You are on page 1of 250

‫بحار النوار‬

‫العلمة المجلسي ج ‪69‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر‬
‫المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء التاسع‬
‫والستون مؤسسة الوفاء بيروت ‪ -‬لبنان الطبعة الثانية المصححة ‪‍ 1403‬ه‬
‫‪ 1983 -‬م‬

‫]‪[1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم )‪) * (94‬باب( * * " )فضل الفقر والفقراء وحبهم‬
‫ومجالستهم والرضا بالفقر( " * * " )وثواب اكرام الفقراء وعقاب من‬
‫استهان بهم( " * اليات‪ :‬الكهف‪ :‬واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم‬
‫بالغداة والعشي يريدون وجهه ول تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا‬
‫ول تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا )‪.(1‬‬
‫الفرقان‪ :‬تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها‬
‫النهار ويجعل لك قصورا )‪ .(2‬الزخرف‪ :‬ولول ان يكون الناس امة واحدة‬
‫لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون‬
‫* ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكؤن * وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع‬
‫الحيوة الدنيا والخرة عند ربك للمتقين )‪ .(3‬الفجر‪ :‬فاما النسان إذا ما‬
‫ابتليه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتليه وقدر عليه‬
‫رزقه فيقول ربي أهانن )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .28 :‬الفرقان‪ (3) .10 :‬الزخرف‪ (4) .35 - 33 :‬الفجر‪- 15 :‬‬
‫‪[*] .16‬‬

‫]‪[2‬‬

‫تفسير‪ " :‬واصبر نفسك " أي احبسها وثبتها قال الطبرسي رحمه ال )‪ (1‬في‬
‫نزولها‪ :‬انها نزلت في سلمان )‪ (2‬وأبي ذر وصهيب وعمار وخباب‬
‫وغيرهم من فقراء أصحاب النبي صلى ال عليه وآله وذلك أن المؤلفة‬
‫قلوبهم جاؤا إلى رسول ال صلى ال عليه وآله عيينة بن حصن والقرع‬
‫بن حابس وذووهم فقالوا يا رسول ال إن جلست في صدر المجلس‬
‫ونحيت عنا هؤلء وروائح صنانهم )‪ (3‬وكانت عليهم جباب الصوف ‪-‬‬
‫جلسنا نحن اليك وأخذنا عنك‪ ،‬فما يمنعنا من الدخول عليك ال هؤلء‪ ،‬فلما‬
‫نزلت الية قام النبي صلى ال عليه وآله فأصابهم في مؤخر المسجد‬
‫يذكرون ال فقال‪ :‬الحمد ل الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع‬
‫رجال من امتي‪ ،‬معكم المحيا ومعكم الممات‪ " .‬مع الذين يدعون " الخ أي‬
‫يداومون على الصلوات والدعاء عند الصباح والمساء ل شغل لهم غيره‪،‬‬
‫فيستفتحون يومهم بالدعاء‪ ،‬ويختمونه بالدعاء " يريدون وجهه " أي‬
‫رضوانه وقيل‪ :‬يريدون تعظيمه والقربة إليه دون الرئاء والسمعة " ول‬
‫تعد عيناك عنهم " أي ول تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء‬
‫الدنيا " تريد زينة الحيوة الدنيا " تريد في موضع الحال أي مريدا مجالسة‬
‫أهل الشرف والغنا وكان النبي صلى ال عليه وآله حريصا على إيمان‬
‫العظماء من المشركين طمعا في إيمان أتباعهم ولم يمل إلى الدنيا وزينتها‬
‫قط ول إلى أهلها‪ ،‬وإنما كان يلين في بعض الحايين للرؤساء طمعا في‬
‫إيمانهم‪ ،‬فعوتب بهذه الية‪ ،‬وامر بالقبال على فقراء المؤمنين‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .465‬ذكر سلمان والمؤلفة قلوبهم مما يوهن ذلك‬
‫فان اليات مكية وسلمان والمؤلفة قلوبهم انما اسلموا بالمدينة والظاهر‬
‫اختلط أسامي الصحاب على الرواة‪ (3) .‬الصنان‪ :‬بالضم دفر البط وهو‬
‫رائحة البط المنتن‪ ،‬وفي الدر المنثور بدل الصنان ‪ -‬جبابهم‪ ،‬وهو الصح‬
‫فان الجباب جمع جبة وهو ثوب مقطوع الكم طويل يلبس فوق الثياب‬
‫ولذلك يقول بعده " وكانت عليهم جباب الصوف " ولكن صحفت الكلمة‬
‫في الصل والمصدر بجبات‪[*] .‬‬

‫]‪[3‬‬

‫وأن ل يرفع بصره عنهم إلى مجالسة الشراف‪ " .‬ول تطع من أغفلنا قلبه عن‬
‫ذكرنا " قيل‪ :‬فيه أقوال‪ :‬أحدها أن معناه ول تطع من جعلنا قلبه غافل عن‬
‫ذكرنا بتعريضه للغفلة‪ ،‬ولهذا قال‪ " :‬واتبع هواه " ومثله " فلما زاغوا‬
‫أزاغ ال قلوبهم " وثانيها‪ :‬نسبنا قلبه إلى الغفلة كما يقال‪ :‬أكفره إذا نسبه‬
‫إلى الكفر‪ ،‬وثالثها صادفناه غافل‪ ،‬ورابعها جعلناه غفل لم نسمه بسمة‬
‫قلوب المؤمنين‪ ،‬ولم نعلم فيه علمة لتعرفه الملئكة بتلك السمة‪،‬‬
‫وخامسها تركنا قلبه وخذلناه‪ ،‬وخلينا بينه وبين الشيطان بتركه أمرنا "‬
‫واتبع هواه " أي في شهواته وأفعاله " وكان أمره فرطا " أي سرفا‬
‫وإفراطا وتجاوزا عن الحد أو ضياعا وهلكا‪ .‬وأقول‪ :‬فيها مدح عظيم‬
‫للفقراء‪ ،‬وحث على مصاحبتهم ومجالستهم‪ ،‬إذا كانوا زاهدين في الدنيا‪،‬‬
‫مواظبين على ذكر ال والصلوات‪ ،‬ومنع عن مجالسة الغنياء المتكبرين‬
‫اللهين عن ال‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬تبارك " )‪ (1‬أي تقدس " الذي إن شاء‬
‫جعل لك " أي في الدنيا " خيرا من ذلك " أي مما قالوا " ويجعل لك‬
‫قصورا " في الدنيا أو في الخرة على القراءتين ومعلوم من السياق أن‬
‫الخرة خير من الدنيا‪ ،‬واختارها ال لحب خلقه‪ " .‬ولول أن يكون الناس‬
‫" )‪ (2‬قد مر تفسيره مرارا‪ .‬قوله سبحانه‪ " :‬فأما النسان إذا ما ابتليه‬
‫ربه " )‪ (3‬أي اختبره وامتحنه بالنعمة " فأكرمه " بالمال " ونعمه " بما‬
‫وسع عليه من أنواع الفضال " فيقول ربي اكرمن " أي فيفرح بذلك‬
‫ويسر‪ - 1 .‬المؤمن‪ :‬باسناده عن الصبغ قال‪ :‬كنت عند أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم قاعدا فجاء رجل فقال‪ :‬يا امير المؤمنين وال إني لحبك في‬
‫ال‪ ،‬فقال‪ :‬صدقت إن‬

‫)‪ (1‬الفرقان‪ (2) .10 :‬الزخرف‪ (3) .33 :‬الفجر‪[*] .15 :‬‬

‫]‪[4‬‬

‫طينتنا مخزونة أخذ ال ميثاقها من صلب آدم عليه السلم فاتخذ للفقر جلبابا فاني‬
‫سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬وال يا علي إن الفقر لسرع‬
‫إلى محبيك من السيل إلى بطن الوادي )‪ - 2 .(1‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن أبان بن عبد الملك قال‪:‬‬
‫حدثني بكر الرقط‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أو عن شعيب‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم أنه دخل عليه واحد‪ ،‬فقال له‪ ،‬أصلحك ال إني رجل‬
‫منقطع إليكم بمودتي وقد أصابتني حاجة شديدة‪ ،‬وقد تقربت بذلك إلى أهل‬
‫بيتي وقومي‪ ،‬فلم يزدني بذلك منهم إل بعدا قال‪ :‬فما آتاك ال خير مما أخذ‬
‫منك قال‪ :‬جعلت فداك ادع ال أن يغنيني عن خلقه‪ ،‬قال‪ :‬ان ال قسم رزق‬
‫من شاء على يدي من شاء‪ ،‬ولكن اسأل ال أن يغنيك عن الحاجة التي‬
‫تضطرك إلى لئام خلقه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬أصلحك ال " مشتمل على سوء أدب‬
‫ال أن يكون المراد إصلح أحوالهم في الدنيا‪ ،‬وتمكينهم في الرض ودفع‬
‫أعدائهم‪ ،‬أو أنه جرى ذلك على لسانهم للفهم به‪ ،‬فيما يجري بينهم من‬
‫غير تحقيق لمعناه‪ ،‬ومورده " إني رجل منقطع إليكم " كأنه ضمن‬
‫النقطاع معنى التوجه أي منقطع عن الخلق متوجها إليكم بسبب مودتي‬
‫لكم أو مودتي مختصة بكم " وقد تقربت بذلك " الشارة إما إلى مصدر‬
‫أصابتني أو إلى الحاجة والمستتر في قوله‪ " :‬فلم يزدني " راجع إلى‬
‫مصدر تقربت‪ ،‬ومرجع الشارة ما تقدم‪ ،‬وقوله‪ " :‬إل بعدا " استثناء‬
‫مفرغ‪ ،‬وهو مفعول لم يزدني أي لم يزدني التقرب منهم بسبب فقري شيئا‬
‫إل بعدا منهم‪.‬‬
‫)‪ (1‬المؤمن مخطوط وروى الصدوق في المعاني ص ‪ 182‬عن أحمد بن المبارك‬
‫قال‪ :‬قال رجل لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬حديث يروي أن رجل قال لمير‬
‫المؤمنين عليه السلم اني احبك‪ ،‬فقال له‪ :‬أعد للفقر جلبابا فقال‪ :‬ليس‬
‫هكذا قال‪ ،‬انما قال له‪ :‬أعددت لفاقتك جلبابا‪ ،‬يعني يوم القيامة‪(2) .‬‬
‫الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .266‬‬

‫]‪[5‬‬

‫" فما آتاك ال " قيل‪ :‬الفاء للتفريع على قوله‪ " :‬إني رجل منقطع إليكم " فقوله‪:‬‬
‫" ما آتاك ال " المودة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الفقر والول أظهر " مما أخذ منك "‬
‫أي المال " إلى لئام خلقه " اللئام جمع اللئيم‪ ،‬وفي المصباح لؤم بضم‬
‫الهمزة لؤما فهو لئيم يقال ذلك للشحيح والدني النفس والمهين ونحوهم‪،‬‬
‫لن اللؤم ضد الكرم ويومي الحديث إلى أن الفقر المذموم ما يصير سببا‬
‫لذلك‪ ،‬وغيره ممدوح وذمه لن اللئيم ل يقضي حاجة أحد وربما يلومه في‬
‫رفع الحاجة إليه‪ ،‬وإذا قضاه ل يخلو من منة‪ ،‬ويمكن أن يشمل الظالم‬
‫والفاسق المعلن بفسقه‪ ،‬وفي كثير من الدعية اللهم ل تجعل لظالم ول‬
‫فاسق على يدا ول منة‪ ،‬وذلك لن القلب مجبول على حب من أحسن إليه‪،‬‬
‫وفي حب الظالم معاصي كثيرة كما قال تعالى‪ " :‬ول تركنوا إلى الذين‬
‫ظلموا فتمسكم النار " )‪ - 3 .(1‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن‬
‫علي بن أسباط‪ ،‬عمن ذكره عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الفقر الموت‬
‫الحمر‪ ،‬فقلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬الفقر من الدينار والدرهم ؟ فقال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬ولكن من الدين )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال في النهاية‪ ،‬وفيه‪ :‬تعلمون ما في هذه‬
‫المة من الموت الحمر يعنى القتل لما فيه من حمرة الدم أو لشدته يقال‪:‬‬
‫موت أحمر أي شديد‪ ،‬ومنه حديث علي عليه السلم‪ :‬كنا إذا احمر البأس‬
‫اتقينا برسول ال صلى ال عليه وآله )‪ (3‬أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا‬
‫العدو به وجعلناه لنا وقاية‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد إذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت‬
‫كما يقال في الشر بين القوم اضطرمت نارهم تشبيها بجمرة النار‪ ،‬وكثيرا‬
‫ما يطلقون الحمرة على الشدة‪ " .‬ولكن من الدين " نظيره قول أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬الفقر والغنى بعد العرض على ال )‪ (4‬والمعنى‬
‫أنهما يظهر ان بعد الحساب وهو ما أشار إليه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .113 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .266‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪(4) .206‬‬
‫نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪[*] .250‬‬

‫]‪[6‬‬
‫بقوله‪ :‬أتدرون ما المفلس ؟ فقيل‪ :‬المفلس فينا من ل درهم له ول متاع له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫المفلس من امتي من يأتي يوم القيامة بصلة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم‬
‫وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من‬
‫حسناته‪ ،‬وهذا من حسناته‪ ،‬فان فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ‬
‫من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار‪ ،‬بل قد يقال‪ :‬إن المفلس‬
‫حقيقة هو هذا‪ .‬ويحتمل أن يراد بقوله عليه السلم‪ " :‬ولكن من الدين "‬
‫الفقر القلبي وضده الغنى القلبي فالفقير على هذا من ليس له في الدين‬
‫معرفة وعلم بأحكامه ول تقوى ول ورع وغيرها من الصفات الحسنة كذا‬
‫قيل‪ ،‬وأقول يحتمل أن يكون المعنى الذي يضر بالدين ول يصبر عليه‬
‫ويتوسل بالظالمين والفاسقين كما مر‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن ابن سنان عن العل‪ ،‬عن ابن أبي يعفور‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض‬
‫الجنة قبل أغنيائهم باربعين خريفا ثم قال‪ :‬سأضرب لك مثل ذلك إنما مثل‬
‫ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا‬
‫فقال‪ :‬أسربوها‪ ،‬ونظر في الخرى فإذا هي موقرة فقال‪ :‬احبسوها )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬تقلب في المور تصرف كيف شاء‪ ،‬وقال في النهاية‪:‬‬
‫فيه‪ :‬فقراء امتي يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا‪ :‬الخريف‬
‫الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء‪ ،‬ويريد به‬
‫أربعين سنة لن الخريف ل يكون في السنة إل مرة واحدة‪ ،‬فإذا انقضى‬
‫أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة انتهى‪ .‬وروى في معاني الخبار )‪(2‬‬
‫بإسناده عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن عبدا مكث في النار سبعين‬
‫خريفا والخريف سبعون سنة إلى آخر الخبر‪ ،‬وفسره صاحب المعالم بأكثر‬
‫من ذلك وفي بعض الروايات أنه ألف عام‪ ،‬والعام ألف سنة‪ ،‬وقيل‪:‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .260‬معاني الخبار ص ‪[*] .227‬‬

‫]‪[7‬‬

‫إن التفاوت بهذه المدة إذا كان الغنياء من أهل الصلح والسداد وأدوا الحقوق‬
‫الواجبة‪ ،‬ولم يكتسبوا من وجه الحرام‪ ،‬فيكون حبسهم بمجرد خروجهم من‬
‫عهدة الحساب والسؤال عن مكسب المال ومخرجه‪ ،‬وإل فهم على خطر‬
‫عظيم‪ " .‬مر بهما " على بناء المجهول والباء للتعدية والظرف نائب‬
‫الفاعل‪ ،‬والعاشر من يأخذ العشر على الطريق‪ ،‬في المصباح‪ :‬عشرت المال‬
‫عشرا من باب قتل وعشورا أخذت عشره‪ ،‬واسم الفاعل عاشر وعشار "‬
‫فقال‪ :‬أسربوها " على بناء الفعال أي أرسلوها وخلوها تذهب‪ ،‬والسارب‬
‫الذاهب على وجهه في الرض " فإذا هي موقرة " بفتح القاف أو كسرها‪،‬‬
‫في القاموس‪ :‬الوقر بالكسر‪ :‬الحمل الثقيل أو أعم وأوقر الدابة إيقارا وقرة‬
‫ودابة وقرى‪ :‬موقرة‪ ،‬ورجل موقر ذو وقر ونخلة موقرة وموقره وموقر‬
‫وموقرة‪ " .‬فقال احبسوها " بالمر من باب ضرب والتشبيه في غاية‬
‫الحسن والكمال والحديث يدل على أن الفقر أفضل من الغنى‪ ،‬ومن الكفاف‬
‫للصابر‪ ،‬وما وقع في بعض الروايات من استعاذتهم عليهم السلم من الفقر‬
‫يمكن حمله على الستعاذة من الفقر الذي ل يكون معه صبر‪ ،‬ول ورع‬
‫يحجزه عما ل يليق بأهل الدين أو على فقر القلب أو على فقر الخرة‪ ،‬وقد‬
‫صرح به بعض العلماء ودل عليه بعض الروايات‪ .‬وللعامة في تفضيل‬
‫الفقر على الغنى والكفاف أو العكس أربعة أقوال‪ :‬ثالثها الكفاف أفضل‬
‫ورابعها الوقف‪ ،‬ومعنى الكفاف ان ل يحتاج ول يفضل‪ ،‬ول ريب أن الفقر‬
‫أسلم وأحسن بالنسبة إلى أكثر الناس‪ ،‬والغنى أحسن بالنسبة إلى بعضهم‬
‫فينبغي أن يكون المؤمن راضيا بكل ما أعطاه ال وعلم صلحه فيه وسؤال‬
‫الفقر لم يرد في الدعية بل ورد في أكثرها الستعاذة عن الفقر الذي يشقى‬
‫به‪ ،‬وعن الغنى الذي يصير سببا لطغيانه‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن سعدان قال‪ :‬قال‬

‫]‪[8‬‬

‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬المصائب منح من ال‪ ،‬والفقر مخزون عند ال )‪.(1‬‬
‫بيان‪ " :‬منح من ال " المنح بكسر الميم وفتح النون جمع منحة بالكسر‬
‫وهي العطية‪ ،‬في القاموس‪ :‬منحة كمنعه وضربه أعطاه‪ ،‬والسم المنحة‬
‫بالكسر وأقول‪ :‬الخبر يحتمل وجهين‪ .‬أحدهما أن ثواب المصائب منح‬
‫وعطايا يبذلها ال في الدنيا‪ ،‬وثواب الفقر مخزون عند ال ل يعطيه إل في‬
‫الخرة لعظمه وشرافته والدنيا ل يصلح أن يكون عوضا عنه‪ .‬وثانيهما أن‬
‫المصائب عطايا من ال عزوجل يعطيها من يشاء من عباده والفقر من‬
‫جملتها مخزون عنده‪ ،‬عزيز ل يعطيه إل من خصه بمزيد العناية‪ ،‬ول‬
‫يعترض أحد بكثرة الفقراء‪ ،‬وذلك لن الفقير هنا من ل يجد ال القوت من‬
‫التعفف ول يوجد من هذه صفته في ألف ألف واحد‪ .‬أقول‪ :‬أو المراد به‬
‫الفقر الذي يصير سببا لشدة الفتقار إلى ال‪ ،‬ول يتوسل معه إلى‬
‫المخلوقين‪ ،‬ويكون معه أعل مراتب الرضا‪ ،‬وفيه تنبيه على أنه ينبغي أن‬
‫يفرح صاحب المصيبة بها كما يفرح صاحب العطية بها‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن‬
‫العدة‪ ،‬عن البرقي رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي إن ال جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن سره‬
‫أعطاه ال مثل أجر الصائم القائم‪ ،‬ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء‬
‫حاجته فلم يفعل فقد قتله‪ ،‬أما إنه ما قتله بسيف ول رمح ولكنه قتله بما‬
‫نكى من قلبه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬فقد قتله " أي قتل المسؤل السائل‪ ،‬والعكس‬
‫كما زعم بعيد جدا في المصباح نكأت القرحة انكأها مهموز بفتحتين‬
‫قشرتها ونكيت في العدو نكأ من باب نفع أيضا لغة في نكيت فيه أنكى من‬
‫باب رمى والسم النكاية بالكسر أذا قتلت وأثخنت‪ 7 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن داود الحذاء‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .260‬‬

‫]‪[9‬‬

‫عن محمد بن صغير‪ ،‬عن جده شعيب‪ ،‬عن مفضل قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته‪ .‬وبإسناده قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم لول الحاح المؤمنين على ال في طلب الرزق‬
‫لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها )‪ .(1‬بيان‪ :‬الزدياد هنا‬
‫لزم بمعنى الزيادة " وإيمانا وضيقا " تميزان وفي المصباح ازداد الشئ‬
‫زاد وازددت مال زدته لنفسي زيادة على ما كان‪ ،‬ويؤيده ما نسب إلى أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬وكم من أديب عالم فطن * مستكمل العقل مقل عديم‬
‫وكم من جهول يكثر ماله * ذاك تقدير العزيز العليم والسر ما مر من فوائد‬
‫البتلء من المثوبات التي ليس لها انتهاء وأيضا الكثار موجب للتكبر‬
‫والخيلء‪ ،‬واحتقار الفقراء‪ ،‬والخشونة والقسوة والجفاء والغفلة عن ال‬
‫سبحانه‪ ،‬بسبب اشتغالهم بحفظ أموالهم وتنميتها‪ ،‬مع كثرة ما يجب عليهم‬
‫من الحقوق التي قل من يؤديها‪ ،‬وبذلك يتعرضون لسخط ال تعالى‬
‫والفقراء مبرؤن من ذلك‪ ،‬مع توسلهم بربهم وتضرعهم إليه وتوكلهم‬
‫عليه‪ ،‬وقربهم عنده بذلك مع سائر الخلل الحميدة التي ل تنفك عن الفقر‬
‫إذا صبر على الشدائد التي هي من قواصم الظهر‪ - 8 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن بعض أصحابه رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما‬
‫اعطى عبد من الدنيا إل اعتبارا‪ ،‬ول زوي عنه إل اختبارا )‪ .(2‬بيان‪ " :‬إل‬
‫اعتبارا " مفعول له‪ ،‬وكذا " اختبارا " وكأن المعنى ل يعطيه إل ليعتبر به‬
‫غيره‪ ،‬فيعلم أنه ل خير فيه‪ ،‬لما يظهر للناس من مفاسده الدنيوية‬
‫والخروية أو ليعتبر بحال الفقراء‪ ،‬فيشكر ال على الغنا‪ ،‬ويعين الفقراء‬
‫كما مر في حديث آدم عليه السلم حيث سأل عن سبب اختلف ذريته فقال‬
‫تعالى في سياق جوابه‪ :‬وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني وينظر‬
‫الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .261‬‬

‫]‪[10‬‬
‫لكن الول في هذا المقام أنسب‪ .‬وقوله " إل اختبارا " في بعض النسخ بالياء‬
‫المثناة التحتانية أي لنه اختاره وفضله وأكرمه بذلك‪ ،‬وفي بعضها‬
‫بالموحدة أي امتحانا فإذا صبر كان خيرا له والبتلء والختبار في حقه‬
‫تعالى مجاز باعتبار أن فعل ذلك مع عباده ليترتب عليه الجزاء شبيه بفعل‬
‫المختبر منا مع صاحبه وال فهو سبحانه عالم بما يصدر عن العباد قبل‬
‫صدوره عنهم و " زوي " على بناء المجهول‪ ،‬في القاموس‪ :‬زواه زيا‬
‫وزويا نحاه فانزوى‪ ،‬وسيره عنه‪ :‬طواه والشئ جمعه وقبضه وأقول نائب‬
‫الفاعل ضمير الدنيا وقيل‪ :‬هذا مخصوص بزمان دولة الباطل‪ ،‬لئل ينافي ما‬
‫سيأتي من الخبار في كتاب المعيشة‪ - 9 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن بعض مشايخه‪ ،‬عن إدريس بن عبد‬
‫ال‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يا‬
‫علي الحاجة أمانة ال عند خلقه‪ ،‬فمن كتمها على نفسه أعطاه ال ثواب‬
‫من صلى‪ ،‬ومن كشفها إلى من يقدر أن يفرج عنه ولم يفعل فقد قتله‪ ،‬أما‬
‫إنه لم يقتله بسيف ول سنان ول سهم ولكن قتله بما نكا من قلبه )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬من صلى أي في الليل كله أو واظب عليها‪ - 10 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف عن رجل‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إل القوت‬
‫شرقوا إن شئتم أو غربوا لم ترزقوا إل القوت )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪:‬‬
‫المصاص خالص كل شئ‪ ،‬يقال‪ :‬فلن مصاص قومه إذا كان أخلصهم نسبا‬
‫يستوي فيه الواحد والثنان والجمع والمؤنث‪ ،‬وفي النهاية ومنه الحديث‪:‬‬
‫اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا أي بقدر ما يمسك الرمق من المطعم وفي‬
‫المصباح‪ :‬القوت ما يؤكل ليمسك الرمق‪ ،‬قاله ابن فارس والزهري انتهى‬
‫وقيل‪ :‬هو البلغة يعني قدر ما يتبلغ به من العيش ويسمى ذلك أيضا كفافا‬
‫لنه‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .261‬‬

‫]‪[11‬‬

‫قدر يكفه عن الناس ويغنيه عن سؤالهم ثم بالغ عليه السلم في أن نصيبهم القوت‬
‫بقوله شرقوا ‪ -‬الخ وهو كناية عن الجد في الطلب والسير في أطراف‬
‫الرض‪ - 11 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪،‬‬
‫عن سعدان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم إن ال عزوجل يلتفت يوم‬
‫القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم‪ ،‬فيقول‪ :‬وعزتي وجللي‬
‫ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي ولترون ما أصنع بكم اليوم فمن‬
‫زود أحدا منكم في دار الدنيا معروفا فخذوا بيده فادخلوه الجنة‪ ،‬قال‪ :‬فيقول‬
‫رجل منهم‪ :‬يا رب أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء‪ ،‬ولبسوا‬
‫الثياب اللينة‪ ،‬وأكلوا الطعام‪ ،‬وسكنوا الدور‪ ،‬وركبوا المشهور من الدواب‪،‬‬
‫فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك وتعالى لك ولكل عبد منكم مثل ما‬
‫أعطيت أهل الدنيا منذ كانت إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫" ولترون " بسكون الواو وتخفيف النون أو بضم الواو وتشديد النون‬
‫المؤكدة " ما أصنع " ما موصولة أو استفهامية " فمن زود " على بناء‬
‫التفعيل أي أعطى الزاد للسفر‪ ،‬كما ذكره الكثر أو مطلقا فيشمل الحضر في‬
‫المصباح زاد المسافر‪ :‬طعامه المتخذ لسفره وتزود لسفره وزودته أعطيته‬
‫زادا‪ ،‬ونحوه قال الجوهري وغيره لكن قال الراغب‪ :‬الزاد المدخر الزائد‬
‫على ما يحتاج إليه في الوقت " منكم " أي أحدا منكم كما في بعض‬
‫النسخ‪ ،‬وقيل‪ " :‬من " هنا اسم بمعنى البعض‪ ،‬وقيل‪ :‬معروفا صفة‬
‫للمفعول المطلق المحذوف أي تزويدا معروفا وفي النهاية التنافس من‬
‫المنافسة وهي الرغبة في الشئ والنفراد به وهو من الشئ النفيس الجيد‬
‫في نوعه ونافست في الشئ منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه‪ ،‬ونفس بالضم‬
‫نفاسة أي صار مرغوبا فيه ونفست به بالكسر أي بخلت ونفست عليه‬
‫الشئ نفاسة إذا لم تره له أهل‪ .‬والمشهور من الدواب التي اشتهرت‬
‫بالنفاسة والحسن‪ ،‬في القاموس المشهور‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .261‬‬

‫]‪[12‬‬

‫المعروف المكان المذكور والنبيه وفي النهاية فيه‪ :‬الضعف في المعاد أي مثلي‬
‫الجر يقال إن أعطيتني درهما فلك ضعفه أي درهمان‪ ،‬وربما قالوا تلك‬
‫ضعفاه‪ ،‬وقيل‪ :‬ضعف الشئ مثله‪ ،‬وضعفاه مثله وقال الزهري‪ :‬الضعف‬
‫في كلم العرب المثل فما زاد وليس بمقصور على مثلين فاقل الضعف‬
‫محصور في الواحد وأكثره غير محصور‪ - 12 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن عقبة‪ ،‬عن إسماعيل بن سهل وإسماعيل بن عباد جميعا‪،‬‬
‫يرفعانه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما كان من ولد آدم مؤمن إل‬
‫فقيرا ول كافر إل غنيا حتى جاء إبراهيم عليه السلم فقال‪ " :‬ربنا ل‬
‫تجعلنا فتنة للذين كفروا " )‪ (1‬فصير ال في هؤلء أموال وحاجة وفي‬
‫هؤلء أموال وحاجة )‪ .(2‬بيان‪ " :‬ربنا ل تجعلنا " أقول هذا تتمة قول‬
‫إبراهيم حيث قال في سورة الممتحنة " قد كان لكم اسوة حسنة في إبراهيم‬
‫والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون ال كفرنا‬
‫بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بال وحده إل قول‬
‫إبراهيم لبيه لستغفرن لك وما أملك لك من ال من شئ ربنا عليك توكلنا‬
‫وإليك أنبنا وإليك المصير * ربنا ل تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا‬
‫إنك أنت العزيز الحكيم "‪ .‬قال في مجمع البيان‪ :‬معناه ل تعذبنا بأيديهم ول‬
‫ببلء من عندك‪ ،‬فيقولوا لو كان هؤلء على حق لما أصابهم هذا البلء‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬معناه ل تسلطهم علينا فيفتنونا عن دينك‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه الطف لنا‬
‫حتى نصبر على أذاهم ول نتبعهم فنصير فتنة لهم‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه اعصمنا‬
‫من موالة الكفار فانا إذا واليناهم ظنوا أنا صوبناهم وقيل‪ :‬معناه ل تخذلنا‬
‫إذا حاربناهم‪ ،‬فلو خذلتنا لقالوا لو كان هؤلء على الحق لما خذلوا‪ ،‬انتهى‬
‫)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الممتحنة‪ (2) .5 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .262‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪[*] .271‬‬

‫]‪[13‬‬

‫وأقول‪ :‬المعنى المستفاد من الخبر قريب من المعنى الول لن الفقر أيضا بلء‬
‫يصير سببا لفتتان الكفار إما بأن يقولوا لو كان هؤلء على الحق لما‬
‫ابتلوا بعموم الفقر فيهم‪ ،‬أو بأن يفروا من السلم خوفا من الفقر في‬
‫هؤلء‪ " .‬أموال وحاجة " أي صار بعضهم ذوي مال وبعضهم محتاجين‬
‫مفتاقين‪ ،‬ول ينافي هذا كون الموال في الكفار أو غير الخلص من‬
‫المؤمنين أكثر‪ ،‬والفاقة في خلص المؤمنين أو كلهم أكثر وأشد‪ - 13 .‬كا‪:‬‬
‫عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عمن ذكره عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬جاء رجل موسر إلى رسول ال صلى ال عليه وآله نقي‬
‫الثوب فجلس إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فجاء رجل معسر درن‬
‫الثوب فجلس إلى جنب الموسر فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه‪ ،‬فقال‬
‫له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أخفت أن يمسك من فقره شئ ؟ قال‪ :‬ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬فخفت أن يصيبه من غناك شئ ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فخفت أن يوسخ‬
‫ثيابك ؟ قال‪ :‬ل ؟ قال‪ :‬فما حملك على ما صنعت ؟ فقال‪ :‬يا رسول ال إن‬
‫لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن‪ ،‬وقد جعلت له نصف مالي‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وآله للمعسر‪ :‬أتقبل ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬فقال له‬
‫الرجل‪ :‬لم ؟ قال‪ :‬أخاف أن يدخلني ما دخلك )‪ .(1‬بيان‪ " :‬فجلس إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله " قال الشيخ البهائي قدس سره‪ " :‬إلى "‬
‫إما بمعنى " مع " كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى‪ " :‬من‬
‫أنصاري إلى ال " )‪ (2‬أو بمعنى عندكما في قول الشاعر‪ * :‬أشهى إلي‬
‫من الرحيق السلسل * ويجوز أن يضمن جلس معنى توجه أو نحوه "‬
‫درن الثوب " بفتح الدال وكسر الراء صفة مشبهة من الدرن بفتحهما‪،‬‬
‫وهو الوسخ‪ ،‬وأقول‪ :‬في المصباح درن الثوب درنا فهو درن‪ ،‬مثل وسخ‬
‫وسخا فهو وسخ وزنا ومعنى‪ " .‬فقبض الوسر ثيابه " قيل‪ :‬أي أطراف‬
‫ثوبه " من تحت فخذيه " كأن الظاهر‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .262‬الصف‪[*] .14 :‬‬

‫]‪[14‬‬

‫إرجاع ضمير فخذيه إلى المعسر‪ ،‬ولو كان راجعا إلى الموسر لما كان لجمع الطرف‬
‫الخر وجه إل أن يكون لموافقة الطرف الخر وفيه تكلفات اخر‪ .‬وقال‬
‫الشيخ المتقدم رحمه ال‪ :‬ضمير " فخذيه " يعود إلى الموسر أي جمع‬
‫الموسر ثيابه وضمها تحت فخذي نفسه لئل تلصق ثياب المعسر‪ ،‬ويحتمل‬
‫عوده إلى المعسر‪ ،‬و " من " على الول إما بمعنى " في " أو زائدة على‬
‫القول بجواز زيادتها في الثبات‪ ،‬وعلى الثاني لبتداء الغاية‪ ،‬والعود إلى‬
‫الموسر أولى كما يرشد إليه قوله عليه السلم " فخفت أن يوسخ ثيابك "‬
‫لن قوله عليه السلم‪ :‬فخفت أن يوسخ ثيابك الغرض منه مجرد التقريع‬
‫للموسر كما هو الغرض من التقريعين السابقين أعني قوله‪ " :‬خفت أن‬
‫يمسك من فقره شئ " " خفت أن يصيبه من غناك شئ " وهذه التفريعات‬
‫الثلث منخرطة في سلك واحد‪ ،‬ولو كان ثياب الموسر تحت فخذي‬
‫المعسر‪ ،‬ل يمكن أن يكون قبضها من تحت فخذيه خوفا من أن يوسخها‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ما ذكره قدس سره وان كان التقريع فيه أظهر وبالولين أنسب لكن‬
‫ل يصير هذا مجوزا لرتكاب بعض التكلفات إذ يمكن أن يكون التقريع لن‬
‫سراية الوسخ في الملصقة في المدة القليلة نادرة أو لن هذه مفسدة قليلة‬
‫ل يحسن لجلها ارتكاب إيذاء مؤمن‪ " .‬إن لي قرينا يزين لي كل قبيح "‬
‫قال رحمه ال‪ :‬أي إن لي شيطانا يغويني ويجعل القبيح حسنا والحسن‬
‫قبيحا‪ ،‬وهذا الفعل الشنيع الذي صدر مني من جملة إغوائه لي‪ .‬أقول‪:‬‬
‫ويمكن أيضا أن يراد بالقرين النفس المارة التي طغت وبغت بالمال‪ ،‬أو‬
‫المال أو العم كما قال تعالى‪ " :‬إن النسان ليطغى * أن رآه استغنى " )‬
‫‪ (1‬وقال في النهاية ومنه الحديث ما من أحد إل وكل به قرينه أي مصاحبه‬
‫من الملئكة أو الشياطين‪ ،‬وكل إنسان فان معه قرينا منهما فقرينه من‬
‫الملئكة يأمره بالخير ويحثه عليه‪ ،‬وقرينه من الشياطين يأمره بالشر‬
‫ويحثه عليه‪.‬‬

‫)‪ (1‬العلق‪[*] .7 - 6 :‬‬

‫]‪[15‬‬
‫" وجعلت له نصف مالي " أي في مقابلة ما صدر مني إليه من كسر قلبه وزجرا‬
‫للنفس عن العود إلى مثل هذه الزلة " قال أخاف أن يدخلني ما دخلك " أي‬
‫مما ذكرت أو من الكبر والغرور والترفع على الناس واحتقارهم وسائر‬
‫الخلق الذميمة التي هي من لوازم التمول والغنى‪ - 14 .‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن علي بن محمد القاساني‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن سليمان‬
‫بن داود المنقري‪ ،‬عن حفص بن غياث‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‬
‫في مناجاة موسى عليه السلم‪ :‬يا موسى إذا رأيت الفقر مقبل فقل مرحبا‬
‫بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنا مقبل فقل ذنب عجلت عقوبته )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫الشعار بالكسر ما ولي الجسد من الثياب لنه يلى شعره‪ ،‬ويستعار للصفات‬
‫المختصة‪ ،‬وفي حديث النصار‪ :‬أنتم الشعار دون الدثار‪ ،‬والشعار أيضا‬
‫علمة يتعارفون بها في الحرب‪ ،‬والفقر من خصائص الصالحين‪ ،‬ومرحبا‬
‫أي لقيت رحبا وسعة‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه رحب ال بك مرحبا‪ ،‬والقول كناية عن‬
‫غاية الرضا والتسليم‪ " .‬ذنب عجلت عقوبته " أي أذنبت ذنبا صار سببا‬
‫لن أخرجني ال من أوليائه واتصفت بصفات أعدائه أو ابتلني بالمشقة‬
‫التي ابتل بها أصحاب الموال كما قال تعالى‪ " :‬إنما يريد ال ليعذبهم بها‬
‫في الحيوة الدنيا " )‪ (2‬وما قيل من أن الذنب من الغنا فهو بعيد جدا‪- 15 .‬‬
‫كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ ،‬قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى للمساكين بالصبر‪ ،‬وهم‬
‫الذين يرون ملكوت السماوات والرض )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .263‬براءة‪ (3) .55 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .263‬‬

‫]‪[16‬‬

‫بيان‪ :‬قد مر تفسير طوبى )‪ (1‬وقوله‪ " :‬بالصبر " إما للسببية أي طوبى لهم‬
‫بسبب الصبر أو للملبسة فيكون حال عن المساكين‪ ،‬ول يبعد أن يقرء‬
‫المساكين بالتشديد للمبالغة أي المتمسكين كثيرا بالصبر‪ .‬ورؤية ملكوت‬
‫السماوات والرض للكمل منهم‪ ،‬وهم النبياء والوصياء ومن يقرب منهم‬
‫من الولياء‪ ،‬ويمكن أن يكون لرؤية ملكوت السماوات والرض مراتب‬
‫يحصل لكل منهم مرتبة يليق بهم‪ ،‬فمنهم من يتفكر في خلق السماوات‬
‫والرض ونظام العالم‪ ،‬فيعلم بذلك قدرته تعالى وحكمته‪ ،‬وأنه لم يخلقها‬
‫عبثا بل خلقها لمر عظيم‪ ،‬وهو عبادة ال سبحانه ومعرفته‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬يتفكرون في خلق السموات والرض ربنا ما خلقت هذا باطل " )‬
‫‪ .(2‬ومنهم من يتفكر في أن خالق السماوات والرض ل يكون عاجزا ول‬
‫بخيل فلم يفقرهم ويحوجهم ال لمصلحة عظيمة فيصبر على بلء ال‬
‫ويرضى بقضائه‬
‫)‪ (1‬روى الصدوق في المعاني ص ‪ 112‬باسناده عن أبي بصير قال‪ :‬قال الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬طوبى لمن تمسك بامرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد‬
‫الهداية‪ ،‬فقلت له جعلت فداك وما طوبى ؟ قال‪ :‬شجرة في الجنة أصلها‬
‫في دار علي بن أبي طالب عليه السلم وليس مؤمن إل وفي داره غصن‬
‫من أغصانها‪ ،‬وذلك قول ال عزوجل " طوبى لهم وحسن مآب "‪ .‬وروى‬
‫العياشي في تفسيره ج ‪ 2‬ص ‪ 213‬عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم في حديث‪ :‬وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول ال‬
‫فليس من مؤمن ال وفي داره غصن من أغصانها ل ينوي في قلبه شيئا‬
‫إل آتاه ذلك الغصن‪ ،‬ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج‬
‫منها ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلها حتى يبياض هرما‪ .‬وقال‬
‫الشرتوني في القرب‪ :‬الطوبى مصدر بمعنى الطيب أصله طيبي ‪ -‬بضم‬
‫الطاء ‪ -‬قلبت الياء واوا لسكونها بعد ضمة وجمع الطيبة‪ ،‬هو من نوادر‬
‫الجموع‪ ،‬وتأنيث الطيب والغبطة والسعادة والحسنى والخير والخيرة‬
‫وشجرة في الجنة أو الجنة بالهندية‪ ،‬ويقال لها طيبي ‪ -‬بكسر الطاء ‪-‬‬
‫أيضا‪ (2) .‬آل عمران‪[*] .191 :‬‬

‫]‪[17‬‬

‫وكأن تفسير المساكين هنا بالنبياء والوصياء عليهم السلم أظهر‪ ،‬وقد ورد في‬
‫بعض الخبار تفسيره بهم عليهم السلم فان المسكنة والخضوع‬
‫والخشوع‪ ،‬والتوسل بجناب الحق سبحانه‪ ،‬والعراض عن غيره‪ ،‬قال في‬
‫النهاية‪ :‬قد تكرر في الحديث ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن‬
‫وكلها يدور معناها على الخضوع والذلة وقلة المال والحال السيئة‪،‬‬
‫واستكان إذا خضع‪ ،‬والمسكنة فقر النفس وتمسكن إذا تشبه بالمساكين‪،‬‬
‫وهو جمع المسكين‪ ،‬وهو الذي ل شئ له‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الذي له بعض الشئ‪،‬‬
‫وقد تقع المسكنة على الضعف‪ ،‬ومنه حديث قيلة صدقت المسكنة أراد‬
‫الضعف ولم يرد الفقر وفيه‪ :‬اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني‬
‫في زمرة المساكين‪ :‬أراد به التواضع والخبات وأن ل يكون من الجبارين‬
‫المتكبرين وفيه أنه قال للمصلي تبأس وتمسكن أي تذل وتخضع‪ ،‬وهو‬
‫تمفعل من السكون‪ - 16 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬يا معشر المساكين طيبوا نفسا‪ ،‬وأعطوا ال الرضا من قلوبكم‪ ،‬يثبكم‬
‫ال عزوجل على فقركم‪ :‬فان لم تفعلوا فل ثواب لكم )‪ .(1‬بيان‪ " :‬نفسا "‬
‫تميز‪ ،‬ويدل على أن الثواب إنما هو على الرضا بالفقر ل على أصل الفقر‪،‬‬
‫وحمل على اصول المتكلمين وهي أن الثواب هو الجزاء الدائم في الخرة‪،‬‬
‫وهو ل يكون إل على الفعل الختياري‪ ،‬وأما ما يعطيه ال على اللم التي‬
‫يوردها على العبد في الدنيا بغير اختياره‪ ،‬فانما هو الجزاء المنقطع في‬
‫الدنيا أو في الخرة أيضا‪ ،‬على قول بعضهم‪ ،‬حيث جوزوا أن يكون‬
‫انقطاعها على وجه ل يشعر به‪ ،‬فل يصير سببا للمه‪ ،‬ومنهم من جوز‬
‫كون العوض دائما في الخرة‪ .‬قال العلمة قدس ال روحه في الباب‬
‫الحادي عشر‪ :‬السادسة في أنه تعالى يجب عليه فعل عوض اللم الصادرة‬
‫عنه‪ ،‬ومعنى العوض هو النفع المستحق الخالي‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .263‬‬

‫]‪[18‬‬

‫عن التعظيم والجلل‪ ،‬وإل لكان ظالما تعالى ال عن ذلك‪ ،‬ويجب زيادته على اللم‪،‬‬
‫وال لكان عبثا‪ .‬وقال بعض الفاضل في شرحه‪ :‬اللم الحاصل للحيوان إما‬
‫أن يعلم فيه وجه من وجوه القبح‪ ،‬فذلك يصدر عنا خاصة‪ ،‬أو ل يعلم فيه‬
‫ذلك فيكون حسنا وقد ذكر لحسن اللم وجوه‪ :‬الول كونه مستحقا‪ ،‬الثاني‬
‫كونه مشتمل على النفع الزائد‪ ،‬الثالث كونه مشتمل على دفع الضرر الزائد‬
‫عنه‪ ،‬الرابع كونه بمجرى العادة‪ ،‬الخامس‪ ،‬كونه متصل على وجه الدفع‪،‬‬
‫وذلك الحسن قد يكون صادرا عنه تعالى وقد يكون صادرا عنا‪ .‬فأما ما كان‬
‫صادرا عنه تعالى على وجه النفع فيجب فيه أمران‪ :‬أحدهما العوض‪ ،‬وإل‬
‫لكان ظالما تعالى ال عنه‪ ،‬ويجب أن يكون زائدا على اللم إلى حد يرضى‬
‫عنه كل عاقل لنه يقبح في الشاهد إيلم شخص لتعويضه ألمه من غير‬
‫زيادة لشتماله على العبث‪ ،‬وثانيهما اشتماله على اللطف إما للمتألم أو‬
‫لغيره ليخرج عن العبث فاما ما كان صادرا عنا مما فيه وجه من وجوه‬
‫القبح‪ ،‬فيجب عليه تعالى النتصاف للمتألم من المؤلم لعدله‪ ،‬ولدللة الدلة‬
‫السمعية عليه ويكون العوض هنا مساويا لللم‪ ،‬وإل لكان ظلما‪ .‬وهنا‬
‫فوائد‪ :‬الول العوض هو النفع المستحق الخالي عن تعظيم واجلل فبقيد‬
‫المستحق خرج التفضل‪ ،‬وبقيد الخلو عن تعظيم خرج الثواب‪ .‬الثاني ل‬
‫يجب دوام العوض لنه يحسن في الشاهد ركوب الهوال العظيمة لنفع‬
‫منقطع قليل‪ .‬الثالث العوض ل يجب حصوله في الدنيا لجواز أن يعلم ال‬
‫تعالى المصلحة في تأخره‪ ،‬بل قد يكون حاصل في الدنيا‪ ،‬وقد ل يكون‪.‬‬
‫الرابع الذي يصل إليه عوض ألمه في الخرة إما أن يكون من أهل الثواب‬
‫أو من أهل العقاب ؟ فإن كان من أهل الثواب فكيفية إيصال أعواضه إليه‬
‫بأن‬

‫]‪[19‬‬
‫يفرقها ال على الوقات أو يتفضل ال عليه بمثلها‪ ،‬وإن كان من أهل العقاب أسقط‬
‫بها جزءا من عقابه‪ ،‬بحيث ل يظهر له التخفيف بأن يفرق القدر على‬
‫الوقات‪ .‬الخامس اللم الصادر عنا بأمره أو إباحته والصادر عن غير‬
‫العاقل كالعجماوات وكذا ما يصدر عنه تعالى من تفويت المنفعة لمصلحة‬
‫الغير وإنزال الغموم الحاصلة من غير فعل العبد عوض ذلك كله على ال‬
‫تعالى لعدله وكرمه‪ .‬وأقول‪ :‬كون أعواض اللم الغير الختيارية منقطعة‬
‫مما لم يدل عليه برهان قاطع‪ ،‬وبعض الروايات تدل على خلفه كالروايات‬
‫الدالة على أن حمى ليلة تعدل عبادة سنة‪ ،‬وأن من مات له ولد يدخله ال‬
‫الجنة صبر أم لم يصبر جزع أم لم يجزع‪ ،‬وإن من سلب ال كريمته وجبت‬
‫له الجنة‪ ،‬وأمثال ذلك كثيرة‪ ،‬وإن أمكن تأويل بعضها مع الحاجة إليه‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬للفقير ثلثة أحوال‪ :‬أحدها الرضا بالفقر‪ ،‬والفرح به‪ ،‬وهو شأن‬
‫الصفياء‪ ،‬وثانيها الرضا به دون الفرح وله أيضا ثواب دون الول‪،‬‬
‫وثالثها عدم الرضا به والكراهة في القسمة‪ ،‬وهذا مما ل ثواب له أصل‪.‬‬
‫وهو كلم على التشهي لكن روى السيد الرضي رضي ال عنه في نهج‬
‫البلغة أنه قال أمير المؤمنين عليه السلم لبعض أصحابه في علة اعتلها‪:‬‬
‫جعل ال ما كان من شكواك حطا لسيئاتك‪ ،‬فان المرض ل أجر فيه ولكنه‬
‫يحط السيئات ويحتها حت الوراق وإنما الجر في القول باللسان‪ ،‬والعمل‬
‫باليدي والقدام‪ ،‬وإن ال سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة‬
‫من يشاء من عباده الجنة )‪ .(1‬ثم قال السيد رحمه ال‪ :‬وأقول‪ :‬صدق‬
‫عليه السلم إن المرض ل أجر فيه لنه من قبيل ما يستحق عليه العوض‪،‬‬
‫لن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل ال تعالى بالعبد من اللم‬
‫والمراض‪ ،‬وما يجري مجرى ذلك‪ ،‬والجر والثواب يستحقان على ما كان‬
‫في مقابلة فعل العبد فبينهما فرق قد بينه عليه السلم كما‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪[*] .153‬‬

‫]‪[20‬‬

‫يقضيه علمه الثاقب‪ ،‬ورأيه الصائب‪ ،‬انتهى‪ .‬وقوله عليه السلم‪ :‬اعتلها أي اعتل‬
‫بها‪ ،‬والشكوى المرض‪ ،‬والحط الوضع والحدر من علو إلى سفل‪ ،‬وحت‬
‫الورق كمد سقطت فانحتت وتحاتت‪ ،‬وحت فلن الشئ أي حطه يتعدى ول‬
‫يتعدى والسريرة ما يكتم كالسر ولو كانت الرواية صحيحة يؤيد مذهب‬
‫القوم في الجملة‪ .‬وقال قطب الدين الراوندي في شرحه على النهج‪ :‬قول‬
‫السيد‪ :‬إن المرض ل أجر له ليس ذلك على الطلق‪ ،‬وذلك لن المريض إذا‬
‫احتمل المشقة التي حملها ال عليه احتسابا كان له أجر الثواب على ذلك‪،‬‬
‫والعوض على المرض‪ ،‬فعلى فعل العبد إذا كان مشروعا الثواب‪ ،‬وعلى‬
‫فعل ال إذا كان ألما على سبيل الختيار العوض‪ .‬وقال ابن أبي الحديد )‪(1‬‬
‫ينبغي أن يحمل كلم أمير المؤمنين عليه السلم في هذا الفصل على تأويل‬
‫يطابق ما يدل عليه العقول وأن ل يحمل على ظاهره‪ ،‬وذلك لن المرض إذا‬
‫استحق عليه النسان العوض لم يجز أن يقال العوض يحط السيئات بنفسه‬
‫ل على قول أصحابنا‪ ،‬ول على قول المامية‪ .‬أما المامية فانهم مرجئة ل‬
‫يذهبون إلى التحابط‪ ،‬وأما أصحابنا فانهم ل تحابط عندهم إل في الثواب‬
‫والعقاب‪ ،‬فأما العقاب والعوض فل تحابط بينهما لن التحابط بين الثواب‬
‫والعقاب إنما كان باعتبار التنافي بينهما‪ ،‬من حيث كان أحدهما يتضمن‬
‫الجلل والعظام‪ ،‬والخر يتضمن الستخفاف والهانة‪ ،‬ومحال أن يكون‬
‫النسان الواحد مهانا معظما في حال واحد‪ ،‬ولما كان العوض ل يتضمن‬
‫إجلل وإعظاما‪ ،‬وإنما هو نفع خالص فقط‪ ،‬لم يكن منافيا للعقاب‪ ،‬وجاز أن‬
‫يجتمع للنسان الواحد في الوقت الواحد كونه مستحقا للعقاب والعوض إما‬
‫بأن يوفر العوض عليه في الدار الدنيا‪ ،‬وإما بأن يخفف عنه بعض عقابه‪،‬‬
‫ويجعل ذلك بدل من العوض الذي كان سبيله أن يوصل إليه‪.‬‬

‫)‪ (1‬شرح النهج الحديدي ج ‪ 4‬ص ‪[*] .262‬‬

‫]‪[21‬‬

‫وإذا ثبت ذلك وجب أن يحمل كلم أمير المؤمنين عليه السلم على تأويل صحيح‬
‫وهو الذي أراده عليه السلم لنه كان أعرف الناس بهذه المعاني‪ ،‬ومنه‬
‫تعلم المتكلمون علم الكلم‪ ،‬وهو أن المرض واللم يحط ال تعالى عن‬
‫النسان المبتلى به ما يستحقه من العقاب على معاصيه السالفة تفضل منه‬
‫سبحانه‪ ،‬فلما كان إسقاطه للعقاب متعقبا للمرض وواقعا بعده بل فصل جاز‬
‫أن يطلق اللفظ بأن المرض يحط السيئات ويحتها حت الورق‪ ،‬كما جاز أن‬
‫يطلق اللفظ بأن الجماع يحبل المرأة وبأن سقي البذر الماء ينبته وإن كان‬
‫الولد والزرع عند المتكلمين واقعا من ال تعالى على سبيل الختيار ل على‬
‫سبيل اليجاب‪ ،‬ولكنه أجرى العادة بأن يفعل ذلك عقيب الجماع وعقيب‬
‫سقي البذر الماء‪ .‬فان قلت‪ :‬يجوز أن يقال‪ :‬إن ال تعالى يمرض النسان‬
‫المستحق للعقاب ويكون إنما أمرضه ليسقط عنه العقاب ل غير ؟ قلت‪ :‬ل‪،‬‬
‫لنه قادر على أن يسقط عنه العقاب ابتداء‪ ،‬ول يجوز إنزال اللم ال حيث‬
‫ل يمكن اقتناص العوض المجزي به إليه‪ ،‬إل بطريق اللم وإل كان فعل‬
‫اللم عبثا أل ترى أنه ل يجوز أن يستحق زيد على عمرو ألف درهم‬
‫فيضربه ويقول‪ :‬إنما أضربه لجعل ما يناله من ألم الضرب مسقطا لما‬
‫أستحقه من الدراهم عليه‪ ،‬ويذمه العقلء ويسفهونه ويقولون له فهل‬
‫وهبتها له وأسقطتها عنه من غير حاجة إلى أن تضربه ؟ وأيضا فان اللم‬
‫قد تنزل بالنبياء وليسوا ذوي ذنوب ومعاص ليقال إنه يحطها عنهم‪ .‬فأما‬
‫قوله عليه السلم‪ " :‬وإنما الجر في القول " إلى آخر الفصل فانه عليه‬
‫السلم قسم أسباب الثواب أقساما‪ ،‬فقال‪ :‬لما كان المرض ل يقتضي الثواب‬
‫لنه ليس من فعل المكلف‪ ،‬إنما يستحق المكلف الثواب على ما كان من‬
‫فعله‪ ،‬وجب أن نبين ما الذي يستحق به المكلف الثواب‪ .‬الذي يستحق‬
‫المكلف به ذلك أن يفعل فعل إما من أفعال الجوارح‪ ،‬وإما من أفعال‬
‫القلوب‪ ،‬فأفعال الجوارح إما قول باللسان أو عمل ببعض الجوارح وعبر‬

‫]‪[22‬‬

‫عن سائر الجوارح عدا اللسان باليدي والقدام‪ ،‬لن أكثر ما يفعل بها‪ ،‬وإن كان قد‬
‫يفعل بغيرها‪ ،‬نحو مجامعة الرجل زوجته إذا قصد به تحصينها وتحصينه‬
‫عن الزنا ونحو أن ينحي حجرا ثقيل برأسه عن صدر إنسان قد كاد يقتله‪،‬‬
‫وغير ذلك‪ .‬وأما أفعال القلوب فهي العزوم والرادات والنظر والعلوم‬
‫والظنون والندم فعبر عليه السلم عن جميع ذلك بصدق النية والسريرة‬
‫الصالحة‪ ،‬واكتفى بذلك عن تعديد هذه الجناس‪ .‬فان قلت‪ :‬فان النسان قد‬
‫يستحق الثواب على أن ل يفعل القبيح‪ ،‬وهذا يخرم الحصر الذي حصره‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ .‬قلت‪ :‬يجوز أن يكون يذهب مذهب أبي علي‬
‫في أن القادر بقدرة ل يخلو عن الفعل والترك‪ ،‬انتهى‪ .‬قال ابن ميثم )‪(1‬‬
‫قدس سره‪ :‬دعا عليه السلم لصاحبه بما هو ممكن وهو حط السيئات‬
‫بسبب المرض‪ ،‬ولم يدع له بالجر عليه معلل ذلك بقوله " فان المرض ل‬
‫أجر فيه " والسر فيه أن الجر والثواب إنما يستحق بالفعال المعدة له كما‬
‫اشار إليه بقوله‪ " :‬وإنما الجر في القول ‪ -‬إلى قوله بالقدام " وكنى‬
‫بالقدام عن القيام بالعبادة‪ ،‬وكذلك ما يكون كالفعل من عدمات الملكات‬
‫كالصوم ونحوه‪ ،‬فأما المرض فليس هو بفعل العبد‪ ،‬ول عدم فعل من شأنه‬
‫أن يفعله‪ .‬فأما حطه للسيئات فباعتبار أمرين‪ :‬أحدهما أن المريض تنكسر‬
‫شهوته وغضبه اللذين هما مبدءا الذنوب والمعاصي ومادتهما‪ ،‬الثاني أن‬
‫من شأن المرض أن يرجع النسان فيه إلى ربه بالتوبة والندم على‬
‫المعصية والعزم على ترك مثلها‪ ،‬كما قال تعالى‪ " :‬وإذا مس النسان‬
‫الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما " الية )‪ .(2‬فما كان من السيئات‬
‫حالت غير متمكنة من جوهر النفس فانه يسرع زوالها منها‪ ،‬وما صار‬
‫ملكة فربما يزول على طول المرض ودوام النابة إلى ال تعالى‬

‫)‪ (1‬شرح النهج لبن ميثم ص ‪ (2) .584‬يونس‪[*] .12 :‬‬

‫]‪[23‬‬
‫واستعار لزوالها لفظ الحت وشبهه في قوة الزوال والمفارقة بحت الوراق‪ .‬ثم نبه‬
‫عليه السلم بقوله‪ " :‬وإن ال " إلى آخره على أن العبد إذا احتسب‬
‫المشقة في مرضه ل بصدق نيته مع صلح سريرته‪ ،‬فقد يكون ذلك معدا‬
‫لفاضة الجر والثواب عليه‪ ،‬ودخوله الجنة‪ ،‬ويدخل ذلك في أعدام الملكات‬
‫المقرونة بنية القربة إلى ال‪ ،‬وكلم السيد رحمه ال مقتضى مذهب‬
‫المعتزلة‪ .‬انتهى‪ .‬وقال الكيدري نور ال ضريحه‪ :‬المرض ل أجر فيه‬
‫للمريض بمجرد اللم بل فيه العوض وإذا احتمل المريض ما حمل احتسابا‬
‫اثيب على ذلك‪ .‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬إذا اطلعت على ما ذكره المخالف والمؤالف‬
‫في هذا الباب فاعلم أنهم جروا في ذلك على ما نسجوه من قواعدهم‬
‫الكلمية نسج العنكبوت ول طائل في الخوض فيها‪ ،‬لكن لبد من الخوض‬
‫في اليات والخبار الواردة في ذلك والجمع بينهما‪ .‬والذي يظهر منها أن‬
‫ال تعالى بلطفه ورحمته يبتلي المؤمنين في الدنيا بأنواع البليا على قدر‬
‫إيمانهم‪ ،‬وسبب ذلك إما إصلح نفوسهم‪ ،‬وردعها عن الشهوات أو‬
‫تعريضهم بالصبر عليها لجزل المثوبات‪ ،‬أو لحط ما صدر عنهم من‬
‫السيئات إذا علم أن صلحهم في العفو بعد البتلء‪ ،‬ليكون رادعا لهم عن‬
‫ارتكاب مثلها ومع ذلك يعوضهم أو يثيبهم بأنواع العواض والمثوبات‪.‬‬
‫ولو صح قولهم‪ :‬إن العوض ل يكون دائما‪ ،‬يمكن أن يقال‪ :‬دخولهم الجنة‬
‫وتنعمهم بنعيمه الدائم إنما هو باليمان والعمال الصالحة‪ ،‬لكن لما كانت‬
‫معاصيهم حائلة بينهم وبين دخولهم الجنة ابتداء‪ ،‬قد يبتليهم في الدنيا‬
‫ليطهرهم من لوثها وقد يؤخرهم إلى سكرات الموت أو عذاب البرزخ أو‬
‫في القيامة ليدخلوا الجنة مطهرين من لوث المعاصي‪ ،‬وكل ذلك بحسب ما‬
‫علم من صلحهم في ذلك‪ .‬ثم إن جميع ذلك في غير النبياء والوصياء‬
‫والولياء عليهم السلم وأما فيهم عليهم السلم فليس إل لرفع الدرجات‪،‬‬
‫وتكثير المثوبات‪ ،‬كما عرفت مما سبق من الروايات‬

‫]‪[24‬‬

‫فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين‪ ،‬ول تصغ إلى شبهات المضلين‪ ،‬وقد سبق منا‬
‫بعض القول فيه‪ - 17 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫نصر‪ ،‬عن عيسى الفراء‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة أمر ال تبارك وتعالى مناديا ينادي بين يديه‪ :‬أين‬
‫الفقراء ؟ فيقوم عنق من الناس كثير فيقول‪ :‬عبادي ! فيقولون‪ :‬لبيك ربنا‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬إني لم افقركم لهوان بكم علي ولكن إنما اخترتكم لمثل هذا اليوم‪،‬‬
‫تصفحوا وجوه الناسن فمن صنع اليكم معروفا لم يصنعه إل في فكافوه‬
‫عني بالجنة )‪ .(1‬بيان‪ :‬كان تحتمل التامة والناقصة‪ ،‬كما مر " بين يديه "‬
‫أي قدام عرشه وقيل‪ :‬أي يصل نداؤه إلى كل أحد كما أنه حاضر عند كل‬
‫أحد وفي النهاية فيه يخرج عنق من النار أي طائفة‪ ،‬وقال‪ :‬عنق من‬
‫الناس أي جماعة " لهوان بكم علي " أي لمذلة وهوان علي كان بكم "‬
‫ولكن إنما اخترتكم " أي اصطفيتكم " لمثل هذا اليوم " أي لهذا اليوم‬
‫فكلمة " مثل " زائدة نحو قولهم مثلك ل يبخل أو لهذا اليوم ومثله لثيبكم‬
‫قال في المصباح المثل يستعمل على ثلثة أوجه‪ :‬بمعنى التشبيه‪ ،‬وبمعنى‬
‫نفس الشئ وزائدة‪ ،‬وقال‪ :‬صفحت الكتاب قلبت صفحاته‪ ،‬وهي وجوه‬
‫الوراق وتصفحته كذلك وصفحت القوم صفحا رأيت صفحات وجوههم "‬
‫لم يصنعه إل في " الجملة جزاء الشرط أو صفة لقوله " معروفا " أي‬
‫معروفا يكون خالصا والول أظهر‪ ،‬ويومئ إليه قوله‪ " :‬فكافوه عني "‪.‬‬
‫‪ - 18‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن إبراهيم‬
‫الحذاء‪ ،‬عن محمد بن صغير‪ ،‬عن جده شعيب‪ ،‬عن المفضل قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬لول إلحاح هذه الشيعة على ال في طلب الرزق‪،‬‬
‫لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق )‪ .(2‬بيان‪ " :‬هذه الشيعة‬
‫" أي المامية‪ ،‬فان الشيعة أعم منهم‪ ،‬أو إشارة‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .263‬‬

‫]‪[25‬‬

‫إلى غير الخلص منهم‪ ،‬فانهم ل يلحون‪ ،‬وكأن الشارة على الول لبيان‬
‫الختصاص‪ ،‬وعلى الثاني للتحقير‪ - 19 .‬كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن ابن فضال عن محمد بن الحسين بن كثير‬
‫الخزاز‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال لي‪ :‬أما تدخل السوق ؟ أما‬
‫ترى الفاكهة تباع والشئ مما تشتهيه ؟ فقلت‪ :‬بلى‪ ،‬فقال‪ :‬أما إن لك بكل ما‬
‫تراه فل تقدر على شراه حسنة )‪ .(1‬بيان‪ " :‬والشئ مما تشتهيه " أي من‬
‫غير الفاكهة أعم من المأكول والملبوس وغيرهما‪ ،‬والظاهر من الحسنة‬
‫المثوبة الخروية‪ ،‬وحمل على العوض أو على أن الحسنة للصبر والرضا‬
‫بالقضاء على الصل المتقدم‪ - 20 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن سنان عن علي بن عثمان‪ ،‬عن مفضل بن‬
‫عمر‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده‬
‫المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الخ إلى أخيه‪ ،‬فيقول‪ :‬وعزتي‬
‫وجللي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك علي فارفع هذا السجف‬
‫فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا قال‪ :‬فيرفع فيقول‪ :‬ما ضرني ما منعتني‬
‫مع ما عوضتني )‪ .(2‬بيان‪ " :‬ليعتذر " كأنه مجاز كما يومئ إليه ما مر‬
‫في التاسع )‪ " (3‬شبيها بالمعتذر " والمحوج يحتمل كسر الواو وفتحها‪،‬‬
‫في المصباح‪ :‬أحوج وزان أكرم من الحاجة‪ ،‬ويستعمل أيضا متعديا يقال‪:‬‬
‫أحوجه ال إلى كذا‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬السجف ويكسر وككتاب الستر " ما‬
‫ضرني " ما نافية " ما منعتني " ما مصدرية " مع ما عوضتني " ما‬
‫موصولة‪ ،‬وتحتمل المصدرية أيضا‪ - 21 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن الحكم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا كان‬
‫يوم القيامة قام عنق من الناس حتى يأتوا باب الجنة‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .264‬يعني الخبر التاسع في كتاب الكافي وقد مر‬
‫تحت الرقم ‪[*] .11‬‬

‫]‪[26‬‬

‫فيضربوا باب الجنة فيقال لهم‪ :‬من أنتم ؟ فيقولون‪ :‬نحن الفقراء‪ ،‬فيقال لهم‪ :‬أقبل‬
‫الحساب ؟ فيقولون‪ :‬ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه‪ ،‬فيقول ال‬
‫عزوجل‪ :‬صدقوا ادخلوا الجنة )‪ .(1‬بيان‪ " :‬أقبل الحساب " أي أتدخلون‬
‫الجنة قبل الحساب على التعجب أو النكار " ما أعطيتمونا " أي ما أعطانا‬
‫ال شيئا وإضافته إلى الملئكة لنهم مقربوا جنابه بمنزلة وكلئه "‬
‫تحاسبونا " قيل‪ :‬يجوز فيه تشديد النون كما قرئ في سورة الزمر "‬
‫تأمروني " )‪ (2‬بالتخفيف وبالتشديد وبالنونين والمخاطب في " صدقوا "‬
‫الملئكة وفي " ادخلوا " الفقراء إذا قرئ على بناء المجرد كما هو‬
‫الظاهر‪ ،‬وأمرهم بالدخول يستلزم أمر الملئكة بفتح الباب ويمكن أن يقرأ‬
‫على بناء الفعال فالمخاطب الملئكة أيضا وقيل‪ :‬هو من قبيل ذكر اللزم‬
‫وارادة الملزوم‪ ،‬أي افتحوا الباب ولذا حذف المفعول بناء على أن فتح‬
‫الباب سبب لدخول كل من يستحقه‪ ،‬وان كان الباعث الفقراء‪ ،‬وكان هذا‬
‫مبني على ما سيأتي من أن ال تعالى ل يحاسب المؤمنين على ما أكلوا‬
‫ولبسوا ونكحوا وأمثال ذلك إذا كان من حلل‪ - 22 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن مبارك غلم شعيب قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫الحسن موسى عليه السلم يقول‪ :‬أن ال عزوجل يقول‪ :‬إني لم اغن الغني‬
‫لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي‪ ،‬وهو مما ابتليت به‬
‫الغنياء بالفقراء ولول الفقراء لم يستوجب الغنياء الجنة )‪ .(3‬بيان‪" :‬‬
‫وهو مما ابتليت به الغنياء " كأن ضمير هو راجع إلى التفاوت المفهوم‬
‫من الكلم السابق‪ ،‬أقول‪ :‬إذا كان من للتبعيض يدل على أن ابتلء الناس‬
‫بعضهم ببعض يكون على وجوه شتى منها ابتلؤهم بالفقر والغنا‪ ،‬ويحتمل‬
‫أن يكون من للتعليل " ولول الفقراء " كأن المعنى أن عمدة عبادة‬
‫الغنياء إعانة الفقراء أو أنه يلزم الغنا أحوال ل يمكن تداركها إل برعاية‬
‫الفقراء فتأمل‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .264‬الزمر‪ (3) .64 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .265‬‬
‫]‪[27‬‬

‫‪ - 23‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن إسحاق بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن إسحاق بن عمار والمفضل بن عمر قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬مياسير شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم‪ ،‬فاحفظونا فيهم يحفظكم‬
‫ال )‪ .(1‬بيان‪ :‬المياسير والمحاويج جمعا الموسر والمحوج‪ ،‬لكن على‬
‫غير القياس لن القياس جمع مفعال على مفاعيل‪ ،‬قال الفيروز آبادي‪:‬‬
‫أيسر إيسارا ويسرا صار ذا غنى فهو موسر‪ ،‬والجمع مياسير‪ ،‬وقال‬
‫صاحب مصباح اللغة‪ :‬أحوج وزان أكرم من الحاجة فهو محوج‪ ،‬وقياس‬
‫جمعه‪ ،‬بالواو والنون لنه صفة عاقل والناس يقولون محاويج‪ ،‬مثل‬
‫مفاطير ومفاليس‪ ،‬وبعضهم ينكره ويقول غير مسموع‪ ،‬انتهى‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫وروده في الحديث يدل على مجيئه لكن قال بعضهم‪ :‬إنهما جمعا ميسار‬
‫ومحواج اسمى آلة استعمل في الموسر والمحوج للمبالغة‪ " .‬امناؤنا على‬
‫محاويجهم " كونهم امناءهم عليهم السلم إما مبنى على ما ذكره الكليني‬
‫رحمه ال )‪ (2‬في آخر كتاب الحجة أن الموال كلها للمام‪ ،‬وإنما رخص‬
‫لشيعتهم التصرف فيها فتصرفهم مشروط برعاية فقراء الشيعة وضعفائهم‬
‫أو على أنهم خلفاء ال ويلزمهم أخذ حقوق ال من الغنياء‪ ،‬وصرفها في‬
‫مصارفها‪ ،‬ولما لم يمكنهم في أزمنة التقية والغيبة أخذها منهم وصرفها‬
‫في مصارفها وأمروا الغنياء بذلك فهم امناؤهم على ذلك‪ ،‬أو على أنه لما‬
‫كان الخمس وسائر أموالهم من الفئ والنفال بايديهم‪ ،‬ولم يمكنهم إيصالها‬
‫إليهم عليهم السلم فهم امناؤهم في إيصال ذلك إلى فقراء الشيعة‪ :‬فيدل‬
‫على وجوب صرف حصة المام من الخمس وميراث من ل وارث له وغير‬
‫ذلك من أموال المام إلى فقراء الشيعة‪ ،‬ول يخلو من قوة والحوط صرفها‬
‫إلى الفقيه المحدث العادل‪ ،‬ليصرفها في مصارفها نيابة عنهم عليهم السلم‬
‫وال يعلم‪ " .‬فاحفظونا فيهم " أي ارعوا حقنا فيهم لكونهم شيعتنا‬
‫وبمنزلة عيالنا " يحفظكم ال " أي يحفظكم ال في أنفسكم وأموالكم في‬
‫الدنيا ومن عذابه في الخرة‪ ،‬ويحتمل‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .265‬راجع اصول الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ 407‬باب أن الرض‬
‫كلها للمام عليه السلم وص ‪ 538‬باب الفئ والنفال وتفسير الخمس‬
‫وحدوده وما يجب فيه‪[*] .‬‬

‫]‪[28‬‬

‫أن تكون جملة دعائية‪ ،‬وقيل‪ :‬يدل على أن الغنياء إذا لم يراعوا الفقراء سلبت‬
‫عنهم النعمة‪ ،‬لنه إذا ظهرت الخيانة من المين يؤخذ ما في يده‪ ،‬كما قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن ل تعالى عبادا يخصهم بالنعم لمنافع‬
‫العباد‪ ،‬فيقرها في أيديهم‪ ،‬ما بذلوها‪ ،‬فإذا منعوها نزعها منهم‪ ،‬ثم حولها‬
‫إلى غيرهم‪ - 24 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام‬
‫بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬الفقر أزين للمؤمنين من العذار على خد الفرس )‪ .(1‬بيان‪" :‬‬
‫أزين للمؤمنين " اللم للتعدية‪ ،‬وفي النهاية‪ :‬فيه الفقر أزين للمؤمن من‬
‫عذار حسن على خد فرس‪ ،‬العذاران من الفرس كالعارضين من وجه‬
‫النسان‪ ،‬ثم سمى به السير الذي يكون عليه من اللجام عذارا باسم‬
‫موضعه‪ ،‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يمكن أن يقال لتكميل التشبيه أن الفقر يمنع‬
‫النسان من الطغيان كما يمنع اللجام الفرس عن العصيان‪ .‬وقال بعض‬
‫شراح العامة‪ :‬لن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور أشخصته إلى‬
‫مكروه‪ ،‬فطلبها شين والقلة زين‪ - 25 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل بن زياد‪،‬‬
‫عن ابن محبوب‪ ،‬عن عبد ال بن غالب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعيد بن المسيب‬
‫قال‪ :‬سألت علي بن الحسين عليهما السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬ولول‬
‫أن يكون الناس امة واحدة " )‪ (2‬قال‪ :‬عنى بذلك امة محمد صلى ال عليه‬
‫وآله أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم " لجعلنا لمن يكفر بالرحمن‬
‫لبيوتهم سقفا من فضة " ولو فعل ال ذلك بامة محمد لحزن المؤمنون‬
‫وغمهم ذلك‪ ،‬ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم )‪ .(3‬بيان‪ :‬قد مر تفسير الية‪،‬‬
‫وأما تأويله عليه السلم فلعل المعنى أن المراد بالناس‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .265‬الزخرف‪ (3) .33 :‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪[*] .265‬‬

‫]‪[29‬‬

‫امة محمد صلى ال عليه وآله بعد وفاته بقرينة المضارع في " يكون " و " يكفر‬
‫"‪ ،‬والمراد بمن يكفر بالرحمن‪ :‬المخالفون المنكرون للمامة‪ ،‬والنص‬
‫على المام‪ ،‬ولذا عبر بالرحمن إشعارا بأن رحمانية ال يقتضي عدم‬
‫إهمالهم في امور دينهم‪ ،‬أو المراد أن المنكر للمام كافر برحمانية الملك‬
‫العلم‪ .‬والحاصل أنه لول أنه كان يصير سببا لكفر المؤمنين لحزنهم‬
‫وغمهم وانكسار قلبهم‪ ،‬فيستولي عليهم الشيطان فيكفرون ويلحقون‬
‫بالمخالفين إل شاذ منهم ل يكفي وجودهم لنصرة المام‪ ،‬أو يهلكون غما‬
‫وحزنا‪ ،‬وأيضا لو كان جميع المخالفين بهذه الدرجة من الغنا والثروة‪،‬‬
‫وجميع المؤمنين في غاية الفقر والمهانة والمذلة لم يناكحوهم أي‬
‫المخالفون المؤمنين بأن يعطوهم بناتهم أو يأخذوا منهم بناتهم‪ ،‬فلم يكن‬
‫يحصل فيهم نسب يصير سببا للتوارث فبذلك ينقطع نسل المؤمنين‪،‬‬
‫ويصير سببا لنقراضهم‪ ،‬أو لمزيد غمهم الموجب لرتدادهم‪ ،‬وبتلك‬
‫السباب يصير امة محمد صلى ال عليه وآله كلهم كفرة ومخالفين‪،‬‬
‫فيكونوا امة واحدة كفرة إما مطلقا أو إل من شذ منهم‪ ،‬ممن محض اليمان‬
‫محضا‪ ،‬فعبر بالناس عن الكثرين لقلة المؤمنين فكأنهم ليسوا منهم‪.‬‬
‫فالمراد بالمة في قوله‪ " :‬عنى بذلك امة محمد صلى ال عليه وآله " أعم‬
‫من امة الدعوة والجابة قاطبة‪ ،‬أو العم من المؤمنين والمنافقين‬
‫والمخالفين وذلك إشارة إلى الناس‪ ،‬والمراد بالمة في قوله‪ " :‬ولو فعل‬
‫ذلك بامة محمد " المنافقون والمخالفون أو العم منهم ومن سائر الكفار‪،‬‬
‫والول أظهر بقرينة " ولم يناكحوهم " فان غيرهم من الكفار ل يناكحون‬
‫الن أيضا‪ ،‬والضمير المرفوع راجع إلى المخالفين والمنصوب إلى‬
‫المؤمنين‪ ،‬وكذا " ولم يوارثوهم "‪ - 26 .‬لي‪ :‬عن الفامي‪ ،‬عن محمد‬
‫الحميري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫هشام بن سالم‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬كاد الفقر أن يكون كفرا‬
‫وكاد الحسد أن يغلب القدر )‪(1‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق‪[*] .177 :‬‬

‫]‪[30‬‬

‫ل‪ :‬عن حمزة العلوي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن المغيرة‪ ،‬عن السكوني عن‬
‫الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم عن النبي صلى ال عليه وآله مثله )‪.(1‬‬
‫كتاب المامة والتبصرة‪ :‬عن سهل بن أحمد‪ ،‬عن محمد بن محمد بن‬
‫الشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه‬
‫عليهم السلم‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله مثله‪ .‬توضيح‪ :‬هذه الرواية‬
‫من المشهورات بين الخاصة والعامة‪ ،‬وفيها ذم عظيم للفقر‪ ،‬ويعارضها‬
‫الخبار السابقة وما روي عن النبي صلى ال عليه وآله‪ " :‬الفقر فخري‬
‫وبه أفتخر " وقوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬أللهم أحيني مسكينا وأمتني‬
‫مسكينا واحشرني في زمرة المساكين " ويؤيد هذه الرواية ما رواه العامة‬
‫عنه صلى ال عليه وآله‪ " :‬الفقر سواد الوجه في الدارين " وقد قيل في‬
‫الجمع بينها وجوه‪ .‬قال الراغب في المفردات‪ :‬الفقر يستعمل على أربعة‬
‫أوجه‪ :‬الول وجود الحاجة الضرورية‪ ،‬وذلك عام للنسان ما دام في دار‬
‫الدنيا بل عام للموجودات كلها‪ ،‬وعلى هذا قوله عزوجل‪ " :‬يا أيها الناس‬
‫أنتم الفقراء إلى ال وال هو الغني الحميد " )‪ (2‬وإلى هذا الفقر أشار‬
‫بقوله في وصف النسان‪ " :‬ما جعلناهم جسدا ل يأكلون الطعام " )‪.(3‬‬
‫والثاني عدم المقتنيات وهو المذكور في قوله‪ " :‬للفقراء الذين احصروا‬
‫في سبيل ال ‪ -‬إلى قوله‪ :‬يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " )‪ " (4‬إنما‬
‫الصدقات للفقراء والمساكين " )‪ .(5‬الثالث فقر النفس وهو الشره المعني‬
‫بقوله صلى ال عليه وآله‪ :‬كاد الفقر أن يكون كفرا‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .9‬فاطر‪ (3) .15 :‬النبياء‪ (4) .8 :‬البقرة‪(5) .273 :‬‬
‫براءة‪[*] .60 :‬‬

‫]‪[31‬‬

‫وهو المقابل بقوله‪ :‬الغنا غنى النفس‪ ،‬والمعنى بقولهم‪ :‬من عدم القناعة لم يفده‬
‫المال غنى‪ .‬الرابع‪ :‬الفقر إلى ال المشار إليه بقوله‪ :‬اللهم أغنني بالفتقار‬
‫إليك‪ ،‬ول تفقرني بالستغناء عنك‪ ،‬وإياه عنى تعالى بقوله‪ " :‬رب إني لما‬
‫أنزلت إلي من خير فقير " )‪ (1‬وبهذا ألم الشاعر فقال‪ :‬ويعجبني فقري‬
‫إليك ولم يكن * ليعجبني لول محبتك الفقر ويقال‪ :‬افتقر فهو مفتقر وفقير‪،‬‬
‫ول يكاد يقال فقر وإن كان القياس يقتضيه وأصل الفقير هو المكسور‬
‫الفقار‪ .‬انتهى )‪ .(2‬وهذا أحسن ما قيل في هذا المقام‪ ،‬ومنهم من حمل‬
‫سواد الوجه على المدح أي إنه كالخال الذي على وجه المحبوب فانه يزينه‬
‫ول يشينه‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بالوجه ذات الممكن‪ ،‬ومن الفقر احتياجه في‬
‫وجوده وسائر كمالته إلى الغير‪ ،‬وكون ذلك الحتياج بسواد وجهه عبارة‬
‫عن لزومه لذاته‪ ،‬بحيث ل ينفك كما ل ينفك السواد عن محله‪ ،‬ول يخفى‬
‫بعدهما‪ ،‬والظهر حمله مع صحته على الفقر المذموم كما مر‪ .‬وقال‬
‫الغزالي في شرح هذا الخبر‪ :‬إذ الفقر مع الضطرار إلى ما لبد منه قارب‬
‫أن يوقع في الكفر‪ ،‬لنه يحمل على حسد الغنياء‪ ،‬والحسد يأكل الحسنات‬
‫وعلى التذلل لهم بما يدنس به عرضه‪ ،‬وينثلم به دينه‪ ،‬وعلى عدم الرضا‬
‫بالقضاء وتسخط الرزق‪ ،‬وذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه‪ ،‬ولذلك‬
‫استعاذ المصطفى من الفقر‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬لن أجمع عندي أربعين ألف‬
‫دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم وذل في سؤال الناس‪ ،‬ووال‬
‫ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض‪ ،‬فلعلي أكفر ول‬
‫أشعر‪ ،‬فلذلك قال‪ :‬كاد الفقر أن يكون كفرا‬

‫)‪ (1‬القصص‪ (2) .24 :‬مفردات غريب القرآن ‪[*] .383‬‬

‫]‪[32‬‬

‫لنه يحمل المرء على كل صعب وذلول‪ .‬وربما يؤديه إلى العتراض على ال‬
‫والتصرف في ملكه‪ ،‬والفقر نعمة من ال داع إلى النابة واللتجاء إليه‪،‬‬
‫والطلب منه‪ ،‬وهو حلية النبياء وزينة الولياء‪ ،‬وزي الصلحاء ‪ -‬ومن ثم‬
‫ورد خبر‪ :‬إذا رأيت الفقر مقبل فقل مرحبا بشعار الصالحين‪ ،‬فهو نعمة‬
‫جليلة بيد أنه مولم شديد التحمل‪ .‬قال الغزالي‪ :‬هذا الحديث ثناء على المال‪،‬‬
‫ول تقف على وجه الجمع بين المدح والذم إل بأن تعرف حكمة المال‪،‬‬
‫ومقصوده وفوائده وغوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه‪ ،‬شر من‬
‫وجه‪ ،‬وليس بخير محض‪ ،‬ول بشر محض بل هو سبب للمرين معا‪ :‬يمدح‬
‫مرة ويذم مرة‪ ،‬والبصير المميز يدرك أن الممدوح منه غير المذموم‪ .‬وقال‬
‫بعض أصحابنا‪ :‬في الدعاء‪ :‬نعوذ بك من الفقر والقلة‪ ،‬قيل‪ :‬الفقر المستعاذ‬
‫منه إنما هو فقر النفس الذي يفضي بصاحبه إلى كفران نعم ال ونسيان‬
‫ذكره‪ ،‬ويدعوه إلى سد الخلة بما يتدنس به عرضه ويثلم به دينه‪ ،‬والقلة‬
‫تحمل على قلة الصبر أو قلة العدد‪ .‬وفي الخبر أنه صلى ال عليه وآله‬
‫تعوذ من الفقر‪ ،‬وقال‪ :‬الفقر فخري وبه أفتخر على سائر النبياء‪ ،‬وقد‬
‫جمع بين القولين بأن الفقر الذي تعوذ منه صلى ال عليه وآله الفقر إلى‬
‫الناس‪ ،‬والذي دون الكفاف‪ ،‬والذي افتخر به الفقر إلى ال تعالى وإنما كان‬
‫هذا فخرا له على سائر النبياء مع مشاركتهم له فيه‪ ،‬لن توحيده واتصاله‬
‫بالحضرة اللهية‪ ،‬وانقطاعه إليه‪ :‬كان في الدرجة التي لم يكن لحد مثلها‬
‫في العلو ففقره إليه كان أتم وأكمل من فقر سائر النبياء‪ .‬وقال الكرماني‬
‫في شرح البخاري في قوله صلى ال عليه وآله‪ :‬أعوذ بك من الفقر‪:‬‬
‫استدل به على تفضيل الغنا‪ ،‬وبقوله تعالى‪ " :‬إن ترك خيرا " أي مال‬
‫وبأنه صلى ال عليه وآله توفي على أكمل حالته‪ ،‬وهو موسر بما أفاء ال‬
‫عليه وبأن الغنى وصف للحق وحديث‪ :‬أكثر أهل الجنة الفقراء‪ ،‬إخبار عن‬
‫الواقع كما يقال‪ :‬أكثر أهل الدنيا الفقراء‪ ،‬وأما تركه الطيبات‪ ،‬فلنه لم‬
‫يرض أن يستعجل من الطيبات‪.‬‬

‫]‪[33‬‬

‫وأجاب الخرون بأنه إيماء إلى أن علة الدخول الفقر‪ ،‬وتركه الطيبات يدل على‬
‫فضل الفقر‪ ،‬واستعاذته من الفقر معارض باستعاذته من الغنا‪ ،‬ول نزاع في‬
‫كون المال خيرا بل من الفضل‪ ،‬وكان عند وفاته صلى ال عليه وآله‬
‫درعه مرهونا‪ ،‬وغنى ال تعالى بمعنى آخر انتهى‪ .‬وذهب أكثرهم إلى أن‬
‫الكفاف أفضل من الغنا والفقر فانه سالم من آفاتهما وليس ببعيد وقال‬
‫بعضهم‪ :‬هذا كله صحيح لكن ل يدفع أصل السؤال في أيهما أفضل الغنا أو‬
‫الفقر ؟ لن النزاع إنما ورد في حق من اتصف بأحد الوصفين أيهما في‬
‫حقه أفضل وقيل‪ :‬إن السؤال أيهما أفضل ل يستقيم لحتمال أن يكون‬
‫لحدهما من العمل الصالح ما ليس للخر‪ ،‬فيكون أفضل‪ ،‬وإنما يقع السؤال‬
‫عنهما إذا استويا بحيث يكون لكل منهما من العمل ما يقاوم به عمل الخر‪،‬‬
‫فتعلم أيهما أفضل عند ال‪ ،‬ولذا قيل صورة الختلف في فقير ليس‬
‫بحريص‪ ،‬وغنى ليس بممسك إذ ل يخفى أن الفقير القانع أفضل من الغني‬
‫البخيل وأن الغني المنفق أفضل من الفقير الحريص قال وكل ما يراد لغيره‬
‫ول يراد لعينه ينبغي أن يضاف إلى مقصوده فيه‪ ،‬ليظهر فضله فالمال ليس‬
‫محذورا لعينه‪ ،‬بل لكونه قد يعوق عن ال‪ ،‬وكذا العكس فكم من غني لم‬
‫يشغله غناه عن ال‪ ،‬وكم من فقير شغله فقره عن ال‪ .‬إلى أن قال‪ :‬وإن‬
‫أخذت بالكثر فالفقير عن الخطر أبعد لن فتنة الغني أشد من فتنة الفقر‪،‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬كلم الناس في أصل المسألة يختلف‪ ،‬فمنهم من فضل الفقر‪،‬‬
‫ومنهم من فضل الغنا‪ ،‬ومنهم من فضل الكفاف‪ ،‬وكل ذلك خارج عن محل‬
‫الخلف أي الحالين أفضل عند ال للعبد حتى يتكسب ذلك ويتخلق به‪ ،‬هل‬
‫التقلل من المال أفضل ليتفرغ قلبه عن الشواغل‪ ،‬وينال لذة المناجاة ول‬
‫ينهمك في الكتساب ليستريح من طول الحساب ؟ أو التشاغل باكتساب‬
‫المال أفضل ليستكثر من القرب من البر والصلة لما في ذلك من النفع‬
‫المتعدي‪ .‬قال‪ :‬وإذا كان المر كذلك فالفضل ما اختاره النبي صلى ال عليه‬
‫وآله وجمهور أصحابه من التقلل في الدنيا والبعد عن زهرتها ويبقى النظر‬
‫فيمن حصل له شئ من الدنيا‬

‫]‪[34‬‬

‫بغير تكسب منه كالميراث وسهم الغنيمة هل الفضل أن يبادر إلى إخراجه في وجوه‬
‫البر حتى ل يبقى منه شئ أو يتشاغل بتثميره ليستكثر من نفعه المتعدي‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهو على القسمين الولين‪ ،‬وقال ابن حجر‪ :‬مقتضى ذلك أن يبذل إلى‬
‫أن يبقى في حالة الكفاف‪ ،‬ول يضر ما يتجدد من ذلك إذا سلك هذه‬
‫الطريقة‪ .‬ودعوى أن جمهور الصحابة كانوا على التقلل والزهد ممنوعة‪،‬‬
‫فان المشهور من أحوالهم أنهم كانوا على قسمين بعد أن فتحت عليهم‬
‫الفتوح فمنهم من أبقى ما بيده مع التقرب إلى ربه بالبر والصلة والمواساة‬
‫مع التصاف بغنى النفس‪ ،‬ومنهم من استمر على ما كان عليه قبل ذلك‪،‬‬
‫وكان ل يبقى شيئا مما فتح عليه‪ ،‬وهم قليل‪ ،‬والخبار في ذلك متعارضة‪،‬‬
‫ومن المواضع التي وقع فيها التردد من ل شئ له‪ ،‬فالولى في حقه أن‬
‫يستكسب للصون عن ذل السؤال‪ ،‬أو يترك وينتظر ما يفتح عليه بغير‬
‫مسألة انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬مقتضى الجمع بين اخبارنا أن الفقر والغنا كل منهما‬
‫نعمة من نعم ال تعالى يعطي كل منهما من شاء من عباده بحسب ما يعلم‬
‫من مصالحه الكاملة وعلى العبد أن يصبر على الفقر بل يشكره ويشكر‬
‫الغنا إن أعطاه‪ ،‬ويعمل بمقتضاه فمع عمل كل منهما بما تقتضيه حاله‪،‬‬
‫فالغالب أن الفقير الصابر أكثر ثوابا من الغني الشاكر‪ ،‬لكن مراتب‬
‫أحوالهما مختلفة غاية الختلف‪ ،‬ول يمكن الحكم الكلي من أحد الطرفين‪،‬‬
‫والظاهر أن الكفاف أسلم وأقل خطرا من الجانبين ولذا ورد في أكثر‬
‫الدعية طلبه وسأله النبي صلى ال عليه وآله لله وعترته‪ ،‬وسيأتي تمام‬
‫القول في ذلك في كتاب المكاسب ان شاء ال‪ .‬وأما قوله صلى ال عليه‬
‫وآله‪ " :‬كاد الحسد أن يغلب القدر " فقد شرحناه في كتاب السماء والعالم‪،‬‬
‫وحمله أكثر المحققين على تأثير العين فانه ينشأ غالبا من حسد العاين‪،‬‬
‫وهذا هو الظاهر وهو مبالغة في تأثير العين بأنه يقرب أن يغلب قضاء ال‬
‫وقدره‪ .‬وهذا الحديث مروي في شهاب الخبار عن أنس بن مالك عنه‬
‫صلى ال عليه وآله وقال‬

‫]‪[35‬‬

‫الراوندي في الضوء‪ :‬المعنى أن للحسد تأثيرا قويا في النظر في إزالة النعمة من‬
‫المحسود‪ ،‬أو التمني لذلك فانه ربما يحمله حسده على قتل المحسود‪،‬‬
‫وإهلك ماله وإبطال معاشه‪ ،‬فكأنه سعى في غلبة المقدور‪ ،‬لن ال تعالى‬
‫قد قدر للمحسود الخير والنعمة‪ ،‬وهو يسعى في إزالة ذلك عنه‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الحسد يأكل الجسد انتهى‪ .‬وقال بعض المخالفين‪ :‬أي كاد الحسد في قلب‬
‫الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر‪ ،‬فل يرى أن النعمة التي حسد عليها إنما‬
‫صارت إليه بقدر ال وقضائه‪ ،‬فل تزول إل بقضائه وقدره‪ ،‬وغرض‬
‫الحاسد زوال نعمة المحسود‪ ،‬ولو تحقق القدر لم يحسده‪ ،‬واستسلم وعلم‬
‫أن الكل مقدر‪ - 27 .‬لي‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن ابن هاشم‪،‬‬
‫عن ابن محبوب عن ابن رئاب‪ ،‬عن موسى بن بكر‪ ،‬عن أبي الحسن الول‪:‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل‬
‫تستخفوا بفقراء شيعة علي وعترته من بعده‪ ،‬فان الرجل منهم ليشفع في‬
‫مثل ربيعة ومضر )‪ .(1‬بيان‪ :‬ربيعة ومضر )‪ (2‬قبيلتان عظيمتان يضرب‬
‫المثل بهما في الكثرة‪ - 28 .‬لي‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن سعيد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن داود بن النعمان‪ ،‬عن إسحاق‬
‫بن عمار‪ ،‬عن الصادق جعفر ابن محمد عليه السلم قال‪ :‬إذا كان يوم‬
‫القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلهما من أهل الجنة‪ :‬فقير في الدنيا‬
‫وغني في الدنيا‪ ،‬فيقول الفقير‪ :‬يا رب على ما اوقف ؟ فوعزتك إنك لتعلم‬
‫أنك لم تولني ولية فأعدل فيها أو أجور‪ ،‬ولم‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .185‬ربيعة ومضر ابنا نزار قبيلتان عظيمتان وهو‬
‫نزار بن معد بن عدنان‪ ،‬قال ابن عبد البر في النباء ص ‪ 69‬أن العرب‬
‫وجميع أهل العلم بالنسب أجمعوا على أن اللباب والصريح من ولد‬
‫اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلم ربيعة‪ ،‬ومضر ابنا نزار بن معد بن‬
‫عدنان‪ ،‬ل خلف في ذلك‪[*] .‬‬

‫]‪[36‬‬
‫ترزقني مال فاؤدي منه حقا أو أمنع ول كان رزقي يأتيني منها إل كفافا على ما‬
‫علمت وقدرت لي‪ ،‬فيقول ال جل جلله‪ :‬صدق عبدي خلوا عنه يدخل‬
‫الجنة ويبقى الخر حتى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيرا‬
‫لكفاها‪ ،‬ثم يدخل الجنة‪ .‬فيقول له الفقير‪ :‬ما حبسك ؟ فيقول‪ :‬طول الحساب‪،‬‬
‫ما زال الشئ يجيئني بعد الشئ يغفر لي ثم اسأل عن شئ آخر حتى تغمدني‬
‫ال عزوجل منه برحمة وألحقني بالتائبين‪ ،‬فمن أنت ؟ فيقول‪ :‬أنا الفقير‬
‫الذي كنت معك آنفا فيقول‪ :‬لقد غيرك النعيم بعدي )‪ .(1‬بيان‪ :‬وقف على‬
‫بناء المعلوم أو المجهول‪ ،‬فانه جاء لزما ومتعديا والثاني أظهر لما سيأتي‬
‫ولعل تصديق ال تعالى العبد لسعة لطفه وكرمه‪ ،‬وإل فنعمة ال على كل‬
‫عبد أكثر من أن تحصى‪ ،‬بل نعمة الفقر أيضا من أعظم النعم عليه‪ ،‬أو‬
‫التصديق معناه أنه صدق أني ل احاسب العبد على تلك النعم لسعة رحمتى‪،‬‬
‫وفي القاموس " قال آنفا " كصاحب وكتف وقرئ بهما أي مذ ساعة أي‬
‫في أول وقت يقرب منا انتهى )‪ (2‬ولعل هذا نظرا إلى أيام الخرة‬
‫وساعاتها‪ - 29 .‬لي‪ :‬عن الحسن بن عبد ال بن سعيد‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫محمد بن عبد الكريم عن محمد بن عبد الرحمن‪ ،‬عن عمرو بن أبي سلمة‪،‬‬
‫عن أبي عمر الصنعاني‪ ،‬عن العل ابن عبد الرحمن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬رب أشعث أغبر ذي طمرين‬
‫مدقع بالبواب لو أقسم على ال لبره )‪ .(3‬توضيح‪ :‬قال في النهاية‪:‬‬
‫الشعث أي بالتحريك إنتشار المر‪ ،‬ومنه قولهم‪:‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .216‬القاموس ج ‪ 3‬ص ‪ ،119‬والية‪ " :‬ومنهم من‬
‫يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال‬
‫آنفا " القتال‪ 16 :‬قال في المجمع ج ‪ 9‬ص ‪ 101‬روي في بعض الروايات‬
‫عن ابن كثير آنفا بالقصر‪ ،‬والقراءة المشهورة آنفا بالمد‪ (3) .‬أمالي‬
‫الصدوق ص ‪[*] .232‬‬

‫]‪[37‬‬

‫لم ال شعثه‪ ،‬ومنه حديث الدعاء أسئلك رحمة تلم بها شعثي أي تجمع بها ما تفرق‬
‫من أمري‪ ،‬ومنه الحديث رب أشعث أغبر ذي طمرين ل يؤبه له‪ ،‬لو أقسم‬
‫على ال لبره‪ ،‬وقال‪ :‬الطمر أي بالكسر الثوب الخلق‪ ،‬وقال‪ :‬فيه قال‬
‫للنساء‪ :‬إنكن إذا جعتن دقعتن‪ ،‬الدقع الخضوع في طلب الحاجة‪ ،‬مأخوذ من‬
‫الدقعاء وهو التراب أي لصقتن به‪ ،‬ومنه الحديث ل تحل المسألة إل لذي‬
‫فقر مدقع أي شديد يفضين بصاحبه إلى الدقعاء‪ ،‬وقيل هو سوء احتمال‬
‫الفقر‪ ،‬وفي القاموس أبر اليمين أمضاها على الصدق‪ .‬وأقول‪ :‬يدل على‬
‫جواز السؤال عند شدة الحاجة‪ ،‬وكأن المراد بالشعث تفرق الشعر وتداخله‬
‫وعدم تسريحه واصلحه‪ ،‬وكذا المراد بالغبرة عدم تنظيف الجسد وظهور‬
‫آثار الفقر‪ ،‬وذلك إما لشدة الفقر أو كثرة الشغال بالعبادة‪ ،‬وقد مر الكلم‬
‫فيه‪ .‬وأقول‪ :‬روى هذا الحديث في المشكوة )‪ (1‬عن أبي هريرة عنه صلى‬
‫ال عليه وآله رب اشعث مدفوع بالبواب لو أقسم على ال لبره‪ ،‬وقال‬
‫الطيبي في شرحه‪ :‬قال البيضاوي‪ :‬الشعث هو المغبر الرأس المتفرق‬
‫الشعور والصواب مدفوع بالدال اي يدفع عند الدخول على العيان‬
‫والحضور في المحافل‪ ،‬ول يترك أن يلج الباب فضل عن أن يحضر معهم‬
‫ويجلس فيما بينهم " لو أقسم على ال لبره " أي لو سأل ال شيئا وأقسم‬
‫عليه أن يفعله لفعله‪ ،‬فشبه إجابة المبر المقسم على غيره بوفاء الحالف‬
‫يمينه وبره فيها‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه لو حلف أن ال يفعله أو ل يفعله صدقه في‬
‫يمينه وأبره فيها بما يوافقها‪ .‬ثم قال الطيبي‪ :‬ومما يؤيد الول لفظة على‬
‫ال لنه أراد به المسمى ولو اريد به اللفظ لقيل‪ :‬بال‪ ،‬وأما معنى البرار‬
‫فعلى ما ذهب إليه القاضي من باب الستعارة‪ ،‬ويجوز أن يكون من باب‬
‫المشاكلة المعنوية‪ - 30 .‬لي‪ :‬في مناهي النبي صلى ال عليه وآله قال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬أل ومن استخف‬

‫)‪ (1‬مشكاة المصابيح ص ‪[*] .446‬‬

‫]‪[38‬‬

‫بفقير مسلم فقد استخف بحق ال‪ ،‬وال يستخف به يوم القيامة‪ ،‬إل أن يتوب وقال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬من أكرم فقيرا مسلما لقى ال يوم القيامة وهو عنه‬
‫راض )‪ - 31 .(1‬لي‪ :‬عن ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن‬
‫مالك‪ ،‬عن محمد ابن أحمد المدايني‪ ،‬عن فضل بن كثير‪ ،‬عن الرضا عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من لقى فقيرا مسلما فسلم عليه خلف سلمه على الغني لقى‬
‫ال عزوجل يوم القيامة وهو عليه غضبان )‪ - 32 .(2‬فس‪ " :‬ول تطرد‬
‫الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من‬
‫شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين " )‪(3‬‬
‫فأنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون‬
‫أصحاب الصفة‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وآله أمرهم أن يكونوا في‬
‫صفة يأوون إليها‪ .‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يتعاهدهم بنفسه‬
‫وربما حمل إليهم ما يأكلون‪ ،‬وكانوا يختلفون إلى رسول ال فيقربهم ويقعد‬
‫معهم ويؤنسهم‪ ،‬وكان إذا جاء الغنياء والمترفون من أصحابه ينكروا‬
‫عليه ذلك ويقولوا له‪ :‬اطردهم عنك‪ .‬فجاء يوما رجل من النصار إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وعنده رجل من أصحاب رسول ال من‬
‫أصحاب الصفة قد لزق برسول ال صلى ال عليه وآله ورسول ال يحدثه‬
‫فقعد النصاري بالبعد منهما‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬تقدم‬
‫فلم يفعل‪ ،‬فقال له رسول ال‪ :‬لعلك خفت أن يلزق فقره بك ؟ فقال‬
‫النصاري‪ :‬اطرد هؤلء عنك فأنزل ال " ول تطرد الذين يدعون ربهم‬
‫بالغداة والعشي " الية ثم قال‪ " :‬وكذلك فتنا بعضهم ببعض " أي اختبرنا‬
‫الغنياء بالغنى لننظر كيف مواساتهم للفقراء ؟ وكيف يخرجون ما فرض‬
‫ال عليهم في أموالهم لهم ؟ واختبرنا الفقراء‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .257‬أمالي الصدوق‪ (3) .265 :‬النعام‪.53 - 52 :‬‬
‫]*[‬

‫]‪[39‬‬

‫لننظر كيف صبرهم على الفقر ؟ وعما في أيدي الغنياء ؟ " ليقولوا " أي الفقراء‬
‫" أهؤلء " الغنياء " من ال عليهم من بيننا أليس ال بأعلم بالشاكرين‬
‫" )‪ - 33 .(1‬ل‪ :‬الخليل بن أحمد‪ ،‬عن أبي العباس السراج‪ ،‬عن قتيبة‪ ،‬عن‬
‫عبد العزيز‪ ،‬عن عمرو بن أبي عمرو‪ ،‬عن عاصم بن عمرو بن قتادة‪ ،‬عن‬
‫محمود بن لبيد أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬شيئان يكرههما ابن‬
‫آدم‪ :‬يكره الموت والموت راحة للمؤمن من الفتنة‪ ،‬ويكره قلة المال وقلة‬
‫المال أقل للحساب )‪ - 34 .(2‬ل‪ :‬محمد بن أحمد القضاعي‪ ،‬عن إسحاق بن‬
‫العباس بن إسحاق بن موسى ابن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن علي عليهم السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أهلك الناس‬
‫اثنان‪ :‬خوف الفقر وطلب الفخر )‪ - 35 .(3‬ل‪ :‬فيما أوصى به رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله إلى علي عليه السلم‪ :‬يا علي أربعة من قواصم‬
‫الظهر‪ :‬إمام يعصي ال ويطاع أمره‪ ،‬وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه‬
‫وفقر ل يجد صاحبه له مداويا‪ ،‬وجار سوء في دار مقام )‪ - 36 .(4‬مع‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن يونس بن يعقوب‪ ،‬عن‬
‫العقرقوفي قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬شئ يروى عن أبي ذر‬
‫رحمه ال أنه كان يقول‪ :‬ثلثة يبغضها الناس وأنا احبها‪ :‬احب الموت‬
‫واحب الفقر واحب البلء‪ ،‬فقال‪ :‬إن هذا ليس على ما تروون إنما عني‪:‬‬
‫الموت في طاعة ال أحب إلي من الحياة في معصية ال‪ ،‬والفقر في طاعة‬
‫ال أحب إلي من الغنا في معصية ال‪ ،‬والبلء في طاعة ال احب الي من‬
‫الصحة في معصية ال )‪ .(5‬جا‪ :‬أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪،‬‬
‫عن ابن معروف‪ ،‬عن ابن‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ص ‪ (2) .189‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .37‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.36‬‬
‫)‪ (4‬الخصال ج ‪ 1‬ص‪ (5) .96 .‬معاني الخبار ص ‪[*] .165‬‬
‫]‪[40‬‬

‫مهزيار‪ ،‬عن ابن فضال مثله )‪ - 37 .(1‬مع أبي‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬ومحمد‬
‫العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن منصور‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫خالد‪ ،‬عن أحمد بن المبارك قال‪ :‬قال رجل لبي عبد ال عليه السلم حديث‬
‫يروى أن رجل قال لمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إني احبك فقال له‪ :‬أعد‬
‫للفقر جلبابا‪ ،‬فقال‪ :‬ليس هكذا قال إنما قال له‪ :‬أعددت لفاقتك جلبابا يعني‬
‫يوم القيامة )‪ - 38 .(2‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫علي‪ ،‬عن حارث بن الحسن الطحان‪ ،‬عن إبراهيم بن عبد ال‪ ،‬عن فضيل‬
‫بن يسار‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬ل يبلغ أحدكم حقيقة اليمان‬
‫حتى يكون فيه ثلث خصال‪ :‬يكون الموت أحب إليه من الحياة‪ ،‬والفقر‬
‫أحب إليه من الغنى‪ ،‬والمرض أحب إليه من الصحة قلنا‪ :‬ومن يكون‬
‫كذلك ؟ قال‪ :‬كلكم‪ ،‬ثم قال‪ :‬أيما أحب إلى أحدكم ؟ يموت في حبنا أو يعيش‬
‫في بغضنا ؟ فقلت‪ :‬نموت وال في حبكم أحب إلينا‪ ،‬قال‪ :‬وكذلك الفقر‬
‫والغنى والمرض والصحة‪ ،‬قلت‪ :‬إي وال )‪ - 39 .(3‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن‬
‫الصفار‪ ،‬عن اليقطيني‪ ،‬عن صفوان بن يحيى‪ ،‬عن ذريح المحاربي‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الفقر الموت الحمر‪ ،‬فقيل الفقر من الدنانير‬
‫والدراهم ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن من الدين )‪ - 40 .(4‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫إدريس‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد ‪ -‬الحميد‪ ،‬عمن حدثه قال‪ :‬مات‬
‫رجل من آل أبي طالب لم يكن حضره أبو الحسن عليه السلم فجاءه قوم‬
‫فلما جلس أمسك القوم كأن على رؤوسهم الطير فكانوا في ذكر الفقراء‬
‫والموت‪ ،‬فلما جلس عليه السلم قال ابتداء منه‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬ما بين‬

‫)‪ (1‬مجالس المفيد ص ‪ (2) .120‬معاني الخبار ص ‪ 182‬وفي ج ‪ 67‬ص ‪247‬‬


‫شرح مبسوط له فراجع‪ (3) .‬معاني الخبار ص ‪ (4) .189‬معاني الخبار‬
‫ص ‪[*] .259‬‬

‫]‪[41‬‬

‫الستين إلى السبعين معترك المنايا‪ ،‬ثم قال‪ :‬الفقراء محسن السلم )‪ - 41 .(1‬ما‪:‬‬
‫المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن محمد الحميري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫التفليسي‪ ،‬عن البقباق‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يا فضيل ل‬
‫تزهدوا في فقراء شيعتنا فان الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة‬
‫ومضر )‪ .(2‬أقول‪ :‬سيأتي في وصايا رسول ال صلى ال عليه وآله لبي‬
‫ذر أنه قال‪ :‬أوصاني رسول ال أن أنظر إلى من هو دوني ول أنظر إلى من‬
‫هو فوقي‪ ،‬وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم )‪ (2‬وفي خبر آخر عنه‬
‫قال‪ :‬قال لي رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أحبب المساكين ومجالستهم )‬
‫‪ (4‬وفي خبر آخر عنه قال‪ :‬قال لي رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬عليك‬
‫بحب المساكين ومجالستهم‪ - 42 .‬فس‪ " :‬ول تمدن عينيك إلى ما متعنا‬
‫أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى " )‪(5‬‬
‫قال أبو عبد ال صلوات ال عليه‪ :‬لما نزلت هذه الية استوى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله جالسا ثم قال‪ :‬من لم يعز بعزاء ال تقطعت نفسه‬
‫حسرات‪ ،‬ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه‪ ،‬ولم يشف غيظه‬
‫ومن لم يعرف ل عليه نعمة إل في مطعم ومشرب قصر أجله ودنا عذابه )‬
‫‪ - 43 .(6‬ما‪ :‬فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلم عند وفاته‪،‬‬
‫اوصيك بحب المساكين ومجالستهم )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ 402‬وفيه‪ :‬الفقر )اء( محن السلم‪ (2) .‬أمالي الطوسي ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ (3) .46‬تراه في ج ‪ 77‬ص ‪ 73‬نقل عن الخصال ج ‪ 2‬ص ‪(4) .3‬‬
‫نقله في كتاب الروضة ج ‪ 77‬ص ‪ 73‬من هذه الطبعة نقل عن معاني‬
‫الخبار ص ‪ 332‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ 103‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪.138‬‬
‫)‪ (5‬طه‪ (6) .131 :‬تفسير القمي‪ (7) .424 :‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪.6‬‬
‫]*[‬

‫]‪[42‬‬

‫‪ - 44‬ع‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن‬
‫هشام بن سالم قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم لحمران‪ :‬يا حمران انظر‬
‫إلى من هو دونك‪ ،‬ول تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فان ذلك أقنع لك‬
‫بما قسم لك وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك الخبر )‪ - 45 .(1‬ل‪:‬‬
‫الربعمائة قال أمير المؤمنين‪ :‬الفقر هو الموت الكبر وقال عليه السلم‪ :‬ل‬
‫تحقروا ضعفاء إخوانكم فانه من احتقر مؤمنا لم يجمع ال عزوجل بينهما‬
‫في الجنة إل أن يتوب )‪ - 46 .(2‬ثو‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن الشعري رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم أنه قال لبعض أصحابه‪،‬‬
‫أما تدخل السوق ؟ أما ترى الفاكهة تباع والشئ مما تشتهيه ؟ فقلت‪ :‬بلى‬
‫وال فقال‪ :‬أما إن لك بكل ما تراه ول تقدر على شرائه وتصبر عليه حسنة‬
‫)‪ - 47 .(3‬ثو‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة أمر ال عزوجل مناديا‬
‫فينادي‪ :‬أين الفقراء ؟ فيقوم عنق من الناس فيؤمر بهم إلى الجنة فيأتون‬
‫باب الجنة فيقول لهم خزنة الجنة‪ :‬قبل الحساب ؟ فيقولون‪ :‬أعطيتمونا )‪(4‬‬
‫شيئا فتحاسبونا عليه ؟ فيقول ال عزوجل‪ :‬صدقوا عبادي ما أفقرتكم‬
‫هوانا بكم‪ ،‬ولكن ادخرت هذا لكم لهذا اليوم‪ ،‬ثم يقول لهم‪ :‬انظروا‬
‫وتصفحوا وجوه الناس فمن آتى إليكم معروفا فخذوا بيده وأدخلوه الجنة )‬
‫‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .246‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .157‬ثواب العمال‬
‫ص ‪ (4) .164‬ما أعطونا خ ل‪ (5) .‬ثواب العمال ص ‪[*] .166‬‬

‫]‪[43‬‬

‫جع‪ :‬مثله )‪ - 48 .(1‬ثو‪ :‬حمزة العلوي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬يا معشر المساكين طيبوا نفسا وأعطوا الرضا من قلوبكم‬
‫يثبكم ال على فقركم‪ ،‬فان لم تفعلوا فل ثواب لكم )‪) .(2‬أقول(‪ :‬قد أوردنا‬
‫بعض الخبار في باب من أذل مؤمنا في كتاب العشرة )‪ - 49 .(3‬ص‪ :‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال ال تعالى لموسى‪ :‬يا موسى ل ل تستذل‬
‫الفقير ول تغبط الغني بالشئ اليسير‪ - 50 .‬ير‪ :‬إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال البرقي‪ ،‬عن خلف بن حماد عن ابن طريف‪ ،‬عن ابن نباتة قال‪:‬‬
‫جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلم فقال‪ :‬إني لدين ال بوليتك‪،‬‬
‫وإني لحبك في السر كما احبك في العلنية‪ ،‬فقال له‪ :‬صدقت طينتك من‬
‫تلك الطينة‪ ،‬وعلى وليتنا اخذ ميثاقك‪ ،‬وإن روحك من أرواح المؤمنين‪،‬‬
‫فاتخذ للفقر جلبابا فوالذي نفسي بيده لقد سمعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله يقول‪ :‬ان الفقر إلى محبينا أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى‬
‫أسفله )‪ .(4‬ير‪ :‬أحمد بن محمد‪ ،‬عن الهوازي‪ ،‬عن الحسين بن علوان‪،‬‬
‫عن سعد بن طريف‪ ،‬عن الصبغ بن نباتة قال‪ :‬كنت مع أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم وذكر مثله )‪ - 51 .(5‬ير‪ :‬عباد بن سليمان‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سليمان‪ ،‬عن أبيه سليمان الديلمي عن هارون بن الجهم‪ ،‬عن سعد‬
‫الخفاف‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بينا أمير المؤمنين‬

‫)‪ (1‬جامع الخبار ص ‪ (2) .131‬ثواب العمال ص ‪ (3) .167‬راجع ج ‪ 75‬ص‬


‫‪ (4) .147 - 142‬بصائر الدرجات ص ‪ (5) .390‬بصائر الدرجات ص‬
‫‪[*] .391‬‬

‫]‪[44‬‬

‫عليه السلم يوما جالس في المسجد وأصحابه حوله‪ ،‬فأتاه رجل من شيعته فقال‪ :‬يا‬
‫أمير المؤمنين أن ال يعلم أني أدينه بحبك في السر كما أدينه بحبك في‬
‫العلنية وأتولك في السر كما أتولك في العلنية‪ ،‬فقال أمير المؤمنين‪:‬‬
‫صدقت أما فاتخذ للفقر جلبابا فان الفقر أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى‬
‫قرار الوادي )‪ - 52 .(1‬صح‪ :‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره‬
‫أو قلة ذات يده شهره ال تعالى يوم القيامة ثم يفضحه )‪ .(2‬وبإسناده‪:‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما كان ول يكون إلى يوم القيامة‬
‫مؤمن إل وله جار يؤذيه )‪ - 53 .(3‬يج‪ :‬روى سعيد بن عبد ال‪ ،‬عن‬
‫محمد بن الحسن بن شمون قال‪ :‬كتبت إليه عليه السلم )‪ (4‬أشكو الفقر‪،‬‬
‫ثم قلت في نفسي‪ :‬أليس قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬الفقر معنا خير من‬
‫الغنى مع غيرنا‪ ،‬والقتل معنا خير من الحياة مع غيرنا‪ ،‬فرجع الجواب أن‬
‫ال محص أولياءه إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر‪ ،‬وقد يعفو عن كثير‪ ،‬وهو كما‬
‫حدثت نفسك‪ :‬الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا‪ ،‬ونحن كهف لمن التجى‪،‬‬
‫ونور لمن استضاء بنا‪ ،‬وعصمة لمن اعتصم‪ ،‬من أحبنا كان معنا في‬
‫السنام العلى‪ ،‬ومن انحرف عنا فإلى النار‪ ،‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫تشهدون على عدوكم بالنار‪ ،‬ول تشهدون لوليكم بالجنة‪ ،‬ما يمنعكم من‬
‫ذلك إل‬

‫)‪ (1‬بصائر الدرجات ص ‪ 391‬في حديث‪ (2) .‬صحيفة الرضا ص ‪ ،32‬وتراه في‬
‫عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ 33‬وفي ط الحجري ص ‪ ،209‬وسيأتي‪) .‬‬
‫‪ (3‬صحيفة الرضا عليه السلم ص ‪ ،32‬ول يوجد في بعض نسخ‬
‫الصحيفة‪ ،‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ ،33‬والحديث ل يناسب الباب وانما‬
‫نقل ههنا لتوهم أن هذا الحديث من تتمة الحديث السابق ففي الصل‬
‫وهكذا نسخة الكمباني هكذا‪ :‬شهره ال يوم القيامة ثم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬يفضحه ما كان ول يكون الخ‪ (4) .‬يعني أبا محمد‬
‫العسكري عليه السلم‪[*] .‬‬

‫]‪[45‬‬

‫الضعف ؟ )‪ .(1‬كشف‪ :‬من دلئل الحميري‪ ،‬عن محمد بن الحسن بن شمون مثله )‬
‫‪ .(2‬كش‪ :‬أحمد بن علي بن كثلوم‪ ،‬عن إسحاق بن محمد‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسن بن شمون مثله )‪ - 54 .(3‬شى‪ :‬عمرو بن جميع رفعه إلى أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬الفقر الموت الكبر )‪ - 55 .(4‬جا‪ :‬أحمد بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن العل‪،‬‬
‫عن ابن أبي يعفور‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن فقراء المؤمنين‬
‫ينقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا‪ ،‬ثم قال‪ :‬سأضرب لك‬
‫مثال ذلك‪ ،‬إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في‬
‫إحداهما فلم يجد فيها شيئا‪ ،‬فقال‪ :‬أسربوها‪ ،‬ونظر في الخرى فإذا هي‬
‫موقرة‪ ،‬فقال‪ :‬احبسوها )‪ - 56 .(5‬كش‪ :‬خلف بن حماد‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن عمر الحلبي قال‪ :‬دخلت على الرضا عليه السلم بمنى فقلت له‪:‬‬
‫جعلت فداك كنا أهل بيت عطية وسرور ونعمة‪ ،‬وإن ال تعالى قد أذهب‬
‫بذلك كله حتى احتجت إلى من كان يحتاج إلينا فقال لي‪ :‬يا أحمد ما أحسن‬
‫حالك يا أحمد بن عمر‪ ،‬فقلت له‪ :‬جعلت فداك حالي ما أخبرتك ! فقال لي‪ :‬يا‬
‫أحمد أيسرك أنك على بعض ما عليه هؤلء الجبارون ولك الدنيا مملوة‬
‫ذهبا ؟ فقلت‪ :‬ل وال يا ابن رسول ال فضحك ثم قال‪ :‬ترجع من ههنا إلى‬
‫خلف فمن أحسن حال منك وبيدك صناعة ل تبيعها بملء الرض ذهبا‬

‫)‪ (1‬ل يوجد في مختار الخرائج المطبوع‪ (2) .‬كشف الغمة ج ‪ 3‬ص ‪(3) .300‬‬
‫رجال الكشي ص ‪ (4) .448‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .120‬مجالس‬
‫المفيد ص ‪[*] .91‬‬

‫]‪[46‬‬

‫أل ابشرك ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقد سرني ال بك وبآبائك‪ .‬فقال لي أبو جعفر عليه السلم‬
‫في قول ال عزوجل‪ " :‬وكان تحته كنز لهما " )‪ (1‬لوح من ذهب فيه‬
‫مكتوب بسم ال الرحمن الرحيم ل إله إل ال محمد رسول ال عجبت لمن‬
‫أيقن بالموت كيف يفرح ؟ ومن يرى الدنيا وتغيرها بأهلها كيف يركن إليها‬
‫وينبغي لمن عقل عن ال أن ل يستبطي ال في رزقه‪ ،‬ول يتهمه في‬
‫قضائه‪ ،‬ثم قال‪ :‬رضيت يا أحمد ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬عن ال تعالى وعنكم أهل‬
‫البيت )‪ - 57 .(2‬ضه‪ :‬قال أبو الحسن موسى عليه السلم‪ :‬إن النبياء‬
‫وأولد النبياء وأتباع النبياء خصوا بثلث خصال‪ :‬السقم في البدان‪،‬‬
‫وخوف السلطان‪ ،‬والفقر‪ .‬وقال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الفقر يخرس‬
‫الفطن عن حجته‪ ،‬والمقل غريب في بلده‪ ،‬طوبى لمن ذكر المعاد‪ ،‬وعمل‬
‫للحساب‪ ،‬وقنع بالكفاف‪ .‬الغني في القربة وطن‪ ،‬والفقر في الوطن غربة‪،‬‬
‫القناعة مال ل ينفد‪ ،‬الفقر الموت الكبر‪ ،‬ما أحسن تواضع الغنياء للفقراء‬
‫طلبا لما عند ال‪ ،‬وأحسن منه تيه الفقراء على الغنياء اتكال على ال‪.‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره‬
‫لفقره وقلة ذات يده شهره ال يوم القيامة ثم يفضحه‪ .‬وقال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين‪.‬‬
‫وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬إذا أحب ال عبدا في دار الدنيا يرجعه‪ ،‬قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول ال وكيف يرجعه ؟ قال‪ :‬في موضع الطعام الرخيص‪ ،‬والخير الكثير‬
‫ولي ال ل يجد الطعام ما يمل به بطنه‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬أبواب‬
‫الجنة مفتحة على الفقراء‪ ،‬والرحمة نازلة على الرحماء‪ ،‬وال راض عن‬
‫السخياء‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .82 :‬رجال الكشي ص ‪[*] .498‬‬

‫]‪[47‬‬

‫وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬الفقر فقران‪ :‬فقر الدنيا وفقر الخرة‪ ،‬ففقر الدنيا غنى‬
‫الخرة‪ ،‬وغنى الدنيا فقر الخرة وذلك الهلك‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫ما اوحى إلي أن أجمع المال وكن من التاجرين ولكن اوحى إلي أن سبح‬
‫بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين‪ .‬وقال لقمان‬
‫لبنه‪ :‬يا بني ل تحقرن أحدا بخلقان ثيابه‪ ،‬فان ربك وربه واحد‪ - 58 .‬جع‪:‬‬
‫سئل عن النبي صلى ال عليه وآله ما الفقر ؟ فقال‪ :‬خزانة من خزائن ال‬
‫قيل ‪ -‬ثانيا ‪ -‬يارسول ال ما الفقر ؟ فقال‪ :‬كرامة من ال‪ ،‬قيل‪ :‬ثالثا‪ :‬ما‬
‫الفقر ؟ فقال عليه السلم‪ :‬شئ ل يعطيه ال ال نبيا مرسل أو مؤمنا كريما‬
‫على ال تعالى‪ .‬وقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬الفقر أشد من القتل‪ .‬قال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬أوحى ال تعالى إلى إبراهيم عليه السلم فقال‪:‬‬
‫يا إبراهيم خلقتك وابتليتك بنار نمرود فلو ابتليتك بالفقر ورفعت عنك‬
‫الصبر فما تصنع ؟ قال إبراهيم‪ :‬يا رب الفقر إلي أشد من نار نمرود‪ ،‬قال‬
‫ال‪ :‬فبعزتي وجللي ما خلقت في السماء والرض أشد من الفقر‪ ،‬قال‪ :‬يا‬
‫رب من أطعم جايعا فما جزاؤه ؟ قال‪ :‬جزاؤه الغفران وإن كان ذنوبه يمل‬
‫ما بين السماء والرض‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬لول رحمة ربي على فقراء‬
‫امتي كاد الفقر يكون كفرا فقام رجل من الصحابة فقال‪ :‬يا رسول ال فما‬
‫جزاء مؤمن فقير يصبر على فقره ؟ قال‪ :‬إن في الجنة غرفة من ياقوتة‬
‫حمراء ينظر أهل الجنة إليها كما ينظر أهل الرض إلى نجوم السماء ل‬
‫يدخل فيها إل نبي فقير‪ ،‬أو شهيد فقير‪ ،‬أو مؤمن فقير‪ .‬قال أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم للحسن عليه السلم‪ :‬ل تلم إنسانا يطلب قوته‪ ،‬فمن عدم قوته‬
‫كثر خطاياه‪ ،‬يا بني الفقير حقير ل يسمع كلمه‪ ،‬ول يعرف مقامه‪ ،‬لو كان‬
‫الفقير صادقا يسمونه كاذبا‪ ،‬ولو كان زاهدا يسمونه جاهل‪ ،‬يا بني من‬
‫ابتلى بالفقر‬

‫]‪[48‬‬

‫ابتلي بأربع خصال‪ :‬بالضعف في يقينه‪ ،‬والنقصان في عقله‪ ،‬والرقة في دينه‪ ،‬وقلة‬
‫الحياء في وجهه‪ ،‬فنعوذ بال من الفقر‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬الفقر مخزون‬
‫عند ال بمنزلة الشهادة يؤتيه ال من يشاء‪ .‬عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬من توفر حظه في الدنيا انتقص حظه في الخرة‪ ،‬وإن كان كريما‪.‬‬
‫وقال الفقراء لرسول ال‪ :‬إن الغنياء ذهبوا بالجنة يحجون‪ ،‬ويعتمرون‬
‫ويتصدقون‪ ،‬ول نقدر عليه‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬إن من صبر واحتسب منكم‬
‫تكن له ثلث خصال ليس للغنياء أحدها أن في الجنة غرفا ينظر إليها أهل‬
‫الجنة كما ينظر أهل الرض إلى نجوم السماء ل يدخلها إل نبي فقير أو‬
‫شهيد فقير أو مؤمن فقير‪ ،‬وثانيها يدخل الفقراء الجنة قبل الغنياء‬
‫بخمسمائة عام‪ ،‬وثالثها إذا قال الغني‪ :‬سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال‬
‫وال أكبر‪ ،‬وقال الفقير مثل ذلك لم يلحق الغني الفقير‪ ،‬وإن أنفق فيها‬
‫عشرة آلف درهم‪ ،‬وكذلك أعمال البر كلها فقالوا‪ :‬رضينا‪ .‬عن أنس بن‬
‫مالك‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يقوم فقراء امتي يوم القيامة وثيابهم‬
‫خضر‪ ،‬وشعورهم منسوجة بالدر والياقوت‪ ،‬وبأيديهم قضبان من نور‪،‬‬
‫يخطبون على المنابر فيمر عليهم النبياء فيقولون‪ :‬هؤلء من الملئكة‪،‬‬
‫وتقول الملئكة‪ :‬هؤلء من النبياء‪ ،‬فيقولون‪ :‬نحن ل ملئكة ول أنبياء‪،‬‬
‫بل نفر من فقراء امة محمد صلى ال عليه وآله‪ ،‬فيقولون‪ :‬بما نلتم هذه‬
‫الكرامة ؟ فيقولون‪ :‬لم يكن أعمالنا شديدا ولم نصم الدهر‪ ،‬ولم نقم الليل‪،‬‬
‫ولكن أقمنا على الصلوات الخمس‪ ،‬وإذا سمعنا ذكر محمد صلى ال عليه‬
‫وآله فاضت دموعنا على خدودنا‪ .‬عن أبي هريرة قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬كلمني ربي فقال‪ :‬يا محمد إذا أحببت عبدا أجعل معه ثلثة‬
‫أشياء‪ :‬قلبه حزينا‪ ،‬وبدنه سقيما‪ ،‬ويده خالية عن حطام الدنيا وإذا أبغضت‬
‫عبدا أجعل معه ثلثة أشياء‪ :‬قلبه مسرورا‪ ،‬وبدنه صحيحا‪ ،‬ويده مملؤة‪.‬‬
‫من حطام الدنيا‪.‬‬

‫]‪[49‬‬

‫قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من جاع أو احتاج فكتمه الناس وأفشاه إلى ال كان‬
‫حقا على ال أن يرزقه رزق سنة من الحلل‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫اللهم أحيني مسكينا‪ ،‬وأمتني مسكينا‪ ،‬واحشرني في زمرة المساكين‪ .‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬الفقراء ملوك أهل الجنة‪ ،‬والناس كلهم مشتاقون إلى الجنة‬
‫والجنة مشتاقة إلى الفقراء‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬الفقر فخري )‪.(1‬‬
‫قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره‬
‫وقلة ذات يده‪ ،‬شهره ال يوم القيامة ثم يفضحه‪ .‬قال أبو الحسن موسى‬
‫عليه السلم‪ :‬إن النبياء وأولد النبياء وأتباع النبياء خصوا بثلث‬
‫خصال‪ :‬السقم في البدان‪ ،‬وخوف السلطان‪ ،‬والفقر‪ .‬روي أن أحدا من‬
‫الصحابة شكى إلى النبي صلى ال عليه وآله عن الفقر والسقم‪ ،‬قال النبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬فإذا أصبحت وأمسيت فقل‪ :‬ل حول ول قوة إل بال‬
‫توكلت على الحي الذي ل يموت‪ ،‬والحمد ل الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له‬
‫شريك في الملك قال‪ :‬فوال ما قلته إل أياما حتى أذهب عني الفقر والسقم‪.‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬الفقر شين عند الناس وزين عند ال يوم القيامة‪ .‬عن‬
‫عبيد البصري يرفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي إن ال جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن ستره‬
‫كان كالصائم القائم‪ ،‬ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل‬
‫فقد قتله‪ ،‬أما إنه ما قتله بسيف ول رمح ولكن بما أنكا من قلبه )‪- 59 .(2‬‬
‫محص‪ :‬عن المفضل قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كلما ازداد العبد‬
‫إيمانا ازداد ضيقا في معيشته‪ - 60 .‬محص‪ :‬عن عبد ال بن سنان قال‪:‬‬
‫قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أكرم ما يكون‬

‫)‪ (1‬في المصدر هنا تقديم وتأخير‪ (2) .‬جامع الخبار ص ‪[*] .130 - 128‬‬

‫]‪[50‬‬

‫العبد إلى ال أن يطلب درهما فل يقدر عليه‪ ،‬قال عبد ال بن سنان‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم هذا الكلم وعندي مائة ألف وأنا اليوم ما أملك درهما‪- 61 .‬‬
‫محص‪ :‬عن عباد بن صهيب قال‪ :‬سمعت جعفر بن محمد عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬قال ال تعالى‪ :‬لول أنني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له‬
‫خرقة يتوارى بها إل أن العبد إذا تكامل فيه اليمان ابتليته في قوته‪ ،‬فان‬
‫جزع رددت عليه قوته‪ ،‬وإن صبر باهيت به ملئكتي فذاك الذي تشير إليه‬
‫الملئكة بالصابع‪ - 62 .‬محص‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬وكل‬
‫الرزق بالحمق‪ ،‬ووكل الحرمان بالعقل‪ ،‬ووكل البلء بالصبر‪ - 63 .‬محص‪:‬‬
‫عن محمد بن سليمان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من استذل مؤمنا‬
‫لقلة ذات يده شهره ال يوم القيامة على رؤوس الخلئق ل محالة‪- 64 .‬‬
‫محص‪ :‬عن ابن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬المصائب منح‬
‫من ال‪ ،‬والفقر عند ال مثل الشهادة‪ ،‬ول يعطيه من عباده إل من أحب‪.‬‬
‫‪ - 65‬محص‪ :‬عن علي بن عفان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫ال ليعتذر إلى عبده المؤمن المحتاج كان في الدنيا كما يعتذر الخ إلى‬
‫أخيه‪ ،‬فيقول‪ :‬ل وعزتي ما أفقرتك لهوان بك علي‪ ،‬فارفع هذا الغطاء‬
‫فانظر )ما عوضتك من الدنيا فيكشف فينظر( ما عوضه ال من الدنيا‪ ،‬ما‬
‫يضرني ما منعتني مع ما عوضتني‪ - 66 .‬محص‪ :‬عن محمد بن خالد‬
‫البرقي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬وال ما اعتذر إلى ملك مقرب‬
‫ول نبي مرسل إل إلى فقراء شيعتنا‪ ،‬قيل له‪ :‬وكيف يعتذر إليهم ؟ قال‪:‬‬
‫ينادي مناد أين فقراء المؤمنين ؟ فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب‬
‫فيقول‪ :‬وعزتي وجللي وعلوي وآلئي وارتفاع مكاني ما حبست عنكم‬
‫شهواتكم في دار الدنيا )هوانا بكم علي ولكن ذخرته لكم لهذا اليوم ‪ -‬أما‬
‫ترى قوله‪ " :‬ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا "( اعتذارا ؟ قوموا‬
‫اليوم وتصفحوا وجوه خلئقي فمن وجدتم له عليكم منة بشربة من ماء‬
‫فكافوه عني بالجنة‪ .‬وعن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قل لمصاص‬
‫شيعتنا غربوا أو شرقوا لن ترزقوا‬

‫]‪[51‬‬

‫ال القوت )‪ - 67 .(1‬محص‪ :‬عن مبارك‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫ال‪ :‬إني لم اغني الغني لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي‪،‬‬
‫وهو مما ابتليت به الغنياء بالفقراء‪ ،‬ولول الفقراء لم يستوجب الغنياء‬
‫الجنة‪ - 68 .‬محص‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫العبد المؤمن الفقير ليقول‪ :‬يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر‬
‫ووجوه الخير‪ ،‬فإذا علم ال ذلك منه كتب له من الجر مثل ما يكتبه لو‬
‫عمله‪ ،‬إن ال واسع كريم‪ - 69 .‬محص‪ :‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يقول ال عزوجل‪ :‬لول عبدي المؤمن‬
‫لعصبت رأس الكافر بعصابة من جوهر‪ - 70 .‬محص‪ :‬عن أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم قال‪ :‬من ضيق عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك حسن نظر‬
‫من ال له‪ ،‬فقد ضيع مأمول‪ ،‬ومن وسع عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك‬
‫استدراج من ال فقد آمن مخوفا‪ - 71 .‬محص‪ :‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إنا نحب المال وأن ل نؤتى منه خير لنا‪ ،‬إن‬
‫عليا أمير المؤمنين عليه السلم كان يقول‪ :‬أنا يعسوب )المؤمنين( وأمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬وإن أكثر المال عدو للمؤمنين ويعسوب المنافقين‪- 72 .‬‬
‫محص‪ :‬عن ابن أبي يعفور‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن رجل‬
‫من النصار أهدى إلى رسول ال صلى ال عليه وآله صاعا من رطب‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وآله للخادم التي جائت به‪ :‬ادخلي فانظري‬
‫هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتيني به ؟ فدخلت ثم خرجت إليه‬
‫فقالت‪ :‬ما أصبت قصعة ول طبقا‪ ،‬فكنس رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫بثوبه مكانا من الرض‪ ،‬ثم قال لها‪ :‬ضعيه ههنا على الحضيض‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫والذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل عند ال مثقال جناح بعوضة ما‬
‫أعطى كافرا ول منافقا منها شيئا‪.‬‬

‫)‪ (1‬المصاص‪ :‬خالص كل شئ‪ ،‬يقال فلن مصاص قومه‪ :‬إذا كان أخلصهم نسبا‪،‬‬
‫يستوي فيه الواحد والثنان والجمع والمؤنث والمذكر‪ ،‬ويقال‪ :‬غرب فلن‬
‫إذا امعن في سيره حتى بلغ المغرب كما يقال شرق إذا بلغ المشرق كذلك‪.‬‬
‫]*[‬

‫]‪[52‬‬
‫‪ - 73‬محص‪ :‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬يقول ال عزوجل‪ :‬يا دنيا تمرري على عبدي المؤمن بأنواع‬
‫البلء‪ ،‬وضيقي عليه في المعيشة‪ ،‬ول تحلولي فيركن إليك )‪- 74 .(1‬‬
‫محص‪ :‬عن ابن أبي العل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لول كثرة‬
‫الحاح المؤمن في الرزق لضيق عليه من الرزق أكثر مما هو فيه‪- 75 .‬‬
‫محص‪ :‬عن المفضل قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬لول الحاح هذه‬
‫الشيعة على ال في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم عليها إلى ما هو‬
‫أضيق‪ - 76 .‬محص‪ :‬عن عبد ال بن سنان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬الفقر أزين على المؤمن من العذار على خد الفرس‪ ،‬وإن آخر‬
‫النبياء دخول إلى الجنة سليمان‪ ،‬وذلك لما اعطى من الدنيا‪ - 77 .‬محص‪:‬‬
‫عن ابن دراج‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما سد ال على مؤمن‬
‫باب رزق إل فتح ال له خيرا منه‪ ،‬قال ابن أبي عمير‪ ،‬ليس يعني بخير منه‬
‫أكثر منه‪ ،‬ولكن يعني إن كان أقل فهو خير له‪ - 78 .‬محص‪ :‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬من حقر مؤمنا مسكينا لم يزل ال له حاقرا ماقتا حتى‬
‫يرجع عن محقرته إياه‪ - 79 .‬محص‪ :‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال ليعطي الدنيا من يحب ويبغض‪ ،‬ول يعطي الخرة‬
‫إل من يحب‪ ،‬وإن المؤمن ليسأل ربه موضع سوط في الدنيا فل يعطيه‪،‬‬
‫ويسأله الخرة فيعطيه ما شاء ويعطي الكافر في الدنيا قبل أن يسأله ما‬
‫شاء‪ ،‬ويسأله موضع سوط في الخرة فل يعطيه شيئا‪ - 80 .‬محص‪ :‬عن‬
‫حمران‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن هذه الدنيا يعطاها البر‬
‫والفاجر‪ ،‬وإن هذا الدين دين ل يعطيه ال إل خاصته‪ - 81 .‬محص‪ :‬عن‬
‫عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن الفقر مخزون عند‬
‫ال ل يبتلى به إل من أحب من المؤمنين‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن ال يعطى‬

‫)‪ (1‬تمرري أي صيري مرة‪ ،‬ول تحلولي‪ :‬أي ل تصيري حلوة‪ ،‬من الحليلء‪[*] .‬‬

‫]‪[53‬‬

‫الدنيا من أحب ومن أبغض ول يعطى دينه إل من أحب‪ - 82 .‬دعوات الراوندي‪ :‬قال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬لول ثلثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شئ‪:‬‬
‫المرض‪ ،‬والموت‪ ،‬والفقر‪ ،‬وكلهن فيه وإنه لمعهن لوثاب‪ - 83 .‬نهج‪ :‬قال‬
‫عليه السلم‪ :‬الغنى في الغربة وطن‪ ،‬والفقر في الوطن غربة )‪ .(1‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬الفقر يخرس الفطن عن حجته‪ ،‬والمقل غريب في بلدته )‪.(2‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬الفقر الموت الكبر )‪ .(3‬وقال عليه السلم لبنه محمد‪:‬‬
‫يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بال منه فان الفقر منقصة للدين‪،‬‬
‫ومدهشة للعقل‪ ،‬داعية للمقت )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬العفاف زينة الفقر‬
‫والشكر زينة الغنا )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬أل وإن من البلء الفاقة‪ ،‬وأشد‬
‫من الفاقة مرض البدن وأشد من مرض البدن مرض القلب‪ ،‬أل وإن من‬
‫النعم سعة المال‪ ،‬وأفضل من سعة المال صحة البدن‪ ،‬وأفضل من صحة‬
‫البدن تقوى القلب )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬الغنا والفقر بعد العرض على‬
‫ال سبحانه )‪ - 84 .(7‬كنز الكراجكي‪ :‬قال لقمان لبنه‪ ،‬اعلم أي بني إني‬
‫قد ذقت الصبر وأنواع المر فلم ار أمر من الفقر‪ ،‬فان افتقرت يوما فاجعل‬
‫فقرك بينك وبين ال‬

‫‪ (1) -‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .156‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .144‬نهج‬
‫البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .184‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .221‬نهج‬
‫البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .156‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (7) .238‬نهج‬
‫البلغة ج ‪ 2‬ص ‪[*] .250‬‬

‫]‪[54‬‬

‫ول تحدث الناس بفقرك‪ ،‬فتهون عليهم‪ ،‬ثم سل في الناس هل من أحد دعا ال فلم‬
‫يجبه ؟ أو سأله فلم يعطه )‪ - 85 .(1‬عدة الداعي‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬الفقر خير للمؤمن من حسد الجيران‪ ،‬وجور السلطان‪ ،‬وتملق‬
‫الخوان‪ .‬وروى حسان بن يحيى‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫رجل فقيرا أتى رسول ال صلى ال عليه وآله وعنده رجل غني فكف ثيابه‬
‫وتباعد عنه‪ ،‬فقال له رسول ال‪ :‬ما حملك على ما صنعت ؟ أخشيت أن‬
‫يلتصق فقره بك ؟ أو يلصق غناك به ؟ فقال يارسول ال أما إذا قلت هذا‬
‫فله نصف مالي‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه وآله للفقير‪ :‬أتقبل منه‪ ،‬قال‪ :‬ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬ولم ؟ قال‪ :‬أخاف أن يدخلني ما دخله‪ .‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬في‬
‫النجيل إن عيسى عليه السلم قال‪ :‬اللهم ارزقني غدوة رغيفا من شعير‪،‬‬
‫وعشية رغيفا من شعير‪ ،‬ول ترزقني فوق ذلك فأطغى )‪ .(2‬وعن‬
‫الصادقين عليهم السلم‪ :‬من كثر اشتباكه بالدنيا‪ ،‬كان أشد لحسرته عند‬
‫فراقها‪ .‬وقال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬تخففوا تلحقوا‪ ،‬فانما ينتظر‬
‫بأولكم آخركم‪ .‬وتحسر سلمان الفارسي رضي ال عنه عند موته فقيل له‪:‬‬
‫علم تأسفك يا أبا عبد ال ؟ قال‪ :‬ليس تأسفي على الدنيا‪ ،‬ولكن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله عهد الينا وقال‪ :‬ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب‪ ،‬وأخاف‬
‫أن نكون قد جاوزنا أمره وحولي هذه الوساد وأشار إلى ما في بيته‪،‬‬
‫وقال‪ :‬هو دست وسيف وجفنة‪ .‬وقال أبو ذر رحمة ال عليه‪ :‬يا رسول ال‬
‫الخائفون الخاشعون المتواضعون الذاكرون ال كثيرا يسبقون الناس إلى‬
‫الجنة ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن فقراء المؤمنين يأتون فيتخطون رقاب الناس‪،‬‬
‫فيقول لهم خزنة الجنة‪ :‬كما أنتم حتى تحاسبوا فيقولون‪ :‬بم نحاسب ؟‬
‫فوال ما ملكنا فنجور ونعدل‪ ،‬ول افيض علينا فنقبض‬

‫)‪ (1‬كنز الكراجكي ص ‪ (2) .214‬عدة الداعي ص ‪[*] .83‬‬

‫]‪[55‬‬

‫ونبسط‪ ،‬ولكن عبدنا ربنا حتى أتانا اليقين )‪ .(1‬وفيما أوحى ال إلى موسى عليه‬
‫السلم‪ :‬إذا رأيت الفقر مقبل فقل مرحبا بشعار الصالحين‪ ،‬وإذا رأيت الغنا‬
‫مقبل فقل ذنب عجلت عقوبته )‪ .(2‬وقال عيسى عليه السلم‪ :‬خادمي‬
‫يداي‪ ،‬ودابتي رجلي‪ ،‬وفراشي الرض ووسادي الحجر‪ ،‬ودفئي في‬
‫الشتاء مشارق الرض )‪ (3‬وسراجي بالليل القمر وإدامي الجوع‪،‬‬
‫وشعاري الخوف‪ ،‬ولباسي الصوف‪ ،‬وفاكهتي وريحاني ما أنبتت الرض‬
‫للوحوش والنعام‪ ،‬أبيت وليس لي شئ‪ ،‬وأصبح وليس لي شئ‪ ،‬وليس‬
‫على وجه الرض أحد أغنى مني‪ .‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬إن ال‬
‫عزوجل ليعتذر إلى عبده المحوج كان في الدنيا‪ ،‬كما يعتذر الخ إلى أخيه‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬وعزتي ما أفقرتك لهوان كان بك على فارفع هذا الغطاء فانظر ما‬
‫عوضتك من الدنيا‪ ،‬فيكشف فينظر ما عوضه ال عزوجل من الدنيا‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬ما ضرني يا رب ما زويت عني‪ ،‬مع ما عوضتني )‪ .(4‬وقال ال‬
‫عزوجل لعيسى عليه السلم‪ :‬إني وهبت لك المساكين ورحمتهم‪ :‬تحبهم‬
‫ويحبونك‪ ،‬يرضون بك إماما وقائدا وترضى بهم صحابة وتبعا‪ ،‬وهما‬
‫خلقان‪ ،‬من لقيني بهما لقيني بازكى العمال واحبها إلي‪ .‬وقال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬الفقر فخري وبه أفتخر‪ .‬وقال عيسى عليه السلم‪ :‬بحق‬
‫أقول لكم إن أكناف السماء لخالية من الغنياء ولدخول جمل في سم الخياط‬
‫أيسر من دخول غني الجنة‪ .‬وعن النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬اطلعت على‬
‫الجنة فوجدت أكثر أهلها الفقراء والمساكين‬

‫)‪ (1‬عدة الداعي ص ‪ (2) .84‬عدة الداعي ص ‪ (3) .85‬يعني ما يدفع ويدفأ به‬
‫سورة الشتاء وبرودته الرواح إلى مشارق الرض التي يكون شروق‬
‫الرض عليها اكثر يعني البلد الحارة‪ (4) .‬عدة الداعي ص ‪[*] .86‬‬

‫]‪[56‬‬

‫وإذا ليس فيها أحد أقل من الغنياء والنساء )‪ - 86 .(1‬كتاب المامة والتبصرة‪:‬‬
‫عن أحمد بن علي‪ ،‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫سائلوا العلماء وخاطبوا الحكماء‪ ،‬وجالسوا الفقراء‪ .‬ومنه‪ :‬عن القاسم بن‬
‫علي العلوي‪ ،‬عن محمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن سهل بن زياد عن النوفلي‪،‬‬
‫عن السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى للمساكين بالصبر‪ ،‬هم الذين‬
‫يرون ملكوت السماوات‪ .‬ومنه‪ :‬عن محمد بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن موسى بن إسماعيل‪ ،‬عن أبيه عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬الفقر خير من الغنى‪ ،‬إل من حمل في مغرم‬
‫وأعطى في نائبة‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬الفقر فقر القلب‪ ،‬وقال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬الفقر راحة‪) (95) .‬باب( * " )الغنا والكفاف( " * اليات‪:‬‬
‫المؤمنون‪ :‬أيحسبون أنما نمدهم من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل‬
‫ل يشعرون )‪ .(2‬العلق‪ :‬إن النسان ليطغى * أن رآه استغنى * إن إلى ربك‬
‫الرجعى )‪ (3‬التكاثر‪ :‬ألهيكم التكاثر ‪ -‬إلى قوله‪ :‬ثم لتسئلن يومئذ عن‬
‫النعيم‪.‬‬

‫)‪ (1‬عدة الداعي ص ‪ (2) .91‬المؤمنون‪ 55 :‬و ‪ (3) .56‬العلق‪[*] .8 - 6 :‬‬

‫]‪[57‬‬

‫تفسير‪ " :‬أيحسبون " في المجمع معناه أيظن هؤلء الكفار أن ما نعطيهم ونزيدهم‬
‫في الموال والولد إنما نعطيهم ثوابا مجازاة لهم على أعمالهم أو لرضانا‬
‫عنهم ولكرامتهم علينا ؟ ليس المر كما يظنون‪ ،‬بل ذلك إملء لهم‬
‫واستدراج لهوانهم علينا‪ ،‬وللبتلء في التعذيب لهم‪ .‬وروى السكوني‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إن ال تعالى يقول‪ :‬يحزن عبدي المؤمن إذا قترت عليه‬
‫شيئا من هذه الدنيا وذلك أقرب له مني‪ .‬ويفرح إذا بسطت له في الدنيا‪،‬‬
‫وذلك أبعد له مني‪ ،‬ثم تل هذه الية إلى قوله‪ " :‬بل ل يشعرون " ثم قال‪:‬‬
‫إن ذلك فتنة لهم‪ .‬ومعنى " نسارع " نسرع ونتعجل وتقديره نسارع لهم‬
‫به في الخيرات والخيرات المنافع التي يعظم شأنها ونقيضها الشرور‪،‬‬
‫وهي المضار التي يشتد أمرها والشعور والعلم الذي يدق معلومه وفهمه‬
‫على صاحبه كدقة الشعر‪ ،‬وقيل‪ :‬هو العلم من جهة المشاعر وهي الحواس‬
‫ولهذا ل يوصف القديم سبحانه به )‪ .(1‬وقال البيضاوي‪ :‬أي بل هم‬
‫كالبهائم ل فطنة بهم ول شعور لهم ليتأملوا فيعلموا ان ذلك المداد‬
‫استدراج ل مسارعة في الخير )‪ - 1 .(2‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن غير‬
‫واحد‪ ،‬عن عاصم بن حميد‪ ،‬عن أبي عبيدة الحذاء قال‪ :‬سمعت أبا جعفر‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬قال ال عزوجل‪:‬‬
‫إن من أغبط أوليائي عندي رجل خفيف الحال‪ ،‬ذا حظ من صلة أحسن‬
‫عبادة ربه بالغيب‪ ،‬وكان غامضا في الناس‪ ،‬جعل رزقه كفافا فصبر عليه‬
‫عجلت منيته فقل تراثه وقلت بواكيه )‪ .(3‬بيان‪ :‬الغبط مأخوذ من الغبطة‬
‫بالكسر وهي حسن الحال والمسرة " خفيف‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .109‬انوار التنزيل‪ (3) .288 :‬الكافي ج ‪ 7‬ص‬
‫‪[*] .140‬‬

‫]‪[58‬‬

‫الحال في بعض النسخ بالحاء المهملة وفي بعضها بالمعجمة )‪ (1‬فعلى الثاني أي‬
‫قليل المال والحظ من الدنيا والول أيضا قريب منه‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬فيه‬
‫إنه صلى ال عليه وآله لم يشبع من طعام إل على حفف‪ ،‬الحفف الضيق‬
‫وقلة المعيشة‪ ،‬يقال‪ :‬أصابه حفف وحفوف وحفت الرض إذا يبس نباتها‬
‫أي لم يشبع إل والحال عنده خلف الرخاء والخصب ومنه حديث قال له‬
‫وفد العراق‪ :‬إن أمير المؤمنين بلغ منا وهو حاف المطعم أي يابسه وقحله‬
‫ومنه رأيت أبا عبيدة حفوقا أي ضيق عيش‪ ،‬ومنه إن عبد ال بن جعفر‬
‫حفف وجهد أي قل ماله انتهى‪ " .‬ذا حظ من صلة " أي صاحب نصيب‬
‫حسن وافر من الصلة فرضا ونقل كما وكيفا‪ ،‬ويحتمل أن يكون " من "‬
‫للتعليل أي ذا حظ عظيم من القرب أو الثواب أو العفة وترك المحرمات أو‬
‫العم بسبب الصلة لنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وهي قربان كل تقي‪.‬‬
‫" أحسن عبادة ربه بالغيب " أي غائبا عن الناس والتخصيص لنه أخلص‬
‫وأبعد من الرئاء أو بسبب إيمانه بموعود غائب عن حواسه‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬يؤمنون بالغيب " أو الباء لللة إي إحسان عبادتهم بالقلب ل‬
‫بالجوارح الظاهرة فقط والول أظهر‪ " .‬وكان غامضا في الناس " في‬
‫النهاية أي مغمورا غير مشهور وأقول‪ :‬إما للتقية أو المعنى أنه ليس طالبا‬
‫للشهرة ورفعة الذكر بين الناس " جعل " على بناء المفعول " رزقه كفافا‬
‫" أي بقدر الحاجة‪ ،‬وبقدر ما يكفه عن السؤال‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬الكفاف‬
‫هو الذي ل يفضل عن الشئ ويكون بقدر الحاجة إليه‪ ،‬ومنه ل تلم على‬
‫كفاف أي إذا لم يكن عندك كفاف لم تلم على أن ل تعطي أحدا وفي‬
‫المصباح‪ :‬قوته كفاف‬

‫)‪ (1‬ولعل الصواب " خفيف الحاذ " وان كان الحاذ والحال بمعنى‪ ،‬قال الفيروز ‪-‬‬
‫آبادي‪ :‬هما بحاذة واحدة‪ ،‬أي بحالة واحدة‪ ،‬وقال في التاج‪ :‬الحاذ‬
‫والحاذة‪ :‬الحال والحالة‪ ،‬واللم أعلى من الذال‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬وفي‬
‫الحديث‪ :‬مؤمن خفيف الحاذ " أي خفيف الظهر‪[*] .‬‬
‫]‪[59‬‬

‫بالفتح أي مقدار حاجته من غير زيادة ول نقص‪ ،‬سمي بذلك لنه يكف عن سؤال‬
‫الناس ويغني عنهم‪ " .‬عجلت منيته " كأن ذكر تعجيل المنية لنه من‬
‫المصائب التي ترد عليه وعلم ال صلحه في ذلك لخلصه من أيدي‬
‫الظلمة‪ ،‬أو بذله نفسه ل بالشهادة وقيل‪ :‬كأن المراد بعجلة منيته زهده في‬
‫مشتهيات الدنيا وعدم افتقاره إلى شئ منها كأنه ميت‪ ،‬وقد ورد في الحديث‬
‫المشهور موتوا قبل أن تموتوا‪ ،‬أو المراد أنه مهما قرب موته قل تراثه‬
‫وقلت بواكيه‪ ،‬لنسلله متدرجا عن أمواله وأولده‪ .‬وأقول‪ :‬سيأتي نقل عن‬
‫مشكوة النوار‪ :‬مات فقل تراثه )‪ .(1‬وقال في الصحاح‪ :‬التراث أصل التاء‬
‫فيه واو‪ ،‬وقلة البواكي لقلة عياله وأولده وغموضه وعدم اشتهاره‪ ،‬ولنه‬
‫ليس له مال ينفق في تعزيته فيجتمع عليه الناس‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى لمن أسلم وكان عيشه كفافا )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه فطوبى للغرباء‪ ،‬طوبى إسم الجنة‪ ،‬وقيل‪ :‬هي‬
‫شجرة فيها وأصلها فعلى من الطيب فلما ضمت التاء انقلبت الياء واوا )‪(3‬‬
‫وفي القاموس العيش الحياة عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشا ومعيشة‬
‫وعيشة بالكسر‪ ،‬والطعام وما يعاش به والخبز‪ - 3 .‬كا‪ :‬بالسناد‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل محمد العفاف‬
‫والكفاف‪ ،‬وارزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد )‪ .(4‬تبيان‪:‬‬
‫العفاف بالفتح عفة البطن والفرج‪ ،‬أو التعفف عن السؤال من الخلق أو‬
‫العم‪ ،‬ثم إن هذه الخبار تدل على ذم كثرة الموال والولد‬

‫)‪ (1‬مشكاة النوار‪ ،22 :‬ولم يخرجه‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .140‬راجع ص ‪16‬‬
‫فيما سبق ففي الذيل شرح لذلك‪ (4) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .140‬‬

‫]‪[60‬‬

‫والخبار في ذلك مختلفة‪ ،‬وورد في كثير من الدعية طلب الغنا وكثرة الموال‬
‫والولد‪ ،‬وورد في كثير منها ذم الفقر والستعاذة منه‪ ،‬والجمع بينها ل‬
‫يحلو من إشكال‪ .‬ويمكن الجمع بينها بأن الغنا الممدوح ما يكون وسيلة إلى‬
‫تحصيل الخرة ول يكون مانعا من الشتغال بالطاعات‪ ،‬كما ورد نعم المال‬
‫الصالح للعبد الصالح‪ ،‬وهو نادر‪ ،‬والفقر المذموم هو ما ل يصبر عليه‬
‫ويكون سببا للمذلة والفتقار إلى الناس‪ ،‬وربما يحمل الفقر والغنا‬
‫الممدوحان على الكفاف فانه غني بحسب الواقع ويعده أكثر الناس فقرا‪،‬‬
‫ول ريب في أن كثرة الموال والولد والخدم ملهية غالبا عن ذكر ال‬
‫والخرة كما قال سبحانه‪ " :‬إنما أموالكم وأولدكم فتنة " )‪ (1‬وقال‪ " :‬إن‬
‫النسان ليطغى‪ ،‬إن رآه استغنى " )‪ .(2‬وأما إذا لم تكن حصول هذه‬
‫الشياء مانعة عن تحصيل الخرة‪ ،‬وكان الغرض فيها طاعة ال وكثرة‬
‫العابدين ل‪ ،‬فهي من نعم ال على من علم ال صلحه فيه‪ ،‬وكأن هذه‬
‫الخبار محمولة على الغالب‪ ،‬ومضمون هذا الحديث مروي في طرق‬
‫العامة أيضا ففي صحيح مسلم عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬اللهم‬
‫اجعل رزق محمد قوتا‪ ،‬وعنه أيضا اللهم اجعل رزق محمد كفافا‪ ،‬وفي‬
‫رواية اخرى اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا‪ .‬قال عياض‪ :‬ل خلف في‬
‫فضيلة ذلك لقلة الحساب عليه‪ ،‬وإنما اختلف أيهما أفضل الفقر أو الغنا ؟‬
‫واحتج من فضل الفقر بدخول الفقراء الجنة قبل الغنياء قال القرطبي‪:‬‬
‫القوت ما يقوت البدان ويكف عن الحاجة‪ ،‬وهذا الحديث حجة لمن قال‪ :‬إن‬
‫الكفاف أفضل‪ ،‬لنه صلى ال عليه وآله إنما يدعو بالرجح وأيضا فان‬
‫الكفاف حالة متوسطة بين الفقر والغنا‪ ،‬وخير المور أوسطها‪ ،‬وأيضا فانه‬
‫حالة يسلم معها من آفات الفقر وآفات الغنا‪.‬‬

‫)‪ (1‬التغابن‪ (2) .15 :‬العلق‪ 6 :‬و ‪[*] .7‬‬

‫]‪[61‬‬

‫وقال البي‪ :‬في إكمال الكمال‪ :‬في المسألة خلف والمتحصل فيها أربعة أقوال‪،‬‬
‫قيل‪ :‬الغنا أفضل‪ ،‬وقيل‪ :‬الفقر أفضل‪ ،‬وقيل‪ :‬الكفاف أفضل‪ ،‬وقيل‪ :‬بالوقف‪،‬‬
‫وقال‪ :‬المراد بالرزق المذكور ما ينتفع به صلى ال عليه وآله في نفسه‬
‫وفي أهل بيته وليس المراد به الكسب لنه كسب من خيبر وغيرها فوق‬
‫القوت انتهى‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن يعقوب بن يزيد‪ ،‬عن‬
‫إبراهيم بن محمد النوفلي رفعه إلى علي بن الحسين صلوات ال عليهما‬
‫قال‪ :‬مر رسول ال صلى ال عليه وآله براعي إبل فبعث يستسقيه فقال‪:‬‬
‫أما ما في ضروعها فصبوح الحي‪ ،‬وأما ما في آنيتها فغبوقهم‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬اللهم أكثر ماله وولده‪ .‬ثم مر براعي غنم فبعث‬
‫إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها وأكفأ ما في إنائه في إناء رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وبعث إليه بشاة وقال‪ :‬هذا ما عندنا‪ ،‬وإن أحببت‬
‫أن نزيدك زدناك قال‪ :‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬اللهم ارزقه‬
‫الكفاف‪ .‬فقال له بعض أصحابه‪ :‬يا رسول ال دعوت للذي ردك بدعاء‬
‫عامتنا نحبه ودعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلنا نكرهه‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى‪ ،‬اللهم ارزق‬
‫محمدا وآل محمد الكفاف )‪ .(1‬توضيح‪ :‬الصبوح بالفتح شرب الغداة أو ما‬
‫حلب أول النهار‪ ،‬والغبوق بالفتح أيضا الشرب بالعشي أو ما حلب آخر‬
‫النهار‪ ،‬وفي القاموس كفأه كمنعه صرفه وكبه وقلبه كأكفأه وقال‬
‫الجوهري‪ :‬كفأت الناء كببته وقلبته فهو مكفوء‪ ،‬وزعم ابن العرابي أن‬
‫أكفأته لغة‪ ،‬وقال الكسائي‪ :‬كفأت الناء كببته وأكفأته أملته وقال‪ :‬أسعفت‬
‫الرجل بحاجته إذا قضيتها له‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن العدة )‪ (2‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫البختري‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل يقول‪ :‬يحزن‬
‫عبدي المؤمن إن قترت عليه‪ ،‬وذلك أقرب له مني‪ ،‬ويفرح عبدي المؤمن‬
‫أن وسعت عليه وذلك أبعد له مني )‪ .(3‬بيان‪ :‬الحزن بالضم الهم وحزن‬
‫كفرح لزم‪ ،‬وحزن كنصر متعد‪ ،‬يقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 140‬و ‪ (2) .141‬في المصدر‪ :‬عنه عن أبيه‪ (3) .‬الكافي ج ‪2‬‬
‫ص ‪[*] .141‬‬

‫]‪[62‬‬

‫حزنه المر حزنا وأحزنه‪ ،‬وهنا يحتمل الوجهين بأن يكون " يحزن " بفتح الزاي‬
‫و " عبدي " فاعله‪ ،‬و " إن " بالكسر حرف شرط أو " يحزن " بالضم‬
‫و " عبدي " مفعوله و " أن " بالفتح مصدرية في محل الفاعل‪ ،‬والتقتير‬
‫التضييق وكذا قوله‪ " :‬يفرح " يحتمل بناء المجرد ورفع " عبدي "‬
‫وكسر " إن " أو بناء التفعيل ونصب " عبدي " وفتح " أن " واللم في‬
‫" له " في الموضعين للتعدية‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن إسحاق‪ ،‬عن بكر بن محمد الزدي عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال ال عزوجل‪ :‬إن من أغبط أولياء عندي عبدا مؤمنا ذا حظ من صلح‪،‬‬
‫أحسن عبادة ربه‪ ،‬وعبد ال في السريرة‪ ،‬وكان غامضا في الناس‪ ،‬فلم‬
‫يشر إليه بالصابع‪ ،‬وكان رزقه كفافا‪ ،‬فصبر عليه‪ ،‬فعجلت به المنية فقل‬
‫تراثه وقلت بواكيه )‪ .(1‬بيان‪ :‬السر والسريرة ما يكتم أي عبد ال خفية‪،‬‬
‫فهو يؤيد الغيب )‪ (2‬بالمعنى الول أو في القلب عند حضور المخالفين‬
‫فيؤيد الخير‪ ،‬والول أظهر " فلم يشر " على بناء المجهول كناية عن‬
‫عدم الشهرة تأكيدا وتفريعا على الفقرة السابقة وقد مر مضمونه في‬
‫الحديث الول‪ ،‬ول در من نظم الحديثين فقال‪ :‬أخص الناس باليمان عبد‬
‫* خفيف الحال )‪ (3‬مسكنه القفار له في الليل حظ من صلة * ومن صوم‬
‫إذا طلع النهار وقوت النفس يأتي من كفاف * وكان له على ذاك اصطبار‬
‫وفيه عفة وبه خمول * إليه بالصابع ل يشار وقل الباكيات عليه لما *‬
‫قضى نحبا وليس له يسار فذاك قد نجى من كل شر * ولم تمسسه يوم‬
‫البعث نار ‪ - 7‬ل‪ :‬عن علي بن عبد ال السواري‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫قيس‪ ،‬عن أبي يعقوب‪ ،‬عن علي بن خشرم‪ ،‬عن عيسى‪ ،‬عن ابن عبيدة‪،‬‬
‫عن محمد بن كعب‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .141‬يعني في الحديث الول‪ (3) .‬وقد يروى " خفيف‬
‫الحاذ "‪[*] .‬‬

‫]‪[63‬‬

‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنما أتخوف على امتي من بعدي ثلث‬
‫خلل‪ :‬أن يتأولوا القرآن على غير تأويله‪ ،‬أو يبتغوا زلة العالم‪ ،‬أو يظهر‬
‫فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا‪ ،‬وسأنبئكم المخرج من ذلك أما القرآن‬
‫فاعملوا بمحكمه‪ ،‬وآمنوا بمتشابهه‪ ،‬وأما العالم فانتظروا فيئته ول تبتغوا‬
‫زلته‪ ،‬وأما المال فان المخرج منه شكر النعمة وأداء حقه )‪ - 8 .(1‬فس‪" :‬‬
‫من كان يريد حرث الخرة نزد له في حرثه " يعني ثواب الخرة " ومن‬
‫كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الخرة من نصيب " )‪ (2‬قال‪:‬‬
‫حدثني أبي‪ ،‬عن بكر بن محمد الزدي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫المال والبنون ]حرث الدنيا‪ ،‬والعمل الصالح[ حرث الخرة وقد يجمعهما‬
‫ال لقوام )‪ - 9 .(3‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن المقرئ الخراساني‪،‬‬
‫عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫أوحى ال عزوجل إلى موسى عليه السلم يا موسى ل تفرح بكثرة المال‪،‬‬
‫ول تدع ذكري على كل حال‪ ،‬فان كثرة المال تنسى الذنوب‪ ،‬وإن ترك‬
‫ذكري يقسي القلوب )‪ - 10 .(4‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪،‬‬
‫عن ابن محبوب‪ ،‬عن إبراهيم الجازي‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬ذكرنا عند أبي‬
‫جعفر عليه السلم من الغنياء من الشيعة فكأنه كره ما سمع منا فيهم‪،‬‬
‫قال‪ :‬يا با محمد إذا كان المؤمن غنيا رحيما وصول له معروف إلى‬
‫أصحابه‪ ،‬أعطاه ال أجر ما ينفق في البر أجره مرتين ضعفين‪ ،‬لن ال‬
‫عزوجل يقول في كتابه‪ " :‬وما أموالكم ول أولدكم بالتي تقربكم عندنا‬
‫زلفى‪ ،‬إل من آمن وعمل صالحا فاولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم‬
‫في‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .78‬الشورى‪ (3) .20 :‬تفسير القمي ص ‪(4) .601‬‬
‫علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ 77‬وفيه‪ :‬عن العمركي الخراساني ظ‪[*] .‬‬

‫]‪[64‬‬
‫الغرفات آمنون " )‪ - 11 .(1‬ن‪ :‬البيهقي‪ ،‬عن الصولي‪ ،‬عن القاسم بن إسماعيل‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن العباس قال‪ :‬حدثني علي بن موسى الرضا‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن محمد أنه قال‪ :‬إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره‪،‬‬
‫وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه )‪ - 12 .(2‬لي‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن هاشم‪ ،‬عن ابن مرار‪ ،‬عن يونس عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن‬
‫الصادق عليه السلم قال‪ :‬خمس من لم تكن فيه لم يتهن بالعيش‪ :‬الصحة‬
‫والمن والغنا والقناعة والنيس الموافق )‪ - 13 .(3‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة‪،‬‬
‫عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬أتاني ملك فقال‪ :‬يا محمد إن ربك يقرئك السلم ويقول‪ :‬إن شئت‬
‫جعلت لك بطحاء مكة ذهبا قال‪ :‬فرفع رأسه إلى السماء فقال‪ :‬يا رب أشبع‬
‫يوما فأحمدك وأجوع يوما فأسألك )‪ - 14 .(4‬ما‪ :‬الفيد‪ ،‬عن محمد بن‬
‫المظفر‪ ،‬عن محمد بن عبد ربه‪ ،‬عن عصام بن يوسف‪ ،‬عن أبي بكر بن‬
‫عياش‪ ،‬عن عبد ال بن سعيد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬اللهم من أحبني فارزقه الكفاف والعفاف‪ ،‬ومن‬
‫أبغضني فأكثر ماله وولده )‪ - 15 .(5‬ما‪ :‬حمويه‪ ،‬عن أبي خليفة‪ ،‬عن ابن‬
‫مقبل‪ ،‬عن عبد ال بن شبيب‪ ،‬عن إسحاق بن محمد القروي‪ ،‬عن سعيد بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن علي بن الحسين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من رضى من ال بالقليل من الرزق رضي‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ 291‬والية في سورة سبأ‪ (2) .37 :‬عيون الخبار ج ‪2‬‬
‫ص ‪ (3) .130‬أمالي الصدوق ص ‪ (4) .175‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ (5) .30‬أمالي الصدوق ج ‪ 1‬ص ‪[*] .132‬‬

‫]‪[65‬‬

‫ال منه بالقليل من العمل )‪ - 16 .(1‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عمر‪ ،‬عن أبيه عن النضر بن قابوس قال‪ :‬سألت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم‪ ،‬عن معنى الحديث‪ :‬من رضي من ال باليسير من الرزق‬
‫رضي ال منه باليسير من العمل‪ ،‬قال‪ :‬يطيعه في بعض ويعصيه في بعض‬
‫)‪ - 17 .(2‬ما‪ :‬الغضايري‪ ،‬عن الصدوق‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن علي‬
‫السدي‪ ،‬عن عبد ال بن سليمان وعبد ال بن محمد الدهني وأحمد بن‬
‫عمير‪ ،‬ومحمد بن أبي أيوب جميعا‪ ،‬عن عبد ال بن هاني بن عبد الرحمن‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن عمه إبراهيم بن ام الدرداء عن أبي الدرداء قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أصبح معافا في جسده‪ ،‬آمنا في سربه عنده‬
‫قوت يومه‪ ،‬فكأنما حيزت له الدنيا‪ .‬يا ابن جعشم يكفيك منها ما سد‬
‫جوعتك‪ ،‬ووارى عورتك‪ ،‬وان يكن بيت يكنك فذاك‪ ،‬وان يكن دابة تركبها‬
‫فبخ بخ‪ ،‬وإل فالخبز‪ ،‬وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب )‪ - 18 .(3‬ب‪:‬‬
‫ابن سعد‪ ،‬عن الزدي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أن من أغبط‬
‫أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظ من صلح أحسن عبادة ربه وعبد ال في‬
‫السريرة وكان غامضا في الناس‪ ،‬فلم يشر إليه بالصابع‪ ،‬وكان رزقه كفافا‬
‫فصبر عليه تعجلت به المنية‪ ،‬فقل تراثه وقلت بواكيه ثلثا )‪ - 19 .(4‬ل‪:‬‬
‫حمزة العلوي‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن عثمان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل‬
‫يبغض الغني الظلوم‪ ،‬والشيخ الفاجر‪ ،‬والصعلوك المختال‪ .‬ثم قال‪ :‬أتدري‬
‫ما الصعلوك‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .19‬معاني الخبار ص ‪ (3) .260‬أمالي الطوسي‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .42‬قرب السناد ص ‪[*] .20‬‬

‫]‪[66‬‬

‫المختال ؟ قال‪ :‬فقلنا‪ :‬القليل المال ؟ قال‪ :‬ل هو الذي ل يتقرب إلى ال عزوجل بشئ‬
‫من ماله )‪ - 20 .(1‬ضا‪ :‬أروي عن العالم عليه السلم أنه قال‪ :‬يقول ال‬
‫عزوجل‪ :‬إن أغبط عبادي يوم القيامة عبد رزق حظا من صلحه‪ ،‬قترت في‬
‫رزقه فصبر حتى إذا حضرت وفاته قل تراثه وقل بواكيه‪ .‬ونروي أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬اللهم ارزق محمدا وآل محمدا ومن‬
‫أحبهم العفاف والكفاف‪ ،‬وارزق من أبغض محمدا وآل محمدا المال والولد‪.‬‬
‫وروي أن قيما كان لبي ذر الغفاري في غنمه فقال‪ :‬قد كثر الغنم وولدت‬
‫فقال‪ :‬تبشرني بكثرتها ما قل وكفى منها أحب إلي مما كثر وألهى‪ .‬وروي‬
‫طوبى لمن آمن وكان عيشه كفافا‪ - 21 .‬سر‪ :‬من كتاب ابن تغلب‪ ،‬عن ابن‬
‫الوليد‪ ،‬عن يونس بن يعقوب‪ ،‬عن عطية أخي أبي العرام )‪ (2‬قال‪ :‬سمعت‬
‫أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬إنا لنحب الدنيا ول نؤتاها وهو خير لنا وما‬
‫اوتي عبد منها شيئا إل كان أنقص لحظه في الخرة‪ ،‬وليس من شيعتنا من‬
‫له مائة ألف ول خمسون ألفا ول أربعون ألفا ولو شئت أن أقول ثلثون‬
‫ألفا لقلت‪ ،‬وما جمع رجل قط عشرة آلف من حلها‪ - 22 .‬محص‪ :‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬الفقر خير‬
‫للمؤمن من الغنا إل من حمل كل وأعطى في نائبة‪ ،‬قال‪ :‬وقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬ما أحد يوم القيامة غني ول فقير إل يود أنه لم يؤت‬
‫منها إل القوت‪ - 23 .‬محص‪ :‬عن إبراهيم بن عمر‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ما أعطى ال عبدا ثلثين ألفا وهو يريد به خيرا‪ .‬وقال ما جمع‬
‫رجل قط عشرة آلف من حل وقد جمعهما ال لقوام إذا أعطوا القريب‪،‬‬
‫ورزقوا العمل الصالح‪ ،‬وقد جمع ال لقوم‬
‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .43‬كذا في الصل‪ ،‬ولعله أخو أبي العوام‪ ،‬كما في‬
‫التهذيب باب الذبائح والطمعة وفي الكافي ج ‪ 6‬ص ‪ 314‬باب القديد من‬
‫أبواب الطعمة أخو أبي المغرا‪[*] .‬‬

‫]‪[67‬‬

‫الدنيا والخرة‪ - 24 .‬محص‪ :‬عن المفضل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬المال‬
‫أربعة آلف واثنا عشر ألف كنز‪ ،‬ولم يجتمع عشرون ألفا من حلل‪،‬‬
‫وصاحب الثلثين ألفا هالك‪ ،‬وليس من شيعتنا من يملك مائة ألف‪- 25 .‬‬
‫محص‪ :‬عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫من أعطى في هذه الدنيا شيئا كثيرا ثم دخل الجنة كان أقل لحظه فيها‪26 .‬‬
‫‪ -‬محص‪ :‬عن الفضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال‬
‫يعطي المال البار والفاجر‪ ،‬ول يعطي اليمان إل من أحب‪ - 27 .‬نوادر‬
‫الراوندي‪ :‬بإسناده عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما قرب عبد من سلطان إل تباعد من ال‬
‫تعالى‪ ،‬ول كثر ماله إل اشتد حسابه‪ ،‬ول كثر تبعه إل كثر شياطينه )‪.(1‬‬
‫وبهذا السناد قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى لمن أسلم‬
‫وكان عيشه كفافا وقوله سدادا )‪ .(2‬وبهذا السناد قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل‬
‫محمد العفاف والكفاف‪ ،‬وارزق من أبغض محمدا وآل محمد كثرة المال‬
‫والولد )‪ - 28 .(3‬نهج‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬المال مادة الشهوات )‪ .(4‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬العفاف زينة الفقر‪ ،‬والشكر زينة الغنا )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬نوادر الراوندي ص ‪ (2) .4‬المصدر نفسه‪ ،‬وفيه " وقواه سدادا " وفي أصل‬
‫المؤلف " وقواه شدادا " والتصحيح من نسخة المامة والتبصرة كما‬
‫سيأتي‪ (3) .‬نوادر الراوندي ص ‪ (4) .16‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪،156‬‬
‫والمعنى أن المال يمد في الشهوات ويدعو إليها‪ (5) .‬نهج البلغة ج ‪2‬‬
‫ص ‪[*] .225‬‬

‫]‪[68‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬ل ينبغي‬
‫للعبد أن يثق بخصلتين‪ :‬العافية والغنا‪ ،‬بينا تراه معافا إذ سقم‪ ،‬وبينا تراه‬
‫غنيا إذ افتقر )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬الدنيا دار مني لها الفناء ولهلها‬
‫منها الجلء وهي حلوة خضرة قد عجلت للطالب‪ ،‬والتبست بقلب الناظر‪،‬‬
‫فارتحلوا عنها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد‪ ،‬ول تسألوا فيها فوق‬
‫الكفاف‪ ،‬ول تطلبوا منها أكثر من البلغ )‪ - 29 .(3‬كتاب المامة‬
‫والتبصرة‪ :‬عن القاسم بن علي العلوي‪ ،‬عن محمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن‬
‫سهل بن زياد‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى‬
‫لمن أسلم وكان عيشه كفافا وقوله سدادا‪ .‬ومنه بهذا السناد قال‪ :‬طوبى‬
‫لمن رزق الكفاف ثم صبر عليه‪ .‬ومنه عن أحمد بن علي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسن‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن‬
‫النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬الغنى في القلب والفقر في‬
‫القلب‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬الغنى عقوبة‪.‬‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .198‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .245‬نهج البلغة‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪[*] .104‬‬

‫]‪[69‬‬

‫)‪) * (96‬باب( * * " )ترك الراحة( " *‪ - 1 .‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬ل‬
‫راحة لمؤمن على الحقيقة إل عند لقاء ال وما سوى ذلك ففي أربعة‬
‫أشياء‪ :‬صمت تعرف به حال قلبك ونفسك فيما يكون بينك وبين باريك‪،‬‬
‫وخلوة تنجو بها من آفات الزمان ظاهرا وباطنا‪ ،‬وجوع تميت به الشهوات‬
‫والوسواس والوساوس‪ ،‬وسهر تنور به قلبك‪ ،‬وتنقي )‪ (1‬به طبعك وتزكي‬
‫به روحك‪ .‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من أصبح آمنا في سربه‪ ،‬معافا‬
‫في بدنه‪ ،‬وعنده قوت يومه‪ ،‬فانما حيزت له الدنيا بحذافيرها‪ .‬وقال وهب‬
‫بن منبه‪ :‬في كتب الولين مكتوب يا قناعة العز والغنا معك قرب من‬
‫قاربك‪ .‬وقال أبو درداء‪ :‬ما قسم ال لي ل يفوتني‪ ،‬ولو كان في جناح ريح‪.‬‬
‫وقال أبو ذر‪ :‬هتك ستر من ل يثق بربه‪ ،‬ولو كان محبوسا في الصم )‪(2‬‬
‫الصلخيد )‪ (3‬فليس أحد أخسر وأخذل وأنزل ممن ل يصدق ربه فيما‬
‫ضمن له وتكفل به‪ ،‬من قبل أن خلقه له‪ ،‬وهو مع ذلك يعتمد على قوته‬
‫وتدبيره وسعيه وجهده ويتعدى حدود ربه بأسباب قد أغناه ال عنها )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر المطبوع‪ :‬وتصفى‪ ،‬وكلهما بمعنى‪ (2) .‬الصم جمع الصم وحجر‬
‫اصم صلب مصمت‪ (3) .‬كذا في الصل‪ ،‬والصلخيد كأنه جمع صلخد ‪-‬‬
‫كجعفر ‪ -‬وهو القوي الشديد والصحيح كما في المصدر الصياخيد‪ ،‬وهو‬
‫جمع صيخود وصخرة صيخود وصيخاد‪ :‬شديدة الصلبة‪ (4) .‬مصباح‬
‫الشريعة ص ‪[*] .21‬‬
‫]‪[70‬‬

‫)‪) * (97‬باب الحزن( * ‪ - 1‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬الحزن من شعار‬
‫العارفين‪ ،‬لكثرة واردات الغيب على سرائرهم‪ ،‬وطول مباهاتهم تحت ستر‬
‫الكبرياء‪ ،‬والمحزون ظاهره قبض وباطنه بسط‪ ،‬يعيش مع الخلق عيش‬
‫المرضاء )‪ (1‬ومع ال عيش القرباء‪ .‬والمحزون غير المتفكر لن المتفكر‬
‫متكلف‪ ،‬والمحزون مطبوع‪ ،‬والحزن يبدو من الباطن والتفكر يبدو من‬
‫رؤية المحدثات‪ ،‬وبينهما فرق قال ال عزوجل في قصة يعقوب عليه‬
‫السلم " إنما أشكوا بثي وحزني إلى ال وأعلم من ال ما ل تعلمون " )‬
‫‪ (2‬فبسبب ما تحت الحزن علم خص به من ال دون العالمين‪ .‬وقيل لربيع‬
‫بن خثيم‪ :‬مالك مهتم ؟ قال‪ :‬لني مطلوب‪ .‬ويمين الحزن البتلء )‪،(3‬‬
‫وشماله الصمت‪ ،‬والحزن يختص به العارفون ل‪ ،‬والتفكر يشترك فيه‬
‫الخاص والعام‪ ،‬ولو حجب الحزن عن قلوب العارفين ساعة لستغاثوا‪ ،‬ولو‬
‫وضع في قلوب غيرهم لستنكروه‪ .‬فالحزن أول ثانيه المن والبشارة‪،‬‬
‫والتفكر ثان أوله تصحيح اليمان بال وثالثه الفتقار إلى ال عزوجل‬
‫بطلب النجاة‪ ،‬والحزين متفكر‪ ،‬والمتفكر‪ ،‬معتبر‬

‫)‪ (1‬أراد جمع المريض وليس بصحيح وجمع المريض مرضى‪ ،‬وفي المصدر‬
‫المطبوع صححت الكلمة هكذا‪ " :‬وعيش المرضى‪ ،‬ومع ال عيش‬
‫القربى "‪ (3) .‬يوسف‪ (4) .86 :‬في المصدر‪ :‬النكسار‪[*] .‬‬

‫]‪[71‬‬

‫ولكل واحد منهما حال وعلم وطريق وعلم يشرق )‪ - 2 .(1‬جا‪ :‬الصدوق‪ ،‬عن ابن‬
‫الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫حمزة‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أوحى ال إلى‬
‫عيسى بن مريم عليه السلم‪ :‬يا عيسى هب لي من عينيك الدموع‪ ،‬ومن‬
‫قلبك الخشوع‪ ،‬واكحل عينك بميل الحزن‪ ،‬إذا ضحك البطالون‪ ،‬وقم على‬
‫قبور الموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم‪ ،‬وقل إني‬
‫لحق بهم في اللحقين )‪ - 3 .(2‬محص‪ :‬عن رفاعة‪ ،‬عن جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قرأت في كتاب علي عليه السلم إن المؤمن يمسي ويصبح‬
‫حزينا ول يصلح له إل ذلك )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ ،62‬وفيه " وحلم وشرف "‪ (2) .‬مجالس المفيد ص‬
‫‪ (3) .147‬مشكوة النوار نقل من كتاب روضة الواعظين‪ ،‬قال النبي‬
‫صلى ال عليه وآله إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل ما يكفرها‬
‫ابتله ال بالحزن ليكفرها‪ .‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬من كثرت ذنوبه‬
‫ولم يجد ما يكفرها به ابتله ال عزوجل بالحزن في الدنيا ليكفرها به فان‬
‫فعل ذلك به‪ ،‬وإل عذبه في قبره فيلقى ال عزوجل يوم يلقاه وليس شئ‬
‫يشهد عليه لشئ من ذنوبه‪ .‬ومن كتاب السيد ناصح الدين‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬ان ال يحب كل قلب حزين‪[*] .‬‬

‫]‪[73‬‬

‫الجزء الثالث من كتاب اليمان والكفر )أبواب( الكفر ومساوى الخلق‬

‫]‪[74‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم )أبواب( الكفر ومساوى الخلق أقول‪ :‬سيجئ في أبواب‬
‫كتاب العشرة‪ ،‬وكتاب الداب والسنن‪ ،‬والوامر والنواهي‪ ،‬ما يتعلق بهذه‬
‫البواب من الخبار فانتظره‪) * (98) .‬باب( * * " )الكفر ولوازمه وآثاره‬
‫وأنواعه وأصناف الشرك( " * اليات‪ :‬البقرة‪ :‬إن الذين كفروا سواء‬
‫عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون * ختم ال على قلوبهم وعلى‬
‫سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم )‪ .(1‬وقال تعالى‪:‬‬
‫والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )‪.(2‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة ال على الكافرين *‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .7 - 6 :‬البقرة‪[*] .39 :‬‬

‫]‪[75‬‬

‫بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل ال بغيا أن ينزل ال من فضله على‬
‫من يشاء من عباده فباؤا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين *‬
‫وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل ال قالوا نؤمن بما انزل علينا ويكفرون بما‬
‫ورائه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء ال من قبل إن كنتم‬
‫مؤمنين )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون‬
‫الناس السحر )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك‬
‫عليهم لعنة ال والملئكة والناس أجمعين * خالدين فيها ل يخفف عنهم‬
‫العذاب ول هم ينظرون )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬ومن يبدل نعمة ال من بعد ما‬
‫جاءته فان ال شديد العقاب )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬والكافرون هم الظالمون )‬
‫‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى‬
‫الظلمات اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬وال ل‬
‫يهدي القوم الكافرين )‪ .(7‬آل عمران‪ :‬إن الذين كفروا بآيات ال لهم عذاب‬
‫شديد )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم‬
‫من ال شيئا واولئك وقود النار * كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا‬
‫بآياتنا فأخذهم ال بذنوبهم وال شديد العقاب )‪ .(9‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين‬
‫يكفرون بآيات ال ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون‬
‫بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم * اولئك الذين‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .91 - 89 :‬البقرة‪ (3) .102 :‬البقرة‪ (4) .162 - 161 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (5) .211‬البقرة‪ (6) .254 :‬البقرة‪ (7) .257 :‬البقرة‪ (8) .264 :‬آل‬
‫عمران‪ (9) .4 :‬آل عمران‪[*] .11 - 10 :‬‬

‫]‪[76‬‬

‫حبطت أعمالهم في الدنيا والخرة وما لهم من ناصرين )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬فأما الذين‬
‫كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والخرة وما لهم من ناصرين )‪.(2‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ما كان لبشر أن يؤتيه ال الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول‬
‫للناس كونوا عبادا لي من دون ال ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون‬
‫الكتاب وبما كنتم تدرسون * ول يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنبيين أربابا‬
‫أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين كفروا بعد‬
‫إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم واولئك هم الضالون * إن الذين‬
‫كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم مل الرض ذهبا ولو افتدى به‬
‫اولئك لهم عذاب أليم ومالهم من ناصرين )‪ .(4‬وقال سبحانه‪ :‬ول تكونوا‬
‫كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جائهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم )‬
‫‪ .(5‬وقال سبحانه‪ :‬إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم من‬
‫ال شيئا واولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * مثل ما ينفقون في هذه‬
‫الحيوة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته‬
‫وما ظلمهم ال ولكن أنفسهم يظلمون )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬وليمحص ال‬
‫الذين آمنوا ويمحق الكافرين )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬سنلقي في قلوب الذين‬
‫كفروا الرعب بما أشركوا بال ما لم ينزل به سلطانا ومأويهم النار وبئس‬
‫مثوى الظالمين )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .22 - 21 :‬آل عمران‪ (3) .56 :‬آل عمران‪ (4) .80 - 79 :‬آل‬
‫عمران‪ (5) .91 - 90 :‬آل عمران‪ (6) .105 :‬آل عمران‪.117 - 116 :‬‬
‫)‪ (7‬آل عمران‪ (8) .141 :‬آل عمران‪[*] .151 :‬‬
‫]‪[77‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬ول يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا ال شيئا يريد ال‬
‫أل يجعل لهم حظا في الخرة ولهم عذاب عظيم * إن الذين اشتروا الكفر‬
‫باليمان لن يضروا ال شيئا ولهم عذاب أليم )‪ .(1‬النساء‪ :‬إن ال ل يغفر‬
‫أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بال فقد افترى إثما‬
‫عظيما )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما‬
‫نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن ال كان عزيزا‬
‫حكيما )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬إن ال أعد للكافرين عذابا مهينا )‪ .(4‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين‬
‫نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن ال ل يغفر أن يشرك به‬
‫ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بال فقد ضل ضلل بعيدا )‪.(5‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ومن يكفر بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر فقد ضل‬
‫ضلل بعيدا )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين يكفرون بال ورسله ويريدون أن‬
‫يفرقوا بين ال ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن‬
‫يتخذوا بين ذلك سبيل * اولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا‬
‫مهينا )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل ال قد ضلوا‬
‫ضلل بعيدا * إن الذين كفروا وظلموا لم يكن ال ليغفر لهم ول ليهديهم‬
‫طريقا إل طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على ال يسيرا )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .177 - 176 :‬النساء‪ (3) .48 :‬النساء‪ (4) .56 :‬النساء‪:‬‬
‫‪ (5) .102‬النساء‪ (6) .116 - 115 :‬النساء‪ (7) .136 :‬النساء‪- 150 :‬‬
‫‪ (8) .151‬النساء‪[*] .169 - 168 :‬‬

‫]‪[78‬‬

‫المائدة‪ :‬والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬إن‬
‫الذين كفروا لو أن لهم ما في الرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من‬
‫عذاب يوم القيمة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من‬
‫النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬إن ال ل‬
‫يهدي القوم الكافرين )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬فل تأس على القوم الكافرين )‪.(4‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا ال ربي وربكم إنه من‬
‫يشرك بال فقد حرم ال عليه الجنة ومأويه النار وما للظالمين من أنصار‬
‫)‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم )‪ .(6‬وقال تعالى‪:‬‬
‫والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬قل ل‬
‫يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث )‪ .(8‬النعام‪ :‬ثم الذين‬
‫كفروا بربهم يعدلون )‪ .(9‬وقال تعالى‪ :‬ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق‬
‫بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن )‪ .(10‬وقال تعالى‪ :‬الذين‬
‫خسروا أنفسهم فهم ل يؤمنون )‪ .(11‬وقال تعالى‪ :‬وإن يهلكون إل أنفسهم‬
‫وما يشعرون * ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ول نكذب‬
‫بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو‬
‫ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .10 :‬المائدة‪ (3) .37 - 36 :‬المائدة‪ (4) .67 :‬المائدة‪(5) .68 :‬‬
‫المائدة‪ (6) .72 :‬المائدة‪ (7) .73 :‬المائدة‪ (8) .86 :‬المائدة‪(9) .100 :‬‬
‫النعام‪ (10) .1 :‬النعام‪ (11) .10 :‬النعام‪[*] .12 :‬‬

‫]‪[79‬‬

‫إلى قوله تعالى‪ :‬قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * قد خسر الذين كذبوا بلقاء‬
‫ال حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم‬
‫يحملون أوزارهم على ظهورهم أل ساء ما يزرون )‪ .(1‬وقال تعالى‪:‬‬
‫والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشاء ال يضلله ومن يشأ‬
‫يجعله على صراط مستقيم )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬قل أرأيتكم إن أتيكم عذاب ال‬
‫بغتة أو جهرة هل يهلك إل القوم الظالمون ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬والذين كذبوا‬
‫بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬وذر الذين‬
‫اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما‬
‫كسبت ليس لها من دون ال ولي ول شفيع )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬ولو أشركوا‬
‫لحبط عنهم ما كانوا يعملون )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬وجعلوا ل مما ذرأ من‬
‫الحرث والنعام نصيبا فقالوا هذا ل بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان‬
‫لشركائهم فل يصل إلى ال وما كان ل فهو يصل إلى شركائهم ساء ما‬
‫يحكمون * وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولدهم شركاؤهم ليردوهم‬
‫وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء ال ما فعلوه فذرهم وما يفترون * وقالوا‬
‫هذه أنعام وحرث حجر ل يطعمها إل من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت‬
‫ظهورها وأنعام ل يذكرون اسم ال عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا‬
‫يفترون * وقالوا ما في بطون هذه النعام خالصة لذكورنا ومحرم على‬
‫أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم )‬
‫‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن ل تشركوا به شيئا )‬
‫‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .31 - 26 :‬النعام‪ (3) .39 :‬النعام‪ (4) .49 - 47 :‬النعام‪) .70 :‬‬
‫‪ (5‬النعام‪ (6) .88 :‬النعام‪ (7) .139 - 136 :‬النعام‪[*] .151 :‬‬
‫]‪[80‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى‬
‫ال ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )‪ .(1‬العراف‪ :‬إن الذين كذبوا بآياتنا‬
‫واستكبروا عنها ل تفتح لهم أبواب السماء ول يدخلون الجنة حتى يلج‬
‫الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين * لهم من جهنم مهاد ومن‬
‫فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين إلى قوله تعالى‪ :‬فأذن موذن بينهم أن‬
‫لعنة ال على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل ال ويبغونها عوجا وهم‬
‫بالخرة كافرون )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما‬
‫كانوا مؤمنين )‪ .(3‬وقال سبحانه‪ :‬سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في‬
‫الرض بغير الحق وإن يروا كل آية ل يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد ل‬
‫يتخذوه سبيل وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيل * ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا‬
‫وكانوا عنها غافلين * والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الخرة حبطت أعمالهم‬
‫هل يجزون إل ما كانوا يعملون )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬ساء مثل القوم الذين‬
‫كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬والذين كذبوا بآياتنا‬
‫سنستدرجهم من حيث ل يعلمون * واملي لهم إن كيدي متين )‪ .(6‬النفال‪:‬‬
‫ذلك بأنهم شاقوا ال ورسوله ومن يشاقق ال ورسوله فان ال شديد‬
‫العقاب * فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار )‪ .(7‬وقال سبحانه‪ :‬ذلكم وأن‬
‫ال موهن كيد الكافرين )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .159 :‬العراف‪ (3) .45 - 40 :‬العراف‪ (4) .72 :‬العراف‪:‬‬
‫‪ (5) .147 - 146‬العراف‪ (6) .177 :‬العراف‪(7) .183 - 182 :‬‬
‫النفال‪ (8) .14 - 13 :‬النفال‪[*] .18 :‬‬

‫]‪[81‬‬

‫وقال سبحانه‪ :‬ول تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم ل يسمعون * إن شر الدواب عند‬
‫ال الصم البكم الذين ل يعقلون * ولو علم ال فيهم خيرا لسمعهم ولو‬
‫أسمعهم لتولوا وهم معرضون )‪ .(1‬وقال سبحانه‪ :‬كدأب آل فرعون والذين‬
‫من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل‬
‫كانوا ظالمين * ان شر الدواب عند ال الذين كفروا فهم ل يؤمنون * الذين‬
‫عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم ل يتقون )‪ .(2‬التوبة‪:‬‬
‫وأن ال مخزي الكافرين )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬وبشر الذين كفروا بعذاب أليم )‬
‫‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬والذين يؤذون رسول ال لهم عذاب أليم ‪ -‬إلى قوله‬
‫تعالى‪ :‬ألم يعلموا أنه من يحادد ال ورسوله فان له نار جهنم خالدا فيها‬
‫ذلك الخزي العظيم )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬استغفر لهم أو ل تستغفر لهم إن‬
‫تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر ال لهم ذلك بأنهم كفروا بال ورسوله‬
‫وال ل يهدي القوم الفاسقين )‪ .(6‬يونس‪ :‬والذين كفروا لهم شراب من‬
‫حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬ول تكونن من الذين‬
‫كذبوا بآيات ال فتكون من الخاسرين )‪ .(8‬هود‪ :‬ولقد أرسلنا نوحا إلى‬
‫قومه إني لكم نذير مبين * أن ل تعبدوا إل ال إني أخاف عليكم عذاب يوم‬
‫أليم )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬النفال‪ (2) .23 - 21 :‬النفال‪ (3) .56 - 54 :‬براءة‪ (4) .2 :‬براءة‪(5) .3 :‬‬
‫براءة‪ (6) .63 - 61 :‬براءة‪ (7) .80 :‬يونس‪ (8) .4 :‬يونس‪(9) .95 :‬‬
‫هود‪[*] .26 - 25 :‬‬

‫]‪[82‬‬

‫وقال تعالى حاكيا عن هود‪ :‬يا قوم اعبدوا ال ما لكم من إله غيره إن أنتم إل‬
‫مفترون ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله‬
‫واتبعوا أمر كل جبار عنيد * واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيمة أل إن‬
‫عادا كفروا ربهم أل بعدا لعاد قوم هود )‪ .(1‬الرعد‪ :‬وجعلوا ل شركاء قل‬
‫سموهم أم تنبئونه بما ل يعلم في الرض أم بظاهر من القول بل زين للذين‬
‫كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل ال فماله من هاد * لهم‬
‫عذاب في الحيوة الدنيا ولعذاب الخرة أشق وما لهم من ال من واق )‪.(2‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل‬
‫نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار )‪ .(3‬ابراهيم‪ :‬وويل للكافرين من‬
‫عذاب شديد )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الرض‬
‫جميعا فان ال لغني حميد )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬مثل الذين كفروا بربهم‬
‫أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ل يقدرون مما كسبوا على‬
‫شئ ذلك هو الضلل البعيد )‪ .(6‬الحجر‪ :‬ربما يود الذين كفروا لو كانوا‬
‫مسلمين )‪ .(7‬النحل‪ :‬للذين ل يؤمنون بالخرة مثل السوء ول المثل‬
‫العلى وهو العزيز الحكيم )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬الذين كفروا وصدوا عن سبيل‬
‫ال زدناهم عذابا فوق العذاب‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .60 - 50 :‬الرعد‪ (3) .34 - 33 :‬الرعد‪ (4) .42 :‬ابراهيم‪(5) .2 :‬‬
‫ابراهيم‪ (6) .8 :‬ابراهيم‪ (7) .18 :‬الحجر‪ (8) .2 :‬النحل‪[*] .60 :‬‬

‫]‪[83‬‬

‫بما كانوا يفسدون )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين ل يؤمنون بآيات ال ل يهديهم ال‬
‫ولهم عذاب أليم * إنما يفتري الكذب الذين ل يؤمنون بآيات ال واولئك هم‬
‫الكاذبون )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬وإن ال ل يهدي القوم الكافرين )‪ .(3‬أسرى‪:‬‬
‫وأن الذين ل يؤمنون بالخرة أعتدنا لهم عذابا أليما )‪ .(4‬الكهف‪ :‬أفحسب‬
‫الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين‬
‫نزل * قل هل ننبئكم بالخسرين أعمال * الذين ضل سعيهم في الحيوة‬
‫الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * اولئك الذين كفروا بآيات ربهم‬
‫ولقائه فحبطت أعمالهم فل نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم‬
‫بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا )‪ .(5‬مريم‪ :‬فاختلف الحزاب من‬
‫بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم )‪ .(6‬طه‪ :‬إنه من يأت ربه‬
‫مجرما فان له نار جهنم ل يموت فيها ول يحيى )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬وكذلك‬
‫نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الخرة أشد وأبقى )‪.(8‬‬
‫النبياء‪ :‬ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي‬
‫الظالمين )‪ .(9‬الحج‪ :‬إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى‬
‫والمجوس‬

‫)‪ (1‬النحل‪ (2) .88 :‬النحل‪ (3) .105 - 104 :‬النحل‪ (4) .107 :‬أسرى‪(5) .10 :‬‬
‫الكهف‪ (6) .106 - 102 :‬مريم‪ (7) .37 :‬طه‪ (8) .74 :‬طه‪(9) .127 :‬‬
‫النبياء‪[*] .29 :‬‬

‫]‪[84‬‬

‫والذين أشركوا إن ال يفصل بينهم يوم القيمة إن ال على كل شئ شهيد )‪ .(1‬وقال‬


‫تعالى‪ :‬ومن يشرك بال فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به‬
‫الريح من مكان سحيق )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬والذين سعوا في آياتنا معاجزين‬
‫اولئك أصحاب الجحيم )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬ول يزال الذين كفروا في مرية‬
‫منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم )‪ .(4‬وقال تعالى‪:‬‬
‫والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فاولئك لهم عذاب مهين )‪ .(5‬المؤمنون‪ :‬فبعدا‬
‫لقوم ل يؤمنون )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬ومن يدع مع ال إلها آخر ل برهان له‬
‫به فانما حسابه عند ربه إنه ل يفلح الكافرون )‪ .(7‬النور‪ :‬والذين كفروا‬
‫أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جائه لم يجده شيئا‬
‫ووجد ال عنده فوفاه حسابه وال سريع الحساب * أو كظلمات في بحر‬
‫لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض‬
‫إذا أخرج يده لم يكد يريها ومن لم يجعل ال له نورا فماله من نور )‪.(8‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ل تحسبن الذين كفروا معجزين في الرض ومأويهم النار‬
‫ولبئس المصير )‪ .(9‬الفرقان‪ :‬وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء‬
‫منثورا )‪ .(10‬وقال تعالى‪ :‬ويعبدون من دون ال ما ل ينفعهم ول يضرهم‬
‫وكان الكافر‬
‫)‪ (1‬الحج‪ (2) .17 :‬الحج‪ (3) .31 :‬الحج‪ (4) .51 :‬الحج‪ (5) .55 :‬الحج‪) .57 :‬‬
‫‪ (6‬المؤمنون‪ (7) .44 :‬المؤمنون‪ (8) .117 :‬النور‪(9) .40 - 39 :‬‬
‫النور‪ (10) .57 :‬الفرقان‪[*] .23 :‬‬

‫]‪[85‬‬

‫على ربه ظهيرا )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬والذين ل يدعون مع ال إلها آخر )‪ .(2‬النمل‪ :‬إن‬
‫الذين ل يؤمنون بالخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون * اولئك الذين لهم‬
‫سوء العذاب وهم في الخرة هم الخسرون )‪ .(3‬القصص‪ :‬ويوم يناديهم‬
‫فيقول ماذا أجبتم المرسلين * فعميت عليهم النباء يومئذ فهم ل يتسائلون‬
‫)‪ .(4‬العنكبوت‪ :‬والذين كفروا بآيات ال ولقائه اولئك يئسوا من رحمتي‬
‫واولئك لهم عذاب أليم )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬وما يجحد بآياتنا إل الكافرون )‬
‫‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬وما يجحد بآياتنا إل الظالمون )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬والذين‬
‫آمنوا بالباطل وكفروا بال اولئك هم الخاسرون إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين )‪ .(8‬الروم‪ :‬وأما الذين‬
‫كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الخرة فاولئك في العذاب محضرون )‪.(9‬‬
‫لقمان‪ :‬ومن كفر فل يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن ال‬
‫عليم بذات الصدور )‪ .(10‬التنزيل‪ :‬أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ل‬
‫يستوون ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬وأما الذين فسقوا فمأويهم النار كلما أرادوا أن‬
‫يخرجوا منها اعيدوا فيها وقيل لهم‬

‫)‪ (1‬الفرقان‪ (2) .55 :‬الفرقان‪ (3) .68 :‬النمل‪ (4) .5 - 4 :‬القصص‪) .66 - 65 :‬‬
‫‪ (5‬العنكبوت‪ (6) .23 :‬العنكبوت‪ (7) .47 :‬العنكبوت‪(8) .49 :‬‬
‫العنكبوت‪ (9) .54 - 52 :‬الروم‪ (10) .16 :‬لقمان‪[*] .23 :‬‬

‫]‪[86‬‬

‫ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون )‪ .(1‬الحزاب‪ :‬ليعذب ال المنافقين‬


‫والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب ال على المؤمنين والمؤمنات‬
‫وكان ال غفورا رحيما )‪ .(2‬سبا‪ :‬والذين سعوا في آياتنا معاجزين اولئك‬
‫لهم عذاب من رجز أليم ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬بل الذين ل يؤمنون بالخرة في‬
‫العذاب والضلل البعيد )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬وأسروا الندامة لما رأوا العذاب‬
‫وجعلنا الغلل في أعناق الذين كفروا هل يجزون إل ما كانوا يعملون )‪.(4‬‬
‫فاطر‪ :‬الذين كفروا لهم عذاب شديد )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬والذين كفروا لهم نار‬
‫جهنم ل يقضى عليهم فيموتوا ول يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل‬
‫كفور ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬هو الذي جعلكم خلئف في الرض فمن كفر فعليه‬
‫كفره ول يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إل مقتا ول يزيد الكافرين إل‬
‫خسارا )‪ .(6‬ص‪ :‬بل الذين كفروا في عزة وشقاق )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬فويل‬
‫للذين كفروا من النار )‪ .(8‬الزمر‪ :‬إن تكفروا فان ال غني عنكم ول يرضى‬
‫لعباده الكفر )‪ .(9‬وقال تعالى‪ :‬والذين كفروا بآيات ال اولئك هم الخاسرون‬
‫)‪ .(10‬وقال تعالى‪ :‬وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬التنزيل‪ (2) .20 - 18 :‬الحزاب‪ (3) .73 :‬سبأ‪ (4) .8 - 5 :‬سبأ‪(5) .33 :‬‬
‫فاطر‪ (6) .2 :‬فاطر‪ (7) .39 - 36 :‬ص‪ (8) .2 :‬ص‪ (9) .27 :‬الزمر‪:‬‬
‫‪ (10) .7‬الزمر‪ (11) .63 :‬الزمر‪[*] .71 :‬‬

‫]‪[87‬‬

‫المؤمن‪ :‬وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار )‪ .(1‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬إن الذين كفروا ينادون لمقت ال أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون‬
‫إلى اليمان فتكفرون )‪ .(2‬السجدة‪ :‬إن الذين يلحدون في آياتنا ل يخفون‬
‫علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيمة اعملوا ما شئتم‬
‫إنه بما تعملون بصير )‪ .(3‬حمعسق‪ :‬والذين يحاجون في ال من بعدما‬
‫استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ‪-‬‬
‫إلى قوله تعالى‪ :‬أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به ال‬
‫ولول كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم )‪ .(4‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬والكافرون لهم عذاب شديد )‪ .(5‬الزخرف‪ :‬إن المجرمين في عذاب‬
‫جهنم خالدون * ل يفتر عنهم وهم فيه مبلسون )‪ .(6‬الجاثية‪ :‬هذا هدى‬
‫والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬وأما‬
‫الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين *‬
‫وإذا قيل إن وعد ال حق والساعة ل ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن‬
‫نظن إل ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما‬
‫كانوا بهم يستهزؤن * وقيل اليوم ننسيكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا‬

‫)‪ (1‬المؤمن‪ (2) .6 :‬المؤمن‪ (3) .10 :‬السجدة‪ (4) .40 :‬الشورى‪(5) .21 - 16 :‬‬
‫الشورى‪ (6) .26 :‬الزخرف‪ (7) .75 - 74 :‬الجاثية‪[*] .11 :‬‬

‫]‪[88‬‬

‫ومأويكم النار ومالكم من ناصرين )‪ .(1‬محمد‪ :‬الذين كفروا وصدوا عن سبيل ال‬
‫أضل أعمالهم ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل )‪.(2‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما‬
‫أنزل ال فأحبط أعمالهم )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬والذين كفروا يتمتعون ويأكلون‬
‫كما تأكل النعام والنار مثوى لهم )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين كفروا وصدوا‬
‫عن سبيل ال وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا ال‬
‫شيئا وسيحبط أعمالهم )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل‬
‫ال ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر ال لهم )‪ .(6‬الفتح‪ :‬ويعذب المنافقين‬
‫والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بال ظن السوء عليهم دائرة‬
‫السوء وغضب ال عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا )‪.(7‬‬
‫]وقال تعالى[‪ :‬ومن لم يؤمن بال ورسوله فانا أعتدنا للكافرين سعيرا )‪.(8‬‬
‫الذاريات‪ :‬فان للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فل يستعجلون )‪.(9‬‬
‫الحديد‪ :‬والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم )‪ .(10‬التغابن‪:‬‬
‫والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار خالدين‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪ (2) .34 - 31 :‬القتال‪ (3) .3 - 1 :‬القتال‪ (4) .9 - 8 :‬القتال‪) .12 :‬‬
‫‪ (5‬القتال‪ (6) .32 :‬القتال‪ (7) .34 :‬الفتح‪ (8) .6 :‬الفتح‪(9) .13 :‬‬
‫الذاريات‪ (10) .59 :‬الحديد‪[*] .19 :‬‬

‫]‪[89‬‬

‫فيها وبئس المصير )‪ .(1‬الملك‪ :‬وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير )‬
‫‪ .(2‬المزمل‪ :‬فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا )‪ .(3‬المدثر‪:‬‬
‫فإذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير )‬
‫‪ .(4‬النشقاق‪ :‬فمالهم ل يؤمنون * وإذا قرئ عليهم القرآن ل يسجدون *‬
‫بل الذين كفروا يكذبون * وال أعلم بما يوعون * فبشرهم بعذاب أليم )‬
‫‪ .(5‬البروج‪ :‬بل الذين كفروا في تكذيب )‪ .(6‬الغاشية‪ :‬إل من تولى وكفر *‬
‫فيعذبه ال العذاب الكبر )‪ .(7‬البينة‪ :‬إن الذين كفروا من أهل الكتاب‬
‫والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية )‪ - 1 .(8‬ل‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن فضال معا‪،‬‬
‫عن علي بن أسباط‪ ،‬عن الحسن بن زيد‪ ،‬عن محمد بن سالم‪ ،‬عن ابن‬
‫طريف‪ ،‬عن ابن نباتة قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬اليمان على‬
‫أربع دعائم )‪ (9‬على الصبر واليقين والعدل والجهاد‪ .‬والصبر على أربع‬
‫شعب‪ :‬على الشوق والشفاق والزهد والترقب‪ ،‬فمن اشتاق إلى الجنة سل‬
‫عن الشهوات‪ ،‬ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات‪ ،‬ومن زهد في‬
‫الدنيا تهاون بالمصيبات‪ ،‬ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات‪.‬‬

‫)‪ (1‬التغابن‪ (2) .10 :‬الملك‪ (3) .6 :‬المزمل‪ (4) .17 :‬المدثر‪(5) .10 - 8 :‬‬
‫الشتقاق‪ (6) .24 - 20 :‬البروج‪ (7) .19 :‬الغاشية‪(8) .24 - 23 :‬‬
‫البينة‪ (9) .6 :‬مر هذا الخبر بأسانيد مختلفة في الجزء ‪ 68‬من هذه‬
‫الطبعة باب دعائم اليمان والسلم‪ ،‬وهناك شرح مستوفي لمعضلت‬
‫الحديث فراجع وسيأتي في الباب التي‪[*] .‬‬

‫]‪[90‬‬

‫واليقين على أربع شعب‪ :‬على تبصرة الفطنة‪ ،‬وتأول الحكمة‪ ،‬وموعظة العبرة‪،‬‬
‫وسنة الولين‪ ،‬فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة‪ ،‬ومن تأول الحكمة‬
‫عرف العبرة‪ ،‬ومن عرف العبرة فكأنما عاش في الولين‪ .‬والعدل على‬
‫أربع شعب‪ :‬على غائص الفهم‪ ،‬وغمرة العلم‪ ،‬وزهرة الحكمة وروضة‬
‫الحلم‪ ،‬فمن فهم فسر جمل العلم‪ ،‬ومن علم شرع غرائب الحكم‪ ،‬ومن كان‬
‫حكيما لم يفرط في أمر يليه في الناس )‪ .(1‬والجهاد على أربع شعب‪ :‬على‬
‫المر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬والصدق في المواطن‪ ،‬وشنآن‬
‫الفاسقين‪ ،‬فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن‪ ،‬ومن نهى عن المنكر‬
‫أرغم أنف المنافق‪ ،‬ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه‪ ،‬ومن شنأ‬
‫الفاسقين وغضب ل عزوجل غضب ال له‪ ،‬وذلك اليمان ودعائمه‬
‫وشعبه‪ .‬والكفر على أربع دعائم‪ :‬على الفسق والعتو والشك والشبهة‪.‬‬
‫والفسق على أربع شعب‪ :‬على الجفاء والعمى والغفلة والعتو فمن جفا‬
‫حقر الحق ومقت الفقهاء‪ ،‬وأصر على الحنث العظيم‪ ،‬ومن عمي نسي‬
‫الذكر‪ ،‬واتبع الظن وألح عليه الشيطان‪ ،‬ومن غفل غرته الماني وأخذته‬
‫الحسرة إذا انكشف الغطاء وبدا له من ال ما لم يكن يحتسب‪ ،‬ومن عتا‬
‫عن أمر ال تعالى ال عليه‪ ،‬ثم أذله بسلطانه‪ ،‬وصغره لجلله‪ ،‬كما فرط في‬
‫جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم‪ .‬والعتو على أربع شعب‪ :‬على التعمق‬
‫والتنازع والزيغ والشقاق‪ ،‬فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إل غرقا‬
‫في الغمرات فلم تحتبس عنه فتنة إل غشيته أخرى وانخرق دينه فهو يهيم‬
‫في أمر مريج‪ ،‬ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل وذاق وبال أمره‪،‬‬
‫وساءت عنده الحسنة‪ ،‬وحسنت عنده السيئة‪ ،‬ومن ساءت عليه الحسنة‬
‫اعتورت عليه طرقه‪ ،‬واعترض عليه أمره‪ ،‬وضاق عليه مخرجه‪ ،‬وحري‬
‫أن يرجع من دينه‪ ،‬ويتبع غير سبيل المؤمنين‪.‬‬

‫)‪ (1‬في النهج ج ‪ 2‬ص ‪ ،150‬والكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،49‬تحف العقول ص ‪ 158‬أمالى‬


‫الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ ،36‬هكذا‪ " :‬لم يفرط في امره وعاش في الناس‬
‫حميدا "‪[*] .‬‬

‫]‪[91‬‬
‫والشك على أربع شعب على الهول والريب والتردد والستسلم‪ ،‬فبأي آلء ربك‬
‫يتمارى المتمارون‪ ،‬فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه‪ ،‬ومن تردد‬
‫في الريب سبقه الولون‪ ،‬وأدركه الخرون‪ ،‬وقطعته سنابك الشياطين‪،‬‬
‫ومن استسلم لهلكة الدنيا والخرة هلك فيما بينهما‪ ،‬ومن نجا فباليقين‪.‬‬
‫والشبهة على أربع شعب‪ :‬على العجاب بالزينة وتسويل النفس‪ ،‬وتأول‬
‫العوج وتلبيس الحق بالباطل‪ ،‬ذلك بأن الزينة تزيد على الشبهة وأن تسويل‬
‫النفس يقحم على الشهوة‪ ،‬وأن العوج يميل ميل عظيما وأن التلبيس‬
‫ظلمات بعضها فوق بعض‪ ،‬فذلك الكفر ودعائمه وشعبه‪ .‬والنفاق على أربع‬
‫دعائم‪ :‬على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع‪ .‬فالهوى على أربع شعب‪:‬‬
‫على البغي والعدوان والشهوة والطغيان‪ ،‬فمن بغى كثرت غوائله وغلته‪،‬‬
‫ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه‪ ،‬ولم يسلم قلبه‪ ،‬ومن لم يعزل نفسه عن‬
‫الشهوات خاض في الخبيثات ومن طغى ضل على غير يقين ول حجة له‪.‬‬
‫وشعب الهوينا الهيبة والغرة والمماطلة والمل‪ ،‬وذلك لن الهيبة ترد على‬
‫دين الحق وتفرط المماطلة في العمل حين يقدم الجل‪ ،‬ولول المل علم‬
‫النسان حسب ما هو فيه‪ ،‬ولو علم حسب ما هو فيه مات من الهول‬
‫والوجل‪ .‬وشعب الحفيظة‪ :‬الكبر والفخر والحمية والعصبية فمن استكبر‬
‫أدبر‪ ،‬ومن فخر فجر‪ ،‬ومن حمي أصر‪ ،‬ومن أخذته العصبية جار‪ ،‬فبئس‬
‫المر أمر بين الستكبار والدبار وفجور وجور‪ .‬وشعب الطمع أربع‪ :‬الفرح‬
‫والمرح واللجاجة والتكاثر‪ ،‬والفرح مكروه عند ال عزوجل‪ ،‬والمرح‬
‫خيلء‪ ،‬واللجاجة بلء لمن اضطرته إلى حبائل الثام‪ ،‬والتكاثر لهو وشغل‪،‬‬
‫واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير‪ ،‬فذلك النفاق ودعائمه وشعبه )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪[*] .111 - 110‬‬

‫]‪[92‬‬

‫‪ - 2‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن بكر بن صالح‪ ،‬عن أبي عمر الزبيري‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬الكفر في كتاب ال على خمسة وجوه فمنه كفر الجحود وهو‬
‫على وجهين جحود بعلم وجحود بغير علم‪ ،‬فأما الذين جحدوا بغير علم فهم‬
‫الذين حكا ال عنهم في قوله‪) :‬وقالوا ما هي إل حياتنا الدنيا نموت ونحيا‬
‫وما يهلكنا إل الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إل يظنون( )‪ (1‬وقوله‪:‬‬
‫)إن الذين كفروا سواء عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون( )‪(2‬‬
‫فهؤلء كفروا وجحدوا بغير علم‪ .‬وأما الذين كفروا وجحدوا بعلم فهم الذين‬
‫قال ال تبارك وتعالى‪) :‬وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما‬
‫جائهم ما عرفوا كفروا به " )‪ (3‬فهؤلء كفروا وجحدوا بعلم‪ .‬وقال‪:‬‬
‫وحدثني أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن حريز‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬نزلت هذه الية في اليهود والنصارى يقول ال تبارك‬
‫وتعالى‪ " :‬الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه " )‪ (4‬يعني رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله " كما يعرفون أبنائهم " لن ال عزوجل قد أنزل عليهم في‬
‫التوراة والنجيل والزبور صفة محمد صلى ال عليه وآله وصفة أصحابه‬
‫ومبعثه ومهاجره وهو قوله‪ " :‬محمد رسول ال والذين معه أشداء على‬
‫الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضل من ال ورضوانا‬
‫سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التورية ومثلهم في‬
‫النجيل " )‪ (5‬فهذه صفة رسول ال صلى ال عليه وآله في التوراة‬
‫والنجيل وصفة أصحابه‪ ،‬فلما بعثه ال عزوجل عرفه أهل الكتاب كما قال‬
‫جل جلله‪ " :‬فلما جائهم ما عرفوا كفروا به "‪.‬‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪ (2) .24 :‬البقرة‪ (3) .6 :‬البقرة‪ (4) .89 :‬البقرة‪ (5) .146 :‬الفتح‪:‬‬
‫‪[*] .29‬‬

‫]‪[93‬‬

‫وكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي‪ :‬أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة‬
‫ويكون مهاجره بالمدينة‪ ،‬وهو آخر النبياء وأفضلهم‪ ،‬في عينيه حمرة‪،‬‬
‫وبين كتفيه خاتم النبوة‪ ،‬يلبس الشملة‪ ،‬يجتزئ بالكسرة والتميرات ويركب‬
‫الحمار العرية وهو الضحوك‪ ،‬القتال يضع سيفه على عاتقه ل يبالي من‬
‫لقى‪ ،‬يبلغ سلطانه منقطع الحف والحافر‪ ،‬لنقتلنكم به يا معشر العرب قتل‬
‫عاد‪ .‬فلما بعث ال نبيه بهذه الصفة‪ ،‬حسدوه وكفروا به كما قال ال‪" :‬‬
‫وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به‬
‫"‪ .‬ومنه كفر البراءة وهو قوله‪ " :‬ثم يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض " )‬
‫‪ (1‬أي يتبرأ بعضكم من بعض‪ ،‬ومنه كفر الترك لما أمرهم ال وهو قوله‪:‬‬
‫" ول على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ومن كفر " )‪ (2‬أي‬
‫ترك الحج وهو مستطيع فقد كفر‪ ،‬ومنه كفر النعم وهو قوله‪ " :‬ليبلونئ‬
‫أشكر أم أكفر ومن شكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر " )‪ (3‬أي ولم من‬
‫يشكر نعمة ال فقد كفر‪ ،‬فهذه وجوه الكفر في كتاب ال )‪ - 3 .(4‬فس‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سئل عن‬
‫قول النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة‬
‫سوداء‪ ،‬في ليلة ظلماء‪ ،‬قال‪ :‬كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من‬
‫دون ال‪ ،‬فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون‪ ،‬فنهى ال المؤمنين‬
‫عن سب آلهتهم لكيل يسب الكفار إله المؤمنين‪ ،‬فيكون المؤمنون قد‬
‫أشركوا بال من حيث ل يعلمون فقال‪ " :‬ول تسبوا الذين يدعون من دون‬
‫ال " )‪ (5‬الية )‪.(6‬‬
‫)‪ (1‬العنكبوت‪ (2) .25 :‬آل عمران‪ (3) .97 :‬النمل‪ (4) .40 :‬تفسير القمي ص‬
‫‪ (5) .28‬النعام‪ (6) .108 :‬تفسير القمي ص ‪[*] .200‬‬

‫]‪[94‬‬

‫‪ - 4‬فس‪ :‬في رواية أبي الجارود‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قوله‪) :‬اتخذوا‬
‫أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال والمسيح بن مريم( )‪ (1‬أما المسيح‬
‫فعصوه وعظموه في أنفسهم حين زعموا أنه إله‪ ،‬وأنه ابن ال‪ ،‬وطائفة‬
‫منهم قالوا‪ :‬ثالث ثلثة‪ ،‬وطائفة منهم قالوا‪ :‬هو ال‪ ،‬وأما أحبارهم‬
‫ورهبانهم فانهم أطاعوا وأخذوا بقولهم واتبعوا ما أمروهم به‪ ،‬ودانوا بما‬
‫دعوهم إليه فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم‪ ،‬وتركهم أمر ال وكتبه ورسله‪،‬‬
‫فنبذوه وراء ظهورهم وما أمرهم به الحبار والرهبان اتبعوه وأطاعوهم‬
‫وعصوا ال )‪ - 5 .(2‬فس‪ :‬أحمد بن إدريس‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحكم‪ ،‬عن موسى بن بكر‪ ،‬عن الفضيل‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم في قول ال تبارك وتعالى‪ " :‬وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم‬
‫مشركون " )‪ (3‬قال‪ :‬شرك طاعة ليس شرك عبادة‪ ،‬والمعاصي التي‬
‫يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بال في الطاعة‬
‫لغيره‪ ،‬وليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير ال )‪ - 6 .(4‬فس‪ :‬جعفر بن‬
‫أحمد‪ ،‬عن عبيد ال بن موسى‪ ،‬عن ابن البطائني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله‪ " :‬واتخذوا من دون ال‬
‫آلهة ليكونوا لهم عزا * كل سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " )‬
‫‪ (5‬يوم القيامة أي يكون هؤلء الذين اتخذوهم آلهة من دون ال عليهم‬
‫ضدا يوم القيامة ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيامة‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫ليس العبادة هي السجود ول الركوع إنما هي طاعة الرجال‪ ،‬ومن أطاع‬
‫المخلوق في معصية الخالق فقد عبده )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .32 :‬تفسير القمي ص ‪ (3) .264‬يوسف‪ (4) .106 :‬تفسير القمي‬
‫ص ‪ (5) .334‬مريم‪ (6) .81 :‬تفسير القمي ص ‪[*] .415‬‬

‫]‪[95‬‬

‫‪ - 7‬فس‪ " :‬ومن الناس من يعبد ال على حرف " قال‪ :‬على شك " فان أصابه‬
‫خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة " )‬
‫‪ (1‬فانه حدثني أبي‪ ،‬عن يحيى بن أبي عمران‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن‬
‫ابن الطيار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬نزلت هذه الية في قوم‬
‫وحدوا ال وخلعوا عبادة من دون ال‪ ،‬وخرجوا من الشرك‪ ،‬ولم يعرفوا أن‬
‫محمدا رسول ال صلى ال عليه وآله فهم يعبدون ال على شك في محمد‪،‬‬
‫وما جاء به‪ ،‬فأتوا رسول ال فقالوا‪ :‬ننظر فان كثرت أموالنا وعوفينا في‬
‫أنفسنا وأولدنا علمنا أنه صادق وأنه رسول ال صلى ال عليه وآله وإن‬
‫كان غير ذلك نظرنا )‪ .(2‬فأنزل ال " فان أصابه خير اطمأن به وإن‬
‫أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو الخسران‬
‫المبين * يدعو من دون ال ما ل يضره وما ل ينفعه " انقلب مشركا يدعو‬
‫غير ال ويعبد غيره‪ .‬فمنهم من يعرف ويدخل اليمان قلبه‪ ،‬فهو مؤمن‬
‫ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى اليمان‪ ،‬ومنهم من يلبث على‬
‫شكه‪ ،‬ومنهم من ينقلب إلى الشرك )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الحج‪ (2) .11 :‬قال البيضاوي في أنوار التنزيل ص ‪ :278‬روى أنها نزلت في‬
‫اعاريب قدموا إلى المدينة وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا‬
‫سريا وولدت امرأته غلما سويا وكثر ماله وماشيته قال‪ :‬ما أصبت منذ‬
‫دخلت في ديني هذا ال خيرا واطمأن‪ ،‬وان كان المر بخلفه قال‪ :‬ما‬
‫أصبت ال شرا وانقلب‪ .‬قال‪ :‬وعن أبي سعيد أن يهوديا أسلم فأصابته‬
‫مصائب فتشأم بالسلم فأتى النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬أقلني !‬
‫فقال‪ :‬ان السلم ل يقال‪ ،‬فنزلت‪ .‬وروى مثله الطبرسي في المجمع ج ‪7‬‬
‫ص ‪ 75‬عن ابن عباس فراجع‪ (3) .‬تفسير القمي ص ‪ ،436‬وروى مثله‬
‫الكليني في الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 413‬عن علي ابن ابراهيم بسندين آخرين‬
‫فراجع‪[*] .‬‬

‫]‪[96‬‬

‫‪ - 8‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن الخشاب‪ ،‬عن يزيد بن إسحاق‪ ،‬عن العباس بن‬
‫زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬إن هؤلء العوام يزعمون أن‬
‫الشرك أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء على المسح السود )‪(1‬‬
‫فقال‪ :‬ل يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير ال‪ ،‬أو يذبح لغير ال‪ ،‬أو‬
‫يدعو لغير ال عزوجل )‪ - 9 .(2‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن‬
‫يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد الحميد بن أبي العل قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬إن الشرك أخفى من دبيب النمل‪ ،‬وقال‪ :‬منه تحويل الخاتم‬
‫ليذكر الحاجة وشبه هذا )‪ - 10 .(3‬مع‪ :‬أبي وابن الوليد معا‪ ،‬عن‬
‫الحميري‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب عن النضر بن شعيب‪ ،‬عن عبد الغفار‬
‫الجازي قال‪ :‬حدثني من سأله يعني الصادق عليه السلم هل يكون كفر ل‬
‫يبلغ الشرك ؟ قال عليه السلم‪ :‬إن الكفر هو الشرك ثم قام فدخل المسجد‪،‬‬
‫فالتفت إلي وقال‪ :‬نعم الرجل يحمل الحديث إلى صاحبه فل يعرفه فيرده‬
‫عليه فهي نعمة كفرها ولم يبلغ الشرك )‪ - 11 .(4‬ب‪ :‬هارون‪ ،‬عن ابن‬
‫صدقة قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم وسئل عن الكفر والشرك أيهما‬
‫أقدم ؟ قال‪ :‬الكفر أقدم‪ ،‬وذلك أن إبليس أول من كفر وكان كفره غير شرك‪،‬‬
‫لنه لم يدع إلى عبادة غير ال‪ ،‬وإنما دعا إلى ذلك بعد فأشرك )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬المسح ‪ -‬بالكسر ‪ -‬البلس يقعد عليه‪ ،‬والكساء من شعر كثوب الرهبان‪ ،‬وفي‬
‫نسخة الكمباني‪ " :‬المسيح " والمناسب من معانيه هنا‪ :‬المنديل الخشن‬
‫كما في أقرب الموارد‪ (2) .‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .67‬معاني الخبار ص‬
‫‪ (4) .379‬معاني الخبار ص ‪ (5) .137‬قرب السناد ص ‪[*] .23‬‬

‫]‪[97‬‬

‫‪ - 12‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن معروف‪ ،‬عن صفوان عن ابن‬
‫مسكان‪ ،‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ " :‬عتل‬
‫بعد ذلك زنيم " )‪ (1‬قال‪ :‬العتل العظيم الكفر‪ ،‬والزنيم المستهتر بكفره )‪.(2‬‬
‫‪ - 13‬ير‪ :‬أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن آدم بن إسحاق‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن‬
‫الهيثم التميمي قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا هيثم التميمي إن قوما‬
‫آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن‪ ،‬فلم ينفعهم شئ‪ ،‬وجاء قوم من بعدهم‬
‫فآمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر‪ ،‬فلم ينفعهم ذلك شيئا‪ ،‬ول إيمان بظاهر إل‬
‫بباطن‪ ،‬ول بباطن إل بظاهر )‪ - 14 .(3‬شى‪ :‬عن موسى بن بكر الواسطي‬
‫قال‪ :‬سألت أبا الحسن موسى عليه السلم عن الكفر والشرك أيهما أقدم ؟‬
‫فقال‪ :‬ما عهدي بك تخاصم الناس ؟ قلت‪ :‬أمرني هشام بن الحكم أن أسألك‬
‫عن ذلك‪ ،‬فقال لي‪ :‬الكفر أقدم‪ ،‬وهو الجحود‪ ،‬قال لبليس‪ " :‬أبى واستكبر‬
‫وكان من الكافرين " )‪ - 15 .(4‬شى‪ :‬عن عبيد بن زرارة قال‪ :‬سألت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم " ومن يكفر باليمان فقد حبط عمله " )‪ (5‬قال‪ :‬ترك‬
‫العمل الذي أقر به‪ ،‬من ذلك أن يترك الصلة من غير سقم ول شغل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قلت له‪ :‬الكبائر أعظم الذنوب ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬هي أعظم من ترك‬
‫الصلة ؟ قال‪ :‬إذا ترك الصلة تركا ليس من أمره كان داخل في واحدة من‬
‫السبعة )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬القلم‪ (2) .13 :‬معاني الخبار ص ‪ ،149‬والمستهتر ‪ -‬بالفتح على بناء‬
‫المفعول يقال‪ :‬استهتر الرجل بكذا ‪ -‬على ما لم يسم فاعله ‪ -‬صار‬
‫مستهترا به أي مولعا به ل يتحدث بغيره ول يفعل غيره‪ ،‬وفي اللسان‪:‬‬
‫يقال " استهتر فلن فهو مستهتر‪ :‬إذا كان كثير الباطيل‪ ،‬وفي نسخة‬
‫الكمباني " المستهزئ بكفره "‪ (3) .‬بصائر الدرجات ص ‪(4) .536‬‬
‫تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،34‬والية في سورة البقرة‪ (5) .34 :‬المائدة‪:‬‬
‫‪ (6) .5‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .296‬‬
‫]‪[98‬‬

‫‪ - 16‬شى‪ :‬عن أبان بن عبد الرحمن قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫أدنى ما يخرج به الرجل من السلم أن يرى الرأي بخلف الحق فيقيم‬
‫عليه‪ ،‬قال‪ " :‬ومن يكفر باليمان فقد حبط عمله " وقال‪ :‬الذي يكفر‬
‫باليمان‪ :‬الذي ل يعمل بما أمر ال به ول يرضى به )‪ - 17 .(1‬شى‪ :‬عن‬
‫محمد بن مسلم‪ ،‬عن أحدهما في قول ال‪ " :‬ومن يكفر باليمان فقد حبط‬
‫عمله " قال‪ :‬هو ترك العمل حتى يدعه أجمع قال‪ :‬منه الذي يدع الصلة‬
‫متعمدا ل من شغل ول من سكر يعني النوم )‪ - 18 .(2‬شى‪ :‬عن جابر‪ ،‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن تفسير هذه الية " ومن يكفر‬
‫باليمان فقد حبط عمله " ]فقال‪ [:‬يعني بولية علي عليه السلم " وهو‬
‫في الخرة من الخاسرين " )‪ - 19 .(3‬شى‪ :‬عن هارون بن خارجة قال‪:‬‬
‫سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال‪ " :‬ومن يكفر باليمان فقد حبط‬
‫عمله " قال‪ :‬فقال‪ :‬من ذلك ما اشتق فيه )‪ - 20 .(4‬شى‪ :‬عن زرارة قال‪:‬‬
‫كتبت إلى أبي عبد ال عليه السلم مع بعض أصحابنا فيما يروي الناس‬
‫عن النبي عليه وآله السلم‪ :‬إنه من أشرك بال فقد وجبت له النار‪ ،‬ومن‬
‫لم يشرك بال فقد وجبت له الجنة‪ ،‬قال‪ :‬أما من أشرك بال فهذا الشرك‬
‫المبين‪ ،‬وهو قول ال‪ " :‬ومن يشرك بال فقد حرم ال عليه الجنة " )‪(5‬‬
‫وأما قوله‪ :‬من لم يشرك بال فقد وجبت له الجنة قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬ههنا النظر‪ ،‬هو من لم يعص ال )‪ - 21 .(6‬شى‪ :‬عن زرارة قال‪:‬‬
‫سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال‪ " :‬وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم‬
‫مشركون " )‪ (7‬قال‪ :‬من ذلك قول الرجل‪ :‬ل وحياتك )‪.(8‬‬

‫)‪ (4 - 1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .297‬المائدة‪ (6) .72 :‬تفسير العياشي ج ‪1‬‬
‫ص ‪ (7) .335‬يوسف‪ (8) .106 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .199‬‬

‫]‪[99‬‬

‫‪ - 22‬شى‪ :‬عن يعقوب بن شعيب قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم " وما يؤمن‬
‫أكثرهم بال إل وهم مشركون " قال‪ :‬كانوا يقولون‪ :‬نمطر بنوء كذا وبنوء‬
‫كذا )‪ (1‬ومنها أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم فيما يقولون )‪23 .(2‬‬
‫‪ -‬شى‪ :‬عن محمد بن الفضيل‪ ،‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬شرك ل يبلغ به‬
‫الكفر )‪ - 24 .(3‬شى‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬شرك‬
‫طاعة قول الرجل ل وال وفلن‪ ،‬ولول ال وفلن‪ ،‬والمعصية منه )‪25 .(4‬‬
‫‪ -‬شى‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي إسحاق قال‪ :‬هو قول الرجل‪ :‬لول ال وأنت‬
‫ما صرف عني كذا وكذا وأشباه ذلك )‪ - 26 .(5‬شى‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬شرك طاعة وليس بشرك عبادة‪ ،‬والمعاصي التي‬
‫يركبون مما أوجب ال عليها النار شرك طاعة أطاعوا الشيطان وأشركوا‬
‫بال في طاعته‪ ،‬ولم يكن بشرك عبادة فيعبدون مع ال غيره )‪- 27 .(6‬‬
‫شى‪ :‬عن مالك بن عطية‪ ،‬عن أبي عبد ال في قوله‪ " :‬وما يؤمن أكثرهم‬
‫بال إل وهم مشركون " قال‪ :‬هو قول الرجل لول فلن لهلكت‪ ،‬ولول‬

‫)‪ (1‬النوء بالفتح‪ :‬النجم إذا مال للغروب وأصل النوء سقوط نجم بالغد في المغرب‬
‫وطلوع نجم بحياله من ساعته في المشرق في كل ليلة إلى ثلثة عشر‬
‫يوما وهكذا كل نجم منها إلى انقضاء السنة ما خل الجبهة‪ ،‬فان لها أربعة‬
‫عشر يوما‪ .‬وانما يكون ذلك لنجوم الخذ وهي منازل القمر وهي ثمانية‬
‫وعشرون نجما‪ ،‬فلكل نجم رقيب‪ ،‬هذا هو الصل‪ ،‬ثم سموا كل نجم منها‬
‫باسم فعله‪ ،‬فقالوا‪ :‬استقينا بنوء كذا واستمطرنا به قال أبو عبيد‪ :‬ولم‬
‫نسمع في النوء أنه السقوط ال في هذه المواضع‪ ،‬وكانت العرب تضيف‬
‫المطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها‪ ،‬وقال الصمعي‪ :‬إلى‬
‫الطالع منها في سلطانه فيقولون مطرنا بنوء كذا‪ .‬راجع الصحاح ص‬
‫‪ ،79‬وسيأتي في ج ‪ 58‬من البحار من هذه الطبعة ص ‪ 346 - 312‬بحث‬
‫في ذلك‪ (6 - 2) .‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .199‬‬

‫]‪[100‬‬

‫فلن لصبت كذا وكذا‪ ،‬ولول فلن لضاع عيالي‪ ،‬أل ترى أنه قد جعل ل شريكا في‬
‫ملكه يرزقه ويدفع عنه ؟ قال‪ :‬فيقول‪ :‬لول أن ال من علي بفلن لهلكت‪،‬‬
‫قال‪ :‬نعم ل بأس بهذا )‪ - 28 .(1‬شى‪ :‬عن زرارة وحمران ومحمد بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم قالوا‪ :‬سألناهما فقال‪:‬‬
‫شرك النعم )‪ - 29 .(2‬شى‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫شرك طاعة ليس شرك عبادة في المعاصي التي يرتكبون‪ ،‬فهي شرك‬
‫طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بال في الطاعة غيره‪ ،‬وليس باشراك‬
‫عبادة أن يعبدوا غير ال )‪ - 30 .(3‬تفسير النعماني‪ :‬بالسناد التي في‬
‫كتاب فضل القرآن عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬وأما الكفر المذكور‬
‫في كتاب ال تعالى فخمسة وجوه منها كفر الجحود‪ ،‬ومنها كفر فقط‪،‬‬
‫والجحود ينقسم على وجهين‪ ،‬ومنها كفر الترك لما أمر ال تعالى به‪،‬‬
‫ومنها كفر البراءة‪ ،‬ومنها كفر النعم‪ .‬فأما كفر الجحود فأحد الوجهين منه‬
‫جحود الواحدانية‪ ،‬وهو قول من يقول‪ :‬ل رب ول جنة ول نار ول بعث ول‬
‫نشور وهؤلء صنف من الزنادقة وصنف من الدهرية الذين يقولون‪ " :‬ما‬
‫يهلكنا إل الدهر " وذلك رأي وضعوه لنفسهم استحسنوه بغير حجة فقال‬
‫ال تعالى‪ " :‬إن هم إل يظنون " )‪ (4‬وقال‪ " :‬إن الذين كفروا سواء‬
‫عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون( )‪ (5‬أي ل يؤمنون بتوحيد ال‪.‬‬
‫والوجه الخر من الجحود هو الجحود مع المعرفة بحقيقته قال تعالى‪" :‬‬
‫وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " )‪ (6‬وقال سبحانه‪" :‬‬
‫وكانوا من‬

‫)‪ (3 - 1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .200‬البقرة‪ (5) .78 :‬البقرة‪(6) .6 :‬‬
‫النمل‪[*] .14 :‬‬

‫]‪[101‬‬

‫قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة ال على‬
‫الكافرين " )‪ (1‬أي جحدوه بعد أن عرفوه‪ .‬وأما الوجه الثالث من الكفر‬
‫فهو كفر الترك لما أمر ال به وهو من المعاصي قال ال سبحانه‪ " :‬وإذ‬
‫أخذنا ميثاقكم ل تسفكون دمائكم ول تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم‬
‫وأنتم تشهدون إلى قوله‪ :‬أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " )‪(2‬‬
‫فكانوا كفارا لتركهم ما أمر ال تعالى به‪ ،‬فنسبهم إلى اليمان باقرارهم‬
‫بألسنتهم على الظاهر دون الباطن‪ ،‬فلم ينفعهم ذلك لقوله تعالى‪ " :‬فما‬
‫جزاء من يفعل ذلك منهم إل خزي في الحيوة الدنيا " إلى آخر الية‪ .‬وأما‬
‫الوجه الرابع من الكفر فهو ما حكاه تعالى عن قول إبراهيم عليه السلم‪:‬‬
‫" كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بال‬
‫وحده " )‪ (3‬فقوله‪ " :‬كفرنا بكم "‪ :‬أي تبرأنا منكم‪ ،‬وقال سبحانه في‬
‫قصة إبليس وتبريه من أوليائه من النس إلى يوم القيامة‪ " :‬إني كفرت‬
‫بما أشركتمون من قبل " )‪ (4‬أي تبرأت منكم وقوله تعالى‪ " :‬إنما اتخذتم‬
‫من دون ال أوثانا مودة بينكم في الحيوة الدنيا " إلى قوله‪ " :‬ويوم‬
‫القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " )‪ (5‬الية‪ .‬وأما الوجه‬
‫الخامس من الكفر وهو كفر النعم قال ال تعالى عن قول سليمان عليه‬
‫السلم‪) :‬هذا من فضل ربي ليبلوني أءشكر أم أكفر( )‪ (6‬الية وقوله‬
‫عزوجل‪ " :‬لئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد( )‪ (7‬وقال‬
‫تعالى‪ " :‬فاذكروني أذكركم واشكروا لي ول تكفرون " )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .89 :‬البقرة‪ (3) .84 - 85 :‬الممتحنة‪ (4) .4 :‬ابراهيم‪(5) .22 :‬‬
‫العنكبوت‪ (6) .25 :‬النمل‪ (7) .40 :‬ابراهيم‪ (8) .7 :‬البقرة‪[*] .152 :‬‬

‫]‪[102‬‬
‫فأما ما جاء من ذكر الشرك في كتاب ال تعالى فمن أربعة أوجه قوله تعالى‪ " :‬لقد‬
‫كفر الذين قالوا إن ال هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل‬
‫اعبدوا ال ربي وربكم إنه من يشرك بال فقد حرم ال عليه الجنة ومأويه‬
‫النار وما للظالمين من أنصار " )‪ (1‬فهذا شرك القول والوصف‪ .‬وأما‬
‫الوجه الثاني من الشرك فهو شرك العمال قال ال تعالى‪ " :‬وما يؤمن‬
‫أكثرهم بال إل وهم مشركون " )‪ (2‬وقوله سبحانه‪ " :‬اتخذوا أحبارهم‬
‫ورهبانهم أربابا من دون ال " )‪ (3‬أل إنهم لم يصوموا لهم ولم يصلوا‬
‫ولكنهم أمروهم ونهوهم فأطاعوهم‪ ،‬وقد حرموا عليهم حلل وأحلوا لهم‬
‫حراما فعبدوهم من حيث ل يعلمون‪ ،‬فهذا شرك العمال والطاعات‪ .‬وأما‬
‫الوجه الثالث من الشرك فهو شرك الزنا قال ال تعالى‪ " :‬وشاركهم في‬
‫الموال والولد " )‪ (4‬فمن أطاع ناطقا فقد عبده‪ ،‬فان كان الناطق ينطق‬
‫عن ال تعالى‪ ،‬فقد عبد ال‪ ،‬وإن كان ينطق عن غير ال تعالى فقد عبد‬
‫غير ال‪ .‬وأما الوجه الرابع من الشرك فهو شرك الريا قال ال تعالى‪" :‬‬
‫فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا "‬
‫)‪ (5‬فهؤلء صاموا وصلوا واستعملوا أنفسهم بأعمال أهل الخير إل أنهم‬
‫يريدون به رئاء الناس فأشركوا لما أتوه من الرياء‪ ،‬فهذه جملة وجوه‬
‫الشرك في كتاب ال تعالى‪ .‬وأما ما ذكر من الظلم في كتابه فوجوه شتى‬
‫فمنها ما حكاه ال تعالى عن قول لقمان لبنه‪ " :‬يا بني ل تشرك بال إن‬
‫الشرك لظلم عظيم " )‪ (6‬ومن الظلم مظالم الناس فيما بينهم من معاملت‬
‫الدنيا وهو شتى قال ال تعالى‪ " :‬ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت‬
‫والملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .72 :‬يوسف‪ (3) .106 :‬براءة‪ (4) .31 :‬أسرى‪(5) .64 :‬‬
‫الكهف‪ (6) .110 :‬لقمان‪[*] .13 :‬‬

‫]‪[103‬‬

‫عذاب الهون بما كنتم تقولون( )‪ (1‬الية‪ .‬فأما الرد على من أنكر زيادة الكفر فمن‬
‫ذلك قول ال عزوجل في كتابه‪ " :‬إنما النسئ زيادة في الكفر " )‪ (2‬وقوله‬
‫تعالى‪ " :‬وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا‬
‫وهم كافرون " )‪ (3‬وقوله‪ " :‬إن الذين آمنوا ثم كفروا ]ثم آمنوا ثم كفروا[‬
‫ثم ازدادوا كفرا " )‪ (4‬الية وغير ذلك في كتاب ال‪ - 31 .‬مشكوة النوار‪:‬‬
‫نقل من المحاسن عن أبي عبد ال عليه السلم قال في قول ال تبارك‬
‫وتعالى‪ " :‬وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون " )‪ (5‬قال‪ :‬يطيع‬
‫الشيطان من حيث يشرك‪ - 32 .‬كتاب المامة والتبصرة‪ :‬عن سهل بن‬
‫أحمد‪ ،‬عن محمد بن محمد بن الشعث‪ ،‬عن موسى بن إسماعيل بن موسى‬
‫بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬الريب كفر‪.‬‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .93 :‬براءة‪ (3) .37 :‬براءة‪ (4) .125 :‬النساء‪(5) .137 :‬‬
‫يوسف‪[*] .106 :‬‬

‫]‪[104‬‬

‫)‪) * (99‬باب( * * " )اصول الكفر وأركانه( " * ‪ - 1‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن إسحاق‪ ،‬عن بكر بن محمد‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬اصول الكفر ثلثة‪ :‬الحرص والستكبار والحسد فأما الحرص‬
‫فان آدم عليه السلم حين نهي عن الشجرة حمله الحرص على أن أكل‬
‫منها وأما الستكبار فابليس حين امر بالسجود لدم استكبر‪ ،‬وأما الحسد‬
‫فابنا آدم حيث قتل أحدهما صاحبه )‪ .(1‬بيان‪ :‬كأن المراد باصول الكفر ما‬
‫يصير سببا للكفر أحيانا ل دائما وللكفر أيضا معان كثيرة منها ما يتحقق‬
‫بانكار الرب سبحانه واللحاد في صفاته ومنها ما يتضمن إنكار أنبيائه‬
‫وحججه‪ ،‬أو ما أتوا به من امور المعاد وأمثالها ومنها ما يتحقق بمعصية‬
‫ال ورسوله‪ ،‬ومنها ما يكون بكفران نعم ال تعالى إلى أن ينتهي إلى ترك‬
‫الولى‪ .‬فالحرص يمكن أن يصير داعيا إلى ترك الولى أو ارتكاب صغيرة‬
‫أو كبيرة حتى ينتهي إلى جحود يوجب الشرك والخلود‪ ،‬فما في آدم عليه‬
‫السلم كان من الول ثم تكامل في أولده حتى انتهى إلى الخير‪ ،‬فصح أنه‬
‫أصل الكفر وكذا ساير الصفات‪ .‬وقيل‪ :‬قد كان إباء إبليس من السجود عن‬
‫حسد واستكبار‪ ،‬وإنما خص الستكبار بالذكر لنه تمسك به حيث قال‪" :‬‬
‫أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " )‪ (2‬أو لن الستكبار أقبح‬
‫من الحسد انتهى‪ .‬وقوله‪ " :‬فأما الحرص " فهو مبتدأ وقوله‪ " :‬فان "‬
‫إلى قوله " أكل منها "‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .289‬العراف‪ ،12 :‬ص ‪[*] .76‬‬

‫]‪[105‬‬

‫خبر والعائد تكرار المبتدأ وضعا للظاهر موضع المضمر‪ ،‬مثل " الحاقة ما الحاقة "‬
‫وقوله‪ " :‬فابليس " بتقدير فمعصية إبليس‪ ،‬وكذا قوله‪ " :‬فابنا آدم "‬
‫بتقدير فمعصية ابني آدم أي معصية أحدهما كما قيل‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أركان الكفر أربعة‪ :‬الرغبة‬
‫والرهبة والسخط والغضب )‪ .(1‬بيان‪ :‬أركان الكفر قريب من اصوله‪ ،‬ولعل‬
‫المراد بالرغبة الرغبة في الدنيا والحرص عليها أو اتباع الشهوات‬
‫النفسانية‪ ،‬وبالرهبة الخوف من فوات الدنيا واعتباراتها بمتابعة الحق‪ ،‬أو‬
‫الخوف من القتل عند الجهاد‪ ،‬ومن الفقر عند أداء الزكاة‪ ،‬ومن لوم‬
‫اللئمين عند ارتكاب الطاعات‪ ،‬وإجراء الحكام‪ .‬وقيل‪ :‬الخوف من فوات‬
‫الدنيا والهم من زوالها‪ ،‬وهو يوجب صرف العمر في حفظها والمنع من‬
‫أداء حقوقها‪ ،‬وبالسخط عدم الرضا بقضاء ال وانقباض النفس في أحكامه‬
‫وعدم الرضا بقسمه‪ ،‬وبالغضب ثوران النفس نحو النتقام عند مشاهدة ما‬
‫ل يلئمها من المكاره واللم‪ - 3 .‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن خالد‪ ،‬عن نوح بن شعيب عن عبيدال الدهقان‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن أول ما عصي ال عزوجل به ست‪ :‬حب الدنيا‪ ،‬وحب الرياسة‪،‬‬
‫وحب الطعام‪ ،‬وحب النوم‪ ،‬وحب الراحة‪ ،‬وحب النساء )‪ .(2‬بيان‪ :‬حب‬
‫الدنيا أي مال الدنيا‪ ،‬والبقاء للذاتها وما لوفاتها ل للطاعة‪ ،‬وحب الرياسة‬
‫بالجور والظلم والباطل أو في نفسها ل لجراء أوامر ال وهداية عباده‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وحب الطعام لمحض اللذة ل لقوة‬
‫الطاعة‪ ،‬أو الفراط في حبه بحيث ل يبالي من حلل حصل أو من حرام‬
‫وكذا حب النوم أي الفراط فيه بحيث يصير مانعا عن الطاعات الواجبة أو‬
‫المندوبة‪ ،‬أو‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .289‬‬

‫]‪[106‬‬

‫في نفسه ل للتقوي على الطاعة‪ ،‬وكذا حب الستراحة على الوجهين‪ ،‬وكذا حب‬
‫النساء أي الفراط فيه بحيث ينتهي إلى ارتكاب الحرام أو ترك السنن‬
‫والشتغال عن ذكر ال بسبب كثرة معاشرتهن أو ما يوجب اطاعتهن في‬
‫الباطل وإل فقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬اخترت من دنياكم‬
‫الطيب والنساء‪ - 4 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن محمد‬
‫بن سنان‪ ،‬عن طلحة بن زيد عن أبي عبد ال عليه السلم أن رجل من‬
‫خثعم )‪ (1‬جاء إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬أي العمال أبغض إلى‬
‫ال عزوجل ؟ فقال‪ :‬الشرك بال‪ ،‬قال‪ :‬ثم ماذا ؟ قال‪ :‬قطيعة الرحم قال‪ :‬ثم‬
‫ماذا ؟ قال‪ :‬المر بالمنكر والنهي عن المعروف )‪ .(2‬بيان‪ :‬المنكر ما حرمه‬
‫ال أو ما علم بالشرع أو العقل قبحه‪ ،‬ويحتمل شموله للمكروه أيضا‪ .‬وقال‬
‫الشهيد الثاني قدس سره‪ :‬المنكر المعصية قول أو فعل‪ ،‬وقال أيضا‪ :‬هو‬
‫الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه أو دل عليه‪ ،‬والمعروف ما عرف‬
‫حسنه عقل أو شرعا‪ ،‬وقال الشهيد الثاني رحمه ال‪ :‬هو الطاعة قول أو‬
‫فعل وقال رحمه ال‪ :‬يمكن بتكلف دخول المندوب في المعروف‪ - 5 .‬كا‪:‬‬
‫علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حسن بن عطية عن‬
‫يزيد الصائغ قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬رجل على هذا المر إن‬
‫حدث كذب‪ ،‬وإن وعد أخلف‪ ،‬وإن ائتمن خان‪ ،‬ما منزلته ؟ قال‪ :‬هي أدنى‬
‫المنازل من الكفر وليس بكافر )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬خثعم بن أنمار‪ :‬قبيلة من القحطانية تنتسب إلى خثعم بن أنمار بن أراش بن‬
‫عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلن‪ ،‬وقال الجوهري في‬
‫الصحاح ج ‪ 5‬ص ‪ 1909‬خثعم أبو قبيلة وهو خثعم بن أنمار ويقال لهم‪:‬‬
‫من معد‪ ،‬وصاروا باليمن وقال النووي في تهذيب السماء واللغات ص‬
‫‪ ،289‬قيل‪ :‬خثعم جبل سميت به لنزولها اياه وتعاقدها عليه‪ ،‬وقيل غير‬
‫ذلك‪ .‬راجع معجم قبائل العرب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .331‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪289‬‬
‫و ‪ (3) .290‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .290‬‬

‫]‪[107‬‬

‫بيان‪ " :‬على هذا المر " صفة رجل‪ ،‬وجملة " إن حدث " خبر " أدنى المنازل "‬
‫أي أقربها من الكفر أي الذي يوجب الخلود في النار " وليس بكافر " بهذا‬
‫المعنى وان كان كافرا ببعض المعاني‪ ،‬ويشعر بكون خلف الوعد معصية‬
‫بل كبيرة‪ ،‬والمشهور استحباب الوفاء به‪ - 6 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من علمة الشقا جمود العين‪ ،‬وقسوة‬
‫القلب‪ ،‬وشدة الحرص في طلب الدنيا‪ ،‬والصرار على الذنب )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫الشقا والشقوة والشقاوة سوء العاقبة بالعقاب في الخرة ضد السعادة‬
‫وهي حسن العاقبة باستحقاق دخول الجنة‪ ،‬وجمود العين كناية عن بخلها‬
‫بالدموع وهو من توابع قسوة القلب‪ ،‬وهي غلظته وشدته وعدم تأثره من‬
‫الوعيد بالعقاب والمواعظ‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬فويل للقاسية قلوبهم من ذكر‬
‫ال " )‪ (2‬وكون تلك المور من علمة الشقا ظاهر‪ .‬وفيه تحريص على‬
‫ترك تلك الخصال‪ ،‬وطلب أضدادها بكثرة ذكر ال‪ ،‬وذكر عقوباته على‬
‫المعاصي‪ ،‬والتفكر في فناء الدنيا وعدم بقاء لذاتها‪ ،‬وفي عظمة المور‬
‫الخروية ومثوباتها وعقوباتها وأمثال ذلك‪ - 7 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن علي بن أسباط‪ ،‬عن داود بن النعمان عن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬خطب رسول ال صلى ال عليه وآله الناس فقال‪:‬‬
‫أل أخبركم بشراركم ؟ قالوا‪ :‬بلى يارسول ال‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫الذي يمنع رفده‪ ،‬ويضرب عبده‪ ،‬ويتزود وحده‪ ،‬فظنوا أن ال لم يخلق خلقا‬
‫هو شر من هذا ثم قال‪ :‬أل أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟ قالوا‪ :‬بلى‬
‫يارسول ال قال‪ :‬الذي ل يرجى خيره ول يؤمن شره‪ .‬فظنوا أن ال لم‬
‫يخلق خلقا هو شر من هذا ثم قال‪ :‬أل أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟ قالوا‪:‬‬
‫بلى يارسول ال قال‪ :‬المتفحش اللعان الذي إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم‬
‫وإذا ذكروه‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .290‬الزمر‪[*] .22 :‬‬

‫]‪[108‬‬

‫لعنوه )‪ .(1‬بيان‪) :‬الذي يمنع رفده( الرفد بالكسر العطاء والصلة وهو اسم من رفده‬
‫رفدا من باب ضرب‪ :‬أعطاه وأعانه‪ ،‬والظاهر أنه أعم من منع الحقوق‬
‫الواجبة والمستحبة )ويضرب عبده( أي دائما أو في أكثر الوقات أو من‬
‫غير ذنب أو زائدا على القدر المقرر أو مطلقا‪ ،‬فان العفو من أحسن‬
‫الخصال " ويتزود وحده " أي يأكل زاده وحده‪ ،‬من غير رفيق مع‬
‫المكان‪ ،‬أو أنه ل يعطي من زاده غيره شيئا من عياله وغيرهم‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‬
‫ل يأخذ نصيب غيره عند أخذ العطا وهو بعيد‪ .‬ثم اعلم أنه ل يلزم حمل هذه‬
‫الخصال على المور المحرمة‪ ،‬فانه يمكن أن يكون الغرض عد مساوي‬
‫الخلق ل المعاصي‪ .‬والتفحش المبالغة في الفحش وسوء القول‪ ،‬واللعان‬
‫المبالغة في اللعن وهو من ال الطرد والبعاد من الرحمة‪ ،‬ومن الخلق‬
‫السب والدعاء على الغير وقريب منه ما في النهاية‪ - 8 .‬كا‪ :‬عدة من‬
‫أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن بعض أصحابنا‪ ،‬عن عبد ال ابن سنان‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫ثلث من كن فيه كان منافقا وان صام وصلى وزعم أنه مسلم‪ ،‬من إذا‬
‫ائتمن خان‪ ،‬وإذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬إن ال عزوجل قال في‬
‫كتابه‪ " :‬ان ال ل يحب الخائنين " )‪ (2‬وقال‪ " :‬أن لعنة ال عليه إن كان‬
‫من الكاذبين " )‪ (3‬وفي قوله عزوجل‪ " :‬واذكر في الكتاب إسمعيل إنه‬
‫كان صادق الوعد وكان رسول نبيا " )‪ .(4‬بيان‪ :‬اعلم أنه كما يطلق‬
‫المؤمن والمسلم على معان كما عرفت‪ ،‬فكذلك‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .290‬النفال‪ (3) .58 :‬النور‪ (4) .7 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ ،290‬والية في مريم‪[*] .54 :‬‬

‫]‪[109‬‬
‫يطلق المنافق على معان منها أن يظهر السلم ويبطن الكفر‪ ،‬وهو المعنى‬
‫المشهور ومنها الرياء‪ ،‬ومنها أن يظهر الحب ويكون في الباطن عدوا‪ ،‬أو‬
‫يظهر الصلح ويكون في الباطن فاسقا‪ ،‬وقد يطلق على من يدعي اليمان‬
‫ولم يعمل بمقتضاه ولم يتصف بالصفات التي ينبغي أن يكون المؤمن عليها‬
‫فكان باطنه مخالفا لظاهره وكأنه المراد هنا وسيأتي معاني النفاق في بابه‬
‫إنشاء ال تعالى والمراد بالمسلم هنا المؤمن الكامل المسلم لوامر ال‬
‫ونواهيه‪ ،‬ولذا عبر بلفظ الزعم المشعر بأنه غير صادق في دعوى السلم‪.‬‬
‫" من إذا ائتمن " أي على مال أو عرض أو سر " خان " صاحبه وقيل‪:‬‬
‫المراد به من أصر على الخيانة كما يدل عليه قوله تعالى‪ " :‬ان ال ل‬
‫يحب الخائنين " حيث لم يقل إن ال ل يحب الخيانة ويدل على أنه كبيرة ل‬
‫يقبل معها عمل‪ ،‬وال كان محبوبا في الجملة‪ .‬وأما الستدلل بآية اللعان‬
‫فلنه علق اللعنة بمطلق الكذب وان كان مورده الكذب في القذف‪ ،‬ولو لم‬
‫يكن مستحقا للعن لم يأمره ال بهذا القول وأما قوله عليه السلم‪ " :‬وفي‬
‫قوله عزوجل " فلعله عليه السلم إنما غير السلوب لعدم صراحة الية‬
‫في ذمه‪ ،‬بل إنما يدل على مدح ضده وبتوسطه يشعر بقبحه‪ ،‬وإنما لم يذكر‬
‫عليه السلم الية التي هي أدل على ذلك حيث قال‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا لم‬
‫تقولون ما ل تفعلون * كبر مقتا عند ال أن تقولوا مال تفعلون " )‪(1‬‬
‫وسيأتي الستدلل به في خبر آخر‪ ،‬إما لظهوره واشتهاره أو لحتمال‬
‫معنى آخر كما سيأتي وقيل‪ :‬كلمة " في " في " في قوله " بمعنى " مع‬
‫" أي قال في سورة الصف ما هو مشهور في ذلك مع قوله في سورة‬
‫مريم‪ " :‬واذكر " لدللته على مدح ضده‪ - 9 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أل اخبركم بأبعدكم مني‬
‫شبها ؟‬

‫)‪ (1‬الصف‪ 2 :‬و ‪[*] .3‬‬

‫]‪[110‬‬

‫قالوا‪ :‬بلى يارسول ال قال‪ :‬الفاحش المتفحش البذي البخيل المختال الحقود‬
‫الحسود القاسي القلب البعيد من كل خير يرجى غير المأمون من كل شر‬
‫يتقى )‪ .(1‬بيان‪ :‬الفحش القول السيئ والكلم الردي وكل شئ جاوز الحد‬
‫فهو فاحش ومنه غبن فاحش والتفحش كذلك مع زيادة تكلف وتصنع‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬المراد بالمتفحش الذي يقبل الفحش من غيره‪ ،‬فالفاحش المتفحش‬
‫الذي ل يبالي ما قال ول ما قيل له‪ ،‬والول أظهر وبعد من كان كذلك من‬
‫مشابهة الرسول صلى ال عليه وآله ظاهر لنه صلى ال عليه وآله كان‬
‫في غاية الحياء‪ ،‬وكان يحترز عن الفحش في القول حتى أنه كان يعبر عن‬
‫الوقاع والبول والتغوط بالكنايات‪ ،‬بل بأبعدها‪ ،‬تأسيا بالرب سبحانه في‬
‫القرآن‪ .‬قال في النهاية فيه إن ال يبغض الفاحش المتفحش‪ :‬الفاحش ذو‬
‫الفحش في كلمه وفعاله والمتفحش الذي يتكلف ذلك ويتعمده‪ ،‬وقد تكرر‬
‫ذكر الفاحش والفاحشة والفواحش في الحديث وهو كل ما يشتد قبحه من‬
‫الذنوب والمعاصي وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا وكل خصلة قبيحة‬
‫فهي فاحشة من القوال والفعال وقال‪ :‬البذاء بالمد الفحش في القول‪.‬‬
‫وفلن بذي اللسان‪ .‬وفي المصباح بذا على القوم يبذ وبذاء بالفتح والمد‬
‫سفه وأفحش في منطقه وإن كان كلمه صدقا فهو بذي على فعيل‪ ،‬وفي‬
‫النهاية فيه من جر ثوبه خيلء لم ينظر ال إليه‪ :‬الخيلء بالضم والكسر‬
‫الكبر والعجب‪ ،‬يقال اختال فهو مختال‪ ،‬وفيه خيلء ومخيلة‪ ،‬أي كبر وتقييد‬
‫الخبر والشر بكونه مرجوا أو يتقى منه إما للتوضيح أو للحتراز والول‬
‫كأنه أظهر‪ - 10 .‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن معلى بن محمد‪ ،‬عن منصور‬
‫بن العباس‪ ،‬عن علي بن أسباط رفعه إلى سلمان قال‪ :‬إذا أراد ال عزوجل‬
‫هلك عبد نزع منه الحياء‪ ،‬فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إل خائنا مخونا‪،‬‬
‫فان كان خائنا مخونا نزع منه المانة‪ ،‬فإذا نزعت منه المانة لم تلقه إل‬
‫فظا غليظا‪ ،‬فإذا كان فظا غليظا‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .291‬‬

‫]‪[111‬‬

‫نزعت منه ربقة اليمان‪ ،‬فإذا نزعت منه ربقة اليمان‪ ،‬لم تلقه إل شيطانا ملعونا )‬
‫‪ .(1‬بيان‪ " :‬إذا أراد ال هلك عبد " لعله كناية عن علمه سبحانه بسوء‬
‫سريرته وعدم استحقاقه اللطف " نزع منه الحياء " أي سلب التوفيق منه‬
‫حتى يخلع لباس الحياء وهو خلق يمنع من القبايح والتقصير في حقوق‬
‫الخلق والخالق‪ " ،‬فإذا نزع منه الحياء " المانع من ارتكاب القبايح " لم‬
‫تلقه إل خائنا مخونا " وقد مر معنى الخائن وذمه‪ .‬وأما المخون فيحتمل‬
‫أن يكون بفتح الميم وضم الخاء أي يخونه الناس فذمه باعتبار أنه السبب‬
‫فيه‪ ،‬أو المراد أنه يخون نفسه أيضا ويجعله مستحقا للعقاب فهو خائن‬
‫لغيره ولنفسه‪ ،‬وبهذا العتبار مخون‪ ،‬ففي كل خيانة خيانتان أو يكون بضم‬
‫الميم وفتح الخاء وفتح الواو المشددة منسوبا إلى الخيانة مشهورا به‪ ،‬أو‬
‫بكسر الواو المشددة أي ينسب الناس إلى الخيانة مع كونه خائنا‪ .‬في‬
‫القاموس‪ :‬الخون أن يؤتمن النسان فل ينصح‪ ،‬خانه خونا وخيانة واختانه‬
‫فهو خائن وقد خانه العهد والمانة وخونه تخوينا نسبه إلى الخيانة‬
‫ونقضه " نزعت منه المانة " لنها ضد الخيانة‪ .‬فان قيل‪ :‬كان هذا‬
‫معلوما ل يحتاج إلى البيان‪ ،‬قلت‪ :‬يحتمل أن يكون المراد أنه إذا لم يبال من‬
‫الخيانة يصير بالخرة إلى أنه يسلب منه المانة بالكلية أو المعنى أنه‬
‫يصير بحيث ل يأتمنه الناس على شئ‪ " .‬لم تلقه إل فظا غليظا " في‬
‫القاموس الفظ الغليظ السيئ الخلق القاسي الخشن الكلم انتهى‪ .‬والغلظة‬
‫ضد الرقة‪ ،‬والمراد هنا قساوة القلب وغلظته‪ ،‬كما قال تعالى‪ " :‬ولو كنت‬
‫فظا غليظ القلب " )‪ (2‬وتفرع هذا على نزع المانة ظاهر لن الخائن ل‬
‫سيما من يعلمه الناس كذلك لبد من أن يعارض الناس ويجادلهم فيصير‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .291‬آل عمران‪[*] .159 :‬‬

‫]‪[112‬‬

‫سيئ الخلق الخشن ول يرحم الناس لذهابه بحقهم فيقسو قلبه وأيضا إصراره على‬
‫ذلك دليل على عدم تأثير المواعظ في قلبه‪ ،‬فإذا كان كذلك نزع منه ربقة‬
‫اليمان لسلب أكثر لوازمه وصفاته عنه كما مر في صفات المؤمن‪،‬‬
‫والمراد كمال اليمان أو أحد المعاني التي مضت منه‪ ،‬ول أقل أنه ينزع منه‬
‫الحياء‪ ،‬وهو رأس اليمان " لم تلقه إل شيطانا " أي شبيها به في‬
‫الصفات أو بعيدا من ال وهدايته وتوفيقه " ملعونا " يلعنه ال والملئكة‬
‫والناس أو بعيدا من رحمة ال تعالى‪ - 11 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن إبراهيم بن زياد الكرخي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ثلث ملعونات‪ :‬ملعون من‬
‫فعلهن‪ :‬المتغوط في ظل النزال‪ ،‬والمانع الماء المنتاب‪ ،‬والساد الطريق‬
‫المقربة )‪ .(1‬بيان‪ " :‬ثلث " مبتدأ وقد يجوز كون المبتدأ نكرة محضة‬
‫لسيما في العدد " وملعون من فعلهن " استيناف بياني والمعنى أن اللعن‬
‫ل يتعلق بالعمل حقيقة بل بفاعله وقرء بعض الفاضل باضافة ثلث إلى‬
‫ملعونات‪ ،‬فالجملة خبر‪ ،‬وقوله " المتغوط " خبر مبتدأ محذوف بتقدير‬
‫مضاف أيضا والتقدير‪ :‬هن صفة المتغوط والضمير لثلث‪ ،‬ويمكن عدم‬
‫تقدير المضاف فالتقدير‪ :‬هو المتغوط‪ ،‬والضمير لمن فعلهن‪ .‬وفي المصباح‬
‫الغائط‪ :‬المطمئن الواسع من الرض ثم اطلق الغائط على الخارج المستقذر‬
‫من النسان كراهة لتسميته باسمه الخاص لنهم كانوا يقضون حوائجهم‬
‫في المواضع المطمئنة فهو من مجاز المجاورة ثم توسعوا فيه حتى اشتقوا‬
‫منه وقالوا تغوط النسان انتهى‪ .‬وكأن نسبة اللعن إلى الفعل مجاز في‬
‫السناد أو كناية عن قبحه ونهي الشارع عنه‪ .‬والمراد بظل النزال تحت‬
‫سقف أو شجرة ينزلها المسافرون‪ ،‬وقد يعم بحيث يشمل المواضع المعدة‬
‫لنزولهم وإن لم يكن فيه ظل لشتراك العلة أو بحمله على‬
‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،292‬وفيه " الطريق المعربة "‪[*] .‬‬

‫]‪[113‬‬

‫العم والتعبير بالظل لكونه غالبا كذلك‪ ،‬والظاهر اختصاص الحكم بالغائط لكونه‬
‫أشد ضررا وربما يعم ليشمل البول والمشهور بين الصحاب كراهة ذلك‬
‫وظاهر الخبر التحريم‪ ،‬إذ فاعل المكروه ل يستحق اللعن‪ ،‬وقد يقال‪ :‬اللعن‬
‫البعد من رحمة ال وهو يحصل بفعل المكروه أيضا في الجملة‪ .‬ول يبعد‬
‫القول بالحرمة إن لم يكن إجماع على خلفه للضرر العظيم فيه على‬
‫المسلمين‪ ،‬لسيما إذا كان وقفا فانه تصرف مناف لغرض الواقف ومصلحة‬
‫الوقف‪ ،‬ول يبعد القول بهذا التفصيل أيضا‪ ،‬ويمكن حمل الخبر على أن‬
‫الناس يلعنونه ويشتمونه‪ ،‬لكن يقل فائدة الخبر إل أن يقال‪ :‬الغرض بيان‬
‫علة النهي عن الفعل‪ .‬قال في النهاية‪ :‬فيه اتقوا الملعن الثلث هي جمع‬
‫ملعنة‪ ،‬وهي الفعلة التي يلعن بها فاعلها كأنها مظنة للعن ومحصل له‪،‬‬
‫وهو أن يتغوط النسان على قارعة الطريق أو ظل الشجرة أو جانب النهر‬
‫فإذا مر بها الناس لعنوا فاعلها ومنه الحديث اتقوا اللعنين أي المرين‬
‫الجالبين للعن الباعثين للناس عليه‪ ،‬فانه سبب للعن من فعله في هذه‬
‫المواضع‪ ،‬وليس كل ظل‪ ،‬وإنما هو الظل الذي يستظل به الناس ويتخذونه‬
‫مقيل ومناخا وأصل اللعن الطرد والبعاد من ال تعالى‪ ،‬ومن الخلق السب‬
‫والدعاء انتهى‪ " .‬والمانع الماء المنتاب " الماء مفعول أول للمانع إما‬
‫مجرور بالضافة من باب الضارب الرجل أو منصوب على المفعولية‪،‬‬
‫والمنتاب اسم فاعل بمعنى صاحب النوبة‪ ،‬فهو مفعول ثان‪ ،‬وهو من‬
‫النتياب افتعال من النوبة ويحتمل أن يكون اسم مفعول صفة للماء من‬
‫انتاب فلن القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى‪ .‬والماء المنتاب هو الماء الذي‬
‫يرد عليه الناس متناوبة ومتبادلة لعدم اختصاصه بأحدهم كالماء المملوك‬
‫المشترك بين جماعة‪ ،‬فلعن المانع لحدهم في نوبته والماء المباح الذي‬
‫ليس ملكا لحدهم كالغدران والبار في البوادي فإذا ورد عليه الواردون‬
‫كانوا فيه سواء فيحرم لحدهم منع الغير من التصرف فيه‪ ،‬على قدر‬
‫الحاجة‪ ،‬لن في المنع‬

‫]‪[114‬‬

‫تعريض مسلم للتلف فلو منع حل قتاله قال الجوهري‪ :‬انتابه انتيابا أتاه مرة بعد‬
‫اخرى‪ ،‬وفي النهايه نابه ينوبه نوبا وانتابه إذا قصده مرة بعد أخرى‪ ،‬ومنه‬
‫حديث الدعا‪ :‬يا أرحم من انتابه المسترحمون‪ ،‬وفي حديث صلة الجمعة‬
‫كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم‪ " .‬والساد الطريق المعربة "‬
‫بالعين المهملة على بناء المفعول أي الواضحة التي ظهر فيها أثر‬
‫الستطراق‪ ،‬في النهاية‪ :‬العراب البانة والفصاح‪ ،‬وفي أكثر النسخ‬
‫المقربة بالقاف‪ ،‬فيمكن أن يكون بكسر الراء المشددة أي الطريق المقربة‬
‫إلى المطلوب‪ :‬بأن يكون هناك طريق آخر أبعد منه‪ ،‬فان لم يكن طريق آخر‬
‫فبطريق أولى‪ .‬وهذه النسخة موافقة لروايات العامة لكنهم فسروه على‬
‫وجه آخر قال في النهاية‪ :‬فيه من غير المطربة والمقربة فعليه لعنة ال‬
‫المطربة واحدة المطارب وهي طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫هي الطرق الضيقة المتفرقة يقال‪ :‬طربت عن الطريق أي عدلت عنه‪،‬‬
‫والمقربة طريق صغير ينفذ إلى طريق كبير وجمعها المقارب وقيل‪ :‬هو من‬
‫القرب وهو السير ]بالليل وقيل‪ :‬السير[ إلى الماء‪ ،‬ومنه الحديث ثلث‬
‫لعينات‪ :‬رجل عور طريق المقربة‪ ،‬وقال في القاموس‪ :‬المقرب والمقربة‬
‫الطريق المختصر وقال‪ :‬القرب بالتحريك سير الليل لورد الغد‪ ،‬والبئر‬
‫القريبة الماء وطلب الماء ليل وفي الفائق‪ :‬المقربة المنزل أصلها من‬
‫القرب وهو السير إلى الماء‪ - 12 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن إبراهيم الكرخي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ثلث ملعونات من فعلهن‪:‬‬
‫المتغوط في ظل النزال‪ ،‬والمانع للماء المنتاب‪ ،‬والساد الطريق المسلوك )‬
‫‪ .(1‬بيان‪ :‬تذكير ضمير الطريق هنا وتأنيثه في ما تقدم باعتبار أن الطريق‬
‫يذكر ويؤنث‪ - 13 .‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬وعلي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .292‬‬

‫]‪[115‬‬

‫جميعا‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب‪ ،‬عن أبي حمزة‪ ،‬عن جابر بن عبد ال قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أل اخبركم بشرار رجالكم ؟ قلنا‪ :‬بلى يا‬
‫رسول ال قال‪ :‬إن من شرار رجالكم البهات الجرئ الفحاش‪ ،‬الكل وحده‪،‬‬
‫والمانع رفده‪ ،‬والضارب عبده‪ ،‬والملجئ عياله إلى غيره )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫البهات مبالغة من البهتان‪ ،‬وهو أن يقول في الناس ما ليس فيهم قال‬
‫الجوهري‪ :‬بهته بهتا أخذه بغتة‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬بل تأتيهم بغتة فتبهتهم‬
‫" )‪ .(2‬وتقول أيضا‪ :‬بهته بهتا وبهتا وبهتانا فهو بهات أي قال عليه ما لم‬
‫يفعله فهو مبهوت انتهى )‪ (3‬والجري بالياء المشددة وبالهمزة أيضا على‬
‫فعيل‪ ،‬وهو المقدام على القبيح من غير توقف والسم الجرأة والفحاش ذوا‬
‫الفحش وهو كلما يشتد قبحه من القوال والفعال وكثيرا ما يراد به الزنا‪،‬‬
‫وقد مر الكلم فيه‪ " .‬الكل وحده " أقول‪ :‬لعل النكتة في ايراد العاطف في‬
‫الخيرات وتركها في الول الشعار بأن البهت والجرأة والفحش صارت‬
‫لزمة له كالذاتيات‪ ،‬فصرن كالذات التي اجريت عليها الصفات فناسب إيراد‬
‫العاطف بين الصفات لتغايرها ويحتمل أن تكون العلة الفصل بالمعمول أي‬
‫وحده ورفده وعبده بين الفقرات الخيرة وعدمها في الول فتأمل‪" ،‬‬
‫والمانع رفده " قد مر الكلم فيه وعدم حرمة هذه الخصلة ل ينافي كون‬
‫المتصف بجميع تلك الصفات من شرار الناس‪ ،‬فانه الظاهر من الخبر‪ ،‬ل‬
‫كون المتصف بكل منها من شرار الناس‪ ،‬وقيل‪ :‬يفهم منه ومما سبقه أن‬
‫ترك المندوبات وما هو خلف المروة شر‪ ،‬فالمراد بشرار الرجال فاقد‬
‫الكمال سواء كان فقده موجبا للعقوبة أم ل انتهى " والملجئ عياله إلى‬
‫غيره " أي ل ينفق عليهم ول يقوم بحوائجهم‪ - 14 .‬كا‪ :‬علي بن إيراهيم‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن ميسر‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .292‬النبياء‪ (3) .40 :‬الصحاح ج ‪ 20‬ص ‪[*] .244‬‬

‫]‪[116‬‬

‫أبيه‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬خمسة‬
‫لعنتهم ‪ -‬وكل نبي مجاب ‪ -‬الزائد في كتاب ال‪ ،‬والتارك لسنتي‪ ،‬والمكذب‬
‫بقدر ال‪ ،‬والمستحل من عترتي ما حرم ال‪ ،‬والمستأثر بالفئ المستحل له‬
‫)‪ .(1‬بيان‪) :‬كل نبي مجاب( أقول‪ :‬يحتمل أن يكون عطفا على فاعل لعنتهم‬
‫وترك التأكيد بالمنفصل للفصل بالضمير المنصوب‪ ،‬مع أنه قد جوزه‬
‫الكوفيون مطلقا وقيل‪) :‬كل( منصوب على أنه مفعول معه‪ ،‬فقوله‪ :‬مجاب‬
‫صفة للنبي أي لعنهم كل نبي أجابه قومه أو لبد من أن يجيبه قومه‪ ،‬أو‬
‫أجاب ال دعوته فالصفة موضحة‪ ،‬ويحتمل أن يكون )كل( مبتدأ )ومجاب(‬
‫خبرا والجملة حالية أي والحال أن كل نبي مستجاب الدعوة‪ ،‬فلعني يؤثر‬
‫فيهم ل محالة ويحتمل العطف أيضا‪ .‬ويؤيد الول ما في مجالس الصدوق‬
‫وغيره من الكتب ولعنهم كل نبي‪ " .‬والتارك لسنتي " أي مغير طريقته‬
‫والمبتدع في دينه " والمكذب بقدر ال " أي المفوضة الذين يقولون‪:‬‬
‫ليس ل في أعمال العباد مدخل أصل كالمعتزلة وقد مر تحقيقه "‬
‫والمستحل من عترتي ما حرم ال " المراد بعترته أهل بيته والئمة من‬
‫ذريته باستحلل قتلهم أو ضربهم أو شتمهم أو إهانتهم أو ترك مودتهم أو‬
‫غصب حقهم أو عدم القول بامامتهم أو ترك تعظيمهم‪ " .‬والمستأثر بالفئ‬
‫المستحل له " في النهاية‪ :‬الستيثار النفراد بالشئ وقال‪ :‬الفئ ما حصل‬
‫للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ول جهاد انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬الفئ‬
‫يطلق على الغنيمة والخمس والنفال وكل ذلك يتعلق بالمام كل أو بعضا‬
‫كما حقق في محله‪ - 15 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن عمر اليماني‪ ،‬عن عمر بن اذينة‪ ،‬عن أبان بن أبي عياش‪،‬‬
‫عن سليم بن قيس الهللي‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .293‬‬

‫]‪[117‬‬

‫عن أمير المؤمنين صلوات ال عليه قال‪ :‬بني الكفر )‪ (1‬على أربع دعائم‪ :‬الفسق‪،‬‬
‫والغلو‬

‫)‪ (1‬هذا الحديث جزء من خطبة خطبها علي عليه الصلة والسلم في داره أو في‬
‫القصر وأصحابه مجتمعون حوله‪ ،‬ثم أمر عليه السلم فكتب في كتاب‬
‫وقرئ على الناس‪ ،‬وقد يقال أن عبد ال بن الكواء سأله صلوات ال عليه‬
‫عن صفة السلم واليمان والكفر والنفاق فخطبها‪ ،‬والخطبة مروية‬
‫بطرق مختلفة رواها أرباب الجوامع الحديثية صدرها في بيان شرف‬
‫السلم واليمان وخصائصهما وبعده بيان دعائم اليمان والكفر والنفاق‬
‫وشرح شعب كل واحد منها‪ .‬فبعضهم رواها مفصل من أوله إلى آخره في‬
‫فصل واحد كما تراه في تحف العقول ص ‪) 163 - 158‬ط ‪ -‬اسلمية(‬
‫وهكذا رواها بأجمعها إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات على ما‬
‫أخرجه المؤلف العلمة في ج ‪ 68‬ص ‪ 385‬من طبعتنا هذه‪ ،‬كما مر‬
‫فصوله الخيرة عن خصال الصدوق ص ‪ 89‬من هذا المجلد‪ .‬وبعضهم‬
‫جزءها في فصول متعددة وروى في كل فصل ما يناسب عنوانه كما فعله‬
‫ثقة السلم الكليني في الكافي فروى صدرها في باب صفة السلم ج ‪2‬‬
‫ص ‪ ،49‬وبعده في باب صفة اليمان ص ‪) 50‬وقد نقلهما المؤلف العلمة‬
‫مشروحا في ج ‪ 68‬في باب واحد الباب ‪ 27‬باب دعائم اليمان والسلم(‪.‬‬
‫ثم ما بعده في باب دعائم الكفر وشعبه ج ‪ 2‬ص ‪ 391‬وآخره في باب‬
‫صفة النفاق والمنافق ص ‪ 393‬وقد جمع المؤلف العلمة بينهما في هذا‬
‫الباب كما تراه وقد أراد أن يشرح فقراتها نقل عن شرحه على الكافي‬
‫)مرآت العقول( فعاقه عن ذلك الجل ‪ -‬رضوان ال عليه ‪ .-‬قال في ج ‪68‬‬
‫ص ‪ :374‬أقول‪ :‬فرق الكليني قدس ال روحه الخبر على أربعة أبواب‬
‫فجمعنا ما أورده في بابي السلم واليمان هنا‪ ،‬وسنورد ما أورده في‬
‫بابي الكفر والنفاق في بابيهما مع شرح تتمة ما أورده السيد )يعني‬
‫الرضي في نهج البلغة( وصاحب التحف وغيرهما )كمجالس المفيد ص‬
‫‪ 170‬ومجالس الشيخ ج ‪ 1‬ص ‪ .(35‬ولكن كما ترى القارئ الكريم ما‬
‫يتعلق بباب الكفر والنفاق منقول في هذا الباب تماما من دون شرح فمن‬
‫أراد شرح ذلك فليراجع مرآت العقول ج ‪ 2‬ص ‪ 387 - 379‬ولما كان‬
‫الشرح طويل لم ننقله ههنا حذرا من التطويل‪ ،‬وانما ننقل منه ما ل بد‬
‫منه في فهم المراد وال المستعان‪[*] .‬‬

‫]‪[118‬‬

‫والشك والشبهة )‪ .(1‬والفسق على أربع شعب‪ :‬على الجفاء والعمى والغفلة‬
‫والعتو‪ ،‬فمن جفا احتقر الحق‪ ،‬ومقت الفقهاء وأصر على الحنث العظيم‪،‬‬
‫ومن عمى نسي الذكر واتبع الظن وبارز خالقه‪ ،‬وألح عليه الشيطان‪،‬‬
‫وطلب المغفرة بل توبة ول استكانة ول غفلة )‪ .(2‬ومن غفل جنى على‬
‫نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا وغرته الماني وأخذته‬
‫الحسرة والندامة إذا قضي المر وانكشف عنه الغطاء‪ ،‬وبدا له ما لم يكن‬
‫يحتسب‪ ،‬ومن عتا عن أمر ال شك ومن شك تعالى ال عليه فأذله بسلطانه‬
‫وصغره بجلله كما اغتر بربه الكريم وفرط في أمره‪ .‬والغلو على أربع‬
‫شعب‪ :‬على التعمق بالرأي )‪ (3‬والتنازع فيه والزيغ والشقاق‪ ،‬فمن تعمق‬
‫لم ينب إلى الحق ولم يزدد إل غرقا في الغمرات‪ ،‬ولم‬

‫)‪ (1‬قال الراغب في المفردات ص ‪ :433‬الكفر ستر الشئ ووصف الليل بالكافر‬
‫لستره الشخاص‪ ،‬والزراع لستره البذر في الرض‪ ،‬وليس ذلك باسم‬
‫لهما وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها‪ ،‬قال تعالى‪ " :‬فل‬
‫كفران لسعيه " وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة‬
‫والكفران في جحود النعمة أكثر استعمال‪ ،‬والكفر في الدين أكثر‪ ،‬والكفور‬
‫فيهما جميعا‪ .‬وقال ابن ميثم في شرح النهج ‪ :583‬وأما الكفر‪ :‬فرسمه‬
‫أنه جحد الصانع أو انكار أحد رسله عليهم السلم أو ما علم مجيئهم به‬
‫بالضرورة‪ ،‬وله أصل‪ ،‬وهو ما ذكرناه وكمالت ومتممات هي الرذائل‬
‫الربع التي جعلها دعائم له‪ (2) .‬قوله‪ " :‬ول غفلة " أي غفلة عن‬
‫الذنوب وشبهة عرضت له فيها‪ ،‬ويحتمل أن يكون تصحيف‪ " :‬نقلة "‬
‫أي انتقال عن الذنوب وتركها‪ (3) .‬أي التعمق والغور في المور بالراء‬
‫والمقاييس الباطلة يقال تعمق في المر‪ :‬اي بالغ في النظر فيه‪ ،‬والمراد‬
‫به المبالغة المفضية إلى حد الفراط وبعد ظهور الحق كمن وصل في‬
‫البئر إلى الماء وقضى الوطر‪ ،‬ثم غاص في البئر فغرق ‪ -‬منه ره‪[*] .‬‬

‫]‪[119‬‬

‫تنحسر عنه فتنة إل غشيته اخرى وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج )‪ (1‬ومن‬
‫نازع في الرأي وخاصم شهر بالعثل )‪ (2‬من طول اللجاج‪ ،‬ومن زاغ قبحت‬
‫عنده الحسنة‪ ،‬وحسنت عنده السيئة‪ ،‬ومن شاق أعورت عليه طرقه‪،‬‬
‫واعترض عليه أمره‪ ،‬فضاق مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين‪ .‬والشك‬
‫على أربع شعب‪ :‬على المرية والهوى والتردد والستسلم‪ ،‬وهو قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬فبأي آلء ربك تتمارى " )‪ .(3‬وفي رواية أخرى‪ :‬على المرية‬
‫والهول من الحق والتردد والستسلم للجهل وأهله فمن هاله ما بين يديه‬
‫نكص على عقبيه‪ ،‬ومن امترى في الدين تردد في الريب وسبقه الولون‬
‫من المؤمنين‪ ،‬وأدركه الخرون‪ ،‬ووطئته سنابك الشيطان )‪ (4‬ومن‬
‫استسلم لهلكة الدنيا والخرة‪ ،‬هلك فيما بينهما‪ ،‬ومن نجا من ذلك فمن‬
‫فضل اليقين‪ ،‬ولم يخلق ال خلقا أقل من اليقين‪ .‬والشبهة على أربع شعب‪:‬‬
‫إعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأول العوج )‪(5‬‬

‫)‪ (1‬أي أمر مختلط بالباطيل المختلفة أو بالحق والباطل‪ (2) .‬في بعض النسخ‬
‫بالعين المهملة والثاء المثلثة أي الحمق وقد يقرء بالتاء المثناة ومعناه‬
‫السراع إلى الباطل‪ ،‬وفي أكثر النسخ " بالفشل " وهو الضعف والجبن‪،‬‬
‫قيل‪ :‬وإنما شهر بالفشل لن خصمه المبطل ل ينقاد للحق‪ ،‬بل ل يزال‬
‫يجادل بالباطل ليدحض به الحق فيظهر ضعف هذا الحق فيشهر به‪ ،‬منه‬
‫ره‪ (3) .‬النجم‪ ،55 :‬والتمارى‪ :‬المجادلة لظهار قوة الجدل‪ ،‬وقد يكون‬
‫الممارى شاكا في نفسه أو يعتقد خلفه‪ ،‬ومعذلك يتمارى مع الخصم‬
‫ليغلب عليه‪ (4) .‬السنابك جمع سنبك كقنفذ‪ ،‬وهو طرف الحافر‪ ،‬كناية عن‬
‫استيلء الشيطان وجنوده عليه‪ ،‬منه ره‪ (5) .‬أي تأول المر المعوج‬
‫والباطل بما يظن أنه حق ومستقيم‪ ،‬وقيل يعني التأويل الغير المستقيم‪،‬‬
‫منه ره‪[*] .‬‬

‫]‪[120‬‬

‫ولبس الحق بالباطل‪ ،‬وذلك بأن الزينة تصدف عن البينة )‪ (1‬وأن تسويل النفس‬
‫تقحم على الشهوة وأن العوج يميل بصاحبه ميل عظيما وأن اللبس ظلمات‬
‫بعضها فوق بعض‪ ،‬فذلك الكفر ودعائمه وشعبه‪ .‬وقال‪ :‬والنفاق على أربع‬
‫دعائم‪ :‬على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع‪ .‬فالهوى على أربع شعب‪:‬‬
‫على البغي والعدوان والشهوة والطغيان‪ ،‬فمن بغى كثرت غوائله‪ ،‬ونخلي‬
‫منه نصر عليه‪ ،‬ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه‪ ،‬ولم يملك‬
‫نفسه عن الشهوات‪ ،‬ومن لم يعذل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات‪،‬‬
‫ومن طغى ظل على العمل بل حجة )‪ .(2‬والهوينا )‪ (3‬على أربع شعب‪:‬‬
‫على الغرة والمل والهيبة والمماطلة‪ ،‬وذلك لن الهيبة ترد عن الحق‪،‬‬
‫والمماطلة تفرط في العمل‪ ،‬حتى يقدم عليه الجل ولول المل علم النسان‬
‫حسب ما هو فيه ولو علم حسب ما هو فيه مات خفاتا )‪ (4‬من الهول‬
‫والوجل‪ ،‬والغرة تقصر بالمرء عن العمل‪ .‬والحفيظة على أربع شعب‪ :‬على‬
‫الكبر والفخر والحمية والعصبية‪ ،‬فمن استكبر أدبر عن الحق ومن فخر‬
‫فجر‪ ،‬ومن حمي أصر على الذنوب‪ ،‬ومن أخذته العصبية جار‪ ،‬فبئس المر‬
‫أمر بين إدبار وفجور‪ ،‬وإصرار وجور على الصراط‪ .‬والطمع على أربع‬
‫شعب‪ :‬الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر‪ ،‬فالفرح مكروه عند ال‪ ،‬والمرح‬
‫خيلء‪ ،‬واللجاجة بلء لمن اضطرته إلى حمل الثام‬

‫)‪ (1‬يعني أن زينة الباطل يمنع النظر ويصدفه عن الدليل الذي يبين الحق من‬
‫الباطل وهذا هو المراد بقوله " اعجاب بالزينة "‪ (2) .‬في بعض النسخ‬
‫" على عمد بل حجة " كما في المصدر المطبوع‪ (3) .‬الهوينا‪ :‬التؤدة‬
‫والرفق‪ ،‬وهي تصغير الهونى والهونى تأنيث الهون ويجوز أن تكون‬
‫الهونى فعلى اسما من الهينة أي السكينة والوقار‪ ،‬ولعل المراد هنا‬
‫السكينة والهوينا التي تراها على الفراعنة والجبارين‪ ،‬وهي المناسبة‬
‫للغرة والمل والهيبة والمماطلة‪ (4) .‬اي مات فجاءة‪[*] .‬‬

‫]‪[121‬‬

‫والتكاثر لهو ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير‪ ،‬فذلك النفاق‬
‫ودعائمه وشعبه‪ .‬وال قاهر فوق عباده‪ ،‬تعالى ذكره وجل وجهه وأحسن‬
‫كل شئ خلقه وانبسطت يداه‪ ،‬ووسعت كل شئ رحمته‪ ،‬فظهر أمره وأشرق‬
‫نوره‪ ،‬وفاضت بركته‪ ،‬واستضاءت حكمته‪ ،‬وهيمن كتابه‪ ،‬وفلجت حجته‪،‬‬
‫وخلص دينه‪ ،‬و استظهر سلطانه‪ ،‬وحقت كلمته‪ ،‬وأقسطت موازينه‪ ،‬وبلغت‬
‫رسله‪ ،‬فجعل السيئة ذنبا والذنب فتنة‪ ،‬والفتنة دنسا‪ ،‬وجعل الحسنى عتبى‪،‬‬
‫والعتبى توبة‪ ،‬والتوبة طهورا‪ .‬فمن تاب اهتدى‪ ،‬ومن افتتن غوى‪ ،‬ما لم‬
‫يتب إلى ال ويعترف بذنبه‪ ،‬ول يهلك على ال إل هالك‪ .‬ال ال فما أوسع‬
‫ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم‪ ،‬وما أنكل ما عنده من‬
‫النكال والجحيم والبطش الشديد‪ ،‬فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته ومن‬
‫دخل في معصيته ذاق وبال نقمته‪ ،‬وعما قليل ليصبحن نادمين‪ - 16 .‬ل )‬
‫‪ (1‬لى‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن معروف‪ ،‬عن بكر بن محمد‬
‫الزدي‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬اصول الكفر‬
‫ثلثة‪ :‬الحرص والستكبار والحسد‪ ،‬فأما الحرص فان آدم عليه السلم‬
‫حين نهي عن الشجرة حمله الحرص على أن أكل منها‪ ،‬وأما الستكبار‬
‫فابليس حين امر بالسجود لدم استكبر وأما الحسد فابنا آدم حين قتل‬
‫أحدهما صاحبه حسدا )‪ - 17 .(2‬لى‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪،‬‬
‫عن السكوني‪ ،‬عن الصادق عن آبائه عليهم السلم‪ ،‬عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬أركان الكفر أربعة‪ :‬الرغبة والرهبة والسخط والغضب )‬
‫‪ - 18 .(3‬ل‪ :‬في ما أوصى به النبي صلى ال عليه وآله عليا عليه السلم‪:‬‬
‫يا علي كفر بال العظيم‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .45‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .251‬المصدر نفسه‪،‬‬


‫وألفاظ هذه الحاديث هي التي مرت عن الكافي مشروحا فراجع‪[*] .‬‬

‫]‪[122‬‬

‫من هذه المة عشرة‪ :‬القتات‪ ،‬والساحر‪ ،‬والديوث‪ ،‬وناكح المرأة حراما في دبرها‬
‫وناكح البهيمة‪ ،‬ومن نكح ذات محرم منه‪ ،‬والساعي في الفتنة‪ ،‬وبايع‬
‫السلح من أهل الحرب‪ ،‬ومانع الزكاة‪ ،‬ومن وجد سعة فمات ولم يحج )‪.(1‬‬
‫‪ - 19‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن‬
‫فضال معا‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن الحسن بن يزيد‪ ،‬عن محمد بن سالم‪ ،‬عن‬
‫ابن طريف‪ ،‬عن ابن نباته قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الكفر على‬
‫أربع دعائم‪ :‬على الفسق والعتو )‪ (2‬والشك والشبهة‪ .‬والفسق على أربع‬
‫شعب‪ :‬على الجفاء والعمى والغفلة والعتو‪ ،‬فمن جفا حقر الحق ومقت‬
‫الفقهاء وأصر على الحنث العظيم‪ ،‬ومن عمي نسي الذكر واتبع الظن وألح‬
‫عليه الشيطان‪ ،‬ومن غفل غرته الماني وأخذته الحسرة إذا انكشف الغطاء‬
‫وبدا له من ال ما لم يكن يحتسب‪ ،‬ومن عتا عن أمر ال تعالى ال عليه ثم‬
‫أذله بسلطانه وصغره بجلله كما فرط في جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم‪.‬‬
‫والعتو )‪ (3‬على أربع شعب‪ :‬على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق‪ ،‬فمن‬
‫تعمق لم ينب إلى الحق‪ ،‬ولم يزدد إل غرقا في الغمرات‪ ،‬فلم تحتبس منه‬
‫فتنة إل غشيته اخرى وانخرق دينه فهو يهيم في أمر مريج‪ ،‬ومن نازع‬
‫وخاصم قطع بينهم الفشل‪ ،‬وذاقوا وبال أمرهم وسائت عنده الحسنة‪،‬‬
‫وحسنت عنده السيئة‪ ،‬ومن سائت عليه الحسنة اعتورت عليه طرقه‪،‬‬
‫واعترض عليه أمره‪ ،‬وضاق عليه مخرجه‪ ،‬وحري أن يرجع من دينه‪،‬‬
‫ويتبع غير سبيل المؤمنين‪ .‬والشك على أربع شعب‪ :‬على الهول والريب‬
‫والتردد والستسلم " فبأي آلء ربك تتمارى "‪ :‬المتمارون‪ ،‬فمن هاله ما‬
‫بين يديه نكص على عقبيه ومن تردد في الريب سبقه الولون وأدركه‬
‫الخرون‪ ،‬وقطعته سنابك الشياطين ومن استسلم لهلكة الدنيا والخرة هلك‬
‫فيما بينهما‪ ،‬ومن نجا فباليقين‪ .‬والشبهة على أربع شعب‪ :‬على العجاب‬
‫بالزينة‪ ،‬وتسويل النفس وتأول العوج‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ 2) .61‬و ‪ (3‬الغلوظ‪[*] .‬‬


‫]‪[123‬‬

‫وتلبس الحق بالباطل‪ .‬وذلك بأن الزينة تزيد على الشبهة وأن تسويل النفس يقحم‬
‫على الشهوة وأن العوج يميل ميل عظيما‪ ،‬وأن التلبس ظلمات بعضها فوق‬
‫بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه )‪ - 20 .(1‬سر‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن‬
‫أبي أيوب‪ ،‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬ل‬
‫دين لمن دان بطاعة من يعصي ال‪ ،‬ول دين لمن دان بفرية باطل على‬
‫ال‪ ،‬ول دين لمن دان بجحود شئ من آيات ال‪) * (100) .‬باب( * * "‬
‫الشك في الدين‪ ،‬والوسوسة‪ ،‬وحديث النفس‪ ،‬وانتحال اليمان " * اليات‪:‬‬
‫البقرة‪ :‬وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به ال فيغفر لمن يشآء‬
‫ويعذب من يشاء وال على كل شئ قدير )‪ .(2‬النعام‪ :‬ثم أنتم تمترون )‪.(3‬‬
‫الحج‪ :‬ومن الناس من يعبد ال على حرف فان أصابه خير اطمأن به وإن‬
‫أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو الخسران‬
‫المبين )‪ .(4‬سبا‪ :‬إنهم كانوا في شك مريب )‪ .(5‬المؤمن‪ :‬ولقد جائكم‬
‫يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم‬
‫لن يبعث ال من بعده رسول كذلك يضل ال من هو مسرف مرتاب )‪.(6‬‬
‫السجدة‪ :‬وإنهم لفي شك منه مريب )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ ،111‬وقد مر في ص ‪ 90‬و ‪ 91‬فيما سبق‪ (2) .‬البقرة‪:‬‬


‫‪ (3) .284‬النعام‪ (4) .2 :‬الحج‪ (5) .11 :‬سبأ‪ (6) .54 :‬المؤمن‪) .34 :‬‬
‫‪ (7‬السجدة‪[*] .45 :‬‬

‫]‪[124‬‬

‫حمعسق‪ :‬وإن الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب )‪ .(1‬الدخان‪ :‬بل‬
‫هم في شك يلعبون )‪ .(2‬الحجرات‪ :‬إنما المؤمنون الذين آمنوا بال‬
‫ورسوله ثم لم يرتابوا )‪ .(3‬النجم‪ :‬فبأي آلء ربك تتمارى )‪ - 1 .(4‬ضا‪:‬‬
‫نروي من شك في ال بعد ما ولد على الفطرة لم يتب أبدا‪ .‬وأروي أن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم قال في كلم له‪ :‬إن من البلء الفاقة‪ ،‬وأشد من‬
‫الفاقة مرض البدن‪ ،‬وأشد من مرض البدن مرض القلب‪ .‬وأروي ل ينفع‬
‫من الشك والجحود عمل‪ .‬وأروي من شك أو ظن فأقام على إحداهما أحبط‬
‫عمله‪ .‬وأروي في قول ال عزوجل‪) :‬وما وجدنا لكثرهم من عهد وإن‬
‫وجدنا أكثرهم لفاسقين( )‪ (5‬قال‪ :‬نزلت في الشكاك‪ .‬وأروي في قوله‪" :‬‬
‫الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " )‪ (6‬قال‪ :‬الشك‪ ،‬الشاك في الخرة‬
‫مثل الشاك في الولى‪ .‬نسأل الثبات وحسن اليقين‪ .‬وأروي أنه سئل عن‬
‫رجل يقول بالحق ويسرف على نفسه بشرب الخمر ويأتي الكبائر‪ ،‬وعن‬
‫رجل دونه في اليقين وهو ل يأتي ما يأتيه فقال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫أحسنهما يقينا كنائم على المحجة إذا انبته ركبها والدون الذي يدخله‬
‫الشك كالنائم على غير طريق ل يدري إذا انبته أيهما المحجة‪ - 2 .‬مص‪:‬‬
‫قال الصادق عليه السلم‪ :‬ل يتمكن الشيطان بالوسوسة من العبد إل وقد‬
‫أعرض عن ذكر ال‪ ،‬واستهان بأمره‪ ،‬وسكن إلى نهيه‪ ،‬ونسي اطلعه‬
‫على سره‪ .‬فالوسوسة ما يكون من خارج البدن باشارة معرفة العقل‪،‬‬
‫ومجاورة الطبع‬

‫)‪ (1‬الشورى‪ (2) .14 :‬الدخان‪ (3) .9 :‬الحجرات‪ (4) .15 :‬النجم‪(5) .55 :‬‬
‫العراف‪ (6) .102 :‬النعام‪[*] .82 :‬‬

‫]‪[125‬‬

‫وأما إذا تمكن في القلب فذلك غي وضللة وكفر‪ ،‬وال عزوجل دعا عباده باللطف‬
‫دعوة‪ ،‬وعرفهم عداوته‪ ،‬فقال عز من قائل " إن الشيطان لكم عدو مبين "‬
‫)‪ (1‬وقال‪ " :‬إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا " )‪ (2‬الية‪ .‬فكن معه‬
‫كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه‪ ،‬وكذلك إذا أتاك‬
‫الشيطان موسوسا ليصدك عن سبيل الحق‪ ،‬وينسيك ذكر ال فاستعذ بربك‬
‫وربه منه‪ ،‬فانه يؤيد الحق على الباطل‪ ،‬وينصر المظلوم لقوله عزوجل "‬
‫إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " )‪ (3‬ولن تقدر‬
‫على هذا ومعرفة إتيانه ومذهب وسوسته إل بدوام المراقبة‪ ،‬والستقامة‬
‫على بساط الخدمة وهيبة المطلع‪ ،‬وكثرة الذكر‪ ،‬وأما المهمل لوقاته فهو‬
‫صيد الشيطان ل محالة‪ .‬واعتبر بما فعل بنفسه من الغراء والستكبار من‬
‫حيث غره وأعجبه عمله وعبادته وبصيرته ورأيه‪ ،‬قد أورثه عمله‬
‫ومعرفته واستدلله بمعقوله عليه اللعنة إلى البد‪ ،‬فما ظنك بنصيحته‬
‫ودعوته غيره‪ ،‬فاعتصم بحبل ال الوثق‪ ،‬وهو اللتجاء والضطرار بصحة‬
‫الفتقار إلى ال في كل نفس‪ ،‬ول يغرنك تزيينه الطاعات عليك‪ ،‬فانه يفتح‬
‫لك تسعة وتسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المائة فقابله بالخلف‬
‫والصد عن سبيله‪ ،‬والمضادة باستهزائه )‪ - 3 .(4‬شى‪ :‬قال الحسين بن‬
‫الحكم الواسطي‪ :‬كتبت إلى بعض الصالحين أشكو الشك فقال‪ :‬إنما الشك‬
‫فيما ل يعرف‪ ،‬فإذا جاء اليقين فل شك يقول ال " وما وجدنا لكثرهم من‬
‫عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين( )‪ (5‬نزلت في الشكاك )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬لفظ اليات " انه لكم عدو مبين "‪ (2) .‬فاطر‪ (3) .6 :‬النحل‪ (4) .99 :‬مصباح‬
‫الشريعة ص ‪ (5) .26‬العراف‪ (6) .102 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪.23‬‬
‫]*[‬
‫]‪[126‬‬

‫شى‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم " وأما الذين في قلوبهم مرض‬
‫فزادتهم رجسا إلى رجسهم( )‪ (1‬يقول‪ :‬شكا إلى شكهم )‪ - 5 .(2‬جا‪ :‬علي‬
‫بن أحمد الكاتب‪ ،‬عن محمد بن همام‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن البرقي عن‬
‫القاسم‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫اعلموا أن ال يبغض من خلقه المتلون‪ ،‬فل تزولوا عن الحق وأهله‪ ،‬فان‬
‫من استبد بالباطل وأهله هلك‪ ،‬وفاتته الدنيا‪ ،‬وخرج منها ]صاغرا[ ظ )‪.(3‬‬
‫‪ - 6‬ب‪ :‬ابن سعد‪ ،‬عن الزدي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن الشك والمعصية في النار‪ ،‬ليسا منا ول الينا‪،‬‬
‫وإن قلوب المؤمنين لمطوية باليمان طيا فإذا أراد ال انارة ما فيها فتحها‬
‫بالوحي فزرع فيها الحكمة زارعها وحاصدها )‪ - 7 .(4‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن إدريس‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن موسى بن جعفر البغدادي‪ ،‬عن علي بن‬
‫معبد‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يتعوذ في كل يوم من‬
‫ست‪ :‬من الشك والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد )‪ - 8 .(5‬ن‪:‬‬
‫بالسانيد الثلثة‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬أفضل العمال عند ال عزوجل إيمان ل شك فيه‪،‬‬
‫وغزو ل غلول فيه‪ ،‬وحج مبرور‪ ،‬وأول من يدخل الجنة شهيد‪ ،‬وعبد‬
‫مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده‪ ،‬ورجل عفيف متعفف ذو عبادة‬
‫وأول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل‪ ،‬وذو ثروة من المال لم يعط‬
‫المال حقه‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .125 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .118‬مجالس المفيد ص ‪.88‬‬
‫)‪ (4‬قرب السناد ص ‪ (5) .17‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪[*] .160‬‬

‫]‪[127‬‬

‫وفقير فخور )‪ - 9 .(1‬لى‪ :‬أبي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن الكناني‪ ،‬عن‬
‫الصادق عليه السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬الريب كفر )‪.(2‬‬
‫‪ - 10‬ثو‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن بكر بن محمد الزدي‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن‬
‫الشك والمعصية في النار ليسا منا ول إلينا )‪ .(3‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن بكر بن‬
‫محمد مثله )‪ - 11 .(4‬سن‪ :‬ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن ابن سنان‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من شك في ال وفي رسوله فهو كافر )‬
‫‪ - 12 .(5‬سن‪ :‬علي بن عبد ال‪ ،‬عن موسى بن سعدان‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫القاسم‪ ،‬عن المفضل‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬إن ال‬
‫عزوجل جعل عليا علما بينه وبين خلقه‪ ،‬ليس بينه وبينهم علم غيره فمن‬
‫تبعه كان مؤمنا‪ ،‬ومن جحده كان كافرا‪ ،‬ومن شك فيه كان مشركا )‪13 .(6‬‬
‫‪ -‬ضا‪ :‬أروي أنه سئل العالم عليه السلم عن حديث النفس فقال‪ :‬من يطيق‬
‫أل تحدث نفسه‪ ،‬وسألت العالم عليه السلم عن الوسوسة إن كثرت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ل شئ فيها يقول‪ :‬ل إله إل ال‪ .‬وأروي أن رجل قال للعالم‪ :‬يقع في نفسي‬
‫أمر عظيم‪ ،‬فقال‪ :‬قل‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬وفي خبر آخر‪ :‬ل حول ول قوة إل‬
‫بال‪.‬‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .28‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .292‬ثواب العمال‬
‫ص ‪ (4) .231‬المحاسن ص ‪ (5) .249‬المحاسن ص ‪ (6) .89‬المصدر‬
‫نفسه‪[*] .‬‬

‫]‪[128‬‬

‫ونروي أن ال تبارك وتعالى عفا لمتي عن وساوس الصدر ونروي عنه أن ال‬
‫تجاوز لمتي عما تحدث به أنفسها ال ما كان يعقد عليه‪ .‬وأروي إذا خطر‬
‫ببالك في عظمته وجبروته أو بعض صفاته شئ من الشياء فقل‪ :‬ل إله إل‬
‫ال محمد رسول ال وعلي أمير المؤمنين‪ ،‬إذا قلت ذلك عدت إلى محض‬
‫اليمان‪ .‬وأروي أن ال تبارك وتعالى أسقط عن المؤمن ما ل يعلم‪ ،‬وما ل‬
‫يعتمد والنسيان‪ ،‬والسهو‪ ،‬والغلط‪ ،‬وما استكره عليه‪ ،‬وما اتقي فيه‪ ،‬وما ل‬
‫يطيق‪ - 14 .‬شى‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله‪:‬‬
‫" كذلك يجعل ال الرجس على الذين ل يؤمنون " )‪ (1‬قال‪ :‬هو الشك )‪.(2‬‬
‫‪ - 15‬كا‪ :‬عن علي بن إابراهيم‪ ،‬عن هارون بن مسلم‪ ،‬عن مسعدة بن‬
‫صدقة قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬وسئل عن إيمان من‬
‫يلزمنا حقه واخوته كيف هو وبما يثبت وبما يبطل ؟ فقال‪ :‬إن اليمان قد‬
‫يتخذ على وجهين أما أحدهما فهو الذي يظهر لك من صاحبك‪ ،‬فإذا ظهر‬
‫لك منه مثل الذي تقول به أنت‪ ،‬حقت وليته واخوته‪ ،‬إل أن يجئ منه نقض‬
‫للذي وصف من نفسه وأظهره لك‪ .‬فان جاء منه ما تستدل به على نقض‬
‫الذي ظهر لك‪ ،‬خرج عندك مما وصف لك وظهر‪ ،‬وكان لما أظهر لك‬
‫ناقضا‪ ،‬إل أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقية‪ ،‬ومع ذلك ينظر فيه‪ ،‬فان كانت‬
‫ليس مما يمكن أن يكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك‪ ،‬لن للتقية‬
‫مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له‪ .‬وتفسير ما يتقي مثل ]أن‬
‫يكون[ قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله‪ ،‬فكل‬
‫شئ يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما ل يؤدي إلى الفساد في الدين‬
‫فانه جائز )‪.(3‬‬
‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .125 :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .377‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.168‬‬
‫]*[‬

‫]‪[129‬‬

‫بيان‪) :‬وسئل( الواو للحال بتقدير " قد " واثبات اللف في قوله‪ " :‬بم " في‬
‫الموضعين مع دخول حرف الجر شاذ وقوله‪ " :‬فقال " تكرير وتأكيد‬
‫لقوله‪ " :‬يقول " قوله‪ " :‬قد يتخذ " " قد " هنا للتحقيق‪ .‬وإنما اكتفى‬
‫بذكر أحد وجهي اليمان مع التصريح بالوجهين وكلمة " أما " التفصيلية‬
‫المقتضية للتكرار لظهور القسم الخر من ذكر هذا القسم‪ ،‬والقسم الخر‬
‫هو ما يعرف بالصحبة المتأكدة والمعاشرة المتكررة الموجبة للظن القوي‬
‫بل اليقين‪ ،‬وإن كان نادرا‪ ،‬فان اليمان أمر قلبي ل يظهر للغير إل بآثاره‬
‫من القول والعمل المخبرين عنه كما مر تحقيقه‪ ،‬أو القسم الخر ما كان‬
‫معلوما بالبرهان القطعي كالحجج عليهم السلم وخواص أصحابهم الذين‬
‫أخبروا بصحة إيمانهم وكماله كسلمان وأبي ذر والمقداد وأضرابهم رضي‬
‫ال عنهم‪ .‬ونظير هذا في ترك معادل " أما " قوله تعالى‪ " :‬وأنزلنا اليكم‬
‫نورا مبينا * فأما الذين آمنوا بال واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه‬
‫وفضل " )‪ (1‬إذ ظاهر أن معادله‪ :‬وأما الذين كفروا بال ولم يعتصموا به‬
‫فسيدخلهم جهنم‪ " .‬حقت " بفتح الحاء وضمها‪ ،‬لنه لزم ومتعد " وليته‬
‫" أي محبته " واخوته " أي في الدين " ومع ذلك ينظر فيه " أي فيه‬
‫تفصيل " فان كان " اسمه الضمير الراجع إلى )ما تستدل به( وجملة "‬
‫ليس " الخ خبره‪ ،‬و " ذلك " إشارة إلى الدعوى المذكور في ضمن " ال‬
‫أن يدعي " و " تفسير " مبتدأ و " يتقى " على بناء المجهول بتقدير "‬
‫يتقى فيه " و " مثل " خبره‪ .‬و " قوم " مضاف إلى السوء بالفتح و "‬
‫ظاهر " صفة السوء‪ ،‬وجملة " حكمهم " الخ صفة للقوم‪ ،‬أو ظاهر صفة‬
‫القوم لكونه بحسب اللفظ مفردا‪ ،‬أي قوم غالبين " وحكمهم " الخ جملة‬
‫اخرى كما مر‪ ،‬أو " حكمهم " فاعل " ظاهر " أي قوم سوء كون حكمهم‬
‫وفعلهم على غير الحق ظاهر‪ ،‬أو " ظاهر " مرفوع مضاف إلى " حكمهم‬
‫" وهو مبتدأ و " على غير " خبره‪ ،‬والجملة صفة القوم‪.‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ 174 :‬و ‪[*] .175‬‬

‫]‪[130‬‬

‫وبالجملة يظهر منه أن التقية إنما تكون لدفع ضرر ل لجلب نفع بأن يكون السوء‬
‫بمعنى الضرر‪ ،‬أو الظاهر بمعنى الغالب‪ ،‬ويشترط فيه عدم التأدي إلى‬
‫الفساد في الدين‪ ،‬كقتل نبي أو إمام أو اضمحلل الدين بالكلية‪ ،‬كما أن‬
‫الحسين عليه السلم لم يتق للعلم بأن تقيته يؤدي إلى بطلن الدين بالكلية‪.‬‬
‫فالتقية إنما تكون فيما لم يصر تقيته سببا لفساد الدين وبطلنه‪ ،‬كما أن‬
‫تقيتنا في غسل الرجلين أو بعض أحكام الصلة وغيرها ل تصير سببا‬
‫لخفاء هذا الحكم وذهابه من بين المسلمين‪ ،‬لكن لم أر أحدا صرح بهذا‬
‫التفصيل‪ ،‬وربما يدخل في هذا التقية في الدماء وفيه خفاء‪ .‬ويمكن أن يراد‬
‫بالداء إلى الفساد في الدين أن يسري إلى العقائد القلبية‪ ،‬أو يعمل التقية‬
‫في غير موضع التقية‪ .‬ثم اعلم أنه يستفاد من ظاهر هذا الخبر وجوب‬
‫المواخاة وأداء الحقوق بمجرد ثبوت التشيع‪ ،‬قيل‪ :‬وهو على إطلقه مشكل‬
‫كيف ولو كان ذلك كذلك للزم الحرج وصعوبة المخرج‪ ،‬إل أن يخصص‬
‫التشيع بما ورد من الشروط في أخبار صفات المؤمن وعلماته‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫يمكن أن يكون الستثناء الوارد في الخبر بقوله‪ " :‬إل أن يجئ منه نقض‬
‫" شامل لكبائر المعاصي بل العم‪.‬‬

‫]‪[131‬‬

‫)‪) (101‬باب( * " )كفر المخالفين والنصاب وما يناسب ذلك( " * أقول‪ :‬قد مضى‬
‫الخبار في كتاب المامة باب أن مبغضهم كافر حلل الدم )‪ - 1 .(1‬فس‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن المعلى بن خنيس‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم في قوله‪ " :‬ان الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا " )‪(2‬‬
‫قال‪ :‬فارق القوم وال دينهم )‪ - 2 .(3‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن علي بن‬
‫إسماعيل الشعري‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن أبي مالك الجهني قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ثلثة ل يكلمهم ال يوم القيامة‪ ،‬ول‬
‫ينظر إليهم ول يزكيهم ولهم عذاب أليم‪ :‬من ادعى إماما ليست إمامته من‬
‫ال‪ ،‬ومن جحد إماما إمامته من عند ال عزوجل‪ ،‬ومن زعم أن لهما في‬
‫السلم نصيبا )‪ - 3 .(4‬ع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن إسحاق‪ ،‬عن عبد ال بن حماد‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لنك ل‬
‫تجد رجل يقول‪ :‬أنا ابغض محمدا وآل محمد ولكن الناصب من نصب لكم‬
‫وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬راجع كتاب المامة الباب ‪ 130‬باب ذم مبغضيهم وأنه كافر حلل الدم وثواب‬
‫اللعن على أعدائهم‪ (2) .‬النعام‪ (3) .159 :‬تفسير القمي ص ‪(4) .210‬‬
‫الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .52‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .289‬‬

‫]‪[132‬‬
‫ثو‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن الشعري مثله )‪ - 4 .(1‬ع‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أبي عبد ال الرازي عن علي بن سليمان بن‬
‫رشيد باسناده رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬يحشر المرجئة‬
‫عميانا إمامهم أعمى‪ ،‬فيقول بعض من يراهم من غير امتنا‪ :‬ما تكون امة‬
‫محمد إل عميانا‪ ،‬فأقول لهم‪ :‬ليسوا من امة محمد‪ ،‬لنهم بدلوا فبدل ما بهم‬
‫وغيروا فغير ما بهم )‪ .(2‬ثو‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‬
‫مثله )‪ - 5 .(3‬ع‪ :‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن الفضل بن كثير المدايني‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن سعيد البلخي قال‪ :‬سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول‪ :‬إن ل‬
‫عزوجل في وقت كل صلة يصليها هذا الخلق لعنة‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك‬
‫ولم ذاك ؟ قال‪ :‬بجحودهم حقنا وتكذيبهم إيانا )‪ .(4‬ثو‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عيسى مثله )‪ - 6 .(5‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪،‬‬
‫عن محمد بن سنان‪ ،‬عن حمزة ومحمد ابني حمران قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم لحمران‪ :‬التر تر حمران مد المطمر بينك وبين العالم )‪(6‬‬
‫قلت‪ :‬يا سيدي وما المطمر ؟ فقال‪ :‬أنتم تسمونه خيط البناء‪ ،‬فمن خالفك‬
‫على هذا المر فهو زنديق‪ ،‬فقال حمران‪ :‬وإن كان علويا‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (2) .187‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .289‬ثواب العمال‬
‫ص ‪ (4) .188‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .289‬ثواب العمال ص ‪.188‬‬
‫)‪ (6‬إنما قال عليه السلم ذلك لحمران بعد ما أقر بالعقائد الحقة وشهده‬
‫عنده عليه السلم بالمامة والرسالة‪[*] .‬‬

‫]‪[133‬‬

‫فاطميا ؟ فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬وإن كان محمديا علويا فاطميا )‪- 7 .(1‬‬
‫مع‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫سنان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ليس بينكم وبين من خالفكم إل‬
‫المطمر‪ ،‬قلت‪ :‬وأي شئ المطمر ؟ قال‪ :‬الذي تسمونه التر‪ ،‬فمن خالفكم‬
‫وجازه فابرؤا منه‪ ،‬وإن كان علويا فاطميا )‪ - 8 .(2‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن علي بن عبد ال‪ ،‬عن موسى ابن سعيد‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن القاسم‪ ،‬عن المفضل بن عمر‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى جعل عليا عليه السلم علما بينه وبين خلقه ليس‬
‫بينهم وبينه علم غيره‪ ،‬فمن تبعه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا‪ ،‬ومن‬
‫شك فيه كان مشركا )‪ - 9 .(3‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ .‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫محمد بن حسان‪ ،‬عن محمد بن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليه السلم قال‪ :‬علي‬
‫عليه السلم باب هدى من خالفه كان كافرا ومن أنكره دخل النار )‪.(4‬‬
‫سن‪ :‬عن محمد بن حسان مثله )‪ - 10 .(5‬ثو‪ :‬بالسناد المتقدم عنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬نزل جبرئيل على النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا محمد‬
‫السلم يقرئك السلم ويقول‪ :‬خلقت السماوات السبع وما فيهن والرضين‬
‫السبع ومن عليهن وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام‪ ،‬ولو أن‬
‫عبدا دعاني منذ خلقت السماوات والرض ثم لقيني جاحدا لولية علي‬
‫صلوات ال عليه لكببته في سقر )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .213‬المصدر نفسه‪ (4 - 3) .‬ثواب العمال ص ‪.189‬‬


‫)‪ (5‬المحاسن ص ‪ (6) .89‬ثواب العمال ص ‪[*] .189‬‬

‫]‪[134‬‬

‫سن‪ :‬عن محمد بن حسان مثله )‪ - 11 .(1‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫أبي عمران الرمني‪ ،‬عن ابن البطائني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي العل قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬لو جحد أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫جميع من في الرض لعذبهم ال جميعا وأدخلهم النار )‪ .(2‬سن‪ :‬عن أبي‬
‫عمران مثله )‪ - 12 .(3‬سن‪ :‬في رواية أبي حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬التاركون ولية علي عليه‬
‫السلم المنكرون لفضله المظاهرون أعداءه خارجون عن السلم‪ ،‬من‬
‫مات منهم على ذلك )‪ - 13 .(4‬سن‪ :‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن المفضل بن‬
‫صالح‪ ،‬عن محمد بن مروان عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أبغضنا أهل البيت بعثه ال يهوديا قيل‪:‬‬
‫يارسول ال وإن شهد الشهادتين ؟ قال‪ :‬نعم إنما احتجب بهاتين الكلمتين‬
‫عند سفك دمه أو يؤدي إلي الجزية وهو صاغر‪ ،‬ثم قال‪ :‬من أبغضنا أهل‬
‫البيت بعثه ال يهوديا قيل‪ :‬وكيف يارسول ال ؟ قال‪ :‬إن أدرك الدجال آمن‬
‫به )‪ - 14 .(5‬سن‪ (6) :‬عن أبيه وابن الوليد وابن المتوكل جميعا‪ ،‬عن‬
‫سعد والحميري معا‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي سعيد‬
‫المكاري عن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬من‬
‫مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية كفر وشرك وضللة‪.‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .90‬ثواب العمال‪ (3) .189 :‬المحاسن‪(4) .89 :‬‬
‫المحاسن‪ (5) .89 :‬المحاسن‪ 90 :‬وترى مثله في ثواب العمال ص‬
‫‪ (6) .184‬كذا‪ ،‬والطريق للصدوق‪[*] .‬‬

‫]‪[135‬‬
‫‪ - 15‬سن‪ (1) :‬علي بن أحمد‪ ،‬عن حمزة العلوي‪ ،‬عن الحسن بن محمد الفارسي‬
‫عن عبد ال بن قدامة الترمذي‪ ،‬عن أبي الحسن عليه السلم قال‪ :‬من شك‬
‫في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل ال عزوجل أحدها معرفة المام في كل‬
‫زمان وأوان بشخصه ونعته‪ .‬أقول‪ :‬أوردنا كثيرا منها في باب وجوب‬
‫معرفة المام )‪ - 16 .(2‬شى‪ :‬عن أبي بصير قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬أعداء علي هم المخلدون في النار‪ ،‬قال ال‪ " :‬وما هم‬
‫بخارجين منها " )‪ - 17 .(3‬شى‪ :‬عن منصور بن حازم قال‪ :‬قلت لبي‬
‫عبد ال عليه السلم‪ " :‬وما هم بخارجين من النار " قال‪ :‬أعداء علي هم‬
‫المخلدون في النار أبد البدين ودهر الداهرين )‪ - 18 .(4‬سر‪ :‬من كتاب‬
‫المسائل من مسائل محمد بن علي بن عيسى حدثنا محمد بن أحمد بن‬
‫محمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي قال‪ :‬كتبت إلى أبي الحسن عليه‬
‫السلم أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه‬
‫الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما ؟ فرجع الجواب‪ :‬من كان على هذا‬
‫فهو ناصب‪ - 19 .‬شى‪ :‬عن عبد ال بن أبي يعفور قال‪ :‬قلت لبي عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام ل يتولونكم ويتولون‬
‫فلنا وفلنا لهم أمانة وصدق ووفاء‪ ،‬وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك المانة‬
‫ول الوفاء ول الصدق قال‪ :‬فاستوى أبو عبد ال عليه السلم جالسا وأقبل‬
‫علي كالغضبان ثم قال‪ :‬ل دين لمن دان بولية إمام جائر ليس من ال‪ ،‬ول‬
‫عتب على من دان بولية إمام عدل من ال‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬ل دين لولئك ول‬
‫عتب على هؤلء ؟ فقال‪ :‬نعم ل دين لولئك ول عتب على هؤلء‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫أما تسمع لقول ال‪ " :‬ال ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور‬
‫" يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة‬

‫)‪ (1‬كذا‪ ،‬والطريق للصدوق مثل السابق‪ (2) .‬راجع ج ‪ 23‬ص ‪(4 - 3) .95 - 76‬‬
‫تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 317‬والية في المائدة‪ 37 :‬والبقرة‪[*] .163 :‬‬

‫]‪[136‬‬

‫لوليتهم كل إمام عادل من ال‪ ،‬قال ال‪ " :‬والذين كفروا أوليائهم الطاغوت‬
‫يخرجونهم من النور إلى الظلمات "‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أليس ال عنى بها الكفار‬
‫حين قال‪ " :‬والذين كفروا " قال‪ :‬فقال‪ :‬وأي نور للكافر وهو كافر فاخرج‬
‫منه إلى الظلمات ؟ إنما عنى ال بهذا أنهم كانوا على نور السلم فلما أن‬
‫تولوا كل إمام جائر ليس من ال خرجوا بوليتهم إياهم من نور السلم إلى‬
‫ظلمات الكفر فأوجب لهم النار مع الكفار فقال‪) :‬اولئك أصحاب النار هم‬
‫فيها خالدون( )‪ - 20 .(1‬شى‪ :‬عن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬من طعن في دينكم هذا فقد كفر‪ ،‬قال ال‪ " :‬وطعنوا في دينكم " إلى‬
‫قوله‪ " :‬ينتهون " )‪ - 21 .(2‬ختص‪ :‬عن عبد العزيز القراطيسي قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬الئمة بعد نبينا صلى ال عليه وآله إثنا عشر‬
‫نجيبا مفهمون‪ .‬من نقص منهم واحدا أو زاد فيهم واحدا خرج من دين ال‪،‬‬
‫ولم يكن من وليتنا على شئ )‪ - 22 .(3‬ختص‪ :‬عبد ال بن محمد السائي‪،‬‬
‫عن الحسن بن موسى‪ ،‬عن عبد ال بن محمد النهيكي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سابق بن طلحة النصاري قال‪ :‬كان مما قال هارون لبي الحسن حين‬
‫ادخل عليه‪ :‬ما هذه الدار ؟ فقال‪ :‬هذه دار الفاسقين )‪ (4‬قال‪ " :‬سأصرف‬
‫عن آياتي الذين يتكبرون في الرض بغير الحق وإن يروا كل آية ل يؤمنوا‬
‫بها وإن يروا سبيل الرشد ل يتخذوه سبيل وإن يروا سبيل الغي يتخذوه‬
‫سبيل " )‪ (5‬الية‪ .‬فقال له هارون‪ :‬فدار من هي ؟ قال‪ :‬هي لشيعتنا فترة‬
‫ولغيرهم فتنة قال‪ :‬فما بال صاحب الدار ل يأخذها ؟ فقال‪ :‬اخذت منه‬
‫عامرة ول يأخذها‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،138‬والية في سورة البقرة‪ (2) .257 ،‬تفسير‬
‫العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ ،79‬في آية التوبة‪ (3) .12 :‬الختصاص‪(4) .233 :‬‬
‫يعني قوله " سأريكم دار الفاسقين "‪ (5) .‬العراف‪[*] .146 :‬‬

‫]‪[137‬‬

‫إل معمورة‪ ،‬قال‪ :‬فأين شيعتك ؟ فقرأ أبو الحسن عليه السلم " لم يكن الذين كفروا‬
‫من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة " )‪ (1‬قال‪ :‬فقال له‪:‬‬
‫فنحن كفار ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن كما قال ال‪ " :‬الذين بدلوا نعمت ال كفرا‬
‫وأحلوا قومهم دار البوار " )‪ (2‬فغضب عند ذلك وغلظ عليه )‪- 23 .(3‬‬
‫ختص‪ :‬عمرو بن ثابت قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال‪" :‬‬
‫ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا يحبونهم كحب ال " )‪ (4‬قال‪:‬‬
‫فقال‪ :‬هم وال أولياء فلن وفلن وفلن اتخذوهم أئمة دون المام الذي‬
‫جعله ال للناس إماما فذلك قول ال‪ " :‬ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون‬
‫العذاب أن القوة ل جميعا وأن ال شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من‬
‫الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم السباب * وقال الذين اتبعوا لو أن‬
‫لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم ال أعمالهم حسرات عليهم‬
‫وما هم بخارجين من النار " )‪ (5‬ثم قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬هم وال يا‬
‫جابر أئمة الظلمة وأشياعهم )‪ - 24 .(6‬ختص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪:‬‬
‫إن ال تبارك وتعالى جعلنا حججه على خلقه‪ ،‬وامناءه على علمه‪ ،‬فمن‬
‫جحدنا كان بمنزلة إبليس في تعنته على ال‪ ،‬حين أمره بالسجود لدم‪،‬‬
‫ومن عرفنا واتبعنا كان بمنزلة الملئكة الذين أمرهم ال بالسجود لدم‬
‫فأطاعوه )‪ - 25 .(7‬تقريب المعارف لبي الصلح الحلبي‪ :‬عن أبي علي‬
‫الخراساني عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬كنت معه عليه‬
‫السلم في بعض خلواته فقلت‪ :‬إن لي عليك حقا أل تخبرني عن هذين‬
‫الرجلين‪ :‬عن أبي بكر وعمر ؟‬

‫)‪ (1‬البينة‪ (2) .1 :‬إبراهيم‪ (3) .28 :‬الختصاص‪ 262 :‬ومثله في العياشي ج ‪2‬‬
‫ص ‪ (4) .29‬البقرة‪ (5) .160 :‬البقرة‪(7 - 6) .163 - 161 :‬‬
‫الختصاص‪[*] .334 :‬‬

‫]‪[138‬‬

‫فقال‪ :‬كافران كافر من أحبهما‪ .‬وعن أبي حمزة الثمالي أنه سئل علي بن الحسين‬
‫عليهما السلم عنهما فقال‪ :‬كافران كافر من تولهما‪ .‬قال‪ :‬وتناصر الخبر‬
‫عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلم من‬
‫طرق مختلفة أنهم قالوا‪ :‬ثلثة ل ينظر ال إليهم يوم القيامة ول يزكيهم‬
‫ولهم عذاب أليم‪ :‬من زعم أنه إمام وليس بامام‪ ،‬ومن جحد إمامة إمام من‬
‫ال‪ ،‬ومن زعم أن لهما في السلم نصيبا ومن طرق آخر أن للولين ومن‬
‫آخر للعرابيين في السلم نصيبا ثم قال رحمه ال‪ :‬إلى غير ذلك من‬
‫الروايات عمن ذكرناه وعن أبنائهم عليهم السلم مقترنا بالمعلوم من‬
‫دينهم‪ ،‬لكل متأمل حالهم أنهم يرون في المتقدمين على أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم ومن دان بدينهم أنهم كفار‪ ،‬وذلك كاف عن إيراد رواية‪،‬‬
‫وأورد أخبارا اخر أوردناها في كتاب الفتن‪ - 26 .‬نهج‪ :‬قام إلى أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم رجل فقال‪ :‬أخبرنا عن الفتنة وهل سألت عنها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله ؟ فقال عليه السلم‪ :‬لما أنزل ال سبحانه‬
‫قوله‪ " :‬الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون " )‪(1‬‬
‫علمت أن الفتنة ل تنزل بنا ورسول ال صلى ال عليه وآله بين أظهرنا‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬يارسول ال صلى ال عليه وآله ما هذه الفتنة التي أخبرك ال بها ؟‬
‫فقال‪ :‬يا علي إن امتي سيفتنون من بعدي‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله أو ليس قد قلت لي يوم احد حيث استشهد من استشهد من‬
‫المسلمين وحيزت عني الشهادة فشق ذلك علي فقلت لي‪ :‬أبشر فان‬
‫الشهادة من ورائك فقال لي‪ :‬إن ذلك لكذلك‪ ،‬فكيف صبرك إذا ؟ فقلت‪:‬‬
‫يارسول ال ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر‪.‬‬
‫وقال‪ :‬يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم‪ ،‬ويمنون بدينهم على ربهم‬
‫ويتمنون رحمته‪ ،‬ويأمنون سطوته ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة‪،‬‬
‫والهواء الساهية‪ ،‬فيستحلون الخمر بالنبيذ‪ ،‬والسحت بالهدية‪ ،‬والربا‬
‫بالبيع‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫)‪ (1‬العنكبوت‪[*] .12 :‬‬

‫]‪[139‬‬

‫يارسول ال فبأي المنازل انزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال‪:‬‬
‫بمنزلة فتنة )‪ - 27 .(1‬كتاب البرهان‪ :‬أخبرنا محمد بن الحسن قال‪ :‬حدثني‬
‫الحسن بن خضير قال‪ :‬حدثني إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد‬
‫البصري وحدثنا محمد بن يحيى وموسى بن محمد النصاري قال‪ :‬حدثنا‬
‫اسماعيل بن إسحاق بن اسمعيل القاضي قال‪ :‬حدثني أبي إسماعيل بن‬
‫إسحاق بن حماد واللفظ له قال‪ :‬بعث إلي وإلى عدة من المشايخ يحيى بن‬
‫أكثم القاضي فأحضرنا وقال‪ :‬إن أمير المؤمنين يعني المأمون أمرني أن‬
‫احضر غدا مع الفجر أربعين رجل كلهم فقيه‪ ،‬يفهم ويحسن الجواب فسموا‬
‫من تعرفون ؟ فسمينا له قوما فأحضرهم وأمرنا بالبكور‪ .‬فغدونا عليه قبل‬
‫طلوع الشمس‪ ،‬فركب وركبنا معه‪ ،‬فدخل إلى المأمون وأمرنا أن نصلي فلم‬
‫نستتم الصلة حتى خرج الذن فقال‪ :‬ادخلوا فدخلنا وإذا أمير المؤمنين‬
‫جالس على فراشه‪ ،‬وعلى سواده‪ ،‬والعمامة الطويلة‪ ،‬فلما سلمنا رد السلم‬
‫ثم حدر عن عرشه ونزع عمامته وسواده وأقبل علينا وقال‪ :‬إن أمير‬
‫المؤمنين أحب مناظرتكم على مذهبه الذي هو عليه ودينه الذي يدين ال‬
‫به‪ ،‬قلنا‪ :‬ليقل أمير المؤمنين أيده ال‪ ،‬فقال‪ :‬إني أدين ال عزوجل بأن‬
‫أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم خير خلق ال بعد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وأولى الناس بمقام رسول ال وأحقهم بالخلفة من‬
‫بعده‪ ،‬فأطرقنا جميعا‪ ،‬فقال يحيى‪ :‬أجيبوا أمير المؤمنين‪ .‬فلما رأيت سكوت‬
‫القوم جثوت على ركبتي ثم قلت‪ :‬يا أمير المؤمنين إن فينا من ل يعرف ما‬
‫ذكر أمير المؤمنين من أمر علي‪ ،‬وقد دعا للمناظرة‪ ،‬ونحن مناظروه على‬
‫ما ذكر‪ ،‬فقال‪ :‬يا إسحاق إن شئت سألتك وإن شئت فاسألني‪ ،‬فاغتنمتها منه‬
‫وقلت‪ :‬بل أسأل‪ ،‬فقال‪ :‬سل‪ .‬قلت‪ :‬من أين قال أمير المؤمنين‪ :‬إن علي بن‬
‫أبي طالب عليه السلم أفضل‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ ،301‬الرقم ‪ 154‬من الخطب‪[*] .‬‬

‫]‪[140‬‬

‫الناس من بعد رسول ال‪ ،‬وأحقهم بالخلفة من بعده ؟ قال‪ :‬أخبرني عن الناس‬
‫بماذا يتفاضلون ؟ قلت‪ :‬بالعمال الصالحة قال‪ :‬فأخبرني عمن فضل‬
‫صاحبه على عهد رسول ال ثم إن المفضول عمل بعد وفات رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله بأكثر من عمل الفاضل على عهد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله أيلحق به ؟ قلت‪ :‬ل يلحق المفضول على عهد رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله بالفاضل أبدا‪ .‬قال‪ :‬فانظر ما رواه أصحابك ‪ -‬ممن أخذت‬
‫دينك عنهم‪ ،‬وجعلتهم قدوة لك ‪ -‬من فضائل علي عليه السلم فقس إليها ما‬
‫انزل به من فضائل أبي بكر فان وجدت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل علي‬
‫فقل‪ :‬إنه أفضل‪ ،‬ل وال ولكن قس فضائله إلى ما روى لك من فضائل أبي‬
‫بكر وعمر‪ ،‬فان وجدت لهما من المفاضيل مثل الذي لعلي وحده فقل إنهما‬
‫أفضل ل بل فقس فضائله إلى فضائل العشرة الذين شهد لهم بالجنة فان‬
‫وجدتها تشاكل فضائله فقل إنهما أفضل منه‪ .‬يا إسحاق أي العمال كانت‬
‫أفضل يوم بعث ال عزوجل رسوله ؟ قلت‪ :‬الخلص بالشهادة والسبق إلى‬
‫السلم‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪ ،‬إن ذلك في كتاب ال عز وجل " السابقون السابقون‬
‫* اولئك المقربون * في جنات النعيم " )‪ (1‬إنما عنى السابق إلى السلم‪،‬‬
‫فهل علمت أحد سبق عليا إلى السلم ؟ قلت‪ :‬يا أمير المؤمنين أسلم علي‬
‫وهو حدث صغير السن ل يجوز عليه الحكم‪ ،‬وأسلم أبو بكر وقد تكامل‬
‫عقله وجاز عليه الحكم‪ .‬قال أجبني‪ :‬أيهما أسلم قبل صاحبه ؟ حتى اناظرك‬
‫من بعد في الحداثة قلت‪ :‬علي أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة قال‪:‬‬
‫فأخبرني حين أسلم أيخلو أن يكون رسول ال صلى ال عليه وآله دعاه‬
‫فأجاب أو يكون الهاما من ال لعلي ؟ فأطرقت مفكرا وقلت‪ :‬إن قلت‪ :‬إلهاما‬
‫قدمته على رسول ال‪ ،‬لن رسول ال لم يعرف السلم حتى جاء به‬
‫جبرئيل عن ال عزوجل‪ ،‬فقلت‪ :‬بل دعاه رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫قال‪ :‬فيخلو النبي أن يكون دعا عليا بأمر ال أو تكلف ذلك من قبل نفسه ؟‬
‫قلت‪:‬‬

‫)‪ (1‬الواقعة‪[*] .12 - 10 :‬‬

‫]‪[141‬‬

‫ل أنسب النبي صلى ال عليه وآله إلى التكلف لن ال عزوجل يقول‪ " :‬وما كان‬
‫لرسول أن يأتي بآية إل باذن ال " )‪ (1‬ولكن دعاه بأمر ال‪ .‬قال‪ :‬يا‬
‫إسحاق فمن صفة الجبار أن يكلف رسله ما ل طاقة لهم به ؟ قلت‪ :‬أعوذ‬
‫بال قال‪ :‬أو ل ترى أن ال عزوجل في قولك " أسلم علي وهو صغير ل‬
‫يجوز عليه الحكم " قد كلف رسول ال صلى ال عليه وآله من دعاء‬
‫الصبيان ما ل يطيق وشغله بصبي ل يجوز عليه الحكم‪ ،‬فهو يدعوه‬
‫الساعة ويرتد بعد ساعة ثم يعاود ويعاود الصبي الرتداد‪ ،‬فل حكم يجوز‬
‫عليه ول النبي صلى ال عليه وآله يفرغ منه لدعاء غيره أرأيت هذا جايزا‬
‫عندك أن تنسبه إلى ربنا سبحانه ؟ قلت‪ :‬أعوذ بال قال‪ :‬فأراك إنما قصدت‬
‫فضيلة فضل ال بها عليا عليه السلم على هذا الخلق جميعا‪ ،‬أتاها له‬
‫ليعرف بها مكانه وفضله‪ ،‬بان لم يشرك به ساعة قط فجعلتها نقصا عليه‪،‬‬
‫ولو كان ال عزوجل أمر نبيه ان يدعو الصبيان ألم يكن دعاهم كما دعا‬
‫عليا عليه السلم قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فهل بلغك أن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫دعا أحدا من صبيان الجاهلية وقرابته بدأ بهم لئل يقال‪ :‬هذا ابن عمه أو‬
‫من ساير الناس كما فعل بعلي ؟ قلت‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬ثم أي الفعال كانت أفضل‬
‫بعد السبق إلى السلم ؟ قلت‪ :‬الجهاد في سبيل ال‪ ،‬قال‪ :‬صدقت فهل تجد‬
‫لحد في الجهاد إل دون ما تجد لعلي ؟ قلت‪ :‬في أي وقت يا أمير‬
‫المؤمنين ؟ قال‪ :‬في أي الوقات شئت قلت‪ :‬في يوم بدر‪ ،‬قال‪ :‬نعم ل أزيدك‬
‫عليها‪ ،‬كم قتلى بدر يوم بدر ؟ قلت‪ :‬نيف وستون رجل من الكفار قال‪ :‬كم‬
‫قتلى علي وحده منهم ؟ قلت‪ :‬نيف وعشرون رجل وأربعون لساير الناس‬
‫قال‪ :‬فأي الناس أفضل جهادا ؟ قلت‪ :‬إن أبا بكر كان مع رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله في عريشه‪ ،‬قال يصنع ماذا ؟ قلت‪ :‬يدبر المر‪ .‬قال‪ :‬ويلك‬
‫دون رسول ال أو شريكا مع رسول ال أو إفتقارا من رسول ال إلى أبي‬
‫بكر ؟ قلت‪ :‬أعوذ بال من أن يدبر أبو بكر دون رسول ال‪ ،‬أو يكون‬

‫)‪ (1‬الرعد‪[*] .38 :‬‬

‫]‪[142‬‬

‫شريكا مع رسول ال صلى ال عليه وآله أو يكون رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫فقيرا إليه‪ ،‬قال‪ :‬فما الفضيلة في العريش إن كان المر على ما وصفت ؟‬
‫أليس من ضرب بسيفه أفضل ممن جلس ؟ قلت‪ :‬كل الجيش كان مجاهدا‬
‫قال‪ :‬صدقت إل أن الضارب بالسيف المحامي عن رسول ال وعن الجيش‬
‫كان أفضل من الجيش‪ ،‬أما قرأت كتاب ال عزوجل " ل يستوي القاعدون‬
‫من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل ال بأموالهم‬
‫وأنفسهم فضل ال المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين أجرا‬
‫عظيما درجات منه ومغفرة وكان ال غفورا رحيما " )‪ .(1‬قلت‪ :‬أفكان أبو‬
‫بكر وعمر مجاهدين أم ل‪ ،‬قال‪ :‬بلى‪ ،‬ولكن أخبرني هل كان لبي بكر وعمر‬
‫فضل على من لم يشهد ذلك المشهد ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فكذلك يسبق الباذل‬
‫نفسه على أبي بكر وعمر قلت‪ :‬أجل قال‪ :‬يا إسحاق أتقرأ القرآن ؟ قلت‪:‬‬
‫نعم قال‪ :‬إقرأ " هل أتى على النسان حين من الدهر " فقرأت إلى قوله‪" :‬‬
‫ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " إلى قوله‪ " :‬وإذا‬
‫رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا " قال‪ :‬على رسلك ! فيمن أنزل هذا ؟‬
‫قلت‪ :‬في علي‪ .‬قال‪ :‬هل بلغك أن عليا حين أطعم المسكين واليتيم والسير‬
‫قال‪ :‬إنما نطعمكم لوجه ال على ما سمعت ال يقول في كتابه ؟ قلت‪ :‬ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬صدقت إن ال جل ثناؤه عرف سريرة علي ونيته‪ ،‬فاظهر ذلك في‬
‫كتابه تعريفا منه لخلقه حال علي ومذهبه وسريرته‪ ،‬فهل علمت أن ال‬
‫عزوجل وصف شيئا مما وصف في الجنة غير هذه السورة " قوارير من‬
‫فضة " قلت‪ :‬ل قال‪ :‬أجل وهذه فضيلة اخرى إن ال وصف له في الجنة ما‬
‫لم يصفه لغيره‪ ،‬أو تدري ما معنى " قوارير من فضة " ؟ قلت ل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫آنية من فضة ينظر الناظر ما في داخلها كما يرى في القوارير‪ .‬يا إسحاق‬
‫ألست ممن يشهد إن العشرة في الجنة ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت لو أن رجل‬
‫قال‪ :‬ما أدري هذا الحديث صحيح أم ل‪ ،‬وما أدري لعل رسول ال‬

‫)‪ (1‬النساء‪ 95 :‬و ‪[*] .96‬‬

‫]‪[143‬‬

‫صلى ال عليه وآله قاله أم لم يقله‪ ،‬أكان عندك كافرا ؟ قلت‪ :‬أعوذ بال قال‪ :‬فلو أن‬
‫رجل قال‪ :‬وال ما أدري هذه السورة من القرآن أم ل‪ ،‬أكان عندك كافرا ؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬يا إسحاق أرى أثرهم ها هنا متأكدا‪ ،‬القرآن يشهد لهذا‪،‬‬
‫والخبار تشهد لهؤلء‪ .‬ثم قال‪ :‬أتروي يا إسحاق حديث الطائر ؟ قلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثني به فحدثته به‪ ،‬قال‪ :‬أتؤمن أن هذا الحديث صحيح ؟ قلت‪ :‬رواه‬
‫من ل يمكنني بأن أرد حديثه‪ ،‬ول أشك في صدقه‪ ،‬قال‪ :‬أفرأيت من أيقن أن‬
‫هذا الحديث صحيح ثم زعم أن أحدا أفضل من علي أيخلو من أن يقول‪:‬‬
‫دعاء النبي صلى ال عليه وآله مردود أو أن ال عرف الفاضل من خلقه‬
‫فكان المفضول أحب إليه منه‪ ،‬أو يقول‪ :‬أن ال عزوجل لم يعرف الفاضل‬
‫من المفضول ؟ فأي الثلثة أحب إليك أن تقول ؟ فانك إن قلت منها شيئا‬
‫استبذيت‪ ،‬فان كان عندك في الحديث تأويل غير هذه الثلثة أوجه فقل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ل أعلم‪ ،‬وإن لبي بكر فضل‪ ،‬قال‪ :‬أجل لول أن لبي بكر فضل لم أقل‬
‫علي أفضل منه‪ ،‬فما فضله الذي قصدت به الساعة ؟ قلت‪ :‬قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه ل تحزن إن ال‬
‫معنا " )‪ (1‬فنسبه ال عزوجل إلى صحبة النبي صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫يا إسحاق أما أني ل أحملك على الوعر من طريقك‪ ،‬فاني وجدت ال جل‬
‫ثناؤه نسب إلى صحبة من رضيه ورضي عنه كافرا فقال‪ " :‬إذ يقول‬
‫لصاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة‪ ،‬ثم سويك‬
‫رجل " )‪ (2‬قلت‪ :‬إن ذلك كان كافرا وأبو بكر كان مؤمنا قال‪ :‬فإذا جاز أن‬
‫ينسب إلى صحبة من رضيه ورضي عنه كافرا جاز أن ينسب إلى صحبة‬
‫نبيه مؤمنا وليس بأفضل المؤمنين‪ ،‬ول بالثاني‪ ،‬ول بالثالث‪ .‬قلت‪ :‬إن ال‬
‫جل وعل يقول‪ " :‬ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .40 :‬الكهف‪[*] .37 :‬‬


‫]‪[144‬‬

‫ل تحزن إن ال معنا " فأنزل ال سكينته عليه‪ ،‬قال‪ :‬يا إسحاق إنك تأبى إل أن‬
‫اخرجك إلى الستقصاء عليك أخبرني عن حزن أبي بكر أكان ل رضا أو‬
‫كان معصية ؟ قلت‪ :‬إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول ال خوفا عليه من‬
‫أن يصل إليه شئ من المكروه‪ ،‬قال‪ :‬فحزنه كان ل رضا أو معصية ؟ قلت‪:‬‬
‫بل ل رضا قال‪ :‬فكان بعث إليه رسول ينهاه عن طلب رضاه وعن طاعته ؟‬
‫قلت‪ :‬أعوذ بال قال‪ :‬ألم تزعم أن حزن أبي بكر رضى ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬أو‬
‫لم تجد أن القرآن يشهد أن النبي صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬ل تحزن نهيا‬
‫له عن الحزن‪ ،‬والحزن ل رضى أفل تراه قد نهى عن طلب رضى ال إن‬
‫كان المر على ما وصفت‪ ،‬وأعوذ بال أن يكون كذلك فانقطعت عن جوابه‪.‬‬
‫قال‪ :‬يا إسحاق إن مذهبي الرفق بك‪ ،‬لعل ال أن يردك‪ ،‬فأخبرني عن قول‬
‫ال جل ثناؤه‪ " :‬وأنزل ال سكينته عليه " من عنى بذلك‪ :‬رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله أو أبا بكر ؟ قلت‪ :‬بل رسول ال قال‪ :‬صدقت فأخبرني‬
‫عن قول ال‪ " :‬ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت‬
‫عليكم الرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل ال سكينته على‬
‫رسوله وعلى المؤمنين " )‪ (1‬أتعلم المؤمنين الذين أرادهم ال في هذا‬
‫الموضع ؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله إل سبعة من بني هاشم‪ :‬علي يضرب بسيفه‪،‬‬
‫والعباس آخذ بلجام بغلته‪ ،‬والباقون يحدقون برسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله خوفا أن يناله من سلح القوم شئ حتى أعطى ال رسوله النصر‪.‬‬
‫فالمؤمنون في هذا الموضع علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم‪ ،‬وقد‬
‫قيل‪ :‬إن سلمان الفارسي وعمارا كانا فيهم‪ ،‬فمن أفضل يا إسحاق ؟ من‬
‫كان مع النبي صلى ال عليه وآله فنزلت السكينة على النبي صلى ال عليه‬
‫وآله وعليه ؟ أم من كان مع رسول ال صلى ال عليه وآله ونزلت السكينة‬
‫على النبي صلى ال عليه وآله ولم يره موضعا لتنزيلها عليه معه ؟ قلت‪:‬‬
‫بل من انزلت السكينة عليه مع النبي صلى ال عليه وآله‪.‬‬

‫)‪ (1‬براءة‪[*] .9 :‬‬

‫]‪[145‬‬

‫قال‪ :‬فمن أفضل عندك من كان معه في الغار أم من نام على فراشه‪ ،‬ووقاه بنفسه ؟‬
‫أن ال عزوجل أمر النبي صلى ال عليه وآله أن يأمر عليا عليه السلم‬
‫بالنوم على فراشه وأن يقي النبي صلى ال عليه وآله بنفسه فأمره بذلك‪،‬‬
‫فبكى علي فقال له النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬ما يبكيك يا علي قال‪ :‬الخوف‬
‫عليك أفتسلم يا رسول ال ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فاستبشر علي عليه السلم وقال‪:‬‬
‫سمعا وطاعة لربي طابت نفسي بالفداء لك يا رسول ال‪ ،‬ثم أتى علي‬
‫مضجعه فاضطجع وتسجى بثوبه وجاء المشركون من قريش فاحدقوا به‬
‫ول يشكون أن النبي صلى ال عليه وآله حاصل في أيديهم قد أجمعوا أن‬
‫يضربه كل بطن من قريش بالسيف لئل يطلب بنو هاشم بطنا من بطون‬
‫قريش بدمه‪ ،‬وهو يسمع ما القوم فيه من تلف نفسه‪ ،‬فلم يدعه ذلك إلى‬
‫الجزع كما جزع صاحبه في الغار‪ ،‬ولم يزل صابرا محتسبا‪ ،‬وبعث ال إليه‬
‫ملئكة تمنعه من مشركي قريش حتى أصبح فلما أصبح قام فنظر القوم‬
‫إليه فقالوا‪ :‬أين محمد ؟ قال‪ :‬ل أعلم أين هو ؟ قالوا‪ :‬ل نراك إل كنت تغرنا‬
‫منذ الليلة‪ ،‬ثم لحق برسول ال صلى ال عليه وآله فلم يزل علي أفضل لما‬
‫بدا منه يزيد ول ينقص حتى قبضه ال إليه‪ .‬يا إسحاق أتروي حديث‬
‫الولية ؟ قلت‪ :‬نعم قال‪ :‬اروه فرويته‪ ،‬فقال‪ :‬أليس هذا الحديث قد أوجب‬
‫لعلي على أبي بكر وعمر ما لم يجب لهما عليه ؟ قلت‪ :‬نعم إل أن الناس ل‬
‫يقولون بذلك وقالوا بأن‪ :‬هذا الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثة لشئ‬
‫جرى بينه وبين علي فأنكر ولء علي فقال النبي صلى ال عليه وآله هذا‬
‫القول عند ذلك‪ ،‬قال‪ :‬يا سبحان ال لهذه العقول ! متى قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله لعلي عليه السلم‪ :‬من كنت موله فعلي موله وفي أي‬
‫موضع ؟ قلت‪ :‬بغدير خم عند منصرفه من حجة الوداع قال‪ :‬أجل‪ ،‬فمتى‬
‫قتل زيد بن حارثة ؟ قال‪ :‬موضع بموتة قال‪ :‬فكم كان بين قتل زيد وبين‬
‫غدير خم ؟ قلت‪ :‬سبع سنين أو ثماني سنين )‪ (1‬قال‪ :‬ويحك كيف رضيت‬
‫لنفسك بهذا وقد علمت أن خطابه للمسلمين كافة ألست أولى بكم من‬
‫أنفسكم ؟ قالوا‪ :‬بلى يارسول ال قال‪ :‬من كنت موله فعلي موله اللهم وال‬
‫من واله وعاد من عاده‪ .‬ويلكم ل تجعلوا فقهاءكم أربابكم إن ال عزوجل‬

‫)‪ (1‬بل سنتان فان غزوة مؤتة كانت سنة ثمان للهجرة‪[*] .‬‬

‫]‪[146‬‬

‫يقول‪ " :‬اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال " )‪ (1‬ولم يصلوا لهم ولم‬
‫يصوموا ول زعموا أنهم آلهة ولكنهم أمروهم فأطاعوهم أفتوا بغير حق‬
‫فضلوا وأضلوا أتروي يا إسحاق حديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى‬
‫؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال اروه فرويته قال‪ :‬فهل يمكن أن يكون النبي صلى ال‬
‫عليه وآله فرح بهذا القول ؟ قلت‪ :‬أعوذ بال قال‪ :‬أفما تعلم أن هارون من‬
‫موسى أخوه لبيه وامه ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فعلي أخو رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله لبيه وامه‪ ،‬قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬أو ليس هارون نبيا قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وعلي غير نبي ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فهذان معدومان في علي من الحال التي‬
‫كانت في هارون فما معنى قوله لعلي‪ :‬أنت مني بمنزلة هارون من موسى‪،‬‬
‫قلت له‪ :‬انما أراد أن يطيب نفس علي لما قال المنافقون استخلفه استثقال‬
‫له قال‪ :‬فأراد أن يطيب قلب علي بقول ل معنى له ؟ فسكت‪ .‬فقال‪ :‬إن له‬
‫معنى في كتاب ال جل ثناؤه ظاهرا بينا قلت‪ :‬وما هو ؟ قال غلبت عليكم‬
‫الهواء والعماية‪ ،‬هو قول ال عزوجل يخبر عن موسى حيث يقول "‬
‫اخلفني في قومي وأصلح ول تتبع سبيل المفسدين " )‪ (2‬قلت‪ :‬إن موسى‬
‫استخلف هارون في قومه وهو حي ومضى إلى ربه‪ ،‬وإن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله استخلف عليا عليه السلم حين خرج إلى غزوته قال‪ :‬كل ليس‬
‫كما قلت‪ :‬أخبرني عن موسى حين استخلف هارون هل كان معه حين ذهب‬
‫إلى ربه أحد من أصحابه أو من بني إسرائيل ؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬أو ليس‬
‫استخلفه على جماعتهم ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فأخبرني عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله حين خرج إلى غزوته هل خلف إل الضعفاء والنساء والصبيان‬
‫فأنى يكون هذا مثل ذلك‪ ،‬وما معنى الستخلف ههنا‪ ،‬وعلى أن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله قد بين ذلك بقوله‪ :‬إل أنه ل نبي بعدي‪ ،‬فقد كشف ذلك بأنه‬
‫استخلفه من بعده على كل حال إل على النبوة‪ ،‬إذ كان خاتم النبيين صلى‬
‫ال عليه وآله ولم يكن قول النبي صلى ال عليه وآله ليبطل أبدا‪ .‬أتروي يا‬
‫إسحاق حديث المباهلة ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أتروي حديث الكساء ؟‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .31 :‬العراف‪[*] .142 :‬‬

‫]‪[147‬‬

‫قلت‪ :‬نعم‪ :‬قال ففكر في هذا أو هذا‪ ،‬واعلم أي شئ فيهما ؟ ثم قال‪ :‬من ذا الذي‬
‫تصدق وهو راكع ؟ قلت‪ :‬علي تصدق بخاتمه‪ ،‬قال‪ :‬أتعرف غيره ؟ قلت‪:‬‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬فما قرأت " إنما وليكم ال ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون‬
‫الصلة ويؤتون الزكوة وهم راكعون " )‪ (1‬قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬أفما في هذه‬
‫الية نص ال على علي بقوله‪ " :‬إنما وليكم ال ورسوله والذين آمنوا‬
‫الذين يقيمون الصلة ويؤتون الزكوة وهم راكعون " قلت‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين قد جمع بقوله‪ " :‬الذين آمنوا " قال‪ :‬القرآن عربي ونزل بلغات‬
‫العرب‪ ،‬والعرب تخاطب الواحد بخطاب الجمع ويقول الواحد‪ :‬فعلنا‬
‫وصنعنا‪ ،‬وهو من كلم الملك والعالم والفاضل وكذلك قال ال " خلقنا‬
‫السموات " )‪ (2‬وبنينا فوقكم سبعا )‪ " (3‬وهو ال الواحد‪ ،‬وقال‪ :‬جل‬
‫ثناؤه حكاية من خطابه سبحانه قال‪ " :‬رب ارجعون " )‪ (4‬ولم يقل‬
‫ارجعني لهذه العلة‪ .‬ثم قال‪ :‬يا إسحاق أوما علمت أن جماعة من أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله لما أشاد بذكر علي وبفضله‪ ،‬وطوق‬
‫أعناقهم وليته وإمامته‪ ،‬وبين لهم أنه خيرهم من بعده‪ ،‬وأنه ل يتم لهم‬
‫طاعة ال إل بطاعته‪ ،‬وكان في جميع ما فضله به نص على أنه ولي المر‬
‫بعده‪ ،‬قالوا إنما ينطق النبي صلى ال عليه وآله عن هواه‪ ،‬وقد أضله حبه‬
‫ابن عمه وأغواه‪ ،‬وأطنبوا في القول سرا فانزل ال المطلع على السراير "‬
‫والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى *‬
‫إن هو إل وحي يوحى "‪ .‬ثم قال‪ :‬يا إسحاق إن الناس ل يريدون الدين إنما‬
‫أرادوا الرياسة وطلب ذلك أقوام فلم يقدروا عليه بالدنيا‪ ،‬فطلبوا ذلك‬
‫بالدين‪ ،‬ول حرص لهم‬

‫)‪ (1‬المائدة ‪ (2) .55‬في آيات عديدة‪ (3) .‬النبأ‪ (4) .12 :‬المؤمنون‪[*] .99 :‬‬

‫]‪[148‬‬

‫عليه‪ ،‬ول رغبة لهم فيه‪ .‬أما تروي أن النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يذاد قوم من‬
‫أصحابي عن الحوض فأقول‪ :‬يا رب أصحابي أصحابي فيقال لي‪ :‬إنك ل‬
‫تدري ما أحدثوا بعدك‪ ،‬رجعوا القهقري‪ ،‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ففكر في هذا‪ .‬فقال‬
‫الناس ما أرادوا وطال المجلس وعلت الصوات وارتفع الكلم‪ .‬فقال يحيى‬
‫بن أكثم‪ :‬يا أمير المؤمنين قد أوضحت لمن أراد ال به الخير وبينت وال‬
‫ما ل يقدر على أحد على دفعه‪ ،‬فأقبل علينا فقال‪ :‬ما تقولون ؟ قلنا‪ :‬كلنا‬
‫يقول بقول أمير المؤمنين وفقه ال‪ ،‬قال‪ :‬وال لول أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله قبل القول من الناس لم أكن لقبله منكم‪ ،‬اللهم إني قد نصحت‬
‫اللهم إني قد أرشدت‪ ،‬اللهم إني قد أخرجت المر من عنقي اللهم إني أدين‬
‫لك وأتقرب إليك بحب علي ووليته‪ ،‬فنهضنا من عنده‪ ،‬وكان هذا آخر‬
‫مجلسنا منه )‪ - 28 .(1‬كتاب البرهان‪ :‬أخبرنا محمد بن الحسن قال‪ :‬حدثنا‬
‫الحسن بن خضر عن أبيه‪ ،‬عن عثمان بن سهيل أن الرشيد أمر يحيى بن‬
‫خالد أن يجمع المتكلمين في داره وأن يكون من وراء الستر من حيث‬
‫يسمع كلمهم ول يعلمهم بمكانه‪ ،‬ففعل ذلك فسأل بيان الحروري هشام بن‬
‫الحكم فقال‪ :‬أخبرني أصحاب علي وقت حكم الحكمين أي شئ كانوا ؟‬
‫مؤمنين أم كافرين‪ ،‬قال‪ :‬كانوا ثلثة أصناف‪ :‬صنف مؤمنون وصنف‬
‫مشركون‪ ،‬وصنف ضلل‪ ،‬فأما المؤمنون فالذين عرفوا إمامة علي عليه‬
‫السلم من كتاب ال عزوجل‪ ،‬ونص رسول ال صلى ال عليه وآله وقليل‬
‫ما كانوا‪ ،‬وأما المشركون فقوم مالوا إلى إمامة معاوية بصلح فأشركوا إذ‬
‫جعلوا معاوية مع علي‪ ،‬وأما الضلل فمن خرج على سبيل العصبية‬
‫والحمية للقبايل والعشاير‪ ،‬ل للدين‪ .‬قال‪ :‬فما كان أصحاب معاوية ؟ قال‪:‬‬
‫ثلثة أصناف صنف‪ :‬كافرون‪ ،‬وصنف مشركون‪ ،‬وصنف ضلل‪ ،‬فأما‬
‫الكافرون فقوم قالوا‪ :‬معاوية إمام وعلي ل يصلح فكفروا وجحدوا إماما‬
‫من ال عزوجل ذكره‪ ،‬ونصبوا إماما من غير ال‪ ،‬وأما المشركون فقوم‬
‫قالوا‪ :‬معاوية إمام وعلي يصلح لول قتل عثمان‪ ،‬وأما الضلل‬

‫)‪ (1‬روي المناظرة الصدوق في العيون ج ‪ 2‬ص ‪ 184‬بغير هذه اللفاظ وهكذا ابن‬
‫عبد ربه في العقد فراجع‪[*] .‬‬

‫]‪[149‬‬

‫فقوم خرجوا على سبيل العصبية والحمية للقبايل والعشاير ل للدين‪ .‬قال‪ :‬فانبرى له‬
‫ضرار بن عمرو الضبي وكان من المعتزلة ممن يزعم أن عقد المام ليس‬
‫بفرض ول واجب‪ ،‬وإنما هي ندبة حسنة إن فعلوها جاز‪ ،‬وإن لم يفعلوها‬
‫جاز‪ ،‬فقال‪ :‬أسألك يا هشام قال‪ :‬إذا تكون ظالما في السؤال‪ ،‬قال‪ :‬ولم ؟‬
‫قال‪ :‬لنكم مجمعون على رفع إمامة صاحبي‪ ،‬وخلفي في الصل‪ ،‬وقد‬
‫سألتم مسألة فيجب أن أسألكم قال له‪ :‬سل قال‪ :‬أخبرني عن ال عزوجل لو‬
‫كلف العمى قراءة الكتب والنظر في المصاحف‪ ،‬وكلف المقعد المشئ إلى‬
‫المساجد والجهاد في سبيل ال‪ ،‬وكلف ذوي الزمانات ما ل يوجد في‬
‫وسعهم أكان جابرا أم عادل ؟ قال‪ :‬لم يكن ليفعل ذلك‪ ،‬قال‪ :‬قد علمت أن ال‬
‫عزوجل ل يفعل ذلك‪ ،‬ولكني سألتك على طريق الجدل والخصومة لو فعل‬
‫ذلك كان جابرا أم عادل‪ ،‬قال‪ :‬بل جابرا قال‪ :‬أصبت فخبرني الن هل كلف‬
‫ال العباد من أمر الدين أمرا واحدا يسألهم عنه يوم القيامة ل اختلف‬
‫فيه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فجعل لهم على إصابة ذلك دليل فيكون داخل في باب‬
‫العدل ؟ أم ل فيكون داخل في باب الجور ؟ فأطرق ضرار ساعة ثم رفع‬
‫رأسه وقال‪ :‬لبد من دليل‪ ،‬وليس بصاحبك‪ ،‬فتبسم هشام وقال‪ :‬صرت إلى‬
‫الحق ضرورة ول خلف بيني وبينك‪ ،‬إل في التسمية‪ ،‬قال‪ :‬فاني أرجع‬
‫سائل قال هشام‪ :‬سل‪ .‬قال ضرار‪ :‬كيف تعقد المامة ؟ قال‪ :‬كما عقد ال‬
‫عزوجل النبوة‪ ،‬قال ضرار‪ :‬فهو إذا نبي قال هشام‪ :‬ل إن النبوة يعقدها‬
‫بالملئكة والمامة بالنبياء‪ ،‬فعقد النبوة إلى جبرئيل‪ ،‬وعقد المامة إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وكل من عقد ال‪ ،‬قال ضرار‪ :‬فما الدليل‬
‫على ذلك الرجل بعينه إذا كان المر إلى ال ورسوله‪ .‬قال‪ :‬ثمانية أدلة‬
‫أربعة في نعت نفسه‪ ،‬وأربعة في نعت نسبه‪ ،‬فأما التي في نعت نسبه فهو‬
‫أن يكون مشهور الجنس‪ ،‬مشهور النسب‪ ،‬مشهور القبيلة‪ ،‬مشهور البيت‪،‬‬
‫وأما التي في نعت نفسه فأن يكون أعلم الناس بدقيق الشياء وجليلها‪،‬‬
‫معصوما من الذنوب صغيرها وكبيرها‪ ،‬أسخى أهل زمانه‪ ،‬وأشجع أهل‬
‫زمانه‪.‬‬

‫]‪[150‬‬
‫فلما اضطر المر إلى هذا لم نجد جنسا في هذا الخلق أشهر جنسا من العرب الذي‬
‫منه صاحب الملة والدعوة المنادي باسمه على الصوامع في كل يوم خمس‬
‫مرات فتصل دعوته إلى كل بر وفاجر‪ ،‬وعالم وجاهل‪ ،‬مقر ومنكر في شرق‬
‫الرض وغربها‪ ،‬ولو جاز أن يكون في غير هذا الجنس من الحبش‬
‫والبربر والروم والخزر والترك والديلم لتى على الطالب المرتاد دهر من‬
‫عمره ول يجد إلى وجوده سبيل فلما لم يجب أن يكون إل في هذا الجنس‬
‫لهذه العلة وجب أن ل يكون من هذا الجنس إل في هذا النسب‪ ،‬ومن هذا‬
‫النسب إل في هذه القبيلة‪ ،‬ومن هذه القبيلة إل في هذا البيت‪ ،‬وأن يكون‬
‫من النبي صلى ال عليه وآله إشارة إليه وإل ادعاها جميع أهل هذا البيت‬
‫وأما التي في نعت نفسه فهو كما وصفناه‪ .‬قال له عبد ال بن زيد الباضي‪:‬‬
‫لم زعمت أن المام ل يكون إل معصوما ؟ قال‪ :‬ان لم يكن معصوما لم‬
‫يؤمن عليه أن يدخل في الذنوب والشهوات‪ ،‬فيحتاج إلى من يقيم عليه‬
‫الحدود‪ ،‬كما يقيمها هو على ساير الناس‪ ،‬وإذا استوت حاجة المام وحاجة‬
‫الرعية لم يكونوا بأحوج إليه منه إليهم‪ ،‬وإذا دخل في الذنوب والشهوات‬
‫لم يؤمن عليه أن يكتمها على حميمه وقرابته ونفسه‪ ،‬فل يكون فيه سد‬
‫حاجة‪ .‬قال‪ :‬فلم زعمت أنه أعلم الناس بدقيق الشياء وجليلها ؟ قال‪ :‬لنه‬
‫إذا لم يكن كذلك لم يؤمن عليه أن يقلب الحكام والسنن‪ ،‬فمن وجب عليه‬
‫الحد قطعه‪ ،‬ومن وجب عليه القطع حده‪ ،‬ومن وجب عليه الدب أطلقه‪،‬‬
‫ومن وجب عليه الطلق حبسه‪ ،‬فيكون فسادا بل صلح‪ .‬قال‪ :‬فلم زعمت‬
‫أنه أسخى الناس ؟ قال‪ :‬لنه خازن المسلمين الذي يجتمع عنده أموال‬
‫الشرق والغرب‪ ،‬فان لم تهن عليه الدنيا بما فيها شح على أموالهم فأخذها‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلم قلت‪ :‬أنه أشجع الناس ؟ قال‪ :‬لنه فئة المسلمين الذين يرجعون‬
‫إليه وال تبارك وتعالى يقول‪ " :‬ومن يولهم يومئذ دبره إل متحرفا لقتال‬
‫أو‬

‫]‪[151‬‬

‫متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من ال " )‪ (1‬فل يجوز أن يجبن المام كما تجبن‬
‫المة‪ ،‬فيبوء بغضب من ال‪ ،‬وقد قلت‪ :‬إنه معصوم‪ ،‬ولبد في كل زمان من‬
‫واحد بهذه الصفة‪ .‬فقال الرشيد لبعض الخدم‪ :‬اخرج إليه فقل له‪ :‬من في‬
‫هذا الزمان بهذه الصفة ؟ قال‪ :‬أمير المؤمنين صاحب القصر يعني الرشيد‪،‬‬
‫فقال الرشيد‪ :‬وال لقد أعطاني من جراب فارغ‪ ،‬وإني لعلم إني لست بهذه‬
‫الصفة‪ ،‬فقال جعفر بن يحيى وكان معه داخل الستر‪ ،‬إنما يعني موسى بن‬
‫جعفر قال‪ :‬ما عداها وقام يحيى بن خالد فدخل الستر فقال له الرشيد‪:‬‬
‫ويحك يا يحيى من هذا الرجل ؟ قال‪ :‬من المتكلمين‪ ،‬قال‪ :‬ويحك مثل هذا‬
‫باق ويبقى لي ملكي ؟ وال للسان هذا أبلغ في قلوب العامة من مائة ألف‬
‫سيف‪ ،‬ما زال مكررا صفة صاحبه ونعته حتى هممت أن أخرج إليه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫تكفى يا أمير المؤمنين‪ .‬وكان يحيى محبا لهشام مكرما له‪ ،‬وعلم أن هشاما‬
‫قد غلط على نفسه فخرج إليه فغمزه فقام هشام وترك رداءه ونهض كأنه‬
‫يقضي حاجة وتهيأ له الخلص فخرج من وقته إلى الكوفة‪ ،‬فمات بها‬
‫رحمه ال )‪ - 29 .(2‬كتاب البرهان‪ :‬أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن الفضل بن ربيعة الشعري قال‪ :‬حدثنا علي بن حسان قال‪:‬‬
‫حدثنا عبد الرحمن ابن كثير‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن الحسين‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬لما أجمع الحسن بن علي على صلح معاوية خرج حتى‬
‫لقيه فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن أن يقوم‬
‫أسفل منه بدرجة‪ ،‬ثم تكلم معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬هذا الحسن بن علي رآني للخلفة‬
‫أهل ولم ير نفسه لها أهل وقد أتانا ليبايع‪ ،‬ثم قال‪ :‬قم يا حسن‪ ،‬فقام‬
‫الحسن عليه السلم فخطب فقال‪ :‬الحمد ل المستحمد باللء‪ ،‬وتتابع‬
‫النعماء‪ ،‬وصارفات الشدايد والبلء‪ ،‬عند الفهماء وغير الفهماء المذعنين‬
‫من عباده لمتناعه بجلله وكبريائه وعلوه عن لحوق الوهام ببقائه‬
‫المرتفع عن كنه طيات‬

‫)‪ (1‬النفال‪ (2) .16 :‬البرهان مخطوط‪ ،‬وترى المناظرة في كمال الدين ج ‪ 2‬ص‬
‫‪[*] .31‬‬

‫]‪[152‬‬

‫المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له في ربوبيته‪ ،‬ووجوده وحدانيته‪ ،‬صمدا ل شريك له فردا‬
‫ل وتر معه‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬اصطفاه وانتجبه وارتضاه‪،‬‬
‫فبعثه داعيا إلى الحق سراجا منيرا‪ ،‬وللعباد مما يخافون نذيرا‪ ،‬ولما‬
‫يأملون بشيرا فنصح للمة‪ ،‬وصدع بالرسالة‪ ،‬وأبان لهم درجات العمالة‬
‫شهادة عليها أموت وأحشر‪ ،‬وبها في الجلة اقرب واحبر‪ .‬وأقول معشر‬
‫الملء فاستمعوا ولكم أفئدة وأسماع فعوا‪ ،‬إنا أهل بيت أكرمنا ال بالسلم‪،‬‬
‫واختارنا واصطفانا واجتبانا‪ ،‬فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا والرجس‬
‫هو الشك فل نشك في الحق أبدا وطهرنا وأولدنا من كل ]أفن وغية[‬
‫مخلصين إلى آدم لم يفترق الناس فرقتين إل جعلنا في خيرهما‪ ،‬حتى بعث‬
‫ال عزوجل محمدا صلى ال عليه وآله بالنبوة‪ ،‬واختاره للرسالة‪ ،‬وأنزل‬
‫عليه كتابه‪ .‬ثم أمره بالدعاء إلى ال عزوجل‪ ،‬فكان أبي رضوان ال عليه‬
‫أول من استجاب ل ولرسوله‪ ،‬وقد قال ال جل ثناؤه في كتابه المنزل على‬
‫نبيه المرسل " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " )‪(1‬‬
‫فرسول ال صلى ال عليه وآله بينة من ربه وأبي الذي يتلوه شاهد منه‪.‬‬
‫وقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله حين أمره أن يسير إلى أهل مكة‬
‫ببرائة‪ :‬سر بها يا علي فاني امرت أن ل يسير بها إل أنا أو رجل مني فعلي‬
‫من رسول ال ورسول ال منه‪ ،‬وقال له حين قضى بينه وبين جعفر وبين‬
‫زيد بن حارثة في ابنة حمزة وأما أنت يا علي فرجل مني وأنا منك‪ ،‬وأنت‬
‫ولي كل مؤمن بعدي فصدق ]أبي[ رسول ال صلى ال عليه وآله ووقاه‬
‫بنفسه‪ ،‬في كل موطن يقدمه رسول ال وفي كل شديدة ثقة منه وطمأنينة‬
‫إليه‪ ،‬لعلمه بنصيحته ل ولرسوله‪ .‬وأنه أقرب المقربين من ال‪ ،‬ورسوله‪،‬‬
‫وقد قال ال عزوجل " السابقون‬

‫)‪ (1‬هود‪[*] .17 :‬‬

‫]‪[153‬‬

‫السابقون اولئك المقربون " )‪ (1‬وكان أبي سابق السابقين إلى ال ورسوله و‬
‫أقرب القربين وقد قال ال عزوجل " ل يستوي منكم من أنفق من قبل‬
‫الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة " )‪ (2‬فأبي كان أولهم إسلما‪ ،‬وأقدمهم‬
‫هجرة وأولهم نفقة‪ .‬وقال‪ " :‬والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا‬
‫ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا‬
‫إنك رؤف رحيم " )‪ (3‬فالناس من بعده من جميع المم يستغفرون له‬
‫بسبقهم إياهم إلى اليمان بنبيه صلى ال عليه وآله ولم يسبقه إلى اليمان‬
‫أحد وقد قال ال عزوجل‪ " :‬السابقون الولون من المهاجرين والنصار‬
‫الذين إتبعوهم باحسان " )‪ (4‬لجميع السابقين وهو سابقهم وكما أن ال‬
‫عزوجل )فضل السابقين( على المتخلفين‪ ،‬فكذلك فضل سابق السابقين‬
‫على السابقين‪ .‬وقال تعالى " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام‬
‫كمن آمن بال ورسوله وجاهد في سبيل ال ل يستون عند ال " )‪ (5‬فكان‬
‫أبي المؤمن بال واليوم الخر والمجاهد في سبيل ال وفيه نزلت هذه‬
‫الية‪ ،‬واستجاب رسول ال عمه حمزة وابن عمه جعفر ]فقتل شهيدين في‬
‫قتلى[ كثيرة معهما فجعل ال حمزة سيد الشهداء من بينهم‪ ،‬وجعل جناحين‬
‫لجعفر يطير بهما مع ]الملئكة[ في الجنان كيف يشاء وذلك لمكانهما من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله ولمنزلتهما هذه ولقرابتهما منه‪ ،‬وصلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله على حمزة سبعين صلة من بين ]الشهداء‬
‫الذين استشهدوا[ معه‪ .‬وجعل لنساء النبي أجرين ]للمحسنة منهن‬
‫وللمسيئة منهن وزرين‬

‫)‪ (1‬الواقعة‪ (2) .11 - 10 :‬الحديد‪ (3) .10 :‬الحشر‪ (4) .10 :‬براءة‪(5) .100 :‬‬
‫براءة‪[*] .19 :‬‬
‫]‪[154‬‬

‫ضعفين )‪ (1‬لمكانهن من رسول ال صلى ال عليه وآله وجعل الصلة في مسجد‬


‫رسول ال بألف صلة في سائر[ المساجد إل مسجد خليله إبراهيم عليه‬
‫السلم بمكة لمكان رسول ال من ربه و لفضيلته وعلم رسول ال‬
‫المؤمنين الصلة على محمد وعلى آل ]محمد‪ ،‬فأخذ[ من كل مسلم أن‬
‫يصلي علينا مع الصلة على النبي صلى ال عليه وآله فريضة واجبة‪،‬‬
‫وأحل ال عزوجل الغنيمة لرسوله وأحلها لنا معه‪ .‬وحرم عليه الصدقة‬
‫وحرم علينا معه‪ ،‬كرامة أكرمنا ال بها‪ ،‬وفضيلة فضلنا بها على ساير‬
‫العباد‪ .‬وقال تبارك وتعالى لمحمد صلى ال عليه وآله حيث جحده أهل‬
‫الكتاب‪ " :‬قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم‬
‫ثم نبتهل فنجعل لعنة ال على الكاذبين " )‪ (2‬فأخرج رسول ال من‬
‫النفس هو وأبي‪ ،‬ومن البنين أنا وأخي ومن النساء أمي فاطمة‪ ،‬فنحن‬
‫أهله‪ ،‬ونحن منه وهو منا‪ ،‬وقد قال تبارك وتعالى‪ " :‬إنما يريد ال ليذهب‬
‫عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " )‪ (3‬فلما نزلت آية التطهير‬
‫جمعنا رسول ال صلى ال عليه وآله أنا وأخي وامي وأبي فجللنا وجلل‬
‫نفسه في كساء لم سلمة خيبري في يومها فقال‪ " :‬اللهم هؤلء أهل بيتي‬
‫وعترتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا‪ ،‬فقالت ام سلمة‪ :‬أدخلني‬
‫معهم يا رسول ال‪ ،‬فقال لها‪ :‬أنت على خير ولكنها خاصة لي ولهم‪ .‬ثم‬
‫مكث رسول ال صلى ال عليه وآله بقية عمره حتى قبضه ال إليه يأتينا‬
‫في كل يوم عند طلوع الفجر‪ ،‬فيقول‪ :‬الصلة يرحمكم ال إنما يريد ال‬
‫ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا‪ ،‬وأمر رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله بسد البواب التي في مسجد رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫غير بابنا‪ ،‬فكلموه فقال‪ :‬أما إني لم اسد بابكم ولم أفتح بابه ولكن ال أمر‬
‫بسدها وفتح بابه‪ ،‬ولم يكن أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله ويولد له الولد غير رسول ال وأبي علي بن أبي طالب‬

‫)‪ (1‬راجع الحزاب‪ 13 :‬و ‪ (2) .32‬آل عمران‪ (3) .61 :‬الحزاب‪[*] .33 :‬‬

‫]‪[155‬‬

‫تكرمة من ال لنا وفضيلة اختصنا بها على جميع الناس‪ ،‬وقد رأيتم مكان أبي من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله ومنزلنا من منازل رسول ال‪ ،‬أمره ال أن‬
‫يبني المسجد فابتنى فيه عشرة أبيات تسعة لنبيه ولبي العاشر‪ ،‬وهو‬
‫متوسطها‪ ،‬والبيت هو المسجد وهو البيت الذي قال ال عزوجل‪ " :‬أهل‬
‫البيت " فنحن أهل البيت‪ ،‬ونحن ]الذين[ أذهب ال عنا الرجس وطهرنا‬
‫تطهيرا‪ .‬أيها الناس إني لو قمت سنة أذكر الذي أعطاه ال وخصنا به من‬
‫الفضل في كتابه‪ ،‬وعلى لسان نبيه لم أحصه كله‪ ،‬وإن معاوية زعم إني‬
‫رأيته للخلفة أهل ولم أر نفسي لها أهل وكذب دعواه وإني أولى الناس‬
‫بالناس في كتاب ال على لسان رسوله غير أنا لم نزل أهل البيت مظلومين‬
‫منذ قبض رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬فال بيننا وبين من ظلمنا حقنا‪،‬‬
‫ونزل على رقابنا‪ ،‬وحمل الناس على أكتافنا‪ ،‬ومنعنا سهمنا في كتاب ال‬
‫عزوجل من الفئ والمغانم‪ ،‬ومنع امنا فاطمة عليها السلم ميراثها من‬
‫أبيها‪ .‬إنا ل نسمي أحدا ولكن اقسم بال لو أن الناس منعوا أبي وحموه‬
‫وسمعوا وأطاعوا لعطتهم السماء قطرها‪ ،‬والرض بركتها‪ ،‬ولما طمعت‬
‫فيها يا معاوية ولكنها لما خرجت من معدنها تنازعتها قريش‪ ،‬وطمعت أنت‬
‫فيها يا معاوية وأصحابك وقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما ولت‬
‫أمه أمرها رجل قط‪ ،‬وفيهم من هو أعلم منه إل لم يزل أمرهم يذهب سفال‬
‫حتى يرجعوا إلى ما تركوا‪ ،‬وقد تركت بنوا إسرائيل هارون‪ ،‬وعكفوا على‬
‫العجل‪ ،‬وهم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم‪ ،‬وقد تركت المة أبي وتابعت‬
‫غيره‪ ،‬وقد سمعوا رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬أنت مني بمنزلة‬
‫هارون من موسى إل أنه ل نبي بعدي‪ ،‬وقد رأوا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله حيث نصبه بغدير خم ونادى له بالولية على المؤمنين ثم أمرهم أن‬
‫يبلغ الشاهد الغائب وقد هرب رسول ال صلى ال عليه وآله من قومه إلى‬
‫الغار‪ ،‬وهو يدعوهم‪ ،‬فلما لم يجد عليهم أعوانا هرب‪ ،‬وقد كف أبي يده‬
‫وناشدهم واستغاث فلم يغث‪ ،‬ولم يجد أعوانا عليهم‪ ،‬ولو وجد أعوانا‬
‫عليهم ما أجابهم‪ ،‬وقد جعل في سعة كما جعل النبي صلى ال عليه وآله‬

‫]‪[156‬‬

‫في سعة حين هرب إلى الغار‪ ،‬إذ لم يجد أعوانا‪ .‬وقد خذلتني المة‪ .‬فبايعتك‪ ،‬ولو‬
‫وجدت عليك أعوانا ما بايعتك‪ ،‬وقد جعل ال هارون في سعة حين‬
‫استضعفوه وعادوه‪ ،‬وكذلك أنا وأبي في سعة من ال عزوجل حين تركتنا‬
‫المة‪ ،‬وبايعت غيرنا‪ ،‬ولم نجد أعوانا‪ ،‬وإنما هي السنن والمثال يتبع‬
‫بعضها بعضا‪ .‬أيها الناس لو التمستم بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجل‬
‫أبوه وصي رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وجده نبي ال غيري وغير‬
‫أخي لم تجدوا‪ ،‬فاتقوا ال ول تضلوا بعد البيان‪ ،‬وإني قد بايعت هذا ول‬
‫أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين‪ .‬أيها الناس أنه ل يعاب إحد بترك حقه‪،‬‬
‫وإنما يعاب من يأخذ ما ليس له وكل صواب نافع‪ ،‬وكل خطأ غير ضار‪ ،‬وقد‬
‫انتهت القضية إلى داود ففهمها سليمان‪ ،‬فنفعت سليمان ولم تضر داود‪،‬‬
‫وأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي للمؤمن أنفع‪ ،‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله لعمه أبي طالب في الموت قل‪ :‬ل إله إل ال أشفع لك بها يوم‬
‫القيامة‪ ،‬ولم يكن رسول ال صلى ال عليه وآله يقول له‪ ،‬إل ما يكون منه‬
‫على يقين‪ ،‬وليس ذلك لحد من الناس لقول ال عزوجل‪ " :‬وليست التوبة‬
‫للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الن ول‬
‫الذين يموتون وهم كفار اولئك أعتدنا لهم عذابا أليما " )‪ .(1‬أيها الناس‬
‫اسمعوا وعوا‪ ،‬واتقوا ال وارجعوا‪ ،‬وهيهات منكم الرجعة إلى الحق وقد‬
‫خامركم الطغيان والجحود‪ ،‬والسلم على من اتبع الهدى )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .18 :‬البرهان مخطوط وترى الحديث في أمالي الشيخ ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ 174‬مع اختلف‪ ،‬واعلم أنه قال الشهيد الثاني رحمه ال في رسالة‬
‫حقائق اليمان‪ :‬اعلم أن جمعا من علماء المامية حكموا بكفر أهل‬
‫الخلف‪ :‬والكثر على الحكم باسلمهم‪ ،‬فان أرادوا بذلك كونهم كافرين‬
‫في نفس المر‪ ،‬ل في الظاهر‪ ،‬فالظاهر أن النزاع لفظي‪ ،‬إذ القائلون‬
‫باسلمهم يريدون ما ذكرناه من الحكم بصحة جريان أكثر أحكام‬
‫المسلمين عليهم في الظاهر ل أنهم مسلمون في نفس المر فلذا نقلوا‬
‫الجماع على دخولهم في النار‪ ،‬وان أرادوا بذلك ]*[‬

‫]‪[157‬‬

‫)‪) * (102‬باب( * * " )المستضعفين والمرجون لمر ال( " * اليات‪ :‬النساء‪:‬‬
‫إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ل يستطيعون حيلة ول‬
‫يهتدون سبيل * فاولئك عسى ال أن يعفو عنهم وكان ال عفوا غفورا )‬
‫‪ .(1‬التوبة‪ :‬وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا‬
‫عسى ال أن يتوب عليهم إن ال غفور رحيم‪ .‬إلى قوله تعالى‪ :‬وآخرون‬
‫مرجون لمر ال إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وال عليم حكيم )‪ (2‬الية‪1 .‬‬
‫‪ -‬فس‪ :‬عن يحيى بن أبي عمران‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن ابن الطيار‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن المستضعف فقال‪ :‬هو الذي ل‬
‫يستطيع حيلة الكفر فيكفر‪ ،‬ول يهتدي سبيل إلى اليمان ]فيؤمن[ ل‬
‫يستطيع أن يؤمن ول يستطيع أن يكفر‪ ،‬فهم الصبيان ومن كان من الرجال‬
‫والنساء على مثل عقول الصبيان ومن رفع عنه القلم )‪ - 2 .(3‬فس‪ :‬بهذا‬
‫السناد قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬المرجون لمر ال قوم كانوا‬
‫مشركين قتلوا حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم دخلوا بعده في‬
‫السلم‪ ،‬فوحدوا ال وتركوا الشرك‪ ،‬ولم يعرفوا اليمان بقلوبهم‪ ،‬فيكونوا‬
‫من المؤمنين فتجب لهم الجنة‪ ،‬ولم يكونوا على جحودهم فيجب لهم النار‪،‬‬
‫فهم على‬

‫)‪ (1‬كونهم كافرين باطنا وظاهرا فهو ممنوع‪ ،‬ول دليل عليه‪ ،‬بل الدليل قائم على‬
‫اسلمهم ظاهرا كقوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬أمرت أن اقاتل الناس حتى‬
‫يقولوا ل إله إل ال‪ (1) " .‬النساء‪ (2) .99 - 98 :‬براءة‪.106 - 102 :‬‬
‫)‪ (3‬تفسير القمي ص ‪[*] .137‬‬

‫]‪[158‬‬

‫تلك الحالة مرجون لمر ال‪ ،‬إما يعذبهم وإما يتوب عليهم )‪ - 3 .(1‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫ابن محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب‪ ،‬عن ضريس الكناسي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬جعلت فداك ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد‬
‫صلى ال عليه وآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام‪،‬‬
‫ول يعرفون وليتكم ؟ فقال‪ :‬أما هؤلء فإنهم في حفرهم ل يخرجون منها‬
‫فمن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فانه يخد له خدا إلى الجنة‬
‫التي خلقها ال بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتى‬
‫يلقى ال فيحاسبه بحسناته وسيئاته فإما إلى الجنة‪ ،‬وإما إلى النار‪ ،‬فهؤلء‬
‫الموقوفون لمر ال‪ .‬قال عليه السلم‪ :‬وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله‬
‫والطفال وأولد المسلمين‪ ،‬الذين لم يبلغوا الحلم‪ .‬وأما النصاب من أهل‬
‫القبلة فانهم يخد لهم خدا إلى النار التي خلقها ال في المشرق‪ ،‬فيدخل‬
‫عليهم اللهب والشرر والدخان‪ ،‬وفورة الحميم " ثم " بعد ذلك مصيرهم‬
‫إلى الجحيم " في النار يسجرون * ثم قيل لهم أينما كنتم تشركون من دون‬
‫ال " )‪ (2‬أي أين إمامكم الذي اتخذتموه دون المام الذي جعله ال للناس‬
‫إماما )‪ - 4 .(3‬ل‪ :‬ماجيلويه‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن سهل‪،‬‬
‫عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الناس على ست فرق‪ :‬مستضعف‪ ،‬ومؤلف‪،‬‬
‫ومرجئ‪ ،‬ومعترف بذنبه‪ ،‬وناصب ومؤمن )‪ - 5 .(4‬ل‪ :‬القطان‪ :‬عن ابن‬
‫زكريا‪ ،‬عن ابن حبيب‪ ،‬عن محمد بن عبد ال‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ص ‪ (2) .588‬المؤمن‪ (3) .73 :‬تفسير القمي ص ‪(4) .588‬‬
‫الخصال ج ‪ 1‬ص ‪[*] .162‬‬

‫]‪[159‬‬

‫علي بن الحكم‪ ،‬عن أبان بن عثمان‪ ،‬عن محمد بن الفضيل الزرقي‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬إن للجنة ثمانيه أبواب باب‬
‫يدخل منه النبيون والصديقون‪ ،‬وباب يدخل منه الشهداء والصالحون‪،‬‬
‫وخمسة أبواب يدخل منه شيعتنا ومحبونا‪ ،‬وباب يدخل منه سائر المسلمين‬
‫ممن يشهد أن ل إله إل ال ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل‬
‫البيت‪ .‬الخبر )‪ - 6 .(1‬ل‪ :‬في خبر العمش‪ ،‬عن الصادق عليه السلم‪:‬‬
‫أصحاب الحدود فساق ل مؤمنون ول كافرون‪ ،‬ول يخلدون في النار‪،‬‬
‫ويخرجون منها يوما ما‪ ،‬والشفاعة لهم جايزة وللمستضعفين إذا ارتضى‬
‫ال دينهم )‪ .(2‬ن‪ :‬فيما كتب الرضا عليه السلم للمأمون مثله )‪- 7 .(3‬‬
‫مع‪ :‬ابن مسرور‪ ،‬عن ابن عامر‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن الحسن بن علي بن فضال‪،‬‬
‫عن ثعلبة‪ ،‬عن عمر بن أبان‪ ،‬عن الصباح بن سيابة‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون‪ ،‬فيدخله ال‬
‫الجنة‪ ،‬وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون‪ ،‬فيدخله ال النار الخبر )‬
‫‪ - 8 .(4‬مع‪ :‬أبي وابن الوليد معا‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب عن‬
‫نضر بن شعيب‪ ،‬عن عبد الغفار الجازي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضا‪ ،‬ومن لم يكن من أهل‬
‫القبله ناصبا فهو مستضعف )‪ - 9 .(5‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن أبن أبان‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن سعيد‪ ،‬عن النضر وفضالة معا‪ ،‬عن موسى بن بكر‪ ،‬عن‬
‫زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .39‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .154‬عيون الخبار ج ‪2‬‬
‫ص ‪ (4) .125‬معاني الخبار ص ‪ (5) .392‬معاني الخبار ص ‪.200‬‬
‫]*[‬

‫]‪[160‬‬

‫عن قول ال عزوجل‪ " :‬إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان " )‪(1‬‬
‫فقال‪ :‬هو الذي ل يستطيع الكفر فيكفر‪ ،‬ول يهتدي سبيل اليمان فيؤمن‬
‫والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان مرفوع‬
‫عنهم القلم )‪ - 10 .(2‬مع‪ :‬أبي وابن الوليد معا‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪،‬‬
‫عن الوشا عن أحمد بن عائذ‪ ،‬عن أبي خديجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قي قوله عزوجل‪ " :‬إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان‬
‫ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " فقال‪ :‬ل يستطيعون حيلة إلى‬
‫النصب فينصبون‪ ،‬ول يهتدون سبيل أهل الحق فيدخلون فيه‪ ،‬وهؤلء‬
‫يدخلون الجنة باعمال حسنة‪ ،‬وباجتناب المحارم التي نهى ال عزوجل‬
‫عنها‪ ،‬ول ينالون منازل البرار )‪ - 11 .(3‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪،‬‬
‫عن ابن عيسى‪ ،‬عن علي بن الحكم عن عبد ال بن جندب‪ ،‬عن سفيان بن‬
‫السمط قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬ما تقول في المستضعفين ؟‬
‫فقال لي شبها بالمفزع‪ :‬وتركتم أحدا يكون مستضعفا ؟ وأين المستضعفون‬
‫؟ فوال لقد مشى بأمركم هذا العواتق ]إلى العواتق[ في خدورهن وتحدث‬
‫به السقايات بطرق المدينة )‪ - 12 .(4‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن‬
‫الشعري‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق )عن عمرو بن إسحاق( قال‪ :‬سئل أبو‬
‫عبد ال عليه السلم ما حد المستضعف الذي ذكره ال عزوجل ؟ قال‪ :‬من‬
‫ل يحسن سورة من القرآن‪ ،‬وقد خلقه ال عزوجل خلقة ما ينبغي له أن ل‬
‫يحسن )‪ - 13 .(6‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن ابن أبان‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪،‬‬
‫عن صفوان ابن يحيى‪ ،‬عن حجر بن زايدة‪ ،‬عن حمران‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم عن قول‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (4 - 2) .98 :‬معاني الخبار ص ‪ (5) .201‬ما بين العلمتين زيادة من‬
‫المصدر‪ (6) .‬معاني الخبار ص ‪[*] .202‬‬

‫]‪[161‬‬

‫ال عزوجل‪ " :‬ال المستضعفين " قال‪ :‬هم أهل الولية‪ ،‬قلت‪ :‬وأي ولية فقال‪ :‬أما‬
‫انها ليست بولية في الدين‪ ،‬ولكنها الولية في المناكحة والموارثة‬
‫والمخالطة‪ ،‬وهم ليسوا بالمؤمنين ول بالكفار‪ ،‬وهم المرجون لمر ال‬
‫عزوجل )‪ .(1‬شي‪ :‬عن حمران مثله )‪ - 14 .(2‬مع‪ :‬عن المظفر العلوي‪،‬‬
‫عن ابن العياشي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن محمد‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن علي‪ ،‬عن عبد الكريم بن عمرو‪ ،‬عن سليمان ابن خالد قال‪:‬‬
‫سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬إل المستضعفين‬
‫من الرجال والنساء والولدان " الية قال‪ :‬يا سليمان في هؤلء‬
‫المستضعفين من هو أثخن رقبة منك‪ ،‬المستضعفون قوم يصومون‬
‫ويصلون تعف بطونهم وفروجهم ل يرون أن الحق في غيرها )‪ (3‬آخذين‬
‫بأغصان الشجرة " فاولئك عسى ال أن يعفو عنهم " إذ كانوا آخذين‬
‫بالغصان وإن لم يعرفوا اولئك‪ ،‬فان عفى عنهم فبرحمته وإن عذبهم‬
‫فبضللتهم عما عرفهم )‪ .(4‬شي‪ :‬عن سليمان بن خالد مثله )‪- 15 .(5‬‬
‫مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن موسى ابن‬
‫بكر‪ ،‬عن سليمان بن خالد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫المستضعفين فقال‪ :‬البلهاء في خدرها والخادم تقول لها‪ :‬صلي فتصلي ل‬
‫تدري إل ما قلت لها‪ ،‬والجليب )‪ (6‬الذي ل يدري إل ما قلت له‪ ،‬والكبير‬
‫الفاني والصبي الصغير‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .202‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،270‬والية في‬


‫النساء‪ (3) .98 :‬في المصدر والعياشي‪ :‬غيرنا‪ (4) .‬معاني الخبار ص‬
‫‪ (5) .202‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .270‬الجليب‪ :‬المجلوب‪ ،‬وهو‬
‫الخادم يساق من موضع إلى آخر ومن بلد إلى بلد للتجارة‪ ،‬يستوي فيه‬
‫المذكر والمؤنث‪ ،‬وإنما ل يدري إل ما قلت له‪ ،‬فانه ل يعرف في البلد إل‬
‫مالكه‪ ،‬ول يتبع أحدا ول يطمئن إل إليه‪[*] .‬‬
‫]‪[162‬‬

‫هؤلء المستضعفون فأما رجل شديد العنق جدل خصم يتولى الشراء والبيع‪ ،‬ل‬
‫تستطيع أن تغبنه في شئ تقول‪ :‬هذا مستضعف ؟ ل ول كرامة )‪ .(1‬شي‪:‬‬
‫عن سليمان مثله )‪ - 16 .(2‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن علي‬
‫بن الحكم‪ ،‬عن سيف ابن عميرة‪ ،‬عن أبي الصباح‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم أنه قال في المستضعفين الذين ل يجدون حيلة ول يهتدون سبيل‪ :‬ل‬
‫يستطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر ول يهتدون فيدخلوا في اليمان‪ ،‬فليس‬
‫هم من الكفر واليمان في شئ )‪ - 17 .(3‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫الخطاب‪ ،‬عن الحسن بن علي بن فضال‪ ،‬عن أبي المغرا‪ ،‬عن أبي حنيفة‬
‫رجل من أصحابنا‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من عرف الختلف‬
‫فليس بمستضعف )‪ - 18 .(4‬مع‪ :‬المظفر العلوي‪ ،‬عن ابن العياشي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن حمدويه‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن‬
‫أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من عرف اختلف الناس‬
‫فليس بمستضعف )‪ - 19 .(5‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪،‬‬
‫عن ابن مسكان‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬قال‪ :‬سئل أبو عبد ال عليه السلم وأنا‬
‫جالس عن قول ال‪ " :‬من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " )‪ (6‬يجري‬
‫لهؤلء ممن ل يعرف منهم هذا المر ؟ فقال‪ :‬ل إنما هذه للمؤمنين خاصة‪،‬‬
‫قلت له‪ :‬أصلحك ال‪ ،‬أرايت من صام وصلى واجتنب المحارم وحسن‬
‫ورعه ممن ل يعرف ول ينصب‪ ،‬فقال‪ :‬إن ال يدخل اولئك الجنة‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .203‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .270‬معاني‬


‫الخبار ص ‪ (4) .203‬معاني الخبار ص ‪ (5) .200‬معاني الخبار ص‬
‫‪ (6) .201‬النعام‪[*] .160 :‬‬

‫]‪[163‬‬

‫برحمته )‪ - 20 .(1‬غط‪ :‬عن الفزاري‪ ،‬عن محمد بن جعفر بن عبد ال‪ ،‬عن أبي‬
‫نعيم محمد بن أحمد النصاري قال‪ :‬وجه قوم من المفوضة والمقصرة‬
‫كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد عليه السلم قال كامل‪ :‬فقلت في‬
‫نفسي‪ :‬أسأله ل يدخل الجنة إل من عرف معرفتي وقال بمقالتي‪ ،‬قال‪ :‬فلما‬
‫دخلت على سيدي أبي محمد نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه‪ ،‬فقلت في‬
‫نفسي‪ :‬ولي ال وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة‬
‫الخوان‪ ،‬وينهانا عن لبس مثله‪ ،‬فقال متبسما‪ :‬يا كامل وحسر ذراعيه فإذا‬
‫مسح أسود خشن على جلده‪ ،‬فقال‪ :‬هذا ل وهذا لكم‪ .‬فسلمت وجلست إلى‬
‫باب عليه ستر مرخى فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بصبي كأنه فلقة‬
‫قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا كامل بن إبراهيم‬
‫فاقشعررت من ذلك والهمت أن قلت‪ :‬لبيك يا سيدي‪ ،‬فقال‪ :‬جئت إلى ولي‬
‫ال وحجته وبابه تسأله يدخل الجنة إل من عرف معرفتك‪ ،‬وقال بمقالتك ؟‬
‫فقلت‪ :‬إي وال قال‪ :‬إذن وال يقل داخلها‪ ،‬وال إنه ليدخلها قوم يقال لهم‪:‬‬
‫الحقية‪ ،‬قلت‪ :‬يا سيدي ومن هم ؟ قال‪ :‬قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه‬
‫ول يدرون ما حقه وفضله تمام الخبر )‪ - 21 .(2‬شي‪ :‬عن سماعة قال‪:‬‬
‫سألت أبا عبد ال عليه السلم عن المستضعفين قال‪ :‬هم أهل الولية‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫أي ولية تعني ؟ قال‪ :‬ليست ولية ]في الدين[ ولكنها في المناكحة‬
‫والمواريث والمخالطة‪ ،‬وهم ليسوا بالمؤمنين ول الكفار‪ ،‬ومنهم المرجون‬
‫لمر ال‪ ،‬فأما قوله‪ " :‬والمستضعفين ]من الرجال والنساء والولدان[‬
‫الذين يقولون ربنا أخرجنا ‪ -‬إلى ‪ -‬نصيرا " )‪ (3‬فاولئك نحن )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .158‬غيبة الشيخ الطوسي ص ‪ (3) .159‬النساء‪(4) .75 :‬‬
‫تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .257‬‬

‫]‪[164‬‬

‫‪ - 22‬شى‪ :‬عن أبي خديجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ " :‬المستضعفين من‬
‫الرجال والنساء ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " قال‪ :‬ل يستطيعون‬
‫سبيل أهل الحق فيدخلون فيه‪ ،‬ول يستطيعون حيلة أهل النصب فينصبون‪،‬‬
‫قال‪ :‬هؤلء يدخلون الجنة بأعمال حسنة‪ ،‬وباجتناب المحارم التي نهى ال‬
‫عنها‪ ،‬ول ينالون منازل البرار )‪ - 23 .(1‬شى‪ :‬عن زرارة قال‪ :‬قال أبو‬
‫جعفر عليه السلم‪ :‬وأنا اكلمه في المستضعفين أين أصحاب العراف ؟‬
‫أين المرجون لمر ال ؟ أين الذين خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا ؟ أين‬
‫المؤلفة قلوبهم ؟ أين أهل تبيان ال ؟ أين المستضعفين من الرجال‬
‫والنساء والولدان ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل * فاولئك عسى‬
‫ال أن يعفو عنهم وكان ال عفوا غفورا )‪ - 24 .(2‬شى‪ :‬عن زرارة قال‪:‬‬
‫قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أتزوج المرجئة أو الحرورية أو القدرية ؟‬
‫قال‪ :‬ل عليك بالبله من النساء‪ ،‬قال زرارة‪ :‬فقلت‪ :‬ما هو إل مؤمنة أو‬
‫كافرة‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬فأين أهل استثناء ال‪ ،‬قول ال‬
‫أصدق من قولك‪ " ،‬إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ‪ -‬إلى‬
‫قوله ‪ -‬سبيل " )‪ - 25 .(3‬شى‪ :‬عن أبي الصباح قال‪ :‬قلت لبي عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬ما تقول‪ :‬في رجل دعى إلى هذا المر فعرفه‪ ،‬وهو في أرض‬
‫منقطعة إذ جاءه موت المام‪ ،‬فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت‪ ،‬فقال‪ :‬هو‬
‫وال بمنزلة من هاجر إلى ال ورسوله فمات فقد وقع أجره على ال )‪.(4‬‬
‫‪ - 26‬شى‪ :‬عن زرارة قال‪ :‬دخلت أنا وحمران على أبي جعفر عليه السلم‬
‫فقلنا‪ :‬إنا نمد المطمر‪ ،‬فقال‪ :‬وما المطمر ؟ قلنا‪ :‬الذي من وافقنا من علوي‬
‫أو غيره توليناه‪ ،‬ومن خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره‪ ،‬قال‪ :‬يا زرارة‬
‫قول ال أصدق من قولك‪ ،‬فأين الذين قال ال‪ " :‬إل المستضعفين من‬
‫الرجال والنساء‬

‫)‪ (3 - 1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .269‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .270‬‬

‫]‪[165‬‬

‫والولدان الذين ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " أين المرجون لمر ال ؟‬
‫أين الذين خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا ؟ أين أصحاب العراف ؟ أين‬
‫المؤلفة قلوبهم ؟ فقال زرارة‪ :‬ارتفع صوت أبي جعفر وصوتي حتى كان‬
‫يسمعه من على باب الدار‪ ،‬فلما كثر الكلم بيني وبينه قال لي‪ :‬يا زرارة‬
‫حقا على ال أن يدخلك الجنة )‪ - 27 .(1‬شى‪ :‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬وآخرون مرجون لمر ال " )‪ (2‬قال‪:‬‬
‫هم قوم من المشركين أصابوا دما من المسلمين ثم أسلموا فهم المرجون‬
‫لمر ال )‪ - 28 .(3‬شى‪ :‬عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم قال‪ :‬المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر‬
‫واحد ويوم حنين‪ ،‬وسلوا )‪ (4‬عن المشركين ثم أسلموا بعد تأخره فاما‬
‫يعذبهم وإما يتوب عليهم )‪ - 29 .(5‬شى‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم في قول ال‪ " :‬وآخرون مرجون لمر ال " قال‪ :‬هم قوم مشركون‬
‫فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم إنهم دخلوا في‬
‫السلم فوحدوا‪ ،‬وتركوا الشرك‪ ،‬ولم يؤمنوا فيكونوا من المؤمنين‪ ،‬فيجب‬
‫لهم الجنة‪ ،‬ولم يكفروا فيجب لهم النار‪ ،‬فهم على تلك الحال مرجون لمر‬
‫ال‪ .‬قال حمران‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن المستضعفين قال‪:‬‬
‫إنهم ليسوا بالمؤمنين ول بالكافرين‪ ،‬وهم المرجون لمر ال )‪- 30 .(6‬‬
‫شى‪ :‬عن ابن الطيار قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬الناس على ست‬
‫فرق يؤتون إلى ثلث فرق‪ :‬اليمان‪ ،‬والكفر‪ ،‬والضلل‪ ،‬وهم أهل الوعد من‬
‫الذين وعد ال الجنة والنار‪ ،‬وهم المؤمنون والكافرون والمستضعفون‬
‫والمرجون لمر ال‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .93‬براءة‪ (4) .102 :‬أي هجروا المشركين‪،‬‬
‫وفي المصدر‪ :‬سلموا‪ 3) .‬و ‪ 5‬و ‪ (6‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .110‬‬

‫]‪[166‬‬
‫إما يعذبهم وإما يتوب عليهم‪ ،‬والمعترفون بذنوبهم خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا‪،‬‬
‫وأهل العراف )‪ - 31 .(1‬شى‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬المرجون لمر ال قوم كانوا مشركين‪ ،‬فقتلوا مثل قتل حمزة وجعفر‬
‫وأشباههما‪ ،‬ثم دخلوا بعد في السلم فوحدوا ال وتركوا الشرك‪ ،‬ولم‬
‫يعرفوا اليمان بقلوبهم‪ ،‬فيكونوا من المؤمنين فيجب لهم الجنة‪ ،‬ولم‬
‫يكونوا على جحودهم فيكفروا فيجب لهم النار‪ ،‬فهم على تلك الحال إما‬
‫يعذبهم وإما يتوب عليهم‪ .‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يرى فيهم رأيه‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك من أين يرزقون ؟ قال‪ :‬من حيث شاء ال‪ ،‬وقال أبو‬
‫إبراهيم عليه السلم‪ :‬هؤلء قوم وقفهم حتى يرى فيهم رأيه )‪- 32 .(2‬‬
‫شى‪ :‬عن الحارث‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته بين اليمان‬
‫والكفر منزلة ؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ومنازل‪ ،‬لو يجحد شيئا منها أكبه ال في النار‪:‬‬
‫بينهما " آخرون مرجون لمر ال " وبينهما " المستضعفون " وبينهما‬
‫" آخرون خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا " وبينهما قوله‪ " :‬على‬
‫العراف رجال " )‪ - 33 .(3‬شى‪ :‬عن داود بن فرقد قال‪ :‬قلت لبي عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬المرجون قوم ذكر لهم فضل علي فقالوا‪ :‬ما ندري لعله‬
‫كذلك وما ندري لعله ليس كذلك ؟ قال‪ :‬أرجه قال تعالى‪ " :‬وآخرون‬
‫مرجون لمر ال " )‪ (4‬الية‪ - 34 .‬كش‪ :‬محمد بن قولويه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن هلل‪ ،‬عن ابن محبوب عن ابن رئاب قال‪ :‬دخل زرارة على أبي‬
‫عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬يا زرارة متأهل أنت ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬وما يمنعك‬
‫عن ذلك ؟ قال‪ :‬لني ل أعلم تطيب مناكحة هؤلء أم ل ؟ قال‪ :‬فكيف تصبر‬
‫وأنت شاب ؟ قال‪ :‬أشتري الماء‪ ،‬قال‪ :‬ومن أين طابت لك نكاح الماء ؟‬
‫قال‪ :‬إن المة إن رابني من أمرها شئ بعتها‪ ،‬قال‪ :‬لم أسألك عن هذا ولكن‬
‫سألتك من أين طاب لك فرجها ؟ قال له‪ :‬فتأمرني أن أتزوج قال له‪ :‬ذاك‬
‫اليك‪.‬‬

‫)‪ (2 - 1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .111‬‬

‫]‪[167‬‬

‫قال‪ :‬فقال له زرارة‪ :‬هذا الكلم يتصرف على ضربين إما أن ل تبالي أن أعصي ال‬
‫إذ لم تأمرني بذلك‪ ،‬والوجه الخر أن يكون مطلقا لي‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬عليك‬
‫بالبلهاء‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬مثل التي يكون على رأي الحكم بن عتيبة‪ ،‬وسالم ابن‬
‫أبي حفصة ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬التي ل تعرف ما أنتم عليه ول تنصب‪ ،‬قد زوج‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله أبا العاص بن الربيع وعثمان بن عفان‬
‫وتزوج عائشة وحفصة وغيرهما‪ .‬فقال‪ :‬لست أنا بمنزلة النبي صلى ال‬
‫عليه وآله الذي كان يجري عليه حكمه‪ ،‬وما هو إل مؤمن أو كافر‪ ،‬قال ال‬
‫عزوجل‪ " :‬فمنكم كافر ومنكم مؤمن " )‪ (1‬فقال له أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬فأين أصحاب العراف ؟ وأين المؤلفة قلوبهم ؟ وأين الذين خلطوا‬
‫عمل صالحا وآخر سيئا ؟ وأين الذين لم يدخلوها وهم يطمعون ؟‪ .‬قال‬
‫زرارة‪ :‬أيدخل النار مؤمن ؟ فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ل يدخلها إل أن‬
‫يشاء ال‪ ،‬قال زرارة‪ :‬فيدخل الكافر الجنة ؟ قال أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫ل‪ ،‬فقال زرارة‪ :‬هل يخلو أن يكون مؤمنا أو كافرا ؟ فقال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬قول ال أصدق من قولك‬

‫)‪ (1‬التغابن‪ ،2 :‬استدل زرارة بهذه الية على أن الناس صنفان‪ :‬مؤمن وكافر‪،‬‬
‫وقال على ما في رواية الكافي‪ " :‬ل وال ل يكون أحد من الناس ليس‬
‫بمؤمن ول كافر " وهو سهو ظاهر‪ ،‬فان ال عزوجل يقول‪ :‬فمنكم كافر‬
‫ومنكم مؤمن‪ ،‬و " من " للتعبيض وليس ظاهرها الترديد بين الكفر‬
‫واليمان ولذلك لو قال بعده " ومنكم مذبذبين بين ذلك ل إلى هؤلء ول‬
‫إلى هؤلء " أو قال " ومنكم المستضعف الذي ل يعرف اليمان والكفر‬
‫" كالمجانين وغيرهم لصح الكلم‪ .‬وهذا الحديث مروي بطرق مختلفة‬
‫وعبارات متفاوتة‪ ،‬فقد مر شطر منه عن تفسير العياشي مرسل وفي‬
‫الكافي باب الضلل تحت الرقم ‪ 2‬حديث طويل في ذلك وله شرح ضاف‬
‫في المرآت ج ‪ 2‬ص ‪ 393 - 391‬من أراد الطلع فليراجع‪ .‬وليعلم أن‬
‫أحاديث كتاب الكافي التي تناسب هذا الباب لم يخرجها المؤلف العلمة‬
‫ههنا‪ ،‬فليراجع‪[*] .‬‬

‫]‪[168‬‬

‫يا زرارة بقول ال أقول‪ :‬يقول ال تعالى‪ " ،‬لم يدخلوها وهم يطمعون " )‪ (1‬لو‬
‫كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة‪ ،‬ولو كانوا كافرين لدخلوا النار‪ .‬قال‪ :‬فماذا ؟‬
‫فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أرجئهم حيث أرجأهم ال أما إنك لو بقيت‬
‫لرجعت عن هذا الكلم‪ ،‬وتحللت عنك عقدك‪ .‬قال‪ :‬فأصحاب زرارة يقولون‪:‬‬
‫لرجعت عن هذا الكلم وتحللت عنك عقد اليمان )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .26 :‬قال في القاموس‪ :‬تحلل في يمينه‪ :‬استثنى‪ ،‬وحل العقدة‪:‬‬
‫نقضها فانحلت وقال‪ :‬عقد الحبل والبيع والعهد يعقده‪ :‬شده‪ ،‬والعقد‪،‬‬
‫الضمان والعهد‪ ،‬والعقد ‪ -‬بالكسر ‪ -‬القلدة‪ ،‬والعقدة ‪ -‬بالضم ‪ -‬الولية‬
‫على البلد‪ ،‬والجمع كصرد ‪ -‬إلى أن قال‪ :‬وتحللت عقده‪ :‬سكن غضبه‪ ،‬فإذا‬
‫عرفت هذا فهذا الكلم يحتمل وجوها‪ :‬الول‪ :‬أن يكون العقد بضم العين‬
‫وفتح القاف جمع العقدة بالضم‪ ،‬والمراد انك ان كبر سنك رجعت عن هذا‬
‫المذهب الباطل الذي استقر في نفسك‪ ،‬وانحلت عنك العقد التي في قلبك‬
‫من الشكوك والشبهات في ذلك‪ :‬استعار العقد للشبهات وهي شايعة في‬
‫المحاورات بين الناس وهذا أظهر الوجوه‪ ،‬و من قرء " تحللت " بصيغة‬
‫المتكلم فهو تصحيف‪ ،‬إذ لم أجده في اللغة متعديا‪ .‬الثاني أن يكون المراد‬
‫بتحلل العقد سكون غضبه على المخالفين كما مر عن القاموس‪ .‬الثالث‬
‫هذا الذي ذكره الكشي حيث قال‪ :‬وأصحاب زرارة يقولون الخ ولعل المراد‬
‫بأصحاب زرارة القائلون بهذا القول الذي كان زرارة عليه‪ ،‬أول‪ ،‬فانهم‬
‫لما لم يرجعوا عن هذا القول ظنوا أن المام عليه السلم كان يصوب رأي‬
‫زرارة باطنا ويتكلم معه ظاهرا للتقية‪ ،‬فأخبر بأنه يرجع بعد كبره عن هذا‬
‫القول‪ ،‬ويرجع بذلك عن اليمان‪ ،‬أو يضعف ايمانه‪ ،‬ول يخفى ركاكة هذا‬
‫التأويل‪ ،‬ال أن يكون مرادهم تحلل العقد في مسألة اليمان‪ ،‬فيرجع إلى ما‬
‫ذكرنا أول‪ .‬الرابع ما قيل‪ :‬ان المعنى رجعت عن هذا القول الباطل وتحللت‬
‫عنك هذه القلدة = ]*[‬

‫]‪[169‬‬

‫فكل من أدرك زرارة بن أعين فقد أدرك أبا عبد ال فانه مات بعد أبي عبد ال عليه‬
‫السلم بشهرين أو أقل‪ ،‬وتوفى أبو عبد ال عليه السلم وزرارة مريض‬
‫مات في‬

‫= أو هذا الرأي‪ .‬الخامس‪ :‬أي رجعت عن دين الحق وتحللت عنك هذا العهد‬
‫والبيعة‪ .‬وأقول‪ :‬ل يخفى اشتمال هذا الخبر على قدح عظيم لزرارة‪ ،‬ولم‬
‫يجعله وأمثاله الصحاب قادحة فيه‪ ،‬لجماع العصابة على عدالته وجللته‬
‫وفضله وثقته‪ ،‬وورد الخبار الكثيرة في فضله وعلو شأنه‪ .‬والحق أن‬
‫علو شأن هؤلء الجلء‪ ،‬وكثرة حاسديهم صار سببا للقدح فيهم وأيضا‬
‫قدحوا في هذه الرواية )يعني رواية الكافي عن علي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪:‬‬
‫بالرسال وبمحمد بن عيسى اليقطيني وان كان له مدح وتوثيق من بعض‬
‫الصحاب فانه جزم السيد الجليل ابن طاوس بضعفه والصدوق محمد بن‬
‫بابويه وشيخه ابن الوليد‪ .‬وقال الشهيد الثاني قده‪ :‬قد ظهر اشتراك جميع‬
‫الخبار القادحة في استنادها إلى محمد بن عيسى وهو قرينة عظيمة على‬
‫ميل وانحراف منه عن زرارة‪ ،‬مضافا إلى ضعفه في نفسه‪ ،‬منه رحمه‬
‫ال في شرح الكافي‪ .‬وأقول‪ :‬هذه الرواية من الكشي وان لم يكن في‬
‫طريقه محمد بن عيسى اليقطيني ولكنه ضعيف بأحمد بن هلل‪ ،‬ولكن‬
‫الحديث له طريق آخر في الكافي باب أصحاب العراف وهو محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن زرارة‪،‬‬
‫فالحديث موثق بهذا السند كما اعترف به العلمة المؤلف في شرح‬
‫الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 396‬حيث قال‪ :‬موثق كالصحيح‪ .‬فالحق أن يقال‪ :‬هذه‬
‫المباحثة والمجادلة كان من زرارة في شبابه كما قال عليه السلم "‬
‫فكيف تصبر وأنت شاب " وليس بلزم أن نقول بجللة قدره ومعرفته‬
‫الكاملة في شبابه‪ ،‬بل هو كلما طعن في السن صارت معرفته كاملة حتى‬
‫بلغ ما بلغ‪[*] .‬‬

‫]‪[170‬‬

‫مرضه ذلك )‪ - 35 .(1‬فس‪ :‬عن سعيد بن الحسن بن مالك‪ ،‬عن بكار‪ ،‬عن الحسن‬
‫بن الحسين عن منصور بن مهاجر‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫أنه سئل عن هذه الية " محمد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار‬
‫رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضل من ال ورضوانا " )‪(2‬‬
‫فقال‪ :‬مثل إجراء ال في شيعتنا كما يجري لهم في الصلب‪ ،‬ثم يزرعهم‬
‫في الرحام‪ ،‬ويخرجهم للغاية التي أخذ عليها ميثاقهم في الخلق‪ ،‬منهم‬
‫أتقياء وشهداء‪ ،‬ومنهم الممتحنة قلوبهم‪ ،‬ومنهم العلماء ومنهم النجباء‪،‬‬
‫ومنهم النجداء‪ ،‬ومنهم أهل التقى‪ ،‬ومنهم أهل التقوى‪ ،‬ومنهم أهل التسليم‪،‬‬
‫فازوا بهذه الشياء سبقت لهم من ال‪ ،‬وفضلوا الناس بما فضلوا وجرت‬
‫للناس بعدهم في المواثيق حالهم ‪ .-‬أسماؤهم‪ :‬حد " المستضعفين " وحد‬
‫" المرجون لمر ال إما أن يتوب عليهم " وحد " عسى أن يتوب عليهم‬
‫" وحد " لبثين فيها أحقابا " وحد " خالدين فيها مادامت السموات‬
‫والرض " ثم حد الستثناء من ال من الفريقين منازل الناس في الخير‬
‫والشر خلقان من خلق ال فيهما المشية فمن ساير من خلقه في قسمة ما‬
‫قسم له تحويل عن حال‪ ،‬زيادة في الرزاق أو نقص منها‪ ،‬أو تقصير في‬
‫الجال وزيادة فيها أو نزول البلء أو دفعه‪ ،‬ثم أسكن البدان على ما شاء‬
‫ال من ذلك‪ ،‬فجعل منه مستقرا في القلوب ثابتا لصله‪ ،‬وعواري بين‬
‫القلوب والصدور إلى أجل له وقت‪ ،‬فإذا بلغ وقتهم انتزع ذلك منهم فمن‬
‫ألهمه ال الخير وأسكنه في قلبه‪ ،‬بلغ منه غايته التي أخذ عليها ميثاقه في‬
‫الخلق الول )‪ - 36 .(3‬أقول‪ :‬وجدت في كتاب سليم بن قيس فيما جرى‬
‫بين أمير المؤمنين عليه السلم وبين الشعث بن قيس لعنه ال أن الشعث‬
‫قال له عليه السلم‪ :‬وال لئن كان المر‬

‫)‪ (1‬رجال الكشي ص ‪ 128‬مع اختلف في الذيل‪ ،‬وما في المتن اختيار القهباني‬
‫راجع قاموس الرجال ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .178‬الفتح‪ (3) .29 :‬لم نجده في‬
‫تفسير القمي‪[*] .‬‬

‫]‪[171‬‬
‫كما تقول لقد هلكت المه غيرك‪ ،‬وغير شيعتك‪ ،‬قال‪ :‬فان الحق وال معي يا ابن‬
‫قيس كما أقول‪ ،‬وما هلك من المة إل الناصبين والمكابرين والجاحدين‬
‫والمعاندين‪ ،‬فأما من تمسك بالتوحيد‪ ،‬والقرار بمحمد والسلم‪ ،‬ولم يخرج‬
‫من الملة‪ ،‬ولم يظاهر علينا الظلمة‪ ،‬ولم ينصب لنا العداوة‪ ،‬وشك في‬
‫الخلفة ولم يعرف أهلها وولتها‪ ،‬ولم يعرف لنا ولية‪ ،‬ولم ينصب لنا‬
‫عداوة‪ ،‬فان ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة ال ويتخوف عليه‬
‫ذنوبه‪ - 37 .‬كتاب المسائل‪ :‬لعلي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن نبي ال هل كان يقول على ال شيئا قط أو ينطق عن‬
‫الهوى أو يتكلف ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فقلت‪ :‬أرأيتك قوله لعلي عليه السلم " من‬
‫كنت موله فعلي موله " ال أمره به ؟ قال نعم‪ ،‬قلت‪ :‬فأبرأ إلى ال ممن‬
‫أنكر ذلك منذ يوم أمر به رسول ال ؟ قال‪ :‬نعم قلت‪ :‬هل يسلم الناس حتى‬
‫يعرفوا ذلك ؟ قال‪ :‬ل " إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ل‬
‫يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل " )‪ (1‬قلت‪ :‬من هم قال‪ :‬أرأيتم خدمكم‬
‫ونساؤكم ممن ل يعرف ذلك أتقتلون خدمكم وهم مقرون لكم ؟ وقال‪ :‬من‬
‫عرض عليه ذلك فأنكره فأبعده ال واسحقه ل خير فيه )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .89 :‬كتاب المسائل أخرجه بتمامه في ج ‪ 10‬ص ‪ 291 - 249‬من‬
‫هذه الطبعة الحديثة ترى موضع النص في ص ‪ 266‬فراجع‪.‬‬

‫]‪[172‬‬

‫)‪) * (103‬باب النفاق( * اليات‪ :‬البقرة‪ :‬ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم‬
‫الخر وما هم بمؤمنين * يخادعون ال والذين آمنوا وما يخدعون إل‬
‫أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم ال مرضا ولهم عذاب‬
‫أليم بما كانوا يكذبون * وإذا قيل لهم ل تفسدوا في الرض قالوا إنما نحن‬
‫مصلحون * إل إنهم هم المفسدون ولكن ل يشعرون * وإذا قيل لهم آمنوا‬
‫كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء أل إنهم هم السفهاء ولكن ل‬
‫يعلمون * وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا‬
‫معكم إنما نحن مستهزؤن * ال يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون‬
‫* اولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا‬
‫مهتدين * مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب ال‬
‫بنورهم وتركهم في ظلمات ل يبصرون * صم بكم عمي فهم ل يرجعون *‬
‫أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم‬
‫من الصواعق حذر الموت وال محيط بالكافرين * يكاد البرق يخطف‬
‫أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء ال‬
‫لذهب بسمعهم وأبصارهم إن ال على كل شئ قدير )‪ .(1‬آل عمران‪ :‬وقيل‬
‫لهم تعالوا قاتلوا في سبيل ال قالوا لو نعلم قتال لتبعناكم هم للكفر يومئذ‬
‫أقرب منهم لليمان يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم وال أعلم بما‬
‫يكتمون )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬ل تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن‬
‫يحمدوا بما لم يفعلوا فل تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .20 - 8 :‬آل عمران‪ (3) .167 :‬آل عمران‪[*] .188 :‬‬

‫]‪[173‬‬

‫النساء‪ :‬وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل ال وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون‬
‫عنك صدودا )‪ .(1‬وقال‪ :‬فما لكم في المنافقين فئتين وال أركسهم بما‬
‫كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل ال ومن يضلل ال فلن تجد له سبيل )‬
‫‪ .(2‬وقال‪ :‬بشر المنافقين بأن لهم عذاب أليما ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬إن ال جامع‬
‫المنافقين والكافرين في جهنم جميعا * الذين يتربصون بكم فان كان لكم‬
‫فتح من ال قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ‬
‫عليكم ونمنعكم من المؤمنين فال يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل ال‬
‫للكافرين على المؤمنين سبيل * إن المنافقين يخادعون ال وهو خادعهم‬
‫وإذا قاموا إلى الصلوة قاموا كسالى يراؤن الناس ول يذكرون ال إل قليل‬
‫* مذبذبين بين ذلك ل إلى هؤلء ول إلى هؤلء ومن يضلل ال فلن تجد له‬
‫سبيل ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ -‬إن المنافقين في الدرك السفل من النار ولن تجد‬
‫لهم نصيرا * إل الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بال وأخلصوا دينهم ل‬
‫فاولئك مع المؤمنين وسوف يؤت ال المؤمنين أجرا عظيما )‪ .(3‬التوبة‪:‬‬
‫يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا‬
‫إن ال مخرج ما تحذرون * ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب‬
‫قل أبال وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن * ل تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم‬
‫إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين * المنافقون‬
‫والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف‬
‫ويقبضون أيديهم نسوا ال فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون * وعد ال‬
‫المنافقين والمنافقات والكفار نارا جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم‬
‫ال ولهم عذاب مقيم ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن‬
‫ترضوا عنهم فإن ال ل يرضى عن القوم الفاسقين ‪ -‬إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫وممن حولكم من العراب منافقون‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .61 :‬النساء‪ (3) .88 :‬النساء‪[*] .146 - 138 :‬‬
‫]‪[174‬‬

‫ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ل تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم‬
‫يردون إلى عذاب عظيم )‪ .(1‬وقال سبحانه‪ :‬وإذا ما انزلت سورة نظر‬
‫بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف ال قلوبهم بأنهم‬
‫قوم ل يفقهون )‪ .(2‬العنكبوت‪ :‬ومن الناس من يقول آمنا فإذا اوذي في ال‬
‫جعل فتنة الناس كعذاب ال ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو‬
‫ليس ال بأعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن ال الذين آمنوا وليعلمن‬
‫المنافقين )‪ .(3‬الحزاب‪ :‬وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما‬
‫وعدنا ال ورسوله إل غرورا إلى قوله تعالى‪ :‬ويعذب المنافقين إن شاء أو‬
‫يتوب عليهم إن ال كان غفورا رحيما )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬لئن لم ينته‬
‫المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم‬
‫ل يجاورونك فيها إل قليل * ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيل )‪.(5‬‬
‫محمد‪ :‬إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان‬
‫سول لهم واملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل ال سنطيعكم‬
‫في بعض المر وال يعلم أسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملئكة يضربون‬
‫وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط ال وكرهوا رضوانه‬
‫فأحبط أعمالهم * أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج ال‬
‫أضغانهم * ولو نشاء لريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن‬
‫القول وال يعلم أعمالكم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .64 - 101 :‬براءة‪ (3) .127 :‬العنكبوت‪ (4) .11 - 10 :‬الحزاب‪:‬‬
‫‪ (5) .24 - 12‬الحزاب‪ (6) .60 - 61 :‬القتال‪[*] .30 - 25 :‬‬

‫]‪[175‬‬

‫الفتح‪ :‬يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من ال شيئا إن أراد‬
‫بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان ال بما تعملون خبيرا )‪ .(1‬الحديد‪ :‬يوم‬
‫يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل‬
‫ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه‬
‫الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم‬
‫فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الماني حتى جاء أمر ال وغركم‬
‫بال الغرور * فاليوم ل يؤخذ منكم فدية ول من الذين كفروا مأويكم النار‬
‫هي موليكم وبئس المصير )‪ .(2‬المجادلة‪ :‬ألم تر إلى الذين تولوا قوما‬
‫غضب ال عليهم ما هم منكم ول منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون‬
‫* أعد ال لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون * اتخذوا أيمانهم‬
‫جنة فصدوا عن سبيل ال فلهم عذاب مهين * لن تغني عنهم أموالهم ول‬
‫أولدهم من ال شيئا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يوم يبعثهم ال‬
‫جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ أل إنهم هم‬
‫الكاذبون * استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر ال اولئك حزب الشيطان‬
‫أل إن حزب الشيطان هم الخاسرون )‪ .(3‬المنافقون‪ :‬إذا جاءك المنافقون‬
‫قالوا نشهد إنك لرسول ال وال يعلم إنك لرسوله وال يشهد إن المنافقين‬
‫لكاذبون ‪ -‬إلى آخر السورة‪ - 1 .‬ير‪ .‬شى‪ :‬عن محمد بن الفضيل‪ ،‬عن أبي‬
‫الحسن الرضا عليه السلم قال‪ :‬كتبت إليه أسأله عن مسألة فكتب إلي إن‬
‫ال يقول " إن المنافقين يخادعون ال وهو خادعهم إلى قوله سبيل " )‬
‫‪ (4‬ليسوا من عترة رسول ال‪ ،‬وليسوا من المؤمنين‪ ،‬وليسوا من‬
‫المسلمين‪ ،‬يظهرون اليمان ويسرون الكفر والتكذيب لعنهم ال )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الفتح‪ (2) .11 :‬الحديد‪ (3) .15 - 13 :‬المجادلة‪ (4) .19 - 14 :‬النساء‪:‬‬
‫‪ (5) .142‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .282‬‬

‫]‪[176‬‬

‫‪ - 2‬جا‪ :‬المراغي‪ ،‬عن علي بن الحسن‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن مروان‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن أحمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬خلتان ل تجتمعان في‬
‫منافق‪ :‬فقه في السلم‪ ،‬وحسن سمت في الوجه )‪ - 3 .(1‬نوادر‬
‫الراوندي‪ :‬باسناده عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم عن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله مثله )‪ - 4 .(2‬ختص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬أربع‬
‫من علمات النفاق‪ :‬قساوة القلب‪ ،‬وجمود العين‪ ،‬والصرار على الذنب‪،‬‬
‫والحرص على الدنيا )‪ - 5 .(3‬محص‪ :‬عن عباد بن صهيب قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل يجمع ال لمنافق ول فاسق حسن السمت‬
‫والفقر‪ ،‬وحسن الخلق أبدا‪ - 6 .‬نهج‪ :‬من خطبة له عليه السلم يصف فيها‬
‫المنافقين‪ :‬نحمده على ما وفق له من الطاعة‪ ،‬وزاد عنه من المعصية‪،‬‬
‫ونسأله لمنته تماما وبحبله اعتصاما‪ ،‬ونشهد أن محمدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫خاض إلى رضوان ال كل غمرة‪ ،‬وتجرع فيه كل غصة‪ ،‬وقد تلون له‬
‫الدنون )‪ (4‬وتألب عليه القصون وخعلت إليه العرب أعنتها‪ ،‬وضربت‬
‫إليه في محاربته بطون رواحلها‪ ،‬حتى أنزلت‬

‫)‪ (1‬مجالس المفيد ص ‪ (2) .168‬نوادر الراوندي ص ‪ (3) .18‬الختصاص‪.228 :‬‬


‫)‪ (4‬تلون الرجل‪ :‬اختلفت اخلقه‪ ،‬يعني أن أدنى قرابته تلون عليه‪،‬‬
‫وانقلب من محبته إلى البغضة والشنآن‪ ،‬وخذله بعد ما كان يذب عنه‬
‫كابي لهب ويقال‪ :‬تألبوا عليه‪ :‬أي اجتمعوا وتضافروا ليستأصلوه‪،‬‬
‫والقصون الباعد من قريش وغيرهم‪ ،‬والمراد بخلع العنة ‪ -‬وهي جمع‬
‫عنان ‪ -‬السراع إلى محاربته‪ ،‬فكما أن الخيل إذا خلعت أعنتها وخرجت‬
‫عن طاعة ركابها كانت أسرع جريا وأشد بطشا وطيشا‪ ،‬وهكذا قبائل‬
‫العراب خلعوا عنان المروة وحبائل القومية وأسرعوا إلى محاربته‪،‬‬
‫ضاربين بطون رواحلهم لتسرع‪[*] .‬‬

‫]‪[177‬‬

‫بساحته عداوتها‪ ،‬من أبعد الدار‪ ،‬وأسحق المزار‪ .‬اوصيكم عباد ال بتقوى ال‬
‫واحذركم أهل النفاق‪ ،‬فانهم الضالون المضلون‪ ،‬والزالون المزلون‪،‬‬
‫يتلونون الوانا‪ ،‬ويفتنون افتنانا‪ ،‬ويعمدونكم بكل عماد‪ ،‬ويرصدونكم بكل‬
‫مرصاد‪ ،‬قلوبهم دوية‪ ،‬وصفاحهم نقية )‪ (1‬يمشون الخفاء‪ ،‬ويدبون‬
‫الضراء )‪ (2‬وصفهم دواء‪ ،‬وقولهم شفاء‪ ،‬وفعلهم الداء العياء‪ ،‬حسدة‬
‫الرخاء‪ ،‬ومؤكدوا البلء‪ ،‬ومقنطوا الرجاء‪ .‬لهم بكل طريق صريع‪ ،‬وإلى كل‬
‫قلب شفيع‪ ،‬ولكل شجو دموع يتقارضون الثناء‪ ،‬ويتراقبون الجزاء‪ ،‬إن‬
‫سألوا ألحفوا‪ ،‬وإن عذلوا كشفوا‪ ،‬وإن حكموا أسرفوا‪ .‬قد أعدوا لكل حق‬
‫باطل‪ ،‬ولكل قائم مائل‪ ،‬ولكل حي قاتل‪ ،‬ولكل باب مفتاحا‪ ،‬ولكل ليل‬
‫مصباحا‪ ،‬يتوصلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم وينفقوا به‬
‫أعلقهم‪ ،‬يقولون فيشبهون‪ ،‬ويصفون فيموهون‪ ،‬قد هينوا الطريق‬
‫وأضلعوا المضيق‪ ،‬فهم لمة الشيطان‪ ،‬وحمة النيران‪ ،‬اولئك حزب الشيطان‬
‫أل إن حزب الشيطان هم الخاسرون )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬يعني أن قلوبهم مريضة بالشك والريب والنفاق‪ ،‬وأما ظاهر وجوههم وبشرهم‬
‫نقية من المراض‪ ،‬ذو طلقة وبشر حسن‪ (2) .‬الضراء ‪ -‬كسحاب ‪-‬‬
‫المشي الخفي ختل ومكرا‪ ،‬يقال للرجل إذا ختل صاحبه‪ :‬هو يدب له‬
‫الضراء‪ ،‬ويمشي له الخمر ‪ -‬يعني في ظل الشجر الملتف ليواري شخصه‬
‫وشبحه من أعين الناس‪ (3) .‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ ،525‬الرقم ‪ 192‬من‬
‫الخطب‪[*] .‬‬

‫]‪[178‬‬

‫)‪) * (104‬باب( * * " )المرجئة والزيدية والبترية والواقفية( " * * )" وساير‬
‫فرق أهل الضلل وما يناسب ذلك( " * ‪ - 1‬كش‪ :‬سعد بن جناح‪ ،‬عن علي‬
‫بن محمد بن يزيد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الهوازي‪ ،‬عن فضالة‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن عثمان‪ ،‬عن سدير قال‪ :‬دخلت على أبي جعفر عليه السلم‬
‫ومعي سلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير‬
‫النوا وجماعة معهم‪ ،‬وعند أبي جعفر عليه السلم أخوه زيد بن علي عليه‬
‫السلم‪ ،‬فقالوا لبي جعفر عليه السلم‪ :‬نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ‬
‫من أعدائهم‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬نتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم‪،‬‬
‫قال‪ :‬فالتفت إليهم زيد بن علي وقال لهم‪ :‬أتتبرؤن من فاطمة ؟ بترتم أمرنا‬
‫بتركم ال‪ ،‬فيومئذ سموا البترية )‪ - 2 .(1‬كش‪ :‬عمر بن رباح قيل‪ :‬إنه‬
‫كان أول يقول بامامة أبي جعفر عليه السلم ثم إنه فارق هذا القول وخالف‬
‫أصحابه مع عدة يسيرة تابعوه على ضللته‪ ،‬فانه زعم أنه سأل أبا جعفر‬
‫عليه السلم عن مسألة فأجابه فيها بجواب ثم عاد إليه في عام آخر وزعم‬
‫أنه سأله عن تلك المسألة بعينها فأجابه فيها بخلف الجواب الول‪ ،‬فقال‬
‫لبي جعفر عليه السلم‪ :‬هذا بخلف ما أجبتني في هذه المسألة عامك‬
‫الماضي‪ ،‬فذكر أنه قال له‪ :‬إن جوابنا خرج على وجه التقية‪ .‬فشك في أمره‬
‫وإمامته‪ ،‬فلقى رجل من أصحاب أبي جعفر عليه السلم يقال له‪ :‬محمد بن‬
‫قيس فقال‪ :‬إني سألت أبا جعفر عليه السلم عن مسئلتي فأجابني فيها‬
‫بجواب ثم سألت عنها في عام آخر فأجابني فيها بخلف الجواب الول‬
‫فقلت له‪ :‬لم فعلت ذلك ؟ قال‪ :‬فعلته للتقية‪ ،‬وقد علم ال أنني ما سألته إل‬
‫وإني صحيح العزم على التدين بما يفتيني فيه‪ ،‬وقبوله والعمل به‪ ،‬ول‬
‫وجه لتقائه إياي‪ ،‬وهذه حاله‪.‬‬

‫)‪ (1‬رجال الكشي ص ‪[*] .205‬‬

‫]‪[179‬‬

‫فقال له محمد بن قيس‪ :‬فلعله حضرك من اتقاه ؟ فقال‪ :‬ما حضر مجلسه في واحد‬
‫من المجالس غيري‪ .‬ل‪ ،‬ولكن كان جوابيه جميعا على وجه التخيب ولم‬
‫يحفظ ما أجاب به في العام الماضي فيجيب بمثله‪ ،‬فرجع عن إمامته‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ل يكون إمام يفتي بالباطل على شئ من الوجوه‪ ،‬ول في حال من الحوال‪،‬‬
‫ول يكون إماما يفتي بتقية من غير ما يجب عند ال‪ ،‬ول هو مرخ ستره‪،‬‬
‫ويغلق بابه‪ ،‬ول يسع المام إل الخروج‪ ،‬والمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن‬
‫المنكر‪ .‬فمال إلى سنته بقول البترية ومال معه نفر يسير )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد‬
‫أوردنا كثيرا من أخبار أحوال الزيدية في كتاب المامة بعد باب النصوص‬
‫على الئمة الثني عشر عليهم السلم )‪ (2‬وأوردنا أيضا أخبارا كثيرة في‬
‫شأن الواقفية وأمثالهم في مطاوي أبواب أحوالهم عليهم السلم أيضا‪- 3 .‬‬
‫شى‪ :‬عن موسى بن بكر‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أشهد أن‬
‫المرجئة على دين الذين قالوا‪ " :‬أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين‬
‫" )‪ - 4 .(3‬كش‪ :‬حمدويه‪ :‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن محمد بن عمر‪ ،‬عن ابن‬
‫عذافر‪ ،‬عن عمر بن يزيد قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الصدقة‬
‫على الناصب وعلى الزيدية فقال‪ :‬ل تصدق عليهم بشئ‪ ،‬ول تسقهم من‬
‫الماء‪ ،‬إن استطعت‪ ،‬وقال لي‪ :‬الزيدية هم النصاب )‪ - 5 .(4‬كش‪ :‬محمد بن‬
‫الحسن‪ ،‬عن أبي علي الفارسي قال‪ :‬حكى منصور عن الصادق علي بن‬
‫محمد بن الرضا عليهم السلم أن الزيدية والواقفية والنصاب بمنزلة عنده‬
‫سواء )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رجال الكشي ص ‪ (2) .206‬راجع ج ‪ 37‬ص ‪ (3) .34 - 1‬تفسير العياشي ج‬
‫‪ 2‬ص ‪ ،24‬والية في العراف‪ ،111 :‬والمراد من الذين قالوا‪ :‬أرجه‬
‫وأخاه الخ ملء فرعون الجبار‪ (5 - 4) .‬رجال الكشي ‪[*] .199‬‬

‫]‪[180‬‬

‫‪ - 5‬كش‪ :‬محمد بن الحسن‪ ،‬عن أبي علي‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير عمن‬
‫حدثه قال‪ :‬سألت محمد بن علي الرضا عليهما السلم عن هذه الية "‬
‫وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة " )‪ (1‬قال‪ :‬نزلت في النصاب‬
‫والزيدية‪ ،‬والواقفية من النصاب )‪ - 6 .(2‬كش‪ :‬حمدويه‪ :‬عن أيوب بن‬
‫نوح‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن داود بن فرقد عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما‬
‫أحد أجهل منهم يعني العجلية‪ ،‬إن في المرجئة فتيا وعلما‪ ،‬وفي الخوارج‬
‫فتيا وعلما‪ ،‬وما أحد أجهل منهم )‪ - 7 .(3‬كش‪ :‬محمد بن مسعود‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن محمد بن خالد‪ ،‬عن الحسن بن علي الخزاز‪ ،‬عن علي بن عقبة‪،‬‬
‫عن داود بن فرقد قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬عرضت لي إلى ربي‬
‫تعالى حاجة فهجرت فيها إلى المسجد‪ ،‬وكذلك كنت أفعل أذا عرضت لي‬
‫الحاجة‪ ،‬فبينا أنا اصلي في الروضة إذا رجل على رأسي فقلت‪ :‬ممن الرجل‬
‫؟ قال‪ :‬من أهل الكوفة‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬ممن الرجل ؟ فقال‪ :‬من أسلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ممن الرجل ؟ قال‪ :‬من الزيدية‪ ،‬قلت‪ :‬يا أخا أسلم من تعرف منهم ؟‬
‫قال‪ :‬أعرف خيرهم وسيدهم وأفضلهم هارون بن سعد‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أخا‬
‫أسلم رأس العجلية أما سمعت ال عزوجل يقول‪ " :‬ان الذين اتخذوا العجل‬
‫سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحيوة الدنيا " )‪ (4‬وإنما الزيدي حقا‬
‫محمد بن سالم بياع القصب )‪ - 8 .(5‬كش‪ :‬سعد بن صباح‪ ،‬عن على بن‬
‫محمد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن بزيع عن محمد بن فضيل‪ ،‬عن سعد‬
‫الجلب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لو أن البترية صف واحد ما‬
‫بين المشرق والمغرب ما أعز ال بهم دينا‪.‬‬

‫)‪ (1‬الغاشية ‪ (3 - 2) .3 - 2‬رجال الكشي ‪ (4) .199‬العراف‪ (5) .152 :‬رجال‬


‫الكشي‪ :‬ص ‪ ،200‬وفيه وهم واختلل فراجع‪[*] .‬‬
‫]‪[181‬‬

‫والبترية هم أصحاب كثير النوا والحسن بن صالح بن حي وسالم بن أبي حفصة‬


‫والحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد‪ ،‬وهم الذين‬
‫دعوا إلى ولية علي عليه السلم ثم خلطوها بولية أبي بكر وعمر‪،‬‬
‫ويثبتون لهما أمامتهما‪ ،‬ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة‪،‬‬
‫ويرون الخروج مع بطون ولد علي بن أبي طالب عليه السلم يذهبون في‬
‫ذلك إلى المر بالمعروف والنهى عن المنكر ويثبتون لكل من خرج من ولد‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم عند خروجه المامة )‪ - 9 .(1‬دلئل المامة‬
‫للطبري المامي‪ :‬عن حسن بن معاذ الرضوي‪ ،‬عن لوط بن يحيى الزدي‪،‬‬
‫عن عمارة بن زيد الواقدي قال‪ :‬حج هشام بن عبد الملك ابن مروان سنة‬
‫من السنين‪ ،‬وكان قد حج في تلك السنة محمد بن علي الباقر‪ ،‬وابنه جعفر‬
‫بن محمد عليهم السلم فقال جعفر بن محمد في بعض كلمه‪ :‬الحمد ل‬
‫الذي بعث محمدا بالحق نبيا‪ ،‬وأكرمنا به‪ ،‬فنحن صفوة ال على خلقه‪،‬‬
‫وخيرته من عباده‪ ،‬فالسعيد من اتبعنا‪ ،‬والشقي من عادانا وخالفنا ومن‬
‫الناس من يقول‪ :‬إنه يتولنا وهو يوالي أعداءنا‪ ،‬ومن يليهم من جلسائهم‬
‫وأصحابهم أعداؤنا فهو لم يسمع كلم ربنا ولم يعمل به‪ .‬قال أبو عبد ال‬
‫جعفر بن محمد عليهما السلم فاخبر مسيلمة )بن عبد الملك( أخاه بما‬
‫سمع‪ ،‬فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق‪ ،‬وانصرفنا إلى المدينة‪،‬‬
‫فانفذ بريدا إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي معه‪ ،‬فأشخصنا‬
‫فلما وردنا دمشق حجبنا ثلثة أيام ثم أذن لنا في اليوم الرابع‪ ،‬فدخلنا وإذا‬
‫هو قد قعد على سرير الملك وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطين‬
‫متسلحين‪ ،‬وقد نصب البرجاس )‪ (2‬حذاه وأشياخ قومه يرمون‪.‬‬

‫)‪ (1‬رجال الكشي ص ‪ (2) .202‬البرجاس‪ :‬بالضم‪ :‬غرض في الهواء يرمي به‬
‫وأظنه مولدا قاله الجوهري وقال في برهان قاطع‪ :‬البرجاس بضم الباء‬
‫وسكون الجيم واللف الممدودة‪ :‬الغرض مطلقا كان في الهواء‪ ،‬أو‬
‫منصوبا في الرض‪ ،‬والعرب تخصه بالول ويسمى الثاني هدفا‪[*] .‬‬

‫]‪[182‬‬

‫فلما دخلنا وأبي أمامي يقدمني عليه بدأه وأنا خلفه على يد أبي )‪ (1‬حتى حاذيناه‬
‫فنادى أبي‪ :‬يا محمد ارم مع أشياخ قومك الغرض وإنما أراد أن يهتك بأبي‬
‫وظن أنه يقصر ويخطئ‪ ،‬ول يصيب إذا رمى‪ ،‬فيشتفي منه بذلك‪ ،‬فقال له‬
‫أبي‪ :‬قد كبرت عن الرمي فان رأيت إن تعفيني فقال‪ :‬وحق من أعزنا بدينه‬
‫ونبيه محمد صلى ال عليه وآله ل اعفيك ثم أومى إلى شيخ من بني امية‬
‫أن أعطه قوسك‪ .‬فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ ثم تناول منه سهما‬
‫فوضعه في كبد القوس ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه‪ ،‬ثم رمى‬
‫فيه الثانية فشق فواق سهمه إلى نصله‪ ،‬ثم تابع الرمي حتى شق تسعة‬
‫أسهم بعضها في جوف بعض‪ ،‬وهشام يضطرب في مجلسه‪ ،‬فلم يتمالك أن‬
‫قال‪ :‬أجدت يا با جعفر ! وأنت أرمى العرب والعجم كل زعمت أنك قد كبرت‬
‫عن الرمي‪ ،‬ثم أدركته ندامة على ما قال‪ ،‬وكان هشام لم يكن أحدا قبل أبي‬
‫ول بعده في خلفته‪ ،‬فهم به وأطرق إطراقة يرتوي فيه رأيا‪ ،‬وأبي واقف‬
‫بحذاه‪ .‬مواجها له‪ ،‬وأنا وراء أبي‪ .‬فلما طال وقوفنا بين يديه غضب أبي‬
‫فهم به‪ ،‬وكان أبي عليه وعلى آبائه السلم إذا غضب نظر إلى السماء نظر‬
‫غضبان يتبين للناظر الغضب في وجهه‪ ،‬فلما نظر هشام إلى ذلك من أبي‬
‫قال له‪ :‬يا محمد اصعد ! فصعد أبي إلى سريره وأنا أتبعه فلما دنى من‬
‫هشام قام إليه فاعتنقه وأقعده عن يمينه‪ ،‬ثم اعتنقني وأقعدني عن يمين‬
‫أبي‪ ،‬ثم أقبل على أبي بوجهه فقال له‪ :‬يا محمد ل تزال العرب والعجم‬
‫تسودها قريش مادام فيهم مثلك‪ ،‬ل درك من علمك هذا الرمي‪ ،‬وفي كم‬
‫تعلمته ؟ فقال له أبي‪ :‬قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيام‬
‫حداثتي ثم تركته فلما أراد أمير المؤمنين مني ذلك عدت فيه‪ .‬فقال له‪ :‬ما‬
‫رأيت مثل هذا الرمي قط مذ عقلت‪ ،‬وما ظننت إن في الرض‬

‫)‪ (1‬في المصدر المطبوع‪ :‬ما زال يستدنينا منه حتى حاذيناه وجلسنا قليل فقال‬
‫لبي‪ :‬يا أبا جعفر لو رميت مع أشياخ قومك الغرض وإنما أراد أن يضحك‬
‫بأبي ظنا منه الخ‪ .‬وهكذا بين النسختين اختلفات‪[*] .‬‬

‫]‪[183‬‬

‫أحدا يرمي مثل هذا الرمي‪ ،‬أين رمي جعفر من رميك ؟ فقال‪ :‬إنا نحن نتوارث‬
‫الكمال والتمام والدين إذ أنزل ال على نبيه في قوله‪ " :‬اليوم أكملت لكم‬
‫دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا " )‪ (1‬والرض ل‬
‫تخلو ممن يكمل هذه المور التي يقصر عنها غيرنا‪ .‬قال‪ :‬فلما سمع ذلك‬
‫من أبى انقلبت عينه اليمنى فأحولت واحمر وجهه وكان ذلك علمة غضبه‬
‫إذا غضب‪ ،‬ثم أطرق هنيئة ثم رفع رأسه فقال لبي‪ :‬ألسنا بني عبد مناف‬
‫نسبنا ونسبكم واحد ؟ فقال أبي‪ :‬نحن كذلك‪ .‬ولكن ال جل ثناؤه اختصنا من‬
‫مكنون سره وخالص علمه بما لم يخص به أحدا غيرنا‪ ،‬فقال‪ :‬اليس ال‬
‫جل ثناؤه بعث محمدا صلى ال عليه وآله من شجرة عبد مناف إلى الناس‬
‫كافة أبيضها وأسودها وأحمرها ؟ من أين ورثتم ما ليس لغيركم ورسول‬
‫ال مبعوث إلى الناس كافة وذلك قول ال تبارك وتعالى‪ " :‬وما من غائبة‬
‫في السماء والرض " إلى آخر الية )‪ (2‬فمن أين ورثتم هذا العلم ؟ وليس‬
‫بعد محمد نبي ول أنتم أنبياء ؟ فقال‪ :‬من قوله تعالى لنبيه‪ " :‬ل تحرك به‬
‫لسانك لتعجل به " )‪] (3‬فالذي أبداه فهو للناس كافة و[ الذي لم يحرك به‬
‫لسانه أمر ال أن يخصنا به من دون غيرنا‪ ،‬فلذلك كان يناجى أخاه عليا‬
‫من دون أصحابه‪ ،‬وأنزل ال بذلك قرآنا في قوله‪ " :‬وتعيها اذن واعية "‬
‫)‪ (4‬فقال رسول ال صلى عليه عليه وآله لصحابه‪ :‬سألت ال أن يجعلها‬
‫اذنك يا علي فلذلك قال علي بن أبي طالب عليه السلم بالكوفة‪ :‬علمني‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب‪،‬‬
‫خصه به رسول ال صلى ال عليه وآله من مكنون سره فكما خص ال‬
‫أكرم الخلق عليه كذلك خص نبيه أخاه عليا من مكنون سره وعلمه بما لم‬
‫يخص به أحدا من قومه‪ ،‬حتى صار إلينا‪ ،‬فتوارثنا من دون أهلها‪ .‬فقال‬
‫هشام بن عبد الملك‪ :‬إن عليا كان يدعي علم الغيب‪ ،‬وال لم يطلع‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .3 :‬النمل‪ ،75 :‬والمصدر خال من ذكر الية وسيأتي‪ (3) .‬القيامة‪:‬‬
‫‪ (4) .16‬الحاقة‪[*] .12 :‬‬

‫]‪[184‬‬

‫على غيبه أحدا فمن أين ادعى ذلك ؟ فقال أبي‪ :‬إن ال جل ذكره أنزل على نبيه كتابا‬
‫بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في قوله‪ " :‬ونزلنا عليك الكتاب‬
‫تبيانا لكل شئ " )‪ " (1‬وهدى وموعظة للمتقين " وفي قوله‪ " :‬كل شئ‬
‫أحصيناه في إمام مبين " )‪ (2‬وفي قوله‪ " :‬وما فرطنا في الكتاب من شئ‬
‫" )‪ (3‬وفي قوله‪ " :‬وما من غائبة في السماء والرض إل في كتاب مبين‬
‫" )‪ (4‬وأوحى ال إلى نبيه عليه السلم أن ل يبقي في غيبه وسره‬
‫ومكنون علمه شئ إل يناجي به عليا‪ ،‬فأمره أن يؤلف القرآن من بعده‪،‬‬
‫ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه‪ ،‬وقال لصحابه‪ :‬حرام على‬
‫أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي فانه مني وأنا منه‪،‬‬
‫له مالي وعليه ما علي‪ ،‬وهو قاضي ديني ومنجز موعدي‪ .‬ثم قال صلى ال‬
‫عليه وآله لصحابه‪ :‬علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت‬
‫على تنزيله‪ ،‬ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إل عند علي‬
‫عليه السلم ولذلك قال رسول ال صلى ال عليه وآله لصحابه‪ :‬أقضاكم‬
‫علي‪ .‬أي هو قاضيكم وقال عمر بن الخطاب‪ :‬لول علي لهلك عمر‪ ،‬يشهد‬
‫له عمر ويجحد غيره‪ .‬فأطرق هشام طويل ثم رفع رأسه فقال‪ :‬سل حاجتك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي‪ ،‬فقال‪ :‬قد آمن ال‬
‫وحشتهم برجوعك إليهم‪ ،‬ول تقم أكثر من يومك‪ ،‬فاعتنقه أبي ودعا له‬
‫وودعه‪ ،‬وفعلت أنا كفعل أبي‪ ،‬ثم نهض ونهضت معه‪ ،‬وخرجنا إلى بابه‪،‬‬
‫وإذا ميدان ببابه‪ ،‬وفي آخر الميدان اناس قعود عدد كثير‪.‬‬
‫)‪ (1‬النحل‪ ،89 :‬وذيلها‪ " :‬وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " وفي سورة آل‬
‫عمران‪ " :‬هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين " ولعله سقط ذيل‬
‫الولى و صدر الثانية‪ (2) .‬يس‪ (3) .12 :‬النعام‪ (4) .38 :‬النمل‪.75 :‬‬
‫]*[‬

‫]‪[185‬‬

‫قال أبي‪ :‬من هؤلء ؟ قال الحجاب‪ :‬هؤلء القسيسون والرهبان‪ ،‬وهذا عالم لهم‬
‫يقعد إليهم في كل سنة يوما واحدا يستفتونه فيفتيهم‪ ،‬فلف أبي عند ذلك‬
‫رأسه بفاضل ردائه‪ ،‬وفعلت أنا فعل أبي‪ ،‬فاقبل نحوهم حتى قعد نحوهم‪،‬‬
‫وقعدت وراء أبي‪ ،‬ورفع ذلك في الخبر إلى هشام فأمر بعض غلمانه أن‬
‫يحضر الموضع فينظر ما يصنع أبي‪ .‬فاقبل وأقبل عدد من المسلمين‬
‫فأحاطوا بنا‪ ،‬وأقبل عالم النصارى وقد شد حاجبيه بحريرة صفراء حتى‬
‫توسطنا فقام إليه جميع القسيسين والرهبان مسلمين عليه فجاء إلى صدر‬
‫المجلس‪ ،‬فقعد فيه وأحاط به أصحابه وأبي وأنا بينهم فأدار نظره ثم قال‬
‫لبي‪ :‬أمنا أم من هذه المة المرحومة ؟ فقال أبي‪ :‬بل من هذه المة‬
‫المرحومة فقال‪ :‬من أين أنت من علمائها أم من جهالها ؟ فقال له أبي‪:‬‬
‫لست من جهالها فاضطرب اضطرابا شديدا ثم قال له‪ :‬أسالك ؟ فقال له‬
‫أبي‪ :‬سل‪ ،‬فقال‪ :‬من أين ادعيتم أن أهل الجنة يطعمون ويشربون ول‬
‫يحدثون ول يبولون ؟ وما الدليل فيما تدعونه من شاهد ل يجهل ؟ فقال له‬
‫أبي‪ :‬دليل ما ندعي من شاهد ل يجهل الجنين في بطن امه‪ ،‬يطعم ول‬
‫يحدث‪ ،‬قال‪ :‬فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا ثم قال‪ :‬كل زعمت إنك‬
‫ليست من علمائها‪ ،‬فقال له أبي‪ :‬ول من جهالها )‪ (1‬وأصحاب هشام‬
‫يسمعون ذلك ؟ فقال لبي‪ :‬أسألك عن مسألة اخرى ؟ فقال له أبي‪ :‬سل‪،‬‬
‫فقال‪ :‬من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة أبدا غضة طرية موجودة غير‬
‫معدومة‪ ،‬عند جميع أهل الجنة‪ ،‬ل تنقطع‪ ،‬وما الدليل فيما تدعونه من‬
‫شاهد ل يجهل ؟ فقال له أبي‪ :‬دليل ما ندعي أن قرآننا )‪ (2‬أبدا غض طري‬
‫موجود غير معدوم عند جميع المسلمين ل ينقطع‪ ،‬فاضطرب اضطرابا‬
‫شديدا ثم قال‪ :‬كل زعمت إنك لست من علمائها فقال له أبي‪ :‬ول من‬
‫جهالها‪ .‬فقال‪ :‬أسألك عن مسألة ؟ فقال له‪ :‬سل قال‪ :‬أخبرني عن ساعة‬
‫من ساعات‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فقال أبي‪ :‬قلت لست من جهالها‪ :‬وهكذا فيما ياتي‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬الفرات‪[*] .‬‬

‫]‪[186‬‬
‫الدنيا ليست من ساعات الليل ول من ساعات النهار‪ ،‬فقال له أبي‪ :‬هي الساعة التي‬
‫بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس‪ ،‬يهدأ فيها المبتلى‪ ،‬ويرقد فيها‬
‫الساهر‪ ،‬ويفيق المغمي عليه‪ ،‬جعلها ال في الدنيا رغبة للراغبين‪ ،‬وفي‬
‫الخرة للعاملين لها‪ ،‬ودليل واضحا وحجابا بالغا على الجاحدين المنكرين‬
‫التاركين لها‪ .‬قال‪ :‬فصاح النصراني صيحة ثم قال‪ :‬بقيت مسألة واحدة‪،‬‬
‫وال لسألنك عن مسألة ل تهتدي إلى الجواب عنها أبدا فأسألك ؟ فقال له‬
‫أبي‪ :‬سل فانك حانث في يمينك‪ ،‬فقال‪ :‬أخبرني عن مولودين ولدا في يوم‬
‫واحد وماتا في يوم واحد‪ ،‬عمر أحدهما خمسون ومائة سنة‪ ،‬والخر‬
‫خمسون سنة في دار الدنيا‪ .‬فقال له أبي‪ :‬ذلك عزير وعزرة ولدا في يوم‬
‫واحد‪ ،‬فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين عاما مر عزير على حماره‬
‫راكبا على قرية بأنطاكية‪ ،‬وهي خاوية على عروشها‪ ،‬فقال‪ :‬أنى يحيى ال‬
‫هذه بعد موتها‪ ،‬وقد كان اصطفاه وهداه فلما قال ذلك القول‪ ،‬غضب ال‬
‫عليه فأماته ال مائة عام سخطا عليه بما قال‪ ،‬ثم بعثه على حماره بعينه‬
‫وطعامه وشرابه‪ .‬فعاد إلى داره‪ .‬وعزرة أخوه ل يعرفه‪ ،‬فاستضافه‬
‫فاضافه‪ ،‬وبعث إلى ولد عزرة وولد ولده وقد شاخوا وعزير شاب في سن‬
‫ابن خمس وعشرين سنة‪ ،‬فلم يزل عزير يذكر أخاه وولده وقد شاخوا وهم‬
‫يذكرون ما يذكرهم‪ ،‬ويقولون ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنون‬
‫والشهور‪ ،‬ويقول له عزرة وهو شيخ ابن مائة وخمس وعشرين سنة ما‬
‫رأيت شابا في سن خمس وعشرين سنه أعلم بما كان بيني وبين أخي‬
‫عزيز أيام شبابي منك‪ ،‬فمن أهل السماء أنت أم من أهل الرض ؟ فقال‬
‫عزير لخيه عزرة‪ :‬أنا عزير سخط ال علي بقول قلته بعد أن اصطفاني‬
‫وهداني‪ ،‬فاماتني مائة سنة‪ ،‬ثم بعثني ليزدادوا بذلك يقينا إن ال على كل‬
‫شئ قدير‪ ،‬وها هو هذا حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من‬
‫عندكم أعاده ال لي كما كان يعيدها فأيقنوا‪ ،‬فأعاشه ال بينهم خمسا‬
‫وعشرين سنة ثم قبضه ال وأخاه في يوم واحد‪.‬‬

‫]‪[187‬‬

‫فنهض عالم النصارى عند ذلك قائما وقام النصارى على أرجلهم فقال لهم عالمهم‪:‬‬
‫جئتموني بأعلم مني وأقعدتموه معكم حتى يهتكني ويفضحني ويعلم‬
‫المسلمون أن لهم من أحاط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا‪ ،‬ل وال ل كلمتكم‬
‫من رأسي كلمة ول قعدت لكم أن عشت سنة‪ .‬فتفرقوا وأبي قاعد مكانه‪،‬‬
‫وأنا معه‪ ،‬ورفع ذلك الخبر إلى هشام بن عبد الملك فلما تفرق الناس نهض‬
‫أبي وانصرف إلى المنزل الذي كنا فيه فوافانا رسول هشام بالجايزة‪،‬‬
‫وأمرنا أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا‪ ،‬ول نحتبس لن الناس ماجوا‬
‫وخاضوا فيما جرى بين أبي وبين عالم النصارى‪ .‬فركبنا دوابنا منصرفين‪،‬‬
‫وقد سبقنا بريد من عند هشام إلى عامل مدين على طريقنا إلى المدينة أن‬
‫ابني أبي تراب الساحرين محمد بن علي وجعفر بن محمد الكذابين ‪ -‬بل هو‬
‫الكذاب لعنه ال ‪ -‬فيما يظهران من السلم وردا علي فلما صرفتهما إلى‬
‫المدينة مال إلى القسيسين والرهبان من كفار النصارى وتقربا إليهم‬
‫بالنصرانية فكرهت أن انكل بهما لقرابتهما‪ ،‬فإذا قرأت كتابي هذا فناد في‬
‫الناس‪ :‬برئت الذمة ممن يشاريهم أو يبايعهم أو يصافحهم أو يسلم عليهم‪،‬‬
‫فانهما قد ارتدا عن السلم‪ ،‬ورأى أمير المؤمنين أن يقتلهما ودوابهما‬
‫وغلمانهما ومن معهما أشر قتلة‪ .‬قال‪ :‬فورد البريد إلى مدينة مدين‪ ،‬فلما‬
‫شارفنا مدينة مدين قدم أبي غلمانه ليرتادوا له منزل‪ ،‬ويشتروا لدوابنا‬
‫علفا‪ ،‬ولنا طعاما‪ ،‬فلما قرب غلماننا من باب المدينة أغلقوا الباب في‬
‫وجوهنا‪ ،‬وشتمونا وذكروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‬
‫وقالوا‪ :‬ل نزول لكم عندنا‪ ،‬ول شري ول بيع‪ ،‬يا كفار ! يا مشركين يا‬
‫مرتدين يا كذابين يا شر الخلئق أجمعين‪ .‬فوقف غلماننا على الباب حتى‬
‫انتهينا إليهم فكلمهم أبي‪ ،‬ولين لهم القول‪ ،‬وقال لهم اتقوا ال ول تغلطون‪،‬‬
‫فلسنا كما بلغكم‪ ،‬ول نحن كما تقولون‪ ،‬فاسمعونا )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬أي شتمونا‪[*] .‬‬

‫]‪[188‬‬

‫فقال أبي‪ :‬فهبنا كما تقولون‪ ،‬افتحوا لنا الباب‪ ،‬وشارونا وبايعونا كما تشارون‬
‫وتبايعون اليهود والنصارى والمجوس‪ ،‬فقالوا‪ :‬أنتم أشر من اليهود‬
‫والنصارى والمجوس‪ ،‬لن هؤلء يؤدون الجزية‪ ،‬وأنتم ما تؤدون‪ ،‬فقال‬
‫لهم أبي‪ :‬افتحوا لنا الباب وأنزلونا‪ ،‬وخذوا منا الجزية كما تأخذون منهم‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬ل نفتح ول كرامة لكم حتى تموتوا على ظهور دوابكم جياعا مياعا‬
‫)‪ (1‬وتموت دوابكم تحتكم‪ .‬فوعظهم أبي فازدادوا عتوا ونشوزا قال‪ :‬فثنى‬
‫أبي برجله عن سرجه وقال لي‪ :‬مكانك يا جعفر ل تبرح‪ ،‬ثم صعد الجبل‬
‫المطل على مدينة مدين‪ ،‬وأهل مدين ينظرون إليه ما يصنع ؟ فلما صار في‬
‫أعله استقبل بوجهه المدينة وحده ثم وضع أصبعيه في اذنيه‪ ،‬ثم نادى‬
‫باعل صوته‪ " :‬وإلى مدين أخاهم شعيبا " إلى قوله‪ " :‬بقية ال خير لكم‬
‫إن كنتم مؤمنين " )‪ (2‬نحن وال بقية ال في أرضه‪ .‬فأمر ال ريحا‬
‫سوداء مظلمة فهبت واحتملت صوت أبي فطرحته في أسماع الرجال‬
‫والنساء والصبيان‪ ،‬فما بقي أحد من الرجال والنساء والصبيان إل صعد‬
‫السطوح وأبي مشرف عليهم‪ ،‬وصعد فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير‬
‫السن‪ ،‬فنظر إلى أبي على الجبل‪ ،‬فنادى باعل صوته‪ :‬اتقوا ال يا أهل‬
‫مدين‪ ،‬فانه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب عليه السلم حين دعى‬
‫على قومه فان أنتم لم تفتحوا الباب ولم تنزلوه‪ ،‬جائكم من العذاب وأتى‬
‫عليكم‪ ،‬وقد أعذر من أنذر‪ .‬ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا وكتب العامل‬
‫بجميع ذلك إلى هشام‪ ،‬فارتحلنا في اليوم الثاني فكتب هشام إلى عامل‬
‫مدين يأمره بأن يأخذ الشيخ فيطموه )‪ (3‬فاخذوه‬

‫)‪ (1‬لعله اتباع كما يقال‪ :‬كثير بثير‪ ،‬وشزر مزر‪ ،‬وأكثر ما يكون بل واو‪ (2) .‬هود‪:‬‬
‫‪ (3) ..86 - 84‬يعني أن يأخذوه ويدفنوه في حفيرة حيا‪ ،‬كما هو نص‬
‫المصدر‪[*] .‬‬

‫]‪[189‬‬

‫فطموه رحمة ال عليه وصلواته‪ ،‬وكتب إلى عامل المدينة الرسول أن يحتال في سم‬
‫أبي في طعام أو شراب فمضى هشام ولم يتهيأ له في أبي شئ من ذلك )‬
‫‪) * (105) .(1‬باب( * * " )جوامع مساوي الخلق( " * اليات‪:‬‬
‫المائدة‪ :‬وترى كثيرا منهم يسارعون في الثم والعدوان وأكلهم السحت‬
‫لبئس ما كانوا يعملون )‪ .(2‬النفال‪ :‬ول تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم‬
‫بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل ال وال بما يعملون محيط )‪.(4‬‬
‫الرعد‪ :‬والذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن‬
‫يوصل ويفسدون في الرض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار )‪.(4‬‬
‫الكهف‪ :‬ومن أظلم ممن ذكر بايات ربه فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه‬
‫إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى‬
‫الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا )‪ .(5‬ق‪ :‬ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع‬
‫للخير معتد مريب * الذي جعل مع ال إلها آخر فالقياه في العذاب الشديد )‬
‫‪ - 1 .(6‬ل‪ :‬العطار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أبي عبد ال الرازي‪ ،‬عن‬
‫ابن أبي عثمان‪ ،‬عن أحمد بن عمر‪ ،‬عن يحيى الحلبي قال‪ :‬سمعت أبا عبد‬
‫ال عليه السلم‬

‫)‪ (1‬دلئل المامة ص ‪ 108 - 104‬ط النجف‪ (2) .‬المائدة‪ (3) .62 :‬النفال‪) .47 :‬‬
‫‪ (4‬الرعد‪ (5) .25 :‬الكهف‪ (6) .57 :‬ق‪[*] .26 - 24 :‬‬

‫]‪[190‬‬

‫يقول‪ :‬ل يطمعن ذو الكبر في الثناء الحسن‪ ،‬والخب في كثرة الصديق‪ ،‬ول السيئ‬
‫الدب في الشرف‪ ،‬ول البخيل في صلة الرحم‪ ،‬ول المستهزئ بالناس في‬
‫صدق المودة‪ ،‬ول القليل الفقه في القضاء‪ ،‬ول المغتاب في السلمة‪ ،‬ول‬
‫الحسود في راحة القلب‪ ،‬ول المعاقب على الذنب الصغير في السؤدد‪ ،‬ول‬
‫القليل التجربة المعجب برأيه في رئاسة )‪ - 2 .(1‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن‬
‫الصفار‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن محمد بن أسلم الجبلي باسناده يرفعه‬
‫إلى أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل يعذب ستة بست‪:‬‬
‫العرب بالعصبية‪ ،‬والدهاقة بالكبر‪ ،‬والمراء بالجور‪ ،‬والفقهاء بالحسد‪،‬‬
‫والتجار بالخيانة‪ ،‬واهل الرستاق بالجهل )‪ .(2‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن داود النهدي‪،‬‬
‫عن ابن أسباط‪ ،‬عن الحلبي رفعه إلى أمير ‪ -‬المؤمنين عليه السلم مثله )‬
‫‪ .(3‬ختص‪ :‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫مثله )‪ - 3 .(4‬ل‪ :‬أبي وابن الوليد معا‪ ،‬عن محمد العطار وأحمد بن إدريس‬
‫معا‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن عبيدال‪ ،‬عن أبي يحيى‬
‫الواسطي عمن ذكره أنه قال لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أترى هذا الخلق‬
‫كله من الناس ؟ فقال‪ :‬ألق منهم التارك المسواك‪ .‬والمتربع في موضع‬
‫الضيق‪ ،‬والداخل فيما ل يعنيه‪ ،‬والمماري فيما ل علم له به‪ ،‬والمتمرض‬
‫من غير علة‪ ،‬والمتشعث من غير مصيبة‪ ،‬والمخالف على أصحابه في‬
‫الحق‪ ،‬وقد اتفقوا عليه‪ ،‬والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح‬
‫أعمالهم فهو بمنزلة الخليج )‪ (5‬يقشر لحاء عن لحاء حتى يوصل إلى‬
‫جوهريته‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .53‬الخصال‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .158‬المحاسن‪ :‬ص ‪) .10‬‬
‫‪ (4‬الختصاص‪ (5) .234 :‬شجر كالطرفاء حبه كالخردل‪[*] .‬‬

‫]‪[191‬‬

‫وهو كما قال ال عزوجل‪ " :‬إن هم إل كالنعام بل هم أضل سبيل " )‪ .(1‬سن‪ :‬أبي‪،‬‬
‫عن أبي الحسن الواسطي عمن ذكره مثله )‪ - 4 .(2‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫إدريس‪ ،‬عن الشعري‪ .‬عن موسى بن جعفر عن ابن معبد‪ ،‬عن إبراهيم بن‬
‫إسحاق‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله يتعوذ في كل يوم من ست‪ :‬من الشك‬
‫والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد )‪ - 5 .(4‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪،‬‬
‫عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن‬
‫جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬أخبرني جبرئيل عليه السلم إن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف‬
‫عام‪ ،‬ما يجدها عاق ول قاطع رحم‪ ،‬ول شيخ زان‪ ،‬ول جار إزاره خيلء )‬
‫‪ ،(4‬ول فتان‪ ،‬ول منان ول جعظري‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فما الجعظري ؟ قال‪ :‬الذي‬
‫ل يشبع من الدنيا وفي حديث آخر‪ :‬ول حيوف وهو النباش‪ ،‬ول زنوف‬
‫وهو المخنث‪ ،‬ول جواض ول جعظري وهو الذي ل يشبع من الدنيا )‪6 .(5‬‬
‫‪ -‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الفارسي‪ ،‬عن الجعفري‪ ،‬عن عبد ال‬
‫بن الحسين بن زيد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال عزوجل لما خلق الجنة خلقها‬
‫من لبنتين‪ :‬لبنة من ذهب ولبنة من فضة‪ ،‬وجعل حيطانها الياقوت‪،‬‬
‫وسقفها الزبرجد‪ ،‬وحصباؤها اللؤلؤ‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .39‬المحاسن ص ‪ (3) .11‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪(4) .160‬‬
‫الزار‪ :‬حلة واسعة كانوا يعقدونها على أوساطهم سترا للفرج والفخذ‪،‬‬
‫وربما لبسوا حلة طويلة من دون ان يقطعوها حلتين )ازارا ورداء(‬
‫ويجرون الزائد منها على الرض تكبرا وتعظما وخيلء‪ (5) .‬معاني‬
‫الخبار ص ‪[*] .330‬‬

‫]‪[192‬‬

‫وترابها الزعفران‪ ،‬والمسك الذفر‪ ،‬فقال لها‪ :‬تكلمي ! فقالت‪ :‬ل إله إل أنت الحي‬
‫القيوم‪ ،‬قد سعد من يدخلني فقال ال عزوجل‪ :‬بعزتي وعظمتي وجللي‬
‫وارتفاعي ل يدخلها مدمن خمر ول سكير ول قتات وهو النمام‪ ،‬ول ديوث‬
‫وهو القلطبان‪ ،‬ول قلع وهو الشرطي‪ ،‬ول زنوق وهو الخنثى‪ ،‬ول خيوف‬
‫وهو النباش‪ ،‬ول عشار‪ ،‬ول قاطع رحم‪ ،‬ول قدري )‪ - 7 .(1‬ل‪ :‬أبي وابن‬
‫الوليد معا‪ ،‬عن أحمد بن إدريس ومحمد العطار معا عن الشعري‪ ،‬عن‬
‫محمد بن الحسين رفعه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يدخل‬
‫الجنة مدمن خمر ول سكير ول عاق ول شديد السواد ول ديوث ول قلح‬
‫وهو الشرطي ول زنوق وهو الخنثى‪ ،‬ول خيوف وهو النباش ول عشار‬
‫ول قاطع رحم ول قدري‪ .‬قال الصدوق رضي ال عنه‪ :‬يعني الشديد الذي ل‬
‫يبيض شئ من شعر راسه ول من شعر لحيته من كبر السن ويسمى‬
‫الغربيب )‪ - 8 .(2‬لي‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن هاشم‪ ،‬عن الدهقان‪،‬‬
‫عن درست‪ ،‬عن ابن سنان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ل تمزح‬
‫فيذهب نورك‪ .‬ول تكذب فيذهب بهاؤك‪ ،‬وإياك وخصلتين‪ :‬الضجر والكسل‪،‬‬
‫فانك إن ضجرت لم تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا‪ ،‬قال عليه‬
‫السلم‪ :‬وكان المسيح عليه السلم يقول‪ :‬من كثر همه سقم بدنه‪ ،‬ومن‬
‫ساء خلقه عذب نفسه‪ ،‬ومن كثر كلمه كثر سقطه‪ ،‬ومن كثر كذبه ذهب‬
‫بهاؤه‪ ،‬ومن لحا الرجال ذهبت مروته )‪ - 9 .(3‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد‬
‫العطار وأحمد بن إدريس معا‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن الحسن بن زيد‪،‬‬
‫عن عمرو بن عثمان‪ ،‬عن ثابت بن دينار‪ ،‬عن ابن ظريف عن ابن نباتة‬
‫قال‪ :‬كان أمير المؤمنين عليه السلم يقول‪ :‬الصدق أمانة‪ ،‬والكذب خيانة‬
‫والدب رياسة‪ ،‬والحزم كياسة‪ ،‬والسرف مثواة‪ ،‬والقصد مثراة‪ ،‬والحرص‬
‫مفقرة‬
‫)‪ (2 - 1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .54‬أمالي الصدوق ص ‪[*] .324‬‬

‫]‪[193‬‬

‫والدناءة محقرة‪ ،‬والسخاء قربة‪ ،‬واللوم غربة‪ ،‬والدقة استكانة‪ ،‬والعجز مهانة‬
‫والهوى ميل‪ ،‬والوفاء كيل‪ ،‬والعجب هلك والصبر ملك )‪ - 10 .(1‬لى‪:‬‬
‫ابن المتوكل‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن‬
‫عمه‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬ثلث من لم يكن فيه فل يرجى خيره‬
‫ابدا‪ :‬من لم يخش ال في الغيب‪ ،‬ولم يرعو عند الشيب‪ ،‬ولم يستحي من‬
‫العيب )‪ - 11 .(2‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سنان‪ ،‬عن العل ابن فضيل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ثلث إذا كن‬
‫في الرجل فل تجرح إن تقول إنها في جهنم‪ :‬الجفاء والجبن والبخل‪،‬‬
‫وثلث إذا كن في المرأة فل تجرح أن تقول انها في جهنم‪ :‬البذاء والخيلء‬
‫والفجر )‪ - 12 .(3‬ل‪ :‬عن العطار‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن بشير عن أبان بن عثمان‪ ،‬عن الحارث بن المغيرة النضري‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬ستة ل تكون في المؤمن‪:‬‬
‫العسر والنكر واللجاجة والكذب والحسد والبغي )‪ - 13 .(4‬ل‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن موسى بن عمر‪ ،‬عن أبي علي بن‬
‫راشد رفعه إلى الصادق عليه السلم إنه قال‪ :‬خمس هن كما أقول‪ :‬ليست‬
‫لبخيل راحة‪ ،‬ول لحسود لذة‪ ،‬ول لملوك وفاء‪ ،‬ول لكذاب مروة‪ ،‬ول يسود‬
‫سفيه )‪ - 14 .(5‬مع‪ :‬عن الطالقاني‪ ،‬عن البزوفري‪ ،‬عن إبراهيم بن هيثم‪،‬‬
‫عن أبيه عن جده‪ ،‬عن المعافا بن عمران‪ ،‬عن إسرائيل‪ ،‬عن المقدام بن‬
‫شريح بن هاني‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .94‬أمالي الصدوق‪ (3) .247 :‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪) .76‬‬
‫‪ (4‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .158‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪[*] .130‬‬

‫]‪[194‬‬

‫عن أبي السرد )‪ (1‬قال‪ :‬سأل أمير المؤمنين عليه السلم ابنه الحسن بن علي فقال‪:‬‬
‫يا بني ما العقل ؟ قال‪ :‬حفظ قلبك ما استودعه‪ ،‬قال‪ :‬فما الحزم ؟ قال‪ :‬أن‬
‫تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك‪ ،‬قال‪ :‬فما المجد ؟ قال‪ :‬حمل الغارم‬
‫وابتناء المكارم قال‪ :‬فما السماحة قال‪ :‬إجابة السائل وبذل النائل‪ ،‬قال‪ :‬فما‬
‫الشح قال‪ :‬أن ترى القليل سرفا وما أنفقت تلفا‪ ،‬قال‪ :‬فما السرقة ؟ قال‪:‬‬
‫طلب اليسير ومنع الحقير‪ ،‬قال‪ :‬فما الكلفة ؟ قال‪ :‬التمسك بمن ل يؤمنك‪،‬‬
‫والنظر فيما ل يعنيك‪ ،‬قال‪ :‬فما الجهل ؟ قال‪ :‬سرعة الوثوب على الفرصة‬
‫قبل الستمكان منها‪ ،‬والمتناع عن الجواب ونعم العوان الصمت في‬
‫مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا‪ .‬ثم أقبل على الحسين ابنه عليه السلم فقال‬
‫له‪ :‬يا بني ما السؤدد ؟ قال‪ :‬احشاش العشيرة )‪ (2‬واحتمال الجريرة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما الغنى ؟ قال‪ :‬قلة أمانيك والرضا بما يكفيك‪ ،‬قال‪ :‬فما الفقر ؟ قال‪:‬‬
‫الطمع وشدة القنوط‪ ،‬قال‪ :‬فما اللؤم ؟ قال‪ :‬احراز المرء نفسه واسلمه‬
‫عرسه‪ ،‬قال‪ :‬فما الخرق ؟ قال‪ :‬معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرك‬
‫ونفعك‪ .‬ثم التفت إلى الحارث العور فقال‪ :‬يا حارث علموا هذه الحكم‬
‫أولدكم فانها زيادة في العقل والحزم والرأي )‪ - 15 .(3‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن إدريس‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أبي عبد ال الرازي‪ .‬عن ابن أبي‬
‫عثمان‪ ،‬عن أحمد بن عمر‪ ،‬عن يحيى الحلبي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول سبعة يفسدون أعمالهم‪ :‬الرجل الحليم ذو العلم الكثير ل يعرف‬
‫بذلك ول يذكر به‪ ،‬والحكيم الذي يدبر ماله كل كاذب منكر لما يؤتي إليه‬
‫والرجل الذي يأمن ذا المكر والخيانة‪ ،‬والسيد الفظ الذي ل رحمة له‪ ،‬والم‬

‫)‪ (1‬في المصدر عن أبيه شريح‪ (2) .‬يقال‪ :‬أحش فلنا‪ :‬أعانه على جمع الحشيش‪،‬‬
‫وعن حاجته‪ :‬أعجله عنها‪ ،‬و في المصدر المطبوع‪ :‬اصطناع العشيرة‪،‬‬
‫ومعناه اسداء المعروف إليهم‪ (3) .‬معاني الخبار ص ‪[*] .401‬‬

‫]‪[195‬‬

‫التي ل تكتم عن الولد السر وتفشي عليه )‪ (1‬والسريع إلى لئمة إخوانه‪ ،‬والذي‬
‫يجادل أخاه مخاصما له )‪ - 16 .(2‬ص‪ :‬بالسناد‪ ،‬عن الصدوق‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن محمد العطار‪ ،‬عن ابن أبان‪ ،‬عن ابن اورمة‪ ،‬عن مصعب بن يزيد‪،‬‬
‫عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬جاء نوح عليه السلم إلى‬
‫الحمار ليدخل السفينة فامتنع عليه‪ ،‬قال‪ :‬وكان إبليس بين أرجل الحمار‬
‫فقال‪ :‬يا شيطان ادخل فدخل الحمار ودخل الشيطان‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬اعلمك‬
‫خصلتين ؟ فقال نوح‪ :‬ل حاجة لي في كلمك فقال إبليس‪ :‬إياك والحرص‬
‫فانه أخرج آدم من الجنة‪ ،‬وإياك والحسد‪ ،‬فانه اخرجني من الجنة فأوحى‬
‫ال إليه ]اقبلهما[ وإن كان ملعونا‪ - 17 .‬ص‪ :‬بالسناد عن الصدوق‪ ،‬عن‬
‫ابن موسى‪ ،‬عن السدي‪ ،‬عن سهل عن عبد العظيم الحسني‪ ،‬عن علي بن‬
‫محمد العسكري عليه السلم قال‪ :‬جاء إبليس إلى نوح فقال‪ :‬إن لك عندي‬
‫يدا عظيمة فانتصحني فاني ل أخونك‪ ،‬فتأثم نوح بكلمه ومساءلته‪ ،‬فأوحى‬
‫ال إليه أن كلمه وسله فاني سانطقه بحجة عليه‪ ،‬فقال نوح‪ :‬تكلم‪ ،‬فقال‬
‫إبليس‪ :‬إذا وجدنا ابن آدم شحيحا أو حريصا أو حسودا أو جبارا أو عجول‬
‫تلقفناه تلقف الكرة‪ ،‬فان اجتمعت لنا هذه الخلق سميناه شيطانا مريدا‬
‫فقال نوح صلوات ال عليه‪ :‬ما اليد العظيمة التي صنعت ؟ قال‪ :‬إنك دعوت‬
‫ال على أهل الرض فالحقتهم في ساعة بالنار‪ ،‬فصرت فارغا ولول‬
‫دعوتك لشغلت بهم دهرا طويل‪ - 18 .‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن موسى‪،‬‬
‫عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن بكر بن صالح‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن الحسين بن زيد‪ ،‬عن الصادق عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن أسرع الخير ثوابا البر وإن أسرع‬
‫الشر عقابا البغي‪ ،‬وكفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس إلى ما يعمى عنه‬
‫من نفسه‬

‫)‪ (1‬يعني بالسر‪ :‬النكاح‪ ،‬كما في قوله تعالى " ولكن ل تواعدوهن سرا " على ما‬
‫قيل‪ (2) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪[*] .5‬‬

‫]‪[196‬‬

‫أو يعير الناس بما ل يستطيع تركه‪ ،‬أو يؤذي جليسه بما ل يعنيه )‪ - 19 .(1‬سن‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن نوح بن شعيب النيسابوري‪ ،‬عن الدهقان‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن أول ما عصي ال به ست‪ :‬حب الدنيا‪ ،‬وحب الرئاسة‪ ،‬وحب‬
‫الطعام‪ ،‬وحب النساء‪ ،‬وحب النوم‪ ،‬وحب الراحة )‪ - 20 .(2‬سن‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن ابن المغيرة ومحمد بن سنان‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم أن رجل من خثعم جاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وقال‪ :‬أي العمال أبغض ألى ال ؟ فقال‪ :‬الشرك بال ؟ فقال‪ :‬ثم ماذا ؟‬
‫قال‪ :‬قطيعة الرحم‪ ،‬قال‪ :‬ثم ماذا‪ ،‬قال‪ :‬المر بالمنكر والنهي عن المعروف‬
‫)‪ - 21 .(3‬شى‪ :‬عن عمرو بن جميع رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫قال‪ :‬مكتوب في التوراة‪ :‬من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح لقضاء ال‬
‫ساخطا‪ ،‬ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ال‪ ،‬ومن أتى‬
‫غنيا فتواضع لغنائه ذهب ال بثلثي دينه ومن قرء القرآن من هذه المة ثم‬
‫دخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات ال هزؤا ومن لم يستشر يندم‪ ،‬والفقر‬
‫الموت الكبر )‪ - 22 .(4‬جا‪ :‬عن عمر بن محمد الصيرفي‪ ،‬عن علي بن‬
‫مهرويه‪ ،‬عن داود بن سليمان عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ثلثة أخافهن على امتي الضللة بعد‬
‫المعرفة‪ ،‬ومضلت الفتن‪ ،‬وشهوة البطن والفرج )‪ - 23 .(5‬جا‪ :‬ابن‬
‫قولويه‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن اليقطيني عن يونس‪ ،‬عن‬
‫سعدان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬بينما موسى ابن عمران عليه السلم جالس إذ أقبل إبليس وعليه‬
‫برنس ذو الوان‪ ،‬فلما دنى من‬
‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ 2) .151‬و ‪ (3‬المحاسن‪ :‬ص ‪ (4) .295‬تفسير العياشي ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ 120‬في آية البقرة‪ (5) .131 :‬مجالس المفيد ص ‪[*] .72‬‬

‫]‪[197‬‬

‫موسى عليه السلم خلع البرنس وأقبل عليه فسلم عليه‪ ،‬فقال له موسى‪ :‬من أنت ؟‬
‫قال‪ :‬أنا إبليس قال موسى‪ :‬فل قرب ال دارك فيم جئت ؟ فقال‪ :‬إنما جئت‬
‫لسلم عليك لمكانك من ال عزوجل‪ .‬فقال له موسى‪ :‬فما هذا البرنس ؟‬
‫قال‪ :‬أختطف به قلوب بني آدم قال موسى‪ :‬فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه‬
‫ابن آدم استحوذت عليه ؟ فقال‪ :‬إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله‪ ،‬وصغر‬
‫في عينيه ذنبه‪ ،‬ثم قال له‪ :‬اوصيك بثلث خصال‪ :‬يا موسى ل تخل بامرأة‬
‫ول تخل بك فانه ل يخلو رجل بامرأة ول تخلو به إل كنت صاحبه دون‬
‫أصحابي وإياك أن تعاهد ال عهدا فانه ما عاهد ال أحد إل كنت صاحبه‬
‫دون أصحابي حتى أحول بينه وبين الوفاء به‪ ،‬وإذا هممت بصدقة فامضها‬
‫فانه إذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه‬
‫وبينها‪ ،‬ثم ولى إبليس وهو يقول‪ :‬يا ويله ويا عوله علمت موسى ما يعلمه‬
‫بني آدم )‪ - 24 .(1‬جا‪ :‬عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن‬
‫ابن معروف عن ابن مهزيار‪ ،‬عن فضالة‪ ،‬عن عبد ال بن زيد‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي يعفور‪ ،‬عن أبي ‪ -‬عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال لي ل يغرنك الناس‬
‫عن نفسك‪ ،‬فان المر يصل إليك دونهم‪ ،‬ول تقطع عنك النهار بكذا وكذا‬
‫فان معك من يحفظ عليك‪ ،‬ول تستقل قليل الخير فانك تراه غدا حيث يسرك‬
‫ول تستقل قليل الشر فانك تراه غدا حيث يسوؤك‪ ،‬وأحسن فاني لم أر شيئا‬
‫أشد طلبا ول أسرع دركا من حسنة لذنب قديم‪ ،‬إن ال جل اسمه يقول‪" :‬‬
‫إن الحسنات يذهبن بالسيئات ذلك ذكرى للذاكرين " )‪ - 25 .(2‬ختص‪:‬‬
‫الصدوق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسين بن محمد بن عامر‪ ،‬عن عمه عبد ال‪،‬‬
‫عن محمد بن زياد‪ ،‬عن ابن أبي عمير قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬من‬
‫لم يبال بما قال وما قيل له فهو شرك الشيطان‪ ،‬ومن شغف بمحبة الحرام‬
‫وشهوة الزنا فهو‬

‫)‪ (1‬مجالس المفيد ص ‪ (2) .101‬مجالس المفيد ص ‪ ،116‬ومثله في ص ‪[*] .50‬‬

‫]‪[198‬‬

‫شرك الشيطان‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬إن لولد الزنا علمات أحدها بغضنا أهل البيت‬
‫وثانيها أنه يحن إلى الحرام الذي خلق منه‪ ،‬وثالثها الستخفاف بالدين‬
‫ورابعها سوء المحضر للناس‪ ،‬ول يسئ محضر إخوانه إل من ولد على‬
‫غير فراش أبيه أو من حملت به امه في حيضها )‪ - 26 .(1‬نوادر‬
‫الراوندي‪ :‬باسناده عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل إيمان لمن ل أمانة له‪ ،‬ول دين لمن ل‬
‫عهد له‪ ،‬ول صلة لمن ل يتم ركوعها وسجودها )‪ .(2‬وبهذا السناد قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنه ل ينبغي لولياء ال تعالى من أهل‬
‫دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم ]أن يكونوا أولياء الشيطان‬
‫من أهل دار الغرور الذين كان لهم سعيهم وفيها رغبتهم[ )‪ (3‬ثم قال‪ :‬بئس‬
‫القوم قوم ل يأمرون بالمعروف‪ ،‬ول ينهون عن المنكر‪ ،‬بئس القوم قوم‬
‫يقذفون المرين بالمعروف والناهين عن المنكر‪ ،‬بئس القوم قوم ل‬
‫يقومون ل تعالى بالقسط‪ ،‬بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون الناس‬
‫بالقسط في الناس )‪ (4‬بئس القوم قوم جعلوا طاعة إمامهم دون طاعة ال‪،‬‬
‫بئس القوم قوم يختارون الدنيا على الدين‪ ،‬بئس القوم قوم يستحلون‬
‫المحارم والشهوات بالشبهات‪ .‬قيل‪ :‬يا رسول ال فأي المؤمنين أكيس ؟‬
‫قال صلى ال عليه وآله‪ :‬أكثرهم في الموت ذكرا‪ ،‬وأحسنهم له استعدادا‪،‬‬
‫اولئك هم الكياس )‪ - 27 .(5‬الدرة الباهرة‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪:‬‬
‫يهلك ال ستا بست‪ :‬المراء بالجور والعرب بالعصبية‪ ،‬والدهاقين بالكبر‪،‬‬
‫والتجار بالخيانة‪ ،‬وأهل الرساتيق‬

‫)‪ (1‬الختصاص‪ ،219 :‬وترى مثله في معاني الخبار ص ‪ (2) .113‬نوادر‬


‫الراوندي ص ‪ (3) .5‬ما بين العلمتين أضفناه من المصدر‪ (4) .‬زاد في‬
‫المصدر‪ :‬بئس القوم قوم يكون الطلق عندهم أوثق من عهد ال تعالى‪) .‬‬
‫‪ (5‬نوادر الراوندي ص ‪[*] .29‬‬

‫]‪[199‬‬

‫بالجهالة‪ ،‬والفقهاء بالحسد‪ .‬وقال أبو الحسن الثالث عليه السلم‪ :‬الحسد ماحق‬
‫الحسنات‪ ،‬والزهو جالب المقت‪ ،‬والعجب صارف عن طلب العلم داع إلى‬
‫الغمط )‪ (1‬والجهل‪ ،‬والبخل أذم الخلق‪ ،‬والطمع سجية سيئة‪ - 28 .‬نهج‪:‬‬
‫قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه‬
‫هرب ويفوته الغنى الذي اياه طلب‪ ،‬فيعيش في الدنيا عيش الفقراء‪،‬‬
‫ويحاسب في الخرة حساب الغنياء‪ ،‬وعجبت للمتكبر الذي كان بالمس‬
‫نطفة‪ ،‬ويكون غدا جيفة‪ ،‬وعجبت لمن شك في ال وهو يرى خلق ال‪،‬‬
‫وعجبت لمن نسى الموت وهو يرى من يموت‪ ،‬وعجبت لمن أنكر النشأة‬
‫الخرى وهو يرى النشأة الولى وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء‬
‫)‪ - 29 .(2‬عده الداعي‪ :‬روي عن النبي صلى ال عليه وآله إنه قال‪ :‬إياكم‬
‫وفضول المطعم فانه يسم القلب بالفضلة‪ ،‬ويبطئ بالجوارح عن الطاعة‪،‬‬
‫ويصم الهمم عن سماع الموعظة‪ ،‬وإياكم وفضول النظر فانه يبذر الهوى‪،‬‬
‫ويولد الغفلة‪ ،‬وإياكم واستشعار الطمع‪ ،‬فانه يشوب القلب بشدة الحرص‪،‬‬
‫ويختم على القلب بطابع حب الدنيا‪ ،‬وهو مفتاح كل معصية‪ ،‬ورأس كل‬
‫خطيئة‪ ،‬وسبب إحباط كل حسنة )‪ - 30 .(3‬نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم لرجل سأله أن يعظه‪ :‬ل تكن ممن يرجو الخرة بغير العمل‪ ،‬ويرجئ‬
‫التوبة بطول المل‪ ،‬يقول في الدنيا بقول الزاهدين‪ ،‬ويعمل فيها بعمل‬
‫الراغبين‪ ،‬إن اعطى منها لم يشبع‪ ،‬وإن منع منها لم‬

‫)‪ (1‬يقال‪ :‬غمط الناس ‪ -‬من بابي ضرب وعلم ‪ -‬استحقرهم وازدرى بهم والعافية‪:‬‬
‫لم يشكرها والنعمة‪ :‬بطرها وحقرها ؟ وغمط الحق ‪ -‬من باب علم ‪-‬‬
‫جحده‪ ،‬ومنه قولهم‪ " :‬شر ما استقبلت به اليادي الغمط‪ ،‬وخير ما شيعت‬
‫به البسط‪ (2) .‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ ،272‬الرقم ‪ 126‬من الحكم‪(3) .‬‬
‫عدة الداعي ص ‪[*] .236‬‬

‫]‪[200‬‬

‫يقنع‪ ،‬يعجز عن شكر ما اوتي‪ ،‬ويبتغي الزيادة فيما بقي‪ ،‬ينهي ول ينتهي‪ ،‬ويأمر‬
‫بما ل يأتي‪ ،‬يحب الصالحين ول يعمل عملهم‪ ،‬ويبغض المذنبين وهو‬
‫أحدهم يكره الموت لكثرة ذنوبه‪ ،‬ويقيم على ما يكره الموت له )‪ .(1‬إن‬
‫سقم ظل نادما‪ ،‬وإن صح أمن لهيا‪ ،‬يعجب بنفسه إذا عوفي‪ ،‬ويقنط إذا‬
‫ابتلى‪ ،‬إن أصابه بلء دعا مضطرا‪ ،‬وإن ناله رخاء أعرض مغترا‪ ،‬تغلبه‬
‫نفسه على ما يظن ول يغلبها على ما يستقين‪ ،‬يخاف على غيره بادنى من‬
‫ذنبه‪ ،‬ويرجو لنفسه بأكثر من عمله‪ ،‬إن استغنى بطر وفتن‪ ،‬وإن افتقر قنط‬
‫ووهن‪ ،‬يقصر إذا عمل‪ ،‬ويبالغ إذا سأل‪ ،‬إن عرضت له شهوة أسلف‬
‫المعصية‪ ،‬وسوف التوبة وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملة‪ ،‬يصف‬
‫العبرة ول يعتبر‪ ،‬ويبالغ في المواعظ ول يتعظ‪ ،‬فهو بالقول مدل‪ ،‬ومن‬
‫العمل مقل‪ ،‬ينافس فيما يفني ويسامح فيما يبقى‪ ،‬يرى الغنم مغرما‪ ،‬والغرم‬
‫مغنما‪ .‬يخشى الموت‪ ،‬ول يبادر الفوت‪ ،‬يستعظم من معصية غيره ما‬
‫يستقل أكثر منه من نفسه‪ ،‬ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره‪،‬‬
‫فهو على الناس طاعن‪ ،‬ولنفسه مداهن‪ ،‬اللغو مع الغنياء أحب إليه من‬
‫الذكر مع الفقراء يحكم على غيره لنفسه‪ ،‬ول يحكم عليها لغيره‪ ،‬يرشد‬
‫غيره‪ ،‬ويغوي نفسه‪ ،‬فهو يطاع ويعصى‪ ،‬ويستوفي ول يوفى‪ ،‬ويخشى‬
‫الخلق في غير ربه‪ ،‬ول يخشى ربه في خلقه‪ .‬قال السيد ‪ -‬رضي ال عنه‬
‫‪ :-‬ولو لم يكن في هذا الكتاب إل هذا الكلم لكفى به موعظة ناجعة‪ ،‬وحكمة‬
‫بالغة‪ ،‬وبصيرة لمبصر‪ ،‬وعبرة لناظر مفكر )‪ - 31 .(2‬نوادر الراوندي‪:‬‬
‫باسناده‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫)‪ (1‬يعني أنه يكره الموت لكثرة ذنوبه لئل يدركه الموت على تلك الحال وعلى أحد‬
‫الذنوب فتكون له عقبى السوء‪ ،‬لكنه مع ذلك يقيم على تلك الذنوب‬
‫ويداوم عليها ول يرعوي عنها‪ (2) .‬نهج البلغة الرقم ‪ 150‬من الحكم‪.‬‬
‫]*[‬

‫]‪[201‬‬

‫قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬خطبنا رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬أيها الناس‬
‫الموتة الموتة الوحية الوحية )‪ (1‬ل ردة‪ ،‬سعادة أو شقاوة‪ ،‬جاء الموت‬
‫بما فيه‪ :‬بالروح والراحة‪ ،‬لهل دار الحيوان‪ ،‬الذين كان لها سعيهم‪ ،‬وفيها‬
‫رغبتهم‪ ،‬جاء الموت بما فيه‪ :‬بالويل والكرة الخاسرة لهل دار الغرور‬
‫الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم‪ .‬بئس العبد عبد له وجهان‪ :‬يقبل بوجه‬
‫ويدبر بوجه إن اوتى أخوه المسلم خيرا حسده‪ ،‬وإن ابتلى خذله‪ ،‬بئس‬
‫العبد عبد أوله نطفة‪ ،‬ثم يعود جيفة‪ ،‬ثم ل يدري ما يفعل به فيما بين ذلك‪،‬‬
‫بئس العبد عبد خلق للعبادة‪ ،‬فألهته العاجلة عن الجلة )‪ ،(2‬وشقي‬
‫بالعاقبة‪ ،‬بئس العبد عبد تجبر واختال‪ ،‬ونسى الكبير المتعال‪ ،‬بئس العبد‬
‫عبد عتا وبغى‪ ،‬ونسي الجبار العلى‪ ،‬بئس العبد عبد له هوى يضله‪،‬‬
‫ونفس تذله‪ ،‬بئس العبد عبد له طمع يقوده إلى طبع )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الموتة‪ :‬الموت‪ ،‬وهي أخص منه و " الموتة " الثانية تكرار للول تأكيدا‬
‫ونصبهما بتقدير " اتقوا " ونحوه‪ ،‬وهكذا في " الوحية الوحية " وهما‬
‫صفتان للموتة‪ ،‬يقال‪ :‬موت وحي‪ :‬أي سريع‪ .‬وقوله " ل ردة " أي ل‬
‫رجعة بعدها حتى يستدرك الشقي السعادة ويستزيد السعيد من السعادة‪،‬‬
‫بل أذا جاء الموت فبعده إما سعادة أو شقاوة‪ ،‬وقوله بعد ذلك " جاء‬
‫الموت بما فيه بالروح والراحة الخ تفصيل بيان السعادة وقوله بعد ذلك‬
‫" جاء الموت بما فيه‪ :‬بالويل والكرة الخاسرة " الخ تفصيل بيان‬
‫الشقاوة وقوله " بالكرة الخاسرة " إشارة إلى الحشر الذي يخسر فيه‬
‫المبطلون‪ ،‬كما في قوله تعالى " تلك إذا كرة خاسرة " النازعات‪) .12 :‬‬
‫‪ (2‬زاد في المصدر‪ :‬فاز بالرغبة العاجلة‪ (3) .‬نوادر الراوندي ص ‪،22‬‬
‫وقوله " طبع " بالتحريك‪ :‬الدنس ومنه قولهم " رب طمع يهدى إلى‬
‫طبع "‪ ،‬وقيل‪ :‬الوسخ الشديد من الصداء والشين والعيب والرين‪،‬‬
‫والوصف منه على كتف‪ ،‬يقال‪ " :‬هو طبع طمع " أي دنس ل يستحي‬
‫من سوءة‪[*] .‬‬

‫]‪[202‬‬
‫)‪) * (106‬باب( * * " )شرار الناس‪ ،‬وصفات المنافق والمرائي والكسلن( " *‬
‫* " )والظالم ومن يستحق اللعن( " * اليات‪ :‬العراف‪ :‬ولقد ذرأنا لجهنم‬
‫كثيرا من الجن والنس لهم قلوب ل يفقهون بها ولهم أعين ل يبصرون‬
‫بها ولهم آذان ل يسمعون بها اولئك كالنعام بل هم أضل اولئك هم‬
‫الغافلون )‪ .(1‬الحج‪ :‬إن ال ل يحب كل خوان كفور )‪ .(2‬السجدة‪ :‬وويل‬
‫للمشركين الذين ل يؤتون الزكوة وهم بالخرة هم كافرون )‪ .(3‬الجاثية‪:‬‬
‫ويل لكل أفاك أثيم * يسمع آيات ال تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم‬
‫يسمعها فبشره بعذاب أليم * وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا اولئك‬
‫لهم عذاب مهين * من ورائهم جهنم ول يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ول ما‬
‫اتخذوا من دون ال أولياء ولهم عذاب عظيم )‪ .(4‬القلم‪ :‬ول تطع كل‬
‫حلف مهين * هماز مشاء بنميم * مناع للخير معتد أثيم * عتل بعد ذلك‬
‫زنيم * أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الولين )‬
‫‪ .(5‬الحاقة‪ :‬وأما من اوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم اوت كتابيه *‬
‫ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك‬
‫عني سلطانية * خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها‬
‫سبعون ذراعا فاسلكوه *‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .179 :‬الحج‪ (3) .38 :‬السجدة‪ (4) .7 :‬الجاثية‪(5) .10 - 7 :‬‬
‫القلم‪[*] .15 - 10 :‬‬

‫]‪[203‬‬

‫إنه كان ل يؤمن بال العظيم * ول يحض على طعام المسكين * فليس له اليوم ههنا‬
‫حميم * ول طعام إل من غسلين * ل يأكله إل الخاطئون )‪ .(1‬المعارج‪ :‬كل‬
‫إنها لظى * نزاعة للشوى * تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى * إن‬
‫النسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا )‬
‫‪ .(2‬المدثر‪ :‬يتسائلون * عن المجرمين ما سلككم في سقر * قالوا لم نك‬
‫من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين *‬
‫وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين )‪ .(3‬القيمة‪ :‬فل صدق ول صلى‬
‫* ولكن كذب وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى * أولى لك فأولى * ثم‬
‫أولى لك فأولى )‪ .(4‬الماعون‪ :‬أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع‬
‫اليتيم * ول يحض على طعام المسكين * فويل للمصلين * الذينهم عن‬
‫صلوتهم ساهون * الذينهم يراعون ويمنعون الماعون‪ - 1 .‬مع )‪ (5‬لي‪:‬‬
‫الوراق‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن إبراهيم بن مهزيار‪ ،‬عن أخيه عن الحارث بن‬
‫محمد بن النعمان‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أحب أن يكون أكرم‬
‫الناس فليتق ال‪ ،‬ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على ال‪ ،‬ومن‬
‫أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند ال عزوجل أوثق منه بما في‬
‫يده‪ .‬ثم قال صلى ال عليه وآله‪ :‬أل أنبئكم بشر الناس ؟ قالوا‪ :‬بلى يا‬
‫رسول ال قال‪ :‬من أبغض الناس وأبغضه الناس‪ ،‬ثم قال‪ :‬أل أنبئكم بشر‬
‫من هذا ؟ قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬الذي ل يقيل عثرة‪ ،‬ول يقبل‬
‫معذرة‪ ،‬ول‬

‫)‪ (1‬الحاقة‪ (2) .37 - 25 :‬المعارج‪ (3) .21 - 15 :‬المدثر‪(4) .47 - 40 :‬‬
‫القيامة‪ (5) .35 - 31 :‬معاني الخبار ص ‪[*] .196‬‬

‫]‪[204‬‬

‫يغفر ذنبا‪ ،‬ثم قال‪ :‬أل انبئكم بشر من هذا ؟ قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال قال‪ :‬من ل‬
‫يؤمن شره‪ ،‬ول يرجى خيره‪ .‬إن عيسى بن مريم عليه السلم قام في بني‬
‫إسرائيل فقال‪ :‬يا بني إسرائيل ل تحدثوا بالحكمة الجهال فتظلموها‪ ،‬ول‬
‫تمنعوها أهلها فتظلموهم‪ ،‬ول تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم‪.‬‬
‫المور ثلثة‪ :‬أمر تبين لك رشده فاتبعه‪ ،‬وأمر تبين لك غيه فاجتنبه‪ ،‬وأمر‬
‫اختلف فيه فرده إلى ال عزوجل )‪ - 2 .(1‬ل‪ :‬حمزة العلوي‪ ،‬عن أحمد‬
‫الهمداني‪ ،‬عن يحيى بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن ميمون الخزاز‪ ،‬عن القداح‪،‬‬
‫عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬ستة لعنهم ال وكل نبي مجاب )‪ (2‬الزائد في كتاب ال‪ ،‬والمكذب‬
‫بقدر ال‪ ،‬والتارك لسنتي‪ ،‬والمستحل من عترتي ما حرم ال‪ ،‬والمتسلط‬
‫بالجبروت ليذل من أعزه ال‪ ،‬ويعز من أذله ال‪ ،‬والمستأثر بفئ المسلمين‬
‫المستحل له )‪ - 3 .(3‬ل‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪،‬‬
‫عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن أبي القاسم الكوفي‪ ،‬عن عبد المؤمن النصاري‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .183‬قد مر في الباب ‪ 99‬ص ‪ 115‬هذا الحديث وكان‬
‫لفظه " سبعة لعنتهم ‪ -‬وكل نبي مجاب " والمعنى أن هذه السبعة لعنتهم‬
‫أنا والحال أن كل نبي مجاب الدعوة يتحقق دعاؤه على الناس ولهم باذن‬
‫ال تعالى‪ ،‬فكيف دعائي وأنا أفضل النبيين وأوجههم عند ال عزوجل‪.‬‬
‫وأما على ما في هذا الحديث وما يأتي بعده فالمعنى إن هذه السبعة‬
‫ملعونون على لسان ال ولسان أنبيائه قبلي‪ ،‬لكنه ل يناسب الوصاف‬
‫السبعة المذكورة‪ ،‬فانها من خصائص شرعه ودينه صلى ال عليه وآله‪،‬‬
‫خصوصا قوله " والمستحل من عترتي ما حرم ال " وهكذا قوله "‬
‫المستأثر بفئ المسلمين " والمغانم إنما أحل في هذه الشريعة‪ .‬والظاهر‬
‫عندي أن تغيير العبارة من الرواة توهما منهم أن هذا هو الصحيح‪(3) .‬‬
‫الخصال ج ‪ 1‬ص ‪[*] .164‬‬

‫]‪[205‬‬

‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إني لعنت سبعة لعنهم ال وكل نبي مجاب‬
‫قبلي‪ ،‬فقيل‪ :‬ومن هم يا رسول ال ؟ فقال‪ :‬الزايد في كتاب ال‪ ،‬والمكذب‬
‫بقدر ال‪ ،‬والمخالف لسنتي‪ ،‬والمستحل من عترتي ما حرم ال‪ ،‬والمتسلط‬
‫بالجبرية ليعز من أذل ال ويذل من أعز ال‪ ،‬المستأثر على المسلمين‬
‫بفيئهم مستحل له‪ ،‬والمحرم ما أحل ال عزوجل )‪ .(1‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن بن حماد‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن عبد المؤمن النصاري مثله )‪- 4 .(2‬‬
‫ل‪ :‬الحافظ‪ ،‬عن محمد بن الحسين الخثعمي‪ ،‬عن ثابت بن عامر‪ ،‬عن عبد‬
‫الملك بن الوليد‪ ،‬عن عمرو بن عبد الجبار‪ ،‬عن عبد ال بن زياد‪ ،‬عن زيد‬
‫بن علي‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‪ ،‬قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫سبعة لعنهم ال وكل نبي مجاب المغير لكتاب ال‪ ،‬والمكذب بقدر ال‪،‬‬
‫والمبدل سنة رسول ال‪ ،‬والمستحل من عترتي ما حرم ال عزوجل‪،‬‬
‫والمتسلط في سلطانه ليعز من أذل ال‪ ،‬ويذل من أعز ال‪ ،‬والمستحل لحرم‬
‫ال‪ ،‬والمتكبر على عباد ال عزوجل )‪ - 5 .(3‬لي‪ :‬ابن مسرور‪ ،‬عن ابن‬
‫عامر‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن مالك ابن عطية‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحسين عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬المنافق ينهي ول ينتهي ويأمر بما ل‬
‫يأتي‪ ،‬إذا قام في الصلة اعترض‪ ،‬إذا ركع ربض‪ ،‬وإذا سجد نقر وإذا جلس‬
‫شغر‪ ،‬يمسي وهمه الطعام وهو مفطر‪ ،‬ويصبح وهمه النوم ولم يسهر إن‬
‫حدثك كذبك‪ ،‬وإن وعدك أخلفك‪ ،‬وإن ائتمنته خانك‪ ،‬وإن خالفته اغتابك )‬
‫‪ - 6 .(4‬ب عن هارون‪ ،‬عن ابن زياد‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليه السلم إن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .6‬المحاسن‪ (3) .11 :‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .6‬أمالي‬
‫الصدوق ص ‪[*] .295‬‬

‫]‪[206‬‬

‫قال‪ :‬للمرائي ثلث علمات‪ :‬يكسل إذا كان وحده‪ .‬وينشط إذا كان عنده أحد ويحب‬
‫أن يحمد في جميع اموره‪ ،‬وللظالم ثلث علمات‪ :‬يقهر من فوقه بالمعصية‬
‫ومن هو دونه بالغلبة‪ ،‬ويظاهر الظلمة‪ ،‬وللكسلن ثلث علمات‪ :‬يتوانى‬
‫حتى يفرط‪ ،‬ويفرط حتى يضيع‪ ،‬ويضيع حتى يأثم‪ .‬وللمنافق ثلث علمات‬
‫إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا ائتمن خان )‪ - 7 .(1‬ل‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن سعد‪ ،‬عن الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال لقمان لبنه‪ :‬يا بني لكل شئ علمة يعرف‬
‫بها ويشهد عليها‪ ،‬وان للدين ثلث علمات العلم‪ ،‬واليمان‪ ،‬والعمل به‪،‬‬
‫ولليمان ثلث علمات‪ :‬اليمان بال وكتبه ورسله‪ ،‬وللعالم ثلث علمات‪:‬‬
‫العلم بال وبما يحب وما يكره‪ ،‬وللعامل ثلث علمات‪ :‬الصلة والصيام‬
‫والزكاة‪ .‬وللمتكلف ثلث علمات‪ :‬ينازع من فوقه‪ ،‬ويقول ما ل يعلم‪،‬‬
‫ويتعاطا ما ل ينال وللظالم ثلث علمات‪ :‬يظلم من فوقه بالمعصية‪ ،‬ومن‬
‫دونه بالغلبة‪ ،‬ويعين الظلمة وللمنافق ثلث علمات‪ :‬يخالف لسانه قلبه‪،‬‬
‫وقلبه فعله‪ ،‬وعلنيته سريرته‪ ،‬وللثم ثلث علمات‪ :‬يخون‪ ،‬ويكذب‪،‬‬
‫ويخالف ما يقول‪ ،‬وللمرائي ثلث علمات‪ :‬يكسل إذا كان وحده وينشط إذا‬
‫كان للناس عنده‪ ،‬ويتعرض في كل أمر للمحمدة‪ ،‬وللحاسد ثلث علمات‬
‫يغتاب إذا غاب‪ ،‬ويتملق إذا شهد‪ ،‬ويشمت بالمعصية‪ ،‬وللمسرف ثلث‬
‫علمات يشتري ما ليس له‪ ،‬ويلبس ما ليس له‪ ،‬ويأكل ما ليس له‪،‬‬
‫وللكسلن ثلث علمات‪ :‬يتوانى حتى يفرط‪ ،‬ويفرط حتى يضيع‪ ،‬ويضيع‬
‫حتى يأثم‪ ،‬وللغافل ثلث علمات‪ :‬السهو اللهو والنسيان‪ .‬قال حماد بن‬
‫عيسى‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ولكل واحدة من هذه العلمات شعب‬
‫يبلغ العلم بها اكثر من ألف باب‪ ،‬وألف باب وألف باب‪ ،‬فكن يا حماد طالبا‬
‫للعلم في آناء الليل والنهار‪ ،‬وإن أردت أن تقر عينك‪ ،‬وتنال خير الدنيا‬
‫والخرة فاقطع الطمع مما في أيدي الناس‪ ،‬وعد نفسك في الموتى‪ ،‬ول‬
‫تحدثن نفسك‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 22‬ط النجف‪[*] .‬‬

‫]‪[207‬‬

‫أنك فوق أحد من الناس‪ ،‬واخزن لسانك كما تخزن مالك )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد مضى مثله‬
‫في أبواب العقل‪ - 8 .‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬المنافق قد رضي‬
‫ببعده من رحمة ال تعالى لنه يأتي بأعماله الظاهرة شبيها بالشريعة‪،‬‬
‫وهو لغ باغ له بالقلب عن حقها مستهزئ فيها‪ ،‬وعلمة النفاق قلة‬
‫المبالة بالكذب والخيانة والوقاحة‪ ،‬والدعوى بل معنى‪ ،‬وسخنة العين )‪(2‬‬
‫والسفه والغلط‪ ،‬وقلة الحياء واستصغار المعاصي واستضياع أرباب الدين‪،‬‬
‫واستخفاف المصايب في الدين‪ ،‬والكبر‪ ،‬وحب المدح والحسد‪ ،‬وإيثار الدنيا‬
‫على الخرة والشر على الخير‪ ،‬والحث على النميمة‪ ،‬وحب اللهو‪ ،‬ومعونة‬
‫أهل الفسق والبغي والتخلف عن الخيرات‪ ،‬وتنقص أهلها واستحسان ما‬
‫يفعله من سوء واستقباح ما يفعله غيره من حسن‪ ،‬وأمثال ذلك كثيرة‪ .‬وقد‬
‫وصف ال تعالى المنافقين في غير موضع فقال عز من قائل‪ " :‬ومن‬
‫الناس من يعبد ال على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة‬
‫انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو الخسران المبين " )‪(3‬‬
‫وقال عزوجل في صفتهم " ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر‬
‫وما هم بمؤمنين ]يخادعون ال والذين آمنوا وما يخدعون إل أنفسهم وما‬
‫يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم ال مرضا[ " )‪ .(4‬وقال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬المنافق من إذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا فعل افشى )‪ (5‬وإذا قال‬
‫كذب‪ ،‬وإذا ائتمن خان‪ ،‬وإذا رزق طاش‪ ،‬وإذا منع عاش‪ .‬وقال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬من خالفت سريرته علنيته فهو منافق‪ ،‬كائنا من كان‬

‫)‪ (1‬الخصال‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .60‬السخنة بالضم ‪ -‬الحرارة‪ ،‬وهي كناية عن الحزن‬
‫والبكاء لن دموع الحزن تكون سخنة ودموع السرور تكون باردة قارة‪،‬‬
‫ولذلك يقال فيمن يدعى عليه‪ " :‬أسخن ال عينه‪ ،‬ولمن يدعى له‪ " :‬أقر‬
‫ال عينه "‪ (3) .‬الحج‪ (4) .11 :‬البقرة‪ (5) .8 - 9 :‬في المصدر‪ :‬أساء‪.‬‬
‫]*[‬

‫]‪[208‬‬

‫وحيث كان‪ ،‬وفي أي أرض كان‪ ،‬وعلى أي رتبة كان )‪ - 9 .(1‬ين‪ :‬النضر‪ ،:‬عن‬
‫ابن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬ل أحب الشيخ الجاهل‪ ،‬ول الغني الظلوم‪ ،‬ول الفقير المختال‪.‬‬
‫‪ - 10‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن أبغض الناس إلى ال‬
‫من يقتدي بسيئة المؤمن ول يقتدي بحسنته‪) (107) .‬باب( * " )لعن من‬
‫ل يستحق اللعن‪ ،‬وتكفير من ل يستحقه( " * ‪ - 1‬ب عن هارون‪ ،‬عن ابن‬
‫صدقة‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬إن اللعنة إذا خرجت‬
‫من صاحبها ترددت بينه وبين الذي يلعن‪ ،‬فان وجدت مساغا وإل عادت‬
‫إلى صاحبها‪ ،‬وكان أحق بها‪ ،‬فاحذروا أن تلعنوا مؤمنا فيحل بكم )‪- 2 .(2‬‬
‫ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن البطائني‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت‪،‬‬
‫فان وجدت مساغا وإل رجعت على صاحبها )‪ - 3 .(3‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن إدريس‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد ابن النضر‪ ،‬عن عمرو‬
‫بن شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬ما شهد رجل على‬
‫رجل بكفر قط إل باء به أحدهما‪ :‬إن كان شهد على كافر صدق‪ ،‬وإن كان‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ (2) .25‬قرب السناد ص ‪ (3) .8‬ثواب العمال ص‬


‫‪[*] .240‬‬
‫]‪[209‬‬

‫مؤمنا رجع الكفر عليه‪ ،‬وإياكم والطعن على المؤمنين )‪ - 4 .(1‬كنز الكراجكي‪ :‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن شاذان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن الوليد عن الصفار‪ ،‬عن محمد‬
‫بن زياد‪ ،‬عن المفضل بن عمر‪ ،‬عن يونس بن يعقوب‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ملعون ملعون من رمى مؤمنا بكفر‪ ،‬ومن رمى مؤمنا‬
‫بكفر فهو كقتله‪ - 5 .‬م‪ :‬إن الثنين إذا ضجر بعضهما على بعض وتلعنا‬
‫ارتفعت اللعنتان فاستأذنتا ربهما في الوقوع بمن لعنا إليه‪ ،‬فقال ال‬
‫لملئكته‪ :‬انظروا فان كان اللعن أهل للعن وليس المقصود به أهل‬
‫فأنزلوهما جميعا باللعن‪ ،‬وإن كان المشار إليه أهل وليس اللعن أهل‬
‫فوجهوهما إليه‪ ،‬وإن كانا جميعا لها أهل فوجهوا لعن هذا إلى ذاك‪.‬‬
‫ووجهوا لعن ذاك إلى هذا‪ ،‬وإن لم يكن واحد منهما لها أهل ليمانهما‪ ،‬وإن‬
‫الضجر أحوجهما إلى ذلك فوجهوا اللعنتين إلى اليهود الكاتمين نعت محمد‬
‫وصفته صلى ال عليه وآله وذكر على عليه السلم وحليته‪ ،‬وإلى‬
‫النواصب الكاتمين لفضل علي والدافعين لفضله )‪) * (108) .(2‬باب( * *‬
‫" )الخصال التى ل تكون في المؤمن( " * أقول‪ :‬سيأتي بعض الخبار في‬
‫باب اللواط‪ - 1 .‬سر‪ :‬من جامع البزنطي‪ ،‬عن الحارث بن المغيرة‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ستة ل تكون في المؤمن‪ :‬الحسر والنكد‬
‫واللجاجة والكذب والحسد والبغي‪ - 2 .‬ل‪ :‬أبي‪ :‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫عدة من أصحابنا‪ ،‬عن ابن أسباط‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (2) .242‬تفسير المام ص ‪ 260‬و ‪ 261‬في قوله تعالى‪:‬‬
‫اولئك يلعنهم ال ويلعنهم اللعنون البقرة‪[*] .159 :‬‬

‫]‪[210‬‬

‫عن بعض أصحابه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما ابتلى ال به شيعتنا فلن‬
‫يبتليهم بأربع‪ :‬بأن يكونوا لغير رشدة‪ ،‬وأن يسألوا بأكفهم‪ ،‬وإن يؤتوا في‬
‫أدبارهم‪ ،‬وإن يكون فيهم أخضر أزرق )‪ - 3 .(1‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن محمد‬
‫العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أبي عبد ال الرازي‪ ،‬عن ابن أبي عثمان‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أربع خصال ل‬
‫تكون في مؤمن‪ :‬ل يكون مجنونا‪ ،‬ول يسأل عن أبواب الناس‪ ،‬ول يولد‬
‫من الزنا‪ ،‬ول ينكح في دبره )‪ - 4 .(2‬ل‪ :‬القطان وابن موسى معا‪ ،‬عن ابن‬
‫زكريا‪ ،‬عن ابن حبيب‪ ،‬عن ابن بهلول‪ ،‬عن أبي معاوية‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن‬
‫الصادق عليه السلم وابن حبيب‪ ،‬عن عبد ال بن محمد بن باطويه‪ ،‬عن‬
‫علي بن عبد المؤمن الزعفراني‪ ،‬عن مسلم بن خالد الزنجي‪ ،‬عن الصادق‬
‫عليه السلم عن أبيه‪ ،‬عن جده عليهم السلم وابن حبيب‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫شيبان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن خالد‪ ،‬عن مسلم بن خالد‪ ،‬عن جعفر بن‬
‫محمد قالوا كلهم‪ :‬ثلثة عشر وقال تميم‪ :‬ستة عشر صنفا من امة جدي ل‬
‫يحبونا ول يحببونا إلى الناس‪ ،‬ويبغضونا ول يتولونا‪ ،‬ويخذلونا ويخذلون‬
‫الناس عنا‪ ،‬فهم أعداؤنا حقا لهم نار جهنم ولهم عذاب الحريق‪ .‬قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫بينهم لي يا أبه وقاك ال شرهم‪ ،‬قال‪ :‬الزايد في خلقه فل ترى أحدا من‬
‫الناس في خلقه زيادة إل وجدته مناصبا ولم تجده لنا مواليا )‪(3‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .107‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .109‬قد مر في ج ‪ 67‬باب‬


‫شدة ابتلء المؤمن ص ‪ 259 - 196‬روايات كثيرة تخالف هذا الحديث‬
‫المزور‪ ،‬وفيها ما يدل على أن المؤمن يبتلى في جسده بالجذام والبرص‪.‬‬
‫روى الكليني في الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 254‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسين عن صفوان‪ ،‬عن معاوية بن عمار‪ ،‬عن ناجية قال‪ :‬قلت لبي‬
‫جعفر عليه السلم‪ :‬إن المغيرة يقول‪ :‬إن المؤمن ل يبتلى بالجذام ول‬
‫بالبرص ول بكذا وكذا‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬إن ]*[‬

‫]‪[211‬‬

‫والناقص الخلق من الرجال فل ترى ل عزوجل خلقا ناقص الخلقة إل وجدت في‬
‫قلبه علينا غل‪ ،‬والعور باليمين للولدة‪ ،‬فل ترى ل خلقا ولد أعور اليمين‬
‫إل كان لنا محاربا ول عدائنا مسالما‪ ،‬والغربيب من الرجال فل ترى ل‬
‫عزوجل خلقا غربيبا ‪ -‬وهو الذي قد طال عمره فلم يبيض شعره وترى‬
‫لحيته مثل حنك الغراب ‪ -‬إل كان علينا مؤلبا ولعدائنا مكاثرا‪ .‬والحلكوك )‬
‫‪ (1‬من الرجال فل ترى منهم أحدا إل كان لنا شتاما ولعدائنا مداحا‪،‬‬
‫والقرع من الرجال فل ترى رجل به قرع إل وجدته همازا لمازا مشاء‬
‫بالنميمة علينا‪ ،‬والمفضض بالخضرة من الرجال فل ترى منهم أحدا وهم‬
‫كثيرون إل وجدته يلقانا بوجه ويستدبرنا بآخر‪ ،‬يبتغي لنا الغوائل‪،‬‬
‫والمنبوذ )‪ (2‬من الرجال فل تلقي منهم أحدا إل وجدته لنا عدوا مضل‬
‫مبينا‪ ،‬والبرص من الرجال‬

‫كان لغافل عن صاحب ياسين إنه كان مكنعا ‪ -‬ثم رد أصابعه ‪ -‬فقال كاني أنظر إلى‬
‫تكنيعه أتاهم فأنذرهم ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪:‬‬
‫إن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إل أنه ل يقتل نفسه‪ .‬أقول‪:‬‬
‫روى الكشي في رجاله ص ‪ 194‬في المغيرة بن سعيد أنه كان يدس‬
‫الحاديث وروى أن هشام بن الحكم سمع أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫ل تقبلوا علينا حديثا إل ما وافق القرآن والسنة‪ ،‬أو تجدون معه شاهدا‬
‫من أحاديثنا المتقدمة فان المغيره بن سعيد لعنه ال دس في كتب أصحاب‬
‫أبي أحاديث لم يحدث بها أبي‪ ،‬الحديث‪ .‬ولعل هذا الحديث الذي يوافق‬
‫مذهبه ومسلكه في عدم ابتلء المؤمن بالعاهات من مدسوساته لعنه ال‬
‫في روايات أصحابنا رضوان ال عليهم‪ ،‬وكيف كان لما كان هذا الحديث‬
‫مخالفا لسائر أحاديثهم عليهم السلم لبد من طرحه‪ (1) .‬الحلكوك‬
‫كعصفور وقربوس ‪ -‬الشديد السواد‪ ،‬ولعله أراد مثل جون غلم أبي ذر أو‬
‫بلل بن رباح الحبشي ! ؟ نعوذ بال من الضلل‪ (2) .‬المنبوذ‪ :‬الصبي‬
‫تلقيه امه في الطريق‪ ،‬وولد الزناء‪ ،‬ولعله أراد المعنى الخير وإل فما‬
‫ذنب الصبي المنبوذ‪[*] .‬‬

‫]‪[212‬‬

‫فل تلقي منهم أحدا إل وجدته يرصد لنا المراصد‪ ،‬ويقعد لنا ولشيعتنا مقعدا ليضلنا‬
‫بزعمه عن سواء السبيل‪ ،‬والمجذوم وهم حصب جهنم هم لها واردون‬
‫والمنكوح فل ترى منهم أحدا إل وجدته يتغنى بهجائنا ويؤلب علينا‪ .‬وأهل‬
‫مدينة تدعى سجستان )‪ (1‬هم لنا أهل عداوة ونصب وهم شر الخلق‬
‫والخليقة‪ ،‬عليهم من العذاب ما على فرعون وهامان وقارون‪ ،‬وأهل مدينة‬
‫تدعى الري هم أعداء ال وأعداء رسوله صلى ال عليه وآله وأعداء أهل‬
‫بيته يرون حرب أهل بيت رسول ال جهادا ومالهم مغنما‪ ،‬ولهم عذاب‬
‫الخزي في الحياة الدنيا والخرة ولهم عذاب مقيم‪ ،‬وأهل مدينة تدعى‬
‫الموصل شر من على وجه الرض‪ ،‬وأهل مدينة تسمى الزوراء تبنى في‬
‫آخر الزمان يستشفون بدمائنا ويتقربون ببغضنا يوالون في عداوتنا‬
‫ويرون حربنا فرضا وقتالنا حتما ؟ يا بني فاحذر هؤلء ثم احذرهم‪ ،‬فانه ل‬
‫يخلو اثنان منهم باحد من اهلك ال هموا بقتله‪ .‬واللفظ لتميم من أول‬
‫الحديث إلى آخره )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬كان أهل سجستان والري والموصل وبغداد ان كان هو الزوراء معاديا لهل‬
‫البيت في سابق الزمان‪ ،‬فانهم كانوا من أهل الجماعة وبعضهم كان‬
‫خارجيا واسماعيليا واما الن فكلهم شيعة أهل البيت‪ ،‬وقال العلمة‬
‫المؤلف في ج ‪ 60‬ص ‪ 206‬بعد نقل هذا الخبر‪ :‬الزوراء يطلق على دجلة‬
‫بغداد وعلى بغداد‪ ،‬لن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة‪،‬‬
‫ويمكن أن تتبدل أحوال هذه البلد باختلف الزمنة ويكون ما ذكر في‬
‫الخبر حالهم في ذلك الزمان‪ .‬أقول‪ :‬معذلك يبقى الكلم في بغداد ومن‬
‫محلتها الكرخ أعظم محلة منها كانت تسكنها الشيعة وبها نشئ أعاظم‬
‫الصحاب‪ ،‬مع قوله عليه السلم في الزوراء إنها مدينة تبنى في آخر‬
‫الزمان‪ ،‬وبغداد بنيت في زمن المنصور العباسي وكان معاصرا لبي عبد‬
‫ال عليه السلم‪ (2) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ ،95 - 94‬وتميم هو ابن بهلول‪.‬‬
‫]*[‬

‫]‪[213‬‬

‫)‪) * (109‬باب( * * " )من استولى عليهم الشيطان من أصحاب البدع( " * * "‬
‫)وما ينسبون إلى أنفسهم( " * * " )من الكاذيب وأنها من الشيطان( "‬
‫* ‪ - 1‬كش‪ :‬عن سعد‪ ،‬عن عبد ال بن علي بن عامر باسناده‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال ترائا وال إبليس لبي الخطاب على سور‬
‫المدينة والمسجد وكأني أنظر إليه وهو يقول‪ :‬أيها تظفر الن ايها تظفر‬
‫الن )‪ - 2 .(1‬كش‪ :‬عن سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن أبيه ويعقوب بن‬
‫يزيد والحسين ابن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن إبراهيم بن عبد الحميد‪،‬‬
‫عن حفص بن عمرو النخعي‪ ،‬قال‪ :‬كنت جالسا عند أبي عبد ال عليه‬
‫السلم فقال له رجل‪ :‬جعلت فداك إن أبا منصور حدثني إنه رفع إلى ربه‬
‫ومسح على رأسه‪ ،‬فقال له بالفارسية‪ " :‬بايست " فقال له أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬حدثني أبي عن جدي رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن‬
‫ابليس اتخذ عرشا في ما بين السماء والرض‪ ،‬واتخذ زبانية كعدد الملئكة‬
‫فإذا دعى رجل فأجابه ووطئ عقبه وتخطت إليه القدام‪ ،‬ترائا له إبليس‬
‫ورفع إليه‪ ،‬وإن أبا منصور كان رسول إبليس‪ ،‬لعن ال أبا منصور‪ ،‬لعن‬
‫ال ابا منصور ثلثا )‪ - 3 .(2‬كش‪ :‬سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪،‬‬
‫عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن الحكم‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن بنانا والسري وبزيعا لعنهم ال ترائا لهم‬
‫الشيطان في أحسن ما يكون في صورة آدمي من قرنه إلى سرته‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬إن بنانا يتأول هذه الية " وهو الذي في السماء إله وفي‬

‫)‪ (2 - 1‬رجال الكشي ص ‪[*] .256‬‬

‫]‪[214‬‬

‫الرض إله " )‪ (1‬أن الذي في الرض غير إله السماء‪ ،‬وإله السماء غير إله‬
‫الرض وأن إله السماء أعظم من إله الرض‪ ،‬وإن أهل الرض يعرفون‬
‫فضل إله السماء ويعظمونه فقال عليه السلم‪ :‬وال ما هو إل ال وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬إله في السماوات وإله في الرضين كذب بنان‪ ،‬عليه لعنة ال‪،‬‬
‫لقد صغر ال جل جلله وصغر عظمته )‪ - 4 .(2‬كش‪ :‬وجدت بخط جبرئيل‬
‫بن أحمد حدثني محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي ابن الحكم‪ ،‬عن حماد بن‬
‫عثمان‪ ،‬عن زرارة قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أخبرني عن حمزة‬
‫أيزعم إن أبي ياتيه ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬كذب وال ما يأتيه إل المتكون إن‬
‫إبليس سلط شيطانا يقال له‪ :‬المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء إن‬
‫شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة‪ ،‬ول وال ما يستطيع أن‬
‫يجيئ في صورة أبي عليه السلم )‪ - 5 .(3‬كش‪ :‬سعد‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبيه والحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬ومحمد بن عيسى‪،‬‬
‫عن يونس وابن أبي عمير‪ ،‬عن محمد بن عمر بن اذينة عن بريد بن‬
‫معاوية العجلي قال‪ :‬كان حمزة بن عمارة البربري لعنه ال يقول لصحابه‪:‬‬
‫إن أبا جعفر عليه السلم يأتيني في كل ليلة‪ ،‬ول يزال إنسان يزعم أنه قد‬
‫أراه إياه‪ ،‬فقدر لي أني لقيت أبا جعفر عليه السلم فحدثته بما يقول حمزة‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كذب‪ ،‬عليه لعنة ال ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ول‬
‫وصي نبي )‪ - 6 .(4‬كش‪ :‬محمد بن مسعود‪ ،‬عن علي بن محمد بن يزيد‪،‬‬
‫عن ابن عيسى‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬دخلت‬
‫على أبي عبد ال عليه السلم فسلمت وجلست‪ ،‬فقال لي‪ :‬كان في مجلسك‬
‫هذا أبو الخطاب ومعه سبعون رجل كلهم إليه‬

‫)‪ (1‬الزخرف‪ (2) .84 :‬رجال الكشي ص ‪ (3) .257‬رجال الكشي ص ‪(4) .254‬‬
‫رجال الكشي ص ‪[*] .257‬‬

‫]‪[215‬‬

‫ينالهم منه شئ فرحمتهم فقلت لهم‪ :‬أل اخبركم بفضائل المسلم فل أحسب أصغرهم‬
‫إل قال‪ :‬بلى جعلت فداك قلت‪ :‬من فضائل المسلم أن يقال له‪ :‬فلن قارئ‬
‫لكتاب ال عزوجل وفلن ذو حظ من ورع‪ ،‬وفلن يجتهد في عبادته لربه‬
‫فهذه فضائل المسلم مالكم وللرياسات ؟ إنما للمسلمين رأس واحد إياكم‬
‫والرجال‪ ،‬فان الرجال مهلكة‪ ،‬فاني سمعت أبي يقول‪ :‬إن شيطانا يقال له‪:‬‬
‫المذهب يأتي في كل صورة إل أنه ل يأتي في صورة نبي ول وصي نبي‪،‬‬
‫ول أحسبه إل وقد ترائا لصاحبكم فاحذروه‪ ،‬فبلغني أنهم قتلوا معه‪،‬‬
‫فأبعدهم ال وأسحقهم‪ ،‬إنه ل يهلك على ال إل هالك )‪ - 7 .(1‬كش‪ :‬محمد‬
‫بن قولويه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس قال‪ :‬سمعت رجل‬
‫من الطيارة يحدث أبا الحسن الرضا عليه السلم عن يونس بن ظبيان أنه‬
‫قال‪ :‬كنت في بعض الليالي وأنا في الطواف‪ ،‬فإذا نداء من فوق رأسي يا‬
‫يونس " إني أنا ال ل إله إل أنا فاعبدني وأقم الصلة لذكري " فرفعت‬
‫رأسي فإذا ح ]كذا[‪ .‬فغضب أبو الحسن غضبا لم يملك نفسه ثم قال للرجل‪:‬‬
‫اخرج عني لعنك ال ولعن ال من حدثك‪ ،‬ولعن يونس بن ظبيان ألف لعنة‬
‫تتبعها ألف لعنة كل لعنة منها تبلغك إلى قعر جهنم وأشهد ما ناداه إل‬
‫شيطان أما إن يونس مع أبي الخطاب في أشد العذاب مقرونان‪،‬‬
‫وأصحابهما إلى ذلك الشيطان مع فرعون وآل فرعون في أشد العذاب‪،‬‬
‫سمعت ذلك من أبي عبد ال عليه السلم‪ .‬فقال يونس‪ :‬فقال الرجل من‬
‫عنده فلما بلغ الباب إل عشرة خطاء حتى صرع مغشيا عليه قد قاء رجيعه‬
‫وحمل ميتا فقال أبو الحسن عليه السلم‪ :‬أتاه ملك بيده عمود فضربه على‬
‫هامته ضربة قلب فيها مثانته حتى قاء رجيعه وعجل ال بروحه إلى‬
‫الهاوية وألحقه بصاحبه الذي حدثه يونس بن ظبيان‪ ،‬ورأى الشيطان الذى‬
‫كان ترائا له )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬رجال الكشي ص ‪ 248‬و ‪ (2) .249‬رجال الكشي ص ‪[*] .309‬‬

‫]‪[216‬‬

‫‪ - 8‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده عن موسى بن حعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من عمل في بدعة خله الشيطان‬
‫والعبادة‪ .‬وألقى عليه الخشوع والبكاء‪ .‬وبهذا السناد قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬أبى ال لصاحب البدعة بالتوبة وأبى ال لصاحب‬
‫الخلق السئ بالتوبة‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رسول ال وكيف ذلك ؟ قال‪ :‬أما صاحب‬
‫البدعة فقد اشرب قلبه حبها‪ ،‬وأما صاحب الخلق السئ فانه إذا تاب من‬
‫ذنب وقع في ذنب أعظم من الذنب الذي تاب منه )‪) * (110) .(1‬باب( *‬
‫* )" عقاب من أحدث دينا أو أضل الناس "( * * )" وأنه ل يحمل أحد‬
‫الوزر عمن يستحقه " * اليات‪ :‬النساء‪ :‬ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من‬
‫الكتاب يشترون الضللة ويريدون أن تضلوا السبيل * وال أعلم باعدائكم‬
‫وكفى بال وليا وكفى بال نصيرا )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬ألم تر إلى الذين اوتوا‬
‫نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلء‬
‫أهدى من الذين آمنوا سبيل * اولئك الذين لعنهم ال ومن يلعن ال فلن‬
‫تجد له نصيرا )‪ .(3‬العراف‪ :‬ول تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون‬
‫عن سبيل ال من آمن‬

‫)‪ (1‬نوادر الراوندي ص ‪ (2) .18‬النساء‪ (3) .45 - 44 :‬النساء‪[*] .52 - 51 :‬‬

‫]‪[217‬‬

‫به وتبغونها عوجا )‪ .(1‬هود‪ :‬ومن أظلم ممن افترى على ال كذبا اولئك يعرضون‬
‫على ربهم ويقول الشهاد هؤلء الذين كذبوا على ربهم أل لعنة ال على‬
‫الظالمين * الذين يصدون عن سبيل ال ويبغونها عوجا وهم بالخرة هم‬
‫كافرون * اولئك لم يكونوا معجزين في الرض وما كان لهم من دون ال‬
‫من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا‬
‫يبصرون * اولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون * ل‬
‫جرم أنهم في الخرة هم الخسرون )‪ .(2‬إبراهيم‪ :‬ويصدون عن سبيل ال‬
‫ويبغونها عوجا اولئك في ضلل بعيد )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬وجعلوا ل أندادا‬
‫ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فان مصيركم إلى النار )‪ .(4‬النحل‪ :‬ليحملوا‬
‫أوزارهم كاملة يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم أل ساء ما‬
‫يزرون )‪ .(5‬الشعراء‪ :‬وبرزت الجحيم للغاوين ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ -‬وما‬
‫أضلنا إل المجرمون )‪ .(6‬القصص‪ :‬وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم‬
‫القيمة ل ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيمة هم من‬
‫المقبوحين )‪ .(7‬العنكبوت‪ :‬وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا‬
‫ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون *‬
‫وليحملن أثقالهم‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .86 :‬هود‪ (3) .22 - 18 :‬إبراهيم‪ (4) .3 :‬إبراهيم‪(5) .30 :‬‬
‫النحل‪ (6) .25 :‬الشعراء‪ (7) .99 - 91 :‬القصص‪[*] .42 - 41 :‬‬

‫]‪[218‬‬

‫وأثقال مع أثقالهم وليسئلن يوم القيمة عما كانوا يفترون )‪ .(1‬سبا‪ :‬ولو ترى إذ‬
‫الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين‬
‫استضعفوا للذين استكبروا لول أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا‬
‫للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جائكم بل كنتم مجرمين‬
‫* وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا‬
‫أن نكفر بال ونجعل له أندادا )‪ .(2‬الصافات‪ :‬وأقبل بعضهم على بعض‬
‫يتسائلون * قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين * قالوا بل لم تكونوا مؤمنين‬
‫* وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين * فحق علينا قول‬
‫ربنا إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين )‪ .(3‬ص‪ :‬هذا فوج مقتحم‬
‫معكم ل مرحبا بهم إنهم صالوا النار * قالوا بل أنتم ل مرحبا بكم أنتم‬
‫قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا من‬
‫النار )‪ .(4‬المؤمن‪ :‬واذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا‬
‫إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا‬
‫إنا كل فيها إن ال قد حكم بين العباد )‪ .(5‬النجم‪ :‬أم لم ينبأ بما في صحف‬
‫موسى * وإبراهيم الذي وفى * أل تزر وازرة وزر اخرى * وأن ليس‬
‫للنسان إل ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزيه الجزاء الوفى )‬
‫‪.(6‬‬
‫)‪ (1‬العنكبوت‪ (2) .13 - 12 :‬سبأ‪ (3) .33 - 31 :‬الصافات‪ (4) .32 - 27 :‬ص‪:‬‬
‫‪ (5) .61 - 59‬المؤمن‪ (6) .48 - 47 :‬النجم‪[*] .41 - 36 :‬‬

‫]‪[219‬‬

‫‪ - 1‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة‪ ،‬عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال غافر كل ذنب إل من أحدث دينا أو اغتصب‬
‫أجيرا أجره أو رجل باع حرا )‪ - 2 .(1‬ع‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أيوب‬
‫بن نوح‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن الحكم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان رجل في الزمن الول طلب الدنيا من حلل فلم يقدر عليها‪،‬‬
‫وطلبها من حرام فلم يقدر عليها‪ .‬فأتاه الشيطان فقال له‪ :‬يا هذا إنك قد‬
‫طلبت الدنيا من حلل فلم تقدر عليها وطلبتها من حرام فلم تقدر عليها أفل‬
‫أدلك على شئ تكثر به دنياك ويكثر به تبعك ؟ قال‪ :‬بلى قال‪ :‬تبتدع دينا‬
‫وتدعو إليه الناس‪ .‬ففعل فاستجاب له الناس وأطاعوه وأصاب من الدنيا ثم‬
‫أنه فكر فقال‪ :‬ما صنعت ؟ ابتدعت دينا ودعوت الناس ما أرى لي توبة إل‬
‫أن آتي من دعوته إليه فارده عنه‪ ،‬فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه فيقول‬
‫لهم‪ :‬إن الذي دعوتكم إليه باطل‪ ،‬وإنما ابتدعته‪ ،‬فجعلوا يقولون‪ :‬كذبت‬
‫وهو الحق ولكنك شككت في دينك‪ .‬فرجعت عنه‪ ،‬فلما رأى ذلك عمد إلى‬
‫سلسلة فوتد لها وتدا ثم جعلها في عنقه‪ ،‬وقال‪ :‬ل احلها حتى يتوب ال‬
‫عزوجل علي‪ .‬فأوحى ال عزوجل إلى نبي من النبياء قل لفلن‪ :‬وعزتي‬
‫لو دعوتني حتى تنقطع أوصالك‪ ،‬ما استجبت لك‪ ،‬حتى ترد من مات إلى ما‬
‫دعوته إليه فيرجع عنه )‪ .(2‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن‬
‫ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن الحكم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم وعن‬
‫محمد بن حمران‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫رجل إلى اخر ما مر )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .32‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .178‬ثواب‬
‫العمال ص ‪[*] .230‬‬

‫]‪[220‬‬

‫‪ - 3‬مع‪ :‬عن ماجيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن النهيكي رفعه إلى أبي عبد ال‬
‫عليه السلم أنه قال‪ :‬من مثل مثال أو اقتنى كلبا فقد خرج من السلم فقيل‬
‫له‪ :‬هلك إذا كثير من الناس ؟ فقال‪ :‬ليس حيث ذهبتم إنما عنيت بقولي من‬
‫مثل مثال من نصب دينا غير دين ال‪ ،‬ودعا الناس إليه‪ ،‬وبقولي من اقتنى‬
‫كلبا مبغضا لنا أهل البيت اقتناه فأطعمه وسقاه‪ ،‬ومن فعل ذلك فقد خرج من‬
‫السلم )‪ - 4 .(1‬مع‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن‬
‫ابن معروف عن حماد‪ ،‬عن حريز‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي الربيع قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ما أدنى ما يخرج به الرجل من اليمان ؟ قال‪ :‬الرأي يراه مخالفا‬
‫للحق فيقيم عليه )‪ - 5 .(2‬مع‪ :‬بالسناد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الحسين بن‬
‫سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬قال‪ :‬قلت لبي عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬ما أدنى ما يكون به العبد كافرا ؟ قال‪ :‬أن يبتدع شيئا فيتولى‬
‫عليه ويبرأ ممن خالفه )‪ - 6 .(3‬مع‪ :‬بالسناد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي عمير‪ ،‬عن ابن اذينة‪ ،‬عن بريد العجلي قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬ما أدنى ما يصير به العبد كافرا ؟ قال‪ :‬فأخذ حصاة من الرض‬
‫فقال‪ :‬أن يقول لهذه الحصاة‪ :‬إنها نواة‪ ،‬ويبرء ممن خالفه على ذلك‪،‬‬
‫ويدين ال بالبراءة ممن قال بغير قوله‪ ،‬فهذا ناصب قد أشرك بال وكفر‬
‫من حيث ل يعلم )‪ - 7 .(4‬ج‪ :‬بالسناد إلى أبي محمد العسكري‪ ،‬عن آبائه‪،‬‬
‫عن علي بن الحسين عليهم السلم في تفسير قوله تعالى‪ " :‬ولكم في‬
‫القصاص حيوة " )‪ (5‬الية ولكم يا امة محمد في القصاص حياة لن من‬
‫هم بالقتل فعرف أنه يقتص منه فكف لذلك عن القتل كان حياة للذي كان هم‬
‫بقتله‪ ،‬وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (4 - 2) .181‬معاني الخبار ص ‪ ،393‬وقد مر بعض هذه‬


‫الخبار ج ‪ 69‬ص ‪ 16‬و ‪ 17‬باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا وأدنى ما‬
‫يخرجه عنه‪ (5) .‬البقرة‪[*] .179 :‬‬

‫]‪[221‬‬

‫وحياة لغيرهما من الناس‪ ،‬إذا علموا أن القصاص واجب ل يجسرون على القتل‬
‫مخافة القصاص " يا اولي اللباب " اولى العقول " لعلكم تتقون "‪ .‬ثم‬
‫قال عليه السلم‪ :‬عباد ال هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا وتفنون‬
‫روحه أل انبئكم باعظم من هذا القتل وما يوجبه ال على قاتله مما هو‬
‫أعظم من هذا القصاص ؟ قالوا‪ :‬بلى يا ابن رسول ال قال‪ :‬أعظم من هذا‬
‫القتل أن يقتله قتل ل ينجبر ول يحيى بعده أبدا‪ ،‬قالوا‪ :‬ما هو ؟ قال‪ :‬أن‬
‫يضله عن نبوة محمد وعن ولية علي بن أبي طالب صلوات ال عليهما‪،‬‬
‫ويسلك به غير سبيل ال ويغريه باتباع طرائق أعداء علي عليه السلم‬
‫والقول بامامتهم‪ ،‬ودفع علي عن حقه وجحد فضله وأل يبالي باعطائه‬
‫واجب تعظيمه فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنم خالدا‬
‫مخلدا أبدا فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم )‪ - 8 .(1‬ل‪ :‬أبي‪،‬‬
‫عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد ابن‬
‫إبراهيم النوفلي‪ ،‬عن الحسين بن المختار باسناده يرفعه قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ملعون ملعون من كمه أعمى‪ ،‬ملعون ملعون من‬
‫عبد الدينار والدرهم‪ ،‬ملعون ملعون من نكح بهيمة )‪ .(2‬مع‪ :‬ابن إدريس‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن محمد بن إبراهيم النوفلي مثله‪.‬‬
‫ثم قال الصدوق‪ :‬قوله‪ " :‬من كمه أعمى " يعني من أرشد متحيرا في دينه‬
‫إلى الكفر وقرره في نفسه حتى اعتقده‪ ،‬وقوله‪ " :‬من عبد الدينار والدرهم‬
‫" يعني به من يمنع زكاة ماله ويبخل بمواساة إخوانه‪ ،‬فيكون قد آثر عبادة‬
‫الدينار والدرهم على عبادة خالقه )‪ .(3‬أقول‪ :‬قد مضت أخبار كثيرة في‬
‫باب البدع والمقاييس في ذلك‪.‬‬

‫)‪ (1‬الحتجاج ص ‪ (2) .174‬الخصال‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .64‬معاني الخبار ص ‪.402‬‬
‫]*[‬

‫]‪[222‬‬

‫‪ - 9‬سن‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن عمه يعقوب‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬من اجترأ على ال في المعصية وارتكاب الكبائر‬
‫فهو كافر‪ ،‬ومن نصب دينا غير دين ال فهو مشرك )‪ - 10 .(1‬شى‪ :‬عن‬
‫أبي حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قوله‪ " :‬ليحملوا أوزارهم كاملة‬
‫يوم القيمة " )‪ (2‬يعني ليستكملوا الكفر يوم القيامة " ومن أوزار الذين‬
‫يضلونهم بغير علم " يعني كفر الذين يتولونهم قال ال‪ " :‬أل ساء ما‬
‫يزرون " )‪) * (111) .(3‬باب( * * " )من وصف عدل ثم خالفه إلى‬
‫غيره( " * اليات‪ :‬البقرة‪ :‬أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم‬
‫تتلون الكتاب أفل تعقلون )‪ .(4‬تفسير‪ " :‬أتأمرون الناس بالبر " في‬
‫تفسير المام عليه السلم أي بالصدقات وأداء المانات " وتنسون أنفسكم‬
‫" أي تتركونها " وأنتم تتلون الكتاب " أي التوراة المرة لكم بالخيرات‬
‫الناهية عن المنكرات " أفل تعقلون " ما عليكم من العقاب في أمركم بما‬
‫به ل تأخذون‪ ،‬وفي نهيكم عما أنتم فيه منهمكون‪ .‬نزلت في علماء اليهود‬
‫ورؤسائهم المردة المنافقين المحتجنين أموال الفقراء المستأكلين‬
‫للغنياء‪ ،‬الذين كانوا يأمرون بالخير ويتركونه‪ ،‬وينهون عن الشر‬
‫ويرتكبونه )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .209‬النحل‪ (3) .25 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪(4) .257‬‬
‫البقرة‪ (5) .44 :‬تفسير المام ص ‪[*] .113‬‬

‫]‪[223‬‬
‫أقول‪ :‬في القاموس احتجن المال ضمه واحتواه‪ .‬وقال علي بن إبراهيم‪ :‬نزلت في‬
‫الخطباء والقصاص وهو قول أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬وعلى كل منبر‬
‫خطيب مصقع يكذب على ال وعلى رسوله وعلى كتابه )‪ .(1‬وفي المجمع‬
‫عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬مررت ليلة اسري بي‬
‫على اناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار‪ ،‬فقلت‪ :‬من هؤلء يا‬
‫جبرئيل ؟ فقال‪ :‬هؤلء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس‬
‫بالبر وينسون أنفسهم )‪ .(2‬وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلم‬
‫قال‪ :‬من لم ينسلخ من هواجسه‪ ،‬ولم يتخلص من آفات نفسه وشهواتها‪،‬‬
‫ولم يهزم الشيطان‪ ،‬ولم يدخل في كنف ال وأمان عصمته‪ ،‬ل يصلح للمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬لنه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلما أظهر‬
‫يكون حجة عليه‪ ،‬ول ينتفع الناس به‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬أتأمرون الناس‬
‫بالبر وتنسون أنفسكم " ويقال له‪ :‬يا خائن أتطالب خلقي بما خنت به‬
‫نفسك‪ ،‬وأرخيت عنه عنانك )‪ - 1 .(3‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن يوسف البزاز‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫إن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدل ثم عمل بغيره )‪ .(4‬بيان‪:‬‬
‫" من وصف عدل " أي بين للناس أمرا حقا موافقا لقانون العدل أو أمرا‬
‫وسطا غير مائل إلى إفراط أو تفريط ولم يعمل به‪ ،‬أو وصف دينا حقا ولم‬
‫يعمل بمقتضاه كما إذا إدعى القول بامامة الئمة عليهم السلم ولم يتابعهم‬
‫قول وفعل ويؤيد الول قوله عليه السلم‪ " :‬أتأمرون الناس بالبر وتنسون‬
‫أنفسكم "‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ص ‪ (2) .38‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .98‬مصباح الشريعة‬
‫ص ‪ (4) .42‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .299‬‬

‫]‪[224‬‬

‫وقوله سبحانه‪ " :‬لم تقولون ما ل تفعلون " )‪ (1‬وما ورى عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله أنه قال‪ :‬مررت ليلة اسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقارض‬
‫من نار‪ ،‬فقلت‪ :‬من أنتم ؟ قالوا‪ :‬كنا نأمر بالخير ول نأتيه‪ ،‬وننهي عن‬
‫الشر ونأتيه‪ ،‬ومثله كثير‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن محمد‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن ابن عيسى‪،‬‬
‫عن ابن سنان‪ ،‬عن قتيبة العشى‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬أنه قال‪:‬‬
‫من أشد الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدل وعمل بغيره )‪- 3 .(2‬‬
‫كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي يعفور‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن من أعظم الناس حسرة‬
‫يوم القيامة من وصف عدل وخالفه إلى غيره )‪ .(3‬بيان‪ :‬وإنما كانت‬
‫حسرته أشد لوقوعه في الهلكة مع العلم‪ ،‬وهو أشد من الوقوع فيها بدونه‪،‬‬
‫ولمشاهدته نجاة الغير بقوله‪ ،‬وعدم نجاته به‪ ،‬وكان أشدية العذاب‬
‫والحسرة بالنسبة إلى من لم يعلم ولم يعمل ولم يأمر‪ ،‬ل بالنسبة إلى من‬
‫علم ولم يفعل ولم يأمر‪ ،‬لن الهداية وبيان الحكام وتعليم الجهال والمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر كلها واجبة كما أن العمل واجب‪ ،‬فإذا تركهما‬
‫ترك واجبين‪ ،‬وإذا ترك أحدهما ترك واجبا واحدا‪ .‬لكن الظاهر من أكثر‬
‫الخبار بل اليات اشتراط الوعظ والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫بالعمل‪ ،‬ويشكل التوفيق بينها وبين سائر اليات والخبار الدالة على‬
‫وجوب الهداية والتعليم‪ ،‬والنهي عن كتمان العلم‪ ،‬وعلى أي حال الظاهر‬
‫أنها ل تشمل ما إذا كان له مانع من التيان بالنوافل مثل‪ ،‬ويبين للناس‬
‫فضلها وأمثال ذلك‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن الحسين بن إسحاق‪،‬‬
‫عن علي بن مهزيار‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬الصف‪ (2) .2 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .300‬‬

‫]‪[225‬‬

‫عبد ال بن يحيى‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال في قول ال عزوجل‪ " :‬فكبكبوا فيها هم والغاوون " )‪ (1‬قال‪ :‬يا‬
‫بابصير هم قوم وصفوا عدل بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره )‪ .(2‬بيان‪" :‬‬
‫فكبكبوا " أقول‪ :‬قبلها في الشعراء " وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم‬
‫أينما كنتم تعبدون من دون ال هل ينصرونكم أو ينتصرون " وفسر‬
‫المفسرون " ما كنتم تعبدون " بآلهتهم " فكبكبوا فيها هم والغاوون "‬
‫قالوا‪ :‬أي اللهة وعبدتهم‪ ،‬والكبكبة تكرير الكب لتكرير معناه كأن من القى‬
‫في النار ينكب مرة بعد اخرى حتى يستقر في قعرها‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬هم‬
‫قوم أي ضمير " هم " المذكور في الية راجع إلى قوم أو " هم " ضمير‬
‫راجع إلى مدلول هم في الية‪ ،‬والمعنى إن المراد بالمعبودين في بطن الية‬
‫المطاعون في الباطل‪ ،‬كقوله تعالى‪ " :‬ان ل تعبدوا الشيطان " )‪ (3‬وهم‬
‫قوم وصفوا السلم‪ ،‬ولم يعملوا بمقتضاه‪ ،‬كالغاصبين للخلفة حيث ادعوا‬
‫السلم‪ ،‬وخالفوا ال ورسوله في نصب الوصي‪ ،‬وتبعهم جماعة‪ ،‬وهم‬
‫الغاوون‪ ،‬أو وصفوا اليمان وادعوا اتصافهم به‪ ،‬وخالفوا الئمة الذين‬
‫ادعوا اليمان بهم‪ ،‬وغيروا دين ال‪ ،‬وأظهروا البدع فيه‪ ،‬وتبعهم الغاوون‪.‬‬
‫ويحتمل أن يكون " هم " راجعا إلى الغاوين‪ ،‬فهم في الية راجع إلى عبدة‬
‫الوثان أو معبوديهم أيضا لكنه بعيد عن سياق اليات السابقة‪ ،‬وقال علي‬
‫بن إبراهيم بعد نقل هذه الرواية مرسل عن الصادق عليه السلم‪ :‬وفي‬
‫خبر آخر‪ :‬قال‪ :‬هم بنو امية " والغاوون " بنو فلن أي بنو العباس )‪.(4‬‬
‫‪ - 5‬كا‪ :‬عن محمد‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫علي‬

‫)‪ (1‬الشعراء‪ (2) .94 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،300‬ومثله في المحاسن ص ‪(3) .120‬‬
‫يس‪ (4) .60 :‬تفسير القمي ص ‪[*] .473‬‬

‫]‪[226‬‬

‫ابن عطية‪ ،‬عن خيثمة قال‪ :‬قال لي أبو جعفر عليه السلم‪ :‬أبلغ شيعتنا أنه لن ينال‬
‫ما عند ال إل بعمل‪ ،‬وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من‬
‫وصف عدل ثم يخالفه إلى غيره )‪ .(1‬بيان‪ :‬ما عند ال أي من المثوبات‬
‫والدرجات والقربات‪) * (112) .‬باب( * * " )الستخفاف بالدين‪،‬‬
‫والتهاون بأمر ال( " * اليات‪ :‬الكهف‪ :‬ويجادل الذين كفروا بالباطل‬
‫ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما انذروا هزوا )‪ .(2‬طه‪ :‬ولقد عهدنا‬
‫إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما )‪ .(3‬الروم‪ :‬ثم كان عاقبة الذين‬
‫أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات ال وكانوا بها يستهزؤن )‪ .(4‬الصافات‪ :‬بل‬
‫عجبت ويسخرون * وإذا ذكروا ل يذكرون * وإذا رأوا آية يستسخرون *‬
‫وقالوا إن هذا إل سحر مبين )‪ .(5‬ص‪ :‬وقالوا مالنا ل نرى رجال كنا نعدهم‬
‫من الشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم البصار )‪ .(6‬الزخرف‪:‬‬
‫فلما جائهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون )‪ .(7‬الجاثية‪ :‬وإذا علم من آياتنا‬
‫شيئا اتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .300‬الكهف‪ (3) .56 :‬طه‪ (4) .115 :‬الروم‪(5) .10 :‬‬
‫الصافات‪ (6) .15 - 12 :‬ص‪ (7) .63 - 62 :‬الزخرف‪(8) .47 :‬‬
‫الجاثية‪[*] .9 :‬‬

‫]‪[227‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن إلى قوله‬
‫تعالى‪ :‬ذلكم بأنكم اتخذتم آيات ال هزوا وغرتكم الحيوة الدنيا فاليوم ل‬
‫يخرجون منها ول هم يستعتبون )‪ .(1‬النجم‪ :‬أفمن هذا الحديث تعجبون *‬
‫وتضحكون ول تبكون * وأنتم سامدون )‪ - 1 .(2‬ل‪ :‬ابن مسرور‪ ،‬عن ابن‬
‫عامر‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن محمد بن زياد‪ ،‬عن ابن عميرة‪ ،‬عن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إن لولد الزنا علمات أحدها بغضنا أهل البيت وثانيها أنه يحن‬
‫إلى الحرام الذي خلق منه‪ ،‬وثالثها الستخفاف بالدين‪ ،‬ورابعها سوء‬
‫المحضر للناس‪ ،‬ول يسئ محضر إخوانه إل من ولد على غير فراش أبيه‬
‫إو حملت به امه في حيضها )‪ - 2 .(3‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة‪ ،‬عن الرضا‪،‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬سمعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬إني أخاف عليكم استخفافا بالدين‬
‫وبيع الحكم ؟ وقطيعة الرحم‪ ،‬وأن تتخذوا القرآن مزامير‪ ،‬تقدمون أحدكم‬
‫وليس بأفضلكم في الدين )‪ - 3 .(4‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن جعفر بن‬
‫محمد بن عبيدال‪ ،‬عن عبد ال بن ميمون‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إياكم والغفلة‪ ،‬فانه من غفل فانما يغفل عن نفسه‪ ،‬وإياكم والتهاون‬
‫بأمر ال عزوجل‪ ،‬فانه من تهاون بأمر ال أهانه ال يوم القيامة )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪ (2) .35 - 33 :‬النجم‪ (3) .61 - 59 :‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪(4) .102‬‬
‫عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .42‬ثواب العمال ص ‪[*] .184‬‬

‫]‪[228‬‬

‫سن‪ :‬جعفر بن محمد الشعري‪ ،‬عن القداح مثله )‪ - 4 .(1‬سن‪ :‬النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال ليبغض المؤمن الضعيف الذي ل دين له‪) .‬‬
‫‪) (113‬باب( * " )العراض عن الحق والتكذيب به( " * اليات‪ :‬البقرة‪:‬‬
‫فان تولوا فانما هم في شقاق )‪ .(2‬آل عمران‪ :‬ألم تر إلى الذين اوتوا‬
‫نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب ال ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم‬
‫وهم معرضون )‪ .(3‬وقال‪ :‬فان تولوا فان ال ل يحب الكافرين )‪ .(4‬وقال‪:‬‬
‫فان تولوا فان ال عليم بالمفسدين )‪ .(5‬وقال‪ :‬فان تولوا فقولوا اشهدوا‬
‫بأنا مسلمون )‪ .(6‬النعام‪ :‬وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إل كانوا عنها‬
‫معرضين * فقد كذبوا بالحق فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن )‬
‫‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬انظر كيف نصرف اليات ثم هم يصدفون )‪ .(8‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬فمن أظلم ممن كذب بآيات ال وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون‬
‫عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون )‪ .(9‬التوبة‪ :‬وإن يتولوا يعذبهم‬
‫ال عذابا أليما في الدنيا والخرة ومالهم‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .96‬البقرة‪ (3) .137 :‬آل عمران‪ (4) .23 :‬آل عمران‪:‬‬
‫‪ 5) .32‬و ‪ (6‬آل عمران‪ 63 :‬و ‪ (7) .64‬النعام‪ 4 :‬و ‪ (8) .5‬النعام‪:‬‬
‫‪ (9) .46‬النعام‪[*] .157 :‬‬

‫]‪[229‬‬
‫من ناصرين )‪ .(1‬هود‪ :‬وإن تولوا فاني أخاف عليكم عذاب يوم كبير )‪ .(2‬الحجر‪:‬‬
‫وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين )‪ .(3‬طه‪ :‬إنا قد اوحى إلينا أن العذاب‬
‫على من كذب وتولى إلى قوله تعالى‪ :‬ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى )‬
‫‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬من أعرض عنه فانه يحمل يوم القيمة وزرا )‪.(5‬‬
‫النبياء‪ :‬بل أكثرهم ل يعلمون الحق فهم معرضون )‪ .(6‬الحج‪ :‬وإذا تتلى‬
‫عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون‬
‫بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفانبئكم بشر من ذلكم النار وعدها ال الذين‬
‫كفروا وبئس المصير )‪ .(7‬المؤمنون‪ :‬قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم‬
‫على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا تهجرون ‪ -‬إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون )‪ .(8‬الفرقان‪ :‬فقد كذبتم‬
‫فسوف يكون لزاما )‪ .(9‬الشعراء‪ :‬وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث‬
‫إل كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن )‬
‫‪ .(10‬وقال تعالى‪ :‬فكذبوه فاهلكناهم إن في ذلك لية وما كان أكثرهم‬
‫مؤمنين )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .74 :‬هود‪ (3) .3 :‬الحجر‪ (4) .81 :‬طه‪ (5) .56 - 48 :‬طه‪.100 :‬‬
‫)‪ (6‬النبياء‪ (7) .24 :‬الحج‪ (8) .72 :‬المؤمنون‪(9) .71 - 66 :‬‬
‫الفرقان‪ (10) .77 :‬الشعراء‪ 5 :‬و ‪ (11) .6‬الشعراء‪[*] .8 :‬‬

‫]‪[230‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة )‪ .(1‬النمل‪ :‬وجحدوا بها واستيقنتها‬
‫أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين )‪ .(2‬العنكبوت‪ :‬وإن‬
‫تكذبوا فقد كذب امم من قبلكم وما على الرسول إل البلغ المبين )‪.(3‬‬
‫لقمان‪ :‬وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في اذنيه‬
‫وقرا فبشره بعذاب اليم )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬وما يجحد باياتنا إل كل ختار‬
‫كفور )‪ .(5‬فاطر‪ :‬وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جائتهم رسلهم‬
‫بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير * ثم اخذت الذين كفروا فكيف كان نكير )‬
‫‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬وأقسموا بال جهد أيمانهم لئن جائهم نذير ليكونن أهدى‬
‫من إحدى المم فلما جائهم نذير ما زادهم إل نفورا )‪ .(7‬يس‪ :‬وما تأتيهم‬
‫من آية من آيات ربهم إل كانوا عنها معرضين )‪ .(8‬ص‪ :‬قل هو نبأ عظيم‬
‫* أنتم عنه معرضون )‪ .(9‬المؤمن‪ :‬كذلك يؤفك الذين كانوا بايات ال‬
‫يجحدون إلى قوله تعالى‪ :‬ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات ال أنى‬
‫يصرفون * الذين كذبوا بالكتاب ربما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون )‬
‫‪.(10‬‬
‫)‪ (1‬الشعراء‪ (2) .189 :‬النمل‪ (3) .14 :‬العنكبوت‪ (4) .18 :‬لقمان‪(5) .7 :‬‬
‫لقمان‪ (6) .32 :‬فاطر‪ (7) .26 - 25 :‬فاطر‪ (8) .42 :‬يس‪(9) .46 :‬‬
‫ص‪ (10) .68 - 67 :‬المؤمن‪[*] .70 - 63 :‬‬

‫]‪[231‬‬

‫الجاثية‪ :‬ويل لكل أفاك أثيم * يسمع آيات ال تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم‬
‫يسمعها فبشره بعذاب أليم )‪ .(1‬محمد‪ :‬إن الذين ارتدوا على أدبارهم من‬
‫بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملي لهم )‪ .(2‬ق‪ :‬بل كذبوا‬
‫بالحق لما جائهم فهم في أمر مريج )‪ .(3‬الطور‪ :‬فويل يومئذ للمكذبين *‬
‫الذين هم في خوض يلعبون )‪ .(4‬الرحمن‪ :‬فبأي آلء ربكما تكذبان )‪.(5‬‬
‫نوح‪ :‬رب إني دعوت قومي ليل ونهارا * فلم يزدهم دعائي إل فرارا *‬
‫وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم‬
‫وأصروا واستكبروا استكبارا )‪ .(6‬الجن‪ :‬ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه‬
‫عذابا صعدا )‪ .(7‬المدثر‪ :‬وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم‬
‫الدين ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر‬
‫مستنفرة * فرت من قسورة )‪ .(8‬المرسلت‪ :‬ويل يومئذ للمكذبين )‪.(9‬‬
‫العلق‪ :‬أرأيت إن كذب وتولى * ألم يعلم بأن ال يرى * كل لئن لم ينته‬
‫لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة * فليدع ناديه * سندع الزبانية )‬
‫‪ - 1 .(10‬قس‪ :‬في رواية أبي الجارود‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في‬
‫قوله تعالى‪:‬‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪ (2) .8 - 7 :‬القتال‪ (3) .25 :‬ق‪ (4) .5 :‬الطور‪ (5) .12 - 11 :‬في‬
‫آيات عديدة‪ (6) .‬نوح‪ (7) .7 - 5 :‬الجن‪ (8) .17 :‬المدثر‪) .51 - 45 :‬‬
‫‪ (9‬في آيات عديدة‪ (10) .‬العلق‪[*] .18 - 13 :‬‬

‫]‪[232‬‬

‫" وخاب كل جبار عنيد " )‪ (1‬قال‪ :‬العنيد المعرض عن الحق )‪ - 2 .(2‬جا‪:‬‬
‫بالسناد إلى أبي قتادة‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬إن الحق منيف‬
‫فاعملوا به‪ ،‬ومن سره طول العافية فليتق ال )‪ - 3 .(3‬ف‪ :‬عن أبي محمد‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ما ترك الحق عزيز إل ذل‪ ،‬ول أخذ به ذليل إل عز )‪) .(4‬‬
‫‪) * (114‬باب( * * " )الكذب وروايته وسماعه( " * اليات‪ :‬المائدة‪:‬‬
‫ومن الذين هادوا سماعون للكذب ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬يحرفون الكلم من بعد‬
‫مواضعه ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬سماعون للكذب )‪ .(5‬التوبة‪ :‬فأعقبهم نفاقا في‬
‫قلوبهم بما أخلفوا ال ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )‪ .(6‬النحل‪ :‬وتصف‬
‫ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى ل جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون )‪.(7‬‬
‫الكهف‪ :‬إن يقولون إل كذبا )‪ .(8‬الحج‪ :‬واجتنبوا قول الزور )‪ .(9‬الحزاب‪:‬‬
‫لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في‬

‫)‪ (1‬إبراهيم‪ (2) .15 :‬تفسير القمي‪ (3) .344 :‬مجالس المفيد‪ (4) :‬تحف العقول‪:‬‬
‫‪ 489‬في ط‪ (5) .‬المائدة‪ (6) .42 - 41 :‬براءة‪ (7) .77 :‬النحل‪) .62 :‬‬
‫‪ (8‬الكهف‪ (9) .5 :‬الحج‪[*] .30 :‬‬

‫]‪[233‬‬

‫المدينة لنغرينك بهم ثم ل يجاورونك فيها إل قليل )‪ .(1‬الزمر‪ :‬إن ال ل يهدي من‬
‫هو كاذب كفار )‪ .(2‬المؤمن‪ :‬إن ال ل يهدي من هو مسرف كذاب )‪.(3‬‬
‫الجاثية‪ :‬ويل لكل أفاك أثيم )‪ - 1 .(4‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي بن الحكم عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن أبي‬
‫النعمان قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬يا با النعمان ل تكذب علينا كذبة‬
‫فتسلب الحنيفية‪ ،‬ول تطلبن أن تكون رأسا فتكون ذنبا‪ ،‬ول تستأكل الناس‬
‫بنا فتفتقر‪ ،‬فانك موقوف ل محالة ومسؤل‪ ،‬فان صدقت صدقناك وإن كذبت‬
‫كذبناك )‪ .(5‬بيان‪ " :‬كذبة " أي كذبة واحدة فكيف الكثر‪ ،‬والكذب الخبار‬
‫عن الشئ بخلف ما هو عليه‪ ،‬سواء طابق العتقاد أم ل‪ ،‬على المشهور‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الصدق مطابقة العتقاد‪ ،‬والكذب خلفه وقيل‪ :‬الصدق مطابقة‬
‫الواقع والعتقاد معا والكذب خلفه‪ ،‬والكلم فيه يطول‪ ،‬ول ريب في أن‬
‫الكذب من أعظم المعاصي وأعظم أفراده وأشنعها الكذب على ال وعلى‬
‫رسوله وعلى الئمة عليهم السلم‪ " .‬فتسلب الحنيفية " الحنيفية مفعول‬
‫ثان لتسلب أي الملة المحمدية المائلة عن الضللة إلى الستقامة‪ ،‬أو من‬
‫الشدة إلى السهولة‪ ،‬أي خرج عن كمال الملة والدين ولم يعمل بشرايطها ل‬
‫أنه يخرج من الملة حقيقة‪ ،‬وقد مر نظائره‪ ،‬أو هو محمول على ما إذا تعمد‬
‫ذلك‪ ،‬لحداث بدعة في الدين‪ ،‬أو للطعن على الئمة الهادين‪.‬‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .60 :‬الزمر‪ (3) .3 :‬المؤمن‪ (4) .28 :‬الجاثية‪ (5) .7 :‬الكافي‪:‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪[*] .338‬‬

‫]‪[234‬‬

‫وفي النهاية الحنيف المائل إلى السلم‪ ،‬الثابت عليه‪ ،‬والحنيفية عند العرب من كان‬
‫على دين إبراهيم وأصل الحنف الميل‪ ،‬ومنه الحديث بعثت بالحنيفية‬
‫السمحة السهلة انتهى‪ .‬والكذب يصدق على العمد والخطا‪ ،‬لكن الظاهر أن‬
‫التم يتبع العمد والكذب عليهم يشمل افتراء الحديث عليهم‪ ،‬وصرف‬
‫حديثهم إلى غير مرادهم والجزم به‪ ،‬ونسبة فعل إليهم ل يرضون به‪ ،‬أو‬
‫ادعاء مرتبة لهم لم يدعوها كالربوبية وخلق العالم‪ ،‬وعلم الغيب‪ ،‬أو‬
‫فضلهم على الرسول صلى ال عليه وآله وأمثال ذلك أو نسبة ما يوجب‬
‫النقص إليهم كفعل ينافي العصمة وأشباهه‪ " .‬ول تطلبن أن تكون راسا‬
‫فتكون ذنبا " الفاء متفرع على الطلب وهو يحتمل وجوها‪ :‬الول‪ :‬أن‬
‫يكون الذنب كناية عن الذل والهوان عند ال وعند الصالحين من عباده‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون المراد به التأخر في الخرة عمن طلب الرياسة عليهم وقد‬
‫نبه على ذلك بتشبيه حسن وهو أن الركبان المترتبين الذاهبين في طريق‬
‫إذا بدا لهم الرجوع أو اضطروا إليه يقع لضيق الطريق ل محالة المتأخر‬
‫متقدما والمتقدم متأخرا‪ ،‬وكذا القطيع من الغنم وغيره إذا رجعوا ينعكس‬
‫الترتيب‪ .‬الثالث‪ :‬أن يكون المعنى تكون ذنبا وذليل ول يتحصل مرادك في‬
‫الدنيا أيضا فان الطالب لكل مرتبة من مراتب الدنيا يصير محروما منها‬
‫غالبا‪ ،‬والهارب من شئ منها تدركه‪ .‬الرابع‪ :‬أن يكون المعنى أن الرياسة‬
‫في الدنيا لوساط الناس‪ ،‬ل يكون إل بالتوسل برئيس أعلى منه إما في‬
‫الحق أو في الباطل‪ ،‬ولما كان في غير دولة الحق ل يمكن التوسل بأهل‬
‫الحق في ذلك‪ ،‬فلبد من التوسل بأهل الباطل فيكون ذنبا وتابعا لهم ومن‬
‫أعوانهم وأنصارهم‪ ،‬محشورا في الخرة معهم‪ ،‬لقوله تعالى‪ " :‬احشروا‬
‫الذين ظلموا وازواجهم " )‪ (1‬إل أن يكون مأذونا من قبل إمام الحق‬
‫خصوصا أو عموما‪ ،‬ويفعل‬

‫)‪ (1‬الصافات‪[*] .22 :‬‬

‫]‪[235‬‬

‫ذلك بنيابتهم على الوجه الذي أمروا به‪ ،‬وهذا في غاية الندرة‪ ،‬وأكثر الوجوه مما‬
‫خطر بالبال‪ ،‬وال أعلم بحقيقة الحال‪ .‬وربما يقرء " ذئبا " بالهمزة بدل‬
‫النون أي آكل للناس أموالهم‪ ،‬وهو مخالف للنسخ المضبوطة‪ " .‬ول‬
‫تستأكل الناس بنا " أي ل تطلب أكل أموال الناس بوضع الخبار الكاذبة‬
‫فينا‪ ،‬أو بافتراء الحكام ونسبتها إلينا " فتفتقر " أي في الدنيا والخرة‬
‫والخير أنسب بما هنا‪ ،‬لكن كان في ما مضى " ول تقل فينا مال نقول في‬
‫أنفسنا فإنك موقوف "‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن مهران‪،‬‬
‫عن ابن عميرة‪ ،‬عمن حدثه‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان علي بن‬
‫الحسين عليهما السلم يقول لولده‪ :‬اتقوا الكذب الصغير منه والكبير‪ ،‬في‬
‫كل جد وهزل‪ ،‬فان الرجل إذا كذب في الصغير اجترئ على الكبير‪ ،‬أما‬
‫علمتم أن رسول ال قال‪ :‬ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه ال صديقا‪ ،‬وما‬
‫يزال العبد يكذب حتى يكتبه ال كذابا )‪ .(1‬بيان‪ :‬في المصباح جد في المر‬
‫يجد جدا من باب ضرب وقتل اجتهد فيه والسم الجد بالكسر‪ ،‬ومنه يقال‬
‫فلن محسن جدا أي نهاية ومبالغة وجد في الكلم جدا من باب ضرب‬
‫هزل‪ ،‬والسم منه الجد بالكسر أيضا‪ ،‬والول هو المراد هنا للمقابلة‪ ،‬وهزل‬
‫في كلمه هزل من باب ضرب مزح ولعب والفاعل هازل وهزال مبالغة‪،‬‬
‫والظاهر أن كل واحد من الجد والهزل متعلق بالصغير والكبير وتخصيص‬
‫الول بالصغير‪ ،‬والثاني بالكبير بعيد‪ .‬وظاهره حرمة الكذب في الهزل أيضا‬
‫ويؤيده عمومات النهي عن الكذب مطلقا ولم أذكر تصريحا من الصحاب‬
‫في ذلك‪ ،‬وروي من طريق العامة عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪:‬‬
‫ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك فويل له ثم ويل له‪ ،‬وروى أنه صلى ال‬
‫عليه وآله كان يمزح ول يقول إل حقا ول يؤذي قلبا ول يفرط فيه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .338‬‬

‫]‪[236‬‬

‫فالمزاح على حد العتدال مع عدم الكذب والذى ل حرج فيه بل هو من خصال‬


‫اليمان ول ريب أن ترك الكذب في المزاح إذا لم يكن من المعاريض‬
‫المجوزة التي يكون مقصود القائل فيها حقا كما سيأتي أولى وأحوط‪ ،‬لكن‬
‫الحكم بالتحريم بمجرد هذه الخبار مشكل‪ ،‬ل سيما إذا لم يترتب عليه‬
‫مفسدة ويظهر خلفه قريبا‪ ،‬وإنما المقصود محض المطايبة فان أكثر هذه‬
‫الخبار مسوقة لبيان مكارم الخلق والزجر عن مساويها أعم من أن‬
‫تكون واجبة أو مندوبة محرمة أو مكروهة‪ ،‬والمراد بالكبير إما الكذب على‬
‫ال وعلى رسوله وعلى الئمة عليهم السلم كما سيأتي أنها من الكبائر أو‬
‫العم منها ومما تعظم مفسدته وضرره على المسلمين وقوله " اجترئ‬
‫على الكبير " أي على الكبير من الكذب بأحد المعنيين أو الكبير من‬
‫المعاصي أعم من الكذب وغيره‪ ،‬فان الكذب كثيرا ما يؤدي إلى ذنوب غيره‬
‫كما أن الصدق يؤدي إلى البر والعمل الصالح حتى يكتب صديقا‪ .‬ويخطر‬
‫بالبال وجه آخر‪ :‬وهو أن يكون المراد بالكبير الرب العليم القدير أي ل‬
‫تجتر على الكذب الصغير بأنه صغير فانه معصية ال‪ ،‬ومعصية الكبير‬
‫كبيرة وما سيأتي بالول أنسب قال الراغب الصديق من كثر منه الصدق‪،‬‬
‫وقيل بل يقال ذلك‪ :‬لمن لم يكذب قط‪ ،‬وقيل بل لمن ل يأتي منه الكذب‬
‫لتعوده الصدق وقيل من صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله‪،‬‬
‫والصديقون هم قوم دون النبياء في الفضيلة‪ ،‬وقيل‪ :‬لعل معنى يكتب على‬
‫ظاهره‪ ،‬فانه يكتب في اللوح المحفوظ أو في دفتر العمال أو في غيرهما‬
‫أن فلنا صديق وفلنا كذاب ليعرفهما الناظرون إليه بهذين الوصفين‪ ،‬أو‬
‫معناه يحكم لهما بذلك أو يوجب لهما استحقاق الوصف بصفة الصديقين‬
‫وثوابهم‪ ،‬وصفة الكذابين وعقابهم‪ ،‬أو معناه أنه يلقي ذلك في قلوب‬
‫المخلوقين ويشهره بين المقربين‪ - 3 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫عثمان بن عيسى‪ ،‬عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل جعل للشر‬

‫]‪[237‬‬

‫أقفال وجعل مفاتيح تلك القفال الشراب‪ ،‬والكذب شر من الشراب )‪ .(1‬بيان‪ :‬الشر‬
‫في الول صفة مشبهة وفي الثاني أفعل التفضيل‪ ،‬والمراد بالشراب جميع‬
‫الشربة المسكرة‪ ،‬وكان المراد بالقفال المور المانعة من ارتكاب الشرور‬
‫من العقل وما يتبعه ويستلزمه من الحياء من ال ومن الخلق والتفكر في‬
‫قبحها وعقوباتها ومفاسدها الدنيوية والخروية‪ ،‬والشراب يزيل العقل‪،‬‬
‫وبزوالها ترتفع جميع تلك الموانع‪ ،‬فتفتح جميع القفال‪ ،‬وكأن المراد‬
‫بالكذب الذي هو شر من الشراب‪ ،‬الكذب على ال وعلى حججه عليهم‬
‫السلم فانه تالى الكفر وتحليل الشربة المحرمة ثمرة من ثمرات هذا‬
‫الكذب فان المخالفين بمثل ذلك حللوها‪ .‬وقيل‪ :‬الوجه فيه أن الشرور‬
‫التابعة للشراب تصدر بل شعور‪ ،‬بخلف الشرور التابعة للكذب وقد يقال‪:‬‬
‫الشر في الثاني أيضا صفة مشبهة و " من " تعليلة والمعنى أن الكذب‬
‫أيضا شر ينشأ من الشراب‪ ،‬لئل ينافي ما سيأتي في كتاب الشربة أن‬
‫شرب الخمر أكبر الكبائر‪ - 3 .‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن أبي نصر‪ ،‬عن حماد بن عثمان‪ ،‬عن الحسن الصيقل‬
‫قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إنا قد روينا عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم في قول يوسف عليه السلم‪ " :‬أيتها العير إنكم لسارقون " )‪(2‬‬
‫فقال‪ :‬وال ما سرقوا وما كذب‪ ،‬وقال إبراهيم " بل فعله كبيرهم هذا‬
‫فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " )‪ (3‬فقال‪ :‬وال ما فعلوا وما كذب‪ .‬قال‪ :‬فقال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما عندكم فيها يا صيقل ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ما عندنا‬
‫فيها إل التسليم‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬إن ال أحب اثنين وأبغض اثنين أحب الخطر‬
‫فيما بين الصفين وأحب الكذب في الصلح‪ ،‬وأبغض الخطر في الطرقات‪،‬‬
‫وأبغض الكذب‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .338‬يوسف‪ (3) .70 :‬النبياء‪[*] .63 :‬‬

‫]‪[238‬‬
‫في غير الصلح‪ ،‬إن إبراهيم عليه السلم إنما قال‪ " :‬بل فعله كبيرهم هذا " إرادة‬
‫الصلح ودللة على أنهم ل يعقلون‪ ،‬وقال يوسف عليه السلم‪ :‬إرادة‬
‫الصلح )‪ .(1‬بيان‪ " :‬في قول يوسف عليه السلم " هذا لم يكن قول‬
‫يوسف عليه السلم وإنما كان قول مناديه‪ ،‬ونسب إليه لوقوعه بأمره‪،‬‬
‫والعير بالكسر البل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة‪ " ،‬وقال إبراهيم‬
‫عليه السلم " عطف على الجملة السابقة بتقدير روينا وقيل‪ :‬قال‪ :‬هنا‬
‫مصدر فان القال والقيل مصدران كالقول فهو عطف على " قول يوسف "‪.‬‬
‫" بل فعله كبيرهم " اريد بالكبير الكبير في الخلقة أو التعظيم‪ ،‬قيل كانت‬
‫لهم سبعون صنما مصطفة‪ ،‬وكان ثمة صنم عظيم مستقبل الباب من ذهب‬
‫في عينيه جوهرتان تضيئان بالليل‪ ،‬ولعل إرجاع الضمير المذكر العاقل إلى‬
‫الصنام من باب التهكم أو باعتبار أنها تعقل وتفهم وتجيب بزعم عبادها‪.‬‬
‫وأما ضمير الجمع في قوله " وال ما فعلوا " فراجع إلى الكبير‪ ،‬باعتبار‬
‫إرادة الجنس الشامل للتعدد ولو فرضا‪ ،‬أو إلى الصنام للتنبيه على اشتراك‬
‫الجميع في عدم صلحية صدور ذلك الفعل منه‪ ،‬وقيل‪ :‬إنما أتى بالجمع‬
‫لمناسبة ما سرقوا أو مبنى على أن الفعل الصادر عن أحد من الجماعة قد‬
‫ينسب إلى الجميع نحو قوله تعالى‪ " :‬فنادته الملئكة " )‪ (2‬بناء على أن‬
‫المنادي جبرئيل فقط‪ ،‬وقيل‪ :‬ويمكن أن يكون إرجاع ضمير " فاسئلوهم "‬
‫أيضا من هذا القبيل إذ لو كان المقصود نطق كل واحد في الزمان‬
‫المستقبل‪ ،‬تكون زيادة " كانوا " في المضارع لغوا‪ ،‬وإن كان العرض‬
‫النطق في الزمان الماضي ل يترتب عليه صحة السؤال‪ ،‬إذ ل يلزم من‬
‫جواز نطقهم قبل الكسر جواز ذلك بعده‪ " .‬أحب الخطر في ما بين الصفين‬
‫" في النهاية يقال خطر البعير بذنبه يخطر أذا رفعه وحطه إنما يفعل ذلك‬
‫عند الشبع والسمن ومنه حديث مرحب فخرج يخطر بسيفه يهزه معجبا‬
‫بنفسه متعرضا للمبارزة‪ ،‬أو أنه كان يخطر في‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .341‬آل عمران‪[*] .39 :‬‬

‫]‪[239‬‬

‫مشيته أي يتمايل ويمشي مشية المعجب‪ ،‬وسيفه في يده أي كان يخطر سيفه معه‪.‬‬
‫" إرادة الصلح " لعل المراد إرادة إصلح حال قومه برجوعهم عن‬
‫عبادة الصنام‪ ،‬وجه الدللة أن العاقل إذا تفكر في نسبة الكسر إليها وعلم‬
‫أنه ل يصح ذلك إل من ذي شعور عاقل قادر وعلم أن هذه الوصاف‬
‫منتفية منها وعلم أنها ل تقدر على دفع الستخفاف والضرر من أنفسها‬
‫علم أنها ليست بمستحقة لللوهية والعبادة‪ ،‬ويكون ذلك داعيا إلى الرجوع‬
‫عنها ورفض العبادة لها‪ .‬وللعلماء فيه وجوه اخرى‪ :‬الول‪ :‬أنه من‬
‫المعاريض التي يقصد بها الحق وإلزام الخصم وتبكيته فلم يكن قصده عليه‬
‫السلم أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم وإنما قصد أن يقرره لنفسه‬
‫على اسلوب تعريضي مع الستهزاء والتبكيت كما لو قال لك من ل يحسن‬
‫الخط فيما كتبته بخط رشيق‪ :‬أنت كتبت ؟ فقلت‪ :‬بل كتبته أنت‪ ،‬كان قصدك‬
‫بهذا الجواب تقريره لك مع الستهزاء به ل نفيه عنك وإثباته لصاحبك‬
‫المي والتعريض مما يجوز عقل ونقل لمصلحة جلب نفع أو دفع ضرر أو‬
‫استهزاء في موضعه ونحوها‪ .‬الثاني‪ :‬أنه عليه السلم غاظته الصنام حين‬
‫رآها مصطفة مزينة‪ ،‬وكان غيظ كبيرها أشد لما رأى من زياده تعظيمهم‬
‫وتوقيرهم له‪ ،‬فأسند الفعل إليه‪ ،‬لنه هو السبب في استهانته وكسره لها‬
‫والفعل كما يسند إلى المباشر يسند إلى السبب أيضا‪ .‬الثالث‪ :‬أن ذلك حكاية‬
‫لما يقود إليه مذهبهم كأنه قال‪ :‬ما تنكرون أن يفعله كبيرهم فان من حق‬
‫من يعبد ويدعي إليه أن يقدر على أمثال هذه الفعال ل سيما الكبير الذي‬
‫يستنكف أن يعبد معه هذه الصغار‪ .‬الرابع‪ :‬ما وري عن الكسائي أنه كان‬
‫يقف عند قوله‪ " :‬بل فعله " ثم يبتدئ " كبيرهم هذا " أي فعله من فعله‬
‫وهذا من باب التورية إذ له ظاهر وباطن‪ ،‬وباطنه ما ذكر‪ ،‬وظاهره إسناد‬
‫الفعل إلى الكبير‪ ،‬وفهمهم تعلق به ومراده عليه السلم‬

‫]‪[240‬‬

‫هو الباطن‪ .‬الخامس‪ :‬ما روي عن بعضهم أنه كان يقف عند قوله‪ " :‬كبيرهم " ثم‬
‫يبتدئ بقول‪ " :‬هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " وأراد بالكبير نفسه‪ ،‬لن‬
‫النسان أكبر من كل صنم‪ ،‬وهذا أيضا من باب التورية وقيل‪ :‬إنه يتم بدون‬
‫الوقف أيضا بأن يكون هذا إشارة إلى نفسه المقدسة‪ ،‬والمغايرة بين‬
‫المشير والمشار إليه كاف بحسب العتبار‪ .‬السادس‪ :‬إن في الكلم تقديما‬
‫وتأخيرا‪ ،‬والتقدير بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فاسئلوهم فيكون‬
‫إضافة الفعل إلى كبيرهم مشروطا بكونهم ناطقين‪ ،‬فلما لم يكونوا ناطقين‬
‫لم يكونوا فاعلين‪ ،‬والغرض منه تسفيه القوم وتقريعهم وتوبيخهم لعبادة‬
‫من ل يسمع ول ينطق ول يقدر أن يخبر من نفسه بشئ‪ .‬ويؤيده ما روي‬
‫في كتاب الحتجاج أنه سئل الصادق عليه السلم عن قول ال عزوجل في‬
‫قصة إبراهيم‪ " :‬قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون "‬
‫قال‪ :‬ما فعله كبيرهم‪ ،‬وما كذب إبراهيم‪ ،‬قيل‪ :‬وكيف ذلك فقال‪ :‬إنما قال‪:‬‬
‫إبراهيم فاسئلوهم إن كانوا ينطقون ان نطقوا فكبيرهم فعل‪ ،‬وإن لم ينطقوا‬
‫فلم يفعل كبيرهم شيئا‪ ،‬فما نطقوا وما كذب إبراهيم )‪ .(1‬وقال البيضاوي‪:‬‬
‫وما روي أن لبراهيم عليه السلم ثلث كذبات تسمية للمعاريض كذبا لما‬
‫شابهت صورتها صورته‪ " .‬وقال يوسف عليه السلم إرادة الصلح "‬
‫كأن المراد الصلح بينه وبين إخوته في حبس أخيه بنيامين عنده‪،‬‬
‫وإلزامهم ذلك بحيث ل يكون لهم محل منازعة ولم يتيسر له ذلك إل‬
‫بأمرين‪ :‬أحدهما نسبة السرقة وثانيهما التمسك بحكم آل يعقوب في‬
‫السارق‪ ،‬وهو استرقاق السارق سنة‪ ،‬وكان حكم ملك مصر أن يضرب‬
‫السارق ويغرم ما سرق‪ ،‬فلم يتمكن من أخذ أخيه في دين الملك‪ ،‬فلذلك أمر‬
‫فتيانه بأن يدسوا الصاع في رحل أخيه وأن ينسبوا السرقة إليه وأن‬
‫يستفتوا في‬

‫)‪ (1‬الحتجاج ص ‪[*] .194‬‬

‫]‪[241‬‬

‫جزاء السارق منهم " فقالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه " أي أخذ‬
‫السارق نفسه هو جزاؤه ل غير‪ .‬فلما فتشوا وجدوا الصاع في رحل أخيه‪،‬‬
‫فأخذوا برقبته‪ ،‬وحكموا برقيته‪ ،‬ولم يبق لخوته محل منازعة في حبسه‪،‬‬
‫إل أن قالوا على سبيل التضرع واللتماس‪ " :‬فخذ أحدنا مكانه إنا نريك‬
‫من المحسنين " )‪ (1‬فردهم بقوله‪ " :‬معاذ ال أن نأخذ إل من وجدنا‬
‫متاعنا عنده إنا إذا لظالمون " قيل‪ :‬أراد أنا إذا أخذنا غيره لظالمون في‬
‫مذهبكم لن استعباد غير من وجد الصاع في رحله ظلم عندكم‪ ،‬أو أراد أن‬
‫ال أمرني وأوحى إلى أن آخذ بنيامين فلو أخذت غيره كنت عامل بخلف‬
‫الوحي‪ ،‬وللعلماء أيضا وجوه اخرى‪ :‬الول أن ذلك النداء لم يكن بأمره بل‬
‫نادوا من عند أنفسهم لنهم لما لم يجدوا الصاع غلب على ظنهم أنهم‬
‫أخذوه‪ .‬الثاني‪ :‬أنهم لم ينادوا أنكم سرقتم الصاع فلعل المراد أنكم سرقتم‬
‫يوسف من أبيه‪ ،‬يدل عليه ما رواه الصدوق في العلل باسناده عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم أنه قال في تفسير هذه الية‪ :‬إنهم سرقوا يوسف من أبيه‬
‫ال ترى أنهم حين قالوا‪ :‬ماذا تفقدون ؟ قالوا‪ :‬نفقد صواع الملك‪ ،‬ولم‬
‫يقولوا‪ :‬سرقتم صاع الملك )‪ .(2‬الثالث‪ :‬لعل المراد من قولهم‪ :‬إنكم‬
‫لسارقون الستفهام كما في قوله حكاية عن إبراهيم‪ " :‬هذا ربي " )‪(3‬‬
‫وإن كان ظاهره الخبر وايد ذلك بأن في مصحف ابن مسعود " ءإنكم "‬
‫بالهمزتين‪ .‬وقال بعض الفاضل‪ :‬حاصل الجواب أن لكل من الصدق‬
‫والكذب معنيين أحدهما لغوي والخر عرفي‪ ،‬فالول هو الموافق للواقع‪،‬‬
‫والمخالف للواقع والثاني الموافق للحق‪ ،‬والمخالف للحق‪ ،‬والمراد بالحق‬
‫رضا ال تعالى فكما‬

‫)‪ (1‬يوسف‪ (2) .78 :‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .49‬النعام‪[*] .76 :‬‬

‫]‪[242‬‬
‫يمكن أن ل يكون الصادق اللغوي‪ ،‬صادقا عرفيا كما قال تعالى‪ " :‬فإذ لم يأتوا‬
‫بالشهداء فاولئك عند ال هم الكاذبون " )‪ (1‬فكذلك يمكن أن ل يكون‬
‫الكاذب اللغوي كاذبا عرفيا كما ذكره عليه السلم في هذا الخبر‪ - 5 .‬كا‪:‬‬
‫عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن أبي مخلد السراج‪ ،‬عن عيسى بن‬
‫حسان‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬كل كذب مسؤل عنه‬
‫صاحبه يوما إل كذبا في ثلثة‪ :‬رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه‪ ،‬أو‬
‫رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا‪ ،‬يريد بذلك الصلح ما‬
‫بينهما‪ ،‬أو رجل وعد أهله شيئا وهو ل يريد أن يتم لهم )‪ .(2‬بيان‪ :‬يوما‬
‫لعل البهام لحتمال أن يكون السؤال في القبر أو في القيامة ويحتمل الدنيا‬
‫أيضا فان للناس أن يعيروه بذلك " إل كذبا " المراد به الكذب اللغوي فهو‬
‫موضوع عنه أي إثمه مرفوع عنه ل يأثم عليه‪ " .‬يلقى هذا بغير ما يلقي‬
‫به هذا " كأن يقول لكل منهما‪ :‬التقصير منك وهو غير مقصر في حقك أو‬
‫يلقي كل منهما بكلم غير الكلم الذي سمع من الخر فيه من الشتم‬
‫وإظهار العداوة وهذا أنسب معنى‪ ،‬والول لفظا‪ .‬و " ما " في قوله‪ " :‬ما‬
‫بينهما " موصولة وهو مفعول الصلح " أو رجل وعد أهله " فيه أن‬
‫الوعد من قبيل النشاء والصدق والكذب إنما يكونان في الخبر ولعله‬
‫باعتبار أنه يلزم إذا لم يف به أن يعتذر بما يتضمن الكذب‪ ،‬كأن يقول‪:‬‬
‫نسيت أو لم يمكنني وأمثال ذلك‪ ،‬باعتبار ما يستلزمه من الخبار ضمنا‬
‫بارادة الوفاء‪ ،‬هذا بحسب ما هو أظهر عندي في الوعد لكن ظاهر أكثر‬
‫العلماء أنه من قبيل الخبر وسيأتي الكلم فيه في باب خلف الوعد‪ .‬قال‬
‫الراغب‪ :‬الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبل‪ ،‬وعدا‬
‫كان أو غيره‪ ،‬ول يكونان بالقصد الول إل في القول‪ ،‬ول يكونان من القول‬

‫)‪ (1‬النور‪ (2) .13 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .342‬‬

‫]‪[243‬‬

‫إل في الخبر دون غيره من أصناف الكلم )الستفهام والمر والدعاء( ولذلك قال‪:‬‬
‫" ومن أصدق من ال قيل " )‪ " (1‬ومن أصدق من ال حديثا " )‪" (2‬‬
‫واذكر في الكتاب إسمعيل إنه كان صادق الوعد " )‪ (3‬وقد يكونان‬
‫بالعرض في غيره من أنواع الكلم كالستفهام والمر والدعاء‪ ،‬وذلك نحو‬
‫قول القائل‪ :‬أزيد في الدار فان في ضمنه إخبارا بكونه جاهل بحال زيد‪،‬‬
‫وكذا إذا قال‪ :‬واسني في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة‪ ،‬وإذا قال‪ :‬ل‬
‫تؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه انتهى )‪ .(4‬ثم اعلم أن مضمون الحديث متفق‬
‫عليه بن الخاصة والعامة‪ ،‬فروى الترمذي عن النبي صلى ال عليه وآله ل‬
‫يحل الكذب إل في ثلث‪ :‬يحدث الرجل امرأته ليرضيها‪ ،‬والكذب في‬
‫الحرب‪ ،‬والكذب في الصطلح بين الناس‪ ،‬وفي صحيح مسلم قال ابن‬
‫شهاب وهو أحد رواته‪ :‬لم أسمع يرخص في شئ مما يقول الناس كذبا إل‬
‫في ثلث الحرب والصلح بين الناس وحديث الرجل امرأته‪ ،‬وحديث‬
‫المرءة زوجها‪ .‬قال عياض‪ :‬ل خلف في جوازه في الثلث وإنما يجوز في‬
‫صورة ما يجوز منه فيها‪ ،‬فأجاز قوم فيها صريح الكذب‪ ،‬وأن يقول ما لم‬
‫يكن لما فيه من المصالح ويندفع فيها الفساد‪ ،‬قالوا‪ :‬وقد يجب لنجاة مسلم‬
‫من القتل‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ل يجوز فيها التصريح بالكذب‪ ،‬وإنما يجوز فيها‬
‫التورية بالمعاريض‪ ،‬وهي شئ يخلص من المكروه والحرام إلى الجايز إما‬
‫لقصد الصلح بين الناس أو لدفع ما يضر أو لغير ذلك‪ ،‬وتأول المروي‬
‫على ذلك وقال‪ :‬مثل أن يعد زوجته أن يفعل لها ويحسن إليها‪ ،‬ونيته إن‬
‫قدر ال تعالى‪ ،‬أو يأتيها فهذا بلفظ محتمل وكلمة مشتركة تفهم من ذلك ما‬
‫يطيب قلبها وكذلك في الصلح بين الناس ينقل لهؤلء من هؤلء الكلم‬
‫المحتمل‪ ،‬وكذلك في الحرب مثل أن يقول لعدوه‪ :‬انحل حزام سرجك ويريد‬
‫فيما مضى‪ ،‬ويقول لجيش عدوه‪ :‬مات أميركم‪ ،‬ليذعر قلوبهم‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .122 :‬النساء‪ (3) .87 :‬مريم‪ (4) .54 :‬مفردات غريب القرآن‪:‬‬
‫‪[*] .277‬‬

‫]‪[244‬‬

‫ويعني النوم أو يقول لهم غدا يأتينا مدد‪ ،‬وقد أعد قوما من عسكره ليأتوا في صورة‬
‫المدد‪ ،‬أو يعني بالمدد الطعام‪ ،‬فهذا نوع من الخدع الجايزة والمعاريض‬
‫المباحة‪ .‬وقال القرطبي‪ :‬لعل ما استند في منعه التصريح بقاعدة حرمة‬
‫الكذب وتأويله الحاديث بحملها على المعاريض ما يعضده دليل‪ ،‬وأما‬
‫الكذب ليمنع مظلوما من الظلم عليه فلم يختلف فيه أحد من المم ل عرب‬
‫ول عجم ومن الكذب الذي يجوز بين الزوجين الخبار بالمحبة والغتباط‪،‬‬
‫وان كان كذبا لما فيه من الصلح ودوام اللفة‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن عبد ال بن يحيى‬
‫الكاهلي‪ ،‬عن محمد بن مالك‪ ،‬عن عبد العلى مولى آل سام قال‪ :‬حدثني‬
‫أبو عبد ال عليه السلم بحديث فقلت له‪ :‬جعلت فداك أليس زعمت لي‬
‫الساعة كذا وكذا ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فعظم ذلك علي فقلت‪ :‬بلى وال زعمت‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ل وال ما زعمته‪ ،‬قال‪ :‬فعظم علي فقلت‪ :‬بلى وال قد قلته‪ ،‬قال‪ :‬نعم قد‬
‫قلته أما عملت أن كل زعم في القرآن كذب )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس الزعم‬
‫مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد‪ ،‬وأكثر ما يقال فيما يشك فيه‬
‫والزعمى الكذاب والصادق‪ ،‬وزعمتني كذا ظننتني والتزعم التكذب وأمر‬
‫مزعم كمقعد‪ ،‬ل يوثق به‪ ،‬وفي النهاية فيه أنه ذكر أيوب عليه السلم‬
‫فقال‪ :‬إذا كان مر برجلين يتزاعمان وقال الزمخشري‪ :‬معناه أنهما‬
‫يتحادثان بالزعمات وهي ما ل يوثق به من الحاديث‪ ،‬ومنه الحديث بئس‬
‫مطية الرجل زعموا‪ ،‬معناه ان الرجل إذا أراد المسير إلى بلد والظعن في‬
‫حاجة ركب مطية حتى يقضي إربه‪ ،‬فشبه ما يقدمه المتكلم أمام كلمه‬
‫ويتوصل به إلى غرضه من قوله‪ :‬زعموا كذا وكذا‪ ،‬بالمطية التي يتوسل‬
‫بها إلى الحاجة‪ ،‬وإنما يقال‪ :‬زعموا في حديث ل سند له ول ثبت فيه‪ ،‬وإنما‬
‫يحكي عن اللسن على البلغ فذم من الحديث ما هذا سبيله‪ ،‬والزعم بالضم‬
‫والفتح قريب من الظن‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .342‬‬

‫]‪[245‬‬

‫وقال في المصباح‪ :‬زعم زعما من باب قتل وفي الزعم ثلث لغات فتح الزاي‬
‫للحجاز‪ ،‬وضمها لسد‪ ،‬وكسرها لبعض قيس‪ ،‬ويطلق بمعنى القول‪ ،‬ومنه‬
‫زعمت الحنيفية‪ ،‬وزعم سيبويه أي قال‪ ،‬وعليه قوله تعالى‪ " :‬أو تسقط‬
‫السماء كما زعمت " )‪ (1‬أي كما أخبرت‪ ،‬ويطلق على الظن يقال‪ :‬في‬
‫زعمي كذا‪ ،‬وعلى العتقاد ومنه قوله تعالى‪ " :‬زعم الذين كفروا أن لن‬
‫يبعثوا " )‪ (2‬قال الزهري‪ :‬وأكثر ما يكون الزعم فيما يشك فيه‪ ،‬ول‬
‫يتحقق‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬هو كناية عن الكذب‪ ،‬وقال المرزوقي‪ :‬أكثر ما‬
‫يستعمل في ما كان باطل وفيه ارتياب وقال ابن القوطية‪ :‬زعم زعما قال‬
‫خبرا ل يدري احق هو أو باطل‪ ،‬قال الخطابي‪ :‬ولذا قيل‪ :‬زعم مطية الكذب‪،‬‬
‫وزعم من غير مزعم‪ ،‬قال غير مقول صالح وادعى ما ل يمكن انتهى‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وإذا علمت ذلك‪ ،‬ظهر لك أن الزعم إما حقيقة لغوية أو عرفية أو‬
‫شرعية في الكذب‪ ،‬أو ما قيل بالظن أو بالوهم من غير علم وبصيرة‪،‬‬
‫فاسناده إلى من ل يكون قوله إل عن حقيقة ويقين‪ ،‬ليس من دأب أصحاب‬
‫اليقين‪ ،‬وإن كان مراده مطلق القول أو القول عن علم فغرضه عليه السلم‬
‫تأديبه وتعليمه آداب الخطاب مع ائمة الهدى وساير اولي اللباب‪ ،‬واما‬
‫الحكم بكون ذلك كذبا وحراما فهو مشكل إذ غاية المر أن يكون مجازا ول‬
‫حجر فيه‪ .‬وأما يمينه عليه السلم على عدم الزعم فهو صحيح لنه قصد‬
‫به الحقيقة أو المجاز الشايع وكأنه من التورية والمعاريض لمصلحة‬
‫التاديب أو تعليم جواز مثل ذلك للمصلحة فان المعبر في ذلك قصد المحق‬
‫في المتخاصمين كما ذكره الصحاب‪ ،‬وكأنه لذلك ذكر المصنف رحمه ال )‬
‫‪ (3‬الخبر في هذا الباب وإن كان مع قطع النظر عن ذلك له مناسبة خفية له‬
‫فتأمل‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬إن كل زعم في القرآن كذب " أي أطلق في‬
‫مقام‬
‫)‪ (1‬السراء‪ (2) .92 :‬التغابن‪ (3) .7 :‬يعني الكليني في الكافي باب الكذب‪[*] .‬‬

‫]‪[246‬‬

‫إظهار كذب المخبر به‪ ،‬فل ينافي ذلك قوله تعالى حاكيا عن المشركين‪ " :‬أو تسقط‬
‫السماء كما زعمت علينا كسفا " فانهم أشاروا بقوله‪ :‬زعمت إلى قوله‬
‫تعالى‪ " :‬إن نشأ نخسف بهم الرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء " )‬
‫‪ (1‬فان ما أشاروا إليه بقوله‪ :‬زعمت‪ ،‬حق لكنهم أوردوه في مقام التكذيب‪،‬‬
‫ويمكن ايضا تخصيصه بما ذكره ال من قبل نفسه سبحانه غير حاك من‬
‫غيره كما قال تعالى‪ " :‬زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا " وقال سبحانه‪" :‬‬
‫بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا " )‪ (2‬وقال‪ " :‬أين شركائي الذين كنتم‬
‫تزعمون " )‪ (3‬وقال‪ " :‬قل ادعوا الذين زعمتم من دونه " )‪ - 7 .(4‬كا‪:‬‬
‫العدة‪ .‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن علي بن أسباط‪ ،‬عن أبي إسحاق الخراساني‪،‬‬
‫قال‪ :‬كان أمير المؤمنين عليه السلم يقول‪ :‬إياكم والكذب فان كل راج‬
‫طالب‪ ،‬وكل خائف هارب )‪ .(5‬بيان‪ :‬فيه إما إرسال أو إضمار بأن يكون‬
‫ضمير قال راجعا إلى الصادق عليه السلم أو الرضا عليه السلم " إياكم‬
‫والكذب " أراد عليه السلم ل تكذبوا في ادعائكم الرجاء والخوف من ال‬
‫سبحانه‪ ،‬وذلك لن كل راج طالب لما يرجو ساع في أسبابه وأنتم لستم‬
‫كذلك‪ ،‬وكل خائف هارب مما يخاف منه مجتنب مما يقربه منه‪ ،‬وأنتم لستم‬
‫كذلك‪ .‬وهذا مثل قوله عليه السلم الذي رواه في نهج البلغة أنه عليه‬
‫السلم قال بعد كلم طويل لمدع كاذب انه يرجو ال‪ :‬يدعي بزعمه انه‬
‫يرجو ال كذب والعظيم‪ ،‬ما باله ل يتبين رجاؤه في عمله‪ .‬وكل من رجا‬
‫عرف رجاؤه في عمله‪ ،‬إل رجاء ال فانه مدخول‪ ،‬وكل خوف محقق إل‬
‫خوف ال فانه معلول‪ ،‬يرجو ال في الكبير‪ ،‬ويرجو العباد في الصغير‪،‬‬
‫فيعطي العبد ما ل يعطي الرب‪ ،‬فما بال ال جل ثناؤه يقصر به عما يصنع‬
‫لعباده‪ ،‬أتخاف أن تكون‬

‫)‪ (1‬سبأ‪ (2) .9 :‬الكهف‪ (3) .48 :‬النعام‪ (4) .22 :‬اسرى‪ (5) .56 :‬الكافي‪ :‬ج ‪2‬‬
‫ص ‪[*] .343‬‬

‫]‪[247‬‬

‫في رجائك له كاذبا أو تكون ل تراه للرجاء موضعا ؟ وكذلك إن هو خاف عبدا من‬
‫عبيده أعطاه من خوفه ل يعطي ربه‪ ،‬فجعل خوفه من العباد نقدا‪ ،‬وخوفه‬
‫من خالقه ضمارا ووعدا )‪ .(1‬وقال بعضهم‪ :‬حذر من الكذب على ال‬
‫وعلى رسوله وعلى غيرهما في ادعاء الدين مع ترك العمل به‪ ،‬ورغب في‬
‫الصدق بأن الكذب ينافي اليمان‪ ،‬وذلك لن الكاذب لم يطلب الثواب‪ ،‬وكل‬
‫من لم يطلب الثواب فهو ليس براج بحكم المقدمة الولى‪ ،‬ولم يهرب من‬
‫العقاب وكل من لم يهرب من العقاب فهو ليس بخائف بحكم المقدمة‬
‫الثانية‪ ،‬ومن انتفى عنه الخوف والرجاء فهو ليس بمؤمن كما هو المقرر‬
‫عند اهل اليمان انتهى‪ ،‬وارتكب انواع التكلف لقلة التتبع والمقصود ما‬
‫ذكرنا‪ - 8 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ .‬عمن ذكره‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عبد الرحمان ابن أبي ليلى‪ ،‬عن أبيه‪ .‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫الكذب هو خراب اليمان )‪ .(2‬بيان‪ :‬الحمل على المبالغة أي هو سبب‬
‫خراب اليمان وقد يقرء بتشديد الراء بصيغة المبالغة‪ - 9 .‬كا‪ :‬عن محمد‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي بن الحكم عن أبان‬
‫الحمر‪ ،‬عن فضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن أول من‬
‫يكذب الكذاب ال عزوجل‪ ،‬ثم الملكان اللذان معه‪ ،‬ثم هو يعلم أنه كاذب )‬
‫‪ .(3‬بيان‪ :‬لفظة ثم إما للترتيب الرتبي ويحتمل الزماني أيضا إذ علم ال‬
‫مقدم على إرادته أيضا ثم بالهام ال يعلم الملكان المقربان أو عند الرادة‬
‫تظهر منه رائحة خبيثة‪ .‬يعلم الملكان قبحه وكذبه كما يظهر من بعض‬
‫الخبار‪ ،‬ويمكن أن يكون‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة الرقم ‪ 158‬من الخطب‪ (3 - 2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .339‬‬

‫]‪[248‬‬

‫علم الملكين لمصاحبتهما له وعلمهما بأحواله‪ ،‬بناء على عدم تبدلهما في كل يوم‬
‫كما هو ظاهر أكثر الخبار‪ ،‬وأما تأخر علمه فلنه ما لم يتم الكلم ل يعلم‬
‫يقينا صدور الكذب منه‪ - 10 .‬كا‪ :‬عن علي بن الحكم )عن أبان( عن عمر‬
‫بن يزيد قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن الكذاب يهلك‬
‫بالبينات ويهلك أتباعه بالشبهات )‪ .(1‬بيان‪ :‬اريد بالكذاب في هذا الحديث‬
‫إما مدعي الرياسة بغير حق‪ ،‬وسبب هلكه بالبينات إفتاؤه بغير علم مع‬
‫علمه بجهله‪ ،‬وسبب إهلك أتباعه بالشبهات تجويز كونه عالما وعدم‬
‫قطعهم بجهله‪ ،‬فهم في شبهة من أمره أو من يضع الحديث ويبتدع في‬
‫الدين فهو يهلك نفسه بأمر يعلم كذبه‪ ،‬وأتباعه يهلكون بالشبهة والجهالة‬
‫لحسن ظنهم به‪ ،‬واحتمالهم صدقه‪ ،‬والوجهان متقاربان‪ - 11 .‬كا‪ :‬عن‬
‫محمد بن يحيى‪ .‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن ابن أبي نجران عن‬
‫معاوية بن وهب قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن آية الكذاب‬
‫بأن يخبرك خبر السماء والرض والمشرق والمغرب‪ ،‬فإذا سألته عن حرام‬
‫ال وحلله لم يكن عنده شئ )‪ .(2‬بيان‪ " :‬بأن يخبرك " كأن الباء زائدة‬
‫أو التقدير تعلم بأن يخبرك وإنما كان هذا آية الكذاب لنه لو كان علمه‬
‫بالوحي واللهام لكان أحرى بأن يعلم الحلل والحرام‪ ،‬لن الحكيم العلم‬
‫يفيض على النام ما هم أحوج إليه من الحقائق والحكام‪ ،‬وكذا لو كان‬
‫بالوراثة عن النبياء والوصياء عليهم السلم ولو كان بالكشف فعلى‬
‫تقدير إمكان حصوله لغير الحجج عليهم السلم فالعلم بحقائق الشياء على‬
‫ما هي عليه ل يحصل لحد إل بالتقوى وتهذيب السر من رذائل الخلق‪.‬‬
‫قال ال تعالى‪ " :‬واتقوا ال ويعلمكم ال " )‪ (3‬ول يحصل التقوى إل‬
‫بالقتصار على الحلل‬

‫)‪ (1‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪ 339‬والسند معلق على سابقه‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪) .340‬‬
‫‪ (3‬البقرة‪[*] .282 :‬‬

‫]‪[249‬‬

‫والجتناب عن الحرام‪ .‬ول يتيسر ذلك إل بالعلم بالحلل والحرام‪ ،‬فمن أخبر عن‬
‫شئ من حقائق الشياء ولم يكن عنده معرفة بالحلل والحرام‪ ،‬فهو ل‬
‫محالة كذاب يدعى ما ليس له‪ - 12 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ .‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ .‬عن منصور بن يونس‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬إن الكذبة لتفطر الصائم‪ ،‬قلت‪ :‬وأينا ل يكون ذلك منه ؟ قال‪:‬‬
‫ليس حيث ذهبت إنما ذلك الكذب على ال وعلى رسوله وعلى الئمة‬
‫عليهم السلم )‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على إن الكذب على ال وعلى رسوله وعلى‬
‫الئمة عليهم السلم يفسد الصوم كما ذهب إليه جماعة من الصحاب‪ ،‬وهم‬
‫اختلفوا فقيل‪ :‬يجب به القضاء والكفارة‪ .‬وقيل‪ :‬القضاء خاصة‪ ،‬والمشهور‬
‫انه ل يفسد‪ ،‬وان نقص به ثوابه وفضله‪ ،‬وتضاعف به العذاب والعقاب‪.‬‬
‫‪ - 13‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن بعض‬
‫أصحابه رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ذكر الحائك لبي عبد ال‬
‫عليه السلم أنه ملعون فقال‪ :‬إنما ذلك الذي يحوك الكذب على ال وعلى‬
‫رسوله صلى ال عليه وآله )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله‪ " :‬أنه ملعون " بفتح الهمزة‬
‫بدل اشتمال للحائك‪ ،‬ويحتمل أن يكون للحديث عنده عليه السلم موضوعا‬
‫ولم يمكنه إظهاره ذلك تقية‪ ،‬فذكر له تأويل يوافق الحق ومثل ذلك في‬
‫الخبار كثير يعرف ذلك من اطلع على اسرار أخبارهم عليهم السلم‬
‫واستعارة الحياكة لوضع الحديث شايعة بين العرب والعجم‪ - 14 .‬كا‪ :‬عن‬
‫العدة‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن القاسم بن عروة‪ ،‬عن عبد‬
‫الحميد الطائي‪ ،‬عن الصبغ بن نباته قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫ل يجد عبد طعم اليمان حتى يترك الكذب هزله وجده )‪ (3‬بيان‪ :‬وجدان‬
‫طعم اليمان كناية عن كماله‪ ،‬وترتب الثمرات العظيمة عليه‬
‫)‪ (3 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .340‬‬

‫]‪[250‬‬

‫ول يكون ذلك إل بوصوله درجة اليقين‪ ،‬وصاحب اليقين المشاهد لمثوبات الخرة‬
‫وعقوباتها دائما‪ ،‬ل يجترئ على شئ من المعاصي‪ ،‬ل سيما الكذب الذى‬
‫هو من كبائرها‪ - 15 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن بن الحجاج قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬الكذاب هو الذي‬
‫يكذب في الشئ ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ما من أحد إل يكون ذاك منه‪ ،‬ولكن المطبوع‬
‫على الكذب )‪ .(1‬بيان‪ " :‬المطبوع على الكذب " المجبول عليه‪ ،‬بحيث‬
‫صار عادة له ول يتحرز عنه ول يبالي به ول يندم عليه‪ ،‬ومن ل يكون‬
‫كذلك ل يصدق عليه الكذاب مطلقا فانه صيغة مبالغة أو المراد الكذاب الذي‬
‫يكتبه ال كذابا كما مر أو الكذاب الذي ينبغي أن يجتنب مواخاته كما سيأتي‬
‫وفيه إيماء إلى أن الكذب مطلقا ليس من الكبائر وفي القاموس طبع على‬
‫الشئ بالضم جبل‪ - 16 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن طريف عن أبيه‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قال عيسى بن مريم صلوات ال عليه‪ :‬من كثر كذبه ذهب بهاؤه )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬ذهب بهاؤه أي حسنه وجماله ووقره عند ال سبحانه وعند الخلق‪،‬‬
‫فان الخلق وإن لم يكونوا من أهل الملة يكرهون الكذب ويقبحونه‬
‫ويتنفرون من أهله‪ - 17 .‬كا‪] :‬عنه[ عن عمرو بن عثمان‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سالم رفعه قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬ينبغي للرجل المسلم أن‬
‫يجتنب مواخاة الكذاب فانه يكذب حتى يجئ بالصدق فل يصدق )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫" حتى يجئ بالصدق فل يصدق " الظاهر إنه على بناء المفعول من‬
‫التفعيل أي لكثرة ما ظهر لك من كذبه ل يمكنك تصديقه فيما يأتي به من‬
‫الصدق‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3 - 2) .340‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .341‬‬

‫]‪[251‬‬

‫أيضا‪ ،‬فل تنتفع بمواخاته ومصاحبته‪ ،‬مع أنه جذاب لطبع الجليس إلى طبعه‪.‬‬
‫ويخطر بالبال أنه يحتمل أن يكون المراد به أن هذا الرجل المواخي يكذب‬
‫نقل عن الخ الكذاب لعتماده عليه‪ ،‬ثم يظهر كذب ما أخبر به حتى ل‬
‫يعتمد الناس على صدقه أيضا كما ورد في الخبر كفى بالمرء كذبا أن‬
‫يحدث بكل ما يسمع‪ ،‬وما سيأتي في البابين يؤيد المعنى الول‪ ،‬وربما يقرء‬
‫" يصدق " على بناء المجرد أي إذا أخبر بصدق يغيره ويدخل فيه شيئا‬
‫يصير كذبا‪ - 18 .‬كا‪ :‬عنه عن ابن فضال‪ ،‬عن إبراهيم بن محمد الشعري‪،‬‬
‫عن عبيد ابن زرارة قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن مما‬
‫أعان ال ]به[ على الكذابين النسيان )‪ .(1‬بيان‪ " :‬إن مما أعان ال على‬
‫الكذابين " أي أضرهم به وفضحهم فان كثيرا ما يكذبون في خبر ثم‬
‫ينسون ويخبرون بما ينافيه ويكذبه فيفتضحون بذلك عند الخاصة والعامة‪،‬‬
‫قال الجوهري‪ :‬في الدعاء رب أعني ول تعن علي‪ - 19 .‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن أبي يحيى الواسطي عن بعض‬
‫أصحابنا‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الكلم ثلثة‪ :‬صدق وكذب‬
‫وإصلح بين الناس‪ ،‬قال‪ :‬قيل له‪ :‬جعلت فداك ما الصلح بين الناس ؟‬
‫قال‪ :‬تسمع من الرجل كلما يبلغه فتخبث نفسه فتقول‪ :‬سمعت من فلن قال‬
‫فيك من الخير كذا وكذا خلف ما سمعت منه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬تسمع من‬
‫الرجل كلما " كأن " من " بمعنى " في " كما في قوله تعالى‪ " :‬إذا‬
‫نودي للصلوة من يوم الجمعة " )‪ (3‬أي فيه وكذا قالوا في قوله سبحانه‪:‬‬
‫" أروني ماذا خلقوا من الرض " )‪ (4‬أي في الرض‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫تقدير الكلم تسمع من رجل كلما في حق رجل آخر يذمه به فيبلغ الرجل‬
‫الثاني ذلك‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .341‬الجمعة‪ (4) .9 :‬فاطر‪[*] .40 :‬‬

‫]‪[252‬‬

‫الكلم فتخبث نفسه على الول أي يتغير عليه ويبغضه‪ ،‬فتلقى الرجل الثاني فتقول‬
‫سمعت من الرجل الول فيك كذا وكذا من مدحه خلف ما سمعت منه من‬
‫ذمه والتكلف فيه من جهة إرجاع ضمير يبلغه إلى الرجل الثاني وهو غير‬
‫مذكور في الكلم‪ ،‬لكنه معلوم بقرينة المقام‪ .‬وهذا القول وإن كان كذبا لغة‬
‫وعرفا جايز لقصد الصلح بين الناس‪ ،‬وكأنه ل خلف فيه عند أهل‬
‫السلم والظاهر أنه ل تورية ول تعريض فيه وإن أمكن أن يقصد تورية‬
‫بعيدة كأن ينوي أنه كان حقه أن يقول كذا ولو صافيته لقال فيك كذا لكنه‬
‫بعيد‪ ،‬وقد اتفقت المة على أنه لو جاء ظالم ليقتل رجل مختفيا ليقتله ظلما‬
‫أو يطلب وديعة مؤمن ليأخذها غصبا وجب الخفاء على من علم ذلك‪ ،‬فلو‬
‫أنكرها فطولب باليمين ظلما يجب عليه أن يحلف‪ .‬لكن قالوا‪ :‬إذا عرف‬
‫التورية بما يخرج به عن الكذب وجبت التورية‪ ،‬كأن يقصد ليس عندي مال‬
‫يجب علي أداؤه إليك‪ ،‬أو ل أعلم علما يلزمني الخبار به وأمثال ذلك‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬إذا لم يعرفها وجب الحلف والكذب بغير تورية أيضا فإنه وإن كان‬
‫قبيحا إل أن إذهاب حق الدمي أشد قبحا من حق ال تعالى في الكذب أو‬
‫اليمين الكاذبة‪ ،‬فيجب ارتكاب اخف الضررين‪ ،‬ولن اليمين الكاذب عند‬
‫الضرورة مأذون فيه شرعا كمطلق الكذب النافع بخلف مال الغير‪ ،‬فانه ل‬
‫يباح إذهابه بغير إذنه مع إمكان حفظه‪ ،‬فأمثال هذا الكذب ليست بمذمومة‬
‫في نفس المر‪ ،‬بل إما واجبة أو مندوبة ويدل الحديث على أن الكذب‬
‫شرعا إنما يطلق على ما كان مذموما‪ ،‬فغير المذموم قسم ثالث من الكلم‬
‫يسمى إصلحا فهو واسطة بين الصدق والكذب‪ - 20 .‬كا‪ :‬عن الشعري‪:‬‬
‫عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن الحجال‪ ،‬عن ثعلبة‪ ،‬عن معمر بن عمرو‪،‬‬
‫عن عطا‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬ل كذب على مصلح ثم تل " أيتها العير إنكم لسارقون " )‪ (1‬ثم قال‪:‬‬
‫وال ما سرقوا وما كذب‬

‫)‪ (1‬يوسف‪[*] .70 :‬‬

‫]‪[253‬‬

‫ثم تل " بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " )‪ (1‬ثم قال‪ :‬وال ما‬
‫فعلوه وما كذب )‪ .(2‬تكملة‪ :‬قال بعض المحققين‪ :‬اعلم أن الكذب ليس‬
‫حراما لعينه‪ ،‬بل لما فيه من الضرر على المخاطب‪ ،‬أو على غيره‪ ،‬فان أقل‬
‫درجاته أن يعتقد المخبر الشئ على خلف ما هو به‪ ،‬فيكون جاهل‪ ،‬وقد‬
‫يتعلق به ضرر غيره‪ ،‬ورب جهل فيه منفعة ومصلحة‪ .‬فالكذب تحصيل‬
‫لذلك الجهل‪ ،‬فيكون مأذونا فيه وربما كان واجبا كما لو كان في الصدق قتل‬
‫نفس بغير حق‪ .‬فنقول‪ :‬الكلم وسيلة إلى المقاصد‪ ،‬فكل مقصود محمود‬
‫يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب‪ ،‬جميعا فالكذب فيه حرام‪ ،‬وإن أمكن‬
‫التوصل بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح‪ ،‬إن كان تحصيل ذلك‬
‫المقصود مباحا‪ ،‬وواجب إن كان المقصود واجبا كما إن عصمة دم المسلم‬
‫واجبة‪ .‬فمهما كان في الصدق سفك دم مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه‬
‫واجب‪ ،‬ومهما كان ل يتم مقصود الحرب أو إصلح ذات البين أو استمالة‬
‫قلب المجني عليه إل بالكذب‪ ،‬فالكذب مباح إل أنه ينبغي أن يحترز عنه ما‬
‫يمكن‪ ،‬لنه إذا فتح على نفسه باب الكذب فيخشى أن يتداعى إلى ما‬
‫يستغني عنه‪ ،‬وإلى ما لم يقتصر فيه على حد الواجب ومقدار الضرورة‪،‬‬
‫فكان الكذب حراما في الصل إل لضرورة‪ .‬والذي يدل على الستثناء ما‬
‫روي عن ام كلثوم قال‪ :‬ما سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يرخص‬
‫في شئ من الكذب إل في ثلث‪ :‬الرجل يقول يريد الصلح والرجل يقول‬
‫القول في الحرب‪ ،‬والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها‪ .‬وقالت‬
‫أيضا‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ليس بكذاب من أصلح بين اثنين‬
‫)‪ (1‬النبياء‪ (2) .63 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ .343‬وقوله " ثم تل " كلم الراوي‪،‬‬
‫والضمير راجع إلى الصادق عليه السلم‪ ،‬أو كلم المام والضمير راجع‬
‫إلى الرسول صلى ال عليه وآله والول أظهر وقد مر مثله تحت الرقم ‪4‬‬
‫في حديث الصيقل‪ ،‬منه رحمه ال‪[*] .‬‬

‫]‪[254‬‬

‫فقال خيرا أو نما خيرا‪ .‬وقالت أسماء بنت يزيد‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫قال‪ :‬كل الكذب يكتب على ابن آدم إل رجل كذب بين رجلين يصلح بينهما‪.‬‬
‫وروى عن أبي كاهل قال‪ :‬وقع بين رجلين من أصحاب النبي صلى ال‬
‫عليه وآله كلم حتى تصادما فلقيت أحدهما فقلت‪ :‬مالك ولفلن فقد سمعته‬
‫يحسن الثناء عليك‪ ،‬ولقيت الخر فقلت له مثل ذلك حتى اصطلحا ثم قلت‪:‬‬
‫أهلكت نفسي وأصلحت بين هذين‪ ،‬فاخبرت النبي صلى ال عليه وآله فقال‪:‬‬
‫يا أبا كاهل أصلح بين الناس ولو بالكذب‪ .‬وقال عطاء بن يسار‪ :‬قال رجل‬
‫للنبي‪ :‬أكذب أهلي ؟ قال‪ :‬ل خير في الكذب قال‪ :‬أعدها وأقول لها ؟ قال‪ :‬ل‬
‫جناح عليك‪ .‬وعن النواس بن سمعان الكلبي قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬مالي أراكم تتهافتون في الكذب تهافت الفراش في النار ؟ كل‬
‫الكذب مكتوب كذبا ل محالة إل أن يكذب الرجل في الحرب فان الحرب‬
‫خدعة أو يكون بين رجلين شحناء فيصلح بينهما أو يحدث امرأته يرضيها‪.‬‬
‫وقال علي عليه السلم‪ :‬إذا حدثتكم عن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫فلن أخر من السماء أحب إلى من أن أكذب عليه‪ ،‬وإذا حدثتكم فيما بيني‬
‫وبينكم فالحرب خدعة‪ .‬فهذه الثلث ورد فيها صريح الستثناء‪ ،‬وفي‬
‫معناها ما عداها إذا ارتبط به مقصود صحيح له أو لغيره‪ ،‬أما ماله فمثل أن‬
‫ياخذه ظالم ويسأله عن ماله فله أن ينكر أو يأخذ السلطان فيسأله عن‬
‫فاحشة بينه وبين ال ارتكبها فله أن ينكرها‪ ،‬ويقول ما زنيت ول شربت‪،‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من ارتكب شيئا من هذه القاذورات‬
‫فليستتر بستر ال‪ ،‬وذلك لن إظهار الفاحشة فاحشة اخرى‪ .‬فللرجل أن‬
‫يحفظ دمه وماله الذي يؤخذ ظلما وعرضه بلسانه وإن كان كاذبا‪ .‬وأما‬
‫عرض غيره فبأن يسأل عن سر أخيه فله أن ينكره وأن يصلح بين ]اثنين‬
‫وأن يصلح بين[ الضرات من نسائه بأن يظهر لكل واحدة أنها أحب إليه‪،‬‬
‫أو كانت امرأته‬

‫]‪[255‬‬

‫ل نطيعه إل بوعد ما ل يقدر عليه فيعدها الحال تطييبا لقلبها أو يعتذر إلى انسان‬
‫بالكذب وكان ل يطيب قلبه إل بانكار ذنب وزيادة تودد فل بأس به‪ .‬ولكن‬
‫الحد فيه أن الكذب محذور‪ .‬ولكن لو صدق في هذه المواضع تولد منه‬
‫محذور‪ ،‬فينبغي أن يقابل أحدهما بالخر‪ ،‬ويزن بالميزان القسط‪ ،‬فإذا علم‬
‫أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعا في الشرع من الكذب‪ ،‬فله‬
‫الكذب وإن كان ذلك المقصود أهون من مقصود الصدق فيجب الصدق‪ ،‬وقد‬
‫يتقابل المران بحيث يتردد فيهما‪ ،‬وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى‪ ،‬لن‬
‫الكذب مباح بضرورة أو حاجة مهمة فإذا شك في كون الحاجة مهمة‬
‫فالصل التحريم فيرجع إليه‪ .‬ولجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي‬
‫أن يحترز النسان من الكذب ما أمكنه‪ ،‬وكذلك مهما كانت الحاجة له‪،‬‬
‫فيستحب أن يترك أغراضه ويهجر الكذب‪ ،‬فأما إذا تعلق بغرض غيره‪ .‬فل‬
‫يجوز المسامحة بحق الغير والضرار به وأكثر كذب الناس إنما هو‬
‫لحظوظ أنفسهم‪ ،‬ثم هو لزيادات المال والجاه ولمور ليس فواتها محذورا‬
‫حتى أن المرأة ليحكي من زوجها ما تتفاخر به وتكذب لجل مراغمة‬
‫الضرات وذلك حرام‪ .‬قالت أسماء‪ :‬سمعت امرءة تسأل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله قالت‪ :‬إن لي ضرة وأنا أتكثر من زوجي بما ل يفعل اضارها‬
‫بذلك فهل لي فيه شئ ؟ فقال‪ :‬المتشبع بما لم يعط كلبس ثوبي زور‪ ،‬وقال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من تطعم بما لم يطعم‪ ،‬وقال لي وليس له‪،‬‬
‫واعطيت ولم يعط‪ ،‬كان كلبس ثوبي زور يوم القيامة‪ ،‬ويدخل في هذا‬
‫فتوى العالم بما ل يتحققه‪ ،‬ورواية الحديث الذي ليس يثبت فيه‪ ،‬إذ غرضه‬
‫أن يظهر فضل نفسه‪ ،‬فهو لذلك يستنكف من أن يقول‪ :‬ل أدري وهذا حرام‬
‫ومما يلتحق بالنساء الصبيان فان الصبي إذا كان ل رغبة له في المكتب إل‬
‫بوعد ووعيد وتخويف‪ ،‬كان ذلك مباحا‪ .‬نعم‪ ،‬روينا في الخبار أن ذلك‬
‫يكتب كذبة‪ ،‬ولكن الكذب المباح أيضا‬

‫]‪[256‬‬

‫يكتب ويحاسب عليه‪ ،‬ويطالب لتصحيح قصده فيه‪ ،‬ثم يعفى عنه‪ ،‬لنه إنما ابيح‬
‫بقصد الصلح‪ ،‬ويتطرق إليه غرور كثيرة‪ ،‬فانه قد يكون الباعث له حظه‬
‫وغرضه الذي هو مستغن عنه‪ ،‬وإنما يتعلل ظاهرا بالصلح‪ ،‬فلهذا يكتب‪.‬‬
‫وكل من أتى بكذبة فقد وقع في خطر الجتهاد ليعلم أن المقصود الذي كذب‬
‫له هل هو أهم في الشرع من الصدق أو ل‪ ،‬وذلك غامض جدا‪ ،‬فالحزم في‬
‫تركه إل أن يصير واجبا ل يجوز تركه كما يؤدي إلى سفك دم أو ارتكاب‬
‫معصية‪ ،‬كيف كان‪ .‬وقد ظن ظانون أنه يجوز وضع الخبار في فضائل‬
‫العمال وفي التشديد في المعاصي‪ ،‬وزعموا أن القصد منه صحيح وهو‬
‫خطاء محض إذ قال صلى ال عليه وآله‪ :‬من كذب علي متعمدا فليتبوء‬
‫مقعده من النار‪ ،‬وهذا ل يترك إل لضرورة‪ ،‬ول ضرورة ههنا‪ .‬إذ في‬
‫الصدق مندوحة عن الكذب‪ ،‬ففيما ورد من اليات والخبار كفاية عن‬
‫غيرها‪ .‬وقول القائل‪ :‬إن ذلك قد تكرر على السماع وسقط وقعها‪ ،‬وما هو‬
‫جديد على السماع فوقعه أعظم فهذا هوس إذ ليس هذا من الغراض التي‬
‫تقاوم محذور الكذب على رسول ال صلى ال عليه وآله وعلى ال تعالى‪،‬‬
‫ويؤدي فتح بابه إلى امور تشوش الشريعة ]فل يقاوم خير هذا بشره‬
‫أصل‪ ،‬فالكذب على رسول ال صلى ال عليه واله من الكبائر التي ل‬
‫يقاومها شئ‪ .‬ثم قال‪ (1) [:‬قد نقل عن السلف أن في المعاريض لمندوحة‬
‫عن الكذب وعن ابن عباس وغيره أما في المعاريض ما يغني الرجل عن‬
‫الكذب‪ ،‬وإنما أرادوا من ذلك إذا أضطر النسان إلى الكذب‪ ،‬فأما إذا لم يكن‬
‫حاجة وضرورة فل يجوز التعريض ول التصريح جميعا‪ ،‬ولكن التعريض‬
‫أهون‪ .‬ومثال المعاريض ما روي أن مطرفا دخل على زياد فاستبطاه فتعلل‬
‫بمرض فقال‪ :‬ما رفعت جنبي منذ فارقت المير إل ما رفعني ال‪ ،‬وقال‬
‫إبراهيم‪ :‬إذا بلغ الرجل عنك‬

‫)‪ (1‬ما بين العلمتين أضفناه من شرح الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .329‬‬

‫]‪[257‬‬

‫شئ فكرهت أن تكذب فقل إن ال ليعلم ما قلت من ذلك من شئ‪ ،‬فيكون قوله " ما‬
‫" حرف النفي عند المستمع وعنده للبهام‪ .‬وكان النخعي ل يقول لبنته‬
‫أشتري لك سكرا بل يقول أرايت لو اشتريت سكرا فانه ربما ل يتفق وكان‬
‫إبراهيم إذا طلبه في الدار من يكرهه قال للجارية‪ :‬قولي له اطلبه في‬
‫المسجد‪ ،‬وكان ل يقول ليس ههنا لئل يكون كاذبا‪ ،‬وكان الشعبي إذا طلب‬
‫في البيت وهو يكرهه فيخط دائرة ويقول للجارية ضع الصبع فيها وقولي‬
‫ليس ههنا‪ .‬وهذا كله في موضع الحاجة فأما مع عدم الحاجة فل‪ ،‬لن هذا‬
‫تفهيم للكذب‪ ،‬وإن لم يكن اللفظ كذبا‪ ،‬وهو مكروه على الجملة‪ ،‬كما روي‬
‫عن عبد ال ابن عتبة قال‪ :‬دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز‬
‫فخرجت وعلي ثوب فجعل الناس يقولون‪ :‬هذا كساء أمير المؤمنين ! فكنت‬
‫أقول جزى ال أمير المؤمنين خيرا‪ ،‬فقال لي يا بني اتق الكذب إياك‬
‫والكذب وما أشبهه فنهاه عن ذلك لن فيه تقريرا لهم على ظن كاذب لجل‬
‫غرض المفاخرة‪ .‬وهو غرض باطل‪ ،‬فل فائدة فيه‪ .‬نعم المعاريض مباح‬
‫لغرض خفيف كتطييب قلب الغير بالمزاح كقوله صلى ال عليه وآله ل‬
‫تدخل الجنة عجوز‪ ،‬وفي عين زوجك بياض‪ ،‬ونحملك على ولد البعير‪ .‬وأما‬
‫الكذب الصريح فكما يعتاده الناس من مداعبة الحمقى بتغريرهم بأن امرأة‬
‫قد رغبت في تزويجك‪ ،‬فان كان فيه ضرر يؤديه إلى إيذاء قلب فهو حرام‪،‬‬
‫وإن لم يكن إل مطايبة فل يوصف صاحبها بالفسق‪ ،‬ولكن ينقص ذلك من‬
‫درجة إيمانه‪ ،‬وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يستكمل المرء‬
‫اليمان حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه وحتى يجتنب الكذب في مزاحه‪.‬‬
‫وأما قوله صلى ال عليه وآله إن الرجل يتكلم بالكلمة يضحك بها الناس‬
‫يهوي بها أبعد من الثريا أراد به ما فيه غيبة مسلم أو إيذاء قلب‪ ،‬دون‬
‫محض المزاح‪ .‬ومن الكذب الذي ل يوجب الفسق ما جرت به العادة في‬
‫المبالغة كقوله قلت‬

‫]‪[258‬‬

‫لك كذا مائة مرة‪ ،‬وطلبتك مائة مرة‪ ،‬فانه ل يراد بها تفهيم المرات بعددها‪ ،‬بل تفهيم‬
‫المبالغة‪ ،‬فان لم يكن طلب إل مرة واحدة كان كاذبا وإن طلب مرات ل يعتاد‬
‫مثلها في الكثرة‪ ،‬فل يأثم‪ ،‬وإن لم يبلغ مائة‪ ،‬وبينهما درجات يتعرض‬
‫مطلق اللسان بالمبالغة فيها لخطر الكذب‪ .‬وربما يعتاد الكذب فيه ويتساهل‬
‫به أن يقال كل الطعام لحد فيقول‪ :‬ل أشتهيه وذلك منهي عنه‪ ،‬وهو حرام‪،‬‬
‫إن لم يكن فيه غرض صحيح قال مجاهد‪ :‬قالت أسماء بنت عميس‪ :‬كنت‬
‫صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫ومعي نسوة قال‪ :‬فوال ما وجدنا عنده قوتا إل قدحا من لبن فشرب ثم‬
‫ناوله عائشة قالت‪ :‬فاستحييت الجارية فقلت‪ :‬ل تردين يد رسول ال خذي‬
‫منه‪ ،‬قالت‪ :‬فأخذته على حياء فشربت منه ثم قال‪ :‬ناولي صواحبك فقلن‪ :‬ل‬
‫نشتهيه‪ ،‬فقال‪ :‬ل تجمعن جوعا وكذبا قالت‪ :‬فقلت‪ :‬يا رسول ال إن قالت‬
‫أحدنا لشئ يشتهيه‪ :‬ل نشتهيه أيعد ذلك كذبا ؟ قال‪ :‬إن الكذب ليكتب حتى‬
‫يكتب الكذيبة كذيبة‪ .‬وقد كان أهل الورع يحترزون عن التسامح بمثل هذا‬
‫الكذب‪ ،‬قال الليث ابن سعد‪ :‬كانت ترمص عينا سعيد بن المسيب حتى يبلغ‬
‫الرمص خارج عينيه فيقال له‪ :‬لو مسحت هذا الرمص فيقول‪ :‬فاين قول‬
‫الطبيب وهو يقول لي‪ :‬ل تمس عينيك فأقول‪ :‬ل أفعل‪ ،‬وهذه من مراقبة‬
‫أهل الورع‪ ،‬ومن تركه انسل لسانه عن اختياره فيكذب ول يشعر‪ .‬وعن‬
‫خوات التيمي قال‪ :‬قد جاءت اخت الربيع بن خثيم عائدة إلى بني لي فانكبت‬
‫عليه فقالت‪ :‬كيف أنت يا بني‪ ،‬فجلس الربيع فقال‪ :‬أرضعته ؟ فقالت ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬ما عليك لو قلت يا ابن أخي فصدقت‪ .‬ومن العادة أن يقول " يعلم ال‬
‫" فيما ل يعلمه قال عيسى‪ :‬إن من أعظم الذنوب عند ال أن يقول العبد إن‬
‫ال يعلم لما ل يعلم‪ ،‬وربما يكذب في حكاية المنام والثم فيه عظيم‪ ،‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن من أعظم الفري أن يدعي الرجل إلى‬
‫غير أبيه أو يرى عينيه في المنام ما لم تريا أو يقول علي ما لم أقل‪ ،‬وقال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬من‬

‫]‪[259‬‬

‫كذب في حلمه كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعرتين‪ - 21 .‬لي‪ :‬عن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أقل الناس مروة من كان‬
‫كاذبا )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد مضى بعض الخبار في باب جوامع المكارم‪ ،‬وبعضها‬
‫في باب العدالة‪ - 22 .‬لي‪ :‬عن ابن مسرور‪ ،‬عن ابن عامر‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن‬
‫محمد بن سنان‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن الصادق عليه السلم عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله كثرة المزاح تذهب‬
‫بماء الوجه‪ ،‬وكثرة الضحك يمحو اليمان‪ ،‬وكثرة الكذب تذهب بالبهاء )‬
‫‪ - 23 .(2‬لي‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬ل سوء أسوء من الكذب )‬
‫‪ - 24 .(3‬لي‪ :‬العطار‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن القندي‪ ،‬عن أبي وكيع‪،‬‬
‫عن أبي إسحاق السبيعي‪ ،‬عن الحارث العور‪ ،‬عن علي عليه السلم قال‪:‬‬
‫ل يصلح من الكذب جد ول هزل‪ ،‬ول أن يعد أحدكم صبيته ثم ل يفي له‪ ،‬إن‬
‫الكذب يهدي إلى الفجور‪ ،‬والفجور يهدي إلى النار‪ ،‬وما يزال أحدكم يكذب‬
‫حتى يقال كذب وفجر‪ ،‬وما يزال أحدكم يكذب حتى ل يبقى في قلبه موضع‬
‫أبرة صدق‪ ،‬فيسمى عند ال كذابا )‪ - 25 .(4‬لي‪ :‬عن الصادق عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬شر الرواية رواية الكذب )‪.(5‬‬
‫‪ - 26‬لي‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أبي هاشم‪ ،‬عن الدهقان‪ ،‬عن درست‪،‬‬
‫عن‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .14‬أمالي الصدق‪ (3) .163 :‬أمالي الصدوق ص‬
‫‪ (4) .193‬أمالي الصدوق ص ‪ (5) .252‬أمالي الصدوق ص ‪[*] .292‬‬

‫]‪[260‬‬

‫عبد ال بن سنان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ل تمزح فيذهب نورك‪ ،‬ول‬
‫تكذب فيذهب بهاؤك‪ ،‬وإياك وخصلتين الضجر والكسل‪ ،‬فانك إن ضجرت لم‬
‫تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا‪ .‬قال‪ :‬وكان المسيح عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬من كثر همه سقم بدنه‪ ،‬ومن ساء خلقه عذب نفسه‪ .‬ومن كثر كلمه‬
‫كثر سقطه‪ ،‬ومن كثر كذبه ذهب بهاؤه‪ ،‬ومن لحا الرجال ذهبت مروته )‬
‫‪ - 27 .(1‬ع )‪ (2‬ما‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم أل فاصدقوا فان ال‬
‫مع الصادقين وجانبوا الكذب فان الكذب مجانب اليمان‪ ،‬أل وإن الصادق‬
‫على شفا منجاة و كرامة أل وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة )‪- 28 .(3‬‬
‫ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن محمد بن همام‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‬
‫عن ابن عيسى‪ ،‬عن الحسن بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن‬
‫سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن فيمن ينتحل هذا المر لمن‬
‫يكذب حتى يحتاج الشيطان إلى كذبه )‪ - 29 .(4‬ع‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن‬
‫الصفار‪ ،‬عن هارون بن مسلم‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن حسين بن الحسن‬
‫الكندي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم‬
‫بها صلة الليل‪ ،‬فإذا حرم صلة الليل حرم بها الرزق )‪ - 30 .(5‬مع‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬رفعه إلى أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن لبليس كحل‬
‫ولعوقا وسعوطا فكحله النعاس‪ ،‬ولعوقه الكذب‪ ،‬وسعوطه الكبر )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ 324‬والملحاة‪ :‬المشاجرة‪ (2) .‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص‬


‫‪ (3) .235‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .220‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ (5) .29‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .51‬معاني الخبار ص ‪[*] .138‬‬

‫]‪[261‬‬

‫‪ - 31‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن مرار‪ ،‬عن يونس رفعه إلى أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي أنهاك‬
‫عن ثلث خصال عظام الحسد والحرص والكذب )‪ - 32 .(1‬ل‪ :‬عن الخليل‪:‬‬
‫عن أبي العباس السراج‪ ،‬عن قتيبة‪ ،‬عن قرعة‪ ،‬عن إسماعيل بن أسيد‪،‬‬
‫عن جبلة الفريقي أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬أنا زعيم ببيت‬
‫في ربض الجنة‪ ،‬وبيت في وسط الجنة‪ ،‬وبيت في أعل الجنة‪ ،‬لمن ترك‬
‫المراء وإن كان محقا ولمن ترك الكذب وإن كان هازل‪ ،‬ولمن حسن خلقه )‬
‫‪ - 33 .(2‬ل‪ :‬عن سفيان الثوري قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬يا سفيان‬
‫ل مروة لكذوب‪ .‬ول أخ لملوك‪ ،‬ول راحة لحسود‪ ،‬ول سؤدد لسيئ الخلق )‬
‫‪ - 34 .(3‬ل‪ :‬عن العسكري‪ ،‬عن محمد بن موسى بن وليد‪ ،‬عن يحيى بن‬
‫حاتم‪ ،‬عن يزيد بن هارون‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن عبد ال بن مرة‪.‬‬
‫عن مسروق‪ ،‬عن عبد ال بن مسعود‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫أربع من كن فيه فهو منافق‪ ،‬وإن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة‬
‫من النفاق حتى يدعها‪ :‬من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا عاهد‬
‫غدر‪ ،‬وإذا خاصم فجر )‪ - 35 (4‬ل‪ :‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬ليس‬
‫لكذاب مروة )‪ - 36 .(5‬ل‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬إعتياد‬
‫الكذب يورث الفقر )‪ - 37 .(6‬ل‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪:‬‬
‫الصدق أمانة‪ ،‬والكذب خيانة )‪ - 38 .(7‬ثو‪ :‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه علي ]عن‬
‫الحسين[‪ ،‬عن أبيه الحسن بن المغيرة‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .62‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .70‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪،80‬‬
‫ول اخاء لمملوك خ‪ (4) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .121‬الخصال ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ (7 - 6) .8‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪[*] .94‬‬

‫]‪[262‬‬
‫عثمان ابن عيسى‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عمن رواه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪،‬‬
‫قال‪ :‬إن ال عز وجل جعل للشر أقفال‪ ،‬وجعل مفاتيح تلك القفال الشراب‬
‫وأشر من الشراب الكذب )‪ - 39 .(1‬س‪ :‬في رواية أبي بصير قال‪ :‬سمعت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن العبد ليكذب حتى يكتب من الكذابين وإذا‬
‫كذب قال ال‪ :‬كذب وفجر )‪ - 40 .(2‬سن‪ :‬عن معمر بن خلد‪ ،‬عن الرضا‬
‫عليه السلم‪ ،‬قال سئل رسول ال صلى ال عليه وآله يكون المؤمن جبانا ؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪ :‬ويكون بخيل ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪ :‬ويكون كذابا ؟ قال‪ :‬ل )‪.(3‬‬
‫‪ - 41‬سن‪ :‬في رواية الصبغ بن نباتة قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬ل يجد‬
‫عبد حقيقة اليمان حتى يدع الكذب جده وهزله )‪ - 42 .(4‬سن‪ :‬في رواية‬
‫الفضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬أول من يكذب الكاذب‬
‫ال عزوجل‪ :‬ثم الملكان اللذان معه‪ .‬ثم هو يعلم أنه كاذب )‪ - 43 .(5‬ضا‪:‬‬
‫روي أن رجل أتى سيدنا رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا رسول ال‬
‫علمني خلقا يجمع لي خير الدنيا والخرة‪ ،‬فقال‪ :‬ل تكذب‪ ،‬فقال الرجل‪:‬‬
‫فكنت على حالة يكرهها ال فتركتها خوفا من أن يسألني سائل عملت كذا‬
‫وكذا فأفتضح أو أكذب فأكون قد خالفت رسول ال صلى ال عليه وآله فيما‬
‫حملني عليه‪ - 44 .‬شى‪ :‬عن العباس بن هلل‪ ،‬عن أبي الحسن الرضا‬
‫عليه السلم أنه ذكر رجل كذابا ثم قال‪ :‬قال ال‪ " :‬إنما يفتري الكذب الذين‬
‫ل يؤمنون " )‪ - 45 .(6‬ختص‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يكذب‬
‫الكاذب إل من مهانة نفسه وأصل السخرية الطمأنينة إلى أهل الكذب )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (5 - 2) .218‬المحاسن ص ‪ (6) .118‬تفسير العياشي ج ‪2‬‬


‫ص ‪ ،271‬والية في سورة النحل‪ (7) .105 :‬الختصاص‪[*] .232 :‬‬

‫]‪[263‬‬

‫‪ - 46‬الدرة الباهرة‪ :‬عن أبي محمد العسكري عليه السلم قال‪ :‬جعلت الخبائث في‬
‫بيت وجعل مفتاحه الكذب‪ - 47 .‬دعوات الراوندي‪ :‬قال النبي صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬أربا الربا الكذب‪ ،‬وقال رجل له صلى ال عليه وآله‪ :‬المؤمن‬
‫يزني ؟ قال‪ :‬قد يكون ذلك‪ ،‬قال‪ :‬المؤمن يسرق ؟ قال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫قد يكون ذلك ؟ قال‪ :‬يا رسول ال المؤمن يكذب ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال ال تعالى‪:‬‬
‫" إنما يفترى الكذب الذين ل يؤمنون " )‪ - 48 .(1‬جع‪ :‬قال عليه السلم‪:‬‬
‫إياكم والكذب‪ ،‬فان الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار‪ .‬عن‬
‫عبد الرزاق‪ ،‬عن نعمان‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬المؤمن إذا كذب من غير عذر لعنه سبعون ألف ملك وخرج من‬
‫قلبه نتن حتى يبلغ العرش ويلعنه حملة العرش وكتب ال عليه لتلك الكذبة‬
‫سبعين زنية أهونها كمن يزني مع امه‪ .‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬الكذب‬
‫مذموم إل في أمرين‪ :‬دفع شر الظلمة‪ ،‬وإصلح ذات البين‪ .‬قال موسى‬
‫عليه السلم‪ :‬يا رب أي عبادك خير عمل ؟ قال‪ :‬من لم يكذب لسانه ول‬
‫يفجر قلبه‪ .‬ول يزني فرجه‪ .‬وقال المام الزكي العسكري عليه السلم‪:‬‬
‫جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬النحل‪ (2) .105 :‬جامع الخبار ص ‪[*] .173‬‬

‫]‪[264‬‬

‫)‪) * (115‬باب( * * " )استماع اللغو والكذب والباطل والقصة( " * اليات‪:‬‬
‫المائدة‪ :‬ومن الذين هادوا سماعون للكذب )‪ .(1‬مريم‪ :‬ل يسمعون فيها‬
‫لغوا إل سلما )‪ .(2‬المؤمنون‪ :‬والذينهم عن اللغو معرضون )‪ .(3‬الفرقان‪:‬‬
‫والذين ل يشهدون الزور * وإذا مروا باللغو مروا كراما )‪ .(4‬القصص‪:‬‬
‫وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلم عليكم‬
‫ل نبتغي الجاهلين )‪ .(5‬لقمان‪ :‬ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل‬
‫عن سبيل ال بغير علم ويتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين )‪ .(6‬المدثر‪:‬‬
‫وكنا نخوض مع الخائضين )‪ .(7‬النبأ‪ :‬ل يسمعون فيها لغوا ول كذابا )‪.(8‬‬
‫‪ - 1‬عد‪ :‬ذكر القصاصون عند الصادق عليه السلم فقال‪ :‬لعنهم ال إنهم‬
‫يشيعون علينا وسئل الصادق عليه السلم عن القصاص أيحل الستماع‬
‫لهم ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬وقال عليه السلم‪ :‬من أصغى إلى ناطق فقد عبده‪ ،‬فان كان‬
‫الناطق عن ال فقد عبد ال وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس‪.‬‬
‫وسئل الصادق عليه السلم عن قول ال تعالى‪ " :‬والشعراء يتبعهم‬
‫الغاوون " )‪(9‬‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .41 :‬مريم‪ (3) .62 :‬المؤمنون‪ (4) .3 :‬الفرقان‪(5) .72 :‬‬
‫القصص‪ (6) .55 :‬لقمان‪ (7) .6 :‬المدثر‪ (8) .45 :‬النبأ‪(9) .35 :‬‬
‫الشعراء‪.224 :‬‬

‫]‪[265‬‬

‫قال‪ :‬هم القصاص‪ .‬وقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من أتى ذا بدعة فوقره فقد‬
‫سعى في هدم السلم )‪ .(1‬أقول‪ :‬ويلوح من سوق كلم الصدوق في كتاب‬
‫عقايده المشار إليه أنه قد حمل الخبر الخير على معنى يشمل حكاية حال‬
‫القصاصين أيضا ولكن ل دللة في هذا الخبر عليه‪ ،‬فتأمل‪ - 2 .‬ذكر‬
‫القصاصون وساق الحديث إلى قوله‪ :‬قال‪ :‬هم القصاص )‪ - 3 .(2‬كا‪ :‬عن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ .‬عن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال‪ :‬إن أمير المؤمنين عليه السلم رأى قاصا في المسجد‬
‫فضربه ]بالدرة[ وطرده )‪ .(3‬التهذيب‪ :‬باسناده عن علي بن إبراهيم مثله )‬
‫‪) * (116) .(4‬باب الرياء( * اليات‪ :‬البقرة‪ :‬كالذي ينفق ماله رئاء الناس‬
‫)‪ .(5‬النساء‪ :‬والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس )‪ .(6‬وقال تعالى في‬
‫وصف المنافقين‪ :‬يراؤن الناس )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬ول تكونوا كالذين‬
‫خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل ال وال بما‬
‫يعملون محيط )‪ .(8‬الماعون‪ :‬الذينهم يرائون ويمنعون الماعون )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬العقائد‪ ،115 :‬وترى الحديث الخير في الفقيه ج ‪ 3‬ص ‪ (3) .(2) .375‬الكافي‬
‫ج ‪ 7‬ص ‪ (4) .263‬التهذيب ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .486‬البقرة‪(6) .264 :‬‬
‫النساء‪ (7) .38 :‬النساء‪ (8) .142 :‬النفال‪ (9) .47 :‬الماعون‪.7 - 6 :‬‬
‫]*[‬

‫]‪[266‬‬

‫‪ - 1‬كا‪ :‬عن عدة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن جعفر بن محمد الشعري عن‬
‫ابن القداح‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال لعباد بن‬
‫كثير البصري في المسجد‪ :‬ويلك يا عباد إياك والرياء فانه من عمل لغير‬
‫ال وكله ال إلى من عمل له )‪ .(1‬بيان‪ " :‬وكله ال إلى من عمل له " أي‬
‫في الخرة كما سيأتي أو العم منها ومن الدنيا وقيل‪ :‬وكل ذلك العمل إلى‬
‫الغير ول يقبله أصل وقد روي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬إن‬
‫أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر‪ .‬قيل‪ :‬وما الشرك الصغر يا رسول‬
‫ال ؟ قال‪ :‬الرياء‪ ،‬قال‪ :‬يقول ال عزوجل يوم القيامة إذا جازى العباد‬
‫بأعمالهم‪ :‬إذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا‪ ،‬هل تجدون عندهم ثواب‬
‫أعمالكم‪ .‬وقال بعض المحققين‪ :‬علم أن الرياء مشتق من الرؤية‪ ،‬والسمعة‬
‫مشتق من السماع‪ ،‬وإنما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس‬
‫باراءتهم خصال الخير‪ ،‬إل أن الجاه والمنزلة يطلب في القلب بأعمال سوى‬
‫العبادات ويطلب بالعبادات‪ ،‬واسم الرياء مخصوص بحكم العادة بطلب‬
‫المنزلة في القلوب بالعبادات وإظهارها فحد الرياء هو إرادة المنزلة بطاعة‬
‫ال تعالى فالمرائي هو العابد‪ ،‬والمرائي هو الناس المطلوب رؤيتهم لطلب‬
‫المنزلة في قلوبهم والمرائي به هو الخصال التي قصد المرائي إظهارها‪،‬‬
‫والرياء هو قصد إظهار ذلك‪ ،‬والمرائي به كثيرة ويجمعها خمسة أقسام‬
‫وهي مجامع ما يتزين العبد به للناس‪ .‬وهو البدن والزي والقول والعمل‬
‫والتباع والشياء الخارجة‪ .‬ولذلك أهل الدنيا يراؤن بهذه السباب الخمسة‬
‫إل أن طلب الجاه وقصد الرياء بأعمال ليست من جملة الطاعات أهون من‬
‫الرياء بالطاعات‪ .‬و ]الول[ الرياء في الدين من جهة البدن‪ ،‬وذلك باظهار‬
‫النحول والصفار ليوهم بذلك شدة الجتهاد‪ ،‬وعظم الحزن على أمر الدين‪،‬‬
‫وغلبة خوف الخرة‪ ،‬وليدل‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .293‬‬

‫]‪[267‬‬

‫بالنحول على قلة الكل‪ ،‬وبالصفار على سهر الليل وكثرة الرق في الدين وكذلك‬
‫يرائي بتشعث الشعر ليدل به على استغراق الهم بالدين‪ ،‬وعدم التفرغ‬
‫لتسريح الشعر‪ ،‬ويقرب من هذا خفض الصوت وإغارة العينين وذبول‬
‫الشفتين فهذه مرائاة أهل الدين في البدن‪ .‬وأما أهل الدنيا فيراؤن باظهار‬
‫السمن وصفاء اللون واعتدال القامة وحسن الوجه ونظافة البدن وقوة‬
‫العضاء‪ .‬وثانيها الرئاء بالزي والهيئة‪ ،‬أما الهيئة فتشعث شعر الرأس‪،‬‬
‫وحلق الشارب وإطراق الرأس في المشي والهدو في الحركة‪ ،‬وإبقاء أثر‬
‫السجود على الوجه‪ ،‬وغلظ الثياب ولبس الصوف وتشميرها إلى قريب من‬
‫نصف الساق‪ ،‬وتقصير الكمام‪ ،‬وترك تنظيف الثوب وتركه مخرقا كل ذلك‬
‫يرائي به ليظهر من نفسه أنه يتبع السنة فيه ومقتد فيه بعباد ال‬
‫الصالحين‪ .‬وأما أهل الدنيا فمرائاتهم بالثياب النفيسة‪ ،‬والمراكب الرفيعة‪،‬‬
‫وأنواع التوسع والتجمل‪ .‬الثالث‪ :‬الرياء بالقول ورياء أهل الدين بالوعظ‬
‫والتذكير والنطق بالحكمة وحفظ الخبار والثار لجل الستعمال في‬
‫المحاورة إظهارا لغزارة العلم‪ ،‬ولدللته على شدة العناية بأقوال السلف‬
‫الصالحين‪ ،‬وتحريك الشفتين بالذكر في محضر الناس‪ ،‬والمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر بمشهد الخلق‪ ،‬وإظهار الغضب للمنكرات وإظهار‬
‫السف على مقارفة الناس بالمعاصي وتضعيف الصوت في الكلم‪ .‬وأما‬
‫أهل الدنيا فمرائاتهم بالقول بحفظ المثال والشعار والتفاصح في‬
‫العبارات‪ ،‬وحفظ النحو الغريب للغراب على أهل الفضل وإظهار التودد‬
‫إلى الناس لستمالة القلوب‪ .‬الرابع‪ :‬الرياء في العمل كمراءات المصلي‬
‫بطول القيام ومده وتطويل الركوع والسجود وإطراق الرأس وترك اللتفات‬
‫وإظهار الهدو والسكون‪ ،‬وتسوية القدمين واليدين‪ ،‬وكذلك بالصوم وبالحج‬
‫وبالصدقة وباطعام الطعام وبالخبات‬

‫]‪[268‬‬

‫بالشئ عند اللقاء كارخاء الجفون وتنكيس الرأس والوقار في الكلم حتى أن‬
‫المرائي قد يسرع في المشي إلى حاجته فإذا اطلع عليه واحد من أهل‬
‫الدين رجع إلى الوقار وإطراق الرأس خوفا من أن ينسبه إلى العجلة وقلة‬
‫الوقار‪ ،‬فان غاب الرجل عاد إلى عجلته فإذا رآه عاد إلى خشوعه‪ ،‬ومنهم‬
‫من يستحيي أن يخالف مشيته في الخلوة لمشيته بمرئي من الناس‪ ،‬فيكلف‬
‫نفسه المشية الحسنة في الخلوة‪ ،‬حتى إذا رآه الناس لم يفتقر إلى التغيير‬
‫ويظن أنه تخلص به من الرياء وقد تضاعف به رياؤه فانه صار في‬
‫خلواته أيضا مرائيا‪ .‬وأما أهل الدنيا فمرائاتهم بالتبختر والختيال‪ ،‬وتحريك‬
‫اليدين‪ ،‬وتقريب الخطا‪ ،‬والخذ باطراف الذيل وادارة العطفين ليدلوا بذلك‬
‫على الجاه والحشمة‪ .‬الخامس‪ :‬المراءاة بالصحاب والزائرين والمخالطين‬
‫كالذي يتكلف أن يزور عالما من العلماء ليقال إن فلنا قد زار فلنا أو‬
‫عابدا من العباد لذلك أو ملكا من الملوك وأشباهه ليقال إنهم يتبركون به‪،‬‬
‫وكالذي يكثر ذكر الشيوخ ليرى أنه لقي شيوخا كثيرا واستفاد منهم فيباهي‬
‫بشيوخه ومنهم من يريد انتشار الصيت في البلد لتكثر الرحلة إليه‪ ،‬ومنهم‬
‫من يريد الشتهار عند الملوك لتقبل شفاعته ومنهم من يقصد التوصل‬
‫بذلك إلى جمع حطام وكسب مال ولو من الوقاف وأموال اليتامى وغير‬
‫ذلك‪ .‬وأما حكم الرياء فهل هو حرام أو مكروه أو مباح أو فيه تفصيل‬
‫فأقول‪ :‬فيه تفصيل‪ ،‬فان الرياء هو طلب الجاه‪ .‬وهو إما أن يكون بالعبادات‬
‫أو بغير العبادات‪ ،‬فان كان بغير العبادات فهو كطلب المال فل يحرم من‬
‫حيث أنه طلب منزلة في قلوب العباد‪ ،‬ولكن كما يمكن كسب المال بتلبيسات‬
‫وأسباب محظورة‪ ،‬فكذلك الجاه وكما أن كسب قليل من المال وهو ما‬
‫يحتاج إليه النسان محمود فكسب قليل من الجاه وهو ما يسلم به عن‬
‫الفات محمود وهو الذي طلبه يوسف عليه السلم حيث قال‪ " :‬إني حفيظ‬
‫عليم " )‪ (1‬وكما أن المال فيه سم ناقع وترياق نافع‪ ،‬فكذلك الجاه‪.‬‬

‫)‪ (1‬يوسف‪[*] .55 :‬‬

‫]‪[269‬‬

‫وأما إنصراف الهم إلى سعة الجاه فهو مبدأ الشرور كانصراف الهم إلى كثرة المال‪،‬‬
‫ول يقدر محب الجاه والمال على ترك معاصي القلب واللسان وغيرها‪.‬‬
‫وأما سعة الجاه من غير حرص منك على طلبه‪ ،‬ومن غير اهتمام بزواله‬
‫إن زال فل ضرر فيه‪ ،‬فل جاه أوسع من جاه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله ومن بعده من علماء الدين ولكن انصراف الهم إلى طلب الجاه نقصان‬
‫في الدين‪ ،‬ول يوصف بالتحريم‪ .‬وبالجملة المراءات بما ليس هو من‬
‫العبادات قد يكون مباحا وقد يكون طاعة‪ .‬وقد يكون مذموما‪ ،‬وذلك بحسب‬
‫الغرض المطلوب به‪ ،‬وأما العبادات كالصدقة والصلة والغزو والحج‪،‬‬
‫فللمرائي فيه حالتان إحداهما أن ل يكون له قصد إل الرياء المحض دون‬
‫الجر‪ ،‬وهذا يبطل عبادته لن العمال بالنيات وهذا ليس يقصد العبادة‪ ،‬ثم‬
‫ل يقتصر على إحباط عبادته‪ ،‬حتى يقال‪ :‬صار كما كان قبل العبادة‪ ،‬بل‬
‫يعصي بذلك ويأثم‪ ،‬لما دلت عليه الخبار واليات‪ .‬والمعنى فيه أمران‬
‫أحدهما يتعلق بالعبادة‪ ،‬وهو التلبيس والمكر لنه خيل إليهم أنه مخلص‬
‫مطيع ل‪ ،‬وأنه من أهل الدين وليس كذلك‪ ،‬والتلبيس في أمر الدنيا أيضا‬
‫حرام حتى لو قضى دين جماعة وخيل إلى الناس أنه متبرع عليهم ليعتقدوا‬
‫سخاوته أثم بذلك‪ ،‬لما فيه من التلبيس وتملك القلوب بالخداع والمكر‪.‬‬
‫والثاني يتعلق بال وهو أنه مهما قصد بعبادة ال خلق ال فهو مستهزئ‬
‫بال‪ ،‬فهذا من كبائر المهلكات‪ ،‬ولهذا سماه رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫الشرك الصغر فلو لم يكن في الرياء إل أنه يسجد ويركع لغير ال‪ ،‬لكان‬
‫فيه كفاية‪ ،‬فانه إذا لم يقصد التقرب إلى ال فقد قصد غير ال‪ ،‬لعمري لو‬
‫قصد غير ال بالسجود لكفر كفرا جليا إل أن الرياء هو الكفر الخفي‪ .‬واعلم‬
‫أن بعض أبواب الرياء أشد وأغلظ من بعض‪ ،‬واختلفه باختلف أركانه‬
‫وتفاوت الدرجات فيه‪ ،‬وأركانه ثلثة‪ :‬المرائا به والمرائا ]له[‪ ،‬ونفس قصد‬
‫الرياء‪ .‬الركن الول‪ :‬نفس قصد الرياء‪ ،‬وذلك ل يخلو إما أن يكون مجردا‬

‫]‪[270‬‬

‫دون إرادة ال والثواب‪ ،‬وإما أن يكون مع إرادة الثواب فان كان كذلك فل يخلو إما‬
‫أن يكون إرادة الثواب أقوى وأغلب أو أضعف أو مساويا لراءة العباد‪،‬‬
‫فيكون الدرجات أربعا‪ .‬الولى‪ :‬وهي أغلظها أن ل يكون مراده الثواب أصل‬
‫كالذي يصلي بين أظهر الناس ولو انفرد لكان ل يصلي‪ ،‬فهذه الدرجة العليا‬
‫من الرياء‪ .‬الثانية أن يكون له قصد الثواب أيضا ولكن قصدا ضعيفا بحيث‬
‫لو كان في الخلوة لكان ل يفعله ول يحمله ذلك القصد على العمل‪ .‬ولو لم‬
‫يكن الثواب لكان قصد الرياء يحمله على العمل‪ .‬فهذا قريب مما قبله‪.‬‬
‫الثالثة أن يكون قصد الرياء وقصد الثواب متساويين بحيث لو كان كل‬
‫واحد خاليا عن الخر لم يبعثه على العمل‪ ،‬فلما اجتمعا انبعثت الرغبة فكان‬
‫كل واحد لو انفرد ل يستقل بحمله على العمل‪ ،‬فهذا قد أفسد مثل ما أصلح‬
‫فنرجو أن يسلم رأسا برأس ل له ول عليه‪ ،‬أو يكون له من الثواب مثل ما‬
‫عليه من العقاب‪ ،‬وظواهر الخبار تدل على أنه ل يسلم‪ .‬الرابعة أن يكون‬
‫اطلع الناس مرجحا ومقويا لنشاطه‪ ،‬ولو لم يكن لكان ل يترك العبادة‪،‬‬
‫ولو كان قصد الرياء وحده لما أقدم والذي نظنه والعلم عند ال أنه ل يحبط‬
‫أصل الثواب ولكنه ينقص منه أو يعاقب على مقدار قصد الرياء‪ ،‬ويثاب‬
‫على مقدار قصد الثواب‪ .‬وأما قوله تعالى‪ :‬أنا أغنى الغنياء عن الشرك‪،‬‬
‫فهو محمول على ما إذا تساوى القصدان أو كان قصد الرياء أرجح‪ .‬الركن‬
‫الثاني‪ :‬المرائا به‪ ،‬وهي الطاعات وذلك ينقسم إلى الرياء باصول العبادات‬
‫وإلى الرياء بأوصافها‪ .‬القسم الول‪ :‬وهو الغلظ الرياء بالصول وهو‬
‫على ثلث درجات‪ :‬الولى الرياء بأصل اليمان وهو أغلظ أبواب الرياء‪،‬‬
‫وصاحبه مخلد في النار‪ ،‬وهو الذي يظهر كلمتي الشهادة وباطنه مشحون‬
‫بالتكذيب‪ ،‬ولكنه يرائي بظاهر السلم‪ ،‬وهم المنافقون الذين ذمهم ال‬
‫سبحانه في مواضع كثيرة‪ ،‬وقد قال‪:‬‬

‫]‪[271‬‬

‫" يراؤن الناس ول يذكرون ال إل قليل " )‪ .(1‬وكان النفاق في ابتداء السلم‬
‫ممن يدخل في ظاهر السلم ابتداء لغرض وذلك مما يقل في زماننا ولكن‬
‫يكثر نفاق من ينسل من الدين باطنا فيجحد الجنة والنار والدار الخرة‪،‬‬
‫ميل إلى قول الملحدة أو يعتقد طي بساط الشرع والحكام‪ ،‬ميل إلى أهل‬
‫الباحة‪ ،‬ويعتقد كفرا أو بدعة وهو يظهر خلفه فهؤلء من المرائين‬
‫المنافقين المخلدين في النار‪ ،‬وحال هؤلء أشد من حال الكفار المجاهرين‬
‫لنهم جمعوا بين كفر الباطن ونفاق الظاهر‪ .‬الثانية الرياء باصول العبادات‬
‫مع التصديق بأصل الدين وهذا أيضا عظيم عند ال‪ ،‬ولكنه دون الول‬
‫بكثير‪ ،‬ومثاله أن يكون مال الرجل في يد غيره فيأمره باخراج الزكاة خوفا‬
‫من ذمه‪ ،‬وال يعلم منه أنه لو كان في يده لما أخرجها أو يدخل وقت‬
‫الصلة وهو في جمع فيصلي معهم وعادته ترك الصلة في الخلوة وكذا‬
‫ساير العبادات‪ ،‬فهو مراء معه أصل اليمان بال يعتقد أنه ل معبود سواه‪،‬‬
‫ولو كلف أن يعبد غير ال أو يسجد لغير ال لم يفعل‪ ،‬ولكنه يترك العبادات‬
‫للكسل وينشط عند اطلع الناس فتكون منزلته عند الخلق أحب إليه من‬
‫منزلته عند الخالق‪ ،‬وخوفه من مذمة الناس أعظم من خوفة من عقاب‬
‫ال‪ ،‬ورغبته في محمدتهم أشد من رغبته في ثواب ال‪ ،‬وهذا غاية الجهل‪،‬‬
‫وما أجدر صاحبه بالمقت‪ ،‬وإن كان غير منسل عن أصل اليمان من حيث‬
‫العتقاد‪ .‬الثالثة‪ :‬أن ل يرائي باليمان ول بالفرائض‪ ،‬ولكن يرائي بالنوافل‬
‫والسنن التي لو تركها ل يعصي‪ ،‬ولكن يكسل عنها في الخلوة لفتور رغبته‬
‫في ثوابها‪ ،‬ول يثار لذة الكسل على ما يرجى من الثواب‪ ،‬ثم يبعثه الرياء‬
‫على فعله‪ ،‬وذلك كحضور الجماعة في الصلة‪ ،‬وعيادة المريض‪ ،‬واتباع‬
‫الجنايز‪ ،‬وكالتهجد بالليل وصيام السنة والتطوع ونحو ذلك‪ ،‬فقد يفعل‬
‫المرائي جملة ذلك خوفا من المذمة أو طلبا للمحمدة‪ ،‬ويعلم ال تعالى منه‬
‫لو خلى بنفسه لما زاد على أداء الفرائض‪ ،‬فهذا أيضا‬

‫)‪ (1‬النساء‪[*] .142 :‬‬

‫]‪[272‬‬
‫عظيم‪ ،‬ولكن دون ما قبله‪ ،‬وكأنه على الشطر من الول وعقابه نصف عقابه‪ .‬القسم‬
‫الثاني‪ :‬الرياء بأوصاف العبادات ل باصولها وهي أيضا على ثلث درجات‪.‬‬
‫الولى أن يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة‪ ،‬كالذي غرضه أن يخفف‬
‫الركوع والسجود ول يطول القراءة فإذا رآه الناس أحسن الركوع‪ ،‬وترك‬
‫اللتفات‪ ،‬وتمم القعود بين السجدتين‪ ،‬وقد قال ابن مسعود‪ :‬من فعل ذلك‬
‫فهو استهانة يستهين بها ربه‪ .‬فهذا أيضا من الرياء المحظور لكنه دون‬
‫الرياء باصول التطوعات‪ ،‬فان قال المرائي‪ :‬إنما فعلت ذلك صيانة للسنتهم‬
‫عن الغيبة‪ ،‬فانهم إذا رأوا تخفيف الركوع والسجود وكثرة اللتفات أطلقوا‬
‫اللسان بالذم والغيبة‪ ،‬فانما قصدت صيانتهم عن هذه المعصية‪ ،‬فيقال له‪:‬‬
‫هذه مكيدة للشيطان وتلبيس‪ ،‬وليس المر كذلك‪ ،‬فان ضررك من نقصان‬
‫صلتك وهي خدمة منك لمولك‪ ،‬أعظم من ضررك من غيبة غيرك‪ .‬فلو‬
‫كان باعثك الدين لكان شفقتك على نفسك أكثر‪ .‬نعم للمرائي فيه حالتان‬
‫إحداهما أن يطلب بذلك المنزلة والمحمدة عند الناس‪ ،‬وذلك حرام قطعا‪،‬‬
‫والثانيه أن يقول‪ :‬ليس يحضرني الخلص في تحسين الركوع والسجود‪،‬‬
‫ولو خففت كان صلتي عند ال ناقصة‪ ،‬وآذاني الناس بذمهم وغيبتهم‪،‬‬
‫وأستفيد بتحسين الهيئة دفع مذمتهم ول أرجو عليه ثوابا فهو خير من أن‬
‫أترك تحسين الصلة فيفوت الثواب‪ ،‬وتحصل المذمة‪ ،‬فهذا فيه أدنى نظر‬
‫فالصحيح أن الواجب عليه أن يحسن ويخلص‪ ،‬فان لم يحضره النية فينبغي‬
‫أن يستمر على عبادته في الخلوة وليس له أن يدفع الذم بالمراءات بطاعة‬
‫ال فان ذلك استهزاء‪ .‬الثانية أن يرائي بفعل ما ل نقصان في تركه‪ ،‬ولكن‬
‫فعله في حكم التكملة والتتمة لعبادته‪ ،‬كالتطويل في الركوع والسجود‪ ،‬ومد‬
‫القيام وتحسين الهيئة في رفع اليدين‪ ،‬والزيادة في القراءة على السورة‬
‫المعتادة‪ ،‬وأمثال ذلك‪ ،‬وكل‬

‫]‪[273‬‬

‫ذلك مما لو خلي ونفسه لكان ل يقدم عليه‪ .‬الثالثة أن يرائي بزيادات خارجة عن‬
‫نفس النوافل‪ ،‬كحضوره الجماعة قبل القوم‪ ،‬وقصده الصف الول‪،‬‬
‫وتوجهه إلى يمين المام‪ ،‬وما يجري مجراه‪ ،‬وكل ذلك مما يعلم ال منه أنه‬
‫لو حلي بنفسه لكان ل يبالي من أين وقف ومتى يحرم بالصلة‪ ،‬فهذه‬
‫درجات الرياء بالنسبة إلى ما يرائي به وبعضه أشد من بعض‪ ،‬والكل‬
‫مذموم‪ .‬الركن الثالث المرايا لجله فان للمرائي مقصودا ل محالة‪ ،‬فانما‬
‫يرائي لدراك مال أو جاه أو غرض من الغراض ل محالة وله أيضا ثلث‬
‫درجات‪ :‬الولى وهي أشدها وأعظمها أن يكون مقصده التمكن من معصيته‬
‫كالذي يرائي بعباداته ليعرف بالمانة فيولى القضاء أو الوقاف أو أمول‬
‫اليتام‪ ،‬فيحكم بغير الحق ويتصرف في الموال بالباطل‪ ،‬وأمثال ذلك كثيرة‪.‬‬
‫الثانية أن يكون غرضه نيل حظ مباح من مال أو نكاح امرأة جميلة أو‬
‫شريفة‪ .‬فهذا رياء محظور لنه طلب بطاعة ال متاع الدنيا ولكنه دون‬
‫الول‪ .‬الثالثة أن ل يقصد نيل حظ وإدراك مال أو شبهه‪ ،‬ولكن يظهر‬
‫عبادته خيفة من أن ينظر إليه بعين النقص‪ ،‬ول يعد من الخاصة والزهاد‪،‬‬
‫كأن يسبق إلى الضحك أو يبدر منه المزاح‪ ،‬فيخاف أن ينظر إليه بعين‬
‫الحتقار‪ ،‬فيتبع ذلك بالستغفار وتنفس الصعداء‪ ،‬وإظهار الحزن‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫ما أعظم غفلة النسان عن نفسه‪ ،‬وال يعلم منه أنه لو كان في الخلوة لما‬
‫كان يثقل عليه ذلك‪ .‬فهذه درجات الرياء ومراتب أصناف المرائين‪،‬‬
‫وجميعهم تحت مقت ال وغضبه وهي من أشد المهلكات‪ .‬وأما ما يحبط‬
‫العمل من الرياء الخفي والجلي وما ل يحبط فنقول‪ :‬إذا عقد العبد العبادة‬
‫على الخلص ثم ورد وارد الرياء‪ ،‬فل يخلو إما أن ورد عليه بعد فراغه‬
‫من العمل أو قبل الفراغ‪ ،‬فان ورد بعد الفراغ سرور من غير إظهار فل‬
‫يحبط العمل‪ ،‬إذ العمل قد تم على نعت الخلص سالما من الرياء‪ ،‬فما‬
‫يطرء بعده فنرجو‬

‫]‪[274‬‬

‫أن ل ينعطف عليه أثره ل سيما إذا لم يتكلف هو إظهاره والتحدث به‪ ،‬ولم يتمن‬
‫ذكره وإظهاره‪ ،‬ولكن اتفق ظهوره باظهار ال إياه‪ ،‬ولم يكن منه إل ما‬
‫دخل من السرور والرتياح على قبله‪ ،‬ويدل على هذا ما سيأتي‪ ،‬وقد روي‬
‫أن رجل قال لرسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا رسول ال اسر العمل ل‬
‫أحب أن يطلع عليه أحد فيطلع عليه فيسرني قال‪ :‬لك أجران أجر السر‬
‫وأجر العلنية‪ .‬وقال الغزالي‪ :‬نعم لو تم العمل على الخلص من غير عقد‬
‫رياء‪ ،‬ولكن ظهرت له بعده رغبة في الظهار فتحدث به وأظهره فهذا‬
‫مخوف‪ ،‬وفي الخبار والثار ما يدل على أنه محبط‪ ،‬ويمكن حملها على أن‬
‫هذا دليل على أن قلبه عند العبادة لم يخل عن عقد الرياء وقصده‪ ،‬لما أن‬
‫ظهر منه التحدث به‪ ،‬إذ يبعد أن يكون ما يطرء بعد العمل مبطل للثواب بل‬
‫القيس أن يقال إنه مثاب على عمله الذي مضى ومعاقب على مراءاته‬
‫بطاعة ال بعد الفراغ منها‪ ،‬بخلف ما لو تغير عقده إلى الرياء قبل الفراغ‬
‫فانه مبطل‪ .‬ثم قال المحقق المذكور‪ :‬وأما إذا ورد وارد الرياء قبل الفراغ‬
‫من الصلة مثل وكان قد عقد على الخلص ولكن ورد في أثنائها وارد‬
‫الرياء‪ ،‬فل يخلو إما أن يكون مجرد سرور ل يؤثر في العمل فهو ل يبطله‬
‫وإما أن يكون رياء باعثا على العمل فختم وختم به العمل فإذا كان كذلك‬
‫حبط أجره‪ .‬ومثاله أن يكون في تطوع فتجددت له نظارة أو حضر ملك من‬
‫الملوك وهو يشتهي أن ينظر إليه‪ ،‬أو يذكر شيئا نسيه من ماله‪ ،‬وهو يريد‬
‫أن يطلبه‪ ،‬ولول الناس لقطع الصلة فاستتمها خوفا من مذمة الناس فقد‬
‫حبط أجره‪ ،‬وعليه العادة إن كان في فريضة وقد قال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫العمل كالوعاء إذا طاب آخره طاب أوله أي النظر إلى خاتمته‪ ،‬وروي من‬
‫رائا بعمله ساعة حبط عمله الذي كان قبله‪ ،‬وهو منزل على الصلة في‬
‫هذه الصورة‪ ،‬ل على الصدقة‪ ،‬ول على القراءة‪ ،‬فان كان جزء منها منفرد‬
‫فما يطرء يفسد الباقي دون الماضي والصوم والحج من قبيل الصلة‪ .‬فأما‬
‫إذا كان وارد الرياء بحيث ل يمنعه من قصد الستتمام لجل الثواب‬

‫]‪[275‬‬

‫كما لو حضر جماعة في أثناء صلته ففرح بحضورهم واعتقد الرياء‪ ،‬وقصد‬
‫تحسين الصلة لجل نظرهم‪ ،‬وكان لول حضورهم لكان يتمها أيضا‪ ،‬فهذا‬
‫رياء قد أثر في العمل وانتهض باعثا على الحركات‪ ،‬فان غلب حتى انمحق‬
‫معه الحساس بقصد العبادة والثواب وصار قصد العبادة مغمورا‪ ،‬فهذا‬
‫أيضا ينبغي أن يفسد العبادة مهما مضى ركن من أركانها على هذا الوجه‪،‬‬
‫لنا نكتفي بالنية السابقة عند الحرام بشرط أن ل يطرء ما يغلبها‬
‫ويغمرها‪ .‬ويحتمل أن يقال ل تفسد العبادة نظرا إلى حالة العقد وإلى بقاء‬
‫أصل قصد الثواب‪ ،‬وإن ضعف بهجوم قصد هو أغلب منه‪ ،‬والقيس أن هذا‬
‫القدر إذا لم يظهر أثره في العمل‪ ،‬بل بقي العمل صادرا عن باعث لدين‬
‫وإنما انضاف إليه سرور بالطلع فل يفسد العمل لنه ل ينعدم به أصل‬
‫نيته‪ ،‬وبقيت تلك النية باعثة على العمل‪ ،‬وحاملة على التمام‪ ،‬وروي في‬
‫الكافي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم ما يدل عليه وأما الخبار التي وردت‬
‫في الرياء فهي محمولة على ما إذا لم يرد به إل الخلق‪ ،‬وأما ما ورد في‬
‫الشركة فهو محمول على ما إذا كان قصد الرياء مساويا لقصد الثواب أو‬
‫أغلب منه‪ ،‬أما إذا كان ضعيفا بالضافة إليه فل يحبط بالكلية ثواب الصدقة‬
‫وساير العمال وينبغي أن يفسد الصلة ول يبعد أيضا أن يقال إن الذي‬
‫اوجب عليه صلة خالصة لوجه ال‪ ،‬والخالصة ما ل يشوبه شئ فل يكون‬
‫مؤديا للواجب مع هذا الشوب والعلم عند ال فيه‪ ،‬فهذا حكم الرياء الطاري‬
‫بعد عقد العبادة إما قبل الفراغ أو بعده‪ .‬القسم الثالث الذي يقارن حال العقد‬
‫بأن يبتدئ في الصلة على قصد الرياء فان تم عليه حتى يسلم فل خلف‬
‫في أنه يعصي ول يعتد بصلوته‪ ،‬وإن ندم عليه في أثناء ذلك واستغفر‬
‫ورجع قبل التمام ففيما يلزمه ثلثة أوجه‪ :‬قالت فرقة‪ :‬لم تنعقد صلته مع‬
‫قصد الرياء فليستأنف‪ .‬وقالت فرقة‪ :‬تلزمه إعادة الفعال كالركوع‬
‫والسجود‪ ،‬وتفسد أعماله دون تحريمة الصلة‪ ،‬لن التحريم عقد والرياء‬
‫خاطر في قلبه ل يخرج التحريم عن كونه عقدا‪[*] .‬‬

‫]‪[276‬‬

‫وقالت فرقة‪ :‬ل تلزمه إعادة شئ بل يستغفر ال بقلبه ويتم العبادة على الخلص‬
‫والنظر إلى خاتمة العبادة كما لو ابتداها بالخلص وختم بالرياء‪ ،‬لكان‬
‫يفسد عمله‪ ،‬وشبهوا ذلك بثوب أبيض لطخ بنجاسة عارضة فإذا ازيل‬
‫العارض عاد إلى الصل فقالوا‪ :‬إن الصلة والركوع والسجود ل يكون إل‬
‫ل ولو سجد لغير ال لكان كافرا ولكن قد اقترن به عارض الرياء ثم إن‬
‫زال بالندم والتوبة وصار إلى حالة ل يبالي بحمد الناس وذمهم فتصح‬
‫صلته‪ .‬ومذهب الفريقين الخرين خارج عن قياس الفقه جدا خصوصا من‬
‫قال يلزمه إعادة الركوع والسجود دون الفتتاح‪ ،‬لن الركوع والسجود إن‬
‫لم يصح صارت أفعال زائدة في الصلة فتبطل الصلة‪ ،‬وكذلك قول من‬
‫يقول لو ختم بالخلص صح نظرا إلى الخاتمة فهو أيضا ضعيف لن‬
‫الرياء يقدح بالنية‪ ،‬وأولى الوقات بمراعات الحكام النية حالة الفتتاح‪.‬‬
‫فالذي يستقيم على قياس الفقه هو أن يقال إن كان باعثه مجرد الرياء في‬
‫ابتداء العقد دون طلب الثواب وامتثال المر لم ينعقد افتتاحه‪ ،‬ولم يصح ما‬
‫بعده وذلك من إذا خل بنفسه لم يصل ولما رآه الناس يحرم بالصلة‪ ،‬وكان‬
‫بحيث لو كان ثوبه أيضا نجسا كان يصلي لجل الناس‪ ،‬فهذه صلة ل نية‬
‫فيها إذ النية عبارة عن إجابة باعث الدين‪ ،‬وههنا ل باعث ول إجابة‪ .‬فأما‬
‫إذا كان بحيث لول الناس‪ .‬أيضا لكان يصلي إل أنه ظهرت له الرغبة في‬
‫المحمدة أيضا فاجتمع الباعثان فهذا إما أن يكون في صدقه أو قراءة وما‬
‫ليس فيه تحريم وتحليل أو في عقد صلة وحج‪ ،‬فان كان في صدقة فقد‬
‫عصى باجابة باعث الرياء وأطاع باجابة باعث الثواب " فمن يعمل مثقال‬
‫ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " )‪ (1‬وله ثواب بقدر‬
‫قصده الصحيح وعقاب بقدر قصده الفاسد ول يحبط أحدهما الخر‪ .‬وإن‬
‫كان في صلة يقبل الفساد بتطرق خلل إلى النية‪ ،‬فل يخلو إما أن‬

‫)‪ (1‬الزلزلة‪[*] .8 - 7 :‬‬

‫]‪[277‬‬

‫يكون نفل أو فرضا فان كان نفل فحكمها أيضا حكم الصدقة‪ ،‬فقد عصى من وجه‬
‫وأطاع من وجه إذا اجتمع في قلبه الباعثان‪ ،‬وأما إذا كان في فرض‬
‫واجتمع الباعثان وكان كل واحد منهما ل يستقل وإنما يحصل النبعاث‬
‫بمجموعهما فهذا ل يسقط الواجب عنه لن اليجاب لم ينتهض باعثا في‬
‫حقه بمجرده واستقلله وإن كان كل باعث مستقل حتى لو لم يكن باعث‬
‫الرياء لدى الفرض‪ ،‬ولو لم يكن باعث الفرض لنشأ صلة تطوعا لجل‬
‫الرياء‪ ،‬فهذا في محل النظر وهو محتمل جدا‪ .‬فيحتمل أن يقال‪ :‬إن الواجب‬
‫صلة خالصة لوجه ال‪ ،‬ولم يؤد الواجب الخالص‪ ،‬ويحتمل أن يقال‪ :‬إن‬
‫الواجب امتثال المر الواجب بواجب مستقل بنفسه وقد وجد‪ ،‬فاقتران غيره‬
‫به ل يمنع سقوط الفرض عنه‪ ،‬كما لو صلى في دار مغصوبة فانه وإن كان‬
‫عاصيا بايقاع الصلة في الدار المغصوبة‪ ،‬فانه مطيع بأصل الصلة‪،‬‬
‫ومسقط للفرض عن نفسه‪ ،‬وتعارض الحتمال في تعارض البواعث في‬
‫أصل الصلة‪ ،‬أما إذا كان الرياء في المبادرة مثل دون أصل الصلة‪ ،‬مثل‬
‫من بادر في الصلة في أول الوقت لحضور جماعة‪ .‬ولو خل لخرها إلى‬
‫وسط الوقت ولول الفرض لكان ل يبتدي صلة لجل الرياء‪ ،‬فهذا مما يقطع‬
‫بصحة صلته وسقوط الفرض به‪ ،‬لن باعث أصل الصلة من حيث إنها‬
‫صلة لم يعارضها غيره‪ ،‬بل من حيث تعيين الوقت فهذا أبعد من القدح في‬
‫النية‪ .‬هذا في رياء يكون باعثا على العمل وحامل عليه فأما مجرد السرور‬
‫باطلع الناس إذا لم يبلغ أثره حيث يؤثر في العمل فبعيد أن يفسد الصلة‪،‬‬
‫فهذا ما نراه لئقا بقانون الفقه‪ ،‬والمسألة غامضة من حيث إن الفقهاء لم‬
‫يتعرضوا لها في فن الفقه‪ ،‬والذين خاضوا فيه وتصرفوا لم يلحظوا‬
‫قوانين الفقه‪ ،‬ومقتضى فتاوى العلماء في صحة الصلة وفسادها‪ ،‬بل‬
‫حملهم الحرص على تصفية القلوب وطلب الخلص على إفساد العبادات‬
‫بأدنى الخواطر‪ ،‬وما ذكرناه هو القصد فيما نواه والعلم عند ال تعالى‬
‫انتهى كلمه‪.‬‬

‫]‪[278‬‬

‫وقال الشهيد قدس ال روحه في قواعده‪ :‬النية يعتبر فيها القربة‪ ،‬ودل عليها‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬قال تعالى‪ " :‬وما امروا إل ليعبدوا ال مخلصين له الدين‬
‫" )‪ (1‬والخلص فعل الطاعة خالصة ل وحده وهنا غايات ثمان الول‬
‫الرياء ول ريب في أنه مخل بالخلص فيتحقق الرياء بقصد مدح الرائي‬
‫أو النتفاع به أو دفع ضرره‪ .‬فان قلت فما تقول‪ :‬في العبادة المشوبة‬
‫بالتقية ؟ قلت‪ :‬أصل العبادة واقع على وجه الخلص‪ ،‬وما فعل منها تقية‬
‫فان له اعتبارين بالنظر إلى أصله وهو قربة وبالنظر إلى ما طرء من‬
‫استدفاع الضرر‪ ،‬وهو لزم لذلك‪ ،‬فل يقدح في اعتباره أما لو فرض إحداث‬
‫صلة مثل تقية فانها من باب الرياء‪ ،‬الثاني قصد الثواب أو الخلص من‬
‫العقاب أو قصدهما معا الثالث فعلها شكرا لنعم ال تعالى واستجلبا‬
‫لمزيده‪ ،‬الرابع فعلها حياء من ال تعالى الخامس فعلها حبا ل تعالى‬
‫السادس فعلها تعظيما ل تعالى ومهابة وانقيادا وإجابة السابع فعلها‬
‫موافقة لرادته وطاعة لمره الثامن فعلها لكونه أهل للعبادة‪ .‬وهذه الغاية‬
‫مجمع كل كون العبادة تقع بها معتبرة وهي أكمل مراتب الخلص وإليه‬
‫أشار المام الحق أمير المؤمنين عليه السلم ما عبدتك طمعا في جنتك ول‬
‫خوفا من نارك ولكن وجدتك أهل للعبادة فعبدتك‪ .‬وأما غاية الثواب‬
‫والعقاب فقد قطع الصحاب بكون العبادة فاسدة )‪ (2‬بقصدها وكذلك ينبغي‬
‫أن يكون غاية الحياء والشكر‪ ،‬وباقي الغايات الظاهر أن قصدها مجزء لن‬
‫الغرض بها ال في الجملة‪ ،‬ول يقدح كون تلك الغايات باعثة على العبادة‬
‫أعني الطمع والرجاء والشكر والحياء لن الكتاب والسنة مشتملة على‬
‫المرهبات من الحدود‪ ،‬والتعزيرات والذم واليعاد بالعقوبات‪ ،‬وعلى‬
‫المرغبات من المدح والثناء في العاجل‪ ،‬والجنة ونعيمها في الجل‪ ،‬وأما‬
‫الحياء فغرض‬

‫)‪ (1‬البينة‪ (2) .5 :‬في شرح الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ " :273‬ل يفسد " لكنه سهو‪ ،‬وقد‬
‫مر في ج ‪ 70‬ص ‪ 236‬باب الخلص ما يحقق ذلك‪[*] .‬‬

‫]‪[279‬‬

‫مقصود‪ ،‬وقد جاء في الخبر عن النبي صلى ال عليه وآله استحيوا من ال حق‬
‫الحياء‪ ،‬ا عبد ال كأنك تراه‪ ،‬فان لم تكن تراه فانه يراك‪ ،‬فانه إذا تخيل‬
‫الرؤية انبعث على الحياء والتعظيم والمهابة‪ .‬وعن أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم وقد قال له ذعلب اليماني ‪ -‬بالذال المعجمة المكسورة والعين‬
‫المهملة الساكنة واللم المكسورة‪ :‬هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين ؟ فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬أفأعبد ما ل أرى‪ ،‬فقال‪ :‬وكيف تراه ؟ فقال‪ :‬ل تدركه العيون‬
‫بمشاهدة العيان‪ ،‬ولكن تدركه القلوب بحقايق اليمان‪ ،‬قريب من الشياء‬
‫غير ملمس‪ ،‬بعيد منها غير مبائن‪ ،‬متكلم بل روية‪ ،‬مريد بل همة‪ ،‬صانع‬
‫ل بجارحة‪ .‬لطيف ل يوصف بالخفاء‪ ،‬بعيد ل يوصف بالجفاء‪ ،‬بصير ل‬
‫يوصف بالحاسة رحيم ل يوصف بالرقة‪ ،‬تعنو الوجوه لعظمته‪ ،‬وتوجل‬
‫القلوب من مخافته )‪ .(1‬وقد اشتمل هذا الكلم الشريف على اصول صفات‬
‫الجلل والكرام التي عليها مدار علم الكلم‪ ،‬وأفاد أن العبادة تابعة للرؤية‪،‬‬
‫ويفسر معنى الرؤية وأفاد الشارة إلى أن قصد التعظيم بالعباد حسن وإن‬
‫لم يكن تمام الغاية‪ ،‬وكذلك الخوف منه تعالى‪ .‬ثم لما كان الركن العظم في‬
‫النية هو الخلص‪ ،‬وكان انضمام تلك الربعة غير قادح فيه فخليق أن‬
‫يذكر ضمائم اخر‪ ،‬وهي أقسام‪ :‬الول‪ :‬ما يكون منافية له كضم الرياء‬
‫ويوصف بسببه العبادة بالبطلن بمعنى عدم استحقاق الثواب‪ ،‬وهل يقع‬
‫مجزيا بمعنى سقوط التعبد به والخلص من العقاب ؟ الصح أنه ل يقع‬
‫مجزيا ولم أعلم فيه خلفا إل من السيد المام المرتضى قدس ال لطيفه‬
‫فان ظاهره الحكم بالجزاء في العبادة المنوي بها الرياء‪ .‬الثاني من‬
‫الضمائم ما يكون لزما للفعل كضم التبرد والتسخن أو التنظيف‬

‫)‪ (1‬تراه في النهج تحت الرقم ‪ 177‬من الخطب‪ ،‬وفيه " تجب القلوب من مخافته‬
‫"‪[*] .‬‬
‫]‪[280‬‬

‫إلى نية القربة‪ ،‬وفيه وجهان ينظران إلى عدم تحقق معنى الخلص‪ ،‬فل يكون‬
‫الفعل مجزيا وإلى أنه حاصل ل محالة فنيته كتحصيل الحاصل الذي ل فائدة‬
‫فيه وهذا الوجه ظاهر أكثر الصحاب والول أشبه ول يلزم من حصوله نية‬
‫حصوله ويحتمل أن يقال ]إن كان الباعث الصلي هو القربة‪ ،‬ثم طرء‬
‫التبرد عند البتداء في الفعل لم يضر‪ ،‬وإن[ )‪ (1‬كان الباعث الصلي هو‬
‫التبرد فلما اراده ضم القربة لم يجزئ‪ ،‬وكذا إذا كان الباعث مجموع‬
‫المرين‪ ،‬لنه ل أولوية فتدافعا فتساقطا فكأنه غير ناو‪ ،‬ومن هذا الباب ضم‬
‫نية الحمية إلى القربة في الصوم‪ ،‬وضم ملزمة الغريم إلى القربة في‬
‫الطواف والسعي والوقوف بالمشعرين‪ .‬الثالث ضم ما ليس بمناف ول‬
‫لزم‪ ،‬كما لو ضم إرادة دخول السوق مع نية التقرب في الطهارة أو أراد‬
‫الكل ولم يرد بذلك الكون على طهارة في هذه الشياء فانه لو أراد الكون‬
‫على طهارة كان مؤكدا غير مناف‪ ،‬وهذه الشياء وإن لم يستحب لها‬
‫الطهارة بخصوصياتها إل أنها داخلة فيما يستحب لعمومه وفي هذه‬
‫الضميمة وجهان مرتبان على القسم الثاني‪ ،‬وأولى بالبطلن‪ ،‬لن ذلك‬
‫تشاغل عما يحتاج إليه بما ل يحتاج إليه‪ .‬ثم قال ‪ -‬ره ‪ -‬يجب التحرز من‬
‫الرياء فانه يلحق العمل بالمعاصي وهو قسمان جلي وخفي‪ ،‬فالجلي ظاهر‬
‫والخفي إنما يطلع عليه اولوا المكاشفة والمعاينة ل كما يروي عن بعضهم‬
‫أنه طلب الغزو فتاقت نفسه إليه‪ ،‬فتفقدها فإذا هو يحب المدح بقولهم فلن‬
‫غاز‪ ،‬فتركه فتاقت نفسه إليه فأقبل يعرض على ذلك الرياء‪ ،‬حتى أزاله‪،‬‬
‫ولم يزل يتفقدها شيئا بعد شئ حتى وجد الخلص بعد بقاء النبعاث فاتهم‬
‫نفسه وتفقد أحوالها فإذا هي يحب أن يقال‪ :‬مات فلن شهيدا لتحسن‬
‫سمعته في الناس بعد موته‪ .‬وقد يكون في ابتداء النية إخلصا وفي الثناء‬
‫يحصل الرياء فيجب التحرز منه فانه مفسد للعمل نعم ل يتكلف بضبط‬
‫هواجس النفس وخواطرها بعد إيقاع‬

‫)‪ (1‬ما بين العلمتين أضفناه من شرح الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .274‬‬

‫]‪[281‬‬

‫النية في البتداء خالصة‪ ،‬فان ذلك معفو عنه كما جاء في الحديث إن ال تجاوز‬
‫لمتي عما حدثت به أنفسها‪ - 2 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‬
‫بن عيسى‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬اجعلوا أمركم هذا ل ول تجعلوه للناس‪ ،‬فانه‬
‫ما كان ل فهو ل‪ ،‬وما كان للناس فل يصعد إلى ال )‪ .(1‬بيان‪ " :‬اجعلوا‬
‫أمركم هذا " أي التشيع " ل " أي خالصا له " ول تجعلوه للناس " ل‬
‫بالنفراد ول بالشتراك " فانه ما كان ل " أي خالصا له " فهو ل " أي‬
‫يصعد إليه ويقبله وعليه أجره " وما كان للناس " ولو بالشركة " فل‬
‫يصعد إلى ال " أي ل يرفعه الملئكة ول يثبتونه في ديوان البرار‪ ،‬كما‬
‫قال تعالى‪ " :‬إن كتاب البرار لفي عليين " )‪ (2‬والصعود إليه كناية عن‬
‫القبول‪ - 3 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي‬
‫المغرا عن يزيد بن خليفة قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كل رياء شرك‬
‫إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس‪ ،‬ومن عمل ل كان ثوابه على‬
‫ال )‪ .(3‬بيان‪ " :‬كل رياء شرك " هذا هو الشرك الخفي فانه لما أشرك‬
‫في قصد العبادة غيره تعالى فهو بمنزلة من أثبت معبودا غيره سبحانه‬
‫كالصنم " كان ثوابه على الناس " أي لو كان ثوابه لزما على أحد كان‬
‫لزما عليهم‪ ،‬فانه تعالى قد شرط في الثواب الخلص‪ ،‬فهو ل يستحق منه‬
‫تعالى شيئا أو أنه تعالى يحيله يوم القيامة على الناس‪ - 4 .‬كا‪ :‬محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن الحسين بن سعيد عن النضر بن‬
‫سويد‪ ،‬عن القاسم بن سليمان‪ ،‬عن جراح المدايني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم في قول ال عزوجل‪ " :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل‬
‫صالحا‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .293‬المطففين‪ (3) .18 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .293‬‬

‫]‪[282‬‬

‫ول يشرك بعبادة ربه أحدا " )‪ (1‬قال‪ :‬الرجل يعمل شيئا من الثواب ل يطلب به‬
‫وجه ال إنما يطلب تزكية الناس‪ ،‬يشتهي أن يسمع به الناس‪ ،‬فهذا الذي‬
‫أشرك بعبادة ربه‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما من عبد أسر خيرا فذهبت اليام أبدا حتى‬
‫يظهر ال له خيرا‪ ،‬وما من عبد يسر شرا فذهبت اليام حتى يظهر ال له‬
‫شرا )‪ .(2‬بيان‪ " :‬فمن كان يرجو لقاء ربه " قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي‬
‫فمن كان يطمع في لقاء ثواب ربه ويأمله‪ ،‬ويقر بالبعث إليه‪ ،‬والوقوف بين‬
‫يديه‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه فمن كان يخشى لقاء عقاب ربه‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الرجاء‬
‫يشتمل على كل المعنيين الخوف والمل " ول يشرك بعبادة ربه أحدا "‬
‫غيره من ملك أو بشر أو حجر أو شجر‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ل يرائي عبادته أحدا‬
‫عن ابن جبير‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال‪:‬‬
‫إني أتصدق وأصل الرحم ول أصنع ذلك إل ل‪ ،‬فيذكر ذلك مني وأحمد‬
‫عليه‪ ،‬فيسرني ذلك واعجب به‪ ،‬فسكت رسول ال صلى ال عليه وآله ولم‬
‫يقل شيئا فنزلت الية قال عطا عن ابن عباس إن ال تعالى قال‪ :‬ول يشرك‬
‫به لنه أراد العمل الذي يعمل ال‪ ،‬ويحب أن يحمد عليه‪ ،‬قال‪ :‬ولذلك‬
‫يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيل يعظمه من يصل‬
‫بها‪ .‬وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬أنا‬
‫أغنى الشركاء عن الشرك‪ ،‬فمن عمل عمل أشرك فيه غيري فأنا منه برئ‪،‬‬
‫فهو للذي أشرك‪ ،‬أو رده مسلم في الصحيح‪ ،‬وروي عن عبادة بن الصامت‬
‫وشداد بن الوس قال‪ :‬سمعنا رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬من‬
‫صلى صلة يرائي بها فقد أشرك‪ ،‬ومن صام صوما يرائي به‪ ،‬فقد أشرك ثم‬
‫قرء هذه الية‪ .‬وروي أن أبا الحسن الرضا عليه السلم دخل يوما على‬
‫المأمون فرآه يتوضأ للصلة والغلم يصب على يده الماء فقال‪ :‬ل تشرك‬
‫بعبادة ربك أحدا‪ ،‬فصرف‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .110 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .293‬‬

‫]‪[283‬‬

‫المأمون الغلم‪ ،‬وتولى إتمام وضوئه بنفسه )‪ (1‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬الرواية الخيرة‬
‫تدل على أن المراد بالشرك هنا الستعانة في العبادة‪ ،‬وهو مخالف لسائر‬
‫الخبار‪ ،‬ويمكن الجمع بحملها على العم منها فان الخلص التام هو أن ل‬
‫يشرك ل في القصد ول في العمل غيره سبحانه‪ " .‬تزكية الناس " أي‬
‫مدحهم " أن يسمع به " على بناء الفعال " ما من عبد أسر خيرا " أي‬
‫عمل صالحا بأن أخفاه عن الناس لئل يشوب بالرياء أو أخفى في قلبه نية‬
‫حسنة خالصة " فذهبت اليام أبدا " قوله‪ " :‬أبدا " متعلق بالنفي في‬
‫قوله‪ " :‬ما من عبد " حتى يظهر ال له خيرا " " حتى " للستثناء أي‬
‫يظهر ال ذلك العمل الخفي للناس أو تلك النية الحسنة‪ ،‬وصرف قلوبهم‬
‫إليه ليمدحوه ويوقروه فيحصل له مع ثناء ال ثناء الناس‪ .‬وعلى الحتمال‬
‫الول يدل على أن إسرار الخير أحسن من إظهاره‪ ،‬ولكل فايدة أما فائدة‬
‫السرار فالتحرز من الرياء‪ ،‬وأما فائدة الظهار فترغيب الناس في القتداء‬
‫به وتحريكهم إلى فعل الخير‪ ،‬وقد مدح ال كليهما‪ ،‬وفضل السرار في قوله‬
‫سبحانه‪ " :‬إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو‬
‫خير لكم " )‪ .(2‬ويظهر من بعض الخبار أن الخفاء في النافلة أفضل‪،‬‬
‫والبداء في الفريضة أحسن‪ ،‬ويمكن القول باختلف ذلك بحسب اختلف‬
‫أحوال الناس‪ ،‬فمن كان آمنا من الرياء‪ ،‬فالظهار منه أفضل‪ ،‬ومن لم يكن‬
‫آمنا فالخفاء أفضل‪ ،‬والول أظهر لتاييده بالخبر‪ .‬قال المحقق الردبيلي‬
‫رحمه ال‪ :‬المشهور بين الصحاب أن الظهار في الفريضة أولى سيما في‬
‫المال الظاهر‪ ،‬ولمن هو محل التهمة لرفع تهمة عدم الدفع وبعده عن‬
‫الرياء‪ ،‬ولن يتبعه الناس في ذلك‪ ،‬والخفاء في غيرها ليسلم من الرياء‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .498‬البقرة‪[*] .271 :‬‬


‫]‪[284‬‬

‫والمروي عن ابن عباس أن صدقة التطوع إخفاؤها أفضل‪ ،‬وأما المفروضة فل‬
‫يدخلها الرياء‪ ،‬ويلحقها تهمة المنع باخفائها فاظهارها أفضل‪ ،‬وما رواه‬
‫في مجمع البيان عن علي بن إبراهيم باسناده إلى الصادق عليه السلم قال‬
‫الزكاة المفروضة تخرج علنية‪ ،‬وتدفع علنية‪ ،‬وغير الزكاة إن دفعها سرا‬
‫فهو أفضل‪ ،‬فان ثبت صحته أو صحة مثله‪ ،‬فتخصص الية وتفصل به‪،‬‬
‫وإل فهي على عمومها‪ ،‬ومعلوم دخول الرياء في الزكاة المفروضة كما في‬
‫ساير العبادات المفروضة‪ ،‬ولهذا اشترط في النية عدمه‪ ،‬ولو تمت التهمة‬
‫لكانت مختصة بمن يتهم انتهى )‪ " .(1‬وما من عبد يسر شرا " أي عمل‬
‫قبيحا أو رياء في العمال الصالحة فان ال يفضحه بهذا العمل القبيح‪ ،‬إن‬
‫داوم عليه ولم يتب‪ ،‬عند الناس‪ ،‬وكذا الرياء الذي أصر عليه‪ ،‬فيترتب على‬
‫إخفائه نقيض مقصود على الوجهين‪ - 5 .‬كا‪ :‬علي ابن إبراهيم‪ ،‬عن محمد‬
‫بن عيسى بن عبيد‪ ،‬عن محمد بن عرفة قال‪ :‬قال لي الرضا عليه السلم‪:‬‬
‫ويحك يا ابن عرفة اعملوا لغير رياء ول سمعة‪ ،‬فانه من عمل لغير ال‬
‫وكله ال إلى من عمل‪ ،‬ويحك ما عمل أحد عمل إل رداه ال به إن خيرا‬
‫فخير‪ ،‬وإن شرا فشر )‪ .(2‬بيان‪ :‬في النهاية ويح كلمة ترحم وتوجع‪ ،‬يقال‬
‫لمن وقع في هلكة ل يستحقها‪ ،‬وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهي‬
‫منصوبة على المصدر‪ ،‬وقد ترفع وتضاف ول تضاف انتهى والسمعة‬
‫بالضم‪ ،‬وقد يفتح يكون على وجهين أحدهما أن يعمل عمل ويكون غرضه‬
‫عند العمل سماع الناس له‪ ،‬كما أن الرياء هو أن يعمل ليراه الناس فهو‬
‫قريب من الرياء‪ ،‬بل نوع منه‪ ،‬وثانيهما أن يسمع عمله الناس بعد الفعل‪،‬‬
‫والمشهور أنه ل يبطل عمله‪ ،‬بل ينقص ثوابه أو يزيله كما سيأتي وكأن‬
‫المراد هنا الول‪ .‬في القاموس‪ :‬وما فعله رياء ول سمعة‪ ،‬ويضم ويحرك‬
‫وهي ما نوه‬

‫)‪ (1‬زبدة البيان ص ‪ 192‬الطبعة الحديثة‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .294‬‬

‫]‪[285‬‬

‫بذكره ليرى ويسمع انتهى )‪ " .(1‬إلى من عمل " أي إلى من عمل له‪ ،‬وفي بعض‬
‫النسخ إلى ما عمل أي إلى عمله أي ل ثواب له إل أصل عمله‪ ،‬وما قصده‬
‫به‪ ،‬إذ ليس له إل التعب " إل رداه ال به " رداه تردية ألبسه الرداء أي‬
‫يلبسه ال رداء بسبب ذلك العمل‪ ،‬فشبه عليه السلم الثر الظاهر على‬
‫النسان بسب العمل بالرداء فانه يلبس فوق الثياب ول يكون مستورا‬
‫بثوب آخر )‪ " .(2‬إن خيرا فخيرا " أي إن كان العمل خيرا كان الرداء‬
‫خيرا وإن كان العمل شرا كان الرداء شرا والحاصل أن من عمل شرا إما‬
‫بكونه في نفسه أو بكونه مشوبا بالرياء يظهر ال أثر ذلك عليه ويفضحه‬
‫بين الناس وكذا إذا عمل عمل خيرا وجعله ل خالصا ألبسه ال أثر ذلك‬
‫العمل وأظهر حسنه للناس كما مر في الخبر السابق وقيل‪ :‬شبه العمل‬
‫بالرداء في الحاطة والشمول إن خيرا فخيرا أي إن كان عمله خيرا فكان‬
‫جزاؤه خيرا‪ ،‬وكذا الشرور‪ ،‬وربما يقرء ردأه بالتخفيف والهمزة يقال‪:‬‬
‫ردأه به أي جعله له رداءا وقوة وعمادا‪ ،‬ول يخفى ما فيهما من الخبط‬
‫والتصحيف وسيأتي ما يأبى عنهما‪ - 6 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن عمر بن يزيد قال‪ :‬إني لتعشى عند أبي‬
‫عبد ال عليه السلم إذ تل هذه الية " بل النسان على نفسه بصيرة ولو‬
‫ألقى معاذيره " )‪ (3‬يا باحفص ما يصنع النسان أن يتقرب‬

‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 3‬ص ‪ (2) .40‬الرداء ‪ -‬وهو الذي يطلق في مقابل الزار ‪ -‬كان‬
‫حلة يلبسونها فوق الكتف يسترون بها الردء‪ ،‬وهو الظهر‪ ،‬وهو أحد‬
‫ثوبي الحرام‪ ،‬ولم يكونوا ليلبسوا تحتها ثوبا آخر إل إذا كانوا يلبسون‬
‫القميص أو الدرع أو الجوشن‪ ،‬فكانوا يلبسون تحته الشعار وأما اليوم‬
‫فالرداء يطلق على غير ما وضع له أول‪ ،‬يطلق على كساء واسع كالجبة‬
‫يلبس فوق الثياب كما ذكره العلمة المؤلف قدس سره‪ .‬والمعنى على ما‬
‫ذكرناه‪ ،‬أن من عمل عمل أو أسر سريرة أظهره ال وألقا أثره على‬
‫ظهره ملتصقا به‪ ،‬كالخلعة التي يخلع بها على الناس‪ ،‬إن شرا فشر وإن‬
‫خيرا فخير‪ (3) .‬القيامة‪ 14 :‬و ‪[*] .15‬‬

‫]‪[286‬‬

‫إلى ال عزوجل بخلف ما يعلم ال‪ ،‬إن رسول ال صلى ال عليه وآله كان يقول‪:‬‬
‫من أسر سريرة رداه ال رداءها إن خيرا فخيرا‪ ،‬وإن شرا فشرا )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬التعشي أكل الطعام آخر النهار أو أول الليل في القاموس العشي‬
‫والعشية آخر النهار‪ ،‬والعشاء كسماء طعام العشي‪ ،‬وتعشى‪ :‬أكله‪ " .‬بل‬
‫النسان على نفسه بصيرة " قال البيضاوي‪ :‬أي حجة بينة على أعمالها‬
‫لنه شاهد بها‪ ،‬وصفها بالبصارة على سبيل المجاز‪ ،‬أو عين بصيرة بها‬
‫فل يحتاج إلى النباء " ولو ألقى معاذيره " أي ولو جاء بكل ما يمكن أن‬
‫يعتذر به‪ ،‬جمع معذار وهو العذر أو جمع معذرة‪ ،‬على غير قياس كالمناكير‬
‫في المنكر‪ ،‬فان قياسه معاذر انتهى )‪ (2‬والتوجيه الول لبصيرة لكثر‬
‫المفسرين والثاني نقله النيسابوري‪ ،‬عن الخفش فانه جعل النسان‬
‫بصيرة‪ .‬كما يقال‪ :‬فلن كرم لنه يعلم بالضرورة متى رجع إلى عقله أن‬
‫طاعة خالقه واجبة‪ .‬وعصيانه منكر‪ ،‬فهو حجة على نفسه‪ ،‬بعقله السليم‪،‬‬
‫ونقل عن أبي عبيدة أن التاء للمبالغة كعلمة‪ ،‬وقال في قوله تعالى‪ " :‬ولو‬
‫ألقى معاذيره " هذا تأكيد أي ولو جاء بكل معذرة يحاج بها عن نفسه‬
‫فانها ل تنفعه‪ ،‬لنها ل تخفي شيئا من أفعاله‪ ،‬فان نفسه وأعضاءه تشهد‬
‫عليه قال‪ :‬قال الواحدي والزمخشري‪ :‬المعاذير اسم جمع للمعذرة كالمناكير‬
‫للمنكر ولو كان جمعا لكان معاذر بغير ياء‪ ،‬ونقل عن الضحاك والسدي أن‬
‫المعاذير جمع المعذار‪ ،‬وهو الستر والمعنى أنه وإن أسبل الستور أن يخفى‬
‫شئ من عمله قال الزمخشري‪ :‬إن صح هذا النقل في التسمية أن الستر‬
‫يمنع رؤية المحتجب‪ ،‬كما يمنع المعذرة عقوبة المذنب انتهى‪ " .‬يا با‬
‫حفص " أي قال ذلك " ما يصنع النسان " استفهام على النكار‪،‬‬
‫والغرض التنبيه على أنه ل ينفعه في آخرته ول في دنياه أيضا لما سيأتي‬
‫" أن يتقرب إلى ال " أي يفعل ما يفعله المتقرب ويأتي بما يتقرب به‪،‬‬
‫وإن كان ينوي به أمرا آخر‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .294‬أنوار التنزيل ص ‪[*] .449‬‬

‫]‪[287‬‬

‫" بخلف ما يعلم ال " أي من باطنه‪ ،‬فانه يظهر ظاهرا أنه يعمل العمل ل‪ ،‬ويعلم‬
‫ال من باطنه أنه يفعله لغير ال أو أنه ليس خالصا ل‪ ،‬وقيل‪ :‬المعنى أن‬
‫التقرب بهذا العمل المشترك إلى ال تعالى تقرب بخلف ما يعلم ال أنه‬
‫موجب للتقرب‪ .‬والسريرة ما يكتم‪ " :‬رداه ال رداءها " كأنه جرد التردية‬
‫عن معنى الرداء واستعمل بمعنى اللباس‪ ،‬وسيأتي " ألبسه ال "‪ .‬وقد‬
‫مر أنه استعير الرداء للحالة التي تظهر على النسان‪ ،‬وتكون علمة‬
‫لصلحه أو فساده‪ - 7 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فإذا صعد بحسناته يقول ال‬
‫عزوجل اجعلوها في سجين إنه ليس إياي أراد به )‪ .(1‬بيان‪ :‬البتهاج‬
‫السرور‪ ،‬والباء في قوله‪ " :‬بعمل " و " بحسناته " للملبسة ويحتمل‬
‫التعدية‪ ،‬وقوله " ليصعد " أي يشرع في الصعود وقوله " فإذا صعد " أي‬
‫تم صعوده‪ ،‬ووصل إلى موضع يعرض فيه العمال على ال تعالى‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫" بحسناته " من قبيل وضع المظهر موضع المضمر تصريحا بأن العمل‬
‫من جنس الحسنات‪ ،‬أو هو منها بزعمه أي اثبتوا تلك العمال التي‬
‫تزعمون أنها حسنات في ديوان الفجار الذي هو في سجين كما قال تعالى‬
‫" إن كتاب الفجار لفي سجين " )‪ .(2‬وفي القاموس سجين كسكين موضع‬
‫فيه كتاب الفجار وواد في جهنم أعاذنا ال منها‪ ،‬أو حجر في الرض‬
‫السابعة‪ ،‬وقال البيضاوي " إن كتاب الفجار " ما يكتب من أعمالهم أو‬
‫كتابة أعمالهم " لفي سجين " كتاب جامع لعمال الفجرة من الثقلين كما‬
‫قال تعالى‪ " :‬وما أدريك ما سجين * كتاب مرقوم " أي مسطور بين‬
‫الكتابة ثم قال‪ :‬وقيل هو اسم المكان والتقدير ما كتاب السجين أو محل‬
‫كتاب مرقوم فحذف المضاف )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .294‬المطففين‪ (3) .7 :‬أنوار التنزيل‪[*] .457 :‬‬

‫]‪[288‬‬

‫" اجعلوها " الخطاب إلى الملئكة الصاعدين‪ ،‬فالمراد بالملك أول الجنس أو إلى‬
‫ملئكة الرد والقبول‪ ،‬والضمير المنصوب للحساب " ليس إياي أراد "‬
‫تقديم الضمير للحصر أي لم يكن مراده أنا فقط بل أشرك معي غيري‪- 8 .‬‬
‫كا‪ :‬باسناده قال‪ :‬قال أمير المؤمنين صلوات ال عليه‪ :‬ثلث علمات‬
‫للمرائي‪ ،‬ينشط إذا رأى الناس‪ ،‬ويكسل إذا كان وحده‪ ،‬ويحب أن يحمد في‬
‫جميع اموره )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس نشط كسمع نشاطا بالفتح‪ :‬طابت‬
‫نفسه للعمل وغيره وقال‪ :‬الكسل محركة التثاقل عن الشئ والفتور فيه‬
‫كسل كفرح انتهى والنشاط يكون قبل العمل وباعثا للشروع فيه‪ ،‬ويكون‬
‫بعده وسببا لتطويله وتجويده‪ " ،‬في جميع اموره " أي في جميع طاعاته‬
‫وتركه للمنهيات أو العم منهما ومن امور الدنيا‪ - 9 .‬كا‪ :‬عدة من‬
‫أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن خالد‪ ،‬عن عثمان بن عيسى عن علي بن‬
‫سالم قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬أنا خير‬
‫شريك من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إل ما كان لي خالصا )‬
‫‪ .(2‬بيان‪ " :‬أنا خير شريك " لنه سبحانه غني ل يحتاج إلى الشركة‪،‬‬
‫وإنما يقبل الشركة من لم يكن غنيا بالذات‪ ،‬فل يقبل العمل المخلوط لرفعته‬
‫وغناه أو المراد أني محسن إلى الشركاء أدع إليهم ما كان مشتركا بيني‬
‫وبينهم ول أقبله وقيل‪ :‬إن هذا الكلم مبني على التشبيه‪ ،‬والستثناء في‬
‫قوله‪ " :‬إل ما كان " منقطع‪ - 10 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫ابن محبوب‪ ،‬عن داود‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من أظهر للناس‬
‫ما يحب ال‪ ،‬وبارز ال بما كرهه‪ ،‬لقى ال وهو ماقت له )‪ .(3‬بيان‪" :‬‬
‫بارز ال " كأن المراد به أبرز وأظهر ال بما كرهه ال من المعاصي‬

‫)‪ (3 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .295‬‬

‫]‪[289‬‬
‫فان ما يفعله في الخلوة يراه ال ويعلمه‪ ،‬والمستفاد من اللغة أنه من المبارزة في‬
‫الحرب‪ ،‬فان من يعصى ال سبحانه بمرئى منه ومسمع فكأنه يبارزه‬
‫ويقاتله‪ ،‬في القاموس‪ :‬بارز القرآن مبارزة وبرازا‪ :‬برز إليه‪ - 11 .‬كا‪ :‬أبو‬
‫علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن فضل أبي‬
‫العباس‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬ما يصنع أحدكم أن يظهر‬
‫حسنا ويسر سيئا أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك‪ ،‬وال‬
‫عزوجل يقول‪ " :‬بل النسان على نفسه بصيرة " إن السريرة إذا صحت‬
‫قويت العلنية )‪ .(1‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن معلى بن محمد‪ ،‬عن محمد‬
‫بن جمهور‪ ،‬عن فضالة عن معاوية‪ ،‬عن الفضيل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم مثله )‪ .(2‬بيان‪ " :‬ويسر سيئا " أي نية سيئة ورئاء أو أعمال‬
‫قبيحة‪ ،‬والول أظهر " فيعلم أن ذلك ليس كذلك " أي يعلم أن عمله ليس‬
‫بمقبول لسوء سريرته‪ ،‬وعدم صحة نيته " إن السريرة إذا صحت " أي‬
‫إن النية إذا صحت قويت الجوارح على العمل‪ ،‬كما ورد‪ :‬ل يضعف بدن‬
‫عما قويت عليه النية‪ ،‬وروى أن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح لها‬
‫سائر الجسد‪ ،‬إل وهي القلب‪ ،‬لكن هذا المعنى ل يناسب هذا المقام كما ل‬
‫يخفى‪ ،‬ويمكن أن يكون المراد بالقوة القوة المعنوية أي صحة العمل‪،‬‬
‫وكمالها‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بالعلنية الرداء المذكور سابقا أي أثر العمل‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬يحتمل أن يكون المعنى قوة العلنية على العمل دائما ل بمحضر‬
‫الناس فقط‪ - 12 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن صالح بن السندي‪ ،‬عن جعفر‬
‫بن بشير‪ ،‬عن علي بن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬ما من عبد يسر خيرا إل لم تذهب اليام حتى يظهر ال تعالى‬
‫له خيرا‪ ،‬وما من عبد يسر شرا إل لم تذهب اليام حتى يظهر له شرا )‪.(3‬‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .295‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪[*] .296‬‬

‫]‪[290‬‬

‫‪ - 13‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن علي بن أسباط‪ ،‬عن يحيى بن‬
‫بشير‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬من أراد ال عزوجل‬
‫بالقليل من عمله‪ ،‬أظهر ]ه[ ال له أكثر مما أراد‪ ،‬ومن أراد الناس بالكثير‬
‫من عمله في تعب من بدنه‪ ،‬وسهر من ليله‪ ،‬أبى ال عزوجل إل أن يقلله‬
‫في عين من سمعه )‪ .(1‬بيان‪ " :‬أظهر ال له " في بعض النسخ‪" :‬‬
‫أظهره ال له " فالضمير للقليل أو للعمل‪ ،‬و " أكثر " صفة للمفعول‬
‫المطلق المحذوف " مما أراد " أي مما أراد ال به‪ ،‬والمراد إظهاره على‬
‫الناس‪ ،‬ونسبة السهر إلى الليل على المجاز فضمير " يقلله " للكثير أو‬
‫العمل‪ ،‬وقد يقال‪ :‬الضمير للموصول‪ ،‬فالتقليل كناية عن التحقير كما وري‬
‫أن رجل من بني إسرائيل قال‪ :‬لعبدن ال عبادة اذكر بها فمكث مدة مبالغا‬
‫في الطاعات وجعل ل يمر بملء من الناس إل قالوا‪ :‬متصنع مراء‪ ،‬فأقبل‬
‫على نفسه‪ .‬وقال‪ :‬قد أتعبت نفسك‪ ،‬وضيعت عمرك في ل شئ فينبغي أن‬
‫تعمل ل سبحانه‪ ،‬فغير نيته‪ ،‬وأخلص عمله ل‪ ،‬فجعل ل يمر بملء من‬
‫الناس إل قالوا‪ :‬ورع تقي‪ - 14 .‬كا‪ :‬على بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم‪،‬‬
‫وتحسن فيه علنيتهم‪ ،‬طمعا في الدنيا‪ ،‬ل يريدون به ما عند ربهم يكون‬
‫دينهم‪ ،‬رياء ل يخالطهم خوف‪ ،‬يعمهم ال بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فل‬
‫يستجيب لهم )‪ .(2‬بيان‪ " :‬سيأتي " السين للتأكيد أو للستقبال القريب "‬
‫تخبث " كتحسن " سرائرهم " بالمعاصي أو بالنيات الخبيثة الريائية "‬
‫طمعا " مفعول له لتحسن " ل يريدون به " الضمير لحسن العلنية أو‬
‫للعمل المعلوم بقرينة المقام " يكون دينهم " أي عباداتهم الدينية أو أصل‬
‫إظهار الدين " رياء " لطلب المنزلة في قلوب الناس والباء في قوله‪" :‬‬
‫بعقاب " للتعدية " دعاء الغريق " أي كدعاء من أشرف على الغرق‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪[*] .296‬‬

‫]‪[291‬‬

‫فان الخلص والخضوع فيه أخلص من سائر الدعية لنقطاع الرجاء عن غيره‬
‫سبحانه‪ ،‬وما قيل‪ :‬من أن المعنى من غرق في ماء دموعه فل يخفى بعده‪،‬‬
‫وعدم الجابة لعدم عملهم بشرائطها وعدم وفائهم بعهوده تعالى كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬أوفوا بعهدي اوف بعهدكم " )‪ (1‬وسيأتي الكلم فيه في كتاب‬
‫الدعاء إنشاء ال تعالى ول يبعد أن يكون العقاب إشارة إلى غيبة المام‬
‫عليه السلم‪ - 15 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن‬
‫الحكم‪ ،‬عن عمر بن يزيد قال‪ :‬إني لتعشى مع أبي عبد ال عليه السلم إذ‬
‫تل هذه الية " بل النسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره " )‪(2‬‬
‫يا باحفص ما يصنع النسان أن يعتذر إلى الناس بخلف ما يعلم ال منه‪،‬‬
‫إن رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬من أسر سريرة ألبسه ال رداءها‬
‫إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا )‪ .(3‬بيان‪ :‬قد مر بعينه سندا ومتنا ول‬
‫اختلف إل في قوله‪ " :‬أن يعتذر إلى الناس " وقوله‪ :‬ألبسه ال " وكأنه‬
‫أعاده لختلف النسخ في ذلك وهو بعيد ولعله كان على السهو‪ ،‬وما هنا‬
‫كأنه أظهر في الموضعين‪ ،‬والعتذار إظهار العذر وطلب قبوله‪ ،‬وقيل‪ :‬لعل‬
‫المراد به هو الحث على التسوية بين السريرة والعلنية بحيث ل يفعل سر‬
‫اما لو ظهر لحتاج إلى العذر‪ ،‬ومن البين أن الخير ل يحتاج إلى العذر‪،‬‬
‫وإنما المحتاج إليه هو الشر‪ ،‬ففيه ردع عن تعلق السر بالشر مخالفا‬
‫للظاهر‪ ،‬وهذا كما قيل لبعضهم‪ :‬عليك بعمل العلنية‪ ،‬قال‪ :‬وما عمل‬
‫العلنية ؟ قال‪ :‬ما إذا اطلع الناس عليك لم تستحي منه‪ ،‬وهذا مأخوذ من‬
‫كلم أمير المؤمنين عليه السلم على ما ذكره صاحب العدة حيث يقول‬
‫عليه السلم‪ :‬إياك وما تعتذر منه فانه ل تعتذر من خير‪ ،‬وإياك وكل عمل‬
‫في السر تستحيي منه في العلنية‪ ،‬وإياك‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .40 :‬القيامة‪ 14 :‬و ‪ (3) .15‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪[*] .296‬‬

‫]‪[292‬‬

‫وكل عمل إذا ذكر لصاحبه أنكره )‪ - 16 .(1‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن‬
‫زياد‪ ،‬عن علي ابن أسباط‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫أنه قال‪ :‬البقاء على العمل أشد من العمل قال‪ :‬وما البقاء على العمل‪،‬‬
‫قال‪ :‬يصل الرجل بصلة وينفق نفقة ل وحده ل شريك له‪ ،‬فتكتب له سرا ثم‬
‫يذكرها فتمحى فتكتب له علنية ثم يذكرها فتمحى وتكتب له رياء )‪.(2‬‬
‫بيان‪ " :‬البقاء على العمل " أي حفظه ورعايته والشفقة عليه من‬
‫ضياعه‪ ،‬في النهاية يقال‪ :‬أبقيت عليه ابقي إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه‪،‬‬
‫والسم البقيا‪ ،‬وفي الصحاح أبقيت على فلن إذا رعيت عليه ورحمته‪،‬‬
‫قوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬يصل " هو بيان لترك البقاء ليعرف البقاء‬
‫فان الشياء تعرف باضدادها‪ " ،‬فتكتب " على بناء المجهول‪ ،‬والضمير‬
‫المستتر راجع إلى كل من الصلة والنفقة‪ ،‬وسرا وعلنية‪ ،‬ورياء كل منها‬
‫منصوب ومفعول ثان لتكتب‪ ،‬وقوله‪ " :‬فتمحى " على بناء المفعول من‬
‫باب الفعال‪ ،‬ويمكن أن يقرء على بناء المعلوم من باب الفتعال بقلب التاء‬
‫ميما‪ " .‬فتكتب له علنية " أي يصير ثوابه أخف وأقل " وتكتب له رياء‬
‫" أي يبطل ثوابه‪ ،‬بل يعاقب عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬كما يتحقق الرياء في أول العبادة‬
‫ووسطها كذلك يتحقق بعد الفراغ منها‪ ،‬فيجعل ما فعل ل خالصا في حكم ما‬
‫فعل لغيره فيبطلها كالولين عند علمائنا‪ ،‬بل يوجب الستحقاق للعقوبة‬
‫أيضا عند الجميع وقال الغزالي‪ ،‬ل يبطلها لن ما وقع صحيحا فهو صحيح‬
‫ل ينتقل من الصحة إلى‬

‫)‪ (1‬أخرجه الرضي رضوان ال عليه في نهج البلغة الرقم ‪ 33‬من قسم الكتب‬
‫والرسائل فيما كتبه إلى قثم بن العباس‪ " :‬وإياك وما يعتذر منه " والرقم‬
‫‪ 69‬فيما كتبه إلى الحارث الهمداني‪ :‬واحذر كل عمل يعمل به في السر‪،‬‬
‫ويستحيي منه في العلنية‪ ،‬واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره أو‬
‫اعتذر منه "‪ (2) .‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪[*] .296‬‬
‫]‪[293‬‬

‫الفساد‪ ،‬نعم الرياء بعده حرام يوجب استحقاق العقوبة‪ ،‬وقد مر بسط القول فيه‪17 .‬‬
‫‪ -‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن جعفر بن محمد الشعري‬
‫عن ابن القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬اخشوا ال خشية ليست بتعذير واعملوا ل في غير رياء ول‬
‫سمعة‪ ،‬فان من عمل لغير ال وكله ال إلى عمله )‪ .(1‬بيان‪ " :‬خشية‬
‫ليست بتعذير " أقول‪ :‬هذه الفقرة تحتمل وجوها‪ :‬الول‪ :‬ما ذكره المحدث‬
‫السترآبادي حيث قال‪ :‬إذا فعل أحد فعل من باب الخوف ولم يرض به‪،‬‬
‫فخشيته خشية تعذير وخشية كراهية‪ ،‬وإن رضي به فخشيته خشية رضي‬
‫وخشية محبة‪ .‬الثاني أن يكون التعذير بمعنى التقصير بحذف المضاف أي‬
‫ذات تعذير أي لم تكونوا مقصرين في الخشية‪ ،‬أو الباء للملبسة وبمعنى‬
‫مع‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬التعذير التقصير‪ ،‬ومنه حديث بني إسرائيل كانوا إذا‬
‫عمل فيهم بالمعاصي نهوهم تعذير أي قصروا فيه ولم يبالغوا‪ ،‬وضع‬
‫المصدر موضع اسم الفاعل حال كقولهم جاء مشيا ومنه حديث الدعاء‬
‫وتعاطي ما نهيت عنه تعذيرا‪ .‬الثالث ان يكون التعذير بمعنى التقصير أيضا‬
‫ويكون المعنى ل تكون خشيتكم بسبب التقصيرات الكبيرة‪ .‬بل يكون مع بذل‬
‫الجهد في العمال كما ورد في صفات المؤمن يعمل ويخشى‪ .‬الرابع أن‬
‫يكون المعنى تكون خشيتكم خشية واقعية ل إظهار خشية في مقام العتذار‬
‫إلى الناس‪ ،‬والعمل بخلف ما تقتضيه كما مر في قوله عليه السلم‪ " :‬ما‬
‫يصنع النسان أن يعتذر إلى الناس " الخ قال الجوهوي‪ :‬المعذر بالتشديد‬
‫هو المظهر للعذر من غير حقيقة له في العذر )‪ .(2‬الخامس ما ذكره بعض‬
‫مشايخنا أن المعنى اخشوا ال خشية ل تحتاجون معها في القيامة إلى‬
‫إبداء العذر وكأن الثالث أظهر الوجوه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .297‬نقله عن ابن عباس راجع ص ‪[*] .741‬‬

‫]‪[294‬‬

‫" وكله ال إلى عمله " أي يرد عمله إليه‪ ،‬فكأنه وكله إليه أو بحذف المضاف أي‬
‫مقصود عمله أو شريك عمله أي ليس له إل العناء والتعب كما مر‪- 18 .‬‬
‫كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن جميل بن دراج‪،‬‬
‫عن زرارة‪ ،‬عن أبى جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يعمل الشئ‬
‫من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ل بأس ما من أحد إل وهو يحب‬
‫أن يظهر له في الناس الخير‪ ،‬إذا لم يكن صنع ذلك لذلك )‪ .(1‬بيان‪ " :‬ما‬
‫من أحد " أي النسان مجبول على ذلك ل يمكنه دفع ذلك عن نفسه‪ ،‬فلو‬
‫كلف به لكان تكليفا بما ل يطاق " إذا لم يكن صنع ذلك لذلك " أي لم يكن‬
‫باعثه على أصل الفعل أو على إيقاعه على الوجه الخاص ظهوره في‬
‫الناس وقد ورد نظير ذلك من طريق العامة عن أبي ذر أنه قيل لرسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬أرايت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس‬
‫عليه‪ ،‬قال‪ :‬تلك عاجل بشرى المؤمن‪ ،‬يعني البشرى المعجلة له في الدنيا‬
‫والبشرى الخرى قوله سبحانه " بشريكم اليوم جنات تجري من تحتها‬
‫النهار " )‪ .(2‬قيل‪ :‬وهذا ينافي ما روي من طريقنا‪ :‬ما بلغ عبد حقيقة‬
‫الخلص حتى ل يحب أن يحمد على شئ من عمل ل وما روي من‬
‫طريقهم عن ابن جبير في سبب نزول قوله تعالى‪ " :‬فمن كان يرجو لقاء‬
‫ربه " )‪ (3‬إلى آخره وقد مر‪ .‬وقد جمع بينهما صاحب العدة ‪ -‬ره ‪ -‬بأنه إن‬
‫كان سروره باعتبار أنه تعالى أظهر جميله عليهم أو باعتبار أنه استدل‬
‫باظهار جميله في الدنيا على إظهار جميله في الخرة على رؤس الشهاد‪،‬‬
‫أو باعتبار أن الرائي قد يميل قلبه بذلك إلى طاعة ال تعالى أو باعتبار أنه‬
‫يسلب ذلك اعتقادهم بصفة ذميمة له‪ ،‬فليس ذلك السرور رياء وسمعة وإن‬
‫كان سروره باعتبار رفع المنزلة أو توقع التعظيم والتوقير بأنه عابد زاهد‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .297‬الحديد‪ (3) .12 :‬الكهف‪[*] .110 :‬‬

‫]‪[295‬‬

‫وتزكيتهم له‪ ،‬إلى غير ذلك من التدليسات النفسية والتلبيسات الشيطانية‪ ،‬فهو رياء‬
‫ناقل للعمل من كفة الحسنات إلى كفة السيئات انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يمكن أن‬
‫يكون ذلك باعتبار اختلف درجات الناس ومراتبهم فان تكليف مثل ذلك‬
‫بالنظر إلى أكثر الخلق تكليف بما ل يطاق‪ ،‬ول ريب في اختلف التكاليف‬
‫بالنسبة إلى اختلف أصناف الخلق‪ ،‬بحسب اختلف استعداداتهم‬
‫وقابلياتهم‪ - 19 .‬لى‪ :‬عن الفامي‪ ،‬عن محمد الحميري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫هارون‪ ،‬عن ابن زياد‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله سئل في ما النجاة غدا ؟ فقال‪ :‬إنما النجاه في أن ل‬
‫تخادعوا ال فيخدعكم‪ ،‬فانه من يخادع ال يخدعه ويخلع منه اليمان‪،‬‬
‫ونفسه يخدع لو يشعر‪ ،‬فقيل له‪ :‬وكيف يخادع ال ؟ قال‪ :‬يعمل بما أمر ال‬
‫به ثم يريد به غيره‪ ،‬فاتقوا ال واجتنبوا الرياء‪ ،‬فانه شرك بال إن المرائي‬
‫يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء‪ :‬يا كافر ! يا فاجر ! يا غادر ! يا خاسر !‬
‫حبط عملك‪ ،‬وبطل أجرك‪ ،‬ول خلق لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنت تعمل‬
‫له )‪ .(1‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن هارون ]مثله[ )‪ .(2‬ثو‪ :‬أبي‪،‬‬
‫عن الحميري‪ ،‬عن هارون ]مثله[ )‪ .(3‬شى‪ :‬عن ابن زياد مثله )‪- 20 .(4‬‬
‫ب‪ :‬هارون‪ ،‬عن ابن زياد‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم أن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إذا أتى الشيطان أحدكم وهو في صلته فقال‪ :‬إنك‬
‫مرائي فليطل صلته ما بدا له ما لم يفته وقت الفريضة‪ ،‬وإذا كان على شئ‬
‫من أمر‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .346‬معاني الخبار ص ‪ (3) .340‬ثواب العمال‪:‬‬


‫‪ (4) .228‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 282‬في آية النساء‪[*] .142 :‬‬

‫]‪[296‬‬

‫الخرة‪ ،‬فليتمكث ما بدا له‪ ،‬وإذا كان على شئ من أمر الدنيا فليبرح وإذا دعيتم إلى‬
‫العرسات فأبطؤوا فانها تذكر الدنيا‪ ،‬وإذا دعيتم إلى الجنائز فاسرعوا فانها‬
‫تذكر الخرة )‪ - 21 .(1‬ع‪ :‬عن العطار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن العمركي‪ ،‬عن علي‬
‫بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬يؤمر برجال إلى النار فيقول ال جل جلله لمالك‪ :‬قل‬
‫للنار ل تحرق لهم أقداما فقد كانوا يمشون إلى المساجد‪ ،‬ول تحرق لهم‬
‫وجها فقد كانوا يسبغون الوضوء‪ ،‬ول تحرق لهم أيديا فقد كانوا يرفعونها‬
‫بالدعاء‪ ،‬ول تحرق لهم ألسنا فقد كانوا يكثرون تلوة القرآن قال‪ :‬فيقول‬
‫لهم خازن النار‪ :‬يا أشقياء ! ما كان حالكم ؟ قالوا‪ :‬كنا نعمل لغير ال‬
‫عزوجل‪ ،‬فقيل لنا‪ :‬خذوا ثوابكم ممن عملتم له )‪ .(2‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫محمد العطار‪ ،‬عن العمركي مثله )‪ - 32 .(3‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن حماد عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫لقمان لبنه‪ :‬للمرائي ثلث علمات‪ :‬يكسل إذا كان وحده‪ ،‬وينشط إذا كان‬
‫الناس عنده‪ ،‬ويتعرض في كل أمر للمحمدة )‪ - 23 .(4‬ع‪ :‬عن ابن‬
‫المتوكل‪ ،‬عن السعد آبادي‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه عن الحسن بن علي بن‬
‫فضال‪ ،‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن يزيد بن خليفة قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬ما على أحدكم لو كان على قلة جبل حتى ينتهي إليه أجله أتريدون‬
‫تراؤون الناس ؟ إن من عمل للناس كان ثوابه على الناس‪ ،‬ومن عمل ل‬
‫كان ثوابه على ال‪ ،‬إن كل رياء شرك )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 42‬وفي ط ص ‪ (2) .57‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪(3) .151‬‬
‫ثواب العمال‪ (4) .201 :‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .60‬علل الشرايع ج ‪2‬‬
‫ص ‪[*] .247‬‬

‫]‪[297‬‬
‫‪ - 24‬فس‪ :‬عن جعفر بن أحمد‪ ،‬عن عبيدال بن موسى‪ ،‬عن ابن البطائني عن أبيه‪،‬‬
‫عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله عزوجل‪ " :‬فمن‬
‫كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا " )‪(1‬‬
‫قال‪ :‬هذا الشرك شرك رياء‪ - 25 .‬وفي رواية أبي الجارود‪ ،‬عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سئل رسول ال صلى ال عليه وآله عن تفسير قول ال‪:‬‬
‫" فمن كان يرجو لقاء ربه " الية فقال‪ :‬من صلى مرائاة الناس فهو‬
‫مشرك‪ ،‬ومن زكى مرائاة الناس فهو مشرك‪ ،‬ومن صام مرائاة الناس فهو‬
‫مشرك‪ ،‬ومن حج مرائاة الناس فهو مشرك‪ ،‬ومن عمل عمل مما أمر ال‬
‫به مرائاة الناس فهو مشرك‪ ،‬ول يقبل ال عمل مراء )‪ - 42 .(2‬مع )‪(3‬‬
‫لى‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم سئل أي عمل أنجح ؟ قال‪ :‬طلب ما‬
‫عند ال )‪ - 27 .(4‬مع )‪ (5‬لي‪ :‬النسائي‪ ،‬عن السدي‪ ،‬عن النخعي‪ ،‬عن‬
‫النوفلي عن محمد بن سنان‪ ،‬عن المفضل‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪:‬‬
‫الشتهار بالعبادة ريبة الخبر )‪ - 28 .(6‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن أبي‬
‫القاسم‪ ،‬عن الكوفي‪ ،‬عن المفضل بن صالح‪ ،‬عن محمد بن علي الحلبي‪،‬‬
‫عن زرارة وحمران‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬لو أن عبدا عمل‬
‫عمل يطلب به وجه ال عزوجل والدار الخرة‪ ،‬فادخل فيه رضى أحد من‬
‫الناس‪ ،‬كان مشركا‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .110 :‬تفسير القمي ص ‪ (3) .407‬معاني الخبار ص ‪(4) .198‬‬
‫أمالي الصدوق ص ‪ (5) .237‬معاني الخبار ص ‪ (6) .115‬أمالي‬
‫الصدوق ص ‪[*] .14‬‬

‫]‪[298‬‬

‫وقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من عمل للناس كان ثوابه على الناس‪ ،‬إن كل رياء‬
‫شرك‪ ،‬وقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬من عمل لي‬
‫ولغيري هو لمن عمل له )‪ .(1‬سن‪ :‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن المفضل بن‬
‫صالح مثله )‪ - 29 .(2‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬سيأتي على امتي زمان تخبث فيه سرائرهم‪ ،‬وتحسن فيه علنيتهم‬
‫طمعا في الدنيا‪ ،‬ل يريدون به ما عند ال عزوجل يكون أمرهم رياء ل‬
‫يخالطه خوف‪ ،‬يعمهم ال منه بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فل يستجاب‬
‫لهم )‪ - 30 .(3‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن هارون‪ ،‬عن ابن زياد‪،‬‬
‫عن الصادق عن أبيه عليهما السلم أن ال عزوجل أنزل كتابا من كتبه‬
‫على نبي من النبياء‪ ،‬وفيه أن‪ :‬يكون خلق من خلقي يلحسون الدنيا‬
‫بالدين‪ ،‬يلبسون مسوك الضأن على قلوب كقلوب الذئاب‪ ،‬أشد مرارة من‬
‫الصبر‪ ،‬وألسنتهم أحلى من العسل‪ ،‬وأعمالهم الباطنة أنتن من الجيف‪ ،‬فبي‬
‫يغترون ؟ أم إياي يخادعون ؟ أم علي يجترؤن فبعزتي حلفت لبعثن عليهم‬
‫فتنة تطأ في خطامها حتى تبلغ أطراف الرض تترك الحكيم منها حيرانا‬
‫يبطل فيها رأي ذي الرأي‪ ،‬وحكمة الحكيم‪ ،‬والبسهم شيعا واذيق بعضهم‬
‫بأس بعض‪ ،‬أنتقم من أعدائي بأعدائي‪ ،‬فل ابالي بما اعذبهم جميعا ول‬
‫ابالي )‪ - 31 .(4‬ف‪ :‬عن أبي محمد عليه السلم قال‪ :‬الشرك في الناس‬
‫أخفى من دبيب النمل‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (2) .217‬المحاسن‪ :‬ص ‪ (3) .122‬ثواب العمال‪) .226 :‬‬
‫‪ (4‬ثواب العمال ص ‪[*] .228‬‬

‫]‪[299‬‬

‫على المسح السود في الليلة المظلمة )‪ - 32 .(1‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يقول ال‬
‫عزوجل‪ :‬أنا خير شريك فمن عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له غيري )‬
‫‪ - 33 .(2‬سن‪ :‬عن بعض أصحابنا بلغ به أبا جعفر عليه السلم قال‪ :‬ما‬
‫بين الحق والباطل إل قلة العقل‪ :‬قيل‪ :‬وكيف ذلك يا ابن رسول ال ؟ قال‪:‬‬
‫إن العبد يعمل العمل الذي هو ل رضى‪ ،‬فيريد به غير ال‪ ،‬فلو أنه أخلص‬
‫ل لجاءه الذي يريد في أسرع من ذلك )‪ - 34 .(3‬سن‪ :‬عن جعفر بن محمد‬
‫الشعري‪ ،‬عن ابن القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عن أبيه عليهما السلم قال‪:‬‬
‫قال علي عليه السلم‪ :‬اخشوا ال خشية ليست بتعذير واعملوا ل في غير‬
‫رئاء‪ ،‬ول سمعة‪ ،‬فانه من عمل لغير ال وكله ال إلى عمله يوم القيامة )‬
‫‪ - 35 .(4‬سن‪ :‬عن عدة من أصحابنا‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن يحيى بن بشير‬
‫النبال عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من أراد ال بالقليل‬
‫من عمله أظهر ال له أكثر مما أراده به‪ ،‬من أراد الناس بالكثير من عمله‬
‫في تعب من بدنه وسهر في ليله‪ ،‬أبى ال إل أن يقلله في عين من سمعه )‬
‫‪ - 36 .(5‬ضا‪ :‬أروي عن العالم عليه السلم أنه قال‪ :‬يقول ال تبارك‬
‫وتعالى‪ :‬أنا خير شريك من أشرك معي غيري في عملي لم أقبل إل ما كان‬
‫لي خالصا‪ .‬ونروي أن ال عزوجل يقول‪ :‬أنا خير شريك ما شوركت في‬
‫شئ إل تركته‪ .‬ونروي في قول ال‪ " :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل‬
‫عمل صالحا ول‬

‫)‪ (1‬تحف العقول ص ‪ (2) .517‬المحاسن‪ (4 - 3) .252 :‬المحاسن‪(5) .254 :‬‬


‫المحاسن ص ‪[*] .255‬‬
‫]‪[300‬‬

‫يشرك بعبادة ربه أحدا " )‪ (1‬قال‪ :‬ليس من رجل يعمل شيئا من الثواب ل يطلب به‬
‫وجه ال إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس إل أشرك‬
‫بعبادة ربه في ذلك العمل فيبطله الرياء‪ ،‬وقد سماه ال الشرك‪ .‬ونروي من‬
‫عمل ل كان ثوابه على ال‪ ،‬ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس إن كل‬
‫رياء شرك‪ .‬ونروي ما من عبد أسر خيرا فتذهب اليام حتى يظهر ال له‬
‫خيرا‪ ،‬وما من عبد أسر شرا فتذهب اليام حتى يظهر ال له شرا‪- 37 .‬‬
‫مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬ل تراء بعملك من ل يحيي ول يميت‪ ،‬ول‬
‫يغني عنك شيئا‪ ،‬والرياء شجرة ل تثمر إل الشرك الخفي‪ ،‬وأصلها النفاق‬
‫يقال للمرائي عند الميزان‪ ،‬خذ ثوابك ممن عملت له ممن أشركته معي‪،‬‬
‫فانظر من تدعو‪ ،‬ومن ترجو‪ ،‬ومن تخاف ؟ واعلم أنك ل تقدر على إخفاء‬
‫شئ من باطنك عليه‪ ،‬وتصير مخدوعا قال ال عزوجل‪ " :‬يخادعون ال‬
‫والذين آمنوا وما يخدعون إل أنفسهم وما يشعرون " )‪ .(2‬وأكثر ما يقع‬
‫الرياء في النظر والكلم والكل والمشي والمجالسة واللباس والضحك‬
‫والصلة والحج والجهاد وقراءة القرآن وسائر العبادات الظاهرة‪ ،‬ومن‬
‫أخلص باطنه ل وخشع له بقلبه ورأى نفسه مقصرا بعد بذل كل مجهود‪،‬‬
‫وجد الشكر عليه حاصل فيكون ممن يرجى له الخلص من الرياء والنفاق‬
‫إذا استقام على ذلك على كل حال )‪ - 38 .(3‬سئل أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم عن عظيم الشقاق قال‪ :‬رجل ترك الدنيا للدنيا ففاتته الدنيا وخسر‬
‫الخرة‪ ،‬ورجل تعبد واجتهد وصام رئاء الناس‪ ،‬فذلك الذي حرم لذات‬
‫الدنيا‪ ،‬ولحقه التعب الذي لو كان به مخلصا لستحق ثوابه‪ ،‬فورد الخرة‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .110 :‬البقرة‪ (3) .10 :‬مصباح الشريعة ص ‪[*] .33‬‬

‫]‪[301‬‬

‫وهو يظن أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه‪ ،‬فيجده هباء منثورا‪ - 39 .‬سر‪ :‬عبد ال‬
‫بن بكير‪ ،‬عن عبيد قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬الرجل يدخل في‬
‫الصلة فيجود صلته‪ ،‬ويحسنها‪ ،‬رجاء أن يستجر بعض من يراه إلى هواه‬
‫قال‪ :‬ليس هو من الرياء‪ - 40 .‬شى‪ :‬عن العلء بن فضيل‪ :‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن تفسير هذه الية " من كان يرجو لقاء ربه‬
‫فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا " )‪ (1‬قال‪ :‬من صلى أو‬
‫صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله وهو شرك‬
‫مغفور )‪ - 41 .(2‬شى‪ :‬عن جراح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪" :‬‬
‫من كان يرجو ‪ -‬إلى ‪ -‬عبادة ربه أحدا " أنه ليس من رجل يعمل شيئا من‬
‫البر ول يطلب به وجه ال إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به‬
‫الناس فذاك الذي أشرك بعبادة ربه أحدا )‪ - 42 .(3‬شى‪ :‬عن علي بن‬
‫سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال ال تبارك وتعالى‪ :‬أنا خير‬
‫شريك‪ ،‬من أشرك بي في عمله لم أقبله إل ما كان لي خالصا‪ .‬وفي رواية‬
‫اخرى عنه عليه السلم قال‪ :‬إن ال يقول‪ :‬أنا خير شريك من عمل لي‬
‫ولغيري فهو لمن عمل له دوني )‪ - 43 .(4‬شى‪ :‬عن زرارة وحمران‪ ،‬عن‬
‫أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم قال‪ :‬لو أن عبدا عمل عمل يطلب‬
‫به وجه ال والدار الخرة‪ ،‬ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا )‬
‫‪ - 44 .(5‬ين‪ :‬عن الجوهري‪ ،‬عن البطائني‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫‪ -‬عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يجاء بعبد يوم القيامة قد صلى فيقول‪ :‬يا رب‬
‫صليت ابتغاء وجهك‪ ،‬فيقال له‪ :‬بل صليت ليقال ما أحسن صلة فلن ؟‬
‫اذهبوا به إلى النار‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (3 - 2) .110 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ 352‬وجراح هو المدائني كما‬


‫مر وسيأتي‪ (5 - 4) .‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .353‬‬

‫]‪[302‬‬

‫ويجاء بعبد قد تعلم القرآن فيقول‪ :‬يا رب تعلمت القرآن ابتغاء وجهك‪ ،‬فيقال له‪ :‬بل‬
‫تعلمت ليقال ما أحسن صوت فلن ؟ اذهبوا به إلى النار‪ ،‬ويجاء بعبد قد‬
‫قاتل فيقول‪ :‬يا رب قاتلت ابتغاء وجهك‪ ،‬فيقال له‪ :‬بل قاتلت ليقال ما أشجع‬
‫فلنا ؟ اذهبوا به إلى النار‪ ،‬ويجاء بعبد قد أنفق ماله فيقول‪ :‬يا رب أنفقت‬
‫مالي ابتغاء وجهك فيقال له‪ :‬بل أنفقته ليقال‪ :‬ما أسخى فلنا ؟ اذهبوا به‬
‫إلى النار‪ - 45 .‬ين‪ :‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن يزيد بن خليفة قال‪ :‬سمعت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬من عمل ل كان ثوابه على ال‪ ،‬ومن عمل‬
‫للناس كان ثوابه على الناس إن كل رياء شرك‪ - 46 .‬ين‪ :‬ابن أبي البلد‪،‬‬
‫عن سعد السكاف‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان في بني إسرائيل‬
‫عابد فأعجب به داود عليه السلم فأوحى ال تبارك وتعالى إليه‪ :‬ل يعجبنك‬
‫شئ من أمره‪ ،‬فانه مراء‪ .‬قال‪ :‬فمات الرجل فاتى داود عليه السلم فقيل‬
‫له‪ :‬مات الرجل‪ ،‬فقال‪ :‬ادفنوا صاحبكم قال‪ :‬فأنكرت ذلك بنو إسرائيل‬
‫وقالوا‪ :‬كيف لم يحضره‪ .‬قال‪ :‬فلما غسل قام خمسون رجل فشهدوا بال ما‬
‫يعلمون إل خيرا فلما صلوا عليه قام خمسون رجل فشهدوا بال ما يعلمون‬
‫إل خيرا فأوحى ال عزوجل إلى داود عليه السلم ما منعك أن تشهد فلنا‬
‫قال‪ :‬الذي اطلعتني عليه من أمره‪ ،‬قال‪ :‬إن كان لكذلك‪ ،‬ولكن شهده قوم‬
‫من الحبار والرهبان فشهدوا بي‪ :‬ما يعلمون إل خيرا فأجزت شهادتهم‬
‫عليه وغفرت له مع علمي فيه‪ - 47 .‬ين‪ :‬عن النضر‪ ،‬عن القاسم بن‬
‫سليمان‪ ،‬عن جراح المدائني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله تعالى‪:‬‬
‫" ول يشرك بعبادة ربه أحدا " قال‪ :‬هو العبد يعمل شيئا من الطاعات ل‬
‫يطلب به وجه ال إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به فهذا الذي‬
‫أشرك بعبادة ربه‪ ،‬وقال‪ :‬ما من عبد أسر خيرا فتذهب اليام حتى يظهر ال‬
‫له خيرا‪ ،‬وما من عبد أسر شرا فتذهب اليام حتى يظهر ال له شرا‪.‬‬

‫]‪[303‬‬

‫‪ - 48‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده عن موسى بن جعفر عليه السلم‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬قلنا يا رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫الرجل منا يصوم ويصلي فيأتيه الشيطان فيقول إنك مراء‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬فليقل أحدكم عند ذلك أعوذ بك أن اشرك بك شيئا وأنا‬
‫أعلم‪ ،‬وأستغفرك لما ل أعلم‪ - 49 .‬نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪:‬‬
‫واعملوا في غير رياء ول سمعة‪ ،‬فانه من يعمل لغير ال يكله ال إلى من‬
‫عمل له )‪ - 50 .(1‬منية المريد‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن‬
‫أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر‪ ،‬قالوا‪ :‬وما الشرك الصغر يا رسول‬
‫ال ؟ قال‪ :‬هو الرياء يقول ال تعالى يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم‪:‬‬
‫اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا‪ ،‬فانظروا هل تجدون عندهم‬
‫الجزاء ؟ وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬استعيذوا بال من جب الخزي قيل‪:‬‬
‫وما هو يارسول ال ؟ قال‪ :‬واد في جهنم اعد للمرائين‪ .‬وقال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬إن المرائي نيادي يوم القيامة‪ :‬يا فاجر ! يا غادر ! يا مرائي !‬
‫ضل عملك‪ ،‬وبطل أجرك‪ ،‬اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له‪ .‬وروى‬
‫جراح المدائني عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل " فمن‬
‫كان يرجو لقاء ربه " الية قال‪ :‬الرجل يعمل شيئا من الثواب ل يطلب به‬
‫وجه ال وإنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس‪ ،‬فهذا الذي‬
‫أشرك بعبادة ربه أحدا‪ .‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن الملك يصعد بعمل العبد مبتهجا به فإذا صعد بحسناته يقول ال‬
‫عزوجل‪ :‬اجعلوها في سجين إنه ليس إياى أراد به‪ .‬وعن أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ :‬ثلث علمات للمرائي‪ :‬ينشط إذا رأى الناس‪ ،‬ويكسل إذا كان‬
‫وحده‪ ،‬ويحب أن يحمد في جميع اموره‪.‬‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة الرقم ‪ 23‬من الخطب‪[*] .‬‬

‫]‪[304‬‬

‫‪ - 51‬عدة الداعي‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬يقول ال سبحانه‪ ،‬أنا خير‬
‫شريك من أشرك معي شريكا في عمله فهو لشريكي دوني‪ ،‬لني ل أقبل إل‬
‫ما أخلص لي‪ .‬وفي حديث آخر‪ :‬إني أغني الشركاء عن الشرك‪ ،‬فمن عمل‬
‫عمل ثم أشرك فيه غيري‪ ،‬فأنا منه برئ‪ ،‬وهو للذي أشرك فيه دوني‪ .‬وقال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬إن لكل حق حقيقة‪ ،‬وما بلغ عبد حقيقة‬
‫الخلص حتى ل يحب أن يحمد على شئ من عمل ل‪ .‬وقال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬يا باذر ! ل يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس أمثال الباعر‪ ،‬فل‬
‫يحفل بوجودهم‪ ،‬ول يغيره ذلك كما ل يغيره وجود بعير عنده‪ ،‬ثم يرجع هو‬
‫إلى نفسه فيكون أعظم حاقر لها‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬وقد سئل فيم‬
‫النجاة ؟ قال‪ :‬أن ل يعمل العبد بطاعة ال يريد بها الناس‪ .‬وقال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬إن ال تعالى ل يقبل عمل فيه مثقال ذرة من رئاء‪ .‬وقال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر قالوا‪ :‬وما الشرك‬
‫الصغر يارسول ال ؟ قال‪ :‬الرئاء يقول ال عزوجل إذا جازى العباد‬
‫بأعمالهم‪ :‬اذهبوا إلى الذي كنتم تراؤن في الدنيا‪ ،‬هل تجدون ثواب‬
‫أعمالكم‪ .‬وروي أن رجل من بني إسرائيل قال‪ :‬لعبدن ال عبادة اذكر بها‪،‬‬
‫فمكث مدة مبالغا في الطاعات‪ ،‬وجعل ل يمر بمل من الناس إل قالوا‪:‬‬
‫متصنع مراء فأقبل على نفسه وقال‪ :‬قد أتعبت نفسك‪ ،‬وضيعت عمرك في‬
‫ل شئ‪ ،‬فينبغي أن تعمل ل سبحانه‪ ،‬فغير نيته‪ ،‬وأخلص عمله ل‪ ،‬فجعل ل‬
‫يمر بمل من الناس إل قالوا‪ :‬ورع تقي‪ .‬وقال رسول صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫من آثر محامد ال على محامد الناس كفاه ال‬

‫]‪[305‬‬

‫مؤنة الناس‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أصلح أمر آخرته أصلح ال أمر دنياه‪،‬‬
‫ومن أصلح ما بينه وبين ال أصلح ال ما بينه وبين الناس )‪- 53 .(1‬‬
‫أسرار الصلة‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن الجنة تكلمت وقالت‪:‬‬
‫إني حرام على كل بخيل ومراء‪ .‬وعنه صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن النار‬
‫وأهلها يعجون من أهل الرئاء فقيل‪ :‬يا رسول ال كيف تعج النار ؟ قال‪:‬‬
‫من حر النار التي يعذبون بها‪ .‬وعنه صلى ال عليه وآله‪ :‬إن أول من‬
‫يدعي يوم القيامة رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل ال‪ ،‬ورجل كثير‬
‫المال‪ ،‬فيقول ال عزوجل للقاري‪ :‬ألم اعلمك ما أنزلت على رسولي ؟‬
‫فيقول‪ :‬بلى يا رب فيقول‪ :‬ما عملت فيما عملت فيقول‪ :‬يا رب قمت في آناء‬
‫الليل وأطراف النهار‪ ،‬فيقول ال‪ :‬كذبت وتقول الملئكة‪ :‬كذبت‪ ،‬ويقول ال‬
‫تعالى‪ :‬إنما أردت أن يقال‪ :‬فلن قارئ‪ ،‬فقد قيل ذلك‪ .‬ويؤتى بصاحب المال‬
‫فيقول ال تعالى‪ :‬ألم اوسع عليك المال حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟‬
‫فيقول‪ :‬بلى يا رب فيقول‪ :‬فما عملت بما آتيتك ؟ قال‪ :‬كنت أصل الرحم‬
‫وأتصدق فيقول ال‪ :‬كذبت‪ ،‬وتقول الملئكة‪ :‬كذبت‪ ،‬ويقول ال سبحانه‪ :‬بل‬
‫أردت أن يقال‪ :‬فلن جواد‪ ،‬وقد قيل ذلك‪ ،‬ويؤتى بالذي قتل في سبيل ال‬
‫فيقول ال‪ :‬ما فعلت ؟ فيقول‪ :‬أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت‪،‬‬
‫فيقول ال‪ :‬كذبت‪ ،‬وتقول الملئكة‪ :‬كذبت ]ويقول ال سبحانه[ بل أدرت أن‬
‫يقال‪ :‬فلن شجاع جرئ فقد قيل ذلك‪ ،‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬اولئك خلق ال تسعر بهم نار جهنم‪.‬‬

‫)‪ (1‬عدة الداعي ص ‪[*] .156‬‬

‫]‪[306‬‬

‫)‪) * (117‬باب( * * " )استكثار الطاعة والعجب بالعمال( " * اليات‪ :‬النساء‪:‬‬
‫ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل ال يزكى من يشاء ول يظلمون فتيل )‬
‫‪ .(1‬النجم‪ :‬هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الرض وإذ أنتم أجنة في بطون‬
‫امهاتكم فل تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )‪ - 1 .(2‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي بن أسباط عن رجل من‬
‫أصحابنا من أهل خراسان من ولد إبراهيم بن يسار يرفعه عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب‪ ،‬ولول ذلك‬
‫لما ابتلى مؤمن بذنب أبدا )‪ .(3‬بيان‪ :‬العجب استعظام العمل الصالح‬
‫واستكثاره‪ ،‬والبتهاج له‪ ،‬والدلل به وأن يرى نفسه خارجا عن حد‬
‫التقصير وأما السرور به مع التواضع له تعالى والشكر له على التوفيق‬
‫لذلك‪ ،‬وطلب الستزادة منه‪ ،‬فهو حسن ممدوح‪ .‬قال الشيخ البهائي قدس‬
‫ال روحه‪ :‬ل ريب أن من عمل أعمال صالحة من صيام اليام‪ ،‬وقيام‬
‫الليالي‪ ،‬وأمثال ذلك‪ ،‬يحصل لنفسه ابتهاج‪ ،‬فان كان من حيث كونها عطية‬
‫من ال له‪ ،‬ونعمة منه تعالى عليه‪ ،‬وكان مع ذلك خائفا من نقصها شفيقا‬
‫من زوالها‪ ،‬طالبا من ال الزدياد منها‪ ،‬لم يكن ذلك البتهاج عجبا وإن كان‬
‫من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه‪ ،‬فاستعظمها وركن إليها‬
‫ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير‪ ،‬وصار كأنه يمن على ال سبحانه‬
‫بسببها‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .49 :‬النجم‪ (3) .32 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .313‬‬

‫]‪[307‬‬

‫فذلك هو العجب انتهى‪ .‬والخبر يدل على أن العجب أشد من الذنب‪ ،‬أي من ذنوب‬
‫الجوارح‪ ،‬فان العجب ذنب القلب‪ ،‬وذلك أن الذنب يزول بالتوبة‪ ،‬ويكفر‬
‫بالطاعات‪ ،‬والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها‪ ،‬ويفسد الطاعات ويهبطها‬
‫عن درجة القبول‪ ،‬وللعجب آفات كثيرة‪ ،‬فانه يدعو إلى الكبر كما عرفت‪،‬‬
‫ومفاسد الكبر ما عرفت بعضها وأيضا العجب يدعو إلى نيسان الذنوب‪،‬‬
‫وإهمالها‪ ،‬فبعض ذنوبه ل يذكرها‪ ،‬ول يتفقدها لظنه أنه مستغن عن تفقدها‬
‫فينساها‪ ،‬وما يتذكر منها فيستصغرها‪ ،‬فل يجتهد في تداركها‪ ،‬وأما‬
‫العبادات والعمال فانه يستعظمها ويتبجح بها‪ ،‬ويمن على ال بفعلها‪،‬‬
‫وينسى نعمة ال عليه‪ ،‬بالتوفيق والتمكين منها‪ .‬ثم إذا أعجب بها عمي‬
‫عن آفاتها‪ ،‬ومن لم يتفقد آفات العمال كان أكثر سعيه ضائعا فان العمال‬
‫الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب‪ ،‬قلما ينفع وإنما يتفقد من‬
‫يغلب عنه الشفاق والخوف‪ ،‬دون العجب‪ ،‬والمعجب يغتر بنفسه وبربه‪،‬‬
‫ويأمن مكر ال وعذابه‪ ،‬ويظن أنه عند ال بمكان‪ ،‬وأن له على ال منة‪،‬‬
‫وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه‪ ،‬وعطية من عطاياه‪ ،‬ثم إن إعجابه‬
‫بنفسه ورأيه وعمله وعقله‪ ،‬يمنعه من الستفادة والستشارة والسؤال‪،‬‬
‫فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه‪ ،‬وربما يعجب بالرأي الخطاء الذي‬
‫خطر له فيصر عليه وآفات العجب أكثر من أن تحصى‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن محمد‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن نضر ابن قرواش‪،‬‬
‫عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أتى عالم عابدا‬
‫فقال له‪ :‬كيف صلتك ؟ فقال‪ :‬مثلي يسأل عن عبادته ؟ وأنا أ عبد ال منذ‬
‫كذا وكذا فقال‪ :‬كيف بكاؤك ؟ قال‪ :‬أبكي حتى تجري دموعي‪ ،‬فقال له‬
‫العالم‪ :‬فان ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل‪ ،‬وإن المدل ل‬
‫يصعد من عمله شئ )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .313‬‬

‫]‪[308‬‬

‫بيان‪ :‬القرواش بالكسر ]الطفيلي أو عظيم الرأس‪ ،‬والمدل على بناء الفاعل من‬
‫الفعال المنبسط المسرور الذي ل خوف له من التقصير في العمل‪ ،‬في‬
‫النهاية‪ :‬فيه‪ :‬يمشي على الصراط[ )‪ (1‬مدل‪ :‬أي منبسطا ل خوف عليه‪،‬‬
‫وهو من ال دلل والدالة على من لك عنده منزلة وفي القاموس‪ :‬دل‬
‫المرءة ودللها تدللها على زوجها تريه ]جرأة في تغنج وتشكل كأنها‬
‫تخالفه وما بها خلف‪ ،‬وأدل عليه انبسط كتدلل وأوثق بمحبته فأفرط عليه‪،‬‬
‫والدالة ما تدل به على حميمك[ )‪ (2‬انتهى‪ .‬والضحك مع الخوف هو‬
‫الضحك الظاهري مع الخوف القلبي كما مر في صفات المؤمن‪ :‬بشره في‬
‫وجهه‪ ،‬وحزنه في قلبه‪ ،‬والحاصل أن المدار على القلب ول يصلح المرء‬
‫إل باصلح قلبه‪ ،‬وإخراج العجب والكبر والرياء منه‪ ،‬وتذليله بالخوف‬
‫والخشية والتفكر في أهوال الخرة وشرائط العمال‪ ،‬وكثرة نعم ال عليه‬
‫وأمثال ذلك‪ ،‬ويدل الخبر على أن العالم أفضل من العابد‪ ،‬وأن العبادة بدون‬
‫العلم الحقيقي ل تنفع‪ .‬قال بعض المحققين‪ :‬اعلم أن العجب إنما يكون‬
‫بوصف هو كمال ل محالة وللعالم بكمال نفسه في علم وعمل ومال وغيره‬
‫حالتان‪ :‬أحداهما أن يكون خائفا على زواله مشفقا على تكدره أو سلبه من‬
‫أصله‪ ،‬فهذا ليس بمعجب والخرى أن ل يكون خائفا من زواله‪ ،‬لكن يكون‬
‫فرحا من حيث إنه نعمة من ال تعالى عليه‪ ،‬ل من حيث إضافته إلى نفسه‪،‬‬
‫وهذا أيضا ليس بمعجب‪ ،‬وله حالة ثالثة هي العجب‪ ،‬وهو أن يكون غير‬
‫خائف عليه‪ ،‬بل يكون فرحا به مطمئنا إليه ويكون فرحه من حيث إنه كمال‬
‫ونعمة ورفعة وخير‪ ،‬ل من حيث إنه عطية من ال تعالى ونعمة منه‪،‬‬
‫فيكون فرحه به من حيث إنه صفته ومنسوب إليه بأنه له‪ ،‬ل من حيث إنه‬
‫منسوب إلى ال بأنه منه‪ ،‬فمهما غلب على قلبه أنه نعمة من ال مهما‬
‫شاء سلبها زال العجب بذلك عن نفسه‪ .‬فإذا العجب هو إعظام النعمة‬
‫والركون إليها‪ ،،‬مع نسيان إضافتها إلى المنعم‬

‫)‪ (2 - 1‬ما بين العلمتين أضفناه من شرح الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .301‬‬

‫]‪[309‬‬

‫فان انضاف إلى ذلك أن غلب على نفسه أن له عند ال حقا وأنه منه بمكان حتى‬
‫توقع بعلمه كرامة له في الدنيا واستبعد أن يجري عليه مكروه استبعادا‬
‫يزيد على استبعاده فيما يجري على الفساق سمي هذا إدلل بالعمل فكأنه‬
‫يرى لنفسه على ال دالة‪ .‬وكذلك قد يعطي غيره شيئا فيستعظمه ويمن‬
‫عليه فيكون معجبا فان استخدمه أو اقترح عليه القتراحات أو استبعد‬
‫تخلفه عن قضاء حقوقه كان مدل عليه قال قتادة في قوله تعالى‪ " :‬ول‬
‫تمنن تستكثر )‪ " (1‬أي ل تدل بعملك وفي الخبر أن صلة المدل ل ترتفع‬
‫فوق رأسه " ولن تضحك وأنت معترف بذنبك خير من أن تبكي وأنت تدل‬
‫بعملك والدلل وراء العجب فل مدل إل وهو معجب‪ ،‬ورب معجب ل يدل إذ‬
‫العجب يحصل بالستعظام ونسيان النعمة‪ ،‬دون توقع جزاء عليه‪ ،‬والدلل‬
‫ل يتم إل مع توقع جزاء‪ ،‬فان توقع إجابة دعوته واستنكر ردها بباطنه‬
‫وتعجب كان مدل بعمله‪ ،‬فانه ل يتعجب من رد دعاء الفساق‪ ،‬ويتعجب من‬
‫رد دعاء نفسه لذلك‪ ،‬فهذا هو العجب والدلل‪ ،‬وهو من مقدمات الكبر‬
‫وأسبابه‪ - 3 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن سعيد بن جناح‪ ،‬عن أخيه أبي‬
‫عامر‪ ،‬عن رجل عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من دخله العجب هلك )‬
‫‪ .(2‬بيان‪ :‬المراد بالهلك استحقاق العقاب‪ ،‬والبعد من رحمة ال تعالى‪،‬‬
‫وقيل العجب يدخل النسان بالعبادة وتركه الذنوب‪ ،‬والصورة والنسب‬
‫والفعال العادية مثل الحسان إلى الغير‪ ،‬وغيره‪ ،‬وهو من أعظم المهلكات‬
‫وأشد الحجب بين القلب والرب‪ ،‬ويتضمن الشرك بال وسلب الحسان‬
‫والفضال والتوفيق عنه تعالى‪ ،‬وادعاء الستقلل لنفسه‪ ،‬ويبطل به‬
‫العمال والحسان وأجرهما كما قال تعالى‪ " :‬ول‬

‫)‪ (1‬المدثر‪ (2) .6 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .313‬‬

‫]‪[310‬‬

‫تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى " )‪ (1‬وليس المن بالعطاء وأذى الفقير باظهار‬
‫الفضل والتعيير عليه‪ ،‬إل من عجبه بعطيته وعماه عن منة ربه وتوفيقه‪.‬‬
‫‪ - 4‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن أسباط‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫عمر الحلل‪ ،‬عن علي بن سويد‪ ،‬عن أبي الحسن عليه السلم قال‪ :‬سألته‬
‫عن العجب الذي يفسد العمل فقال‪ :‬العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء‬
‫عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا ومنها أن يؤمن العبد‬
‫بربه فيمن على ال عزوجل ول عليه فيه المن )‪ .(2‬بيان‪ " :‬العجب‬
‫درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا " إشارة إلى قوله‬
‫تعالى‪ " :‬أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا )‪ " (3‬فيعجبه ويحسب أنه‬
‫يحسن صنعا " إشارة إلى قوله تعالى‪ " :‬قل هل ننبئكم بالخسرين أعمال‬
‫الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " )‬
‫‪ (4‬وأكثر الجهلة على هذه الصفة‪ ،‬فانهم يفعلون أعمال قبيحة عقل ونقل‬
‫ويواظبون عليها حتى تصير تلك العمال بتسويل أنفسهم وتزيين قرينهم‬
‫من صفات الكمال عندهم فيذكرونها ويتفاخرون بها‪ ،‬ويقولون‪ :‬إنا فعلنا‬
‫كذا وكذا إعجابا بشأنهم وإظهارا لكمالهم‪ " .‬ومنها أن يؤمن العبد بربه‬
‫فيمن على ال ول عليه فيه المن " إشارة إلى قوله تعالى‪ " :‬يمنون عليك‬
‫أن أسلموا قل ل تمنوا علي إسلمكم بل ال يمن عليكم إن هديكم لليمان‬
‫إن كنتم صادقين " )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .264 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .313‬فاطر‪ (4) .8 :‬الكهف‪- 103 :‬‬
‫‪ (5) .104‬الحجرات‪[*] .17 :‬‬

‫]‪[311‬‬

‫‪ - 5‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد الرحمن بن الحجاج‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬إن الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ويعمل‬
‫العمل فيسره ذلك‪ ،‬فيتراخى عن حاله تلك‪ ،‬فلن يكون على حاله تلك خير‬
‫له مما دخل فيه )‪ .(1‬بيان‪ " :‬فيندم عليه " ندامته مقام عجز واعتراف‬
‫بالتقصير وهو مقام التائبين وهو محبوب ل تعالى في تلك الحالة لنه قال‬
‫سبحانه‪ " :‬إن ال يحب التوابين " )‪ " (2‬ويعمل العمل فيسره ذلك "‬
‫المراد بالسرور هنا ال دلل بالعمل‪ ،‬واستعظامه وإخراج نفسه عن حد‬
‫التقصير كما مر " فيتراخى عن حاله تلك " أي تصير حاله بسبب هذا‬
‫السرور والعجب أدون وأخص من حاله وقت الندامة‪ ،‬مع كونها مقرونة‬
‫بالمعصية في القاموس تراخى تقاعس أي تأخر وراخاه باعده‪ ،‬وتراخى‬
‫السماء أبطأ المطر‪ ،‬ويدل على أن العجب يبطل فضل العمال السابقة‪" .‬‬
‫فلن يكون على حاله تلك خير مما دخل فيه " ضمير " دخل " راجع إلى‬
‫الرجل‪ ،‬وضمير " فيه " إلى الموصول‪ ،‬ويحتمل العكس والفاء للتفريع "‬
‫وخير " خبر لن يكون‪ ،‬أي يكون على حالة الندامة مع كونها مقرونة‬
‫بالذنب خير مما دخل فيه من العجب وإن كان مقرونا بالحسنة‪ ،‬أو ذلك‬
‫الذنب لكونه مقرونا بالندامة أفضل من تلك الحسنة المقرونة بالعجب‪ ،‬أو‬
‫هاتان الحالتان معا خير من تينك الحالتين‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن أحمد بن أبي داود‪ ،‬عن بعض أصحابنا عن‬
‫أحدهما عليهما السلم قال‪ :‬دخل رجلن المسجد أحدهما عابد والخر‬
‫فاسق‪ ،‬فخرجا من المسجد والفاسق صديق والعابد فاسق‪ ،‬وذلك أنه يدخل‬
‫العابد المسجد مدل بعبادته يدل بها فتكون فكرته في ذلك وتكون فكرة‬
‫الفاسق في التندم على فسقه‪ ،‬ويستغفر ال مما صنع من الذنوب )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .313‬البقرة‪ (3) .222 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .314‬‬

‫]‪[312‬‬

‫بيان‪ " :‬والفاسق صديق " أي مؤمن صادق في إيمانه كثير الصدق والتصديق‬
‫قول وفعل‪ ،‬قال الراغب‪ :‬الصديق من كثر منه الصدق وقيل‪ :‬بل يقال ذلك‬
‫لمن لم يكذب قط‪ ،‬وقيل‪ :‬بل لمن ل يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق وقيل‪:‬‬
‫بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله )‪ - 7 .(1‬كا‪ :‬عن علي‬
‫بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن عبد الرحمن ابن‬
‫الحجاج قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬الرجل يعمل العمل وهو خائف‬
‫مشفق ثم يعمل شيئا من البر فيدخله شبه العجب به‪ ،‬فقال‪ :‬هو في حاله‬
‫الولى وهو خائف أحسن حال منه في حال عجبه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬يعمل العمل‬
‫" أي معصية أو مكروها أو لغوا وحمله على الطاعة بأن يكون خوفه‬
‫للتقصير في الشرائط كما قيل بعيد لقلة فائدة الخبر حينئذ وإنما قال‪" :‬‬
‫شبه العجب " لبيان أنه يدخله قليل من العجب يخرج به عن الخوف‬
‫السابق‪ ،‬فأشار في الجواب إلى أن هذا أيضا عجب‪ - 8 .‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى بن عبيد‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن بعض أصحابه‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫بينما موسى عليه السلم جالسا إذ أقبل عليه إبليس وعليه برنس ذو ألوان‬
‫فلما دنا من موسى خلع البرنس وقام إلى موسى فسلم عليه‪ ،‬فقال له‬
‫موسى‪ :‬من أنت ؟ فقال‪ :‬أنا إبليس‪ ،‬قال‪ :‬أنت فل قرب ال دارك قال‪ :‬إني‬
‫إنما جئت لسلم عليك لمكانك من ال قال‪ :‬فقال له موسى‪ :‬فما هذا‬
‫البرنس ؟ قال‪ :‬به أختطف قلوب بني آدم‪ ،‬فقال موسى‪ :‬فأخبرني بالذنب‬
‫الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه ؟ قال‪ :‬إذا أعجبته نفسه‪ ،‬واستكثر‬
‫عمله‪ ،‬وصغر في عينيه ذنبه‪ .‬وقال‪ :‬قال ال تعالى لداود عليه السلم‪ :‬يا‬
‫داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين قال‪ :‬كيف ابشر المذنبين وانذر‬
‫الصديقين ؟ قال‪ :‬يا داود بشر المذنبين أني‬

‫)‪ (1‬مفردات غريب القرآن ‪ (2) .277‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .314‬‬

‫]‪[313‬‬

‫أقبل التوبة‪ ،‬وأعفو عن الذنب‪ ،‬وأنذر الصديقين أل يعجبوا باعمالهم‪ ،‬فانه ليس عبد‬
‫أنصبه للحساب إل هلك )‪ .(1‬بيان‪ :‬البرنس بالضم وفي النهاية هو كل ثوب‬
‫رأسه ملتزق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬هو‬
‫قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر السلم‪ ،‬وهو من البرس‬
‫بكسر الباء القطن‪ ،‬والنون زائدة‪ ،‬وقيل‪ :‬أنه غير عربي‪ " ،‬قال أنت " أي‬
‫أنت إبليس‪ ،‬وقيل‪ :‬خبر مبتدأ محذوف أي المسلم أنت وعلى التقديرين‬
‫استفهام تعجبي‪ " .‬فل قرب ال دارك " أي لقربك ال منا أو من أحد‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أي حيرك ال‪ ،‬وقيل‪ :‬ل تكون دارك قريبة من المعمورة كناية عن‬
‫تخريب داره " إنما جئت لسلم عليك " أي لم أجئ لضللك فتبعدني‪ ،‬لنه‬
‫لطمع لي فيك لقربك من ال‪ ،‬أو سلمي عليك للمنزلة التي لك عند ال‪" .‬‬
‫به أختطف " يقال‪ :‬خطفه من باب علم وضرب واختطفه إذا استلبه وأخذه‬
‫بسرعة‪ ،‬وكأن اللوان في البرنس كانت صورة شهوات الدنيا وزينتها أو‬
‫الديان المختلفة والراء المبتدعة أو العم‪ ،‬واستحواذ الشيطان على العبد‬
‫غلبته عليه واستمالته إلى ما يريده منه‪ " .‬أن ل يعجبوا " قيل‪ :‬أن ناصبة‬
‫ول نافية أو أن مفسرة ول ناهية‪ ،‬ويعجبوا من باب الفعال على بناء‬
‫المجهول أو على بناء المعلوم‪ ،‬نحو أغد البعير‪ ،‬وأقول‪ :‬الول أظهر‪" .‬‬
‫أنصبه " ]كأضربه‪ :‬أي اقيمه‪ ،‬وكونه على بناء الفعال بمعنى التعاب‬
‫بعيد‪ " ،‬ال هلك " أي استحق العذاب‪ ،‬إذ جميع الطاعات ل تفي بشكر نعمة‬
‫واحدة من نعمه سبحانه‪ ،‬ومع قطع النظر عن المناقشة في شرائط العبادة‬
‫في غالب الناس المقاصة بالمعاصي[ )‪.(2‬‬
‫)‪ (1‬الكافي‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .314‬تتمة البيان أضفناه من شرح الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ ،302‬ونسخة الكمباني هناك سقيم جدا‪[*] .‬‬

‫]‪[314‬‬

‫‪ .....:9‬لول ذلك ما ابتلى ال مؤمنا بذنب )‪ - 10 .(1‬لي‪ :‬عن الصادق عليه السلم‬
‫إن كان الممر على الصراط فالعجب لماذا )‪ - 11 .(2‬لي‪ :‬في مناهى النبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬ل تحقروا شيئا من الشر وإن صغر في أعينكم‪ ،‬ول‬
‫تستكثروا الخير وإن كثر في أعينكم‪ ،‬فانه ل كبير مع الستغفار ول صغير‬
‫مع الصرار )‪ - 12 .(3‬لي‪ :‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬من دخله العجب هلك )‪ - 13 .(4‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن‬
‫الصفار‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن هارون بن الجهم‪ ،‬عن ثوير بن أبي‬
‫فاختة‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن سعد بن طريف‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ثلث موبقات‪ :‬شح مطاع‪ ،‬وهوى متبع‪ ،‬وإعجاب المرء بنفسه )‪.(5‬‬
‫وفي خبر آخر عن النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬ثلث مهلكات وذكر مثله‬
‫وكذا في وصية النبي صلى ال عليه وآله إلى علي عليه السلم )‪- 14 .(6‬‬
‫ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن محمد بن عبد الحميد‪ ،‬عن عامر بن رياح‪،‬‬
‫عن عمرو بن الوليد‪ ،‬عن سعد السكاف‪ ،‬عن ابي جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫ثلث هن قاصمات الظهر‪ :‬رجل استكثر عمله‪ ،‬ونسى ذنوبه‪ ،‬وأعجب برأيه‬
‫)‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬كذا‪ ،‬وهذا ذيل حديث مر مثله عن الكافي الرقم ‪ (2) .1‬أمالي الصدوق ص ‪) .6‬‬
‫‪ (3‬أمالي الصدوق ص ‪ (4) .260‬أمالي الصدوق ص ‪ (5) .268‬الخصال‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .41‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ ،42‬في حديثين‪ (7) .‬الخصال ج ‪1‬‬
‫ص ‪[*] .55‬‬

‫]‪[315‬‬

‫مع‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن محمد بن عبد الحميد مثله )‪ - 15 .(1‬ل‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن‬
‫الحجاج‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال إبليس لعنه ال لجنوده‪ :‬إذا‬
‫استمكنت من ابن آدم في ثلث لم ابال ما عمل فانه غير مقبول منه‪ ،‬إذا‬
‫استكثر عمله‪ ،‬ونسى ذنبه‪ ،‬ودخله العجب )‪ - 16 .(2‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال أمير المؤمنين عليه السلم في وصيته لبنه محمد بن الحنفية‪ :‬إياك‬
‫والعجب‪ ،‬وسوء الخلق‪ ،‬وقلة الصبر‪ ،‬فانه ل يستقيم لك على هذه الخصال‬
‫الثلث صاحب‪ ،‬ول يزال لك عليها من الناس مجانب‪ ،‬الخبر )‪ - 17 .(3‬ل‪:‬‬
‫عن ابن نباتة‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬العجب هلك‪ ،‬والصبر‬
‫ملك )‪ - 18 .(4‬ما‪ :‬في وصية أمير المؤمنين عليه السلم إلى الحسن‬
‫عليه السلم‪ :‬ل وحدة ول وحشة أوحش من العجب‪ - 19 .‬ع‪ :‬قال‪ :‬عن‬
‫الصادق عليه السلم ل جهل أضر من العجب )‪ .(5‬أقول‪ :‬قد مضى بعض‬
‫الخبار في باب جوامع المكارم )‪ - 20 .(6‬ع‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن رجل من أصحابنا رفعه‬
‫إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬علم ال عزوجل‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .343‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .55‬الخصال ج ‪ 1‬ص‬


‫‪ (4) .72‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .94‬علل الشرائع ج " ص ‪(6) .246‬‬
‫راجع ج ‪ 69‬ص ‪[*] .414 - 332‬‬

‫]‪[316‬‬

‫أن الذنب خير للمؤمن من العجب‪ ،‬ولول ذلك ما ابتله بذنب أبدا )‪ - 21 .(1‬ع‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أحمد بن محمد رفعه قال‪ :‬قال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬يدخل رجلن المسجد أحدهما عابد والخر فاسق‬
‫فيخرجان من المسجد والفاسق صديق والعابد فاسق‪ ،‬وذلك أنه يدخل العابد‬
‫المسجد وهو مدل بعبادته ويكون فكره في ذلك ويكون فكرة الفاسق في‬
‫التندم على فسقه فيستغفر ال من ذنوبه )‪ - 22 .(2‬مع‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الوشا‪ ،‬عن علي بن ميسرة قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬إياكم أن تكونوا منانين‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداك وكيف ذلك ؟‬
‫قال‪ :‬يمشي أحدكم ثم يستلقي ويرفع رجليه على الميل‪ ،‬ثم يقول‪ :‬اللهم إني‬
‫إنما أردت وجهك )‪ - 23 .(3‬مع‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪،‬‬
‫عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من ل يعرف‬
‫لحد الفضل فهو المعجب برأيه )‪ - 24 .(4‬الدرة الباهرة‪ :‬قال أبو الحسن‬
‫الثالث عليه السلم‪ :‬من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه‪ - 25 .‬نهج‪:‬‬
‫قال عليه السلم‪ :‬سيئة تسوءك خير عند ال من حسنة تعجبك )‪ .(5‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬أوحش الوحشة العجب )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬العجاب‬
‫يمنع من الزدياد )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .266‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .43‬معاني‬
‫الخبار ص ‪ ،140‬وقوله‪ " :‬يمشي أحدكم " أي يمشي في قضاء حوائج‬
‫الخوان وسائر وجوه البر والخير‪ (4) .‬معاني الخبار ص ‪(5) .244‬‬
‫نهج البلغة الرقم ‪ 46‬من الحكم‪ (6) .‬نهج البلغة الرقم ‪ 38‬من الحكم‪) .‬‬
‫‪ (7‬نهج البلغة الرقم ‪ 184‬من الحكم‪[*] .‬‬

‫]‪[317‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله )‪ - 26 .(1‬مع‪ :‬ابن الوليد‪،‬‬
‫عن الصفار‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن ابن أسباط عن أحمد بن عمر‬
‫الحلل‪ ،‬عن علي بن سويد المدايني‪ ،‬عن أبي الحسن موسى عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن العجب الذي يفسد العمل‪ ،‬فقال‪ :‬العجب درجات منها أن‬
‫يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا‪ ،‬فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا‪،‬‬
‫ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على ال تبارك وتعالى‪ ،‬ول تعالى عليه‬
‫فيه المن )‪ - 27 .(2‬ثو‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سنان‪ ،‬عن أبي العلء‪ ،‬عن أبي خالد الصيقل‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال عزوجل فوض المر إلى ملك من الملئكة فخلق سبع سماوات‬
‫وسبع أرضين وأشياء‪ ،‬فلما رأى الشياء قد انقادت له قال‪ :‬من مثلي‬
‫فأرسل ال عزوجل نويرة من نار‪ ،‬قلت‪ :‬وما نويرة من نار ؟ قال‪ :‬نار بمثل‬
‫أنملة‪ ،‬قال‪ :‬فاستقبلها بجميع ما خلق‪ ،‬فتحللت لذلك حتى وصلت إليه‪ ،‬لما‬
‫أن دخله العجب )‪ - 28 .(3‬ص‪ :‬بالسناد إلى الصدوق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد عمن ذكره‪ ،‬عن درست‪ ،‬عمن ذكره عنهم عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬بينما موسى جالس إذ أقبل إبليس فقال له موسى‪ ،‬أخبرني‬
‫بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه ؟ قال‪ :‬ذلك إذا أعجبته نفسه‪،‬‬
‫واستكثر عمله‪ ،‬وصغر في نفسه ذنبه‪ ،‬تمام الخبر‪ - 29 .‬ص‪ :‬عن‬
‫الصدوق‪ ،‬عن ماجيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن الكوفي‪ ،‬عن محمد ابن سنان‪ ،‬عن‬
‫النضر بن قرواش‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عمن سمع أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يحدث قال‪ :‬مر عالم بعابد وهو يصلي قال‪ :‬يا هذا كيف صلتك ؟‬
‫قال‪ :‬مثلي يسأل عن هذا ؟ قال‪ :‬بلى ثم قال‪] :‬وكيف بكاؤك ؟ فقال‪ :‬إني‬
‫لبكي حتى تجري دموعي فقال له العالم‪ [:‬تضحك وأنت خائف من ربك‪،‬‬
‫أفضل من بكائك وأنت مدل بعملك‪ ،‬إن المدل بعمله ما يصعد منه شئ‪.‬‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة الرقم ‪ 212‬من الحكم‪ (2) .‬معاني الخبار ص ‪ (3) .243‬ثواب‬
‫العمال ص ‪ ،224‬وتراه في المحاسن ص ‪[*] .123‬‬

‫]‪[318‬‬

‫وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬حدثوا عن بني إسرائيل ول حرج )‪- 30 .(1‬‬
‫ضا‪ :‬روي أن أيوب عليه السلم لما جهده البلء قال‪ :‬لقعدن مقعد الخصم‪،‬‬
‫فأوحى ال إليه تكلم‪ ،‬فجثى على الرماد فقال‪ :‬يا رب إنك تعلم أنه ما عرض‬
‫لي أمران قط كلهما لك رضا إل اخترت أشدهما على بدني‪ ،‬فنودي من‬
‫غمامة بيضاء بستة آلف ألف لغة‪ ،‬فلمن المن ؟ فوضع الرماد على رأسه‬
‫وخر ساجدا ينادي لك المن سيدي ومولي فكشف ال ضره‪ - 31 .‬ضا‪:‬‬
‫نروي عن رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أنه قال ال تبارك وتعالى‪ :‬أنا‬
‫أعلم بما يصلح عليه دين عبادي المؤمنين إن من عبادي لمن يجتهد في‬
‫عبادتي ويقوم من نومه ولذة وسادته فيجتهد لي‪ ،‬فأضربه بالنعاس الليلة‬
‫]والليلتين[ نظرا مني له وإبقاء عليه فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت‬
‫لنفسه‪ ،‬ولو خليت بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب‪،‬‬
‫فيصيره العجب إلى الفتنة فيأتيه من ذلك ما فيه هلكه‪ ،‬أل فل يتكل‬
‫العاملون على أعمالهم‪ ،‬فانهم لو اجتهدوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي‬
‫كانوا مقصرين غير بالغين كنه عبادتي فيما يطلبونه عندي‪ ،‬ولكن برحمتي‬
‫فليثقوا‪ ،‬وبفضلي فليفرحوا‪ ،‬وإلى حسن الظن ]بي[ فليطمئنوا فإن رحمتي‬

‫)‪ (1‬هذا حديث رواه العامة عن رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وباستناد هذا‬
‫الحديث المزعوم رووا السرائيليات من كتبهم وأساطيرهم فشوهوا وجه‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وحذا حذوهم بعض المتقدمين من الشيعة فنقلها في كتب‬
‫أصحابنا كما نراها في تفاسيرهم ومجاميعهم الحديثية‪ .‬والحديث ‪ -‬وامثاله‬
‫غير يسير كما سمعت من المؤلف العلمة في حديث لعن الحائك ‪ -‬مما‬
‫أوله الصادق أبو عبد ال عليه السلم‪ ،‬لما لم يمكنه رده على رؤس‬
‫الشهاد روى الصدوق في المعاني ص ‪ 158‬باسناده عن عبد العلى بن‬
‫أعين قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم جعلت فداك حديث يرويه الناس‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ " :‬حدث عن بني إسرائيل ول‬
‫حرج " قال‪ :‬نعم قلت‪ :‬فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه ول حرج‬
‫علينا ؟ قال‪ :‬أما سمعت ما قال صلى ال عليه وآله‪ " :‬وكفى بالمرء كذبا‬
‫أن يحدث بكل ما سمع " فقلت‪ :‬فكيف هذا ؟ قال‪ :‬ما كان في الكتاب أنه‬
‫كان في بني إسرائيل‪ ،‬فحدث أنه كائن في هذه المة‪ ،‬ول حرج‪[*] .‬‬

‫]‪[319‬‬

‫عند ذلك تدركهم‪ ،‬فاني أنا ال الرحمن الرحيم‪ ،‬وبذلك تسميت‪ .‬ونروي أن عالما أتى‬
‫عابدا فقال له‪ :‬كيف صلتك ؟ فقال‪ :‬تسألني عن صلتي وأنا أ عبد ال منذ‬
‫كذا وكذا‪ ،‬فقال‪ :‬كيف بكاؤك‪ ،‬فقال‪ :‬إني لبكي حتى تجري دموعي‪ ،‬فقال له‬
‫العالم‪ :‬فان ضحكك وأنت خائف من ال أفضل من بكائك‪ ،‬وأنت مدل على‬
‫ال إن المدل ل يصعد من عمله شئ‪ - 32 .‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪،‬‬
‫عن عبيدال بن الحسين بن إبراهيم‪ ،‬عن علي بن عبد ال بن الحسين‬
‫الحسيني‪ ،‬عن علي بن القاسم بن الحسين بن زيد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬لول أن الذنب خير للمؤمن من العجب‪ ،‬ما خلى ال بين عبده المؤمن‬
‫وبين ذنب أبدا )‪ .(1‬عدة الداعي‪ :‬مثله )‪ - 33 .(2‬مص‪ :‬قال الصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬المغرور في الدنيا مسكين‪ ،‬وفي الخرة مغبون‪ ،‬لنه باع الفضل‬
‫بالدنى‪ ،‬ول تعجب من نفسك‪ ،‬حيث ربما اغتررت بمالك وصحة جسمك أن‬
‫لعلك تبقى‪ ،‬وربما اغتررت بطول عمرك وأولدك وأصحابك لعلك تنجو‬
‫بهم‪ ،‬وربما اغتررت بحالك ومنيتك‪ ،‬وإصابتك مأمولك وهواك‪ ،‬وظننت أنك‬
‫صادق ومصيب‪ ،‬وربما اغتررت إلى الخلق أو شكوت من تقصيرك في‬
‫العبادة ولعل ال يعلم من قلبك بخلف ذلك‪ ،‬وربما أقمت نفسك على العبادة‬
‫متكلفا وال يريد الخلص‪ ،‬وربما افتخرت بعلمك ونسبك وأنت غافل عن‬
‫مضمرات ما في غيب ال‪ ،‬وربما توهمت أنك تدعو ال وأنت تدعو سواه‪،‬‬
‫وربما حسبت أنك ناصح للخلق‪ ،‬وأنت تريدهم لنفسك أن يميلوا إليك‪،‬‬
‫وربما ذممت نفسك‪ ،‬وأنت تمدحها على الحقيقة‪ .‬واعلم أنك لن تخرج من‬
‫ظلمات الغرور والتمني إل بصدق النابة إلى ال‪ ،‬والخبات له‪ ،‬ومعرفة‬
‫عيوب أحوالك من حيث ل يوافق العقل والعلم‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .184‬عدة الداعي‪[*] .173 :‬‬

‫]‪[320‬‬

‫ول يتحمله الدين والشريعة‪ ،‬وسنن النبوة وأئمة الهدى‪ ،‬وإن كنت راضيا بما أنت‬
‫فيه‪ ،‬فما أحد أشقى بعمله منك وأضيع عمرا‪ ،‬فأورثت حسرة يوم القيامة )‬
‫‪ - 34 .(1‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬العجب كل العجب ممن يعجب‬
‫بعمله‪ ،‬ول يدري بما يختم له‪ ،‬فمن أعجب بنفسه وفعله فقد ضل عن منهج‬
‫الرشد‪ ،‬وادعى ما ليس له‪ ،‬والمدعي من غير حق كاذب‪ ،‬وإن خفي دعواه‪،‬‬
‫وطال دهره‪ ،‬وإن أول ما يفعل بالمعجب نزع ما اعجب به‪ ،‬ليعلم أنه عاجز‬
‫حقير‪ ،‬ويشهد على نفسه ليكون الحجة عليه أوكد‪ ،‬كما فعل بابليس‪.‬‬
‫والعجب نبات حبها الكفر‪ ،‬وأرضها النفاق‪ ،‬وماؤها البغي‪ ،‬وأغصانها‬
‫الجهل وورقها الضللة‪ ،‬وثمرها اللعنة والخلود في النار‪ ،‬فمن اختار‬
‫العجب فقد بذر الكفر وزرع النفاق‪ ،‬ولبد له من أن يثمر )‪- 35 .(2‬‬
‫ختص‪ :‬عن الصدوق‪ :‬عن ابن المتوكل‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن البزنظي‪،‬‬
‫عن عبد الكريم بن عمرو‪ ،‬عن أبي الربيع الشامي قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬من أعجب بنفسه هلك‪ ،‬ومن أعجب برأيه هلك‪ ،‬وإن عيسى‬
‫بن مريم قال‪ :‬داويت المرضى فشفيتهم باذن ال وأبرأت الكمة والبرص‬
‫باذن ال وعالجت الموتى فاحييتهم باذن ال‪ ،‬وعالجت الحمق فلم أقدر‬
‫على إصلحه فقيل‪ :‬يا روح ال وما الحمق ؟ قال‪ :‬المعجب برأيه ونفسه‪،‬‬
‫الذي يرى الفضل كله له ل عليه‪ ،‬ويوجب الحق كله لنفسه ول يوجب‬
‫عليها حقا‪ ،‬فذاك الحمق الذي ل حيلة في مداواته )‪ - 36 .(3‬ما‪ :‬عن‬
‫الحسين بن إبراهيم القزويني‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن أحمد ابن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن الحسن بن علي الزعفراني‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة‪ (2) .24 :‬مصباح الشريعة‪ (3) .27 :‬الختصاص ‪[*] .221‬‬

‫]‪[321‬‬

‫عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أيوب النبي عليه‬
‫السلم حين دعا ربه‪ :‬يا رب كيف ابتليتني بهذا البلء الذي لم تبتل به أحدا‬
‫؟ فوعزتك إنك تعلم أنه ما عرض لي أمران قط كلهما لك طاعة إل عملت‬
‫بأشدهما على بدني‪ ،‬قال‪ :‬فنودي‪ :‬ومن فعل ذلك بك يا أيوب ؟ قال‪ :‬فأخذ‬
‫التراب فوضعه على رأسه‪ ،‬ثم قال‪ :‬أنت يا رب )‪ - 37 .(1‬عدة الداعي‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ثلث مهلكات‪ :‬شح مطاع وهوى متبع‪،‬‬
‫وإعجاب المرء بنفسه‪ ،‬وهو محبط للعمل‪ ،‬وهو داعية المقت من ال‬
‫سبحانه )‪ .(2‬وقال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬سيئة تسوؤك خير من‬
‫حسنة تعجبك‪ .‬وعن الصادق عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫أوحى ال تعالى إلى داود عليه السلم يا داود بشر المذنبين‪ ،‬وانذر‬
‫الصديقين‪ ،‬قال‪ :‬كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين ؟ قال‪ :‬يا داود بشر‬
‫المذنبين بأني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب‪ ،‬وأنذر الصديقين أن يعجبوا‬
‫بأعمالهم فانه ليس عبد يعجب بالحسنات إل هلك وفي رواية اخرى فانه‬
‫ليس عبد ناقشته الحسنات إل هلك‪ .‬وعن أبي جعفر عليه السلم عن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله قال‪ :‬قال ال تعالى‪ :‬أنا أعلم بما يصلح به أمر عبادي‬
‫وإن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادته فيقوم من رقاده ولذيد‬
‫وساده‪ ،‬فيجتهد ويتعب نفسه في عبادتي‪ ،‬فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين‬
‫نظرا مني له‪ ،‬وإبقاء عليه‪ ،‬فينام حتى يصبح‪ ،‬فيقوم ماقتا لنفسه زاريا‬
‫عليها‪ ،‬ولو اخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب‬
‫باعماله فيأتيه ما فيه هلكه لعجبه بأعماله‪ ،‬ورضاه عن نفسه‪ ،‬حتى يظن‬
‫أنه قد فاق العابدين‪ ،‬وجاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك‪،‬‬
‫وهو يظن أنه تقرب إلي‪ .‬ومن طريق آخر رواه صاحب الجواهر بزيادة‬
‫على هذا الكلم تتمة له‪:‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .275‬عدة الداعي‪[*] .172 :‬‬


‫]‪[322‬‬

‫فل يتكل للعاملون على أعمالهم التي يعملونها‪ ،‬فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم‬
‫وأعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين ما يطلبون من كرامتي‪،‬‬
‫والنعيم في جناتي ورفيع درجاتي في جواري‪ ،‬ولكن رحمتي فليبغوا‪،‬‬
‫والفضل مني فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا‪ ،‬فان رحمتي عند ذلك‬
‫تداركهم‪ ،‬وهي تبلغهم رضواني ومغفرتي‪ ،‬والبسهم عفوي فاني أنا ال‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬بذلك تسميت وعن الباقر عليه السلم قال‪ :‬قال ال‬
‫سبحانه‪ :‬إن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الشئ من طاعتي فاصرفه‬
‫عنه مخافة العجاب )‪ .(1‬وقال المسيح عليه السلم‪ :‬يا معشر الحواريين‬
‫كم من سراج أطفأته الريح‪ ،‬وكم من عابد أفسده العجب‪ .‬روى سعد بن أبي‬
‫خلف‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬عليك بالجد‪ ،‬ول تخرجن نفسك من‬
‫حد التقصير في عبادة ال تعالى وطاعته‪ ،‬فان ال تعالى ل يعبد حق عبادته‬
‫)‪ - 38 .(3‬أسرار الصلة‪ :‬روى محمد بن مسلم‪ ،‬عن الباقر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ل بأس أن تحدث أخاك إذا رجوت أن تنفعه وتحثه‪ ،‬وإذا سالك هل‬
‫قمت الليلة أو صمت فحدثه بذلك‪ ،‬إن كنت فعلته‪ ،‬فقل‪ :‬رزق ال تعالى ذلك‪،‬‬
‫ول تقول‪ :‬ل‪ ،‬فان ذلك كذب‪.‬‬

‫)‪ (1‬عدة الداعي‪ (2) .173 :‬عدة الداعي‪[*] .174 :‬‬

‫]‪[323‬‬

‫)‪) * (118‬باب( * * " )ذم السمعة والغترار بمدح الناس( " * أقول‪ :‬قد سبق‬
‫معنى السمعة في باب الرئاء )‪ - 1 .(1‬لي‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن الكناني عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من يتبع السمعة يسمع ال به )‪ - 3 .(2‬ع‪:‬‬
‫ابن المتوكل‪ ،‬عن السعد آبادي‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن عبد العظيم الحسني‪ ،‬عن‬
‫ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد ال بن الفضل‪ ،‬عن خاله محمد بن سليمان‪ ،‬عن‬
‫رجل‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم أنه قال لمحمد بن مسلم‪ :‬ل تغرنك الناس‬
‫من نفسك فان المر يصل إليك دونهم‪ ،‬الخبر )‪ - 3 .(3‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪،‬‬
‫عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن جميل قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬فل تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " )‬
‫‪ (4‬قال‪ :‬قول النسان صليت البارحة‪ ،‬وصمت أمس‪ ،‬ونحو هذا‪ ،‬ثم قال‬
‫عليه السلم‪ ،‬إن قوما كانوا يصبحون فيقولون‪ :‬صلينا البارحة‬
‫)‪ (1‬السمعة في الصل ما يسمع من صيت أو ذكر حسن ‪ -‬وهي فعلة بمعنى مفعولة‬
‫وفي عرف المحدثين والمتشرعة ما يفعل من العبادات ليسمعه الناس أي‬
‫يذكرونه بالخير والجميل قيل‪ :‬والفرق بينها وبين الرئاء‪ ،‬أن الرياء هو‬
‫التظاهر بما يخالف الباطن والسمعة هي إظهار ما يوافق الباطن بقصد‬
‫الشهرة‪ (2) .‬أمالي الصدوق‪ 292 :‬وقوله يسمع ال به من باب التفعيل‬
‫يقال‪ :‬سمع بالرجل‪ :‬أذاع عنه عيبا وندد به وشهره وفضحه‪ (3) .‬علل‬
‫الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .286‬النجم‪[*] .33 :‬‬

‫]‪[324‬‬

‫وصمنا أمس‪ ،‬فقال علي عليه السلم‪ ،‬لكني أنام الليل والنهار‪ ،‬ولو أجد بينهما شيئا‬
‫لنمته )‪ .(1‬ين‪ :‬ابن أبي عمير وفضالة‪ ،‬عن جميل مثله‪ - 4 .‬دعوات‬
‫الراوندي‪ :‬روي أن عابدا في بني إسرائيل سأل ال تبارك وتعالى فقال‪ :‬يا‬
‫رب ما حالي عندك ؟ أخير فأزداد في خيري أو شر فاستعتبك قبل الموت ؟‬
‫قال‪ :‬فأتاه آت فقال له‪ :‬ليس لك عند ال خير‪ ،‬قال‪ :‬يا رب وأين عملي ؟‬
‫قال‪ :‬كنت إذا عملت خيرا أخبرت الناس به‪ ،‬فليس لك منه إل الذي رضيت‬
‫به لنفسك‪ ،‬تمام الخبر‪ - 5 .‬عدة الداعي‪ :‬روى المفسرون عن ابن جبير‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬إني أتصدق وأصل‬
‫الرحم ول أصنع ذلك إل ل فيذكر مني وأحمد عليه‪ ،‬فيسرني ذلك وأعجب‬
‫به‪ ،‬فسكت رسول ال صلى ال عليه وآله ولم يقل شيئا فنزل قوله تعالى‪:‬‬
‫" قل إنما أنا بشر مثلكم " إلى قوله‪ " :‬أحدا " )‪ .(2‬وعن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من عمل حسنة سرا كتبت له سرا فإذا أقر بها محيت وكتبت‬
‫جهرا‪ ،‬فإذا أقر بها ثانيا محيت وكتبت رئاء )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ (2) .243 :‬الكهف‪ (3) .110 :‬عدة الداعي‪[*] .162 :‬‬

‫]‪[325‬‬

‫)‪) * (119‬باب( * * " )ذم الشكاية من ال‪ ،‬وعدم الرضا( " * * " )بقسم ال‪،‬‬
‫والتأسف بما فات( " * اليات‪ :‬النساء‪ :‬ول تتمنوا ما فضل ال به بعضكم‬
‫على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن‬
‫واسئلوا ال من فضله إن ال كان بكل شئ عليما )‪ .(1‬يوسف‪ :‬وقال إنما‬
‫أشكو بثي وحزني إلى ال وأعلم من ال ما ل تعلمون )‪ - 1 .(2‬ب‪:‬‬
‫هارون‪ ،‬عن ابن صدقة قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من شكى إلى‬
‫أخيه فقد شكى إلى ال‪ ،‬ومن شكا إلى غير أخيه فقد شكا ال )‪ - 4 .(3‬مع‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال‪،‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن أحب‬
‫السبحة إلى ال عزوجل سبحة الحديث وأبغض الكلم إلى ال عزوجل‬
‫التحريف‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول ال ما سبحة الحديث ؟ قال‪ :‬الرجل يسمع حرص‬
‫الدنيا وباطلها فيغتم عند ذلك فيذكر ال عزوجل‪ ،‬وأما التحريف فكقول‬
‫الرجل‪ :‬إني مجهود ومالي وما عندي ؟ )‪ - 3 .(4‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن القاسم بن محمد الجوهري‪ ،‬عن إسماعيل‬
‫بن إبراهيم‪ ،‬عن أبي معاوية الشتر‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من‬
‫شكى إلى مؤمن فقد شكا إلى ال عزوجل‪ ،‬ومن شكا إلى مخالف فقد شكا‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .32 :‬يوسف‪ (3) .86 :‬قرب السناد‪ (4) .52 :‬معاني الخبار‪:‬‬
‫‪[*] .258‬‬

‫]‪[326‬‬

‫ال عزوجل )‪ - 4 .(1‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن النعمان بن أحمد القاضي‪،‬‬
‫عن محمد بن شعبة‪ ،‬عن حفص بن عمر بن ميمون‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‬
‫بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلم‪ ،‬عن الباقر‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من كثر همه سقم بدنه‪،‬‬
‫ومن ساء خلقه عذب نفسه‪ ،‬ومن لحى الرجال سقطت مروته وذهبت‬
‫كرامته‪ ،‬ثم قال صلى ال عليه وآله‪ :‬لم يزل جبرئيل ينهاني عن ملحاة‬
‫الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر وعبادة الوثان )‪ - 5 .(2‬ل‪:‬‬
‫الربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إذا ضاق المسلم فل يشكون‬
‫ربه عزوجل‪ ،‬وليشك إلى ربه الذي بيده مقاليد المور وتدبيرها )‪- 6 .(3‬‬
‫لي‪ :‬في خبر مناهي النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من لم يرض بما قسم‬
‫ال له من الرزق‪ ،‬وبث شكواه‪ ،‬ولم يصبر ولم يحتسب‪ ،‬لم ترفع له حسنة‪،‬‬
‫ويلقى ال وهو عليه غضبان إل أن يتوب )‪ - 7 .(4‬لي‪ :‬عن ابن إدريس‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن أحمد العلوي‪ ،‬عن أحمد بن القاسم عن أبي هاشم‬
‫الجعفري قال‪ :‬أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن علي ابن‬
‫محمد عليهما السلم فأذن لي‪ ،‬فلما جلست قال‪ :‬يا هاشم أي نعم ال‬
‫عزوجل عليك تريد أن تؤدي شكرها ؟ قال أبو هاشم‪ :‬فوجمت )‪ (5‬ولم أدر‬
‫ما اقول له‪ ،‬فابتدأ عليه السلم فقال‪ :‬رزقك اليمان فحرم به بدنك على‬
‫النار‪ ،‬ورزقك العافية فأعانك على الطاعة‪ ،‬ورزقك القنوع فصانك عن‬
‫التبذل‪ ،‬يا باهاشم إنما ابتدأتك بهذا لني ظننت أنك تريد أن تشكو إلى من‬
‫فعل بك هذا‪ ،‬وقد أمرت لك بمائة‬
‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ (2) .407 :‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .125‬الخصال ج ‪2‬‬
‫ص ‪ (4) .162‬أمالي الصدوق‪ (5) .256 :‬وجم الرجل وجوما‪ :‬سكت‬
‫وعجز عن التكلم من كثرة الغم والخوف‪[*] .‬‬

‫]‪[327‬‬

‫دينار فخذها )‪ - 8 .(1‬لي‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن ابن أبان‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪،‬‬
‫عن الحسن ابن علي الخزاز‪ ،‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬قال عيسى بن‬
‫مريم للحواريين‪ :‬يا بني إسرائيل ل تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم‬
‫دينكم‪ ،‬كما ل يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم )‬
‫‪ - 9 .(2‬ن‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن ابن‬
‫أسباط عن سليم مولى طربال‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫سمعته يقول‪ :‬الدنيا دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك‪ ،‬وما كان منها‬
‫عليك أتاك ولم تمتنع منه بقوة‪ ،‬ثم أتبع هذا الكلم بأن قال‪ :‬من يئس مما‬
‫فات أراح بدنه‪ ،‬ومن قنع بما اوتي قرت عينه )‪ - 10 .(3‬محص‪ :‬عن‬
‫يونس بن عمار قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أيما مؤمن شكا‬
‫حاجته وضره إلى كافر أو من يخالفه على دينه‪ ،‬فانما شكا ال إلى عدو‬
‫من أعداء ال‪ ،‬وأيما مؤمن شكا حاجته وضره وحاله إلى مؤمن مثله كانت‬
‫شكواه إلى ال عزوجل‪ - 10 .‬نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬من‬
‫شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى ال‪ .‬ومن شكاها إلى كافر فكأنما‬
‫شكا ال )‪ - 11 .(4‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن داود الرقي عن أبي عبيدة الحذاء‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬إن من‬
‫عبادي المؤمنين عبادا ل يصلح لهم أمر دينهم إل بالغنا والسعة والصحة‬
‫في البدن فأبلوهم بالغنا والسعة وصحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم‪،‬‬
‫وإن من عبادي المؤمنين لعبادا ل يصلح لهم أمر دينهم إل بالفاقة‬
‫والمسكنة والسقم في‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق‪ (3) .248 :‬أمالي الصدوق‪ (4) .297 :‬لم نجده في العيون‪،‬‬
‫وروى مثله الشيخ في أماليه ج ‪ 1‬ص ‪ 229‬بسند آخر‪ (5) .‬نهج البلغة‬
‫الرقم ‪ 427‬من الحكم‪[*] .‬‬

‫]‪[328‬‬

‫أبدانهم فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فيصلح عليهم أمر دينهم‪ ،‬وأنا‬
‫أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين‪ .‬وإن من عبادي المؤمنين‬
‫لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيجتهد لي الليالي‬
‫فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين‪ ،‬نظرا مني إليه‬
‫وإبقاء عليه‪ ،‬فينام حتى يصبح‪ ،‬فيقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها‪ ،‬ولو‬
‫اخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك‪ ،‬فيصيره العجب‬
‫إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلكه لعجبه بأعماله ورضاه عن‬
‫نفسه حتى يظن انه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير‪ ،‬فيتباعد‬
‫مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرب إلي‪ .‬فل يتكل العاملون على أعمالهم‬
‫التي يعملونها لثوابي‪ ،‬فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأعمارهم في‬
‫عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون‬
‫عندي من كرامتي‪ ،‬والنعيم في جناتي‪ ،‬ورفيع درجات العلى في جواري‬
‫ولكن فبرحمتي فليثقوا‪ ،‬وبفضلي فليفرحوا‪ ،‬وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا‬
‫فان رحمتي عند ذلك تداركهم‪ ،‬ومني يبلغهم رضواني‪ ،‬ومغفرتي تلبسهم‬
‫عفوي فاني أنا ال الرحمن الرحيم وبذلك تسميت )‪ .(1‬توضيح‪ :‬الغنا‬
‫بالكسر والقصر وبالفتح والمد ضد الفقر‪ ،‬والسعة بالفتح والكسر مصدر‬
‫وسعه الشئ بالكسر يسعه سعة وهي تأكيد للغنا أو المراد بها كثرة الغنا‪،‬‬
‫وقد مر تأويل الختبار مرارا فظهر أن اختلف أحوالهم مبني على‬
‫اختبارهم فيختبر بعضهم بالغنا ليظهر شكره أو كفرانه‪ ،‬ولعلمه بأنه أصلح‬
‫لدينه‪ ،‬وبعضهم بالفقر ليظهر شكره أو شكايته‪ ،‬ولعلمه بأنه أصلح لدينه‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وبالجملة يختبر كل منهم بما هو أصلح لدينه ودنياه‪ .‬والرقاد‬
‫بالضم النوم أو هو خاص بالليل‪ ،‬والوساد بالفتح المتكأ والمخدة كالوسادة‬
‫مثلثة‪ ،‬وإضافة اللذيذ إليه إضافة الصفة إلى الموصوف‪ ،‬والجتهاد السعي‬
‫والجد في العبادة‪ ،‬والليالي منصوب بالظرفية " فأضربه بالنعاس " كأنه‬
‫على الستعارة‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .60‬‬

‫]‪[329‬‬

‫أي اسلطه عليه أو هو نظير قوله تعالى " فضربنا على آذانهم " )‪ (1‬قال الراغب‪:‬‬
‫الضرب إيقاع شئ على شئ‪ ،‬ولتصور اختلف الضرب خولف بين‬
‫تفاسيرها كضرب الشئ باليد والعصا وضرب الرض بالمطر وضرب‬
‫الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة‪ ،‬والضرب في الرض الذهاب فيه‬
‫لضربها بالرجل‪ ،‬وضرب الخيمة لضرب أوتادها وقال " ضربت عليهم‬
‫الذلة " )‪ (2‬أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة لو ضربت عليه ومنه‬
‫استعير " فضربنا على آذانهم " وضرب اللبن بعضه ببعض بالخلط )‪.(3‬‬
‫وفي القاموس نظر لهم رثى لهم وأعانهم‪ ،‬وفي النهاية أبقيت عليه أبقي‬
‫إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه والسم البقيا‪ ،‬وقال‪ :‬المقت أشد البغض‬
‫وقال‪ :‬زريت عليه زراية إذا عتبته‪ .‬والعجب ابتهاج النسان وسروره‬
‫بتصور الكمال في نفسه وإعجابه بأعماله بظن كمالها وخلوصها‪ ،‬وهذا من‬
‫أقبح الدواء النفسانية وأعظم الفات للعمال الحسنة حتى روي عن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من‬
‫ذلك العجب‪ ،‬ول ينشأ ذلك إل من الجهل بآفات النفس وأدوائها‪ ،‬وبشرائط‬
‫العمال ومفسداتها‪ ،‬وعظمة المعبود وجلله‪ ،‬وغنائه عن طاعة‬
‫المخلوقين " فيصيره العحب إلى الفتنة بأعماله أي إلى أن يفتتن بها‬
‫ويحبها ويراها كاملة فائقة على أعمال غيره أو إلى الضللة أو الثم بسبب‬
‫أعماله والول أظهر‪ .‬قال في القاموس‪ :‬الفتنة بالكسر إعجابك بالشئ‪،‬‬
‫والضلل‪ ،‬والثم‪ ،‬والكفر والفضيحة‪ ،‬والعذاب‪ ،‬والمحنة‪ " .‬فل يتكل‬
‫العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي " لنها وإن كانت كاملة فهي‬
‫في جنب عظمة المعبود ناقصة‪ ،‬وفي جنب الثواب الذي يرجونه قاصرة‬
‫وكأن في العبارة إشعارا بذلك‪ ،‬وأيضا قد عرفت أن شرائط العمال وآفاتها‬
‫كثيرة يخفى أكثرها على النسان‪ ،‬وفى دللة على جواز العمل بقصد‬
‫الثواب كما‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .11 :‬البقرة‪ ،61 :‬آل عمران ‪ (3) .112‬المفردات‪[*] .295 :‬‬

‫]‪[330‬‬

‫مر تحقيقه‪ " .‬فيما يطلبون " أي في جنب ما يطلبونه " عندي " وهي كرامتهم‬
‫علي في الدنيا والخرة‪ ،‬وقربهم عندي " في جواري " مجاورة رحمتي أو‬
‫مجاورة أوليائي أو في أماني " ولكن فبرحمتي " وفي مجالس الشيخ )‪(1‬‬
‫" برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا " وفي غيره " ومن فضلي فليرجوا "‬
‫وما في الكتاب أنسب بقوله تعالى‪ " :‬قل بفضل ال وبرحمته فبذلك‬
‫فليفرحوا " )‪ (2‬والباء متعلقة بفعل يفسره ما بعده‪ ،‬والفاء لمعنى الشرط‪،‬‬
‫كأنه قيل إن وثقوا بشئ فبرحمتي فليثقوا‪ " .‬وإلى حسن الظن بي‬
‫فليطمئنوا " أي ينبغي أن يروا أعمالهم قاصرة‪ ،‬ويظنوا بسعة رحمته‬
‫وعفوه قبولها " فان رحمتي عند ذلك تداركهم " أي تتلفاهم بحذف إحدى‬
‫التائين وفي المجالس وغيره " تدركهم " قال الجوهري‪ :‬الدراك اللحوق‬
‫واستدركت ما فات وتداركته بمعنى وتدارك القوم أي تلحقوا " ومني "‬
‫بالفتح أي نعمتي " يبلغهم رضواني " أي يوصلهم إليه‪ ،‬وفي المجالس "‬
‫وبمني ابلغهم رضواني والبسهم عفوي " وفي فقه الرضا عليه السلم "‬
‫ومنتي تبلغهم ورضواني ومغفرتي تلبسهم " )‪ - 13 .(3‬كا‪ :‬عن أبي علي‬
‫الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن علي بن‬
‫النعمان‪ ،‬عن عمرو بن نهيك بياع الهروي قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم قال ال عزوجل‪ :‬عبدي المؤمن ل أصرفه في شئ إل جعلته خيرا له‬
‫فليرض بقضائي‪ ،‬وليصبر على بلئي‪ ،‬وليشكر نعمائي‪ ،‬أكتبه يا محمد من‬
‫الصديقين عندي )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬راجع أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ 168‬و ‪ (2) .215‬يونس‪ (3) .58 :‬اخرجه‬
‫المؤلف العلمة تارة في ج ‪ 70‬ص ‪ 389‬وتارة في ج ‪ 71‬ص ‪146‬‬
‫فراجع‪ (4) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .61‬‬

‫]‪[331‬‬

‫بيان‪ " :‬بياع الهروي " أي بياع الثوب المعمول في هراة بخراسان " ل أصرفه‬
‫في شئ " بالتخفيف وكأن " في " بمعنى " إلى " كقوله تعالى‪ " :‬وإذ‬
‫صرفنا إليك نفرا من الجن " )‪ (1‬أو على بناء التفعيل‪ ،‬يقال‪ :‬صرفته في‬
‫المر تصريفا فتصرف قلبته فتقلب‪ ،‬والصديق الكثير الصدق في القوال‬
‫والفعال بحيث يكون فعله لقوله موافقا‪ ،‬أو الكثير التصديق للنبياء المتقدم‬
‫في ذلك على غيره‪ - 14 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن مالك بن عطية عن داود بن فرقد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إن فيما أوحى ال عزوجل إلى موسى ابن عمران عليه‬
‫السلم‪ :‬يا موسى بن عمران ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن‬
‫فاني إنما أبتليه لما هو خير له واعافيه لما هو خير له وازوي عنه لما هو‬
‫خير له وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي‪ ،‬فليصبر على بلئي‪ ،‬وليشكر‬
‫نعمائي‪ ،‬وليرض بقضائي أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضاي‬
‫وأطاع أمري )‪ .(2‬بيان‪ :‬البلء يكون في الخير والشر والول هنا أظهر قال‬
‫في النهاية‪ :‬قال القتيبي‪ :‬يقال من الخير أبليته ابليه إبلء‪ ،‬ومن الشر بلوته‬
‫أبلوه بلء والمعروف أن البتلء يكون في الخير والشر معا من غير فرق‬
‫بين فعليهما ومنه قوله تعالى " ونبلوكم بالشر والخير فتنة " )‪ (3‬وقال‬
‫في حديث الدعاء‪ :‬وما زويت عني مما أحب أي صرفته عني وقبضته‬
‫انتهى‪ - 15 .‬كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن‬
‫صفوان بن يحيى‪ ،‬عن فضيل بن عثمان‪ ،‬عن ابن أبي يعفور‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬عجبت للمرء المسلم ل يقضي ال عزوجل له قضاء‬
‫إل كان خيرا له‪ ،‬وإن قرض بالمقاريض كان خيرا له‪ ،‬وإن ملك مشارق‬
‫الرض ومغاربها كان خيرا له )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الحقاف‪ (2) .29 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .61‬النبياء‪ (4) .35 :‬الكافي ج ‪2‬‬
‫ص ‪[*] .62‬‬
‫]‪[332‬‬

‫بيان‪ " :‬للمرء المسلم " كأن المراد بالمسلم المعنى الخص أي المؤمن المنقاد ل‬
‫وربما يقرأ بالتشديد من التسليم " وإن قرض " على بناء المجهول من‬
‫باب ضرب أو على بناء التفعيل للتكثير والمبالغة‪ ،‬في المصباح قرضت‬
‫الشئ قرضا من باب ضرب قطعته بالمقراضين‪ ،‬والمقراض أيضا بكسر‬
‫الميم‪ ،‬والجمع مقاريض ول يقال‪ :‬إذا جمع بينهما مقراض كما تقوله‬
‫العامة‪ ،‬وإنما يقال عند اجتماعهما‪ :‬قرضته قرضا من باب ضرب قطعته‬
‫بالمقراضين‪ ،‬وفي الواحد قطعته بالمقراض انتهى‪ " .‬وإن ملك " على‬
‫بناء المجرد المعلوم من باب ضرب‪ ،‬أو على بناء المفعول من التفعيل‪،‬‬
‫وربما يحمل التعجب هنا على المجاز إظهارا لغرابة المر وعظمه فانه‬
‫محل التعجب‪ ،‬وأما التعجب حقيقة فل يكون إل عند خفاء السباب‪ ،‬وهي لم‬
‫تكن مخفية عليه عليه السلم‪ - 16 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن صالح بن عقبة‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‬
‫الجعفي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬أحق خلق ال أن يسلم لما قضى‬
‫ال عزوجل من عرف ال عزوجل‪ ،‬ومن رضي بالقضاء أتى عليه القضاء‬
‫وعظم ال أجره‪ ،‬ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط ال أجره )‬
‫‪ .(1‬بيان‪ " :‬أن يسلم " بفتح الهمزة بتقدير الباء أي بان يسلم على بناء‬
‫التفعيل ويحتمل الفعال‪ " ،‬بما قضى ال " أي من البليا والمصائب‬
‫وتقتير الرزق‪ ،‬وأمثال ذلك مما ليس فيه اختيار‪ " ،‬وعظم ال أجره "‬
‫الضمير راجع إلى القضاء‪ ،‬فالمراد بالجر العوض على طريقة المتكلمين‬
‫ل الثواب الدائم‪ ،‬ويحتمل رجوع الضمير إلى " من " فالجر يشملهما أي‬
‫ثواب الرضا وأجر القضاء أو العم منهما أيضا فان الصفات الكمالية‬
‫تصير سببا لتضاعف أجر سائر الطاعات أيضا‪ .‬وكذا قوله عليه السلم‪" :‬‬
‫أحبط ال أجره " يحتمل الوجوه وقيل‪ :‬يحتمل أن يكون المراد به إحباط‬
‫ثواب الرضا وإحباط أجر القضاء أيضا‪ ،‬ويؤيد الول ما روي عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة صبر‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .62‬‬

‫]‪[333‬‬

‫أو لم يصبر‪ - 17 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬اليمان أربعة‬
‫أركان‪ ،‬الرضا بقضاء ال والتوكل على ال‪ ،‬وتفويض المر إلى ال‪،‬‬
‫والتسليم لمر ال )‪ .(1‬بيان‪ " :‬اليمان أربعة أركان " أي مركب منها‬
‫أوله هذه الربعة‪ ،‬وعليها بناؤه واستقراره فكأنه عينها‪ - 18 .‬كا‪ :‬عن‬
‫علي‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن بعض أشياخ‬
‫بني النجاشي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬رأس )‪ (2‬طاعة ال‬
‫الصبر‪ ،‬والرضا عن ال فيما أحب العبد أو كره‪ ،‬ول يرضى عبد عن ال‬
‫فيما أحب أو كره إل كان خيرا له فيما أحب أو كره )‪ .(3‬بيان‪ " :‬رأس‬
‫طاعة ال " أي أشرفها أو ما به بقاؤها‪ ،‬فشبه الطاعة بانسان وأثبت له‬
‫الرأس‪ ،‬في القاموس‪ :‬الرأس معروف وأعل كل شئ وسيد القوم‪ ،‬وفي‬
‫بعض الروايات " كل طاعة ال "‪ " .‬فيما أحب " أي العبد مثل الصحة‬
‫والسعة والمن " أو كره " كالسقم والضيق " إل كان " أي ما قضاه ال‬
‫بقرينة المقام فان الرضا عن ال هو الرضا بقضائه وإرجاعه إلى الرضا‬
‫بعيد والرضا به ل ينافي الفرار عنه والدعاء لدفعه لنهما أيضا بأمره‬
‫وقضائه سبحانه‪ - 19 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد‪،‬‬
‫عن ابن مسكان عن ليث المرادي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫أعلم الناس بال أرضاهم بقضاء ال عزوجل )‪ .(4‬توضيح‪ :‬يدل على أن‬
‫الرضا بالقضاء تابع للعلم والمعرفة‪ ،‬وأنه قابل للشدة والضعف مثلهما‪،‬‬
‫وذلك لن الرضا مبني على العلم بأنه سبحانه قادر‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص‪ (2) 47 .‬وفي بعض النسخ‪ :‬كل طاعة ال‪ (4 - 3) .‬الكافي ج‬
‫‪ 2‬ص ‪[*] .60‬‬

‫]‪[334‬‬

‫قاهر عدل حكيم لطيف بعباده ل يفعل بهم إل الصلح‪ ،‬وأنه المدبر للعالم‪ ،‬وبيده‬
‫نظامه‪ ،‬فكلما كان العلم بتلك المور أتم‪ ،‬كان الرضا بقضائه أكمل وأعظم‪.‬‬
‫وأيضا الرضا من ثمرات المحبة‪ ،‬والمحبة تابعة للمعرفة‪ ،‬فبعد حصول‬
‫المحبة ل يأتي من محبوبه إليه شئ إل كان أحلى من كل شئ‪ - 20 .‬كا‪:‬‬
‫عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن يحيى بن إبراهيم‪ ،‬عن عاصم بن حميد‪ ،‬عن‬
‫الثمالي‪ ،‬عن علي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬الصبر والرضا عن ال‬
‫رأس طاعة ال‪ ،‬ومن صبر ورضى عن ال فيما قضى عليه فما أحب أو‬
‫كره لم يقض ال عزوجل له فيما أحب أو كره إل ما هو خير له )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫مضمونه موافق لحديث بعض الشياخ‪ ،‬فان قوله عليه السلم‪ " :‬ومن‬
‫صبر ورضى " الخ المراد به أن الصبر والرضا وقعا موقعهما فان‬
‫المقضي عليه ل محالة خير له‪ ،‬ل أنه إذا لم يصبر ولم يرض لم يكن خيرا‬
‫له‪ ،‬ولو حمل على هذا الوجه واعتبر المفهوم يحتمل أن يكون الرضا سببا‬
‫لمزيد الخيرية‪ ،‬ولو لم يكن إل الجر المترتب على الصبر والرضا لكفى في‬
‫ذلك مع أنه قد جرب أن الراضي بالسوء من القضاء تتبدل حاله سريعا من‬
‫الشدة إلى الرخاء‪ .‬وقيل‪ :‬لبد من القول بأن المفهوم غير معتبر‪ ،‬أو القول‬
‫بان ما قضاه ال شر له لفقده أجر الصبر والرضا‪ ،‬أو في نظره‪ ،‬بخلف‬
‫الصابر والراضي‪ ،‬فانه خير في نظرهما وفي الواقع‪ - 21 .‬كا‪ :‬عن العدة‪:‬‬
‫عن سهل‪ ،‬عن البزنظي‪ ،‬عن صفوان الجمال‪ ،‬عن أبي الحسن الول عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ينبغي لمن عقل عن ال أن ل يستبطئه في رزقه‪ ،‬ول يتهمه‬
‫في قضائه )‪ - 22 .(2‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن‬
‫المنقري‪ ،‬عن علي بن هاشم بن البريد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬قال علي بن‬
‫الحسين عليهما السلم‪ :‬الزهد عشرة أجزاء‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .60‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .61‬‬

‫]‪[335‬‬

‫أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع‪ ،‬وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين وأعلى‬
‫درجة اليقين أدنى درجة الرضا )‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على أن للزهد في الدنيا‬
‫وترك الرغبة فيها مراتب تنتهي أعلها إلى أدنى درجات الورع‪ ،‬أي ترك‬
‫المحرمات والشبهات‪ ،‬وله أيضا مراتب تنتهي أعلها إلى أدنى درجات‬
‫الرضا بقضاء ال‪ ،‬فهو أعلى درجات القرب والكمال‪ - 23 .‬كا‪ :‬عن العدة‪،‬‬
‫عن البرقي‪ ،‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن علي بن أسباط عمن ذكره‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لقى الحسن بن علي عليهما السلم عبد ال بن‬
‫جعفر فقال‪ :‬يا عبد ال كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمه ويحقر‬
‫منزلته والحاكم عليه ال‪ ،‬وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إل الرضا‬
‫أن يدعو ال فيستجاب له )‪ .(2‬توضيح‪ " :‬كيف " للنكار " مؤمنا " أي‬
‫كامل في اليمان مستحقا لهذا السم " وهو " ا الواو للحال " يسخط‬
‫قسمه " القسم بالكسر وهو النصيب أو بالفتح مصدر قسمه كضربه أو‬
‫بكسر القاف وفتح السين جمع قسمة بالكسر مصدرا أيضا وعلى الول‬
‫الضمير البارز راجع إلى المؤمن وعلى الخيرين إما راجع إليه أيضا‬
‫بالضافة إلى المفعول‪ ،‬أو إلى ال‪ " .‬ويحقر منزلته " الضمير راجع إلى‬
‫المؤمن أيضا أي يحقر منزلته التي أعطاه ال إياها بين الناس‪ ،‬في المال‬
‫والعزة وغيرهما‪ ،‬وقيل‪ :‬أي منزلته عند ال لنه تعالى جعل ذلك قسما له‬
‫لرفع منزلته‪ ،‬فتحقير القسم السبب لها تحقير لها وما ذكرنا أظهر‪ ،‬ويمكن‬
‫إرجاعه إلى القسم أو إلى ال بالضافة إلى الفاعل " والحاكم عليه ال "‬
‫الواو للحال‪ ،‬وضمير عليه للمؤمن أو للقسم‪ ،‬وقيل‪ " :‬الحاكم " عطف‬
‫على " منزلته " و " ال " بدل عن الحاكم أي ويحقر الحاكم عليه‪ ،‬وهو‬
‫ال لن تحقير حكم الحاكم تحقير له‪ ،‬ول يخفى بعده‪ .‬وفي القاموس‪ :‬هجس‬
‫الشئ في صدره يهجس خطر بباله أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل‬
‫الوسواس ويدل‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج " ص ‪[*] .62‬‬

‫]‪[336‬‬

‫على أن الرضا بالقضا موجب لستجابة الدعاء‪ - 24 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ :‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عمن ذكره عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫قلت له‪ :‬بأي شئ يعلم المؤمن بأنه مؤمن ؟ قال‪ :‬بالتسليم ل‪ ،‬والرضا فيما‬
‫ورد عليه من سرور أو سخط )‪ .(1‬بيان‪ :‬بأنه مؤمن أي متصف بكمال‬
‫اليمان " بالتسليم " أي في أحكامه وأوامره ونواهيه " فيما ورد عليه "‬
‫أي من قضاياه وتقديراته‪) * (120) .‬باب( * * " )اليأس من روح ال‪،‬‬
‫والمن من مكر ال( " * اليات‪ :‬العراف‪ :‬أفأمنوا مكر ال‪ ،‬فل يأمن مكر‬
‫ال إل القوم الخاسرون )‪ .(2‬هود‪ :‬ولئن أذقنا النسان منا رحمة ثم‬
‫نزعناها منه أنه ليؤس كفور * ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن‬
‫ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إل الذين صبروا وعملوا الصالحات‬
‫اولئك لهم مغفرة وأجر كبير )‪ .(3‬يوسف‪ :‬يا بني اذهبوا فتحسسوا من‬
‫يوسف وأخيه ول تيأسوا من روح ال إنه ل ييأس من روح ال إل القوم‬
‫الكافرون )‪ .(4‬الحجر‪ :‬قالوا بشرناك بالحق فل تكن من القانطين * قال‬
‫ومن يقنط من رحمة ربه إل الضالون )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .62‬العراف‪ (3) .99 :‬هود ‪ (4) .11 - 10‬يوسف‪.87 :‬‬
‫)‪ (5‬الحجر‪ 55 :‬و ‪[*] .56‬‬

‫]‪[337‬‬

‫أسرى‪ :‬وإذا أنعمنا على النسان أعرض ونآى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا )‬
‫‪ .(1‬الشعراء‪ :‬إن هذا إل خلق الولين * وما نحن بمعذبين )‪ .(2‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬أتتزكون فيما ههنا آمنين )‪ .(3‬وقال‪ :‬فأسقط علينا كسفا من السماء‬
‫إن كنت من الصادقين )‪ .(4‬العنكبوت‪ :‬والذين كفروا بآيات ال ولقائه‬
‫اولئك يئسوا من رحمتي )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬فما كان جواب قومه إل أن قالوا‬
‫ائتنا بعذاب ال إن كنت من الصادقين )‪ .(6‬الروم‪ :‬وإذا أذقنا الناس رحمة‬
‫فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون )‪ .(7‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين )‪ .(8‬المؤمن‪:‬‬
‫يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الرض إلى قوله تعالى‪ :‬وقال الذين آمن‬
‫يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الحزاب إلى قوله‪ :‬يا قوم إني أخاف‬
‫عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من ال من عاصم )‪.(9‬‬
‫السجدة‪ :‬وإن مسه الشر فيؤس قنوط )‪ .(10‬الطور‪ :‬وإن يروا كسفا من‬
‫السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم )‪ .(11‬تفسير‪ " :‬رحمة " أي نعمة "‬
‫ثم نزعناه " أي سلبناه منه " إنه ليؤس " شديد‬

‫)‪ (1‬أسرى‪ (2) .83 :‬الشعراء‪ 138 :‬و ‪ (3) .139‬الشعراء‪ (4) .146 :‬الشعراء‪:‬‬
‫‪ (5) .187‬العنكبوت‪ (6) .23 :‬العنكبوت‪ (7) .29 :‬الروم‪(8) .36 :‬‬
‫الروم‪ (9) .49 :‬المؤمن‪ (10) .33 - 29 :‬السجدة‪ (11) .49 :‬الطور‪:‬‬
‫‪[*] .44‬‬

‫]‪[338‬‬

‫اليأس قنوط من أن تعود إليه تلك النعمة المنزوعة‪ ،‬قاطع رجاءه من سعة فضل ال‬
‫" كفور " عظيم الكفران لنعمه " ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته "‬
‫كصحة بعد سقم‪ ،‬وغنى بعد عدم‪ ،‬وفي اختلف الفعلين نكتة ل تخفى "‬
‫ليقولن ذهب السيئات عني " أي المصائب التي ساءتني واحزنتني " إنه‬
‫لفرح " أشر بطر مغتر بها " فخور " على الناس بما أنعم ال عليه‪ ،‬قد‬
‫شغله الفرح والفخر عن الشكر والقيام بحقها‪ - 1 .‬مع‪ :‬عن الصادق عليه‬
‫السلم ناقل عن حكيم‪ :‬اليأس من روح ال أشد بردا من الزمهرير )‪2 .(1‬‬
‫‪ -‬ما‪ :‬عن الحسين بن علي بن محمد‪ ،‬عن أحمد بن محمد المقري‪ ،‬عن‬
‫يعقوب بن إسحاق‪ ،‬عن عمر بن عاصم‪ ،‬عن معمر بن سليمان‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن أبي عثمان النهدي‪ ،‬عن جندب الغفاري أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله قال‪ :‬إن رجل قال يوما‪ :‬وال ل يغفر ال لفلن‪ ،‬قال ال عزوجل‪ :‬من‬
‫ذا الذي تألى علي أن ل أغفر لفلن‪ ،‬فاني قد غفرت لفلن وأحبطت عمل‬
‫المتألي بقوله‪ :‬ل يغفر ال لفلن )‪ 3 .(2‬نوادر الراوندي‪ :‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يبعث ال المقنطين يوم القيامة مغلبة وجوههم‪،‬‬
‫يعني غلبة السواد على البياض‪ ،‬فيقال لهم‪ :‬هؤلء المقنطون من رحمة ال‬
‫تعالى )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ (2) .177 :‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .57‬نوادر الراوندي‬
‫ص ‪[*] .18‬‬

‫]‪[339‬‬
‫)‪) (121‬باب( * )كفران النعم( * اليات‪ :‬يونس‪ :‬وإذا مس النسان الضر دعا‬
‫لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر‬
‫مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون )‪ .(1‬وقال سبحانه‪ :‬وإذا أذقنا‬
‫الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل ال أسرع‬
‫مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون * هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى‬
‫إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف‬
‫وجائهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم احيط بهم دعوا ال مخلصين له‬
‫الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما أنجيهم إذا هم‬
‫يبغون في الرض بغير الحق‪ ،‬يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع‬
‫الحيوة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون )‪ .(2‬هود‪ :‬ولئن‬
‫أذقنا النسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤس كفور * ولئن أذقناه‬
‫نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور * إل‬
‫الذين صبروا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة وأجر كبير )‪ .(3‬إبراهيم‪:‬‬
‫ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت ال كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم‬
‫يصلونها وبئس القرار )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬وإن تعدوا نعمة ال ل تحصوها‬
‫إن النسان لظلوم كفار )‪ .(5‬النحل‪ :‬وما بكم من نعمة فمن ال ثم إذا مسكم‬
‫الضر فإليه تجأرون *‬

‫)‪ (1‬يونس ‪ (2) .12‬يونس‪ (3) .23 - 21 :‬هود‪ (4) .11 - 9 :‬إبراهيم‪ 28 :‬و ‪.29‬‬
‫)‪ (5‬إبراهيم‪[*] .34 :‬‬

‫]‪[340‬‬

‫ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم‬
‫فتمتعوا فسوف تعلمون )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬وال فضل بعضكم على بعض في‬
‫الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء‬
‫أفبنعمة ال يجحدون إلى قوله تعالى‪ :‬أفبالباطل يؤمنون وبنعمة ال هم‬
‫يكفرون )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬يعرفون نعمة ال ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون‬
‫)‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬وضرب ال مثل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها‬
‫رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم ال فأذاقها ال لباس الجوع والخوف بما‬
‫كانوا يصنعون )‪ .(4‬أسرى‪ :‬وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إل‬
‫إياه فلما نجيكم إلى البر أعرضتم وكان النسان كفورا * أفأمنتم أن يخسف‬
‫بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم ل تجدوا لكم وكيل * أم أمنتم أن‬
‫يعيدكم فيه تارة اخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم‬
‫ل تجدوا لكم علينا به تبيعا )‪ .(5‬الكهف‪ :‬واضرب لهم مثل رجلين جعلنا‬
‫لحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا * كلتا‬
‫الجنتين آتت اكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خللهما نهرا * وكان له ثمر‬
‫فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مال وأعز نفرا * ودخل جنته وهو‬
‫ظالم لنفسه قال ما اظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن‬
‫رددت إلى ربي لجدن خيرا منها منقلبا * قال له صاحبه وهو يحاوره‬
‫أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجل * لكنا هو ال‬
‫ربي ول اشرك بربي أحدا * ولول إذ دخلت جنتك قلت ما شاء ال ل قوة‬
‫إل بال إن ترن أنا أقل منك مال وولدا * فعسى ربي أن يؤتين‬

‫)‪ (1‬النحل‪ (2) .55 - 53 :‬النحل‪ (3) .72 - 71 :‬النحل‪ (4) .83 :‬النحل‪) .112 :‬‬
‫‪ (5‬أسرى‪[*] .69 - 67 :‬‬

‫]‪[341‬‬

‫خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا * أو يصبح‬
‫ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا * واحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على‬
‫ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول ياليتني لم اشرك بربي أحدا‬
‫* ولم تكن له فئة ينصرونه من دون ال وما كان منتصرا * هنالك الولية‬
‫ل الحق هو خير ثوابا وخير عقبا )‪ .(1‬الحج‪ :‬وهو الذي أحياكم ثم يميتكم‬
‫ثم يحييكم إن النسان لكفور )‪ .(2‬العنكبوت‪ :‬فإذا ركبوا في الفلك دعوا ال‬
‫مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون * ليكفروا بما‬
‫آيتناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون إلى قوله تعالى‪ :‬أفبالباطل يؤمنون‬
‫وبنعمة ال يكفرون )‪ .(3‬الروم‪ :‬وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين‬
‫إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون * ليكفروا بما‬
‫آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬ولئن أرسلنا ريحا فرأوه‬
‫مصفرا لظلوا من بعده يكفرون )‪ .(5‬لقمان‪ :‬ألم تر إلى الفلك تجري في‬
‫البحر بنعمة ال ليريكم من آياته إن في ذلك ليات لكل صبار شكور * وإذا‬
‫غشيهم موج كالظلل دعوا ال مخلصين له الدين فلما نجيهم إلى البر فمنهم‬
‫مقتصد وما يجحد بايآتنا إل كل ختار كفور )‪ .(6‬سبا‪ :‬لقد كان لسبأ في‬
‫مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة‬
‫طيبة ورب غفور * فأعرضوا فارسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم‬
‫جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا‬
‫وهل نجازي إل الكفور * وجعلنا بينهم وبين القرى‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .44 - 32 :‬الحج‪ (3) .66 :‬العنكبوت‪ (4) .67 - 65 :‬الروم‪- 33 :‬‬
‫‪ (5) .34‬الروم‪ (6) .51 :‬لقمان‪[*] .32 - 31 :‬‬
‫]‪[342‬‬

‫التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين *‬
‫فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم‬
‫كل ممزق إن في ذلك ليات لكل صبار شكور )‪ .(1‬الزمر‪ :‬إن ال ل يهدي‬
‫من هو كاذب كفار )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬وإذا مس النسان ضر دعا ربه منيبا‬
‫إليه ثم إذا خوله نعمة نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل ل أندادا ليضل‬
‫عن سبيله قل تمتع بكفرك قليل إنك من أصحاب النار )‪ .(3‬السجدة‪ :‬ل‬
‫يسأم النسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤس قنوط * ولئن أذقناه‬
‫رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن‬
‫رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا‬
‫ولنذيقنهم من عذاب غليظ * وإذا أنعمنا على النسان أعرض ونآى بجانبه‬
‫وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )‪ .(4‬حمعسق‪ :‬وانا إذا أذقنا النسان‬
‫رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فان النسان كفور )‪.(5‬‬
‫الدهر‪ :‬إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * إنا أعتدنا للكافرين‬
‫سلسل وأغلل وسعيرا )‪ .(6‬عبس‪ :‬قتل النسان ما أكفره * من أي شئ‬
‫خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا‬
‫شاء أنشره * كل لما يقض ما أمره )‪ .(7‬العاديات‪ :‬إن النسان لربه لكنود‬
‫)‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬سبأ‪ (2) .19 - 15 :‬الزمر‪ (3) .3 :‬الزمر‪ (4) .8 :‬السجدة‪(5) .51 - 49 :‬‬
‫الشورى‪ (6) .48 :‬الدهر‪ (7) .40 :‬عبس‪ (8) .23 - 17 :‬العاديات‪6 :‬‬
‫وهذا الباب لم يخرج أحاديثه‪[*] .‬‬

‫]‪[343‬‬

‫كلمة الناشر‪ :‬بسمه تعالى الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على رسوله‬
‫محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين‪ .‬وبعد‪ :‬فقد من ال العزيز علينا‬
‫‪ -‬بفضله وأنعامه ‪ -‬حيث اختارنا للقيام بنشر تراث أهل البيت عليهم الصلة‬
‫والسلم ومنها هذه الموسوعة الكبيرة الفذة التي لم ينسج على منوالها‬
‫ولم يعمل على شاكلتها‪ ،‬نسأل ال العزيز أن يوفقنا لهذه الخدمة المرضية‬
‫إنه ولي التوفيق‪ .‬ولقد يسر ال إنجاز عدتنا بانتشار أجزاء البحار متواليا‬
‫فخرج بعون ال وله الشكر ‪ -‬حتى الن ‪ -‬أحد وعشرون جزءا من غرر‬
‫أجزاء البحار وسينتشر سائر أجزائها غير المطبوعة على هذا النمط وال‬
‫ولي التوفيق‪ .‬مدير المكتبة السلمية‪ .‬الحاج السيد إسماعيل الكتابچي‬
‫واخوانه‪[*] .‬‬
‫]‪[344‬‬

‫كلمة المصحح‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل ‪ -‬والصلة والسلم على رسول‬
‫ال‪ ،‬وعلى آله امناء ال‪ .‬وبعد‪ :‬فقد تفضل ال علينا ‪ -‬وله الفضل والمن ‪-‬‬
‫حيث اختارنا لخدمة الدين وأهله‪ ،‬وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى‬
‫وهي الباحثة عن المعارف السلمية الدائرة بين المسلمين‪ :‬أعني بحار‬
‫النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار عليهم الصلوات والسلم‪.‬‬

‫]‪[344‬‬

‫كلمة المصحح‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل ‪ -‬والصلة والسلم على رسول‬
‫ال‪ ،‬وعلى آله امناء ال‪ .‬وبعد‪ :‬فقد تفضل ال علينا ‪ -‬وله الفضل والمن ‪-‬‬
‫حيث اختارنا لخدمة الدين وأهله‪ ،‬وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى‬
‫وهي الباحثة عن المعارف السلمية الدائرة بين المسلمين‪ :‬أعني بحار‬
‫النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار عليهم الصلوات والسلم‪ .‬وهذا‬
‫الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام هو الجزء السادس من المجلد‬
‫الخامس عشر‪ ،‬وقد اعتمدنا في تصحيح الحاديث وتحقيقها على النسخة‬
‫المصححة المشهورة بكمباني‪ ،‬بعد تخريجها من المصادر وتعيين موضع‬
‫النص من المصدر‪ ،‬وقابلنا معذلك تتمة الجزء الثاني على النسخة الوحيدة‬
‫من نسخة الصل لخزانة كتب الحبر الفاضل حجة السلم الحاج الشيخ‬
‫حسن المصطفوي دام إفضاله‪ ،‬وقد قدمنا في مقدمة الجزءين السابقين ‪-‬‬
‫‪ 67‬و ‪ - 68‬شطرا مما يتعلق بمعرفة هذه النسخة‪ ،‬ويرى القارئ ‪ -‬بين‬
‫يديه ‪ -‬صورة فتوغرافية منها وهي الصفحة التي يبتدء بها هذا المجلد‪.‬‬
‫نسأل ال العزيز أن يوفقنا لدامة هذه الخدمة المرضية بفضله ومنه‪ .‬محمد‬
‫الباقر البهبودي‪.‬‬

‫مكتبة يعسوب الدين عليه السلم اللكترونية‬

You might also like