Professional Documents
Culture Documents
الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ،وعلى
من تبعه إلى يوم الدين.
فبدايقة أهنئكقم بحلول العشقر الواخقر مقن شهقر رمضان المبارك ،وكقم كان اشتياققي
للقياكقم ،بعقد أن انقطعقت عقن سقبلتنا (سقبلة العرب)* لفترة ليسقت بالقصقيرة لبعقض
الظروف التي ألمت بي ،ولكن دعوة الخ العزيز أبي الشعثاء حفظه ال تعالى كانت
عزيزة على النفس ،أرغمتني على الوبة إلى مواقع الحوار بعد طول انقطاع.
________________________________
* سبلة الدين
وبداية:
يطرق ذهنققي هذا السققؤال ؛ هــل لهذا الموضوع أهميــة وفائدة حتــى نجعله موضــع
حوار ؟!!
فقي نظري القاصقر نعـم ،لننـا نعيـش فـي عالم يعـج بالفكار ،وهقي أفكار مؤثرة ،
وأحيانقا كثيرة تكون صقميمية ،تصقيب فقي عمقق عقولنقا فتحولهقا تحول مذهل ،مقن
هنقا أرى أنقه مقن اللزم علينقا أن ندرس حركقة الفكرة وكيقف تنتققل إلى الناس ،وهقل
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
موضوع طويقققل ومتشعقققب ،لكننقققي علي أن أعترف مقدمقققا بعجزي عقققن إعطاء
الموضوع حقققه ،لقلة بضاعتققي ،لكققن أسققأل ال تعالى أن يرزقنققي أجققر إثارتققه فققي
الذهان حتى يقيض له من يوليه عنايته ،لذلك ل أعدكم بالكثير في هذا الموضوع.
قدمققت سققلفا نبذة يسققيرة عققن الموضوع ،لكققن دعنققا نأخققذ مثال لذلك حتققى تتضققح
الفكرة ،محمققد عبدال يؤمققن بفكرة (نظام الري الحديــث) ويريققد أن يعمققم هذه الفكرة
على طبقة المزارعين في مجتمعه الذي يؤمن ويعمل بالنظام القديم (الري بالغمر).
بدايققة سققيعمل على الترويققج لهذه الفكرة والدعايققة لهققا وتطبيقهققا تطبيقققا محدودا فققي
مزرعتققه ،سققتكون العمليققة مسققتهجنة ومثيرة للسققخرية ،وسققيواجه الكثيقققر مققن
المعارضقة ،لكقن شيئا فشيئا ،ومقع مرور اليام نجقد أن مجتمعقه ققد آمقن بهذه الفكرة
وعمل بها ،وأخذ يمتدحها ويروج لها.
هناك فكرة (فــي مثالنــا :الري الحديــث) انتقلت مققن شخققص واحققد أو جهققة معينققة ،
وأخذت تسقري –رغقم المعارضقة المبدئيقة وققد تكون عنيفقة -فقي المجتمقع حتقى عمقت
وأصقبح المجتمقع يؤمقن بهقا ،هذه الحركقة أخذت خطوات غيقر منظورة ،أو ققد تكون
منظورة ولكن لم يلتفت إليها.
لكقققن هذا القانون ينضوي تحتقققه قانون طقققبيعي يمكقققن أن نراه بوضوح فقققي انتقال
الفكرة ،وهو قانون (القصور الذاتي).
ببسقاطة شديدة :يقول علم الطبيعقة (الفيزياء) أنقك إذا ألقيـت بجسـم إلى المام فـي خـط
مســتقيم ســيظل يندفــع فــي نفــس التجاه وبنفــس القوة الدافعــة الولى ،هذا يســمى
قانون القصور الذاتي ،أي أن الجسم قاصر أن يوقف نفسه أو يغير من اتجاهه.
الفكرة هي الخرى عندما تخرج من صاحبها ،فإنها تسري سريانا طبيعيا بين الناس
ول تقققف ،ولكققن هناك الكثيققر مققن المؤثرات التققي تقطققع عليهققا الطريققق أو تحرف
مسارها ،مما يوقفها في النهاية ،أو يشوهها وتصبح فكرة أخرى غير الفكرة الولى.
لو تفكرنقا فقي هذيقن القانونيقن الطقبيعي والجتماعقي ،للحظناه فقي دعوات الرسقل
عليهقم السقلم ،فبفعقل قابليقة الفكرة للنتقال الذاتقي بيقن الناس عندمقا ل تحدهقا الحدود
تنتققل بينهقم ،لكنهقا تصقل فقي الخيقر مسقخا محرفقا ،ممقا يلزم أن تأتقي رسقالة أخرى
تصقحح المسقار وتعطيقه دافعقا جديدا ،وعندمقا ختقم ال تعالى شرائعقه برسقالة سقيدنا
محمقد صقلى ال عليقه وسقلم ،حفقظ كتابقه مقن التحريقف والتبديقل (( إنقا نحقن نزلنقا
الذكقر وإنقا له لحافظون )) لكنقه سقبحانه وتعالى ترك انتقال حركـة السـلم خاضعـة
للقوانين الطبيعة والجتماعية ليبتلي عباده بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سققأضع خطوات لنتقال الفكرة ،لكققن علي أن أبيققن أول؛ أن الفكار ل تبدأ كلهققا مققن
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
كذلك ل اعتبار للزمـن فــي النتقال عـبر هذه الخطوات ،فققد تأخقذ فكرة حتقى تنتشقر
أيامققا معدودة ،فققي حيققن تأخققذ فكرة أخرى شهورا أو سققنوات ،وذلك راجققع لعوامققل
كثيرة كطبيعة المجتمع ودرجة وعيه ودرجة محافظته والظروف المحيطة به.
عندنا ست خطوات تبدأ من سالب واحد وتنتهي في رقم خمسة ،أي تترتب هكذا1-( :
) 5، 4 ، 3 ، 2 ، 1 ،
قبل الولوج للخطوات أريد أن أبين أنني سأعتمد على مثال (نظام الرأي الحديث) لكن
هذه الخطوات يمكن اعتمادها في بقية الفكار.
لحظوا أن الخطوات تبتدئ مققن ســالب واحــد ،وهذا له مغزاه كمققا سققأوضحه لحقققا
بإذن ال تعالى.
= 1-عندمقا تطرح أي فكرة على المجتمقع ققد تجقد معارضقة مقن قبقل شريحقة واسقعة
منقه ،وهذا أمقر طقبيعي يرجقع إلى العامقل النفسقي الذي يتوجقس مقن كقل مقا هقو جديقد،
فالناس لم تألفه من جهة ،ويصطدم مع أفكار قديمة راسخة ليس من السهولة اقتلعها،
ولبيان ذلك نرجقع إلى مثالنقا ،فمحمقد عبقد ال عمقل على إدخال (نظام الري الحديـث؛
القائم على فكرة التنقيـط) إلى مجتمعقه ،فهذا أمقر غيقر مألوف لدى ناسقه ،فلذلك يعمقل
العامقل النفسقي عمله مقن المعارضقة بسقبب أنقه سقيعمل على اقتلع فكرة (نظام الري
القديـــم) القائم على فكرة (الغمـــر) ،وفكرة الغمقققر مرتبطقققة ،بأفكار ملزمقققة لهقققا
ومتداخلة.
مقن ذلك :ارتباطهقا بنظام الفلج الذي خدم العمانقي لقرون طويلة ،فمقن أنقت حتقى تأتقي
لتغيير هذه الطريقة.
ومققن ذلك أيضققا :ارتباطهققا بجوانققب اعتقاديققة –فققي نظرهققم -أن ال هققو الذي يرزق
عباده ،وهو القادر على إغاثتهم ،يقولون ذلك وفي تصورهم أن (نظام الري الحديث)
القائم على فكرة التنقيط يتعارض مع هذا المفهوم العتقادي الصحيح.
ومن ذلك أيضا :قد تتهدد الفكرة –أي فكرة -مصالح طبقة معينة ،مثل كطبقة القائمين
على الفلج ،وهكذا.
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
وأكد أن مثالنا هنا يبقى كمجرد مثال ،وإل فالمر يسري على بقية الفكار.
كما تلحظون؛ أن هذه الخطوة سلبية معارضة في بادئ المر للفكرة ،ولذلك أعطيتها
رمز السالب ،ومع ذلك هي أساس ممهد لبداية حركة الفكرة.
والذين يريدون انتقال أفكارهم الجديدة ،ل يستاءون من هذه الخطوة ،بل يسرون بها،
لنهقا تمثقل الصقعق الولي للفكار القديمقة ،وتوققظ الناس مقن لذة الخدر على أفكارهقم
القديمققة ،وتكشققف عققن مقدار مدى وصققول الفكرة إلى الناس ومقدار تأثرهققم بهققا،
فالمعارضقة فقي جانبهقا اليجابقي لنتقال الفكرة الجديدة؛ تنشقر خقبر هذه الفكرة بيقن
الناس ،وإن كان نشرا سققلبيا معارضققا ،لكققن سققيعلم بهققا الناس ،وتكون على ألسققنتهم
وحديث مجالسهم.
= 1ثققم تأتققي الخطوة التاليققة؛ وهققي أولى خطوات النتقال الفعليققة ،حيققث يبدأ الناس
يتساءلون عن هذه الفكرة ،ويبحثون في مقدار خطئها من صوابها ،ويعرضونها على
المحكات العلميققة والدينيققة والجتماعيققة ،وقققد يكون تسققاؤلهم إمققا لغرض الرد عليهققا
وحماية المجتمع منها ،أو فضول للتعرف عليها ،أو لتجنب مخاطرها.
وعندمقا يعارض البعقض هذا البحقث ومحاولة المعرفقة ،سقيكون التقبرير موجودا لدى
الخريققن" ،عرفققت الشققر ل لشققر ولكققن لتوقيققه" ،ومققع التعامققل مققع هذا الفكرة بهذه
الطريقة ،تكون قد اكتسبت الفكرة بعدا معرفيا.
فمقع دخول (نظام الري الحديــث) أخقذ الناس فقي طلب المعرفقة عقن هذا النظام ،هذه
المعرفة ل ريب ستؤتي ثمارها لحقا.
= 2مقع وجود الفكرة الجديدة ،وربمقا فقي أوج المعارضقة لهقا ،يبدأ الناس يتقمصقون
شيئا منهققا أو مققن مفرداتهققا ،إمققا تقليدا لمققا هققو موجود عنققد البعققض ،أو تجربققة ،أو
فضول ،أو حتى من باب السخرية بها.
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
وققد نرى البعقض يسقخر مقن هذه الفكرة فقي مواققف متعددة ،كأن يرى صقنبورا خربقا
ينققط ،فيقول هذا نظام الري الحديقث ،أو يرى سقراجا عاطل يضقئ ويخفقت فيقول هذا
السقراج يعمقل بنظام الري الحديقث ،وهكذا ،لكقن هذه السقخرية تحققق نوعقا مقن التمثقل
والتقمص يجعل القضية ساخنة في ذهنه أو أذهان الناس الذين يحتك بهم.
وكثيرا ما نرى التقمص والتمثل في حياتنا لمور نعارضها ،وهي أوضقح من إطالة
الحديث فيها.
= 3بعققد معرفققة جوانققب مققن الفكرة والتمثققل لهققا ،يكون القتناع ،وبالقتناع تدخققل
الفكرة منعطفا مهما ،حيث تأخذ الفكرة بالتحرك الواضح داخل المجتمع ،وتحقق بذلك
انتشارها المطلوب.
فعند اقتناع الناس بنظام الري الحديث ،انكسر الحاجز النفسي من التشبث بالقديم ،لن
القتناع بالجديققد يصققرف الناس شيئا فشيئا عققن القديققم ،يبدأ القديققم بالختفاء إذا فقققد
مبرر وجوده.
= 4بعقد القتناع وغياب القديقم مقع مرور الزمقن ،يصقبح المقر المألوف العمقل بهذه
الفكرة ،وتصـبح الفكرة متأصـلة فـي المجتمـع ،تكسـب ضرورة بقائهـا بتطـبيق الناس
لها ،واعتبارها جزء من حياتهم ومكونهم الثقافي والحضاري ،فكما كان الفلج ونظام
الغمر به من تركيبة المجتمع الحضارية ،فإن مع تأصل فكرة الري الحديث سيصبح
نظام الري الحديث من مكونات المجمتع ،وإن كان هذا المر يحتاج إلى تعاقب زمني
طويل نسبيا.
وسوف أتطرق لعامل الزمن في خطوات حركة الفكرة لحقا بإذن ال تعالى.
= 5عندمقا يقتنقع الناس بفكرة معينقة ،وتشكقل ذاتيقة مجتمعهقم فإنهقم سـوف يعملون
على نقلهــا إلى الخريــن ،إمــا برغبــة نفســية ،أو بالنظــر إلى الفكرة على أنهــا خيــر
ينبغي لهم نشرها ،أو أنه تحقق مصالح لهم.
فمحمقد عبدال ينققل فكرتقه حول نظام الري الحديـث ،إمقا كرغبقة نفسقية ،وهذا واضقح
فأنقت عندمقا تشتري سقيارة مقا فتعجقب بهقا ،تتشكقل لديقك رغبقة لتشجيقع هذا النوع مقن
السقيارات ،وققد ينققل محمقد عبدال فكرتقه مقن باب حبقه للخريقن ،ونشرا لخيقر هذه
الفكرة ،أو أنققه قققد فتققح محل لبيققع أدوات الري الحديققث ،فيشجعققه تحقيقققا لمصققلحته
التجارية.
وبهذه الطرائق وأمثالها ،يتحقق نقل الفكرة لوساط واسعة من المجتمعات الخرى.
هذه هققي خطوات حركــة الفكرة ،ويبقققى لنققا أن نعرف هــل هذه الخطوات متســاوية
زمنيــا وهــل هــي متداخلة ،وكذلك مــا هــي القوانيــن المؤثرة على الفكرة ،هذا مققا
سنعرفه لحقا بإذن ال تعالى.
الفكار وإن كانقت تأخقذ نسقققا واحدا مقن حيقث نظام النتقال فققي المجتمعات إل إنهققا
تختلف مـن حيـث الزمـن الكلي الذي تسـتغرقه كـل فكرة ،وتتبايـن أيضـا كـل فكرة فـي
استغراقها للزمن الذي تحتاجه في أي خطوة من الخطوات.
والزمقن المسقتغرق فقي كقل ذلك ققد يبدأ باليام وينتهـي بالشهور أو بالسـنوات ،وكقل
ذلك راجقع إلى قوانيقن حركقة النتقال التقي سقأبينها لحققا بإذن ال تعالى ،التقي تصقنع
قوة الفكرة أو ضعفها ،وقدرتها على الصمود من عدمها ،وكذلك للتزاحم الحادث بين
الفكار وقعه وتأثيره على مدى بقاء الفكرة.
والفكار قد تتداخل مع بعضها البعض مشكلة مسارا متوازيا فتآزر بعضها البعض ،
أو تتقاطع هذه الفكرة مع تلك الفكرة فتضعف إحداهما الخرى.
وكذلك الظروف المحيطققة قققد تسققاعد على قوة الفكرة أو ضعفهققا ،وعلى بروزهققا أو
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
مققن كققل ذلك يمكننققي أن أشبــه الفكار بأمواج البحــر ،فبإمكان المرء أن يتخيققل أنققه
واقف أمام البحر ويجيل ناظره في حركته ،فهي أمواج كثيرة ومتداخلة ،فأحيانا تكون
هائجققة وتارة هادئة وأخرى تكون متوسققطة ،وبيققن هذه النماط الثلثققة مققن الحركققة
هناك عدد ل يحصقى مقن النماط ،ققد نسقتطيع إدراك الفرق بينهقا وققد ل نسقتطيع ،ثقم
إن المواج تتعاقب ،فعندما ينشأ جزء منها يختفي الخر وهكذا.
وهذه المواج تخضع لمؤثرات الريح والجاذبية ودرجة الحرارة وكثافة الماء ودرجة
ملوحته ،وهكذا الفكار في المجتمع تتباين في حركتها وزمنها المواج.
ومقن المهقم أيضقا أن نعرف أن المجتمقع تتحرك أفكاره كتحرك مياه المواج ،فإنقك ل
تسققتطيع أن تجققد نفققس الماء فققي نفققس المكان ،وإنمققا تتحرك إلى مكان آخققر ،وإن لم
يظهقر للعيقن المجردة ،والفكار كذلك ،فهقي وإن ظهرت لنقا أنهقا موجودة بنفقس القوة
والعمقق في المجتمع ،إل أنها في الحقيقة غير ذلك ،فهي تتحرك كل لحظة في قوتها
وعمقهقا ،وبعبارة أخرى الفكار تتغيقر كمقا وكيفقا ،وهذا التغيقر يجعلنقا نتجرأ ونصقفها
بأنها أفكار أخرى متحولة عن سابقتها.
أرجو أن يكون هذا المثال قد قرب حركة في الفكرة في المجتمع إلى الذهان.
كتقب السقتاذ الرققم بارك ال فيقه فقي موققع المجرة السقتفسارات التاليقة ،وأحببقت أن
أجيبه عليها:
-1لماذا وضعت ستة أرقام بالذات ،ولماذا بدأت من سالب واحد وانتهت برقم ( ) 5
تحديدا ،ولماذا أسقط الرقم ( صفر ) من المعادلة.
الجواب /أمقا وضقع سقتة أرقام ،فلنقه عدد الخطوات التقي رأيقت أن الفكرة تسقلكها،
وأعطيققت الخطوة الولى سققالب واحققد ،لنهققا كمققا قلت تعتققبر خطوة معارضققة ،أي
خطوة سققققققققققققققققققلبية ،وأمققققققققققققققققققا الصققققققققققققققققققفر فل شيققققققققققققققققققء.
-2لماذا أسققطت العتبار الزمنقي رغقم أهميتقه كمعيار لتقييقم سقلمة الفكرة على أققل
تقديقر ،على أننقي أؤكقد بأن سقلمة الفكرة ل يمكقن أن تخضقع لهذا المعيار وحده فققط
وإنما يكون مضافا إلى اعتبارات أخرى .
الجواب /ل ،لم أسققط الزمقن ،بقل هقو مرتكقز حتمقي تعقبره الفكرة ،ولكقن ل يمكقن أن
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
فالفكار أيضقا تشبقه البشقر فقي تفاوت سقرعاتهم ،فمقع أن البشقر كلهقم يلزمهقم الزمقن
لعبور نقاط مكانية محددة ،لكن يتفاوتون في استغراق الزمن الذي يحتاجونه.
فعبارة عدم اعتبار الزمقن ،أقصقد بهقا أن الزمقن ليقس ثابتقا فقي انتقال الفكار ،ولعقل
العبارة لم تكقن دقيققة فعل ،ولك أجقر التنقبيه مقن ال تعالى ،مقع أننقي ققد بينقت ذلك فقي
الحلقات الخيرة التققي لعققل السققتاذ الرقققم لم يطلع عليهققا بعققد ،حيققث لم تنقققل إلى
المجرة.
ثقم إننقي ل أتكلم فقي موضوعقي عقن سقلمة الفكرة ،وإنمقا أتكلم عقن مطلق الفكرة التقي
ققد تكون سقليمة أو سققيمة ،فالفكار بغقض النظقر عقن سقلمتها وسققمها تسقلك نفقس
المسلك.
وحركققة الفكرة ل تخضققع لمؤثققر واحققد أبدا بققل قققد تخضققع لعدد ل يحصققى مققن
المؤثرات.
-3أرى أنقك افترضقت سقلبية المتلققي للفكرة وعلى ضوئه أسققطت العتبار الزمنقي ،
في حين أن السلبية جائزة على الفكرة ذاتها دون متلقيها.
الجواب /ل ،أبدا ،ل افترض سقلبية المتلققي ،بقل هقو عنصقر مقن عناصقر التفاعقل مقع
الفكرة ،وهنا سندخل في جدلية هل النسان مسير اجتماعيا أو مخير؟ وهو سؤال مهم
جدا ،أرجو أن أجيب عليه لحقا بإذن ال تعالى.
الفكرة كغيرهقا مقن المور تحكمهـا قوانيـن تضبـط مسـارها وتغيرهـا ،وقوانيقن الفكرة
معقدة لنها تدخل ضمن قوانين الجتماع ،فالنسان ليس آلة صماء ول جرما طبيعيا
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
ول أريقد الن أن أدخقل الن فقي الجدليقة الفلسقفية لهذه القوانيقن ،هـل هـي منضبطــة
كقوانين الطبيعة ،أو غير منضبطة بحكم طبيعة البشر ،فهذا في أخذ ورد واسع جدا
بين علماء الجتماع ،ولعلي أتعرض إلى ذلك لحقا بإذن ال تعالى.
ما يهمني الن هو أن أطرح بعض القوانين المؤثرة في انتقال حركة الفكرة.
وأريد أن أنبه بالنسبة للقانون الثاني بأنه في الصل هو قانون طبيعي "ديناميكي"،
ولكقن اسقتعرته هنقا كقانون مقن قوانيقن انتقال الحركقة فقي المجتمقع ،وبذلك علينقا أن
ننتبقه بأنقه يشمله جدل قوانيقن الجتماع فقي هذه الحال ،فهقو لم يصقبح –بعقد اسقتعارته-
قانونا طبيعيا بل تحول إلى قانون اجتماعي.
-3قانون( :النبهار):
يتلخص هذا القانون في أن الفكرة إن كانت مبهرة ،فإنها سوف تتحرك في المجتمع،
وبمقدار بريقهـــا المبهـــر للنفوس تكون ســـرعتها المتحركـــة فيـــه ،ويزداد البريققق
والبهار عندمقا تققع الفكرة فقي مجتمقع يفتققد مقومات تلك الفكرة ،فالمسقلمون انبهروا
بالغرب بقوة عندما رأوا المدنية المعاصرة والتي ل يملك المسلمون مقوماتها.
وهنققا أضرب مثال آخققر ،وهذه المرة مققن عالم موضــة الزياء ،حيققث تلجققأ دور
الزياء إلى التركيز على عامل البهار لتروج النوع الجديد من الزياء ،وهكذا الفكرة
عموما فإنها عندما تكون مبهرة فإن اعتناقها يتكاثر ويتزايد.
ومقن تأريخنقا السقلمي كان النبهار سـببا مـن أسـباب ولوج السـرائيليات إلى فكرنـا
السلمي.
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
والنبهار يمكن أن يكون من ذات الشيء كالذهـب والحريـر مثل فهو مبهر بذاتـه ،أو
بالكساب حيث بإمكان النسان أن يذوق أفكاره بحيث يجعلها مبهرة.
وأحيانا كثيرة ل تحمل الفكرة قوة النتشار إل بخلق نوع من البهار لها.
ولذلك نقول :إن الدعوة إلى السلم من الضروري أن يهيأ لها البهار ،فالسلم مع
كونقه يحمقل البهار كجزء مقن العجاز إل أنقه وجدت الكثيقر مقن العوامقل شوشقت
عليه في العديد من جوانبه.
-4قانون (النطفاء):
هذا القانون يعمققل بعكققس القانون السققابق؛ قانون النبهار ،وهققو أنققه عندمققا يزول
النبهار يحدث النطفاء ،والنبهار يزول إما بالملل والسأم أو اكتشاف عيوب الفكرة
أو بمزاحمتها بفكرة أخرى أو بغيرها من السباب.
وكمقا يمكقن أن نصقنع النبهار للفكرة المطلوبقة فإننقا يمكقن أن نصقنع الطفاء للفكار
غيققر المرغوب فيهققا ،وكثيرا مققا يحدث الطفاء للفكرة السققابقة بإحلل فكرة أخرى
جديدة مبهرة.
خققذ مثل ؛ الرســوم المتحركــة مبهرة للطفال ،لكققن يمكققن أن نحدث إبهارا للرسققوم
المتحركة ذات الفكر غير السلمي بإنتاج رسوم متحركة ذات طبيعة إسلمية.
ونحن لو تأملنا حياتنا لوجدنا هذين القانونين واضحين يتعاقبان عليها في كل شيء.
وقانون الطفاء ضروري ومهم استخدامه لطفاء الفكار التي قد تعوق الفكرة المراد
نشرها.
-5قانون (التوالد):
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
فمثل بروز فكرة جمعيـة تعاونيـة بيقن مجموعقة مقن الناس سقيولد التفكيقر بالدخول فقي
إنشاء مؤسققسة تجاريققة ،ولتكققن هذه المؤسققسة مصققنع ملبققس أطفال ،وهققي فكرة
بنجاحهقا سقتخلق شعورا بالفخقر بالمنتقج الوطنقي ،وسقوف يلتزم قطاع مقن الناس بمقا
ينتجقه هذا المصقنع ،وققد يؤدي إلى أن يفكقر غيرهقم بإنشاء مؤسقسة تجاريقة أخرى،
وسققيخلق فكرة التنافققس ،ثققم فكرة رفققع مسققتوى الجودة ،وهكذا سققلسلة مققن الفكار
المتوالدة بالتتابع.
تبدأ الفكرة ضعيفققة فققي النتشار ،ولكققن كلمــا ازداد انتشارهــا فإنهــا تتســارع فــي
النتشار بقوة ،ولنأخققذ مثل على ذلك الصــحوة الســلمية ،فإنهققا ابتدأت فققي تمثققل
الناس لهقا بطيئة ،وكان الفرد الواحقد يحتاج جهدا كقبيرا مقن الدعوة حتقى يسقتقيم على
جادة الديقن ،ولكقن هقا نحقن الن نرى السقتقامة واللتزام بيقن الشباب سقريعا ،وكأن
المقر يحدث تلقائيقا بدون قوانيقن مؤثرة ،وفقي الحقيققة أنقه قانون كثافقة النتشار الذي
يضغط على الناس بالستقامة.
وهكذا نجد كثيرا من الفكار تبدأ غير مرغوب فيها ،ولكن ل نلبث أن نرى الناس قد
اتجهوا إليها ،وتتسرب الفكار بينهم بحكم هذا القانون الذي يعطيهم شعورا نفسيا بأن
الكثرة لم تأت من فراغ بل نابعة من أصل ووجود فعلي.
وفققي الحقيققة ليــس مــن الشرط أن يكون للفكرة الضاغطــة بكثافــة انتشارهــا أن لهــا
أصـل وواقعـا ،فإن كنقت ققد ضربقت أعله مثل بالسـتقامة وهقو أمقر واققع وأمقر مقن
ديققن ال ،فإن هناك عشرات المثلة التققي ل أصــل لهــا ومتنافيــة مــع حقيقــة الواقــع
ولكنها تنتشر بين الناس ،أضرب مثل على ذلك يحضرني الن ،قبل أكثر من عشر
سقنوات ،ظهرت شائعقة مفادهقا أن أحدهـم رأى أن القيامـة سـتقوم فـي اليام القريبـة،
ومصقداق ذلك وجود شعرة فقي سقورة مقن سقور القرآن الكريقم ،وأخذت الناس تفتقح
المصققاحف وتجققد صققحة ذلك!!! حسققب تصققورها ،أي الشعرة دليققل قيامققة القيامققة،
وأتذكقر أن بعضهقم لم يكقن يصقدق بذلك ،ويقول :إن هذا وهقم مقن الوهام .ثقم إذا بقه
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
كثيرا ما يحدث لنا أن نكون في جماعة ما ،أيا كان عددها ،فنتصرف وفق تصرف
هذه الجماعـة ،ول نسقأل أنفسقنا لماذا تفعـل هذه الجماعـة هذا الفعـل ،بقل حتقى أننقا ل
نسقأل أنفسقنا لماذا نفعـل مـا تفعله الجماعـة ،وإنمقا نكتفقي أن نتبقع هذه الجماعقة بشعور
أو دون شعور.
فالطالب يدخققل القسققم العلمققي لن زملءه دخلوا هذا القسققم ،وزيققد مققن الناس يختار
الوجبقة الفلنيقة لوجبقة الغداء فقي المطعقم ،لن مجموعقة الرفاق اختارت هذه الوجبقة،
وعلن أخذ يدخن الشيشة لن شلة الرمسة تستعمل هذه العادة السيئة ،وهكذا.
ل ذكره العلمقة علي يحيقى معمقر رحمقه ال تعالى فقي كتابقه "القانيـم وأتذكقر هنقا مثا ً
الثلثــة؛ أو آلهــة مــن حلوى" ،وهققو أنققه دخققل ذات يوم معرض رسققومات للفققن
السققريالي ،الذي ينتهققج فققي رسققمه رموزا ل تفهققم ،وأحيانققا تكون مجرد خليققط مققن
الصقققباغ ،فجلس أمام لوحقققة لم يفهمهقققا ،فجاء مجموعقققة مقققن المتفرجيقققن ،وأخذوا
يضحكون ويبدون إعجابهقم باللوحقة ،ومقا كان منقه إل أن انفرد بأحقد المعجقبين ،قائل
له :يقا هذا أنقا ضعيقف جدا فقي فهقم هذه النوع مقن الرسقم ،ولم أفهقم هذه اللوحقة ،فليتقك
تخقبرني عقن هذه اللوحقة التقي أعجبتكقم .فرد عليقه :أخقبرك بالحقيققة ،أنقا أيضقا لم أفهقم
منها شيئا ،لكن إنما فعلت ذلك لن رفاقي كانوا معجبين بها.
فالفكار؛ ليس من الشرط أننا نتمثلها ونعتنقها لننا فهمناها ،وإنما قد ننساق إليها
بفعل اعتناق الجماعة لها.
تناسق الفكـرة:
الفكرة ققد تبدون فقي مظهرهقا الخارجقي واحدة مفردة ؛ ل تتكون مقن أجزاء ول قابلة
للنقسقام إلى أجزاء ،وهذه نظرة قاصقرة خادعقة ،فالحقيققة أن الفكرة التقي ققد تبدو لنقا
ظاهريا أنها واحدة هي عبارة عن مجموعة أفكار متناسقة مع بعضها البعض ،يأخذ
كل جزء منها بطرف الخر ،وهذا ما أسميه بق"التناسق الداخلي" للفكرة.
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
شرحقت فقي الحلققة الماضيقة المقصقود مقن توحقد الفكرة وتجزئهقا ،وأريقد هنقا أن أبيقن
أثقر ذلك على الواققع ،ولنرجقع إلى مثالنقا عقن صقلة الجماعقة ،فلو لحظنقا إنسقانا ل
مقال ل لش يخ :خميس ا لعد وي
فإذن الفكرة يمكـن أن تتركـب مـن عدة أفكار كمـا أنهـا تتجزأ إلى أجزاء ،فعلينقا عندمقا
ندرسققها أن نلحققظ ذلك وندركققه ،ونتفطققن له .وهنققا يكتمققل مبحققث "خطوات حركققة
الفكرة" سائل ال تعالى القبول.
رمضان/شوال 1423هـ.