Professional Documents
Culture Documents
فتاوى الصلاة فضيلة الشيخ سعيد القنوبي
فتاوى الصلاة فضيلة الشيخ سعيد القنوبي
ثم درس بعد ذلك في معهد القضاء والوعظ والرشاد )معهد العلوم
الشرعية حاليا( وصحب فيه جملة من مشايخ العلم ومدرسي المعهد
الذين استفاد منهم ،ومن جملتهم الشيخ سعيد بن حمد الحارثي والشيخ
عيسى الطائي ،والشيخ محمد بن راشد الخصيبي ،وغيرهم كما التقى
بعلماء عمان منهم الشيخ أحمد بن حمد الخليلي و الشيخ سعيد بن خلف
الخروصي والشيخ محمد بن شامس البطاشي وغيرهم.
يعرف عنه حفظه الشديد وذكاءه النادر واجتهاده في طلب العلم ،
ورحلته في البحث عن الكتب والسؤال عنها ،وهو يملك اليوم مكتبة
عمان لما تحويه من أمهات الكتب.يندر وجود مثلها في ُ
لطيف المعشر ،متواضع ،هادئ الطبع ،رقيق على الطفال وطلبة العلم،
يحب التيسير ما دام في المر سعة ،ويكره التنطع في الدين ويحذر من
ذلك.
يطل علينا في برنامج )سؤال أهل الذكر( والذي يبث في تلفزيون سلطنة
عمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب-:
اختلف العلماء في جواز صلة المتنفل بالمفترض والصحيح الجواز
لحديث إمامة معاذ بن جبل رضي ال تعالى عنه بقومه بعدما كان يصلي
الفريضة خلف رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وهو حديث صحيح
وقد جاء التصريح بأنه كان يصلي بهم متنفل وهم مفترضون عند الدار
قطني وهو نص في موضع النزاع ،وأما صلة المفترض بالمتنفل فل
مانع منها وقد دلت على صحتها أحاديث كثيرة يطول المقام بسردها اللهم
إل إذا لم يكن هنالك أحد من المفترضين يصلي خلف ذلك المام المفترض
فإن بعض العلماء ذهب إلى أنه ل يصح للمفترض أن يصلي بهم
ل دخلن رج ًوالصحيح الجواز لحديث أبي سعيد الخدري رضي ال عنه أ ّ
المسجد وقد صلى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بأصحابه فقال
رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أمنكم يتصدق على هذا فيصلي معه
رواه أبو داود والترمذي والدارمي وأحمد وابن أبي شيبة وابن حبان
وابن الجارود وأبو يعلى والحاكم وغيرهم .وهو حديث صحيح ثابت وله
شاهد من طريق أنس بن مالك عن السراج والدارقطني والطبراني في
الوسط والضياء في المختارة وإسناده ل بأس في الشواهد وقد قواه
الزيلعي والحافظ ابن حجر ووهم الهيثمي في إسناده فضعفه لجل ذلك
وله شاهدان مرسلن من طريق الحسن البصري وأبي عثمان النهدي هذا
ن هنالك أدلة أخرى تدل على جواز إمامة المتنفل
ومن الجدير بالذكر أ ّ
بالمفترضين غير ما ذكرناه هنا وقد ذكرت واحدًا منها ورددت على
اعتراضات من اعترض على الستدلل بحديث معاذ رضي ال عنه في
ن الخروج رسالة كتبتها في بعض أحكام الستدراك ونبهت هنالك على أ ّ
من الخلف في هذه المسألة ونحوها حسن إذا أمكن المصير إليه وال
ولي التوفيق .
س:
إذا سهى المام في قراءة القرآن وبّدل آية رحمة بآية عذاب أو العكس
مثل قال" :إن البرار لفي جحيم أو قال" :إن الفجار لفي نعيم " .فما
حكم صلته وصلة من خلفه ؟
الجواب -:
ذهب الجمهور إلى أن صلتهم جميعا فاسدة والصحيح عندي أنها
صحيحة ول سيما إذا كان قد قرأ غيرها مما يتم به المعنى .وال أعلم .
س:
إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى" :ويل للمصلين " ما حكم صلته ؟
الجواب -:
أوًل ل ينبغي له ذلك في الصلة ول في غيرها ولكن إذا وقع منه ذلك
فإنه ل يؤدي إلى البطلن إن شاء ال .
س:
إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ولّما جلس سلم المام ولم يقرأ
معه شيئًا .فماذا يصنع؟
الجواب -:
أوًل ل يخلوا هذا المأموم أو هذا الذي دخل إما أن يكون مسافرًا أو مقيمًا
وكذلك المام إما أن يكون مسافرًا أو مقيمًا فإن كانت صلة المأموم
وصلة المام متحدة بأن كان كل منهما يصلي سفرًا أو كان كل منهما
يصلي حضرًا فيكمل هذا المأموم صلته ول شيء عليه اللهم إل إذا
أقيمت جماعة فإنه يقطع صلته ويصلي مع تلك الجماعة .أما إذا لم تقم
جماعة فإنه يكمل صلته ول شيء عليه
وإما إذا كان المام يصلي حضرًا وكان هذا الذي دخل يصلي قصرًا فإنه
نوى أن يصلي أربعًا أو نوى أن يصلي بصلة ذلك المام ففي هذا الحال
لبد من أن يقوم ويكبر تكبيرة الحرام بل الولى أن يقيم للصلة وأن
يوجه وأن يكبر للحرام لن فعله هذا سيخالف ما نواه .وال تعالى
أعلم .
س:
ل وجذب شخصًا على يمين الصف وشماله ؟
جاء رجل ووجد الصف مكتم ً
الجواب -:
صلة الرجلين باطلة لن الشرط أن يوسطوا المام .وال تعالى أعلم
س:
من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟
الجواب -:
اختلف العلماء في ذلك .
بعض العلماء يقول ل يدخل مع المام بل ينتظر حتى يجد جماعة أو
يصلي هو بمفرده .
وذهبت طائفة إلى أنه يدخل لنه قد أدرك الجماعة والحديث يقول "ما
أدركتم فصلوا" وهذا قد أدرك شيئًا من تلك الجماعة ولكن الولين
يقيدون ذلك بحديث "من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة" .فقالوا هذا
الطلق الذي فيه يقول " :فما أدركتم فصلوا" مقيد " من أدرك ركعة في
الصلة فقد أدرك أو من أدرك ركعة في الصلة فقد أدرك الصلة" .
وبعض العلماء يقول إن الجمعة لبد من أن يدرك الركوع من الركعة
الثانية فإن لم يدرك تلك الركعة فإنه يصلي ظهرًا أما بالنسبة إلى
الصلوات الخرى فإنه إذا أدرك ولو جزءًا بسيطًا فإنه يكون مدركًا لتلك
الصلة .
لشك أن السلم أن من لم يدرك الركعة الخيرة ووجد جماعة أخرى فإنه
يقطع تلك الصلة التي دخلها في التشهد الخير أو في السجود أما من لم
يجد جماعة ثانية فذلك ل يؤثر عليه بل يواصل صلته هذا إذا كانت صلة
المأموم متحدة مع صلة المام ..
أما إذا كانت صلة المأموم تختلف عن صلة المام كأن يصلي ركعتين
فإنه لبد من أن يعيد الصلة من أولها ذلك لنه عندما دخل كان ناويًا بأن
يصلي أربعًا أو كان ناويًا أن يصلي بصلة المام وهنا لم يدرك صلة
المام فعليه أن يعيد الصلة من أولها .
فإذن -:إذا وجد الجماعة فيقطع الصلة التي دخل فيها في التشهد الخير
أو في السجود ويدخل مع الجماعة الجديدة وإن لم يأت جماعة جديدة
فإنه يكمل صلته إل إذا اختلفت صلته عن صلة المام فإنه يعيد الصلة
من أولها أي ينوي ويكبر إلى آخره .وال تعالى أعلم .
س:
إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟
الجواب -:
الحوط أن يعيد الصلة من أولها .
س:
إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح أحد من
المأمومين له فبعضهم سلم وبعضهم لم يسلم وبعضهم تكلم فما حكم
صلة كل من المام والمأمومين ؟
الجواب -:
أما الذي لم يتكلم وانتبه بعد ذلك وواصلوا صلتهم فصلتهم صحيحة مثل
:انتبه واحد ونبه المام أو انتبه المام نفسه وواصل الحاصل لم يجر
كلم ول التفات ويكون السكوت خفيفًا ليس طويل فهؤلء ل إشكال في
صلتهم بشرط أن يكونوا قد سلموا سهوًا أما إن كانوا على يقين بأن
المام أخطأ ومع ذلك سلموا فصلة من سلم وهو متيقن بخطأ المام
صلته باطلة وعليه أن يتوب إلى ال ويعيد صلته .
أما بالنسبة إلى من تكلم فهذه فيها أخذ ورد تحتاج نظر وتأمل حتى نتأمل
وننظر جيدًا في الحديث الوارد لن العلماء فيه كلم كثير ولبد من التأمل
فيه فإذا احتاطوا وأعادوا صلتهم حتى يتبين المر فحسن إن شاء ال .
س:
هل يسجد في هذه الحالة قبل السلم أم بعد السلم ؟
الجواب-:
يسجد بعد السلم .
س:
إمام عوض الفاتحة قرأ التشهد سهوا وبعد السجود انتبه لذلك فماذا يفعل
؟
الجواب -:
لبد من أن يرجع ويأتي بالفاتحة وبعد ذلك بعض العلماء يقول يواصل
صلته أي من بعد السجود وبعض العلماء يقول لبد من أن يأتي بالركوع
والسجود مرة ثانية فل بد من إعادة الفاتحة لن الفاتحة ركن فيرجع من
السجود ويقوم للفاتحة ويأتي بالفاتحة وإذا أتى بالفاتحة هل يأتي
بالركوع والسجود مرة ثانية هذا رأي لهل العلم وبعض العلماء يقول ل
يلزمه ذلك بل بعد الفاتحة يرجع إلى ما كان فيه ويواصل صلته من ذلك
الموضع .وال تعالى أعلم
س:
وإذا واصل المام وسلم ثم قضى بنفسه ؟
الجواب -:
أقول يعيدوا صلتهم ويتوبوا إلى ال من تهاونهم بعدم العادة هذا
الصحيح عندي وهذا المام جاهل عليه أن يتوب إلى ال من هذا الفعل .
وال تعالى أعلم
س:
إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل تنتقض
صلة الصف الول ؟
الجواب -:
أما إذا شاركه في السترة أحد مثل اشترك اثنان في السترة وانتقضت
صلة أحدهما فل بأس على من يصلي خلف المام أما إذا كان لم يشاركه
أحد بأن كان قد أخذ قفوة المام تمامًا ففي المسألة خلف بين أهل العلم
هل ينقض صلة من يصلي في ذلك الصف تجد القوال في العقد الثمين .
وال تعالى أعلم .
س:
إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم يجلس للتشهد وسبح له المأمومون ؟
الجواب -:
ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه يجب عليه أن يرجع فإن لم يرجع فإن
صلته فاسدة وهذا الرأي هو الذي كان يذهب إليه المام نور الدين رحمه
ال تبارك وتعالى وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه إن كان قد أطمئن
في وقوفه فل يرجع أما إذا كان لم يطمئن بأن كان في بداية قيامه أي لم
ينتصب قائمًا فإنه يرجع وهذا الرأي هو الرأي الصحيح وهو الذي ذهب
إليه المام الخليلي رحمه ال فقد أجاب بما يقتضي ذلك إن صح الحديث
ووقع له هو رحمه ال ولم يرجع مع أنه قد نبه إلى ذلك وسجد للسهو
وهو الذي يدل له الحديث كما قلت ويسجد للسهو في هذه الحالة بعد
السلم على الصحيح .
س:
من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟
الجواب -:
نحن نعرف أن من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة ثنائية أو رباعية
فالمر سهل يتابعه في الثنائية أو في الرباعية ول أشكال في المر .
بقي كيف يصلي لو كان المام يصلي صلة ثلثية كفريضة المغرب
وكالوتر أيضًا ثلث ركعات ؟.
منهم من يقول يصلي ثلث ركعات .
ومنهم من يقول أنه يتبع ذلك بركعة رابعة عندما يجلس المام التشهد
الثاني يجلس المأموم صامتًا ل يأتي بشيء ثم يأتي بالركعة الرابعة
ويفعل كما يفعل المقيم أن لو صلى خلف إمام مسافر ..
وهناك قول ثالث أنه ل يصح أن يصلي خلفه أبدًا.
وهناك قول رابع وهو أنه يصلي ركعتين وينهي صلته وهذا أضعف تلك
القوال كذلك القول بالمنع فيه ضعف فيبقى أقوى القوال إما أن يزيد
ركعة أو يصلي خلفه ثلثًا وإن زاد ركعة فحسن بمشيئة ال تبارك وتعالى
.وال تعالى أعلم
س:
صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص آخر
ولجهله بالسنة وقف عن يمين ذلك المأموم فهل للمام أن يتقدم أو أن
يقوم بتأخير المأموَمين أو أن يقوم المأموم الول بالتأخر ويؤخر ذلك
الشخص معه ؟.
الجواب -:
نعم للمام أن يقوم بدفع الشخصين خلفه كما فعل النبي صلى ال عليه
وعلى آله وسلم وللمأموم الول أن يتأخر وأن يقوم بجذب ذلك الشخص
معه أيضًا فهذا ل يضر إن شاء ال تبارك وتعالى أما أن يتقدم المام فهذا
مما ل ينبغي إل إذا كان المكان ل يتسع للمأموم ولكن لو وقع في
الماضي فل شيء عليه لكن المام ل ينبغي أن يتقدم لنه هو المتبوع .
وال تعالى أعلم .
س:
إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟
الجواب -:
يجهر من ذلك الموضع الذي انتبه فيه .وال تعالى أعلم .
س:
شخص أّم ناسًا ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور .فهل تجوز الصلة
خلفه ؟
الجواب -:
على كل حال من يقوم بالنذر للقبور أو للشجار أو للحجار أو للمساجد
أو لي شيء من تلك الشياء ل يخلو من أحد أمرين أثنين إما أن يعتقد
بأن هذه الشياء تنفع وتضر بنفسها وهذا والعياذ بال أمره خطير
وللشيخ صالح جواب طويل هناك فارجع إليه ففيه فائدة بمشيئة ال
تبارك وتعالى
وإما أن يكون يعتقد بأن ال تعالى هو الضار النافع ولكنه يعتقد بأنه هناك
جماعة من الجن أو ما شابه ذلك يدفع لهم تلك الذبائح أو تلك المأكولت
من باب اتقاء شرهم أو ما شابه ذلك لشك بأن هذا ل يصح ولكن ل
يمكن أن نحكم عليهم بالخروج من السلم إلى حضيرة الشرك بل نبين له
ن هذا المر ل يجوز ول يصح وأنه يجب عليه أن يرجع إلى ربه ويتوب أّ
إليه مما وقع فيه فإذا كان من القسم الول فهو خارج من السلم والعياذ
بال تبارك وتعالى ول شك بأنه ل يصلى خلفه ول يحكم عليه بشيء من
أحكام المسلمين أما إذا كان من القسم الثاني فهو فاجر إن لم يرجع إلى
ربه وقد علمت حكمه .وال تعالى أعلم .
س:
مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من الستعاذة
انتهى المام من قراءته الفاتحة فماذا يصنع ؟
الجواب-:
الذي نأخذه به أنه يؤجل الفاتحة ويقضيها بعد ذلك .وال تعالى أعلم .
س:
إمام يصلي قائمًا ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس فهل
أيضًا يجلس المأمومون ويصلون خلفه جلوسًا أم أنهم يواصلون الصلة
على حالهم السابق أي أنهم يصلون قيامًا ؟
الجواب -:
الصحيح أنهم يصلون قيامًا .وال تعالى أعلم .
س:
الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف يكون
قاطعًا للصف أو الصلة؟
الجواب -:
على كل حال إذا كان الصبي يصلي فهذا ل يضر أن يكون في وسط
الصفوف .
وأما إن كان الصبي ل يصلي أبدًا مجرد أنه يقف جنب أبيه أو ما شابه
ذلك الحاصل ل يأتي بالصلة فالصل أنه ل يصف مع المصلين بل ينهى
عن ذلك لكن لو وقع ذلك فل نقوى على القول إنه يقطع الصلة لنه سد
تلك الفرجة ولم يقف الشيطان والعياذ بال فيها فهو ليس أشد من
السارية الموجودة في المسجد .وال تعالى أعلم .
س:
هل للمرأة أن تؤم بالنساء ؟
الجواب-:
خلف بين أهل العلم
بعضهم قال :ل تؤم بالنساء إطلقا ل فريضة ول نافلة
وقيل :تؤم في النافلة دون الفريضة
وقيل :تؤم في النافلة والفريضة .وهذا القول عليه أبو محمد وأبو
اسحاق ورجحه قطب الئمة وهو الصحيح عندي ,ولكن أقول مع ذلك ل
يتخذوا ذلك عادة فالصل أن تصلي مفردة .وال تعالى أعلم .
س:
إذا أراد الرجل أن يصلي بزوجته في البيت فهل له أن يصلي بها الفرض
وإذا كان له ذلك فأين تكون في اليسار أم في اليمين ؟
الجواب-:
أما الفرض فالصل أن ُيصلى في المسجد إل إذا كان النسان معذورًا
بعذر شرعي فإذا كان معذورًا بعذر شرعي له أن يصلي بزوجته أو
بغيرها ممن هم في البيت وقد اختلف العلماء في الموضع الذي تقف فيه
المرأة ذهب بعضهم إلى أنها تقف منه في جهة الشمال حتى تكون مخالفة
لوقوف الرجل ثم إنه يمكن أن يأتي رجل فيقف عن يمين المام وتتأخر
تلك المرآة إلى الخلف ول تتغير من الجهة التي كانت واقفة فيها .
وذهب بعض العلماء إلى أنها تقف خلف المام وذلك لما ثبت في الحديث
عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم من طريق أنس رضي
ال تعالى عنه عند الربيع وغيره من أئمة المحدثين أن أنسًا رضي ال
تعالى عنه وذلك الرجل الذي كان معه وقف خلف النبي صلى ال عليه
وعلى آله وصحبه وسلم ووقفت المرأة خلفها ولم يأت أنها وقفت عن
شمال المام أي في الجهة الشمالية ول جهة اليسار ول في جهة اليمين
وإنما وقفت خلف المام على حسب ما يفهم من الرواية وأرى أن هذا
الرأي وهو أنها تقف خلف المام هو الرأي الصوب ول يقال بأنه
معارض للحاديث التي فيها النهي أن يقف الشخص خلف المام منفردًا
ول الحاديث التي فيها أن ابن عباس رضي ال عنه صف عن شمال
النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم حوله عن جهة اليمين
وكذا بالنسبة إلى الرجل الذي كان يصلي إلى غير ذلك فهذه الحاديث ل
تعارض فيها لن هذه القضية تختص بالمرأة وتلك القضايا تختص
بالرجال ول يمكن أن يقاس هذا الحكم على الحكم الخر بينهما وصلى ال
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ).(1
س:
أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟
الجواب-:
خلف بين أهل العلم
بعضهم قال :تصف عن شماله ولكنها ل تكون قريبة منه
وقيل :تصف خلفه .وهذا أقرب إلى الصواب .وال تعالى أعلم .
س:
المستدرك إذا لم يتمكن من إتمام الفاتحة مع المام وقرأ جزءا من فاتحة
الكتاب وركع المام فماذا يصنع وكذا الحال إذا كان المام سريع القراءة
فلم يتمكن من إكمالها ؟
الجواب -:
يركع مع إمامه ثم بعد ذلك يقوم بقضاء ما تبقى عليه من فاتحة الكتاب .
س:
رجل استدرك مع المام في ركوعه وركع معه ثم بعد أن قام للقضاء نسي
وركع فلما ركع تثبت وتيقن أنه ركع مع المام فماذا يفعل ؟
الجواب -:
يجلس من ركوعه ول حاجة إلى أن يقوم ويسلم من صلته بعد النتهاء
من الدعاء ويسجد لسهوه .
س:
ن العلماء قد اختلفوا على عّدة أقوال سمعنا منكم في دروس سالفة) (2أ ّ
ف قد اكتَمل ماذا َيصنع ،وسؤالي حول جَد الص ّ في َمن دخل المسجد وَو َ
الرأي المختار عندكم في هذه المسألة ِلعموم البلوى بها ،ولم ل يكون
سناه وأبي داوود حديث وابصة بن معبد-الذي هو عند الترمذي وأحمد وح ّ
صّلي خلف ن النبي صلى ال عليه وسلم رأى رجل ُي َ وغيرهم الذي فيه أ ّ
ت معهمف وحَده فَأَمَره أن ُيعيد الصلَة وعند غيرهم زيادةَ " :أَل دخْل َ الص ّ
ل "-وحديث " :فل صلة ِلفرد خلف الصف "-عند ابن ت رج ً
جَتَرْر َ
أو ا ْ
ن هذه الثار ل َتصح ل في هذه المسألة أم أ ّ صًماجة وابن حبان وأحمدَ-فْي َ
صة أبي بكرة رخصة ُتبَذل ِللجاهل الذي نق ّ ؟ َأَل ُيمِكن أن ُيقال يا شيخنا أ ّ
ل َيعرف الحكم في هذه المسألة ؟
الجواب-:
لو كانت هذه الحاديث مّتفقا عليها ِمن حيث الصحُة وِمن حيث الدللة
لكانت-نعم-قاطعًة ِللنزاع ،ولكن هذه الحاديث منها ما هو مختَلف فيه ِمن
حيث الدللة ومنها ما هو مختَلف فيه ِمن حيث الثبوت.
أما أحاديث الجر فهي ل َتثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ِبحال بل
هي ضعيفة جدا.
ن بعض العلماء الذين وأما الحاديث الخرى فمنها ما هو ثابت ،ولك ّ
شئ صّفا جديدا أو أنه َيتقّدم إن أمكنه وَيقف عن َيمين يقولون " :إنه ُين ِ
المام " يقولون :تلك الحاديث محمولة على ما إذا كانت الصفوف غير
جَد النسان مكانا يقف فيه أما إذا كانت تلك الصفوف مكتِملة ِبأن َو َ
ن ذلك ِمن العتداء على مكتِملة فإنه ليس له أن َيقوم ِبجّر أحٍد وذلك ل ّ
جّر ،وقد َيكون ث له بلبلًة وارتباًكا ول َيدري ِلماذا ُ
ص فقد ُيحِد ُ ذلك الشخ ِ
جّره غيره وأيضا سَتبقى ذلك الشخص جاهل ل َيدري ماذا َيصنع إذا َ
ت ضيق ل هنالك فرجة في ذلك الصف إلى غير ذلك ِمن المور ،والوق ُ
صل الكلم فيها ،وقد ذهب إلى هذا القول جماعة ِمن أهل العلم ُيمِكن أن ُأَف ّ
لمة أبو نبهان وابنه الشيخ ناصر- خرين ..ذهب إليه الع ّ وِمن كبار المتأ ّ
ن الواِلد
صل إل أ ّ
رحمهما ال تعالى-وِللشيخ ناصر في ذلك جواب مف ّ
جّر وإل فل بأس ،أما َيذهب إلى أنه ُيمِكن الجر ولكنه ل دليل عليه فإن َ
البن فل َيرى الجّر بل يرى أنه َيقف خلف الصف.
وهذه المسألة َتحتاج إلى جواب طويل جدا ِبذِْكر أدلتهم ،وعلى كل حال
فالمسألة كما ترى مختَلف فيها بْين أهل العلم وليس فيها دليل قاطع
ِللنزاع؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ُيريد رأيكم أيضا ؟
الجواب-:
صل القول في هذه المسألة.
على كل حال؛ هذا ل ُيمِكن إل بعد أن ُأَف ّ
س:
ما حكم قراءة القرآن ِمن المصحف إذا كان المام ل َيحفظ قدرا ِمن
طيل في الصلة بالناس ؟
القرآن وهو يريد أن ُي ِ
الجواب-:
هذه المسألة اختَلف العلماء فيها كثيرا:
حْرَمة ذلك. منهم َمن منع ِمن ذلك وذهب إلى ُ
ب إلى َكَراهة ذلك. ومنهم َمن َذَه َ
جاَزه في حالة الضطرار دون الختيار. ومنهم َمن َأ َ
ومنهم َمن أجاَزه ِلَمن كان حافظا دون غير الحافظ.
ن المصحف الشريف في حالة وعلى كّل حال ل ينبغي أن ُيْقَرَأ القرآن ِم َ
الصلة ،وإّنما ينبغي للمام أن يعتمد على حافظته ،فإذا كان ل َيحفظ
ت ِبَما استطاع عليه ول يلزم أن يقرأ القرآن بكامله في صلة كثيرا فلَيْأ ِ
جد غيره من طلبة العلم الِذين التراويح في شهر رمضان المبارك ،وإذا َو َ
ضة عليه خلفا ِلما يظنه ضا َ
غ َ يحفظون القرآن الكريم فإنه يقّدمهم ول َ
بعض العوام ِمن أنه إذا قّدم غيره من صغار الطلبة أو ما شابه ذلك فإنه
ن التقليل من َمْنِزَلته أو ما شابه ذلك ..والعكس سيكون في ذلك شيء ِم َ
جُلوَنه ويَقّدُرونه
أنه إذا قّدم غيره إذا كان أولى بالمامة فإن الناس سُيَب ّ
جيل الناس وتْقِديرهم وإّنما يسعى ِلمرضاة على أن النسان ل يسعى لَتْب ِ
ال-تبارك وتعالى-فليقّدم غيره من الحفاظ كما أرشد إلى ذلك المصطفى
صلى ال عليه وسلم عندما قال ) :يؤم القوم أقرؤهم لكتاب ال ( ،وإذا
جماعة منهم-مثلَ-من َيحفظ عشرة الجزاء الولى ِمن القرآن كانت هنالك َ
ومنهم من َيحفظ من ِنهايته ومنهم من وسطه فليتناوبوا ..أّول يصلي
في اليام الولى ذلك الذي َيحفظ أول القرآن ثم يصلي الثاني وهكذا ،أّما
جُؤوا إلى المصحف فل ننصح بذلك بل ينبغي أن ُيشّدد فيه وقد أن َيْل َ
حْرَمته ومنهم من ذهب إلى كراهته، علمتم بأن بعض العلماء ذهب إلى ُ
وأنا الن لست بصدد ترجيح الراجح ِمن هذه القوال وإّنما بصدد بيان أنه
ل ينبغي ذلك أبدا وفي حالة الضرورة ينبغي أن يلجأ المام إلى غيره فهذا
ليس من المور التي ُتَباح في حالة الضطرار-مثل-لّنه ل اضطرار في
جَد من يقوم بذلك ثم إّنه إذا َلم ُيوجد من يقوم بذلك فبالمكان أن َهَذا إذا ُو ِ
يصلي المام في هذه الليلة ِبهذه السور ويأتي ِبها-أيضا-في الليلة الثانية
وهكذا ،وِمن المعلوم أن كثيرا من الناس َيحفظون جزأين أو ثلثة من
القرآن فبإمكانهم أن يأتوا بهذه الجزاء في ليالي شهر رمضان؛ وال-
تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
س:
عامل عند تاجر معّين قد اتفق مع مجموعة العمال هناك أن يصلوا الظهر
في مصلى خاص من أجل أنه ل يستطيع أن يخالف أمر الشخص الذي
يعمل عنده ..المسجد قريب منهم لكن هم اعتادوا على أن يصلوا هكذا
في رمضان فقط صلة الظهر في ذلك المصلى ويصلونها جماعة.
الجواب-:
على كل حال؛ نحن ننصح أولئك التجار بأن يسمحوا لهؤلء العمال ،ولعل
هؤلء التجار يسمعون ..أن يسمحوا لهؤلء العمال بأن يذهبوا لداء
الصلة في المسجد ،ولن َيخسروا شيئا بمشيئة ال تبارك وتعالى ،بل لعل
ال-تبارك وتعالىُ-يهّيئ لهم الربح من حيث ل يشعرون ..ننصح أولئك
بأن يسمحوا لهم بذلك ،فإن تعّذر المر وكانوا مضطّرين للعمل فعسى أن
خص لهم في الصلة في هذا المصلى ،أما إذا كان ُيمكنهم أن يذهبوا ُير ّ
إلى المسجد فل؛ وال أعلم.
س:
طع بسبب هذه المور ؟
بعضهم يخاف على رزقه من أن ُيق َ
الجواب-:
ت.
على كل حال؛ كما قل ُ
س:
دعاء المام جهرا وتأمين الجماعة ،هل َوَرَد في ذلك شيء ؟
الجواب-:
هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم:
ن المأموِمين أو َمن شاء ِمن أهل العلم َمن ذهب إلى أنه إذا دعا المام فإ ّ
منهم يؤّمنون على دعاِء ذلك المام إذا كان ذلك الدعاء لمٍر دنيوي أو
جل صاِلحا مّتقيا ِلرّبه تبارك كان لمٍر أخروي إذا كان ذلك المام َر ُ
سقا فإنه ل ُيؤّم ُ
ن وتعالى ،أما إذا كان ذلك الشخص مجهول أو كان فا ِ
خل فيه. على دعاِئه إذا دعا ِبخْير ُأخرِوي َله أو كان دا ِ
سه فالمام يدعو لنفسه ن كّل شخص َيدعو ِلنف ِ وبعض العلماء ذهب إلى أ ّ
وغيره يشتغل بالدعاء لنفسه ول يلتفت إلى التأمين.
حاُمل على
ضِليل أو الّت َ
والمسألة المر فيها يسير ول ينبغي الّتْبِديع والّت ْ
َمن قال ِبهذا الرأي أو بذلك الرأي ،فإذا اشتغل النسان بنفسه ودعا أو
ذكر ال تبارك وتعالى ..أتى بتلك الذكار والدعية الواردة عن النبي-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وَلم يشتغل بدعاء المام فذلك فيه خْير
وبركة بمشيئة ال تبارك وتعالى.
س:
إذا كان المام َمجهول الحال هل يصح أن يؤّمن الشخص ويستحضر في
نيته َتخصيص ذلك أو تعليق أمر إجابة الدعوة أو التأمين إن كان هذا
المام صالحا ؟
الجواب-:
صل لو دعا النسان هو-حقيقة-قضية التقِديرات هذه فيها ما فيها لكن ال ْ
ِبدعاء لشخص َمجهول فإنه يدعو ِلعموم المسلمين فإن كان ذلك الشخص
من أهل الصلح فإنه سيدخل في عموم المسلمين ..إذا طلب-مثل-شخص
من شخص أن يدعو له وهكذا في صلة الجنائز-مثل-إذا كان يريد أن
يصلي على شخص َمجهول فإنه يدعو بدعاء عام ..إذا كان ذلك الشخص
من أهل الصلح فإنه سيدخل في ذلك العموم ،وكذلك لو صلى على
سق فإّنه يدعو لعموم المسلمين فإن ذلك الشخص الفاسق إذا شخص َفا ِ
كان مات على توبة صاِدقة فإنه سَيدخل في ذلك العموم ..هذا الذي
ينبغي أن ُيسَلك؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم ويقرأ منها
أثناء الصلة ،هل يصح له ذلك ؟
الجواب -:
ن ذلك يتنافى مع الخشوع ،فمن اشتغل بالقراءة
ل ،ل يصح له ذلك ،ل ّ
من شاشة أو من أوراق أو مما شابه ذلك فل شك بأنه سيترك الركن
العظم الخشوع ،الذي يقول فيه النبي صلى ال عليه وسلم :
) والخشوع عمود الصلة (.
(1س:
أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟
ج:
خلف بين أهل العلم
بعضهم قال :تصف عن شماله ولكنها ل تكون قريبة منه
وقيل :تصف خلفه .وهذا أقرب إلى الصواب .وال تعالى أعلم .
ِ- (2من ذلك جوابه على السؤال الول ِمن حلقة 8رجب 1423هـ ) 15
ص السؤال مع جواب الشيخ عليه:
سبتمبر 2002م ( وهذا ن ّ
س:
ف الول ؟
ف الص ّ
خل َ
ما حكم صلة المنفِرد َ
ج:
صّلي منفِردا خلف الصف ل َيخلو ِمن أحد أمرين: ن الذي ُي َ إّ
جد مكانا َيقف فيه في تلك ت ول َي ِ جد الصفوف قد امتل ْ -1إما أن َي ِ
الصفوف التي أمامه.
جد فراغا َيّتسع له:جد تلك الصفوف ُممتِلئة بل َي ِ -2أو أنه ل َي ِ
جد-كما صّفا جديدا إذا كان َي ِ
شئ َ أما المر الثاني فإنه ليس لحد أن ُين ِ
سعا في واحد ِمن الصفوف المامية بل عليه أن َيتقّدم وُيصّلي في تُ-مّت َ
قل ُ
ظَرن صلته باطلة اللهم إل إذا َن َ صّلى منفِردا فإ ّ س ذلك الصف ،وإذا َ نف ِ
ن ذلك الصف قد امتل ثم أنشأ صفا جديدا فإنه سيأتي ن ظّنا قويا بأ ّ ظّوَ
الكلم عليه في القسم الذي َيلي هذا القسم ..هذا هو القول الذي ذهبت
إليه طائفة كبيرة ِمن أهل العلم ،وهو الذي ُتؤّيده السّنة وَتدّل عليه دللًة
صريحة ،وإذا ثبت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله
ي فإنه لبد ِللمسلم ِمن أن َيْمَتِثل ذلك الحديث ..نعم وصحبه-أمٌر أو نه ٌ
طِلع عليه أو أنه رأى دلي ً
ل ُيعَذر َمن خاَلف الحديث لنه ُيمِكن أنه لم َي ّ
ت معه ،أما طَلع عليه ولكنه لم َيثب ْ جح أو أنه ا ّ ن ِبأنه هو الْر َ ظّ ُيخاِلفه و َ
ت عند العلماء وهو لم َيكن في ت لديه أو ثب َ طَلَع على الحديث وثب َ َمن ا ّ
درجتهم فإنه عليه أن َيّتِبع ذلك الحديث عن النبي-صلوات ال وسلمه
سُع ت-ل َي َ عليه-مع الجْزم ِبُعْذر أولئك العلماء الذين خاَلفوه ولكن-كما قل ُ
ن أن َيأخَذ ِبشيٍء ُيخاِلف السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلوات النسا َ
جح لديه شيء ِمن الدلة الخرى على ذلك ال وسلمه عليه ..نعم إذا َتر ّ
الدليل فإنه في هذه الحالة ل ُيَعّد مخاِلفا ِلذلك الدليل ،لنه َأخذ ِبدليل َيرجح
على ذلك الدليل ،وكذلك ليس ِلجماعة ِمن الناس ِمن اثنين فصاعدا أن
شؤوا صّفا جديدا إذا كان الصف المامي لم َيكتِمل بل عليهم أن َيصّفوا ُين ِ
في ذلك الصف حتى َيمتِلئ فإذا امتل فإنه في تلك الحالة ُيؤَمرون ِبأن
شؤوا صّفا جديدا. ُين ِ
أما القسم-الثاني أو-الول-لننا َذَكْرنا هذا القسم بأنه هو الول-فهو إذا
ف فيه في تلك جد مكانا َيص ّ جَد الصفوف ُممتِلئة ولم َي ِ ن وَو ََدخَل إنسا ٌ
ن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة على عّدة أقوال: الصفوف فإ ّ
خَل المسجد ليس ن هذا الشخص الذي َد َ ذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ
خرف المتأ ّ ص ِمن الص ّ جرّ شخ ٍ شئ صّفا جديدا بل عليه أن َيقوم ِب َ له أن ُين ِ
جوا على ذلك شرة ،واحت ّوَيصف هو وذلك الشخص خْلف المام مبا َ
ن ذلك الحديث ل ِبحديث مروي عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-ولك ّ
َيثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه وإن كان قد جاء ِمن أكثر ِمن طريق
ن تلك الطُرق ِمن الضعف ِبمكان فل َتصُلح لن َتصل إلى درجة لّ
حجية ،كما هو ُمَقّرر عند أئّمة العلم. الـ ُ
ف منفِردا خْلف ن ذلك الشخص َيص ّ وذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ
ف صّفا منفِردا المام ،إذ إنه مأمور ِبالدخول مع المام ومنهي عن أن َيص ّ
ف النسان وحده وبْين جَمُعوا بْين الحاديث التي فيها النهي عن أن َيص ّ فَ
حَملوا الحاديث الناهية الحاديث الِمرة ِبالدخول في صلة الجماعة َ ..
سعسع ِلذلك الشخص أما إذا لم َيّت ِ على ما إذا كان في الصفوف مّتسًعا َيّت ِ
ن ذلك النهي ل ُيحَمل عليه ،ولهم أدلة ف ِلذلك الشخص فإ ّ ذلك الص ّ
أخرى.
وذهب بعض العلماء إلى أنه َيحَتال حتى َيصفّ عن َيمين المام ..أي
طى تلك الصفوف إن أمكنه ِبحيث ل َيضّر ِبأحٍد ِمن المصلين َيَتقّدم َ ..يَتخ ّ
خلظر حتى َيد ُ ف عن َيمين المام ،أما إذا لم َيتمّكن ِمن ذلك فإنه َينت ِ وَيص ّ
ص آخر. شخ ٌ
خَذ ِبواحٍد ِمن هذه القوال فل شيء خلفية-كما سمعُتم-وَمن َأ َ فالمسألة ِ
عليهِ-بمشيئة ال-تبارك وتعالى؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ف أحٌد خْلف المام منفِردا وأمضى صلَته على هذه الصورة ثم إذا ص ّ
خرا ،ما
حق مؤ ّ
جاء رجل آخر ..في هذه الحالة الرجل الثاني الذي الت َ
حكم صلته ؟
ج:
أّول َيْنَبِني على الخلف السابق:
ن ذلك جائز له " ف منفِردا خْلف المام وأ ّ فعلى رأي َمن َيقول " :إنه َيص ّ
ن ذلك المر الذي َفَعَله صحيح ل غبار عليه ف معه ،ل ّ خَل َيص ّ ن َمن َد َفإ ّ
ف معه. خَل َيص ّ ن َمن َد َ وصلُته صحيحة وعلى هذا فإ ّ
جّر شخصا وأما على رأي َمن يقول ِبخلف ذلك وهو " :أنه لبد ِمن أن َي ُ
شرة " فلمخر وَيصف هو وذلك الشخص خْلف المام مبا َ ف المتأ ّ
ِمن الص ّ
ن صلَته-مع هذه الطائفة-باطلة وعليه ل َيص ّ
ح ف منفِردا فإ ّ ص ّجّر بل َ َي ُ
عا في
شَر َ
ن ذلك ل َيصح و َ ف معه اللهم إل إذا بّين له بأ ّ لحد أن َيص ّ
الصلة ِمن جديد ..أي َأْلَغى ما َفَعَله ِمن قبل إذ ل قيمة له وابتدَأ الصلة
ن صلَتهما صحيحة. خل فإ ّمع َمن َد َ
ف خْلف المام ض الذين قالوا " :إنه َيص ّ ن بع َ هذا وِمن الجدير ِبالّذْكر أ ّ
صق ِبالصفوف منفِردا " في هذه الحالة قالوا " :إنه َيتقّدم حتى َيلت ِ
خر فإذا انتهى ِمن الركوع والسجود وعندما ُيريد أن َيركع أو َيسجد َيَتأ ّ
َتقّدم " ،وهذا القول قوٌل ضعيف ،لنه َيقتضي هذه الحركة التي ل دليل
ف منفِردا خْلف المام عليها ،فإذن إما الخذ ِبرأي َمن َيقول " :إنه َيص ّ
جر وهو وإن كان ل َيصح ن ذلك جائز له " أو الخذ ِبرأي َمن يقول بالـ َ وأ ّ
ن الذين قالواجر-فإ ّث الذي َوَرَد على مشروعيته-أي مشروعية الـ َ الحدي ُ
ن هذه الحالة حالة ضرورة والنسان منهي عن ِبذلك َتَأّيدوا على ذلك ِبأ ّ
جر لجل هذه الضرورة ف دون غْيره فأجازوا له أن َي ُ ص ّ أن َينفِرد في َ
جر فهو قول كثيٍر ِمن أهل العلم خَذ ِبالـ َ
وإن كان الحديث ل َيصح ،فإذا َأ َ
وله أيضا وجه؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
شرة خْلف المام ..الكثير ِمن
ل َيذهب به مبا َ جًجّر َر ُ
ذكرُتم ِبأنه عندما َي ُ
جّروَنه في نفس المكان الذي َيخُرج منه ثمالناس ل َيصَنعون هذا إنما َي ُ
َيصّفون معه ،في هذه الحالة ما الحكم ؟
ج:
ت ِبصحيحة.
ل ..هذا ل َيصح ،فصلُة هؤلء ليس ْ
س:
حتى ولو كان المسجد كبيرا ؟
ج:
جر ِمن موضٍع آخر لكن ليس ِمن ف بل َي ُ
جّر ِمن طرف الص ّ ل َيلَزم أن َي ُ
طِع مسافٍة ف معه خْلف المام ،فل َيحتاج إلى َق ْ ص ّشرة وَي ُ
خْلف المام مبا َ
خرجّر والّتأ ّحم ،وهذه المحذورات-وهي الـ َ طويلة وبعَد ذلك الصف َيلت ِ
شئ صّفا جديدا خْلف ن ِللنسان أن ُين ِطع مسافة-راعاها َمن قال ِبأ ّ وق ْ
جر مع ما َيترّتب المام ما دام ليس هنالك دليل َيدّل على مشروعية الـ َ
عليه ِمن مفاسد.
س:
ئ صّفا جديدا خْلف المام منفِردا ؟
شُمعنى ذلك أنه ُين ِ
ج:
هذا رأي طائفة كبيرة ِمن أهل العلم.
الجواب-:
قد اختلف العلماء في حكم صلة السفر؛
ن الَقصر واجب في السفر ول ذهبت طائفة كبيرة من أهل العلم إلى أ ّ
يجوز لحد أن يتركه إل إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة
عليه أن ُيكمل الصلة لضرورة متابعة المام؛ كما هو مذهب جمهور
ن المسافر يصلي خلف المام المقيم ركعتين المة؛ خلفا لمن شّذ وزعم أ ّ
ليس إل ،وهذا قول ضعيف جدا مخالف للسّنة الصحيحة الثابتة عن
النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ثبوتا أوضح من شمس الظهيرة،
ن هذا الكلم مسبوق بإجماع الّمة وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أ ّ
ن عليه أن السلمية؛ أما إذا صلى بمفرده أو صلى خلف إمام مسافر فإ ّ
صر الصلة ،وهذا القول مروي عن طائفة كبيرة من أصحاب رسول يق ُ
ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،فقد روي عن عمر بن
ي بن أبيالخطاب الخليفة الراشد رضي ال-تعالى-عنه ،وروي عن عل ّ
طالب وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد ال ،بْل حكاه غير واحد من
أهل العلم عن اتفاق صحابة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم؛ وما روي عن عائشة وعثمان من أنهما قد أتما فقد حَملت هذه
ن مذهبهما كغيرهما من صحابة الطائفة ذلك منهما على التأويل ،وإل فإ ّ
رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-هو الوجوب ،وقد قال بذلك
سّدي ،وذهب إليه-أيضا-عمر الحسن البصري وسعيد بن جبير وقتادة وال ّ
بن عبد العزيز رضي ال-تعالى-عنه ،وهو مذهب الوزاعي والثوري،
وهو رواية عن المام مالك ،ورواية عن المام أحمد ،ورواية عن
إسحاق ،وقال به ابن القاسم وابن حزم ،وهو مذهب الحنفية والهادوية،
وذهب إليه-أيضا-ابن القّيم وطائفة كبيرة من العلماء من المتأخرين
صديق خان وغيرهم ،وهذا هو مذهب أصحابنا- كالَمْقِبِلي والشوكاني و ِ
رضوان ال تبارك وتعالى عليهم-قاطبة؛ بينما ذهبت طائفة من أهل العلم
إلى القول بالجواز،
واختلفوا في الفضل ،منهم من ذهب إلى تفضيل القصر ،ومنهم من ذهب
إلى تفضيل التمام ،ومنهم من لم يذكر تفضيل لحدهما على الخر،
ن القصر رخصة ،بينما يعّبر ن التمام واجب وأ ّ وذكر بعض العلماء أ ّ
ن من قال بعض العلماء بجواز المرين ،ول إشكال في هذين التعبيرين ،ل ّ
بالجواز ل يريد بالجواز هاهنا أنه يجوز لحد أن يترك القصر والتمام،
وإنما معنى ذلك أنه يجوز للنسان أن يأخذ بهذا ويجوز له أن يأخذ بهذا،
ن النسان يجوز له أن ومن عّبر بوجوب التمام وجواز القصر فإنه أراد أ ّ
صر ،وهذا التعبير وإن يترك القصر ول يجوز له أن يترك التمام إل إذا ق َ
ن الولى أن يقال بجواز المرين وُيعنى كان فيه ما فيه فل بأس به ولك ّ
ن القصر بذلك أنه لبد من التيان بواحد منهما؛ والقول الول وهو أ ّ
واجب في السفر هو القول الصحيح؛ وذلك لنه يجب على النسان إذا
وجد خلفا بين أهل العلم أن ينظر إلى الدلة من كتاب ال-تبارك تعالى-
ومن سّنة رسوله-صلوات ال وسلمه عليه-إذ هما الفيصل في مثل هذه
المسائل ،ونحن إذا رجعنا إلى سّنة رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-فإننا نجد السّنة الفعلية والسّنة القولية تدلن دللة ل غموض فيها
على وجوب القصر في السفر ،فالرسول-صلوات ال وسلمه عليه-قد
صر في جميع أسفاره ولم يثبت أنه أتّم في صلة من صلواته في السفر ق َ
البّتة ،ومن روى عنه أنه قد أتم فقد أخطأ ،وقد روى عنه القصر طائفة
كبيرة من صحابته رضوان ال-تعالى-عليهم ،ول أرى أن أطيل المقام
ن ذلك بذكر تلك الروايات مع الكلم على الصحيح والضعيف منها ،إذ إ ّ
من الشهرة بمكان ول عبرة بالضعيف-كما هو المعلوم-إل إذا كان مما
يمكن أن يرتقي بغيره من الروايات الثابتة ،وعلى كل حال ففي الصحيح
صت الثابت عنهم-رضوان ال تعالى عليهم-ما يغني عن الضعيف ،وقد ن ّ
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- طائفة كبيرة من أهل العلم على أ ّ
قد لزم القصر) (1في جميع أسفاره ،وممن ذكر ذلك ابن رشد ،وذكره-
أيضا-الجصاص وابن قدامة وابن القّيم وقبله شيخه ابن تيمية ،وذكره
كذلك الَمْقِبِلي والشوكاني وجماعة كبيرة ،وذكره من علمائنا المام
السالمي والشيخ الجيطالي وآخرون ،وفي هذا ما يدل دللة واضحة على
الوجوب ،وإل لو كان المر يقتضي الجواز لترك الَقصر-صلى ال عليه
ن ذلك ليس على وعلى آله وسلم-ولو مرة واحدة ليبّين لصحابه أ ّ
الوجوب ،أو لفصح عن ذلك بلسانه ،أما أنه قد لزم القصر ولم يذكر بأ ّ
ن
ن ذلك ل يدل على الوجوب ذلك ليس على الوجوب فل يمكن أن يقال :إ ّ
وإنما هو على الجواز فقط؛ أما الروايات التي تدل من جهة القول على
الوجوب فهي كثيرة ،من ذلك
ما جاء عن السيدة عائشة-رضي ال تعالى عنها-أنها قالت " :فرضت
الصلة ركعتين ركعتين فُأِقّرت في السفر وزيد في صلة الحضر " وله
ألفاظ متعّينة ،ومثله حكمه الرفع ،وهذا الحديث رواه المام الربيع-رحمه
ال-ورواه المام مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود والدارمي
والطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي
والطحاوي وابن حزم وآخرون ،وقد اعُتِرض عليه باعتراضات ولكنها
واهية وقد أجبنا عليها وأجاب عليها غيرنا ول حاجة للطالة بذلك فمن
شاء ذلك فليرجع إليه في موضعه فإنه سيجد بمشيئة ال-تبارك وتعالى-
ن تلك العتراضات ل تسمن ول تغني من جوع؛ أّ
ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس رضي ال-تعالى-عنهما أنه قال" :
فرض ال الصلة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " والحديث رواه
مسلم وأبو عوانة والنسائي وأبو داوود وابن ماجة وأحمد وابن خزيمة
وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حزم والبيهقي والطحاوي
والشافعي في " السنن المأثورة " ،وروته جماعة كبيرة ،ول يمكن أن
ن مثلُيعتَرض عليه بأنه من كلم ابن عباس رضي ال-تعالى-عنه ،إذ إ ّ
ذلك ل يمكن إل أن يكون بتوقيف من النبي صلوات ال عليه وسلمه ،إذ
مثل ذلك ل يمكن أن يقال بالرأي ،كما أنه ل يمكن أن ُيعتَرض عليه بأنه
ن حديث ابن مخالف لحديث السيدة عائشة رضي ال-تعالى-عنها ،ل ّ
عباس-رضوان ال تعالى عليه-يدل على ما استقر عليه المر بينما حديث
عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-فيه بيان كيفية افتراض الصلة في
أول المر ..كذلك ل يمكن أن يعترض عليه بأنه قد جاء في نهايته" :
ت سابقان هذه الزيادة شاّذة على التحقيق ،وذكر ُ وفي الخوف ركعة " ل ّ
في غير هذه الليلة بأنه يمكن أن تِرد لفظة أو جملة شاذة في حديث بينما
ذلك الحديث بكامله يكون صحيحا ،ولذلك أمثلة متعّددة؛
ومن ذلك حديث عمر-رضي ال تعالى عنه-أنه قال " :صلة السفر
ركعتان وصلة الفطر ركعتان وصلة الضحى ركعتان وصلة الجمعة
ن صلة السفر ركعتان وهي ليست ركعتان تمام غير قصر " ذكر فيه بأ ّ
بقصر ،ثم قال " :على لسان محمد " صلى ال عليه وعلى آله وسلم،
وهذا الحديث روته طائفة كبيرة من أئمة الحديث ،فقد رواه النسائي وابن
ماجة وأحمد وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبزار والطحاوي
ن بعض العلماء قد والبيهقي ،ورواه كذلك أبو ُنَعْيم ،وروته طائفة إل أ ّ
أعّله بالنقطاع ،لنه من طريق ابن أبي ليلى وهو لم يسمع من عمر بن
ن طائفة من أهل العلم قد نصت على أنه الخطاب على رأي طائفة ،ولك ّ
سمع منه ،وجاء في رواية عند النسائي في " الكبرى " وعند ابن ماجة
ن عبد الرحمن قد رواه من طريق كعب بن وابن خزيمة والبيهقي بأ ّ
جَرة ،وجاء عند الطحاوي بأنه رواه عن الثقة عن عمر رضي ال- عْ
ُ
ن عبد الرحمن قد سمع من تعالى-عنه ،ول إشكال في ذلك فعلى تقدير أ ّ
عمر-رضي ال تعالى عنهما-فيمكن أنه سمعه مرة منه وسمعه مرة عن
جَرة ،فرواه مرة عن عمر مباشرة ورواه مرة عنه عْ
الثقة الذي هو ابن ُ
بالواسطة ،وعلى تقدير عدم سماعه من عمر-رضي ال تعالى عنه-فإنه
قد ذكر الواسطة عنه وكذلك الرواية التي فيها بأنه سمعه من الثقة فقد
صرح بالثقة في رواية أخرى.
نعم ،كنا نتكلم على حديث عمر رضي ال-تبارك وتعالى-عنه ،وقلنا :إ ّ
ن
عبد الرحمن بن أبي ليلى رواه في رواية عن عمر-رضي ال تعالى عنه-
مباشرة ورواه في رواية عنه بواسطة كعب بن عجرة وفي رواية عن
ت :بأنه يمكن أن يكون قد سمعه من عمر الثقة والظاهر أنه كعب ،وقل ُ
على رأي طائفة كبيرة من أهل العلم ،وهذا هو الذي يؤخذ من كلم
الذهبي وقْبَله من كلم أبي ُنَعْيم ،وكذلك ذهبت إليه طائفة من المتقدمين
وإن كان كثير من العلماء على خلف ذلك ،وإذا قلنا بهذا الرأي-وهو
الذي يظهر-فل إشكال في المر ،وإذا قلنا بأنه لم َيسمع منه فقد بّين
الواسطة الذي سمعه منه ،ول إشكال في ذلك على الرأي الول ،فإنه
ت-أن يكون مرة ُيحّدث عن الصل ومرة يحدث عن الفرع يمكن-كما قل ُ
على أنه على تقدير عدم ثبوت الرواية الثانية فإنها تكون من باب المزيد
في متصل السانيد ،فيكون الراوي قد أخطأ في ذكره لكعب ،وعلى كل
حال ليس هذا الموضع يكفي لتحقيق الكلم على هذا الحديث ،وقد ذكرنا
ذلك في موضعه؛
ومن ذلك-أيضا-حديث عمر-رضي ال تعالى عنه-أنه قال له الرسول-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-في حديث شهير عن القصر ) :صدقة
تصدق ال بها عليكم فاقبلوا صدقته ( فقوله ) :فاقبلوا صدقته ( حديث
ن أمر رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- يدل على الوجوب ،إذ إ ّ
يدل على الوجوب ،لدلة متعددة ،وهو الذي ذهب إليه الجمهور ،وهذا
الحديث-أيضا-رواه المام مسلم ،ورواه النسائي وأبو داوود والدارمي
وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وأحمد وعبد الرزاق وابن الجارود،
ورواه كذلك-أيضا-ابن جرير ،ورواه البيهقي ،ورواه النحاس في "
الناسخ والمنسوخ " وأبو ُنَعْيم وطائفة كبيرة من أئمة الحديث؛ ومن
ن رجل قال لبن عمر رضي ال-تعالى-عنه " :يا الدلة على ذلك-أيضا-أ ّ
أبا عبد الرحمن إنا نجد في القرآن صلة الحضر وصلة الخوف ول نجد
ن ال قد بعث إلينا صلة السفر ؟ " فقال " :يا هذا-كما هو في رواية-إ ّ
محمدا ول نعلم شيئا فإنما نفعل ما رأيناه يفعل " وقد جاء بغير هذا اللفظ،
وقد رواه الربيع رحمه ال ،ورواه مالك وأحمد وابن خزيمة وابن حبان
والحاكم ،وهو حديث صحيح ،فهذا-أيضا-يؤخذ منه الوجوب؛
وهنالك أدلة أخرى ل داعي للطالة بها ،فهذه الحاديث وغيرها كثير تدل
جب عنها أحد إل باعتراضات أوهى دللة واضحة على الوجوب ،ولم ُي ِ
من نسج العنكبوت ،وقد ذكرناها مشفوعة بأجوبتها في غير ما كتاب فمن
شاء ذلك فليرجع إلى " الرأي المعتبر " وإن كان مختصرا بالنسبة إلى
أصله؛ وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فإنهم استندوا إلى الية القرآنية:
لة{ ] سورة النساء ،من الية: صَن ال ّ
صُروا ِم َ
ح َأن َتْق ُ
جَنا ٌ
عَلْيُكْم ُ
س َ
}َفَلْي َ
،[ 101ول دللة في الية ،لنها على رأي كثير من أهل العلم ليست في
صلة السفر ،وإنما هي في صلة الخوف ،وهو الذي يؤخذ من قول ابن
عمر وساِئله " :إنا نجد صلة الحضر وصلة الخوف " هكذا قال السائل
وأقره ابن عمر ..قال السائل " :نجد ذلك في القرآن ول نجد صلة
السفر " وأقره على ذلك ابن عمر ،وهذا الرأي هو الذي رجحه ابن
جرير ،فإذن الية لم تتعرض لقصر السفر رأسا ،وعلى تقدير أنها في
ن نفي الجناح ل قصر السفر-كما هو رأي جماعة-أو في القصرين معا فإ ّ
يؤخذ منه عدم الوجوب ،إذ إنه تارة يدل على هذا وتارة يدل على ذاك،
ومثل هذه الية ما جاء في السعي بين الصفا والمروة ،فإنه-أيضاُ-نِفيَ
ن السعي بين الصفا والمروة واجب، ن الصحيح الراجح أ ّالجناح مع أ ّ
ن نفي الجناح ل يراد به هاهنا والدلة التي ذكرناها من السّنة تدل على أ ّ
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله نفي الوجوب؛ واستدلوا-أيضا-برواية أ ّ
وسلم-كان يقصر في السفر ويتم،وهذه الرواية ليست بشيء ،لنها من
طريق السيدة عائشة رواها عنها عطاء بن أبي رباح وروايته ل تصح
من طريق السيدة عائشة رضي ال-تعالى-عنها ،كما ذكر ذلك غير واحد
من أئمة التحقيق ،وقد جاء عنه من أربع طرق إحداها من طريق ابن
وثاب وهو مجهول ،والثانية من طريق المغيرة بن زياد وهو ضعيف،
والثالثة من طريق طلحة بن عمرو وهو ضعيف ،وجاء-أيضا-من طريق
رابعة ولكنها-أيضا-ضعيفة ،فهذا الحديث ل ُيعتمد عليه ،وكذلك ما جاء
ن في إسناده راويا من أنه أقر السيدة عائشة على التمام ليس بشيء ،ل ّ
ن السيدة عائشة لم تكن معه في ضعيفا وهو العلء بن عبد الرحمن ،ثم إ ّ
سفر فتح مكة فكيف يقال بأنها أتّمت بخلف فعل النبي صلى ال عليه
وسلم وهي لم تكن مسافرة معه في ذلك السفر ؟! وكذلك ما جاء أ ّ
ن
الصحابة كانوا يسافرون مع النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وكان
منهم من يصوم ومنهم من يفطر ..منهم الصائم ومنهم المفطر ومنهم
الذي يقصر ومنهم الذي يكمل الصلة ،هذا معناه ..هذا الحديث رواه
البيهقي وليس بشيء ،لنه من طريق زيد الَعّمي ول يؤخذ بروايته،
ن النبي والراوي عنه ضعيف-أيضا-فمثله ل ُيفَرح به ،وكذلك ما جاء أ ّ
طعة من رواية صلى ال عليه وسلم أتم في الخوف ،فهذه الرواية ُمقَت َ
أخرى ،فالصحيح أنه صلى ركعتين ثم سلم ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين
فكان متنفل؛ فهذه أقوى ما استند إليه القائلون بالجواز وهي كما ترون ل
ن القول َتثبت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-وإذا كان المر كذلك فإ ّ
بالوجوب هو القول الراجح ،فل ينبغي لحد أن يتركه ،ثم-كما ذكرتُ هو
مذهب أكثر الصحابة ،بل مذهب الصحابة قاطبة على رأي أكثرهم ،وهو
الذي ذهب إليه التابعون ومن تبعهم بإحسان أو أكثرهم ،ولذلك قال
الترمذي " :العمل على ما كان عليه النبي صلى ال عليه وسلم وأبو بكر
وعمر " ونسبه البغوي إلى أكثر العلماء ،ونسبه الخطابي إلى أكثر أهل
العلم؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ما حكم من كان ُيتّم في السفر مستِندا في ذلك إلى قول أحد مشائخه الذين
يثق فيهم وهو أنهم يقولون " :من كان يملك مسكنا في السفر وكان
يطيل المكث فيه فعليه التمام ولو لم ينو الستقرار فيه " ثم تبّين له بعد
ن الراجح هو ما ذهبتم إليه ؟ وهل يجب عليه قضاء الصلوات التي ذلك أ ّ
لها تماما عمل بقول شيخه ؟ وما حكم هذا الشخص إن كان يصلي صّ
بالناس في تلك الفترة ؟
الجواب :
ن المسألة ليست فيها نعم ،الصحيح هو وجوب القصر كما ذكرنا ,إل أ ّ
أدلة قاطعة ،فالمسألة ل تخرج عن دائرة الظن ،وإن كان الصحيح الذي
تدل له السّنة هو ما ذكرناه ،وإذا كان النسان يأخذ من قبُل برأي من
ن ذلك الرأي هو الصواب فإننا ل نقوى على أن آراء أهل العلم ويظن أ ّ
ت-ل تخرج عن دائرة الظن ،أما إذا ن هذه المسألة-كما قل ُ
ُنلزمه البدل ،ل ّ
كان ذلك الرجل الذي َيستند إلى كلمه ليس من أهل العلم وإنما يتظاهر
صر في حقيقة الواقع في طلب بالعلم وليس المر كذلك فهذا الشخص قد ق ّ
الحق ولم يطلب ذلك من أهله فعليه أن يتوب إلى ال وأن يعيد تلك
ت-منهم من يقول ن العلماء-كما قل ُالصلوات التي أتمها وهو مسافر ،ثم إ ّ
بوجوب القصر ،ومنهم من يقول بالتخيير ولكن لمدة معّينة ،ومنهم من
صر النسان يقول-أيضا-بالجواز مهما مكث النسان من السفر ،أما أن يق ُ
في مكان وهو لم يستقر فيه وإنما لنه بنى فيه بيتا أو ما شابه ذلك فهذا
أمر عجيب ،فهو لم ينو الستيطان ،فل أدري هذا الشيخ الذي يذكره هل
ن النسان لبد من أن يقصر مهما مكث يأخذ برأي من يقول بالوجوب وأ ّ
ن من من الزمن إل أنه يجهل تطبيق ذلك على هذه القضية ولذلك أفتى بأ ّ
مكث في مكان وهو لم ينو الستقرار لكونه قد ملك بيتا أو ما شابه ذلك،
فإن كان المر كذلك فهذا خطأ في حقيقة الواقع وعليه أن يتوب إلى ال،
وعلى ذلك الذي أخذ برأيه أن يتوب إلى ال-تبارك وتعالى-وأن يعيد تلك
الصلوات ،أما إذا كان ذلك الشيخ يأخذ برأي من يقول بالجواز إما
ن ذلك هو الصحيح وأفتى من اجتهادا وإما تقليدا لمن يقول بذلك ويظن أ ّ
أفتاه بذلك فل نقوى على أن نلزمه العادة ،بل نأمره بتطبيق الصواب في
المستقبل؛ وال أعلم.
س:
كانوا مسافرين مع جماعة وأثناء الوضوء دخلت فرقة منهم في المسجد
فوجدت جماعة تصلي ،في هذه الحالة هل يدخلون فيصلون معهم أم
ن الذين دخلوا إلى المسجد ل
ينتظرون أصحابهم ليصلوا جمعا ؟ ثم إ ّ
يدرون عن تلك الجماعة هل تصلي قصرا أم تصلي وطنا.
الجواب :
أما إذا كانت تلك الجماعة تصلي تلك الصلة التي تريد هذه الجماعة أن
ن عليهم أن يدخلوا معهم وليس لهم أن ينتظروا أصحابهم، تقوم بأدائها فإ ّ
فإن جاء أصحابهم وأمكنهم أن يدخلوا في تلك الجماعة فعليهم-أيضا-أن
يدخلوا فيها ،وإن لم يتمّكنوا من ذلك فبإمكانهم أن يقيموا جماعة أخرى،
لنهم لم يريدوا معارضة الجماعة الولى أو ما شابه ذلك وإنما تأخروا
ن عليهم أن لسبب من السباب ،بل لو تأخروا من قبُل وفّرطوا في ذلك فإ ّ
يتوبوا إلى ال وأن يقيموا صلة الجماعة ،ل كما قال بعضهم أنه ليس
لهم أن يقيموا جماعة ثانية ،هذا إذا كانت تلك الصلة هي الصلة )(2
التي تريد تلك الجماعة أن تقوم بأدائها وذلك تارة يكون واضحا جليا
وتارة ُيفهم بالقرائن وتارة ل يمكن النسان أن يفهم ذلك ،فإذا كان الوقت
وقت تلك الصلة ..مثل كان ذلك الوقت وقت صلة العصر فالظاهر أ ّ
ن
تلك الجماعة تصلي العصر وعليه هؤلء إما أن يصلوا معهم نافلة ،وهذا
هو الفضل ،لمر النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-بذلك ،بل ل ينبغي
لهم أن يتأخروا إل إذا كانت تلك الجماعة ليست الجماعة الصلية بل
ن ذلك ل يدخل في أمر النبي صلى ال عليه كانت جماعة ثانية أو ثالثة فإ ّ
ن من دخل المسجد يؤمر وسلم اللهم إل إذا صلوا معهم تحّية المسجد ،فإ ّ
بتأدية ركعتي تحية المسجد قبل أن يجلس إل إذا أراد أن يصلي الفريضة
ففي هذه الحالة بإمكانهم أن ينتظروا أصحابهم ويقوموا بتأدية تلك
الصلة معهم؛ وال أعلم.
س:
من يسافر من بلده إلى بلد آخر وبعد فترة يترك السفر فيصلي إتماما ظنا
ن بلد المسلمين تعتبر وطنا له أينما حّل فيها ،فهل يصح هذا ؟
منه أ ّ
الجواب :
هذا الشخص قد أخطأ الصواب فبلد المسلمين وإن كانت بمشيئة ال-
ن ما نشاهده من حدود تفصل بين الدول ،وفي تبارك وتعالى-واحدة ولك ّ
كثير من الدول لبد من موافقة تلك الدولة على الدخول في الدولة الثانية
ومن إقامة مدة معّينة وإذا أراد أن يبقى مدة أخرى لبد من أن يطلب
الذن أو ما شابه ذلك ثم إنه قد يأتي لدراسة ويمكث كذا كذا سنة من
السنوات أو يأتي لعمل وهو يقصد أن يبقى مدة معّينة من الزمن فهذا في
ي بلد من حقيقة الواقع لم يستقر في هذه البلد التي ذهب إليها ..في أ ّ
ت-لطلب علم أو البلد ..هو لم يستقر في تلك البلد ،وإنما جاء-كما قل ُ
طلب معيشة أو ما شابه ذلك من المور فهذا في واقع المر ل ينطبق
عليه الستقرار المعروف ،فمن أراد أن يكمل الصلة لبد من أن تكون
نفسه قد اطمأنت في ذلك المكان وارتاح فيه وأراد أن يستقر فيه ،أما أن
يكون ارتاح لهله أو ارتاح من أجل طلب المعاش أو ما شابه ذلك فهذه
وإن كانت راحة نفسية ولكنها ليست هي الراحة أو ليس هو الطمئنان
الذي يوجب التمام في الصلة ،فالناس يجهلون بين الطمئنان
والستقرار الذي يوجب التمام وبين الستقرار والمودة مع أصحابهم
وأصدقائهم وما شابه ذلك فهذا المر يختلف عن ذلك المر كما هو
ي ل يخفى ،فالنسان الذي استقر في ذلك المكان وأراد أن واضح جل ّ
يعيش فيه وهو مطمئن فيه ويعرف بأنه ل يمكن أن َيخرج منه بأمر من
دولة ول بغير ذلك إل إذا كان هنالك ظرف حادث أو ظرف سيطرأ له في
ن النسان ل يدري ماذا سيأتي عليه في المستقبل ،أما أن المستقبل فإ ّ
يكون يعرف في قرارة نفسه بأنه لن يبقى في هذا المكان فهذا يجادل
ويماري بالباطل ،وهو في حقيقة الواقع ل يكمل الصلة إل من أجل
الحصول على دراهم معدودة وُيفّرط في أمر دينه وُيؤّثر على من يصلي
خلفه ،فعلى هؤلء أن يعلموا ذلك يقينا وأنه ل يجوز لهم التمام بحال من
الحوال؛ هذا وال-تعالى-أعلم؛ وعلى كل حال ،هذا ل يوجب تفريق
ل ،فل يمكن أن ُيرّوج لذلك بمثل هذاالمسلمين أو ما شابه ذلك ..ك ّ
الهراء التافه ،فما يجمع بين المسلمين أكبر من هذا بكثير ولكن للصلة
من الحكام ما ل يخفى مما ل يجوز لحد أن ُيفّرط فيه .وال تعالى أعلم
س:
سائلة تسأل :في بعض الحيان تكون في الدراسة والوقت يتأخر بها إلى
الساعة الثانية ،فهل َتجمع صلة الظهر مع صلة العصر جمعا صوريا ؟
الجواب :
على كل حال ،وقت الظهر ل زال باقيا في الساعة الثانية بل يمتد إلى ما
ن بمجرد خروج وقت هو أبعد من ذلك حتى قبيل وقت دخول العصر ،ل ّ
الظهر يدخل وقت العصر ،وهنالك وقت طويل بين هذا الوقت وبين دخول
العصر ،فبإمكانها أن تصلي في الثانية بل وفي الثانية والنصف الظهَر،
ول زال الوقت .س:
نريدكم أن تحدثونا عن تعريف الوطن الذي يستقر فيه النسان ،كما
ن النسان نريدكم أن تعّرفوا لنا كذلك معنى الستقرار والطمئنان بحيث إ ّ
إذا اطمأن ووصل إلى الدرجة التي تحّدثونا عنها-بعد قليل-يكون بذلك
طنا ،كما-أيضا-نريدكم أن تحّدثونا عن عدد الوطان التي يجوز مو ّ
للنسان أن يتخذها.
الجواب :
طنا في ذلك المكان النسان ل يخلو من أحد أمرين اثنين ،إما أن يكون ُمو ّ
الذي يصلي فيه أو يكون مسافرا فيه ،فإن كان قد اتخذ ذلك المكان وطنا
صر الصلة فإنه يجب عليه التمام ،ول يجوز له بحال من الحوال أن يق ُ
فيه ،أما إذا كان مسافرا فيه فإنه يجب عليه القصر على القول الراجح-
كما قدمنا في الدرس الماضي-ول يجوز له أن يصلي أربعا إل في حالة
واحدة فقط وهي ما إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة يجب
عليه أن يتابع إمامه ،ول يجوز له أن يصلي ركعتين ثم ينفرد عن المام؛
أما بالنسبة إلى الموضع الذي يجب على النسان أن يصلي فيه وطنا فهو
المكان الذي أراد أن يستقر فيه وكان مطمئنا إلى العيش فيه يريد أن
يسكن فيه مدى الحياة اللهم إل إذا عَرض له عارض بعد ذلك فإنه إذا
ن لكل حادثة حكما يخصها ،أما هو في عرض له عارض في المستقبل فإ ّ
الصل فإنه يريد أن يسكن في ذلك المكان ولبد من أن يكون مستقرا
مطمئنا مرتاحا إليه ،فإن كان مطمئنا مرتاحا ولكنه ل يريد أن يستقر فيه
فهو في حالة الواقع مسافر ،والمسافر ل يجوز له التمام كما ذكرنا ،وإذا
كان يريد أن يمكث فيه ولكنه ل يطمئن في ذلك المكان فكذلك في حقيقة
الواقع هو مسافر ،فإذن لبد من أن يريد أن يمكث في ذلك المكان بأن
يستقر فيه ويكون مطمئنا مرتاحا إليه ،أما إذا لم يرد الستقرار أو يريد
ن هنالك مانعا يمنعه من ذلك فل ،وقد ذكرنا في الدرس الماضي بأ ّ
ن ولك ّ
أولئك الذين يذهبون من دولة إلى دولة أخرى من أجل التعليم أو من أجل
العمل فإنه ل يمكنهم أن يصلوا تماما ،ذلك لنه وإن أحبوا ذلك المكان
واطمأنت نفوسهم فيه ولكنهم يعلمون علم اليقين بأنهم لن يبقوا في هذا
المكان وإنما سيستمرون فيه مدة محددة كأربع سنوات للدراسة أو يمكن-
أيضا-أن يستمروا مدة أطول من ذلك إذا كانوا يعملون في ذلك ..في
ي عمل من العمال الخرى ولكنهم متيّقنون بأنهم إمامة أو تعليم أو في أ ّ
ن أنظمة تلك الدولة التي يعملون فيهالن يمكنهم أن يستقروا في ذلك ،ل ّ
تمنعهم من الستقرار فيها اللهم إل إذا كانت تلك الدولة توافق لهم بأن
يستقروا فيها على حسب شروط وهم سينّفذون ذلك فذلك مجال آخر ،أما
ن أنظمة الدولة تمنعهم من ذلك-كما هو إن كانوا ل ينوون الستقرار أو أ ّ
الواقع في غالب دول العالم-فل يمكن أن يقال إنه يجوز لهم أن يكملوا
الصلة ،سواء أرادوا المامة أو لم يريدوا ذلك ،وكثير من الناس
وللسف الشديد يبحثون في الكتب عن قضية تعدد الوطان ولكنهم لم
يبحثوا قبل ذلك متى يجوز للنسان أو يجب على النسان أن يتخذ وطنا
ثانيا أو ثالثا أو رابعا أو أكثر من ذلك على رأي من يجيز ذلك ،فإذن لبد
من البحث في المسألتين ..في عدد الوطان التي يجوز للنسان أن
يستقر فيها وأن يصلي فيها صلة وطن ،وما هي المور التي لبد من
توافرها في ذلك النسان حتى يتخذ أكثر من وطن ،أما عدد الوطان فقد
حّدده بعض العلماء بأربعة أوطان ،ونحن ل نستطيع أن نحدد ذلك بعدد
معّين وإنما نقول إنه يجوز للنسان بل يجب عليه أن يصلي وطنا إذا
استقر في مكان من المكنة أو في أكثر وأراد أن يعيش في تلك المكنة
جميعا ،أما إذا لم ُيرد ذلك أو أنه أراد ولكنه يعلم أنه لن ُيترك أو ما شابه
ذلك فذلك مما ل يصح؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
لكن إذا أتينا إلى قضية الوطان ،متى يصح للنسان أن يتخذ ذلك المكان
وطنا ،هل إذا امتلك فيه بيتا أو امتلك فيه مزرعة أم هناك شروط أخرى ؟
الجواب :
ل نستطيع أن نشترط شيئا من هذه المور ،وإنما القضية هي استقرار
النفس في ذلك المكان واطمئنانها إلى السكنى فيه ،فبعض الناس قد
يعيشون حياتهم من أولها إلى نهايتها وهم يستأجرون منزل أو ما شابه
ذلك ،وبعض الناس يملكون منازل حتى في دول أخرى ..أي في غير تلك
الدولة التي هم مواطنون فيها وهكذا ،فإذن العبرة بالستقرار
والطمئنان؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ن النسان إذا تزوج من منطقة تعّد له وطنا ؟
وهل ما يقال من أ ّ
الجواب:
ن المرأة تابعة لزوجها ،فإذا تزوج إنسان امرأة هي تصير تابعة الصل أ ّ
له بعد أن يقوم بنقلها ،أما بمجرد العقد فل ،وإنما العبرة بدخوله بتلك
المرأة أو بتبعية تلك المرأة له وإن لم يدخل بها ،أما ما دامت مستقرة
عند أهلها ولم يقم هو بنقلها ..كما هو العادة عند كثير من الناس أ ّ
ن
النسان يعقد أّول على المرأة وتبقى هي في بيت أهلها ول تكون تابعة له
وإنما تتبعه بعد أن يقوم بنقلها أو ما شابه ذلك على اختلف الناس فهي
بعد ذلك تكون هي تابعة له ،تصلي تماما في الموضع الذي يصلي هو فيه
صر فيه هو ولو كان ذلك في بيت صر في الموضع الذي يق ُ تماما ،وتق ُ
أهلها الذي عاشت فيه من قبِل أن يتزوجها هذا الشخص ،أما أن يكون
هو تابعا لها فل ..نعم ،إذا تزوج من منطقة وأراد أن يسكن في تلك
المنطقة-سواء أراد أن يتحول من منطقته السابقة أو استقر في المكانين
معا-ففي هذه الحالة يصلي تماما في الموضعين معا أو في ذلك الموضع
ل بسبب زواجه من تلك المرأة وإنما بسبب أنه استقر في تلك المنطقة،
فإذن ليست القضية قضية زواج من تلك المرأة ،وإنما القضية استقراره
واطمئنانه هو ،وإل فالمرأة هي التي تتبعه ،فإذا قام بنقلها تصلي بصلته
وطنا أو قصرا؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ن النسان إذا ولد في منطقة حتى ولو سافر منها
وهل ما يقال-أيضا-من أ ّ
بعد ذلك ل تزال وطنا له ؟
الجواب:
إذا كان يسكن في تلك المنطقة وفي المنطقة التي انتقل إليها-أيضا-أي
تارة يسكن هنا وتارة يسكن هناك ويريد أن يعيش في المنطقتين معا
فنعم ،أما إذا كان ترك تلك المنطقة الولى وإنما يذهب إليها لزيارة أهله
وأقاربه فيمكث معهم يوما أو يومين أو أكثر من ذلك فهو مسافر في
حقيقة الواقع في تلك المنطقة ،فإذن ليست هنالك عبرة بالولدة في
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله المنطقة الفلنية ،ونحن نعرف أ ّ
وصحبه وسلم-قد ُولد بمكة المكرمة وعاش فيها ما يقارب أربعين عاما
قبل نبوته ثم مكث فيها ثلثة عشر عاما بعد رسالته وُفرضت عليه
الصلة بمكة المكرمة ثم هاجر-صلوات ال وسلمه عليه-وهكذا بالنسبة
إلى أصحابه المهاجرين رضي ال-تعالى-عنهم ..هاجروا إلى المدينة
صرون الصلة فيها ،وإنما وكانوا عندما يأتون إلى مكة المكرمة يق ُ
يصلون في المدينة تماما ،أو في مواضع أخرى بعد انتقال بعضهم من
المدينة عندما استقروا في تلك المناطق ،كما استقر بعضهم في الشام
وبعضهم في الكوفة وبعضهم في البصرة ،فإذن ل علقة لموضع الولدة
في التمام والقصر ،فإذا انتقل النسان صار ذلك الموضع كغيره من
المواضع التي يصلي فيها قصرا؛ وال أعلم.
س:
ذهب إلى مكان مجاور لبلده وشك هل ذلك المكان تعتبر مسافته وصلت
حد السفر أم ل فبقي في الشك هل يصلي إتماما أم يصلي قصرا فصلى
قصرا ؟
الجواب :
قد أخطأ في هذه القضية إذا كان اعتمد على هذا الشك فقط ولم يكن
ن من شك في مكان هل هو من حدود هنالك دليل آخر قد اعتمد عليه ،إذ إ ّ
صر فيه بل يجب عليه أن يكمل الصلة ثم الوطن أو ل فإنه ليس له أن يق ُ
ن عليه أن يعيد الصلة ،وإن إذا تبّين له بعد ذلك بأنه خارج الوطن فإ ّ
صر وهو لم يقم عليه تبّين له بأنه في الوطن فل إعادة عليه ،أما أن يق ُ
الدليل بأنه خرج من وطنه فل ،إذ الصل الوطن ول َينتِقل عنه إل بدليل؛
وال-تعالى-أعلم.
س:
على أية حال ،نحن نريد أن تبّينوا لنا المسافة التي إذا ما قطعها النسان
يعتبر مسافرا ؟
الجواب:
هذه المسألة اختلف فيها العلماء اختلفا كثيرا جدا ،وقد وصلت القوال
في ذلك إلى ما يقرب من عشرين قول ،وأغلب تلك القوال قد انقرض
القائلون بها ،وإنما بقيت أقوال معدودة؛ والذي ذهب إليه أصحابنا-
ن مسافة القصر ُتقدر بفرسخين ،واعتمدوا في رضوان ال تعالى عليهم-أ ّ
حَلْيَفة حيث إنه-
ذلك على قصر النبي-صلوات ال وسلمه عليه-بذي ال ُ
صلوات ال وسلمه عليه-خرج من المدينة إلى ذي الحليفة وصلى بها
ن الحاديث التي اعتمد عليها القائلون بخلف ذلك منها ركعتين ،ورأوا بأ ّ
ما ل َيثبت عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-لضعف أسانيدها ،ومنها
ما ل علقة له بهذه القضية البّتة ،كاستدلل بعضهم بقضية المسح على
ن تلك الحاديث-أيضا-ل َتثبت عن النبي الخفين أو ما شابه ذلك ،فإ ّ
صلوات ال وسلمه عليه ،وعلى تقدير ثبوت بعضها عنه-مثل-فإنها
منسوخة ،وعلى تقدير عدم نسخها-وهو بعيد جدا جدا ولكن على رأي
ن تلك الحاديث ل علقة لها بهذه القضية ،وإن كان من يقول بذلك-فإ ّ
قليل من الناس الذين احتجوا بمثل ذلك ،ومنهم-وهم كثير-قد احتجوا من
نهي المرأة عن السفر من غير ذي محرم ..نهاها رسول ال صلى ال
عليه وسلم أن تسافر يوما ،وفي بعض الروايات :يوما وليلة ،وفي
بعضها :ثلثة أيام ..منهم من استدل برواية الثلث ،ومنهم من استدل
ن هذه الحاديث ل علقة لها بالموضوع إطلقا، برواية اليوم والليلة ،ولك ّ
ن الحديث قد ورد بألفاظ متعددة ..ورد بما ذكرناه من اللفاظ ،وورد ثم إ ّ
بيومين ،وورد بالنهي عن السفر مسافة َبِريد ،وورد على الطلق ،وهي
الرواية التي ينبغي أن ُيعتمد عليها ،ولست الن بصدد الجابة عن تلك
الروايات ،لنه أّول وقبل كل شيء يحتاج إلى إطالة وذلك مما ل يمكن أن
ن هذه الحاديث ل علقة لها بالموضوع نصير إليه الن ،وثانيا ل ّ
أصل ..إذن ما ذهب إليه أصحابنا هو الذي تطمئن إليه النفس ،فمن
سافر هذه المسافة فإنه يقصر الصلة ،أما من سافر إلى مسافة أقرب من
ذلك فليس له أن يقصر الصلة اللهم إل إذا أراد أن يتجاوز الفرسخين
ن من نوى أن يتجاوز الفرسخين ن كثرة كاثرة من أهل العلم قالوا إ ّ فإ ّ
فإنه يقصر الصلة ولو لم يتجاوزهما ،فهذا رأي كثير من أهل العلم بل
هو رأي أكثرهم ،وإن كانت هنالك طائفة من أهل العلم تقول بخلف ذلك؛
والفرسخان قّدرهما كثير من أهل العلم بما يقرب من اثني عشر
بالكيلومترات وهي المقاييس العصرية ،وإن كانت المسافة في حقيقة
ن ذلك قد اشتهر الواقع بين المدينة إلى ذي الحليفة ل تصل إلى ذلك ولك ّ
ن ذلك يؤخذ به لنه أحوط وأيضا فإننا مع أهل العلم ،ورأى المتأخرون أ ّ
ل نعلم الطريق التي سلكها-النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فلعله
سلك طريقا تخالف هذه الطريق التي يسلكها الناس وهي تصل إلى
المسافة المذكورة ،فهذا الذي ذهبوا إليه ،إذ إنهم لم يجدوا ما هو أقوى
ت-
منه ،بينما القوال الخرى أدلتها من الضعف بمكان ،لنها-كما قل ُ
معتِمدة على أحاديث ضعيفة جدا أو ليست بمرفوعة وإما على أحاديث ل
علقة لها بالموضوع كالحديث الذي فيه النهي عن سفر المرأة من غير
ذي محرم أو زوج؛ وال-تعالى-أعلم.
س:
بما أنكم ذكرتم هذه المسافة الن وهي اثنا عشر كيلومترا تقريبا متى يبدأ
النسان يحسب هذه المسافة ؟
الجواب:
هذه المسألة-أيضا-فيها خلف بين أهل العلم؛ والذي ذهب إليه كثير منهم
ن النسان إذا تعدى عمران البلد فإنه يبدأ الحساب؛ وذهبت طائفة من أّ
أهل العلم إلى أنه يبدأ الحساب من المكان الذي استقر فيه؛ وهذا الرأي
أفتى به المام الخليلي-رحمه ال تبارك وتعالى-لهل زنجبار عندما امتدت
عندهم مسافة البناء ،فعندما كانت البيوت متلصقة ويصعب وجود فاصل
ن المام-رحمه ال تبارك وتعالى-قد رأى أنه يمكن أن بين تلك البيوت فإ ّ
ن النسان ل يمكن أن يكون مستقرا في هذه ُيؤخذ بهذا الرأي ،إذ إ ّ
المسافة على طولها ،وهو رأي حسن سائغ؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
عندما يجمع صلة الظهر مع صلة العصر يقول له البعض " :عليك أن
تصلي السّنة " ويقول البعض " :ل ،ل تصل السّنة ،فذلك يكفيك " ،فماذا
تقولون ؟
الجواب :
إذا جمع النسان بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء فإنه ل يأتي
بالسّنة الراتبة التي هي بعد الظهر وهكذا بالنسبة إلى السّنة الراتبة التي
بعد المغرب وبالسّنة الراتبة التي بعد العشاء وإنما يأتي بصلة الوتر ،أما
بالنسبة إلى السنن الرواتب فل ..ل ُيؤتى بها في حالة الجمع في السفر،
وإنما اختلف العلماء في التيان بها في حالة الجمع في الوطن عند من
يجيز ذلك في أوقات الحاجة؛ منهم من يقول إنه ل يؤتى بها ،ومنهم من
يقول إنه يؤتى بها ،واختلفوا في موضع سّنة الظهر وفي موضع سّنة
المغرب؛ والسؤال لم ُيوجه عن هذا فلذلك ل أرى الطالة بذلك؛ وال-
تبارك وتعالى-أعلم.
س:
هو الن يعمل في مسقط وكان يسكن عزبا مع بعض الخوة من غير أن
يحضر أهله واستمر على ذلك فترة والن أحضر أهله معه-ويبدو أنه
مستأجر-ول يريد أن يستقر في مسقط وإنما ينوي أن يعود إلى بلده في
يوم من اليام ،فلو طال مكثه في العمل في مسقط هل يصلي إتماما أم
قصرا ؟
الجواب :
إذا كان ل ينوي الستقرار بمسقط-مثل-إطلقا فإنه مسافر كما قدمنا ،أما
إذا كان هنالك احتمال قوي ..يمكن أن يستقر في مسقط فإنه يصلي بها
وطنا بما أنه قد أحضر أهله إلى هنا فإذن جوابه ما ذكرناه سابقا ،فإن
كان هنالك احتمال عنده للستقرار هنا فإنه يصلي بها تماما وإل فل.
س:
حتى ولو استمر عمله عشرين سنة-مثل-وهو في مسقط ؟
الجواب :
رخص بعض أهل العلم في أنه يصلي تماما إن كان هنالك احتمال ،أما إن
لم يكن هنالك احتمال فل أرى ذلك في هذا الوقت ،وإن كانت المسألة
بحاجة إلى شيء من النظر لكن الصل الصيل هو ما ذكرناه.
س:
هل يجوز للمسلم في حال الجمع بين الصلتين أن يتكلم بينهما بشيء من
أمور الدنيا أو أن يأتي بالباقيات الصالحات ؟ وما هي الحكمة من تشدد
بعض العلماء في ذلك ؟
الجواب :
الجمع هو ضم صلة إلى أخرى ،فإذا جمع النسان بين الظهر والعصر
فإنه ضم بينهما ..ضم هذه إلى تلك ،فالجمع هو ضم شيء إلى آخر،
فلذلك تشدد بعض أهل العلم في ذلك ،وجعلوهما بمثابة صلة واحدة؛
ن ذلك ل ُيؤّثر
ن من تكلم بين الصلتين فإ ّ
ورأى بعض أهل العلم إلى أ ّ
على الجمع؛ وهذا القول هو القول الصحيح ،الذي ذهب إليه الكثرون من
أصحابنا ولسيما من المتقدمين ورجحه غير واحد من المحققين من
ت :هو القول الصحيح ولكن ل ينبغي للنسان أن المتأخرين ،وكما قل ُ
ن هذه المسألة فيها ما فيها من الخلف ،وأيضا كثير من أهل يتكلم ،إذ إ ّ
العلم قالوا :ل ينتقض الجمع إذا تكلم النسان ل أنه ينبغي للنسان أن
يتكلم ،فإذن إذا وقع للنسان شيء من ذلك فل إعادة عليه ،وجمعه
صحيح ،أما أن يتعمد ذلك فذلك مما ل ينبغي اللهم إل إذا كانت هنالك
ضرورة ،كأن يسأل صاحبه :هل تريد أن تجمع ؟ حتى يقوم بالصلة معه،
أو يأمر المام شخصا بأن يتقدم أو يتأخر ،أو يأمر بتسوية الصفوف ،وما
شابه ذلك من المور التي تقتضيها الضرورة .وال تعالى أعلم .
س:
متى يبدأ المسافر في القصر إذا كان قاصدا حد السفر ،هل بخروجه من
العمران أم بخروجه من المنزل أم بخروجه من حد السفر ؟
الجواب
ن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة؛ منهم من يقول :إ ّ
ن ت :إ ّ
أنا قل ُ
صر الصلة بمجرد خروجه من عمران بلده إذا كان ينوي أن النسان يق ُ
يتجاوز الفرسخين؛ وهذا قول أكثر أصحابنا ،بل حكى عليه بعض العلماء
من السابقين اتفاق أهل العلم ولكنه ل اتفاق على ذلك كما ذكره غير واحد
ن الخلف موجود منذ زمان ،فقد ذهبت طائفة من أهل من أهل العلم ،إذ إ ّ
صر الصلة إل إذا تجاوز الفرسخين؛ فالقول ن النسان ل يق ُ العلم إلى أ ّ
ت-الكثر ،فإن أخذ بذلك فل بأس ،والقول الول هو الذي ذهب إليه-كما قل ُ
الثاني-أيضا-له حجته ،والترجيح بينهما ليس بالمر السهل ،إذ إنه ليس
هنالك نص صريح يمكن أن ُيعتمد عليه إل ما جاء من الحاديث أ ّ
ن
النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-كان إذا خرج من المدينة
صر الصلة ،ولكنني لم أجد رواية صحيحة ثابتة يمكن العتماد عليها ق َ
صر قبل أن يتجاوز هذه المسافة ،فالرأيان لهما من القوة تدل على أنه ق َ
ما لهما ،والجمهور على القول الول.
س:
كانوا عائدين من السفر ووقفوا عند مسجد هناك لكنهم لم يحصلوا على
ن المسجد الثاني سيدخل
ماء فيه للوضوء ،في هذه الحالة هل يتيمموا ل ّ
في الميال في مسافة السفر ؟ في هذه الحالة هل يتيممون ويصلون هناك
أم يذهبون ويدخلون في الميال سواء كانوا يخافون الخروج من؟
الجواب :
أما إذا كان الوقت باقيا فلبد من أن يدخل إلى الوطن ويصلي هناك ول
جز أحد من العلماء له أن يفعل ذلك،عذر له في التيمم إطلقا ،فلم ُي ِ
والحجة واضحة نّيرة على أنه يجب عليه أن يتوضأ وأن يصلي بعد ذلك،
أما إذا كان يخاف من أن يخرج عليه وقت الصلة الولى مثل حيث إنه
أخر الظهر فإذا دخل وطنه فإنه سيخرج الوقت فهذه المسألة يوجد فيها
خلف بين أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنه يدخل وطنه ويتوضأ
ويصلي الظهر أربعا والعصر أربعا؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم؛ ويكون هذا
الجمع في الوطن لوجود الضرورة الماسة إلى ذلك ،وينبغي للنسان أن
َيحذر في المستقبل من أن يؤخر الصلة إلى مثل هذا الوقت فيكون قد
ن كثيرا من الناس أدخل نفسه بذلك في خلف شهير بين أهل العلم ،على أ ّ
ن النسان يجوز له أن يجمع في الوطن ،بينما هو قول ل يعلمون أ ّ
ت-ولكنه ل يصار إليه إل في وقت الحاجة ،ول شك بأ ّ
ن مشهور-كما قل ُ
هذا الوقت هو وقت الحاجة ،إذ إنه لم يجد ماء؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ما المقصود بالجمع الصوري ؟
الجواب-:
على كل حال ،كثير من الناس يسمعون بالجمع الصوري ول يعرفون
معناه ..الجمع الصوري هو أن يؤخر النسان الصلة الولى إلى آخر
وقتها بحيث إنه يأتي بها قبل انتهاء الوقت بوقت قصير حيث إنه عندما
ينتهي من تلك الصلة يخرج الوقت ..يأتي بالظهر مثل قبل خمس دقائق
أو ما يقرب من ذلك وبمجرد سلمه منها يخرج وقت الظهر ويدخل وقت
العصر ويصلي في ذلك الوقت العصر ،وهكذا بالنسبة إلى المغرب يصليها
قبل خروج وقتها بوقت يسير بحيث إنه عندما ينتهي منها يدخل وقت
الِعشاء ويصلي الِعشاء بعد ذلك مباشرة ،فهذا جمع في الصورة ،فهو لم
يصل الصلتين في وقت إحداهما ،وإنما صلى كل صلة في وقتها ،فهو
جمع في الصورة ،وليس جمعا حقيقيا ..هذا هو الجمع الصوري الذي
قال به من قال من أهل العلم ،وحملوا عليه-بعض أهل العلم-الحديث
الصحيح الثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه جمع في المدينة من
غير سحاب ول مطر ول خوف ول سفر ..جمع فيه بين الظهر والعصر
والمغرب والعشاء ..صلى الظهر أربعا والعصر أربعا وكذلك صلى
ن هذا الحديث ل ُيحمل على
ن الصحيح أ ّ
المغرب ثلثا والعشاء أربعا ،لك ّ
هذا المعنى ،وإنما ُيحمل على أنه جمع بين الظهر والعصر في وقت
إحداهما ،وجمع بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما ،وهذا ليس بجمع
صوري بل هو جمع حقيقي؛ وال-تعالى-أعلم.
س:
إذن في هذه الحالة إذا كان الطبيب يجري عملية والعملية يتطلب منها أن
تمتد فترتها إلى أن يدخل في وقت العصر مثل ،في هذه الحالة هل
يجمع ؟
الجواب -:
نعم له أن يؤخر الصلة الولى إلى الصلة الثانية ويجمع بينهما ..يصلي
ن هذا ليس بجمع الظهر أربعا والعصر أربعا ..طبعا إذا كان مقيما ،ولك ّ
صوري ،بل هو حقيقي ،فالجمع الصوري هو ما ذكرُته سابقا.
س:
جمع حقيقي ..يعني أربع ركعات أربع ركعات ؟
الجواب-:
نعم ..الجمع الصوري كل صلة تصلى في وقتها ،أما هذا الجمع ُيؤتى
بالصلتين معا في وقت واحد وُيصار إليه في مثل هذه الحالة وما شابهها
خص حتى أكثر من ذلك لكن بشرط أّل من الوقات ،بل بعض العلماء ُير ّ
يفعله النسان إل في الوقات النادرة.
س:
ن ذلك
هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معّينة يعتبر حدودها وطنا له أم أ ّ
مشروط بأمور معّينة ؟
الجواب-:
ت-هو ما
ن الوطن-كما قل ُ
هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم؛ ولك ّ
استقرت فيه النفس وارتاح إليه القلب ،فإذا استقر النسان في مكان فهو
المكان الذي يصلي فيه وطنا ،أما أن يتخذ حوزة كبيرة وهو لم يستقر في
تلك الحوزة مثل ويصلي فيها وطنا فهذا الرأي مما ل أراه بل أرى أنه
مخالف للدليل الصحيح؛ وال-تعالى-أعلم.
س:
إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل في وقت العصر إلى
بلده ،فهل يجوز له أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ؟
الجواب-:
نعم ،يجوز له ذلك ،فإن شاء أن يجمع فليجمع ،وإن شاء أن يصلي الظهر
في وقتها فليصل وليؤخر العصر ويصليها بعد ذلك-إن شاء ال-في
وطنه؛ وال أعلم.
س:
إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص بولية
العوابي وعندما أذهب إلى زيارة الهل والقارب في وادي بني خروص
ي ،هل أصلي تماما أم أصلي قصرا ؟ أرجوا إفادتي
أصلي تماما ،فماذا عل ّ
أفادكم ال.
الجواب-:
ن العبرة بالستقرار والطمئنان،
قد قدمنا الجواب على مثل هذا ،وقلنا :إ ّ
فإن كان هذا النسان قد اتخذ ذلك الموضع وطنا نعم يصلي به وطنا ،وأما
إن كان لم يتخذ ذلك وطنا كما هو الظاهر من حاله وإنما يذهب لزيارة
صر
أهله وأقاربه فإنه ل يجوز له أن يصلي وطنا ،بل يجب عليه أن يق ُ
الصلة إل إذا صلى خلف إمام مقيم-كما قلنا-فإنه يكمل لضرورة متابعته،
والظاهر من حال هذا السائل هو هذا الثاني؛ وال أعلم.
س:
ن الوسائل
نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول " :إ ّ
الحديثة لم تترك في جسد النسان موضعا للتعب فيستطيع النسان أن
يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون تعب وبدون
صر الن ؟! "
مشقة ،فلماذا اللجوء إلى الق ْ
الجواب-:
ت َلُكْم ِديَنُكم {
على كل حال ،يقول ال تبارك وتعالى } :اْلَيْوَم َأْكَمْل ُ
] سورة المائدة ،من الية [ 3 :فال-تبارك وتعالى-عالم بما كان وبما
سيكون ،فهو عالم بوجود هذه الوسائل في هذا العصر ..أي بأنها
ن الحكم سيتغّير ولم ستوجد في هذا العصر ولم ُيخبرنا في كتابه العزيز بأ ّ
يأت ذلك في سّنة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فإذن العبرة بما
ن من سافر تلك المسافة فإنه يجب عليه أن يقصر دل عليه الدليل وهو أ ّ
الصلة ،وسواء كانت الوسيلة هي الطائرات أو السيارات أو ما هو أسرع
جد في وقت من الوقات القادمة ،ونظرا لعدم من ذلك مما يمكن أن يو َ
وجود الوقت كما أشرتم فإنني أكتفي بذلك؛ وال-تعالى-أعلم.
س:
هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن
المسجد الصل وبعضها ملتصق به ..إذا أرادت المرأة أن تصّلي بصلة
المام ..فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول ،هل لها أن تصلي
بصلة المام ؟
الجواب-:
ن ذلك يختلف منهذه القضية ل يمكن أن نجيب عليها جوابا إجماليا ،ل ّ
مسجد إلى مسجد ،فإن كان هذا المسجد ملتصقا أو هذا المصلى ملتصقا
بمصلى أو بمسجد الرجال فل مانع من ذلك ،أما إذا كان هنالك فاصل
فلبد من النظر في ذلك الفاصل حتى يمكن أن نحكم عليه بما يستحقه من
جواز أو منع؛ وال أعلم.
س:
هل هناك كيفية معّينة-مثل-يمكن أن تصّورها لنا ؟
الجواب-:
الْولى أن ينظر الفقهاء في كل مسجد بذاته حتى يمكن الحكم على ذلك،
لننا قلنا إذا كان متصل ل إشكال في ذلك ،أما إذا كان منفصل فيصعب
على كثير من الناس التقدير.
س:
جد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى هذه مسافر َو َ
حمل المام على أّنه يصلي ركعتين ِبما أّنه هو مسافر
الركعة الخيرة و َ
فقضى ركعتين ؟
الجواب:
ل َيخلو المر:
صرا أوإما أن تكون هنالك قرينة تُدل على أن ذلك المام كان يصلي َق ْ
يصلي َتَماما.
أو ل تكون هنالك قرينة تُدل على أحد المرين.
فإن كانت هنالك قرينة تُدل على أنه يقصر فليقصر هذا المصلي ثم ليسأل
صر لن تلك القرينة ليست بصريحة وإّنما عنه هل أَتم ذلك المام أو َق َ
مجرد احتمال ُ ..مجرد إشارة:
فإن قيل له إن ذلك المام قد قصر فل شيء عليه .وإن قيل له قد أَتم فلبد
من العادة.
وإن لم يجد من يسأله فلبد من أن يعيد صلته ركعتين لن ال-تعالى-ل
ُيعبد بالشك فهو في ذمته تلك الصلة ..مفترضة عليه فلبد من أن َيخرج
من ذلك اليقين بيقين مساٍو له.
وإن كانت هنالك قرينة تدل على أن ذلك المام قد صلى أربعا فكذلك
يصلي هذا أربعا ثم ليسأل:
فإن قيل له صلى أربعا فل إشكال.
وإن قيل له صلى ركعتين فليعد الصلة ..يصليها ركعتين.
وإن لم يجد فليعد كما بيّنا .وإن لم تكن هنالك قرينة فليصل ركعتين:
صّلى ركعتين ول شيء عليه. صّلى ركعتين فقد َ فإن قيل له إن المام قد َ
وإن قيل له صلى أربعا فليعد .وكذا إذا َلم َيجد من يسأله.
هذا إذا كان ذلك المصلي مسافرا ،أما إذا كان مقيما فليصل أربعا:
فإن كان المام صلى أربعا فل إشكال.
وإن كان المام صلى ركعتين أو َلم َيجد من ُيَبّين له هل صلى ركعتين أو
أربعا فهنا الشكال يأتي ِمن جهة كيفية القضاء لّنه إن صلى معه مثل
الركعة الرابعة فكيف يقضي ؟:
فإذا كان المام مقيما فيأتي أول بالركعة الولى وبعد ذلك يأتي بالثانية ثم
الثالثة وهذا أمر واضح.
وإن كان ذلك المام مسافرا فإن تلك الركعة كانت في حق المام الثانية
وهكذا في حق هذا المأموم الذي صلى بصلته ومعنى ذلك أنه يصلي
الثالثة ثم الرابعة ثم يرجع إلى الولى .فإذن لبد ِمن العادة.
صلة إَمامه فل شيء عليه وإن َلم صّلى َك َ
والحاصل أّنه إذا َتَبّين َله أّنه َ
يَتَبّين له المر أو علم أن المام كان يصلي على خلف ما صلى هو فلبد
ن الحوال؛ وال المستعان. من العادة على كل حال ِم َ
س:
رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ،وهذا الرجل لم يصل
صلة الظهر .فهل يجوز له أن يصلي معهم وينويها ظهرا ؟ وهل اتحاد
صلة المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟
الجواب -:
ل ينبغي له أن يتعمد ذلك وأما إذا دخل معه وظن أنه يصلي الظهر فقد
اختلف العلماء في صحة صلته والقول بصحتها هو الظاهر عندي وال
أعلم.
س:
رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى ،وقد أراد أن يصلي صلة الظهر
والعصر " جمعا " ،فما هي أقرب مسافة يمكنه أن يصلي عندها قبل
وصوله إلى بلدته ؟
الجواب-:
في ذلك خلف بين العلماء قيل ليس له أن يقصر داخل الفرسخين وقيل
له أن يقصر ما لم يدخل عمران بلده بشرط أن يكون قد صلى خارج
الفرسخين قصرًا أما إذا كان يقصر خارجهما فليس له القصر داخل
الفرسخين وهذا هو المشهور والول قول طائفة من أهل العلم وله وجه
قوي في النظر وال أعلم
س:
مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل هذا
المأموم يظن أن هذا المام يصلي المغرب ثم تبين له أن المام يصلي
العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي ثلثًا ماذا يفعل
المأموم هل يقطع صلته أم أنه يواصل ؟
الجواب -:
لهل العلم في هذه المسألة خلف منهم من يقول إذا تبين له أن المام
يصلي صلة تختلف عن الصلة التي يصليها هو فإنه يقطع صلته
ويصلي من جديد تلك الصلة التي يريد أن يؤديها في ذلك الوقت .
ومنهم من يقول يأتي بالركعة الثالثة للمغرب لنه صلى مع المام ركعتين
ول يضره ذلك وإذا أخذ بهذا الرأي فل بأس عليه .
س:
رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم ،فإذا دخل بنية الربع
ركعات فهل يضره أن يكون المام مسافرا ؟
الجواب-:
هو لبد من أن يدخل بنية الربع لنه مقيم سواء كان المام مسافرا أو
كان مقيما فعليه أن يدخل بنية صلة المقيم أو بنية الربع وهي هي ،بعد
ذلك إذا كان المام مقيما فل إشكال في القضاء ،وأما إذا كان المام
مسافرا فإنه سُيكمل أّول الركعة الثالثة والرابعة ثم بعد ذلك سيقوم بقضاء
ما فاته؛ وال-تعالى-ولي التوفيق.
س:
مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة الولى لم
يجمع الصلة الثانية فهل هذه النية تؤثر على الصلة الولى ؟ وإن أراد
الجمع بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي نية من قبل الجمع
فهل له ذلك ؟
الجواب -:
من نوى أن يجمع بين الصلتين ثم عندما صلى الولى ترك الجمع
فلشيء عليه وأما من أحرم على نية الفراد ثم نوى بعد ذلك أن يجمع
فقد ذهب الجمهور إلى أنه ليس له أن يجمع ما دام أنه لم يعزم على
الجمع عند الحرام للصلة الولى وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه له
أن يجمع إذا نوى الجمع من قبل أن يخرج من الصلة الولى
وذهب بعضهم إلى أن له أن يجمع ولو خرج من الصلة الولى ول شك
أن القول الول هو الحوط وأما إذا جئنا إلى الترجيح فان القول الثالث
هو الذي يظهر لي وذلك لدلة متعددة وأوضح تلك الدلة أنه لم يأت أن
الرسول -صلى ال عليه وعلى آله وسلم -أنه كان يأمر الناس بأن
يجمعوا الصلة الثانية إلى الولى أو ينووا الجمع بين الصلتين عندما
كان يصلي رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم بأصحابه في مكة
وفي عرفه ولذلك فالقول الثالث هو القول الراجح وإن كان القول الول
هو الحوط ؛ لن فيه خروجا من عهدة الخلف والخروج من عهدة
الخلف إذا أمكن من غير أن ينوي المخالف أن يخالف سنة ثابتة عن
النبي -صلى ال عليه وعلى آله وسلم -وإنما مخافة أن تكون تلك السنة
لم تثبت ول شك أن هذا أسلم وال تعالى أعلم .
س:
جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم أم ينتظر
فيتبين له ما هي الصلة التي يصلونها ؟
الجواب -:
ما دام وجد الجماعة تصلي فليدخل معهم ثم بعد ذلك إذا تبين له أنهم
يصلون صلة مخالفة لصلته هو فقد اختلف العلماء في وجوب العادة
عليه .ذهبت طائفة من العلماء إلى أنه ل إعادة عليه ولو كانت تلك
الصلة مخالفة لصلته هو ,وذهبت طائفة أخرى إلى أن عليه العادة
والقول بعدم العادة أقرب إلى الصواب والثاني أقرب إلى الحتياط .
س:
رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء وبعد
النتهاء من الصلة الولى تذكر فريضة منسية فماذا يفعل ؟
الجواب-:
أما إن كان الجمع جمع تقديم فالولى أن يأتي بالصلة المنسية وأن يؤخر
الصلة الثانية إلى وقتها لكن إذا كان محتاجا للجمع مثل يشق عليه أن
يقف ليصلي الصلة في وقتها لكونه مثل كان راكبا مع بعض الناس ول
يمكن أن يقفوا في مكان آخر أو ما شابه ذلك فيأتي بالصلة الثانية بعد
أن يأتي بالصلة المنسية وهكذا في حالة جمع التأخير يأتي أول بالصلة
المنسية ثم يأتي بالصلة التي يريد أن يجمعها مع الصلة الولى.
س:
جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت من صلة
الظهر شرعت جماعة أخرى بالقامة لصلة الظهر ؟
الجواب-:
لهل العلم خلف وهو هل يصح للمسافر أن يؤخر الصلة الثانية في
الجمع إلى وقت أكثر من الوقت الذي تستغرقه الصلة الثانية ,بعض
العلماء قال :إذا لم يدخل في الصلة الثانية بمقدار ما يصلي تلك الصلة
فإن ذلك الجمع ل يصح ,وبعض العلماء قال :يرخص له أن يتأخر وهذا
القول لعله أقرب إلى الصواب فعليه ينبغي لهذه الجماعة أن تتأخر حتى
تنتهي الجماعة التي تصلي الظهر ثم بإمكانهم أن يقوموا لصلة العصر
وذلك التأخير ل يضرهم بمشيئة ال سبحانه وتعالى .وال أعلم
الهامش :
(1قال الشيخ " :السفر " بدل من " القصر " والظاهر أنه سبق لسان.
(2قال الشيخ " :القصر " بدل من " السفر " والظاهر أنه سبق لسان.
(3قال الشيخ " :الجماعة هي الجماعة " بدل من " الصلة هي الصلة
" والظاهر أنه سبق لسان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
)ثالثا :أحكام صلة الجمعة (
س:
صلة الجمعة ،ما هي شروط وجوبها ؟
الجواب-:
ن صلة الجمعة واجبة ِمن الواجبات التي افترضها ال-تبارك وتعالى- إّ
على عباده ..أمر بها في كتابه العزيز) (1وثبت وجوبها-أيضا-بن ّ
ص
السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم-ثبوتا أوضح ِمن شمس الظهيرة ،وقد اّتفقت كلمة الّمة على ذلك.
وما جاء عن بعض أهل العلم ِمن أنها سّنة أو ما شابه ذلك ِمن اللفاظ
ت ِبحاجة
فإنهم أرادوا به معًنى آخر ،كما هو مبسوط في موضعه ،ولس ُ
الن إلى الطالة ِبذكر ذلك ،وإنما أتكلم على شروط وجوبها كما جاء في
السؤال:
-1فِمن جملة شروط وجوبها أنها ل َتجب إل على الذكور ،أما النساء
فإنها ل تجب عليهن ِبإجماع الّمة كما ُيفَهم ِمن كلم بعضهم ،وعلى
ن ذلك ِمّما ل ُيعتَبر به ،فالمرأة ل ن هنالك َمن قال ِبخلف ذلك فإ ّ تقدير أ ّ
ن صلتها صحيحة ت الجمعة فإ ّجب عليها الجمعة-أما إذا جاءت وصّل ْ َت ِ
ن في حّقها-في حقيقة الواقع-إذا ِبمشيئة ال تبارك وتعالى-بل إنها ل ُتس ّ
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد أردنا بالسّنة هاهنا أ ّ
ن في حّقها أن تصّلي في بيتها كبقية الصلوات أمرها بذلك بل ُيس ّ
ن النبي-صلى ال عليه الخرى ،أما إذا أردنا بالسّنة أنه َيجوز لها وأ ّ
وعلى آله وسلم-قد أباح لها فذلك ِمّما ل بأس ِمن إطلقه ،فالسّنة ِبمعنى
سّ
ن ن المرأَة ل ُي َ
جد في بعض الكتب ِبأ ّ المر ل ُتؤَمر المرأة بذلك فإذا ُو ِ
ن هذه العبارة عبارٌة صحيحة ل غبار في حّقها أن تصّلي الجمعة فإ ّ
ن ذلك جائٌز في حّقها فإنه-أيضا-ل غبار عليها ،وإذا ُوجد في بعضها بأ ّ
سّ
ن على ذلك ،فهي َتجوز في حّقها وُتجزيها عن صلة الظهر ولكّنها ل ُت َ
في حّقها ِبمعنى أنه ل ُينَدب في حّقها أن َتذهب إلى المسجد وأن ُتَؤّد َ
ي
صلَة الجمعة هناك وإنما ُينَدب في حّقها أن تصّلي في بيتها وإن كانت
صلُتها مع المام ُتجزيها عن صلة الظهر.
جب عليه صلة الجمعة على أكثر قول -2وِمن ذلك الحرية ،فالعبد ل َت ِ
أهل العلم.
ومنهم َمن ذهب إلى وجوبها عليه على الطلق ،وهو قوٌل فيه ِمن الُبعد
ما ل َيخفى.
جب سّيُده على أن يصّلي الجمعة فإنها َت ِ صل فقال :إن واَفق َ ومنهم َمن ف ّ
ظ ِمن عليه وإن لم ُيواِفق على ذلك فل َتجب عليه ،وهو قوٌل قوي له ح ّ
سّيُده ذلك.
النظر ،فل َينبغي له أن َيتخّلف عنها إذا أباح له َ
-3وِمن ذلك البلوغ ،فالصبي ل َتجب عليه الجمعة ،بل ول َيجب عليه
ث َرْفِع القلم عن الثلثة ص حدي ِ
شيٌء ِمن الواجبات ،كما هو معلومِ ،بن ّ
ث صحيح ِبمجموع طرقه بل قّوى غْير الذين معهم الصبي ،وهو حدي ٌ
ض أفراد تلك الطرق ،والّمة مّتفقة على عدم واحٍد ِمن أهل العلم بع َ
وجوب الجمعة على الصبي-كما هو معلوم-ولكنه ُيؤَمر ِبإتيانها إذا بلغ
سبع سنين.
-4وِمن ذلك العقل ،فالمجنون ل َتجب عليه بل ليس لحد أن ُيِبيح له أن
ش على المصلين كما هو معلوم ِمن شّو ُ
َيذهب إلى المسجد ،لنه سوف ُي َ
حال المجانين.
-5وِمن ذلك المسافر فالجمعة ل َتجب على المسافر ،فهي واجبة على
َمن كان مقيما في مكان ،والعلماء قد اختلفوا في حال المسافر:
جب عليه على الطلق. منهم َمن قال :إنها َت ِ
جب عليه أو كانومنهم َمن قال :إنه إذا بقي في مكان للقيلولة فإنها َت ِ
مستِقرا في ذلك المكان استقرارا ل َينوي به القامة.
-6وِمن ذلك أن َيسَمع نداَءها ،فَمن كان بعيدا ل َيتمّكن ِمن سماع النداء
صَمٍم وَنحوه ِمن الضوضاء وَنحو ذلك- ِبسبب ُبْعِدِه ل ِلمانع ِمن الموانع-ك َ
جب عليه ،أما َمن كان َيسَمع ذلك أو َيتمّكن أن َيسَمع ذلك لول ذلك فل َت ِ
جب عليه وذلك ُيقّدر: المانع الذي َمَنَعه ِمن السماع فإنها َت ِ
س:
ح لها أن ُتصّلي الجمعة وُيسِقط ذلك عنها
ِبالنسبة ِللمرأة قلُتم ِبأنه َيص ّ
الفرض ،في حال نيتها تنويها فرضا ؟
الجواب-:
شمًة ُملتِزمًة ِبشْرع ال-تبارك وتعالى-إلى المسجد
ت ُمحت ِ
المرأة إذا خرج ْ
فإنها ُتجِزيها عن صلة الجمعة) ، (3وِبمجّرد إرادة الدخول ُتصِبح
فريضًة عليها ،لنها ُتجِزيها عن فريضة الظهر ،وإل لو كانت َنَوْتها سّنة
أو نافلة أو ما شابه ذلك فهي ل ُتجِزيها في حقيقة الواقع ،فِبمجّرد إرادة
الدخول َتنويها فريضة ،لنها ُتسِقط عنها فريضًة أخرى وهي فريضة
الظهر ..هذا ما َيّتضح لي؛ والعلم عند ال.
س:
ظ ِمن المعرفة َينوون صلَة الجمعة سّنة،ض الذين ليس لديهم ح ّ
هناك بع ُ
فما حكم صلتهم في هذه الحالة ؟
الجواب-:
ن صلَة إذا كانت النيُة النيَة المطلوبة وهي النية القلبية فل ُتجِزيهم ،ل ّ
ص الكتاب) (4وصحيح السّنة ،فَمن نوى ذلك ِبقلبه ل الجمعة فريضة ِبن ّ
ُيجزيه ،وأما إذا كان َينوي صلة الجمعة الواجبة ولكن َتلّفظ ِبلسانه ِبأنها
ن هذه اللفاظ ل عبرة بها ..النبي صلى ال سّنة فذلك ِمّما ل بأس به ،ل ّ
عليه وسلم يقول ) :إنما العمال بالنيات ( ،والنية-المقصودة أو-
المطلوبة هاهنا هي القصد بالقْلب ،أما تلك اللفاظ التي يأتي بها كثير ِمن
الناس فهي ِمّما ل دليَل عليه ،فالنبي صلى ال عليه وسلم وصحابُته
الكرام-رضي ال تعالى عنهم-لم َيكونوا َيأتون ِبشيٍء ِمن هذه اللفاظ،
فهذه اللفاظ ُمحَدثة ،ونحن وإن كّنا ل نقول ِبحرمتها ولكننا نقول :إنه ل
ينبغي الشتغال بها بل ينبغي القتداء بالنبي صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم ،ولو كان في التيان بها خْير لتى بها النبي-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-ولنا فيه السوة الحسنة؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم
س:
جماعة مسافرة مّرت على مسجد في يوم الجمعة ،هل ُيصّلون الظهر أم
الجمعة ؟
الجواب-:
جب عليه الجمعة على الخلف الذي ذكرناه والقول بعدم المسافر ل َت ِ
وجوبها عليه هو القول المشهور ،وعليه فالذي ذهب إليه جمهور الّمة
ن المسافرين إذا مّروا على مسجد فإنهم ُيصّلون الظهر وليس لهم أن أّ
جدوا هنالك جماعًة ُمِقيمة فإنه َينبغي لهم أن
ُيصّلوا الجمعة ..نعم إذا َو َ
ُيصّلوا معهم الجمعة بل ليس لهم أن َيتخّلفوا عنهم إذا دخلوا المسجد ،أما
أن ُيقيموا هم الجمعة:
-1فليس لهم ذلك على مذهب الجمهور.
س:
المسافرون ،هل لهم أن َيجَمعوا مع الجمعِة العصَر ؟
الجواب-:
في هذه المسألة خلف بْين أهل العلم:
ذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أنه ليس ِللمساِفر أن َيجَمع العصَر مع
سها ولم َيِرْد عن
ن صلَة الجمعة صلٌة ُمستِقّلة ِبنف ِ صلِة الجمعة ،وذلك ل ّ
جْمِع العصِر
النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ما َيدّل على جواز َ
ت العصِر بل َينتهي ِبمجرد انتهاء ت الجمعة ل َيمَتد إلى وق ِ ن وق َ معها ،ثم إ ّ
ت الظهر فليس لهم على هذا الرأي أن َيجَمعوا العصَر مع الجمعِة. وق ِ
ض أهل العلم-وهم الكثر-إلى جواز ذلك. وذهب بع ُ
سه ِمن الخلف حزم وأن ُيخِرج نف َ فَمن شاء أن َيحتاط ِلدينه وأن َيأخذ ِبال ْ
جَمَع فل شيَء عليه ِبمشيئة ال ن الْولى له أّل َيجَمع ،وَمن َ كأّشّفل َ
تبارك وتعالى؛ والعلم عند ال تعالى.
س:
ت الخطبة
جدون وق َ
ض المسافرين ِمن فرط السرعة َيدخلون المسجد فَي ِ
بع ُ
ل َيزال طويل فُيصّلون الظهَر ثم َيخُرجون ِمن المسجد ؟
الجواب-:
هذا خطٌأ واضح ..عليهم أن َيتوبوا إلى ال-تبارك وتعالىِ-مّما وقعوا فيه
جعوا إلى مثِل ذلك مّرة
جعوا إليه وأن َيتعّلموا أموَر ِديِنهم وأّل َير ِ
وأن َير ِ
أخرى فَينبغي لهم أن ُيصّلوا مع المام صلَة الجمعة ،أما أن َيخُرج
الواحد ِمن غْيِر أن ُيصّلي مع جماعِة المسلمين فهذا فيه ما فيه؛ وال-
تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ض المسافرين قد ن بع َ هل هذا الحكم شامل ِللجمعة وغْيِر الجمعة ؟ ل ّ
جلون َيدخُلون ُ ..يصّلون الظهَر ن الظهِر مثل ولنهم ُمستع َِيسَمعون أذا َ
والعصَر مثل َ ..يجَمعون ثم َيخُرجون ِمن المسجِد والجماعُة لم ُتَقْم َبعُد.
الجواب-:
ظروا تلكن هؤلء إما أن َينت ِ هذا-حقيقةِ-مّما َينبغي أن ُيشّدد فيه ،ل ّ
ن آخر-والمساجد موجودة ،والرض كلها الجماعة وإما أن َيذهبوا إلى مكا ٍ
ت ُممَتد ِبحمد ال مسجد ِبحمد ال تبارك وتعالى-وُيصّلوا هناك فالوق ُ
صلوا السْير ثم بعَد جَلٍة ِمن أمِرهم فلُيوا ِ
عَتبارك وتعالى ،فإن كانوا على َ
ي مكان آخر؛ والعلم عند ال. ذلك ِبإمكاِنهم أن َيأتوا ِبالصلة في أ ّ
س:
ت صلِة الجمعة ،ما هو الوقتُ ظّل مفتوحًة في وق ِ عدٌد ِمن المحلت َت َ
ت صلة ضَر ْح َ الـُمحّدد ِلهذه المحلت في أن تغلق فيه أبواَبها إذا ما َ
الجمعة ؟
الجواب-:
جبهو إذا نودي ِبصلة الجمعة فإنه ُيمَنع البيع والشراء ،فليس لحد َت ِ
عليه الجمعة أن يبيع أو أن يشتري ،أو أن يبيع أو أن يشتري ِمّمن َتجب
جب عليه الجمعة ..هذا هو الرأي عليه الجمعة ولو كان هو ليس ِمّمن َت ِ
ق ذلك ِبنداء يوم الجمعة ).(5 عّل َ
ن ال قد َ الصحيح ،ل ّ
ن البيَع والشراء ُيمَنعان ِبمجّرد دخوِل الوقت
ب إلى أ ّض العلماء َذَه َ
وبع ُ
ت فإنه ُيمَنع البيُع والشراء ،وذلك لنه في ذلك الوقت َيص ّ
ح خَل الوق ُ
فإذا َد َ
ت ل َيجوز البيُع ول الشراء على خَل الوق ُح الصلة فإذا َد َ النداء وَتص ّ
حسب ما ذكرناه ).(6
ن ذلك ُيمَنع ِبالذان الّول. وبعض العلماء قال :إ ّ
والصحيح أنه ُيمَنع ِبالذان الثاني وإن كان الْفضل ِللنسان أن َيستعِّد
سمع النداَء الول اللهم إل إذا كان ُمستِعّدا ِمن قبِل ذلك فإننا ل ِللصلة إذا َ
عّلق ذلك ِبالّنداء والّنداء المَراد َهاُهنا ُهو ن ال َقد َ َنقوى على الـَمنع ،ل ّ
الِنَداء الثاني لّنه ُهو النداء المعُروف ِفي عْهد النبي-صلى ال عليه
حِدث في حَدث َ ..قد ُأ ْوعلى آله وصحبه وسلم-أّما الِنَداء الثاني َفُهو ُم ْ
سَمٍع وَمْرأى ِمن صحابة رسول ال-صلى ال عليه عْهد عثمان على َم ْ َ
طوا َذِلك ِمنضا-اسَتنَب ُصلحٍة َرَأْوها وَلَعّلهمَ-أْي ً
وعلى آله وصحبه وسلمِ-لَم ْ
صلة الفجر؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم. الّنداء الول ِل َ
س:
شُروا ِفيصلُة َفانَت ِ
ت ال ّ
ضَي ِ
في الية ] ،10من سورة الجمعة [َ} :فِإَذا قُ ِ
عة ِمن جُمو َض { ُهَناك َمن َيُقوُم ِبِقَراءة ِكتاب ُمعّين َيتَداَرسه َمع َم ْ
اَلْر ِ
ح َهَذا ؟
صّ شَرة ،هل َي ِ
صلة الجمعة ُمَبا َ الّناس َبْعد َ
الجواب-:
ب الفقه أو الّنحو أو العقائد أو ما عْلِميا َكُكُت ِ
ن َهَذا الِكتاب ِكتابا ِ أّما إذا َكا َ
ضر َذِلك الدرس فإنه ح ُ
شاَء أن َي ْ
ن َ ن َم ْشابه َذِلك َفل َماِنع ِمن َذِلك ،ل ّ
صلِة الجمعة، علَقة َله ِب َ ضرَ ،فُهو ل َ خُرج َفل َيح ُ شاء أن َي ْ
حضر َوَمن َ سَي ْ
َ
صلِة الجَمَعِة أو َبْعَدَها َ ..يُقوم طاَبة قْبَل َ ن َبعض الناس َيُقوُمون ِبالخ َ وَلك ّ
شاَبه َذلك ض المور أو َما َ طَبًة ُيَنّبه ِفيها على َبْع ِ خْ
طب ُ خُ
الواحد ِمْنهم َي ْ
لف َهْدي النبي صلى ال عليه وعلى آله خَ شُروعَ ،لنه ِ س ِبَم ْ
فهذا َلْي َ
طُلوَبة أوض المور الم ْ وصحبه وسلمَ ،فَمن أَراد أن ُيَنّبه على َبع ِ
طيب ،أما إذا َكان طَبة الجمعة إَذا كان ُهو الخ ِ خْت ِبذلك في ُ عة فلَيْأ ِ الممنو َ
خطَْبٍة ن ِب ُ
طُلب ِمْنه َذلك ،أّما أن َيُقوَم ِبالتيا ِ صا آخر َفْلَي ْ خ ً
شْ طب َ خُ الذي َي ْ
صلة-أو َما شابه َذِلكَ-فَهَذا ِمّما َيْنَبِغي طَبة الجمَعة أو َبْعَد ال ّ خْخَرى َقْبل ُ أْ
خلِفه ِلَهْدي النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه عْنه ِل ِأن ُيْنَهى َ
وسلم.
س:
جوب ؟
شُروا { َل ُيِفيد الُو ُ
إذن في َرْأِيكمَ } :فانَت ِ
الجواب-:
طَبة َلْيس
خْ
ن عندما ُقْلَنا ِبَعَدم ال ُ
حُ
لًقا ،وَن ْ
طَ
بإْ
جو ِ
ل ..هو َل َيُدّل على الُو ُ
لجل َهَذا ،وإّنما ِلمخاَلفة َذِلك ِلَهدي النبي صلى ال عليه وسلم .
س:
صِبح فريضًة عليه صلة الجمعة على النسانَ ،هْل ُت ْ ضية َ ِبالنسبة ِلَفْر َ
ساِفر في َذِلك الَيْوم أم لهصح َله أن ُي َ
حْيث ل َي ِ
جر َيْوِمه ِب َ
ع َف ْ
طُلو ِجّرد ُِبُم َ
سافر ؟ أن ُي َ
الجواب-:
ساِفر إَذا ُنوِدي ِلصلة الجمعة فإذا ُنوِدي س َله أن ُي َ له أن ُيساِفر ولكن َلْي َ
عْهد النبي صلى ال عليه وعلى ِباَلَذان الثاني-وُهو الذان المْعُروف في َ
ساِفر في َذلك الَوْقت اللُهم إل إذا كان س َله أن ُي َ آله وصحبه وسلمَ-فَلْي َ
صِلي الجمعة ُهَناك ،فإن كان ساِفر إلى َمَكان آخر ُتَقام ِفيه الجمعة وُي َ ُي َ
ضُروَرة صّلي الجمعة ُهناك فل َماِنع ِمن َذلك ،وَ-كذلك-إذا َكاَنت ُهَناِلك َ ُي َ
جةحا َصِرنا َهَذاُ-يِريد أن َيْذَهب إلى َمَكان َبِعيد وهو ِب َ ع ْ حة ِبَأن-مثل ِفي َ ُمِل ّ
طر في ِمْثل َهِذِه الحالة أن ضَ طاِئرة في َذَلك الَوْقت َفُهو ُم ْ إَلْيه وُتْقِلع ال َ
ي َقْبل-خُرج َفُيَباح َله الخُروج في ِمثل َهذه الحالة ،أّما َقْبلَ-ذلك ..أ ْ َي ْ
الّنَداء َفل َماِنع ِمن ذلك.
ت.
ضَر الَوْق ُح َن ذلك ُيمَنع إذا َ وإن كان َبعض العلماء َقاَل :إ ّ
ضهم َقاَل :إَذا ُنوِدي ِباَلَذان الّول. وَبْع ُ
ن ذلك ُيمَنُع ِباَلذان شَراء أ ّسَأَلة الَبْيع وال ِ حيحَ-كَما َقدْمَناه ِفي َم ْ صِ ن ال َوَلِك ّ
الثاني.
شْمسَ ،وَهَذا ِفيه َما طُلوع ال ّخُرج النسان َبْعَد ُ ض العلماء َكّرَه أن َي ْ َوَبْع ُ
سة المْعُروفة ولْي َ
س حَكاِم الخْم َن ال ْ ي ِم َ عٌشْر ِحْكٌم َ ن الَكَراَهة ُ ِفيهَ ،ذِلك ل ّ
عَلى َذِلك الحكم ن ُهَناِلك َدليل يُدّل َ عي إل إذا َكا َ شْر ِ حْكم َ حُكم ِب ُ
ِللنسان أن َي ْ
حسن " َفَذِلك ل ن َذِلك ِمن َباب الْولى وال ْ ن َيُقول َقاِئل " :إ ّ َ ..نَعم إَذا َكا َ
ن الْولى وَبْين الَقْول ِبالّندب أو َبْين الَقْول س ِبه ،وُهنالك َفْرق َبْي َ َبْأ َ
س ِمّما َينَبِغيَ ،فَفْرقجّوُز َلْي َ
جّوُزون وَذِلك الّت َ ِبالَكَراَهة ،وَبعض الناس َيَت َ
ن " ل َينَبِغي " وَبْين الحكم ن الْولى ،أو َبْي َ سع بْين الّنْدب وَبْي َ شا ِ
ن النسان عَلْيه ،أّما أن َيُقوَل َقاِئل " :إ ّ ِبالَكَراَهة ،فالحْكُم ِبالَكَراَهة ل َدليل َ
خر فالْولى له أن َيشَهد الجمعة وَيستِفيد ِمن تلك
إذا َكان ُيِمكنه أن َيتأ ّ
الخطبة التي َيأتي ِبها ذلك الخطيب وَيجتِمع ِبالمسلمين " فذلك فيه خْير
وبركة ِبمشيئة ال؛ والعلم عند ال.
س:
نعود مرة أخرى إلى شروط وجوبها ذكرُتم ِبأنها ِبمجّرد أن َيسمع النسان
النداء ..الن ربما َيستِمع هؤلء النداء لكنهم َيستِمعونه عن طريق
الذاعة أو عن طريق التلفزيون والمسجد َيبُعد عنهم أكثر ِمن مسافة
جب عليهم في هذه الحالة ؟
السفر ،فهل َت ِ
الجواب-:
ي بلٍد آخر-ل ..قد َيسَمع النسان النداَء هاهنا ِمن مّكة المكّرمة أو ِمن أ ّ
ت باقيا لكن قد َيكون ذلك في خرا ولكن ل زال الوق ُ ت متأ ّ
وإن كان هذا الوق ُ
بلٍد ُمتقّدمة-فهل ُيقال له لبد ِمن أن َيخُرج ؟! ل ..إذا كان َيسَمع ذلك ِمن
سطة أو كان ِمّمن ُيمِكنه أن َيسَمع لول ذلك المانع الذي غْير هذه الوا ِ
َمَنَعه ِمن السماع.
حة ،فإذا كان النسا ُ
ن ط الص ّوِمّما َينبغي أن ُننّبه إليه-أيضاِ-من الشرو ِ
جب على مريضا ل َيقوى على الخروج إلى الجمعة فِمن المعلوم أنها ل َت ِ
ح ،وحّتى على تقديِر عدم ص الحديث على ذلك إن ص ّ المريض ،وقد ن ّ
ن المريض الذي ل َيستطيع أن َيذهب إلى الجمعة فإنه معذور؛ حته فإ ّ
صّ
وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
جب عليهم ِلكونهم َقريِبين ِمن الجاِمع الذي ُتصّلى فيه الجمعة
الذين َت ِ
وَيسَمعون النداَء-كذلك-لكّنهم مع ذلك ل َيذهبون فُيصّلون الظهَر ،ما حكم
صلِتهم ؟
الجواب-:
ضروا الجمعَة مع المسلمين جب عليهم أن َيح ُ صلُتهم باطلة ،ذلك لنه َي ِ
ن ال-تبارك وتعالىَ-أمَرهم ِبالسعي إليها ) ،(7ول ّ
ن وأن ُيصّلوا معهم ،ل ّ
شّدد في ذلك الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-أمَرهم ِبذلك بل و َ
خِتَم ّ
ن عِهم الجُمعات أو َلَي ْن أقواٌم عن َوْد ِغايَة التشِديد حتى قالَ ) :لَيْنَتِهَي ّ
سمع النداَء أو كان في ن ِمن الغافلين ( ،فَمن َ ال على قلوِبهم ثم َلَيُكون ّ
خْين على رأي َمن َيقول سَ ن الَفْر َ
موضٍع ُيمِكنه أن َيسَمع النداَء-أو كان ُدو َ
جب عليه أن َيذهب إليها ،وليس له أن َيتخّلف ِبوجوب الجمعة عليه-فإنه َي ِ
عنها ،وإذا َتخّلف عنها فهو آِثم ..عليه أن َيتوب إلى ال ولبد أنه
ن صلَته ت ولكن إذا صلها قبَل الجمعِة فإ ّ سُيصّلي الظهَر في ذلك الوق ِ
باطلة على رأي كثرٍة كاثرة ِمن أهل العلم ..عليه أن َيتوب إلى رّبه وأن
ي ِبها مع المسلمين ..أن َيقوم ِبإعادة تلك الصلة ..إن َتمّكن ِبأن َيأِت َ
ي ِبها
ُيصّليها جمعًة فذلك هو الواجب وإن لم َيتمّكن فل َمحيص ِمن أن َيأِت َ
ظهرا؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم. ُ
س:
ما حكم الذان في المساجد المجاِورة ِلجاِمع الجمعِة ؟
الجواب-:
أما إذا كان ُيؤّذن ِلصلة الظهر فذلك ل َيصح بل هو ِبدعة ِمن الِبَدع ،وأما
إذا كان ُينادى ِبذلك ِلصلِة الجمعة ِبأن كان ذلك المسجد ُممتِلئا ل َيّتسع
خِذ
جمعًة أخرى ولكن ذلك بعد َأ ْ ض الناس أن ُيِقيموا ُ طر بع ُ ِللمصّلين فَيض َ
ن الصل الصيل أّل ح ذلك لجل الضرورة الملحة وإل فإ ّ ن ِبذلك فَيص ّالذ ِ
َتتعّدد الجمعة في المكان الواحد أبًدا وإنما ُيشَرع التعّدد في حالة
س ِبأن ُيصّلوا في ذلك حة وذلك ِبما إذا كان ل َيتمّكن النا ُ الضرورِة المِل ّ
المسجد ِلكثرِتهم مثل.
ض الناس َيسأل :هل ُتصّلي الجماعُة الولى الصلية أّول ثم َتأتي وبع ُ
سع لها وُتقيُم الصلَة بعَد ذلك في الجماعة الثانية إذا كان المسجد ل َيّت ِ
ذلك المسجد ؟ والجواب :ل ..هذا هو الذي ذهب إليه جمهور الّمة ،فل
ب أوُيمِكن أن َتتعّدد الجمعُة في مسجٍد واحد ،فَمن لم َيتمّكنِ-لهذا السب ِ
ب ِمن السباب ِمن خر عن الصلة ِلسب ٍ ِلغْيره ِمن السباب كأن َيكون قد َتأ ّ
ق بعيدة أو ما شابه ذلك-فإنه ليسَ لهم أن ُيِقيموا نوم أو جاء ِمن طري ٍ
الجمعَة في ذلك المسجد ..هذا هو الحق؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
دون الفرسخين يعني قبل اثني عشر كيلومترا تقريبا ؟
الجواب-:
ِبالتقريب.
س:
ما حكم خطبة الجمعة ؟
الجواب-:
ال أعلم؛ خطبُة الجمعة اختَلف فيها أهل العلم:
منهم َمن قال :هي جزٌء ِمن الصلة.
حة الصلة. ط ِلص ّ
ومنهم َمن قال :هي شْر ٌ
ومنهم َمن قال :هي سّنة ِللصلة.
وعليه:
ضر خطبَة
طٌر ِمن الصلة " فَمن لم َيح ُ
-1فَمن َيقول " :هي جزٌء أو ش ْ
ظهرا ،فَمن جاء
الجمعة فليس له أن ُيصّلي الجمعة فعليه أن ُيصّلي ُ
خرا ..مثل بعد انتهاء الخطبة ولو كان قبل تكبيرة الحرام فليس لهمتأ ّ
ي الجمعة.
أن ُيصّل َ
ن َمن جاء:
حة الجمعة " فإ ّ
ط ِلص ّ
-2وَمن قال " :هي شر ٌ
-1قبل قيام المام ِمن الركوع ِمن الركعة الثانية على رأي.
-2أو قبل السلم ِمن الصلة على رأي آخر-والوُل هو القرب إلى
طب ِللجمعة فإنه ليس لهم أن
الصواب-فإنه ُيصّلي الجمعة ولكن إن لم ُيخ َ
ن ِمن شرطها أن تكون بعد خطبة. ُيصّلوا الجمعة ،إذ إ ّ
-3وَمن قال " :هي سّنة " فإنه َيقول :ل َينبغي التفريط ِبالخطبة ولكن
ن صلَتهم تلك صحيحة. صّلت الجماعة ِمن دون خطبة فإ ّ إذا َ
حة الجمعة فإذا
ط ِلص ّوالقول الثاني هو القول الصحيح ،فالخطبة شر ٌ
ن صلَتهم تلك ُتعتَبر باطلة ،أما َمن جاء صّلت الجماعة ِمن غْير خطبة فإ ّ
ن صلته تلك صحيحة. قبل قيام المام ِمن الركوع ِمن الركعة الثانية فإ ّ
ن ال َأَمَر ِبالسعي إليها) (8والمر ُيفيد الوجوب، والدليل على شْرطيتها أ ّ
فذلك دليل على وجوِبها ،والرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-أَمَر
ت ِللخطيب وَنهى عن الكلم بل حّتى على ما هو أقل ِمن الكلم ِبالنصا ِ
ب الحصى-كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح-وذلك دليل على كَتقلي ِ
ظب عليها النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- وجوبها ،و-أيضا-قد وا َ
طيلة حياته ولم َيتركها ول مرة واحدة أو ُيبّين ِللّمة أنها ليست ِبواجبة
صح ِبلسانه ِبأنها ل ولو كان غْير واجبة َلتركها ولو مرة واحدة أو لْف َ
جب فل طيلة حياته ولم ُيبّين أنها ل َت ِ
ظب عليها ِ جب أَما وأنه قد وا َ
َت ِ
ي الجمعة ِمن غْير َمحيص ِمن القول ِبوجوبها ،فل َيجوز ِللجماعة أن ُتصّل َ
ن صلتهم باطلة ..عليهم أن خطبة ،وَمن صلها قبل ذلك ِبغْير خطبة فإ ّ
ظهرا اللهم إل إذا كانوا ُيقّلدون َمن َيقول َيتوبوا إلى ال وأن ُيعيدوها ُ
ن أولئك لم َيقولوا ن ذلك ما كان َينبغي لهم فإ ّ ِبخلف ذلك ومع ذلك فإ ّ
ن ذلك ِمن السنن التي ل َينبغي َتركها " ِبالتساهل ِبذلك بل قالوا " :إ ّ
ولكن مع ذلك-على هذا الرأي-ل ُيطاَلبون ِبإعادة الصلة ولكن في
المستقَبل ل َمحيص ِمن الخطبة؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
هل ِلهذه الخطبة-أيضا-شروط معّينة ؟
الجواب-:
ن هذا هو الصل في الخطبة ،وِللعلماء هي لبد أن َتكون فيها موعظة ل ّ
خلف طويل في شروط خطبة الجمعة:
منهم َمن قال :إنه ليست هنالك شروط لهذه الخطبة وإنما ينبغي أن يأتي
بما َينطبق عليه اسم " الخطبة " وهي الخطبة المعروفة التي فيها المر
ِبالخْير والدعوة إليه والموعظة الحسنة.
ومنهم َمن قال ِباشتراط بعض الشروط ،واختلفوا في ذلك:
-2وِمن ذلك الصلُة على النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وهذا-
أيضا-ل دليل على شْرطيته ولكن ل َينبغي التهاون ِبذلك.
-3وِمن ذلك أن َيأتي ِبشيٍء ِمن القرآن الكريم ،وهذا وإن كان ل َيصل-
أيضا-إلى درجة الشْرطية على الصحيح ولكن ل َينبغي التهاون ِبذلك بل
طِبه ِبسورة "
خَ
ض ُ
كان النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-يأتي في بع ِ
ض الناس،
ق " ِبأكملها في الخطبة وإن كان ل َيجتزي ِبذلك كما َفهَم بع ُ
إذ ذلك ل ُيسّمى " خطبة ".
-4وِمن ذلك المر ِبالتقوى ..هو طبعا ل ُيراد المر ِبالتقوى أن ُيْؤَتى
ِبهذا اللفظ وإنما ِبما َيدّل على ذلك ،وعلى كل حال لبد أن َتكون الخطبة
مشتِملة على شيٍء ِمن ذلك.
ح ِبه الجمعة ،وفي ذلك خلفٌ ضر الخطبَة العدُد الذي َتص ّ
-6وأن َيح ُ
حّقِقين إلى أنه لبد ِمن
طويل بْين أهل العلم ،وقد ذهب غْير واحد ِمن الـُم َ
ن بع َ
ض حضور اثنين مع الخطيب ،وأما ماعدا ذلك فإنه ل دليل عليه ،ل ّ
ذلك مأخوٌذ ِمن بعض الفعال وتلك الفعال واقعُة حال وذلك ِمّما ل ُيمِكن
ض ذلك مستِند إلى بعض الحاديث الستناد إليه في مثل هذه القضايا ،وبع ُ
ن له في مثل هذه القضية. الضعيفة والضعيف ل َوْز َ
فإذن لبد أن تكون الخطبة مشتِملة على ما ذكرناه ،أما تلك الشروط التي
ض أهل العلم فِمّما ل دليل عليه؛ والعلم عند ال. اشتَرطها بع ُ
س:
طئ الخطيب في آية أو في حديث ..التصحيحأثناء خطبة الجمعة قد ُيخ ِ
ح؟عليه في وقت الخطبةَ ،يص ّ
الجواب-:
أما إذا أخطأ في آية فإن كان ُيمِكن أن ُيَنّبه في ذلك فإنه ُيَنّبه إلى ذلك.
وهكذا إذا أخطأ-مثل-في حكم شرعي ِبأن قال ِبوجوب أمر وهو ليس
خلفا ِلَمن اّدعى ِبأنه ل ُيمِكن أن َيختِلف ِبواجب بل هو حرام مثلِ ،
العلماء في مسألة ..بعضهم َيقول ِبوجوب أمٍر والخر َيقول ِبحرمة ذلك،
وإنما َبعضهم َيقول ِبالوجوب وبعضهم ِبالباحة أو الكراهة أو بعضهم
ظَر في شيٍء ِمن ف واِقع ،وَمن َن َبالتحريم وبعضهم بالندب ..هذا خل ٌ
ن هذه الدعوى ل أصل لها ،فإذا أخطأ في حكٍم شرعي .. عِلَم أ ّ
ب الفقه َ
كت ِ
قال ِبوجوب أمٍر وهو ليس بواجب أو ِبحرمة شيٍء وهو ليس ِبحرام أو
ما شابه ذلك ِمن الحكام فإنه لبد أن ُيَرّد عليه ولكن الذي َينبغي أن ُينتَبه
إليه أن َيكون هذا الحكم ِمن الحكام الـُمّتفق عليها ،أما إذا كان ذلك
سه ُمجتِهدا َيقول الخطيب َيأخذ ِبقوٍل ِمن أقوال أهل العلم أو كان هو نف ُ
ض العلماء َيقول ِبحرمة ذلك المر-مثل-أو ِبإباحته ِبوجوب ذلك المر وبع ُ
أو ِبندبيته أو كراهته أو ما شابه ذلك فإنه ليس لحد أن َيقوم وَيُرّد على
طئ وإنما َتعّمَد أن َيْذُكَر ذلك ن ذلك الخطيب هاهنا لم ُيخ ِ ذلك الخطيب ،ل ّ
لنه َيرى إن كان ِمن أهل الرأي أو ُيَقّلُد َمن َيقول ِبوجوب ذلك المر
فكيف لحد َيقوم يناقضه في مثل تلك القضية ؟! وإل لمَكن أن َيقع ذلك
في أوقات متعّددة بل لمكن أن َتعتِرض جماعٌة كبيرة ..الخطيب َيقول
مثل ِبوجوب هذا المر فَيقوم قائل َيُرّد عليه َ ..يقول له " :هذا حرام "
لنه َيرى ذلك أو ُيَقّلُد َمن َيقول ِبذلك وآخر َيقول " :هذا مكروه " وما
شابه ذلك ..ل ..لبد أن َيكون ذلك المر ِمن المور الـُمّتَفق عليها بْين
ف فيه بْين أهل خَتَل ِ
ق عليه والـُم ْ أهل العلم ،وَمن لم َتكن له ِدراية ِبالـُمّتَف ِ
العلم فَينبغي له أن َيسُكت وَيِكل المر إلى غْيِره؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
ث ضعي ٍ
ف ب-مثلِ-بحدي ٍ وهكذا ِبالنسبة إلى الحاديث ..قد َيأتي ذلك الخطي ُ
ض الناس وهو ليس كذلك أو ما شابه ذلك فليس لحد أن َيقوَم ي بع ِ في رأ ِ
وَيعتِرض على ذلك ،أو َيأتي الخطيب ِبروايٍة ِبالمعنى أو َيكون ذاك
طَلع على لف ٍ
ظ الحديث جاء ِبألفاظ ُمتعّددة أو ما شابه ذلك ..ل ُيمِكن لحٍد ا ّ
ت ِبذلك اللفظ الذي َيحفظه طئ ذلك الخطيب لنه لم َيأ ِ ِمن اللفاظ فَيقوم ُيخ ّ
هو أو ما شابه ذلك ،وإنما ذلك في المور التي ل ُيمِكن أن َيقع فيها
ق عليه بْين المسلمين ت أن َيكون في حكٍم شرعي ُمّتَف ٍ ف ..كما قل ُ
خل ٌ
شر ذلك الكلم-وهو ليس ت ِلساُنه َمخافة أن َينت ِ ب َزّل ْ
وَيكون ذلك الخطي ُ
ِبرأي في حقيقة الواقع-بْين الناس وَيعَمل ِبه بعضهم فَيقعون ِبذلك في
ب ال-تبارك طئ في كتا ِ ظور والعياذ ِبال تبارك وتعالى ،أو أن ُيخ ِ الـَمح ُ
وتعالى-أو ما شابه ذلك.
وهكذا ِبالنسبة إذا أخطأ في وجٍه إعرابي أو ما شابه ذلك ..ل ُيمِكن الّرّد
ن الخطبَة ل َتتأّثر ِبه و-أيضا-ل َيتأّثر ِبه اعتقاٌد أو عليه في مثل ذلك ،ل ّ
ما شابه ذلك؛ والعلم عند ل.
س:
ضل أن ت الخطبة أم ُيف ّ ن وق َ ق عليها َيكو ُ هذا التصحيح في القوال الـُمّتَف ِ
َيكون بعد تسليمة المام َمْنًعا ِللحراج مثل ؟
الجواب-:
ن ذلك القائل ن ذلك ِمن المور التي َزّل فيها لسا ُ إذا كان ُيعَلن ذلك ِ ..بأ ّ
وبعَد ذلك قد ل َيعِرف أولئك الناس ،وأما في بعض الحيان فُيمِكن أن ُيَنّبه
ت لساُنهشرة وُيعِلن ذلك الخطيب ِبأنه قد َزّل ْذلك الخطيب بعَد السلم مبا َ
وأخطَأ في المسألة الفلنية ..مثل قال ِبحرمة أمٍر وهو ليس ِبحرام أو ما
سلم.ك ِبأنه أْولى وأ ْ
شّ
ن ذلك فهذا ل َ شابه ذلك ،فإذا أمك َ
س:
ب في مثل هذه الحوال التي ناِدرا سبة ِلتنِبيه الخطي ِ
ما هي الطريقة المنا ِ
سّره في ُأذنه أو شيٌء ِمن هذا
ما َتحُدث على أّية حال ؟ هل َيذهب إليه ِلُي ِ
القِبيل ؟
الجواب-:
إذا كان-طبعا-ذلك بعد الصلة فإما أن َيكون ِبذلك أو ِبواسطة ورقة أو ما
ق لساُنكم-إلى
سَب َ
سب " :لعله زّل لساُنكم-أو َ ظ منا ِشابه ذلك وَيكون ِبلف ٍ
كذا " أو ما شابه ذلك ،وُينّبهه ِبأنه َينبغي أن ُيَنّبَه الناسَ ِمن قبِل أن
َيخُرجوا ِمن الصلة ،وِ-بالطبع-هذا ل َيقع إل في حالت ناِدرة؛ والعلم عند
ال.
س:
ما حكم التكاء على العصا ونحوها في الخطبة ؟
الجواب:
ن الذي َيظهر لي ض أهل العلم ،ولك ّ على كل حال؛ هذا قال ِبمسنونيته بع ُ
صل إلى مرتبة الَقبول فهي ِمن ج ِبها هؤلء ل َت ِن الحاديث التي احَت ّ أّ
ض أهل العلم ولكنه ل ح حديثا واحدا منها بع ُ حَ صّ
ضعف ِبمكان ..نعم َ ال ّ
ن الظاِهر ِمن حال ذلك الحديث صل إلى تلك المرتبة فيما َيظهر لي ،ثم إ ّ َي ِ
أنه قبل أن ُيصَنع الـِمنبر ِللنبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
ن تلك الحاديث التي جذع ،أما بعد ذلك فإ ّطب على ال ِ عندما كان َيخ ُ
استدّلوا ِبها ل َتثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
ب على عصا أو ط َ خَولكّنني ُأريد أن ُأَنّبه إلى أنه ل َينبغي النكار على َمن َ
ما شابه ذلك.
ن المَر الفلني لم ض أهل العلم ِبأ ّ سمعوا ِمن بع ِ جد كثيًرا ِمن الناس إذا َ َن ِ
َيثبت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلمَ ،كِمثل هذه
القضيةُ-يباِدر ِبالنكار على َمن َيصَنع ذلك ،وهذا ِمّما ل َيستدعي النكار
سهل ..بع ُ
ض ن ذلك-أيضا-ليس ِبممنوع ،فمثل هذه القضية المُر فيها َ لّ
سب معالقضايا تكون مقصودة وهذه َينبغي أن ُيَنّبَه عليها ولكن ِبما َيتنا َ
ن الناس َيختِلفون في حال ذلك الـُمَنّبه ومع حال هذا الـُمَنّبه أيضا ،ل ّ
سن وكبير إلى غْير ذلك ،فلبد الـَمراِتب بْين عاِلم وجاِهل وصغير في ال ّ
سب مع حال الـُمَنّبه ومع حال الـُمَنّبه. ِمن أن َيكون ذلك َيتنا َ
جل وكان في َيده عصا أو ما شابه ذلك فل برُ ط َ
خَأما هذه القضية ..إذا َ
ن ذلك سّنة " ،و- ن السّنة لم َتثُبت ِبذلك ل نقول " :إ ّ بأس عليه لكن ِبما أ ّ
ك أنه إذا كان النسان ل َيحتاج إلى ذلك ولم َتثُبت به السّنة فل شّأيضا-ل َ
خَذ النسان عصا ل ُينَكر عليه؛ وال- ت-لو َأ َ
عي إلى ذلك لكن-كما قل ُ دا ِ
تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ن العصا في بعض الحيان جزء ِمن تقاليد ...؟
على اعتبار أ ّ
الجواب-:
ق بْين أن َنقول " :هذا سّنة " أو صل ذلك ِمّما ل ماِنع منه ،ولكن فر ٌ َفالحا ِ
نقول " :ذلك ِمّما ل ماِنع منه " و-أيضا-ليس كل ما لم َيفعله النبي-صلى
ال عليه وعلى آله وسلمُ-يقال فيهِ " :بدعة " فالِبدعة َينبغي أن ُتضَبط
ن كثيرا ت آخر في غْير هذا اليوم ،ل ّ ِبضاِبط ،وُيمِكن أن َيكون ذلك في وق ٍ
ِمن الناس إذا َرَأْوا شْيئا قالوا عنه " :هذا بدعة " فليس كل ما لم َيفَعله
النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلمَ-يكون ِبدعة ،بل تارًة يكون
ن ذلك ِمن المور التي لم َتكن له حاجة إليها ِبدعة وتارًة َلم َيستخِدمه ل ّ
صل هذه المسألة لبد ِمن أن ُتضَبط وأن ُتحّرر حتى أو ما شابه ذلك ،فالحا ِ
ل َيلتِبس المر على كثير ِمن الناس الذين ل ِدراية لهم ِبشْرع ال تبارك
وتعالى.
س:
طقون ِبها ؟
ما حكم الخطبة ِبغْير العربية ِللمسلمين الذين ل َين ِ
الجواب-:
ف بْين أهل العلم:
هذه المسألة وقع فيها خل ٌ
ب إلى أنه ل ماِنع ِمن أن َتكون الخطبُة ِبغْير -2وِمن أهل العلم َمن َذَه َ
العربية ِبشْرط أن َيقرأ القرآن ِباللغة العربية-وهذا لبد منه في حالة
الخطبة وفي حالة غيرها ..القرآن ل ُيمِكن أن ُيقرأ ِبغْير اللغة العربية،
ي ِبالحمدلةسر معانيه ِبغْير اللغة العربية-وكذلك إذا َأمَكن أن َيأِت َ وإنما ُتف ّ
ن الناس والصلة على النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ل ّ
غاِلًبا ّما َيعَلمون هذه اللفاظ.
ولو كانوا ِمن غْير العرب َ
طب ِبغْير اللغة وهذا القول الثاني هو القول الصحيح ،فِبإمكاِنه أن َيخ ُ
جَمع بْين
عَرب وكان هنالك غْيرهم فْلَي ْ العربية ..نعم إذا كان هناِلك َ
ن المقصود ِمن الخطبة الموعظُة الحسنة ..المقصود المرين ،وذلك ل ّ
ي عن المنكر والدعوُة إلى الخير ،فإذا كان منها المُر ِبالمعروف والنه ُ
ضرون خطبَة الجمعة ل َيفقهون شيئا ِمن اللغة هؤلء القوم الذين َيح ُ
العربية فكيف ُيمِكن أن َيستِفيدوا ِمن تلك الخطبة ،فهم ل َيستِفيدون منها
شيئا.
طب ِباللغة العربية حتى َيعِرف ن الخطيب َيخ ُضهم ِمن أ ّأما ما َذَكَره بع ُ
س َأهميَة اللغة العربية وَيقوموا ِبَتعّلِمها فهذا ل َيقع في كثير ِمن النا ُ
الحيان ..كثير ِمن أولئك الناس ل ُيمِكنهم أن َيتعّلموا العربية البّتة.
وأما ما كان َيصَنعه النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلمِ-من الخطبة
ن ذلك لسان أولئك القوم والنبي-صلى ال عليه ِباللغة العربية فذلك ل ّ
ب فل ُيمِكن أن عَر ٌ
خطبَته َضرون ُ وعلى آله وسلم-عربي والذين َيح ُ
طقطب ِبغْير اللغة العربية) .. (9أّول النبي صلى ال عليه وسلم ل َين ِ َيخ ُ
ِبشيٍء ِمن اللغات غْير العربية ،ثم حّتى لو كان المُر كذلك َلَما كان هناِلك
جمة ألفاظه إلى ض الصحابة ِبأن َيقوموا ِبتر َ ع وإل لمَكن أن َيأُمَر بع َ دا ٍ
غْير العربية ولكن ما كانت هنالك حاجة ،وكذلك في عهد الخلفاء
ت هناِلك حاجة إلى الراشدين ،بل في البلد العربية إلى يومنا هذا ليس ْ
الخطبة ِبغْير اللغة العربية ،فإذن ذلك ُيناط ِبالحاجة ..إذا كانت هناِلك
حاجة ل ماِنع ِمن الخطبة ِبغْير العربية بل ذلك هو المطلوب إذا كان أولئك
القوم ل َيعِرفون العربية ..هذا هو الرأي الصحيح في هذه القضية.
س:
في وقت خطبة الجمعة قد َيعطس أحدهم ،أو َيدخل أحدهم-أيضا-فُيسّلم،
وهناك-أيضا-الدعاء الذي َيدعو ِبه المام ،والصلة على النبي صلى ال
ح كل هذه الحالت ؟
عليه وسلم ..هل َتص ّ
الجواب-:
ف بْين أهل العلم ،وَتحتاج إلى شيٍء ِمن التفصيل، هذه المور فيها خل ٌ
صر الكلَم في هذه القضايا، ت ل َيكفي ِلذلك فيما أحسب ،ولكّنني َأخت ِ والوق ُ
ولعّلنا َنتكّلم على ذلك في مناسبٍة أخرى إذا َقّدَر ال ذلك.
أما الصلُة على النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فنعم
ت خاِفت حّتى ل ُيشِغل غْيره. ن المصّلي ُيصّلي ِبصو ٍ ُيصّلى عليه ولك ّ
وأما ِبالنسبة إلى َرّد السلم:
فمنهم َمن قالَ :يُرّد السامُع السلم.
ق له في الرد. حّ سّلَم ل َ
ن ذلك الذي َ ومنهم َمن قال :ل َيُرد ،ل ّ
حّقِقين.
ب إليه غْير واحٍد ِمن الـُم َ وهذا القول الذي َذَه َ
عطس على رأي طس ،فينبغي ِلَمن َ ت العا ِوهكذا ِبالنسبة إلى حالِة َتشمي ِ
ت خاِفت ،ول َينبغي الشتغال ِبالّرّد عليه َمن َيقول ِبالحمد أن َيحمد ِبصو ٍ
شمَته.طس أيضا على َمن َ وبعَد ذلك أن َيُرّد ذلك العا ِ
ن ذلك وأما ِبالنسبة إلى التأمين على دعاء الخطيب فل مانع ِمن ذلك ،ل ّ
ت َيدعو والمراد ِمن ذلك استجابة ذلك الدعاء فل الخطيب في ذلك الوق ِ
ج ِمن الخلف في مثل خَر َمانع ِمن التأمين عليه لكن لو احتاط إنسان و َ
ع في الـَمحظور فل بأس عليه ِبمشيئة ال. هذه القضية َمخافَة الوقو ِ
ت الخطبة فذلك ِمّما ثبت عن النبي- وهنا ُأَنّبُه على َتحية المسجد في وق ِ
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فل َينبغي التهاون ِبمثل ذلك،
فالنسان إذا ورد حديث عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه
وسلم-وكان صحيحا ثاِبتا عنه عليه أن َيأخَذ ِبذلك الحديث.
عه عليه أو طل ِي عاِلم ِمن العلماء خاَلف ذلك ِلعدم ا ّ ول َيلتِفت إلى قوِل أ ّ
طبون بإتباع رسول ال صلى ال ِلتأّوِله َله أو ما شابه ذلك ،فإننا ُمخا َ
عليه وعلى آله وسلم ..نعم علينا أن َنحتِرم علماء المسلمين وأن َنلتِمس
لهم الُعذر في مثل هذه القضايا فإنهم لم َيتعّمدوا أن ُيخاِلفوا حديًثا عن
رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولكنه لعّله لم َيبُلغهم أو َبَلَغهم
جة أو ظّنوا أنه منسوخ أو أنه خاص ِبقضية ق ل َتقوم ِبها الح ّ ِمن طري ٍ
ِمن القضايا أو ما شابه ذلك ِمن المعاني المعروفة ،ففرق بْين الحترام
ت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وبْين اللتزام ِبما َثَب َ
ي المسجد ِبركعتْين خفيفتْين.
حّت الخطبة فْلُي َ
خَل المسجد في وق ِ فَمن َد َ
ع فَيقومون عندما َيجلس المام بْين الخطبتْين ض الناس ابتد َ ن بع َ ولك ّ
ضهمفَيقومون ِبتأدية ركعتْين وهذه ِبدعة َينبغي النهي عنها.وكذلك بع ُ
ب في الخطبة َيقوم وُيصّلي ركعتْين وهذه ِبدعة َينبغي عندما َيشَرع الخطي ُ
النهي عنها؛ والعلم عند ال تبارك وتعالى.
س:
ت الخطبة إذا كانت هناك مصلحة كأن َيأمر أحُدهمح الكلُم في وق ِهل َيص ّ
أحًدا ِبإغلق الباب أو ِبإطفاء المكيف أو ِبإطفاء المروحة أو ما شابه ذلك
..مصلحة معّينة ؟
الجواب-:
حة فْلَيستعِمل الشارة أما أن َيتكّلم فل ..نعم ت هناِلك ضرورٌة مِل ّ إذا كان ْ
ت في ُيمِكن ِللنسان أن ُيَكّلَم الخطيب إذا كانت هناِلك مصلحة ،فذلك ثاِب ٌ
السّنة الصحيحة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وُيمِكن-أيضا-
ب الناس طى ِرقا َجل-مثلَ-يتخ ّ ض الناس ،فإذا رأى ر ُ ِللخطيب أن ُيَكّلَم بع َ
ي-صلى ال عليه وعلى آله وُيؤِذيهم فْلَيْأُمْرُه ِبالجلوس ،كما َأَمَر النب ُ
ث متعّددة ثابَتة عن النبي وصحبه وسلمِ-بذلك ،وفي هذه القضية أحادي ُ
ن ل َيسَمح ِبذِْكِرها ت كما َتَرْو َ
ن الوق َصلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ولك ّ
حة كما َفَعَل بع ُ
ض ضها ،فإذا كان النسان ُيَكّلُم الماَم ِلحاجٍة ُمِل ّ أو ِذْكِر بع ِ
الصحابة نعم ،وكذلك ِبالنسبة إلى المام ،أما بقيُة الناس فليس لحدٍ أن
شير إليه إشارة ..رأى ت هناِلك ضرورٌة ِبأن ُي ِ ُيَكّلَم غْيَره إل إذا كان ْ
شخصا َيتكّلم ُيشير إليه إشارة أو َيلتِفت إليه التفاتة أو ما شابه ذلك،
وهكذا ِبالنسبة إلى القضايا التي َتكون مشاِبهة ِلهذه القضية.
ض الناس َيقومون ِبتسجيل خطبِة الجمعة ..ل مانع ِمن أن َيقوم كذلك بع ُ
طر ِلتشغيل ص ِبالتسجيل ِبشْرط أّل َيشتِغل عن السِتماع ،أو َيض َ شخ ٌ
مكيف أو لصلح ُمكّبر الصوت أو ما شابه ذلك ِمّما فيه مصلحٌة ِللصلة
ض المصلين أو ما شابه ذلك؛ والعلم عند ال تبارك وتعالى. أو ِلبع ِ
س:
حه ،هل ُيصافحه ؟
ض المصّلين َيمّد َيده ِلُمصّل آخر أثناَء الخطبة ِلُيصاف َ
بع ُ
الجواب-:
إذا َتمّكن ِمن عدم ُمصافحِته فذلك هو الْولى ولكن إذا رأى هناِلك ضرورًة
حة ..خاف-مثلِ-من أن َتتفّرق الكلمة وأن َتقع هناِلك فرقة أو خصومة مِل ّ
ي ذلك إلى ضرر فُممِكن أن َيمّد َيده ِمن غْير أن َيتكّلم ..هذا ما
وأن ُيؤّد َ
ض أهل العلم ،وَله وجٌه؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم. ب إليه بع ُ َذَه َ
س:
إذا دخل المصلي في صلة الجمعة ووجد المام يخطب ،فهل يصلي
ركعتين تحية للمسجد أم يجلس؟
الجواب-:
هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم:
ذهب بعض العلماء إلى أنه يجلس ،وليس له أن يصلي ،لنهي النبي-صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-عن الكلم ولو كان ذلك من باب المر
بالمعروف أو النهي عن المنكر في حالة خطبة المام ،واحتجوا-أيضا-
على ذلك بحديث ولكنه ل يصح.
وذهب بعض العلماء إلى أنه يصلي ،لمر النبي-صلى ال عليه وعلى آله
وسلم-للرجل الذي دخل والنبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يخطب
فأمره النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-بالصلة وهو حديث
صحيح ثابت ،وقد اعترض عليه كثير من العلماء باعتراضات كثيرة وقد
أورد كثيرا من تلك العتراضات الحافظ بن حجر في " فتح الباري "
وأجاب عنها بجواب مقنع كاف لمن شاء معرفة الصواب.
ن هذا الحديثن القول بمشروعية ذلك هو القول الصحيح ،ل ّ والذي نراه أ ّ
صص لعموم النهي. ص صريح وهو مخ ّ ن ّ
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-قد أمر ومن الجدير بالذكر أ ّ
بتحّية المسجد ونهى عن الجلوس قبل التيان بتحّية المسجد ،وهذا
الحديث الذي ذكرناه أيضا ..الذي فيه المر بتحية المسجد في وقت
خطبة الجمعة مع نهيه عن الكلم ولو كان ذلك الكلم فيه أمر بمعروف
أو نهي عن منكر فهذه المور جميعا تدل دللة واضحة جلية ل غبار
ن تحية المسجد من السنن المؤّكدة التي ل ينبغي لحد أن عليها على أ ّ
يتركها؛ وال-تعالى-أعلم.
س:
ما حكم رفع الصوت بالصلة على النبي عند الخطبة؟
الجواب -:
ل داعي أن يرفع صوته بالصلة على النبي بل ينطبق سرًاولكن ينطق
بلسانه ..على أن طائفة من أهل العلم ل يروون التيان ونحن وإن كنا
نرى التيان بها على حسب ما يظهر لنا ولكن من غير أن يرفع صوته
ويشوش على الخرين .
الهامش :
جُمَعةِ صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ - 1قال ال تعالىَ } :يا َأّيَها اّلِذي َ
ن { ] سورة خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ
َفا ْ
الجمعة ،الية.[ 9 :
حة ،كما َذَكَر ِبأ ّ
ن ط الص ّ ن ِمن الشرو ِ - 2فقد َنّبَه الشيخ فيما بعُد إلى أ ّ
حة الجمعة. ط ِلص ّ الخطبَة شر ٌ
ظر مع الشيخ لعّله قصد أن يقولُ " :تجِزيها عن صلة الظهر " ُ - 3ين َ
بدل ِمن أن يقولُ " :تجِزيها عن صلة الجمعة ".
جُمَعِة صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ - 4قال ال تعالىَ } :يا َأّيَها اّلِذي َ
ن { ] سورة خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ
َفا ْ
الجمعة ،الية.[ 9 :
جُمَعِة صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ - 5قال ال تعالىَ } :يا َأّيَها اّلِذي َ
ن { ] سورة خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ
َفا ْ
الجمعة ،الية.[ 9 :
جب عليه الجمعة أن يبيع أو أن يشتري ،أو أن يبيع - 6أي ليس لحد َت ِ
جب عليه أو أن يشتري ِمّمن َتجب عليه الجمعة ولو كان هو ليس ِمّمن َت ِ
الجمعة.
جُمَعِةصلِة ِمن َيْوِم اْل ُ ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ - 7قال ال تعالىَ } :يا َأّيَها اّلِذي َ
ن { ] سورة خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ
َفا ْ
الجمعة ،الية.[ 9 :
جُمَعِة
صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ - 8قال ال تعالىَ } :يا َأّيَها اّلِذي َ
ن { ] سورة خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ
َفا ْ
الجمعة ،الية.[ 9 :
فِ " :بغْير اللغة العربية " ِلليضاح ُ - 9أضي َ
) رابعا :أحكام الجنائز(
س:
ما الكيفية التي يكون فيها حمل الجنازة ؟
ج:
ن عليه أن يستعد لهذا إنني أحب-قبل كل شيء-أن أذّكر المستمع الكريم بأ ّ
سب نفسه قبل أن يفاِرق هذه الحياة، اليوم تمام الستعداد ،وعليه أن يحا ِ
فعليه أن ينّفذ كل ما أمره ال-تبارك وتعالى-به في كتابه أو على لسان
رسوله صلوات ال وسلمه عليه ،وأن يجتنب كل ما نهاه عنه في كتابه
أو على لسان رسوله صلوات ال وسلمه عليه ،وأن يبحث في كل
مسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم عن الحق والصواب من
أقوالهم إذا تمّكن من معرفة الحق والصواب وإل فعليه أن يتحرى ذلك
قدر استطاعته ،وإذا كان قد وقع في شيء من معاصي ال-تبارك وتعالى-
بأن كان قد فّرط في شيء من واجبات ال فلم يأت بها أو أنه فعل شيئا
من المحرمات فعليه أن يتخلص قبل فوات الوان سواء كانت تلك
الحقوق من حقوق ال-تبارك وتعالى-أو من حقوق عباده أو من ذوات
الوجهين ..أي من الحقوق التي هي من جهٍة ل-تبارك وتعالى-ومن
جهٍة للعباد ،فإذا كان قد ترك شيئا من الصلوات أو الصيام أو الزكاة أو لم
يأت بفريضة الحج فعليه أن يعيد تلك الصلوات التي فّرط فيها سواء
تركها أو أنه ترك شيئا من أركانها أو شروطها التي ل تتم إل بها ،وهكذا
بالنسبة إلى الزكاة إذا كان لم يأت بها أو أنه قد أتى بها على غير الوجه
الذي أمر به المولى-تبارك وتعالى-فإنه عليه أن يتخلص من ذلك ..أي
عليه أن يقوم بأداء تلك الزكاة التي فّرط فيها إلى أصحابها الذين بّينهم
ال-تبارك وتعالى-في سورة التوبة) ،(1وهكذا إذا كان قد فّرط في شيء
ت-أو أنه لم يأت بالحج أو أنه قد أتى بهمن العبادات ..من صيام-كما قل ُ
على غير الوجه الصحيح أو أنه قد فّرط في شيء من النذور أو الكفارات
أو ما شابه ذلك ،وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك شيء من حقوق العباد ..
إذا كان قد اغتصب شيئا من أموال الناس أو أنه قد أخذها بوجه صحيح
ولكنه بعد ذلك لم يقم بأداء قيمة تلك الشياء إلى أصحابها وما شابه ذلك،
فإذا كان يعلم حكم ذلك في الشرع الحنيف فعليه أن يقوم بتنفيذ ذلك ،وإن
كان ل يعرف ذلك فعليه أن يسأل أهل العلم الذين يثق بدينهم وبعلمهم
حتى يرشدوه إلى الطريق الصحيح للتخلص من هذه الحقوق.
ن كثيرا من الناس عندما يصابون بشيء من ومن الجدير بالذكر أ ّ
المراض ل يعرفون كيف يأتون بالصلة-مثل-ول بالصيام ،فتجد الواحد
إذا أصابه مرض ولم يستطع أن يأتي بالصلة على الوجه المعروف يترك
الصلة بنية القضاء مثل ،ومنهم من يكّبر أربع تكبيرات مع قدرته على
ص منها شيئا من الشروط ،فإنه إن لم يتمكن التيان بالصلة ولو أنه َنَق َ
من التيان بكل الركان والشروط المعروفة فلبد من أن يأتي بما استطاع
عليه من الصلة ،إذ إنه إذا لم يستطع على التيان بركن أو شرط من
ن الصلة ل تسقط بذلك ،فإذا كان-مثل-ل يتمكن من شروط الصلة فإ ّ
التيان بالوضوء فعليه أن يتيمم ،وليس من الصعوبة أن يجد التراب
الذي يصح به التيمم فبإمكانه أن يطلب من بعض أهله أو من بعض
الناس الذين يقومون بزيارته بأن يأتوا له بالتراب ولو كان في
المستشفى-مثل-وعليه أن يتيمم ،وإذا كان ل يستطيع أن يتيمم فبإمكانه
أن يصلي ..بل عليه ذلك ولو بغير تيمم ،أما إن استطاع على الوضوء
فل يجزيه التيمم ،وإذا استطاع على التيمم ولم يستطع على الوضوء أو
لم يجد الماء فل يجزيه أن يترك الصلة بنية القضاء أو ما شابه ذلك ،بل
لبد من أن يأتي بالصلة في وقتها الُمقّدر لها شرعا ،وكثير من الناس
ن كثيرا من يجهلون ذلك ،وقد سألني كثير من الناس عن هذه القضية وأ ّ
أصحابهم أو منهم عندما كانوا في المستشفيات قد تركوا صلوات عّدة
وهذا مما ل يجوز أبدا ،فعلى المرء أن يتعلم أمور الدين ،وعليه أّل يفرط
في شيء من هذه الواجبات ،فقد يموت في مرضه ذاك وهو قد ترك-
والعياذ بال-فريضة من فرائض ال بل ركنا من أركان السلم ،وذلك ُيعّد
كبيرة من كبائر الذنوب ..يموت على هذا والعياذ بال تبارك وتعالى،
وليس له أن َيسمع أحدا في المستشفيات أو ما شابه ذلك بأنه عليه أن
يصلي أو يؤخر الصلة ول يلزمه أن يتوضأ ولو كان قادرا أو أن يتيمم
ن للفتيا
ولو كان قادرا وواجدا لذلك ..ليس له أن يستمع إلى أولئك ،ل ّ
رجال وللطب رجال آخرين فل يمكن أن تؤخذ الفتاوى من الطباء ول من
غيرهم إن لم يكونوا على معرفة تاّمة بشرع ال تبارك وتعالى ..نحن
نسمع من كثير من الناس الذين يعملون في المستشفيات يقول " :ل
يلزمك كذا " أو " يجوز لك كذا " أو ما شابه ذلك فهؤلء ليس لحد أن
يستمع إليهم ول أن يأخذ الفتاوى منهم ،وهكذا بالنسبة إلى كثير من
الجهلة الذين ل يعملون في المستشفيات مثل ،ومن أواخر الحوادث التي
ن رجل أعمى ذهب إلى الحج ت بها ..بالمس حّدثني أحد الثقات بأ ّ حّدْث ُ
ُ
وكان لبسا لنعال مخيطة فرآه بعض الناس الذين يظنون أنهم يأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر ولكنه-وللسف الشديد-جاهل بحكم ال
جك باطل " وقد نحّ تعالى ..جاهل بشرع ال جهل فاضحا فقال له " :إ ّ
َنسب هذه الفرية إلى أحد علماء المسلمين ..افترى على ال وعلى
رسوله وعلى أهل العلم ،مع أنه لم يقل أحد من المسلمين ببطلن حجه،
وإنما الخلف هل الفضل أن يلبس نعال ليست بمخيطة أو أنه ل بأس من
لباس النعال المخيطة ؟ والحق أنه ل بأس بذلك ،إذ لم يأت دليل يدل على
ن الفضل أن يترك النعال المخيطة بل الدليل يدل على خلف ذلك ،وهكذا أّ
بالنسبة إلى الحكام.
ونحن نحب أن ننبه إلى أنه لبد من التعاون بين الفقهاء وبين
القتصاديين والطباء والفلكيين وغيرهم من أصحاب العلوم ولكن ليس
لحد من أصحاب الختصاصات الخرى أن يتكلم في شرع ال ..
القتصادي يأتي بما عنده من معلومات إلى الفقيه والفقيه ينبغي له أن
يستفيد منها ،وهكذا بالنسبة إلى الطبيب والفلكي إلى غير ذلك ،أما أن
يتكلم الفلكي في الحكام الشرعية أو الطبيب أو صاحب القتصاد أو ما
شابه ذلك من العلوم فهذا مما ل يصح.
فإذن على النسان أن يعتني بأمور دينه قبل فوات الوان ..قبل أن يخرج
من هذه الدنيا وهو مرتكب-والعياذ بال تبارك وتعالى-لشيء ِمن معاصي
ال التي قد) (2تخلده في نار جهنم إن لم يتب قبل الخروج من هذه الدنيا
إذا كانت تلك المعاصي كبيرة-والعياذ بال تعالى-من جهنم ومما ُيقّرب
إليها.
وعلى من ذهب لزيارة المريض ..عليه أن يذّكره بال تبارك وتعالى،
وأن يأمره بالتوبة إلى ال-تبارك وتعالى-بأسلوب لّين لطيف ،وأن يسأله
عن صلته كيف يأتي بها إذا كان-طبعا-ذلك الشخص المريض ليس من
أهل الفقه ..إذا كان من العوام الذين ل معرفة لهم بحكم شرع ال تبارك
ن ذلك من باب وتعالى ..ل بأس أن يذّكره بذلك بل مطلوب منه ذلك ،ل ّ
ت-لطيف طّيب التعاون على الِبّر والتقوى ،ويأمره بأسلوب-كما قل ُ
ص الكتاب والسّنة الصحيحة ن الوصية للقربين واجبة بن ّ بالوصية ،ل ّ
الثابتة عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ول يوجد ناسخ لها،
وإنما المنسوخ-على رأي بعض أهل العلم-الوصيُة للقارب الذين يرثون،
أما للذين ل يرثون فل.
وبعض العلماء يقول " :إنه ليس هنالك ناسخ ،وإنما الية التي فيها
الوصية للوالدين ُيراد بها من ل يرث من الوالدين ..إذا كان الوالد
مشركا أو كان عبدا فإنه ل يرث ولكن له الوصية "؛ وهذا رأي قوي
ت-أن أنبه
جدا ،ول أريد الطالة في حكم هذه القضية ،لكنني أحب-كما قل ُ
ن َمن زار مريضا ينبغي له أن ينبهه إلى هذه المور ،وإذا رآه ل إلى أ ّ
يدري الحكام الشرعية ممكن أن يذكر له " :هل أقسمت بشيء من
اَلْيمان ولم تأت بها ولم تكّفر عنها " ،وهكذا بالنسبة إلى بقية
العبادات ..من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد إلى غير ذلك ..هذا
أمر مطلوب.
أما بالنسبة إلى السؤال المذكور وهو البحث عن كيفية حمل الجنازة فإ ّ
ن
لهل العلم خلفا في هذه القضية ،وهذا الخلف ليس على سبيل
الوجوب ..أي ما هو الواجب في كيفية الحمل ؟ إذ إنه لم يقل أحد من
أهل العلم بوجوب كيفية محددة من الكيفيات التي سأتعرض لها بمشيئة
ال-تبارك وتعالى-بعد قليل ،وإنما الخلف بين أهل العلم في الفضل ..أي
ما هو الفضل ِمن هذه الكيفيات ؟
وينبغي للنسان إذا وجد خلفا بين أهل العلم في قضية من القضايا بأن
وجد بعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا ..ينبغي
له أّول أن يعرف ما هو موضع النزاع بين أهل العلم ..هل هو في
الوجوب وعدمه أو في التحريم وعدمه أو في الفضل وعدم الفضل ،لنه
ن هذا العالم أو هؤلء العلماء يقولونن هذا المر واجب ..أي أ ّ قد يظن أ ّ
بوجوب هذا المر وبعضهم يقول بوجوب المر الفلني وبعضهم يقول
ن أولئك العلماء على وفاق على عدم وجوب شيء بكذا إلى غير ذلك مع أ ّ
من تلك المور ،وإنما الخلف فيما بينهم في قضية الفضل.
فإذن خلف العلماء في مسألتنا هذه هو في الفضل ،وليس في الوجوب.
اختلف أهل العلم في هذه القضية:
-2وبعض العلماء يقول " :أّول َيحمل-أيضا-من جهة الميت اليمنى ..أو
بعبارة أخرى :يحمل السرير من الجهة اليسرى من المام ثم من الخلف
ثم يدور ..يحمل من الجانب الثاني أّول من الخلف ثم من المام "؛ فإذن-
على هذا الرأي-أّول َيحمل من جهة السرير اليسرى على يده اليمنى ثم
من الجانب الخلفي من الجهة نفسها ثم من الجانب الخلفي من الجهة
الثانية ثم من الجانب المامي ..يدور على السرير.
و-على كل حال-أصحاب هذين القولين يحتجون برواية ُتروى عن النبي
ن هذه الرواية ل تثبت عن صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ولك ّ
النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنها من جهة أبي عبيدة بن عبد
ال بن مسعود وهو لم َيسمع ِمن أبيه.
-3وبعض العلماء ذهب إلى أنه َيحمل السرير من جهتيه ..يضع هذه
الجهة على الكتف اليمن وهذه على اليسر ثم يفعل ذلك-أيضا-من
الخلف؛ واحتجوا على ذلك برواية رواها ابن سعد والبيهقي في "
المعرفة " ولكنها ل تثبت ،بل هي أضعف من الولى ،لنها من جهة
الواقدي وهو ل يؤخذ بروايته ول كرامة.
ج:
نعم ..بعض الناس يظنون بأنهم ُيحسنون صنعا ..يجدون قول من أقوال
ن ذلكأهل العلم ويشددون على عوام الناس إذا لم يأتوا بذلك القول مع أ ّ
ن المر واسع جائز، العالم هو بنفسه ل يشدد في تلك القضية ويرى بأ ّ
حتى في بعض المسائل التي اختلف بعض أهل العلم هل هذا واجب أو
ليس بواجب ؟ ..بعض المسائل ل ينبغي التشديد فيها ،ولكن التشديد في
كثير من الحالت يأتي من بعض المبتدئين الذين لم يطلعوا على أقوال
أهل العلم ول دراية لهم بفقه الخلف في هذه القضية.
َنعم ..نحن ل نهون المر في مخالفة ما ثبت عن النبي-صلى ال عليه
ن كثيرا من الحاديث أيضا قد وقع فيها وعلى آله وصحبه وسلم-ولك ّ
الخلف بين أهل العلم ..بعض الحاديث ثابت ل شك فيه وبعضها مختَلف
فيه ،وهكذا بالنسبة إلى القوال تختلف ..منها ما هو الخلف فيه يسير
والمر ظني ول ينبغي التشنيع والتشديد.
نعم ..ينبغي أن ُنعّلم الناس الفضل بأسلوب لئق؛ وال-تبارك وتعالى-
أعلم.
س:
ج:
على كل حال؛ أرى السئلة لديك كثيرة وسأضطر أن أجيب باختصار شديد
على بعض هذه السئلة وإن كان كثير منها يحتاج إلى شيء من التحرير
لعدم تحرير ذلك في كثير من الكتب المشهورة عند طلبة العلم وعوام
الناس.
هذه المسألة-على كل حال-أمرها سهل؛ أما من كان راكبا ..ول ينبغي
شّيع الجنائز ،بل ينبغي له أن يمشي
للنسان عند القدرة أن يركب عندما ُي َ
..عندما يكون راكبا فليمش خلف الجنازة ،أما عندما يكون ماشيا فل
مانع من أن يتقدم على الجنازة أو يتأخر عنها-يعني يمشي خلفها-ول
مانع من أن يمشي أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها ،فالكل جائز ثابت
في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ؛ وال أعلم.
س:
الن الناس ابتكروا-إن صح التعبير-طريقة جديدة في حمل الجنازة
فصاروا يصفون أمام الجنازة أسطرا طويلة ثم تمر الجنازة عليهم جميعا
دون أن يكون أحد خلفها وقالوا صنعوا ذلك من أجل التيسير وعدم
الزحام ،فهل يصح هذا ؟
ج:
أما أّل يكون أحد خلف الجنائز والكل يكون أمامها ..هذا ِمّما ل ينبغي ..
ينبغي كما ثبت في السّنة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم )...
(4أما صفوف بسيطة جدا إذا كانت في ذلك مصلحة مخافة الذية أو ما
شابه ذلك فالمر يختلف ،أما أن تمتد الصفوف وتكون طويلة فهذا ل
أصل له أبدا.
س:
في بعض الحيان تكون الصفوف طويلة تكاد تستوعب كل الحاضرين ؟
ج:
ل داعي لهذا أبدا.
ن الطفل إذا كان-طبعا-صغيرا ل على كل حال؛ أريد-أيضا-أن أنبه إلى أ ّ
يحتاج أن ُيحمل على السرير بل ُيحمل في اليدي ..أنبه على هذا مخافة
ن كثيرا ِمن الناس إذا سمعوا
أن ُينكر بعض الناس على من يفعل ذلك ،ل ّ
كلما ِمن بعض أهل العلم حملوه على العموم وقد يكون ذلك العالم ل يريد
ذلك.
فإذن الطفل الصغير ل يحتاج أن يوضع على السرير ُ ..يحمل على
اليدي ،أما إذا كان الطفل كبيرا فإنه يحمل كغيره من الموات على
السرير ،وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
إذا كانت الجماعة التي تصلي على الميت قليلة ،هل الْولى أن يصفوا
صفا واحدا أو ثلثا ؟
ج:
على كل حال؛ هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم:
صفّن صلة الجنازة كغيرها ِمن بقية الصلوات َ ..ي ُ -1منهم َمن قال " :إ ّ
الناس أّول الصف الول فإذا امتل الصف الول في المواضع التي تمتلئ
فيها الصفوف ..إذا كان ذلك في المسجد مثل أو في مصلى فبعد ذلك
يؤمرون بإنشاء الصف الثاني وهكذا بالنسبة إلى بقية الصفوف ،أما إذا
صليت هذه الصلة في فضاء فإنهم يصفون صفا واحدا حتى يكون طويل ُ
ليس بإمكان من يصف بعد ذلك أن يستمع إلى المام وبعد ذلك بإمكانهم
أن ينشئوا صفا ثانيا وهكذا بالنسبة إلى بقية الصفوف "؛ فهؤلء ذهبوا
ن الصل إلى أنه ل فرق بين صلة الجنازة وبين غيرها من الصلوات ،ل ّ
في هذه الصلة أن ُيحكم عليها بحكم بقية الصلوات إل فيما دل دليل على
أنها تختلف فيه معها.
ف الناس ثلثةص ّ -2وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينبغي للمام أن َي ُ
صّفوا هم بأنفسهم ثلثة صفوف لكن إذا رأى المام بأنهم صفوف أو أن َي ُ
صّفوا صفا واحدا ينبغي له أن يأمرهم بأن يصفوا ثلثة صفوف ولو َ
كانوا ستة أشخاص مثل ..يصف اثنان في الصف الول واثنان في الثاني
واثنان في الصف الثالث أما بعد ذلك فل وإنما تراعى الصفوف الثلثة
الولى؛ واحتجوا على ذلك برواية تروى عن النبي صلى ال عليه وعلى
آله وسلم ،ولكنها من طريق ابن َلهيعة وهو ضعيف ل ُيؤخذ بروايته،
ولكنهم قالوا إنها تتأيد برواية أخرى ،ولكنها من طريق ابن إسحاق وهو
طلع إلى الن بأنه قد صّرح بالسماع فما دام المر مدّلس مشهور ولم أ ّ
ن هذه الرواية تصل إلى درجة الثبوت. كذلك فإننا ل نرى أ ّ
ن صلة الجنازة في هذه القضية كغيرها من وإذن يبقى المر على أ ّ
صفوا أّول الصف الول فإذا امتل فلينشؤوا بعد ذلك صفا الصلوات فلَي ُ
ثانيا وهكذا؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما-قبل شهرين تقريبا-لكن عندما ُأخذ
إلى القبر خرج من فمه دم ،فهل يعني ذلك إشارة عقاب له أو المر
طبيعي ؟ هي قلقة الن.
ج:
ل ..ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غير ذلك ،فلتترك المر
على ما هو عليه ،وإن كانت تستطيع أن تفعل شيئا من الخير فلتفعل ..
ليس من باب أنه خرج من فمه دم ،فل علقة له بذلك المر ،لكن إذا
كانت عليه حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن كان أبوه حيا
أو أحد من إخوانه أو أقاربه أو حتى من سائر المسلمين أن يؤدوا تلك
الحقوق التي عليه فليؤدوها عنه ،وكذلك إذا كان عليه صيام فليصوموا
عنه ،كما ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قالَ ) :من مات وعليه
صوم صام عنه وليه ( ،وهكذا إذا كان لم يؤد فريضة الحج وكان قادرا
على أدائها ولكنه فّرط في ذلك فإذا استطاعوا فينبغي لهم أن يؤدوا عنه
فريضة الحج ،كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم ،وهكذا إذا
كان لم ُيؤد الزكاة فليؤدوا عنه ..إذا كانت لديه أموال فليؤدوا الحقوق
التي عليه من ماله.
واختلفوا في الزكاة وفي الحج إذا لم يوص بهما وهكذا بالنسبة إلى
الكفارات والنذور التي تحتاج إلى تكفير:
س:
وإذا توفي في شهر رمضان ،هل ُيكمل عنه أولياؤه ؟
ج:
هنالك أمران:
* إما أن يكون أفطر ذلك بسبب مرض وذلك المرض ل يرجو منه الشفاء
فهذا كان ينبغي له أن ُيطِعم عنه) (5وإذا لم يطِعم فإنه ُيطَعم عنه بعد ذلك
..إذا كان قد أوصى بذلك فالمر واضح ،وإن كان لم يوص بذلك فينبغي
أن ُيقَنع الورثة-إن كانوا بالغين عقلء-بذلك ،وأما إذا كانوا بخلف ذلك-
ن البلوغ-فالمر ل يخلو أي منهم المجنون أو الصبي الذي لم يصل إلى س ّ
ن هذه الكفارة لم ُيتفق بين أهل العلم عليها:من إشكال ،ذلك ل ّ
فأنا أقول :إنه ينبغي لبعضهم أن يتبرع عنه مخافة الوقوع في المحظور.
* أما إذا كان قد أفطر بسبب سفر ..مثل سافر ومات و-طبعا-لم يتمكن
ن الشهر ل زال باقيا-أو كان ذلك بسبب مرض يرجو منه من القضاء-ل ّ
الشفاء بحسب الظاهر فإنه ُيؤمر الولياء بأن يقضوا عنه ،للحديث الذي
ذكرناه ] ص [ 7؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ما حكم مرافقة المرأة للجنازة أثناء التشييع ؟
ج:
أما إذا كانت تذهب إلى أن ُيصلى عليه فالمر يختلف ،وأما إذا كانت بعد
الصلة ..أي إلى المقابر فل ُ ..تنهى عن ذلك ،وقد اختلف العلماء في
هذا النهي هل هو للتحريم أو الكراهة.
ومهما كان ل ينبغي للنسان أن يرتكب ما نهى عنه الرسول-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-ولو كان ذلك على سبيل الكراهة ،إذ إنه ل يمكن أن
َينهى عن شيء إل لسبب واضح من السباب ،وال-تبارك وتعالى-ل ُيعبد
بالمكروه.
ي تحريم على رأي بعض أهل العلم ،ونهي كراهة فإذن النساء ُتنهى-نه َ
على رأي بعض أهل العلم-عن الذهاب إلى المقابر ،وإذا كانت هذه المرأة
ُأّما أو أختا أو جدة أو قريبة للميت فالنهي أشّد ،لنها ل تستطيع أن
ن المرأة معروف عنها هذا المر فلتنتِه ولتترك تصبر على ذلك ،إذ إ ّ
متابعة ذلك.
أما بالنسبة إلى صلة النساء على الموتى فالمر ل يخلو من أحد أمرين،
إما أن يكون هنالك بعض الرجال الذين يصلون على الجنائز أو ل):(6
ن النساء ُيؤمرن بأن يصلين على* فإذا لم يكن هنالك أحد ِمن الرجال فإ ّ
الجنازة.
ن الخلف الموجود بين العلماء في صلة المرأة وقد ذَكر بعض العلماء أ ّ
على الميت إنما هو عند وجود الرجال ،أما عند عدم وجود الرجال فإنهن
ن الصلة )-(7على الصحيح-من فروض الكفايات، يؤمرن بالصلة ،ل ّ
ن المرأة مأمورة بذلك.
وإذا لم يوجد أحد من الرجال يقوم بهذا الفرض فإ ّ
-3وقيل :إن كانت الميتة امرأة فتصلي وإن كان الميت رجل فل.
ن النساء قد صلين
والذي يظهر لي أنه ل مانع ِمن صلتهن ،وقد ثبت أ ّ
على النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وهكذا صّلت أمهات المؤمنين
على بعض الصحابة كسعد بن أبي وقاص رضي ال-تعالى-عنه ،وهنالك
أدلة أخرى ل داعي لذكرها الن ،فل مانع من صلة المرأة على الميت.
هذا وقولي " :أنه إذا كان هنالك أحد من الرجال تسقط عن المرأة ")(9
إذا كان من الرجال البالغين ،أما إذا كان صبيا فإنه ل تسقط به الصلة،
ن هذه الصلة-على الصحيحِ-من فروض الكفايات وغير البالغ ل تجزي لّ
منه فلبد ِمن أن تصلي النساء عليه؛ وال أعلم.
س:
ما الوقات التي ُينهى فيها عن الصلة على الميت ؟
ج:
قد اختلف العلماء في هذه القضية:
ي وقت ِمن
-1ذهب بعضهم إلى أنه ل ُينهى عن الصلة على الميت في أ ّ
الوقات.
وقد حكى بعض العلماء اتفاق أهل العلم على ذلك ،وحكاية هذا التفاق ل
شك أنها خاطئة.
-2وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ُينهى عن الصلة على الميت في ثلثة
أوقات:
* وعندما يغرب قْرن ِمن الشمس-أي عندما يبدأ جزء ِمن الشمس في
الغروب-حتى تغرب الشمس تماما؛ وهذا القول هو القول الصحيح ،وذلك
عقبة بن عامر-
لما ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم كما في حديث ُ
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم- رضي ال تعالى عنه-أ ّ
ن بعض العلماء حمل هذا نهى عن دفن الموات في هذه الوقات ،إل أ ّ
النهي على دفن الموات وقال " :إنه ل بأس ِمن الصلة في هذه
الوقات ،وإنما ينهى عن دفن الموات فيها " ،وهذا ليس بشيء،
والصحيح في هذه القضية أنه ُينهى عن الصلة عليهم وعن دفنهم في
هذه الوقات الثلثة.
أما بالنسبة إلى الوقات التي ُتكره فيها صلة التطوع فإنه ل ُينهى عن
ن هذه الصلة ِمندفن الموات وعن الصلة عليهم فيها ،وذلك ل ّ
الصلوات السببية والصلوات السببية ُتستثنى ِمن النهي ،وذلك لنه ل شك
أنه يختلف النهي إذا كان مقصودا بالذات أو كان ِمن باب الوسائل ،وبذلك
يتبين أنه ل مانع ِمن الصلة في الوقات التي ُتكره فيها الصلة وإنما
ُيمنع ِمن الصلة على الميت في الوقات التي ُينهى عن الصلة فيها نهي
تحريم؛ وذلك النهي على التحريم على رأي طائفة ِمن أهل العلم-وهو
الذي يظهر لي-وقال بعضهم أنه للكراهة؛ وال أعلم.
س:
إذا أردنا أن نضرب على ذلك مثال ..في حال اصفرار الشمس وقرب
مغيبها ،هل تصح الصلة ؟
ج:
في ذلك خلف بين أهل العلم ،وذلك أنهم اختلفوا في النهي ..هل َيبدأ
وقت النهي بغروب جزء بسيط ِمن الشمس أو أنه يبدأ قبل ذلك:
-1فبعض العلماء قال " :يبدأ النهي بغروب جزء ِمن الشمس ..أي إذا
غرب جزء قليل جدا ِمن الشمس فيدخل وقت النهي "؛ وهذا قول طائفة
كبيرة ِمن أهل العلم.
س:
وهل يشمل ذلك لحظات الدفن أيضا ؟
ج:
ن المنهي عنهص على أ ّ
ن الحديث ن ّ
على نفس الخلف فيما يظهر ،ولك ّ
عندما تغرب الشمس ،وُيؤخذ بظاهر الحديث إل إذا ترك أحد ذلك على
ص على ما ذكرناه.جهة الحتياط فذلك ل بأس منه ،وإل فالحديث ن ّ
س:
الناس فيما يقرؤون أنهم بعد التكبيرة الثانية في صلة الجنازة يأتون
بالفاتحة والبعض يأتي بتسبيح وبغير ذلك ،فأيهما الصح ؟ بعد التكبيرة
الثانية ،ما الذي يأتي به النسان ؟
ج:
اختلف العلماء في هذه المسألة على عّدة أقوال:
-1ذهب بعض العلماء إلى عدم مشروعية التيان بفاتحة الكتاب في
صلة الجنازة رأسا ،فقالوا " :إنه ل ُيشرع للنسان أن يأتي بفاتحة
الكتاب فيها ".
-2وذهب بعضهم إلى أنه إن أتى بها وقصد بذلك الدعاء فل بأس ،أما أن
يقصد بها التلوة المعروفة التي ُيؤتى بها في صلة الفريضة وصلوات
النوافل فل.
-3وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يأتي بها بعد التكبيرة الولى فقط؛
وهذا مذهب طائفة كبيرة ِمن أهل العلم ،وهو الذي جاء عن إمام الذهب
جابر بن زيد رحمه ال تبارك وتعالى.
-4وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يأتي بعد التكبيرة الولى وكذا بعد
التكبيرة الثانية بفاتحة الكتاب:
-منهم َمن قال :إنه يقتصر على الفاتحة بعد التكبيرة الولى وكذا بعد
التكبيرة الثانية.
-ومنهم َمن قال :إنه يأتي بعد التكبيرة الولى-طبعا-بالستعاذة وبعد ذلك
بفاتحة الكتاب ثم يحمد ال ويمجده ويهلله وبعد ذلك يكبر التكبيرة الثانية
ثم يأتي بفاتحة الكتاب ثم يحمد ال ويمجده ويهلله ويصلي على النبي
صلى ال عليه وعلى آله وسلم؛ وهذا المذهب هو الذي رواه صاحب "
المدّونة " عن المام أبي عبيدة رحمه ال ،وقد أخَذت به طائفة ِمن
أصحابنا.
إلى غير ذلك ِمن القوال.
والصحيح عندي-ما ذهب إليه المام جابر ،وجماعة ِمن أهل العلم بل هو
مذهب جمهور الّمة ،وهو-أنه يأتي بعد التكبيرة الولى بالستعاذة
وفاتحة الكتاب وبعد الثانية يصلي على النبي-صلى ال عليه وعلى آله
وصحبه وسلم-والفضل أن يأتي بالصلة البراهيمية المشهورة-وإن
صرة كأن يقول " :اللهم صل على محمد وعلى آله اقتصر على صلة مخت َ
" أو " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " أو ما شابه ذلك ِمن
ت-ثم ن الفضل أن يأتي بالصلة البراهيمية كما قل ُ اللفاظ فل بأس ،ولك ّ
يكبر التكبيرة الثالثة ويدعو ويكبر بعد ذلك التكبيرة الرابعة ويسّلم).(11
وبعضهم قال :إنه يدعو بدعاء مختصر بعد التكبيرة الرابعة وقبل السلم،
عَذابَ
سَنًة َوِقَنا َ
ح َ
خَرِة َ
سَنًة َوِفي ال ِ
ح َ
كأن يقولَ { :رّبَنا آِتَنا ِفي الّدْنَيا َ
الّنار } ] سورة البقرة ،من الية.[ 201 :
فهذا القول-الذي ذكرناه-وهو أنه يأتي بالفاتحة مرة واحدة هو القول
الصحيح ،لرواية ابن عباس رضي ال تعالى عنهما.
وقد اختلفوا في الفاتحة هل هي فريضة بل ركن ِمن أركان هذه الصلة أو
إنها سّنة؛ والذي يظهر لي-وهو مذهب طائفة كبيرة ِمن أهل العلم-أنها
فريضة وركن ِمن أركان هذه الصلة ،وذلك لحديث ) :ل صلة إل بفاتحة
الكتاب ( وهو حديث صحيح ..عند المام الربيع) (12والشيخين
ج فهي خدا ٌ
وغيرهم ،وحديث ) :كل صلة ل ُيقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي ِ
ج ( وهو عند المام الربيع) (13وعند غيره ِمن أئمة خدا ٌ ج فهي ِخدا ٌ
ِ
الحديث ،فقوله في الحديث الول ) :ل صلة إل بفاتحة الكتاب ( ن ّ
ص
صريح ،وقد قلنا) " :(14إنه ُيحكم على صلة الجنائز بما ُيحكم به على
صلة الفرائض-أو تعطى نفس الحكم الذي تعطى صلة الفريضة-إل إذا
دل دليل على خلف ذلك " ،أما ما جاء في رواية ابن عباس ِمن الن ّ
ص
ت أكثر ِمن مرة " :إنه ل ينبغي على أنها سّنة أو ما شابه ذلك فكما قل ُ
للنسان إذا َوجد لفظ ' السّنة ' على لسان الصحابة-رضي ال تبارك
ل بل
ن ..ك ّ وتعالى عنهم-أن َيحكم بأنهم أرادوا بذلك المر أنه مسنو ٌ
يريدون بذلك الطريقة ،وتارة تكون فريضة ،وتارة تكون سّنة " ،وقد
ن رسول ال صلى ال عليه وسلم مّثلت لذلك بقول السيدة عائشة " :س ّ
زكاة الفطر ").(15
وهذا الذي ذكرُته الن مثال ثاني.
وكذلك هنالك عن ابن عباس-رضي ال تعالى عنه-عندما ذكر صلة
المسافر خلف المام المقيم قال " :سّنة نبيكم " ،وِمن المعلوم أنه لبد
ِمن متابعة المام في هذه القضية ،على الرأي الصحيح الذي عليه
الجمهور ،خلفا لبن حزم وَمن تابعه.وكذلك ما جاء عن ابن مسعود" :
لتركتم سّنة نبيكم " مع أنه يريد أنها فريضة.إلى غير ذلك.
وهكذا بالنسبة إلى غير ذلك ِمن اللفاظ.
وِمن هنا قال بعض أهل العلم عن حديث النبي صلى ال عليه وسلم في
غسل يوم الجمعة واجب ..قالوا " :لم ُيِرد به الوجوب المتحتم ،وإنما
أراد أنه سّنة مؤكدة فأطلق الواجب ولم ُيرد به الوجوب " ،وهذه المسألة
فيها خلف شهير ل داعي لذكره الن.
وهكذا بالنسبة إلى لفظ " المكروه " ،ففي كثير ِمن الحيان ل ُيراد به
المكروه المعلوم وإنما يراد به المحّرم.
وقد جاء ذلك-أيضا-على لسان طائفة ِمن أهل العلم المتقدمين؛ وال-
تبارك وتعالى-أعلم.
س:
امرأة ِمّمن يباشرون تغسيل الموات في مقبرة عامة تقول :في بعض
الحيان يأتون إلينا بجثث متعفنة ..في بعض الحيان بجثث مشوهة
ن أهلها
نتيجة حادث معّين ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل ولك ّ
يجبروننا على ذلك ،فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل هذه الحالت ؟
ج:
إذا أمكن ذلك فلبد ِمن الغسل ،أما إذا لم
ن ال-تبارك وتعالى-ل يكلف يمكنذلكأبدافلشيءعليهنفيتركالغسل ،ذلكل ّ
نفسا إل وسعها ،أما إذا كان بعض النساء يتقّززن ِمن ذلك أو ما شابه
ذلك ويمكن لغيرهن أن يقمن بتغسيل هذه المرأة التي أصابها ما أصابها
بسبب هذا الحادث أو ما شابه ذلك فلبد ِمن التغسيل ،فإذن العبرة هل
يمكن أو ل يمكن.
فإن لم يمكن اختلفوا في ذلك:
ِ -1من أهل العلم َمن يقول :إنه يتيمم لذلك الميت-طبعا-كان رجل أو
امرأة.
-2ومنهم َمن ذهب إلى أنه ل يتيمم له ،ذلك أنه لم يثبت عن النبي صلى
ن غسل ال عليه وسلم ما يدل على مشروعية التيمم ،وِمن المعلوم أ ّ
الميت ُيقصد به النظافة وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء ِمن النظافة
اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي يراد به البدل ِمن الوضوء ،أما التيمم
الذي يراد به البدل ِمن الغسل فل دليل عليه ،هذا الذي يظهر لي.
وقد خّرج المام السالمي-رحمه ال تبارك وتعالى-في معارجه ذلك على
ن الشيخ-رحمه ال تبارك وتعالى-ذهب إلى ما ذكرُته هنا ..ل أقول " :إ ّ
ذلك " لنه لم يتعرض-حسب حافظتي-إلى الترجيح في هذه القضية،
ولكنه سّوغه بعد أن ذكر المام الكدمي-رحمه ال-بأنه ل يوجد في
ن له وجها المذهب ..سّوغه المام السالمي-رضي ال تعالى عنه-ورأى أ ّ
ِمن الحق؛ وهو كذلك.
ن الوضوء فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء-ل ّ
مشروع في غسل الميت ،وإن كان الوضوء في غسل الموات طبعا ل
يجب ،وإنما هو سّنة-فذلك ل بأس به ،وإن أخذوا برأي َمن يقول بالتيمم
وتيمموا به بإرادة التيمم الذي يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا
ل بأس بذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى ،وإن أمكن أن يصّبوا عليه الماء-
فقد قال بعض العلماء أنهم يصبون عليه الماء-صّبا-طبعا-إذا كان يصل
إلى جسده ثم بعد ذلك تزال تلك الثياب فهذا ل شك أنه ُيقّدم على التيمم.
س:
في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت خرجت منها
رائحة ل تطاق ؟
ج:
سَعَها ] { ...سورة البقرة ،منسا ِإّل ُو ْل َنْف ًفا ُ هذا ل يمكن ،و }َل ُيَكّل ُ
سا ِإل َما آَتاَها ] {...سورة الطلق،ل َنْف ًفا ُ الية ... } [ 286 :ل ُيَكّل ُ
سر ] { ...سورة البقرة ،من الية: ل ِبُكُم اْلُي ْ
من اليةُ ... } [ 7 :يِريُد ا ُ
حَرج ] { ...سورة الحج ،من ن َن ِم ْعَلْيُكْم ِفي الّدي ِجَعَل َ ... } [ 185وَما َ
الية ،[ 78 :فل يكلف ال-تبارك وتعالى-بتغسيل هذا الميت الذي وصل
إلى هذا الحد ،فيسقط بذلك بمشيئة ال؛ وال أعلم.
س:
هل ُيرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟
ج:
ُيرش الماء فوق الكيس ! ما الفائدة ؟! هل سيصل إلى الميت ؟! لن يصل
..إذن ل قيمة لهذا ..هذا فيه إتلف للماء ِمن دون فائدة.
س:
البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة ،فهل ذلك ِمن السّنة ؟
ج:
هذه المسألة-وهي وضع شيء تحت رأس الميت-اختلف فيها أهل العلم:
-2ومنهم َمن يقول :ل يوضع تحت رأسه شيء؛ وهذا القول هو الظاهر
عندي ،وإن كان لم يثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ما يدل على هذا
ت-هو أنه ل يوضع تحَته) (16شيء، ن الراجح-كما قل ُ
ول على هذا ،ولك ّ
ن هذا هو الصل ،وَمن قال بمشروعية شيء آخر فإنه هو الذي وذلك ل ّ
ُيطالب بالدليل ،فعدم الدليل في قضيتنا يكفي للستدلل به على عدم
مشروعية وضع شيء ..هذا الذي نراه.
س:
شف عن
يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده ُيك َ
وجهه ،فهل ذلك ِمن السّنة ؟
ج:
هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم؛ ولم يأت فيها شيء عن رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،وإنما ُروي عن عمر-رضي ال تعالى عنه-أنه أمر
ن هذا-بأن ُيؤخذ الثوب عن وجهه وأن يوضع على الرض مباشرة ،ولك ّ
ح-طبعا-هو مذهب صحابي وليس فيه حجة ،إذ الحجة ل تقوم أّول-لو ص ّ
إل بكتاب ال-تبارك وتعالى-وسّنة رسوله صلى ال عليه وسلم أو ما
يرجع إليهما بوجه ِمن الوجوه المعتَبرة ،أما مذاهب الصحابة-رضي ال
تبارك وتعالى عنهم-إذا لم يتفقوا جميعا على شيء فإنه ل ُيعّول عليها،
ن هذا المر ِمن عمر-رضي ال تعالى عنه-لم يثبت عنه ،لنه ِمن على أ ّ
طريق مجالب وهو ليس بحجة لضعفه في الرواية ،فذلك ل يثبت عنه
رضوان ال-تبارك وتعالى-عليه.
ن النبي-صلى ال نعم ،الذي يظهر لي أنه ل ُيكشف عن وجهه ،وذلك ل ّ
عليه وعلى آله وسلم-أمر بأن ُيكشف عن رأس ووجه َمن مات وهو
شف ن الصل فيه أّل ُيك َمحِرم ،وفي ذلك دللة على أنه إذا مات النسان أ ّ
عن وجهه ،ولذلك أمر النبي -صلى ال عليه وسلم وعلى آله وصحبه-
طى وجه المحِرم ،وهكذا بالنسبة إلى رأسه ،أما رواية الرأس فهي بأّل ُيغ ّ
صحيحة ..عند المام الربيع) (17وعند المام البخاري وغيرهما ،وأما
رواية النهي عن تغطية وجه المحِرم فهي عند المام مسلم ،وقد اختلف
العلماء في ثبوتها:
-1منهم َمن ذهب إلى أنها شاّذة ول تثبت عن النبي صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،وذهبوا إلى أنه ُيؤمر بكشف الرأس ل الوجه ،بل قالوا:
ن المحِرم ل دليل على أنه ُيؤمر أو)ُ (18ينهى عن تغطية وجهه ".
"إّ
س:
س:
ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت؟
ج:
على كل حال؛ هي ل تختلف عن هيئة غسل الجنابة ،فالكيفية هي
سل الميت فإنه أّول الكيفية) ،(19فإذا أراد َمن يقوم بتغسيل الميت أن ُيغ ّ
يقوم بنزع ثيابه الصلية-إذا كانت ثيابه تلك لم ُتنزع ِمن قبُل ،وإل فإنه
ينبغي عندما ُيتحقق ِمن موت الميت أن ُتنزع عنه ثيابه الصلية ويغطى
بثوب عادي ،وإن كان ذلك ليس على طريق اللزام-وُتستر عورُته-طبعا-
قبل نزع الثوب ،لنه ل يمكن أن ُتبدى لحد-ول ينبغي أن َيحضر تغسيل
الجنازة إل َمن كان يقوم بمساعدة ذلك الذي يقوم بتغسيل ذلك الميت ،أما
أن يأتي بعض الناس ويجلس ِمن أجل النظر وما شابه ذلك فل إل إذا كان
هنالك مصلحة بأن يريد بعض طلبة العلم أو ما شابه ذلك أن يتعلم ،ل ّ
ن
تعّلم هذه الكيفية بالفعل أوضح ِمن تعلمها بالقول-فإذا ُنزعت ثياب ذلك
الميت بعد ستر عورته-والمراد بالعورة ما بين الركبة والسرة-فإنه ُيؤمر
بأن َيرَفع الميت إلى أن َيقرب ِمن حالة الجلوس ول ُيجِلسه لكن يكون
قريبا ِمن ذلك ،ويكون ذلك بيسر وسهولة ،ثم بعد ذلك ُيؤمر بأن َيمسح
على بطنه إن لم تكن امرأًة حامل-أما إذا كانت المرأة حامل فل يؤمر
بذلك ،فإن لم تكن امرأة حامل فإنه ُيؤمر بذلكِ-من أجل أن َتخرج
سل الموضع الذي تخرج منه الفضلت التي يمكن أن تخرج ،ثم ُيغ ّ
النجاسة-وهو الموضع المعروف-بالماء ..طبعا هنا ل ُيحّدد بمّرات،
سل بأنهوإنما ُيحّدد بالحاجة التي تقتضيها النظافة ،فعندما يتأكد ذلك الُمغ ّ
قد زالت النجاسة ولم يبق منها شيء فإنه يترك تغسيل ذلك الموضع،
شرخرقة مثل ،لنه ليس له أن ُيبا ِ ولبد ِمن أن يضع على يده شيئا ك ِ
عورة الميت بيده إل إذا كان ذلك الميت صغيرا ،ومع ذلك الْولى ألّ
ضئ ذلك الميت يباشر عورته ..بعد ذلك يقوم بالوضوء للميت ُ ..يو ّ
خل شيئا ِمن الماء في فيه ..أّول كهيئة الوضوء المعروفة لكن-طبعا-ل ُيد ِ
ينوي تغسيل الميت وُيسّمي ال ..إن قال " :بسم ال " فذلك ل بأس وإن
قال " :بسم ال الرحمن الرحيم " فل بأس ،وقد اختار كثير ِمن أهل العلم
أن َيقتصر على قوله " :بسم ال "-ولعّلنا نتكلم على ذلك في موضع آخر
بمشيئة ال تبارك وتعالى-ويقوم بغسل يدي الميت ثلث مرات ..إن
سل على يديه شيئا فذلك أفضل وإن لم يضع شيئا فل بأس ،أما َوضع الُمغ ّ
ت ..بالنسبة إلى العورة فلبد ِمن أن يضع على يده شيئا كخرقة كما قل ُ
ضي الميت كالوضوء المعروف لكن ل يضع ماء في فيه وإنما يأخذ ُيو ّ
ظف أسنانه ،وهكذا بيديه شيئا ِمن الماء-مجرد بلل-وُيدّلك أسنانه ُ ..ين ّ
بالنسبة إلى الستنشاق ل يأخذ شيئا ِمن الماء ،ثم يأتي بهيئة الوضوء
المعروفة ،فإذا انتهى ِمن ذلك فإنه يقوم بغسل رأسه بماء وسدر ولكن ل
ض الماء بالرغوة الموجودة في ذلك خ ّسدر وإنما َي ُ
يأخذ شيئا ِمن ال ّ
الماء ..هذا فيما يتعلق برأسه ولحيته أي فيما يتعلق بموضع الشعر ..
سل أّول الشعر كله ،ثم يبتدئ بغسل الميت ِمن الجانب اليمن كهيئة َيغ ِ
غسل الجنابة ..اليد اليمنى وما يليها إلى نهاية الجانب اليمن ..يغسل
البطن ِمن الجانب اليمن أيضا ،ثم بعد ذلك يقوم بغسل الظهر ِمن الجانب
اليمن ،ثم يغسل الجانب اليسر ..اليد وما يليها-أيضاِ-من العنق ،وهكذا
بقية الجسد إلى القدم ،ويغسل الجانب اليسر ِمن البطن ،ثم بعد ذلك
يغسل الجانب اليسر ِمن الظهر ..هذه هي الكيفية باختصار شديد.
س:
يتجاوز ِمن السرة إلى الركبة ،لنه غسله في البداية ؟
ج:
هو-في الحقيقة-لم أجد دليل بأنه أّول لبد ِمن تغسيل ما بين السرة إلى
سل الفرجين ،فإذا كان غسل ذلك الموضع ِمن الركبة بكامله ،وإنما أّول َيغ ِ
قبُل َفليس بحاجة إلى أن يعيد ذلك مرة ثانية ،وإل فالصل أنني لم أجد
خره إلى عند ) (20الغسلة المعروفة-. دليل يدل على أنه ُيقّدم ذلك بل ُيؤ ّ
وَيصنع-طبعا-هذا ثلث مرات أو خمس مرات أو سبع مرات أو أكثر ِمن
ذلك إذا كانت هنالك حاجة ،كما ثبت ذلك في الحديث عن النبي صلى ال
عليه وعلى آله وسلم ،وفي المرة الخيرة-طبعا-ل يكون هنالك شيء ِمن
سدر بل يكون الماء العادي ويضع معه شيئا ِمن الكافور؛ وال-تبارك ال ّ
وتعالى-أعلم.
س:
سدر والماء والكافور ؟
إذن فهما غسلتان بالماء وال ّ
ج:
سدر ..ثلث أو خمس أو سبع أو حتى
هي ثلث مرات ..أّول كّلهن بال ّ
أكثر ،والفضل أن يكون وترا.
س:
ت ،لكن
مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ..بعض الروايات هكذا ذكَر ْ
هناك-أيضا-ما ورد ُيثبت مشروعية قراءة سورة بعد الفاتحة ،فهل هذا
صحيح ؟
ج:
أما الرواية بقراءة الفاتحة فهي صحيحة كما قّدمنا ] ص ،[ 3وأما
بالنسبة إلى زيادة السورة فقد جاءت عند بعضهم ولم تأت عند بقية
مخّرجي هذا الحديث ،فهي بحاجة إلى شيء ِمن النظر ،فأخشى ما أخشاه
أن تكون هذه الزيادة شاّذة و-على كل حال-هي بحاجة إلى البحث كما
ت؛ وال أعلم.قل ُ
س:
بعد الدفن ،هل ُتشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل ُيشرع ،فما هو الثابت
في السّنة ؟
ج:
خر ذلك أو أن
على كل حال؛ هذا الجواب يحتاج إلى إطالة ،فإّما أن تؤ ّ
أجيب باختصار شديد ولعله ل يكفي في مثل هذه المسألة التي انتشر
الكلم فيها كثيرا؛ وال أعلم.
س:
ل ..إذن نؤخره ).(21
س:
طح ؟وما هي الحكمة في وضع
هل ِمن الضروري أن ُيسّنم القبر أم ُيس ّ
حجرين للذكر وثلث حجرات للنثى ؟
ج:
أما بالنسبة إلى تسطيح القبر أو تسنيمه فالعلماء اختلفوا في الفضل؛
ن قبر النبيوالفضل التسنيم ،هذا هو الذي يظهر لي ،وذلك لنه قد ثبت أ ّ
صلى ال عليه وسلم كان ُمسّنما ،أما ما جاء في رواية أخرى ِمن أنه
ن هذه الراوية ضعيفة ،لنها جاءت ِمن طريق مجهول كان بخلف ذلك فإ ّ
وهو عمرو بن عثمان ،بينما الرواية الخرى صحيحة ثابتة ،فرواية
التسطيح ل َتثبت ،فالْولى أن يكون ُمسّنما اللهم إل إذا كان-في ديار
حرب ..أي (22)-في ديار الكفرة وُيخشى ِمن أن يقوم الكفرة بنبش قبر
ن القبر ُيسّوى لجل هذه المصلحة ،وإل ذلك المسلم الذي ُدفن هنالك فإ ّ
فإننا نأخذ بما فعله الصحابة لقبر النبي صلى ال عليه وسلم وهكذا الحال
بالنسبة إلى قبري صاحبيه رضوان ال-تعالى-عليهما.
أما بالنسبة إلى الحكمة في وضع حجرين على قبر الرجل وثلثة على قبر
النثى ففي الحقيقة َمن أراد أن َينُقش على حجر فلبد ِمن إثبات ذلك
الحجر قبل النقش عليه ،فإننا نحن ل نقول بثبوت هذا عن النبي صلى ال
عليه وسلم ،فل توجد رواية ل صحيحة ول حسنة ول ضعيفة خفيفة
ن النبي صلى الضعف تدل على مشروعية هذا المر ،وإنما الذي جاء أ ّ
ال عليه وسلم قد َأَمر بوضع حجر على قبر أحد صحابته-رضوان ال
تبارك وتعالى عليهمِ-من أجل أن َيعرف النبي صلى ال عليه وسلم قبر
ذلك الصحابي رضوان ال عليه ،وهذه الرواية ل بأس بها على ما يظهر
لي.أما ما ذكره بعض أهل العلم-جزاهم ال تبارك وتعالى خيراِ-من وجود
ن هذه الرواية رواية أخرى تدل على وضع الحجرين وما ذكروه ِمن أ ّ
ُمثِبتة والرواية الخرى نافية-في الحقيقة ليست بنافية هي يمكن أن يقال
ساكتة-فُتقّدم الرواية المثِبتة ..نعم ،لو ثبتت هذه الرواية فل كلم ،ولك ّ
ن
هذه الرواية ل تثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ،وقد بّين المام
لمة أبو نبهان-رحمه ال-بأنه لم يثبت في ذلك شيء ،فل يثبت عن الع ّ
النبي صلى ال عليه وسلم شيء أبدا في وضع حجرين ول ثلثة ل على
قبر الرجل ول على قبر المرأة ،وإنما هو ِمن صنيع بعض الناس وانتشر
ن ذلك ِمن السنن الثابتة وليس كذلك، ن بعض أهل العلم أ ّ وشاع وذاع فظ ّ
ي التوفيق.وهذا قد وقع في كثير ِمن المسائل؛ وال-تبارك وتعالى-ول ّ
س:
أنا أخشى فقط أّل َيفهم البعض الكلم على مراده ،هل في وضعها-الن-
بأس ؟
ج:
على كل حال؛ نحن لم يثبت في ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم شيء
إل ذكرته ]ص [9من قضية الحجر الواحد وأيضًا لمعنى آخر ،
أمابالنسبة إلى وضع حجرين أو ثلثة والتفريق بين المرأة والرجل فذلك
لم يثبت.
ولكن كثيٌر ِمن الناس يفعلون ذلك فيمكن أن ننبه الناس بأسلوب لطيف
ب بعض ِمن غير أن يكون هنالك أخٌذ ورّد وقيل وقال وأن يؤدي إلى س ّ
أهل العلم أو شتمهم كما يقع ِمن بعض العوام الجهلة الغمار الذين ل
يفقهون شيئا ِمن شرع ال تبارك وتعالى ،فالسكوت في بعض الحيان
عن بعض هذه المور التي ل تصل طبعا إلى درجة التحريم أو اليجاب
ب أهل العلم والَقدح فيهم وما شابه ذلك ،فعندما يريد النسان
أهون ِمن س ّ
أن ينبه على شيء فليكن بأسلوب لئق ثم ل يلزم أن يكون في وقت
ن في ذلك َنقصا لميتهمالدفن ،لنه قد يتدخل بعض أهل الميت ويظنون أ ّ
أو ما شابه ذلك ،وللعوام حالت غريبة؛ وال-تبارك تعالى-أعلم.
س:
إذن ُتترك لوعي الناس ِبتقّدم الزمن ؟
ج:
نحن علينا أن ننبه ونخبرهم بأن هذا لم يثبت عن النبي صلى ال عليه
وسلم ،لكن ـ طبعا ـ ل يصل إلى درجة التحريم.
س:
ن ال-
ن البعض يقول :إ ّ
هل الْولى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس ،ل ّ
عَلى َقْبِرِه ] { ...سورة التوبة ،من الية:
تعالى-قال لنبيهَ ... } :وَل َتُقْم َ
ن جلوس النبي صلى ال ن الصل في أثناء الدفن القيام وأ ّ [ 84قال :إ ّ
عليه وسلم إنما كان لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي مّر بهم حينئذ؛
فهل يستقيم هذا الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى َيبدأ هذا القعود ..هل
عندما يوضع في القبر أم قبل ذلك ؟
ج:
على كل حال؛ المسألة فيها كلم طويل عريض لهل العلم ،ولكن الية ل
يراد بها هذا القيام الذي يذكره هذا الخ السائل ،للية معنى آخر ليس
ت ل يكفي لذلك. هذا ،والوق ُ
وأما الجلوس بعد وضع الميت في الرض فهو ثابت عن النبي صلى ال
عليه وسلم .
ولكن هل ُينهى عن الجلوس قبل وضع الميت في الرض ؟
سخ.
-2وبعض العلماء يقول :الن ُن ِ
فالحاصل ل وجوب ول تحريم في القضية ،ولكن هل الفضل الجلوس أو
الفضل القيام ؟ هذه المسألة فيها خلف؛ ول يمكننا أن نطيل في ذلك في
هذا الوقت؛ والعلم عند ال.
س:
ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر الطلقة
فورا والسبب يرجع بينها وبين أهلها في عدم رضاهم عن زواجها وكلما
دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول يردون عليها السلم
إذا سلمت عليهم ؟ وهل ُيصلى على الذي قتل نفسه ؟
ج:
إنه مهما كانت السباب ل يجوز للنسان أن يقوم بقتل نفسه ،فمن قتل
نفسه متعمدا فهو خالد في نار جهنم) (23والعياذ بال تبارك وتعالى ،كما
دلت على ذلك النصوص الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى
ي سبب من السباب. آله وصحبه وسلم؛ فليس له أن يقتل نفسه ل ّ
أما بالنسبة إلى ِفعل أولئك الهل الذي فعلوه مع ابنتهم لكونهم لم يرضوا
ي ليس له أن بزواجها فل شك بأنه مخالف لشرع ال تبارك وتعالى ،فالول ّ
ي ومسؤول عنها ِمن أن تتزّوج بمن أرادت إن كان ذلك يمنع من هو ول ّ
الشخص لم يكن عاصيا ل تبارك وتعالى ،أما إذا كان عاصيا ل-تبارك
ضّل ذلك الشخص وتعالى-مرتكبا لكبائر من كبائر الذنوب وَيخشى أن ُي ِ
تلك المرأة فهنا لبد أن يتدخل ويحاول أن ُيقنع تلك المرأة ومع ذلك-
أيضا-ل نقول " :إنه له أن يمنعها من الزواج بذلك الشخص " إل في
حالت نادرة جدا وذلك يكون بسؤاله لهل العلم ،أما أن يمنعها أن تتزوج
بمن أرادت ولو كان-طبعا-مرتكبا لشيء من معاصي ال-تبارك وتعالى-
فهذا مما ل يصح ،فعلى هؤلء الهل أن يتوبوا إلى ال-تبارك وتعالى-قبل
فوات الوان ،فعسى ال-تبارك وتعالى-أن يتجاوز عن سيئاتهم ،وإل فإ ّ
ن
الذي فعلوه-والعياذ بال تبارك وتعالى-ليس من المور الهّينة ،بل هو من
معاصي ال تبارك وتعالى ..ما ذنب تلك المرأة إذا كانت ل تريد شخصا
يريدون هم أن يزوجوها إياه وكانت ترغب في شخص آخر مع أ ّ
ن
السلم قد أحّل لها ذلك ،كما نصت على ذلك النصوص الصريحة ؟! فعلى
كل حال هذا هو الذي ينبغي أن َينتبه له جميع الولياء ،وهو أنه ليس لهم
أن يتدخلوا في مثل هذه المور ..نعم ،ممكن أن يلجأوا إلى النصح
جهوا من أرادت والتوجيه والرشاد ثم يطلبوا بعد ذلك من أهل العلم أن ُيو ّ
أن تتزوج من ل يصلح لها بسبب معصية ال-تبارك وتعالى-وما شابه
ذلك ،أما أن يمنعوها فليس لهم ذلك ،ومن فعل ذلك فل طاعة له ول
كرامة ،ول ينبغي أن ُيلتفت إليه؛ وال-تبارك وتعالى-المستعان.
أما بالنسبة إلى الصلة على من قتل نفسه فإنه ل يصلي عليه أهل
ظر إليهم من أهل الفضل ،وإنما يصلي عليه بعض العوام، الصلح ومن ُين َ
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- حتى يكون ذلك رادعا لمثله ،فإ ّ
امتنع-كما ثبت ذلك عنه في الحديث الصحيح-من الصلة على قاتل نفسه،
غّل في سبيل ال ،وقد اختلف العلماء وكذلك امتنع من الصلة على من َ
هل ذلك مقصور على هذين الصنفين أو أنه شامل لكل من ارتكب كبيرة
من كبائر الذنوب تساوي في بشاعتها هاتين المعصيتين أو تزيد
ن القول بالقياس عليهما هو القول الصحيح ،فمن وقع عليهما ؟ ول شك أ ّ
في مثل هذه المعاصي الجرائم الكبيرة فإنه ل يصلي عليه أهل الفضل،
وإنما يصلي عليه بعض العوام؛ وال المستعان.
س:
بالنسبة للكفن الذي ُكّفنت به ..جرى دم من مجرى الطلقة ،فهل ُيصلى
عليها في هذه الحالة أم ُيغّير الكفن مرة أخرى ؟
ج:
غّير الكفن قد يكون المر كذلك في المرة الثانية فيصلى عليهالكن إذا ُ
لكن قبل كل شيء يحاولون بأن يضعوا شيئا من الُقطن-أو ما شابه ذلك-
في الموضع الذي َيخرج منه الدم ،فإن لم يمكن أن يقف ذلك الدم فل حول
ول قوة إل بال ..يصلون عليها ول بأس ،أما إذا أمكن إيقاف ذلك
بوضع شيء عليه فلبد من استعمال ذلك.
س:
ن أهلها هم السبب
هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأ ّ
الرئيسي بإطلق النار على نفسها وموتها.
ج:
ن له شيئا من ذلك ،لنها هي التي َقتلت نفسها ..لم
ما نستطيع أن نقول أ ّ
ُتجَبر على ذلك.
س:
هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس ثم
الميامن قبل المياسر وهكذا ؟
ج:
ل ،ليس ذلك على اليجاب ،وإنما على الندب والستحباب ،فقد أمر النبي-
صلى ال عليه وعلى آله وسلم-بأن ُتقّدم الميامن-كما ثبت ذلك في
ت-فل ينبغي أن ُتخالف هذه الهيئة ن ذلك على الندب-كما قل ُ الصحيح-ولك ّ
الثابتة عن النبي صلى ال عليه وسلم ،ولكن من خالف ذلك لعدم معرفته
بذلك-مثل-أو لسهو وذهول أو ما شابه ذلك فل شيء عليه بمشيئة ال،
ن ذلك مما ل ينبغي.
أما أن يتعّمد النسان أن ُيخاِلف السّنة الثابتة فإ ّ
س:
سل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال الغسل وليسهل ُيمكن للُمغ ّ
فقط عند غسل العورة فقط ؟
ج:
ت بالمس )) 24بأنه يمكن له ذلك ،أما عندما يقوم بتغسيل نعم ،أنا قل ُ
الفرجين فلبد من ذلك ،أما بالنسبة إلى بقية أعضاء الجسم فإذا فعل ذلك
فذلك حسن ،وإن كان ذلك ل يلزم.
س:
يعني القفازان-الن-تقومان مقام الخرقة ؟
ج:
الحاصل يضع شيئا على يده التي يباشر بها الغسل.
س:
البعض يضع قطنا في فرج الميت ،فهل ورد في السّنة ما يشير إلى ذلك ؟
ج:
على كل حال؛ ورد في السّنة المر بتطييب الميت ،أما أنه يوضع في
الموضع الفلني وفي الموضع الفلني أو ما شابه ذلك فتلك اجتهادات من
أهل العلم ،وقد اختلف العلماء:
-1منهم من قالُ :تطّيب الماكن التي َيسجد عليها النسان تكريما لتلك
الماكن ،أما ما عدا ذلك فل يحتاج إلى تطييب.
-4ومنهم يزيد على ذلك الدبر) .(25وطبعا يضع ذلك-على رأي من
يقول بذلك-بين الليتين ..يضعه في قطنة ويضع تلك القطنة فوق ثوب
ويربط ذلك الثوب الذي هو كالُتّبان مثل.
ن ذلك لم َيِرد فل أرى داعيا ول حاجًة إلى وضعه في و-على كل حال-بما أ ّ
ن هذين الموضعين ينبغي للنسان أّل يباشرهما إل في حالة الفرجين ،ل ّ
الضرورة ..أي في حالة التغسيل ،ولكن مع ذلك لو َوضع فل ينبغي أن
يضع في الفرج بنفسه وإنما يضع بين الليتين وُيحاِول أّل يلمس قدر
ص بعض العلماء على أ ّ
ن طاقته ،ومع ذلك أرى أنه ل داعي لذلك ،وقد ن ّ
ذلك من البدع التي ينبغي اجتنابها ،وذلك حسن؛ وال أعلم.
س:
التكبيرات-طبعا-المعروفة هي أربع تكبيرات ،لكن وردت أحاديث تزيد
على هذه التكبيرات خمس ،كحديث زيد بن أرقم كّبر خمسا ونسب ذلك
إلى النبي صلى ال عليه وسلم ،وإذا كان-أيضا-بعض الحاديث ثبتت ..
تصل إلى سبع ..ثمان ..تسع وهلم جرا ،ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل
ن آخر ما كّبر النبي صلى ال عليه وسلم على صلة الجنازة أربع يصح أ ّ
تكبيرات ..هل هذا الحديث-أيضا-صحيح؟
ج:
وردت أحاديث متعددة عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
في مشروعية التكبير على الميت ،وقد اتفقت المة السلمية على ذلك،
وإنما وقع بينهم الخلف في الزيادة على أربع تكبيرات ..هل يزيد
ن تلك المصلي على ذلك في هذه الوقات ؟ فبعض العلماء ذهب إلى أ ّ
ن النبي-صلى ال عليه الزيادة كانت في الماضي ثم ُنسخت بعد ذلك ،ل ّ
وعلى آله وسلم-في أواخر أمره كّبر بأربع تكبيرات؛ وذكروا بأنه قد
ن الخلف موجود؛ وقد استقر الجماع على ذلك؛ وليس المر كذلك ،إذ إ ّ
قال بمشروعية الزيادة طائفة كبيرة من أهل العلم ،وهذا القول هو القول
الصحيح.
وينبغي للنسان عندما يجد حكايات الجماع في كثير من المسائل ألّ
يتسّرع بالحكم على الجماع بناء على ما ذكروه من حكاية الجماع،
فإنني أجد في كثير من المصّنفات-كـ " الُمْغِني " وكـ " البحر "
وغيرهما-حكاية الجماع على كثير ِمن القوال مع أنه قد اختلف العلماء
ت أنني رأيتُ في تلك المسائل على أقوال متعددة ،ومن أعجب ما رأي ُ
بعض العلماء قد حكى الجماع على قول من القوال وحكى غيُره الجماع
على عكس ذلك تماما.
فهذه الجماعات ل ينبغي أن نتسرع في حكايتها وفي الحكم بالتخطئة
على من خالفها ،وهذه المسألة من ذلك القبيل ،فل إجماع في هذه
جّلة أهل العلم ،فالخلف موجود، المسألة أبدا ،وإن حكاه من حكاه من أ ِ
والصواب مع من قال بمشروعية الزيادة على الربع إل أنه ينبغي أن
يكون الغلب أن ُيكبر النسان في صلته على الموات بأربع تكبيرات،
وأما أن يزيد في بعض الحيان فذلك مما ل مانع منه.
فإذا صلى بخمس تكبيرات-مثل-فقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أنه
صص الميت يدعو بعد التكبيرة الثالثة بدعاء عام وبعد التكبيرة الرابعة ُيخ ّ
صا صريحا يدل بالدعاء إن كان ذلك الميت صالحا ،وهذا وإن لم نجد ن ّ
عليه ولكنه ل بأس به.وهكذا إذا زاد على الخمس فل مانع ،لما جاء من
ت والسبع والثمان؛ وال-تبارك الروايات التي تدل على الزيادة ،كالس ّ
وتعالى-أعلم.
س:
يبقى إذن ما بعد التكبيرات محصورا في الدعاء فقط ؟
ج:
ن هو ذلك المقصود من هذه الصلة ،ولكن نعم ،محصور في الدعاء ،ل ّ
ت بالمس)،(26 لبد من التيان بالفاتحة بعد التكبيرة الولى كما قل ُ
لثبوت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم .
هذا وقد اختلف العلماء في مشروعية التوجيه-وإن كان هذا لم َيِرد في
ن كثيرا من الناس يسألون عنه:- السؤال ولكنه ل بأس ِمن ذكره ،ل ّ
س:
هل تغسيل الميت ُيراد به النظافة أم هو تعّبد محض ؟
ج:
ل نستطيع أن نقول " :إنه من أجل النظافة فقط " ،بل هو للمرين معا
فهو تعبد وفي ذلك-أيضا-حكمة ظاهرة وهي النظافة ،وذلك يظهر من أمر
النبي صلى ال عليه وسلم بتغسيل ابنته-رضي ال تعالى عنها-بثلث
مرات أو بخمس أو بسبع ،فذلك واضح منه ،ثم-أيضا-ذلك واضح من
شَنان عند الحاجة ،وُيستعمل في ذلك الصابون سدر ،وباَل ْالتغسيل بال ّ
سدر إن كانت هنالك ظفات العصرية في زماننا هذا زيادة على ال ّ والمن ّ
حاجة تدعو إلى ذلك.
حكم ويكون هنالك-أيضا-تعّبد ..تجتمع ،فمثل الغتسال وقد تكون هنالك ِ
ليوم الجمعة ..هنالك حكمة-ذكرها غير واحد من أهل العلم-وهي النظافة
ولكن ليس-أيضا-هي المقصود الوحيد ،بحيث إذا كان النسان نظيفا ل
يقال " :إنه ل يغتسل " ،فقد جاء عن بعض الصحابة-رضي ال تعالى
ن الناس كانوا في ذلك الزمان يعملون و-طبعا-لم تكن في ذلك عنهم-أ ّ
الزمان مكّيفات وما شابه ذلك فكان َيخرج الَعَرق منهم بكثرة فتخرج من
بعضهم روائح فأمرهم النبي صلى ال عليه وسلم بالغتسال ،ولكن ذلك
مستمر بحيث إنه لو اغتسل شخص بالليل في عصرنا هذا ولم َيخرج منه
شيء من العرق ول شيء من الروائح التي ُتكَره فإنه ل يقال " :إنه ل
ل ،بل هو مأمور بذلك. يؤمر بالغتسال " ..ك ّ
وهكذا بالنسبة إلى مشروعية الّرَمل في الطواف؛ وبالنسبة-كذلك-إلى
مشروعية الضطباع في الطواف؛ فهنالك حكمة وهنالك مشروعية أيضا.
ن غسل الميت واجب كفائي ،ولبد منه إذا كان الماء فمن المعلوم أ ّ
موجودا ويمكن استعماله من ناحية الذي يقوم بالتغسيل ومن ناحية
الميت.
أما من ناحية الذي يقوم بتغسيل الميت إذا َوجد ماًء ُيمكنه أن يستعمله،
أما إذا وجد ماًء باردا جدا ول يمكنه أن يستعمله ويخشى على الميت من
أن َتخرج منه روائح ..يتعفن أو ما شابه ذلك إذا انتظر حتى يجد ماء
خن به ذلك الماء فها هنا ضرورة في صالحا لذلك ولم يكن لديه شيء ُيس ّ
ترك الغسل ،وهل َيتيّمم له أو ل ؟ سيأتي التنبيه عليه بمشيئة ال تبارك
وتعالى وأما بالنسبة إلى الميت ..إن كان هذا الميت ل ُيمكن تغسيله لنه
مات بسبب حريق مثل ،أو كان خنثى ،أو كان امرأة ول توجد هنالك
امرأة ول يوجد أحد-أيضا-من محارمها-وهذا طبعا على رأي كثير من
سل المرأة الرجل أو الرجل المرأة، أهل العلم وهم الذين يمنعون من أن ُتغ ّ
ي ولسيما بالنسبة إلى تغسيل الرجل للمرأة إل ن هذا رأي قو ّ ك بأ ّ
ول ش ّ
إذا على رأي من يقول إنه يصب عليها الماء صّبا-فها هنا ضرورة في
ترك تغسيل الميت ،أما إذا أمكن فلبد منه ولو كان ذلك الميت قد اغتسل
ج أو ما شابه
قبل وفاته مباشرة-مثل-أو مات في بحر أو في نهر أو في َفَل ٍ
ذلك وليس به شيء من الوساخ ..فهذا أمر لبد منه ،ولكن-أيضا-
ُتراعى الناحية الخرى من حيث عدد الغسلت أو ما شابه ذلك ،كما جاء
ذلك في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
ن العلماء قد اختلفوا فيه:أما بالنسبة إلى التيمم للميت فقد قلنا) :(27إ ّ
-1منهم من قال :إنه ُييّمم عند عدم وجود الماء أو عند عدم القدرة على
ي سبب من السباب؛ وهذا رأي طائفة كبيرة جدا من أهل استعماله ل ّ
العلم.
ج:
هذه المسألة قد اختلف فيها أهل العلم:
-2بل ذلك أمر لبد منه على رأي بعضهم؛ وهو الصحيح عندي ،فما دام
عِرفت حياته فلبد من إخراجه فمراعاة الحي مقّدمة على
الولد حّيا و ُ
مراعاة الميت وفي زماننا هذا سهل-والحمد ل تبارك وتعالى-لوجود
المستشفيات والوسائل الموجودة فيها.
-3ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه ل يجوز إخراجه بل ُينتظر إلى أن
يموت وُتدفن بعد ذلك وإن دفنوه قبل التحقق من موته فإنه ل بأس بذلك؛
جحه المام نور الدين-رحمه ال تبارك وتعالى-في وهذا هو الذي ر ّ
معارجه.
ن الصحيح هو القول الذي ذكرُته ] ص [ 6؛ وال-تبارك وتعالى- ولك ّ
أعلم.
جح ذلك-أيضا-لعدم وجود هذه الوسائل في هذا العصر ) ولعّل الشيخ ر ّ
ت ل أقوى على أن أنسب إليه أنه سيجيز ذلك لو كانت هذه (29وإن كن ُ
ن كلمه قد ل يساعد على ذلك. الوسائل موجودة ،ل ّ
ومهما كان فالشيخ المام-رحمه ال-من كبار أهل العلم ولكنه-رحمه ال
تبارك وتعالى-عّلمنا أنه إذا ُوجد الدليل فإنه يصار إلى الدليل ،ول ُيؤخذ
برأي من دون دليل ولو كان قائله من كبار أهل العلم ،فرحمه ال وجزاه
ال-تعالى-خيرا.
س:
ي طريقة تحّققت ،فعندما ُيكّفن
هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ..بأ ّ
الميت بمثل ما يلبس في حياته من إزار و " دشداشة " و " مصر "
ونحوها ؟ وهل يمكن أن ُتكّفن المرأة بما تلبس من ملبس حياتها أيضا ؟
ج:
على كل حال؛ يمكن أن ننظر إلى هذه المسألة من ناحيتين ..من ناحية
اليجاب ومن ناحية الفضل:
س:
إذن ما تعارف عليه الناس من " دشداشة " وإزار وكّم ...؟
ج:
على كل حال؛ هذا رأي لبعض أهل العلم أنه ُيكّفن في مثل هذه الشياء؛
ولكن ذلك هو القرب إلى الصواب.
س:
يعني المقصود الستر فقط ؟
ج:
هو الصل هذا ،لكن الفضل أن يكون في ثلثة أثواب على الهيئة التي
ذكرُتها.
س:
بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟
ج:
ذلك ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ..مأمور به ..في الثياب وفي
المواضع التي ذكرُتها سابقا ] ص .. [ 4-3في مواضع السجود ،وعلى
خلف في بقية المواضع الخرى ..يوضع له في الفم وفي النف ،وقيل:
ت-بعضن الحكمة من ذلك من أجل طرد الهوام " ،وكذلك-كما قل ُ"إّ
العلماء يقول " :في القبل والدبر "؛ وبعضهم يقول " :في الدبر)" (30؛
ص على أنه
ول يعجبني ذلك بالنسبة إلى الفرجين ،بل بعض العلماء ن ّ
بدعة من البدع.
س:
إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ..في حال الصلة
عليهم ،كيف يكون ترتيبهم ؟
ج:
ُيقّدم أّول الرجال ثم بعد ذلك الطفال ثم بعد ذلك النساء ،ولكن اختلفوا في
المراد بهذا التقديم ..هل هو من جهة القبلة أي يوضع الرجال إلى جهة
القبلة ثم بعد ذلك الطفال ثم النساء وهكذا بحيث يكون الرجال أقرب إلى
القبلة والنساء أقرب إلى المام ،أو العكس وهو أنه يراد بالتقديم من
ن الرجال يكونون أقرب إلى المام وبعد ذلك الطفال ثم جهة المام وهو أ ّ
النساء وهكذا ؟ في هذا خلف بين أهل العلم؛ والذي ُيؤّيده الحديث أ ّ
ن
الرجال يكونون أقرب إلى جهة المام ،فأّول يكون الرجال إلى جهة المام
ثم بعدهم الطفال ثم النساء الكبار وبعد ذلك الصغار.
س:
المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ..عند رأسه ..عند صدره ؟
ج:
في هذه المسألة خلف بين أهل العلم؛ والذي ُيؤّيده الدليل هو قول من
ن المام يقف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة " ..هذا هو قال " :إ ّ
الذي يدل عليه الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى
ن الحكمة من ذلك هو أن يستر المام آله وسلم؛ وذكر بعض أهل العلم أ ّ
عجيزة المرأة عن الرجال؛ ومهما كان سواء كانت هذه هي الحكمة التي
راعاها الشاِرع أو لم تكن هي فإنه ينبغي لنا أن نأخذ بالحديث الثابت عن
النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أدركنا الحكمة أو لم ندرك الحكمة
من ذلك؛ وال أعلم.
س:
هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟ وأ ٌ
خ
يقول :سمع أنكم أجزتم قراءة القرآن وإهداءه للميت.
ج:
ت ذلك؛ وينبغي التثبت ،وأنا أشكر الخ السائل-جزاه ال في الحقيقة ما قل ُ
ت قول خيرا-على طرح سؤاله هذا وعلى تثبته من هذا المر؛ فأنا ذكر ُ
ن بعض أهل العلم حكى ت في جواب سابق) :(31إ ّ لبعض أهل العلم ،بل قل ُ
ت أيضا :إ ّ
ن ن ثواب إهداء القراءة يصل إلى الميت ،وقل ُ التفاق على أ ّ
بعض أهل العلم يرون خلف ذلك.
ت سابقا إنه ينبغي للنسان أن يتأمل في حكايات الجماع ،ففي و-كما قل ُ
خطوم لها ول َأِزّمة ..يحكي كثير من الحيان نجد هذه الجماعات التي ل ُ
فلن الجماع وينبهر بعض الناس بهذه الحكاية لنهم وجدوا في كتب
جة من حجج ن الجماع ح ّ الصول أنه ل يجوز لحد أن يخالف الجماع وأ ّ
ن ذلكالشرع ،ونحن الن ل نريد أن نتكلم في قضية مخالفة الجماع ل ّ
إذا ثبت ذلك الجماع ،وإنما نتكلم في قضية إثبات مثل هذه الجماعات.
فهذا الجماع-مثل-لم يثبت عن أهل العلم أبدا ،بل الخلف مشهور عندهم
منذ زمن طويل جدا جدا ،فل إجماع في هذه القضية البّتة.
فالعلماء اختلفوا في وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت؛ منهم من
ن ذلك ل يصل إليه ،ومن أوصى بذلك ل ُتنّفذ وصيته ،لنها ذهب إلى أ ّ
مخاِلفة لشرع ال-تبارك وتعالى-وفي الحديثَ ) :من عمل عمل ليس
عليه أمرنا فهو رد ( أي مردود على صاحبه ل ُيقبل منه؛ ومنهم من
ذهب إلى أنه إذا أوصى بأن ُيقرأ عليه في المسجد أو في البيت أو ما
ن وصيته ُتنّفذ أما إذا أوصى بأن ُيقرأ عليه على قبره فإ ّ
ن شابه ذلك فإ ّ
وصيته ل ُتنّفذ؛ ومنهم من يقول :إنها ُتنّفذ ولكنها ل ُتنّفذ عند القبر وإنما
في موضع آخر.
ن القراءة على القبور من البدع المخاِلفة لهدي النبي صلى ال ول شك أ ّ
عليه وعلى آله وسلم.
ن َمن أوصى بأن ُيقرأ عليه في المسجد أو في البيت إذا ت) :(32إ ّ وأنا قل ُ
ن ذلك الموصي قد أخذ بقول من ُنفذت-بناء على رأي بعض أهل العلم-ل ّ
ن الظاهر أ ّ
ن أقوال أهل العلم فله وجه على رأي بعض أهل العلم وإل فإ ّ
القراءة ل تصل إلى ذلك ،فمن لم ُينفذ مثل هذه الوصية ل بأس عليه ،كما
هو رأي طائفة كبيرة من أهل العلم.
وأما بالنسبة إلى السؤال الثاني-وهو الول في الترتيب-وهو عن قراءة
ن ذلك مما لم يثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم القرآن على القبور فإ ّ
ص على ذلك ول عن صحابته الكرام-رضي ال تبارك وتعالى عنهم-كما ن ّ
المحّققون من أهل العلم.
وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر-رضي ال تبارك وتعالى
ن النبي-صلى ال عليه وآله وسلم-أمر بالقراءة على رأس عنهما-فيها أ ّ
الميت بأن ُيقرأ بفاتحة الكتاب وُيقرأ بخاتمة " البقرة " عند رجليه ،ولك ّ
ن
هذا الحديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،لنه جاء
من طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا ،فهو حديث باطل ل
ُيلتفت إليه ،وقد جاء موقوفا عن ابن عمر-رضي ال تعالى عنهما-ولكن
فيه راويا مجهول ،فالراويان الضعيفان في الرواية المرفوعة هما يحيى
الَباُبْلِتي وهو ضعيف ل ُيحتج بروايته ،والراوي الثاني هو أيوب بن ُنَهْيك
ول ُيحتج بروايته بل هو أضعف من الول ،والرواية الموقوفة مع أنها ل
حجة فيها-لنها على تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي-هي ل تثبت عن
ذلك الصحابي رضي ال-تبارك وتعالى-عنهما.
وجاءت-أيضا-رواية أخرى في قراءة سورة " يس " على الميت ،ولك ّ
ن
ن في إسنادها راويا متروكا ،وفي
تلك الرواية ليست مما ُيفرح به ،ل ّ
إسنادها-أيضا-راويان مجهولن فل ُيؤخذ بها ول كرامة.
وهنالك كثير من الناس يسألون عن قراءة " يس " على الموات ..أي
ن الميت قريب من الموت في حالة قبل الموت ..عندما يرون أ ّ
الحتضار ..بعض العلماء يقول بمشروعية قراءة " يس " عليه؛ وفي
الحقيقة ورد حديث ُيروى عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يدل
ن هذا الحديث في إسناده مجهولن وقد أعّله بعض أهل على ذلك ولك ّ
العلم بالضطراب والوقف ،فحديث في إسناده موقوفان) (33ومع ذلك
معّل بالضطراب والوقف كيف يمكن أن ُيعتمد عليه ؟! وله طريق أخرى
ن في إسنادها كّذابا أو) (34متهما بالكذب، ولكنها ليست مما ُيفرح به ،ل ّ
فل ينبغي أن ُيؤتى بذلك ،وما ذكروه من الحكمة ل ينبغي أن ُيلتفت إليه
ما دام هذا الحديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم .
فإذن القراءة لم تثبت على الموات:
فالمصطفى) (35قد زارها وما قرا
إل سلما ودعا وأدبرا
إلى أن قال رحمه ال:
حسبك أن تتبع المختارا
وإن يقولوا خالف الثارا)(36
فحسبنا ذلك؛ وال المستعان.
س:
زيارة الناث-بالذات-للقبور ؟
ج:
أما زيارة الرجال فل مانع منها ،وإنما ُمنع منها في السابق ثم ُنسخ بعد
ذلك ،فإذا كانت من أجل التعاظ والعتبار فل مانع من ذلك بل هي نافعة
لُقساة القلوب في كثير من الحيان.
وأما بالنسبة إلى زيارة النساء فإن كانت مصادفة من غير قصد بأن مّرت
المرأة على المقابر فإنها ُتسّلم وتدعو بدعاء مختصر ،كما ثبت ذلك عن
النبي صلى ال عليه وسلم ،أما أن تذهب قاصدة إلى المقابر فهذا مما
اختلف فيه أهل العلم:
والمشروعية مشروطة بأّل ُتكِثر من ذلك وأّل يقع منها شيء من الصراخ
والعويل وما شابه ذلك.
ي ،لوجود بعض والقول بجواز ذلك مع الحتراز مما ذكرُته قول قو ّ
الحاديث المروية عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-التي تدل
ن الوقت ل يتسع لذكر شيء منها؛ وال-تبارك وتعالى- على ذلك؛ وأرى أ ّ
أعلم.
نعم ،مع وجود هذا الخلف الشديد وعدم صراحة بعض تلك الحاديث إذا
احتاطت المرأة وتركت الذهاب إلى المقابر واكتفت بالدعاء لهل الصلح
في بيتها والمواضع التي تكون فيها وإذا مرت من غير قصد لذلك سّلمت
ودعت بدعاء مختصر فذلك فيه خير وفيه خروج من الخلف وفيه
احتياط وذلك مطلوب ) ..دع ما َيريُبك إلى ما ل َيريُبك (؛ وال
المستعان.
س:
هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط زيارة المقبرة
بشكل عام وُيطَلق سلم عام على أهل المقبرة ؟
ج:
ت-الزيارة تكون للتعاظ والعتبار ولكن أن يزور هو الصل-كما قل ُ
النسان بعض القبور إذا كانت قريبة من غير شّد الّرحل إليها بأن يزور
قبور شهداء أحد مثل ..الرسول صلى ال عليه وسلم ذهب لزيارتهم،
والعلماء والمسلمون يذهبون إلى ذلك ،وهكذا بالنسبة إلى قبور الصحابة
التي في البقيع ،وهكذا بالنسبة إلى قبور بعض أهل الصلح وأهل العلم
وما شابه ذلك فذلك مما ل مانع منه؛ وال أعلم.
س:
خ ذكر حديث أبي أمامة ِمن أنه أمر أهله أن ُيلّقنوه وأسند ذلك إلى النبي
أٌ
صلى ال عليه وسلم ..ما حكم تلقين الميت بعد الدفن ؟
ج:
ن هذا الحديث المروي عن رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه إّ
وسلم-ل يثبت عنه ،إذ إنه قد جاء من طرق ضعيفة جدا ل تقوم بها
ن التلقين مما ل ينبغي ،بل ينبغي أن ُينهى عنه، الحجة ،ولذلك نقول :إ ّ
لعدم ثبوت ذلك عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
هذا ،والمراد بهذا التلقين المنَكر المبتَدع الذي لم يثبت عن النبي-صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-هو التلقين الذي يكون بعد دفن الميت ،أما
خر المشهور وهو أن ُيلّقن النسان عند ُقرب وفاته بأن يشهد التلقين ال َ
أّل إله إل ال فهو ثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فينبغي
للنسان إذا حضر شخصا يوشك على الموت بأن ُيلّقنه الشهادة ..بأن
ل تبارك سه ا ََيشهد أّل إله إل ال إذا أمكن ،بأن َيذكر ذلك النسان نف ُ
وتعالى ،كأن يقول " :أشهد أّل إله إل ال " حتى َينتبه ذلك الشخص
ضر فذلك هو المطلوب ،وإن لم ينتبه فيمكن أن يأمره بذلك ولكن الُمحت َ
لبد ِمن استعمال أسلوب لطيف حتى ل يتأثر ذلك النسان ،فلبد من أن
يأتي له بمقدمة بسيطة ولو بعّدة كلمات ..هذا إذا كان ذلك الشخص
مسلما ،أما إذا كان ذلك الشخص كافرا فإنه ُيؤمر بأن ينطق بشهادة أّل
ن محمدا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه سلم، إله إل ال وأ ّ
كما ثبت ذلك عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-عندما أتى إلى
ن أبا طالب امتنع عن عمه أبي طالب فأمره بأن يشهد أّل إله إل ال ،ولك ّ
ن ذلك ل ذلك ،وما جاء من الروايات بأنه دخل في السلم قبل وفاته فإ ّ
يصح ،والثابت الصحيح بأنه لم يدخل في السلم؛ وكذلك عندما ذهب
النبي صلى ال عليه وسلم لعيادة يهودي في المدينة أمره بأن يشهد أّل
ن محمدا رسول ال ،فالتلفت ذلك الغلم إلى أبيه ،فقال له إله إل ال وأ ّ
أبوه اليهودي " :أطع أبا القاسم " فدخل ذلك البن في السلم والحمد ل
ت-ينبغي أن ُيتلطف له، تبارك وتعالى؛ أما بالنسبة إلى المؤمن-فكما قل ُ
ن بعض الناس قد يضيق بذلك وقد يمتنع من الشهادة-والعياذ بال لّ
تبارك وتعالى-إلى غير ذلك.
هذا ،ولم أجد في الروايات المروية عن النبي صلى ال عليه وسلم بأن
ن محمدا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله يشهد أّل إله إل ال وأ ّ
وسلم ،وإنما فيها أن يشهد أّل إله إل ال ،وذلك هو في الحقيقة قد دخل
في السلم من قبُل وإنما من أجل أن َيختم حياته بهذه الشهادة؛ نسأل
ال-تبارك وتعالى-أن يميتنا على السلم ،وأن يوفقنا لكل خير ،وأن يأخذ
بأيدينا جميعا لما يحبه-تبارك وتعالى-ويرضاه.
ن بعض أهل العلم قد أخذوا من الحديث الذي جاء هذا ،وللسف الشديد أ ّ
من طريق أبي أمامة-رضي ال تبارك وتعالى عنه-والذي فيه ِذكر " فلن
ن النسان إذا ذهب إلى الحج وأراد أن يلّبي فإنه يقول" :بن فلنة " أ ّ
لبيك عن فلن بن فلنة " ،وقد جاءت-أيضا-رواية أخرى تدل على ذلك
ولكنها باطلة عاطلة؛ والحق الحقيق بالقبول أنه يقول " :بن فلن " ل
أن يقول " :بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص)(37؛ وال-
تبارك وتعالى-أعلم.
س:
هل في صلة الجنازة-صلة الميت-استدراك ؟ وكيف يكون إذا كان ؟
ج:
صلة الجنازة:
-1فريضة على الكفاية ..هذا الذي ذهب إليه جمهور الّمة ،وهو
الصحيح عندي.
-3وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنها نافلة؛ وهم يعنون أنها سّنة
ولكنها ل تصل إلى درجة التأكيد؛ وهذان القولن ليسا بشيء.
والصواب فيها ما قّدمته ،لدلة متعددة ،ذكرها أهل العلم في كتبهم ،ول
ي.
ن هذا القول مشهور واضح جل ّ داعي لذكر ذلك ،ل ّ
لذلك نقول " :إنه إذا قامت طائفة من الناس بالصلة على الجنازة فإ ّ
ن
الفرض الكفائي يسقط بفعل تلك الجماعة "؛ وقد اختلف العلماء في عدد
الجماعة:
وعند المكان ..أي عندما تكون هنالك جماعة فإنه ينبغي أن تصلي على
الميت جماعة كبيرة على أقصى ما يمكن وأّل ُيكتفى بجماعة صغيرة لما
ن للضرورة أحكاما تخصها، جاء من مشروعية ذلك ،أما عند الضرورة فإ ّ
فيمكن أن ُيكتفى بواحد إذا لم يوجد غيره ،وإذا لم يوجد أحد من الرجال
ت ذلك في جواب سابق) ،(38فل داعي فإنه تصلي عليه النساء ،وقد ذكر ُ
للطالة بذلك مرة ثانية.
ن النسان إذا جاء ووجد الجماعة تصلي أما بالنسبة إلى الستدراك فإ ّ
ن ذلك حسن ،وإن كان ذلك على الجنازة فإنه إن أراد أن يصلي معهم فإ ّ
ن الفرض الكفائي قد سقط عنه بفعل الجماعة التي ليس بلزم عليه ،ل ّ
تصلي على الميت .فإذا دخل معهم فاختلفوا في أّول ما يأتي به ،وذلك
بناء على خلفهم ..هل ما أدركه المأموم هو أول صلته أو هو آخر
صلته:
-2وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكبر من غير أن يأتي بشيء من
الدعية ..يأتي بالتكبيرات التي فاتته وُيسّلم ول شيء عليه.
-3وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستدرك ما فاته ويختصر ما أمكنه في
ن ما
الدعاء؛ وهذا ل إشكال فيه على رأي ،أما على رأي من يقول " :إ ّ
ن ما أدركه هو آخرها " فلبد من أن يأتي بفاتحةفاته هو أول صلته وأ ّ
ن هذا هو الفائت ول يمكنه أن يقتصر على بعضها.الكتاب ،إذ إ ّ
-4وبعضهم قال :إن بقي الميت في موضعه فإنه يستدرك ،وإن لم يبق
حمل فل استدراك عليه. بأن ُ
حمل الميت أو بقي في مكانه، والذي يظهر لي أنه ل مانع من الستدراك ُ
إذ ل ُيشترط بأن يبقى الميت في موضعه ..نعم ،ذلك هو الصل ولكن إذا
لم يتمكن النسان من القضاء فليقض ما فاته وليختصر غاية ما أمكنه،
وأرى هذا القول هو القول الصحيح ،وإن كان إذا سّلم ل نقول " :إنه قد
ن هذه المسألة مسألة اجتهادية وليس فيها دليل واضح على أخطأ " ،ل ّ
واحد من هذه القوال ،ثم إنه قد قام بالفرض غيره من الناس فالصلة في
حقه ليست بفريضة ..هذا ما ذهب إليه غير واحد من أهل العلم؛ والعلم
عند ال تعالى.
س:
بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشّيعون ويقوم أحد
الشخاص بضرب الرض حول القبر عّدة مرات وهو يقول " :ل إله إل
ال ،محمد رسول ال " ويسّمونه بتوحيش القبر ،ظّنا منهم لمنع
الحيوانات المفتِرسة خشية أن تصل إليه.
ج:
هذا لم يثبت في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،إذ إنني لم أجد
دليل في السّنة يدل عليه؛ وهو الذي صّرح به العلمة المام أبو نبهان
ن المر كما قاله هذا المام ..إن كانت فيه
رحمه ال تبارك وتعالى ،ولك ّ
مصلحة للميت ..مخافة أن يأتي شيء من الحيوانات المفتِرسة وتقوم
بنبش ذلك القبر وتفترس ذلك الميت ..فإن كانت في ذلك مصلحة فل
ن ذلك ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم مانع من ذلك ،أما أن يقال أ ّ
فهذا مما ل أصل له.
ش الميت) ،(39ول بأس هذا ،وكثير من الناس يسألون عن قضية َر ّ
بالجابة على هذا السؤال لشهرة البحث عن هذه المسألة ،ونقول :إنه قد
جاءت بعض الحاديث تدل على ذلك ،وقد ذهب غير واحد من أهل العلم
ن تلك الحاديث يشّد بعضها بعضا فتقوم بها الحجة ،وهذا له وجه إلى أ ّ
وجيه من الصواب.
ش بعض القبورن كثيرا من الناس ل يكتفون بذلك بل يقومون بر ّ ولك ّ
المجاِورة له وهذا خطأ واضح فل يصح ،ولذلك قال المام نور الدين
رحمه ال تبارك وتعالى):(40
وفضله ُيرّد فوق النهر)(41
ق فاْدر
لنه به أح ّ
ش قبر الميت.
" وفضله " أي الماء المتبقي من ر ّ
ش قبر ذلك الميت من غير أن ُيرشّ شيء من القبور فإذن الصواب ُير ّ
الخرى؛ والعلم عند ال تبارك وتعالى.
س:
سِلين ؟
سل ،هل َيشعر بالمَغ ّالمّيت الذي ُيغ ّ
ج:
عْلم ذلك عند ال تبارك وتعالى ،وليس ذلك ِبَبعيد ،لّنه َثَبت في ال أعلمِ ،
ن الميت َيشُعر عندما َيأتي بعض الناس وَيمّرون عليه الحاديث ِبأ ّ
وُيسّلمون عليه ..إلى غير ذلك ِمن الحاديث الكثيرة التي تدّل على مثل
هذه المور ،والْولى أن َنُرد أْمر مثل هذه المور إلى الخاِلق تبارك
وتعالى ،وليست هنالك فائدة كبيرة ِمن الكلم على مثل هذه القضايا
ومعرفة ما يقع في ذلك ،بل علينا أن نعتبر بمثل هذه المور ،ونعلم يقينا
سل فيه وسُنحَمل فيه على العناق بأنه سيأتينا هذا اليوم جميعا الذي سُنغ ّ
وسُنواَرى فيه في القبور ،ونسأل ال السلمة مما يقع بعد ذلك.
س :إذا أوصى الميت بأن ُيدفن في بلد بعيدة ،هل ُتنّفذ وصيته ؟
ج :هذه الوصية ليست فيها مصلحة لذلك الميت ،وعليه نقول ل ُتنّفذ؛
والعلماء اختلفوا في هذه القضية:
ن ذلك حرام. -1منهم َمن قال :إ ّ
ن ذلك مكروه. -2ومنهم َمن قال :إ ّ
ومهما كان فمثل هذه الوصية ل ُتنّفذ ،إذ ليست هنالك مصلحة للميت،
وكّل أمر يخاِلف سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم فإنه مردود على
صاحبه.
ض أهِل الصلح-وما شابه ذلك-وكان ن عند قْبِر بع ِ
نعم ،إذا أوصى ِبأن ُيدَف َ
جّداِ-بأن كان في المقبرة القريبة ِمن بلِده-فهذا قد
ب ِ
ن قري ٍ
ذلك في مكا ٍ
تكون فيه مصلحة ،أما أن يوصي هذا الشخص بأن ُيدفن في بلد بعيدة
أو ما شابه ذلك فهذه الوصية ل ُتنّفذ بل ترّد على صاحبها؛ وال-تبارك
وتعالى-أعلم.
س:
في بعض الحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله البعدون من
أماكن بعيدة ويحبسون الناس فترة طويلة.
ج:
ل داعي لمثل ذلك ،بل ينبغي السراع في تجهيز الميت ودفنه ،وينبغي-
أيضا-السراع في تنفيذ وصية الميت ولسيما فيما يتعلق بحقوق الناس،
وكثير من الناس-وللسف الشديد-يتساهلون بهذه القضية ..يهتمون
بقسمة الموال وما شابه ذلك ول َيلتفتون إلى تنفيذ وصايا ذلك المتوفى،
فينبغي السراع بذلك ولسيما فيما يتعلق بالديون.
س:
سله وُمكّفنه ؟
قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر وِلُمغ ّ
ج:
إذا أوصى لحافر القبر فُتنّفذ هذه الوصية ،وأما-في الحقيقة-ما يتعلق
بتغسيل الميت وما شابه ذلك فل داعي لذلك؛ ومثل هذه القضية ينبغي أن
ن الصل ..هذه من الحقوق ُيسأل عن كل واحدة منها عند حدوثها ،ل ّ
التي للميت فما الداعي إلى مثل ذلك ؟! نعم ،إذا كان بعض الناس فقراء
سة فالمر يختلف ،فالحاصل حفر القبر فيه شيء من المشقة وبحاجة ما ّ
بخلف بقية المور الخرى ،فحفر القبر ُتنّفذ ِلَمن حفره الوصية )،(42
أما بالنسبة إلى الشياء الخرى فينبغي أن ُيسأل عن كل قضية قضية،
ول داعي لن ُنجيب على العموم لما في ذلك من المصلحة؛ وال أعلم.
س:
ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟
ج:
ت في بعض ف-كما ذكر ُ اختلف العلماء في هذه المسألة؛ وهذا-طبعا-خل ٌ
المسائل-ليس في قضية الوجوب وعدمه ،إذ إنه لم َيقل أحد من العلماء
بوجوب إدخاله على الصفة الفلنية من الصفات التي سأذكرها بعد قليل
إن شاء ال تبارك وتعالى ،وإنما خلفهم في الفضل وفي الثابت في سّنة
رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وقد اختلف العلماء في الفضل من هذه الكيفيات الثلث:
-1منهم من قالُ :يدخل الميت من جهة القبلة ُ ..يسّل من الجهة معتِرضا.
ن الميت ُيدخل من جهة رأس القبر ُ ..يدخل أّول -2ومنهم من قال :إ ّ
الرجلن وهكذا.
-3ومنهم من يقول :إنه ُيدخل من جهة رجلي القبر ..يؤخذ الميت من
ت-من جهة رجلي القبر؛ وهذا القول هو القول رأسه وُيدخل-كما ذكر ُ
الصحيح؛ وال أعلم؛ فإذن ُيسّل من جهة رجلي القبر ..هذا هو الْولى.
ن ذلك هو السّنة ،ومن المعلوم عند المحدثين وجاءت رواية فيها أ ّ
والصوليين إذا قيل " :السّنة كذا " فيراد بها السّنة الثابتة عن النبي
صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..هذا الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم،
وقد حكى الحاكم في " المستدَرك " اتفاق أهل العلم عليه وليس بشيء،
ن السّنة كذا أون القول الصحيح أنه إذا جاء أ ّ لوجود الخلف في ذلك ،ولك ّ
هذا السّنة أو ما شابه ذلك من اللفاظ التي فيها ِذكر " السّنة " فالمراد
بذلك السّنة المروية عن النبي صلى ال عليه وسلم .
س:
هل هناك أولوية لرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجل ؟ وماذا-
أيضا-إذا كان امرأة ؟
ج:
ن القارب أْولى ،فالصل هكذا ولكن بشرط أن يكون من َيدخل ل شك أ ّ
َيعرف السّنة في وضع الميت على الكيفية المعروفة أو على أقل تقدير
بأن َيصف له بعض الحاضرين الذين َيعلمون ذلك السّنة الثابتة في كيفية
وضع الميت.
والحاصل أنه يجوز أن يقوم بإدخال الميت القارب والباعد ول فرق بين
الرجال والنساء في ذلك ..أعني بذلك الميت ل من يضع الميت ،وإل فإ ّ
ن
النساء ل َيذهبن إلى المقبرة ِلما ذكرناه-سابقا )ِ-(43من نهي النبي صلى
ال عليه وعلى آله وسلم ،وقد اختلف العلماء في هذا النهي هل هو
حة
للتكريه أو للتحريم كما قّدمنا) .. (44نعم ،إذا كانت هنالك ضرورة مِل ّ
بأن لم يوجد أحد من الرجال فللضرورة قدرها.
فوضع الميت إذا كانت امرأة في القبر ل مانع من أن يقوم به بعض
الباعد ،كما ثبت ذلك في سّنة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم،
فقد قام بوضع ابنته-رضي ال تعالى عنها-أبو طلحة وهو من النصار
وليس هو من أقاربها مع حضور النبي صلى ال عليه وسلم ومع حضور
ن النبي صلى ال زوجها عثمان بن عفان ،وقد جاء في تلك الرواية بأ ّ
شر في تلك الليلة ..
عليه وسلم طلب أن يضع ابنته في القبر من لم ُيبا ِ
شر زوجه في تلك الليلة ،وقد اختلف العلماء في الحكمة من أي من لم ُيبا ِ
ذلك ،ولهم في ذلك كلم طويل ،ل داعي لذكره في مثل هذا الوقت؛ والعلم
عند ال تبارك وتعالى.
س:
خَلْقَناُكْم
هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالىِ} :مْنَها َ
خَرى{ ] سورة طه ،الية ،[ 55 :فهل جُكْم َتاَرًة ُأ ْ
خِر ُ
َوِفيَها ُنِعيُدُكْم َوِمْنَها ُن ْ
ورد شيء ُيثِبت ذلك ؟
ج:
هذا ل أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم .
ت عن شيء أو قال-أيضا-غيري عن شيء " :إنه ل ولُيعَلم أنه إذا قل ُ
أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم " فإننا في بعض
الحيان نريد أنه ل أصل له في الثابت من سّنة رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وفي بعض الحيان ُيراد به أنه لم يأت من طريق أبدا ..أي لم
ُينسب إلى النبي صلى ال عليه وسلم .
وهذه الرواية من القسم الول ،إذ إنه قد جاءت روايةُ-تنسب إلى النبي
صلى ال عليه وسلم -بمشروعية قراءة هذه الية عند وضع الميت في
ن هذه الرواية ل َتثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه ،لنها من قبره ولك ّ
طريق عبيد ال بن َزحر وهو ضعيف جدا-كما هو معلوم-ل ُيحتج
بروايته ،وفي إسنادها-أيضا-ضعيفان بل هما أشّد من ذلك فل يمكن أن
ُيحتج بمثل هذه الرواية ..الراوي الثاني الضعيف بل هو ضعيف جدا
ي بن زيد بن ي بن يزيد ،وقد أخطأ المام النووي حيث قال " :عل ّ عل ّ
ي هذا-أيضا-ضعيفا ولكنه لم جْدعان " وليس المر كذلك ،وإن كان عل ّ ُ
ي بن يزيد ،والراوي الثالث هو القاسم أبو عبديصل إلى درجة عل ّ
الرحمن ،وقد قال ابن حبان الحافظ عن هؤلء الرواة بأنهم إذا رووا خبرا
ن هذا الخبر مما عملته عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فإنه ل ُيشك أ ّ
أيديهم؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
وإنما ينبغي أن يقال " :بسم ال ،وعلى مّلة رسول ال ").(45
أما هذه الرواية التالفة الباطلة التي فيها ذكر هذه الية فل.
قد يقول قائل " :هذه آية قرآنية والنسان مخلوق من الرض-كما هو
معلوم-وبعد ذلك يوضع فيها-وهو مشاَهد-ثم إنه سيخرج منها في يوم
القيامة " ..نعم ،المر كذلك وإنما هل ثبت ذلك عن رسول ال صلى ال
عليه وسلم ؟ ل ،ذلك لم يثبت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله
وسلم ..هل ُيمكن أن نحتج برواية عبيد ال بن َزحر الذي يقول عنه ابن
حبان " :يروي الموضوعات عن الثقات ،وإذا روى عن علي بن يزيد
أتى بالطامات ،وإذا اجتمع في هذا السناد خبر هؤلء الثلثة لم ُيشك بأ ّ
ن
هذا الخبر مما صنعته أيديهم " ؟! ..هل ُيمكن أن نحتج بمثل هذه
الرواية الباطلة العاطلة الموضوعة المخترعة المصنوعة على رسول ال
صلى ال عليه وسلم ؟! ليس كل شيء هو الواقع ..أي كذلك ..يمكن أن
ُيؤتى به.
ول بأس أن أخرج عن هذه القضية لفائدة مهمة ،وأنا أهتم بالفوائد
والحكام الشرعية ول أتقيد بالسئلة كثيرا ،وهذا دليلي فيه حديث
الرسول صلى ال عليه وسلم ،فهو عندما سئل عن حكم الوضوء بماء
حّل ميتته ( ،فتكلم على حكم الميتة البحر قال ) :هو الطهور ماؤه ،ال ِ
وعلى حكم الوضوء من ماء البحر مع أنه لم ُيسأل إل عن واحد منهما؛
فإذا كان في ذلك فائدة فل مانع من ذلك.
على كل حال؛ عندما يقول المؤذن " :ل إله إل ال " كثير من الناس
ق،
ن " ل إله إل ال " ح ّ ق ..ل إله إل ال " ل شك في أ ّ يقولون " :ح ّ
ق ،و " أشهد ق ،وكذلك بالنسبة إلى بقية اللفاظ " ال أكبر " ح ّ يح ّ وأ ّ
ق ،و " ح ّ
ي ن محمدا رسول ال " ح ّ ق ،و " أشهد أ ّأّل إله إل ال " ح ّ
ي على الفلح " كذلك ..نحن علينا أن نطّبق على الصلة " كذلك ،و " ح ّ
سنن ونّتبع رسول ال-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ولنا فيه السوة ال ّ
الحسنة ،ل أن نبتدع ونأتي ببعض المور المخترعة المكذوبة التي
طنصنعتها أيدي بعض الرواة الَكَذبة الذين لهم أغراض ل تخفى على الف ِ
في وضع مثل هذه الحاديث ونسبتها إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم
؛ وال المستعان.
س:
البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع " :اذكروا ال ..اذكر
ربك يا غافل " ،فما رأيكم ؟
ج:
هذا ل أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ..نعم ،كثير من
الناس يأتون بهذا ،ومنهم من يقول " :صّلوا على النبي " بصوت مرتفع
مع أنه هو ل يصلي عليه-صلوات ال وسلمه عليه-أو أكثرهم يصنع
كذلك ..في ذلك الوقت ،ل أقول " :ل يصلي عليه مطلقا " وهكذا ..هذا
منكر.
صمت والعتبار ن المطلوب في هذا الوقت ال ّ العلماء منهم من يقول :إ ّ
والتعاظ بمثل هذا الحال وأن يتذكر النسان بأنه سيصير في يوم من
ن المر لن يقف عند هذا الحد بل إنه سُيسأل اليام إلى مثل هذا الحال وأ ّ
في قبره وسُيحاسب يوم القيامة وسيكون مصيره إما إلى الجنة أو إلى
النار والعياذ بال-تبارك وتعالى-منها ومما ُيقّرب إليها.
ومنهم من يقول :ل بأس من أن َيذكر ال بصوت خافت ..يجمع بين
المرين ..بين التعاظ والعتبار وأخذ الموعظة وبين ذكر ال-تبارك
تعالى-بصوت خافت.
أما أن ينادي هذا وهذا ..هذا من هنا وذاك من هناك " :اذكروا ال " أو
ما شابه ذلك فهذا مما ل أصل له في السّنة ،بل هو من البدع التي ينبغي
النتهاء عنها؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
س:
ن الباء والرحام ل يحملون
ترّكبت عند بعض الناس معلومة مفادها أ ّ
جنازات أرحامهم وآبائهم وإنما يكتفون بالمشي خلفها ،فهل هذا صحيح ؟
ج:
نعم ..هذا مشهور عند كثير من العوام ،وكثير من البدع مشهورة عند
العوام.
هذا ل أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ..ينبغي أن
يكون القارب في مقّدمة الّركب ..ل مانع من أن َيحمل القارب وأن
ينالوا ذلك الفضل العظيم الذي أخبر به الرسول-صلى ال عليه وعلى آله
سلم-لمن حمل جنازة وكان-طبعا-يقصد بذلك وجه ال-تبارك وتعالى-ول
مقصود له سواه.
س:
البعض عندما يحمل الطارقة-الحاملة التي عليها الميتُ-يَقّفزها ثلث
خطوات ثم يبدأ النطلق بها ؟
ج:
هذه بدعة ،ل أصل لها أبدا ..ل تثبت عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم ول عن صحابته الكرام ول عن أهل العلم الذين اتبعوا رسول ال
صلى ال عليه وسلم واقتَدوا به ..هذه بدع ينبغي أن يجتنبها الناس،
وينبغي لنا جميعا أن نتعاون على الِبر والتقوى وأن نأمر بالمعروف
وننهى عن المنكر وأن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة وأن
ُنخبرهم بما ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وما لم يثبت حتى
نقتدي بالرسول صلى ال عليه وسلم فيما ثبت عنه ونجتنب ما نهى عنه
أو لم يثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه ،ومن المعلوم بأنه إذا كان
الرسول صلى ال عليه وسلم يفعل بعض المور في مثل هذه الشياء
ن تلك المور التي تركها ليست بمشروعة ..ل وَتَرك بعض المور أ ّ
ُيمكن أن يقال َتَرَكها الرسول صلى ال عليه وسلم ولكنه لم َينه عنها ..
نعم ،وإن كان لم َينه عنها لكنه لم يفعلها ولو كان في ذلك خير لفعله
الرسول صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،وقد أحسن المام
السالمي-رحمه ال تبارك وتعالى-عندما ذكر قراءة القرآن على القبور
عندما قال ):(46
فالمصطفى)) 47قد زارها وما قرا
إل سلما ودعا وأدبرا
ولم تكن قراءة القبور
بسّنة توجد في المأثور
على كل حال ،ثم قال:
ت محمدا)(48 لو كان خيرا لم َيُف ْ
.........................
فما فات الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..فلو كان في ذلك خير
لفعله الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،ثم قال:
حسبك أن تتبع المختارا
وإن يقولوا خالف الثارا
والعلماء قد شددوا في مخالفة الرسول صلى ال عليه وسلم ،ويعجبني
لمة سعيد بن خلفان-رحمه ال تبارك وتعالى- ما ذكره المام المحّقق الع ّ
ض أهل العلم سّنة ثابتة عن الرسول سئل عن قضية خالف فيها بع ُ عندما ُ
صلى ال عليه وسلم فقال المام المحّقق-رحمه ال-في ذلك " :وِمن
ص لك عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وأنت ُتعارضني جب أن َأُن ّ الَع َ
بعلماء بيضة السلم من غير دليل ول واضح سبيل ..أليس هذا في
العيان نوعا ِمن الهذيان ؟! " والمام الخليلي-رحمه ال تبارك وتعالى-
يقول " :وقول بخلف الحديث ُيضرب به عرض الحائط " ..على كل
حال:
ظر بكتاب ال ول ُتنا ِ
ول كلم المصطفى الّواه
معناه ل تجعل له نظيرا
ولو يكون عالما خبيرا)(49
ن ذلك هو المطلوب أو وهذا-طبعا-إذا قال به بعض أهل العلم ظّنا منهم أ ّ
ما شابه ذلك ،فكيف إذا لم يقل بذلك أحد من علماء المسلمين قاطبة.
ت أكثر منفهذا-على كل حال-مما ينبغي أن ُينهى عنه ،ولكنني-كما قل ُ
مرة-أنه ينبغي أن نستعمل الحكمة في مثل هذه المور وأّل نتسرع في
ن الناس في كثير من الحوال ل يتقبلون مثل هذه المور نهي الناس فإ ّ
لنهم شّبوا وشابوا على مثل هذه القضايا فليس من السهولة أن َيرتِدع
بعض العوام عن مثل هذه المور ولسيما إذا كان من يقوم بالمر والنهي
طالبا صغيرا فإنهم قد ل ُيصّدقونه وقد ل يقبلون منه لمر أو لخر؛
فنسأل ال-تبارك وتعالى-التوفيق ،وال أعلم.
س:
سل ؟ هل ُيكّفن ؟
الشهيد ،كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل ُيغ ّ
ج:
على كل حال؛ الشهيد هو من مات في أرض المعركة ..إذا مات في ذلك
ولم ُينقل فهذا هو الذي ُيحكم عليه بحكم الشهيد في هذه القضية؛ وإّل
فالشهداء كثيرون ،كما ورد ذلك في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم
ن المراد بالشهيد ها هنا هو الذي ُيحكم عليه بهذا الحكم في باب
،ولك ّ
الجنائز.
فعلى كل حال الشهيد ُيدفن في ثيابه التي مات فيها إن كانت عليه ثياب-
سِلب فلبد من أن ُيؤتى له ببعض الثياب-ول ُينزع منه إل السلح أما إذا ُ
وما شابه ذلك أما ما عدا ذلك فهو يوضع عليه.
ول َيحتاج إلى تغسيل بل ُيدفن على ذلك.
وقد اختلفوا في الصلة عليه:
-1ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ُيصّلى على الشهيد.
-2وذهب بعضهم إلى أنه ل ُيصّلى عليه.
والقول بالصلة عليه قول قوي ،وقد دّلت عليه بعض الحاديث.
أما الحاديث التي تدل على عدم مشروعية الصلة عليه فهي نافية
وغيُرها ُمثِبت والُمثِبت مقّدم على النافي؛ وفي ذلك احتياط وسلمة
ن الرسول صلى ال عليه وسلم قد جاء بعد مّدة-بعد للدين ،وقد ثبت أ ّ
حد ،وجاء في بعض الروايات التي قّواها سنوات-وصّلى على شهداء ُأ ُ
بعض أهل العلم بأنه قد صّلى عليهم-أيضا-بعد النتهاء من المعركة،
ف ذلك ُتحمل على أنه لم َيعلم بذلك. فرواية من روى خل َ
ب ِمن أن َينسى بعض الصحابة-رضوان ال تبارك وتعالى وليس بغري ٍ
عليهم-بعض المور أو أنهم لم يعلموا بها أصل ،ولذلك أمثلة كثيرة ل
ُيمكن التيان بها في هذا الوقت.
فإذن ُيصّلى عليه على الصحيح.
ن بعض أهل العلم قالُ " :يجمع بين الروايات المثِبتة ومن العجب أ ّ
ن رواية الثبات ُتحمل على ندبية الصلة وعدم وجوبها، والنافية بأ ّ
ورواية النفي ُتحمل على عدم الوجوب " ..هذا كلم غريب ..لو جاء
هذا في قضية وذلك في قضية أخرى ..أي في حادثة وذاك في حادثة ..
أي صلى مّرة وصلى مّرة فيمكن أن ُيحمل على هذا ول يقال بالنسخ ،أما
أن يكون ذلك في قضية واحدة في وقت واحد فهذا مما ل ُيمكن ،لنه إما
أن يكون َفَعل أو لم يفعل ،فكيف يقال " :هذا محمول على كذا وهذا على
كذا " ؟! نعم ،لو أرادوا بذلك الرواية التي فيها صلى بعد سنوات ولم
ُيثبتوا الرواية التي صلى في ذلك الوقت لكان لهذا وجه من الصواب ،أما
أن يقال بصحة جميع الروايات التي فيها أنه صلى في ذلك الوقت ولم
ُيصّل فهذا مما ل ُيمكن أن يقال به ،فهذا خطأ واضح؛ وال أعلم.
س:
ن الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها
الحديث الذي ورد فيه أ ّ
حته ؟ وما حكم الرجوع عن له قيراط أو قيراطان من الجر ) ،(50ما ص ّ
الجنازة بعدما يسير النسان معها ..هل يلزم أن يبقى إلى آخرها أو يمكن
أنه إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟
ج:
هذا الحديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ،ولذلك نقول:
إنه ينبغي العتناء بهذا المر ،وأن ُتشّيع الجنائز حتى ُتدفن ويرجع بعد
ذلك المسلمون ،وُيشرع-أيضا-في ذلك الدعاء للميت ،أما التلقين-كما قل ُ
ت
] ص -[ 2ل ُيلّقن وإنما ُيدعى له وُيسأل له التثبيت.
وأما بالنسبة إلى سؤاله عن الرجوع قبل ذلك ) (51فالحاصل هو ل يجب
عليه أن يرافقهم إن لم تكن هنالك حاجة تدعو إلى ذهابه معهم كأن يكون
ضع الميت أو ما شابه هو البصر بهذا المر ول َيعرف أحٌد كيف يو َ
ذلك ..إن لم تكن هنالك حاجة فل مانع ِمن أن يرجع ،ولكن ل شك بأنه
سيفوته الفضل؛ وال-تبارك وتعالى-أعلم.
الهوامش :
ج:
صَبحت الن ِمن المور ن معرفة َهِذه الُمور أ ْ
أّول ُأِريد أن ُأَنّبه إلى أ ّ
حُدوث هذا المر-مثلِ-بأنه سيحدث في الواضحة الجلية ..أي معرفة ُ
سوف للقمر ُكّلياالليلة الفلنية وفي المْوِقع الفلني وهل سيكون َهَذا الُك ُ
حّددة ِمن الَمناطق أو يكون في أو يكون جزئيا ؟ وهل يكون في َمنطقة ُم َ
سَيُكون ُكّليا أو
شمس َ ..هْل َ سوف ال ّ كل مكان ؟ وهكذا ِبالِنسبة إلى ُك ُ
ي في موضع ِمن المواضع وإل فإنه ل جْزئيا ؟ وأريد ِبأنه سيكون ُكّليا َأ ْ ُ
ن ذلك ِمن ُيمكن أن َيُكون كسوف الشمس كليا في كل مكان ِمن العالم ،إذ إ ّ
المور التي ل ُتمِكن أبدا وإنما َيكون كليا في موضع ِمن المواضع أو في
مواضع محصورة فل أريد ِبموضع في منطقة واحدة فقط وإّنما أريد في
مواضع ُمحّددة ،فتعيين ذلك سواء كان ذلك ِبالنسبة للشمس أو للقمر َهذا
صِرية،ن َهَذا ُيْدَرك ِبَهِذِه العلوم الَع ِْمن المور التي ل َتَتَنافى َمَع الَغْيب ،ل ّ
فَمن ُيشّدد في مثل هذه المور ل معرفة له ِبمثل هذه الحقائق ،والنسان
ينبغي له أن َيَتَكّلم إذا أراد أن َيَتكلم فيما ُيْتِقُنه َأّما أن َيتكلم النسان الِذي
صح ،وهكذا ل علقة له ِبعلم الفلك-مثل-في المسائل الفلكية فهذا ِمّما ل َي ِ
عُلوِم
بالنسبة ِلَمن ل معرفة له ِبُعلوم الشرع الحنيف ليس له أن يتكلم في ُ
جوٌر عليه ،وَمن ل َمْعَرَفة َله ِبالطب ليس له حُ
الشرع الحنيف بل ذلك َم ْ
أن يتكلم في القضايا الطبية ،وَهَكَذا بالنسبة إلى علوم القتصاد وغيرها ..
عاِلما
النسان إذا أراد أن يتكلم فليتكلم فيما ُيتقنه فيمكن أن يكون النسان َ
حرا في الفقه ولكن ل دراية له بعلوم الفلك فهل ُيمكن بعد ذلك أن متب ّ
صح ،فإذن الكلم في مثل َيُقوم وَيَتَكّلم في المور الفلكية ؟! َهَذا ِمّما ل َي ِ
هذه القضايا-كما ذكرناه في قضية إمكان رؤية الهلل وفي عدم إمكان
س ِمن الكلم في أمور الَغْيب بل هو كلم س ،وهو لْي َ ذلك-هذا ِمّما ل َبْأ َ
جاَهَلَها أو أن ُينكرها ،فلبد ِمن َمْبِني على حقائق َل ُيْمِكن لحٍد أن َيَت َ
التسليم ِلِمْثل هذه المور.
أما ِبالنسبة إلى ماذا ُيشَرع في قضية حدوث الكسوف والخسوف ؟
ضهم يفرق بْين قضية أّول :الكسوف يكون للشمس ويكون للقمر َ ..بْع ُ
الكسوف وبين قضية الخسوف ،والتفريق ل بأس به على رأي كثير ِمن
أهل العلم ..عندما َيقول النسان " :الكسوف " للشمس و " :الخسوف
طِلق النسان َهَذا على َهَذا وهذا على هذا فل مانع " للقمر ،أما عندما ُي ْ
ِمن أن َيقول " :كسوف الشمس " وأن َيقول " :كسوف القمر " ،وِمنهم
َمن ُيفّرق بْين هذين المرين وَلُهْم في ذلك كلم طويل ول حاجة إليه لنه
ل تتعلق به شيء ِمن الحكام الشرعية.
أّما الذي ثبت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-فإنه صلوات ال
ج-صلى ال عليه وعلى آله خَر َعِلم ِبُكسوف الشمس َوسلمه عليه عندما َ
شَرع أن َيُقوم
وسلمُ-مسرعا َفزعا فأمر ِبأن ُيَناَدى للصلة ،والذي ُي ْ
شخص فينادي يقول " :الصلُة جامعة " ..هكذا جاء في بعض الروايات
جاِمَعة ن الصلَة َ ض الروايات " :إ ّ ظ " الصلة " ،وجاء في بع ِ ِ ..بَرْفع َلْف ِ
ن الصلَة جاِمَعة "َ ،فَوَرَد ِبَلْفظ " :إ ّ " ،وُيمكن-أيضا-أن ُيَقال " :الصلَة َ
ن ذلك َوَقَع جامَعة " ،وِمن المعلوم ِبَأ ّ جاِمَعة "َ ،وَوَرَد ِبَلْفظ " :الصلُة َ َ
حد اللفظين َمّرة واحدة ،والنبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-أمر ِبَأ َ
س ِمن المور التي ُيَتَعّبد ِفيها ِبِمْثل ذلك الّنص ..أي ل َيْلَزم ولكن َهَذا َلْي َ
جامعة ' أو َيقول ' :الصلَة ن الصلَة َ َأن ُيَقالَ " :لبد ِمن أن َيقول ' :إ ّ
ن الصلة جامعة ' أو يقول ' :الصلُة جامعة ' " ُ ..يْمِكن أن َيُقول " :إ ّ
ي " الَزُموا " أو َيقول " :إ ّ
ن جاِمَعة " ..أ ْ جاِمَعة " أو َيقول " :الصلَة َ َ
جاِمَعة " ،فالمر َهّين وإن كنا نقول :إنه َلْم َيْثُبت عن النبي-صلى الصلَة َ
ضَية حدثت َمّرة واحدة، ن الَق َال عليه وعلى آله وسلم-إل أحُد اللفظين ،ل ّ
ن ِبِمثل َهَذا المر ،ول َماِنع أن ُيْكَتَفى ِبَمّرة واحدة ول أن فإذن النداء َيُكو ُ
ُيَكّرر أكثر ِمن ذلك إذا كان الناس ل َيسمعون ذلك ،فيمكن أن ُيكّرر
شَرع في ذلك الذان النسان ذلك ثلث َمَرات أو أكثر ِمن ذلك ،ول ُي ْ
ت عن النبي صلى ال عليه ن ذلك ِمّما َلْم َيثب ْ بإجماع الّمة السلمية ،إذ إ ّ
سلم.وعلى آله وصحبه و َ
س ِمن المور ن الصلة جامعة "َ-لْي َ هذا ..وهَذا الّتَلّفظ-وهو قول " :إ ّ
طالب َمن َيسَمع ذلك ِبأن ُيرّدد ذلك التي ُيتعّبد ِبها ،فهو َلْيس كالذان ،فل ُي َ
خْلف َمن َيأِتي ِبذلك اللفظ ،كما أنه إذا كانت هنالك مجموعة ِمن الناس
حد أَبًدا فإنه ل ُيطاَلبون ِبأن َيقوم حد وَلْيس ِبالقرب ِمْنُهم أ َ في َمَكان َوا ِ
ن المور التي ُيَتَعّبد ِبَها س ِم َ ن َهَذا َلْي َواحد ِمنهم ِبالّنَداء ِبَهَذا اللفظ ،ل ّ
طَلب ِمن النسان أن ُيَؤّذن َوَلْو كان ُمنفردا ،كما أنه إذا كالذان-،فالذان ُي ْ
ب ِمنهم أحد كانت الجماعة واحدة كانوا في الطريق-مثل-وليس ِبالُقْر ِ
فإّنهم يطاَلبون ِبالذان ،كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى
ال عليه وعلى آله وسلم-،فالحاصل إذا كان هنالك أحد ِبالقرب ِمن
المسجد ِمّمن َيسَمع النداء أو كان-أيضا-في َباِدَيٍِة َوَلْو َلْم يكن هنالك
جد ولو كان الذين َيسَمعون ذلك ِمن النساء وِمّمن ل قدرة َلُهْم على سِ َم ْ
شَرع ضى أو كبار أو ما شابه ذلك فإنه ُي ْ الحضور إلى المسجد ِمن َمْر َ
جد وَهَكَذا سِ ب إلى الم ْ جُز الذي ل ُيْمِكُنه أن َيْذَه َ صّلي الَعا ِ النداء حتى ُي َ
عًة-على الصحيح-سواء كان جَما َ
صّلون َ ِبالّنسبة إلى الّنساء ،فبعد ذلك ُي َ
ذلك في الكسوف أو في الخسوف ،أما الكسوف فقد ثبت ذلك في سّنة
النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ثبوتا ل شك فيه ،وأما ِبالنسبة إلى
ن ذلك وإن كان َلْم يثبت ِمن السّنة-إذ إنه جاء ِمن طريق خسوف القمر فإ ّ
سوف إْذ َل َفْرق عَلى الُك ُحُمول في حقيقة الَواِقع َ جًدا-ولكنه َم ْ ضعيفة ِ
َبْيَنُهما ).(1
ظن أّنه ل َبأس ِمن الطالة في صلة قد اختَلف فيها الُعَلَماء ،وأ ُ وَكْيِفية ال ّ
ن المسألة َتحَتاج إلى ِذْكر ُفُرو ٍ
ع َهذه القضية ولو اسَتْغَرْقَنا الَوْقت ل ّ
ك باختصار شديد: ف الُعَلَماء ِفيَها ،وَأْذُكُر َذِل َ
لة اخَتَل َ
صَُمَتَعّدَدة َ ..كْيِفَية ال ّ
-2وذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أنه يصلي كأحدث صلٍة صلها ِمن
الفرائض ،فإذا صلى بعد صلة الظهر فإنه يصلي أربع ركعات كصلة
الظهر ،وإذا صلى بعد صلة الفجر فإنه يصلي ركعتين كصلة الفجر،
ضِعيفة ل
جوا على ذلك ِبِروايٍة َ
وهكذا ِبالّنسبة إلى َبِقية الصلوات ،واحت ّ
حجة.تقوم ِبَها ُ
وأّما الولون َفَقد احتجوا ِبَبعض الروايات ولكن تلك الروايات معاَرضة
ح وَأْثَبت ِمْنَها ِفي سّنة النبي صلى ال عليه وعلى آله
صِّبَرَواَيات َأ َ
وصحبه وسلم.
َ -1بْعَد تكبيرة الحرام َيْقَرُأ سورة الفاتحة ) (3ثم يأتي بسورة طويلة ولو
أمكن أن يكون ذلك كسورة البقرة فذلك هو الّثابت ..ل أقول " :الثابت أن
ن الرواية ل دليل فيها على ذلك-وإّنما يأتي
يأتي ِبالسورة نفسها "-إذ إ ّ
ِبمثل ذلك المقدار.
-5ثم يقوم ويطيل في قيامه ويكون ذلك أقل ِمن الِقَيام السابق.
جوِده.
سُ
-6ثم يسجد ويطيل في ُ
ن
سابقة إل أ ّ
-7ثم يقوم ويأتي بالركعة الثانية ..يأتي ِبَها كالركعة ال ّ
ساِبَقة ).(5
ِقَراَءِته تكون أقل ِمن ِقَراِءِته في الّركعة ال ّ
سر القراءة.
-2أو َأّنه ُي ِ
جْهر.
-3أو أنه ُيخّير بْين السرار وال َ
جَهُر في الّليل ؟ ِهِذِه القوال موجودة عند سّر في النهار وَي ْ -4أو أّنه ُي ِ
جَهُر ن المام َي ْ ن َقال " :إ ّ عْنِدي ُهَو َقْوُل َم ْ
ح تلك القوال ِ جُأهل العلم ،وَأْر َ
سوف أو في صلة الخسوف " لة الُك ُصَ
سَواًء كان َذِلك في َ ِبالِقَراَءة َ
َوُأَفّرق َبْيَنُهَما ِمن أجل اليضاح والبيان َ ..هَذا ُهَو الذي َيظَهر لي ِمن
ضَية ،فإذن َهِذه ِهي َكْيِفَية الصلة. أَقَوال َأْهِل الِعلم في ِهِذِه الَق ِ
سوف خ ُ
سوف أو ال ُ َيسأل كثير ِمن الّناس-مثلَ-لْو َمَنَع َماِنع ِمن ُرْؤَية الُك ُ
ع َلَنا أن َنْأِتي ِبَهِذِه
شَر ُ
ولكن َقّرر أْهل الَفَلك ِبَأّنه َيقع في َهِذه الساعة َهْل ُي ْ
شَرع َذِلك ؟ الصلة أو ل ُي ْ
َنُقول :ل ُيشَرع ذلك ،لنه أْمٌر ُمَعّلق ِبرؤيِة ذلك ،فإذا رأيناه فإنه ُيشَرع
ذلك في حّقنا ،وإن َلْم نر ذلك فإنه ل ُيشَرع ذلك في حّقنا كما قّررنا ذلك-
أيضا-في قضية رؤية القمر ).(7
فإذا قّرر-مثل-الفلك بأنه ُتمكن رؤية الهلل ولكننا َلْم َنره فإنه ل ُيشَْرع لنا
صوُم إذا َرَأْيَناه ،نعم ..إذا قَّرُروا ِبأّنه ل ُيْمِكن َذِلك أَبًدا صوم وإّنَما َن ُ أن َن ُ
ض الناس ِبَأّنه َرآه ِفإّنَنا ل َنْقَبل ِمْنه َذِلك وَنُقول :إ ّ
ن وَبعَد ذلك اّدعى َبْع ُ
خاِلف ِلَهذا الِعلم الثابت المتقّرر فترّد شهادته ِبذلك في هذه ك َهَذا ُم َلَم َ
َك َ
القضية.
ق النساء ..النساء إذا ق الرجال وفي ح ّ فإذن الصلة مشروعة في ح ّ
ضل َكَما َهو الحال ِبالنسبة إلى َبِقية الصلوات، صّلْين في البيت فَذِلك َأْف َ َ
سجد.جال فالفضل َلُهْم أن يكون ذلك في الم ْ وأّما ِبالنسبة إلى الّر َ
وهذه الصلة ِمّما اختَلف أهل العلم فيها:
ِ -1منهم َمن قال " :هي سّنة " ،وقد حكى غير واحد ِمن أهل العلم اّتفاق
أهل العلم على ذلك.
-3وِمنهم َمن قال :هي ِمن الواجبات على الكفايات وليست ِمن الواجبات
صيب ِمن النظر. العينية؛ وهذا القول َله َن ِ
َوَمْهَما كان َفِهي َتُدور َبْين الواجب الكفائي وبْين السّنة المؤكدةِ ،لح ّ
ث
النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فل ينبغي لحد أن َيَتَهاَون بذلك.
كما أنه ل ينبغي لحد أن ُيخالف السّنة ِبالختصار في القراءة ،وكثير ِمن
ضعاف وما شابه ذلك ..نقول: ض ال ّالناس َيتعّللون ِبأّنهم ُيصّلون ِببع ِ
الضعيف والذي ل َقْدَرَة َله ل َيْنبغي له أن ُيعّكر على الجماعة فِبإمكانه أن
سّنة النبي- ُيصّلي هو في بيته أو ما شابه ذلك ولَيتُرك الجماعة تأِتي ِب ُ
صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-فَهِذِه الصلة ل ُيشتَرط فيها ِبأن َتُكون في
عذر ،فإذن ن ُهناِلك ُ الجماعة وإّنما ل ينبغي الّتخلف عن الجماعة إل إَذا َكا َ
ينبغي التيان ِبالسّنة كما ثبتت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
سوف أو الخسوف َولَِزْلَنا ض الناس-أْيضا-يسأل َوَيُقول :إذا انتهى الُك ُ بع ُ
خُرج ِمنها جًدا ثم َي ْ
صر النسان صلَته ِ خت ِفي الصلة ،ماذا نفعل ؟ نقولَ :ي ْ
صَرة؛ وال-تبارك وتعالى- خَت َ
صَفٍة ُم ْ
بعد النتهاء ِمنها بعد أن َيْأتي ِبَها ِب َ
أعلم.
ضَية بعد صلة العصر مثل، ض الناسَ :لْو َوَقَعت ِهِذِه الَق ِسَأُل َبْع ُ
كذلك َي ْ
صِلي أو ل ؟ َهْل ُن َ
نقولِ :هِذِه الصلة ِمن الصلوات السببية والصحيح في الصلوات السببية
ت ُتكَره الصلة فيه فإنه ل مانع ِمن أنه ُيؤَتى ِبَها ،فإذا وقع ذلك في وق ٍ
الصلة بل ُتشَرع الصلة في ذلك الوقت لنها ِمن الصلوات السببية
والصلوات السببية ثبت في سّنة النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-
عنه ِبأّنه ُيْؤَتى ِبَها حتى في الوقات التي ُتْكَرُه ِفيها الصحيحة الثابتة َ
حُرم ِفيها الصلة. الصلة وإّنما ل ُيْؤَتى ِبَها في الوقات الِتي َت ْ
ب الَقَمر أو الشمس في حالة غَر َضا-يسأل أنه إذا َ ض الّناس-أْي ً بع ُ
غروب جّرد ُ صّلي في ذلك الوقت أو ل ؟ نقول :لِ ،بُم َ الُكسوف ،هل ُن َ
الشمس أو غروب القمر فإنه ل ُتشرع الصلة ولو غرب وهو في حالة
كسوف أو خسوف.
َفلُيْنَتَبه ِلَهِذه المسائلَ ،وُهَنالك مسائل متعّددة تتعّلق ِبَهِذِه الصلة فإن
ض السائلين أن َيطَرح شيئا ِمنها فل بأس ،ومعذرة فإنني أردتم أو أراد بع ُ
حوَها لظني ِبَأّنكم تريدون التنبيه
طَر ُ
ساِئل ُمَتَعّددة َلْم َت ْ
ت على َم َ
قد َنّبْه ُ
عَليها؛ وال أعلم. َ
س:
هل تشترط فيها الجماعة ِبالّنسبة للرجال ؟
ج:
شُروط " وإّنما ذلك ِمن السنن الثابتة التي ل ن ذلك ِمن ال ّ ل َنقول " :إ ّ
ن َيْتُركها.
ينبغي للنسان أ ْ
ق عليه-أيضا مثل-الجلوس ضيق عليه الوقوف-مثل-ويش ّ ن َي ِ
لكن َمن َكا َ
صرة ِمن أجل أن ول يستطيع فَيطلب ِمن المام ِبأن ُيصّلي صلًة ُمخت َ
تلسك إذا كن َ
ُيصّلي هو معهم ..نقول :ل ،ل ينبغي لك ذلك ..صّل ِبنف ِ
جِلس ول مانع ما ُدْمت ل تستطيع على الِقَيام ،وإل تستطيع وإل َفا ْ
طيل كما فعل النبي صلى ال عليه وعلى آله فالجماعة َينَبِغي َلَها أن ُت ِ
وصحبه وسلم.
س:
ِبالّنسبة للستدراك فيها ؟
ج:
نعم ،الستدراك فيها مشروع.
س:
عَلى نفس كيفية المام ؟
ويكون َ
ج:
سب ما فعله المام ،فل ينبغي للمأموم أن ُيخاِلف إماَمه، ح ْ
ويقضي على َ
ي في كل ي َمن َيقول ِبالركعتين ..أي أن َيأِت َ ن المام يأخذ ِبرأ ِ
فلو قّدرنا أ ّ
خلف ِتْل َ
ك ضي َيْأِتي ِب ِ
ركعٍة ِبركوع واحد ل َينبغي ِللمأموم إذا َقاَم َيْق ِ
ض على حسب ما أتى به المام الصلة لنه َيقضي ما فعله ذلك المام َفْلَيْق ِ
شُد إلْيه ِبأن َيأتي في كل ركعة ِبركوعين )(8 صَواب الذي ُنْر ِ وإن كان ال ّ
كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
صة ن كثيرا ِمن الناس-وخا ّ ب أن ُأنبه عليها-أيضا-وهو أ ّ وهناك مسألة أح ّ
ب الطبول وما شابه ِمن العاّمة وطبعا ل يقع إل ِمن الَعاّمة-يقومون ِبضر ِ
سّنة النبي صلى ال عليه وعلى آله خاِلف ِل ُصَل َله َبْل ُهو ُم َذلك ..هذا ل َأ ْ
وسلم.
سبب في ف ما هو ال ّ كما أنني ُأِريد-أيضا-أن ُأَنّبه إلى أّنه وإن ُكّنا َنْعِر ُ
وقوع الكسوف والخسوف ل ينبغي لنا أن نتهاون في هذا المر ،فالنبي-
عا
ج َفِز ً
خَر َل َبل َ صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-لْم يتهاون بذلك َ ..ك ّ
ن ُهَناك- عوًبا صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه وإن َكا َ َمْر ُ
عي َلُبد ِمن شْر ِ
مثلَ-أْمر واضح ِلمثل هذه المور لكن هنالك-أيضا-أمٌر َ
عاِته ،فقد َتَقع َهِذه السباب في الكون على حسب السّنة الَكْونية ولكن ُمَرا َ
لبد-أيضاِ-من مراعاة المِر الشرعي فقد يكون والعياذ بال-تبارك
ع َيْوَم القيامة-كما هو وتعالى-ذلك ُمقّدَمًة ِلَيْوِم القيامة وطبعا لبد ِمن ُوُقو ِ
معروف-والدّلة قد َناَدت ِبأّنه َقِريب فلبد ِمن ملحظِة هذا المر وأّل نّتخذ
سَنا-مثل-في هذا أمرا عاديا ..مثل قال الفلكيون ِبَأّنه يقع كذا وكذا وَدَر ْ
ل ،عندما عاِدًيا ..ك ّن السبب كذا وكذا فإذن َنْعَتبر ذلك أْمًرا َ علوم الفلك ِبأ ّ
ع زلزلة أو َبَراِكين حُدث َهِذه الحوادث ِمن كسوف أو خسوف أو ِمن ُوُقو ِ َت ْ
شاَبه ذلك فإنه وإن كنا-مثلَ-نْعِرف شيئا ما عن هذه عاِتية أو َما َ أو ِرَياح َ
عاَها النبي-صلى ال عاة تلك السباب التي َرا َ السباب لكن لبد ِمن ُمَرا َ
جل والَفَزع ِمن ِمْثل ِهِذِه عليه وعلى آله وسلم-ولبد ِمن الخوف والَو َ
حُدث ِلَهِذه الرض في هذه الحوال وفي اُلُمور التي ل َيْدِري النسان ما َي ْ
غير هذه الحوال ،فكثير ِمن الناس الن مع تقدم هذه الُعُلوم َرَأْوا هَِذه
جد الَواحد يقولَ " :يحدث َكَذا المور أمورا عادية ول يهتّمون ِبها َ ..ت ِ
شَتِغل ِبُأُموِره ول ُيَباِلي ِبمثل َهِذه جُده ُم ْ
عْنَدما َيحدث كذا َت ِ وَيحدث َكَذا " و ِ
خَفى عليه اُلُمور ..الرسول-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-ما َكانت َت ْ
خاِئًفا
ت-خرج فزعا صلوات ال وسلمه عليه َ هذه المور ومع ذلك-كما قل ُ
ف وقفة مع ِمن العقوبة فعلينا أن نّتعظ وأن نعتِبر ِبمثل هَِذه المور وأن َنِق َ
خذها أمرا عاديا عاِبرا؛ الّنْفس ِلُمحاسبتها في مثل هذه الحوادث وأّل َنّت ِ
وال-تبارك وتعالى-ولي العانة والتوفيق.
الهامش:
-1قال الشيخ عند جوابه على السؤال ِ 13من حلقة 14رمضان
1424هـ ) 9نوفمبر 2003م ( " :قد اختَلف الناس في هذه الصلة هل
حَدَثت آيٌة ِمن اليات
شَمُل-أيضا-إذا َ صة ِبالكسوف والخسوف أو َت ْ هي خا ّ
عاِدية وما شابه ذلك ِمن صَواعق التي َلم تكن َ الخرى كالّزْلَزَلة أو ال ّ
المور ؟
ف والكسوف. صة ِبالخسو ِ َفِمنهم َمن قال :هي خا ّ
وِمنهم َمن قال :هي شاِمَلة ِلكّل أمٍر َمُهول َلم َيكن ُمعتادا.
ف والّزلزلة.ف والخسو ِ صة ِبالكسو ِ وِمنهم َمن قال :هي خا ّ
جٌه وجيه ِمن الصواب فهو الذي والقول ِبالُعُموم في مثل هذه المور له َو ْ
نراه ".
-8قال الشيخ " :ركعتين " بدل ِمن " ركوعين " وهو سبق لسان.
)سادسا :أحكام صلة العيد(
ج:
ض الِكَفاَية
ن ُفُرو ِ
إنه ينبغي للمسلمين أن ُيَراِقبوا رؤية الهلل وهذا ِم ْ
ن الهلل تتعلق به أحكام ن المعلوم أ ّ
ن الّناس ،فِم َ
ساَهل ِبها كثير ِم َ
التي َيَت َ
ن أَهّم الحكام التي ُنريد أن نتكلم عنها في هذا الشهر: ُمَتَعّدَدة ،وِم ْ
ن َوَرَد
ض العيان إل َم ْ ن ُفُرو ِوذهبت طائفة ِمن المسلمين إلى أّنها ِم ْ
اسِتْثَناُؤه.
سَنن المؤكدة. ن ال ّ
وذهب بعضهم إلى أّنها ِم َ
عْذر شرعي. و -على كل-ل ينبغي لحد أن يتساهل فيها إل َمن كان له ُ
ضل عن ن أهم الحكام التي َتَتَعلق برؤية الهلل هذا َف ْ فهذان الحكمان ِم ْ
بقية الحكام الخرى التي تتعلق برؤية الهلل التي تكون أيضا في َبِقّية
ن المعلوم أن الشهر الخرى والتي يتساهل ِبها الناس في زماننا هذا ،فِم َ
شُهور العربية وليست بالشهور الخرى التي طٌة بال ّ
الحكام الشرعية َمُنو َ
ب العاملين ف َكَرَواِت ِ
جاَز فيه الُعْر ُ
ن الناس اللهم إل ما َ يتعامل ِبها كثير ِم َ
عْرفٌ بأّنَها تكون على تلك أو ما شابه ذلك إذا كان هنالك اّتفاق أو ُ
ق بالِعَدِد وما ق بالزكاة وما َيَتَعّل ُ الشهر فذلك ِمما ل بأس به ،أّما ما َيَتَعّل ُ
ن تكون على حسب الشهور شابه ذلك ِمن الحكام الشرعية فل ُيْمِكن إل َأ ْ
ن ُمراقبة رؤية الهلل في كل شهر أمر لبد منه وفي بداية القمرية ،فِإَذ ْ
شهر رمضان وفي ِنهاَيِته وهكذا بالنسبة إلى شهر ذي الحجة يكون المر
شيئة ال تبارك وتعالى- شد ،فينبغي للمسلمين إذن في الّلْيَلِة القادمةِ-بَم ِ َأ َ
صل ن ذلك فعليه أن يّت ِ ن َثَبَتت َلَدْيِه الرؤية وَتَأّكَد ِم ْ أن ُيَراِقُبوا ذلك وَم ْ
ن عدم ُثُبوِته؛ بالجهات المسُؤوَلة حتى َينظر أهل العلم في ثبوت ذلك ِم ْ
وال-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
هذا ِبالنسبة إلى ليلة العيد وَبِقَيت هنالك مسألٌة قد قاَلها بعض العلماء
طاَلِةصَها ِبَبعض العبادات كِإ َ صي ُ خ ِ وهو أّنه ينبغي قيام هذه الّلْيَلة أو َت ْ
ت في بعض الجوبة السابقة )(1 الصلة ِبخلف غيرها ِمن الليالي وقد قل ُ
ن ذلك َلم يثبت فيه شيٌء عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه ِبأ ّ
ض أهل صح ،وما جاء عن بع ِ ع ل َي ِ وسلم ،وما جاء في ذلك فهو موضو ٌ
سَتَنَد ِإَليها كدليلن ُي ْ
ح َأ ْصُن أقوالهم ُمْفَتِقَرة ِإَلى الدليل ول َي ِ العلم فإ ّ
جة في مثل هذه القضية ..إذن قيام هذه الليلة-أعني شرعي تقوم به الح ّ
سَتَند شرعي ول ينبغي َلحد أن َيعَمل به ..نعم س َلُه ُم ْ
ليلة العيدَ-لْي َ
ن بقية سائر ليالي العام هو مطلوب شرعا كما هو ثاب ٌ
ت ِقَيامها كغيرها ِم ْ
في الِدّلة الدالة على مشروعية قيام الليل.
ن التكبير له ص بذلك عيَد الفطر ل ّ خ ّ وِمن ذلك التكبير في ليلِة العيد وَأ ُ
أحكام ُمختلفة في العيدين ول أريد الطالة بأحكام التكبير في عيد الضحى
سَر ال-تبارك وتعالى-في ذلك المبارك َفِإّنَنا سوف نتكّلم في ذلك إن َي ّ
الوقت ..التكبيُر في ليلِة العيد ِمّما اختَلف فيه أهل العلم:
جّرد دخول شهر شوال أو ض أهل العلم ذهب إلى مشروعية التكبير ِبُم َ فبع ُ
دخول ليلة العيد سواًء كان ذلك بالرؤية أو ِبِإْكَمال رمضان ثلثين يوما ..
ت إليه طائفة ِمن أهل العلم. هذا ذهب ْ
شَرع ع في الليل وإّنما ُي ْ شَر ُن ذلك ل ُي ْ ت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ وذهب ْ
في الّنَهار ،واختلفوا في ذلك:
شَرع بطلوع فجر العيد. ن قال :إّنه ُي ْ ِمْنُهْم َم ْ
شَرع بطلوع شمس العيد. ومنهم َمن قال :إنه ُي ْ
ج الّناس إلى المصلى ،وهذا القول خُر ُ شَرع عندما َي ْ ومنهم َمن قال :إنه ُي ْ
هو القول القرب عندي إلى الصواب ،وليس هنالك دليٌل صحيح عن
ن ذلك قد ثبت النبي صلى ال عليه وسلم وإن جاءت بعض الحاديث ولك ّ
ن ِمْثَل
عن طائفة ِمن صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم والظاهر أ ّ
ض الرأي وإّنما َتَلّقْوُه عن النبي صلى ال عليه ح ِ ذلك ِمما ل ُيَقال ِبَم ْ
شَر ُ
ع ح الثار بل الصحيح الثابت هو ما جاء ِبأنه يُ ْ صّ
وعلى آله وسلم ،وَأ َ
عَدا ذلك َفَلْم َيثبت ،فهذا القول الذيصّلى الِعيد ،أّما ما َ
عند الخروج إلى ُم َ
ع التكبير فيها وإّنَما شَر ُ
ن ليلَة العيد-أي على هذا القول-ل ُي ْ نراه ،وعليه فإ ّ
ت-عند الخروج إلى الـُمصلى. شَرع-كما قل ُُي ْ
حّتَمات و- والقول الوسط هو القول الصحيح ،فهو ليس ِمن الواجبات الـُمَت َ
سّنة ِمن السنن ل ن الـَمْكُروَهات أو ما شابه ذلك وإّنما هو ُ أيضا-ليس ِم َ
َينبغي التفريط فيها ِبحال.
ص صريح وإّنما ُهَناِلك للعلماء َكْيِفّيات وكيفية هذا الّتْكِبير َلم َيِرد فيها َن ّ
خَتِلَفة والُكّل ل بأس به ِبمشيئة ال: ُم ْ
فمنهم َمن َيقولُ :يَكّبر تكبيرتين قبل التهليل َيقول " :ال أكبر ال أكبر ل
إله إل ال وال أكبر ول الحمد ".
ومنهم َمن َيقولُ :يَكّبر ثلثا سردًا " :ال أكبر ال أكبر ال أكبر ".
ن فعل هذا فل بأس عليه وَم ْ
ن ب سهل ِبحمد ال تبارك وتعالى َ ..م ْ ط ُ
خْ
والـ َ
فعل هذا فل بأس عليه والكل فيه خير ِبمشيئة ال تبارك وتعالى.
وقد اختَلف العلماء-أيضا-في التكبير في العيدْين أّيُهما آَكد:
ن التكبير لعيد الفطر آَكد. ِمْنُهم َمن قال :إ ّ
وِمنهم َمن قال بعكس ذلك.
وِمنهم َمن قال :هما سواء.
حَتِمل،ضح في المسألة وعلى تقدير وجوِده فهو ُم ْ وليس هنالك دليل وا ِ
و-على كل حال-ينبغي التيان بذلك ول داعيِ-فيَما أرى-إلى ترجيح واحد
ِمن هذه القوال وإّنما المطلوب الفعل في ِكْلَتا الحالَتْين؛ وال-تبارك
وتعالى-ولي التوفيق.
س:
بالنسبة للغتسال في يوم العيد ،ما حكمه ؟ وهل ُيمكن أن يكون ذلك قبل
الفجر ؟
ج:
ض الحاديث التي ُتْرَفُع إلى النبي صلى الغتسال يوَم العيد وردت فيه بع ُ
صح شيٌء ِمن ذلك ،وإّنما جاءت روايات ُمَتَعّدَدة عن ال عليه وسلم ول َي ِ
سِقيم،صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم منها الصحيح ومنها ال ّ
ض العلماء على سُه بع ُ ن هذا الغتسال ثابت ،و-أيضاَ-قا َ فالظاهر أ ّ
ن القوى هو ما جاء س ل بأس به ولك ّ الغتسال ليوم الجمعة وهو ِقَيا ٌ
عن الصحابة رضوان ال-تبارك وتعالى-عليهم ،فالظاهر أّنُهم قد أخذوا
ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه.
وقد اختَلف العلماء في الوقت:
ِمْنهم َمن قالَ :يُكون بعد طلوع الفجر.
ف الليل. ص ِومنهم َمن قال :يكون حتى في الليل ويكون ذلك بعد ُمْنَت َ
ن أمكنه ذلك فذلك و-على ُكلَ-كْوُنُه بعد طلوع الفجر أمٌر ُمّتَفق عليه فَم ْ
صّلى العيد أو هو الْولى والحوط وَمن َلم ُيْمِكنه ذلك ِلُبْعِد َبْيِتِه-مثلِ-من ُم َ
ضُعن البيت الذي هو فيه فيه جماعة كبيرة ِمن الناس وقد يكون َمْو ِ لّ
الغتسال واحدا أو ما شابه ذلك وإذا اغتسلت الجماعة ُكّلَها في ذلك
جدا أو َأّنُه قد َتُفوُتُهم صلة العيد أو َيْغَتسل بعضهم دون خُروا ِ الوقت تأ ّ
ن َأ ْ
ن بعض أو ما شابه ذلك فهاهنا ل بأس بمشيئة ال-تبارك وتعالىِ-م ْ
ضُهم ولو كان ذلك َقْبَل طلوع الفجر ولكن ل ينبغي أن يكون ذلك سَل َبْع َُيْغَت ِ
سُل-إذن-ثابت ول ينبغي التفريط فيه. قبل منتصف الليل ،فالُغ ْ
س الملِبس الحسنة الجميلة حتى يكون المسلم في أحسن ن ُلْب ُ
سّ و-كذلكُ-ي َ
ض العلماء المعتكف فقالوا: سَتْثَنى بع ُ جَمل َهْيَأة في هذا اليوم وا ْ صورة وأ ْ
ن أخذ ذلك ِمن حال خُرج في ثيابه التي اعتكف فيها ،وِمْنُهم َم ْ الْولى أن َي ْ
ن في ثيابه ،وهذا قياس باطل ل يصح ،ذلك ل ّ
ن الشهيد حيث إنه ُيَكّف ُ
حه َيْثَع ُ
ب جر ُث َو ُث يوم القيامة بمشيئة ال تبارك وتعالى ُ ..يْبَع ُ الشهيد ُيْبَع ُ
حه ريح المسك وليس كذلك َدمًا بسبب تلك الشهادة َلْوُنه َلْون الدم وِريـ ُ
ن ثياب المعتكف َلم يكن ذلك الوسخ الذي فيها بالنسبة إلى المعتكفُ ،ثم إ ّ
سَها بذلك ،وعلى تقدير أ ّ
ن بسبب العتكاف وإّنما كان ذلك بسبب إطالة ُلْب ِ
ن ذلك ل ذلك كان بسبب عدم خروجه ِمن ُمْعَتَكِفه أو ما شابه ذلك فإ ّ
ن النبي صلى ال عليه وسلم ن السّنة الصحيحة داّلة على أ ّ يكفيُ ،ثم إ ّ
ن الّثَياب وهو كان صلوات ال وسلمه عليه َيْعَتِكف في سَ ح َ
س َأ ْ
كان َيْلَب ُ
شْهِر رمضان ،وإذن ل داعي ِلِمْثِل ذلك القياس ن َ شِر الخيرة ِم ْ الَع ْ
ِلمخالفته للصحيح الثابت.
ن كان َلم َيِرْد َمْرُفوعا إلى النبي صلى ال ب وهو وِإ ْ طي ُ ن ال ّسّوكذلك ُي َ
عليه وسلم ِمن طريق صحيحة ولكنه جاء عن بعض الصحابة ُثّم إ ّ
ن
ظَهَر أمام الناس ب أن َي ْ ح ّن حاله أّنُه ُي ِ النبي صلى ال عليه وسلم كان ِم ْ
في مثل هذه الـَمواطن وهو في أحسن حال وأحسن رائحة فل ينبغي
التفريط بذلك.
سواك بل هو مطلوب عند كل صلة كما جاء ذلك في وكذلك بالنسبة إلى ال ّ
الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم .
شاِرِبه
شْعَر َ صَر َج للعيد ينبغي له أن ُيَق ّ خُر ُ ن الذي َي ْ وقال بعض العلماء :إ ّ
صر أظافره ،فإن كان هو بحاجة إلى ذلك فنعم أما إن لم يكن وأن-أيضاُ-يَق ّ
شاِرِبه طويل وَلْم تكن أظافره طويلة شْعُر َ له حاجة إلى ذلك ..أي َلْم يكن َ
فإنه ل علقة للعيد بذلك كما هو الحال بالنسبة إلى الجمعة.
ع لصلة العيد ..هذا شَر ُع ِلصلة الجمعة فإّنه ُي ْ شَر ُ ن ُكّل ما ُي ْ والحاصل َأ ّ
ن أهل التحقيق ِمن أهل العلم ،وهو كلم واضح ل صت عليه طائفة ِم ْ ما َن ّ
غَباَر عليه ِبمشيئة ال تبارك وتعالى. ُ
صلى العيد وَلْو ن الناس ينبغي َلهم أن يأتوا إلى ُم َ ص العلماء ِبأ ّ و-كذلكَ -ن ّ
سَعة ،وما جاء ِمن الخلف في صلة الجمعة فهو شا ِ كان ذلك ِمن مسافة َ
ن على الناس أن َيخرجوا إلى كذلك في صلة العيد ،منهم َمن قال :إ ّ
سَمع فيها الذان لسائر الصلوات-وإن َلْم يكن لصلة العيد المسافة التي ُي ْ
ن الناس-للسف الشديد- سخ ،ولك ّ أذان كما هو معروف-وذلك ُيَقّدُر ِبَفْر َ
ن في بلدِتِهم و-كذلك- صّلو َيتساهلون ِبهذا المر وَتجد كّل أصحاب بلدة ُي َ
خاِلف ِلَهدي النبي- صّلون في باديتهم ،وهذا ُم َ تجد كثيرا ِمن أهل البادية ُي َ
ي صحابته-رضوان ال تبارك وتعالى صلوات ال وسلمه عليه-وِلَهْد ِ
ص الصف حتى يظهر ن أجل وحدة الكلمة وَر ّ عليهم-فينبغي الجتماع ِم ْ
عو ِإَلى العمل المسلمون وهم ِبحمد ال-تبارك وتعالى-جماعة واحدة َفَأْد ُ
ِبِمْثِل هذه الشعيرة؛ وال-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
س:
خرج الناس ِلُيَكّبروا ِبصَْو ٍ
ت ن أن َيكون التكبير جماعيا ..يعني َي ْ
سّ
هل ُي َ
صُلوا إلى مصلى العيد ؟
واحد إلى أن َي ِ
ج:
حٍد ُيَكّبُر هو بنفسه ول حاجة إلى حد ُيَكّبُر بنفسه ..كل وا ِ
ن ُكّل وا ِالصل أ ّ
ك بأّنه عندما ُيَكّبر الناس
شّ
أن ُيكّبر شخص وَتُرّد الـمجموعة َبْعَده ول َ
خرا وقد تكون المجموعة إذا جميعا سيكون بعضهم ُمَتَقّدما وبعضهم متأ ّ
كانت قليلة ..يكون صوُتها واحدا فإذن ل داعي لن يقرأ أحدهم التكبير
ن ذلك ِمن المور الممنوعة " ولكننا ن ُكّنا ل نقول " :إ ّوالَبِقّية ُتَتاِبُعه وإ ْ
ن ذلك ل يثبت وما دام غير ثابت فالْولى أن يكون العمل على نقول :إ ّ
حسب ما جاء في الِدّلة التي أشرنا إليها سابقا .وال أعلم.
ثانيا :أحكام صلة العيد
س:
بالنسبة للخروج إلى صلة العيد ..الذهاب إلى صلة العيد ِمن طريق
خر ،هل هذا ِمن السّنة ؟
والعودة ِمن طريق آ َ
ج:
خُرج في طريق ُثم هذا ثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ..كان َي ْ
حَتِمل هل ذلك ِمن السنن المقصودة خر ،وهذا المر ُم ْ يرجع في طريق آ َ
ن ذلك ِمن المور التي ليست للنبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلمَ-أو أ ّ
جِبلية ؟ هذا المر ُمحتِمل ،ولكن الذي ِمن السّنة وإّنما هي ِمن المور الـ ِ
ن المور المقصوَدة ،ولكن ما العّلة في ذلك ؟ ن هذا ِم َ ذهب إليه أكثرهم ِبأ ّ
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-كان َيمر على ِمْنُهم َمن قال :إ ّ
ن يتصّدق الناس ب صلوات ال وسلمه عليه أ ْ ح ّالناس ومنهم الفقير فأ َ
صّدُقون في ذهاِبهم على الذين لديهم شيٌء ِمن المال على الفقراء يَت َ
الطائفة التي َيمرون عليها في الطريق الول ويتصّدُقون عند إياِبهم على
الطائفة التي هي في الطريق الثاِني.
شعار المسلمين حتى يظهر في ن ذلك ِمن أجل إظهار ِ وِمْنُهم َمن قال :إ ّ
أكثر ِمن موطن عندما َيمر النبي صلى ال عليه وسلم وَمن معه ِمن
الصحابة الكرام رضي ال-تبارك وتعالى-عنهم.
شَهد له
شَهد له الطريقان ..ي ْ ن أجل أن ي ْ ن ذلك ِم ْ ن قال :إ ّوِمْنُهم َم ْ
شَهدالطريق الول في خروجه صلوات ال وسلمه عليه ِلصلة العيد وي ْ
له الطريق الثاني عند رجوعه صلوات ال وسلمه عليه.
وقيل بغير ذلك.
وُيمكن أن يكون ذلك ِلهذه المعاني كلها أو لبعضها ،فإنه ليس هنالك ن ّ
ص
صريح يدل على واحد ِمن هذه المور ولكن مهما كان ينبغي عدم التفريط
في ذلك عندما يكون ذلك ُمْمكنا ،أما إذا كان ذلك ل ُيمكن لبعض الناس
وذلك عندما َيخرجون على السيارات إذ إّنه قد ل يتيسر لهم وجود
طريقين َيخرجون في واحد ويرجعون في الطريق الثاني فل بأس عليهم
عِلْمنا الِعّلة التي خرج منها النبي بمشيئة ال تبارك وتعالىُ ،ثّم إّنَنا لو َ
ن ذلك ِمن أجل أن َيمر على صلى ال عليه وسلم فعلى تقدير أنه أراد أ ّ
الفقراء أو ِمن أجل السلم على أصحابه أو ما شابه ذلك فإذا كان أحد
الطريقين ل يوجد أحد فيه في بعض المناطق فإّنه ل حاجة ِلمثل ذلك،
حَتِملت-المر في هذه القضية ُم ْ شَعار ،ولكن-كما قل ُ وهكذا بالنسبة إلى ال ّ
وليس هنالك دليل واضح فيها وإّنما هي احتمالت ،وما دام النبي صلى
شَهد له كل واحد ال عليه وسلم َفَعَل ذلك وُيمكن أن يكون ِمن أجل أن ي ْ
ِمن الطريقين فالخير كل الخير في إتباعه صلوات ال وسلمه عليه.
س على هذه القضية الذهاب إلى ض أهل العلم إلى أّنه ُيَقا ُ هذا وقد ذهب بع ُ
صلة الجمعة وعليه فعلى قوِلهم ينبغي الذهاب في طريق والرجوع في
ضهم قاس عليه الصلوات الخمس فقال " :عندما َيخرج خر ،وبع ُ طريق آ َ
النسان الذي يريد الذهاب إلى المسجد ينبغي له أن يذهب في طريق
طَرَد َذلك في كل أعمال الخير والِبر ن َ ويرجع في طريق آخر " ،ومنهم َم ْ
عَياَدِة مريض أو ما شابه ذلك ِم ْ
ن فقال " :إذا ذهب لزيارة قريب أو ِ
أعمال الخير ينبغي له أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخر "،
ن أجل أن يشهد له الطريقان ،ولكن مهما ن ذلك ِم ْ ولعّل هذا مبني على أ ّ
صَر على ما كان ل ينبغي القياس في مثل هذه القضية ..ينبغي أن َنْقَت ِ
ورد عليه النص وبعد ذلك إن شاء النسان أن يذهب في طريق ويرجع
خر أو يرجع في الطريق الذي ذهب فيه فل بأس فيه بالنسبة في طريق آ َ
لغير العيد إل إذا كانت هنالك مصلحة كأن َيُمر على بعض أصحابه أو ما
شابه ذلك ،وأما بالنسبة إلى ذهابه صلوات ال وسلمه عليه إلى مكة
خر فعلى تقدير أ ّ
ن المكرمة حيث إّنه دخل ِمن طريق وخرج ِمن طريق آ َ
حَمل على هذه ض أهل العلم-فذلك-أيضاُ-ي ْ ذلك ِمن السنن-كما ذهب إليه بع ُ
ن عرفة في غير الطريق الذي القضية ،وأما بالنسبة إلى رجوعه-أيضاِ-م ْ
سر عليه " ،و-على ُكل-ل ن ذلك كان َأْي َ ض العلماء قال " :إ ّ ذهب إليه فبع ُ
سّنّيِة أمٍر
طْرُد القياس في مثل هذه القضايا حتى َيحكم النسان ب ُ ينبغي َ
صر على ما ثبت به الدليل ..هذا ما أراه؛ سُنون وإّنما ُيْقَت َ
وهو ليس ِبَم ْ
والعلم عند ال تبارك وتعالى.
س:
شيا ؟ وإذا كان ذلك،
هل ِمن السّنة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َم ْ
فماذا على َمن َرِكب ؟
ج:
نعم ،السّنة أن َيخرج النسان إلى صلة العيد كما َفَعَل النبي-صلى ال
شي على َقَدَمْيه ولكن عندما يكون ث إّنه خرج َيْم ِ
عليه وعلى آله وسلم-حي ُ
ق على النسان أن َيخرج وهو شّسرا أما إذا كان المكان بعيدا َي ُ ذلك ُمَتَي ّ
َيمشي فل بأس عليه ِبمشيئة ال-تبارك وتعالى-في الركوب ،وكذلك إذا
كان النسان ضعيفا أو مريضا أو ما شابه ذلك أو أراد أن يأخذ معه بعض
سنح َ
سَت ْ
ق عليهم الذهاب وهم َيمشون أو ل ُي ْ شّنساِئِه وأولِده الذين َي ُ
منهم ذلك أو ما شابه ذلك فل بأس ِبذلك ِبمشيئة ال أما عندما يكون
سرا فل ينبغي أن ُيْعَدل إلى غيره. المشي ُمَتَي ّ
س:
وماذا عن المرأة أيضا ..هل َتخُرج ِلصلة العيد ؟
ج:
نعم ،هكذا ثبت عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-في
الحديث الصحيح الثابت عنه ،فقد َأَمَر صلوات ال وسلمه عليه النساء
حّيض ِبأنأن َيخُرجن لصلة العيد حتى أّنه صلى ال عليه وسلم أمر ال ُ
جل أننأْ صّلين في ذلك الوقت ِم ْ َيخُرجن إلى صلة العيد مع أّنهن ل ُي َ
ن بتكبيرهم ،فالنساء ينبغي ن دعوة الخير مع المسلمين وأن ُيَكّبْر َ َيشَهْد َ
َلهن ذلك ،وقد اختَلف العلماء في هذا الخروج:
منهم َمن قال :إنه واجب .ومنهم َمن قال :إنه مستحب .ومنهم َمن قال:
إنه مباح.
ن ذلك منسوخ " ،ول دليل على ومنهم َمن قال :إنه مكروه ..قالوا " :إ ّ
ي بالدليل ول سبيل له إليه سخ فعليه أن َيأِت َ عى الّن ْ
النسخ أبدا َ ..من اّد َ
البّتة.
ق النساء الكبيرات ،ومنهم َمن قال :يباح حب في ح ّ ومنهم َمن قالُ :يست َ
ن شيٌء ِمن الجمال، ن ،وهكذا ِبالنسبة إلى النساء اللتي لم يكن فيه ّ له ّ
أما بالنسبة إلى النساء الصغيرات ولسيما الجميلت فهذا ِمّما ل ينبغي.
ص الحديث الثابت عن النبي صلى ال عليه ف ِلن ّ خِال ٌ و-على كل حال-هذا ُم َ
صغار ،فل أدري ج ال ّ صيص على خرو ِ وعلى آله وسلم ،فالحديث فيه الّتْن ِ
ث النبي صلى ال عليه وعلى ِلَماذا ُيْؤَتى ِبمثل هذه القوال المخاِلفة ِلحدي ِ
آله وصحبه وسلم ،فالقول ِبالكراهة قول ل وجَه له ،والقول بالنسخ ل
ت إليه ،وهكذا بالنسبة إلى القول دليل عليه ،ول ينبغي لحد أن َيْلَتِف َ
بالباحة أو بالتخصيص بكبيرات السن وَمن كان حاُله كحاِلِهن ،فهذه
ت إليها بل ينبغي المُر ِبذلك كما َأَمَر به النبي القوال ِمّما ل ينبغي أن ُيْلَتَف َ
جن بزينٍة أو ِبعطٍر أو ما شابه ذلك خُر ْ
شْرط أّل َي ْ صلى ال عليه وسلم ِب َ
خرة أو والزينُة شاملة لكل شيٍء سواًء كانت زينة ِبُلْبسِ الثياب الفا ِ
ن ُمَتَزّيَنات، جَ
خُر ْ ط أّل َي ْشْر ِِباستعمال العطور أو ما شابه ذلك ..الحاصل ِب َ
سَنة فهذا ح َ
طَرة أو ما شابه ذلك أو في حالٍة َ خرجت ُمَتَزّيَنة ُمَتَع ّ أما َمن َ
خة ،فإما أن صاِر َف ِللسّنة ُمخاَلفًة َ خاِل ٌ
شّد الّنهي ،فهو ُم َ عْنُه َأ َِمّما ُيْنَهى َ
خُرج المرأة-كما َأَمَرها النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم-غير ُمَتَزّيَنة َت ْ
طه في سّنة النبي ت شرو ُ سة اللباس الشرعي المعروف الذي جاء ْ ولِب َ
جميعا صلى ال عليه وسلم وأرى الوقت ل َيسَمح لي ِبِذْكر تلك الشروط َ
صا بالعيد َبْل ن ذلك ليس خا ّ فَلَعّلَنا َنْذُكرها ِبمشيئة ال في مناسبٍة أخرى فإ ّ
ص أجنبي منها، ن َبْيِتها وقد تلتقي بشخ ٍ خُرج المرأة ِم ْ هو شامل عندما َت ْ
ج بهخُر َ
ح َلها أن َت ْ صّ ت المرأة بلباسها الشرعي الذي َي ِ ج ْ خَر َ
فإذن إذا َ
حاِرمها فذلك ِمّما ُيْؤَمُر ِبه حد ِمن الجانب وذلك-طبعا-مع َم َ عندما َتلتقي ِبَأ َ
ض أو نفاس أو كانت في السّنة سواًء كانت هذه المرأة في حالِة حي ٍ
شَهد الصلة كما طاهرة لكن إذا كانت في حالة حيض أو نفاس فإّنها ل َت ْ
شَهُدث عن النبي-صلوات ال وسلمه عليه-وإّنما َت ْ ثبت ذلك في الحدي ِ
الخير ودعوَة المسلمين وُتَكّبر ِبَتْكِبيِرِهم ُ ..تَكّبر-طبعا-في نفسها َوَلْيس
كالرجال الذين َيْرَفُعون أصواَتُهم؛ وال-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
س:
إذا َلم َتخُرج المرأة ِلصلة العيد ،هل ُتصّليها في بيتها ؟
ج:
جماعِة المسلمين كما ثبت ذلك عن صّلى صلة العيد في َ
الصل أن ُت َ
ن َلم َتخرج كما هو الحال عند
النبي-صلوات ال وسلمه عليه-ولكن إ ْ
صّلت في بيتها ركعتين ) (2فل كثير من الناس في هذا الزمان ..إن َ
ن الصلة تكون في جماعة
بأس ِبمشيئة ال-تبارك وتعالى-لكن الصل أ ّ
وأقصد بالصلة صلة العيد.
س:
ماذا على َمن لم يصل صلة العيد ؟
ج:
ت هي:
على كل حال؛ صلة العيد-كما قل ُ
-1واجبة على العيان ،على رأي طائفة ِمن أهل العلم ،وهو قول قوي.
س:
ص في المناوبة مثلكيف َيصَنع َمن فاتته صلة العيد ..كأن يكون شخ ٌ
وفاتته الصلة يوَم العيد مع الجماعة ،فهل له أن يصليها منفردا فيما
بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟
ج:
ت النهي المعروف وذلك بعد أن على كل حال؛ صلُة العيد وقُتها بعد وق ِ
ن ذلك ُيقّدر تقريبا باثنتي
ترتفع الشمس بمقدار قيد رمح وقلنا ) " : (3إ ّ
عشرة دقيقة أو ربع ساعة " ِ ..من هذا الوقت َيدخل وقت صلة العيد
وَينتهي قبل الزوال ِبلحظة ..هذا هو وقتها ،فالصل أن ُيصلي النسان
مع جماعة المسلمين ولكن إن كان هنالك عذٌر لبد منه ِمن مرض ونحوه
أو ِمن المور التي ل يمكن أن َيخرج فيها مثل كبعض الناس الذين
يكونون في المستشفيات وهنالك ضرورة ملحة لن يبقى الطبيب في
المستشفى:
ن النسان إذا لم َيخرج إلى الصلة ض العلماء َيقول :إ ّ
فعلى كل حال بع ُ
خر لسبب ِمن السباب ل ُيشرع في حّقه أن ُيصّلي خرا أو تأ ّوجاء متأ ّ
صلة العيد ،وذلك لنها ُتشَرع في جماعة المسلمين وإذا لم ُيصّلها في
ي بها.
جماعة المسلمين فل ُيشَرع في حّقه أن َيأِت َ
ومنهم َمن قالُ :يصليها كصلة العيد ..أي ركعتين بالتكبير المعروف.
ومنهم َمن قالُ :يصّلي ركعتين عاديتين.
ومنهم َمن قال :يصلي أربعا.
ومنهم َمن قالُ :يخّير بين ركعتين وبين أربع ركعات.
ومنهم َمن قال بغير ذلك ِمن القوال.
وليس هنالك دليٌل صريح في هذه القضية ،فإذا صلى ركعتين وَكّبر فيهما
فل حرج عليه ِبمشيئة ال تبارك وتعالى.
الهامش :
-1عند الجواب على السؤال ِ 1من حلقة 26رمضان 1425هـ ) يوافقه
10نوفمبر 2004م (.
-2وفي ذلك تفصيل َذَكَره الشيخ عند جوابه على السؤال .9
- - 3عند الجواب على السؤال ِ 1من حلقة 25رمضان 1425هـ
) يوافقه 9نوفمبر 2004م (..
)سابعا :أحكام السنن والنوافل(
س:
ن مرتبتها صغيرة جدا الناس-ربما-مسألة السنن يتهاونون فيها وَيظنون أ ّ
ل َترقى إلى أن ُيحاِفظ عليها النسان ،ما هي قيمة السنن في السلم ؟
ج:
غَفر ال-
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مع أنه قد َ إّ
خر كان ُيحاِفظ أشّد المحافظة
تبارك وتعالى-له ما َتقّدم ِمن ذنبه وما َتأ ّ
سنن في ليله ونهاره ،وقد أمر صلوات ال وسلمه عليه بذلك على ال ّ
ضل ذلك وعلّو منزلته في كثير ِمن الحاديث الثابتة ث عليه ،وبّين ف ْ وح ّ
عنه صلوات ال وسلمه عليه التي جاءت عن طائفة كبيرة ِمن صحابته
رضوان ال-تبارك وتعالى-عليهم.
فقد جاء عنه صلوات ال وسلمه عليه أنه قالَ ) :من عادى لي وليا فقد
آذنته بالحرب ،وما َتقّرب إلي عبدي بشيء أفضل ِمّما افترضُته عليه،
سمَعهت َوما يزال عبدي َيتقّرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإن أحببُته كن ُ
طش بها ،وِرجَله صر به ،ويَده التي َيب ِ
الذي َيسمع به ،وبصَره الذي ُيب ِ
التي َيمشي بها ،وإن سألني (1)...إلى آخر الحديث ،وهو وإن كان قد
تكلم فيه بعض العلماء إل أنه قد جاء ِمن طرق أخرى َيشّد بعضها بعضا
فَيرتقي بذلك الحديث إلى درجة الَقبول ..هذا الذي نراه في هذا
الحديث.وقد سأل رجل ِمن الصحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم أن
عّني على ذلك ُيراِفقه في الجنة فقال له صلوات ال وسلمه عليهَ ) :أ ِ
ث أحَد صحابته وهو ثوبان-رضوان ال تبارك ِبكثرة السجود ( .وح ّ
وتعالى عليه-بكثرة السجود وبّين له صلوات (2)...سجدًة إل َرفع ال له
ن ال َيرَفع به ط عنه بها سيئة .وهكذا شأن النفل ،فإ ّ بها درجة وح ّ
ط به السيئات ،وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي الدرجات وَيح ّ
صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،ول أرى حاجة بالطالة بذكرها.
ن النفل ُيَتّمُم به الفرض فإن كان هنالك وقد جاء في بعض الحاديث أ ّ
ن ال ُيتّمها يوم القيامة بالنفل .فل ينبغي َنقص وقع في بعض الفرائض فإ ّ
لحد أن يتهاون بالنوافل ،ولسيما تلك التي ثبتت عن النبي صلى ال
عليه وعلى آله وسلم.
سئل بعض العلماء عّمن تهاون بالنوافل الراتبة المؤّكدة التي جاءت وقد ُ
عن النبي صلى ال عليه وسلم فقال " :هو رجل سوء " وبّين بأنه ل
سئل بعض العلماء-أيضا-عّمن َيتهاون بالسنن المؤّكدة َيقَبل له شهادة ،و ُ
الثابتة عن النبي صلى ال عليه وسلم فذكر رضوان ال-تبارك وتعالى-
ن ال-تبارك وتعالى-أعلم به وهو مات يوم مات متهاونا بهذه عليه أ ّ
السنن المؤّكدة عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-وأنه ُيخشى
عليه ِمن ذلك ،أو ما شابه هذا المعنى ) .(3فينبغي للنسان-إذن-أن
ُيحاِفظ على تلك السنن الراتبة وُيحاِفظ على تلك السنن التي كان ُيحاِفظ
غَفر ال له ما َتقّدم ت قد َ عليها النبي صلى ال عليه وسلم مع أنه-كما قل ُ
ص سّنة النبي-صلى ص كتاب ال-تبارك وتعالى-وبن ّ خر ،بن ِّمن ذنبه وما َتأ ّ
ال عليه وعلى آله وسلم-الثابتة ثبوتا ل شك فيه .وهذه السنن كثيرة
ومتعّددة مبثوثة في كتب السنن.
وينبغي للنسان أن ُيحاِفظ عليها على حسب ما كان ُيحاِفظ عليها النبي
صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..هكذا ينبغي في السنن بل حتى في
الواجبات ..ينبغي للنسان أن يأتي بها على حسب ما كان يأتي بها النبي
صلى ال عليه وسلم ..يأتي بالواجبات وبالسنن على حسب ما كان يأتي
بها النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ..يراعيها ِمن حيث السبب،
ويراعيها ِمن حيث الجنس ،ويراعيها ِمن حيث العدد ،ويراعيها ِمن حيث
النوع ،ويراعيها ِمن حيث الزمان ،ويراعيها ِمن حيث المكان ..يراعي
هذه المور جميعا ،فيأتي بعباداته على حسب ما كان النبي-صلى ال
عليه وعلى آله وسلم-يأتي بها عليه في المور التي ذكرناها جميعا،
ن علينا بأن
وهي تحتاج إلى تفصيل طويل ،فلعل ال-تبارك وتعالىَ-يم ّ
نتكلم على هذه المور الستة بكلم أطول ِمّما هنا ونضرب على ذلك بعض
ضح بها المقام؛ وال-تبارك وتعالى-المستعان.
المثلة التي َيّت ِ
س:
نوّد منكم تعريفا للسنن المؤكدة ..ما هي السنن المؤكدة ) (4؟
ج:
السنن منها ما هو مؤّكد ،ومنها ما هو راتب ،ومنها ما هو نفل مطَلق.
أما السنن المؤّكدة-وأتكلم الن على السنن في باب الصلة-فهي التي
كانت يأتي بها النبي eفي حضره وفي سفره ولم َيثبت عنه أنه تركها
ول مرة واحدة في حياته.
ن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم- وذلك كمثل صلة سّنة الفجر ،فإ ّ
لم َيتركها ل في حضر ول في سفر ،حتى أنه صلوات ال وسلمه عليه
عندما نام هو وصحابته الكرام-رضوان ال تبارك وتعالى عليهم-وقاموا
بعد طلـوع الشمس أتى بسّنة الفجر ثم أتى بالفريضة.
وهكذا بالنسبة إلى الوتر ،فإنه لم َيثبت عنه أنه َتركها البّتة.
ن بعض العلماء قال بوجوب الوتر ،ومنهم َمن قال-أيضا-بوجوب حتى أ ّ
سّنة الفجر.
ن القول الصحيح في الوتر بأنه سّنة مؤّكدة ،ل َيصل إلى مرتبة ولك ّ
الوجوب.
سب إلى الحسن البصري بأنه قال أما بالنسبة إلى سّنة الفجر فقد ُن ِ
ن المام أبا حنيفة يقول بوجوبها وكذلك جاء عن الحسن بن زياد أ ّ
ك في ذلك كثيرا ،أما بالنسبة إلى المام أبي حنيفة بوجوب ذلك وأنا أش ّ
سبون إليه القول بأنها سّنة وليست ن الكثرية الكاِثرة ِمن أصحابه َين ِ فإ ّ
بواجبة ..هذا هو الثابت عنه ،أما بالنسبة إلى الحسن البصري فإنه ل
شّدة
ُيريد بالوجوب هاهنا الواجب الذي ُيراِدف الفرض ،وإنما ُيريد بذلك ِ
التأكيد ،وهذا َيِرُد كثيرا في بعض الدلة وفي كلم بعض السلف ..
يعّبرون بالواجب ول ُيريدون بالواجب الواجب الذي هو ُيراِدف الفرض،
وكما أنهم يعّبرون بالسّنة ول يريدون السّنة المعروفة عند الفقهاء ،وإنما
ن ذلك ثابت ِبالسّنة ،أو ما هو مشاِبه لذلك ،فالصحيح عن يريدون بأ ّ
ن سّنة الفجر سّنة " ول َيقول ِبوجوِبها .. الحسن البصري ِبأنه َيقول " :إ ّ
هذا الذي ثبت عنه ،وإنما عّبر ِبالواجب وهو ل يريد ِبذلك الوجوب
المعروف .ونحن علينا أن نتدبر عندما َنجد شيئا ِمن المصطلحات الحاِدثة
..عندما َنجد هذه المصطلحات موجودة في كتاب ال أو في سّنة رسوله
أو في كلم بعض السلف ِمن الصحابة والتابعين ..أقول :علينا أن نتدّبر
جيدا وأّل َنحِمل تلك اليات أو تلك الحاديث أو ذلك الكلم المروي عن
السلف على حسب هذه المصطلحات التي اصطلح عليها الفقهاء أو علماء
خرة ولولئك القوم اصطلحات ن هذه اصطلحات متأ ّ الصول ،وذلك ل ّ
ت-حتى في الكتاب العزيز وفي السّنة الصحيحة الثابتة أخرى ،و-كما قل ُ
عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-ما ُيبّين ذلك بيانا واضحا بأنه
سَكُكْم {...
ضْيُتم ّمَنا ِ
ل ُيراد بذلك هذه المصطلحات ،فال يقولَ } :فِإَذا َق َ
] سورة البقرة ،من الية [ 200 :فهل ُيراد بالقضاء هاهنا التيان
بالعبادة بعد انتهاء وقتها كما هو المقرر عند الصوليين ؟! وكذلكَ} :فِإَذا
صلُة ] {...سورة الجمعة ،من الية .. [ 10 :هل ُيراد القضاء ت ال ّضَي ِ
ُق ِ
هاهنا القضاء الذي هو بمعنى ِفعل العبادة بعد خروج وقتها المحّدد لها
ل ..ل ُيراد ذلك بهذا ،وكذلك جاء في بعض الروايات ) :إذا شرعا ؟! ك ّ
ُأقيمت الصلة فل تأتوها وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم
فاقضوا ( وفي بعض الروايات ) :فَأِتّموا ( وقد احتج بعض العلماء
بالتمام على معنى واحتج بعضهم على معنى-كما هو المعروف في كتب
ن الحديث قد جاء الفقه-ول ينبغي الحتجاج بمثل ذلك ..على أنني أقول أ ّ
بلفظ واحد واللفظ الثاني مروي بالمعنى ،وهكذا في كثير ِمن الحاديث
عّدة أحكام مع أ ّ
ن التي تأتي بألفاظ مختِلفة ل ُيمِكن أن َنحَتج بها على ِ
القضية واحدة ..نعم إذا اختلفت القضايا فُيمِكن ذلك إذا لم ُيمِكن الجمع
بينها ..فهذه أمور لبد ِمن أن ُتَتدّبر ،وكذلك ما جاء عن السيدة عائشة
ن رسول ال صلى ال عليه وسلم رضي ال-تبارك وتعالى-عنها " :س ّ
ج بذلك ونقول " :جاء طر " ل ُتريد بذلك أنها سّنة ويمكن أن نحت ّ زكاة الِف ْ
في بعض الروايات التصريح بالوجوب وفي بعضها جاء التصريح بالسّنة
جح فإذن الحاديث هاهنا متعاِرضة منهم َمن يقول بالنسخ ومنهم َمن ُير ّ
ل ،بل معنى ذلك أنها ثبتت بالسّنة وإن كانت هي " ،إلى غير ذلك ..ك ّ
واجبة في حقيقة ذاتها ،إلى غير ذلك ِمن المثلة الكثيرة جدا جدا التي
ينبغي التنبه لها ،فإذن هكذا ..عندما َنجد في كلم السلف-أيضا-الحكم
ن ذلك مخاِلف للسّنة الصحيحة ل ينبغي أن َنتسّرع بوجوب أمر والظاِهر أ ّ
ظهموَننسب إليهم المخاَلفة للسّنة الصحيحة الثابتة ما أمكن أن َنحِمل ألفا َ
ن هذه على حسب ما تدل عليه تلك الدلة .فهاهنا الدلة واضحة تدل بأ ّ
سّنة ،ففي حديث السيدة أم حبيبة بّيَنت بأنها ِمن السنن ،وهكذا في حديث
السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-وجاء ذلك عنها ِمن أكثر
ت ِمن الواجبات. ن هذه ِمن السنن وليس ْ ِمن رواية تدل دللة صريحة ِبأ ّ
وهكذا َنجد في كلم كثير ِمن السلف الحكم بكراهة بعض المور مع أ ّ
ن
تلك المور محّرمة بنصوص واضحة جلية فهم ل ُيريدون بالكراهة هاهنا
الكراهة المعروفة عند الفقهاء والصوليين ،وإنما يريدون بالكراهة
التحريم ،إلى غير ذلك ِمن المعاني التي ل يّتسع المقام لذكرها الن كما
أنه ل يّتسع لذكر الدلة التي تدل على ما ذكرناه ،وعسى أن نبّين ذلك في
مناسبة أخرى ،فالمقام يقتضي ذلك ،لكثرة وقوع الخطإ في هذه المسألة
ِمن بعض العلماء فضل عن غيرهم.
كما أنه عند نسبة القوال إلى بعض العلماء السابقين ِمن الصحابة
ظر أّول وقبل كل شيء جد لهم مؤلفات ينبغي أن َنن ُ والتابعين الذين ل ُتو َ
حة تلك الروايات التي ُرويت عن أولئك الصحابة والتابعين ،فإننا في ص ّ
ن كثيرا ِمن أهل العلم َيروون بعض َنجد كثيرا في كتب الخلف) (5أ ّ
حصوا تلك الروايات عن بعض الصحابة أو التابعين ِمن غير أن ُيم ّ
الروايات هل تلك النسبة صحيحة أو ليست بصحيحة ،وهذا موجود في
ن طائفة كبيرة ِمن تلك كتب التفسير وفي كتب الفقه ،إلى غير ذلك ،مع أ ّ
سب إلى أولئك الصحابة الكرام وإلى أولئك التابعين ل َتثبت القوال التي ُتن َ
ضهم عنهم ،فلبد ِمن معرفة الثابت عنهم ،فقد ُكذب عليهم ،وجاء عن بع ِ
جة لضعف رجالها أو لتدليسهم، ض الروايات ِمن طرق ل تقوم بها الح ّ بع ُ
جة ،فينبغي الّتنّبه لذلك ،وأّل َننسب إلى إلى غير ذلك ِمّما ل تقوم به الح ّ
الصحابة أو غيرهم إل ما ثبت عنهم ،وعند َمن ل يستطيع ذلك إما أن
ُيعِرض عن ذلك على الطلق ،وإما أن ُيبّين ذلك بطريقة َيظَهر منها بأنه
سب إليهم؛ وال-تبارك لم َيتثّبت ِمن ذلك وإنما َذَكَرُه على حسب ما ُن ِ
وتعالى-أعلم.
س:
أنتم تحدثتم عن سّنة الفجر وأنها مؤّكَدة والبعض ذهب إلى أنها واجبة ..
الن بالنسبة لسّنة الفجر ،ما حكم صلة سّنة الفجر أثناء صلة المام
الفريضة ؟
ج:
نعم سّنة الفجر سّنة مؤّكدة ،للحاديث الكثيرة التي دّلت على ذلك ،وقد
ضلها-أيضا-الكثير الطيب ِمن سّنة النبي صلى ال عليه وعلى جاء في ف ْ
آله وصحبه وسلم ،فل ينبغي لحد أن ُيفّرط فيها بحال ِمن الحوال،
ن النبي صلى ال عليه وسلم قال عنها ) :سّنة الفجر خير ِمن ويكفي أ ّ
الدنيا وما فيها ( ..هكذا ثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه ،وفي هذا
ضل .فسّنة الفجر ُتشَرع بطلوع ضل ما ل َيخفى على َمن أراد الف ْ ِمن الف ْ
الفجر ،فإذا طلع الفجر فإنها ُتشرع في ذلك الوقت ..هذا هو الوقت الذي
كان َيفعلها فيه النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما َمن قال بأنها ُتشَرع قبل ذلك فل دليل له ،بل هو مصاِدم للدليل أّيما
مصاَدمة ،فل ينبغي لحد أن َيأخذ بذلك ..نعم َمن أخذ بذلك في الماضي
فليستغفر ربه ول شيء عليه ،أما بالنسبة إلى المستقبل فل ينبغي لحد
ت-للسّنة الصحيحة الثابتة عن النبي أن َيأخذ بذلك مع مصاَدمة ذلك-كما قل ُ
صلى ال عليه وسلم ُثُبوتا ل شك فيه .وسّنة الفجر كان ُيصليها النبي
صر فيها القراءة حتى أ ّ
ن صلى ال عليه وسلم في ذلك الوقت ،وكان َيخت ِ
ك هل أتى بالفاتحة السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-كانت تش ّ
فيها أو ل ،وِمن هنا قد اختلف العلماء هل ُيشَرع للنسان أن َيقَرأ فيها أو
أنه ل ُتشَرع فيها القراءة ؟
- 1فمنهم َمن قال :إّنه ُيصليها ول ُيشَرع له فيها القراءة ،وهو قول ِمن
الضعف بمكان.
-3ومنهم َمن قال :إنه ُيشَرع للنسان أن َيقرأ فيها الفاتحة وَيقرأ فيها
شيئا ِمن السور القصيرة أو ِمن اليات القصيرة ،وهذا هو الصحيح
الثابت ،فقد كان النبي-صلى ال عليه وعلى آله وسلم-يأتي فيها بسورة
الكافرون في الركعة الولى وبسورة الخلص في الركعة الثانية ..هذا
في بعض الحوال ،وكان يأتي في بعض الحيان بقول ال تبارك وتعالى:
} ُقوُلوا آَمّنا .. (6) {.ْ.بالية ] [ 136التي في سورة البقرة ،وفي
الركعة الثانية كان يأتي بالية الثانية والخمسين) (7في بعض الروايات)
(8وفي بعض الروايات بالية الرابعة والستين)ِ (9من سورة آل عمران)
..(10كان هكذا صلوات ال وسلمه عليه َيختصر القراءة.
-4وذهب بعض أهل العلم أنه يأتي فيها بسورة أو بآية ول يأتي بفاتحة
الكتاب.
حها أنه يأتي بفاتحة الكتاب وبسورة أو آية فهذه أربعة أقوال ،أص ّ
قصيرة ،كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم ،أما السورة
فأمرها واضح بما ذكرناه ِمن السور التي كان يأتي بها النبي صلى ال
عليه وسلم ،وأما بالنسبة إلى الفاتحة فذلك واضح ِمن حديث ) :ل صلة
إل بفاتحة الكتاب ( ،وهو صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم
وِبحديث ) :كل صلة ل ُيقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج
فهي خداج ( ،وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ،
ضمن بقية الصلوات التي دّل هذان الحديثان وغيرهما ِمن فهي داخلة في ِ
الحاديث الكثيرة الدالة على مشروعية قراءة الفاتحة فيها.
وبقية القوال ل دليل عليها ،ولعل الذين قالوا يأتي بسورة قصيرة أو بآية
ك هلقصيرة أخذوا ذلك مما ذكرُته عن السيدة عائشة فقالوا إذا كانت تش ّ
صر
أتى بفاتحة الكتاب فإنه إذا أتى بهذه السورة معنى ذلك أنه كان َيقت ِ
ك في الفاتحة فكيف يمكن أن يأتي بالفاتحة عليها إْذ إنه إذا كانت تش ّ
وبسورة أو آية بعدها ،ولكننا َنحِمل قول السيدة عائشة-رضي ال تعالى
عنها-على المباَلغة في الختصار في صلة النبي صلى ال عليه وسلم
لهذه الصلة.
ض العلماء إلى أنه ينبغي للنسان أن ُيطيل القراءة فيها هذا وقد ذهب بع ُ
ولو قرأ في كل سورة ِبجزء كامل ،وهو قول ضعيف مصاِدم للحديث
ت سابقا :إنه ينبغيالثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ،وقد قل ُ
للنسان أن ُيطّبق السّنة على حسب ما جاء عن النبي صلى ال عليه
وسلم في ِكّميتها وكيفيتها وعددها إلى غير ذلك مما ذكرُته ،فإذا كان
صر القراءة في هذه الصلة-على حسب ما النبي صلى ال عليه وسلم َيخت ِ
َذَكَرْته السيدة عائشة ،الثابت عنها بالسناد الصحيح-فكيف ينبغي أن
ن النبي صلى ال نقول " :إنه ينبغي للنسان أن ُيطيل القراءة " ،مع أ ّ
عليه وسلم كان تارة َيتحّدث مع السيدة عائشة-رضي ال تعالى عنها-إذا
طجع على َيمينه ،كما ثبت ذلك عنه كانت قائمة بعد الصلة وتارة َيض َ
صر
صلوات ال وسلمه عليه ،فالوقت واسع للقراءة ومع ذلك كان َيخت ِ
القراءة في هذه الصلة ،فينبغي للنسان أن ُيطّبق السّنة ،فالخير كل
ضل في متابعة النبي صلى ال عليه وعلى آله ضل كل الف ْالخير والف ْ
وسلم ،أما الطالة فلها وقت آخر ،وقد أحسن المام الخليلي-رضوان ال
سِئل عن مسألة عن الراجح ِمن القوال فيها تبارك وتعالى عليه-عندما ُ
ضل ِلَمن
فبّين رضوان ال-تبارك وتعالى-عليه السّنة ثم قال " :وفيها الف ْ
ضل في متابعة النبي صلى ال عليه وسلم ،وهو في ضل " ،فالف ْ
أراد الف ْ
الختصار في هذه الصلة؛ وال أعلم.
أما بالنسبة إلى صلِتها في أثناء صلة المام فهذه المسألة اختلف
العلماء فيها ،وتحت هذه القضية مسألتان:
شَرع في هذه الصلة ثم ُأقيمت الجماعة .. الولى :أن يكون النسان قد َ
هنا اختلف العلماء:
خل مع المام.
طع الصلة ُ ..يسّلم وَيد ُ
-2ومنهم َمن قال :إنه َيق َ
-4ومنهم َمن قال :إن كان َيعِرف أنه سُيدِرك الركعة الولى ..سُيدِرك
صل صلته ،أما إذا كان ل ُيدِرك ذلك
الركوع ِمن الركعة الولى فإنه ُيوا ِ
فل ،وذلك لحديثَ ) :من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة (.
-5ومنهم َمن قال :إذا كان قد صلى ركعة واحدة فإنه ُيكِمل الركعة
طع تلكالثانية ،أما إذا كان لم ُيصّل ركعة-وذلك ُيقّيد بالركوع-فإنه َيق َ
الصلة وَيدخل مع المام.
و-على كل حال -النبي صلى ال عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح) :
إذا أقيمت الصلة فل صلة إل المكتوبة ( ،فإذا أقيمت الصلة فينبغي
خل مع الجماعة وبعد ذلك َيقضي هذه الصلة بمشيئة ال للنسان أن َيد ُ
تبارك وتعالى.
خل في الصلة ِمن قبل وَوجد الجماعة ُتصّلي فاختلفوا: أما إذا كان لم َيد ُ
خل
-1منهم َمن قالُ :يمَنع ِمن صلة السّنة في هذا الوقت بل عليه أن َيد ُ
مع الجماعة ول َيجوز له أن ُيصلي السّنة.
-3ومنهم َمن قال :له أن ُيصّلَيها إذا كان خارج المسجد أو في موضٍع ل
ح صلُته فيه مع المام ،ومنهم َمن َقّيد ذلك ِبما إذا كان ذلك خارجصّ
َت ِ
المسجد.
-4ومنهم َمن قال :إذا كان ُيمِكن أن ُيدِرك المام في الركعة الولى فله
أن ُيصلي ،أما إذا كان ل ُيمِكنه ذلك فل.
-5ومنهم َمن قال :إنه إن كان سُيدِرك الركوع ِمن الركعة الثانية فله أن
خل ،وإل فل.
َيد ُ
س:
سنن الراِتبة ؟
ما هي ال ّ
ج:
سنن الثابتة عن النبي صلى ال عليه قد تكلمنا بالمس) (12على بعض ال ّ
ن ِمن
وسلم ِمن قوله وفعله صلوات ال وسلمه عليه ،وبّينا ) (13أ ّ
سنن المؤّكدة سّنة الفجر وسّنة الوتر ،وهنالك-أيضا-سنن مؤّكدة أخرى،
ال ّ
ولكّنها ليست مقّيدة باليوم والليلة ،وإنما ُتفَعل لبعض السباب ..عندما
توجد تلك السباب فإنه ُيؤتى بها ،وليس كلمنا في ذلك في هذا الوقت)
.(14
ظب عليها النبي سنن التي كان ُيوا ِ سنن الراتبة فهي ال ّ أّما بالنسبة إلى ال ّ
ظب عليها صلى ال عليه وسلم في حضرهِ ،بخلف المؤّكدة فإنه كان ُيوا ِ
في السفر والحضر.
ن-النبي صلى ال عليه وسلم لم َيترك سّنة الفجر و-قد ُقلت) :(15إ ّ
والوتر ل في سفره ول حضره.
جْمع فإنه لم ض الروايات أنه لم ُيصّل الوتر في ليلة َ أّما ما ُيؤخذ ِمن بع ِ
ُيصّلها في ذلك الوقت ،والظاهر أنه صلها بعد ذلك ،أخذا ِمن الحاديث
ظب على ن النبي صلى ال عليه وسلم كان ُيوا ِ صّرحت بأ ّالخرى التي َ
الوتر في أسفاره صلوات ال وسلمه عليه ،وإذا وجدنا أدلة في ظاهرها
شمل تلك الدلة ونأخذ ِبما شيء ِمن التعارض فإنه ينبغي أن َنجَمع بْين َ
ت عليه ..هذا إذا َأمَكن ذلك ،وهذا ُممِكن-بحمد ال-في هذه اجتَمَع ْ
القضية ،وللطالة في ذلك موضع آخر.
ظب سنن الرواتب فالنبي صلى ال عليه وسلم كان ُيوا ِ أما بالنسبة إلى ال ّ
عليها في حضره ،وقد أمر بها أيضا ،كما جاء ذلك في حديث السيدة أم
ت فيه عن حبيبة أم المؤمنين-رضي ال تبارك وتعالى عنها-الذي ذكَر ْ
النبي صلى ال عليه وسلم قالَ ) :من حافظ على اثنتي عشرة ركعة في
يومه وليلته ُبني له بيت في الجنة ( وفي بعض اللفاظ ) :بنى ال له بيتا
في الجنة ( ،والحديث صحيح ،رواه مسلم ،وطائفة كبيرة ِمن أئمة
ظبة على الحديث ،ل أرى داعيا لذكرهم في هذا الوقت ،وقد جاءت الموا َ
سنن-أيضا-في حديث السيدة عائشة رضي ال-تعالى-عنها ،وهو هذه ال ّ
حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم َ ،رَوْته جماعة كبيرة
ِمن أئمة الحديث ،وكذلك جاء ذلك عن البراء بن عازب في بعضها ،وجاء
في بعضها-أيضا-عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري-رضي ال تبارك
عَدد بعض الركعات. وتعالى عنهما-على اختلف يسير في َ
سنن المؤّكدة.ت هي ِمن ال ّ سّنة الفجر هي ركعتان ،و-كما قل ُ
سنن الراتبة التي هي قبل الفرائض وبعد الفرائض: أما ال ّ
ت الحاديث .. فمنها السّنة الَقْبلّية التي هي قبل فريضة الظهر ،وقد اختلف ْ
منها ما جاء أّنها أربع ركعات ،ومنها ما جاء أّنها ركعتان ،فقد جاء عن
ن النبي صلى ال عليه السّيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-أ ّ
وسلم كان ُيصلي أربعا ،وكذلك جاء في حديث السّيدة أم حبيبة-رضي ال
تعالى عنها-وهو حديث قولي أّنه َذَكَر منها أربعا قبل الظهر ،وجاء في
حديث ابن عمر وفي حديث أبي سعيد الخدري-رضي ال تعالى عنهما-
وهما حديثان صحيحان أنه صلى ال عليه وسلم كان ُيصلي ركعتين قبل
الظهر ،وهنالك أحاديث أخرى منها ما يّدل على هذا ومنها على ذاك،
ن الصحيح منها ما ذكرناه ،وقد اختلفت كلمة أهل العلم في الجمع بين ولك ّ
الرواية التي فيها الربع والرواية التي فيها الركعتان:
ن السّيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها- -1فِمن العلماء َمن قال :إ ّ
حكت ما شاهَدْته وحكى ابن عمر و-كذا-أبو سعيد-رضي ال عنهما-ما
شاهداه ،وهذا ليس بقول مستقل في حقيقة الواقع ،إذ إّنه َيرجع إلى
بعض القوال التية بمشيئة ال تبارك وتعالى.
ن ابن عمر-رضي ال تبارك وتعالى عنهما-قد نسي -2ومنهم َمن قال :إ ّ
ت ذلك السّيدة عائشة رضي ال-تبارك وتعالى- ظ ْحِف َ
خَرَيْين ،و َ
الركعتين اُل ْ
سنن التي جاءت ب أن َينسى بعض الصحابة بعض ال ّ ج ٍ
عنها ،وليس ِبع َ
عن النبي صلى ال عليه وسلم ولذلك أمثلة متعّددة ل أرى داعيا ليرادها
صار إليه إّل إذا لم
ف الصل ل ُي َ
ن هذا-في حقيقة الواقع-خل ُ الن ولك ّ
ن ابن
ُيمِكن أن ُيحَمل الحديث على ما ُروي عن ذلك الصحابي ،على أ ّ
ت لم يتفّرد بذلك ،فقد رواه أبو سعيد عند المام الربيع رحمه عمر-كما قل ُ
ال تبارك وتعالى).(16
ن َمن حكى الربع-وهي السيدة عائشة رضي ال -3ومنهم َمن قال :إ ّ
تعالى عنها وحكى ذلك أيضا غيرها ِمن الصحابة-فحكى ما كان َيفعله
النبي صلى ال عليه وسلم في البيت ،بينما حكى َمن حكى أّنه كان ُيصلي
ركعتين ما كان َيفعله في المسجد ،فقد كان ُيصلي في البيت أربعا وكان
يصلي في المسجد ركعتين.
- 4ومنهم َمن قال :إّنه كان ُيصلي ركعتين في البيت وكان يصلي ركعتين
في المسجد ،فَمن حكى الربع فقد قامت لديه الحجة بالركعتين اللتين كان
ُيصليهما في المسجد وما شاهده في البيت أو بما شاهده في المسجد وما
علم به ِمن طريق آخر أنه كان ُيصليه في البيت ،أما َمن حكى ما شاهده
في المسجد فحكى الركعتين اللتين شاهدهما ولم َيعلم بالركعتين اللتين
صلهما في البيت.
-5ومنهم َمن قال :كان ُيصلي تارة أربعا-وهو الغلب-وكان تارة ُيصلي
ركعتين.
-6ومنهم َمن قال :كان ُيصلي أربعا وُيصلي ركعتين تحية المسجد،
فالسّنة الَقْبلّية هي الربع ،أما الركعتان فهما تحية المسجد.
ن الربع هي-في حقيقة الواقع-الصلة التي بعد -7ومنهم َمن قال :إ ّ
زوال الشمس ،أما السّنة الَقْبلّية فهي السّنة التي حكاها ابن عمر وأبو
سعيد الخدري رضي ال-تبارك وتعالى-عنهما.
سط عليها الدلة وأن َنذُكر ما لها وما عليها، ن َنب ُ
وهذه القوال َيحتاج َأ ْ
ن المقام ل َيكفي لذلك. ولك ّ
ن النسان إذا كان َيتمّكن ِمن الربع فل ينبغي له أن ُيفّرط في وأرى أ ّ
ن ذلك ثابت ل شك فيه عن النبي-صلى ال عليه وعلى آله الربع ،ل ّ
وسلم-وإذا دخل المسجد إذا كان قد صلى الربع في البيت فإنه ُيصلي
ركعتين تحية المسجد ،أما إذا لم يكن هنالك مّتسع ِمن الوقت في أن يأتي
بالربع فإنه ُيصلي ركعتين وُيجزيه ذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى).(17
أما بالنسبة إلى السّنة الَبْعِدَية بعد الظهر فقد ثبت ِمن طريق السّيدة
عائشة-رضي ال تعالى عنها-وِمن طريق ابن عمر وعن طائفة-أيضا-
كبيرة ِمن الصحابة أنه كان ُيصلي ركعتين ،وكذلك جاء في الحديث
القولي عن أم حبيبة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-وهو حديث صحيح
ثابت.
وقد جاء ِمن طريق أم حبيبة-أيضاِ-ذْكُر الربع وهو حديث قولي ولكن في
ححته طائفة ِمن أهل العلمَ-نظٌر عندي ،فأخشى أن حة ذلك-وإن ص ّ صّ
تكون هذه الرواية شاّذة ِمن حيث المتن وإن كان إسنادها نظيفا.
فالذي نستطيع أن َنجزم به هو الركعتان.
سنن الراتبة ،وأما مان الركعتين ِمن ال ّ
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أ ّ
عدا ذلك فِمن التنّفل الذي فيه خير كثير وإن لم يكن ِمن السّنة الراتبة.
ن النسان ل ُيمنع ِمن الزيادة على الركعتين ،إذ ل دليل هنالك ول شك بأ ّ
على المنع ،وإنما َنحكي ما كان َيفعله النبي صلى ال عليه وسلم وما ح ّ
ث
عليه ،أما أن َيزيد النسان على ذلك ِمن غير أن َيحِمل ذلك على أّنه ِمن
الرواتب التي أمر بها النبي صلى ال عليه وسلم أو كان َيفعلها فذلك ِمّما
ل إشكال فيه إن لم يكن ذلك الوقت ِمن الوقات التي ُينهى عن الصلة
فيها ول نهي عن الصلة في هذا الوقت.
وأما بالنسبة إلى العصر فذهب بعض أهل العلم إلى القول بالسّنة الَقْبلّية،
سب إلى النبي صلى ال عليه وقد جاءت في ذلك روايات متعّددة ُتن َ
وسلم ،وأقواها ما جاء ِمن طريق علي بن أبي طالب وِمن طريق ابن
عمر ،وقد جاء ذلك-أيضاِ-من طريق ميمونة أم المؤمنين ،وجاء-كذلكِ-من
ن هذا الحديث طريق أم حبيبة ،وجاء ذلك-أيضاِ-من غير هذه الطرق ولك ّ
جَية ،وإن كانت طائفة ِمن أهل العلم قد حّل أرى أّنه َيبلغ إلى مرتبة ال ُ
َقّوت رواية ابن عمر ورواية علي) ،(18ولكّنهما في َنْقِدي ل َيثبتان حتى
خر ِبمشيئة ال تبارك وتعالى. ضع آ َ ِبمجموع الطريقين ،ولتفصيل ذلك مو ِ
ن تلك الرواية ل َتثبت عن وأّما بعد العصر فإنه قد جاءت رواية ،ولك ّ
النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ن هذا الوقت-في حقيقة الواقعِ-مّما ُينهى عن الصلة فيه).(19 على أ ّ
ن ذلك ت طائفة ِمن أهل العلم ل ترى النهي ،منهم َمن ذهب إلى أ ّ وإن كان ْ
منسوخ ،إلى غير ذلكِ ،مّما ل داعي للكلم عليه في هذا الوقت فيما
أحسب).(20
صل أّنه ليست هنالك سّنة قبل العصر ول بعد العصر. والحا ِ
ن العلماء قد اختلفوا في المسألة: إل أ ّ
منهم َمن قال ِبالسّنة الَقْبلّية.
ومنهم َمن قال :ل بأس ِمن التنّفل قبل العصر.
ومنهم َمن ل َيرى ذلك.
ونقول :إّنه ل بأس ِمن التنّفل ولكنه ليس ِبسّنة َقْبلّية ،وإنما هو ِمن
مطَلق الّنفل ،وقد ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال ) :بْين كل
أذانين صلة ( ،فهذا حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ،
سنن ن ذلك ِمن ال ّ فَمن شاء أن ُيصلي في هذا الوقت فلُيصّل أّما الحكم بأ ّ
ث عليها فذلك ظب عليها النبي صلى ال عليه وسلم أو ح ّ الَقْبلّية التي وا َ
ِمّما لم َيثبت عنه صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
والقول-أيضا-بكراهة ذلك أو أّنه ل ينبغي أو ما شابه ذلك فإنه ل دليل
عليه.
والستدلل ِبأنه إذا دخل الوقت فُينهى عن الصلة إّل عن صلة العصر
ن النهي يكون بعد صلة العصر، إلى أن َتغرب الشمس ل دليل عليه ،إذ إ ّ
ل بعد دخول وقت العصر.
فإذن الصلة ِمّما ل مانع منها وهي داخلة في هذا الوقت ،فإذا أراد
عَو ففي الدعاء بين الذان النسان أن ُيصلي فلُيصّل وإذا أراد أن َيد ُ
والقامة خير كثير ،كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم.
حَمل بعض أهل العلم حديث ) :بين كل أذانين صلة ( على َمحَمل وقد َ
آخر ولكنه ِمن البعد بمكان ،فل أرى إيراَده في هذا الوقت.
وأما بالنسبة إلى صلة المغرب فقد ثبتت السّنة الَبْعِدَية عن النبي صلى
ال عليه وسلم ..ثبتت ِمن قوله وفعله ،فَثَبتت في حديث السّيدة أم حبيبة
رضي ال-تبارك وتعالى-عنها ،وهي ركعتان ،وثبتت-أيضاِ-من طريق
السّيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-وِمن طريق ابن عمر رضي
ال-تبارك وتعالى-عنهما.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أّنها تأتي في المرتبة الثالثة بعد الوتر وبعد
سّنة الفجر.
ضلسنن الراتبة في التفضيل فُيَف ّ وذهب بعضهم إلى أنه ل فرق بين ال ّ
الوتر ثم سّنة الفجر وبعد ذلك هي سواء في التفضيل.
ضل سّنة المغرب. ومنهم َمن ف ّ
ضل سّنة الظهر.ومنهم َمن ف ّ
ضل سّنة الظهر الَقْبلّية على الَبْعِدَية.ومنهم َمن ف ّ
والحتجاج لكل فريق وما له وما عليه َيطول.
سنن التي ثبت عن ن النسان ل َينبغي له أن ُيفّرط في هذه ال ّ وأقول :إ ّ
غِفَر له ما َتقّدم ِمن ذنبه وما النبي صلى ال عليه وسلم ِفْعُلها مع أّنه قد ُ
ن ذلك ِمن خر ،ومع حّثه عليها وبيان المزية العظيمة لها ،وكفى بأ ّ َتأ ّ
صلة إلى الجنة ِلَمن حاَفظ عليها وهو الفوز الذي يسعى إليه السباب الُمو ِ
ساعون ويتنافس فيه المتنافسون. ال ّ
ت بعد المغرب وهو ل َيثبت وقد جاء هنالك حديث يدّل على مشروعية الس ّ
بل هو موضوع.
ن ذلك ت فإ ّ
وكذلك ما جاء ِمن مشروعية الثنتي عشرة قبل الظهر أو الس ّ
ِمّما ل َيثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم .
خر،فنحن نذكر الثابت والذي لم َيثبت ،أّما َمن شاء أن َيزيد فذلك له أمر آ َ
ولكنني أقول:
بالنسبة إلى السّنة الَقْبلّية قبل الظهر فالنسان ينبغي له أن َيكتفي ِبما
اكتفى به النبي صلى ال عليه وسلم ثم َيشتِغل بالذكر والدعاء حتى َيَنال
ذلك الفضل الذي بّينه النبي صلى ال عليه وسلم في الدعاء بين الذانين.
وبالنسبة إلى الِعشاء فإّنه ليس هنالك سّنة َقْبلّية وإنما هنالك محض
التنّفل الذي أشرنا عليه ،فالحال فيها كالحال في صلة العصر.
ت ركعتان عن النبي صلى ال عليه وأما بعد صلة الِعشاء فإّنه قد ثبت ْ
سنن الراتبة التي ل َينبغي للنسان أن وسلم بقوله وفعله ،فهي ِمن ال ّ
ُيفّرط فيها.
وأما بالنسبة إلى السّنة الَقْبلّية قبل المغرب فالعلماء اختَلفوا:
شّدد في ذلك وقال " :ل َينبغي للنسان أن ُيصلي في ذلك الوقت منهم َمن َ
بل ذلك مكروه " ،وأخذوا ذلك ِمن النهي عن الصلة عند غروب
ضهم بأّنه َيمتد إلى صلة المغرب ،وليس المر الشمس ،وظاهر كلم بع ِ
كما اّدعوا ،بل ذلك ينتهي بتحّقق غروب الشمس َتحّققا ل شك فيه.
ولكن ليست هنالك سّنة راتبة ،أما َمن شاء أن ُيصلي فل مانع ،كما ذكر
سئل عن الصلة قبل المغرب في السفر ذلك المام الخليلي رحمه ال ،فقد ُ
فقال " :ل مانع في السفر ول في الحضر " ،والمر كما قاله رحمه ال،
فقد كانت طائفة ِمن الصحابة ُتصلي قبل المغرب ،كما ثبت ذلك ِمن طريق
أنس بن مالك-رضي ال تعالى عنه-بل جاء ما يدّل على ذلك-أيضاِ-من
السّنة القولية ) :بين كل أذانين صلة ( وقال في الثالثةِ ) :لَمن شاء ( ..
جاء ذلك ِمن طريق عبد ال بن مغّفل ،وكذلك جاء ما يدّل على ذلك-أيضا-
ِمن طريق عقبة بن عاِمر رضي ال-تبارك وتعالى-عنه ،فليس هنالك
دليل يدّل على المنع ،ولكن إذا كان الناس يصلون المغرب في أّول وقتها
فإذا دخل النسان وصّلى تحية المسجد ..فمخافة وقوع حرج هنالك بين
طع الصفوف أو ما شابه ذلك فِمن هذا الباب َيترك كثير ِمن الناس وقد َتنق ِ
صلة في هذا الوقت ،ثم هي ليست بسّنة راتبة ،فُيمكن أهل العلم ال ّ
صلىللنسان أن َيشتِغل بالذكر ،أما بالنسبة إلى سّنة تحية المسجد فهي ُت َ
في هذا الوقت ،كما يدّل على ذلك الحديث ،كما سنتكّلم على ذلك-بمشيئة
ال-عند الكلم على سّنة تحية المسجد.
سنن الراتبة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم. هذه هي ال ّ
وهنالك-أيضا-الوتر وهو سّنة مؤّكدة ،فهذا ل َينبغي التفريط فيه بحال.
بل قد قالت طائفة كبيرة ِمن أهل العلم بوجوبه.
ومنهم َمن صّرح بالفرضية.
ن الصحيح أنه سّنة مؤّكدة. ولك ّ
ووقُته َيبتدئ بعد صلة العشاء.
بعض العلماء قالَ :يبتدئ ِمن وقت صلة العشاء ..أي ِبغيوب الشفق
الحمر ،وذكروا أنه ُيمِكن للنسان أن ُيصلي الوتر حتى قبل فريضة
الِعشاء ،وهذا ليس بشيء.
بل وقُته َيبتدئ بعد فريضة الِعشاء ،كما صّرحت بذلك السّنة الصحيحة
الثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم.
وكذلك اختلفوا إذا صلى النسان جْمع تقديم ،هل ُيصليه بعد الِعشاء
ق أّنه ُيمِكن
ت الِعشاء ؟ والح ّ
خر حتى َيدخل وق ُ شرة أو لبد ِمن أن َيتأ ّمبا َ
شرة.
له أن ُيصليه بعد الجْمع مبا َ
وأما وقته فإنه َينتهي بطلوع الفجر ..لبد ِمن أن يأتي به النسان قبل
طلوع الفجر ..هذا الذي دّلت عليه السّنة.
خره ولو إلى ما بعد طلوع الفجر خلفا ِلَمن قال :إّنه ُيمِكن للنسان أن ُيؤ ّ
بشرط أن َيأتي به قبل صلة الفجر ،فهذا قول مخاِلف للسّنة الصحيحة.
صر في هذا الوقت على هذا؛ وال وِللمسألة فروع متعّددة ،أرى أن أقت ِ
ولي التوفيق.
س:
سنن المؤّكدة ؟
ما هي ال ّ
ج:
سنن التي تتكّرر كل نحن قلنا سّنة الفجر والوتر ..هذا بالنسبة إلى ال ّ
يوم.
سنن المؤّكدة على الصحيح)،(21 و-كذلك-سّنة تحية المسجد فهي ِمن ال ّ
ُتصّلى حتى في وقت خطبة المام ،كما دّل على ذلك الحديث الصحيح
الثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم .
سنن المؤّكدة.سنن المؤّكدة-أيضا-سّنة الكسوف ،فهي ِمن ال ّ وِمن ال ّ
بل بعض العلماء ذهب إلى أّنها فريضة على الكفاية.
ومنهم َمن قال :هي فريضة على العْين.
والقول بالفرض الكفائي له وجه وجيه.
فهذه سنن ل ينبغي لحد أن ُيفّرط فيها.
س:
سّنة الفجر َ ..من لم ُيدِركها قبل الفريضة ،متى يأتي بها ؟
ج:
هذه المسألة اختَلف فيها العلماء َ ..من صلى الفريضة ولم َيأت ِبالسّنة،
وذلك ل َيخلو ِمن أحد أمرين اثنين:
ق ِمن الوقت ما َيّتسع إما أن يأتي بالفريضة في أواخر وقتها بحيث لم َيتب ّ
للسّنة فهاهنا يأتي بها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد ُرمح ..
هذا بناًء على رأي َمن يقول بالقضاء ،كما سيأتي ِبمشيئة ال تبارك
وتعالى ،أما إذا كان الوقت مّتسًعا للصلة ولكّنه صلى مع الجماعة وأراد
أن يأتي بعد ذلك ِبالسّنة فاختلف العلماء متى يأتي بها ؟
أّول اختلفوا في قضائها:
منهم َمن قال :ل ُتقضى ،فِبما أّنه صلى فريضة الفجر فليس عليه أن
َيقضَيها أو ل ُيؤمر بقضائها-لنها هي ليست عليه-في واقع المر-بمعنى
ن له أن َيقضَيها ،وهذا قول ضعيف جدا. سّالوجوب-لكّنه ل ُي َ
ومنهم َمن قالَ :يقضيها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد ُرمح.
ن وقتشرة ،وهذا بناًء على أ ّ ومنهم َمن قال :بعد طلوع الشمس مبا َ
النهي َينتهي ِبمجّرد َتحّقق طلوع الشمس َتماما.
ظر إلى مقدار قيد ُرمح ،وذلك ُيقّدر ِبما َيقُرب والصحيح أّنه لبد ِمن أن َينت ِ
ِمن اثنتي عشرة دقيقة أو ربع ساعة تقريبا.
ومنهم َمن قالَ :يقضيها بعد فريضة الفجر.
ومنهم َمن قال :هي ل ُتقضى بعد الفريضة بل ُتؤّدى ،وإّنما ُتقضى إذا
خرها إلى ما بعد طلوع الشمس. أّ
ومنهم َمن قال :هو ُمخّير إّما أن َيقضَيها بعد السّنة وإما أن َيقضَيها بعد
طلوع الشمس ِبمقدار قيد ُرمح.
و-على كل حال-قد ُرويت في ذلك أدّلة ..استدل كل فريق بأدّلة-إل أ ّ
ن
ن الدلة التي استدل بها كل القول بعدم القضاء ِمن الضعف بمكان-وأرى أ ّ
صة بهذه المسألة-ل تخلو ِمن مقال ،فهي إلى الضعف أقرب فريق-الخا ّ
ض أهل العلم.ض منها بع ُ منها إلى الثبوت ،وإن قال بُثبوت بع ٍ
ولكنني مع ذلك كّله أقول :إنها ُتقضى بعد الفريضة ،وذلك لّنه قد ثبت
عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قضى سّنة الظهر الَبْعِدَية بعد فريضة
العصر ،كما جاء ذلك عن السّيدة أم سلمة رضي ال-تبارك وتعالى-عنها،
وهو حديث صحيح.
ن الصل أ ّ
ن ن ذلك خاص به فهو ضعيف ،إذ إ ّ أّما قول بعض أهل العلم أ ّ
الّمة تساوي النبي eفي الحكام ما لم يأت دليل يدّل على الفرق.
ن أم سلمة سألته صلوات ال وسلمه واستدلل بعضهم برواية فيها أ ّ
عليه عن قضائها أن لو حصل لها ذلك فقال لها " :ل " ..ذلك-في حقيقة
الواقع-ل َيثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،وِبما أنه ل
ج به.
َيثبت ل ُيمِكن أن ُيحَت ّ
وقول بعضهم بأنه َيجوز القضاء بعد فريضة العصر لنه ليس بوقت نهي
ول َيجوز بعد فريضة الفجر ..ذلك مردود ،إذ ل دليل عليه ،بل الدليل داّل
على أنه وقت للنهي.
خذ ِمن هذا الحديث وِمن غيره ِمن الحاديث الخرى التي تدّل فإذن ُيؤ َ
على ذلك كصلة الرجلين اللذين صلَيا في منزلهما ثم أتيا إلى النبي صلى
ال عليه وسلم ولم ُيصليا معه فسألهما ) :ألستما ِبمسِلَمْين ؟! ( فقال له:
" بلى " فأمرهما بالصلة مع الناس ،إلى غير ذلك ِمن الحاديث الكثيرة
الّدالة على هذا المعنى ،وأرى الوقت ل يكفي لذكرها كّلها ..هذه
الحاديث تدّل على مشروعية القضاء في مثل هذه الحيان ..أي في
الوقات التي ُينهى عن الصلة فيها وليس النهي فيها نهي َتحريم.
خرها فل بأس ولكن الفضل أن َيقضَيها فيقضيها بعد فريضة الفجر وإن َأ ّ
في ذلك الوقت ..هذا ما أراه؛ والعلم عند ال.
س:
ب ساِبق) (22أنه ِمّما ُيقَرأ في سّنة الفجر الية الثانيةذكرُتم في جوا ٍ
والخمسين ِمن سورة النعام.
ج:
ق الّلسان ..المراد الية التي في سورة آل ب سْب ِ فإذا كان ذلك فهو ِمن با ِ
ي أنه َيحتاج إلى نظر هل كان الرسول صلى ال عليه عمران لكن َبِق َ
ث إنهوسلم َيقرأ هذه الية ِبكامِلها أو أنه َيقرُأ الجزَء الخيَر منها ؟ حي ُ
جاء في الروايِة المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم:
خِر الية ،فهل كان َيقرُأ صلى ال عليه } آَمّنا ِ ..{ ...من هذا إلى آ ِ
ن { ] سورة آل عمران ،من سِلُمو َ
شَهْد ِبَأّنا ُم ْ
ل َوا ْ وسلم ...} :آَمّنا ِبا ِ
الية [ 52 :هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظاِهُر ِمن الرواية
أو أنه كان َيقرأ الية ِمن أّولها ؟ فهذا ُمحتِمل.
فالية ِمن سورِة آل عمران وليس ِمن سورةِ النعام.
وهكذا الرواية الثانية الية الرابعة والستين ِمن سورة آل عمران وهذه
ت ِبخلف ذلك ت قد قل ُالرواية الثانية فيما َيظهر ِلي ِبأنها شاّذة ،فإذا كن ُ
ق اللسان الذي أرجو أن َيكون َمْعُفّوا عنه ِبإذن ال فذلك ِمن باب سْب ِ
تبارك وتعالى.
ن ما َذَكرناه) (23في مسألِة الجْمع بْين الصلتْين في وُأنّبه-أيضا-أ ّ
ضر هل َيأِتي المصّلي ِبالرواِتب ؟ ما َذَكرناه)ِ (24من أنه عند بعض ح َالـ َ
أهل العلم أّول َيأِتي في حالة الجْمع بْين الظهر والعصر َ ..يأِتي ِبراتبِة
صِر القبِلية هذا بناءظْهِر البعِدية ثم راتبِة الع ْ ظهِر القبِلية ثم راتبِة ال ّ ال ّ
صر أما َمن ل َيقول ِبذلك فل َيقول على رأي َمن َيقول ِبالراتبة ِلفريضة الع ْ
ظهرِبهذا ،وكذلك ما َذَكرناه)ِ (25من القوِل الثاني ِبأنه َيأِتي أّول ِبراتبِة ال ّ
خَرها ..أعني بعَد التيان ِبالفريضتْين معا ثم َيأِتي القبِلية وُيمِكن أن ُيؤ ّ
صِر القبلية) ..(26هذا بناًء على رأ ِ
ي ظْهِر البعِدية ثم راتبِة الع ِْبراتبِة ال ّ
صَل فيه خر الذي َف ّصر ،وهكذا ِبالنسبة إلى القوِل ال َ َمن َيقول ِبراتبِة الع ْ
جْمَع تأخير هل َيأِتي ِبهما بعد الظهر جَمَع بْين الظهر والعصر َ أصحاُبه إذا َ
صر
أو بعد الصلة الولى ؟ هذا كّله بناًء على رأيِ َمن َيقول ِبراتبِة الع ْ
ت هناِلك راتبة وإنما هو ُمجّرد َتنّفل-فيه القبِلية ،وقد قلنا) " :(27إنه ليس ْ
خْيٌر كثيٌر ِبمشيئِة ال تبارك وتعالى-ولكن ل ُيؤَتى ِبها في حالِة الجْمع "،
جِمَع بْين الدرو ِ
س ضحا فيما َأحسب إذا ُ فَينبغي أن ُينتَبه ِلهذا وإن كان وا ِ
جميعا.
ظر
خِره ،ول َين ُ وهكذا َينبغي ِللنسان أن َيجَمَع بْين الكلم ِمن أّوله إلى آ ِ
إلى جزئيٍة ِمن الجزئيات ،كما َنسمُعه ِمن كثيٍر ِمن الناس عندما ُيِريُد
ن أن َيّتخَذ أكثَري في موضٍع َتماما َينظر هل ِللنسا ِ حُد منهم أن ُيصّل َ الوا ِ
ن العلماء قالواَ " :يجوز جد أ ّطن ؟ فَينظُر في هذه المسألة وَي ِ ِمن و َ
ح له ذلك صّ ظر متى َي ِطن " فَيعَمُل ِبذلك ول َين ُ ِللنسان أن َيّتخَذ أكثَر ِمن و َ
جب عليه فذلك ُمَقّيٌد فلبد ِمن َتقِييِد الكلِم المطَلق؛ وال ولي أو مَتى َي ِ
التوفيق.
س:
هل تارك السّنة المؤّكدة ُيعتَبر خسيس المنزلة ؟
ج:
ض أهل العلم. قال بذلك بع ُ
سنن المؤّكدة
سئل عن تارك ال ّ ومنهم المام السالمي رحمه ال ،فإنه ُ
فقال " :ال أعلم به ،هو مات يوم مات وهو خسيس المنزلة والجنة ل
يدخلها خسيس ".
سئل بعض أهل العلم عّمن َيتُرك الوتر فقال " :هو رجل خسيس "- وقد ُ
أو ما هذا معناه-وقال " :إنه ل ُتقَبل له شهادة ".
سنن ول يبالي بها ..فالحقيقة هذا ظب على ترك هذه ال ّ هذا فيمن كان ُيوا ِ
يدّل على ِرّقة في الّدين إذ ل ُيمِكن لحد أن َيسَمع بفعل النبي صلى ال
ضلسنن الثابتة وَيسَمع-أيضا-بالف ْظبته على هذه ال ّ عليه وسلم وموا َ
سنن ومع ذلك العظيم الذي أعّده ال-تبارك وتعالى-للتي بهذه ال ّ
يتهاون ..نعم إذا تركها مرة أو مرتين ،فنحن ل نقوى على القول بأنه
ن أؤلئك العلماء-أيضا-يريدون بذلك ،وإنما نأّصُل هذه المرتبة ،ول أظ ّ َي ِ
سنن ،وال-تبارك وتعالى-ولي
ظب على ترك هذه ال ّ
يريدون َمن ُيوا ِ
التوفيق.
س:
ما الفرق بْين صلة سّنة العشاء وصلة الشفع؟
ج:
على كل حال؛ سّنة الِعشاء هي السّنة التي ذكرها النبي صلى ال عليه
سنن الراتبة ،في حديث أم سلمة ،وهي السّنة التي كان وسلم في ال ّ
ظب عليها ،كما جاء ذلك في حديث ابن عمر وفي حديث السيدة ُيوا ِ
سنن هي عائشة رضوان ال-تبارك وتعالى-عليهم ،أما ما بعد ذلك فتلك ال ّ
تنّفل ،فينبغي للنسان أن َيتنّفل ِبما كان َيتنّفل به النبي صلى ال عليه
وسلم ،والنبي صلى ال عليه وسلم كان ُيصلي إحدى عشرة ركعة ..
ُيصلي الوتر ُ ..يوِتر بثلث ،وتارة بواحدة ،وتارة يكون الكّل وترا ،وله
كيفيات متعّددة ،فالوتر يكون بواحدة ،وبثلث ،وبخمس ،وبسبع ،وبتسع،
وبإحدى عشرة ،ثم لبعض هذه العداد كيفيات متعّددة ،ولكن الوقت كما
عف على ذكر تلك الكيفيات وما الثابت منها عن عد ول ُيسا ِ
ترى ل ُيسا ِ
ن النبي صلى ال عليه وسلم النبي صلى ال عليه وسلم ،ولكن الحاصل أ ّ
جاء عنه أنه كان ُيصلي إحدى عشرة ركعة ،وهذا غير تلك السّنة التي
كان ُيصليها بعد سّنة ) (28الِعشاء ،وجاء في بعض الروايات ..جاء ذلك
ِمن طريق السيدة عائشة-رضي ال تبارك وتعالى عنها-وِمن طريق ابن
جهني- عباس-رضي ال تبارك وتعالى عنهما-وِمن طريق زيد بن خالد ال ُ
ن النبي صلى ال عليه وسلم كان ُيصلي رضي ال تبارك وتعالى عنه-أ ّ
ثلثة عشرة ركعة ،و-على كل حال-ل إشكال في هذه الروايات-وإن
ن النبي صلى ال عليه وسلم استشَكله َمن ل دراية له بهذا الفن-ذلك أ ّ
كان عندما َيفتِتح صلة الليل يصلي ركعتين خفيفتين ثم يصلي ركعتين
طويلتين ثم ركعتين طويلتين وهكذا ،كما هو وارد عنه ،فالسيدة عائشة-
رضي ال تعالى عنها-في الرواية التي جاء عنها أنه كان يصلي إحدى
عشرة ركعة لم تذكر الركعتين الخفيفتين وفي الرواية التي ذكرت ثلث
عشرة ركعة ذكرت هاتين الركعتين ،وهكذا في روايات الصحابة الذين
ذكروا هذه الروايات ،فهذا ليس ِمن التضارب أو التناقض ،كما يظّنه َمن
ل دراية له بهذا ،فذلك يكون عندما تّتحد الرواية ويّتحد المجلس ويّتحد
الراوي ..عندما يّتحد المجلس هناك ُيمِكن أن يقال بهذا ،ولكن الراوي
تارة ُيحّدث بهذا وتارة بهذا ..تارة يذكر فعل وتارة يذكر فعل آخر وتارة
يذكر المقصود وتارة يذكر هو وما قبل أو ما بعد أو ما شابه ذلك ،وهذا
ت سّنة العشاء ،وِمن قول بعضهم بأنها أْولى ِمن قول بعضهم بأنها َذَكَر ْ
ت الركعتينت سّنة الفجر ..الذي َيظهر لي-ما ذكرُته-بأنها َذَكَر ْ َذَكَر ْ
الخفيفتين اللتين كان النبي صلى ال عليه وسلم َيفتِتح بهما قيام الليل ..
هذا هو الثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ،وخير الهدي هديه صلى
ال عليه وسلم ،ولكن ذلك َيحتاج إلى بيان كيفية أداء النبي صلى ال
عليه وسلم لهذه الصلة ،وهذا أمر فّرط فيه كثير ِمن الناس في هذا
الزمان ..نسأل ال-تبارك وتعالى-أن ُيوّفق المسلمين للعمل بسّنته صلى
ال عليه وسلم على وفق ما كان يأتي بها صلوات ال وسلمه عليه ،وقد
ن ذلك يتوّقف على معرفة سّتة أمور بالمس )(29؛ وال-تبارك تأّذكر ُ
وتعالى-ولي التوفيق.