Professional Documents
Culture Documents
القول السديد
____________________
) (1/1
) (1/29
) (1/30
أذكر فيها ما حضرني من بعض مسائل الجتهاد والتقليد واقتداء المقلد بإمام يرى خلف قول مقلده بفتح اللم
إما اجتهادا أو تقليدا وما يتعلق بذلك ويتذيل عليه غير متصد للتتبع في ذلك بل قيدت ما سنح للخاطر الفاتر في
الوقت الحاضر من غير تقيد بمراجعة في ذلك وهي نبذة يسيرة ونزر يسير من سئ كثير فأقول وبال العانة
الكلم في هذه المسائل على فصول
____________________
) (1/31
الفصل الول
إعلم أنه لم يكلف ال تعالى أحدا من عباده بأن يكون حنفيا أو مالكيا أو شافعيا أو حنبليا بل أوجب عليهم اليمان
بما
____________________
) (1/32
____________________
) (1/33
____________________
) (1/34
____________________
) (1/35
____________________
) (1/36
بعث به محمدا صلى ال عليه وسلم والعمل بشريعته غير أن العمل بها متوقف على الوقوف عليها والوقوف
عليها له طرق فما كان منها مما يشترك به العوام وأهل النظر كالعلم بفريضة الصلة والزكاة والصوم والحج
والوضوء اجمال وكالعلم بحرمة الزنا والخمر واللواطة وقتل النفس وغير ذلك مما علم من الدين
____________________
) (1/37
بالضرورة فذلك ل يتوقف فيه على إتباع مجتهد ومذهب معين بل كل مسلم عليه اعتقاد ذلك
فمن كان في العصر الول فل يخفي وضوح ذلك في حقه ومن كان في العصار المتأخر فلوصول ذلك إلى
علمه ضرورة من الجماع والتواتر وسماع اليات والسنن أي الحاديث الشريفة المستفيضة المصرحة بذلك في
حق من وصلت إليه
وأما مال يتوصل إليه إل بضرب من النظر والستدلل فمن كان قادرا عليه بتوفر آلته وجب عليه فعله كالئمة
المجتهدين رضوان ال عليهم أجمعين ومن لم يكن له قدرة عليه وجب عليه اتباع من أرشده إلى ما كلف به
____________________
) (1/38
ممن هو من أهل النظر والجتهاد والعدالة وسقط عن العاجز تكليفه بالبحث والنظر لعجزه بقوله تبارك وتعالى
} ل يكلف ال نفسا إل وسعها { وقوله عز من قائل } فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون { وهي الصل في
اعتماد التقليد كما أشار إليه المحقق الكمال ابن الهمام في التحرير
____________________
) (1/39
____________________
) (1/40
فصل
إذا علمت ذلك فاعلم أن أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد بن محمد بن حنبل رحمة ال عليهم أجمعين كل كان
من أهل الذكر الذين وجب سؤالهم لمن لم يصل إلى درجة النظر والستدلل فإذا عمل أحد منالمقلدين في
طهارته وصلته او شيء مما جرى به التكليف بقول واحد منهم مقلدا له فيه أو صادف قوله ولو لم يعلم به حين
العمل فقلده فيه بعد انقضائه على
____________________
) (1/41
ما ظهر لي في المسألة كما يدل عليه ما استشهد به في المسالة بعد هذا فقد أدى ما عليه وليس لحد ممن هو في
درجته التقليد له قلت بل و ل للمجتهد النكار عليه كما صرح به ) في غير كتاب ( عندنا من تصانيف الصدر
الشهيد حسام الدين وغيره من
____________________
) (1/42
كتب المذهب المعتبرة كالتجنيس والمزيد لشيخ السلم برهان الدين صاحب الهداية كما نقلته بخطي عنها في
مظانه
____________________
) (1/43
إذا ثبت ذلك فليس لحنفي أو مالكي أو شافعي من المقلدين أن يمتنع من القتداء بالمام المخالف لمذهبه و ) ليس
له أن يحتج ( بأني لما قلدت الشافعي أو أبا حنيفة مثل فقد وجب على الحكم ببطلن ما خالف اجتهاده لننا نقول
إنما أبيح التقليد بقدر الضرورة وذلك يندفع بتقليدك له في عملك وكيفيته فقط ) وإن شئت قل في كيفية إيقاع ما
كلفت به فقط ( وأما الحكم ببطلن مخالفه فليس ذلك إليك بل للكلم مجال في تسويغ ذلك للمجتهد الذي قلدته
____________________
) (1/44
وأما أنت ومن هو في مرتبتك من المقلدين فقول كل مجتهد عنده على حد سواء إذ ليس الترجيح بالدليل من
____________________
) (1/45
وظائفك ولكنت في درجتهم ووجب عليك الجتهاد وارتفع التقليد ولكن لبد للعمل في تصحيحه من مستند فأنت
استندت إلى إمامك ونعم المام وهذا الخر استند إلى إمام في فعله مثل إمامك أو أعلى منه فل يمكنك الحكم
على عمله بالبطلن البتة فلست حينئذ في تخلفك عن القتداء به إل عامل بمحض التعصب وقد نص علماؤنا
وغيرهم من أصحاب المذاهب على حرمة التعصب وتصويب الصلبة في المذهب ومعنى الصلبة أي الثبات
على ما ظهر للمجتهد من الدليل وليس ذلك إل للمجتهد نفسه أو لمن هو من أهل النظر ممن أخذ بقوله
____________________
) (1/46
) (1/47
) (1/48
الفتاوي وغيرها من كتب أصحابنا أن المام الشافعي رحمه ال تعالى لم يكن له تعصب على أئمتنا رحمهم ال
تعالى
وقد كان الصحابة رضي ال عنهم يقتدي بعضهم ببعض وكذا التابعون لهم وفيهم المجتهدون ولم ينقل عن أحد
من السلف رحمهم ال تعالى أنه كان ل يرى القتداء بمن يخالف قوله في بعض المسائل ولو في خصوص
الطهارة والصلة بل كان يقتدي بعضهم ببعض وربما اعتقد بعضهم ولية بعض حتى أن الشافعي رضي ال
عنه بعث يطلب قميص المام أحمد بن حنبل من بغداد
____________________
) (1/49
يستشفي به في مدة مرضه بغسله وشرب مائه كما رأيته مثبتا في مناقب أحمد رضي ال تعالى عنهم يعامل
بعضهم بعضا كما يعلم ذلك من سيرهم وأحوالهم
و ل يلتفت إلى ما قد تمسك به من ل معرفة عنده بأن الختلف بينهم لم يكن بينهم بهذه الصفة التي عليها
المذاهب الن لنا قد قررنا أن ذلك ل يمنع لن الكل كانوا في طلب الحق على
____________________
) (1/50
حد متساو واجتهاد كل واحد منهم يحتمل الخطأ كغيره بعد تسليم بلوغهم درجة الجتهاد وإن تفاوتوا فيه
فإن قلت قد نقل المام حافظ الدين النسفي صاحب
____________________
) (1/51
) (1/52
سئلنا عما ذهبنا إليه في الفروع نجيب بان ما ذهبنا إليه صواب يحتمل الخطأ وما ذهب إليه الغير خطا يحتمل
الصواب انتهى بمعناه وإن لم يكن بلفظه وهذا يوجب امتناع المقلد من اتباع امام يرى مخالفة قول امامه لكونه
خطأ وما قلد فيه صواب عنده
قلنا المراد من هذا تخصيص أن ما ذهب إليه أئمتنا هو صواب عندهم مع احتمال الخطأ إذ كل مجتهد قد يصيب
وقد يخطئ في نفس المر وأما بالنظر إلينا فهو مصيب في اجتهاده وهو
____________________
) (1/53
) (1/54
) (1/55
وهذا نص من أصحابنا على انهم لم يقولوا كل مجتهد مصيب خلفا للمعتزلة فإن من نسب ذلك إليهم فقد تقول
عليهم هذا لفظ فخر السلم رحمة ال عليه
قلت وقد ذهب بعضهم إلى أن الحق يتعدد في المسألة
____________________
) (1/56
وهو ما أدى إليه اجتهاد كل مجتهد فيها فقد جعل ال تبارك وتعالى حكم المسألة ما أدى إليه اجتهاد كل مجتهد
ولكن ل نقول به بل معناه أنه مصيب في اجتهاده ثم العمل به والحق عند ال واحد ولكن لما ظهر لهم بالدليل
حكم من الحكام وجب عليهم اتباع الدليل ومن ضرورة وجوب التباع التصويب وإل فالشرع ل يأمر باتباع
الخطأ ثم من ضرورة تصويب قولهم تخطئة قول مخالفهم مع احتمال الصابة من مخالفهم لن المجتهد لم
يحصل له إل الظن ل القطع بذلك ولهذا لو حكم بشيء من القطعيات في العقائد يجزم بالصابة وتخطئة
المخالف كما ذكره النسفي في تلك المسألة في المصفى أيضا
فالحاصل أن المراد من أئمتنا ومن أخذ بقولهم من أهل النظر
____________________
) (1/57
كمشايخ المذهب الكبار المتقدمين كالشيخ أبي الحسن الكرخي والمام أبي جعفر الطحاوي والمتأخرين
____________________
) (1/58
مثل شمس الئمة الحلواني وتلميذه السرخسي وفخر السلم البزدوي وامثالهم من النظار في القرن الخامس
والمام قاضي
____________________
) (1/59
) (1/60
النظار ذوي القدر الخطير في القرن السادس لو سئلوا لكان جوابهم ما ذكره ويرشد إلى ذلك تعبيره بقوله ) لو
سئلنا ( وقوله ) عما ذهبنا ( إلى آخره ولم يقل لو سئل المقلد فهذا الجواب مقدر من جانب الئمة أنفسهم فيما
ذهبوا
____________________
) (1/61
)(1
____________________
-1إليه وليس المراد أن يكلف كل مقلد أن يعتقد ذلك فيما قلد فيه إذ ذلك تقليد فيما ل يحتاج إليه وهو ممنوع كما
أفدتك من قبل أن التقليد إنما يسوغ بقدر الضرورة وهو محتاج إلى العمل فل بد من التقليد في كيفية حصوله
وأما اعتقاد صحة ما قلد فيه ول يدري بطلن كل ما عداه فليس مكلفا
فإن قلت بل هو مكلف وإل لزم إذا التكليف مع اعتقاد عدم صحتها
قلت ل يلزم ذلك إل لو اعتقد عدم صحة ما قلد فيه ونحن ل نقول به بل هو على الصواب ظاهر حيث فعل ما
عليه وهو الخذ بقول مجتهد وأما تخطئة من أخذ بخلف قو
) (1/62
مقلده فما هو مكلف بها وإذا تقرر هذا فل يسوغ لحنفي أو شافعي وجد في المسجد إماما على خلف مذهبه بعد
أن كان من أهل السنة والجماعة ترك القتداء به نظرا إلى عدم صحة صلته على مقتضى مذهب إمامه
____________________
) (1/63
____________________
) (1/64
فصل
يؤيد ما ذكرته ما نقله التقى الشمني في شرح المختصر
____________________
) (1/65
و الشيخ عثمان الزيلعي وصاحب البحر الرائق وغيرهم عن المام الجليل أبي بكر الرازي رحمه ال من صحة
القتداء بإمام
____________________
) (1/66
رعف ولم يتوضأ وهذا يشعر بالكتفاء باعتقاد المام نفسه في
____________________
) (1/67
) (1/68
اشار إليه النسفي أيضا وهذا القول هو المقصود روايته وإن اعتمد خلفه رواية عندنا وهو الذي أميل إليه وعليه
يتمشى ما ذهبنا إليه في هذه الوريقات
أ بل أزيد وأقول والذي يقتضيه النظر فيما ذهبنا إليه ل ينبغي تخصيص عقيدة المام بالعتبار في الصحة بل
نقول يكفي حصول الصحة على قول مجتهد سواء في ذلك مطابقة عقيدة المام والمأموم أو غير مطابقة كمثل
شافعي مس فرجه وصلى
____________________
) (1/69
____________________
) (1/70
ناسيا إماما واقتدى الحنفي بالشافعي ثم نسي ودخل في الصلة والحنفي كان عالما بمسه وهو ذاكرا له فنقول له
أن يقتدي به
____________________
) (1/71
لنه في حالته بعد المس وهو متوضئ في اعتقاد الحنفي المقتدى فيكفي ذلك
وقد قال المحقق في فتح القدير في مثل هذه الصورة أن الكثر على الصحة خلفا للهندواني وغيره ففي هذه
الصورة قد اعتبرنا إعتقاد الحنفي المقتدى واكتفينا بصحتها في عقيدته وصححنا القتداء كما أنه في مسألة اقتداء
الحنفي بالمام الذي رعف
____________________
) (1/72
ولم يتوضأ اكتفينا بصحتها في عقيدة المام الراعف وصححنا القتداء به وهو الذي نقلوه عن المام الرازي
وقد ذكر الشيخ المام المحقق كمال الدين بن الهمام في شرحه على الهداية عن شيخه المام سراج الدين الشهير
بقارئ الهداية أنه كان يعتقد قول أبي بكر الرازي وأنه أنكر مرة أن
____________________
) (1/73
) (1/74
قوله ل يجزم وقوله وإن قطع ل يخفي إنه ل جزم ول قطع في الظنيات فالصواب أن يقال ل يحكم أو ل يقول
بفسادها وكذا أن يقول وأن حكم أو وأن قال بفسادها بدل قوله وإن قطع قال جامعها وإن قطع بفسادها من حنفي
ابتلى به بناء على رأيه ومذهبه إلى آخر ما ذكر مما تركت ذكره قصد القتصار على ما هو المقصود منه
وكذلك أيضا أجاب عنه الشمني في شرخ المختصر وغيره من المصنفين في مسألة صحة اقتداء مقلد أبي حنيفة
في الوتر بمن يرى عدم وجوبه بأنه ل يجب عليه إعتقاد الوجوب يدل أيضا على ما
____________________
) (1/75
أرشدتك إليه من أن التقليد إنما هو بقدر الحاجة واعتقاد الوجوب في عمل لم يجتمعوا على وجوبه ل يجب بل
ربما ل يسوغ كما سيأتي قريبا فلذلك نقول المقلد محتاج إلى إيقاع ما كلف به
____________________
) (1/76
بطريقته ل غير فتنبه فقد نقل صاحب البحر الرائق وهو خاتمة المتأخرين مولنا العلمة ابن نجيم رحمه ال
تعالى في البحر الرائق شرح كنز الدقائق عن شرح منية المصلى إنه صرح بعض مشايخنا بأنه ل ينوي في
الوتر أنه
____________________
) (1/77
واجب للختلف في وجوبه ونقل هو أيضا عن المحيط والبدائع أنه ينوي صلة الوتر والعيد فقط انتهى وهذا
نص فيما أشرت إليه
____________________
) (1/78
فصل
قد استفاض عند فضلء العصر منع التلفيق في التقليد
____________________
) (1/79
____________________
) (1/80
____________________
) (1/81
____________________
) (1/82
____________________
) (1/83
وذلك بأن يعمل مثل في بعض أعمال الطهارة والصلة أو أحداهما بمذهب إمام وفي بعض العبادات بمذهب
إمام آخر لم أجد على امتناع ذلك برهانا بل قد أشار إلى عدم منعه المحقق في التحرير
____________________
) (1/84
وأنه لم يرد ما يمنع ونقل منع التلفيق عن بعض المتأخرين قال شارح تحريره العلمة ابن أمير حاج القائل
بالمنع
____________________
) (1/85
) (1/86
ما يدل على جوازه بل على وقوعه وهو ما نقل في البزازية أن من علماء خوارزم من أصحابنا من اختار عدم
فساد الصلة بالخطأ في القراءة فيها أخذا بمذهب المام الشافعي رحمه ال فقيل له مذهبه في غير الفاتحة فقال
اخترت من
____________________
) (1/87
مذهبه الطلق وتركت القيد لما تقرر في كلم محمد رحمه ال تعالى إن المجتهد يتبع الدليل ل القائل حتى صح
القضاء بصحة النكاح بعبارة النساء على الغائب انتهى نقله عنها العلمة خاتمة المتأخرين ابن نجيم في بعض
رسائله في الوقف فأنظر كيف لفق أخذا بمذهبه بان الفاتحة ليست بركن فل يضر نقصان بعضها فيما اخطأ فيه
أعنى خطأ فاحشا كمن قال إياك نعبا وإياك نستعين
____________________
) (1/88
فسبقه اللسان خطا فإن الفاتحة نقصت كلمة نعبد فلم تجز صلته على مذهب المام الشافعي رحمه ال ما لم يعد
قراءة نعبد فإذا أعادها صحت صلته ولم تفسد عنده بهذا الخطأ لن عنده الكلم الخطأ ل يفسد إذا كان قليل
وعندنا هو مفسد فإذا أعادها على الصحة ل يفيد لن الصلة قد فسدت
____________________
) (1/89
هذا وقد قال بعدم الفساد عندنا بعض المشايخ إن أعادها على الصحة كما نقله الزاهدي
____________________
) (1/90
ولكن ظاهر ما في البزازية عن بعض علماء خوارزم أنه ل تفسد ولو لم يعد على الصحة وإن أخذه بمذهب
الشافعي في عدم الفساد بالخطأ وهو عين التلفيق
فإن قلت إن ذلك البعض من علماء خوارزم لعله إنما قال بذلك اجتهاد بدليل قوله إن المجتهد يتبع الدليل ل القائل
قلت يمنع من ذلك قوله اخذا ) بمذهب ( الشافعى فإن المتبادر من ذلك انه قلده في ذلك ومعنى قوله حينئذ لما
تقرر من كلم محمد إلى آخره يعني أن المجتهد كما يتبع ما دل عليه الدليل باجتهاد ل بإتباع من قال بمثل ما
أداه إليه اجتهاده فكذلك المقلد إنما يلزمه خصوص ما قلد فيه ل اتباع ذلك المجتهد الذي قلده
____________________
) (1/91
في جميع ما قال به وخصوص ما قلت فيه إنما هو عدم الفساد بالخطأ في القراءة مطلقا سواء كان ذلك في
الفاتحة أو غيرها وذلك هو مذهب الشافعي رحمه ال تعالى ورضى عنه وعن سائر الئمة المجتهدين وفساد
الصلة بوقوع الخطأ في الفاتحة عنده ليس لخصوص كونه في الفاتحة بل لفوات بعض الفاتحة عنده في الصلة
ولهذا لو أتى بما أخطأ فيه منها على الصحة فإنه ل يقول بفساد صلته حينئذ والخوارزمي لم يقلده في ركنيه
الفاتحة بل قلده في عدم الفساد بالخطأ في القراءة أعني الشافعي رحمه ال تعالى يقول
____________________
) (1/92
بإطلقه وقول القائل له مذهبه في غير الفاتحة غير صحيح كما تقدم بيانه وكذلك قول الخوارزمي له وتركه القيد
واقع في غير محله لنه لم يقيده الشافعي بغير الفاتحة بل خرج ذلك من الخوارزمي للمشاكلة في الجواب لمن
نسب إليه القيد أي إلى الشافعي وذلك إما جهل من ذلك القائل بمذهب الشافعي أو توسع في العبارة وتسامح لنه
لما كان الشافعي يقول بالفساد بوقوع الخطأ في الفاتحة إذا لم يعد على الصحة فكأن غير الفاتحة صار كالقيد
لطلق الجواز وليس قيدا حقيقة كما بينته في أول الكلم فافهم
والحاصل أنه لم يثبت من كل وجه كون الخوارزمي الذي قال بذلك الجتهاد ولو فرضنا ثبوت ذلك فما ضرنا
ذلك فيما
____________________
) (1/93
قصدنا إليه من جواز التلفيق فكما أنه لو حصل التلفيق بالجتهاد حكمنا بالصحة فكذلك إذا حصل التلفيق بالتقليد
حكمنا بالصحة لن الجتهاد أصل في العمل والتقليد فرع التكليف في الصل إنما هو بالجتهاد عند عدم النص
فإن عجز عن ذلك الجتهاد نزل إلى التقليد ففي كل موضع قلنا بالصحة مع الجتهاد نقول بها مع التقليد عند
العجز عنه من غير زيادة أمر آخر ومازاد على ذلك فهو قول مخترع ل يقوم به دليل مرضي و ل تنهض به
حجه دليل منع التلفيق وتوجيهه من قبل الشيخ
وما يزعمه من منع التلفيق من أن كل من المجتهدين اللذين قلدها مثل يقول ببطلن صلته الملفقة مثل لو سئل
عنها
____________________
) (1/94
) (1/95
حكم من حكم بمنع التلفيق بسببها فإن أبيت وقلت ل بل المجتهد يطلق القول ببطلنها على رأيه فنقول ل يليق
هذا البطال بما إذا قلد مجتهدا غيره في ذلك المر الذي أبطلها بسببه زياده كما ل يليق إبطاله بنقض قول ذلك
المجتهد المصحح لها مع وجود ذلك المر الذي أبطلها بسببه ذلك المجتهد الخر فسلمت له صلته أي المقلد لها
كل أمر من أمورها مجتهدا يرى صحة ذلك فصار حكم المجتهد المبطل مصروفا
____________________
) (1/96
عنه بتقليد من يرى الصحة بذلك المر وبذلك ينصرف عنه حكم كل المجتهدين ببطلنها مثال توضيحي لما
سبق
بيان قول المانع فيما إذا قلد المكلف أبا حنيفة رضي ال عنه في ان المس غير ناقض مثل وقلد الشافعي رحمه
ال تعالى في اكتفاء بمسح بعض شعرات من الرأس ل تبلغ الربع أو مقدار ثلثة أصابع باعتبار الرواية الخرى
في مذهب أبي حنيفة رحمة ال عليه في المقدار المفروض في
____________________
) (1/97
مسح الرأس فإن المانع يقول أن أبا حنيفة والشافعي حكما ببطلن
____________________
) (1/98
صلته فأبو حنيفة لفقد مسح زياده المقدار المفروض عنده والشافعي لوجود المس فهي غير جائزة عندهما رد
المؤلف على المانعين
أقول وجوابه ما بيناه بأن هذه مغالطة وإطلق في محل تقييد بل الحكم ببطلنها عند كل منهما مقيد بما إذا كان
آخذا في
____________________
) (1/99
ذلك المر الذي حكم من حكم ببطلنها بسببه بمذهب المبطل كما تقدم بيانه قريبا فافهم وال أعلم بالصواب
اللهم لو ذهب مجتهد إلى أن المفروض من الرأس في المسح مقدار ما قال به الشافعي وإلى أن المس غير ناقض
وإلى أن الدلك والموالة في الوضوء ل يلزمان
____________________
) (1/100
) (1/101
@ 103للمقلد تقيده في كل واحد من المذكورات لمجتهد قال بذلك كما ل يخفى فإن تأبى متأب عن تلقي هذا
البيان بالقبول بعد صحته ووضوحه فاقرعه بما تقدم قريبا من عدم لحوق البطال من المجتهد بالمقلد لغيره فيما
أبطله بسببه وإن صادف حكمه عنه بذلك
ثم نرجع ونقول وكذلك مسألة النكاح فإنه ل يصح بعبارة النساء عند الشافعي ويصح عنده الحكم على الغائب
وعندنا الحكم بالعكس في المسألتين فإذا حكم
____________________
) (1/102
____________________
) (1/103
@ 105بصحته بعد وقوعه بعبارة النساء على الغائب فقد لفق ومع هذا فقد حكموا بصحة هذا الحكم الملفق
من المذهبين وكذلك مسألة المام أبي يوسف رحمه ال تعالى لما صلى بالناس الجمعة فأخبر بوجود فأرة في
ماء الحمام الذي كان اغتسل منه للجمعة فقال نأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا
____________________
) (1/104
____________________
) (1/105
قال في المحيط البرهاني والفتاوي الظهيرية وغيرهما من كتاب النكاح مستشهدا بها في مسألة من مسائل النكاح
سيأتي ذكرها للحنفي أن يعمل فيهاب غير مذهبه
أقول فهذا أبو يوسف رحمه ال إمام المذهب وكبيره المجتهد الكامل قد قلد عند الضرورة ولم يكن ذلك مذهبا له
بل مذهبه تنجس الماء القليل وإن لم يتغير بوقوع ما
____________________
) (1/106
ينجسه فيه ول شك أن الظاهر أنه فعل الطهارة وصلى الصلة على مقتضى مذهبه وإنما قلد في خصوص الماء
فقد حصل التلفيق منه وهو أوفى حجة لنا ويستفاد منه أيضا أنه يقلد إذا احتاج إذ هو الظاهر من فعله هنا وإن
كان نقل في جواهر الفتاوي عن الحاوي من كتبنا إن أبا يوسف رحمه ال بقي على هذا المذهب ستة اشهر ثم
رجع إلى مذهب أبي حنيفة رحمه ال تعالى في المسألة فإنه يحتمل أنه ظهر له بالدليل بعد التقليد صحة ما ذهب
إليه غيره ممن قلده في
____________________
) (1/107
المسألة خصوصا ولفظ نقل المحيط والظهيرية ولم يكن ذلك مذهبا له بل يدل على وقوعه تقليدا
وهذه المسألة وهي هل للمجتهد أن يقلد مجتهدا في مسألة فيها خلف المشهور أنه ليس له ذلك وروي عن المام
محمد رحمه ال جواز تقليد العالم للعلم والفقيه للفقه وفرع أبي
____________________
) (1/108
يوسف هذا يوافقه ثم رأيت في أصول المام شمس الئمة أبي بكر ابن محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي
رحمهم ال تعالى
____________________
) (1/109
وهو صاحب المبسوط ما نصه على أصل أبي حينفة رحمه ال تعالى إذا كان عند مجتهد أن من يخالفه في
الرأي أعلم بطريق الجتهاد وإنه مقدم عليه في العلم فإنه يدع رأيه لرأي من عرف زيادة قوة في اجتهاده إلى أن
قال وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما ال تعالى ل يدع المجتهد في زماننا رأيه لرأي من هو مقدم عليه في
الجتهاد من أهل عصره إلى آخر ما ذكره فأفاد عن محمد خلف ما رأيته عنه فلعل أن له في المسألة روايتين
ونقل صاحب الفتاوي الصيرفية عن فوائد تجنيس الملتقط اشترى
____________________
) (1/110
المام الشافعي رحمه ال تعالى الباقلء من منادي السكك فأكل وأكلوا بعد ما حلق وعلى ثوبه شعر كثير فقيل له
في
____________________
) (1/111
ذلك فقال حين ابتلينا انحططنا إلى مذهب أهل العراق وهو يفهم بظاهره انه قلد في ذلك
____________________
) (1/112
فقد تلخص من المنقول عن الئمة أن التلفيق جائز وهو الصحيح كما صرح به في مذهب الشافعية أن التلفيق
عندهم أيضا جائز ثم بعد مدة من استنباطي جواز التلفيق من مسألتي أبي يوسف وبعض علماء خوارزم ومسألة
صحة الحكم على الغائب بصحة النكاح بعد وقوعه كما سبق في المسألة التي ذكروها واستئناسي بمقالة المحقق
في التحرير وما على النسان أن يختار السهل في العمل
____________________
) (1/113
ثم وجدت شيخ السلم خاتمة الئمة المتأخرين مولنا العلمة زين الدين ابن نجيم صرح في رسالة ألفها في بيع
الوقف على وجه الستبدال بأن ما وقع في آخر التحرير من منع التلفيق فإنما عزاه إلى بعض المتأخرين وليس
هذا المذهب انتهى فحمدت ال تبارك وتعالى على موافقة ما ادعيته لما نص عليه مولنا العلمة ابن نجيم
____________________
) (1/114
فصل
وكذلك مسالة التحرير أيضا وهي التي عبر عنها بعضهم بقوله ل تقليد بعد العمل فيها نظر وهو أن هذه العبارة
لها معنيان
أحدهما انه إذا عمل عمل وصادف الصحة على مذهب إمام ولم يكن عالما بذلك والحال انه على مقتضى مذهبه
بطل ذلك العمل فهل له أن يقول أخذت بمذهب من يرى صحة ذلك أم ل فعلى ما أذكر ليس له ذلك على تقدير
تفسير العبارة بهذا المعنى
____________________
) (1/115
أقول وفرع أبي يوسف المنقول في مسالة الفأرة يرده إذ هو عين التقليد بعد انتهاء العمل وهو الذي أذهب إليه
وأقول به بل قد اختار عالم قطر اليمن في زمانه المام العلمة الفقيه عبد الرحمن بن زياد الشافعي في فتاويه
إن العامي إذا وافق فعله مذهب إمام من المة الذين يجوز تقليدهم صح وإن لم يقلده توسعة على العباد واختلف
المة رحمة وقال المحقق ابن حجر ل يكون صحيحا إل إن قلد ذلك القائل
____________________
) (1/116
بالصحة لن تقليده لمام من الئمة المذكورين التزم متابعته في الحكام كلها فل يجزئ في خلف ذلك إل بتقليد
صحيح
وقد ذكر بعض أولياء ال تعالى الصالحين انه كشف له أن ال ل يعذب من عمل في المسألة بقول إمام مجتهد
من الذين يجوز تقليدهم وهم الن الئمة الربعة المدونة مذاهبهم والمحررة أصول وفروع مسائلهم أما
المجتهدون السابقون فل للجهل بضوابط الحكام عندهم لفقد التدوين لتطاول السنين كذا رأيت ما حكيته في
بعض المجاميع
____________________
) (1/117
قلت وفي تخصيص الئمة الربعة كلم ل يسع في هذا المحل بيانه
____________________
) (1/118
ثم رأيت في البحر الرائق شرح الكنز للعلمة ابن نجيم في باب قضاء الفوائت عند قوله ويسقط بضيق الوقت
والنسيان ما نصه وإن كان عاميا ليس له مذهب معين فمذهبه فتوى مفتيه كما صرحوا به فإن أفتاه حنفي أعاد
العصر والمغرب وإن أفتاه شافعي فل يعيدهما ول عبرة برأيه وإن لم يستفت أحدا وصادف الصحة على مذهب
مجتهد أجزأه ول إعادة عليه انتهى وهذا موافق لما اختاره عالم قطر اليمن في زمانه وفقيهه العلمة عبد
الرحمن بن زياد الشافعي
____________________
) (1/119
) (1/120
عن قوله في مسألة كان حكم فيها بحكم ثم تكررت فتبدل نظره فيها فحكم بخلفه وقال تلك على ما قضينا وهذه
على ما نقضي
____________________
) (1/121
فإن قلت أنه مجتهد وهذا حال المجتهد أنه يجب عليه الرجوع إلى ما سنح له من الدليل بخلف المقلد قلت مهل
يا أخي فإن المقلد لم يظهر له بالدليل صحة ما قلد فيه أول كما ظهر للمجتهد وهنا مجتهد آخر قائل بخلفه فهو
أحرى بتجويز النتقال له المعنى الصحيح للعبارة ل تقليد بعد العمل
ثم ظهر لي بعد مدة تسطيري هذه السطر ظهورا بينا منكشفا ل ريب فيه أن مرادهم من قولهم ل
____________________
) (1/122
تقليد بعد العمل أنه إذا عمل مرة في مسألة بمذهب في طلق أو عتاق أو غيرها واعتقده وأمضاه ففارق الزوجة
مثل واجتنبها وعاملها معاملة من حرمت عليه واعتقد البينونة بينه وبينها بما جرى منه من اللفظ مثل فليس له
أن يرجع عن ذلك ويبطل ما أمضاه ويعود إليها بتقليد ثانيا إماما غير المام الول فهذا معنى قواهم ليس له
التقليد بعد العمل ول يرجع عما قلد فيه وعمل به ونحو ذلك من العبارات فأما إذا وقعت تلك الواقعة مرة ثانية
مع امرأة أخرى أو مع
____________________
) (1/123
زواجها بنكاح جديد فله الخذ بقول إمام آخر ول مانع منه كما سيأتي قريبا
على انه قد نقل العلمة ابن أمير الحاج الحلبي الحنفي تلميذ المحق ابن الهمام عن الزركشي من أئمة الشافعية
في شرح التحرير أن في كلم بعض الئمة ما يقتضي جريان الخلف في جواز التقليد بعد العمل أيضا وإن
منعه ليس باتفاق فاعلمه وقد
____________________
) (1/124
نقل صاحب الفتاوي الصيرفية عن الظهيرية والنسفية والنصاب واللفظ من الظهرية انه سئل شيخ السلم عطاء
بن حمزة السغدي عن الصغيرة إذا زوجها أبوها من صغير وقبل أبوه
____________________
) (1/125
وكبر الصغير وبينهما غيبة منقطعة وقد كان التزويج بشهادة الفسقة فهل يجوز للقاضي أن يبعث إلى شافعي
المذهب ليبطل هذا النكاح بينهما بهذا السبب قال نعم وللحنفي أن يفعل ذلك بنفسه أيضا أخذا بمذهب الخصم وإن
لم يكن ذلك مذهبه انتهى
ثم أورد في المحيط والظهيرية مسألة أبي يوسف في الفأرة عقبها مستشهدا فاعلم ذلك وكذا مولنا خاتمة
المتأخرين العلمة ابن نجيم رحمه ال في البحر الرائق في مسألة اليمين المضافة عن البزازية عن أصحابنا أنه
لو استفتى فقيها عدل فافتى ببطلن
____________________
) (1/126
اليمين هل له العمل لفتواه وإمساكها وروى أوسع من هذا وهو أنه لو أفتاه مفت بالحل ثم أفتاه آخر بالحرمة
بعدما عمل بفتوى الثاني في الول فإنه يعمل بفتوى حق امرأة أخرى ل في حق الولى أي في هذه المرأة التي
مضت كما نبهتك عليه قريبا وانظره فقد صرح بجواز العمل بخلف ما عمل للعامي وإنما منع من أن يفتي به
المفتي لئل ينسب الى الغرض والتشهي والتلعب ولئل ينسسب العلماء إلى التناقض من جهة العوام فافهم هذا
ما قام عندي في وجه ذلك ورأيت في عبارة
____________________
) (1/127
بعضهم تعليله لكيل يتطرق به إلى هدم مذهب أصحابنا أو نحو ذلك من العبارة وال أعلم
واعلم أن من المسائل ما يقع التصريح بها من بعض المتأخرين رحمة ال عليهم أجمعين وخصوصا في
الصول التي ألفها المتأخرين و ليست بمرضية بل ربما يقع التصريح بخلفها من المتقدمين ويوجد من هذا
النوع في كتاب التحرير الذي ألفه المحقق وجمع فيه من مقالت المتأخرين من فضلء عصره فمن قبلهم
____________________
) (1/128
بقليل حتى من كلم أرباب المذاهب غير مذهبنا فل علينا أل نأخذ بما ظهر لنا صواب خلفه إن أنعم ال علينا
بحصول ضرب من النظر يمكن الوقف به على الصواب هذا ونحن مع ذلك بحمد ال تعالى ل نخرج عن درجة
التقليد لمامنا العظم أبي حنيفة رحمة ال عليه ونحن مقلدون له ولكبار أصحابه ومن بعدهم من كبار أئمتنا
كشمس المة وأضرابه وأما ما يبحثه ويقرره
____________________
) (1/129
المتأخرون من أهل التاسع والعاشر من فضلء المذهب فلنا النظر فيه إن أمكن وعلينا التمسك بما هو منقول عن
المتقدمين وخصوصا إذا انتهض متمسكا لنا فيما نرتضيه وال الموفق إلى الصواب وبه العتصام
____________________
) (1/130
فصل
ومما ينشأ من الجهل والتعصب تفويت فرض من فروض ال تعالى مع إمكان اقامته على رأي مجتهد جليل بل
رأي جمع من المجتهدين وذلك أن جهلة المتعصبين يمتنعون ويمنعون من جمع الصلتين في السفر الذي ذهب
إلى جوازه المام
____________________
) (1/131
الشافعي وغيره من صدر السلم رحمة ال عليهم ويؤدي ذلك إلى تفويت الفرض رأسا وذلك إنهم لما يعزمون
على السير عند الزوال مثل فيصلون الظهر لول وقتها ويمتنعون من جمع العصر اليها فيركبون ويسيرون بناء
على إنهم قد ل يتهيأ لهم النزول إل مع المغرب أو الغروب بحيث ل يتسع الوقت إلى
____________________
) (1/132
الطهارة والصلة وخصوصا في حق من تتعسر الطهارة عليه فتفوتهم الفرصة وقد كانوا يمكنهم أداؤها في
المنزل في المكان الذي كانوا به مجموعة جمع تقديم إلى الظهر على مذهب المام الشافعي رحمة ال عليه
وعلى مذهب غيره ممن جوز الجمع لجل السفر فيمتنعون عن ذلك ويرضون بتفويتها ول يرضون بفعلها على
مذهب مجتهد يجوز لهم
____________________
) (1/133
أو يجب عليهم اتباعه والحال ما قرر لن تحصيل الفرض من وجه مقدم على تفويته من كل وجه وما هذا إل
محض التعصب والجهل وقد ذكر المام الجل ظهير الدين الكبير المرغيناني عن أستاذه السيد المام أبي شجاع
رحمه ال
____________________
) (1/134
تعالى انه سئل شمس الئمة الحلواني عن كسالي بخارى أنهم يصلون الفجر والشمس طالعة فهل نمنعهم من ذلك
فقال ل يمنعون لنهم لوا منعوا يتركونها أصل ظاهرا أي مما يظهر من حالهم ولو صلوها تجوز عند أصحاب
الحديث ول شك أن الداء الجائز عند البعض أولى من الترك أصل هذا جواب الحلواني وناهيك به إذ هو شيخ
المذهب في عصره تخرج به الفحول النظار من أئمتنا كشمس الئمة السرخسي
____________________
) (1/135
وفخر السلم البزودي صاحب المبسوطين وأضرابهم من رؤساء المذهب الذين هم قدماء الدهر وعظماء ما
وراء النهر
هذا مع أن الجاهل المتعصب الغبي يكفيه إيقاعها مجموعة مع الظهر تقليدا المام الشافعي وغيره ثم إن أراد
الحتياط وأدرك في الوقت فسحة أعادها على مذهبه أو قضاها بعد
____________________
) (1/136
المغرب احتياطا إن لم تطعه نفسه في أدائها مجموعة مع الظهر وال اعلم و الموفق ل رب غيره وهو حسبي
ونعم الوكيل
قال جامعها محمد عبد العظيم المكي الحنفي غفر ال تبارك وتعالى له ولوالديه ولسائر المسلمين ثم بعد تسطير
هذه السطر ظفرت في أثناء المطالعة بعدة من النقول تؤيد ما ذكرته بهذه الرسالة وتشهد له لم أنشط للحاقها ثم
رأيت كلما للمام الكبير المجتهد في العلوم رأس الفقهاء والمحدثين الشهير بابن تيمية
____________________
) (1/137
الحنبلي رحمه ال تعالى فأحببت تعليقه في ذيل هذه الرسالة وهو مؤيد لما أشرنا إليه مطابق إلى جميع ما
أوردته فيها فالحاصل وإن كان في كلمي زيادة إيضاح وبيان فهو ل يخالفه بل يعضده ويؤيده ولفظ ما رأيته
سئل المام العلمة شيخ السلم تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلم بن تيمية الحنبلي
رحمه ال تعالى عن أهل المذاهب الربعة هل يصح اقتداء بعضهم ببعض في الصلوات المفروضة وغيرها أم
ل وهل قال أحد من السلف أنه ل يصلي بعض المسلمين خلف بعض إذا اختلفت مذاهبهم أم
____________________
) (1/138
ل وهل قائل ذلك مبتدع أم ل واذا فعل المام ما يعتقد أن صلته معه صحيحة والمأمون يعتقد خلف ذلك مثل
أن يكون المام تقيأ أو رعف أو احتجم أو لمس النساء بشهوة أو مس ذكره أو قهقه في صلته أو أكل ما مسته
النار أو أكل لحم البل وصلى ولم يتوضأ وهو ل يعتقد وجوب الوضوء من ذلك أو كان المام ل يقرأ البسملة
أو لم يتشهد التشهد الخير أو لم يسلم من الصلة والمأموم يعتقد وجوب ذلك فهل تصح صلة المأموم والحالة
هذه أفتونا مأجورين ولكم الثواب
____________________
) (1/139
أجاب رحمه ال تعالى الحمد ل رب العالمين نعم تجوز صلة المسلمين بعضهم خلف بعض كما كان الصحابة
والتابعون لهم بإحسان ومن بعدهم من الئمة الربعة رضوان ال عليهم اجمعين يصلي بعضهم خلف بعض مع
تنازعهم في هذه المسائل المذكورة وغيرها ولم يقل أحد من السلف الصالح رحمهم ال تعالى إنه ل يصلى
بعضهم خلف بعض ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة واجماع سلف المة وأئمتها وكان
الصحابة والتابعون ومن بعدهم منهم من يقرأ البسملة ومنهم من ل يقرأها ومنهم من يجهر بها ومنهم
____________________
) (1/140
من ل يجهر بها وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من ل يقنت ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف و
القيء ومنهم من ل يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من لمس النساء بشهوة ومس الذكر ومنهم من ل يتوضأ
من ذلك ومنهم من يتوضأ مما مسته النار ومنهم من ل يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من أكل لحوم البل
ومنهم من ل يتوضأ من ذلك ومع هذا كان بعضهم يصلي خلف بعض مثل ما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي
وغيرهم رضوان ال عليهم أجمعين يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية وغيرهم وإن كانوا ل يقرؤن
البسملة ل سرا ول جهرا وصلى
____________________
) (1/141
الرشيد إماما وكان قد احتجم فصلى المام أبو يوسف خلفه ولم يعد صلته وكان أفتاه المام مالك بأنه ل وضوء
عليه وكان المام أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الرعاف والحجامة فقيل له في ذلك إذا كان المام قد خرج
منه الدم ولم يتوضأ تصلي خلفه فقال كيف ل أصلي خلف مالك وسعيد بن المسيب
____________________
) (1/142
وفي الجملة فهذه المسائل لها صورتان إحداهما أن ل يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل الصلة فهذا يصلي
خلفه باتفاق السلف و الئمة الربعة وغيرهم وليس في هذا خلف متقدم وإنما خالف بعض المتعصبين من
المتأخرين فزعموا أن الصلة خلف الحنفي ل تصح وان أتي بالواجبات لنه أداها وهو ل يعتقد وجوبها وقائل
هذا القول إلى أن يستتاب كما يستتاب أهل البدع أحوج منه إلى يعتد بخلفه فإنه مازال المسلمون على عهد
النبي صلى ال عليه وسلم وعهد خلفائه رضي ال عنهم يصلي بعضهم ببعض واكثر الئمة ل يميزون بين
المسنون والمفروض بل يصلون الصلوات الشرعية ولو كان العلم
____________________
) (1/143
بهذا واجبا لبطلت صلة أكثر المسلمين ولم يمكن الحتياط فإن كثيرا من ذلك فيه نزاع وأدلة خفية وأكثر ما
يمكن المتدين أن يحتاط من الخلف وهو ل يجزم بأحد القولين فان كان الجزم بأحدهما واجبا فأكثر الخلق ل
يمكنهم الجزم بذلك وهذا القائل ليس معه إل تقليد بعض الفقهاء ولو طولب بأدلة شرعية تدل على صحة قول
إمامه دون غيره لعجز عن ذلك ولهذا ل يعتد بخلف مثل هذا فإنه ليس من أهل الجتهاد والصورة الثانية
أن يتقين المأموم أن المام فعل مال يسوغ عنده مثل أن يمس ذكره أو يلمس النساء بشهوة أو يحتجم أو يتقيأ ثم
يصلي بل وضوء فهذه الصورة فيها نزاع مشهور فأحد القولين ل تصح صلة المأموم لنه يعتقد بطلن صلة
إمامه كما قال
____________________
) (1/144
) (1/145
إلى المأموم ولن المأموم يعتقد أن ما فعله سائغ له وأنه ل إثم عليه فيما فعل فانه مجتهد أو مقلد مجتهد وهو
يعلم أن هذا قد غفر ال له خطأه فهو يعتقد صحة صلته وأنه ل يأثم إذا لم يعدها بل لو حكم حاكم بمثل هذا لم
يجز له نقض حكمه بل كان ينفذه وإذا كان المام قد فعل باجتهاده و ل يكلف ال نفسا إل وسعها والمأموم قد
فعل ما يجب عليه كانت صلة كل منهما قد أدى ما يجب عليه وقد حصلت موافقة المام في الفعال الظاهرة
____________________
) (1/146
وقول القائل أن المأموم يعتقد بطلن صلة المام خطأ منه فإن المأموم يعتقد أن المام قد فعل ما وجب عليه
وأن ال قد غفر له ما أخطأ فيه وأنه ل تبطل صلته لجل ذلك ولو أخطأ المام والمأموم فسلم المام خطأ
واعتقد المأموم جواز متابعته فسلم كما سلم المسلمون خلف رسول ال صلى ال عليه وسلم لما سلم من ركعتين
سهوا مع علمهم بأنه إنما
____________________
) (1/147
صلى ركعتين وكما لو صلى خمسا سهوا فصلوا خلفه سهوا مع علمهم بأنه صلى خمسا لعتقادهم جواز ذلك
فانه تصح صلة المأموم في هذه الحالة فكيف إذا كان المخطئ هو المام وحده وقد اتفقوا كلهم على أن المام لو
سلم خطأ ل تبطل صلة المأموم إذا لم يتابعه فدل ذلك على أن ما فعله خطأ ل يلزم فيه بطلن صلة
____________________
) (1/148
) (1/149
بما يوافقه عن السلف فمن بعدهم من كبار الئمة وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء بل ربما أفعل أمرا من المور
العادية فيستغربه الناس ويتعجبون من صدوره مني وربما عيب علي بل ربما أنسب به عند بعض الجهال إلى
سخافة العقل ثم أجده أو مثله محكيا عن بعض الصحابة رضي ال عنهم أو عن التابعين أو عن بعض الخلفاء أو
السلطين الكبار المجمع على إصابة فعلهم وجللتهم والحمد ل رب العالمين
ثم لخص لي تلخيصا شافيا شافعي زمانه السيد الجليل عمر
____________________
) (1/150
بن عبد الرحيم البصري المكي رحمه ال تعالى ومن خطه الكريم نقلت ما نصه
قال المام الرافعي في العزيز وإن كانت
____________________
) (1/151
صلته صحيحة في اعتقاده المام دون المأموم أو بالعكس فإن كان الختلف في الفروع كما إذا مس الحنفي
فرجه وصلى أو ترك العتدال أو قرأ غير الفاتحة ففي صحة اقتداء الشافعي به وجهان أحدهما يصح وبه قال
القفال لن خطأه غير مقطوع به والثاني وبه قال الشيخ أبو حامد ل يصح لفسادها عند
____________________
) (1/152
المأموم فأشبه ما لو اختلف اجتهاد رجلين في القبلة ل يقتدى أحدهما بالخر وهو أظهر عند الكثرين انتهى
قال المام الزركشي في الخادم ما حاصله وخلصة
____________________
) (1/153
ما رجحه ونقله عن الكثرين غير مسلم فإنما تعرض له طائفة كالبرزنجي والروياني في الحلية والبغوي
وصاحب الكافي
____________________
) (1/154
والغزالي في فتاويه ولم يذكر المسألة طائفة كالماوردي والدارمي والشيخ في المهذب والتنبيه وكلم الشيخ أبي
حامد
____________________
) (1/155
فيها محتمل فإنه قال لو اقتدى به وهو يحتمل الكراهة وعليها جرى الروياني في البحر ولم يصح عن القاضي
أبي الطيب
____________________
) (1/156
شيء بل حكى عن الدارمي الجواز وعن أبي اسحاق المنع والقائلون به لم يقفوا للشافعي على نص بل قالوا إنه
قياس مذهبه في المختلفين في القبلة والواني وهذا ممنوع نقل وتوجيها أما النقل فإن المنصوص للشافعي ما
نقله القفال الصحة ومما يشهد للصحة ما حكاه المحاملي في المجموع قال قال الشافعي رحمه ال تعالى في
المالي وإذا دخل الرجل
____________________
) (1/157
بلدا فنوى أن يقيم أربعين يوما وكان يرى جواز القصر حينئذ ومعه رجل يعتقد أن صلته المقصورة ل تجوز
فإن قدمه وصلى خلفه جاز لنه محكوم بصحة صلته في حقه هكذا حكاه القاضي أبو الطيب عن المالي
ولو كانت العبرة باعتقاد المأموم لكان اقتداؤه به باطل لن عند المأموم أن نية القصر ل تنعقد معها الصلة ومع
ذلك صحح الشافعي القتداء به اعتبارا باعتقاد المام وهذا النص ذكره المام
____________________
) (1/158
النووي أيضا في باب صلة المسافر في شرح المهذب ووقع في بعض نسخ شرح المهذب هكذا والمختار
والظاهر قول القفال فلم تزل الئمة المختلفون في الفروع يصلي بعضهم خلف بعض ويشهد له تصحيحهم أن
الماء الذي توضأ منه الحنفي وغيره ممن ل يرى وجوب النية مستعمل وإن لم ينو على الصح وهذا هو
الصواب الذي ينبغي أن تكون الفتوى عليه وقد كان المام الشافعي رحمه ال تعالى يصلي خلف أئمة المدينة
ومصر وكانوا ل يسلمون ولم ينقل عنه المتناع عن القتداء
____________________
) (1/159
____________________
) (1/160
بهم وصح عن ابن مسعود رضي ال عنه أنه ائتم بمنى مع عثمان رضي ال عنه مع إنكاره عليه ذلك فقيل له
في ذلك فقال الخلف شر فتنة
وأما توجيه المانعين بقولهم إن المأموم يعتقد بطلن صلة المام فمردود فإنها مسئلة اجتهاد واعتقاد
____________________
) (1/161
والخطأ فيها ل يسوغ كما في غيرها من المسائل الجتهادية كالحكم بصحة حكمه وامتناع نقضه بشرطه
و أما قياسهم على المجتهدين في القبلة أو في الواني فيصرف بان المام والمأموم فيهما يعتقدان فساد صلة من
صلى بطهارة من إناء نجس أو صلى إلى غير القبلة بخلف المأموم في اقتدائه بتارك الفاتحة فانه ل يعتقد
____________________
) (1/162
بطلن صلته مع تركها لنه مستند لجتهاد من جملة عقيدة المأموم التي يدين بها ربه اعتقاد صحته وبأن
المجتهد أو بأن له في مسألتي الواني والقبلة أن المر على خلف ظنه يقينا لزمته العادة بخلف المجتهد في
الفروع لو عثر على نص جلي مخالف لجتهاده السابق ل تلزمه إعادة ما صله بالجتهاد السابق وسر ذلك أن
الجتهاد الول مستند إلى أمر عادى وقرائن تشير الظن اكتفى بها الشارع تخفيفا على المة فإن تحقق الخطأ
فيها رجع إلى الصل وتبين عدم صلحيتها لمن ظن بها بخلف الجتهاد الثاني فإنه مستند إلى أمر شرعي
أوجب الشارع عليه إتباعه فلم يقع عمله السابق على خلف حكم ال تبارك وتعالى وإن فرض وصرح النص
الثاني المعثور عليه بحيث
____________________
) (1/163
أفاد اليقين أو ما قاربه من الظن القوي وأيضا الجتهاد الول يمكن التوصل به إلى القطع بالخطأ فيه خلف
الثاني
وممن اختار ذلك من المتأخرين صاحب الذخائر وأفرد المسألة بتصنيف سماه بيان المشروع في القتداء
بالمخالفين في الفروع وقال ابن أبي الدم في باب الجنائز من شرح الوسيط
____________________
) (1/164
لعل الصح الصحة المطلقة وأقام الدليل على الجواز من وجوه ثم نبه على أمر حسن فقال وهذا الخلف كله في
المجتهدين وأما عوام الناس فليسوا مقصودين في الخلف فإنهم ل مذهب لهم يعولون عليه وإنما فرضهم التقليد
عند نزول النازلة فمن أفتاهم من أهل الفتوى وجب عليهم قبول قوله وانتسابهم إلى المذاهب عصبية ومعناه
ارتضى أن يعمل في عبادته وكل أحواله بقول إمام انتسب اليه فهؤلء يصح
____________________
) (1/165
) (1/166
مسجد القفال والمؤذن يؤذن المغرب فنزل عن دابته ودخل المسجد فلما رآه القفال أمر المؤذن أن يثني في
القامة وقدم القاضي
____________________
) (1/167
أبا عصام فتقدم وصلى وجهر بالبسملة وأم بشعار الشافعية في صلته وكان ذلك منهما تهوينا لمر الخلف في
____________________
) (1/168
الفروع وقال القاضي الحسين في تعليقه والمختار أن كل مجتهد مصيب إل أن أحدهم أصاب الحق عند ال
والباقون أصابوا الحق عند أنفسهم وقال ابن السمعاني قال
____________________
) (1/169
علماؤنا من أخطأ كان مخطئا للحق عند ال مصيبا في حق عمل نفسه حتى إن عمل نفسه يقع صحيحا عند ال
شرعا كأنه أصاب الحق عند ال وقد حكى المام الشافعي رحمة ال عليه الجماع على أن كل مجتهد أداه
اجتهاده إلى أمر فهو حكم ال تعالى في حقه ول يشرع له العمل بغيره حينئذ فمن صلى بحكم اجتهاده فصلته
صحيحة عنده وعند من يخالفه في المسألة لعتقاده أن ذلك حكم ال تعالى عنده وصلته صحيحة لتيانه بها
على الوجه المأمور به حينئذ فكيف يمنع القتداء به مع الحكم بصحة صلته في
____________________
) (1/170
كرم ال وجهه ال جل ذكره الرومي الموروي حفظه ال تعالى في نفسه وأولده وجميع نعم ال تعالى عليه
وأحياه حياة طيبة سالمة من السواء فيما وصل ويصل من منة ال إليه بعد أن علم بأنه مر عليه مطالعة
وتصحيحا وتتمة في يوم الجمعة الثانية من شوال سنة اثنتين وخمسين وألف من الهجرة النبوية والحمد ل على
ذلك وصلى ال على نبيه كذلك
____________________
) (1/172