You are on page 1of 167

‫نبذة عن حياة فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ‪:‬‬

‫هو الشيخ سعيد بن مبروك بن حمود القنوبي‬


‫ولد في بلدة الشارق ‪ ،‬وهو الن في العقد الرابع من عمره‪ ،‬متزوج وله‬
‫من الولد أربعة )بنت وثلثة أولد(‪ ،‬ويعمل مستشارًا علميًا بوزارة‬
‫الوقاف والشؤون الدينية‪.‬‬

‫درس البتدائية في بلد الفلج القريبة من مكان مولده‪ ،‬وأظهر نبوغاً‬


‫لفت النظر في سنيه الولى مما جعل إدارة المدرسة تجعله في الصف‬
‫الثاني مباشرة ) حيث لم يلتحق بالصف الول في وقتها لعدم توفر وسائل‬
‫النقل آنذاك( ‪ ..‬وأتم تعليمه البتدائي والعدادي‪ ،‬وكانت علمات الذكاء‬
‫بادية عليه‪ ،‬حيث كان مدرسوه من السودان ومصر يلحظون نبوغه‪ ،‬وما‬
‫زال الشيخ حتى اليوم يكن لحدهم جل التقدير والحترام والثناء على ما‬
‫كان يوليه إياه من عناية ونصح وتوجيه ‪ ..‬ثم التقى بعدها بالشيخ حمود‬
‫بن حميد الصوافي فكانت علمة فارقة في حياته إذ استفاد منه علما‬
‫وأتاح له فرصة الحصول على مجموعة كبيرة من الكتب بعد أن كان ل‬
‫يملك منها إل ثلثة )تلقين الصبيان‪ ،‬وتحفة العيان‪ ،‬ورياض الصالحين(‪.‬‬
‫وهي الكتب التي يحبها الشيخ حبًا وافرًا لنها بدايته في سلوك مدارج‬
‫العلم‪.‬‬

‫ثم درس بعد ذلك في معهد القضاء والوعظ والرشاد )معهد العلوم‬
‫الشرعية حاليا( وصحب فيه جملة من مشايخ العلم ومدرسي المعهد‬
‫الذين استفاد منهم‪ ،‬ومن جملتهم الشيخ سعيد بن حمد الحارثي والشيخ‬
‫عيسى الطائي ‪ ،‬والشيخ محمد بن راشد الخصيبي‪ ،‬وغيرهم كما التقى‬
‫بعلماء عمان منهم الشيخ أحمد بن حمد الخليلي و الشيخ سعيد بن خلف‬
‫الخروصي والشيخ محمد بن شامس البطاشي وغيرهم‪.‬‬

‫يعرف عنه حفظه الشديد وذكاءه النادر واجتهاده في طلب العلم ‪،‬‬
‫ورحلته في البحث عن الكتب والسؤال عنها‪ ،‬وهو يملك اليوم مكتبة‬
‫عمان لما تحويه من أمهات الكتب‪.‬‬‫يندر وجود مثلها في ُ‬

‫تفّوق في علوم الحديث والصول والفقه‪ ،‬وتعجبه مادة الجغرافيا )حيث‬


‫ما يزال حتى اليوم يحفظ دليل الدول الملحق بالطلس المدرسي الذي كان‬
‫يدرس في الصفوف البتدائية بكل تفاصيله( ‪ ،‬ويقرأ من الصحافة الجرائد‬
‫)المحلية والعالمية( يوميًا‪ ،‬ويتابع ما يبث في العالم عبر الذاعة والتلفاز‬
‫والنترنت )كان في صغره في الذاعة المدرسية‪ ،‬يلقي الخبار من ذاكرته‬
‫بعد أن يكون قد حفظها وهو في طريقه إلى المدرسة(‪.‬‬

‫لطيف المعشر‪ ،‬متواضع‪ ،‬هادئ الطبع‪ ،‬رقيق على الطفال وطلبة العلم‪،‬‬
‫يحب التيسير ما دام في المر سعة‪ ،‬ويكره التنطع في الدين ويحذر من‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ألف الكثير من الكتب )ل تزال أكثرها في حوزته لم تطبع بعد( ومن‬


‫المطبوع‪:‬‬
‫‪ -‬المام الربيع بن حبيب مكانته ومسنده‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة في بيان حجية خبر الحاد )السيف الحاد(‪.‬‬
‫‪ -‬الطوفان الجارف‪.‬‬
‫‪ -‬رياض الزهار ‪.‬‬
‫‪ -‬الكثير من الفتاوى لم تجمع بعد ‪.‬‬

‫يطل علينا في برنامج )سؤال أهل الذكر( والذي يبث في تلفزيون سلطنة‬
‫عمان‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) أول‪ :‬أحكام صلة الجماعة (‬


‫س‪:‬‬
‫هل تجوز صلة المتنفل بالمفترض ‪ ،‬وصلة المفترض بالمتنفل ؟ وهل‬
‫صحيح أن معاذ ابن جبل رضي ال عنه كان يصلي مع رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم صلة العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلة‬
‫أي هو متنفل وهم مفترضون ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫اختلف العلماء في جواز صلة المتنفل بالمفترض والصحيح الجواز‬
‫لحديث إمامة معاذ بن جبل رضي ال تعالى عنه بقومه بعدما كان يصلي‬
‫الفريضة خلف رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وهو حديث صحيح‬
‫وقد جاء التصريح بأنه كان يصلي بهم متنفل وهم مفترضون عند الدار‬
‫قطني وهو نص في موضع النزاع ‪ ،‬وأما صلة المفترض بالمتنفل فل‬
‫مانع منها وقد دلت على صحتها أحاديث كثيرة يطول المقام بسردها اللهم‬
‫إل إذا لم يكن هنالك أحد من المفترضين يصلي خلف ذلك المام المفترض‬
‫فإن بعض العلماء ذهب إلى أنه ل يصح للمفترض أن يصلي بهم‬
‫ل دخل‬‫ن رج ً‬‫والصحيح الجواز لحديث أبي سعيد الخدري رضي ال عنه أ ّ‬
‫المسجد وقد صلى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بأصحابه فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أمنكم يتصدق على هذا فيصلي معه‬
‫رواه أبو داود والترمذي والدارمي وأحمد وابن أبي شيبة وابن حبان‬
‫وابن الجارود وأبو يعلى والحاكم وغيرهم ‪ .‬وهو حديث صحيح ثابت وله‬
‫شاهد من طريق أنس بن مالك عن السراج والدارقطني والطبراني في‬
‫الوسط والضياء في المختارة وإسناده ل بأس في الشواهد وقد قواه‬
‫الزيلعي والحافظ ابن حجر ووهم الهيثمي في إسناده فضعفه لجل ذلك‬
‫وله شاهدان مرسلن من طريق الحسن البصري وأبي عثمان النهدي هذا‬
‫ن هنالك أدلة أخرى تدل على جواز إمامة المتنفل‬
‫ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫بالمفترضين غير ما ذكرناه هنا وقد ذكرت واحدًا منها ورددت على‬
‫اعتراضات من اعترض على الستدلل بحديث معاذ رضي ال عنه في‬
‫ن الخروج‬ ‫رسالة كتبتها في بعض أحكام الستدراك ونبهت هنالك على أ ّ‬
‫من الخلف في هذه المسألة ونحوها حسن إذا أمكن المصير إليه وال‬
‫ولي التوفيق ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا سهى المام في قراءة القرآن وبّدل آية رحمة بآية عذاب أو العكس‬
‫مثل قال‪" :‬إن البرار لفي جحيم أو قال‪" :‬إن الفجار لفي نعيم " ‪ .‬فما‬
‫حكم صلته وصلة من خلفه ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫ذهب الجمهور إلى أن صلتهم جميعا فاسدة والصحيح عندي أنها‬
‫صحيحة ول سيما إذا كان قد قرأ غيرها مما يتم به المعنى ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إمام وقف أو سكن بعد قوله تعالى‪" :‬ويل للمصلين " ما حكم صلته ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫أوًل ل ينبغي له ذلك في الصلة ول في غيرها ولكن إذا وقع منه ذلك‬
‫فإنه ل يؤدي إلى البطلن إن شاء ال ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إن دخل رجل المسجد وكبر تكبيرة الحرام ولّما جلس سلم المام ولم يقرأ‬
‫معه شيئًا ‪ .‬فماذا يصنع؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫أوًل ل يخلوا هذا المأموم أو هذا الذي دخل إما أن يكون مسافرًا أو مقيمًا‬
‫وكذلك المام إما أن يكون مسافرًا أو مقيمًا فإن كانت صلة المأموم‬
‫وصلة المام متحدة بأن كان كل منهما يصلي سفرًا أو كان كل منهما‬
‫يصلي حضرًا فيكمل هذا المأموم صلته ول شيء عليه اللهم إل إذا‬
‫أقيمت جماعة فإنه يقطع صلته ويصلي مع تلك الجماعة ‪ .‬أما إذا لم تقم‬
‫جماعة فإنه يكمل صلته ول شيء عليه‬
‫وإما إذا كان المام يصلي حضرًا وكان هذا الذي دخل يصلي قصرًا فإنه‬
‫نوى أن يصلي أربعًا أو نوى أن يصلي بصلة ذلك المام ففي هذا الحال‬
‫لبد من أن يقوم ويكبر تكبيرة الحرام بل الولى أن يقيم للصلة وأن‬
‫يوجه وأن يكبر للحرام لن فعله هذا سيخالف ما نواه ‪ .‬وال تعالى‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ل وجذب شخصًا على يمين الصف وشماله ؟‬
‫جاء رجل ووجد الصف مكتم ً‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫صلة الرجلين باطلة لن الشرط أن يوسطوا المام ‪ .‬وال تعالى أعلم‬
‫س‪:‬‬
‫من وجد الجماعة في التشهد الثاني ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫اختلف العلماء في ذلك ‪.‬‬
‫بعض العلماء يقول ل يدخل مع المام بل ينتظر حتى يجد جماعة أو‬
‫يصلي هو بمفرده ‪.‬‬
‫وذهبت طائفة إلى أنه يدخل لنه قد أدرك الجماعة والحديث يقول "ما‬
‫أدركتم فصلوا" وهذا قد أدرك شيئًا من تلك الجماعة ولكن الولين‬
‫يقيدون ذلك بحديث "من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة" ‪ .‬فقالوا هذا‬
‫الطلق الذي فيه يقول‪ " :‬فما أدركتم فصلوا" مقيد " من أدرك ركعة في‬
‫الصلة فقد أدرك أو من أدرك ركعة في الصلة فقد أدرك الصلة" ‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول إن الجمعة لبد من أن يدرك الركوع من الركعة‬
‫الثانية فإن لم يدرك تلك الركعة فإنه يصلي ظهرًا أما بالنسبة إلى‬
‫الصلوات الخرى فإنه إذا أدرك ولو جزءًا بسيطًا فإنه يكون مدركًا لتلك‬
‫الصلة ‪.‬‬
‫لشك أن السلم أن من لم يدرك الركعة الخيرة ووجد جماعة أخرى فإنه‬
‫يقطع تلك الصلة التي دخلها في التشهد الخير أو في السجود أما من لم‬
‫يجد جماعة ثانية فذلك ل يؤثر عليه بل يواصل صلته هذا إذا كانت صلة‬
‫المأموم متحدة مع صلة المام ‪..‬‬
‫أما إذا كانت صلة المأموم تختلف عن صلة المام كأن يصلي ركعتين‬
‫فإنه لبد من أن يعيد الصلة من أولها ذلك لنه عندما دخل كان ناويًا بأن‬
‫يصلي أربعًا أو كان ناويًا أن يصلي بصلة المام وهنا لم يدرك صلة‬
‫المام فعليه أن يعيد الصلة من أولها ‪.‬‬
‫فإذن ‪ -:‬إذا وجد الجماعة فيقطع الصلة التي دخل فيها في التشهد الخير‬
‫أو في السجود ويدخل مع الجماعة الجديدة وإن لم يأت جماعة جديدة‬
‫فإنه يكمل صلته إل إذا اختلفت صلته عن صلة المام فإنه يعيد الصلة‬
‫من أولها أي ينوي ويكبر إلى آخره ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا كان المأموم مقيم والمام مسافر ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫الحوط أن يعيد الصلة من أولها ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إمام سهى في صلة المغرب وسلم بعد التشهد الول ولم يسبح أحد من‬
‫المأمومين له فبعضهم سلم وبعضهم لم يسلم وبعضهم تكلم فما حكم‬
‫صلة كل من المام والمأمومين ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫أما الذي لم يتكلم وانتبه بعد ذلك وواصلوا صلتهم فصلتهم صحيحة مثل‬
‫‪ :‬انتبه واحد ونبه المام أو انتبه المام نفسه وواصل الحاصل لم يجر‬
‫كلم ول التفات ويكون السكوت خفيفًا ليس طويل فهؤلء ل إشكال في‬
‫صلتهم بشرط أن يكونوا قد سلموا سهوًا أما إن كانوا على يقين بأن‬
‫المام أخطأ ومع ذلك سلموا فصلة من سلم وهو متيقن بخطأ المام‬
‫صلته باطلة وعليه أن يتوب إلى ال ويعيد صلته ‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى من تكلم فهذه فيها أخذ ورد تحتاج نظر وتأمل حتى نتأمل‬
‫وننظر جيدًا في الحديث الوارد لن العلماء فيه كلم كثير ولبد من التأمل‬
‫فيه فإذا احتاطوا وأعادوا صلتهم حتى يتبين المر فحسن إن شاء ال ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل يسجد في هذه الحالة قبل السلم أم بعد السلم ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫يسجد بعد السلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إمام عوض الفاتحة قرأ التشهد سهوا وبعد السجود انتبه لذلك فماذا يفعل‬
‫؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫لبد من أن يرجع ويأتي بالفاتحة وبعد ذلك بعض العلماء يقول يواصل‬
‫صلته أي من بعد السجود وبعض العلماء يقول لبد من أن يأتي بالركوع‬
‫والسجود مرة ثانية فل بد من إعادة الفاتحة لن الفاتحة ركن فيرجع من‬
‫السجود ويقوم للفاتحة ويأتي بالفاتحة وإذا أتى بالفاتحة هل يأتي‬
‫بالركوع والسجود مرة ثانية هذا رأي لهل العلم وبعض العلماء يقول ل‬
‫يلزمه ذلك بل بعد الفاتحة يرجع إلى ما كان فيه ويواصل صلته من ذلك‬
‫الموضع ‪ .‬وال تعالى أعلم‬

‫س‪:‬‬
‫وإذا واصل المام وسلم ثم قضى بنفسه ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫أقول يعيدوا صلتهم ويتوبوا إلى ال من تهاونهم بعدم العادة هذا‬
‫الصحيح عندي وهذا المام جاهل عليه أن يتوب إلى ال من هذا الفعل ‪.‬‬
‫وال تعالى أعلم‬

‫س‪:‬‬
‫إذا انتقضت صلة الشخص الذي يصلي سترة خلف المام هل تنتقض‬
‫صلة الصف الول ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫أما إذا شاركه في السترة أحد مثل اشترك اثنان في السترة وانتقضت‬
‫صلة أحدهما فل بأس على من يصلي خلف المام أما إذا كان لم يشاركه‬
‫أحد بأن كان قد أخذ قفوة المام تمامًا ففي المسألة خلف بين أهل العلم‬
‫هل ينقض صلة من يصلي في ذلك الصف تجد القوال في العقد الثمين ‪.‬‬
‫وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا قام المام بعد الركعة الثانية ولم يجلس للتشهد وسبح له المأمومون ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه يجب عليه أن يرجع فإن لم يرجع فإن‬
‫صلته فاسدة وهذا الرأي هو الذي كان يذهب إليه المام نور الدين رحمه‬
‫ال تبارك وتعالى وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه إن كان قد أطمئن‬
‫في وقوفه فل يرجع أما إذا كان لم يطمئن بأن كان في بداية قيامه أي لم‬
‫ينتصب قائمًا فإنه يرجع وهذا الرأي هو الرأي الصحيح وهو الذي ذهب‬
‫إليه المام الخليلي رحمه ال فقد أجاب بما يقتضي ذلك إن صح الحديث‬
‫ووقع له هو رحمه ال ولم يرجع مع أنه قد نبه إلى ذلك وسجد للسهو‬
‫وهو الذي يدل له الحديث كما قلت ويسجد للسهو في هذه الحالة بعد‬
‫السلم على الصحيح ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة المغرب كيف يصنع ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫نحن نعرف أن من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة ثنائية أو رباعية‬
‫فالمر سهل يتابعه في الثنائية أو في الرباعية ول أشكال في المر ‪.‬‬
‫بقي كيف يصلي لو كان المام يصلي صلة ثلثية كفريضة المغرب‬
‫وكالوتر أيضًا ثلث ركعات ؟‪.‬‬
‫منهم من يقول يصلي ثلث ركعات ‪.‬‬
‫ومنهم من يقول أنه يتبع ذلك بركعة رابعة عندما يجلس المام التشهد‬
‫الثاني يجلس المأموم صامتًا ل يأتي بشيء ثم يأتي بالركعة الرابعة‬
‫ويفعل كما يفعل المقيم أن لو صلى خلف إمام مسافر ‪..‬‬
‫وهناك قول ثالث أنه ل يصح أن يصلي خلفه أبدًا‪.‬‬
‫وهناك قول رابع وهو أنه يصلي ركعتين وينهي صلته وهذا أضعف تلك‬
‫القوال كذلك القول بالمنع فيه ضعف فيبقى أقوى القوال إما أن يزيد‬
‫ركعة أو يصلي خلفه ثلثًا وإن زاد ركعة فحسن بمشيئة ال تبارك وتعالى‬
‫‪.‬وال تعالى أعلم‬

‫س‪:‬‬
‫صلى إمام وعن يمينه شخص كما هو السنة وجاء بعد ذلك شخص آخر‬
‫ولجهله بالسنة وقف عن يمين ذلك المأموم فهل للمام أن يتقدم أو أن‬
‫يقوم بتأخير المأموَمين أو أن يقوم المأموم الول بالتأخر ويؤخر ذلك‬
‫الشخص معه ؟‪.‬‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫نعم للمام أن يقوم بدفع الشخصين خلفه كما فعل النبي صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم وللمأموم الول أن يتأخر وأن يقوم بجذب ذلك الشخص‬
‫معه أيضًا فهذا ل يضر إن شاء ال تبارك وتعالى أما أن يتقدم المام فهذا‬
‫مما ل ينبغي إل إذا كان المكان ل يتسع للمأموم ولكن لو وقع في‬
‫الماضي فل شيء عليه لكن المام ل ينبغي أن يتقدم لنه هو المتبوع ‪.‬‬
‫وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إمام أسر في صلة جهرية وتذكر في نصفها ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫يجهر من ذلك الموضع الذي انتبه فيه ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫شخص أّم ناسًا ويقوم بأعمال كمثل النذر للقبور ‪ .‬فهل تجوز الصلة‬
‫خلفه ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫على كل حال من يقوم بالنذر للقبور أو للشجار أو للحجار أو للمساجد‬
‫أو لي شيء من تلك الشياء ل يخلو من أحد أمرين أثنين إما أن يعتقد‬
‫بأن هذه الشياء تنفع وتضر بنفسها وهذا والعياذ بال أمره خطير‬
‫وللشيخ صالح جواب طويل هناك فارجع إليه ففيه فائدة بمشيئة ال‬
‫تبارك وتعالى‬
‫وإما أن يكون يعتقد بأن ال تعالى هو الضار النافع ولكنه يعتقد بأنه هناك‬
‫جماعة من الجن أو ما شابه ذلك يدفع لهم تلك الذبائح أو تلك المأكولت‬
‫من باب اتقاء شرهم أو ما شابه ذلك لشك بأن هذا ل يصح ولكن ل‬
‫يمكن أن نحكم عليهم بالخروج من السلم إلى حضيرة الشرك بل نبين له‬
‫ن هذا المر ل يجوز ول يصح وأنه يجب عليه أن يرجع إلى ربه ويتوب‬ ‫أّ‬
‫إليه مما وقع فيه فإذا كان من القسم الول فهو خارج من السلم والعياذ‬
‫بال تبارك وتعالى ول شك بأنه ل يصلى خلفه ول يحكم عليه بشيء من‬
‫أحكام المسلمين أما إذا كان من القسم الثاني فهو فاجر إن لم يرجع إلى‬
‫ربه وقد علمت حكمه ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫مأموم دخل المسجد وكبر للحرام واستعاذ وبمجرد انتهائه من الستعاذة‬
‫انتهى المام من قراءته الفاتحة فماذا يصنع ؟‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫الذي نأخذه به أنه يؤجل الفاتحة ويقضيها بعد ذلك ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إمام يصلي قائمًا ثم إنه أصابه المرض واضطر للجلوس وجلس فهل‬
‫أيضًا يجلس المأمومون ويصلون خلفه جلوسًا أم أنهم يواصلون الصلة‬
‫على حالهم السابق أي أنهم يصلون قيامًا ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫الصحيح أنهم يصلون قيامًا ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫الصبي الذي ل يفقه أمور الصلة هل إذا كان في وسط الصف يكون‬
‫قاطعًا للصف أو الصلة؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫على كل حال إذا كان الصبي يصلي فهذا ل يضر أن يكون في وسط‬
‫الصفوف ‪.‬‬
‫وأما إن كان الصبي ل يصلي أبدًا مجرد أنه يقف جنب أبيه أو ما شابه‬
‫ذلك الحاصل ل يأتي بالصلة فالصل أنه ل يصف مع المصلين بل ينهى‬
‫عن ذلك لكن لو وقع ذلك فل نقوى على القول إنه يقطع الصلة لنه سد‬
‫تلك الفرجة ولم يقف الشيطان والعياذ بال فيها فهو ليس أشد من‬
‫السارية الموجودة في المسجد ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل للمرأة أن تؤم بالنساء ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫خلف بين أهل العلم‬
‫بعضهم قال ‪ :‬ل تؤم بالنساء إطلقا ل فريضة ول نافلة‬
‫وقيل ‪ :‬تؤم في النافلة دون الفريضة‬
‫وقيل ‪ :‬تؤم في النافلة والفريضة ‪ .‬وهذا القول عليه أبو محمد وأبو‬
‫اسحاق ورجحه قطب الئمة وهو الصحيح عندي ‪ ,‬ولكن أقول مع ذلك ل‬
‫يتخذوا ذلك عادة فالصل أن تصلي مفردة ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا أراد الرجل أن يصلي بزوجته في البيت فهل له أن يصلي بها الفرض‬
‫وإذا كان له ذلك فأين تكون في اليسار أم في اليمين ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫أما الفرض فالصل أن ُيصلى في المسجد إل إذا كان النسان معذورًا‬
‫بعذر شرعي فإذا كان معذورًا بعذر شرعي له أن يصلي بزوجته أو‬
‫بغيرها ممن هم في البيت وقد اختلف العلماء في الموضع الذي تقف فيه‬
‫المرأة ذهب بعضهم إلى أنها تقف منه في جهة الشمال حتى تكون مخالفة‬
‫لوقوف الرجل ثم إنه يمكن أن يأتي رجل فيقف عن يمين المام وتتأخر‬
‫تلك المرآة إلى الخلف ول تتغير من الجهة التي كانت واقفة فيها ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنها تقف خلف المام وذلك لما ثبت في الحديث‬
‫عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم من طريق أنس رضي‬
‫ال تعالى عنه عند الربيع وغيره من أئمة المحدثين أن أنسًا رضي ال‬
‫تعالى عنه وذلك الرجل الذي كان معه وقف خلف النبي صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم ووقفت المرأة خلفها ولم يأت أنها وقفت عن‬
‫شمال المام أي في الجهة الشمالية ول جهة اليسار ول في جهة اليمين‬
‫وإنما وقفت خلف المام على حسب ما يفهم من الرواية وأرى أن هذا‬
‫الرأي وهو أنها تقف خلف المام هو الرأي الصوب ول يقال بأنه‬
‫معارض للحاديث التي فيها النهي أن يقف الشخص خلف المام منفردًا‬
‫ول الحاديث التي فيها أن ابن عباس رضي ال عنه صف عن شمال‬
‫النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم حوله عن جهة اليمين‬
‫وكذا بالنسبة إلى الرجل الذي كان يصلي إلى غير ذلك فهذه الحاديث ل‬
‫تعارض فيها لن هذه القضية تختص بالمرأة وتلك القضايا تختص‬
‫بالرجال ول يمكن أن يقاس هذا الحكم على الحكم الخر بينهما وصلى ال‬
‫على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم )‪.(1‬‬
‫س‪:‬‬
‫أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫خلف بين أهل العلم‬
‫بعضهم قال ‪ :‬تصف عن شماله ولكنها ل تكون قريبة منه‬
‫وقيل ‪ :‬تصف خلفه ‪ .‬وهذا أقرب إلى الصواب ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫المستدرك إذا لم يتمكن من إتمام الفاتحة مع المام وقرأ جزءا من فاتحة‬
‫الكتاب وركع المام فماذا يصنع وكذا الحال إذا كان المام سريع القراءة‬
‫فلم يتمكن من إكمالها ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫يركع مع إمامه ثم بعد ذلك يقوم بقضاء ما تبقى عليه من فاتحة الكتاب ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫رجل استدرك مع المام في ركوعه وركع معه ثم بعد أن قام للقضاء نسي‬
‫وركع فلما ركع تثبت وتيقن أنه ركع مع المام فماذا يفعل ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫يجلس من ركوعه ول حاجة إلى أن يقوم ويسلم من صلته بعد النتهاء‬
‫من الدعاء ويسجد لسهوه ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن العلماء قد اختلفوا على عّدة أقوال‬ ‫سمعنا منكم في دروس سالفة)‪ (2‬أ ّ‬
‫ف قد اكتَمل ماذا َيصنع‪ ،‬وسؤالي حول‬ ‫جَد الص ّ‬ ‫في َمن دخل المسجد وَو َ‬
‫الرأي المختار عندكم في هذه المسألة ِلعموم البلوى بها‪ ،‬ولم ل يكون‬
‫سناه وأبي داوود‬ ‫حديث وابصة بن معبد‪-‬الذي هو عند الترمذي وأحمد وح ّ‬
‫صّلي خلف‬ ‫ن النبي صلى ال عليه وسلم رأى رجل ُي َ‬ ‫وغيرهم الذي فيه أ ّ‬
‫ت معهم‬‫ف وحَده فَأَمَره أن ُيعيد الصلَة وعند غيرهم زيادة‪َ " :‬أَل دخْل َ‬ ‫الص ّ‬
‫ل "‪-‬وحديث‪ " :‬فل صلة ِلفرد خلف الصف "‪-‬عند ابن‬ ‫ت رج ً‬
‫جَتَرْر َ‬
‫أو ا ْ‬
‫ن هذه الثار ل َتصح‬ ‫ل في هذه المسألة أم أ ّ‬ ‫صً‬‫ماجة وابن حبان وأحمد‪َ-‬فْي َ‬
‫صة أبي بكرة رخصة ُتبَذل ِللجاهل الذي‬ ‫نق ّ‬ ‫؟ َأَل ُيمِكن أن ُيقال يا شيخنا أ ّ‬
‫ل َيعرف الحكم في هذه المسألة ؟‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫لو كانت هذه الحاديث مّتفقا عليها ِمن حيث الصحُة وِمن حيث الدللة‬
‫لكانت‪-‬نعم‪-‬قاطعًة ِللنزاع‪ ،‬ولكن هذه الحاديث منها ما هو مختَلف فيه ِمن‬
‫حيث الدللة ومنها ما هو مختَلف فيه ِمن حيث الثبوت‪.‬‬
‫أما أحاديث الجر فهي ل َتثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ِبحال بل‬
‫هي ضعيفة جدا‪.‬‬
‫ن بعض العلماء الذين‬ ‫وأما الحاديث الخرى فمنها ما هو ثابت‪ ،‬ولك ّ‬
‫شئ صّفا جديدا أو أنه َيتقّدم إن أمكنه وَيقف عن َيمين‬ ‫يقولون‪ " :‬إنه ُين ِ‬
‫المام " يقولون‪ :‬تلك الحاديث محمولة على ما إذا كانت الصفوف غير‬
‫جَد النسان مكانا يقف فيه أما إذا كانت تلك الصفوف‬ ‫مكتِملة ِبأن َو َ‬
‫ن ذلك ِمن العتداء على‬ ‫مكتِملة فإنه ليس له أن َيقوم ِبجّر أحٍد وذلك ل ّ‬
‫جّر‪ ،‬وقد َيكون‬ ‫ث له بلبلًة وارتباًكا ول َيدري ِلماذا ُ‬
‫ص فقد ُيحِد ُ‬ ‫ذلك الشخ ِ‬
‫جّره غيره وأيضا سَتبقى‬ ‫ذلك الشخص جاهل ل َيدري ماذا َيصنع إذا َ‬
‫ت ضيق ل‬ ‫هنالك فرجة في ذلك الصف إلى غير ذلك ِمن المور‪ ،‬والوق ُ‬
‫صل الكلم فيها‪ ،‬وقد ذهب إلى هذا القول جماعة ِمن أهل العلم‬ ‫ُيمِكن أن ُأَف ّ‬
‫لمة أبو نبهان وابنه الشيخ ناصر‪-‬‬ ‫خرين ‪ ..‬ذهب إليه الع ّ‬ ‫وِمن كبار المتأ ّ‬
‫ن الواِلد‬
‫صل إل أ ّ‬
‫رحمهما ال تعالى‪-‬وِللشيخ ناصر في ذلك جواب مف ّ‬
‫جّر وإل فل بأس‪ ،‬أما‬ ‫َيذهب إلى أنه ُيمِكن الجر ولكنه ل دليل عليه فإن َ‬
‫البن فل َيرى الجّر بل يرى أنه َيقف خلف الصف‪.‬‬
‫وهذه المسألة َتحتاج إلى جواب طويل جدا ِبذِْكر أدلتهم‪ ،‬وعلى كل حال‬
‫فالمسألة كما ترى مختَلف فيها بْين أهل العلم وليس فيها دليل قاطع‬
‫ِللنزاع؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ُيريد رأيكم أيضا ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫صل القول في هذه المسألة‪.‬‬
‫على كل حال؛ هذا ل ُيمِكن إل بعد أن ُأَف ّ‬

‫س‪:‬‬
‫ما حكم قراءة القرآن ِمن المصحف إذا كان المام ل َيحفظ قدرا ِمن‬
‫طيل في الصلة بالناس ؟‬
‫القرآن وهو يريد أن ُي ِ‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫هذه المسألة اختَلف العلماء فيها كثيرا‪:‬‬
‫حْرَمة ذلك‪.‬‬ ‫منهم َمن منع ِمن ذلك وذهب إلى ُ‬
‫ب إلى َكَراهة ذلك‪.‬‬ ‫ومنهم َمن َذَه َ‬
‫جاَزه في حالة الضطرار دون الختيار‪.‬‬ ‫ومنهم َمن َأ َ‬
‫ومنهم َمن أجاَزه ِلَمن كان حافظا دون غير الحافظ‪.‬‬
‫ن المصحف الشريف في حالة‬ ‫وعلى كّل حال ل ينبغي أن ُيْقَرَأ القرآن ِم َ‬
‫الصلة‪ ،‬وإّنما ينبغي للمام أن يعتمد على حافظته‪ ،‬فإذا كان ل َيحفظ‬
‫ت ِبَما استطاع عليه ول يلزم أن يقرأ القرآن بكامله في صلة‬ ‫كثيرا فلَيْأ ِ‬
‫جد غيره من طلبة العلم الِذين‬ ‫التراويح في شهر رمضان المبارك‪ ،‬وإذا َو َ‬
‫ضة عليه خلفا ِلما يظنه‬ ‫ضا َ‬
‫غ َ‬ ‫يحفظون القرآن الكريم فإنه يقّدمهم ول َ‬
‫بعض العوام ِمن أنه إذا قّدم غيره من صغار الطلبة أو ما شابه ذلك فإنه‬
‫ن التقليل من َمْنِزَلته أو ما شابه ذلك ‪..‬والعكس‬ ‫سيكون في ذلك شيء ِم َ‬
‫جُلوَنه ويَقّدُرونه‬
‫أنه إذا قّدم غيره إذا كان أولى بالمامة فإن الناس سُيَب ّ‬
‫جيل الناس وتْقِديرهم وإّنما يسعى ِلمرضاة‬ ‫على أن النسان ل يسعى لَتْب ِ‬
‫ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فليقّدم غيره من الحفاظ كما أرشد إلى ذلك المصطفى‬
‫صلى ال عليه وسلم عندما قال‪ ) :‬يؤم القوم أقرؤهم لكتاب ال (‪ ،‬وإذا‬
‫جماعة منهم‪-‬مثل‪َ-‬من َيحفظ عشرة الجزاء الولى ِمن القرآن‬ ‫كانت هنالك َ‬
‫ومنهم من َيحفظ من ِنهايته ومنهم من وسطه فليتناوبوا ‪ ..‬أّول يصلي‬
‫في اليام الولى ذلك الذي َيحفظ أول القرآن ثم يصلي الثاني وهكذا‪ ،‬أّما‬
‫جُؤوا إلى المصحف فل ننصح بذلك بل ينبغي أن ُيشّدد فيه وقد‬ ‫أن َيْل َ‬
‫حْرَمته ومنهم من ذهب إلى كراهته‪،‬‬ ‫علمتم بأن بعض العلماء ذهب إلى ُ‬
‫وأنا الن لست بصدد ترجيح الراجح ِمن هذه القوال وإّنما بصدد بيان أنه‬
‫ل ينبغي ذلك أبدا وفي حالة الضرورة ينبغي أن يلجأ المام إلى غيره فهذا‬
‫ليس من المور التي ُتَباح في حالة الضطرار‪-‬مثل‪-‬لّنه ل اضطرار في‬
‫جَد من يقوم بذلك ثم إّنه إذا َلم ُيوجد من يقوم بذلك فبالمكان أن‬ ‫َهَذا إذا ُو ِ‬
‫يصلي المام في هذه الليلة ِبهذه السور ويأتي ِبها‪-‬أيضا‪-‬في الليلة الثانية‬
‫وهكذا‪ ،‬وِمن المعلوم أن كثيرا من الناس َيحفظون جزأين أو ثلثة من‬
‫القرآن فبإمكانهم أن يأتوا بهذه الجزاء في ليالي شهر رمضان؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫عامل عند تاجر معّين قد اتفق مع مجموعة العمال هناك أن يصلوا الظهر‬
‫في مصلى خاص من أجل أنه ل يستطيع أن يخالف أمر الشخص الذي‬
‫يعمل عنده ‪ ..‬المسجد قريب منهم لكن هم اعتادوا على أن يصلوا هكذا‬
‫في رمضان فقط صلة الظهر في ذلك المصلى ويصلونها جماعة‪.‬‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫على كل حال؛ نحن ننصح أولئك التجار بأن يسمحوا لهؤلء العمال‪ ،‬ولعل‬
‫هؤلء التجار يسمعون ‪ ..‬أن يسمحوا لهؤلء العمال بأن يذهبوا لداء‬
‫الصلة في المسجد‪ ،‬ولن َيخسروا شيئا بمشيئة ال تبارك وتعالى‪ ،‬بل لعل‬
‫ال‪-‬تبارك وتعالى‪ُ-‬يهّيئ لهم الربح من حيث ل يشعرون ‪ ..‬ننصح أولئك‬
‫بأن يسمحوا لهم بذلك‪ ،‬فإن تعّذر المر وكانوا مضطّرين للعمل فعسى أن‬
‫خص لهم في الصلة في هذا المصلى‪ ،‬أما إذا كان ُيمكنهم أن يذهبوا‬ ‫ُير ّ‬
‫إلى المسجد فل؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫طع بسبب هذه المور ؟‬
‫بعضهم يخاف على رزقه من أن ُيق َ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ت‪.‬‬
‫على كل حال؛ كما قل ُ‬

‫س‪:‬‬
‫دعاء المام جهرا وتأمين الجماعة‪ ،‬هل َوَرَد في ذلك شيء ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم‪:‬‬
‫ن المأموِمين أو َمن شاء‬ ‫ِمن أهل العلم َمن ذهب إلى أنه إذا دعا المام فإ ّ‬
‫منهم يؤّمنون على دعاِء ذلك المام إذا كان ذلك الدعاء لمٍر دنيوي أو‬
‫جل صاِلحا مّتقيا ِلرّبه تبارك‬ ‫كان لمٍر أخروي إذا كان ذلك المام َر ُ‬
‫سقا فإنه ل ُيؤّم ُ‬
‫ن‬ ‫وتعالى‪ ،‬أما إذا كان ذلك الشخص مجهول أو كان فا ِ‬
‫خل فيه‪.‬‬ ‫على دعاِئه إذا دعا ِبخْير ُأخرِوي َله أو كان دا ِ‬
‫سه فالمام يدعو لنفسه‬ ‫ن كّل شخص َيدعو ِلنف ِ‬ ‫وبعض العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫وغيره يشتغل بالدعاء لنفسه ول يلتفت إلى التأمين‪.‬‬
‫حاُمل على‬
‫ضِليل أو الّت َ‬
‫والمسألة المر فيها يسير ول ينبغي الّتْبِديع والّت ْ‬
‫َمن قال ِبهذا الرأي أو بذلك الرأي‪ ،‬فإذا اشتغل النسان بنفسه ودعا أو‬
‫ذكر ال تبارك وتعالى ‪ ..‬أتى بتلك الذكار والدعية الواردة عن النبي‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وَلم يشتغل بدعاء المام فذلك فيه خْير‬
‫وبركة بمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا كان المام َمجهول الحال هل يصح أن يؤّمن الشخص ويستحضر في‬
‫نيته َتخصيص ذلك أو تعليق أمر إجابة الدعوة أو التأمين إن كان هذا‬
‫المام صالحا ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫صل لو دعا النسان‬ ‫هو‪-‬حقيقة‪-‬قضية التقِديرات هذه فيها ما فيها لكن ال ْ‬
‫ِبدعاء لشخص َمجهول فإنه يدعو ِلعموم المسلمين فإن كان ذلك الشخص‬
‫من أهل الصلح فإنه سيدخل في عموم المسلمين ‪ ..‬إذا طلب‪-‬مثل‪-‬شخص‬
‫من شخص أن يدعو له وهكذا في صلة الجنائز‪-‬مثل‪-‬إذا كان يريد أن‬
‫يصلي على شخص َمجهول فإنه يدعو بدعاء عام ‪ ..‬إذا كان ذلك الشخص‬
‫من أهل الصلح فإنه سيدخل في ذلك العموم‪ ،‬وكذلك لو صلى على‬
‫سق فإّنه يدعو لعموم المسلمين فإن ذلك الشخص الفاسق إذا‬ ‫شخص َفا ِ‬
‫كان مات على توبة صاِدقة فإنه سَيدخل في ذلك العموم ‪ ..‬هذا الذي‬
‫ينبغي أن ُيسَلك؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا كان المام ينظر إلى شاشة أمامه فيها آيات القرآن الكريم ويقرأ منها‬
‫أثناء الصلة‪ ،‬هل يصح له ذلك ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫ن ذلك يتنافى مع الخشوع‪ ،‬فمن اشتغل بالقراءة‬
‫ل‪ ،‬ل يصح له ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫من شاشة أو من أوراق أو مما شابه ذلك فل شك بأنه سيترك الركن‬
‫العظم الخشوع‪ ،‬الذي يقول فيه النبي صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫) والخشوع عمود الصلة (‪.‬‬

‫‪ (1‬س‪:‬‬
‫أين تصف المرأة إذا كانت تصف مع رجل ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫خلف بين أهل العلم‬
‫بعضهم قال ‪ :‬تصف عن شماله ولكنها ل تكون قريبة منه‬
‫وقيل ‪ :‬تصف خلفه ‪ .‬وهذا أقرب إلى الصواب ‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫‪ِ- (2‬من ذلك جوابه على السؤال الول ِمن حلقة ‪ 8‬رجب ‪1423‬هـ ) ‪15‬‬
‫ص السؤال مع جواب الشيخ عليه‪:‬‬
‫سبتمبر ‪2002‬م ( وهذا ن ّ‬

‫س‪:‬‬
‫ف الول ؟‬
‫ف الص ّ‬
‫خل َ‬
‫ما حكم صلة المنفِرد َ‬

‫ج‪:‬‬
‫صّلي منفِردا خلف الصف ل َيخلو ِمن أحد أمرين‪:‬‬ ‫ن الذي ُي َ‬ ‫إّ‬
‫جد مكانا َيقف فيه في تلك‬ ‫ت ول َي ِ‬ ‫جد الصفوف قد امتل ْ‬ ‫‪-1‬إما أن َي ِ‬
‫الصفوف التي أمامه‪.‬‬
‫جد فراغا َيّتسع له‪:‬‬‫جد تلك الصفوف ُممتِلئة بل َي ِ‬ ‫‪-2‬أو أنه ل َي ِ‬
‫جد‪-‬كما‬ ‫صّفا جديدا إذا كان َي ِ‬
‫شئ َ‬ ‫أما المر الثاني فإنه ليس لحد أن ُين ِ‬
‫سعا في واحد ِمن الصفوف المامية بل عليه أن َيتقّدم وُيصّلي في‬ ‫ت‪ُ-‬مّت َ‬
‫قل ُ‬
‫ظَر‬‫ن صلته باطلة اللهم إل إذا َن َ‬ ‫صّلى منفِردا فإ ّ‬ ‫س ذلك الصف‪ ،‬وإذا َ‬ ‫نف ِ‬
‫ن ذلك الصف قد امتل ثم أنشأ صفا جديدا فإنه سيأتي‬ ‫ن ظّنا قويا بأ ّ‬ ‫ظّ‬‫وَ‬
‫الكلم عليه في القسم الذي َيلي هذا القسم ‪ ..‬هذا هو القول الذي ذهبت‬
‫إليه طائفة كبيرة ِمن أهل العلم‪ ،‬وهو الذي ُتؤّيده السّنة وَتدّل عليه دللًة‬
‫صريحة‪ ،‬وإذا ثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله‬
‫ي فإنه لبد ِللمسلم ِمن أن َيْمَتِثل ذلك الحديث ‪ ..‬نعم‬ ‫وصحبه‪-‬أمٌر أو نه ٌ‬
‫طِلع عليه أو أنه رأى دلي ً‬
‫ل‬ ‫ُيعَذر َمن خاَلف الحديث لنه ُيمِكن أنه لم َي ّ‬
‫ت معه‪ ،‬أما‬ ‫طَلع عليه ولكنه لم َيثب ْ‬ ‫جح أو أنه ا ّ‬ ‫ن ِبأنه هو الْر َ‬ ‫ظّ‬ ‫ُيخاِلفه و َ‬
‫ت عند العلماء وهو لم َيكن في‬ ‫ت لديه أو ثب َ‬ ‫طَلَع على الحديث وثب َ‬ ‫َمن ا ّ‬
‫درجتهم فإنه عليه أن َيّتِبع ذلك الحديث عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه‬
‫سُع‬ ‫ت‪-‬ل َي َ‬ ‫عليه‪-‬مع الجْزم ِبُعْذر أولئك العلماء الذين خاَلفوه ولكن‪-‬كما قل ُ‬
‫ن أن َيأخَذ ِبشيٍء ُيخاِلف السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلوات‬ ‫النسا َ‬
‫جح لديه شيء ِمن الدلة الخرى على ذلك‬ ‫ال وسلمه عليه ‪ ..‬نعم إذا َتر ّ‬
‫الدليل فإنه في هذه الحالة ل ُيَعّد مخاِلفا ِلذلك الدليل‪ ،‬لنه َأخذ ِبدليل َيرجح‬
‫على ذلك الدليل‪ ،‬وكذلك ليس ِلجماعة ِمن الناس ِمن اثنين فصاعدا أن‬
‫شؤوا صّفا جديدا إذا كان الصف المامي لم َيكتِمل بل عليهم أن َيصّفوا‬ ‫ُين ِ‬
‫في ذلك الصف حتى َيمتِلئ فإذا امتل فإنه في تلك الحالة ُيؤَمرون ِبأن‬
‫شؤوا صّفا جديدا‪.‬‬ ‫ُين ِ‬
‫أما القسم‪-‬الثاني أو‪-‬الول‪-‬لننا َذَكْرنا هذا القسم بأنه هو الول‪-‬فهو إذا‬
‫ف فيه في تلك‬ ‫جد مكانا َيص ّ‬ ‫جَد الصفوف ُممتِلئة ولم َي ِ‬ ‫ن وَو َ‬‫َدخَل إنسا ٌ‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة على عّدة أقوال‪:‬‬ ‫الصفوف فإ ّ‬
‫خَل المسجد ليس‬ ‫ن هذا الشخص الذي َد َ‬ ‫ذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ‬
‫خر‬‫ف المتأ ّ‬ ‫ص ِمن الص ّ‬ ‫جرّ شخ ٍ‬ ‫شئ صّفا جديدا بل عليه أن َيقوم ِب َ‬ ‫له أن ُين ِ‬
‫جوا على ذلك‬ ‫شرة‪ ،‬واحت ّ‬‫وَيصف هو وذلك الشخص خْلف المام مبا َ‬
‫ن ذلك الحديث ل‬ ‫ِبحديث مروي عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولك ّ‬
‫َيثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه وإن كان قد جاء ِمن أكثر ِمن طريق‬
‫ن تلك الطُرق ِمن الضعف ِبمكان فل َتصُلح لن َتصل إلى درجة‬ ‫لّ‬
‫حجية‪ ،‬كما هو ُمَقّرر عند أئّمة العلم‪.‬‬ ‫الـ ُ‬
‫ف منفِردا خْلف‬ ‫ن ذلك الشخص َيص ّ‬ ‫وذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ‬
‫ف صّفا منفِردا‬ ‫المام‪ ،‬إذ إنه مأمور ِبالدخول مع المام ومنهي عن أن َيص ّ‬
‫ف النسان وحده وبْين‬ ‫جَمُعوا بْين الحاديث التي فيها النهي عن أن َيص ّ‬ ‫فَ‬
‫حَملوا الحاديث الناهية‬ ‫الحاديث الِمرة ِبالدخول في صلة الجماعة ‪َ ..‬‬
‫سع‬‫سع ِلذلك الشخص أما إذا لم َيّت ِ‬ ‫على ما إذا كان في الصفوف مّتسًعا َيّت ِ‬
‫ن ذلك النهي ل ُيحَمل عليه‪ ،‬ولهم أدلة‬ ‫ف ِلذلك الشخص فإ ّ‬ ‫ذلك الص ّ‬
‫أخرى‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنه َيحَتال حتى َيصفّ عن َيمين المام ‪ ..‬أي‬
‫طى تلك الصفوف إن أمكنه ِبحيث ل َيضّر ِبأحٍد ِمن المصلين‬ ‫َيَتقّدم ‪َ ..‬يَتخ ّ‬
‫خل‬‫ظر حتى َيد ُ‬ ‫ف عن َيمين المام‪ ،‬أما إذا لم َيتمّكن ِمن ذلك فإنه َينت ِ‬ ‫وَيص ّ‬
‫ص آخر‪.‬‬ ‫شخ ٌ‬
‫خَذ ِبواحٍد ِمن هذه القوال فل شيء‬ ‫خلفية‪-‬كما سمعُتم‪-‬وَمن َأ َ‬ ‫فالمسألة ِ‬
‫عليه‪ِ-‬بمشيئة ال‪-‬تبارك وتعالى؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ف أحٌد خْلف المام منفِردا وأمضى صلَته على هذه الصورة ثم‬ ‫إذا ص ّ‬
‫خرا‪ ،‬ما‬
‫حق مؤ ّ‬
‫جاء رجل آخر ‪ ..‬في هذه الحالة الرجل الثاني الذي الت َ‬
‫حكم صلته ؟‬
‫ج‪:‬‬
‫أّول َيْنَبِني على الخلف السابق‪:‬‬
‫ن ذلك جائز له "‬ ‫ف منفِردا خْلف المام وأ ّ‬ ‫فعلى رأي َمن َيقول‪ " :‬إنه َيص ّ‬
‫ن ذلك المر الذي َفَعَله صحيح ل غبار عليه‬ ‫ف معه‪ ،‬ل ّ‬ ‫خَل َيص ّ‬ ‫ن َمن َد َ‬‫فإ ّ‬
‫ف معه‪.‬‬ ‫خَل َيص ّ‬ ‫ن َمن َد َ‬ ‫وصلُته صحيحة وعلى هذا فإ ّ‬
‫جّر شخصا‬ ‫وأما على رأي َمن يقول ِبخلف ذلك وهو‪ " :‬أنه لبد ِمن أن َي ُ‬
‫شرة " فلم‬‫خر وَيصف هو وذلك الشخص خْلف المام مبا َ‬ ‫ف المتأ ّ‬
‫ِمن الص ّ‬
‫ن صلَته‪-‬مع هذه الطائفة‪-‬باطلة وعليه ل َيص ّ‬
‫ح‬ ‫ف منفِردا فإ ّ‬ ‫ص ّ‬‫جّر بل َ‬ ‫َي ُ‬
‫عا في‬
‫شَر َ‬
‫ن ذلك ل َيصح و َ‬ ‫ف معه اللهم إل إذا بّين له بأ ّ‬ ‫لحد أن َيص ّ‬
‫الصلة ِمن جديد ‪ ..‬أي َأْلَغى ما َفَعَله ِمن قبل إذ ل قيمة له وابتدَأ الصلة‬
‫ن صلَتهما صحيحة‪.‬‬ ‫خل فإ ّ‬‫مع َمن َد َ‬
‫ف خْلف المام‬ ‫ض الذين قالوا‪ " :‬إنه َيص ّ‬ ‫ن بع َ‬ ‫هذا وِمن الجدير ِبالّذْكر أ ّ‬
‫صق ِبالصفوف‬ ‫منفِردا " في هذه الحالة قالوا‪ " :‬إنه َيتقّدم حتى َيلت ِ‬
‫خر فإذا انتهى ِمن الركوع والسجود‬ ‫وعندما ُيريد أن َيركع أو َيسجد َيَتأ ّ‬
‫َتقّدم "‪ ،‬وهذا القول قوٌل ضعيف‪ ،‬لنه َيقتضي هذه الحركة التي ل دليل‬
‫ف منفِردا خْلف المام‬ ‫عليها‪ ،‬فإذن إما الخذ ِبرأي َمن َيقول‪ " :‬إنه َيص ّ‬
‫جر وهو وإن كان ل َيصح‬ ‫ن ذلك جائز له " أو الخذ ِبرأي َمن يقول بالـ َ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن الذين قالوا‬‫جر‪-‬فإ ّ‬‫ث الذي َوَرَد على مشروعيته‪-‬أي مشروعية الـ َ‬ ‫الحدي ُ‬
‫ن هذه الحالة حالة ضرورة والنسان منهي عن‬ ‫ِبذلك َتَأّيدوا على ذلك ِبأ ّ‬
‫جر لجل هذه الضرورة‬ ‫ف دون غْيره فأجازوا له أن َي ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫أن َينفِرد في َ‬
‫جر فهو قول كثيٍر ِمن أهل العلم‬ ‫خَذ ِبالـ َ‬
‫وإن كان الحديث ل َيصح‪ ،‬فإذا َأ َ‬
‫وله أيضا وجه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫شرة خْلف المام ‪ ..‬الكثير ِمن‬
‫ل َيذهب به مبا َ‬ ‫جً‬‫جّر َر ُ‬
‫ذكرُتم ِبأنه عندما َي ُ‬
‫جّروَنه في نفس المكان الذي َيخُرج منه ثم‬‫الناس ل َيصَنعون هذا إنما َي ُ‬
‫َيصّفون معه‪ ،‬في هذه الحالة ما الحكم ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ت ِبصحيحة‪.‬‬
‫ل ‪ ..‬هذا ل َيصح‪ ،‬فصلُة هؤلء ليس ْ‬

‫س‪:‬‬
‫حتى ولو كان المسجد كبيرا ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫جر ِمن موضٍع آخر لكن ليس ِمن‬ ‫ف بل َي ُ‬
‫جّر ِمن طرف الص ّ‬ ‫ل َيلَزم أن َي ُ‬
‫طِع مسافٍة‬ ‫ف معه خْلف المام‪ ،‬فل َيحتاج إلى َق ْ‬ ‫ص ّ‬‫شرة وَي ُ‬
‫خْلف المام مبا َ‬
‫خر‬‫جّر والّتأ ّ‬‫حم‪ ،‬وهذه المحذورات‪-‬وهي الـ َ‬ ‫طويلة وبعَد ذلك الصف َيلت ِ‬
‫شئ صّفا جديدا خْلف‬ ‫ن ِللنسان أن ُين ِ‬‫طع مسافة‪-‬راعاها َمن قال ِبأ ّ‬ ‫وق ْ‬
‫جر مع ما َيترّتب‬ ‫المام ما دام ليس هنالك دليل َيدّل على مشروعية الـ َ‬
‫عليه ِمن مفاسد‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ئ صّفا جديدا خْلف المام منفِردا ؟‬
‫شُ‬‫معنى ذلك أنه ُين ِ‬

‫ج‪:‬‬
‫هذا رأي طائفة كبيرة ِمن أهل العلم‪.‬‬

‫)ثانيا ‪ :‬أحكام صلة السفر (‬


‫س‪:‬‬
‫ما حكم صلة السفر‪ ،‬هل هي عزيمة أم هي رخصة؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫قد اختلف العلماء في حكم صلة السفر؛‬
‫ن الَقصر واجب في السفر ول‬ ‫ذهبت طائفة كبيرة من أهل العلم إلى أ ّ‬
‫يجوز لحد أن يتركه إل إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة‬
‫عليه أن ُيكمل الصلة لضرورة متابعة المام؛ كما هو مذهب جمهور‬
‫ن المسافر يصلي خلف المام المقيم ركعتين‬ ‫المة؛ خلفا لمن شّذ وزعم أ ّ‬
‫ليس إل‪ ،‬وهذا قول ضعيف جدا مخالف للسّنة الصحيحة الثابتة عن‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثبوتا أوضح من شمس الظهيرة‪،‬‬
‫ن هذا الكلم مسبوق بإجماع الّمة‬ ‫وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أ ّ‬
‫ن عليه أن‬ ‫السلمية؛ أما إذا صلى بمفرده أو صلى خلف إمام مسافر فإ ّ‬
‫صر الصلة‪ ،‬وهذا القول مروي عن طائفة كبيرة من أصحاب رسول‬ ‫يق ُ‬
‫ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬فقد روي عن عمر بن‬
‫ي بن أبي‬‫الخطاب الخليفة الراشد رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وروي عن عل ّ‬
‫طالب وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد ال‪ ،‬بْل حكاه غير واحد من‬
‫أهل العلم عن اتفاق صحابة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم؛ وما روي عن عائشة وعثمان من أنهما قد أتما فقد حَملت هذه‬
‫ن مذهبهما كغيرهما من صحابة‬ ‫الطائفة ذلك منهما على التأويل‪ ،‬وإل فإ ّ‬
‫رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو الوجوب‪ ،‬وقد قال بذلك‬
‫سّدي‪ ،‬وذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬عمر‬ ‫الحسن البصري وسعيد بن جبير وقتادة وال ّ‬
‫بن عبد العزيز رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وهو مذهب الوزاعي والثوري‪،‬‬
‫وهو رواية عن المام مالك‪ ،‬ورواية عن المام أحمد‪ ،‬ورواية عن‬
‫إسحاق‪ ،‬وقال به ابن القاسم وابن حزم‪ ،‬وهو مذهب الحنفية والهادوية‪،‬‬
‫وذهب إليه‪-‬أيضا‪-‬ابن القّيم وطائفة كبيرة من العلماء من المتأخرين‬
‫صديق خان وغيرهم‪ ،‬وهذا هو مذهب أصحابنا‪-‬‬ ‫كالَمْقِبِلي والشوكاني و ِ‬
‫رضوان ال تبارك وتعالى عليهم‪-‬قاطبة؛ بينما ذهبت طائفة من أهل العلم‬
‫إلى القول بالجواز‪،‬‬
‫واختلفوا في الفضل‪ ،‬منهم من ذهب إلى تفضيل القصر‪ ،‬ومنهم من ذهب‬
‫إلى تفضيل التمام‪ ،‬ومنهم من لم يذكر تفضيل لحدهما على الخر‪،‬‬
‫ن القصر رخصة‪ ،‬بينما يعّبر‬ ‫ن التمام واجب وأ ّ‬ ‫وذكر بعض العلماء أ ّ‬
‫ن من قال‬ ‫بعض العلماء بجواز المرين‪ ،‬ول إشكال في هذين التعبيرين‪ ،‬ل ّ‬
‫بالجواز ل يريد بالجواز هاهنا أنه يجوز لحد أن يترك القصر والتمام‪،‬‬
‫وإنما معنى ذلك أنه يجوز للنسان أن يأخذ بهذا ويجوز له أن يأخذ بهذا‪،‬‬
‫ن النسان يجوز له أن‬ ‫ومن عّبر بوجوب التمام وجواز القصر فإنه أراد أ ّ‬
‫صر‪ ،‬وهذا التعبير وإن‬ ‫يترك القصر ول يجوز له أن يترك التمام إل إذا ق َ‬
‫ن الولى أن يقال بجواز المرين وُيعنى‬ ‫كان فيه ما فيه فل بأس به ولك ّ‬
‫ن القصر‬ ‫بذلك أنه لبد من التيان بواحد منهما؛ والقول الول وهو أ ّ‬
‫واجب في السفر هو القول الصحيح؛ وذلك لنه يجب على النسان إذا‬
‫وجد خلفا بين أهل العلم أن ينظر إلى الدلة من كتاب ال‪-‬تبارك تعالى‪-‬‬
‫ومن سّنة رسوله‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬إذ هما الفيصل في مثل هذه‬
‫المسائل‪ ،‬ونحن إذا رجعنا إلى سّنة رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬فإننا نجد السّنة الفعلية والسّنة القولية تدلن دللة ل غموض فيها‬
‫على وجوب القصر في السفر‪ ،‬فالرسول‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬قد‬
‫صر في جميع أسفاره ولم يثبت أنه أتّم في صلة من صلواته في السفر‬ ‫ق َ‬
‫البّتة‪ ،‬ومن روى عنه أنه قد أتم فقد أخطأ‪ ،‬وقد روى عنه القصر طائفة‬
‫كبيرة من صحابته رضوان ال‪-‬تعالى‪-‬عليهم‪ ،‬ول أرى أن أطيل المقام‬
‫ن ذلك‬ ‫بذكر تلك الروايات مع الكلم على الصحيح والضعيف منها‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫من الشهرة بمكان ول عبرة بالضعيف‪-‬كما هو المعلوم‪-‬إل إذا كان مما‬
‫يمكن أن يرتقي بغيره من الروايات الثابتة‪ ،‬وعلى كل حال ففي الصحيح‬
‫صت‬ ‫الثابت عنهم‪-‬رضوان ال تعالى عليهم‪-‬ما يغني عن الضعيف‪ ،‬وقد ن ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫طائفة كبيرة من أهل العلم على أ ّ‬
‫قد لزم القصر)‪ (1‬في جميع أسفاره‪ ،‬وممن ذكر ذلك ابن رشد‪ ،‬وذكره‪-‬‬
‫أيضا‪-‬الجصاص وابن قدامة وابن القّيم وقبله شيخه ابن تيمية‪ ،‬وذكره‬
‫كذلك الَمْقِبِلي والشوكاني وجماعة كبيرة‪ ،‬وذكره من علمائنا المام‬
‫السالمي والشيخ الجيطالي وآخرون‪ ،‬وفي هذا ما يدل دللة واضحة على‬
‫الوجوب‪ ،‬وإل لو كان المر يقتضي الجواز لترك الَقصر‪-‬صلى ال عليه‬
‫ن ذلك ليس على‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬ولو مرة واحدة ليبّين لصحابه أ ّ‬
‫الوجوب‪ ،‬أو لفصح عن ذلك بلسانه‪ ،‬أما أنه قد لزم القصر ولم يذكر بأ ّ‬
‫ن‬
‫ن ذلك ل يدل على الوجوب‬ ‫ذلك ليس على الوجوب فل يمكن أن يقال‪ :‬إ ّ‬
‫وإنما هو على الجواز فقط؛ أما الروايات التي تدل من جهة القول على‬
‫الوجوب فهي كثيرة‪ ،‬من ذلك‬
‫ما جاء عن السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬أنها قالت‪ " :‬فرضت‬
‫الصلة ركعتين ركعتين فُأِقّرت في السفر وزيد في صلة الحضر " وله‬
‫ألفاظ متعّينة‪ ،‬ومثله حكمه الرفع‪ ،‬وهذا الحديث رواه المام الربيع‪-‬رحمه‬
‫ال‪-‬ورواه المام مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود والدارمي‬
‫والطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي‬
‫والطحاوي وابن حزم وآخرون‪ ،‬وقد اعُتِرض عليه باعتراضات ولكنها‬
‫واهية وقد أجبنا عليها وأجاب عليها غيرنا ول حاجة للطالة بذلك فمن‬
‫شاء ذلك فليرجع إليه في موضعه فإنه سيجد بمشيئة ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫ن تلك العتراضات ل تسمن ول تغني من جوع؛‬ ‫أّ‬
‫ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنهما أنه قال‪" :‬‬
‫فرض ال الصلة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " والحديث رواه‬
‫مسلم وأبو عوانة والنسائي وأبو داوود وابن ماجة وأحمد وابن خزيمة‬
‫وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حزم والبيهقي والطحاوي‬
‫والشافعي في " السنن المأثورة "‪ ،‬وروته جماعة كبيرة‪ ،‬ول يمكن أن‬
‫ن مثل‬‫ُيعتَرض عليه بأنه من كلم ابن عباس رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ذلك ل يمكن إل أن يكون بتوقيف من النبي صلوات ال عليه وسلمه‪ ،‬إذ‬
‫مثل ذلك ل يمكن أن يقال بالرأي‪ ،‬كما أنه ل يمكن أن ُيعتَرض عليه بأنه‬
‫ن حديث ابن‬ ‫مخالف لحديث السيدة عائشة رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنها‪ ،‬ل ّ‬
‫عباس‪-‬رضوان ال تعالى عليه‪-‬يدل على ما استقر عليه المر بينما حديث‬
‫عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬فيه بيان كيفية افتراض الصلة في‬
‫أول المر ‪ ..‬كذلك ل يمكن أن يعترض عليه بأنه قد جاء في نهايته‪" :‬‬
‫ت سابقا‬‫ن هذه الزيادة شاّذة على التحقيق‪ ،‬وذكر ُ‬ ‫وفي الخوف ركعة " ل ّ‬
‫في غير هذه الليلة بأنه يمكن أن تِرد لفظة أو جملة شاذة في حديث بينما‬
‫ذلك الحديث بكامله يكون صحيحا‪ ،‬ولذلك أمثلة متعّددة؛‬
‫ومن ذلك حديث عمر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬أنه قال‪ " :‬صلة السفر‬
‫ركعتان وصلة الفطر ركعتان وصلة الضحى ركعتان وصلة الجمعة‬
‫ن صلة السفر ركعتان وهي ليست‬ ‫ركعتان تمام غير قصر " ذكر فيه بأ ّ‬
‫بقصر‪ ،‬ثم قال‪ " :‬على لسان محمد " صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫وهذا الحديث روته طائفة كبيرة من أئمة الحديث‪ ،‬فقد رواه النسائي وابن‬
‫ماجة وأحمد وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبزار والطحاوي‬
‫ن بعض العلماء قد‬ ‫والبيهقي‪ ،‬ورواه كذلك أبو ُنَعْيم‪ ،‬وروته طائفة إل أ ّ‬
‫أعّله بالنقطاع‪ ،‬لنه من طريق ابن أبي ليلى وهو لم يسمع من عمر بن‬
‫ن طائفة من أهل العلم قد نصت على أنه‬ ‫الخطاب على رأي طائفة‪ ،‬ولك ّ‬
‫سمع منه‪ ،‬وجاء في رواية عند النسائي في " الكبرى " وعند ابن ماجة‬
‫ن عبد الرحمن قد رواه من طريق كعب بن‬ ‫وابن خزيمة والبيهقي بأ ّ‬
‫جَرة‪ ،‬وجاء عند الطحاوي بأنه رواه عن الثقة عن عمر رضي ال‪-‬‬ ‫عْ‬
‫ُ‬
‫ن عبد الرحمن قد سمع من‬ ‫تعالى‪-‬عنه‪ ،‬ول إشكال في ذلك فعلى تقدير أ ّ‬
‫عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬فيمكن أنه سمعه مرة منه وسمعه مرة عن‬
‫جَرة‪ ،‬فرواه مرة عن عمر مباشرة ورواه مرة عنه‬ ‫عْ‬
‫الثقة الذي هو ابن ُ‬
‫بالواسطة‪ ،‬وعلى تقدير عدم سماعه من عمر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬فإنه‬
‫قد ذكر الواسطة عنه وكذلك الرواية التي فيها بأنه سمعه من الثقة فقد‬
‫صرح بالثقة في رواية أخرى‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬كنا نتكلم على حديث عمر رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنه‪ ،‬وقلنا‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬
‫عبد الرحمن بن أبي ليلى رواه في رواية عن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬‬
‫مباشرة ورواه في رواية عنه بواسطة كعب بن عجرة وفي رواية عن‬
‫ت‪ :‬بأنه يمكن أن يكون قد سمعه من عمر‬ ‫الثقة والظاهر أنه كعب‪ ،‬وقل ُ‬
‫على رأي طائفة كبيرة من أهل العلم‪ ،‬وهذا هو الذي يؤخذ من كلم‬
‫الذهبي وقْبَله من كلم أبي ُنَعْيم‪ ،‬وكذلك ذهبت إليه طائفة من المتقدمين‬
‫وإن كان كثير من العلماء على خلف ذلك‪ ،‬وإذا قلنا بهذا الرأي‪-‬وهو‬
‫الذي يظهر‪-‬فل إشكال في المر‪ ،‬وإذا قلنا بأنه لم َيسمع منه فقد بّين‬
‫الواسطة الذي سمعه منه‪ ،‬ول إشكال في ذلك على الرأي الول‪ ،‬فإنه‬
‫ت‪-‬أن يكون مرة ُيحّدث عن الصل ومرة يحدث عن الفرع‬ ‫يمكن‪-‬كما قل ُ‬
‫على أنه على تقدير عدم ثبوت الرواية الثانية فإنها تكون من باب المزيد‬
‫في متصل السانيد‪ ،‬فيكون الراوي قد أخطأ في ذكره لكعب‪ ،‬وعلى كل‬
‫حال ليس هذا الموضع يكفي لتحقيق الكلم على هذا الحديث‪ ،‬وقد ذكرنا‬
‫ذلك في موضعه؛‬
‫ومن ذلك‪-‬أيضا‪-‬حديث عمر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬أنه قال له الرسول‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في حديث شهير عن القصر‪ ) :‬صدقة‬
‫تصدق ال بها عليكم فاقبلوا صدقته ( فقوله‪ ) :‬فاقبلوا صدقته ( حديث‬
‫ن أمر رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫يدل على الوجوب‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫يدل على الوجوب‪ ،‬لدلة متعددة‪ ،‬وهو الذي ذهب إليه الجمهور‪ ،‬وهذا‬
‫الحديث‪-‬أيضا‪-‬رواه المام مسلم‪ ،‬ورواه النسائي وأبو داوود والدارمي‬
‫وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وأحمد وعبد الرزاق وابن الجارود‪،‬‬
‫ورواه كذلك‪-‬أيضا‪-‬ابن جرير‪ ،‬ورواه البيهقي‪ ،‬ورواه النحاس في "‬
‫الناسخ والمنسوخ " وأبو ُنَعْيم وطائفة كبيرة من أئمة الحديث؛ ومن‬
‫ن رجل قال لبن عمر رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ " :‬يا‬ ‫الدلة على ذلك‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬
‫أبا عبد الرحمن إنا نجد في القرآن صلة الحضر وصلة الخوف ول نجد‬
‫ن ال قد بعث إلينا‬ ‫صلة السفر ؟ " فقال‪ " :‬يا هذا‪-‬كما هو في رواية‪-‬إ ّ‬
‫محمدا ول نعلم شيئا فإنما نفعل ما رأيناه يفعل " وقد جاء بغير هذا اللفظ‪،‬‬
‫وقد رواه الربيع رحمه ال‪ ،‬ورواه مالك وأحمد وابن خزيمة وابن حبان‬
‫والحاكم‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬فهذا‪-‬أيضا‪-‬يؤخذ منه الوجوب؛‬
‫وهنالك أدلة أخرى ل داعي للطالة بها‪ ،‬فهذه الحاديث وغيرها كثير تدل‬
‫جب عنها أحد إل باعتراضات أوهى‬ ‫دللة واضحة على الوجوب‪ ،‬ولم ُي ِ‬
‫من نسج العنكبوت‪ ،‬وقد ذكرناها مشفوعة بأجوبتها في غير ما كتاب فمن‬
‫شاء ذلك فليرجع إلى " الرأي المعتبر " وإن كان مختصرا بالنسبة إلى‬
‫أصله؛ وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فإنهم استندوا إلى الية القرآنية‪:‬‬
‫لة{ ] سورة النساء‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫صَ‬‫ن ال ّ‬
‫صُروا ِم َ‬
‫ح َأن َتْق ُ‬
‫جَنا ٌ‬
‫عَلْيُكْم ُ‬
‫س َ‬
‫}َفَلْي َ‬
‫‪ ،[ 101‬ول دللة في الية‪ ،‬لنها على رأي كثير من أهل العلم ليست في‬
‫صلة السفر‪ ،‬وإنما هي في صلة الخوف‪ ،‬وهو الذي يؤخذ من قول ابن‬
‫عمر وساِئله‪ " :‬إنا نجد صلة الحضر وصلة الخوف " هكذا قال السائل‬
‫وأقره ابن عمر ‪ ..‬قال السائل‪ " :‬نجد ذلك في القرآن ول نجد صلة‬
‫السفر " وأقره على ذلك ابن عمر‪ ،‬وهذا الرأي هو الذي رجحه ابن‬
‫جرير‪ ،‬فإذن الية لم تتعرض لقصر السفر رأسا‪ ،‬وعلى تقدير أنها في‬
‫ن نفي الجناح ل‬ ‫قصر السفر‪-‬كما هو رأي جماعة‪-‬أو في القصرين معا فإ ّ‬
‫يؤخذ منه عدم الوجوب‪ ،‬إذ إنه تارة يدل على هذا وتارة يدل على ذاك‪،‬‬
‫ومثل هذه الية ما جاء في السعي بين الصفا والمروة‪ ،‬فإنه‪-‬أيضا‪ُ-‬نِفيَ‬
‫ن السعي بين الصفا والمروة واجب‪،‬‬ ‫ن الصحيح الراجح أ ّ‬‫الجناح مع أ ّ‬
‫ن نفي الجناح ل يراد به هاهنا‬ ‫والدلة التي ذكرناها من السّنة تدل على أ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫نفي الوجوب؛ واستدلوا‪-‬أيضا‪-‬برواية أ ّ‬
‫وسلم‪-‬كان يقصر في السفر ويتم‪،‬وهذه الرواية ليست بشيء‪ ،‬لنها من‬
‫طريق السيدة عائشة رواها عنها عطاء بن أبي رباح وروايته ل تصح‬
‫من طريق السيدة عائشة رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنها‪ ،‬كما ذكر ذلك غير واحد‬
‫من أئمة التحقيق‪ ،‬وقد جاء عنه من أربع طرق إحداها من طريق ابن‬
‫وثاب وهو مجهول‪ ،‬والثانية من طريق المغيرة بن زياد وهو ضعيف‪،‬‬
‫والثالثة من طريق طلحة بن عمرو وهو ضعيف‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬من طريق‬
‫رابعة ولكنها‪-‬أيضا‪-‬ضعيفة‪ ،‬فهذا الحديث ل ُيعتمد عليه‪ ،‬وكذلك ما جاء‬
‫ن في إسناده راويا‬ ‫من أنه أقر السيدة عائشة على التمام ليس بشيء‪ ،‬ل ّ‬
‫ن السيدة عائشة لم تكن معه في‬ ‫ضعيفا وهو العلء بن عبد الرحمن‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫سفر فتح مكة فكيف يقال بأنها أتّمت بخلف فعل النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم وهي لم تكن مسافرة معه في ذلك السفر ؟! وكذلك ما جاء أ ّ‬
‫ن‬
‫الصحابة كانوا يسافرون مع النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وكان‬
‫منهم من يصوم ومنهم من يفطر ‪ ..‬منهم الصائم ومنهم المفطر ومنهم‬
‫الذي يقصر ومنهم الذي يكمل الصلة‪ ،‬هذا معناه ‪ ..‬هذا الحديث رواه‬
‫البيهقي وليس بشيء‪ ،‬لنه من طريق زيد الَعّمي ول يؤخذ بروايته‪،‬‬
‫ن النبي‬ ‫والراوي عنه ضعيف‪-‬أيضا‪-‬فمثله ل ُيفَرح به‪ ،‬وكذلك ما جاء أ ّ‬
‫طعة من رواية‬ ‫صلى ال عليه وسلم أتم في الخوف‪ ،‬فهذه الرواية ُمقَت َ‬
‫أخرى‪ ،‬فالصحيح أنه صلى ركعتين ثم سلم ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين‬
‫فكان متنفل؛ فهذه أقوى ما استند إليه القائلون بالجواز وهي كما ترون ل‬
‫ن القول‬ ‫َتثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وإذا كان المر كذلك فإ ّ‬
‫بالوجوب هو القول الراجح‪ ،‬فل ينبغي لحد أن يتركه‪ ،‬ثم‪-‬كما ذكرتُ هو‬
‫مذهب أكثر الصحابة‪ ،‬بل مذهب الصحابة قاطبة على رأي أكثرهم‪ ،‬وهو‬
‫الذي ذهب إليه التابعون ومن تبعهم بإحسان أو أكثرهم‪ ،‬ولذلك قال‬
‫الترمذي‪ " :‬العمل على ما كان عليه النبي صلى ال عليه وسلم وأبو بكر‬
‫وعمر " ونسبه البغوي إلى أكثر العلماء‪ ،‬ونسبه الخطابي إلى أكثر أهل‬
‫العلم؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ما حكم من كان ُيتّم في السفر مستِندا في ذلك إلى قول أحد مشائخه الذين‬
‫يثق فيهم وهو أنهم يقولون‪ " :‬من كان يملك مسكنا في السفر وكان‬
‫يطيل المكث فيه فعليه التمام ولو لم ينو الستقرار فيه " ثم تبّين له بعد‬
‫ن الراجح هو ما ذهبتم إليه ؟ وهل يجب عليه قضاء الصلوات التي‬ ‫ذلك أ ّ‬
‫لها تماما عمل بقول شيخه ؟ وما حكم هذا الشخص إن كان يصلي‬ ‫صّ‬
‫بالناس في تلك الفترة ؟‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫ن المسألة ليست فيها‬ ‫نعم‪ ،‬الصحيح هو وجوب القصر كما ذكرنا ‪ ,‬إل أ ّ‬
‫أدلة قاطعة‪ ،‬فالمسألة ل تخرج عن دائرة الظن‪ ،‬وإن كان الصحيح الذي‬
‫تدل له السّنة هو ما ذكرناه‪ ،‬وإذا كان النسان يأخذ من قبُل برأي من‬
‫ن ذلك الرأي هو الصواب فإننا ل نقوى على أن‬ ‫آراء أهل العلم ويظن أ ّ‬
‫ت‪-‬ل تخرج عن دائرة الظن‪ ،‬أما إذا‬ ‫ن هذه المسألة‪-‬كما قل ُ‬
‫ُنلزمه البدل‪ ،‬ل ّ‬
‫كان ذلك الرجل الذي َيستند إلى كلمه ليس من أهل العلم وإنما يتظاهر‬
‫صر في حقيقة الواقع في طلب‬ ‫بالعلم وليس المر كذلك فهذا الشخص قد ق ّ‬
‫الحق ولم يطلب ذلك من أهله فعليه أن يتوب إلى ال وأن يعيد تلك‬
‫ت‪-‬منهم من يقول‬ ‫ن العلماء‪-‬كما قل ُ‬‫الصلوات التي أتمها وهو مسافر‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫بوجوب القصر‪ ،‬ومنهم من يقول بالتخيير ولكن لمدة معّينة‪ ،‬ومنهم من‬
‫صر النسان‬ ‫يقول‪-‬أيضا‪-‬بالجواز مهما مكث النسان من السفر‪ ،‬أما أن يق ُ‬
‫في مكان وهو لم يستقر فيه وإنما لنه بنى فيه بيتا أو ما شابه ذلك فهذا‬
‫أمر عجيب‪ ،‬فهو لم ينو الستيطان‪ ،‬فل أدري هذا الشيخ الذي يذكره هل‬
‫ن النسان لبد من أن يقصر مهما مكث‬ ‫يأخذ برأي من يقول بالوجوب وأ ّ‬
‫ن من‬ ‫من الزمن إل أنه يجهل تطبيق ذلك على هذه القضية ولذلك أفتى بأ ّ‬
‫مكث في مكان وهو لم ينو الستقرار لكونه قد ملك بيتا أو ما شابه ذلك‪،‬‬
‫فإن كان المر كذلك فهذا خطأ في حقيقة الواقع وعليه أن يتوب إلى ال‪،‬‬
‫وعلى ذلك الذي أخذ برأيه أن يتوب إلى ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وأن يعيد تلك‬
‫الصلوات‪ ،‬أما إذا كان ذلك الشيخ يأخذ برأي من يقول بالجواز إما‬
‫ن ذلك هو الصحيح وأفتى من‬ ‫اجتهادا وإما تقليدا لمن يقول بذلك ويظن أ ّ‬
‫أفتاه بذلك فل نقوى على أن نلزمه العادة‪ ،‬بل نأمره بتطبيق الصواب في‬
‫المستقبل؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫كانوا مسافرين مع جماعة وأثناء الوضوء دخلت فرقة منهم في المسجد‬
‫فوجدت جماعة تصلي‪ ،‬في هذه الحالة هل يدخلون فيصلون معهم أم‬
‫ن الذين دخلوا إلى المسجد ل‬
‫ينتظرون أصحابهم ليصلوا جمعا ؟ ثم إ ّ‬
‫يدرون عن تلك الجماعة هل تصلي قصرا أم تصلي وطنا‪.‬‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫أما إذا كانت تلك الجماعة تصلي تلك الصلة التي تريد هذه الجماعة أن‬
‫ن عليهم أن يدخلوا معهم وليس لهم أن ينتظروا أصحابهم‪،‬‬ ‫تقوم بأدائها فإ ّ‬
‫فإن جاء أصحابهم وأمكنهم أن يدخلوا في تلك الجماعة فعليهم‪-‬أيضا‪-‬أن‬
‫يدخلوا فيها‪ ،‬وإن لم يتمّكنوا من ذلك فبإمكانهم أن يقيموا جماعة أخرى‪،‬‬
‫لنهم لم يريدوا معارضة الجماعة الولى أو ما شابه ذلك وإنما تأخروا‬
‫ن عليهم أن‬ ‫لسبب من السباب‪ ،‬بل لو تأخروا من قبُل وفّرطوا في ذلك فإ ّ‬
‫يتوبوا إلى ال وأن يقيموا صلة الجماعة‪ ،‬ل كما قال بعضهم أنه ليس‬
‫لهم أن يقيموا جماعة ثانية‪ ،‬هذا إذا كانت تلك الصلة هي الصلة )‪(2‬‬
‫التي تريد تلك الجماعة أن تقوم بأدائها وذلك تارة يكون واضحا جليا‬
‫وتارة ُيفهم بالقرائن وتارة ل يمكن النسان أن يفهم ذلك‪ ،‬فإذا كان الوقت‬
‫وقت تلك الصلة ‪ ..‬مثل كان ذلك الوقت وقت صلة العصر فالظاهر أ ّ‬
‫ن‬
‫تلك الجماعة تصلي العصر وعليه هؤلء إما أن يصلوا معهم نافلة‪ ،‬وهذا‬
‫هو الفضل‪ ،‬لمر النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬بذلك‪ ،‬بل ل ينبغي‬
‫لهم أن يتأخروا إل إذا كانت تلك الجماعة ليست الجماعة الصلية بل‬
‫ن ذلك ل يدخل في أمر النبي صلى ال عليه‬ ‫كانت جماعة ثانية أو ثالثة فإ ّ‬
‫ن من دخل المسجد يؤمر‬ ‫وسلم اللهم إل إذا صلوا معهم تحّية المسجد‪ ،‬فإ ّ‬
‫بتأدية ركعتي تحية المسجد قبل أن يجلس إل إذا أراد أن يصلي الفريضة‬
‫ففي هذه الحالة بإمكانهم أن ينتظروا أصحابهم ويقوموا بتأدية تلك‬
‫الصلة معهم؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫من يسافر من بلده إلى بلد آخر وبعد فترة يترك السفر فيصلي إتماما ظنا‬
‫ن بلد المسلمين تعتبر وطنا له أينما حّل فيها‪ ،‬فهل يصح هذا ؟‬
‫منه أ ّ‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫هذا الشخص قد أخطأ الصواب فبلد المسلمين وإن كانت بمشيئة ال‪-‬‬
‫ن ما نشاهده من حدود تفصل بين الدول‪ ،‬وفي‬ ‫تبارك وتعالى‪-‬واحدة ولك ّ‬
‫كثير من الدول لبد من موافقة تلك الدولة على الدخول في الدولة الثانية‬
‫ومن إقامة مدة معّينة وإذا أراد أن يبقى مدة أخرى لبد من أن يطلب‬
‫الذن أو ما شابه ذلك ثم إنه قد يأتي لدراسة ويمكث كذا كذا سنة من‬
‫السنوات أو يأتي لعمل وهو يقصد أن يبقى مدة معّينة من الزمن فهذا في‬
‫ي بلد من‬ ‫حقيقة الواقع لم يستقر في هذه البلد التي ذهب إليها ‪ ..‬في أ ّ‬
‫ت‪-‬لطلب علم أو‬ ‫البلد ‪ ..‬هو لم يستقر في تلك البلد‪ ،‬وإنما جاء‪-‬كما قل ُ‬
‫طلب معيشة أو ما شابه ذلك من المور فهذا في واقع المر ل ينطبق‬
‫عليه الستقرار المعروف‪ ،‬فمن أراد أن يكمل الصلة لبد من أن تكون‬
‫نفسه قد اطمأنت في ذلك المكان وارتاح فيه وأراد أن يستقر فيه‪ ،‬أما أن‬
‫يكون ارتاح لهله أو ارتاح من أجل طلب المعاش أو ما شابه ذلك فهذه‬
‫وإن كانت راحة نفسية ولكنها ليست هي الراحة أو ليس هو الطمئنان‬
‫الذي يوجب التمام في الصلة‪ ،‬فالناس يجهلون بين الطمئنان‬
‫والستقرار الذي يوجب التمام وبين الستقرار والمودة مع أصحابهم‬
‫وأصدقائهم وما شابه ذلك فهذا المر يختلف عن ذلك المر كما هو‬
‫ي ل يخفى‪ ،‬فالنسان الذي استقر في ذلك المكان وأراد أن‬ ‫واضح جل ّ‬
‫يعيش فيه وهو مطمئن فيه ويعرف بأنه ل يمكن أن َيخرج منه بأمر من‬
‫دولة ول بغير ذلك إل إذا كان هنالك ظرف حادث أو ظرف سيطرأ له في‬
‫ن النسان ل يدري ماذا سيأتي عليه في المستقبل‪ ،‬أما أن‬ ‫المستقبل فإ ّ‬
‫يكون يعرف في قرارة نفسه بأنه لن يبقى في هذا المكان فهذا يجادل‬
‫ويماري بالباطل‪ ،‬وهو في حقيقة الواقع ل يكمل الصلة إل من أجل‬
‫الحصول على دراهم معدودة وُيفّرط في أمر دينه وُيؤّثر على من يصلي‬
‫خلفه‪ ،‬فعلى هؤلء أن يعلموا ذلك يقينا وأنه ل يجوز لهم التمام بحال من‬
‫الحوال؛ هذا وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم؛ وعلى كل حال‪ ،‬هذا ل يوجب تفريق‬
‫ل‪ ،‬فل يمكن أن ُيرّوج لذلك بمثل هذا‬‫المسلمين أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ك ّ‬
‫الهراء التافه‪ ،‬فما يجمع بين المسلمين أكبر من هذا بكثير ولكن للصلة‬
‫من الحكام ما ل يخفى مما ل يجوز لحد أن ُيفّرط فيه‪ .‬وال تعالى أعلم‬

‫س‪:‬‬
‫سائلة تسأل ‪ :‬في بعض الحيان تكون في الدراسة والوقت يتأخر بها إلى‬
‫الساعة الثانية‪ ،‬فهل َتجمع صلة الظهر مع صلة العصر جمعا صوريا ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫على كل حال‪ ،‬وقت الظهر ل زال باقيا في الساعة الثانية بل يمتد إلى ما‬
‫ن بمجرد خروج وقت‬ ‫هو أبعد من ذلك حتى قبيل وقت دخول العصر‪ ،‬ل ّ‬
‫الظهر يدخل وقت العصر‪ ،‬وهنالك وقت طويل بين هذا الوقت وبين دخول‬
‫العصر‪ ،‬فبإمكانها أن تصلي في الثانية بل وفي الثانية والنصف الظهَر‪،‬‬
‫ول زال الوقت‪ .‬س‪:‬‬
‫نريدكم أن تحدثونا عن تعريف الوطن الذي يستقر فيه النسان‪ ،‬كما‬
‫ن النسان‬ ‫نريدكم أن تعّرفوا لنا كذلك معنى الستقرار والطمئنان بحيث إ ّ‬
‫إذا اطمأن ووصل إلى الدرجة التي تحّدثونا عنها‪-‬بعد قليل‪-‬يكون بذلك‬
‫طنا‪ ،‬كما‪-‬أيضا‪-‬نريدكم أن تحّدثونا عن عدد الوطان التي يجوز‬ ‫مو ّ‬
‫للنسان أن يتخذها‪.‬‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫طنا في ذلك المكان‬ ‫النسان ل يخلو من أحد أمرين اثنين‪ ،‬إما أن يكون ُمو ّ‬
‫الذي يصلي فيه أو يكون مسافرا فيه‪ ،‬فإن كان قد اتخذ ذلك المكان وطنا‬
‫صر الصلة‬ ‫فإنه يجب عليه التمام‪ ،‬ول يجوز له بحال من الحوال أن يق ُ‬
‫فيه‪ ،‬أما إذا كان مسافرا فيه فإنه يجب عليه القصر على القول الراجح‪-‬‬
‫كما قدمنا في الدرس الماضي‪-‬ول يجوز له أن يصلي أربعا إل في حالة‬
‫واحدة فقط وهي ما إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة يجب‬
‫عليه أن يتابع إمامه‪ ،‬ول يجوز له أن يصلي ركعتين ثم ينفرد عن المام؛‬
‫أما بالنسبة إلى الموضع الذي يجب على النسان أن يصلي فيه وطنا فهو‬
‫المكان الذي أراد أن يستقر فيه وكان مطمئنا إلى العيش فيه يريد أن‬
‫يسكن فيه مدى الحياة اللهم إل إذا عَرض له عارض بعد ذلك فإنه إذا‬
‫ن لكل حادثة حكما يخصها‪ ،‬أما هو في‬ ‫عرض له عارض في المستقبل فإ ّ‬
‫الصل فإنه يريد أن يسكن في ذلك المكان ولبد من أن يكون مستقرا‬
‫مطمئنا مرتاحا إليه‪ ،‬فإن كان مطمئنا مرتاحا ولكنه ل يريد أن يستقر فيه‬
‫فهو في حالة الواقع مسافر‪ ،‬والمسافر ل يجوز له التمام كما ذكرنا‪ ،‬وإذا‬
‫كان يريد أن يمكث فيه ولكنه ل يطمئن في ذلك المكان فكذلك في حقيقة‬
‫الواقع هو مسافر‪ ،‬فإذن لبد من أن يريد أن يمكث في ذلك المكان بأن‬
‫يستقر فيه ويكون مطمئنا مرتاحا إليه‪ ،‬أما إذا لم يرد الستقرار أو يريد‬
‫ن هنالك مانعا يمنعه من ذلك فل‪ ،‬وقد ذكرنا في الدرس الماضي بأ ّ‬
‫ن‬ ‫ولك ّ‬
‫أولئك الذين يذهبون من دولة إلى دولة أخرى من أجل التعليم أو من أجل‬
‫العمل فإنه ل يمكنهم أن يصلوا تماما‪ ،‬ذلك لنه وإن أحبوا ذلك المكان‬
‫واطمأنت نفوسهم فيه ولكنهم يعلمون علم اليقين بأنهم لن يبقوا في هذا‬
‫المكان وإنما سيستمرون فيه مدة محددة كأربع سنوات للدراسة أو يمكن‪-‬‬
‫أيضا‪-‬أن يستمروا مدة أطول من ذلك إذا كانوا يعملون في ذلك ‪ ..‬في‬
‫ي عمل من العمال الخرى ولكنهم متيّقنون بأنهم‬ ‫إمامة أو تعليم أو في أ ّ‬
‫ن أنظمة تلك الدولة التي يعملون فيها‬‫لن يمكنهم أن يستقروا في ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫تمنعهم من الستقرار فيها اللهم إل إذا كانت تلك الدولة توافق لهم بأن‬
‫يستقروا فيها على حسب شروط وهم سينّفذون ذلك فذلك مجال آخر‪ ،‬أما‬
‫ن أنظمة الدولة تمنعهم من ذلك‪-‬كما هو‬ ‫إن كانوا ل ينوون الستقرار أو أ ّ‬
‫الواقع في غالب دول العالم‪-‬فل يمكن أن يقال إنه يجوز لهم أن يكملوا‬
‫الصلة‪ ،‬سواء أرادوا المامة أو لم يريدوا ذلك‪ ،‬وكثير من الناس‬
‫وللسف الشديد يبحثون في الكتب عن قضية تعدد الوطان ولكنهم لم‬
‫يبحثوا قبل ذلك متى يجوز للنسان أو يجب على النسان أن يتخذ وطنا‬
‫ثانيا أو ثالثا أو رابعا أو أكثر من ذلك على رأي من يجيز ذلك‪ ،‬فإذن لبد‬
‫من البحث في المسألتين ‪ ..‬في عدد الوطان التي يجوز للنسان أن‬
‫يستقر فيها وأن يصلي فيها صلة وطن‪ ،‬وما هي المور التي لبد من‬
‫توافرها في ذلك النسان حتى يتخذ أكثر من وطن‪ ،‬أما عدد الوطان فقد‬
‫حّدده بعض العلماء بأربعة أوطان‪ ،‬ونحن ل نستطيع أن نحدد ذلك بعدد‬
‫معّين وإنما نقول إنه يجوز للنسان بل يجب عليه أن يصلي وطنا إذا‬
‫استقر في مكان من المكنة أو في أكثر وأراد أن يعيش في تلك المكنة‬
‫جميعا‪ ،‬أما إذا لم ُيرد ذلك أو أنه أراد ولكنه يعلم أنه لن ُيترك أو ما شابه‬
‫ذلك فذلك مما ل يصح؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫لكن إذا أتينا إلى قضية الوطان‪ ،‬متى يصح للنسان أن يتخذ ذلك المكان‬
‫وطنا‪ ،‬هل إذا امتلك فيه بيتا أو امتلك فيه مزرعة أم هناك شروط أخرى ؟‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫ل نستطيع أن نشترط شيئا من هذه المور‪ ،‬وإنما القضية هي استقرار‬
‫النفس في ذلك المكان واطمئنانها إلى السكنى فيه‪ ،‬فبعض الناس قد‬
‫يعيشون حياتهم من أولها إلى نهايتها وهم يستأجرون منزل أو ما شابه‬
‫ذلك‪ ،‬وبعض الناس يملكون منازل حتى في دول أخرى ‪ ..‬أي في غير تلك‬
‫الدولة التي هم مواطنون فيها وهكذا‪ ،‬فإذن العبرة بالستقرار‬
‫والطمئنان؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن النسان إذا تزوج من منطقة تعّد له وطنا ؟‬
‫وهل ما يقال من أ ّ‬

‫الجواب‪:‬‬
‫ن المرأة تابعة لزوجها‪ ،‬فإذا تزوج إنسان امرأة هي تصير تابعة‬ ‫الصل أ ّ‬
‫له بعد أن يقوم بنقلها‪ ،‬أما بمجرد العقد فل‪ ،‬وإنما العبرة بدخوله بتلك‬
‫المرأة أو بتبعية تلك المرأة له وإن لم يدخل بها‪ ،‬أما ما دامت مستقرة‬
‫عند أهلها ولم يقم هو بنقلها ‪ ..‬كما هو العادة عند كثير من الناس أ ّ‬
‫ن‬
‫النسان يعقد أّول على المرأة وتبقى هي في بيت أهلها ول تكون تابعة له‬
‫وإنما تتبعه بعد أن يقوم بنقلها أو ما شابه ذلك على اختلف الناس فهي‬
‫بعد ذلك تكون هي تابعة له‪ ،‬تصلي تماما في الموضع الذي يصلي هو فيه‬
‫صر فيه هو ولو كان ذلك في بيت‬ ‫صر في الموضع الذي يق ُ‬ ‫تماما‪ ،‬وتق ُ‬
‫أهلها الذي عاشت فيه من قبِل أن يتزوجها هذا الشخص‪ ،‬أما أن يكون‬
‫هو تابعا لها فل ‪ ..‬نعم‪ ،‬إذا تزوج من منطقة وأراد أن يسكن في تلك‬
‫المنطقة‪-‬سواء أراد أن يتحول من منطقته السابقة أو استقر في المكانين‬
‫معا‪-‬ففي هذه الحالة يصلي تماما في الموضعين معا أو في ذلك الموضع‬
‫ل بسبب زواجه من تلك المرأة وإنما بسبب أنه استقر في تلك المنطقة‪،‬‬
‫فإذن ليست القضية قضية زواج من تلك المرأة‪ ،‬وإنما القضية استقراره‬
‫واطمئنانه هو‪ ،‬وإل فالمرأة هي التي تتبعه‪ ،‬فإذا قام بنقلها تصلي بصلته‬
‫وطنا أو قصرا؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن النسان إذا ولد في منطقة حتى ولو سافر منها‬
‫وهل ما يقال‪-‬أيضا‪-‬من أ ّ‬
‫بعد ذلك ل تزال وطنا له ؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫إذا كان يسكن في تلك المنطقة وفي المنطقة التي انتقل إليها‪-‬أيضا‪-‬أي‬
‫تارة يسكن هنا وتارة يسكن هناك ويريد أن يعيش في المنطقتين معا‬
‫فنعم‪ ،‬أما إذا كان ترك تلك المنطقة الولى وإنما يذهب إليها لزيارة أهله‬
‫وأقاربه فيمكث معهم يوما أو يومين أو أكثر من ذلك فهو مسافر في‬
‫حقيقة الواقع في تلك المنطقة‪ ،‬فإذن ليست هنالك عبرة بالولدة في‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫المنطقة الفلنية‪ ،‬ونحن نعرف أ ّ‬
‫وصحبه وسلم‪-‬قد ُولد بمكة المكرمة وعاش فيها ما يقارب أربعين عاما‬
‫قبل نبوته ثم مكث فيها ثلثة عشر عاما بعد رسالته وُفرضت عليه‬
‫الصلة بمكة المكرمة ثم هاجر‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وهكذا بالنسبة‬
‫إلى أصحابه المهاجرين رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنهم ‪ ..‬هاجروا إلى المدينة‬
‫صرون الصلة فيها‪ ،‬وإنما‬ ‫وكانوا عندما يأتون إلى مكة المكرمة يق ُ‬
‫يصلون في المدينة تماما‪ ،‬أو في مواضع أخرى بعد انتقال بعضهم من‬
‫المدينة عندما استقروا في تلك المناطق‪ ،‬كما استقر بعضهم في الشام‬
‫وبعضهم في الكوفة وبعضهم في البصرة‪ ،‬فإذن ل علقة لموضع الولدة‬
‫في التمام والقصر‪ ،‬فإذا انتقل النسان صار ذلك الموضع كغيره من‬
‫المواضع التي يصلي فيها قصرا؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ذهب إلى مكان مجاور لبلده وشك هل ذلك المكان تعتبر مسافته وصلت‬
‫حد السفر أم ل فبقي في الشك هل يصلي إتماما أم يصلي قصرا فصلى‬
‫قصرا ؟‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫قد أخطأ في هذه القضية إذا كان اعتمد على هذا الشك فقط ولم يكن‬
‫ن من شك في مكان هل هو من حدود‬ ‫هنالك دليل آخر قد اعتمد عليه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫صر فيه بل يجب عليه أن يكمل الصلة ثم‬ ‫الوطن أو ل فإنه ليس له أن يق ُ‬
‫ن عليه أن يعيد الصلة‪ ،‬وإن‬ ‫إذا تبّين له بعد ذلك بأنه خارج الوطن فإ ّ‬
‫صر وهو لم يقم عليه‬ ‫تبّين له بأنه في الوطن فل إعادة عليه‪ ،‬أما أن يق ُ‬
‫الدليل بأنه خرج من وطنه فل‪ ،‬إذ الصل الوطن ول َينتِقل عنه إل بدليل؛‬
‫وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫على أية حال‪ ،‬نحن نريد أن تبّينوا لنا المسافة التي إذا ما قطعها النسان‬
‫يعتبر مسافرا ؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫هذه المسألة اختلف فيها العلماء اختلفا كثيرا جدا‪ ،‬وقد وصلت القوال‬
‫في ذلك إلى ما يقرب من عشرين قول‪ ،‬وأغلب تلك القوال قد انقرض‬
‫القائلون بها‪ ،‬وإنما بقيت أقوال معدودة؛ والذي ذهب إليه أصحابنا‪-‬‬
‫ن مسافة القصر ُتقدر بفرسخين‪ ،‬واعتمدوا في‬ ‫رضوان ال تعالى عليهم‪-‬أ ّ‬
‫حَلْيَفة حيث إنه‪-‬‬
‫ذلك على قصر النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬بذي ال ُ‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪-‬خرج من المدينة إلى ذي الحليفة وصلى بها‬
‫ن الحاديث التي اعتمد عليها القائلون بخلف ذلك منها‬ ‫ركعتين‪ ،‬ورأوا بأ ّ‬
‫ما ل َيثبت عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬لضعف أسانيدها‪ ،‬ومنها‬
‫ما ل علقة له بهذه القضية البّتة‪ ،‬كاستدلل بعضهم بقضية المسح على‬
‫ن تلك الحاديث‪-‬أيضا‪-‬ل َتثبت عن النبي‬ ‫الخفين أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وعلى تقدير ثبوت بعضها عنه‪-‬مثل‪-‬فإنها‬
‫منسوخة‪ ،‬وعلى تقدير عدم نسخها‪-‬وهو بعيد جدا جدا ولكن على رأي‬
‫ن تلك الحاديث ل علقة لها بهذه القضية‪ ،‬وإن كان‬ ‫من يقول بذلك‪-‬فإ ّ‬
‫قليل من الناس الذين احتجوا بمثل ذلك‪ ،‬ومنهم‪-‬وهم كثير‪-‬قد احتجوا من‬
‫نهي المرأة عن السفر من غير ذي محرم ‪ ..‬نهاها رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أن تسافر يوما‪ ،‬وفي بعض الروايات‪ :‬يوما وليلة‪ ،‬وفي‬
‫بعضها‪ :‬ثلثة أيام ‪ ..‬منهم من استدل برواية الثلث‪ ،‬ومنهم من استدل‬
‫ن هذه الحاديث ل علقة لها بالموضوع إطلقا‪،‬‬ ‫برواية اليوم والليلة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن الحديث قد ورد بألفاظ متعددة ‪ ..‬ورد بما ذكرناه من اللفاظ‪ ،‬وورد‬ ‫ثم إ ّ‬
‫بيومين‪ ،‬وورد بالنهي عن السفر مسافة َبِريد‪ ،‬وورد على الطلق‪ ،‬وهي‬
‫الرواية التي ينبغي أن ُيعتمد عليها‪ ،‬ولست الن بصدد الجابة عن تلك‬
‫الروايات‪ ،‬لنه أّول وقبل كل شيء يحتاج إلى إطالة وذلك مما ل يمكن أن‬
‫ن هذه الحاديث ل علقة لها بالموضوع‬ ‫نصير إليه الن‪ ،‬وثانيا ل ّ‬
‫أصل ‪ ..‬إذن ما ذهب إليه أصحابنا هو الذي تطمئن إليه النفس‪ ،‬فمن‬
‫سافر هذه المسافة فإنه يقصر الصلة‪ ،‬أما من سافر إلى مسافة أقرب من‬
‫ذلك فليس له أن يقصر الصلة اللهم إل إذا أراد أن يتجاوز الفرسخين‬
‫ن من نوى أن يتجاوز الفرسخين‬ ‫ن كثرة كاثرة من أهل العلم قالوا إ ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫فإنه يقصر الصلة ولو لم يتجاوزهما‪ ،‬فهذا رأي كثير من أهل العلم بل‬
‫هو رأي أكثرهم‪ ،‬وإن كانت هنالك طائفة من أهل العلم تقول بخلف ذلك؛‬
‫والفرسخان قّدرهما كثير من أهل العلم بما يقرب من اثني عشر‬
‫بالكيلومترات وهي المقاييس العصرية‪ ،‬وإن كانت المسافة في حقيقة‬
‫ن ذلك قد اشتهر‬ ‫الواقع بين المدينة إلى ذي الحليفة ل تصل إلى ذلك ولك ّ‬
‫ن ذلك يؤخذ به لنه أحوط وأيضا فإننا‬ ‫مع أهل العلم‪ ،‬ورأى المتأخرون أ ّ‬
‫ل نعلم الطريق التي سلكها‪-‬النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فلعله‬
‫سلك طريقا تخالف هذه الطريق التي يسلكها الناس وهي تصل إلى‬
‫المسافة المذكورة‪ ،‬فهذا الذي ذهبوا إليه‪ ،‬إذ إنهم لم يجدوا ما هو أقوى‬
‫ت‪-‬‬
‫منه‪ ،‬بينما القوال الخرى أدلتها من الضعف بمكان‪ ،‬لنها‪-‬كما قل ُ‬
‫معتِمدة على أحاديث ضعيفة جدا أو ليست بمرفوعة وإما على أحاديث ل‬
‫علقة لها بالموضوع كالحديث الذي فيه النهي عن سفر المرأة من غير‬
‫ذي محرم أو زوج؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫بما أنكم ذكرتم هذه المسافة الن وهي اثنا عشر كيلومترا تقريبا متى يبدأ‬
‫النسان يحسب هذه المسافة ؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫هذه المسألة‪-‬أيضا‪-‬فيها خلف بين أهل العلم؛ والذي ذهب إليه كثير منهم‬
‫ن النسان إذا تعدى عمران البلد فإنه يبدأ الحساب؛ وذهبت طائفة من‬ ‫أّ‬
‫أهل العلم إلى أنه يبدأ الحساب من المكان الذي استقر فيه؛ وهذا الرأي‬
‫أفتى به المام الخليلي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬لهل زنجبار عندما امتدت‬
‫عندهم مسافة البناء‪ ،‬فعندما كانت البيوت متلصقة ويصعب وجود فاصل‬
‫ن المام‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬قد رأى أنه يمكن أن‬ ‫بين تلك البيوت فإ ّ‬
‫ن النسان ل يمكن أن يكون مستقرا في هذه‬ ‫ُيؤخذ بهذا الرأي‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫المسافة على طولها‪ ،‬وهو رأي حسن سائغ؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫عندما يجمع صلة الظهر مع صلة العصر يقول له البعض‪ " :‬عليك أن‬
‫تصلي السّنة " ويقول البعض‪ " :‬ل‪ ،‬ل تصل السّنة‪ ،‬فذلك يكفيك "‪ ،‬فماذا‬
‫تقولون ؟‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫إذا جمع النسان بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء فإنه ل يأتي‬
‫بالسّنة الراتبة التي هي بعد الظهر وهكذا بالنسبة إلى السّنة الراتبة التي‬
‫بعد المغرب وبالسّنة الراتبة التي بعد العشاء وإنما يأتي بصلة الوتر‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إلى السنن الرواتب فل ‪ ..‬ل ُيؤتى بها في حالة الجمع في السفر‪،‬‬
‫وإنما اختلف العلماء في التيان بها في حالة الجمع في الوطن عند من‬
‫يجيز ذلك في أوقات الحاجة؛ منهم من يقول إنه ل يؤتى بها‪ ،‬ومنهم من‬
‫يقول إنه يؤتى بها‪ ،‬واختلفوا في موضع سّنة الظهر وفي موضع سّنة‬
‫المغرب؛ والسؤال لم ُيوجه عن هذا فلذلك ل أرى الطالة بذلك؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هو الن يعمل في مسقط وكان يسكن عزبا مع بعض الخوة من غير أن‬
‫يحضر أهله واستمر على ذلك فترة والن أحضر أهله معه‪-‬ويبدو أنه‬
‫مستأجر‪-‬ول يريد أن يستقر في مسقط وإنما ينوي أن يعود إلى بلده في‬
‫يوم من اليام‪ ،‬فلو طال مكثه في العمل في مسقط هل يصلي إتماما أم‬
‫قصرا ؟‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫إذا كان ل ينوي الستقرار بمسقط‪-‬مثل‪-‬إطلقا فإنه مسافر كما قدمنا‪ ،‬أما‬
‫إذا كان هنالك احتمال قوي ‪ ..‬يمكن أن يستقر في مسقط فإنه يصلي بها‬
‫وطنا بما أنه قد أحضر أهله إلى هنا فإذن جوابه ما ذكرناه سابقا‪ ،‬فإن‬
‫كان هنالك احتمال عنده للستقرار هنا فإنه يصلي بها تماما وإل فل‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫حتى ولو استمر عمله عشرين سنة‪-‬مثل‪-‬وهو في مسقط ؟‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫رخص بعض أهل العلم في أنه يصلي تماما إن كان هنالك احتمال‪ ،‬أما إن‬
‫لم يكن هنالك احتمال فل أرى ذلك في هذا الوقت‪ ،‬وإن كانت المسألة‬
‫بحاجة إلى شيء من النظر لكن الصل الصيل هو ما ذكرناه‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل يجوز للمسلم في حال الجمع بين الصلتين أن يتكلم بينهما بشيء من‬
‫أمور الدنيا أو أن يأتي بالباقيات الصالحات ؟ وما هي الحكمة من تشدد‬
‫بعض العلماء في ذلك ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫الجمع هو ضم صلة إلى أخرى‪ ،‬فإذا جمع النسان بين الظهر والعصر‬
‫فإنه ضم بينهما ‪ ..‬ضم هذه إلى تلك‪ ،‬فالجمع هو ضم شيء إلى آخر‪،‬‬
‫فلذلك تشدد بعض أهل العلم في ذلك‪ ،‬وجعلوهما بمثابة صلة واحدة؛‬
‫ن ذلك ل ُيؤّثر‬
‫ن من تكلم بين الصلتين فإ ّ‬
‫ورأى بعض أهل العلم إلى أ ّ‬
‫على الجمع؛ وهذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬الذي ذهب إليه الكثرون من‬
‫أصحابنا ولسيما من المتقدمين ورجحه غير واحد من المحققين من‬
‫ت‪ :‬هو القول الصحيح ولكن ل ينبغي للنسان أن‬ ‫المتأخرين‪ ،‬وكما قل ُ‬
‫ن هذه المسألة فيها ما فيها من الخلف‪ ،‬وأيضا كثير من أهل‬ ‫يتكلم‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫العلم قالوا‪ :‬ل ينتقض الجمع إذا تكلم النسان ل أنه ينبغي للنسان أن‬
‫يتكلم‪ ،‬فإذن إذا وقع للنسان شيء من ذلك فل إعادة عليه‪ ،‬وجمعه‬
‫صحيح‪ ،‬أما أن يتعمد ذلك فذلك مما ل ينبغي اللهم إل إذا كانت هنالك‬
‫ضرورة‪ ،‬كأن يسأل صاحبه‪ :‬هل تريد أن تجمع ؟ حتى يقوم بالصلة معه‪،‬‬
‫أو يأمر المام شخصا بأن يتقدم أو يتأخر‪ ،‬أو يأمر بتسوية الصفوف‪ ،‬وما‬
‫شابه ذلك من المور التي تقتضيها الضرورة‪ .‬وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫متى يبدأ المسافر في القصر إذا كان قاصدا حد السفر‪ ،‬هل بخروجه من‬
‫العمران أم بخروجه من المنزل أم بخروجه من حد السفر ؟‬

‫الجواب‬
‫ن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة؛ منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ت‪ :‬إ ّ‬
‫أنا قل ُ‬
‫صر الصلة بمجرد خروجه من عمران بلده إذا كان ينوي أن‬ ‫النسان يق ُ‬
‫يتجاوز الفرسخين؛ وهذا قول أكثر أصحابنا‪ ،‬بل حكى عليه بعض العلماء‬
‫من السابقين اتفاق أهل العلم ولكنه ل اتفاق على ذلك كما ذكره غير واحد‬
‫ن الخلف موجود منذ زمان‪ ،‬فقد ذهبت طائفة من أهل‬ ‫من أهل العلم‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫صر الصلة إل إذا تجاوز الفرسخين؛ فالقول‬ ‫ن النسان ل يق ُ‬ ‫العلم إلى أ ّ‬
‫ت‪-‬الكثر‪ ،‬فإن أخذ بذلك فل بأس‪ ،‬والقول‬ ‫الول هو الذي ذهب إليه‪-‬كما قل ُ‬
‫الثاني‪-‬أيضا‪-‬له حجته‪ ،‬والترجيح بينهما ليس بالمر السهل‪ ،‬إذ إنه ليس‬
‫هنالك نص صريح يمكن أن ُيعتمد عليه إل ما جاء من الحاديث أ ّ‬
‫ن‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬كان إذا خرج من المدينة‬
‫صر الصلة‪ ،‬ولكنني لم أجد رواية صحيحة ثابتة يمكن العتماد عليها‬ ‫ق َ‬
‫صر قبل أن يتجاوز هذه المسافة‪ ،‬فالرأيان لهما من القوة‬ ‫تدل على أنه ق َ‬
‫ما لهما‪ ،‬والجمهور على القول الول‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫كانوا عائدين من السفر ووقفوا عند مسجد هناك لكنهم لم يحصلوا على‬
‫ن المسجد الثاني سيدخل‬
‫ماء فيه للوضوء‪ ،‬في هذه الحالة هل يتيمموا ل ّ‬
‫في الميال في مسافة السفر ؟ في هذه الحالة هل يتيممون ويصلون هناك‬
‫أم يذهبون ويدخلون في الميال سواء كانوا يخافون الخروج من؟‬

‫الجواب ‪:‬‬
‫أما إذا كان الوقت باقيا فلبد من أن يدخل إلى الوطن ويصلي هناك ول‬
‫جز أحد من العلماء له أن يفعل ذلك‪،‬‬‫عذر له في التيمم إطلقا‪ ،‬فلم ُي ِ‬
‫والحجة واضحة نّيرة على أنه يجب عليه أن يتوضأ وأن يصلي بعد ذلك‪،‬‬
‫أما إذا كان يخاف من أن يخرج عليه وقت الصلة الولى مثل حيث إنه‬
‫أخر الظهر فإذا دخل وطنه فإنه سيخرج الوقت فهذه المسألة يوجد فيها‬
‫خلف بين أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنه يدخل وطنه ويتوضأ‬
‫ويصلي الظهر أربعا والعصر أربعا؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم؛ ويكون هذا‬
‫الجمع في الوطن لوجود الضرورة الماسة إلى ذلك‪ ،‬وينبغي للنسان أن‬
‫َيحذر في المستقبل من أن يؤخر الصلة إلى مثل هذا الوقت فيكون قد‬
‫ن كثيرا من الناس‬ ‫أدخل نفسه بذلك في خلف شهير بين أهل العلم‪ ،‬على أ ّ‬
‫ن النسان يجوز له أن يجمع في الوطن‪ ،‬بينما هو قول‬ ‫ل يعلمون أ ّ‬
‫ت‪-‬ولكنه ل يصار إليه إل في وقت الحاجة‪ ،‬ول شك بأ ّ‬
‫ن‬ ‫مشهور‪-‬كما قل ُ‬
‫هذا الوقت هو وقت الحاجة‪ ،‬إذ إنه لم يجد ماء؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ما المقصود بالجمع الصوري ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫على كل حال‪ ،‬كثير من الناس يسمعون بالجمع الصوري ول يعرفون‬
‫معناه ‪ ..‬الجمع الصوري هو أن يؤخر النسان الصلة الولى إلى آخر‬
‫وقتها بحيث إنه يأتي بها قبل انتهاء الوقت بوقت قصير حيث إنه عندما‬
‫ينتهي من تلك الصلة يخرج الوقت ‪ ..‬يأتي بالظهر مثل قبل خمس دقائق‬
‫أو ما يقرب من ذلك وبمجرد سلمه منها يخرج وقت الظهر ويدخل وقت‬
‫العصر ويصلي في ذلك الوقت العصر‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى المغرب يصليها‬
‫قبل خروج وقتها بوقت يسير بحيث إنه عندما ينتهي منها يدخل وقت‬
‫الِعشاء ويصلي الِعشاء بعد ذلك مباشرة‪ ،‬فهذا جمع في الصورة‪ ،‬فهو لم‬
‫يصل الصلتين في وقت إحداهما‪ ،‬وإنما صلى كل صلة في وقتها‪ ،‬فهو‬
‫جمع في الصورة‪ ،‬وليس جمعا حقيقيا ‪ ..‬هذا هو الجمع الصوري الذي‬
‫قال به من قال من أهل العلم‪ ،‬وحملوا عليه‪-‬بعض أهل العلم‪-‬الحديث‬
‫الصحيح الثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه جمع في المدينة من‬
‫غير سحاب ول مطر ول خوف ول سفر ‪ ..‬جمع فيه بين الظهر والعصر‬
‫والمغرب والعشاء ‪ ..‬صلى الظهر أربعا والعصر أربعا وكذلك صلى‬
‫ن هذا الحديث ل ُيحمل على‬
‫ن الصحيح أ ّ‬
‫المغرب ثلثا والعشاء أربعا‪ ،‬لك ّ‬
‫هذا المعنى‪ ،‬وإنما ُيحمل على أنه جمع بين الظهر والعصر في وقت‬
‫إحداهما‪ ،‬وجمع بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما‪ ،‬وهذا ليس بجمع‬
‫صوري بل هو جمع حقيقي؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذن في هذه الحالة إذا كان الطبيب يجري عملية والعملية يتطلب منها أن‬
‫تمتد فترتها إلى أن يدخل في وقت العصر مثل‪ ،‬في هذه الحالة هل‬
‫يجمع ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫نعم له أن يؤخر الصلة الولى إلى الصلة الثانية ويجمع بينهما ‪ ..‬يصلي‬
‫ن هذا ليس بجمع‬ ‫الظهر أربعا والعصر أربعا ‪ ..‬طبعا إذا كان مقيما‪ ،‬ولك ّ‬
‫صوري‪ ،‬بل هو حقيقي‪ ،‬فالجمع الصوري هو ما ذكرُته سابقا‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جمع حقيقي ‪ ..‬يعني أربع ركعات أربع ركعات ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫نعم ‪ ..‬الجمع الصوري كل صلة تصلى في وقتها‪ ،‬أما هذا الجمع ُيؤتى‬
‫بالصلتين معا في وقت واحد وُيصار إليه في مثل هذه الحالة وما شابهها‬
‫خص حتى أكثر من ذلك لكن بشرط أّل‬ ‫من الوقات‪ ،‬بل بعض العلماء ُير ّ‬
‫يفعله النسان إل في الوقات النادرة‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن ذلك‬
‫هل للمرء أن يختار بنفسه حوزة معّينة يعتبر حدودها وطنا له أم أ ّ‬
‫مشروط بأمور معّينة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ت‪-‬هو ما‬
‫ن الوطن‪-‬كما قل ُ‬
‫هذه المسألة فيها خلف بين أهل العلم؛ ولك ّ‬
‫استقرت فيه النفس وارتاح إليه القلب‪ ،‬فإذا استقر النسان في مكان فهو‬
‫المكان الذي يصلي فيه وطنا‪ ،‬أما أن يتخذ حوزة كبيرة وهو لم يستقر في‬
‫تلك الحوزة مثل ويصلي فيها وطنا فهذا الرأي مما ل أراه بل أرى أنه‬
‫مخالف للدليل الصحيح؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫إذا صلى المسافر صلة الظهر قصرا وسوف يصل في وقت العصر إلى‬
‫بلده‪ ،‬فهل يجوز له أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫نعم‪ ،‬يجوز له ذلك‪ ،‬فإن شاء أن يجمع فليجمع‪ ،‬وإن شاء أن يصلي الظهر‬
‫في وقتها فليصل وليؤخر العصر ويصليها بعد ذلك‪-‬إن شاء ال‪-‬في‬
‫وطنه؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إنني أعيش في ولية الرستاق ومكان ولدتي وادي بني خروص بولية‬
‫العوابي وعندما أذهب إلى زيارة الهل والقارب في وادي بني خروص‬
‫ي‪ ،‬هل أصلي تماما أم أصلي قصرا ؟ أرجوا إفادتي‬
‫أصلي تماما‪ ،‬فماذا عل ّ‬
‫أفادكم ال‪.‬‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ن العبرة بالستقرار والطمئنان‪،‬‬
‫قد قدمنا الجواب على مثل هذا‪ ،‬وقلنا‪ :‬إ ّ‬
‫فإن كان هذا النسان قد اتخذ ذلك الموضع وطنا نعم يصلي به وطنا‪ ،‬وأما‬
‫إن كان لم يتخذ ذلك وطنا كما هو الظاهر من حاله وإنما يذهب لزيارة‬
‫صر‬
‫أهله وأقاربه فإنه ل يجوز له أن يصلي وطنا‪ ،‬بل يجب عليه أن يق ُ‬
‫الصلة إل إذا صلى خلف إمام مقيم‪-‬كما قلنا‪-‬فإنه يكمل لضرورة متابعته‪،‬‬
‫والظاهر من حال هذا السائل هو هذا الثاني؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن الوسائل‬
‫نأتي الن إلى ما يشيع على ألسنة بعض الناس يقول‪ " :‬إ ّ‬
‫الحديثة لم تترك في جسد النسان موضعا للتعب فيستطيع النسان أن‬
‫يقطع المسافة التي حددها العلماء للسفر بسرعة وبدون تعب وبدون‬
‫صر الن ؟! "‬
‫مشقة‪ ،‬فلماذا اللجوء إلى الق ْ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ت َلُكْم ِديَنُكم {‬
‫على كل حال‪ ،‬يقول ال تبارك وتعالى‪ } :‬اْلَيْوَم َأْكَمْل ُ‬
‫] سورة المائدة‪ ،‬من الية‪ [ 3 :‬فال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عالم بما كان وبما‬
‫سيكون‪ ،‬فهو عالم بوجود هذه الوسائل في هذا العصر ‪ ..‬أي بأنها‬
‫ن الحكم سيتغّير ولم‬ ‫ستوجد في هذا العصر ولم ُيخبرنا في كتابه العزيز بأ ّ‬
‫يأت ذلك في سّنة رسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فإذن العبرة بما‬
‫ن من سافر تلك المسافة فإنه يجب عليه أن يقصر‬ ‫دل عليه الدليل وهو أ ّ‬
‫الصلة‪ ،‬وسواء كانت الوسيلة هي الطائرات أو السيارات أو ما هو أسرع‬
‫جد في وقت من الوقات القادمة‪ ،‬ونظرا لعدم‬ ‫من ذلك مما يمكن أن يو َ‬
‫وجود الوقت كما أشرتم فإنني أكتفي بذلك؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هناك بعض المساجد فيها قسم خاص بالنساء بعضها مفصول عن‬
‫المسجد الصل وبعضها ملتصق به ‪ ..‬إذا أرادت المرأة أن تصّلي بصلة‬
‫المام ‪ ..‬فإذا كان المسجد مفصول أو المصلى مفصول‪ ،‬هل لها أن تصلي‬
‫بصلة المام ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ن ذلك يختلف من‬‫هذه القضية ل يمكن أن نجيب عليها جوابا إجماليا‪ ،‬ل ّ‬
‫مسجد إلى مسجد‪ ،‬فإن كان هذا المسجد ملتصقا أو هذا المصلى ملتصقا‬
‫بمصلى أو بمسجد الرجال فل مانع من ذلك‪ ،‬أما إذا كان هنالك فاصل‬
‫فلبد من النظر في ذلك الفاصل حتى يمكن أن نحكم عليه بما يستحقه من‬
‫جواز أو منع؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل هناك كيفية معّينة‪-‬مثل‪-‬يمكن أن تصّورها لنا ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫الْولى أن ينظر الفقهاء في كل مسجد بذاته حتى يمكن الحكم على ذلك‪،‬‬
‫لننا قلنا إذا كان متصل ل إشكال في ذلك‪ ،‬أما إذا كان منفصل فيصعب‬
‫على كثير من الناس التقدير‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جد الجماعة في صلة العصر في الركعة الخيرة فصلى هذه‬ ‫مسافر َو َ‬
‫حمل المام على أّنه يصلي ركعتين ِبما أّنه هو مسافر‬
‫الركعة الخيرة و َ‬
‫فقضى ركعتين ؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫ل َيخلو المر‪:‬‬
‫صرا أو‬‫إما أن تكون هنالك قرينة تُدل على أن ذلك المام كان يصلي َق ْ‬
‫يصلي َتَماما‪.‬‬
‫أو ل تكون هنالك قرينة تُدل على أحد المرين‪.‬‬
‫فإن كانت هنالك قرينة تُدل على أنه يقصر فليقصر هذا المصلي ثم ليسأل‬
‫صر لن تلك القرينة ليست بصريحة وإّنما‬ ‫عنه هل أَتم ذلك المام أو َق َ‬
‫مجرد احتمال ‪ُ ..‬مجرد إشارة‪:‬‬
‫فإن قيل له إن ذلك المام قد قصر فل شيء عليه‪ .‬وإن قيل له قد أَتم فلبد‬
‫من العادة‪.‬‬
‫وإن لم يجد من يسأله فلبد من أن يعيد صلته ركعتين لن ال‪-‬تعالى‪-‬ل‬
‫ُيعبد بالشك فهو في ذمته تلك الصلة ‪ ..‬مفترضة عليه فلبد من أن َيخرج‬
‫من ذلك اليقين بيقين مساٍو له‪.‬‬
‫وإن كانت هنالك قرينة تدل على أن ذلك المام قد صلى أربعا فكذلك‬
‫يصلي هذا أربعا ثم ليسأل‪:‬‬
‫فإن قيل له صلى أربعا فل إشكال‪.‬‬
‫وإن قيل له صلى ركعتين فليعد الصلة ‪ ..‬يصليها ركعتين‪.‬‬
‫وإن لم يجد فليعد كما بيّنا‪ .‬وإن لم تكن هنالك قرينة فليصل ركعتين‪:‬‬
‫صّلى ركعتين ول شيء عليه‪.‬‬ ‫صّلى ركعتين فقد َ‬ ‫فإن قيل له إن المام قد َ‬
‫وإن قيل له صلى أربعا فليعد‪ .‬وكذا إذا َلم َيجد من يسأله‪.‬‬
‫هذا إذا كان ذلك المصلي مسافرا‪ ،‬أما إذا كان مقيما فليصل أربعا‪:‬‬
‫فإن كان المام صلى أربعا فل إشكال‪.‬‬
‫وإن كان المام صلى ركعتين أو َلم َيجد من ُيَبّين له هل صلى ركعتين أو‬
‫أربعا فهنا الشكال يأتي ِمن جهة كيفية القضاء لّنه إن صلى معه مثل‬
‫الركعة الرابعة فكيف يقضي ؟‪:‬‬
‫فإذا كان المام مقيما فيأتي أول بالركعة الولى وبعد ذلك يأتي بالثانية ثم‬
‫الثالثة وهذا أمر واضح‪.‬‬
‫وإن كان ذلك المام مسافرا فإن تلك الركعة كانت في حق المام الثانية‬
‫وهكذا في حق هذا المأموم الذي صلى بصلته ومعنى ذلك أنه يصلي‬
‫الثالثة ثم الرابعة ثم يرجع إلى الولى‪ .‬فإذن لبد ِمن العادة‪.‬‬
‫صلة إَمامه فل شيء عليه وإن َلم‬ ‫صّلى َك َ‬
‫والحاصل أّنه إذا َتَبّين َله أّنه َ‬
‫يَتَبّين له المر أو علم أن المام كان يصلي على خلف ما صلى هو فلبد‬
‫ن الحوال؛ وال المستعان‪.‬‬ ‫من العادة على كل حال ِم َ‬

‫س‪:‬‬
‫رجل مسافر وجد جماعة يصلون صلة العصر ‪ ،‬وهذا الرجل لم يصل‬
‫صلة الظهر‪ .‬فهل يجوز له أن يصلي معهم وينويها ظهرا ؟ وهل اتحاد‬
‫صلة المأموم وصلة المام شرط لصحة الصلة ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل ينبغي له أن يتعمد ذلك وأما إذا دخل معه وظن أنه يصلي الظهر فقد‬
‫اختلف العلماء في صحة صلته والقول بصحتها هو الظاهر عندي وال‬
‫أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫رجل كان عائدا إلى بلدته من بلدة أخرى‪ ،‬وقد أراد أن يصلي صلة الظهر‬
‫والعصر " جمعا " ‪ ،‬فما هي أقرب مسافة يمكنه أن يصلي عندها قبل‬
‫وصوله إلى بلدته ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫في ذلك خلف بين العلماء قيل ليس له أن يقصر داخل الفرسخين وقيل‬
‫له أن يقصر ما لم يدخل عمران بلده بشرط أن يكون قد صلى خارج‬
‫الفرسخين قصرًا أما إذا كان يقصر خارجهما فليس له القصر داخل‬
‫الفرسخين وهذا هو المشهور والول قول طائفة من أهل العلم وله وجه‬
‫قوي في النظر وال أعلم‬
‫س‪:‬‬
‫مأموم يصلي المغرب والمام يصلي العشاء وهو مسافر ودخل هذا‬
‫المأموم يظن أن هذا المام يصلي المغرب ثم تبين له أن المام يصلي‬
‫العشاء فالمام يصلي ركعتين لنه مسافر والمأموم يصلي ثلثًا ماذا يفعل‬
‫المأموم هل يقطع صلته أم أنه يواصل ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫لهل العلم في هذه المسألة خلف منهم من يقول إذا تبين له أن المام‬
‫يصلي صلة تختلف عن الصلة التي يصليها هو فإنه يقطع صلته‬
‫ويصلي من جديد تلك الصلة التي يريد أن يؤديها في ذلك الوقت ‪.‬‬
‫ومنهم من يقول يأتي بالركعة الثالثة للمغرب لنه صلى مع المام ركعتين‬
‫ول يضره ذلك وإذا أخذ بهذا الرأي فل بأس عليه ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫رجل دخل مع جماعة تصلي الظهر وهو مقيم‪ ،‬فإذا دخل بنية الربع‬
‫ركعات فهل يضره أن يكون المام مسافرا ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫هو لبد من أن يدخل بنية الربع لنه مقيم سواء كان المام مسافرا أو‬
‫كان مقيما فعليه أن يدخل بنية صلة المقيم أو بنية الربع وهي هي‪ ،‬بعد‬
‫ذلك إذا كان المام مقيما فل إشكال في القضاء‪ ،‬وأما إذا كان المام‬
‫مسافرا فإنه سُيكمل أّول الركعة الثالثة والرابعة ثم بعد ذلك سيقوم بقضاء‬
‫ما فاته؛ وال‪-‬تعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫مسافر نوى الجمع بين الصلتين وبعد أن فرغ من الصلة الولى لم‬
‫يجمع الصلة الثانية فهل هذه النية تؤثر على الصلة الولى ؟ وإن أراد‬
‫الجمع بعد النتهاء من الصلة الولى بدون أن ينوي نية من قبل الجمع‬
‫فهل له ذلك ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫من نوى أن يجمع بين الصلتين ثم عندما صلى الولى ترك الجمع‬
‫فلشيء عليه وأما من أحرم على نية الفراد ثم نوى بعد ذلك أن يجمع‬
‫فقد ذهب الجمهور إلى أنه ليس له أن يجمع ما دام أنه لم يعزم على‬
‫الجمع عند الحرام للصلة الولى وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه له‬
‫أن يجمع إذا نوى الجمع من قبل أن يخرج من الصلة الولى‬
‫وذهب بعضهم إلى أن له أن يجمع ولو خرج من الصلة الولى ول شك‬
‫أن القول الول هو الحوط وأما إذا جئنا إلى الترجيح فان القول الثالث‬
‫هو الذي يظهر لي وذلك لدلة متعددة وأوضح تلك الدلة أنه لم يأت أن‬
‫الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ -‬أنه كان يأمر الناس بأن‬
‫يجمعوا الصلة الثانية إلى الولى أو ينووا الجمع بين الصلتين عندما‬
‫كان يصلي رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم بأصحابه في مكة‬
‫وفي عرفه ولذلك فالقول الثالث هو القول الراجح وإن كان القول الول‬
‫هو الحوط ؛ لن فيه خروجا من عهدة الخلف والخروج من عهدة‬
‫الخلف إذا أمكن من غير أن ينوي المخالف أن يخالف سنة ثابتة عن‬
‫النبي ‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ -‬وإنما مخافة أن تكون تلك السنة‬
‫لم تثبت ول شك أن هذا أسلم وال تعالى أعلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جماعة تصلي صلتين جمعا فدخل عليهم رجل هل يدخل معهم أم ينتظر‬
‫فيتبين له ما هي الصلة التي يصلونها ؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫ما دام وجد الجماعة تصلي فليدخل معهم ثم بعد ذلك إذا تبين له أنهم‬
‫يصلون صلة مخالفة لصلته هو فقد اختلف العلماء في وجوب العادة‬
‫عليه ‪.‬ذهبت طائفة من العلماء إلى أنه ل إعادة عليه ولو كانت تلك‬
‫الصلة مخالفة لصلته هو ‪ ,‬وذهبت طائفة أخرى إلى أن عليه العادة‬
‫والقول بعدم العادة أقرب إلى الصواب والثاني أقرب إلى الحتياط ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫رجل أراد الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء وبعد‬
‫النتهاء من الصلة الولى تذكر فريضة منسية فماذا يفعل ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫أما إن كان الجمع جمع تقديم فالولى أن يأتي بالصلة المنسية وأن يؤخر‬
‫الصلة الثانية إلى وقتها لكن إذا كان محتاجا للجمع مثل يشق عليه أن‬
‫يقف ليصلي الصلة في وقتها لكونه مثل كان راكبا مع بعض الناس ول‬
‫يمكن أن يقفوا في مكان آخر أو ما شابه ذلك فيأتي بالصلة الثانية بعد‬
‫أن يأتي بالصلة المنسية وهكذا في حالة جمع التأخير يأتي أول بالصلة‬
‫المنسية ثم يأتي بالصلة التي يريد أن يجمعها مع الصلة الولى‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جماعة مسافرة أرادت الجمع بين الظهر والعصر وبعدما انتهت من صلة‬
‫الظهر شرعت جماعة أخرى بالقامة لصلة الظهر ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫لهل العلم خلف وهو هل يصح للمسافر أن يؤخر الصلة الثانية في‬
‫الجمع إلى وقت أكثر من الوقت الذي تستغرقه الصلة الثانية ‪ ,‬بعض‬
‫العلماء قال ‪ :‬إذا لم يدخل في الصلة الثانية بمقدار ما يصلي تلك الصلة‬
‫فإن ذلك الجمع ل يصح ‪ ,‬وبعض العلماء قال ‪ :‬يرخص له أن يتأخر وهذا‬
‫القول لعله أقرب إلى الصواب فعليه ينبغي لهذه الجماعة أن تتأخر حتى‬
‫تنتهي الجماعة التي تصلي الظهر ثم بإمكانهم أن يقوموا لصلة العصر‬
‫وذلك التأخير ل يضرهم بمشيئة ال سبحانه وتعالى ‪ .‬وال أعلم‬

‫الهامش ‪:‬‬
‫‪ (1‬قال الشيخ‪ " :‬السفر " بدل من " القصر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪ (2‬قال الشيخ‪ " :‬القصر " بدل من " السفر " والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬

‫‪ (3‬قال الشيخ‪ " :‬الجماعة هي الجماعة " بدل من " الصلة هي الصلة‬
‫" والظاهر أنه سبق لسان‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)ثالثا ‪ :‬أحكام صلة الجمعة (‬
‫س‪:‬‬
‫صلة الجمعة‪ ،‬ما هي شروط وجوبها ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ن صلة الجمعة واجبة ِمن الواجبات التي افترضها ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫إّ‬
‫على عباده ‪ ..‬أمر بها في كتابه العزيز)‪ (1‬وثبت وجوبها‪-‬أيضا‪-‬بن ّ‬
‫ص‬
‫السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪-‬ثبوتا أوضح ِمن شمس الظهيرة‪ ،‬وقد اّتفقت كلمة الّمة على ذلك‪.‬‬
‫وما جاء عن بعض أهل العلم ِمن أنها سّنة أو ما شابه ذلك ِمن اللفاظ‬
‫ت ِبحاجة‬
‫فإنهم أرادوا به معًنى آخر‪ ،‬كما هو مبسوط في موضعه‪ ،‬ولس ُ‬
‫الن إلى الطالة ِبذكر ذلك‪ ،‬وإنما أتكلم على شروط وجوبها كما جاء في‬
‫السؤال‪:‬‬

‫‪ -1‬فِمن جملة شروط وجوبها أنها ل َتجب إل على الذكور‪ ،‬أما النساء‬
‫فإنها ل تجب عليهن ِبإجماع الّمة كما ُيفَهم ِمن كلم بعضهم‪ ،‬وعلى‬
‫ن ذلك ِمّما ل ُيعتَبر به‪ ،‬فالمرأة ل‬ ‫ن هنالك َمن قال ِبخلف ذلك فإ ّ‬ ‫تقدير أ ّ‬
‫ن صلتها صحيحة‬ ‫ت الجمعة فإ ّ‬‫جب عليها الجمعة‪-‬أما إذا جاءت وصّل ْ‬ ‫َت ِ‬
‫ن في حّقها‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬إذا‬ ‫ِبمشيئة ال تبارك وتعالى‪-‬بل إنها ل ُتس ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬قد‬ ‫أردنا بالسّنة هاهنا أ ّ‬
‫ن في حّقها أن تصّلي في بيتها كبقية الصلوات‬ ‫أمرها بذلك بل ُيس ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه‬ ‫الخرى‪ ،‬أما إذا أردنا بالسّنة أنه َيجوز لها وأ ّ‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬قد أباح لها فذلك ِمّما ل بأس ِمن إطلقه‪ ،‬فالسّنة ِبمعنى‬
‫سّ‬
‫ن‬ ‫ن المرأَة ل ُي َ‬
‫جد في بعض الكتب ِبأ ّ‬ ‫المر ل ُتؤَمر المرأة بذلك فإذا ُو ِ‬
‫ن هذه العبارة عبارٌة صحيحة ل غبار‬ ‫في حّقها أن تصّلي الجمعة فإ ّ‬
‫ن ذلك جائٌز في حّقها فإنه‪-‬أيضا‪-‬ل غبار‬ ‫عليها‪ ،‬وإذا ُوجد في بعضها بأ ّ‬
‫سّ‬
‫ن‬ ‫على ذلك‪ ،‬فهي َتجوز في حّقها وُتجزيها عن صلة الظهر ولكّنها ل ُت َ‬
‫في حّقها ِبمعنى أنه ل ُينَدب في حّقها أن َتذهب إلى المسجد وأن ُتَؤّد َ‬
‫ي‬
‫صلَة الجمعة هناك وإنما ُينَدب في حّقها أن تصّلي في بيتها وإن كانت‬
‫صلُتها مع المام ُتجزيها عن صلة الظهر‪.‬‬
‫جب عليه صلة الجمعة على أكثر قول‬ ‫‪ -2‬وِمن ذلك الحرية‪ ،‬فالعبد ل َت ِ‬
‫أهل العلم‪.‬‬
‫ومنهم َمن ذهب إلى وجوبها عليه على الطلق‪ ،‬وهو قوٌل فيه ِمن الُبعد‬
‫ما ل َيخفى‪.‬‬
‫جب‬ ‫سّيُده على أن يصّلي الجمعة فإنها َت ِ‬ ‫صل فقال‪ :‬إن واَفق َ‬ ‫ومنهم َمن ف ّ‬
‫ظ ِمن‬ ‫عليه وإن لم ُيواِفق على ذلك فل َتجب عليه‪ ،‬وهو قوٌل قوي له ح ّ‬
‫سّيُده ذلك‪.‬‬
‫النظر‪ ،‬فل َينبغي له أن َيتخّلف عنها إذا أباح له َ‬

‫‪ -3‬وِمن ذلك البلوغ‪ ،‬فالصبي ل َتجب عليه الجمعة‪ ،‬بل ول َيجب عليه‬
‫ث َرْفِع القلم عن الثلثة‬ ‫ص حدي ِ‬
‫شيٌء ِمن الواجبات‪ ،‬كما هو معلوم‪ِ ،‬بن ّ‬
‫ث صحيح ِبمجموع طرقه بل قّوى غْير‬ ‫الذين معهم الصبي‪ ،‬وهو حدي ٌ‬
‫ض أفراد تلك الطرق‪ ،‬والّمة مّتفقة على عدم‬ ‫واحٍد ِمن أهل العلم بع َ‬
‫وجوب الجمعة على الصبي‪-‬كما هو معلوم‪-‬ولكنه ُيؤَمر ِبإتيانها إذا بلغ‬
‫سبع سنين‪.‬‬

‫‪ -4‬وِمن ذلك العقل‪ ،‬فالمجنون ل َتجب عليه بل ليس لحد أن ُيِبيح له أن‬
‫ش على المصلين كما هو معلوم ِمن‬ ‫شّو ُ‬
‫َيذهب إلى المسجد‪ ،‬لنه سوف ُي َ‬
‫حال المجانين‪.‬‬

‫‪ -5‬وِمن ذلك المسافر فالجمعة ل َتجب على المسافر‪ ،‬فهي واجبة على‬
‫َمن كان مقيما في مكان‪ ،‬والعلماء قد اختلفوا في حال المسافر‪:‬‬
‫جب عليه على الطلق‪.‬‬ ‫منهم َمن قال‪ :‬إنها َت ِ‬
‫جب عليه أو كان‬‫ومنهم َمن قال‪ :‬إنه إذا بقي في مكان للقيلولة فإنها َت ِ‬
‫مستِقرا في ذلك المكان استقرارا ل َينوي به القامة‪.‬‬

‫ومنهم َمن قال‪ :‬ل َتجب عليه مطلقا‪.‬‬


‫والقول بالوجوب مطَلقا ضعيف‪ ،‬والقول بوجوبها عليه إذا كان ماكثا في‬
‫مكان ول َينوي الستقرار فيه قوٌل قوي له وجٌه ِمن النظر وُتؤّيده بع ُ‬
‫ض‬
‫ث في مكان أن َيتخّلف عنها‪ ،‬وقد كان‬ ‫الثار فل َينبغي ِللمساِفر الذي َمَك َ‬
‫الصحابة الذين َيأتون ِمن أمكنة شاسعة إلى المدينة المنورة ُيصّلون مع‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وإن كّنا ل َنقوى على الجزم ِبأنها‬
‫ن هذه المسألة ل َتخلو ِمن شيٍء ِمن‬ ‫كانت واجبًة في حّقهم ولكننا نقول‪ :‬إ ّ‬
‫الشكال‪.‬‬
‫ن وباّتفاق الّمة‪ ،‬وإنما ‪‬صلته ُتجزيه عن‬ ‫وإذا صلى هذا المسافر فإ ّ‬
‫ص السّنة الصحيحة عن النبي الخلف إذا لم َيْأِتها هل َيكون‬ ‫الظهر‪ِ ،‬بن ّ‬
‫سه ِمن الخلف في مثل‬ ‫آِثما ِبذلك أو ل ؟ وَينبغي ِللنسان أن ُيخِرج نف َ‬
‫هذه القضايا التي اشتّد فيها النزاع وليس فيها دليٌل واضح‪ ،‬فَمن أّداها‬
‫فإنه قد أّدى الصلة ول إثم عليه ِباّتفاق ِبخلف َمن َتخّلف عنها‪.‬‬

‫‪ -6‬وِمن ذلك أن َيسَمع نداَءها‪ ،‬فَمن كان بعيدا ل َيتمّكن ِمن سماع النداء‬
‫صَمٍم وَنحوه ِمن الضوضاء وَنحو ذلك‪-‬‬ ‫ِبسبب ُبْعِدِه ل ِلمانع ِمن الموانع‪-‬ك َ‬
‫جب عليه‪ ،‬أما َمن كان َيسَمع ذلك أو َيتمّكن أن َيسَمع ذلك لول ذلك‬ ‫فل َت ِ‬
‫جب عليه وذلك ُيقّدر‪:‬‬ ‫المانع الذي َمَنَعه ِمن السماع فإنها َت ِ‬

‫‪ِ -1‬بمسافة فرسخ‪.‬‬

‫جب على َمن بْينه وبْين المسجد‬


‫ض أهل العلم إلى أنها َت ِ‬
‫‪ -2‬بل ذهب بع ُ‬
‫الذي ُتقام فيه مسافُة السفر وُتقّدر ِبذلك على مذهب هؤلء العلماء‬
‫ِبفرسخْين‪.‬‬
‫والقول الول هو القرب‪ ،‬والثاني فيه سلمٌة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫هذه أهم تلك الشروط )‪.(2‬‬


‫ط في‬
‫حة‪ ،‬فهو شر ٌ‬ ‫طصّ‬ ‫ط السلم ولكن هذا الشرط شر ُ‬ ‫وِمن ذلك شر ُ‬
‫ح منه عبادة ‪ ..‬ل تصح منه الصلة ول‬ ‫جميع العبادات‪ ،‬فالكافر ل تص ّ‬
‫طبا ِبها وعليه الثم ِبسبب َتْرِكها‬
‫الزكاة ول الصيام ول الحج وإن كان مخا َ‬
‫وُيعاَقب على ذلك يوَم القيامة‪ ،‬كما َيّتضح ذلك ِمن الدلة التي َتدّل على أ ّ‬
‫ن‬
‫ط في‬ ‫ت‪-‬هو شر ٌ‬ ‫ن هذا الشرط‪-‬كما قل ُ‬ ‫طبون ِبفروع الشريعة ولك ّ‬‫الكفاَر ُمخا َ‬
‫جميع العبادات؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ح لها أن ُتصّلي الجمعة وُيسِقط ذلك عنها‬
‫ِبالنسبة ِللمرأة قلُتم ِبأنه َيص ّ‬
‫الفرض‪ ،‬في حال نيتها تنويها فرضا ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫شمًة ُملتِزمًة ِبشْرع ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬إلى المسجد‬
‫ت ُمحت ِ‬
‫المرأة إذا خرج ْ‬
‫فإنها ُتجِزيها عن صلة الجمعة)‪ ، (3‬وِبمجّرد إرادة الدخول ُتصِبح‬
‫فريضًة عليها‪ ،‬لنها ُتجِزيها عن فريضة الظهر‪ ،‬وإل لو كانت َنَوْتها سّنة‬
‫أو نافلة أو ما شابه ذلك فهي ل ُتجِزيها في حقيقة الواقع‪ ،‬فِبمجّرد إرادة‬
‫الدخول َتنويها فريضة‪ ،‬لنها ُتسِقط عنها فريضًة أخرى وهي فريضة‬
‫الظهر ‪ ..‬هذا ما َيّتضح لي؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ظ ِمن المعرفة َينوون صلَة الجمعة سّنة‪،‬‬‫ض الذين ليس لديهم ح ّ‬
‫هناك بع ُ‬
‫فما حكم صلتهم في هذه الحالة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ن صلَة‬ ‫إذا كانت النيُة النيَة المطلوبة وهي النية القلبية فل ُتجِزيهم‪ ،‬ل ّ‬
‫ص الكتاب)‪ (4‬وصحيح السّنة‪ ،‬فَمن نوى ذلك ِبقلبه ل‬ ‫الجمعة فريضة ِبن ّ‬
‫ُيجزيه‪ ،‬وأما إذا كان َينوي صلة الجمعة الواجبة ولكن َتلّفظ ِبلسانه ِبأنها‬
‫ن هذه اللفاظ ل عبرة بها ‪ ..‬النبي صلى ال‬ ‫سّنة فذلك ِمّما ل بأس به‪ ،‬ل ّ‬
‫عليه وسلم يقول‪ ) :‬إنما العمال بالنيات (‪ ،‬والنية‪-‬المقصودة أو‪-‬‬
‫المطلوبة هاهنا هي القصد بالقْلب‪ ،‬أما تلك اللفاظ التي يأتي بها كثير ِمن‬
‫الناس فهي ِمّما ل دليَل عليه‪ ،‬فالنبي صلى ال عليه وسلم وصحابُته‬
‫الكرام‪-‬رضي ال تعالى عنهم‪-‬لم َيكونوا َيأتون ِبشيٍء ِمن هذه اللفاظ‪،‬‬
‫فهذه اللفاظ ُمحَدثة‪ ،‬ونحن وإن كّنا ل نقول ِبحرمتها ولكننا نقول‪ :‬إنه ل‬
‫ينبغي الشتغال بها بل ينبغي القتداء بالنبي صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪ ،‬ولو كان في التيان بها خْير لتى بها النبي‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولنا فيه السوة الحسنة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‬
‫س‪:‬‬
‫جماعة مسافرة مّرت على مسجد في يوم الجمعة‪ ،‬هل ُيصّلون الظهر أم‬
‫الجمعة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫جب عليه الجمعة على الخلف الذي ذكرناه والقول بعدم‬ ‫المسافر ل َت ِ‬
‫وجوبها عليه هو القول المشهور‪ ،‬وعليه فالذي ذهب إليه جمهور الّمة‬
‫ن المسافرين إذا مّروا على مسجد فإنهم ُيصّلون الظهر وليس لهم أن‬ ‫أّ‬
‫جدوا هنالك جماعًة ُمِقيمة فإنه َينبغي لهم أن‬
‫ُيصّلوا الجمعة ‪ ..‬نعم إذا َو َ‬
‫ُيصّلوا معهم الجمعة بل ليس لهم أن َيتخّلفوا عنهم إذا دخلوا المسجد‪ ،‬أما‬
‫أن ُيقيموا هم الجمعة‪:‬‬
‫‪ -1‬فليس لهم ذلك على مذهب الجمهور‪.‬‬

‫‪ -2‬وذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى مشروعية ذلك‪.‬‬


‫لها جمعًة في الماضي فإنه ُيمِكن‬ ‫ن القول الصحيح هو الول‪ ،‬فَمن ص ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫ض أهل العلم‬ ‫خص له في عدم العادة‪ ،‬لنه إما أن َيكون َقّلَد بع َ‬ ‫أن ُيتر ّ‬
‫ف فيها‬ ‫الذين قالوا ِبذلك والمسألُة ظنية والمسائل الظنية ل ُيمِكن أن ُيعّن َ‬
‫صدا ِللصواب طاِلبا ِللحق‪ ،‬وإما أن َيكونوا لم َيعَلموا ِبقوِل‬ ‫أحٌد إذا كان قا ِ‬
‫أحٍد ولكّنهم َيطلبون الحق وواَفقوا قوًل ِمن أقوال أهل العلم فُيمِكن أن‬
‫خص لهم في الماضي‪ ،‬أما في المستقَبل فل َينبغي لهم أن ُيقيموا‬ ‫ُيتر ّ‬
‫جدوا طائفًة ِمن الناس‬ ‫الجمعَة إل إذا صّلْوها مع جماعٍة ُمِقيمة‪ ،‬فإذا َو َ‬
‫ُيصّلون الجمعَة فَينبغي لهم‪-‬كما قلنا أّل َيتخّلفوا عنهم في ذلك‪.‬‬
‫وكثير ِمن الناس َيسألون عن الطلبة الذين َيدرسون‪-‬أو َيعملون‪-‬في بعض‬
‫الدول الكافرة‪ ،‬هل لهم أن ُيصّلوا الجمعة ؟ والجواب هو ما أشرنا إليه‬
‫جدوا جماعًة ُتصّلي‬ ‫وهو أنه ليس لهم أن ُيِقيموا هم الجمعة ولكن إذا َو َ‬
‫الجمعَة فْلُيصّلوا معهم ولو كانوا في غْيِر بلد السلم ‪ ..‬هذا هو القول‬
‫ض العلماء َيقول ِبخلف ذلك؛ والعلم عند ال تعالى‪.‬‬ ‫الصحيح‪ ،‬وإن كان بع ُ‬

‫س‪:‬‬
‫المسافرون‪ ،‬هل لهم أن َيجَمعوا مع الجمعِة العصَر ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫في هذه المسألة خلف بْين أهل العلم‪:‬‬
‫ذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أنه ليس ِللمساِفر أن َيجَمع العصَر مع‬
‫سها ولم َيِرْد عن‬
‫ن صلَة الجمعة صلٌة ُمستِقّلة ِبنف ِ‬ ‫صلِة الجمعة‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫جْمِع العصِر‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما َيدّل على جواز َ‬
‫ت العصِر بل َينتهي ِبمجرد انتهاء‬ ‫ت الجمعة ل َيمَتد إلى وق ِ‬ ‫ن وق َ‬ ‫معها‪ ،‬ثم إ ّ‬
‫ت الظهر فليس لهم على هذا الرأي أن َيجَمعوا العصَر مع الجمعِة‪.‬‬ ‫وق ِ‬
‫ض أهل العلم‪-‬وهم الكثر‪-‬إلى جواز ذلك‪.‬‬ ‫وذهب بع ُ‬
‫سه ِمن الخلف‬ ‫حزم وأن ُيخِرج نف َ‬ ‫فَمن شاء أن َيحتاط ِلدينه وأن َيأخذ ِبال ْ‬
‫جَمَع فل شيَء عليه ِبمشيئة ال‬ ‫ن الْولى له أّل َيجَمع‪ ،‬وَمن َ‬ ‫كأّ‬‫شّ‬‫فل َ‬
‫تبارك وتعالى؛ والعلم عند ال تعالى‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ت الخطبة‬
‫جدون وق َ‬
‫ض المسافرين ِمن فرط السرعة َيدخلون المسجد فَي ِ‬
‫بع ُ‬
‫ل َيزال طويل فُيصّلون الظهَر ثم َيخُرجون ِمن المسجد ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫هذا خطٌأ واضح ‪ ..‬عليهم أن َيتوبوا إلى ال‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬مّما وقعوا فيه‬
‫جعوا إلى مثِل ذلك مّرة‬
‫جعوا إليه وأن َيتعّلموا أموَر ِديِنهم وأّل َير ِ‬
‫وأن َير ِ‬
‫أخرى فَينبغي لهم أن ُيصّلوا مع المام صلَة الجمعة‪ ،‬أما أن َيخُرج‬
‫الواحد ِمن غْيِر أن ُيصّلي مع جماعِة المسلمين فهذا فيه ما فيه؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ض المسافرين قد‬ ‫ن بع َ‬ ‫هل هذا الحكم شامل ِللجمعة وغْيِر الجمعة ؟ ل ّ‬
‫جلون َيدخُلون ‪ُ ..‬يصّلون الظهَر‬ ‫ن الظهِر مثل ولنهم ُمستع ِ‬‫َيسَمعون أذا َ‬
‫والعصَر مثل ‪َ ..‬يجَمعون ثم َيخُرجون ِمن المسجِد والجماعُة لم ُتَقْم َبعُد‪.‬‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ظروا تلك‬‫ن هؤلء إما أن َينت ِ‬ ‫هذا‪-‬حقيقة‪ِ-‬مّما َينبغي أن ُيشّدد فيه‪ ،‬ل ّ‬
‫ن آخر‪-‬والمساجد موجودة‪ ،‬والرض كلها‬ ‫الجماعة وإما أن َيذهبوا إلى مكا ٍ‬
‫ت ُممَتد ِبحمد ال‬ ‫مسجد ِبحمد ال تبارك وتعالى‪-‬وُيصّلوا هناك فالوق ُ‬
‫صلوا السْير ثم بعَد‬ ‫جَلٍة ِمن أمِرهم فلُيوا ِ‬
‫عَ‬‫تبارك وتعالى‪ ،‬فإن كانوا على َ‬
‫ي مكان آخر؛ والعلم عند ال‪.‬‬ ‫ذلك ِبإمكاِنهم أن َيأتوا ِبالصلة في أ ّ‬
‫س‪:‬‬
‫ت صلِة الجمعة‪ ،‬ما هو الوقتُ‬ ‫ظّل مفتوحًة في وق ِ‬ ‫عدٌد ِمن المحلت َت َ‬
‫ت صلة‬ ‫ضَر ْ‬‫ح َ‬ ‫الـُمحّدد ِلهذه المحلت في أن تغلق فيه أبواَبها إذا ما َ‬
‫الجمعة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫جب‬‫هو إذا نودي ِبصلة الجمعة فإنه ُيمَنع البيع والشراء‪ ،‬فليس لحد َت ِ‬
‫عليه الجمعة أن يبيع أو أن يشتري‪ ،‬أو أن يبيع أو أن يشتري ِمّمن َتجب‬
‫جب عليه الجمعة ‪ ..‬هذا هو الرأي‬ ‫عليه الجمعة ولو كان هو ليس ِمّمن َت ِ‬
‫ق ذلك ِبنداء يوم الجمعة )‪.(5‬‬ ‫عّل َ‬
‫ن ال قد َ‬ ‫الصحيح‪ ،‬ل ّ‬
‫ن البيَع والشراء ُيمَنعان ِبمجّرد دخوِل الوقت‬
‫ب إلى أ ّ‬‫ض العلماء َذَه َ‬
‫وبع ُ‬
‫ت فإنه ُيمَنع البيُع والشراء‪ ،‬وذلك لنه في ذلك الوقت َيص ّ‬
‫ح‬ ‫خَل الوق ُ‬
‫فإذا َد َ‬
‫ت ل َيجوز البيُع ول الشراء على‬ ‫خَل الوق ُ‬‫ح الصلة فإذا َد َ‬ ‫النداء وَتص ّ‬
‫حسب ما ذكرناه )‪.(6‬‬
‫ن ذلك ُيمَنع ِبالذان الّول‪.‬‬ ‫وبعض العلماء قال‪ :‬إ ّ‬
‫والصحيح أنه ُيمَنع ِبالذان الثاني وإن كان الْفضل ِللنسان أن َيستعِّد‬
‫سمع النداَء الول اللهم إل إذا كان ُمستِعّدا ِمن قبِل ذلك فإننا ل‬ ‫ِللصلة إذا َ‬
‫عّلق ذلك ِبالّنداء والّنداء المَراد َهاُهنا ُهو‬ ‫ن ال َقد َ‬ ‫َنقوى على الـَمنع‪ ،‬ل ّ‬
‫الِنَداء الثاني لّنه ُهو النداء المعُروف ِفي عْهد النبي‪-‬صلى ال عليه‬
‫حِدث في‬ ‫حَدث ‪َ ..‬قد ُأ ْ‬‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬أّما الِنَداء الثاني َفُهو ُم ْ‬
‫سَمٍع وَمْرأى ِمن صحابة رسول ال‪-‬صلى ال عليه‬ ‫عْهد عثمان على َم ْ‬ ‫َ‬
‫طوا َذِلك ِمن‬‫ضا‪-‬اسَتنَب ُ‬‫صلحٍة َرَأْوها وَلَعّلهم‪َ-‬أْي ً‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪ِ-‬لَم ْ‬
‫صلة الفجر؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫الّنداء الول ِل َ‬

‫س‪:‬‬
‫شُروا ِفي‬‫صلُة َفانَت ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫ضَي ِ‬
‫في الية ] ‪ ،10‬من سورة الجمعة [‪َ} :‬فِإَذا قُ ِ‬
‫عة ِمن‬ ‫جُمو َ‬‫ض { ُهَناك َمن َيُقوُم ِبِقَراءة ِكتاب ُمعّين َيتَداَرسه َمع َم ْ‬
‫اَلْر ِ‬
‫ح َهَذا ؟‬
‫صّ‬ ‫شَرة‪ ،‬هل َي ِ‬
‫صلة الجمعة ُمَبا َ‬ ‫الّناس َبْعد َ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ب الفقه أو الّنحو أو العقائد أو ما‬ ‫عْلِميا َكُكُت ِ‬
‫ن َهَذا الِكتاب ِكتابا ِ‬ ‫أّما إذا َكا َ‬
‫ضر َذِلك الدرس فإنه‬ ‫ح ُ‬
‫شاَء أن َي ْ‬
‫ن َ‬ ‫ن َم ْ‬‫شابه َذِلك َفل َماِنع ِمن َذِلك‪ ،‬ل ّ‬
‫صلِة الجمعة‪،‬‬ ‫علَقة َله ِب َ‬ ‫ضر‪َ ،‬فُهو ل َ‬ ‫خُرج َفل َيح ُ‬ ‫شاء أن َي ْ‬
‫حضر َوَمن َ‬ ‫سَي ْ‬
‫َ‬
‫صلِة الجَمَعِة أو َبْعَدَها ‪َ ..‬يُقوم‬ ‫طاَبة قْبَل َ‬ ‫ن َبعض الناس َيُقوُمون ِبالخ َ‬ ‫وَلك ّ‬
‫شاَبه َذلك‬ ‫ض المور أو َما َ‬ ‫طَبًة ُيَنّبه ِفيها على َبْع ِ‬ ‫خْ‬
‫طب ُ‬ ‫خُ‬
‫الواحد ِمْنهم َي ْ‬
‫لف َهْدي النبي صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫خَ‬ ‫شُروع‪َ ،‬لنه ِ‬ ‫س ِبَم ْ‬
‫فهذا َلْي َ‬
‫طُلوَبة أو‬‫ض المور الم ْ‬ ‫وصحبه وسلم‪َ ،‬فَمن أَراد أن ُيَنّبه على َبع ِ‬
‫طيب‪ ،‬أما إذا َكان‬ ‫طَبة الجمعة إَذا كان ُهو الخ ِ‬ ‫خْ‬‫ت ِبذلك في ُ‬ ‫عة فلَيْأ ِ‬ ‫الممنو َ‬
‫خطَْبٍة‬ ‫ن ِب ُ‬
‫طُلب ِمْنه َذلك‪ ،‬أّما أن َيُقوَم ِبالتيا ِ‬ ‫صا آخر َفْلَي ْ‬ ‫خ ً‬
‫شْ‬ ‫طب َ‬ ‫خُ‬ ‫الذي َي ْ‬
‫صلة‪-‬أو َما شابه َذِلك‪َ-‬فَهَذا ِمّما َيْنَبِغي‬ ‫طَبة الجمَعة أو َبْعَد ال ّ‬ ‫خْ‬‫خَرى َقْبل ُ‬ ‫أْ‬
‫خلِفه ِلَهْدي النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫عْنه ِل ِ‬‫أن ُيْنَهى َ‬
‫وسلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جوب ؟‬
‫شُروا { َل ُيِفيد الُو ُ‬
‫إذن في َرْأِيكم‪َ } :‬فانَت ِ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫طَبة َلْيس‬
‫خْ‬
‫ن عندما ُقْلَنا ِبَعَدم ال ُ‬
‫حُ‬
‫لًقا‪ ،‬وَن ْ‬
‫طَ‬
‫بإْ‬
‫جو ِ‬
‫ل ‪ ..‬هو َل َيُدّل على الُو ُ‬
‫لجل َهَذا‪ ،‬وإّنما ِلمخاَلفة َذِلك ِلَهدي النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫صِبح فريضًة عليه‬ ‫صلة الجمعة على النسان‪َ ،‬هْل ُت ْ‬ ‫ضية َ‬ ‫ِبالنسبة ِلَفْر َ‬
‫ساِفر في َذِلك الَيْوم أم له‬‫صح َله أن ُي َ‬
‫حْيث ل َي ِ‬
‫جر َيْوِمه ِب َ‬
‫ع َف ْ‬
‫طُلو ِ‬‫جّرد ُ‬‫ِبُم َ‬
‫سافر ؟‬ ‫أن ُي َ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ساِفر إَذا ُنوِدي ِلصلة الجمعة فإذا ُنوِدي‬ ‫س َله أن ُي َ‬ ‫له أن ُيساِفر ولكن َلْي َ‬
‫عْهد النبي صلى ال عليه وعلى‬ ‫ِباَلَذان الثاني‪-‬وُهو الذان المْعُروف في َ‬
‫ساِفر في َذلك الَوْقت اللُهم إل إذا كان‬ ‫س َله أن ُي َ‬ ‫آله وصحبه وسلم‪َ-‬فَلْي َ‬
‫صِلي الجمعة ُهَناك‪ ،‬فإن كان‬ ‫ساِفر إلى َمَكان آخر ُتَقام ِفيه الجمعة وُي َ‬ ‫ُي َ‬
‫ضُروَرة‬ ‫صّلي الجمعة ُهناك فل َماِنع ِمن َذلك‪ ،‬و‪َ-‬كذلك‪-‬إذا َكاَنت ُهَناِلك َ‬ ‫ُي َ‬
‫جة‬‫حا َ‬‫صِرنا َهَذا‪ُ-‬يِريد أن َيْذَهب إلى َمَكان َبِعيد وهو ِب َ‬ ‫ع ْ‬ ‫حة ِبَأن‪-‬مثل ِفي َ‬ ‫ُمِل ّ‬
‫طر في ِمْثل َهِذِه الحالة أن‬ ‫ضَ‬ ‫طاِئرة في َذَلك الَوْقت َفُهو ُم ْ‬ ‫إَلْيه وُتْقِلع ال َ‬
‫ي َقْبل‪-‬‬‫خُرج َفُيَباح َله الخُروج في ِمثل َهذه الحالة‪ ،‬أّما َقْبل‪َ-‬ذلك ‪ ..‬أ ْ‬ ‫َي ْ‬
‫الّنَداء َفل َماِنع ِمن ذلك‪.‬‬
‫ت‪.‬‬
‫ضَر الَوْق ُ‬‫ح َ‬‫ن ذلك ُيمَنع إذا َ‬ ‫وإن كان َبعض العلماء َقاَل‪ :‬إ ّ‬
‫ضهم َقاَل‪ :‬إَذا ُنوِدي ِباَلَذان الّول‪.‬‬ ‫وَبْع ُ‬
‫ن ذلك ُيمَنُع ِباَلذان‬ ‫شَراء أ ّ‬‫سَأَلة الَبْيع وال ِ‬ ‫حيح‪َ-‬كَما َقدْمَناه ِفي َم ْ‬ ‫صِ‬ ‫ن ال َ‬‫وَلِك ّ‬
‫الثاني‪.‬‬
‫شْمس‪َ ،‬وَهَذا ِفيه َما‬ ‫طُلوع ال ّ‬‫خُرج النسان َبْعَد ُ‬ ‫ض العلماء َكّرَه أن َي ْ‬ ‫َوَبْع ُ‬
‫سة المْعُروفة ولْي َ‬
‫س‬ ‫حَكاِم الخْم َ‬‫ن ال ْ‬ ‫ي ِم َ‬ ‫عٌ‬‫شْر ِ‬‫حْكٌم َ‬ ‫ن الَكَراَهة ُ‬ ‫ِفيه‪َ ،‬ذِلك ل ّ‬
‫عَلى َذِلك الحكم‬ ‫ن ُهَناِلك َدليل يُدّل َ‬ ‫عي إل إذا َكا َ‬ ‫شْر ِ‬ ‫حْكم َ‬ ‫حُكم ِب ُ‬
‫ِللنسان أن َي ْ‬
‫حسن " َفَذِلك ل‬ ‫ن َذِلك ِمن َباب الْولى وال ْ‬ ‫ن َيُقول َقاِئل‪ " :‬إ ّ‬ ‫‪َ ..‬نَعم إَذا َكا َ‬
‫ن الْولى وَبْين الَقْول ِبالّندب أو َبْين الَقْول‬ ‫س ِبه‪ ،‬وُهنالك َفْرق َبْي َ‬ ‫َبْأ َ‬
‫س ِمّما َينَبِغي‪َ ،‬فَفْرق‬‫جّوُز َلْي َ‬
‫جّوُزون وَذِلك الّت َ‬ ‫ِبالَكَراَهة‪ ،‬وَبعض الناس َيَت َ‬
‫ن " ل َينَبِغي " وَبْين الحكم‬ ‫ن الْولى‪ ،‬أو َبْي َ‬ ‫سع بْين الّنْدب وَبْي َ‬ ‫شا ِ‬
‫ن النسان‬ ‫عَلْيه‪ ،‬أّما أن َيُقوَل َقاِئل‪ " :‬إ ّ‬ ‫ِبالَكَراَهة‪ ،‬فالحْكُم ِبالَكَراَهة ل َدليل َ‬
‫خر فالْولى له أن َيشَهد الجمعة وَيستِفيد ِمن تلك‬
‫إذا َكان ُيِمكنه أن َيتأ ّ‬
‫الخطبة التي َيأتي ِبها ذلك الخطيب وَيجتِمع ِبالمسلمين " فذلك فيه خْير‬
‫وبركة ِبمشيئة ال؛ والعلم عند ال‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫نعود مرة أخرى إلى شروط وجوبها ذكرُتم ِبأنها ِبمجّرد أن َيسمع النسان‬
‫النداء ‪ ..‬الن ربما َيستِمع هؤلء النداء لكنهم َيستِمعونه عن طريق‬
‫الذاعة أو عن طريق التلفزيون والمسجد َيبُعد عنهم أكثر ِمن مسافة‬
‫جب عليهم في هذه الحالة ؟‬
‫السفر‪ ،‬فهل َت ِ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ي بلٍد آخر‪-‬‬‫ل ‪ ..‬قد َيسَمع النسان النداَء هاهنا ِمن مّكة المكّرمة أو ِمن أ ّ‬
‫ت باقيا لكن قد َيكون ذلك في‬ ‫خرا ولكن ل زال الوق ُ‬ ‫ت متأ ّ‬
‫وإن كان هذا الوق ُ‬
‫بلٍد ُمتقّدمة‪-‬فهل ُيقال له لبد ِمن أن َيخُرج ؟! ل ‪ ..‬إذا كان َيسَمع ذلك ِمن‬
‫سطة أو كان ِمّمن ُيمِكنه أن َيسَمع لول ذلك المانع الذي‬ ‫غْير هذه الوا ِ‬
‫َمَنَعه ِمن السماع‪.‬‬
‫حة‪ ،‬فإذا كان النسا ُ‬
‫ن‬ ‫ط الص ّ‬‫وِمّما َينبغي أن ُننّبه إليه‪-‬أيضا‪ِ-‬من الشرو ِ‬
‫جب على‬ ‫مريضا ل َيقوى على الخروج إلى الجمعة فِمن المعلوم أنها ل َت ِ‬
‫ح‪ ،‬وحّتى على تقديِر عدم‬ ‫ص الحديث على ذلك إن ص ّ‬ ‫المريض‪ ،‬وقد ن ّ‬
‫ن المريض الذي ل َيستطيع أن َيذهب إلى الجمعة فإنه معذور؛‬ ‫حته فإ ّ‬
‫صّ‬
‫وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جب عليهم ِلكونهم َقريِبين ِمن الجاِمع الذي ُتصّلى فيه الجمعة‬
‫الذين َت ِ‬
‫وَيسَمعون النداَء‪-‬كذلك‪-‬لكّنهم مع ذلك ل َيذهبون فُيصّلون الظهَر‪ ،‬ما حكم‬
‫صلِتهم ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ضروا الجمعَة مع المسلمين‬ ‫جب عليهم أن َيح ُ‬ ‫صلُتهم باطلة‪ ،‬ذلك لنه َي ِ‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬أمَرهم ِبالسعي إليها )‪ ،(7‬ول ّ‬
‫ن‬ ‫وأن ُيصّلوا معهم‪ ،‬ل ّ‬
‫شّدد في ذلك‬ ‫الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬أمَرهم ِبذلك بل و َ‬
‫خِتَم ّ‬
‫ن‬ ‫عِهم الجُمعات أو َلَي ْ‬‫ن أقواٌم عن َوْد ِ‬‫غايَة التشِديد حتى قال‪َ ) :‬لَيْنَتِهَي ّ‬
‫سمع النداَء أو كان في‬ ‫ن ِمن الغافلين (‪ ،‬فَمن َ‬ ‫ال على قلوِبهم ثم َلَيُكون ّ‬
‫خْين على رأي َمن َيقول‬ ‫سَ‬ ‫ن الَفْر َ‬
‫موضٍع ُيمِكنه أن َيسَمع النداَء‪-‬أو كان ُدو َ‬
‫جب عليه أن َيذهب إليها‪ ،‬وليس له أن َيتخّلف‬ ‫ِبوجوب الجمعة عليه‪-‬فإنه َي ِ‬
‫عنها‪ ،‬وإذا َتخّلف عنها فهو آِثم ‪ ..‬عليه أن َيتوب إلى ال ولبد أنه‬
‫ن صلَته‬ ‫ت ولكن إذا صلها قبَل الجمعِة فإ ّ‬ ‫سُيصّلي الظهَر في ذلك الوق ِ‬
‫باطلة على رأي كثرٍة كاثرة ِمن أهل العلم ‪ ..‬عليه أن َيتوب إلى رّبه وأن‬
‫ي ِبها مع المسلمين ‪ ..‬أن‬ ‫َيقوم ِبإعادة تلك الصلة ‪ ..‬إن َتمّكن ِبأن َيأِت َ‬
‫ي ِبها‬
‫ُيصّليها جمعًة فذلك هو الواجب وإن لم َيتمّكن فل َمحيص ِمن أن َيأِت َ‬
‫ظهرا؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ُ‬

‫س‪:‬‬
‫ما حكم الذان في المساجد المجاِورة ِلجاِمع الجمعِة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫أما إذا كان ُيؤّذن ِلصلة الظهر فذلك ل َيصح بل هو ِبدعة ِمن الِبَدع‪ ،‬وأما‬
‫إذا كان ُينادى ِبذلك ِلصلِة الجمعة ِبأن كان ذلك المسجد ُممتِلئا ل َيّتسع‬
‫خِذ‬
‫جمعًة أخرى ولكن ذلك بعد َأ ْ‬ ‫ض الناس أن ُيِقيموا ُ‬ ‫طر بع ُ‬ ‫ِللمصّلين فَيض َ‬
‫ن الصل الصيل أّل‬ ‫ح ذلك لجل الضرورة الملحة وإل فإ ّ‬ ‫ن ِبذلك فَيص ّ‬‫الذ ِ‬
‫َتتعّدد الجمعة في المكان الواحد أبًدا وإنما ُيشَرع التعّدد في حالة‬
‫س ِبأن ُيصّلوا في ذلك‬ ‫حة وذلك ِبما إذا كان ل َيتمّكن النا ُ‬ ‫الضرورِة المِل ّ‬
‫المسجد ِلكثرِتهم مثل‪.‬‬
‫ض الناس َيسأل‪ :‬هل ُتصّلي الجماعُة الولى الصلية أّول ثم َتأتي‬ ‫وبع ُ‬
‫سع لها وُتقيُم الصلَة بعَد ذلك في‬ ‫الجماعة الثانية إذا كان المسجد ل َيّت ِ‬
‫ذلك المسجد ؟ والجواب‪ :‬ل ‪ ..‬هذا هو الذي ذهب إليه جمهور الّمة‪ ،‬فل‬
‫ب أو‬‫ُيمِكن أن َتتعّدد الجمعُة في مسجٍد واحد‪ ،‬فَمن لم َيتمّكن‪ِ-‬لهذا السب ِ‬
‫ب ِمن السباب ِمن‬ ‫خر عن الصلة ِلسب ٍ‬ ‫ِلغْيره ِمن السباب كأن َيكون قد َتأ ّ‬
‫ق بعيدة أو ما شابه ذلك‪-‬فإنه ليسَ لهم أن ُيِقيموا‬ ‫نوم أو جاء ِمن طري ٍ‬
‫الجمعَة في ذلك المسجد ‪ ..‬هذا هو الحق؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫دون الفرسخين يعني قبل اثني عشر كيلومترا تقريبا ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ِبالتقريب‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ما حكم خطبة الجمعة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ال أعلم؛ خطبُة الجمعة اختَلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫منهم َمن قال‪ :‬هي جزٌء ِمن الصلة‪.‬‬
‫حة الصلة‪.‬‬ ‫ط ِلص ّ‬
‫ومنهم َمن قال‪ :‬هي شْر ٌ‬
‫ومنهم َمن قال‪ :‬هي سّنة ِللصلة‪.‬‬
‫وعليه‪:‬‬

‫ضر خطبَة‬
‫طٌر ِمن الصلة " فَمن لم َيح ُ‬
‫‪ -1‬فَمن َيقول‪ " :‬هي جزٌء أو ش ْ‬
‫ظهرا‪ ،‬فَمن جاء‬
‫الجمعة فليس له أن ُيصّلي الجمعة فعليه أن ُيصّلي ُ‬
‫خرا ‪ ..‬مثل بعد انتهاء الخطبة ولو كان قبل تكبيرة الحرام فليس له‬‫متأ ّ‬
‫ي الجمعة‪.‬‬
‫أن ُيصّل َ‬

‫ن َمن جاء‪:‬‬
‫حة الجمعة " فإ ّ‬
‫ط ِلص ّ‬
‫‪ -2‬وَمن قال‪ " :‬هي شر ٌ‬

‫‪ -1‬قبل قيام المام ِمن الركوع ِمن الركعة الثانية على رأي‪.‬‬

‫‪ -2‬أو قبل السلم ِمن الصلة على رأي آخر‪-‬والوُل هو القرب إلى‬
‫طب ِللجمعة فإنه ليس لهم أن‬
‫الصواب‪-‬فإنه ُيصّلي الجمعة ولكن إن لم ُيخ َ‬
‫ن ِمن شرطها أن تكون بعد خطبة‪.‬‬ ‫ُيصّلوا الجمعة‪ ،‬إذ إ ّ‬

‫‪ -3‬وَمن قال‪ " :‬هي سّنة " فإنه َيقول‪ :‬ل َينبغي التفريط ِبالخطبة ولكن‬
‫ن صلَتهم تلك صحيحة‪.‬‬ ‫صّلت الجماعة ِمن دون خطبة فإ ّ‬ ‫إذا َ‬
‫حة الجمعة فإذا‬
‫ط ِلص ّ‬‫والقول الثاني هو القول الصحيح‪ ،‬فالخطبة شر ٌ‬
‫ن صلَتهم تلك ُتعتَبر باطلة‪ ،‬أما َمن جاء‬ ‫صّلت الجماعة ِمن غْير خطبة فإ ّ‬
‫ن صلته تلك صحيحة‪.‬‬ ‫قبل قيام المام ِمن الركوع ِمن الركعة الثانية فإ ّ‬
‫ن ال َأَمَر ِبالسعي إليها)‪ (8‬والمر ُيفيد الوجوب‪،‬‬ ‫والدليل على شْرطيتها أ ّ‬
‫فذلك دليل على وجوِبها‪ ،‬والرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬أَمَر‬
‫ت ِللخطيب وَنهى عن الكلم بل حّتى على ما هو أقل ِمن الكلم‬ ‫ِبالنصا ِ‬
‫ب الحصى‪-‬كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح‪-‬وذلك دليل على‬ ‫كَتقلي ِ‬
‫ظب عليها النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫وجوبها‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬قد وا َ‬
‫طيلة حياته ولم َيتركها ول مرة واحدة أو ُيبّين ِللّمة أنها ليست ِبواجبة‬
‫صح ِبلسانه ِبأنها ل‬ ‫ولو كان غْير واجبة َلتركها ولو مرة واحدة أو لْف َ‬
‫جب فل‬ ‫طيلة حياته ولم ُيبّين أنها ل َت ِ‬
‫ظب عليها ِ‬ ‫جب أَما وأنه قد وا َ‬
‫َت ِ‬
‫ي الجمعة ِمن غْير‬ ‫َمحيص ِمن القول ِبوجوبها‪ ،‬فل َيجوز ِللجماعة أن ُتصّل َ‬
‫ن صلتهم باطلة ‪ ..‬عليهم أن‬ ‫خطبة‪ ،‬وَمن صلها قبل ذلك ِبغْير خطبة فإ ّ‬
‫ظهرا اللهم إل إذا كانوا ُيقّلدون َمن َيقول‬ ‫َيتوبوا إلى ال وأن ُيعيدوها ُ‬
‫ن أولئك لم َيقولوا‬ ‫ن ذلك ما كان َينبغي لهم فإ ّ‬ ‫ِبخلف ذلك ومع ذلك فإ ّ‬
‫ن ذلك ِمن السنن التي ل َينبغي َتركها "‬ ‫ِبالتساهل ِبذلك بل قالوا‪ " :‬إ ّ‬
‫ولكن مع ذلك‪-‬على هذا الرأي‪-‬ل ُيطاَلبون ِبإعادة الصلة ولكن في‬
‫المستقَبل ل َمحيص ِمن الخطبة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫هل ِلهذه الخطبة‪-‬أيضا‪-‬شروط معّينة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ن هذا هو الصل في الخطبة‪ ،‬وِللعلماء‬ ‫هي لبد أن َتكون فيها موعظة ل ّ‬
‫خلف طويل في شروط خطبة الجمعة‪:‬‬
‫منهم َمن قال‪ :‬إنه ليست هنالك شروط لهذه الخطبة وإنما ينبغي أن يأتي‬
‫بما َينطبق عليه اسم " الخطبة " وهي الخطبة المعروفة التي فيها المر‬
‫ِبالخْير والدعوة إليه والموعظة الحسنة‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال ِباشتراط بعض الشروط‪ ،‬واختلفوا في ذلك‪:‬‬

‫ض أهل العلم أن تكون‬‫‪ -1‬وِمن جملة تلك الشروط التي اشترطها بع ُ‬


‫ن هذا هو‬ ‫حْمِد ال‪-‬تعالى‪-‬والثناء عليه‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫الخطبة مشتِملة على َ‬
‫ن الصحيح‬‫ب النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ط ِ‬
‫خَ‬
‫المعروف في ُ‬
‫صل إلى درجة الشْرطية وإن كان ل َينبغي التهاون ِبذلك ِبحال‬ ‫ن هذا ل َي ِ‬
‫أّ‬
‫ِمن الحوال‪.‬‬

‫‪ -2‬وِمن ذلك الصلُة على النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهذا‪-‬‬
‫أيضا‪-‬ل دليل على شْرطيته ولكن ل َينبغي التهاون ِبذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬وِمن ذلك أن َيأتي ِبشيٍء ِمن القرآن الكريم‪ ،‬وهذا وإن كان ل َيصل‪-‬‬
‫أيضا‪-‬إلى درجة الشْرطية على الصحيح ولكن ل َينبغي التهاون ِبذلك بل‬
‫طِبه ِبسورة "‬
‫خَ‬
‫ض ُ‬
‫كان النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬يأتي في بع ِ‬
‫ض الناس‪،‬‬
‫ق " ِبأكملها في الخطبة وإن كان ل َيجتزي ِبذلك كما َفهَم بع ُ‬
‫إذ ذلك ل ُيسّمى " خطبة "‪.‬‬

‫‪ -4‬وِمن ذلك المر ِبالتقوى ‪ ..‬هو طبعا ل ُيراد المر ِبالتقوى أن ُيْؤَتى‬
‫ِبهذا اللفظ وإنما ِبما َيدّل على ذلك‪ ،‬وعلى كل حال لبد أن َتكون الخطبة‬
‫مشتِملة على شيٍء ِمن ذلك‪.‬‬

‫ح فيه الجمعة‪ ،‬وِللعلماء خلفٌ‬


‫‪ -5‬وِمن ذلك أن تكون في الوقت الذي َتص ّ‬
‫ت الجمعة هو‬
‫ن وق َ‬
‫طويل في ذلك‪ ،‬والقول الذي ذهب إليه الجمهور هو أ ّ‬
‫ت صلِة الظهر ‪ ..‬أي بعد زوال الشمس‪.‬‬‫وق ُ‬

‫ح ِبه الجمعة‪ ،‬وفي ذلك خلفٌ‬ ‫ضر الخطبَة العدُد الذي َتص ّ‬
‫‪ -6‬وأن َيح ُ‬
‫حّقِقين إلى أنه لبد ِمن‬
‫طويل بْين أهل العلم‪ ،‬وقد ذهب غْير واحد ِمن الـُم َ‬
‫ن بع َ‬
‫ض‬ ‫حضور اثنين مع الخطيب‪ ،‬وأما ماعدا ذلك فإنه ل دليل عليه‪ ،‬ل ّ‬
‫ذلك مأخوٌذ ِمن بعض الفعال وتلك الفعال واقعُة حال وذلك ِمّما ل ُيمِكن‬
‫ض ذلك مستِند إلى بعض الحاديث‬ ‫الستناد إليه في مثل هذه القضايا‪ ،‬وبع ُ‬
‫ن له في مثل هذه القضية‪.‬‬ ‫الضعيفة والضعيف ل َوْز َ‬
‫فإذن لبد أن تكون الخطبة مشتِملة على ما ذكرناه‪ ،‬أما تلك الشروط التي‬
‫ض أهل العلم فِمّما ل دليل عليه؛ والعلم عند ال‪.‬‬ ‫اشتَرطها بع ُ‬

‫س‪:‬‬
‫طئ الخطيب في آية أو في حديث ‪ ..‬التصحيح‬‫أثناء خطبة الجمعة قد ُيخ ِ‬
‫ح؟‬‫عليه في وقت الخطبة‪َ ،‬يص ّ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫أما إذا أخطأ في آية فإن كان ُيمِكن أن ُيَنّبه في ذلك فإنه ُيَنّبه إلى ذلك‪.‬‬
‫وهكذا إذا أخطأ‪-‬مثل‪-‬في حكم شرعي ِبأن قال ِبوجوب أمر وهو ليس‬
‫خلفا ِلَمن اّدعى ِبأنه ل ُيمِكن أن َيختِلف‬ ‫ِبواجب بل هو حرام مثل‪ِ ،‬‬
‫العلماء في مسألة ‪ ..‬بعضهم َيقول ِبوجوب أمٍر والخر َيقول ِبحرمة ذلك‪،‬‬
‫وإنما َبعضهم َيقول ِبالوجوب وبعضهم ِبالباحة أو الكراهة أو بعضهم‬
‫ظَر في شيٍء ِمن‬ ‫ف واِقع‪ ،‬وَمن َن َ‬‫بالتحريم وبعضهم بالندب ‪ ..‬هذا خل ٌ‬
‫ن هذه الدعوى ل أصل لها‪ ،‬فإذا أخطأ في حكٍم شرعي ‪..‬‬ ‫عِلَم أ ّ‬
‫ب الفقه َ‬
‫كت ِ‬
‫قال ِبوجوب أمٍر وهو ليس بواجب أو ِبحرمة شيٍء وهو ليس ِبحرام أو‬
‫ما شابه ذلك ِمن الحكام فإنه لبد أن ُيَرّد عليه ولكن الذي َينبغي أن ُينتَبه‬
‫إليه أن َيكون هذا الحكم ِمن الحكام الـُمّتفق عليها‪ ،‬أما إذا كان ذلك‬
‫سه ُمجتِهدا َيقول‬ ‫الخطيب َيأخذ ِبقوٍل ِمن أقوال أهل العلم أو كان هو نف ُ‬
‫ض العلماء َيقول ِبحرمة ذلك المر‪-‬مثل‪-‬أو ِبإباحته‬ ‫ِبوجوب ذلك المر وبع ُ‬
‫أو ِبندبيته أو كراهته أو ما شابه ذلك فإنه ليس لحد أن َيقوم وَيُرّد على‬
‫طئ وإنما َتعّمَد أن َيْذُكَر ذلك‬ ‫ن ذلك الخطيب هاهنا لم ُيخ ِ‬ ‫ذلك الخطيب‪ ،‬ل ّ‬
‫لنه َيرى إن كان ِمن أهل الرأي أو ُيَقّلُد َمن َيقول ِبوجوب ذلك المر‬
‫فكيف لحد َيقوم يناقضه في مثل تلك القضية ؟! وإل لمَكن أن َيقع ذلك‬
‫في أوقات متعّددة بل لمكن أن َتعتِرض جماعٌة كبيرة ‪ ..‬الخطيب َيقول‬
‫مثل ِبوجوب هذا المر فَيقوم قائل َيُرّد عليه ‪َ ..‬يقول له‪ " :‬هذا حرام "‬
‫لنه َيرى ذلك أو ُيَقّلُد َمن َيقول ِبذلك وآخر َيقول‪ " :‬هذا مكروه " وما‬
‫شابه ذلك ‪ ..‬ل ‪ ..‬لبد أن َيكون ذلك المر ِمن المور الـُمّتَفق عليها بْين‬
‫ف فيه بْين أهل‬ ‫خَتَل ِ‬
‫ق عليه والـُم ْ‬ ‫أهل العلم‪ ،‬وَمن لم َتكن له ِدراية ِبالـُمّتَف ِ‬
‫العلم فَينبغي له أن َيسُكت وَيِكل المر إلى غْيِره؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ث ضعي ٍ‬
‫ف‬ ‫ب‪-‬مثل‪ِ-‬بحدي ٍ‬ ‫وهكذا ِبالنسبة إلى الحاديث ‪ ..‬قد َيأتي ذلك الخطي ُ‬
‫ض الناس وهو ليس كذلك أو ما شابه ذلك فليس لحد أن َيقوَم‬ ‫ي بع ِ‬ ‫في رأ ِ‬
‫وَيعتِرض على ذلك‪ ،‬أو َيأتي الخطيب ِبروايٍة ِبالمعنى أو َيكون ذاك‬
‫طَلع على لف ٍ‬
‫ظ‬ ‫الحديث جاء ِبألفاظ ُمتعّددة أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ُيمِكن لحٍد ا ّ‬
‫ت ِبذلك اللفظ الذي َيحفظه‬ ‫طئ ذلك الخطيب لنه لم َيأ ِ‬ ‫ِمن اللفاظ فَيقوم ُيخ ّ‬
‫هو أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإنما ذلك في المور التي ل ُيمِكن أن َيقع فيها‬
‫ق عليه بْين المسلمين‬ ‫ت أن َيكون في حكٍم شرعي ُمّتَف ٍ‬ ‫ف ‪ ..‬كما قل ُ‬
‫خل ٌ‬
‫شر ذلك الكلم‪-‬وهو ليس‬ ‫ت ِلساُنه َمخافة أن َينت ِ‬ ‫ب َزّل ْ‬
‫وَيكون ذلك الخطي ُ‬
‫ِبرأي في حقيقة الواقع‪-‬بْين الناس وَيعَمل ِبه بعضهم فَيقعون ِبذلك في‬
‫ب ال‪-‬تبارك‬ ‫طئ في كتا ِ‬ ‫ظور والعياذ ِبال تبارك وتعالى‪ ،‬أو أن ُيخ ِ‬ ‫الـَمح ُ‬
‫وتعالى‪-‬أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫وهكذا ِبالنسبة إذا أخطأ في وجٍه إعرابي أو ما شابه ذلك ‪ ..‬ل ُيمِكن الّرّد‬
‫ن الخطبَة ل َتتأّثر ِبه و‪-‬أيضا‪-‬ل َيتأّثر ِبه اعتقاٌد أو‬ ‫عليه في مثل ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ما شابه ذلك؛ والعلم عند ل‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ضل أن‬ ‫ت الخطبة أم ُيف ّ‬ ‫ن وق َ‬ ‫ق عليها َيكو ُ‬ ‫هذا التصحيح في القوال الـُمّتَف ِ‬
‫َيكون بعد تسليمة المام َمْنًعا ِللحراج مثل ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ن ذلك القائل‬ ‫ن ذلك ِمن المور التي َزّل فيها لسا ُ‬ ‫إذا كان ُيعَلن ذلك ‪ِ ..‬بأ ّ‬
‫وبعَد ذلك قد ل َيعِرف أولئك الناس‪ ،‬وأما في بعض الحيان فُيمِكن أن ُيَنّبه‬
‫ت لساُنه‬‫شرة وُيعِلن ذلك الخطيب ِبأنه قد َزّل ْ‬‫ذلك الخطيب بعَد السلم مبا َ‬
‫وأخطَأ في المسألة الفلنية ‪ ..‬مثل قال ِبحرمة أمٍر وهو ليس ِبحرام أو ما‬
‫سلم‪.‬‬‫ك ِبأنه أْولى وأ ْ‬
‫شّ‬
‫ن ذلك فهذا ل َ‬ ‫شابه ذلك‪ ،‬فإذا أمك َ‬

‫س‪:‬‬
‫ب في مثل هذه الحوال التي ناِدرا‬ ‫سبة ِلتنِبيه الخطي ِ‬
‫ما هي الطريقة المنا ِ‬
‫سّره في ُأذنه أو شيٌء ِمن هذا‬
‫ما َتحُدث على أّية حال ؟ هل َيذهب إليه ِلُي ِ‬
‫القِبيل ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫إذا كان‪-‬طبعا‪-‬ذلك بعد الصلة فإما أن َيكون ِبذلك أو ِبواسطة ورقة أو ما‬
‫ق لساُنكم‪-‬إلى‬
‫سَب َ‬
‫سب‪ " :‬لعله زّل لساُنكم‪-‬أو َ‬ ‫ظ منا ِ‬‫شابه ذلك وَيكون ِبلف ٍ‬
‫كذا " أو ما شابه ذلك‪ ،‬وُينّبهه ِبأنه َينبغي أن ُيَنّبَه الناسَ ِمن قبِل أن‬
‫َيخُرجوا ِمن الصلة‪ ،‬و‪ِ-‬بالطبع‪-‬هذا ل َيقع إل في حالت ناِدرة؛ والعلم عند‬
‫ال‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ما حكم التكاء على العصا ونحوها في الخطبة ؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫ن الذي َيظهر لي‬ ‫ض أهل العلم‪ ،‬ولك ّ‬ ‫على كل حال؛ هذا قال ِبمسنونيته بع ُ‬
‫صل إلى مرتبة الَقبول فهي ِمن‬ ‫ج ِبها هؤلء ل َت ِ‬‫ن الحاديث التي احَت ّ‬ ‫أّ‬
‫ض أهل العلم ولكنه ل‬ ‫ح حديثا واحدا منها بع ُ‬ ‫حَ‬ ‫صّ‬
‫ضعف ِبمكان ‪ ..‬نعم َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن الظاِهر ِمن حال ذلك الحديث‬ ‫صل إلى تلك المرتبة فيما َيظهر لي‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫َي ِ‬
‫أنه قبل أن ُيصَنع الـِمنبر ِللنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫ن تلك الحاديث التي‬ ‫جذع‪ ،‬أما بعد ذلك فإ ّ‬‫طب على ال ِ‬ ‫عندما كان َيخ ُ‬
‫استدّلوا ِبها ل َتثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪،‬‬
‫ب على عصا أو‬ ‫ط َ‬ ‫خَ‬‫ولكّنني ُأريد أن ُأَنّبه إلى أنه ل َينبغي النكار على َمن َ‬
‫ما شابه ذلك‪.‬‬
‫ن المَر الفلني لم‬ ‫ض أهل العلم ِبأ ّ‬ ‫سمعوا ِمن بع ِ‬ ‫جد كثيًرا ِمن الناس إذا َ‬ ‫َن ِ‬
‫َيثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ ،‬كِمثل هذه‬
‫القضية‪ُ-‬يباِدر ِبالنكار على َمن َيصَنع ذلك‪ ،‬وهذا ِمّما ل َيستدعي النكار‬
‫سهل ‪ ..‬بع ُ‬
‫ض‬ ‫ن ذلك‪-‬أيضا‪-‬ليس ِبممنوع‪ ،‬فمثل هذه القضية المُر فيها َ‬ ‫لّ‬
‫سب مع‬‫القضايا تكون مقصودة وهذه َينبغي أن ُيَنّبَه عليها ولكن ِبما َيتنا َ‬
‫ن الناس َيختِلفون في‬ ‫حال ذلك الـُمَنّبه ومع حال هذا الـُمَنّبه أيضا‪ ،‬ل ّ‬
‫سن وكبير إلى غْير ذلك‪ ،‬فلبد‬ ‫الـَمراِتب بْين عاِلم وجاِهل وصغير في ال ّ‬
‫سب مع حال الـُمَنّبه ومع حال الـُمَنّبه‪.‬‬ ‫ِمن أن َيكون ذلك َيتنا َ‬
‫جل وكان في َيده عصا أو ما شابه ذلك فل‬ ‫برُ‬ ‫ط َ‬
‫خَ‬‫أما هذه القضية ‪ ..‬إذا َ‬
‫ن ذلك سّنة "‪ ،‬و‪-‬‬ ‫ن السّنة لم َتثُبت ِبذلك ل نقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫بأس عليه لكن ِبما أ ّ‬
‫ك أنه إذا كان النسان ل َيحتاج إلى ذلك ولم َتثُبت به السّنة فل‬ ‫شّ‬‫أيضا‪-‬ل َ‬
‫خَذ النسان عصا ل ُينَكر عليه؛ وال‪-‬‬ ‫ت‪-‬لو َأ َ‬
‫عي إلى ذلك لكن‪-‬كما قل ُ‬ ‫دا ِ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن العصا في بعض الحيان جزء ِمن تقاليد ‪ ...‬؟‬
‫على اعتبار أ ّ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ق بْين أن َنقول‪ " :‬هذا سّنة " أو‬ ‫صل ذلك ِمّما ل ماِنع منه‪ ،‬ولكن فر ٌ‬ ‫َفالحا ِ‬
‫نقول‪ " :‬ذلك ِمّما ل ماِنع منه " و‪-‬أيضا‪-‬ليس كل ما لم َيفعله النبي‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ُ-‬يقال فيه‪ِ " :‬بدعة " فالِبدعة َينبغي أن ُتضَبط‬
‫ن كثيرا‬ ‫ت آخر في غْير هذا اليوم‪ ،‬ل ّ‬ ‫ِبضاِبط‪ ،‬وُيمِكن أن َيكون ذلك في وق ٍ‬
‫ِمن الناس إذا َرَأْوا شْيئا قالوا عنه‪ " :‬هذا بدعة " فليس كل ما لم َيفَعله‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪َ-‬يكون ِبدعة‪ ،‬بل تارًة يكون‬
‫ن ذلك ِمن المور التي لم َتكن له حاجة إليها‬ ‫ِبدعة وتارًة َلم َيستخِدمه ل ّ‬
‫صل هذه المسألة لبد ِمن أن ُتضَبط وأن ُتحّرر حتى‬ ‫أو ما شابه ذلك‪ ،‬فالحا ِ‬
‫ل َيلتِبس المر على كثير ِمن الناس الذين ل ِدراية لهم ِبشْرع ال تبارك‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫طقون ِبها ؟‬
‫ما حكم الخطبة ِبغْير العربية ِللمسلمين الذين ل َين ِ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ف بْين أهل العلم‪:‬‬
‫هذه المسألة وقع فيها خل ٌ‬

‫ن الخطبة‪-‬وأعني ِبذلك خطبَة الجمعة‪-‬لبد ِمن أن‬


‫‪ -1‬منهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬ ‫َتكون ِبالعربية‪ ،‬ل ّ‬
‫وخلفاؤه الراشدون كانوا َيخطبون ِبالعربية‪ ،‬فلبد أن َتكون الخطبة‬
‫سر بعَد ذلك ِبُلَغة أولئك القوم ‪ ..‬إما أن َتكون‬
‫ِبالعربية ولكن ُيمِكن أن ُتف ّ‬
‫جملة أو أن َتكون بعد ذلك‪.‬‬ ‫جملًة بعد ُ‬
‫ُ‬

‫ب إلى أنه ل ماِنع ِمن أن َتكون الخطبُة ِبغْير‬ ‫‪ -2‬وِمن أهل العلم َمن َذَه َ‬
‫العربية ِبشْرط أن َيقرأ القرآن ِباللغة العربية‪-‬وهذا لبد منه في حالة‬
‫الخطبة وفي حالة غيرها ‪ ..‬القرآن ل ُيمِكن أن ُيقرأ ِبغْير اللغة العربية‪،‬‬
‫ي ِبالحمدلة‬‫سر معانيه ِبغْير اللغة العربية‪-‬وكذلك إذا َأمَكن أن َيأِت َ‬ ‫وإنما ُتف ّ‬
‫ن الناس‬ ‫والصلة على النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ل ّ‬
‫غاِلًبا ّما َيعَلمون هذه اللفاظ‪.‬‬
‫ولو كانوا ِمن غْير العرب َ‬

‫طب ِبغْير اللغة‬ ‫وهذا القول الثاني هو القول الصحيح‪ ،‬فِبإمكاِنه أن َيخ ُ‬
‫جَمع بْين‬
‫عَرب وكان هنالك غْيرهم فْلَي ْ‬ ‫العربية ‪ ..‬نعم إذا كان هناِلك َ‬
‫ن المقصود ِمن الخطبة الموعظُة الحسنة ‪ ..‬المقصود‬ ‫المرين‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫ي عن المنكر والدعوُة إلى الخير‪ ،‬فإذا كان‬ ‫منها المُر ِبالمعروف والنه ُ‬
‫ضرون خطبَة الجمعة ل َيفقهون شيئا ِمن اللغة‬ ‫هؤلء القوم الذين َيح ُ‬
‫العربية فكيف ُيمِكن أن َيستِفيدوا ِمن تلك الخطبة‪ ،‬فهم ل َيستِفيدون منها‬
‫شيئا‪.‬‬
‫طب ِباللغة العربية حتى َيعِرف‬ ‫ن الخطيب َيخ ُ‬‫ضهم ِمن أ ّ‬‫أما ما َذَكَره بع ُ‬
‫س َأهميَة اللغة العربية وَيقوموا ِبَتعّلِمها فهذا ل َيقع في كثير ِمن‬ ‫النا ُ‬
‫الحيان ‪ ..‬كثير ِمن أولئك الناس ل ُيمِكنهم أن َيتعّلموا العربية البّتة‪.‬‬
‫وأما ما كان َيصَنعه النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ِ-‬من الخطبة‬
‫ن ذلك لسان أولئك القوم والنبي‪-‬صلى ال عليه‬ ‫ِباللغة العربية فذلك ل ّ‬
‫ب فل ُيمِكن أن‬ ‫عَر ٌ‬
‫خطبَته َ‬‫ضرون ُ‬ ‫وعلى آله وسلم‪-‬عربي والذين َيح ُ‬
‫طق‬‫طب ِبغْير اللغة العربية)‪ .. (9‬أّول النبي صلى ال عليه وسلم ل َين ِ‬ ‫َيخ ُ‬
‫ِبشيٍء ِمن اللغات غْير العربية‪ ،‬ثم حّتى لو كان المُر كذلك َلَما كان هناِلك‬
‫جمة ألفاظه إلى‬ ‫ض الصحابة ِبأن َيقوموا ِبتر َ‬ ‫ع وإل لمَكن أن َيأُمَر بع َ‬ ‫دا ٍ‬
‫غْير العربية ولكن ما كانت هنالك حاجة‪ ،‬وكذلك في عهد الخلفاء‬
‫ت هناِلك حاجة إلى‬ ‫الراشدين‪ ،‬بل في البلد العربية إلى يومنا هذا ليس ْ‬
‫الخطبة ِبغْير اللغة العربية‪ ،‬فإذن ذلك ُيناط ِبالحاجة ‪ ..‬إذا كانت هناِلك‬
‫حاجة ل ماِنع ِمن الخطبة ِبغْير العربية بل ذلك هو المطلوب إذا كان أولئك‬
‫القوم ل َيعِرفون العربية ‪ ..‬هذا هو الرأي الصحيح في هذه القضية‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫في وقت خطبة الجمعة قد َيعطس أحدهم‪ ،‬أو َيدخل أحدهم‪-‬أيضا‪-‬فُيسّلم‪،‬‬
‫وهناك‪-‬أيضا‪-‬الدعاء الذي َيدعو ِبه المام‪ ،‬والصلة على النبي صلى ال‬
‫ح كل هذه الحالت ؟‬
‫عليه وسلم ‪ ..‬هل َتص ّ‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫ف بْين أهل العلم‪ ،‬وَتحتاج إلى شيٍء ِمن التفصيل‪،‬‬ ‫هذه المور فيها خل ٌ‬
‫صر الكلَم في هذه القضايا‪،‬‬ ‫ت ل َيكفي ِلذلك فيما أحسب‪ ،‬ولكّنني َأخت ِ‬ ‫والوق ُ‬
‫ولعّلنا َنتكّلم على ذلك في مناسبٍة أخرى إذا َقّدَر ال ذلك‪.‬‬
‫أما الصلُة على النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فنعم‬
‫ت خاِفت حّتى ل ُيشِغل غْيره‪.‬‬ ‫ن المصّلي ُيصّلي ِبصو ٍ‬ ‫ُيصّلى عليه ولك ّ‬
‫وأما ِبالنسبة إلى َرّد السلم‪:‬‬
‫فمنهم َمن قال‪َ :‬يُرّد السامُع السلم‪.‬‬
‫ق له في الرد‪.‬‬ ‫حّ‬ ‫سّلَم ل َ‬
‫ن ذلك الذي َ‬ ‫ومنهم َمن قال‪ :‬ل َيُرد‪ ،‬ل ّ‬
‫حّقِقين‪.‬‬
‫ب إليه غْير واحٍد ِمن الـُم َ‬ ‫وهذا القول الذي َذَه َ‬
‫عطس على رأي‬ ‫طس‪ ،‬فينبغي ِلَمن َ‬ ‫ت العا ِ‬‫وهكذا ِبالنسبة إلى حالِة َتشمي ِ‬
‫ت خاِفت‪ ،‬ول َينبغي الشتغال ِبالّرّد عليه‬ ‫َمن َيقول ِبالحمد أن َيحمد ِبصو ٍ‬
‫شمَته‪.‬‬‫طس أيضا على َمن َ‬ ‫وبعَد ذلك أن َيُرّد ذلك العا ِ‬
‫ن ذلك‬ ‫وأما ِبالنسبة إلى التأمين على دعاء الخطيب فل مانع ِمن ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ت َيدعو والمراد ِمن ذلك استجابة ذلك الدعاء فل‬ ‫الخطيب في ذلك الوق ِ‬
‫ج ِمن الخلف في مثل‬ ‫خَر َ‬‫مانع ِمن التأمين عليه لكن لو احتاط إنسان و َ‬
‫ع في الـَمحظور فل بأس عليه ِبمشيئة ال‪.‬‬ ‫هذه القضية َمخافَة الوقو ِ‬
‫ت الخطبة فذلك ِمّما ثبت عن النبي‪-‬‬ ‫وهنا ُأَنّبُه على َتحية المسجد في وق ِ‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬فل َينبغي التهاون ِبمثل ذلك‪،‬‬
‫فالنسان إذا ورد حديث عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪-‬وكان صحيحا ثاِبتا عنه عليه أن َيأخَذ ِبذلك الحديث‪.‬‬
‫عه عليه أو‬ ‫طل ِ‬‫ي عاِلم ِمن العلماء خاَلف ذلك ِلعدم ا ّ‬ ‫ول َيلتِفت إلى قوِل أ ّ‬
‫طبون بإتباع رسول ال صلى ال‬ ‫ِلتأّوِله َله أو ما شابه ذلك‪ ،‬فإننا ُمخا َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬نعم علينا أن َنحتِرم علماء المسلمين وأن َنلتِمس‬
‫لهم الُعذر في مثل هذه القضايا فإنهم لم َيتعّمدوا أن ُيخاِلفوا حديًثا عن‬
‫رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولكنه لعّله لم َيبُلغهم أو َبَلَغهم‬
‫جة أو ظّنوا أنه منسوخ أو أنه خاص ِبقضية‬ ‫ق ل َتقوم ِبها الح ّ‬ ‫ِمن طري ٍ‬
‫ِمن القضايا أو ما شابه ذلك ِمن المعاني المعروفة‪ ،‬ففرق بْين الحترام‬
‫ت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫وبْين اللتزام ِبما َثَب َ‬
‫ي المسجد ِبركعتْين خفيفتْين‪.‬‬
‫حّ‬‫ت الخطبة فْلُي َ‬
‫خَل المسجد في وق ِ‬ ‫فَمن َد َ‬
‫ع فَيقومون عندما َيجلس المام بْين الخطبتْين‬ ‫ض الناس ابتد َ‬ ‫ن بع َ‬ ‫ولك ّ‬
‫ضهم‬‫فَيقومون ِبتأدية ركعتْين وهذه ِبدعة َينبغي النهي عنها‪.‬وكذلك بع ُ‬
‫ب في الخطبة َيقوم وُيصّلي ركعتْين وهذه ِبدعة َينبغي‬ ‫عندما َيشَرع الخطي ُ‬
‫النهي عنها؛ والعلم عند ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ت الخطبة إذا كانت هناك مصلحة كأن َيأمر أحُدهم‬‫ح الكلُم في وق ِ‬‫هل َيص ّ‬
‫أحًدا ِبإغلق الباب أو ِبإطفاء المكيف أو ِبإطفاء المروحة أو ما شابه ذلك‬
‫‪ ..‬مصلحة معّينة ؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫حة فْلَيستعِمل الشارة أما أن َيتكّلم فل ‪ ..‬نعم‬ ‫ت هناِلك ضرورٌة مِل ّ‬ ‫إذا كان ْ‬
‫ت في‬ ‫ُيمِكن ِللنسان أن ُيَكّلَم الخطيب إذا كانت هناِلك مصلحة‪ ،‬فذلك ثاِب ٌ‬
‫السّنة الصحيحة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وُيمِكن‪-‬أيضا‪-‬‬
‫ب الناس‬ ‫طى ِرقا َ‬‫جل‪-‬مثل‪َ-‬يتخ ّ‬ ‫ض الناس‪ ،‬فإذا رأى ر ُ‬ ‫ِللخطيب أن ُيَكّلَم بع َ‬
‫ي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫وُيؤِذيهم فْلَيْأُمْرُه ِبالجلوس‪ ،‬كما َأَمَر النب ُ‬
‫ث متعّددة ثابَتة عن النبي‬ ‫وصحبه وسلم‪ِ-‬بذلك‪ ،‬وفي هذه القضية أحادي ُ‬
‫ن ل َيسَمح ِبذِْكِرها‬ ‫ت كما َتَرْو َ‬
‫ن الوق َ‬‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ولك ّ‬
‫حة كما َفَعَل بع ُ‬
‫ض‬ ‫ضها‪ ،‬فإذا كان النسان ُيَكّلُم الماَم ِلحاجٍة ُمِل ّ‬ ‫أو ِذْكِر بع ِ‬
‫الصحابة نعم‪ ،‬وكذلك ِبالنسبة إلى المام‪ ،‬أما بقيُة الناس فليس لحدٍ أن‬
‫شير إليه إشارة ‪ ..‬رأى‬ ‫ت هناِلك ضرورٌة ِبأن ُي ِ‬ ‫ُيَكّلَم غْيَره إل إذا كان ْ‬
‫شخصا َيتكّلم ُيشير إليه إشارة أو َيلتِفت إليه التفاتة أو ما شابه ذلك‪،‬‬
‫وهكذا ِبالنسبة إلى القضايا التي َتكون مشاِبهة ِلهذه القضية‪.‬‬
‫ض الناس َيقومون ِبتسجيل خطبِة الجمعة ‪ ..‬ل مانع ِمن أن َيقوم‬ ‫كذلك بع ُ‬
‫طر ِلتشغيل‬ ‫ص ِبالتسجيل ِبشْرط أّل َيشتِغل عن السِتماع‪ ،‬أو َيض َ‬ ‫شخ ٌ‬
‫مكيف أو لصلح ُمكّبر الصوت أو ما شابه ذلك ِمّما فيه مصلحٌة ِللصلة‬
‫ض المصلين أو ما شابه ذلك؛ والعلم عند ال تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫أو ِلبع ِ‬

‫س‪:‬‬
‫حه‪ ،‬هل ُيصافحه ؟‬
‫ض المصّلين َيمّد َيده ِلُمصّل آخر أثناَء الخطبة ِلُيصاف َ‬
‫بع ُ‬
‫الجواب‪-:‬‬
‫إذا َتمّكن ِمن عدم ُمصافحِته فذلك هو الْولى ولكن إذا رأى هناِلك ضرورًة‬
‫حة ‪ ..‬خاف‪-‬مثل‪ِ-‬من أن َتتفّرق الكلمة وأن َتقع هناِلك فرقة أو خصومة‬ ‫مِل ّ‬
‫ي ذلك إلى ضرر فُممِكن أن َيمّد َيده ِمن غْير أن َيتكّلم ‪ ..‬هذا ما‬
‫وأن ُيؤّد َ‬
‫ض أهل العلم‪ ،‬وَله وجٌه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬ ‫ب إليه بع ُ‬ ‫َذَه َ‬

‫س‪:‬‬
‫إذا دخل المصلي في صلة الجمعة ووجد المام يخطب‪ ،‬فهل يصلي‬
‫ركعتين تحية للمسجد أم يجلس؟‬

‫الجواب‪-:‬‬
‫هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إلى أنه يجلس‪ ،‬وليس له أن يصلي‪ ،‬لنهي النبي‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عن الكلم ولو كان ذلك من باب المر‬
‫بالمعروف أو النهي عن المنكر في حالة خطبة المام‪ ،‬واحتجوا‪-‬أيضا‪-‬‬
‫على ذلك بحديث ولكنه ل يصح‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء إلى أنه يصلي‪ ،‬لمر النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪-‬للرجل الذي دخل والنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يخطب‬
‫فأمره النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬بالصلة وهو حديث‬
‫صحيح ثابت‪ ،‬وقد اعترض عليه كثير من العلماء باعتراضات كثيرة وقد‬
‫أورد كثيرا من تلك العتراضات الحافظ بن حجر في " فتح الباري "‬
‫وأجاب عنها بجواب مقنع كاف لمن شاء معرفة الصواب‪.‬‬
‫ن هذا الحديث‬‫ن القول بمشروعية ذلك هو القول الصحيح‪ ،‬ل ّ‬ ‫والذي نراه أ ّ‬
‫صص لعموم النهي‪.‬‬ ‫ص صريح وهو مخ ّ‬ ‫ن ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬قد أمر‬ ‫ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫بتحّية المسجد ونهى عن الجلوس قبل التيان بتحّية المسجد‪ ،‬وهذا‬
‫الحديث الذي ذكرناه أيضا ‪ ..‬الذي فيه المر بتحية المسجد في وقت‬
‫خطبة الجمعة مع نهيه عن الكلم ولو كان ذلك الكلم فيه أمر بمعروف‬
‫أو نهي عن منكر فهذه المور جميعا تدل دللة واضحة جلية ل غبار‬
‫ن تحية المسجد من السنن المؤّكدة التي ل ينبغي لحد أن‬ ‫عليها على أ ّ‬
‫يتركها؛ وال‪-‬تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ما حكم رفع الصوت بالصلة على النبي عند الخطبة؟‬

‫الجواب ‪-:‬‬
‫ل داعي أن يرفع صوته بالصلة على النبي بل ينطبق سرًاولكن ينطق‬
‫بلسانه ‪ ..‬على أن طائفة من أهل العلم ل يروون التيان ونحن وإن كنا‬
‫نرى التيان بها على حسب ما يظهر لنا ولكن من غير أن يرفع صوته‬
‫ويشوش على الخرين ‪.‬‬
‫الهامش ‪:‬‬
‫جُمَعةِ‬ ‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬ ‫‪ - 1‬قال ال تعالى‪َ } :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن { ] سورة‬ ‫خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬ ‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫َفا ْ‬
‫الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬
‫حة‪ ،‬كما َذَكَر ِبأ ّ‬
‫ن‬ ‫ط الص ّ‬ ‫ن ِمن الشرو ِ‬ ‫‪ - 2‬فقد َنّبَه الشيخ فيما بعُد إلى أ ّ‬
‫حة الجمعة‪.‬‬ ‫ط ِلص ّ‬ ‫الخطبَة شر ٌ‬
‫ظر مع الشيخ لعّله قصد أن يقول‪ُ " :‬تجِزيها عن صلة الظهر "‬ ‫‪ُ - 3‬ين َ‬
‫بدل ِمن أن يقول‪ُ " :‬تجِزيها عن صلة الجمعة "‪.‬‬
‫جُمَعِة‬ ‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬ ‫‪ - 4‬قال ال تعالى‪َ } :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن { ] سورة‬ ‫خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬ ‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫َفا ْ‬
‫الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬
‫جُمَعِة‬ ‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬ ‫‪ - 5‬قال ال تعالى‪َ } :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن { ] سورة‬ ‫خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬ ‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫َفا ْ‬
‫الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬
‫جب عليه الجمعة أن يبيع أو أن يشتري‪ ،‬أو أن يبيع‬ ‫‪ - 6‬أي ليس لحد َت ِ‬
‫جب عليه‬ ‫أو أن يشتري ِمّمن َتجب عليه الجمعة ولو كان هو ليس ِمّمن َت ِ‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫جُمَعِة‬‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬ ‫‪ - 7‬قال ال تعالى‪َ } :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن { ] سورة‬ ‫خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬ ‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫َفا ْ‬
‫الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬
‫جُمَعِة‬
‫صلِة ِمن َيْوِم اْل ُ‬ ‫ن آَمُنوا ِإَذا ُنوِدي ِلل ّ‬ ‫‪ - 8‬قال ال تعالى‪َ } :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن { ] سورة‬ ‫خْيٌر ّلُكْم ِإن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫ل َوَذُروا اْلَبْيَع َذِلُكْم َ‬ ‫سَعْوا ِإَلى ِذْكِر ا ِ‬
‫َفا ْ‬
‫الجمعة‪ ،‬الية‪.[ 9 :‬‬
‫ف‪ِ " :‬بغْير اللغة العربية " ِلليضاح‬ ‫‪ُ - 9‬أضي َ‬
‫) رابعا ‪ :‬أحكام الجنائز(‬
‫س‪:‬‬
‫ما الكيفية التي يكون فيها حمل الجنازة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ن عليه أن يستعد لهذا‬ ‫إنني أحب‪-‬قبل كل شيء‪-‬أن أذّكر المستمع الكريم بأ ّ‬
‫سب نفسه قبل أن يفاِرق هذه الحياة‪،‬‬ ‫اليوم تمام الستعداد‪ ،‬وعليه أن يحا ِ‬
‫فعليه أن ينّفذ كل ما أمره ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬به في كتابه أو على لسان‬
‫رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأن يجتنب كل ما نهاه عنه في كتابه‬
‫أو على لسان رسوله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وأن يبحث في كل‬
‫مسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم عن الحق والصواب من‬
‫أقوالهم إذا تمّكن من معرفة الحق والصواب وإل فعليه أن يتحرى ذلك‬
‫قدر استطاعته‪ ،‬وإذا كان قد وقع في شيء من معاصي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫بأن كان قد فّرط في شيء من واجبات ال فلم يأت بها أو أنه فعل شيئا‬
‫من المحرمات فعليه أن يتخلص قبل فوات الوان سواء كانت تلك‬
‫الحقوق من حقوق ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أو من حقوق عباده أو من ذوات‬
‫الوجهين ‪ ..‬أي من الحقوق التي هي من جهٍة ل‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ومن‬
‫جهٍة للعباد‪ ،‬فإذا كان قد ترك شيئا من الصلوات أو الصيام أو الزكاة أو لم‬
‫يأت بفريضة الحج فعليه أن يعيد تلك الصلوات التي فّرط فيها سواء‬
‫تركها أو أنه ترك شيئا من أركانها أو شروطها التي ل تتم إل بها‪ ،‬وهكذا‬
‫بالنسبة إلى الزكاة إذا كان لم يأت بها أو أنه قد أتى بها على غير الوجه‬
‫الذي أمر به المولى‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فإنه عليه أن يتخلص من ذلك ‪ ..‬أي‬
‫عليه أن يقوم بأداء تلك الزكاة التي فّرط فيها إلى أصحابها الذين بّينهم‬
‫ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في سورة التوبة)‪ ،(1‬وهكذا إذا كان قد فّرط في شيء‬
‫ت‪-‬أو أنه لم يأت بالحج أو أنه قد أتى به‬‫من العبادات ‪ ..‬من صيام‪-‬كما قل ُ‬
‫على غير الوجه الصحيح أو أنه قد فّرط في شيء من النذور أو الكفارات‬
‫أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إذا كان هنالك شيء من حقوق العباد ‪..‬‬
‫إذا كان قد اغتصب شيئا من أموال الناس أو أنه قد أخذها بوجه صحيح‬
‫ولكنه بعد ذلك لم يقم بأداء قيمة تلك الشياء إلى أصحابها وما شابه ذلك‪،‬‬
‫فإذا كان يعلم حكم ذلك في الشرع الحنيف فعليه أن يقوم بتنفيذ ذلك‪ ،‬وإن‬
‫كان ل يعرف ذلك فعليه أن يسأل أهل العلم الذين يثق بدينهم وبعلمهم‬
‫حتى يرشدوه إلى الطريق الصحيح للتخلص من هذه الحقوق‪.‬‬
‫ن كثيرا من الناس عندما يصابون بشيء من‬ ‫ومن الجدير بالذكر أ ّ‬
‫المراض ل يعرفون كيف يأتون بالصلة‪-‬مثل‪-‬ول بالصيام‪ ،‬فتجد الواحد‬
‫إذا أصابه مرض ولم يستطع أن يأتي بالصلة على الوجه المعروف يترك‬
‫الصلة بنية القضاء مثل‪ ،‬ومنهم من يكّبر أربع تكبيرات مع قدرته على‬
‫ص منها شيئا من الشروط‪ ،‬فإنه إن لم يتمكن‬ ‫التيان بالصلة ولو أنه َنَق َ‬
‫من التيان بكل الركان والشروط المعروفة فلبد من أن يأتي بما استطاع‬
‫عليه من الصلة‪ ،‬إذ إنه إذا لم يستطع على التيان بركن أو شرط من‬
‫ن الصلة ل تسقط بذلك‪ ،‬فإذا كان‪-‬مثل‪-‬ل يتمكن من‬ ‫شروط الصلة فإ ّ‬
‫التيان بالوضوء فعليه أن يتيمم‪ ،‬وليس من الصعوبة أن يجد التراب‬
‫الذي يصح به التيمم فبإمكانه أن يطلب من بعض أهله أو من بعض‬
‫الناس الذين يقومون بزيارته بأن يأتوا له بالتراب ولو كان في‬
‫المستشفى‪-‬مثل‪-‬وعليه أن يتيمم‪ ،‬وإذا كان ل يستطيع أن يتيمم فبإمكانه‬
‫أن يصلي ‪ ..‬بل عليه ذلك ولو بغير تيمم‪ ،‬أما إن استطاع على الوضوء‬
‫فل يجزيه التيمم‪ ،‬وإذا استطاع على التيمم ولم يستطع على الوضوء أو‬
‫لم يجد الماء فل يجزيه أن يترك الصلة بنية القضاء أو ما شابه ذلك‪ ،‬بل‬
‫لبد من أن يأتي بالصلة في وقتها الُمقّدر لها شرعا‪ ،‬وكثير من الناس‬
‫ن كثيرا من‬ ‫يجهلون ذلك‪ ،‬وقد سألني كثير من الناس عن هذه القضية وأ ّ‬
‫أصحابهم أو منهم عندما كانوا في المستشفيات قد تركوا صلوات عّدة‬
‫وهذا مما ل يجوز أبدا‪ ،‬فعلى المرء أن يتعلم أمور الدين‪ ،‬وعليه أّل يفرط‬
‫في شيء من هذه الواجبات‪ ،‬فقد يموت في مرضه ذاك وهو قد ترك‪-‬‬
‫والعياذ بال‪-‬فريضة من فرائض ال بل ركنا من أركان السلم‪ ،‬وذلك ُيعّد‬
‫كبيرة من كبائر الذنوب ‪ ..‬يموت على هذا والعياذ بال تبارك وتعالى‪،‬‬
‫وليس له أن َيسمع أحدا في المستشفيات أو ما شابه ذلك بأنه عليه أن‬
‫يصلي أو يؤخر الصلة ول يلزمه أن يتوضأ ولو كان قادرا أو أن يتيمم‬
‫ن للفتيا‬
‫ولو كان قادرا وواجدا لذلك ‪ ..‬ليس له أن يستمع إلى أولئك‪ ،‬ل ّ‬
‫رجال وللطب رجال آخرين فل يمكن أن تؤخذ الفتاوى من الطباء ول من‬
‫غيرهم إن لم يكونوا على معرفة تاّمة بشرع ال تبارك وتعالى ‪ ..‬نحن‬
‫نسمع من كثير من الناس الذين يعملون في المستشفيات يقول‪ " :‬ل‬
‫يلزمك كذا " أو " يجوز لك كذا " أو ما شابه ذلك فهؤلء ليس لحد أن‬
‫يستمع إليهم ول أن يأخذ الفتاوى منهم‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى كثير من‬
‫الجهلة الذين ل يعملون في المستشفيات مثل‪ ،‬ومن أواخر الحوادث التي‬
‫ن رجل أعمى ذهب إلى الحج‬ ‫ت بها ‪ ..‬بالمس حّدثني أحد الثقات بأ ّ‬ ‫حّدْث ُ‬
‫ُ‬
‫وكان لبسا لنعال مخيطة فرآه بعض الناس الذين يظنون أنهم يأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر ولكنه‪-‬وللسف الشديد‪-‬جاهل بحكم ال‬
‫جك باطل " وقد‬ ‫نحّ‬ ‫تعالى ‪ ..‬جاهل بشرع ال جهل فاضحا فقال له‪ " :‬إ ّ‬
‫َنسب هذه الفرية إلى أحد علماء المسلمين ‪ ..‬افترى على ال وعلى‬
‫رسوله وعلى أهل العلم‪ ،‬مع أنه لم يقل أحد من المسلمين ببطلن حجه‪،‬‬
‫وإنما الخلف هل الفضل أن يلبس نعال ليست بمخيطة أو أنه ل بأس من‬
‫لباس النعال المخيطة ؟ والحق أنه ل بأس بذلك‪ ،‬إذ لم يأت دليل يدل على‬
‫ن الفضل أن يترك النعال المخيطة بل الدليل يدل على خلف ذلك‪ ،‬وهكذا‬ ‫أّ‬
‫بالنسبة إلى الحكام‪.‬‬
‫ونحن نحب أن ننبه إلى أنه لبد من التعاون بين الفقهاء وبين‬
‫القتصاديين والطباء والفلكيين وغيرهم من أصحاب العلوم ولكن ليس‬
‫لحد من أصحاب الختصاصات الخرى أن يتكلم في شرع ال ‪..‬‬
‫القتصادي يأتي بما عنده من معلومات إلى الفقيه والفقيه ينبغي له أن‬
‫يستفيد منها‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الطبيب والفلكي إلى غير ذلك‪ ،‬أما أن‬
‫يتكلم الفلكي في الحكام الشرعية أو الطبيب أو صاحب القتصاد أو ما‬
‫شابه ذلك من العلوم فهذا مما ل يصح‪.‬‬
‫فإذن على النسان أن يعتني بأمور دينه قبل فوات الوان ‪ ..‬قبل أن يخرج‬
‫من هذه الدنيا وهو مرتكب‪-‬والعياذ بال تبارك وتعالى‪-‬لشيء ِمن معاصي‬
‫ال التي قد)‪ (2‬تخلده في نار جهنم إن لم يتب قبل الخروج من هذه الدنيا‬
‫إذا كانت تلك المعاصي كبيرة‪-‬والعياذ بال تعالى‪-‬من جهنم ومما ُيقّرب‬
‫إليها‪.‬‬
‫وعلى من ذهب لزيارة المريض ‪ ..‬عليه أن يذّكره بال تبارك وتعالى‪،‬‬
‫وأن يأمره بالتوبة إلى ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بأسلوب لّين لطيف‪ ،‬وأن يسأله‬
‫عن صلته كيف يأتي بها إذا كان‪-‬طبعا‪-‬ذلك الشخص المريض ليس من‬
‫أهل الفقه ‪ ..‬إذا كان من العوام الذين ل معرفة لهم بحكم شرع ال تبارك‬
‫ن ذلك من باب‬ ‫وتعالى ‪ ..‬ل بأس أن يذّكره بذلك بل مطلوب منه ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫ت‪-‬لطيف طّيب‬ ‫التعاون على الِبّر والتقوى‪ ،‬ويأمره بأسلوب‪-‬كما قل ُ‬
‫ص الكتاب والسّنة الصحيحة‬ ‫ن الوصية للقربين واجبة بن ّ‬ ‫بالوصية‪ ،‬ل ّ‬
‫الثابتة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ول يوجد ناسخ لها‪،‬‬
‫وإنما المنسوخ‪-‬على رأي بعض أهل العلم‪-‬الوصيُة للقارب الذين يرثون‪،‬‬
‫أما للذين ل يرثون فل‪.‬‬
‫وبعض العلماء يقول‪ " :‬إنه ليس هنالك ناسخ‪ ،‬وإنما الية التي فيها‬
‫الوصية للوالدين ُيراد بها من ل يرث من الوالدين ‪ ..‬إذا كان الوالد‬
‫مشركا أو كان عبدا فإنه ل يرث ولكن له الوصية "؛ وهذا رأي قوي‬
‫ت‪-‬أن أنبه‬
‫جدا‪ ،‬ول أريد الطالة في حكم هذه القضية‪ ،‬لكنني أحب‪-‬كما قل ُ‬
‫ن َمن زار مريضا ينبغي له أن ينبهه إلى هذه المور‪ ،‬وإذا رآه ل‬ ‫إلى أ ّ‬
‫يدري الحكام الشرعية ممكن أن يذكر له‪ " :‬هل أقسمت بشيء من‬
‫اَلْيمان ولم تأت بها ولم تكّفر عنها "‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى بقية‬
‫العبادات ‪ ..‬من زكاة وصيام وحج ومن حقوق العباد إلى غير ذلك ‪ ..‬هذا‬
‫أمر مطلوب‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى السؤال المذكور وهو البحث عن كيفية حمل الجنازة فإ ّ‬
‫ن‬
‫لهل العلم خلفا في هذه القضية‪ ،‬وهذا الخلف ليس على سبيل‬
‫الوجوب ‪ ..‬أي ما هو الواجب في كيفية الحمل ؟ إذ إنه لم يقل أحد من‬
‫أهل العلم بوجوب كيفية محددة من الكيفيات التي سأتعرض لها بمشيئة‬
‫ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بعد قليل‪ ،‬وإنما الخلف بين أهل العلم في الفضل ‪ ..‬أي‬
‫ما هو الفضل ِمن هذه الكيفيات ؟‬
‫وينبغي للنسان إذا وجد خلفا بين أهل العلم في قضية من القضايا بأن‬
‫وجد بعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا وبعضهم يقول بكذا ‪ ..‬ينبغي‬
‫له أّول أن يعرف ما هو موضع النزاع بين أهل العلم ‪ ..‬هل هو في‬
‫الوجوب وعدمه أو في التحريم وعدمه أو في الفضل وعدم الفضل‪ ،‬لنه‬
‫ن هذا العالم أو هؤلء العلماء يقولون‬‫ن هذا المر واجب ‪ ..‬أي أ ّ‬ ‫قد يظن أ ّ‬
‫بوجوب هذا المر وبعضهم يقول بوجوب المر الفلني وبعضهم يقول‬
‫ن أولئك العلماء على وفاق على عدم وجوب شيء‬ ‫بكذا إلى غير ذلك مع أ ّ‬
‫من تلك المور‪ ،‬وإنما الخلف فيما بينهم في قضية الفضل‪.‬‬
‫فإذن خلف العلماء في مسألتنا هذه هو في الفضل‪ ،‬وليس في الوجوب‪.‬‬
‫اختلف أهل العلم في هذه القضية‪:‬‬

‫ن الفضل أن َيحمل النسان الجنازة أّول من جهة‬‫‪ -1‬فذهب بعضهم إلى أ ّ‬


‫شمال السرير ‪ ..‬وهي الجهة اليمنى للميت ‪ ..‬يضع مقدمة السرير على‬ ‫ِ‬
‫كتفه اليمنى ثم يحمل بعد ذلك مؤخرة السرير يضعها على كتفه اليمنى ثم‬
‫يتحول إلى الجانب الثاني فيضع الجهة اليمنى من السرير‪-‬وهي الجهة‬
‫اليسرى من الميت‪-‬على كتفه اليسرى ثم بعد ذلك يضع المؤخرة على‬
‫كتفه اليسرى‪.‬‬
‫هذا وليس كما يظنه بعض الناس من أنه يحمل أّول الجهة اليمنى من‬
‫السرير بأن يضعها على كتفه اليسرى ‪ ..‬ليس المر كذلك‪ ،‬لنه إذا نظرنا‬
‫ن العبرة بالمحمول فالمحمول‪-‬في حقيقة الواقع)‪ (3‬ذلك الميت الذي‬
‫إلى أ ّ‬
‫على السرير‪ ،‬والْولى بأن ُيحمل أّول من جهته اليمنى ثم يحمل من جهته‬
‫ن الْولى له أن يحمل أّول على يده‬
‫اليسرى‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى الحامل فإ ّ‬
‫اليمنى ثم بعد ذلك على يده اليسرى‪ ،‬وليس العبرة بالسرير‪ ،‬لننا لم‬
‫نقصد حمل السرير وإنما نحمل الذي على السرير ‪ ..‬هذا هو المراد من‬
‫كلم أهل العلم عندما يقولون‪َ " :‬يحمل من الجهة اليمنى " أي من جهة‬
‫الميت اليمنى على يد الحامل اليمنى‪.‬‬

‫‪ -2‬وبعض العلماء يقول‪ " :‬أّول َيحمل‪-‬أيضا‪-‬من جهة الميت اليمنى ‪ ..‬أو‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬يحمل السرير من الجهة اليسرى من المام ثم من الخلف‬
‫ثم يدور ‪ ..‬يحمل من الجانب الثاني أّول من الخلف ثم من المام "؛ فإذن‪-‬‬
‫على هذا الرأي‪-‬أّول َيحمل من جهة السرير اليسرى على يده اليمنى ثم‬
‫من الجانب الخلفي من الجهة نفسها ثم من الجانب الخلفي من الجهة‬
‫الثانية ثم من الجانب المامي ‪ ..‬يدور على السرير‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬أصحاب هذين القولين يحتجون برواية ُتروى عن النبي‬
‫ن هذه الرواية ل تثبت عن‬ ‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ولك ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنها من جهة أبي عبيدة بن عبد‬
‫ال بن مسعود وهو لم َيسمع ِمن أبيه‪.‬‬

‫‪ -3‬وبعض العلماء ذهب إلى أنه َيحمل السرير من جهتيه ‪ ..‬يضع هذه‬
‫الجهة على الكتف اليمن وهذه على اليسر ثم يفعل ذلك‪-‬أيضا‪-‬من‬
‫الخلف؛ واحتجوا على ذلك برواية رواها ابن سعد والبيهقي في "‬
‫المعرفة " ولكنها ل تثبت‪ ،‬بل هي أضعف من الولى‪ ،‬لنها من جهة‬
‫الواقدي وهو ل يؤخذ بروايته ول كرامة‪.‬‬

‫ن النسان يفعل ما هو أيسر له ول يؤمر‬ ‫‪ -4‬وبعض العلماء ذهب إلى أ ّ‬


‫بتقديم هذا الجانب ول ذلك الجانب ول بأن َيحمل من الجهتين معا‪-‬‬
‫ن هذا الخير فيه من المشقة ما فيه‪-‬فَيحمل ما رأى بأنه اليسر‪.‬‬ ‫ولسيما أ ّ‬
‫وكثير من الناس عندما يريدون أن َيحملوا من الجهة اليسرى مثل يأتي‬
‫من الجهة اليمنى ويتقدم على الجنازة ويحمل من الجهة اليسرى وإذا‬
‫أراد أن يحمل من الجهة اليمنى تقدم من الجهة اليسرى حتى مر أمام‬
‫الجنازة وحمل من تلك الجهة‪ ،‬وهذا ل أصل له أبدا‪ .‬فإذن ما دام لم يأت‬
‫دليل عن النبي صلى ال عليه وسلم ثابت يدل على صفة معّينة من‬
‫صفات الحمل فليحمل النسان ولينظر إلى اليسر عليه وعلى بقية الذين‬
‫يحملون الجنازة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ن خلف العلماء في‬‫هنا الحقيقة نؤكد على التنويه الذي ذكرُتموه ِمن أ ّ‬
‫هذه المسألة وتعدد آرائهم إنما هو من باب الفضل‪ ،‬خشية أن يفهم ذلك‬
‫طلبة العلم‪-‬أو غيرهم من الناس الذين يباشرون هذه المور‪-‬على غير‬
‫مراده فيؤدي إلى اصطدام مع واقع الناس‪.‬‬

‫ج‪:‬‬
‫نعم ‪ ..‬بعض الناس يظنون بأنهم ُيحسنون صنعا ‪ ..‬يجدون قول من أقوال‬
‫ن ذلك‬‫أهل العلم ويشددون على عوام الناس إذا لم يأتوا بذلك القول مع أ ّ‬
‫ن المر واسع جائز‪،‬‬ ‫العالم هو بنفسه ل يشدد في تلك القضية ويرى بأ ّ‬
‫حتى في بعض المسائل التي اختلف بعض أهل العلم هل هذا واجب أو‬
‫ليس بواجب ؟ ‪ ..‬بعض المسائل ل ينبغي التشديد فيها‪ ،‬ولكن التشديد في‬
‫كثير من الحالت يأتي من بعض المبتدئين الذين لم يطلعوا على أقوال‬
‫أهل العلم ول دراية لهم بفقه الخلف في هذه القضية‪.‬‬
‫َنعم ‪ ..‬نحن ل نهون المر في مخالفة ما ثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه‬
‫ن كثيرا من الحاديث أيضا قد وقع فيها‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬ولك ّ‬
‫الخلف بين أهل العلم ‪ ..‬بعض الحاديث ثابت ل شك فيه وبعضها مختَلف‬
‫فيه‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى القوال تختلف ‪ ..‬منها ما هو الخلف فيه يسير‬
‫والمر ظني ول ينبغي التشنيع والتشديد‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬ينبغي أن ُنعّلم الناس الفضل بأسلوب لئق؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬

‫أين يكون ُمشّيُعو الجنازة؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ أرى السئلة لديك كثيرة وسأضطر أن أجيب باختصار شديد‬
‫على بعض هذه السئلة وإن كان كثير منها يحتاج إلى شيء من التحرير‬
‫لعدم تحرير ذلك في كثير من الكتب المشهورة عند طلبة العلم وعوام‬
‫الناس‪.‬‬
‫هذه المسألة‪-‬على كل حال‪-‬أمرها سهل؛ أما من كان راكبا ‪ ..‬ول ينبغي‬
‫شّيع الجنائز‪ ،‬بل ينبغي له أن يمشي‬
‫للنسان عند القدرة أن يركب عندما ُي َ‬
‫‪ ..‬عندما يكون راكبا فليمش خلف الجنازة‪ ،‬أما عندما يكون ماشيا فل‬
‫مانع من أن يتقدم على الجنازة أو يتأخر عنها‪-‬يعني يمشي خلفها‪-‬ول‬
‫مانع من أن يمشي أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها‪ ،‬فالكل جائز ثابت‬
‫في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫الن الناس ابتكروا‪-‬إن صح التعبير‪-‬طريقة جديدة في حمل الجنازة‬
‫فصاروا يصفون أمام الجنازة أسطرا طويلة ثم تمر الجنازة عليهم جميعا‬
‫دون أن يكون أحد خلفها وقالوا صنعوا ذلك من أجل التيسير وعدم‬
‫الزحام‪ ،‬فهل يصح هذا ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫أما أّل يكون أحد خلف الجنائز والكل يكون أمامها ‪ ..‬هذا ِمّما ل ينبغي ‪..‬‬
‫ينبغي كما ثبت في السّنة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪)...‬‬
‫‪ (4‬أما صفوف بسيطة جدا إذا كانت في ذلك مصلحة مخافة الذية أو ما‬
‫شابه ذلك فالمر يختلف‪ ،‬أما أن تمتد الصفوف وتكون طويلة فهذا ل‬
‫أصل له أبدا‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫في بعض الحيان تكون الصفوف طويلة تكاد تستوعب كل الحاضرين ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ل داعي لهذا أبدا‪.‬‬
‫ن الطفل إذا كان‪-‬طبعا‪-‬صغيرا ل‬ ‫على كل حال؛ أريد‪-‬أيضا‪-‬أن أنبه إلى أ ّ‬
‫يحتاج أن ُيحمل على السرير بل ُيحمل في اليدي ‪ ..‬أنبه على هذا مخافة‬
‫ن كثيرا ِمن الناس إذا سمعوا‬
‫أن ُينكر بعض الناس على من يفعل ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫كلما ِمن بعض أهل العلم حملوه على العموم وقد يكون ذلك العالم ل يريد‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فإذن الطفل الصغير ل يحتاج أن يوضع على السرير ‪ُ ..‬يحمل على‬
‫اليدي‪ ،‬أما إذا كان الطفل كبيرا فإنه يحمل كغيره من الموات على‬
‫السرير‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫إذا كانت الجماعة التي تصلي على الميت قليلة‪ ،‬هل الْولى أن يصفوا‬
‫صفا واحدا أو ثلثا ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬

‫صفّ‬‫ن صلة الجنازة كغيرها ِمن بقية الصلوات ‪َ ..‬ي ُ‬‫‪ -1‬منهم َمن قال‪ " :‬إ ّ‬
‫الناس أّول الصف الول فإذا امتل الصف الول في المواضع التي تمتلئ‬
‫فيها الصفوف ‪ ..‬إذا كان ذلك في المسجد مثل أو في مصلى فبعد ذلك‬
‫يؤمرون بإنشاء الصف الثاني وهكذا بالنسبة إلى بقية الصفوف‪ ،‬أما إذا‬
‫صليت هذه الصلة في فضاء فإنهم يصفون صفا واحدا حتى يكون طويل‬ ‫ُ‬
‫ليس بإمكان من يصف بعد ذلك أن يستمع إلى المام وبعد ذلك بإمكانهم‬
‫أن ينشئوا صفا ثانيا وهكذا بالنسبة إلى بقية الصفوف "؛ فهؤلء ذهبوا‬
‫ن الصل‬ ‫إلى أنه ل فرق بين صلة الجنازة وبين غيرها من الصلوات‪ ،‬ل ّ‬
‫في هذه الصلة أن ُيحكم عليها بحكم بقية الصلوات إل فيما دل دليل على‬
‫أنها تختلف فيه معها‪.‬‬

‫ف الناس ثلثة‬‫ص ّ‬‫‪ -2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينبغي للمام أن َي ُ‬
‫صّفوا هم بأنفسهم ثلثة صفوف لكن إذا رأى المام بأنهم‬ ‫صفوف أو أن َي ُ‬
‫صّفوا صفا واحدا ينبغي له أن يأمرهم بأن يصفوا ثلثة صفوف ولو‬ ‫َ‬
‫كانوا ستة أشخاص مثل ‪ ..‬يصف اثنان في الصف الول واثنان في الثاني‬
‫واثنان في الصف الثالث أما بعد ذلك فل وإنما تراعى الصفوف الثلثة‬
‫الولى؛ واحتجوا على ذلك برواية تروى عن النبي صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬ولكنها من طريق ابن َلهيعة وهو ضعيف ل ُيؤخذ بروايته‪،‬‬
‫ولكنهم قالوا إنها تتأيد برواية أخرى‪ ،‬ولكنها من طريق ابن إسحاق وهو‬
‫طلع إلى الن بأنه قد صّرح بالسماع فما دام المر‬ ‫مدّلس مشهور ولم أ ّ‬
‫ن هذه الرواية تصل إلى درجة الثبوت‪.‬‬ ‫كذلك فإننا ل نرى أ ّ‬
‫ن صلة الجنازة في هذه القضية كغيرها من‬ ‫وإذن يبقى المر على أ ّ‬
‫صفوا أّول الصف الول فإذا امتل فلينشؤوا بعد ذلك صفا‬ ‫الصلوات فلَي ُ‬
‫ثانيا وهكذا؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ولدها توفي وعمره سبعة عشر عاما‪-‬قبل شهرين تقريبا‪-‬لكن عندما ُأخذ‬
‫إلى القبر خرج من فمه دم‪ ،‬فهل يعني ذلك إشارة عقاب له أو المر‬
‫طبيعي ؟ هي قلقة الن‪.‬‬

‫ج‪:‬‬
‫ل ‪ ..‬ل يلزم أن يكون ذلك فيه إشارة عقاب ول غير ذلك‪ ،‬فلتترك المر‬
‫على ما هو عليه‪ ،‬وإن كانت تستطيع أن تفعل شيئا من الخير فلتفعل ‪..‬‬
‫ليس من باب أنه خرج من فمه دم‪ ،‬فل علقة له بذلك المر‪ ،‬لكن إذا‬
‫كانت عليه حقوق للعباد مثل وكانت تستطيع هي أو أبوه إن كان أبوه حيا‬
‫أو أحد من إخوانه أو أقاربه أو حتى من سائر المسلمين أن يؤدوا تلك‬
‫الحقوق التي عليه فليؤدوها عنه‪ ،‬وكذلك إذا كان عليه صيام فليصوموا‬
‫عنه‪ ،‬كما ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال‪َ ) :‬من مات وعليه‬
‫صوم صام عنه وليه (‪ ،‬وهكذا إذا كان لم يؤد فريضة الحج وكان قادرا‬
‫على أدائها ولكنه فّرط في ذلك فإذا استطاعوا فينبغي لهم أن يؤدوا عنه‬
‫فريضة الحج‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهكذا إذا‬
‫كان لم ُيؤد الزكاة فليؤدوا عنه ‪ ..‬إذا كانت لديه أموال فليؤدوا الحقوق‬
‫التي عليه من ماله‪.‬‬
‫واختلفوا في الزكاة وفي الحج إذا لم يوص بهما وهكذا بالنسبة إلى‬
‫الكفارات والنذور التي تحتاج إلى تكفير‪:‬‬

‫ن الكفارات والنذور التي هي بمثابة اليمين‪-‬أي‬


‫‪ -1‬فبعض العلماء يقول‪ :‬إ ّ‬
‫التي ُيكّفر عنها كفارة اليمين‪-‬فإنها تؤدى من رأس المال‪.‬‬

‫‪ -2‬وبعضهم يقول‪ :‬إنها تؤدى ِمن الثلث‪.‬‬


‫وكذلك بالنسبة إلى الحج هل هو ِمن الثلث أو ِمن أصل المال ؟ وهكذا‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫وكذا إذا كان لم يوص بذلك‪ ،‬اختلفوا هل تؤّدى عنه ؟‬

‫ن ما كان فيه حق للفقراء والمساكين فلُيَؤّد أوصى‬


‫‪ -1‬منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬
‫به أو لم يوص‪ ،‬وذلك كالزكاة فهي وإن كانت عبادة ل‪-‬تبارك وتعالى‪-‬فإ ّ‬
‫ن‬
‫فيها حقا للفقراء والمساكين وهكذا بالنسبة إلى كفارات اليمان وكفارات‬
‫النذور بخلف الحج فإنه ل حق فيه للعباد‪.‬‬
‫‪ -2‬وبعض العلماء يقول تؤدى عنه وإن كان لم يوص بها سواء كانت‬
‫زكاة أو حجا أو كانت من الكفارات؛ وهذا هو الواضح الذي تدل عليه‬
‫الدلة ولكن قبل ذلك ينبغي أن ُيقَنع الورثة من باب الخروج من الخلف‬
‫إن أمكن ذلك‪.‬‬
‫فالحاصل أنه ل يمكن أن ُيحكم عليه بحكٍم بسبب خروج هذا الدم‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ن‬
‫ذلك يمكن أن يكون طبيعيا؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫وإذا توفي في شهر رمضان‪ ،‬هل ُيكمل عنه أولياؤه ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هنالك أمران‪:‬‬

‫* إما أن يكون أفطر ذلك بسبب مرض وذلك المرض ل يرجو منه الشفاء‬
‫فهذا كان ينبغي له أن ُيطِعم عنه)‪ (5‬وإذا لم يطِعم فإنه ُيطَعم عنه بعد ذلك‬
‫‪ ..‬إذا كان قد أوصى بذلك فالمر واضح‪ ،‬وإن كان لم يوص بذلك فينبغي‬
‫أن ُيقَنع الورثة‪-‬إن كانوا بالغين عقلء‪-‬بذلك‪ ،‬وأما إذا كانوا بخلف ذلك‪-‬‬
‫ن البلوغ‪-‬فالمر ل يخلو‬ ‫أي منهم المجنون أو الصبي الذي لم يصل إلى س ّ‬
‫ن هذه الكفارة لم ُيتفق بين أهل العلم عليها‪:‬‬‫من إشكال‪ ،‬ذلك ل ّ‬

‫ن المريض الذي وصل إلى هذا الحد ليس عليه‬


‫‪ -1‬منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬
‫الطعام‪.‬‬

‫‪ -2‬ومنهم من يقول‪ :‬عليه الطعام‪.‬‬

‫فأنا أقول‪ :‬إنه ينبغي لبعضهم أن يتبرع عنه مخافة الوقوع في المحظور‪.‬‬

‫* أما إذا كان قد أفطر بسبب سفر ‪ ..‬مثل سافر ومات و‪-‬طبعا‪-‬لم يتمكن‬
‫ن الشهر ل زال باقيا‪-‬أو كان ذلك بسبب مرض يرجو منه‬ ‫من القضاء‪-‬ل ّ‬
‫الشفاء بحسب الظاهر فإنه ُيؤمر الولياء بأن يقضوا عنه‪ ،‬للحديث الذي‬
‫ذكرناه ] ص ‪[ 7‬؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ما حكم مرافقة المرأة للجنازة أثناء التشييع ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫أما إذا كانت تذهب إلى أن ُيصلى عليه فالمر يختلف‪ ،‬وأما إذا كانت بعد‬
‫الصلة ‪ ..‬أي إلى المقابر فل ‪ُ ..‬تنهى عن ذلك‪ ،‬وقد اختلف العلماء في‬
‫هذا النهي هل هو للتحريم أو الكراهة‪.‬‬
‫ومهما كان ل ينبغي للنسان أن يرتكب ما نهى عنه الرسول‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولو كان ذلك على سبيل الكراهة‪ ،‬إذ إنه ل يمكن أن‬
‫َينهى عن شيء إل لسبب واضح من السباب‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل ُيعبد‬
‫بالمكروه‪.‬‬
‫ي تحريم على رأي بعض أهل العلم‪ ،‬ونهي كراهة‬ ‫فإذن النساء ُتنهى‪-‬نه َ‬
‫على رأي بعض أهل العلم‪-‬عن الذهاب إلى المقابر‪ ،‬وإذا كانت هذه المرأة‬
‫ُأّما أو أختا أو جدة أو قريبة للميت فالنهي أشّد‪ ،‬لنها ل تستطيع أن‬
‫ن المرأة معروف عنها هذا المر فلتنتِه ولتترك‬ ‫تصبر على ذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫متابعة ذلك‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى صلة النساء على الموتى فالمر ل يخلو من أحد أمرين‪،‬‬
‫إما أن يكون هنالك بعض الرجال الذين يصلون على الجنائز أو ل)‪:(6‬‬

‫ن النساء ُيؤمرن بأن يصلين على‬‫* فإذا لم يكن هنالك أحد ِمن الرجال فإ ّ‬
‫الجنازة‪.‬‬
‫ن الخلف الموجود بين العلماء في صلة المرأة‬ ‫وقد ذَكر بعض العلماء أ ّ‬
‫على الميت إنما هو عند وجود الرجال‪ ،‬أما عند عدم وجود الرجال فإنهن‬
‫ن الصلة )‪-(7‬على الصحيح‪-‬من فروض الكفايات‪،‬‬ ‫يؤمرن بالصلة‪ ،‬ل ّ‬
‫ن المرأة مأمورة بذلك‪.‬‬
‫وإذا لم يوجد أحد من الرجال يقوم بهذا الفرض فإ ّ‬

‫* أما إذا ُوجد الرجال)‪ (8‬فقد اختلف العلماء في ذلك‪:‬‬

‫‪-1‬قيل بأنهن يصلين على الجنائز‪.‬‬

‫‪-2‬وقيل‪ :‬ل يصلين‪.‬‬

‫‪-3‬وقيل‪ :‬إن كانت الميتة امرأة فتصلي وإن كان الميت رجل فل‪.‬‬
‫ن النساء قد صلين‬
‫والذي يظهر لي أنه ل مانع ِمن صلتهن‪ ،‬وقد ثبت أ ّ‬
‫على النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهكذا صّلت أمهات المؤمنين‬
‫على بعض الصحابة كسعد بن أبي وقاص رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنه‪ ،‬وهنالك‬
‫أدلة أخرى ل داعي لذكرها الن‪ ،‬فل مانع من صلة المرأة على الميت‪.‬‬
‫هذا وقولي‪ " :‬أنه إذا كان هنالك أحد من الرجال تسقط عن المرأة ")‪(9‬‬
‫إذا كان من الرجال البالغين‪ ،‬أما إذا كان صبيا فإنه ل تسقط به الصلة‪،‬‬
‫ن هذه الصلة‪-‬على الصحيح‪ِ-‬من فروض الكفايات وغير البالغ ل تجزي‬ ‫لّ‬
‫منه فلبد ِمن أن تصلي النساء عليه؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ما الوقات التي ُينهى فيها عن الصلة على الميت ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫قد اختلف العلماء في هذه القضية‪:‬‬

‫ي وقت ِمن‬
‫‪ -1‬ذهب بعضهم إلى أنه ل ُينهى عن الصلة على الميت في أ ّ‬
‫الوقات‪.‬‬
‫وقد حكى بعض العلماء اتفاق أهل العلم على ذلك‪ ،‬وحكاية هذا التفاق ل‬
‫شك أنها خاطئة‪.‬‬

‫‪ -2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ُينهى عن الصلة على الميت في ثلثة‬
‫أوقات‪:‬‬

‫* عند طلوع الشمس حتى ترتفع بمقدار قيد رمح‪.‬‬

‫* وعند استواء الشمس في كبد السماء وذلك في الحر الشديد عند‬


‫بعضهم‪ ،‬ومطلقا عند طائفة منهم‪.‬‬

‫* وعندما يغرب قْرن ِمن الشمس‪-‬أي عندما يبدأ جزء ِمن الشمس في‬
‫الغروب‪-‬حتى تغرب الشمس تماما؛ وهذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬وذلك‬
‫عقبة بن عامر‪-‬‬
‫لما ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم كما في حديث ُ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬ ‫رضي ال تعالى عنه‪-‬أ ّ‬
‫ن بعض العلماء حمل هذا‬ ‫نهى عن دفن الموات في هذه الوقات‪ ،‬إل أ ّ‬
‫النهي على دفن الموات وقال‪ " :‬إنه ل بأس ِمن الصلة في هذه‬
‫الوقات‪ ،‬وإنما ينهى عن دفن الموات فيها "‪ ،‬وهذا ليس بشيء‪،‬‬
‫والصحيح في هذه القضية أنه ُينهى عن الصلة عليهم وعن دفنهم في‬
‫هذه الوقات الثلثة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى الوقات التي ُتكره فيها صلة التطوع فإنه ل ُينهى عن‬
‫ن هذه الصلة ِمن‬‫دفن الموات وعن الصلة عليهم فيها‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫الصلوات السببية والصلوات السببية ُتستثنى ِمن النهي‪ ،‬وذلك لنه ل شك‬
‫أنه يختلف النهي إذا كان مقصودا بالذات أو كان ِمن باب الوسائل‪ ،‬وبذلك‬
‫يتبين أنه ل مانع ِمن الصلة في الوقات التي ُتكره فيها الصلة وإنما‬
‫ُيمنع ِمن الصلة على الميت في الوقات التي ُينهى عن الصلة فيها نهي‬
‫تحريم؛ وذلك النهي على التحريم على رأي طائفة ِمن أهل العلم‪-‬وهو‬
‫الذي يظهر لي‪-‬وقال بعضهم أنه للكراهة؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا أردنا أن نضرب على ذلك مثال ‪ ..‬في حال اصفرار الشمس وقرب‬
‫مغيبها‪ ،‬هل تصح الصلة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫في ذلك خلف بين أهل العلم‪ ،‬وذلك أنهم اختلفوا في النهي ‪ ..‬هل َيبدأ‬
‫وقت النهي بغروب جزء بسيط ِمن الشمس أو أنه يبدأ قبل ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬فبعض العلماء قال‪ " :‬يبدأ النهي بغروب جزء ِمن الشمس ‪ ..‬أي إذا‬
‫غرب جزء قليل جدا ِمن الشمس فيدخل وقت النهي "؛ وهذا قول طائفة‬
‫كبيرة ِمن أهل العلم‪.‬‬

‫ن النهي قبل ذلك بوقت ‪ ..‬بحوالي عشر)‪ (10‬أو ربع‬


‫‪ -2‬وبعضهم يقول بأ ّ‬
‫ساعة تقريبا‪.‬‬

‫والقول الول هو القول المشهور‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫وهل يشمل ذلك لحظات الدفن أيضا ؟‬
‫ج‪:‬‬
‫ن المنهي عنه‬‫ص على أ ّ‬
‫ن الحديث ن ّ‬
‫على نفس الخلف فيما يظهر‪ ،‬ولك ّ‬
‫عندما تغرب الشمس‪ ،‬وُيؤخذ بظاهر الحديث إل إذا ترك أحد ذلك على‬
‫ص على ما ذكرناه‪.‬‬‫جهة الحتياط فذلك ل بأس منه‪ ،‬وإل فالحديث ن ّ‬

‫س‪:‬‬
‫الناس فيما يقرؤون أنهم بعد التكبيرة الثانية في صلة الجنازة يأتون‬
‫بالفاتحة والبعض يأتي بتسبيح وبغير ذلك‪ ،‬فأيهما الصح ؟ بعد التكبيرة‬
‫الثانية‪ ،‬ما الذي يأتي به النسان ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫اختلف العلماء في هذه المسألة على عّدة أقوال‪:‬‬

‫‪ -1‬ذهب بعض العلماء إلى عدم مشروعية التيان بفاتحة الكتاب في‬
‫صلة الجنازة رأسا‪ ،‬فقالوا‪ " :‬إنه ل ُيشرع للنسان أن يأتي بفاتحة‬
‫الكتاب فيها "‪.‬‬

‫‪ -2‬وذهب بعضهم إلى أنه إن أتى بها وقصد بذلك الدعاء فل بأس‪ ،‬أما أن‬
‫يقصد بها التلوة المعروفة التي ُيؤتى بها في صلة الفريضة وصلوات‬
‫النوافل فل‪.‬‬

‫‪ -3‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يأتي بها بعد التكبيرة الولى فقط؛‬
‫وهذا مذهب طائفة كبيرة ِمن أهل العلم‪ ،‬وهو الذي جاء عن إمام الذهب‬
‫جابر بن زيد رحمه ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫‪ -4‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يأتي بعد التكبيرة الولى وكذا بعد‬
‫التكبيرة الثانية بفاتحة الكتاب‪:‬‬

‫‪ -‬منهم َمن قال‪ :‬إنه يقتصر على الفاتحة بعد التكبيرة الولى وكذا بعد‬
‫التكبيرة الثانية‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهم َمن قال‪ :‬إنه يأتي بعد التكبيرة الولى‪-‬طبعا‪-‬بالستعاذة وبعد ذلك‬
‫بفاتحة الكتاب ثم يحمد ال ويمجده ويهلله وبعد ذلك يكبر التكبيرة الثانية‬
‫ثم يأتي بفاتحة الكتاب ثم يحمد ال ويمجده ويهلله ويصلي على النبي‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم؛ وهذا المذهب هو الذي رواه صاحب "‬
‫المدّونة " عن المام أبي عبيدة رحمه ال‪ ،‬وقد أخَذت به طائفة ِمن‬
‫أصحابنا‪.‬‬
‫إلى غير ذلك ِمن القوال‪.‬‬
‫والصحيح عندي‪-‬ما ذهب إليه المام جابر‪ ،‬وجماعة ِمن أهل العلم بل هو‬
‫مذهب جمهور الّمة‪ ،‬وهو‪-‬أنه يأتي بعد التكبيرة الولى بالستعاذة‬
‫وفاتحة الكتاب وبعد الثانية يصلي على النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‪-‬والفضل أن يأتي بالصلة البراهيمية المشهورة‪-‬وإن‬
‫صرة كأن يقول‪ " :‬اللهم صل على محمد وعلى آله‬ ‫اقتصر على صلة مخت َ‬
‫" أو " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " أو ما شابه ذلك ِمن‬
‫ت‪-‬ثم‬ ‫ن الفضل أن يأتي بالصلة البراهيمية كما قل ُ‬ ‫اللفاظ فل بأس‪ ،‬ولك ّ‬
‫يكبر التكبيرة الثالثة ويدعو ويكبر بعد ذلك التكبيرة الرابعة ويسّلم)‪.(11‬‬
‫وبعضهم قال‪ :‬إنه يدعو بدعاء مختصر بعد التكبيرة الرابعة وقبل السلم‪،‬‬
‫عَذابَ‬
‫سَنًة َوِقَنا َ‬
‫ح َ‬
‫خَرِة َ‬
‫سَنًة َوِفي ال ِ‬
‫ح َ‬
‫كأن يقول‪َ { :‬رّبَنا آِتَنا ِفي الّدْنَيا َ‬
‫الّنار } ] سورة البقرة‪ ،‬من الية‪.[ 201 :‬‬
‫فهذا القول‪-‬الذي ذكرناه‪-‬وهو أنه يأتي بالفاتحة مرة واحدة هو القول‬
‫الصحيح‪ ،‬لرواية ابن عباس رضي ال تعالى عنهما‪.‬‬
‫وقد اختلفوا في الفاتحة هل هي فريضة بل ركن ِمن أركان هذه الصلة أو‬
‫إنها سّنة؛ والذي يظهر لي‪-‬وهو مذهب طائفة كبيرة ِمن أهل العلم‪-‬أنها‬
‫فريضة وركن ِمن أركان هذه الصلة‪ ،‬وذلك لحديث‪ ) :‬ل صلة إل بفاتحة‬
‫الكتاب ( وهو حديث صحيح ‪ ..‬عند المام الربيع)‪ (12‬والشيخين‬
‫ج فهي‬ ‫خدا ٌ‬
‫وغيرهم‪ ،‬وحديث‪ ) :‬كل صلة ل ُيقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي ِ‬
‫ج ( وهو عند المام الربيع)‪ (13‬وعند غيره ِمن أئمة‬ ‫خدا ٌ‬ ‫ج فهي ِ‬‫خدا ٌ‬
‫ِ‬
‫الحديث‪ ،‬فقوله في الحديث الول‪ ) :‬ل صلة إل بفاتحة الكتاب ( ن ّ‬
‫ص‬
‫صريح‪ ،‬وقد قلنا)‪ " :(14‬إنه ُيحكم على صلة الجنائز بما ُيحكم به على‬
‫صلة الفرائض‪-‬أو تعطى نفس الحكم الذي تعطى صلة الفريضة‪-‬إل إذا‬
‫دل دليل على خلف ذلك "‪ ،‬أما ما جاء في رواية ابن عباس ِمن الن ّ‬
‫ص‬
‫ت أكثر ِمن مرة‪ " :‬إنه ل ينبغي‬ ‫على أنها سّنة أو ما شابه ذلك فكما قل ُ‬
‫للنسان إذا َوجد لفظ ' السّنة ' على لسان الصحابة‪-‬رضي ال تبارك‬
‫ل بل‬
‫ن ‪ ..‬ك ّ‬ ‫وتعالى عنهم‪-‬أن َيحكم بأنهم أرادوا بذلك المر أنه مسنو ٌ‬
‫يريدون بذلك الطريقة‪ ،‬وتارة تكون فريضة‪ ،‬وتارة تكون سّنة "‪ ،‬وقد‬
‫ن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫مّثلت لذلك بقول السيدة عائشة‪ " :‬س ّ‬
‫زكاة الفطر ")‪.(15‬‬
‫وهذا الذي ذكرُته الن مثال ثاني‪.‬‬
‫وكذلك هنالك عن ابن عباس‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬عندما ذكر صلة‬
‫المسافر خلف المام المقيم قال‪ " :‬سّنة نبيكم "‪ ،‬وِمن المعلوم أنه لبد‬
‫ِمن متابعة المام في هذه القضية‪ ،‬على الرأي الصحيح الذي عليه‬
‫الجمهور‪ ،‬خلفا لبن حزم وَمن تابعه‪.‬وكذلك ما جاء عن ابن مسعود‪" :‬‬
‫لتركتم سّنة نبيكم " مع أنه يريد أنها فريضة‪.‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى غير ذلك ِمن اللفاظ‪.‬‬
‫وِمن هنا قال بعض أهل العلم عن حديث النبي صلى ال عليه وسلم في‬
‫غسل يوم الجمعة واجب ‪ ..‬قالوا‪ " :‬لم ُيِرد به الوجوب المتحتم‪ ،‬وإنما‬
‫أراد أنه سّنة مؤكدة فأطلق الواجب ولم ُيرد به الوجوب "‪ ،‬وهذه المسألة‬
‫فيها خلف شهير ل داعي لذكره الن‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى لفظ " المكروه "‪ ،‬ففي كثير ِمن الحيان ل ُيراد به‬
‫المكروه المعلوم وإنما يراد به المحّرم‪.‬‬
‫وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪-‬على لسان طائفة ِمن أهل العلم المتقدمين؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫امرأة ِمّمن يباشرون تغسيل الموات في مقبرة عامة تقول‪ :‬في بعض‬
‫الحيان يأتون إلينا بجثث متعفنة ‪ ..‬في بعض الحيان بجثث مشوهة‬
‫ن أهلها‬
‫نتيجة حادث معّين ل نستطيع أن نتعامل معها في التغسيل ولك ّ‬
‫يجبروننا على ذلك‪ ،‬فهل يصح لهم ؟ وهل تغسل مثل هذه الحالت ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫إذا أمكن ذلك فلبد ِمن الغسل‪ ،‬أما إذا لم‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ل يكلف‬ ‫يمكنذلكأبدافلشيءعليهنفيتركالغسل‪ ،‬ذلكل ّ‬
‫نفسا إل وسعها‪ ،‬أما إذا كان بعض النساء يتقّززن ِمن ذلك أو ما شابه‬
‫ذلك ويمكن لغيرهن أن يقمن بتغسيل هذه المرأة التي أصابها ما أصابها‬
‫بسبب هذا الحادث أو ما شابه ذلك فلبد ِمن التغسيل‪ ،‬فإذن العبرة هل‬
‫يمكن أو ل يمكن‪.‬‬
‫فإن لم يمكن اختلفوا في ذلك‪:‬‬

‫‪ِ -1‬من أهل العلم َمن يقول‪ :‬إنه يتيمم لذلك الميت‪-‬طبعا‪-‬كان رجل أو‬
‫امرأة‪.‬‬
‫‪ -2‬ومنهم َمن ذهب إلى أنه ل يتيمم له‪ ،‬ذلك أنه لم يثبت عن النبي صلى‬
‫ن غسل‬ ‫ال عليه وسلم ما يدل على مشروعية التيمم‪ ،‬وِمن المعلوم أ ّ‬
‫الميت ُيقصد به النظافة وما دام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء ِمن النظافة‬
‫اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي يراد به البدل ِمن الوضوء‪ ،‬أما التيمم‬
‫الذي يراد به البدل ِمن الغسل فل دليل عليه‪ ،‬هذا الذي يظهر لي‪.‬‬
‫وقد خّرج المام السالمي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في معارجه ذلك على‬
‫ن الشيخ‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬ذهب إلى‬ ‫ما ذكرُته هنا ‪ ..‬ل أقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ذلك " لنه لم يتعرض‪-‬حسب حافظتي‪-‬إلى الترجيح في هذه القضية‪،‬‬
‫ولكنه سّوغه بعد أن ذكر المام الكدمي‪-‬رحمه ال‪-‬بأنه ل يوجد في‬
‫ن له وجها‬ ‫المذهب ‪ ..‬سّوغه المام السالمي‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬ورأى أ ّ‬
‫ِمن الحق؛ وهو كذلك‪.‬‬
‫ن الوضوء‬ ‫فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء‪-‬ل ّ‬
‫مشروع في غسل الميت‪ ،‬وإن كان الوضوء في غسل الموات طبعا ل‬
‫يجب‪ ،‬وإنما هو سّنة‪-‬فذلك ل بأس به‪ ،‬وإن أخذوا برأي َمن يقول بالتيمم‬
‫وتيمموا به بإرادة التيمم الذي يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا‬
‫ل بأس بذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى‪ ،‬وإن أمكن أن يصّبوا عليه الماء‪-‬‬
‫فقد قال بعض العلماء أنهم يصبون عليه الماء‪-‬صّبا‪-‬طبعا‪-‬إذا كان يصل‬
‫إلى جسده ثم بعد ذلك تزال تلك الثياب فهذا ل شك أنه ُيقّدم على التيمم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫في بعض الحيان تؤتى بالجثة مغطاة في كيس فإذا فتحت خرجت منها‬
‫رائحة ل تطاق ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫سَعَها ‪ ] { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من‬‫سا ِإّل ُو ْ‬‫ل َنْف ً‬‫فا ُ‬ ‫هذا ل يمكن‪ ،‬و }َل ُيَكّل ُ‬
‫سا ِإل َما آَتاَها ‪ ] {...‬سورة الطلق‪،‬‬‫ل َنْف ً‬‫فا ُ‬ ‫الية‪ ... } [ 286 :‬ل ُيَكّل ُ‬
‫سر ‪ ] { ...‬سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫ل ِبُكُم اْلُي ْ‬
‫من الية‪ُ ... } [ 7 :‬يِريُد ا ُ‬
‫حَرج ‪ ] { ...‬سورة الحج‪ ،‬من‬ ‫ن َ‬‫ن ِم ْ‬‫عَلْيُكْم ِفي الّدي ِ‬‫جَعَل َ‬ ‫‪ ... } [ 185‬وَما َ‬
‫الية‪ ،[ 78 :‬فل يكلف ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬بتغسيل هذا الميت الذي وصل‬
‫إلى هذا الحد‪ ،‬فيسقط بذلك بمشيئة ال؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل ُيرش على الكيس ماء في هذه الحالة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ُيرش الماء فوق الكيس ! ما الفائدة ؟! هل سيصل إلى الميت ؟! لن يصل‬
‫‪ ..‬إذن ل قيمة لهذا ‪ ..‬هذا فيه إتلف للماء ِمن دون فائدة‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫البعض يضع تحت رأس الميت حجرة ربما كوسادة‪ ،‬فهل ذلك ِمن السّنة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذه المسألة‪-‬وهي وضع شيء تحت رأس الميت‪-‬اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬

‫‪ -1‬منهم َمن يقول‪ :‬إنه يوضع تحت رأسه لبنة صغيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬ومنهم َمن يقول‪ :‬ل يوضع تحت رأسه شيء؛ وهذا القول هو الظاهر‬
‫عندي‪ ،‬وإن كان لم يثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ما يدل على هذا‬
‫ت‪-‬هو أنه ل يوضع تحَته)‪ (16‬شيء‪،‬‬ ‫ن الراجح‪-‬كما قل ُ‬
‫ول على هذا‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن هذا هو الصل‪ ،‬وَمن قال بمشروعية شيء آخر فإنه هو الذي‬ ‫وذلك ل ّ‬
‫ُيطالب بالدليل‪ ،‬فعدم الدليل في قضيتنا يكفي للستدلل به على عدم‬
‫مشروعية وضع شيء ‪ ..‬هذا الذي نراه‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫شف عن‬
‫يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده ُيك َ‬
‫وجهه‪ ،‬فهل ذلك ِمن السّنة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم؛ ولم يأت فيها شيء عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وإنما ُروي عن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬أنه أمر‬
‫ن هذا‪-‬‬‫بأن ُيؤخذ الثوب عن وجهه وأن يوضع على الرض مباشرة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ح‪-‬طبعا‪-‬هو مذهب صحابي وليس فيه حجة‪ ،‬إذ الحجة ل تقوم‬ ‫أّول‪-‬لو ص ّ‬
‫إل بكتاب ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وسّنة رسوله صلى ال عليه وسلم أو ما‬
‫يرجع إليهما بوجه ِمن الوجوه المعتَبرة‪ ،‬أما مذاهب الصحابة‪-‬رضي ال‬
‫تبارك وتعالى عنهم‪-‬إذا لم يتفقوا جميعا على شيء فإنه ل ُيعّول عليها‪،‬‬
‫ن هذا المر ِمن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬لم يثبت عنه‪ ،‬لنه ِمن‬ ‫على أ ّ‬
‫طريق مجالب وهو ليس بحجة لضعفه في الرواية‪ ،‬فذلك ل يثبت عنه‬
‫رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه‪.‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال‬ ‫نعم‪ ،‬الذي يظهر لي أنه ل ُيكشف عن وجهه‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬أمر بأن ُيكشف عن رأس ووجه َمن مات وهو‬
‫شف‬ ‫ن الصل فيه أّل ُيك َ‬‫محِرم‪ ،‬وفي ذلك دللة على أنه إذا مات النسان أ ّ‬
‫عن وجهه‪ ،‬ولذلك أمر النبي‪ -‬صلى ال عليه وسلم وعلى آله وصحبه‪-‬‬
‫طى وجه المحِرم‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى رأسه‪ ،‬أما رواية الرأس فهي‬ ‫بأّل ُيغ ّ‬
‫صحيحة ‪ ..‬عند المام الربيع)‪ (17‬وعند المام البخاري وغيرهما‪ ،‬وأما‬
‫رواية النهي عن تغطية وجه المحِرم فهي عند المام مسلم‪ ،‬وقد اختلف‬
‫العلماء في ثبوتها‪:‬‬

‫‪ -1‬منهم َمن ذهب إلى أنها شاّذة ول تثبت عن النبي صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وذهبوا إلى أنه ُيؤمر بكشف الرأس ل الوجه‪ ،‬بل قالوا‪:‬‬
‫ن المحِرم ل دليل على أنه ُيؤمر أو)‪ُ (18‬ينهى عن تغطية وجهه "‪.‬‬
‫"إّ‬

‫‪ -2‬وبعض العلماء ذهب إلى إثبات هذه الرواية‪.‬‬


‫وعلى كل حال فهي بحاجة إلى شيء ِمن البحث والنظر والتمحيص حتى‬
‫ن الرواية الخرى ثابتة صحيحة‬ ‫َنحكم بثبوتها أو بعدم ثبوتها‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫فلماذا سكتوا عن هذه الزيادة والصل أنه ل ُيسكت عن مثل هذه الزيادة‬
‫ن الوجه داخل في الرأس ؟! ‪ ..‬الصل أنه ل‬ ‫اللهم إل إذا كانوا أرادوا أ ّ‬
‫خل فيه لعّلة أو لخرى‪ ،‬فنظرا لهذا الحتمال‬ ‫خل في الرأس ولكن قد ُيد َ‬ ‫َيد ُ‬
‫شف‬‫نقول‪ " :‬إنه ل يمكن أن نجزم بشذوذ هذه الرواية "‪ ،‬والظاهر أنه ُيك َ‬
‫ن رواية الكشف عن الرأس يمكن أن‬ ‫عن وجه المحِرم وعن رأسه‪ ،‬ل ّ‬
‫تكون شاملة للمرين معا‪.‬‬
‫شف عن‬ ‫ن غير المحِرم ل ُيك َ‬‫ت‪-‬دللة ظاهرة على أ ّ‬ ‫وفي هذا‪-‬كما قل ُ‬
‫وجهه ‪ ..‬هذا ما يظهر لي؛ والعلم عند ال تعالى‪.‬‬

‫س‪:‬‬

‫ن النبي صلى ال عليه‬ ‫ورد في روايات عن النبي صلى ال عليه وسلم أ ّ‬


‫ن العلماء يذكرون‬‫سدر‪ ،‬ولك ّ‬ ‫وسلم أمر النساء أن يغسلن ابنته بالماء وال ّ‬
‫في غسل الميت أنه ُيغسل أّول بالماء القراح‪ ،‬فِمن أين أتت هذه الزيادة ؟‬
‫ج‪:‬‬
‫هذه الرواية صحيحة ثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫وأرى أنه ُيؤخذ بظاهر الحديث‪ ،‬لنني لم أجد دليل يدل على خلف هذا‬
‫سدر؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫الظاهر‪ ،‬فُيغسل ِمن أّول مرة بالماء وال ّ‬

‫س‪:‬‬
‫ما هي الطريقة الصحيحة لغسل الميت؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ هي ل تختلف عن هيئة غسل الجنابة‪ ،‬فالكيفية هي‬
‫سل الميت فإنه أّول‬ ‫الكيفية)‪ ،(19‬فإذا أراد َمن يقوم بتغسيل الميت أن ُيغ ّ‬
‫يقوم بنزع ثيابه الصلية‪-‬إذا كانت ثيابه تلك لم ُتنزع ِمن قبُل‪ ،‬وإل فإنه‬
‫ينبغي عندما ُيتحقق ِمن موت الميت أن ُتنزع عنه ثيابه الصلية ويغطى‬
‫بثوب عادي‪ ،‬وإن كان ذلك ليس على طريق اللزام‪-‬وُتستر عورُته‪-‬طبعا‪-‬‬
‫قبل نزع الثوب‪ ،‬لنه ل يمكن أن ُتبدى لحد‪-‬ول ينبغي أن َيحضر تغسيل‬
‫الجنازة إل َمن كان يقوم بمساعدة ذلك الذي يقوم بتغسيل ذلك الميت‪ ،‬أما‬
‫أن يأتي بعض الناس ويجلس ِمن أجل النظر وما شابه ذلك فل إل إذا كان‬
‫هنالك مصلحة بأن يريد بعض طلبة العلم أو ما شابه ذلك أن يتعلم‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬
‫تعّلم هذه الكيفية بالفعل أوضح ِمن تعلمها بالقول‪-‬فإذا ُنزعت ثياب ذلك‬
‫الميت بعد ستر عورته‪-‬والمراد بالعورة ما بين الركبة والسرة‪-‬فإنه ُيؤمر‬
‫بأن َيرَفع الميت إلى أن َيقرب ِمن حالة الجلوس ول ُيجِلسه لكن يكون‬
‫قريبا ِمن ذلك‪ ،‬ويكون ذلك بيسر وسهولة‪ ،‬ثم بعد ذلك ُيؤمر بأن َيمسح‬
‫على بطنه إن لم تكن امرأًة حامل‪-‬أما إذا كانت المرأة حامل فل يؤمر‬
‫بذلك‪ ،‬فإن لم تكن امرأة حامل فإنه ُيؤمر بذلك‪ِ-‬من أجل أن َتخرج‬
‫سل الموضع الذي تخرج منه‬ ‫الفضلت التي يمكن أن تخرج‪ ،‬ثم ُيغ ّ‬
‫النجاسة‪-‬وهو الموضع المعروف‪-‬بالماء ‪ ..‬طبعا هنا ل ُيحّدد بمّرات‪،‬‬
‫سل بأنه‬‫وإنما ُيحّدد بالحاجة التي تقتضيها النظافة‪ ،‬فعندما يتأكد ذلك الُمغ ّ‬
‫قد زالت النجاسة ولم يبق منها شيء فإنه يترك تغسيل ذلك الموضع‪،‬‬
‫شر‬‫خرقة مثل‪ ،‬لنه ليس له أن ُيبا ِ‬ ‫ولبد ِمن أن يضع على يده شيئا ك ِ‬
‫عورة الميت بيده إل إذا كان ذلك الميت صغيرا‪ ،‬ومع ذلك الْولى ألّ‬
‫ضئ ذلك الميت‬ ‫يباشر عورته ‪ ..‬بعد ذلك يقوم بالوضوء للميت ‪ُ ..‬يو ّ‬
‫خل شيئا ِمن الماء في فيه ‪ ..‬أّول‬ ‫كهيئة الوضوء المعروفة لكن‪-‬طبعا‪-‬ل ُيد ِ‬
‫ينوي تغسيل الميت وُيسّمي ال ‪ ..‬إن قال‪ " :‬بسم ال " فذلك ل بأس وإن‬
‫قال‪ " :‬بسم ال الرحمن الرحيم " فل بأس‪ ،‬وقد اختار كثير ِمن أهل العلم‬
‫أن َيقتصر على قوله‪ " :‬بسم ال "‪-‬ولعّلنا نتكلم على ذلك في موضع آخر‬
‫بمشيئة ال تبارك وتعالى‪-‬ويقوم بغسل يدي الميت ثلث مرات ‪ ..‬إن‬
‫سل على يديه شيئا فذلك أفضل وإن لم يضع شيئا فل بأس‪ ،‬أما‬ ‫َوضع الُمغ ّ‬
‫ت ‪..‬‬‫بالنسبة إلى العورة فلبد ِمن أن يضع على يده شيئا كخرقة كما قل ُ‬
‫ضي الميت كالوضوء المعروف لكن ل يضع ماء في فيه وإنما يأخذ‬ ‫ُيو ّ‬
‫ظف أسنانه‪ ،‬وهكذا‬ ‫بيديه شيئا ِمن الماء‪-‬مجرد بلل‪-‬وُيدّلك أسنانه ‪ُ ..‬ين ّ‬
‫بالنسبة إلى الستنشاق ل يأخذ شيئا ِمن الماء‪ ،‬ثم يأتي بهيئة الوضوء‬
‫المعروفة‪ ،‬فإذا انتهى ِمن ذلك فإنه يقوم بغسل رأسه بماء وسدر ولكن ل‬
‫ض الماء بالرغوة الموجودة في ذلك‬ ‫خ ّ‬‫سدر وإنما َي ُ‬
‫يأخذ شيئا ِمن ال ّ‬
‫الماء ‪ ..‬هذا فيما يتعلق برأسه ولحيته أي فيما يتعلق بموضع الشعر ‪..‬‬
‫سل أّول الشعر كله‪ ،‬ثم يبتدئ بغسل الميت ِمن الجانب اليمن كهيئة‬ ‫َيغ ِ‬
‫غسل الجنابة ‪ ..‬اليد اليمنى وما يليها إلى نهاية الجانب اليمن ‪ ..‬يغسل‬
‫البطن ِمن الجانب اليمن أيضا‪ ،‬ثم بعد ذلك يقوم بغسل الظهر ِمن الجانب‬
‫اليمن‪ ،‬ثم يغسل الجانب اليسر ‪ ..‬اليد وما يليها‪-‬أيضا‪ِ-‬من العنق‪ ،‬وهكذا‬
‫بقية الجسد إلى القدم‪ ،‬ويغسل الجانب اليسر ِمن البطن‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫يغسل الجانب اليسر ِمن الظهر ‪ ..‬هذه هي الكيفية باختصار شديد‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫يتجاوز ِمن السرة إلى الركبة‪ ،‬لنه غسله في البداية ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هو‪-‬في الحقيقة‪-‬لم أجد دليل بأنه أّول لبد ِمن تغسيل ما بين السرة إلى‬
‫سل الفرجين‪ ،‬فإذا كان غسل ذلك الموضع ِمن‬ ‫الركبة بكامله‪ ،‬وإنما أّول َيغ ِ‬
‫قبُل َفليس بحاجة إلى أن يعيد ذلك مرة ثانية‪ ،‬وإل فالصل أنني لم أجد‬
‫خره إلى عند )‪ (20‬الغسلة المعروفة‪-.‬‬ ‫دليل يدل على أنه ُيقّدم ذلك بل ُيؤ ّ‬
‫وَيصنع‪-‬طبعا‪-‬هذا ثلث مرات أو خمس مرات أو سبع مرات أو أكثر ِمن‬
‫ذلك إذا كانت هنالك حاجة‪ ،‬كما ثبت ذلك في الحديث عن النبي صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وفي المرة الخيرة‪-‬طبعا‪-‬ل يكون هنالك شيء ِمن‬
‫سدر بل يكون الماء العادي ويضع معه شيئا ِمن الكافور؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫ال ّ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫سدر والماء والكافور ؟‬
‫إذن فهما غسلتان بالماء وال ّ‬

‫ج‪:‬‬
‫سدر ‪ ..‬ثلث أو خمس أو سبع أو حتى‬
‫هي ثلث مرات ‪ ..‬أّول كّلهن بال ّ‬
‫أكثر‪ ،‬والفضل أن يكون وترا‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ت‪ ،‬لكن‬
‫مشروعية الفاتحة في صلة الجنازة ‪ ..‬بعض الروايات هكذا ذكَر ْ‬
‫هناك‪-‬أيضا‪-‬ما ورد ُيثبت مشروعية قراءة سورة بعد الفاتحة‪ ،‬فهل هذا‬
‫صحيح ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫أما الرواية بقراءة الفاتحة فهي صحيحة كما قّدمنا ] ص ‪ ،[ 3‬وأما‬
‫بالنسبة إلى زيادة السورة فقد جاءت عند بعضهم ولم تأت عند بقية‬
‫مخّرجي هذا الحديث‪ ،‬فهي بحاجة إلى شيء ِمن النظر‪ ،‬فأخشى ما أخشاه‬
‫أن تكون هذه الزيادة شاّذة و‪-‬على كل حال‪-‬هي بحاجة إلى البحث كما‬
‫ت؛ وال أعلم‪.‬‬‫قل ُ‬

‫س‪:‬‬
‫بعد الدفن‪ ،‬هل ُتشرع قراءة الفاتحة ؟ وإن كان ل ُيشرع‪ ،‬فما هو الثابت‬
‫في السّنة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫خر ذلك أو أن‬
‫على كل حال؛ هذا الجواب يحتاج إلى إطالة‪ ،‬فإّما أن تؤ ّ‬
‫أجيب باختصار شديد ولعله ل يكفي في مثل هذه المسألة التي انتشر‬
‫الكلم فيها كثيرا؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ل ‪ ..‬إذن نؤخره )‪.(21‬‬

‫س‪:‬‬
‫طح ؟وما هي الحكمة في وضع‬
‫هل ِمن الضروري أن ُيسّنم القبر أم ُيس ّ‬
‫حجرين للذكر وثلث حجرات للنثى ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫أما بالنسبة إلى تسطيح القبر أو تسنيمه فالعلماء اختلفوا في الفضل؛‬
‫ن قبر النبي‬‫والفضل التسنيم‪ ،‬هذا هو الذي يظهر لي‪ ،‬وذلك لنه قد ثبت أ ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم كان ُمسّنما‪ ،‬أما ما جاء في رواية أخرى ِمن أنه‬
‫ن هذه الراوية ضعيفة‪ ،‬لنها جاءت ِمن طريق مجهول‬ ‫كان بخلف ذلك فإ ّ‬
‫وهو عمرو بن عثمان‪ ،‬بينما الرواية الخرى صحيحة ثابتة‪ ،‬فرواية‬
‫التسطيح ل َتثبت‪ ،‬فالْولى أن يكون ُمسّنما اللهم إل إذا كان‪-‬في ديار‬
‫حرب ‪ ..‬أي‪ (22)-‬في ديار الكفرة وُيخشى ِمن أن يقوم الكفرة بنبش قبر‬
‫ن القبر ُيسّوى لجل هذه المصلحة‪ ،‬وإل‬ ‫ذلك المسلم الذي ُدفن هنالك فإ ّ‬
‫فإننا نأخذ بما فعله الصحابة لقبر النبي صلى ال عليه وسلم وهكذا الحال‬
‫بالنسبة إلى قبري صاحبيه رضوان ال‪-‬تعالى‪-‬عليهما‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى الحكمة في وضع حجرين على قبر الرجل وثلثة على قبر‬
‫النثى ففي الحقيقة َمن أراد أن َينُقش على حجر فلبد ِمن إثبات ذلك‬
‫الحجر قبل النقش عليه‪ ،‬فإننا نحن ل نقول بثبوت هذا عن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فل توجد رواية ل صحيحة ول حسنة ول ضعيفة خفيفة‬
‫ن النبي صلى‬ ‫الضعف تدل على مشروعية هذا المر‪ ،‬وإنما الذي جاء أ ّ‬
‫ال عليه وسلم قد َأَمر بوضع حجر على قبر أحد صحابته‪-‬رضوان ال‬
‫تبارك وتعالى عليهم‪ِ-‬من أجل أن َيعرف النبي صلى ال عليه وسلم قبر‬
‫ذلك الصحابي رضوان ال عليه‪ ،‬وهذه الرواية ل بأس بها على ما يظهر‬
‫لي‪.‬أما ما ذكره بعض أهل العلم‪-‬جزاهم ال تبارك وتعالى خيرا‪ِ-‬من وجود‬
‫ن هذه الرواية‬ ‫رواية أخرى تدل على وضع الحجرين وما ذكروه ِمن أ ّ‬
‫ُمثِبتة والرواية الخرى نافية‪-‬في الحقيقة ليست بنافية هي يمكن أن يقال‬
‫ساكتة‪-‬فُتقّدم الرواية المثِبتة ‪ ..‬نعم‪ ،‬لو ثبتت هذه الرواية فل كلم‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن‬
‫هذه الرواية ل تثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وقد بّين المام‬
‫لمة أبو نبهان‪-‬رحمه ال‪-‬بأنه لم يثبت في ذلك شيء‪ ،‬فل يثبت عن‬ ‫الع ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم شيء أبدا في وضع حجرين ول ثلثة ل على‬
‫قبر الرجل ول على قبر المرأة‪ ،‬وإنما هو ِمن صنيع بعض الناس وانتشر‬
‫ن ذلك ِمن السنن الثابتة وليس كذلك‪،‬‬ ‫ن بعض أهل العلم أ ّ‬ ‫وشاع وذاع فظ ّ‬
‫ي التوفيق‪.‬‬‫وهذا قد وقع في كثير ِمن المسائل؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول ّ‬
‫س‪:‬‬
‫أنا أخشى فقط أّل َيفهم البعض الكلم على مراده‪ ،‬هل في وضعها‪-‬الن‪-‬‬
‫بأس ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ نحن لم يثبت في ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم شيء‬
‫إل ذكرته ]ص ‪ [9‬من قضية الحجر الواحد وأيضًا لمعنى آخر ‪،‬‬
‫أمابالنسبة إلى وضع حجرين أو ثلثة والتفريق بين المرأة والرجل فذلك‬
‫لم يثبت‪.‬‬

‫ولكن كثيٌر ِمن الناس يفعلون ذلك فيمكن أن ننبه الناس بأسلوب لطيف‬
‫ب بعض‬ ‫ِمن غير أن يكون هنالك أخٌذ ورّد وقيل وقال وأن يؤدي إلى س ّ‬
‫أهل العلم أو شتمهم كما يقع ِمن بعض العوام الجهلة الغمار الذين ل‬
‫يفقهون شيئا ِمن شرع ال تبارك وتعالى‪ ،‬فالسكوت في بعض الحيان‬
‫عن بعض هذه المور التي ل تصل طبعا إلى درجة التحريم أو اليجاب‬
‫ب أهل العلم والَقدح فيهم وما شابه ذلك‪ ،‬فعندما يريد النسان‬
‫أهون ِمن س ّ‬
‫أن ينبه على شيء فليكن بأسلوب لئق ثم ل يلزم أن يكون في وقت‬
‫ن في ذلك َنقصا لميتهم‬‫الدفن‪ ،‬لنه قد يتدخل بعض أهل الميت ويظنون أ ّ‬
‫أو ما شابه ذلك‪ ،‬وللعوام حالت غريبة؛ وال‪-‬تبارك تعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذن ُتترك لوعي الناس ِبتقّدم الزمن ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫نحن علينا أن ننبه ونخبرهم بأن هذا لم يثبت عن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬لكن ـ طبعا ـ ل يصل إلى درجة التحريم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن ال‪-‬‬
‫ن البعض يقول‪ :‬إ ّ‬
‫هل الْولى لحاضر الدفن القيام أم الجلوس‪ ،‬ل ّ‬
‫عَلى َقْبِرِه ‪ ] { ...‬سورة التوبة‪ ،‬من الية‪:‬‬
‫تعالى‪-‬قال لنبيه‪َ ... } :‬وَل َتُقْم َ‬
‫ن جلوس النبي صلى ال‬ ‫ن الصل في أثناء الدفن القيام وأ ّ‬‫‪ [ 84‬قال‪ :‬إ ّ‬
‫عليه وسلم إنما كان لعارض لجل مخالفة اليهودي الذي مّر بهم حينئذ؛‬
‫فهل يستقيم هذا الستدلل ؟ وماذا ترون ؟ ومتى َيبدأ هذا القعود ‪ ..‬هل‬
‫عندما يوضع في القبر أم قبل ذلك ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ المسألة فيها كلم طويل عريض لهل العلم‪ ،‬ولكن الية ل‬
‫يراد بها هذا القيام الذي يذكره هذا الخ السائل‪ ،‬للية معنى آخر ليس‬
‫ت ل يكفي لذلك‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬والوق ُ‬
‫وأما الجلوس بعد وضع الميت في الرض فهو ثابت عن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫ولكن هل ُينهى عن الجلوس قبل وضع الميت في الرض ؟‬

‫‪ -1‬فبعض العلماء يقول‪ :‬ذلك ل ينبغي‪.‬‬

‫سخ‪.‬‬
‫‪ -2‬وبعض العلماء يقول‪ :‬الن ُن ِ‬
‫فالحاصل ل وجوب ول تحريم في القضية‪ ،‬ولكن هل الفضل الجلوس أو‬
‫الفضل القيام ؟ هذه المسألة فيها خلف؛ ول يمكننا أن نطيل في ذلك في‬
‫هذا الوقت؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ما قولكم في امرأة أطلقت على نفسها النار ببندقية وماتت إثر الطلقة‬
‫فورا والسبب يرجع بينها وبين أهلها في عدم رضاهم عن زواجها وكلما‬
‫دخلت منزل أهلها لرؤيتهم ل أحد يتحدث معها ول يردون عليها السلم‬
‫إذا سلمت عليهم ؟ وهل ُيصلى على الذي قتل نفسه ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫إنه مهما كانت السباب ل يجوز للنسان أن يقوم بقتل نفسه‪ ،‬فمن قتل‬
‫نفسه متعمدا فهو خالد في نار جهنم)‪ (23‬والعياذ بال تبارك وتعالى‪ ،‬كما‬
‫دلت على ذلك النصوص الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى‬
‫ي سبب من السباب‪.‬‬ ‫آله وصحبه وسلم؛ فليس له أن يقتل نفسه ل ّ‬
‫أما بالنسبة إلى ِفعل أولئك الهل الذي فعلوه مع ابنتهم لكونهم لم يرضوا‬
‫ي ليس له أن‬ ‫بزواجها فل شك بأنه مخالف لشرع ال تبارك وتعالى‪ ،‬فالول ّ‬
‫ي ومسؤول عنها ِمن أن تتزّوج بمن أرادت إن كان ذلك‬ ‫يمنع من هو ول ّ‬
‫الشخص لم يكن عاصيا ل تبارك وتعالى‪ ،‬أما إذا كان عاصيا ل‪-‬تبارك‬
‫ضّل ذلك الشخص‬ ‫وتعالى‪-‬مرتكبا لكبائر من كبائر الذنوب وَيخشى أن ُي ِ‬
‫تلك المرأة فهنا لبد أن يتدخل ويحاول أن ُيقنع تلك المرأة ومع ذلك‪-‬‬
‫أيضا‪-‬ل نقول‪ " :‬إنه له أن يمنعها من الزواج بذلك الشخص " إل في‬
‫حالت نادرة جدا وذلك يكون بسؤاله لهل العلم‪ ،‬أما أن يمنعها أن تتزوج‬
‫بمن أرادت ولو كان‪-‬طبعا‪-‬مرتكبا لشيء من معاصي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫فهذا مما ل يصح‪ ،‬فعلى هؤلء الهل أن يتوبوا إلى ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬قبل‬
‫فوات الوان‪ ،‬فعسى ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يتجاوز عن سيئاتهم‪ ،‬وإل فإ ّ‬
‫ن‬
‫الذي فعلوه‪-‬والعياذ بال تبارك وتعالى‪-‬ليس من المور الهّينة‪ ،‬بل هو من‬
‫معاصي ال تبارك وتعالى ‪ ..‬ما ذنب تلك المرأة إذا كانت ل تريد شخصا‬
‫يريدون هم أن يزوجوها إياه وكانت ترغب في شخص آخر مع أ ّ‬
‫ن‬
‫السلم قد أحّل لها ذلك‪ ،‬كما نصت على ذلك النصوص الصريحة ؟! فعلى‬
‫كل حال هذا هو الذي ينبغي أن َينتبه له جميع الولياء‪ ،‬وهو أنه ليس لهم‬
‫أن يتدخلوا في مثل هذه المور ‪ ..‬نعم‪ ،‬ممكن أن يلجأوا إلى النصح‬
‫جهوا من أرادت‬ ‫والتوجيه والرشاد ثم يطلبوا بعد ذلك من أهل العلم أن ُيو ّ‬
‫أن تتزوج من ل يصلح لها بسبب معصية ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وما شابه‬
‫ذلك‪ ،‬أما أن يمنعوها فليس لهم ذلك‪ ،‬ومن فعل ذلك فل طاعة له ول‬
‫كرامة‪ ،‬ول ينبغي أن ُيلتفت إليه؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬المستعان‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى الصلة على من قتل نفسه فإنه ل يصلي عليه أهل‬
‫ظر إليهم من أهل الفضل‪ ،‬وإنما يصلي عليه بعض العوام‪،‬‬ ‫الصلح ومن ُين َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫حتى يكون ذلك رادعا لمثله‪ ،‬فإ ّ‬
‫امتنع‪-‬كما ثبت ذلك عنه في الحديث الصحيح‪-‬من الصلة على قاتل نفسه‪،‬‬
‫غّل في سبيل ال‪ ،‬وقد اختلف العلماء‬ ‫وكذلك امتنع من الصلة على من َ‬
‫هل ذلك مقصور على هذين الصنفين أو أنه شامل لكل من ارتكب كبيرة‬
‫من كبائر الذنوب تساوي في بشاعتها هاتين المعصيتين أو تزيد‬
‫ن القول بالقياس عليهما هو القول الصحيح‪ ،‬فمن وقع‬ ‫عليهما ؟ ول شك أ ّ‬
‫في مثل هذه المعاصي الجرائم الكبيرة فإنه ل يصلي عليه أهل الفضل‪،‬‬
‫وإنما يصلي عليه بعض العوام؛ وال المستعان‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫بالنسبة للكفن الذي ُكّفنت به ‪ ..‬جرى دم من مجرى الطلقة‪ ،‬فهل ُيصلى‬
‫عليها في هذه الحالة أم ُيغّير الكفن مرة أخرى ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫غّير الكفن قد يكون المر كذلك في المرة الثانية فيصلى عليها‬‫لكن إذا ُ‬
‫لكن قبل كل شيء يحاولون بأن يضعوا شيئا من الُقطن‪-‬أو ما شابه ذلك‪-‬‬
‫في الموضع الذي َيخرج منه الدم‪ ،‬فإن لم يمكن أن يقف ذلك الدم فل حول‬
‫ول قوة إل بال ‪ ..‬يصلون عليها ول بأس‪ ،‬أما إذا أمكن إيقاف ذلك‬
‫بوضع شيء عليه فلبد من استعمال ذلك‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫ن أهلها هم السبب‬
‫هل يحق للزوج المطالبة بما دفعه مهرا لها ؟ علما بأ ّ‬
‫الرئيسي بإطلق النار على نفسها وموتها‪.‬‬

‫ج‪:‬‬
‫ن له شيئا من ذلك‪ ،‬لنها هي التي َقتلت نفسها ‪ ..‬لم‬
‫ما نستطيع أن نقول أ ّ‬
‫ُتجَبر على ذلك‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل يجب أن يكون غسل الميت كغسل الجنابة بحيث يقدم الرأس ثم‬
‫الميامن قبل المياسر وهكذا ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ل‪ ،‬ليس ذلك على اليجاب‪ ،‬وإنما على الندب والستحباب‪ ،‬فقد أمر النبي‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬بأن ُتقّدم الميامن‪-‬كما ثبت ذلك في‬
‫ت‪-‬فل ينبغي أن ُتخالف هذه الهيئة‬ ‫ن ذلك على الندب‪-‬كما قل ُ‬ ‫الصحيح‪-‬ولك ّ‬
‫الثابتة عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولكن من خالف ذلك لعدم معرفته‬
‫بذلك‪-‬مثل‪-‬أو لسهو وذهول أو ما شابه ذلك فل شيء عليه بمشيئة ال‪،‬‬
‫ن ذلك مما ل ينبغي‪.‬‬
‫أما أن يتعّمد النسان أن ُيخاِلف السّنة الثابتة فإ ّ‬

‫س‪:‬‬
‫سل أن يضع قفازين أو خرقة على يده طوال الغسل وليس‬‫هل ُيمكن للُمغ ّ‬
‫فقط عند غسل العورة فقط ؟‬
‫ج‪:‬‬
‫ت بالمس ))‪ 24‬بأنه يمكن له ذلك‪ ،‬أما عندما يقوم بتغسيل‬ ‫نعم‪ ،‬أنا قل ُ‬
‫الفرجين فلبد من ذلك‪ ،‬أما بالنسبة إلى بقية أعضاء الجسم فإذا فعل ذلك‬
‫فذلك حسن‪ ،‬وإن كان ذلك ل يلزم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫يعني القفازان‪-‬الن‪-‬تقومان مقام الخرقة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫الحاصل يضع شيئا على يده التي يباشر بها الغسل‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫البعض يضع قطنا في فرج الميت‪ ،‬فهل ورد في السّنة ما يشير إلى ذلك ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ ورد في السّنة المر بتطييب الميت‪ ،‬أما أنه يوضع في‬
‫الموضع الفلني وفي الموضع الفلني أو ما شابه ذلك فتلك اجتهادات من‬
‫أهل العلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء‪:‬‬

‫‪ -1‬منهم من قال‪ُ :‬تطّيب الماكن التي َيسجد عليها النسان تكريما لتلك‬
‫الماكن‪ ،‬أما ما عدا ذلك فل يحتاج إلى تطييب‪.‬‬

‫‪ -2‬ومنهم من يزيد على ذلك الفم والنف‪.‬‬

‫‪ -3‬ومنهم من يزيد على ذلك الفرجين‪.‬‬

‫‪ -4‬ومنهم يزيد على ذلك الدبر)‪ .(25‬وطبعا يضع ذلك‪-‬على رأي من‬
‫يقول بذلك‪-‬بين الليتين ‪ ..‬يضعه في قطنة ويضع تلك القطنة فوق ثوب‬
‫ويربط ذلك الثوب الذي هو كالُتّبان مثل‪.‬‬
‫ن ذلك لم َيِرد فل أرى داعيا ول حاجًة إلى وضعه في‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬بما أ ّ‬
‫ن هذين الموضعين ينبغي للنسان أّل يباشرهما إل في حالة‬ ‫الفرجين‪ ،‬ل ّ‬
‫الضرورة ‪ ..‬أي في حالة التغسيل‪ ،‬ولكن مع ذلك لو َوضع فل ينبغي أن‬
‫يضع في الفرج بنفسه وإنما يضع بين الليتين وُيحاِول أّل يلمس قدر‬
‫ص بعض العلماء على أ ّ‬
‫ن‬ ‫طاقته‪ ،‬ومع ذلك أرى أنه ل داعي لذلك‪ ،‬وقد ن ّ‬
‫ذلك من البدع التي ينبغي اجتنابها‪ ،‬وذلك حسن؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫التكبيرات‪-‬طبعا‪-‬المعروفة هي أربع تكبيرات‪ ،‬لكن وردت أحاديث تزيد‬
‫على هذه التكبيرات خمس‪ ،‬كحديث زيد بن أرقم كّبر خمسا ونسب ذلك‬
‫إلى النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وإذا كان‪-‬أيضا‪-‬بعض الحاديث ثبتت ‪..‬‬
‫تصل إلى سبع ‪ ..‬ثمان ‪ ..‬تسع وهلم جرا‪ ،‬ماذا يقال بعد كل تكبيرة ؟ وهل‬
‫ن آخر ما كّبر النبي صلى ال عليه وسلم على صلة الجنازة أربع‬ ‫يصح أ ّ‬
‫تكبيرات ‪ ..‬هل هذا الحديث‪-‬أيضا‪-‬صحيح؟‬

‫ج‪:‬‬
‫وردت أحاديث متعددة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫في مشروعية التكبير على الميت‪ ،‬وقد اتفقت المة السلمية على ذلك‪،‬‬
‫وإنما وقع بينهم الخلف في الزيادة على أربع تكبيرات ‪ ..‬هل يزيد‬
‫ن تلك‬ ‫المصلي على ذلك في هذه الوقات ؟ فبعض العلماء ذهب إلى أ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه‬ ‫الزيادة كانت في الماضي ثم ُنسخت بعد ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫وعلى آله وسلم‪-‬في أواخر أمره كّبر بأربع تكبيرات؛ وذكروا بأنه قد‬
‫ن الخلف موجود؛ وقد‬ ‫استقر الجماع على ذلك؛ وليس المر كذلك‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫قال بمشروعية الزيادة طائفة كبيرة من أهل العلم‪ ،‬وهذا القول هو القول‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وينبغي للنسان عندما يجد حكايات الجماع في كثير من المسائل ألّ‬
‫يتسّرع بالحكم على الجماع بناء على ما ذكروه من حكاية الجماع‪،‬‬
‫فإنني أجد في كثير من المصّنفات‪-‬كـ " الُمْغِني " وكـ " البحر "‬
‫وغيرهما‪-‬حكاية الجماع على كثير ِمن القوال مع أنه قد اختلف العلماء‬
‫ت أنني رأيتُ‬ ‫في تلك المسائل على أقوال متعددة‪ ،‬ومن أعجب ما رأي ُ‬
‫بعض العلماء قد حكى الجماع على قول من القوال وحكى غيُره الجماع‬
‫على عكس ذلك تماما‪.‬‬
‫فهذه الجماعات ل ينبغي أن نتسرع في حكايتها وفي الحكم بالتخطئة‬
‫على من خالفها‪ ،‬وهذه المسألة من ذلك القبيل‪ ،‬فل إجماع في هذه‬
‫جّلة أهل العلم‪ ،‬فالخلف موجود‪،‬‬ ‫المسألة أبدا‪ ،‬وإن حكاه من حكاه من أ ِ‬
‫والصواب مع من قال بمشروعية الزيادة على الربع إل أنه ينبغي أن‬
‫يكون الغلب أن ُيكبر النسان في صلته على الموات بأربع تكبيرات‪،‬‬
‫وأما أن يزيد في بعض الحيان فذلك مما ل مانع منه‪.‬‬
‫فإذا صلى بخمس تكبيرات‪-‬مثل‪-‬فقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أنه‬
‫صص الميت‬ ‫يدعو بعد التكبيرة الثالثة بدعاء عام وبعد التكبيرة الرابعة ُيخ ّ‬
‫صا صريحا يدل‬ ‫بالدعاء إن كان ذلك الميت صالحا‪ ،‬وهذا وإن لم نجد ن ّ‬
‫عليه ولكنه ل بأس به‪.‬وهكذا إذا زاد على الخمس فل مانع‪ ،‬لما جاء من‬
‫ت والسبع والثمان؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫الروايات التي تدل على الزيادة‪ ،‬كالس ّ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫يبقى إذن ما بعد التكبيرات محصورا في الدعاء فقط ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ن هو ذلك المقصود من هذه الصلة‪ ،‬ولكن‬ ‫نعم‪ ،‬محصور في الدعاء‪ ،‬ل ّ‬
‫ت بالمس)‪،(26‬‬ ‫لبد من التيان بالفاتحة بعد التكبيرة الولى كما قل ُ‬
‫لثبوت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫هذا وقد اختلف العلماء في مشروعية التوجيه‪-‬وإن كان هذا لم َيِرد في‬
‫ن كثيرا من الناس يسألون عنه‪:-‬‬ ‫السؤال ولكنه ل بأس ِمن ذكره‪ ،‬ل ّ‬

‫‪ -1‬فمن أهل العلم من قال بمشروعية التوجيه‪.‬‬

‫ن النسان مخّير في ذلك‪.‬‬


‫‪ -2‬ومنهم من قال‪ :‬إ ّ‬

‫ن ذلك لم َيِرد عن النبي‪ -‬صلى ال‬


‫‪ -3‬ومنهم من قال بعدم مشروعيته‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‪-‬أيضا‪-‬هذه الصلة مبنية على‬ ‫عليه وسلم وعلى آله وصحبه‪-‬ول ّ‬
‫التخفيف‪.‬‬
‫وهذا القول‪-‬وهو قول من قال بعدم مشروعية التوجيه في صلة الميت‪-‬‬
‫هو الذي أراه؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل تغسيل الميت ُيراد به النظافة أم هو تعّبد محض ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ل نستطيع أن نقول‪ " :‬إنه من أجل النظافة فقط "‪ ،‬بل هو للمرين معا‬
‫فهو تعبد وفي ذلك‪-‬أيضا‪-‬حكمة ظاهرة وهي النظافة‪ ،‬وذلك يظهر من أمر‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم بتغسيل ابنته‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬بثلث‬
‫مرات أو بخمس أو بسبع‪ ،‬فذلك واضح منه‪ ،‬ثم‪-‬أيضا‪-‬ذلك واضح من‬
‫شَنان عند الحاجة‪ ،‬وُيستعمل في ذلك الصابون‬ ‫سدر‪ ،‬وباَل ْ‬‫التغسيل بال ّ‬
‫سدر إن كانت هنالك‬ ‫ظفات العصرية في زماننا هذا زيادة على ال ّ‬ ‫والمن ّ‬
‫حاجة تدعو إلى ذلك‪.‬‬
‫حكم ويكون هنالك‪-‬أيضا‪-‬تعّبد ‪ ..‬تجتمع‪ ،‬فمثل الغتسال‬ ‫وقد تكون هنالك ِ‬
‫ليوم الجمعة ‪ ..‬هنالك حكمة‪-‬ذكرها غير واحد من أهل العلم‪-‬وهي النظافة‬
‫ولكن ليس‪-‬أيضا‪-‬هي المقصود الوحيد‪ ،‬بحيث إذا كان النسان نظيفا ل‬
‫يقال‪ " :‬إنه ل يغتسل "‪ ،‬فقد جاء عن بعض الصحابة‪-‬رضي ال تعالى‬
‫ن الناس كانوا في ذلك الزمان يعملون و‪-‬طبعا‪-‬لم تكن في ذلك‬ ‫عنهم‪-‬أ ّ‬
‫الزمان مكّيفات وما شابه ذلك فكان َيخرج الَعَرق منهم بكثرة فتخرج من‬
‫بعضهم روائح فأمرهم النبي صلى ال عليه وسلم بالغتسال‪ ،‬ولكن ذلك‬
‫مستمر بحيث إنه لو اغتسل شخص بالليل في عصرنا هذا ولم َيخرج منه‬
‫شيء من العرق ول شيء من الروائح التي ُتكَره فإنه ل يقال‪ " :‬إنه ل‬
‫ل‪ ،‬بل هو مأمور بذلك‪.‬‬ ‫يؤمر بالغتسال " ‪ ..‬ك ّ‬
‫وهكذا بالنسبة إلى مشروعية الّرَمل في الطواف؛ وبالنسبة‪-‬كذلك‪-‬إلى‬
‫مشروعية الضطباع في الطواف؛ فهنالك حكمة وهنالك مشروعية أيضا‪.‬‬
‫ن غسل الميت واجب كفائي‪ ،‬ولبد منه إذا كان الماء‬ ‫فمن المعلوم أ ّ‬
‫موجودا ويمكن استعماله من ناحية الذي يقوم بالتغسيل ومن ناحية‬
‫الميت‪.‬‬
‫أما من ناحية الذي يقوم بتغسيل الميت إذا َوجد ماًء ُيمكنه أن يستعمله‪،‬‬
‫أما إذا وجد ماًء باردا جدا ول يمكنه أن يستعمله ويخشى على الميت من‬
‫أن َتخرج منه روائح ‪ ..‬يتعفن أو ما شابه ذلك إذا انتظر حتى يجد ماء‬
‫خن به ذلك الماء فها هنا ضرورة في‬ ‫صالحا لذلك ولم يكن لديه شيء ُيس ّ‬
‫ترك الغسل‪ ،‬وهل َيتيّمم له أو ل ؟ سيأتي التنبيه عليه بمشيئة ال تبارك‬
‫وتعالى وأما بالنسبة إلى الميت ‪ ..‬إن كان هذا الميت ل ُيمكن تغسيله لنه‬
‫مات بسبب حريق مثل‪ ،‬أو كان خنثى‪ ،‬أو كان امرأة ول توجد هنالك‬
‫امرأة ول يوجد أحد‪-‬أيضا‪-‬من محارمها‪-‬وهذا طبعا على رأي كثير من‬
‫سل المرأة الرجل أو الرجل المرأة‪،‬‬ ‫أهل العلم وهم الذين يمنعون من أن ُتغ ّ‬
‫ي ولسيما بالنسبة إلى تغسيل الرجل للمرأة إل‬ ‫ن هذا رأي قو ّ‬ ‫ك بأ ّ‬
‫ول ش ّ‬
‫إذا على رأي من يقول إنه يصب عليها الماء صّبا‪-‬فها هنا ضرورة في‬
‫ترك تغسيل الميت‪ ،‬أما إذا أمكن فلبد منه ولو كان ذلك الميت قد اغتسل‬
‫ج أو ما شابه‬
‫قبل وفاته مباشرة‪-‬مثل‪-‬أو مات في بحر أو في نهر أو في َفَل ٍ‬
‫ذلك وليس به شيء من الوساخ ‪ ..‬فهذا أمر لبد منه‪ ،‬ولكن‪-‬أيضا‪-‬‬
‫ُتراعى الناحية الخرى من حيث عدد الغسلت أو ما شابه ذلك‪ ،‬كما جاء‬
‫ذلك في الحديث عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ن العلماء قد اختلفوا فيه‪:‬‬‫أما بالنسبة إلى التيمم للميت فقد قلنا)‪ :(27‬إ ّ‬

‫‪ -1‬منهم من قال‪ :‬إنه ُييّمم عند عدم وجود الماء أو عند عدم القدرة على‬
‫ي سبب من السباب؛ وهذا رأي طائفة كبيرة جدا من أهل‬ ‫استعماله ل ّ‬
‫العلم‪.‬‬

‫‪ -2‬ومنهم من قال‪ :‬إنه ل ُييّمم‪ ،‬لنه لم يثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه‬


‫وعلى آله سلم‪-‬ول يمكن أن يقاس على بقية الحداث التي ثبتت فيها‬
‫ن القياس في مثل هذه المور مما ل يمكن أن يصار‬ ‫مشروعية الغسل‪ ،‬ل ّ‬
‫إليه‪.‬‬
‫ط أمر حسن‪ ،‬أما أن نقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ج ِمن الخلف والحتيا َ‬ ‫ن الخرو َ‬
‫ول شك أ ّ‬
‫ذلك واجب متحّتم لوجود هذا القياس أو ما في معناه " فإنه مما ل يخفى‬
‫ن فيه من البعد ما فيه‪ ،‬فالحتياط مطلوب والقول بوجوب ذلك فيه ما‬ ‫أّ‬
‫فيه‪ ،‬وقد أوضح ذلك المام السالمي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في معارجه‪،‬‬
‫فمن شاء ذلك فليرجع إليه)‪(28‬؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫إذا توفيت المرأة وهي حامل وبداخلها جنين له حركة تدل على وجود‬
‫حياة فيه‪ ،‬فهل ُيخرج أم ُيدفن معها ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذه المسألة قد اختلف فيها أهل العلم‪:‬‬

‫ق بطن هذه المرأة وإخراج ذلك‬


‫شّ‬
‫‪ -1‬منهم من ذهب إلى أنه ل بأس من َ‬
‫الجنين منها‪.‬‬

‫‪ -2‬بل ذلك أمر لبد منه على رأي بعضهم؛ وهو الصحيح عندي‪ ،‬فما دام‬
‫عِرفت حياته فلبد من إخراجه فمراعاة الحي مقّدمة على‬
‫الولد حّيا و ُ‬
‫مراعاة الميت وفي زماننا هذا سهل‪-‬والحمد ل تبارك وتعالى‪-‬لوجود‬
‫المستشفيات والوسائل الموجودة فيها‪.‬‬
‫‪ -3‬ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه ل يجوز إخراجه بل ُينتظر إلى أن‬
‫يموت وُتدفن بعد ذلك وإن دفنوه قبل التحقق من موته فإنه ل بأس بذلك؛‬
‫جحه المام نور الدين‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في‬ ‫وهذا هو الذي ر ّ‬
‫معارجه‪.‬‬
‫ن الصحيح هو القول الذي ذكرُته ] ص ‪[ 6‬؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ولك ّ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫جح ذلك‪-‬أيضا‪-‬لعدم وجود هذه الوسائل في هذا العصر )‬ ‫ولعّل الشيخ ر ّ‬
‫ت ل أقوى على أن أنسب إليه أنه سيجيز ذلك لو كانت هذه‬ ‫‪ (29‬وإن كن ُ‬
‫ن كلمه قد ل يساعد على ذلك‪.‬‬ ‫الوسائل موجودة‪ ،‬ل ّ‬
‫ومهما كان فالشيخ المام‪-‬رحمه ال‪-‬من كبار أهل العلم ولكنه‪-‬رحمه ال‬
‫تبارك وتعالى‪-‬عّلمنا أنه إذا ُوجد الدليل فإنه يصار إلى الدليل‪ ،‬ول ُيؤخذ‬
‫برأي من دون دليل ولو كان قائله من كبار أهل العلم‪ ،‬فرحمه ال وجزاه‬
‫ال‪-‬تعالى‪-‬خيرا‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ي طريقة تحّققت‪ ،‬فعندما ُيكّفن‬
‫هل كفن الميت له هيئة مخصوصة ‪ ..‬بأ ّ‬
‫الميت بمثل ما يلبس في حياته من إزار و " دشداشة " و " مصر "‬
‫ونحوها ؟ وهل يمكن أن ُتكّفن المرأة بما تلبس من ملبس حياتها أيضا ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ يمكن أن ننظر إلى هذه المسألة من ناحيتين ‪ ..‬من ناحية‬
‫اليجاب ومن ناحية الفضل‪:‬‬

‫* أما من حيث اليجاب فُيكّفن النسان بشيء يستره‪.‬‬

‫ن الفضل‬‫* وأما من حيث الفضل فالعلماء قد اختلفوا في ذلك؛ والظاهر أ ّ‬


‫أن ُيكّفن في ثلثة من الثياب تكون على هيئة لفافات تّتسع للميت بطوله‬
‫من جهة الرأس إلى الرجلين بل تكون هنالك بقية من ناحية الرأس ومن‬
‫ف عليه‬
‫ناحية الرجلين ومن ناحية الرأس أطول‪ ،‬فُيكّفن أّول في ثوب ُيل ّ‬
‫ف الثاني على ذلك الول ثم الثالث‪ ،‬ول ينبغي أن يزاد على ثلثة‪.‬‬
‫ثم ُيل ّ‬
‫أما الحديث الذي فيه مشروعية الزيادة على الثلثة عند تكفين المرأة فهو‬
‫حديث ضعيف ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وإنما‬
‫ن النبي صلى ال عليه وسلم ُكّفن في ثلثة أثواب ‪ ..‬هذا الذي‬
‫الثابت أ ّ‬
‫نعتمده ونذهب إليه ونرى أنه الصواب؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذن ما تعارف عليه الناس من " دشداشة " وإزار وكّم ‪ ...‬؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ هذا رأي لبعض أهل العلم أنه ُيكّفن في مثل هذه الشياء؛‬
‫ولكن ذلك هو القرب إلى الصواب‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫يعني المقصود الستر فقط ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هو الصل هذا‪ ،‬لكن الفضل أن يكون في ثلثة أثواب على الهيئة التي‬
‫ذكرُتها‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫بالنسبة للحنوط هل هو ثابت في السنة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ذلك ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬مأمور به ‪ ..‬في الثياب وفي‬
‫المواضع التي ذكرُتها سابقا ] ص ‪ .. [ 4-3‬في مواضع السجود‪ ،‬وعلى‬
‫خلف في بقية المواضع الخرى ‪ ..‬يوضع له في الفم وفي النف‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ت‪-‬بعض‬‫ن الحكمة من ذلك من أجل طرد الهوام "‪ ،‬وكذلك‪-‬كما قل ُ‬‫"إّ‬
‫العلماء يقول‪ " :‬في القبل والدبر "؛ وبعضهم يقول‪ " :‬في الدبر)‪" (30‬؛‬
‫ص على أنه‬
‫ول يعجبني ذلك بالنسبة إلى الفرجين‪ ،‬بل بعض العلماء ن ّ‬
‫بدعة من البدع‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا توفي عدد من الشخاص وفيهم رجال ونساء ‪ ..‬في حال الصلة‬
‫عليهم‪ ،‬كيف يكون ترتيبهم ؟‬
‫ج‪:‬‬
‫ُيقّدم أّول الرجال ثم بعد ذلك الطفال ثم بعد ذلك النساء‪ ،‬ولكن اختلفوا في‬
‫المراد بهذا التقديم ‪ ..‬هل هو من جهة القبلة أي يوضع الرجال إلى جهة‬
‫القبلة ثم بعد ذلك الطفال ثم النساء وهكذا بحيث يكون الرجال أقرب إلى‬
‫القبلة والنساء أقرب إلى المام‪ ،‬أو العكس وهو أنه يراد بالتقديم من‬
‫ن الرجال يكونون أقرب إلى المام وبعد ذلك الطفال ثم‬ ‫جهة المام وهو أ ّ‬
‫النساء وهكذا ؟ في هذا خلف بين أهل العلم؛ والذي ُيؤّيده الحديث أ ّ‬
‫ن‬
‫الرجال يكونون أقرب إلى جهة المام‪ ،‬فأّول يكون الرجال إلى جهة المام‬
‫ثم بعدهم الطفال ثم النساء الكبار وبعد ذلك الصغار‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫المام أين يقف عندما يصلي على الرجل ‪ ..‬عند رأسه ‪ ..‬عند صدره ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫في هذه المسألة خلف بين أهل العلم؛ والذي ُيؤّيده الدليل هو قول من‬
‫ن المام يقف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة " ‪ ..‬هذا هو‬ ‫قال‪ " :‬إ ّ‬
‫الذي يدل عليه الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى‬
‫ن الحكمة من ذلك هو أن يستر المام‬ ‫آله وسلم؛ وذكر بعض أهل العلم أ ّ‬
‫عجيزة المرأة عن الرجال؛ ومهما كان سواء كانت هذه هي الحكمة التي‬
‫راعاها الشاِرع أو لم تكن هي فإنه ينبغي لنا أن نأخذ بالحديث الثابت عن‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أدركنا الحكمة أو لم ندرك الحكمة‬
‫من ذلك؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل يجوز أن يقف النسان على قبر الميت فيقرأ عليه القرآن ؟ وأ ٌ‬
‫خ‬
‫يقول‪ :‬سمع أنكم أجزتم قراءة القرآن وإهداءه للميت‪.‬‬

‫ج‪:‬‬
‫ت ذلك؛ وينبغي التثبت‪ ،‬وأنا أشكر الخ السائل‪-‬جزاه ال‬ ‫في الحقيقة ما قل ُ‬
‫ت قول‬ ‫خيرا‪-‬على طرح سؤاله هذا وعلى تثبته من هذا المر؛ فأنا ذكر ُ‬
‫ن بعض أهل العلم حكى‬ ‫ت في جواب سابق)‪ :(31‬إ ّ‬ ‫لبعض أهل العلم‪ ،‬بل قل ُ‬
‫ت أيضا‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ثواب إهداء القراءة يصل إلى الميت‪ ،‬وقل ُ‬ ‫التفاق على أ ّ‬
‫بعض أهل العلم يرون خلف ذلك‪.‬‬
‫ت سابقا إنه ينبغي للنسان أن يتأمل في حكايات الجماع‪ ،‬ففي‬ ‫و‪-‬كما قل ُ‬
‫خطوم لها ول َأِزّمة ‪ ..‬يحكي‬ ‫كثير من الحيان نجد هذه الجماعات التي ل ُ‬
‫فلن الجماع وينبهر بعض الناس بهذه الحكاية لنهم وجدوا في كتب‬
‫جة من حجج‬ ‫ن الجماع ح ّ‬ ‫الصول أنه ل يجوز لحد أن يخالف الجماع وأ ّ‬
‫ن ذلك‬‫الشرع‪ ،‬ونحن الن ل نريد أن نتكلم في قضية مخالفة الجماع ل ّ‬
‫إذا ثبت ذلك الجماع‪ ،‬وإنما نتكلم في قضية إثبات مثل هذه الجماعات‪.‬‬
‫فهذا الجماع‪-‬مثل‪-‬لم يثبت عن أهل العلم أبدا‪ ،‬بل الخلف مشهور عندهم‬
‫منذ زمن طويل جدا جدا‪ ،‬فل إجماع في هذه القضية البّتة‪.‬‬
‫فالعلماء اختلفوا في وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت؛ منهم من‬
‫ن ذلك ل يصل إليه‪ ،‬ومن أوصى بذلك ل ُتنّفذ وصيته‪ ،‬لنها‬ ‫ذهب إلى أ ّ‬
‫مخاِلفة لشرع ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وفي الحديث‪َ ) :‬من عمل عمل ليس‬
‫عليه أمرنا فهو رد ( أي مردود على صاحبه ل ُيقبل منه؛ ومنهم من‬
‫ذهب إلى أنه إذا أوصى بأن ُيقرأ عليه في المسجد أو في البيت أو ما‬
‫ن وصيته ُتنّفذ أما إذا أوصى بأن ُيقرأ عليه على قبره فإ ّ‬
‫ن‬ ‫شابه ذلك فإ ّ‬
‫وصيته ل ُتنّفذ؛ ومنهم من يقول‪ :‬إنها ُتنّفذ ولكنها ل ُتنّفذ عند القبر وإنما‬
‫في موضع آخر‪.‬‬
‫ن القراءة على القبور من البدع المخاِلفة لهدي النبي صلى ال‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ن َمن أوصى بأن ُيقرأ عليه في المسجد أو في البيت إذا‬ ‫ت)‪ :(32‬إ ّ‬ ‫وأنا قل ُ‬
‫ن ذلك الموصي قد أخذ بقول من‬ ‫ُنفذت‪-‬بناء على رأي بعض أهل العلم‪-‬ل ّ‬
‫ن الظاهر أ ّ‬
‫ن‬ ‫أقوال أهل العلم فله وجه على رأي بعض أهل العلم وإل فإ ّ‬
‫القراءة ل تصل إلى ذلك‪ ،‬فمن لم ُينفذ مثل هذه الوصية ل بأس عليه‪ ،‬كما‬
‫هو رأي طائفة كبيرة من أهل العلم‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى السؤال الثاني‪-‬وهو الول في الترتيب‪-‬وهو عن قراءة‬
‫ن ذلك مما لم يثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫القرآن على القبور فإ ّ‬
‫ص على ذلك‬ ‫ول عن صحابته الكرام‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنهم‪-‬كما ن ّ‬
‫المحّققون من أهل العلم‪.‬‬
‫وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وآله وسلم‪-‬أمر بالقراءة على رأس‬ ‫عنهما‪-‬فيها أ ّ‬
‫الميت بأن ُيقرأ بفاتحة الكتاب وُيقرأ بخاتمة " البقرة " عند رجليه‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن‬
‫هذا الحديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه جاء‬
‫من طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا‪ ،‬فهو حديث باطل ل‬
‫ُيلتفت إليه‪ ،‬وقد جاء موقوفا عن ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬ولكن‬
‫فيه راويا مجهول‪ ،‬فالراويان الضعيفان في الرواية المرفوعة هما يحيى‬
‫الَباُبْلِتي وهو ضعيف ل ُيحتج بروايته‪ ،‬والراوي الثاني هو أيوب بن ُنَهْيك‬
‫ول ُيحتج بروايته بل هو أضعف من الول‪ ،‬والرواية الموقوفة مع أنها ل‬
‫حجة فيها‪-‬لنها على تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي‪-‬هي ل تثبت عن‬
‫ذلك الصحابي رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪.‬‬
‫وجاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى في قراءة سورة " يس " على الميت‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن‬
‫ن في إسنادها راويا متروكا‪ ،‬وفي‬
‫تلك الرواية ليست مما ُيفرح به‪ ،‬ل ّ‬
‫إسنادها‪-‬أيضا‪-‬راويان مجهولن فل ُيؤخذ بها ول كرامة‪.‬‬
‫وهنالك كثير من الناس يسألون عن قراءة " يس " على الموات ‪ ..‬أي‬
‫ن الميت قريب من الموت في حالة‬ ‫قبل الموت ‪ ..‬عندما يرون أ ّ‬
‫الحتضار ‪ ..‬بعض العلماء يقول بمشروعية قراءة " يس " عليه؛ وفي‬
‫الحقيقة ورد حديث ُيروى عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يدل‬
‫ن هذا الحديث في إسناده مجهولن وقد أعّله بعض أهل‬ ‫على ذلك ولك ّ‬
‫العلم بالضطراب والوقف‪ ،‬فحديث في إسناده موقوفان)‪ (33‬ومع ذلك‬
‫معّل بالضطراب والوقف كيف يمكن أن ُيعتمد عليه ؟! وله طريق أخرى‬
‫ن في إسنادها كّذابا أو)‪ (34‬متهما بالكذب‪،‬‬ ‫ولكنها ليست مما ُيفرح به‪ ،‬ل ّ‬
‫فل ينبغي أن ُيؤتى بذلك‪ ،‬وما ذكروه من الحكمة ل ينبغي أن ُيلتفت إليه‬
‫ما دام هذا الحديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فإذن القراءة لم تثبت على الموات‪:‬‬
‫فالمصطفى)‪ (35‬قد زارها وما قرا‬
‫إل سلما ودعا وأدبرا‬
‫إلى أن قال رحمه ال‪:‬‬
‫حسبك أن تتبع المختارا‬
‫وإن يقولوا خالف الثارا)‪(36‬‬
‫فحسبنا ذلك؛ وال المستعان‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫زيارة الناث‪-‬بالذات‪-‬للقبور ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫أما زيارة الرجال فل مانع منها‪ ،‬وإنما ُمنع منها في السابق ثم ُنسخ بعد‬
‫ذلك‪ ،‬فإذا كانت من أجل التعاظ والعتبار فل مانع من ذلك بل هي نافعة‬
‫لُقساة القلوب في كثير من الحيان‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى زيارة النساء فإن كانت مصادفة من غير قصد بأن مّرت‬
‫المرأة على المقابر فإنها ُتسّلم وتدعو بدعاء مختصر‪ ،‬كما ثبت ذلك عن‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أما أن تذهب قاصدة إلى المقابر فهذا مما‬
‫اختلف فيه أهل العلم‪:‬‬

‫‪ -1‬منهم من ذهب إلى مشروعية ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬ومنهم من ذهب إلى عدم المشروعية‪.‬‬

‫والمشروعية مشروطة بأّل ُتكِثر من ذلك وأّل يقع منها شيء من الصراخ‬
‫والعويل وما شابه ذلك‪.‬‬
‫ي‪ ،‬لوجود بعض‬ ‫والقول بجواز ذلك مع الحتراز مما ذكرُته قول قو ّ‬
‫الحاديث المروية عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬التي تدل‬
‫ن الوقت ل يتسع لذكر شيء منها؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫على ذلك؛ وأرى أ ّ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬مع وجود هذا الخلف الشديد وعدم صراحة بعض تلك الحاديث إذا‬
‫احتاطت المرأة وتركت الذهاب إلى المقابر واكتفت بالدعاء لهل الصلح‬
‫في بيتها والمواضع التي تكون فيها وإذا مرت من غير قصد لذلك سّلمت‬
‫ودعت بدعاء مختصر فذلك فيه خير وفيه خروج من الخلف وفيه‬
‫احتياط وذلك مطلوب ‪ ) ..‬دع ما َيريُبك إلى ما ل َيريُبك (؛ وال‬
‫المستعان‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط زيارة المقبرة‬
‫بشكل عام وُيطَلق سلم عام على أهل المقبرة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ت‪-‬الزيارة تكون للتعاظ والعتبار ولكن أن يزور‬ ‫هو الصل‪-‬كما قل ُ‬
‫النسان بعض القبور إذا كانت قريبة من غير شّد الّرحل إليها بأن يزور‬
‫قبور شهداء أحد مثل ‪ ..‬الرسول صلى ال عليه وسلم ذهب لزيارتهم‪،‬‬
‫والعلماء والمسلمون يذهبون إلى ذلك‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى قبور الصحابة‬
‫التي في البقيع‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى قبور بعض أهل الصلح وأهل العلم‬
‫وما شابه ذلك فذلك مما ل مانع منه؛ وال أعلم‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫خ ذكر حديث أبي أمامة ِمن أنه أمر أهله أن ُيلّقنوه وأسند ذلك إلى النبي‬
‫أٌ‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬ما حكم تلقين الميت بعد الدفن ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ن هذا الحديث المروي عن رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫إّ‬
‫وسلم‪-‬ل يثبت عنه‪ ،‬إذ إنه قد جاء من طرق ضعيفة جدا ل تقوم بها‬
‫ن التلقين مما ل ينبغي‪ ،‬بل ينبغي أن ُينهى عنه‪،‬‬ ‫الحجة‪ ،‬ولذلك نقول‪ :‬إ ّ‬
‫لعدم ثبوت ذلك عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬والمراد بهذا التلقين المنَكر المبتَدع الذي لم يثبت عن النبي‪-‬صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬هو التلقين الذي يكون بعد دفن الميت‪ ،‬أما‬
‫خر المشهور وهو أن ُيلّقن النسان عند ُقرب وفاته بأن يشهد‬ ‫التلقين ال َ‬
‫أّل إله إل ال فهو ثابت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فينبغي‬
‫للنسان إذا حضر شخصا يوشك على الموت بأن ُيلّقنه الشهادة ‪ ..‬بأن‬
‫ل تبارك‬ ‫سه ا َ‬‫َيشهد أّل إله إل ال إذا أمكن‪ ،‬بأن َيذكر ذلك النسان نف ُ‬
‫وتعالى‪ ،‬كأن يقول‪ " :‬أشهد أّل إله إل ال " حتى َينتبه ذلك الشخص‬
‫ضر فذلك هو المطلوب‪ ،‬وإن لم ينتبه فيمكن أن يأمره بذلك ولكن‬ ‫الُمحت َ‬
‫لبد ِمن استعمال أسلوب لطيف حتى ل يتأثر ذلك النسان‪ ،‬فلبد من أن‬
‫يأتي له بمقدمة بسيطة ولو بعّدة كلمات ‪ ..‬هذا إذا كان ذلك الشخص‬
‫مسلما‪ ،‬أما إذا كان ذلك الشخص كافرا فإنه ُيؤمر بأن ينطق بشهادة أّل‬
‫ن محمدا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه سلم‪،‬‬ ‫إله إل ال وأ ّ‬
‫كما ثبت ذلك عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬عندما أتى إلى‬
‫ن أبا طالب امتنع عن‬ ‫عمه أبي طالب فأمره بأن يشهد أّل إله إل ال‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن ذلك ل‬ ‫ذلك‪ ،‬وما جاء من الروايات بأنه دخل في السلم قبل وفاته فإ ّ‬
‫يصح‪ ،‬والثابت الصحيح بأنه لم يدخل في السلم؛ وكذلك عندما ذهب‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم لعيادة يهودي في المدينة أمره بأن يشهد أّل‬
‫ن محمدا رسول ال‪ ،‬فالتلفت ذلك الغلم إلى أبيه‪ ،‬فقال له‬ ‫إله إل ال وأ ّ‬
‫أبوه اليهودي‪ " :‬أطع أبا القاسم " فدخل ذلك البن في السلم والحمد ل‬
‫ت‪-‬ينبغي أن ُيتلطف له‪،‬‬ ‫تبارك وتعالى؛ أما بالنسبة إلى المؤمن‪-‬فكما قل ُ‬
‫ن بعض الناس قد يضيق بذلك وقد يمتنع من الشهادة‪-‬والعياذ بال‬ ‫لّ‬
‫تبارك وتعالى‪-‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ولم أجد في الروايات المروية عن النبي صلى ال عليه وسلم بأن‬
‫ن محمدا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫يشهد أّل إله إل ال وأ ّ‬
‫وسلم‪ ،‬وإنما فيها أن يشهد أّل إله إل ال‪ ،‬وذلك هو في الحقيقة قد دخل‬
‫في السلم من قبُل وإنما من أجل أن َيختم حياته بهذه الشهادة؛ نسأل‬
‫ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن يميتنا على السلم‪ ،‬وأن يوفقنا لكل خير‪ ،‬وأن يأخذ‬
‫بأيدينا جميعا لما يحبه‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ويرضاه‪.‬‬
‫ن بعض أهل العلم قد أخذوا من الحديث الذي جاء‬ ‫هذا‪ ،‬وللسف الشديد أ ّ‬
‫من طريق أبي أمامة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنه‪-‬والذي فيه ِذكر " فلن‬
‫ن النسان إذا ذهب إلى الحج وأراد أن يلّبي فإنه يقول‪" :‬‬‫بن فلنة " أ ّ‬
‫لبيك عن فلن بن فلنة "‪ ،‬وقد جاءت‪-‬أيضا‪-‬رواية أخرى تدل على ذلك‬
‫ولكنها باطلة عاطلة؛ والحق الحقيق بالقبول أنه يقول‪ " :‬بن فلن " ل‬
‫أن يقول‪ " :‬بن فلنة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص)‪(37‬؛ وال‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل في صلة الجنازة‪-‬صلة الميت‪-‬استدراك ؟ وكيف يكون إذا كان ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫صلة الجنازة‪:‬‬

‫‪ -1‬فريضة على الكفاية ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه جمهور الّمة‪ ،‬وهو‬
‫الصحيح عندي‪.‬‬

‫‪ -2‬وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنها سّنة‪.‬‬

‫‪ -3‬وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنها نافلة؛ وهم يعنون أنها سّنة‬
‫ولكنها ل تصل إلى درجة التأكيد؛ وهذان القولن ليسا بشيء‪.‬‬
‫والصواب فيها ما قّدمته‪ ،‬لدلة متعددة‪ ،‬ذكرها أهل العلم في كتبهم‪ ،‬ول‬
‫ي‪.‬‬
‫ن هذا القول مشهور واضح جل ّ‬ ‫داعي لذكر ذلك‪ ،‬ل ّ‬
‫لذلك نقول‪ " :‬إنه إذا قامت طائفة من الناس بالصلة على الجنازة فإ ّ‬
‫ن‬
‫الفرض الكفائي يسقط بفعل تلك الجماعة "؛ وقد اختلف العلماء في عدد‬
‫الجماعة‪:‬‬

‫‪ -1‬منهم من قال‪ :‬إنه يكفي أن يصلي عليه شخص واحد‪.‬‬


‫‪ -2‬ومنهم من قال‪ :‬يكفي أن يصلي عليه اثنان‪.‬‬

‫‪ -3‬ومنهم من قال‪ :‬ثلثة‪.‬‬


‫‪ -4‬ومنهم من قال‪ :‬أربعة‪.‬‬

‫وعند المكان ‪ ..‬أي عندما تكون هنالك جماعة فإنه ينبغي أن تصلي على‬
‫الميت جماعة كبيرة على أقصى ما يمكن وأّل ُيكتفى بجماعة صغيرة لما‬
‫ن للضرورة أحكاما تخصها‪،‬‬ ‫جاء من مشروعية ذلك‪ ،‬أما عند الضرورة فإ ّ‬
‫فيمكن أن ُيكتفى بواحد إذا لم يوجد غيره‪ ،‬وإذا لم يوجد أحد من الرجال‬
‫ت ذلك في جواب سابق)‪ ،(38‬فل داعي‬ ‫فإنه تصلي عليه النساء‪ ،‬وقد ذكر ُ‬
‫للطالة بذلك مرة ثانية‪.‬‬
‫ن النسان إذا جاء ووجد الجماعة تصلي‬ ‫أما بالنسبة إلى الستدراك فإ ّ‬
‫ن ذلك حسن‪ ،‬وإن كان ذلك‬ ‫على الجنازة فإنه إن أراد أن يصلي معهم فإ ّ‬
‫ن الفرض الكفائي قد سقط عنه بفعل الجماعة التي‬ ‫ليس بلزم عليه‪ ،‬ل ّ‬
‫تصلي على الميت‪ .‬فإذا دخل معهم فاختلفوا في أّول ما يأتي به‪ ،‬وذلك‬
‫بناء على خلفهم ‪ ..‬هل ما أدركه المأموم هو أول صلته أو هو آخر‬
‫صلته‪:‬‬

‫ن ما أدركه المأموم مع المام‪-‬سواء كان ذلك‬


‫‪ -1‬والذي نراه ونأخذ به أ ّ‬
‫في الصلوات العادية أو كان ذلك في صلة الجنازة‪-‬هو آخر صلته‪،‬‬
‫وعليه فإنه يتابع المام على فعله ذاك‪.‬‬

‫ن ما أدركه المأموم هو أول صلته‪،‬‬‫‪ -2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أ ّ‬


‫وعليه فإنه بعد أن يكبر يأتي بفاتحة الكتاب وهكذا على الصفة المعلومة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى قضاء ما فاته فقد اختلف العلماء في ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬ذهب بعضهم إلى أنه ل قضاء عليه‪ ،‬وهذا‪-‬طبعا‪-‬في صلة الجنائز ل‬


‫ن بعض الناس أنه شامل للفرائض‬ ‫في الصلوات الفرائض‪ ،‬حتى ل يظ ّ‬
‫فلبد من أن ينتبه لذلك ‪ ..‬ذهب بعض العلماء إلى أنه ل قضاء عليه وإنما‬
‫ُيسّلم بعد إمامه‪ ،‬إذ إنه قد صلى على ذلك الميت جماعة من الناس ول‬
‫استدراك في هذه الصلة‪.‬‬

‫‪ -2‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكبر من غير أن يأتي بشيء من‬
‫الدعية ‪ ..‬يأتي بالتكبيرات التي فاتته وُيسّلم ول شيء عليه‪.‬‬

‫‪ -3‬وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستدرك ما فاته ويختصر ما أمكنه في‬
‫ن ما‬
‫الدعاء؛ وهذا ل إشكال فيه على رأي‪ ،‬أما على رأي من يقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ن ما أدركه هو آخرها " فلبد من أن يأتي بفاتحة‬‫فاته هو أول صلته وأ ّ‬
‫ن هذا هو الفائت ول يمكنه أن يقتصر على بعضها‪.‬‬‫الكتاب‪ ،‬إذ إ ّ‬

‫‪ -4‬وبعضهم قال‪ :‬إن بقي الميت في موضعه فإنه يستدرك‪ ،‬وإن لم يبق‬
‫حمل فل استدراك عليه‪.‬‬ ‫بأن ُ‬
‫حمل الميت أو بقي في مكانه‪،‬‬ ‫والذي يظهر لي أنه ل مانع من الستدراك ُ‬
‫إذ ل ُيشترط بأن يبقى الميت في موضعه ‪ ..‬نعم‪ ،‬ذلك هو الصل ولكن إذا‬
‫لم يتمكن النسان من القضاء فليقض ما فاته وليختصر غاية ما أمكنه‪،‬‬
‫وأرى هذا القول هو القول الصحيح‪ ،‬وإن كان إذا سّلم ل نقول‪ " :‬إنه قد‬
‫ن هذه المسألة مسألة اجتهادية وليس فيها دليل واضح على‬ ‫أخطأ "‪ ،‬ل ّ‬
‫واحد من هذه القوال‪ ،‬ثم إنه قد قام بالفرض غيره من الناس فالصلة في‬
‫حقه ليست بفريضة ‪ ..‬هذا ما ذهب إليه غير واحد من أهل العلم؛ والعلم‬
‫عند ال تعالى‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫بعد النتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشّيعون ويقوم أحد‬
‫الشخاص بضرب الرض حول القبر عّدة مرات وهو يقول‪ " :‬ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬محمد رسول ال " ويسّمونه بتوحيش القبر‪ ،‬ظّنا منهم لمنع‬
‫الحيوانات المفتِرسة خشية أن تصل إليه‪.‬‬

‫ج‪:‬‬
‫هذا لم يثبت في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬إذ إنني لم أجد‬
‫دليل في السّنة يدل عليه؛ وهو الذي صّرح به العلمة المام أبو نبهان‬
‫ن المر كما قاله هذا المام ‪ ..‬إن كانت فيه‬
‫رحمه ال تبارك وتعالى‪ ،‬ولك ّ‬
‫مصلحة للميت ‪ ..‬مخافة أن يأتي شيء من الحيوانات المفتِرسة وتقوم‬
‫بنبش ذلك القبر وتفترس ذلك الميت ‪ ..‬فإن كانت في ذلك مصلحة فل‬
‫ن ذلك ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫مانع من ذلك‪ ،‬أما أن يقال أ ّ‬
‫فهذا مما ل أصل له‪.‬‬
‫ش الميت)‪ ،(39‬ول بأس‬ ‫هذا‪ ،‬وكثير من الناس يسألون عن قضية َر ّ‬
‫بالجابة على هذا السؤال لشهرة البحث عن هذه المسألة‪ ،‬ونقول‪ :‬إنه قد‬
‫جاءت بعض الحاديث تدل على ذلك‪ ،‬وقد ذهب غير واحد من أهل العلم‬
‫ن تلك الحاديث يشّد بعضها بعضا فتقوم بها الحجة‪ ،‬وهذا له وجه‬ ‫إلى أ ّ‬
‫وجيه من الصواب‪.‬‬
‫ش بعض القبور‬‫ن كثيرا من الناس ل يكتفون بذلك بل يقومون بر ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫المجاِورة له وهذا خطأ واضح فل يصح‪ ،‬ولذلك قال المام نور الدين‬
‫رحمه ال تبارك وتعالى)‪:(40‬‬
‫وفضله ُيرّد فوق النهر)‪(41‬‬
‫ق فاْدر‬
‫لنه به أح ّ‬
‫ش قبر الميت‪.‬‬
‫" وفضله " أي الماء المتبقي من ر ّ‬
‫ش قبر ذلك الميت من غير أن ُيرشّ شيء من القبور‬ ‫فإذن الصواب ُير ّ‬
‫الخرى؛ والعلم عند ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫سِلين ؟‬
‫سل‪ ،‬هل َيشعر بالمَغ ّ‬‫المّيت الذي ُيغ ّ‬

‫ج‪:‬‬
‫عْلم ذلك عند ال تبارك وتعالى‪ ،‬وليس ذلك ِبَبعيد‪ ،‬لّنه َثَبت في‬ ‫ال أعلم‪ِ ،‬‬
‫ن الميت َيشُعر عندما َيأتي بعض الناس وَيمّرون عليه‬ ‫الحاديث ِبأ ّ‬
‫وُيسّلمون عليه ‪ ..‬إلى غير ذلك ِمن الحاديث الكثيرة التي تدّل على مثل‬
‫هذه المور‪ ،‬والْولى أن َنُرد أْمر مثل هذه المور إلى الخاِلق تبارك‬
‫وتعالى‪ ،‬وليست هنالك فائدة كبيرة ِمن الكلم على مثل هذه القضايا‬
‫ومعرفة ما يقع في ذلك‪ ،‬بل علينا أن نعتبر بمثل هذه المور‪ ،‬ونعلم يقينا‬
‫سل فيه وسُنحَمل فيه على العناق‬ ‫بأنه سيأتينا هذا اليوم جميعا الذي سُنغ ّ‬
‫وسُنواَرى فيه في القبور‪ ،‬ونسأل ال السلمة مما يقع بعد ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أوصى الميت بأن ُيدفن في بلد بعيدة‪ ،‬هل ُتنّفذ وصيته ؟‬
‫ج‪ :‬هذه الوصية ليست فيها مصلحة لذلك الميت‪ ،‬وعليه نقول ل ُتنّفذ؛‬
‫والعلماء اختلفوا في هذه القضية‪:‬‬
‫ن ذلك حرام‪.‬‬ ‫‪-1‬منهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫ن ذلك مكروه‪.‬‬ ‫‪-2‬ومنهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫ومهما كان فمثل هذه الوصية ل ُتنّفذ‪ ،‬إذ ليست هنالك مصلحة للميت‪،‬‬
‫وكّل أمر يخاِلف سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم فإنه مردود على‬
‫صاحبه‪.‬‬
‫ض أهِل الصلح‪-‬وما شابه ذلك‪-‬وكان‬ ‫ن عند قْبِر بع ِ‬
‫نعم‪ ،‬إذا أوصى ِبأن ُيدَف َ‬
‫جّدا‪ِ-‬بأن كان في المقبرة القريبة ِمن بلِده‪-‬فهذا قد‬
‫ب ِ‬
‫ن قري ٍ‬
‫ذلك في مكا ٍ‬
‫تكون فيه مصلحة‪ ،‬أما أن يوصي هذا الشخص بأن ُيدفن في بلد بعيدة‬
‫أو ما شابه ذلك فهذه الوصية ل ُتنّفذ بل ترّد على صاحبها؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫في بعض الحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله البعدون من‬
‫أماكن بعيدة ويحبسون الناس فترة طويلة‪.‬‬

‫ج‪:‬‬
‫ل داعي لمثل ذلك‪ ،‬بل ينبغي السراع في تجهيز الميت ودفنه‪ ،‬وينبغي‪-‬‬
‫أيضا‪-‬السراع في تنفيذ وصية الميت ولسيما فيما يتعلق بحقوق الناس‪،‬‬
‫وكثير من الناس‪-‬وللسف الشديد‪-‬يتساهلون بهذه القضية ‪ ..‬يهتمون‬
‫بقسمة الموال وما شابه ذلك ول َيلتفتون إلى تنفيذ وصايا ذلك المتوفى‪،‬‬
‫فينبغي السراع بذلك ولسيما فيما يتعلق بالديون‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫سله وُمكّفنه ؟‬
‫قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر وِلُمغ ّ‬

‫ج‪:‬‬
‫إذا أوصى لحافر القبر فُتنّفذ هذه الوصية‪ ،‬وأما‪-‬في الحقيقة‪-‬ما يتعلق‬
‫بتغسيل الميت وما شابه ذلك فل داعي لذلك؛ ومثل هذه القضية ينبغي أن‬
‫ن الصل ‪ ..‬هذه من الحقوق‬ ‫ُيسأل عن كل واحدة منها عند حدوثها‪ ،‬ل ّ‬
‫التي للميت فما الداعي إلى مثل ذلك ؟! نعم‪ ،‬إذا كان بعض الناس فقراء‬
‫سة فالمر يختلف‪ ،‬فالحاصل حفر القبر فيه شيء من المشقة‬ ‫وبحاجة ما ّ‬
‫بخلف بقية المور الخرى‪ ،‬فحفر القبر ُتنّفذ ِلَمن حفره الوصية )‪،(42‬‬
‫أما بالنسبة إلى الشياء الخرى فينبغي أن ُيسأل عن كل قضية قضية‪،‬‬
‫ول داعي لن ُنجيب على العموم لما في ذلك من المصلحة؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ت في بعض‬ ‫ف‪-‬كما ذكر ُ‬ ‫اختلف العلماء في هذه المسألة؛ وهذا‪-‬طبعا‪-‬خل ٌ‬
‫المسائل‪-‬ليس في قضية الوجوب وعدمه‪ ،‬إذ إنه لم َيقل أحد من العلماء‬
‫بوجوب إدخاله على الصفة الفلنية من الصفات التي سأذكرها بعد قليل‬
‫إن شاء ال تبارك وتعالى‪ ،‬وإنما خلفهم في الفضل وفي الثابت في سّنة‬
‫رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء في الفضل من هذه الكيفيات الثلث‪:‬‬
‫‪-1‬منهم من قال‪ُ :‬يدخل الميت من جهة القبلة ‪ُ ..‬يسّل من الجهة معتِرضا‪.‬‬
‫ن الميت ُيدخل من جهة رأس القبر ‪ُ ..‬يدخل أّول‬ ‫‪-2‬ومنهم من قال‪ :‬إ ّ‬
‫الرجلن وهكذا‪.‬‬
‫‪-3‬ومنهم من يقول‪ :‬إنه ُيدخل من جهة رجلي القبر ‪ ..‬يؤخذ الميت من‬
‫ت‪-‬من جهة رجلي القبر؛ وهذا القول هو القول‬ ‫رأسه وُيدخل‪-‬كما ذكر ُ‬
‫الصحيح؛ وال أعلم؛ فإذن ُيسّل من جهة رجلي القبر ‪ ..‬هذا هو الْولى‪.‬‬
‫ن ذلك هو السّنة‪ ،‬ومن المعلوم عند المحدثين‬ ‫وجاءت رواية فيها أ ّ‬
‫والصوليين إذا قيل‪ " :‬السّنة كذا " فيراد بها السّنة الثابتة عن النبي‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هذا الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم‪،‬‬
‫وقد حكى الحاكم في " المستدَرك " اتفاق أهل العلم عليه وليس بشيء‪،‬‬
‫ن السّنة كذا أو‬‫ن القول الصحيح أنه إذا جاء أ ّ‬ ‫لوجود الخلف في ذلك‪ ،‬ولك ّ‬
‫هذا السّنة أو ما شابه ذلك من اللفاظ التي فيها ِذكر " السّنة " فالمراد‬
‫بذلك السّنة المروية عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل هناك أولوية لرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجل ؟ وماذا‪-‬‬
‫أيضا‪-‬إذا كان امرأة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ن القارب أْولى‪ ،‬فالصل هكذا ولكن بشرط أن يكون من َيدخل‬ ‫ل شك أ ّ‬
‫َيعرف السّنة في وضع الميت على الكيفية المعروفة أو على أقل تقدير‬
‫بأن َيصف له بعض الحاضرين الذين َيعلمون ذلك السّنة الثابتة في كيفية‬
‫وضع الميت‪.‬‬
‫والحاصل أنه يجوز أن يقوم بإدخال الميت القارب والباعد ول فرق بين‬
‫الرجال والنساء في ذلك ‪ ..‬أعني بذلك الميت ل من يضع الميت‪ ،‬وإل فإ ّ‬
‫ن‬
‫النساء ل َيذهبن إلى المقبرة ِلما ذكرناه‪-‬سابقا )‪ِ-(43‬من نهي النبي صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد اختلف العلماء في هذا النهي هل هو‬
‫حة‬
‫للتكريه أو للتحريم كما قّدمنا)‪ .. (44‬نعم‪ ،‬إذا كانت هنالك ضرورة مِل ّ‬
‫بأن لم يوجد أحد من الرجال فللضرورة قدرها‪.‬‬
‫فوضع الميت إذا كانت امرأة في القبر ل مانع من أن يقوم به بعض‬
‫الباعد‪ ،‬كما ثبت ذلك في سّنة رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫فقد قام بوضع ابنته‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬أبو طلحة وهو من النصار‬
‫وليس هو من أقاربها مع حضور النبي صلى ال عليه وسلم ومع حضور‬
‫ن النبي صلى ال‬ ‫زوجها عثمان بن عفان‪ ،‬وقد جاء في تلك الرواية بأ ّ‬
‫شر في تلك الليلة ‪..‬‬
‫عليه وسلم طلب أن يضع ابنته في القبر من لم ُيبا ِ‬
‫شر زوجه في تلك الليلة‪ ،‬وقد اختلف العلماء في الحكمة من‬ ‫أي من لم ُيبا ِ‬
‫ذلك‪ ،‬ولهم في ذلك كلم طويل‪ ،‬ل داعي لذكره في مثل هذا الوقت؛ والعلم‬
‫عند ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫خَلْقَناُكْم‬
‫هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالى‪ِ} :‬مْنَها َ‬
‫خَرى{ ] سورة طه‪ ،‬الية‪ ،[ 55 :‬فهل‬ ‫جُكْم َتاَرًة ُأ ْ‬
‫خِر ُ‬
‫َوِفيَها ُنِعيُدُكْم َوِمْنَها ُن ْ‬
‫ورد شيء ُيثِبت ذلك ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذا ل أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ت عن شيء أو قال‪-‬أيضا‪-‬غيري عن شيء‪ " :‬إنه ل‬ ‫ولُيعَلم أنه إذا قل ُ‬
‫أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم " فإننا في بعض‬
‫الحيان نريد أنه ل أصل له في الثابت من سّنة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وفي بعض الحيان ُيراد به أنه لم يأت من طريق أبدا ‪ ..‬أي لم‬
‫ُينسب إلى النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وهذه الرواية من القسم الول‪ ،‬إذ إنه قد جاءت رواية‪ُ-‬تنسب إلى النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪-‬بمشروعية قراءة هذه الية عند وضع الميت في‬
‫ن هذه الرواية ل َتثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬لنها من‬ ‫قبره ولك ّ‬
‫طريق عبيد ال بن َزحر وهو ضعيف جدا‪-‬كما هو معلوم‪-‬ل ُيحتج‬
‫بروايته‪ ،‬وفي إسنادها‪-‬أيضا‪-‬ضعيفان بل هما أشّد من ذلك فل يمكن أن‬
‫ُيحتج بمثل هذه الرواية ‪ ..‬الراوي الثاني الضعيف بل هو ضعيف جدا‬
‫ي بن زيد بن‬ ‫ي بن يزيد‪ ،‬وقد أخطأ المام النووي حيث قال‪ " :‬عل ّ‬ ‫عل ّ‬
‫ي هذا‪-‬أيضا‪-‬ضعيفا ولكنه لم‬ ‫جْدعان " وليس المر كذلك‪ ،‬وإن كان عل ّ‬ ‫ُ‬
‫ي بن يزيد‪ ،‬والراوي الثالث هو القاسم أبو عبد‬‫يصل إلى درجة عل ّ‬
‫الرحمن‪ ،‬وقد قال ابن حبان الحافظ عن هؤلء الرواة بأنهم إذا رووا خبرا‬
‫ن هذا الخبر مما عملته‬ ‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فإنه ل ُيشك أ ّ‬
‫أيديهم؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫وإنما ينبغي أن يقال‪ " :‬بسم ال‪ ،‬وعلى مّلة رسول ال ")‪.(45‬‬
‫أما هذه الرواية التالفة الباطلة التي فيها ذكر هذه الية فل‪.‬‬
‫قد يقول قائل‪ " :‬هذه آية قرآنية والنسان مخلوق من الرض‪-‬كما هو‬
‫معلوم‪-‬وبعد ذلك يوضع فيها‪-‬وهو مشاَهد‪-‬ثم إنه سيخرج منها في يوم‬
‫القيامة " ‪ ..‬نعم‪ ،‬المر كذلك وإنما هل ثبت ذلك عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ؟ ل‪ ،‬ذلك لم يثبت عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم ‪ ..‬هل ُيمكن أن نحتج برواية عبيد ال بن َزحر الذي يقول عنه ابن‬
‫حبان‪ " :‬يروي الموضوعات عن الثقات‪ ،‬وإذا روى عن علي بن يزيد‬
‫أتى بالطامات‪ ،‬وإذا اجتمع في هذا السناد خبر هؤلء الثلثة لم ُيشك بأ ّ‬
‫ن‬
‫هذا الخبر مما صنعته أيديهم " ؟! ‪ ..‬هل ُيمكن أن نحتج بمثل هذه‬
‫الرواية الباطلة العاطلة الموضوعة المخترعة المصنوعة على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ؟! ليس كل شيء هو الواقع ‪ ..‬أي كذلك ‪ ..‬يمكن أن‬
‫ُيؤتى به‪.‬‬
‫ول بأس أن أخرج عن هذه القضية لفائدة مهمة‪ ،‬وأنا أهتم بالفوائد‬
‫والحكام الشرعية ول أتقيد بالسئلة كثيرا‪ ،‬وهذا دليلي فيه حديث‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فهو عندما سئل عن حكم الوضوء بماء‬
‫حّل ميتته (‪ ،‬فتكلم على حكم الميتة‬ ‫البحر قال‪ ) :‬هو الطهور ماؤه‪ ،‬ال ِ‬
‫وعلى حكم الوضوء من ماء البحر مع أنه لم ُيسأل إل عن واحد منهما؛‬
‫فإذا كان في ذلك فائدة فل مانع من ذلك‪.‬‬
‫على كل حال؛ عندما يقول المؤذن‪ " :‬ل إله إل ال " كثير من الناس‬
‫ق‪،‬‬
‫ن " ل إله إل ال " ح ّ‬ ‫ق ‪ ..‬ل إله إل ال " ل شك في أ ّ‬ ‫يقولون‪ " :‬ح ّ‬
‫ق‪ ،‬و " أشهد‬ ‫ق‪ ،‬وكذلك بالنسبة إلى بقية اللفاظ " ال أكبر " ح ّ‬ ‫يح ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ق‪ ،‬و " ح ّ‬
‫ي‬ ‫ن محمدا رسول ال " ح ّ‬ ‫ق‪ ،‬و " أشهد أ ّ‬‫أّل إله إل ال " ح ّ‬
‫ي على الفلح " كذلك ‪ ..‬نحن علينا أن نطّبق‬ ‫على الصلة " كذلك‪ ،‬و " ح ّ‬
‫سنن ونّتبع رسول ال‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولنا فيه السوة‬ ‫ال ّ‬
‫الحسنة‪ ،‬ل أن نبتدع ونأتي ببعض المور المخترعة المكذوبة التي‬
‫طن‬‫صنعتها أيدي بعض الرواة الَكَذبة الذين لهم أغراض ل تخفى على الف ِ‬
‫في وضع مثل هذه الحاديث ونسبتها إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫؛ وال المستعان‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع‪ " :‬اذكروا ال ‪ ..‬اذكر‬
‫ربك يا غافل "‪ ،‬فما رأيكم ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذا ل أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬نعم‪ ،‬كثير من‬
‫الناس يأتون بهذا‪ ،‬ومنهم من يقول‪ " :‬صّلوا على النبي " بصوت مرتفع‬
‫مع أنه هو ل يصلي عليه‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬أو أكثرهم يصنع‬
‫كذلك ‪ ..‬في ذلك الوقت‪ ،‬ل أقول‪ " :‬ل يصلي عليه مطلقا " وهكذا ‪ ..‬هذا‬
‫منكر‪.‬‬
‫صمت والعتبار‬ ‫ن المطلوب في هذا الوقت ال ّ‬ ‫العلماء منهم من يقول‪ :‬إ ّ‬
‫والتعاظ بمثل هذا الحال وأن يتذكر النسان بأنه سيصير في يوم من‬
‫ن المر لن يقف عند هذا الحد بل إنه سُيسأل‬ ‫اليام إلى مثل هذا الحال وأ ّ‬
‫في قبره وسُيحاسب يوم القيامة وسيكون مصيره إما إلى الجنة أو إلى‬
‫النار والعياذ بال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬منها ومما ُيقّرب إليها‪.‬‬
‫ومنهم من يقول‪ :‬ل بأس من أن َيذكر ال بصوت خافت ‪ ..‬يجمع بين‬
‫المرين ‪ ..‬بين التعاظ والعتبار وأخذ الموعظة وبين ذكر ال‪-‬تبارك‬
‫تعالى‪-‬بصوت خافت‪.‬‬
‫أما أن ينادي هذا وهذا ‪ ..‬هذا من هنا وذاك من هناك‪ " :‬اذكروا ال " أو‬
‫ما شابه ذلك فهذا مما ل أصل له في السّنة‪ ،‬بل هو من البدع التي ينبغي‬
‫النتهاء عنها؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن الباء والرحام ل يحملون‬
‫ترّكبت عند بعض الناس معلومة مفادها أ ّ‬
‫جنازات أرحامهم وآبائهم وإنما يكتفون بالمشي خلفها‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫نعم ‪ ..‬هذا مشهور عند كثير من العوام‪ ،‬وكثير من البدع مشهورة عند‬
‫العوام‪.‬‬
‫هذا ل أصل له في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬ينبغي أن‬
‫يكون القارب في مقّدمة الّركب ‪ ..‬ل مانع من أن َيحمل القارب وأن‬
‫ينالوا ذلك الفضل العظيم الذي أخبر به الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬
‫سلم‪-‬لمن حمل جنازة وكان‪-‬طبعا‪-‬يقصد بذلك وجه ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ول‬
‫مقصود له سواه‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫البعض عندما يحمل الطارقة‪-‬الحاملة التي عليها الميت‪ُ-‬يَقّفزها ثلث‬
‫خطوات ثم يبدأ النطلق بها ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذه بدعة‪ ،‬ل أصل لها أبدا ‪ ..‬ل تثبت عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ول عن صحابته الكرام ول عن أهل العلم الذين اتبعوا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم واقتَدوا به ‪ ..‬هذه بدع ينبغي أن يجتنبها الناس‪،‬‬
‫وينبغي لنا جميعا أن نتعاون على الِبر والتقوى وأن نأمر بالمعروف‬
‫وننهى عن المنكر وأن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة وأن‬
‫ُنخبرهم بما ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وما لم يثبت حتى‬
‫نقتدي بالرسول صلى ال عليه وسلم فيما ثبت عنه ونجتنب ما نهى عنه‬
‫أو لم يثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬ومن المعلوم بأنه إذا كان‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم يفعل بعض المور في مثل هذه الشياء‬
‫ن تلك المور التي تركها ليست بمشروعة ‪ ..‬ل‬ ‫وَتَرك بعض المور أ ّ‬
‫ُيمكن أن يقال َتَرَكها الرسول صلى ال عليه وسلم ولكنه لم َينه عنها ‪..‬‬
‫نعم‪ ،‬وإن كان لم َينه عنها لكنه لم يفعلها ولو كان في ذلك خير لفعله‬
‫الرسول صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وقد أحسن المام‬
‫السالمي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬عندما ذكر قراءة القرآن على القبور‬
‫عندما قال )‪:(46‬‬
‫فالمصطفى))‪ 47‬قد زارها وما قرا‬
‫إل سلما ودعا وأدبرا‬
‫ولم تكن قراءة القبور‬
‫بسّنة توجد في المأثور‬
‫على كل حال‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫ت محمدا)‪(48‬‬ ‫لو كان خيرا لم َيُف ْ‬
‫‪.........................‬‬
‫فما فات الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬فلو كان في ذلك خير‬
‫لفعله الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫حسبك أن تتبع المختارا‬
‫وإن يقولوا خالف الثارا‬
‫والعلماء قد شددوا في مخالفة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ويعجبني‬
‫لمة سعيد بن خلفان‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ما ذكره المام المحّقق الع ّ‬
‫ض أهل العلم سّنة ثابتة عن الرسول‬ ‫سئل عن قضية خالف فيها بع ُ‬ ‫عندما ُ‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال المام المحّقق‪-‬رحمه ال‪-‬في ذلك‪ " :‬وِمن‬
‫ص لك عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وأنت ُتعارضني‬ ‫جب أن َأُن ّ‬ ‫الَع َ‬
‫بعلماء بيضة السلم من غير دليل ول واضح سبيل ‪ ..‬أليس هذا في‬
‫العيان نوعا ِمن الهذيان ؟! " والمام الخليلي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬‬
‫يقول‪ " :‬وقول بخلف الحديث ُيضرب به عرض الحائط " ‪ ..‬على كل‬
‫حال‪:‬‬
‫ظر بكتاب ال‬ ‫ول ُتنا ِ‬
‫ول كلم المصطفى الّواه‬
‫معناه ل تجعل له نظيرا‬
‫ولو يكون عالما خبيرا)‪(49‬‬
‫ن ذلك هو المطلوب أو‬ ‫وهذا‪-‬طبعا‪-‬إذا قال به بعض أهل العلم ظّنا منهم أ ّ‬
‫ما شابه ذلك‪ ،‬فكيف إذا لم يقل بذلك أحد من علماء المسلمين قاطبة‪.‬‬
‫ت أكثر من‬‫فهذا‪-‬على كل حال‪-‬مما ينبغي أن ُينهى عنه‪ ،‬ولكنني‪-‬كما قل ُ‬
‫مرة‪-‬أنه ينبغي أن نستعمل الحكمة في مثل هذه المور وأّل نتسرع في‬
‫ن الناس في كثير من الحوال ل يتقبلون مثل هذه المور‬ ‫نهي الناس فإ ّ‬
‫لنهم شّبوا وشابوا على مثل هذه القضايا فليس من السهولة أن َيرتِدع‬
‫بعض العوام عن مثل هذه المور ولسيما إذا كان من يقوم بالمر والنهي‬
‫طالبا صغيرا فإنهم قد ل ُيصّدقونه وقد ل يقبلون منه لمر أو لخر؛‬
‫فنسأل ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬التوفيق‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫سل ؟ هل ُيكّفن ؟‬
‫الشهيد‪ ،‬كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل ُيغ ّ‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ الشهيد هو من مات في أرض المعركة ‪ ..‬إذا مات في ذلك‬
‫ولم ُينقل فهذا هو الذي ُيحكم عليه بحكم الشهيد في هذه القضية؛ وإّل‬
‫فالشهداء كثيرون‪ ،‬كما ورد ذلك في سّنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ن المراد بالشهيد ها هنا هو الذي ُيحكم عليه بهذا الحكم في باب‬
‫‪ ،‬ولك ّ‬
‫الجنائز‪.‬‬
‫فعلى كل حال الشهيد ُيدفن في ثيابه التي مات فيها إن كانت عليه ثياب‪-‬‬
‫سِلب فلبد من أن ُيؤتى له ببعض الثياب‪-‬ول ُينزع منه إل السلح‬ ‫أما إذا ُ‬
‫وما شابه ذلك أما ما عدا ذلك فهو يوضع عليه‪.‬‬
‫ول َيحتاج إلى تغسيل بل ُيدفن على ذلك‪.‬‬
‫وقد اختلفوا في الصلة عليه‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ُيصّلى على الشهيد‪.‬‬
‫‪-2‬وذهب بعضهم إلى أنه ل ُيصّلى عليه‪.‬‬
‫والقول بالصلة عليه قول قوي‪ ،‬وقد دّلت عليه بعض الحاديث‪.‬‬
‫أما الحاديث التي تدل على عدم مشروعية الصلة عليه فهي نافية‬
‫وغيُرها ُمثِبت والُمثِبت مقّدم على النافي؛ وفي ذلك احتياط وسلمة‬
‫ن الرسول صلى ال عليه وسلم قد جاء بعد مّدة‪-‬بعد‬ ‫للدين‪ ،‬وقد ثبت أ ّ‬
‫حد‪ ،‬وجاء في بعض الروايات التي قّواها‬ ‫سنوات‪-‬وصّلى على شهداء ُأ ُ‬
‫بعض أهل العلم بأنه قد صّلى عليهم‪-‬أيضا‪-‬بعد النتهاء من المعركة‪،‬‬
‫ف ذلك ُتحمل على أنه لم َيعلم بذلك‪.‬‬ ‫فرواية من روى خل َ‬
‫ب ِمن أن َينسى بعض الصحابة‪-‬رضوان ال تبارك وتعالى‬ ‫وليس بغري ٍ‬
‫عليهم‪-‬بعض المور أو أنهم لم يعلموا بها أصل‪ ،‬ولذلك أمثلة كثيرة ل‬
‫ُيمكن التيان بها في هذا الوقت‪.‬‬
‫فإذن ُيصّلى عليه على الصحيح‪.‬‬
‫ن بعض أهل العلم قال‪ُ " :‬يجمع بين الروايات المثِبتة‬ ‫ومن العجب أ ّ‬
‫ن رواية الثبات ُتحمل على ندبية الصلة وعدم وجوبها‪،‬‬ ‫والنافية بأ ّ‬
‫ورواية النفي ُتحمل على عدم الوجوب " ‪ ..‬هذا كلم غريب ‪ ..‬لو جاء‬
‫هذا في قضية وذلك في قضية أخرى ‪ ..‬أي في حادثة وذاك في حادثة ‪..‬‬
‫أي صلى مّرة وصلى مّرة فيمكن أن ُيحمل على هذا ول يقال بالنسخ‪ ،‬أما‬
‫أن يكون ذلك في قضية واحدة في وقت واحد فهذا مما ل ُيمكن‪ ،‬لنه إما‬
‫أن يكون َفَعل أو لم يفعل‪ ،‬فكيف يقال‪ " :‬هذا محمول على كذا وهذا على‬
‫كذا " ؟! نعم‪ ،‬لو أرادوا بذلك الرواية التي فيها صلى بعد سنوات ولم‬
‫ُيثبتوا الرواية التي صلى في ذلك الوقت لكان لهذا وجه من الصواب‪ ،‬أما‬
‫أن يقال بصحة جميع الروايات التي فيها أنه صلى في ذلك الوقت ولم‬
‫ُيصّل فهذا مما ل ُيمكن أن يقال به‪ ،‬فهذا خطأ واضح؛ وال أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ن الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها‬
‫الحديث الذي ورد فيه أ ّ‬
‫حته ؟ وما حكم الرجوع عن‬ ‫له قيراط أو قيراطان من الجر )‪ ،(50‬ما ص ّ‬
‫الجنازة بعدما يسير النسان معها ‪ ..‬هل يلزم أن يبقى إلى آخرها أو يمكن‬
‫أنه إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذا الحديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولذلك نقول‪:‬‬
‫إنه ينبغي العتناء بهذا المر‪ ،‬وأن ُتشّيع الجنائز حتى ُتدفن ويرجع بعد‬
‫ذلك المسلمون‪ ،‬وُيشرع‪-‬أيضا‪-‬في ذلك الدعاء للميت‪ ،‬أما التلقين‪-‬كما قل ُ‬
‫ت‬
‫] ص ‪-[ 2‬ل ُيلّقن وإنما ُيدعى له وُيسأل له التثبيت‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى سؤاله عن الرجوع قبل ذلك )‪ (51‬فالحاصل هو ل يجب‬
‫عليه أن يرافقهم إن لم تكن هنالك حاجة تدعو إلى ذهابه معهم كأن يكون‬
‫ضع الميت أو ما شابه‬ ‫هو البصر بهذا المر ول َيعرف أحٌد كيف يو َ‬
‫ذلك ‪ ..‬إن لم تكن هنالك حاجة فل مانع ِمن أن يرجع‪ ،‬ولكن ل شك بأنه‬
‫سيفوته الفضل؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬
‫الهوامش ‪:‬‬

‫عَلْيَها َواْلُمَؤّلَفِة ُقُلوُبُهمْ‬


‫ن َ‬
‫ن َواْلَعاِمِلي َ‬
‫ساِكي ِ‬
‫ت ِلْلُفَقَراء َواْلَم َ‬
‫صَدَقا ُ‬‫‪ِ} -1‬إّنَما ال ّ‬
‫ل َوا ُ‬
‫ل‬ ‫نا ِ‬ ‫ضًة ّم َ‬ ‫سِبيِل َفِري َ‬
‫ن ال ّ‬‫ل َواْب ِ‬‫سِبيِل ا ِ‬‫ن َوِفي َ‬ ‫ب َواْلَغاِرِمي َ‬ ‫َوِفي الّرَقا ِ‬
‫حِكيٌم{ ] الية‪.[ 60 :‬‬ ‫عِليٌم َ‬
‫َ‬
‫‪-2‬الظاهر أّنه ِمن الْولى حذف‪ " :‬قد "‪.‬‬
‫‪ -3‬قال الشيخ‪ " :‬الواضع " بدل ِمن " الواقع "‪ ،‬والظاهر أنه سبق‬
‫لسان‪.‬‬
‫ن الشيخ َلم ُيْنِه كلمه‪.‬‬ ‫‪ -4‬يبدو أ ّ‬
‫صَد أن يقول‪ُ " :‬يطِعم عن نفسه "‪.‬‬ ‫ن الشيخ َق َ‬ ‫‪ -5‬الظاهر أ ّ‬
‫‪ " -6‬أو ل " زيادة مّنا لليضاح‪.‬‬
‫‪ -7‬لعّل الحسن أن ُيقال‪ " :‬هذه الصلة " لزالة الوهم‪.‬‬
‫‪ -8‬لعّل الحسن أن ُيقال‪ " :‬أحد ِمن الرجال "‪.‬‬
‫صَد أن يقول‪ " :‬وقول بعض العلماء أّنه إذا ُوجد أحد ِمن‬ ‫‪ -9‬لعل الشيخ َق َ‬
‫ن النساء ل يصلين على الجنائز "‪.‬‬ ‫الرجال فإ ّ‬
‫‪ -10‬لعّل الحسن أن ُيقال‪ " :‬عشر دقائق "‬
‫‪-11‬في جواب الشيخ على السؤال ‪ِ 5‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان‬
‫‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م ( َيتعّرض إلى مسألة مشروعية التوجيه في‬
‫صلة الميت‪ ،‬ومسألة مشروعية الزيادة على أربع تكبيرات فيها‪.‬‬
‫‪-12‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الصلة ووجوبها‪ ،‬باب )‪(38‬‬
‫القراءة في الصلة‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :226‬قال الربيع‪ :‬عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬صلى بنا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم صلة الغداة فثقلت عليه القراءة فلما‬
‫انصرف قال‪) :‬لعّلكم تْقرؤون خلف إمامكْم ؟ ( قال‪:‬قلنا أجل‪ ،‬قال‪) :‬ل‬
‫َتفعلوا ِإل بأم القرآن فانه ل صلَة إل بها (‪.‬‬
‫‪-13‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الصلة ووجوبها‪ ،‬باب )‪(38‬‬
‫القراءة في الصلة‪:‬‬
‫حديث رقم ‪ :222‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال‬
‫صلًة لم يقرأ فيها بأّم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪َ) :‬من صّلى َ‬
‫ج ( قال الربيع‪ " :‬الخداج " الناقصة وهي غير التمام‪.‬‬ ‫ن فهي خدا ٌ‬ ‫القرآ ِ‬
‫‪ -14‬في الجواب على السؤال ‪ِ 4‬من حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫‪4/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪-15‬تّم ذلك في جواب الشيخ على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ليلة ‪ 6‬رمضان‬
‫‪1424‬هـ ) ‪31/10/2003‬م (‪.‬‬
‫سه " بدل ِمن " تحَته "‪.‬‬ ‫ت رأ ِ‬
‫صَد أن يقول‪ " :‬تح َ‬ ‫‪-16‬لعل الشيخ َق َ‬
‫حِرم‪:‬‬
‫‪ -17‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب )‪ (4‬غسل الـُم ْ‬
‫حديث رقم ‪ :403‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال‪ :‬يغسل‬
‫المحرم بماء وسدر‪.‬‬
‫حديث رقم ‪ :404‬وِمن طريقه أيضًا عنه ‪ u‬قال‪ ) :‬إذا مات المحرم غسل‪،‬‬
‫ول يكفن إل في ثوبيه اللذين أحرم فيهما‪ ،‬ول يمس بطيب‪ ،‬ول يخمر‬
‫رأسه (‪.‬‬
‫ف‪ُ " :‬يؤمر أو "‪.‬‬ ‫صَد حذ َ‬
‫ظر مع الشيخ لعّله َق َ‬ ‫‪ُ -18‬ين َ‬
‫‪ -19‬يبّين الشيخ في جوابه على السؤال ‪ِ 2‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان‬
‫‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م ( حكم غسل الميت بتلك الكيفية هل هو على‬
‫اليجاب أو على الندب والستحباب‪.‬‬
‫‪-20‬لعّله ُيمِكنأن ُتحذف‪ " :‬عند"‪.‬‬
‫‪-21‬أجاب الشيخ عن هذه المسألة في جوابه على السؤال ‪ 12‬من حلقة‬
‫ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪6/11/2003‬م ( حيث قال هناك‪ " :‬وأما‬
‫ن ذلك ِمّما لم يثبت عن النبي‬ ‫بالنسبة إلى ‪ ...‬قراءة القرآن على القبور فإ ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم ول عن صحابته الكرام‪-‬رضي ال تعالى تبارك‬
‫ص على ذلك المحّققون من أهل العلم‪.‬‬ ‫وتعالى عنهم‪-‬كما ن ّ‬
‫وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وآله وسلم‪-‬أمر بالقراءة على رأس‬ ‫عنهما‪-‬فيها أ ّ‬
‫الميت بأن ُيقرأ بفاتحة الكتاب وُيقرأ بخاتمة ' البقرة ' عند رجليه‪ ،‬ولكنّ‬
‫هذا الحديث ل يثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لنه جاء‬
‫من طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا‪ ،‬فهو حديث باطل ل‬
‫ُيلتفت إليه‪ ،‬وقد جاء موقوفا عن ابن عمر‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬ولكن‬
‫فيه راويا مجهول‪ ،‬فالراويان الضعيفان في الرواية المرفوعة هما يحيى‬
‫الَباُبْلِتي وهو ضعيف ل ُيحتج بروايته‪ ،‬والراوي الثاني هو أيوب بن ُنَهْيك‬
‫ول ُيحتج بروايته بل هو أضعف من الول‪ ،‬والرواية الموقوفة مع أنها ل‬
‫حجة فيها‪-‬لنها على تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي‪-‬هي ل تثبت عن‬
‫ذلك الصحابي رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪." .‬‬
‫ف‪-" :‬في ديار حرب ‪ ..‬أي‪."-‬‬ ‫صَد حذ َ‬‫ظر مع الشيخ لعّله َق َ‬
‫‪ُ -22‬ين َ‬
‫‪-23‬لئل ُيفَهم كلم الشيخ على غير مراِده ننقل هذه الفتوى للشيخ أحمد‬
‫بن حمد الخليلي‪:‬‬
‫" س ‪ :7‬عدم نطق المحتضر بالشهادتين‪ ،‬هل دليل على هلكه مثل ؟‬
‫ج‪ :‬الحكم بالهلك أمر عسير‪ ،‬فإنه ل يمكن أن يكون ذلك دليل على الحكم‬
‫بهلكه ‪ ..‬ل يحكم على أحد بأنه هالك مالم يكن هنالك نص قطعي متواتر‬
‫يدل على هلكه‪ ،‬وأّنى لنا بذلك في أحد من أهل زماننا ؟! إنما ُيوَكل المر‬
‫ن من‬‫إلى ال سبحانه‪ ،‬وال يعلم السرائر من عباده‪ ،‬بل قال العلماء بأ ّ‬
‫مات وهو على معصية ظاهرةفي حكم الظاهر‪-‬كأن يموت وكأس الخمر‬
‫ي حالة من هذه الحوال البعيدة عن الحق‪-‬ل‬ ‫في فيه‪ ،‬أو يموت على أ ّ‬
‫ن ‪ ..‬تاب‬ ‫جّ‬‫ُيحكم بهلكه قطعا ‪ ..‬ل يقطع أحد بأّنه من أهل النار‪ ،‬إذ لعله ُ‬
‫أّول ثم جن وأتى ما أتى وهو في حالة الجنون ‪ ..‬مادام هنالك احتمال ل‬
‫يحكم بهلكه قطعا ‪ ..‬نعم هو في حكم الظاهر مات على عمل غير صالح‬
‫ن السرائر إنما يعلمها ال تبارك وتعالى وحده‪ " .‬المصدر‪ :‬شريط "‬ ‫ولك ّ‬
‫فتاوى في أحكام الجنائز " الجزء الول‪.‬‬
‫‪ -24‬في الجواب على السؤال ‪.8‬‬

‫‪ -25‬لو ُتزاد هنا كلمة " فقط " لليضاح‪.‬‬


‫‪ -26‬في الجواب على السؤال ‪.2‬‬
‫‪ -27‬في الجواب على السؤال ‪ 3‬من حلقة ليلة ‪ 11‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫‪5/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪ -28‬قال الشيخ في جوابه على السؤال ‪ 3‬من حلقة ليلة ‪ 11‬رمضان‬
‫‪1424‬هـ ) ‪5/11/2003‬م (‪ " :‬ومنهم من ذهب إلى أنه ل ُيتيّمم له‪،‬‬
‫ذلك أنه لم يثبت عن النبي ‪ e‬ما يدل على مشروعية التيمم‪ ،‬ومن المعلوم‬
‫ن غسل الميت ُيقصد به النظافة ومادام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء من‬ ‫أّ‬
‫النظافة اللهم إل إذا كان ذلك التيمم الذي يراد به البدل من الوضوء‪ ،‬أما‬
‫التيمم الذي يراد به البدل من الغسل فل دليل عليه‪ ،‬هذا الذي يظهر لي‪.‬‬
‫وقد خّرج المام السالمي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في معارجه ذلك على‬
‫ن الشيخ‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬ذهب إلى‬ ‫ما ذكرُته هنا ‪ ..‬ل أقول‪ ':‬إ ّ‬
‫ذلك ' لنه لم يتعرض‪-‬حسب حافظتي‪-‬إلى الترجيح في هذه القضية‪ ،‬ولكنه‬
‫سّوغه بعد أن ذكر المام الكدمي‪-‬رحمه ال‪-‬بأنه ل يوجد في المذهب ‪..‬‬
‫ن له وجها من الحق؛‬ ‫سّوغه المام السالمي‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬ورأى أ ّ‬
‫وهو كذلك‪.‬‬
‫ن الوضوء‬ ‫فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء‪-‬ل ّ‬
‫مشروع في غسل الميت‪ ،‬وإن كان الوضوء في غسل الموات طبعا ل‬
‫يجب‪ ،‬وإنما هو سّنة‪-‬فذلك ل بأس به‪ ،‬وإن أخذوا برأي من يقول بالتيمم‬
‫وتيمموا به بإرادة التيمم الذي يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا‬
‫ل بأس بذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى‪ ،‬وإن أمكن أن يصّبوا عليه الماء‪-‬‬
‫فقد قال بعض العلماء أنهم يصبون عليه الماء‪-‬صّبا‪-‬طبعا‪-‬إذا كان يصل‬
‫إلى جسده ثم بعد ذلك تزال تلك الثياب فهذا ل شك أنه ُيقّدم على التيمم‪.‬‬
‫"‪.‬‬
‫صَد أن يقول‪ " :‬لعدم وجود هذه الوسائل الموجودة‪-‬في‬ ‫‪ -29‬لعّل الشيخ َق َ‬
‫هذا العصر‪-‬في عصره "‪.‬‬
‫‪ -30‬لو ُتزاد هنا كلمة " فقط " لليضاح‪.‬‬
‫‪ -31‬كان ذلك في جواب الشيخ على السؤال ‪ِ 10‬من حلقة ليلة ‪8‬‬
‫ص السؤال مع جواب‬ ‫رمضان ‪1424‬هـ ) ‪2/11/2003‬م (‪ ،‬وهذا هو ن ّ‬
‫الشيخ عليه هناك‪:‬‬
‫" س ‪ :10‬توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله‪،‬‬
‫جرون على قراءة هاتين‬ ‫سم كان إخوُة أبيه‪-‬أو أعماُمه‪ُ-‬يؤ ّ‬ ‫ن المال لم ُيق ّ‬
‫ول ّ‬
‫الختمتين‪ ،‬والن لما آل المر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون أن يأخذ‬
‫شيئا من المال‪ ،‬ما حكم ذلك المال الذي كان ُيؤخذ من مال الميراث لتأجير‬
‫هذه القراءة ؟ وهو الن إذا قرأ عن أبيه‪ ،‬هل يصل الجر إليه ؟‬
‫ج‪ :‬على كل حال؛ بعض العلماء حكى التفاق على صحة القراءة عن‬
‫الميت إذا كانت‪-‬طبعا‪-‬في مسجد أو في مكان آخر في غير المقابر‪ ،‬ول‬
‫ن الوقت ل يكفي للطالة‬ ‫اتفاق في ذلك‪ ،‬لوجود الخلف المشهور‪ ،‬ولك ّ‬
‫كما ترى‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى أخذ الجرة إذا كانت من الثلث ‪ ..‬إذا كانت هي وغيرها‬
‫من وصاياه من الثلث ‪ ..‬طبعا من الوصايا التي تخرج عن َدْين ال‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬وعن َدْين العباد وعّما يتعلق بحقوق الميت قبل الدفن فإنه ل مانع‬
‫من ذلك على هذا الرأي‪." .‬‬
‫‪ -32‬في الجواب على السؤال ‪ِ 10‬من حلقة ليلة ‪ 8‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫ص السؤال مع جواب الشيخ عليه في‬ ‫‪2/11/2003‬م (‪ ،‬وقد ُنقل ن ّ‬
‫التعليق الموجود بحاشية الصفحة السالفة‪.‬‬
‫صَد أن يقول‪ " :‬مجهولن " بدل ِمن قوله‪" :‬‬ ‫ن الشيخ َق َ‬ ‫‪ -33‬الظاهر أ ّ‬
‫موقوفان "‪.‬‬
‫صَد حذف‪ " :‬كّذابا أو "‪.‬‬‫ظر مع الشيخ لعّله َق َ‬ ‫‪ُ -34‬ين َ‬
‫‪ -35‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬والمصطفى " بدل ِمن " فالمصطفى‬
‫"‪.‬‬
‫‪ -36‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪،‬‬
‫كتاب المانة‪ ،‬باب الوقف‪.‬‬
‫‪ -37‬تعّرض الشيخ مّرة أخرى لبدعة التلقين للميت‪ ،‬وذلك في جوابه‬
‫على السؤال ‪ِ 12‬من حلقة ليلة ‪ 19‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫ص ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه‬ ‫‪13/11/2003‬م (‪ ،‬وهذا هو ن ّ‬
‫هناك‪:‬‬
‫" س ‪ :12‬عند دفن الميت وبعد النتهاء من دفنه يقوم أحد الناس‬
‫بالدعاء جهرا وُيؤّمن البقية‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ليس بصحيح‪ ،‬بل هو بدعة من البدع‪ ،‬وينبغي للناس أن ُيطّبقوا‬
‫السنن الثابتة عن النبي ‪ e‬وأن يتركوا البدع‪ ،‬فالدعاء بالتثبيت للميت أمر‬
‫ثابت عن النبي‪ e -‬وعلى آله وصحبه‪-‬ولكن يدعو كل إنسان بمفرده‪ ،‬أما‬
‫أن يقوم شخص يدعو لذلك الميتوتقوم البقية الباقية بالتأمين فذلك بدعة‬
‫من البدع‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫ت في جواب سابق ] في الجواب‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى قراءة القرآن‪-‬كما بين ُ‬
‫على السؤال ‪ِ 12‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫ن ذلك‪-‬أيضا‪-‬لم يثبت عن النبي صلى ال عليه‬ ‫‪6/11/2003‬م ( [‪-‬فإ ّ‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى تلقين الميت كما جاء في بعض الروايات الباطلة‬
‫العاطلة بأن يقال لذلك الميت‪ " :‬يا فلنبن فلنة ‪ " ...‬إلى آخر ذلك‬
‫الحديث الباطل العاطل الركيك الذي لم يثبت عن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ول كرامة‪.‬‬
‫فتلك البدع ل ينبغي لحد أن َيحوم حول حماها‪ ،‬وإنما ينبغي أن ُنطّبق‬
‫السنن‪ ،‬وأن نأخذ بما جاء في كتاب ال أو في سّنة رسوله صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فهذه البدعة‪-‬كما حدثني من حدثني‪-‬قد شاعت في هذه اليام ‪ ..‬يدعو‬
‫إنسان وُيؤّمن الخرون‪ ،‬وهذا ينبغي أن ُينّبه الناس على أنه ليس من‬
‫السّنة‪ ،‬بل هو البدعة بعينها؛ وال المستعان‪ ،‬ونسأله أن ُيوّفقنا للعمل‬
‫بكتابه وبسّنة رسوله وأن نجتنب البدع؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم‪." .‬‬
‫‪ -38‬في الجواب على السؤال ‪ِ 6‬من حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫‪4/11/2003‬م (‪.‬‬
‫صَد أن يقول‪َ " :‬رشّ قبر الميت " بدل ِمن قوله‪:‬‬ ‫ن الشيخ َق َ‬‫‪ -39‬الظاهر أ ّ‬
‫ش الميت "‪.‬‬‫" َر ّ‬
‫‪ -40‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪،‬‬
‫كتاب الجنائز‪ ،‬باب القبر‪.‬‬
‫‪ -41‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬القبر " بدل ِمن " النهر "‪.‬‬
‫‪ -42‬لعّل الحسن أن يقال‪ُ " :‬تنّفُذ الوصيُة ِلَمن حفَره "‪ ،‬دفعا لللتباس‪.‬‬
‫‪ -43‬في الجواب على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ليلة ‪ 12‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫‪6/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪ -44‬في الجواب على السؤال ‪ِ 6‬من حلقة ليلة ‪ 10‬رمضان ‪1424‬هـ )‬
‫‪4/11/2003‬م (‪.‬‬
‫‪ -45‬تعّرض الشيخ لهذا مّرة أخرى أثناء جوابه على السؤال ‪ 16‬من‬
‫حلقة ليلة ‪ 22‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪16/11/2003‬م (‪ ،‬وهذا هو نصّ‬
‫ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك‪:‬‬
‫" س ‪ :16‬البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده‬
‫على التراب الموجود أعلى القبر وينطق بالشهادتين‪ ،‬وكأنه ُيوّدعه بتلك‬
‫الكلمات ؟‬
‫ج‪ :‬ال المستعان؛ هذه بدعة من البدع‪ ،‬والبدع كثيرة؛ وأنا بّينت ] في‬
‫الجواب على السؤال ‪ 10‬من هذه الحلقة‪ ،‬أعله [ بأّنه لم يثبت عن‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬في قضية دفن الموات شيء إل ما‬
‫جاء عنه‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬من أنه يقال عند وضع الميت‪:‬‬
‫) بسم ال‪ ،‬وعلى مّلة رسول ال (‪ ،‬وكذلك ما جاء من الدعاء لذلك الميت‬
‫ت ] في الجواب على‬ ‫بالتثبيت بعد النتهاء من دفنه‪ ،‬وكل شخص‪-‬كما قل ُ‬
‫السؤال ‪ 12‬من حلقة ليلة ‪ 19‬رمضان ‪1424‬هـ ) ‪13/11/2003‬م (‪،‬‬
‫ص ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك في التعليق‬ ‫وقد ُنِقَل ن ّ‬
‫الموجود بحاشية الصفحة ‪ِ 3‬من هذه الحلقة [‪-‬يدعو بمفرده‪ ،‬من غير أن‬
‫ن ذلك‪-‬‬ ‫يقوم شخص بالدعاء ويؤّمن كثير من الناس على دعائه ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫أيضا‪-‬من البدع؛ فينبغي النتهاء عن هذه البدع وأن نطّبق السنن الثابتة‪،‬‬
‫وخير الهدي هدي محمد ‪ e‬؛ والعلم عند ال‪." .‬‬
‫‪ -46‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪،‬‬
‫كتاب المانة‪ ،‬باب الوقف‪.‬‬
‫‪ -47‬ورد في الطبعة التي بأيدينا‪ " :‬والمصطفى " بدل من " فالمصطفى‬
‫"‪.‬‬
‫‪ -48‬ورد في الطبعة التي بأيدينا هكذا‪:‬‬
‫لو كان خيرا سبق المختار *** له وصحبه متى ما زاروا‬
‫‪ -49‬المام نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام في علمي الديان والحكام‪،‬‬
‫كتاب أصول الدين‪.‬‬
‫وورد البيتان في الطبعة التي بأيدينا هكذا‪:‬‬
‫ظر بكتاب ال *** ول كلم المصطفى الّواه‬ ‫ول ُننا ِ‬
‫معناه لم َنجعل له نظيرا *** ولو يكون عالما خبيرا‬
‫ظر مع الشيخ متنه عنده‬ ‫‪ -50‬هذه صيغة الحديث كما ذكرها السائل‪ ،‬وُين َ‬
‫ححه‪ ،‬وهذا الذي وجدناه‪:‬‬ ‫ما دام قد ص ّ‬
‫جَناَزَة‬ ‫ن اّتَبَع َ‬ ‫ل ‪َ e‬قال‪َ ) :‬م ِ‬ ‫سوَل ا ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫روى البخاري عن أبي هريرة ‪َ : t‬أ ّ‬
‫ن َدْفِنَها َفِإّنه‬ ‫غ ِم ْ‬
‫عَلْيَها َوَيْفُر َ‬
‫صّلى َ‬ ‫حّتى ُي َ‬ ‫ن َمَعُه َ‬
‫سابا َوَكا َ‬ ‫حِت َ‬
‫سِلٍم ِإيَمانًا َوا ْ‬
‫ُم ْ‬
‫عَلْيَها ُثّم‬
‫صّلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫حٍد‪َ ،‬وَم ْ‬ ‫ط ِمْثُل أُ ُ‬‫طْين ‪ُ ..‬كّل ِقيَرا ٍ‬ ‫جِر ِبِقيَرا َ‬ ‫ن اَل ْ‬‫جُع ِم َ‬ ‫َيْر ِ‬
‫ط (‪.‬‬
‫جُع ِبِقيَرا ٍ‬
‫ن‪َ ،‬فِإّنُه َيْر ِ‬
‫ن ُتْدَف َ‬
‫جَع َقْبَل َأ ْ‬
‫َر َ‬
‫‪ -51‬لعّل الحسن أن يقال‪ " :‬قبل الدفن "‪ ،‬لليضاح‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬أحكام صلة الخسوف والكسوف(‬
‫س‪:‬‬
‫ن خسوفا كليا للقمر سيكون في سماء هذه الدنيا وسُيرى‪-‬‬ ‫أطلعنا على أ ّ‬
‫أيضا‪ِ-‬من السلطنة‪ ،‬كيف َيَتَعاَمل الناس مع هَذا الخسوف كما ورد في‬
‫السّنة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫صَبحت الن ِمن المور‬ ‫ن معرفة َهِذه الُمور أ ْ‬
‫أّول ُأِريد أن ُأَنّبه إلى أ ّ‬
‫حُدوث هذا المر‪-‬مثل‪ِ-‬بأنه سيحدث في‬ ‫الواضحة الجلية ‪ ..‬أي معرفة ُ‬
‫سوف للقمر ُكّليا‬‫الليلة الفلنية وفي المْوِقع الفلني وهل سيكون َهَذا الُك ُ‬
‫حّددة ِمن الَمناطق أو يكون في‬ ‫أو يكون جزئيا ؟ وهل يكون في َمنطقة ُم َ‬
‫سَيُكون ُكّليا أو‬
‫شمس ‪َ ..‬هْل َ‬ ‫سوف ال ّ‬ ‫كل مكان ؟ وهكذا ِبالِنسبة إلى ُك ُ‬
‫ي في موضع ِمن المواضع وإل فإنه ل‬ ‫جْزئيا ؟ وأريد ِبأنه سيكون ُكّليا َأ ْ‬ ‫ُ‬
‫ن ذلك ِمن‬ ‫ُيمكن أن َيُكون كسوف الشمس كليا في كل مكان ِمن العالم‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫المور التي ل ُتمِكن أبدا وإنما َيكون كليا في موضع ِمن المواضع أو في‬
‫مواضع محصورة فل أريد ِبموضع في منطقة واحدة فقط وإّنما أريد في‬
‫مواضع ُمحّددة‪ ،‬فتعيين ذلك سواء كان ذلك ِبالنسبة للشمس أو للقمر َهذا‬
‫صِرية‪،‬‬‫ن َهَذا ُيْدَرك ِبَهِذِه العلوم الَع ْ‬‫ِمن المور التي ل َتَتَنافى َمَع الَغْيب‪ ،‬ل ّ‬
‫فَمن ُيشّدد في مثل هذه المور ل معرفة له ِبمثل هذه الحقائق‪ ،‬والنسان‬
‫ينبغي له أن َيَتَكّلم إذا أراد أن َيَتكلم فيما ُيْتِقُنه َأّما أن َيتكلم النسان الِذي‬
‫صح‪ ،‬وهكذا‬ ‫ل علقة له ِبعلم الفلك‪-‬مثل‪-‬في المسائل الفلكية فهذا ِمّما ل َي ِ‬
‫عُلوِم‬
‫بالنسبة ِلَمن ل معرفة له ِبُعلوم الشرع الحنيف ليس له أن يتكلم في ُ‬
‫جوٌر عليه‪ ،‬وَمن ل َمْعَرَفة َله ِبالطب ليس له‬ ‫حُ‬
‫الشرع الحنيف بل ذلك َم ْ‬
‫أن يتكلم في القضايا الطبية‪ ،‬وَهَكَذا بالنسبة إلى علوم القتصاد وغيرها ‪..‬‬
‫عاِلما‬
‫النسان إذا أراد أن يتكلم فليتكلم فيما ُيتقنه فيمكن أن يكون النسان َ‬
‫حرا في الفقه ولكن ل دراية له بعلوم الفلك فهل ُيمكن بعد ذلك أن‬ ‫متب ّ‬
‫صح‪ ،‬فإذن الكلم في مثل‬ ‫َيُقوم وَيَتَكّلم في المور الفلكية ؟! َهَذا ِمّما ل َي ِ‬
‫هذه القضايا‪-‬كما ذكرناه في قضية إمكان رؤية الهلل وفي عدم إمكان‬
‫س ِمن الكلم في أمور الَغْيب بل هو كلم‬ ‫س‪ ،‬وهو لْي َ‬ ‫ذلك‪-‬هذا ِمّما ل َبْأ َ‬
‫جاَهَلَها أو أن ُينكرها‪ ،‬فلبد ِمن‬ ‫َمْبِني على حقائق َل ُيْمِكن لحٍد أن َيَت َ‬
‫التسليم ِلِمْثل هذه المور‪.‬‬
‫أما ِبالنسبة إلى ماذا ُيشَرع في قضية حدوث الكسوف والخسوف ؟‬

‫ضهم يفرق بْين قضية‬ ‫أّول‪ :‬الكسوف يكون للشمس ويكون للقمر ‪َ ..‬بْع ُ‬
‫الكسوف وبين قضية الخسوف‪ ،‬والتفريق ل بأس به على رأي كثير ِمن‬
‫أهل العلم ‪ ..‬عندما َيقول النسان‪ " :‬الكسوف " للشمس و‪ " :‬الخسوف‬
‫طِلق النسان َهَذا على َهَذا وهذا على هذا فل مانع‬ ‫" للقمر‪ ،‬أما عندما ُي ْ‬
‫ِمن أن َيقول‪ " :‬كسوف الشمس " وأن َيقول‪ " :‬كسوف القمر "‪ ،‬وِمنهم‬
‫َمن ُيفّرق بْين هذين المرين وَلُهْم في ذلك كلم طويل ول حاجة إليه لنه‬
‫ل تتعلق به شيء ِمن الحكام الشرعية‪.‬‬
‫أّما الذي ثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬فإنه صلوات ال‬
‫ج‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫خَر َ‬‫عِلم ِبُكسوف الشمس َ‬‫وسلمه عليه عندما َ‬
‫شَرع أن َيُقوم‬
‫وسلم‪ُ-‬مسرعا َفزعا فأمر ِبأن ُيَناَدى للصلة‪ ،‬والذي ُي ْ‬
‫شخص فينادي يقول‪ " :‬الصلُة جامعة " ‪ ..‬هكذا جاء في بعض الروايات‬
‫جاِمَعة‬ ‫ن الصلَة َ‬ ‫ض الروايات‪ " :‬إ ّ‬ ‫ظ " الصلة "‪ ،‬وجاء في بع ِ‬ ‫‪ِ ..‬بَرْفع َلْف ِ‬
‫ن الصلَة‬ ‫جاِمَعة "‪َ ،‬فَوَرَد ِبَلْفظ‪ " :‬إ ّ‬ ‫"‪ ،‬وُيمكن‪-‬أيضا‪-‬أن ُيَقال‪ " :‬الصلَة َ‬
‫ن ذلك َوَقَع‬ ‫جامَعة "‪ ،‬وِمن المعلوم ِبَأ ّ‬ ‫جاِمَعة "‪َ ،‬وَوَرَد ِبَلْفظ‪ " :‬الصلُة َ‬ ‫َ‬
‫حد اللفظين‬ ‫َمّرة واحدة‪ ،‬والنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬أمر ِبَأ َ‬
‫س ِمن المور التي ُيَتَعّبد ِفيها ِبِمْثل ذلك الّنص ‪ ..‬أي ل َيْلَزم‬ ‫ولكن َهَذا َلْي َ‬
‫جامعة ' أو َيقول‪ ' :‬الصلَة‬ ‫ن الصلَة َ‬ ‫َأن ُيَقال‪َ " :‬لبد ِمن أن َيقول‪ ' :‬إ ّ‬
‫ن الصلة‬ ‫جامعة ' أو يقول‪ ' :‬الصلُة جامعة ' " ‪ُ ..‬يْمِكن أن َيُقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ي " الَزُموا " أو َيقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫جاِمَعة " ‪ ..‬أ ْ‬ ‫جاِمَعة " أو َيقول‪ " :‬الصلَة َ‬ ‫َ‬
‫جاِمَعة "‪ ،‬فالمر َهّين وإن كنا نقول‪ :‬إنه َلْم َيْثُبت عن النبي‪-‬صلى‬ ‫الصلَة َ‬
‫ضَية حدثت َمّرة واحدة‪،‬‬ ‫ن الَق َ‬‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬إل أحُد اللفظين‪ ،‬ل ّ‬
‫ن ِبِمثل َهَذا المر‪ ،‬ول َماِنع أن ُيْكَتَفى ِبَمّرة واحدة ول أن‬ ‫فإذن النداء َيُكو ُ‬
‫ُيَكّرر أكثر ِمن ذلك إذا كان الناس ل َيسمعون ذلك‪ ،‬فيمكن أن ُيكّرر‬
‫شَرع في ذلك الذان‬ ‫النسان ذلك ثلث َمَرات أو أكثر ِمن ذلك‪ ،‬ول ُي ْ‬
‫ت عن النبي صلى ال عليه‬ ‫ن ذلك ِمّما َلْم َيثب ْ‬ ‫بإجماع الّمة السلمية‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫سلم‪.‬‬‫وعلى آله وصحبه و َ‬
‫س ِمن المور‬ ‫ن الصلة جامعة "‪َ-‬لْي َ‬ ‫هذا ‪ ..‬وهَذا الّتَلّفظ‪-‬وهو قول‪ " :‬إ ّ‬
‫طالب َمن َيسَمع ذلك ِبأن ُيرّدد ذلك‬ ‫التي ُيتعّبد ِبها‪ ،‬فهو َلْيس كالذان‪ ،‬فل ُي َ‬
‫خْلف َمن َيأِتي ِبذلك اللفظ‪ ،‬كما أنه إذا كانت هنالك مجموعة ِمن الناس‬
‫حد أَبًدا فإنه ل ُيطاَلبون ِبأن َيقوم‬ ‫حد وَلْيس ِبالقرب ِمْنُهم أ َ‬ ‫في َمَكان َوا ِ‬
‫ن المور التي ُيَتَعّبد ِبَها‬ ‫س ِم َ‬ ‫ن َهَذا َلْي َ‬‫واحد ِمنهم ِبالّنَداء ِبَهَذا اللفظ‪ ،‬ل ّ‬
‫طَلب ِمن النسان أن ُيَؤّذن َوَلْو كان ُمنفردا‪ ،‬كما أنه إذا‬ ‫كالذان‪-،‬فالذان ُي ْ‬
‫ب ِمنهم أحد‬ ‫كانت الجماعة واحدة كانوا في الطريق‪-‬مثل‪-‬وليس ِبالُقْر ِ‬
‫فإّنهم يطاَلبون ِبالذان‪ ،‬كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-،‬فالحاصل إذا كان هنالك أحد ِبالقرب ِمن‬
‫المسجد ِمّمن َيسَمع النداء أو كان‪-‬أيضا‪-‬في َباِدَيٍِة َوَلْو َلْم يكن هنالك‬
‫جد ولو كان الذين َيسَمعون ذلك ِمن النساء وِمّمن ل قدرة َلُهْم على‬ ‫سِ‬ ‫َم ْ‬
‫شَرع‬ ‫ضى أو كبار أو ما شابه ذلك فإنه ُي ْ‬ ‫الحضور إلى المسجد ِمن َمْر َ‬
‫جد وَهَكَذا‬ ‫سِ‬ ‫ب إلى الم ْ‬ ‫جُز الذي ل ُيْمِكُنه أن َيْذَه َ‬ ‫صّلي الَعا ِ‬ ‫النداء حتى ُي َ‬
‫عًة‪-‬على الصحيح‪-‬سواء كان‬ ‫جَما َ‬
‫صّلون َ‬ ‫ِبالّنسبة إلى الّنساء‪ ،‬فبعد ذلك ُي َ‬
‫ذلك في الكسوف أو في الخسوف‪ ،‬أما الكسوف فقد ثبت ذلك في سّنة‬
‫النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ثبوتا ل شك فيه‪ ،‬وأما ِبالنسبة إلى‬
‫ن ذلك وإن كان َلْم يثبت ِمن السّنة‪-‬إذ إنه جاء ِمن طريق‬ ‫خسوف القمر فإ ّ‬
‫سوف إْذ َل َفْرق‬ ‫عَلى الُك ُ‬‫حُمول في حقيقة الَواِقع َ‬ ‫جًدا‪-‬ولكنه َم ْ‬ ‫ضعيفة ِ‬
‫َبْيَنُهما )‪.(1‬‬
‫ظن أّنه ل َبأس ِمن الطالة في‬ ‫صلة قد اختَلف فيها الُعَلَماء‪ ،‬وأ ُ‬ ‫وَكْيِفية ال ّ‬
‫ن المسألة َتحَتاج إلى ِذْكر ُفُرو ٍ‬
‫ع‬ ‫َهذه القضية ولو اسَتْغَرْقَنا الَوْقت ل ّ‬
‫ك باختصار شديد‪:‬‬ ‫ف الُعَلَماء ِفيَها‪ ،‬وَأْذُكُر َذِل َ‬
‫لة اخَتَل َ‬
‫صَ‬‫ُمَتَعّدَدة ‪َ ..‬كْيِفَية ال ّ‬

‫ن النسان ُيصّلي ركعتين كالصلوات‬ ‫ض أهل العلم إلى أ ّ‬


‫ب َبْع ُ‬
‫‪َ -1‬ذَه َ‬
‫ظهر أو ما شابه ذلك‪ِ-‬بشرط أن‬ ‫ي كصلة سّنة الفجر أو سّنة ال ّ‬ ‫الَعاِدية‪-‬أ ْ‬
‫ُيطيل في القراءة والركوع والسجود‪ ،‬و‪-‬طبعا‪-‬قولي " ِبشرط " ليس ِمن‬
‫الشروط التي لبد ِمنها وإّنما ذلك على أّنه سّنة ثابتة عن النبي صلى ال‬
‫ي الطالة ل الكتفاء‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وَأُقول‪ " :‬سّنة ثابتة " ‪ ..‬أ ْ‬
‫ت إليها ‪ ..‬هذا مذهب طائفة ِمن أهل العلم‪.‬‬ ‫بركعتين كالسنن التي أشر ُ‬

‫‪ -2‬وذهبت طائفة ِمن أهل العلم إلى أنه يصلي كأحدث صلٍة صلها ِمن‬
‫الفرائض‪ ،‬فإذا صلى بعد صلة الظهر فإنه يصلي أربع ركعات كصلة‬
‫الظهر‪ ،‬وإذا صلى بعد صلة الفجر فإنه يصلي ركعتين كصلة الفجر‪،‬‬
‫ضِعيفة ل‬
‫جوا على ذلك ِبِروايٍة َ‬
‫وهكذا ِبالّنسبة إلى َبِقية الصلوات‪ ،‬واحت ّ‬
‫حجة‪.‬‬‫تقوم ِبَها ُ‬
‫وأّما الولون َفَقد احتجوا ِبَبعض الروايات ولكن تلك الروايات معاَرضة‬
‫ح وَأْثَبت ِمْنَها ِفي سّنة النبي صلى ال عليه وعلى آله‬
‫صّ‬‫ِبَرَواَيات َأ َ‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬

‫ض أهل الِعلم إلى أنه ُيصلي ركعتين ويأتي في كل َرْكَعة‬


‫ب بع ُ‬
‫‪َ -3‬وَذَه َ‬
‫عين‪.‬‬‫ِبُرُكو َ‬

‫ن َيْأِتي في ُكل َركعة‬


‫خّير إّما أَ ْ‬
‫ب بعض أهل العلم إلى أّنه ُي َ‬ ‫‪ -4‬وَذَه َ‬
‫عين أو أن يأتي في كل ركعة ِبَثلَثة أو أن َيْأِتي في كل ركعة ِبأربعة‬ ‫ِبُرُكو ِ‬
‫خْمسة‪.‬‬ ‫أو أن يأتي في كل ركعة ِب َ‬
‫خّيَر بْين الثلثة الولى‪.‬‬ ‫ضهم الخمسة َف َ‬ ‫‪ -5‬وأْنَكَر َبْع َ‬
‫والقول ِبَأّنه َيْأتي في كل ركعة بركوعين هو القول الصحيح )‪ ،(2‬وهو‬
‫شْرح "‬‫الذي ذهب إليه المام السالمي‪-‬رحمه ال تبارك وتعالى‪-‬في َ‬
‫الجامع " ] ج ‪ ،1‬ص ‪ ،[ 284‬وهو قول طائفة َكِبيرة ِمن أهل العلم‪،‬‬
‫عَلْيه السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال عليه‬ ‫وذلك هو الِذي َتُدّل َ‬
‫ن الروايات الِتي جاء فيها أنه صّلى ِبثلثة‬ ‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫سة ‪ ..‬كل ِتلك الروايات ل َتثبت عن النبي‬ ‫خْم َ‬ ‫ركوعات أو ِبأربعة أو ِب َ‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ِ ،‬مْنها ما هو ضعيف ِمن جهة إسناده‬
‫وِمنها ما هو شاّذ ِمن جهة َمْتِنه‪ ،‬وِمن المعلوم أن َهِذِه القضية حدثت َمّرًة‬
‫عْهِده صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ..‬في الَيْوِم‬ ‫واحدة في َ‬
‫الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ولَْم‬
‫ض أهل‬ ‫َيَتَكرر ذلك في حياته صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬كما اّدعى ذلك بع ُ‬
‫العلم وَذَكروا ِبَأّنه صّلى َمّرًة ِبُرُكوعْين وَمّرة ِبَثلث وَمّرة بأربع وهكذا ‪..‬‬
‫أقول‪ :‬تلك الروايات ل َتْثُبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫حَدَثت‬ ‫جِلَية ِبَأّنها َ‬ ‫ظاِهَرة َ‬ ‫ن ِتْلك الّرَوايات َ‬ ‫عْين‪ُ ،‬ثم ِإ ّ‬ ‫سِتْثَناء رواية الّرُكو َ‬ ‫ِبا ْ‬
‫ن َذلك قد َتكّرر‬ ‫ست في َمّرات َمَتعّددة حتى َنقول‪ " :‬إ ّ‬ ‫في مّرة واحدة وَلْي َ‬
‫في حياة النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم "‪ ،‬وِمن المْعُلوم أّنه إذا‬
‫ج واحدا فإنه ل ُيْمكن أن َنُقول بالّتَعّدد َبل لبد ِمن أن نأخذ‬ ‫كان المخَر ُ‬
‫جح ِمن تلك الروايات‪ ،‬وليس هذا ِمن باب زيادات الّثقات‪-‬كما اّدعى‬ ‫ِبالرا ِ‬
‫ذلك بعضهم‪-‬وإّنما ذلك ِمن باب المحفوظ والشاذ‪ ،‬فالمحفوظ تلك الروايات‬
‫ضهم ِمن أنه قد وقع ذلك‬ ‫س إل‪ ،‬وَما َذَكَرُه بع ُ‬ ‫ت بالركوعْين لْي َ‬ ‫التي جاء ْ‬
‫ن ذلك جاء ِمن طريق ل‬ ‫في َمّكة المكرمة َفَذِلك ل َيثبت على الصحيح‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫َتُقوم ِبَها الحجة‪ ،‬وقول بعضهم‪ " :‬إنه ِمن المشاَهد أنه َيتكّرر ذلك‪ ،‬ففي‬
‫صر ِمن المّدة التي عاشها النبي‪-‬صلى ال عليه‬ ‫عَوام في ُمّدة َأق َ‬ ‫عّدة أ ْ‬
‫ث َذِلك في أكثر ِمن مّرة‬ ‫حَد َ‬‫وعلى آله وسلم‪-‬فكيف ُيمكن أن ُنْنِكر أن َيُكون َ‬
‫سَنة أو على َأَقل َتْقِدير في خلل عشر سنوات‬ ‫في خلل ثلث وعشرين َ‬
‫التي َبِقي فيها النبي صلى ال عليه وسلم في المدينة " ‪َ ..‬أُقول‪ :‬هذا كلٌم‬
‫ع ْ‬
‫ت‬ ‫شِر َ‬‫ن هذه الصلة َلْم تكن مشروعة في ِبَداَية المر وإّنما ُ‬ ‫مردود‪ ،‬ل ّ‬
‫في السنة التي مات فيها إبراهيم ابن النبي‪ -‬صلى ال عليه وسلم َوَرض َ‬
‫ي‬
‫ث إل مّرة واحدة‬ ‫خرة جدا وذلك َلْم َيحُد ْ‬ ‫عنه‪-‬فمشروعية هذه الصلة ُمَتَأ ّ‬
‫صَواب في هذه القضية وإل هذا‬ ‫عت هذه الصلة فِبَذِلك َيَتَبّين ال ّ‬ ‫شِر َ‬‫بعد أن ُ‬
‫الكلم لو كانت هذه الصلة مشروعة ِمن ِبَداَية الهجرة‪-‬مثل‪َ-‬كان َمْقُبول‪،‬‬
‫شَرع إل في‬ ‫ظًرا إلى أّنها َلْم ُت ْ‬ ‫حُدث َذِلك ولكن َن َ‬ ‫لنه ِمن المستبَعد جًدا أّل َي ْ‬
‫ت‪-‬‬‫خرج الّرَواَيات‪-‬كما قل ُ‬ ‫ن َم ْ‬
‫ن هذا الكلم َمْرُدود‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫جّدا فإ ّ‬ ‫خر ِ‬ ‫ت ُمَتَأ ّ‬‫َوْق ٍ‬
‫حد فل ُيمكن أن َنقول ِبَتَكّرر ِذلك ِللنبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬ ‫ُمّت ِ‬
‫فإذن الفضل أن َيّتِبع النسان السّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬وأن ُيصلي ركعتين وأن َتُكون هذه الصلة جماعة‬
‫جات‬ ‫خرجن ُمَتَبّر َ‬ ‫غْير أن َي ْ‬ ‫ن ِمن َ‬ ‫جَ‬ ‫خَر ْ‬‫ِبالّنسبة للرجال‪ ،‬أّما الّنساء ِفإَذا َ‬
‫ن ِبالّرجال فل مانع ِمن الصلة َمَع الّرجال‪.‬‬ ‫طَ‬‫خَتِل ْ‬
‫ِبِزيَنة وَلْم َي ْ‬
‫صلة يأتي ِبَها المصلي على الَكْيِفَية الَتاِلية‪:‬‬
‫هذه ال ّ‬

‫‪َ -1‬بْعَد تكبيرة الحرام َيْقَرُأ سورة الفاتحة )‪ (3‬ثم يأتي بسورة طويلة ولو‬
‫أمكن أن يكون ذلك كسورة البقرة فذلك هو الّثابت ‪ ..‬ل أقول‪ " :‬الثابت أن‬
‫ن الرواية ل دليل فيها على ذلك‪-‬وإّنما يأتي‬
‫يأتي ِبالسورة نفسها "‪-‬إذ إ ّ‬
‫ِبمثل ذلك المقدار‪.‬‬

‫ي العظيم " ‪..‬‬


‫طيل في الركوع ُيَكّرر َقْول‪ " :‬سبحان َرّب َ‬‫‪ -2‬ثم َيْرَكع وُي ِ‬
‫جّدا )‪.(4‬‬
‫يطيل الركوع ِ‬

‫طيل في ِقَيامه ُثم يقرأ‪ ،‬واختَلفوا ماذا َيقرأ في هذا الوقت ؟‬


‫‪ُ -3‬ثم َيُقوُم وُي ِ‬
‫ِمنهم َمن قال‪َ :‬يأِتي ِبفاتحة الكتاب ويقرأ شيئا كثيرا ِمن القرآن ولكن‬
‫ن أقصر ِمن الذي أتى به قبل هذا الركوع‪.‬‬ ‫َيكو ُ‬
‫وِمنهم َمن قال‪ :‬إنه ل َيأِتي بفاتحة الكتاب بل َيشَرع في قراءة السورة‬
‫شرة‪.‬‬ ‫مبا َ‬
‫ضح َيدّل على واحٍد ِمن المرْين وإن كان القول ِبأنه‬ ‫وليس هنالك دليل وا ِ‬
‫ضٌ‬
‫ح‬ ‫ص َوا ِ‬
‫س هنالك َن ّ‬
‫س ِبه ولكن َلْي َ‬
‫ل يأتي ِبفاتحة الكتاب له وجه ل َبْأ َ‬
‫في السّنة أبدا‪.‬‬

‫طيل في الركوع ولكن َيكون أقل ِمّما‬


‫طيل في القراءة ثم َيرَكع وُي ِ‬
‫‪ُ -4‬ي ِ‬
‫صنعه في الركوع السابق‪.‬‬

‫‪ -5‬ثم يقوم ويطيل في قيامه ويكون ذلك أقل ِمن الِقَيام السابق‪.‬‬

‫جوِده‪.‬‬
‫سُ‬
‫‪ -6‬ثم يسجد ويطيل في ُ‬

‫ن‬
‫سابقة إل أ ّ‬
‫‪ -7‬ثم يقوم ويأتي بالركعة الثانية ‪ ..‬يأتي ِبَها كالركعة ال ّ‬
‫ساِبَقة )‪.(5‬‬
‫ِقَراَءِته تكون أقل ِمن ِقَراِءِته في الّركعة ال ّ‬

‫صَرة ُيَبّين ِفيَها‬ ‫خَت َ‬


‫طَبة ُم ْ‬
‫خْ‬
‫لَته )‪ (6‬ثم يأتي ِب ُ‬ ‫صَ‬
‫‪ -8‬ثم بعد َذِلك َيْنَتِهي ِمن َ‬
‫ث الناس على الّتْوَبة إلى ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وُيَبّين َلُهمْ‬ ‫ح ّ‬ ‫َهَذا المر وَي ُ‬
‫جّنة وَما أعّده ال ِفيها ِلِعَباِده المتقين وُيَبّين َلُهْم النار والعياذ بال‪-‬‬ ‫ال َ‬
‫عَباَده‬
‫عَد ال‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬بِه ِ‬ ‫تبارك‪ِ-‬منها وِمّما يقرب إَلْيَها وَما َتَو ّ‬
‫شَرع ِللّناس أن‬ ‫جوع إلى ال‪ ،‬وُي ْ‬ ‫عو الناس إلى التوبة والّر ُ‬ ‫المجِرِمين وَيد ُ‬
‫صّدُقوا كما ثبت ذلك في‬ ‫حوه وأن َيْبَتِهُلوا إلْيه وأن َيَت َ‬ ‫سّب ُ‬
‫َيْذُكُروا ال وأن ُي َ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬أَمَر ِبالِعْتق‪،‬‬ ‫ض الحاديث أ ّ‬ ‫َبْع ِ‬
‫ن‪-‬أيضا‪-‬المر ِفي‬ ‫ف وَهَكَذا َيُكو ُ‬
‫سو ِ‬ ‫لة الُك ُ‬
‫صَ‬ ‫صَرة ِل َ‬ ‫خَت َ‬
‫صَفة الم ْ‬ ‫ي ال ّ‬‫فهذه ِه َ‬
‫ف الَقَمر‪.‬‬‫سو ِ‬ ‫خ ُ‬‫لة ُ‬ ‫صَ‬
‫َ‬
‫ي َهل‪:‬‬
‫جْهًرا ؟ أ ْ‬ ‫سًرا أو َتُكون َ‬ ‫َوَقد اختَلف الُعَلَماء في القراءة َهْل َتُكون ِ‬
‫جَهُر في الركعتين الوَلَيْين ِمن المغرب‬ ‫جْهًرا كما َي ْ‬ ‫‪َ -1‬يْقرأ المام َ‬
‫لة‬‫صَ‬ ‫جر وفي صلة الجمعة والِعيد وفي َ‬ ‫والعشاء وفي فريضة الَف ْ‬
‫سَقاء‪.‬‬
‫السِت ْ‬

‫سر القراءة‪.‬‬
‫‪ -2‬أو َأّنه ُي ِ‬

‫جْهر‪.‬‬
‫‪ -3‬أو أنه ُيخّير بْين السرار وال َ‬

‫جَهُر في الّليل ؟ ِهِذِه القوال موجودة عند‬ ‫سّر في النهار وَي ْ‬ ‫‪ -4‬أو أّنه ُي ِ‬
‫جَهُر‬ ‫ن المام َي ْ‬ ‫ن َقال‪ " :‬إ ّ‬ ‫عْنِدي ُهَو َقْوُل َم ْ‬
‫ح تلك القوال ِ‬ ‫جُ‬‫أهل العلم‪ ،‬وَأْر َ‬
‫سوف أو في صلة الخسوف "‬ ‫لة الُك ُ‬‫صَ‬
‫سَواًء كان َذِلك في َ‬ ‫ِبالِقَراَءة َ‬
‫َوُأَفّرق َبْيَنُهَما ِمن أجل اليضاح والبيان ‪َ ..‬هَذا ُهَو الذي َيظَهر لي ِمن‬
‫ضَية‪ ،‬فإذن َهِذه ِهي َكْيِفَية الصلة‪.‬‬ ‫أَقَوال َأْهِل الِعلم في ِهِذِه الَق ِ‬
‫سوف‬ ‫خ ُ‬
‫سوف أو ال ُ‬ ‫َيسأل كثير ِمن الّناس‪-‬مثل‪َ-‬لْو َمَنَع َماِنع ِمن ُرْؤَية الُك ُ‬
‫ع َلَنا أن َنْأِتي ِبَهِذِه‬
‫شَر ُ‬
‫ولكن َقّرر أْهل الَفَلك ِبَأّنه َيقع في َهِذه الساعة َهْل ُي ْ‬
‫شَرع َذِلك ؟‬ ‫الصلة أو ل ُي ْ‬
‫َنُقول‪ :‬ل ُيشَرع ذلك‪ ،‬لنه أْمٌر ُمَعّلق ِبرؤيِة ذلك‪ ،‬فإذا رأيناه فإنه ُيشَرع‬
‫ذلك في حّقنا‪ ،‬وإن َلْم نر ذلك فإنه ل ُيشَرع ذلك في حّقنا كما قّررنا ذلك‪-‬‬
‫أيضا‪-‬في قضية رؤية القمر )‪.(7‬‬
‫فإذا قّرر‪-‬مثل‪-‬الفلك بأنه ُتمكن رؤية الهلل ولكننا َلْم َنره فإنه ل ُيشَْرع لنا‬
‫صوُم إذا َرَأْيَناه‪ ،‬نعم ‪ ..‬إذا قَّرُروا ِبأّنه ل ُيْمِكن َذِلك أَبًدا‬ ‫صوم وإّنَما َن ُ‬ ‫أن َن ُ‬
‫ض الناس ِبَأّنه َرآه ِفإّنَنا ل َنْقَبل ِمْنه َذِلك وَنُقول‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫وَبعَد ذلك اّدعى َبْع ُ‬
‫خاِلف ِلَهذا الِعلم الثابت المتقّرر فترّد شهادته ِبذلك في هذه‬ ‫ك َهَذا ُم َ‬‫لَم َ‬
‫َك َ‬
‫القضية‪.‬‬
‫ق النساء ‪ ..‬النساء إذا‬ ‫ق الرجال وفي ح ّ‬ ‫فإذن الصلة مشروعة في ح ّ‬
‫ضل َكَما َهو الحال ِبالنسبة إلى َبِقية الصلوات‪،‬‬ ‫صّلْين في البيت فَذِلك َأْف َ‬ ‫َ‬
‫سجد‪.‬‬‫جال فالفضل َلُهْم أن يكون ذلك في الم ْ‬ ‫وأّما ِبالنسبة إلى الّر َ‬
‫وهذه الصلة ِمّما اختَلف أهل العلم فيها‪:‬‬

‫‪ِ -1‬منهم َمن قال‪ " :‬هي سّنة "‪ ،‬وقد حكى غير واحد ِمن أهل العلم اّتفاق‬
‫أهل العلم على ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬وِمنهم َمن قال‪ :‬هي واجبة‪.‬‬

‫‪ -3‬وِمنهم َمن قال‪ :‬هي ِمن الواجبات على الكفايات وليست ِمن الواجبات‬
‫صيب ِمن النظر‪.‬‬ ‫العينية؛ وهذا القول َله َن ِ‬
‫َوَمْهَما كان َفِهي َتُدور َبْين الواجب الكفائي وبْين السّنة المؤكدة‪ِ ،‬لح ّ‬
‫ث‬
‫النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فل ينبغي لحد أن َيَتَهاَون بذلك‪.‬‬
‫كما أنه ل ينبغي لحد أن ُيخالف السّنة ِبالختصار في القراءة‪ ،‬وكثير ِمن‬
‫ضعاف وما شابه ذلك ‪ ..‬نقول‪:‬‬ ‫ض ال ّ‬‫الناس َيتعّللون ِبأّنهم ُيصّلون ِببع ِ‬
‫الضعيف والذي ل َقْدَرَة َله ل َيْنبغي له أن ُيعّكر على الجماعة فِبإمكانه أن‬
‫سّنة النبي‪-‬‬ ‫ُيصّلي هو في بيته أو ما شابه ذلك ولَيتُرك الجماعة تأِتي ِب ُ‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬فَهِذِه الصلة ل ُيشتَرط فيها ِبأن َتُكون في‬
‫عذر‪ ،‬فإذن‬ ‫ن ُهناِلك ُ‬ ‫الجماعة وإّنما ل ينبغي الّتخلف عن الجماعة إل إَذا َكا َ‬
‫ينبغي التيان ِبالسّنة كما ثبتت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫سوف أو الخسوف َولَِزْلَنا‬ ‫ض الناس‪-‬أْيضا‪-‬يسأل َوَيُقول‪ :‬إذا انتهى الُك ُ‬ ‫بع ُ‬
‫خُرج ِمنها‬ ‫جًدا ثم َي ْ‬
‫صر النسان صلَته ِ‬ ‫خت ِ‬‫في الصلة‪ ،‬ماذا نفعل ؟ نقول‪َ :‬ي ْ‬
‫صَرة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫خَت َ‬
‫صَفٍة ُم ْ‬
‫بعد النتهاء ِمنها بعد أن َيْأتي ِبَها ِب َ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ضَية بعد صلة العصر مثل‪،‬‬ ‫ض الناس‪َ :‬لْو َوَقَعت ِهِذِه الَق ِ‬‫سَأُل َبْع ُ‬
‫كذلك َي ْ‬
‫صِلي أو ل ؟‬ ‫َهْل ُن َ‬
‫نقول‪ِ :‬هِذِه الصلة ِمن الصلوات السببية والصحيح في الصلوات السببية‬
‫ت ُتكَره الصلة فيه فإنه ل مانع ِمن‬ ‫أنه ُيؤَتى ِبَها‪ ،‬فإذا وقع ذلك في وق ٍ‬
‫الصلة بل ُتشَرع الصلة في ذلك الوقت لنها ِمن الصلوات السببية‬
‫والصلوات السببية ثبت في سّنة النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬
‫عنه ِبأّنه ُيْؤَتى ِبَها حتى في الوقات التي ُتْكَرُه ِفيها‬ ‫الصحيحة الثابتة َ‬
‫حُرم ِفيها الصلة‪.‬‬ ‫الصلة وإّنما ل ُيْؤَتى ِبَها في الوقات الِتي َت ْ‬
‫ب الَقَمر أو الشمس في حالة‬ ‫غَر َ‬‫ضا‪-‬يسأل أنه إذا َ‬ ‫ض الّناس‪-‬أْي ً‬ ‫بع ُ‬
‫غروب‬ ‫جّرد ُ‬ ‫صّلي في ذلك الوقت أو ل ؟ نقول‪ :‬ل‪ِ ،‬بُم َ‬ ‫الُكسوف‪ ،‬هل ُن َ‬
‫الشمس أو غروب القمر فإنه ل ُتشرع الصلة ولو غرب وهو في حالة‬
‫كسوف أو خسوف‪.‬‬
‫َفلُيْنَتَبه ِلَهِذه المسائل‪َ ،‬وُهَنالك مسائل متعّددة تتعّلق ِبَهِذِه الصلة فإن‬
‫ض السائلين أن َيطَرح شيئا ِمنها فل بأس‪ ،‬ومعذرة فإنني‬ ‫أردتم أو أراد بع ُ‬
‫حوَها لظني ِبَأّنكم تريدون التنبيه‬
‫طَر ُ‬
‫ساِئل ُمَتَعّددة َلْم َت ْ‬
‫ت على َم َ‬
‫قد َنّبْه ُ‬
‫عَليها؛ وال أعلم‪.‬‬ ‫َ‬

‫س‪:‬‬
‫هل تشترط فيها الجماعة ِبالّنسبة للرجال ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫شُروط " وإّنما ذلك ِمن السنن الثابتة التي ل‬ ‫ن ذلك ِمن ال ّ‬ ‫ل َنقول‪ " :‬إ ّ‬
‫ن َيْتُركها‪.‬‬
‫ينبغي للنسان أ ْ‬
‫ق عليه‪-‬أيضا مثل‪-‬الجلوس‬ ‫ضيق عليه الوقوف‪-‬مثل‪-‬ويش ّ‬ ‫ن َي ِ‬
‫لكن َمن َكا َ‬
‫صرة ِمن أجل أن‬ ‫ول يستطيع فَيطلب ِمن المام ِبأن ُيصّلي صلًة ُمخت َ‬
‫تل‬‫سك إذا كن َ‬
‫ُيصّلي هو معهم ‪ ..‬نقول‪ :‬ل‪ ،‬ل ينبغي لك ذلك ‪ ..‬صّل ِبنف ِ‬
‫جِلس ول مانع ما ُدْمت ل تستطيع على الِقَيام‪ ،‬وإل‬ ‫تستطيع وإل َفا ْ‬
‫طيل كما فعل النبي صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫فالجماعة َينَبِغي َلَها أن ُت ِ‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ِبالّنسبة للستدراك فيها ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬الستدراك فيها مشروع‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫عَلى نفس كيفية المام ؟‬
‫ويكون َ‬

‫ج‪:‬‬
‫سب ما فعله المام‪ ،‬فل ينبغي للمأموم أن ُيخاِلف إماَمه‪،‬‬ ‫ح ْ‬
‫ويقضي على َ‬
‫ي في كل‬ ‫ي َمن َيقول ِبالركعتين ‪ ..‬أي أن َيأِت َ‬ ‫ن المام يأخذ ِبرأ ِ‬
‫فلو قّدرنا أ ّ‬
‫خلف ِتْل َ‬
‫ك‬ ‫ضي َيْأِتي ِب ِ‬
‫ركعٍة ِبركوع واحد ل َينبغي ِللمأموم إذا َقاَم َيْق ِ‬
‫ض على حسب ما أتى به المام‬ ‫الصلة لنه َيقضي ما فعله ذلك المام َفْلَيْق ِ‬
‫شُد إلْيه ِبأن َيأتي في كل ركعة ِبركوعين )‪(8‬‬ ‫صَواب الذي ُنْر ِ‬ ‫وإن كان ال ّ‬
‫كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫صة‬ ‫ن كثيرا ِمن الناس‪-‬وخا ّ‬ ‫ب أن ُأنبه عليها‪-‬أيضا‪-‬وهو أ ّ‬ ‫وهناك مسألة أح ّ‬
‫ب الطبول وما شابه‬ ‫ِمن العاّمة وطبعا ل يقع إل ِمن الَعاّمة‪-‬يقومون ِبضر ِ‬
‫سّنة النبي صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫خاِلف ِل ُ‬‫صَل َله َبْل ُهو ُم َ‬‫ذلك ‪ ..‬هذا ل َأ ْ‬
‫وسلم‪.‬‬
‫سبب في‬ ‫ف ما هو ال ّ‬ ‫كما أنني ُأِريد‪-‬أيضا‪-‬أن ُأَنّبه إلى أّنه وإن ُكّنا َنْعِر ُ‬
‫وقوع الكسوف والخسوف ل ينبغي لنا أن نتهاون في هذا المر‪ ،‬فالنبي‪-‬‬
‫عا‬
‫ج َفِز ً‬
‫خَر َ‬‫ل َبل َ‬ ‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬لْم يتهاون بذلك ‪َ ..‬ك ّ‬
‫ن ُهَناك‪-‬‬ ‫عوًبا صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه وإن َكا َ‬ ‫َمْر ُ‬
‫عي َلُبد ِمن‬ ‫شْر ِ‬
‫مثل‪َ-‬أْمر واضح ِلمثل هذه المور لكن هنالك‪-‬أيضا‪-‬أمٌر َ‬
‫عاِته‪ ،‬فقد َتَقع َهِذه السباب في الكون على حسب السّنة الَكْونية ولكن‬ ‫ُمَرا َ‬
‫لبد‪-‬أيضا‪ِ-‬من مراعاة المِر الشرعي فقد يكون والعياذ بال‪-‬تبارك‬
‫ع َيْوَم القيامة‪-‬كما هو‬ ‫وتعالى‪-‬ذلك ُمقّدَمًة ِلَيْوِم القيامة وطبعا لبد ِمن ُوُقو ِ‬
‫معروف‪-‬والدّلة قد َناَدت ِبأّنه َقِريب فلبد ِمن ملحظِة هذا المر وأّل نّتخذ‬
‫سَنا‪-‬مثل‪-‬في‬ ‫هذا أمرا عاديا ‪ ..‬مثل قال الفلكيون ِبَأّنه يقع كذا وكذا وَدَر ْ‬
‫ل‪ ،‬عندما‬ ‫عاِدًيا ‪ ..‬ك ّ‬‫ن السبب كذا وكذا فإذن َنْعَتبر ذلك أْمًرا َ‬ ‫علوم الفلك ِبأ ّ‬
‫ع زلزلة أو َبَراِكين‬ ‫حُدث َهِذه الحوادث ِمن كسوف أو خسوف أو ِمن ُوُقو ِ‬ ‫َت ْ‬
‫شاَبه ذلك فإنه وإن كنا‪-‬مثل‪َ-‬نْعِرف شيئا ما عن هذه‬ ‫عاِتية أو َما َ‬ ‫أو ِرَياح َ‬
‫عاَها النبي‪-‬صلى ال‬ ‫عاة تلك السباب التي َرا َ‬ ‫السباب لكن لبد ِمن ُمَرا َ‬
‫جل والَفَزع ِمن ِمْثل ِهِذِه‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬ولبد ِمن الخوف والَو َ‬
‫حُدث ِلَهِذه الرض في هذه الحوال وفي‬ ‫اُلُمور التي ل َيْدِري النسان ما َي ْ‬
‫غير هذه الحوال‪ ،‬فكثير ِمن الناس الن مع تقدم هذه الُعُلوم َرَأْوا هَِذه‬
‫جد الَواحد يقول‪َ " :‬يحدث َكَذا‬ ‫المور أمورا عادية ول يهتّمون ِبها ‪َ ..‬ت ِ‬
‫شَتِغل ِبُأُموِره ول ُيَباِلي ِبمثل َهِذه‬ ‫جُده ُم ْ‬
‫عْنَدما َيحدث كذا َت ِ‬ ‫وَيحدث َكَذا " و ِ‬
‫خَفى عليه‬ ‫اُلُمور ‪ ..‬الرسول‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬ما َكانت َت ْ‬
‫خاِئًفا‬
‫ت‪-‬خرج فزعا صلوات ال وسلمه عليه َ‬ ‫هذه المور ومع ذلك‪-‬كما قل ُ‬
‫ف وقفة مع‬ ‫ِمن العقوبة فعلينا أن نّتعظ وأن نعتِبر ِبمثل هَِذه المور وأن َنِق َ‬
‫خذها أمرا عاديا عاِبرا؛‬ ‫الّنْفس ِلُمحاسبتها في مثل هذه الحوادث وأّل َنّت ِ‬
‫وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي العانة والتوفيق‪.‬‬
‫الهامش‪:‬‬
‫‪-1‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان‬
‫‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ " :‬قد اختَلف الناس في هذه الصلة هل‬
‫حَدَثت آيٌة ِمن اليات‬
‫شَمُل‪-‬أيضا‪-‬إذا َ‬ ‫صة ِبالكسوف والخسوف أو َت ْ‬ ‫هي خا ّ‬
‫عاِدية وما شابه ذلك ِمن‬ ‫صَواعق التي َلم تكن َ‬ ‫الخرى كالّزْلَزَلة أو ال ّ‬
‫المور ؟‬
‫ف والكسوف‪.‬‬ ‫صة ِبالخسو ِ‬ ‫َفِمنهم َمن قال‪ :‬هي خا ّ‬
‫وِمنهم َمن قال‪ :‬هي شاِمَلة ِلكّل أمٍر َمُهول َلم َيكن ُمعتادا‪.‬‬
‫ف والّزلزلة‪.‬‬‫ف والخسو ِ‬ ‫صة ِبالكسو ِ‬ ‫وِمنهم َمن قال‪ :‬هي خا ّ‬
‫جٌه وجيه ِمن الصواب فهو الذي‬ ‫والقول ِبالُعُموم في مثل هذه المور له َو ْ‬
‫نراه "‪.‬‬

‫‪ -2‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان‬


‫ت في‬ ‫‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ " :‬أما كيفيُة هذه الصلة فقد جاء ْ‬
‫ت ُمَتعّدَدة‪:‬‬‫سّنة على صفا ٍ‬ ‫ال ّ‬
‫ت كّل ركعة َتكون ِبُرُكوع‪.‬‬ ‫‪ -1‬جاء ْ‬
‫ض الروايات ِبُرُكوعْين‪.‬‬ ‫‪ -2‬وجاء في بع ِ‬
‫ضها ِبثلثة‪.‬‬ ‫‪ -3‬وفي بع ِ‬
‫ضها ِبأربعة‪.‬‬ ‫‪ -4‬وفي بع ِ‬
‫ضها ِبخمسة‪.‬‬ ‫‪ -5‬وفي بع ِ‬
‫لها النسان‪ ،‬فإذا كان ذلك بعَد‬ ‫ث صلٍة ص ّ‬ ‫حَد ِ‬‫ضها كِمْثِل َأ ْ‬‫‪ -6‬وفي بع ِ‬
‫صلة المغرب فتكون الصلة كِمثل صلة المغرب أو بعَد الِعشاء كِمثل‬
‫صلة الِعشاء أو بعَد الفجر كِمثل صلة الفجر‪ ،‬أو الظهر أو العصر فهكذا‪.‬‬
‫حَدَثت في عهد النبي‬ ‫ن هذه الحادثة‪-‬أي حادثة الكسوف‪َ -‬‬ ‫وِمن المعلوم أ ّ‬
‫سع والعشرين ِمن‬ ‫ت في التا ِ‬ ‫حَدث ْ‬
‫صلى ال عليه وسلم َمّرة واحدة‪ ،‬وقد َ‬
‫ض‬
‫ت في بع ِ‬ ‫شوال في يوم الثنين بعَد طلوع الشمس ِبَوقت‪ ،‬وقد قرأ ُ‬
‫ث في الساعِة الثامنة والنصف‪.‬‬ ‫حَد َ‬
‫ن ذلك َ‬‫الكتب بأ ّ‬
‫شر ِمن الشهر فذلك‬ ‫ن ذلك َوقََع في العا ِ‬ ‫ض الروايات ِبأ ّ‬ ‫وأما ما ُروي في بع ِ‬
‫سَرار القمر ‪ ..‬أي في‬ ‫سِت ْ‬
‫َباطل‪ ،‬إذ ل ُيمِكن أن َيَقَع الخسوف إل عند ا ْ‬
‫ث على ما قيل‪-‬أيضا‪-‬في‬ ‫سع والعشرين أو في الثلثين وُيمِكن أن َيحد َ‬ ‫التا ِ‬
‫سع أو الثاِمن أو‬‫شر أو التا ِ‬ ‫خِر َيْوِم الثاِمن والعشرين‪ ،‬أّما في العا ِ‬ ‫أوا ِ‬
‫الخاِمس عشر أو ما شابه ذلك وأعني ِبهذا الكسوف ل الخسوف فهذا ِمما‬
‫ل ُيمكن‪ ،‬أّما الخسوف فإّنه َيَقع في ليلِة الراِبع عشر أو الخاِمس عشر‪،‬‬
‫ولذلك َنرى أّنه ل معنى ِلما َيذُكره كثيٌر ِمن أهِل العلم ِمن أّنه إذا اجتَمع‬
‫عيد هل ُتَقّدم صلُة العيد أو الكسوف ؟ لّنه ل ُيمكن أن َيَقعَ ذلك‬ ‫فوِ‬ ‫كسو ٌ‬
‫ث ما شاء ولكن‬ ‫ث ما شاء فنعم ‪ُ ..‬يحِد ُ‬ ‫حِد ُ‬
‫ن ال قد ُي ْ‬
‫ضهم بأ ّ‬
‫أبدا‪ ،‬وقول بع ِ‬
‫جَعَله‬
‫جَعَل ِلهذه الموِر أسبابا وهي َتَقع على حسب ما أراَدُه ال وما َ‬ ‫قد َ‬
‫سَرار القمر على ما‬ ‫سِت ْ‬
‫ِمن هذه السباب فل ُيمِكن أن َيَقَع ذلك إل عنَد ا ْ‬
‫ذكرُته‪.‬‬
‫فإذن ذلك َلم َيحُدث في عهِد النبي صلى ال عليه وسلم إل مّرة واحَدة‪،‬‬
‫ن َيكون قد صّلى صلوات ال وسلمه عليه ِبهذه الكيفّيات‪ ،‬وإذا‬ ‫فل ُيمكن َأ ْ‬
‫جح ِمن هذه الكيفيات‪،‬‬ ‫ث عن الرا ِ‬‫كان المر كذلك فإّنه لبد ِمن أن َنبح َ‬
‫عْين "‪.‬‬ ‫جح أّنه َقد صّلى ركعتْين وصّلى كّل ركعٍة بُرُكو َ‬ ‫والّرا ِ‬

‫وقال الشيخ‪-‬أيضا‪-‬عند جوابه على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 25‬رمضان‬


‫ض العلماء أن لو اجتمع ْ‬
‫ت‬ ‫‪1425‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م (‪َ " :‬تكّلم بع ُ‬
‫ي الستسقاء واجتمع مع ذلك أيضا‬ ‫ت الجماعُة أن ُتصّل َ‬ ‫صلُة العيد وأراد ْ‬
‫كسوف‪ ،‬فِبماذا َيبدؤون ؟ و‪-‬على كل حال‪-‬ل ُيشَرع أن ُيجَمع بْين صلِة‬
‫ن الهيئة َتختِلف في هاتين‬ ‫ت واحد‪ ،‬ل ّ‬ ‫العيد وبْين صلِة الستسقاء في وق ٍ‬
‫صة في‬‫الصلتين أو في هاتين الحالتين ‪ ..‬لكّل واحدةٍ منهما هيئٌة خا ّ‬
‫السّنة فل ينبغي الجمع بينهما‪ ،‬وإذا أرادوا أن َيستسقوا فلَيستسقوا‬
‫ِبالدعاء كما دعا النبي ‪ e‬في خطبة الجمعة وكذلك فلَيكن في خطبة العيد‪،‬‬
‫أما ِبالنسبة إلى صلة الكسوف فهؤلِء‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬الذين ذكروا هذا‬
‫ف ل ُيمِكن أن َيقَع في هذا اليوم رْأسا فهو ل‬ ‫ن الكسو َ‬ ‫الكلم لم َيتصّوروا أ ّ‬
‫سَرار وذلك ل ُيمِكن أن َيكون ل في اليوم الحادي‬ ‫سِت ْ‬
‫ت ال ْ‬ ‫َيكون إل في وق ِ‬
‫جة‬‫حّ‬ ‫شر ِمن شهِر ذي ال ِ‬ ‫ي شهٍر ول في اليوم العا ِ‬ ‫ِمن شوال بل ول ِمن أ ّ‬
‫سَرار القمر‪ ،‬فلو‬ ‫سِت ْ‬
‫خر‪ ،‬فهو ل َيكون إل في حالة ا ْ‬ ‫ي شهٍر آ َ‬‫بل ول ِمن أ ّ‬
‫عِلموا ذلك َلما َذكروا هذه المسألَة على الطلق ‪ ..‬هذا الذي ُنريد أن ُننّبه‬ ‫َ‬
‫عليه "‪.‬‬

‫‪ -3‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان‬


‫‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ُ " :‬يَكّبُر الحرام ُثم َيستعيُذ‪-‬كما هو‬
‫معلوم‪-‬وَيقرُأ الفاِتحة ‪." ...‬‬

‫‪-4‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان‬


‫ن َيكتِفي‬
‫‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ُ " :‬يْكِثر فيه ِمن التسبيح ل ل أ ْ‬
‫طيُل كثيرا في ذلك "‪.‬‬
‫شر بل ُي ِ‬
‫ث مرات أو ِبخمس أو ِبع ْ‬
‫ِبثل ِ‬

‫‪ -5‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان‬


‫‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪ " :‬وَيصنع مثَل ذلك في الركعِة الثانية‪،‬‬
‫صر ِمن الركعِة الولى‪،‬‬ ‫ن ذلك َيكون أَقل ‪ ..‬أي َتكون الركعة الثانية َأق َ‬ ‫ولك ّ‬
‫صر ِمن القراءة التي‬ ‫فَتكون القراءة الولى التي هي قبل الركوع الّول أْق َ‬
‫تكون بعد الركوع الّول ِمن الركعة الولى ‪ ..‬هذا ما يظهر لي‪.‬‬
‫صر ِمن الركوع الذي‬ ‫ب ما وصفناه وَيكون ركوعه َأق َ‬ ‫ُثم َيرَكع على حس ِ‬
‫صر ِمن الّول كما أشرت‪.‬‬ ‫ذكرناه سابقا والثاني َأق َ‬
‫صر ِمّما جاء ِبه‬‫ُثم َيقوم وَيقرُأ الفاِتحَة وسورًة أو َمجموعًة ِمن اليات َأق َ‬
‫قبَل ذلك‪ ،‬وهكذا على حسب ما وصفناه‪ ،‬فهذه الروايُة هي الرواية‬
‫حه‬‫حَ‬‫ب إليه جماعٌة ِمن أهِل العلم‪ ،‬وص ّ‬ ‫الصحيحة‪ ،‬وهذا القوُل قد َذَه َ‬
‫حه في شرح " الجامع " ] ج ‪ ،1‬ص‬ ‫جَ‬‫المام السالمي‪-‬رحمه ال‪-‬أو ر ّ‬
‫‪ [ 284‬والمعَنى واحد‪.‬‬
‫أما َبقيُة الروايات فهي إّما ضعيفُة السند أو ضعيفُة المتن‪ ،‬وِمن المعلوم‬
‫ح السناد وَيكون الـمْتن شاّذا‪ ،‬وهذا هو الواِقع الذي ليس له‬ ‫صّ‬
‫أّنه قد َي ِ‬
‫ت ِبخل ِ‬
‫ف‬ ‫ض هذه الروايات‪ ،‬فكّل تلك الروايات التي جاء ْ‬ ‫ِمن داِفع في بع ِ‬
‫ضها‪.‬‬
‫ت أسانيُد بع ِ‬ ‫هذه الرواية ل َتْثُبت ِمن جهة ُمتوِنها وإن َثَبَت ْ‬
‫خّير َبْين هذه‬‫ن النسان ُم َ‬ ‫حِة الروايات وأ ّ‬ ‫صّ‬‫ضهم ِمن ِ‬ ‫أما ما َذَكَره بع ُ‬
‫ن القضية‬ ‫المور فذلك ِمّما ل َينبِغي لحٍد أن َيقول ِبه ِلما ذكرناه ِمن أ ّ‬
‫حد فهذا ِمّما ل ُيمِكن أن‬ ‫ن ذلك ُمّت ِ‬ ‫واحدة ‪ ..‬لو َتَعّدَد ذلك لكان ُممِكنا أّما وأ ّ‬
‫َيقوَل ِبه أحٌد ‪ ..‬هذا ما َينبِغي أن ُيَقال "‪.‬‬

‫‪-6‬قال الشيخ عند جوابه على السؤال ‪ِ 13‬من حلقة ‪ 14‬رمضان‬


‫ن أن‬‫ي أّنه هل ُيشَرع ِللنسا ِ‬
‫‪1424‬هـ ) ‪ 9‬نوفمبر ‪2003‬م (‪َ " :‬بِق َ‬
‫ب خطبًة بعد ذلك أو ل ؟ في ذلك خلف بْين أهل العلم‪:‬‬ ‫َيخط َ‬
‫ِمنهم َمن قال‪ُ :‬يشَرع ذلك‪.‬‬
‫وِمنهم َمن قال ِبعدم مشروعيِة ذلك‪.‬‬
‫والذين قالوا ِبمشروعيِة الخطبة اختَلفوا‪:‬‬
‫قيل‪َ :‬يخطب خطبتْين‪.‬‬
‫ن أن‬ ‫وقيل‪َ :‬يخطب خطبًة واحدة‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬إْذ إّنه ل ُيشَرع ِللنسا ِ‬
‫َيخطب خطبتْين إل ِللجمعة‪ ،‬أما ِبالنسبة إلى الكسوف والخسوف والّزْلَزلة‬
‫سن يُدّل على‬
‫ح َ‬‫ث صحيح ثاِبت ول َ‬ ‫وما شابه ذلك ‪ ...‬فإّنه َلم َيِرْد حدي ٌ‬
‫مشروعيِة الخطبتْين "‪.‬‬

‫‪ -7‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 16‬رمضان ‪1423‬هـ ) ‪22‬‬


‫نوفمبر ‪2002‬م (‪.‬‬

‫‪ -8‬قال الشيخ‪ " :‬ركعتين " بدل ِمن " ركوعين " وهو سبق لسان‪.‬‬
‫)سادسا ‪ :‬أحكام صلة العيد(‬

‫أول‪ :‬أحكام متعلقة بالعيد‬


‫س‪:‬‬
‫عية ُمَعّيَنة ينبغي على الناس أن‬
‫حَكام شر ِ‬
‫في َلْيَلة العيد ‪ ..‬هل هناك َأ ْ‬
‫صَباح؟‬
‫صَنُعوَها َقْبَل ال ّ‬
‫يفعلوها أو َي ْ‬

‫ج‪:‬‬
‫ض الِكَفاَية‬
‫ن ُفُرو ِ‬
‫إنه ينبغي للمسلمين أن ُيَراِقبوا رؤية الهلل وهذا ِم ْ‬
‫ن الهلل تتعلق به أحكام‬ ‫ن المعلوم أ ّ‬
‫ن الّناس‪ ،‬فِم َ‬
‫ساَهل ِبها كثير ِم َ‬
‫التي َيَت َ‬
‫ن أَهّم الحكام التي ُنريد أن نتكلم عنها في هذا الشهر‪:‬‬ ‫ُمَتَعّدَدة‪ ،‬وِم ْ‬

‫حّرم بالنصوص الصريحة وبإجماع‬


‫ن صيام يوم العيد ُم َ‬‫‪ -1‬ثبوت العيد‪ ،‬فإ ّ‬
‫الّمة السلمية قاطبة‪.‬‬

‫ض الكفايات على مذهب طائفة كبيرة ِم َ‬


‫ن‬ ‫ن ُفُرو ِ‬
‫‪ -2‬وكذلك صلة العيد ِم ْ‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫ن َوَرَد‬
‫ض العيان إل َم ْ‬ ‫ن ُفُرو ِ‬‫وذهبت طائفة ِمن المسلمين إلى أّنها ِم ْ‬
‫اسِتْثَناُؤه‪.‬‬
‫سَنن المؤكدة‪.‬‬ ‫ن ال ّ‬
‫وذهب بعضهم إلى أّنها ِم َ‬
‫عْذر شرعي‪.‬‬ ‫و‪ -‬على كل‪-‬ل ينبغي لحد أن يتساهل فيها إل َمن كان له ُ‬
‫ضل عن‬ ‫ن أهم الحكام التي َتَتَعلق برؤية الهلل هذا َف ْ‬ ‫فهذان الحكمان ِم ْ‬
‫بقية الحكام الخرى التي تتعلق برؤية الهلل التي تكون أيضا في َبِقّية‬
‫ن المعلوم أن‬ ‫الشهر الخرى والتي يتساهل ِبها الناس في زماننا هذا‪ ،‬فِم َ‬
‫شُهور العربية وليست بالشهور الخرى التي‬ ‫طٌة بال ّ‬
‫الحكام الشرعية َمُنو َ‬
‫ب العاملين‬ ‫ف َكَرَواِت ِ‬
‫جاَز فيه الُعْر ُ‬
‫ن الناس اللهم إل ما َ‬ ‫يتعامل ِبها كثير ِم َ‬
‫عْرفٌ بأّنَها تكون على تلك‬ ‫أو ما شابه ذلك إذا كان هنالك اّتفاق أو ُ‬
‫ق بالِعَدِد وما‬ ‫ق بالزكاة وما َيَتَعّل ُ‬ ‫الشهر فذلك ِمما ل بأس به‪ ،‬أّما ما َيَتَعّل ُ‬
‫ن تكون على حسب الشهور‬ ‫شابه ذلك ِمن الحكام الشرعية فل ُيْمِكن إل َأ ْ‬
‫ن ُمراقبة رؤية الهلل في كل شهر أمر لبد منه وفي بداية‬ ‫القمرية‪ ،‬فِإَذ ْ‬
‫شهر رمضان وفي ِنهاَيِته وهكذا بالنسبة إلى شهر ذي الحجة يكون المر‬
‫شيئة ال تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫شد‪ ،‬فينبغي للمسلمين إذن في الّلْيَلِة القادمة‪ِ-‬بَم ِ‬ ‫َأ َ‬
‫صل‬ ‫ن ذلك فعليه أن يّت ِ‬ ‫ن َثَبَتت َلَدْيِه الرؤية وَتَأّكَد ِم ْ‬ ‫أن ُيَراِقُبوا ذلك وَم ْ‬
‫ن عدم ُثُبوِته؛‬ ‫بالجهات المسُؤوَلة حتى َينظر أهل العلم في ثبوت ذلك ِم ْ‬
‫وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬
‫هذا ِبالنسبة إلى ليلة العيد وَبِقَيت هنالك مسألٌة قد قاَلها بعض العلماء‬
‫طاَلِة‬‫صَها ِبَبعض العبادات كِإ َ‬ ‫صي ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫وهو أّنه ينبغي قيام هذه الّلْيَلة أو َت ْ‬
‫ت في بعض الجوبة السابقة )‪(1‬‬ ‫الصلة ِبخلف غيرها ِمن الليالي وقد قل ُ‬
‫ن ذلك َلم يثبت فيه شيٌء عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬ ‫ِبأ ّ‬
‫ض أهل‬ ‫صح‪ ،‬وما جاء عن بع ِ‬ ‫ع ل َي ِ‬ ‫وسلم‪ ،‬وما جاء في ذلك فهو موضو ٌ‬
‫سَتَنَد ِإَليها كدليل‬‫ن ُي ْ‬
‫ح َأ ْ‬‫صُ‬‫ن أقوالهم ُمْفَتِقَرة ِإَلى الدليل ول َي ِ‬ ‫العلم فإ ّ‬
‫جة في مثل هذه القضية ‪ ..‬إذن قيام هذه الليلة‪-‬أعني‬ ‫شرعي تقوم به الح ّ‬
‫سَتَند شرعي ول ينبغي َلحد أن َيعَمل به ‪ ..‬نعم‬ ‫س َلُه ُم ْ‬
‫ليلة العيد‪َ-‬لْي َ‬
‫ن بقية سائر ليالي العام هو مطلوب شرعا كما هو ثاب ٌ‬
‫ت‬ ‫ِقَيامها كغيرها ِم ْ‬
‫في الِدّلة الدالة على مشروعية قيام الليل‪.‬‬
‫ن التكبير له‬ ‫ص بذلك عيَد الفطر ل ّ‬ ‫خ ّ‬ ‫وِمن ذلك التكبير في ليلِة العيد وَأ ُ‬
‫أحكام ُمختلفة في العيدين ول أريد الطالة بأحكام التكبير في عيد الضحى‬
‫سَر ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في ذلك‬ ‫المبارك َفِإّنَنا سوف نتكّلم في ذلك إن َي ّ‬
‫الوقت ‪ ..‬التكبيُر في ليلِة العيد ِمّما اختَلف فيه أهل العلم‪:‬‬
‫جّرد دخول شهر شوال أو‬ ‫ض أهل العلم ذهب إلى مشروعية التكبير ِبُم َ‬ ‫فبع ُ‬
‫دخول ليلة العيد سواًء كان ذلك بالرؤية أو ِبِإْكَمال رمضان ثلثين يوما ‪..‬‬
‫ت إليه طائفة ِمن أهل العلم‪.‬‬ ‫هذا ذهب ْ‬
‫شَرع‬ ‫ع في الليل وإّنما ُي ْ‬ ‫شَر ُ‬‫ن ذلك ل ُي ْ‬ ‫ت طائفة ِمن أهل العلم إلى أ ّ‬ ‫وذهب ْ‬
‫في الّنَهار‪ ،‬واختلفوا في ذلك‪:‬‬
‫شَرع بطلوع فجر العيد‪.‬‬ ‫ن قال‪ :‬إّنه ُي ْ‬ ‫ِمْنُهْم َم ْ‬
‫شَرع بطلوع شمس العيد‪.‬‬ ‫ومنهم َمن قال‪ :‬إنه ُي ْ‬
‫ج الّناس إلى المصلى‪ ،‬وهذا القول‬ ‫خُر ُ‬ ‫شَرع عندما َي ْ‬ ‫ومنهم َمن قال‪ :‬إنه ُي ْ‬
‫هو القول القرب عندي إلى الصواب‪ ،‬وليس هنالك دليٌل صحيح عن‬
‫ن ذلك قد ثبت‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم وإن جاءت بعض الحاديث ولك ّ‬
‫ن ِمْثَل‬
‫عن طائفة ِمن صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم والظاهر أ ّ‬
‫ض الرأي وإّنما َتَلّقْوُه عن النبي صلى ال عليه‬ ‫ح ِ‬ ‫ذلك ِمما ل ُيَقال ِبَم ْ‬
‫شَر ُ‬
‫ع‬ ‫ح الثار بل الصحيح الثابت هو ما جاء ِبأنه يُ ْ‬ ‫صّ‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬وَأ َ‬
‫عَدا ذلك َفَلْم َيثبت‪ ،‬فهذا القول الذي‬‫صّلى الِعيد‪ ،‬أّما ما َ‬
‫عند الخروج إلى ُم َ‬
‫ع التكبير فيها وإّنَما‬ ‫شَر ُ‬
‫ن ليلَة العيد‪-‬أي على هذا القول‪-‬ل ُي ْ‬ ‫نراه‪ ،‬وعليه فإ ّ‬
‫ت‪-‬عند الخروج إلى الـُمصلى‪.‬‬ ‫شَرع‪-‬كما قل ُ‬‫ُي ْ‬

‫حْكِم هذا التكبير‪:‬‬


‫وقد اختَلف العلماء في ُ‬

‫‪ -1‬منهم َمن قال‪ :‬إّنه فريضة ‪ ..‬أي َأّنه واجب في الّليِل‪.‬‬

‫سَتِمر إلى صلة العيد‪ ،‬ومنهم‬


‫سّنة‪ِ ،‬من الليل وَي ْ‬
‫‪ -2‬وِمْنهم َمن قال‪ :‬إنه ُ‬
‫ن بداية الخروج إلى المصلى كما قدمنا‪.‬‬ ‫َمن قال‪ :‬إّنه ِم ْ‬

‫عّيِتِه في عيد الفطر المبارك‪.‬‬


‫شُرو ِ‬
‫‪ -3‬ومنهم َمن قال بَعَدِم َم ْ‬

‫حّتَمات و‪-‬‬ ‫والقول الوسط هو القول الصحيح‪ ،‬فهو ليس ِمن الواجبات الـُمَت َ‬
‫سّنة ِمن السنن ل‬ ‫ن الـَمْكُروَهات أو ما شابه ذلك وإّنما هو ُ‬ ‫أيضا‪-‬ليس ِم َ‬
‫َينبغي التفريط فيها ِبحال‪.‬‬
‫ص صريح وإّنما ُهَناِلك للعلماء َكْيِفّيات‬ ‫وكيفية هذا الّتْكِبير َلم َيِرد فيها َن ّ‬
‫خَتِلَفة والُكّل ل بأس به ِبمشيئة ال‪:‬‬ ‫ُم ْ‬
‫فمنهم َمن َيقول‪ُ :‬يَكّبر تكبيرتين قبل التهليل َيقول‪ " :‬ال أكبر ال أكبر ل‬
‫إله إل ال وال أكبر ول الحمد "‪.‬‬
‫ومنهم َمن َيقول‪ُ :‬يَكّبر ثلثا سردًا‪ " :‬ال أكبر ال أكبر ال أكبر "‪.‬‬
‫ن فعل هذا فل بأس عليه وَم ْ‬
‫ن‬ ‫ب سهل ِبحمد ال تبارك وتعالى ‪َ ..‬م ْ‬ ‫ط ُ‬
‫خْ‬
‫والـ َ‬
‫فعل هذا فل بأس عليه والكل فيه خير ِبمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وقد اختَلف العلماء‪-‬أيضا‪-‬في التكبير في العيدْين أّيُهما آَكد‪:‬‬
‫ن التكبير لعيد الفطر آَكد‪.‬‬ ‫ِمْنُهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫وِمنهم َمن قال بعكس ذلك‪.‬‬
‫وِمنهم َمن قال‪ :‬هما سواء‪.‬‬
‫حَتِمل‪،‬‬‫ضح في المسألة وعلى تقدير وجوِده فهو ُم ْ‬ ‫وليس هنالك دليل وا ِ‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬ينبغي التيان بذلك ول داعي‪ِ-‬فيَما أرى‪-‬إلى ترجيح واحد‬
‫ِمن هذه القوال وإّنما المطلوب الفعل في ِكْلَتا الحالَتْين؛ وال‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫بالنسبة للغتسال في يوم العيد‪ ،‬ما حكمه ؟ وهل ُيمكن أن يكون ذلك قبل‬
‫الفجر ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ض الحاديث التي ُتْرَفُع إلى النبي صلى‬ ‫الغتسال يوَم العيد وردت فيه بع ُ‬
‫صح شيٌء ِمن ذلك‪ ،‬وإّنما جاءت روايات ُمَتَعّدَدة عن‬ ‫ال عليه وسلم ول َي ِ‬
‫سِقيم‪،‬‬‫صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم منها الصحيح ومنها ال ّ‬
‫ض العلماء على‬ ‫سُه بع ُ‬ ‫ن هذا الغتسال ثابت‪ ،‬و‪-‬أيضا‪َ-‬قا َ‬ ‫فالظاهر أ ّ‬
‫ن القوى هو ما جاء‬ ‫س ل بأس به ولك ّ‬ ‫الغتسال ليوم الجمعة وهو ِقَيا ٌ‬
‫عن الصحابة رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬فالظاهر أّنُهم قد أخذوا‬
‫ذلك عن النبي صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫وقد اختَلف العلماء في الوقت‪:‬‬
‫ِمْنهم َمن قال‪َ :‬يُكون بعد طلوع الفجر‪.‬‬
‫ف الليل‪.‬‬ ‫ص ِ‬‫ومنهم َمن قال‪ :‬يكون حتى في الليل ويكون ذلك بعد ُمْنَت َ‬
‫ن أمكنه ذلك فذلك‬ ‫و‪-‬على ُكل‪َ-‬كْوُنُه بعد طلوع الفجر أمٌر ُمّتَفق عليه فَم ْ‬
‫صّلى العيد أو‬ ‫هو الْولى والحوط وَمن َلم ُيْمِكنه ذلك ِلُبْعِد َبْيِتِه‪-‬مثل‪ِ-‬من ُم َ‬
‫ضُع‬‫ن البيت الذي هو فيه فيه جماعة كبيرة ِمن الناس وقد يكون َمْو ِ‬ ‫لّ‬
‫الغتسال واحدا أو ما شابه ذلك وإذا اغتسلت الجماعة ُكّلَها في ذلك‬
‫جدا أو َأّنُه قد َتُفوُتُهم صلة العيد أو َيْغَتسل بعضهم دون‬ ‫خُروا ِ‬ ‫الوقت تأ ّ‬
‫ن َأ ْ‬
‫ن‬ ‫بعض أو ما شابه ذلك فهاهنا ل بأس بمشيئة ال‪-‬تبارك وتعالى‪ِ-‬م ْ‬
‫ضُهم ولو كان ذلك َقْبَل طلوع الفجر ولكن ل ينبغي أن يكون ذلك‬ ‫سَل َبْع ُ‬‫َيْغَت ِ‬
‫سُل‪-‬إذن‪-‬ثابت ول ينبغي التفريط فيه‪.‬‬ ‫قبل منتصف الليل‪ ،‬فالُغ ْ‬
‫س الملِبس الحسنة الجميلة حتى يكون المسلم في أحسن‬ ‫ن ُلْب ُ‬
‫سّ‬ ‫و‪-‬كذلك‪ُ-‬ي َ‬
‫ض العلماء المعتكف فقالوا‪:‬‬ ‫سَتْثَنى بع ُ‬ ‫جَمل َهْيَأة في هذا اليوم وا ْ‬ ‫صورة وأ ْ‬
‫ن أخذ ذلك ِمن حال‬ ‫خُرج في ثيابه التي اعتكف فيها‪ ،‬وِمْنُهم َم ْ‬ ‫الْولى أن َي ْ‬
‫ن في ثيابه‪ ،‬وهذا قياس باطل ل يصح‪ ،‬ذلك ل ّ‬
‫ن‬ ‫الشهيد حيث إنه ُيَكّف ُ‬
‫حه َيْثَع ُ‬
‫ب‬ ‫جر ُ‬‫ث َو ُ‬‫ث يوم القيامة بمشيئة ال تبارك وتعالى ‪ُ ..‬يْبَع ُ‬ ‫الشهيد ُيْبَع ُ‬
‫حه ريح المسك وليس كذلك‬ ‫َدمًا بسبب تلك الشهادة َلْوُنه َلْون الدم وِريـ ُ‬
‫ن ثياب المعتكف َلم يكن ذلك الوسخ الذي فيها‬ ‫بالنسبة إلى المعتكف‪ُ ،‬ثم إ ّ‬
‫سَها بذلك‪ ،‬وعلى تقدير أ ّ‬
‫ن‬ ‫بسبب العتكاف وإّنما كان ذلك بسبب إطالة ُلْب ِ‬
‫ن ذلك ل‬ ‫ذلك كان بسبب عدم خروجه ِمن ُمْعَتَكِفه أو ما شابه ذلك فإ ّ‬
‫ن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫ن السّنة الصحيحة داّلة على أ ّ‬ ‫يكفي‪ُ ،‬ثم إ ّ‬
‫ن الّثَياب وهو كان صلوات ال وسلمه عليه َيْعَتِكف في‬ ‫سَ‬ ‫ح َ‬
‫س َأ ْ‬
‫كان َيْلَب ُ‬
‫شْهِر رمضان‪ ،‬وإذن ل داعي ِلِمْثِل ذلك القياس‬ ‫ن َ‬ ‫شِر الخيرة ِم ْ‬ ‫الَع ْ‬
‫ِلمخالفته للصحيح الثابت‪.‬‬
‫ن كان َلم َيِرْد َمْرُفوعا إلى النبي صلى ال‬ ‫ب وهو وِإ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫ن ال ّ‬‫سّ‬‫وكذلك ُي َ‬
‫عليه وسلم ِمن طريق صحيحة ولكنه جاء عن بعض الصحابة ُثّم إ ّ‬
‫ن‬
‫ظَهَر أمام الناس‬ ‫ب أن َي ْ‬ ‫ح ّ‬‫ن حاله أّنُه ُي ِ‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم كان ِم ْ‬
‫في مثل هذه الـَمواطن وهو في أحسن حال وأحسن رائحة فل ينبغي‬
‫التفريط بذلك‪.‬‬
‫سواك بل هو مطلوب عند كل صلة كما جاء ذلك في‬ ‫وكذلك بالنسبة إلى ال ّ‬
‫الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫شاِرِبه‬
‫شْعَر َ‬ ‫صَر َ‬‫ج للعيد ينبغي له أن ُيَق ّ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ن الذي َي ْ‬ ‫وقال بعض العلماء‪ :‬إ ّ‬
‫صر أظافره‪ ،‬فإن كان هو بحاجة إلى ذلك فنعم أما إن لم يكن‬ ‫وأن‪-‬أيضا‪ُ-‬يَق ّ‬
‫شاِرِبه طويل وَلْم تكن أظافره طويلة‬ ‫شْعُر َ‬ ‫له حاجة إلى ذلك ‪ ..‬أي َلْم يكن َ‬
‫فإنه ل علقة للعيد بذلك كما هو الحال بالنسبة إلى الجمعة‪.‬‬
‫ع لصلة العيد ‪ ..‬هذا‬ ‫شَر ُ‬‫ع ِلصلة الجمعة فإّنه ُي ْ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ن ُكّل ما ُي ْ‬ ‫والحاصل َأ ّ‬
‫ن أهل التحقيق ِمن أهل العلم‪ ،‬وهو كلم واضح ل‬ ‫صت عليه طائفة ِم ْ‬ ‫ما َن ّ‬
‫غَباَر عليه ِبمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ُ‬
‫صلى العيد وَلْو‬ ‫ن الناس ينبغي َلهم أن يأتوا إلى ُم َ‬ ‫ص العلماء ِبأ ّ‬ ‫و‪-‬كذلك‪َ -‬ن ّ‬
‫سَعة‪ ،‬وما جاء ِمن الخلف في صلة الجمعة فهو‬ ‫شا ِ‬ ‫كان ذلك ِمن مسافة َ‬
‫ن على الناس أن َيخرجوا إلى‬ ‫كذلك في صلة العيد‪ ،‬منهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫سَمع فيها الذان لسائر الصلوات‪-‬وإن َلْم يكن لصلة العيد‬ ‫المسافة التي ُي ْ‬
‫ن الناس‪-‬للسف الشديد‪-‬‬ ‫سخ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫أذان كما هو معروف‪-‬وذلك ُيَقّدُر ِبَفْر َ‬
‫ن في بلدِتِهم و‪-‬كذلك‪-‬‬ ‫صّلو َ‬‫يتساهلون ِبهذا المر وَتجد كّل أصحاب بلدة ُي َ‬
‫خاِلف ِلَهدي النبي‪-‬‬ ‫صّلون في باديتهم‪ ،‬وهذا ُم َ‬ ‫تجد كثيرا ِمن أهل البادية ُي َ‬
‫ي صحابته‪-‬رضوان ال تبارك وتعالى‬ ‫صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وِلَهْد ِ‬
‫ص الصف حتى يظهر‬ ‫ن أجل وحدة الكلمة وَر ّ‬ ‫عليهم‪-‬فينبغي الجتماع ِم ْ‬
‫عو ِإَلى العمل‬ ‫المسلمون وهم ِبحمد ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬جماعة واحدة َفَأْد ُ‬
‫ِبِمْثِل هذه الشعيرة؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫خرج الناس ِلُيَكّبروا ِبصَْو ٍ‬
‫ت‬ ‫ن أن َيكون التكبير جماعيا ‪ ..‬يعني َي ْ‬
‫سّ‬
‫هل ُي َ‬
‫صُلوا إلى مصلى العيد ؟‬
‫واحد إلى أن َي ِ‬

‫ج‪:‬‬
‫حٍد ُيَكّبُر هو بنفسه ول حاجة إلى‬ ‫حد ُيَكّبُر بنفسه ‪ ..‬كل وا ِ‬
‫ن ُكّل وا ِ‬‫الصل أ ّ‬
‫ك بأّنه عندما ُيَكّبر الناس‬
‫شّ‬
‫أن ُيكّبر شخص وَتُرّد الـمجموعة َبْعَده ول َ‬
‫خرا وقد تكون المجموعة إذا‬ ‫جميعا سيكون بعضهم ُمَتَقّدما وبعضهم متأ ّ‬
‫كانت قليلة ‪ ..‬يكون صوُتها واحدا فإذن ل داعي لن يقرأ أحدهم التكبير‬
‫ن ذلك ِمن المور الممنوعة " ولكننا‬ ‫ن ُكّنا ل نقول‪ " :‬إ ّ‬‫والَبِقّية ُتَتاِبُعه وإ ْ‬
‫ن ذلك ل يثبت وما دام غير ثابت فالْولى أن يكون العمل على‬ ‫نقول‪ :‬إ ّ‬
‫حسب ما جاء في الِدّلة التي أشرنا إليها سابقا ‪.‬وال أعلم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أحكام صلة العيد‬
‫س‪:‬‬
‫بالنسبة للخروج إلى صلة العيد ‪ ..‬الذهاب إلى صلة العيد ِمن طريق‬
‫خر‪ ،‬هل هذا ِمن السّنة ؟‬
‫والعودة ِمن طريق آ َ‬

‫ج‪:‬‬
‫خُرج في طريق ُثم‬ ‫هذا ثبت عن النبي صلوات ال وسلمه عليه ‪ ..‬كان َي ْ‬
‫حَتِمل هل ذلك ِمن السنن المقصودة‬ ‫خر‪ ،‬وهذا المر ُم ْ‬ ‫يرجع في طريق آ َ‬
‫ن ذلك ِمن المور التي ليست‬ ‫للنبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪َ-‬أو أ ّ‬
‫جِبلية ؟ هذا المر ُمحتِمل‪ ،‬ولكن الذي‬ ‫ِمن السّنة وإّنما هي ِمن المور الـ ِ‬
‫ن المور المقصوَدة‪ ،‬ولكن ما العّلة في ذلك ؟‬ ‫ن هذا ِم َ‬ ‫ذهب إليه أكثرهم ِبأ ّ‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬كان َيمر على‬ ‫ِمْنُهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫ن يتصّدق الناس‬ ‫ب صلوات ال وسلمه عليه أ ْ‬ ‫ح ّ‬‫الناس ومنهم الفقير فأ َ‬
‫صّدُقون في ذهاِبهم على‬ ‫الذين لديهم شيٌء ِمن المال على الفقراء يَت َ‬
‫الطائفة التي َيمرون عليها في الطريق الول ويتصّدُقون عند إياِبهم على‬
‫الطائفة التي هي في الطريق الثاِني‪.‬‬
‫شعار المسلمين حتى يظهر في‬ ‫ن ذلك ِمن أجل إظهار ِ‬ ‫وِمْنُهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫أكثر ِمن موطن عندما َيمر النبي صلى ال عليه وسلم وَمن معه ِمن‬
‫الصحابة الكرام رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهم‪.‬‬
‫شَهد له‬
‫شَهد له الطريقان ‪ ..‬ي ْ‬ ‫ن أجل أن ي ْ‬ ‫ن ذلك ِم ْ‬ ‫ن قال‪ :‬إ ّ‬‫وِمْنُهم َم ْ‬
‫شَهد‬‫الطريق الول في خروجه صلوات ال وسلمه عليه ِلصلة العيد وي ْ‬
‫له الطريق الثاني عند رجوعه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫وقيل بغير ذلك‪.‬‬
‫وُيمكن أن يكون ذلك ِلهذه المعاني كلها أو لبعضها‪ ،‬فإنه ليس هنالك ن ّ‬
‫ص‬
‫صريح يدل على واحد ِمن هذه المور ولكن مهما كان ينبغي عدم التفريط‬
‫في ذلك عندما يكون ذلك ُمْمكنا‪ ،‬أما إذا كان ذلك ل ُيمكن لبعض الناس‬
‫وذلك عندما َيخرجون على السيارات إذ إّنه قد ل يتيسر لهم وجود‬
‫طريقين َيخرجون في واحد ويرجعون في الطريق الثاني فل بأس عليهم‬
‫عِلْمنا الِعّلة التي خرج منها النبي‬ ‫بمشيئة ال تبارك وتعالى‪ُ ،‬ثّم إّنَنا لو َ‬
‫ن ذلك ِمن أجل أن َيمر على‬ ‫صلى ال عليه وسلم فعلى تقدير أنه أراد أ ّ‬
‫الفقراء أو ِمن أجل السلم على أصحابه أو ما شابه ذلك فإذا كان أحد‬
‫الطريقين ل يوجد أحد فيه في بعض المناطق فإّنه ل حاجة ِلمثل ذلك‪،‬‬
‫حَتِمل‬‫ت‪-‬المر في هذه القضية ُم ْ‬ ‫شَعار‪ ،‬ولكن‪-‬كما قل ُ‬ ‫وهكذا بالنسبة إلى ال ّ‬
‫وليس هنالك دليل واضح فيها وإّنما هي احتمالت‪ ،‬وما دام النبي صلى‬
‫شَهد له كل واحد‬ ‫ال عليه وسلم َفَعَل ذلك وُيمكن أن يكون ِمن أجل أن ي ْ‬
‫ِمن الطريقين فالخير كل الخير في إتباعه صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫س على هذه القضية الذهاب إلى‬ ‫ض أهل العلم إلى أّنه ُيَقا ُ‬ ‫هذا وقد ذهب بع ُ‬
‫صلة الجمعة وعليه فعلى قوِلهم ينبغي الذهاب في طريق والرجوع في‬
‫ضهم قاس عليه الصلوات الخمس فقال‪ " :‬عندما َيخرج‬ ‫خر‪ ،‬وبع ُ‬ ‫طريق آ َ‬
‫النسان الذي يريد الذهاب إلى المسجد ينبغي له أن يذهب في طريق‬
‫طَرَد َذلك في كل أعمال الخير والِبر‬ ‫ن َ‬ ‫ويرجع في طريق آخر "‪ ،‬ومنهم َم ْ‬
‫عَياَدِة مريض أو ما شابه ذلك ِم ْ‬
‫ن‬ ‫فقال‪ " :‬إذا ذهب لزيارة قريب أو ِ‬
‫أعمال الخير ينبغي له أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخر "‪،‬‬
‫ن أجل أن يشهد له الطريقان‪ ،‬ولكن مهما‬ ‫ن ذلك ِم ْ‬ ‫ولعّل هذا مبني على أ ّ‬
‫صَر على ما‬ ‫كان ل ينبغي القياس في مثل هذه القضية ‪ ..‬ينبغي أن َنْقَت ِ‬
‫ورد عليه النص وبعد ذلك إن شاء النسان أن يذهب في طريق ويرجع‬
‫خر أو يرجع في الطريق الذي ذهب فيه فل بأس فيه بالنسبة‬ ‫في طريق آ َ‬
‫لغير العيد إل إذا كانت هنالك مصلحة كأن َيُمر على بعض أصحابه أو ما‬
‫شابه ذلك‪ ،‬وأما بالنسبة إلى ذهابه صلوات ال وسلمه عليه إلى مكة‬
‫خر فعلى تقدير أ ّ‬
‫ن‬ ‫المكرمة حيث إّنه دخل ِمن طريق وخرج ِمن طريق آ َ‬
‫حَمل على هذه‬ ‫ض أهل العلم‪-‬فذلك‪-‬أيضا‪ُ-‬ي ْ‬ ‫ذلك ِمن السنن‪-‬كما ذهب إليه بع ُ‬
‫ن عرفة في غير الطريق الذي‬ ‫القضية‪ ،‬وأما بالنسبة إلى رجوعه‪-‬أيضا‪ِ-‬م ْ‬
‫سر عليه "‪ ،‬و‪-‬على ُكل‪-‬ل‬ ‫ن ذلك كان َأْي َ‬ ‫ض العلماء قال‪ " :‬إ ّ‬ ‫ذهب إليه فبع ُ‬
‫سّنّيِة أمٍر‬
‫طْرُد القياس في مثل هذه القضايا حتى َيحكم النسان ب ُ‬ ‫ينبغي َ‬
‫صر على ما ثبت به الدليل ‪ ..‬هذا ما أراه؛‬ ‫سُنون وإّنما ُيْقَت َ‬
‫وهو ليس ِبَم ْ‬
‫والعلم عند ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫شيا ؟ وإذا كان ذلك‪،‬‬
‫هل ِمن السّنة أن يكون الذهاب إلى صلة العيد َم ْ‬
‫فماذا على َمن َرِكب ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬السّنة أن َيخرج النسان إلى صلة العيد كما َفَعَل النبي‪-‬صلى ال‬
‫شي على َقَدَمْيه ولكن عندما يكون‬ ‫ث إّنه خرج َيْم ِ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬حي ُ‬
‫ق على النسان أن َيخرج وهو‬ ‫شّ‬‫سرا أما إذا كان المكان بعيدا َي ُ‬ ‫ذلك ُمَتَي ّ‬
‫َيمشي فل بأس عليه ِبمشيئة ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬في الركوب‪ ،‬وكذلك إذا‬
‫كان النسان ضعيفا أو مريضا أو ما شابه ذلك أو أراد أن يأخذ معه بعض‬
‫سن‬‫ح َ‬
‫سَت ْ‬
‫ق عليهم الذهاب وهم َيمشون أو ل ُي ْ‬ ‫شّ‬‫نساِئِه وأولِده الذين َي ُ‬
‫منهم ذلك أو ما شابه ذلك فل بأس ِبذلك ِبمشيئة ال أما عندما يكون‬
‫سرا فل ينبغي أن ُيْعَدل إلى غيره‪.‬‬ ‫المشي ُمَتَي ّ‬

‫س‪:‬‬
‫وماذا عن المرأة أيضا ‪ ..‬هل َتخُرج ِلصلة العيد ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬هكذا ثبت عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬في‬
‫الحديث الصحيح الثابت عنه‪ ،‬فقد َأَمَر صلوات ال وسلمه عليه النساء‬
‫حّيض ِبأن‬‫أن َيخُرجن لصلة العيد حتى أّنه صلى ال عليه وسلم أمر ال ُ‬
‫جل أن‬‫نأْ‬ ‫صّلين في ذلك الوقت ِم ْ‬ ‫َيخُرجن إلى صلة العيد مع أّنهن ل ُي َ‬
‫ن بتكبيرهم‪ ،‬فالنساء ينبغي‬ ‫ن دعوة الخير مع المسلمين وأن ُيَكّبْر َ‬ ‫َيشَهْد َ‬
‫َلهن ذلك‪ ،‬وقد اختَلف العلماء في هذا الخروج‪:‬‬
‫منهم َمن قال‪ :‬إنه واجب‪ .‬ومنهم َمن قال‪ :‬إنه مستحب‪ .‬ومنهم َمن قال‪:‬‬
‫إنه مباح‪.‬‬
‫ن ذلك منسوخ "‪ ،‬ول دليل على‬ ‫ومنهم َمن قال‪ :‬إنه مكروه ‪ ..‬قالوا‪ " :‬إ ّ‬
‫ي بالدليل ول سبيل له إليه‬ ‫سخ فعليه أن َيأِت َ‬ ‫عى الّن ْ‬
‫النسخ أبدا ‪َ ..‬من اّد َ‬
‫البّتة‪.‬‬
‫ق النساء الكبيرات‪ ،‬ومنهم َمن قال‪ :‬يباح‬ ‫حب في ح ّ‬ ‫ومنهم َمن قال‪ُ :‬يست َ‬
‫ن شيٌء ِمن الجمال‪،‬‬ ‫ن‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى النساء اللتي لم يكن فيه ّ‬ ‫له ّ‬
‫أما بالنسبة إلى النساء الصغيرات ولسيما الجميلت فهذا ِمّما ل ينبغي‪.‬‬
‫ص الحديث الثابت عن النبي صلى ال عليه‬ ‫ف ِلن ّ‬ ‫خِال ٌ‬ ‫و‪-‬على كل حال‪-‬هذا ُم َ‬
‫صغار‪ ،‬فل أدري‬ ‫ج ال ّ‬ ‫صيص على خرو ِ‬ ‫وعلى آله وسلم‪ ،‬فالحديث فيه الّتْن ِ‬
‫ث النبي صلى ال عليه وعلى‬ ‫ِلَماذا ُيْؤَتى ِبمثل هذه القوال المخاِلفة ِلحدي ِ‬
‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬فالقول ِبالكراهة قول ل وجَه له‪ ،‬والقول بالنسخ ل‬
‫ت إليه‪ ،‬وهكذا بالنسبة إلى القول‬ ‫دليل عليه‪ ،‬ول ينبغي لحد أن َيْلَتِف َ‬
‫بالباحة أو بالتخصيص بكبيرات السن وَمن كان حاُله كحاِلِهن‪ ،‬فهذه‬
‫ت إليها بل ينبغي المُر ِبذلك كما َأَمَر به النبي‬ ‫القوال ِمّما ل ينبغي أن ُيْلَتَف َ‬
‫جن بزينٍة أو ِبعطٍر أو ما شابه ذلك‬ ‫خُر ْ‬
‫شْرط أّل َي ْ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ِب َ‬
‫خرة أو‬ ‫والزينُة شاملة لكل شيٍء سواًء كانت زينة ِبُلْبسِ الثياب الفا ِ‬
‫ن ُمَتَزّيَنات‪،‬‬ ‫جَ‬
‫خُر ْ‬ ‫ط أّل َي ْ‬‫شْر ِ‬‫ِباستعمال العطور أو ما شابه ذلك ‪ ..‬الحاصل ِب َ‬
‫سَنة فهذا‬ ‫ح َ‬
‫طَرة أو ما شابه ذلك أو في حالٍة َ‬ ‫خرجت ُمَتَزّيَنة ُمَتَع ّ‬ ‫أما َمن َ‬
‫خة‪ ،‬فإما أن‬ ‫صاِر َ‬‫ف ِللسّنة ُمخاَلفًة َ‬ ‫خاِل ٌ‬
‫شّد الّنهي‪ ،‬فهو ُم َ‬ ‫عْنُه َأ َ‬‫ِمّما ُيْنَهى َ‬
‫خُرج المرأة‪-‬كما َأَمَرها النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬غير ُمَتَزّيَنة‬ ‫َت ْ‬
‫طه في سّنة النبي‬ ‫ت شرو ُ‬ ‫سة اللباس الشرعي المعروف الذي جاء ْ‬ ‫ولِب َ‬
‫جميعا‬ ‫صلى ال عليه وسلم وأرى الوقت ل َيسَمح لي ِبِذْكر تلك الشروط َ‬
‫صا بالعيد َبْل‬ ‫ن ذلك ليس خا ّ‬ ‫فَلَعّلَنا َنْذُكرها ِبمشيئة ال في مناسبٍة أخرى فإ ّ‬
‫ص أجنبي منها‪،‬‬ ‫ن َبْيِتها وقد تلتقي بشخ ٍ‬ ‫خُرج المرأة ِم ْ‬ ‫هو شامل عندما َت ْ‬
‫ج به‬‫خُر َ‬
‫ح َلها أن َت ْ‬ ‫صّ‬ ‫ت المرأة بلباسها الشرعي الذي َي ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬
‫فإذن إذا َ‬
‫حاِرمها فذلك ِمّما ُيْؤَمُر ِبه‬ ‫حد ِمن الجانب وذلك‪-‬طبعا‪-‬مع َم َ‬ ‫عندما َتلتقي ِبَأ َ‬
‫ض أو نفاس أو كانت‬ ‫في السّنة سواًء كانت هذه المرأة في حالِة حي ٍ‬
‫شَهد الصلة كما‬ ‫طاهرة لكن إذا كانت في حالة حيض أو نفاس فإّنها ل َت ْ‬
‫شَهُد‬‫ث عن النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬وإّنما َت ْ‬ ‫ثبت ذلك في الحدي ِ‬
‫الخير ودعوَة المسلمين وُتَكّبر ِبَتْكِبيِرِهم ‪ُ ..‬تَكّبر‪-‬طبعا‪-‬في نفسها َوَلْيس‬
‫كالرجال الذين َيْرَفُعون أصواَتُهم؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫إذا َلم َتخُرج المرأة ِلصلة العيد‪ ،‬هل ُتصّليها في بيتها ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫جماعِة المسلمين كما ثبت ذلك عن‬ ‫صّلى صلة العيد في َ‬
‫الصل أن ُت َ‬
‫ن َلم َتخرج كما هو الحال عند‬
‫النبي‪-‬صلوات ال وسلمه عليه‪-‬ولكن إ ْ‬
‫صّلت في بيتها ركعتين )‪ (2‬فل‬ ‫كثير من الناس في هذا الزمان ‪ ..‬إن َ‬
‫ن الصلة تكون في جماعة‬
‫بأس ِبمشيئة ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬لكن الصل أ ّ‬
‫وأقصد بالصلة صلة العيد‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ماذا على َمن لم يصل صلة العيد ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ت هي‪:‬‬
‫على كل حال؛ صلة العيد‪-‬كما قل ُ‬

‫‪ -1‬واجبة على العيان‪ ،‬على رأي طائفة ِمن أهل العلم‪ ،‬وهو قول قوي‪.‬‬

‫‪ -2‬وبعضهم َيقول‪ :‬هي ِمن السنن المؤكدة‪.‬‬

‫‪ -3‬ومنهم َمن َيقول‪ :‬هي ِمن الواجبات الكفائية‪.‬‬


‫ومهما كان ل ينبغي للنسان أن ُيفّرط في ذلك أبدا ‪ ..‬القول بالوجوب‬
‫العيني قول قوي جدا‪ ،‬و‪-‬أيضا‪-‬حتى على قول َمن َيقول ِبالسّنة المؤكدة‬
‫فليس للمسلم أن ُيفّرط في مثل هذه المور ‪ ..‬الرسول صلى ال عليه‬
‫حّيض أن َيخُرجن‬ ‫ث أصحاَبه وَيأُمر حتى النساء الـ ُ‬‫وسلم َيخُرج إليها وَيح ّ‬
‫خص ِللقاِدر في ذلك‬ ‫ن ل ُيصّلين ومع ذلك ُيمِكن أن ُنر ّ‬‫إلى المصلى وإن ُك ّ‬
‫هذا ِمّما ل يمكن أن نقول به أبدا‪ ،‬فعلى َمن وقع في ذلك في الماضي أن‬
‫جع إليه ؛ وال ولي التوفيق‪.‬‬ ‫َيتوب إلى ال وأن َير ِ‬

‫س‪:‬‬
‫ص في المناوبة مثل‬‫كيف َيصَنع َمن فاتته صلة العيد ‪ ..‬كأن يكون شخ ٌ‬
‫وفاتته الصلة يوَم العيد مع الجماعة‪ ،‬فهل له أن يصليها منفردا فيما‬
‫بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ت النهي المعروف وذلك بعد أن‬ ‫على كل حال؛ صلُة العيد وقُتها بعد وق ِ‬
‫ن ذلك ُيقّدر تقريبا باثنتي‬
‫ترتفع الشمس بمقدار قيد رمح وقلنا )‪ " : (3‬إ ّ‬
‫عشرة دقيقة أو ربع ساعة " ‪ِ ..‬من هذا الوقت َيدخل وقت صلة العيد‬
‫وَينتهي قبل الزوال ِبلحظة ‪ ..‬هذا هو وقتها‪ ،‬فالصل أن ُيصلي النسان‬
‫مع جماعة المسلمين ولكن إن كان هنالك عذٌر لبد منه ِمن مرض ونحوه‬
‫أو ِمن المور التي ل يمكن أن َيخرج فيها مثل كبعض الناس الذين‬
‫يكونون في المستشفيات وهنالك ضرورة ملحة لن يبقى الطبيب في‬
‫المستشفى‪:‬‬
‫ن النسان إذا لم َيخرج إلى الصلة‬ ‫ض العلماء َيقول‪ :‬إ ّ‬
‫فعلى كل حال بع ُ‬
‫خر لسبب ِمن السباب ل ُيشرع في حّقه أن ُيصّلي‬ ‫خرا أو تأ ّ‬‫وجاء متأ ّ‬
‫صلة العيد‪ ،‬وذلك لنها ُتشَرع في جماعة المسلمين وإذا لم ُيصّلها في‬
‫ي بها‪.‬‬
‫جماعة المسلمين فل ُيشَرع في حّقه أن َيأِت َ‬
‫ومنهم َمن قال‪ُ :‬يصليها كصلة العيد ‪ ..‬أي ركعتين بالتكبير المعروف‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال‪ُ :‬يصّلي ركعتين عاديتين‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال‪ :‬يصلي أربعا‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال‪ُ :‬يخّير بين ركعتين وبين أربع ركعات‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال بغير ذلك ِمن القوال‪.‬‬
‫وليس هنالك دليٌل صريح في هذه القضية‪ ،‬فإذا صلى ركعتين وَكّبر فيهما‬
‫فل حرج عليه ِبمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫الهامش ‪:‬‬
‫‪ -1‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 26‬رمضان ‪1425‬هـ ) يوافقه‬
‫‪ 10‬نوفمبر ‪2004‬م (‪.‬‬
‫‪ -2‬وفي ذلك تفصيل َذَكَره الشيخ عند جوابه على السؤال ‪.9‬‬
‫‪ - - 3‬عند الجواب على السؤال ‪ِ 1‬من حلقة ‪ 25‬رمضان ‪1425‬هـ‬
‫) يوافقه ‪ 9‬نوفمبر ‪2004‬م (‪..‬‬
‫)سابعا ‪ :‬أحكام السنن والنوافل(‬
‫س‪:‬‬
‫ن مرتبتها صغيرة جدا‬ ‫الناس‪-‬ربما‪-‬مسألة السنن يتهاونون فيها وَيظنون أ ّ‬
‫ل َترقى إلى أن ُيحاِفظ عليها النسان‪ ،‬ما هي قيمة السنن في السلم ؟‬
‫ج‪:‬‬
‫غَفر ال‪-‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬مع أنه قد َ‬ ‫إّ‬
‫خر كان ُيحاِفظ أشّد المحافظة‬
‫تبارك وتعالى‪-‬له ما َتقّدم ِمن ذنبه وما َتأ ّ‬
‫سنن في ليله ونهاره‪ ،‬وقد أمر صلوات ال وسلمه عليه بذلك‬ ‫على ال ّ‬
‫ضل ذلك وعلّو منزلته في كثير ِمن الحاديث الثابتة‬ ‫ث عليه‪ ،‬وبّين ف ْ‬ ‫وح ّ‬
‫عنه صلوات ال وسلمه عليه التي جاءت عن طائفة كبيرة ِمن صحابته‬
‫رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪.‬‬
‫فقد جاء عنه صلوات ال وسلمه عليه أنه قال‪َ ) :‬من عادى لي وليا فقد‬
‫آذنته بالحرب‪ ،‬وما َتقّرب إلي عبدي بشيء أفضل ِمّما افترضُته عليه‪،‬‬
‫سمَعه‬‫ت َ‬‫وما يزال عبدي َيتقّرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإن أحببُته كن ُ‬
‫طش بها‪ ،‬وِرجَله‬ ‫صر به‪ ،‬ويَده التي َيب ِ‬
‫الذي َيسمع به‪ ،‬وبصَره الذي ُيب ِ‬
‫التي َيمشي بها‪ ،‬وإن سألني ‪ (1)...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وهو وإن كان قد‬
‫تكلم فيه بعض العلماء إل أنه قد جاء ِمن طرق أخرى َيشّد بعضها بعضا‬
‫فَيرتقي بذلك الحديث إلى درجة الَقبول ‪ ..‬هذا الذي نراه في هذا‬
‫الحديث‪.‬وقد سأل رجل ِمن الصحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم أن‬
‫عّني على ذلك‬ ‫ُيراِفقه في الجنة فقال له صلوات ال وسلمه عليه‪َ ) :‬أ ِ‬
‫ث أحَد صحابته وهو ثوبان‪-‬رضوان ال تبارك‬ ‫ِبكثرة السجود (‪ .‬وح ّ‬
‫وتعالى عليه‪-‬بكثرة السجود وبّين له صلوات ‪ (2)...‬سجدًة إل َرفع ال له‬
‫ن ال َيرَفع به‬ ‫ط عنه بها سيئة‪ .‬وهكذا شأن النفل‪ ،‬فإ ّ‬ ‫بها درجة وح ّ‬
‫ط به السيئات‪ ،‬وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي‬ ‫الدرجات وَيح ّ‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬ول أرى حاجة بالطالة بذكرها‪.‬‬
‫ن النفل ُيَتّمُم به الفرض فإن كان هنالك‬ ‫وقد جاء في بعض الحاديث أ ّ‬
‫ن ال ُيتّمها يوم القيامة بالنفل‪ .‬فل ينبغي‬ ‫َنقص وقع في بعض الفرائض فإ ّ‬
‫لحد أن يتهاون بالنوافل‪ ،‬ولسيما تلك التي ثبتت عن النبي صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫سئل بعض العلماء عّمن تهاون بالنوافل الراتبة المؤّكدة التي جاءت‬ ‫وقد ُ‬
‫عن النبي صلى ال عليه وسلم فقال‪ " :‬هو رجل سوء " وبّين بأنه ل‬
‫سئل بعض العلماء‪-‬أيضا‪-‬عّمن َيتهاون بالسنن المؤّكدة‬ ‫َيقَبل له شهادة‪ ،‬و ُ‬
‫الثابتة عن النبي صلى ال عليه وسلم فذكر رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫ن ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أعلم به وهو مات يوم مات متهاونا بهذه‬ ‫عليه أ ّ‬
‫السنن المؤّكدة عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬وأنه ُيخشى‬
‫عليه ِمن ذلك‪ ،‬أو ما شابه هذا المعنى )‪ .(3‬فينبغي للنسان‪-‬إذن‪-‬أن‬
‫ُيحاِفظ على تلك السنن الراتبة وُيحاِفظ على تلك السنن التي كان ُيحاِفظ‬
‫غَفر ال له ما َتقّدم‬ ‫ت قد َ‬ ‫عليها النبي صلى ال عليه وسلم مع أنه‪-‬كما قل ُ‬
‫ص سّنة النبي‪-‬صلى‬ ‫ص كتاب ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬وبن ّ‬ ‫خر‪ ،‬بن ّ‬‫ِمن ذنبه وما َتأ ّ‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬الثابتة ثبوتا ل شك فيه‪ .‬وهذه السنن كثيرة‬
‫ومتعّددة مبثوثة في كتب السنن‪.‬‬
‫وينبغي للنسان أن ُيحاِفظ عليها على حسب ما كان ُيحاِفظ عليها النبي‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬هكذا ينبغي في السنن بل حتى في‬
‫الواجبات ‪ ..‬ينبغي للنسان أن يأتي بها على حسب ما كان يأتي بها النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬يأتي بالواجبات وبالسنن على حسب ما كان يأتي‬
‫بها النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ..‬يراعيها ِمن حيث السبب‪،‬‬
‫ويراعيها ِمن حيث الجنس‪ ،‬ويراعيها ِمن حيث العدد‪ ،‬ويراعيها ِمن حيث‬
‫النوع‪ ،‬ويراعيها ِمن حيث الزمان‪ ،‬ويراعيها ِمن حيث المكان ‪ ..‬يراعي‬
‫هذه المور جميعا‪ ،‬فيأتي بعباداته على حسب ما كان النبي‪-‬صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪-‬يأتي بها عليه في المور التي ذكرناها جميعا‪،‬‬
‫ن علينا بأن‬
‫وهي تحتاج إلى تفصيل طويل‪ ،‬فلعل ال‪-‬تبارك وتعالى‪َ-‬يم ّ‬
‫نتكلم على هذه المور الستة بكلم أطول ِمّما هنا ونضرب على ذلك بعض‬
‫ضح بها المقام؛ وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬المستعان‪.‬‬
‫المثلة التي َيّت ِ‬

‫س‪:‬‬
‫نوّد منكم تعريفا للسنن المؤكدة ‪ ..‬ما هي السنن المؤكدة )‪ (4‬؟‬
‫ج‪:‬‬
‫السنن منها ما هو مؤّكد‪ ،‬ومنها ما هو راتب‪ ،‬ومنها ما هو نفل مطَلق‪.‬‬
‫أما السنن المؤّكدة‪-‬وأتكلم الن على السنن في باب الصلة‪-‬فهي التي‬
‫كانت يأتي بها النبي ‪ e‬في حضره وفي سفره ولم َيثبت عنه أنه تركها‬
‫ول مرة واحدة في حياته‪.‬‬
‫ن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫وذلك كمثل صلة سّنة الفجر‪ ،‬فإ ّ‬
‫لم َيتركها ل في حضر ول في سفر‪ ،‬حتى أنه صلوات ال وسلمه عليه‬
‫عندما نام هو وصحابته الكرام‪-‬رضوان ال تبارك وتعالى عليهم‪-‬وقاموا‬
‫بعد طلـوع الشمس أتى بسّنة الفجر ثم أتى بالفريضة‪.‬‬
‫وهكذا بالنسبة إلى الوتر‪ ،‬فإنه لم َيثبت عنه أنه َتركها البّتة‪.‬‬
‫ن بعض العلماء قال بوجوب الوتر‪ ،‬ومنهم َمن قال‪-‬أيضا‪-‬بوجوب‬ ‫حتى أ ّ‬
‫سّنة الفجر‪.‬‬
‫ن القول الصحيح في الوتر بأنه سّنة مؤّكدة‪ ،‬ل َيصل إلى مرتبة‬ ‫ولك ّ‬
‫الوجوب‪.‬‬
‫سب إلى الحسن البصري بأنه قال‬ ‫أما بالنسبة إلى سّنة الفجر فقد ُن ِ‬
‫ن المام أبا حنيفة يقول‬ ‫بوجوبها وكذلك جاء عن الحسن بن زياد أ ّ‬
‫ك في ذلك كثيرا‪ ،‬أما بالنسبة إلى المام أبي حنيفة‬ ‫بوجوب ذلك وأنا أش ّ‬
‫سبون إليه القول بأنها سّنة وليست‬ ‫ن الكثرية الكاِثرة ِمن أصحابه َين ِ‬ ‫فإ ّ‬
‫بواجبة ‪ ..‬هذا هو الثابت عنه‪ ،‬أما بالنسبة إلى الحسن البصري فإنه ل‬
‫شّدة‬
‫ُيريد بالوجوب هاهنا الواجب الذي ُيراِدف الفرض‪ ،‬وإنما ُيريد بذلك ِ‬
‫التأكيد‪ ،‬وهذا َيِرُد كثيرا في بعض الدلة وفي كلم بعض السلف ‪..‬‬
‫يعّبرون بالواجب ول ُيريدون بالواجب الواجب الذي هو ُيراِدف الفرض‪،‬‬
‫وكما أنهم يعّبرون بالسّنة ول يريدون السّنة المعروفة عند الفقهاء‪ ،‬وإنما‬
‫ن ذلك ثابت ِبالسّنة‪ ،‬أو ما هو مشاِبه لذلك‪ ،‬فالصحيح عن‬ ‫يريدون بأ ّ‬
‫ن سّنة الفجر سّنة " ول َيقول ِبوجوِبها ‪..‬‬ ‫الحسن البصري ِبأنه َيقول‪ " :‬إ ّ‬
‫هذا الذي ثبت عنه‪ ،‬وإنما عّبر ِبالواجب وهو ل يريد ِبذلك الوجوب‬
‫المعروف‪ .‬ونحن علينا أن نتدبر عندما َنجد شيئا ِمن المصطلحات الحاِدثة‬
‫‪ ..‬عندما َنجد هذه المصطلحات موجودة في كتاب ال أو في سّنة رسوله‬
‫أو في كلم بعض السلف ِمن الصحابة والتابعين ‪ ..‬أقول‪ :‬علينا أن نتدّبر‬
‫جيدا وأّل َنحِمل تلك اليات أو تلك الحاديث أو ذلك الكلم المروي عن‬
‫السلف على حسب هذه المصطلحات التي اصطلح عليها الفقهاء أو علماء‬
‫خرة ولولئك القوم اصطلحات‬ ‫ن هذه اصطلحات متأ ّ‬ ‫الصول‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫ت‪-‬حتى في الكتاب العزيز وفي السّنة الصحيحة الثابتة‬ ‫أخرى‪ ،‬و‪-‬كما قل ُ‬
‫عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬ما ُيبّين ذلك بيانا واضحا بأنه‬
‫سَكُكْم ‪{...‬‬
‫ضْيُتم ّمَنا ِ‬
‫ل ُيراد بذلك هذه المصطلحات‪ ،‬فال يقول‪َ } :‬فِإَذا َق َ‬
‫] سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ [ 200 :‬فهل ُيراد بالقضاء هاهنا التيان‬
‫بالعبادة بعد انتهاء وقتها كما هو المقرر عند الصوليين ؟! وكذلك‪َ} :‬فِإَذا‬
‫صلُة ‪ ] {...‬سورة الجمعة‪ ،‬من الية‪ .. [ 10 :‬هل ُيراد القضاء‬ ‫ت ال ّ‬‫ضَي ِ‬
‫ُق ِ‬
‫هاهنا القضاء الذي هو بمعنى ِفعل العبادة بعد خروج وقتها المحّدد لها‬
‫ل ‪ ..‬ل ُيراد ذلك بهذا‪ ،‬وكذلك جاء في بعض الروايات‪ ) :‬إذا‬ ‫شرعا ؟! ك ّ‬
‫ُأقيمت الصلة فل تأتوها وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم‬
‫فاقضوا ( وفي بعض الروايات‪ ) :‬فَأِتّموا ( وقد احتج بعض العلماء‬
‫بالتمام على معنى واحتج بعضهم على معنى‪-‬كما هو المعروف في كتب‬
‫ن الحديث قد جاء‬ ‫الفقه‪-‬ول ينبغي الحتجاج بمثل ذلك ‪ ..‬على أنني أقول أ ّ‬
‫بلفظ واحد واللفظ الثاني مروي بالمعنى‪ ،‬وهكذا في كثير ِمن الحاديث‬
‫عّدة أحكام مع أ ّ‬
‫ن‬ ‫التي تأتي بألفاظ مختِلفة ل ُيمِكن أن َنحَتج بها على ِ‬
‫القضية واحدة ‪ ..‬نعم إذا اختلفت القضايا فُيمِكن ذلك إذا لم ُيمِكن الجمع‬
‫بينها ‪ ..‬فهذه أمور لبد ِمن أن ُتَتدّبر‪ ،‬وكذلك ما جاء عن السيدة عائشة‬
‫ن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ " :‬س ّ‬
‫ج بذلك ونقول‪ " :‬جاء‬ ‫طر " ل ُتريد بذلك أنها سّنة ويمكن أن نحت ّ‬ ‫زكاة الِف ْ‬
‫في بعض الروايات التصريح بالوجوب وفي بعضها جاء التصريح بالسّنة‬
‫جح‬ ‫فإذن الحاديث هاهنا متعاِرضة منهم َمن يقول بالنسخ ومنهم َمن ُير ّ‬
‫ل‪ ،‬بل معنى ذلك أنها ثبتت بالسّنة وإن كانت هي‬ ‫"‪ ،‬إلى غير ذلك ‪ ..‬ك ّ‬
‫واجبة في حقيقة ذاتها‪ ،‬إلى غير ذلك ِمن المثلة الكثيرة جدا جدا التي‬
‫ينبغي التنبه لها‪ ،‬فإذن هكذا ‪ ..‬عندما َنجد في كلم السلف‪-‬أيضا‪-‬الحكم‬
‫ن ذلك مخاِلف للسّنة الصحيحة ل ينبغي أن َنتسّرع‬ ‫بوجوب أمر والظاِهر أ ّ‬
‫ظهم‬‫وَننسب إليهم المخاَلفة للسّنة الصحيحة الثابتة ما أمكن أن َنحِمل ألفا َ‬
‫ن هذه‬ ‫على حسب ما تدل عليه تلك الدلة‪ .‬فهاهنا الدلة واضحة تدل بأ ّ‬
‫سّنة‪ ،‬ففي حديث السيدة أم حبيبة بّيَنت بأنها ِمن السنن‪ ،‬وهكذا في حديث‬
‫السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬وجاء ذلك عنها ِمن أكثر‬
‫ت ِمن الواجبات‪.‬‬ ‫ن هذه ِمن السنن وليس ْ‬ ‫ِمن رواية تدل دللة صريحة ِبأ ّ‬
‫وهكذا َنجد في كلم كثير ِمن السلف الحكم بكراهة بعض المور مع أ ّ‬
‫ن‬
‫تلك المور محّرمة بنصوص واضحة جلية فهم ل ُيريدون بالكراهة هاهنا‬
‫الكراهة المعروفة عند الفقهاء والصوليين‪ ،‬وإنما يريدون بالكراهة‬
‫التحريم‪ ،‬إلى غير ذلك ِمن المعاني التي ل يّتسع المقام لذكرها الن كما‬
‫أنه ل يّتسع لذكر الدلة التي تدل على ما ذكرناه‪ ،‬وعسى أن نبّين ذلك في‬
‫مناسبة أخرى‪ ،‬فالمقام يقتضي ذلك‪ ،‬لكثرة وقوع الخطإ في هذه المسألة‬
‫ِمن بعض العلماء فضل عن غيرهم‪.‬‬
‫كما أنه عند نسبة القوال إلى بعض العلماء السابقين ِمن الصحابة‬
‫ظر أّول وقبل كل شيء‬ ‫جد لهم مؤلفات ينبغي أن َنن ُ‬ ‫والتابعين الذين ل ُتو َ‬
‫حة تلك الروايات التي ُرويت عن أولئك الصحابة والتابعين‪ ،‬فإننا‬ ‫في ص ّ‬
‫ن كثيرا ِمن أهل العلم َيروون بعض‬ ‫َنجد كثيرا في كتب الخلف)‪ (5‬أ ّ‬
‫حصوا تلك‬ ‫الروايات عن بعض الصحابة أو التابعين ِمن غير أن ُيم ّ‬
‫الروايات هل تلك النسبة صحيحة أو ليست بصحيحة‪ ،‬وهذا موجود في‬
‫ن طائفة كبيرة ِمن تلك‬ ‫كتب التفسير وفي كتب الفقه‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬مع أ ّ‬
‫سب إلى أولئك الصحابة الكرام وإلى أولئك التابعين ل َتثبت‬ ‫القوال التي ُتن َ‬
‫ضهم‬ ‫عنهم‪ ،‬فلبد ِمن معرفة الثابت عنهم‪ ،‬فقد ُكذب عليهم‪ ،‬وجاء عن بع ِ‬
‫جة لضعف رجالها أو لتدليسهم‪،‬‬ ‫ض الروايات ِمن طرق ل تقوم بها الح ّ‬ ‫بع ُ‬
‫جة‪ ،‬فينبغي الّتنّبه لذلك‪ ،‬وأّل َننسب إلى‬ ‫إلى غير ذلك ِمّما ل تقوم به الح ّ‬
‫الصحابة أو غيرهم إل ما ثبت عنهم‪ ،‬وعند َمن ل يستطيع ذلك إما أن‬
‫ُيعِرض عن ذلك على الطلق‪ ،‬وإما أن ُيبّين ذلك بطريقة َيظَهر منها بأنه‬
‫سب إليهم؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫لم َيتثّبت ِمن ذلك وإنما َذَكَرُه على حسب ما ُن ِ‬
‫وتعالى‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫أنتم تحدثتم عن سّنة الفجر وأنها مؤّكَدة والبعض ذهب إلى أنها واجبة ‪..‬‬
‫الن بالنسبة لسّنة الفجر‪ ،‬ما حكم صلة سّنة الفجر أثناء صلة المام‬
‫الفريضة ؟‬
‫ج‪:‬‬
‫نعم سّنة الفجر سّنة مؤّكدة‪ ،‬للحاديث الكثيرة التي دّلت على ذلك‪ ،‬وقد‬
‫ضلها‪-‬أيضا‪-‬الكثير الطيب ِمن سّنة النبي صلى ال عليه وعلى‬ ‫جاء في ف ْ‬
‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬فل ينبغي لحد أن ُيفّرط فيها بحال ِمن الحوال‪،‬‬
‫ن النبي صلى ال عليه وسلم قال عنها‪ ) :‬سّنة الفجر خير ِمن‬ ‫ويكفي أ ّ‬
‫الدنيا وما فيها ( ‪ ..‬هكذا ثبت عنه صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وفي هذا‬
‫ضل‪ .‬فسّنة الفجر ُتشَرع بطلوع‬ ‫ضل ما ل َيخفى على َمن أراد الف ْ‬ ‫ِمن الف ْ‬
‫الفجر‪ ،‬فإذا طلع الفجر فإنها ُتشرع في ذلك الوقت ‪ ..‬هذا هو الوقت الذي‬
‫كان َيفعلها فيه النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫أما َمن قال بأنها ُتشَرع قبل ذلك فل دليل له‪ ،‬بل هو مصاِدم للدليل أّيما‬
‫مصاَدمة‪ ،‬فل ينبغي لحد أن َيأخذ بذلك ‪ ..‬نعم َمن أخذ بذلك في الماضي‬
‫فليستغفر ربه ول شيء عليه‪ ،‬أما بالنسبة إلى المستقبل فل ينبغي لحد‬
‫ت‪-‬للسّنة الصحيحة الثابتة عن النبي‬ ‫أن َيأخذ بذلك مع مصاَدمة ذلك‪-‬كما قل ُ‬
‫صلى ال عليه وسلم ُثُبوتا ل شك فيه‪ .‬وسّنة الفجر كان ُيصليها النبي‬
‫صر فيها القراءة حتى أ ّ‬
‫ن‬ ‫صلى ال عليه وسلم في ذلك الوقت‪ ،‬وكان َيخت ِ‬
‫ك هل أتى بالفاتحة‬ ‫السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬كانت تش ّ‬
‫فيها أو ل‪ ،‬وِمن هنا قد اختلف العلماء هل ُيشَرع للنسان أن َيقَرأ فيها أو‬
‫أنه ل ُتشَرع فيها القراءة ؟‬

‫‪ - 1‬فمنهم َمن قال‪ :‬إّنه ُيصليها ول ُيشَرع له فيها القراءة‪ ،‬وهو قول ِمن‬
‫الضعف بمكان‪.‬‬

‫‪ -2‬وبعضهم قال‪ُ :‬يشَرع أن يأتي فيها بالفاتحة فقط‪ ،‬وهو‪-‬أيضا‪-‬مصاِدم‬


‫للدليل‪ ،‬كما سيأتي بمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫‪ -3‬ومنهم َمن قال‪ :‬إنه ُيشَرع للنسان أن َيقرأ فيها الفاتحة وَيقرأ فيها‬
‫شيئا ِمن السور القصيرة أو ِمن اليات القصيرة‪ ،‬وهذا هو الصحيح‬
‫الثابت‪ ،‬فقد كان النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪-‬يأتي فيها بسورة‬
‫الكافرون في الركعة الولى وبسورة الخلص في الركعة الثانية ‪ ..‬هذا‬
‫في بعض الحوال‪ ،‬وكان يأتي في بعض الحيان بقول ال تبارك وتعالى‪:‬‬
‫} ُقوُلوا آَمّنا ‪ .. (6) {.ْ.‬بالية ] ‪ [ 136‬التي في سورة البقرة‪ ،‬وفي‬
‫الركعة الثانية كان يأتي بالية الثانية والخمسين)‪ (7‬في بعض الروايات)‬
‫‪ (8‬وفي بعض الروايات بالية الرابعة والستين)‪ِ (9‬من سورة آل عمران)‬
‫‪ ..(10‬كان هكذا صلوات ال وسلمه عليه َيختصر القراءة‪.‬‬

‫‪ -4‬وذهب بعض أهل العلم أنه يأتي فيها بسورة أو بآية ول يأتي بفاتحة‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫حها أنه يأتي بفاتحة الكتاب وبسورة أو آية‬ ‫فهذه أربعة أقوال‪ ،‬أص ّ‬
‫قصيرة‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أما السورة‬
‫فأمرها واضح بما ذكرناه ِمن السور التي كان يأتي بها النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وأما بالنسبة إلى الفاتحة فذلك واضح ِمن حديث‪ ) :‬ل صلة‬
‫إل بفاتحة الكتاب (‪ ،‬وهو صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫وِبحديث‪ ) :‬كل صلة ل ُيقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج‬
‫فهي خداج (‪ ،‬وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫ضمن بقية الصلوات التي دّل هذان الحديثان وغيرهما ِمن‬ ‫فهي داخلة في ِ‬
‫الحاديث الكثيرة الدالة على مشروعية قراءة الفاتحة فيها‪.‬‬
‫وبقية القوال ل دليل عليها‪ ،‬ولعل الذين قالوا يأتي بسورة قصيرة أو بآية‬
‫ك هل‬‫قصيرة أخذوا ذلك مما ذكرُته عن السيدة عائشة فقالوا إذا كانت تش ّ‬
‫صر‬
‫أتى بفاتحة الكتاب فإنه إذا أتى بهذه السورة معنى ذلك أنه كان َيقت ِ‬
‫ك في الفاتحة فكيف يمكن أن يأتي بالفاتحة‬ ‫عليها إْذ إنه إذا كانت تش ّ‬
‫وبسورة أو آية بعدها‪ ،‬ولكننا َنحِمل قول السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى‬
‫عنها‪-‬على المباَلغة في الختصار في صلة النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫لهذه الصلة‪.‬‬
‫ض العلماء إلى أنه ينبغي للنسان أن ُيطيل القراءة فيها‬ ‫هذا وقد ذهب بع ُ‬
‫ولو قرأ في كل سورة ِبجزء كامل‪ ،‬وهو قول ضعيف مصاِدم للحديث‬
‫ت سابقا‪ :‬إنه ينبغي‬‫الثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وقد قل ُ‬
‫للنسان أن ُيطّبق السّنة على حسب ما جاء عن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم في ِكّميتها وكيفيتها وعددها إلى غير ذلك مما ذكرُته‪ ،‬فإذا كان‬
‫صر القراءة في هذه الصلة‪-‬على حسب ما‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم َيخت ِ‬
‫َذَكَرْته السيدة عائشة‪ ،‬الثابت عنها بالسناد الصحيح‪-‬فكيف ينبغي أن‬
‫ن النبي صلى ال‬ ‫نقول‪ " :‬إنه ينبغي للنسان أن ُيطيل القراءة "‪ ،‬مع أ ّ‬
‫عليه وسلم كان تارة َيتحّدث مع السيدة عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬إذا‬
‫طجع على َيمينه‪ ،‬كما ثبت ذلك عنه‬ ‫كانت قائمة بعد الصلة وتارة َيض َ‬
‫صر‬
‫صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فالوقت واسع للقراءة ومع ذلك كان َيخت ِ‬
‫القراءة في هذه الصلة‪ ،‬فينبغي للنسان أن ُيطّبق السّنة‪ ،‬فالخير كل‬
‫ضل في متابعة النبي صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫ضل كل الف ْ‬‫الخير والف ْ‬
‫وسلم‪ ،‬أما الطالة فلها وقت آخر‪ ،‬وقد أحسن المام الخليلي‪-‬رضوان ال‬
‫سِئل عن مسألة عن الراجح ِمن القوال فيها‬ ‫تبارك وتعالى عليه‪-‬عندما ُ‬
‫ضل ِلَمن‬
‫فبّين رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليه السّنة ثم قال‪ " :‬وفيها الف ْ‬
‫ضل في متابعة النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهو في‬ ‫ضل "‪ ،‬فالف ْ‬
‫أراد الف ْ‬
‫الختصار في هذه الصلة؛ وال أعلم‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى صلِتها في أثناء صلة المام فهذه المسألة اختلف‬
‫العلماء فيها‪ ،‬وتحت هذه القضية مسألتان‪:‬‬
‫شَرع في هذه الصلة ثم ُأقيمت الجماعة ‪..‬‬ ‫الولى‪ :‬أن يكون النسان قد َ‬
‫هنا اختلف العلماء‪:‬‬

‫صل الصلة إل إذا خاف أن َتُفوَته صلة المام‪.‬‬


‫‪ -1‬منهم َمن قال‪ :‬إنه ُيوا ِ‬

‫خل مع المام‪.‬‬
‫طع الصلة ‪ُ ..‬يسّلم وَيد ُ‬
‫‪ -2‬ومنهم َمن قال‪ :‬إنه َيق َ‬

‫طعها بل ل حاجة إلى‬


‫طل ولو لم َيق َ‬
‫ن صلته َتب ُ‬
‫‪ -3‬ومنهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫َقطِعها‪.‬‬

‫‪ -4‬ومنهم َمن قال‪ :‬إن كان َيعِرف أنه سُيدِرك الركعة الولى ‪ ..‬سُيدِرك‬
‫صل صلته‪ ،‬أما إذا كان ل ُيدِرك ذلك‬
‫الركوع ِمن الركعة الولى فإنه ُيوا ِ‬
‫فل‪ ،‬وذلك لحديث‪َ ) :‬من أدرك ركعة فقد أدرك الصلة (‪.‬‬

‫‪ -5‬ومنهم َمن قال‪ :‬إذا كان قد صلى ركعة واحدة فإنه ُيكِمل الركعة‬
‫طع تلك‬‫الثانية‪ ،‬أما إذا كان لم ُيصّل ركعة‪-‬وذلك ُيقّيد بالركوع‪-‬فإنه َيق َ‬
‫الصلة وَيدخل مع المام‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪ -‬النبي صلى ال عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح‪) :‬‬
‫إذا أقيمت الصلة فل صلة إل المكتوبة (‪ ،‬فإذا أقيمت الصلة فينبغي‬
‫خل مع الجماعة وبعد ذلك َيقضي هذه الصلة بمشيئة ال‬ ‫للنسان أن َيد ُ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫خل في الصلة ِمن قبل وَوجد الجماعة ُتصّلي فاختلفوا‪:‬‬ ‫أما إذا كان لم َيد ُ‬

‫خل‬
‫‪ -1‬منهم َمن قال‪ُ :‬يمَنع ِمن صلة السّنة في هذا الوقت بل عليه أن َيد ُ‬
‫مع الجماعة ول َيجوز له أن ُيصلي السّنة‪.‬‬

‫صلها فُتعتَبر صحيحة‪.‬‬


‫‪-2‬ومنهم َمن قال‪ُ :‬يكَره له ذلك ولكن إذا َ‬

‫‪ -3‬ومنهم َمن قال‪ :‬له أن ُيصّلَيها إذا كان خارج المسجد أو في موضٍع ل‬
‫ح صلُته فيه مع المام‪ ،‬ومنهم َمن َقّيد ذلك ِبما إذا كان ذلك خارج‬‫صّ‬
‫َت ِ‬
‫المسجد‪.‬‬

‫‪ -4‬ومنهم َمن قال‪ :‬إذا كان ُيمِكن أن ُيدِرك المام في الركعة الولى فله‬
‫أن ُيصلي‪ ،‬أما إذا كان ل ُيمِكنه ذلك فل‪.‬‬

‫‪ -5‬ومنهم َمن قال‪ :‬إنه إن كان سُيدِرك الركوع ِمن الركعة الثانية فله أن‬
‫خل‪ ،‬وإل فل‪.‬‬
‫َيد ُ‬

‫‪ -6‬ومنهم َمن قال‪ :‬ليس له أن ُيصلي مع الجماعة بل عليه أن ُيصّلي‬


‫ت صلة الفجر‪-‬ففي‬ ‫أّول السّنة فإن خاف أن َيُفوَته الوقت‪-‬أي أن َيُفوَته وق ُ‬
‫هذه الحالة ُيصلي الفريضة‪ ،‬أما إذا َأمَكَنه أن ُيصلي السّنة فلَيشتِغل‬
‫بالسّنة ولو فاتته الجماعة‪.‬‬
‫خل مع المام لحديث‪:‬‬ ‫والصحيح‪-‬ما ذكرناه سابقا‪ ،‬وهو‪-‬أنه عليه أن َيد ُ‬
‫) إذا أقيمت الصلة فل صلة إل المكتوبة ( ‪ ..‬هذا هو الصحيح عندنا‪،‬‬
‫وإذا ثبت الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪-‬كما قلنا أكثر ِمن مرة‪-‬‬
‫فل ينبغي لحد أن َيقول ِبخلف ما ثبت به الحديث عنه صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى قضاء السّنة بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس ففيه‬
‫كلم‪ ،‬ولعله لم َيِرد في السؤال فل أتعرض له الن)‪.(11‬‬

‫س‪:‬‬
‫سنن الراِتبة ؟‬
‫ما هي ال ّ‬

‫ج‪:‬‬
‫سنن الثابتة عن النبي صلى ال عليه‬ ‫قد تكلمنا بالمس)‪ (12‬على بعض ال ّ‬
‫ن ِمن‬
‫وسلم ِمن قوله وفعله صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وبّينا )‪ (13‬أ ّ‬
‫سنن المؤّكدة سّنة الفجر وسّنة الوتر‪ ،‬وهنالك‪-‬أيضا‪-‬سنن مؤّكدة أخرى‪،‬‬
‫ال ّ‬
‫ولكّنها ليست مقّيدة باليوم والليلة‪ ،‬وإنما ُتفَعل لبعض السباب ‪ ..‬عندما‬
‫توجد تلك السباب فإنه ُيؤتى بها‪ ،‬وليس كلمنا في ذلك في هذا الوقت)‬
‫‪.(14‬‬
‫ظب عليها النبي‬ ‫سنن التي كان ُيوا ِ‬ ‫سنن الراتبة فهي ال ّ‬ ‫أّما بالنسبة إلى ال ّ‬
‫ظب عليها‬ ‫صلى ال عليه وسلم في حضره‪ِ ،‬بخلف المؤّكدة فإنه كان ُيوا ِ‬
‫في السفر والحضر‪.‬‬
‫ن‪-‬النبي صلى ال عليه وسلم لم َيترك سّنة الفجر‬ ‫و‪-‬قد ُقلت)‪ :(15‬إ ّ‬
‫والوتر ل في سفره ول حضره‪.‬‬
‫جْمع فإنه لم‬ ‫ض الروايات أنه لم ُيصّل الوتر في ليلة َ‬ ‫أّما ما ُيؤخذ ِمن بع ِ‬
‫ُيصّلها في ذلك الوقت‪ ،‬والظاهر أنه صلها بعد ذلك‪ ،‬أخذا ِمن الحاديث‬
‫ظب على‬ ‫ن النبي صلى ال عليه وسلم كان ُيوا ِ‬ ‫صّرحت بأ ّ‬‫الخرى التي َ‬
‫الوتر في أسفاره صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وإذا وجدنا أدلة في ظاهرها‬
‫شمل تلك الدلة ونأخذ ِبما‬ ‫شيء ِمن التعارض فإنه ينبغي أن َنجَمع بْين َ‬
‫ت عليه ‪ ..‬هذا إذا َأمَكن ذلك‪ ،‬وهذا ُممِكن‪-‬بحمد ال‪-‬في هذه‬ ‫اجتَمَع ْ‬
‫القضية‪ ،‬وللطالة في ذلك موضع آخر‪.‬‬
‫ظب‬ ‫سنن الرواتب فالنبي صلى ال عليه وسلم كان ُيوا ِ‬ ‫أما بالنسبة إلى ال ّ‬
‫عليها في حضره‪ ،‬وقد أمر بها أيضا‪ ،‬كما جاء ذلك في حديث السيدة أم‬
‫ت فيه عن‬ ‫حبيبة أم المؤمنين‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬الذي ذكَر ْ‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم قال‪َ ) :‬من حافظ على اثنتي عشرة ركعة في‬
‫يومه وليلته ُبني له بيت في الجنة ( وفي بعض اللفاظ‪ ) :‬بنى ال له بيتا‬
‫في الجنة (‪ ،‬والحديث صحيح‪ ،‬رواه مسلم‪ ،‬وطائفة كبيرة ِمن أئمة‬
‫ظبة على‬ ‫الحديث‪ ،‬ل أرى داعيا لذكرهم في هذا الوقت‪ ،‬وقد جاءت الموا َ‬
‫سنن‪-‬أيضا‪-‬في حديث السيدة عائشة رضي ال‪-‬تعالى‪-‬عنها‪ ،‬وهو‬ ‫هذه ال ّ‬
‫حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪َ ،‬رَوْته جماعة كبيرة‬
‫ِمن أئمة الحديث‪ ،‬وكذلك جاء ذلك عن البراء بن عازب في بعضها‪ ،‬وجاء‬
‫في بعضها‪-‬أيضا‪-‬عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري‪-‬رضي ال تبارك‬
‫عَدد بعض الركعات‪.‬‬ ‫وتعالى عنهما‪-‬على اختلف يسير في َ‬
‫سنن المؤّكدة‪.‬‬‫ت هي ِمن ال ّ‬ ‫سّنة الفجر هي ركعتان‪ ،‬و‪-‬كما قل ُ‬
‫سنن الراتبة التي هي قبل الفرائض وبعد الفرائض‪:‬‬ ‫أما ال ّ‬
‫ت الحاديث ‪..‬‬ ‫فمنها السّنة الَقْبلّية التي هي قبل فريضة الظهر‪ ،‬وقد اختلف ْ‬
‫منها ما جاء أّنها أربع ركعات‪ ،‬ومنها ما جاء أّنها ركعتان‪ ،‬فقد جاء عن‬
‫ن النبي صلى ال عليه‬ ‫السّيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬أ ّ‬
‫وسلم كان ُيصلي أربعا‪ ،‬وكذلك جاء في حديث السّيدة أم حبيبة‪-‬رضي ال‬
‫تعالى عنها‪-‬وهو حديث قولي أّنه َذَكَر منها أربعا قبل الظهر‪ ،‬وجاء في‬
‫حديث ابن عمر وفي حديث أبي سعيد الخدري‪-‬رضي ال تعالى عنهما‪-‬‬
‫وهما حديثان صحيحان أنه صلى ال عليه وسلم كان ُيصلي ركعتين قبل‬
‫الظهر‪ ،‬وهنالك أحاديث أخرى منها ما يّدل على هذا ومنها على ذاك‪،‬‬
‫ن الصحيح منها ما ذكرناه‪ ،‬وقد اختلفت كلمة أهل العلم في الجمع بين‬ ‫ولك ّ‬
‫الرواية التي فيها الربع والرواية التي فيها الركعتان‪:‬‬

‫ن السّيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬‬ ‫‪-1‬فِمن العلماء َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫حكت ما شاهَدْته وحكى ابن عمر و‪-‬كذا‪-‬أبو سعيد‪-‬رضي ال عنهما‪-‬ما‬
‫شاهداه‪ ،‬وهذا ليس بقول مستقل في حقيقة الواقع‪ ،‬إذ إّنه َيرجع إلى‬
‫بعض القوال التية بمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬

‫ن ابن عمر‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪-‬قد نسي‬ ‫‪ -2‬ومنهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫ت ذلك السّيدة عائشة رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬ ‫ظ ْ‬‫حِف َ‬
‫خَرَيْين‪ ،‬و َ‬
‫الركعتين اُل ْ‬
‫سنن التي جاءت‬ ‫ب أن َينسى بعض الصحابة بعض ال ّ‬ ‫ج ٍ‬
‫عنها‪ ،‬وليس ِبع َ‬
‫عن النبي صلى ال عليه وسلم ولذلك أمثلة متعّددة ل أرى داعيا ليرادها‬
‫صار إليه إّل إذا لم‬
‫ف الصل ل ُي َ‬
‫ن هذا‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬خل ُ‬ ‫الن ولك ّ‬
‫ن ابن‬
‫ُيمِكن أن ُيحَمل الحديث على ما ُروي عن ذلك الصحابي‪ ،‬على أ ّ‬
‫ت لم يتفّرد بذلك‪ ،‬فقد رواه أبو سعيد عند المام الربيع رحمه‬ ‫عمر‪-‬كما قل ُ‬
‫ال تبارك وتعالى)‪.(16‬‬

‫ن َمن حكى الربع‪-‬وهي السيدة عائشة رضي ال‬ ‫‪ -3‬ومنهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫تعالى عنها وحكى ذلك أيضا غيرها ِمن الصحابة‪-‬فحكى ما كان َيفعله‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم في البيت‪ ،‬بينما حكى َمن حكى أّنه كان ُيصلي‬
‫ركعتين ما كان َيفعله في المسجد‪ ،‬فقد كان ُيصلي في البيت أربعا وكان‬
‫يصلي في المسجد ركعتين‪.‬‬
‫‪ - 4‬ومنهم َمن قال‪ :‬إّنه كان ُيصلي ركعتين في البيت وكان يصلي ركعتين‬
‫في المسجد‪ ،‬فَمن حكى الربع فقد قامت لديه الحجة بالركعتين اللتين كان‬
‫ُيصليهما في المسجد وما شاهده في البيت أو بما شاهده في المسجد وما‬
‫علم به ِمن طريق آخر أنه كان ُيصليه في البيت‪ ،‬أما َمن حكى ما شاهده‬
‫في المسجد فحكى الركعتين اللتين شاهدهما ولم َيعلم بالركعتين اللتين‬
‫صلهما في البيت‪.‬‬
‫‪ -5‬ومنهم َمن قال‪ :‬كان ُيصلي تارة أربعا‪-‬وهو الغلب‪-‬وكان تارة ُيصلي‬
‫ركعتين‪.‬‬

‫‪ -6‬ومنهم َمن قال‪ :‬كان ُيصلي أربعا وُيصلي ركعتين تحية المسجد‪،‬‬
‫فالسّنة الَقْبلّية هي الربع‪ ،‬أما الركعتان فهما تحية المسجد‪.‬‬

‫ن الربع هي‪-‬في حقيقة الواقع‪-‬الصلة التي بعد‬ ‫‪ -7‬ومنهم َمن قال‪ :‬إ ّ‬
‫زوال الشمس‪ ،‬أما السّنة الَقْبلّية فهي السّنة التي حكاها ابن عمر وأبو‬
‫سعيد الخدري رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪.‬‬
‫سط عليها الدلة وأن َنذُكر ما لها وما عليها‪،‬‬ ‫ن َنب ُ‬
‫وهذه القوال َيحتاج َأ ْ‬
‫ن المقام ل َيكفي لذلك‪.‬‬ ‫ولك ّ‬
‫ن النسان إذا كان َيتمّكن ِمن الربع فل ينبغي له أن ُيفّرط في‬ ‫وأرى أ ّ‬
‫ن ذلك ثابت ل شك فيه عن النبي‪-‬صلى ال عليه وعلى آله‬ ‫الربع‪ ،‬ل ّ‬
‫وسلم‪-‬وإذا دخل المسجد إذا كان قد صلى الربع في البيت فإنه ُيصلي‬
‫ركعتين تحية المسجد‪ ،‬أما إذا لم يكن هنالك مّتسع ِمن الوقت في أن يأتي‬
‫بالربع فإنه ُيصلي ركعتين وُيجزيه ذلك بمشيئة ال تبارك وتعالى)‪.(17‬‬
‫أما بالنسبة إلى السّنة الَبْعِدَية بعد الظهر فقد ثبت ِمن طريق السّيدة‬
‫عائشة‪-‬رضي ال تعالى عنها‪-‬وِمن طريق ابن عمر وعن طائفة‪-‬أيضا‪-‬‬
‫كبيرة ِمن الصحابة أنه كان ُيصلي ركعتين‪ ،‬وكذلك جاء في الحديث‬
‫القولي عن أم حبيبة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬وهو حديث صحيح‬
‫ثابت‪.‬‬
‫وقد جاء ِمن طريق أم حبيبة‪-‬أيضا‪ِ-‬ذْكُر الربع وهو حديث قولي ولكن في‬
‫ححته طائفة ِمن أهل العلم‪َ-‬نظٌر عندي‪ ،‬فأخشى أن‬ ‫حة ذلك‪-‬وإن ص ّ‬ ‫صّ‬
‫تكون هذه الرواية شاّذة ِمن حيث المتن وإن كان إسنادها نظيفا‪.‬‬
‫فالذي نستطيع أن َنجزم به هو الركعتان‪.‬‬
‫سنن الراتبة‪ ،‬وأما ما‬‫ن الركعتين ِمن ال ّ‬
‫وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أ ّ‬
‫عدا ذلك فِمن التنّفل الذي فيه خير كثير وإن لم يكن ِمن السّنة الراتبة‪.‬‬
‫ن النسان ل ُيمنع ِمن الزيادة على الركعتين‪ ،‬إذ ل دليل هنالك‬ ‫ول شك بأ ّ‬
‫على المنع‪ ،‬وإنما َنحكي ما كان َيفعله النبي صلى ال عليه وسلم وما ح ّ‬
‫ث‬
‫عليه‪ ،‬أما أن َيزيد النسان على ذلك ِمن غير أن َيحِمل ذلك على أّنه ِمن‬
‫الرواتب التي أمر بها النبي صلى ال عليه وسلم أو كان َيفعلها فذلك ِمّما‬
‫ل إشكال فيه إن لم يكن ذلك الوقت ِمن الوقات التي ُينهى عن الصلة‬
‫فيها ول نهي عن الصلة في هذا الوقت‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى العصر فذهب بعض أهل العلم إلى القول بالسّنة الَقْبلّية‪،‬‬
‫سب إلى النبي صلى ال عليه‬ ‫وقد جاءت في ذلك روايات متعّددة ُتن َ‬
‫وسلم ‪ ،‬وأقواها ما جاء ِمن طريق علي بن أبي طالب وِمن طريق ابن‬
‫عمر‪ ،‬وقد جاء ذلك‪-‬أيضا‪ِ-‬من طريق ميمونة أم المؤمنين‪ ،‬وجاء‪-‬كذلك‪ِ-‬من‬
‫ن هذا الحديث‬ ‫طريق أم حبيبة‪ ،‬وجاء ذلك‪-‬أيضا‪ِ-‬من غير هذه الطرق ولك ّ‬
‫جَية‪ ،‬وإن كانت طائفة ِمن أهل العلم قد‬ ‫حّ‬‫ل أرى أّنه َيبلغ إلى مرتبة ال ُ‬
‫َقّوت رواية ابن عمر ورواية علي)‪ ،(18‬ولكّنهما في َنْقِدي ل َيثبتان حتى‬
‫خر ِبمشيئة ال تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ضع آ َ‬ ‫ِبمجموع الطريقين‪ ،‬ولتفصيل ذلك مو ِ‬
‫ن تلك الرواية ل َتثبت عن‬ ‫وأّما بعد العصر فإنه قد جاءت رواية‪ ،‬ولك ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ن هذا الوقت‪-‬في حقيقة الواقع‪ِ-‬مّما ُينهى عن الصلة فيه)‪.(19‬‬ ‫على أ ّ‬
‫ن ذلك‬ ‫ت طائفة ِمن أهل العلم ل ترى النهي‪ ،‬منهم َمن ذهب إلى أ ّ‬ ‫وإن كان ْ‬
‫منسوخ‪ ،‬إلى غير ذلك‪ِ ،‬مّما ل داعي للكلم عليه في هذا الوقت فيما‬
‫أحسب)‪.(20‬‬
‫صل أّنه ليست هنالك سّنة قبل العصر ول بعد العصر‪.‬‬ ‫والحا ِ‬
‫ن العلماء قد اختلفوا في المسألة‪:‬‬ ‫إل أ ّ‬
‫منهم َمن قال ِبالسّنة الَقْبلّية‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال‪ :‬ل بأس ِمن التنّفل قبل العصر‪.‬‬
‫ومنهم َمن ل َيرى ذلك‪.‬‬
‫ونقول‪ :‬إّنه ل بأس ِمن التنّفل ولكنه ليس ِبسّنة َقْبلّية‪ ،‬وإنما هو ِمن‬
‫مطَلق الّنفل‪ ،‬وقد ثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال‪ ) :‬بْين كل‬
‫أذانين صلة (‪ ،‬فهذا حديث صحيح ثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫سنن‬ ‫ن ذلك ِمن ال ّ‬ ‫فَمن شاء أن ُيصلي في هذا الوقت فلُيصّل أّما الحكم بأ ّ‬
‫ث عليها فذلك‬ ‫ظب عليها النبي صلى ال عليه وسلم أو ح ّ‬ ‫الَقْبلّية التي وا َ‬
‫ِمّما لم َيثبت عنه صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫والقول‪-‬أيضا‪-‬بكراهة ذلك أو أّنه ل ينبغي أو ما شابه ذلك فإنه ل دليل‬
‫عليه‪.‬‬
‫والستدلل ِبأنه إذا دخل الوقت فُينهى عن الصلة إّل عن صلة العصر‬
‫ن النهي يكون بعد صلة العصر‪،‬‬ ‫إلى أن َتغرب الشمس ل دليل عليه‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫ل بعد دخول وقت العصر‪.‬‬
‫فإذن الصلة ِمّما ل مانع منها وهي داخلة في هذا الوقت‪ ،‬فإذا أراد‬
‫عَو ففي الدعاء بين الذان‬ ‫النسان أن ُيصلي فلُيصّل وإذا أراد أن َيد ُ‬
‫والقامة خير كثير‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫حَمل بعض أهل العلم حديث‪ ) :‬بين كل أذانين صلة ( على َمحَمل‬ ‫وقد َ‬
‫آخر ولكنه ِمن البعد بمكان‪ ،‬فل أرى إيراَده في هذا الوقت‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى صلة المغرب فقد ثبتت السّنة الَبْعِدَية عن النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ..‬ثبتت ِمن قوله وفعله‪ ،‬فَثَبتت في حديث السّيدة أم حبيبة‬
‫رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪ ،‬وهي ركعتان‪ ،‬وثبتت‪-‬أيضا‪ِ-‬من طريق‬
‫السّيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬وِمن طريق ابن عمر رضي‬
‫ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنهما‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أّنها تأتي في المرتبة الثالثة بعد الوتر وبعد‬
‫سّنة الفجر‪.‬‬
‫ضل‬‫سنن الراتبة في التفضيل فُيَف ّ‬ ‫وذهب بعضهم إلى أنه ل فرق بين ال ّ‬
‫الوتر ثم سّنة الفجر وبعد ذلك هي سواء في التفضيل‪.‬‬
‫ضل سّنة المغرب‪.‬‬ ‫ومنهم َمن ف ّ‬
‫ضل سّنة الظهر‪.‬‬‫ومنهم َمن ف ّ‬
‫ضل سّنة الظهر الَقْبلّية على الَبْعِدَية‪.‬‬‫ومنهم َمن ف ّ‬
‫والحتجاج لكل فريق وما له وما عليه َيطول‪.‬‬
‫سنن التي ثبت عن‬ ‫ن النسان ل َينبغي له أن ُيفّرط في هذه ال ّ‬ ‫وأقول‪ :‬إ ّ‬
‫غِفَر له ما َتقّدم ِمن ذنبه وما‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم ِفْعُلها مع أّنه قد ُ‬
‫ن ذلك ِمن‬ ‫خر‪ ،‬ومع حّثه عليها وبيان المزية العظيمة لها‪ ،‬وكفى بأ ّ‬ ‫َتأ ّ‬
‫صلة إلى الجنة ِلَمن حاَفظ عليها وهو الفوز الذي يسعى إليه‬ ‫السباب الُمو ِ‬
‫ساعون ويتنافس فيه المتنافسون‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ت بعد المغرب وهو ل َيثبت‬ ‫وقد جاء هنالك حديث يدّل على مشروعية الس ّ‬
‫بل هو موضوع‪.‬‬
‫ن ذلك‬ ‫ت فإ ّ‬
‫وكذلك ما جاء ِمن مشروعية الثنتي عشرة قبل الظهر أو الس ّ‬
‫ِمّما ل َيثبت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫خر‪،‬‬‫فنحن نذكر الثابت والذي لم َيثبت‪ ،‬أّما َمن شاء أن َيزيد فذلك له أمر آ َ‬
‫ولكنني أقول‪:‬‬
‫بالنسبة إلى السّنة الَقْبلّية قبل الظهر فالنسان ينبغي له أن َيكتفي ِبما‬
‫اكتفى به النبي صلى ال عليه وسلم ثم َيشتِغل بالذكر والدعاء حتى َيَنال‬
‫ذلك الفضل الذي بّينه النبي صلى ال عليه وسلم في الدعاء بين الذانين‪.‬‬
‫وبالنسبة إلى الِعشاء فإّنه ليس هنالك سّنة َقْبلّية وإنما هنالك محض‬
‫التنّفل الذي أشرنا عليه‪ ،‬فالحال فيها كالحال في صلة العصر‪.‬‬
‫ت ركعتان عن النبي صلى ال عليه‬ ‫وأما بعد صلة الِعشاء فإّنه قد ثبت ْ‬
‫سنن الراتبة التي ل َينبغي للنسان أن‬ ‫وسلم بقوله وفعله‪ ،‬فهي ِمن ال ّ‬
‫ُيفّرط فيها‪.‬‬
‫وأما بالنسبة إلى السّنة الَقْبلّية قبل المغرب فالعلماء اختَلفوا‪:‬‬
‫شّدد في ذلك وقال‪ " :‬ل َينبغي للنسان أن ُيصلي في ذلك الوقت‬ ‫منهم َمن َ‬
‫بل ذلك مكروه "‪ ،‬وأخذوا ذلك ِمن النهي عن الصلة عند غروب‬
‫ضهم بأّنه َيمتد إلى صلة المغرب‪ ،‬وليس المر‬ ‫الشمس‪ ،‬وظاهر كلم بع ِ‬
‫كما اّدعوا‪ ،‬بل ذلك ينتهي بتحّقق غروب الشمس َتحّققا ل شك فيه‪.‬‬
‫ولكن ليست هنالك سّنة راتبة‪ ،‬أما َمن شاء أن ُيصلي فل مانع‪ ،‬كما ذكر‬
‫سئل عن الصلة قبل المغرب في السفر‬ ‫ذلك المام الخليلي رحمه ال‪ ،‬فقد ُ‬
‫فقال‪ " :‬ل مانع في السفر ول في الحضر "‪ ،‬والمر كما قاله رحمه ال‪،‬‬
‫فقد كانت طائفة ِمن الصحابة ُتصلي قبل المغرب‪ ،‬كما ثبت ذلك ِمن طريق‬
‫أنس بن مالك‪-‬رضي ال تعالى عنه‪-‬بل جاء ما يدّل على ذلك‪-‬أيضا‪ِ-‬من‬
‫السّنة القولية‪ ) :‬بين كل أذانين صلة ( وقال في الثالثة‪ِ ) :‬لَمن شاء ( ‪..‬‬
‫جاء ذلك ِمن طريق عبد ال بن مغّفل‪ ،‬وكذلك جاء ما يدّل على ذلك‪-‬أيضا‪-‬‬
‫ِمن طريق عقبة بن عاِمر رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنه‪ ،‬فليس هنالك‬
‫دليل يدّل على المنع‪ ،‬ولكن إذا كان الناس يصلون المغرب في أّول وقتها‬
‫فإذا دخل النسان وصّلى تحية المسجد ‪ ..‬فمخافة وقوع حرج هنالك بين‬
‫طع الصفوف أو ما شابه ذلك فِمن هذا الباب َيترك كثير ِمن‬ ‫الناس وقد َتنق ِ‬
‫صلة في هذا الوقت‪ ،‬ثم هي ليست بسّنة راتبة‪ ،‬فُيمكن‬ ‫أهل العلم ال ّ‬
‫صلى‬‫للنسان أن َيشتِغل بالذكر‪ ،‬أما بالنسبة إلى سّنة تحية المسجد فهي ُت َ‬
‫في هذا الوقت‪ ،‬كما يدّل على ذلك الحديث‪ ،‬كما سنتكّلم على ذلك‪-‬بمشيئة‬
‫ال‪-‬عند الكلم على سّنة تحية المسجد‪.‬‬
‫سنن الراتبة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬ ‫هذه هي ال ّ‬
‫وهنالك‪-‬أيضا‪-‬الوتر وهو سّنة مؤّكدة‪ ،‬فهذا ل َينبغي التفريط فيه بحال‪.‬‬
‫بل قد قالت طائفة كبيرة ِمن أهل العلم بوجوبه‪.‬‬
‫ومنهم َمن صّرح بالفرضية‪.‬‬
‫ن الصحيح أنه سّنة مؤّكدة‪.‬‬ ‫ولك ّ‬
‫ووقُته َيبتدئ بعد صلة العشاء‪.‬‬
‫بعض العلماء قال‪َ :‬يبتدئ ِمن وقت صلة العشاء ‪ ..‬أي ِبغيوب الشفق‬
‫الحمر‪ ،‬وذكروا أنه ُيمِكن للنسان أن ُيصلي الوتر حتى قبل فريضة‬
‫الِعشاء‪ ،‬وهذا ليس بشيء‪.‬‬
‫بل وقُته َيبتدئ بعد فريضة الِعشاء‪ ،‬كما صّرحت بذلك السّنة الصحيحة‬
‫الثابتة عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫وكذلك اختلفوا إذا صلى النسان جْمع تقديم‪ ،‬هل ُيصليه بعد الِعشاء‬
‫ق أّنه ُيمِكن‬
‫ت الِعشاء ؟ والح ّ‬
‫خر حتى َيدخل وق ُ‬ ‫شرة أو لبد ِمن أن َيتأ ّ‬‫مبا َ‬
‫شرة‪.‬‬
‫له أن ُيصليه بعد الجْمع مبا َ‬
‫وأما وقته فإنه َينتهي بطلوع الفجر ‪ ..‬لبد ِمن أن يأتي به النسان قبل‬
‫طلوع الفجر ‪ ..‬هذا الذي دّلت عليه السّنة‪.‬‬
‫خره ولو إلى ما بعد طلوع الفجر‬ ‫خلفا ِلَمن قال‪ :‬إّنه ُيمِكن للنسان أن ُيؤ ّ‬
‫بشرط أن َيأتي به قبل صلة الفجر‪ ،‬فهذا قول مخاِلف للسّنة الصحيحة‪.‬‬
‫صر في هذا الوقت على هذا؛ وال‬ ‫وِللمسألة فروع متعّددة‪ ،‬أرى أن أقت ِ‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫سنن المؤّكدة ؟‬
‫ما هي ال ّ‬

‫ج‪:‬‬
‫سنن التي تتكّرر كل‬ ‫نحن قلنا سّنة الفجر والوتر ‪ ..‬هذا بالنسبة إلى ال ّ‬
‫يوم‪.‬‬
‫سنن المؤّكدة على الصحيح)‪،(21‬‬ ‫و‪-‬كذلك‪-‬سّنة تحية المسجد فهي ِمن ال ّ‬
‫ُتصّلى حتى في وقت خطبة المام‪ ،‬كما دّل على ذلك الحديث الصحيح‬
‫الثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫سنن المؤّكدة‪.‬‬‫سنن المؤّكدة‪-‬أيضا‪-‬سّنة الكسوف‪ ،‬فهي ِمن ال ّ‬ ‫وِمن ال ّ‬
‫بل بعض العلماء ذهب إلى أّنها فريضة على الكفاية‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال‪ :‬هي فريضة على العْين‪.‬‬
‫والقول بالفرض الكفائي له وجه وجيه‪.‬‬
‫فهذه سنن ل ينبغي لحد أن ُيفّرط فيها‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫سّنة الفجر ‪َ ..‬من لم ُيدِركها قبل الفريضة‪ ،‬متى يأتي بها ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫هذه المسألة اختَلف فيها العلماء ‪َ ..‬من صلى الفريضة ولم َيأت ِبالسّنة‪،‬‬
‫وذلك ل َيخلو ِمن أحد أمرين اثنين‪:‬‬
‫ق ِمن الوقت ما َيّتسع‬ ‫إما أن يأتي بالفريضة في أواخر وقتها بحيث لم َيتب ّ‬
‫للسّنة فهاهنا يأتي بها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد ُرمح ‪..‬‬
‫هذا بناًء على رأي َمن يقول بالقضاء‪ ،‬كما سيأتي ِبمشيئة ال تبارك‬
‫وتعالى‪ ،‬أما إذا كان الوقت مّتسًعا للصلة ولكّنه صلى مع الجماعة وأراد‬
‫أن يأتي بعد ذلك ِبالسّنة فاختلف العلماء متى يأتي بها ؟‬
‫أّول اختلفوا في قضائها‪:‬‬
‫منهم َمن قال‪ :‬ل ُتقضى‪ ،‬فِبما أّنه صلى فريضة الفجر فليس عليه أن‬
‫َيقضَيها أو ل ُيؤمر بقضائها‪-‬لنها هي ليست عليه‪-‬في واقع المر‪-‬بمعنى‬
‫ن له أن َيقضَيها‪ ،‬وهذا قول ضعيف جدا‪.‬‬ ‫سّ‬‫الوجوب‪-‬لكّنه ل ُي َ‬
‫ومنهم َمن قال‪َ :‬يقضيها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد ُرمح‪.‬‬
‫ن وقت‬‫شرة‪ ،‬وهذا بناًء على أ ّ‬ ‫ومنهم َمن قال‪ :‬بعد طلوع الشمس مبا َ‬
‫النهي َينتهي ِبمجّرد َتحّقق طلوع الشمس َتماما‪.‬‬
‫ظر إلى مقدار قيد ُرمح‪ ،‬وذلك ُيقّدر ِبما َيقُرب‬ ‫والصحيح أّنه لبد ِمن أن َينت ِ‬
‫ِمن اثنتي عشرة دقيقة أو ربع ساعة تقريبا‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال‪َ :‬يقضيها بعد فريضة الفجر‪.‬‬
‫ومنهم َمن قال‪ :‬هي ل ُتقضى بعد الفريضة بل ُتؤّدى‪ ،‬وإّنما ُتقضى إذا‬
‫خرها إلى ما بعد طلوع الشمس‪.‬‬ ‫أّ‬
‫ومنهم َمن قال‪ :‬هو ُمخّير إّما أن َيقضَيها بعد السّنة وإما أن َيقضَيها بعد‬
‫طلوع الشمس ِبمقدار قيد ُرمح‪.‬‬
‫و‪-‬على كل حال‪-‬قد ُرويت في ذلك أدّلة ‪ ..‬استدل كل فريق بأدّلة‪-‬إل أ ّ‬
‫ن‬
‫ن الدلة التي استدل بها كل‬ ‫القول بعدم القضاء ِمن الضعف بمكان‪-‬وأرى أ ّ‬
‫صة بهذه المسألة‪-‬ل تخلو ِمن مقال‪ ،‬فهي إلى الضعف أقرب‬ ‫فريق‪-‬الخا ّ‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬‫ض منها بع ُ‬ ‫منها إلى الثبوت‪ ،‬وإن قال بُثبوت بع ٍ‬
‫ولكنني مع ذلك كّله أقول‪ :‬إنها ُتقضى بعد الفريضة‪ ،‬وذلك لّنه قد ثبت‬
‫عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قضى سّنة الظهر الَبْعِدَية بعد فريضة‬
‫العصر‪ ،‬كما جاء ذلك عن السّيدة أم سلمة رضي ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عنها‪،‬‬
‫وهو حديث صحيح‪.‬‬
‫ن الصل أ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ذلك خاص به فهو ضعيف‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫أّما قول بعض أهل العلم أ ّ‬
‫الّمة تساوي النبي ‪ e‬في الحكام ما لم يأت دليل يدّل على الفرق‪.‬‬
‫ن أم سلمة سألته صلوات ال وسلمه‬ ‫واستدلل بعضهم برواية فيها أ ّ‬
‫عليه عن قضائها أن لو حصل لها ذلك فقال لها‪ " :‬ل " ‪ ..‬ذلك‪-‬في حقيقة‬
‫الواقع‪-‬ل َيثبت عن النبي صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وِبما أنه ل‬
‫ج به‪.‬‬
‫َيثبت ل ُيمِكن أن ُيحَت ّ‬
‫وقول بعضهم بأنه َيجوز القضاء بعد فريضة العصر لنه ليس بوقت نهي‬
‫ول َيجوز بعد فريضة الفجر ‪ ..‬ذلك مردود‪ ،‬إذ ل دليل عليه‪ ،‬بل الدليل داّل‬
‫على أنه وقت للنهي‪.‬‬
‫خذ ِمن هذا الحديث وِمن غيره ِمن الحاديث الخرى التي تدّل‬ ‫فإذن ُيؤ َ‬
‫على ذلك كصلة الرجلين اللذين صلَيا في منزلهما ثم أتيا إلى النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم ولم ُيصليا معه فسألهما‪ ) :‬ألستما ِبمسِلَمْين ؟! ( فقال له‪:‬‬
‫" بلى " فأمرهما بالصلة مع الناس‪ ،‬إلى غير ذلك ِمن الحاديث الكثيرة‬
‫الّدالة على هذا المعنى‪ ،‬وأرى الوقت ل يكفي لذكرها كّلها ‪ ..‬هذه‬
‫الحاديث تدّل على مشروعية القضاء في مثل هذه الحيان ‪ ..‬أي في‬
‫الوقات التي ُينهى عن الصلة فيها وليس النهي فيها نهي َتحريم‪.‬‬
‫خرها فل بأس ولكن الفضل أن َيقضَيها‬ ‫فيقضيها بعد فريضة الفجر وإن َأ ّ‬
‫في ذلك الوقت ‪ ..‬هذا ما أراه؛ والعلم عند ال‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ب ساِبق)‪ (22‬أنه ِمّما ُيقَرأ في سّنة الفجر الية الثانية‬‫ذكرُتم في جوا ٍ‬
‫والخمسين ِمن سورة النعام‪.‬‬

‫ج‪:‬‬
‫ق الّلسان ‪ ..‬المراد الية التي في سورة آل‬ ‫ب سْب ِ‬ ‫فإذا كان ذلك فهو ِمن با ِ‬
‫ي أنه َيحتاج إلى نظر هل كان الرسول صلى ال عليه‬ ‫عمران لكن َبِق َ‬
‫ث إنه‬‫وسلم َيقرأ هذه الية ِبكامِلها أو أنه َيقرُأ الجزَء الخيَر منها ؟ حي ُ‬
‫جاء في الروايِة المروية عن الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬
‫خِر الية‪ ،‬فهل كان َيقرُأ صلى ال عليه‬ ‫} آَمّنا ‪ِ ..{ ...‬من هذا إلى آ ِ‬
‫ن { ] سورة آل عمران‪ ،‬من‬ ‫سِلُمو َ‬
‫شَهْد ِبَأّنا ُم ْ‬
‫ل َوا ْ‬ ‫وسلم ‪ ...} :‬آَمّنا ِبا ِ‬
‫الية‪ [ 52 :‬هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظاِهُر ِمن الرواية‬
‫أو أنه كان َيقرأ الية ِمن أّولها ؟ فهذا ُمحتِمل‪.‬‬
‫فالية ِمن سورِة آل عمران وليس ِمن سورةِ النعام‪.‬‬
‫وهكذا الرواية الثانية الية الرابعة والستين ِمن سورة آل عمران وهذه‬
‫ت ِبخلف ذلك‬ ‫ت قد قل ُ‬‫الرواية الثانية فيما َيظهر ِلي ِبأنها شاّذة‪ ،‬فإذا كن ُ‬
‫ق اللسان الذي أرجو أن َيكون َمْعُفّوا عنه ِبإذن ال‬ ‫فذلك ِمن باب سْب ِ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ن ما َذَكرناه)‪ (23‬في مسألِة الجْمع بْين الصلتْين في‬ ‫وُأنّبه‪-‬أيضا‪-‬أ ّ‬
‫ضر هل َيأِتي المصّلي ِبالرواِتب ؟ ما َذَكرناه)‪ِ (24‬من أنه عند بعض‬ ‫ح َ‬‫الـ َ‬
‫أهل العلم أّول َيأِتي في حالة الجْمع بْين الظهر والعصر ‪َ ..‬يأِتي ِبراتبِة‬
‫صِر القبِلية هذا بناء‬‫ظْهِر البعِدية ثم راتبِة الع ْ‬ ‫ظهِر القبِلية ثم راتبِة ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صر أما َمن ل َيقول ِبذلك فل َيقول‬ ‫على رأي َمن َيقول ِبالراتبة ِلفريضة الع ْ‬
‫ظهر‬‫ِبهذا‪ ،‬وكذلك ما َذَكرناه)‪ِ (25‬من القوِل الثاني ِبأنه َيأِتي أّول ِبراتبِة ال ّ‬
‫خَرها ‪ ..‬أعني بعَد التيان ِبالفريضتْين معا ثم َيأِتي‬ ‫القبِلية وُيمِكن أن ُيؤ ّ‬
‫صِر القبلية)‪ ..(26‬هذا بناًء على رأ ِ‬
‫ي‬ ‫ظْهِر البعِدية ثم راتبِة الع ْ‬‫ِبراتبِة ال ّ‬
‫صَل فيه‬ ‫خر الذي َف ّ‬‫صر‪ ،‬وهكذا ِبالنسبة إلى القوِل ال َ‬ ‫َمن َيقول ِبراتبِة الع ْ‬
‫جْمَع تأخير هل َيأِتي ِبهما بعد الظهر‬ ‫جَمَع بْين الظهر والعصر َ‬ ‫أصحاُبه إذا َ‬
‫صر‬
‫أو بعد الصلة الولى ؟ هذا كّله بناًء على رأيِ َمن َيقول ِبراتبِة الع ْ‬
‫ت هناِلك راتبة وإنما هو ُمجّرد َتنّفل‪-‬فيه‬ ‫القبِلية‪ ،‬وقد قلنا)‪ " :(27‬إنه ليس ْ‬
‫خْيٌر كثيٌر ِبمشيئِة ال تبارك وتعالى‪-‬ولكن ل ُيؤَتى ِبها في حالِة الجْمع "‪،‬‬
‫جِمَع بْين الدرو ِ‬
‫س‬ ‫ضحا فيما َأحسب إذا ُ‬ ‫فَينبغي أن ُينتَبه ِلهذا وإن كان وا ِ‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ظر‬
‫خِره‪ ،‬ول َين ُ‬ ‫وهكذا َينبغي ِللنسان أن َيجَمَع بْين الكلم ِمن أّوله إلى آ ِ‬
‫إلى جزئيٍة ِمن الجزئيات‪ ،‬كما َنسمُعه ِمن كثيٍر ِمن الناس عندما ُيِريُد‬
‫ن أن َيّتخَذ أكثَر‬‫ي في موضٍع َتماما َينظر هل ِللنسا ِ‬ ‫حُد منهم أن ُيصّل َ‬ ‫الوا ِ‬
‫ن العلماء قالوا‪َ " :‬يجوز‬ ‫جد أ ّ‬‫طن ؟ فَينظُر في هذه المسألة وَي ِ‬ ‫ِمن و َ‬
‫ح له ذلك‬ ‫صّ‬ ‫ظر متى َي ِ‬‫طن " فَيعَمُل ِبذلك ول َين ُ‬ ‫ِللنسان أن َيّتخَذ أكثَر ِمن و َ‬
‫جب عليه فذلك ُمَقّيٌد فلبد ِمن َتقِييِد الكلِم المطَلق؛ وال ولي‬ ‫أو مَتى َي ِ‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫هل تارك السّنة المؤّكدة ُيعتَبر خسيس المنزلة ؟‬

‫ج‪:‬‬
‫ض أهل العلم‪.‬‬ ‫قال بذلك بع ُ‬
‫سنن المؤّكدة‬
‫سئل عن تارك ال ّ‬ ‫ومنهم المام السالمي رحمه ال‪ ،‬فإنه ُ‬
‫فقال‪ " :‬ال أعلم به‪ ،‬هو مات يوم مات وهو خسيس المنزلة والجنة ل‬
‫يدخلها خسيس "‪.‬‬
‫سئل بعض أهل العلم عّمن َيتُرك الوتر فقال‪ " :‬هو رجل خسيس "‪-‬‬ ‫وقد ُ‬
‫أو ما هذا معناه‪-‬وقال‪ " :‬إنه ل ُتقَبل له شهادة "‪.‬‬
‫سنن ول يبالي بها ‪ ..‬فالحقيقة هذا‬ ‫ظب على ترك هذه ال ّ‬ ‫هذا فيمن كان ُيوا ِ‬
‫يدّل على ِرّقة في الّدين إذ ل ُيمِكن لحد أن َيسَمع بفعل النبي صلى ال‬
‫ضل‬‫سنن الثابتة وَيسَمع‪-‬أيضا‪-‬بالف ْ‬‫ظبته على هذه ال ّ‬ ‫عليه وسلم وموا َ‬
‫سنن ومع ذلك‬ ‫العظيم الذي أعّده ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬للتي بهذه ال ّ‬
‫يتهاون ‪ ..‬نعم إذا تركها مرة أو مرتين‪ ،‬فنحن ل نقوى على القول بأنه‬
‫ن أؤلئك العلماء‪-‬أيضا‪-‬يريدون بذلك‪ ،‬وإنما‬ ‫نأّ‬‫صُل هذه المرتبة‪ ،‬ول أظ ّ‬ ‫َي ِ‬
‫سنن‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬ولي‬
‫ظب على ترك هذه ال ّ‬
‫يريدون َمن ُيوا ِ‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫ما الفرق بْين صلة سّنة العشاء وصلة الشفع؟‬

‫ج‪:‬‬
‫على كل حال؛ سّنة الِعشاء هي السّنة التي ذكرها النبي صلى ال عليه‬
‫سنن الراتبة‪ ،‬في حديث أم سلمة‪ ،‬وهي السّنة التي كان‬ ‫وسلم في ال ّ‬
‫ظب عليها‪ ،‬كما جاء ذلك في حديث ابن عمر وفي حديث السيدة‬ ‫ُيوا ِ‬
‫سنن هي‬ ‫عائشة رضوان ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬عليهم‪ ،‬أما ما بعد ذلك فتلك ال ّ‬
‫تنّفل‪ ،‬فينبغي للنسان أن َيتنّفل ِبما كان َيتنّفل به النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم كان ُيصلي إحدى عشرة ركعة ‪..‬‬
‫ُيصلي الوتر ‪ُ ..‬يوِتر بثلث‪ ،‬وتارة بواحدة‪ ،‬وتارة يكون الكّل وترا‪ ،‬وله‬
‫كيفيات متعّددة‪ ،‬فالوتر يكون بواحدة‪ ،‬وبثلث‪ ،‬وبخمس‪ ،‬وبسبع‪ ،‬وبتسع‪،‬‬
‫وبإحدى عشرة‪ ،‬ثم لبعض هذه العداد كيفيات متعّددة‪ ،‬ولكن الوقت كما‬
‫عف على ذكر تلك الكيفيات وما الثابت منها عن‬ ‫عد ول ُيسا ِ‬
‫ترى ل ُيسا ِ‬
‫ن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولكن الحاصل أ ّ‬
‫جاء عنه أنه كان ُيصلي إحدى عشرة ركعة‪ ،‬وهذا غير تلك السّنة التي‬
‫كان ُيصليها بعد سّنة )‪ (28‬الِعشاء‪ ،‬وجاء في بعض الروايات ‪ ..‬جاء ذلك‬
‫ِمن طريق السيدة عائشة‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنها‪-‬وِمن طريق ابن‬
‫جهني‪-‬‬ ‫عباس‪-‬رضي ال تبارك وتعالى عنهما‪-‬وِمن طريق زيد بن خالد ال ُ‬
‫ن النبي صلى ال عليه وسلم كان ُيصلي‬ ‫رضي ال تبارك وتعالى عنه‪-‬أ ّ‬
‫ثلثة عشرة ركعة‪ ،‬و‪-‬على كل حال‪-‬ل إشكال في هذه الروايات‪-‬وإن‬
‫ن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫استشَكله َمن ل دراية له بهذا الفن‪-‬ذلك أ ّ‬
‫كان عندما َيفتِتح صلة الليل يصلي ركعتين خفيفتين ثم يصلي ركعتين‬
‫طويلتين ثم ركعتين طويلتين وهكذا‪ ،‬كما هو وارد عنه‪ ،‬فالسيدة عائشة‪-‬‬
‫رضي ال تعالى عنها‪-‬في الرواية التي جاء عنها أنه كان يصلي إحدى‬
‫عشرة ركعة لم تذكر الركعتين الخفيفتين وفي الرواية التي ذكرت ثلث‬
‫عشرة ركعة ذكرت هاتين الركعتين‪ ،‬وهكذا في روايات الصحابة الذين‬
‫ذكروا هذه الروايات‪ ،‬فهذا ليس ِمن التضارب أو التناقض‪ ،‬كما يظّنه َمن‬
‫ل دراية له بهذا‪ ،‬فذلك يكون عندما تّتحد الرواية ويّتحد المجلس ويّتحد‬
‫الراوي ‪ ..‬عندما يّتحد المجلس هناك ُيمِكن أن يقال بهذا‪ ،‬ولكن الراوي‬
‫تارة ُيحّدث بهذا وتارة بهذا ‪ ..‬تارة يذكر فعل وتارة يذكر فعل آخر وتارة‬
‫يذكر المقصود وتارة يذكر هو وما قبل أو ما بعد أو ما شابه ذلك‪ ،‬وهذا‬
‫ت سّنة العشاء‪ ،‬وِمن قول بعضهم بأنها‬ ‫أْولى ِمن قول بعضهم بأنها َذَكَر ْ‬
‫ت الركعتين‬‫ت سّنة الفجر ‪ ..‬الذي َيظهر لي‪-‬ما ذكرُته‪-‬بأنها َذَكَر ْ‬ ‫َذَكَر ْ‬
‫الخفيفتين اللتين كان النبي صلى ال عليه وسلم َيفتِتح بهما قيام الليل ‪..‬‬
‫هذا هو الثابت عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وخير الهدي هديه صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬ولكن ذلك َيحتاج إلى بيان كيفية أداء النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم لهذه الصلة‪ ،‬وهذا أمر فّرط فيه كثير ِمن الناس في هذا‬
‫الزمان ‪ ..‬نسأل ال‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أن ُيوّفق المسلمين للعمل بسّنته صلى‬
‫ال عليه وسلم على وفق ما كان يأتي بها صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬وقد‬
‫ن ذلك يتوّقف على معرفة سّتة أمور بالمس )‪(29‬؛ وال‪-‬تبارك‬ ‫تأّ‬‫ذكر ُ‬
‫وتعالى‪-‬ولي التوفيق‪.‬‬

You might also like