Professional Documents
Culture Documents
www.waleman.com
بسم ال الرحمن الرحيم
إعداد الطالب
سليمان بن عبدال بن سالم الهميمي
مقدمة
الحممد ل رب العالميمن ،والصملة والسملم على أشرف النمبياء والمرسملين ،سميدنا محممد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،،،
فيقول تعالى :ممن المؤمنيمن رجال صمدقوا مما عاهدوا ال عليمه فمنهمم ممن قضمى نحبمه
ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبدي
لً.
قضوا أعمارهمم فمي سمبيل ال ،جاهدوا بأنفسمهم وأموالهمم فأعلى ال على أيديهمم السملم
وأعز المسلمين… "شباب مكتهلون في شبابهم ،غضيضة عن الشر أعينهم ،بطيئة عن الباطل
أرجلهم ،أنضاء عبادة وأطلح سهر ،نظر ال إليهم في جوف الليل ،منثنية أصلبهم على أجزاء
القرآن ،إذا ممر أحدهمم بآيمة فيهما ذكمر الجنمة بكمى شوقاً إليهما ،وإذا م ّر بآيمة فيهما ذكمر النار شهمق
شهقمة كأن زفيمر جهنمم فمي أذنيمه ،موصمول كللهمم بكللهمم ،كلل الليمل بكلل النهار… مصمفرة
ألوانهم ،ناحلة أجسامهم من طول الصيام وكثرة القيام…".
إن حياة كحياة أبمي زيمد الرياممي يعجمز القلم عمن وصمفها ،واللسمان عمن الثناء لهما ،قضمى
عمره في خدمة المسلمين مضحي ًا بماله ونفسه…
بحث قصير أقدمه متطفلً على حياته –رحمه ال -أقف فيه بعض الوقفات البسيطة على
حياتمه العريضمة ،وأضمع فيمه بعمض الخطوط العريضمة عمن حياتمه وسميرته… وكان سمبب كتابتمي
هذا البحث مشاركة في الندوة التي أقامتها مكتبة الندوة العامة بولية بُهل في ذكرى سيرة أبي
زيمد الرياممي ( 26،27رجمب 1418ه) على إننمي لم أكمن أهلً لن أكون ممن ضممن المشاركيمن
فيها ،فقزامتي أصغر من أن تناطح العمالقة ،ولكن هي الطاعة للستاذ ورغبة في التعلم.
وعلى كل حال فقد قسمت البحث إلى ثلثة فصول وهي كالنحو التالي:
الفصل الول :حياته ونشأته وفيه ثلثة مباحث:
)1مولده ونسبه.
)2حياته العلمية.
)3قضاؤه لوقاته وسير يومه.
الفصل الثاني :البيئة وأثرها في صقل شخصيته وفيه ثلثة مباحث:
)1الحالة الجتماعية وتأثيرها على شخصيته.
)2الصفات النفسية التي يتحلى بها.
)3حنكته في السياسة.
الفصل الثالث :مكانته وفاته وفيه أربعة مباحث:
الفصل الول
لمبحث الول
المطلب الول :مولده ونسبه
•نسبه
قبل أن ندخل في حياة هذا المجاهد العظيم ،متأملين في جنبات شخصيته الفذة التي يعجز
القلم عمن وصمفها ،واللسمان عمن الشكمر والثناء لهما؛ يتطفمل القلم لمعرفمة أجداده ،ونسمبه الذيمن
نشأ هذا العالم المجاهد بين حناياهم ورعايتهم.
إن شخصمية مثمل شخصمية أبمي زيمد لبمد وأنهما تربّتم فمي أحضان عائلة عرفمت بالبسمالة
والمروءة والصلبة.
فهمو /عبدال بمن محممد بمن رزيمق بمن سمليم الرياممي ،حيمث يعود نسمب آبائه إلى راشمد بمن
سالم بن مصعب بن ريام أكبر فخوذ بني ريام وأكثرهم عدداً.
ونسب أمه يرجع إلى أولد حمير من النباهنة ،قوم شهد لهم بالبسالة ووطنها بلدة تنوف
على سفح الجبل الخضر).(1
على أن بعممض المؤرخيممن يقول :إن نسممب أبممي زيممد يرجممع إلى بنممي نبهان شيوخ هذه
القبيلة ،باعتبارهم جزءاً من هذه القبيلة.
وكمما رأينما سمابقاً أن نسمب أممه يرجمع إلى بنمي نبهان فيربطمه بهمم رحمم وهمو مما أق ّر بمه
الشيخ رحمه ال بلسانه).(2
ومن هنا نرى أن الشيخ أبا زيد اجتمعت فيه عراقة النسب وصلبته ،فبنو ريام هي من
إحدى القبائل العريقة في عمان ،وبنو نبهان هي من أشد القبائل التي عُرفت بالبسالة والقوة.
وكذلك اجتمعت فيه صلبة المنبت فقد كان وطن آبائه وأجداده في بلدة تسمى العين في
أعلى الجبمل الخضمر ،انتقمل منهما جده سمليم إلى إزكمي ،ونشمآ بالحارة المعروفمة بالنممزار فولد له
) (3
سالم ومحمد فتزوج الخير أم أبي زيد من تنوف
إن المتأمممل فممي حياة أبممي زيممد والذي يقلب تاريممخ حياتممه الحافممل بالبطولت يجممد علقممة
وطيدة بيمن نسمبه وموطنمه ،وبيمن شجاعتمه وبطولتمه فقمد أكسمبه ذلك الصمل وتلك التربمة البسمالة
والشجاعممة ،فهممو البطممل المغوار الذي يقود الجيوش ،وهممو المحنممك السممياسي الذي شهدت له
الخطوب ،وهمممو العالم القتصمممادي الذي تحيرت لدهائه العقول ،بمممل همممو المرشمممد والمصممملح
الجتماعي الذي أعاد للقلوب الحياة وللبلد سبيل النجاة.
…فسمبحان ال أي وصمف سمنصفه ،وبأي ثناء نسمتطيع أن نثنمي عليمه… ولسمت مبالغاً
فمي ذلك… فرحلتنما معمه طويلة سمواء هنما أو فمي باقمي البحوث التي تلي هذا البحث علنا نكشف
عن القليل من حياته.
المبحث الثاني
المطلب الول :نشأته الولى وحياته العلمية
•نشأته الولى
"إن صمياغة الشخصمية تعطمي النسمان بعداً حضارياً عظيماً ،وتجعله قادراً على ابتداع
نموذج حضاري للبشرية ..وتخلق من ذلك النسان المبعثر لتجعله ملكًا يمشي على الرض.
إن صياغة هذا الشكل من الشخصية ل يمكن أن تتم إل بتوافر قاعدة فكرية أصيلة ونظام
إلهي أسمى من نتاج أية خليا دماغية لنسان ما…
)(7
وهذه القاعدة الفكريمة وهذا النظام ل يتوافران إل بالرصميد العلممي" والثقافمي وممن هنما
جاءت عناية ال بهذا الرجل ليصبح فيما بعد الرجل الجهبذ والسد الهصور.
والناظمر فمي حياة أبمي زيمد فمي نشأتهما الولى يجمد أنّ العنايمة اللهيمة تحفهما لكمي تعدهما
العداد القوي بقواعد العلم والثقافة وتحميها من مزالق الشباب ورعونة المراهقة.
فقمد نشمأ –رحممه ال -بإزكمي ثمم انتقمل أبوه وعممه إلى إبرا ممن الشرقيمة يعلمان القرآن
الكريم ،فمات أبوه بها ،ونشأ في حجر عمه ثم عاد إلى إزكي واتخذها وطناً).(8
ويرى الشريانمي) (9أنمه عاش يتيم ًا حيمث فقمد أبويمه بتنوف وهمو صمغير ثمم نقله عممه إلى
إزكي.
()4الشيخ علي بن ناصر الفرجي ،أبو زيد الريامي همٌ وإنازات ،إخراج زاهر بن ممد بن عبدال الشقصي ،مذكرة ،ص.
()5أحد البيمان ،سية أب زيد ،صمرجع سابق.
()6انظر السالي ،نضة العيان ،ص ،مرجع سابق.
الفرجي ،أبو زيد همٌ وإنازات ،ص ،مرجع سابق.
()7زهي العرجي ،الشخصية السلمية ،دار التعارف ،ط1977 ،1م1397/ه ،ص.
()8السكري ،النظام الال والداري عند أب زيد ،ص.
()9خلف بن زاهر الشريان ،أجرى القابلة أحد السكري ،انظر النظام الال والداري عند أب زيد ،ص.
المطلب الثاني
•حياته العلمية
•تحصيله وهمته
أدرك الشيممخ –رحمممه ال -بعقله الواسممع أن مهنممة الصممياغة ل تليممق بممه ،فشخصمميته
ينتظرهما أممر عظيمم لبمد ممن العداد العلممي والثقافمي لهما ،فسماقته عنايمة ال تعالى إلى كعبمة
عصمره فمي مقتبمل عمره وبدايمة شبابمه حيمث صمفاء العقمل ،ونقاوة الفكمر ،وخلو البال ،حيمث كان
عمره –رحمه ال -خمسة عشر سنة ،وذلك في عام ستة عشر وثلثمائة وألف (1316ه)).(13
ل عليه، ذهب إلى الشيخ نور الدين السالمي ويداه خاليتان يحمل اليقين بال تعالى ،متوك ً
فطلب من الشيخ السالمي أن يلزمه فرحب به الشيخ ولعله أدرك بفراسته للمستقبل الذي ينتظر
الشيخ أبا زيد.
والن نقف نستمع من الشيخ يحكي لنا بنفسه ذهابه إلى نور الدين يقول" :بعدما شعرت
أن طلب العلم الشريممف هممو أفضممل مكسممباً ،وأجممل فضلً ،ذهبممت إلى بلدة قابممل الحرث ،والتقيممت
بالشيخ الجليل نور الدين السالمي –رحمه ال -فطلبت منه أن ألزمه في طلب العلم ،فرحب بي
الشيخ –رحمه ال.(14)"-
أخمي القارئ أل يتبادر إلى ذهنمك سمؤال محيمر وهمو كيمف اسمتطاع شيخنما الرياممي الذهاب
في سفر وهو ابن خمسة عشر عاماً؟! وكيف استطاع العيش بنفسه طوال تلك السنوات ،ومن
()11الرجع السابق.
()12الفرجي ،ص ،مرجع سابق ،السكري ،ص ،مرجع سابق.
()13السكري ،الرجع السابق ،ص.
()14أحد البيمان ،سية أب زيد ،ص ،مرجع سابق.
المبحث الثالث
• قضاؤه لوقاته وسير يومه
إن الشيخ أبا زيد لم يختلف عن من قبله من السلف الصالح في تقسيم أوقاته ،وتنظيمه،
وهمو مما ينبغمي أن يتمسمك بمه كمل مسملم ،فالمنظمم همو الذي يملك الوقمت ،يصمرفه كيفمما أراد ،أمما
الرجمل المبعثمر وغيمر المنظمم ل يسمتطيع أن يجنمي ثمار أعماله فمي أكمبر متسمع ممن الوقمت ،فهمو
بسوء تصرفه يهدر أوقاته والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
على أن السملم يعلن عمن ضرورة ازدواج الفكمر والعاطفمة واجتماع العقيدة ،ومما تتطلبمه
ممن ألوان النفعال والحسماس ،حتمى تدب الحياة فمي العقيدة وتصمبح مصمدر حركمة وقوة ودفمع
وليست مجرد عقلية ل يستجيب لها الحس ول تتدفق بالحياة).(38
وكمممل ذلك ل يتأتمممى إل بالهتمام بالعبادة والرتباط بال تعالى ممممع عدم نسممميان الجانمممب
الدنيوي ،فيما يوصل إلى مرضاة ال تعالى ،وما يتعلق بالمانة التي أنيطت بالنسان في حياته
من رعاية مصالح المسلمين.
ومممن هنمما أدرك شيخنمما –رحمممه ال -أن المانممة عظيمممة وتبعاتهمما ثقيلة ،والرتباط بال
تعالى يعين في قضاء ما عسر وأشكل من أمور تواجه كل من وصل إلى مرتبته ،لهذا لبد من
الموافقة بين قضاء مصالح المسلمين وبين متابعتهم وبين العتكاف بالضراعة ل تعالى ،ولهذا
كانت أوقاته منظمة سواء كان في بُهل أم في اليام التي يقضيها في حصن جبرين (وهي عشرة
أيام ممن كمل شهمر وذلك عندمما عهمد إليمه المام الخليلي بقبمض حصمن جمبرين)) (39فكان –رحممه
ال -يصلي الفجر وبعد ذلك يفتتح يومه بتلوة القرآن الكريم ،حتى يصلي الضحى وبعدها يذهب
إلى بيتمه وأهله فمي شؤونمه الخاصمة ،ليخرج إلى مجلس العلم يعلم طلبمه حتمى منتصمف النهار،
وهي الفترة الذهبية في طلب العلم ،ولهذا حافظ عليها شيخنا رحمه ال.
()36السكري ،ص.
()37الرجع السابق.
()38زهي العرجي ،الشخصية السلمية ،ص ،مرجع سابق.
()39البيمان ،ص.
) (على أن الشيخ يتقبل الحكام ف أي وقت وف أي مكان ،ول يلتزم بعد صلة العصر بيث ل يكم إل ف ذلك الوقت ،وإنا ذلك الوقت
∗
الفصل الثاني
البيئة وأثرها
في
صقل شخصية أبي زيد
:
المبحث الثاني
• الصفات النفسية والخلقية التي يتحلى بها
"إن الشخصمية فمي السملم همي مركمز علقات وعصمب مواصملت ،علقمة النسمان بال،
وعلقة النسان بالكون ،وعلقة النسان بالمجتمع.
فالعلقمة الولى حبلهما اليمان والروحيمة ،والعلقمة الثانيمة حبلهما الفكمر والعقمل والتأممل،
والعلقمة الثانيمة حبلهما الخلق والثقافمة وهمي بمجموعهما تشكمل فمي النفسمية السملمية عقدة
التقوى") (46فكممل تلك العلقات مممن تأمممل وفكممر وروحانيات وأخلق وثقافممة تمثممل التقوى ،فماذا
نقول فمي صمفات شيخنما –رحممه ال -فهمو التقمي أي الورع والميمن والرحيمم والمتواضمع ،وإذا
جمعنما تلك الصمفات تمثمل لنما التقوى ،وعلى كمل حال فشخصميته –رحممه ال تعالى -اتصمفت بتلك
الصمفات التمي يكون مصمبها بحمر التقوى ،ولكمي يتضمح المقال يحسمن لنما أن نفصمل فمي صمفاته
التي جملناها في أربع صفات (الورع ،المانة ،الرحمة ،التواضع) ونحاول إن شاء ال أن نذكر
بعض المثلة لكل صفة.
• أولً :الرحمة والتواضع وتقدير النعمة:
إن تلك الحداث التممي واجهممت الشيممخ أبمما زيممد فممي حياتممه ،ورسمممت فممي ذاكرتممه معنممى
الحرمان ،وحياتمه التمي عاصمر بهما الناس وهمم يواجهون أقسمى الظروف ،كانمت كفيلة لن تجعله
محسمًا بقيممة النعممة التمي ينعمهما ال تعالى على عباده فل تفريمط فمي رزق ال تعالى مهمما كان
قليلً ،ومهما كانت الحاجة غير ملحة ،فقد كان الشيخ إذا مرّ في طريقه ونظر في تمرة ساقطة
يتناولها بيده الشريفة ،ويمسح عنها التراب ،ويرفعها في كور عمامته ويقول :ل ينبغي التهاون
بالنعمة ،ول يدري النسان أين البركة فلعلها في التمرة الساقطة ول يجوز وطؤها).(47
()45الرجع السابق.
()46زهي العرجي ،الشخصية السلمية ،ص ،مرجع سابق.
()47الشيخ علي الفرجي ،أبو زيد الريامي همٌ وإنازات ،ص.
المبحث الثالث
• حنكته في السياسة
بعد أن رأينا في المبحث الماضي تأثير الحالة الجتماعية على شخصية أبي زيد وصفاته
النفسية ننتقل بعد ذلك إلى تأثير هذه العوامل على إرادته ،التي جاهد بها وصابر من أجل عمل
صالح عله يخفف الوطأة عن ما يعانيه المسلمون.
وإنه "لبد للذي يريد أن ينتج العمل الصالح أن تتوفر فيه القدرة التسخيرية والرادة.
فالقدرة التسمخيرية همي ثمرة تزاوج القدرات العقليمة ،ممع الخمبرات الدينيمة والجتماعيمة
والكونيممة ،أي أن القدرة التسممخيرية تولد مممن خلل النظممر العقلي السممليم فممي تاريممخ الفكار
والشخاص والحداث والشياء والحاطمة بهما نشأة ثمم تطوراً ،وهمو مما دفمع الشيمخ أبما زيمد للجمد
والعممل حيمث عاصمر ممن الحداث مما عاصمر ثمم امتزج كمل ذلك بالرادة التمي همي توجمه رغبات
الفرد نحمو هدف معيمن ،بحيمث تكون سمليمة تتوجمه رغبات الفرد نحمو حاجاتمه السماسية والعليما
بالقدر والسملوب اللذيمن يجلبان له النفمع ،ويدفعان عنمه الضرر فمي حياتمه ومصميره") .(68وهكذا
امتزجمت القدرة التسمخيرية عنمد الشيمخ أبمي زيمد بالرادة حتمى أنتجمت العممل الصمالح منتفعًا بمه
خلق كثير وأحيا به بلدة بُهل ومدّ دولة عمان بالخيرات الوفيرة.
على أن شخصمية أبمي زيمد همي تلك الشخصمية التمي تمتلك مقومات القيادة التمي نبعمت ممن
الحسماس الجسميم بالمسمؤولية الملقاة على عاتقمه ،على أن القيادة تعنمي" :امتلك النسمان زمام
نفسممه والقدرة على توجيممه الخريممن والقدرة على التصممرف فممي اللحظات التممي تسممتدعي حزماً
وقوة وسعة تفكير وبعد نظر").(69
ولهذا فمممع ممما وهممب ال شيخنمما مممن الصممفات القياديممة ويسممر له مممن القدرة التسممخيرية
والرادة مما يسمر ،وقبمل كمل ذلك جعمل فيمه قدرات عقليمة كامنمة يسمتطيع ممن خللهما التعرف على
البيئة القائممة ممن حوله بمكوناتهما وأحداثهما ،ثمم خزن تلك المعارف واسمترجعها ووضعهما فمي
الوقممت المناسممب عنممد توليممه الوليممة والقضاء ،طبق ًا للمواقممف والمشكلت التممي مرّ بهمما خلل
مسيرة حياته.
الفصل الثالث
مكانته ووفاته
()93السكري ،ص.
()94الرجع السابق.
()95البيمان ،ص.16-
()96الرجع السابق ،ص.
()97أبو مسلم الرواحي ،ديوان أب مسلم
المبحث الثاني:
• كرامات الشيخ أبي زيد
إن التضحيات التمي قدمهما أبمو زيمد والعمال التمي قام بهما لم تكمن بالشمئ القليمل ،وإنمما
ضحمى وكابمد وتحممل المشاق والمتاعمب ،ولهذا أراد ال أن يكرممه بتلك الكرامات التمي يمنحهما
أولياءه وأصفياءه ،ومما يذكر من الكرامات التي منحه إياها ما يلي):(100
)1إذا عمل طعاماً فإنه يُشبِعُ كل من أكل منه ولو كان قليلً.
()98فوجه الشيخ ماجد إل المام ببه فكانت رسالة المام إل أب زيد ،انظر اللحق رقم (.)2
()99البيمان ،ص.
()100البيمان ،ص.49-
)2رجمل أطال شعره ،فرآه رجمل فقال له :لماذا تطيمل شعرك مثمل شعمر أبمي زيمد ،فقال
ذلك الرجل باستهتار :من هو أبو زيد شعري أحسن منه ،وفي نومه شعر برجل
واقف على رأسه ومعه شهاب من نار قائلً له :أشعرك أحسن من شعر أبي زيد؟
وهكذا كلممما أراد النوم رأى ذلك فلممما أصممبح ذهممب إلى الرجممل ،وتاب مممن زلتممه،
وذهب منه ما ألم به.
)3يقول البيمانممي :روى لي أحممد الثقات وممممن صمماحب أبمما زيممد مراراً فممي أسممفاره
وعندممما كان المام يقوم بثورة ضممد العصمماة ،فإن أبمما زيممد يتولى النفاق بنفسممه
للجيمش ،فيأتون ليأخذوا نفقتهمم كمل يوم حسمب عددهمم فيعطيهمم ويخرج القروش
ممن خرجمه وهكذا يسمتمر ،وذات يوم بينمما همو غيمر حاضمر فكمر بعمض الموجوديمن
أن يلتمسمموا الخرج ،فلم يجدوا فيممه شيئاً مممن القروش ،وبعممد ذلك حضممر الشيممخ
واسمتمر بأخمذ القروش للنفاق ممن الخرج ،فأخمبره أحدهمم بأنما التمسمنا الخرج فلم
نجمد شيئ ًا فيمه ،وأنمت تأخمذ منمه هذه القروش ،فقال الشيمخ :هذا ليمس ممن شأنكمم،
وإن هناك من يحرس المانة عند غيابي.
فسبحان ال أين ذهبت النقود ومن كان يحرسها ..كل ذلك من كراماته رحمه ال
تعالى وأكرم مثواه ..وهذه همي بعمض الكرامات وهمي مما وجدتهما عنمه ،وقمد تكون هناك
قصمص كثيرة ل تشيمر إليهما المراجمع ،وعلى كمل حال فإن الكرامات السمابقة كافيمة لبيان
منمزلة شيخنا رحمه ال تعالى.
المبحث الثالث:
• أبو زيد في نظر الناس
لقمد تألق اسمم أبمي زيمد فمي سمماء عُمان ،وعانقتمه القلوب حبّا وعرفاناً ،فقمد أعاد للسميرة
ل بالعدل والرحمة والعطف على الفقراء والمساكين ،فتناقلته اللسن وأثنت العمرية نموذجاً حاف ً
عليه.
ولهذا كان رحمه ال تعالى في زمانه محبوب ًا مطاع ًا مهاباً ،أحبه الناس بأخلقه وصفاته،
وأطاعوه بسمبب حنكتمه وفضله عليهمم ،وهابوه بسمبب شدتمه فمي أ حكاممه ،فمما يروى فمي ذلك أن
لصاً قطع عذق موز وذهب به إلى السوق ،ولما انكشف أمره أسرع للهروب ،ومن ثم سافر إلى
زنجبار ،ولم يرجع منها إل بعد وفاة الشيخ ،لعلمه أنه سيسجنه سنة كاملة).(101
ولهذا كله أصمبح أبمو زيمد فاكهمة كمل مجلس ،يذكرون فضله وخلقمه سمواء فمي عصمره أو
بعد عصره ،وهانحن اليوم نسمع في مجالسنا القصص الكثيرة عن أبي زيد ،بل وصل الحال أنه
إذا أراد العوام أن يتمسمكوا بشيمء قالوا :كان أبمو زيمد يفعله ،وإن لم يكمن يفعله –والمثلة على
ذلك كثيرة أظممن أن كممل واحممد يعرفهمما -وفممي هذا دليممل على عظمتممه فممي قلوبهممم ،ومكانتممه مممن
أنفسهم ،وحق لهم ذلك فقد حاول تطبيق السنة بحذافيرها ،فقد جعل نصب عينيه سيرة الرسول،
وتأسى بالفاروق في عدله وورعه وأمانته ،فرحمك ال وأجزل المثوبة عليك.
()101الشيخ الفرجي ،ص.
فإن الشيممخ لم يسمملم مممن المطاعممن ،فقممد وجدت فئة فممي عهده رحمممه ال تعالى تكيممد له
المكائد ،وتنصمب له الفخاخ ،ولعلّ كمل ذلك راجمع إلى وجود ناصمر بمن حميمد الغافري فمي جمبرين
بعد خروجه عند فتح المام لبُهل ليحرض هذا الغافري الناس وينشر الحقد للشيخ.
)103
وممن الوشايات التمي وجهمت ضده إلى الماميمن؛ إلى محاولة اغتياله رحممه ال تعالى
( ،ولكن ال تعالى سلمه من ذلك.
حتممممممممى يراق على جوانبممممممممه الدم ل يسممملم الشرف الرفيمممع ممممن الذى
وما قصة الرجل الذي استهان بأبي زيد عندما أطال شعر رأسه ،إل بسبب الحقد الدفين
الذي يحمله بعمض أولئك الشواذ مممن سمئموا العدل وتطلعوا إلى الفسماد ،ولكمن الشيمخ رحممه ال
تعالى يضرب عنهم صفح ًا فما منمزلته منهم إل كما قال الشاعر:
كمنممممممزلة الفقيمممممه ممممممن السمممممفيه ومنممممممزلة السمممممفيه ممممممن الفقيمممممه
وهذا فيممممممه أزهممممممد منممممممه فيممممممه فهذا زاهممممممممممممد فممممممممممممي قرب هذا
تنطممممممع فممممممي مخالفممممممة الفقيممممممه إذا غلب الشقاء على سمممممممممممممممممفيه
فرحمك ال يا أبا زيد ..من يستطيع أن يتصور كل تلك الحقاد ضدك وأنت الذي صبرت
وصمابرت ممن أجمل راحتهمم ،وسمهرت الليالي وأضعمت أوقاتمك كمل تلك العمال التمي قدمتهما لم
تشبع قلوبهم ولم تشف غليلهم.
وأنتمم أيهما الحاقدون ألم تقدروا الشيمخ حمق قدره؟ همل خفيمت عليكمم فضائله أم أن العممى
أضلكم عن سواء الطريق.
وينكمممر الفمممم طعمممم الماء ممممن سمممقم قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ
المبحث الرابع
• وفاته
وبعد تلك الحياة الحافلة بالعمل والخلص شاء ال تعالى أن يختار هذا المولى إليه ،وأن
يرد النفس إلى بارئها فدوام الحال من المحال ،ولم يكتب الخلود لحد.
فقد أفلت تلك الشمس الساطعة ثلث وستون عاماً لعيش المسلمون وروحهم مع روحه،
وألسمنتهم تلهمج بالثناء عليمه والترحمم له ،أفلت الشممس وامتمد ضياؤهما إلى زماننما ويبقمى ممتداً
إلى أن يرث ال الرض ومن عليها.
()102جيع هذه الشعار ف هذا البحث منقولة من (سهام الي) للشيخ سعيد القنوب ول أوثقها لعدم اتساع الوقت.
()103الشيخ الفرجي ،ص.
• الخاتمة
..وبعدما تجولنا في تلك الحديقة التي تفوح بشذا العزيمة والصلبة ،وتتدلى فيها ثمار
الحنكمة والعقليمة ،بمل وتحفهما ورود الرحممة والمحبمة ..إن تلك الحديقمة جدغنيمة وثمارهما يانعمة..
ما علينا إل أن نجني ثمارها لننتفع بها في دروب الحياة التي عم فيها الجهل وتلوث الفكر وطم
النحراف.
مما أشبمه شخصمية أبمي زيمد بالفاروق ومما أشدهما تمسمكًا بسميرة الرسمول عليمه السملم،
لتحير المستبصر وترد المرتاب ..فما أحراها أن تكون قدوة للدعاة والمرشدين ،يضعونها نصب
أعينهم.
إن تلك الكلمات التمي كتبتهما فمي هذا البحمث عمن حياتمه مما همي إل ومضات ووقفات على
هامممش سمميرته الحافلة بالبطولت ..وممما هممي إل تطفممل على حياتممه ،وأخيرًا يقول تعالى :محمممد
رسمول ال والذيمن معمه أشداء على الكفار رحماء بينهمم تراهمم ركعًا سمجدًا يبتغون فضلً ممن ال
ورضوان ًا سيماهم في وجوههم من أثر السجود.
صدق ال العظيم
هذا والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته.