You are on page 1of 151

‫كتاب الجنائز – إلبن باز – رحمه هللا‬

‫كيفية تلقين المحتضر‬


‫س‪ :‬ما هي طريقة التلقين؟‬
‫ج‪ :‬يقال للمحتضر قل‪ :‬ال إله إال هللا ‪ ،‬اذكر ربك يا فالن ‪ ،‬وإذا قالها‬
‫كفى ‪ ،‬وال يضجر المحتضر حتى يثبت على الشهادة ‪ ،‬وإذا ذكر هللا‬
‫عنده وقلده المحتضر كفى والحمد هلل‪.‬‬
‫حكم قراءة سورة يس عند المحتضر‬
‫س‪ :‬هل قراءة سورة ( يس ) عند االحتضار جائزة؟‬
‫ج‪ :‬قراءة سورة (يس) عند االحتضار جاءت في حديث معقل بن‬
‫يسار أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬اقرأوا على موتاكم يس)‬
‫صححه جماعة وظنوا أن إسناده جيد وأنه من رواية أبي عثمان‬
‫النهدي عن معقل بن يسار ‪ ،‬وضعفه آخرون ‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن الراوي‬
‫له ليس هو أبا عثمان النهدي ولكنه شخص آخر مجهول‪ .‬فالحديث‬
‫المعروف فيه أنه ضعيف لجهالة أبي‬
‫عثمان ‪ ،‬فال يستحب قراءتها على الموتى‪ .‬والذي استحبها ظن أن‬
‫الحديث صحيح فاستحبها ‪ ،‬لكن قراءة القرآن عند المريض أمر‬
‫طيب ولعل هللا ينفعه بذلك ‪ ،‬أما تخصيص سورة (يس) فاألصل أن‬
‫الحديث ضعيف فتخصيصها ليس له وجه‪.‬‬
‫حكم تلقين الكافر‬
‫س‪ :‬هل يشرع الحضور عند الكافر المحتضر وتلقينه؟‬
‫ج‪ :‬يشرع ذلك إذا تيسر وقد كان عند النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫خادم يهودي فمرض فذهب إليه النبي صلى هللا عليه وسلم يعوده‬
‫فلقنه وقال‪( :‬قل أشهد أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا فنظر‬
‫اليهودي إلى أبويه فقاال له أطع أبا القاسم فقالها فقال النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم الحمد هلل الذي أنقذه بي من النار)‬
‫حكم وضع المصحف على بطن الميت‬
‫س‪ :‬ما حكم وضع المصحف على الميت؟‬
‫ج‪ :‬ال أصل لذلك ‪ ،‬وال يشرع ‪ ،‬بل هو بدعة‪.‬‬
‫س‪ :‬األخت التي رمزت السمها بـ هـ‪.‬هـ‪.‬هـ‪ – .‬من الرياض تقول‬
‫في سؤالها‪ :‬ما حكم قراءة القرآن على الميت ‪ ،‬ووضع المصحف‬
‫على بطنه؟‬
‫ج‪ :‬ليس لقراءة القرآن على الميت أو على القبر أصل صحيح ‪ ،‬بل‬
‫ذلك غير مشروع ‪ ،‬بل من البدع ‪ ،‬وهكذا وضع المصحف على‬
‫بطنه ليس له أصل ‪ ،‬وليس بمشروع ‪ ،‬وإنما ذكر بعض أهل العلم‬
‫وضع حديدة أو شيء ثقيل على بطنه بعد الموت حتى ال ينتفخ‪.‬‬
‫حكم قراءة القرآن على األموات‬
‫س‪ :‬أرجو من سماحة الشيخ أن ينبه المسلمين إلى حكم قراءة‬
‫القرآن على األموات هل هو جائز أم ال ؟ وما حكم‬
‫األحاديث الواردة في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬القراءة على األموات ليس لها أصل يعتمد عليه وال تشريع ‪،‬‬
‫وإنما المشروع القراءة بين األحياء ليستفيدوا ويتدبروا كتاب هللا‬
‫ويتعقلوه ‪ ،‬أما القراءة على الميت عند قبره أو بعد وفاته قبل أن‬
‫يقبر أو القراءة له في أي مكان حتى تهدى له فهذا ال نعلم له أصال‬
‫‪ ،‬وقد صنف العلماء في ذلك وكتبوا في هذا كتابات كثيرة منهم من‬
‫أجاز القراءة ورغب في أن يقرأ للميت ختمات وجعل ذلك من‬
‫جنس الصدقة بالمال ‪ ،‬ومن أهل العلم من قال‪ :‬هذه أمور توقيفية ؛‬
‫يعني أنها من العبادات فال يجوز أن يفعل منها إال ما أقره الشرع‪.‬‬
‫والنبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد) وليس هناك دليل في هذا الباب فيما نعلمه يدل على‬
‫شرعية القراءة للموتى ‪ ،‬فينبغي البقاء على األصل وهو أنها‬
‫عبادة توقيفية ‪ ،‬فال تفعل لألموات بخالف الصدقة عنهم والدعاء‬
‫لهم والحج والعمرة وقضاء الدين ‪ ،‬فإن هذه األمور تنفعهم ‪ ،‬وقد‬
‫جاءت بها النصوص ‪ .‬وثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم‬
‫ينتفع‬
‫(والَّذِينَ َجا ُءوا‬ ‫به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له) وقال هللا سبحانه وتعالى‪َ :‬‬
‫ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم – أي بعد الصحابة‪ -‬يَقُولُونَ َربَّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا َو ِ ِِل ْخ َوانِنَا الَّذِينَ‬
‫ان َوال تَ ْجعَ ْل فِي قُلُوبِنَا ِغ اًّل ِللَّذِينَ آ َمنُوا َربَّنَا إِنَّ َك َر ُء ٌ‬
‫وف‬ ‫سبَقُونَا بِ ْ ِ‬
‫اِلي َم ِ‬ ‫َ‬
‫َر ِحي ٌم) فقد أثنى هللا سبحانه على هؤالء المتأخرين بدعائهم لمن‬
‫سبقهم وذلك يدل على شرعية الدعاء لألموات من المسلمين وأنه‬
‫ينفعهم ‪ ،‬وهكذا الصدقة تنفعهم للحديث المذكور‪ .‬وفي اِلمكان أن‬
‫يتصدق بالمال الذي يستأجر به من يقرأ لألموات على الفقراء‬
‫والمحاويج بالنية لهذا الميت ‪ ،‬فينتفع الميت بهذا المال ويسلم باذله‬
‫من البدعة ‪ ،‬وقد ثبت في الصحيح أن رجًّل قال‪ :‬يا رسول هللا إن‬
‫أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفلها أجر إن‬
‫تصدقت عنها؟ قال النبي صلى هللا عليه وسلم (نعم) ‪ .‬فبين الرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم أن الصدقة عن الميت تنفعه ‪ ،‬وهكذا الحج عنه‬
‫والعمرة ‪ ،‬وقد جاءت األحاديث بذلك ‪ ،‬وهكذا قضاء الدين ينفعه ‪،‬‬
‫أما كونه يتلو له القرآن ويثوبه له أو يهديه له أو يصلي له أو يصوم‬
‫له تطوعا فهذا كله ال أصل له ‪ ،‬والصواب أنه غير مشروع ‪.‬‬
‫حكم وضع الحناء في يد المرأة التي تحتضر‬
‫س‪ :‬ما حكم وضع الحناء في يد المرأة المتوفاة ‪ ،‬أو التي تحتضر؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لهذا أصال يرجع إليه‪.‬‬
‫بعض البدع التي تقال عند المحتضر‬
‫س‪ :‬ح‪.‬أ‪.‬م‪ .‬من أم درمان بالسودان يقول في سؤاله‪ :‬بعض الناس‬
‫يجعلون الورد ( بسم هللا الرحمن الرحيم) ‪ 786‬مرة ‪ ،‬ويقرءون‬
‫الواقعة ‪ 42‬مرة ‪ ،‬وسورة الذاريات ‪ 60‬مرة ‪ ،‬وسورة يس ‪ 41‬مرة‬
‫‪ ،‬عند الميت وغيره ‪ ،‬ويقرءون في الورد ( يا لطيف) ‪16641‬‬
‫مرة ‪ ،‬فهل هذا جائز أم ال؟ أفيدونا أفادكم هللا‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لهذا العمل أصال بهذا العدد المعين في الشرع المطهر ‪،‬‬
‫بل التعبير بذلك واعتقاد أنه سنة بدعة ‪ ،‬وهكذا فعل ذلك على هذا‬
‫الوجه عند الميت وقت الموت أو بعد الموت كل ذلك ال أصل له‬
‫على هذا الوجه ‪ ،‬ولكن يشرع للمؤمن االستكثار من قراءة القرآن‬
‫ليال ونهارا ‪ ،‬وأن يسمي هللا سبحانه عند ابتداء القراءة ‪ ،‬وعند‬
‫األكل والشرب ‪ ،‬وعند دخول المنزل ‪ ،‬وعند جماع أهله ‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من الشئون التي وردت بها السنة ‪ ،‬وقد روي عن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬كل أمر ذي بال ال يبدأ فيه ببسم هللا فهو‬
‫أبتر) وهكذا استعمال (يا لطيف أو يا هللا أو نحو ذلك) بعدد معلوم‬
‫يعتقد أنه سنة ال أصل له بل هو بدعة ‪ ،‬ولكن يشرع اإلكثار من‬
‫الدعاء بال عدد معين ‪ ،‬كقوله‪ :‬يا لطيف الطف بنا أو اغفر لنا أو‬
‫ارحمنا أو اهدنا ونحو ذلك‪ .‬وهكذا يا هللا يا رحمن يا رحيم يا غفور‬
‫يا حكيم يا عزيز الطف بنا وانصرنا وأصلح قلوبنا وأعمالنا ‪ ،‬وما‬
‫(وقَا َل َربُّ ُك ُم ا ْدعُونِي أَ ْ‬
‫ستَ ِج ْب لَ ُك ْم)‬ ‫أشبه ذلك ؛ لقول هللا سبحانه‪َ :‬‬
‫يب َدع َْوةَ‬ ‫سأَلَكَ ِع َبادِي ع َِني فَ ِإ ِني قَ ِر ٌ‬
‫يب أ ُ ِج ُ‬ ‫(و ِإذَا َ‬
‫وقوله عز وجل‪َ :‬‬
‫َان) ولكن بدون تحديد عدد ال يزيد عليه وال ينقص ‪،‬‬ ‫الدَّاعِ ِإذَا َدع ِ‬
‫إال ما ورد فيه تحديد عن النبي صلى هللا عليه وسلم مثل قول‪( :‬ال‬
‫إله إال هللا وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل‬
‫شيء قدير) في كل يوم مائة مرة فهذا ثابت عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وهكذا (قول سبحان هللا وبحمده مائة مرة في الصباح‬
‫والمساء) وهكذا (سبحان هللا والحمد هلل وهللا أكبر ثالثا وثالثين‬
‫مرة) بعد كل صالة من الفرائض الخمس ‪ ،‬الجميع تسع وتسعون‬
‫بعد كل صالة ويختم المائة بقوله‪( :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له‬
‫له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)‪ .‬كل هذا صح عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهكذا كل ما جاء في معناه‪ .‬وإن قرأ‬
‫عند المحتضر قبل أن يموت بعض آيات من القرآن فال بأس ؛ ألنه‬
‫روي عن النبي صلى هللا عليه وسلم ما يدل على ذلك ‪ ،‬ويستحب‬
‫تلقينه ال إله إال هللا حتى يختم له بذلك ؛ لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬لقنوا موتاكم ال إله إال هللا) رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫والمراد بالموتى هنا المحتضرون في أصح قولي العلماء ‪ ،‬وألنهم‬
‫الذين ينتفعون بالتلقين‪ .‬وهللا ولي التوفيق ‪.‬‬
‫يستحب توجيه المحتضر للقبلة‬
‫س‪ :‬هل يشرع توجيه المحتضر للقبلة؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ،‬يستحب ذلك عند أهل العلم ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(الكعبة قبلتكم أحياء وأمواتا)‬
‫كيفية توجيه المحتضر إلى القبلة‬
‫س‪ :‬ما هي كيفية التوجيه إلى القبلة بالنسبة للمحتضر؟‬
‫ج‪ :‬يجعل على جنبه األيمن‪ ،‬ووجهه إلى القبلة كما يوضع في‬
‫اللحد‪.‬‬
‫حكم تقبيل الميت‬
‫س‪ :‬هل يجوز تقبيل الميت ؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس بتقبيل الميت إذا قبله أحد محارمه من النساء أو قبله‬
‫أحد من الرجال كما فعل أبو بكر الصديق رضي هللا عنه مع النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫غسل الميت‬
‫تارك الصالة ال يغسل وال يصلى عليه وال يدفن في مقابر المسلمين‬
‫س‪ :‬األخ م‪.‬ص‪.‬ع‪ .‬من عمان باألردن يقول في سؤاله‪ :‬ما حكم من‬
‫مات وهو ال يصلي ‪ ،‬مع العلم أن أبويه مسلمان ؟ وكيف تكون‬
‫معاملته من ناحية التغسيل والتكفين والصالة عليه والدفن والدعاء‬
‫والترحم عليه؟‬
‫ج‪ :‬من مات من المكلفين وهو ال يصلي فهو كافر ‪ ،‬ال يغسل وال‬
‫يصلى عليه ‪ ،‬وال يدفن في مقابر المسلمين وال يرثه أقاربه ‪ ،‬بل‬
‫ماله لبيت مال المسلمين في أصح أقوال العلماء لقول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم في الحديث الصحيح‪( :‬بين الرجل وبين الشرك‬
‫والكفر ترك الصالة) أخرجه اإلمام مسلم في صحيحه ‪ ،‬ولقوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصالة فمن تركها‬
‫فقد كفر) أخرجه اإلمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح من حديث‬
‫بريدة رضي هللا عنه‪ .‬وقال عبد هللا بن شقيق العقيلي التابعي‬
‫الجليل رحمه هللا تعالى‪( :‬كان أصحاب محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫ال يرون شيئا تركه كفر إال الصالة) واألحاديث واآلثار في هذا‬
‫المعنى كثيرة وهذا فيمن تركها كسال ولم يجحد وجوبها ‪ ،‬وأما من‬
‫جحد وجوبها فهو كافر مرتد عن اإلسالم عند جميع أهل العلم ‪،‬‬
‫نسأل هللا أن يصلح أحوال المسلمين ويسلك بهم صراطه المستقيم‬
‫إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫حكم سؤال المغسل عن حال الميت‬
‫س‪ :‬هل للمغسل أن يسأل أهل الميت هل المتوفى يصلي أم ال؟‬
‫ج‪ :‬ما دام ظاهره اإلسالم ‪ ،‬والذين أحضروه مسلمون فال حاجة‬
‫إلى سؤالهم ‪ ،‬وقد يتساهل البعض في ذلك فيترتب على ذلك فضائح‬
‫‪ ،‬وكذلك عند الصالة عليه ‪ ،‬فال يسأل عنه إذا كان ظاهره اإلسالم‪.‬‬
‫من األولى بتغسيل الميت‬
‫س‪ :‬هل األولى أن يتولى التغسيل أهل الميت؟‬
‫ج‪ :‬ال يلزم وإنما يتولى ذلك األمين ‪ ،‬الجيد ‪ ،‬الخبير‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا أوصى الميت بتحديد من يغسله فهل تنفذ وصيته؟‬
‫ج‪ :‬نعم تنفذ وصيته‪.‬‬
‫جواز غسل أحد الزوجين لآلخر بعد الوفاة‬
‫س‪ :‬هل األولى بتغسيل الرجل زوجته أو الرجال؟‬
‫ج‪ :‬تغسيل المرأة زوجها أمر ال بأس به إذا كانت خبيرة بذلك ‪ ،‬وقد‬
‫غسل علي رضي هللا عنه زوجته فاطمة رضي هللا عنها ‪ ،‬وغسلت‬
‫أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضي هللا عنه‪.‬‬
‫س‪ :‬األخ ص‪.‬أ‪.‬ع‪ .‬من طنطا في جمهورية مصر العربية يقول في‬
‫سؤاله‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تغسل زوجها بعد وفاته ‪ ،‬وكذلك هل‬
‫يجوز للرجل أن يغسل زوجته بعد وفاتها؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد دلت األدلة الشرعية على أنه ال حرج على الزوجة أن تغسل‬
‫زوجها وأن تنظر إليه ‪ ،‬وال حرج على الزوج أن يغسلها وينظر‬
‫إليها ‪ ،‬وقد غسلت أسماء بنت عميس رضي هللا عنها زوجها أبا‬
‫بكر الصديق رضي هللا عنه ‪ ،‬وأوصت فاطمة رضي هللا عنها أن‬
‫يغسلها علي رضي هللا عنه‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم غسل الرجل المرأته والبنت الصغيرة‬
‫س‪ :‬هل يصح للرجل أن يغسل امرأته إذا ماتت أو بنت سنة أو‬
‫سنتين ولو أجنبية عنه؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس أن يغسل الرجل زوجته والمرأة زوجها ؛ ألن ذلك‬
‫جاءت به السنة عن النبي صلى هللا عليه وسلم وعن سلف األمة‬
‫في ذلك‪ .‬أما غير الزوجة كاألم والبنت فال يجوز للرجل تغسيلهما‬
‫وال غيرهما من محارمه النساء‪ .‬ويلحق بالزوجة المملوكة التي‬
‫يباح له وطؤها فال بأس بغسلها إذا ماتت ألنها كالزوجة ‪ ،‬وهكذا‬
‫البنت الصغيرة التي دون السبع ال حرج على الرجل في تغسيلها ‪،‬‬
‫سواء كان محرما لها أو أجنبيا عنها ؛ ألنها ال عورة لها محترمة ‪،‬‬
‫وهكذا المرأة لها تغسيل الصبي الذي دون السبع ‪ .‬وهللا ولي‬
‫التوفيق ‪.‬‬
‫العالقة الزوجية ال تنتهي بالموت‬
‫س‪ :‬رأي بعض الفقهاء أن العالقة الزوجية انتهت بالموت ‪ ،‬ما‬
‫توجيهكم في ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬هذا رأي يعارض السنة فال يلتفت إليه‪.‬‬
‫س‪ :‬لقد سمعنا كثيرا من عامة الناس بأن الزوجة تحرم على‬
‫زوجها بعد الوفاة ‪ ،‬أي بعد وفاتها ‪ ،‬وال يجوز أن ينظر إليها وال‬
‫يلحدها عند القبر ‪ ،‬فهل هذا صحيح ؟ أجيبونا بارك هللا فيكم‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد دلت األدلة الشرعية على أنه ال حرج على الزوجة أن تغسل‬
‫زوجها وأن تنظر إليه وال حرج عليه أن يغسلها وينظر إليها ‪ ،‬وقد‬
‫غسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضي هللا عنهما‬
‫‪ ،‬وأوصت فاطمة أن يغسلها علي رضي هللا عنهما‪ .‬وهللا ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫المطلقة طالقا رجعيا يغسلها زوجها‬
‫س‪ :‬المتوفاة المطلقة هل يغسلها زوجها؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت رجعية فال بأس ‪ ،‬يعني طلقة واحدة أو اثنتين‪.‬‬
‫عدد من يتولى غسل الميت‬
‫س‪ :‬هل فيه عدد محدد لمن يتولى غسل الميت ؟‬
‫ج‪ :‬يكفي واحد ومن يساعده على ذلك ‪.‬‬
‫األشياء التي يغسل بها الميت‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم فضيلة‬
‫الشيخ‪ /‬ع‪.‬غ‪ .‬وفقه هللا آمين‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد وصلني كتابكم الكريم بدون تاريخ وصلكم هللا بهداه ‪ ،‬وهو‬
‫مرفق بهذا ‪ ،‬وما تضمنه – من السؤال عن الغسلة التي تبدءون‬
‫بها غسل الميت بالصابون والشامبو إذا كان به أوساخ متراكمة –‬
‫كان معلوما ‪ ،‬وال أذكر أن أحدا فاتحني في ذلك ‪ ،‬والذي أرى أن‬
‫تعملوا بما تضمنه حديث أم عطية ‪ ،‬فتغسلوا الميت بالماء والسدر‬
‫في جميع الغسالت ‪ ،‬وتبدءوا بميامنه ومواضع الوضوء منه مع‬
‫العناية بإزالة األوساخ المتراكمة وغيرها في جميع الغسالت حتى‬
‫ينقى ‪ ،‬ولو زاد على سبع ؛ للحديث المذكور ‪.‬‬
‫وال حاجة إلى الصابون والشامبو وغيرهما ‪ ،‬إال إذا لم يكف السدر‬
‫في إزالة األوساخ فال بأس باستعمال الصابون والشامبو واألشنان‬
‫وغيرها من األنواع المزيلة لألوساخ بدءا من الغسلة األولى ‪،‬‬
‫ويجعل في الغسلة األخيرة شيء من الكافور؛ للحديث المذكور ‪،‬‬
‫هذا هو السنة فيما أعلم من األحاديث الصحيحة ؛ لحديث أم عطية‬
‫وما جاء في معناه‪.‬‬
‫وأسأل هللا أن يبارك في جهودكم ويمنحكم التوفيق واإلخالص‬
‫والسداد ‪ ،‬إنه خير مسئول ‪ .‬والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫حكم استخدام السدر في الغسل‬
‫س‪ :‬هل في حديث ابن عباس دليل على وجوب استخدام السدر؟‬
‫ج‪ :‬هو مشروع ‪ ،‬واألمر عند العلماء لالستحباب ؛ ألنه أبلغ في‬
‫اإلنقاء ‪ ،‬وإذا لم يتيسر سدر فيجعل بدله صابون أو أشنان أو ما‬
‫يقوم مقامهما‪.‬‬
‫س‪ :‬هل رغوة السدر على الرأس بالنسبة للميت سنة ؟‬
‫ج‪ :‬ذكره بعض الفقهاء وقالوا إنه أبلغ في التنظيف وهو ليس‬
‫بالزم ‪ ،‬وإنما المشروع أن يغسل الميت بالماء والسدر ‪.‬‬
‫حكم األخذ من شارب وإبط وأظفار وعانة الميت‬
‫س‪ :‬هل يجوز أخذ شارب وإبط وأظفار الميت وعانته؟‬
‫ج‪ :‬يستحب قص شاربه وقلم أظفاره ‪ ،‬وأما حلق العانة ‪ ،‬ونتف‬
‫اِلبط فًّل أعلم ما يدل على شرعيته ‪ ،‬واألولى ترك ذلك ؛ ألنه شيء‬
‫خفي وليس بارزا ً كالظفر والشارب ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يتعرض للميت بقص شاربه أو أظفاره؟‬
‫ج‪ :‬ليس على ذلك دليل ولو أخذ شيء من ذلك فًّل بأس ‪ ،‬ونص‬
‫بعض العلماء على األظافر والشارب ‪ ،‬أما حلق العانة والختان فًّل‬
‫يشرع فعلهما في حق الميت لعدم الدليل على ذلك ‪.‬حكم نزع أسنان‬
‫الذهب من الميت‬
‫س‪ :‬إذا مات الميت وعليه أسنان ذهب فهل تنزع منه إذا كان عليه‬
‫دين ولو كان نزعها ال يحصل بسهولة أم تترك إذا لم يكن عليه دين‬
‫؟‬
‫ج‪ :‬إذا مات الميت وعليه أسنان ذهب أو فضة ونزعها ال يحصل‬
‫بسهولة فًّل بأس بتركها سواء كان مدينا أم غير مدين ‪ ،‬وفي اِلمكان‬
‫نبشه بعد حين وأخذها للورثة أو الدين ‪ ،‬أما إذا تيسر نزعها وجب‬
‫ذلك ؛ ألنها مال ال ينبغي إضاعته مع القدرة ‪.‬‬
‫تطييب الميت وكفنه‬
‫س‪ :‬ما حكم تطييب الميت وكفنه ؟‬
‫ج‪ :‬تطييب الميت وكفنه سنة إذا كان غير ُم ْح ِر ٍم ‪.‬‬
‫حكم تسويك الميت‬
‫س‪ :‬ما حكم تسويك الميت ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لهذا أصًّلً ‪ ،‬وإنما يوضأ ثم يغسل ‪ ،‬وإذا سوكه عند‬
‫المضمضة فًّل بأس كالحي ‪.‬‬
‫حكم الزيادة على سبع غسًّلت‬
‫س‪ :‬إذا لم يطهر الميت بسبع غسًّلت فهل يزاد عليها ؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس إذا دعت الحاجة إلى ذلك ‪.‬‬
‫حث النساء على المشاركة في غسل الميتات‬
‫س‪ :‬يوجد عدد كبير من مغاسل الموتى في الرياض للرجال والنساء‬
‫‪ ،‬وحيث إنه من النادر وجود نساء يقمن بتغسيل النساء ‪ ،‬وخاصة‬
‫ممن عندهن علم واحتساب ‪ ،‬وألهمية األمر نأمل من سماحتكم بيان‬
‫هذا العمل ‪ ،‬وحث األخوات على المشاركة وإرسال االسم ورقم‬
‫الهاتف لمن يرغب ‪ ،‬لسماحتكم أو ِلمام المسجد الذي يوجد به‬
‫مغاسل للموتى أو لغيره‪.‬‬
‫ج‪ :‬نوافق على ما اقترح األخ ‪ ،‬وال شك أن العناية بتغسيل الميتات‬
‫مطلوب كالرجال ‪ ،‬والمرأة تغسلها المرأة ‪ ،‬والرجل يغسله الرجل ‪،‬‬
‫إال أن المرأة ال مانع من أن يغسلها زوجها ؛ وهكذا الزوجة ال مانع‬
‫من أن تغسل زوجها ؛ ألنه ثبت أن الصديق رضي هللا عنه قد‬
‫غسلته زوجته أسماء بنت عميس رضي هللا عنها ‪ ،‬وعلي بن أبي‬
‫طالب رضي هللا عنه غسل زوجته فاطمة رضي هللا عنها‪ .‬وهكذا‬
‫السيد يغسل مملوكته المباحة له ‪ ،‬وهي تغسله ‪ ،‬كالزوج والزوجة ‪،‬‬
‫وما سوى ذلك فالنساء يغسلن النساء ‪ ،‬والرجال يغسلون الرجال ‪،‬‬
‫فأرجو ممن تجد من نفسها القدرة أن تحتسب ‪ ،‬وأن تتولى هذا األمر‬
‫وتبلغ المسئولين في البلدية وغير البلدية ؛ حتى يعرفوها ويطلبوها‬
‫عند الحاجة ‪ ،‬فتعطيهم رقم هاتفها وتعتني بهذا األمر وتراجع كًّلم‬
‫أهل العلم في كيفية تغسيل الميت ؛ حتى تكون على بصيرة في ذلك‬
‫‪ ،‬وحتى تعرف كيف تغسل الميتة ‪ ،‬فإذا درست هذا من كًّلم أهل‬
‫العلم فعليها تطبيق ذلك واحتساب األجر عند هللا ‪ ،‬وإن دفع لها أجرة‬
‫فًّل بأس من أخذها ‪.‬‬
‫س‪ :‬إحدى النساء كانت تغسل األموات متطوعة وأخيرا رفضت‬
‫القيام بهذا العمل رغم الحاجة إليها بحجة تبلد اِلحساس والغلظة‬
‫تجاه األموات ‪ ،‬فهل توافق على هذا الرأي أم ال؟‬
‫ج‪ :‬المشروع لها أن تحتسب وتصبر في تغسيل األموات ‪ ،‬إذا كانت‬
‫الحاجة داعية إليها ‪ ،‬وكانت معروفة بالخير واِلتقان لهذا العمل ؛‬
‫لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من كان في حاجة أخيه كان هللا‬
‫في حاجته) متفق على صحته ‪ ،‬وقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬وهللا‬
‫في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ .‬واألحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫حكم إقامة دورات لتعليم تغسيل األموات‬
‫س‪ :‬ما حكم إقامة دورات لتعليم تغسيل األموات ؟‬
‫ج‪ :‬تعليم تغسيل الموتى طيب ومشروع وليس فيه شيء ؛ ألن بعض‬
‫الناس ال يحسن التغسيل ‪ ،‬والحاجة ماسة إلى معرفة كيفية تغسيل‬
‫الميت ‪.‬حكم تصوير غسل الميت للتذكير أو للتعليم‬
‫س‪ :‬ما حكم تصوير تغسيل الميت على شريط فيديو ثم بيعه بحجة‬
‫أنه من باب التذكير بالموت ؟‬
‫ج‪ :‬إن كان المقصود تصوير الميت حين التغسيل فذلك ال يجوز ؛‬
‫ألن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن تصوير ذوات األرواح‬
‫ولعن المصورين ‪ ،‬وقال‪( :‬إن أشد الناس عذابا يوم القيامة‬
‫المصورون)‬
‫أما إن كان مراد السائل بيان صفة تغسيل الميت كما شرع هللا عز‬
‫وجل في شريط يوزع أو يباع فًّل بأس ‪ ،‬كما يسجل تعليم الناس‬
‫الصًّلة وغيرها مما يحتاجه الناس من غير تصوير‪ .‬وفق هللا الجميع‬
‫للعلم النافع والعمل الصالح‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم تعليم التغسيل والتكفين عن طريق الفيديو ؟‬
‫ج‪ :‬التعليم يكون بغير الفيديو ؛ لما في األحاديث الكثيرة الصحيحة‬
‫من النهي عن التصوير ولعن المصورين‪.‬‬
‫تغسيل المحرم إذا توفي‬
‫س‪ :‬بالنسبة لتغسيل المحرم إذا توفي حال إحرامه؟‬
‫ج‪ :‬المحرم إذا توفي فإنه يغسل وال يطيب وال يغطى وجهه وال‬
‫رأسه ويكفن في إحرامه وال يلبس قميصا ً وال عمامة وال غير ذلك ؛‬
‫ألنه يبعث يوم القيامة ملبيا ً كما صح بذلك الحديث عن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وال يقضى عنه ما بقي من أعمال حجه سواء‬
‫كانت وفاته قبل عرفة أو بعدها ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم‬
‫يأمر بذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬من مضى في حج فاسد فمات فما الحكم ؟‬
‫ج‪ :‬يعامل معاملة من مات في حج صحيح ‪ ،‬يكفن في ثوبيه ‪ ،‬وال‬
‫يطيب ‪ ،‬وال يغطى وجهه ‪ ،‬وال رأسه ؛ لحديث ابنعباس رضي هللا‬
‫عنهما في الذي سقط عن راحلته ومات وهو محرم فقال النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وال تحنطوه‬
‫وال تخمروا وجهه وال رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) متفق على‬
‫صحته واللفظ لمسلم ‪ ،‬والتحنيط هو التطييب ‪.‬حكم تغسيل جريح‬
‫المعركة إذا مات بعدها‬
‫س‪ :‬من مات من المعركة متأثرا ً بجراحه هل يغسل ويكفن ويصلي‬
‫عليه؟‬
‫ج‪ :‬نعم يغسل ويكفن ويصلى عليه ‪ ،‬ويرجى له أجر الشهيد إذا‬
‫خلصت نيته‪.‬‬
‫المظلوم يغسل ويصلي عليه‬
‫س‪ :‬هل يغسل المظلوم؟‬
‫ج‪ :‬نعم يغسل ويصلى عليه ‪ ،‬فعمر الفاروق رضي هللا عنه قتل‬
‫مظلوما وعثمان رضي هللا عنه قتل مظلوما ومع هذا غسًّل وصلى‬
‫عليهما الصحابة رضي هللا عنهم ‪ ،‬وهكذا علي رضي هللا عنه قتل‬
‫مظلوما وغسل وصلي عليه‪.‬حكم تغسيل المنتحر والصًّلة عليه‬
‫س‪ :‬هل قاتل نفسه يغسل ويصلى عليه؟‬
‫ج‪ :‬قاتل نفسه يغسل ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ؛ ألنه عاص‬
‫وهو ليس بكافر ؛ ألن قتل النفس معصية وليس بكفر ‪ .‬وإذا قتل‬
‫نفسه والعياذ باهلل يغسل ويكفن ويصلى عليه ‪ ،‬لكن ينبغي لإلمام‬
‫األكبر ولمن له أهمية أن يترك الصًّلة عليه من باب اِلنكار ؛ لئًّل‬
‫يظن أنه راض عن عمله‪ ،‬واِلمام األكبر أو السلطان أو القضاة أو‬
‫رئيس البلد أو أميرها إذا ترك ذلك من باب إنكار هذا الشيء‬
‫وإعًّلن أن هذا خطأ فهذا حسن ‪ ،‬ولكن يصلي عليه بعض المصلين‬
‫‪.‬‬
‫كيفية تغسيل من مات في حادث وقد تشوه جسده‬
‫س‪ :‬األخ ع‪.‬ع‪.‬س‪ .‬من الرياض يقول في سؤاله‪ :‬كيف يتم تغسيل‬
‫اِلنسان الذي يموت في حادث ويتشوه جسمه وربما تقطع بعض‬
‫أجزائه؟ نسأل هللا السًّلمة والعافية‪.‬ج‪ :‬يجب تغسيله كما يغسل غيره‬
‫إذا أمكن ذلك ‪ ،‬فإن لم يمكن فإنه ييمم ؛ ألن التيمم يقوم مقام التغسيل‬
‫بالماء عند العجز عن ذلك‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫المغسل يخبر بعًّلمات الخير ال الشر‬
‫س‪ :‬هل يبين المغسل بعض العًّلمات من الخير والشر؟‬
‫ج‪ :‬عًّلمات الخير ال بأس باِلخبار عنها ‪ ،‬أما الشر فًّل ؛ ألنها غيبة‬
‫‪ ،‬لكن لو قال‪ :‬إن بعض األموات يكون أسود أو غير ذلك فًّل بأس ‪،‬‬
‫لكن الممنوع أن يقول غسلت فًّلنا ورأيت فيه كذا من عًّلمات الشر‬
‫؛ ألن ذلك يحزن أهله ويؤذيهم وهو من الغيبة ‪.‬‬
‫مدى صحة حديث ‪ :‬من غسل مسلما ً فستر عيوبه‬
‫س‪ :‬ما مدى صحة الحديث الذي يقول ‪ :‬من غسل مسلما ً فستر‬
‫عيوبه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم له أصًّل ‪ ،‬ولكن يستحب للغاسل الستر على الموتى‬
‫وعدم إفشاء ما قد يظهر من مساوئهم للناس ‪ ،‬أما إظهار محاسنهم‬
‫فًّل حرج في ذلك بل هو حسن ؛ لكونه يبشر بالخير ويسر أهل‬
‫الميت ‪ ،‬وال شك أن إظهار المساوئ نوع من الغيبة‪.‬‬
‫س‪ :‬حديث ‪( :‬من غسل ميتا فستر عليه ستر هللا عليه يوم القيامة) ما‬
‫صحة هذا الحديث؟‬
‫ج‪ :‬ال أعرفه ولكن عندنا حديث صحيح يغني عنه وهو قوله صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬من ستر مسلما ستره هللا في الدنيا واآلخرة) أخرجه‬
‫مسلم في صحيحه وهو عام في الحي والميت ‪.‬‬
‫الكفن‬
‫كيفية تكفين الميت‬
‫س‪ :‬ما كيفية تكفين الميت بالنسبة للذكر واألنثى؟‬
‫ج‪ :‬السنة أن يكفن الرجل في ثًّلثة أثواب بيض ‪ ،‬كما كفن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم في ذلك ‪ ،‬وإن كفن في ثوب واحد واسع يعمه‬
‫ويستره كفى ‪ ،‬وإن كفن في قميص وإزار ولفافة جاز‪ .‬أما المرأة‬
‫فاألفضل تكفينها في خمسة أثواب‪ :‬إزار ‪ ،‬وخمار ‪ ،‬وقميص ‪،‬‬
‫ولفافتين ‪ ،‬فهذا هو األفضل كما ذكره أهل العلم ‪ ،‬وجاء في ذلك‬
‫أحاديث تدل عليه‪ ،‬وإن كفنت في أقل من ذلك فًّل بأس‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف يكفن الرجل وكيف تكفن المرأة؟‬
‫ج‪ :‬األفضل أن يكفن الرجل في ثًّلثة أثواب بيض ليس فيها قميص‬
‫وال عمامة ‪ ،‬هذا هو األفضل ‪ ،‬والمرأة تكفن في خمس قطع إزار‬
‫وقميص وخمار ولفافتين ‪ ،‬وإن كفن الميت في لفافة واحدة ساترة‬
‫جاز سواء كان رجًّل أو امرأة ‪ ،‬واألمر في ذلك واسع ‪.‬‬
‫كيفية تكفين المحرمة‬
‫س‪ :‬كيف تكفن المرأة المحرمة؟‬
‫ج‪ :‬تكفن كأمثالها في إزار وخمار وقميص ولفافتين ويغطى وجهها‬
‫كغيرها ولكن بغير نقاب ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم نهى‬
‫المحرمة عن النقاب ‪ ،‬أما ستر وجهها بغير النقاب فًّل بأس به وال‬
‫تطيب؛ ألنها محرمة‪.‬‬
‫عدد العقد في الكفن‬
‫س‪ :‬كم عدد العقد في الكفن؟‬
‫ج‪ :‬ليس في ذلك حد ؛ لكن الثًّلث تكفي في أعًّله وأسفله ووسطه ‪،‬‬
‫وإن اكتفي باثنتين فًّل بأس لكن المهم ضبط الكفن حتى ال ينتشر ‪.‬‬
‫حكم جعل كيس بًّلستيك على من به جروح‬
‫س‪ :‬يجعل بعض المغسلين على الميت في حوادث السيارات كيسا ً‬
‫من البًّلستيك حتى ال يخرج الدم على األكفان؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس أن يجعل على الجرح ما يمسكه‪.‬‬
‫يغير الكفن أو يغسل إذا خرج دم بعد التكفين‬
‫س‪ :‬إذا خرج دم بعد تكفين الميت هل يلزم تغيير الكفن؟‬
‫ج‪ :‬يغير الكفن ‪ ،‬أو يغسل ‪ ،‬ويجعل على محل النزيف شيء يمسكه‬
‫مثل الشمع وغيره‪.‬‬
‫الصالة على الميت‬
‫الصالة على الجنازة مشروعة للجميع ‪ ،‬الرجال والنساء‬
‫س‪ :‬هل للمرأة أن تصلي على الجنازة أم ال؟‬
‫ج‪ :‬الصالة على الجنازة مشروعة للجميع ‪ ،‬للرجال والنساء ‪،‬‬
‫تصلي على الجنازة في البيت أو في المسجد كل ذلك ال بأس به ‪،‬‬
‫وقد صلت عائشة رضي هللا عنها والنساء على سعد بن أبي وقاص‬
‫رضي هللا عنه لما توفي في مسجد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ ،‬والمقصود أن الصالة على الجنائز مشروعة للجميع ‪ ،‬وإنما‬
‫المنهي عنه زيارتهن للقبور واتباع الجنائز ‪ ،‬أما صالتهن على‬
‫الميت في البيت أو في المسجد أو في المصلى أو في بيت أهله فال‬
‫بأس بذلك ‪ ،‬وقد كانت النساء يصلين على الجنائز خلف النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم وخلف الخلفاء الراشدين‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬األخت التي رمزت السمها بـ ( مسلمة ) من الرياض تقول‪:‬‬
‫يلحظ أن المرأة ال تحضر صالة الجنازة ‪ ،‬والسؤال لفضيلة الشيخ‪:‬‬
‫هل ذلك ممنوع شرعا ؟‬
‫ج‪ :‬الصالة على الجنازة مشروعة للرجال والنساء ؛ لقول النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله‬
‫قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل يا رسول هللا وما‬
‫القيراطان ؟ قال‪( :‬مثل الجبلين العظيمين) يعني من األجر‪ .‬متفق‬
‫على صحته‪.‬‬
‫لكن ليس للنساء اتباع الجنائز إلى المقبرة ؛ ألنهن منهيات عن‬
‫ذلك ‪ ،‬لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي هللا عنها قالت ‪:‬‬
‫(نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) أما الصالة على الميت فلم‬
‫تنه عنها المرأة ‪ ،‬سواء كانت الصالة عليه في المسجد أو في‬
‫البيت أو في المصلى ‪ ،‬وكان النساء يصلين على الجنائز في‬
‫مسجده صلى هللا عليه وسلم مع النبي صلى هللا عليه وسلم وبعده‪.‬‬
‫وأما الزيارة للقبور فهي خاصة بالرجال كاتباع الجنائز إلى المقبرة‬
‫؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لعن زائرات القبور ‪ ،‬والحكمة‬
‫في ذلك – وهللا أعلم – ما يخشى في اتباعهن الجنائز إلى المقبرة‬
‫وزيارتهن للقبور من الفتنة بهن وعليهن ‪ ،‬ولقوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من‬
‫النساء) متفق على صحته‪ .‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫مدى صحة حديث ‪ :‬ليس للنساء نصيب في الجنازة‬
‫س‪ :‬السائلة تقول‪ :‬روي عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قوله‪:‬‬
‫(ليس للنساء نصيب في الجنازة) ما رأيكم في هذا الحديث ‪ ،‬وما‬
‫هي األمور التي تجتنبها المرأة في موضوع الجنازة‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث الذي ذكرته السائلة ليس للمرأة نصيب في الجنازة‬
‫ال نعلم له أصال وال نعلم أحدا أخرجه من أهل العلم ‪ ،‬وإنما الوارد‬
‫عنه صلى هللا عليه وسلم في هذا أنه صلى هللا عليه وسلم (لعن‬
‫زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) ‪ ،‬ونهى النساء‬
‫عن اتباع الجنازة – يعني للمقبرة – أما الصالة عليها مع الناس‬
‫في المسجد أو المصلى‬
‫فهي مشروعة للجميع ‪ ،‬وقد كان النساء يصلين مع النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم الفريضة وعلى الجنائز ‪ ،‬وقد صلت عائشة رضي هللا‬
‫عنها على جنازة سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنه في مسجد‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فالحاصل أن المرأة تصلي على‬
‫الجنائز مع الرجال وال بأس بذلك ‪ ،‬أما ذهابها مع الجنازة إلى‬
‫المقبرة أو زيارة القبور فهذا هو المنهي عنه فال يجوز لها ذلك ‪.‬‬
‫وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫له بكل جنازة قيراط‬
‫س‪ :‬األخ س‪.‬غ‪ .‬من الرياض ‪ ،‬يقول في سؤاله‪ :‬رجل صلى على‬
‫خمس جنائز صالة واحدة ‪ ،‬فهل له بكل جنازة قيراط أم أن القيراط‬
‫على عدد الصلوات ؟ جزاكم هللا خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬نرجو له قراريط بعدد الجنائز ؛ لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬من صلى على جنازة فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله‬
‫قيراطان) وما جاء في معنى ذلك من‬
‫األحاديث ‪ ،‬وكلها دالة على أن القراريط تتعدد بعدد الجنائز ‪ ،‬فمن‬
‫صلى على جنازة فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراط ‪ ،‬ومن‬
‫صلى عليها وتبعها حتى يفرغ من دفنها فله قيراطان ‪ ،‬وهذا من‬
‫فضل هللا سبحانه وجوده وكرمه على عباده ‪ ،‬فله الحمد والشكر ال‬
‫إله غيره وال رب سواه ‪ ،‬وهللا ولي التوفيق ‪.‬‬
‫إمام المسجد أولى بالصالة على الميت من وليه‬
‫س‪ :‬هل يصلي على الميت وليه أو اإلمام الراتب ؟‬
‫ج‪ :‬يصلي عليه في المسجد اإلمام الراتب‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان قد وصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين ‪ ،‬فهل‬
‫هذا الشخص أولى من اإلمام الراتب؟‬
‫ج‪ :‬إمام المسجد أولى بالصالة على الجنازة من الشخص الموصى‬
‫له لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ال يؤمن الرجل الرجل في‬
‫سلطانه) وإمام المسجد هو صاحب السلطان في مسجده ‪.‬‬
‫حكم السفر ألجل الصالة على الميت‬
‫س‪ :‬ما حكم السفر ألجل الصالة على الميت ؟‬
‫ج‪ :‬ال حرج في ذلك ‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد ‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه‪.‬‬
‫أفضلية كثرة المصلين على الجنازة‬
‫س‪ :‬هل في كثرة عدد المصلين على الجنازة فضل؟‬
‫ج‪ :‬ثبت في حديث ابن عباس عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫قال‪( :‬ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجال ال‬
‫يشركون باهلل شيئا إال شفعهم هللا فيه) رواه مسلم ‪ ،‬ولذا استحب‬
‫العلماء تحري المسجد الذي فيه جماعة كثيرة للصالة على الميت‬
‫فيه ‪ ،‬وكلما كان العدد أكثر صار أقرب إلى الخير وأكثر للدعاء ‪.‬‬
‫حكم تكثير الصفوف ولو لم تتم‬
‫س‪ :‬بالنسبة الستحباب تكثير الصفوف حتى مع عدم اكتمال الصف‬
‫األول ما حكمه؟‬
‫ج‪ :‬األصل أن يصفوا في صالة الجنازة كما يصفون في الصالة‬
‫المكتوبة فيكملون الصف األول فاألول ‪ ،‬أما عمل مالك ابن هبيرة‬
‫رضي هللا عنه ففي سنده ضعف وهو مخالف لألحاديث الصحيحة‬
‫الدالة على وجوب إكمال الصف األول فاألول في الصالة‪.‬‬
‫موقف اإلمام في صالة الجنازة‬
‫س‪ :‬كيف يكون وقوف اإلمام في صالة الجنازة؟‬
‫ج‪ :‬من السنة أن يقف اإلمام عند رأس الرجل ووسط المرأة وإذا‬
‫كانت جنائز كثيرة يقدم الرجل ثم الطفل الذكر ثم المرأة ثم الطفلة‬
‫األنثى ويصلي عليهم جميعا ؛ ألن المقصود اإلسراع بالجنازة ‪،‬‬
‫ويجعل رأس الطفل عند رأس الرجل ووسط المرأة عند رأس‬
‫الرجل وكذلك الطفلة عمال بالسنة‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف يوضع الميت أمام اإلمام بالنسبة لجهة الرأس واألرجل؟‬
‫ج‪ :‬يوضع الميت أمام اإلمام ‪ ،‬ويكون اإلمام حذاء رأس الرجل‬
‫ووسط المرأة كما صحت بذلك األحاديث عن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وإذا كان األموات جماعة رجاال ونساء ‪ ،‬وأفراطا ‪،‬‬
‫قدم الرجل إلى اإلمام ثم الطفل الذكر ‪ ،‬ثم المرأة ثم الطفلة ‪ ،‬ويكون‬
‫وسط المرأة حذاء رأس الرجل ‪ ،‬حتى يكون موقف اإلمام منهما‬
‫جميعا هو الموقف الشرعي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يشرع أن يصف عن يمين اإلمام في صالة الجنازة؟‬
‫ج‪ :‬إذا دعت الحاجة فيصف عن يمينه وشماله والسنة الصالة‬
‫خلف اإلمام ‪ ،‬لكن لو كان المكان ضيقا؛ فال بأس‪.‬‬
‫صفة الصالة على الميت‬
‫س‪ :‬ما هي صفة الصالة على الميت؟‬
‫ج‪ :‬الصالة على الميت صفتها أن يكبر اإلمام ويتعوذ ويسمي ويقرأ‬
‫الفاتحة ‪ ،‬ويستحب أن يقرأ معها سورة قصيرة مثل اإلخالص ‪ ،‬أو‬
‫العصر ‪ ،‬أو بعض اآليات ؛ ألنه قد صح عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما ما يدل على ذلك‪،‬‬
‫ويكبر الثانية ويصلي على النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم مثلما يصلي عليه في التشهد األخير‪ ،‬ثم يكبر الثالثة‬
‫ويدعو للميت بالدعاء المعروف ويذكَّر لفظ الدعاء للرجل ويؤنث‬
‫للمرأة ‪ ،‬ويجمع الضمير للجنازات المجتمعة ثم يكبر الرابعة‬
‫ويسكت قليال ثم يسلم عن يمينه تسليمة واحدة‪ ،‬أما االستفتاح فال‬
‫بأس بفعله وال بأس بتركه ‪ ،‬وتركه أفضل أخذا من قول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬أسرعوا بالجنازة…) الحديث‪.‬‬
‫س‪ :‬أرجو أن توضحوا كيفية الصالة على الجنازة كما ثبتت عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم ؛ ألن كثيرا من الناس يجهلونها؟‬
‫ج‪ :‬صفة الصالة على الجنازة قد بينها النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وأصحابه رضي هللا عنهم ‪ ،‬وهي أن يكبر أوال ثم يستعيذ باهلل من‬
‫الشيطان الرجيم ويسمي ويقرأ الفاتحة وسورة قصيرة أو بعض‬
‫اآليات ‪ ،‬ثم يكبر ويصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم مثلما‬
‫يصلي عليه في آخر الصالة ‪ ،‬ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ‪،‬‬
‫واألفضل أن يقول‪( :‬اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا‬
‫وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على‬
‫اإلسالم ومن توفيته منا فتوفه على‬
‫اإليمان اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله‬
‫ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما‬
‫ينقى الثوب األبيض من الدنس اللهم أبدله دارا خيرا من داره‬
‫وأهال خيرا من أهله اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن‬
‫عذاب النار وافسح له في قبره ونور له فيه اللهم ال تحرمنا أجره‬
‫وال تضلنا بعده) كل هذا محفوظ عن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وإن دعا له بدعوات أخرى فال بأس مثل أن يقول‪( :‬اللهم إن كان‬
‫محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ‪ ،‬اللهم‬
‫اغفر له وثبته بالقول الثابت) ‪ ،‬ثم يكبر الرابعة ويقف قليال ‪ ،‬ثم‬
‫يسلم تسليمة واحدة عن يمينه قائال‪( :‬السالم عليكم ورحمة هللا)‪.‬‬
‫ويسن أن يقف اإلمام عند رأس الرجل وعند وسط المرأة ؛ لثبوت‬
‫ذلك عن النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث أنس وسمرة بن‬
‫جندب رضي هللا عنهما ‪ ،‬وأما قول بعض العلماء‪ :‬إن السنة‬
‫الوقوف عند صدر الرجل فهو قول ضعيف ليس عليه دليل فيما‬
‫نعلم‪ ،‬ويكون الميت حين الصالة عليه موجها إلى القبلة ؛ لقول‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم عن الكعبة‪( :‬إنها قبلة المسلمين أحياء‬
‫وأمواتا) وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم قراءة الفاتحة في صالة الجنازة‬
‫س‪ :‬ما حكم قراءة الفاتحة في صالة الجنازة؟‬
‫ج‪ :‬واجبة كما قال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬صلوا كما رأيتموني‬
‫أصلي) وقال عليه الصالة والسالم‪( :‬ال صالة لمن لم يقرأ بفاتحة‬
‫الكتاب) متفق على صحته‪.‬‬
‫حكم الجهر بالفاتحة أحيانا‬
‫س‪ :‬ما حكم الجهر بالفاتحة أحيانا في صالة الجنازة حتى يعلم أنها‬
‫سنة؟‬
‫ج‪ :‬الجهر بها في بعض األحيان ال بأس به ‪ ،‬وإن قرأ‬
‫معها سورة قصيرة فال بأس أيضا بل هو أفضل ؛ ألنه قد ثبت عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما ‪،‬‬
‫وإن اقتصر على الفاتحة كفى‪.‬‬
‫حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في صالة الجنازة‬
‫س‪ :‬ما حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في صالة الجنازة؟‬
‫ج‪ :‬قراءة سورة بعد الفاتحة أفضل كما ثبت ذلك عن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫حكم الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في صالة الجنازة‬
‫س‪ :‬ما حكم الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم في صالة‬
‫الجنازة؟‬
‫ج‪ :‬المعروف عند أهل العلم وجوب الصالة على النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم وينبغي أال يدعها المصلي على الجنازة بعد التكبيرة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫صفة الدعاء للميت في صالة الجنازة‬
‫س‪ :‬األخ ع‪.‬م‪.‬ح‪ .‬من الرياض يقول في سؤاله‪ :‬صليت في أحد‬
‫المساجد وبعد الصالة قدموا متوفين للصالة عليهم ‪ ،‬وكانوا رجال‬
‫وامرأة وطفال وطفلة ‪ ،‬فما هي الصيغة الشرعية المناسبة للدعاء‬
‫لهم؟ وفي بعض المرات يقول اإلمام‪ :‬صلوا على األموات ‪ ،‬وال‬
‫يعرف اإلنسان هل هم ذكور أم إناث ‪ ،‬وهل معهم أطفال أم ال ‪ ،‬فما‬
‫هو الدعاء المناسب يا سماحة الشيخ في مثل هذه الحالة؟‬
‫ج‪ :‬يدعى لألموات جميعا ذكورا كانوا أم إناثا ‪ ،‬أو ذكورا وإناثا‬
‫بقوله‪ :‬اللهم اغفر لهم وارحمهم… إلى آخره ‪ ،‬وإن كانوا اثنين‪:‬‬
‫اللهم اغفر لهما وارحمهما… إلى آخر الدعاء‪ .‬أما الطفل فيقال في‬
‫الدعاء له‪ :‬اللهم اجعله ذخرا لوالديه ‪ ،‬وفرطا وشفيعا مجابا ‪ ،‬اللهم‬
‫أعظم به أجورهما ‪ ،‬وثقل به موازينهما ‪ ،‬وألحقه بصالح سلف‬
‫المؤمنين ‪ ،‬واجعله في‬
‫كفالة إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬وقه برحمتك عذاب الجحيم‪ ،‬وإن كان‬
‫المأموم ال يعرف عدد األموات دعا لهم‪ ،‬وإن لم يعرف عددهم‬
‫بقوله‪ :‬اللهم اغفر لهم وارحمهم‪ ..‬إلى آخره‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫صفة الدعاء في الصالة على الميت إذا كان مجهوال‬
‫س‪ :‬إذا كان المأموم يجهل هل الميت رجل أم امرأة ‪ ،‬فكيف يكون‬
‫دعاؤه؟‬
‫ج‪ :‬األمر في هذا واسع ‪ ،‬فإن قال‪ :‬اللهم اغفر له… إلى آخره ‪،‬‬
‫يعني الميت ‪ ،‬وإن قال‪ :‬اللهم اغفر لها ‪ ،‬يعني الجنازة ‪ ،‬فال بأس‪.‬‬
‫الدعاء الذي يقال في الصالة على الطفل‬
‫س‪ :‬ما هو الدعاء الذي يقال عند الصالة على الطفل ؟‬
‫ج‪ :‬يقال في الصالة على الطفل مثلما يقال في الصالة على الكبير ‪،‬‬
‫لكن عند الدعاء يقول‪ :‬اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وشفيعا‬
‫مجابا ‪ ،‬اللهم أعظم به أجورهما وثقل به موازينهما وألحقه بصالح‬
‫سلف المؤمنين ‪ ،‬واجعله في كفالة إبراهيم عليه الصالة والسالم‬
‫وقه برحمتك عذاب الجحيم ؛ ألنه ثبت عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم أنه قال‪( :‬الطفل يصلى عليه ويدعى لوالديه) ‪.‬‬
‫لم يثبت في القراءة بعد التكبيرة الرابعة شيء‬
‫س‪ :‬هل يقرأ بعد التكبيرة الرابعة شيء؟‬
‫ج‪ :‬لم يثبت شيء في ذلك بل يكبر ثم يسكت قليال ثم يسلم بعد‬
‫الرابعة‪.‬‬
‫حكم الزيادة على أربع تكبيرات‬
‫س‪ :‬إذا كان الميت له فضل ‪ ،‬فهل يزاد في عدد التكبيرات ؟‬
‫ج‪ :‬األفضل االقتصار على أربع ‪ ،‬كما عليه العمل اآلن ؛ ألن هذا‬
‫هو اآلخر من فعل نبي هللا صلى هللا عليه وسلم والنجاشي مع كونه‬
‫له مزية كبيرة اقتصر عليه الصالة والسالم في التكبير عليه بأربع‪.‬‬
‫حكم رفع اليدين مع التكبيرات في صالة الجنازة‬
‫س‪ :‬رفع اليدين في صالة الجنازة مع التكبيرات هل هو سنة؟‬
‫ج‪ :‬السنة رفع اليدين مع التكبيرات األربع كلها ؛ لما ثبت عن ابن‬
‫عمر وابن عباس أنهما كانا يرفعان مع التكبيرات كلها ‪ ،‬ورواه‬
‫الدارقطني مرفوعا من حديث ابن عمر بسند جيد‪.‬‬
‫السنة لمن فاتته بعض تكبيرات صالة الجنازة أن يقضيها‬
‫‪ :‬األخ م‪.‬م‪.‬أ‪ .‬من نيويورك يقول في سؤاله‪ :‬إذا فات اإلنسان بعض‬
‫صالة الجنازة فهل يقضيها؟ وما هي صفة قضائها؟‬
‫ج‪ :‬السنة لمن فاته بعض تكبيرات الجنازة أن يقضي ذلك ؛ لعموم‬
‫قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إذا أقيمت الصالة فامشوا إليها‬
‫وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا)‬
‫وصفة القضاء‪ :‬أن يعتبر ما أدركه هو أول صالته وما يقضيه هو‬
‫آخرها ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬فما أدركتم فصلوا وما فاتكم‬
‫فأتموا) فإذا أدرك اإلمام في التكبيرة الثالثة كبر وقرأ الفاتحة ‪ ،‬وإذا‬
‫كبر اإلمام الرابعة كبر بعده وصلى على النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ ،‬فإذا سلم اإلمام كبر المأموم المسبوق ودعا للميت دعاء موجزا ‪،‬‬
‫ثم يكبر الرابعة ويسلم‪ .‬وفق هللا الجميع لما يرضيه‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يقضي المصلي صالة الجنازة إذا دخل وقد فاته بعضها؟‬
‫ج‪ :‬يقضيها في الحال ‪ ،‬فإذا أدرك مع اإلمام التكبيرة‬
‫الثالثة فإنه يكبر ويقرأ الفاتحة ‪ ،‬وإذا كبر اإلمام الرابعة فإنه يكبر‬
‫الثانية بالنسبة إليه ويصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وإذا‬
‫سلم اإلمام كبر الثالثة وقال‪ :‬اللهم اغفر له إلى آخر الدعاء ‪ ،‬ثم‬
‫يكبر الرابعة ويسلم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا رفعت الجنازة فكيف يصلي من فاته بعض الصالة؟‬
‫ج‪ :‬يكبر في الحال ويقرأ الفاتحة ثم يكبر بعد إمامه التكبيرة التي‬
‫أدركها فيصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ثم إذا سلم اإلمام‬
‫يكبر ويقول اللهم اغفر له ثم يكبر ويسلم إذا كان قد فاته تكبيرتان‪.‬‬
‫من دخل مع اإلمام وهو يصلي صالة الجنازة ظانا أنه يصلي‬
‫الفريضة‬
‫س‪ :‬األخ م‪.‬ع‪.‬م‪ .‬من العال يقول في سؤاله‪ :‬دخلت المسجد ألداء‬
‫صالة الظهر ‪ ،‬فوجدت الناس وقوفا يصلون ‪ ،‬فكبرت معهم ‪ ،‬وبعد‬
‫قليل اكتشفت أنهم يصلون على جنازة ‪ ،‬فارتبكت وقطعت الصالة ‪،‬‬
‫ثم كبرت مرة أخرى تكبيرة اإلحرام ألقضي صالة الظهر ‪ ،‬ولم أكمل‬
‫معهم الصالة على الجنازة‪ ،‬فما حكم ما فعلت وهل‬
‫علي شيء ؟ أرجو التكرم بإجابتي على سؤالي‪.‬‬
‫ج‪ :‬المشروع لك في مثل هذا األمر أن تنوي صالة الجنازة إذا‬
‫علمت أنها صالة جنازة ‪ ،‬ثم تكبر وتكمل معهم صالة الجنازة‬
‫وتقضي ما فاتك من التكبيرات إن فاتك شيء ‪ ،‬ثم بعد ذلك تصلي‬
‫صالة الظهر ؛ ألن صالة الجنازة تفوت ‪ ،‬وصالة الظهر ال تفوت ؛‬
‫ألن وقتها واسع‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫تقدم صالة الجنازة على الفرض في هذه الحال‬
‫س‪ :‬من دخل المسجد للصالة على الجنازة ولم يصل الفرض فهل‬
‫يصلي الفرض أوال أو يدخل معهم في الصالة على الجنازة؟ وإذا‬
‫حملت الجنازة هل يصلي عليها؟‬
‫ج‪ :‬يصلي معهم على الجنازة ثم يصلي الفرض ؛ ألن الجنازة تفوت‬
‫والفرض ال يفوت ‪ ،‬وأما إذا حملت الجنازة فال يصلي عليها ‪ ،‬وإنما‬
‫يتبعها ويصلي عليها بعد الدفن أو عند القبر‪.‬‬
‫كيف يفعل من حضر الجنازة في مسجد وقد صلى الفرض في آخر‬
‫س‪ :‬بعض المصلين يأتون وقد صلوا الفرض في مساجدهم ‪ ،‬فإذا‬
‫أقيمت صالة الفرض في المسجد الذي سيصلى على الميت فيه ‪،‬‬
‫فهل يصلون في المسجد مع المسلمين مرة ثانية ‪ ،‬أو يجلسون في‬
‫المسجد ينتظرونهم ‪ ،‬والذي لم يأت إال متأخرا ‪ ،‬وقد فاته ثالث‬
‫ركعات هل يصلي معهم مع خشيته فوات صالة الجنازة؟‬
‫ج‪ :‬إذا جاء المسلم إلى المسجد فوجد الناس يصلون ‪ ،‬فإن‬
‫المشروع له أن يصلي معهم ‪ ،‬فإنها له نافلة ‪ ،‬لما ثبت عن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم أنه قال ألبي ذر‪( :‬صل الصالة لوقتها فإن‬
‫أقيمت وأنت في المسجد فصل معهم فإنها لك نافلة) وجيء إلى‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم برجلين ‪ ،‬وهو في منى في حجة الوداع‬
‫‪ ،‬لم يصليا معه في صالة الفجر ‪ ،‬فقال لهما صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(ما منعكما أن تصليا معنا‬
‫فقاال قد صلينا في رحالنا يا رسول هللا فقال لهما صلى هللا عليه‬
‫وسلم إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما اإلمام لم يصل فصليا معه‬
‫فإنها لكما نافلة) وفي الباب أحاديث كثيرة وهي تدل على أن‬
‫المسلم متى أدرك الصالة مع اإلمام أو بعضها فإنه يصلي معه‬
‫وتكون له نافلة‪.‬‬
‫حكم الصالة على الميت بعد دفنه‬
‫س‪ :‬ما حكم الصالة على الجنازة بعد دفنها ؟ وهل تحد بشهر؟‬
‫ج‪ :‬حكم الصالة على الجنازة بعد دفنها سنة ؛ ألن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم صلى عليها بعد الدفن ‪ ،‬والذي ما حضر الصالة عليها‬
‫يصلي عليها بعد الدفن ‪ ،‬حتى الذي صلى عليها ال مانع من أن يعيد‬
‫الصالة عليها مع المصلين وال حرج في ذلك حتى لو صلى عليها‬
‫مرتين أو ثالثا مع من يصلي عليها ممن فاتته الصالة عليها ‪،‬‬
‫والمشهور عند العلماء أنها إلى شهر تقريبا‪.‬‬
‫أقصى مدة يمكن الصالة فيها على الميت بعد دفنه‬
‫س‪ :‬هل تجوز الصالة على الميت في قبره بعد مضي شهر ؟‬
‫ج‪ :‬األحوط تركه ؛ ألن فيه خالفا بين العلماء ‪ ،‬وأكثر ما ورد عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم أنه صلى على القبر بعد شهر ‪ ،‬واألصل‬
‫عدم الصالة على القبور‪.‬‬
‫س‪ :‬عرفنا أن من المشهور عند العلماء أن الصالة على الميت بعد‬
‫دفنه تكون إلى شهر تقريبا ‪ ،‬إذن فكيف توجه صالة النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم على الصحابة في البقيع في آخر حياته والدعاء لهم ؟‬
‫ج‪ :‬المقصود بالصالة عليهم الدعاء لهم الدعاء الذي يدعى به‬
‫للميت‪.‬‬
‫حكم تكرار الصالة على الميت‬
‫س‪ :‬هل يجوز أن أصلي على قبر أبي صالة الجنازة عند زيارته‬
‫طلبا للرحمة له ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كنت قد صليت على أبيك مع الناس فال حاجة إلى إعادة‬
‫الصالة ‪ ،‬بل تزوره وتدعو له فقط ؛ تأتي المقبرة وتسلم على أهل‬
‫القبور وتدعو لهم وتدعو ألبيك ‪ ،‬كما قال النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا‪( :‬السالم‬
‫عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم‬
‫الحقون يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين نسأل هللا لنا ولكم‬
‫العافية)‬
‫فتسلم على أهل القبور وعلى أبيك ‪ ،‬وتدعو له بالمغفرة والرحمة ‪،‬‬
‫وال حاجة إلى الصالة ‪ ،‬هذا إذا كنت صليت عليه‪.‬‬
‫أما إذا كنت لم تصل عليه مع الناس فإنك تذهب إلى قبره وتصلي‬
‫عليه في مدة شهر فأقل ‪ ،‬إذا كان مضى له شهر أو أقل ‪ ،‬أما إذا‬
‫طالت المدة فال صالة عند جمع من أهل العلم ‪ ،‬والدعاء يكفي ألبيك‬
‫واالستغفار له ‪ ،‬والترحم عليه ‪ ،‬والتصدق عنه بالمال ‪ ،‬كل هذا‬
‫ينفع الميت ‪ ،‬من أب وغيره‪.‬‬
‫س‪ :‬تكرار الصالة على الجنازة ما حكمه ؟‬
‫ج‪ :‬إن كان هناك سبب فال بأس مثل أشخاص حضروا بعد الصالة‬
‫عليها فإنهم يصلون عليها عند القبر أو بعد الدفن ‪ ،‬وهكذا يشرع‬
‫لمن صلى عليها مع الناس في المصلى أن يصلي عليها مع الناس‬
‫في المقبرة ؛ ألن ذلك من زيادة الخير له وللميت ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز تكرار الصالة على الميت في المسجد أو في المقبرة‬
‫؟‬
‫ج‪ :‬إذا صلى عليه ثم وافق أناسا يصلون عليه وصلى معهم عند‬
‫القبر فال بأس في ذلك ‪ ،‬مثل ما لو صلى صالة في مسجد ثم ذهب‬
‫لمسجد آخر لحاجته فوجدهم يصلون فإنه يصلي معهم وتكون له‬
‫نافلة‪.‬‬
‫حكم الصالة على القبر وقت النهي‬
‫س‪ :‬ما حكم الصالة على القبر وقت النهي ؟‬
‫ج‪ :‬ال يصلى على القبر وقت النهي إال إذا كان ذلك في الوقت‬
‫الطويل أي بعد صالة العصر وصالة الفجر فوقت النهي هنا طويل‬
‫فال بأس بالصالة في هذا الوقت ؛ ألنها من ذوات األسباب ‪ ،‬أما في‬
‫األوقات المضيقة وهي التي جاءت في حديث عقبة رضي هللا عنه‬
‫في صحيح مسلم ‪ ،‬قال رضي هللا عنه‪( :‬ثالث ساعات كان رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن‬
‫موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم‬
‫الظهيرة حتى تزول وحين تضيف الشمس للغروب) فال تجوز‬
‫الصالة في هذه األوقات على الميت وال دفنه فيها لهذا الحديث‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫حكم الصالة على الميت في المغسلة‬
‫س‪ :‬هل تجوز الصالة على الميت في المغسلة لمن ال يستطيع‬
‫الصالة عليه مع الناس في المسجد؟‬
‫ج‪ :‬ال حرج في ذلك إذا كان المكان طاهرا‪.‬‬
‫حكم الصالة على الغائب‬
‫س‪ :‬ما حكم الصالة على الغائب ؟‬
‫ج‪ :‬المشهور أنها خاصة بالنجاشي ‪ ،‬وأجازها بعض أهل العلم إذا‬
‫كان المتوفى له شأن في اإلسالم أو عالم له نشاط في الدعوة‬
‫ونشر العلم وهو غائب يصلى عليه ‪ ،‬ولكن ما بلغنا أنه صلى هللا‬
‫عليه وسلم صلى على غير النجاشي ولم يأت من أي طريق صحيح‬
‫أنه صلى هللا عليه وسلم صلى على غير النجاشي ‪ ،‬وقد مات كثير‬
‫من الصحابة في مكة وفي غيرها ولم يثبت عنه صلى هللا عليه‬
‫وسلم أنه صلى عليهم‪.‬‬
‫فالحاصل أن قول من قال بالتخصيص له قوة ‪ ،‬وإذا فعل ذلك مع‬
‫من له شأن في اإلسالم يشبه النجاشي من العلماء واألمراء الذين‬
‫لهم شأن في اإلسالم فنرجو أن ال حرج إن شاء هللا في ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم صالة الغائب؟ وهل تجوز أن تصلي على من لم يدفن‬
‫بعد؟‬
‫ج‪ :‬الصالة على الغائب فيها تفصيل‪ :‬بعض أهل العلم يرى أنه ال‬
‫يصلى على الغائب إذا كان قد صلي عليه في بلده ‪،‬‬
‫وبعضهم يرى الصالة عليه‪ .‬لكن إذا كان الغائب له شأن في اإلسالم‬
‫كالنجاشي رحمه هللا ‪ ،‬فإن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى على‬
‫النجاشي لما مات في بالده وأخبر به الصحابة وصلى عليه صالة‬
‫الغائب ‪ ،‬ولم يثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه صلى على غيره‪.‬‬
‫فإذا كان الغائب إمام عدل وخير صلى عليه صالة الغائب ولي األمر‬
‫‪ ،‬فيأمر بالصالة عليه صالة الغائب‪ ،‬وهكذا علماء الحق ودعاة‬
‫الهدى إذا صلي عليهم صالة الغائب فهذا حسن ‪ ،‬كما صلى النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم على النجاشي‪.‬‬
‫أما أفراد الناس فال تشرع الصالة عليهم ؛ ألن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم لم يصل على كل غائب ‪ ،‬إنما صلى على شخص واحد‬
‫وهو النجاشي ؛ ألن له قدما في اإلسالم ‪ ،‬وألنه آوى المهاجرين‬
‫من الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة ؛ آواهم ونصرهم وحماهم‬
‫وأحسن إليهم ‪ ،‬وكانت له يد عظيمة في اإلسالم ‪ ،‬ولهذا صلى عليه‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات وصلى عليه الصحابة مع النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫فمن كان بهذه المثابة وله قدم في اإلسالم يصلى عليه ‪ ،‬مثلما‬
‫صلى المسلمون في هذه البالد على ضياء الحق رئيس باكستان‬
‫رحمه هللا ؛ لما كان له من مواقف طيبة إسالمية ‪ ،‬فقد أمر ولي‬
‫األمر أن يصلى عليه في الحرمين ‪ ،‬وصلي عليه ؛ ألنه أهل لذلك ‪،‬‬
‫لمواقفه الكريمة وعنايته بتحكيم الشريعة وأمره بها‬
‫وحرصه على ذلك‪ .‬نسأل هللا لنا وله العفو والمغفرة‪.‬‬
‫والمقصود أن من كان بهذه المثابة في حكام المسلمين وعلماء‬
‫المسلمين إذا ماتوا في بالد الغربة أو في بالدهم أيضا شرع‬
‫للمسلمين الغائبين عنهم أن يصلوا عليهم صالة الغائب لقصة‬
‫النجاشي المذكورة‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫كيفية الصالة على الغائب‬
‫س‪ :‬ما كيفية الصالة على الغائب ؟‬
‫ج‪ :‬الصالة على الغائب مثل الصالة على الحاضر‪.‬‬
‫حكم الصالة على المنافق‬
‫س‪ :‬إذا عرف أن الميت منافق فهل يصلى عليه ؟‬
‫علَى أَ َح ٍد ِم ْن ُه ْم َماتَ‬ ‫(وال ت ُ َ‬
‫ص ِل َ‬ ‫ج‪ :‬ال يصلى عليه ؛ لقوله تعالى‪َ :‬‬
‫أَ َبدا) إذا كان نفاقه ظاهرا ‪ ،‬أما إذا كان ذلك مجرد تهمة فإنه يصلى‬
‫عليه ؛ ألن األصل وجوب الصالة على الميت‬
‫المسلم فال يترك الواجب بالشك‪.‬‬
‫الصالة على أهل البدع‬
‫س‪ :‬ترك الصالة على أهل البدع ما حكمه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا تركها أهل العلم من باب التنفير من عملهم فهو مناسب إذا‬
‫كانت بدعتهم ال توجب تكفيرهم ‪ ،‬أما إن كانت بدعتهم مكفرة‬
‫كبدعة الخوارج والمعتزلة والجهمية فال يصلى عليهم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا ترك العلماء الصالة على أهل البدع ‪ ،‬أال يكون فعلهم هذا‬
‫قدوة لترك الناس الصالة عليهم؟‬
‫ج‪ :‬الصالة على الميت المسلم واجبة وإن كانت لديه بدعة ‪،‬‬
‫ويصلي عليهم بعض الناس إذا كانت بدعتهم ال تخرجهم عن‬
‫اإلسالم ‪ ،‬أما إذا كانت بدعتهم توجب كفرهم فإنه ال يصلى عليهم ‪،‬‬
‫وال يستغفر لهم ؛ كالجهمية والمعتزلة والرافضة الذين يدعون‬
‫عليا رضي هللا عنه ‪ ،‬ويستغيثون به وبأهل البيت وأشباههم ؛ لقول‬
‫علَى أَ َح ٍد ِم ْن ُه ْم َماتَ‬ ‫(وال ت ُ َ‬
‫ص ِل َ‬ ‫هللا سبحانه في المنافقين وأشباههم‪َ :‬‬
‫سو ِل ِه َو َماتُوا َو ُه ْم‬
‫اَّللِ َو َر ُ‬ ‫أَ َبدا َوال تَقُ ْم َ‬
‫علَى قَ ْب ِر ِه ِإنَّ ُه ْم َكفَ ُروا ِب َّ‬
‫سقُ َ‬
‫ون)‬ ‫فَا ِ‬
‫حكم الصالة على المنتحر‬
‫س‪ :‬من قتل نفسه فهل يصلى عليه ؟‬
‫ج‪ :‬يصلي عليه بعض المسلمين كسائر العصاة ‪ ،‬ألنه ال يزال في‬
‫حكم اإلسالم عند أهل السنة‪.‬‬
‫الشهداء الذين ماتوا في المعركة ال تشرع الصالة عليهم مطلقا‬
‫س‪ :‬األخ م‪.‬م‪ .‬من زغرب في كرواتيا يقول في سؤاله‪ :‬صليت في‬
‫أحد المساجد يوم الجمعة وبعد الصالة قام اإلمام وصلى صالة‬
‫الغائب على الشهداء في البوسنة والهرسك ‪ ،‬فهل فعله هذا موافق‬
‫للسنة؟ وهل هناك شروط إلقامة صالة الغائب؟‬
‫ج‪ :‬الشهداء الذين يموتون في المعركة ال تشرع الصالة عليهم‬
‫مطلقا وال يغسلون ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يصل على‬
‫شهداء أحد ولم يغسلهم‪ ..‬رواه البخاري في‬
‫صحيحه عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫أما الصالة على الغائب ففيها خالف بين أهل العلم ‪ ،‬والصواب‬
‫جوازها إذا كان الميت الغائب له شأن في اإلسالم وعمل عظيم‬
‫مشهور دون بقية الناس ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى‬
‫على النجاشي لما مات في الحبشة ‪ ،‬لموقفه العظيم مع المسلمين ‪،‬‬
‫وإيوائه إياهم لما هاجروا إليه ‪ ،‬وحمايتهم من أعدائهم ‪ ،‬ولم يحفظ‬
‫عنه صلى هللا عليه وسلم أنه صلى على غائب سواه ‪ ،‬ولهذا ذهب‬
‫بعض أهل العلم إلى أن الصالة على الغائب خاصة بالنجاشي ‪،‬‬
‫وذهب آخرون إلى أنه ال حرج في الصالة على غيره إذا كان له‬
‫شأن في اإلسالم ‪ ،‬وعمل عظيم ينفع المسلمين ‪ ،‬كما فعل النجاشي‬
‫‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫ترك الصالة على من عليه دين منسوخ‬
‫س‪ :‬عدم صالة النبي صلى هللا عليه وسلم على من عليه دين‬
‫لماذا؟‬
‫ج‪ :‬هذا منسوخ ‪ ،‬وكان أوال ألجل حثهم على قلة الدين‬
‫وعلى المسارعة في القضاء ثم نسخ ‪ ،‬وأخيرا صلى عليه الصالة‬
‫والسالم على من عليه دين وعلى الذي ليس عليه دين‪.‬‬
‫حكم الصالة على الجنين‬
‫س‪ :‬الجنين هل يصلى عليه ؟‬
‫ج‪ :‬إذا ولد في الشهر الخامس وما بعده فإنه يغسل ويصلي عليه ‪،‬‬
‫ويدفن في قبور المسلمين‪.‬‬
‫الصالة على الجنازة في المصلى أفضل من المسجد‬
‫س‪ :‬أيهما أفضل الصالة على الميت في المسجد أم في المصلى ؟‬
‫ج‪ :‬في المصلى أفضل إذا تيسر ‪ ،‬والصالة في المسجد جائزة كما‬
‫صلى النبي صلى هللا عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد كما‬
‫روى ذلك مسلم في صحيحه عن عائشة رضي هللا عنها ‪.‬‬
‫س‪ :‬من المعلوم أن الصالة على الميت « الجنازة » أفضل في‬
‫المصلى ‪ ،‬فهل يخصص في المقبرة مصلى لألموات ‪ ،‬أو يصلى‬
‫عليهم في مصلى العيد؟‬
‫ج‪ :‬يصلى على الميت في المسجد سواء كان ذكرا أو أنثى ‪ ،‬إال إذا‬
‫كان يوجد مصلى معدا للجنائز فإنه يصلى فيه على الجنائز إذا‬
‫تيسر ذلك ‪ ،‬وإن صلي على الجنائز في المسجد فال بأس بذلك ‪،‬‬
‫ولو كان هناك مصلى للجنائز ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫صلى على ابني بيضاء في المسجد‪.‬‬
‫حكم وضع الميت في غرفة حتى يصلى عليه‬
‫س‪ :‬وضع الميت في الغرفة حتى يصلى عليه هل فيه بأس ؟‬
‫ج‪ :‬ليس فيه بأس وال حرج ‪.‬‬
‫حمل الميت ودفنه‬
‫حكم دفن البهائية في مقابر المسلمين‬
‫س‪ :‬الذين اعتنقوا مذهب ( بهاء هللا) الذي ادعى النبوة وادعى‬
‫أيضا حلول هللا فيه ‪ ،‬هل يسوغ للمسلمين دفن هؤالء الكفرة في‬
‫مقابر المسلمين؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت عقيدة البهائية كما ذكرتم فال شك في كفرهم وأنه ال‬
‫يجوز دفنهم في مقابر المسلمين ؛ ألن من ادعى النبوة بعد نبينا‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم فهو كاذب وكافر بالنص وإجماع‬
‫َان ُم َح َّم ٌد أَبَا أَ َح ٍد‬
‫المسلمين ؛ ألن ذلك تكذيب لقوله تعالى ‪َ ( :‬ما ك َ‬
‫َّللاِ َو َخاتَ َم النَّ ِب ِي َ‬
‫ين)‬ ‫ِم ْن ِر َجا ِل ُك ْم َولَ ِك ْن َر ُ‬
‫سو َل َّ‬
‫ولما تواترت به األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫خاتم األنبياء ال نبي بعده وهكذا من ادعى أن هللا سبحانه حال فيه ‪،‬‬
‫أو في أحد من الخلق فهو كافر بإجماع المسلمين ؛ ألن هللا سبحانه‬
‫ال يحل في أحد من خلقه بل هو أجل وأعظم من ذلك ومن قال ذلك‬
‫فهو كافر بإجماع المسلمين مكذب لآليات واألحاديث الدالة على أن‬
‫هللا سبحانه فوق العرش قد‬
‫عال وارتفع فوق جميع خلقه وهو سبحانه العلي الكبير الذي ال‬
‫مثيل له وال شبيه له وقد تعرف إلى عباده بقوله سبحانه‪( :‬إِ َّن َربَّ ُك ُم‬
‫علَى‬ ‫ستَ َوى َ‬ ‫ست َّ ِة أَيَّ ٍام ث ُ َّم ا ْ‬
‫ض فِي ِ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر َ‬
‫اوا ِ‬‫س َم َ‬ ‫ق ال َّ‬ ‫َّللاُ الَّذِي َخلَ َ‬ ‫َّ‬
‫ستَ َوى) وفي‬ ‫علَى ا ْل َع ْر ِش ا ْ‬ ‫ا ْل َع ْر ِش) وفي قوله سبحانه‪َّ :‬‬
‫(الر ْح َم ُن َ‬
‫قوله عز وجل‪( :‬فَا ْل ُح ْك ُم ِ ََّّللِ ا ْل َع ِلي ِ ا ْل َك ِب ِير) وقوله سبحانه‪ِ ( :‬إلَ ْي ِه‬
‫صا ِل ُح يَ ْرفَعُهُ) إلى غير ذلك من اآليات‬ ‫ب َوا ْلعَ َم ُل ال َّ‬ ‫صعَ ُد ا ْل َك ِل ُم ال َّ‬
‫ط ِي ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫الكثيرة الدالة على علوه وارتفاعه فوق عرشه واستوائه عليه‬
‫استواء يليق بجالله وعظمته ال يشابه خلقه فيما يستوون عليه وال‬
‫يعلم كيف استوى إال هو سبحانه ‪ ،‬كما ال يعلم كيف ذاته إال هو عز‬
‫وجل ‪ ،‬وهذا الذي أوضحه لك في حق الباري سبحانه هو عقيدة‬
‫أهل السنة والجماعة التي درج عليها الرسل عليهم الصالة‬
‫والسالم ‪ ،‬ودرج عليها خاتمهم محمد رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ودرج عليها خلفاؤه الراشدون وصحابته المرضيون‬
‫والتابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫واعلم يا أخي أنني لم أقرأ شيئا من كتب البهائية إلى حين التاريخ‬
‫ولكن قد علمت باالستفاضة أنها‬
‫طائفة ضالة كافرة خارجة عن دائرة اإلسالم وعلى مقتضى ما ذكر‬
‫في السؤال حصل الجواب‪.‬‬
‫ثم إني اطلعت بعد تحرير الجواب على محاورة بين سني وبهائي‬
‫نشرتها مجلة (الهدي النبوي) ألنصار السنة في القاهرة في أعداد‬
‫أربعة قرأت منها ثالثة أعداد صادرة في رمضان وذي القعدة اثنان‬
‫منها صدرا في عام ‪ 1368‬هـ ‪ ،‬والثالث في ربيع الثاني من عام‬
‫‪ 1369‬هـ وقد صرح البهائي في هذه المحاورة أن بهاء هللا رسول‬
‫الطائفة البهائية يزعم أنه رسول ناسخ للشرائع التي قبله نسخ‬
‫تعديل وتلطيف وأن كل عصر يحتاج إلى رسول ‪ ،‬وصرح أيضا‬
‫بإنكار المالئكة وأن حقيقة المالئكة هي أرواح المؤمنين العالية‬
‫وظاهر كالمه أيضا إنكار المعاد الجثماني وإنكار ما أخبر به‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم عن الدجال وال شك أن دعوى‬
‫البهائي (الرسالة) وزعمه أن كل عصر يحتاج إلى رسول كفر‬
‫صريح ‪ ،‬وهللا سبحانه هو الموفق وال حول وال قوة إال به ونسأل‬
‫هللا عز وجل لنا ولكم ولسائر إخواننا المؤمنين التوفيق لمعرفة‬
‫الحق واتباعه إنه جواد كريم والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫وصلى هللا وسلم على عبده ورسوله سيدنا وإمامنا محمد بن عبد‬
‫هللا وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ‪.‬‬
‫حكم دفن ما بتر من إنسان‬
‫س‪ :‬ما حكم بتر جزء معين من اإلنسان زائد ‪ ،‬كبتر األصبع أو‬
‫غيرها ‪ ،‬هل ترمى مع النفايات ‪ ،‬أو أنها تجمع ويكلف شخص‬
‫بدفنها بمقابر المسلمين؟‬
‫ج‪ :‬األمر واسع ‪ ،‬فليس لها حكم اإلنسان ‪ ،‬وال مانع من أن توضع‬
‫في النفاية أو تدفن في األرض احتراما لها فهذا أفضل ‪ ،‬وإال فاألمر‬
‫واسع والحمد هلل – كما قلنا – فال يجب غسله وال دفنه ‪ ،‬إال إذا كان‬
‫جنينا أكمل أربعة أشهر ‪ ،‬أما ما كان لحمة لم ينفخ فيها الروح أو‬
‫قطعة من أصبع أو نحو ذلك فاألمر واسع ‪ ،‬لكن دفنه في أرض‬
‫طيبة يكون أحسن وأفضل ‪.‬‬
‫كلمة عن اتباع الجنائز‬
‫الحمد هلل ‪ ،‬وصلى هللا وسلم على رسول هللا ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‬
‫ومن اهتدى بهداه ‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد ثبت عن رسول هللا عليه الصالة‬
‫والسالم أنه قال‪( :‬من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط‬
‫ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل يا رسول هللا ما‬
‫القيراطان؟ قال‪ :‬مثل الجبلين العظيمين) يعني‪ :‬من األجر ‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على شرعية اتباع الجنائز للصالة وللدفن جميعا ؛ وما ذاك إال‬
‫لما في اتباع الجنائز من المصالح الكثيرة ‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن ذلك يذكر بالموت ويذكر التابع باالستعداد لآلخرة ‪ ،‬وأن‬
‫الذي أصاب أخاه سوف يصيبه ‪ ،‬فليعد العدة وليحذر من الغفلة‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا‪ :‬أن في اتباع الجنائز جبرا للمصابين ومواساة لهم‬
‫وتعزية لهم في ميتهم ‪ ،‬فيحصل له بذلك أجر التعزية والجبر‬
‫والمواساة إلخوانه ‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا‪ :‬أنه يعينهم على ما قد يحتاجون إليه في حمل‬
‫ميتهم ودفنه‪ .‬فعلى كل تقدير اتباع الجنائز فيه مصالح كثيرة ‪ ،‬ولو‬
‫لم يكن فيه إال أنه يذكر بالموت وما بعده ويدعو إلى االستعداد‬
‫لآلخرة والتأهب للقاء هللا عز وجل لكان هذا كافيا ‪ ،‬فكيف وفي ذلك‬
‫مصالح أخرى؟ ثم في ذلك هذا األجر العظيم ‪ ،‬أنه يحصل له‬
‫بالصالة قدر قيراط ‪ ،‬قدر جبل من األجر ‪ ،‬وبالصالة والدفن جميعا‬
‫مثل الجبلين العظيمين من األجر ‪ ،‬وهذا فضل كبير وخير عظيم‪.‬‬
‫وروى البخاري رحمه هللا في صحيحه بلفظ آخر عن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان‬
‫معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من األجر‬
‫بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) وفي هذا بيان أن هذا االتباع‬
‫يكون إيمانا واحتسابا ‪ ،‬ال للرياء والسمعة وال لغرض آخر ‪ ،‬بل‬
‫يتبع الجنازة إيمانا واحتسابا ؛ إيمانا بأن هللا شرع ذلك واحتسابا‬
‫لألجر عنده سبحانه وتعالى ‪ ،‬وفي ضمن ذلك هذه المصالح الكثيرة‬
‫؛ ولهذا قال عليه الصالة والسالم‪( :‬من تبع جنازة مسلم إيمانا‬
‫واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من‬
‫دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) وفي هذا‬
‫الحديث داللة على أن التابع ال ينصرف حتى تدفن‪ .‬بعض الناس قد‬
‫ينصرف عند وضعها في األرض ‪ ،‬هذا خالف المشروع ‪،‬‬
‫المشروع أنه يبقى مع إخوانه حتى يفرغوا من دفنها ‪ ،‬حتى‬
‫ينتهوا‪.‬‬
‫وفي ذلك أيضا حديث آخر‪ :‬أنه كان عليه الصالة والسالم إذا فرغ‬
‫من دفن الميت وقف عليه وقال‪( :‬استغفروا ألخيكم واسألوا له‬
‫التثبيت فإنه اآلن يسأل) فيشرع للمؤمن إذا تبع الجنازة أن يقف‬
‫عليها بعد الدفن ‪ ،‬ال يعجل ‪ ،‬يبقى معهم حتى يفرغوا من الدفن ‪ ،‬ثم‬
‫إذا فرغوا يستحب له أن يقف على القبر ويدعو للميت بالمغفرة‬
‫والثبات ؛ تأسيا بالنبي عليه الصالة والسالم حيث قال‪ :‬استغفروا‬
‫ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل هكذا كان يقف عليه بعد‬
‫الدفن ويقول هذا عليه الصالة والسالم ‪ ،‬هذا هو السنة ‪ ،‬أنه يقف‬
‫عليه ويدعو له بالمغفرة والثبات ثم ينصرف بعد ذلك‪.‬‬
‫أما التوقيد فهو غير مشروع ‪ ،‬وهو ما يفعله بعض الناس عند قبر‬
‫الميت ‪ ،‬وإنما السنة أن يقف على الميت بعد الدفن ويدعو له‬
‫بالمغفرة والثبات ‪ ،‬هذا هو المشروع ؛ فينبغي للمؤمن أن يالحظ‬
‫ما شرعه هللا ‪ ،‬وأن يدع ما لم يشرعه هللا‪.‬‬
‫وكذلك بعض الناس عند الدفن يؤذن في القبر أو يقيم في القبر أو‬
‫يقرأ القرآن في القبر ‪ ،‬وهذا بدعة ال أصل له ‪ ،‬أيضا كون أنهم‬
‫ينزلون في القبر أو يقرءون القرآن أو يؤذنون أو يقيمون ؛ هذه‬
‫بدعة ال أصل لها فينبغي التنبيه لذلك‪ .‬وفق هللا الجميع ‪ ،‬وصلى هللا‬
‫على نبينا محمد ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫تشييع الميت‬
‫س‪ :‬ما السنة في تشييع الميت ؟‬
‫ج‪ :‬السنة أن المشيع يتبع الميت من بيته إلى المصلى ‪ ،‬ومن‬
‫المصلى إلى المقبرة ويبقى معه حتى يفرغ من دفنه ؛ لقوله صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها‬
‫حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط‬
‫مثل جبل أحد) أخرجه البخاري في صحيحه‪.‬‬
‫السنة لمن تبع الجنازة أال يجلس حتى توضع على األرض‬
‫س‪ :‬ما هي السنة لمن تبع الجنازة ؟‬
‫ج‪ :‬السنة لمن تبع الجنازة أال يجلس حتى توضع من أعناق الرجال‬
‫على األرض ‪ ،‬وأما االنصراف فإن المشروع لمتبعها أال ينصرف‬
‫حتى توضع في القبر ويفرغ من دفنها ‪ ،‬وهذا كله على سبيل‬
‫االستحباب ‪ ،‬لكن األفضل أال ينصرف التابع للجنازة إال بعد الفراغ‬
‫من الدفن حتى يستكمل األجرين ‪ ،‬أجر الصالة ‪ ،‬وأجر االتباع لقول‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من تبع جنازة مسلم فكان معها حتى‬
‫يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل‬
‫جبل أحد) أخرجه البخاري في صحيحه‪.‬‬
‫معنى حديث أم عطية‪( :‬نهينا عن اتباع الجنائز)‬
‫س‪ :‬ما معنى حديث أم عطية نهينا عن اتباع الجنائز ؟‬
‫ج‪ :‬المقصود بالنهي‪ :‬النهي عن اتباعها إلى المقبرة ‪ ،‬أما الصالة‬
‫عليها فمشروعة للرجال والنساء ‪ ،‬وكان النساء يصلين على‬
‫الجنائز مع النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫س‪ :‬حديث أم عطية‪( :‬نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم‬
‫علينا) كيف يوجه؟‬
‫ج‪ :‬يفهم من ذلك أن النهي عندها غير مؤكد ‪ ،‬واألصل في النهي‬
‫التحريم لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ما نهيتكم عنه فاجتنبوه‬
‫وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) متفق على صحته ‪ ،‬وذلك‬
‫يدل على تحريم اتباع النساء للجنائز إلى المقبرة أما الصالة على‬
‫الميت فإنها مشروعة لهن كالرجال‪ ،‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حصول القيراطين لمن تبع جنازة ثم صلى عليها‬
‫س‪ :‬من تبع جنازة ثم صلى عليها بعد الدفن هل يحصل له قيراطان‬
‫؟‬
‫ج‪ :‬نعم ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من تبع الجنازة حتى يصلى‬
‫عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط‬
‫مثل أحد) ولقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من شهد الجنازة حتى‬
‫يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل يا‬
‫رسول هللا وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين)‬
‫يسن اإلسراع بالجنازة‬
‫س‪ :‬هل يسن اإلسراع بالجنازة ؟‬
‫ج‪ :‬يسن اإلسراع بالجنازة من غير مشقة ؛ لقول النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪( :‬أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه‬
‫وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) متفق على صحته‪.‬‬
‫الجمع بين حديث النهي عن الصالة والدفن في ثالث ساعات‬
‫وحديث التعجيل بالجنازة‬
‫س‪ :‬كيف نجمع بين نهيه صلى هللا عليه وسلم عن الصالة والدفن‬
‫في ثالث ساعات وبين حديث التعجيل بالجنازة ‪ ،‬وكانت الجنازة‬
‫مثال بعد العصر؟ أفيدونا جزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس بين األحاديث تعارض ‪ ،‬فالسنة تعجيل الصالة على‬
‫الجنازة ودفنها ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أسرعوا‬
‫بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك‬
‫فشر تضعونه عن رقابكم) ولكن إذا صادف ذلك وقت الساعات‬
‫الثالث أجلت الصالة عليها ودفنها ؛ لقول عقبة بن عامر رضي هللا‬
‫عنه‪( :‬ثالث ساعات كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينهانا أن‬
‫نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى‬
‫ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس وحين تضيف‬
‫الشمس للغروب‬
‫حتى تغرب) أخرجه مسلم في صحيحه‪ .‬وهذه الساعات الثالث كلها‬
‫قليلة ال يضر تأخير الصالة على الميت فيها وال تأخير دفنه‪ .‬وهلل‬
‫الحكمة البالغة سبحانه في ذلك ‪ ،‬وهو سبحانه أرحم الراحمين‬
‫وأحكم الحاكمين‪ .‬وهللا الموفق‪.‬‬
‫ما المراد باإلسراع بالجنازة‬
‫س‪ :‬اإلسراع بالجنازة هل المقصود به الصالة والتغسيل؟‬
‫ج‪ :‬المقصود المشي ويدخل ضمنا الصالة عليها وتغسيلها‬
‫والسرعة في تجهيزها وظاهر الحديث يعم الجميع من حيث المعنى‬
‫‪.‬‬
‫حكم تأخير الجنازة في الثالجة لعدة شهور‬
‫س‪ :‬ما حكم تأخير الجنازة في الثالجة لمدة ستة أشهر مثال؟‬
‫ج‪ :‬إذا دعت الحاجة لذلك فال بأس حسب التعليمات المتبعة‪.‬‬
‫س‪ :‬من كان له تأثير في اإلسالم فهل يجوز تأخير جنازته يوما‬
‫مثال؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان التأخير لمصلحة فال بأس كما أ ُ ِخ َر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم حيث إنه مات يوم االثنين وما دفن إال ليلة األربعاء ‪ ،‬فإذا‬
‫كان هناك مصلحة كقدوم أقاربه أو غير ذلك فال بأس ‪.‬‬
‫التحذير من بدع تفعل مع الجنائز‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين‬
‫وفقني هللا وإياهم لكل خير آمين‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد تكرر السؤال من كثير من الناس عن األمور اآلتية فرأيت‬
‫التنبيه عليها والتحذير منها لكونها مخالفة للشرع المطهر‪:‬‬
‫األول‪ :‬يعمد بعض الناس إلى وضع أردية على الجنائز مكتوب‬
‫عليها بعض اآليات القرآنية فالواجب ترك ذلك والتواصي بالتحذير‬
‫منه ؛ لما في ذلك من تعريض اآليات القرآنية لالمتهان ‪ ،‬وألن‬
‫بعض الناس قد يظن أن ذلك ينفع الميت‪ ،‬وذلك خطأ منكر ال وجه‬
‫له في الشرع المطهر‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يقوم بعض المتبعين للجنائز بقولهم‪ :‬وحدوه وكبروه‪ ،‬وهذا‬
‫منكر ال أصل له في الشرع المطهر ‪ ،‬وإنما المشروع عند اتباع‬
‫الجنائز تذكر اآلخرة والموت والدعاء‬
‫للميت بالمغفرة والرحمة من دون رفع األصوات ‪ ،‬وقد قال قيس‬
‫بن عباد التابعي الجليل رحمه هللا‪( :‬كان أصحاب رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثالث عند الجنازة وعند‬
‫الذكر وعند القتال)‬
‫الثالث‪ :‬يقوم بعض الناس باألذان واإلقامة في القبر قبل وضع‬
‫الميت فيه‪ ،‬وهذا منكر وبدعة ال أصل له في الشرع المطهر ‪ ،‬وقد‬
‫قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد) وقال عليه الصالة والسالم‪( :‬إياكم ومحدثات األمور فإن‬
‫كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة) فالواجب ترك ذلك والتحذير‬
‫منه‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬يقوم بعض الناس بالوقوف بالجنازة في حي المدعى بمكة‬
‫لقراءة الفاتحة وهذا بدعة ‪ ،‬فالواجب تركه لما تقدم في حكم المنكر‬
‫الثالث ‪ ،‬وهو قوله صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وقوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬إياكم ومحدثات األمور) فنسأل هللا أن يوفق المسلمين‬
‫جميعا البتاع السنة في جميع أمورهم والحذر من جميع البدع‬
‫والمنكرات ‪ ،‬إنه جواد كريم وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله‬
‫وصحبه‪.‬‬
‫وضع كلمة التوحيد على الجنائز غير مشروع‬
‫س‪ :‬يوضع على بعض الجنائز كلمة التوحيد ما الحكم؟‬
‫ج‪ :‬هذا غير مشروع ؛ وإنما يشرع التلقين قبل الموت في حق‬
‫المحتضر ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لقنوا موتاكم ال إله إال‬
‫هللا) رواه مسلم‪.‬‬
‫والموتى هنا المراد بهم المحتضرون حتى يكون آخر كالمهم ال إله‬
‫إال هللا‪ .‬أما الكتابة على كفنه أو على قبره فال يجوز ‪.‬‬
‫حكم الدخول بالجنازة من باب الرحمة في المسجد النبوي‬
‫س‪ :‬اعتاد كثير من الناس في المدينة المنورة الدخول بالميت من‬
‫باب الرحمة فقط دون األبواب األخرى ؛ اعتقادا منهم أن هللا‬
‫سبحانه سيرحمه ويغفر له ‪ ،‬فهل لهذا شيء من الصحة من‬
‫شرعنا المطهر؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لهذا االعتقاد أصال في شريعتنا السمحة ‪ ،‬بل ذلك منكر‬
‫ال يجوز اعتقاده‪ ،‬وال حرج في إدخال الجنازة من جميع األبواب ‪،‬‬
‫واألفضل إدخالها من الباب الذي يكون إدخالها منه أقل ضررا على‬
‫المصلين ‪.‬‬
‫القيام للجنازة سنة‬
‫س‪ :‬إذا كان المسلم في المسجد ورأى الجنازة هل يقوم ؟‬
‫ج‪ :‬ظاهر الحديث العموم فهو إذن مستحب ‪ ،‬ومن تركه‬
‫فال حرج ؛ ألن القيام لها سنة وليس بواجب ؛ ألن الرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم قام تارة وقعد أخرى فدل ذلك على عدم الوجوب‪.‬‬
‫وهللا ولي التوفيق وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫حكم القيام لجنازة الكافر‬
‫س‪ :‬هل يشرع القيام لجنازة الكافر؟‬
‫ج‪ :‬نعم ‪ ،‬يشرع القيام لكل جنازة ؛ لعموم قوله عليه الصالة‬
‫والسالم‪( :‬إذا رأيتم الجنازة فقوموا) وجاء في بعض الروايات‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول هللا إنها جنازة يهودي فقال‪( :‬أليست نفسا) وفي‬
‫لفظ‪( :‬إنما قمنا للمالئكة) وفي لفظ‪( :‬إن للموت لفزعا)‬
‫عمق القبر‬
‫س‪ :‬ما مقدار عمق قبر المرأة والرجل ؟‬
‫ج‪ :‬األفضل أن يكون ذلك بقدر نصف قامة الرجل ‪ ،‬ألن ذلك أبعد‬
‫عن التعرض للنبش من الدواب وغيرها‪.‬‬
‫اللحد أفضل من الشق‬
‫س‪ :‬أيهما أفضل اللحد أم الشق؟ وما هو ارتفاع القبر ؟‬
‫ج‪ :‬في المدينة كانوا يلحدون وتارة يشقون القبر ‪ ،‬واللحد أفضل ؛‬
‫ألن هللا اختاره لنبيه صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬والشق جائز وخصوصا‬
‫إذا احتيج إليه ‪ ،‬وحديث ابن عباس‪( :‬اللحد لنا والشق لغيرنا)‬
‫ضعيف ؛ ألن في إسناده عبد األعلى الثعلبي وهو ضعيف‪ ،‬ويكون‬
‫ارتفاع القبر قدر شبر أو ما يقاربه‪.‬‬
‫كيفية وضع الميت في قبره‬
‫س‪ :‬كيف يوضع الميت في قبره ؟‬
‫ج‪ :‬دل حديث عبد هللا بن يزيد أن الميت يوضع من جهة‬
‫رجلي القبر ثم يسل إلى جهة رأسه على جنبه األيمن مستقبال‬
‫القبلة هذا هو األفضل والسنة ‪ ،‬والسنة عند وضعه في اللحد أن‬
‫يقول الواضع‪ :‬بسم هللا وعلى ملة رسول هللا‪.‬‬
‫كيفية دفن الميت في األرض الجبلية‬
‫س‪ :‬إذا كان في أرض جبلية فهل يواري الميت في الكهوف أو‬
‫الغيران؟‬
‫ج‪ :‬إن تيسر أن يحفر له قبر ‪ ،‬ويحاط بالحجارة ‪ ،‬فهو أولى من‬
‫الغار ‪ ،‬فإن لم يتيسر ذلك جعل في الغار ‪ ،‬وردم عليه حتى يصان‬
‫عن السباع وغيرها ؛ عمال بقول هللا عز وجل‪( :‬فَاتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ َما‬
‫ستَ َط ْعت ُ ْم)‬
‫ا ْ‬
‫استعمال الصخور أو األلواح أو الخشب إذا لم يوجد اللبن‬
‫س‪ :‬إذا لم يوجد اللبن ‪ ،‬فهل تستعمل الصخور؟‬
‫ج‪ :‬إذا لم يوجد اللبن وجب استعمال الصخور أو‬
‫األلواح أو الخشب ‪ ،‬أو غير ذلك مما يصان به الميت ‪ ،‬ثم يهال‬
‫عليه التراب؛ لآلية السابقة ‪ ،‬وهي قوله سبحانه‪( :‬فَاتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ َما‬
‫ستَ َط ْعت ُ ْم) وقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا‬
‫ا ْ‬
‫منه ما استطعتم)‬
‫حكم تغطية قبر المرأة عند دفنها‬
‫س‪ :‬تغطية القبر بالنسبة للمرأة ما حكمه؟‬
‫ج‪ :‬هذا أفضل‪.‬‬
‫إنزال المرأة في القبر ال يشترط له محرم‬
‫س‪ :‬إذا كان المتوفى امرأة وليس لها أولياء ‪ ،‬فهل يتبرع أحد‬
‫بالنزول في قبرها؟‬
‫ج‪ :‬ال مانع من ذلك حتى ولو كان لها أولياء حاضرون ‪ ،‬وقد وضع‬
‫إحدى بنات النبي صلى هللا عليه وسلم في قبرها غير محارمها مع‬
‫وجوده صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫س‪ :‬أنا رجل مقطوعة رجلي ‪ ،‬ولي زوجة أصيبت بمرض وحولت‬
‫إلى أحد المستشفيات في المملكة ‪ ،‬وكنت معها حتى توفيت ‪ ،‬ثم‬
‫نقلت بعد وفاتها إلى المقبرة بواسطة سيارة اإلسعاف وبعض‬
‫العاملين في المستشفى وأنا معهم وعند إنزالها إلى القبر أنزلها‬
‫أولئك الرجال األجانب إلى القبر وحدهم أما أنا فعاجز بسبب رجلي‬
‫‪ ،‬وأنا محتار في هذا األمر ‪ ،‬هل علي إثم في ذلك؟ وهل في إنزال‬
‫المرأة في قبرها من رجال أجانب شيء؟ أفيدوني‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس في إنزال المرأة في قبرها حرج إذا أنزلها غير محارمها ‪،‬‬
‫وإنما يشترط المحرم للسفر بالمرأة ال إلنزالها في قبرها‪ .‬وهللا ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫حكم توجيه الميت في قبره إلى القبلة‬
‫س‪ :‬هل توجيه الميت إلى القبلة من السنة أم من المستحبات ؟‬
‫ج‪ :‬هذا من المشروع ؛ لحديث‪( :‬الكعبة قبلتكم أحياء وأمواتا)‬
‫ويجعل على جنبه األيمن ووجهه إلى القبلة‪.‬‬
‫س‪ :‬األخ أ‪.‬م‪.‬ع‪ .‬من الخرطوم يقول في سؤاله‪ :‬الحظت في إحدى‬
‫المقابر الواقعة في بلدي انحراف بعض القبور عن اتجاه القبلة ‪،‬‬
‫بعضها قديم وبعضها جديد ‪ ،‬بل إن بعض القبور التي لم يدفن فيها‬
‫أحد حتى اآلن في بعضها انحراف عن جهة القبلة ‪ ،‬فما هو رأي‬
‫الشرع في ذلك؟ جزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج‪ :‬المشروع توجيه الميت في قبره إلى القبلة ؛ لقول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم في الكعبة‪( :‬إنها قبلتكم أحياء وأمواتا) فالواجب‬
‫على القائمين على حفر القبور وعلى المسلمين عموما أن يراعوا‬
‫ذلك ؛ عمال بالحديث المذكور‪ .‬وفق هللا المسلمين لكل خير‪.‬‬
‫حكم كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد‬
‫س‪ :‬هل يكشف وجه الميت بعد وضعه في اللحد ؟‬
‫ج‪ :‬ال يكشف ‪ ،‬بل يغطى كله إال المحرم فيكشف وجهه ورأسه‬
‫لقول النبي صلى هللا عليه وسلم لما سئل عن ُم ْح ِر ٍم‬
‫توفي يوم عرفة‪( :‬اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وال‬
‫تخمروا رأسه وال وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) متفق على‬
‫صحته واللفظ لمسلم‬
‫س‪ :‬هل يجوز كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد ؟‬
‫ج‪ :‬ال يجوز كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد سواء كان رجال‬
‫أو امرأة ‪ ،‬وإنما الواجب ستره بالكفن إال أن يكون ُمحرما فإنه ال‬
‫يغطى رأسه وال وجهه ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قال في‬
‫حق الذي مات محرما‪( :‬اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وال‬
‫تخمروا رأسه وال وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) متفق عليه‬
‫واللفظ لمسلم‪ ،‬لكن إذا كان الميت امرأة فإنه يخمر وجهها بكفنها‬
‫ولو كانت محرمة ؛ ألنها عورة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لكشف وجه الميت ووضع الحجر أصل حيث يقولون هذا‬
‫الحنوط؟‬
‫ج‪ :‬ليس لهذا أصل ‪ ،‬وهذا جهل ال أساس له‪.‬‬
‫حكم حل العقد في القبر‬
‫س‪ :‬هل تحل العقد في القبر ؟‬
‫ج‪ :‬هذا هو األفضل ‪ ،‬كما فعل الصحابة رضي هللا عنهم‪.‬‬
‫حكم األذان واإلقامة في قبر الميت عند وضعه فيه‬
‫س‪ :‬ما حكم األذان واإلقامة في قبر الميت عند وضعه فيه؟‬
‫ج‪ :‬ال ريب أن ذلك بدعة ما أنزل هللا بها من سلطان ؛‬
‫ألن ذلك لم ينقل عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال عن‬
‫أصحابه رضي هللا عنهم ‪ ،‬والخير كله في اتباعهم وسلوك سبيلهم‬
‫اج ِر َ‬
‫ين‬ ‫ون ْاألَ َّولُ َ‬
‫ون ِم َن ا ْل ُم َه ِ‬ ‫سا ِبقُ َ‬
‫(وال َّ‬‫‪ ،‬كما قال هللا سبحانه‪َ :‬‬
‫ع ْنهُ)‬‫ضوا َ‬‫ع ْن ُه ْم َو َر ُ‬‫َّللاُ َ‬
‫ان َر ِض َي َّ‬ ‫س ٍ‬ ‫ِين اتَّبَعُو ُه ْم ِب ِإ ْح َ‬ ‫َو ْاألَ ْن َ‬
‫ص ِار َوالَّذ َ‬
‫وقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس‬
‫منه فهو رد) متفق على صحته ‪ ،‬وفي لفظ آخر قال عليه الصالة‬
‫والسالم‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وكان صلى هللا‬
‫عليه وسلم يقول في خطبة الجمعة‪( :‬أما بعد فإن خير الحديث كتاب‬
‫هللا وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم وشر األمور‬
‫محدثاتها وكل بدعة ضاللة) خرجه مسلم في صحيحه من حديث‬
‫جابر رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ما يقال عند دفن الميت‬
‫(م ْن َها َخلَ ْقنَا ُك ْم َو ِفي َها نُ ِعي ُد ُك ْم َو ِم ْن َها‬
‫س‪ :‬ما حكم قول‪ِ :‬‬
‫ارة أ ُ ْخ َرى) عند الدفن ؟‬
‫نُ ْخ ِر ُج ُك ْم تَ َ‬
‫ج‪ :‬هذا سنة ‪ ،‬ويقول معه‪ :‬بسم هللا وهللا أكبر‪.‬‬
‫القراءة في تربة القبر ثم حثوها على كفن الميت بدعة منكرة‬
‫س‪ :‬ورد في الترغيب والترهيب‪ :‬إذا مات الميت خذ حفنة من‬
‫تراب قبره واقرأ عليها بعض اآليات – ال أذكرها – ثم احثها على‬
‫كفنه فلن يعذب في قبره‪ ،‬ما صحة ذلك أثابكم هللا؟‬
‫ج‪ :‬هذا شيء ال أصل له ‪ ،‬بل هو بدعة منكرة ‪ ،‬ال يجوز فعلها وال‬
‫فائدة منها ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يشرع ذلك ألمته ‪،‬‬
‫وإنما المشروع أن يغسل المسلم إذا مات ‪ ،‬ويكفن ‪ ،‬ويصلي عليه ‪،‬‬
‫ثم يدفن في مقابر المسلمين ‪ ،‬ويشرع لمن حضر الدفن أن يدعو‬
‫له بعد الفراغ من الدفن بالمغفرة والثبات على الحق ‪ ،‬كما كان‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم يفعل ذلك ويأمر به‪ .‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫حكم وضع الحصباء على القبر ورشه بالماء‬
‫س‪ :‬ما حكم وضع الحصباء على القبر ورشه بالماء؟‬
‫ج‪ :‬هذا مستحب إذا تيسر ذلك ؛ ألنه يثبت التراب ويحفظه ‪،‬‬
‫ويروى أنه وضع على قبر النبي صلى هللا عليه وسلم بطحاء ‪،‬‬
‫ويستحب أن يرش بالماء حتى يثبت التراب ويبقى القبر واضحا‬
‫معلوما حتى ال يمتهن‪.‬‬
‫حكم نقل نصيبة قبر قديم إلى قبر حديث‬
‫س‪ :‬هل يجوز نقل نصيبة قبر قديم إلى قبر حديث؟‬
‫ج‪ :‬الذي يظهر لي من الشرع المطهر أن ذلك ال يجوز ؛ ألنها‬
‫عالمة على القبر األول ‪ ،‬إذا رآها الناس احترموه فلم‬
‫يطأوه ولم يجلسوا عليه ولم يضعوا عليه قذرا‪ ،‬فنقلها إضاعة‬
‫لحرمته والقبر الجديد ليس بضرورة إليها ‪ ،‬بل يمكن أن يجعل‬
‫عليه نصيبة أخرى ‪ ،‬فإن لم يوجد شيء فال حرج في بقائه بدون‬
‫نصيبة ‪ ،‬إذا رفع عن األرض قدر شبر على صفة القبر‪ ،‬وهللا‬
‫الموفق‪.‬‬
‫حكم وضع نصيبة واحدة على قبر المرأة واثنتين على قبر الرجل‬
‫س‪ :‬في بعض البالد يوضع نصيبة واحدة للمرأة وللرجل اثنتين ‪،‬‬
‫فهل لهذا العمل أساس ولو لمعرفة قبر المرأة من الرجل؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لهذا العمل أصال ‪ ،‬وإنما السنة أن يسوى بينهما في‬
‫العمق والدفن وفي ظاهر القبر‪.‬‬
‫حكم وضع عالمة على القبر‬
‫س‪ :‬هل يجوز وضع العالمة على القبر ؟‬
‫ج‪ :‬ال حرج إذا كانت من حجر أو عظم أو حديد فهذا ال بأس به كما‬
‫علم النبي صلى هللا عليه وسلم قبر عثمان بن مظعون‪.‬‬
‫س‪ :‬وضع العالمة على القبر ما حكمها؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس بوضع عالمة على القبر ليعرف كحجر أو عظم من غير‬
‫كتابة وال أرقام ؛ ألن األرقام كتابة ‪ ،‬وقد صح النهي من النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم عن الكتابة على القبر ‪ ،‬أما وضع حجر على‬
‫القبر أو صبغ الحجر باألسود أو األصفر حتى يكون عالمة على‬
‫صاحبه فال يضر ؛ ألنه يروى أن النبي صلى هللا عليه وسلم علم‬
‫على قبر عثمان بن مظعون بعالمة‪.‬‬
‫حكم وضع أرقام على القبر‬
‫س‪ :‬في بعض المقابر يتم وضع أرقام على سور المقبرة ‪ ،‬ليتم‬
‫التعرف على أصحاب القبور ‪ ،‬ما حكم ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬الكتابة على القبور منهي عنها وال تجوز ؛ لما يخشى في ذلك‬
‫من الفتنة لبعض من يكتب على قبره‪ .‬أما الكتابة على حائط‬
‫المقبرة ‪ ،‬فلم يبلغني فيها شيء واألحوط عندي تركها ؛ ألن لها‬
‫شبها بالكتابة على القبور من بعض الوجوه‪ .‬وهللا ولي التوفيق ‪.‬‬
‫ال يشرع وضع سعف النخيل والصبار األخضر على القبر‬
‫س‪ :‬ما حكم وضع جريدة النخل الخضراء على قبر الميت ؟‬
‫ج ‪ :‬ال يشرع ذلك بل هو بدعة ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫إنما وضع الجريدة على قبرين أطلعه هللا سبحانه على عذاب‬
‫أصحابهما ولم يضعها على بقية القبور ‪ ،‬فعلم بذلك عدم جواز‬
‫وضعها على القبور ‪ ،‬لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من عمل‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه‬
‫فهو رد) متفق على صحته‪ .‬وهكذا ال تجوز الكتابة على القبور وال‬
‫وضع الزهور عليها للحديثين المذكورين ؛ وألنه صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪( :‬نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها والقعود عليها‬
‫والكتابة عليها)‪.‬‬
‫س ‪ :‬ما حكم وضع سعف النخيل والصبار األخضر على قبر الميت‬
‫؟‬
‫ج ‪ :‬ال يجوز ‪ ،‬والنبي صلى هللا عليه وسلم وضع الجريدتين على‬
‫قبر ناس معذبين أُطلع عليهم عليه الصالة والسالم ‪ ،‬وهذا خاص‬
‫بالنبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فال يجوز أن يوضع على القبور ال‬
‫جريد النخل وال غيره من الشجر‪ .‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫من بدع الدفن‬
‫س ‪ :‬بعد دفن الميت يقرأ بعض الناس من المصحف سورة ( يس‬
‫) عند القبر ‪ ،‬ويضعون غرسا على القبر مثل الصبار ‪ ،‬ويزرع‬
‫سطح القبر بالشعير أو القمح بحجة أن الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم وضع ذلك على قبرين من أصحابه ‪ ،‬ما حكم ذلك ؟‬
‫ج ‪ :‬ال تشرع قراءة سورة (يس) وال غيرها من القرآن على القبر‬
‫بعد الدفن وال عند الدفن ‪ ،‬وال تشرع القراءة في‬
‫القبور ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يفعل ذلك وال خلفاؤه‬
‫الراشدون ‪ ،‬كما ال يشرع األذان وال اإلقامة في القبر ‪ ،‬بل كل ذلك‬
‫بدعة ‪ ،‬وقد صح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪( :‬من‬
‫عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) خرجه اإلمام مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫وهكذا ال يشرع غرس الشجر على القبور ‪ ،‬ال الصبار وال غيره ‪،‬‬
‫وال زرعها بشعير أو حنطة أو غير ذلك ؛ ألن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم لم يفعل ذلك في القبور وال خلفاؤه الراشدون رضي هللا‬
‫عنهم‪ .‬أما ما فعله مع القبرين اللذين أطلعه هللا على عذابهما من‬
‫غرس الجريدة فهذا خاص به صلى هللا عليه وسلم وبالقبرين ؛‬
‫ألنه لم يفعل ذلك مع غيرهما ‪ ،‬وليس للمسلمين أن يحدثوا شيئا‬
‫من القربات لم يشرعه هللا ؛ للحديث المذكور‪ ،‬ولقول هللا سبحانه ‪:‬‬
‫ِين َما لَ ْم َيأْذَ ْن ِب ِه َّ‬
‫َّللاُ اآلية) ‪.‬‬ ‫(أَ ْم لَ ُه ْم ش َُركَا ُء ش ََرعُوا لَ ُه ْم ِم َن الد ِ‬
‫وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫الشجرة النابتة على القبر ليست دليال على صالح صاحب القبر‬
‫س ‪ :‬أالحظ أن بعض الناس إذا رأى شجرا نبت على قبر ما يصف‬
‫صاحب القبر بأنه كان على صفات مقدارها كذا وكذا ‪ ،‬هل لنبات‬
‫األشجار على القبور شيء من العالقة ؟‬
‫ج ‪ :‬ال أصل لهذا ‪ ،‬وليس نبات الشجر والحشيش على القبور دليال‬
‫على صالح أصحابها ‪ ،‬بل ذلك ظن باطل ‪ ،‬والشجر ينبت على قبور‬
‫الصالحين والطالحين وال يختص بالصالحين ‪ ،‬فينبغي عدم‬
‫االغترار بقول من يزعم خالف ذلك من المنحرفين وأصحاب‬
‫العقائد الباطلة ‪ ،‬وهللا المستعان‪.‬‬
‫حكم الدعاء للميت بعد الدفن‬
‫س ‪ :‬األخ أ‪ .‬ع‪ .‬ع‪ .‬من الطائف يقول في سؤاله ‪ :‬أرى بعض الناس‬
‫يقفون عند القبر بعد دفن الميت ويدعون له ‪ ،‬فهل هذا جائز ؟ وهل‬
‫هناك دعاء مشروع يقال بعد االنتهاء من الدفن ؟ وهل هو جماعي‬
‫كأن يدعو شخص‬
‫ويؤمن الباقون على دعائه ؟ أم أن كل شخص يدعو وحده ؟ أفتونا‬
‫جزاكم هللا خيرا‪.‬‬
‫ج ‪ :‬قد دلت السنة الثابتة عن الرسول صلى هللا عليه وسلم على‬
‫شرعية الدعاء للميت بعد الدفن ‪ ،‬فقد كان النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال ‪( :‬استغفروا ألخيكم‬
‫واسألوا هللا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) وال حرج في أن يدعو‬
‫واحد ويؤمن السامعون أو يدعو كل واحد بنفسه للميت‪ .‬وهللا ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :‬ورد في الحديث األمر بالدعاء للميت بعد دفنه ‪ ،‬فهل هذا‬
‫األمر للوجوب أو هو سنة ؟ وقد الحظنا أن الناس تركوا هذه السنة‬
‫أو هذا الواجب بعد دفن الميت ‪ ،‬فما هو توجيه سماحتكم في ذلك ؟‬
‫ج ‪ :‬الدعاء للميت بعد الدفن بالثبات والمغفرة سنة وليس بواجب ؛‬
‫ألن النبي صلى هللا عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف‬
‫عليه وقال‪( :‬استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل)‬
‫وهللا الموفق‪.‬‬
‫الدعاء للميت بالتثبيت يكون بعد الفراغ من الدفن‬
‫س ‪ :‬التثبيت للميت متى يكون أثناء الدفن أو بعده ؟‬
‫ج ‪ :‬يكون بعد الفراغ من الدفن ؛ ألن النبي عليه الصالة والسالم‬
‫كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال‪( :‬استغفروا ألخيكم‬
‫واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) أما عند الدفن فيقول ‪ :‬بسم هللا‬
‫وعلى ملة رسول هللا‪.‬‬
‫التلقين بعد الدفن بدعة‬
‫س ‪ :‬ما حكم التلقين بعد الدفن ؟‬
‫ج ‪ :‬بدعة وليس له أصل ‪ ،‬فال يلقن بعد الموت وقد ورد في ذلك‬
‫أحاديث موضوعة ليس لها أصل ‪ ،‬وإنما التلقين يكون قبل الموت‪.‬‬
‫شبهة في التلقين بعد الدفن والجواب عليها‬
‫س ‪ :‬ما رأيكم فيمن يقول ‪ ( :‬إذا كان الميت يسمع قرع النعال فإنه‬
‫يسمع التلقين) ؟‬
‫ج ‪ :‬األمور ليست بالقياس وإنما العبادة توقيفية ‪ ،‬وسماع قرع‬
‫النعال ال ينفعه وال يضره ‪ ،‬والميت إذا مات انتقل من الدنيا دار‬
‫العمل وختم على عمله وانتقل إلى دار الجزاء‪.‬‬
‫حكم الصدقة عن الميت ساعة الدفن‬
‫س ‪ :‬الصدقات على الميت ساعة الدفن وقراءة القرآن باألجرة‬
‫حالل أم حرام ؟‬
‫ج ‪ :‬الحمد هلل ‪ ،‬ال تشرع الصدقة عن الميت حين الموت ؛ ألن ذلك‬
‫لم يرد في الشرع في هذه الحالة الخاصة ‪ ،‬والعبادات توقيفية ‪،‬‬
‫ولكن إذا تصدق عنه بدون تقيد بساعة الموت فال بأس ‪ ،‬بل ذلك‬
‫قربة وفيه أجر للمتصدق وللميت ؛ لما في الحديث الصحيح أن‬
‫امرأة توفيت فقال ابنها يا رسول هللا ألها أجر إن تصدقت عنها ؟‬
‫فقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(نعم) ‪ .‬وقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة والدعاء‪،‬‬
‫وأما القراءة باألجرة فال تجوز سواء كانت لحي أو لميت ؛ ألن ذلك‬
‫لم يرد في الشرع المطهر‪ .‬وقد ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية أنه ال‬
‫يعلم نزاعا بين أهل العلم في تحريم أخذ األجرة على تالوة القرآن‪.‬‬
‫وفي الحديث الصحيح (من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) أي‬
‫‪ :‬مردود‪ ،‬وهكذا القراءة للموتى وغيرهم ولو بدون أجرة ليس لها‬
‫أصل في الشرع يعتمد عليه‪.‬‬
‫األفضل رفع القبر عن األرض شبرا ونحوه‬
‫س ‪ :‬نرى كثيرا من الناس عند دفن الميت يرفعونه أكثر من شبر‬
‫وإذا نهيتهم قالوا ‪ :‬إن ذلك وقاية له من السيل‪ ،‬كذلك أراهم‬
‫يزيدون حصباء فوق القبر بعد الدفن زيادة على ترابه األصلي ‪،‬‬
‫كذلك يرشون عليه ماء‪ ،‬فما حكم ما يفعلون ؟‬
‫ج ‪ :‬كل هذا ال بأس به ‪ ،‬األفضل شبر ونحوه ‪ ،‬وإذا زاد يسيرا‬
‫بالحصباء أو نحوها فاألمر سهل في هذا ؛ حتى تعلم القبور‬
‫وتعرف ‪ ،‬حتى ال تمتهن؛ وإذا دفنوه بترابه ‪ ،‬وجعلوا عليه حصباء‬
‫ورشوه بالماء حتى يثبت بها التراب ‪ ،‬فكل هذا ال بأس به ؛ ألن‬
‫فيه حفظا لترابه وبقاء له‪.‬‬
‫س ‪ :‬أي حد يكون ارتفاع القبر عن األرض ؟‬
‫ج ‪ :‬المشروع شبر أو ما حوله ‪ ،‬وقبر النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫لم يرفع إال شبرا ‪ ،‬أما رفعه كثيرا فال يجوز ؛ لما ثبت عن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم أنه قال لعلي رضي هللا عنه‪( :‬ال تدع صورة‬
‫إال طمستها وال قبرا مشرفا إال سويته) أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫حكم الوعظ عند القبر‬
‫س ‪ :‬ما حكم الموعظة عند القبر ؟‬
‫ج ‪ :‬ال بأس بذلك عند القبر قبل الدفن وليست بدعة ‪ ،‬وقد فعلها‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم كما في حديث علي والبراء بن عازب‬
‫رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫س ‪ :‬األخ ع‪ .‬م‪ .‬من الزلفي يقول في سؤاله ‪ :‬هل يوجد دليل على‬
‫مشروعية الوعظ عند القبر ؛ ألن بعض الناس ينكرون ذلك ؟‬
‫نرجو إفادتنا ‪ ،‬أعظم هللا لكم األجر والمثوبة‪.‬‬
‫ج ‪ :‬لقد ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم غير مرة أنه وعظ‬
‫الناس عند القبر وهم ينتظرون الدفن ‪ ،‬وبذلك يعلم أن الوعظ عند‬
‫القبر أمر مشروع قد فعله النبي صلى هللا عليه وسلم ؛ لما في ذلك‬
‫من التذكير بالموت والجنة والنار ‪ ،‬وغير ذلك من أمور اآلخرة ‪،‬‬
‫والحث على االستعداد للقاء هللا‪ .‬وهللا ولي التوفيق ‪.‬‬
‫ال حرج في جلب الماء البارد للشرب عند القبر‬
‫فضيلة مفتي عام المملكة عبد العزيز بن عبد هللا بن باز حفظه هللا‬
‫وأطال في عمره‪ .‬السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته وبعد ‪:‬‬
‫لدي سؤال ‪ :‬لقد توفي شخص في يوم َج ُّوه حار ‪ ،‬وذهبوا به إلى‬
‫المقبرة لدفنه رحمه هللا ‪ ،‬وقد تعبوا من الجو الحار ‪ ،‬وقام شخص‬
‫وجلب لهم ماء باردا من أجل أن يشربوا منه بعد تعبهم ‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم ‪ :‬هذا ال يجوز‪ .‬وقال بعضهم ‪ :‬هذه بدعة‪ .‬فضيلة الشيخ هل‬
‫هذا العمل فيه شيء ؟ أفيدونا أفادكم هللا ‪ ،‬وهللا يحفظكم ويرعاكم‪-‬‬
‫ع‪ .‬أ‪ .‬ع‪ .‬ع‪.‬‬
‫ج ‪ :‬وعليكم السالم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫ال حرج في ما ذكرتم ‪ ،‬بل ذلك من اإلحسان والمساعدة على الخير‪.‬‬
‫وفق هللا الجميع‪.‬‬
‫يقدم األفضل إلى القبلة‬
‫س ‪ :‬كيف يجعل االثنان في القبر الواحد ؟‬
‫ج ‪ :‬يقدم أفضلهما إلى القبلة ثم يجعل المفضول يليه ‪ ،‬كل واحد‬
‫منهما على جنبه األيمن موجها إلى القبلة ‪ ،‬وإن دعت الحاجة إلى‬
‫دفن ثالث معهما فال بأس ؛ لما ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫أمر يوم أحد أن يدفن االثنان والثالثة في قبر واحد ‪ ،‬وأمر أن يقدم‬
‫األكثر قرآنا إلى القبلة‪.‬‬
‫حكم دفن المرأة والرجل في قبر واحد‬
‫س ‪ :‬هل يجوز دفن المرأة والرجل في قبر واحد ؟‬
‫ج ‪ :‬ال حرج في ذلك إذا دعت الحاجة ككثرة الموتى في القتل أو‬
‫بالطاعون‪.‬‬
‫حكم تخصيص بعض أجزاء المقبرة للنساء‬
‫س ‪ :‬هل يجوز تخصيص بعض أجزاء المقبرة للنساء ‪ ،‬وبعضها‬
‫للرجال حتى يكون أدعى لمعرفة أهل القبور ؟‬
‫ج ‪ :‬ال أعلم لهذا أصال ‪ ،‬وإنما المشروع أن تكون المقبرة للجميع ؛‬
‫لما في ذلك من التسهيل والتيسير ‪ ،‬وألن هذا العمل هو الذي درج‬
‫عليه المسلمون من عصره صلى هللا عليه وسلم إلى يومنا هذا‬
‫فيما نعلم ‪ ،‬وكان البقيع مشتركا بين الرجال والنساء في عهده‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬والخير كله في السير على منهاجه صلى هللا‬
‫عليه وسلم وصحابته رضي هللا عنهم ‪ ،‬ومن سلك سبيلهم‬
‫بإحسان‪.‬‬
‫يجوز الدفن ليال‬
‫س ‪ :‬هل يجوز دفن الميت ليال ؟‬
‫ج ‪ :‬يجوز ذلك إذا تمكن أهله من تغسيله وتكفينه والصالة عليه ‪،‬‬
‫فقد دفن النبي صلى هللا عليه وسلم بعض األموات ليال ‪ ،‬ودفن هو‬
‫ليال صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهكذا الصديق وعمر وعثمان كلهم‬
‫دفنوا ليال ؛ فعلم بذلك جواز الدفن ليال إذا توفرت األمور‬
‫المشروعة‪.‬‬
‫أما ما جاء عن النبي صلى هللا عليه وسلم من النهي عن الدفن في‬
‫الليل فذلك محمول عند أهل العلم على ما إذا كان الدفن في الليل‬
‫يفضي‬
‫إلى عدم أداء الواجب في حق الميت ؛ ولهذا ثبت في صحيح مسلم‬
‫عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يُصلى عليه فدل ذلك على أن‬
‫صلي عليه جاز دفنه ليال‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫الميت إذا ُ‬
‫س ‪ :‬هل الدفن في النهار أفضل من الليل ؟‬
‫ج ‪ :‬يجوز الدفن في الليل أو النهار حسب التيسير باستثناء الثالث‬
‫ساعات التي نهى النبي صلى هللا عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن‬
‫نقبر فيهن موتانا كما جاء في حديث عقبة بن عامر وهذه الثالث‬
‫عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند قيامها حتى تزول ‪.‬‬
‫األوقات التي ينهى عن الدفن فيها‬
‫س ‪ :‬هل هناك أوقات ينهى عن الدفن فيها ؟‬
‫ج ‪ :‬ثبت من حديث عقبة بن عامر رضي هللا عنه أنه قال ‪( :‬ثالث‬
‫ساعات كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن‬
‫وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس‬
‫بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس‬
‫وحين تضيَّف الشمس للغروب) أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬فهذه‬
‫األوقات الثالثة ال يصلى على الميت فيها وال يدفن فيها‪.‬‬
‫ال يختلف الدفن في مكة عن غيرها‬
‫س ‪ :‬هل يختلف الدفن في مكة عن أي بلد آخر ؟ وهل فيه زيادة‬
‫حسنات ودرجات للميت ؟‬
‫ج ‪ :‬ال يختلف الدفن في مكة عن غيرها ‪ ،‬فالدفن في جميع البلدان‬
‫واحد ‪ ،‬وهو أن يحفر للميت قدر نصف قامة الرجل ‪ ،‬ويلحد له في‬
‫الجانب القبلي ‪ ،‬ويوضع على جنبه األيمن ‪ ،‬ثم يوضع عليه اللبن‬
‫وتسد المنافذ بالطين ‪ ،‬ثم يهال عليه التراب‪ ،‬كما فعل الصحابة‬
‫بالنبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومن هذا قول سعد بن أبي وقاص‬
‫رضي هللا عنه (إذا أنا متُّ‬
‫علي اللبن نصبا كما صنع برسول هللا‬
‫فألحدوا لي لحدا وانصبوا َّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم) أخرجه مسلم في صحيحه‪ .‬والسنة أن يدفن‬
‫اإلنسان في بلده ‪ ،‬وال ينقل إلى مكة وال إلى غيرها ‪ ،‬كما فعل‬
‫أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فإن بعضهم مات بالكوفة ‪،‬‬
‫وبعضهم مات بالشام ‪ ،‬وبعضهم مات في البصرة ‪ ،‬وبعضهم مات‬
‫في غيرها ‪ ،‬ولم ينقلوا إلى مكة وإلى المدينة ‪ ،‬ولم يوصوا بذلك‬
‫رضي هللا عنهم‪.‬‬
‫والسبب في ذلك ‪ :‬أن المعول في ذلك على العمل ال على األماكن ‪،‬‬
‫وأيضا لما في النقل من المشقة من دون سبب شرعي يقتضي ذلك‪.‬‬
‫ولو كان النقل مشروعا ألوصى به النبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ولو فعل ذلك لنقله الصحابة رضي هللا عنهم وبيَّنوه ؛ ألنهم قد‬
‫نقلوا سنته ‪ ،‬وأوضحوا ما شرع هللا لعباده من أقواله صلى هللا‬
‫عليه وسلم وأفعاله ‪ ،‬وتقريراته‪ .‬والخير كله في اتباع رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رضي هللا عنهم كما قال هللا عز‬
‫سا ِبقُ َ‬
‫ون‬ ‫سنَةٌ) وقال سبحانه َ‬
‫‪(:‬وال َّ‬ ‫س َوةٌ َح َ‬ ‫يه ْم أ ُ ْ‬
‫َان لَ ُك ْم ِف ِ‬
‫وجل ‪( :‬لَقَ ْد ك َ‬
‫اج ِر َ‬
‫ين‬ ‫ْاألَ َّولُ َ‬
‫ون ِم َن ا ْل ُم َه ِ‬
‫ع ْنهُ‬
‫ضوا َ‬ ‫ع ْن ُه ْم َو َر ُ‬
‫َّللاُ َ‬
‫ان َر ِض َي َّ‬ ‫س ٍ‬ ‫ص ِار َوالَّذ َ‬
‫ِين اتَّ َبعُو ُه ْم ِب ِإ ْح َ‬ ‫َو ْاألَ ْن َ‬
‫ِين فِي َها أَبَدا ذَ ِلكَ ا ْلفَ ْو ُز‬
‫ار َخا ِلد َ‬‫ت تَ ْج ِري تَ ْحتَ َها ْاألَ ْن َه ُ‬ ‫َوأَ َ‬
‫ع َّد لَ ُه ْم َجنَّا ٍ‬
‫ا ْلعَ ِظي ُم) وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫السنة أن يدفن الميت في البلد اإلسالمي الذي مات فيه‬
‫س ‪ :‬سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد هللا بن باز المفتي العام‬
‫للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ‪ ،‬حفظه هللا‬
‫وأمد في عمره ونفع به اإلسالم والمسلمين‪.‬‬
‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫فما توجيهكم وإرشادكم حفظكم هللا حول مسألتنا هذه ‪ ،‬نعرضها‬
‫عليكم ‪ ،‬حيث توفي ابن أخينا ع‪ .‬ع‪ .‬ع‪ – .‬مصري الجنسية ‪ ،‬هنا‬
‫في المملكة غفر هللا له ورحمه‪ .‬وقد كان وحيد أهله وأسرته‬
‫يعولهم ويسعى بطلب الرزق له ولهم ‪ ،‬فأصبح بيته اآلن متكونا‬
‫من نساء وأطفال وأيتام في أحوج ما يكونون للمساعدة والبذل‬
‫والعطاء ‪ ،‬وقد طلبوا ترحيل جثمانه إليهم في مصر‪ ،‬فلما بلغ كفيله‬
‫أنهم طلبوا ترحيله وعلم حرصهم استعد بكل ما يتطلبه ترحيله من‬
‫لوازم مادية‪ .‬فما توجيه سماحتكم أيدكم هللا في هذا العمل ؛ ألننا‬
‫سمعنا بعض الناصحين أشاروا بأن يدفن في البلدة التي توفي فيها‬
‫‪ ،‬وتكون األموال التي ستنفق لترحيله تصرف ألهله وأبنائه األيتام‬
‫يتوسعون بها ويسدون بها حاجتهم ؟ أفيدونا مأجورين‪.‬‬
‫ج ‪ :‬وعليكم السالم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫المذكور توفي في بلد إسالمي ‪ ،‬فدفنه في البلد الذي توفي فيه‬
‫أولى وأوفق في السنة‪ ،‬ولم يبلغنا أن أحدا من الصحابة رضي هللا‬
‫عنهم نقل من بلد الغربة الذي مات فيه إلى المدينة أو غيرها‪ ،‬وفي‬
‫هذه القضية مصلحة أخرى ‪ ،‬وهي توفير النفقة ألهله وأوالده وفق‬
‫هللا الجميع‪ .‬والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫الكافر ال يدفن في الجزيرة العربية بل ينقل إلى غيرها‬
‫س ‪ :‬إذا كان الميت عامال وافدا ‪ ،‬وطلب أهله نقله ‪ ،‬وهذا يسبب‬
‫إزالة أحشائه وتحنيطه ووضعه في تابوت ‪،‬‬
‫وتكليف كفيله مبالغ باهظة ‪ ،‬فهل يقبره كفيله حيث مات وال يلتفت‬
‫إلى طلب أهله ؟‬
‫ج ‪ :‬المشروع دفن العامل وغيره حيث مات ‪ ،‬إذا كان مسلما ويدفن‬
‫في مقابر المسلمين وال يجوز نقله إذا كان نقله يترتب عليه ما ذكر‬
‫من التمثيل ؛ ألن المسلم محترم حيا وميتا‪ .‬إال أن يكون نقله يترتب‬
‫عليه أمور شرعية تفوت بعدم نقله فال بأس بنقله إذا كان ال يترتب‬
‫على ذلك تمثيل به من إزالة أحشائه أو شيء منها ‪.‬‬
‫أما العامل إذا كان كافرا فإنه ال يدفن في الجزيرة العربية بل ينقل‬
‫إلى غيرها إذا أمكن ذلك ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أوصى‬
‫بإخراج الكفار من هذه الجزيرة وقال ‪( :‬ال يجتمع فيها دينان) وهللا‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم تنفيذ وصية الميت بدفنه في بلد غير الذي مات فيه‬
‫س ‪ :‬إذا أوصى الميت بنقله إلى بلد ليدفن فيه ‪ ،‬هل‬
‫تنفذ وصيته ؟‬
‫ج‪ :‬تنفيذ الوصية هنا ليس بالزم ‪ ،‬فإذا مات في بلد مسلم فيدفن‬
‫فيه والحمد هلل‪.‬‬
‫س ‪ :‬األخ ع‪ .‬م‪ .‬ع‪ .‬من الرياض يقول في سؤاله ‪ :‬بعض الناس‬
‫وخاصة من كبار السن يكون مقيما في الرياض إقامة دائمة ‪ ،‬وقبل‬
‫وفاته يوصي بدفنه في مسقط رأسه ‪ ،‬وقد يبعد هذا المكان عن‬
‫الرياض أكثر من مائة كيلو متر ‪ ،‬وبعضهم يصلى عليه في‬
‫الرياض وفي المكان الذي سيدفن فيه ‪ ،‬فهل هذا موافق للشرع ‪،‬‬
‫وهل يلزم الورثة الوفاء بهذه الوصية ؟‬
‫ج ‪ :‬المشروع دفنه في بلده التي مات فيها إذا كانت بلدا إسالمية ‪،‬‬
‫وال يشرع نقله إلى غيرها ‪ ،‬وال يلزم الورثة تنفيذ وصية من‬
‫أوصى بنقله ؛ لعدم الدليل على ذلك ؛ وألن ذلك يخالف ما درج‬
‫عليه سلف األمة ‪ ،‬ولما في ذلك من الكلفة‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم البناء على القبور‬
‫س ‪ :‬الحظت عندنا على بعض القبور عمل صبة‬
‫باألسمنت بقدر متر طوال في نصف متر عرضا مع كتابة اسم‬
‫الميت عليها وتاريخ وفاته وبعض الجمل ( اللهم ارحم فالن بن‬
‫فالن‪ )..‬وهكذا ‪ ،‬فما حكم مثل هذا العمل ؟‬
‫ج ‪ :‬ال يجوز البناء على القبور ال بصبة وال بغيرها ‪ ،‬وال تجوز‬
‫الكتابة عليها ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم من النهي‬
‫عن البناء عليها والكتابة عليها ‪ ،‬فقد روى مسلم رحمه هللا من‬
‫حديث جابر رضي هللا عنه قال ‪( :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) وخرجه‬
‫الترمذي وغيره بإسناد صحيح وزاد ‪( :‬وأن يكتب عليه) وألن ذلك‬
‫نوع من أنواع الغلو فوجب منعه ؛ وألن الكتابة ربما أفضت إلى‬
‫عواقب وخيمة من الغلو وغيره من المحظورات الشرعية ‪ ،‬وإنما‬
‫يعاد تراب القبر عليه ويرفع قدر شبر تقريبا حتى يعرف أنه قبر ‪،‬‬
‫هذه هي السنة في‬
‫القبور التي درج عليها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأصحابه‬
‫رضي هللا عنهم ‪ ،‬وال يجوز اتخاذ المساجد عليها وال كسوتها وال‬
‫وضع القباب عليها ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬لعن هللا‬
‫اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته‪.‬‬
‫ولما روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد هللا البجلي قال ‪:‬‬
‫سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول‬
‫‪( :‬إن هللا قد اتخذني خليال كما اتخذ إبراهيم خليال ولو كنت متخذا‬
‫من أمتي خليال التخذت أبا بكر خليال أال وإن من كان قبلكم كانوا‬
‫يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور‬
‫مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) واألحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫ونسأل هللا أن يوفق المسلمين للتمسك بسنة نبيهم عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ ،‬والثبات عليها ‪ ،‬والحذر مما يخالفها ‪ ،‬إنه سميع قريب‪.‬‬
‫الكيفية الشرعية لترميم القبر إذا تهدم‬
‫س ‪ :‬قبر تهدم ‪ ،‬وأريد إعادة حفره وبنائه وفيه عظام ‪ ،‬فماذا أفعل‬
‫بها ؟ وهل يجوز بناء القبر بالحصى واإلسمنت أو الطوب‬
‫واإلسمنت ؟‬
‫ج ‪ :‬إذا تهدم القبر يعاد إليه التراب ‪ ،‬ويسوى ظاهره كسائر القبور‬
‫حتى ال يمتهن ‪ ،‬أما بناؤه وتجصيصه فال يجوز ؛ لما ثبت عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬من حديث جابر بن عبد هللا األنصاري‬
‫رضي هللا عنهما قال ‪( :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن‬
‫يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) رواه مسلم في‬
‫صحيحه ؛ وألن تجصيصه والبناء عليه من أسباب الغلو فيه‬
‫ودعائه من دون هللا ‪ ،‬كما وقع ذلك لكثير من الناس ‪ ،‬لما ع ُِظمت‬
‫قبورهم وبنيت عليها القباب والمساجد ‪ ،‬اتخذها الناس أربابا من‬
‫دون هللا ‪ ،‬بدعائها ‪ ،‬وباالستغاثة بها ‪ ،‬والتبرك بها ‪ ،‬وطلب المدد‬
‫منها ‪ ،‬كما يفعل‬
‫ذلك كثير من الناس عند قبر الحسين وقبر البدوي وغيرهما ‪،‬‬
‫ولهذا ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪( :‬لعن هللا‬
‫اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته‬
‫‪ ،‬وفي الصحيحين أيضا عن أم سلمة وأم حبيبة رضي هللا عنهما‬
‫أنهما ذكرتا للنبي صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض‬
‫الحبشة وما فيها من الصور ‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬أولئك‬
‫إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه‬
‫تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) وفي صحيح مسلم عن‬
‫جندب بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم أنه قال ‪( :‬إن هللا تعالى قد اتخذني خليال كما اتخذ إبراهيم‬
‫خليال ولو كنت متخذا من أمتي خليال التخذت أبا بكر خليال أال وإن‬
‫من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال‬
‫فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) واألحاديث‬
‫في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫فالواجب على جميع المسلمين من حكومات وشعوب أن يتقوا هللا‬
‫سبحانه ‪ ،‬وأن يحذروا من الغلو في القبور والبناء عليها واتخاذ‬
‫المساجد عليها ؛ عمال بنهي النبي صلى هللا عليه وسلم وطاعة له‬
‫‪ ،‬وحذرا من مغبة ذلك ‪ ،‬فإن ذلك وسيلة إلى الغلو في األموات‬
‫ودعائهم واالستغاثة بهم وطلبهم المدد والعون ‪ ،‬وهذا هو الشرك‬
‫األكبر الذي كان يفعله كفار قريش وغيرهم من العرب والعجم حتى‬
‫أزال هللا ذلك من هذه الجزيرة بدعوة النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وجهاده وجهاد أصحابه رضي هللا عنهم وجهاد من تبعهم بإحسان‬
‫من أئمة الهدى ودعاة التوحيد جعلنا هللا منهم ‪ ،‬وهللا ولي التوفيق‬
‫‪.‬‬
‫ال يجوز دفن الميت في المسجد‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم ‪ :‬هـ‪ .‬ع‪.‬‬
‫م‪ .‬م‪ .‬سلمه هللا آمين‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫أما بعد ‪ :‬فإشارة إلى رسالتك الكريمة المتضمنة طلب بعض الكتب‬
‫واإلجابة عن السؤال الذي ذكرته ‪ ،‬نشكر لك اهتمامك وغيرتك ‪،‬‬
‫ويسرنا تحقيق رغبتك بإرسال نسخة من زاد المعاد ‪ ،‬والعقيدة‬
‫الواسطية شرح محمد خليل الهراس ‪ ،‬والقاعدة الجليلة لشيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية ‪ ،‬وفتح المجيد ‪ ،‬وشرح الطحاوية البن أبي العز‪.‬‬
‫أما بالنسبة للسؤال فالواجب منع الدفن في المسجد ‪ ،‬وإزالة ما‬
‫أعده الشخص المذكور ليدفن فيه ‪ ،‬وأن يستعان في ذلك باهلل ثم‬
‫بأهل العلم حتى يقنع الرجل بأن عمله ال يجوز ؛ لقول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪( :‬لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد) متفق على صحته من حديث‬
‫عائشة رضي هللا عنها ‪ ،‬ولقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬أال‬
‫إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال‬
‫فال تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه من حديث جندب بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه ‪ ،‬وفي‬
‫الصحيحين عن عائشة رضي هللا عنها أن أم سلمة وأم حبيبة‬
‫رضي هللا عنهما ذكرتا للنبي صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها في‬
‫أرض الحبشة وما فيها من الصور ‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم ‪:‬‬
‫(أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا‬
‫وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا)‬
‫فهذه األحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم بناء‬
‫المساجد على القبور ‪ ،‬ووضع القبور في المساجد ؛ ألن ذلك من‬
‫وسائل الشرك األكبر‪ ،‬وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد هللا‬
‫رضي هللا عنهما قال ‪( :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن‬
‫يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه)‬
‫وما ذلك إال أن البناء على القبور وتجصيصها ووضع الستور‬
‫عليها والصالة عندها وبناء المساجد عليها كل ذلك من‬
‫وسائل الشرك‪ .‬نسأل هللا أن يعافي المسلمين من ذلك ‪ ،‬وأن يفقههم‬
‫في الدين ‪ ،‬وأن يعينهم على التمسك بشرع هللا واالستقامة عليه ‪،‬‬
‫وأن يوفق علماءهم لتبصيرهم وتوجيههم إلى الخير على ضوء‬
‫الكتاب والسنة ‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫وأسأل هللا لك التوفيق واإلعانة على كل خير إنه خير مسئول‪،‬‬
‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك‬
‫بسم هللا ‪ ،‬والحمد هلل ‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا ‪ ،‬وعلى‬
‫آله ومن اهتدى بهداه ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فقد اطلعت على صحيفة الخرطوم‪ -‬الصادرة في ‪ 1415 /4 /17‬هـ‬
‫‪ ،‬فألفيتها قد نشر فيها بيان بدفن السيد م‪ .‬ح‪ .‬أ‪ .‬بجوار أبيه في‬
‫مسجدهم بمدينة أم درمان… إلخ‪.‬‬
‫ولما أوجب هللا من النصح للمسلمين ‪ ،‬وبيان إنكار المنكر رأيت‬
‫التنبيه على أن الدفن في المساجد أمر ال يجوز ‪ ،‬بل هو من وسائل‬
‫الشرك ‪ ،‬ومن أعمال اليهود والنصارى التي ذمهم هللا عليها ‪،‬‬
‫ولعنهم رسوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬كما في الصحيحين عن‬
‫عائشة رضي هللا عنها ‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫(لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وفي‬
‫صحيح مسلم ‪ ،‬عن جندب بن‬
‫عبد هللا ‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪( :‬أال وإن من‬
‫كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال‬
‫تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) واألحاديث في هذا‬
‫المعنى كثيرة‪.‬‬
‫فالواجب على المسلمين في كل مكان – حكومات وشعوبا – أن‬
‫يتقوا هللا ‪ ،‬وأن يحذروا ما نهى عنه ‪ ،‬وأن يدفنوا موتاهم خارج‬
‫المساجد ‪ ،‬كما كان النبي صلى هللا عليه وسلم وأصحابه رضي هللا‬
‫عنهم يدفنون الموتى خارج المساجد وهكذا أتباعهم بإحسان‪.‬‬
‫وأما وجود قبر النبي صلى هللا عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر‬
‫وعمر رضي هللا عنهما في مسجده صلى هللا عليه وسلم فليس به‬
‫حجة على دفن الموتى في المساجد ؛ ألنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫دفن في بيته‪ -‬في بيت عائشة رضي هللا عنها‪ -‬ثم دفن صاحباه معه‬
‫‪ ،‬فلما وسع الوليد بن عبد الملك المسجد أدخل الحجرة فيه على‬
‫رأس المائة األولى من الهجرة ‪ ،‬وقد أنكر عليه ذلك أهل العلم ‪،‬‬
‫ولكنه رأى أن ذلك ال يمنع من التوسعة ‪ ،‬وأن األمر واضح ال‬
‫يشتبه‪.‬‬
‫وبذلك يتضح لكل مسلم أنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫وصاحبيه رضي هللا عنهما لم يدفنوا في المسجد ‪ ،‬وإدخالهم فيه‬
‫بسبب التوسعة ليس بحجة على جواز الدفن في المساجد ؛ ألنهم‬
‫ليسوا في المسجد ‪ ،‬وإنما هم في بيته عليه الصالة والسالم ‪ ،‬وألن‬
‫عمل الوليد ال يصلح حجة ألحد في ذلك ‪ ،‬وإنما الحجة في الكتاب‬
‫والسنة ‪ ،‬وفي إجماع سلف األمة رضي هللا عنهم ‪ ،‬وجعلنا من‬
‫أتباعهم بإحسان‪.‬‬
‫وللنصح وبراءة الذمة جرى تحريره في ‪ 1415 /5 /14‬هـ‪ .‬وهللا‬
‫ولي التوفيق‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد ‪ ،‬وآله وصحبه ‪،‬‬
‫وأتباعهم بإحسان‪.‬‬
‫عبد العزيز بن عبد هللا بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية‬
‫ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية واإلفتاء‬
‫حكم بناء المساجد قريبا من القبور‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم ‪ :‬م‪ .‬ص‪.‬‬
‫سلمه هللا‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية واإلفتاء برقم‬
‫(‪ )2191‬وتاريخ‪ 1407 /6 /10‬هـ ‪ ،‬والذي تسأل فيه عن حكم بناء‬
‫المسجد قريبا من القبور النتفاع أهل القبور بذلك ‪ ،‬وحكم الصالة‬
‫في هذا المسجد ‪ ،‬وحكم الصالة في مسجد فيه قبور ؟‬
‫وأفيدك بأنه ال يجوز بناء المساجد على القبور ‪ ،‬وال يجوز بناء‬
‫المساجد قريبا من القبور ‪ ،‬من أجل أن ينتفع أهل القبور ببناء‬
‫المسجد بجوارهم‪.‬‬
‫أما إذا كانت القبور خارج المسجد ‪ ،‬ويفصل بينها وبينه طريق‬
‫ونحوه ‪ ،‬ولم يبن المسجد من أجل تلك القبور ‪ ،‬فال حرج في‬
‫الصالة فيه‪ .‬وفق هللا الجميع لما فيه رضاه‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة‬
‫هللا وبركاته‪.‬‬
‫الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫حكم الصالة في المساجد التي فيها قبور‬
‫س ‪ :‬هل يصلى في المساجد التي فيها قبور ؟‬
‫ج ‪ :‬المسجد الذي فيه قبر ال يصلى فيه ؛ ألن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد‪.‬‬
‫ال يصلى في المساجد التي فيها قبور‬
‫س ‪ :‬األخ م‪ .‬أ‪ .‬ن‪ .‬من ميت طريف – دقهلية‪ -‬بمصر يقول في‬
‫سؤاله ‪ :‬هل تصح الصالة في المساجد التي يوجد فيها قبور؟‬
‫ج ‪ :‬المساجد التي فيها قبور ال يصلى فيها ‪ ،‬ويجب أن تنبش‬
‫القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة ‪ ،‬يجعل رفات كل قبر في‬
‫حفرة خاصة كسائر القبور ‪ ،‬وال يجوز أن يبقى في‬
‫المساجد قبور ‪ ،‬ال قبر ولي وال غيره ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم نهى وحذر من ذلك ‪ ،‬ولعن اليهود والنصارى على عملهم‬
‫ذلك ‪ .‬فقد ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪( :‬لعن هللا اليهود‬
‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة رضي هللا‬
‫عنها يُحذِر ما صنعوا) متفق عليه‪ .‬وقال عليه الصالة والسالم لما‬
‫أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير فقال ‪:‬‬
‫(أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا‬
‫وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا) متفق على‬
‫صحته‪.‬‬
‫وقال عليه الصالة والسالم ‪( :‬أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون‬
‫قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني‬
‫أنهاكم عن ذلك) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد هللا‬
‫البجلي ‪ .‬فنهى عن اتخاذ القبور مساجد عليه الصالة والسالم ‪،‬‬
‫ولعن من فعل ذلك ‪ ،‬وأخبر أنهم شرار الخلق ؛ فالواجب الحذر من‬
‫ذلك ‪ ،‬ومعلوم أن كل من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجدا ‪ ،‬ومن‬
‫بنى عليه مسجدا فقد اتخذه مسجدا ‪.‬‬
‫فالواجب أن ت ُ ْب َع َد القبور عن المساجد ‪ ،‬وأال يجعل فيها قبور ؛‬
‫امتثاال ألمر الرسول صلى هللا عليه وسلم وحذرا من اللعنة التي‬
‫صدرت من ربنا عز وجل لمن بنى المساجد على القبور ؛ ألنه إذا‬
‫يزين له الشيطان دعوة الميت أو‬‫صلى في مسجد فيه قبور قد ِ‬
‫االستغاثة به ‪ ،‬أو الصالة له ‪ ،‬أو السجود له ؛ فيقع الشرك األكبر ‪،‬‬
‫وألن هذا من عمل اليهود والنصارى ‪ ،‬فوجب أن نخالفهم وأن‬
‫نبتعد عن طريقهم وعن عملهم السيئ‪.‬‬
‫لكن لو كانت القبور هي القديمة ثم بني عليها المسجد فالواجب‬
‫هدمه وإزالته ؛ ألنه هو المحدث ‪ ،‬كما نص على ذلك أهل العلم ؛‬
‫حسما ألسباب الشرك وسدا لذرائعه‪.‬‬
‫هنا شبهة يشبه بها عباد القبور ‪ ،‬وهي ‪ :‬وجود قبر النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم في مسجده‪.‬‬
‫والجواب عن ذلك ‪ :‬أن الصحابة رضي هللا عنهم لم يدفنوه في‬
‫مسجده ‪ ،‬وإنما دفنوه في بيت عائشة رضي هللا عنها ‪ ،‬فلما وسع‬
‫الوليد بن عبد الملك مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم في آخر‬
‫القرن األول أدخل الحجرة في المسجد ‪ ،‬وقد أساء في ذلك ‪ ،‬وأنكر‬
‫عليه بعض أهل العلم ‪ ،‬ولكنه اعتقد أن ذلك ال بأس به من أجل‬
‫التوسعة‪.‬‬
‫فال يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء المساجد على القبور ‪ ،‬أو‬
‫الدفن في المساجد ؛ ألن ذلك مخالف لألحاديث‬
‫الصحيحة ‪ ،‬وألن ذلك أيضا من وسائل الشرك بأصحاب القبور‪.‬‬
‫وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫الصالة في مسجد فيه قبر كالصالة في مسجد فيه قبران أو أكثر‬
‫س ‪ :‬هناك من يقول ‪ :‬إن الصالة يختلف حكمها في المسجد الذي‬
‫فيه قبر ‪ ،‬عن الذي فيه قبران ‪ ،‬عن المسجد الذي فيه ثالثة أو‬
‫أكثر‪ .‬نرجو التوضيح في هذا ‪ ،‬وكيف الحكم والنبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال ‪( :‬لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد) ؟ مع العلم بأن بعض الناس الذين يأتون من المدينة‬
‫المنورة يحتجون بأن مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم فيه قبره‬
‫عليه الصالة والسالم وقبر صاحبيه رضي هللا عنهما ‪ ،‬فهو كعامة‬
‫المساجد تجوز الصالة فيه ‪ ،‬أرجو التوضيح‪.‬‬
‫ج ‪ :‬الرسول صلى هللا عليه وسلم لعن من يتخذ المساجد على‬
‫القبور ‪ ،‬وحذر من ذلك ‪ ،‬كما في الحديث السابق ‪ ،‬وقال ‪( :‬أال وإن‬
‫من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور‬
‫أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني‬
‫أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم في الصحيح‪ .‬وروى الشيخان ‪ ،‬عن‬
‫عائشة رضي هللا عنها ‪ ،‬أن أم حبيبة وأم سلمة رضي هللا عنهما‬
‫ذكرتا للنبي صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما‬
‫فيها من الصور ‪ ،‬فقال ‪( :‬أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا‬
‫على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند‬
‫هللا)‬
‫فبين صلى هللا عليه وسلم أن الذين يبنون المساجد على القبور هم‬
‫شرار الخلق عند هللا ‪ ،‬وحذر من فعلهم‪.‬‬
‫فدل ذلك على أن المسجد المقام على قبر أو أكثر ‪ ،‬فإن كان‬
‫المسجد هو الذي بني أخيرا على القبور وجب هدمه ‪ ،‬وأن تترك‬
‫القبور بارزة ليس عليها بناء ‪ ،‬كما كانت القبور في عهده صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ ،‬في البقيع وغيره ‪ ،‬وهكذا إلى اليوم في المملكة‬
‫العربية السعودية ‪ ،‬فالقبور فيها بارزة ليس عليها بناء وال قباب‬
‫وال مساجد وال بناء ‪ ،‬وهلل الحمد والمنة‪.‬‬
‫أما إن كان المسجد قديما ولكن أحدث فيه قبر أو أكثر فإنه ينبش‬
‫القبر وينقل صاحبه إلى المقابر العامة التي ليس عليها‬
‫قباب وال مساجد وال بناء ‪ ،‬ويبقى المسجد خاليا منها حتى يصلى‬
‫فيه‪.‬‬
‫أما احتجاج بعض الجهلة بوجود قبر النبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫وقبر صاحبيه في مسجده فال حجة في ذلك ؛ ألن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد ‪ ،‬ودفن معه صاحباه‬
‫أبو بكر وعمر رضي هللا عنهما ‪ ،‬ولكن لما وسع الوليد بن عبد‬
‫الملك بن مروان المسجد أدخل البيت في المسجد ؛ بسبب التوسعة‬
‫‪ ،‬وغلط في هذا ‪ ،‬وكان الواجب أن ال يدخله في المسجد ؛ حتى ال‬
‫يحتج الجهلة وأشباههم بذلك ‪ ،‬وقد أنكر عليه أهل العلم ذلك ‪ ،‬فال‬
‫يجوز أن يقتدى به في هذا ‪ ،‬وال يظن ظان أن هذا من جنس البناء‬
‫على القبور أو اتخاذها مساجد ؛ ألن هذا بيت مستقل أدخل في‬
‫المسجد ؛ للحاجة للتوسعة ‪ ،‬وهذا من جنس المقبرة التي أمام‬
‫المسجد مفصولة عن المسجد ال تضره ‪ ،‬وهكذا قبر النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم مفصول بجدار وقضبان‪.‬‬
‫وينبغي للمسلم أن يبين إلخوانه هذا ؛ حتى ال يغلطوا في هذه‬
‫المسألة‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫ال يصلى في المسجد الذي فيه قبر ولو كان الوحيد في البلد‬
‫س ‪ :‬إذا كان المسجد الذي فيه قبر هو الوحيد في البلد فهل يصلي‬
‫المسلم فيه ؟‬
‫ج ‪ :‬ال يصلي المسلم فيه أبدا ‪ ،‬وعليه أن يصلي في غيره أو في‬
‫بيته إن لم يجد مسجدا سليما من القبور ‪ ،‬ويجب على والة األمور‬
‫نبش القبر الذي في المسجد إذا كان حادثا ونقل رفاته إلى المقبرة‬
‫العامة ويوضع في حفرة خاصة يسوى ظاهرها كسائر القبور ‪،‬‬
‫وإذا كان القبر هو األول فإنه يهدم المسجد ؛ ألن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد ‪ ،‬ولما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي هللا عنهما أنهما‬
‫رأتا كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور ‪ ،‬قال لهما عليه‬
‫الصالة والسالم ‪( :‬أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على‬
‫قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا)‬
‫متفق على صحته‪.‬‬
‫ومن صلى في المساجد التي فيها القبور فصالته باطلة وعليه‬
‫اإلعادة للحديثين المذكورين وما جاء في معناهما‪.‬‬
‫المصطفى صلى هللا عليه وسلم وصاحباه لم يدفنوا في المسجد‬
‫وإنما دفنوا في حجرة عائشة‬
‫س ‪ :‬من المعلوم أنه ال يجوز دفن األموات في المساجد ‪ ،‬وأيما‬
‫مسجد فيه قبر ال تجوز الصالة فيه ‪ ،‬فما الحكمة من إدخال قبر‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم وبعض صحابته في المسجد النبوي ؟‬
‫ج ‪ :‬قد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪( :‬لعن هللا‬
‫اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته‬
‫‪ ،‬وثبت عن عائشة رضي هللا عنها أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا‬
‫لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما‬
‫فيها من الصور فقال صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬أولئك إذا مات فيهم‬
‫الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور‬
‫أولئك شرار الخلق عند هللا) متفق عليه ‪ ،‬وروى مسلم في صحيحه‬
‫عن جندب بن عبد هللا البجلي‬
‫قال سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ‪( :‬إن هللا قد‬
‫اتخذني خليال كما اتخذ إبراهيم خليال ولو كنت متخذا من أمتي‬
‫خليال التخذت أبا بكر خليالًَ أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون‬
‫قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساجد فإني‬
‫أنهاكم عن ذلك)‬
‫وروى مسلم أيضا عن جابر رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم (أنه نهى أن يجصص القبر ‪ ،‬وأن يقعد عليه ‪ ،‬وأن‬
‫يبنى عليه) ‪.‬‬
‫فهذه األحاديث الصحيحة وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم‬
‫اتخاذ المساجد على القبور ولعن من فعل ذلك ‪ ،‬كما تدل على‬
‫تحريم البناء على القبور واتخاذ القباب عليها وتجصيصها ؛ ألن‬
‫ذلك من أسباب الشرك بها وعبادة سكانها من دون هللا ‪ ،‬كما قد‬
‫وقع ذلك قديما وحديثا ؛ فالواجب على المسلمين أينما كانوا أن‬
‫يحذروا مما نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عنه وأال يغتروا‬
‫بما فعله كثير من الناس ‪ ،‬فإن الحق هو ضالة المؤمن متى وجدها‬
‫أخذها ‪ ،‬والحق يعرف بالدليل من الكتاب والسنة ال بآراء الناس‬
‫وأعمالهم ‪ ،‬والرسول محمد صلى هللا عليه وسلم وصاحباه رضي‬
‫هللا عنهما لم يدفنوا في المسجد ‪ ،‬وإنما دفنوا في بيت عائشة ‪،‬‬
‫ولكن لما وسع المسجد في عهد الوليد بن‬
‫عبد الملك أدخل الحجرة في المسجد في آخر القرن األول وال يعتبر‬
‫عمله هنا في حكم الدفن في المسجد ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم وصاحبيه لم ينقلوا إلى أرض المسجد وإنما أدخلت الحجرة‬
‫التي هم بها في المسجد من أجل التوسعة ‪ ،‬فال يكون في ذلك حجة‬
‫ألحد على جواز البناء على القبور أو اتخاذ المساجد عليها أو‬
‫الدفن فيها ؛ لما ذكرته آنفا من األحاديث الصحيحة المانعة من ذلك‬
‫‪ ،‬وعمل الوليد ليس فيه حجة على ما يخالف السنة الثابتة عن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫شبهة لمن أجاز الصالة في المساجد التي فيها قبور والجواب‬
‫عليها‬
‫س ‪ :‬من أجاز الصالة في المساجد التي فيها قبور يحتج بأن‬
‫المسجد النبوي فيه قبر المصطفى صلى هللا عليه وسلم فما رأيكم‬
‫في ذلك ؟‬
‫ج ‪ :‬يبين له أن قبر النبي صلى هللا عليه وسلم في بيته ال في‬
‫المسجد ‪ ،‬والمخطئ هو الذي أدخل القبر في المسجد‪.‬‬
‫حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة‬
‫س ‪ :‬ما حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة ؛ ألنه أصبح داخل البلد‬
‫‪ ،‬وألنه مجاور للمقبرة األولى ؟‬
‫ج ‪ :‬مثل هذا العمل تراجع فيه المحكمة وهي تنظر فيما يقتضيه‬
‫الحكم الشرعي‪.‬‬
‫حكم الكتابة على القبر‬
‫س ‪ :‬هل يجوز وضع قطعة من الحديد أو « الفتة » على قبر‬
‫الميت مكتوب عليها آيات قرآنية باإلضافة إلى اسم الميت وتاريخ‬
‫وفاته… إلخ ؟‬
‫ج ‪ :‬ال يجوز أن يكتب على قبر الميت ال آيات قرآنية وال غيرها ‪،‬‬
‫ال في حديدة وال في لوح وال في غيرهما ؛ لما ثبت عن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم من حديث جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما أنه‬
‫صلى هللا عليه وسلم (نهى أن يجصص‬
‫القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) رواه اإلمام مسلم في صحيحه‬
‫‪ ،‬زاد الترمذي والنسائي بإسناد صحيح ‪( :‬وأن يكتب عليه)‬
‫حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند البوابة‬
‫س ‪ :‬ما حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند بوابة المقبرة ؟‬
‫ج ‪ :‬ال أعلم لهذا أصال ‪ ،‬وقد نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن‬
‫الكتابة على القبر ‪ ،‬ويخشى أن تكون الكتابة على جدار المقبرة‬
‫وسيلة إلى الكتابة على القبور‪.‬‬
‫حكم إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور‬
‫س ‪ :‬هل يجوز إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور ؟‬
‫ج ‪ :‬إذا كان لمصلحة الناس عند الدفن أو كان في السور‬
‫فال بأس ‪ ،‬أما وضع السرج واألنوار على القبور فال يجوز ؛ ألن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬لعن زائرات القبور والمتخذين‬
‫عليها المساجد والسرج) وإذا كانت اإلضاءة في الشارع الذي يمر‬
‫بقربها فال بأس ‪ ،‬وإذا وضع لمبة عند الحاجة تضيء لهم عند‬
‫الدفن أو أتوا بسراج معهم لهذا الغرض فال بأس‪.‬‬
‫إهداء القرب للميت‬
‫ما يجوز وما ال يجوز إهداؤه من القرب للميت‬
‫س ‪ :‬هل تصل األعمال إلى الموتى ؟‬
‫ج ‪ :‬يصل إليهم ما دل الشرع على وصوله إليهم ؛ لقول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪( :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث صدقة‬
‫جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم في‬
‫صحيحه ‪ ،‬وألحاديث أخرى وردت في ذلك ‪ ،‬ومن ذلك ‪ :‬الصدقة ‪،‬‬
‫والدعاء ‪ ،‬والحج ‪ ،‬والعمرة ‪ ،‬وما خلفه الميت من نشر العلم‪.‬‬
‫أما إهداء الصالة والقراءة إلى الموتى أو الطواف أو صيام التطوع‬
‫فال أعلم لذلك أصال ‪ ،‬والمشروع تركه ؛ لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫س ‪ :‬هل يجوز إهداء بعض أعمال الخير إلى الميت ؟‬
‫ج ‪ :‬يجوز إهداء ما ورد به الشرع المطهر من األعمال ؛ كالصدقة‬
‫‪ ،‬والدعاء ‪ ،‬وقضاء الدين ‪ ،‬والحج والعمرة إذا كان المحجوج عنه‬
‫ميتا أو عاجزا ‪ ،‬لكبر سنه ‪ ،‬أو مرض ال يرجى برؤه ‪ ،‬وهكذا من‬
‫تؤدى عنه العمرة ؛ ألنه ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم في‬
‫أحاديث كثيرة ما يدل على ذلك ‪ ،‬وجاء في الكتاب العزيز ما يدل‬
‫على شرعية الدعاء للمسلمين أحياء أو أمواتا ‪ ،‬مثل قول هللا‬
‫ون َربَّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا‬
‫ِين َجا ُءوا ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم َيقُولُ َ‬‫(والَّذ َ‬
‫سبحانه ‪َ :‬‬
‫ان َوال تَ ْج َع ْل فِي قُلُو ِبنَا ِغ اال ِللَّذ َ‬
‫ِين‬ ‫سبَقُونَا ِب ْ ِ‬
‫اإلي َم ِ‬ ‫َو ِ ِإل ْخ َوانِنَا الَّذ َ‬
‫ِين َ‬
‫آ َمنُوا َربَّنَا إِنَّكَ َر ُء ٌ‬
‫وف َر ِحي ٌم)‬
‫ومثل قوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال‬
‫من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له)‬
‫وثبت عنه صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬أن رجال قال له‪ :‬يا رسول هللا إن‬
‫أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر‬
‫إن تصدقت عنها ؟ قال‪( :‬نعم) متفق عليه‪ .‬وثبت عنه صلى هللا‬
‫عليه وسلم أيضا أن‬
‫رجال قال ‪ :‬يا رسول هللا هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد‬
‫موتهما ؟ قال‪( :‬نعم الصالة عليهما‪ ،‬واالستغفار لهما‪ ،‬وإنفاذ‬
‫عهدهما من بعدهما‪ ،‬وإكرام صديقهما‪ ،‬وصلة الرحم التي ال توصل‬
‫إال بهما) وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫الدليل على تخصيص انتفاع الميت ببعض األعمال دون بعض‬
‫س ‪ :‬ما هو الدليل على تخصيص انتفاعهم بأعمال دون أخرى ؟‬
‫ج ‪ :‬هذه األمور توقيفية ال مجال للرأي فيها ‪ ،‬وإنما يعمل فيها بما‬
‫يقتضيه الدليل لعموم قوله عليه الصالة والسالم ‪( :‬من أحدث في‬
‫أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته‪.‬‬
‫حكم الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير هللا‬
‫س ‪ :‬سائل يقول ‪ :‬إن والده يذبح لغير هللا فيما قيل له عن ذلك ‪،‬‬
‫ويريد اآلن أن يتصدق عنه ويحج عنه ‪ ،‬ويعزو سبب وقوع والده‬
‫في ذلك إلى عدم وجود علماء ومرشدين وناصحين له ‪ ،‬فما الحكم‬
‫في ذلك كله ؟‬
‫ج ‪ :‬إذا كان والده معروفا بالخير واإلسالم والصالح ‪ ،‬فال يجوز له‬
‫أن يصدق من ينقل عنه غير ذلك ممن ال تعرف عدالته ‪ ،‬ويسن له‬
‫الدعاء والصدقة عنه حتى يعلم يقينا أنه مات على الشرك ‪ ،‬وذلك‬
‫بأن يثبت لديه بشهادة الثقات العدول اثنين أو أكثر أنهم رأوه يذبح‬
‫لغير هللا من أصحاب القبور أو غيرهم ‪ ،‬أو سمعوه يدعو غير هللا ‪،‬‬
‫فعند ذلك يمسك عن الدعاء له ‪ ،‬وأمره إلى هللا سبحانه وتعالى ؛‬
‫ألن النبي صلى هللا عليه وسلم استأذن ربه أن يستغفر ألمه فلم‬
‫يأذن هللا له ‪ ،‬مع أنها ماتت في الجاهلية على دين الكفار ‪ ،‬ثم‬
‫استأذن ربه أن يزورها فأذن له ‪ ،‬فدل ذلك على أن من مات على‬
‫الشرك ولو جاهال ال يدعى له ‪ ،‬وال يستغفر له ‪ ،‬وال يتصدق عنه ‪،‬‬
‫وال يحج عنه‪ ،‬أما من مات في محل لم تبلغه دعوة هللا ‪،‬‬
‫فهذا أمره إلى هللا سبحانه‪ ،‬والصحيح من أقوال أهل العلم ‪ ،‬أنه‬
‫يمتحن يوم القيامة ‪ ،‬فإن أطاع دخل الجنة ‪ ،‬وإن عصى دخل النار‬
‫؛ ألحاديث صحيحة وردت في ذلك‪.‬‬
‫عشاء الوالدين‬
‫س ‪ :‬األخ أ‪ .‬م‪ .‬ع‪ .‬من الرياض يقول في سؤاله ‪ :‬نسمع كثيرا عن‬
‫عشاء الوالدين أو أحدهما ‪ ،‬وله طرق متعددة ‪ ،‬فبعض الناس يعمل‬
‫عشاء خاصة في رمضان ويدعو له بعض العمال والفقراء ‪،‬‬
‫وبعضهم يخرجه للذين يفطرون في المسجد ‪ ،‬وبعضهم يذبح ذبيحة‬
‫ويوزعها على بعض الفقراء وعلى بعض جيرانه ‪ ،‬فإذا كان هذا‬
‫العشاء جائزا فما هي الصفة المناسبة له ؟‬
‫ج ‪ :‬الصدقة للوالدين أو غيرهما من األقارب مشروعة ؛ لقول‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬لما سأله سائل قائال ‪ :‬هل بقي من بر‬
‫أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال‪( :‬نعم الصالة عليهما‪،‬‬
‫واالستغفار لهما‪ ،‬وإنفاذ عهدهما من بعدهما‪ ،‬وإكرام صديقهما‪،‬‬
‫وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما)‬
‫ولقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل‬
‫ود أبيه) وقوله صلى هللا عليه وسلم لما سأله سائل قائال ‪ :‬إن أمي‬
‫ماتت ولم توص أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪(:‬نعم) ‪ .‬ولعموم قوله صلى هللا عليه وسلم ‪(:‬إذا مات‬
‫ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪،‬‬
‫أو ولد صالح يدعو له)‬
‫وهذه الصدقة ال مشاحة في تسميتها بعشاء الوالدين ‪ ،‬أو صدقة‬
‫الوالدين سواء كانت في رمضان أو غيرهما‪ .‬وفق هللا الجميع لما‬
‫يرضيه‪.‬‬
‫تحديد وقت معين لإلطعام عن الميت من البدع المحدثة‬
‫س ‪ :‬مسلم مات وله كثير من األوالد ‪ ،‬ولهم مال وخير ‪ ،‬أيحل لهم‬
‫أن يذبحوا من الغنم للميت أو يعجن له الخبز في اليوم السابع أو‬
‫األربعين هدية له ويجمع المسلمون عليها ؟‬
‫ج ‪ :‬الصدقة عن الميت مشروعة ‪ ،‬وإطعام الفقراء والمساكين‬
‫والتوسعة عليهم ومواساة الجيران وإكرام المسلمين من وجوه‬
‫البر والخير التي رغب الشرع فيها ‪ ،‬ولكن ذبح الغنم أو البقر أو‬
‫اإلبل أو الطير أو نحوها للميت عند الموت أو في يوم معين كاليوم‬
‫السابع أو األربعين أو يوم الخميس أو الجمعة أو ليلتها للتصدق به‬
‫على الميت في ذلك الوقت من البدع والمحدثات التي لم تكن على‬
‫عهد سلفنا الصالح رضي هللا عنهم ‪ ،‬فيجب ترك هذه البدع ؛ لقول‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس‬
‫منه فهو رد) وقوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬إياكم ومحدثات األمور‬
‫فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة)‬
‫من يذبح ألبيه وجدِه كل سنة‬
‫س ‪ :‬يوجد لي ابن عم يذبح ألبيه وجده بعد مضي كل حول ‪،‬‬
‫ونصحته أكثر من مرة ‪ ،‬ويقول لي ‪ :‬إني سألت ‪،‬‬
‫وقالوا ليس في ذلك إثم‪ .‬أفيدونا هل هذا الكالم صحيح أم ال ؟‬
‫ج ‪ :‬إذا ذبح وقصد أضحية في يوم العيد وأيام النحر عن أبيه أو‬
‫جده أو غيرهما فال بأس ‪ ،‬أو ذبح وقصد الصدقة عنهما على‬
‫الفقراء في أي وقت فال بأس ؛ ألن الصدقة تنفع الميت والحي‬
‫باللحوم وغير اللحوم من النقود والطعام وغير ذلك ‪ ،‬كل ذلك ينفع‬
‫الميت والحي ‪ ،‬فقد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫سئل عن الرجل يتصدق ألمه بعد وفاتها أفلها أجر فقال ( نعم )‬
‫وفي صحيح مسلم رحمه هللا عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫قال ‪( :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو‬
‫علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له)‬
‫والخالصة‪ :‬أن الصدقة للميت نافعة له بإجماع المسلمين ‪ ،‬وهكذا‬
‫الدعاء له ‪ ،‬فإذا أراد بهذه الذبيحة الصدقة بها عن أبيه أو جده أو‬
‫غيرهما ‪ ،‬أو ذبحها أضحية عنه في أيام النحر تقربا إلى هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪ -‬لكن ليس له أن يخص يوما معينا أو شهرا معينا‬
‫بالذبح غير أيام النحر إال إذا تحرى األوقات الفاضلة ‪،‬‬
‫كرمضان وتسع ذي الحجة‪ -‬فال بأس وله أجر وللميت أجر على‬
‫حسب إخالصه هلل وكسبه الطيب ‪ ،‬أما إذا أراد التقرب إليه كما‬
‫يتقرب الذي يذبحون ألصحاب القبور أو الشمس أو القمر أو الجن‬
‫فهذا شرك أكبر ؛ ألنه ال يجوز ألحد أن يتقرب إلى أحد بذبح أو نذر‬
‫أو غيرهما من العبادات سوى هللا سبحانه وتعالى ؛ لقول هللا عز‬
‫ب ا ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين ال‬ ‫اي َو َم َماتِي ِ ََّّللِ َر ِ‬
‫س ِكي َو َم ْحيَ َ‬ ‫صالتِي َونُ ُ‬ ‫وجل ‪( :‬قُ ْل إِ َّن َ‬
‫ين) ولقوله سبحانه وتعالى‬ ‫ش َِريكَ لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬
‫ص ِل ِل َر ِبكَ َوا ْن َح ْر) ولقوله عليه الصالة‬ ‫‪ :‬إ(ِنَّا أَ ْع َط ْينَاكَ ا ْلك َْوثَ َر فَ َ‬
‫والسالم ‪( :‬لعن هللا من ذبح لغير هللا) رواه مسلم في الصحيح‪.‬‬
‫فالذبح للجن أو ألصحاب القبور أو غيرهما من المخلوقات‬
‫كاألصنام والكواكب ونحوها يرجو الذابح شفاعتهم أو أنهم ينفعونه‬
‫أو يدفعون عنه مرضا أو غيره منكر وشرك ‪ ،‬وهكذا من ذبح لجده‬
‫أو ألبيه يعتقد فيه أنه ينفعه أو يشفي مريضه أو يقربه إلى هللا بهذا‬
‫الذبح فهو مثل من يذبح للشمس أو للقمر والنجوم كل ذلك شرك‪.‬‬
‫نسأل هللا السالمة‪.‬‬
‫إهداء ثواب الطواف للغير ال يجوز‬
‫س ‪ :‬األخ ن‪ .‬ع‪ .‬ب‪ .‬من تمير يقول في سؤاله ‪ :‬عندما أسافر إلى‬
‫مكة المكرمة للحج أو العمرة هل يجوز لي أن أطوف سبعة أشواط‬
‫وأنوي ثوابها لوالدتي المتوفاة ؟ أرجو اإلفادة يا سماحة الشيخ ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬ال أعلم في األدلة الشرعية ما يدل على جواز ذلك أو شرعيته‬
‫‪ ،‬ومعلوم أن العبادات توقيفية ال يجوز منها إال ما دل عليه الشرع‬
‫‪ ،‬فالذي أرى عدم جواز التطوع بالطواف عن الغير ؛ لعدم الدليل‬
‫على ذلك‪ ،‬ولكن يشرع لك الدعاء في الطواف لوالديك وللمسلمين‬
‫ولغيرهما من المسلمين لعموم األدلة الشرعية في ذلك‪ ،‬وفق هللا‬
‫الجميع‪.‬‬
‫حكم الطواف وختم القرآن لألموات‬
‫س ‪ :‬أقوم أحيانا بالطواف ألحد أقاربي أو والدي أو أجدادي‬
‫المتوفين ‪ ،‬ما حكم ذلك ؟ وأيضا ما حكم ختم القرآن لهم ؟ جزاكم‬
‫هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬األفضل ترك ذلك ؛ لعدم الدليل عليه ‪ ،‬لكن يشرع لك الصدقة‬
‫عن من أحببت من أقاربك وغيرهم إذا كانوا مسلمين ‪ ،‬والدعاء‬
‫لهم ‪ ،‬والحج والعمرة عنهم ‪ ،‬أما الصالة عنهم والطواف عنهم‬
‫والقراءة لهم فاألفضل تركه ؛ لعدم الدليل عليه ‪ ،‬وقد أجاز ذلك‬
‫بعض أهل العلم ؛ قياسا على الصدقة والدعاء ‪ ،‬واألحوط ترك ذلك‬
‫؛ ألن األصل في العبادات التوقيف وعدم القياس‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫الصالة والقراءة ال تهدى ألحد‬
‫س ‪ :‬والدتي أمية ال تقرأ وال تكتب ‪ ،‬فهل يجوز لي قراءة القرآن‬
‫الكريم وصالة النوافل وإهداء ثواب ذلك لها ‪ ،‬وإذا كان ال يجوز ‪،‬‬
‫فما هي األعمال التي يمكن أن أهدي ثوابها إليها ؟ جزاكم هللا خيرا‬
‫‪.‬‬
‫ج ‪ :‬ليس هناك دليل شرعي على شرعية إهداء الصالة والقراءة‬
‫عن الغير سواء كان حيا أو ميتا ‪ ،‬والعبادة توقيفية ال يشرع منها‬
‫إال ما دل الشرع على شرعيته ‪ ،‬ولكن يشرع لك الدعاء لها‬
‫والصدقة عنها ‪ ،‬والحج عنها والعمرة إذا كانت كبيرة السن ال‬
‫تستطيع الحج والعمرة‪.‬‬
‫حكم الصالة للوالدين المتوفيين‬
‫س ‪ :‬األخت التي رمزت السمها بـ ‪ :‬أم محمد – من الرياض ‪،‬‬
‫تقول في سؤالها ‪ :‬هل هناك صالة للوالدين المتوفيين ‪ ،‬وما‬
‫كيفيتها ؟ أفيدونا جزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬ليس على األوالد صالة للوالدين بعد الوفاة ‪ ،‬وال غيرهما ‪،‬‬
‫وإنما يشرع الدعاء لهما ‪ ،‬واالستغفار لهما ‪ ،‬والصدقة عنهما ‪،‬‬
‫وهكذا الحج عنهما والعمرة‪ .‬أما الصالة فال يشرع ألحد أن يصلي‬
‫عن أحد أو ألحد ‪ ،‬وإنما يصلَّى على الميت المسلم قبل الدفن ‪ ،‬ومن‬
‫يصل عليه قبل الدفن شرع له أن يصلي عليه بعد الدفن إذا كانت‬ ‫ِ‬ ‫لم‬
‫المدة ال تزيد على شهر ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم صلى على‬
‫قبر أم سعد بن عبادة وقد مضى لها شهر‪ .‬وهكذا سنة الطواف ‪،‬‬
‫وهي ‪ :‬ركعتان بعد الطواف تشرع لمن طاف ‪ ،‬ومن ذلك الحاج أو‬
‫المعتمر عن الغير فإنه يشرع له إذا طاف عن المنوب عنه أن‬
‫يصلي ركعتين تبعا للطواف‪ ،‬واألصل في هذا كله أن العبادات‬
‫توقيفية ‪ ،‬ال يشرع فيها إال ما ثبت في الكتاب أو السنة‪ ،‬وهللا ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫إهداء تالوة القرآن الكريم لآلخرين‬
‫س ‪ :‬هل يجوز أن أختم القرآن الكريم لوالدي ‪ ،‬علما بأنهما أميان‬
‫ال يقرآن وال يكتبان ؟ وهل يجوز أن أختم القرآن لشخص يعرف‬
‫القراءة والكتابة ولكن أريد إهداءه هذه الختمة ؟ وهل يجوز لي أن‬
‫أختم القرآن ألكثر من شخص ؟‬
‫ج ‪ :‬لم يرد في الكتاب العزيز ‪ ،‬وال في السنة المطهرة عن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وال عن صحابته الكرام رضي هللا عنهم‬
‫ما يدل على شرعية إهداء تالوة القرآن الكريم للوالدين وال‬
‫لغيرهما ‪ ،‬وإنما شرع هللا قراءة القرآن لالنتفاع به ‪ ،‬واالستفادة‬
‫اب أَ ْن َز ْلنَاهُ إِلَ ْيكَ‬
‫منه ‪ ،‬وتدبر معانيه والعمل بذلك ‪ ،‬قال تعالى ‪ِ ( :‬كتَ ٌ‬
‫ب) وقال تعالى ‪( :‬إِ َّن َهذَا‬ ‫اركٌ ِليَ َّدبَّ ُروا آيَاتِ ِه َو ِليَتَذَك ََّر أُولُو ْاألَ ْلبَا ِ‬
‫ُمبَ َ‬
‫ِين آ َمنُوا‬ ‫آن َي ْهدِي ِللَّ ِتي ِه َي أَ ْق َو ُم) وقال سبحانه ‪( :‬قُ ْل ُه َو ِللَّذ َ‬ ‫ا ْلقُ ْر َ‬
‫شفَا ٌء) وقال نبينا‬ ‫ُهدى َو ِ‬
‫عليه الصالة والسالم ‪( :‬اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة‬
‫شفيعا ألصحابه) ويقول صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬إنه يؤتى بالقرآن‬
‫يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل‬
‫عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف‬
‫تحاجان عن أصحابهما)‬
‫والمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتالوته واإلكثار من‬
‫قراءته ال إلهدائه لألموات أو غيرهم ‪ ،‬وال أعلم في إهدائه للوالدين‬
‫أو غيرهما أصال يعتمد عليه ‪ ،‬وقد قال صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من‬
‫عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وقد ذهب بعض أهل العلم إلى‬
‫جواز ذلك وقالوا ‪ :‬ال مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من‬
‫األعمال الصالحات ‪ ،‬وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء لألموات‬
‫وغيرهم ‪ ،‬ولكن الصواب هو القول األول ؛ للحديث المذكور ‪ ،‬وما‬
‫جاء في معناه ‪ ،‬ولو كان إهداء التالوة مشروعا لفعله السلف‬
‫الصالح ‪ ،‬والعبادة ال يجوز فيها القياس ؛ ألنها توقيفية ال تثبت إال‬
‫بنص من كالم هللا عز‬
‫وجل ‪ ،‬أو من سنة رسوله صلى هللا عليه وسلم للحديث السابق‬
‫وما جاء في معناه‪.‬‬
‫أما الصدقة عن األموات وغيرهم ‪ ،‬والدعاء لهم ‪ ،‬والحج عن الغير‬
‫ممن قد حج عن نفسه ‪ ،‬وهكذا العمرة عن الغير ممن قد اعتمر‬
‫عن نفسه ‪ ،‬وهكذا قضاء الصوم عمن مات وعليه صيام ‪ ،‬فكل هذه‬
‫العبادات قد صحت بها األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم إذا كان المحجوج عنه والمعتمر عنه ميتا أو عاجزا لهرم أو‬
‫مرض ال يرجى برؤه‪ ،‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم أخذ أجرة قراءة القرآن على األموات‬
‫س ‪ :‬سائل من اليمن يقول ‪ :‬أناس عندنا يقرءون القرآن على‬
‫األموات ويأخذون عليه أجرة ‪ ،‬فهل يستفيد منه األموات شيئا ؟‬
‫وإذا مات واحد منهم يقرءون القرآن ثالثة أيام ويعملون ذبائح‬
‫ووالئم ‪ ،‬فهل هذا من الشرع ؟‬
‫ج ‪ :‬القراءة على األموات بدعة ‪ ،‬وأخذ األجرة على ذلك ال يجوز ؛‬
‫ألنه لم يرد في الشرع المطهر ما يدل على ذلك ‪ ،‬والعبادات‬
‫توقيفية ال يجوز منها إال ما شرعه هللا ؛ لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على‬
‫صحته ‪ ،‬وهكذا ذبح الذبائح وإعداد الطعام من أجل الميت كله بدعة‬
‫منكرة ال يجوز سواء كان ذلك في يوم أو أيام ؛ ألن الشرع المطهر‬
‫لم يرد بذلك بل هو من عمل الجاهلية ؛ لما ثبت عن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪ :‬أربع في أمتي من أمر الجاهلية ال‬
‫يتركونهن الفخر في األحساب والطعن في األنساب واالستسقاء‬
‫بالنجوم والنياحة وقال ‪( :‬النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم‬
‫القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) رواه مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫وعن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه قال ‪( :‬كنا نعد‬
‫االجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة)‬
‫رواه اإلمام أحمد بإسناد حسن ‪ ،‬ومنها قوله عليه الصالة والسالم‬
‫‪( :‬أربع في أمتي من أمر الجاهلية ال يتركونهن) الحديث المذكور‬
‫آنفا ‪ ،‬ولم يكن من عمل النبي صلى هللا عليه وسلم وال من عمل‬
‫الصحابة رضي هللا عنهم أنه إذا مات الميت يقرءون له القرآن ‪،‬‬
‫أو يقرءون عليه القرآن ‪ ،‬أو يذبحون الذبائح ‪ ،‬أو يقيمون المآتم‬
‫واألطعمة والحفالت ‪ ،‬كل هذا بدعة ‪ ،‬فالواجب الحذر من ذلك‬
‫وتحذير الناس منه ‪ ،‬وعلى العلماء بوجه أخص أن ينهوا الناس‬
‫عما حرم هللا عليهم وأن يأخذوا على أيدي الجهلة والسفهاء حتى‬
‫يستقيموا على الطريق السوي الذي شرعه هللا لعباده ‪ ،‬وبذلك‬
‫تصلح األحوال والمجتمعات ويظهر حكم اإلسالم وتختفي أمور‬
‫الجاهلية ‪ ،‬وإنما المشروع أن يصنع ألهل الميت طعام يبعث إليهم‬
‫من جيرانهم أو أقاربهم ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لما جاء‬
‫نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه قال ألهله ‪( :‬اصنعوا آلل‬
‫جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) أخرجه اإلمام أحمد وأهل السنن‬
‫بإسناد صحيح‪ ،‬وأسأل هللا لنا ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق‬
‫‪ ،‬إنه جواد كريم‪.‬‬
‫حكم إهداء أعمال البر للحي أو الميت‬
‫س ‪ :‬لي والدة ال تقرأ وأحب أن أبرها ‪ ،‬وكثيرا ما أقرأ القرآن‬
‫وأجعل ثوابه لها ‪ ،‬ولما سمعت أنه ال يجوز عدلت عن ذلك وأخذت‬
‫أتصدق عنها بدراهم ‪ ،‬وهي اآلن حية على قيد الحياة ‪ ،‬فهل يصل‬
‫ثواب الصدقة من مال وغيره إليها سواء كانت حية أو ميتة ‪ ،‬أم ال‬
‫يصل إال الدعاء ‪ ،‬حيث لم يرد إال ذلك كما في الحديث ‪( :‬إذا مات‬
‫العبد انقطع عمله إال من ثالث) وذكر‪( :‬ولد صالح يدعو له) ؟ ‪،‬‬
‫وهل اإلنسان إذا كان كثير الدعاء لوالديه في الصالة وغيرها قائما‬
‫وقاعدا يشهد له الحديث بأنه صالح ويرجى له خير عند هللا ؟ أرجو‬
‫اإلفادة ولكم من هللا الثواب الجزيل‪.‬‬
‫ج ‪ :‬أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى‬
‫الميت على قولين ألهل العلم ‪ ،‬واألرجح أنها ال تصل لعدم الدليل ؛‬
‫ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يفعلها ألمواته من المسلمين‬
‫كبناته الالتي ُمتْن في حياته عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ ،‬ولم يفعلها الصحابة رضي هللا عنهم وأرضاهم فيما‬
‫علمنا ‪ ،‬فاألولى للمؤمن أن يترك ذلك وال يقرأ للموتى وال لألحياء‬
‫وال يصلي لهم ‪ ،‬وهكذا التطوع بالصوم عنهم ؛ ألن ذلك كله ال دليل‬
‫عليه ‪ ،‬واألصل في العبادات التوقيف إال ما ثبت عن هللا سبحانه أو‬
‫عن رسوله صلى هللا عليه وسلم شرعيته‪ .‬أما الصدقة فتنفع الحي‬
‫والميت بإجماع المسلمين ‪ ،‬وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت‬
‫بإجماع المسلمين ‪ ،‬وإنما جاء الحديث بما يتعلق بالميت ؛ ألنه هو‬
‫محل اإلشكال ‪ :‬هل يلحقه أم ال يلحقه ؟ فلهذا جاء الحديث عن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال‬
‫من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له)‬
‫لما كان من المعلوم أن الموت تنقطع به األعمال بَيَّ َن الرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم أن هذا ال ينقطع ‪ ،‬وأما الحي فال شك فيه أنه ينتفع‬
‫بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ‪ ،‬فالذي يدعو لوالديه وهم‬
‫أحياء ينتفعون بدعائه ‪ ،‬وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم ‪،‬‬
‫وهكذا الحج عنهم إذا كانوا عاجزين لكبر أو مرض ال يرجى برؤه‬
‫فإنه ينفعهم ذلك ‪ ،‬ولهذا ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬أن امرأة‬
‫قالت يا رسول هللا إن فريضة هللا في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا‬
‫ال يثبت على الراحلة أفأحج‬
‫عنه ؟ قال (حجي عنه)‬
‫وجاءه رجل آخر فقال ‪ :‬يا رسول هللا إن أبي شيخ كبير ال يستطيع‬
‫الحج وال الظعن أفأحج عنه وأعتمر ؟ قال (حج عن أبيك واعتمر)‬
‫فهذا يدل على أن الحج عن الميت أو الحي العاجز لكبر سنه أو‬
‫المرأة العاجزة لكبر سنها جائز ‪ ،‬فالصدقة والدعاء والحج عن‬
‫الميت أو العمرة عنه وكذلك عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع‬
‫أهل العلم ‪ ،‬وهكذا الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب‬
‫سواء كان عن نذر أو كفارة أو عن صوم رمضان لعموم قوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من مات وعليه صيام صام عنه وليه)‬
‫متفق على صحته ‪ ،‬وألحاديث أخرى في المعنى ‪ ،‬لكن من تأخر في‬
‫صوم رمضان بعذر شرعي كمرض أو سفر ثم مات قبل أن يتمكن‬
‫من القضاء فال قضاء عنه وال إطعام ؛ لكونه معذورا‪ .‬وأنت أيها‬
‫السائل على خير إن شاء هللا في إحسانك إلى والديك بالصدقة‬
‫عنهما والدعاء لهما ‪،‬‬
‫وال سيما إذا كان الولد صالحا ‪ ،‬فهو أقرب إلى إجابة الدعاء ‪ ،‬لذلك‬
‫قال الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬أو ولد صالح يدعو له) ألن‬
‫الولد الصالح أقرب إلى أن يجاب من الولد الفاجر ‪ ،‬وإن كان‬
‫الدعاء مطلوبا من الجميع للوالدين ‪ ،‬ولكن إذا كان الولد صالحا‬
‫صار أقرب في إجابة دعوته لوالديه‪.‬‬
‫حكم قراءة القرآن للميت في داره‬
‫س ‪ :‬هل قراءة القرآن للميت بأن نضع في منزل الميت أو داره‬
‫مصاحف ويأتي بعض الجيران والمعارف من المسلمين فيقرأ كل‬
‫واحد منهم جزءا مثال ثم ينطلق إلى عمله وال يعطى في ذلك أي‬
‫أجر من المال ‪ ،‬وبعد انتهائه من القراءة يدعو للميت ويهدي له‬
‫ثواب القرآن ‪ ،‬فهل تصل هذه القراءة والدعاء إلى الميت ويثاب‬
‫عليها أم ال ؟ أرجو اإلفادة وشكرا لكم ‪ ،‬علما بأني سمعت بعض‬
‫العلماء يقول بالحرمة مطلقا والبعض بالكراهة والبعض بالجواز ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬هذا العمل وأمثاله ال أصل له ‪ ،‬ولم يحفظ عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم وال عن أصحابه رضي هللا عنهم أنهم كانوا يقرءون‬
‫للموتى ‪ ،‬بل قال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من عمل عمال ليس‬
‫عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه وعلقه البخاري في‬
‫الصحيح جازما به ‪ ،‬وفي الصحيحين عن عائشة رضي هللا عنها‬
‫عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا‬
‫ما ليس منه فهو رد) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي هللا عنه‬
‫أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقول في خطبته يوم الجمعة ‪:‬‬
‫(أما بعد‪ :‬فإن خير الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل بدعة ضاللة)‬
‫زاد النسائي بإسناد صحيح ‪( :‬وكل ضاللة في النار) أما الصدقة‬
‫للموتى والدعاء لهم فهو ينفعهم ويصل إليهم بإجماع المسلمين‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق وهللا المستعان‪.‬‬
‫إحضار القراء المشاهير للقراءة للميت بدعة‬
‫س ‪ :‬بعض الناس في قريتنا يقومون بإحضار مجموعة من‬
‫المشايخ ممن لهم دراية بقراءة القرآن فيقرءون القرآن بحجة أن‬
‫هذا القرآن ينفع الميت ويرحمه ‪ ،‬والبعض اآلخر يستدعي شيخا أو‬
‫اثنين لقراءة القرآن على قبر هذا الميت ‪ ،‬والبعض اآلخر يقيمون‬
‫محفال كبيرا يدعون فيه واحدا من القراء المشاهير عبر مكبرات‬
‫الصوت ليحي الذكرى السنوية لوفاة عزيزه ‪ ،‬فما حكم الدين في‬
‫ذلك ؟ وهل قراءة القرآن تنفع الميت على القبر أو غيره ؟ وما هي‬
‫الطريقة المثلى لمنفعة الميت ؟ أفتونا جزاكم هللا عنا خير الجزاء‪،‬‬
‫ولكم منا جزيل الشكر واالمتنان‪.‬‬
‫ج ‪ :‬الحمد هلل ‪ ،‬وبعد ‪ :‬هذا العمل بدعة ال يجوز ؛ لقول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)‬
‫متفق على صحته ‪ ،‬وقوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من عمل عمال‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬واألحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫ولم يكن من سنته صلى هللا عليه وسلم وال من سنة خلفائه‬
‫الراشدين رضي هللا عنهم القراءة على القبور ‪ ،‬أو االحتفال‬
‫بالموتى وذكرى وفاتهم ‪ ،‬والخير كله في اتباع الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وخلفائه الراشدين ومن سلك سبيلهم ‪ ،‬كما قال هللا‬
‫ص ِار َوالَّذ َ‬
‫ِين‬ ‫ين َو ْاألَ ْن َ‬
‫اج ِر َ‬ ‫ون ْاألَ َّولُ َ‬
‫ون ِم َن ا ْل ُم َه ِ‬ ‫سابِقُ َ‬‫(وال َّ‬‫عز وجل ‪َ :‬‬
‫ت‬ ‫ع ْنهُ َوأَ َ‬
‫ع َّد لَ ُه ْم َجنَّا ٍ‬ ‫ضوا َ‬ ‫ع ْن ُه ْم َو َر ُ‬
‫َّللاُ َ‬
‫ان َر ِض َي َّ‬‫س ٍ‬ ‫اتَّبَعُو ُه ْم بِ ِإ ْح َ‬
‫ِين ِفي َها أَ َبدا ذَ ِلكَ ا ْلفَ ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم) وقال النبي‬ ‫تَ ْج ِري تَ ْحتَ َها ْاألَ ْن َه ُ‬
‫ار َخا ِلد َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين‬
‫المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم‬
‫ومحدثات األمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة) وصح‬
‫عنه صلى هللا عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته يوم الجمعة ‪:‬‬
‫أما بعد‪( :‬فإن خير الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل بدعة ضاللة)‬
‫واألحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫وقد أوضح النبي صلى هللا عليه وسلم في األحاديث الصحيحة ما‬
‫ينفع المسلم بعد موته فقال صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم‬
‫ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له) خرجه مسلم في صحيحه ‪،‬‬
‫وسأله صلى هللا عليه وسلم رجل فقال ‪ :‬يا رسول هللا هل بقي من‬
‫بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما ؟ فقال صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(نعم الصالة عليهما‪ ،‬واالستغفار لهما‪ ،‬وإنفاذ عهدهما من بعدهما‪،‬‬
‫وإكرام صديقهما‪ ،‬وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما) والمراد‬
‫بالعهد الوصية التي يوصي بها الميت ‪ ،‬فمن بره إنفاذها إذا كانت‬
‫موافقة للشرع المطهر ‪ ،‬ومن بر الوالدين الصدقة عنهما ‪،‬‬
‫والدعاء لهما ‪ ،‬والحج والعمرة عنهما‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم قراءة الفاتحة للميت وذبح المواشي له‬
‫س ‪ :‬ما حكم قراءة الفاتحة للميت ‪ ،‬وذبح المواشي ‪ ،‬ودفع‬
‫الفلوس إلى أهل الميت ؟‬
‫ج ‪ :‬التقرب إلى األموات بالذبائح أو بالفلوس أو بالنذور وغير ذلك‬
‫من العبادات كطلب الشفاء منهم أو الغوث أو المدد شرك أكبر ال‬
‫يجوز ألحد فعله ؛ ألن الشرك أعظم الذنوب وأكبر الجرائم ؛ لقول‬
‫ُون ذَ ِلكَ ِل َم ْن‬ ‫َّللاَ ال يَ ْغ ِف ُر أَ ْن يُش َْركَ ِب ِه َويَ ْغ ِف ُر َما د َ‬ ‫هللا عز وجل ‪( :‬إِ َّن َّ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫اَّللِ فَقَ ْد َح َّر َم َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫يَشَا ُء) ولقوله سبحانه ‪( :‬إِنَّهُ َم ْن يُش ِْر ْك ِب َّ‬
‫(ولَ ْو أَش َْركُوا لَ َح ِب َط‬ ‫ار) اآلية ‪ ،‬وقوله تعالى ‪َ :‬‬ ‫ا ْل َجنَّةَ َو َمأ ْ َوا ُه النَّ ُ‬
‫ون) واآليات في هذا المعنى كثيرة ‪ ،‬فالواجب‬ ‫ع ْن ُه ْم َما كَانُوا يَ ْع َملُ َ‬ ‫َ‬
‫إخالص العبادة هلل وحده سواء كانت ذبحا أو نذرا أو دعاء أو‬
‫صالة أو صوما أو غير ذلك من العبادات ‪ ،‬ومن ذلك التقرب إلى‬
‫أصحاب القبور بالنذور أو بالطعام لآليات السابقة ولقوله‬
‫ب ا ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين‬ ‫اي َو َم َماتِي ِ ََّّللِ َر ِ‬‫س ِكي َو َم ْحيَ َ‬ ‫صالتِي َونُ ُ‬ ‫سبحانه‪(:‬قُ ْل ِإ َّن َ‬
‫ين) أما إهداء الفاتحة أو‬ ‫ال ش َِريكَ لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬
‫غيرها من القرآن إلى األموات فليس عليه دليل فالواجب تركه ؛‬
‫ألنه لم ينقل عن النبي صلى هللا عليه وسلم وال عن أصحابه رضي‬
‫هللا عنهم ما‬
‫يدل على ذلك ‪ ،‬لكن يشرع الدعاء لألموات والصدقة عنهم وذلك‬
‫باإلحسان إلى الفقراء والمساكين ‪ ،‬يتقرب العبد بذلك إلى هللا‬
‫سبحانه ويسأله أن يجعل ثواب ذلك ألبيه أو أمه أو غيرهما من‬
‫األموات أو األحياء ؛ لقول النبي عليه الصالة والسالم ‪( :‬إذا مات‬
‫ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪،‬‬
‫أو ولد صالح يدعو له) وألنه ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أن‬
‫رجال قال له ‪ :‬يا رسول هللا إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو‬
‫تكلمت لتصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال‪( :‬نعم) متفق على‬
‫صحته ‪ ،‬وهكذا الحج عن الميت والعمرة عنه وقضاء دينه كل ذلك‬
‫ينفعه حسب ما ورد في األدلة الشرعية ‪ ،‬أما إن كان السائل يقصد‬
‫اإلحسان إلى أهل الميت والصدقة بالنقود والذبائح فهذا ال بأس به‬
‫إذا كانوا فقراء ‪ ،‬واألفضل أن يصنع الجيران واألقارب الطعام في‬
‫بيوتهم ثم يهدوه إلى أهل الميت ؛ ألنه ثبت عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم أنه لما بلغه موت ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي‬
‫هللا عنه في غزوة مؤتة أمر أهله أن يصنعوا ألهل جعفر طعاما‬
‫وقال‪( :‬ألنه قد أتاهم ما يشغلهم) وأما‬
‫كون أهل الميت يصنعون طعاما للناس من أجل الميت فهذا ال يجوز‬
‫وهو من عمل الجاهلية سواء كان ذلك يوم الموت أو في اليوم‬
‫الرابع أو العاشر أو على رأس السنة كل ذلك ال يجوز ؛ لما ثبت‬
‫عن جرير بن عبد هللا البجلي أحد أصحاب النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم أنه قال ‪( :‬كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام‬
‫بعد دفنه من النياحة)‬
‫أما إن نزل بأهل الميت ضيوف زمن العزاء فال بأس أن يصنعوا‬
‫لهم الطعام من أجل الضيافة ‪ ،‬كما أنه ال حرج على أهل الميت أن‬
‫يدعوا من شاءوا من الجيران واألقارب ليتناولوا معهم ما أهدي‬
‫لهم من الطعام‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫ليس هناك دليل يدل على استحباب قراءة القرآن للموتى‬
‫س ‪ :‬هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت ‪ ،‬وما هو نص‬
‫الحديث الذي فيه ‪ :‬يا رسول هللا ماذا بقي من بر والدي بعد موتهما‬
‫؟‬
‫ج ‪ :‬ليس على قراءة القرآن للموتى دليل يدل على استحبابها فيما‬
‫نعلم ‪ ،‬فاألحوط ترك ذلك واالكتفاء بما شرع هللا من الدعاء لهم‬
‫والصدقة عنهم وغير ذلك مما ثبت في الشرع المطهر كالحج‬
‫والعمرة وقضاء الدين فإن هذا ينفعه ‪ ،‬أما الحديث الذي سألت عنه‬
‫فلفظه إن رجال قال يا رسول هللا هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما‬
‫به؟ قال‪( :‬نعم الصالة عليهما‪ ،‬واالستغفار لهما‪ ،‬وإنفاذ عهدهما‬
‫من بعدهما‪ ،‬وإكرام صديقهما‪ ،‬وصلة الرحم التي ال توصل إال‬
‫بهما) ويقول صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله‬
‫إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ,‬أو ولد صالح يدعو‬
‫له) رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وفي الصحيحين أن رجال قال للنبي صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬يا‬
‫رسول هللا إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها‬
‫أجر إن تصدقت عنها ؟ قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬نعم)‬
‫حكم إهداء قراءة القرآن الكريم لروح الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫س ‪ :‬ما حكم إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم أو لغيره ؟‬
‫ج ‪ :‬إهداء قراءة القرآن الكريم لروح الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫واألموات ال أصل له وليس بمشروع ‪ ،‬وال فعله الصحابة رضي هللا‬
‫عنهم ‪ ،‬والخير في اتباعهم؛ وألن الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫يعطى مثل أجورنا عما فعلناه من الخير فله مثل أجورنا ؛ ألنه الدال‬
‫عليه ‪ ،‬عليه الصالة والسالم ‪ ،‬وقد قال عليه الصالة والسالم ‪:‬‬
‫(من دل على خير فله مثل أجر فاعله) فهو الذي دل أمته على‬
‫الخير وأرشدهم إليه ‪ ،‬فإذا قرأ اإلنسان أو صلى أو صام أو تصدق‬
‫‪ ،‬فالرسول يعطى مثل أجور هؤالء من أمته ؛ ألنه هو الذي دلهم‬
‫على الخير وأرشدهم إليه عليه الصالة والسالم ‪ ،‬فال حاجة به إلى‬
‫أن تهدى له القراءة أو غيرها ؛ ألن ذلك ليس له أصل ‪ ،‬كما تقدم ‪،‬‬
‫وقد قال صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫(من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) وهكذا القراءة لألموات‬
‫أيضا ليس لها أصل والواجب ترك ذلك‪.‬‬
‫أما الصدقة عن أموات المسلمين والدعاء لهم ‪ ،‬فكل ذلك مشروع ‪،‬‬
‫كما قال هللا عز وجل في صفة عباده الصالحين التابعين للسلف‬
‫ون َربَّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا‬
‫ِين َجا ُءوا ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم يَقُولُ َ‬ ‫(والَّذ َ‬
‫الصالح ‪َ :‬‬
‫ان) وقد شرع هللا صالة الجنازة‬ ‫س َبقُونَا ِب ْ ِ‬
‫اإلي َم ِ‬ ‫َو ِ ِإل ْخ َوا ِننَا الَّذ َ‬
‫ِين َ‬
‫للدعاء والترحم عليهم ‪ ،‬وهكذا الصدقة عن الميت تنفعه كما‬
‫صحت بذلك األحاديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهكذا‬
‫الحج عنهم ‪ ،‬والعمرة ‪ ،‬وقضاء الدين ‪ ،‬كل ذلك ينفع الميت‬
‫المسلم‪.‬‬
‫حكم قراءة الفاتحة على جميع األموات واألحياء بعد الصالة‬
‫س ‪ :‬هل تجوز قراءة الفاتحة على جميع األموات واألحياء –‬
‫أعني األنبياء والشهداء واألولياء وسائر المؤمنين واألقارب – بعد‬
‫االنتهاء من الصالة أو في أي‬
‫وقت آخر ؟‬
‫ج ‪ :‬ليس لهذا أصل في الشرع المطهر ‪ ،‬ولم تشرع قراءة الفاتحة‬
‫ألحد ؛ ألن هذا لم يرد عنه صلى هللا عليه وسلم وال عن الصحابة ‪،‬‬
‫فال أصل له‪ .‬وقال بعض أهل العلم ال مانع من تثويب القراءة للنبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم وغيره ‪ ،‬ولكنه قول ال دليل عليه ‪ ،‬واألحوط‬
‫ترك ذلك ؛ ألن العبادات توقيفية ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد)‪ .‬ولكن ينبغي اإلكثار‬
‫من الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم والدعاء للوالدين‬
‫واألقارب ‪ ،‬فالدعاء ينفع‪.‬‬
‫أما قراءة الفاتحة أو غيرها من القرآن للنبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫أو لغيره فغير مشروعة في أصح قولي العلماء ؛ للحديث المذكور‬
‫‪ ،‬وهو قوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد) وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم قضاء الصالة عن الميت‬
‫س ‪ :‬هل تجوز الصالة عن الميت للفروض التي لم يصلها ؟‬
‫ج ‪ :‬الصالة عن الميت ال تجوز ‪ ،‬وليس لذلك أصل ‪،‬‬
‫وإنما جاء ذلك في الصيام والحج وقضاء الدين والصدقة والدعاء‬
‫‪ ،‬أما الصالة عنه فال أصل لها‪.‬‬
‫المصحف ينتفع به الميت إذا جعله وقفا‬
‫ورث الميت مصحفا ينال أجرا عند تالوة أبنائه فيه ؟‬
‫س ‪ :‬هل إذا َّ‬
‫ج ‪ :‬المصحف إذا خلفه الميت فهو ينفعه إذا وقفه‪ -‬أي جعله وقفا‪-‬‬
‫ينفعه أجره ‪ ،‬كما لو وقف كتبا للعلم المفيد ؛ علم الشرع ‪ ،‬أو علم‬
‫مباح ينتفع به الناس ‪ ،‬فإنه يؤجر على ذلك ؛ ألنه إعانة على خير‬
‫‪ ،‬كما لو وقف أرضا أو بيتا أو دكانا يتصدق بغلته على الفقراء ‪،‬‬
‫أو تبرع للمساجد ‪ ،‬كل هذا يؤجر عليه‪ .‬وقد قال عليه الصالة‬
‫والسالم في الحديث الصحيح ‪( :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال‬
‫من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له)‬
‫فالصدقات الجارية تنفع الميت إذا كان مسلما ‪ ،‬وينفعه‬
‫دعاء أوالده ودعاء غيرهم ‪ ،‬وينفعه الوقف الذي يوقفه بعده في‬
‫سبيل الخير ‪ ،‬من بيت أو أرض أو دكان أو نخيل ‪ ،‬أو أشباه ذلك ‪،‬‬
‫فينتفع هو بهذا الوقف إذا انتفع به الناس ‪ ،‬أكلوا من ثمرته‬
‫وانتفعوا بثمرته ‪ ،‬أو صرفت ثمرته في مساجد المسلمين‬
‫إلصالحها في فرشها ‪ ،‬أو عمارتها‪.‬‬
‫زيارة القبور‬
‫زيارة القبور ثالثة أنواع‬
‫س ‪ :‬ما حكم الدين اإلسالمي في زيارة القبور والتوسل باألضرحة‬
‫وأخذ خروف وأموال للتوسل بها كزيارة السيد البدوي والحسين‬
‫والسيدة زينب ؟ أفيدونا أفادكم هللا ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬زيارة القبور نوعان ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬مشروع ومطلوب ألجل الدعاء لألموات والترحم عليهم‬
‫وألجل تذكر الموت واإلعداد لآلخرة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان يزورها صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهكذا أصحابه رضي هللا عنهم ‪ ،‬وهذا النوع‬
‫للرجال خاصة ال للنساء ‪ ،‬أما النساء فال يشرع لهن زيارة القبور ‪،‬‬
‫بل يجب نهيهن عن ذلك ؛ ألنه قد ثبت عن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم لعن زائرات القبور من النساء ‪ ،‬وألن زيارتهن للقبور‬
‫قد يحصل بها‬
‫فتنة لهن أو بهن مع قلة الصبر وكثرة الجزع الذي يغلب عليهن‪،‬‬
‫وهكذا ال يشرع لهن اتباع الجنائز إلى المقبرة ؛ لما ثبت في‬
‫الصحيح عن أم عطية رضي هللا عنها قالت ‪( :‬نهينا عن اتباع‬
‫الجنائز ولم يُعزم علينا) فدل ذلك على أنهن ممنوعات من اتباع‬
‫الجنائز إلى المقبرة ؛ لما يخشى في ذلك من الفتنة لهن وبهن ‪،‬‬
‫وقلة الصبر‪.‬‬
‫سو ُل‬ ‫(و َما آتَا ُك ُم َّ‬
‫الر ُ‬ ‫واألصل في النهي التحريم ؛ لقول هللا سبحانه‪َ :‬‬
‫ع ْنهُ فَا ْنتَ ُهوا) أما الصالة على الميت فمشروعة‬‫فَ ُخذُو ُه َو َما نَ َها ُك ْم َ‬
‫للرجال والنساء ‪ ،‬كما صحت بذلك األحاديث عن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم وعن الصحابة رضي هللا عنهم في ذلك‪ .‬أما قول أم‬
‫عطية رضي هللا عنها ‪( :‬لم يُعزم علينا) فهذا ال يدل على جواز‬
‫اتباع الجنائز للنساء ؛ ألن صدور النهي عنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫كاف في المنع ‪ ،‬وأما قولها ‪ :‬لم يعزم علينا فهو مبني على‬
‫اجتهادها وظنها ‪ ،‬واجتهادها ال يعارض بها السنة‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬بدعي ‪ ،‬وهو زيارة القبور لدعاء أهلها واالستغاثة‬
‫بهم أو للذبح لهم أو للنذر لهم ‪ ،‬وهذا منكر وشرك أكبر‪ -‬نسأل هللا‬
‫العافية‪ -‬ويلتحق بذلك أن يزوروها للدعاء‬
‫عندها والصالة عندها والقراءة عندها ‪ ،‬وهذا بدعة غير مشروع‬
‫ومن وسائل الشرك ‪ ،‬فصارت في الحقيقة ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫النوع األول ‪ :‬مشروع ‪ ،‬وهو أن يزوروها للدعاء ألهلها أو لتذكر‬
‫اآلخرة‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬أن تزار للقراءة عندها أو للصالة عندها أو للذبح‬
‫عندها فهذه بدعة ومن وسائل الشرك‪.‬‬
‫النوع الثالث ‪ :‬أن يزوروها للذبح للميت والتقرب إليه بذلك ‪ ،‬أو‬
‫لدعاء الميت من دون هللا ‪ ،‬أو لطلب المدد منه أو الغوث أو النصر‬
‫‪ ،‬فهذا شرك أكبر‪ -‬نسأل هللا العافية‪ -‬فيجب الحذر من هذه الزيارات‬
‫المبتدعة‪ .‬وال فرق بين كون المدعو نبيا أو صالحا أو غيرهما‪.‬‬
‫ويدخل في ذلك ما يفعله بعض الجهال عند قبر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم من دعائه واالستغاثة به ‪ ،‬أو عند قبر الحسين أو البدوي أو‬
‫الشيخ عبد القادر الجيالني أو غيرهم‪ .‬وهللا المستعان‪.‬‬
‫حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور‬
‫الحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وآله‬
‫وصحبه ‪ ،‬أما بعد ‪ :‬فقد سئلت عن حكم التوسل بالموتى وزيارة‬
‫القبور ‪ ،‬فأجبت بما يلي ‪:‬‬
‫إذا كانت الزيارة لسؤال الموتى والتقرب إليهم بالذبائح والنذر لهم‬
‫واالستغاثة بهم ودعوتهم من دون هللا فهذا شرك أكبر ‪ ،‬وهكذا ما‬
‫يفعلونه مع من يسمونهم باألولياء ‪ ،‬سواء كانوا أحياء أو أمواتا ‪،‬‬
‫حيث يعتقدون فيهم أنهم ينفعونهم أو يضرونهم أو يجيبون‬
‫دعوتهم أو يشفون مرضاهم ‪ ،‬كل هذا شرك أكبر والعياذ باهلل‪،‬‬
‫وهذا كعمل المشركين مع الالت والعزى ومناة ‪ ،‬ومع أصنامهم‬
‫وآلهتهم األخرى‪.‬‬
‫والواجب على والة األمر والعلماء في بالد المسلمين أن ينكروا‬
‫هذا العمل ‪ ،‬وأن يعلموا الناس ما يجب عليهم من شرع هللا ‪ ،‬وأن‬
‫يمنعوا هذا الشرك ‪ ،‬وأن يحولوا بين العامة وبينه ‪ ،‬وأن‬
‫يهدموا القباب التي على القبور ويزيلوها ؛ ألنها فتنة ‪ ،‬وألنها من‬
‫أسباب الشرك ‪ ،‬وألنها محرمة ‪ ،‬فالرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫نهى أن يبنى على القبور ‪ ،‬وأن تجصص ‪ ،‬وأن يقعد عليها ‪ ،‬وأن‬
‫يصلى إليها ‪ ،‬ولعن من اتخذ عليها المساجد ‪ ،‬فال يجوز البناء‬
‫عليها ‪ ،‬ال مساجد وال غيرها ‪ ،‬بل يجب أن تكون بارزة ليس عليها‬
‫بناء ‪ ،‬كما كانت قبور المسلمين في المدينة المنورة ‪ ،‬وفي كل بلد‬
‫إسالمي لم يتأثر بالبدع واألهواء‪.‬‬
‫أما زيارة القبور للذكرى والدعاء للموتى والترحم عليهم فذلك سنة‬
‫في حق الرجال من دون شد رحل ؛ لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) خرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ .‬وكان عليه الصالة والسالم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور‬
‫أن يقولوا‪( :‬السالم عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء هللا بكم‬
‫الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية يرحم هللا المستقدمين منا‬
‫والمستأخرين) وخرج الترمذي رحمه هللا عن ابن عباس رضي هللا‬
‫عنهما قال ‪ :‬مر النبي صلى هللا عليه وسلم على قبور المدينة فأقبل‬
‫عليهم بوجهه فقال‪( :‬السالم عليكم يا أهل القبور يغفر هللا لنا‬
‫ولكم أنتم سلفنا ونحن باألثر) واألحاديث في هذا المعنى كثيرة ‪،‬‬
‫وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه ‪ ،‬عن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬أنه قال‪( :‬ال تشدوا الرحال إال إلى ثالثة‬
‫مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد األقصى) وهللا ولي‬
‫التوفيق ‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫ال يجوز التبرك باألموات‬
‫س ‪ :‬مات عندنا في البلد رجل وجاء خبر وفاته في النهار ورأينا‬
‫نساء مسنات من البلد يذهبن إلى بيته وهو مسجى بعد تكفينه‬
‫وسط النساء وهن حوله فسألناهن لم تذهبن عنده؟ قلن نتبارك به‪،‬‬
‫فما حكم عملهن هذا ؟ وهل هو سنة ؟‬
‫ج ‪ :‬هذا العمل ال يجوز ‪ ،‬بل هو منكر ؛ ألنه ال يجوز ألحد أن‬
‫يتبرك باألموات أو قبورهم ‪ ،‬وال أن يدعوهم من دون هللا أو‬
‫يسألهم قضاء حاجة أو شفاء مريض أو نحو ذلك ؛ ألن العبادة حق‬
‫هللا وحده ‪ ،‬ومنه تطلب البركة ‪ ،‬وهو سبحانه الموصوف بالتبارك‬
‫ان‬‫اركَ الَّذِي نَ َّز َل ا ْلفُ ْرقَ َ‬
‫‪ ،‬كما قال عز وجل في سورة الفرقان‪( :‬تَبَ َ‬
‫اركَ الَّذِي بِيَ ِد ِه‬ ‫ُون ِل ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين نَذِيرا) وقال سبحانه ‪( :‬تَبَ َ‬ ‫علَى َ‬
‫ع ْب ِد ِه ِليَك َ‬ ‫َ‬
‫ا ْل ُم ْلكُ ) ومعنى ذلك أنه سبحانه بلغ النهاية في العظمة والبركة ‪،‬‬
‫أما العبد فهو مبارك – بفتح‬
‫الراء‪ -‬إذا هداه هللا وأصلحه ونفع به العباد ‪ ،‬كما قال عز وجل عن‬
‫عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه الصالة والسالم ‪( :‬قَا َل ِإنِي‬
‫اركا أَ ْي َن َما ُك ْنتُ ) وهللا‬ ‫َّللاِ آتَانِ َي ا ْل ِكتَ َ‬
‫اب َو َجعَلَنِي نَ ِبياا َو َجعَلَنِي ُمبَ َ‬ ‫ع ْب ُد َّ‬
‫َ‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫الزيارة الشرعية للقبور‬
‫س ‪ :‬سائل يسأل عن أولئك الذين يزورون القباب وقبور بعض‬
‫الصالحين ما هو توجيهكم ؟‬
‫ج ‪ :‬يجب أن يعلَّموا الزيارة الشرعية ؛ ألن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا‪( :‬السالم عليكم‬
‫أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم لالحقون‬
‫نسأل هللا لنا ولكم العافية) وفي حديث آخر قال ‪( :‬السالم عليكم دار‬
‫قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء هللا بكم‬
‫الحقون اللهم اغفر ألهل بقيع‬
‫الغرقد) وفي حديث آخر قال عليه الصالة والسالم ‪( :‬يرحم هللا‬
‫المستقدمين منا والمستأخرين يغفر هللا لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن‬
‫باألثر) وبهذه األحاديث وما جاء في معناها واألحاديث تعلم الزيارة‬
‫الشرعية والمقصود منها أن يدعى للموتى ‪ ،‬ويتذكر الزائر الموت‬
‫واآلخرة لقوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم‬
‫اآلخرة)‬
‫أما وضع القباب على القبور والمساجد فال يجوز ‪ ،‬لقول النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور‬
‫أنبيائهم مساجد) ولقوله عليه الصالة والسالم لعلي رضي هللا عنه‬
‫‪( :‬ال تدع صورة إال طمستها وال قبرا مشرفا إال سويته) وصح عنه‬
‫عليه الصالة والسالم في حديث جابر‬
‫رضي هللا عنه (أنه نهى عليه الصالة والسالم عن تجصيص‬
‫القبور والقعود عليها والبناء عليها) ‪ .‬أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫فالقبور ال يجوز البناء عليها وال يتخذ عليها مساجد وال قباب وال‬
‫يجوز تجصيصها وال القعود عليها كل هذا ممنوع وال يجوز أن‬
‫تكسى بالستور وإنما يرفع القبر قدر شبر ليعرف أنه قبر حتى ال‬
‫يمتهن وال يوطأ‪ .‬فالواجب على كل من لديه علم أن يبلغ إخوانه‬
‫ويعلمهم‪ .‬وهذا هو واجب العلماء عليهم أن يعلموا الناس ما‬
‫شرعه هللا والمؤمن يتعلم من العلماء ويعلم من يأتي القبور يقول‬
‫لهم ‪ :‬إن الزيارة الشرعية كذا وكذا وإن البناء على القبور أو‬
‫سؤال الميت أو التبرك بتراب القبر أو تقبيل القبر أو الصالة عنده‬
‫كل هذا من البدع فال يصلى عند القبور وال تتخذ محال للدعاء أو‬
‫القراءة عندها وكل هذا من البدع ‪ ،‬أما طلب البركة منها أو‬
‫الشفاعة منها أو الشفاء للمرضى فهذا من أنواع الشرك األكبر ‪،‬‬
‫فإذا قال ‪ :‬يا سيدي فالن اشفع لي إلى هللا ‪ ،‬أو يقول للميت ‪:‬‬
‫انصرني أو اشف مريضي ونحو ذلك هذا ال يجوز ؛ ألن الميت‬
‫انقطع عمله بعد موته إال من ثالث ‪ :‬صدقة جارية ‪ ،‬أو علم ينتفع‬
‫به ‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له‪ .‬أما أن‬
‫يطلب منه شفاء المرضى أو النصر على األعداء أو الشفاعة إلى‬
‫ربه بكذا فهذا من الشرك األكبر وال يجوز طلبه من الموتى وإنما‬
‫يطلب ذلك من هللا تعالى فيقول ‪( :‬للهم اشفني ‪ ،‬اللهم أعطني كذا ‪،‬‬
‫في نبيك محمدا صلى هللا عليه‬ ‫شفع َّ‬
‫في أنبياءك ‪ ،‬اللهم ِ‬
‫شفع َّ‬
‫اللهم ِ‬
‫في المالئكة والمؤمنين) فهذا ال بأس به ‪ ،‬ألنه‬
‫شفع َّ‬
‫وسلم ‪ ،‬اللهم ِ‬
‫طلب من هللا جل وعال‪.‬‬
‫والخالصة أن المسلمين ينصح بعضهم بعضا ويعلم بعضهم بعضا‬
‫في أمر الشرع ‪ ،‬والعلماء عليهم في ذلك التوجيه للعامة إلى شرع‬
‫هللا جل وعال ‪ ،‬ومن ذلك أن يعلموا الزيارة الشرعية للقبور التي‬
‫جاءت في األحاديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم والتي تقدم‬
‫بيانها ‪ ،‬ويعلموا أنه ال يجوز البناء على القبور وال وضع القباب‬
‫وال المساجد عليها ‪ ،‬وأنها ال تجصص وال يقعد عليها وال تتخذ‬
‫محال للدعاء عندها أو الصالة عندها أو القراءة عندها ‪ ،‬كل هذه‬
‫األمور من البدع ومن وسائل الشرك األكبر‪ .‬وهللا ولي التوفيق ‪.‬‬
‫حديث ‪ :‬من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة ال أصل‬
‫له‬
‫س ‪ :‬زيارة القبور أمثال اإلمام علي رضي هللا عنه والحسين‬
‫والعباس وغيرهم‪ ،‬وهل الزيارة إليهم تعدل سبعين حجة إلى بيت‬
‫هللا الحرام ؟ وهل قال الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من زار أهل‬
‫بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة) ؟ نرجو أن تفيدونا جزاكم‬
‫هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬زيارة القبور سنة ‪ ،‬وفيها عظة وذكرى ‪ ،‬وإذا كانت القبور‬
‫من قبور المسلمين دعا لهم‪ .‬وكان النبي عليه الصالة والسالم‬
‫يزور القبور ويدعو للموتى ‪ ،‬وكذا أصحابه رضي هللا عنهم‪.‬‬
‫ويقول الرسول عليه الصالة والسالم ‪( :‬زوروا القبور فإنها‬
‫تذكركم اآلخرة) وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا ‪:‬‬
‫(السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا‬
‫بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية)‬
‫وفي حديث عائشة ‪( :‬يرحم هللا المستقدمين والمستأخرين) وفي‬
‫حديث ابن عباس ‪( :‬يغفر هللا لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن في األثر)‬
‫فالدعاء لهم بهذا وأشباهه كله طيب ‪ ،‬وفي الزيارة ذكرى وعظة ؛‬
‫ليستعد المؤمن لما نزل بهم وهو الموت ‪ ،‬فإنه سوف ينزل به ما‬
‫نزل بهم ‪ ،‬فليعد العدة ويجتهد في طاعة هللا وطاعة رسوله صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ ،‬ويبتعد عما حرم هللا ورسوله من سائر المعاصي‬
‫‪ ،‬ويلزم التوبة عما سلف من التقصير ‪ ،‬هكذا يستفيد المؤمن من‬
‫الزيارة‪ .‬أما ما ذكرت من زيارة القبور لعلي رضي هللا عنه‬
‫والحسن والحسين أو غيرهم أنها تعدل سبعين حجة‪ -‬فهذا باطل‬
‫ومكذوب على الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ليس له أصل ‪،‬‬
‫وليست الزيارة لقبر النبي صلى هللا عليه وسلم‪ -‬الذي هو أفضل‬
‫الجميع‪ -‬تعدل حجة‪ .‬الزيارة لها حالها وفضلها ‪ ،‬لكن ال تعدل حجة‬
‫‪ ،‬فكيف بزيارة غيره عليه الصالة والسالم ؟ هذا من الكذب ‪،‬‬
‫وهكذا قولهم ‪ :‬من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة‬
‫كل هذا ال أصل له ‪ ،‬وكله باطل ‪ ،‬وكله مما كذبه الكذابون‪ ،‬فيجب‬
‫على المؤمن الحذر من هذه األشياء الموضوعة المكذوبة على‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫وإنما تسن الزيارة للقبور ‪ ،‬سواء كانت قبور أهل البيت أو غيرهم‬
‫من المسلمين ‪ ،‬يزورهم ويدعو لهم ويترحم عليهم وينصرف‪.‬‬
‫أما إن كانت القبور للكفار فإن زيارتها للعظة والذكرى من دون أن‬
‫يدعو لهم ‪ ،‬كما زار النبي صلى هللا عليه وسلم قبر أمه ‪ ،‬ونهاه‬
‫ربه سبحانه أن يستغفر لها ‪ ،‬زارها للعظة والذكرى ولم يستغفر‬
‫لها‪ .‬وهكذا القبور األخرى‪ -‬قبور الكفرة‪ -‬إذا زارها المؤمن للعظة‬
‫والذكرى فال بأس ‪ ،‬ولكن ال يسلم عليهم وال يستغفر لهم ؛ ألنهم‬
‫ليسوا أهال لذلك‪.‬‬
‫حكم زيارة قبر سيدنا الحسين ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬وموضعه‬
‫س ‪ :‬يقول السائل ‪ :‬كثر كالم الناس واختلف حول قبر سيدنا‬
‫الحسين أين مكانه ‪ ،‬وهل يستفيد المسلمون من معرفة مكانه‬
‫بالتحديد ؟‬
‫ج ‪ :‬بالواقع قد اختلف الناس في ذلك ‪ ،‬فقيل ‪ :‬إنه دفن في الشام ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬في العراق ‪ ،‬وهللا أعلم بالواقع‪ .‬أما رأسه‬
‫فاختلف فيه ؛ فقيل ‪ :‬في الشام ‪ ،‬وقيل في العراق ‪ ،‬وقيل‪ :‬في‬
‫مصر‪ .‬والصواب أن الذي في مصر ليس قبرا له ‪ ،‬بل هو غلط‬
‫وليس به رأس الحسين ‪ ،‬وقد ألف في ذلك بعض أهل العلم ‪،‬‬
‫وبينوا أنه ال أصل لوجود رأسه في مصر وال وجه لذلك ‪ ،‬وإنما‬
‫األغلب أنه في الشام ؛ ألنه نقل إلى يزيد بن معاوية وهو في الشام‬
‫‪ ،‬فال وجه للقول بأنه نقل إلى مصر ‪ ،‬فهو إما حفظ في الشام في‬
‫مخازن الشام ‪ ،‬وإما أعيد إلى جسده في العراق‪ .‬وبكل حال فليس‬
‫للناس حاجة في أن يعرفوا أين دفن وأين كان ‪ ،‬وإنما المشروع‬
‫الدعاء له بالمغفرة والرحمة ‪ ،‬غفر هللا له ورضي عنه ‪ ،‬فقد قتل‬
‫مظلوما فيدعى له بالمغفرة والرحمة ‪ ،‬ويرجى له خير كثير ‪ ،‬وهو‬
‫وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة ‪ ،‬كما قال ذلك النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬رضي هللا عنهما وأرضاهما ‪ ،‬ومن عرف قبره وسلم‬
‫عليه ودعا له فال بأس ‪ ،‬كما تزار القبور األخرى ‪ ،‬من غير غلو‬
‫فيه وال عبادة له ‪ ،‬وال يجوز أن تطلب منه الشفاعة وال غيرها ‪،‬‬
‫كسائر األموات ؛ ألن الميت ال يطلب منه شيء وإنما يدعى له‬
‫ويترحم عليه إذا كان مسلما ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫(زوروا القبور‬
‫فإنها تذكركم اآلخرة)‬
‫فمن زار قبر الحسين أو الحسن أو غيرهما من المسلمين للدعاء‬
‫لهم والترحم عليهم واالستغفار لهم كما يفعل مع بقية قبور‬
‫المسلمين‪ -‬فهذا سنة ‪ ،‬أما زيارة القبور لدعاء أهلها أو االستعانة‬
‫بهم أو طلبهم الشفاعة‪ -‬فهذا من المنكرات ‪ ،‬بل من الشرك األكبر ‪،‬‬
‫وال يجوز أن يبنى عليها مسجد وال قبة وال غير ذلك ؛ ألن الرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم قال ‪( :‬لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور‬
‫أنبيائهم مساجد) متفق على صحته ‪ ،‬ولما رواه جابر بن عبد هللا‬
‫رضي هللا عنهما في الصحيح عن النبي صلى هللا عليه وسلم (أنه‬
‫نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها)‬
‫فال يجوز أن يجصص القبر أو يطيب أو توضع عليه الستور أو‬
‫يبنى عليه ‪ ،‬فكل هذا ممنوع ومن وسائل الشرك ‪ ،‬وال يصلى عنده‬
‫؛ لقول النبي عليه الصالة والسالم ‪( :‬أال وإن من كان قبلكم كانوا‬
‫يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أال فال تتخذوا القبور‬
‫مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب‬
‫بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه ‪ ،‬وهذا الحديث يدل على أنه ال‬
‫تجوز الصالة عند القبور وال اتخاذها مساجد ؛‬
‫وألن ذلك وسيلة للشرك وأن يعبدوا من دون هللا بدعائهم‬
‫واالستغاثة بهم والنذر لهم والتمسح بقبورهم طلبا لبركتهم ؛ فلهذا‬
‫حذر النبي عليه الصالة والسالم من ذلك ‪ ،‬وإنما تزار القبور زيارة‬
‫شرعية فقط ‪ ،‬للسالم عليهم والدعاء لهم والترحم عليهم من دون‬
‫شد رحل لذلك‪ ،‬وهللا هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫الدعاء عند القبور غير مشروع‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم ع‪ .‬م‪ .‬ع‪.‬‬
‫وفقه هللا ‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬بعده‪:‬‬
‫كتابكم الكريم المؤرخ في ‪ 1974 /3/3‬م وصل وصلكم هللا بهداه ‪،‬‬
‫وما تضمنه كان معلوما ‪ ،‬ونبارك لكم في الزواج ‪ ،‬جعله هللا زواجا‬
‫مباركا ‪ ،‬وقد ذكرتم في كتابكم أن ندعو لكم عند قبر الرسول عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ ،‬ونفيدكم أن الدعاء عند القبور غير مشروع ‪،‬‬
‫سواء كان القبر قبر النبي صلى هللا عليه وسلم أو غيره ‪ ،‬وليست‬
‫محال لإلجابة ‪ ،‬وإنما المشروع زيارتها والسالم على الموتى‬
‫والدعاء لهم وذكر اآلخرة والموت‪ .‬أحببنا تنبيهك على هذا حتى‬
‫تكون على بصيرة‪.‬‬
‫وفي إمكانك أن تراجع أحاديث الزيارة في آخر كتاب الجنائز من‬
‫بلوغ المرام حتى تعلم ذلك ‪ ،‬وفقنا هللا وإياكم التباع السنة والعمل‬
‫بما يرضي هللا سبحانه ويقرب لدينه ‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة هللا‬
‫وبركاته‪.‬‬
‫رئيس الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة‬
‫عدم جواز الطلب إلى الميت‬
‫س‪ :‬يقول بعض الناس إن الطلب إلى الميت في القبر جائز ‪ ،‬بدليل‬
‫إذا تحيرتم في األمور فاستعينوا بأهل القبور فهل هذا الحديث‬
‫صحيح أم ال ؟‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث من األحاديث المكذوبة على رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم كما نبه على ذلك غير واحد من أهل العلم ‪ ،‬منهم شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية رحمة هللا عليه ‪ ،‬حيث قال رحمه هللا في مجموع‬
‫الفتاوى الجزء األول صفحة (‪ )356‬بعد ما ذكره‪ -‬ما نصه‪ « :‬هذا‬
‫الحديث كذب مفترى على النبي صلى هللا عليه وسلم بإجماع‬
‫العارفين بحديثه ‪ ،‬لم يروه أحد من العلماء بذلك ‪ ،‬وال يوجد في‬
‫شيء من كتب الحديث المعتمدة » انتهى كالمه رحمه هللا‪.‬‬
‫وهذا المكذوب على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مضاد لما جاء‬
‫به الكتاب والسنة من وجوب إخالص العبادة هلل وحده وتحريم‬
‫اإلشراك به‪ ،‬وال ريب أن دعاء األموات واالستغاثة‬
‫بهم والفزع إليهم في النائبات والكروب من أعظم الشرك باهلل عز‬
‫وجل كما أن دعاءهم في الرخاء شرك باهلل سبحانه‪.‬‬
‫وقد كان المشركون األولون إذا اشتدت بهم الكروب أخلصوا هلل‬
‫العبادة ‪ ،‬وإذا زالت الشدائد أشركوا باهلل ‪ ،‬كما قال هللا عز وجل‪:‬‬
‫ِين فَلَ َّما نَ َّجا ُه ْم إِلَى‬
‫ين لَهُ الد َ‬ ‫(فَ ِإذَا َر ِكبُوا فِي ا ْلفُ ْل ِك َدع َُوا َّ‬
‫َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ‬
‫ا ْلبَ ِر إِذَا ُه ْم يُش ِْرك َ‬
‫ُون)‬
‫واآليات في هذا المعنى كثيرة‪ .‬أما المشركون المتأخرون فشركهم‬
‫دائم في الرخاء والشدة ‪ ،‬بل يزداد شركهم في الشدة والعياذ باهلل ‪،‬‬
‫وذلك يبين أن كفرهم أعظم وأشد من كفر األولين من هذه الناحية ‪،‬‬
‫ين لَهُ الد َ‬
‫ِين‬ ‫(و َما أ ُ ِم ُروا إِال ِليَ ْعبُدُوا َّ‬
‫َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ‬ ‫وقد قال هللا عز وجل‪َ :‬‬
‫ِين َولَ ْو ك َِر َه‬
‫ين لَهُ الد َ‬ ‫َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ‬ ‫ُحنَفَا َء) وقال سبحانه‪( :‬فَا ْدعُوا َّ‬
‫ِين أَال ِ ََّّللِ الد ُ‬
‫ِين‬ ‫َّللاَ ُم ْخ ِلصا لَهُ الد َ‬ ‫ون) وقال عز وجل‪( :‬فَا ْعبُ ِد َّ‬ ‫ا ْلكَا ِف ُر َ‬
‫ِين تَ ْدع َ‬
‫ُون‬ ‫ص) وقال سبحانه‪( :‬ذَ ِل ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َربُّ ُك ْم لَهُ ا ْل ُم ْلكُ َوالَّذ َ‬ ‫ا ْل َخا ِل ُ‬
‫س َمعُوا ُدعَا َء ُك ْم َولَ ْو‬ ‫ُون ِم ْن قِ ْط ِم ٍير إِ ْن تَ ْدعُو ُه ْم ال يَ ْ‬ ‫ِم ْن دُونِ ِه َما يَ ْم ِلك َ‬
‫ون بِش ِْر ِك ُك ْم َوال يُنَبِئ ُكَ‬‫ستَ َجابُوا لَ ُك ْم َويَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َي ْكفُ ُر َ‬
‫س ِمعُوا َما ا ْ‬‫َ‬
‫ِمثْ ُل‬
‫َخ ِب ٍير) وهاتان اآليتان تعم جميع من يعبد من دون هللا من األنبياء‬
‫والصالحين وغيرهم ‪ ،‬وقد أوضح سبحانه أن دعاء المشركين لهم‬
‫شرك به سبحانه ‪ ،‬كما بين أن ذلك كفر به سبحانه في قوله تعالى‪:‬‬
‫ان لَهُ ِب ِه فَ ِإنَّ َما ِح َ‬
‫سابُهُ ِع ْن َد َر ِب ِه‬ ‫َّللاِ إِلَها آ َخ َر ال بُ ْر َه َ‬ ‫(و َم ْن يَ ْد ُ‬
‫ع َم َع َّ‬ ‫َ‬
‫ون)‬‫إِنَّهُ ال يُ ْف ِل ُح ا ْلكَافِ ُر َ‬
‫واآليات الدالة على وجوب إخالص العبادة هلل وحده وتوجيه‬
‫الدعاء إليه دون كل ما سواه ‪ ،‬وعلى تحريم عبادة غيره سبحانه‬
‫من األموات واألصنام واألشجار واألحجار ونحو ذلك كثيرة جدا ‪،‬‬
‫يعلمها من تدبر كتاب هللا وقصد االهتداء به‪.‬‬
‫وهللا المستعان وال حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬
‫حكم الذبح عند األضرحة ودعاء أهلها‬
‫س‪ :‬ما حكم التقرب بذبح الذبائح في أضرحة األولياء الصالحين‬
‫وقول‪ « :‬بحق وليِك الصالح فالن اشفنا أو أبعد عنا الكرب‬
‫الفالني »؟‬
‫ج‪ :‬من المعلوم باألدلة من الكتاب والسنة أن التقرب بالذبح لغير‬
‫هللا من األولياء أو الجن أو األصنام أو غير ذلك من المخلوقات‪-‬‬
‫شرك باهلل ومن أعمال الجاهلية والمشركين ‪ ،‬قال هللا عز وجل‪:‬‬
‫ب ا ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين ال ش َِريكَ‬ ‫اي َو َم َما ِتي ِ ََّّللِ َر ِ‬
‫س ِكي َو َم ْح َي َ‬ ‫صال ِتي َونُ ُ‬ ‫(قُ ْل ِإ َّن َ‬
‫ين) والنسك هو‪ :‬الذبح ‪ ،‬بيَّن‬ ‫لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬
‫سبحانه في هذه اآلية أن الذبح لغير هللا شرك باهلل كالصالة لغير هللا‬
‫‪ ،‬قال تعالى‪ِ ( :‬إنَّا أَ ْع َط ْي َناكَ ا ْلك َْوثَ َر فَ َ‬
‫ص ِل ِل َر ِبكَ َوا ْن َح ْر) أمر هللا‬
‫سبحانه نبيه في هذه السورة الكريمة أن يصلي لربه وينحر له ‪،‬‬
‫خالفا ألهل الشرك الذين يسجدون لغير هللا ويذبحون لغيره‪ .‬وقال‬
‫ضى َربُّكَ أَال تَ ْعبُدُوا ِإال ِإيَّا ُه) وقال سبحانه وتعالى‪َ :‬‬
‫(و َما‬ ‫(وقَ َ‬‫تعالى‪َ :‬‬
‫ِين ُحنَفَا َء) واآليات في هذا‬ ‫ين لَهُ الد َ‬ ‫َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ‬ ‫أ ُ ِم ُروا ِإال ِليَ ْعبُدُوا َّ‬
‫المعنى كثيرة‪.‬‬
‫والذبح من العبادة ‪ ،‬فيجب إخالصه هلل وحده‪ ،‬وفي صحيح مسلم‬
‫عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي هللا عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لعن هللا من ذبح لغير هللا)‬
‫وأما قول القائل‪ :‬أسأل هللا بحق أوليائه أو بجاه أوليائه أو بحق‬
‫النبي أو بجاه النبي‪ -‬فهذا ليس من الشرك ‪ ،‬ولكنه بدعة عند‬
‫جمهور أهل العلم ومن وسائل الشرك ؛ ألن الدعاء عبادة وكيفيته‬
‫من األمور التوقيفية ‪ ،‬ولم يثبت عن نبينا صلى هللا عليه وسلم ما‬
‫يدل على شرعية أو إباحة التوسل بحق أو جاه أحد من الخلق ‪ ،‬فال‬
‫يجوز للمسلم أن يحدث توسال لم يشرعه هللا سبحانه ؛ لقوله‬
‫ِين َما لَ ْم يَأْذَ ْن ِب ِه) وقول‬
‫تعالى‪( :‬أَ ْم لَ ُه ْم ش َُركَا ُء ش ََرعُوا لَ ُه ْم ِم َن الد ِ‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه‬
‫فهو رد) متفق على صحته ‪ ،‬وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري‬
‫في صحيحه جازما بها‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد)‬
‫ومعنى قوله‪ :‬فهو رد أي مردود على صاحبه ال يقبل‪ ،‬فالواجب‬
‫على أهل اإلسالم التقيد بما شرعه هللا والحذر مما أحدثه الناس من‬
‫البدع‪.‬‬
‫أما التوسل المشروع فهو التوسل بأسماء هللا وصفاته‬
‫وبتوحيده وباألعمال الصالحات ‪ ،‬ومنها اإليمان باهلل ورسوله ‪،‬‬
‫ومحبة هللا ورسوله ‪ ،‬ونحو ذلك من أعمال البر والخير‪ ,‬واألدلة‬
‫سنَى‬ ‫(و ِ ََّّللِ ْاألَ ْ‬
‫س َما ُء ا ْل ُح ْ‬ ‫على ذلك كثيرة ‪ ،‬منها‪ :‬قوله سبحانه‪َ :‬‬
‫فَا ْدعُوهُ بِ َها) ومنها‪ :‬أنه صلى هللا عليه وسلم سمع رجال يقول‬
‫اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت هللا ال إله إال أنت األحد الصمد‬
‫الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد » فقال صلى هللا عليه‬
‫وسلم (لقد سأل هللا باسمه األعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا‬
‫دعي به أجاب) أخرجه أهل السنن األربع وصححه ابن حبان‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬حديث أصحاب الغار الذين توسلوا إلى هللا سبحانه وتعالى‬
‫بأعمالهم الصالحة ‪ ،‬فإن األول منهم توسل إلى هللا سبحانه ببره‬
‫بوالديه ‪ ،‬والثاني توسل إلى هللا بعفته عن الزنا بعد قدرته عليه ‪،‬‬
‫والثالث توسل إلى هللا سبحانه بكونه ن َّمى أجرة األجير ثم سلمها له‬
‫‪ ،‬ففرج هللا كربتهم وقبل دعاءهم وأزال عنهم الصخرة التي سدت‬
‫عليهم باب الغار ‪ ،‬والحديث متفق على صحته‪ ،‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫فائدة فيما يتعلق بزيارة القبور والبناء عليها وتجصيصها‬
‫ال شك أن موضوع زيارة القبور والبناء عليها وتجصيصها‬
‫موضوع مهم ‪ ،‬والناس في حاجة دائمة لبيان ما شرع هللا في ذلك‬
‫وما نهى هللا عنه حتى يكون الناس على بصيرة ‪ ،‬فإن القبور قد‬
‫ابتلي الناس فيها منذ قديم الزمان ‪ ،‬من عهد نوح صلى هللا عليه‬
‫وسلم ؛ فقد وقعت الفتنة بالموتى والغلو فيهم في زمن أول رسول‬
‫أرسله هللا عز وجل إلى أهل األرض ‪ ،‬بعدما وقع فيهم الشرك‪-‬‬
‫وهو نوح عليه السالم‪ -‬ثم لم يزل الناس يقع منهم ما يقع من الفتن‬
‫في القبور والغلو فيها والشرك بأهلها إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫فإن الناس كانوا قبل زمن نوح عليه الصالة والسالم على اإلسالم‬
‫‪ ،‬من عهد آدم عليه السالم إلى زمن نوح عليه الصالة والسالم‬
‫عشرة قرون ‪ ،‬كما قال ابن عباس رضي هللا عنهما ‪ ،‬ثم إن الناس‬
‫وقعوا في الشرك بعد ذلك بسبب الغلو في خمسة من الصالحين‬
‫ماتوا في زمن متقارب يقال لهم‪ :‬ود ‪ ،‬وسواع ‪ ،‬ويغوث ‪ ،‬ويعوق ‪،‬‬
‫ونسر ؛ فعظم عليهم ذلك واشتدت‬
‫بهم المصيبة بموت هؤالء األخيار منهم ‪ ،‬فجاءهم الشيطان وزين‬
‫لهم أن يصوروا صورهم ‪ ،‬وأن ينصبوها في مجالسهم ‪ ،‬وقال لهم‪:‬‬
‫هذا تذكار تذكرونهم به في عبادتهم وأحوالهم الطيبة حتى ال‬
‫تنسوهم ‪ ،‬وتجتهدوا في العبادة كما اجتهدوا ‪ ،‬فأتاهم من باب‬
‫النصح ‪ ،‬وقال بالتذكير بطاعة هللا عز وجل ‪ ،‬والخبيث له مقاصد‬
‫أخرى فيما بعد ‪ ،‬فيهم أو فيمن بعدهم في آخر زمانهم وعند طول‬
‫األمد ‪ ،‬فإنه اعتقد أن هؤالء إذا طال بهم األمد سوف تتغير حالهم ‪،‬‬
‫وسوف يتغير اعتقادهم بهذه الصور ‪ ،‬أو من يأتي بعدهم من‬
‫ذرياتهم‪ .‬فوقع كما اعتقد الخبيث ‪ ،‬وكما ظن إذا طال األمد‪:‬‬
‫عبدوهم من دون هللا ‪ ،‬أو عبدهم ذرياتهم من دون هللا ‪ ،‬كما ذكر‬
‫العلماء ذلك رحمة هللا عليهم ‪ ،‬وأنزل هللا فيهم قوله جل وعال‪:‬‬
‫وق‬
‫وث َويَعُ َ‬ ‫(وقَالُوا ال تَذَ ُر َّن آ ِل َهتَ ُك ْم َوال تَذَ ُر َّن َوداا َوال ُ‬
‫س َواعا َوال يَغُ َ‬ ‫َ‬
‫ضلُّوا َكثِيرا) بين هللا سبحانه أنهم أضلوا كثيرا بسبب‬ ‫سرا َوقَ ْد أَ َ‬‫َونَ ْ‬
‫الشيطان وتزيينه لهم صور هؤالء الخمسة الصالحين حتى‬
‫عبدوهم من دون هللا فاستغيث بهم وعظمت قبورهم ‪ ،‬وبني عليها‬
‫‪ ،‬إلى غير ذلك ‪ ،‬حتى بعث هللا نبيه خاتم النبيين عليه الصالة‬
‫والسالم فبين للناس ما فعله من قبلهم وما فعله اليهود والنصارى‬
‫مع األنبياء في هذا‬
‫الصدد ‪ ،‬فقال‪( :‬لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد) وأخبرهم عما تفعله النصارى في شأن موتاها ‪ ،‬كما في‬
‫الحديث الذي روته أم حبيبة وأم سلمة عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم من قصة الكنيسة التي رأتاها في أرض الحبشة ‪ ،‬فقال فيها‬
‫عليه الصالة والسالم‪( :‬أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا‬
‫على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند‬
‫هللا) فبيَّن أن النصارى من عادتهم البناء على قبور صالحيهم ‪،‬‬
‫ووضع الصور على تلك القبور ‪ ،‬ثم أخبر أنهم شرار الخلق عند‬
‫هللا بسبب ذلك‪.‬‬
‫وشرعت الزيارة للقبور ال للطواف بها والتبرك بها ؛ وإنما شرعت‬
‫لتذكر الناس اآلخرة ‪ ،‬ولقاء هللا ‪ ،‬والزهد في الدنيا ‪ ،‬وأن الموت ال‬
‫بد منه ‪ ،‬وأنه سوف يأتي عليه كما أتى على من قبله من األموات‪،‬‬
‫وفي الزيارة إحسان إلى الموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم إذا‬
‫كانوا مسلمين‪.‬‬
‫ولقد استأذن الرسول صلى هللا عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه‬
‫فأذن له لما في زيارتها‬
‫من االعتبار والذكرى للموت واآلخرة‪ .‬ولما استأذن في أن يستغفر‬
‫لها لم يؤذن له ؛ ألنها ماتت على الجاهلية دين قومها ؛ فدل ذلك‬
‫على أن القبور إذا كانت قبور كفار أو من قبور أهل الجاهلية فإنه‬
‫ال يدعى لهم ‪ ،‬وال يستغفر لهم ‪ ،‬وال يسلم عليهم ‪ ،‬وإنما تزار‬
‫للذكرى واالعتبار ‪ ،‬ولكن ال يسلم عليهم وال يدعى لهم ؛ ألنهم‬
‫ماتوا على غير دين اإلسالم ‪ ،‬وقد قال سبحانه وتعالى‪َ ( :‬ما ك َ‬
‫َان‬
‫ين َولَ ْو كَانُوا أُو ِلي قُ ْربَى‬‫ستَ ْغ ِف ُروا ِل ْل ُمش ِْر ِك َ‬‫ِين آ َمنُوا أَ ْن يَ ْ‬ ‫ِللنَّبِي ِ َوالَّذ َ‬
‫اب ا ْل َج ِح ِيم)‬
‫ص َح ُ‬‫ِم ْن َب ْع ِد َما تَ َبيَّ َن لَ ُه ْم أَنَّ ُه ْم أَ ْ‬
‫فالسنة أن يقول الزائر إذا زار مقابر المسلمين‪( :‬السالم عليكم أهل‬
‫الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل‬
‫هللا لنا ولكم العافية) وفي لفظ آخر‪( :‬يرحم هللا المستقدمين منا‬
‫والمستأخرين)‬
‫وكان إذا زار القبور صلى هللا عليه وسلم يدعو لهم ويستغفر لهم ‪،‬‬
‫ولما زار البقيع قال‪( :‬اللهم اغفر ألهل بقيع الغرقد) وإذا زار‬
‫الشهداء دعا لهم ‪ ،‬وهذه هي السنة في زيارة القبور‪.‬‬
‫وقد نهى صلى هللا عليه وسلم عن زيارة القبور في أول األمر ‪ ،‬لما‬
‫كان الناس حديثي عهد بالجاهلية والكفر ‪ ،‬وقد كانوا اعتادوا الغلو‬
‫في الموتى ودعاءهم واالستغاثة بهم ‪ ،‬فمنعهم صلى هللا عليه‬
‫وسلم عن الزيارة ؛ لئال يبقى في قلوبهم تعلق بالشرك باهلل عز‬
‫وجل ‪ ،‬ولئال تقع منهم أشياء ال ترضي هللا ؛ ألنهم حدثاء عهد‬
‫بعبادة القبور وتعظيمها‪.‬‬
‫ولما استقر التوحيد في قلوب المسلمين ‪ ،‬وعرفوا معنى الشهادتين‬
‫‪ ،‬وعرفوا شريعة هللا ‪ ،‬أذن لهم بزيارة القبور بعد ذلك ؛ لما فيها‬
‫من المصلحة والتذكر لآلخرة ‪ ،‬ولقاء هللا عز وجل ‪ ،‬والزهد في‬
‫الدنيا ‪ ،‬واالستعداد للموت ‪ ،‬وأن ما أصاب هؤالء الموتى سيصيبك‬
‫‪ ،‬مع ما فيها من اإلحسان إلى الموتى بالدعاء واالستغفار لهم‪.‬‬
‫وقد كانت القبور في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم ترفع عن‬
‫األرض قدر شبر ‪ ،‬وليس هناك بناء عليها وال تجصيص وال قباب‬
‫‪ ،‬هكذا كان الحال في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم وعهد‬
‫أصحابه والقرون المفضلة ‪ ،‬ثم غير الناس بعد ذلك ‪ ،‬وبنوا على‬
‫القبور وجصصوها وفرشوها تقليدا لليهود والنصارى إال من رحم‬
‫هللا ‪ ،‬وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لتتبعن سنن من كان‬
‫قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا‬
‫رسول هللا اليهود والنصارى؟ قال فمن)‬
‫متفق على صحته‪ ،‬والمعنى فمن المعني إال أولئك؟ فلهذا وقع ما‬
‫وقع ‪ ،‬قلدوا اليهود والنصارى بالبناء على القبور واتخاذ المساجد‬
‫عليها والقباب وفرشها حتى حدث الغلو فيها ‪ ،‬وحتى عبدها الناس‬
‫من دون هللا وطافوا بها وطلبوا منها المدد من دون هللا فوقع‬
‫الشرك من األكثرين‪ .‬وكثير من العامة الذين ال بصيرة لهم يدعونها‬
‫ويطلبون منها المدد والغوث وشفاء المرضى والنصر على األعداء‬
‫‪ ،‬وهذا هو الشرك باهلل جل وعال‪ .‬قال تعالى في سورة فاطر‪( :‬ذَ ِل ُك ُم‬
‫ُون ِم ْن قِ ْط ِم ٍير‬
‫ُون ِم ْن دُونِ ِه َما يَ ْم ِلك َ‬
‫ِين تَ ْدع َ‬ ‫َّللاُ َربُّ ُك ْم لَهُ ا ْل ُم ْلكُ َوالَّذ َ‬
‫َّ‬
‫ستَ َجابُوا لَ ُك ْم َو َي ْو َم‬
‫س ِمعُوا َما ا ْ‬‫س َمعُوا ُدعَا َء ُك ْم َولَ ْو َ‬‫ِإ ْن تَ ْدعُو ُه ْم ال َي ْ‬
‫ون ِبش ِْر ِك ُك ْم َوال يُنَ ِبئ ُكَ ِمثْ ُل َخ ِب ٍير) وهو ما وقع في‬ ‫ا ْل ِقيَا َم ِة يَ ْكفُ ُر َ‬
‫الناس اليوم ‪ ،‬فكثير منهم ممن يعرفون بالشيعة وغيرهم يدعون‬
‫الحسين بن علي ‪ ،‬ويدعون الرسول صلى هللا عليه وسلم أيضا من‬
‫مكان بعيد ‪ ،‬ويدعون عليا رضي هللا عنه ‪ ،‬وكل هذا من الجهل‬
‫العظيم ‪ ،‬فيقولون‪ :‬الغوث الغوث ‪ ،‬المدد المدد ‪ ،‬النصر على‬
‫األعداء ‪ ،‬وأنت تعرف ما جرى في األمة وما جرى فينا ‪ ،‬فأسعفونا‬
‫وأغيثونا وانصرونا ‪ ،‬إلى غير ذلك ‪ ،‬ينسون هللا ويدعون هؤالء‬
‫األموات ‪ ،‬وإذا اشتدت األمواج في البحار كذلك يسألون الموتى‬
‫ويصرخون بهم إلنقاذهم من الغرق‪ .‬والمشركون األولون أقل‬
‫شركا من هؤالء ‪ ،‬كان األولون إذا نزلت بهم الشدة استغاثوا باهلل‬
‫وحده وأفردوا له العبادة ‪ ،‬كما قال سبحانه‪( :‬فَ ِإذَا َر ِكبُوا فِي ا ْلفُ ْل ِك‬
‫ِين فَلَ َّما نَ َّجا ُه ْم إِلَى ا ْلبَ ِر إِذَا ُه ْم يُش ِْرك َ‬
‫ُون)‬ ‫ين لَهُ الد َ‬
‫َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ‬
‫َدع َُوا َّ‬
‫هذه حال األولين من المشركين ‪ ،‬كأبي جهل وأشباهه ‪ ،‬أما هؤالء‬
‫المتأخرون‪ -‬عباد القبور عباد األموات‪ -‬فشركهم دائم في الرخاء‬
‫والشدة جميعا‪.‬‬
‫ومما وقع في الناس أيضا اإليقاد عند الموتى في المقابر ‪ ،‬وهذا ال‬
‫أصل له ‪ ،‬وما جاء فيه من األخبار فهو موضوع ال أساس له ‪ ،‬وال‬
‫أساس للقراءة على الموتى في المقابر ‪ ،‬كل هذا باطل ‪ ،‬كذلك‬
‫القراءة عند دفن الميت‪ .‬وبعضهم أحدث بدعة أخرى ‪ ،‬وهي بدعة‬
‫األذان واإلقامة في القبر ‪ ،‬إذا حفروه نزلوا فأذنوا وأقاموا فيه ثم‬
‫جعلوا الميت فيه بعد ذلك ‪ ،‬وهي بدعة جديدة ال أساس لها ‪ ،‬وكذلك‬
‫التلقين ‪ ،‬تلقين الميت بعد إنزاله في القبر ودفنه بقولهم‪ :‬يا فالن‬
‫ابن فالنة ‪ ،‬فإن لم تُعرف أمه قالوا‪ :‬يا فالن ابن حواء ‪ ،‬اذكر ما‬
‫كنت عليه في الدنيا ‪ ،‬شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا‬
‫‪ ،‬إلى آخره‪.‬‬
‫وهذا ال أصل‬
‫له ‪ ،‬واألخبار فيه موضوعة ال أساس لها ‪ ،‬وإنما فعلها بعض أهل‬
‫الشام بعد انقراض القرن األول ‪ ،‬وليس في قول أحد أو فعله حجة‬
‫فيما يخالف سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وإنما المشروع‬
‫الذي فعله الرسول صلى هللا عليه وسلم أنه إذا فرغ الناس من دفن‬
‫الميت أن يدعى له بالتثبيت والمغفرة ‪ ،‬والسنة للمشيعين أن ال‬
‫يعجلوا باالنصراف حتى يفرغ من دفن الميت ؛ لقول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها‬
‫حتى يصلى عليها وحتى يفرغ من دفنها فإنه يرجع من األجر‬
‫بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد) يعني من األجر ‪ ،‬فدل على أن‬
‫المشيع يبقى مع الجنازة حتى يفرغ من دفنها ‪ ،‬وكان صلى هللا‬
‫عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال‪( :‬استغفروا‬
‫ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل)‬
‫هذه هي السنة ‪ ،‬ولم يكن يلقنه ‪ ،‬فالتلقين يكون قبل الموت ما دام‬
‫حيا وظهرت عليه أمارات الموت ‪ ،‬فإنه يلقن بأن يقول‪ :‬ال إله إال‬
‫هللا ‪ ،‬أو يذكرون هللا عنده حتى يقولها ويختم له بها ؛ لقول النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من كان آخر كالمه‬
‫ال إله إال هللا دخل الجنة) ولقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لقنوا‬
‫موتاكم ال إله إال هللا) رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وإذا لم ينتبه فال بأس لمن عنده من إخوانه أن يقول‪ :‬يا فالن ‪ ،‬قل‪:‬‬
‫ال إله إال هللا ‪ ،‬برفق وكالم طيب ‪.‬‬
‫وكذلك ال يجلس اإلنسان على القبر ‪ ،‬وال يجوز الصالة في المقبرة‬
‫إال صالة الجنازة على القبر إذا لم يصل اإلنسان على الميت ‪ ،‬فال‬
‫بأس أن يصلي على القبر ‪ ،‬وقد فعل ذلك النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وقد صلى على قبر مضى عليه شهر ؛ فدل ذلك على أنه ال‬
‫بأس أن يصلى على القبر بعد مضي شهر على دفنه ‪ ،‬وإن مضى‬
‫على الدفن أكثر من شهر فالواجب ترك ذلك ‪ ،‬إال أن تكون الزيادة‬
‫يسيرة كاليوم واليومين ؛ ألن العبادات توقيفية ال يشرع منها إال ما‬
‫شرعه هللا سبحانه أو رسوله عليه الصالة والسالم‪ .‬وهكذا ال تجوز‬
‫الكتابة على القبور وال البناء عليها وال تجصيصها ؛ ألن الرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم نهى عن ذلك فيما رواه مسلم في صحيحه ‪،‬‬
‫وغيره ؛ فعلى الجميع التعاون على البر والتقوى‪.‬‬
‫ونسأل هللا عز وجل‬
‫التوفيق والسداد ‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه‪.‬‬
‫حكم اإلقامة عند القبر بالمدح واألذكار ثالثة أيام‬
‫س‪ :‬يوجد في بلدتنا رجل صالح متوفى قد بني له مقام على قبره‬
‫وله عادة عندنا في كل عام ‪ ،‬نذهب مع الناس إليه رجاال ونساء‬
‫ويقيمون عنده ثالثة أيام بالمدح والتهاليل واألذكار ويستمر‬
‫باألوصاف المعروفة ‪ ،‬فنرجو التوجيه واإلرشاد‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا العمل ال يجوز ‪ ،‬وهو من البدع التي أحدثها الناس ‪ ،‬فال‬
‫يجوز أن يقام على قبر أحد بناء ‪ ،‬سواء سمي مقاما أو قبة أو‬
‫مسجدا أو غير ذلك‪ .‬وكانت القبور في عصر الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم وعصر الصحابة في البقيع وغيره مكشوفة ليس عليها‬
‫بناء ‪ ،‬والنبي صلى هللا عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر أو‬
‫يجصص وقال‪( :‬لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد) متفق على صحته‪.‬‬
‫وقال جابر بن‬
‫عبد هللا األنصاري رضي هللا عنه‪( :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) رواه‬
‫اإلمام مسلم في صحيحه‪ .‬فالبناء على القبور وتجصيصها ووضع‬
‫الزينات عليها أو الستور كله منكر ووسيلة إلى الشرك ‪ ،‬فال يجوز‬
‫وضع القباب أو الستور أو المساجد عليها‪ .‬وهكذا زيارتها على‬
‫الوجه الذي ذكره السائل من الجلوس عندها والتهاليل وأكل الطعام‬
‫والتمسح بالقبر والدعاء عند القبر والصالة عنده كل هذا منكر‬
‫وكله بدعة ال يجوز ‪ ،‬إنما المشروع زيارة القبور للذكرى والدعاء‬
‫للموتى والترحم عليهم ثم ينصرف‪.‬‬
‫والمشروع للزائر للقبور أن يقول‪( :‬السالم عليكم أهل الديار من‬
‫المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا‬
‫ولكم العافية يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين) وما أشبه‬
‫ذلك من الدعوات فقط‪ .‬هذا هو المشروع الذي علَّمه النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم أصحابه رضي هللا عنهم‪ .‬وروى الترمذي عن ابن‬
‫عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬مر النبي صلى هللا عليه وسلم على‬
‫قبور المدينة فقال‪( :‬السالم عليكم‬
‫يا أهل القبور يغفر هللا لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن باألثر) وأما‬
‫اإلقامة عند القبر لألكل والشرب أو التهاليل أو للصالة أو قراءة‬
‫القرآن فكل هذا منكر ال أصل له في الشرع المطهر‪.‬‬
‫وأما دعاء الميت واالستغاثة به وطلب المدد منه فكل ذلك من‬
‫الشرك األكبر ‪ ،‬وهو من عمل عباد األوثان في عهد النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم من الالت والعزى ومناة وغيرها من أصنام الجاهلية‬
‫وأوثانها‪ .‬فيجب الحذر من ذلك وتحذير العامة منه وتبصيرهم في‬
‫دينهم حتى يسلموا من هذا الشرك الوخيم ‪ ،‬وهذا هو واجب‬
‫العلماء الذين من هللا عليهم بالفقه في الدين ومعرفة ما بعث هللا به‬
‫س ِبي ِل َر ِبكَ ِبا ْل ِح ْك َم ِة‬
‫ع ِإلَى َ‬ ‫المرسلين ‪ ،‬كما قال هللا سبحانه‪( :‬ا ْد ُ‬
‫(ولَقَ ْد‬‫س ُن) وقال سبحانه‪َ :‬‬ ‫سنَ ِة َو َجا ِد ْل ُه ْم ِبالَّتِي ِه َي أَ ْح َ‬
‫َوا ْل َم ْو ِع َظ ِة ا ْل َح َ‬
‫غوتَ ) وقال‬ ‫اجتَنِبُوا ال َّطا ُ‬ ‫سوال أَ ِن ا ُ ْعبُدُوا َّ‬
‫َّللاَ َو ْ‬ ‫بَعَثْنَا فِي ك ُِل أ ُ َّم ٍة َر ُ‬
‫صا ِلحا َوقَا َل‬ ‫س ُن قَ ْوال ِم َّم ْن َدعَا إِلَى َّ‬
‫َّللاِ َوع َِم َل َ‬ ‫(و َم ْن أَ ْح َ‬ ‫عز وجل‪َ :‬‬
‫س ِبي ِلي أَ ْدعُو ِإلَى َّ‬
‫َّللاِ‬ ‫ين) وقال سبحانه‪( :‬قُ ْل َه ِذ ِه َ‬ ‫ِإنَّنِي ِم َن ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬
‫ين)‬‫َّللاِ َو َما أَنَا ِم َن ا ْل ُمش ِْر ِك َ‬
‫ان َّ‬ ‫ير ٍة أَنَا َو َم ِن اتَّبَعَنِي َو ُ‬
‫س ْب َح َ‬ ‫علَى بَ ِص َ‬ ‫َ‬
‫واآليات في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫ولما بعث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له‪:‬‬
‫(إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن ال إله إال‬
‫هللا وأن محمدا رسول هللا) وفي رواية للبخاري رحمه هللا‪:‬‬
‫(فادعهم إلى أن يوحدوا هللا فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن هللا‬
‫افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك‬
‫لذلك فأعلمهم أن هللا افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من‬
‫أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم‬
‫واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين هللا حجاب) متفق على‬
‫صحته‪ .‬فأمره أن يبدأهم بالدعوة إلى التوحيد والسالمة من الشرك‬
‫مع اإليمان بالرسول صلى هللا عليه وسلم والشهادة له بالرسالة‪.‬‬
‫فعلم بذلك أن الدعوة إلى إصالح العقيدة وسالمتها مقدمة على بقية‬
‫األحكام ؛ ألن العقيدة هي األساس الذي تبنى عليه األحكام ‪ ،‬كما‬
‫(ولَ ْو أَش َْركُوا لَ َح ِب َط َ‬
‫ع ْن ُه ْم‬ ‫قال هللا عز وجل‪َ :‬‬
‫وح َي ِإلَ ْيكَ َو ِإلَى الَّذ َ‬
‫ِين ِم ْن‬ ‫(ولَقَ ْد أ ُ ِ‬
‫ون) وقال سبحانه‪َ :‬‬ ‫َما كَانُوا يَ ْع َملُ َ‬
‫ين) واآليات‬ ‫س ِر َ‬ ‫قَ ْب ِلكَ لَئِ ْن أَش َْر ْكتَ لَيَ ْحبَ َط َّن َ‬
‫ع َملُكَ َولَتَكُو َن َّن ِم َن ا ْل َخا ِ‬
‫في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫فالواجب على أهل العلم في كل مكان وزمان مضاعفة الجهود في‬
‫ذلك حتى يبصروا العامة بحقيقة اإلسالم ويبينوا لهم العقيدة‬
‫الصحيحة التي بعث هللا بها الرسل عليهم الصالة والسالم وعلى‬
‫رأسهم إمامهم وخاتمهم وسيدهم محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وفق‬
‫هللا علماء المسلمين وعامتهم لكل ما فيه رضاه ‪ ،‬إنه خير مسئول‪.‬‬
‫من بدع زيارة القبور‬
‫س‪ :‬إذا توفي واحد عندنا في السودان بعد أربعين يوما تقوم‬
‫األسرة بزيارة القبر النساء واألوالد يفتحون القبر ومعهم حبوب‬
‫ذرة ينشرونها على الميت ويرمون فيما أعتقد حجارة على الميت ‪،‬‬
‫وهل الحريم يزرن القبر؟‬
‫ج‪ :‬هذا بدعة ال أصل له في الشرع ‪ ،‬فرمي الحبوب والطيب‬
‫والمالبس كله منكر ال أصل له ‪ ،‬فالقبر ال يفتح إال لحاجة كأن‬
‫ينسى العمال أدواتهم كالمسحاة فيفتح ألجل ذلك ‪ ،‬أو يسقط ألحدهم‬
‫شيء له أهمية فيفتح القبر لذلك ‪ ،‬أما أن يفتح للحبوب أو مالبسه‬
‫أو نحو ذلك فال يجوز ‪ ،‬وليس للنساء زيارة القبر ؛ ألن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم لعن زائرات القبور ‪ ،‬وروي ذلك عن أبي هريرة‬
‫وابن عباس وحسان بن ثابت رضي هللا عنهم ‪ ،‬فال يجوز لهن‬
‫زيارتها ‪ ،‬لكنها مشروعة للرجال ؛ لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) رواه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬والحكمة‪ -‬وهللا أعلم‪ -‬في نهي النساء عن ذلك هي أنهن‬
‫فتنة وقليالت الصبر‪.‬‬
‫حكم زيارة النساء للقبور‬
‫س‪ :‬توفي والد خالتي ‪ ،‬وزارت قبره مرة ‪ ،‬وتريد أن تزوره مرة‬
‫أخرى ‪ ،‬وسمعت حديثا معناه تحريم زيارة المرأة للقبور ‪ ،‬فهل هذا‬
‫الحديث صحيح؟ وإذا كان‬
‫صحيحا فهل عليها إثم يستوجب الكفارة؟‬
‫ج‪ :‬الصحيح أن زيارة النساء للقبور ال تجوز ؛ للحديث المذكور ‪،‬‬
‫وقد ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه لعن زائرات القبور‪،‬‬
‫فالواجب على النساء ترك زيارة القبور ‪ ،‬والتي زارت القبر جهال‬
‫منها فال حرج عليها ‪ ،‬وعليها أن ال تعود ‪ ،‬فإن فعلت ؛ فعليها‬
‫ب ما قبلها ‪ ،‬فالزيارة للرجال‬
‫التوبة واالستغفار ‪ ،‬والتوبة ت ُج ُّ‬
‫خاصة ‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم‬
‫اآلخرة) وكانت الزيارة في أول األمر ممنوعة على الرجال والنساء‬
‫؛ ألن المسلمين حدثاء عهد بعبادة األموات والتعلق باألموات ‪،‬‬
‫فمنعوا من زيارة القبور ؛ سدا لذريعة الشر ‪ ،‬وحسما لمادة الشرك‬
‫‪ ،‬فلما استقر اإلسالم وعرفوا اإلسالم ‪ ،‬شرع هللا لهم زيارة القبور‬
‫؛ لما فيها من العظة والذكرى ‪ ،‬من ذكر الموت واآلخرة والدعاء‬
‫للموتى والترحم عليهم ‪ ،‬ثم منع هللا النساء من ذلك في أصح قولي‬
‫العلماء ؛ ألنهن يفتن الرجال وربما فُ ِت َّن في أنفسهن ولقلة صبرهن‬
‫وكثرة جزعهن ‪ ،‬فمن رحمة هللا وإحسانه إليهن أن حرم عليهن‬
‫زيارة القبور ‪ ،‬وفي ذلك أيضا إحسان للرجال ؛ ألن اجتماع الجميع‬
‫عند القبور‬
‫قد يسبب فتنة ‪ ،‬فمن رحمة هللا أن منعن من زيارة القبور‪.‬‬
‫أما الصالة فال بأس ‪ ،‬فتصلي النساء على الميت ‪ ،‬وإنما النهي عن‬
‫زيارة القبور ‪ ،‬فليس للمرأة زيارة القبور في أصح قولي العلماء ؛‬
‫لألحاديث الدالة على منع ذلك ‪ ،‬وليس عليها كفارة وإنما عليها‬
‫التوبة فقط‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم زيارة المرأة للقبور؟‬
‫ج‪ :‬ال يجوز للنساء زيارة القبور ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم لعن زائرات القبور ‪ ،‬وألنهن فتنة ‪ ،‬وصبرهن قليل ‪ ،‬فمن‬
‫رحمة هللا وإحسانه أن حرم عليهن زيارة القبور ؛ حتى ال يُ ْفتَ َّن وال‬
‫َي ْف ِت َّن‪ .‬أصلح هللا حال الجميع‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تشرع زيارة القبور للنساء ؟‬
‫ج‪ :‬ثبت عن رسول هللا عليه الصالة والسالم أنه لعن زائرات‬
‫القبور من حديث ابن عباس ‪ ،‬ومن حديث أبي هريرة ‪ ،‬ومن حديث‬
‫حسان بن ثابت األنصاري رضي هللا عنهم جميعا‪ ،‬وأخذ العلماء من‬
‫ذلك أن الزيارة للنساء محرمة ؛ ألن اللعن ال يكون إال على محرم ‪،‬‬
‫بل يدل على أنه من الكبائر ؛ ألن العلماء ذكروا أن المعصية التي‬
‫يكون فيها اللعن أو فيها وعيد تعتبر من‬
‫الكبائر‪ .‬فالصواب أن الزيارة من النساء للقبور محرمة ال مكروهة‬
‫فقط‪ ،‬والسبب في ذلك‪ -‬وهللا أعلم‪ -‬أنهن في الغالب قليالت الصبر ‪،‬‬
‫فقد يحصل منهن من النياحة ونحوها ما ينافي الصبر الواجب‪،‬‬
‫وهن فتنة ‪ ،‬فزيارتهن للقبور واتباعهن للجنائز قد يفتتن بهن‬
‫الرجال وقد يفتتن بالرجال‪ ،‬والشريعة اإلسالمية الكاملة جاءت بسد‬
‫الذرائع المفضية إلى الفساد والفتن ‪ ،‬وذلك من رحمة هللا بعباده‪.‬‬
‫وقد صح عن رسول هللا عليه الصالة والسالم أنه قال‪( :‬ما تركت‬
‫بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) متفق على صحته‪ ،‬فوجب‬
‫بذلك سد الذرائع المفضية إلى الفتنة المذكورة‪ ،‬ومن ذلك ما جاءت‬
‫به الشريعة المطهرة من تحريم تبرج النساء ‪ ،‬وخضوعهن بالقول‬
‫للرجال ‪ ،‬وخلوة المرأة بالرجل غير المحرم ‪ ،‬وسفرها بال محرم‪،‬‬
‫وكل ذلك من باب سد الذرائع المفضية إلى الفتنة بهن‪ ،‬وقول بعض‬
‫الفقهاء‪ :‬إنه استثني من ذلك قبر النبي صلى هللا عليه وسلم وقبر‬
‫صاحبيه رضي هللا عنهما‪ -‬قول بال دليل‪ ،‬والصواب أن المنع يعم‬
‫الجميع ‪ ،‬يعم جميع القبور ‪ ،‬حتى قبر النبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫وحتى قبر صاحبيه رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫وهذا هو‬
‫المعتمد من حيث الدليل‪ ،‬وأما الرجال فيستحب لهم زيارة القبور ‪،‬‬
‫وزيارة قبر النبي عليه الصالة والسالم وقبر صاحبيه ‪ ،‬لكن بدون‬
‫شد الرحل ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم (زوروا القبور فإنها‬
‫تذكركم اآلخرة) رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وأما شد الرحال لزيارة القبور فال يجوز ‪ ،‬وإنما يشرع لزيارة‬
‫المساجد الثالثة خاصة ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ال تشد‬
‫الرحال إال إلى ثالثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا‬
‫والمسجد األقصى) متفق على صحته‪.‬‬
‫وإذا زار المسلم مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم دخل في ذلك‬
‫على سبيل التبعية زيارة قبره صلى هللا عليه وسلم وقبر صاحبيه‬
‫وقبور الشهداء وأهل البقيع وزيارة مسجد قباء من دون شد‬
‫الرحل‪ ،‬فال يسافر ألجل الزيارة ‪ ،‬ولكن إذا كان في المدينة شرع له‬
‫زيارة قبر النبي صلى هللا عليه وسلم وقبر صاحبيه ‪ ،‬وزيارة‬
‫البقيع والشهداء ومسجد قباء‪.‬‬
‫أما شد الرحال من بعيد ألجل الزيارة فقط فهذا ال يجوز على‬
‫الصحيح من قولي العلماء ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬ال‬
‫تشد الرحال إال إلى ثالثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا‬
‫والمسجد األقصى أما إذا شد الرحل إلى المسجد‬
‫لنبوي فإن الزيارة للقبر الشريف والقبور األخرى تكون تبعا لذلك؛‬
‫فإذا وصل المسجد صلى فيه ما تيسر ‪ ،‬ثم زار قبر النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وزار قبر صاحبيه ‪ ،‬وصلى وسلم عليه‪.‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ,‬ودعا له ‪ ،‬ثم سلم على الصديق رضي هللا عنه ودعا له ‪،‬‬
‫ثم على الفاروق ودعا له ‪ ،‬هكذا السنة‪ .‬وهكذا القبور األخرى ‪ ،‬لو‬
‫زار مثال دمشق ‪ ،‬أو القاهرة ‪ ،‬أو الرياض ‪ ،‬أو أي بلد ‪ ،‬يستحب له‬
‫زيارة القبور ؛ لما فيها من العظة والذكرى واإلحسان إلى الموتى‬
‫بالدعاء لهم والترحم عليهم إذا كانوا مسلمين‪ .‬فالنبي عليه الصالة‬
‫والسالم قال‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان يعلم‬
‫أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا‪( :‬السالم عليكم أهل الديار من‬
‫المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا‬
‫ولكم العافية يرحم هللا المستقدمين منا والمستأخرين) هذه هي‬
‫السنة من دون شد الرحل ‪ ،‬ولكن ال يزورهم لدعائهم من دون هللا‬
‫؛ ألن هذا شرك باهلل عز وجل وعبادة لغيره ‪ ،‬وقد حرم هللا ذلك‬
‫اج َد ِ ََّّللِ فَال تَ ْدعُوا َم َع َّ‬
‫َّللاِ‬ ‫س ِ‬‫(وأَ َّن ا ْل َم َ‬
‫على عباده في قوله سبحانه‪َ :‬‬
‫ِين تَ ْدع َ‬
‫ُون‬ ‫أَ َحدا) وقال سبحانه‪( :‬ذَ ِل ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َربُّ ُك ْم لَهُ ا ْل ُم ْلكُ َوالَّذ َ‬
‫س َمعُوا ُدعَا َء ُك ْم َولَ ْو‬ ‫ُون ِم ْن قِ ْط ِم ٍير إِ ْن تَ ْدعُو ُه ْم ال يَ ْ‬ ‫ِم ْن دُونِ ِه َما يَ ْم ِلك َ‬
‫ستَ َجابُوا لَ ُك ْم َو َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة َي ْكفُ ُر َ‬
‫ون ِبش ِْر ِك ُك ْم َوال يُنَ ِبئ ُكَ‬ ‫س ِمعُوا َما ا ْ‬
‫َ‬
‫ِمثْ ُل َخ ِب ٍير) فبين سبحانه أن دعاء العباد للموتى ونحوهم شرك به‬
‫سبحانه وعبادة لغيره‪.‬‬
‫ان لَهُ ِب ِه‬ ‫َّللاِ إِلَها آ َخ َر ال بُ ْر َه َ‬‫ع َم َع َّ‬ ‫(و َم ْن يَ ْد ُ‬ ‫وهكذا قوله سبحانه‪َ :‬‬
‫ون) فسمى الدعاء لغير هللا‬ ‫سابُهُ ِع ْن َد َر ِب ِه ِإنَّهُ ال يُ ْف ِل ُح ا ْلكَا ِف ُر َ‬‫فَ ِإنَّ َما ِح َ‬
‫كفرا ؛ فوجب على المسلم أن يحذر هذا ‪ ،‬ووجب على العلماء أن‬
‫يبينوا للناس هذه األمور ‪ ،‬حتى يحذروا الشرك باهلل‪ ،‬فكثير من‬
‫العامة إذا مر بقبور من يعظمهم استغاث بهم وقال‪ :‬المدد المدد ‪ ،‬يا‬
‫فالن أغثني ‪ ،‬انصرني ‪ ،‬اشف مريضي ‪ ،‬وهذا هو الشرك األكبر‬
‫والعياذ باهلل ‪ ،‬وهذه األمور تطلب من هللا عز وجل ‪ ،‬ال من الموتى‬
‫وال من غيرهم من المخلوقين‪.‬‬
‫أما الحي فيطلب منه ما يقدر عليه ‪ ،‬إذا كان حاضرا يسمع كالمك ‪،‬‬
‫أو من طريق الكتابة ‪ ،‬أو من طريق الهاتف وما أشبه ذلك من‬
‫األمور الحسية ‪ ،‬تطلب منه ما يقدر عليه ‪ ،‬تبرق له أو تكتب له أو‬
‫تكلمه في الهاتف ‪ ،‬تقول ساعدني على عمارة بيتي ‪ ،‬أو على‬
‫إصالح مزرعتي ؛ ألن بينك وبينه شيئا من المعرفة أو التعاون‪.‬‬
‫وهذا ال بأس به ‪ ،‬كما‬
‫علَى‬
‫شيعَتِ ِه َ‬‫ستَغَاثَهُ الَّذِي ِم ْن ِ‬ ‫قال هللا عز وجل في قصة موسى‪( :‬فَا ْ‬
‫عد ُِو ِه) أما أن تطلب من الميت ‪ ،‬أو الغائب ‪ ،‬أو الجماد‬ ‫الَّذِي ِم ْن َ‬
‫كاألصنام ‪ ،‬شفاء مريض ‪ ،‬أو النصر على األعداء ‪ ،‬أو نحو ذلك ‪،‬‬
‫فهذا من الشرك األكبر‪ .‬وهكذا طلبك من الحي الحاضر ما ال يقدر‬
‫عليه إال هللا سبحانه وتعالى يعتبر شركا به سبحانه وتعالى ؛ ألن‬
‫دعاء الغائب بدون اآلالت الحسية معناه اعتقاد أنه يعلم الغيب ‪ ،‬أو‬
‫أنه يسمع دعاءك وإن بعد ‪ ،‬وهذا اعتقاد باطل يوجب كفر من‬
‫ت‬
‫اوا ِ‬ ‫اعتقده ‪ ،‬يقول هللا جل وعال‪( :‬قُ ْل ال يَ ْعلَ ُم َم ْن فِي ال َّ‬
‫س َم َ‬
‫َّللاُ) أو تعتقد أن له سرا يتصرف به في الكون ‪،‬‬ ‫ب إِال َّ‬ ‫َو ْاألَ ْر ِ‬
‫ض ا ْلغَ ْي َ‬
‫فيعطي من يشاء ويمنع من يشاء ‪ ،‬كما يعتقده بعض الجهلة في‬
‫بعض من يسمونهم باألولياء ‪ ،‬وهذا شرك في الربوبية أعظم من‬
‫شرك عباد األوثان‪.‬‬
‫فالزيارة الشرعية للموتى زيارة إحسان وترحم عليهم وذكر‬
‫لآلخرة واالستعداد لها ‪ ،‬فتذكر أنك ميت مثلما ماتوا ‪ ،‬فتستعد‬
‫لآلخرة وتدعو إلخوانك المسلمين الميتين وتترحم عليهم وتستغفر‬
‫لهم‪ ،‬وهذه هي الحكمة في شرعية الزيارة للقبور‪ ،‬وهللا ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫الجواب عن حديث تعليم النبي صلى هللا عليه وسلم لعائشة دعاء‬
‫زيارة القبور‬
‫س‪ :‬كيف يحمل حديث تعليم النبي صلى هللا عليه وسلم لعائشة‬
‫دعاء زيارة القبور؟‬
‫ج‪ :‬كانت الزيارة أوال منهيا عنها للجميع ‪ ،‬ثم رخص فيها للجميع‬
‫ثم خصت النساء بالمنع فعلى هذا يكون تعليم النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم لعائشة آداب الزيارة كان ذلك في وقت شرعية الزيارة‬
‫للجميع وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫الجواب عن حديث اتقي هللا واصبري‬
‫س‪ :‬هل في قول النبي صلى هللا عليه وسلم( اتقي هللا واصبري)‬
‫للمرأة التي رآها تبكي عند القبر دليل على‬
‫جواز زيارة النساء للقبور؟‬
‫ج‪ :‬لعل هذا كان في وقت اإلذن العام منه صلى هللا عليه وسلم‬
‫للرجال والنساء في الزيارة ؛ ألن أحاديث النهي عن الزيارة‬
‫للنساء محكمة ناسخة لما قبلها‪.‬‬
‫المرأة ال تسلم على الموتى ولو مرت بسور المقبرة أو فوقها‬
‫س‪ :‬إذا مرت المرأة بسور المقبرة فهل تسلم على األموات ؟‬
‫ج‪ :‬الذي يظهر لي أنه ال ينبغي لها ذلك ؛ ألنه وسيلة إلى الزيارة ‪،‬‬
‫وقد يعد زيارة فالواجب ترك ذلك ‪ ،‬وتدعو لهم من غير زيارة‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا وجد فوق المقبرة جسر وتوقفت السيارة وفيها امرأة هل‬
‫يعد هذا من جنس الزيارة ‪ ،‬وهل تسلم المرأة على األموات ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ليس من الزيارة وحتى لو مرت باألرض ونظرت فهذا ليس‬
‫بزيارة وترك السالم على الموتى بالنسبة للمرأة أولى ولو كانت‬
‫مارة بالمقبرة‪.‬‬
‫حكم زيارة النساء لقبر النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫س‪ :‬هل يجوز للنساء زيارة قبر النبي صلى هللا عليه وسلم ؟‬
‫ج‪ :‬ال يجوز لهن ذلك ؛ لعموم األحاديث الواردة في نهي النساء‬
‫عن زيارة القبور ولعنهن على ذلك ‪ ،‬والخالف في زيارة النساء‬
‫لقبر النبي صلى هللا عليه وسلم مشهور ولكن تركهن لذلك أحوط‬
‫وأوفق للسنة ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم لم يستثن قبره‬
‫وال قبر غيره ‪ ،‬بل نهاهن نهيا عاما ‪ ،‬ولعن من فعل ذلك منهن ‪،‬‬
‫والواجب األخذ بالتعميم ما لم يوجد نص يخص قبره بذلك وليس‬
‫هناك ما يخص قبره وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫األفضل لمن مر بجوار سور المقبرة أن يسلم‬
‫س‪ :‬إذا مر المسلم بجوار سور المقبرة أو شاهد القبور فهل يسلم‬
‫عليهم ؟‬
‫ج‪ :‬األفضل أن يسلم حتى ولو كان مارا ؛ ولكن قصد الزيارة أفضل‬
‫وأكمل‪.‬‬
‫س‪ :‬أنا أسكن في حي به مقبرة وأسلك كل يوم طريقا بجانبها بل‬
‫أسلك هذا الطريق في اليوم أكثر من مرة‪ .‬ماذا يجب علي في هذه‬
‫الحالة ‪ ،‬هل أسلم على الموتى دائما أم ماذا أفعل؟ أرشدوني بارك‬
‫هللا فيكم ‪.‬‬
‫ج‪ :‬زيارة القبور الزيارة الشرعية سنة ؛ لما فيها من التذكير‬
‫باآلخرة وبالموت ‪ ،‬ولما فيها من الدعاء للموتى‪ -‬إذا كانوا‬
‫مسلمين‪ -‬بالمغفرة والرحمة والعافية من النار ؛ لقول النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم اآلخرة) وكان صلى‬
‫هللا عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا‪( :‬السالم‬
‫عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين وإنا إن شاء هللا بكم‬
‫الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) واألحاديث في الزيارة كثيرة ‪،‬‬
‫ويشرع لك كلما مررت على القبور أن تسلم على أصحابها وتدعو‬
‫لهم بالمغفرة والعافية ‪ ،‬وليس ذلك واجبا ‪ ،‬وإنما هو مستحب وفيه‬
‫أجر عظيم ‪ ،‬وإن مررت ولم تسلم فال حرج‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫يكفي السالم على الموتى في أول المقبرة مرة واحدة‬
‫س‪ :‬هل يكفي السالم على الموتى في أول المقبرة مرة واحدة؟‬
‫ج‪ :‬يكفي ذلك وتحصل به الزيارة ‪ ،‬وإن كانت القبور متباعدة‬
‫فزارها من جميع جهاتها فال بأس‪.‬‬
‫س‪ :‬عند زيارة القبور هل يشرع للزائر أن يصل إلى القبر الذي‬
‫يقصد زيارته ؟‬
‫ج‪ :‬يكفي عند أول القبور ‪ ،‬وإن أحب أن يصل إلى قبر من يقصد‬
‫زيارته ويسلم عليه فال بأس‪.‬‬
‫ما جاء في أن الميت يعرف من زاره‬
‫س‪ :‬هل يعرف الميت من يزوره ؟‬
‫ج‪ :‬جاء في بعض األحاديث إذا كان يعرفه في الدنيا‬
‫رد هللا عليه روحه حتى يرد عليه السالم ولكن في إسناده نظر ‪،‬‬
‫وقد صححه ابن عبد البر رحمه هللا‪.‬‬
‫علم الموتى بأعمال األحياء‬
‫س‪ :‬هل الموتى يعلمون بأعمال أقاربهم من األحياء ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم في الشرع ما يدل على ذلك‪.‬‬
‫حكم تخصيص يوم الجمعة لزيارة المقابر‬
‫س‪ :‬ما حكم تخصيص يوم الجمعة لزيارة المقابر ؟‬
‫ج‪ :‬ال أصل لذلك ‪ ،‬والمشروع أن تزار القبور في أي وقت تيسر‬
‫للزائر من ليل أو نهار ‪ ،‬أما التخصيص بيوم معين أو ليلة معينة‬
‫فبدعة ال أصل له ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من أحدث‬
‫في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ‪ ،‬ولقوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد)‬
‫أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي هللا عنها‪.‬‬
‫حكم تخصيص العيدين لزيارة القبور‬
‫س‪ :‬هل تخصيص العيدين لزيارة القبور له أصل ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لذلك أصال وإنما السنة أن يزور القبور متى تيسر له‬
‫ذلك‪.‬‬
‫حكم زيارة قبور الكفار‬
‫س‪ :‬هل تجوز زيارة قبور الكفار ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان ذلك للعبرة فال بأس به ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫قد زار قبر أمه واستأذن ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له ‪ ،‬وإنما‬
‫أذن له بالزيارة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما صحة حديث إذا مررتم بقبر كافر فبشروه بالنار ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعرف له طرقا صحيحة‪.‬‬
‫حكم رفع اليدين أثناء الدعاء للميت عند قبره‬
‫س‪ :‬هل يكون الدعاء عند قبر الميت برفع اليدين؟‬
‫ج‪ :‬إن رفع يديه فال بأس ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫في حديث عائشة رضي هللا عنها‪ ( :‬أنه صلى هللا عليه وسلم زار‬
‫القبور ورفع يديه ودعا ألهلها) رواه مسلم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز رفع اليدين أثناء الدعاء للميت ؟‬
‫ج‪ :‬جاء في بعض األحاديث أنه صلى هللا عليه وسلم رفع يديه لما‬
‫زار القبور ودعا ألهلها وقد ثبت ذلك من حديث عائشة رضي هللا‬
‫عنها أنه صلى هللا عليه وسلم زار القبور ودعا لهم ورفع يديه‬
‫أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫حكم استقبال القبر حال الدعاء للميت‬
‫س‪ :‬هل ينهى عن استقبال القبر حال الدعاء للميت ؟‬
‫ج‪ :‬ال ينهى عنه ؛ بل يدعى للميت سواء استقبل القبلة أو استقبل‬
‫القبر ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم وقف على القبر بعد الدفن‬
‫وقال‪( :‬استغفروا ألخيكم واسألوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل) ولم‬
‫يقل استقبلوا القبلة فكله جائز سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر‬
‫‪ ،‬والصحابة رضي هللا عنهم دعوا للميت وهم مجتمعون حول‬
‫القبر‪.‬‬
‫ال بأس بالقيام أو الجلوس عند القبر من أجل الدعاء للميت‬
‫س‪ :‬أيحل لنا القيام أو الجلوس عند القبر من أجل الدعاء للميت ؟‬
‫ج‪ :‬الزيارة الشرعية للقبور أن يقصد إليها للعظة واالعتبار وتذكر‬
‫الموت ‪ ،‬ال للتبرك بمن قبر فيها من الصالحين‪ .‬فمن جاءها سلم‬
‫على من فيها فقال‪( :‬السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين‬
‫والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية)‬
‫وإن شاء دعا لألموات بغير ذلك من األدعية المأثورة‪.‬‬
‫وال يدعو األموات وال يستغيث بهم في كشف ضر أو جلب نفع ‪،‬‬
‫فإن الدعاء عبادة ؛ فيجب التوجه به إلى هللا وحده‪ .‬وال بأس أن‬
‫يقف عند القبر أو يجلس من أجل الدعاء للميت ‪ ،‬ال للتبرك أو‬
‫االستراحة ‪ ،‬فإن القبور ليست بموضع استراحة أو سكنى حتى‬
‫يجلس فيها‪.‬‬
‫ويشرع الوقوف على القبر بعد الدفن للدعاء للميت بالثبات‬
‫والمغفرة ؛ لما ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم أنه كان إذا فرغ من‬
‫الدفن وقف عليه‬
‫وقال‪( :‬استغفروا ألخيكم وسلوا له التثبيت فإنه اآلن يسأل)‬
‫حكم الدعاء الجماعي عند القبور‬
‫س‪ :‬الدعاء الجماعي عند القبور ما حكمه؟‬
‫ج‪ :‬ليس فيه مانع إذا دعا واحد وأ َّم َن السامعون فال بأس إذا لم‬
‫يكن ذلك مقصودا ‪ ،‬وإنما سمعوا بعضهم يدعو فأمن الباقون وال‬
‫يسمى مثل هذا جماعيا لكونه لم يقصد‪.‬‬
‫من ضمن أسئلة مقدمة لسماحته من الجمعية الخيرية بشقراء ‪.‬‬
‫حكم قراءة الفاتحة للميت عند قبره‬
‫س‪ :‬األخ م‪ .‬ع‪ .‬ص‪ .‬من الليث في المملكة العربية السعودية يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬هل تجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن الكريم‬
‫للميت عند زيارة قبره؟ وهل ينفعه ذلك؟ أفتونا جزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج‪ :‬ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه كان يزور القبور‬
‫ويدعو لألموات بأدعية علمها أصحابه ونقلوها عنه ‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫(السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا‬
‫بكم لالحقون أسأل هللا لنا ولكم العافية) ولم يثبت عنه صلى هللا‬
‫عليه وسلم أنه قرأ سورة من القرآن الكريم أو آيات منه لألموات‬
‫مع كثرة زيارته لقبورهم فلو كان ذلك مشروعا لفعله وبينه‬
‫ألصحابه رغبة في الثواب ورحمة باألمة وأداء لواجب البالغ ‪،‬‬
‫سو ٌل ِم ْن أَ ْنفُ ِ‬
‫س ُك ْم ع َِز ٌ‬
‫يز‬ ‫فإنه كما وصفه تعالى بقوله‪( :‬لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َر ُ‬
‫وف َر ِحي ٌم) فلما لم يفعل‬ ‫ين َر ُء ٌ‬ ‫علَ ْي ُك ْم ِبا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫يص َ‬ ‫علَ ْي ِه َما َ‬
‫ع ِنت ُّ ْم َح ِر ٌ‬ ‫َ‬
‫ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع وقد عرف ذلك‬
‫أصحابه رضي هللا عنهم فاقتفوا أثره واكتفوا بالعبرة والدعاء‬
‫لألموات عند زيارتهم ولم يثبت عنهم أنهم قرءوا قرآنا لألموات‬
‫فكانت القراءة لهم بدعة محدثة وقد ثبت عنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫أنه قال‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وهللا‬
‫الموفق‪.‬‬
‫حكم قراءة الفاتحة على قبور األولياء‬
‫س‪ :‬ما حكم من يزور القبور ثم يقرأ الفاتحة وخاصة على قبور‬
‫األولياء كما يسمونهم في بعض البالد العربية المجاورة ‪ ،‬بالرغم‬
‫أن بعضهم يقول‪ :‬ال أريد الشرك ‪ ،‬ولكن إذا لم أقم بزيارة هذا الولي‬
‫إلي في المنام ويقول لي‪ :‬لماذا لم تزرني؟ فما حكم ذلك؟‬‫فإنه يأتي َّ‬
‫جزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج‪ :‬يسن للرجال من المسلمين زيارة القبور كما شرعه هللا سبحانه‬
‫؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬زوروا القبور فإنها تذكركم‬
‫اآلخرة) خرجه اإلمام مسلم في صحيحه‪ .‬وروى مسلم في صحيحه‬
‫أيضا عن بريدة بن الحصيب رضي هللا عنه قال‪ :‬كان النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا (السالم‬
‫عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء هللا بكم‬
‫الحقون نسأل هللا لنا ولكم العافية) وصح عنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫من‬
‫حديث عائشة رضي هللا عنها أنه كان إذا زار القبور يقول (السالم‬
‫عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء هللا بكم الحقون يرحم هللا‬
‫المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر ألهل بقيع الغرقد) ولم‬
‫يكن حال الزيارة عليه الصالة والسالم يقرأ سورة الفاتحة وال‬
‫غيرها من القرآن ‪ ،‬فقراءتها وقت الزيارة بدعة ‪ ،‬وهكذا قراءة‬
‫غيرها من القرآن ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من أحدث‬
‫في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته ‪ ،‬وفي رواية‬
‫مسلم رحمه هللا يقول صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من عمل عمال ليس‬
‫عليه أمرنا فهو رد)‬
‫وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد هللا األنصاري رضي هللا‬
‫عنهما عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته يوم‬
‫الجمعة (أما بعد فإن خير الحديث كتاب هللا وخير الهدي هدي محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم وشر األمور محدثاتها وكل بدعة ضاللة)‬
‫وأخرجه النسائي وزاد‪( :‬وكل ضاللة في النار) فالواجب على‬
‫المسلمين التقيد بالشرع المطهر والحذر من البدع في زيارة القبور‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫والزيارة مشروعة لقبور المسلمين جميعا ‪ ،‬سواء سموا أولياء أم‬
‫لم يسموا أولياء ‪ ،‬وكل مؤمن وكل مؤمنة من أولياء هللا ‪ ،‬كما قال‬
‫ون الَّذ َ‬
‫ِين‬ ‫علَ ْي ِه ْم َوال ُه ْم َي ْح َزنُ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َّللاِ ال َخ ْو ٌ‬ ‫عز وجل‪( :‬أَال ِإ َّن أ َ ْو ِل َيا َء َّ‬
‫(و َما كَانُوا أَ ْو ِليَا َء ُه ِإ ْن‬ ‫ون) وقال هللا سبحانه‪َ :‬‬ ‫آ َمنُوا َوكَانُوا يَتَّقُ َ‬
‫ون) وال يجوز للزائر وال‬ ‫ون َولَ ِك َّن أَ ْكثَ َر ُه ْم ال يَ ْع َل ُم َ‬‫أَ ْو ِليَا ُؤهُ إِال ا ْل ُمتَّقُ َ‬
‫لغيره دعاء األموات ‪ ،‬أو االستغاثة بهم ‪ ،‬أو النذر لهم ‪ ،‬أو الذبح‬
‫لهم عند قبورهم ‪ ،‬أو في أي مكان يتقرب بذلك إليهم ليشفعوا له ‪،‬‬
‫أو يشفوا مريضه ‪ ،‬أو ينصروه على عدوه ‪ ،‬أو لغير ذلك من‬
‫الحاجات ؛ ألن هذه األمور من العبادة‪ ،‬والعبادة كلها هلل وحده ‪،‬‬
‫ين لَهُ الد َ‬
‫ِين‬ ‫(و َما أ ُ ِم ُروا إِال ِليَ ْعبُدُوا َّ‬
‫َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ‬ ‫كما قال سبحانه‪َ :‬‬
‫ُون)‬
‫س ِإال ِل َي ْعبُد ِ‬ ‫(و َما َخلَ ْقتُ ا ْل ِج َّن َو ْ ِ‬
‫اإل ْن َ‬ ‫ُحنَفَا َء) وقال عز وجل‪َ :‬‬
‫َّللاِ أَ َحدا) وقال عز‬ ‫اج َد ِ ََّّللِ فَال ت َ ْدعُوا َم َع َّ‬ ‫س ِ‬‫(وأ َ َّن ا ْل َم َ‬
‫وقال سبحانه‪َ :‬‬
‫ضى َربُّكَ أَال تَ ْعبُدُوا إِال إِيَّاهُ) والمعنى‪ :‬أمر ووصى ‪،‬‬ ‫(وقَ َ‬
‫وجل‪َ :‬‬
‫وقال‬
‫ون) وقال‬ ‫ِين َولَ ْو ك َِر َه ا ْلكَافِ ُر َ‬
‫ين لَهُ الد َ‬ ‫عز وجل‪( :‬فَا ْدعُوا َّ‬
‫َّللاَ ُم ْخ ِل ِص َ‬
‫ب ا ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين‬ ‫اي َو َم َماتِي ِ ََّّللِ َر ِ‬ ‫س ِكي َو َم ْحيَ َ‬ ‫صالتِي َونُ ُ‬ ‫عز وجل‪( :‬قُ ْل إِ َّن َ‬
‫ين) واآليات في هذا‬ ‫ال ش َِريكَ لَهُ َو ِبذَ ِلكَ أ ُ ِم ْرتُ َوأَنَا أَ َّو ُل ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬
‫المعنى كثيرة‪.‬‬
‫وصح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬حق هللا على‬
‫العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئا) متفق على صحته من حديث‬
‫معاذ رضي هللا عنه ‪ ،‬وهذا يشمل جميع العبادات من صالة وصوم‬
‫وركوع وسجود وحج ودعاء وذبح ونذر وغير ذلك من أنواع‬
‫العبادة ‪ ،‬كما أن اآليات السابقات تشمل ذلك كله‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن علي رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم أنه قال‪( :‬لعن هللا من ذبح لغير هللا) وفي صحيح‬
‫البخاري عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم أنه قال‪( :‬ال تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما‬
‫أنا عبد‬
‫فقولوا عبد هللا ورسوله) ‪ .‬واألحاديث في األمر بعبادة هللا وحده‬
‫والنهي عن اإلشراك به وعن وسائل ذلك كثيرة معلومة‪ .‬أما النساء‬
‫فليس لهن زيارة القبور ؛ ألن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لعن‬
‫زائرات القبور ‪ ،‬والحكمة في ذلك وهللا أعلم أن زيارتهن قد تحصل‬
‫بها الفتنة لهن ولغيرهن من الرجال‪ .‬وقد كانت الزيارة للقبور في‬
‫أول اإلسالم ممنوعة ؛ حسما لمادة الشرك ‪ ،‬فلما فشا اإلسالم‬
‫وانتشر التوحيد أذن صلى هللا عليه وسلم في الزيارة للجميع ‪ ،‬ثم‬
‫خص النساء بالمنع ؛ حسما لمادة الفتنة بهن‪.‬‬
‫أما قبور الكفار فال مانع من زيارتها للذكرى واالعتبار ‪ ،‬ولكن ال‬
‫يدعى لهم وال يستغفر لهم ؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم أنه استأذن ربه أن يستغفر ألمه فلم يأذن له‬
‫واستأذنه أن يزور قبرها فأذن له وذلك أنها ماتت في الجاهلية‬
‫على دين قومها‪.‬‬
‫وأسأل هللا أن يوفق المسلمين رجاال ونساء للفقه في الدين ‪،‬‬
‫واالستقامة عليه قوال وعمال وعقيدة ‪ ،‬وأن يعيذهم‬
‫جميعا من كل ما يخالف شرعه المطهر ‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر‬
‫عليه ‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫ما مدى صحة ما يذكر من قصص عن أهوال القبور‬
‫س‪ :‬تورد قصص عن أهوال القبور مثل قصة الرجل الذي أراد أن‬
‫يدفن فخرج له ثعبان ثم وضع في قبر آخر فخرج له ثعبان كذلك؟‬
‫ج‪ :‬هللا أعلم بذلك ‪ ،‬ولكن ليس ذلك ببعيد ‪ ،‬وابن رجب ذكر في‬
‫كتابه (أهوال القبور) أشياء حول هذه القصص فاهلل أعلم بصحتها‪.‬‬
‫حكم االستشهاد بقصص أهوال القبور‬
‫س‪ :‬هل يستشهد بمثل هذه القصص في المواعظ؟‬
‫ج‪ :‬تركه أولى ؛ لعدم العلم بصحتها ‪ ،‬ويكفي ما جاء في‬
‫األحاديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬المهم حث الناس على‬
‫الطاعة والتحذير من المعاصي ‪ ،‬كما فعل الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم والصحابة‪ .‬أما الحكايات التي قد تثبت أو ال تثبت فتترك‪.‬‬
‫حكم اصطحاب بعض الغافلين لزيارة القبور‬
‫س‪ :‬هناك بعض الشباب الصالحين يصطحبون معهم بعض الغافلين‬
‫لزيارة القبور وتخويفهم من هللا فما رأيكم في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ليس فيه مانع وذلك حسن ‪ ،‬وجزاهم هللا خيرا ‪ ،‬وهو من‬
‫التعاون على البر والتقوى‪.‬‬
‫من سمع ميتا يشكو في قبره من حقوق عليه‬
‫س‪ :‬ما الواجب على من سمع ميتا يشكو في قبره من حقوق عليه‬
‫‪ ،‬وهل يجب عليه أن يبلغ ورثته؟ ن‪ .‬ع‪.‬‬
‫ج‪ :‬بسم هللا والحمد هلل ‪ ،‬إن تأكد له ذلك فعليه أن يبلغهم ‪ ،‬أو إذا‬
‫رآه في المنام وتأكد من ذلك ‪ ،‬فعليه أن يبلغ أهله بذلك ‪ ،‬وهذه من‬
‫العبر التي يريها هللا بعض عباده في األرض ليعتبروا ‪ ،‬فإذا وجد‬
‫ذلك فلينظر أهله إذا كانت عليه حقوق ثابتة فتؤدى ‪ ،‬وليتصدقوا‬
‫عنه ويدعوا له‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن رجب في كتابه في أحوال القبور ‪ ،‬شيئا من ذلك في‬
‫تعذيبهم من هذا النمط ‪ ،‬وذكر من فتح قبره لبعض األسباب فوجدوا‬
‫صاحبه يلتهب نارا‪ .‬نسأل هللا السالمة‪.‬‬
‫حرمة األموات والمقابر‬
‫وجوب احترام قبور المسلمين وعدم امتهانها‬
‫الحمد هلل وحده ‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نبي بعده ‪ ،‬نبينا‬
‫إلي رسائل كثيرة‬‫محمد وعلى آله وصحبه ‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد ورد َّ‬
‫مضمونها استنكار ما يقع من بعض الناس من االستهانة بالقبور‬
‫وعدم احترامها ‪ ،‬فرأيت أن أكتب في ذلك هذه الكلمة للتنبيه‬
‫والتحذير ؛ نصحا هلل ولعباده ‪ ،‬فأقول‪:‬‬
‫قد دلت األحاديث الصحيحة عن النبي صلى هللا عليه وسلم على‬
‫وجوب احترام الموتى من المسلمين وعدم إيذائهم ‪ ،‬وال شك أن‬
‫المرور عليها بالسيارات والتركترات والمواشي وإلقاء القمامات‬
‫عليها كل ذلك من االستهانة بها وعدم احترامها ‪ ،‬وكل ذلك منكر‬
‫ومعصية هلل ولرسوله صلى هللا عليه وسلم وظلم لألموات واعتداء‬
‫عليهم ‪ ،‬وقد ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم النهي والتحذير‬
‫عما هو أقل من هذا ‪ ،‬كالجلوس‬
‫على القبر أو االتكاء عليه ونحوه ‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم‪( :‬ال‬
‫تصلوا إلى القبور وال تجلسوا عليها) رواه مسلم في صحيحه ‪،‬‬
‫وقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ألن يجلس أحدكم على جمرة‬
‫فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)‬
‫خرجه مسلم أيضا ‪ ،‬وعن عمرو بن حزم قال رآني رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم متكئا على قبر فقال‪( :‬ال تؤذ صاحب هذا القبر أو ال‬
‫تؤذه) رواه اإلمام أحمد‪.‬‬
‫فالواجب على جميع المسلمين احترام قبور موتاهم وعدم التعرض‬
‫لها بشيء من األذى ‪ ،‬كالجلوس عليها والمرور عليها بالسيارات‬
‫ونحوها وإلقاء القمامات عليها وأشباه ذلك من األذى‪ .‬وفق هللا‬
‫المسلمين جميعا لما فيه صالح أحيائهم وسالمة أمواتهم من األذى‬
‫‪ ،‬ورزق هللا الجميع الفقه في الدين والوقوف عند الحدود الشرعية‬
‫‪ ،‬إنه سميع قريب‪ .‬وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ال يجوز أن يمشى بالنعال بين القبور‬
‫س‪ :‬حديث‪( :‬يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك) لما رآه النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم يمشي في المقبرة بنعليه هل يعمل به؟ وهل ينكر‬
‫على من مشى بنعليه في المقبرة؟‬
‫ج‪ :‬الحديث ال بأس به ‪ ،‬وال يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إال‬
‫عند الحاجة ‪ ،‬مثل وجود الشوك في المقبرة ‪ ،‬أو الرمضاء الشديدة‬
‫‪ ،‬أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه ‪ ،‬كما أنكر صلى هللا عليه‬
‫وسلم على صاحب السبتيتين ‪ ،‬ويعلم الحكم الشرعي‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هو الضابط في خلع النعال عند دخول المقبرة؟‬
‫ج‪ :‬يخلعها إذا كان يمر بين القبور ‪ ،‬أما إذا لم يمر بين القبور فال‬
‫يخلعها مثل أن يقف عند أول المقبرة ويسلم فال يخلع‪.‬‬
‫حكم السكن بين القبور‬
‫س‪ :‬في بعض البلدان يسكن بعضهم بين القبور فما الحكم ؟‬
‫ج‪ :‬يُنهون ويعلَّمون ‪ ،‬وهذا منكر وإهانة للقبور ‪ ،‬وإذا صلوا عندها‬
‫فصالتهم باطلة ‪ ،‬والجلوس عند القبور بالصورة المذكورة‬
‫والصالة عندها من المنكرات ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(ال تصلوا إلى القبور وال تجلسوا عليها) رواه مسلم في صحيحه ‪،‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لعن هللا اليهود والنصارى اتخذوا‬
‫قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة رضي هللا عنها يحذر ما صنعوا)‬
‫متفق على صحته‪.‬‬
‫ال يجوز إيقاف السيارات على القبور‬
‫س‪ :‬يوجد في قريتنا مسجد جامع ‪ ،‬وهذا المسجد يقع وسط المقابر‬
‫التي تحيط به من الشمال والجنوب والمسافة‬
‫بينه وبين الجهة الشمالية متران ‪ ،‬وكذلك الجنوبية متران ‪ ،‬وأن‬
‫تلك المقابر في طريقها للتوسع ‪ ،‬كما أن بعض المصلين‪ -‬هداهم‬
‫هللا‪ -‬يجعلون تلك المقابر موقفا لسياراتهم‪ .‬أخبرونا‪ -‬جزاكم هللا عنا‬
‫كل خير‪ -‬عن الحكم في مثل ذلك ‪ ،‬ولكم جزيل الشكر والتقدير ‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال حرج في بقاء المسجد المذكور ؛ ألن العادة جارية أن الناس‬
‫يدفنون حول المسجد ‪ ،‬فال يضر ذلك شيئا ‪ ،‬والمقصود أن الدفن‬
‫حول المساجد ال بأس به ‪ ،‬ألنه أسهل على الناس ‪ ،‬فإذا خرجوا من‬
‫المسجد دفنوه حول المسجد ‪ ،‬فال يضر ذلك شيئا وال يؤثر في‬
‫صالة المصلين‪ .‬لكن إذا كان في قبلة المسجد شيء من القبور‬
‫فاألحوط أن يكون بين المسجد وبين المقبرة جدار آخر غير جدار‬
‫المسجد أو طريق يفصل بينهما ‪ ،‬هذا هو األحوط واألولى ؛ ليكون‬
‫ذلك أبعد عن استقبالهم للقبور‪.‬‬
‫أما إن كانت عن يمين المسجد أو عن شماله ‪ ،‬أي عن يمين‬
‫المصلين ‪ ،‬أو عن شمالهم فال يضرهم شيئا ؛ ألنهم ال يستقبلونها ‪،‬‬
‫ألن هذا أبعد عن استقبالها وعن شبهة االستقبال‪.‬‬
‫أما بالنسبة إليقاف السيارات فال يجوز إيقافها على‬
‫القبور ‪ ،‬بل توقف بعيدا عن القبور ‪ ،‬في األراضي السليمة التي‬
‫ليس فيها قبور ؛ ألنه ال يجوز للناس أن يمتهنوا القبور ‪ ،‬أو تكون‬
‫السيارات على القبور ‪ ،‬فهذا منكر وال يجوز ‪ ،‬ومن الواجب أن‬
‫يبعدوها عن القبور ‪ ،‬وأن تكون في محالت سليمة ليس فيها قبور‬
‫‪ ،‬وإذا تيسر تسويرها بما يمنع استطراقها وامتهانها فهو أحوط‬
‫وأسلم ؛ ألن المسلم محترم حيا وميتا ‪ ،‬ولهذا نهى الرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم أن يصلى إلى القبور وأن يقعد عليها‪.‬‬
‫ينبش القبر إذا دعت الحاجة‬
‫س‪ :‬نبش القبر ‪ ،‬هل يجوز ؟‬
‫ج‪ :‬إذا دعت الحاجة فال بأس ‪ ،‬مثل نسيان المسحاة أو العتلة أو‬
‫شيء مهم فال بأس بذلك‪.‬‬
‫نبش القبر لمصلحة‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى فضيلة قاضي محكمة أدمة‬
‫عليان سلمه هللا تعالى آمين‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪ .‬وبعد‪:‬‬
‫وصلنا كتابك وبرفقه استفتاء ح‪ .‬م‪ .‬ع‪ .‬وقد ذكرتم عنه وجود قبر‬
‫أمام بيته وهذا القبر قديم جدا ويذكر أنه تعرض ألذى السيارات‬
‫والدواب لقربه من مخرج البيت‪ .‬فهل يجوز نقله إلى داخل المقبرة‬
‫المجاورة؟ انتهى‪ .‬وقد طلبتم اإلفادة عن ذلك ‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬إذا كان األمر كذلك ؛ فينبش القبر ويخرج ما فيه‬
‫ويوضع في قبر في أرض المقبرة العامة‪.‬‬
‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫ينبش القبر الذي في المسجد إذا كان هو األخير‬
‫س‪ :‬نبش القبر الذي في المسجد إذا كان في نبشه فتنة هل ينبش‬
‫أم يترك؟‬
‫ج‪ :‬يجب أن ينبش القبر إذا كان في المسجد ‪ ،‬وكان المسجد هو‬
‫السابق ‪ ،‬ويكون ذلك من جهة والة األمور ؛ إما المحكمة أو‬
‫اإلمارة حتى ال تكون فتنة‪ .‬أما إن كان المسجد هو األخير فالواجب‬
‫هدمه ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬لعن هللا اليهود‬
‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته ‪،‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم لما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة كنيسة‬
‫رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور‪( :‬أولئك إذا مات فيهم‬
‫الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور‬
‫أولئك شرار الخلق عند هللا) متفق عليه‪.‬‬
‫ومن هذين الحديثين وما جاء في معناهما‬
‫يعلم أنه ال يجوز أن يصلى في المساجد التي فيها القبور ؛ لنهي‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم عن ذلك ؛ وألن ذلك وسيلة إلى الشرك‬
‫باهلل عز وجل‪.‬‬
‫حكم قطع األشجار المؤذية من المقابر‬
‫س‪ :‬هل يجوز قطع األشجار المؤذية من المقابر؟‬
‫ج‪ :‬ينبغي قطعها ؛ ألنها تؤذي الزوار ‪ ،‬وهكذا ما يوجد فيها من‬
‫الشوك ينبغي إزالته إراحة للزوار من شره ‪ ،‬وال يشرع ألحد أن‬
‫يغرس على القبور شيئا من الشجر أو الجريد ؛ ألن هللا سبحانه لم‬
‫يشرع ذلك‪.‬‬
‫والنبي صلى هللا عليه وسلم إنما غرس جريدتين على قبرين‬
‫عرفهما وأنهما معذبان ‪ ،‬ولم يغرس على قبور المدينة وقبور‬
‫البقيع ‪ ،‬وهكذا الصحابة لم يفعلوا ذلك ‪ ،‬فعلم أن ذلك خاص‬
‫بصاحبي القبرين المعذبين‪ .‬نسأل هللا السالمة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يجوز قطع األشجار المؤذية من المقابر ؟‬
‫ج‪ :‬ينبغي قطعها ؛ ألنها تؤذي الزوار ‪ ،‬وال سيما ذات الشوك‪ .‬أما‬
‫إن كان بعض العامة يعتقد البركة ؛ ألنها تنبت على قبر ولي‬
‫بزعمه فهذه يجب قطعها مطلقا ؛ لما في ذلك من إزالة وسائل‬
‫الشرك والغلو في الموتى‪.‬‬
‫حكم نقل عظام الميت إذا بليت‬
‫س‪ :‬إذا بليت عظام الميت فهل يجوز أن تنقل إلى مكان آخر ؟‬
‫ج‪ :‬إذا دعت الحاجة لذلك فال حرج وال بأس وإال تبقى القبور على‬
‫حالها‪.‬‬
‫حكم كسر عظم الميت الكافر‬
‫س‪ :‬هل يجوز كسر عظم الميت الكافر ؟‬
‫ج‪ :‬فيه تفصيل ؛ فإذا كان ذميا أو معاهدا أو مستأمنا لم يجز‬
‫التعرض له ‪ ،‬أما إن كان حربيا فال حرج في ذلك ‪ ،‬وبناء على ذلك‬
‫يجوز أخذ األعضاء من المتوفى الحربي ‪ ،‬أما المعاهد والذمي‬
‫والمستأمن فال ؛ ألن أجسادهم محترمة‪.‬‬
‫كسر عظم الميت ال يوجب القصاص‬
‫س‪ :‬هل يوجب كسر عظم الميت القصاص ؟‬
‫ج‪ :‬ال يوجب القصاص ‪ ،‬وإنما القصاص بين األحياء بشروطه‪.‬‬
‫حكم نقل األعضاء بعد وفاة الميت دماغيا‬
‫س‪ :‬ما حكم نقل األعضاء بعد وفاة الميت دماغيا كما يقولون؟‬
‫ج‪ :‬المسلم محترم حيا وميتا ‪ ،‬والواجب عدم التعرض‬
‫له بما يؤذيه أو يشوه خلقته ‪ ،‬ككسر عظمه وتقطيعه ‪ ،‬وقد جاء‬
‫في الحديث‪( :‬كسر عظم الميت ككسره حيا) ويستدل به على عدم‬
‫جواز التمثيل به لمصلحة األحياء ‪ ،‬مثل أن يؤخذ قلبه أو كليته أو‬
‫غير ذلك ؛ ألن ذلك أبلغ من كسر عظمه‪ .‬وقد وقع الخالف بين‬
‫العلماء في جواز التبرع باألعضاء وقال بعضهم‪ :‬إن في ذلك‬
‫مصلحة لألحياء لكثرة أمراض الكلى وهذا فيه نظر ‪ ،‬واألقرب‬
‫عندي أنه ال يجوز ؛ للحديث المذكور‪ ،‬وألن في ذلك تالعبا‬
‫بأعضاء الميت وامتهانا له ‪ ،‬والورثة قد يطمعون في المال ‪ ،‬وال‬
‫يبالون بحرمة الميت ‪ ،‬والورثة ال يرثون جسمه ‪ ،‬وإنما يرثون‬
‫ماله فقط‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫ال يجوز تنفيذ وصية المتوفى بالتبرع بأعضائه‬
‫س‪ :‬إذا أوصى المتوفى بالتبرع بأعضائه هل تنفذ الوصية؟‬
‫ج‪ :‬األرجح أنه ال يجوز تنفيذها ؛ لما تقدم في جواب السؤال األول‬
‫ولو أوصى ؛ ألن جسمه ليس ملكا له‪.‬‬
‫حكم شراء الجثث لغرض التشريح‬
‫س‪ :‬بعض كليات الطب تشتري جثثا من جنوب شرقي آسيا بغرض‬
‫التشريح فما الحكم؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت الجثث من كفار ال أمان لهم فال حرج ‪ ،‬أما غيرهم فال‬
‫يجوز التعرض لهم‬
‫حكم تشريح جثة الميت للتعلم‬
‫س‪ :‬الحظت أنه يوجد في كلية الطب في القاهرة مكان لتشريح‬
‫اإلنسان مجموعة من األموات رجال ونساء وأطفال لتشريح‬
‫وتقطيع أجزائهم وذلك للعلم العملي ‪ ،‬فهل يجوز مثل ذلك شرعا‬
‫للضرورة وخصوصا تشريح الرجل ألجزاء المرأة ‪ ،‬والمرأة‬
‫ألجزاء الرجال ‪ ،‬وهل يجوز تقطيع أجزاء وأعضاء اإلنسان؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان الميت معصوما في حياته سواء كان مسلما‬
‫أو كافرا وسواء كان رجال أو امرأة فإنه ال يجوز تشريحه ؛ لما في‬
‫ذلك من اإلساءة إليه وانتهاك حرمته ‪ ،‬وقد ثبت عن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬كسر عظم الميت ككسره حيا) أما‬
‫إذا كان غير معصوم كالمرتد والحربي فال أعلم حرجا في تشريحه‬
‫للمصلحة الطبية‪ ،‬وهللا سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬
‫ال يحكم بموت المتوفى دماغيا‬
‫س‪ :‬هل يحكم بموت المتوفى دماغيا ؟‬
‫ج‪ :‬ال يحكم بموته وال يستعجل عليه ‪ ،‬وينتظر حتى يموت موتا ال‬
‫شك فيه ‪ ،‬وهذه عجلة من بعض األطباء حتى يأخذوا منه قطعا‬
‫وأعضاء ‪ ،‬ويتالعبوا بالموتى وهذا كله ال يجوز‪.‬‬
‫س‪ :‬دعوى األطباء‪ -‬حفظكم هللا‪ -‬أن المتوفى دماغيا ال يمكن أن‬
‫ترجع إليه حياته؟‬
‫ج‪ :‬هذه الدعوى ال يُعَ َّول عليها وال يعمل بها ‪ ،‬وليس على صحتها‬
‫دليل ‪ ،‬وقد بلغني أن بعض من قيل إنه مات دماغيا عادت إليه‬
‫الحياة وعاش ‪ ،‬وبكل حال فالموت الدماغي ال يعتبر وال يحكم‬
‫لصاحبه بحكم الموتى حتى يتحقق موته على وجه ال شك فيه‪.‬‬
‫حكم تشريح الجنازة المشكوك في قتلها‬
‫س‪ :‬ما حكم تشريح الجنازة المشكوك في قتلها؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان لعلة شرعية فال بأس‪.‬‬
‫تعزية أهل الميت‬
‫حكم حضور مجلس العزاء والجلوس فيه‬
‫س‪ :‬هل يجوز حضور مجلس العزاء والجلوس معهم؟‬
‫ج‪ :‬إذا حضر المسلم وعزى أهل الميت فذلك مستحب ؛ لما فيه من‬
‫الجبر لهم والتعزية ‪ ،‬وإذا شرب عندهم فنجان قهوة أو شاي أو‬
‫تطيب فال بأس كعادة الناس مع زوارهم‪.‬‬
‫حكم الذهاب للعزاء إذا كان هناك بدع‬
‫س‪ :‬هل يجوز الذهاب للعزاء في ميت إذا كان هناك بدع ‪ ،‬مثل‬
‫قراءة القرآن مع رفع الكفين قبل إلقاء السالم؟‬
‫ج‪ :‬السنة زيارة أهل الميت لعزائهم ‪ ،‬وإذا كان عندهم منكر ‪ ،‬ينكر‬
‫ويبين لهم ‪ ،‬فيجمع المعزي بين المصلحتين ‪ ،‬يعزيهم وينكر عليهم‬
‫وينصحهم ‪ ،‬أما مجرد قراءة القرآن فال بأس فيها ‪ ،‬فإذا اجتمعوا‬
‫وقرأ واحد منهم القرآن عند اجتماعهم ‪ ،‬كقراءة الفاتحة وغيرها ‪،‬‬
‫فال بأس وليس في ذلك منكر ‪ ،‬فقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫إذا اجتمع مع أصحابه يقرأ‬
‫القرآن؛ فإذا اجتمعوا في مجلسهم للمعزين وقرأ واحد منهم أو‬
‫بعضهم شيئا من القرآن فهو خير من سكوتهم‪.‬‬
‫أما إذا كان هناك بدع غير هذا ‪ ،‬كأن يصنع أهل الميت طعاما‬
‫للناس ‪ ،‬يُعلَّمون ويُنصحون لترك ذلك‪ ،‬فعلى المعزي إذا رأى منكرا‬
‫أن يقوم بالنصح‪.‬‬
‫ِين آ َمنُوا‬‫ان لَ ِفي َخس َِر ِإال الَّذ َ‬ ‫س َ‬ ‫(وا ْل َعص ِْر ِإ َّن ْ ِ‬
‫اإل ْن َ‬ ‫يقول جل وعال‪َ :‬‬
‫ص ْب ِر) ويقول جل‬ ‫ص ْوا ِبال َّ‬ ‫ق َوتَ َوا َ‬ ‫ص ْوا ِبا ْل َح ِ‬ ‫ت َوتَ َوا َ‬ ‫َوع َِملُوا ال َّ‬
‫صا ِل َحا ِ‬
‫اإلثْ ِم‬
‫علَى ْ ِ‬ ‫اونُوا َ‬ ‫علَى ا ْلبِ ِر َوالت َّ ْق َوى َوال تَعَ َ‬‫اونُوا َ‬ ‫(وتَعَ َ‬
‫وعال‪َ :‬‬
‫ان) ويقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من رأى منكم منكرا‬ ‫َوا ْلعُد َْو ِ‬
‫فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك‬
‫أضعف اإليمان) أما قول السائل‪ :‬إن المعزي يرفع اليدين ويقرأ‬
‫القرآن قبل الدخول والسالم فهذا بدعة وليس له أصل ‪ ،‬أما إذا قرأ‬
‫واحد عنهم القرآن على الجميع للفائدة فال بأس‪.‬‬
‫ال بأس باستقبال المعزين‬
‫س‪ :‬ما رأي سماحتكم فيمن يجلس بالمنزل الستقبال المعزين ‪ ،‬مع‬
‫العلم أن كثيرا من المعزين ال يتمكنون من القيام بالعزاء إال في‬
‫المنزل؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم بأسا في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه ‪ ،‬أو‬
‫زوجته ‪ ،‬ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت‬
‫المناسب ؛ ألن التعزية سنة ‪ ،‬واستقباله المعزين مما يعينهم على‬
‫أداء السنة؛ وإذا أكرمهم بالقهوة ‪ ،‬أو الشاي ‪ ،‬أو الطيب ‪ ،‬فكل ذلك‬
‫حسن‪.‬‬
‫حكم جمع أهل الميت في صف واحد حتى تتم تعزيتهم‬
‫س‪ :‬يقوم بعض المعزين بإخراج أهل الميت بعيدا عن القبور ‪،‬‬
‫ووضعهم في صف حتى تتم معرفتهم وتعزيتهم بنظام ‪ ،‬وال تهان‬
‫القبور ‪ ،‬ما حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم في هذا بأسا ؛ لما فيه من التيسير على الحاضرين‬
‫لتعزيتهم‪.‬‬
‫حكم تقبيل ومعانقة المعزى‬
‫س‪ :‬نالحظ في وقت العزاء أن أغلب الناس عندما يريدون التعزية‬
‫يقبلون المعزى أو يعانقونه ‪ ،‬والبعض ينكر ذلك ويقول‪ :‬إن‬
‫التعزية مصافحة فقط‪ ،‬فما رأي سماحتكم في ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬األفضل في التعزية وعند اللقاء المصافحة إال إذا كان المعزي‬
‫أو المالقي قد قدم من سفر فيشرع مع المصافحة المعانقة ؛ لقول‬
‫أنس رضي هللا عنه‪( :‬كان أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم إذا‬
‫تالقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا) وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫التعزية في أهل المعاصي‬
‫س‪ :‬أحيانا تحدث وفاة شخص إما متعمد لالنتحار‪ ،‬أو شخص‬
‫سكير شرب مسكرا يحتوي على كمية كبيرة من‬
‫س ْكر المؤدية للوفاة ‪ ،‬أو شخص اعتدي عليه للخالص من شره‬ ‫ال ُ‬
‫فهل يجوز مواساة والدة المتوفى بسبب من هذه األسباب ‪ ،‬أو‬
‫غيرها ممن يمت له بصلة ‪ ،‬حيث إنني أتردد كثيرا ‪ ،‬هل أذهب أم‬
‫ال؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس بالتعزية ‪ ،‬بل تستحب ‪ ،‬وإن كان الفقيد عاصيا بانتحار‬
‫أو غيره ‪ ،‬كما تستحب ألسرة من قُتِ َل قصاصا ‪ ،‬أو حدا ‪ ،‬كالزاني‬
‫المحصن ‪ ،‬وهكذا من شرب المسكر حتى مات بسبب ذلك ‪ ،‬ال مانع‬
‫في تعزية أهله فيه ‪ ،‬وال مانع من الدعاء له وألمثاله من العصاة‬
‫بالمغفرة والرحمة ‪ ،‬ويغسل ويصلي عليه ‪ ،‬لكن ال يصلي عليه‬
‫أعيان المسلمين مثل السلطان والقاضي ونحو ذلك ‪ ،‬بل يصلي‬
‫عليه بعض الناس من باب الزجر عن عمله السيئ‪ .‬أما من مات‬
‫بعدوان غيره عليه فهذا مظلوم ‪ ،‬يصلى عليه ويدعى له إذا كان‬
‫مسلما ‪ ،‬وكذا من مات قصاصا‪ -‬كما تقدم‪ -‬فهذا يصلى عليه ويدعى‬
‫له ويعزى أهله في ذلك إذا كان مسلما ولم يحصل منه ما يوجب‬
‫ردته‪ ،‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم السفر للتعزية‬
‫س‪ :‬ما حكم السفر للعزاء والمكث عند أهل الميت ؟‬
‫ج‪ :‬بحسب أحوال أهل الميت ‪ ،‬فإذا كان فيه تثقيل عليهم فال يجوز‬
‫‪ ،‬أما إذا كانوا يحبون ذلك فال حرج ‪ ،‬واألمر في ذلك واسع‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم من يسافر من أجل العزاء لقريب أو صديق ‪ ،‬وهل‬
‫يجوز العزاء قبل الدفن ؟‬
‫ج‪ :‬ال نعلم بأسا في السفر من أجل العزاء لقريب أو صديق ؛ لما‬
‫في ذلك من الجبر والمواساة وتخفيف آالم المصيبة ‪ ،‬وال بأس في‬
‫العزاء قبل الدفن وبعده ‪ ،‬وكلما كان أقرب من وقت المصيبة كان‬
‫أكمل في تخفيف آالمها‪ .‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة األخ المكرم ص‪ .‬م‪.‬‬
‫ح‪ .‬سلمه هللا‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية برقم ‪2790‬‬
‫وتاريخ ‪ 1405 /9 /8‬هـ الذي تسأل فيه عن أسوار المسجد وعن‬
‫الصالة على الميت بعد دفنه بالمقبرة وعن زكاة المرتبات ‪ ،‬وعن‬
‫السفر لتعزية إنسان في ميت ‪.‬‬
‫وأفيدك بأن ما كان داخل سور المسجد فهو من المسجد فال يباع‬
‫فيه وال تنشد فيه الضالة وتجوز الصالة فيه‪ .‬وأما السفر لتعزية‬
‫إنسان مسلم في ميته فال حرج فيه والدعاء لألموات وطلب الرحمة‬
‫لهم في خطبة الجمعة جائز ‪ ،‬والصالة على الميت بعد الدفن جائزة‬
‫وقد فعلها النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬أما زكاة المرتبات من النقود‬
‫ففيها تفصيل‪ :‬فإن كانت قد حال عليها الحول وهي في حوزته وقد‬
‫بلغت النصاب ففيها الزكاة‪ .‬أما إن كانت أقل من النصاب أو لم يحل‬
‫عليها الحول بل أنفقها قبل ذلك فال زكاة فيها‪،‬‬
‫وفق هللا الجميع لما فيه رضاه ‪ ،‬إنه سميع مجيب‪ ،‬والسالم عليكم‬
‫ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫ليس للعزاء أيام محدودة‬
‫س‪ :‬هل للتعزية حد معين؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لها حدا معلوما‪.‬‬
‫س‪ :‬هل للعزاء أيام محدودة ‪ ،‬حيث يقال‪ :‬إنها ثالثة أيام فقط؟‬
‫أرجو اإلفادة جزاكم هللا خيرا‬
‫ج‪ :‬العزاء ليس له أيام محدودة ‪ ،‬بل يشرع من حين خروج الروح‬
‫قبل الصالة على الميت وبعدها ‪ ،‬وليس لغايته حد في الشرع‬
‫المطهر سواء كان ذلك ليال أو نهارا ‪ ،‬وسواء كان ذلك في البيت‬
‫أو في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة أو في غير ذلك من‬
‫األماكن‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يعتبر تخصيص أيام ثالثة للعزاء ألهل الميت من األمور‬
‫المبتدعة ‪ ،‬وهل هناك عزاء للطفل والعجوز والمريض الذي ال‬
‫يرجى شفاؤه بعد موتهم؟‬
‫ج‪ :‬التعزية سنة ؛ لما فيها من جبر المصاب والدعاء له‬
‫بالخير ‪ ،‬وال فرق في ذلك بين كون الميت صغيرا أو كبيرا ‪ ،‬وليس‬
‫فيها لفظ مخصوص بل يعزي المسلم أخاه بما تيسر من األلفاظ‬
‫المناسبة مثل أن يقول‪( :‬أحسن هللا عزاءك وجبر مصيبتك وغفر‬
‫لميتك) إذا كان الميت مسلما‪ .‬أما إذا كان الميت كافرا فال يدعى له‬
‫وإنما يعزى أقاربه المسلمون بنحو الكلمات المذكورة‪ ،‬وليس لها‬
‫وقت مخصوص وال أيام مخصوصة ‪ ،‬بل هي مشروعة من حين‬
‫موت الميت ‪ ،‬قبل الصالة وبعدها ‪ ،‬وقبل الدفن وبعده ‪ ،‬والمبادرة‬
‫بها أفضل ‪ ،‬وتجوز بعد ثالث من موت الميت ؛ لعدم الدليل على‬
‫التحديد‪.‬‬
‫الكلمات المناسبة للتعزية‬
‫س‪ :‬األخ ع‪ .‬م‪ .‬ح‪ .‬من القاهرة يقول في سؤاله‪ :‬بعض الناس إذا‬
‫أراد أن يعزي إنسانا في قريب له متوفى يقول له‪ :‬البقية في حياتك‬
‫‪ ،‬وشد حيلك ونحو هذه الكلمات‬
‫والسؤال‪ :‬هل هناك شيء مخصوص يقال في مثل هذه المناسبة ‪،‬‬
‫وهل يجب التقيد به؟ أفيدونا مأجورين ‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال أعلم دعاء معينا في ذلك عن النبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ولكن يشرع للمعزي أن يعزي أخاه في هللا في فقيده بالكلمات‬
‫المناسبة ‪ ،‬مثل‪( :‬أحسن هللا عزاءك ‪ ،‬وجبر مصيبتك ‪ ،‬وأعظم‬
‫أجرك ‪ ،‬وغفر لميتك‪ ..‬ونحو ذلك‪ .‬أما التعزية بقوله البقية في‬
‫حياتك ‪ ،‬أو شد حيلك ‪ ،‬فال أعلم لهما أصال ‪ ،‬وفق هللا الجميع‪.‬‬
‫حكم إقامة مراسم العزاء‬
‫س‪ :‬تقام مراسم العزاء فيتجمع الناس عند بيت المتوفى خارج‬
‫المنزل ‪ ،‬وتوضع بعض المصابيح الكهربائية‪ -‬تشبه تلك التي في‬
‫األفراح‪ ، -‬ويصطف أهل المتوفى ويمر الذين يريدون تعزيتهم ‪،‬‬
‫يمرون عليهم واحدا بعد اآلخر ‪ ،‬ويضع كل منهم يده على صدر كل‬
‫فرد من أهل المتوفى ويقول له‪ :‬عظم هللا أجرك فهل هذا االجتماع‬
‫وهذا الفعل مطابق للسنة ؛ وإذا لم يوافق السنة ‪ ،‬فما هي السنة‬
‫في ذلك؟ أفيدونا جزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا العمل ليس مطابقا للسنة ‪ ،‬وال نعلم له أصال في الشرع‬
‫المطهر‪ .‬وإنما السنة التعزية ألهل المصاب من غير كيفية معينة‬
‫وال اجتماع معين كهذا االجتماع ‪ ،‬وإنما يشرع لكل مسلم أن يعزي‬
‫أخاه بعد خروج الروح في البيت ‪ ،‬أو في الطريق ‪ ،‬أو في المسجد‬
‫‪ ،‬أو في المقبرة ‪ ،‬سواء كانت التعزية قبل الصالة أو بعدها‪ .‬وإذا‬
‫قابله شرع له مصافحته والدعاء له بالدعاء المناسب مثل‪ :‬عظم‬
‫هللا أجرك وأحسن عزاءك وجبر مصيبتك ‪ ،‬وإذا كان الميت مسلما‬
‫دعا له بالمغفرة والرحمة ‪ ،‬وهكذا النساء فيما بينهن يعزي‬
‫بعضهن بعضا ‪ ،‬ويعزي الرجل المرأة والمرأة الرجل لكن من دون‬
‫خلوة وال مصافحة إذا كانت المرأة ليست محرما له‪ ،‬وفق هللا‬
‫المسلمين جميعا للفقه في دينه ‪ ،‬والثبات عليه ‪ ،‬إنه خير مسئول‪.‬‬
‫حكم جلوس أهل الميت ثالثة أيام للتعزية‬
‫س‪ :‬بعض أهل الميت يجلسون ثالثة أيام ‪ ،‬فما حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬إذا جلسوا حتى يعزيهم الناس فال حرج إن شاء هللا حتى ال‬
‫يتعبوا الناس ‪ ،‬لكن من دون أن يصنعوا للناس وليمة‪.‬‬
‫االجتماع في بيت الميت لألكل والشرب وقراءة القرآن بدعة‬
‫س‪ :‬في بعض البلدان إذا مات الميت يجتمعون في بيت الميت ثالثة‬
‫أيام يصلون ويدعون له ‪ ،‬فما حكم هذا؟‬
‫ج‪ :‬االجتماع في بيت الميت لألكل والشرب وقراءة القرآن بدعة ‪،‬‬
‫وهكذا الصالة في البيت ال تجوز ‪ ،‬بل على الرجال الصالة في‬
‫المسجد مع الجماعة ‪ ،‬وإنما يؤتى أهل الميت للتعزية والدعاء لهم‬
‫والترحم على ميتهم‪ .‬أما أن يجتمعوا إلقامة مأتم بقراءة خاصة أو‬
‫أدعية خاصة أو غير ذلك فذلك بدعة ‪ ،‬ولو كان هذا خيرا لسبقنا‬
‫إليه سلفنا الصالح‪ ،‬فالرسول صلى هللا عليه وسلم ما فعله ‪ ،‬فقد‬
‫قُ ِت َل جعفر بن أبي طالب وعبد هللا بن رواحة‪ ،‬وزيد بن حارثة‬
‫رضي هللا عنهم في معركة مؤتة فجاءه الخبر عليه الصالة والسالم‬
‫من الوحي بذلك‪ ،‬فنعاهم للصحابة وأخبرهم بموتهم وترضى عنهم‬
‫ودعا لهم ولم يتخذ لهم مأتما‪ ،‬وكذلك الصحابة من بعده لم يفعلوا‬
‫شيئا من ذلك ‪ ،‬فقد مات الصديق رضي هللا عنه ولم يتخذوا له‬
‫مأتما ‪،‬‬
‫وقتل عمر رضي هللا عنه وما جعلوا له مأتما ‪ ،‬وال جمعوا الناس‬
‫ليقرءوا القرآن ‪ ،‬وقتل عثمان بعد ذلك ‪ ،‬وعلي رضي هللا عنهما ‪،‬‬
‫فما فعل الصحابة رضي هللا عنهم لهما شيئا من ذلك‪ ،‬وإنما السنة‬
‫أن يصنع الطعام ألهل الميت من أقاربهم أو جيرانهم فيبعث إليهم ‪،‬‬
‫مثلما فعل النبي صلى هللا عليه وسلم حينما جاءه نعي جعفر فقال‬
‫ألهله (اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) أخرجه‬
‫الخمسة إال النسائي‪ ،‬هذا هو المشروع ‪ ،‬أما أن يحملوا بالء مع‬
‫بالئهم ‪ ،‬ويكلفوا ليضعوا طعاما للناس فهو خالف السنة ‪ ،‬وهو‬
‫بدعة ؛ لما ذكرنا آنفا ‪ ،‬ولقول جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا‬
‫عنه (كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من‬
‫النياحة) أخرجه اإلمام أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح‪ .‬والنياحة‬
‫هي‪ :‬رفع الصوت بالبكاء وهي محرمة ‪ ،‬والميت يعذب في قبره‬
‫بما يناح عليه ‪ ،‬كما صحت به السنة عن النبي عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ ،‬فيجب الحذر من ذلك‪ .‬أما البكاء فال بأس به إذا كان‬
‫بدمع العين‬
‫فقط بدون نياحة ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات ابنه‬
‫إبراهيم‪( :‬إن العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضى ربنا‬
‫وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)‬
‫حكم إقامة وليمة يجتمع فيها المعزون‬
‫س‪ :‬ما حكم ما جرت به عادة بعض الناس من ذبح اإلبل ‪ ،‬والغنم ‪،‬‬
‫وإقامة وليمة عند موت الميت يجتمع فيها المعزون وغيرهم ويقرأ‬
‫فيها القرآن؟‬
‫ج‪ :‬هذا كله بدعة لم يفعله رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال‬
‫أصحابه رضي هللا عنهم ‪ ،‬وقد ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي‬
‫الصحابي الشهير رضي هللا عنه قال‪( :‬كنا نعد االجتماع إلى أهل‬
‫الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) أخرجه اإلمام أحمد ‪،‬‬
‫وابن ماجة بسند صحيح‪ .‬وإنما المشروع‬
‫أن يصنع الطعام ألهل الميت ‪ ،‬ويبعث به إليهم ‪ ،‬من أقاربهم أو‬
‫جيرانهم أو غيرهم ؛ لكونهم قد شغلوا بالمصيبة عن إعداد الطعام‬
‫ألنفسهم ؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد هللا بن جعفر‬
‫رضي هللا عنهما قال‪ :‬لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا‬
‫عنه قال النبي صلى هللا عليه وسلم (اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد‬
‫أتاهم ما يشغلهم) أخرجه اإلمام أحمد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪،‬‬
‫وابن ماجة بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وهذا العمل مع كونه بدعة فيه أيضا تكليف أهل الميت وإتعابهم مع‬
‫مصيبتهم ‪ ،‬وإضاعة أموالهم في غير حق ‪ ،‬وهللا المستعان‪.‬‬
‫صنع الطعام ألهل الميت‬
‫س‪ :‬إذا كان اإلطعام ألهل الميت ذبيحة ‪ ،‬فما الحكم فيها؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس ‪ ،‬ويعمله لهم الجيران أو األقارب ؛ ألن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم أمر أهله أن يصنعوا آلل جعفر بن أبي طالب رضي هللا‬
‫عنه طعاما لما جاء خبر موته بالشام فقال‪:‬‬
‫(إنه قد أتاهم ما يشغلهم)‬
‫أهل الميت ال يصنعون للناس طعاما‬
‫س‪ :‬إذا صنع أهل الميت ألنفسهم طعاما فهل يجوز؟‬
‫ج‪ :‬ال بأس إذا صنعوا ألنفسهم ‪ ،‬ولكن ال يصنعوا ذلك للناس‪.‬‬
‫حكم دعوة أهل الميت من يأكل معهم ما بُ ِع َ‬
‫ث لهم‬
‫س‪ :‬إذا بعث ألهل الميت غداء أو عشاء فاجتمع عليه الناس في‬
‫بيت الميت ‪ ،‬هل هو من النياحة المحرمة؟‬
‫ج‪ :‬ليس ذلك من النياحة ؛ ألنهم لم يصنعوه وإنما صنع ذلك لهم ‪،‬‬
‫وال بأس أن يدعوا من يأكل معهم من الطعام الذي بعث لهم ؛ ألنه‬
‫قد يكون كثيرا يزيد على حاجتهم‪.‬‬
‫حكم بعث الذبائح ألهل الميت والدعوة إليها‬
‫س‪ :‬بالنسبة للذبائح التي تذبح عند العزاء إذا أحضرها الشخص‬
‫ألهل الميت ودعا عليها ‪ ،‬ما الحكم فيها؟ وما حكم الجلوس في‬
‫العزاء معهم؟‬
‫ج‪ :‬السنة ألقارب الميت وأصدقائه وجيرانه أن يبعثوا ألهل الميت‬
‫طعاما حتى يريحوهم من تعب الطبخ ؛ ألنه قد أتاهم ما يشغلهم ‪،‬‬
‫ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أمر أهله أن يبعثوا آلل جعفر بن‬
‫أبي طالب رضي هللا عنه طعاما لما جاء خبر موته وقال صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪( :‬إنه قد جاءهم ما يشغلهم) أما بعث الذبائح فهذا‬
‫خالف السنة ؛ ألنه إتعاب لهم بذبحها وطبخها ‪ ،‬فينبغي عدم فعل‬
‫ذلك ؛ ألنه خالف السنة‪.‬‬
‫حكم دفع النقود ألهل الميت‬
‫س‪ :‬بعض المعزين يدفع شيئا من المال ألهل الميت حسب قدرته ‪،‬‬
‫فهل هذا جائز؟ جزاكم هللا خيرا ‪.‬‬
‫ج‪ :‬السنة أن يصنع لهم طعاما إذا تيسر ‪ ،‬والنبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم لما جاءه نعي جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة قال ألهله‪:‬‬
‫(اصنعوا ألهل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم) فإذا صنعوا‬
‫لهم طعاما ليأكلوه فهو حسن‪.‬‬
‫أما إعطاؤهم النقود فهذا غير مشروع ‪ ،‬إال إذا كانوا فقراء‬
‫ومحتاجين ‪ ،‬فهؤالء ال يعطون وقت العزاء ‪ ،‬ولكن في وقت آخر‬
‫من أجل فقرهم وحاجتهم‪.‬‬
‫حكم إقامة الوالئم من تركة الميت‬
‫س‪ :‬يقيم بعض الناس والئم وذبائح عند موت بعض‬
‫أقاربهم ‪ ،‬وتصرف قيمة هذه الوالئم من مال المتوفى ‪ ،‬ما حكم‬
‫ذلك؟ وإذا وصى الميت بإقامة مثل هذه الوالئم بعد موته هل يلزم‬
‫الشرع الورثة بإنفاذ هذه الوصية؟‬
‫ج‪ :‬الوصية بإقامة الوالئم بعد الموت بدعة ومن عمل الجاهلية ‪،‬‬
‫وهكذا عمل أهل الميت للوالئم المذكورة ولو بدون وصية منكر ال‬
‫يجوز ؛ لما ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه قال‪:‬‬
‫(كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من‬
‫النياحة) خرجه اإلمام أحمد بإسناد حسن ‪ ،‬وألن ذلك خالف ما‬
‫شرعه هللا من إسعاف أهل الميت بصنعة الطعام لهم لكونهم‬
‫مشغولين بالمصيبة ؛ لما ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫لما بلغه استشهاد جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه في غزوة‬
‫مؤتة قال ألهله‪( :‬اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم)‬
‫عادات االحتفال بعد موت أحد من الناس‬
‫س‪ :‬هناك في اليمن عادات يفعلها بعض الناس بعد موت أحد‬
‫أقاربهم ‪ ،‬فهم يضطرون إلى أن يستدينوا من أجل االحتفاالت‬
‫واألكل والشرب وما أشبه ذلك ‪ ،‬حتى وإن كان المتوفى فقيرا لم‬
‫خلف شيئا ‪ ،‬فما الحكم في ذلك جزاكم هللا خيرا؟‬
‫يُ ِ‬
‫ج‪ :‬ال يجوز االحتفال عند موت أحد من الناس ‪ ،‬وليس ألهل الميت‬
‫أن يقيموا احتفاال وال يذبحوا ذبائح ويصنعوا طعاما للناس ‪ ،‬كل‬
‫هذا من البدع ومن أعمال الجاهلية ‪ ،‬فالواجب تركه‪ ،‬وقد ثبت عن‬
‫جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه قال‪( :‬كنا نعد االجتماع إلى‬
‫أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) رواه اإلمام أحمد‬
‫بإسناد صحيح‪.‬‬
‫فالمشروع للمسلمين إذا مات الميت المسلم أن يسألوا هللا له‬
‫المغفرة والرحمة ‪ ،‬وأن يتركوا هذه االحتفاالت الجاهلية ‪ ،‬لكن‬
‫يشرع لجيرانهم وأقاربهم أن يصنعوا لهم‬
‫طعاما ؛ ألنهم مشغولون بالمصيبة ؛ لما ثبت من حديث عبد هللا بن‬
‫جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه‪ -‬لما قتل في غزوة‬
‫مؤتة في أرض الشام‪ -‬إلى المدينة أمر النبي عليه الصالة والسالم‬
‫أهله أن يصنعوا آلل جعفر طعاما قال‪( :‬ألنه أتاهم ما يشغلهم) أما‬
‫أهل الميت فليس لهم صنع الطعام للناس ؛ لما تقدم‪ .‬أما إذا صنعوا‬
‫ذلك ألنفسهم أو لضيوف نزلوا بهم فال بأس‪.‬‬
‫حكم البذخ واإلسراف في العزاء‬
‫س‪ :‬ما حكم البذخ واإلسراف في العزاء ‪ ،‬حيث يتكلف أهل الميت‬
‫بإقامة الوالئم للمعزين ‪ ،‬وهناك عادة جرت مثل اليوم الثالث واليوم‬
‫الثامن ‪ ،‬واألربعين بالنسبة للمعزين ؟‬
‫ج‪ :‬هذا ال أصل له ‪ ،‬بل هو بدعة ومنكر ومن أمر الجاهلية ‪ ،‬فال‬
‫يجوز للمعزين أن يقيموا الوالئم للميت ‪ ،‬ال في اليوم األول وال في‬
‫الثالث وال في الرابع وال في األربعين أو غير ذلك ‪ ،‬هذه كلها بدعة‬
‫‪ ،‬وعادة جاهلية ال وجه لها ‪ ،‬بل‬
‫عليهم أن يحمدوا هللا ويصبروا ويشكروه سبحانه وتعالى على ما‬
‫قدر ‪ ،‬ويسألوه سبحانه أن يصبرهم وأن يعينهم على تحمل‬
‫المصيبة ‪ ،‬ولكن ال يصنعون للناس طعاما‪.‬‬
‫قال جرير بن عبد هللا البجلي‪ -‬وهو صحابي جليل‪ -‬رضي هللا عنه‪:‬‬
‫(كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من‬
‫النياحة) رواه اإلمام أحمد بإسناد حسن‪ .‬كان الصحابة يعدون‬
‫النياحة من المحرمات ؛ ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم زجر‬
‫عنها ‪ ،‬ولكن يشرع ألقاربهم وجيرانهم أن يبعثوا لهم طعاما ؛‬
‫ألنهم مشغولون بالمصيبة ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم لما‬
‫وصله نعي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه حين قتل في مؤتة‬
‫باألردن أمر صلى هللا عليه وسلم أهل بيته أن يصنعوا ألهل جعفر‬
‫طعاما ‪ ،‬وقال‪( :‬إنه قد أتاهم ما يشغلهم) أما أهل الميت فال يصنعوا‬
‫طعاما ال في اليوم األول ‪ ،‬وال في اليوم الثالث ‪ ،‬وال في الرابع ‪،‬‬
‫وال في العاشر ‪ ،‬وال في غيره‪.‬‬
‫لكن إذا صنعوا ألنفسهم أو لضيفهم طعاما فال بأس ‪ ،‬أما أن‬
‫يجمعوا الناس للعزاء ويصنعوا لهم طعاما فال يجوز لمخالفته‬
‫للسنة‪.‬‬
‫األربعينيات والسنوات ال أصل لها في الشرع‬
‫س‪ :‬ما حكم العادات في العزاء ‪ ،‬من الوالئم وقراءة القرآن‬
‫واألربعينيات والسنوات وما شاكل ذلك؟‬
‫ج‪ :‬هذه العادات ال أصل لها في الشرع المطهر وال أساس لها ‪ ،‬بل‬
‫هي من البدع ومن أمر الجاهلية ‪ ،‬فإقامة وليمة إذا مات الميت‬
‫يدعى إليها الجيران واألقارب وغيرهم ألجل العزاء بدعة ال تجوز‬
‫‪ ،‬وهكذا إقامة هذه األمور كل أسبوع أو على رأس السنة كلها من‬
‫البدع الجاهلية ‪ ،‬وإنما المشروع ألهل الميت الصبر واالحتساب‬
‫والقول كما قال الصابرون‪( :‬إنا هلل وإنا إليه راجعون)‪.‬‬
‫صلَ َواتٌ‬ ‫وقد وعدهم هللا خيرا كثيرا ‪ ،‬فقال سبحانه‪( :‬أُولَئِكَ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َ‬
‫ُون) وال حرج عليهم أن‬ ‫ِم ْن َر ِب ِه ْم َو َر ْح َمةٌ َوأُولَئِكَ ُه ُم ا ْل ُم ْهتَد َ‬
‫يصنعوا ألنفسهم الطعام العادي ألكلهم وحاجاتهم ‪ ،‬وهكذا إذا نزل‬
‫بهم ضيف ال حرج عليهم أن يصنعوا له طعاما يناسبه ؛ لعموم‬
‫األدلة في ذلك‪.‬‬
‫ويشرع ألقاربهم وجيرانهم أن يصنعوا لهم طعاما يرسلونه إليهم ؛‬
‫ألنه‬
‫قد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه لما أتى نعي جعفر‬
‫بن أبي طالب رضي هللا عنه حين قتل في مؤتة في الشام أنه قال‬
‫ألهله‪( :‬اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم) فدل ذلك‬
‫على مشروعية إرسال الطعام إلى أهل الميت من أقاربهم أو غيرهم‬
‫أيام المصيبة‪.‬‬
‫من بدع العزاء‬
‫س‪ :‬نسأل عن ظاهرة منتشرة في كثير من بالد المسلمين ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ما يقوم به أهل الميت من أعمال بعد االنتهاء من الدفن لميتهم ‪،‬‬
‫حيث يجهزون سرادقا من الخيام أو أي شيء آخر ‪ ،‬ويجتمع أهل‬
‫الميت فيه بعد إضاءته في إحدى الساحات أو الشوارع ‪ ،‬الستقبال‬
‫المعزين وتناول القهوة والشاي وغيرهما ‪ ،‬باإلضافة إلى إحضار‬
‫قارئ لقراءة القرآن بأجر ‪ ،‬وإن لم يتيسر استخدموا جهاز تسجيل‬
‫لسماع القرآن ‪ ،‬وفي الليلة الثالثة يتم إقامة وليمة طعام للجميع ‪،‬‬
‫فما توجيه سماحتكم؟ وهل تجوز المشاركة فيها؟ ع‪ .‬م‪ -.‬مكة‪.‬‬
‫ج‪ :‬إقامة العزاء بهذه الصورة بدعة ال يجوز فعلها ‪ ،‬وال المشاركة‬
‫فيها ؛ لما ثبت عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه أنه قال‬
‫(كنا نعد االجتماع ألهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من‬
‫النياحة) رواه اإلمام أحمد بإسناد صحيح‪ .‬وإنما السنة أن يصنع‬
‫ألهل الميت طعام من أقاربهم ‪ ،‬وجيرانهم ؛ لما ثبت عن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم أنه قال ألهله لما جاء نبأ نعي جعفر بن أبي‬
‫طالب رضي هللا عنه‪( :‬اصنعوا آلل جعفر طعاما فقد أتاهم ما‬
‫يشغلهم) رواه اإلمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ‪ ،‬نسأل هللا‬
‫أن يوفق المسلمين لما فيه نجاتهم وسالمة دينهم ودنياهم ‪ ،‬إنه‬
‫سميع قريب‪.‬‬
‫س‪ :‬عندنا في سورية عادات مختلفة قليال وعجيبة أحيانا عما عند‬
‫غيرنا ‪ ،‬مثال‪ :‬عندما يتوفى لنا ميت يسارع الناس إلى تقديم العزاء‬
‫حاملين معهم ما يتيسر من مواد غذائية سكر ورز وما هنالك لمدة‬
‫أسبوع أو أكثر‪.‬‬
‫يجلسون ويتبادلون األحاديث ويتناولون الشاي والدخان وخاصة‬
‫األرجيل ويطيلون في جلوسهم ‪ ،‬وبعد عصر كل يوم يقرءون ما‬
‫يسمى الختمية ‪ ،‬كل شخص يقرأ جزءا من‬
‫القرآن ثم يتم وهبه للميت ‪ ،‬وأحيانا نجد شخصين يقرآن في نفس‬
‫الجزء ‪ ،‬أحدهما الصفحة األولى ‪ ،‬والثاني الصفحة األخرى ؛ حتى‬
‫يستعجال في قراءة الجزء‪ ,‬ونفس الشيء يوم األربعين ‪ ،‬حيث يتم‬
‫ذلك بعد صالة الظهر وتقديم وليمة أو وليمتين على الغداء‪ .‬فما‬
‫رأيكم في ذلك؟ جزاكم هللا عنا كل خير ‪ .‬أ‪ .‬م‪ .‬ح‪ .‬سوريا‪.‬‬
‫ج‪ :‬الحمد هلل ‪ ،‬وبعد‪ :‬فإن التعزية مشروعة ألهل الميت ‪ ،‬وهكذا‬
‫بعث الطعام لهم ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أمر أهله أن‬
‫يبعثوا آلل جعفر بن أبي طالب طعاما لما جاء خبر موته ‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫(فقد أتاهم ما يشغلهم) أما جلوس أهل الميت أو غيرهم يوما أو‬
‫أكثر لقراءة القرآن وإهدائه إلى الميت فبدعة ال أصل لها في‬
‫الشرع المطهر‪ ،‬وكذا ما ذكرتم مما يفعل يوم األربعين ال أصل له‬
‫في الشرع‪.‬‬
‫وأما التدخين فهو منكر في جميع األوقات ومضاره كثيرة‪.‬‬
‫نسأل هللا أن يعافي المسلمين من شره ‪ ،‬ومن جميع الشرور ‪ ،‬وأن‬
‫يوفقهم التباع السنة والحذر في جميع شئونهم ‪ ،‬إنه جواد كريم‪.‬‬
‫وهللا الموفق‪.‬‬
‫الذكريات التي تقام للميت‬
‫س‪ :‬من أين أتت الذكرى التي تقام للميت في اليوم الثالث من‬
‫وضعه في القبر؟‬
‫ج‪ :‬ابتدعها من جهلوا اإلسالم وما يجب عليهم نحوه من المحافظة‬
‫على أصوله وفروعه ‪ ،‬وليس لديهم وازع ديني سليم ‪ ،‬بل مشرب‬
‫بتقاليد أهل الضالل ‪ ،‬فهو بدعة مستحدثة في اإلسالم ؛ فكانت‬
‫مردودة شرعا؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من عمل عمال ليس‬
‫عليه أمرنا فهو رد)‬
‫الذكرى األربعينية عادة فرعونية‬
‫س‪ :‬ما أصل الذكرى األربعينية؟ وهل هناك دليل على مشروعية‬
‫التأبين؟‬
‫ج‪ :‬أوال‪ :‬األصل فيها أنها عادة فرعونية ‪ ،‬كانت لدى‬
‫الفراعنة قبل اإلسالم ‪ ،‬ثم انتشرت عنهم وسرت في غيرهم ‪ ،‬وهي‬
‫بدعة منكرة ال أصل لها في اإلسالم ‪ ،‬ويردها ما ثبت من قول النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو‬
‫رد)‬
‫ثانيا‪ :‬تأبين الميت ورثاؤه على الطريقة الموجودة اليوم من‬
‫االجتماع لذلك والغلو في الثناء عليه ال يجوز ؛ لما رواه أحمد‬
‫وابن ماجة وصححه الحاكم من حديث عبد هللا بن أبي أوفى‬
‫قال‪(:‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن المراثي) ولما في‬
‫ذكر أوصاف الميت من الفخر غالبا وتجديد اللوعة وتهييج الحزن‪.‬‬
‫وأما مجرد الثناء عليه عند ذكره أو مرور جنازته أو للتعريف به‬
‫بذكر أعماله الجليلة ونحو ذلك مما يشبه رثاء بعض الصحابة‬
‫لقتلى أحد وغيرهم فجائز ؛ لما ثبت عن أنس بن مالك رضي هللا‬
‫عنه قال‪( :‬مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا؛ فقال صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ :‬وجبت‪ ،‬ثم مروا بأخرى‪ ،‬فأثنوا عليها شرا؛ فقال صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ :‬وجبت‪ ،‬فقال عمر رضي هللا عنه‪ :‬ما وجبت؟ قال صلى‬
‫هللا‬
‫عليه وسلم‪( :‬هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة‪ ،‬وهذا أثنيتم‬
‫عليه شرا فوجبت له النار أنتم شهداء هللا في األرض)‬
‫تنبيه على مسائل في التعزية‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من‬
‫إخواني المسلمين ‪ ،‬وفقني هللا وإياهم إلى فعل الطاعات وجنبني‬
‫وإياهم البدع والمنكرات آمين‪ .‬سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪،‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن الداعي لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير والتنبيه على‬
‫مسائل في التعزية مخالفة للشرع قد وقع فيها بعض الناس وال‬
‫ينبغي السكوت عنها بل يجب التنبيه والتحذير منها‪.‬‬
‫أقول وباهلل التوفيق‪ :‬على كل مسلم أن يعلم علم اليقين أن ما‬
‫أصابه فهو بقضاء هللا وقدره وعليه أن يصبر ويحتسب ‪ ،‬وينبغي‬
‫للمصاب أن يستعين باهلل تعالى ويتعزى بعزائه ويمتثل أمره في‬
‫االستعانة بالصبر والصالة ؛ لينال ما وعد هللا به الصابرين في‬
‫صابَتْ ُه ْم ُم ِصيبَةٌ قَالُوا إِنَّا‬ ‫ِين إِذَا أَ َ‬
‫ين الَّذ َ‬ ‫صا ِب ِر َ‬
‫(وبَش ِِر ال َّ‬‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫صلَ َواتٌ ِم ْن َر ِب ِه ْم َو َر ْح َمةٌ‬
‫علَ ْي ِه ْم َ‬‫ون أُولَئِكَ َ‬ ‫اجعُ َ‬ ‫ِ ََّّللِ َوإِنَّا إِلَ ْي ِه َر ِ‬
‫َوأُولَ ِئكَ ُه ُم ا ْل ُم ْهتَد َ‬
‫ُون)‬
‫وروى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي هللا عنها ‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪( :‬ما من عبد تصيبه‬
‫مصيبة فيقول إنا هلل وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي‬
‫واخلف لي خيرا منها إال أجره هللا في مصيبته وأخلف له خيرا‬
‫منها) وليحذر المصاب أن يتكلم بشيء يحبط أجره ويسخط ربه‬
‫مما يشبه التظلم والتسخط ‪ ،‬فهو سبحانه وتعالى عدل ال يجور ‪،‬‬
‫وله ما أخذ وله ما أعطى ‪ ،‬وكل شيء عنده بأجل مسمى ‪ ،‬وله في‬
‫ذلك الحكمة البالغة ‪ ،‬وهو الفعال لما يريد ‪ ،‬ومن عارض في هذا‬
‫فإنما يعترض على قضاء هللا وقدره الذي هو عين المصلحة‬
‫والحكمة وأساس العدل والصالح‪.‬‬
‫وال يدعو على نفسه ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قال لما مات‬
‫أبو سلمة‪( :‬ال تدعوا على أنفسكم إال بخير فإن المالئكة يؤمنون‬
‫على ما تقولون) ‪ ,‬ويحتسب ثواب هللا ويحمده‪.‬‬
‫وتعزية المصاب بالميت مستحبة ؛ لما روي عن ابن مسعود رضي‬
‫هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬من عزى مصابا فله مثل أجره) ‪.‬‬
‫والمقصود منها تسلية أهل المصيبة في مصيبتهم ومواساتهم‬
‫وجبرهم‪.‬‬
‫وال بأس بالبكاء على الميت ؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم فعله‬
‫لما مات ابنه إبراهيم وبعض بناته صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫أما الندب والنياحة ولطم الخد وشق الجيب وخمش الوجه ونتف‬
‫الشعر والدعاء بالويل والثبور وما أشبهها فكل ذلك محرم ؛ لما‬
‫روى ابن مسعود رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه‬
‫قال‪( :‬ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى‬
‫الجاهلية) وعن أبي موسى رضي هللا عنه قال‪( :‬إن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة) وذلك‬
‫ألن هذه األشياء وما أشبهها فيها إظهار للجزع والتسخط وعدم‬
‫الرضا والتسليم‪.‬‬
‫والصالقة‪ :‬هي التي ترفع صوتها عند المصيبة ‪ ،‬والحالقة‪ :‬هي‬
‫التي تحلق شعرها عند المصيبة ‪ ،‬والشاقة‪ :‬هي التي تشق ثوبها‬
‫عند المصيبة ‪ .‬ويستحب إصالح طعام ألهل الميت يبعث به إليهم‬
‫إعانة لهم وجبرا لقلوبهم فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي‬
‫إليهم عن إصالح طعام ألنفسهم ؛ لما روى اإلمام أحمد وأبو داود‬
‫والترمذي وابن ماجة بسند صحيح عن عبد هللا ابن جعفر بن أبي‬
‫طالب رضي هللا عنهما قال‪ :‬لما جاء نعي جعفر قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم (اصنعوا آلل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم ما‬
‫يشغلهم) وروي عن عبد هللا بن أبي بكر رضي هللا عنهما أنه قال‪:‬‬
‫(فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها)‪.‬‬
‫أما صنع أهل الميت الطعام للناس سواء أكان ذلك من مال الورثة‬
‫أو من ثلث الميت أو من شخص يفد عليهم فهذا ال يجوز ؛ ألنه‬
‫خالف السنة ومن عمل الجاهلية ‪ ،‬وألن في ذلك زيادة تعب لهم‬
‫على مصيبتهم وشغال إلى شغلهم وقد روى اإلمام أحمد وابن ماجة‬
‫بإسناد جيد عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه أنه قال‪:‬‬
‫(كنا نعد االجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من‬
‫النياحة)‬
‫وأما اإلحداد فيحرم على المرأة إحداد فوق ثالثة أيام على ميت‬
‫غير زوج ‪ ،‬فيلزم زوجته اإلحداد مدة العدة فقط ؛‬
‫لقوله عليه الصالة والسالم‪( :‬ال يحل المرأة تؤمن باهلل واليوم‬
‫اآلخر أن تحد على ميت فوق ثالث ليا ٍل إال على زوجٍ أربعة أشهر‬
‫وعشرا)‬
‫أما إحداد النساء سنة كاملة فهذا مخالف للشريعة اإلسالمية‬
‫السمحة ‪ ،‬وهو من عادات الجاهلية التي أبطلها اإلسالم وحذر منها‬
‫‪ ،‬فالواجب إنكاره والتواصي بتركه‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪ « :‬وهذا من تمام محاسن‬
‫الشريعة وحكمتها ورعايتها على أكمل الوجوه ‪ ،‬فإن اإلحداد على‬
‫الميت من تعظيم مصيبة الموت التي كان أهل الجاهلية يبالغون‬
‫فيها أعظم مبالغة ‪ ،‬وتمكث المرأة سنة في أضيق بيت وأوحشه ‪،‬‬
‫ال تمس طيبا وال تدهن وال تغتسل ‪ ،‬إلى غير ذلك مما هو تسخط‬
‫على الرب وأقداره ‪ ،‬فأبطل هللا بحكمته سنة الجاهلية وأبدلنا بها‬
‫الصبر والحمد‪.‬‬
‫ولما كانت مصيبة الموت ال بد أن تحدث للمصاب من الجزع واأللم‬
‫والحزن ما تقتضيه الطباع سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من‬
‫ذلك ‪ ،‬وهو ثالثة أيام ‪ ،‬تجد بها نوع راحة ‪ ،‬وتقضي بها وطرا من‬
‫الحزن ‪ ،‬وما زاد عن ذلك فمفسدة‬
‫راجحة فمنع منه‪ .‬والمقصود أنه أباح لهن اإلحداد على موتاهن‬
‫ثالثة أيام ‪ ،‬وأما اإلحداد على الزوج فإنه تابع للعدة بالشهور ‪،‬‬
‫وأما الحامل فإذا انقضى حملها سقط وجوب اإلحداد ؛ ألنه يستمر‬
‫إلى حين الوضع » ا‪ .‬هـ كالمه رحمه هللا‪.‬‬
‫وأما عمل الحفل بعد خروج المرأة من العدة فهو بدعة إذا اشتمل‬
‫على ما حرم هللا من نياحة وعويل وندب ونحوها ‪ ،‬فإن لم يشتمل‬
‫على شيء من ذلك فال بأس به ‪ ،‬أما االحتفال من أجل الميت فلم‬
‫يثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال عن أحد من أصحابه‬
‫رضي هللا عنهم وال عن السلف الصالح إقامة حفل للميت مطلقا ال‬
‫عند وفاته وال بعد أسبوع أو أربعين يوما أو سنة من وفاته ‪ ،‬بل‬
‫ذلك بدعة وعادة قبيحة‪.‬‬
‫فيجب البعد عن مثل هذه األشياء وإنكارها والتوبة إلى هللا منها‬
‫وتجنبها ؛ لما فيها من االبتداع في الدين ومشابهة المشركين ‪،‬‬
‫وقد ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬بعثت بالسيف‬
‫بين يدي الساعة حتى يعبد هللا وحده ال شريك له وجعل رزقي تحت‬
‫ظلي رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه‬
‫بقوم فهو منهم) وثبت عنه أيضا‬
‫ليه الصالة والسالم أنه قال‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد) إلى غير ذلك من األحاديث الدالة على النهي عن التشبه‬
‫بالمشركين وعن االبتداع في الدين‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫حكم النعي في الجرائد‬
‫س‪ :‬ما حكم النعي في الجرائد؟‬
‫ج‪ :‬هو محل نظر لما فيه من التكلف غالبا ‪ ،‬وقد يباح إذا كان صدقا‬
‫وليس فيه تكلف ‪ ،‬وتركه أولى وأحوط ‪ ،‬وإذا أراد التعزية فيكتب‬
‫لهم كتابا أو يتصل بالهاتف أو يزورهم وهذا أكمل‪.‬‬
‫س‪ :‬ما حكم التعزية في الجرائد ‪ ،‬هل تعتبر من النعي المحرم؟‬
‫ج‪ :‬ليس ذلك من النعي المحرم ‪ ،‬وتركه أولى ؛ ألنه يكلف المال‬
‫الكثير‪.‬‬
‫حكم قولهم « انتقل إلى مثواه األخير »‬
‫س‪ :‬ما حكم قولهم في التعزية‪ « :‬انتقل إلى مثواه األخير » ؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم في هذا بأسا ؛ ألنه مثواه األخير بالنسبة للدنيا ‪ ،‬وهي‬
‫كلمة عامية ؛ أما المثوى األخير الحقيقي فهو الجنة للمتقين والنار‬
‫للكافرين‪.‬‬
‫حكم قولهم‪ « :‬يا أيتها النفس المطمئنة »‬
‫س‪ :‬ما حكم قولهم‪ « :‬يا أيتها النفس المطمئنة » ؟‬
‫ج‪ :‬هذا غلط وما يدريهم بذلك ؛ بل المشروع الدعاء له بالمغفرة‬
‫والرحمة ويكفي ذلك‪.‬‬
‫حكم قول أهل الميت للناس‪ « :‬حللوا أخاكم » أو « أبيحوه »‬
‫ونحوهما‬
‫س‪ :‬ما حكم قول أهل الميت للناس‪ :‬حللوا أخاكم أو أبيحوه ‪،‬‬
‫وقولهم‪ :‬استغفروا له؟‬
‫ج‪ :‬ال أعلم لهذا أصال ؛ لكن إذا كان يعلم أنه ظالمهم وطلب منهم‬
‫أن يبيحوه فال بأس ‪ ،‬وإال يقتصر الطلب على الدعاء واالستغفار‪.‬‬
‫حكم توزيع أوراق يبين فيها مكان الصالة أو العزاء‬
‫س‪ :‬عندنا في العمل إذا مات زميل لنا توزع أوراق يبين فيها مكان‬
‫الصالة أو العزاء فما حكمه؟‬
‫ج‪ :‬ما أعلم في ذلك شيئا ‪ ،‬كما فعل النبي صلى هللا عليه وسلم مع‬
‫النجاشي ‪ ،‬فإذا قالوا سيصلى عليه في الجامع الفالني فليس في‬
‫ذلك شيء‪.‬‬
‫حكم القصائد التي فيها رثاء للميت‬
‫س‪ :‬القصائد التي فيها رثاء للميت هل هي من النعي المحرم؟‬
‫ج‪ :‬ليست القصائد التي فيها رثاء للميت من النعي المحرم ‪ ،‬ولكن‬
‫ال يجوز ألحد أن يغلو في أحد ويصفه بالكذب ‪ ،‬كما هي عادة الكثير‬
‫من الشعراء‪.‬‬
‫رسالة تعزية‬
‫من عبد العزيز بن عبد هللا بن باز إلى حضرة اإلخوان الكرام ع‪ .‬م‪.‬‬
‫ن‪ .‬وإخوانه وأهل بيتهم‪ .‬وفق هللا الجميع لما فيه رضاه وجبر‬
‫مصيبتهم‪.‬‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته أما بعد‪:‬‬
‫لقد بلغني وفاة والدكم رحمه هللا ‪ ،‬وأقول‪ :‬أحسن هللا عزاءكم وجبر‬
‫مصيبتكم وغفر للفقيد وتغمده برحمته ورضوانه وأصلح ذريته‬
‫جميعا‪ .‬وال يخفى على الجميع أن الموت طريق مسلوك ومنهل‬
‫مورود ‪ ،‬وقد مات الرسل وهم أشرف الخلق عليهم الصالة والسالم‬
‫‪ ،‬فلو سلم أحد من الموت لسلموا ‪ ،‬قال هللا سبحانه‪ُ ( :‬ك ُّل نَ ْف ٍس‬
‫ور ُك ْم يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة فَ َم ْن ُز ْح ِز َح ع َِن‬ ‫ذَائِقَةُ ا ْل َم ْو ِ‬
‫ت َوإِنَّ َما ت ُ َوفَّ ْو َن أ ُ ُج َ‬
‫ور)‬‫ع ا ْلغُ ُر ِ‬‫از َو َما ا ْل َح َياةُ ال ُّد ْن َيا ِإال َمتَا ُ‬ ‫النَّ ِار َوأُد ِْخ َل ا ْل َجنَّةَ فَقَ ْد فَ َ‬
‫والمشروع للمسلمين عند نزول المصائب هو الصبر واالحتساب‬
‫ون وقد وعدهم‬ ‫اجعُ َ‬ ‫والقول كما قال الصابرون‪( :‬إِنَّا ِ ََّّللِ َوإِنَّا إِلَ ْي ِه َر ِ‬
‫هللا على ذلك خيرا‬
‫صلَ َواتٌ ِم ْن َر ِب ِه ْم َو َر ْح َمةٌ َوأُولَئِكَ ُه ُم‬ ‫عظيما ‪ ،‬فقال‪( :‬أُولَئِكَ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َ‬
‫ُون) وصح عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪( :‬ما من‬ ‫ا ْل ُم ْهتَد َ‬
‫عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا هلل وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في‬
‫مصيبتي واخلفني خيرا منها) إال أجره هللا في مصيبته وخلف له‬
‫خيرا منها فنسأل هللا أن يجبر مصيبتكم جميعا ‪ ،‬وأن يحسن لكم‬
‫الخلف ‪ ،‬وأن يعوضكم الصالح والعاقبة الحميدة‪.‬‬
‫ونوصيكم بالصبر واالحتساب ‪ ،‬والتعاون على البر والتقوى ‪،‬‬
‫واالستغفار لوالدكم ‪ ،‬والدعاء له بالفوز بالجنة والنجاة من النار ‪،‬‬
‫والمسارعة لقضاء دينه إن كان عليه دين ‪ ،‬كما نوصي زوجاته‬
‫جميعا أن يبقين في بيوتهن حتى تنتهي العدة ‪ ،‬وهللا سبحانه يقول‪:‬‬
‫ع ْنهُ فَا ْنتَ ُهوا َواتَّقُوا َّ‬
‫َّللاَ ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ‬ ‫سو ُل فَ ُخذُو ُه َو َما نَ َها ُك ْم َ‬ ‫(و َما آتَا ُك ُم َّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫ب) جبر هللا مصيبة الجميع ‪ ،‬وضاعف لكم جميعا األجر‬ ‫شدِي ُد ا ْل ِعقَا ِ‬
‫َ‬
‫‪ ،‬وغفر لوالدكم ‪ ،‬وأسكنه فسيح جنته ‪ ،‬إنه سميع قريب‪ ،‬والسالم‬
‫عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬
‫رئيس الجامعة اإلسالمية‬
‫حكم الصبر والشكر والرضا عند المصيبة‬
‫س‪ :‬الشكر عند المصيبة هل هو واجب؟‬
‫ج‪ :‬الواجب الصبر ؛ أما الرضا والشكر فهما مستحبان ‪ ،‬وعند‬
‫المصيبة ثالثة أمور‪ :‬الصبر وهو واجب ‪ ،‬والرضا سنة ‪ ،‬والشكر‬
‫أفضل‪.‬‬
‫حكم النياحة على الميت‬
‫علي ‪ ،‬وال تذيعوا‬
‫س‪ :‬إني قلت ألخي‪ :‬إذا توفيت ال تبكوا َّ‬
‫بالميكرفون‪ ،‬وأنا أخاف أن يفعلوا ذلك ‪ ،‬فما توجيهكم لهم جزاكم‬
‫هللا خيرا ؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على المسلمين في هذه األمور الصبر واالحتساب ‪،‬‬
‫وعدم النياحة ‪ ،‬وعدم شق الثوب ‪ ،‬ولطم الخد ‪ ،‬ونحو ذلك ؛ لقول‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ليس منا‬
‫من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) ولقوله‬
‫عليه الصالة والسالم في الحديث الصحيح‪( :‬أربع في أمتي من أمر‬
‫الجاهلية ال يتركونهن الفخر في األحساب والطعن في األنساب‬
‫واالستسقاء بالنجوم والنياحة) وقال‪( :‬النائحة إذا لم تتب قبل‬
‫موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب)‬
‫رواه مسلم في الصحيح‪.‬‬
‫والنياحة‪ :‬هي رفع الصوت بالبكاء على الميت‪ .‬وقال صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪( :‬أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة)‬
‫والحالقة‪ :‬هي التي تحلق شعرها عند المصيبة ‪ ،‬أو تنتفه‪.‬‬
‫والشاقة‪ :‬هي التي تشق ثوبها عند المصيبة‪ .‬والصالقة‪ :‬هي التي‬
‫ترفع صوتها عند المصيبة‪ ،‬وكل هذا من الجزع ‪ ،‬فال يجوز للمرأة‬
‫وال للرجل فعل شيء من ذلك‪ .‬والواجب على أهلك أيتها السائلة أن‬
‫يقبلوا هذه الوصية ‪ ،‬ويحذروا من النياحة عليك ؛ ألن النياحة‬
‫تضرهم وتضر الميت ‪ ،‬كما في الحديث‬
‫الصحيح‪( :‬الميت يعذب في قبره بما نيح عليه) فال يجوز لهم‬
‫النياحة على الميت‪.‬‬
‫أما البكاء بدمع العين ‪ ،‬وحزن القلب فال حرج فيه ‪ ،‬إنما الممنوع‬
‫رفع الصوت بالصياح ؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات‬
‫ابنه إبراهيم‪( :‬إن العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي‬
‫ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) وقال عليه الصالة‬
‫والسالم‪( :‬إن هللا ال يعذب بدمع العين وال بحزن القلب ولكن يعذب‬
‫بهذا‪ -‬وأشار إلى لسانه‪ -‬أو يرحم)‬
‫حكم من أوصى بعدم النياحة فناحوا عليه‬
‫س‪ :‬إذا أوصى الميت بعدم النياحة عليه ثم مات فناحوا عليه ‪ ،‬فهل‬
‫يعذب؟‬
‫ج‪ :‬هللا أعلم ‪ ،‬والواجب عليهم الحذر ‪ ،‬ولعله إذا كان‬
‫أوصاهم وحذرهم يسلم على القاعدة الشرعية المأخوذة من اآلية‬
‫(وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى)‬
‫القرآنية‪َ :‬‬
‫دمع العين وحزن القلب ال بأس به‬
‫س‪ :‬من غلبها البكاء فناحت فما الحكم؟‬
‫ج‪ :‬النياحة ال تجوز ‪ ،‬ودمع العين وحزن القلب ال بأس به ؛ لقول‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم‪( :‬العين تدمع‬
‫والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي الرب وإنا لفراقك يا إبراهيم‬
‫لمحزونون)‬
‫الميت يعذب بالنياحة‬
‫س‪ :‬هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه؟‬
‫ج‪ :‬بالنياحة فقط‪.‬‬
‫الجمع بين حديث‪ :‬إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وقوله تعالى‪:‬‬
‫(وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى)‬
‫َ‬
‫س‪ :‬يوجد حديث عند اإلمام البخاري رحمه هللا عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم (أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه)‪ .‬وحديث آخر عن‬
‫عائشة أم المؤمنين رضي هللا عنها ترفض هذا القول وتقول‪:‬‬
‫(وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) فما جوابكم أثابكم هللا‬ ‫حسبكم القرآن‪َ :‬‬
‫عن هذه المسألة؟ هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه ‪ ،‬أم أنه ليس‬
‫(وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) ؟‬‫لإلنسان إال ما سعى‪َ :‬‬
‫ج‪ :‬ليس هناك تعارض بين األحاديث واآلية التي ذكرتها عائشة‬
‫رضي هللا عنها فقد ثبت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من‬
‫حديث ابن عمر ومن حديث المغيرة وغيرهما في الصحيحين‬
‫وليس في البخاري وحده أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬إن‬
‫الميت يعذب بما يناح عليه) وفي رواية‬
‫للبخاري‪( :‬ببكاء أهله عليه) والمراد بالبكاء النياحة وهي رفع‬
‫الصوت ‪ ،‬أما البكاء الذي هو دمع العين فهذا ال يضر ‪ ،‬وإنما الذي‬
‫يضر هو رفع الصوت بالبكاء وهو المسمى بالنياحة‪ ،‬والرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم قصد بهذا منع الناس من النياحة على موتاهم‬
‫وأن يتحلوا بالصبر ويكفوا عن النوح ‪ ،‬وال بأس بدمع العين‬
‫وحزن القلب ‪ ،‬كما قال عليه الصالة والسالم لما مات ابنه إبراهيم‪:‬‬
‫(العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي الرب وإنا بفراقك‬
‫يا إبراهيم لمحزونون) فالميت يعذب بالنياحة عليه من أهله وهللا‬
‫أعلم بكيفية العذاب الذي يحصل له بهذه النياحة وهذا مستثنى من‬
‫(وال تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر أ ُ ْخ َرى) فإن القرآن والسنة ال‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫يتعارضان ‪ ،‬بل يصدق أحدهما اآلخر ويفسر أحدهما اآلخر فاآلية‬
‫عامة والحديث خاص والسنة تفسر القرآن وتبين معناه فيكون‬
‫تعذيب الميت بنياحة أهله عليه مستثنى من اآلية الكريمة وال‬
‫تعارض بينها وبين األحاديث ‪ ،‬وأما قول عائشة رضي هللا عنها‬
‫فهذا من‬
‫اجتهادها وحرصها على الخير وما قاله النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫اختَلَ ْفت ُ ْم فِي ِه‬
‫(و َما ْ‬ ‫مقدم على قولها وقول غيرها لقول هللا سبحانه‪َ :‬‬
‫از ْعت ُ ْم ِفي ش َْيءٍ‬ ‫َّللاِ) وقوله عز وجل‪( :‬فَ ِإ ْن تَنَ َ‬ ‫ِم ْن ش َْيءٍ فَ ُح ْك ُمهُ ِإلَى َّ‬
‫اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم ْاآل ِخ ِر ذَ ِلكَ‬ ‫سو ِل ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم ت ُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِب َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫فَ ُردُّوهُ ِإلَى َّ‬
‫َّللاِ َو َّ‬
‫س ُن تَأ ْ ِويال) واآليات في هذا المعنى كثيرة‪ ،‬وهللا الموفق‪.‬‬ ‫َخ ْي ٌر َوأَ ْح َ‬
‫ال يجوز وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم على عبد هللا ورسوله نبينا محمد ‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه ‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد كثر اإلعالن في الجرائد عن وفاة‬
‫بعض الناس ‪ ،‬كما كثر نشر التعازي ألقارب المتوفين ‪ ،‬وهم‬
‫يصفون الميت فيها بأنه مغفور له ‪ ،‬أو مرحوم ‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‬
‫من كونه من أهل الجنة ‪ ،‬وال يخفى على كل من له إلمام بأمور‬
‫اإلسالم وعقيدته ‪ ،‬بأن ذلك من األمور التي ال يعلمها إال هللا ‪ ،‬وأن‬
‫عقيدة أهل السنة والجماعة أنه ال يجوز أن يشهد ألحد بجنة أو نار‬
‫‪ ،‬إال من نص عليه القرآن الكريم كأبي لهب ‪ ،‬أو شهد له رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم بذلك كالعشرة من الصحابة المشهود لهم‬
‫بالجنة رضي هللا عنهم ونحوهم ‪ ،‬ومثل ذلك في المعنى الشهادة له‬
‫بأنه مغفور له ‪ ،‬أو مرحوم ؛ لذا ينبغي أن يقال بدال منها‪ :‬غفر هللا‬
‫له ‪ ،‬أو رحمه هللا ‪ ،‬أو نحو ذلك من كلمات‬
‫الدعاء للميت‪ .‬وأسأل هللا سبحانه أن يهدينا جميعا سواء السبيل‪،‬‬
‫وصلى هللا على نبينا محمد ‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‬
‫س‪ :‬كثرت العبارات التي تطلق في حق األموات فنحن نسمع عن‬
‫فالن المغفور له أو المرحوم فهل هذه العبارات صحيحة؟‬
‫ج‪ :‬المشروع في هذا أن يقال‪ :‬غفر هللا له أو رحمه هللا ونحو ذلك‬
‫إذا كان مسلما ‪ ،‬وال يجوز أن يقال المغفور له أو المرحوم ؛ ألنه ال‬
‫تجوز الشهادة لمعين بجنة أو نار أو نحو ذلك ‪ ،‬إال لمن شهد هللا له‬
‫بذلك في كتابه الكريم أو شهد له رسوله عليه الصالة والسالم‪.‬‬
‫وهذا هو الذي ذكره أهل العلم من أهل السنة فمن شهد هللا له في‬
‫كتابه العزيز بالنار كأبي لهب وزوجته ‪ ،‬وهكذا من شهد له‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم بالجنة كأبي بكر الصديق ‪ ،‬وعمر بن‬
‫الخطاب ‪ ،‬وعثمان ‪ ،‬وعلي وبقية العشرة رضي هللا عنهم وغيرهم‬
‫ممن شهد له الرسول عليه الصالة والسالم بالجنة كعبد هللا بن‬
‫سالم ‪ ،‬وعكاشة بن محصن رضي هللا عنهما ‪ ،‬أو بالنار ‪ ،‬كعمه‬
‫أبي طالب ‪ ،‬وعمرو بن لحي الخزاعي وغيرهما ممن شهد له‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم بالنار ‪ ،‬نعوذ باهلل من ذلك‪ .‬أما من لم‬
‫يشهد له هللا سبحانه وال رسوله بجنة وال نار فإنا ال نشهد له بذلك‬
‫على التعيين‪ .‬وهكذا ال نشهد ألحد معين بمغفرة أو رحمة إال بنص‬
‫من كتاب هللا أو‬
‫سنة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ولكن أهل السنة يرجون‬
‫للمحسن ‪ ،‬ويخافون على المسيء ‪ ،‬ويشهدون ألهل اإليمان‬
‫عموما بالجنة وللكفار عموما بالنار‪.‬‬
‫َّللاُ‬
‫ع َد َّ‬‫(و َ‬ ‫كما أوضح هللا سبحانه ذلك في كتابه المبين قال تعالى‪َ :‬‬
‫ِين فِي َها)‬‫ار َخا ِلد َ‬ ‫ت تَ ْج ِري ِم ْن تَ ْحتِ َها ْاألَ ْن َه ُ‬ ‫ت َجنَّا ٍ‬‫ين َوا ْل ُم ْؤ ِمنَا ِ‬
‫ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ار نَ َ‬
‫ار‬ ‫ت َوا ْل ُكفَّ َ‬
‫ين َوا ْل ُمنَافِقَا ِ‬
‫َّللاُ ا ْل ُمنَافِ ِق َ‬
‫ع َد َّ‬
‫(و َ‬‫وقال تعالى فيها أيضا‪َ :‬‬
‫سبُ ُه ْم) اآلية‪.‬‬ ‫ِين فِي َها ِه َي َح ْ‬ ‫َج َهنَّ َم َخا ِلد َ‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الشهادة بالجنة أو النار لمن شهد‬
‫له عدالن أو أكثر بالخير أو الشر ألحاديث صحيحة وردت في ذلك‪.‬‬
‫من بدع الجنائز‬
‫س‪ :‬ما حكم هللا ورسوله في قوم إذا توفي أحد منهم قام أقرباؤه‬
‫بذبح شاة يسمونها العقيقة وال يكسرون من عظامها شيئا ‪ ،‬ثم بعد‬
‫ذلك يقبرون عظامها وفرثها ‪ ،‬ويزعمون أن ذلك حسنة ويجب‬
‫العمل به؟‬
‫ج‪ :‬هذا العمل بدعة ال أساس له في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬فالواجب‬
‫تركه والتوبة إلى هللا منه كسائر البدع والمعاصي ‪ ،‬فإن التوبة إلى‬
‫(وتُوبُوا ِإلَى َّ‬
‫َّللاِ‬ ‫هللا سبحانه تجب منها جميعا ‪ ،‬كما قال عز وجل‪َ :‬‬
‫ون) وقال تعالى‪( :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين‬ ‫َج ِميعا أَيُّ َها ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُح َ‬
‫صوحا) وإنما العقيقة المشروعة التي‬ ‫آ َمنُوا تُوبُوا إِلَى َّ‬
‫َّللاِ تَ ْوبَة نَ ُ‬
‫جاءت بها السنة الصحيحة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هي‬
‫ما يذبح عن المولود في يوم سابعه ‪ ،‬وهي شاتان عن الذكر وشاة‬
‫واحدة عن األنثى‪.‬‬
‫وقد عق النبي صلى هللا عليه وسلم عن الحسن والحسين‪ -‬رضي‬
‫هللا عنهما‪ -‬وصاحبها مخير إن شاء وزعها لحما بين األقارب‬
‫واألصحاب والفقراء ‪ ،‬وإن شاء طبخها ودعا إليها من شاء من‬
‫األقارب والجيران والفقراء‪.‬‬
‫هذه هي العقيقة المشروعة ‪ ،‬وهي سنة مؤكدة ‪ ،‬ومن تركها فال‬
‫إثم عليه‪.‬‬
\
https://www.youtube.com/user/010257217/playli
sts?sort=dd&view=1

You might also like