س :ما هي طريقة التلقين؟ ج :يقال للمحتضر قل :ال إله إال هللا ،اذكر ربك يا فالن ،وإذا قالها كفى ،وال يضجر المحتضر حتى يثبت على الشهادة ،وإذا ذكر هللا عنده وقلده المحتضر كفى والحمد هلل. حكم قراءة سورة يس عند المحتضر س :هل قراءة سورة ( يس ) عند االحتضار جائزة؟ ج :قراءة سورة (يس) عند االحتضار جاءت في حديث معقل بن يسار أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال( :اقرأوا على موتاكم يس) صححه جماعة وظنوا أن إسناده جيد وأنه من رواية أبي عثمان النهدي عن معقل بن يسار ،وضعفه آخرون ،وقالوا :إن الراوي له ليس هو أبا عثمان النهدي ولكنه شخص آخر مجهول .فالحديث المعروف فيه أنه ضعيف لجهالة أبي عثمان ،فال يستحب قراءتها على الموتى .والذي استحبها ظن أن الحديث صحيح فاستحبها ،لكن قراءة القرآن عند المريض أمر طيب ولعل هللا ينفعه بذلك ،أما تخصيص سورة (يس) فاألصل أن الحديث ضعيف فتخصيصها ليس له وجه. حكم تلقين الكافر س :هل يشرع الحضور عند الكافر المحتضر وتلقينه؟ ج :يشرع ذلك إذا تيسر وقد كان عند النبي صلى هللا عليه وسلم خادم يهودي فمرض فذهب إليه النبي صلى هللا عليه وسلم يعوده فلقنه وقال( :قل أشهد أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا فنظر اليهودي إلى أبويه فقاال له أطع أبا القاسم فقالها فقال النبي صلى هللا عليه وسلم الحمد هلل الذي أنقذه بي من النار) حكم وضع المصحف على بطن الميت س :ما حكم وضع المصحف على الميت؟ ج :ال أصل لذلك ،وال يشرع ،بل هو بدعة. س :األخت التي رمزت السمها بـ هـ.هـ.هـ – .من الرياض تقول في سؤالها :ما حكم قراءة القرآن على الميت ،ووضع المصحف على بطنه؟ ج :ليس لقراءة القرآن على الميت أو على القبر أصل صحيح ،بل ذلك غير مشروع ،بل من البدع ،وهكذا وضع المصحف على بطنه ليس له أصل ،وليس بمشروع ،وإنما ذكر بعض أهل العلم وضع حديدة أو شيء ثقيل على بطنه بعد الموت حتى ال ينتفخ. حكم قراءة القرآن على األموات س :أرجو من سماحة الشيخ أن ينبه المسلمين إلى حكم قراءة القرآن على األموات هل هو جائز أم ال ؟ وما حكم األحاديث الواردة في ذلك؟ ج :القراءة على األموات ليس لها أصل يعتمد عليه وال تشريع ، وإنما المشروع القراءة بين األحياء ليستفيدوا ويتدبروا كتاب هللا ويتعقلوه ،أما القراءة على الميت عند قبره أو بعد وفاته قبل أن يقبر أو القراءة له في أي مكان حتى تهدى له فهذا ال نعلم له أصال ،وقد صنف العلماء في ذلك وكتبوا في هذا كتابات كثيرة منهم من أجاز القراءة ورغب في أن يقرأ للميت ختمات وجعل ذلك من جنس الصدقة بالمال ،ومن أهل العلم من قال :هذه أمور توقيفية ؛ يعني أنها من العبادات فال يجوز أن يفعل منها إال ما أقره الشرع. والنبي صلى هللا عليه وسلم قال( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وليس هناك دليل في هذا الباب فيما نعلمه يدل على شرعية القراءة للموتى ،فينبغي البقاء على األصل وهو أنها عبادة توقيفية ،فال تفعل لألموات بخالف الصدقة عنهم والدعاء لهم والحج والعمرة وقضاء الدين ،فإن هذه األمور تنفعهم ،وقد جاءت بها النصوص .وثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع (والَّذِينَ َجا ُءوا به ،أو ولد صالح يدعو له) وقال هللا سبحانه وتعالىَ : ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم – أي بعد الصحابة -يَقُولُونَ َربَّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا َو ِ ِِل ْخ َوانِنَا الَّذِينَ ان َوال تَ ْجعَ ْل فِي قُلُوبِنَا ِغ اًّل ِللَّذِينَ آ َمنُوا َربَّنَا إِنَّ َك َر ُء ٌ وف سبَقُونَا بِ ْ ِ اِلي َم ِ َ َر ِحي ٌم) فقد أثنى هللا سبحانه على هؤالء المتأخرين بدعائهم لمن سبقهم وذلك يدل على شرعية الدعاء لألموات من المسلمين وأنه ينفعهم ،وهكذا الصدقة تنفعهم للحديث المذكور .وفي اِلمكان أن يتصدق بالمال الذي يستأجر به من يقرأ لألموات على الفقراء والمحاويج بالنية لهذا الميت ،فينتفع الميت بهذا المال ويسلم باذله من البدعة ،وقد ثبت في الصحيح أن رجًّل قال :يا رسول هللا إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى هللا عليه وسلم (نعم) .فبين الرسول صلى هللا عليه وسلم أن الصدقة عن الميت تنفعه ،وهكذا الحج عنه والعمرة ،وقد جاءت األحاديث بذلك ،وهكذا قضاء الدين ينفعه ، أما كونه يتلو له القرآن ويثوبه له أو يهديه له أو يصلي له أو يصوم له تطوعا فهذا كله ال أصل له ،والصواب أنه غير مشروع . حكم وضع الحناء في يد المرأة التي تحتضر س :ما حكم وضع الحناء في يد المرأة المتوفاة ،أو التي تحتضر؟ ج :ال أعلم لهذا أصال يرجع إليه. بعض البدع التي تقال عند المحتضر س :ح.أ.م .من أم درمان بالسودان يقول في سؤاله :بعض الناس يجعلون الورد ( بسم هللا الرحمن الرحيم) 786مرة ،ويقرءون الواقعة 42مرة ،وسورة الذاريات 60مرة ،وسورة يس 41مرة ،عند الميت وغيره ،ويقرءون في الورد ( يا لطيف) 16641 مرة ،فهل هذا جائز أم ال؟ أفيدونا أفادكم هللا. ج :ال أعلم لهذا العمل أصال بهذا العدد المعين في الشرع المطهر ، بل التعبير بذلك واعتقاد أنه سنة بدعة ،وهكذا فعل ذلك على هذا الوجه عند الميت وقت الموت أو بعد الموت كل ذلك ال أصل له على هذا الوجه ،ولكن يشرع للمؤمن االستكثار من قراءة القرآن ليال ونهارا ،وأن يسمي هللا سبحانه عند ابتداء القراءة ،وعند األكل والشرب ،وعند دخول المنزل ،وعند جماع أهله ،وغير ذلك من الشئون التي وردت بها السنة ،وقد روي عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :كل أمر ذي بال ال يبدأ فيه ببسم هللا فهو أبتر) وهكذا استعمال (يا لطيف أو يا هللا أو نحو ذلك) بعدد معلوم يعتقد أنه سنة ال أصل له بل هو بدعة ،ولكن يشرع اإلكثار من الدعاء بال عدد معين ،كقوله :يا لطيف الطف بنا أو اغفر لنا أو ارحمنا أو اهدنا ونحو ذلك .وهكذا يا هللا يا رحمن يا رحيم يا غفور يا حكيم يا عزيز الطف بنا وانصرنا وأصلح قلوبنا وأعمالنا ،وما (وقَا َل َربُّ ُك ُم ا ْدعُونِي أَ ْ ستَ ِج ْب لَ ُك ْم) أشبه ذلك ؛ لقول هللا سبحانهَ : يب َدع َْوةَ سأَلَكَ ِع َبادِي ع َِني فَ ِإ ِني قَ ِر ٌ يب أ ُ ِج ُ (و ِإذَا َ وقوله عز وجلَ : َان) ولكن بدون تحديد عدد ال يزيد عليه وال ينقص ، الدَّاعِ ِإذَا َدع ِ إال ما ورد فيه تحديد عن النبي صلى هللا عليه وسلم مثل قول( :ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) في كل يوم مائة مرة فهذا ثابت عن النبي صلى هللا عليه وسلم ،وهكذا (قول سبحان هللا وبحمده مائة مرة في الصباح والمساء) وهكذا (سبحان هللا والحمد هلل وهللا أكبر ثالثا وثالثين مرة) بعد كل صالة من الفرائض الخمس ،الجميع تسع وتسعون بعد كل صالة ويختم المائة بقوله( :ال إله إال هللا وحده ال شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) .كل هذا صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم ،وهكذا كل ما جاء في معناه .وإن قرأ عند المحتضر قبل أن يموت بعض آيات من القرآن فال بأس ؛ ألنه روي عن النبي صلى هللا عليه وسلم ما يدل على ذلك ،ويستحب تلقينه ال إله إال هللا حتى يختم له بذلك ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :لقنوا موتاكم ال إله إال هللا) رواه مسلم في صحيحه. والمراد بالموتى هنا المحتضرون في أصح قولي العلماء ،وألنهم الذين ينتفعون بالتلقين .وهللا ولي التوفيق . يستحب توجيه المحتضر للقبلة س :هل يشرع توجيه المحتضر للقبلة؟ ج :نعم ،يستحب ذلك عند أهل العلم ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم: (الكعبة قبلتكم أحياء وأمواتا) كيفية توجيه المحتضر إلى القبلة س :ما هي كيفية التوجيه إلى القبلة بالنسبة للمحتضر؟ ج :يجعل على جنبه األيمن ،ووجهه إلى القبلة كما يوضع في اللحد. حكم تقبيل الميت س :هل يجوز تقبيل الميت ؟ ج :ال بأس بتقبيل الميت إذا قبله أحد محارمه من النساء أو قبله أحد من الرجال كما فعل أبو بكر الصديق رضي هللا عنه مع النبي صلى هللا عليه وسلم. غسل الميت تارك الصالة ال يغسل وال يصلى عليه وال يدفن في مقابر المسلمين س :األخ م.ص.ع .من عمان باألردن يقول في سؤاله :ما حكم من مات وهو ال يصلي ،مع العلم أن أبويه مسلمان ؟ وكيف تكون معاملته من ناحية التغسيل والتكفين والصالة عليه والدفن والدعاء والترحم عليه؟ ج :من مات من المكلفين وهو ال يصلي فهو كافر ،ال يغسل وال يصلى عليه ،وال يدفن في مقابر المسلمين وال يرثه أقاربه ،بل ماله لبيت مال المسلمين في أصح أقوال العلماء لقول النبي صلى هللا عليه وسلم في الحديث الصحيح( :بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصالة) أخرجه اإلمام مسلم في صحيحه ،ولقوله صلى هللا عليه وسلم( :العهد الذي بيننا وبينهم الصالة فمن تركها فقد كفر) أخرجه اإلمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح من حديث بريدة رضي هللا عنه .وقال عبد هللا بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه هللا تعالى( :كان أصحاب محمد صلى هللا عليه وسلم ال يرون شيئا تركه كفر إال الصالة) واألحاديث واآلثار في هذا المعنى كثيرة وهذا فيمن تركها كسال ولم يجحد وجوبها ،وأما من جحد وجوبها فهو كافر مرتد عن اإلسالم عند جميع أهل العلم ، نسأل هللا أن يصلح أحوال المسلمين ويسلك بهم صراطه المستقيم إنه سميع مجيب. حكم سؤال المغسل عن حال الميت س :هل للمغسل أن يسأل أهل الميت هل المتوفى يصلي أم ال؟ ج :ما دام ظاهره اإلسالم ،والذين أحضروه مسلمون فال حاجة إلى سؤالهم ،وقد يتساهل البعض في ذلك فيترتب على ذلك فضائح ،وكذلك عند الصالة عليه ،فال يسأل عنه إذا كان ظاهره اإلسالم. من األولى بتغسيل الميت س :هل األولى أن يتولى التغسيل أهل الميت؟ ج :ال يلزم وإنما يتولى ذلك األمين ،الجيد ،الخبير. س :إذا أوصى الميت بتحديد من يغسله فهل تنفذ وصيته؟ ج :نعم تنفذ وصيته. جواز غسل أحد الزوجين لآلخر بعد الوفاة س :هل األولى بتغسيل الرجل زوجته أو الرجال؟ ج :تغسيل المرأة زوجها أمر ال بأس به إذا كانت خبيرة بذلك ،وقد غسل علي رضي هللا عنه زوجته فاطمة رضي هللا عنها ،وغسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضي هللا عنه. س :األخ ص.أ.ع .من طنطا في جمهورية مصر العربية يقول في سؤاله :هل يجوز للمرأة أن تغسل زوجها بعد وفاته ،وكذلك هل يجوز للرجل أن يغسل زوجته بعد وفاتها؟ أفتونا مأجورين. ج :قد دلت األدلة الشرعية على أنه ال حرج على الزوجة أن تغسل زوجها وأن تنظر إليه ،وال حرج على الزوج أن يغسلها وينظر إليها ،وقد غسلت أسماء بنت عميس رضي هللا عنها زوجها أبا بكر الصديق رضي هللا عنه ،وأوصت فاطمة رضي هللا عنها أن يغسلها علي رضي هللا عنه .وهللا ولي التوفيق. حكم غسل الرجل المرأته والبنت الصغيرة س :هل يصح للرجل أن يغسل امرأته إذا ماتت أو بنت سنة أو سنتين ولو أجنبية عنه؟ ج :ال بأس أن يغسل الرجل زوجته والمرأة زوجها ؛ ألن ذلك جاءت به السنة عن النبي صلى هللا عليه وسلم وعن سلف األمة في ذلك .أما غير الزوجة كاألم والبنت فال يجوز للرجل تغسيلهما وال غيرهما من محارمه النساء .ويلحق بالزوجة المملوكة التي يباح له وطؤها فال بأس بغسلها إذا ماتت ألنها كالزوجة ،وهكذا البنت الصغيرة التي دون السبع ال حرج على الرجل في تغسيلها ، سواء كان محرما لها أو أجنبيا عنها ؛ ألنها ال عورة لها محترمة ، وهكذا المرأة لها تغسيل الصبي الذي دون السبع .وهللا ولي التوفيق . العالقة الزوجية ال تنتهي بالموت س :رأي بعض الفقهاء أن العالقة الزوجية انتهت بالموت ،ما توجيهكم في ذلك ؟ ج :هذا رأي يعارض السنة فال يلتفت إليه. س :لقد سمعنا كثيرا من عامة الناس بأن الزوجة تحرم على زوجها بعد الوفاة ،أي بعد وفاتها ،وال يجوز أن ينظر إليها وال يلحدها عند القبر ،فهل هذا صحيح ؟ أجيبونا بارك هللا فيكم. ج :قد دلت األدلة الشرعية على أنه ال حرج على الزوجة أن تغسل زوجها وأن تنظر إليه وال حرج عليه أن يغسلها وينظر إليها ،وقد غسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضي هللا عنهما ،وأوصت فاطمة أن يغسلها علي رضي هللا عنهما .وهللا ولي التوفيق. المطلقة طالقا رجعيا يغسلها زوجها س :المتوفاة المطلقة هل يغسلها زوجها؟ ج :إذا كانت رجعية فال بأس ،يعني طلقة واحدة أو اثنتين. عدد من يتولى غسل الميت س :هل فيه عدد محدد لمن يتولى غسل الميت ؟ ج :يكفي واحد ومن يساعده على ذلك . األشياء التي يغسل بها الميت من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم فضيلة الشيخ /ع.غ .وفقه هللا آمين. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ،أما بعد: فقد وصلني كتابكم الكريم بدون تاريخ وصلكم هللا بهداه ،وهو مرفق بهذا ،وما تضمنه – من السؤال عن الغسلة التي تبدءون بها غسل الميت بالصابون والشامبو إذا كان به أوساخ متراكمة – كان معلوما ،وال أذكر أن أحدا فاتحني في ذلك ،والذي أرى أن تعملوا بما تضمنه حديث أم عطية ،فتغسلوا الميت بالماء والسدر في جميع الغسالت ،وتبدءوا بميامنه ومواضع الوضوء منه مع العناية بإزالة األوساخ المتراكمة وغيرها في جميع الغسالت حتى ينقى ،ولو زاد على سبع ؛ للحديث المذكور . وال حاجة إلى الصابون والشامبو وغيرهما ،إال إذا لم يكف السدر في إزالة األوساخ فال بأس باستعمال الصابون والشامبو واألشنان وغيرها من األنواع المزيلة لألوساخ بدءا من الغسلة األولى ، ويجعل في الغسلة األخيرة شيء من الكافور؛ للحديث المذكور ، هذا هو السنة فيما أعلم من األحاديث الصحيحة ؛ لحديث أم عطية وما جاء في معناه. وأسأل هللا أن يبارك في جهودكم ويمنحكم التوفيق واإلخالص والسداد ،إنه خير مسئول .والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد حكم استخدام السدر في الغسل س :هل في حديث ابن عباس دليل على وجوب استخدام السدر؟ ج :هو مشروع ،واألمر عند العلماء لالستحباب ؛ ألنه أبلغ في اإلنقاء ،وإذا لم يتيسر سدر فيجعل بدله صابون أو أشنان أو ما يقوم مقامهما. س :هل رغوة السدر على الرأس بالنسبة للميت سنة ؟ ج :ذكره بعض الفقهاء وقالوا إنه أبلغ في التنظيف وهو ليس بالزم ،وإنما المشروع أن يغسل الميت بالماء والسدر . حكم األخذ من شارب وإبط وأظفار وعانة الميت س :هل يجوز أخذ شارب وإبط وأظفار الميت وعانته؟ ج :يستحب قص شاربه وقلم أظفاره ،وأما حلق العانة ،ونتف اِلبط فًّل أعلم ما يدل على شرعيته ،واألولى ترك ذلك ؛ ألنه شيء خفي وليس بارزا ً كالظفر والشارب . س :هل يتعرض للميت بقص شاربه أو أظفاره؟ ج :ليس على ذلك دليل ولو أخذ شيء من ذلك فًّل بأس ،ونص بعض العلماء على األظافر والشارب ،أما حلق العانة والختان فًّل يشرع فعلهما في حق الميت لعدم الدليل على ذلك .حكم نزع أسنان الذهب من الميت س :إذا مات الميت وعليه أسنان ذهب فهل تنزع منه إذا كان عليه دين ولو كان نزعها ال يحصل بسهولة أم تترك إذا لم يكن عليه دين ؟ ج :إذا مات الميت وعليه أسنان ذهب أو فضة ونزعها ال يحصل بسهولة فًّل بأس بتركها سواء كان مدينا أم غير مدين ،وفي اِلمكان نبشه بعد حين وأخذها للورثة أو الدين ،أما إذا تيسر نزعها وجب ذلك ؛ ألنها مال ال ينبغي إضاعته مع القدرة . تطييب الميت وكفنه س :ما حكم تطييب الميت وكفنه ؟ ج :تطييب الميت وكفنه سنة إذا كان غير ُم ْح ِر ٍم . حكم تسويك الميت س :ما حكم تسويك الميت ؟ ج :ال أعلم لهذا أصًّلً ،وإنما يوضأ ثم يغسل ،وإذا سوكه عند المضمضة فًّل بأس كالحي . حكم الزيادة على سبع غسًّلت س :إذا لم يطهر الميت بسبع غسًّلت فهل يزاد عليها ؟ ج :ال بأس إذا دعت الحاجة إلى ذلك . حث النساء على المشاركة في غسل الميتات س :يوجد عدد كبير من مغاسل الموتى في الرياض للرجال والنساء ،وحيث إنه من النادر وجود نساء يقمن بتغسيل النساء ،وخاصة ممن عندهن علم واحتساب ،وألهمية األمر نأمل من سماحتكم بيان هذا العمل ،وحث األخوات على المشاركة وإرسال االسم ورقم الهاتف لمن يرغب ،لسماحتكم أو ِلمام المسجد الذي يوجد به مغاسل للموتى أو لغيره. ج :نوافق على ما اقترح األخ ،وال شك أن العناية بتغسيل الميتات مطلوب كالرجال ،والمرأة تغسلها المرأة ،والرجل يغسله الرجل ، إال أن المرأة ال مانع من أن يغسلها زوجها ؛ وهكذا الزوجة ال مانع من أن تغسل زوجها ؛ ألنه ثبت أن الصديق رضي هللا عنه قد غسلته زوجته أسماء بنت عميس رضي هللا عنها ،وعلي بن أبي طالب رضي هللا عنه غسل زوجته فاطمة رضي هللا عنها .وهكذا السيد يغسل مملوكته المباحة له ،وهي تغسله ،كالزوج والزوجة ، وما سوى ذلك فالنساء يغسلن النساء ،والرجال يغسلون الرجال ، فأرجو ممن تجد من نفسها القدرة أن تحتسب ،وأن تتولى هذا األمر وتبلغ المسئولين في البلدية وغير البلدية ؛ حتى يعرفوها ويطلبوها عند الحاجة ،فتعطيهم رقم هاتفها وتعتني بهذا األمر وتراجع كًّلم أهل العلم في كيفية تغسيل الميت ؛ حتى تكون على بصيرة في ذلك ،وحتى تعرف كيف تغسل الميتة ،فإذا درست هذا من كًّلم أهل العلم فعليها تطبيق ذلك واحتساب األجر عند هللا ،وإن دفع لها أجرة فًّل بأس من أخذها . س :إحدى النساء كانت تغسل األموات متطوعة وأخيرا رفضت القيام بهذا العمل رغم الحاجة إليها بحجة تبلد اِلحساس والغلظة تجاه األموات ،فهل توافق على هذا الرأي أم ال؟ ج :المشروع لها أن تحتسب وتصبر في تغسيل األموات ،إذا كانت الحاجة داعية إليها ،وكانت معروفة بالخير واِلتقان لهذا العمل ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من كان في حاجة أخيه كان هللا في حاجته) متفق على صحته ،وقوله صلى هللا عليه وسلم( :وهللا في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أخرجه مسلم في صحيحه .واألحاديث في هذا المعنى كثيرة. حكم إقامة دورات لتعليم تغسيل األموات س :ما حكم إقامة دورات لتعليم تغسيل األموات ؟ ج :تعليم تغسيل الموتى طيب ومشروع وليس فيه شيء ؛ ألن بعض الناس ال يحسن التغسيل ،والحاجة ماسة إلى معرفة كيفية تغسيل الميت .حكم تصوير غسل الميت للتذكير أو للتعليم س :ما حكم تصوير تغسيل الميت على شريط فيديو ثم بيعه بحجة أنه من باب التذكير بالموت ؟ ج :إن كان المقصود تصوير الميت حين التغسيل فذلك ال يجوز ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن تصوير ذوات األرواح ولعن المصورين ،وقال( :إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) أما إن كان مراد السائل بيان صفة تغسيل الميت كما شرع هللا عز وجل في شريط يوزع أو يباع فًّل بأس ،كما يسجل تعليم الناس الصًّلة وغيرها مما يحتاجه الناس من غير تصوير .وفق هللا الجميع للعلم النافع والعمل الصالح. س :ما حكم تعليم التغسيل والتكفين عن طريق الفيديو ؟ ج :التعليم يكون بغير الفيديو ؛ لما في األحاديث الكثيرة الصحيحة من النهي عن التصوير ولعن المصورين. تغسيل المحرم إذا توفي س :بالنسبة لتغسيل المحرم إذا توفي حال إحرامه؟ ج :المحرم إذا توفي فإنه يغسل وال يطيب وال يغطى وجهه وال رأسه ويكفن في إحرامه وال يلبس قميصا ً وال عمامة وال غير ذلك ؛ ألنه يبعث يوم القيامة ملبيا ً كما صح بذلك الحديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وال يقضى عنه ما بقي من أعمال حجه سواء كانت وفاته قبل عرفة أو بعدها ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يأمر بذلك. س :من مضى في حج فاسد فمات فما الحكم ؟ ج :يعامل معاملة من مات في حج صحيح ،يكفن في ثوبيه ،وال يطيب ،وال يغطى وجهه ،وال رأسه ؛ لحديث ابنعباس رضي هللا عنهما في الذي سقط عن راحلته ومات وهو محرم فقال النبي صلى هللا عليه وسلم( :اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وال تحنطوه وال تخمروا وجهه وال رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) متفق على صحته واللفظ لمسلم ،والتحنيط هو التطييب .حكم تغسيل جريح المعركة إذا مات بعدها س :من مات من المعركة متأثرا ً بجراحه هل يغسل ويكفن ويصلي عليه؟ ج :نعم يغسل ويكفن ويصلى عليه ،ويرجى له أجر الشهيد إذا خلصت نيته. المظلوم يغسل ويصلي عليه س :هل يغسل المظلوم؟ ج :نعم يغسل ويصلى عليه ،فعمر الفاروق رضي هللا عنه قتل مظلوما وعثمان رضي هللا عنه قتل مظلوما ومع هذا غسًّل وصلى عليهما الصحابة رضي هللا عنهم ،وهكذا علي رضي هللا عنه قتل مظلوما وغسل وصلي عليه.حكم تغسيل المنتحر والصًّلة عليه س :هل قاتل نفسه يغسل ويصلى عليه؟ ج :قاتل نفسه يغسل ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ؛ ألنه عاص وهو ليس بكافر ؛ ألن قتل النفس معصية وليس بكفر .وإذا قتل نفسه والعياذ باهلل يغسل ويكفن ويصلى عليه ،لكن ينبغي لإلمام األكبر ولمن له أهمية أن يترك الصًّلة عليه من باب اِلنكار ؛ لئًّل يظن أنه راض عن عمله ،واِلمام األكبر أو السلطان أو القضاة أو رئيس البلد أو أميرها إذا ترك ذلك من باب إنكار هذا الشيء وإعًّلن أن هذا خطأ فهذا حسن ،ولكن يصلي عليه بعض المصلين . كيفية تغسيل من مات في حادث وقد تشوه جسده س :األخ ع.ع.س .من الرياض يقول في سؤاله :كيف يتم تغسيل اِلنسان الذي يموت في حادث ويتشوه جسمه وربما تقطع بعض أجزائه؟ نسأل هللا السًّلمة والعافية.ج :يجب تغسيله كما يغسل غيره إذا أمكن ذلك ،فإن لم يمكن فإنه ييمم ؛ ألن التيمم يقوم مقام التغسيل بالماء عند العجز عن ذلك .وهللا ولي التوفيق. المغسل يخبر بعًّلمات الخير ال الشر س :هل يبين المغسل بعض العًّلمات من الخير والشر؟ ج :عًّلمات الخير ال بأس باِلخبار عنها ،أما الشر فًّل ؛ ألنها غيبة ،لكن لو قال :إن بعض األموات يكون أسود أو غير ذلك فًّل بأس ، لكن الممنوع أن يقول غسلت فًّلنا ورأيت فيه كذا من عًّلمات الشر ؛ ألن ذلك يحزن أهله ويؤذيهم وهو من الغيبة . مدى صحة حديث :من غسل مسلما ً فستر عيوبه س :ما مدى صحة الحديث الذي يقول :من غسل مسلما ً فستر عيوبه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ؟ ج :ال أعلم له أصًّل ،ولكن يستحب للغاسل الستر على الموتى وعدم إفشاء ما قد يظهر من مساوئهم للناس ،أما إظهار محاسنهم فًّل حرج في ذلك بل هو حسن ؛ لكونه يبشر بالخير ويسر أهل الميت ،وال شك أن إظهار المساوئ نوع من الغيبة. س :حديث ( :من غسل ميتا فستر عليه ستر هللا عليه يوم القيامة) ما صحة هذا الحديث؟ ج :ال أعرفه ولكن عندنا حديث صحيح يغني عنه وهو قوله صلى هللا عليه وسلم( :من ستر مسلما ستره هللا في الدنيا واآلخرة) أخرجه مسلم في صحيحه وهو عام في الحي والميت . الكفن كيفية تكفين الميت س :ما كيفية تكفين الميت بالنسبة للذكر واألنثى؟ ج :السنة أن يكفن الرجل في ثًّلثة أثواب بيض ،كما كفن النبي صلى هللا عليه وسلم في ذلك ،وإن كفن في ثوب واحد واسع يعمه ويستره كفى ،وإن كفن في قميص وإزار ولفافة جاز .أما المرأة فاألفضل تكفينها في خمسة أثواب :إزار ،وخمار ،وقميص ، ولفافتين ،فهذا هو األفضل كما ذكره أهل العلم ،وجاء في ذلك أحاديث تدل عليه ،وإن كفنت في أقل من ذلك فًّل بأس. س :كيف يكفن الرجل وكيف تكفن المرأة؟ ج :األفضل أن يكفن الرجل في ثًّلثة أثواب بيض ليس فيها قميص وال عمامة ،هذا هو األفضل ،والمرأة تكفن في خمس قطع إزار وقميص وخمار ولفافتين ،وإن كفن الميت في لفافة واحدة ساترة جاز سواء كان رجًّل أو امرأة ،واألمر في ذلك واسع . كيفية تكفين المحرمة س :كيف تكفن المرأة المحرمة؟ ج :تكفن كأمثالها في إزار وخمار وقميص ولفافتين ويغطى وجهها كغيرها ولكن بغير نقاب ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم نهى المحرمة عن النقاب ،أما ستر وجهها بغير النقاب فًّل بأس به وال تطيب؛ ألنها محرمة. عدد العقد في الكفن س :كم عدد العقد في الكفن؟ ج :ليس في ذلك حد ؛ لكن الثًّلث تكفي في أعًّله وأسفله ووسطه ، وإن اكتفي باثنتين فًّل بأس لكن المهم ضبط الكفن حتى ال ينتشر . حكم جعل كيس بًّلستيك على من به جروح س :يجعل بعض المغسلين على الميت في حوادث السيارات كيسا ً من البًّلستيك حتى ال يخرج الدم على األكفان؟ ج :ال بأس أن يجعل على الجرح ما يمسكه. يغير الكفن أو يغسل إذا خرج دم بعد التكفين س :إذا خرج دم بعد تكفين الميت هل يلزم تغيير الكفن؟ ج :يغير الكفن ،أو يغسل ،ويجعل على محل النزيف شيء يمسكه مثل الشمع وغيره. الصالة على الميت الصالة على الجنازة مشروعة للجميع ،الرجال والنساء س :هل للمرأة أن تصلي على الجنازة أم ال؟ ج :الصالة على الجنازة مشروعة للجميع ،للرجال والنساء ، تصلي على الجنازة في البيت أو في المسجد كل ذلك ال بأس به ، وقد صلت عائشة رضي هللا عنها والنساء على سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنه لما توفي في مسجد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،والمقصود أن الصالة على الجنائز مشروعة للجميع ،وإنما المنهي عنه زيارتهن للقبور واتباع الجنائز ،أما صالتهن على الميت في البيت أو في المسجد أو في المصلى أو في بيت أهله فال بأس بذلك ،وقد كانت النساء يصلين على الجنائز خلف النبي صلى هللا عليه وسلم وخلف الخلفاء الراشدين .وهللا ولي التوفيق. س :األخت التي رمزت السمها بـ ( مسلمة ) من الرياض تقول: يلحظ أن المرأة ال تحضر صالة الجنازة ،والسؤال لفضيلة الشيخ: هل ذلك ممنوع شرعا ؟ ج :الصالة على الجنازة مشروعة للرجال والنساء ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل يا رسول هللا وما القيراطان ؟ قال( :مثل الجبلين العظيمين) يعني من األجر .متفق على صحته. لكن ليس للنساء اتباع الجنائز إلى المقبرة ؛ ألنهن منهيات عن ذلك ،لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي هللا عنها قالت : (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) أما الصالة على الميت فلم تنه عنها المرأة ،سواء كانت الصالة عليه في المسجد أو في البيت أو في المصلى ،وكان النساء يصلين على الجنائز في مسجده صلى هللا عليه وسلم مع النبي صلى هللا عليه وسلم وبعده. وأما الزيارة للقبور فهي خاصة بالرجال كاتباع الجنائز إلى المقبرة ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لعن زائرات القبور ،والحكمة في ذلك – وهللا أعلم – ما يخشى في اتباعهن الجنائز إلى المقبرة وزيارتهن للقبور من الفتنة بهن وعليهن ،ولقوله صلى هللا عليه وسلم( :ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) متفق على صحته .وباهلل التوفيق. مدى صحة حديث :ليس للنساء نصيب في الجنازة س :السائلة تقول :روي عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قوله: (ليس للنساء نصيب في الجنازة) ما رأيكم في هذا الحديث ،وما هي األمور التي تجتنبها المرأة في موضوع الجنازة. ج :هذا الحديث الذي ذكرته السائلة ليس للمرأة نصيب في الجنازة ال نعلم له أصال وال نعلم أحدا أخرجه من أهل العلم ،وإنما الوارد عنه صلى هللا عليه وسلم في هذا أنه صلى هللا عليه وسلم (لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) ،ونهى النساء عن اتباع الجنازة – يعني للمقبرة – أما الصالة عليها مع الناس في المسجد أو المصلى فهي مشروعة للجميع ،وقد كان النساء يصلين مع النبي صلى هللا عليه وسلم الفريضة وعلى الجنائز ،وقد صلت عائشة رضي هللا عنها على جنازة سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنه في مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم ،فالحاصل أن المرأة تصلي على الجنائز مع الرجال وال بأس بذلك ،أما ذهابها مع الجنازة إلى المقبرة أو زيارة القبور فهذا هو المنهي عنه فال يجوز لها ذلك . وهللا ولي التوفيق. له بكل جنازة قيراط س :األخ س.غ .من الرياض ،يقول في سؤاله :رجل صلى على خمس جنائز صالة واحدة ،فهل له بكل جنازة قيراط أم أن القيراط على عدد الصلوات ؟ جزاكم هللا خيرا. ج :نرجو له قراريط بعدد الجنائز ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من صلى على جنازة فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان) وما جاء في معنى ذلك من األحاديث ،وكلها دالة على أن القراريط تتعدد بعدد الجنائز ،فمن صلى على جنازة فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراط ،ومن صلى عليها وتبعها حتى يفرغ من دفنها فله قيراطان ،وهذا من فضل هللا سبحانه وجوده وكرمه على عباده ،فله الحمد والشكر ال إله غيره وال رب سواه ،وهللا ولي التوفيق . إمام المسجد أولى بالصالة على الميت من وليه س :هل يصلي على الميت وليه أو اإلمام الراتب ؟ ج :يصلي عليه في المسجد اإلمام الراتب. س :إذا كان قد وصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين ،فهل هذا الشخص أولى من اإلمام الراتب؟ ج :إمام المسجد أولى بالصالة على الجنازة من الشخص الموصى له لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :ال يؤمن الرجل الرجل في سلطانه) وإمام المسجد هو صاحب السلطان في مسجده . حكم السفر ألجل الصالة على الميت س :ما حكم السفر ألجل الصالة على الميت ؟ ج :ال حرج في ذلك ،وصلى هللا وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه. أفضلية كثرة المصلين على الجنازة س :هل في كثرة عدد المصلين على الجنازة فضل؟ ج :ثبت في حديث ابن عباس عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجال ال يشركون باهلل شيئا إال شفعهم هللا فيه) رواه مسلم ،ولذا استحب العلماء تحري المسجد الذي فيه جماعة كثيرة للصالة على الميت فيه ،وكلما كان العدد أكثر صار أقرب إلى الخير وأكثر للدعاء . حكم تكثير الصفوف ولو لم تتم س :بالنسبة الستحباب تكثير الصفوف حتى مع عدم اكتمال الصف األول ما حكمه؟ ج :األصل أن يصفوا في صالة الجنازة كما يصفون في الصالة المكتوبة فيكملون الصف األول فاألول ،أما عمل مالك ابن هبيرة رضي هللا عنه ففي سنده ضعف وهو مخالف لألحاديث الصحيحة الدالة على وجوب إكمال الصف األول فاألول في الصالة. موقف اإلمام في صالة الجنازة س :كيف يكون وقوف اإلمام في صالة الجنازة؟ ج :من السنة أن يقف اإلمام عند رأس الرجل ووسط المرأة وإذا كانت جنائز كثيرة يقدم الرجل ثم الطفل الذكر ثم المرأة ثم الطفلة األنثى ويصلي عليهم جميعا ؛ ألن المقصود اإلسراع بالجنازة ، ويجعل رأس الطفل عند رأس الرجل ووسط المرأة عند رأس الرجل وكذلك الطفلة عمال بالسنة. س :كيف يوضع الميت أمام اإلمام بالنسبة لجهة الرأس واألرجل؟ ج :يوضع الميت أمام اإلمام ،ويكون اإلمام حذاء رأس الرجل ووسط المرأة كما صحت بذلك األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وإذا كان األموات جماعة رجاال ونساء ،وأفراطا ، قدم الرجل إلى اإلمام ثم الطفل الذكر ،ثم المرأة ثم الطفلة ،ويكون وسط المرأة حذاء رأس الرجل ،حتى يكون موقف اإلمام منهما جميعا هو الموقف الشرعي. س :هل يشرع أن يصف عن يمين اإلمام في صالة الجنازة؟ ج :إذا دعت الحاجة فيصف عن يمينه وشماله والسنة الصالة خلف اإلمام ،لكن لو كان المكان ضيقا؛ فال بأس. صفة الصالة على الميت س :ما هي صفة الصالة على الميت؟ ج :الصالة على الميت صفتها أن يكبر اإلمام ويتعوذ ويسمي ويقرأ الفاتحة ،ويستحب أن يقرأ معها سورة قصيرة مثل اإلخالص ،أو العصر ،أو بعض اآليات ؛ ألنه قد صح عن النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما ما يدل على ذلك، ويكبر الثانية ويصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم مثلما يصلي عليه في التشهد األخير ،ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت بالدعاء المعروف ويذكَّر لفظ الدعاء للرجل ويؤنث للمرأة ،ويجمع الضمير للجنازات المجتمعة ثم يكبر الرابعة ويسكت قليال ثم يسلم عن يمينه تسليمة واحدة ،أما االستفتاح فال بأس بفعله وال بأس بتركه ،وتركه أفضل أخذا من قول النبي صلى هللا عليه وسلم( :أسرعوا بالجنازة…) الحديث. س :أرجو أن توضحوا كيفية الصالة على الجنازة كما ثبتت عن النبي صلى هللا عليه وسلم ؛ ألن كثيرا من الناس يجهلونها؟ ج :صفة الصالة على الجنازة قد بينها النبي صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رضي هللا عنهم ،وهي أن يكبر أوال ثم يستعيذ باهلل من الشيطان الرجيم ويسمي ويقرأ الفاتحة وسورة قصيرة أو بعض اآليات ،ثم يكبر ويصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم مثلما يصلي عليه في آخر الصالة ،ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ، واألفضل أن يقول( :اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على اإلسالم ومن توفيته منا فتوفه على اإليمان اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب األبيض من الدنس اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهال خيرا من أهله اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار وافسح له في قبره ونور له فيه اللهم ال تحرمنا أجره وال تضلنا بعده) كل هذا محفوظ عن النبي صلى هللا عليه وسلم وإن دعا له بدعوات أخرى فال بأس مثل أن يقول( :اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ،اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت) ،ثم يكبر الرابعة ويقف قليال ،ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه قائال( :السالم عليكم ورحمة هللا). ويسن أن يقف اإلمام عند رأس الرجل وعند وسط المرأة ؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث أنس وسمرة بن جندب رضي هللا عنهما ،وأما قول بعض العلماء :إن السنة الوقوف عند صدر الرجل فهو قول ضعيف ليس عليه دليل فيما نعلم ،ويكون الميت حين الصالة عليه موجها إلى القبلة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم عن الكعبة( :إنها قبلة المسلمين أحياء وأمواتا) وهللا ولي التوفيق. حكم قراءة الفاتحة في صالة الجنازة س :ما حكم قراءة الفاتحة في صالة الجنازة؟ ج :واجبة كما قال صلى هللا عليه وسلم( :صلوا كما رأيتموني أصلي) وقال عليه الصالة والسالم( :ال صالة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) متفق على صحته. حكم الجهر بالفاتحة أحيانا س :ما حكم الجهر بالفاتحة أحيانا في صالة الجنازة حتى يعلم أنها سنة؟ ج :الجهر بها في بعض األحيان ال بأس به ،وإن قرأ معها سورة قصيرة فال بأس أيضا بل هو أفضل ؛ ألنه قد ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما ، وإن اقتصر على الفاتحة كفى. حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في صالة الجنازة س :ما حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في صالة الجنازة؟ ج :قراءة سورة بعد الفاتحة أفضل كما ثبت ذلك عن النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما. حكم الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في صالة الجنازة س :ما حكم الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في صالة الجنازة؟ ج :المعروف عند أهل العلم وجوب الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم وينبغي أال يدعها المصلي على الجنازة بعد التكبيرة الثانية. صفة الدعاء للميت في صالة الجنازة س :األخ ع.م.ح .من الرياض يقول في سؤاله :صليت في أحد المساجد وبعد الصالة قدموا متوفين للصالة عليهم ،وكانوا رجال وامرأة وطفال وطفلة ،فما هي الصيغة الشرعية المناسبة للدعاء لهم؟ وفي بعض المرات يقول اإلمام :صلوا على األموات ،وال يعرف اإلنسان هل هم ذكور أم إناث ،وهل معهم أطفال أم ال ،فما هو الدعاء المناسب يا سماحة الشيخ في مثل هذه الحالة؟ ج :يدعى لألموات جميعا ذكورا كانوا أم إناثا ،أو ذكورا وإناثا بقوله :اللهم اغفر لهم وارحمهم… إلى آخره ،وإن كانوا اثنين: اللهم اغفر لهما وارحمهما… إلى آخر الدعاء .أما الطفل فيقال في الدعاء له :اللهم اجعله ذخرا لوالديه ،وفرطا وشفيعا مجابا ،اللهم أعظم به أجورهما ،وثقل به موازينهما ،وألحقه بصالح سلف المؤمنين ،واجعله في كفالة إبراهيم عليه السالم ،وقه برحمتك عذاب الجحيم ،وإن كان المأموم ال يعرف عدد األموات دعا لهم ،وإن لم يعرف عددهم بقوله :اللهم اغفر لهم وارحمهم ..إلى آخره .وهللا ولي التوفيق. صفة الدعاء في الصالة على الميت إذا كان مجهوال س :إذا كان المأموم يجهل هل الميت رجل أم امرأة ،فكيف يكون دعاؤه؟ ج :األمر في هذا واسع ،فإن قال :اللهم اغفر له… إلى آخره ، يعني الميت ،وإن قال :اللهم اغفر لها ،يعني الجنازة ،فال بأس. الدعاء الذي يقال في الصالة على الطفل س :ما هو الدعاء الذي يقال عند الصالة على الطفل ؟ ج :يقال في الصالة على الطفل مثلما يقال في الصالة على الكبير ، لكن عند الدعاء يقول :اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وشفيعا مجابا ،اللهم أعظم به أجورهما وثقل به موازينهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين ،واجعله في كفالة إبراهيم عليه الصالة والسالم وقه برحمتك عذاب الجحيم ؛ ألنه ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :الطفل يصلى عليه ويدعى لوالديه) . لم يثبت في القراءة بعد التكبيرة الرابعة شيء س :هل يقرأ بعد التكبيرة الرابعة شيء؟ ج :لم يثبت شيء في ذلك بل يكبر ثم يسكت قليال ثم يسلم بعد الرابعة. حكم الزيادة على أربع تكبيرات س :إذا كان الميت له فضل ،فهل يزاد في عدد التكبيرات ؟ ج :األفضل االقتصار على أربع ،كما عليه العمل اآلن ؛ ألن هذا هو اآلخر من فعل نبي هللا صلى هللا عليه وسلم والنجاشي مع كونه له مزية كبيرة اقتصر عليه الصالة والسالم في التكبير عليه بأربع. حكم رفع اليدين مع التكبيرات في صالة الجنازة س :رفع اليدين في صالة الجنازة مع التكبيرات هل هو سنة؟ ج :السنة رفع اليدين مع التكبيرات األربع كلها ؛ لما ثبت عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يرفعان مع التكبيرات كلها ،ورواه الدارقطني مرفوعا من حديث ابن عمر بسند جيد. السنة لمن فاتته بعض تكبيرات صالة الجنازة أن يقضيها :األخ م.م.أ .من نيويورك يقول في سؤاله :إذا فات اإلنسان بعض صالة الجنازة فهل يقضيها؟ وما هي صفة قضائها؟ ج :السنة لمن فاته بعض تكبيرات الجنازة أن يقضي ذلك ؛ لعموم قول النبي صلى هللا عليه وسلم( :إذا أقيمت الصالة فامشوا إليها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا) وصفة القضاء :أن يعتبر ما أدركه هو أول صالته وما يقضيه هو آخرها ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم( :فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) فإذا أدرك اإلمام في التكبيرة الثالثة كبر وقرأ الفاتحة ،وإذا كبر اإلمام الرابعة كبر بعده وصلى على النبي صلى هللا عليه وسلم ،فإذا سلم اإلمام كبر المأموم المسبوق ودعا للميت دعاء موجزا ، ثم يكبر الرابعة ويسلم .وفق هللا الجميع لما يرضيه. س :هل يقضي المصلي صالة الجنازة إذا دخل وقد فاته بعضها؟ ج :يقضيها في الحال ،فإذا أدرك مع اإلمام التكبيرة الثالثة فإنه يكبر ويقرأ الفاتحة ،وإذا كبر اإلمام الرابعة فإنه يكبر الثانية بالنسبة إليه ويصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم ،وإذا سلم اإلمام كبر الثالثة وقال :اللهم اغفر له إلى آخر الدعاء ،ثم يكبر الرابعة ويسلم. س :إذا رفعت الجنازة فكيف يصلي من فاته بعض الصالة؟ ج :يكبر في الحال ويقرأ الفاتحة ثم يكبر بعد إمامه التكبيرة التي أدركها فيصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم ،ثم إذا سلم اإلمام يكبر ويقول اللهم اغفر له ثم يكبر ويسلم إذا كان قد فاته تكبيرتان. من دخل مع اإلمام وهو يصلي صالة الجنازة ظانا أنه يصلي الفريضة س :األخ م.ع.م .من العال يقول في سؤاله :دخلت المسجد ألداء صالة الظهر ،فوجدت الناس وقوفا يصلون ،فكبرت معهم ،وبعد قليل اكتشفت أنهم يصلون على جنازة ،فارتبكت وقطعت الصالة ، ثم كبرت مرة أخرى تكبيرة اإلحرام ألقضي صالة الظهر ،ولم أكمل معهم الصالة على الجنازة ،فما حكم ما فعلت وهل علي شيء ؟ أرجو التكرم بإجابتي على سؤالي. ج :المشروع لك في مثل هذا األمر أن تنوي صالة الجنازة إذا علمت أنها صالة جنازة ،ثم تكبر وتكمل معهم صالة الجنازة وتقضي ما فاتك من التكبيرات إن فاتك شيء ،ثم بعد ذلك تصلي صالة الظهر ؛ ألن صالة الجنازة تفوت ،وصالة الظهر ال تفوت ؛ ألن وقتها واسع .وهللا ولي التوفيق. تقدم صالة الجنازة على الفرض في هذه الحال س :من دخل المسجد للصالة على الجنازة ولم يصل الفرض فهل يصلي الفرض أوال أو يدخل معهم في الصالة على الجنازة؟ وإذا حملت الجنازة هل يصلي عليها؟ ج :يصلي معهم على الجنازة ثم يصلي الفرض ؛ ألن الجنازة تفوت والفرض ال يفوت ،وأما إذا حملت الجنازة فال يصلي عليها ،وإنما يتبعها ويصلي عليها بعد الدفن أو عند القبر. كيف يفعل من حضر الجنازة في مسجد وقد صلى الفرض في آخر س :بعض المصلين يأتون وقد صلوا الفرض في مساجدهم ،فإذا أقيمت صالة الفرض في المسجد الذي سيصلى على الميت فيه ، فهل يصلون في المسجد مع المسلمين مرة ثانية ،أو يجلسون في المسجد ينتظرونهم ،والذي لم يأت إال متأخرا ،وقد فاته ثالث ركعات هل يصلي معهم مع خشيته فوات صالة الجنازة؟ ج :إذا جاء المسلم إلى المسجد فوجد الناس يصلون ،فإن المشروع له أن يصلي معهم ،فإنها له نافلة ،لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ألبي ذر( :صل الصالة لوقتها فإن أقيمت وأنت في المسجد فصل معهم فإنها لك نافلة) وجيء إلى النبي صلى هللا عليه وسلم برجلين ،وهو في منى في حجة الوداع ،لم يصليا معه في صالة الفجر ،فقال لهما صلى هللا عليه وسلم: (ما منعكما أن تصليا معنا فقاال قد صلينا في رحالنا يا رسول هللا فقال لهما صلى هللا عليه وسلم إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما اإلمام لم يصل فصليا معه فإنها لكما نافلة) وفي الباب أحاديث كثيرة وهي تدل على أن المسلم متى أدرك الصالة مع اإلمام أو بعضها فإنه يصلي معه وتكون له نافلة. حكم الصالة على الميت بعد دفنه س :ما حكم الصالة على الجنازة بعد دفنها ؟ وهل تحد بشهر؟ ج :حكم الصالة على الجنازة بعد دفنها سنة ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى عليها بعد الدفن ،والذي ما حضر الصالة عليها يصلي عليها بعد الدفن ،حتى الذي صلى عليها ال مانع من أن يعيد الصالة عليها مع المصلين وال حرج في ذلك حتى لو صلى عليها مرتين أو ثالثا مع من يصلي عليها ممن فاتته الصالة عليها ، والمشهور عند العلماء أنها إلى شهر تقريبا. أقصى مدة يمكن الصالة فيها على الميت بعد دفنه س :هل تجوز الصالة على الميت في قبره بعد مضي شهر ؟ ج :األحوط تركه ؛ ألن فيه خالفا بين العلماء ،وأكثر ما ورد عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه صلى على القبر بعد شهر ،واألصل عدم الصالة على القبور. س :عرفنا أن من المشهور عند العلماء أن الصالة على الميت بعد دفنه تكون إلى شهر تقريبا ،إذن فكيف توجه صالة النبي صلى هللا عليه وسلم على الصحابة في البقيع في آخر حياته والدعاء لهم ؟ ج :المقصود بالصالة عليهم الدعاء لهم الدعاء الذي يدعى به للميت. حكم تكرار الصالة على الميت س :هل يجوز أن أصلي على قبر أبي صالة الجنازة عند زيارته طلبا للرحمة له ؟ ج :إذا كنت قد صليت على أبيك مع الناس فال حاجة إلى إعادة الصالة ،بل تزوره وتدعو له فقط ؛ تأتي المقبرة وتسلم على أهل القبور وتدعو لهم وتدعو ألبيك ،كما قال النبي صلى هللا عليه وسلم( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان النبي صلى هللا عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا( :السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين نسأل هللا لنا ولكم العافية) فتسلم على أهل القبور وعلى أبيك ،وتدعو له بالمغفرة والرحمة ، وال حاجة إلى الصالة ،هذا إذا كنت صليت عليه. أما إذا كنت لم تصل عليه مع الناس فإنك تذهب إلى قبره وتصلي عليه في مدة شهر فأقل ،إذا كان مضى له شهر أو أقل ،أما إذا طالت المدة فال صالة عند جمع من أهل العلم ،والدعاء يكفي ألبيك واالستغفار له ،والترحم عليه ،والتصدق عنه بالمال ،كل هذا ينفع الميت ،من أب وغيره. س :تكرار الصالة على الجنازة ما حكمه ؟ ج :إن كان هناك سبب فال بأس مثل أشخاص حضروا بعد الصالة عليها فإنهم يصلون عليها عند القبر أو بعد الدفن ،وهكذا يشرع لمن صلى عليها مع الناس في المصلى أن يصلي عليها مع الناس في المقبرة ؛ ألن ذلك من زيادة الخير له وللميت . س :هل يجوز تكرار الصالة على الميت في المسجد أو في المقبرة ؟ ج :إذا صلى عليه ثم وافق أناسا يصلون عليه وصلى معهم عند القبر فال بأس في ذلك ،مثل ما لو صلى صالة في مسجد ثم ذهب لمسجد آخر لحاجته فوجدهم يصلون فإنه يصلي معهم وتكون له نافلة. حكم الصالة على القبر وقت النهي س :ما حكم الصالة على القبر وقت النهي ؟ ج :ال يصلى على القبر وقت النهي إال إذا كان ذلك في الوقت الطويل أي بعد صالة العصر وصالة الفجر فوقت النهي هنا طويل فال بأس بالصالة في هذا الوقت ؛ ألنها من ذوات األسباب ،أما في األوقات المضيقة وهي التي جاءت في حديث عقبة رضي هللا عنه في صحيح مسلم ،قال رضي هللا عنه( :ثالث ساعات كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول وحين تضيف الشمس للغروب) فال تجوز الصالة في هذه األوقات على الميت وال دفنه فيها لهذا الحديث الصحيح. حكم الصالة على الميت في المغسلة س :هل تجوز الصالة على الميت في المغسلة لمن ال يستطيع الصالة عليه مع الناس في المسجد؟ ج :ال حرج في ذلك إذا كان المكان طاهرا. حكم الصالة على الغائب س :ما حكم الصالة على الغائب ؟ ج :المشهور أنها خاصة بالنجاشي ،وأجازها بعض أهل العلم إذا كان المتوفى له شأن في اإلسالم أو عالم له نشاط في الدعوة ونشر العلم وهو غائب يصلى عليه ،ولكن ما بلغنا أنه صلى هللا عليه وسلم صلى على غير النجاشي ولم يأت من أي طريق صحيح أنه صلى هللا عليه وسلم صلى على غير النجاشي ،وقد مات كثير من الصحابة في مكة وفي غيرها ولم يثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه صلى عليهم. فالحاصل أن قول من قال بالتخصيص له قوة ،وإذا فعل ذلك مع من له شأن في اإلسالم يشبه النجاشي من العلماء واألمراء الذين لهم شأن في اإلسالم فنرجو أن ال حرج إن شاء هللا في ذلك. س :ما حكم صالة الغائب؟ وهل تجوز أن تصلي على من لم يدفن بعد؟ ج :الصالة على الغائب فيها تفصيل :بعض أهل العلم يرى أنه ال يصلى على الغائب إذا كان قد صلي عليه في بلده ، وبعضهم يرى الصالة عليه .لكن إذا كان الغائب له شأن في اإلسالم كالنجاشي رحمه هللا ،فإن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى على النجاشي لما مات في بالده وأخبر به الصحابة وصلى عليه صالة الغائب ،ولم يثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه صلى على غيره. فإذا كان الغائب إمام عدل وخير صلى عليه صالة الغائب ولي األمر ،فيأمر بالصالة عليه صالة الغائب ،وهكذا علماء الحق ودعاة الهدى إذا صلي عليهم صالة الغائب فهذا حسن ،كما صلى النبي صلى هللا عليه وسلم على النجاشي. أما أفراد الناس فال تشرع الصالة عليهم ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يصل على كل غائب ،إنما صلى على شخص واحد وهو النجاشي ؛ ألن له قدما في اإلسالم ،وألنه آوى المهاجرين من الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة ؛ آواهم ونصرهم وحماهم وأحسن إليهم ،وكانت له يد عظيمة في اإلسالم ،ولهذا صلى عليه النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات وصلى عليه الصحابة مع النبي صلى هللا عليه وسلم. فمن كان بهذه المثابة وله قدم في اإلسالم يصلى عليه ،مثلما صلى المسلمون في هذه البالد على ضياء الحق رئيس باكستان رحمه هللا ؛ لما كان له من مواقف طيبة إسالمية ،فقد أمر ولي األمر أن يصلى عليه في الحرمين ،وصلي عليه ؛ ألنه أهل لذلك ، لمواقفه الكريمة وعنايته بتحكيم الشريعة وأمره بها وحرصه على ذلك .نسأل هللا لنا وله العفو والمغفرة. والمقصود أن من كان بهذه المثابة في حكام المسلمين وعلماء المسلمين إذا ماتوا في بالد الغربة أو في بالدهم أيضا شرع للمسلمين الغائبين عنهم أن يصلوا عليهم صالة الغائب لقصة النجاشي المذكورة .وهللا ولي التوفيق. كيفية الصالة على الغائب س :ما كيفية الصالة على الغائب ؟ ج :الصالة على الغائب مثل الصالة على الحاضر. حكم الصالة على المنافق س :إذا عرف أن الميت منافق فهل يصلى عليه ؟ علَى أَ َح ٍد ِم ْن ُه ْم َماتَ (وال ت ُ َ ص ِل َ ج :ال يصلى عليه ؛ لقوله تعالىَ : أَ َبدا) إذا كان نفاقه ظاهرا ،أما إذا كان ذلك مجرد تهمة فإنه يصلى عليه ؛ ألن األصل وجوب الصالة على الميت المسلم فال يترك الواجب بالشك. الصالة على أهل البدع س :ترك الصالة على أهل البدع ما حكمه ؟ ج :إذا تركها أهل العلم من باب التنفير من عملهم فهو مناسب إذا كانت بدعتهم ال توجب تكفيرهم ،أما إن كانت بدعتهم مكفرة كبدعة الخوارج والمعتزلة والجهمية فال يصلى عليهم. س :إذا ترك العلماء الصالة على أهل البدع ،أال يكون فعلهم هذا قدوة لترك الناس الصالة عليهم؟ ج :الصالة على الميت المسلم واجبة وإن كانت لديه بدعة ، ويصلي عليهم بعض الناس إذا كانت بدعتهم ال تخرجهم عن اإلسالم ،أما إذا كانت بدعتهم توجب كفرهم فإنه ال يصلى عليهم ، وال يستغفر لهم ؛ كالجهمية والمعتزلة والرافضة الذين يدعون عليا رضي هللا عنه ،ويستغيثون به وبأهل البيت وأشباههم ؛ لقول علَى أَ َح ٍد ِم ْن ُه ْم َماتَ (وال ت ُ َ ص ِل َ هللا سبحانه في المنافقين وأشباههمَ : سو ِل ِه َو َماتُوا َو ُه ْم اَّللِ َو َر ُ أَ َبدا َوال تَقُ ْم َ علَى قَ ْب ِر ِه ِإنَّ ُه ْم َكفَ ُروا ِب َّ سقُ َ ون) فَا ِ حكم الصالة على المنتحر س :من قتل نفسه فهل يصلى عليه ؟ ج :يصلي عليه بعض المسلمين كسائر العصاة ،ألنه ال يزال في حكم اإلسالم عند أهل السنة. الشهداء الذين ماتوا في المعركة ال تشرع الصالة عليهم مطلقا س :األخ م.م .من زغرب في كرواتيا يقول في سؤاله :صليت في أحد المساجد يوم الجمعة وبعد الصالة قام اإلمام وصلى صالة الغائب على الشهداء في البوسنة والهرسك ،فهل فعله هذا موافق للسنة؟ وهل هناك شروط إلقامة صالة الغائب؟ ج :الشهداء الذين يموتون في المعركة ال تشرع الصالة عليهم مطلقا وال يغسلون ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد ولم يغسلهم ..رواه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما. أما الصالة على الغائب ففيها خالف بين أهل العلم ،والصواب جوازها إذا كان الميت الغائب له شأن في اإلسالم وعمل عظيم مشهور دون بقية الناس ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى على النجاشي لما مات في الحبشة ،لموقفه العظيم مع المسلمين ، وإيوائه إياهم لما هاجروا إليه ،وحمايتهم من أعدائهم ،ولم يحفظ عنه صلى هللا عليه وسلم أنه صلى على غائب سواه ،ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الصالة على الغائب خاصة بالنجاشي ، وذهب آخرون إلى أنه ال حرج في الصالة على غيره إذا كان له شأن في اإلسالم ،وعمل عظيم ينفع المسلمين ،كما فعل النجاشي .وهللا ولي التوفيق. ترك الصالة على من عليه دين منسوخ س :عدم صالة النبي صلى هللا عليه وسلم على من عليه دين لماذا؟ ج :هذا منسوخ ،وكان أوال ألجل حثهم على قلة الدين وعلى المسارعة في القضاء ثم نسخ ،وأخيرا صلى عليه الصالة والسالم على من عليه دين وعلى الذي ليس عليه دين. حكم الصالة على الجنين س :الجنين هل يصلى عليه ؟ ج :إذا ولد في الشهر الخامس وما بعده فإنه يغسل ويصلي عليه ، ويدفن في قبور المسلمين. الصالة على الجنازة في المصلى أفضل من المسجد س :أيهما أفضل الصالة على الميت في المسجد أم في المصلى ؟ ج :في المصلى أفضل إذا تيسر ،والصالة في المسجد جائزة كما صلى النبي صلى هللا عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن عائشة رضي هللا عنها . س :من المعلوم أن الصالة على الميت « الجنازة » أفضل في المصلى ،فهل يخصص في المقبرة مصلى لألموات ،أو يصلى عليهم في مصلى العيد؟ ج :يصلى على الميت في المسجد سواء كان ذكرا أو أنثى ،إال إذا كان يوجد مصلى معدا للجنائز فإنه يصلى فيه على الجنائز إذا تيسر ذلك ،وإن صلي على الجنائز في المسجد فال بأس بذلك ، ولو كان هناك مصلى للجنائز ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى على ابني بيضاء في المسجد. حكم وضع الميت في غرفة حتى يصلى عليه س :وضع الميت في الغرفة حتى يصلى عليه هل فيه بأس ؟ ج :ليس فيه بأس وال حرج . حمل الميت ودفنه حكم دفن البهائية في مقابر المسلمين س :الذين اعتنقوا مذهب ( بهاء هللا) الذي ادعى النبوة وادعى أيضا حلول هللا فيه ،هل يسوغ للمسلمين دفن هؤالء الكفرة في مقابر المسلمين؟ ج :إذا كانت عقيدة البهائية كما ذكرتم فال شك في كفرهم وأنه ال يجوز دفنهم في مقابر المسلمين ؛ ألن من ادعى النبوة بعد نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم فهو كاذب وكافر بالنص وإجماع َان ُم َح َّم ٌد أَبَا أَ َح ٍد المسلمين ؛ ألن ذلك تكذيب لقوله تعالى َ ( :ما ك َ َّللاِ َو َخاتَ َم النَّ ِب ِي َ ين) ِم ْن ِر َجا ِل ُك ْم َولَ ِك ْن َر ُ سو َل َّ ولما تواترت به األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه خاتم األنبياء ال نبي بعده وهكذا من ادعى أن هللا سبحانه حال فيه ، أو في أحد من الخلق فهو كافر بإجماع المسلمين ؛ ألن هللا سبحانه ال يحل في أحد من خلقه بل هو أجل وأعظم من ذلك ومن قال ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين مكذب لآليات واألحاديث الدالة على أن هللا سبحانه فوق العرش قد عال وارتفع فوق جميع خلقه وهو سبحانه العلي الكبير الذي ال مثيل له وال شبيه له وقد تعرف إلى عباده بقوله سبحانه( :إِ َّن َربَّ ُك ُم علَى ستَ َوى َ ست َّ ِة أَيَّ ٍام ث ُ َّم ا ْ ض فِي ِ ت َو ْاألَ ْر َ اوا ِس َم َ ق ال َّ َّللاُ الَّذِي َخلَ َ َّ ستَ َوى) وفي علَى ا ْل َع ْر ِش ا ْ ا ْل َع ْر ِش) وفي قوله سبحانهَّ : (الر ْح َم ُن َ قوله عز وجل( :فَا ْل ُح ْك ُم ِ ََّّللِ ا ْل َع ِلي ِ ا ْل َك ِب ِير) وقوله سبحانهِ ( :إلَ ْي ِه صا ِل ُح يَ ْرفَعُهُ) إلى غير ذلك من اآليات ب َوا ْلعَ َم ُل ال َّ صعَ ُد ا ْل َك ِل ُم ال َّ ط ِي ُ يَ ْ الكثيرة الدالة على علوه وارتفاعه فوق عرشه واستوائه عليه استواء يليق بجالله وعظمته ال يشابه خلقه فيما يستوون عليه وال يعلم كيف استوى إال هو سبحانه ،كما ال يعلم كيف ذاته إال هو عز وجل ،وهذا الذي أوضحه لك في حق الباري سبحانه هو عقيدة أهل السنة والجماعة التي درج عليها الرسل عليهم الصالة والسالم ،ودرج عليها خاتمهم محمد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،ودرج عليها خلفاؤه الراشدون وصحابته المرضيون والتابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا. واعلم يا أخي أنني لم أقرأ شيئا من كتب البهائية إلى حين التاريخ ولكن قد علمت باالستفاضة أنها طائفة ضالة كافرة خارجة عن دائرة اإلسالم وعلى مقتضى ما ذكر في السؤال حصل الجواب. ثم إني اطلعت بعد تحرير الجواب على محاورة بين سني وبهائي نشرتها مجلة (الهدي النبوي) ألنصار السنة في القاهرة في أعداد أربعة قرأت منها ثالثة أعداد صادرة في رمضان وذي القعدة اثنان منها صدرا في عام 1368هـ ،والثالث في ربيع الثاني من عام 1369هـ وقد صرح البهائي في هذه المحاورة أن بهاء هللا رسول الطائفة البهائية يزعم أنه رسول ناسخ للشرائع التي قبله نسخ تعديل وتلطيف وأن كل عصر يحتاج إلى رسول ،وصرح أيضا بإنكار المالئكة وأن حقيقة المالئكة هي أرواح المؤمنين العالية وظاهر كالمه أيضا إنكار المعاد الجثماني وإنكار ما أخبر به الرسول صلى هللا عليه وسلم عن الدجال وال شك أن دعوى البهائي (الرسالة) وزعمه أن كل عصر يحتاج إلى رسول كفر صريح ،وهللا سبحانه هو الموفق وال حول وال قوة إال به ونسأل هللا عز وجل لنا ولكم ولسائر إخواننا المؤمنين التوفيق لمعرفة الحق واتباعه إنه جواد كريم والحمد هلل رب العالمين. وصلى هللا وسلم على عبده ورسوله سيدنا وإمامنا محمد بن عبد هللا وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . حكم دفن ما بتر من إنسان س :ما حكم بتر جزء معين من اإلنسان زائد ،كبتر األصبع أو غيرها ،هل ترمى مع النفايات ،أو أنها تجمع ويكلف شخص بدفنها بمقابر المسلمين؟ ج :األمر واسع ،فليس لها حكم اإلنسان ،وال مانع من أن توضع في النفاية أو تدفن في األرض احتراما لها فهذا أفضل ،وإال فاألمر واسع والحمد هلل – كما قلنا – فال يجب غسله وال دفنه ،إال إذا كان جنينا أكمل أربعة أشهر ،أما ما كان لحمة لم ينفخ فيها الروح أو قطعة من أصبع أو نحو ذلك فاألمر واسع ،لكن دفنه في أرض طيبة يكون أحسن وأفضل . كلمة عن اتباع الجنائز الحمد هلل ،وصلى هللا وسلم على رسول هللا ،وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ،أما بعد :فقد ثبت عن رسول هللا عليه الصالة والسالم أنه قال( :من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل يا رسول هللا ما القيراطان؟ قال :مثل الجبلين العظيمين) يعني :من األجر ،وهذا يدل على شرعية اتباع الجنائز للصالة وللدفن جميعا ؛ وما ذاك إال لما في اتباع الجنائز من المصالح الكثيرة : منها :أن ذلك يذكر بالموت ويذكر التابع باالستعداد لآلخرة ،وأن الذي أصاب أخاه سوف يصيبه ،فليعد العدة وليحذر من الغفلة. ومن ذلك أيضا :أن في اتباع الجنائز جبرا للمصابين ومواساة لهم وتعزية لهم في ميتهم ،فيحصل له بذلك أجر التعزية والجبر والمواساة إلخوانه . ومن ذلك أيضا :أنه يعينهم على ما قد يحتاجون إليه في حمل ميتهم ودفنه .فعلى كل تقدير اتباع الجنائز فيه مصالح كثيرة ،ولو لم يكن فيه إال أنه يذكر بالموت وما بعده ويدعو إلى االستعداد لآلخرة والتأهب للقاء هللا عز وجل لكان هذا كافيا ،فكيف وفي ذلك مصالح أخرى؟ ثم في ذلك هذا األجر العظيم ،أنه يحصل له بالصالة قدر قيراط ،قدر جبل من األجر ،وبالصالة والدفن جميعا مثل الجبلين العظيمين من األجر ،وهذا فضل كبير وخير عظيم. وروى البخاري رحمه هللا في صحيحه بلفظ آخر عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من األجر بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) وفي هذا بيان أن هذا االتباع يكون إيمانا واحتسابا ،ال للرياء والسمعة وال لغرض آخر ،بل يتبع الجنازة إيمانا واحتسابا ؛ إيمانا بأن هللا شرع ذلك واحتسابا لألجر عنده سبحانه وتعالى ،وفي ضمن ذلك هذه المصالح الكثيرة ؛ ولهذا قال عليه الصالة والسالم( :من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) وفي هذا الحديث داللة على أن التابع ال ينصرف حتى تدفن .بعض الناس قد ينصرف عند وضعها في األرض ،هذا خالف المشروع ، المشروع أنه يبقى مع إخوانه حتى يفرغوا من دفنها ،حتى ينتهوا. وفي ذلك أيضا حديث آخر :أنه كان عليه الصالة والسالم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال( :استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) فيشرع للمؤمن إذا تبع الجنازة أن يقف عليها بعد الدفن ،ال يعجل ،يبقى معهم حتى يفرغوا من الدفن ،ثم إذا فرغوا يستحب له أن يقف على القبر ويدعو للميت بالمغفرة والثبات ؛ تأسيا بالنبي عليه الصالة والسالم حيث قال :استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل هكذا كان يقف عليه بعد الدفن ويقول هذا عليه الصالة والسالم ،هذا هو السنة ،أنه يقف عليه ويدعو له بالمغفرة والثبات ثم ينصرف بعد ذلك. أما التوقيد فهو غير مشروع ،وهو ما يفعله بعض الناس عند قبر الميت ،وإنما السنة أن يقف على الميت بعد الدفن ويدعو له بالمغفرة والثبات ،هذا هو المشروع ؛ فينبغي للمؤمن أن يالحظ ما شرعه هللا ،وأن يدع ما لم يشرعه هللا. وكذلك بعض الناس عند الدفن يؤذن في القبر أو يقيم في القبر أو يقرأ القرآن في القبر ،وهذا بدعة ال أصل له ،أيضا كون أنهم ينزلون في القبر أو يقرءون القرآن أو يؤذنون أو يقيمون ؛ هذه بدعة ال أصل لها فينبغي التنبيه لذلك .وفق هللا الجميع ،وصلى هللا على نبينا محمد ،وعلى آله وأصحابه أجمعين. تشييع الميت س :ما السنة في تشييع الميت ؟ ج :السنة أن المشيع يتبع الميت من بيته إلى المصلى ،ومن المصلى إلى المقبرة ويبقى معه حتى يفرغ من دفنه ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم( :من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) أخرجه البخاري في صحيحه. السنة لمن تبع الجنازة أال يجلس حتى توضع على األرض س :ما هي السنة لمن تبع الجنازة ؟ ج :السنة لمن تبع الجنازة أال يجلس حتى توضع من أعناق الرجال على األرض ،وأما االنصراف فإن المشروع لمتبعها أال ينصرف حتى توضع في القبر ويفرغ من دفنها ،وهذا كله على سبيل االستحباب ،لكن األفضل أال ينصرف التابع للجنازة إال بعد الفراغ من الدفن حتى يستكمل األجرين ،أجر الصالة ،وأجر االتباع لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من تبع جنازة مسلم فكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) أخرجه البخاري في صحيحه. معنى حديث أم عطية( :نهينا عن اتباع الجنائز) س :ما معنى حديث أم عطية نهينا عن اتباع الجنائز ؟ ج :المقصود بالنهي :النهي عن اتباعها إلى المقبرة ،أما الصالة عليها فمشروعة للرجال والنساء ،وكان النساء يصلين على الجنائز مع النبي صلى هللا عليه وسلم. س :حديث أم عطية( :نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) كيف يوجه؟ ج :يفهم من ذلك أن النهي عندها غير مؤكد ،واألصل في النهي التحريم لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) متفق على صحته ،وذلك يدل على تحريم اتباع النساء للجنائز إلى المقبرة أما الصالة على الميت فإنها مشروعة لهن كالرجال ،وهللا ولي التوفيق. حصول القيراطين لمن تبع جنازة ثم صلى عليها س :من تبع جنازة ثم صلى عليها بعد الدفن هل يحصل له قيراطان ؟ ج :نعم ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم( :من تبع الجنازة حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل أحد) ولقوله صلى هللا عليه وسلم( :من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل يا رسول هللا وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين) يسن اإلسراع بالجنازة س :هل يسن اإلسراع بالجنازة ؟ ج :يسن اإلسراع بالجنازة من غير مشقة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) متفق على صحته. الجمع بين حديث النهي عن الصالة والدفن في ثالث ساعات وحديث التعجيل بالجنازة س :كيف نجمع بين نهيه صلى هللا عليه وسلم عن الصالة والدفن في ثالث ساعات وبين حديث التعجيل بالجنازة ،وكانت الجنازة مثال بعد العصر؟ أفيدونا جزاكم هللا خيرا . ج :ليس بين األحاديث تعارض ،فالسنة تعجيل الصالة على الجنازة ودفنها ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) ولكن إذا صادف ذلك وقت الساعات الثالث أجلت الصالة عليها ودفنها ؛ لقول عقبة بن عامر رضي هللا عنه( :ثالث ساعات كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب) أخرجه مسلم في صحيحه .وهذه الساعات الثالث كلها قليلة ال يضر تأخير الصالة على الميت فيها وال تأخير دفنه .وهلل الحكمة البالغة سبحانه في ذلك ،وهو سبحانه أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين .وهللا الموفق. ما المراد باإلسراع بالجنازة س :اإلسراع بالجنازة هل المقصود به الصالة والتغسيل؟ ج :المقصود المشي ويدخل ضمنا الصالة عليها وتغسيلها والسرعة في تجهيزها وظاهر الحديث يعم الجميع من حيث المعنى . حكم تأخير الجنازة في الثالجة لعدة شهور س :ما حكم تأخير الجنازة في الثالجة لمدة ستة أشهر مثال؟ ج :إذا دعت الحاجة لذلك فال بأس حسب التعليمات المتبعة. س :من كان له تأثير في اإلسالم فهل يجوز تأخير جنازته يوما مثال؟ ج :إذا كان التأخير لمصلحة فال بأس كما أ ُ ِخ َر النبي صلى هللا عليه وسلم حيث إنه مات يوم االثنين وما دفن إال ليلة األربعاء ،فإذا كان هناك مصلحة كقدوم أقاربه أو غير ذلك فال بأس . التحذير من بدع تفعل مع الجنائز من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين وفقني هللا وإياهم لكل خير آمين. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ،أما بعد: فقد تكرر السؤال من كثير من الناس عن األمور اآلتية فرأيت التنبيه عليها والتحذير منها لكونها مخالفة للشرع المطهر: األول :يعمد بعض الناس إلى وضع أردية على الجنائز مكتوب عليها بعض اآليات القرآنية فالواجب ترك ذلك والتواصي بالتحذير منه ؛ لما في ذلك من تعريض اآليات القرآنية لالمتهان ،وألن بعض الناس قد يظن أن ذلك ينفع الميت ،وذلك خطأ منكر ال وجه له في الشرع المطهر. الثاني :يقوم بعض المتبعين للجنائز بقولهم :وحدوه وكبروه ،وهذا منكر ال أصل له في الشرع المطهر ،وإنما المشروع عند اتباع الجنائز تذكر اآلخرة والموت والدعاء للميت بالمغفرة والرحمة من دون رفع األصوات ،وقد قال قيس بن عباد التابعي الجليل رحمه هللا( :كان أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثالث عند الجنازة وعند الذكر وعند القتال) الثالث :يقوم بعض الناس باألذان واإلقامة في القبر قبل وضع الميت فيه ،وهذا منكر وبدعة ال أصل له في الشرع المطهر ،وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال عليه الصالة والسالم( :إياكم ومحدثات األمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة) فالواجب ترك ذلك والتحذير منه. الرابع :يقوم بعض الناس بالوقوف بالجنازة في حي المدعى بمكة لقراءة الفاتحة وهذا بدعة ،فالواجب تركه لما تقدم في حكم المنكر الثالث ،وهو قوله صلى هللا عليه وسلم: (من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وقوله صلى هللا عليه وسلم( :إياكم ومحدثات األمور) فنسأل هللا أن يوفق المسلمين جميعا البتاع السنة في جميع أمورهم والحذر من جميع البدع والمنكرات ،إنه جواد كريم وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. وضع كلمة التوحيد على الجنائز غير مشروع س :يوضع على بعض الجنائز كلمة التوحيد ما الحكم؟ ج :هذا غير مشروع ؛ وإنما يشرع التلقين قبل الموت في حق المحتضر ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم( :لقنوا موتاكم ال إله إال هللا) رواه مسلم. والموتى هنا المراد بهم المحتضرون حتى يكون آخر كالمهم ال إله إال هللا .أما الكتابة على كفنه أو على قبره فال يجوز . حكم الدخول بالجنازة من باب الرحمة في المسجد النبوي س :اعتاد كثير من الناس في المدينة المنورة الدخول بالميت من باب الرحمة فقط دون األبواب األخرى ؛ اعتقادا منهم أن هللا سبحانه سيرحمه ويغفر له ،فهل لهذا شيء من الصحة من شرعنا المطهر؟ ج :ال أعلم لهذا االعتقاد أصال في شريعتنا السمحة ،بل ذلك منكر ال يجوز اعتقاده ،وال حرج في إدخال الجنازة من جميع األبواب ، واألفضل إدخالها من الباب الذي يكون إدخالها منه أقل ضررا على المصلين . القيام للجنازة سنة س :إذا كان المسلم في المسجد ورأى الجنازة هل يقوم ؟ ج :ظاهر الحديث العموم فهو إذن مستحب ،ومن تركه فال حرج ؛ ألن القيام لها سنة وليس بواجب ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم قام تارة وقعد أخرى فدل ذلك على عدم الوجوب. وهللا ولي التوفيق وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. حكم القيام لجنازة الكافر س :هل يشرع القيام لجنازة الكافر؟ ج :نعم ،يشرع القيام لكل جنازة ؛ لعموم قوله عليه الصالة والسالم( :إذا رأيتم الجنازة فقوموا) وجاء في بعض الروايات: قالوا :يا رسول هللا إنها جنازة يهودي فقال( :أليست نفسا) وفي لفظ( :إنما قمنا للمالئكة) وفي لفظ( :إن للموت لفزعا) عمق القبر س :ما مقدار عمق قبر المرأة والرجل ؟ ج :األفضل أن يكون ذلك بقدر نصف قامة الرجل ،ألن ذلك أبعد عن التعرض للنبش من الدواب وغيرها. اللحد أفضل من الشق س :أيهما أفضل اللحد أم الشق؟ وما هو ارتفاع القبر ؟ ج :في المدينة كانوا يلحدون وتارة يشقون القبر ،واللحد أفضل ؛ ألن هللا اختاره لنبيه صلى هللا عليه وسلم ،والشق جائز وخصوصا إذا احتيج إليه ،وحديث ابن عباس( :اللحد لنا والشق لغيرنا) ضعيف ؛ ألن في إسناده عبد األعلى الثعلبي وهو ضعيف ،ويكون ارتفاع القبر قدر شبر أو ما يقاربه. كيفية وضع الميت في قبره س :كيف يوضع الميت في قبره ؟ ج :دل حديث عبد هللا بن يزيد أن الميت يوضع من جهة رجلي القبر ثم يسل إلى جهة رأسه على جنبه األيمن مستقبال القبلة هذا هو األفضل والسنة ،والسنة عند وضعه في اللحد أن يقول الواضع :بسم هللا وعلى ملة رسول هللا. كيفية دفن الميت في األرض الجبلية س :إذا كان في أرض جبلية فهل يواري الميت في الكهوف أو الغيران؟ ج :إن تيسر أن يحفر له قبر ،ويحاط بالحجارة ،فهو أولى من الغار ،فإن لم يتيسر ذلك جعل في الغار ،وردم عليه حتى يصان عن السباع وغيرها ؛ عمال بقول هللا عز وجل( :فَاتَّقُوا َّ َّللاَ َما ستَ َط ْعت ُ ْم) ا ْ استعمال الصخور أو األلواح أو الخشب إذا لم يوجد اللبن س :إذا لم يوجد اللبن ،فهل تستعمل الصخور؟ ج :إذا لم يوجد اللبن وجب استعمال الصخور أو األلواح أو الخشب ،أو غير ذلك مما يصان به الميت ،ثم يهال عليه التراب؛ لآلية السابقة ،وهي قوله سبحانه( :فَاتَّقُوا َّ َّللاَ َما ستَ َط ْعت ُ ْم) وقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :إذا أمرتكم بأمر فأتوا ا ْ منه ما استطعتم) حكم تغطية قبر المرأة عند دفنها س :تغطية القبر بالنسبة للمرأة ما حكمه؟ ج :هذا أفضل. إنزال المرأة في القبر ال يشترط له محرم س :إذا كان المتوفى امرأة وليس لها أولياء ،فهل يتبرع أحد بالنزول في قبرها؟ ج :ال مانع من ذلك حتى ولو كان لها أولياء حاضرون ،وقد وضع إحدى بنات النبي صلى هللا عليه وسلم في قبرها غير محارمها مع وجوده صلى هللا عليه وسلم . س :أنا رجل مقطوعة رجلي ،ولي زوجة أصيبت بمرض وحولت إلى أحد المستشفيات في المملكة ،وكنت معها حتى توفيت ،ثم نقلت بعد وفاتها إلى المقبرة بواسطة سيارة اإلسعاف وبعض العاملين في المستشفى وأنا معهم وعند إنزالها إلى القبر أنزلها أولئك الرجال األجانب إلى القبر وحدهم أما أنا فعاجز بسبب رجلي ،وأنا محتار في هذا األمر ،هل علي إثم في ذلك؟ وهل في إنزال المرأة في قبرها من رجال أجانب شيء؟ أفيدوني. ج :ليس في إنزال المرأة في قبرها حرج إذا أنزلها غير محارمها ، وإنما يشترط المحرم للسفر بالمرأة ال إلنزالها في قبرها .وهللا ولي التوفيق. حكم توجيه الميت في قبره إلى القبلة س :هل توجيه الميت إلى القبلة من السنة أم من المستحبات ؟ ج :هذا من المشروع ؛ لحديث( :الكعبة قبلتكم أحياء وأمواتا) ويجعل على جنبه األيمن ووجهه إلى القبلة. س :األخ أ.م.ع .من الخرطوم يقول في سؤاله :الحظت في إحدى المقابر الواقعة في بلدي انحراف بعض القبور عن اتجاه القبلة ، بعضها قديم وبعضها جديد ،بل إن بعض القبور التي لم يدفن فيها أحد حتى اآلن في بعضها انحراف عن جهة القبلة ،فما هو رأي الشرع في ذلك؟ جزاكم هللا خيرا . ج :المشروع توجيه الميت في قبره إلى القبلة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم في الكعبة( :إنها قبلتكم أحياء وأمواتا) فالواجب على القائمين على حفر القبور وعلى المسلمين عموما أن يراعوا ذلك ؛ عمال بالحديث المذكور .وفق هللا المسلمين لكل خير. حكم كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد س :هل يكشف وجه الميت بعد وضعه في اللحد ؟ ج :ال يكشف ،بل يغطى كله إال المحرم فيكشف وجهه ورأسه لقول النبي صلى هللا عليه وسلم لما سئل عن ُم ْح ِر ٍم توفي يوم عرفة( :اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وال تخمروا رأسه وال وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) متفق على صحته واللفظ لمسلم س :هل يجوز كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد ؟ ج :ال يجوز كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد سواء كان رجال أو امرأة ،وإنما الواجب ستره بالكفن إال أن يكون ُمحرما فإنه ال يغطى رأسه وال وجهه ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قال في حق الذي مات محرما( :اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وال تخمروا رأسه وال وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) متفق عليه واللفظ لمسلم ،لكن إذا كان الميت امرأة فإنه يخمر وجهها بكفنها ولو كانت محرمة ؛ ألنها عورة. س :هل لكشف وجه الميت ووضع الحجر أصل حيث يقولون هذا الحنوط؟ ج :ليس لهذا أصل ،وهذا جهل ال أساس له. حكم حل العقد في القبر س :هل تحل العقد في القبر ؟ ج :هذا هو األفضل ،كما فعل الصحابة رضي هللا عنهم. حكم األذان واإلقامة في قبر الميت عند وضعه فيه س :ما حكم األذان واإلقامة في قبر الميت عند وضعه فيه؟ ج :ال ريب أن ذلك بدعة ما أنزل هللا بها من سلطان ؛ ألن ذلك لم ينقل عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال عن أصحابه رضي هللا عنهم ،والخير كله في اتباعهم وسلوك سبيلهم اج ِر َ ين ون ْاألَ َّولُ َ ون ِم َن ا ْل ُم َه ِ سا ِبقُ َ (وال َّ ،كما قال هللا سبحانهَ : ع ْنهُ)ضوا َع ْن ُه ْم َو َر َُّللاُ َ ان َر ِض َي َّ س ٍ ِين اتَّبَعُو ُه ْم ِب ِإ ْح َ َو ْاألَ ْن َ ص ِار َوالَّذ َ وقال النبي صلى هللا عليه وسلم( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ،وفي لفظ آخر قال عليه الصالة والسالم( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وكان صلى هللا عليه وسلم يقول في خطبة الجمعة( :أما بعد فإن خير الحديث كتاب هللا وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم وشر األمور محدثاتها وكل بدعة ضاللة) خرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي هللا عنه. ما يقال عند دفن الميت (م ْن َها َخلَ ْقنَا ُك ْم َو ِفي َها نُ ِعي ُد ُك ْم َو ِم ْن َها س :ما حكم قولِ : ارة أ ُ ْخ َرى) عند الدفن ؟ نُ ْخ ِر ُج ُك ْم تَ َ ج :هذا سنة ،ويقول معه :بسم هللا وهللا أكبر. القراءة في تربة القبر ثم حثوها على كفن الميت بدعة منكرة س :ورد في الترغيب والترهيب :إذا مات الميت خذ حفنة من تراب قبره واقرأ عليها بعض اآليات – ال أذكرها – ثم احثها على كفنه فلن يعذب في قبره ،ما صحة ذلك أثابكم هللا؟ ج :هذا شيء ال أصل له ،بل هو بدعة منكرة ،ال يجوز فعلها وال فائدة منها ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يشرع ذلك ألمته ، وإنما المشروع أن يغسل المسلم إذا مات ،ويكفن ،ويصلي عليه ، ثم يدفن في مقابر المسلمين ،ويشرع لمن حضر الدفن أن يدعو له بعد الفراغ من الدفن بالمغفرة والثبات على الحق ،كما كان النبي صلى هللا عليه وسلم يفعل ذلك ويأمر به .وباهلل التوفيق. حكم وضع الحصباء على القبر ورشه بالماء س :ما حكم وضع الحصباء على القبر ورشه بالماء؟ ج :هذا مستحب إذا تيسر ذلك ؛ ألنه يثبت التراب ويحفظه ، ويروى أنه وضع على قبر النبي صلى هللا عليه وسلم بطحاء ، ويستحب أن يرش بالماء حتى يثبت التراب ويبقى القبر واضحا معلوما حتى ال يمتهن. حكم نقل نصيبة قبر قديم إلى قبر حديث س :هل يجوز نقل نصيبة قبر قديم إلى قبر حديث؟ ج :الذي يظهر لي من الشرع المطهر أن ذلك ال يجوز ؛ ألنها عالمة على القبر األول ،إذا رآها الناس احترموه فلم يطأوه ولم يجلسوا عليه ولم يضعوا عليه قذرا ،فنقلها إضاعة لحرمته والقبر الجديد ليس بضرورة إليها ،بل يمكن أن يجعل عليه نصيبة أخرى ،فإن لم يوجد شيء فال حرج في بقائه بدون نصيبة ،إذا رفع عن األرض قدر شبر على صفة القبر ،وهللا الموفق. حكم وضع نصيبة واحدة على قبر المرأة واثنتين على قبر الرجل س :في بعض البالد يوضع نصيبة واحدة للمرأة وللرجل اثنتين ، فهل لهذا العمل أساس ولو لمعرفة قبر المرأة من الرجل؟ ج :ال أعلم لهذا العمل أصال ،وإنما السنة أن يسوى بينهما في العمق والدفن وفي ظاهر القبر. حكم وضع عالمة على القبر س :هل يجوز وضع العالمة على القبر ؟ ج :ال حرج إذا كانت من حجر أو عظم أو حديد فهذا ال بأس به كما علم النبي صلى هللا عليه وسلم قبر عثمان بن مظعون. س :وضع العالمة على القبر ما حكمها؟ ج :ال بأس بوضع عالمة على القبر ليعرف كحجر أو عظم من غير كتابة وال أرقام ؛ ألن األرقام كتابة ،وقد صح النهي من النبي صلى هللا عليه وسلم عن الكتابة على القبر ،أما وضع حجر على القبر أو صبغ الحجر باألسود أو األصفر حتى يكون عالمة على صاحبه فال يضر ؛ ألنه يروى أن النبي صلى هللا عليه وسلم علم على قبر عثمان بن مظعون بعالمة. حكم وضع أرقام على القبر س :في بعض المقابر يتم وضع أرقام على سور المقبرة ،ليتم التعرف على أصحاب القبور ،ما حكم ذلك ؟ ج :الكتابة على القبور منهي عنها وال تجوز ؛ لما يخشى في ذلك من الفتنة لبعض من يكتب على قبره .أما الكتابة على حائط المقبرة ،فلم يبلغني فيها شيء واألحوط عندي تركها ؛ ألن لها شبها بالكتابة على القبور من بعض الوجوه .وهللا ولي التوفيق . ال يشرع وضع سعف النخيل والصبار األخضر على القبر س :ما حكم وضع جريدة النخل الخضراء على قبر الميت ؟ ج :ال يشرع ذلك بل هو بدعة ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم إنما وضع الجريدة على قبرين أطلعه هللا سبحانه على عذاب أصحابهما ولم يضعها على بقية القبور ،فعلم بذلك عدم جواز وضعها على القبور ،لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه. وقوله صلى هللا عليه وسلم ( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته .وهكذا ال تجوز الكتابة على القبور وال وضع الزهور عليها للحديثين المذكورين ؛ وألنه صلى هللا عليه وسلم ( :نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها والقعود عليها والكتابة عليها). س :ما حكم وضع سعف النخيل والصبار األخضر على قبر الميت ؟ ج :ال يجوز ،والنبي صلى هللا عليه وسلم وضع الجريدتين على قبر ناس معذبين أُطلع عليهم عليه الصالة والسالم ،وهذا خاص بالنبي صلى هللا عليه وسلم ،فال يجوز أن يوضع على القبور ال جريد النخل وال غيره من الشجر .وباهلل التوفيق. من بدع الدفن س :بعد دفن الميت يقرأ بعض الناس من المصحف سورة ( يس ) عند القبر ،ويضعون غرسا على القبر مثل الصبار ،ويزرع سطح القبر بالشعير أو القمح بحجة أن الرسول صلى هللا عليه وسلم وضع ذلك على قبرين من أصحابه ،ما حكم ذلك ؟ ج :ال تشرع قراءة سورة (يس) وال غيرها من القرآن على القبر بعد الدفن وال عند الدفن ،وال تشرع القراءة في القبور ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يفعل ذلك وال خلفاؤه الراشدون ،كما ال يشرع األذان وال اإلقامة في القبر ،بل كل ذلك بدعة ،وقد صح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) خرجه اإلمام مسلم في صحيحه. وهكذا ال يشرع غرس الشجر على القبور ،ال الصبار وال غيره ، وال زرعها بشعير أو حنطة أو غير ذلك ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يفعل ذلك في القبور وال خلفاؤه الراشدون رضي هللا عنهم .أما ما فعله مع القبرين اللذين أطلعه هللا على عذابهما من غرس الجريدة فهذا خاص به صلى هللا عليه وسلم وبالقبرين ؛ ألنه لم يفعل ذلك مع غيرهما ،وليس للمسلمين أن يحدثوا شيئا من القربات لم يشرعه هللا ؛ للحديث المذكور ،ولقول هللا سبحانه : ِين َما لَ ْم َيأْذَ ْن ِب ِه َّ َّللاُ اآلية) . (أَ ْم لَ ُه ْم ش َُركَا ُء ش ََرعُوا لَ ُه ْم ِم َن الد ِ وباهلل التوفيق. الشجرة النابتة على القبر ليست دليال على صالح صاحب القبر س :أالحظ أن بعض الناس إذا رأى شجرا نبت على قبر ما يصف صاحب القبر بأنه كان على صفات مقدارها كذا وكذا ،هل لنبات األشجار على القبور شيء من العالقة ؟ ج :ال أصل لهذا ،وليس نبات الشجر والحشيش على القبور دليال على صالح أصحابها ،بل ذلك ظن باطل ،والشجر ينبت على قبور الصالحين والطالحين وال يختص بالصالحين ،فينبغي عدم االغترار بقول من يزعم خالف ذلك من المنحرفين وأصحاب العقائد الباطلة ،وهللا المستعان. حكم الدعاء للميت بعد الدفن س :األخ أ .ع .ع .من الطائف يقول في سؤاله :أرى بعض الناس يقفون عند القبر بعد دفن الميت ويدعون له ،فهل هذا جائز ؟ وهل هناك دعاء مشروع يقال بعد االنتهاء من الدفن ؟ وهل هو جماعي كأن يدعو شخص ويؤمن الباقون على دعائه ؟ أم أن كل شخص يدعو وحده ؟ أفتونا جزاكم هللا خيرا. ج :قد دلت السنة الثابتة عن الرسول صلى هللا عليه وسلم على شرعية الدعاء للميت بعد الدفن ،فقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال ( :استغفروا ألخيكم واسألوا هللا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) وال حرج في أن يدعو واحد ويؤمن السامعون أو يدعو كل واحد بنفسه للميت .وهللا ولي التوفيق. س :ورد في الحديث األمر بالدعاء للميت بعد دفنه ،فهل هذا األمر للوجوب أو هو سنة ؟ وقد الحظنا أن الناس تركوا هذه السنة أو هذا الواجب بعد دفن الميت ،فما هو توجيه سماحتكم في ذلك ؟ ج :الدعاء للميت بعد الدفن بالثبات والمغفرة سنة وليس بواجب ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال( :استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) وهللا الموفق. الدعاء للميت بالتثبيت يكون بعد الفراغ من الدفن س :التثبيت للميت متى يكون أثناء الدفن أو بعده ؟ ج :يكون بعد الفراغ من الدفن ؛ ألن النبي عليه الصالة والسالم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال( :استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) أما عند الدفن فيقول :بسم هللا وعلى ملة رسول هللا. التلقين بعد الدفن بدعة س :ما حكم التلقين بعد الدفن ؟ ج :بدعة وليس له أصل ،فال يلقن بعد الموت وقد ورد في ذلك أحاديث موضوعة ليس لها أصل ،وإنما التلقين يكون قبل الموت. شبهة في التلقين بعد الدفن والجواب عليها س :ما رأيكم فيمن يقول ( :إذا كان الميت يسمع قرع النعال فإنه يسمع التلقين) ؟ ج :األمور ليست بالقياس وإنما العبادة توقيفية ،وسماع قرع النعال ال ينفعه وال يضره ،والميت إذا مات انتقل من الدنيا دار العمل وختم على عمله وانتقل إلى دار الجزاء. حكم الصدقة عن الميت ساعة الدفن س :الصدقات على الميت ساعة الدفن وقراءة القرآن باألجرة حالل أم حرام ؟ ج :الحمد هلل ،ال تشرع الصدقة عن الميت حين الموت ؛ ألن ذلك لم يرد في الشرع في هذه الحالة الخاصة ،والعبادات توقيفية ، ولكن إذا تصدق عنه بدون تقيد بساعة الموت فال بأس ،بل ذلك قربة وفيه أجر للمتصدق وللميت ؛ لما في الحديث الصحيح أن امرأة توفيت فقال ابنها يا رسول هللا ألها أجر إن تصدقت عنها ؟ فقال النبي صلى هللا عليه وسلم: (نعم) .وقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة والدعاء، وأما القراءة باألجرة فال تجوز سواء كانت لحي أو لميت ؛ ألن ذلك لم يرد في الشرع المطهر .وقد ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية أنه ال يعلم نزاعا بين أهل العلم في تحريم أخذ األجرة على تالوة القرآن. وفي الحديث الصحيح (من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) أي :مردود ،وهكذا القراءة للموتى وغيرهم ولو بدون أجرة ليس لها أصل في الشرع يعتمد عليه. األفضل رفع القبر عن األرض شبرا ونحوه س :نرى كثيرا من الناس عند دفن الميت يرفعونه أكثر من شبر وإذا نهيتهم قالوا :إن ذلك وقاية له من السيل ،كذلك أراهم يزيدون حصباء فوق القبر بعد الدفن زيادة على ترابه األصلي ، كذلك يرشون عليه ماء ،فما حكم ما يفعلون ؟ ج :كل هذا ال بأس به ،األفضل شبر ونحوه ،وإذا زاد يسيرا بالحصباء أو نحوها فاألمر سهل في هذا ؛ حتى تعلم القبور وتعرف ،حتى ال تمتهن؛ وإذا دفنوه بترابه ،وجعلوا عليه حصباء ورشوه بالماء حتى يثبت بها التراب ،فكل هذا ال بأس به ؛ ألن فيه حفظا لترابه وبقاء له. س :أي حد يكون ارتفاع القبر عن األرض ؟ ج :المشروع شبر أو ما حوله ،وقبر النبي صلى هللا عليه وسلم لم يرفع إال شبرا ،أما رفعه كثيرا فال يجوز ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال لعلي رضي هللا عنه( :ال تدع صورة إال طمستها وال قبرا مشرفا إال سويته) أخرجه مسلم في صحيحه. حكم الوعظ عند القبر س :ما حكم الموعظة عند القبر ؟ ج :ال بأس بذلك عند القبر قبل الدفن وليست بدعة ،وقد فعلها النبي صلى هللا عليه وسلم كما في حديث علي والبراء بن عازب رضي هللا عنهما. س :األخ ع .م .من الزلفي يقول في سؤاله :هل يوجد دليل على مشروعية الوعظ عند القبر ؛ ألن بعض الناس ينكرون ذلك ؟ نرجو إفادتنا ،أعظم هللا لكم األجر والمثوبة. ج :لقد ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم غير مرة أنه وعظ الناس عند القبر وهم ينتظرون الدفن ،وبذلك يعلم أن الوعظ عند القبر أمر مشروع قد فعله النبي صلى هللا عليه وسلم ؛ لما في ذلك من التذكير بالموت والجنة والنار ،وغير ذلك من أمور اآلخرة ، والحث على االستعداد للقاء هللا .وهللا ولي التوفيق . ال حرج في جلب الماء البارد للشرب عند القبر فضيلة مفتي عام المملكة عبد العزيز بن عبد هللا بن باز حفظه هللا وأطال في عمره .السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته وبعد : لدي سؤال :لقد توفي شخص في يوم َج ُّوه حار ،وذهبوا به إلى المقبرة لدفنه رحمه هللا ،وقد تعبوا من الجو الحار ،وقام شخص وجلب لهم ماء باردا من أجل أن يشربوا منه بعد تعبهم ،وقال بعضهم :هذا ال يجوز .وقال بعضهم :هذه بدعة .فضيلة الشيخ هل هذا العمل فيه شيء ؟ أفيدونا أفادكم هللا ،وهللا يحفظكم ويرعاكم- ع .أ .ع .ع. ج :وعليكم السالم ورحمة هللا وبركاته ،وبعد : ال حرج في ما ذكرتم ،بل ذلك من اإلحسان والمساعدة على الخير. وفق هللا الجميع. يقدم األفضل إلى القبلة س :كيف يجعل االثنان في القبر الواحد ؟ ج :يقدم أفضلهما إلى القبلة ثم يجعل المفضول يليه ،كل واحد منهما على جنبه األيمن موجها إلى القبلة ،وإن دعت الحاجة إلى دفن ثالث معهما فال بأس ؛ لما ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه أمر يوم أحد أن يدفن االثنان والثالثة في قبر واحد ،وأمر أن يقدم األكثر قرآنا إلى القبلة. حكم دفن المرأة والرجل في قبر واحد س :هل يجوز دفن المرأة والرجل في قبر واحد ؟ ج :ال حرج في ذلك إذا دعت الحاجة ككثرة الموتى في القتل أو بالطاعون. حكم تخصيص بعض أجزاء المقبرة للنساء س :هل يجوز تخصيص بعض أجزاء المقبرة للنساء ،وبعضها للرجال حتى يكون أدعى لمعرفة أهل القبور ؟ ج :ال أعلم لهذا أصال ،وإنما المشروع أن تكون المقبرة للجميع ؛ لما في ذلك من التسهيل والتيسير ،وألن هذا العمل هو الذي درج عليه المسلمون من عصره صلى هللا عليه وسلم إلى يومنا هذا فيما نعلم ،وكان البقيع مشتركا بين الرجال والنساء في عهده صلى هللا عليه وسلم ،والخير كله في السير على منهاجه صلى هللا عليه وسلم وصحابته رضي هللا عنهم ،ومن سلك سبيلهم بإحسان. يجوز الدفن ليال س :هل يجوز دفن الميت ليال ؟ ج :يجوز ذلك إذا تمكن أهله من تغسيله وتكفينه والصالة عليه ، فقد دفن النبي صلى هللا عليه وسلم بعض األموات ليال ،ودفن هو ليال صلى هللا عليه وسلم ،وهكذا الصديق وعمر وعثمان كلهم دفنوا ليال ؛ فعلم بذلك جواز الدفن ليال إذا توفرت األمور المشروعة. أما ما جاء عن النبي صلى هللا عليه وسلم من النهي عن الدفن في الليل فذلك محمول عند أهل العلم على ما إذا كان الدفن في الليل يفضي إلى عدم أداء الواجب في حق الميت ؛ ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يُصلى عليه فدل ذلك على أن صلي عليه جاز دفنه ليال .وهللا ولي التوفيق. الميت إذا ُ س :هل الدفن في النهار أفضل من الليل ؟ ج :يجوز الدفن في الليل أو النهار حسب التيسير باستثناء الثالث ساعات التي نهى النبي صلى هللا عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا كما جاء في حديث عقبة بن عامر وهذه الثالث عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند قيامها حتى تزول . األوقات التي ينهى عن الدفن فيها س :هل هناك أوقات ينهى عن الدفن فيها ؟ ج :ثبت من حديث عقبة بن عامر رضي هللا عنه أنه قال ( :ثالث ساعات كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس وحين تضيَّف الشمس للغروب) أخرجه مسلم في صحيحه ،فهذه األوقات الثالثة ال يصلى على الميت فيها وال يدفن فيها. ال يختلف الدفن في مكة عن غيرها س :هل يختلف الدفن في مكة عن أي بلد آخر ؟ وهل فيه زيادة حسنات ودرجات للميت ؟ ج :ال يختلف الدفن في مكة عن غيرها ،فالدفن في جميع البلدان واحد ،وهو أن يحفر للميت قدر نصف قامة الرجل ،ويلحد له في الجانب القبلي ،ويوضع على جنبه األيمن ،ثم يوضع عليه اللبن وتسد المنافذ بالطين ،ثم يهال عليه التراب ،كما فعل الصحابة بالنبي صلى هللا عليه وسلم ،ومن هذا قول سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنه (إذا أنا متُّ علي اللبن نصبا كما صنع برسول هللا فألحدوا لي لحدا وانصبوا َّ صلى هللا عليه وسلم) أخرجه مسلم في صحيحه .والسنة أن يدفن اإلنسان في بلده ،وال ينقل إلى مكة وال إلى غيرها ،كما فعل أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم ،فإن بعضهم مات بالكوفة ، وبعضهم مات بالشام ،وبعضهم مات في البصرة ،وبعضهم مات في غيرها ،ولم ينقلوا إلى مكة وإلى المدينة ،ولم يوصوا بذلك رضي هللا عنهم. والسبب في ذلك :أن المعول في ذلك على العمل ال على األماكن ، وأيضا لما في النقل من المشقة من دون سبب شرعي يقتضي ذلك. ولو كان النقل مشروعا ألوصى به النبي صلى هللا عليه وسلم ، ولو فعل ذلك لنقله الصحابة رضي هللا عنهم وبيَّنوه ؛ ألنهم قد نقلوا سنته ،وأوضحوا ما شرع هللا لعباده من أقواله صلى هللا عليه وسلم وأفعاله ،وتقريراته .والخير كله في اتباع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رضي هللا عنهم كما قال هللا عز سا ِبقُ َ ون سنَةٌ) وقال سبحانه َ (:وال َّ س َوةٌ َح َ يه ْم أ ُ ْ َان لَ ُك ْم ِف ِ وجل ( :لَقَ ْد ك َ اج ِر َ ين ْاألَ َّولُ َ ون ِم َن ا ْل ُم َه ِ ع ْنهُ ضوا َ ع ْن ُه ْم َو َر ُ َّللاُ َ ان َر ِض َي َّ س ٍ ص ِار َوالَّذ َ ِين اتَّ َبعُو ُه ْم ِب ِإ ْح َ َو ْاألَ ْن َ ِين فِي َها أَبَدا ذَ ِلكَ ا ْلفَ ْو ُز ار َخا ِلد َت تَ ْج ِري تَ ْحتَ َها ْاألَ ْن َه ُ َوأَ َ ع َّد لَ ُه ْم َجنَّا ٍ ا ْلعَ ِظي ُم) وهللا ولي التوفيق. السنة أن يدفن الميت في البلد اإلسالمي الذي مات فيه س :سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد هللا بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ،حفظه هللا وأمد في عمره ونفع به اإلسالم والمسلمين. السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ،وبعد : فما توجيهكم وإرشادكم حفظكم هللا حول مسألتنا هذه ،نعرضها عليكم ،حيث توفي ابن أخينا ع .ع .ع – .مصري الجنسية ،هنا في المملكة غفر هللا له ورحمه .وقد كان وحيد أهله وأسرته يعولهم ويسعى بطلب الرزق له ولهم ،فأصبح بيته اآلن متكونا من نساء وأطفال وأيتام في أحوج ما يكونون للمساعدة والبذل والعطاء ،وقد طلبوا ترحيل جثمانه إليهم في مصر ،فلما بلغ كفيله أنهم طلبوا ترحيله وعلم حرصهم استعد بكل ما يتطلبه ترحيله من لوازم مادية .فما توجيه سماحتكم أيدكم هللا في هذا العمل ؛ ألننا سمعنا بعض الناصحين أشاروا بأن يدفن في البلدة التي توفي فيها ،وتكون األموال التي ستنفق لترحيله تصرف ألهله وأبنائه األيتام يتوسعون بها ويسدون بها حاجتهم ؟ أفيدونا مأجورين. ج :وعليكم السالم ورحمة هللا وبركاته ،وبعد : المذكور توفي في بلد إسالمي ،فدفنه في البلد الذي توفي فيه أولى وأوفق في السنة ،ولم يبلغنا أن أحدا من الصحابة رضي هللا عنهم نقل من بلد الغربة الذي مات فيه إلى المدينة أو غيرها ،وفي هذه القضية مصلحة أخرى ،وهي توفير النفقة ألهله وأوالده وفق هللا الجميع .والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. الكافر ال يدفن في الجزيرة العربية بل ينقل إلى غيرها س :إذا كان الميت عامال وافدا ،وطلب أهله نقله ،وهذا يسبب إزالة أحشائه وتحنيطه ووضعه في تابوت ، وتكليف كفيله مبالغ باهظة ،فهل يقبره كفيله حيث مات وال يلتفت إلى طلب أهله ؟ ج :المشروع دفن العامل وغيره حيث مات ،إذا كان مسلما ويدفن في مقابر المسلمين وال يجوز نقله إذا كان نقله يترتب عليه ما ذكر من التمثيل ؛ ألن المسلم محترم حيا وميتا .إال أن يكون نقله يترتب عليه أمور شرعية تفوت بعدم نقله فال بأس بنقله إذا كان ال يترتب على ذلك تمثيل به من إزالة أحشائه أو شيء منها . أما العامل إذا كان كافرا فإنه ال يدفن في الجزيرة العربية بل ينقل إلى غيرها إذا أمكن ذلك ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار من هذه الجزيرة وقال ( :ال يجتمع فيها دينان) وهللا ولي التوفيق. حكم تنفيذ وصية الميت بدفنه في بلد غير الذي مات فيه س :إذا أوصى الميت بنقله إلى بلد ليدفن فيه ،هل تنفذ وصيته ؟ ج :تنفيذ الوصية هنا ليس بالزم ،فإذا مات في بلد مسلم فيدفن فيه والحمد هلل. س :األخ ع .م .ع .من الرياض يقول في سؤاله :بعض الناس وخاصة من كبار السن يكون مقيما في الرياض إقامة دائمة ،وقبل وفاته يوصي بدفنه في مسقط رأسه ،وقد يبعد هذا المكان عن الرياض أكثر من مائة كيلو متر ،وبعضهم يصلى عليه في الرياض وفي المكان الذي سيدفن فيه ،فهل هذا موافق للشرع ، وهل يلزم الورثة الوفاء بهذه الوصية ؟ ج :المشروع دفنه في بلده التي مات فيها إذا كانت بلدا إسالمية ، وال يشرع نقله إلى غيرها ،وال يلزم الورثة تنفيذ وصية من أوصى بنقله ؛ لعدم الدليل على ذلك ؛ وألن ذلك يخالف ما درج عليه سلف األمة ،ولما في ذلك من الكلفة .وهللا ولي التوفيق. حكم البناء على القبور س :الحظت عندنا على بعض القبور عمل صبة باألسمنت بقدر متر طوال في نصف متر عرضا مع كتابة اسم الميت عليها وتاريخ وفاته وبعض الجمل ( اللهم ارحم فالن بن فالن )..وهكذا ،فما حكم مثل هذا العمل ؟ ج :ال يجوز البناء على القبور ال بصبة وال بغيرها ،وال تجوز الكتابة عليها ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم من النهي عن البناء عليها والكتابة عليها ،فقد روى مسلم رحمه هللا من حديث جابر رضي هللا عنه قال ( :نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) وخرجه الترمذي وغيره بإسناد صحيح وزاد ( :وأن يكتب عليه) وألن ذلك نوع من أنواع الغلو فوجب منعه ؛ وألن الكتابة ربما أفضت إلى عواقب وخيمة من الغلو وغيره من المحظورات الشرعية ،وإنما يعاد تراب القبر عليه ويرفع قدر شبر تقريبا حتى يعرف أنه قبر ، هذه هي السنة في القبور التي درج عليها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رضي هللا عنهم ،وال يجوز اتخاذ المساجد عليها وال كسوتها وال وضع القباب عليها ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته. ولما روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد هللا البجلي قال : سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول ( :إن هللا قد اتخذني خليال كما اتخذ إبراهيم خليال ولو كنت متخذا من أمتي خليال التخذت أبا بكر خليال أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) واألحاديث في هذا المعنى كثيرة. ونسأل هللا أن يوفق المسلمين للتمسك بسنة نبيهم عليه الصالة والسالم ،والثبات عليها ،والحذر مما يخالفها ،إنه سميع قريب. الكيفية الشرعية لترميم القبر إذا تهدم س :قبر تهدم ،وأريد إعادة حفره وبنائه وفيه عظام ،فماذا أفعل بها ؟ وهل يجوز بناء القبر بالحصى واإلسمنت أو الطوب واإلسمنت ؟ ج :إذا تهدم القبر يعاد إليه التراب ،ويسوى ظاهره كسائر القبور حتى ال يمتهن ،أما بناؤه وتجصيصه فال يجوز ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم ،من حديث جابر بن عبد هللا األنصاري رضي هللا عنهما قال ( :نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) رواه مسلم في صحيحه ؛ وألن تجصيصه والبناء عليه من أسباب الغلو فيه ودعائه من دون هللا ،كما وقع ذلك لكثير من الناس ،لما ع ُِظمت قبورهم وبنيت عليها القباب والمساجد ،اتخذها الناس أربابا من دون هللا ،بدعائها ،وباالستغاثة بها ،والتبرك بها ،وطلب المدد منها ،كما يفعل ذلك كثير من الناس عند قبر الحسين وقبر البدوي وغيرهما ، ولهذا ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته ،وفي الصحيحين أيضا عن أم سلمة وأم حبيبة رضي هللا عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور ،فقال صلى هللا عليه وسلم ( :أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :إن هللا تعالى قد اتخذني خليال كما اتخذ إبراهيم خليال ولو كنت متخذا من أمتي خليال التخذت أبا بكر خليال أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) واألحاديث في هذا المعنى كثيرة. فالواجب على جميع المسلمين من حكومات وشعوب أن يتقوا هللا سبحانه ،وأن يحذروا من الغلو في القبور والبناء عليها واتخاذ المساجد عليها ؛ عمال بنهي النبي صلى هللا عليه وسلم وطاعة له ،وحذرا من مغبة ذلك ،فإن ذلك وسيلة إلى الغلو في األموات ودعائهم واالستغاثة بهم وطلبهم المدد والعون ،وهذا هو الشرك األكبر الذي كان يفعله كفار قريش وغيرهم من العرب والعجم حتى أزال هللا ذلك من هذه الجزيرة بدعوة النبي صلى هللا عليه وسلم وجهاده وجهاد أصحابه رضي هللا عنهم وجهاد من تبعهم بإحسان من أئمة الهدى ودعاة التوحيد جعلنا هللا منهم ،وهللا ولي التوفيق . ال يجوز دفن الميت في المسجد من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم :هـ .ع. م .م .سلمه هللا آمين. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. أما بعد :فإشارة إلى رسالتك الكريمة المتضمنة طلب بعض الكتب واإلجابة عن السؤال الذي ذكرته ،نشكر لك اهتمامك وغيرتك ، ويسرنا تحقيق رغبتك بإرسال نسخة من زاد المعاد ،والعقيدة الواسطية شرح محمد خليل الهراس ،والقاعدة الجليلة لشيخ اإلسالم ابن تيمية ،وفتح المجيد ،وشرح الطحاوية البن أبي العز. أما بالنسبة للسؤال فالواجب منع الدفن في المسجد ،وإزالة ما أعده الشخص المذكور ليدفن فيه ،وأن يستعان في ذلك باهلل ثم بأهل العلم حتى يقنع الرجل بأن عمله ال يجوز ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته من حديث عائشة رضي هللا عنها ،ولقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :أال إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه ،وفي الصحيحين عن عائشة رضي هللا عنها أن أم سلمة وأم حبيبة رضي هللا عنهما ذكرتا للنبي صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور ،فقال عليه الصالة والسالم : (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) فهذه األحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم بناء المساجد على القبور ،ووضع القبور في المساجد ؛ ألن ذلك من وسائل الشرك األكبر ،وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال ( :نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) وما ذلك إال أن البناء على القبور وتجصيصها ووضع الستور عليها والصالة عندها وبناء المساجد عليها كل ذلك من وسائل الشرك .نسأل هللا أن يعافي المسلمين من ذلك ،وأن يفقههم في الدين ،وأن يعينهم على التمسك بشرع هللا واالستقامة عليه ، وأن يوفق علماءهم لتبصيرهم وتوجيههم إلى الخير على ضوء الكتاب والسنة ،إنه سميع مجيب. وأسأل هللا لك التوفيق واإلعانة على كل خير إنه خير مسئول، والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك بسم هللا ،والحمد هلل ،والصالة والسالم على رسول هللا ،وعلى آله ومن اهتدى بهداه ،أما بعد : فقد اطلعت على صحيفة الخرطوم -الصادرة في 1415 /4 /17هـ ،فألفيتها قد نشر فيها بيان بدفن السيد م .ح .أ .بجوار أبيه في مسجدهم بمدينة أم درمان… إلخ. ولما أوجب هللا من النصح للمسلمين ،وبيان إنكار المنكر رأيت التنبيه على أن الدفن في المساجد أمر ال يجوز ،بل هو من وسائل الشرك ،ومن أعمال اليهود والنصارى التي ذمهم هللا عليها ، ولعنهم رسوله صلى هللا عليه وسلم ،كما في الصحيحين عن عائشة رضي هللا عنها ،عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال: (لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وفي صحيح مسلم ،عن جندب بن عبد هللا ،عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) واألحاديث في هذا المعنى كثيرة. فالواجب على المسلمين في كل مكان – حكومات وشعوبا – أن يتقوا هللا ،وأن يحذروا ما نهى عنه ،وأن يدفنوا موتاهم خارج المساجد ،كما كان النبي صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رضي هللا عنهم يدفنون الموتى خارج المساجد وهكذا أتباعهم بإحسان. وأما وجود قبر النبي صلى هللا عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي هللا عنهما في مسجده صلى هللا عليه وسلم فليس به حجة على دفن الموتى في المساجد ؛ ألنه صلى هللا عليه وسلم دفن في بيته -في بيت عائشة رضي هللا عنها -ثم دفن صاحباه معه ،فلما وسع الوليد بن عبد الملك المسجد أدخل الحجرة فيه على رأس المائة األولى من الهجرة ،وقد أنكر عليه ذلك أهل العلم ، ولكنه رأى أن ذلك ال يمنع من التوسعة ،وأن األمر واضح ال يشتبه. وبذلك يتضح لكل مسلم أنه صلى هللا عليه وسلم وصاحبيه رضي هللا عنهما لم يدفنوا في المسجد ،وإدخالهم فيه بسبب التوسعة ليس بحجة على جواز الدفن في المساجد ؛ ألنهم ليسوا في المسجد ،وإنما هم في بيته عليه الصالة والسالم ،وألن عمل الوليد ال يصلح حجة ألحد في ذلك ،وإنما الحجة في الكتاب والسنة ،وفي إجماع سلف األمة رضي هللا عنهم ،وجعلنا من أتباعهم بإحسان. وللنصح وبراءة الذمة جرى تحريره في 1415 /5 /14هـ .وهللا ولي التوفيق ،وصلى هللا وسلم على نبينا محمد ،وآله وصحبه ، وأتباعهم بإحسان. عبد العزيز بن عبد هللا بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية واإلفتاء حكم بناء المساجد قريبا من القبور من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم :م .ص. سلمه هللا. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ،وبعد : فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية واإلفتاء برقم ( )2191وتاريخ 1407 /6 /10هـ ،والذي تسأل فيه عن حكم بناء المسجد قريبا من القبور النتفاع أهل القبور بذلك ،وحكم الصالة في هذا المسجد ،وحكم الصالة في مسجد فيه قبور ؟ وأفيدك بأنه ال يجوز بناء المساجد على القبور ،وال يجوز بناء المساجد قريبا من القبور ،من أجل أن ينتفع أهل القبور ببناء المسجد بجوارهم. أما إذا كانت القبور خارج المسجد ،ويفصل بينها وبينه طريق ونحوه ،ولم يبن المسجد من أجل تلك القبور ،فال حرج في الصالة فيه .وفق هللا الجميع لما فيه رضاه ،والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد حكم الصالة في المساجد التي فيها قبور س :هل يصلى في المساجد التي فيها قبور ؟ ج :المسجد الذي فيه قبر ال يصلى فيه ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ال يصلى في المساجد التي فيها قبور س :األخ م .أ .ن .من ميت طريف – دقهلية -بمصر يقول في سؤاله :هل تصح الصالة في المساجد التي يوجد فيها قبور؟ ج :المساجد التي فيها قبور ال يصلى فيها ،ويجب أن تنبش القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة ،يجعل رفات كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور ،وال يجوز أن يبقى في المساجد قبور ،ال قبر ولي وال غيره ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم نهى وحذر من ذلك ،ولعن اليهود والنصارى على عملهم ذلك .فقد ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة رضي هللا عنها يُحذِر ما صنعوا) متفق عليه .وقال عليه الصالة والسالم لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير فقال : (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) متفق على صحته. وقال عليه الصالة والسالم ( :أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد هللا البجلي .فنهى عن اتخاذ القبور مساجد عليه الصالة والسالم ، ولعن من فعل ذلك ،وأخبر أنهم شرار الخلق ؛ فالواجب الحذر من ذلك ،ومعلوم أن كل من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجدا ،ومن بنى عليه مسجدا فقد اتخذه مسجدا . فالواجب أن ت ُ ْب َع َد القبور عن المساجد ،وأال يجعل فيها قبور ؛ امتثاال ألمر الرسول صلى هللا عليه وسلم وحذرا من اللعنة التي صدرت من ربنا عز وجل لمن بنى المساجد على القبور ؛ ألنه إذا يزين له الشيطان دعوة الميت أوصلى في مسجد فيه قبور قد ِ االستغاثة به ،أو الصالة له ،أو السجود له ؛ فيقع الشرك األكبر ، وألن هذا من عمل اليهود والنصارى ،فوجب أن نخالفهم وأن نبتعد عن طريقهم وعن عملهم السيئ. لكن لو كانت القبور هي القديمة ثم بني عليها المسجد فالواجب هدمه وإزالته ؛ ألنه هو المحدث ،كما نص على ذلك أهل العلم ؛ حسما ألسباب الشرك وسدا لذرائعه. هنا شبهة يشبه بها عباد القبور ،وهي :وجود قبر النبي صلى هللا عليه وسلم في مسجده. والجواب عن ذلك :أن الصحابة رضي هللا عنهم لم يدفنوه في مسجده ،وإنما دفنوه في بيت عائشة رضي هللا عنها ،فلما وسع الوليد بن عبد الملك مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم في آخر القرن األول أدخل الحجرة في المسجد ،وقد أساء في ذلك ،وأنكر عليه بعض أهل العلم ،ولكنه اعتقد أن ذلك ال بأس به من أجل التوسعة. فال يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء المساجد على القبور ،أو الدفن في المساجد ؛ ألن ذلك مخالف لألحاديث الصحيحة ،وألن ذلك أيضا من وسائل الشرك بأصحاب القبور. وهللا ولي التوفيق. الصالة في مسجد فيه قبر كالصالة في مسجد فيه قبران أو أكثر س :هناك من يقول :إن الصالة يختلف حكمها في المسجد الذي فيه قبر ،عن الذي فيه قبران ،عن المسجد الذي فيه ثالثة أو أكثر .نرجو التوضيح في هذا ،وكيف الحكم والنبي صلى هللا عليه وسلم قال ( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ؟ مع العلم بأن بعض الناس الذين يأتون من المدينة المنورة يحتجون بأن مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم فيه قبره عليه الصالة والسالم وقبر صاحبيه رضي هللا عنهما ،فهو كعامة المساجد تجوز الصالة فيه ،أرجو التوضيح. ج :الرسول صلى هللا عليه وسلم لعن من يتخذ المساجد على القبور ،وحذر من ذلك ،كما في الحديث السابق ،وقال ( :أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم في الصحيح .وروى الشيخان ،عن عائشة رضي هللا عنها ،أن أم حبيبة وأم سلمة رضي هللا عنهما ذكرتا للنبي صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور ،فقال ( :أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) فبين صلى هللا عليه وسلم أن الذين يبنون المساجد على القبور هم شرار الخلق عند هللا ،وحذر من فعلهم. فدل ذلك على أن المسجد المقام على قبر أو أكثر ،فإن كان المسجد هو الذي بني أخيرا على القبور وجب هدمه ،وأن تترك القبور بارزة ليس عليها بناء ،كما كانت القبور في عهده صلى هللا عليه وسلم ،في البقيع وغيره ،وهكذا إلى اليوم في المملكة العربية السعودية ،فالقبور فيها بارزة ليس عليها بناء وال قباب وال مساجد وال بناء ،وهلل الحمد والمنة. أما إن كان المسجد قديما ولكن أحدث فيه قبر أو أكثر فإنه ينبش القبر وينقل صاحبه إلى المقابر العامة التي ليس عليها قباب وال مساجد وال بناء ،ويبقى المسجد خاليا منها حتى يصلى فيه. أما احتجاج بعض الجهلة بوجود قبر النبي صلى هللا عليه وسلم ، وقبر صاحبيه في مسجده فال حجة في ذلك ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد ،ودفن معه صاحباه أبو بكر وعمر رضي هللا عنهما ،ولكن لما وسع الوليد بن عبد الملك بن مروان المسجد أدخل البيت في المسجد ؛ بسبب التوسعة ،وغلط في هذا ،وكان الواجب أن ال يدخله في المسجد ؛ حتى ال يحتج الجهلة وأشباههم بذلك ،وقد أنكر عليه أهل العلم ذلك ،فال يجوز أن يقتدى به في هذا ،وال يظن ظان أن هذا من جنس البناء على القبور أو اتخاذها مساجد ؛ ألن هذا بيت مستقل أدخل في المسجد ؛ للحاجة للتوسعة ،وهذا من جنس المقبرة التي أمام المسجد مفصولة عن المسجد ال تضره ،وهكذا قبر النبي صلى هللا عليه وسلم مفصول بجدار وقضبان. وينبغي للمسلم أن يبين إلخوانه هذا ؛ حتى ال يغلطوا في هذه المسألة .وهللا ولي التوفيق. ال يصلى في المسجد الذي فيه قبر ولو كان الوحيد في البلد س :إذا كان المسجد الذي فيه قبر هو الوحيد في البلد فهل يصلي المسلم فيه ؟ ج :ال يصلي المسلم فيه أبدا ،وعليه أن يصلي في غيره أو في بيته إن لم يجد مسجدا سليما من القبور ،ويجب على والة األمور نبش القبر الذي في المسجد إذا كان حادثا ونقل رفاته إلى المقبرة العامة ويوضع في حفرة خاصة يسوى ظاهرها كسائر القبور ، وإذا كان القبر هو األول فإنه يهدم المسجد ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ،ولما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي هللا عنهما أنهما رأتا كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور ،قال لهما عليه الصالة والسالم ( :أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) متفق على صحته. ومن صلى في المساجد التي فيها القبور فصالته باطلة وعليه اإلعادة للحديثين المذكورين وما جاء في معناهما. المصطفى صلى هللا عليه وسلم وصاحباه لم يدفنوا في المسجد وإنما دفنوا في حجرة عائشة س :من المعلوم أنه ال يجوز دفن األموات في المساجد ،وأيما مسجد فيه قبر ال تجوز الصالة فيه ،فما الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى هللا عليه وسلم وبعض صحابته في المسجد النبوي ؟ ج :قد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته ،وثبت عن عائشة رضي هللا عنها أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال صلى هللا عليه وسلم ( :أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) متفق عليه ،وروى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد هللا البجلي قال سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ( :إن هللا قد اتخذني خليال كما اتخذ إبراهيم خليال ولو كنت متخذا من أمتي خليال التخذت أبا بكر خليالًَ أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) وروى مسلم أيضا عن جابر رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم (أنه نهى أن يجصص القبر ،وأن يقعد عليه ،وأن يبنى عليه) . فهذه األحاديث الصحيحة وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم اتخاذ المساجد على القبور ولعن من فعل ذلك ،كما تدل على تحريم البناء على القبور واتخاذ القباب عليها وتجصيصها ؛ ألن ذلك من أسباب الشرك بها وعبادة سكانها من دون هللا ،كما قد وقع ذلك قديما وحديثا ؛ فالواجب على المسلمين أينما كانوا أن يحذروا مما نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عنه وأال يغتروا بما فعله كثير من الناس ،فإن الحق هو ضالة المؤمن متى وجدها أخذها ،والحق يعرف بالدليل من الكتاب والسنة ال بآراء الناس وأعمالهم ،والرسول محمد صلى هللا عليه وسلم وصاحباه رضي هللا عنهما لم يدفنوا في المسجد ،وإنما دفنوا في بيت عائشة ، ولكن لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك أدخل الحجرة في المسجد في آخر القرن األول وال يعتبر عمله هنا في حكم الدفن في المسجد ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم وصاحبيه لم ينقلوا إلى أرض المسجد وإنما أدخلت الحجرة التي هم بها في المسجد من أجل التوسعة ،فال يكون في ذلك حجة ألحد على جواز البناء على القبور أو اتخاذ المساجد عليها أو الدفن فيها ؛ لما ذكرته آنفا من األحاديث الصحيحة المانعة من ذلك ،وعمل الوليد ليس فيه حجة على ما يخالف السنة الثابتة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وهللا ولي التوفيق. شبهة لمن أجاز الصالة في المساجد التي فيها قبور والجواب عليها س :من أجاز الصالة في المساجد التي فيها قبور يحتج بأن المسجد النبوي فيه قبر المصطفى صلى هللا عليه وسلم فما رأيكم في ذلك ؟ ج :يبين له أن قبر النبي صلى هللا عليه وسلم في بيته ال في المسجد ،والمخطئ هو الذي أدخل القبر في المسجد. حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة س :ما حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة ؛ ألنه أصبح داخل البلد ،وألنه مجاور للمقبرة األولى ؟ ج :مثل هذا العمل تراجع فيه المحكمة وهي تنظر فيما يقتضيه الحكم الشرعي. حكم الكتابة على القبر س :هل يجوز وضع قطعة من الحديد أو « الفتة » على قبر الميت مكتوب عليها آيات قرآنية باإلضافة إلى اسم الميت وتاريخ وفاته… إلخ ؟ ج :ال يجوز أن يكتب على قبر الميت ال آيات قرآنية وال غيرها ، ال في حديدة وال في لوح وال في غيرهما ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما أنه صلى هللا عليه وسلم (نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) رواه اإلمام مسلم في صحيحه ،زاد الترمذي والنسائي بإسناد صحيح ( :وأن يكتب عليه) حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند البوابة س :ما حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند بوابة المقبرة ؟ ج :ال أعلم لهذا أصال ،وقد نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن الكتابة على القبر ،ويخشى أن تكون الكتابة على جدار المقبرة وسيلة إلى الكتابة على القبور. حكم إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور س :هل يجوز إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور ؟ ج :إذا كان لمصلحة الناس عند الدفن أو كان في السور فال بأس ،أما وضع السرج واألنوار على القبور فال يجوز ؛ ألن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( :لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) وإذا كانت اإلضاءة في الشارع الذي يمر بقربها فال بأس ،وإذا وضع لمبة عند الحاجة تضيء لهم عند الدفن أو أتوا بسراج معهم لهذا الغرض فال بأس. إهداء القرب للميت ما يجوز وما ال يجوز إهداؤه من القرب للميت س :هل تصل األعمال إلى الموتى ؟ ج :يصل إليهم ما دل الشرع على وصوله إليهم ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم في صحيحه ،وألحاديث أخرى وردت في ذلك ،ومن ذلك :الصدقة ، والدعاء ،والحج ،والعمرة ،وما خلفه الميت من نشر العلم. أما إهداء الصالة والقراءة إلى الموتى أو الطواف أو صيام التطوع فال أعلم لذلك أصال ،والمشروع تركه ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم في صحيحه. س :هل يجوز إهداء بعض أعمال الخير إلى الميت ؟ ج :يجوز إهداء ما ورد به الشرع المطهر من األعمال ؛ كالصدقة ،والدعاء ،وقضاء الدين ،والحج والعمرة إذا كان المحجوج عنه ميتا أو عاجزا ،لكبر سنه ،أو مرض ال يرجى برؤه ،وهكذا من تؤدى عنه العمرة ؛ ألنه ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم في أحاديث كثيرة ما يدل على ذلك ،وجاء في الكتاب العزيز ما يدل على شرعية الدعاء للمسلمين أحياء أو أمواتا ،مثل قول هللا ون َربَّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا ِين َجا ُءوا ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم َيقُولُ َ(والَّذ َ سبحانه َ : ان َوال تَ ْج َع ْل فِي قُلُو ِبنَا ِغ اال ِللَّذ َ ِين سبَقُونَا ِب ْ ِ اإلي َم ِ َو ِ ِإل ْخ َوانِنَا الَّذ َ ِين َ آ َمنُوا َربَّنَا إِنَّكَ َر ُء ٌ وف َر ِحي ٌم) ومثل قوله صلى هللا عليه وسلم ( :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له) وثبت عنه صلى هللا عليه وسلم :أن رجال قال له :يا رسول هللا إن أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال( :نعم) متفق عليه .وثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أيضا أن رجال قال :يا رسول هللا هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال( :نعم الصالة عليهما ،واالستغفار لهما ،وإنفاذ عهدهما من بعدهما ،وإكرام صديقهما ،وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما) وهللا ولي التوفيق. الدليل على تخصيص انتفاع الميت ببعض األعمال دون بعض س :ما هو الدليل على تخصيص انتفاعهم بأعمال دون أخرى ؟ ج :هذه األمور توقيفية ال مجال للرأي فيها ،وإنما يعمل فيها بما يقتضيه الدليل لعموم قوله عليه الصالة والسالم ( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته. حكم الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير هللا س :سائل يقول :إن والده يذبح لغير هللا فيما قيل له عن ذلك ، ويريد اآلن أن يتصدق عنه ويحج عنه ،ويعزو سبب وقوع والده في ذلك إلى عدم وجود علماء ومرشدين وناصحين له ،فما الحكم في ذلك كله ؟ ج :إذا كان والده معروفا بالخير واإلسالم والصالح ،فال يجوز له أن يصدق من ينقل عنه غير ذلك ممن ال تعرف عدالته ،ويسن له الدعاء والصدقة عنه حتى يعلم يقينا أنه مات على الشرك ،وذلك بأن يثبت لديه بشهادة الثقات العدول اثنين أو أكثر أنهم رأوه يذبح لغير هللا من أصحاب القبور أو غيرهم ،أو سمعوه يدعو غير هللا ، فعند ذلك يمسك عن الدعاء له ،وأمره إلى هللا سبحانه وتعالى ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم استأذن ربه أن يستغفر ألمه فلم يأذن هللا له ،مع أنها ماتت في الجاهلية على دين الكفار ،ثم استأذن ربه أن يزورها فأذن له ،فدل ذلك على أن من مات على الشرك ولو جاهال ال يدعى له ،وال يستغفر له ،وال يتصدق عنه ، وال يحج عنه ،أما من مات في محل لم تبلغه دعوة هللا ، فهذا أمره إلى هللا سبحانه ،والصحيح من أقوال أهل العلم ،أنه يمتحن يوم القيامة ،فإن أطاع دخل الجنة ،وإن عصى دخل النار ؛ ألحاديث صحيحة وردت في ذلك. عشاء الوالدين س :األخ أ .م .ع .من الرياض يقول في سؤاله :نسمع كثيرا عن عشاء الوالدين أو أحدهما ،وله طرق متعددة ،فبعض الناس يعمل عشاء خاصة في رمضان ويدعو له بعض العمال والفقراء ، وبعضهم يخرجه للذين يفطرون في المسجد ،وبعضهم يذبح ذبيحة ويوزعها على بعض الفقراء وعلى بعض جيرانه ،فإذا كان هذا العشاء جائزا فما هي الصفة المناسبة له ؟ ج :الصدقة للوالدين أو غيرهما من األقارب مشروعة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم :لما سأله سائل قائال :هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال( :نعم الصالة عليهما، واالستغفار لهما ،وإنفاذ عهدهما من بعدهما ،وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما) ولقوله صلى هللا عليه وسلم( :إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه) وقوله صلى هللا عليه وسلم لما سأله سائل قائال :إن أمي ماتت ولم توص أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال النبي صلى هللا عليه وسلم(:نعم) .ولعموم قوله صلى هللا عليه وسلم (:إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) وهذه الصدقة ال مشاحة في تسميتها بعشاء الوالدين ،أو صدقة الوالدين سواء كانت في رمضان أو غيرهما .وفق هللا الجميع لما يرضيه. تحديد وقت معين لإلطعام عن الميت من البدع المحدثة س :مسلم مات وله كثير من األوالد ،ولهم مال وخير ،أيحل لهم أن يذبحوا من الغنم للميت أو يعجن له الخبز في اليوم السابع أو األربعين هدية له ويجمع المسلمون عليها ؟ ج :الصدقة عن الميت مشروعة ،وإطعام الفقراء والمساكين والتوسعة عليهم ومواساة الجيران وإكرام المسلمين من وجوه البر والخير التي رغب الشرع فيها ،ولكن ذبح الغنم أو البقر أو اإلبل أو الطير أو نحوها للميت عند الموت أو في يوم معين كاليوم السابع أو األربعين أو يوم الخميس أو الجمعة أو ليلتها للتصدق به على الميت في ذلك الوقت من البدع والمحدثات التي لم تكن على عهد سلفنا الصالح رضي هللا عنهم ،فيجب ترك هذه البدع ؛ لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقوله صلى هللا عليه وسلم ( :إياكم ومحدثات األمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة) من يذبح ألبيه وجدِه كل سنة س :يوجد لي ابن عم يذبح ألبيه وجده بعد مضي كل حول ، ونصحته أكثر من مرة ،ويقول لي :إني سألت ، وقالوا ليس في ذلك إثم .أفيدونا هل هذا الكالم صحيح أم ال ؟ ج :إذا ذبح وقصد أضحية في يوم العيد وأيام النحر عن أبيه أو جده أو غيرهما فال بأس ،أو ذبح وقصد الصدقة عنهما على الفقراء في أي وقت فال بأس ؛ ألن الصدقة تنفع الميت والحي باللحوم وغير اللحوم من النقود والطعام وغير ذلك ،كل ذلك ينفع الميت والحي ،فقد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يتصدق ألمه بعد وفاتها أفلها أجر فقال ( نعم ) وفي صحيح مسلم رحمه هللا عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له) والخالصة :أن الصدقة للميت نافعة له بإجماع المسلمين ،وهكذا الدعاء له ،فإذا أراد بهذه الذبيحة الصدقة بها عن أبيه أو جده أو غيرهما ،أو ذبحها أضحية عنه في أيام النحر تقربا إلى هللا سبحانه وتعالى -لكن ليس له أن يخص يوما معينا أو شهرا معينا بالذبح غير أيام النحر إال إذا تحرى األوقات الفاضلة ، كرمضان وتسع ذي الحجة -فال بأس وله أجر وللميت أجر على حسب إخالصه هلل وكسبه الطيب ،أما إذا أراد التقرب إليه كما يتقرب الذي يذبحون ألصحاب القبور أو الشمس أو القمر أو الجن فهذا شرك أكبر ؛ ألنه ال يجوز ألحد أن يتقرب إلى أحد بذبح أو نذر أو غيرهما من العبادات سوى هللا سبحانه وتعالى ؛ لقول هللا عز ب ا ْلعَالَ ِم َ ين ال اي َو َم َماتِي ِ ََّّللِ َر ِ س ِكي َو َم ْحيَ َ صالتِي َونُ ُ وجل ( :قُ ْل إِ َّن َ ين) ولقوله سبحانه وتعالى ش َِريكَ لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ س ِل ِم َ ص ِل ِل َر ِبكَ َوا ْن َح ْر) ولقوله عليه الصالة :إ(ِنَّا أَ ْع َط ْينَاكَ ا ْلك َْوثَ َر فَ َ والسالم ( :لعن هللا من ذبح لغير هللا) رواه مسلم في الصحيح. فالذبح للجن أو ألصحاب القبور أو غيرهما من المخلوقات كاألصنام والكواكب ونحوها يرجو الذابح شفاعتهم أو أنهم ينفعونه أو يدفعون عنه مرضا أو غيره منكر وشرك ،وهكذا من ذبح لجده أو ألبيه يعتقد فيه أنه ينفعه أو يشفي مريضه أو يقربه إلى هللا بهذا الذبح فهو مثل من يذبح للشمس أو للقمر والنجوم كل ذلك شرك. نسأل هللا السالمة. إهداء ثواب الطواف للغير ال يجوز س :األخ ن .ع .ب .من تمير يقول في سؤاله :عندما أسافر إلى مكة المكرمة للحج أو العمرة هل يجوز لي أن أطوف سبعة أشواط وأنوي ثوابها لوالدتي المتوفاة ؟ أرجو اإلفادة يا سماحة الشيخ . ج :ال أعلم في األدلة الشرعية ما يدل على جواز ذلك أو شرعيته ،ومعلوم أن العبادات توقيفية ال يجوز منها إال ما دل عليه الشرع ،فالذي أرى عدم جواز التطوع بالطواف عن الغير ؛ لعدم الدليل على ذلك ،ولكن يشرع لك الدعاء في الطواف لوالديك وللمسلمين ولغيرهما من المسلمين لعموم األدلة الشرعية في ذلك ،وفق هللا الجميع. حكم الطواف وختم القرآن لألموات س :أقوم أحيانا بالطواف ألحد أقاربي أو والدي أو أجدادي المتوفين ،ما حكم ذلك ؟ وأيضا ما حكم ختم القرآن لهم ؟ جزاكم هللا خيرا . ج :األفضل ترك ذلك ؛ لعدم الدليل عليه ،لكن يشرع لك الصدقة عن من أحببت من أقاربك وغيرهم إذا كانوا مسلمين ،والدعاء لهم ،والحج والعمرة عنهم ،أما الصالة عنهم والطواف عنهم والقراءة لهم فاألفضل تركه ؛ لعدم الدليل عليه ،وقد أجاز ذلك بعض أهل العلم ؛ قياسا على الصدقة والدعاء ،واألحوط ترك ذلك ؛ ألن األصل في العبادات التوقيف وعدم القياس ،وباهلل التوفيق. الصالة والقراءة ال تهدى ألحد س :والدتي أمية ال تقرأ وال تكتب ،فهل يجوز لي قراءة القرآن الكريم وصالة النوافل وإهداء ثواب ذلك لها ،وإذا كان ال يجوز ، فما هي األعمال التي يمكن أن أهدي ثوابها إليها ؟ جزاكم هللا خيرا . ج :ليس هناك دليل شرعي على شرعية إهداء الصالة والقراءة عن الغير سواء كان حيا أو ميتا ،والعبادة توقيفية ال يشرع منها إال ما دل الشرع على شرعيته ،ولكن يشرع لك الدعاء لها والصدقة عنها ،والحج عنها والعمرة إذا كانت كبيرة السن ال تستطيع الحج والعمرة. حكم الصالة للوالدين المتوفيين س :األخت التي رمزت السمها بـ :أم محمد – من الرياض ، تقول في سؤالها :هل هناك صالة للوالدين المتوفيين ،وما كيفيتها ؟ أفيدونا جزاكم هللا خيرا . ج :ليس على األوالد صالة للوالدين بعد الوفاة ،وال غيرهما ، وإنما يشرع الدعاء لهما ،واالستغفار لهما ،والصدقة عنهما ، وهكذا الحج عنهما والعمرة .أما الصالة فال يشرع ألحد أن يصلي عن أحد أو ألحد ،وإنما يصلَّى على الميت المسلم قبل الدفن ،ومن يصل عليه قبل الدفن شرع له أن يصلي عليه بعد الدفن إذا كانت ِ لم المدة ال تزيد على شهر ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى على قبر أم سعد بن عبادة وقد مضى لها شهر .وهكذا سنة الطواف ، وهي :ركعتان بعد الطواف تشرع لمن طاف ،ومن ذلك الحاج أو المعتمر عن الغير فإنه يشرع له إذا طاف عن المنوب عنه أن يصلي ركعتين تبعا للطواف ،واألصل في هذا كله أن العبادات توقيفية ،ال يشرع فيها إال ما ثبت في الكتاب أو السنة ،وهللا ولي التوفيق. إهداء تالوة القرآن الكريم لآلخرين س :هل يجوز أن أختم القرآن الكريم لوالدي ،علما بأنهما أميان ال يقرآن وال يكتبان ؟ وهل يجوز أن أختم القرآن لشخص يعرف القراءة والكتابة ولكن أريد إهداءه هذه الختمة ؟ وهل يجوز لي أن أختم القرآن ألكثر من شخص ؟ ج :لم يرد في الكتاب العزيز ،وال في السنة المطهرة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وال عن صحابته الكرام رضي هللا عنهم ما يدل على شرعية إهداء تالوة القرآن الكريم للوالدين وال لغيرهما ،وإنما شرع هللا قراءة القرآن لالنتفاع به ،واالستفادة اب أَ ْن َز ْلنَاهُ إِلَ ْيكَ منه ،وتدبر معانيه والعمل بذلك ،قال تعالى ِ ( :كتَ ٌ ب) وقال تعالى ( :إِ َّن َهذَا اركٌ ِليَ َّدبَّ ُروا آيَاتِ ِه َو ِليَتَذَك ََّر أُولُو ْاألَ ْلبَا ِ ُمبَ َ ِين آ َمنُوا آن َي ْهدِي ِللَّ ِتي ِه َي أَ ْق َو ُم) وقال سبحانه ( :قُ ْل ُه َو ِللَّذ َ ا ْلقُ ْر َ شفَا ٌء) وقال نبينا ُهدى َو ِ عليه الصالة والسالم ( :اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا ألصحابه) ويقول صلى هللا عليه وسلم ( :إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما) والمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتالوته واإلكثار من قراءته ال إلهدائه لألموات أو غيرهم ،وال أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهما أصال يعتمد عليه ،وقد قال صلى هللا عليه وسلم ( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا :ال مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من األعمال الصالحات ،وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء لألموات وغيرهم ،ولكن الصواب هو القول األول ؛ للحديث المذكور ،وما جاء في معناه ،ولو كان إهداء التالوة مشروعا لفعله السلف الصالح ،والعبادة ال يجوز فيها القياس ؛ ألنها توقيفية ال تثبت إال بنص من كالم هللا عز وجل ،أو من سنة رسوله صلى هللا عليه وسلم للحديث السابق وما جاء في معناه. أما الصدقة عن األموات وغيرهم ،والدعاء لهم ،والحج عن الغير ممن قد حج عن نفسه ،وهكذا العمرة عن الغير ممن قد اعتمر عن نفسه ،وهكذا قضاء الصوم عمن مات وعليه صيام ،فكل هذه العبادات قد صحت بها األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا كان المحجوج عنه والمعتمر عنه ميتا أو عاجزا لهرم أو مرض ال يرجى برؤه ،وهللا ولي التوفيق. حكم أخذ أجرة قراءة القرآن على األموات س :سائل من اليمن يقول :أناس عندنا يقرءون القرآن على األموات ويأخذون عليه أجرة ،فهل يستفيد منه األموات شيئا ؟ وإذا مات واحد منهم يقرءون القرآن ثالثة أيام ويعملون ذبائح ووالئم ،فهل هذا من الشرع ؟ ج :القراءة على األموات بدعة ،وأخذ األجرة على ذلك ال يجوز ؛ ألنه لم يرد في الشرع المطهر ما يدل على ذلك ،والعبادات توقيفية ال يجوز منها إال ما شرعه هللا ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ،وهكذا ذبح الذبائح وإعداد الطعام من أجل الميت كله بدعة منكرة ال يجوز سواء كان ذلك في يوم أو أيام ؛ ألن الشرع المطهر لم يرد بذلك بل هو من عمل الجاهلية ؛ لما ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال :أربع في أمتي من أمر الجاهلية ال يتركونهن الفخر في األحساب والطعن في األنساب واالستسقاء بالنجوم والنياحة وقال ( :النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) رواه مسلم في صحيحه. وعن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه قال ( :كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة) رواه اإلمام أحمد بإسناد حسن ،ومنها قوله عليه الصالة والسالم ( :أربع في أمتي من أمر الجاهلية ال يتركونهن) الحديث المذكور آنفا ،ولم يكن من عمل النبي صلى هللا عليه وسلم وال من عمل الصحابة رضي هللا عنهم أنه إذا مات الميت يقرءون له القرآن ، أو يقرءون عليه القرآن ،أو يذبحون الذبائح ،أو يقيمون المآتم واألطعمة والحفالت ،كل هذا بدعة ،فالواجب الحذر من ذلك وتحذير الناس منه ،وعلى العلماء بوجه أخص أن ينهوا الناس عما حرم هللا عليهم وأن يأخذوا على أيدي الجهلة والسفهاء حتى يستقيموا على الطريق السوي الذي شرعه هللا لعباده ،وبذلك تصلح األحوال والمجتمعات ويظهر حكم اإلسالم وتختفي أمور الجاهلية ،وإنما المشروع أن يصنع ألهل الميت طعام يبعث إليهم من جيرانهم أو أقاربهم ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه قال ألهله ( :اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) أخرجه اإلمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ،وأسأل هللا لنا ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق ،إنه جواد كريم. حكم إهداء أعمال البر للحي أو الميت س :لي والدة ال تقرأ وأحب أن أبرها ،وكثيرا ما أقرأ القرآن وأجعل ثوابه لها ،ولما سمعت أنه ال يجوز عدلت عن ذلك وأخذت أتصدق عنها بدراهم ،وهي اآلن حية على قيد الحياة ،فهل يصل ثواب الصدقة من مال وغيره إليها سواء كانت حية أو ميتة ،أم ال يصل إال الدعاء ،حيث لم يرد إال ذلك كما في الحديث ( :إذا مات العبد انقطع عمله إال من ثالث) وذكر( :ولد صالح يدعو له) ؟ ، وهل اإلنسان إذا كان كثير الدعاء لوالديه في الصالة وغيرها قائما وقاعدا يشهد له الحديث بأنه صالح ويرجى له خير عند هللا ؟ أرجو اإلفادة ولكم من هللا الثواب الجزيل. ج :أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى الميت على قولين ألهل العلم ،واألرجح أنها ال تصل لعدم الدليل ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يفعلها ألمواته من المسلمين كبناته الالتي ُمتْن في حياته عليه الصالة والسالم ،ولم يفعلها الصحابة رضي هللا عنهم وأرضاهم فيما علمنا ،فاألولى للمؤمن أن يترك ذلك وال يقرأ للموتى وال لألحياء وال يصلي لهم ،وهكذا التطوع بالصوم عنهم ؛ ألن ذلك كله ال دليل عليه ،واألصل في العبادات التوقيف إال ما ثبت عن هللا سبحانه أو عن رسوله صلى هللا عليه وسلم شرعيته .أما الصدقة فتنفع الحي والميت بإجماع المسلمين ،وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين ،وإنما جاء الحديث بما يتعلق بالميت ؛ ألنه هو محل اإلشكال :هل يلحقه أم ال يلحقه ؟ فلهذا جاء الحديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له) لما كان من المعلوم أن الموت تنقطع به األعمال بَيَّ َن الرسول صلى هللا عليه وسلم أن هذا ال ينقطع ،وأما الحي فال شك فيه أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ،فالذي يدعو لوالديه وهم أحياء ينتفعون بدعائه ،وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم ، وهكذا الحج عنهم إذا كانوا عاجزين لكبر أو مرض ال يرجى برؤه فإنه ينفعهم ذلك ،ولهذا ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم :أن امرأة قالت يا رسول هللا إن فريضة هللا في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا ال يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال (حجي عنه) وجاءه رجل آخر فقال :يا رسول هللا إن أبي شيخ كبير ال يستطيع الحج وال الظعن أفأحج عنه وأعتمر ؟ قال (حج عن أبيك واعتمر) فهذا يدل على أن الحج عن الميت أو الحي العاجز لكبر سنه أو المرأة العاجزة لكبر سنها جائز ،فالصدقة والدعاء والحج عن الميت أو العمرة عنه وكذلك عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع أهل العلم ،وهكذا الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب سواء كان عن نذر أو كفارة أو عن صوم رمضان لعموم قوله صلى هللا عليه وسلم ( :من مات وعليه صيام صام عنه وليه) متفق على صحته ،وألحاديث أخرى في المعنى ،لكن من تأخر في صوم رمضان بعذر شرعي كمرض أو سفر ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء فال قضاء عنه وال إطعام ؛ لكونه معذورا .وأنت أيها السائل على خير إن شاء هللا في إحسانك إلى والديك بالصدقة عنهما والدعاء لهما ، وال سيما إذا كان الولد صالحا ،فهو أقرب إلى إجابة الدعاء ،لذلك قال الرسول صلى هللا عليه وسلم ( :أو ولد صالح يدعو له) ألن الولد الصالح أقرب إلى أن يجاب من الولد الفاجر ،وإن كان الدعاء مطلوبا من الجميع للوالدين ،ولكن إذا كان الولد صالحا صار أقرب في إجابة دعوته لوالديه. حكم قراءة القرآن للميت في داره س :هل قراءة القرآن للميت بأن نضع في منزل الميت أو داره مصاحف ويأتي بعض الجيران والمعارف من المسلمين فيقرأ كل واحد منهم جزءا مثال ثم ينطلق إلى عمله وال يعطى في ذلك أي أجر من المال ،وبعد انتهائه من القراءة يدعو للميت ويهدي له ثواب القرآن ،فهل تصل هذه القراءة والدعاء إلى الميت ويثاب عليها أم ال ؟ أرجو اإلفادة وشكرا لكم ،علما بأني سمعت بعض العلماء يقول بالحرمة مطلقا والبعض بالكراهة والبعض بالجواز . ج :هذا العمل وأمثاله ال أصل له ،ولم يحفظ عن النبي صلى هللا عليه وسلم وال عن أصحابه رضي هللا عنهم أنهم كانوا يقرءون للموتى ،بل قال النبي صلى هللا عليه وسلم ( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه وعلقه البخاري في الصحيح جازما به ،وفي الصحيحين عن عائشة رضي هللا عنها عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقول في خطبته يوم الجمعة : (أما بعد :فإن خير الحديث كتاب هللا ،وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم ،وشر األمور محدثاتها ،وكل بدعة ضاللة) زاد النسائي بإسناد صحيح ( :وكل ضاللة في النار) أما الصدقة للموتى والدعاء لهم فهو ينفعهم ويصل إليهم بإجماع المسلمين. وباهلل التوفيق وهللا المستعان. إحضار القراء المشاهير للقراءة للميت بدعة س :بعض الناس في قريتنا يقومون بإحضار مجموعة من المشايخ ممن لهم دراية بقراءة القرآن فيقرءون القرآن بحجة أن هذا القرآن ينفع الميت ويرحمه ،والبعض اآلخر يستدعي شيخا أو اثنين لقراءة القرآن على قبر هذا الميت ،والبعض اآلخر يقيمون محفال كبيرا يدعون فيه واحدا من القراء المشاهير عبر مكبرات الصوت ليحي الذكرى السنوية لوفاة عزيزه ،فما حكم الدين في ذلك ؟ وهل قراءة القرآن تنفع الميت على القبر أو غيره ؟ وما هي الطريقة المثلى لمنفعة الميت ؟ أفتونا جزاكم هللا عنا خير الجزاء، ولكم منا جزيل الشكر واالمتنان. ج :الحمد هلل ،وبعد :هذا العمل بدعة ال يجوز ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ،وقوله صلى هللا عليه وسلم ( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه ،واألحاديث في هذا المعنى كثيرة. ولم يكن من سنته صلى هللا عليه وسلم وال من سنة خلفائه الراشدين رضي هللا عنهم القراءة على القبور ،أو االحتفال بالموتى وذكرى وفاتهم ،والخير كله في اتباع الرسول صلى هللا عليه وسلم ،وخلفائه الراشدين ومن سلك سبيلهم ،كما قال هللا ص ِار َوالَّذ َ ِين ين َو ْاألَ ْن َ اج ِر َ ون ْاألَ َّولُ َ ون ِم َن ا ْل ُم َه ِ سابِقُ َ(وال َّعز وجل َ : ت ع ْنهُ َوأَ َ ع َّد لَ ُه ْم َجنَّا ٍ ضوا َ ع ْن ُه ْم َو َر ُ َّللاُ َ ان َر ِض َي َّس ٍ اتَّبَعُو ُه ْم بِ ِإ ْح َ ِين ِفي َها أَ َبدا ذَ ِلكَ ا ْلفَ ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم) وقال النبي تَ ْج ِري تَ ْحتَ َها ْاألَ ْن َه ُ ار َخا ِلد َ صلى هللا عليه وسلم ( :عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات األمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة) وصح عنه صلى هللا عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته يوم الجمعة : أما بعد( :فإن خير الحديث كتاب هللا ،وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم ،وشر األمور محدثاتها ،وكل بدعة ضاللة) واألحاديث في هذا المعنى كثيرة. وقد أوضح النبي صلى هللا عليه وسلم في األحاديث الصحيحة ما ينفع المسلم بعد موته فقال صلى هللا عليه وسلم : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له) خرجه مسلم في صحيحه ، وسأله صلى هللا عليه وسلم رجل فقال :يا رسول هللا هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما ؟ فقال صلى هللا عليه وسلم: (نعم الصالة عليهما ،واالستغفار لهما ،وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما ،وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما) والمراد بالعهد الوصية التي يوصي بها الميت ،فمن بره إنفاذها إذا كانت موافقة للشرع المطهر ،ومن بر الوالدين الصدقة عنهما ، والدعاء لهما ،والحج والعمرة عنهما .وهللا ولي التوفيق. حكم قراءة الفاتحة للميت وذبح المواشي له س :ما حكم قراءة الفاتحة للميت ،وذبح المواشي ،ودفع الفلوس إلى أهل الميت ؟ ج :التقرب إلى األموات بالذبائح أو بالفلوس أو بالنذور وغير ذلك من العبادات كطلب الشفاء منهم أو الغوث أو المدد شرك أكبر ال يجوز ألحد فعله ؛ ألن الشرك أعظم الذنوب وأكبر الجرائم ؛ لقول ُون ذَ ِلكَ ِل َم ْن َّللاَ ال يَ ْغ ِف ُر أَ ْن يُش َْركَ ِب ِه َويَ ْغ ِف ُر َما د َ هللا عز وجل ( :إِ َّن َّ علَ ْي ِه اَّللِ فَقَ ْد َح َّر َم َّ َّللاُ َ يَشَا ُء) ولقوله سبحانه ( :إِنَّهُ َم ْن يُش ِْر ْك ِب َّ (ولَ ْو أَش َْركُوا لَ َح ِب َط ار) اآلية ،وقوله تعالى َ : ا ْل َجنَّةَ َو َمأ ْ َوا ُه النَّ ُ ون) واآليات في هذا المعنى كثيرة ،فالواجب ع ْن ُه ْم َما كَانُوا يَ ْع َملُ َ َ إخالص العبادة هلل وحده سواء كانت ذبحا أو نذرا أو دعاء أو صالة أو صوما أو غير ذلك من العبادات ،ومن ذلك التقرب إلى أصحاب القبور بالنذور أو بالطعام لآليات السابقة ولقوله ب ا ْل َعالَ ِم َ ين اي َو َم َماتِي ِ ََّّللِ َر ِس ِكي َو َم ْحيَ َ صالتِي َونُ ُ سبحانه(:قُ ْل ِإ َّن َ ين) أما إهداء الفاتحة أو ال ش َِريكَ لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ س ِل ِم َ غيرها من القرآن إلى األموات فليس عليه دليل فالواجب تركه ؛ ألنه لم ينقل عن النبي صلى هللا عليه وسلم وال عن أصحابه رضي هللا عنهم ما يدل على ذلك ،لكن يشرع الدعاء لألموات والصدقة عنهم وذلك باإلحسان إلى الفقراء والمساكين ،يتقرب العبد بذلك إلى هللا سبحانه ويسأله أن يجعل ثواب ذلك ألبيه أو أمه أو غيرهما من األموات أو األحياء ؛ لقول النبي عليه الصالة والسالم ( :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) وألنه ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أن رجال قال له :يا رسول هللا إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال( :نعم) متفق على صحته ،وهكذا الحج عن الميت والعمرة عنه وقضاء دينه كل ذلك ينفعه حسب ما ورد في األدلة الشرعية ،أما إن كان السائل يقصد اإلحسان إلى أهل الميت والصدقة بالنقود والذبائح فهذا ال بأس به إذا كانوا فقراء ،واألفضل أن يصنع الجيران واألقارب الطعام في بيوتهم ثم يهدوه إلى أهل الميت ؛ ألنه ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه لما بلغه موت ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه في غزوة مؤتة أمر أهله أن يصنعوا ألهل جعفر طعاما وقال( :ألنه قد أتاهم ما يشغلهم) وأما كون أهل الميت يصنعون طعاما للناس من أجل الميت فهذا ال يجوز وهو من عمل الجاهلية سواء كان ذلك يوم الموت أو في اليوم الرابع أو العاشر أو على رأس السنة كل ذلك ال يجوز ؛ لما ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي أحد أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ( :كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) أما إن نزل بأهل الميت ضيوف زمن العزاء فال بأس أن يصنعوا لهم الطعام من أجل الضيافة ،كما أنه ال حرج على أهل الميت أن يدعوا من شاءوا من الجيران واألقارب ليتناولوا معهم ما أهدي لهم من الطعام .وهللا ولي التوفيق. ليس هناك دليل يدل على استحباب قراءة القرآن للموتى س :هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت ،وما هو نص الحديث الذي فيه :يا رسول هللا ماذا بقي من بر والدي بعد موتهما ؟ ج :ليس على قراءة القرآن للموتى دليل يدل على استحبابها فيما نعلم ،فاألحوط ترك ذلك واالكتفاء بما شرع هللا من الدعاء لهم والصدقة عنهم وغير ذلك مما ثبت في الشرع المطهر كالحج والعمرة وقضاء الدين فإن هذا ينفعه ،أما الحديث الذي سألت عنه فلفظه إن رجال قال يا رسول هللا هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به؟ قال( :نعم الصالة عليهما ،واالستغفار لهما ،وإنفاذ عهدهما من بعدهما ،وإكرام صديقهما ،وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما) ويقول صلى هللا عليه وسلم ( :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ,أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم في صحيحه. وفي الصحيحين أن رجال قال للنبي صلى هللا عليه وسلم :يا رسول هللا إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال النبي صلى هللا عليه وسلم( :نعم) حكم إهداء قراءة القرآن الكريم لروح الرسول صلى هللا عليه وسلم س :ما حكم إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى هللا عليه وسلم أو لغيره ؟ ج :إهداء قراءة القرآن الكريم لروح الرسول صلى هللا عليه وسلم واألموات ال أصل له وليس بمشروع ،وال فعله الصحابة رضي هللا عنهم ،والخير في اتباعهم؛ وألن الرسول صلى هللا عليه وسلم يعطى مثل أجورنا عما فعلناه من الخير فله مثل أجورنا ؛ ألنه الدال عليه ،عليه الصالة والسالم ،وقد قال عليه الصالة والسالم : (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) فهو الذي دل أمته على الخير وأرشدهم إليه ،فإذا قرأ اإلنسان أو صلى أو صام أو تصدق ،فالرسول يعطى مثل أجور هؤالء من أمته ؛ ألنه هو الذي دلهم على الخير وأرشدهم إليه عليه الصالة والسالم ،فال حاجة به إلى أن تهدى له القراءة أو غيرها ؛ ألن ذلك ليس له أصل ،كما تقدم ، وقد قال صلى هللا عليه وسلم : (من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وهكذا القراءة لألموات أيضا ليس لها أصل والواجب ترك ذلك. أما الصدقة عن أموات المسلمين والدعاء لهم ،فكل ذلك مشروع ، كما قال هللا عز وجل في صفة عباده الصالحين التابعين للسلف ون َربَّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا ِين َجا ُءوا ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم يَقُولُ َ (والَّذ َ الصالح َ : ان) وقد شرع هللا صالة الجنازة س َبقُونَا ِب ْ ِ اإلي َم ِ َو ِ ِإل ْخ َوا ِننَا الَّذ َ ِين َ للدعاء والترحم عليهم ،وهكذا الصدقة عن الميت تنفعه كما صحت بذلك األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وهكذا الحج عنهم ،والعمرة ،وقضاء الدين ،كل ذلك ينفع الميت المسلم. حكم قراءة الفاتحة على جميع األموات واألحياء بعد الصالة س :هل تجوز قراءة الفاتحة على جميع األموات واألحياء – أعني األنبياء والشهداء واألولياء وسائر المؤمنين واألقارب – بعد االنتهاء من الصالة أو في أي وقت آخر ؟ ج :ليس لهذا أصل في الشرع المطهر ،ولم تشرع قراءة الفاتحة ألحد ؛ ألن هذا لم يرد عنه صلى هللا عليه وسلم وال عن الصحابة ، فال أصل له .وقال بعض أهل العلم ال مانع من تثويب القراءة للنبي صلى هللا عليه وسلم وغيره ،ولكنه قول ال دليل عليه ،واألحوط ترك ذلك ؛ ألن العبادات توقيفية ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) .ولكن ينبغي اإلكثار من الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم والدعاء للوالدين واألقارب ،فالدعاء ينفع. أما قراءة الفاتحة أو غيرها من القرآن للنبي صلى هللا عليه وسلم أو لغيره فغير مشروعة في أصح قولي العلماء ؛ للحديث المذكور ،وهو قوله صلى هللا عليه وسلم( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وهللا ولي التوفيق. حكم قضاء الصالة عن الميت س :هل تجوز الصالة عن الميت للفروض التي لم يصلها ؟ ج :الصالة عن الميت ال تجوز ،وليس لذلك أصل ، وإنما جاء ذلك في الصيام والحج وقضاء الدين والصدقة والدعاء ،أما الصالة عنه فال أصل لها. المصحف ينتفع به الميت إذا جعله وقفا ورث الميت مصحفا ينال أجرا عند تالوة أبنائه فيه ؟ س :هل إذا َّ ج :المصحف إذا خلفه الميت فهو ينفعه إذا وقفه -أي جعله وقفا- ينفعه أجره ،كما لو وقف كتبا للعلم المفيد ؛ علم الشرع ،أو علم مباح ينتفع به الناس ،فإنه يؤجر على ذلك ؛ ألنه إعانة على خير ،كما لو وقف أرضا أو بيتا أو دكانا يتصدق بغلته على الفقراء ، أو تبرع للمساجد ،كل هذا يؤجر عليه .وقد قال عليه الصالة والسالم في الحديث الصحيح ( :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له) فالصدقات الجارية تنفع الميت إذا كان مسلما ،وينفعه دعاء أوالده ودعاء غيرهم ،وينفعه الوقف الذي يوقفه بعده في سبيل الخير ،من بيت أو أرض أو دكان أو نخيل ،أو أشباه ذلك ، فينتفع هو بهذا الوقف إذا انتفع به الناس ،أكلوا من ثمرته وانتفعوا بثمرته ،أو صرفت ثمرته في مساجد المسلمين إلصالحها في فرشها ،أو عمارتها. زيارة القبور زيارة القبور ثالثة أنواع س :ما حكم الدين اإلسالمي في زيارة القبور والتوسل باألضرحة وأخذ خروف وأموال للتوسل بها كزيارة السيد البدوي والحسين والسيدة زينب ؟ أفيدونا أفادكم هللا . ج :زيارة القبور نوعان : أحدهما :مشروع ومطلوب ألجل الدعاء لألموات والترحم عليهم وألجل تذكر الموت واإلعداد لآلخرة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان يزورها صلى هللا عليه وسلم ،وهكذا أصحابه رضي هللا عنهم ،وهذا النوع للرجال خاصة ال للنساء ،أما النساء فال يشرع لهن زيارة القبور ، بل يجب نهيهن عن ذلك ؛ ألنه قد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لعن زائرات القبور من النساء ،وألن زيارتهن للقبور قد يحصل بها فتنة لهن أو بهن مع قلة الصبر وكثرة الجزع الذي يغلب عليهن، وهكذا ال يشرع لهن اتباع الجنائز إلى المقبرة ؛ لما ثبت في الصحيح عن أم عطية رضي هللا عنها قالت ( :نهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزم علينا) فدل ذلك على أنهن ممنوعات من اتباع الجنائز إلى المقبرة ؛ لما يخشى في ذلك من الفتنة لهن وبهن ، وقلة الصبر. سو ُل (و َما آتَا ُك ُم َّ الر ُ واألصل في النهي التحريم ؛ لقول هللا سبحانهَ : ع ْنهُ فَا ْنتَ ُهوا) أما الصالة على الميت فمشروعةفَ ُخذُو ُه َو َما نَ َها ُك ْم َ للرجال والنساء ،كما صحت بذلك األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعن الصحابة رضي هللا عنهم في ذلك .أما قول أم عطية رضي هللا عنها ( :لم يُعزم علينا) فهذا ال يدل على جواز اتباع الجنائز للنساء ؛ ألن صدور النهي عنه صلى هللا عليه وسلم كاف في المنع ،وأما قولها :لم يعزم علينا فهو مبني على اجتهادها وظنها ،واجتهادها ال يعارض بها السنة. النوع الثاني :بدعي ،وهو زيارة القبور لدعاء أهلها واالستغاثة بهم أو للذبح لهم أو للنذر لهم ،وهذا منكر وشرك أكبر -نسأل هللا العافية -ويلتحق بذلك أن يزوروها للدعاء عندها والصالة عندها والقراءة عندها ،وهذا بدعة غير مشروع ومن وسائل الشرك ،فصارت في الحقيقة ثالثة أنواع : النوع األول :مشروع ،وهو أن يزوروها للدعاء ألهلها أو لتذكر اآلخرة. النوع الثاني :أن تزار للقراءة عندها أو للصالة عندها أو للذبح عندها فهذه بدعة ومن وسائل الشرك. النوع الثالث :أن يزوروها للذبح للميت والتقرب إليه بذلك ،أو لدعاء الميت من دون هللا ،أو لطلب المدد منه أو الغوث أو النصر ،فهذا شرك أكبر -نسأل هللا العافية -فيجب الحذر من هذه الزيارات المبتدعة .وال فرق بين كون المدعو نبيا أو صالحا أو غيرهما. ويدخل في ذلك ما يفعله بعض الجهال عند قبر النبي صلى هللا عليه وسلم من دعائه واالستغاثة به ،أو عند قبر الحسين أو البدوي أو الشيخ عبد القادر الجيالني أو غيرهم .وهللا المستعان. حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وآله وصحبه ،أما بعد :فقد سئلت عن حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور ،فأجبت بما يلي : إذا كانت الزيارة لسؤال الموتى والتقرب إليهم بالذبائح والنذر لهم واالستغاثة بهم ودعوتهم من دون هللا فهذا شرك أكبر ،وهكذا ما يفعلونه مع من يسمونهم باألولياء ،سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، حيث يعتقدون فيهم أنهم ينفعونهم أو يضرونهم أو يجيبون دعوتهم أو يشفون مرضاهم ،كل هذا شرك أكبر والعياذ باهلل، وهذا كعمل المشركين مع الالت والعزى ومناة ،ومع أصنامهم وآلهتهم األخرى. والواجب على والة األمر والعلماء في بالد المسلمين أن ينكروا هذا العمل ،وأن يعلموا الناس ما يجب عليهم من شرع هللا ،وأن يمنعوا هذا الشرك ،وأن يحولوا بين العامة وبينه ،وأن يهدموا القباب التي على القبور ويزيلوها ؛ ألنها فتنة ،وألنها من أسباب الشرك ،وألنها محرمة ،فالرسول صلى هللا عليه وسلم نهى أن يبنى على القبور ،وأن تجصص ،وأن يقعد عليها ،وأن يصلى إليها ،ولعن من اتخذ عليها المساجد ،فال يجوز البناء عليها ،ال مساجد وال غيرها ،بل يجب أن تكون بارزة ليس عليها بناء ،كما كانت قبور المسلمين في المدينة المنورة ،وفي كل بلد إسالمي لم يتأثر بالبدع واألهواء. أما زيارة القبور للذكرى والدعاء للموتى والترحم عليهم فذلك سنة في حق الرجال من دون شد رحل ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) خرجه مسلم في صحيحه .وكان عليه الصالة والسالم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا( :السالم عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين) وخرج الترمذي رحمه هللا عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال :مر النبي صلى هللا عليه وسلم على قبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال( :السالم عليكم يا أهل القبور يغفر هللا لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن باألثر) واألحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه ،عن النبي صلى هللا عليه وسلم ،أنه قال( :ال تشدوا الرحال إال إلى ثالثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد األقصى) وهللا ولي التوفيق ،وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. ال يجوز التبرك باألموات س :مات عندنا في البلد رجل وجاء خبر وفاته في النهار ورأينا نساء مسنات من البلد يذهبن إلى بيته وهو مسجى بعد تكفينه وسط النساء وهن حوله فسألناهن لم تذهبن عنده؟ قلن نتبارك به، فما حكم عملهن هذا ؟ وهل هو سنة ؟ ج :هذا العمل ال يجوز ،بل هو منكر ؛ ألنه ال يجوز ألحد أن يتبرك باألموات أو قبورهم ،وال أن يدعوهم من دون هللا أو يسألهم قضاء حاجة أو شفاء مريض أو نحو ذلك ؛ ألن العبادة حق هللا وحده ،ومنه تطلب البركة ،وهو سبحانه الموصوف بالتبارك اناركَ الَّذِي نَ َّز َل ا ْلفُ ْرقَ َ ،كما قال عز وجل في سورة الفرقان( :تَبَ َ اركَ الَّذِي بِيَ ِد ِه ُون ِل ْلعَالَ ِم َ ين نَذِيرا) وقال سبحانه ( :تَبَ َ علَى َ ع ْب ِد ِه ِليَك َ َ ا ْل ُم ْلكُ ) ومعنى ذلك أنه سبحانه بلغ النهاية في العظمة والبركة ، أما العبد فهو مبارك – بفتح الراء -إذا هداه هللا وأصلحه ونفع به العباد ،كما قال عز وجل عن عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه الصالة والسالم ( :قَا َل ِإنِي اركا أَ ْي َن َما ُك ْنتُ ) وهللا َّللاِ آتَانِ َي ا ْل ِكتَ َ اب َو َجعَلَنِي نَ ِبياا َو َجعَلَنِي ُمبَ َ ع ْب ُد َّ َ ولي التوفيق. الزيارة الشرعية للقبور س :سائل يسأل عن أولئك الذين يزورون القباب وقبور بعض الصالحين ما هو توجيهكم ؟ ج :يجب أن يعلَّموا الزيارة الشرعية ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا( :السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم لالحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) وفي حديث آخر قال ( :السالم عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء هللا بكم الحقون اللهم اغفر ألهل بقيع الغرقد) وفي حديث آخر قال عليه الصالة والسالم ( :يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين يغفر هللا لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن باألثر) وبهذه األحاديث وما جاء في معناها واألحاديث تعلم الزيارة الشرعية والمقصود منها أن يدعى للموتى ،ويتذكر الزائر الموت واآلخرة لقوله صلى هللا عليه وسلم ( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) أما وضع القباب على القبور والمساجد فال يجوز ،لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ولقوله عليه الصالة والسالم لعلي رضي هللا عنه ( :ال تدع صورة إال طمستها وال قبرا مشرفا إال سويته) وصح عنه عليه الصالة والسالم في حديث جابر رضي هللا عنه (أنه نهى عليه الصالة والسالم عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها) .أخرجه مسلم في صحيحه. فالقبور ال يجوز البناء عليها وال يتخذ عليها مساجد وال قباب وال يجوز تجصيصها وال القعود عليها كل هذا ممنوع وال يجوز أن تكسى بالستور وإنما يرفع القبر قدر شبر ليعرف أنه قبر حتى ال يمتهن وال يوطأ .فالواجب على كل من لديه علم أن يبلغ إخوانه ويعلمهم .وهذا هو واجب العلماء عليهم أن يعلموا الناس ما شرعه هللا والمؤمن يتعلم من العلماء ويعلم من يأتي القبور يقول لهم :إن الزيارة الشرعية كذا وكذا وإن البناء على القبور أو سؤال الميت أو التبرك بتراب القبر أو تقبيل القبر أو الصالة عنده كل هذا من البدع فال يصلى عند القبور وال تتخذ محال للدعاء أو القراءة عندها وكل هذا من البدع ،أما طلب البركة منها أو الشفاعة منها أو الشفاء للمرضى فهذا من أنواع الشرك األكبر ، فإذا قال :يا سيدي فالن اشفع لي إلى هللا ،أو يقول للميت : انصرني أو اشف مريضي ونحو ذلك هذا ال يجوز ؛ ألن الميت انقطع عمله بعد موته إال من ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له .أما أن يطلب منه شفاء المرضى أو النصر على األعداء أو الشفاعة إلى ربه بكذا فهذا من الشرك األكبر وال يجوز طلبه من الموتى وإنما يطلب ذلك من هللا تعالى فيقول ( :للهم اشفني ،اللهم أعطني كذا ، في نبيك محمدا صلى هللا عليه شفع َّ في أنبياءك ،اللهم ِ شفع َّ اللهم ِ في المالئكة والمؤمنين) فهذا ال بأس به ،ألنه شفع َّ وسلم ،اللهم ِ طلب من هللا جل وعال. والخالصة أن المسلمين ينصح بعضهم بعضا ويعلم بعضهم بعضا في أمر الشرع ،والعلماء عليهم في ذلك التوجيه للعامة إلى شرع هللا جل وعال ،ومن ذلك أن يعلموا الزيارة الشرعية للقبور التي جاءت في األحاديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم والتي تقدم بيانها ،ويعلموا أنه ال يجوز البناء على القبور وال وضع القباب وال المساجد عليها ،وأنها ال تجصص وال يقعد عليها وال تتخذ محال للدعاء عندها أو الصالة عندها أو القراءة عندها ،كل هذه األمور من البدع ومن وسائل الشرك األكبر .وهللا ولي التوفيق . حديث :من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة ال أصل له س :زيارة القبور أمثال اإلمام علي رضي هللا عنه والحسين والعباس وغيرهم ،وهل الزيارة إليهم تعدل سبعين حجة إلى بيت هللا الحرام ؟ وهل قال الرسول صلى هللا عليه وسلم ( :من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة) ؟ نرجو أن تفيدونا جزاكم هللا خيرا . ج :زيارة القبور سنة ،وفيها عظة وذكرى ،وإذا كانت القبور من قبور المسلمين دعا لهم .وكان النبي عليه الصالة والسالم يزور القبور ويدعو للموتى ،وكذا أصحابه رضي هللا عنهم. ويقول الرسول عليه الصالة والسالم ( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : (السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) وفي حديث عائشة ( :يرحم هللا المستقدمين والمستأخرين) وفي حديث ابن عباس ( :يغفر هللا لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن في األثر) فالدعاء لهم بهذا وأشباهه كله طيب ،وفي الزيارة ذكرى وعظة ؛ ليستعد المؤمن لما نزل بهم وهو الموت ،فإنه سوف ينزل به ما نزل بهم ،فليعد العدة ويجتهد في طاعة هللا وطاعة رسوله صلى هللا عليه وسلم ،ويبتعد عما حرم هللا ورسوله من سائر المعاصي ،ويلزم التوبة عما سلف من التقصير ،هكذا يستفيد المؤمن من الزيارة .أما ما ذكرت من زيارة القبور لعلي رضي هللا عنه والحسن والحسين أو غيرهم أنها تعدل سبعين حجة -فهذا باطل ومكذوب على الرسول صلى هللا عليه وسلم ،ليس له أصل ، وليست الزيارة لقبر النبي صلى هللا عليه وسلم -الذي هو أفضل الجميع -تعدل حجة .الزيارة لها حالها وفضلها ،لكن ال تعدل حجة ،فكيف بزيارة غيره عليه الصالة والسالم ؟ هذا من الكذب ، وهكذا قولهم :من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة كل هذا ال أصل له ،وكله باطل ،وكله مما كذبه الكذابون ،فيجب على المؤمن الحذر من هذه األشياء الموضوعة المكذوبة على الرسول صلى هللا عليه وسلم . وإنما تسن الزيارة للقبور ،سواء كانت قبور أهل البيت أو غيرهم من المسلمين ،يزورهم ويدعو لهم ويترحم عليهم وينصرف. أما إن كانت القبور للكفار فإن زيارتها للعظة والذكرى من دون أن يدعو لهم ،كما زار النبي صلى هللا عليه وسلم قبر أمه ،ونهاه ربه سبحانه أن يستغفر لها ،زارها للعظة والذكرى ولم يستغفر لها .وهكذا القبور األخرى -قبور الكفرة -إذا زارها المؤمن للعظة والذكرى فال بأس ،ولكن ال يسلم عليهم وال يستغفر لهم ؛ ألنهم ليسوا أهال لذلك. حكم زيارة قبر سيدنا الحسين -رضي هللا عنه -وموضعه س :يقول السائل :كثر كالم الناس واختلف حول قبر سيدنا الحسين أين مكانه ،وهل يستفيد المسلمون من معرفة مكانه بالتحديد ؟ ج :بالواقع قد اختلف الناس في ذلك ،فقيل :إنه دفن في الشام ، وقيل :في العراق ،وهللا أعلم بالواقع .أما رأسه فاختلف فيه ؛ فقيل :في الشام ،وقيل في العراق ،وقيل :في مصر .والصواب أن الذي في مصر ليس قبرا له ،بل هو غلط وليس به رأس الحسين ،وقد ألف في ذلك بعض أهل العلم ، وبينوا أنه ال أصل لوجود رأسه في مصر وال وجه لذلك ،وإنما األغلب أنه في الشام ؛ ألنه نقل إلى يزيد بن معاوية وهو في الشام ،فال وجه للقول بأنه نقل إلى مصر ،فهو إما حفظ في الشام في مخازن الشام ،وإما أعيد إلى جسده في العراق .وبكل حال فليس للناس حاجة في أن يعرفوا أين دفن وأين كان ،وإنما المشروع الدعاء له بالمغفرة والرحمة ،غفر هللا له ورضي عنه ،فقد قتل مظلوما فيدعى له بالمغفرة والرحمة ،ويرجى له خير كثير ،وهو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة ،كما قال ذلك النبي صلى هللا عليه وسلم ،رضي هللا عنهما وأرضاهما ،ومن عرف قبره وسلم عليه ودعا له فال بأس ،كما تزار القبور األخرى ،من غير غلو فيه وال عبادة له ،وال يجوز أن تطلب منه الشفاعة وال غيرها ، كسائر األموات ؛ ألن الميت ال يطلب منه شيء وإنما يدعى له ويترحم عليه إذا كان مسلما ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم : (زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) فمن زار قبر الحسين أو الحسن أو غيرهما من المسلمين للدعاء لهم والترحم عليهم واالستغفار لهم كما يفعل مع بقية قبور المسلمين -فهذا سنة ،أما زيارة القبور لدعاء أهلها أو االستعانة بهم أو طلبهم الشفاعة -فهذا من المنكرات ،بل من الشرك األكبر ، وال يجوز أن يبنى عليها مسجد وال قبة وال غير ذلك ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم قال ( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته ،ولما رواه جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما في الصحيح عن النبي صلى هللا عليه وسلم (أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها) فال يجوز أن يجصص القبر أو يطيب أو توضع عليه الستور أو يبنى عليه ،فكل هذا ممنوع ومن وسائل الشرك ،وال يصلى عنده ؛ لقول النبي عليه الصالة والسالم ( :أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه ،وهذا الحديث يدل على أنه ال تجوز الصالة عند القبور وال اتخاذها مساجد ؛ وألن ذلك وسيلة للشرك وأن يعبدوا من دون هللا بدعائهم واالستغاثة بهم والنذر لهم والتمسح بقبورهم طلبا لبركتهم ؛ فلهذا حذر النبي عليه الصالة والسالم من ذلك ،وإنما تزار القبور زيارة شرعية فقط ،للسالم عليهم والدعاء لهم والترحم عليهم من دون شد رحل لذلك ،وهللا هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل. الدعاء عند القبور غير مشروع من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم ع .م .ع. وفقه هللا ،آمين. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ،بعده: كتابكم الكريم المؤرخ في 1974 /3/3م وصل وصلكم هللا بهداه ، وما تضمنه كان معلوما ،ونبارك لكم في الزواج ،جعله هللا زواجا مباركا ،وقد ذكرتم في كتابكم أن ندعو لكم عند قبر الرسول عليه الصالة والسالم ،ونفيدكم أن الدعاء عند القبور غير مشروع ، سواء كان القبر قبر النبي صلى هللا عليه وسلم أو غيره ،وليست محال لإلجابة ،وإنما المشروع زيارتها والسالم على الموتى والدعاء لهم وذكر اآلخرة والموت .أحببنا تنبيهك على هذا حتى تكون على بصيرة. وفي إمكانك أن تراجع أحاديث الزيارة في آخر كتاب الجنائز من بلوغ المرام حتى تعلم ذلك ،وفقنا هللا وإياكم التباع السنة والعمل بما يرضي هللا سبحانه ويقرب لدينه ،والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. رئيس الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة عدم جواز الطلب إلى الميت س :يقول بعض الناس إن الطلب إلى الميت في القبر جائز ،بدليل إذا تحيرتم في األمور فاستعينوا بأهل القبور فهل هذا الحديث صحيح أم ال ؟ ج :هذا الحديث من األحاديث المكذوبة على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كما نبه على ذلك غير واحد من أهل العلم ،منهم شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمة هللا عليه ،حيث قال رحمه هللا في مجموع الفتاوى الجزء األول صفحة ( )356بعد ما ذكره -ما نصه « :هذا الحديث كذب مفترى على النبي صلى هللا عليه وسلم بإجماع العارفين بحديثه ،لم يروه أحد من العلماء بذلك ،وال يوجد في شيء من كتب الحديث المعتمدة » انتهى كالمه رحمه هللا. وهذا المكذوب على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مضاد لما جاء به الكتاب والسنة من وجوب إخالص العبادة هلل وحده وتحريم اإلشراك به ،وال ريب أن دعاء األموات واالستغاثة بهم والفزع إليهم في النائبات والكروب من أعظم الشرك باهلل عز وجل كما أن دعاءهم في الرخاء شرك باهلل سبحانه. وقد كان المشركون األولون إذا اشتدت بهم الكروب أخلصوا هلل العبادة ،وإذا زالت الشدائد أشركوا باهلل ،كما قال هللا عز وجل: ِين فَلَ َّما نَ َّجا ُه ْم إِلَى ين لَهُ الد َ (فَ ِإذَا َر ِكبُوا فِي ا ْلفُ ْل ِك َدع َُوا َّ َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ ا ْلبَ ِر إِذَا ُه ْم يُش ِْرك َ ُون) واآليات في هذا المعنى كثيرة .أما المشركون المتأخرون فشركهم دائم في الرخاء والشدة ،بل يزداد شركهم في الشدة والعياذ باهلل ، وذلك يبين أن كفرهم أعظم وأشد من كفر األولين من هذه الناحية ، ين لَهُ الد َ ِين (و َما أ ُ ِم ُروا إِال ِليَ ْعبُدُوا َّ َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ وقد قال هللا عز وجلَ : ِين َولَ ْو ك َِر َه ين لَهُ الد َ َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ ُحنَفَا َء) وقال سبحانه( :فَا ْدعُوا َّ ِين أَال ِ ََّّللِ الد ُ ِين َّللاَ ُم ْخ ِلصا لَهُ الد َ ون) وقال عز وجل( :فَا ْعبُ ِد َّ ا ْلكَا ِف ُر َ ِين تَ ْدع َ ُون ص) وقال سبحانه( :ذَ ِل ُك ُم َّ َّللاُ َربُّ ُك ْم لَهُ ا ْل ُم ْلكُ َوالَّذ َ ا ْل َخا ِل ُ س َمعُوا ُدعَا َء ُك ْم َولَ ْو ُون ِم ْن قِ ْط ِم ٍير إِ ْن تَ ْدعُو ُه ْم ال يَ ْ ِم ْن دُونِ ِه َما يَ ْم ِلك َ ون بِش ِْر ِك ُك ْم َوال يُنَبِئ ُكَستَ َجابُوا لَ ُك ْم َويَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َي ْكفُ ُر َ س ِمعُوا َما ا َْ ِمثْ ُل َخ ِب ٍير) وهاتان اآليتان تعم جميع من يعبد من دون هللا من األنبياء والصالحين وغيرهم ،وقد أوضح سبحانه أن دعاء المشركين لهم شرك به سبحانه ،كما بين أن ذلك كفر به سبحانه في قوله تعالى: ان لَهُ ِب ِه فَ ِإنَّ َما ِح َ سابُهُ ِع ْن َد َر ِب ِه َّللاِ إِلَها آ َخ َر ال بُ ْر َه َ (و َم ْن يَ ْد ُ ع َم َع َّ َ ون)إِنَّهُ ال يُ ْف ِل ُح ا ْلكَافِ ُر َ واآليات الدالة على وجوب إخالص العبادة هلل وحده وتوجيه الدعاء إليه دون كل ما سواه ،وعلى تحريم عبادة غيره سبحانه من األموات واألصنام واألشجار واألحجار ونحو ذلك كثيرة جدا ، يعلمها من تدبر كتاب هللا وقصد االهتداء به. وهللا المستعان وال حول وال قوة إال باهلل. حكم الذبح عند األضرحة ودعاء أهلها س :ما حكم التقرب بذبح الذبائح في أضرحة األولياء الصالحين وقول « :بحق وليِك الصالح فالن اشفنا أو أبعد عنا الكرب الفالني »؟ ج :من المعلوم باألدلة من الكتاب والسنة أن التقرب بالذبح لغير هللا من األولياء أو الجن أو األصنام أو غير ذلك من المخلوقات- شرك باهلل ومن أعمال الجاهلية والمشركين ،قال هللا عز وجل: ب ا ْل َعالَ ِم َ ين ال ش َِريكَ اي َو َم َما ِتي ِ ََّّللِ َر ِ س ِكي َو َم ْح َي َ صال ِتي َونُ ُ (قُ ْل ِإ َّن َ ين) والنسك هو :الذبح ،بيَّن لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ س ِل ِم َ سبحانه في هذه اآلية أن الذبح لغير هللا شرك باهلل كالصالة لغير هللا ،قال تعالىِ ( :إنَّا أَ ْع َط ْي َناكَ ا ْلك َْوثَ َر فَ َ ص ِل ِل َر ِبكَ َوا ْن َح ْر) أمر هللا سبحانه نبيه في هذه السورة الكريمة أن يصلي لربه وينحر له ، خالفا ألهل الشرك الذين يسجدون لغير هللا ويذبحون لغيره .وقال ضى َربُّكَ أَال تَ ْعبُدُوا ِإال ِإيَّا ُه) وقال سبحانه وتعالىَ : (و َما (وقَ َتعالىَ : ِين ُحنَفَا َء) واآليات في هذا ين لَهُ الد َ َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ أ ُ ِم ُروا ِإال ِليَ ْعبُدُوا َّ المعنى كثيرة. والذبح من العبادة ،فيجب إخالصه هلل وحده ،وفي صحيح مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم( :لعن هللا من ذبح لغير هللا) وأما قول القائل :أسأل هللا بحق أوليائه أو بجاه أوليائه أو بحق النبي أو بجاه النبي -فهذا ليس من الشرك ،ولكنه بدعة عند جمهور أهل العلم ومن وسائل الشرك ؛ ألن الدعاء عبادة وكيفيته من األمور التوقيفية ،ولم يثبت عن نبينا صلى هللا عليه وسلم ما يدل على شرعية أو إباحة التوسل بحق أو جاه أحد من الخلق ،فال يجوز للمسلم أن يحدث توسال لم يشرعه هللا سبحانه ؛ لقوله ِين َما لَ ْم يَأْذَ ْن ِب ِه) وقول تعالى( :أَ ْم لَ ُه ْم ش َُركَا ُء ش ََرعُوا لَ ُه ْم ِم َن الد ِ النبي صلى هللا عليه وسلم( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ،وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري في صحيحه جازما بها( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) ومعنى قوله :فهو رد أي مردود على صاحبه ال يقبل ،فالواجب على أهل اإلسالم التقيد بما شرعه هللا والحذر مما أحدثه الناس من البدع. أما التوسل المشروع فهو التوسل بأسماء هللا وصفاته وبتوحيده وباألعمال الصالحات ،ومنها اإليمان باهلل ورسوله ، ومحبة هللا ورسوله ،ونحو ذلك من أعمال البر والخير ,واألدلة سنَى (و ِ ََّّللِ ْاألَ ْ س َما ُء ا ْل ُح ْ على ذلك كثيرة ،منها :قوله سبحانهَ : فَا ْدعُوهُ بِ َها) ومنها :أنه صلى هللا عليه وسلم سمع رجال يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت هللا ال إله إال أنت األحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد » فقال صلى هللا عليه وسلم (لقد سأل هللا باسمه األعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب) أخرجه أهل السنن األربع وصححه ابن حبان. ومنها :حديث أصحاب الغار الذين توسلوا إلى هللا سبحانه وتعالى بأعمالهم الصالحة ،فإن األول منهم توسل إلى هللا سبحانه ببره بوالديه ،والثاني توسل إلى هللا بعفته عن الزنا بعد قدرته عليه ، والثالث توسل إلى هللا سبحانه بكونه ن َّمى أجرة األجير ثم سلمها له ،ففرج هللا كربتهم وقبل دعاءهم وأزال عنهم الصخرة التي سدت عليهم باب الغار ،والحديث متفق على صحته ،وهللا ولي التوفيق. فائدة فيما يتعلق بزيارة القبور والبناء عليها وتجصيصها ال شك أن موضوع زيارة القبور والبناء عليها وتجصيصها موضوع مهم ،والناس في حاجة دائمة لبيان ما شرع هللا في ذلك وما نهى هللا عنه حتى يكون الناس على بصيرة ،فإن القبور قد ابتلي الناس فيها منذ قديم الزمان ،من عهد نوح صلى هللا عليه وسلم ؛ فقد وقعت الفتنة بالموتى والغلو فيهم في زمن أول رسول أرسله هللا عز وجل إلى أهل األرض ،بعدما وقع فيهم الشرك- وهو نوح عليه السالم -ثم لم يزل الناس يقع منهم ما يقع من الفتن في القبور والغلو فيها والشرك بأهلها إلى يومنا هذا. فإن الناس كانوا قبل زمن نوح عليه الصالة والسالم على اإلسالم ،من عهد آدم عليه السالم إلى زمن نوح عليه الصالة والسالم عشرة قرون ،كما قال ابن عباس رضي هللا عنهما ،ثم إن الناس وقعوا في الشرك بعد ذلك بسبب الغلو في خمسة من الصالحين ماتوا في زمن متقارب يقال لهم :ود ،وسواع ،ويغوث ،ويعوق ، ونسر ؛ فعظم عليهم ذلك واشتدت بهم المصيبة بموت هؤالء األخيار منهم ،فجاءهم الشيطان وزين لهم أن يصوروا صورهم ،وأن ينصبوها في مجالسهم ،وقال لهم: هذا تذكار تذكرونهم به في عبادتهم وأحوالهم الطيبة حتى ال تنسوهم ،وتجتهدوا في العبادة كما اجتهدوا ،فأتاهم من باب النصح ،وقال بالتذكير بطاعة هللا عز وجل ،والخبيث له مقاصد أخرى فيما بعد ،فيهم أو فيمن بعدهم في آخر زمانهم وعند طول األمد ،فإنه اعتقد أن هؤالء إذا طال بهم األمد سوف تتغير حالهم ، وسوف يتغير اعتقادهم بهذه الصور ،أو من يأتي بعدهم من ذرياتهم .فوقع كما اعتقد الخبيث ،وكما ظن إذا طال األمد: عبدوهم من دون هللا ،أو عبدهم ذرياتهم من دون هللا ،كما ذكر العلماء ذلك رحمة هللا عليهم ،وأنزل هللا فيهم قوله جل وعال: وق وث َويَعُ َ (وقَالُوا ال تَذَ ُر َّن آ ِل َهتَ ُك ْم َوال تَذَ ُر َّن َوداا َوال ُ س َواعا َوال يَغُ َ َ ضلُّوا َكثِيرا) بين هللا سبحانه أنهم أضلوا كثيرا بسبب سرا َوقَ ْد أَ ََونَ ْ الشيطان وتزيينه لهم صور هؤالء الخمسة الصالحين حتى عبدوهم من دون هللا فاستغيث بهم وعظمت قبورهم ،وبني عليها ،إلى غير ذلك ،حتى بعث هللا نبيه خاتم النبيين عليه الصالة والسالم فبين للناس ما فعله من قبلهم وما فعله اليهود والنصارى مع األنبياء في هذا الصدد ،فقال( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وأخبرهم عما تفعله النصارى في شأن موتاها ،كما في الحديث الذي روته أم حبيبة وأم سلمة عن النبي صلى هللا عليه وسلم من قصة الكنيسة التي رأتاها في أرض الحبشة ،فقال فيها عليه الصالة والسالم( :أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) فبيَّن أن النصارى من عادتهم البناء على قبور صالحيهم ، ووضع الصور على تلك القبور ،ثم أخبر أنهم شرار الخلق عند هللا بسبب ذلك. وشرعت الزيارة للقبور ال للطواف بها والتبرك بها ؛ وإنما شرعت لتذكر الناس اآلخرة ،ولقاء هللا ،والزهد في الدنيا ،وأن الموت ال بد منه ،وأنه سوف يأتي عليه كما أتى على من قبله من األموات، وفي الزيارة إحسان إلى الموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم إذا كانوا مسلمين. ولقد استأذن الرسول صلى هللا عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه فأذن له لما في زيارتها من االعتبار والذكرى للموت واآلخرة .ولما استأذن في أن يستغفر لها لم يؤذن له ؛ ألنها ماتت على الجاهلية دين قومها ؛ فدل ذلك على أن القبور إذا كانت قبور كفار أو من قبور أهل الجاهلية فإنه ال يدعى لهم ،وال يستغفر لهم ،وال يسلم عليهم ،وإنما تزار للذكرى واالعتبار ،ولكن ال يسلم عليهم وال يدعى لهم ؛ ألنهم ماتوا على غير دين اإلسالم ،وقد قال سبحانه وتعالىَ ( :ما ك َ َان ين َولَ ْو كَانُوا أُو ِلي قُ ْربَىستَ ْغ ِف ُروا ِل ْل ُمش ِْر ِك َِين آ َمنُوا أَ ْن يَ ْ ِللنَّبِي ِ َوالَّذ َ اب ا ْل َج ِح ِيم) ص َح ُِم ْن َب ْع ِد َما تَ َبيَّ َن لَ ُه ْم أَنَّ ُه ْم أَ ْ فالسنة أن يقول الزائر إذا زار مقابر المسلمين( :السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) وفي لفظ آخر( :يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين) وكان إذا زار القبور صلى هللا عليه وسلم يدعو لهم ويستغفر لهم ، ولما زار البقيع قال( :اللهم اغفر ألهل بقيع الغرقد) وإذا زار الشهداء دعا لهم ،وهذه هي السنة في زيارة القبور. وقد نهى صلى هللا عليه وسلم عن زيارة القبور في أول األمر ،لما كان الناس حديثي عهد بالجاهلية والكفر ،وقد كانوا اعتادوا الغلو في الموتى ودعاءهم واالستغاثة بهم ،فمنعهم صلى هللا عليه وسلم عن الزيارة ؛ لئال يبقى في قلوبهم تعلق بالشرك باهلل عز وجل ،ولئال تقع منهم أشياء ال ترضي هللا ؛ ألنهم حدثاء عهد بعبادة القبور وتعظيمها. ولما استقر التوحيد في قلوب المسلمين ،وعرفوا معنى الشهادتين ،وعرفوا شريعة هللا ،أذن لهم بزيارة القبور بعد ذلك ؛ لما فيها من المصلحة والتذكر لآلخرة ،ولقاء هللا عز وجل ،والزهد في الدنيا ،واالستعداد للموت ،وأن ما أصاب هؤالء الموتى سيصيبك ،مع ما فيها من اإلحسان إلى الموتى بالدعاء واالستغفار لهم. وقد كانت القبور في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم ترفع عن األرض قدر شبر ،وليس هناك بناء عليها وال تجصيص وال قباب ،هكذا كان الحال في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم وعهد أصحابه والقرون المفضلة ،ثم غير الناس بعد ذلك ،وبنوا على القبور وجصصوها وفرشوها تقليدا لليهود والنصارى إال من رحم هللا ،وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم( :لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول هللا اليهود والنصارى؟ قال فمن) متفق على صحته ،والمعنى فمن المعني إال أولئك؟ فلهذا وقع ما وقع ،قلدوا اليهود والنصارى بالبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب وفرشها حتى حدث الغلو فيها ،وحتى عبدها الناس من دون هللا وطافوا بها وطلبوا منها المدد من دون هللا فوقع الشرك من األكثرين .وكثير من العامة الذين ال بصيرة لهم يدعونها ويطلبون منها المدد والغوث وشفاء المرضى والنصر على األعداء ،وهذا هو الشرك باهلل جل وعال .قال تعالى في سورة فاطر( :ذَ ِل ُك ُم ُون ِم ْن قِ ْط ِم ٍير ُون ِم ْن دُونِ ِه َما يَ ْم ِلك َ ِين تَ ْدع َ َّللاُ َربُّ ُك ْم لَهُ ا ْل ُم ْلكُ َوالَّذ َ َّ ستَ َجابُوا لَ ُك ْم َو َي ْو َم س ِمعُوا َما ا ْس َمعُوا ُدعَا َء ُك ْم َولَ ْو َِإ ْن تَ ْدعُو ُه ْم ال َي ْ ون ِبش ِْر ِك ُك ْم َوال يُنَ ِبئ ُكَ ِمثْ ُل َخ ِب ٍير) وهو ما وقع في ا ْل ِقيَا َم ِة يَ ْكفُ ُر َ الناس اليوم ،فكثير منهم ممن يعرفون بالشيعة وغيرهم يدعون الحسين بن علي ،ويدعون الرسول صلى هللا عليه وسلم أيضا من مكان بعيد ،ويدعون عليا رضي هللا عنه ،وكل هذا من الجهل العظيم ،فيقولون :الغوث الغوث ،المدد المدد ،النصر على األعداء ،وأنت تعرف ما جرى في األمة وما جرى فينا ،فأسعفونا وأغيثونا وانصرونا ،إلى غير ذلك ،ينسون هللا ويدعون هؤالء األموات ،وإذا اشتدت األمواج في البحار كذلك يسألون الموتى ويصرخون بهم إلنقاذهم من الغرق .والمشركون األولون أقل شركا من هؤالء ،كان األولون إذا نزلت بهم الشدة استغاثوا باهلل وحده وأفردوا له العبادة ،كما قال سبحانه( :فَ ِإذَا َر ِكبُوا فِي ا ْلفُ ْل ِك ِين فَلَ َّما نَ َّجا ُه ْم إِلَى ا ْلبَ ِر إِذَا ُه ْم يُش ِْرك َ ُون) ين لَهُ الد َ َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ َدع َُوا َّ هذه حال األولين من المشركين ،كأبي جهل وأشباهه ،أما هؤالء المتأخرون -عباد القبور عباد األموات -فشركهم دائم في الرخاء والشدة جميعا. ومما وقع في الناس أيضا اإليقاد عند الموتى في المقابر ،وهذا ال أصل له ،وما جاء فيه من األخبار فهو موضوع ال أساس له ،وال أساس للقراءة على الموتى في المقابر ،كل هذا باطل ،كذلك القراءة عند دفن الميت .وبعضهم أحدث بدعة أخرى ،وهي بدعة األذان واإلقامة في القبر ،إذا حفروه نزلوا فأذنوا وأقاموا فيه ثم جعلوا الميت فيه بعد ذلك ،وهي بدعة جديدة ال أساس لها ،وكذلك التلقين ،تلقين الميت بعد إنزاله في القبر ودفنه بقولهم :يا فالن ابن فالنة ،فإن لم تُعرف أمه قالوا :يا فالن ابن حواء ،اذكر ما كنت عليه في الدنيا ،شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا ،إلى آخره. وهذا ال أصل له ،واألخبار فيه موضوعة ال أساس لها ،وإنما فعلها بعض أهل الشام بعد انقراض القرن األول ،وليس في قول أحد أو فعله حجة فيما يخالف سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وإنما المشروع الذي فعله الرسول صلى هللا عليه وسلم أنه إذا فرغ الناس من دفن الميت أن يدعى له بالتثبيت والمغفرة ،والسنة للمشيعين أن ال يعجلوا باالنصراف حتى يفرغ من دفن الميت ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها وحتى يفرغ من دفنها فإنه يرجع من األجر بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) يعني من األجر ،فدل على أن المشيع يبقى مع الجنازة حتى يفرغ من دفنها ،وكان صلى هللا عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال( :استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) هذه هي السنة ،ولم يكن يلقنه ،فالتلقين يكون قبل الموت ما دام حيا وظهرت عليه أمارات الموت ،فإنه يلقن بأن يقول :ال إله إال هللا ،أو يذكرون هللا عنده حتى يقولها ويختم له بها ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من كان آخر كالمه ال إله إال هللا دخل الجنة) ولقوله صلى هللا عليه وسلم( :لقنوا موتاكم ال إله إال هللا) رواه مسلم في صحيحه. وإذا لم ينتبه فال بأس لمن عنده من إخوانه أن يقول :يا فالن ،قل: ال إله إال هللا ،برفق وكالم طيب . وكذلك ال يجلس اإلنسان على القبر ،وال يجوز الصالة في المقبرة إال صالة الجنازة على القبر إذا لم يصل اإلنسان على الميت ،فال بأس أن يصلي على القبر ،وقد فعل ذلك النبي صلى هللا عليه وسلم ،وقد صلى على قبر مضى عليه شهر ؛ فدل ذلك على أنه ال بأس أن يصلى على القبر بعد مضي شهر على دفنه ،وإن مضى على الدفن أكثر من شهر فالواجب ترك ذلك ،إال أن تكون الزيادة يسيرة كاليوم واليومين ؛ ألن العبادات توقيفية ال يشرع منها إال ما شرعه هللا سبحانه أو رسوله عليه الصالة والسالم .وهكذا ال تجوز الكتابة على القبور وال البناء عليها وال تجصيصها ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم نهى عن ذلك فيما رواه مسلم في صحيحه ، وغيره ؛ فعلى الجميع التعاون على البر والتقوى. ونسأل هللا عز وجل التوفيق والسداد ،وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. حكم اإلقامة عند القبر بالمدح واألذكار ثالثة أيام س :يوجد في بلدتنا رجل صالح متوفى قد بني له مقام على قبره وله عادة عندنا في كل عام ،نذهب مع الناس إليه رجاال ونساء ويقيمون عنده ثالثة أيام بالمدح والتهاليل واألذكار ويستمر باألوصاف المعروفة ،فنرجو التوجيه واإلرشاد. ج :هذا العمل ال يجوز ،وهو من البدع التي أحدثها الناس ،فال يجوز أن يقام على قبر أحد بناء ،سواء سمي مقاما أو قبة أو مسجدا أو غير ذلك .وكانت القبور في عصر الرسول صلى هللا عليه وسلم وعصر الصحابة في البقيع وغيره مكشوفة ليس عليها بناء ،والنبي صلى هللا عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر أو يجصص وقال( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته. وقال جابر بن عبد هللا األنصاري رضي هللا عنه( :نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) رواه اإلمام مسلم في صحيحه .فالبناء على القبور وتجصيصها ووضع الزينات عليها أو الستور كله منكر ووسيلة إلى الشرك ،فال يجوز وضع القباب أو الستور أو المساجد عليها .وهكذا زيارتها على الوجه الذي ذكره السائل من الجلوس عندها والتهاليل وأكل الطعام والتمسح بالقبر والدعاء عند القبر والصالة عنده كل هذا منكر وكله بدعة ال يجوز ،إنما المشروع زيارة القبور للذكرى والدعاء للموتى والترحم عليهم ثم ينصرف. والمشروع للزائر للقبور أن يقول( :السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين) وما أشبه ذلك من الدعوات فقط .هذا هو المشروع الذي علَّمه النبي صلى هللا عليه وسلم أصحابه رضي هللا عنهم .وروى الترمذي عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال :مر النبي صلى هللا عليه وسلم على قبور المدينة فقال( :السالم عليكم يا أهل القبور يغفر هللا لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن باألثر) وأما اإلقامة عند القبر لألكل والشرب أو التهاليل أو للصالة أو قراءة القرآن فكل هذا منكر ال أصل له في الشرع المطهر. وأما دعاء الميت واالستغاثة به وطلب المدد منه فكل ذلك من الشرك األكبر ،وهو من عمل عباد األوثان في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم من الالت والعزى ومناة وغيرها من أصنام الجاهلية وأوثانها .فيجب الحذر من ذلك وتحذير العامة منه وتبصيرهم في دينهم حتى يسلموا من هذا الشرك الوخيم ،وهذا هو واجب العلماء الذين من هللا عليهم بالفقه في الدين ومعرفة ما بعث هللا به س ِبي ِل َر ِبكَ ِبا ْل ِح ْك َم ِة ع ِإلَى َ المرسلين ،كما قال هللا سبحانه( :ا ْد ُ (ولَقَ ْدس ُن) وقال سبحانهَ : سنَ ِة َو َجا ِد ْل ُه ْم ِبالَّتِي ِه َي أَ ْح َ َوا ْل َم ْو ِع َظ ِة ا ْل َح َ غوتَ ) وقال اجتَنِبُوا ال َّطا ُ سوال أَ ِن ا ُ ْعبُدُوا َّ َّللاَ َو ْ بَعَثْنَا فِي ك ُِل أ ُ َّم ٍة َر ُ صا ِلحا َوقَا َل س ُن قَ ْوال ِم َّم ْن َدعَا إِلَى َّ َّللاِ َوع َِم َل َ (و َم ْن أَ ْح َ عز وجلَ : س ِبي ِلي أَ ْدعُو ِإلَى َّ َّللاِ ين) وقال سبحانه( :قُ ْل َه ِذ ِه َ ِإنَّنِي ِم َن ا ْل ُم ْ س ِل ِم َ ين)َّللاِ َو َما أَنَا ِم َن ا ْل ُمش ِْر ِك َ ان َّ ير ٍة أَنَا َو َم ِن اتَّبَعَنِي َو ُ س ْب َح َ علَى بَ ِص َ َ واآليات في هذا المعنى كثيرة. ولما بعث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا) وفي رواية للبخاري رحمه هللا: (فادعهم إلى أن يوحدوا هللا فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن هللا افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن هللا افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين هللا حجاب) متفق على صحته .فأمره أن يبدأهم بالدعوة إلى التوحيد والسالمة من الشرك مع اإليمان بالرسول صلى هللا عليه وسلم والشهادة له بالرسالة. فعلم بذلك أن الدعوة إلى إصالح العقيدة وسالمتها مقدمة على بقية األحكام ؛ ألن العقيدة هي األساس الذي تبنى عليه األحكام ،كما (ولَ ْو أَش َْركُوا لَ َح ِب َط َ ع ْن ُه ْم قال هللا عز وجلَ : وح َي ِإلَ ْيكَ َو ِإلَى الَّذ َ ِين ِم ْن (ولَقَ ْد أ ُ ِ ون) وقال سبحانهَ : َما كَانُوا يَ ْع َملُ َ ين) واآليات س ِر َ قَ ْب ِلكَ لَئِ ْن أَش َْر ْكتَ لَيَ ْحبَ َط َّن َ ع َملُكَ َولَتَكُو َن َّن ِم َن ا ْل َخا ِ في هذا المعنى كثيرة. فالواجب على أهل العلم في كل مكان وزمان مضاعفة الجهود في ذلك حتى يبصروا العامة بحقيقة اإلسالم ويبينوا لهم العقيدة الصحيحة التي بعث هللا بها الرسل عليهم الصالة والسالم وعلى رأسهم إمامهم وخاتمهم وسيدهم محمد صلى هللا عليه وسلم ،وفق هللا علماء المسلمين وعامتهم لكل ما فيه رضاه ،إنه خير مسئول. من بدع زيارة القبور س :إذا توفي واحد عندنا في السودان بعد أربعين يوما تقوم األسرة بزيارة القبر النساء واألوالد يفتحون القبر ومعهم حبوب ذرة ينشرونها على الميت ويرمون فيما أعتقد حجارة على الميت ، وهل الحريم يزرن القبر؟ ج :هذا بدعة ال أصل له في الشرع ،فرمي الحبوب والطيب والمالبس كله منكر ال أصل له ،فالقبر ال يفتح إال لحاجة كأن ينسى العمال أدواتهم كالمسحاة فيفتح ألجل ذلك ،أو يسقط ألحدهم شيء له أهمية فيفتح القبر لذلك ،أما أن يفتح للحبوب أو مالبسه أو نحو ذلك فال يجوز ،وليس للنساء زيارة القبر ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لعن زائرات القبور ،وروي ذلك عن أبي هريرة وابن عباس وحسان بن ثابت رضي هللا عنهم ،فال يجوز لهن زيارتها ،لكنها مشروعة للرجال ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) رواه مسلم في صحيحه ،والحكمة -وهللا أعلم -في نهي النساء عن ذلك هي أنهن فتنة وقليالت الصبر. حكم زيارة النساء للقبور س :توفي والد خالتي ،وزارت قبره مرة ،وتريد أن تزوره مرة أخرى ،وسمعت حديثا معناه تحريم زيارة المرأة للقبور ،فهل هذا الحديث صحيح؟ وإذا كان صحيحا فهل عليها إثم يستوجب الكفارة؟ ج :الصحيح أن زيارة النساء للقبور ال تجوز ؛ للحديث المذكور ، وقد ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه لعن زائرات القبور، فالواجب على النساء ترك زيارة القبور ،والتي زارت القبر جهال منها فال حرج عليها ،وعليها أن ال تعود ،فإن فعلت ؛ فعليها ب ما قبلها ،فالزيارة للرجال التوبة واالستغفار ،والتوبة ت ُج ُّ خاصة ،قال صلى هللا عليه وسلم( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكانت الزيارة في أول األمر ممنوعة على الرجال والنساء ؛ ألن المسلمين حدثاء عهد بعبادة األموات والتعلق باألموات ، فمنعوا من زيارة القبور ؛ سدا لذريعة الشر ،وحسما لمادة الشرك ،فلما استقر اإلسالم وعرفوا اإلسالم ،شرع هللا لهم زيارة القبور ؛ لما فيها من العظة والذكرى ،من ذكر الموت واآلخرة والدعاء للموتى والترحم عليهم ،ثم منع هللا النساء من ذلك في أصح قولي العلماء ؛ ألنهن يفتن الرجال وربما فُ ِت َّن في أنفسهن ولقلة صبرهن وكثرة جزعهن ،فمن رحمة هللا وإحسانه إليهن أن حرم عليهن زيارة القبور ،وفي ذلك أيضا إحسان للرجال ؛ ألن اجتماع الجميع عند القبور قد يسبب فتنة ،فمن رحمة هللا أن منعن من زيارة القبور. أما الصالة فال بأس ،فتصلي النساء على الميت ،وإنما النهي عن زيارة القبور ،فليس للمرأة زيارة القبور في أصح قولي العلماء ؛ لألحاديث الدالة على منع ذلك ،وليس عليها كفارة وإنما عليها التوبة فقط. س :ما حكم زيارة المرأة للقبور؟ ج :ال يجوز للنساء زيارة القبور ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لعن زائرات القبور ،وألنهن فتنة ،وصبرهن قليل ،فمن رحمة هللا وإحسانه أن حرم عليهن زيارة القبور ؛ حتى ال يُ ْفتَ َّن وال َي ْف ِت َّن .أصلح هللا حال الجميع. س :هل تشرع زيارة القبور للنساء ؟ ج :ثبت عن رسول هللا عليه الصالة والسالم أنه لعن زائرات القبور من حديث ابن عباس ،ومن حديث أبي هريرة ،ومن حديث حسان بن ثابت األنصاري رضي هللا عنهم جميعا ،وأخذ العلماء من ذلك أن الزيارة للنساء محرمة ؛ ألن اللعن ال يكون إال على محرم ، بل يدل على أنه من الكبائر ؛ ألن العلماء ذكروا أن المعصية التي يكون فيها اللعن أو فيها وعيد تعتبر من الكبائر .فالصواب أن الزيارة من النساء للقبور محرمة ال مكروهة فقط ،والسبب في ذلك -وهللا أعلم -أنهن في الغالب قليالت الصبر ، فقد يحصل منهن من النياحة ونحوها ما ينافي الصبر الواجب، وهن فتنة ،فزيارتهن للقبور واتباعهن للجنائز قد يفتتن بهن الرجال وقد يفتتن بالرجال ،والشريعة اإلسالمية الكاملة جاءت بسد الذرائع المفضية إلى الفساد والفتن ،وذلك من رحمة هللا بعباده. وقد صح عن رسول هللا عليه الصالة والسالم أنه قال( :ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) متفق على صحته ،فوجب بذلك سد الذرائع المفضية إلى الفتنة المذكورة ،ومن ذلك ما جاءت به الشريعة المطهرة من تحريم تبرج النساء ،وخضوعهن بالقول للرجال ،وخلوة المرأة بالرجل غير المحرم ،وسفرها بال محرم، وكل ذلك من باب سد الذرائع المفضية إلى الفتنة بهن ،وقول بعض الفقهاء :إنه استثني من ذلك قبر النبي صلى هللا عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي هللا عنهما -قول بال دليل ،والصواب أن المنع يعم الجميع ،يعم جميع القبور ،حتى قبر النبي صلى هللا عليه وسلم ، وحتى قبر صاحبيه رضي هللا عنهما. وهذا هو المعتمد من حيث الدليل ،وأما الرجال فيستحب لهم زيارة القبور ، وزيارة قبر النبي عليه الصالة والسالم وقبر صاحبيه ،لكن بدون شد الرحل ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم (زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) رواه مسلم في صحيحه. وأما شد الرحال لزيارة القبور فال يجوز ،وإنما يشرع لزيارة المساجد الثالثة خاصة ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم( :ال تشد الرحال إال إلى ثالثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد األقصى) متفق على صحته. وإذا زار المسلم مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم دخل في ذلك على سبيل التبعية زيارة قبره صلى هللا عليه وسلم وقبر صاحبيه وقبور الشهداء وأهل البقيع وزيارة مسجد قباء من دون شد الرحل ،فال يسافر ألجل الزيارة ،ولكن إذا كان في المدينة شرع له زيارة قبر النبي صلى هللا عليه وسلم وقبر صاحبيه ،وزيارة البقيع والشهداء ومسجد قباء. أما شد الرحال من بعيد ألجل الزيارة فقط فهذا ال يجوز على الصحيح من قولي العلماء ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم :ال تشد الرحال إال إلى ثالثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد األقصى أما إذا شد الرحل إلى المسجد لنبوي فإن الزيارة للقبر الشريف والقبور األخرى تكون تبعا لذلك؛ فإذا وصل المسجد صلى فيه ما تيسر ،ثم زار قبر النبي صلى هللا عليه وسلم ،وزار قبر صاحبيه ،وصلى وسلم عليه.عليه الصالة والسالم ,ودعا له ،ثم سلم على الصديق رضي هللا عنه ودعا له ، ثم على الفاروق ودعا له ،هكذا السنة .وهكذا القبور األخرى ،لو زار مثال دمشق ،أو القاهرة ،أو الرياض ،أو أي بلد ،يستحب له زيارة القبور ؛ لما فيها من العظة والذكرى واإلحسان إلى الموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم إذا كانوا مسلمين .فالنبي عليه الصالة والسالم قال( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا( :السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين) هذه هي السنة من دون شد الرحل ،ولكن ال يزورهم لدعائهم من دون هللا ؛ ألن هذا شرك باهلل عز وجل وعبادة لغيره ،وقد حرم هللا ذلك اج َد ِ ََّّللِ فَال تَ ْدعُوا َم َع َّ َّللاِ س ِ(وأَ َّن ا ْل َم َ على عباده في قوله سبحانهَ : ِين تَ ْدع َ ُون أَ َحدا) وقال سبحانه( :ذَ ِل ُك ُم َّ َّللاُ َربُّ ُك ْم لَهُ ا ْل ُم ْلكُ َوالَّذ َ س َمعُوا ُدعَا َء ُك ْم َولَ ْو ُون ِم ْن قِ ْط ِم ٍير إِ ْن تَ ْدعُو ُه ْم ال يَ ْ ِم ْن دُونِ ِه َما يَ ْم ِلك َ ستَ َجابُوا لَ ُك ْم َو َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة َي ْكفُ ُر َ ون ِبش ِْر ِك ُك ْم َوال يُنَ ِبئ ُكَ س ِمعُوا َما ا ْ َ ِمثْ ُل َخ ِب ٍير) فبين سبحانه أن دعاء العباد للموتى ونحوهم شرك به سبحانه وعبادة لغيره. ان لَهُ ِب ِه َّللاِ إِلَها آ َخ َر ال بُ ْر َه َع َم َع َّ (و َم ْن يَ ْد ُ وهكذا قوله سبحانهَ : ون) فسمى الدعاء لغير هللا سابُهُ ِع ْن َد َر ِب ِه ِإنَّهُ ال يُ ْف ِل ُح ا ْلكَا ِف ُر َفَ ِإنَّ َما ِح َ كفرا ؛ فوجب على المسلم أن يحذر هذا ،ووجب على العلماء أن يبينوا للناس هذه األمور ،حتى يحذروا الشرك باهلل ،فكثير من العامة إذا مر بقبور من يعظمهم استغاث بهم وقال :المدد المدد ،يا فالن أغثني ،انصرني ،اشف مريضي ،وهذا هو الشرك األكبر والعياذ باهلل ،وهذه األمور تطلب من هللا عز وجل ،ال من الموتى وال من غيرهم من المخلوقين. أما الحي فيطلب منه ما يقدر عليه ،إذا كان حاضرا يسمع كالمك ، أو من طريق الكتابة ،أو من طريق الهاتف وما أشبه ذلك من األمور الحسية ،تطلب منه ما يقدر عليه ،تبرق له أو تكتب له أو تكلمه في الهاتف ،تقول ساعدني على عمارة بيتي ،أو على إصالح مزرعتي ؛ ألن بينك وبينه شيئا من المعرفة أو التعاون. وهذا ال بأس به ،كما علَى شيعَتِ ِه َستَغَاثَهُ الَّذِي ِم ْن ِ قال هللا عز وجل في قصة موسى( :فَا ْ عد ُِو ِه) أما أن تطلب من الميت ،أو الغائب ،أو الجماد الَّذِي ِم ْن َ كاألصنام ،شفاء مريض ،أو النصر على األعداء ،أو نحو ذلك ، فهذا من الشرك األكبر .وهكذا طلبك من الحي الحاضر ما ال يقدر عليه إال هللا سبحانه وتعالى يعتبر شركا به سبحانه وتعالى ؛ ألن دعاء الغائب بدون اآلالت الحسية معناه اعتقاد أنه يعلم الغيب ،أو أنه يسمع دعاءك وإن بعد ،وهذا اعتقاد باطل يوجب كفر من ت اوا ِ اعتقده ،يقول هللا جل وعال( :قُ ْل ال يَ ْعلَ ُم َم ْن فِي ال َّ س َم َ َّللاُ) أو تعتقد أن له سرا يتصرف به في الكون ، ب إِال َّ َو ْاألَ ْر ِ ض ا ْلغَ ْي َ فيعطي من يشاء ويمنع من يشاء ،كما يعتقده بعض الجهلة في بعض من يسمونهم باألولياء ،وهذا شرك في الربوبية أعظم من شرك عباد األوثان. فالزيارة الشرعية للموتى زيارة إحسان وترحم عليهم وذكر لآلخرة واالستعداد لها ،فتذكر أنك ميت مثلما ماتوا ،فتستعد لآلخرة وتدعو إلخوانك المسلمين الميتين وتترحم عليهم وتستغفر لهم ،وهذه هي الحكمة في شرعية الزيارة للقبور ،وهللا ولي التوفيق. الجواب عن حديث تعليم النبي صلى هللا عليه وسلم لعائشة دعاء زيارة القبور س :كيف يحمل حديث تعليم النبي صلى هللا عليه وسلم لعائشة دعاء زيارة القبور؟ ج :كانت الزيارة أوال منهيا عنها للجميع ،ثم رخص فيها للجميع ثم خصت النساء بالمنع فعلى هذا يكون تعليم النبي صلى هللا عليه وسلم لعائشة آداب الزيارة كان ذلك في وقت شرعية الزيارة للجميع وهللا ولي التوفيق. الجواب عن حديث اتقي هللا واصبري س :هل في قول النبي صلى هللا عليه وسلم( اتقي هللا واصبري) للمرأة التي رآها تبكي عند القبر دليل على جواز زيارة النساء للقبور؟ ج :لعل هذا كان في وقت اإلذن العام منه صلى هللا عليه وسلم للرجال والنساء في الزيارة ؛ ألن أحاديث النهي عن الزيارة للنساء محكمة ناسخة لما قبلها. المرأة ال تسلم على الموتى ولو مرت بسور المقبرة أو فوقها س :إذا مرت المرأة بسور المقبرة فهل تسلم على األموات ؟ ج :الذي يظهر لي أنه ال ينبغي لها ذلك ؛ ألنه وسيلة إلى الزيارة ، وقد يعد زيارة فالواجب ترك ذلك ،وتدعو لهم من غير زيارة. س :إذا وجد فوق المقبرة جسر وتوقفت السيارة وفيها امرأة هل يعد هذا من جنس الزيارة ،وهل تسلم المرأة على األموات ؟ ج :هذا ليس من الزيارة وحتى لو مرت باألرض ونظرت فهذا ليس بزيارة وترك السالم على الموتى بالنسبة للمرأة أولى ولو كانت مارة بالمقبرة. حكم زيارة النساء لقبر النبي صلى هللا عليه وسلم س :هل يجوز للنساء زيارة قبر النبي صلى هللا عليه وسلم ؟ ج :ال يجوز لهن ذلك ؛ لعموم األحاديث الواردة في نهي النساء عن زيارة القبور ولعنهن على ذلك ،والخالف في زيارة النساء لقبر النبي صلى هللا عليه وسلم مشهور ولكن تركهن لذلك أحوط وأوفق للسنة ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يستثن قبره وال قبر غيره ،بل نهاهن نهيا عاما ،ولعن من فعل ذلك منهن ، والواجب األخذ بالتعميم ما لم يوجد نص يخص قبره بذلك وليس هناك ما يخص قبره وهللا ولي التوفيق. األفضل لمن مر بجوار سور المقبرة أن يسلم س :إذا مر المسلم بجوار سور المقبرة أو شاهد القبور فهل يسلم عليهم ؟ ج :األفضل أن يسلم حتى ولو كان مارا ؛ ولكن قصد الزيارة أفضل وأكمل. س :أنا أسكن في حي به مقبرة وأسلك كل يوم طريقا بجانبها بل أسلك هذا الطريق في اليوم أكثر من مرة .ماذا يجب علي في هذه الحالة ،هل أسلم على الموتى دائما أم ماذا أفعل؟ أرشدوني بارك هللا فيكم . ج :زيارة القبور الزيارة الشرعية سنة ؛ لما فيها من التذكير باآلخرة وبالموت ،ولما فيها من الدعاء للموتى -إذا كانوا مسلمين -بالمغفرة والرحمة والعافية من النار ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان صلى هللا عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا( :السالم عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) واألحاديث في الزيارة كثيرة ، ويشرع لك كلما مررت على القبور أن تسلم على أصحابها وتدعو لهم بالمغفرة والعافية ،وليس ذلك واجبا ،وإنما هو مستحب وفيه أجر عظيم ،وإن مررت ولم تسلم فال حرج ،وباهلل التوفيق. يكفي السالم على الموتى في أول المقبرة مرة واحدة س :هل يكفي السالم على الموتى في أول المقبرة مرة واحدة؟ ج :يكفي ذلك وتحصل به الزيارة ،وإن كانت القبور متباعدة فزارها من جميع جهاتها فال بأس. س :عند زيارة القبور هل يشرع للزائر أن يصل إلى القبر الذي يقصد زيارته ؟ ج :يكفي عند أول القبور ،وإن أحب أن يصل إلى قبر من يقصد زيارته ويسلم عليه فال بأس. ما جاء في أن الميت يعرف من زاره س :هل يعرف الميت من يزوره ؟ ج :جاء في بعض األحاديث إذا كان يعرفه في الدنيا رد هللا عليه روحه حتى يرد عليه السالم ولكن في إسناده نظر ، وقد صححه ابن عبد البر رحمه هللا. علم الموتى بأعمال األحياء س :هل الموتى يعلمون بأعمال أقاربهم من األحياء ؟ ج :ال أعلم في الشرع ما يدل على ذلك. حكم تخصيص يوم الجمعة لزيارة المقابر س :ما حكم تخصيص يوم الجمعة لزيارة المقابر ؟ ج :ال أصل لذلك ،والمشروع أن تزار القبور في أي وقت تيسر للزائر من ليل أو نهار ،أما التخصيص بيوم معين أو ليلة معينة فبدعة ال أصل له ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ،ولقوله صلى هللا عليه وسلم :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي هللا عنها. حكم تخصيص العيدين لزيارة القبور س :هل تخصيص العيدين لزيارة القبور له أصل ؟ ج :ال أعلم لذلك أصال وإنما السنة أن يزور القبور متى تيسر له ذلك. حكم زيارة قبور الكفار س :هل تجوز زيارة قبور الكفار ؟ ج :إذا كان ذلك للعبرة فال بأس به ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قد زار قبر أمه واستأذن ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له ،وإنما أذن له بالزيارة. س :ما صحة حديث إذا مررتم بقبر كافر فبشروه بالنار ؟ ج :ال أعرف له طرقا صحيحة. حكم رفع اليدين أثناء الدعاء للميت عند قبره س :هل يكون الدعاء عند قبر الميت برفع اليدين؟ ج :إن رفع يديه فال بأس ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم في حديث عائشة رضي هللا عنها ( :أنه صلى هللا عليه وسلم زار القبور ورفع يديه ودعا ألهلها) رواه مسلم. س :هل يجوز رفع اليدين أثناء الدعاء للميت ؟ ج :جاء في بعض األحاديث أنه صلى هللا عليه وسلم رفع يديه لما زار القبور ودعا ألهلها وقد ثبت ذلك من حديث عائشة رضي هللا عنها أنه صلى هللا عليه وسلم زار القبور ودعا لهم ورفع يديه أخرجه مسلم في صحيحه. حكم استقبال القبر حال الدعاء للميت س :هل ينهى عن استقبال القبر حال الدعاء للميت ؟ ج :ال ينهى عنه ؛ بل يدعى للميت سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم وقف على القبر بعد الدفن وقال( :استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) ولم يقل استقبلوا القبلة فكله جائز سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر ،والصحابة رضي هللا عنهم دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر. ال بأس بالقيام أو الجلوس عند القبر من أجل الدعاء للميت س :أيحل لنا القيام أو الجلوس عند القبر من أجل الدعاء للميت ؟ ج :الزيارة الشرعية للقبور أن يقصد إليها للعظة واالعتبار وتذكر الموت ،ال للتبرك بمن قبر فيها من الصالحين .فمن جاءها سلم على من فيها فقال( :السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) وإن شاء دعا لألموات بغير ذلك من األدعية المأثورة. وال يدعو األموات وال يستغيث بهم في كشف ضر أو جلب نفع ، فإن الدعاء عبادة ؛ فيجب التوجه به إلى هللا وحده .وال بأس أن يقف عند القبر أو يجلس من أجل الدعاء للميت ،ال للتبرك أو االستراحة ،فإن القبور ليست بموضع استراحة أو سكنى حتى يجلس فيها. ويشرع الوقوف على القبر بعد الدفن للدعاء للميت بالثبات والمغفرة ؛ لما ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه كان إذا فرغ من الدفن وقف عليه وقال( :استغفروا ألخيكم وسلوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) حكم الدعاء الجماعي عند القبور س :الدعاء الجماعي عند القبور ما حكمه؟ ج :ليس فيه مانع إذا دعا واحد وأ َّم َن السامعون فال بأس إذا لم يكن ذلك مقصودا ،وإنما سمعوا بعضهم يدعو فأمن الباقون وال يسمى مثل هذا جماعيا لكونه لم يقصد. من ضمن أسئلة مقدمة لسماحته من الجمعية الخيرية بشقراء . حكم قراءة الفاتحة للميت عند قبره س :األخ م .ع .ص .من الليث في المملكة العربية السعودية يقول في سؤاله :هل تجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن الكريم للميت عند زيارة قبره؟ وهل ينفعه ذلك؟ أفتونا جزاكم هللا خيرا . ج :ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه كان يزور القبور ويدعو لألموات بأدعية علمها أصحابه ونقلوها عنه ،من ذلك: (السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم لالحقون أسأل هللا لنا ولكم العافية) ولم يثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه قرأ سورة من القرآن الكريم أو آيات منه لألموات مع كثرة زيارته لقبورهم فلو كان ذلك مشروعا لفعله وبينه ألصحابه رغبة في الثواب ورحمة باألمة وأداء لواجب البالغ ، سو ٌل ِم ْن أَ ْنفُ ِ س ُك ْم ع َِز ٌ يز فإنه كما وصفه تعالى بقوله( :لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َر ُ وف َر ِحي ٌم) فلما لم يفعل ين َر ُء ٌ علَ ْي ُك ْم ِبا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ يص َ علَ ْي ِه َما َ ع ِنت ُّ ْم َح ِر ٌ َ ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع وقد عرف ذلك أصحابه رضي هللا عنهم فاقتفوا أثره واكتفوا بالعبرة والدعاء لألموات عند زيارتهم ولم يثبت عنهم أنهم قرءوا قرآنا لألموات فكانت القراءة لهم بدعة محدثة وقد ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وهللا الموفق. حكم قراءة الفاتحة على قبور األولياء س :ما حكم من يزور القبور ثم يقرأ الفاتحة وخاصة على قبور األولياء كما يسمونهم في بعض البالد العربية المجاورة ،بالرغم أن بعضهم يقول :ال أريد الشرك ،ولكن إذا لم أقم بزيارة هذا الولي إلي في المنام ويقول لي :لماذا لم تزرني؟ فما حكم ذلك؟فإنه يأتي َّ جزاكم هللا خيرا . ج :يسن للرجال من المسلمين زيارة القبور كما شرعه هللا سبحانه ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) خرجه اإلمام مسلم في صحيحه .وروى مسلم في صحيحه أيضا عن بريدة بن الحصيب رضي هللا عنه قال :كان النبي صلى هللا عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا (السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) وصح عنه صلى هللا عليه وسلم من حديث عائشة رضي هللا عنها أنه كان إذا زار القبور يقول (السالم عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر ألهل بقيع الغرقد) ولم يكن حال الزيارة عليه الصالة والسالم يقرأ سورة الفاتحة وال غيرها من القرآن ،فقراءتها وقت الزيارة بدعة ،وهكذا قراءة غيرها من القرآن ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ،وفي رواية مسلم رحمه هللا يقول صلى هللا عليه وسلم( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد هللا األنصاري رضي هللا عنهما عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته يوم الجمعة (أما بعد فإن خير الحديث كتاب هللا وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم وشر األمور محدثاتها وكل بدعة ضاللة) وأخرجه النسائي وزاد( :وكل ضاللة في النار) فالواجب على المسلمين التقيد بالشرع المطهر والحذر من البدع في زيارة القبور وغيرها. والزيارة مشروعة لقبور المسلمين جميعا ،سواء سموا أولياء أم لم يسموا أولياء ،وكل مؤمن وكل مؤمنة من أولياء هللا ،كما قال ون الَّذ َ ِين علَ ْي ِه ْم َوال ُه ْم َي ْح َزنُ َ ف َ َّللاِ ال َخ ْو ٌ عز وجل( :أَال ِإ َّن أ َ ْو ِل َيا َء َّ (و َما كَانُوا أَ ْو ِليَا َء ُه ِإ ْن ون) وقال هللا سبحانهَ : آ َمنُوا َوكَانُوا يَتَّقُ َ ون) وال يجوز للزائر وال ون َولَ ِك َّن أَ ْكثَ َر ُه ْم ال يَ ْع َل ُم َأَ ْو ِليَا ُؤهُ إِال ا ْل ُمتَّقُ َ لغيره دعاء األموات ،أو االستغاثة بهم ،أو النذر لهم ،أو الذبح لهم عند قبورهم ،أو في أي مكان يتقرب بذلك إليهم ليشفعوا له ، أو يشفوا مريضه ،أو ينصروه على عدوه ،أو لغير ذلك من الحاجات ؛ ألن هذه األمور من العبادة ،والعبادة كلها هلل وحده ، ين لَهُ الد َ ِين (و َما أ ُ ِم ُروا إِال ِليَ ْعبُدُوا َّ َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ كما قال سبحانهَ : ُون) س ِإال ِل َي ْعبُد ِ (و َما َخلَ ْقتُ ا ْل ِج َّن َو ْ ِ اإل ْن َ ُحنَفَا َء) وقال عز وجلَ : َّللاِ أَ َحدا) وقال عز اج َد ِ ََّّللِ فَال ت َ ْدعُوا َم َع َّ س ِ(وأ َ َّن ا ْل َم َ وقال سبحانهَ : ضى َربُّكَ أَال تَ ْعبُدُوا إِال إِيَّاهُ) والمعنى :أمر ووصى ، (وقَ َ وجلَ : وقال ون) وقال ِين َولَ ْو ك َِر َه ا ْلكَافِ ُر َ ين لَهُ الد َ عز وجل( :فَا ْدعُوا َّ َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ ب ا ْلعَالَ ِم َ ين اي َو َم َماتِي ِ ََّّللِ َر ِ س ِكي َو َم ْحيَ َ صالتِي َونُ ُ عز وجل( :قُ ْل إِ َّن َ ين) واآليات في هذا ال ش َِريكَ لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ س ِل ِم َ المعنى كثيرة. وصح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :حق هللا على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئا) متفق على صحته من حديث معاذ رضي هللا عنه ،وهذا يشمل جميع العبادات من صالة وصوم وركوع وسجود وحج ودعاء وذبح ونذر وغير ذلك من أنواع العبادة ،كما أن اآليات السابقات تشمل ذلك كله. وفي صحيح مسلم عن علي رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :لعن هللا من ذبح لغير هللا) وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :ال تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد هللا ورسوله) .واألحاديث في األمر بعبادة هللا وحده والنهي عن اإلشراك به وعن وسائل ذلك كثيرة معلومة .أما النساء فليس لهن زيارة القبور ؛ ألن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لعن زائرات القبور ،والحكمة في ذلك وهللا أعلم أن زيارتهن قد تحصل بها الفتنة لهن ولغيرهن من الرجال .وقد كانت الزيارة للقبور في أول اإلسالم ممنوعة ؛ حسما لمادة الشرك ،فلما فشا اإلسالم وانتشر التوحيد أذن صلى هللا عليه وسلم في الزيارة للجميع ،ثم خص النساء بالمنع ؛ حسما لمادة الفتنة بهن. أما قبور الكفار فال مانع من زيارتها للذكرى واالعتبار ،ولكن ال يدعى لهم وال يستغفر لهم ؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه استأذن ربه أن يستغفر ألمه فلم يأذن له واستأذنه أن يزور قبرها فأذن له وذلك أنها ماتت في الجاهلية على دين قومها. وأسأل هللا أن يوفق المسلمين رجاال ونساء للفقه في الدين ، واالستقامة عليه قوال وعمال وعقيدة ،وأن يعيذهم جميعا من كل ما يخالف شرعه المطهر ،إنه ولي ذلك والقادر عليه ،وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. ما مدى صحة ما يذكر من قصص عن أهوال القبور س :تورد قصص عن أهوال القبور مثل قصة الرجل الذي أراد أن يدفن فخرج له ثعبان ثم وضع في قبر آخر فخرج له ثعبان كذلك؟ ج :هللا أعلم بذلك ،ولكن ليس ذلك ببعيد ،وابن رجب ذكر في كتابه (أهوال القبور) أشياء حول هذه القصص فاهلل أعلم بصحتها. حكم االستشهاد بقصص أهوال القبور س :هل يستشهد بمثل هذه القصص في المواعظ؟ ج :تركه أولى ؛ لعدم العلم بصحتها ،ويكفي ما جاء في األحاديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم ،المهم حث الناس على الطاعة والتحذير من المعاصي ،كما فعل الرسول صلى هللا عليه وسلم والصحابة .أما الحكايات التي قد تثبت أو ال تثبت فتترك. حكم اصطحاب بعض الغافلين لزيارة القبور س :هناك بعض الشباب الصالحين يصطحبون معهم بعض الغافلين لزيارة القبور وتخويفهم من هللا فما رأيكم في ذلك؟ ج :ليس فيه مانع وذلك حسن ،وجزاهم هللا خيرا ،وهو من التعاون على البر والتقوى. من سمع ميتا يشكو في قبره من حقوق عليه س :ما الواجب على من سمع ميتا يشكو في قبره من حقوق عليه ،وهل يجب عليه أن يبلغ ورثته؟ ن .ع. ج :بسم هللا والحمد هلل ،إن تأكد له ذلك فعليه أن يبلغهم ،أو إذا رآه في المنام وتأكد من ذلك ،فعليه أن يبلغ أهله بذلك ،وهذه من العبر التي يريها هللا بعض عباده في األرض ليعتبروا ،فإذا وجد ذلك فلينظر أهله إذا كانت عليه حقوق ثابتة فتؤدى ،وليتصدقوا عنه ويدعوا له. وقد ذكر ابن رجب في كتابه في أحوال القبور ،شيئا من ذلك في تعذيبهم من هذا النمط ،وذكر من فتح قبره لبعض األسباب فوجدوا صاحبه يلتهب نارا .نسأل هللا السالمة. حرمة األموات والمقابر وجوب احترام قبور المسلمين وعدم امتهانها الحمد هلل وحده ،والصالة والسالم على من ال نبي بعده ،نبينا إلي رسائل كثيرةمحمد وعلى آله وصحبه ،أما بعد :فقد ورد َّ مضمونها استنكار ما يقع من بعض الناس من االستهانة بالقبور وعدم احترامها ،فرأيت أن أكتب في ذلك هذه الكلمة للتنبيه والتحذير ؛ نصحا هلل ولعباده ،فأقول: قد دلت األحاديث الصحيحة عن النبي صلى هللا عليه وسلم على وجوب احترام الموتى من المسلمين وعدم إيذائهم ،وال شك أن المرور عليها بالسيارات والتركترات والمواشي وإلقاء القمامات عليها كل ذلك من االستهانة بها وعدم احترامها ،وكل ذلك منكر ومعصية هلل ولرسوله صلى هللا عليه وسلم وظلم لألموات واعتداء عليهم ،وقد ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم النهي والتحذير عما هو أقل من هذا ،كالجلوس على القبر أو االتكاء عليه ونحوه ،فقال عليه الصالة والسالم( :ال تصلوا إلى القبور وال تجلسوا عليها) رواه مسلم في صحيحه ، وقال النبي صلى هللا عليه وسلم( :ألن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر) خرجه مسلم أيضا ،وعن عمرو بن حزم قال رآني رسول هللا صلى هللا عليه وسلم متكئا على قبر فقال( :ال تؤذ صاحب هذا القبر أو ال تؤذه) رواه اإلمام أحمد. فالواجب على جميع المسلمين احترام قبور موتاهم وعدم التعرض لها بشيء من األذى ،كالجلوس عليها والمرور عليها بالسيارات ونحوها وإلقاء القمامات عليها وأشباه ذلك من األذى .وفق هللا المسلمين جميعا لما فيه صالح أحيائهم وسالمة أمواتهم من األذى ،ورزق هللا الجميع الفقه في الدين والوقوف عند الحدود الشرعية ،إنه سميع قريب .وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ال يجوز أن يمشى بالنعال بين القبور س :حديث( :يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك) لما رآه النبي صلى هللا عليه وسلم يمشي في المقبرة بنعليه هل يعمل به؟ وهل ينكر على من مشى بنعليه في المقبرة؟ ج :الحديث ال بأس به ،وال يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إال عند الحاجة ،مثل وجود الشوك في المقبرة ،أو الرمضاء الشديدة ،أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه ،كما أنكر صلى هللا عليه وسلم على صاحب السبتيتين ،ويعلم الحكم الشرعي. س :ما هو الضابط في خلع النعال عند دخول المقبرة؟ ج :يخلعها إذا كان يمر بين القبور ،أما إذا لم يمر بين القبور فال يخلعها مثل أن يقف عند أول المقبرة ويسلم فال يخلع. حكم السكن بين القبور س :في بعض البلدان يسكن بعضهم بين القبور فما الحكم ؟ ج :يُنهون ويعلَّمون ،وهذا منكر وإهانة للقبور ،وإذا صلوا عندها فصالتهم باطلة ،والجلوس عند القبور بالصورة المذكورة والصالة عندها من المنكرات ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم: (ال تصلوا إلى القبور وال تجلسوا عليها) رواه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى هللا عليه وسلم( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة رضي هللا عنها يحذر ما صنعوا) متفق على صحته. ال يجوز إيقاف السيارات على القبور س :يوجد في قريتنا مسجد جامع ،وهذا المسجد يقع وسط المقابر التي تحيط به من الشمال والجنوب والمسافة بينه وبين الجهة الشمالية متران ،وكذلك الجنوبية متران ،وأن تلك المقابر في طريقها للتوسع ،كما أن بعض المصلين -هداهم هللا -يجعلون تلك المقابر موقفا لسياراتهم .أخبرونا -جزاكم هللا عنا كل خير -عن الحكم في مثل ذلك ،ولكم جزيل الشكر والتقدير . ج :ال حرج في بقاء المسجد المذكور ؛ ألن العادة جارية أن الناس يدفنون حول المسجد ،فال يضر ذلك شيئا ،والمقصود أن الدفن حول المساجد ال بأس به ،ألنه أسهل على الناس ،فإذا خرجوا من المسجد دفنوه حول المسجد ،فال يضر ذلك شيئا وال يؤثر في صالة المصلين .لكن إذا كان في قبلة المسجد شيء من القبور فاألحوط أن يكون بين المسجد وبين المقبرة جدار آخر غير جدار المسجد أو طريق يفصل بينهما ،هذا هو األحوط واألولى ؛ ليكون ذلك أبعد عن استقبالهم للقبور. أما إن كانت عن يمين المسجد أو عن شماله ،أي عن يمين المصلين ،أو عن شمالهم فال يضرهم شيئا ؛ ألنهم ال يستقبلونها ، ألن هذا أبعد عن استقبالها وعن شبهة االستقبال. أما بالنسبة إليقاف السيارات فال يجوز إيقافها على القبور ،بل توقف بعيدا عن القبور ،في األراضي السليمة التي ليس فيها قبور ؛ ألنه ال يجوز للناس أن يمتهنوا القبور ،أو تكون السيارات على القبور ،فهذا منكر وال يجوز ،ومن الواجب أن يبعدوها عن القبور ،وأن تكون في محالت سليمة ليس فيها قبور ،وإذا تيسر تسويرها بما يمنع استطراقها وامتهانها فهو أحوط وأسلم ؛ ألن المسلم محترم حيا وميتا ،ولهذا نهى الرسول صلى هللا عليه وسلم أن يصلى إلى القبور وأن يقعد عليها. ينبش القبر إذا دعت الحاجة س :نبش القبر ،هل يجوز ؟ ج :إذا دعت الحاجة فال بأس ،مثل نسيان المسحاة أو العتلة أو شيء مهم فال بأس بذلك. نبش القبر لمصلحة من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى فضيلة قاضي محكمة أدمة عليان سلمه هللا تعالى آمين. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته .وبعد: وصلنا كتابك وبرفقه استفتاء ح .م .ع .وقد ذكرتم عنه وجود قبر أمام بيته وهذا القبر قديم جدا ويذكر أنه تعرض ألذى السيارات والدواب لقربه من مخرج البيت .فهل يجوز نقله إلى داخل المقبرة المجاورة؟ انتهى .وقد طلبتم اإلفادة عن ذلك . والجواب :إذا كان األمر كذلك ؛ فينبش القبر ويخرج ما فيه ويوضع في قبر في أرض المقبرة العامة. والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد ينبش القبر الذي في المسجد إذا كان هو األخير س :نبش القبر الذي في المسجد إذا كان في نبشه فتنة هل ينبش أم يترك؟ ج :يجب أن ينبش القبر إذا كان في المسجد ،وكان المسجد هو السابق ،ويكون ذلك من جهة والة األمور ؛ إما المحكمة أو اإلمارة حتى ال تكون فتنة .أما إن كان المسجد هو األخير فالواجب هدمه ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته ، وقوله صلى هللا عليه وسلم لما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور( :أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) متفق عليه. ومن هذين الحديثين وما جاء في معناهما يعلم أنه ال يجوز أن يصلى في المساجد التي فيها القبور ؛ لنهي النبي صلى هللا عليه وسلم عن ذلك ؛ وألن ذلك وسيلة إلى الشرك باهلل عز وجل. حكم قطع األشجار المؤذية من المقابر س :هل يجوز قطع األشجار المؤذية من المقابر؟ ج :ينبغي قطعها ؛ ألنها تؤذي الزوار ،وهكذا ما يوجد فيها من الشوك ينبغي إزالته إراحة للزوار من شره ،وال يشرع ألحد أن يغرس على القبور شيئا من الشجر أو الجريد ؛ ألن هللا سبحانه لم يشرع ذلك. والنبي صلى هللا عليه وسلم إنما غرس جريدتين على قبرين عرفهما وأنهما معذبان ،ولم يغرس على قبور المدينة وقبور البقيع ،وهكذا الصحابة لم يفعلوا ذلك ،فعلم أن ذلك خاص بصاحبي القبرين المعذبين .نسأل هللا السالمة. س :هل يجوز قطع األشجار المؤذية من المقابر ؟ ج :ينبغي قطعها ؛ ألنها تؤذي الزوار ،وال سيما ذات الشوك .أما إن كان بعض العامة يعتقد البركة ؛ ألنها تنبت على قبر ولي بزعمه فهذه يجب قطعها مطلقا ؛ لما في ذلك من إزالة وسائل الشرك والغلو في الموتى. حكم نقل عظام الميت إذا بليت س :إذا بليت عظام الميت فهل يجوز أن تنقل إلى مكان آخر ؟ ج :إذا دعت الحاجة لذلك فال حرج وال بأس وإال تبقى القبور على حالها. حكم كسر عظم الميت الكافر س :هل يجوز كسر عظم الميت الكافر ؟ ج :فيه تفصيل ؛ فإذا كان ذميا أو معاهدا أو مستأمنا لم يجز التعرض له ،أما إن كان حربيا فال حرج في ذلك ،وبناء على ذلك يجوز أخذ األعضاء من المتوفى الحربي ،أما المعاهد والذمي والمستأمن فال ؛ ألن أجسادهم محترمة. كسر عظم الميت ال يوجب القصاص س :هل يوجب كسر عظم الميت القصاص ؟ ج :ال يوجب القصاص ،وإنما القصاص بين األحياء بشروطه. حكم نقل األعضاء بعد وفاة الميت دماغيا س :ما حكم نقل األعضاء بعد وفاة الميت دماغيا كما يقولون؟ ج :المسلم محترم حيا وميتا ،والواجب عدم التعرض له بما يؤذيه أو يشوه خلقته ،ككسر عظمه وتقطيعه ،وقد جاء في الحديث( :كسر عظم الميت ككسره حيا) ويستدل به على عدم جواز التمثيل به لمصلحة األحياء ،مثل أن يؤخذ قلبه أو كليته أو غير ذلك ؛ ألن ذلك أبلغ من كسر عظمه .وقد وقع الخالف بين العلماء في جواز التبرع باألعضاء وقال بعضهم :إن في ذلك مصلحة لألحياء لكثرة أمراض الكلى وهذا فيه نظر ،واألقرب عندي أنه ال يجوز ؛ للحديث المذكور ،وألن في ذلك تالعبا بأعضاء الميت وامتهانا له ،والورثة قد يطمعون في المال ،وال يبالون بحرمة الميت ،والورثة ال يرثون جسمه ،وإنما يرثون ماله فقط .وهللا ولي التوفيق. ال يجوز تنفيذ وصية المتوفى بالتبرع بأعضائه س :إذا أوصى المتوفى بالتبرع بأعضائه هل تنفذ الوصية؟ ج :األرجح أنه ال يجوز تنفيذها ؛ لما تقدم في جواب السؤال األول ولو أوصى ؛ ألن جسمه ليس ملكا له. حكم شراء الجثث لغرض التشريح س :بعض كليات الطب تشتري جثثا من جنوب شرقي آسيا بغرض التشريح فما الحكم؟ ج :إذا كانت الجثث من كفار ال أمان لهم فال حرج ،أما غيرهم فال يجوز التعرض لهم حكم تشريح جثة الميت للتعلم س :الحظت أنه يوجد في كلية الطب في القاهرة مكان لتشريح اإلنسان مجموعة من األموات رجال ونساء وأطفال لتشريح وتقطيع أجزائهم وذلك للعلم العملي ،فهل يجوز مثل ذلك شرعا للضرورة وخصوصا تشريح الرجل ألجزاء المرأة ،والمرأة ألجزاء الرجال ،وهل يجوز تقطيع أجزاء وأعضاء اإلنسان؟ ج :إذا كان الميت معصوما في حياته سواء كان مسلما أو كافرا وسواء كان رجال أو امرأة فإنه ال يجوز تشريحه ؛ لما في ذلك من اإلساءة إليه وانتهاك حرمته ،وقد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :كسر عظم الميت ككسره حيا) أما إذا كان غير معصوم كالمرتد والحربي فال أعلم حرجا في تشريحه للمصلحة الطبية ،وهللا سبحانه وتعالى أعلم. ال يحكم بموت المتوفى دماغيا س :هل يحكم بموت المتوفى دماغيا ؟ ج :ال يحكم بموته وال يستعجل عليه ،وينتظر حتى يموت موتا ال شك فيه ،وهذه عجلة من بعض األطباء حتى يأخذوا منه قطعا وأعضاء ،ويتالعبوا بالموتى وهذا كله ال يجوز. س :دعوى األطباء -حفظكم هللا -أن المتوفى دماغيا ال يمكن أن ترجع إليه حياته؟ ج :هذه الدعوى ال يُعَ َّول عليها وال يعمل بها ،وليس على صحتها دليل ،وقد بلغني أن بعض من قيل إنه مات دماغيا عادت إليه الحياة وعاش ،وبكل حال فالموت الدماغي ال يعتبر وال يحكم لصاحبه بحكم الموتى حتى يتحقق موته على وجه ال شك فيه. حكم تشريح الجنازة المشكوك في قتلها س :ما حكم تشريح الجنازة المشكوك في قتلها؟ ج :إذا كان لعلة شرعية فال بأس. تعزية أهل الميت حكم حضور مجلس العزاء والجلوس فيه س :هل يجوز حضور مجلس العزاء والجلوس معهم؟ ج :إذا حضر المسلم وعزى أهل الميت فذلك مستحب ؛ لما فيه من الجبر لهم والتعزية ،وإذا شرب عندهم فنجان قهوة أو شاي أو تطيب فال بأس كعادة الناس مع زوارهم. حكم الذهاب للعزاء إذا كان هناك بدع س :هل يجوز الذهاب للعزاء في ميت إذا كان هناك بدع ،مثل قراءة القرآن مع رفع الكفين قبل إلقاء السالم؟ ج :السنة زيارة أهل الميت لعزائهم ،وإذا كان عندهم منكر ،ينكر ويبين لهم ،فيجمع المعزي بين المصلحتين ،يعزيهم وينكر عليهم وينصحهم ،أما مجرد قراءة القرآن فال بأس فيها ،فإذا اجتمعوا وقرأ واحد منهم القرآن عند اجتماعهم ،كقراءة الفاتحة وغيرها ، فال بأس وليس في ذلك منكر ،فقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم إذا اجتمع مع أصحابه يقرأ القرآن؛ فإذا اجتمعوا في مجلسهم للمعزين وقرأ واحد منهم أو بعضهم شيئا من القرآن فهو خير من سكوتهم. أما إذا كان هناك بدع غير هذا ،كأن يصنع أهل الميت طعاما للناس ،يُعلَّمون ويُنصحون لترك ذلك ،فعلى المعزي إذا رأى منكرا أن يقوم بالنصح. ِين آ َمنُواان لَ ِفي َخس َِر ِإال الَّذ َ س َ (وا ْل َعص ِْر ِإ َّن ْ ِ اإل ْن َ يقول جل وعالَ : ص ْب ِر) ويقول جل ص ْوا ِبال َّ ق َوتَ َوا َ ص ْوا ِبا ْل َح ِ ت َوتَ َوا َ َوع َِملُوا ال َّ صا ِل َحا ِ اإلثْ ِم علَى ْ ِ اونُوا َ علَى ا ْلبِ ِر َوالت َّ ْق َوى َوال تَعَ َاونُوا َ (وتَعَ َ وعالَ : ان) ويقول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من رأى منكم منكرا َوا ْلعُد َْو ِ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان) أما قول السائل :إن المعزي يرفع اليدين ويقرأ القرآن قبل الدخول والسالم فهذا بدعة وليس له أصل ،أما إذا قرأ واحد عنهم القرآن على الجميع للفائدة فال بأس. ال بأس باستقبال المعزين س :ما رأي سماحتكم فيمن يجلس بالمنزل الستقبال المعزين ،مع العلم أن كثيرا من المعزين ال يتمكنون من القيام بالعزاء إال في المنزل؟ ج :ال أعلم بأسا في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه ،أو زوجته ،ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب ؛ ألن التعزية سنة ،واستقباله المعزين مما يعينهم على أداء السنة؛ وإذا أكرمهم بالقهوة ،أو الشاي ،أو الطيب ،فكل ذلك حسن. حكم جمع أهل الميت في صف واحد حتى تتم تعزيتهم س :يقوم بعض المعزين بإخراج أهل الميت بعيدا عن القبور ، ووضعهم في صف حتى تتم معرفتهم وتعزيتهم بنظام ،وال تهان القبور ،ما حكم ذلك؟ ج :ال أعلم في هذا بأسا ؛ لما فيه من التيسير على الحاضرين لتعزيتهم. حكم تقبيل ومعانقة المعزى س :نالحظ في وقت العزاء أن أغلب الناس عندما يريدون التعزية يقبلون المعزى أو يعانقونه ،والبعض ينكر ذلك ويقول :إن التعزية مصافحة فقط ،فما رأي سماحتكم في ذلك ؟ ج :األفضل في التعزية وعند اللقاء المصافحة إال إذا كان المعزي أو المالقي قد قدم من سفر فيشرع مع المصافحة المعانقة ؛ لقول أنس رضي هللا عنه( :كان أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم إذا تالقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا) وهللا ولي التوفيق. التعزية في أهل المعاصي س :أحيانا تحدث وفاة شخص إما متعمد لالنتحار ،أو شخص سكير شرب مسكرا يحتوي على كمية كبيرة من س ْكر المؤدية للوفاة ،أو شخص اعتدي عليه للخالص من شره ال ُ فهل يجوز مواساة والدة المتوفى بسبب من هذه األسباب ،أو غيرها ممن يمت له بصلة ،حيث إنني أتردد كثيرا ،هل أذهب أم ال؟ ج :ال بأس بالتعزية ،بل تستحب ،وإن كان الفقيد عاصيا بانتحار أو غيره ،كما تستحب ألسرة من قُتِ َل قصاصا ،أو حدا ،كالزاني المحصن ،وهكذا من شرب المسكر حتى مات بسبب ذلك ،ال مانع في تعزية أهله فيه ،وال مانع من الدعاء له وألمثاله من العصاة بالمغفرة والرحمة ،ويغسل ويصلي عليه ،لكن ال يصلي عليه أعيان المسلمين مثل السلطان والقاضي ونحو ذلك ،بل يصلي عليه بعض الناس من باب الزجر عن عمله السيئ .أما من مات بعدوان غيره عليه فهذا مظلوم ،يصلى عليه ويدعى له إذا كان مسلما ،وكذا من مات قصاصا -كما تقدم -فهذا يصلى عليه ويدعى له ويعزى أهله في ذلك إذا كان مسلما ولم يحصل منه ما يوجب ردته ،وهللا ولي التوفيق. حكم السفر للتعزية س :ما حكم السفر للعزاء والمكث عند أهل الميت ؟ ج :بحسب أحوال أهل الميت ،فإذا كان فيه تثقيل عليهم فال يجوز ،أما إذا كانوا يحبون ذلك فال حرج ،واألمر في ذلك واسع. س :ما حكم من يسافر من أجل العزاء لقريب أو صديق ،وهل يجوز العزاء قبل الدفن ؟ ج :ال نعلم بأسا في السفر من أجل العزاء لقريب أو صديق ؛ لما في ذلك من الجبر والمواساة وتخفيف آالم المصيبة ،وال بأس في العزاء قبل الدفن وبعده ،وكلما كان أقرب من وقت المصيبة كان أكمل في تخفيف آالمها .وباهلل التوفيق. من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم ص .م. ح .سلمه هللا. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ،وبعد: فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية برقم 2790 وتاريخ 1405 /9 /8هـ الذي تسأل فيه عن أسوار المسجد وعن الصالة على الميت بعد دفنه بالمقبرة وعن زكاة المرتبات ،وعن السفر لتعزية إنسان في ميت . وأفيدك بأن ما كان داخل سور المسجد فهو من المسجد فال يباع فيه وال تنشد فيه الضالة وتجوز الصالة فيه .وأما السفر لتعزية إنسان مسلم في ميته فال حرج فيه والدعاء لألموات وطلب الرحمة لهم في خطبة الجمعة جائز ،والصالة على الميت بعد الدفن جائزة وقد فعلها النبي صلى هللا عليه وسلم .أما زكاة المرتبات من النقود ففيها تفصيل :فإن كانت قد حال عليها الحول وهي في حوزته وقد بلغت النصاب ففيها الزكاة .أما إن كانت أقل من النصاب أو لم يحل عليها الحول بل أنفقها قبل ذلك فال زكاة فيها، وفق هللا الجميع لما فيه رضاه ،إنه سميع مجيب ،والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد ليس للعزاء أيام محدودة س :هل للتعزية حد معين؟ ج :ال أعلم لها حدا معلوما. س :هل للعزاء أيام محدودة ،حيث يقال :إنها ثالثة أيام فقط؟ أرجو اإلفادة جزاكم هللا خيرا ج :العزاء ليس له أيام محدودة ،بل يشرع من حين خروج الروح قبل الصالة على الميت وبعدها ،وليس لغايته حد في الشرع المطهر سواء كان ذلك ليال أو نهارا ،وسواء كان ذلك في البيت أو في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة أو في غير ذلك من األماكن .وهللا ولي التوفيق. س :هل يعتبر تخصيص أيام ثالثة للعزاء ألهل الميت من األمور المبتدعة ،وهل هناك عزاء للطفل والعجوز والمريض الذي ال يرجى شفاؤه بعد موتهم؟ ج :التعزية سنة ؛ لما فيها من جبر المصاب والدعاء له بالخير ،وال فرق في ذلك بين كون الميت صغيرا أو كبيرا ،وليس فيها لفظ مخصوص بل يعزي المسلم أخاه بما تيسر من األلفاظ المناسبة مثل أن يقول( :أحسن هللا عزاءك وجبر مصيبتك وغفر لميتك) إذا كان الميت مسلما .أما إذا كان الميت كافرا فال يدعى له وإنما يعزى أقاربه المسلمون بنحو الكلمات المذكورة ،وليس لها وقت مخصوص وال أيام مخصوصة ،بل هي مشروعة من حين موت الميت ،قبل الصالة وبعدها ،وقبل الدفن وبعده ،والمبادرة بها أفضل ،وتجوز بعد ثالث من موت الميت ؛ لعدم الدليل على التحديد. الكلمات المناسبة للتعزية س :األخ ع .م .ح .من القاهرة يقول في سؤاله :بعض الناس إذا أراد أن يعزي إنسانا في قريب له متوفى يقول له :البقية في حياتك ،وشد حيلك ونحو هذه الكلمات والسؤال :هل هناك شيء مخصوص يقال في مثل هذه المناسبة ، وهل يجب التقيد به؟ أفيدونا مأجورين . ج :ال أعلم دعاء معينا في ذلك عن النبي صلى هللا عليه وسلم ، ولكن يشرع للمعزي أن يعزي أخاه في هللا في فقيده بالكلمات المناسبة ،مثل( :أحسن هللا عزاءك ،وجبر مصيبتك ،وأعظم أجرك ،وغفر لميتك ..ونحو ذلك .أما التعزية بقوله البقية في حياتك ،أو شد حيلك ،فال أعلم لهما أصال ،وفق هللا الجميع. حكم إقامة مراسم العزاء س :تقام مراسم العزاء فيتجمع الناس عند بيت المتوفى خارج المنزل ،وتوضع بعض المصابيح الكهربائية -تشبه تلك التي في األفراح ، -ويصطف أهل المتوفى ويمر الذين يريدون تعزيتهم ، يمرون عليهم واحدا بعد اآلخر ،ويضع كل منهم يده على صدر كل فرد من أهل المتوفى ويقول له :عظم هللا أجرك فهل هذا االجتماع وهذا الفعل مطابق للسنة ؛ وإذا لم يوافق السنة ،فما هي السنة في ذلك؟ أفيدونا جزاكم هللا خيرا . ج :هذا العمل ليس مطابقا للسنة ،وال نعلم له أصال في الشرع المطهر .وإنما السنة التعزية ألهل المصاب من غير كيفية معينة وال اجتماع معين كهذا االجتماع ،وإنما يشرع لكل مسلم أن يعزي أخاه بعد خروج الروح في البيت ،أو في الطريق ،أو في المسجد ،أو في المقبرة ،سواء كانت التعزية قبل الصالة أو بعدها .وإذا قابله شرع له مصافحته والدعاء له بالدعاء المناسب مثل :عظم هللا أجرك وأحسن عزاءك وجبر مصيبتك ،وإذا كان الميت مسلما دعا له بالمغفرة والرحمة ،وهكذا النساء فيما بينهن يعزي بعضهن بعضا ،ويعزي الرجل المرأة والمرأة الرجل لكن من دون خلوة وال مصافحة إذا كانت المرأة ليست محرما له ،وفق هللا المسلمين جميعا للفقه في دينه ،والثبات عليه ،إنه خير مسئول. حكم جلوس أهل الميت ثالثة أيام للتعزية س :بعض أهل الميت يجلسون ثالثة أيام ،فما حكم ذلك؟ ج :إذا جلسوا حتى يعزيهم الناس فال حرج إن شاء هللا حتى ال يتعبوا الناس ،لكن من دون أن يصنعوا للناس وليمة. االجتماع في بيت الميت لألكل والشرب وقراءة القرآن بدعة س :في بعض البلدان إذا مات الميت يجتمعون في بيت الميت ثالثة أيام يصلون ويدعون له ،فما حكم هذا؟ ج :االجتماع في بيت الميت لألكل والشرب وقراءة القرآن بدعة ، وهكذا الصالة في البيت ال تجوز ،بل على الرجال الصالة في المسجد مع الجماعة ،وإنما يؤتى أهل الميت للتعزية والدعاء لهم والترحم على ميتهم .أما أن يجتمعوا إلقامة مأتم بقراءة خاصة أو أدعية خاصة أو غير ذلك فذلك بدعة ،ولو كان هذا خيرا لسبقنا إليه سلفنا الصالح ،فالرسول صلى هللا عليه وسلم ما فعله ،فقد قُ ِت َل جعفر بن أبي طالب وعبد هللا بن رواحة ،وزيد بن حارثة رضي هللا عنهم في معركة مؤتة فجاءه الخبر عليه الصالة والسالم من الوحي بذلك ،فنعاهم للصحابة وأخبرهم بموتهم وترضى عنهم ودعا لهم ولم يتخذ لهم مأتما ،وكذلك الصحابة من بعده لم يفعلوا شيئا من ذلك ،فقد مات الصديق رضي هللا عنه ولم يتخذوا له مأتما ، وقتل عمر رضي هللا عنه وما جعلوا له مأتما ،وال جمعوا الناس ليقرءوا القرآن ،وقتل عثمان بعد ذلك ،وعلي رضي هللا عنهما ، فما فعل الصحابة رضي هللا عنهم لهما شيئا من ذلك ،وإنما السنة أن يصنع الطعام ألهل الميت من أقاربهم أو جيرانهم فيبعث إليهم ، مثلما فعل النبي صلى هللا عليه وسلم حينما جاءه نعي جعفر فقال ألهله (اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) أخرجه الخمسة إال النسائي ،هذا هو المشروع ،أما أن يحملوا بالء مع بالئهم ،ويكلفوا ليضعوا طعاما للناس فهو خالف السنة ،وهو بدعة ؛ لما ذكرنا آنفا ،ولقول جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه (كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) أخرجه اإلمام أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح .والنياحة هي :رفع الصوت بالبكاء وهي محرمة ،والميت يعذب في قبره بما يناح عليه ،كما صحت به السنة عن النبي عليه الصالة والسالم ،فيجب الحذر من ذلك .أما البكاء فال بأس به إذا كان بدمع العين فقط بدون نياحة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم( :إن العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) حكم إقامة وليمة يجتمع فيها المعزون س :ما حكم ما جرت به عادة بعض الناس من ذبح اإلبل ،والغنم ، وإقامة وليمة عند موت الميت يجتمع فيها المعزون وغيرهم ويقرأ فيها القرآن؟ ج :هذا كله بدعة لم يفعله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال أصحابه رضي هللا عنهم ،وقد ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي الصحابي الشهير رضي هللا عنه قال( :كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) أخرجه اإلمام أحمد ، وابن ماجة بسند صحيح .وإنما المشروع أن يصنع الطعام ألهل الميت ،ويبعث به إليهم ،من أقاربهم أو جيرانهم أو غيرهم ؛ لكونهم قد شغلوا بالمصيبة عن إعداد الطعام ألنفسهم ؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد هللا بن جعفر رضي هللا عنهما قال :لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه قال النبي صلى هللا عليه وسلم (اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) أخرجه اإلمام أحمد ،وأبو داود ،والترمذي ، وابن ماجة بإسناد صحيح. وهذا العمل مع كونه بدعة فيه أيضا تكليف أهل الميت وإتعابهم مع مصيبتهم ،وإضاعة أموالهم في غير حق ،وهللا المستعان. صنع الطعام ألهل الميت س :إذا كان اإلطعام ألهل الميت ذبيحة ،فما الحكم فيها؟ ج :ال بأس ،ويعمله لهم الجيران أو األقارب ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أمر أهله أن يصنعوا آلل جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه طعاما لما جاء خبر موته بالشام فقال: (إنه قد أتاهم ما يشغلهم) أهل الميت ال يصنعون للناس طعاما س :إذا صنع أهل الميت ألنفسهم طعاما فهل يجوز؟ ج :ال بأس إذا صنعوا ألنفسهم ،ولكن ال يصنعوا ذلك للناس. حكم دعوة أهل الميت من يأكل معهم ما بُ ِع َ ث لهم س :إذا بعث ألهل الميت غداء أو عشاء فاجتمع عليه الناس في بيت الميت ،هل هو من النياحة المحرمة؟ ج :ليس ذلك من النياحة ؛ ألنهم لم يصنعوه وإنما صنع ذلك لهم ، وال بأس أن يدعوا من يأكل معهم من الطعام الذي بعث لهم ؛ ألنه قد يكون كثيرا يزيد على حاجتهم. حكم بعث الذبائح ألهل الميت والدعوة إليها س :بالنسبة للذبائح التي تذبح عند العزاء إذا أحضرها الشخص ألهل الميت ودعا عليها ،ما الحكم فيها؟ وما حكم الجلوس في العزاء معهم؟ ج :السنة ألقارب الميت وأصدقائه وجيرانه أن يبعثوا ألهل الميت طعاما حتى يريحوهم من تعب الطبخ ؛ ألنه قد أتاهم ما يشغلهم ، ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أمر أهله أن يبعثوا آلل جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه طعاما لما جاء خبر موته وقال صلى هللا عليه وسلم( :إنه قد جاءهم ما يشغلهم) أما بعث الذبائح فهذا خالف السنة ؛ ألنه إتعاب لهم بذبحها وطبخها ،فينبغي عدم فعل ذلك ؛ ألنه خالف السنة. حكم دفع النقود ألهل الميت س :بعض المعزين يدفع شيئا من المال ألهل الميت حسب قدرته ، فهل هذا جائز؟ جزاكم هللا خيرا . ج :السنة أن يصنع لهم طعاما إذا تيسر ،والنبي صلى هللا عليه وسلم لما جاءه نعي جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة قال ألهله: (اصنعوا ألهل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم) فإذا صنعوا لهم طعاما ليأكلوه فهو حسن. أما إعطاؤهم النقود فهذا غير مشروع ،إال إذا كانوا فقراء ومحتاجين ،فهؤالء ال يعطون وقت العزاء ،ولكن في وقت آخر من أجل فقرهم وحاجتهم. حكم إقامة الوالئم من تركة الميت س :يقيم بعض الناس والئم وذبائح عند موت بعض أقاربهم ،وتصرف قيمة هذه الوالئم من مال المتوفى ،ما حكم ذلك؟ وإذا وصى الميت بإقامة مثل هذه الوالئم بعد موته هل يلزم الشرع الورثة بإنفاذ هذه الوصية؟ ج :الوصية بإقامة الوالئم بعد الموت بدعة ومن عمل الجاهلية ، وهكذا عمل أهل الميت للوالئم المذكورة ولو بدون وصية منكر ال يجوز ؛ لما ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه قال: (كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) خرجه اإلمام أحمد بإسناد حسن ،وألن ذلك خالف ما شرعه هللا من إسعاف أهل الميت بصنعة الطعام لهم لكونهم مشغولين بالمصيبة ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه لما بلغه استشهاد جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه في غزوة مؤتة قال ألهله( :اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) عادات االحتفال بعد موت أحد من الناس س :هناك في اليمن عادات يفعلها بعض الناس بعد موت أحد أقاربهم ،فهم يضطرون إلى أن يستدينوا من أجل االحتفاالت واألكل والشرب وما أشبه ذلك ،حتى وإن كان المتوفى فقيرا لم خلف شيئا ،فما الحكم في ذلك جزاكم هللا خيرا؟ يُ ِ ج :ال يجوز االحتفال عند موت أحد من الناس ،وليس ألهل الميت أن يقيموا احتفاال وال يذبحوا ذبائح ويصنعوا طعاما للناس ،كل هذا من البدع ومن أعمال الجاهلية ،فالواجب تركه ،وقد ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه قال( :كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) رواه اإلمام أحمد بإسناد صحيح. فالمشروع للمسلمين إذا مات الميت المسلم أن يسألوا هللا له المغفرة والرحمة ،وأن يتركوا هذه االحتفاالت الجاهلية ،لكن يشرع لجيرانهم وأقاربهم أن يصنعوا لهم طعاما ؛ ألنهم مشغولون بالمصيبة ؛ لما ثبت من حديث عبد هللا بن جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه -لما قتل في غزوة مؤتة في أرض الشام -إلى المدينة أمر النبي عليه الصالة والسالم أهله أن يصنعوا آلل جعفر طعاما قال( :ألنه أتاهم ما يشغلهم) أما أهل الميت فليس لهم صنع الطعام للناس ؛ لما تقدم .أما إذا صنعوا ذلك ألنفسهم أو لضيوف نزلوا بهم فال بأس. حكم البذخ واإلسراف في العزاء س :ما حكم البذخ واإلسراف في العزاء ،حيث يتكلف أهل الميت بإقامة الوالئم للمعزين ،وهناك عادة جرت مثل اليوم الثالث واليوم الثامن ،واألربعين بالنسبة للمعزين ؟ ج :هذا ال أصل له ،بل هو بدعة ومنكر ومن أمر الجاهلية ،فال يجوز للمعزين أن يقيموا الوالئم للميت ،ال في اليوم األول وال في الثالث وال في الرابع وال في األربعين أو غير ذلك ،هذه كلها بدعة ،وعادة جاهلية ال وجه لها ،بل عليهم أن يحمدوا هللا ويصبروا ويشكروه سبحانه وتعالى على ما قدر ،ويسألوه سبحانه أن يصبرهم وأن يعينهم على تحمل المصيبة ،ولكن ال يصنعون للناس طعاما. قال جرير بن عبد هللا البجلي -وهو صحابي جليل -رضي هللا عنه: (كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) رواه اإلمام أحمد بإسناد حسن .كان الصحابة يعدون النياحة من المحرمات ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم زجر عنها ،ولكن يشرع ألقاربهم وجيرانهم أن يبعثوا لهم طعاما ؛ ألنهم مشغولون بالمصيبة ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لما وصله نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه حين قتل في مؤتة باألردن أمر صلى هللا عليه وسلم أهل بيته أن يصنعوا ألهل جعفر طعاما ،وقال( :إنه قد أتاهم ما يشغلهم) أما أهل الميت فال يصنعوا طعاما ال في اليوم األول ،وال في اليوم الثالث ،وال في الرابع ، وال في العاشر ،وال في غيره. لكن إذا صنعوا ألنفسهم أو لضيفهم طعاما فال بأس ،أما أن يجمعوا الناس للعزاء ويصنعوا لهم طعاما فال يجوز لمخالفته للسنة. األربعينيات والسنوات ال أصل لها في الشرع س :ما حكم العادات في العزاء ،من الوالئم وقراءة القرآن واألربعينيات والسنوات وما شاكل ذلك؟ ج :هذه العادات ال أصل لها في الشرع المطهر وال أساس لها ،بل هي من البدع ومن أمر الجاهلية ،فإقامة وليمة إذا مات الميت يدعى إليها الجيران واألقارب وغيرهم ألجل العزاء بدعة ال تجوز ،وهكذا إقامة هذه األمور كل أسبوع أو على رأس السنة كلها من البدع الجاهلية ،وإنما المشروع ألهل الميت الصبر واالحتساب والقول كما قال الصابرون( :إنا هلل وإنا إليه راجعون). صلَ َواتٌ وقد وعدهم هللا خيرا كثيرا ،فقال سبحانه( :أُولَئِكَ َ علَ ْي ِه ْم َ ُون) وال حرج عليهم أن ِم ْن َر ِب ِه ْم َو َر ْح َمةٌ َوأُولَئِكَ ُه ُم ا ْل ُم ْهتَد َ يصنعوا ألنفسهم الطعام العادي ألكلهم وحاجاتهم ،وهكذا إذا نزل بهم ضيف ال حرج عليهم أن يصنعوا له طعاما يناسبه ؛ لعموم األدلة في ذلك. ويشرع ألقاربهم وجيرانهم أن يصنعوا لهم طعاما يرسلونه إليهم ؛ ألنه قد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه حين قتل في مؤتة في الشام أنه قال ألهله( :اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) فدل ذلك على مشروعية إرسال الطعام إلى أهل الميت من أقاربهم أو غيرهم أيام المصيبة. من بدع العزاء س :نسأل عن ظاهرة منتشرة في كثير من بالد المسلمين ،وهي: ما يقوم به أهل الميت من أعمال بعد االنتهاء من الدفن لميتهم ، حيث يجهزون سرادقا من الخيام أو أي شيء آخر ،ويجتمع أهل الميت فيه بعد إضاءته في إحدى الساحات أو الشوارع ،الستقبال المعزين وتناول القهوة والشاي وغيرهما ،باإلضافة إلى إحضار قارئ لقراءة القرآن بأجر ،وإن لم يتيسر استخدموا جهاز تسجيل لسماع القرآن ،وفي الليلة الثالثة يتم إقامة وليمة طعام للجميع ، فما توجيه سماحتكم؟ وهل تجوز المشاركة فيها؟ ع .م -.مكة. ج :إقامة العزاء بهذه الصورة بدعة ال يجوز فعلها ،وال المشاركة فيها ؛ لما ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه أنه قال (كنا نعد االجتماع ألهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) رواه اإلمام أحمد بإسناد صحيح .وإنما السنة أن يصنع ألهل الميت طعام من أقاربهم ،وجيرانهم ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ألهله لما جاء نبأ نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه( :اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) رواه اإلمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ،نسأل هللا أن يوفق المسلمين لما فيه نجاتهم وسالمة دينهم ودنياهم ،إنه سميع قريب. س :عندنا في سورية عادات مختلفة قليال وعجيبة أحيانا عما عند غيرنا ،مثال :عندما يتوفى لنا ميت يسارع الناس إلى تقديم العزاء حاملين معهم ما يتيسر من مواد غذائية سكر ورز وما هنالك لمدة أسبوع أو أكثر. يجلسون ويتبادلون األحاديث ويتناولون الشاي والدخان وخاصة األرجيل ويطيلون في جلوسهم ،وبعد عصر كل يوم يقرءون ما يسمى الختمية ،كل شخص يقرأ جزءا من القرآن ثم يتم وهبه للميت ،وأحيانا نجد شخصين يقرآن في نفس الجزء ،أحدهما الصفحة األولى ،والثاني الصفحة األخرى ؛ حتى يستعجال في قراءة الجزء ,ونفس الشيء يوم األربعين ،حيث يتم ذلك بعد صالة الظهر وتقديم وليمة أو وليمتين على الغداء .فما رأيكم في ذلك؟ جزاكم هللا عنا كل خير .أ .م .ح .سوريا. ج :الحمد هلل ،وبعد :فإن التعزية مشروعة ألهل الميت ،وهكذا بعث الطعام لهم ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أمر أهله أن يبعثوا آلل جعفر بن أبي طالب طعاما لما جاء خبر موته ،وقال: (فقد أتاهم ما يشغلهم) أما جلوس أهل الميت أو غيرهم يوما أو أكثر لقراءة القرآن وإهدائه إلى الميت فبدعة ال أصل لها في الشرع المطهر ،وكذا ما ذكرتم مما يفعل يوم األربعين ال أصل له في الشرع. وأما التدخين فهو منكر في جميع األوقات ومضاره كثيرة. نسأل هللا أن يعافي المسلمين من شره ،ومن جميع الشرور ،وأن يوفقهم التباع السنة والحذر في جميع شئونهم ،إنه جواد كريم. وهللا الموفق. الذكريات التي تقام للميت س :من أين أتت الذكرى التي تقام للميت في اليوم الثالث من وضعه في القبر؟ ج :ابتدعها من جهلوا اإلسالم وما يجب عليهم نحوه من المحافظة على أصوله وفروعه ،وليس لديهم وازع ديني سليم ،بل مشرب بتقاليد أهل الضالل ،فهو بدعة مستحدثة في اإلسالم ؛ فكانت مردودة شرعا؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) الذكرى األربعينية عادة فرعونية س :ما أصل الذكرى األربعينية؟ وهل هناك دليل على مشروعية التأبين؟ ج :أوال :األصل فيها أنها عادة فرعونية ،كانت لدى الفراعنة قبل اإلسالم ،ثم انتشرت عنهم وسرت في غيرهم ،وهي بدعة منكرة ال أصل لها في اإلسالم ،ويردها ما ثبت من قول النبي صلى هللا عليه وسلم( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ثانيا :تأبين الميت ورثاؤه على الطريقة الموجودة اليوم من االجتماع لذلك والغلو في الثناء عليه ال يجوز ؛ لما رواه أحمد وابن ماجة وصححه الحاكم من حديث عبد هللا بن أبي أوفى قال(:نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن المراثي) ولما في ذكر أوصاف الميت من الفخر غالبا وتجديد اللوعة وتهييج الحزن. وأما مجرد الثناء عليه عند ذكره أو مرور جنازته أو للتعريف به بذكر أعماله الجليلة ونحو ذلك مما يشبه رثاء بعض الصحابة لقتلى أحد وغيرهم فجائز ؛ لما ثبت عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال( :مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا؛ فقال صلى هللا عليه وسلم :وجبت ،ثم مروا بأخرى ،فأثنوا عليها شرا؛ فقال صلى هللا عليه وسلم :وجبت ،فقال عمر رضي هللا عنه :ما وجبت؟ قال صلى هللا عليه وسلم( :هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة ،وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار أنتم شهداء هللا في األرض) تنبيه على مسائل في التعزية من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من إخواني المسلمين ،وفقني هللا وإياهم إلى فعل الطاعات وجنبني وإياهم البدع والمنكرات آمين .سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ، أما بعد: فإن الداعي لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير والتنبيه على مسائل في التعزية مخالفة للشرع قد وقع فيها بعض الناس وال ينبغي السكوت عنها بل يجب التنبيه والتحذير منها. أقول وباهلل التوفيق :على كل مسلم أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه فهو بقضاء هللا وقدره وعليه أن يصبر ويحتسب ،وينبغي للمصاب أن يستعين باهلل تعالى ويتعزى بعزائه ويمتثل أمره في االستعانة بالصبر والصالة ؛ لينال ما وعد هللا به الصابرين في صابَتْ ُه ْم ُم ِصيبَةٌ قَالُوا إِنَّا ِين إِذَا أَ َ ين الَّذ َ صا ِب ِر َ (وبَش ِِر ال َّقوله تعالىَ : صلَ َواتٌ ِم ْن َر ِب ِه ْم َو َر ْح َمةٌ علَ ْي ِه ْم َون أُولَئِكَ َ اجعُ َ ِ ََّّللِ َوإِنَّا إِلَ ْي ِه َر ِ َوأُولَ ِئكَ ُه ُم ا ْل ُم ْهتَد َ ُون) وروى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي هللا عنها ،قالت: سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول( :ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا هلل وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إال أجره هللا في مصيبته وأخلف له خيرا منها) وليحذر المصاب أن يتكلم بشيء يحبط أجره ويسخط ربه مما يشبه التظلم والتسخط ،فهو سبحانه وتعالى عدل ال يجور ، وله ما أخذ وله ما أعطى ،وكل شيء عنده بأجل مسمى ،وله في ذلك الحكمة البالغة ،وهو الفعال لما يريد ،ومن عارض في هذا فإنما يعترض على قضاء هللا وقدره الذي هو عين المصلحة والحكمة وأساس العدل والصالح. وال يدعو على نفسه ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قال لما مات أبو سلمة( :ال تدعوا على أنفسكم إال بخير فإن المالئكة يؤمنون على ما تقولون) ,ويحتسب ثواب هللا ويحمده. وتعزية المصاب بالميت مستحبة ؛ لما روي عن ابن مسعود رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم( :من عزى مصابا فله مثل أجره) . والمقصود منها تسلية أهل المصيبة في مصيبتهم ومواساتهم وجبرهم. وال بأس بالبكاء على الميت ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم فعله لما مات ابنه إبراهيم وبعض بناته صلى هللا عليه وسلم. أما الندب والنياحة ولطم الخد وشق الجيب وخمش الوجه ونتف الشعر والدعاء بالويل والثبور وما أشبهها فكل ذلك محرم ؛ لما روى ابن مسعود رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) وعن أبي موسى رضي هللا عنه قال( :إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة) وذلك ألن هذه األشياء وما أشبهها فيها إظهار للجزع والتسخط وعدم الرضا والتسليم. والصالقة :هي التي ترفع صوتها عند المصيبة ،والحالقة :هي التي تحلق شعرها عند المصيبة ،والشاقة :هي التي تشق ثوبها عند المصيبة .ويستحب إصالح طعام ألهل الميت يبعث به إليهم إعانة لهم وجبرا لقلوبهم فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصالح طعام ألنفسهم ؛ لما روى اإلمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة بسند صحيح عن عبد هللا ابن جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنهما قال :لما جاء نعي جعفر قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (اصنعوا آلل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم ما يشغلهم) وروي عن عبد هللا بن أبي بكر رضي هللا عنهما أنه قال: (فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها). أما صنع أهل الميت الطعام للناس سواء أكان ذلك من مال الورثة أو من ثلث الميت أو من شخص يفد عليهم فهذا ال يجوز ؛ ألنه خالف السنة ومن عمل الجاهلية ،وألن في ذلك زيادة تعب لهم على مصيبتهم وشغال إلى شغلهم وقد روى اإلمام أحمد وابن ماجة بإسناد جيد عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه أنه قال: (كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) وأما اإلحداد فيحرم على المرأة إحداد فوق ثالثة أيام على ميت غير زوج ،فيلزم زوجته اإلحداد مدة العدة فقط ؛ لقوله عليه الصالة والسالم( :ال يحل المرأة تؤمن باهلل واليوم اآلخر أن تحد على ميت فوق ثالث ليا ٍل إال على زوجٍ أربعة أشهر وعشرا) أما إحداد النساء سنة كاملة فهذا مخالف للشريعة اإلسالمية السمحة ،وهو من عادات الجاهلية التي أبطلها اإلسالم وحذر منها ،فالواجب إنكاره والتواصي بتركه. قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى « :وهذا من تمام محاسن الشريعة وحكمتها ورعايتها على أكمل الوجوه ،فإن اإلحداد على الميت من تعظيم مصيبة الموت التي كان أهل الجاهلية يبالغون فيها أعظم مبالغة ،وتمكث المرأة سنة في أضيق بيت وأوحشه ، ال تمس طيبا وال تدهن وال تغتسل ،إلى غير ذلك مما هو تسخط على الرب وأقداره ،فأبطل هللا بحكمته سنة الجاهلية وأبدلنا بها الصبر والحمد. ولما كانت مصيبة الموت ال بد أن تحدث للمصاب من الجزع واأللم والحزن ما تقتضيه الطباع سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من ذلك ،وهو ثالثة أيام ،تجد بها نوع راحة ،وتقضي بها وطرا من الحزن ،وما زاد عن ذلك فمفسدة راجحة فمنع منه .والمقصود أنه أباح لهن اإلحداد على موتاهن ثالثة أيام ،وأما اإلحداد على الزوج فإنه تابع للعدة بالشهور ، وأما الحامل فإذا انقضى حملها سقط وجوب اإلحداد ؛ ألنه يستمر إلى حين الوضع » ا .هـ كالمه رحمه هللا. وأما عمل الحفل بعد خروج المرأة من العدة فهو بدعة إذا اشتمل على ما حرم هللا من نياحة وعويل وندب ونحوها ،فإن لم يشتمل على شيء من ذلك فال بأس به ،أما االحتفال من أجل الميت فلم يثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال عن أحد من أصحابه رضي هللا عنهم وال عن السلف الصالح إقامة حفل للميت مطلقا ال عند وفاته وال بعد أسبوع أو أربعين يوما أو سنة من وفاته ،بل ذلك بدعة وعادة قبيحة. فيجب البعد عن مثل هذه األشياء وإنكارها والتوبة إلى هللا منها وتجنبها ؛ لما فيها من االبتداع في الدين ومشابهة المشركين ، وقد ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد هللا وحده ال شريك له وجعل رزقي تحت ظلي رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم) وثبت عنه أيضا ليه الصالة والسالم أنه قال( :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) إلى غير ذلك من األحاديث الدالة على النهي عن التشبه بالمشركين وعن االبتداع في الدين ،وهللا أعلم. الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد حكم النعي في الجرائد س :ما حكم النعي في الجرائد؟ ج :هو محل نظر لما فيه من التكلف غالبا ،وقد يباح إذا كان صدقا وليس فيه تكلف ،وتركه أولى وأحوط ،وإذا أراد التعزية فيكتب لهم كتابا أو يتصل بالهاتف أو يزورهم وهذا أكمل. س :ما حكم التعزية في الجرائد ،هل تعتبر من النعي المحرم؟ ج :ليس ذلك من النعي المحرم ،وتركه أولى ؛ ألنه يكلف المال الكثير. حكم قولهم « انتقل إلى مثواه األخير » س :ما حكم قولهم في التعزية « :انتقل إلى مثواه األخير » ؟ ج :ال أعلم في هذا بأسا ؛ ألنه مثواه األخير بالنسبة للدنيا ،وهي كلمة عامية ؛ أما المثوى األخير الحقيقي فهو الجنة للمتقين والنار للكافرين. حكم قولهم « :يا أيتها النفس المطمئنة » س :ما حكم قولهم « :يا أيتها النفس المطمئنة » ؟ ج :هذا غلط وما يدريهم بذلك ؛ بل المشروع الدعاء له بالمغفرة والرحمة ويكفي ذلك. حكم قول أهل الميت للناس « :حللوا أخاكم » أو « أبيحوه » ونحوهما س :ما حكم قول أهل الميت للناس :حللوا أخاكم أو أبيحوه ، وقولهم :استغفروا له؟ ج :ال أعلم لهذا أصال ؛ لكن إذا كان يعلم أنه ظالمهم وطلب منهم أن يبيحوه فال بأس ،وإال يقتصر الطلب على الدعاء واالستغفار. حكم توزيع أوراق يبين فيها مكان الصالة أو العزاء س :عندنا في العمل إذا مات زميل لنا توزع أوراق يبين فيها مكان الصالة أو العزاء فما حكمه؟ ج :ما أعلم في ذلك شيئا ،كما فعل النبي صلى هللا عليه وسلم مع النجاشي ،فإذا قالوا سيصلى عليه في الجامع الفالني فليس في ذلك شيء. حكم القصائد التي فيها رثاء للميت س :القصائد التي فيها رثاء للميت هل هي من النعي المحرم؟ ج :ليست القصائد التي فيها رثاء للميت من النعي المحرم ،ولكن ال يجوز ألحد أن يغلو في أحد ويصفه بالكذب ،كما هي عادة الكثير من الشعراء. رسالة تعزية من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة اإلخوان الكرام ع .م. ن .وإخوانه وأهل بيتهم .وفق هللا الجميع لما فيه رضاه وجبر مصيبتهم. سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته أما بعد: لقد بلغني وفاة والدكم رحمه هللا ،وأقول :أحسن هللا عزاءكم وجبر مصيبتكم وغفر للفقيد وتغمده برحمته ورضوانه وأصلح ذريته جميعا .وال يخفى على الجميع أن الموت طريق مسلوك ومنهل مورود ،وقد مات الرسل وهم أشرف الخلق عليهم الصالة والسالم ،فلو سلم أحد من الموت لسلموا ،قال هللا سبحانهُ ( :ك ُّل نَ ْف ٍس ور ُك ْم يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة فَ َم ْن ُز ْح ِز َح ع َِن ذَائِقَةُ ا ْل َم ْو ِ ت َوإِنَّ َما ت ُ َوفَّ ْو َن أ ُ ُج َ ور)ع ا ْلغُ ُر ِاز َو َما ا ْل َح َياةُ ال ُّد ْن َيا ِإال َمتَا ُ النَّ ِار َوأُد ِْخ َل ا ْل َجنَّةَ فَقَ ْد فَ َ والمشروع للمسلمين عند نزول المصائب هو الصبر واالحتساب ون وقد وعدهم اجعُ َ والقول كما قال الصابرون( :إِنَّا ِ ََّّللِ َوإِنَّا إِلَ ْي ِه َر ِ هللا على ذلك خيرا صلَ َواتٌ ِم ْن َر ِب ِه ْم َو َر ْح َمةٌ َوأُولَئِكَ ُه ُم عظيما ،فقال( :أُولَئِكَ َ علَ ْي ِه ْم َ ُون) وصح عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال( :ما من ا ْل ُم ْهتَد َ عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا هلل وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها) إال أجره هللا في مصيبته وخلف له خيرا منها فنسأل هللا أن يجبر مصيبتكم جميعا ،وأن يحسن لكم الخلف ،وأن يعوضكم الصالح والعاقبة الحميدة. ونوصيكم بالصبر واالحتساب ،والتعاون على البر والتقوى ، واالستغفار لوالدكم ،والدعاء له بالفوز بالجنة والنجاة من النار ، والمسارعة لقضاء دينه إن كان عليه دين ،كما نوصي زوجاته جميعا أن يبقين في بيوتهن حتى تنتهي العدة ،وهللا سبحانه يقول: ع ْنهُ فَا ْنتَ ُهوا َواتَّقُوا َّ َّللاَ ِإ َّن َّ َّللاَ سو ُل فَ ُخذُو ُه َو َما نَ َها ُك ْم َ (و َما آتَا ُك ُم َّ الر ُ َ ب) جبر هللا مصيبة الجميع ،وضاعف لكم جميعا األجر شدِي ُد ا ْل ِعقَا ِ َ ،وغفر لوالدكم ،وأسكنه فسيح جنته ،إنه سميع قريب ،والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته. رئيس الجامعة اإلسالمية حكم الصبر والشكر والرضا عند المصيبة س :الشكر عند المصيبة هل هو واجب؟ ج :الواجب الصبر ؛ أما الرضا والشكر فهما مستحبان ،وعند المصيبة ثالثة أمور :الصبر وهو واجب ،والرضا سنة ،والشكر أفضل. حكم النياحة على الميت علي ،وال تذيعوا س :إني قلت ألخي :إذا توفيت ال تبكوا َّ بالميكرفون ،وأنا أخاف أن يفعلوا ذلك ،فما توجيهكم لهم جزاكم هللا خيرا ؟ ج :الواجب على المسلمين في هذه األمور الصبر واالحتساب ، وعدم النياحة ،وعدم شق الثوب ،ولطم الخد ،ونحو ذلك ؛ لقول الرسول صلى هللا عليه وسلم( :ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) ولقوله عليه الصالة والسالم في الحديث الصحيح( :أربع في أمتي من أمر الجاهلية ال يتركونهن الفخر في األحساب والطعن في األنساب واالستسقاء بالنجوم والنياحة) وقال( :النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) رواه مسلم في الصحيح. والنياحة :هي رفع الصوت بالبكاء على الميت .وقال صلى هللا عليه وسلم( :أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة) والحالقة :هي التي تحلق شعرها عند المصيبة ،أو تنتفه. والشاقة :هي التي تشق ثوبها عند المصيبة .والصالقة :هي التي ترفع صوتها عند المصيبة ،وكل هذا من الجزع ،فال يجوز للمرأة وال للرجل فعل شيء من ذلك .والواجب على أهلك أيتها السائلة أن يقبلوا هذه الوصية ،ويحذروا من النياحة عليك ؛ ألن النياحة تضرهم وتضر الميت ،كما في الحديث الصحيح( :الميت يعذب في قبره بما نيح عليه) فال يجوز لهم النياحة على الميت. أما البكاء بدمع العين ،وحزن القلب فال حرج فيه ،إنما الممنوع رفع الصوت بالصياح ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم( :إن العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) وقال عليه الصالة والسالم( :إن هللا ال يعذب بدمع العين وال بحزن القلب ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه -أو يرحم) حكم من أوصى بعدم النياحة فناحوا عليه س :إذا أوصى الميت بعدم النياحة عليه ثم مات فناحوا عليه ،فهل يعذب؟ ج :هللا أعلم ،والواجب عليهم الحذر ،ولعله إذا كان أوصاهم وحذرهم يسلم على القاعدة الشرعية المأخوذة من اآلية (وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) القرآنيةَ : دمع العين وحزن القلب ال بأس به س :من غلبها البكاء فناحت فما الحكم؟ ج :النياحة ال تجوز ،ودمع العين وحزن القلب ال بأس به ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم( :العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي الرب وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون) الميت يعذب بالنياحة س :هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه؟ ج :بالنياحة فقط. الجمع بين حديث :إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وقوله تعالى: (وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) َ س :يوجد حديث عند اإلمام البخاري رحمه هللا عن النبي صلى هللا عليه وسلم (أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه) .وحديث آخر عن عائشة أم المؤمنين رضي هللا عنها ترفض هذا القول وتقول: (وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) فما جوابكم أثابكم هللا حسبكم القرآنَ : عن هذه المسألة؟ هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه ،أم أنه ليس (وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) ؟لإلنسان إال ما سعىَ : ج :ليس هناك تعارض بين األحاديث واآلية التي ذكرتها عائشة رضي هللا عنها فقد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن عمر ومن حديث المغيرة وغيرهما في الصحيحين وليس في البخاري وحده أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال( :إن الميت يعذب بما يناح عليه) وفي رواية للبخاري( :ببكاء أهله عليه) والمراد بالبكاء النياحة وهي رفع الصوت ،أما البكاء الذي هو دمع العين فهذا ال يضر ،وإنما الذي يضر هو رفع الصوت بالبكاء وهو المسمى بالنياحة ،والرسول صلى هللا عليه وسلم قصد بهذا منع الناس من النياحة على موتاهم وأن يتحلوا بالصبر ويكفوا عن النوح ،وال بأس بدمع العين وحزن القلب ،كما قال عليه الصالة والسالم لما مات ابنه إبراهيم: (العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي الرب وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) فالميت يعذب بالنياحة عليه من أهله وهللا أعلم بكيفية العذاب الذي يحصل له بهذه النياحة وهذا مستثنى من (وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) فإن القرآن والسنة ال قوله تعالىَ : يتعارضان ،بل يصدق أحدهما اآلخر ويفسر أحدهما اآلخر فاآلية عامة والحديث خاص والسنة تفسر القرآن وتبين معناه فيكون تعذيب الميت بنياحة أهله عليه مستثنى من اآلية الكريمة وال تعارض بينها وبين األحاديث ،وأما قول عائشة رضي هللا عنها فهذا من اجتهادها وحرصها على الخير وما قاله النبي صلى هللا عليه وسلم اختَلَ ْفت ُ ْم فِي ِه (و َما ْ مقدم على قولها وقول غيرها لقول هللا سبحانهَ : از ْعت ُ ْم ِفي ش َْيءٍ َّللاِ) وقوله عز وجل( :فَ ِإ ْن تَنَ َ ِم ْن ش َْيءٍ فَ ُح ْك ُمهُ ِإلَى َّ اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم ْاآل ِخ ِر ذَ ِلكَ سو ِل ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم ت ُ ْؤ ِمنُ َ ون ِب َّ الر ُ فَ ُردُّوهُ ِإلَى َّ َّللاِ َو َّ س ُن تَأ ْ ِويال) واآليات في هذا المعنى كثيرة ،وهللا الموفق. َخ ْي ٌر َوأَ ْح َ ال يجوز وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم الحمد هلل والصالة والسالم على عبد هللا ورسوله نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ،أما بعد :فقد كثر اإلعالن في الجرائد عن وفاة بعض الناس ،كما كثر نشر التعازي ألقارب المتوفين ،وهم يصفون الميت فيها بأنه مغفور له ،أو مرحوم ،أو ما أشبه ذلك من كونه من أهل الجنة ،وال يخفى على كل من له إلمام بأمور اإلسالم وعقيدته ،بأن ذلك من األمور التي ال يعلمها إال هللا ،وأن عقيدة أهل السنة والجماعة أنه ال يجوز أن يشهد ألحد بجنة أو نار ،إال من نص عليه القرآن الكريم كأبي لهب ،أو شهد له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بذلك كالعشرة من الصحابة المشهود لهم بالجنة رضي هللا عنهم ونحوهم ،ومثل ذلك في المعنى الشهادة له بأنه مغفور له ،أو مرحوم ؛ لذا ينبغي أن يقال بدال منها :غفر هللا له ،أو رحمه هللا ،أو نحو ذلك من كلمات الدعاء للميت .وأسأل هللا سبحانه أن يهدينا جميعا سواء السبيل، وصلى هللا على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه. الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد س :كثرت العبارات التي تطلق في حق األموات فنحن نسمع عن فالن المغفور له أو المرحوم فهل هذه العبارات صحيحة؟ ج :المشروع في هذا أن يقال :غفر هللا له أو رحمه هللا ونحو ذلك إذا كان مسلما ،وال يجوز أن يقال المغفور له أو المرحوم ؛ ألنه ال تجوز الشهادة لمعين بجنة أو نار أو نحو ذلك ،إال لمن شهد هللا له بذلك في كتابه الكريم أو شهد له رسوله عليه الصالة والسالم. وهذا هو الذي ذكره أهل العلم من أهل السنة فمن شهد هللا له في كتابه العزيز بالنار كأبي لهب وزوجته ،وهكذا من شهد له الرسول صلى هللا عليه وسلم بالجنة كأبي بكر الصديق ،وعمر بن الخطاب ،وعثمان ،وعلي وبقية العشرة رضي هللا عنهم وغيرهم ممن شهد له الرسول عليه الصالة والسالم بالجنة كعبد هللا بن سالم ،وعكاشة بن محصن رضي هللا عنهما ،أو بالنار ،كعمه أبي طالب ،وعمرو بن لحي الخزاعي وغيرهما ممن شهد له الرسول صلى هللا عليه وسلم بالنار ،نعوذ باهلل من ذلك .أما من لم يشهد له هللا سبحانه وال رسوله بجنة وال نار فإنا ال نشهد له بذلك على التعيين .وهكذا ال نشهد ألحد معين بمغفرة أو رحمة إال بنص من كتاب هللا أو سنة رسوله صلى هللا عليه وسلم ،ولكن أهل السنة يرجون للمحسن ،ويخافون على المسيء ،ويشهدون ألهل اإليمان عموما بالجنة وللكفار عموما بالنار. َّللاُ ع َد َّ(و َ كما أوضح هللا سبحانه ذلك في كتابه المبين قال تعالىَ : ِين فِي َها)ار َخا ِلد َ ت تَ ْج ِري ِم ْن تَ ْحتِ َها ْاألَ ْن َه ُ ت َجنَّا ٍين َوا ْل ُم ْؤ ِمنَا ِ ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ ار نَ َ ار ت َوا ْل ُكفَّ َ ين َوا ْل ُمنَافِقَا ِ َّللاُ ا ْل ُمنَافِ ِق َ ع َد َّ (و َوقال تعالى فيها أيضاَ : سبُ ُه ْم) اآلية. ِين فِي َها ِه َي َح ْ َج َهنَّ َم َخا ِلد َ وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الشهادة بالجنة أو النار لمن شهد له عدالن أو أكثر بالخير أو الشر ألحاديث صحيحة وردت في ذلك. من بدع الجنائز س :ما حكم هللا ورسوله في قوم إذا توفي أحد منهم قام أقرباؤه بذبح شاة يسمونها العقيقة وال يكسرون من عظامها شيئا ،ثم بعد ذلك يقبرون عظامها وفرثها ،ويزعمون أن ذلك حسنة ويجب العمل به؟ ج :هذا العمل بدعة ال أساس له في الشريعة اإلسالمية ،فالواجب تركه والتوبة إلى هللا منه كسائر البدع والمعاصي ،فإن التوبة إلى (وتُوبُوا ِإلَى َّ َّللاِ هللا سبحانه تجب منها جميعا ،كما قال عز وجلَ : ون) وقال تعالى( :يَا أَيُّ َها الَّذ َ ِين َج ِميعا أَيُّ َها ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ ون لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُح َ صوحا) وإنما العقيقة المشروعة التي آ َمنُوا تُوبُوا إِلَى َّ َّللاِ تَ ْوبَة نَ ُ جاءت بها السنة الصحيحة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هي ما يذبح عن المولود في يوم سابعه ،وهي شاتان عن الذكر وشاة واحدة عن األنثى. وقد عق النبي صلى هللا عليه وسلم عن الحسن والحسين -رضي هللا عنهما -وصاحبها مخير إن شاء وزعها لحما بين األقارب واألصحاب والفقراء ،وإن شاء طبخها ودعا إليها من شاء من األقارب والجيران والفقراء. هذه هي العقيقة المشروعة ،وهي سنة مؤكدة ،ومن تركها فال إثم عليه. \ https://www.youtube.com/user/010257217/playli sts?sort=dd&view=1