Professional Documents
Culture Documents
القومية
القومية
تعرضنا في السبوع الماضي بتوفيق ال تبارك وتعالى إلى مسألة المساواة والكرامة أو
مييا يسييمى " حقوق النسييان " ,ويكفييي أن ال تبارك وتعالى من يّ على البشرييية جمعاء
ببعثة محمد صلى ال عليه وسلم وبهذا الدين العظيم الذي حررها من العبودية لغير ال
وعلمها حقيقة المساواة بين البشر وأن التفاضل ل يكون إل بالتقوى .
نكمل اليوم هذا الموضوع فيما يتعلق بفكرة (( القومية )) التي نشأت مخالفة لما ذكر ال
تبارك وتعالى ولما ذكر رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فالقومية أو الوطنية أو القبلية
أو الحزبييية أو النعرات العرقييية أو الطائفييية أو مييا أشبييه ذلك كلهييا يجمعهييا أنهييا تنافييي
وتخالف هذا الصيل العظييم – التفاضيل بيين الناس بالتقوى . -وإذا أردنيا أن نرجيع إلى
تاريخ القومية القديم فإننا نجد أكثر الناس غلواً في القومية وفي العنصرية -ول يزالون
إلى اليوم -هييم اليهود .ربمييا يكون لليهود السييبق وتعليييم غيرهييم ميين المييم التعصييب
العرقي الذميم المغالى فيه جداً ،فإن المم الخرى وإن كانت كل أمة تتعصب لقوميتها
إل أنهيا لم تبلغ حداً يفوق اليهود ،وإنميا أكثير الميم قوميةً ظهرت تبعاً لليهود كميا حدث
للقومية النازية في ألمانيا أو الفاشية في إيطاليا ،فهي ظهرت متأثرة بالفكر اليهودي .
واليهود هم أكثر الناس عنصرية وقومية وذكر ال تبارك وتعالى عنهم ما يدل على ذلك
فيي القرآن فيي مواضيع كميا قال ال عيز وجيل { :وقالت اليهود والنصـارى نحـن أبناء
ال وأحبائه قــل فلم يعذبكــم بذنوبكــم بــل أنتــم بشــر ممــن خلق } يدعون أنهييم أبناء ال
وأحباؤه ويدعي اليهود أنهم شعب ال المختار ,وأيضاً كما ذكر ال عز وجل بأنهم قالوا
{ :ليس علينا في الميين سبيل } { ،ومنهم من تأمنه بدينار ل يؤده إليك } .فيرون
استحلل أموال غير اليهود وأن أموال الميين هي حلل لليهود !
وهذه القومية عند اليهود إنما جاءتهم من فهم باطل للتوراة وتحريف لبعض نصوصها ،
أو من ابتداعهم في الكتاب الكبير الذي ابتدعوه واتبعوه أكثر من التوراة وهو ما يسمى "
التلمود " .
ي إل ميين بنييي وميين آثار هذه القومييية والعنصييرية اعتقادهييم أنييه ل يمكيين أن يكون نييب ٌ
إسرائيل ,وكان ذلك من جملة أسباب كفرهم برسالة محمد صى ال عليه وسلم أنه من
الميييين ! ولهذا نجييد فييي سييورة الجمعيية بييين ال تبارك وتعالى تفضله وإنعامييه على
المييين { هـو الذي بعـث فـي المييـن رسـولً منهـم يتلوا عليهـم آياتـه ويزكيهـم ويعلمهـم
الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين } ,ثم بين لماذا هذا التفضيل وهو
أن اليهود ل يسيتحقونه { مثـل الذيـن حمّلوا التوراة ثـم لم يحملوهـا كمثـل الحمار يحمـل
-1-
أســفاراً } .فهذا الفضييل ميين ال تبارك وتعالى على الميييين هييو بحكمتييه ،فهييو الذي
اختارهيم لحكمية يعلمهيا ,وأميا أولئك فنييزع منهيم النبوة لن حالهيم أصيبح مثيل هذا المثيل
السيء -كمثل الحمار يحمل أسفارا – فنيزعت منهم النبوة .فهم يرون أنهم أحق الناس
بالنبوة وأن ل نبوة فيي غيرهيم ,ووصيل بهيم الحيد إلى اعتقاد أن أي إنسيان غيير يهودي
خِلقُوا ليكونوا كالحمير لليهودسواء كانت نصرانياً أو مسلماً أو من أي دين آخر فهم إنما ُ
يركبهيم شعيب ال المختار ! بيل يعللون خلقية ال سيبحانه وتعالى لغيير اليهود على شكيل
اليهود فيقولون :هذا مين فضيل ال على اليهود حتيى يسيتطيعوا اسيتخدامهم وإل فهيم فيي
الحقيقية كالحمير والبغال والجمال وغيرها مين الحيوانات لكن ال سبحانه وتعالى خلقهم
على صيورة اليهود ليسيتطيع اليهود أن يسيتخدموهم كميا يشاؤون ,فهيم وأموالهيم حلل
لهم ول حرج عليهم في شيء من ذلك !
فلذلك كما قلنا إما أنها نصوص حرفت من التوراة أو أنها مما وضعه الحبار والرهبان
في التلمود .وهذا ما بينه ال تبارك وتعالى -وهو معلوم بالتواتر -أنهم حرفوا التوراة ,
ومن جملة ما حرفوا أن ال سبحانه وتعالى أمر الناس في الوصايا العشر التي أنزلها في
التوراة بأن يقوموا بالقسييط وأن يوفوا الكيييل والميزان وأن ل يزنوا وأن ل يسييرقوا ...
فحور اليهود ذلك وحرفوه :ل تزنييي أي باليهودييية ,ول تسييرق مالً أي ل تسييرق مال
اليهودي ,ول تقتل النفس أي ل تقتل اليهودي وهكذا .حرفوا ذلك ليصبح خاصاً باليهود
أما غير اليهود فجاء التلمود وأكمل في هذا فيقول " :إذا وقع أممي ( أي غير يهودي )
فيي حفرة فل تنقذه منهيا بيل إن اسيتطعت فألقِي علييه حجرًا حتيى ل يخرج ،إذا وقيع فيي
حفرة أو غرق فييي ماء أو سييقط فييي أي مكان فل نتقذه أبداً لنييه عدو لك " فالتفضيييل
تحول إلى عداوة شديدة مقيتية لن التلمود كتيب فيي بابيل -فيي العراق -التيي كانيت مقير
حكيم الفرس الذيين سيبوا اليهود إلى بابيل ،فاليهود فيي ظيل ظروف السير وضيقيه كان
عندهييم شعور بالسييتعلء وأن ال اصييطفاهم واختارهييم وأن هؤلء وثنيون مشركون ،
فكتبوا التلمود فيي ظيل هذه الظروف فكانيت فييه روح السيتعلء والكيبر واحتقار جمييع
الشعوب والعداوة لهيم ..فأي انسيان مين غيير اليهود ل حرمية له عندهيم مثلميا أنهيم كانوا
ل يرون أي حرمية أو تقديير لهؤلء الذيين أسيروهم وقهروهيم وسيلبوهم ملكهيم وآذوهيم
وعذبوهيم .فالنفيس النتقاميية لدى اليهود هيي التيي كتبيت هذا التلمود ,وعندميا تحرروا
ميين السيير البابلي ودخلوا وانتشروا فييي أوروبييا وغيرهييا كان النصييارى يضطهدونهييم
اضطهاداً شديداً لنهييم يعتييبرونهم قتلة المسيييح ،والمسيييح عنييد النصييارى هييو الرب ،
فهؤلء قتلة الرب الذييين صييلبوه وقتلوه وكذبوه ..فأخييذ النصييارى يتفننون فييي تعذيييب
اليهود فازداد اقتناع اليهود بميييا فيييي التلمود .وكانوا يكتبون عبارات شنيعييية جدًا فيييي
المسييح علييه السيلم لكين ل يضعونهيا لن التلمود كتاب سيري وهيو فيي الصيل كتاب
سيري ل يطلع علييه غيير اليهود ،وميع ذلك كانوا يكتبون هذه العبارات ويضعون مكان
اسييم المسيييح علمات أو نقاط حتييى ل يذكروه ,لكيين الحييبر عندمييا يقرأه عليهييم يقول
المقصييود ( المسيييحيين أو المسيييح ) ثييم عمييم بعييد ذلك على غييير النصييارى فييي خارج
أوروبا .
-2-
بهذه الروح كان اليهود ول يزالون ينظرون إلى غيرهيييم مييين الشعوب ,ولهذا ل يرون
لي أمة فضل عليهم مهما أعطتهم وأنفقت عليهم ووقفت معهم لن هذه المة وما ملكت
ل ،فمهما فعل معهم الناس أو أسدوا إليهم بمعروف فالفضل ل يزال هي ملك لليهود أص ً
لهم لنهم هم الصل ومن عداهم فل قيمة له .
تعلم مين هذا الفكير اليهودي القوميون الغلة فيي أوروبيا وأهمهيم النازيون ,لكين قبيل أن
نتكلم عين هذا الفكير نرجيع إلى أصيل وجود فكرة القوميية فيي أوروبيا فهيي تسيبق النازيية
وتسييبق التأثييير الواضييح لليهود ,وذلك أن القومييية لم تكيين معروفيية فييي أوروبييا على
الطلق إنميا كان العالم فيميا يسيميه المأرخون " القرون الوسيطى " كان الصيل فيه هيو
الديين ,وكانيت القاعدة فيي التعاميل هيي الديين ,وكان النسيان يسيأل أكثير ميا يسيأل عين
دينه ،فهو إما مسلم وإما نصراني وإما يهودي وإما مجوسي .......الخ ,أما العصبيات
والعنصيريات فلهيا اعتبار ثانٍي يأتيي بعيد الديين ،وكان ذلك فيي أوروبيا وفيي الشرق وفيي
كل مكان حتى ظهرت أول ما ظهرت الفكرة القومية .
ظهرت هذه الفكرة بشكل وطني وذلك بظهور الثورة الفرنسية التي يزعم الغربيون أنها
مفتاح الحرية ومشرق النور وفجر المساواة والعدالة والحضارة الحديثة ,فعندما ظهرت
الثورة الفرنسييية لم يكيين لهييا أي طابييع دينييي وإنمييا كانييت وطنييية تقول أن الناس جميعاً
متسياوون فيي الوطنيية ،فل ينظير إلى أديانهيم ول إلى عقائدهيم ومللهيم .هذه فكرة كانيت
جديدة على الناس سييواء فييي بلد الغرب أو الشرق لن الناس إنمييا يتفاضلون بحسييب
الدين ,وكل إنسان يرى أنه أفضل من غيره ديناً ،ومهما كان المخالف له في الدين فإنه
يحتقره .لكين هؤلء المفكريين الذيين وضعوا أفكار الثورة الفرنسيية كانوا معاديين للديين
لسيباب ولظروف خاصية ،فكانوا يأخذون مين الفكير اليونانيي القدييم ومين الفكار التيي
ظهرت فييي أوروبييا ونمييت وترعرعييت شيئاً فشيئًا بعييد ظهور حركيية الصييلح الدينييي
( وهذه نأتيها إن شاء ال عندما نتحدث عن النازية ) ,فعندما كان هذا الفكر بعيدا عن
الدين جمعوا المة كما يزعمون على أساس وطني .
هناك دول " الوطنية " و " القومية " فيها شيء واحد ،وهناك دول ومجتمعات القومية
فيها أوسع وأعم من الوطنية ،وأوضح مثال الدول العربية .الدول العربية " الوطنية "
فيها أضيق من مفهوم " القومية " ،فهناك مثل وطنية مصرية ووطنية عراقية ووطنية
سيورية ,هذه كلهيا وطنيات لكين يجمعهيا قوميية واحدة هيي القوميية العربيية .لكين بعيض
الدول قوميتهيا هيي وطنيتهيا مثيل ألمانييا واليابان وفرنسيا ،فهيم شعيب يعييش على أرض
واحدة ويتكلم لغة واحدة في مكان واحد وله تاريخ واحد فقوميته هي وطنيته .
ظهرت وترعرعييت الوطنييية مختلفيية ومندمجيية مييع القومييية ،فيمكيين أن تعتييبر الثورة
الفرنسيية ثورة وطنيية أو ثورة قوميية .ثيم نشأت بعيد ذلك القوميات الخرى فيي أوروبيا
وارتبطيت بالحروب الدينيية ,وأول ميا تفتتيت أوروبيا تفتتيت على ييد حركية الصيلح
الديني ( مارتن لوثر ) و ( كالفن ) ومن كان معهم ،هؤلء ابتدعوا الدين الذي يعتبرونه
تصيييحيحًا للنصيييرانية وهيييو البروتسيييتانتية ،ومعنيييى البروتسيييتانت :المحتجون أو
-3-
المعارضون ..معارضون لمن ؟ للبابا زعيم الكاثوليك في روما ومحتجون عليه وعلى
ميا أحدث فيي الديين مين بدع وأرادوا تصيحيح الديين ..لكين إلى أي مدى صيححوا ؟ لم
يأتوا إلى القضايا الساسية ,فلم يصلحوا التثليث ليصبح توحيداً ،لم يصححوا اعتقاد أن
المسييح ابين ال ويقولون أنه عبد ال ورسوله وغير ذلك من المور .ولكنهيم اعترضوا
علييه فيي أمور كثيرة مين أهمهيا توسيط رجيل الديين بيين العبييد وبيين ال تبارك وتعالى ،
فالكاثولييك يقوم دينهيم على هذا التوسيط فرجيل الديين هيو الواسيطة ،فل يمكين السيتغفار
إل عين طريقيه ول يمكين الصيدقة إل عين طريقيه ! حتيى أنيه يباشير كثيرا مين الطقوس
وأمور الناس عنييد الموت وعنييد الميلد وعنييد الزواج ,وأمور كثيرة لبييد أن يقوم بهييا
القديس وإن لم تفعل لي انسان فإنه يعد محروماً من الجنة ! ومن ذلك احتكارهم لقراءة
وتفسير النجيل فل يمكن لحد أن يقرأ النجيل أو أن يفسره إل رجال الدين ،ويقرأونه
باللغة القديمة وليس باللغات المعاصرة واللهجات المحلية التي كانت في أوروبا .
وعندما ظهرت حركة مارتن لوثر أحدثت انفجارا قوياً وعنيفًا جداً في هذه التركيبة التي
كانيت أوروبيا بأجمعهيا مجتمعية عليهيا ،وقيد تأترت تأثرُا واضحاً بالسيلم والمسيلمين
نتيجية الحروب الصيليبية لميا وجدوا أن المسيلمين يقرأون كتاب ال كميا يشاء ويعبيد ال
سييبحانه وتعالى ليييس بينييه وبييين ال واسييطة ،فوجدوا أنهييم يمكيين أن يعبدوا ال تبارك
وتعالى بغير توسط من أحد ,فاجتهد أناس قبل ( لوثر ) في زحزحة هذه التقاليد القديمة
التيي نشيأ عليهيا الغربيون ،فنشأت حركية يسيموها " حركية تحطييم الصيور والتماثييل "
وأخذوا يحطمون الصيور والتماثييل فيي كثيير مين أنحاء أوروبيا ويقولون أن هذه وثنيية
لنيه فيي التوراه مكتوب ( ل تعميل صينماً ول ترسيم صيورةً ول تعبيد وثنًا ) ,فقالوا هذا
ليس من الدين في شيء .
وهكذا ظهرت حركات من هذا النوع إلى أن بلغت القمة في حركة " مارتن لوثر " الذي
كان ألمانيًا فترجيم النجييل إلى اللغة اللمانية وجعيل كيل إنسيان يقرأ النجييل ويتعبد كميا
يشاء ول يراجع أي قسيس ,وأصبحوا يعتقدون كفر الكاثوليك الذين في أوروبا ،والبابا
فيي المقابيل يعتقيد أن البروسيتانت كفار ،وحرم كيل منهميا الزواج مين الخير فل يجوز
للبروتسييتانتي أن يتزوج كاثوليكييية ول يجوز للكاثوليكييية أن تتزوج ميين بروتسييتانتي
والعكييس ،فصييارت بينهمييا العداوة الشديدة للدييين .ولن لوثيير لم يضييع منهجاً دقيقاً
ومنضبطاً بقدر ميا وضيع خروجيا عين البابويية ،فقيد خرجيت فرق وطوائف كثيرة تحيت
الشعار نفسه وخالفته وخالفت البابا .
القومييية اللمانييية تمحورت حول البروتسييتانتية عقيد ًة والشعييب اللمانييي قوميتييه ،أمييا
الفرنسييون وهيم العداء لهيم فيي تلك المرحلة فإنهيم بقوا على ديين الكاثولييك وهيم إلى
اليوم كذلك فدينهيم الكاثوليكيية تبعًا للبابيا ,ولكين عندميا ظهرت الثورة الفرنسيية أصيبحت
دعوتهم ل دينية فثاروا على البابا ولكن ثورة غير دينية ،فبقي عندهم الدين في حدوده
المعينة التي رسموها له والتي ل يتدخل فيها في شؤون الحياة ,فمجال الدين ( الكنائس
وما يتعلق بها ) أعطوها حرية وبقيت علىمذهب الكاثوليك .فهنا نشأ الصراع والتنافس
-4-
الشدييد فيي أوروبيا بيين هاتيين الدولتيين وبيين غيرهيا مين الدول فيميا بعيد ،وارتبطيت
القومية بالدين أيضاً وأصبح كل منهم يمثل شيئًا واحدا .
النجليييز أخذوا العقيدة البروتسييتانتية وادعوا القومييية النجليزييية وانتشروا وتمددوا فييي
أنحاء كثيرة ميين العالم خارج بلدهييم ،فأصييبحت العداوة بييين اللمان والنجليييز عداوة
قومية محضة مع أنهم في الدين سواء ،أما الفرنسيون فإنهم كانت العداوة بينهم مختلفة
ولهذا نجد أن هذه الدول الثلث قل أن تتفق في تاريخها ,وهذا غير الحروب والخلفات
والشحناء بينها ،فإذا اتفقت منها اثنتان فهما ضد الثالثة غالباً .
نشأت وترعرعت الفكار القومية في كل دولة من هذه الدول فأصبح لكل دولة شعراؤها
وشعاراتهييا ورموزهييا وتاريخهييا ومفاخرهييا وهكذا ،وابتعدت كييل واحدة عيين الخرى
ابتعاداً شديداً بعد أن كانت أوروبا قبل الثورة الفرنسية وقبل حركة مارتن لوثر كلها أمة
واحدة يجمعها دين واحد ،فتشعبت تشعباً شديداً .
فيي هذه الفترة كان العالم السيلمي كله أو على القيل ميا يوازي منيه أوروبيا -الذي هيو
منطقيية حوض البحيير البيييض المتوسييط -تحييت حكييم الدولة العثمانييية ولم يكيين يعرف
المسيلمون أي شييء عين الفكرة القوميية ول الوطنيية إلى أن ظهرت فيي مصير .ظهرت
الوطنيية المصيرية والفتخار لمصير ولمجاد مصير وبالفراعنية وميا قبيل الفراعنية تأثراً
بالذين ابتعثوا لفرنسا وتأثروا بفكرة الوطنية الفرنسية .ونشأت في مصر دعوة قوية جداً
إلى الوطنيية حتيى كانيت كيل الحزاب على اختلفهيا تدعوا أو تفخير بالوطنيية .حزب
الوفد -وسعد زغلول -كان وطنياً ,وكذلك مصطفى كامل كان وطنيًا جداً رغم عداوته
لسيعد زغلول ورغيم ميا عنده مين مسيحة إسيلمية لكين كان هيو الذي يقول ( لو لم أكين
مصريًا لتمنيت أن أكون مصرياً ) .أحمد شوقي ،حافظ ابراهيم ،وغيرهم من الشعراء
ل أن تجييد لهييم شيئا ميين الشعيير الذي يفتخيير بالعرب أو بالعالم كانوا شعراء وطنيون ق ّ
السيلمي إل أحياناً ,إنميا الصيل عندهيم فيي الفخير هيو بالوطنيية ونوع مين المتزاج
بالقومية لكن لم تظهر ملمحه ولم تتضح في تلك المرحلة .
ثيم ظهرت فكرة القوميية العربيية والقوميية التركيية .القوميية العربيية أول مين دعيى إليهيا
وأظهرها كقومية عربية هم النصارى العرب ،وهؤلء النصارى أكثرهم في بلد الشام
،أما القباط الذين كانوا في مصر فلم يكونوا يفكرون في قومية عربية بل ول حتى في
وطنية مصرية إنما كان همهم هو التبعية للغرب وللمستعمر .
الذي حدث أن الدولة العثمانييية ضغطييت على نصييارى الشام وآذتهييم فهاجرت طوائف
كيبيرة منهم إلى مصير ,وهناك أسيسوا جريدة الهرام ومجلة المقتطيف وغيرهيا ,وبدأوا
يبثون الفكير القوميي فيي مصير فأصيبح منتشرًا فيي مصير إلى حيد ميا ,وكذلك فيي بلد
الشام وهيي مقره ول سييما فيي لبنان لن النصيارى كانوا فيي منطقية جبيل لبنان .وهناك
تركزت الفكرة أو الدعوة النصيرانية القوميية وأيدهيا الغرب كميا كتيب برنارد لوييس فيي
كتابييه "الغرب والشرق الوسييط" ( تبنييى الغرب القومييية العربييية لماذا ؟ لتكون معولً
لهدم السيلم ) !! ليضرب بهيا السيلم فتختلف آصيرة التجميع عنيد العرب والترك على
-5-
السيلم فينفصيلون عين الترك وعين الهنود وغيرهيم وتصيبح القوميية العربيية فقيط هيي
التي تجمعهم فيسهل تفتيتهم .
كانوا يريدون تفتيت الدولة العثمانية بأي شكل من الشكال ,ففي الدول العربية أظهروا
فكرة القومييية العربييية ونشأت منهييا جمعيات :جمعييية العربييية الفتاة ومييا تفرع عنهييا ،
الجمعيية القحطانيية ،جمعيية العهيد ،الجمعيية العربيية ،العربيية الفتاة ...إلخ .فأصيبح
النصارى العرب يتغنون بأمجاد المة العربية بأشعار ومنشورات وكتب ألفوها ,وكذلك
أصيبحت الدعوة فيي تركييا إلى القوميية الطورانيية التركيية ،والذيين دعوا إلى القوميية
الطورانيية التركيية كانوا مين اليهود وهذا شييء ثابيت حتيى أن أحيد المؤرخيين المريكان
اسيمه "واطسين" يقول أنيه ل يوجيد أحيد فيي حركية التحاد والترقيي -الحركية القوميية
التركييية -ميين أصييل تركييي حقيقييي وإنمييا هييم ميين اليهود وغيرهييم ! يعنييي يدعون إلى
القوميية التركيية ولييس فيهيم رجيل واحيد مين أصيل تركيي ،والذيين يدعون إلى القوميية
العربييية ليييس فيهييم فييي الصييل ول واحييد مسييلم وأكثرهييم أيضًا أصييولهم أعجمييية
ونصييارى !! هنييا يجييد النسييان المفارقيية ويعلم أنهييا كانييت كلهييا تهدف لتحقيييق التمزق
والفرقة بين المسلمين لمعرفتهم بأخطار الحركة القومية في أوروبا التي قد عانت وذاقت
المرييين ميين الفكيير القومييي والتمزق القومييي ،فجاءت وصييدرت هذا الفكيير إلى العالم
السيلمي فيي حيين بدأت هيي تكون التحالفات والتكتلت المميية والعالميية التيي ظهرت
فيي الحرب العالميية الولى ثيم فيي الثانيية .وبعيد الحرب العالميية الثانيية انتهيت القوميات
فييي أوروبييا واختفييت ,والن يريدون إخفاء حتييى الوطنيات تمامًا لتصييبح أوروبييا أميية
واحدة ل وطنيييية فيهيييا فضلً عييين القوميييية .ولنهيييم ذاقوا مرارة القوميييية أرادوا أن
يصييدروها لتفتيييت العالم السييلمي فظهرت الدعوة الطورانييية أو التركييية وأرادت أن
تفرض اللغية التركيية على جمييع العرب ,وفيي المقابيل يظهير الدعاة القوميون العرب -
وأكثرهيم مين النصيارى ثيم تبعهيم الشيعية والدروز وأمثالهيم -ويقولون العروبية واللغية
العربية والمة العربية .
في الحرب العالمية الولى كانت البداية عندما اتفق على ما يسمى اتفاقية " سايكس بيكو
" -تقسيم الخلفة العثمانية بين دول الغرب -فجاءت الحركة القومية العربية وجيشت
جيوشاً وحاربيت ميع النجلييز ضيد الدولة العثمانيية ,فعندميا أراد الصيليبيون أن يدخلوا
إلى القدس كانيت رايتهيم تضيم جموعاً عديدة منهيا :النجلييز والعرب القوميون -الذيين
انضموا إلى النجلييز فيي قتال إخوانهيم فيي السيلم " الترك " -ودخيل النجلييز القدس
وبإنتهاء الحرب العالميييية انتهيييت الخلفييية العثمانيييية تماماً ,وتمزق العالم السييلمي ,
ونفذت اتفاقية " سايكس بيكو " ,وظهرت الفكار الوطنية والقومية ,وكانت في مصر
أكثر ما تكون وطنية ,وأما في بلد الشام فإنها كانت قومية ثم تطورت الحركة القومية
وجمعية العربية الفتاة كما يسمونها وحرصت على تأسيس رابطة قومية تجمع العرب ,
وبارك هذه الرابطة وشجعها بل هو الذي اقترحها في الصل كمنظمة " أنطونيا إيدن "
الذي كان وزير خارجية بريطانيا ثم رئيس وزراء بريطانيا ,فاقترح فكرة إنشاء جامعة
الدول العربييية فأنشأت بروتوكول السييكندرية ثييم جامعيية الدول العربييية ،وكان الذييين
-6-
ل قبييل قيام هذه الجامعيية كانوا أعضاء فييي
أسييسوها واجتمعوا ووقعوا ميثاقهييا هييم أص ي ً
جمعية العربية الفتاه وأشباهها من الجمعيات التي كانت قائمة في ذلك الزمن .وأوضح
الكتييب على هذا كتاب " نشأة القومييية العربييية " لمحمييد عزة دروزة لنييه كان واحداً
منهيم ،وكذلك الشاعير "خيير الديين الزركلي" صياحب العلم وهيو واحيد مين هؤلء
القوميين وشعره وحياته يذكر فيها هذا الشيء وغيرهم كثير .
رئييس بلد الشام "شكري القوتلي" كان مين جمعيية العربيية الفتاة ,ووقيع ميثاق جامعية
الدول العربيية ،فنشيأ الفكير القوميي بعيد ذلك حتيى قاميت ثورة الحزب البعثيي واسيتطاع
بقيادة "ميشييل عفلق" أن يؤسيس فكرة عقديية قويية جدًا تحكيم الن العراق وسيوريا وله
وجود قوي في ليبيا وفي السودان وهم الن تقريباً أقوى حزب في موريتانيا .
بعد الحرب العالمية الثانية نسيت القوميات تماماً في أوروبا فأصبحت التكتلت عقائدية
وعسكرية ،وأصبحت أروبا في الحقيقة معسكرين :حلف وارسو وحلف الناتو ( شمال
الطلسيي ) .حلف شمال الطلسيي يضيم الوليات المتحدة المريكيية ومعيه دول غرب
أوروبا كلها على اختلف مللها ومذاهبها الدينية وقومياتها ،وأوروبا الشرقية الشيوعية
على اختلف أجناسيها وأعراقهيا أصيبحت كتلة واحدة بعيد الحرب العالميية الثانيية التيي
انتهيت عام 1945م .بعدهيا وقيع ميثاق جامعية الدول العريبية ثيم ظهرت الحزاب هذه
وأسييست حزب البعييث .فلمييا ظهيير المعسييكر الشرقييي الشتراكييي اندمجييت الفكرة
الشتراكيية فيي الحركات القوميية والوطنيية لنهيا كلهيا مسيتوردة مين الغرب ،فقاميت
الثورة المصرية وحَ ّولَها جمال عبدالناصر من فكرة وطنية إلى فكرة قومية ،فقبل جمال
عبد الناصر ل تجد في مصر إل إشارات إلى العرب أو العروبة ككل إنما كانت الفكرة
الراسييخة فييي مناهييج التعليييم وفييي الصييحافة والعلم والشعيير :الشعارات الوطنييية
الفرعونيية ...إلى آخره ،المهيم وطنيي مصيري .جمال عبدالناصير أنشيأ إذاعية صيوت
العرب والصيحافة العربيية والفكير العربيي والمية العربيية مين المحييط إلى الخلييج فأجيج
الفكر العربي القومي .في المقابل أيضاً البعثيون جاءوا بشعار " أمة عربية واحدة ذات
رسييالة خالدة " هذا شعار حزب البعييث ،فبدأوا ينشرون هذا المبدأ .كان الصييراع على
أشده بييين هؤلء وهؤلء مييع أن جمال عبدالناصيير دعييى إلى الشتراكييية مييع القومييية
العربييييية وأولئك مييييع الوحدة العربييييية دعوا إلى الشتراكييييية ؛ إذن هؤلء اشتراكيون
وهؤلء اشتراكيون ،لكين الخلفات الحزبيية بينهيم واختلف الولءات :هذا ميع الغرب
وهذا مييع الشرق كان على أشده والذي يجمييع الجميييع أنهييم ل يريدون السييلم فالغرب
سيواء كان شرقاً أو غرباً ل يرييد أن يكون هناك أي تجميع باسيم السيلم كميا عيبر لوييس
وغيره في أوضح ما يمكن .
إن الغرب أراد هذا بوضوح ،أراد أن ل يكون هناك أي رابطة أو جامعة إسلمية وإنما
يكون المبدأ القومي هو الذي يجمع هذه الشعوب جميعاً .
-7-
وتحت شعار الحركة القومية والحركة البعثية نشأت في دول أخرى -مثل دول الجزيرة
العربيية -الفكرة الوطنيية التيي لم تكين معروفية مين قبيل ،ففيي هذه البلد فيي عمان فيي
اليميين مثلً ،مييا كان الناس يعرفون على الطلق فكرة التفاخيير بالحضارات القديميية
وبالوطنية ول يعلمون عنهيا أي شييء فضلً عن القوميية ،فنجيد أن القومييين تبنوا إحياء
هذه الحضارات والثار القديمية ,بيل ميع أنهيم يدعون القوميية العربيية ويتعصيبون للغية
العربيية أحيوا ميا يسيمونه التراث الشعيبي والشعار النبطيية وميا أشبيه ذلك ،وهذه كلهيا
عوامل تفتيت للمة إلى قوميات ,القومية تفتت إلى وطنيات ،الوطنية تفتت إلى قبليات
وحزبيات وحضارات مختلفيية ،وكييل هذا بغرض تفريييق وتمزيييق الميية السييلمية
ورابطة الولء ،فأصبح النسان ل يوالي ول يعادي إل في ما يعتقد من قومية أو وطنية
.الشيخ عبدالرحمن الدوسري رحمه ال كان أكثر إن لم يكن كل كلمه وأشرطته تصب
فيي حرب الماسيونية وهؤلء القومييين المجرميين وخاصية عندميا روج لشعار القوميية
إلى حيد لو أن أحدًا يقول هذا العربيي لييس مسيلماً لسيتنكر أشيد السيتنكار فيي أي مكان ,
ورسخت فكرة القومية العربية حتى قال شاعرهم :
سلمٌ على كفرٍ يوحد بيننا ********** وأهلً وسهلً بعده بجهنّم
هبوني ديناً يجعل العرب أمةً ****** وطوفوا بجثماني على دين برهمِ
بلدك قدمها على كل ملةٍ ***** ومن أجلها أفطر ومن أجلها صُمِ
والثاني يقول :
داع من العهد الجديد دعاك *** فاستأنفي في الخافقين علكِ
يا أمة العرب التي هي أمنا ********** أي افتخارٍ نميته ونماكِ
ميخائيل نعيمة ،جبران خليل جبران ،إيليا أبو ماضي ،وإيليا حاوي ،إلياس أبو شبكة
..الخ ،هؤلء كلهيم هيم الشعراء الذيين يتغنيى الناس بأفكارهيم ،بيل حتيى أحميد شوقيي
الذي يقول :
بلد العرب أوطاني من الشام لبغداد *** فل دين يفرقنا ول حد يباعدنا
وأصبحت المفاخرة بأن أبناء الوطن جميعًا يعملون ضد الستعمار وضد القوى الرجعية
،والرجعييية هييي الدييين فييي نظرهييم ،فكانوا يسييتغلون فكرة القومييية والوطنييية لشعال
الحرب الضروس على الديين وعلى كيل مين يدعيو إلى النتماء إلى السيلم أو يوالي أو
يعادي فيي هذا الديين حتيى مسيخت المية تقريباً مسيخًا كاملً أو شبيه كاميل ,وأصيبحت
نظرة كل الناس إلى المة العربية والوطن العربي :فإن درست الجغرافيا فهي جغرافية
الوطين العربيي ،وإن درسيت الثروة فثروة الوطين العربيي ،وإن درسيت السيكان فهيم
سييكان الوطيين العربييي ،وإن تحدث أحييد عيين الخطار فإنييه يتحدث عيين الخطار على
المية العربيية .وفيي الحقيقية أنيه مجاملة لهؤلء الحفنية مين النصيارى فيي لبنان ومصير
تخلى الباقون عيين دينهييم ،والتعييبير الذي كان ول يزال إلى هذه اليام مسييتخدم أن يقال
( المتين ) المة العربية والمة السلمية ! ومن أجل هؤلء تجعل المة الواحدة التي
قال ال تعالى عنها { وإن هذه أمتكم أمةً واحدة } تجعل أمتين !!
-8-
ونتيجية لهذا الشعور -رسيوخ الفكرة القوميية عنيد الناس -أصيبح ل يمكين أن تنظير إلى
أي أحد وتقول هذا مسلم أو نصراني ول يمكن أن تسأل عن هذا ،وما كان أحد يستطيع
أن يتحدث بهذا إل ويحتقيير ول يسييتطيع أن يكتييب فييي مجلة أو يتكلم فييي الذاعيية وهييو
يخالف فكرة القومييية العربييية أو الخوة العربييية والرابطيية العربييية واللغيية المشتركيية
والتارييييخ المشترك ،وهذا خلف ميييا ذكييير ال تبارك وتعالى { إن أكرمكـــم عنـــد ال
أتقاكم } ولما قاله صلى ال عليه وسلم " ل فضل لعربي على أعجمي ول لعجمي على
عربيي إل بالتقوى " .وكان العراقيي مثل وإن كان يدعيي القوميية العربيية إل أنيه يفتخير
بالشورييية والبابلييية والكلدانييية ،وأهييل الشام وإن كانوا أيضاً يدعون القومييية العربييية
والبعثيية إل أنهيم يفتخرون بآثار السيومريين والفينيقييين ،وفيي مصير يفتخرون بالثار
الفرعونييية وغيرهييا ،أمييا نحيين هنييا فمعنييا دعوة الشيييخ محمييد بيين عبدالوهاب والعقيدة
السلفية الناصعة التي ل تفرق بين عربي وأعجمي فهي دعوة سلفية تجمع كل من يؤمن
بهيا ،ميع ذلك أيضاً أصيبحت عندنيا باسيم الثار وغيرهيا فكرة أن عندنيا آثار قديمية كآثار
الخدود وآثار عاد وآثار ثمود ومدينيية الفاو ،واذا اكتشييف مكان مييا وفيييه بيوت قديميية
طمرها الطين اعتبروا هذا كشفا حضاريا ومنقبة عظيمة وأننا لنا ماضي ولنا تاريخ ولنا
آثار ،أي أننيا دخلنيا فيميا دخيل فييه غيرنيا مين الفكار التيي رفضتهيا ولفظتهيا أوروبيا منيذ
الحرب العالمية الثانية .
وقيد بقييت النزعية التيي تظهير هذه اليام مثيل النازيية والفاشيية وهذه ظهرت نتيجية التأثير
بالفكر التلمودي اليهودي ،وكل ما فعله هتلر أنه قرأ ما في التلمود ووجد الفكر اليهودي
يجعيل اليهود فوق الجمييع فأراد هتلر مضادة اليهود فقال اللمان فوق الجمييع وأخيذ كيل
الخصائص التي يدعيها اليهود وجعلها في اللمان ,وتعاون معه وأفاد منه بنفس الوقت
موسييليني فيي إيطالييا بالفاشيية ,واليابان قاميت على هذا المبدأ أيضيا ,ولذلك لميا قاميت
الحرب العالمييية الثانييية كانييت هذه الدول الثلث تحارب بريطانيييا وفرنسييا ثييم بعييد ذلك
تدخلت أمريكا وكانت النهاية التي تعلمون .
هذه العنصرية المقيتة البغيضة هي التي يحاربها السلم أشد الحرب والتي كان أول من
رفيع رايية الحرب عليهيا هيو محميد صيلى ال علييه وسيلم عندميا أنزل ال تعالى علييه هذا
الدين العظيم وأصبح الناس سواسية ،فبلل الحبشي وأبو سفيان وسلمان الفارسي ومن
أسيلم مين اليهود ومين كان أنصيارياً أو مهاجرياً فل فرق بينهيم { :إن أكرمكـم عنـد ال
أتقاكم } .
بقيي أن نشيير إلى قضيية تجدونهيا فيي التارييخ السيلمي ميع السيف وهيي أن المفاخرة
نشأت قبل نهاية القرن الول الهجري عند المسلمين ،نشأت بين العرب اليمنية والعرب
المضريية فيي أيام الدولة المويية ،ولو قرأتيم فتيح الندلس أو فتيح بلد ميا وراء النهير
فسييتجدون أن اشتداد هذه العنصييرية والعصييبية بينهمييا أدت أكثيير ميين مرة إلى هزيميية
المسيييلمين ,ففيييي اثناء الحرب تشتعيييل بينهيييم المفاخرة ثيييم يتقاتلون وينسيييون العدو
المشترك !! قتيبة بن مسلم الباهلي القائد المشهور عانى أشد المعاناة من أن جيشه ينقسم
-9-
إلى قسييمين :العرب اليمنييية والعرب المضرييية .ونشأت أشعار الهجاء الطويلة الشديدة
في دواوين الشعر وكتب الدب وكتب التاريخ .كانت هذه بداية مؤلمة جداً وفي عصر
يعتيبر مبكير جدًا لنشوء الفكرة الجاهليية العنصيرية العصيبية وقيد دفيع المسيلمون ثمنهيا ،
ومين ذلك ميا جرى فيي معركية بلط الشهداء عندميا انقسيم جييش عبدالرحمين الغافقيي
رحمه ال إلى عرب مضرية وعرب يمنية وحدث بينهما فرقة وخصومة وهزم الجيش .
ثيم نشأت أنواع أخرى مين العصيبيات بعيد ذلك عندميا ظهرت الشعوبيية التيي جاء الفرس
بهيا ,وهيي تزدري العرب مطلقاً وتفضيل عليهيم العجيم ،وكثيير مين الشعراء وإن كانوا
شعراء باللغيية العربييية وتعربييت ألسيينتهم إل أنهييم كانوا دعاةً للشعوبييية -أي لتفضيييل
العنصر الفارسي أو غيره من الشعوب على العنصر العربي -وكثر ذلك جدًا حتى قيل
إن الجاحيظ يمييل إلى الشعوبيية لنيه فيي كتاب الحيوان وغيره ذكير عين عادات العرب
وكيييف كان العرب يأكلون الميتيية ويأكلون الحيوانات القذرة !! وهذا ميين أخبييث أنواع
المراض التي تصاب بها القلوب وتصاب بها المم مرض القومية هذا أو تفريق الناس
وتحزيب الناس على غير التقوى .
ثيييم ظهرت أفكار أخرى ومزقيييت المييية بأنواع كثيرة مييين التمزقات والعنصيييريات
والجاهليات كل ذلك حتى ل يكون ولؤها ل وتعتقد فعلً أن أكرمهم عند ال أتقاهم وأنه
ل فضيل لعربيي على أعجميي ول لعجميي على عربيي إل بالتقوى .ونشأت التعصيبات
الفقهيية أيضاً -وهيي نوع مين الجاهليية -فأصيبح الحنفيية والشافعيية يتقاتلون قتالً شديداً
فييي بلد مييا وراء النهيير وشرق العالم السييلمي ،كذلك شهدت بغداد والعراق معارك
شديدة بييين الحنابلة وغيرهييم .الطرق الصييوفية التييي نشأت زادت الميية أيضاً انقسيياماً
وأصبح الناس يعادون ويوالون كلٌ في شيخه وفي طريقته فتمزقت المة أكثر فأكثر ....
وهكذا .
أما اختلف العلماء حول قضايا العبادات كالتفضيل إذا تعلق بالعبادة فهذا المر ليس فيه
إشكال إن شاء ال ،وهيو مين باب تفضييل شعبية مين شعيب اليمان على شعبية أخرى أو
العاملين بشعبة على شعبة ،فأيهميا أفضيل أهل الذكر أو أهيل الجهاد ،أيهميا أفضيل أهل
القرآن أم أهل الحديث ،هذه أيضاً نشأت لكنها أخف لنها كلها خير وكلها علم وكلها من
الديين والحميد ل ,فأينميا كان النسيان فهيو آخيذ بشعبية مين الخيير لكين ل يجوز له أن
يفتخر بحيث يغمط الخرين أي فضل .
والمشكلة تكون أوضيح عندميا تكون الفرقية بسيبب الشعوبيية كميا جاء أن الرشييد قضيى
على البرامكية لنهيم كانوا كذلك ,وكانوا يجمعون بين الشعوبية وبيين الباطنية ،وبعض
الناس ل يذكير عنهيم إل شعوبيتهيم وأنهيم أعادوهيا فارسيية كسيروية ,فشعارات كسيرى
وآثار كسيرى وقصيور كسيرى ولكيل مظاهير الحياة فيي أيام كسيرى أعادهيا البرامكية ...
وكانوا وزراء والرشييد هيو الخليفية ،فلميا رأى المير كذلك وكلميه علماء المسيلمين فيهيم
فقضى عليهم وقتل من قتل وسجن من سجن وشتت ال شملهم وفرق جمعهم ول الحمد .
ثم في العصور التي تلت ذلك نجد أنها طمست واندثرت ،وتمزقت المة إلى دويلت :
تجيد حلب دولة ودمشيق دولة وأنطاكيية دولة والموصيل دولة ..الخ ،حتيى شاء ال عيز
-10-
وجل وجاء الصليبيون ولقنوا المة درساً عظيماً فتوحدت وبدأت ترجع إلى وحدتها .ثم
جاء الممالييك وهؤلء ليسيوا عرباً والسيلجقة ليسيوا عربًا فيي الصيل ،والترك كميا هيو
معلوم دخلوا فييي السييلم ولم يكونوا ميين العرب فظلوا يحملون راييية السييلم إلى أن
ظهرت فيهيييم القوميييية الطورانيييية كميييا ذكرنيييا .وهذا إجمال وإيجاز سيييريع لنشأة هذه
النعرات الجاهلية في العالم سواء كانت في العالم السلمي أو في العالم الوروبي الذي
منه أخذنا القومية العربية الحديثة .
نعمية مين ال عيز وجيل أن القوميية العربيية تفتتيت بحربيين ،الحرب الولى حرب لبنان .
لو تأملنييا تاريييخ لبنان التييي كانييت منطلقًا لتمزيييق الميية السييلمية والدولة العثمانييية -
والرابطية التيي جمعتهيم هيي رابطية القوميية -فأراد ال عيز وجيل أن تتمزق لبنان نفسيها
وتصييبح فئات متناحرة :فالموارنيية طائفيية ,والرميين طائفيية ،والموارنيية انقسييموا إلى
أحزاب :حزب شمعون وحزب ميع فرنجيية وحزب ميع الجميّل وهكذا ..والدروز لهيم
حزب ولهم إذاعة وجيش ،والرافضة حزبين :حزب الشيطان الذي يسمونه حزب ال ,
و أمل نبيه بري ،وهم كلهم رافضة ..فتمزقت البقعة الصغيرة هذه التي من أجلها مزقنا
المية السيلمية وجعلناهيا أمتيين ،أمية عربيية وأمية إسيلمية ،حتيى أنيه إذا عقيد مؤتمير
المية العربيي يحضير رئييس لبنان ،فإذا عقيد مؤتمير إسيلمي يحضير رئييس لبنان وهيو
نصراني !! فمن أجلهم ضيعنا ولءنا وعقيدتنا وانتماءنا فمزقهم ال .
فبدأت القومييية العربييية فييي النتكاس بهذا الحال ومزق ال حزب البعييث فييي سييوريا
والعراق ،عداوة مستحكمة بحيث أنك تتعجب كيف أن كل واحد منهم لو مكّن لكان أول
مييا يبدأ يفترس ويبطييش بأخيييه البعثييي الخيير ،وتجييد سييجون العراق ملى بالبعثيييين
السييوريين الموالييين لصييلح بكداش ،وسييجون سييوريا ممتلئة بالبعثيييين المنتمييين إلى
ميشيل عفلق وحسن البكر وأمثاله .
وفيي مصير عندميا جاء أنور السيادات تخلى تماماً عين القوميية العربيية ورجعيت مصير
وسمت نفسها جمهورية مصر العربية .
القذافيي الذي هيو تلمييذ جمال عبدالناصير كان يرييد أن يعميل دولة موحدة ولم يوفقيه ال
لنها ل تقوم على أساس السلم فتمزقت أيضاً القومية العربية التي كانت تربط ما بين
مصر وليبيا .
الحرب الثانيـة هـي حرب الخليـج .فالعرب بعضهيم حتيى فيي داخيل البييت الواحيد وداخيل
الحزب الواحييد وداخييل الدولة الواحدة بعضهييم وقييف مييع العراق وبعضهييم وقييف ضييد
العراق وتشاحين الطرفان ،البعثيون السيوريون الذيين يربطهيم بالعراق رابطية القوميية
والبعثيية هيم أيضاً دخلوا ضمين الجيوش التيي دخلت إلى العراق وقتلت مين العراقييين ميا
قتلت ! فهذه نعمية والحميد ل ..فبعدميا كانوا يتقاتلوا فيي لبنان هذا يؤييد عون وهذا يؤييد
-11-
شمعون أصييبحوا يتقاتلون بأنفسييهم وجهًا لوجييه فالحمييد ل أن القوميية العربييية فييي حالة
احتضار .
والحمد ل أن المسلمين أفاقوا إلى حد كبير فنجد ما حدث في أفغانستان أو في الفلبين أو
في البوسنة والهرسك الن وغيرها جعل المسلمين يشعرون بضرورة الولء السلمي
وأن تكون العقيدة هييييي الرابطيييية ,فالكييييل اشتركوا و جاهدوا ولو بالمال ولو بالدعاء
لخوانهييم المسييلمين .هذه المصييائب وهذه المحيين جعلت المسييلمين يشعرون بأننييا أميية
واحدة في آمالها وآلمها لنها واحدة في عقيدتها وفي قبلتها وفي كتابها وفي سنة نبيها
صيلى ال علييه وسيلم وفيي كيل الواصير والروابيط .ول يوجيد أمية أوغيل أو أعميق فيي
التاريييخ ميين هذه الميية لنهييا فوق كييل القوميات والعنصييريات والعصييبيات ,ول فخيير
بالحجارة الطييين كمييا يفتخرون ،هذا عنده أهرامات وهذا عنده حدائق بابييل وأولئك بنوا
مدائن صييالح وهؤلء بنوا إرم مثلً .نحيين نفخيير وننتمييي ونعتييز بالنتماء إلى ركييب
اليمان ,ركيب النيبياء ,ركيب النيبي الذي بنيى هذا البييت { إن أول بيـت وضـع للناس
للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً }
,هذا هو البناء الذي يجمعنا والذي نفتخر به والذي نعتز بأننا والحمد ل نعبد ال سبحانه
وتعالى ونفتخير بالعبوديية ل باسيتقبالنا هذا البييت الذي بناه أنيبياء ال وحجيه أنيبياء ال ,
فهذه هيي حضارتنيا التيي نفتخير بهيا وآثارنيا التيي نفتخير بهيا وانتمائنيا الذي نفتخير بيه وميا
عدى ذلك فكلهيا جاهليات وعصيبيات ممقوتيه مذمومية ،إنميا جاء السيلم للقضاء عليهيا
ولحربها ويكفيها أنها جاهلية كما سماها ال تعالى وسماها رسوله صلى ال عليه وسلم .
هذا والحمد ل رب العالمين وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين .
-12-