؟ قال :قد يكون ذلك ،قال :المؤمن يسرق ؟ قال صلى ال عليه وآله:
قد يكون ذلك ؟ قال :يا رسول ال المؤمن يكذب ؟ قال :ل ،قال ال تعالى:
" إنما يفترى الكذب الذين ل يؤمنون " ) - 48 .(1جع :قال عليه السلم:
إياكم والكذب ،فان الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار .عن
عبد الرزاق ،عن نعمان ،عن قتادة ،عن أنس قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :المؤمن إذا كذب من غير عذر لعنه سبعون ألف ملك وخرج من
قلبه نتن حتى يبلغ العرش ويلعنه حملة العرش وكتب ال عليه لتلك الكذبة
سبعين زنية أهونها كمن يزني مع امه .وقال الصادق عليه السلم :الكذب
مذموم إل في أمرين :دفع شر الظلمة ،وإصلح ذات البين .قال موسى
عليه السلم :يا رب أي عبادك خير عمل ؟ قال :من لم يكذب لسانه ول
يفجر قلبه .ول يزني فرجه .وقال المام الزكي العسكري عليه السلم:
جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب ).(2
][264
)) * (115باب( * * " )استماع اللغو والكذب والباطل والقصة( " * اليات:
المائدة :ومن الذين هادوا سماعون للكذب ) .(1مريم :ل يسمعون فيها
لغوا إل سلما ) .(2المؤمنون :والذينهم عن اللغو معرضون ) .(3الفرقان:
والذين ل يشهدون الزور * وإذا مروا باللغو مروا كراما ) .(4القصص:
وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلم عليكم
ل نبتغي الجاهلين ) .(5لقمان :ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل
عن سبيل ال بغير علم ويتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين ) .(6المدثر:
وكنا نخوض مع الخائضين ) .(7النبأ :ل يسمعون فيها لغوا ول كذابا ).(8
- 1عد :ذكر القصاصون عند الصادق عليه السلم فقال :لعنهم ال إنهم
يشيعون علينا وسئل الصادق عليه السلم عن القصاص أيحل الستماع
لهم ؟ فقال :ل ،وقال عليه السلم :من أصغى إلى ناطق فقد عبده ،فان كان
الناطق عن ال فقد عبد ال وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.
وسئل الصادق عليه السلم عن قول ال تعالى " :والشعراء يتبعهم
الغاوون " )(9
) (1المائدة (2) .41 :مريم (3) .62 :المؤمنون (4) .3 :الفرقان(5) .72 :
القصص (6) .55 :لقمان (7) .6 :المدثر (8) .45 :النبأ(9) .35 :
الشعراء.224 :
][265
قال :هم القصاص .وقال النبي صلى ال عليه وآله :من أتى ذا بدعة فوقره فقد
سعى في هدم السلم ) .(1أقول :ويلوح من سوق كلم الصدوق في كتاب
عقايده المشار إليه أنه قد حمل الخبر الخير على معنى يشمل حكاية حال
القصاصين أيضا ولكن ل دللة في هذا الخبر عليه ،فتأمل - 2 .ذكر
القصاصون وساق الحديث إلى قوله :قال :هم القصاص ) - 3 .(2كا :عن
علي ،عن أبيه .عن أبي عمير ،عن هشام بن سالم ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :قال :إن أمير المؤمنين عليه السلم رأى قاصا في المسجد
فضربه ]بالدرة[ وطرده ) .(3التهذيب :باسناده عن علي بن إبراهيم مثله )
) * (116) .(4باب الرياء( * اليات :البقرة :كالذي ينفق ماله رئاء الناس
) .(5النساء :والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ) .(6وقال تعالى في
وصف المنافقين :يراؤن الناس ) .(7وقال تعالى :ول تكونوا كالذين
خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل ال وال بما
يعملون محيط ) .(8الماعون :الذينهم يرائون ويمنعون الماعون ).(9
) (1العقائد ،115 :وترى الحديث الخير في الفقيه ج 3ص (3) .(2) .375الكافي
ج 7ص (4) .263التهذيب ج 2ص (5) .486البقرة(6) .264 :
النساء (7) .38 :النساء (8) .142 :النفال (9) .47 :الماعون.7 - 6 :
]*[
][266
- 1كا :عن عدة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،عن جعفر بن محمد الشعري عن
ابن القداح ،عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال لعباد بن
كثير البصري في المسجد :ويلك يا عباد إياك والرياء فانه من عمل لغير
ال وكله ال إلى من عمل له ) .(1بيان " :وكله ال إلى من عمل له " أي
في الخرة كما سيأتي أو العم منها ومن الدنيا وقيل :وكل ذلك العمل إلى
الغير ول يقبله أصل وقد روي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال :إن
أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر .قيل :وما الشرك الصغر يا رسول
ال ؟ قال :الرياء ،قال :يقول ال عزوجل يوم القيامة إذا جازى العباد
بأعمالهم :إذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا ،هل تجدون عندهم ثواب
أعمالكم .وقال بعض المحققين :علم أن الرياء مشتق من الرؤية ،والسمعة
مشتق من السماع ،وإنما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس
باراءتهم خصال الخير ،إل أن الجاه والمنزلة يطلب في القلب بأعمال سوى
العبادات ويطلب بالعبادات ،واسم الرياء مخصوص بحكم العادة بطلب
المنزلة في القلوب بالعبادات وإظهارها فحد الرياء هو إرادة المنزلة بطاعة
ال تعالى فالمرائي هو العابد ،والمرائي هو الناس المطلوب رؤيتهم لطلب
المنزلة في قلوبهم والمرائي به هو الخصال التي قصد المرائي إظهارها،
والرياء هو قصد إظهار ذلك ،والمرائي به كثيرة ويجمعها خمسة أقسام
وهي مجامع ما يتزين العبد به للناس .وهو البدن والزي والقول والعمل
والتباع والشياء الخارجة .ولذلك أهل الدنيا يراؤن بهذه السباب الخمسة
إل أن طلب الجاه وقصد الرياء بأعمال ليست من جملة الطاعات أهون من
الرياء بالطاعات .و ]الول[ الرياء في الدين من جهة البدن ،وذلك باظهار
النحول والصفار ليوهم بذلك شدة الجتهاد ،وعظم الحزن على أمر الدين،
وغلبة خوف الخرة ،وليدل
][267
بالنحول على قلة الكل ،وبالصفار على سهر الليل وكثرة الرق في الدين وكذلك
يرائي بتشعث الشعر ليدل به على استغراق الهم بالدين ،وعدم التفرغ
لتسريح الشعر ،ويقرب من هذا خفض الصوت وإغارة العينين وذبول
الشفتين فهذه مرائاة أهل الدين في البدن .وأما أهل الدنيا فيراؤن باظهار
السمن وصفاء اللون واعتدال القامة وحسن الوجه ونظافة البدن وقوة
العضاء .وثانيها الرئاء بالزي والهيئة ،أما الهيئة فتشعث شعر الرأس،
وحلق الشارب وإطراق الرأس في المشي والهدو في الحركة ،وإبقاء أثر
السجود على الوجه ،وغلظ الثياب ولبس الصوف وتشميرها إلى قريب من
نصف الساق ،وتقصير الكمام ،وترك تنظيف الثوب وتركه مخرقا كل ذلك
يرائي به ليظهر من نفسه أنه يتبع السنة فيه ومقتد فيه بعباد ال
الصالحين .وأما أهل الدنيا فمرائاتهم بالثياب النفيسة ،والمراكب الرفيعة،
وأنواع التوسع والتجمل .الثالث :الرياء بالقول ورياء أهل الدين بالوعظ
والتذكير والنطق بالحكمة وحفظ الخبار والثار لجل الستعمال في
المحاورة إظهارا لغزارة العلم ،ولدللته على شدة العناية بأقوال السلف
الصالحين ،وتحريك الشفتين بالذكر في محضر الناس ،والمر بالمعروف
والنهي عن المنكر بمشهد الخلق ،وإظهار الغضب للمنكرات وإظهار
السف على مقارفة الناس بالمعاصي وتضعيف الصوت في الكلم .وأما
أهل الدنيا فمرائاتهم بالقول بحفظ المثال والشعار والتفاصح في
العبارات ،وحفظ النحو الغريب للغراب على أهل الفضل وإظهار التودد
إلى الناس لستمالة القلوب .الرابع :الرياء في العمل كمراءات المصلي
بطول القيام ومده وتطويل الركوع والسجود وإطراق الرأس وترك اللتفات
وإظهار الهدو والسكون ،وتسوية القدمين واليدين ،وكذلك بالصوم وبالحج
وبالصدقة وباطعام الطعام وبالخبات
][268
بالشئ عند اللقاء كارخاء الجفون وتنكيس الرأس والوقار في الكلم حتى أن
المرائي قد يسرع في المشي إلى حاجته فإذا اطلع عليه واحد من أهل
الدين رجع إلى الوقار وإطراق الرأس خوفا من أن ينسبه إلى العجلة وقلة
الوقار ،فان غاب الرجل عاد إلى عجلته فإذا رآه عاد إلى خشوعه ،ومنهم
من يستحيي أن يخالف مشيته في الخلوة لمشيته بمرئي من الناس ،فيكلف
نفسه المشية الحسنة في الخلوة ،حتى إذا رآه الناس لم يفتقر إلى التغيير
ويظن أنه تخلص به من الرياء وقد تضاعف به رياؤه فانه صار في
خلواته أيضا مرائيا .وأما أهل الدنيا فمرائاتهم بالتبختر والختيال ،وتحريك
اليدين ،وتقريب الخطا ،والخذ باطراف الذيل وادارة العطفين ليدلوا بذلك
على الجاه والحشمة .الخامس :المراءاة بالصحاب والزائرين والمخالطين
كالذي يتكلف أن يزور عالما من العلماء ليقال إن فلنا قد زار فلنا أو
عابدا من العباد لذلك أو ملكا من الملوك وأشباهه ليقال إنهم يتبركون به،
وكالذي يكثر ذكر الشيوخ ليرى أنه لقي شيوخا كثيرا واستفاد منهم فيباهي
بشيوخه ومنهم من يريد انتشار الصيت في البلد لتكثر الرحلة إليه ،ومنهم
من يريد الشتهار عند الملوك لتقبل شفاعته ومنهم من يقصد التوصل
بذلك إلى جمع حطام وكسب مال ولو من الوقاف وأموال اليتامى وغير
ذلك .وأما حكم الرياء فهل هو حرام أو مكروه أو مباح أو فيه تفصيل
فأقول :فيه تفصيل ،فان الرياء هو طلب الجاه .وهو إما أن يكون بالعبادات
أو بغير العبادات ،فان كان بغير العبادات فهو كطلب المال فل يحرم من
حيث أنه طلب منزلة في قلوب العباد ،ولكن كما يمكن كسب المال بتلبيسات
وأسباب محظورة ،فكذلك الجاه وكما أن كسب قليل من المال وهو ما
يحتاج إليه النسان محمود فكسب قليل من الجاه وهو ما يسلم به عن
الفات محمود وهو الذي طلبه يوسف عليه السلم حيث قال " :إني حفيظ
عليم " ) (1وكما أن المال فيه سم ناقع وترياق نافع ،فكذلك الجاه.
][269
وأما إنصراف الهم إلى سعة الجاه فهو مبدأ الشرور كانصراف الهم إلى كثرة المال،
ول يقدر محب الجاه والمال على ترك معاصي القلب واللسان وغيرها.
وأما سعة الجاه من غير حرص منك على طلبه ،ومن غير اهتمام بزواله
إن زال فل ضرر فيه ،فل جاه أوسع من جاه رسول ال صلى ال عليه
وآله ومن بعده من علماء الدين ولكن انصراف الهم إلى طلب الجاه نقصان
في الدين ،ول يوصف بالتحريم .وبالجملة المراءات بما ليس هو من
العبادات قد يكون مباحا وقد يكون طاعة .وقد يكون مذموما ،وذلك بحسب
الغرض المطلوب به ،وأما العبادات كالصدقة والصلة والغزو والحج،
فللمرائي فيه حالتان إحداهما أن ل يكون له قصد إل الرياء المحض دون
الجر ،وهذا يبطل عبادته لن العمال بالنيات وهذا ليس يقصد العبادة ،ثم
ل يقتصر على إحباط عبادته ،حتى يقال :صار كما كان قبل العبادة ،بل
يعصي بذلك ويأثم ،لما دلت عليه الخبار واليات .والمعنى فيه أمران
أحدهما يتعلق بالعبادة ،وهو التلبيس والمكر لنه خيل إليهم أنه مخلص
مطيع ل ،وأنه من أهل الدين وليس كذلك ،والتلبيس في أمر الدنيا أيضا
حرام حتى لو قضى دين جماعة وخيل إلى الناس أنه متبرع عليهم ليعتقدوا
سخاوته أثم بذلك ،لما فيه من التلبيس وتملك القلوب بالخداع والمكر.
والثاني يتعلق بال وهو أنه مهما قصد بعبادة ال خلق ال فهو مستهزئ
بال ،فهذا من كبائر المهلكات ،ولهذا سماه رسول ال صلى ال عليه وآله
الشرك الصغر فلو لم يكن في الرياء إل أنه يسجد ويركع لغير ال ،لكان
فيه كفاية ،فانه إذا لم يقصد التقرب إلى ال فقد قصد غير ال ،لعمري لو
قصد غير ال بالسجود لكفر كفرا جليا إل أن الرياء هو الكفر الخفي .واعلم
أن بعض أبواب الرياء أشد وأغلظ من بعض ،واختلفه باختلف أركانه
وتفاوت الدرجات فيه ،وأركانه ثلثة :المرائا به والمرائا ]له[ ،ونفس قصد
الرياء .الركن الول :نفس قصد الرياء ،وذلك ل يخلو إما أن يكون مجردا
][270
دون إرادة ال والثواب ،وإما أن يكون مع إرادة الثواب فان كان كذلك فل يخلو إما
أن يكون إرادة الثواب أقوى وأغلب أو أضعف أو مساويا لراءة العباد،
فيكون الدرجات أربعا .الولى :وهي أغلظها أن ل يكون مراده الثواب أصل
كالذي يصلي بين أظهر الناس ولو انفرد لكان ل يصلي ،فهذه الدرجة العليا
من الرياء .الثانية أن يكون له قصد الثواب أيضا ولكن قصدا ضعيفا بحيث
لو كان في الخلوة لكان ل يفعله ول يحمله ذلك القصد على العمل .ولو لم
يكن الثواب لكان قصد الرياء يحمله على العمل .فهذا قريب مما قبله.
الثالثة أن يكون قصد الرياء وقصد الثواب متساويين بحيث لو كان كل
واحد خاليا عن الخر لم يبعثه على العمل ،فلما اجتمعا انبعثت الرغبة فكان
كل واحد لو انفرد ل يستقل بحمله على العمل ،فهذا قد أفسد مثل ما أصلح
فنرجو أن يسلم رأسا برأس ل له ول عليه ،أو يكون له من الثواب مثل ما
عليه من العقاب ،وظواهر الخبار تدل على أنه ل يسلم .الرابعة أن يكون
اطلع الناس مرجحا ومقويا لنشاطه ،ولو لم يكن لكان ل يترك العبادة،
ولو كان قصد الرياء وحده لما أقدم والذي نظنه والعلم عند ال أنه ل يحبط
أصل الثواب ولكنه ينقص منه أو يعاقب على مقدار قصد الرياء ،ويثاب
على مقدار قصد الثواب .وأما قوله تعالى :أنا أغنى الغنياء عن الشرك،
فهو محمول على ما إذا تساوى القصدان أو كان قصد الرياء أرجح .الركن
الثاني :المرائا به ،وهي الطاعات وذلك ينقسم إلى الرياء باصول العبادات
وإلى الرياء بأوصافها .القسم الول :وهو الغلظ الرياء بالصول وهو
على ثلث درجات :الولى الرياء بأصل اليمان وهو أغلظ أبواب الرياء،
وصاحبه مخلد في النار ،وهو الذي يظهر كلمتي الشهادة وباطنه مشحون
بالتكذيب ،ولكنه يرائي بظاهر السلم ،وهم المنافقون الذين ذمهم ال
سبحانه في مواضع كثيرة ،وقد قال:
][271
" يراؤن الناس ول يذكرون ال إل قليل " ) .(1وكان النفاق في ابتداء السلم
ممن يدخل في ظاهر السلم ابتداء لغرض وذلك مما يقل في زماننا ولكن
يكثر نفاق من ينسل من الدين باطنا فيجحد الجنة والنار والدار الخرة،
ميل إلى قول الملحدة أو يعتقد طي بساط الشرع والحكام ،ميل إلى أهل
الباحة ،ويعتقد كفرا أو بدعة وهو يظهر خلفه فهؤلء من المرائين
المنافقين المخلدين في النار ،وحال هؤلء أشد من حال الكفار المجاهرين
لنهم جمعوا بين كفر الباطن ونفاق الظاهر .الثانية الرياء باصول العبادات
مع التصديق بأصل الدين وهذا أيضا عظيم عند ال ،ولكنه دون الول
بكثير ،ومثاله أن يكون مال الرجل في يد غيره فيأمره باخراج الزكاة خوفا
من ذمه ،وال يعلم منه أنه لو كان في يده لما أخرجها أو يدخل وقت
الصلة وهو في جمع فيصلي معهم وعادته ترك الصلة في الخلوة وكذا
ساير العبادات ،فهو مراء معه أصل اليمان بال يعتقد أنه ل معبود سواه،
ولو كلف أن يعبد غير ال أو يسجد لغير ال لم يفعل ،ولكنه يترك العبادات
للكسل وينشط عند اطلع الناس فتكون منزلته عند الخلق أحب إليه من
منزلته عند الخالق ،وخوفه من مذمة الناس أعظم من خوفة من عقاب
ال ،ورغبته في محمدتهم أشد من رغبته في ثواب ال ،وهذا غاية الجهل،
وما أجدر صاحبه بالمقت ،وإن كان غير منسل عن أصل اليمان من حيث
العتقاد .الثالثة :أن ل يرائي باليمان ول بالفرائض ،ولكن يرائي بالنوافل
والسنن التي لو تركها ل يعصي ،ولكن يكسل عنها في الخلوة لفتور رغبته
في ثوابها ،ول يثار لذة الكسل على ما يرجى من الثواب ،ثم يبعثه الرياء
على فعله ،وذلك كحضور الجماعة في الصلة ،وعيادة المريض ،واتباع
الجنايز ،وكالتهجد بالليل وصيام السنة والتطوع ونحو ذلك ،فقد يفعل
المرائي جملة ذلك خوفا من المذمة أو طلبا للمحمدة ،ويعلم ال تعالى منه
لو خلى بنفسه لما زاد على أداء الفرائض ،فهذا أيضا
][272
عظيم ،ولكن دون ما قبله ،وكأنه على الشطر من الول وعقابه نصف عقابه .القسم
الثاني :الرياء بأوصاف العبادات ل باصولها وهي أيضا على ثلث درجات.
الولى أن يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة ،كالذي غرضه أن يخفف
الركوع والسجود ول يطول القراءة فإذا رآه الناس أحسن الركوع ،وترك
اللتفات ،وتمم القعود بين السجدتين ،وقد قال ابن مسعود :من فعل ذلك
فهو استهانة يستهين بها ربه .فهذا أيضا من الرياء المحظور لكنه دون
الرياء باصول التطوعات ،فان قال المرائي :إنما فعلت ذلك صيانة للسنتهم
عن الغيبة ،فانهم إذا رأوا تخفيف الركوع والسجود وكثرة اللتفات أطلقوا
اللسان بالذم والغيبة ،فانما قصدت صيانتهم عن هذه المعصية ،فيقال له:
هذه مكيدة للشيطان وتلبيس ،وليس المر كذلك ،فان ضررك من نقصان
صلتك وهي خدمة منك لمولك ،أعظم من ضررك من غيبة غيرك .فلو
كان باعثك الدين لكان شفقتك على نفسك أكثر .نعم للمرائي فيه حالتان
إحداهما أن يطلب بذلك المنزلة والمحمدة عند الناس ،وذلك حرام قطعا،
والثانيه أن يقول :ليس يحضرني الخلص في تحسين الركوع والسجود،
ولو خففت كان صلتي عند ال ناقصة ،وآذاني الناس بذمهم وغيبتهم،
وأستفيد بتحسين الهيئة دفع مذمتهم ول أرجو عليه ثوابا فهو خير من أن
أترك تحسين الصلة فيفوت الثواب ،وتحصل المذمة ،فهذا فيه أدنى نظر
فالصحيح أن الواجب عليه أن يحسن ويخلص ،فان لم يحضره النية فينبغي
أن يستمر على عبادته في الخلوة وليس له أن يدفع الذم بالمراءات بطاعة
ال فان ذلك استهزاء .الثانية أن يرائي بفعل ما ل نقصان في تركه ،ولكن
فعله في حكم التكملة والتتمة لعبادته ،كالتطويل في الركوع والسجود ،ومد
القيام وتحسين الهيئة في رفع اليدين ،والزيادة في القراءة على السورة
المعتادة ،وأمثال ذلك ،وكل
][273
ذلك مما لو خلي ونفسه لكان ل يقدم عليه .الثالثة أن يرائي بزيادات خارجة عن
نفس النوافل ،كحضوره الجماعة قبل القوم ،وقصده الصف الول،
وتوجهه إلى يمين المام ،وما يجري مجراه ،وكل ذلك مما يعلم ال منه أنه
لو حلي بنفسه لكان ل يبالي من أين وقف ومتى يحرم بالصلة ،فهذه
درجات الرياء بالنسبة إلى ما يرائي به وبعضه أشد من بعض ،والكل
مذموم .الركن الثالث المرايا لجله فان للمرائي مقصودا ل محالة ،فانما
يرائي لدراك مال أو جاه أو غرض من الغراض ل محالة وله أيضا ثلث
درجات :الولى وهي أشدها وأعظمها أن يكون مقصده التمكن من معصيته
كالذي يرائي بعباداته ليعرف بالمانة فيولى القضاء أو الوقاف أو أمول
اليتام ،فيحكم بغير الحق ويتصرف في الموال بالباطل ،وأمثال ذلك كثيرة.
الثانية أن يكون غرضه نيل حظ مباح من مال أو نكاح امرأة جميلة أو
شريفة .فهذا رياء محظور لنه طلب بطاعة ال متاع الدنيا ولكنه دون
الول .الثالثة أن ل يقصد نيل حظ وإدراك مال أو شبهه ،ولكن يظهر
عبادته خيفة من أن ينظر إليه بعين النقص ،ول يعد من الخاصة والزهاد،
كأن يسبق إلى الضحك أو يبدر منه المزاح ،فيخاف أن ينظر إليه بعين
الحتقار ،فيتبع ذلك بالستغفار وتنفس الصعداء ،وإظهار الحزن ،ويقول:
ما أعظم غفلة النسان عن نفسه ،وال يعلم منه أنه لو كان في الخلوة لما
كان يثقل عليه ذلك .فهذه درجات الرياء ومراتب أصناف المرائين،
وجميعهم تحت مقت ال وغضبه وهي من أشد المهلكات .وأما ما يحبط
العمل من الرياء الخفي والجلي وما ل يحبط فنقول :إذا عقد العبد العبادة
على الخلص ثم ورد وارد الرياء ،فل يخلو إما أن ورد عليه بعد فراغه
من العمل أو قبل الفراغ ،فان ورد بعد الفراغ سرور من غير إظهار فل
يحبط العمل ،إذ العمل قد تم على نعت الخلص سالما من الرياء ،فما
يطرء بعده فنرجو
][274
أن ل ينعطف عليه أثره ل سيما إذا لم يتكلف هو إظهاره والتحدث به ،ولم يتمن
ذكره وإظهاره ،ولكن اتفق ظهوره باظهار ال إياه ،ولم يكن منه إل ما
دخل من السرور والرتياح على قبله ،ويدل على هذا ما سيأتي ،وقد روي
أن رجل قال لرسول ال صلى ال عليه وآله :يا رسول ال اسر العمل ل
أحب أن يطلع عليه أحد فيطلع عليه فيسرني قال :لك أجران أجر السر
وأجر العلنية .وقال الغزالي :نعم لو تم العمل على الخلص من غير عقد
رياء ،ولكن ظهرت له بعده رغبة في الظهار فتحدث به وأظهره فهذا
مخوف ،وفي الخبار والثار ما يدل على أنه محبط ،ويمكن حملها على أن
هذا دليل على أن قلبه عند العبادة لم يخل عن عقد الرياء وقصده ،لما أن
ظهر منه التحدث به ،إذ يبعد أن يكون ما يطرء بعد العمل مبطل للثواب بل
القيس أن يقال إنه مثاب على عمله الذي مضى ومعاقب على مراءاته
بطاعة ال بعد الفراغ منها ،بخلف ما لو تغير عقده إلى الرياء قبل الفراغ
فانه مبطل .ثم قال المحقق المذكور :وأما إذا ورد وارد الرياء قبل الفراغ
من الصلة مثل وكان قد عقد على الخلص ولكن ورد في أثنائها وارد
الرياء ،فل يخلو إما أن يكون مجرد سرور ل يؤثر في العمل فهو ل يبطله
وإما أن يكون رياء باعثا على العمل فختم وختم به العمل فإذا كان كذلك
حبط أجره .ومثاله أن يكون في تطوع فتجددت له نظارة أو حضر ملك من
الملوك وهو يشتهي أن ينظر إليه ،أو يذكر شيئا نسيه من ماله ،وهو يريد
أن يطلبه ،ولول الناس لقطع الصلة فاستتمها خوفا من مذمة الناس فقد
حبط أجره ،وعليه العادة إن كان في فريضة وقد قال صلى ال عليه وآله:
العمل كالوعاء إذا طاب آخره طاب أوله أي النظر إلى خاتمته ،وروي من
رائا بعمله ساعة حبط عمله الذي كان قبله ،وهو منزل على الصلة في
هذه الصورة ،ل على الصدقة ،ول على القراءة ،فان كان جزء منها منفرد
فما يطرء يفسد الباقي دون الماضي والصوم والحج من قبيل الصلة .فأما
إذا كان وارد الرياء بحيث ل يمنعه من قصد الستتمام لجل الثواب
][275
كما لو حضر جماعة في أثناء صلته ففرح بحضورهم واعتقد الرياء ،وقصد
تحسين الصلة لجل نظرهم ،وكان لول حضورهم لكان يتمها أيضا ،فهذا
رياء قد أثر في العمل وانتهض باعثا على الحركات ،فان غلب حتى انمحق
معه الحساس بقصد العبادة والثواب وصار قصد العبادة مغمورا ،فهذا
أيضا ينبغي أن يفسد العبادة مهما مضى ركن من أركانها على هذا الوجه،
لنا نكتفي بالنية السابقة عند الحرام بشرط أن ل يطرء ما يغلبها
ويغمرها .ويحتمل أن يقال ل تفسد العبادة نظرا إلى حالة العقد وإلى بقاء
أصل قصد الثواب ،وإن ضعف بهجوم قصد هو أغلب منه ،والقيس أن هذا
القدر إذا لم يظهر أثره في العمل ،بل بقي العمل صادرا عن باعث لدين
وإنما انضاف إليه سرور بالطلع فل يفسد العمل لنه ل ينعدم به أصل
نيته ،وبقيت تلك النية باعثة على العمل ،وحاملة على التمام ،وروي في
الكافي ،عن أبي جعفر عليه السلم ما يدل عليه وأما الخبار التي وردت
في الرياء فهي محمولة على ما إذا لم يرد به إل الخلق ،وأما ما ورد في
الشركة فهو محمول على ما إذا كان قصد الرياء مساويا لقصد الثواب أو
أغلب منه ،أما إذا كان ضعيفا بالضافة إليه فل يحبط بالكلية ثواب الصدقة
وساير العمال وينبغي أن يفسد الصلة ول يبعد أيضا أن يقال إن الذي
اوجب عليه صلة خالصة لوجه ال ،والخالصة ما ل يشوبه شئ فل يكون
مؤديا للواجب مع هذا الشوب والعلم عند ال فيه ،فهذا حكم الرياء الطاري
بعد عقد العبادة إما قبل الفراغ أو بعده .القسم الثالث الذي يقارن حال العقد
بأن يبتدئ في الصلة على قصد الرياء فان تم عليه حتى يسلم فل خلف
في أنه يعصي ول يعتد بصلوته ،وإن ندم عليه في أثناء ذلك واستغفر
ورجع قبل التمام ففيما يلزمه ثلثة أوجه :قالت فرقة :لم تنعقد صلته مع
قصد الرياء فليستأنف .وقالت فرقة :تلزمه إعادة الفعال كالركوع
والسجود ،وتفسد أعماله دون تحريمة الصلة ،لن التحريم عقد والرياء
خاطر في قلبه ل يخرج التحريم عن كونه عقدا[*] .
][276
وقالت فرقة :ل تلزمه إعادة شئ بل يستغفر ال بقلبه ويتم العبادة على الخلص
والنظر إلى خاتمة العبادة كما لو ابتداها بالخلص وختم بالرياء ،لكان
يفسد عمله ،وشبهوا ذلك بثوب أبيض لطخ بنجاسة عارضة فإذا ازيل
العارض عاد إلى الصل فقالوا :إن الصلة والركوع والسجود ل يكون إل
ل ولو سجد لغير ال لكان كافرا ولكن قد اقترن به عارض الرياء ثم إن
زال بالندم والتوبة وصار إلى حالة ل يبالي بحمد الناس وذمهم فتصح
صلته .ومذهب الفريقين الخرين خارج عن قياس الفقه جدا خصوصا من
قال يلزمه إعادة الركوع والسجود دون الفتتاح ،لن الركوع والسجود إن
لم يصح صارت أفعال زائدة في الصلة فتبطل الصلة ،وكذلك قول من
يقول لو ختم بالخلص صح نظرا إلى الخاتمة فهو أيضا ضعيف لن
الرياء يقدح بالنية ،وأولى الوقات بمراعات الحكام النية حالة الفتتاح.
فالذي يستقيم على قياس الفقه هو أن يقال إن كان باعثه مجرد الرياء في
ابتداء العقد دون طلب الثواب وامتثال المر لم ينعقد افتتاحه ،ولم يصح ما
بعده وذلك من إذا خل بنفسه لم يصل ولما رآه الناس يحرم بالصلة ،وكان
بحيث لو كان ثوبه أيضا نجسا كان يصلي لجل الناس ،فهذه صلة ل نية
فيها إذ النية عبارة عن إجابة باعث الدين ،وههنا ل باعث ول إجابة .فأما
إذا كان بحيث لول الناس .أيضا لكان يصلي إل أنه ظهرت له الرغبة في
المحمدة أيضا فاجتمع الباعثان فهذا إما أن يكون في صدقه أو قراءة وما
ليس فيه تحريم وتحليل أو في عقد صلة وحج ،فان كان في صدقة فقد
عصى باجابة باعث الرياء وأطاع باجابة باعث الثواب " فمن يعمل مثقال
ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " ) (1وله ثواب بقدر
قصده الصحيح وعقاب بقدر قصده الفاسد ول يحبط أحدهما الخر .وإن
كان في صلة يقبل الفساد بتطرق خلل إلى النية ،فل يخلو إما أن
][277
يكون نفل أو فرضا فان كان نفل فحكمها أيضا حكم الصدقة ،فقد عصى من وجه
وأطاع من وجه إذا اجتمع في قلبه الباعثان ،وأما إذا كان في فرض
واجتمع الباعثان وكان كل واحد منهما ل يستقل وإنما يحصل النبعاث
بمجموعهما فهذا ل يسقط الواجب عنه لن اليجاب لم ينتهض باعثا في
حقه بمجرده واستقلله وإن كان كل باعث مستقل حتى لو لم يكن باعث
الرياء لدى الفرض ،ولو لم يكن باعث الفرض لنشأ صلة تطوعا لجل
الرياء ،فهذا في محل النظر وهو محتمل جدا .فيحتمل أن يقال :إن الواجب
صلة خالصة لوجه ال ،ولم يؤد الواجب الخالص ،ويحتمل أن يقال :إن
الواجب امتثال المر الواجب بواجب مستقل بنفسه وقد وجد ،فاقتران غيره
به ل يمنع سقوط الفرض عنه ،كما لو صلى في دار مغصوبة فانه وإن كان
عاصيا بايقاع الصلة في الدار المغصوبة ،فانه مطيع بأصل الصلة،
ومسقط للفرض عن نفسه ،وتعارض الحتمال في تعارض البواعث في
أصل الصلة ،أما إذا كان الرياء في المبادرة مثل دون أصل الصلة ،مثل
من بادر في الصلة في أول الوقت لحضور جماعة .ولو خل لخرها إلى
وسط الوقت ولول الفرض لكان ل يبتدي صلة لجل الرياء ،فهذا مما يقطع
بصحة صلته وسقوط الفرض به ،لن باعث أصل الصلة من حيث إنها
صلة لم يعارضها غيره ،بل من حيث تعيين الوقت فهذا أبعد من القدح في
النية .هذا في رياء يكون باعثا على العمل وحامل عليه فأما مجرد السرور
باطلع الناس إذا لم يبلغ أثره حيث يؤثر في العمل فبعيد أن يفسد الصلة،
فهذا ما نراه لئقا بقانون الفقه ،والمسألة غامضة من حيث إن الفقهاء لم
يتعرضوا لها في فن الفقه ،والذين خاضوا فيه وتصرفوا لم يلحظوا
قوانين الفقه ،ومقتضى فتاوى العلماء في صحة الصلة وفسادها ،بل
حملهم الحرص على تصفية القلوب وطلب الخلص على إفساد العبادات
بأدنى الخواطر ،وما ذكرناه هو القصد فيما نواه والعلم عند ال تعالى
انتهى كلمه.
][278
وقال الشهيد قدس ال روحه في قواعده :النية يعتبر فيها القربة ،ودل عليها
الكتاب والسنة ،قال تعالى " :وما امروا إل ليعبدوا ال مخلصين له الدين
" ) (1والخلص فعل الطاعة خالصة ل وحده وهنا غايات ثمان الول
الرياء ول ريب في أنه مخل بالخلص فيتحقق الرياء بقصد مدح الرائي
أو النتفاع به أو دفع ضرره .فان قلت فما تقول :في العبادة المشوبة
بالتقية ؟ قلت :أصل العبادة واقع على وجه الخلص ،وما فعل منها تقية
فان له اعتبارين بالنظر إلى أصله وهو قربة وبالنظر إلى ما طرء من
استدفاع الضرر ،وهو لزم لذلك ،فل يقدح في اعتباره أما لو فرض إحداث
صلة مثل تقية فانها من باب الرياء ،الثاني قصد الثواب أو الخلص من
العقاب أو قصدهما معا الثالث فعلها شكرا لنعم ال تعالى واستجلبا
لمزيده ،الرابع فعلها حياء من ال تعالى الخامس فعلها حبا ل تعالى
السادس فعلها تعظيما ل تعالى ومهابة وانقيادا وإجابة السابع فعلها
موافقة لرادته وطاعة لمره الثامن فعلها لكونه أهل للعبادة .وهذه الغاية
مجمع كل كون العبادة تقع بها معتبرة وهي أكمل مراتب الخلص وإليه
أشار المام الحق أمير المؤمنين عليه السلم ما عبدتك طمعا في جنتك ول
خوفا من نارك ولكن وجدتك أهل للعبادة فعبدتك .وأما غاية الثواب
والعقاب فقد قطع الصحاب بكون العبادة فاسدة ) (2بقصدها وكذلك ينبغي
أن يكون غاية الحياء والشكر ،وباقي الغايات الظاهر أن قصدها مجزء لن
الغرض بها ال في الجملة ،ول يقدح كون تلك الغايات باعثة على العبادة
أعني الطمع والرجاء والشكر والحياء لن الكتاب والسنة مشتملة على
المرهبات من الحدود ،والتعزيرات والذم واليعاد بالعقوبات ،وعلى
المرغبات من المدح والثناء في العاجل ،والجنة ونعيمها في الجل ،وأما
الحياء فغرض
) (1البينة (2) .5 :في شرح الكافي ج 2ص " :273ل يفسد " لكنه سهو ،وقد
مر في ج 70ص 236باب الخلص ما يحقق ذلك[*] .
][279
مقصود ،وقد جاء في الخبر عن النبي صلى ال عليه وآله استحيوا من ال حق
الحياء ،ا عبد ال كأنك تراه ،فان لم تكن تراه فانه يراك ،فانه إذا تخيل
الرؤية انبعث على الحياء والتعظيم والمهابة .وعن أمير المؤمنين عليه
السلم وقد قال له ذعلب اليماني -بالذال المعجمة المكسورة والعين
المهملة الساكنة واللم المكسورة :هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين ؟ فقال
عليه السلم :أفأعبد ما ل أرى ،فقال :وكيف تراه ؟ فقال :ل تدركه العيون
بمشاهدة العيان ،ولكن تدركه القلوب بحقايق اليمان ،قريب من الشياء
غير ملمس ،بعيد منها غير مبائن ،متكلم بل روية ،مريد بل همة ،صانع
ل بجارحة .لطيف ل يوصف بالخفاء ،بعيد ل يوصف بالجفاء ،بصير ل
يوصف بالحاسة رحيم ل يوصف بالرقة ،تعنو الوجوه لعظمته ،وتوجل
القلوب من مخافته ) .(1وقد اشتمل هذا الكلم الشريف على اصول صفات
الجلل والكرام التي عليها مدار علم الكلم ،وأفاد أن العبادة تابعة للرؤية،
ويفسر معنى الرؤية وأفاد الشارة إلى أن قصد التعظيم بالعباد حسن وإن
لم يكن تمام الغاية ،وكذلك الخوف منه تعالى .ثم لما كان الركن العظم في
النية هو الخلص ،وكان انضمام تلك الربعة غير قادح فيه فخليق أن
يذكر ضمائم اخر ،وهي أقسام :الول :ما يكون منافية له كضم الرياء
ويوصف بسببه العبادة بالبطلن بمعنى عدم استحقاق الثواب ،وهل يقع
مجزيا بمعنى سقوط التعبد به والخلص من العقاب ؟ الصح أنه ل يقع
مجزيا ولم أعلم فيه خلفا إل من السيد المام المرتضى قدس ال لطيفه
فان ظاهره الحكم بالجزاء في العبادة المنوي بها الرياء .الثاني من
الضمائم ما يكون لزما للفعل كضم التبرد والتسخن أو التنظيف
) (1تراه في النهج تحت الرقم 177من الخطب ،وفيه " تجب القلوب من مخافته
"[*] .
][280
إلى نية القربة ،وفيه وجهان ينظران إلى عدم تحقق معنى الخلص ،فل يكون
الفعل مجزيا وإلى أنه حاصل ل محالة فنيته كتحصيل الحاصل الذي ل فائدة
فيه وهذا الوجه ظاهر أكثر الصحاب والول أشبه ول يلزم من حصوله نية
حصوله ويحتمل أن يقال ]إن كان الباعث الصلي هو القربة ،ثم طرء
التبرد عند البتداء في الفعل لم يضر ،وإن[ ) (1كان الباعث الصلي هو
التبرد فلما اراده ضم القربة لم يجزئ ،وكذا إذا كان الباعث مجموع
المرين ،لنه ل أولوية فتدافعا فتساقطا فكأنه غير ناو ،ومن هذا الباب ضم
نية الحمية إلى القربة في الصوم ،وضم ملزمة الغريم إلى القربة في
الطواف والسعي والوقوف بالمشعرين .الثالث ضم ما ليس بمناف ول
لزم ،كما لو ضم إرادة دخول السوق مع نية التقرب في الطهارة أو أراد
الكل ولم يرد بذلك الكون على طهارة في هذه الشياء فانه لو أراد الكون
على طهارة كان مؤكدا غير مناف ،وهذه الشياء وإن لم يستحب لها
الطهارة بخصوصياتها إل أنها داخلة فيما يستحب لعمومه وفي هذه
الضميمة وجهان مرتبان على القسم الثاني ،وأولى بالبطلن ،لن ذلك
تشاغل عما يحتاج إليه بما ل يحتاج إليه .ثم قال -ره -يجب التحرز من
الرياء فانه يلحق العمل بالمعاصي وهو قسمان جلي وخفي ،فالجلي ظاهر
والخفي إنما يطلع عليه اولوا المكاشفة والمعاينة ل كما يروي عن بعضهم
أنه طلب الغزو فتاقت نفسه إليه ،فتفقدها فإذا هو يحب المدح بقولهم فلن
غاز ،فتركه فتاقت نفسه إليه فأقبل يعرض على ذلك الرياء ،حتى أزاله،
ولم يزل يتفقدها شيئا بعد شئ حتى وجد الخلص بعد بقاء النبعاث فاتهم
نفسه وتفقد أحوالها فإذا هي يحب أن يقال :مات فلن شهيدا لتحسن
سمعته في الناس بعد موته .وقد يكون في ابتداء النية إخلصا وفي الثناء
يحصل الرياء فيجب التحرز منه فانه مفسد للعمل نعم ل يتكلف بضبط
هواجس النفس وخواطرها بعد إيقاع
) (1ما بين العلمتين أضفناه من شرح الكافي ج 2ص [*] .274
][281
النية في البتداء خالصة ،فان ذلك معفو عنه كما جاء في الحديث إن ال تجاوز
لمتي عما حدثت به أنفسها - 2 .كا :محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد
بن عيسى ،عن ابن فضال ،عن علي بن عقبة ،عن أبيه قال :سمعت أبا
عبد ال عليه السلم يقول :اجعلوا أمركم هذا ل ول تجعلوه للناس ،فانه
ما كان ل فهو ل ،وما كان للناس فل يصعد إلى ال ) .(1بيان " :اجعلوا
أمركم هذا " أي التشيع " ل " أي خالصا له " ول تجعلوه للناس " ل
بالنفراد ول بالشتراك " فانه ما كان ل " أي خالصا له " فهو ل " أي
يصعد إليه ويقبله وعليه أجره " وما كان للناس " ولو بالشركة " فل
يصعد إلى ال " أي ل يرفعه الملئكة ول يثبتونه في ديوان البرار ،كما
قال تعالى " :إن كتاب البرار لفي عليين " ) (2والصعود إليه كناية عن
القبول - 3 .كا :علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن أبي
المغرا عن يزيد بن خليفة قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :كل رياء شرك
إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس ،ومن عمل ل كان ثوابه على
ال ) .(3بيان " :كل رياء شرك " هذا هو الشرك الخفي فانه لما أشرك
في قصد العبادة غيره تعالى فهو بمنزلة من أثبت معبودا غيره سبحانه
كالصنم " كان ثوابه على الناس " أي لو كان ثوابه لزما على أحد كان
لزما عليهم ،فانه تعالى قد شرط في الثواب الخلص ،فهو ل يستحق منه
تعالى شيئا أو أنه تعالى يحيله يوم القيامة على الناس - 4 .كا :محمد بن
يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن الحسين بن سعيد عن النضر بن
سويد ،عن القاسم بن سليمان ،عن جراح المدايني ،عن أبي عبد ال عليه
السلم في قول ال عزوجل " :فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل
صالحا
) (1الكافي ج 2ص (2) .293المطففين (3) .18 :الكافي ج 2ص [*] .293
][282
ول يشرك بعبادة ربه أحدا " ) (1قال :الرجل يعمل شيئا من الثواب ل يطلب به
وجه ال إنما يطلب تزكية الناس ،يشتهي أن يسمع به الناس ،فهذا الذي
أشرك بعبادة ربه ،ثم قال :ما من عبد أسر خيرا فذهبت اليام أبدا حتى
يظهر ال له خيرا ،وما من عبد يسر شرا فذهبت اليام حتى يظهر ال له
شرا ) .(2بيان " :فمن كان يرجو لقاء ربه " قال الطبرسي رحمه ال :أي
فمن كان يطمع في لقاء ثواب ربه ويأمله ،ويقر بالبعث إليه ،والوقوف بين
يديه ،وقيل :معناه فمن كان يخشى لقاء عقاب ربه ،وقيل :إن الرجاء
يشتمل على كل المعنيين الخوف والمل " ول يشرك بعبادة ربه أحدا "
غيره من ملك أو بشر أو حجر أو شجر ،وقيل :معناه ل يرائي عبادته أحدا
عن ابن جبير .وقال مجاهد :جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال:
إني أتصدق وأصل الرحم ول أصنع ذلك إل ل ،فيذكر ذلك مني وأحمد
عليه ،فيسرني ذلك واعجب به ،فسكت رسول ال صلى ال عليه وآله ولم
يقل شيئا فنزلت الية قال عطا عن ابن عباس إن ال تعالى قال :ول يشرك
به لنه أراد العمل الذي يعمل ال ،ويحب أن يحمد عليه ،قال :ولذلك
يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيل يعظمه من يصل
بها .وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال :قال ال عزوجل :أنا
أغنى الشركاء عن الشرك ،فمن عمل عمل أشرك فيه غيري فأنا منه برئ،
فهو للذي أشرك ،أو رده مسلم في الصحيح ،وروي عن عبادة بن الصامت
وشداد بن الوس قال :سمعنا رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :من
صلى صلة يرائي بها فقد أشرك ،ومن صام صوما يرائي به ،فقد أشرك ثم
قرء هذه الية .وروي أن أبا الحسن الرضا عليه السلم دخل يوما على
المأمون فرآه يتوضأ للصلة والغلم يصب على يده الماء فقال :ل تشرك
بعبادة ربك أحدا ،فصرف
][283
المأمون الغلم ،وتولى إتمام وضوئه بنفسه ) (1انتهى .وأقول :الرواية الخيرة
تدل على أن المراد بالشرك هنا الستعانة في العبادة ،وهو مخالف لسائر
الخبار ،ويمكن الجمع بحملها على العم منها فان الخلص التام هو أن ل
يشرك ل في القصد ول في العمل غيره سبحانه " .تزكية الناس " أي
مدحهم " أن يسمع به " على بناء الفعال " ما من عبد أسر خيرا " أي
عمل صالحا بأن أخفاه عن الناس لئل يشوب بالرياء أو أخفى في قلبه نية
حسنة خالصة " فذهبت اليام أبدا " قوله " :أبدا " متعلق بالنفي في
قوله " :ما من عبد " حتى يظهر ال له خيرا " " حتى " للستثناء أي
يظهر ال ذلك العمل الخفي للناس أو تلك النية الحسنة ،وصرف قلوبهم
إليه ليمدحوه ويوقروه فيحصل له مع ثناء ال ثناء الناس .وعلى الحتمال
الول يدل على أن إسرار الخير أحسن من إظهاره ،ولكل فايدة أما فائدة
السرار فالتحرز من الرياء ،وأما فائدة الظهار فترغيب الناس في القتداء
به وتحريكهم إلى فعل الخير ،وقد مدح ال كليهما ،وفضل السرار في قوله
سبحانه " :إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو
خير لكم " ) .(2ويظهر من بعض الخبار أن الخفاء في النافلة أفضل،
والبداء في الفريضة أحسن ،ويمكن القول باختلف ذلك بحسب اختلف
أحوال الناس ،فمن كان آمنا من الرياء ،فالظهار منه أفضل ،ومن لم يكن
آمنا فالخفاء أفضل ،والول أظهر لتاييده بالخبر .قال المحقق الردبيلي
رحمه ال :المشهور بين الصحاب أن الظهار في الفريضة أولى سيما في
المال الظاهر ،ولمن هو محل التهمة لرفع تهمة عدم الدفع وبعده عن
الرياء ،ولن يتبعه الناس في ذلك ،والخفاء في غيرها ليسلم من الرياء
والمروي عن ابن عباس أن صدقة التطوع إخفاؤها أفضل ،وأما المفروضة فل
يدخلها الرياء ،ويلحقها تهمة المنع باخفائها فاظهارها أفضل ،وما رواه
في مجمع البيان عن علي بن إبراهيم باسناده إلى الصادق عليه السلم قال
الزكاة المفروضة تخرج علنية ،وتدفع علنية ،وغير الزكاة إن دفعها سرا
فهو أفضل ،فان ثبت صحته أو صحة مثله ،فتخصص الية وتفصل به،
وإل فهي على عمومها ،ومعلوم دخول الرياء في الزكاة المفروضة كما في
ساير العبادات المفروضة ،ولهذا اشترط في النية عدمه ،ولو تمت التهمة
لكانت مختصة بمن يتهم انتهى ) " .(1وما من عبد يسر شرا " أي عمل
قبيحا أو رياء في العمال الصالحة فان ال يفضحه بهذا العمل القبيح ،إن
داوم عليه ولم يتب ،عند الناس ،وكذا الرياء الذي أصر عليه ،فيترتب على
إخفائه نقيض مقصود على الوجهين - 5 .كا :علي ابن إبراهيم ،عن محمد
بن عيسى بن عبيد ،عن محمد بن عرفة قال :قال لي الرضا عليه السلم:
ويحك يا ابن عرفة اعملوا لغير رياء ول سمعة ،فانه من عمل لغير ال
وكله ال إلى من عمل ،ويحك ما عمل أحد عمل إل رداه ال به إن خيرا
فخير ،وإن شرا فشر ) .(2بيان :في النهاية ويح كلمة ترحم وتوجع ،يقال
لمن وقع في هلكة ل يستحقها ،وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهي
منصوبة على المصدر ،وقد ترفع وتضاف ول تضاف انتهى والسمعة
بالضم ،وقد يفتح يكون على وجهين أحدهما أن يعمل عمل ويكون غرضه
عند العمل سماع الناس له ،كما أن الرياء هو أن يعمل ليراه الناس فهو
قريب من الرياء ،بل نوع منه ،وثانيهما أن يسمع عمله الناس بعد الفعل،
والمشهور أنه ل يبطل عمله ،بل ينقص ثوابه أو يزيله كما سيأتي وكأن
المراد هنا الول .في القاموس :وما فعله رياء ول سمعة ،ويضم ويحرك
وهي ما نوه
) (1زبدة البيان ص 192الطبعة الحديثة (2) .الكافي ج 2ص [*] .294
][285
بذكره ليرى ويسمع انتهى ) " .(1إلى من عمل " أي إلى من عمل له ،وفي بعض
النسخ إلى ما عمل أي إلى عمله أي ل ثواب له إل أصل عمله ،وما قصده
به ،إذ ليس له إل التعب " إل رداه ال به " رداه تردية ألبسه الرداء أي
يلبسه ال رداء بسبب ذلك العمل ،فشبه عليه السلم الثر الظاهر على
النسان بسب العمل بالرداء فانه يلبس فوق الثياب ول يكون مستورا
بثوب آخر ) " .(2إن خيرا فخيرا " أي إن كان العمل خيرا كان الرداء
خيرا وإن كان العمل شرا كان الرداء شرا والحاصل أن من عمل شرا إما
بكونه في نفسه أو بكونه مشوبا بالرياء يظهر ال أثر ذلك عليه ويفضحه
بين الناس وكذا إذا عمل عمل خيرا وجعله ل خالصا ألبسه ال أثر ذلك
العمل وأظهر حسنه للناس كما مر في الخبر السابق وقيل :شبه العمل
بالرداء في الحاطة والشمول إن خيرا فخيرا أي إن كان عمله خيرا فكان
جزاؤه خيرا ،وكذا الشرور ،وربما يقرء ردأه بالتخفيف والهمزة يقال:
ردأه به أي جعله له رداءا وقوة وعمادا ،ول يخفى ما فيهما من الخبط
والتصحيف وسيأتي ما يأبى عنهما - 6 .كا :محمد بن يحيى ،عن أحمد بن
محمد ،عن علي بن الحكم ،عن عمر بن يزيد قال :إني لتعشى عند أبي
عبد ال عليه السلم إذ تل هذه الية " بل النسان على نفسه بصيرة ولو
ألقى معاذيره " ) (3يا باحفص ما يصنع النسان أن يتقرب
) (1القاموس ج 3ص (2) .40الرداء -وهو الذي يطلق في مقابل الزار -كان
حلة يلبسونها فوق الكتف يسترون بها الردء ،وهو الظهر ،وهو أحد
ثوبي الحرام ،ولم يكونوا ليلبسوا تحتها ثوبا آخر إل إذا كانوا يلبسون
القميص أو الدرع أو الجوشن ،فكانوا يلبسون تحته الشعار وأما اليوم
فالرداء يطلق على غير ما وضع له أول ،يطلق على كساء واسع كالجبة
يلبس فوق الثياب كما ذكره العلمة المؤلف قدس سره .والمعنى على ما
ذكرناه ،أن من عمل عمل أو أسر سريرة أظهره ال وألقا أثره على
ظهره ملتصقا به ،كالخلعة التي يخلع بها على الناس ،إن شرا فشر وإن
خيرا فخير (3) .القيامة 14 :و [*] .15
][286
إلى ال عزوجل بخلف ما يعلم ال ،إن رسول ال صلى ال عليه وآله كان يقول:
من أسر سريرة رداه ال رداءها إن خيرا فخيرا ،وإن شرا فشرا ).(1
بيان :التعشي أكل الطعام آخر النهار أو أول الليل في القاموس العشي
والعشية آخر النهار ،والعشاء كسماء طعام العشي ،وتعشى :أكله " .بل
النسان على نفسه بصيرة " قال البيضاوي :أي حجة بينة على أعمالها
لنه شاهد بها ،وصفها بالبصارة على سبيل المجاز ،أو عين بصيرة بها
فل يحتاج إلى النباء " ولو ألقى معاذيره " أي ولو جاء بكل ما يمكن أن
يعتذر به ،جمع معذار وهو العذر أو جمع معذرة ،على غير قياس كالمناكير
في المنكر ،فان قياسه معاذر انتهى ) (2والتوجيه الول لبصيرة لكثر
المفسرين والثاني نقله النيسابوري ،عن الخفش فانه جعل النسان
بصيرة .كما يقال :فلن كرم لنه يعلم بالضرورة متى رجع إلى عقله أن
طاعة خالقه واجبة .وعصيانه منكر ،فهو حجة على نفسه ،بعقله السليم،
ونقل عن أبي عبيدة أن التاء للمبالغة كعلمة ،وقال في قوله تعالى " :ولو
ألقى معاذيره " هذا تأكيد أي ولو جاء بكل معذرة يحاج بها عن نفسه
فانها ل تنفعه ،لنها ل تخفي شيئا من أفعاله ،فان نفسه وأعضاءه تشهد
عليه قال :قال الواحدي والزمخشري :المعاذير اسم جمع للمعذرة كالمناكير
للمنكر ولو كان جمعا لكان معاذر بغير ياء ،ونقل عن الضحاك والسدي أن
المعاذير جمع المعذار ،وهو الستر والمعنى أنه وإن أسبل الستور أن يخفى
شئ من عمله قال الزمخشري :إن صح هذا النقل في التسمية أن الستر
يمنع رؤية المحتجب ،كما يمنع المعذرة عقوبة المذنب انتهى " .يا با
حفص " أي قال ذلك " ما يصنع النسان " استفهام على النكار،
والغرض التنبيه على أنه ل ينفعه في آخرته ول في دنياه أيضا لما سيأتي
" أن يتقرب إلى ال " أي يفعل ما يفعله المتقرب ويأتي بما يتقرب به،
وإن كان ينوي به أمرا آخر
][287
" بخلف ما يعلم ال " أي من باطنه ،فانه يظهر ظاهرا أنه يعمل العمل ل ،ويعلم
ال من باطنه أنه يفعله لغير ال أو أنه ليس خالصا ل ،وقيل :المعنى أن
التقرب بهذا العمل المشترك إلى ال تعالى تقرب بخلف ما يعلم ال أنه
موجب للتقرب .والسريرة ما يكتم " :رداه ال رداءها " كأنه جرد التردية
عن معنى الرداء واستعمل بمعنى اللباس ،وسيأتي " ألبسه ال " .وقد
مر أنه استعير الرداء للحالة التي تظهر على النسان ،وتكون علمة
لصلحه أو فساده - 7 .كا :علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن
السكوني ،عن أبي عبد ال عليه السلم :قال :قال النبي صلى ال عليه
وآله :إن الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فإذا صعد بحسناته يقول ال
عزوجل اجعلوها في سجين إنه ليس إياي أراد به ) .(1بيان :البتهاج
السرور ،والباء في قوله " :بعمل " و " بحسناته " للملبسة ويحتمل
التعدية ،وقوله " ليصعد " أي يشرع في الصعود وقوله " فإذا صعد " أي
تم صعوده ،ووصل إلى موضع يعرض فيه العمال على ال تعالى ،وقوله:
" بحسناته " من قبيل وضع المظهر موضع المضمر تصريحا بأن العمل
من جنس الحسنات ،أو هو منها بزعمه أي اثبتوا تلك العمال التي
تزعمون أنها حسنات في ديوان الفجار الذي هو في سجين كما قال تعالى
" إن كتاب الفجار لفي سجين " ) .(2وفي القاموس سجين كسكين موضع
فيه كتاب الفجار وواد في جهنم أعاذنا ال منها ،أو حجر في الرض
السابعة ،وقال البيضاوي " إن كتاب الفجار " ما يكتب من أعمالهم أو
كتابة أعمالهم " لفي سجين " كتاب جامع لعمال الفجرة من الثقلين كما
قال تعالى " :وما أدريك ما سجين * كتاب مرقوم " أي مسطور بين
الكتابة ثم قال :وقيل هو اسم المكان والتقدير ما كتاب السجين أو محل
كتاب مرقوم فحذف المضاف ).(3
) (1الكافي ج 2ص (2) .294المطففين (3) .7 :أنوار التنزيل[*] .457 :
][288
" اجعلوها " الخطاب إلى الملئكة الصاعدين ،فالمراد بالملك أول الجنس أو إلى
ملئكة الرد والقبول ،والضمير المنصوب للحساب " ليس إياي أراد "
تقديم الضمير للحصر أي لم يكن مراده أنا فقط بل أشرك معي غيري- 8 .
كا :باسناده قال :قال أمير المؤمنين صلوات ال عليه :ثلث علمات
للمرائي ،ينشط إذا رأى الناس ،ويكسل إذا كان وحده ،ويحب أن يحمد في
جميع اموره ) .(1بيان :في القاموس نشط كسمع نشاطا بالفتح :طابت
نفسه للعمل وغيره وقال :الكسل محركة التثاقل عن الشئ والفتور فيه
كسل كفرح انتهى والنشاط يكون قبل العمل وباعثا للشروع فيه ،ويكون
بعده وسببا لتطويله وتجويده " ،في جميع اموره " أي في جميع طاعاته
وتركه للمنهيات أو العم منهما ومن امور الدنيا - 9 .كا :عدة من
أصحابنا ،عن أحمد بن محمد بن خالد ،عن عثمان بن عيسى عن علي بن
سالم قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :قال ال عزوجل :أنا خير
شريك من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إل ما كان لي خالصا )
.(2بيان " :أنا خير شريك " لنه سبحانه غني ل يحتاج إلى الشركة،
وإنما يقبل الشركة من لم يكن غنيا بالذات ،فل يقبل العمل المخلوط لرفعته
وغناه أو المراد أني محسن إلى الشركاء أدع إليهم ما كان مشتركا بيني
وبينهم ول أقبله وقيل :إن هذا الكلم مبني على التشبيه ،والستثناء في
قوله " :إل ما كان " منقطع - 10 .كا :علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن
ابن محبوب ،عن داود ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :من أظهر للناس
ما يحب ال ،وبارز ال بما كرهه ،لقى ال وهو ماقت له ) .(3بيان" :
بارز ال " كأن المراد به أبرز وأظهر ال بما كرهه ال من المعاصي
][289
فان ما يفعله في الخلوة يراه ال ويعلمه ،والمستفاد من اللغة أنه من المبارزة في
الحرب ،فان من يعصى ال سبحانه بمرئى منه ومسمع فكأنه يبارزه
ويقاتله ،في القاموس :بارز القرآن مبارزة وبرازا :برز إليه - 11 .كا :أبو
علي الشعري ،عن محمد بن عبد الجبار ،عن صفوان ،عن فضل أبي
العباس ،عن أبي عبد ال عليه السلم ،قال :ما يصنع أحدكم أن يظهر
حسنا ويسر سيئا أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك ،وال
عزوجل يقول " :بل النسان على نفسه بصيرة " إن السريرة إذا صحت
قويت العلنية ) .(1كا :الحسين بن محمد ،عن معلى بن محمد ،عن محمد
بن جمهور ،عن فضالة عن معاوية ،عن الفضيل ،عن أبي عبد ال عليه
السلم مثله ) .(2بيان " :ويسر سيئا " أي نية سيئة ورئاء أو أعمال
قبيحة ،والول أظهر " فيعلم أن ذلك ليس كذلك " أي يعلم أن عمله ليس
بمقبول لسوء سريرته ،وعدم صحة نيته " إن السريرة إذا صحت " أي
إن النية إذا صحت قويت الجوارح على العمل ،كما ورد :ل يضعف بدن
عما قويت عليه النية ،وروى أن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح لها
سائر الجسد ،إل وهي القلب ،لكن هذا المعنى ل يناسب هذا المقام كما ل
يخفى ،ويمكن أن يكون المراد بالقوة القوة المعنوية أي صحة العمل،
وكمالها ،وقيل :المراد بالعلنية الرداء المذكور سابقا أي أثر العمل.
وأقول :يحتمل أن يكون المعنى قوة العلنية على العمل دائما ل بمحضر
الناس فقط - 12 .كا :علي بن إبراهيم ،عن صالح بن السندي ،عن جعفر
بن بشير ،عن علي بن أبي حمزة ،عن أبي بصير قال :قال أبو عبد ال
عليه السلم :ما من عبد يسر خيرا إل لم تذهب اليام حتى يظهر ال تعالى
له خيرا ،وما من عبد يسر شرا إل لم تذهب اليام حتى يظهر له شرا ).(3
) (2 - 1الكافي :ج 2ص (3) .295الكافي :ج 2ص [*] .296
][290
- 13كا :عدة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،عن علي بن أسباط ،عن يحيى بن
بشير ،عن أبيه ،عن أبي عبد ال عليه السلم ،قال :من أراد ال عزوجل
بالقليل من عمله ،أظهر ]ه[ ال له أكثر مما أراد ،ومن أراد الناس بالكثير
من عمله في تعب من بدنه ،وسهر من ليله ،أبى ال عزوجل إل أن يقلله
في عين من سمعه ) .(1بيان " :أظهر ال له " في بعض النسخ" :
أظهره ال له " فالضمير للقليل أو للعمل ،و " أكثر " صفة للمفعول
المطلق المحذوف " مما أراد " أي مما أراد ال به ،والمراد إظهاره على
الناس ،ونسبة السهر إلى الليل على المجاز فضمير " يقلله " للكثير أو
العمل ،وقد يقال :الضمير للموصول ،فالتقليل كناية عن التحقير كما وري
أن رجل من بني إسرائيل قال :لعبدن ال عبادة اذكر بها فمكث مدة مبالغا
في الطاعات وجعل ل يمر بملء من الناس إل قالوا :متصنع مراء ،فأقبل
على نفسه .وقال :قد أتعبت نفسك ،وضيعت عمرك في ل شئ فينبغي أن
تعمل ل سبحانه ،فغير نيته ،وأخلص عمله ل ،فجعل ل يمر بملء من
الناس إل قالوا :ورع تقي - 14 .كا :على بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن
النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبد ال عليه السلم ،قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم،
وتحسن فيه علنيتهم ،طمعا في الدنيا ،ل يريدون به ما عند ربهم يكون
دينهم ،رياء ل يخالطهم خوف ،يعمهم ال بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فل
يستجيب لهم ) .(2بيان " :سيأتي " السين للتأكيد أو للستقبال القريب "
تخبث " كتحسن " سرائرهم " بالمعاصي أو بالنيات الخبيثة الريائية "
طمعا " مفعول له لتحسن " ل يريدون به " الضمير لحسن العلنية أو
للعمل المعلوم بقرينة المقام " يكون دينهم " أي عباداتهم الدينية أو أصل
إظهار الدين " رياء " لطلب المنزلة في قلوب الناس والباء في قوله" :
بعقاب " للتعدية " دعاء الغريق " أي كدعاء من أشرف على الغرق
][291
فان الخلص والخضوع فيه أخلص من سائر الدعية لنقطاع الرجاء عن غيره
سبحانه ،وما قيل :من أن المعنى من غرق في ماء دموعه فل يخفى بعده،
وعدم الجابة لعدم عملهم بشرائطها وعدم وفائهم بعهوده تعالى كما قال
تعالى " :أوفوا بعهدي اوف بعهدكم " ) (1وسيأتي الكلم فيه في كتاب
الدعاء إنشاء ال تعالى ول يبعد أن يكون العقاب إشارة إلى غيبة المام
عليه السلم - 15 .كا :محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن علي بن
الحكم ،عن عمر بن يزيد قال :إني لتعشى مع أبي عبد ال عليه السلم إذ
تل هذه الية " بل النسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره " )(2
يا باحفص ما يصنع النسان أن يعتذر إلى الناس بخلف ما يعلم ال منه،
إن رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :من أسر سريرة ألبسه ال رداءها
إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ) .(3بيان :قد مر بعينه سندا ومتنا ول
اختلف إل في قوله " :أن يعتذر إلى الناس " وقوله :ألبسه ال " وكأنه
أعاده لختلف النسخ في ذلك وهو بعيد ولعله كان على السهو ،وما هنا
كأنه أظهر في الموضعين ،والعتذار إظهار العذر وطلب قبوله ،وقيل :لعل
المراد به هو الحث على التسوية بين السريرة والعلنية بحيث ل يفعل سر
اما لو ظهر لحتاج إلى العذر ،ومن البين أن الخير ل يحتاج إلى العذر،
وإنما المحتاج إليه هو الشر ،ففيه ردع عن تعلق السر بالشر مخالفا
للظاهر ،وهذا كما قيل لبعضهم :عليك بعمل العلنية ،قال :وما عمل
العلنية ؟ قال :ما إذا اطلع الناس عليك لم تستحي منه ،وهذا مأخوذ من
كلم أمير المؤمنين عليه السلم على ما ذكره صاحب العدة حيث يقول
عليه السلم :إياك وما تعتذر منه فانه ل تعتذر من خير ،وإياك وكل عمل
في السر تستحيي منه في العلنية ،وإياك
) (1البقرة (2) .40 :القيامة 14 :و (3) .15الكافي :ج 2ص [*] .296
][292
وكل عمل إذا ذكر لصاحبه أنكره ) - 16 .(1كا :عدة من أصحابنا ،عن سهل بن
زياد ،عن علي ابن أسباط ،عن بعض أصحابه ،عن أبي جعفر عليه السلم
أنه قال :البقاء على العمل أشد من العمل قال :وما البقاء على العمل،
قال :يصل الرجل بصلة وينفق نفقة ل وحده ل شريك له ،فتكتب له سرا ثم
يذكرها فتمحى فتكتب له علنية ثم يذكرها فتمحى وتكتب له رياء ).(2
بيان " :البقاء على العمل " أي حفظه ورعايته والشفقة عليه من
ضياعه ،في النهاية يقال :أبقيت عليه ابقي إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه،
والسم البقيا ،وفي الصحاح أبقيت على فلن إذا رعيت عليه ورحمته،
قوله صلى ال عليه وآله " :يصل " هو بيان لترك البقاء ليعرف البقاء
فان الشياء تعرف باضدادها " ،فتكتب " على بناء المجهول ،والضمير
المستتر راجع إلى كل من الصلة والنفقة ،وسرا وعلنية ،ورياء كل منها
منصوب ومفعول ثان لتكتب ،وقوله " :فتمحى " على بناء المفعول من
باب الفعال ،ويمكن أن يقرء على بناء المعلوم من باب الفتعال بقلب التاء
ميما " .فتكتب له علنية " أي يصير ثوابه أخف وأقل " وتكتب له رياء
" أي يبطل ثوابه ،بل يعاقب عليه ،وقيل :كما يتحقق الرياء في أول العبادة
ووسطها كذلك يتحقق بعد الفراغ منها ،فيجعل ما فعل ل خالصا في حكم ما
فعل لغيره فيبطلها كالولين عند علمائنا ،بل يوجب الستحقاق للعقوبة
أيضا عند الجميع وقال الغزالي ،ل يبطلها لن ما وقع صحيحا فهو صحيح
ل ينتقل من الصحة إلى
) (1أخرجه الرضي رضوان ال عليه في نهج البلغة الرقم 33من قسم الكتب
والرسائل فيما كتبه إلى قثم بن العباس " :وإياك وما يعتذر منه " والرقم
69فيما كتبه إلى الحارث الهمداني :واحذر كل عمل يعمل به في السر،
ويستحيي منه في العلنية ،واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره أو
اعتذر منه " (2) .الكافي :ج 2ص [*] .296
][293
الفساد ،نعم الرياء بعده حرام يوجب استحقاق العقوبة ،وقد مر بسط القول فيه17 .
-كا :عدة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،عن جعفر بن محمد الشعري
عن ابن القداح ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :اخشوا ال خشية ليست بتعذير واعملوا ل في غير رياء ول
سمعة ،فان من عمل لغير ال وكله ال إلى عمله ) .(1بيان " :خشية
ليست بتعذير " أقول :هذه الفقرة تحتمل وجوها :الول :ما ذكره المحدث
السترآبادي حيث قال :إذا فعل أحد فعل من باب الخوف ولم يرض به،
فخشيته خشية تعذير وخشية كراهية ،وإن رضي به فخشيته خشية رضي
وخشية محبة .الثاني أن يكون التعذير بمعنى التقصير بحذف المضاف أي
ذات تعذير أي لم تكونوا مقصرين في الخشية ،أو الباء للملبسة وبمعنى
مع ،قال في النهاية :التعذير التقصير ،ومنه حديث بني إسرائيل كانوا إذا
عمل فيهم بالمعاصي نهوهم تعذير أي قصروا فيه ولم يبالغوا ،وضع
المصدر موضع اسم الفاعل حال كقولهم جاء مشيا ومنه حديث الدعاء
وتعاطي ما نهيت عنه تعذيرا .الثالث ان يكون التعذير بمعنى التقصير أيضا
ويكون المعنى ل تكون خشيتكم بسبب التقصيرات الكبيرة .بل يكون مع بذل
الجهد في العمال كما ورد في صفات المؤمن يعمل ويخشى .الرابع أن
يكون المعنى تكون خشيتكم خشية واقعية ل إظهار خشية في مقام العتذار
إلى الناس ،والعمل بخلف ما تقتضيه كما مر في قوله عليه السلم " :ما
يصنع النسان أن يعتذر إلى الناس " الخ قال الجوهوي :المعذر بالتشديد
هو المظهر للعذر من غير حقيقة له في العذر ) .(2الخامس ما ذكره بعض
مشايخنا أن المعنى اخشوا ال خشية ل تحتاجون معها في القيامة إلى
إبداء العذر وكأن الثالث أظهر الوجوه.
) (1الكافي ج 2ص (2) .297نقله عن ابن عباس راجع ص [*] .741
][294
" وكله ال إلى عمله " أي يرد عمله إليه ،فكأنه وكله إليه أو بحذف المضاف أي
مقصود عمله أو شريك عمله أي ليس له إل العناء والتعب كما مر- 18 .
كا :علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن جميل بن دراج،
عن زرارة ،عن أبى جعفر عليه السلم قال :سألته عن الرجل يعمل الشئ
من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك ،قال :ل بأس ما من أحد إل وهو يحب
أن يظهر له في الناس الخير ،إذا لم يكن صنع ذلك لذلك ) .(1بيان " :ما
من أحد " أي النسان مجبول على ذلك ل يمكنه دفع ذلك عن نفسه ،فلو
كلف به لكان تكليفا بما ل يطاق " إذا لم يكن صنع ذلك لذلك " أي لم يكن
باعثه على أصل الفعل أو على إيقاعه على الوجه الخاص ظهوره في
الناس وقد ورد نظير ذلك من طريق العامة عن أبي ذر أنه قيل لرسول ال
صلى ال عليه وآله :أرايت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس
عليه ،قال :تلك عاجل بشرى المؤمن ،يعني البشرى المعجلة له في الدنيا
والبشرى الخرى قوله سبحانه " بشريكم اليوم جنات تجري من تحتها
النهار " ) .(2قيل :وهذا ينافي ما روي من طريقنا :ما بلغ عبد حقيقة
الخلص حتى ل يحب أن يحمد على شئ من عمل ل وما روي من
طريقهم عن ابن جبير في سبب نزول قوله تعالى " :فمن كان يرجو لقاء
ربه " ) (3إلى آخره وقد مر .وقد جمع بينهما صاحب العدة -ره -بأنه إن
كان سروره باعتبار أنه تعالى أظهر جميله عليهم أو باعتبار أنه استدل
باظهار جميله في الدنيا على إظهار جميله في الخرة على رؤس الشهاد،
أو باعتبار أن الرائي قد يميل قلبه بذلك إلى طاعة ال تعالى أو باعتبار أنه
يسلب ذلك اعتقادهم بصفة ذميمة له ،فليس ذلك السرور رياء وسمعة وإن
كان سروره باعتبار رفع المنزلة أو توقع التعظيم والتوقير بأنه عابد زاهد
) (1الكافي ج 2ص (2) .297الحديد (3) .12 :الكهف[*] .110 :
][295
وتزكيتهم له ،إلى غير ذلك من التدليسات النفسية والتلبيسات الشيطانية ،فهو رياء
ناقل للعمل من كفة الحسنات إلى كفة السيئات انتهى .وأقول :يمكن أن
يكون ذلك باعتبار اختلف درجات الناس ومراتبهم فان تكليف مثل ذلك
بالنظر إلى أكثر الخلق تكليف بما ل يطاق ،ول ريب في اختلف التكاليف
بالنسبة إلى اختلف أصناف الخلق ،بحسب اختلف استعداداتهم
وقابلياتهم - 19 .لى :عن الفامي ،عن محمد الحميري ،عن أبيه ،عن
هارون ،عن ابن زياد ،عن الصادق ،عن أبيه عليهما السلم أن رسول ال
صلى ال عليه وآله سئل في ما النجاة غدا ؟ فقال :إنما النجاه في أن ل
تخادعوا ال فيخدعكم ،فانه من يخادع ال يخدعه ويخلع منه اليمان،
ونفسه يخدع لو يشعر ،فقيل له :وكيف يخادع ال ؟ قال :يعمل بما أمر ال
به ثم يريد به غيره ،فاتقوا ال واجتنبوا الرياء ،فانه شرك بال إن المرائي
يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء :يا كافر ! يا فاجر ! يا غادر ! يا خاسر !
حبط عملك ،وبطل أجرك ،ول خلق لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنت تعمل
له ) .(1مع :ابن الوليد ،عن الصفار ،عن هارون ]مثله[ ) .(2ثو :أبي،
عن الحميري ،عن هارون ]مثله[ ) .(3شى :عن ابن زياد مثله )- 20 .(4
ب :هارون ،عن ابن زياد ،عن جعفر ،عن أبيه عليهما السلم أن النبي
صلى ال عليه وآله قال :إذا أتى الشيطان أحدكم وهو في صلته فقال :إنك
مرائي فليطل صلته ما بدا له ما لم يفته وقت الفريضة ،وإذا كان على شئ
من أمر
][296
الخرة ،فليتمكث ما بدا له ،وإذا كان على شئ من أمر الدنيا فليبرح وإذا دعيتم إلى
العرسات فأبطؤوا فانها تذكر الدنيا ،وإذا دعيتم إلى الجنائز فاسرعوا فانها
تذكر الخرة ) - 21 .(1ع :عن العطار ،عن أبيه ،عن العمركي ،عن علي
بن جعفر ،عن أخيه موسى ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :يؤمر برجال إلى النار فيقول ال جل جلله لمالك :قل
للنار ل تحرق لهم أقداما فقد كانوا يمشون إلى المساجد ،ول تحرق لهم
وجها فقد كانوا يسبغون الوضوء ،ول تحرق لهم أيديا فقد كانوا يرفعونها
بالدعاء ،ول تحرق لهم ألسنا فقد كانوا يكثرون تلوة القرآن قال :فيقول
لهم خازن النار :يا أشقياء ! ما كان حالكم ؟ قالوا :كنا نعمل لغير ال
عزوجل ،فقيل لنا :خذوا ثوابكم ممن عملتم له ) .(2ثو :عن أبيه ،عن
محمد العطار ،عن العمركي مثله ) - 32 .(3ل :عن أبيه ،عن سعد ،عن
الصبهاني ،عن المنقري ،عن حماد عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال
لقمان لبنه :للمرائي ثلث علمات :يكسل إذا كان وحده ،وينشط إذا كان
الناس عنده ،ويتعرض في كل أمر للمحمدة ) - 23 .(4ع :عن ابن
المتوكل ،عن السعد آبادي ،عن البرقي ،عن أبيه عن الحسن بن علي بن
فضال ،عن علي بن النعمان ،عن يزيد بن خليفة قال :قال أبو عبد ال عليه
السلم :ما على أحدكم لو كان على قلة جبل حتى ينتهي إليه أجله أتريدون
تراؤون الناس ؟ إن من عمل للناس كان ثوابه على الناس ،ومن عمل ل
كان ثوابه على ال ،إن كل رياء شرك ).(5
) (1قرب السناد ص 42وفي ط ص (2) .57علل الشرايع ج 2ص (3) .151
ثواب العمال (4) .201 :الخصال ج 1ص (5) .60علل الشرايع ج 2
ص [*] .247
][297
- 24فس :عن جعفر بن أحمد ،عن عبيدال بن موسى ،عن ابن البطائني عن أبيه،
عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله عزوجل " :فمن
كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا " )(1
قال :هذا الشرك شرك رياء - 25 .وفي رواية أبي الجارود ،عن أبي جعفر
عليه السلم قال :سئل رسول ال صلى ال عليه وآله عن تفسير قول ال:
" فمن كان يرجو لقاء ربه " الية فقال :من صلى مرائاة الناس فهو
مشرك ،ومن زكى مرائاة الناس فهو مشرك ،ومن صام مرائاة الناس فهو
مشرك ،ومن حج مرائاة الناس فهو مشرك ،ومن عمل عمل مما أمر ال
به مرائاة الناس فهو مشرك ،ول يقبل ال عمل مراء ) - 42 .(2مع )(3
لى :عن أمير المؤمنين عليه السلم سئل أي عمل أنجح ؟ قال :طلب ما
عند ال ) - 27 .(4مع ) (5لي :النسائي ،عن السدي ،عن النخعي ،عن
النوفلي عن محمد بن سنان ،عن المفضل ،عن الصادق عليه السلم قال:
الشتهار بالعبادة ريبة الخبر ) - 28 .(6ثو :عن أبيه ،عن محمد بن أبي
القاسم ،عن الكوفي ،عن المفضل بن صالح ،عن محمد بن علي الحلبي،
عن زرارة وحمران ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :لو أن عبدا عمل
عمل يطلب به وجه ال عزوجل والدار الخرة ،فادخل فيه رضى أحد من
الناس ،كان مشركا.
) (1الكهف (2) .110 :تفسير القمي ص (3) .407معاني الخبار ص (4) .198
أمالي الصدوق ص (5) .237معاني الخبار ص (6) .115أمالي
الصدوق ص [*] .14
][298
وقال أبو عبد ال عليه السلم :من عمل للناس كان ثوابه على الناس ،إن كل رياء
شرك ،وقال أبو عبد ال عليه السلم :قال ال عزوجل :من عمل لي
ولغيري هو لمن عمل له ) .(1سن :عن محمد بن علي ،عن المفضل بن
صالح مثله ) - 29 .(2ثو :عن أبيه ،عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن
السكوني ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :سيأتي على امتي زمان تخبث فيه سرائرهم ،وتحسن فيه علنيتهم
طمعا في الدنيا ،ل يريدون به ما عند ال عزوجل يكون أمرهم رياء ل
يخالطه خوف ،يعمهم ال منه بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فل يستجاب
لهم ) - 30 .(3ثو :عن أبيه ،عن الحميري ،عن هارون ،عن ابن زياد،
عن الصادق عن أبيه عليهما السلم أن ال عزوجل أنزل كتابا من كتبه
على نبي من النبياء ،وفيه أن :يكون خلق من خلقي يلحسون الدنيا
بالدين ،يلبسون مسوك الضأن على قلوب كقلوب الذئاب ،أشد مرارة من
الصبر ،وألسنتهم أحلى من العسل ،وأعمالهم الباطنة أنتن من الجيف ،فبي
يغترون ؟ أم إياي يخادعون ؟ أم علي يجترؤن فبعزتي حلفت لبعثن عليهم
فتنة تطأ في خطامها حتى تبلغ أطراف الرض تترك الحكيم منها حيرانا
يبطل فيها رأي ذي الرأي ،وحكمة الحكيم ،والبسهم شيعا واذيق بعضهم
بأس بعض ،أنتقم من أعدائي بأعدائي ،فل ابالي بما اعذبهم جميعا ول
ابالي ) - 31 .(4ف :عن أبي محمد عليه السلم قال :الشرك في الناس
أخفى من دبيب النمل
) (1ثواب العمال ص (2) .217المحاسن :ص (3) .122ثواب العمال) .226 :
(4ثواب العمال ص [*] .228
][299
على المسح السود في الليلة المظلمة ) - 32 .(1سن :عن أبيه ،عن ابن أبي
عمير ،عن هشام بن سالم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :يقول ال
عزوجل :أنا خير شريك فمن عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له غيري )
- 33 .(2سن :عن بعض أصحابنا بلغ به أبا جعفر عليه السلم قال :ما
بين الحق والباطل إل قلة العقل :قيل :وكيف ذلك يا ابن رسول ال ؟ قال:
إن العبد يعمل العمل الذي هو ل رضى ،فيريد به غير ال ،فلو أنه أخلص
ل لجاءه الذي يريد في أسرع من ذلك ) - 34 .(3سن :عن جعفر بن محمد
الشعري ،عن ابن القداح ،عن أبي عبد ال عن أبيه عليهما السلم قال:
قال علي عليه السلم :اخشوا ال خشية ليست بتعذير واعملوا ل في غير
رئاء ،ول سمعة ،فانه من عمل لغير ال وكله ال إلى عمله يوم القيامة )
- 35 .(4سن :عن عدة من أصحابنا ،عن ابن أسباط ،عن يحيى بن بشير
النبال عمن ذكره ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :من أراد ال بالقليل
من عمله أظهر ال له أكثر مما أراده به ،من أراد الناس بالكثير من عمله
في تعب من بدنه وسهر في ليله ،أبى ال إل أن يقلله في عين من سمعه )
- 36 .(5ضا :أروي عن العالم عليه السلم أنه قال :يقول ال تبارك
وتعالى :أنا خير شريك من أشرك معي غيري في عملي لم أقبل إل ما كان
لي خالصا .ونروي أن ال عزوجل يقول :أنا خير شريك ما شوركت في
شئ إل تركته .ونروي في قول ال " :فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل
عمل صالحا ول
يشرك بعبادة ربه أحدا " ) (1قال :ليس من رجل يعمل شيئا من الثواب ل يطلب به
وجه ال إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس إل أشرك
بعبادة ربه في ذلك العمل فيبطله الرياء ،وقد سماه ال الشرك .ونروي من
عمل ل كان ثوابه على ال ،ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس إن كل
رياء شرك .ونروي ما من عبد أسر خيرا فتذهب اليام حتى يظهر ال له
خيرا ،وما من عبد أسر شرا فتذهب اليام حتى يظهر ال له شرا- 37 .
مص :قال الصادق عليه السلم :ل تراء بعملك من ل يحيي ول يميت ،ول
يغني عنك شيئا ،والرياء شجرة ل تثمر إل الشرك الخفي ،وأصلها النفاق
يقال للمرائي عند الميزان ،خذ ثوابك ممن عملت له ممن أشركته معي،
فانظر من تدعو ،ومن ترجو ،ومن تخاف ؟ واعلم أنك ل تقدر على إخفاء
شئ من باطنك عليه ،وتصير مخدوعا قال ال عزوجل " :يخادعون ال
والذين آمنوا وما يخدعون إل أنفسهم وما يشعرون " ) .(2وأكثر ما يقع
الرياء في النظر والكلم والكل والمشي والمجالسة واللباس والضحك
والصلة والحج والجهاد وقراءة القرآن وسائر العبادات الظاهرة ،ومن
أخلص باطنه ل وخشع له بقلبه ورأى نفسه مقصرا بعد بذل كل مجهود،
وجد الشكر عليه حاصل فيكون ممن يرجى له الخلص من الرياء والنفاق
إذا استقام على ذلك على كل حال ) - 38 .(3سئل أمير المؤمنين عليه
السلم عن عظيم الشقاق قال :رجل ترك الدنيا للدنيا ففاتته الدنيا وخسر
الخرة ،ورجل تعبد واجتهد وصام رئاء الناس ،فذلك الذي حرم لذات
الدنيا ،ولحقه التعب الذي لو كان به مخلصا لستحق ثوابه ،فورد الخرة
) (1الكهف (2) .110 :البقرة (3) .10 :مصباح الشريعة ص [*] .33
][301
وهو يظن أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه ،فيجده هباء منثورا - 39 .سر :عبد ال
بن بكير ،عن عبيد قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :الرجل يدخل في
الصلة فيجود صلته ،ويحسنها ،رجاء أن يستجر بعض من يراه إلى هواه
قال :ليس هو من الرياء - 40 .شى :عن العلء بن فضيل :عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :سألته عن تفسير هذه الية " من كان يرجو لقاء ربه
فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا " ) (1قال :من صلى أو
صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله وهو شرك
مغفور ) - 41 .(2شى :عن جراح ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال" :
من كان يرجو -إلى -عبادة ربه أحدا " أنه ليس من رجل يعمل شيئا من
البر ول يطلب به وجه ال إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به
الناس فذاك الذي أشرك بعبادة ربه أحدا ) - 42 .(3شى :عن علي بن
سالم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال ال تبارك وتعالى :أنا خير
شريك ،من أشرك بي في عمله لم أقبله إل ما كان لي خالصا .وفي رواية
اخرى عنه عليه السلم قال :إن ال يقول :أنا خير شريك من عمل لي
ولغيري فهو لمن عمل له دوني ) - 43 .(4شى :عن زرارة وحمران ،عن
أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم قال :لو أن عبدا عمل عمل يطلب
به وجه ال والدار الخرة ،ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا )
- 44 .(5ين :عن الجوهري ،عن البطائني ،عن أبي بصير قال :سمعت أبا
-عبد ال عليه السلم قال :يجاء بعبد يوم القيامة قد صلى فيقول :يا رب
صليت ابتغاء وجهك ،فيقال له :بل صليت ليقال ما أحسن صلة فلن ؟
اذهبوا به إلى النار
][302
ويجاء بعبد قد تعلم القرآن فيقول :يا رب تعلمت القرآن ابتغاء وجهك ،فيقال له :بل
تعلمت ليقال ما أحسن صوت فلن ؟ اذهبوا به إلى النار ،ويجاء بعبد قد
قاتل فيقول :يا رب قاتلت ابتغاء وجهك ،فيقال له :بل قاتلت ليقال ما أشجع
فلنا ؟ اذهبوا به إلى النار ،ويجاء بعبد قد أنفق ماله فيقول :يا رب أنفقت
مالي ابتغاء وجهك فيقال له :بل أنفقته ليقال :ما أسخى فلنا ؟ اذهبوا به
إلى النار - 45 .ين :عن محمد بن سنان ،عن يزيد بن خليفة قال :سمعت
أبا عبد ال عليه السلم يقول :من عمل ل كان ثوابه على ال ،ومن عمل
للناس كان ثوابه على الناس إن كل رياء شرك - 46 .ين :ابن أبي البلد،
عن سعد السكاف ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :كان في بني إسرائيل
عابد فأعجب به داود عليه السلم فأوحى ال تبارك وتعالى إليه :ل يعجبنك
شئ من أمره ،فانه مراء .قال :فمات الرجل فاتى داود عليه السلم فقيل
له :مات الرجل ،فقال :ادفنوا صاحبكم قال :فأنكرت ذلك بنو إسرائيل
وقالوا :كيف لم يحضره .قال :فلما غسل قام خمسون رجل فشهدوا بال ما
يعلمون إل خيرا فلما صلوا عليه قام خمسون رجل فشهدوا بال ما يعلمون
إل خيرا فأوحى ال عزوجل إلى داود عليه السلم ما منعك أن تشهد فلنا
قال :الذي اطلعتني عليه من أمره ،قال :إن كان لكذلك ،ولكن شهده قوم
من الحبار والرهبان فشهدوا بي :ما يعلمون إل خيرا فأجزت شهادتهم
عليه وغفرت له مع علمي فيه - 47 .ين :عن النضر ،عن القاسم بن
سليمان ،عن جراح المدائني ،عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله تعالى:
" ول يشرك بعبادة ربه أحدا " قال :هو العبد يعمل شيئا من الطاعات ل
يطلب به وجه ال إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به فهذا الذي
أشرك بعبادة ربه ،وقال :ما من عبد أسر خيرا فتذهب اليام حتى يظهر ال
له خيرا ،وما من عبد أسر شرا فتذهب اليام حتى يظهر ال له شرا.
][303
- 48نوادر الراوندي :باسناده عن موسى بن جعفر عليه السلم ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال علي عليه السلم :قلنا يا رسول ال صلى ال عليه وآله
الرجل منا يصوم ويصلي فيأتيه الشيطان فيقول إنك مراء ،فقال رسول ال
صلى ال عليه وآله :فليقل أحدكم عند ذلك أعوذ بك أن اشرك بك شيئا وأنا
أعلم ،وأستغفرك لما ل أعلم - 49 .نهج :قال أمير المؤمنين عليه السلم:
واعملوا في غير رياء ول سمعة ،فانه من يعمل لغير ال يكله ال إلى من
عمل له ) - 50 .(1منية المريد :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن
أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر ،قالوا :وما الشرك الصغر يا رسول
ال ؟ قال :هو الرياء يقول ال تعالى يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم:
اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا ،فانظروا هل تجدون عندهم
الجزاء ؟ وقال صلى ال عليه وآله :استعيذوا بال من جب الخزي قيل:
وما هو يارسول ال ؟ قال :واد في جهنم اعد للمرائين .وقال صلى ال
عليه وآله :إن المرائي نيادي يوم القيامة :يا فاجر ! يا غادر ! يا مرائي !
ضل عملك ،وبطل أجرك ،اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له .وروى
جراح المدائني عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل " فمن
كان يرجو لقاء ربه " الية قال :الرجل يعمل شيئا من الثواب ل يطلب به
وجه ال وإنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس ،فهذا الذي
أشرك بعبادة ربه أحدا .وعنه عليه السلم قال :قال النبي صلى ال عليه
وآله :إن الملك يصعد بعمل العبد مبتهجا به فإذا صعد بحسناته يقول ال
عزوجل :اجعلوها في سجين إنه ليس إياى أراد به .وعن أمير المؤمنين
عليه السلم :ثلث علمات للمرائي :ينشط إذا رأى الناس ،ويكسل إذا كان
وحده ،ويحب أن يحمد في جميع اموره.
][304
- 51عدة الداعي :عن النبي صلى ال عليه وآله قال :يقول ال سبحانه ،أنا خير
شريك من أشرك معي شريكا في عمله فهو لشريكي دوني ،لني ل أقبل إل
ما أخلص لي .وفي حديث آخر :إني أغني الشركاء عن الشرك ،فمن عمل
عمل ثم أشرك فيه غيري ،فأنا منه برئ ،وهو للذي أشرك فيه دوني .وقال
النبي صلى ال عليه وآله :إن لكل حق حقيقة ،وما بلغ عبد حقيقة
الخلص حتى ل يحب أن يحمد على شئ من عمل ل .وقال صلى ال عليه
وآله :يا باذر ! ل يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس أمثال الباعر ،فل
يحفل بوجودهم ،ول يغيره ذلك كما ل يغيره وجود بعير عنده ،ثم يرجع هو
إلى نفسه فيكون أعظم حاقر لها .وقال صلى ال عليه وآله :وقد سئل فيم
النجاة ؟ قال :أن ل يعمل العبد بطاعة ال يريد بها الناس .وقال صلى ال
عليه وآله :إن ال تعالى ل يقبل عمل فيه مثقال ذرة من رئاء .وقال صلى
ال عليه وآله :إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر قالوا :وما الشرك
الصغر يارسول ال ؟ قال :الرئاء يقول ال عزوجل إذا جازى العباد
بأعمالهم :اذهبوا إلى الذي كنتم تراؤن في الدنيا ،هل تجدون ثواب
أعمالكم .وروي أن رجل من بني إسرائيل قال :لعبدن ال عبادة اذكر بها،
فمكث مدة مبالغا في الطاعات ،وجعل ل يمر بمل من الناس إل قالوا:
متصنع مراء فأقبل على نفسه وقال :قد أتعبت نفسك ،وضيعت عمرك في
ل شئ ،فينبغي أن تعمل ل سبحانه ،فغير نيته ،وأخلص عمله ل ،فجعل ل
يمر بمل من الناس إل قالوا :ورع تقي .وقال رسول صلى ال عليه وآله:
من آثر محامد ال على محامد الناس كفاه ال
][305
مؤنة الناس .وقال صلى ال عليه وآله :من أصلح أمر آخرته أصلح ال أمر دنياه،
ومن أصلح ما بينه وبين ال أصلح ال ما بينه وبين الناس )- 53 .(1
أسرار الصلة :عن النبي صلى ال عليه وآله قال :إن الجنة تكلمت وقالت:
إني حرام على كل بخيل ومراء .وعنه صلى ال عليه وآله قال :إن النار
وأهلها يعجون من أهل الرئاء فقيل :يا رسول ال كيف تعج النار ؟ قال:
من حر النار التي يعذبون بها .وعنه صلى ال عليه وآله :إن أول من
يدعي يوم القيامة رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل ال ،ورجل كثير
المال ،فيقول ال عزوجل للقاري :ألم اعلمك ما أنزلت على رسولي ؟
فيقول :بلى يا رب فيقول :ما عملت فيما عملت فيقول :يا رب قمت في آناء
الليل وأطراف النهار ،فيقول ال :كذبت وتقول الملئكة :كذبت ،ويقول ال
تعالى :إنما أردت أن يقال :فلن قارئ ،فقد قيل ذلك .ويؤتى بصاحب المال
فيقول ال تعالى :ألم اوسع عليك المال حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟
فيقول :بلى يا رب فيقول :فما عملت بما آتيتك ؟ قال :كنت أصل الرحم
وأتصدق فيقول ال :كذبت ،وتقول الملئكة :كذبت ،ويقول ال سبحانه :بل
أردت أن يقال :فلن جواد ،وقد قيل ذلك ،ويؤتى بالذي قتل في سبيل ال
فيقول ال :ما فعلت ؟ فيقول :أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت،
فيقول ال :كذبت ،وتقول الملئكة :كذبت ]ويقول ال سبحانه[ بل أدرت أن
يقال :فلن شجاع جرئ فقد قيل ذلك ،ثم قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :اولئك خلق ال تسعر بهم نار جهنم.
][306
)) * (117باب( * * " )استكثار الطاعة والعجب بالعمال( " * اليات :النساء:
ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل ال يزكى من يشاء ول يظلمون فتيل )
.(1النجم :هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الرض وإذ أنتم أجنة في بطون
امهاتكم فل تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) - 1 .(2كا :عن محمد بن
يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن علي بن أسباط عن رجل من
أصحابنا من أهل خراسان من ولد إبراهيم بن يسار يرفعه عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :إن ال علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب ،ولول ذلك
لما ابتلى مؤمن بذنب أبدا ) .(3بيان :العجب استعظام العمل الصالح
واستكثاره ،والبتهاج له ،والدلل به وأن يرى نفسه خارجا عن حد
التقصير وأما السرور به مع التواضع له تعالى والشكر له على التوفيق
لذلك ،وطلب الستزادة منه ،فهو حسن ممدوح .قال الشيخ البهائي قدس
ال روحه :ل ريب أن من عمل أعمال صالحة من صيام اليام ،وقيام
الليالي ،وأمثال ذلك ،يحصل لنفسه ابتهاج ،فان كان من حيث كونها عطية
من ال له ،ونعمة منه تعالى عليه ،وكان مع ذلك خائفا من نقصها شفيقا
من زوالها ،طالبا من ال الزدياد منها ،لم يكن ذلك البتهاج عجبا وإن كان
من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه ،فاستعظمها وركن إليها
ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير ،وصار كأنه يمن على ال سبحانه
بسببها
) (1النساء (2) .49 :النجم (3) .32 :الكافي ج 2ص [*] .313
][307
فذلك هو العجب انتهى .والخبر يدل على أن العجب أشد من الذنب ،أي من ذنوب
الجوارح ،فان العجب ذنب القلب ،وذلك أن الذنب يزول بالتوبة ،ويكفر
بالطاعات ،والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها ،ويفسد الطاعات ويهبطها
عن درجة القبول ،وللعجب آفات كثيرة ،فانه يدعو إلى الكبر كما عرفت،
ومفاسد الكبر ما عرفت بعضها وأيضا العجب يدعو إلى نيسان الذنوب،
وإهمالها ،فبعض ذنوبه ل يذكرها ،ول يتفقدها لظنه أنه مستغن عن تفقدها
فينساها ،وما يتذكر منها فيستصغرها ،فل يجتهد في تداركها ،وأما
العبادات والعمال فانه يستعظمها ويتبجح بها ،ويمن على ال بفعلها،
وينسى نعمة ال عليه ،بالتوفيق والتمكين منها .ثم إذا أعجب بها عمي
عن آفاتها ،ومن لم يتفقد آفات العمال كان أكثر سعيه ضائعا فان العمال
الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب ،قلما ينفع وإنما يتفقد من
يغلب عنه الشفاق والخوف ،دون العجب ،والمعجب يغتر بنفسه وبربه،
ويأمن مكر ال وعذابه ،ويظن أنه عند ال بمكان ،وأن له على ال منة،
وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه ،وعطية من عطاياه ،ثم إن إعجابه
بنفسه ورأيه وعمله وعقله ،يمنعه من الستفادة والستشارة والسؤال،
فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه ،وربما يعجب بالرأي الخطاء الذي
خطر له فيصر عليه وآفات العجب أكثر من أن تحصى - 2 .كا :عن محمد
بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن سنان ،عن نضر ابن قرواش،
عن إسحاق بن عمار ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :أتى عالم عابدا
فقال له :كيف صلتك ؟ فقال :مثلي يسأل عن عبادته ؟ وأنا أ عبد ال منذ
كذا وكذا فقال :كيف بكاؤك ؟ قال :أبكي حتى تجري دموعي ،فقال له
العالم :فان ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل ،وإن المدل ل
يصعد من عمله شئ ).(1
][308
بيان :القرواش بالكسر ]الطفيلي أو عظيم الرأس ،والمدل على بناء الفاعل من
الفعال المنبسط المسرور الذي ل خوف له من التقصير في العمل ،في
النهاية :فيه :يمشي على الصراط[ ) (1مدل :أي منبسطا ل خوف عليه،
وهو من ال دلل والدالة على من لك عنده منزلة وفي القاموس :دل
المرءة ودللها تدللها على زوجها تريه ]جرأة في تغنج وتشكل كأنها
تخالفه وما بها خلف ،وأدل عليه انبسط كتدلل وأوثق بمحبته فأفرط عليه،
والدالة ما تدل به على حميمك[ ) (2انتهى .والضحك مع الخوف هو
الضحك الظاهري مع الخوف القلبي كما مر في صفات المؤمن :بشره في
وجهه ،وحزنه في قلبه ،والحاصل أن المدار على القلب ول يصلح المرء
إل باصلح قلبه ،وإخراج العجب والكبر والرياء منه ،وتذليله بالخوف
والخشية والتفكر في أهوال الخرة وشرائط العمال ،وكثرة نعم ال عليه
وأمثال ذلك ،ويدل الخبر على أن العالم أفضل من العابد ،وأن العبادة بدون
العلم الحقيقي ل تنفع .قال بعض المحققين :اعلم أن العجب إنما يكون
بوصف هو كمال ل محالة وللعالم بكمال نفسه في علم وعمل ومال وغيره
حالتان :أحداهما أن يكون خائفا على زواله مشفقا على تكدره أو سلبه من
أصله ،فهذا ليس بمعجب والخرى أن ل يكون خائفا من زواله ،لكن يكون
فرحا من حيث إنه نعمة من ال تعالى عليه ،ل من حيث إضافته إلى نفسه،
وهذا أيضا ليس بمعجب ،وله حالة ثالثة هي العجب ،وهو أن يكون غير
خائف عليه ،بل يكون فرحا به مطمئنا إليه ويكون فرحه من حيث إنه كمال
ونعمة ورفعة وخير ،ل من حيث إنه عطية من ال تعالى ونعمة منه،
فيكون فرحه به من حيث إنه صفته ومنسوب إليه بأنه له ،ل من حيث إنه
منسوب إلى ال بأنه منه ،فمهما غلب على قلبه أنه نعمة من ال مهما
شاء سلبها زال العجب بذلك عن نفسه .فإذا العجب هو إعظام النعمة
والركون إليها ،،مع نسيان إضافتها إلى المنعم
) (2 - 1ما بين العلمتين أضفناه من شرح الكافي ج 2ص [*] .301
][309
فان انضاف إلى ذلك أن غلب على نفسه أن له عند ال حقا وأنه منه بمكان حتى
توقع بعلمه كرامة له في الدنيا واستبعد أن يجري عليه مكروه استبعادا
يزيد على استبعاده فيما يجري على الفساق سمي هذا إدلل بالعمل فكأنه
يرى لنفسه على ال دالة .وكذلك قد يعطي غيره شيئا فيستعظمه ويمن
عليه فيكون معجبا فان استخدمه أو اقترح عليه القتراحات أو استبعد
تخلفه عن قضاء حقوقه كان مدل عليه قال قتادة في قوله تعالى " :ول
تمنن تستكثر ) " (1أي ل تدل بعملك وفي الخبر أن صلة المدل ل ترتفع
فوق رأسه " ولن تضحك وأنت معترف بذنبك خير من أن تبكي وأنت تدل
بعملك والدلل وراء العجب فل مدل إل وهو معجب ،ورب معجب ل يدل إذ
العجب يحصل بالستعظام ونسيان النعمة ،دون توقع جزاء عليه ،والدلل
ل يتم إل مع توقع جزاء ،فان توقع إجابة دعوته واستنكر ردها بباطنه
وتعجب كان مدل بعمله ،فانه ل يتعجب من رد دعاء الفساق ،ويتعجب من
رد دعاء نفسه لذلك ،فهذا هو العجب والدلل ،وهو من مقدمات الكبر
وأسبابه - 3 .كا :عن محمد بن يحيى ،عن سعيد بن جناح ،عن أخيه أبي
عامر ،عن رجل عن أبي عبد ال عليه السلم قال :من دخله العجب هلك )
.(2بيان :المراد بالهلك استحقاق العقاب ،والبعد من رحمة ال تعالى،
وقيل العجب يدخل النسان بالعبادة وتركه الذنوب ،والصورة والنسب
والفعال العادية مثل الحسان إلى الغير ،وغيره ،وهو من أعظم المهلكات
وأشد الحجب بين القلب والرب ،ويتضمن الشرك بال وسلب الحسان
والفضال والتوفيق عنه تعالى ،وادعاء الستقلل لنفسه ،ويبطل به
العمال والحسان وأجرهما كما قال تعالى " :ول
][310
تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى " ) (1وليس المن بالعطاء وأذى الفقير باظهار
الفضل والتعيير عليه ،إل من عجبه بعطيته وعماه عن منة ربه وتوفيقه.
- 4كا :عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن علي بن أسباط ،عن أحمد بن
عمر الحلل ،عن علي بن سويد ،عن أبي الحسن عليه السلم قال :سألته
عن العجب الذي يفسد العمل فقال :العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء
عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا ومنها أن يؤمن العبد
بربه فيمن على ال عزوجل ول عليه فيه المن ) .(2بيان " :العجب
درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا " إشارة إلى قوله
تعالى " :أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ) " (3فيعجبه ويحسب أنه
يحسن صنعا " إشارة إلى قوله تعالى " :قل هل ننبئكم بالخسرين أعمال
الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " )
(4وأكثر الجهلة على هذه الصفة ،فانهم يفعلون أعمال قبيحة عقل ونقل
ويواظبون عليها حتى تصير تلك العمال بتسويل أنفسهم وتزيين قرينهم
من صفات الكمال عندهم فيذكرونها ويتفاخرون بها ،ويقولون :إنا فعلنا
كذا وكذا إعجابا بشأنهم وإظهارا لكمالهم " .ومنها أن يؤمن العبد بربه
فيمن على ال ول عليه فيه المن " إشارة إلى قوله تعالى " :يمنون عليك
أن أسلموا قل ل تمنوا علي إسلمكم بل ال يمن عليكم إن هديكم لليمان
إن كنتم صادقين " ).(5
) (1البقرة (2) .264 :الكافي ج 2ص (3) .313فاطر (4) .8 :الكهف- 103 :
(5) .104الحجرات[*] .17 :
][311
- 5كا :عن علي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن عبد الرحمن بن الحجاج ،عن
أبي عبد ال عليه السلم ،قال :إن الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ويعمل
العمل فيسره ذلك ،فيتراخى عن حاله تلك ،فلن يكون على حاله تلك خير
له مما دخل فيه ) .(1بيان " :فيندم عليه " ندامته مقام عجز واعتراف
بالتقصير وهو مقام التائبين وهو محبوب ل تعالى في تلك الحالة لنه قال
سبحانه " :إن ال يحب التوابين " ) " (2ويعمل العمل فيسره ذلك "
المراد بالسرور هنا ال دلل بالعمل ،واستعظامه وإخراج نفسه عن حد
التقصير كما مر " فيتراخى عن حاله تلك " أي تصير حاله بسبب هذا
السرور والعجب أدون وأخص من حاله وقت الندامة ،مع كونها مقرونة
بالمعصية في القاموس تراخى تقاعس أي تأخر وراخاه باعده ،وتراخى
السماء أبطأ المطر ،ويدل على أن العجب يبطل فضل العمال السابقة" .
فلن يكون على حاله تلك خير مما دخل فيه " ضمير " دخل " راجع إلى
الرجل ،وضمير " فيه " إلى الموصول ،ويحتمل العكس والفاء للتفريع "
وخير " خبر لن يكون ،أي يكون على حالة الندامة مع كونها مقرونة
بالذنب خير مما دخل فيه من العجب وإن كان مقرونا بالحسنة ،أو ذلك
الذنب لكونه مقرونا بالندامة أفضل من تلك الحسنة المقرونة بالعجب ،أو
هاتان الحالتان معا خير من تينك الحالتين - 6 .كا :عن محمد بن يحيى،
عن أحمد بن محمد ،عن أحمد بن أبي داود ،عن بعض أصحابنا عن
أحدهما عليهما السلم قال :دخل رجلن المسجد أحدهما عابد والخر
فاسق ،فخرجا من المسجد والفاسق صديق والعابد فاسق ،وذلك أنه يدخل
العابد المسجد مدل بعبادته يدل بها فتكون فكرته في ذلك وتكون فكرة
الفاسق في التندم على فسقه ،ويستغفر ال مما صنع من الذنوب ).(3
) (1الكافي ج 2ص (2) .313البقرة (3) .222 :الكافي ج 2ص [*] .314
][312
بيان " :والفاسق صديق " أي مؤمن صادق في إيمانه كثير الصدق والتصديق
قول وفعل ،قال الراغب :الصديق من كثر منه الصدق وقيل :بل يقال ذلك
لمن لم يكذب قط ،وقيل :بل لمن ل يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق وقيل:
بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله ) - 7 .(1كا :عن علي
بن إبراهيم ،عن محمد بن عيسى ،عن يونس ،عن عبد الرحمن ابن
الحجاج قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :الرجل يعمل العمل وهو خائف
مشفق ثم يعمل شيئا من البر فيدخله شبه العجب به ،فقال :هو في حاله
الولى وهو خائف أحسن حال منه في حال عجبه ) .(2بيان " :يعمل العمل
" أي معصية أو مكروها أو لغوا وحمله على الطاعة بأن يكون خوفه
للتقصير في الشرائط كما قيل بعيد لقلة فائدة الخبر حينئذ وإنما قال" :
شبه العجب " لبيان أنه يدخله قليل من العجب يخرج به عن الخوف
السابق ،فأشار في الجواب إلى أن هذا أيضا عجب - 8 .كا :عن علي بن
إبراهيم ،عن محمد بن عيسى بن عبيد ،عن يونس ،عن بعض أصحابه،
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
بينما موسى عليه السلم جالسا إذ أقبل عليه إبليس وعليه برنس ذو ألوان
فلما دنا من موسى خلع البرنس وقام إلى موسى فسلم عليه ،فقال له
موسى :من أنت ؟ فقال :أنا إبليس ،قال :أنت فل قرب ال دارك قال :إني
إنما جئت لسلم عليك لمكانك من ال قال :فقال له موسى :فما هذا
البرنس ؟ قال :به أختطف قلوب بني آدم ،فقال موسى :فأخبرني بالذنب
الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه ؟ قال :إذا أعجبته نفسه ،واستكثر
عمله ،وصغر في عينيه ذنبه .وقال :قال ال تعالى لداود عليه السلم :يا
داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين قال :كيف ابشر المذنبين وانذر
الصديقين ؟ قال :يا داود بشر المذنبين أني
][313
أقبل التوبة ،وأعفو عن الذنب ،وأنذر الصديقين أل يعجبوا باعمالهم ،فانه ليس عبد
أنصبه للحساب إل هلك ) .(1بيان :البرنس بالضم وفي النهاية هو كل ثوب
رأسه ملتزق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره ،قال الجوهري :هو
قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر السلم ،وهو من البرس
بكسر الباء القطن ،والنون زائدة ،وقيل :أنه غير عربي " ،قال أنت " أي
أنت إبليس ،وقيل :خبر مبتدأ محذوف أي المسلم أنت وعلى التقديرين
استفهام تعجبي " .فل قرب ال دارك " أي لقربك ال منا أو من أحد،
وقيل :أي حيرك ال ،وقيل :ل تكون دارك قريبة من المعمورة كناية عن
تخريب داره " إنما جئت لسلم عليك " أي لم أجئ لضللك فتبعدني ،لنه
لطمع لي فيك لقربك من ال ،أو سلمي عليك للمنزلة التي لك عند ال" .
به أختطف " يقال :خطفه من باب علم وضرب واختطفه إذا استلبه وأخذه
بسرعة ،وكأن اللوان في البرنس كانت صورة شهوات الدنيا وزينتها أو
الديان المختلفة والراء المبتدعة أو العم ،واستحواذ الشيطان على العبد
غلبته عليه واستمالته إلى ما يريده منه " .أن ل يعجبوا " قيل :أن ناصبة
ول نافية أو أن مفسرة ول ناهية ،ويعجبوا من باب الفعال على بناء
المجهول أو على بناء المعلوم ،نحو أغد البعير ،وأقول :الول أظهر" .
أنصبه " ]كأضربه :أي اقيمه ،وكونه على بناء الفعال بمعنى التعاب
بعيد " ،ال هلك " أي استحق العذاب ،إذ جميع الطاعات ل تفي بشكر نعمة
واحدة من نعمه سبحانه ،ومع قطع النظر عن المناقشة في شرائط العبادة
في غالب الناس المقاصة بالمعاصي[ ).(2
) (1الكافي :ج 2ص (2) .314تتمة البيان أضفناه من شرح الكافي ج 2ص
،302ونسخة الكمباني هناك سقيم جدا[*] .
][314
.....:9لول ذلك ما ابتلى ال مؤمنا بذنب ) - 10 .(1لي :عن الصادق عليه السلم
إن كان الممر على الصراط فالعجب لماذا ) - 11 .(2لي :في مناهى النبي
صلى ال عليه وآله :ل تحقروا شيئا من الشر وإن صغر في أعينكم ،ول
تستكثروا الخير وإن كثر في أعينكم ،فانه ل كبير مع الستغفار ول صغير
مع الصرار ) - 12 .(3لي :عن الصادق عليه السلم قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم :من دخله العجب هلك ) - 13 .(4ل :ابن الوليد ،عن
الصفار ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن هارون بن الجهم ،عن ثوير بن أبي
فاختة ،عن أبي جميلة ،عن سعد بن طريف ،عن أبي جعفر عليه السلم
قال :ثلث موبقات :شح مطاع ،وهوى متبع ،وإعجاب المرء بنفسه ).(5
وفي خبر آخر عن النبي صلى ال عليه وآله :ثلث مهلكات وذكر مثله
وكذا في وصية النبي صلى ال عليه وآله إلى علي عليه السلم )- 14 .(6
ل :ابن الوليد ،عن الصفار ،عن محمد بن عبد الحميد ،عن عامر بن رياح،
عن عمرو بن الوليد ،عن سعد السكاف ،عن ابي جعفر عليه السلم قال:
ثلث هن قاصمات الظهر :رجل استكثر عمله ،ونسى ذنوبه ،وأعجب برأيه
).(7
) (1كذا ،وهذا ذيل حديث مر مثله عن الكافي الرقم (2) .1أمالي الصدوق ص ) .6
(3أمالي الصدوق ص (4) .260أمالي الصدوق ص (5) .268الخصال
ج 1ص (6) .41الخصال ج 1ص ،42في حديثين (7) .الخصال ج 1
ص [*] .55
][315
مع :عن أبيه ،عن سعد ،عن محمد بن عبد الحميد مثله ) - 15 .(1ل :عن أبيه،
عن سعد ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن
الحجاج ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال إبليس لعنه ال لجنوده :إذا
استمكنت من ابن آدم في ثلث لم ابال ما عمل فانه غير مقبول منه ،إذا
استكثر عمله ،ونسى ذنبه ،ودخله العجب ) - 16 .(2ل :عن أبيه ،عن
علي ،عن أبيه ،عن حماد ،عمن ذكره ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلم في وصيته لبنه محمد بن الحنفية :إياك
والعجب ،وسوء الخلق ،وقلة الصبر ،فانه ل يستقيم لك على هذه الخصال
الثلث صاحب ،ول يزال لك عليها من الناس مجانب ،الخبر ) - 17 .(3ل:
عن ابن نباتة ،عن أمير المؤمنين عليه السلم قال :العجب هلك ،والصبر
ملك ) - 18 .(4ما :في وصية أمير المؤمنين عليه السلم إلى الحسن
عليه السلم :ل وحدة ول وحشة أوحش من العجب - 19 .ع :قال :عن
الصادق عليه السلم ل جهل أضر من العجب ) .(5أقول :قد مضى بعض
الخبار في باب جوامع المكارم ) - 20 .(6ع :عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن
عيسى ،عن علي بن الحكم ،عن ابن أسباط ،عن رجل من أصحابنا رفعه
إلى أبي عبد ال عليه السلم قال :علم ال عزوجل
][316
أن الذنب خير للمؤمن من العجب ،ولول ذلك ما ابتله بذنب أبدا ) - 21 .(1ع :عن
أبيه ،عن محمد العطار ،عن الشعري ،عن أحمد بن محمد رفعه قال :قال
الصادق عليه السلم :يدخل رجلن المسجد أحدهما عابد والخر فاسق
فيخرجان من المسجد والفاسق صديق والعابد فاسق ،وذلك أنه يدخل العابد
المسجد وهو مدل بعبادته ويكون فكره في ذلك ويكون فكرة الفاسق في
التندم على فسقه فيستغفر ال من ذنوبه ) - 22 .(2مع :عن أبيه ،عن
سعد ،عن ابن عيسى ،عن الوشا ،عن علي بن ميسرة قال :قال أبو عبد
ال عليه السلم :إياكم أن تكونوا منانين ،قلت :جعلت فداك وكيف ذلك ؟
قال :يمشي أحدكم ثم يستلقي ويرفع رجليه على الميل ،ثم يقول :اللهم إني
إنما أردت وجهك ) - 23 .(3مع :عن أبيه ،عن سعد ،عن أحمد بن محمد،
عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال :من ل يعرف
لحد الفضل فهو المعجب برأيه ) - 24 .(4الدرة الباهرة :قال أبو الحسن
الثالث عليه السلم :من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه - 25 .نهج:
قال عليه السلم :سيئة تسوءك خير عند ال من حسنة تعجبك ) .(5وقال
عليه السلم :أوحش الوحشة العجب ) .(6وقال عليه السلم :العجاب
يمنع من الزدياد ).(7
) (1علل الشرائع ج 2ص (2) .266علل الشرائع ج 2ص (3) .43معاني
الخبار ص ،140وقوله " :يمشي أحدكم " أي يمشي في قضاء حوائج
الخوان وسائر وجوه البر والخير (4) .معاني الخبار ص (5) .244
نهج البلغة الرقم 46من الحكم (6) .نهج البلغة الرقم 38من الحكم) .
(7نهج البلغة الرقم 184من الحكم[*] .
][317
وقال عليه السلم :عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله ) - 26 .(1مع :ابن الوليد،
عن الصفار ،عن ابن أبي الخطاب ،عن ابن أسباط عن أحمد بن عمر
الحلل ،عن علي بن سويد المدايني ،عن أبي الحسن موسى عليه السلم
قال :سألته عن العجب الذي يفسد العمل ،فقال :العجب درجات منها أن
يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا ،فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا،
ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على ال تبارك وتعالى ،ول تعالى عليه
فيه المن ) - 27 .(2ثو :عن أبيه ،عن سعد ،عن البرقي ،عن محمد بن
سنان ،عن أبي العلء ،عن أبي خالد الصيقل ،عن أبي جعفر عليه السلم
قال :إن ال عزوجل فوض المر إلى ملك من الملئكة فخلق سبع سماوات
وسبع أرضين وأشياء ،فلما رأى الشياء قد انقادت له قال :من مثلي
فأرسل ال عزوجل نويرة من نار ،قلت :وما نويرة من نار ؟ قال :نار بمثل
أنملة ،قال :فاستقبلها بجميع ما خلق ،فتحللت لذلك حتى وصلت إليه ،لما
أن دخله العجب ) - 28 .(3ص :بالسناد إلى الصدوق ،عن أبيه ،عن
سعد ،عن أحمد بن محمد عمن ذكره ،عن درست ،عمن ذكره عنهم عليهم
السلم قال :بينما موسى جالس إذ أقبل إبليس فقال له موسى ،أخبرني
بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه ؟ قال :ذلك إذا أعجبته نفسه،
واستكثر عمله ،وصغر في نفسه ذنبه ،تمام الخبر - 29 .ص :عن
الصدوق ،عن ماجيلويه ،عن عمه ،عن الكوفي ،عن محمد ابن سنان ،عن
النضر بن قرواش ،عن إسحاق بن عمار ،عمن سمع أبا عبد ال عليه
السلم يحدث قال :مر عالم بعابد وهو يصلي قال :يا هذا كيف صلتك ؟
قال :مثلي يسأل عن هذا ؟ قال :بلى ثم قال] :وكيف بكاؤك ؟ فقال :إني
لبكي حتى تجري دموعي فقال له العالم [:تضحك وأنت خائف من ربك،
أفضل من بكائك وأنت مدل بعملك ،إن المدل بعمله ما يصعد منه شئ.
) (1نهج البلغة الرقم 212من الحكم (2) .معاني الخبار ص (3) .243ثواب
العمال ص ،224وتراه في المحاسن ص [*] .123
][318
وقال رسول ال صلى ال عليه وآله :حدثوا عن بني إسرائيل ول حرج )- 30 .(1
ضا :روي أن أيوب عليه السلم لما جهده البلء قال :لقعدن مقعد الخصم،
فأوحى ال إليه تكلم ،فجثى على الرماد فقال :يا رب إنك تعلم أنه ما عرض
لي أمران قط كلهما لك رضا إل اخترت أشدهما على بدني ،فنودي من
غمامة بيضاء بستة آلف ألف لغة ،فلمن المن ؟ فوضع الرماد على رأسه
وخر ساجدا ينادي لك المن سيدي ومولي فكشف ال ضره - 31 .ضا:
نروي عن رسول ال صلى ال عليه وآله :أنه قال ال تبارك وتعالى :أنا
أعلم بما يصلح عليه دين عبادي المؤمنين إن من عبادي لمن يجتهد في
عبادتي ويقوم من نومه ولذة وسادته فيجتهد لي ،فأضربه بالنعاس الليلة
]والليلتين[ نظرا مني له وإبقاء عليه فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت
لنفسه ،ولو خليت بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب،
فيصيره العجب إلى الفتنة فيأتيه من ذلك ما فيه هلكه ،أل فل يتكل
العاملون على أعمالهم ،فانهم لو اجتهدوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي
كانوا مقصرين غير بالغين كنه عبادتي فيما يطلبونه عندي ،ولكن برحمتي
فليثقوا ،وبفضلي فليفرحوا ،وإلى حسن الظن ]بي[ فليطمئنوا فإن رحمتي
) (1هذا حديث رواه العامة عن رسول ال صلى ال عليه وآله ،وباستناد هذا
الحديث المزعوم رووا السرائيليات من كتبهم وأساطيرهم فشوهوا وجه
الكتاب والسنة ،وحذا حذوهم بعض المتقدمين من الشيعة فنقلها في كتب
أصحابنا كما نراها في تفاسيرهم ومجاميعهم الحديثية .والحديث -وامثاله
غير يسير كما سمعت من المؤلف العلمة في حديث لعن الحائك -مما
أوله الصادق أبو عبد ال عليه السلم ،لما لم يمكنه رده على رؤس
الشهاد روى الصدوق في المعاني ص 158باسناده عن عبد العلى بن
أعين قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم جعلت فداك حديث يرويه الناس
أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال " :حدث عن بني إسرائيل ول
حرج " قال :نعم قلت :فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه ول حرج
علينا ؟ قال :أما سمعت ما قال صلى ال عليه وآله " :وكفى بالمرء كذبا
أن يحدث بكل ما سمع " فقلت :فكيف هذا ؟ قال :ما كان في الكتاب أنه
كان في بني إسرائيل ،فحدث أنه كائن في هذه المة ،ول حرج[*] .
][319
عند ذلك تدركهم ،فاني أنا ال الرحمن الرحيم ،وبذلك تسميت .ونروي أن عالما أتى
عابدا فقال له :كيف صلتك ؟ فقال :تسألني عن صلتي وأنا أ عبد ال منذ
كذا وكذا ،فقال :كيف بكاؤك ،فقال :إني لبكي حتى تجري دموعي ،فقال له
العالم :فان ضحكك وأنت خائف من ال أفضل من بكائك ،وأنت مدل على
ال إن المدل ل يصعد من عمله شئ - 32 .ما :جماعة ،عن أبي المفضل،
عن عبيدال بن الحسين بن إبراهيم ،عن علي بن عبد ال بن الحسين
الحسيني ،عن علي بن القاسم بن الحسين بن زيد ،عن أبيه ،عن جده ،عن
أبي عبد ال عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :لول أن الذنب خير للمؤمن من العجب ،ما خلى ال بين عبده المؤمن
وبين ذنب أبدا ) .(1عدة الداعي :مثله ) - 33 .(2مص :قال الصادق عليه
السلم :المغرور في الدنيا مسكين ،وفي الخرة مغبون ،لنه باع الفضل
بالدنى ،ول تعجب من نفسك ،حيث ربما اغتررت بمالك وصحة جسمك أن
لعلك تبقى ،وربما اغتررت بطول عمرك وأولدك وأصحابك لعلك تنجو
بهم ،وربما اغتررت بحالك ومنيتك ،وإصابتك مأمولك وهواك ،وظننت أنك
صادق ومصيب ،وربما اغتررت إلى الخلق أو شكوت من تقصيرك في
العبادة ولعل ال يعلم من قلبك بخلف ذلك ،وربما أقمت نفسك على العبادة
متكلفا وال يريد الخلص ،وربما افتخرت بعلمك ونسبك وأنت غافل عن
مضمرات ما في غيب ال ،وربما توهمت أنك تدعو ال وأنت تدعو سواه،
وربما حسبت أنك ناصح للخلق ،وأنت تريدهم لنفسك أن يميلوا إليك،
وربما ذممت نفسك ،وأنت تمدحها على الحقيقة .واعلم أنك لن تخرج من
ظلمات الغرور والتمني إل بصدق النابة إلى ال ،والخبات له ،ومعرفة
عيوب أحوالك من حيث ل يوافق العقل والعلم
][320
ول يتحمله الدين والشريعة ،وسنن النبوة وأئمة الهدى ،وإن كنت راضيا بما أنت
فيه ،فما أحد أشقى بعمله منك وأضيع عمرا ،فأورثت حسرة يوم القيامة )
- 34 .(1مص :قال الصادق عليه السلم :العجب كل العجب ممن يعجب
بعمله ،ول يدري بما يختم له ،فمن أعجب بنفسه وفعله فقد ضل عن منهج
الرشد ،وادعى ما ليس له ،والمدعي من غير حق كاذب ،وإن خفي دعواه،
وطال دهره ،وإن أول ما يفعل بالمعجب نزع ما اعجب به ،ليعلم أنه عاجز
حقير ،ويشهد على نفسه ليكون الحجة عليه أوكد ،كما فعل بابليس.
والعجب نبات حبها الكفر ،وأرضها النفاق ،وماؤها البغي ،وأغصانها
الجهل وورقها الضللة ،وثمرها اللعنة والخلود في النار ،فمن اختار
العجب فقد بذر الكفر وزرع النفاق ،ولبد له من أن يثمر )- 35 .(2
ختص :عن الصدوق :عن ابن المتوكل ،عن علي ،عن أبيه ،عن البزنظي،
عن عبد الكريم بن عمرو ،عن أبي الربيع الشامي قال :قال أبو عبد ال
عليه السلم :من أعجب بنفسه هلك ،ومن أعجب برأيه هلك ،وإن عيسى
بن مريم قال :داويت المرضى فشفيتهم باذن ال وأبرأت الكمة والبرص
باذن ال وعالجت الموتى فاحييتهم باذن ال ،وعالجت الحمق فلم أقدر
على إصلحه فقيل :يا روح ال وما الحمق ؟ قال :المعجب برأيه ونفسه،
الذي يرى الفضل كله له ل عليه ،ويوجب الحق كله لنفسه ول يوجب
عليها حقا ،فذاك الحمق الذي ل حيلة في مداواته ) - 36 .(3ما :عن
الحسين بن إبراهيم القزويني ،عن محمد بن وهبان ،عن أحمد ابن
إبراهيم ،عن الحسن بن علي الزعفراني ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن ابن
أبي
) (1مصباح الشريعة (2) .24 :مصباح الشريعة (3) .27 :الختصاص [*] .221
][321
عمير ،عن هشام بن سالم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال أيوب النبي عليه
السلم حين دعا ربه :يا رب كيف ابتليتني بهذا البلء الذي لم تبتل به أحدا
؟ فوعزتك إنك تعلم أنه ما عرض لي أمران قط كلهما لك طاعة إل عملت
بأشدهما على بدني ،قال :فنودي :ومن فعل ذلك بك يا أيوب ؟ قال :فأخذ
التراب فوضعه على رأسه ،ثم قال :أنت يا رب ) - 37 .(1عدة الداعي:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ثلث مهلكات :شح مطاع وهوى متبع،
وإعجاب المرء بنفسه ،وهو محبط للعمل ،وهو داعية المقت من ال
سبحانه ) .(2وقال أمير المؤمنين عليه السلم :سيئة تسوؤك خير من
حسنة تعجبك .وعن الصادق عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله
أوحى ال تعالى إلى داود عليه السلم يا داود بشر المذنبين ،وانذر
الصديقين ،قال :كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين ؟ قال :يا داود بشر
المذنبين بأني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب ،وأنذر الصديقين أن يعجبوا
بأعمالهم فانه ليس عبد يعجب بالحسنات إل هلك وفي رواية اخرى فانه
ليس عبد ناقشته الحسنات إل هلك .وعن أبي جعفر عليه السلم عن النبي
صلى ال عليه وآله قال :قال ال تعالى :أنا أعلم بما يصلح به أمر عبادي
وإن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادته فيقوم من رقاده ولذيد
وساده ،فيجتهد ويتعب نفسه في عبادتي ،فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين
نظرا مني له ،وإبقاء عليه ،فينام حتى يصبح ،فيقوم ماقتا لنفسه زاريا
عليها ،ولو اخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب
باعماله فيأتيه ما فيه هلكه لعجبه بأعماله ،ورضاه عن نفسه ،حتى يظن
أنه قد فاق العابدين ،وجاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك،
وهو يظن أنه تقرب إلي .ومن طريق آخر رواه صاحب الجواهر بزيادة
على هذا الكلم تتمة له:
فل يتكل للعاملون على أعمالهم التي يعملونها ،فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم
وأعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين ما يطلبون من كرامتي،
والنعيم في جناتي ورفيع درجاتي في جواري ،ولكن رحمتي فليبغوا،
والفضل مني فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا ،فان رحمتي عند ذلك
تداركهم ،وهي تبلغهم رضواني ومغفرتي ،والبسهم عفوي فاني أنا ال
الرحمن الرحيم ،بذلك تسميت وعن الباقر عليه السلم قال :قال ال
سبحانه :إن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الشئ من طاعتي فاصرفه
عنه مخافة العجاب ) .(1وقال المسيح عليه السلم :يا معشر الحواريين
كم من سراج أطفأته الريح ،وكم من عابد أفسده العجب .روى سعد بن أبي
خلف ،عن الصادق عليه السلم قال :عليك بالجد ،ول تخرجن نفسك من
حد التقصير في عبادة ال تعالى وطاعته ،فان ال تعالى ل يعبد حق عبادته
) - 38 .(3أسرار الصلة :روى محمد بن مسلم ،عن الباقر عليه السلم
قال :ل بأس أن تحدث أخاك إذا رجوت أن تنفعه وتحثه ،وإذا سالك هل
قمت الليلة أو صمت فحدثه بذلك ،إن كنت فعلته ،فقل :رزق ال تعالى ذلك،
ول تقول :ل ،فان ذلك كذب.
][323
)) * (118باب( * * " )ذم السمعة والغترار بمدح الناس( " * أقول :قد سبق
معنى السمعة في باب الرئاء ) - 1 .(1لي :عن أبيه ،عن علي بن إبراهيم،
عن أبيه ،عن صفوان ،عن الكناني عن الصادق عليه السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :من يتبع السمعة يسمع ال به ) - 3 .(2ع:
ابن المتوكل ،عن السعد آبادي ،عن البرقي ،عن عبد العظيم الحسني ،عن
ابن أبي عمير ،عن عبد ال بن الفضل ،عن خاله محمد بن سليمان ،عن
رجل ،عن أبي جعفر عليه السلم أنه قال لمحمد بن مسلم :ل تغرنك الناس
من نفسك فان المر يصل إليك دونهم ،الخبر ) - 3 .(3مع :أبي ،عن سعد،
عن ابن يزيد ،عن ابن أبي عمير ،عن جميل قال :سألت أبا عبد ال عليه
السلم عن قول ال عزوجل " :فل تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " )
(4قال :قول النسان صليت البارحة ،وصمت أمس ،ونحو هذا ،ثم قال
عليه السلم ،إن قوما كانوا يصبحون فيقولون :صلينا البارحة
) (1السمعة في الصل ما يسمع من صيت أو ذكر حسن -وهي فعلة بمعنى مفعولة
وفي عرف المحدثين والمتشرعة ما يفعل من العبادات ليسمعه الناس أي
يذكرونه بالخير والجميل قيل :والفرق بينها وبين الرئاء ،أن الرياء هو
التظاهر بما يخالف الباطن والسمعة هي إظهار ما يوافق الباطن بقصد
الشهرة (2) .أمالي الصدوق 292 :وقوله يسمع ال به من باب التفعيل
يقال :سمع بالرجل :أذاع عنه عيبا وندد به وشهره وفضحه (3) .علل
الشرائع ج 2ص (4) .286النجم[*] .33 :
][324
وصمنا أمس ،فقال علي عليه السلم ،لكني أنام الليل والنهار ،ولو أجد بينهما شيئا
لنمته ) .(1ين :ابن أبي عمير وفضالة ،عن جميل مثله - 4 .دعوات
الراوندي :روي أن عابدا في بني إسرائيل سأل ال تبارك وتعالى فقال :يا
رب ما حالي عندك ؟ أخير فأزداد في خيري أو شر فاستعتبك قبل الموت ؟
قال :فأتاه آت فقال له :ليس لك عند ال خير ،قال :يا رب وأين عملي ؟
قال :كنت إذا عملت خيرا أخبرت الناس به ،فليس لك منه إل الذي رضيت
به لنفسك ،تمام الخبر - 5 .عدة الداعي :روى المفسرون عن ابن جبير
قال :جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال :إني أتصدق وأصل
الرحم ول أصنع ذلك إل ل فيذكر مني وأحمد عليه ،فيسرني ذلك وأعجب
به ،فسكت رسول ال صلى ال عليه وآله ولم يقل شيئا فنزل قوله تعالى:
" قل إنما أنا بشر مثلكم " إلى قوله " :أحدا " ) .(2وعن الصادق عليه
السلم قال :من عمل حسنة سرا كتبت له سرا فإذا أقر بها محيت وكتبت
جهرا ،فإذا أقر بها ثانيا محيت وكتبت رئاء ).(3
) (1معاني الخبار (2) .243 :الكهف (3) .110 :عدة الداعي[*] .162 :
][325
)) * (119باب( * * " )ذم الشكاية من ال ،وعدم الرضا( " * * " )بقسم ال،
والتأسف بما فات( " * اليات :النساء :ول تتمنوا ما فضل ال به بعضكم
على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن
واسئلوا ال من فضله إن ال كان بكل شئ عليما ) .(1يوسف :وقال إنما
أشكو بثي وحزني إلى ال وأعلم من ال ما ل تعلمون ) - 1 .(2ب:
هارون ،عن ابن صدقة قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :من شكى إلى
أخيه فقد شكى إلى ال ،ومن شكا إلى غير أخيه فقد شكا ال ) - 4 .(3مع:
أبي ،عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبد ال،
عن آبائه عليهم السلم ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن أحب
السبحة إلى ال عزوجل سبحة الحديث وأبغض الكلم إلى ال عزوجل
التحريف ،قيل :يا رسول ال ما سبحة الحديث ؟ قال :الرجل يسمع حرص
الدنيا وباطلها فيغتم عند ذلك فيذكر ال عزوجل ،وأما التحريف فكقول
الرجل :إني مجهود ومالي وما عندي ؟ ) - 3 .(4مع :أبي ،عن سعد ،عن
أحمد بن محمد ،عن أبيه ،عن القاسم بن محمد الجوهري ،عن إسماعيل
بن إبراهيم ،عن أبي معاوية الشتر ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :من
شكى إلى مؤمن فقد شكا إلى ال عزوجل ،ومن شكا إلى مخالف فقد شكا
) (1النساء (2) .32 :يوسف (3) .86 :قرب السناد (4) .52 :معاني الخبار:
[*] .258
][326
ال عزوجل ) - 4 .(1ما :جماعة ،عن أبي المفضل ،عن النعمان بن أحمد القاضي،
عن محمد بن شعبة ،عن حفص بن عمر بن ميمون ،عن عبد ال بن محمد
بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلم ،عن الباقر ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من كثر همه سقم بدنه،
ومن ساء خلقه عذب نفسه ،ومن لحى الرجال سقطت مروته وذهبت
كرامته ،ثم قال صلى ال عليه وآله :لم يزل جبرئيل ينهاني عن ملحاة
الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر وعبادة الوثان ) - 5 .(2ل:
الربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلم :إذا ضاق المسلم فل يشكون
ربه عزوجل ،وليشك إلى ربه الذي بيده مقاليد المور وتدبيرها )- 6 .(3
لي :في خبر مناهي النبي صلى ال عليه وآله قال :من لم يرض بما قسم
ال له من الرزق ،وبث شكواه ،ولم يصبر ولم يحتسب ،لم ترفع له حسنة،
ويلقى ال وهو عليه غضبان إل أن يتوب ) - 7 .(4لي :عن ابن إدريس،
عن أبيه ،عن محمد بن أحمد العلوي ،عن أحمد بن القاسم عن أبي هاشم
الجعفري قال :أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن علي ابن
محمد عليهما السلم فأذن لي ،فلما جلست قال :يا هاشم أي نعم ال
عزوجل عليك تريد أن تؤدي شكرها ؟ قال أبو هاشم :فوجمت ) (5ولم أدر
ما اقول له ،فابتدأ عليه السلم فقال :رزقك اليمان فحرم به بدنك على
النار ،ورزقك العافية فأعانك على الطاعة ،ورزقك القنوع فصانك عن
التبذل ،يا باهاشم إنما ابتدأتك بهذا لني ظننت أنك تريد أن تشكو إلى من
فعل بك هذا ،وقد أمرت لك بمائة
) (1معاني الخبار (2) .407 :أمالي الطوسي ج 2ص (3) .125الخصال ج 2
ص (4) .162أمالي الصدوق (5) .256 :وجم الرجل وجوما :سكت
وعجز عن التكلم من كثرة الغم والخوف[*] .
][327
دينار فخذها ) - 8 .(1لي :عن ابن الوليد ،عن ابن أبان ،عن الحسين بن سعيد،
عن الحسن ابن علي الخزاز ،عن الرضا عليه السلم قال :قال عيسى بن
مريم للحواريين :يا بني إسرائيل ل تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم
دينكم ،كما ل يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم )
- 9 .(2ن :عن ابن الوليد ،عن الصفار ،عن ابن أبي الخطاب ،عن ابن
أسباط عن سليم مولى طربال ،عن رجل ،عن أبي جعفر عليه السلم قال:
سمعته يقول :الدنيا دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك ،وما كان منها
عليك أتاك ولم تمتنع منه بقوة ،ثم أتبع هذا الكلم بأن قال :من يئس مما
فات أراح بدنه ،ومن قنع بما اوتي قرت عينه ) - 10 .(3محص :عن
يونس بن عمار قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم قال :أيما مؤمن شكا
حاجته وضره إلى كافر أو من يخالفه على دينه ،فانما شكا ال إلى عدو
من أعداء ال ،وأيما مؤمن شكا حاجته وضره وحاله إلى مؤمن مثله كانت
شكواه إلى ال عزوجل - 10 .نهج :قال أمير المؤمنين عليه السلم :من
شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى ال .ومن شكاها إلى كافر فكأنما
شكا ال ) - 11 .(4كا :عن محمد بن يحيى ،عن ابن عيسى ،عن ابن
محبوب ،عن داود الرقي عن أبي عبيدة الحذاء ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :قال ال عزوجل :إن من
عبادي المؤمنين عبادا ل يصلح لهم أمر دينهم إل بالغنا والسعة والصحة
في البدن فأبلوهم بالغنا والسعة وصحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم،
وإن من عبادي المؤمنين لعبادا ل يصلح لهم أمر دينهم إل بالفاقة
والمسكنة والسقم في
) (1أمالي الصدوق (3) .248 :أمالي الصدوق (4) .297 :لم نجده في العيون،
وروى مثله الشيخ في أماليه ج 1ص 229بسند آخر (5) .نهج البلغة
الرقم 427من الحكم[*] .
][328
أبدانهم فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فيصلح عليهم أمر دينهم ،وأنا
أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين .وإن من عبادي المؤمنين
لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيجتهد لي الليالي
فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين ،نظرا مني إليه
وإبقاء عليه ،فينام حتى يصبح ،فيقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها ،ولو
اخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك ،فيصيره العجب
إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلكه لعجبه بأعماله ورضاه عن
نفسه حتى يظن انه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير ،فيتباعد
مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرب إلي .فل يتكل العاملون على أعمالهم
التي يعملونها لثوابي ،فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأعمارهم في
عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون
عندي من كرامتي ،والنعيم في جناتي ،ورفيع درجات العلى في جواري
ولكن فبرحمتي فليثقوا ،وبفضلي فليفرحوا ،وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا
فان رحمتي عند ذلك تداركهم ،ومني يبلغهم رضواني ،ومغفرتي تلبسهم
عفوي فاني أنا ال الرحمن الرحيم وبذلك تسميت ) .(1توضيح :الغنا
بالكسر والقصر وبالفتح والمد ضد الفقر ،والسعة بالفتح والكسر مصدر
وسعه الشئ بالكسر يسعه سعة وهي تأكيد للغنا أو المراد بها كثرة الغنا،
وقد مر تأويل الختبار مرارا فظهر أن اختلف أحوالهم مبني على
اختبارهم فيختبر بعضهم بالغنا ليظهر شكره أو كفرانه ،ولعلمه بأنه أصلح
لدينه ،وبعضهم بالفقر ليظهر شكره أو شكايته ،ولعلمه بأنه أصلح لدينه،
وهكذا ،وبالجملة يختبر كل منهم بما هو أصلح لدينه ودنياه .والرقاد
بالضم النوم أو هو خاص بالليل ،والوساد بالفتح المتكأ والمخدة كالوسادة
مثلثة ،وإضافة اللذيذ إليه إضافة الصفة إلى الموصوف ،والجتهاد السعي
والجد في العبادة ،والليالي منصوب بالظرفية " فأضربه بالنعاس " كأنه
على الستعارة
][329
أي اسلطه عليه أو هو نظير قوله تعالى " فضربنا على آذانهم " ) (1قال الراغب:
الضرب إيقاع شئ على شئ ،ولتصور اختلف الضرب خولف بين
تفاسيرها كضرب الشئ باليد والعصا وضرب الرض بالمطر وضرب
الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة ،والضرب في الرض الذهاب فيه
لضربها بالرجل ،وضرب الخيمة لضرب أوتادها وقال " ضربت عليهم
الذلة " ) (2أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة لو ضربت عليه ومنه
استعير " فضربنا على آذانهم " وضرب اللبن بعضه ببعض بالخلط ).(3
وفي القاموس نظر لهم رثى لهم وأعانهم ،وفي النهاية أبقيت عليه أبقي
إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه والسم البقيا ،وقال :المقت أشد البغض
وقال :زريت عليه زراية إذا عتبته .والعجب ابتهاج النسان وسروره
بتصور الكمال في نفسه وإعجابه بأعماله بظن كمالها وخلوصها ،وهذا من
أقبح الدواء النفسانية وأعظم الفات للعمال الحسنة حتى روي عن النبي
صلى ال عليه وآله أنه قال :لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من
ذلك العجب ،ول ينشأ ذلك إل من الجهل بآفات النفس وأدوائها ،وبشرائط
العمال ومفسداتها ،وعظمة المعبود وجلله ،وغنائه عن طاعة
المخلوقين " فيصيره العحب إلى الفتنة بأعماله أي إلى أن يفتتن بها
ويحبها ويراها كاملة فائقة على أعمال غيره أو إلى الضللة أو الثم بسبب
أعماله والول أظهر .قال في القاموس :الفتنة بالكسر إعجابك بالشئ،
والضلل ،والثم ،والكفر والفضيحة ،والعذاب ،والمحنة " .فل يتكل
العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي " لنها وإن كانت كاملة فهي
في جنب عظمة المعبود ناقصة ،وفي جنب الثواب الذي يرجونه قاصرة
وكأن في العبارة إشعارا بذلك ،وأيضا قد عرفت أن شرائط العمال وآفاتها
كثيرة يخفى أكثرها على النسان ،وفى دللة على جواز العمل بقصد
الثواب كما
) (1الكهف (2) .11 :البقرة ،61 :آل عمران (3) .112المفردات[*] .295 :
][330
مر تحقيقه " .فيما يطلبون " أي في جنب ما يطلبونه " عندي " وهي كرامتهم
علي في الدنيا والخرة ،وقربهم عندي " في جواري " مجاورة رحمتي أو
مجاورة أوليائي أو في أماني " ولكن فبرحمتي " وفي مجالس الشيخ )(1
" برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا " وفي غيره " ومن فضلي فليرجوا "
وما في الكتاب أنسب بقوله تعالى " :قل بفضل ال وبرحمته فبذلك
فليفرحوا " ) (2والباء متعلقة بفعل يفسره ما بعده ،والفاء لمعنى الشرط،
كأنه قيل إن وثقوا بشئ فبرحمتي فليثقوا " .وإلى حسن الظن بي
فليطمئنوا " أي ينبغي أن يروا أعمالهم قاصرة ،ويظنوا بسعة رحمته
وعفوه قبولها " فان رحمتي عند ذلك تداركهم " أي تتلفاهم بحذف إحدى
التائين وفي المجالس وغيره " تدركهم " قال الجوهري :الدراك اللحوق
واستدركت ما فات وتداركته بمعنى وتدارك القوم أي تلحقوا " ومني "
بالفتح أي نعمتي " يبلغهم رضواني " أي يوصلهم إليه ،وفي المجالس "
وبمني ابلغهم رضواني والبسهم عفوي " وفي فقه الرضا عليه السلم "
ومنتي تبلغهم ورضواني ومغفرتي تلبسهم " ) - 13 .(3كا :عن أبي علي
الشعري ،عن محمد بن عبد الجبار ،عن محمد بن إسماعيل ،عن علي بن
النعمان ،عن عمرو بن نهيك بياع الهروي قال :قال أبو عبد ال عليه
السلم قال ال عزوجل :عبدي المؤمن ل أصرفه في شئ إل جعلته خيرا له
فليرض بقضائي ،وليصبر على بلئي ،وليشكر نعمائي ،أكتبه يا محمد من
الصديقين عندي ).(4
) (1راجع أمالي الطوسي ج 1ص 168و (2) .215يونس (3) .58 :اخرجه
المؤلف العلمة تارة في ج 70ص 389وتارة في ج 71ص 146
فراجع (4) .الكافي ج 2ص [*] .61
][331
بيان " :بياع الهروي " أي بياع الثوب المعمول في هراة بخراسان " ل أصرفه
في شئ " بالتخفيف وكأن " في " بمعنى " إلى " كقوله تعالى " :وإذ
صرفنا إليك نفرا من الجن " ) (1أو على بناء التفعيل ،يقال :صرفته في
المر تصريفا فتصرف قلبته فتقلب ،والصديق الكثير الصدق في القوال
والفعال بحيث يكون فعله لقوله موافقا ،أو الكثير التصديق للنبياء المتقدم
في ذلك على غيره - 14 .كا :عن محمد بن يحيى ،عن ابن عيسى ،عن ابن
محبوب ،عن مالك بن عطية عن داود بن فرقد ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :إن فيما أوحى ال عزوجل إلى موسى ابن عمران عليه
السلم :يا موسى بن عمران ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن
فاني إنما أبتليه لما هو خير له واعافيه لما هو خير له وازوي عنه لما هو
خير له وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي ،فليصبر على بلئي ،وليشكر
نعمائي ،وليرض بقضائي أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضاي
وأطاع أمري ) .(2بيان :البلء يكون في الخير والشر والول هنا أظهر قال
في النهاية :قال القتيبي :يقال من الخير أبليته ابليه إبلء ،ومن الشر بلوته
أبلوه بلء والمعروف أن البتلء يكون في الخير والشر معا من غير فرق
بين فعليهما ومنه قوله تعالى " ونبلوكم بالشر والخير فتنة " ) (3وقال
في حديث الدعاء :وما زويت عني مما أحب أي صرفته عني وقبضته
انتهى - 15 .كا :عن أبي علي الشعري ،عن محمد بن عبد الجبار ،عن
صفوان بن يحيى ،عن فضيل بن عثمان ،عن ابن أبي يعفور ،عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :عجبت للمرء المسلم ل يقضي ال عزوجل له قضاء
إل كان خيرا له ،وإن قرض بالمقاريض كان خيرا له ،وإن ملك مشارق
الرض ومغاربها كان خيرا له ).(4
) (1الحقاف (2) .29 :الكافي ج 2ص (3) .61النبياء (4) .35 :الكافي ج 2
ص [*] .62
][332
بيان " :للمرء المسلم " كأن المراد بالمسلم المعنى الخص أي المؤمن المنقاد ل
وربما يقرأ بالتشديد من التسليم " وإن قرض " على بناء المجهول من
باب ضرب أو على بناء التفعيل للتكثير والمبالغة ،في المصباح قرضت
الشئ قرضا من باب ضرب قطعته بالمقراضين ،والمقراض أيضا بكسر
الميم ،والجمع مقاريض ول يقال :إذا جمع بينهما مقراض كما تقوله
العامة ،وإنما يقال عند اجتماعهما :قرضته قرضا من باب ضرب قطعته
بالمقراضين ،وفي الواحد قطعته بالمقراض انتهى " .وإن ملك " على
بناء المجرد المعلوم من باب ضرب ،أو على بناء المفعول من التفعيل،
وربما يحمل التعجب هنا على المجاز إظهارا لغرابة المر وعظمه فانه
محل التعجب ،وأما التعجب حقيقة فل يكون إل عند خفاء السباب ،وهي لم
تكن مخفية عليه عليه السلم - 16 .كا :عن محمد بن يحيى ،عن ابن
عيسى ،عن ابن سنان ،عن صالح بن عقبة ،عن عبد ال بن محمد
الجعفي ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :أحق خلق ال أن يسلم لما قضى
ال عزوجل من عرف ال عزوجل ،ومن رضي بالقضاء أتى عليه القضاء
وعظم ال أجره ،ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط ال أجره )
.(1بيان " :أن يسلم " بفتح الهمزة بتقدير الباء أي بان يسلم على بناء
التفعيل ويحتمل الفعال " ،بما قضى ال " أي من البليا والمصائب
وتقتير الرزق ،وأمثال ذلك مما ليس فيه اختيار " ،وعظم ال أجره "
الضمير راجع إلى القضاء ،فالمراد بالجر العوض على طريقة المتكلمين
ل الثواب الدائم ،ويحتمل رجوع الضمير إلى " من " فالجر يشملهما أي
ثواب الرضا وأجر القضاء أو العم منهما أيضا فان الصفات الكمالية
تصير سببا لتضاعف أجر سائر الطاعات أيضا .وكذا قوله عليه السلم" :
أحبط ال أجره " يحتمل الوجوه وقيل :يحتمل أن يكون المراد به إحباط
ثواب الرضا وإحباط أجر القضاء أيضا ،ويؤيد الول ما روي عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة صبر
][333
أو لم يصبر - 17 .كا :عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :اليمان أربعة
أركان ،الرضا بقضاء ال والتوكل على ال ،وتفويض المر إلى ال،
والتسليم لمر ال ) .(1بيان " :اليمان أربعة أركان " أي مركب منها
أوله هذه الربعة ،وعليها بناؤه واستقراره فكأنه عينها - 18 .كا :عن
علي :عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن جميل بن صالح ،عن بعض أشياخ
بني النجاشي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :رأس ) (2طاعة ال
الصبر ،والرضا عن ال فيما أحب العبد أو كره ،ول يرضى عبد عن ال
فيما أحب أو كره إل كان خيرا له فيما أحب أو كره ) .(3بيان " :رأس
طاعة ال " أي أشرفها أو ما به بقاؤها ،فشبه الطاعة بانسان وأثبت له
الرأس ،في القاموس :الرأس معروف وأعل كل شئ وسيد القوم ،وفي
بعض الروايات " كل طاعة ال " " .فيما أحب " أي العبد مثل الصحة
والسعة والمن " أو كره " كالسقم والضيق " إل كان " أي ما قضاه ال
بقرينة المقام فان الرضا عن ال هو الرضا بقضائه وإرجاعه إلى الرضا
بعيد والرضا به ل ينافي الفرار عنه والدعاء لدفعه لنهما أيضا بأمره
وقضائه سبحانه - 19 .كا :عن العدة ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن حماد،
عن ابن مسكان عن ليث المرادي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
أعلم الناس بال أرضاهم بقضاء ال عزوجل ) .(4توضيح :يدل على أن
الرضا بالقضاء تابع للعلم والمعرفة ،وأنه قابل للشدة والضعف مثلهما،
وذلك لن الرضا مبني على العلم بأنه سبحانه قادر
) (1الكافي ج 2ص (2) 47 .وفي بعض النسخ :كل طاعة ال (4 - 3) .الكافي ج
2ص [*] .60
][334
قاهر عدل حكيم لطيف بعباده ل يفعل بهم إل الصلح ،وأنه المدبر للعالم ،وبيده
نظامه ،فكلما كان العلم بتلك المور أتم ،كان الرضا بقضائه أكمل وأعظم.
وأيضا الرضا من ثمرات المحبة ،والمحبة تابعة للمعرفة ،فبعد حصول
المحبة ل يأتي من محبوبه إليه شئ إل كان أحلى من كل شئ - 20 .كا:
عن العدة ،عن البرقي ،عن يحيى بن إبراهيم ،عن عاصم بن حميد ،عن
الثمالي ،عن علي بن الحسين عليهما السلم قال :الصبر والرضا عن ال
رأس طاعة ال ،ومن صبر ورضى عن ال فيما قضى عليه فما أحب أو
كره لم يقض ال عزوجل له فيما أحب أو كره إل ما هو خير له ) .(1بيان:
مضمونه موافق لحديث بعض الشياخ ،فان قوله عليه السلم " :ومن
صبر ورضى " الخ المراد به أن الصبر والرضا وقعا موقعهما فان
المقضي عليه ل محالة خير له ،ل أنه إذا لم يصبر ولم يرض لم يكن خيرا
له ،ولو حمل على هذا الوجه واعتبر المفهوم يحتمل أن يكون الرضا سببا
لمزيد الخيرية ،ولو لم يكن إل الجر المترتب على الصبر والرضا لكفى في
ذلك مع أنه قد جرب أن الراضي بالسوء من القضاء تتبدل حاله سريعا من
الشدة إلى الرخاء .وقيل :لبد من القول بأن المفهوم غير معتبر ،أو القول
بان ما قضاه ال شر له لفقده أجر الصبر والرضا ،أو في نظره ،بخلف
الصابر والراضي ،فانه خير في نظرهما وفي الواقع - 21 .كا :عن العدة:
عن سهل ،عن البزنظي ،عن صفوان الجمال ،عن أبي الحسن الول عليه
السلم قال :ينبغي لمن عقل عن ال أن ل يستبطئه في رزقه ،ول يتهمه
في قضائه ) - 22 .(2كا :عن علي ،عن أبيه ،عن القاسم بن محمد ،عن
المنقري ،عن علي بن هاشم بن البريد ،عن أبيه ،قال :قال علي بن
الحسين عليهما السلم :الزهد عشرة أجزاء
][335
أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع ،وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين وأعلى
درجة اليقين أدنى درجة الرضا ) .(1بيان :يدل على أن للزهد في الدنيا
وترك الرغبة فيها مراتب تنتهي أعلها إلى أدنى درجات الورع ،أي ترك
المحرمات والشبهات ،وله أيضا مراتب تنتهي أعلها إلى أدنى درجات
الرضا بقضاء ال ،فهو أعلى درجات القرب والكمال - 23 .كا :عن العدة،
عن البرقي ،عن محمد بن علي ،عن علي بن أسباط عمن ذكره ،عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :لقى الحسن بن علي عليهما السلم عبد ال بن
جعفر فقال :يا عبد ال كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمه ويحقر
منزلته والحاكم عليه ال ،وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إل الرضا
أن يدعو ال فيستجاب له ) .(2توضيح " :كيف " للنكار " مؤمنا " أي
كامل في اليمان مستحقا لهذا السم " وهو " ا الواو للحال " يسخط
قسمه " القسم بالكسر وهو النصيب أو بالفتح مصدر قسمه كضربه أو
بكسر القاف وفتح السين جمع قسمة بالكسر مصدرا أيضا وعلى الول
الضمير البارز راجع إلى المؤمن وعلى الخيرين إما راجع إليه أيضا
بالضافة إلى المفعول ،أو إلى ال " .ويحقر منزلته " الضمير راجع إلى
المؤمن أيضا أي يحقر منزلته التي أعطاه ال إياها بين الناس ،في المال
والعزة وغيرهما ،وقيل :أي منزلته عند ال لنه تعالى جعل ذلك قسما له
لرفع منزلته ،فتحقير القسم السبب لها تحقير لها وما ذكرنا أظهر ،ويمكن
إرجاعه إلى القسم أو إلى ال بالضافة إلى الفاعل " والحاكم عليه ال "
الواو للحال ،وضمير عليه للمؤمن أو للقسم ،وقيل " :الحاكم " عطف
على " منزلته " و " ال " بدل عن الحاكم أي ويحقر الحاكم عليه ،وهو
ال لن تحقير حكم الحاكم تحقير له ،ول يخفى بعده .وفي القاموس :هجس
الشئ في صدره يهجس خطر بباله أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل
الوسواس ويدل
][336
على أن الرضا بالقضا موجب لستجابة الدعاء - 24 .كا :عن العدة :عن البرقي،
عن أبيه ،عن ابن سنان ،عمن ذكره عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
قلت له :بأي شئ يعلم المؤمن بأنه مؤمن ؟ قال :بالتسليم ل ،والرضا فيما
ورد عليه من سرور أو سخط ) .(1بيان :بأنه مؤمن أي متصف بكمال
اليمان " بالتسليم " أي في أحكامه وأوامره ونواهيه " فيما ورد عليه "
أي من قضاياه وتقديراته) * (120) .باب( * * " )اليأس من روح ال،
والمن من مكر ال( " * اليات :العراف :أفأمنوا مكر ال ،فل يأمن مكر
ال إل القوم الخاسرون ) .(2هود :ولئن أذقنا النسان منا رحمة ثم
نزعناها منه أنه ليؤس كفور * ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن
ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إل الذين صبروا وعملوا الصالحات
اولئك لهم مغفرة وأجر كبير ) .(3يوسف :يا بني اذهبوا فتحسسوا من
يوسف وأخيه ول تيأسوا من روح ال إنه ل ييأس من روح ال إل القوم
الكافرون ) .(4الحجر :قالوا بشرناك بالحق فل تكن من القانطين * قال
ومن يقنط من رحمة ربه إل الضالون ).(5
) (1الكافي ج 2ص (2) .62العراف (3) .99 :هود (4) .11 - 10يوسف.87 :
) (5الحجر 55 :و [*] .56
][337
أسرى :وإذا أنعمنا على النسان أعرض ونآى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا )
.(1الشعراء :إن هذا إل خلق الولين * وما نحن بمعذبين ) .(2وقال
تعالى :أتتزكون فيما ههنا آمنين ) .(3وقال :فأسقط علينا كسفا من السماء
إن كنت من الصادقين ) .(4العنكبوت :والذين كفروا بآيات ال ولقائه
اولئك يئسوا من رحمتي ) .(5وقال تعالى :فما كان جواب قومه إل أن قالوا
ائتنا بعذاب ال إن كنت من الصادقين ) .(6الروم :وإذا أذقنا الناس رحمة
فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ) .(7وقال
تعالى :وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ) .(8المؤمن:
يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الرض إلى قوله تعالى :وقال الذين آمن
يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الحزاب إلى قوله :يا قوم إني أخاف
عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من ال من عاصم ).(9
السجدة :وإن مسه الشر فيؤس قنوط ) .(10الطور :وإن يروا كسفا من
السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم ) .(11تفسير " :رحمة " أي نعمة "
ثم نزعناه " أي سلبناه منه " إنه ليؤس " شديد
) (1أسرى (2) .83 :الشعراء 138 :و (3) .139الشعراء (4) .146 :الشعراء:
(5) .187العنكبوت (6) .23 :العنكبوت (7) .29 :الروم(8) .36 :
الروم (9) .49 :المؤمن (10) .33 - 29 :السجدة (11) .49 :الطور:
[*] .44
][338
اليأس قنوط من أن تعود إليه تلك النعمة المنزوعة ،قاطع رجاءه من سعة فضل ال
" كفور " عظيم الكفران لنعمه " ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته "
كصحة بعد سقم ،وغنى بعد عدم ،وفي اختلف الفعلين نكتة ل تخفى "
ليقولن ذهب السيئات عني " أي المصائب التي ساءتني واحزنتني " إنه
لفرح " أشر بطر مغتر بها " فخور " على الناس بما أنعم ال عليه ،قد
شغله الفرح والفخر عن الشكر والقيام بحقها - 1 .مع :عن الصادق عليه
السلم ناقل عن حكيم :اليأس من روح ال أشد بردا من الزمهرير )2 .(1
-ما :عن الحسين بن علي بن محمد ،عن أحمد بن محمد المقري ،عن
يعقوب بن إسحاق ،عن عمر بن عاصم ،عن معمر بن سليمان ،عن أبيه،
عن أبي عثمان النهدي ،عن جندب الغفاري أن رسول ال صلى ال عليه
وآله قال :إن رجل قال يوما :وال ل يغفر ال لفلن ،قال ال عزوجل :من
ذا الذي تألى علي أن ل أغفر لفلن ،فاني قد غفرت لفلن وأحبطت عمل
المتألي بقوله :ل يغفر ال لفلن ) 3 .(2نوادر الراوندي :قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :يبعث ال المقنطين يوم القيامة مغلبة وجوههم،
يعني غلبة السواد على البياض ،فيقال لهم :هؤلء المقنطون من رحمة ال
تعالى ).(3
) (1معاني الخبار (2) .177 :أمالي الطوسي ج 1ص (3) .57نوادر الراوندي
ص [*] .18
][339
)) (121باب( * )كفران النعم( * اليات :يونس :وإذا مس النسان الضر دعا
لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر
مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ) .(1وقال سبحانه :وإذا أذقنا
الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل ال أسرع
مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون * هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى
إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف
وجائهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم احيط بهم دعوا ال مخلصين له
الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما أنجيهم إذا هم
يبغون في الرض بغير الحق ،يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع
الحيوة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون ) .(2هود :ولئن
أذقنا النسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤس كفور * ولئن أذقناه
نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إل
الذين صبروا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة وأجر كبير ) .(3إبراهيم:
ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت ال كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم
يصلونها وبئس القرار ) .(4وقال تعالى :وإن تعدوا نعمة ال ل تحصوها
إن النسان لظلوم كفار ) .(5النحل :وما بكم من نعمة فمن ال ثم إذا مسكم
الضر فإليه تجأرون *
) (1يونس (2) .12يونس (3) .23 - 21 :هود (4) .11 - 9 :إبراهيم 28 :و .29
) (5إبراهيم[*] .34 :
][340
ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم
فتمتعوا فسوف تعلمون ) .(1وقال تعالى :وال فضل بعضكم على بعض في
الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء
أفبنعمة ال يجحدون إلى قوله تعالى :أفبالباطل يؤمنون وبنعمة ال هم
يكفرون ) .(2وقال تعالى :يعرفون نعمة ال ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون
) .(3وقال تعالى :وضرب ال مثل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها
رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم ال فأذاقها ال لباس الجوع والخوف بما
كانوا يصنعون ) .(4أسرى :وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إل
إياه فلما نجيكم إلى البر أعرضتم وكان النسان كفورا * أفأمنتم أن يخسف
بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم ل تجدوا لكم وكيل * أم أمنتم أن
يعيدكم فيه تارة اخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم
ل تجدوا لكم علينا به تبيعا ) .(5الكهف :واضرب لهم مثل رجلين جعلنا
لحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا * كلتا
الجنتين آتت اكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خللهما نهرا * وكان له ثمر
فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مال وأعز نفرا * ودخل جنته وهو
ظالم لنفسه قال ما اظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن
رددت إلى ربي لجدن خيرا منها منقلبا * قال له صاحبه وهو يحاوره
أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجل * لكنا هو ال
ربي ول اشرك بربي أحدا * ولول إذ دخلت جنتك قلت ما شاء ال ل قوة
إل بال إن ترن أنا أقل منك مال وولدا * فعسى ربي أن يؤتين
) (1النحل (2) .55 - 53 :النحل (3) .72 - 71 :النحل (4) .83 :النحل) .112 :
(5أسرى[*] .69 - 67 :
][341
خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا * أو يصبح
ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا * واحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على
ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول ياليتني لم اشرك بربي أحدا
* ولم تكن له فئة ينصرونه من دون ال وما كان منتصرا * هنالك الولية
ل الحق هو خير ثوابا وخير عقبا ) .(1الحج :وهو الذي أحياكم ثم يميتكم
ثم يحييكم إن النسان لكفور ) .(2العنكبوت :فإذا ركبوا في الفلك دعوا ال
مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون * ليكفروا بما
آيتناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون إلى قوله تعالى :أفبالباطل يؤمنون
وبنعمة ال يكفرون ) .(3الروم :وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين
إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون * ليكفروا بما
آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ) .(4وقال تعالى :ولئن أرسلنا ريحا فرأوه
مصفرا لظلوا من بعده يكفرون ) .(5لقمان :ألم تر إلى الفلك تجري في
البحر بنعمة ال ليريكم من آياته إن في ذلك ليات لكل صبار شكور * وإذا
غشيهم موج كالظلل دعوا ال مخلصين له الدين فلما نجيهم إلى البر فمنهم
مقتصد وما يجحد بايآتنا إل كل ختار كفور ) .(6سبا :لقد كان لسبأ في
مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة
طيبة ورب غفور * فأعرضوا فارسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم
جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا
وهل نجازي إل الكفور * وجعلنا بينهم وبين القرى
) (1الكهف (2) .44 - 32 :الحج (3) .66 :العنكبوت (4) .67 - 65 :الروم- 33 :
(5) .34الروم (6) .51 :لقمان[*] .32 - 31 :
][342
التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين *
فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم
كل ممزق إن في ذلك ليات لكل صبار شكور ) .(1الزمر :إن ال ل يهدي
من هو كاذب كفار ) .(2وقال تعالى :وإذا مس النسان ضر دعا ربه منيبا
إليه ثم إذا خوله نعمة نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل ل أندادا ليضل
عن سبيله قل تمتع بكفرك قليل إنك من أصحاب النار ) .(3السجدة :ل
يسأم النسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤس قنوط * ولئن أذقناه
رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن
رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا
ولنذيقنهم من عذاب غليظ * وإذا أنعمنا على النسان أعرض ونآى بجانبه
وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ) .(4حمعسق :وانا إذا أذقنا النسان
رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فان النسان كفور ).(5
الدهر :إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * إنا أعتدنا للكافرين
سلسل وأغلل وسعيرا ) .(6عبس :قتل النسان ما أكفره * من أي شئ
خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا
شاء أنشره * كل لما يقض ما أمره ) .(7العاديات :إن النسان لربه لكنود
).(8
) (1سبأ (2) .19 - 15 :الزمر (3) .3 :الزمر (4) .8 :السجدة(5) .51 - 49 :
الشورى (6) .48 :الدهر (7) .40 :عبس (8) .23 - 17 :العاديات6 :
وهذا الباب لم يخرج أحاديثه[*] .
][343
كلمة الناشر :بسمه تعالى الحمد ل رب العالمين ،والصلة والسلم على رسوله
محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين .وبعد :فقد من ال العزيز علينا
-بفضله وأنعامه -حيث اختارنا للقيام بنشر تراث أهل البيت عليهم الصلة
والسلم ومنها هذه الموسوعة الكبيرة الفذة التي لم ينسج على منوالها
ولم يعمل على شاكلتها ،نسأل ال العزيز أن يوفقنا لهذه الخدمة المرضية
إنه ولي التوفيق .ولقد يسر ال إنجاز عدتنا بانتشار أجزاء البحار متواليا
فخرج بعون ال وله الشكر -حتى الن -أحد وعشرون جزءا من غرر
أجزاء البحار وسينتشر سائر أجزائها غير المطبوعة على هذا النمط وال
ولي التوفيق .مدير المكتبة السلمية .الحاج السيد إسماعيل الكتابچي
واخوانه[*] .
][344
كلمة المصحح :بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل -والصلة والسلم على رسول
ال ،وعلى آله امناء ال .وبعد :فقد تفضل ال علينا -وله الفضل والمن -
حيث اختارنا لخدمة الدين وأهله ،وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى
وهي الباحثة عن المعارف السلمية الدائرة بين المسلمين :أعني بحار
النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار عليهم الصلوات والسلم.
][344
كلمة المصحح :بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل -والصلة والسلم على رسول
ال ،وعلى آله امناء ال .وبعد :فقد تفضل ال علينا -وله الفضل والمن -
حيث اختارنا لخدمة الدين وأهله ،وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى
وهي الباحثة عن المعارف السلمية الدائرة بين المسلمين :أعني بحار
النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار عليهم الصلوات والسلم .وهذا
الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام هو الجزء السادس من المجلد
الخامس عشر ،وقد اعتمدنا في تصحيح الحاديث وتحقيقها على النسخة
المصححة المشهورة بكمباني ،بعد تخريجها من المصادر وتعيين موضع
النص من المصدر ،وقابلنا معذلك تتمة الجزء الثاني على النسخة الوحيدة
من نسخة الصل لخزانة كتب الحبر الفاضل حجة السلم الحاج الشيخ
حسن المصطفوي دام إفضاله ،وقد قدمنا في مقدمة الجزءين السابقين -
67و - 68شطرا مما يتعلق بمعرفة هذه النسخة ،ويرى القارئ -بين
يديه -صورة فتوغرافية منها وهي الصفحة التي يبتدء بها هذا المجلد.
نسأل ال العزيز أن يوفقنا لدامة هذه الخدمة المرضية بفضله ومنه .محمد
الباقر البهبودي.