You are on page 1of 1369

‫برتجيحات القاضي العالمة‪ /‬حممد بن امساعيل العمراني‬

‫‪1‬‬
‫برتجيحات القاضي العالمة‪ /‬حممد بن امساعيل العمراني‬

‫حقوق الطبع التجاري محفوظة للمؤلف‬

‫الطبع الخيري مسموح به لكل مسلم‬

‫( ‪ 1436‬هـ ‪ 1437 -‬هـ ‪ 2015 /‬م – ‪ 2016‬م )‬


‫‪2‬‬
‫اإلهداء‬

‫إىل طالب وطالبات جامعة اإلميان خصوصا ‪.‬‬

‫إىل طالب العلم الشرعي عموماً ‪.‬‬

‫إىل كل مسلم ومسلمة حريصان على معرفة األحكام الشرعية يف أبواب العبادات واألحوال الشخصية واملعامالت الشرعية‪.‬‬

‫إىل كل موظف عام أو خاص يريد معرفة أحكام الشريعة اإلسالمية يف عمله الوظيفي ‪.‬‬

‫إىل كل باحث يف فقه الدولة ويف فقه العالقات الدولية يف اإلسالم ‪.‬‬

‫أقدم كتاب (تسهيل بداية اجملتهد وهناية املقتصد برتجيحات فضيلة القاضي العالمة اجملتهد املطلق حممد بن امساعيل العمراني)‬

‫المؤلف‬
‫عبداهلل قاسم هادي ذيبان‬

‫‪3‬‬
‫كلمة شكر وعرفان‬

‫يسرني أن أشكر اهلل عز وجل على عونه وتوفيقه لي في إخراج كتاب (تسهيل بداية المجتهد ونهاية المقتصد) وفي‬
‫كل عمل أقدم عليه في حياتي ‪ ،‬كما يسرني أن أشكر فضيلة والدي وشيخي القاضي العالمة المجتهد المطلق محمد‬
‫بن اسماعيل العمراني على موافقته لي بجمع ترجيحات فضيلته على مسائل كتاب (بداية المجتهد ونهاية المقتصد)‬
‫وعلى عونه وتشجيعه لي على ذلك ‪ ،‬كما يسرني أن أشكر المسئولين في إدارة جامعة اإليمان وفي مقدمتهم فضيلة‬
‫رئيس الجامعة الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني على الدعم والتشجيع المعنويين على إخراج الكتاب إلى حيز‬
‫الوجود لينتفع به طالب وطالبات الجامعة وسائر افراد األمة ‪.‬‬

‫كما يسرني أن أشكر والدي ووالدتي الكريمين الذين ساعداني بدعائهما لي ليالً ونهاراً بتوفيق اهلل عز وجل في‬
‫إنجاح عملي في الكتاب وفي كل عمل أقدم عليه ‪ ،‬كما يسرني أن أشكر أفراد أسرتي الذين ساعدوني بتهيئة الجو‬
‫المناسب لكتابة الكتاب ‪.‬‬

‫وأكرر أن الشكر أوالً وأخيراً هلل عز وجل على عونه ومنّه وتوفيقه ‪،،،‬‬

‫املؤلف‬

‫عبداهلل قاسم هادي ذيبان‬

‫‪4‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫مقدمة فضيلة صاحب الترجيحات‬


‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على رسوله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى‬
‫أصحابه الغر الميامين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫فهذا كتاب (تسهيل بداية المجتهد) الذي احتوى على ترجيح مسائله العلمية لمن أحسن ما أخرج للناس في الفقه‬
‫المستقل عن التمذهب المعتمد على األدلة الصحيحة الواضحة من نصوص القرآن الكريم ومن نصوص السنة‬
‫الصحيحة‪ ،‬فهو كتاب يحتاجه الجاهل وال يستغني عنه العالم ويحتاجه الطالب وال يستغني عنه الشيخ والمفتي وال سيما‬
‫وهو في غاية من حسن اإلنشاء وسالسة األسلوب‪ ،‬يفهمه كل من اطلع عليه‪ ،‬والمزية في هذا الكتاب أنه يؤثر الدليل‬
‫الصحيح بال تعصب ألي مذهب من المذاهب الفقهية‪ ،‬وقد ألفه ولدي وتلميذي الشيخ(عبد اهلل بن قاسم ذيبان) الذي‬
‫تفرغ لجمع مادته العلمية من جميع المصادر الفقهية وخرج أحاديثه من جميع كتب السنة النبوية على صاحبها وعلى‬
‫آله أفضل الصالة والسالم‪ ،‬فبارك اهلل في علمه وزاده علما ونشاطا وهمة في خدمة العلم الديني والشرعي وفي خدمة‬
‫السنة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصالة والسالم‪.‬‬

‫شهر ربيع آخر سنة ‪ 3415‬هـ‬

‫محمد بن إسماعيل العمراني‬

‫‪5‬‬
6
‫مقدمة املؤلف‬

‫ربط أقوال الفقهاء باألدلة الصحيحة من الكتاب والسنة الصحيحة‬ ‫‪‬‬


‫حصول االنفصام بين األقوال الفقهية وأدلتها الشرعية‬ ‫‪‬‬
‫جمع الترجيحات‬ ‫‪‬‬
‫تخريج أدلة الترجيحات‬ ‫‪‬‬
‫الغرض من الكتاب‬ ‫‪‬‬
‫ميزة الكتاب‬ ‫‪‬‬
‫فهرسة الكتاب‬ ‫‪‬‬

‫‪7‬‬
‫مقدمة المؤلف‬
‫ش َهدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا‬
‫ضّلَ لَهُ وَ َمنْ ُيضِّْلّلْ الّلَهُ فَّلَا هَادِيَ لَهُ وَأَ ْ‬
‫ستَغْفِ ُرهُ َونَعُوذُ بِالّلَهِ ِمنْ شُرُورِ َأنْفُسِنَا َمنْ َي ْه ِدهِ الّلَ ُه فَّلَا ُم ِ‬
‫إنْ الْحَ ْمدُ لِّلَهِ نستعينه َونَ ْ‬
‫عبْ ُدهُ ورسوله‬ ‫ش َهدُ َأنَ مُحَ َمدًا َ‬
‫الّلَهُ وَأَ ْ‬

‫وبعــــــــــد‪:‬‬

‫لما كان كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد للعالمة الشيخ القاضي (محمد بن أحمد بن محمد بن رشد األندلسي) مقرراً على طالب‬
‫وطالبات جامعة اإليمان ـ حماها اهلل تعالى ـ ووفق القائمين عليها إلى تحقيق الغاية من إنشائها وهي تخريج العالم الرباني العالم بدينه‬
‫العارف بعصره النافع ألمته الزاهد الورع المجتهد في مسائل الفقه اإلسالمي‪ ،‬ولما كان في ترجيح مسائل بداية المجتهد واختيار الرأي‬
‫األصح و األصوب في كل باب من أبواب الفقه اإلسالمي صعوبة على الطالب والطالبات ال سيما المبتدئين منهم رأيت أن أعينهم على‬
‫فهم الرأي الصحيح أو الراجح في كل مسألة من المسائل التي تضمنها كتاب بداية المجتهد في كل أبواب الفقه سواء في العبادات أو‬
‫األحوال الشخصية أو المعامالت وذلك بجمع ترجيحات فضيلة الشيخ القاضي العالمة المجتهد المطلق (محمد بن إسماعيل العمراني)‬
‫الذي قام بتدري س كتاب بداية المجتهد لطالب جامعة اإليمان لعدة سنوات لطالب السنوات الثالثة والرابعة والخامسة وقام بتدريسه لطالب‬
‫حلقته في جامع الزبيري وكان منهج فضيلة الشيخ إبداء رأيه وترجيحه في كل مسألة من المسائل التي يدرِسها‪ ،‬و ألن ترجيحات فضيلة‬
‫الشيخ هي محل قبول واقتناع من جميع منتسبي الجامعة من المشائخ والطالب والطالبات لثقتهم جميعا في تحري فضيلة الشيخ للرأي‬
‫الموافق للدليل الصحيح من الكتاب والسنة وتقديمه على اآلراء الفقهية التي ال تستند على دليل صحيح صريح في داللته على الحكم‬
‫المستدل به عليه‪ ،‬ولمعرفتهم باستقالل فضيلة الشيخ استقالالً تاماً في ترجيحاته وتحرره التحرر التام من التقليد ألي مذهب من المذاهب‬
‫الفقهية أو التعصب لرأي أي مذهب من المذاهب وإنما تقيده وتعصبه وتحريه هو للدليل الصحيح الصريح في داللته على الحكم المستدل‬
‫به عليه من القرآن الكريم أو السنة النبوية‪ ،‬وبهذا المنهج الرشيد في االستدالل صارت أراء فضيلة الشيخ محل اقتناع وقبول من جميع‬
‫طالب العلم في جامعة اإليمان وفي غيرها من المؤسسات العلمية التي تٌعني بتدريس مادة الفقه اإلسالمي‪ ،‬وقد قمت بدعم ترجيحات‬
‫فضيلة الشيخ بالتدليل عليها من الكتاب والسنة الصحيحة وحرصت على االستدالل على مسائل كل باب من أبواب العبادات أو األحوال‬
‫الشخصية أو المعامالت بأدلة صحيحة من الكتاب أومن السنة حتى يفهم الطالب والطالبات األحكام الفقهية وأدلتها الصحيحة الصريحة‬
‫في كل باب من أبواب الفقه اإلسالمي‪ ،‬وانتهجت في االستدالل بالسنة النبوية تقديم أحاديث صحيح البخاري ألن أحاديث صحيح البخاري‬
‫هي أصح أحاديث السنة النبوية فإن لم أجد دليال على الحكم المستدل عليه في صحيح البخاري فأستدل بحديث من أحاديث صحيح مسلم‬
‫ألن أحاديث صحيح مسلم هي في الدرجة الثانية في الصحة بعد أحاديث صحيح البخاري فإن لم أجد دليال على الحكم ال في صحيح‬
‫البخاري وال في صحيح مسلم فأنتقل إلى االستدالل بحديث من األحاديث التي اشتملت عليها كتب األمهات األربع وهي سنن النسائي‬
‫وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن ابن ماجه وإن لم أجد في األمهات األربع استدل بحديث من كتب الحديث األخرى كمسند اإلمام‬
‫أحمد بن حنبل أ و موطأ مالك أو غيرهما من كتب الحديث المشهورة‪ ،‬والتزمت ببيان حكم العالمة المحدث الكبير (محمد ناصر الدين‬
‫األلباني ) رحمه اهلل تعالى على الحديث الذي ليس في الصحيحين من حيث تصحيحه أو تحسينه للحديث مع بيان مصدر تصحيح األلباني‬
‫أو تحسينه للحديث ليسهل على المطلع الرجوع إلى نفس المصدر للتأكد من معرفة حكم األلباني على الحديث‪ ،‬ولهذا اخترت إطالق لفظ‬
‫(الصحيح) بدل لفظ (الراجح) على الرأي الفقهي الذي كان يرجحه فضيلة الشيخ في اآلراء التي على الرأي منها دليل صحيح صريح من‬
‫الكتاب أو السنة الصحيحة لصحة الدليل وصراحة داللته على الحكم واألكثر منها في أبواب العبادات واألحوال الشخصية‪ ،‬واخترت‬
‫إطالق لفظ (الراجح ) على الرأي الذي كان يرجحه من بين اآلراء التي كان يوردها مؤلف البداية وهي أراء اجتهادية لقائليها ليس على‬
‫بعضها دليل صحيح صريح ال من الكتاب وال من السنة النبوية الصحيحة واألكثر منها في أبواب المعامالت الشرعية‪ ،‬واخترت لفظ‬
‫(الراجح) على الرأي المختار منها لكون الرأي المرجَح هو أقرب اآلراء إلى داللة دليل صحيح من الكتاب أو السنة أو ألنه األقرب إلى‬
‫مقصد نص من النصوص القرآنية أو من النصوص النبوية الصحيحة أو أنه األقرب إلى تحقيق مصلحة أو دفع مفسده في باب المعامالت‬
‫الشرعية‪ ،‬والشريعة اإلسالمية قائمة على جلب المصالح ودفع المفاسد‪ ،‬هذا في أبواب المعامالت‪ ،‬أما في أبواب العبادات واألحوال‬
‫الشخصية فلم أستدل على أحكامها ومسائلها إال باألدلة الصحيحة الصريحة الواضحة الداللة على أحكامها سواء منها األدلة القرآنية أو‬
‫األدلة النبوية‪.‬‬

‫ربط أقوال الفقهاء باألدلة الصحيحة من الكتاب والسنة الصحيحة‬

‫مما تتميز به هذه الترجيحات هي أنها ربطت بين أقوال الفقهاء في أبواب الفقه اإلسالمي وأدلة األقوال الفقيه من الكتاب والسنة ربطا‬
‫محكما ال ينفصم أحدهما عن اآلخر وأحيت منهجي ة الفقه اإلسالمي في عصوره األولى المزدهرة في فجر اإلسالم في القرن األول والثاني‬
‫من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصالة والسالم ‪ ،‬حيث كانت أحكام الفقه في حياة النبي صلى اهلل عليه وسلم وفي حياة الصحابة‬
‫والتابعين مرتبطة بأدلتها الصحيحة الصريحة من القرآن الكريم ومن أحاديث النبي صلى اهلل عليه وسلم ولم يكن بين األقوال الفقهية‬
‫وأدلتها أي انفصام أو تمايز أو تباعد بل كان المسلم العادي ال يقبل القول الفقهي إال مدعما بدليله من الكتاب أو من السنة النبوية‬
‫الصحيحة‪ ،‬وما حدث االنفصال والتمايز بين األقوال الفقهية وأدلتها الشرعية إال من بعد عصر التابعين ومن أواخر القرن الثالث الهجري‬
‫من بعد ظهور كتب الفقه المذهبي متونا وشروحا ومن حينها ظهرت كتب الفقه المذهبي في شكل متون وشروح للمتون خالية من‬

‫‪8‬‬
‫االستدالل باألدلة الشرعية من الكتاب والسنة على المسائل الفقهية‪ ،‬وظهرت في مقابل كتب الفقه المذهبي الخالية من األدلة الشرعية كتب‬
‫حاوية لألحاديث النبوية خالية من اآلراء الفقهية‪ ،‬وبهذا التمايز بين كتب الفقه المذهبي والكتب الجامعة لألحاديث النبوية حصل االنفصال‬
‫واالنفصام والتباعد بن أقوال العلماء المجتهدين الفقهية في كل أبواب الفقه اإلسالمي وفي كل المذاهب الفقهية وبين أدلتها القرآنية‬
‫والحديثية وصار طالب العلم الشرعي في كل المذاهب الفقهية يتعلمون األحكام الفقهية في أبواب العبادات واألحوال الشخصية‬
‫والمعامالت منفصلة عن أدلتها الشرعية من الكتاب والسنة‪ ،‬ويتعلمون كتب األحاديث النبوية منفصلة عن األحكام الفقهية وتدرس للتبرك‬
‫بها ال لالستدالل بها على األحكام الشرعية في بعض األحيان‪.‬‬

‫حصول االنفصام بين األقوال الفقهية وأدلتها الشرعية‬

‫نتيجة لالنفصال واال نفصام الذي حصل بين األقوال الفقهية وأدلتها الشرعية وٌجد في المجتمعات اإلسالمية علماء فقه متمذهبون يعلمون‬
‫األ قوال الفقهية المدونة في كتب المتون وشروحها في المذاهب اإلسالمية ويجهلون أدلة هذه األقوال من القرآن الكريم ومن األحاديث‬
‫النبوية الصحيحة‪ ،‬ووٌجد علماء حديث جاهلون باألحكام الشرعية في أبواب العبادات واألحوال الشخصية والمعامالت عاجزين عن‬
‫االستدالل باألدلة القرآ نية أو الحديثية على وقائع وحوادث حياة األفراد واألسر والمجتمع والدولة في أزمانهم وأماكنهم‪ ،‬وصارت بهذا‬
‫االنفصام دراسة كتب متون وشروح الفقه المذهبي ال تؤدي إلى فهم أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة‪ ،‬ودراسة التفاسير وكتب‬
‫الحديث ال تؤدي إلى فهم أدلة األحكام الفقهية‪ ،‬وكانت نتيجة لهذه المنهجية المكرِسة لالنفصال بين كتب الفقه اإلسالمي وبين أدلته القرآنية‬
‫والحديثية أن وجد علماء فقه متعصبون ألقوال مذاهبهم وتقديم أقوال مذاهبهم في االعتناء واالهتمام في التدريس والحفظ والفهم والتلقين‬
‫على االعتناء واالهتمام والحفظ والفهم آليات القرآ ن الكريم ولألحاديث النبوية الصحيحة حتى تولد عن هذا المنهج المتعصب للمذاهب‬
‫الفقهية أن وجدت عصبيات مذهبيه بين المسلمين‪ ،‬وتولدت حالة عداء شديدة بين أتباع المذاهب اإلسالمية المختلفة وأصبح المتمذهبون‬
‫بمذهب معين يعتقدون ويشيعون في طالبهم وأتباعهم أن الحق والصواب محصوران في مذهبهم وأن الباطل في المذاهب األخرى‪،‬‬
‫ولمنهجية الربط بين األقوال الفقهية وأدلتها من القرآ ن والسنة الصحيحة في هذه الترجيحات فهي صالحة ألن تكون منهجا لكل مسلم‬
‫ومسلمة في كل زمان وفي كل مكان وفي كل مذهب من المذاهب الفقهية يتعلَم المسلم منها أحكام دينه في أبواب العبادات واألحوال‬
‫الشخصية والمعامالت ألنها من كتب الفقه األقرب إلى التحقق بمراد اهلل تعالى في قوله (إن الدين عند اهلل اإلسالم) حيث مدلول لفظ‬
‫(اإلسالم) في هذه اآلية هو نصوص القرآن الكريم واألحاديث النبوية الصحيحة واألقوال الفقهية الموافقة لنصوص القرآن الكريم‬
‫ونصوص األحاديث النبوية الصحيحة التي قدتم جمع األصح منها في كتابي صحيح البخاري وصحيح مسلم إلجماع األمة اإلسالمية منذ‬
‫القرن الثالث الهجري وحتى عصرنا الحاضر على أن أصح الكتب التي جمعت األحاديث النبوية الصحيحة هو كتاب صحيح البخاري‬
‫وبعده في الصحة كتاب صحيح مسلم‪ ،‬وأما األقوال الفقهية التي تخالف نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة فليست داخله في‬
‫سالَمُ}(‪ )1‬بل هي مما يخالف الدين ويضادٌه وهي مما ال يقبله اهلل تعالى‬ ‫سالَمُ}المراد في قوله تعالى {ِإنَ الدِينَ عِندَ اللّهِ اإلِ ْ‬ ‫مسمى لفظ {اإلِ ْ‬
‫وال يثيب على تعلِمها وتعليمها والعمل بها‪ ،‬بل يعاقب اهلل تعالى المتعصبين للعمل بها وتعلِمها وتعليمها والحريصين على نشرها وإيثار‬
‫نشرها وتقديمه في األمة على نشر مفاهيم نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة بخسارة الجنة والعذاب في نار جهنم‪ ،‬واألقوال‬
‫الفقهية التي تخالف نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة واإلصرار على تعلمها وتعليمها ونشرها في األمة على أنها من الدين‬
‫الذي ارتضاه اهلل لعباده هو معصية هلل عز وجل ولرسوله صلى اهلل عليه وسلم تستوجب للمصرِين الخلود في نار جهنم قال تعالى{وَمَن‬
‫حدُودَهُ ُيدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ‬ ‫ج َهنَمَ خَالِدِينَ فِيهَا َأبَداً}(‪ )2‬وقوله تعالى {وَمَن يَ ْعصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ َو َيتَ َعدَ ُ‬
‫يَ ْعصِ اللَهَ وَرَسُولَهُ فَ ِإنَ لَهُ نَارَ َ‬
‫عذَابٌ ُمهِينٌ}(‪ )3‬وال يجوز للمسلم أن يقدم قول أي مخلو ق كائناً من كان على قول اهلل عز وجل أو قول رسوله محمد صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫َ‬
‫في أي حكم من أحكام العبادات أو األحوال الشخصية أو المعامالت‪ ،‬ومن يقدم قول أي مخلوق سواء من الصحابة أو من التابعين أو‬
‫تابعيهم أو أئمة المذاهب الفقهية أو من أتباعها وسواء كان ممن ينتسب للمذاهب الشيعية أو غيرها من المذاهب الفقهية فقد ابتعد عن هدى‬
‫خيَ َرةُ ِمنْ أَمْرِهِمْ وَمَن‬‫اهلل وضل عنه ضالالً بعيداً قال تعالى {وَمَا كَانَ لِ ُمؤْ ِمنٍ وَلَا مُؤْ ِمنَةٍ ِإذَا َقضَى اللَهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ َلهُمُ الْ ِ‬
‫ضلَ ضَلَاالً ُمبِيناً}(‪ )4‬واإلصرار على تعلم وتعليم ونشر األقوال الفقهية التي ال يعلمون علماً يقينياً صحة موافقتها‬ ‫يَ ْعصِ اللَهَ وَرَسُولَ ُه فَ َقدْ َ‬
‫لقول اهلل أو لقول رسوله صلى اهلل عليه وسلم يجعل المصرِين داخلين في عموم المفترين على اهلل الكذب المقصودين بقوله تعالى {وَمَنْ‬
‫أَظْلَمُ مِ َمنِ ا ْفتَرَى عَلَى اللَهِ الْكَذِبَ وَ ُهوَ ُي ْدعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَهُ لَا َي ْهدِي الْ َقوْمَ الّظَالِمِينَ}(‪ )5‬كيف ال؟! والنبي صلى اهلل عليه وسلم قد حذر‬
‫كل من يتعلم األقوال الفقهية من أن ينسب إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم حديثاً يستدل به على حكم فقهي في أي باب من أبواب الفقه وهو‬
‫حدٍ َمنْ َكذَبَ عَلَيَ ُمتَعَ ِمدًا فَ ْل َي َت َبوَأْ مَقْ َع َدهُ ِمنْ النَارِ)(‪ )6‬ومما‬
‫ال يعلم صحة الحديث المستدل به في حديث (ِإنَ َك ِذبًا عَلَيَ َليْسَ كَ َكذِبٍ عَلَى أَ َ‬
‫يدل عليه الحديث أن تعلم وتعليم األقوال الفقهية التي يعلم المعلِم أو المتعلِم أن أدلتها ضعيفة أو موضوعة طريق توصل إلى نار جهنم ـ‬
‫والعياذ باهلل ـ واألقوال الفقهية التي يستدل عليها بأحاديث ضعيفة أو موضوعة موجودة في المذاهب الفقهية المشهورة ولكنها موجودة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪)11( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الجن‪)23( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النساء‪)14( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪)36( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الصف‪)7( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب ما يكره من النياحة على الميت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1211‬بلفظ (عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ يَقُولُ إِنَ كَذِبًا عَلَيَ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَ مُتَعَمِدًا فَلْيَتَبَوَأْ مَقْعَدَ هُ مِنْ النَارِ سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَبُ بِمَا نِيحَ‬
‫عَلَيْهِ)‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫بصورة أكثر في المذاهب الشيعية التي ال تجع ل أحاديث صحيحي البخاري ومسلم مصدراً لالستدالل به على األحكام الفقهية‪ ،‬ولتجنب‬
‫المذاهب الشيعية االستدالل بأحاديث صحيح البخاري و صحيح مسلم و ما صح من األحاديث في الكتب األخرى صارت معظم األقوال‬
‫الفقهية في المذاهب الشيعية مخالفة لألدلة الصحيحة وصار تعلُمها وتعليمها من الضالل المبين الذي حذر اهلل منه في قوله تعالى {وَمَا كَانَ‬
‫ضلَ ضَلَاالً ُمبِيناً} ولذا فيجب‬ ‫لِ ُمؤْ ِمنٍ وَلَا ُمؤْ ِمنَةٍ ِإذَا َقضَى اللَهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ َلهُمُ الْخِيَ َرةُ ِمنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَ ْعصِ اللَهَ وَرَسُولَهُ فَ َقدْ َ‬
‫على معلِم األحكام الفقهية أن يعلم وأن يعلِم طالبه دليل كل قول فقهي حتى ال يدخل في عموم قوله تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِ َمنِ ا ْفتَرَى عَلَى‬
‫اللَهِ الْ َكذِبَ وَ ُهوَ ُي ْدعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَهُ لَا َي ْهدِي الْ َقوْمَ الّظَالِمِينَ}ألن كل األقوال الفقهية المخالفة للنصوص القرآنية وللنصوص الحديثية‬
‫سالَمِ دِيناً فَلَن يُ ْق َبلَ ِمنْهُ وَ ُهوَ فِي اآلخِ َرةِ مِنَ‬ ‫غيْرَ اإلِ ْ‬ ‫الصحيحة هي أقرب إلى وصف غير اإلسالم المراد في قول اهلل تعالى {وَمَن َي ْبتَغِ َ‬
‫الْخَاسِرِينَ}(‪ )1‬البعض منها قد يصدق عليه أنه من التقول على اهلل ما لم يقله واألقوال التي بهذا الوصف يكون تعلُمها وتعليمها في األمة‬
‫حقِ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ ُينَ ِزلْ بِهِ سُلْطَاناً‬‫طنَ وَا ِإلثْمَ وَا ْلبَغْيَ بِ َغيْرِ الْ َ‬
‫حرام لقوله تعالى { ُقلْ ِإنَمَا حَرَمَ َربِيَ الْ َفوَاحِشَ مَا ظَهَرَ ِم ْنهَا وَمَا بَ َ‬
‫وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا الَ تَعْلَمُونَ}(‪ )2‬في اآلية داللة واضحة كوضوح الشمس على أن األقوال الفقهية التي ينسبها قائلها إلى اهلل عز‬
‫وجل أو إلى رسوله صلى اهلل عليه وسلم وهو يجهل صحة نسبتها إلى اهلل أو إلى رسوله صلى اهلل عليه وسلم من كبائر اإلثم وقد قرن اهلل‬
‫إثم قائلها بإثم اإلشراك باهلل عز وجل وهو أكبر الكبائر‪ ،‬قال الشوكاني في فتح القدير في تفسيرها ما نصه (وهذا مثل ما كانوا ينسبون‬
‫إلى اهلل سبحانه من التحليالت والتحريمات التي لم يأذن بها) والعبادة التي تستند إلى األقوال الفقهية التي تخالف نصوص القرآن الكريم‬
‫والسنة الصحيحة ال يقبلها اهلل عز وجل بل هي معصية هلل عز وجل لمخالفتها لمراد اهلل ومراد رسوله صلى اهلل عليه وسلم وهي مردودة‬
‫على فاعلها كما في الحديث الصحيح ( َمنْ عَ ِملَ عَمَلًا َليْسَ عََليْهِ أَمْ ُرنَا َف ُهوَ َردٌ)(‪ )3‬وقد جمعت هذه الترجيحات من الحواشي التي كتبتها‬
‫من أقوال فضيلة الشيخ المجتهد المطلق صاحب الترجيحات أثناء تدريسه لكتاب (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) في جامعة اإليمان وفي‬
‫جامع الزبيري الذي كان يدرِس فيه الكتاب لطالب حلقته العلمية فيما بين المغرب والعشاء‪ ،‬وفي ترجيح مسائل الكتاب في أبواب‬
‫المعامالت المقررة على طالب السنة السادسة والسابعة التي لم يكن قد درَسها فضيلة الشيخ في جامعة اإليمان وال كان قد وصل إليها في‬
‫تدريسه لكتاب بداية المجتهد في جامع الزبيري في حلقته العلمية كنت أرجع إلى ترجيحات فضيلة الشيخ للمسائل الفقهية في أبواب‬
‫المعامالت من الكتب التي درستها على فضيلته كتعليقاته على أحاديث صحيح البخاري أو تعليقاته على كتاب السيل الجرار أو كتاب‬
‫الدراري المضيئة للشوكاني وغيرها من كتب الحديث والفقه التي درستها على فضيلة الشيخ حفظه اهلل وعافاه وأطال في عمره ونفع‬
‫بعلمه االسالم والمسلمين‪.‬‬

‫جمع الترجيحات‬

‫قد اتبعت في جمع الترجيحات وترتيبها و تخريج أدلتها الخطوات التالية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬كتابة الترجيحات مؤثراً عبارات فضيلة الشيخ التي كتبتها في حواشي نسختي أثناء تدريسه ألبواب كتاب بداية المجتهد لطالب‬
‫جامعة اإليمان ولطالب حلقته العلمية في جامع الزبيري‪ ،‬وأحيانا أكتب ترجيحات فضيلته مما أجده مكتوبا في حواشي كتاب صحيح‬
‫البخاري أو كتاب الدراري المضيئة أو السيل الجرار لشيخ اإلسالم القاضي العالمة (محمد بن على الشوكاني) أو كتاب سبل السالم‬
‫للعالمة (محمد بن إسماعيل األمير) أو غيرها من كتب الحديث أو الفقه التي درستها على فضيلته في جامعة اإليمان أو في حلقته العلمية‬
‫في جامع الزبيري‪ ،‬وأحيانا قد أتصرف في كتابة بعض الترجيحات بما ال يخالف مضمون ترجيح فضيلة الشيخ حفظه اهلل وعافاه‪ ،‬وأحب‬
‫أن أنوه إلى أني كتبت بعض البحوث التي تبين حكم أخذ الوالي العام ألكثر مما يحتاجه هو وأفراد أسرته من مستلزمات الحياة المعيشية‬
‫من األموال العامة التي تحت واليته‪ ،‬وكذا حكم ما يأخذ الموظف العام من األموال العامة التي تحت واليته زائدا عما هو مقرر له‬
‫وألمثاله بموجب القوانين واللوائح المنظمة لألجور والمرتبات‪ ،‬والدافع لكتابتها علمي بحاجة طالب العلم الشرعي وأفراد األمة وال سيما‬
‫الموظفين منهم إلى معرفة الحكم الشرعي في هذا األمر‪ ،‬ووجدت مناسبة لبيانها في كتاب الجهاد في باب بيان أحكام الغنائم‪ ،‬وقد أضفت‬
‫إلى الكتب التي اشتمل عليها كتاب بداية المجتهد كتابا خاصاً أسميته كتاب (الوالية العامة) بينت فيه بعض األحكام الشرعية التي تبين‬
‫للموظف العام (الواجب الشرعي) عليه في أدائه الوظيفي و(المحرَم الشرعي) عليه في أدائه الوظيفي‪ ،‬و(المعروف) و(المنكر) في‬
‫سلطات الدولة التنفيذية و التشريعية والقضائية لعلمي بحاجة الموظفين العامين إلى معرفة حكم الشرع في أعمالهم الوظيفية ولعلمي‬
‫بضرورة معرفة الطالب لهذه األحكام قبل أن تسند إليهم الوظائف العامة بعد التخرج من المؤسسات التعلمية‪ ،‬كما أني حرصت على أن‬
‫أضيف إلى الترجيحات بعضا من مسائل كتاب (نيل األماني من فتاوى القاضي محمد بن إسماعيل العمراني) التي يحتاجها طالب العلم‬
‫وأفراد األم ة‪ ،‬وكنت أذيل بها مسائل الترجيحات في الكتب واألبواب التي اقتبست إليها بعضا من المسائل التي اشتمل عليها كتاب (نيل‬
‫األماني) لتزويد طالب العلم وأفراد األمة بمعرفة األحكام التي لم يتناولها كتاب (بداية المجتهد) في حين أن طالب العلم وأفراد األمة في‬
‫حاجة إلى معرفتها‪ ،‬وأسميت الكتاب (تسهيل بداية المجتهد بترجيحات القاضي العالمة محمد بن إسماعيل العمراني)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪55 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األعراف‪33 :‬‬
‫‪3‬‬
‫صلَى اللَ ُه عََليْهِ وَسَلَمَ قَا َل‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األقضية‪ :‬باب نقض األحكام الباطلة ورد محدثات األمور‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2242‬بلفظ (عن عَائِشَةُ أَنَ رَسُولَ الَلهِ َ‬
‫ن عَمِ َل عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُ َو رَدٌ)‪.‬‬
‫مَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في الصلح‪ ،‬وأبو داود في السنة‪ ،‬وابن ماجة في المقدمة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ثانياً‪ :‬ترتيب الترجيحات ترتيبا مطابقا لترتيب بداية المجتهد بحيث يكون كتاب الترجيحات يطابق كتاب بداية المجتهد في ترتيب كتبه‬
‫وأبوابه وفصوله ومسائله ليسهل على طالب العل م معرفة ترجيح فضيلة الشيخ صاحب الترجيحات في كل حكم من أحكام بداية المجتهد‬
‫بيسر وبسهوله لمطابقة ترتيب الترجيحات ترتيب بداية المجتهد ال سيما ترتيب محقق بداية المجتهد الشيخ العالمة (محمد صبحي حسن‬
‫حالق) حفظه اهلل تعالى ونفع بعلمه اإلسالم والمسلمين‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬كتابة دليل القول المرجَح من القرآن الكريم أو من السنة النبوية الصحيحة مقدما في االستدالل أحاديث صحيح البخاري فإن لم أجد‬
‫الدليل في صحيح البخاري فأستدل بما في صحيح مسلم فإن لم أجد الدليل في صحيح مسلم فأستدل بحديث من األمهات األربع التي هي‬
‫سنن أبي داود وسنن ال نسائي وسنن الترمذي وسنن ابن ماجه‪ ،‬وإن لم أجد الدليل في السنن األربع فأنتقل إلى االستدالل بما في كتب‬
‫الحديث التسعة مثل كتاب مسند اإلمام أحمد بن حنبل أو موطأ اإلمام مالك بن أنس أو سنن الدارمي أو في غيرها من كتب الحديث‬
‫األخرى كسنن البيهقي والدارقطني‪ ،‬واألحاديث التي تم االستدالل بها من غير الكتب التسعة قليلة جدا‪.‬‬

‫تخريج أدلة الترجيحات‬

‫رابعاً‪ :‬تخريج أدلة الترجيحات القرآنية والحديثية وقد اتبعت في التخريج الخطوات التالية‪.‬‬

‫تخريج اآليات القرآنية بعزو اآلية إلى السورة وذكر رقم اآلية في السورة وقد اعتمدت في تخريج اآليات على المصحف‬ ‫‪-3‬‬
‫الرقمي‪.‬‬
‫تخريج األحاديث النبوية بعزو الحديث إلى المصدر الذي نقلت متن الحديث منه وذكر من أخرج الحديث من أئمة الحديث وذكر‬ ‫‪-2‬‬
‫موضع الحديث في أي كتاب من كتب الحديث التسعة المشهورة التي هي صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن النسائي‬
‫وسنن الترم ذي وسنن ابن ماجه ومسند اإلمام أحمد بن حنبل وموطأ اإلمام مالك بن أنس وسنن الدارمي‪ ،‬فإن كان متن الحديث في‬
‫صحيح البخاري أو في صحيح مسلم فأكتفي بذكر نسبته إلى مصدره صحيح البخاري أو صحيح مسلم لتلقى األمة لألحاديث التي اشتمل‬
‫عليها صحيح البخاري وصحيح مسلم بالقبول العتقاد األمة بأن معظم األحاديث التي تضمنها صحيح البخاري وصحيح مسلم صحيحة‬
‫وإن كان صحيح البخاري يقدم على صحيح مسلم في الصحة‪ ،‬وإن كان متن الحديث ليس مما في صحيح البخاري وال مما في صحيح‬
‫مسلم بأن كان في أحد كتب األمهات األربع أو في غيرها من كتب الحديث فإني أذكر حكم األلباني عليه من حيث التصحيح أو التحسين‬
‫للحديث مع ذكر مصدر حكم األلباني على الحديث ورقم الحديث في المصدر ليسهل على المطلع أو الباحث الرجوع إلى المصدر للتأكد‬
‫من حكم األلباني على الحديث لمن أراد الرجوع إلى المصدر‪ ،‬وقد حاولت تسهيل الرجوع إلى مصدر الحديث للتأكد من متن الحديث إذا‬
‫كان في الصحيحين أو في أحدهما أو من متن الحديث وحكم األلباني عليه إذا كان في غير الصحيحين من كتب الحديث وذلك أني اتبعت‬
‫في منهج تخريجي لألحاديث أن أذكر مصدر الحديث كصحيح البخاري أو صحيح مسلم أو سنن النسائي أو سنن أبي داود أو غيرها‬
‫وأذكر اسم الكتاب في المصدر ككتاب الطهارة أو الصالة أو الجنائز أو الزكاة أو الصوم أو النكاح أو البيوع أو نحوها‪ ،‬وأذكر اسم‬
‫الباب في ذلك الكتاب كباب الوضوء أو الغسل أو التيمم في كتاب الطهارة وأذكر رقم الحديث في ذلك الباب‪ ،‬كل هذا فعلته ألسهِل‬
‫للمطلع أو الباحث الرجوع إلى الحديث للتأكد من وجوده في المصدر أو للتأكد من ألفاظ متنه أو من حكم األلباني عليه إذا كان مما ليس‬
‫في الصحيحين‪ ،‬وأما ذكر من أخرج الحديث في المصادر األخرى فقد اكتفيت بذكر المصدر وذكر الكتاب الذي يوجد فيه الحديث في‬
‫المصدر ولم أذكر األرقام التي ذكرت في القرص الكتروني للكتب التسعة ألني وجدت األرقام غير مطابقة ولعدم مطابقتها ألرقام‬
‫األحاديث في كتب الحديث التسعة حذفت األرقام واكتفيت بذكر المصدر وذكر موضع الحديث في الكتاب كذكر حديث في صحيح‬
‫البخاري أقول في تخريجه أخرجه مسلم في الصوم أو في الزكاة أو في الحج أو في النكاح أوفي األيمان أو الحدود أو نحوه‪ ،‬وهنا أشير‬
‫إلى أني اعتمدت في تخريج األحاديث على القرص اإللكتروني للكتب التسعة‪.‬‬

‫خامســاً‪ :‬ذكر أطراف الحديث وقد اقتصرت على ذكر موضعين فقط باإلضافة إلى ذكر باب المصدر‪ ،‬وإن لم أجد إال موضعا واحدا‬
‫للحديث إضافة إلى ذكره في باب المصدر أذكر ذلك الموضع فقط‪ ،‬والحديث الذي لم أجد له أطرافا لم أذكر له أطرافا‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬ذكر معاني األلفاظ الغريبة التي يحتاج فهم الحديث إلى معرفة معاني األلفاظ الغريبة المعنى فيه‪ ،‬وقد حرصت على ذكر معاني‬
‫األلفاظ الغريبة لكي يسهل على طالب العلم ف ي المؤسسات العلمية ومدرسي مادة الفقه في المؤسسات التعليمية ومدرسي الحلقات الفقهية‬
‫في المساجد فهم هذه األلفاظ وفهم متون األحاديث التي تضمنتها‪ ،‬وقد اعتمدت في ذكر معاني األلفاظ في األحاديث النبوية على ما جاء في‬
‫القرص اإللكتروني للكتب التسعة‪.‬‬

‫سابعـــاً‪ :‬تميي ز خط اآليات القرآنية واألحاديث النبوية المستدل بها على األحكام في الترجيحات بخط متميز عن الخط المطبوع به عبارات‬
‫الترجيحات ليسهل فهمها وحفظها من قبل طالب وطالبات العلم الشرعي والمطَلعين على الترجيحات‪.‬‬

‫ثامنـــاً‪ :‬عرض الترجيحات على فضيلة صاحب الترجيحات ليطلع عليها ليضيف ما يرى فضيلته يحتاج إلى إضافة وليعدل ما يرى‬
‫تعديله إذا كان قد تغير رأيه في مسألة ما من المسائل التي اشتملت عليها الترجيحات ألن هذه الترجيحات هي آخر آراء فضيلة الشيخ في‬
‫المسائل الخالفية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫وأود أن أشير إلى أني قد اقتبست بعض التعاريف اللغوية والفقهية في األبواب الفقهية وبعض المسائل من كتاب (فقه السنة) للشيخ‬
‫العالمة سيد سابق ومن كتاب (توضيح األحكام من بلوغ المرام) للشيخ العالمة عبد اهلل بن عبد الرحمن البسام ‪.‬‬
‫هذا وحقوق الطبع محفوظة للمؤلف‪ ،‬وقد أذنت أذنا مطلقا لكل من يريد أن يطبع الكتاب طبعا خيريا جملة أو مجزءا لتوزيعه على طالب‬
‫العلم أو الدعاة أو القضاة أو لعموم المسلين مدنيين أو عسكريين أو للمساجد والمراكز والمؤسسات العلمية أو الدعوية أو ألي جهة علمية‬
‫أو دعوية أو رسمية‪ ،‬كما أني قد أذنت أذنا مطلقا لكل من يريد أن يترجم الكتاب إلى أي لغة غير اللغة العربية وأذنت بطباعة أي ترجمة‬
‫لنشره سواء كانت الطباعة خيرية أو تجارية موصيا كل من يقوم بترجمته بالتحري والدقة والموضوعية في نقل معانيه إلى معاني اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وال يحتاج إلى مؤاذنتي في طبع الترجمة‪.‬‬

‫الغرض من الكتاب‬
‫لكثرة المسائل التي اشتمل عليهاا الكتااب فاي كال بااب مان أباواب الفقاه مان ترجيحاات وآراء فقهياة مساتقلة عان التماذهب أظان أن الكتااب‬
‫سيكون مفيداً لكل من الفئات التالية‪:‬‬
‫‪ .3‬طالب العلوم الشرعية وال سيما طالب جامعة اإليمان‪.‬‬
‫‪ .2‬الدعاة إلى اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ .1‬مدرسو حلقات الفقه في المساجد الشتماله على كثير من أحكاام العبااد ات والمعاامالت التاي يحتااج إليهاا المسالم لمعرفاة أحكاام ديناه‬
‫وألن أدلتها منتقاة من الكتاب والسنة الصحيحة‬
‫‪ .4‬مدرسو مادة الفقه في الجامعات والمعاهد والمدارس الحكومية واألهلية‪.‬‬
‫‪ .5‬قضاة المحاكم الشرعية‪.‬‬
‫‪ .6‬أعضاء النيابات والمحامون في المحاكم الشرعية‪.‬‬
‫‪ .7‬الموظفون العموميون مدنيون وعسكريون‪.‬‬
‫‪ . 8‬صالحيته ألن يكون مرجعاً في البيت لكل مسلم ومسلمة لالستفتاء عن األحكام الشرعية التي قد تعرض له الحاجة إلى معرفتها فاي‬
‫أي باب من أبواب الفقه سواءً كانت في عباداته أو أحواله الشخصية أو معامالته أو أحكاام الوظيفاة العاماة أو غيرهاا مان أحكاام‬
‫الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫ميزة الكتاب‬
‫يتميز الكتاب عن غيره من كتب الفقه األخرى بميزات كثيرة‪ ،‬منها اآلتي‪:‬‬

‫إيثار األدلة الواضحة الداللة من القرآن الكريم واألدلة الصحيحة الصريحة من السنة النبوية الصحيحة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقديم نصوص صحيح البخاري في االستدالل على نصوص صحيح مسلم وبقية كتب الحديث المتبعة في معظم المسائل‪ ،‬وال يقدم‬ ‫‪‬‬
‫نص صحيح مسلم على نص صحيح البخاري إال إذا كان نص صحيح مسلم أوضح في الداللة على الحكم الذي يراد االستدالل‬
‫بالنص على الحكم عليه‪ ،‬فإن لم يوجد نص في صحيح البخاري وال في صحيح مسلم فيستدل بنص من األمهات األربع التي هي‬
‫سنن النسائي وسنن أبي داوود وسنن الترمذي وسنن ابن ماجة وتقدم نصوص السنن األربع على نصوص بقية الكتب السعة‪ ،‬فإن لم‬
‫يوجد نص في السنن األربع فبنص من نصوص بقية الكتب التسعة مقدماً نصوص مسند أحمد بن حنبل على نصوص موطأ مالك‬
‫وسنن الدارمي‪ ،‬وال تخالف هذه القاعد ة في تقديم النصوص إال في حالة إذا كان النص المقدم أوضح في الداللة على الحكم المستدل‬
‫بالنص عليه‪ ،‬وإذا لم يوجد نص في كتب الحديث التسعة فبنص من كتب الحديث المتبعة كسنن البيهقي وسنن الدار قطني مع أن‬
‫النصوص المستدل بها من غير الكتب التسعة قليلة جداً‪.‬‬
‫بيان حكم األلباني من حيث التصحيح والتحسين على كل حديث من األحاديث التي تم االستدالل بها من غير نصوص الصحيحين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫خلو الكتاب من االستدالل بأي حديث ضعفه األلباني أو غيره من علماء الحديث على أي مسألة من المسائل في أي باب من األبواب‬ ‫‪‬‬
‫من أول الكتاب إلى آخره‪ ،‬وهذه ميزة قد ال تتوفر في غيره من كتب الفقه‪.‬‬
‫بيان ضعف بعض األحاديث الضعيفة التي يستدل بها بعض الفقهاء في تأليفهم ألحكام الفقه كما يستدل بها بعض المدرسين في‬ ‫‪‬‬
‫تدريسهم ألحكام الفقه‪ ،‬وقد حرصت على بيان ضعفها لكي ال يُستدل بها على حكم شرعي ولكي ينتشر بين المعلمين وطالب العلم‬
‫وأفراد األمة العلم بضعف هذه األحاديث وأنها ليست من األحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫استقاللية الكتاب عن التعصب آلراء أي مذهب من المذاهب الفقهية‪ ،‬وإيثاره لترجيح اآلراء الموافقة لألدلة الواضحة من القرآن‬ ‫‪‬‬
‫الكريم واألدلة الصحيحة الصريحة من السنة النبوية الصحيحة‪.‬‬
‫حجب أسماء أئمة ال مذاهب الفقهية من معظم اآلراء الفقهية لكي ال يترسخ في ذهن طالب العلم أو المطلع على الكتاب من أفراد‬ ‫‪‬‬
‫األمة أن أئمة المذاهب مشاركون هلل أو لرسوله في حق تشريع األحكام التكليفية من الوجوب والحرمة والندب والكراهة واإلباحة في‬
‫أفعال المكلفين من العباد‪ ،‬في حين أن حق التشريع مقصور على اهلل عز وجل في قوله‪{ :‬إِنِ الْحُكْمُ إِالَ لِلّهِ أَمَرَ أَالَ تَ ْع ُبدُواْ إِالَ ِإيَاهُ ذَلِكَ‬
‫الدِينُ الْ َقيِمُ وَلَـ ِكنَ أَ ْكثَرَ النَاسِ الَ يَعْلَمُونَ}(‪)3‬وأشرك معه رسوله محمدا صلى اهلل عليه وسلم ألن كالمه وحي من اهلل عز وجل وأنه‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬يوسف‪)40):‬‬
‫‪12‬‬
‫عنِ ا ْلهَوَى * ِإنْ ُهوَ إِلَا وَحْيٌ يُوحَى}(‪ )3‬وقد ذم اهلل عز وجل كل من يتبع نصوص‬ ‫طقُ َ‬ ‫ال ينطق عن الهوى‪ ،‬لقوله تعلى‪{ :‬وَمَا يَن ِ‬
‫وأقوال أئمة وعلماء المذاهب الفقهية في إنشاء األحكام الشرعية بدون معرفة الدليل عليها من الكتاب والسنة الصحيحة ويجعلها‬
‫حبَارَهُمْ وَرُ ْهبَا َنهُمْ‬ ‫خذُواْ أَ ْ‬
‫مساوية لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة في إنشاء األحكام الشرعية في قوله تعالى {اتَ َ‬
‫أَ ْربَاباً مِن دُونِ اللّهِ}(‪ )2‬وقد ذم اهلل كل من يحب أئمة المذاهب أو أئمة التشيع ويتابعهم كحب اهلل عز وجل ويقدم طاعتهم على طاعة‬
‫حبُو َنهُمْ كَحُبِ اللّهِ وَاَلذِينَ آ َمنُواْ‬ ‫خذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُ ِ‬ ‫اهلل وطاعة رسوله صلى اهلل عليه وسلم في قوله تعالى {وَ ِمنَ النَاسِ مَن َيتَ ِ‬
‫حبّاً لِلّهِ}(‪ )1‬وقد بين اهلل عزوجل أن اتخاذ أي مخلوق سواء من أئمة التشيع الجعفري أو الزيدي أو االباضي أو من أئمة‬ ‫شدُ ُ‬ ‫أَ َ‬
‫المذاهب الفقهية أو من أعضاء المجالس التشريعية أو أي مخلوق كائن من كان يجعل لنفسه حق التحليل والتحريم لعباد اهلل عزوجل‬
‫فيما يخالف تحليل اهلل عزوجل وتحريمه المبين في كتاب اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم كفرا بربوبية اهلل عزوجل وبحقه‬
‫الئِكَةَ وَال ِن ِب ِي ْينَ أَ ْربَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَ ْعدَ ِإذْ أَنتُم مُسْلِمُونَ‬
‫خذُواْ الْ َم َ‬
‫وتفرده بالتحليل والتحريم لعباده في قوله تعالى‪{ :‬وَالَ يَأْمُرَكُمْ أَن َتتَ ِ‬
‫}(‪ )4‬في اآلية داللة واضحة على أن اتخاذ المالئكة والنبيين أربابا من دون اهلل في التحليل والتحريم كفر باهلل وبربوبيته‪ ،‬فكيف‬
‫باتخاذ غيرهم من البشر أربابا من دون اهلل عزوجل؟! وإذا كان اهلل عزوجل ال يأمر باتخاذ المالئكة والنبيين أربابا من دون اهلل فهو‬
‫من باب أولى ال يأمر وال يرضى باتخاذ أئمة التشيع الجعفري وال الهادوي الزيدي وال االباضي وال أئمة المذاهب الفقهية وال من‬
‫يطلق عليهم أولياء أمور المسلمين وال أعضاء المجالس التشريعية والغيرهم ممن يجعل لنفسه حق الربوبية في التحليل والتحريم‬
‫بحسب رغباته وأهوائه ومصالحه الدنيوية‪ ،‬فكل من يجعل مصالحه ورغباته وشهواته الدنيوية والسيما شهوة الجاه والسلطة‬
‫واالتباع إلهه من دون اهلل فقد تعمد الضالل عن هدى اهلل وشرعه على علم وقصد واصرار قال اهلل تعالى في هؤالء وأمثالهم في كل‬
‫ختَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَ َعلَ عَلَى بَصَ ِرهِ غِشَا َوةً فَمَن‬ ‫خذَ إَِلهَهُ َهوَاهُ وََأضَلَهُ اللَهُ عَلَى عِلْمٍ وَ َ‬ ‫زمان وفي كل مكان‪{ :‬أَفَرََأيْتَ َمنِ اتَ َ‬
‫َي ْهدِيهِ مِن بَ ْعدِ اللَهِ أَفَلَا َتذَكَرُونَ }(‪ )5‬وقد شبه اهلل عزوجل المقلد لغيره والمتبع لرغبات غيره في مسائل التحليل والتحريم كمن يمشي‬
‫في الطرقات والشوارع العامة واألزقة وهو مكبٌ على وجهه يضل عن الوجهة التي يريدها وينحرف عن الطريق الذي يريد السير‬
‫فيه وقد يقع في الحفر والترع والمستنقعات أو قد يتردى من الشواهق ويقع في المهالك‪ ،‬وشبه من يعرف أدلة مسائل التحليل‬
‫والتحريم في الشؤن العامة والخاصة كمن يمشي وهو واقف منتصب القامة يبصر كل ما أمامه ويسير في الطرق اآلمنة المستقيمة‬
‫ويتجنب الوقوع في الحفر والترع والمهالك ويأمن الخروج أو االنحراف عن الطريق المستقيم الذي يريد السير فيه وهو الصراط‬
‫المستقيم الذي يدع كل مسلم ومسلمة في كل ركعة من ركعات الصلوات الواجبة والمستحبة في كل يوم الهداية إليه والثبات عليه في‬
‫ستَقِيمٍ }(‪ )6‬وقد أوجب اهلل عز وجل على كل مسلم‬ ‫س ِويّاً عَلَى صِرَاطٍ مُ ْ‬ ‫جهِهِ أَ ْهدَى أَمَن يَمْشِي َ‬ ‫قوله تعالى ‪{ :‬أَفَمَن يَمْشِي مُ ِكبّاً عَلَى وَ ْ‬
‫ومسلمة الدعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم والثبات عليه بعد هدايته إليه وتجنيبه صراط المغضوب عليهم والضالين في الطاعة‬
‫واالتباع وفي كل شأن من الشؤن العامة والخاصة في قوله تعالى‪{ :‬اه ِدنَــــا الصِرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ اَلذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ‬
‫المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَالَ الضَالِينَ }(‪ )7‬وقد وصف اهلل كل تشريع بشري يخالف شرع اهلل نصوصا ومقاصد بالكذب واالفتراء على اهلل‬
‫اللٌ وَهَـذَا حَرَامٌ ِلتَ ْفتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْ َكذِبَ ِإنَ اَلذِينَ يَ ْفتَرُونَ‬ ‫حَ‬‫س َنتُكُمُ الْ َكذِبَ هَـذَا َ‬ ‫عزوجل في قوله تعالى ‪{ :‬وَالَ تَقُولُواْ لِمَا َتصِفُ أَلْ ِ‬
‫عَلَى اللّهِ الْ َكذِبَ الَ يُفْلِحُونَ }(‪ )8‬وقد نسبت األقوال إلى أدلتها من الكتاب أو السنة ليعلم طالب العلم وأفراد األمة أن حق تشريع‬
‫خذُوهُ‬ ‫األحكام الشرعية حق هلل وحده ولرسوله محمد صلى اهلل عليه وسلم الذي أمر اهلل بإتباعه في قوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَسُولُ فَ ُ‬
‫شدِيدُ الْعِقَابِ}(‪ )9‬ولم يأمر اهلل عزوجل باتباع أقوال أحد من البشر فيما فيه مخالفة لقول‬ ‫عنْهُ فَان َتهُوا وَاتَقُوا اللَهَ إِنَ اللَهَ َ‬ ‫وَمَا َنهَاكُمْ َ‬
‫اهلل عزوجل أوقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم المن أئمة المذاهب الفقهية والمن أئمة التشيع الجعفري أو الزيدي الهادوي أو‬
‫االباضي وال ممن يوصفون بوالة أمور السلمين وال من أعضاء المجالس التشريعية وال من أي مخلوق كائن من كان يدعي لنفسه‬
‫حق تحليل ماحرَمه اهلل عزوجل أوحرَمه رسوله محمد صلى اهلل عليه وسلم أو تحريم ما أحلَه اهلل عزوجل أورسوله محمد صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬بل الطاعة واالتباع ألي مخلوق فيما فيه مخالفة لشريعة اهلل كبيرة من كبائر اإلثم تساوي كبيرة اإلشراك باهلل عزوجل‬
‫أوتفوق عليها في اإلثم ألن اهلل عزوجل رتبها بعد كبيرة اإلشراك باهلل عزوجل في عداد المحرَمات في قوله تعالى ‪ُ { :‬قلْ ِإنَمَا حَرَمَ‬
‫حقِ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ ُينَ ِزلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا الَ‬ ‫طنَ وَا ِإلثْمَ وَا ْلبَغْيَ بِ َغيْرِ الْ َ‬ ‫ظهَرَ ِم ْنهَا وَمَا بَ َ‬
‫َربِيَ الْ َفوَاحِشَ مَا َ‬
‫(‪)10‬‬
‫تَعْلَمُونَ}‬
‫تضمن الكتاب كثيراً من (فقه الدولة) وهي األحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلفين في الوظائف العامة في المؤسسات المدنية‬ ‫‪‬‬
‫والعسكرية‪ ،‬وقد ذكرت األحكام المتعلقة بأفعال الموظفين العموميين في كثير من أبواب المعامالت الشرعية كما ذكرت الكثير منها‬
‫في كتاب خاص بأحكام الوالية العامة‪ ،‬ذكرت فيه (الواجب) و(المحرَم) في أفعال الموظف العام و(المعروف) و(المنكر) في أعمال‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النجم‪)3،4( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)31( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)165( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪)50(:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الجاثية‪)23( :‬‬
‫‪6‬‬
‫الملك ‪)22( :‬‬
‫‪ - 7‬الفاتحة‪)7،6( :‬‬
‫‪ - 8‬النحل‪)336( :‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحشر‪)7( :‬‬
‫‪ - 10‬األعراف ‪)11(:‬‬
‫‪13‬‬
‫كل سلطة من سلطات الدولة الثالث وسميته كتاب (الوالية العامة) وهو الكتاب الثالث والعشرون من حيث العدد‪ ،‬ترتيبه بعد كتاب‬
‫(القضاء) مباشرة‪.‬‬

‫فهرسة الكتاب‬
‫ال بذكر أبواب كل كتاب في أول صفحة في الكتااب وذكار أهام المساائل فاي كال بااب فاي أول‬ ‫قد تميز هذا الكتاب بفهرسته حيث فهرس أو ً‬
‫صفحة من الباب أو الفصل لتسهيل رجوع القارئ إلى المسألة التي يريدها وقد اقتبسات هاذه الفهرساة مان خاالل اطالعاي علاى أحاد كتاب‬
‫الدكتور(عبد الرحمن الحجيي ) العراقاي الجنساية المتخصاص فاي دراساة تااريخ األنادلس‪،‬كما تمات فهرساته فاي آخار الكتااب باذكر الكتاب‬
‫واألبواب وهذه هي الفهرسة المتعارف عليها في نهاية معظم الكتب‪.‬‬

‫هذا وأسأل اهلل عز وجل أن ينفع بالترجيحات طالب العلم الشرعي وأن يجعلها وسيلة مسهِلة لفهم األقوال الصحيحة والراجحة في مسائل‬
‫كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬واهلل أسال أن ينفع بهذه الترجيحات كما نفع بأصلها إنه ولي ذلك والقادر عليه‪،،،‬‬

‫وصلى اهلل على محمد وآله وسلم‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ترمجة صاحب الرتجيحات فضيلة القاضي العالمة الورع الزاهد حممد بن إمساعيل العمراني‬

‫اسمه وكنيته ونسبه ومولده‬ ‫‪‬‬


‫لقبه‬ ‫‪‬‬
‫زوجاته وعدد أوالده‬ ‫‪‬‬
‫مكانة أسرته العّلمية‬ ‫‪‬‬
‫حياته العّلمية‬ ‫‪‬‬
‫شيوخه‬ ‫‪‬‬
‫تالميذه‬ ‫‪‬‬
‫إجازاته العّلمية‬ ‫‪‬‬
‫أسانيده‬ ‫‪‬‬
‫المحن التي تعرض لها‬ ‫‪‬‬
‫حياته الدعوية والتعّليمية‬ ‫‪‬‬
‫أهم األعمال الرسمية التي توالها‬ ‫‪‬‬
‫مواقفه االجتماعية‬ ‫‪‬‬
‫موقفه من الجماعات اإلسالمية‬ ‫‪‬‬
‫سعة اطالعه وعمق معرفته بالتاريخ‬ ‫‪‬‬

‫‪15‬‬
‫ترمجة صاحب الرتجيحات فضيلة القاضي العالمة الورع الزاهد حممد بن إمساعيل العمراني‬
‫‪ )1‬امسه وكنيته ونسبه ومولده‪:‬‬

‫هو‪ :‬أبو عبد الرحمن القاضي العالمة الفقيه ناصر السنة قامع البدعة صاحب التحقيق في العلوم‪ ،‬المشيتغل بيالعلم والتعلييم واإلفتياء فيي‬
‫كل أوقاته ( محمد بن إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن حسين بن صالح بين شيائع العمرانيي اللقيب الصينعاني الموليد والنشيأة )‪.‬‬
‫وكان مولده في ربيع األول سنة ‪1340‬هـ ‪.‬‬

‫‪ )2‬لقبه‪:‬‬

‫اشتهر القاضي محمد بن إسماعيل بـ (العمراني) مع أنه ولد ونشأ وتربى وتعلم في صنعاء‪ ،‬وسبب اشتهار لقبه بـ (العمراني) ألن أصل‬
‫أسرته من مدينة عمران وأول من انتقل من أسرته إلى صنعاء هو جده القاضي‪/‬علي بن حسين بن صالح بن شائع العمرانيي‪ ،‬فيي عهيد‬
‫اإلمام المنصور الحسين (‪1131‬هـ – ‪ 1161‬هـ) وهذا الجد هيو أول مين اسيتوطن صينعاء فيي القيرن الثياني عشير مين الهجيرة النبويية‬
‫على صاحبها وآله أفضل الصالة والسالم وهو أول من قرأ العلم من هذه األسرة‪.‬‬

‫وصييارت كلميية (العمرانييي) علمياً بالغلبي ة عليييه وعلييى ذريتييه إلييى يومنييا هييذا وهييم ال يعرفييون بييدون هييذه الكلميية باعتبييار مييوطن األجييداد‬
‫األقدمين وإال فهم في وقتنا الحاضر من أهل صنعاء‪.‬‬

‫‪ )3‬زوجاته وعدد أوالده‪:‬‬

‫لم يجمع بين زوجتين ولكن لما توفيت زوجته أم أوالده اضطر إلى الزواج بالزوجة الثانية التيي ال تيزال معيه وهيو يعييش معهيا فيي‬
‫أسعد حال وفي أحسن عشرة‪ ،‬وله من األبناء خمسة هم ‪:‬‬

‫‪ -1‬الدكتور ‪ /‬عبد الرحمن محمد بن اسماعيل العمراني ويعمل مدرساً في كلية اآلداب في جامعة صنعاء ‪.‬‬

‫‪ -2‬الدكتور ‪ /‬عبد الغني محمد بن اسماعيل العمراني ويعمل مدرساً في كلية التربية في جامعة صنعاء ‪.‬‬

‫‪ -3‬األستاذ ‪ /‬عبد الوهاب محمد بن اسماعيل العمراني يعمل في السلك الدبلوماسي ‪.‬‬

‫‪ -4‬األستاذ ‪/‬عبد الرزاق محمد بن اسماعيل العمراني يعمل في السلك الدبلوماسي ‪.‬‬

‫‪ -5‬األستاذ ‪ /‬عبد الملك محمد بن اسماعيل العمراني وهو رجل أعمال تجارية ‪.‬‬

‫وله أربع بنات مزوجات بأربعة دكاترة هم ‪:‬‬

‫‪ -1‬الدكتور ‪ /‬عبد الحكيم بن عبد الرحمن بن اسماعيل العمراني طبيب عيون مشهور يعمل في مدينة تعز ‪.‬‬

‫‪ -2‬الدكتور ‪ /‬عبد اهلل اسماعيل الجرافي طبيب أسنان ‪.‬‬

‫‪ -3‬الدكتور ‪ /‬خالد عبد اهلل المحمدي طبيب عيون يعمل في مدينة تعز ‪.‬‬

‫‪ -3‬الدكتور ‪ /‬محمد علي الربيدي مدرساً في كلية التجارة واالقتصاد بجامعة صنعاء ‪.‬‬

‫‪ ) 4‬مكانة أسرته العلمية‪:‬‬

‫أسرة صاحب الترجمة أسرة عريقة في العلم ضاربة جذورها في الفضل والصالح والقضاء وأجداده قد ساهموا في نشر العلم واجتهيدوا‬
‫في ذلك تعليماً وإرشاداً وتأليفاً‪ .‬وجده القاضي العالمية محميد بين عليي العمرانيي كيان مين أبيرز تالمييذ شييخ اإلسيالمي القاضيي العالمية‬
‫(محمد بن علي الشوكاني) وقد قال عنه الشوكاني في البدر الطالع (برع في جميع العلوم االجتهاديية وصيار فيي عيدد مين يعميل باليدليل‬
‫وال يعرج على القيل والقال وبلغ في المعارف إلى مكان جليل وهو قوي الذهن سيريع الفهيم جييد اإلدراا ثاقيب النّظير يقيل وجيود نّظييره‬
‫في هذا العصر مع تواضع وإعراض عن الدنيا وعدم اشتغال بما يشتغل به غيره ممين هيو دونيه بمراحيل مين تحسيين الهيئية وليبس ميا‬
‫يشابه المتّظهر بيالعلم كثير اهلل فوائيده ونفيع بعلوميه وقيد سيمع عليي غاليب األمهيات السيت وفيي العضيد والكشياف والمطيول وحواشييها‬
‫وغيرها من الكتب) انتهيى كيالم الشييخ القاضيي العالمية محميد بين عليي الشيوكاني فيي ترجمية تلمييذه القاضيي العالمية محميد بين عليي‬
‫العمراني رحمهما اهلل تعالى والقاضي محمد بن علي العمراني نميوذج ألفيراد هيذه األسيرة العريقية فيي العليم والصيالح اليذين كيانوا بيين‬
‫أقوامهم وفي مجتمعاتهم كالنجوم بين معاصريهم من العلماء وكمصابيح الهدى في العلم والفضل والصيالح واإلصيالح‪ .‬وممين أخيذ عين‬
‫‪16‬‬
‫الشوكاني من أجداده جده األول والد والده القاضي محمد بن محمد بن علي العمراني الذي كناه والده بأبي الدرداء وكنى أخيوه القاضيي‬
‫عبد الرحمن محمد العمراني الذي كناه والده بأبي هريرة ‪.‬‬

‫‪ )5‬حياته العلمية‪:‬‬

‫أ) مرحلة الطلب األولى‪:‬‬

‫ال بتشيجيع مين كبيار‬


‫يتحدث فضيلة شيخنا فضيلة القاضي العالمة (محمد بين إسيماعيل العمرانيي) حفّظيه اهلل عين بدايية طلبيه للعليم قيائ ً‬
‫السن ممن كانوا يعرفونني من القضاة والعلماء بقولهم لي (أنيت ابين القاضيي إسيماعيل بين القاضيي محميد ‪ )..‬لقيد كيان جيدا مين كبيار‬
‫علماء صنعاء وكذلك جد أبيك ليحفزوني على طلب العلم واللحاق بركب العلمياء وبهيذا التشيجيع تاقيت نفسيي للعليم فبيادرت لليدخول فيي‬
‫مدرسة الفليحي االبتدائية وأنا في السابعة من عمري‪ ،‬فأخذت القرآن الكريم عليى األسيتاذ ‪ /‬محميد النعمياني وغييره وتعلميت إليى جانيب‬
‫فن التجويد مختصرات من العلوم الدينية ممثلة في منهج مدرسة الفليحي االبتدائية وهي األخيالق‪ -‬النحيو – الخيط – اإلنشياء‪ ،‬الحسياب‬
‫– الهندسة‪ -‬الجغرافيا – الصحة‪ ،‬وأخذت من المدرسة شهادة في ذلك‪ ،‬انتقلت بعدها إليى مدرسية اإلصيالح فيي الييوم اليذي افتتحيت فييه‬
‫فأخذت فيها جميع ما تقدم ذكيره مين المختصيرات االبتدائيية ولكنهيا كانيت أرقيى وأرفيع مين األوليى وعليى رأس السينة مين دخيولي هيذه‬
‫المدرسة كان خروجي منها بشهادة أعلى من األولى وكانت هذه الشهادة التي حزتها مع زمالئي في هذه المدرسة أول شهادات أعطييت‬
‫لخريجيها وكانت أول دفعة تخرجت منها‪.‬‬

‫ب) مرحة الطلب الثانية‪:‬‬

‫يقول فضيلة شيخنا الفاضل القاضي العالمة (محمد بين إسيماعيل العمرانيي) حفّظيه اهلل تعيالى عين طلبية العليم فيي هيذه المرحلية‪ " :‬لقيد‬
‫قرأت أثناء دراستي في مدرسة الفليحي وفي مدرسة بئر العزب وبئر الشيمس عنيد األسيتاذ‪/‬غالب الحيرازي وفيي مدرسية الروضية عنيد‬
‫األستاذ ‪ /‬الحسن بن إبراهيم وعندما بلغت الرابعة عشر من عمري ‪1354‬هـ انتقلت إلى الجامع الكبير بصنعاء ومسجد الفليحي فجودت‬
‫القرآن الكريم على المقرئ (محمد بن إسحاق) والفقيه (لمراصبي) والعالمة الضرير (الكبسي )‪.‬‬

‫‪ )1‬حفظ املختصرات ‪:‬‬


‫ويضيف شيخنا حفّظه اهلل تعالى قائالً (وحفّظت المختصرات على السيد عبد الكريم بن إبراهيم األمير وغيره ولزمت هيذا‬
‫المسجد (الفليحي) كثيراً‪ ،‬وأختلف إلى مساجد أخرى أجلس متلقياً على يد شيوخها ومن هذه المختصرات‪:‬‬

‫‪ )1‬متن األزهار في الفقه الهادوي‪.‬‬


‫‪ )2‬متن الكامل في أصول الفقه ‪.‬‬
‫‪ )3‬متن الكافية في النحو ‪.‬‬
‫‪ )4‬متن األلفية في النحو‪.‬‬
‫‪ )5‬قواعد اإلعراب في النحو‪.‬‬
‫كما أخذت على السيد عبد الكريم األمير في شرح القواعد والفاكهي وشرح قطر الندى في النحو وشرح السعد للتفتازاني في علم البييان‬
‫والمعاني والبديع‪ .‬والغزني في الصرف وغيره وأخذت عليى الصيفي أحميد بين محميد السينيدار فيي مفهيوم ومنطيوق ميتن األزهيار وفيي‬
‫صحيفة علي بن موسى الرضى وأخذت على العزي البهلولي في شرح الجيوهر المكنيون فيي عليم البييان والمعياني والبيديع وشيرح ابين‬
‫عقيل على ألفية ابن مالك فيي النحيو وشيرح الطبيري عليى ميتن الكافيل فيي أصيول الفقيه وشيرح السيعد عليى التلخييص فيي عليم البييان‬
‫والمعاني والبديع وش رح عهدة األحكام وفيي أوائيل غايية السيؤل فيي أصيول الفقيه وفيي أوائيل كتياب الكشياف فيي التفسيير وأخيذت عليى‬
‫الفخري ‪ /‬عبد اهلل بن عبده حميد في قواعد اإلعراب وشرح ابن عقييل وشيرح الجيوهر المكنيون والكافيل وتحفية اليذاكرين ونخبية الفكير‬
‫وبعض من المناهل الصافية في علم الصرف وغير ذلك من الكتب وأخذت على القاضي عليي بين حسيين المغربيي بعضيًا مين كتياب قطير‬
‫الندى في علم النحو ونخبة الفكر في علم مصطلح الحديث وغير ذلك من الكتب ‪.‬‬

‫وأخذت على القاضي (أحمد بن لطف الزبيري) بعضاً من القطر و الفاكهي والقواعد وأخذت على السيد أحمد بن محميد زبيارة فيي أوائيل‬
‫شرح األزهار وثلثي كتاب سبل السالم وبعضاً من كتاب الشفاء لألمير الحسين‪.‬‬

‫وأخذت على القاضي عبد الوهاب المجاهد الشماحي بعضاً من الجزء األول من شرح األزهار وبعضاً منه من الجزء الثاني وأخذت عليى‬
‫القاضي حسن حسين بن علي المغربي في الفرائض وشرح األزهار وأصول األحكام وبيان ابن مّظفر وغير ذلك من الكتب وأخيذت عليى‬
‫السيد ‪ /‬عبد الخالق األمير في شرح األزهار وفي الفرائض وصحيح مسلم وغير ذلك من الكتب وأخيذت عليى القاضيي عليي اآلنسيي فيي‬
‫شرح األزهار والفرائض‪ .‬وأخذت على غير هؤالء المذكورين من رجال الفروع والفرائض‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ )2‬عقده احللقات العلمية كوسيلة لتحصيل العلم وتعميقه‪.‬‬
‫يقول شيخنا حفّظه اهلل تعالى‪ " :‬وبينما كنت أختلف إلى مشائخي آلخذ عليهم كبار الكتب كتب التخصص كنت أسيتعين اهلل وأفيتح حلقيات‬
‫ال فيي الكتيب األوليية مين المتيون والمختصيرات التيي تشيمل كتيب الفقيه واللغية والحيديث وبهيذا األسيلوب‬
‫علمية لطالب أقيل منيي تحصيي ً‬
‫حصلت على فوائد جمة وعلوم نافعة قيمة أكثر مما لو كنت مقتصراً على التحصيل فقط " انتهى كالم الشيخ حفّظه اهلل‪.‬‬

‫‪ )6‬شيوخه‪:‬‬

‫‪ )1‬القاضي العالمة ‪ /‬عبد اهلل بن عبد الكريم الجرافي‪( :‬ت‪1357 :‬هـ) قرأ عليه موطأ مالك وكتاب االعتبار في الناسيخ والمنسيو‬
‫من اآلثار‪ ،‬وأكثر سبل السالم وأكثر نيل األوطار وسنن النسائي كله‪.‬‬
‫‪ )2‬القاضي العالمة ‪ /‬عبد اهلل بن عبد الرحمن حميد‪( :‬ت‪1311 :‬هـ) قرأ عليه شرح ابن عقيل وشرح الجوهر المكنون وفي شرح‬
‫الكافل في أصول الفقه وبعض شرح متن األزهار وشرح قواعد اإلعراب وغير ذلك من الكتب‪.‬‬
‫‪ )3‬السيد العالمة الشاعر ‪ /‬عبد الكريم بن إبراهيم األميير‪( :‬م‪1330 :‬هيـ) حفيظ علييه بعيض المختصيرات مثيل ميتن األزهيار وميتن‬
‫الكافل ومتن الكافية ومتن األلفية وملحة اإلعيراب ثيم أخيذ علييه شيرح قطير النيدى البين هشيام وشيرح ملحية اإلعيراب للفياكهي‬
‫وشرح قواعد اإلعراب لألزهري وشرح ابن عقيل على األلفية وشرح كافل ابن لقمان والجزء األول من مغني اللبييب والجيوهر‬
‫المكنون وشرح التفتازاني على الغزني في الصرف وغيرها من الكتب‪.‬‬
‫‪ )4‬القاضي العالمة‪ /‬حسن بن علي المغربي‪(:‬ت‪1410 :‬هـ) قرأ عليه بعضاً من شرح الفرائض وبعضاً مين شيرح األزهيار وبعضياً‬
‫من كتاب أصول األحكام لإلمام أحمد بن سليمان وبعض بيان بن مّظفر وغيرها من الكتب‪.‬‬
‫‪ )5‬القاضي العالمة ‪ /‬علي بن حسن بن علي بين حسيين المغربيي‪( :‬ت ‪1145 :‬م) تيوفي وهيو شياب‪ ،‬قيرأ علييه شيرح قطير النيدى‬
‫البن هشام وكتاب نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر للحافظ ابن حجر العسقالني‪.‬‬
‫‪ )6‬القاضي ‪ /‬عبد اهلل بن محمد السرحي‪( :‬م‪1315 :‬هـ – وتوفي قريباً) قرأ عليه بعض تفسير الكشاف للزمخشري‪.‬‬
‫‪ )7‬القاضي العالمة ‪ /‬عبد الوهاب الشماحي‪( :‬ت‪1357 :‬هـ) قرأ عليه بعض شرح األزهار قبيل موته أي قبل حوالي ‪ 70‬عاماً من‬
‫كتابة هذه الترجمة‪.‬‬
‫‪ )8‬السيد العالمية ‪ /‬أحميد بين عليي الكحالنيي‪( :‬ت‪1356 :‬هيـ) قيرأ علييه فيي شيرح األ زهيار وفيي شيرح غايية السيؤل فيي الكشياف‬
‫وبعض سنن أبي داود‪.‬‬
‫‪ )9‬السيد ‪ /‬عبد الخيالق بين حسيين األميير‪1370 -1313( :‬هيـ تقريبيًا) قيرأ علييه بعيض الفيرائض وبعيض شيرح اليروض النضيير‬
‫وكتاب صحيح مسلم‪.‬‬
‫‪ )11‬السيد ‪ /‬أحمد بن علي السراجي‪ :‬قرأ عليه شرح الغاية للحسين بن القاسم وفي شرح عمدة األحكام‪.‬‬
‫‪ )11‬الشيخ العالمة ‪ /‬محمد بن صالح البهلولي‪1310 – 1324( :‬هـ) قرأ عليه في شرح القطر للفياكهي‪ ،‬وشيرح الجيوهر المكنيون‬
‫وفي شرح الطبري على الكافل في األصول‪ ،‬وشرح التلخيص في المعاني والبيان‪ ،‬وفي شرح عمدة األحكام في الحيديث وأوائيل‬
‫الكشاف وبعضاً من سنن أبي داود‪ ،‬وأوائل غاية السؤل في األصول‪.‬‬
‫‪ )12‬الشيخ العالمة ‪ /‬علي بن هالل الدبب‪1355 -1320( :‬هـ) قرأ عليه الشعاع الفائض فيي عليم الفيرائض‪ ،‬وبعضياً مين الكشياف‪،‬‬
‫ولقد كان من ذوي السمت الحسن والتواضع الجم‪.‬‬
‫‪ )13‬القاضيي العالميية ‪ /‬يحيييى بيين محمييد اإلرييياني‪ :‬قيرأ عليييه الييروض النضييير وفييي سيينن أبيي داود وفييي البحيير الزخييار وبعضياً ميين‬
‫الكشاف وبعضاً من شرح الغاية وبعضاً من زاد المعاد البن القيم‪.‬‬
‫‪ )14‬السيد العالمة ‪ /‬أحمد محمد زبارة‪( :‬ت‪1421 :‬هـ) قرأ عليه جزء يسير من شفاء األمير الحسين‪ .‬وبعض شرح األزهيار وأكثير‬
‫سبل السالم ‪.‬‬
‫‪ )7‬تالميذه ‪:‬‬

‫تالميذ شيخنا حفّظه اهلل كثيرون يصعب حصرهم وعدهم حيث قد يبلغ عددهم باآلالف فكثير من علماء اليمن وقضاة محاكمه الشرعية‬
‫ودعاته وخطباؤه والمرشدون معّظمهم من تالميذ فضيلة شيخنا القاضي العالمة محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل تعالى فهم إما‬
‫تالميذ له متخرجون من حلقاته العلمية في مسجد الفليحي أو في مسجد الزبيري أو من معهد القضاء العالي أو من طالب جامعة‬
‫اإليمان أو متابعون فتاواه في إذاعة صنعاء ومن أبرزهم‪:‬‬

‫‪)1‬األستاذ ‪ /‬إبراهيم أحمد عزي‪.‬‬


‫‪)2‬األستاذ ‪ /‬إبراهيم يحيى قيس مدرس بجامعة صنعاء‪.‬‬
‫‪ )3‬الشيخ العالمة ‪ /‬أحمد الحازمي من علماء صبياء في المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ )4‬األستاذ السفير ‪ /‬أحمد المضواحي أحد السفراء اليمنيين المتقاعدين ‪.‬‬
‫‪ )5‬األستاذ ‪ /‬أحمد بن علي بن يحيى زبارة سفير المملكة المتوكلية سابقاً في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪ )6‬العالمة السيد ‪ /‬أحمد بن محمد الشامي وزير األوقاف سابقاً ورئيس حزب الحق سابقا‪.‬‬
‫‪)7‬الشيخ العالمة ‪ /‬أحمد بن محمد بن إسماعيل الجهمي المصباحي مدرس بجامعة اإليمان وهو اآلن مدرس فيي جامعية مين جامعيات‬
‫المملكة العربية السعودية في منطقية نجيران‪ ،‬وهيو مين الطيالب المبيرزين المجتهيدين مين طيالب الدفعية األوليى مين طيالب جامعية‬
‫اإليمان ‪.‬‬
‫‪)8‬القاضي العالمة ‪ /‬أحمد بن محمد بن يحيى مداعس عضو المحكمة العليا ‪.‬‬
‫‪ )9‬الشيخ ‪ /‬أحمد عبد الرزاق الرقيحي خطيب الجامع الكبير بصنعاء ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ )11‬الشيييخ ‪ /‬أحمييد عبييد الييولي الشييميري معيييد بجامعيية اإليمييان‪ ،‬وهييو ميين أشييد الطلبيية حرصييا علييى متابعيية دروس فضيييلة صيياجب‬
‫الترجمة في جامعة اإليمان وفي جامع الزبيري‪.‬‬
‫‪ )11‬القاضي ‪ /‬أحمد محمد األكوع محافظ حجة سابقاً ووكيل وزارة األوقاف سابقا ‪.‬‬
‫‪ )12‬الشيخ العالمة ‪ /‬أحمد محمد هادي الهبيط ‪.‬‬
‫‪ )13‬األستاذ الدكتور ‪ /‬أسامة بن محمد بن محمد‪ ،‬وهو ليبي الجنسية وهو اآلن أستاذ في جامعة العاصمة الليبية طرابلس‪.‬‬
‫‪ )14‬الشيخ ‪ /‬أكرم بن أحمد عبد الرزاق الرقيحي خطيب الجامع الكبير بصنعاء ‪.‬‬
‫‪ )15‬الشيخ ‪ /‬حسن عبد اهلل الشيخ وكيل وزارة األوقاف واإلرشاد ‪.‬‬
‫‪ )16‬األستاذ ‪ /‬حسين علي العري‪.‬‬
‫‪ )17‬القاضي العالمة ‪ /‬حميود الهتيار عضيو المجليس األعليى للقضياء سيابقًا رئييس محكمية اسيتئناف أمانية العاصيمة سيابقًا ورئييس‬
‫محكمة استئناف محافّظة ذمار سابقاً ورئيس لجنة حقوق اإلنسان اليمنية سابقاً ووزير األوقاف سابقا‪.‬‬
‫‪ )18‬األستاذ ‪ /‬حمود علوان‪.‬‬
‫‪ )19‬الشيخ العالمة ‪ /‬حمود مهيوب خليل‪.‬‬
‫‪ )21‬الييدكتور ‪ /‬صييالح عبييد اهلل الضييبياني أمييين عييام جامعيية اإليمييان وعضييو هيئيية التييدريس فيهييا وعضييو هيئيية التييدريس فييي كلييية‬
‫الشريعة بجامعة صنعاء‪.‬‬
‫‪ )21‬الشيخ العالمة ‪ /‬عامر بن حسين بن عبد اهلل بن عبد القادر الشهير (بالكدور) من سوريا مدرس بجامعة اإليمان سابقا ‪.‬‬
‫‪ )22‬الدكتور العميد ‪ /‬عباس محمد الوجيه ضابط في القوات الجوية ومدرس في جامعة بحضرموت‪.‬‬
‫‪ )23‬األستاذ ‪ /‬عبد الحميد بن صالح بن قاسم بن عبد اهلل آل أعوج سير‪.‬‬
‫‪ )24‬الشيخ العالمة ‪ /‬عبد الرحمن النعمي من علماء صبياء في المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ )25‬األستاذ ‪ /‬عبد الرحمن بن محمد بن صالح العيزري صاحب المؤلفات الجيدة منها اختيارات الشوكاني‪.‬‬
‫‪ )26‬األسييتاذ الييدكتور ‪ /‬عبييد الييرحمن عبييد اهلل سييليمان األغبييري لييه رسييالة ماجسييتير فييي حييياة فضيييلة القاضييي العالميية محمييد بيين‬
‫إسماعيل العمراني حفّظه اله ومدرس بقسم اللغة بجامعة اإليمان كما أنه قد نال الدكتوراة أخيراً من جامعة صنعاء‪.‬‬
‫‪ )27‬الييدكتور ‪ /‬عبييد الرقيييب بيين عبييد اهلل بيين حسييين بيين عبيياد الييذماري المولييد الصيينعاني النشييأة نائييب رئيييس جامعيية القييرآن الكييريم‬
‫ورئيس مركز العمراني للعلوم الشرعية ورئيس جمعية البر والعفاف الخيرية‪.‬‬
‫‪ )28‬الدكتور ‪ /‬عبد السالم مقبل المجيدي‬
‫‪ )29‬الدكتور ‪ /‬عبد الغني محمد بن اسماعيل العمراني دكتور في جامعة العلوم والتكنولوجيا ‪.‬‬
‫‪ )31‬األستاذ ‪ /‬عبد الكريم بن أحمد الخميسي أحد الكتاب الصحفيين‬
‫‪ )31‬القاضي ‪ /‬عبد الكريم عبد اهلل العرشي اليذي تيولى عيدد مين المناصيب ا لعلييا فيي الدولية منهيا نائيب رئييس الجمهوريية ورئييس‬
‫مجلس الشورى لعدة فترات وكان آخرها مستشار رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫‪ )32‬العالمة ‪ /‬عبد اهلل أحمد يحيى الكحالني ‪.‬‬
‫‪ )33‬الشاعر ‪ /‬عبد اهلل البردوني الشاعر واألديب المشهورالذي له عدد من المؤلفات في األدب الشعبي والشعر والشعراء والتاريخ‪.‬‬
‫‪ )34‬القاضي ‪ /‬عبد اهلل الوريث رئيس محكمة أمن الدولة بعد القاضي غالب ‪.‬‬
‫‪ )35‬الشيخ ‪/‬عبد اهلل بن قاسم بن هادي ذيبان جامع فتياوى صياجب الترجيحيات فيي كتياب (نييل األمياني مين فتياوى القاضيي العالمية‬
‫محمد بن إسماعيل العمراني) ومؤلف هذا الكتاب (تسهيل بداية المجتهد) ‪.‬‬
‫‪ )36‬القاضي ‪ /‬عبد اهلل بن محمد بن حميد المستشار في مكتب رئاسة الجمهورية ‪.‬‬
‫‪ )37‬الدكتور ‪ /‬عبد الملك الحيمي له رسالة ماجستير في القات ويعمل وكيالً لنائب رئيس جامعية اإليميان للميوارد والتنميية وميدرس‬
‫بجامعة اإليمان‪.‬‬
‫‪ )38‬القاضي ‪ /‬عبد الواسع اإلرياني ‪.‬‬
‫‪ )39‬الدكتور ‪ /‬عبد الوهاب الديلمي وزير عدل سابقاً ومدير جامعة اإليمان سابقاً ورئيس فرع اتحاد علماء المسلمين فرع اليمن‪.‬‬
‫‪ )41‬القاضي ‪ /‬عصام عبد الوهاب السماوي رئيس مجلس القضاء األعلى سابقا ورئيس المحكمة العليا ‪.‬‬
‫‪ )41‬القاضي ‪ /‬علي أبو الرجال محافظ الحديدة سابقاً ومحافظ صنعاء سابقاً مدير مكتب وثائق الدولة ‪.‬‬
‫‪ )42‬الدكتور ‪ /‬علي المحفلي من الطالب المجدين مدرس بجامعة صعدة وهو من طالب الدفعة األولى من طالب جامعة اإليمان ‪.‬‬
‫‪ )43‬القاضي العالمة ‪ /‬علي بن أحمد الخربي عضو المحكمة العليا‪.‬‬
‫‪ )44‬القاضي العالمة ‪ /‬علي بن قاسم الشامي ‪.‬‬
‫‪ )45‬األستاذ ‪ /‬علي عبد الرحمن علي دبيس ‪.‬‬
‫‪ )46‬الشيخ ‪ /‬علي محمد حسين الفقيه ‪.‬‬
‫‪ )47‬الشيخ العالمة ‪ /‬عيسى الحازمي من علماء صبياء في المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ )48‬القاضي العالمة ‪ /‬غالب بن عبد اهلل راجح رئيس محكمة أمن الدولة سابقاً‪.‬‬
‫‪ )49‬الشيخ الخطيب ‪ /‬فؤاد دحابة مؤلف كتاب تقريب فقه السنة لسيد سابق رئيس نقابة المعلمين اليمنيين‪.‬‬
‫‪ )51‬الدكتور ‪ /‬فضل بن عبد اهلل بن مراد المرادي السلفي الريمي مدرس بجامعة اإليمان وهو من الطالب المجتهيدين المبيرزين مين‬
‫طالب الدفعة األولى من طالب جامعة اإليمان مؤلف كتاب (المقدمة في فقه العصر) ‪.‬‬
‫‪ )51‬القاضي ‪ /‬فضل بن علي بن يحيى بن علي اإلرياني ‪.‬‬
‫‪ )52‬الشيخ ‪ /‬فيصل محمد أحمد النمشة ‪.‬‬
‫‪ )53‬الشيخ العالمة ‪ /‬محسن السبيعي من علماء صبياء في المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ )54‬القاضي العالمة ‪ /‬محمد بن أحمد الصرمي مدير عام مكتب المعاهد العلمية بمحافّظة المحويت سابقا ‪.‬‬
‫‪ )55‬الشيخ العالمة ‪ /‬محمد بن أحمد الوزير الملقب بالوقشي مدرس بجامعة اإليمان سابقا ومدرسا بجامعة القرآن وهو مين الطيالب‬
‫المبرزين المجتهدين من طالب الدفعة األولى من طالب جامعة اإليمان ‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ )56‬األستاذ ‪ /‬محمد بن عبد القدوس بن أحمد الوزير سفير الجمهورية اليمنية في اليابان‪.‬‬
‫‪ )57‬القاضي ‪ /‬محمد بن عقيل بن يحيى اإلرياني ‪.‬‬
‫‪ )58‬القاضي العالمة ‪ /‬محمد بن لطف بن محمد الزبيري أحد موظفي المحكمة العليا‪.‬‬
‫‪ )59‬السيد العالمة ‪ /‬محمد بن يحيى المطهر الذي تولى عدد من المناصب قبل وفاته وهي عضو محكمة تعز وعضو مجليس النيواب‬
‫وعضو الهيئة العليا للتجمع اليمني لإلصالح‪.‬‬
‫‪ )61‬الدكتور ‪ /‬محمد عبد الرحمن غنيم دكتوراه في الطب ومدرس في المركز العلمي التابع لجماعة اإلحسان بصينعاء وهيو مصيري‬
‫الجنسية ‪.‬‬
‫‪ )61‬العالمة العزي ‪ /‬محمد علي حميد ‪.‬‬
‫‪ )62‬الشيخ ‪ /‬محمد محمد أحمد الفقيه اآلنسي‪.‬‬
‫‪ )63‬الشيخ ‪ /‬محمد بن نعمان بن أحمد بن سيف الصلوي وهو مين طيالب جيامع الزبييري وكيان مجيدا أثنياء طلبيه للعليم فيي حلقيات‬
‫دروس جامع الزبيري‪ ،‬وكان يساعد فضيلة صاحب الترجيحات من بعد إصابته بمر ض الجلطة التي لطف اهلل به مين آثارهيا حييث‬
‫حفظ اهلل لفضيلة الشيخ قواه العقلية والسمعية والبصرية لكي يستمر انتفا ع األمة من علم فضيلة الشيخ حتيى فيي أثنياء الميرض‪،‬‬
‫وكان أثر الجلطة في األطيراف الييد والرجيل‪ ،‬وكيان الشييخ محميد الصيلوي هواليذي يسيتقبل الفتياوى الخطيية ويجييب عليهيا بخطيه‬
‫ويوقيع علييى اإلجابية فضيييلة الشييخ صيياحب الفتياوي حفّظييه اهلل وعافياه وأطييال فيي عمييره ونفيع بعلمييه اإلسيالم والمسييلمين‪ ،‬وكييان‬
‫فضيلة صاحب الترجيحات يطلق على الشيخ محمد الصلوي عبارة (العمراني الصغير)‪.‬‬
‫‪ )64‬العالمة ‪ /‬مسعود بن محمد العشملي ‪.‬‬
‫‪ )65‬الشيخ العالمة ‪ /‬موسى النعمي من علماء صبياء في المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ )66‬الشيخ الخطيب ‪ /‬هزاع سعد المسوري عضو مجلس النواب حاليا‪.‬‬
‫‪ )67‬فضيلة العالمة القاضي ‪ /‬يحيى بن لطف الفسيل مؤسس المعاهد العلمية في اليمن ورئيس الهيئة العامة للمعاهد العلمية‪.‬‬
‫‪ )68‬القاضي العالمة ‪ /‬يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد شرف الدين الكوكباني أحد أعضاء المحكمة العليا سابقاً‪.‬‬
‫‪ )69‬القاضي ‪ /‬يحيى بن يحيى الجعذلي عضو المحكمة العليا حالياً ‪.‬‬
‫‪ )71‬القاضي العالمة ‪ /‬يحيى عاكش الضمدي من علماء صبياء في المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ )71‬الشيخ ‪ /‬يوسف حسين ناصر الرخمي ‪.‬‬
‫هذا ما خطر ببالي وإال فهم كثير وغير هؤالء الكثير ممن هم في مختلف وظائف الدولة والمهتمون بشئون المجتمع‪.‬‬

‫‪ )8‬إجازاته العلمية‪:‬‬

‫وممن أجازه من أكابر العلماء في عصره‪:‬‬

‫‪ )1‬السيد العالمة ‪ /‬محمد بن محمد زبارة‪ :‬أجازه إجازة عامة في جميع إجازاته من مشائخه وغيرهم ممن أجازه من علمياء مصير‬
‫ومكة المكرمة وبغداد وغيرها‪.‬‬
‫‪ )2‬السيد العالمة ‪ /‬أحمد بن محمد زبارة إجازة عامة‪.‬‬
‫‪ )3‬القاضي العالمة ‪ /‬عبد اهلل بن عبد الكريم الجرافي‪ :‬إجازة عامة في جميع مقروءاته‪.‬‬
‫‪ )4‬القاضي العالمة ‪ /‬الحسين بن علي المغربي إجازة عامة‪.‬‬
‫‪ )5‬القاضي العالمة ‪ /‬عبد اهلل بن محمد السرحي إجازة عامة ‪.‬‬
‫‪ )6‬الدكتور‪ /‬حسين بن محفوظ دكتور عراقي ‪.‬‬
‫‪ )7‬الشيخ العالمة ‪ /‬عبد الواسع بن يحيى الواسعي مؤلف " الدر الفريد في مجمع األسانيد " ‪.‬‬
‫‪ )8‬السيد العالمة ‪ /‬أحمد بن محمد بن يحيى زبارة ‪.‬‬
‫‪ )9‬السيد العالمة ‪ /‬يحيى بن عبد الرحمن األنباري الزبيدي ‪.‬‬
‫‪ )11‬العالمة ‪ /‬محمد حسن األهدل‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد من أجازوا فضيلة الشيخ العالمة ‪ /‬محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل تعالى اثنان وعشرون عالماً من كبار علماء‬
‫األمة اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪ )9‬أسانيده ‪:‬‬

‫‪ )1‬السند إلى (إتحاف األكابر) لشيخ اإلسالم القاضي العالمة محمد بن علي الشوكاني‪.‬‬
‫‪ )2‬يييروى القاضييي محمييد بسينده عيين شيييخه عبييد اهلل بيين حميييد عيين شيييخه العالميية علييي السييدمي – عيين شيييخه محمييد بيين محمييد‬
‫العمراني عن شيخه شيخ اإلسالم الشوكاني جميع ما حواه مؤلفه (إتحاف األكابر للشوكاني )‪.‬‬
‫‪ )3‬يروي فضيلة القاضي العالمة محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل تعالى بسينده عين السييد ‪ /‬العالمية عبيد اهلل بين محميد بين‬
‫إسماعيل األمير عن والده العالمة البدر المنير محمد بن إسماعيل األمير بسنده المعروف بـ (إتحاف األكابر) للشوكاني‪.‬‬
‫‪ )4‬يروي القاضي محمد عن القاضي عبد اهلل الجرافي عن المولى الحسين بن علي العميري عين العالمية إسيماعيل بين محسين بين‬
‫عبد الكريم بن إسحاق عن الشوكاني بسنده المعروف (إتحاف األكابر )‪.‬‬
‫‪ )5‬يروي القاضي ‪ /‬محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل تعالى عن السيد العالمة قاسم بن إبراهيم بن أحمد عن القاضي العالمة‬
‫إسحاق المجاهد عن جده القاضي العالمة محمد بن محمد العمراني عن الشوكاني بسنده المعروف (إتحاف األكابر)‪.‬‬
‫أعلى سند له في صحيح البخاري‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫أقرب سند يصل فضيلة القاضي العالمة محمد بن إسماعيل العمراني باإلمام المحدث العالمة محمد بن إسماعيل البخاري هو ما‬
‫يرويه عن‪:‬‬

‫شيخه الواسعي عن العالمة عبد الرحمن بن عبيد السقاف عن العالمة عيدروس بن عمر عن العالمة عبد الرحمن بن سليمان األهدل‬
‫عن العالمة محمد بن محمد بن سنة الفالني عن العالمة أحمد بن محمد العجل اليماني عن القطب النهرواني عن الطاووي عن بابا‬
‫يوسف الهري عن الجمل الفرغاني عن ابن مقبل الختالني عن محمد بن يوسف العزبري عن البخاري ‪.‬‬

‫‪ )11‬احملن التي تعرض هلا‪:‬‬

‫كما هي سنة اهلل في االبتالء فإن الشيخ مثله مثل كثير من جهابذة العلم وأتباع السنة ال بد أن يتعرض لمضايقات من المتعصبين‬
‫لمذاهبهم وهذا أحد هذه المواقف (بينما كان الشيخ يلقي دروسه في مسجد الفليحي في العاصمة صنعاء لطالب جاءوا من مخالف‬
‫السليمان (صبيا‪ ،‬جيزان) وكان هؤالء الطالب يدرسون كتب الشوكاني واألمير وغيرهم وكان يرتاد هذا المسجد أصناف من الناس‬
‫منهم قاسم بن حسين أبو طالب الملقب بالعزي وكان من أهل الوجاهة ورجال الدولة له أتباع من العامة‪ ،‬وكان الشيخ قد حاول أن يلقي‬
‫دروسه أثناء غيابه وأحياناً كان يتوارى داخل قبة المسجد حيث لها باب منفصل وذات يوم جاء قاسم العزي إلى القبة فجأة وهم‬
‫يدرسون كتب السنة وكأن هذا جريمة في نّظرهم فسأل الشيخ ماذا تدرسون فأجابه الشيخ بصراحة وتحدي كتاب نيل األوطار لإلمام‬
‫الشوكاني وإذا به يهاجم بكالم ملؤه الغيظ والحنق وقال‪ :‬اتقوا اهلل أو قد نسيتم دخول القبائل إلى صنعاء هاتكين الحرمات ناهبين المتاع‬
‫والبيوت بسبب كتب أهل السنة المعادية ألهل البيت اتركوا كتب الناصبة‪ ،‬وكتب إلى وزير المعارف محرضاً له على قطع راتب فضيلة‬
‫الفاضي محمد بي إسماعيل العمراني الذي يستلمه مقابل تدريسه في المدرسة العلمية التابعة لوزارة المعارف‪،‬‬

‫ثم ذهب الشيخ لمقابلة ابن وزير المعارف وكان ذكياً لبيباً مقدراً لألمور وبعد أن أخبره الشيخ بالموضوع كتب له ورقة إلى والده فجاء‬
‫الجواب (درسوا ما أردتم فنحن ال نصدق أحداً)‪ ،‬ولكن قاسم العزي بعد أن علم برد الوزير كتب إلى اإلمام في تعز وذهب الشيخ إلى‬
‫شيخه العالمة السيد محمد زبارة قكتب له رسالة إلى اإلمام مفادها (أن القاضي محمد بن إسماعيل العمراني رجل عالم فقه غير‬
‫متعصب وال ميال إلى أي مذهب من المذاهب وهو يتصف باإلنصاف إال أنه يخشى من الوشاة أن يغرروا عليكم يا مواالنا بأنه يريد‬
‫تخريب المذهب وأنه يناصب أهل البيت العداء‪ ،‬بل هو ينهى عن ذلك فال تصدقوا قاسم العزي وال غيره) فكتب اإلمام جوباً مفاده‬
‫(حماكم اهلل ال يتصور أحد أن نمنع كتب السنة أن تدرس في المساجد من إنسان عادي فضالً عن عالم من العلماء وإذا قيل لكم أن‬
‫اإلمام يمنع هذا فال تصدقوه ولكن أنصحكم إرغاماً للشيطان وإرضاء للرحمن أن تجمعوا بين الشيئين فتدرسون شفاء األوام لألمير‬
‫الحسين والبخاري ومسلم وغيرها حتى تقطعوا عنكم تقوالت اآلخرين) انتهى رد اإلمام أحمد بن يحيى حميد الدين ‪.‬‬

‫‪ ) 11‬حياته الدعوية والتعليمية ‪:‬‬

‫حاول فضيلة القاضي العالمة محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل نشر العلم وتوعية المجتمع بكل الوسائل التي أتيحت له واهتم‬
‫اهتماماً كبيراً بالجانب الفقهي ومتطلباته ويمكن أن نجمل إسهاماته التعليمية في حقل الدعوة بالنقاط التالية‪:‬‬

‫‪ )1‬التدريس يف املؤسسات العلمية اآلتية ‪:‬‬


‫المدرسة العلمية التي أنشأها اإلمام يحيى بن حميد الدين ‪1344‬هـ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المعهد العالي للقضاء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جامعة صنعاء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جامعة اإليمان ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )2‬فتح احللقات العلمية ومنها ‪:‬‬
‫أ) حلقة مسجد الفليحي واستمر يدرس في هذا المسجد مدة طويلة ‪.‬‬
‫ب) حلقة مسجد الزبيري ‪.‬‬
‫وقد درس فضيلة القاضي في هذه الحلقات أمهات كتب الحديث النبوي الشريف وكتب الفقه اإلسالمي ففي الحديث كتابي البخاري‬
‫ومسلم وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة والترمذي وموطأ مالك وغيرها من كتب الحديث وفي الفقه كتب اإلمام الشوكاني نيل‬
‫األوطار والسيل الجرار ووبل الغمام والدراري المضيئة وكتاب سبل السالم لمحمد بن إسماعيل األمير عدة مرات وفقه السنة لسيد‬
‫سابق وغيرها من كتب الفقه وهو يحب كثيراً تدريس كتب الحديث النبوي الشريف وكتب الفقه لعلماء اليمن المستقلين عن التقليد‬
‫والمتحررين عن التمذهب كمؤلفات شيخ اإلسالم محمد بن علي الشوكاني والعالمة محمد بن إسماعيل األمير والعالمة صالح‬
‫المقبلي والعالمة حسن بن أحمد الجالل رحمهم اهلل جميعاً‪.‬‬
‫كما أنه قد درَس الكثير من كتب اآللة من كتب اللغة العربية نحو وصرفاً وبالغة وكتب أصول الفقه ومصطلح الحديث‪ .‬كما قام بتدريس‬
‫كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لطالب جامعة اإليمان وطالب حلقته العلمية في مسجد الزبيري وهو من كتب الفقه المقارن‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ )3‬اإلفتـــــــــــاء ‪:‬‬
‫تصدر فضيلة القاضي العالمة (محمد بن إسماعيل العمراني) حفّظه اهلل لإلفتاء في سن مبكرة وقد كان محل ثقة لدى المجتمع‬
‫بمختلف فئاته وشرائحه منذ بزغ نجمة بين العلماء وتكاد الفتوى في الديار اليمنية أن تكون مقصورة عليه وقد شارا في فتاوى إذاعة‬
‫صنعاء منذ نشأتها بعد قيام الثورة اليمنية ‪1162‬م لسنوات كثيرة وقد تميزت فتاواه على فتاوى غيره من المفتين باالستقاللية عن‬
‫التقيد بمذهب معين ألنه يفتي في المسألة مبيناً أقوال أهل العلم فيها موضحاً ترجيحه من بين األقوال دون تعصب ألي مذهب وهذا‬
‫المنهج في الفتوى جعل فتاواه محل رضى وقبول من الجميع ‪.‬‬

‫‪ )4‬الكتابــــــــة‪:‬‬

‫لفضيلة صاحب الترجمة الكثير من الكتب والرسائل والبحوث التي ال يزال معّظمها مخطوطاً لم يطبع حتى اآلن بسبب تواضع المؤلف‬
‫وإخالصه وبغضه لحب الّظهور والسمعة‪ ،‬ومنها على سبيل المثال ال الحصر ما يلي‪:‬‬

‫أ) الكتب والرسائل ‪:‬‬

‫‪ )1‬كتاب في القضاء مطبوع‪.‬‬


‫‪ )2‬كتاب في األوائل مطبوع‪ ،‬وهو مرتب ترتيباً جيداً وقد جمع فيه أكثر من ألف من األوليات في التاريخ‪.‬‬
‫‪ )3‬رسالة عن الزيدية في اليمن‪.‬‬
‫‪ )4‬رسالة عن اإلمام السيوطي والجامع الصغير استدراا ‪.‬‬
‫‪ )5‬رسالة سماها‪( :‬الصواريخ القوية على البدور المضيئة) ‪.‬‬
‫‪ )6‬رسالة في الرد على مقالة حول صحيح البخاري بعنوان‪( :‬ليس كل ما في البخاري صحيح بل فيه ما هو افتراء ومنكر )‪.‬‬
‫‪ )7‬رسالة في المنع من صوم يوم الشك ‪.‬‬
‫‪ )8‬رسالة حول بعض األحاديث في الشفاء لألمير الحسين ال توجد في كتب الحديث من كتاب الطهارة إلى كتاب الصيام‪.‬‬
‫‪ )9‬رسالة في اإلسرار بالقراءة في العصرين والجهر في غيرهما‪.‬‬
‫‪ )11‬رسالة في الرضاع أسماها (كشف القناع عما يحل ويحرم من الرضاع)‬
‫‪ )11‬رسالة في زكاة الحلي‪.‬‬
‫‪ )12‬رسالة في حياة الشوكاني العلمية (صغيرة )‪.‬‬
‫‪ )13‬رسائل تتبع فيها أخطاء اإلمام الشوكاني من الناحية الحديثية‪.‬‬
‫‪ )14‬رسالة في نقد المؤلفين في الفقه الزيدي لعدم اهتمامهم بصحة األحاديث في كتبهم‪.‬‬
‫‪ )15‬رسالة في أغالط العلماء في أسماء الرواة‪.‬‬
‫‪ )16‬رسالة نقد على إنكار المقبلي لبعض األحاديث ونفيه وجودها‪.‬‬
‫‪ )17‬رسالة في أحداث السيرة النبوية مرتبة حسب السنوات (على غرار كتب التاريخ) ‪.‬‬
‫‪ )18‬رسالة في تنقيح األحاديث الموجودة في كتاب البحر الزخار لإلمام (المهدي بن أحمد المرتضى) ‪.‬‬
‫ب) البحوث العلمية‪:‬‬

‫‪ )1‬بحث في اإلجابة على السالم هل هو فرض كفاية أو فرض عين‪.‬‬


‫‪ )2‬بحث عن حديث المباشرة‪.‬‬
‫‪ )3‬بحوث في (الرفع – الضم – التأمين – التوجه قبل أو بعد تكبيرة اإلحرام)‪.‬‬
‫‪ )4‬بحث عن حديث اإلفك ‪.‬‬
‫‪ )5‬بحث عن حديث اختالف أمتي رحمة‪.‬‬
‫‪ )6‬بحث عن صالة الفائتة‪.‬‬
‫‪ )7‬بحث عن صالة الجمعة‪.‬‬
‫‪ )8‬بحث في الفارق بين قبر الرجل وقبر المرأة‪ ،‬ونعش الرجل ونعش المرأة (عدد تكبيرات صالة الجنازة) ‪.‬‬
‫‪ )9‬بحث عن الدعاء‪.‬‬
‫‪ )11‬بحث عن القراءة خلف اإلمام‪.‬‬
‫‪ )11‬بحث عن اإلشارة باألصبع عند الشهادة بالتشهد‪ ،‬والتورا‪.‬‬
‫‪ )12‬بحث حول زواج الفاطمية بغير الفاطمي (موضوع يهم أهل اليمن باعتبار التمايز الذي كان موجوداً في العهد اإلمامي )‪.‬‬
‫‪ )13‬بحث حول األذان األول في يوم الجمعة والتسابيح فيها‪.‬‬
‫‪ )14‬بحث حول صالة الشعبانية‪.‬‬
‫‪ )15‬بحث حول صالة الرغائب‪.‬‬
‫‪ )16‬بحث حول حد الخمار‪.‬‬
‫‪ )17‬بحث في حديث التعوذ‪.‬‬
‫‪ )18‬بحث حول حديث النهي عن العمرة قبل الحج‪.‬‬
‫‪ )19‬بحث حول حديث النهي عن التورا في الصالة‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ )21‬بحث حول حديث ال يشغل مصليكم‪.‬‬
‫‪ )21‬بحث في أحكام الجن‪.‬‬
‫‪ )22‬بحث في كون األنبياء أحياء في قبورهم‪.‬‬
‫‪ )23‬بحث في شروط المعجزة في القرآن‪.‬‬
‫‪ )24‬بحث في تخريج بعض األحاديث الدارجة على األلسن‪.‬‬
‫‪ )25‬أبحاث عن أوقات الصالة‪.‬‬
‫‪ )26‬بحث عن ترتيب سور القرآن ومن جزَءه ومن نقَطه وضبطه‪.‬‬
‫‪ )27‬بحث إجابة بما يشفي الصدر عن امتناع سقوط األمطار‪.‬‬
‫‪ )28‬إجابة على سؤال هل يجوز للمرأة أن تنّظف جسمها أثناء حيّظها‪.‬‬
‫‪ )29‬بحث حول إسالم أهل اليمن‪.‬‬
‫‪ ) 12‬أهم األعمال الرمسية التي توالها‪:‬‬
‫‪ )1‬والية المظالم‪:‬‬

‫هذا العمل يعتبر نوعاً من أنواع القضاء وفصل الخصومات‪ ،‬وهي والية عّظيمة وخطيرة‪ ،‬وإدارتها من أصعب اإلدارات‪ ،‬و أعمالها‬
‫مضنية جداً‪ ،‬ومع ذلك فقد قام بما أنيط به من عمل أحسن قيام‪ ،‬وما تخلى عن تدريسه وأعماله الدعوية قط‪ ،‬وهذا إن دل على شيء‬
‫إنما يدل على النفس الكبيرة التي يحملها فضيلة الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل بين جنبيه والهمة العالية التي بلغها‪.‬‬

‫‪ )2‬عضوية مجلس الشورى‪( :‬بعد قيام الوحدة المباركة)‪.‬‬

‫لقد كُلف شيخنا حفّظه اهلل دخول هذا المجلس بتعيين من رئيس الجمهورية فكان من المعينين في هذا المجلس لتقنين أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية وكان عدد من العلماء في هذا المجلس على رأسهم القاضي محمد بن إسماعيل العمراني‪.‬‬

‫‪ )13‬مواقفه االجتماعية‪:‬‬

‫إن من أهم ما يتميز به القاضي محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل هو حسن معاملته للناس سيواء القرييب مينهم والبعييد المعيروف‬
‫وغيره‪ ،‬لقد تميز بالقرب من الناس‪ ،‬وسهولة طبعه وتواضعه ولطفه ودماثة أخالقه فتمثيل قيول الرسيول اهلل ‪ " :‬أقيربكم منيي مجلسياً‬
‫يوم القيامة أحاسنكم أخالقاً الموطئون أ كناف الذين يألفون ويؤلفيون وال خيير فييمن ال ييألف وال يؤليف "‪ ،‬ولقيد عيرف الشييخ بأسيلوبه‬
‫الليين ميع طالبيه وتحسسي ه للفقييراء والمسياكين مينهم ومسياعدته لهيم خاصيية طيالب العليم اليذين ييأتون ميين بيالد بعييدة‪ ،‬فهيو يبيدي لهييم‬
‫االهتمام البالغ وال يقصر في االحتفاء بهم و إكرامهم‪ ،‬وربما أخذ الواحد منهم إلى بيتيه ليؤنسيه ويخفيف عنيه ميرارة االغتيراب وقسياوة‬
‫البعد ومفارقة أهله ووطنه حتى يرغيب طاليب العيالم فيي التحصييل‪ ،‬وهيو ميع غييرهم خييرًا كثيير الصيلة واألنفياق‪ ،‬يصينع المعيروف وال‬
‫يبتغي عليه جزاء من أحد إال من اهلل يحب أهل الفضل على اإلطالق‪ ،‬ويعين المساكين كثيراً‪ ،‬حتى إنهم يقفون في الطريق الذي يمر منه‬
‫وال يخيب أحداً منهم أو يرده‪ ،‬وإذا جلس في المسجد كثيراً ما تيرى النياس حوليه ملتفيين وليو فيي غيير اليدرس‪ ،‬غايية األمير أنيه سيراج‬
‫منطقته التي يسكن فيها‪ ،‬محبوب إلى الجميع العامة منهم والخاصة‪ ،‬وما من جمعية خيرية أنشيئت فيي منطقية إال وليه ييد فيهيا أو عليى‬
‫األقل تحريض غيره من أهل القدرة على فعل الخير‪ .‬وال يحب الّظهور فأكثر نفقاته في السير‪ .‬ولهيذا السيبب فيميا أرى واهلل أعليم يالحيظ‬
‫أن له قبوالً عند الجميع‪ ،‬هذه الصفات والمواقف خاصة عند اشتداد حاجات اليتامى واألرامل جعلت دعوته نافذة ونصائحه صادقة حييث‬
‫أن أفعاله تصدق أقواله ‪.‬‬

‫هذه بعض املواقف التي سجلت له‪:‬‬

‫‪ )1‬موقفه مع أحد طالب العلم الذين تتلمذوا على يده في أيام العهد اإلمامي‪ ،‬حيث أمر اإلمام بهدم بيت هذا الطاليب لجنايية أحيدثها‪،‬‬
‫ال هدم هذا البيت بعد الحكم عليه باإلعدام ولكن تضيرر بهيدم البييت أهليه وذووه وكيان القاضيي محميد مين الميراجعين لهيذه‬ ‫وفع ً‬
‫العائلة حتى شهد بأن البيت ليس هو ملك هذا الطالب وحده وأنه ليس له غير نصيب من أبييه حتيى تراجيع اإلميام وأصيلح بييت‬
‫والدة هذا الطالب‪ ،‬وجعلت بعد ذلك هذه الوالدة تدعوا له والناس يشكرون له هيذه السيعاية الحمييدة وكيان القاضيي محميد كثييرًا‬
‫ما يذهب بالمساعدات المادية لهذه األم تكرمة لذلك التلميذ ورحمة بها خاصة وقد أصبحت بال عائل يعولها‪.‬‬
‫‪ )2‬موقفه مع أحد طالب العلم كان كثيراً ما يعطيه القاضي ظرفاً ويقول له وصل هذه الرسالة هيذا إذا كيان بيين طيالب العليم أميا إذا‬
‫كان وحده فيعطيه بدون تورية‪ ،‬وبعد تكرار هذا الموقف اتضح أنه من راتبه الشهري حيث وأن هذا الطالب فقيير ومحتياج وكيم‬
‫ساعد غيره من طالب العلم الذين يجيئون من الخارج في إيجاد أعمال ووظائف ليستقر بهم المقام حتى يطلبوا العلم بأمان ‪.‬‬
‫‪ ) 14‬موقفه من اجلماعات اإلسالمية‪:‬‬
‫لم يعد يخفى على كثير من الجماعات اإلسالمية على ساحة العمل اإلسالمي وما نتج عنها فهي تنخر في جسم األمة على ما أصابها من‬
‫أمراض الفرقة وال تشيرذم فزادتهيا وهنيًا عليى وهنهيا وجيرأت عليهيا أعيدائها فهيي اآلن بهيذه األميراض مجتمعية لقمية سيائغة ألعيدائها‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫وجندت بعض الجماعات أفرادها للنيل من الجماعات األخرى‪ ،‬ولتوسيع الهوة بينها فاحتار العامة في أمرها ولم يعد الحق يتبيين ميع أي‬
‫منها‪ ،‬وغصت المكتبات بالكتب والرسائل والبحوث الداعية إلى هذه الجماعات ففرح األعداء والمغرضون فأصبحوا يزكوا روح الخيالف‬
‫والشقاق بينها‪ ،‬وأصبح الكل ينيادي باالعتصيام بالكتياب والسينة ولكين ال فائيدة مرجيوة مين هيذه الجماعيات التيي تيذكي هيذه اليروح بيين‬
‫المسييلمين والعلميياء قييد بينييوا الحييق ولكيين األذان صييماء والقلييو ب غلييف واألعييين عمييياء ويقييف القاضييي محمييد العمرانييي موقييف العييالم‬
‫الناصح والمرشد المشفق على جميع من في الساحة ممن ينتسبون إلى اإلسالم فينادي بيأعلى صيوته‪( :‬أال إن مين أوجيب الواجبيات فيي‬
‫هذا العصر وحده الصف والجماعة‪ ،‬وإن التفرقة من أقبح البدع وأشنعها ) وال يكاد يمر درس مين دروسيه إال ويبيدي النصيح واإلرشياد‬
‫والتوجيه للجماعيات واإلنكيار عليى كيل مين يسيعى للفرقية والتحيزب واليدعوة إليى غيير هيدي الميؤمنين‪ ،‬وكيم كيرر النصيح وطيرق عليى‬
‫المقولة المشهورة‪( :‬فلنجتمع على ما اتفقنا عليه من المسائل وليعذر بعضنا بعض فيميا اختلفنيا علييه مين المسيائل الفرعيية الجزئيية )‪،‬‬
‫وطالما بين لطالبه أن المسائل التي يختلف عليها أهل المساجد في زماننا هذا إنما هي مسائل ظنية وليسيت مين المسيائل القطعيية وهيذا‬
‫من أخطر المحّظورات الشرعية‪ ،‬ويتسم موقفه بوضوح في الحياء التام مين الجماعيات وعيدم مهاجمية أييًا منهيا مميا أكسيبه حير كيل‬
‫الجماعات أن يكون فيها‪ ،‬بل هذا الذي يحدث‪ ،‬فكثيراً ما يدعى إلى ندوة أو مؤتمر تعقده الجماعة الفالنية فيذهب والحرج باد عليه ‪.‬‬

‫‪ )15‬سعة اطالعه وعمق معرفته بالتاريخ‪:‬‬

‫مما يتميز به فضيلة القاضي العالمة محمد بن إسماعيل العمراني حفّظه اهلل تعالى عن غيره مين العلمياء المعاصيرين ليه فيي الييمن هيو‬
‫قوة حافّظته وسعة إحاطته للحوادث التاريخية سواء منهيا ميا كيان قبيل اإلسيالم مين حيياة العيرب فيي جاهليية أو ميا يتعليق بأخبيار األميم‬
‫الماضية‪ ،‬أو ما يتعلق بحفظ نسب الرسول ‪ ‬من عند أبيه عبد اهلل بن عبد المطلب حتى نبي اهلل آدم عليه السالم‪ ،‬أو ميا يتعليق بمعرفية‬
‫قبائل ورؤساء وأخبار القبائل العربية ال سيما قبيلة قريش التي بعث منها الرسول ‪ ،‬وكذا أخبار أحداث السيرة النبوية عليى صياحبها‬
‫وآله أفضل الصيالة والسيالم‪ ،‬والتياريخ اإلسيالمي وأخبيار اليدول اإلسيالمية فيي العصير اإلسيالمي سيواء الدولية األمويية أو العباسيية أو‬
‫العثمانية‪ ،‬أما م ا يتعلق بأخبار التياريخ اليمنيي قبيل اإلسيالم وبعيد اإلسيالم وأخبيار اليدول المتعاقبية عليى الييمن ومعرفية أنسياب وأسيماء‬
‫األئمة الذين حكموا الييمن وأسيرهم وحاشيياتهم وسييرة كيل واحيد مينهم وميا حصيل فيي أياميه مين خيير أو شير فيال يجارييه فيي معرفتيه‬
‫وحفّظييه لألسييماء والتييواريخ أحييداً‪ .‬بييل هييو أكثيير علمييًا واطالع يًا ومعرفيية حفّظييًا ألسييماء الحييوادث واألشييخا والتييواريخ ميين كبييار‬
‫المتخصصين في اليمن سواء التاريخ اليمني القيديم أو الحيديث وال غيرو فيي ذليك حييث أن فضييلته يعتبير شياهد ثلثيي قيرن وقيد عاصير‬
‫سبعة من األئمة والرؤساء الذين تعاقبوا على حكم اليمن وهم‪ :‬اإلمام يحيى بن حميد الدين الملقب بالمتوكل على اهلل واليذي حكيم الييمن‬
‫من سنة وابنه اإلمام أحمد بن يحيى حميد الدين الملقب بالناصر لدين اهلل الذي حكم اليمن بعد مقتل أبيه‬

‫واإلمام محمد بن أحمد بن حميد الدين الذي حكم الييمن بعيد ميوت أبييه‪ .‬قاميت ثيورة السيادس والعشيرين مين سيبتمبر عيام ‪1162‬م ثيم‬
‫عاصر الحكام الذين حكموا اليمن بعد ثورة السادس والعشرين في سبتمبر وهم‪ :‬المشير عبد اهلل السالل والقاضي العالمة عبيد اليرحمن‬
‫اإلرياني والرئيس المقدم ‪ /‬إبراهيم بن محمد الحمدي رئيس مجلس قيادة الثورة وهو الذي اشتعل في عهده في مكتيب رفيع المّظيالم فيي‬
‫مكتب رئاسة الجمهورية‪ .‬ثم جاء بعد مقتله المقدم أحمد حسين الغشمي الذي لم يدم حكمه سوى ثمانيية أشيهر ثيم عاصير اليرئيس عليي‬
‫عبد اهلل صالح ‪.‬‬

‫ففضيلته يعد بحق مرجعًا تاريخيًا بل موسوعة تاريخية للوقائع التاريخية اإلسالمية واليمنية وال سييما فتيرة ميا بعيد ثمانيية أشيهر قييام‬
‫الثورة التي لم يّظهر التاريخ وقائعها‪.‬‬

‫ملحوظة‪:‬‬

‫اقتبسيت هيذه الترجمية ميين رسيالة الماجسيتير ليأل الييدكتور ‪ /‬عبيد اليرحمن عبييد اهلل سيليمان األغبيري بتصيرف بسيييط التيي هيي بعنييوان‬
‫( القاضييي العالميية محمييد بيين إسييماعيل العمرانييي حياتييه العلمييية والدعوييية) التييي تقييع فييي نحييو أربعمائيية صييفحة وهيي جييديرة باالقتنيياء‬
‫واالطالع لما حوته من إحاطة بحياة شيخنا حفّظه اهلل لما اشتملت عليه من فوائد علمية وتربوية مهمة ومفيدة ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫كتاب‬

‫الطهـــــــارة‬

‫‪25‬‬
‫كتاب الطهارة‬
‫‪ ‬الباب األول‪ :‬الوضوء‬
‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬الغسّل‬
‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬أحكام الجنابة والحيض‬
‫‪ ‬الباب الرابع‪ :‬التيمم‬
‫‪ ‬الباب الخامس‪ :‬الطهارة من النجس‬
‫‪ ‬الباب السادس‪ :‬آداب قضاء الحاجة‬

‫‪26‬‬
‫الباب األول‪ :‬الوضوء‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬الطهارة والوضوء ومشروعيته‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬أفعال الوضوء‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬أحكام المياه‬
‫‪ ‬الفصّل الرابع‪ :‬نواقض الوضوء‬
‫‪ ‬الفصّل الخامس‪ :‬األفعال التي يشترط الوضوء في فعّلها‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الطهارة والوضوء ومشروعيته‬

‫‪ ‬تعريف الطهارة‬
‫‪ ‬تعريف الوضوء‬
‫‪ ‬مشروعية الوضوء‬
‫‪ ‬اإلسالم شرط في وجوب الوضوء‬
‫‪ ‬هل الكفار متعبدون (مطالبون) بأداء الصلوات أم ال ؟‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الطهارة والوضوء ومشروعيته‬

‫تعريف الطهارة‬
‫الطهارة (لغة)‪ :‬النظافة والنزاهة عن األقذار الحسية والمعنوية‪.‬‬
‫الطهارة (شرعاً)‪ :‬ارتفاع الحدث بالماء أو التراب الطهورين المباحين‪ ،‬فالطهارة هي زوال الوصف القائم بالبدن المانع من الصالة‪،‬‬
‫وتتحقق الطهارة من الحدث باالرتفاع ألنه أمر معنوي‪ ،‬وفي النجاسة العينية باإلزالة ألنه أمر حسي وال تكون اإلزالة إال من جرم‪.‬‬
‫تعريف الوضوء‬
‫الوضوء (لغة)‪ :‬بضم الواو مصدر‪ ،‬هو الفعل مأخوذ من الوضاءة‪ ،‬وهي النظافة والحسن‪ ،‬وأما بفتح الواو فالمراد به الماء الذي يتوضأ‬
‫به‪.‬‬
‫الوضوء (شرعاً)‪ :‬استعمال ماء طهور في األعضاء األربعة على صفة مخصوصة في الشرع‪.‬‬
‫مشروعية الوضوء‬
‫الوضوء ثابت بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى { يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِّلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَا ِفقِ‬
‫وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُّلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ}(‪ )3‬ومن السنة حديث (ال يقبل اهلل صالة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)(‪ )2‬وحديث (ِإنَ أُ َمتِي‬
‫ع ْونَ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ غُرًا مُحَجَّلِينَ ِمنْ آثَارِ ا ْل ُوضُوءِ‪ ،‬فَ َمنْ ا ْ‬
‫ستَطَاعَ ِمنْكُمْ َأنْ يُطِيّلَ غُ َرتَهُ فَّلْيَفْ َعّلْ)(‪.)3‬‬ ‫ُي ْد َ‬
‫اإلسالم شرط يف وجوب الوضوء‬
‫الراجح‪ :‬أن اإلنسان مطالب باإلسالم أوالً ثم يطالب بعد إسالمه بأفعال اإلسالم األخرى من الطهارة والصالة والزكاة والصوم والحج‬
‫وغيرها من الواجبات الشرعية‪.‬‬
‫هل الكفار متعبدون (مطالبون) بأداء الصلوات أم ال ؟‬
‫بعض العلماء قالوا‪ :‬بأن الكفار مخاطبون بأداء الصلوات الواجبة ولكن المانع لهم من ذلك الكفر‪.‬‬
‫وبعض العلماء قا لوا‪ :‬بأن الكفار مخاطبون بأداء الشهادتين أوالً‪ ،‬وثمرة الخالف هي في اآلخرة ألن من قال‪ :‬الكفار مخاطبون بأوامر‬
‫الصالة قال‪ :‬سوف يعذبون في اآلخرة مرتين‪ .‬مرة على الشهادتين ومرة على عدم أداء الصلوات‪.‬‬
‫ومن قال‪ :‬الكفار مخاطبون بأداء الشهادتين أوالَ‪ ،‬قال‪ :‬سيعذبون في اآلخرة على ترك اإلسالم فقط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6(:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب ال تقبل صالة بغير طهور‪ .‬حديث رقم (‪ )132‬بلفظ (عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ‬ال تقبل صالة من أحدث حتى‬
‫يتوضأ قال رجل من حضرموت ما الحدث يا أبا هريرة قال فساء أو ضراط) ‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارةوسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين ‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الحيل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن نُعَيْ ٍم الْمُجْمِر‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَقِيتُ مَ َع أَبِي‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب فضل الوضوء والغر المحجلين من آثار الوضوء‪ .‬حديث رقم (‪ )133‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن اسْتَطَاعَ‬‫ن مِنْ آثَا ِر الْوُضُوءِ‪ ،‬فَمَ ْ‬
‫ن يَوْ َم الْقِيَامَةِ غُرًا مُحَجَلِي َ‬
‫ن أُمَتِي يُدْعَوْ َ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬إِ َ‬
‫ت النَبِ َ‬
‫هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْ ِر الْمَسْجِدِ فَتَوَضََأ فَقَالَ‪ :‬إِنِي سَمِعْ ُ‬
‫ن يُطِي َل غُرَتَ ُه فَلْيَفْعَلْ)‬
‫مِنْكُ ْم أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬وابن ماجه في الزهد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫محجلين‪ :‬الذين يسطع النور من أيديهم وأرجلهم من آثار الوضوء ‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغرة‪ :‬بياظ في الجبهة‪ ،‬والمراد نور من آثار الوضوء‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أفعال الوضوء‬

‫النية شرط في صحة الوضوء‬ ‫‪‬‬


‫غسل اليد قبل إدخالها في إناء الوضوء‬ ‫‪‬‬
‫المضمضة واالستنشاق في الوضوء‬ ‫‪‬‬
‫غسل البياض الذي بين العذار واإلذن‬ ‫‪‬‬
‫غسل شعر اللحية‬ ‫‪‬‬
‫تخليل اللحية‬ ‫‪‬‬
‫إدخال المرافق في غسل اليدين‬ ‫‪‬‬
‫القدر المجزئ من مسح الرأس‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مسح الرأس‬ ‫‪‬‬
‫المسح على العمامة‬ ‫‪‬‬
‫مسح األذنين‬ ‫‪‬‬
‫غسل الرجلين‬ ‫‪‬‬
‫ترتيب أفعال الوضوء‬ ‫‪‬‬
‫المواالة في أفعال الوضوء‬ ‫‪‬‬
‫التسمية في الوضوء‬ ‫‪‬‬
‫حكم المسح على الخفين‬ ‫‪‬‬
‫كيفية المسح على الخفين‬ ‫‪‬‬
‫المسح على الجوربين‬ ‫‪‬‬
‫صفة الخف‬ ‫‪‬‬
‫توقيت مدة المسح على الخفين‬ ‫‪‬‬
‫شروط المسح على الخفين‬ ‫‪‬‬
‫نواقض المسح على الخفين‬ ‫‪‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أفعال الوضوء‬

‫النية شرط يف صحة الوضوء‬


‫الصحيح‪ :‬أن النية شرط في صحة الوضوء لدخول الوضوء في عموم (ال) األلف والالم في حديث (إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ‬
‫جهِهِ ُكلُ خَطِيئَةٍ نَّظَرَ‬
‫جهَهُ خَرَجَ ِمنْ وَ ْ‬ ‫سلَ وَ ْ‬ ‫ما نوى)(‪ )3‬ولحديث أن الوضوء يذهب السيئات بلفظ (ِإذَا َت َوضَأَ الْ َع ْبدُ الْمُسْلِمُ َأوْ الْ ُمؤْ ِمنُ فَغَ َ‬
‫ش ْتهَا َيدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ‬
‫سلَ َي َديْهِ خَرَجَ مِنْ َي َديْهِ كُلُ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَ َ‬ ‫إَِل ْيهَا بِ َع ْي َنيْهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَِإذَا غَ َ‬
‫ش ْتهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ َأوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَى يَخْرُجَ نَ ِقيًا ِمنْ ال ُذنُوبِ) (‪ )2‬فهو دليل على أن‬ ‫سلَ رِجْ َليْهِ خَرَجَتْ ُكلُ خَطِيئَةٍ مَ َ‬ ‫فَِإذَا غَ َ‬
‫الوضوء عبادة هلل تعالى‪ ،‬والوضوء أقوى شبهاً بالعبادة لما يـأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬ألن موجبه أمر معنوي يقوم باألعضاء بخالف النجاسة فموجبها أمر حسي‪.‬‬
‫‪ .2‬تخصيص الوضوء بأعضاء محددة ال دخل للعقل في معرفة هذا التخصيص‪.‬‬
‫‪ .3‬المطلوب في الشرع إما فعل أو ترك‪ ،‬والمقرر أن الفعل ال بد فيه من القصد له‪ .‬أما الترك فال يشترط فيه قصد الترك فيحصل‬
‫ولو لم يقصده التارك‪.‬‬
‫والوضوء هو من األمر المطلوب فيه الفعل‪ ،‬أما أمر النجاسة فهي من باب الترك واالبتعاد عنه‪ ،‬وعلى هذا فإنه إذا كان على عضو‬
‫اإلنسان نجاسة فنزل عليه المطر فتحصل به إزالة النجاسة إذا ذهب به عين النجاسة ولو لم يقصد اإلنسان بتعرضه للمطر إزالة النجاسة‪،‬‬
‫أما الوضوء فهو فعل وكل فعل ال بد من قصده والقصد هو النية‪ ،‬وعلى هذا ال بد لفعل الوضوء من القصد فلو نزل على المحدث مطر‬
‫فأصاب أعضاء الوضوء منه فال نقول أن المحدث قد حصل منه فعل للوضوء لعدم وجود قصد الفعل منه‪ ،‬فتقرر أن الوضوء أكثر شبها‬
‫بالعبادة‪.‬‬
‫غسل اليد قبل إدخاهلا يف إناء الوضوء‬
‫الصحيح‪ :‬أن غسل اليدين مستحب عند االستيقاظ من نوم الليل والنهار وأن األمر في حديث (وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده‬
‫قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم ال يدري أين باتت يده)(‪ )3‬لإلرشاد فقط وليس للوجوب بدليل تعليل األمر بقوله‪( :‬فإن أحدكم ال‬
‫يدري أين باتت يده)‪.‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن في غسل اليدين سنتين‪.‬‬
‫األولى‪ :‬غسل الكفين عند االستيقاظ من النوم سواء كان المستيقظ سيأكل أم ال‪ ،‬وسواء كان سيتوضأ أم ال‪ .‬ألن غسل الكفين عند االستيقاظ‬
‫من النوم سنة مستقلة بنفسها لحديث االستيقاظ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬غسل الكفين عند الوضوء سواء كان المتوضئ مستيقظا من النوم أم كان غير مستيقظ بل كان في حال صحوة ويقضة من ليل أو‬
‫نهار ألن غسل الكفين عند البدء في الوضوء سنة مستقلة بنفسها لحديث حمران مولى عثمان بن عفان ‪ ‬في بيان كيفية وضوء النبي ‪‬‬
‫(‪ )4‬بلفظ (عن حمران مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثالث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في‬
‫اإلناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثالثا ويديه إلى المرفقين ثالث مرار ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثالث مرار إلى الكعبين‬
‫ثم قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ‬من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين ال يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه)‪ .‬وهذا هو الذي‬
‫يظهر من الحديثين‪.‬‬
‫املضمضة واالستنشاق يف الوضوء‬
‫ال معارضة بين آية الوضوء واألحاديث الواردة في بيان وجوب المضمضة واالستنشاق‪ ،‬الصحيح‪ :‬وجوب المضمضة واالستنشاق‬
‫لدليلين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا‬
‫الليثي يقول سمعت عمر بن الخطأب ‪ ‬على المنبر قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا‬
‫يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪ .‬يصيب‪ :‬ينال‪ ،‬والمراد‪ :‬تحصيل أسباب العيش‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب خروج الخطأيا مع ماء الوضوء‪ .‬حديث رقم (‪ )576‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬إِذَا‬
‫تَوَضَأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُ خَطِيئَةٍ نَّظَرَ إِلَيْهَا بِعَ يْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُ خَطِيئَةٍ‬
‫ن الذُنُوبِ)‪.‬‬ ‫ج نَقِيًا مِ ْ‬
‫ن بَطَشَتْهَا يَدَا ُه مَعَ الْمَا ِء أَوْ مَ َع آخِرِ قَطْ ِر الْمَاءِ فَإِذَا غَسَ َل رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُ ُل خَطِيئَةٍ مَ شَتْهَا رِجْلَاهُ مَ َع الْمَا ِء أَ ْو مَ َع آخِ ِر قَطْ ِر الْمَاءِ حَتَى يَخْرُ َ‬
‫كَا َ‬
‫أخ رجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬البطش‪ :‬التعدي واألخذ بغير حق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب االستجمار وتراً‪ .‬حديث رقم (‪ )157‬بلفظ (عن أبي هريرة أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر‬
‫ومن استجمر فليوتر وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم ال يدري أين باتت يده)‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسندالمكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪،‬‬
‫والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬االستجمار‪ :‬التطهر بعد قضاء الحاجة بالحجارة ونحوها‪ .‬اإليتار‪ :‬جعل العدد وترًا ـ أي فرداً ـ‪ .‬االستنثار‪ :‬إخراج الماء من األنف‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب الوضوء ثالثاً ثالثاُ‪ .‬حديث رقم (‪ ) 151‬بفلظ‪( :‬عن حمران مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ‬
‫على كفيه ثالث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في اإلناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثالثا ويديه إلى المرفقين ثالث مرار ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه‬
‫ثالث مرار إلى الكعبين ثم قال‪ :‬قال‪ :‬رسول اهلل ‪ ‬من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين ال يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه)‪.‬‬
‫أ خرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة واإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫والدرامي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصوم‪ ،‬الرقاق‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫األول‪ :‬أن الفم واألنف داخالن في مسمى الوجه ويشملهما وجوب غسل الوجه في قوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ‬
‫فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ}(‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حدُكُمْ فَلِيَجْ َع ْل فِي َأنْفِهِ مَاءً ثُمَ ِل َي ْن َتثِرْ)‬
‫الثاني‪ :‬األحاديث الصحيحة الدالة على وجوب المضمضة واالستنشاق ومنها حديث (وَِإذَا َت َوضَأَ أَ َ‬
‫وحديث (إذَا َتوَضَأْتَ فَ َمضْ ِمضْ)(‪)3‬الحديثان دليالن مستقالن داالن على الوجوب‪ ،‬األول دال على وجوب االستنشاق والثاني دال على‬
‫وجوب المضمضة‪.‬‬
‫غسل البياض الذي بني العذار واإلذن‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب غسل البياض الواقع بن العذار واألذن ألنه داخل في مسمى الوجه وكل جزء من أجزاء الوجه المحدود بما بين شحمتي‬
‫األذنين عرضاً والناصية التي في مقدمة الرأس وأسفل الذقن طوالً يجب غسله لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا الَذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ‬
‫فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ}(‪ )4‬وأي جزء من الوجه ترك غسله فهو مبطل للوضوء ألن دليل غسل الوجه قطعي واضح الداللة على الوجوب‪.‬‬
‫غسل شعر اللحية‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب غسل شعر اللحية ألنه شعر نابت في مسمى الوجه‪ ،‬ودليل وجوب غسل شعر اللحية هو دليل وجوب غسل الوجه في‬
‫آية الوضوء‪.‬‬
‫ختليل اللحية‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب تخليل اللحية في الوضوء لألحاديث الواردة من فعله ‪ ‬في بيان األمر بوجوب غسل الوجه في آية الوضوء ومنها‬
‫حديث أنس بن مالك ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال‪( :‬إن رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه و سلم‪ ،‬كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال هكذا أمرني ربي عز وجل)(‪ )5‬األمر دال على‬
‫الوجوب‪ ،‬هذا الحديث دليل واضح الداللة على وجوب تخليل اللحية حيث اجتمع فيه فعل النبي ‪ ‬وقوله الداالن على الوجوب‪.‬‬
‫إدخال املرافق يف غسل اليدين‬
‫الصحيح‪ :‬أننا ال نقول أن الحد داخل في المحدود أو خارج عنه ولكن العبرة بالقرائن في باب الوضوء‪ .‬وقد ورد حديث من فعل النبي ‪‬‬
‫أنه كان يغسل يده اليمنى حتى يشرع في العضد واليسرى كذلك وكان يغسل رجله اليمنى حتى يشرع في الساق واليسرى كذلك الحديث‬
‫حتَى أَشْ َرعَ فِي‬ ‫ضدِ‪ ،‬ثُمَ َي َدهُ ا ْليُسْرَى َ‬
‫حتَى أَشْ َرعَ فِي الْ َع ُ‬ ‫سلَ َي َدهُ ا ْليُ ْمنَى َ‬
‫سبَغَ ا ْل ُوضُوءَ‪ ،‬ثُمَ غَ َ‬
‫جهَهُ فَأَ ْ‬
‫سلَ وَ ْ‬ ‫بلفظ (رََأيْتُ َأبَا هُ َريْ َرةَ َي َت َوضَأُ‪ ،‬فَغَ َ‬
‫حتَى أَشْ َرعَ فِي السَاقِ‪ ،‬ثُمَ قَال‪ :‬هَ َكذَا رََأيْتُ‬ ‫سلَ رِجْلَهُ ا ْليُسْرَى َ‬ ‫حتَى أَشْ َرعَ فِي السَاقِ‪ ،‬ثُمَ غَ َ‬ ‫ضدِ‪ ،‬ثُمَ مَسَحَ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ غَسَلَ رِجْلَهُ ا ْليُ ْمنَى َ‬ ‫الْ َع ُ‬
‫سبَاغِ‬‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َي َت َوضَأُ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى الَلهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ :‬أ ْنتُمْ الْغُرُ الْمُحَجَلُونَ َيوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إِ ْ‬
‫طلْ غُ َرتَهُ َوتَحْجِيلَهُ)(‪ )6‬فدخل الحد في المحدود بقرينة خارجية هي غسل النبي ‪ ‬جزء من العضد في‬ ‫ستَطَاعَ ِمنْكُمْ فَلْيُ ِ‬ ‫ا ْل ُوضُوءِ‪ ،‬فَ َمنْ ا ْ‬
‫غسل اليد وجزء من الساق في غسل الرجل‪ ،‬وعلى هذا فالصحيح أن لفظ (إلى) في آية الوضوء بمعنى (مع) وأن المرفقين داخالن في‬
‫وجوب غسل اليدين وأن الكعبين داخالن في وجوب غسل الرجلين ألن فعل النبي ‪ ‬بيان للغسل الواجب المأمور به في آية الوضوء‪.‬‬
‫القدر اجملزئ من مسح الرأس‪.‬‬
‫الصحيح‪ :‬جواز االكتفاء بمسح بعض الرأس ألن لفظ المسح من حيث اللغة ال يقتضي تعميم الممسوح ويصدق اسم المسح لغة وشرعاً‬
‫باالكتفاء بمسح بعض أجزاء الشيء الممسوح فيجوز لقائل أن يقول‪ :‬مسحت الجدار وإن لم يعمم الجدار بالمسح‪ ،‬وله أن يقول‪ :‬مسحت‬
‫الثوب وإن لم يستوعب جميع أجزاء الثوب بالمسح بل اكتفى بمسح بعض الجدار أو الثوب‪ ،‬وقد وردت السنة النبوية بمسح كل الرأس من‬
‫فعل النبي ‪ ‬حيث جاء في حديث عبد اهلل بن زيد الذي بين فيه كيفية وضوء النبي ‪ ‬وكيفية مسح رأسه ‪ ‬بلفظ (ثُمَ مَسَحَ رَأْسَهُ ِب َي َديْهِ‬
‫حتَى ذَهَبَ ِبهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَ َردَهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَذِي َبدَأَ ِمنْهُ)(‪ )7‬ووردت بمسح بعض الرأس واإلتمام‬
‫فَأَ ْق َبلَ ِبهِمَا وََأ ْدبَرَ َبدَأَ بِمُ َقدَمِ رَأْسِهِ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6(:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب اإليتار في االستنثار واالستجمار‪ .‬حديث رقم (‪) 551‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قال‪ :‬إِذَا‬
‫اسْتَجْمَ َر أَحَدُكُمْ فَلْيَسْ تَجْمِ ْر وِتْرًا وَإِذَا تَوَضََأ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِ ِه مَا ًء ثُ َم لِيَنْتَثِرْ)‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اال ستجمار‪ :‬التطهر بعد قضاء الحاجه بالحجارة ونحوها‪ .‬اإليتار‪ :‬جعل العدد وترا أي فردا‪ .‬االستنثار‪ :‬إخراج الماء من األنف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في االستنثار‪ .‬حديث رقم (‪ )142‬بلفظ (عَنْ لَقِيطِ بْنِ صبرة‪ ،‬فَقُلْتُ يَا رَ سُولَ اللَهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ قال‪ :‬أَسْبِغْ الْوُضُو َء‬
‫وَخَلِلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا‪ ،‬وفي رواية قال‪ :‬فِيهِ(إِذَا تَوَضَأْ تَ فَمَضْ ِمضْ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب تخليل اللحية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 145‬بلفظ (عن أنس بن مالك أن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪ ،‬كان إذا توضأ أخذ كفا من‬
‫ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته‪ ،‬وقال‪ :‬هكذا أمرني ربي عز وجل) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة وسننها‪.‬‬
‫‪ -6‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 575‬بلفظ (عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ الْمُجْمِرِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْ َرةَ‬
‫يَتَوَضَأُ‪ ،‬فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ‪ ،‬ثُمَ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ‪ ،‬ثُمَ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتَى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ‪ ،‬ثُمَ مَسَحَ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى‬
‫حَتَى أَشْرَعَ فِي السَاقِ‪ ،‬ثُمَ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَ ى حَتَى أَشْرَعَ فِي السَاقِ‪ ،‬ثُمَ قَال‪ :‬هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَتَوَضَأُ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ع مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَتَ ُه وَتَحْجِيلَهُ)‪.‬‬
‫ن اسْتَطَا َ‬
‫غ الْوُضُوءِ‪ ،‬فَمَ ْ‬ ‫ن إِسْبَا ِ‬
‫ن يَوْ َم الْقِيَامَ ِة مِ ْ‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬أَنْتُ ْم الْغُ ُر الْمُحَجَلُو َ‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫الغرة‪ :‬بياض في الجبهة ويقصد به نور من أثر الوضوء‪.‬‬ ‫أشرع‪ :‬أدخل ا لغسل فيه‪.‬‬ ‫اإلسباغ‪ :‬اإلتمام واإلحسان‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫المحجلون‪ :‬النور يسطع من أيديهم وأرجلهم من أثر الوضوء‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬بَاب مَسْحِ الرَأْسِ كُلِهِ لِقَوْلِ اللَهِ تعالى {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ}‪ .‬حديث رقم (‪ ) 155‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِ عَنْ أَبِيهِ‬
‫أَنَ رَجُلًا قال‪ :‬لِعَبْدِ اللَهِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ جَدُ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَهِ ‪ ‬يَتَوَضَأُ فَقال‪ :‬عَبْدُ اللَهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ‬
‫فَغَسَلَ مَرَتَيْنِ ثُمَ مَضْ َمضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ثُمَ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَتَيْنِ مَرَتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَمِ رَأْسِهِ حَتَى‬
‫ن الَذِي بَدََأ مِنْ ُه ثُمَ غَسَ َل رِجْلَيْهِ)‪.‬‬‫ب بِهِمَا إِلَى قَفَا ُه ثُمَ رَدَهُمَا إِلَى الْمَكَا ِ‬ ‫ذَهَ َ‬
‫‪32‬‬
‫ص َيتِهِ َوعَلَى الْعِمَامَةِ) (‪ )1‬واألفضل في مسح الرأس أن المتوضئ يمسح رأسه مثل كيفية مسح النبي ‪‬‬
‫على العمامة بلفظ (وَمَسَحَ ِبنَا ِ‬
‫المبينة في حديث عبد اهلل بن زيد المروي في صحيح البخاري‪.‬‬
‫مسح الرأس‬
‫الصحيح‪ :‬االقتصار على مسح الرأس مرة واحدة وأنه ال فضيلة في تكرير المسح للنص على ذكر المرة الواحدة في األحاديث الصحيحة‬
‫التي بينت وضوء النبي ‪ ‬ومنها حديث عبد اهلل بن زيد وقد ذكر فيه اقتصار النبي ‪ ‬على مسح رأسه مرة واحده بلفظ (ثم أدخل يده‬
‫فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة)(‪ )2‬وألن الحديث الذي ذكر تثنية مسح الرأس وهو بلفظ (عن عبداهلل بن زيد ـ الذي أري‬
‫النداء ـ قال‪ :‬رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم توضأ فغسل وجهه ثالثاً ويديه مرتين وغسل رجليه مرتين ومسح برأسه مرتين)‬
‫ضعيف ضعفه األلباني في ضعيف النسائي برقم(‪)99‬‬
‫املسح على العمامة‬
‫األحاديث الواردة في بيان وجوب مسح الرأس أكثر وأشهر من الحديث الذي ينص على جواز المسح على العمامة مع بعض الرأس‪ ،‬أما‬
‫المسح على العمامة فقط ففيه نظر‪ ،‬والحديث الذي ينص على المسح على العمامة فقط يحتاج إلى البحث عنه‪ ،‬وبعض العلماء ردوا حديث‬
‫المسح على العمامة فقط لكونه مخالفاً لظاهر القرآن الكريم ألن العمامة ليست رأسا وال يصدق اسم العمامة على اسم الرأس ال شرعاً وال‬
‫لغة وال عرفاً‪ .‬وبعض العلماء ردوا حديث المسح على العمامة فقط لكونه معلوال ولفظه(عن أنس بن مالك قال‪ :‬رأيت سول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم يتوضأ –وعليه عمامة قطرية‪ -‬فأدخل يده من تحت العمامة‪ ،‬فمسح مقدم راسه ولم ينقض العمامة) ضعفه االلباني في‬
‫ضعيف أبي داود برقم (‪ ،) 347‬وحكم الخمار للمرأة حكم العمامة للرجل فيجوز للمرأة المسح على بعض شعر رأسها مع المسح على‬
‫الخمار‪ ،‬واألولى حمل الرواية المطلقة في مسح العمامة فقط على الرواية المقيدة بمسح العمامة والناصية‪.‬‬
‫مسح األذنني‬
‫الصحيح‪ :‬أن األذنين يجب مسحهما لحديث (األذنان من الرأس)(‪ )1‬وحكم مسح الرأس الوجوب القطعي بدليل قوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ‬
‫آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَا ِفقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ}(‪ )4‬وحكم مسح األذنين حكم مسح الرأس ألنهما‬
‫جزء منه‪ ،‬األصل عدم اشتراط تجديد الماء لمسح األذنين ويجوز مسحهما مع الرأس بماء واحد‪.‬‬
‫غسل الرجلني‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب غسل الرجلين لألحاديث الصحيحة الكثيرة المبينة لكيفية وضوء النبي ‪ ‬وكلها تنص على أنه ‪ ‬كان يغسل رجليه في‬
‫الوضوء ومنها حديث عثمان بن عفان ‪ ‬حيث جاء فيه ذكر غسل الرجلين بلفظ (ثم غسل رجليه ثالث مرار إلى الكعبين)(‪ )5‬وفعل النبي‬
‫‪ ‬المستمر على غسل الرجلين حتى توفاه اهلل عز وجل يفيد الوجوب في غسل الرجلين وهو مرجِح لقراءة النصب على قراءة الجر في‬
‫(‪)6‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِّلُو ْا وُجُوهَكُ ْم وََأ ْي ِد َيكُمْ إِلَى الْمَرَافِ ِ‬
‫ق وَامْسَحُو ْا بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُّلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}‬
‫وقد قال اهلل تعالى في بيان مهمة النبي ‪ ‬أنه مبيِن للناس مراد اهلل عز وجل في القرآن الكريم قال تعالى {وَأَنزَ ْلنَا إَِل ْيكَ الذِكْرَ ِل ُتبَ ِينَ لِلنَاسِ‬
‫مَا نُ ِزلَ إَِل ْيهِمْ وَلَعََلهُمْ يَتَفَكَرُونَ}(‪ .)7‬ومما يرجح بوضوح قراءة النصب حديث (ويل لألعقاب من النار)(‪ )8‬ألنه تضمن تهديداً ووعيداً‬
‫شديداً لمن لم يستوعب غسل رجليه بالماء والوعيد بالعقاب ال يكون إال على ترك الواجب ألن الواجب يعاقب تاركه‪ ،‬وعلى هذا فيكون‬
‫الحديث دليالً واضحاً على وجوب غسل الرجلين‪ ،‬وعلى ترجيح قراءة النصب على قراءة الجر‪ ،‬والكالم في وجوب غسل الكعبين مع‬

‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة وسننها‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين أجمعين‪ ،‬ومالك في‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب المسح على الناصية وعلى العمامة‪ .‬حديث رقم (‪ .) 632‬بلفظ (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قال‪ :‬تَخَلَفَ رَسُولُ‬
‫اللَهِ‪ - -‬وَتَخَلَفْتُ مَعَهُ فَلَمَا قَضَى حَاجَتَهُ قال‪ « :‬أَمَعَكَ مَاءٌ »‪ .‬فَأَتَيْتُهُ بِمَطْهَرَةٍ فَغَسَلَ كَفَيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَ ذَهَبَ يَحسِرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كُمُ الْجُبَةِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ‬
‫الْجُبَةِ وَأَلْقَى الْجُبَةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَغَسَلَ ذِ رَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى خُفَيْهِ ثُمَ رَكِبَ وَرَكِبْتُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ وَقَدْ قَامُوا فِى الصَالَةِ يُصَلِى بِهِمْ عَبْدُ‬
‫ت فَرَكَعْنَا الرَكْعَ َة الَتِى سَبَقَتْنَا)‬
‫ب يَتَأَخَرُ فَأَوْمَ َأ إِلَيْهِ فَصَلَى بِهِ ْم فَلَمَا سَلَ َم قَا َم النَبِىُ‪ - -‬وَقُمْ ُ‬
‫س بِالنَبِىِ‪ - -‬ذَهَ َ‬
‫ن عَوْفٍ وَقَدْ رَكَ َع بِهِمْ رَكْعَةً فَلَمَا أَحَ َ‬
‫ن بْ ُ‬
‫الرَحْمَ ِ‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند‬
‫الكوفيين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫الجبة‪ :‬رداء يلبس فوق الثياب‪ .‬فأومأ‪ :‬أشار‪.‬‬ ‫يحسر‪ :‬يكشف‪.‬‬ ‫المطهرة‪ :‬كل إناء يتطهر منه‪.‬‬ ‫معانى األلفاظ‪ :‬تخلف‪ :‬تأخر عن الناس‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب غسل الرجلين إلى الكعبين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 156‬بلفظ (عن عمرو عن أبيه شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد اهلل بن‬
‫زيد عن وضوء النبي ‪ ‬فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء النبي ‪ ‬فأكفأ على يده من التور فغسل يديه ثالثا ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق‬
‫واستنثر ثالث غرفات ثم أدخل يده فغسل وجهه ثالثا ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين ثم أدخل يده فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة ثم غسل رجليه إلى‬
‫الكعبين)‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‬
‫أجمعين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ .‬والدرامي في الطهارة‪.‬‬
‫الغرفة‪ :‬األخذ بملء‬ ‫التور‪ :‬قدر كبير يصنع من الحجارة ونحوها‪.‬‬ ‫كفأ‪ :‬قلب‪.‬‬ ‫التور‪ :‬قدر كبير يصنع من الحجارة ونحوها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫الكف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء أن األذنين من الرأس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 134‬بلفظ (عن أبي أمامة قال‪ :‬توضأ النبي ‪ ‬فغسل وجهه ثالثاً ويديه ثالثاً‬
‫ومسح برأسه وقال‪ :‬األذنان من الرأس)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة وسننها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)6( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث حمران رضي اهلل عنه برقم (‪.)151‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6(:‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬النحل‪)44( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب غسل الرجلين واليمسح على القدمين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 163‬بلفظ (عن عبد اهلل بن عمرو قال‪ :‬تخلف عنا النبي ‪ ‬في‬
‫سفرة سافرناها فأد ركنا وقد أرهقتنا الصالة ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته ويل لألعقاب من النار مرتين أو ثالثا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫العقب‪ :‬مؤخر القدم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أرهفتنا‪ :‬حان أدائها ونشطنا إلدراكها‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الرجلين كالكالم في وجوب غسل المرفقين مع اليدين‪ ،‬وقد تقدم ما هو الصحيح والراجح في ذلك‪ ،‬والكعبان هما العظمان الناتئان عند‬
‫مفصل الساق والقدم‪.‬‬
‫ترتيب أفعال الوضوء‬
‫(‪)3‬‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب الترتيب ألن الجمهور من العلماء حملوا آية الوضوء على آية الصفا لحديث (أبدأ بما بدأ اهلل به) وألن األحاديث‬
‫الصحيحة التي بينت وضوء النبي ‪ ‬أثبتت كلها أن فعل النبي ‪ ‬المستمر في حياته كلها من بعد فريضة الوضوء كان الترتيب بين‬
‫أعضاء الوضوء كما في آية الوضوء بادئاً بما بدأ اهلل به ومؤخراً لما أخره اهلل في اآلية مع فعل السنن القبلية لغسل الوجه‪ ،‬وأفعاله المرتبة‬
‫في الوضوء بيان لألوامر المذكورة في آية الوضوء بهيئتها الواجبة‪ ،‬وقوله ‪ ‬لألعرابي ( َف َت َوضَأْ كَمَا أَمَ َراَ اللَهُ)(‪ )2‬وتعليمه الوضوء‬
‫مرتباً على ما في آية الوضوء يدالن‬
‫‪‬‬
‫املواالة يف أفعال الوضوء‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب المواالة في غسل أعضاء الوضوء لفعل النبي ‪ ‬حيث أن كل الروايات التي بينت وضوء النبي ‪ ‬لم يذكر في واحدة‬
‫منها أن النبي ‪ ‬فرق بين غسل أعضاء وضوئه أو أنه كان يتراخى بين غسل أعضاء وضوئه‪ ،‬واألحاديث الصحيحة الكثيرة الحاكية‬
‫لوضوء النبي ‪ ‬هي في الصحيحين وغيرهما ومنها حديث عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عباس وأبي هريرة وعبد اهلل بن‬
‫زيد وعمرو بن عتبة وغيرها من الروايات وكلها تثبت مواالة النبي ‪ ‬بين أعضاء وضوئه‪ ،‬وأفعال النبي ‪ ‬المبينة للواجب تفيد‬
‫الوجوب‪ ،‬وكما أفاد ترتيب النبي ‪ ‬بين أعضاء وضوئه وجوب الترتيب فكذلك تفيد مواالة الرسول ‪ ‬المستمرة بين أعضاء وضوئه‬
‫وجوب المواالة‪ ،‬وأما احتجاج من يحتج لعدم وجوب المواالة بين أعضاء الوضوء بما ثبت عن النبي ‪ ‬في كيفية غسله من الجناية أنه‬
‫كا ن يبدأ بغسل أعضاء وضوئه قبل إفاضة الماء على جسده ثم يؤخر غسل رجليه إلى بعد الفراغ من اغتساله‪ ،‬فهو خاص بالغسل وال‬
‫يصح االستدالل به على عدم وجوب المواالة بين أعضاء الوضوء‪ ،‬ألن الغسل يختلف عن الوضوء في االسم والحقيقة‪ ،‬وقد روي ما يفيد‬
‫وجوب المواالة بين أعضاء الوضوء من قول النبي ‪ ‬وذلك من أمره ‪ ‬للرجل الذي كان يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم‬
‫يصبها الماء‪ ،‬الحديث يفيد أن الرسول ‪ ‬لم يأمر الرجل بغسل الموضع الذي لم يصبه الماء من قدمه فقط وإنما أمره بإعادة الوضوء من‬
‫أوله ولو لم تكن المواالة واجبة لما أمره بإعادة الوضوء بل كان الرسول ‪ ‬سيكتفي بأمر الرجل بغسل الموضع الذي لم يصبه الماء من‬
‫ص ْبهَا‬
‫ظهْرِ َقدَمِهِ لُمْعَةٌ َقدْرُ الدِرْهَمِ لَمْ ُي ِ‬
‫صلِ وَفِي َ‬
‫قدمه أو بغسل قدمه فقط‪ ،‬ونص الحديث ( َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ رَأَى رَجُلًا ُي َ‬
‫الْمَاءُ فَأَمَ َرهُ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ َأنْ يُعِيدَ ا ْل ُوضُوءَ وَالصَلَاةَ)(‪ )1‬وأمره ‪ ‬الرجل بإعادة الوضوء دليل على وجوب المواالة بين‬
‫أعضاء الوضوء ولو لم تكن المواالة واجبة لما أمر الرسول ‪ ‬الرجل بإعادة غسل جميع أعضاء وضوئه وكان سيكتفي بأمر الرجل‬
‫بإعادة غسل قدمه أو غسل الموضع الذي لم يصبه الماء منها‪.‬‬
‫التسمية يف الوضوء‬
‫الصحيح‪ :‬أن التسمية في الوضوء واجبة أو شرط من شروط صحة الوضوء على رأي الشوكاني في (السيل الجرار) وذلك أن صيغة‬
‫النفي في حديث (ال وضوء لمن لم يذكر اسم اهلل تعالى عليه)(‪ )4‬عند الشوكاني تفيد الشرط الذي يلزم من عدمه عدم المشروط‪ ،‬وصيغة‬
‫النفي عند الشوكاني تفيد ما هو أكثر مما تفيده صيغة األمر الدالة على الوجوب‪ ،‬وذلك أن النفي يتوجه إلى نفي الذات كما هي حقيقة النفي‬
‫في اللغة العربية فإذا كان النفي في الحديث متوجها إلى نفي الحقيقة وهو الوضوء دل الحديث على انتفاء الوضوء الشرعي ألنه إذا لم‬
‫يمكن حمله على نفي الحقيقة فيحمل على نفي أقرب المجازين وهو نفي الصحة ونفي صحة الوضوء يستلزم نفي الوضوء الشرعي‪،‬‬
‫وعلى هذا فالحديث يدل على عدم صحة وضوء من لم يسم اهلل تعالى على وضوئه ألن القصد من النفي في الحديث هو نفي الوضوء‬
‫الشرعي ال نفي الوضوء الوجودي الذي هو غسل أعضاء الوضوء بالماء بدون ذكر التسمية‪ ،‬وأما حمل النفي في الحديث على المجاز‬
‫البعيد وهو نفي كمال الوضوء فهو بعيد ألن األصل هو حمل النفي على نفي الحقيقة فإذا تعذر نفي الحقيقة حمل على نفي أقرب المجازين‬
‫وهو نفي الصحة المستلزم لنفي الوضوء الصحيح ال الكامل‪.‬‬
‫حكم املسح على اخلفني‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي ‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2141‬بلفظ (عن جعفر بن محمد عن أبيه قال‪ :‬دخلنا على جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنه‬
‫ن الصَفَ ا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِ ِر اللّهِ} أبدأ بما بدأ اهلل به فبدأ بالصفا فرقي عليه‪.).....‬‬ ‫قال‪......:‬ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ {إِ َ‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ما جة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما جاء في وصف الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 302‬بلفظ (عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَيْنَمَا هُوَ‬
‫جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا قال‪ :‬رِفَاعَةُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ كَالْبَدَوِيِ فَصَلَى فَأَخَفَ صَلَاتَهُ ثُمَ انْصَرَفَ فَسَلَمَ عَلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقال‪ :‬النَبِيُ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَعَلَيْكَ فَارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُصَلِ فَرَجَعَ فَصَلَى ثُمَ جَاءَ فَسَلَمَ عَلَيْهِ فَقال‪ :‬وَعَلَيْكَ فَارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُصَلِ فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُ ذَلِكَ يَأْتِي‬
‫النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَيُسَلِمُ عَلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَيَقُولُ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَعَلَيْكَ فَارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُصَلِ فَخَافَ النَاسُ وَكَبُرَ عَلَيْهِمْ‬
‫أَنْ يَكُونَ مَنْ أَخَفَ صَلَاتَهُ لَمْ يُصَلِ فَقال‪ :‬الرَجُلُ فِي آخِرِ ذَلِكَ فَأَرِنِي وَعَلِمْنِي فَإِنَ مَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ فَقال‪ :‬أَجَلْ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَلَاةِ فَتَوَضَأْ كَمَا أَمَرَاَ اللَهُ ثُمَ‬
‫تَشَهَدْ وَأَقِمْ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلَا فَاحْمَدْ اللَهَ وَكَبِرْهُ وَهَلِلْهُ ثُمَ ارْكَعْ فَاطْمَئِنَ رَاكِعًا ثُمَ اعْتَدِلْ قَائِمًا ثُمَ اسْجُدْ فَاعْتَدِلْ سَاجِدًا ثُمَ اجْلِسْ فَاطْمَئِنَ جَالِسًا ثُمَ قُمْ فَإِذَا‬
‫فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَتْ صَلَاتُكَ وَإِنْ انْتَقَصْتَ مِنْهُ شيئاً انْتَقَصْتَ مِنْ صَلَاتِكَ قال‪ :‬وَكَانَ هَذَا أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنْ األول أَنَهُ مَنْ انْتَ َقصَ مِنْ ذَلِكَ شيئاً انْتَ َقصَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ‬
‫تَذْهَبْ كُلُهَا)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪ -3‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب التفريق بين الوضوء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 175‬بلفظ (عَنْ خَالِدٍ عَنْ بَ ْعضِ أَصْحَابِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنَ النَبِيَ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِ وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَلَاةَ)‪ .‬صححه األلباني‬
‫في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬لمعة‪ :‬موضع من الجسد لم يصبه الماء‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في التسمية على الوضوء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 101‬بلفظ (عن أبي هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ‬ال صالة لمن ال‬
‫وضوء له‪ ،‬وال وضوء لمن لم يذكر اسم اهلل تعالى عليه)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة وسننها‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫الخف‪ :‬هو ما كان ساتراً للقدمين ولم يشترط فيه أن يصل إلى الكعبين‪ ،‬والنعل عند العرب‪ :‬ما كان فيه شراك‪.‬‬
‫الصحيح‪ :‬جواز المسح على الخفين على اإلطالق أي أنه يجوز المسح على الخفين في السفر والحضر لألحاديث الصحيحة الدالة على‬
‫عنْ هَمَامِ ْبنِ الْحَارِثِ قَالَ رََأيْتُ جَرِيرَ ْبنَ عَ ْبدِ اللَهِ بَالَ ثُمَ َت َوضَأَ وَمَسَحَ عَلَى خُ َفيْهِ ثُمَ قَامَ َفصَلَى‬
‫جوازه من فعل النبي ‪ ،‬ومنها حديث ( َ‬
‫(‪)3‬‬
‫صنَعَ ِم ْثلَ َهذَا) هذا الحديث دليل صحيح صريح على جواز المسح على الخفين‪ ،‬وفيه رد‬ ‫س ِئلَ فَقَالَ رََأيْتُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫فَ ُ‬
‫واضح على من يقول بنسخ أحاديث جواز الخفين بآية الوضوء التي في سورة المائدة‪ ،‬ألن جريراً قال موضحاً بأن إسالمه ما وقع إال بعد‬
‫نزول آية الوضوء‪ ،‬وهذا القول يعني أن جريراً رأى الرسول ‪ ‬يمسح على خفيه بعد نزول آية الوضوء‪ ،‬وأن المسح على الخفين في‬
‫الحضر وفي السفر من الشريعة المحكمة التي لم تنسخ‪ ،‬ومن األدلة على جواز المسح على الخفين في السفر حديث ( ُكنْتُ مَعَ ال َنبِيِ‬
‫‪2‬‬

‫كيفية املسح على اخلفني‬


‫الصحيح‪ :‬المسح على أعلى الخف فقط ألن المسح على أعلى الخفين هو الثابت من فعل النبي ‪ ‬في األحاديث الصحيحة التي ذكرت‬
‫مسح النبي ‪ ‬على الخفين ومن األدلة التي تدل على اقتصار النبي ‪ ‬على مسح ظاهر الخفين فقط حديث (لو كان الدين بالرأي لكان‬
‫أسفل الخف أولى بالمسح من أعاله وقد رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم يمسح على ظاهر خفيه)(‪ )3‬وأما حديث المغيرة بلفظ‬
‫(وضأت النبي صلى اهلل عليه وسلم في غزوة تبوا‪ ،‬فمسح أعلى الخفين وأسفلهما) الدال على مسح باطن الخف فقد ضعفه األلباني في‬
‫ضعيف أبي داود برقم (‪ )365‬وال حجة فيه وال يقوى على معارضة األحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫املسح على اجلوربني‬
‫الصحيح‪ :‬جواز المسح على الجوربين ألنه قد وردت أحاديث عن النبي ‪ ‬أنه مسح على الجوربين ومنها حديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫جوْ َربَ ْينِ وَالنَعْ َل ْينِ)(‪ )4‬وعلى هذا يجوز لمن يلبس زوج أو زوجين أو ثالثة من الجوارب المسح عليها‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َت َوضَأَ وَمَسَحَ عَلَى الْ َ‬
‫أي على األعلى منها‪.‬‬
‫صفة اخلف‬
‫الصحيح‪ :‬ج واز المسح على الخف المنخرق ما دام يسمى خفاً ولو كان عدم الخرق شرطاً لجواز المسح على الخفين لبينه النبي ‪ ‬وال‬
‫سيما وقد نقل أن خفاف الصحابة كانت ال تسلم من الخروق ولم ينقل إنكار من النبي ‪ ‬عليهم في ذلك‪.‬‬
‫توقيت مدة املسح على اخلفني‬
‫الصحيح‪ :‬توفيت مدة جواز المس ح على الخفين بمدة معلومة هي ثالثة أيام ولياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم بدليل تحديد النبي ‪ ‬لمدة‬
‫الثَةَ َأيَامٍ وَلَيَالِ َي ُهنَ لِلْمُسَافِرِ َو َيوْمًا وَ َليْلَةً لِلْمُقِيمِ)(‪ )5‬الحديث دليل صحيح صريح في تحديد مدة‬ ‫الجواز في حديث (جَ َعلَ رَسُولُ اللَهِ ‪َ ‬ث َ‬
‫جواز المسح على الخفين للمسافر وللمقيم‪ ،‬وأما حديث أبي بن عمارة بلفظ(وَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََل ْيهِ وَسَلَمَ َقدْ صَلَى فِي َب ْيتِهِ‬
‫الْ ِقبَْلتَ ْينِ كِ ْل َت ْيهِمَا َأنَهُ قَالَ‪ :‬لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَمْسَحُ عَلَى الْخُ َف ْينِ ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬يوْمًا ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬و َيوْ َم ْينِ ‪ ،‬قَالَ ‪َ :‬وثَلَاثًا‬
‫سبْعًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَهُ وَمَا َبدَا َلكَ) الدال على عدم التوقيت فقد ضعفه األلباني في ضعثف ابن ماجه برقم (‪ )331‬وال تقوم به الحجة وال‬ ‫حتَى بَلَغَ َ‬ ‫َ‬
‫عمل عليه‪ ،‬وأما القول بأن حديثي علي وصفوان يعارضهما القياس فهو قياس فاسد االعتبار لمعارضته النصين الصحيحين في تحديد مدة‬
‫الجواز للمسافر وللمقيم‪.‬‬

‫شروط املسح على اخلفني‬


‫شرط المسح على الخفين شرط واحد وهو أن تكون القدمان في وقت إدخالهما الخفين طاهرتين من الحدث األصغر بمعنى أن يكون‬
‫عهُمَا‬
‫اإلنسان في وقت لبسه الخفين طاهراً من الحدث األصغر أي أنه يكون متوضئاً ويستدل على هذا بقول النبي ‪ ‬للمغيرة بن شعبة( َد ْ‬
‫فَِإنِي َأ ْدخَلْ ُتهُمَا طَاهِرَ َت ْينِ فَمَسَحَ عََل ْيهِمَا)(‪ )6‬والمراد بالطهارة في الحديث هي الطهارة الشرعية المبينة في كيفية الوضوء الشرعي الذي‬
‫من واجباته الترتيب بين غسل أعضاء الوضوء وال يصدق على القدمين أنهما طاهرتان إال بعد الفراغ من الوضوء وال يجوز له المسح‬
‫إذا أدخل إحدى القدمين أو كليهما قبل إكمال الطهارة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الصالة في الخفاف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 357‬بلفظ (عَنْ هَمَامِ بْنِ الْحَارِثِ قال‪ :‬رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ بَالَ ثُمَ تَوَضَأَ وَمَسَحَ عَلَى‬
‫ن أَسْلَمَ‪.‬‬
‫ن مِنْ آخِرِ مَ ْ‬ ‫ن يُعْجِبُهُ ْم لِأَنَ جَرِيرًا كَا َ‬‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم صَنَ َع مِثْ َل هَذَا)‪ .‬قال‪ :‬إِبْرَاهِي ُم فَكَا َ‬ ‫ت النَبِ َ‬‫خُفَيْ ِه ثُ َم قَا َم فَصَلَى فَسُئِلَ فَقال‪ :‬رَأَيْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب إذاأدخل رجليه وهما طاهرتان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 206‬بلفظ (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قال‪ :‬كُنْتُ مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا)‪.‬‬‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم فِي سَفَ ٍر فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَيْ ِه فَقال‪ :‬دَعْهُمَا فَإِنِي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪،‬‬
‫ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬اللباس‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب كيف المسح‪ .‬حديث رقم (‪ )162‬بلفظ (عن علي ‪ ‬قال‪ :‬لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعاله وقد‬
‫رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم " يمسح على ظاهر خفيه)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب المسح على الجوربين‪ .‬حديث رقم (‪ )151‬بلفظ (عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ تَوَضَأَ وَمَسَحَ‬
‫ن وَالنَعْلَيْنِ)‪ .‬حسنه االلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫عَلَى الْجَوْرَبَيْ ِ‬
‫أخرجه أبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب التوقيت في المسح على الخفين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 637‬بلفظ (عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قال‪ :‬أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى‬
‫ن يُسَافِ ُر مَعَ رَسُولِ اللَهِ ‪ ،‬فَسَأَلْنَا ُه فَقال‪ :‬جَعَلَ رَسُو ُل اللَهِ ‪ ‬ثَالَثَ َة أَيَا ٍم وَلَيَالِيَهُنَ لِلْمُسَافِ ِر وَيَوْمًا وَلَيْلَ ًة لِلْمُقِيمِ‪.).‬‬ ‫ن أَبِى طَالِبٍ فَسَلْ ُه فَإِنَ ُه كَا َ‬
‫ك بِابْ ِ‬
‫الْخُفَيْنِ فَقالت‪ :‬عَلَيْ َ‬
‫أخرجه النسائي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا البا ب من حديث عروة بن المغيرة رضي اهلل عنهما برقم (‪.)206‬‬
‫‪35‬‬
‫نواقض املسح على اخلفني‬
‫نواقض المسح على الخفين هي نواقض الوضو ء ولم يثبت ناقض للمسح على الخفين غير نواقض الوضوء ال من قول النبي صلى عليه‬
‫وسلم وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن نزع الخف ليس ناقضاً للوضوء ألنه ال يوجد دليل يدل على النقض وال تبطل طهارة من‬
‫نزع خفه ألنه باق على األصل واألصل بقاء وضوئه حتى ينتقض بناقض من نواقض الوضوء‪ ،‬والمسح على الخفين أصل بذاته ومن قال‬
‫بالبدلية عن غسل القدمين فعليه الدليل الصحيح الصريح بالبدلية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أحكام املياه‬

‫االصل في الطهارة من الحدث هو الماء‬ ‫‪‬‬


‫الماء المتـنجس‬ ‫‪‬‬
‫إذا تغير الماء بسبب النجاسة الواقعة فيه فهو متنجس وإن لم يتغير فهو طاهر‬ ‫‪‬‬
‫الماء الذي خالطه شيء من األشياء الطاهرة‬ ‫‪‬‬
‫الماء المستعمل في الطهارة‬ ‫‪‬‬
‫آسار الحيوانات والمشرك‬ ‫‪‬‬
‫سؤر الرجل والمرأة المسلمين‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء بنبيذ التمر‬ ‫‪‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أحكام المياه‬

‫االصل يف الطهارة من احلدث هو املاء‬


‫(‪)3‬‬
‫طهِرَكُم بِهِ} وقوله تعالى {يا‬ ‫األصل في وجوب الطهارة بالماء من األحداث والنجاسات هو قوله تعالى { َو ُينَ ِزلُ عََليْكُم مِن السَمَاء مَاء ِليُ َ‬
‫جنُباً‬
‫َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَا ِفقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ‬
‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬ ‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ تَ ِ‬ ‫حدٌ مَنكُم ِمنَ الْغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬‫فَاطَهَرُواْ وَإِن كُنتُم مَ ْرضَى َأوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬
‫طهَرَكُمْ وَ ِل ُيتِمَ نِعْ َمتَهُ عَ َليْكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ}(‪.)2‬‬
‫ِبوُجُوهِكُمْ وََأيْدِيكُم ِمنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ ِليَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُ َ‬
‫الصحيح‪ :‬جواز التطهر بماء البحر لحديث (هو الطهور ماؤه)(‪ )1‬وعلى فرض أن طعمه قد تغير فقد أخرج الحديث ماء البحر من جميع‬
‫أنواع الماء المتغير طعمه وجعل له حكم الماء الطهور‪ ،‬وقد نص الحديث على أنه طهور وليس طاهراً فقط‪ ،‬والماء المتغير بشيء من‬
‫المطهرات كالتراب أو الصابون أو نحوه هو طاهر مطهر لتناول اسم الماء المطلق له وألن المخالط له خاصية التطهير‪.‬‬
‫املاء املتـنجس‬
‫الصحيح‪ :‬أن الماء إذا خالطته نجاسة ولم تغير أحد أوصافه الثالثة اللون أو الطعم أو الشم فهو باق على أصله من الطهورية سواء كان‬
‫الماء الذي خالطته النجاسة كثيراً أو قليال ألن األصل في الماء الطهورية وال يخرجه عن الطهورية إال ظهور التغير في أحد أوصافه‬
‫ال ثالثة بسبب النجاسة المخالطة له‪ ،‬أما إذ لم يظهر للنجاسة المخالطة تغير في أحد أوصافه الثالثة فالماء باق على أصل الطهورية مهما‬
‫كان قدر الماء ومهما كان قدر النجاسة المخالطة له ألن العبرة في تنجيس الماء أو عدم تنجيسه هي بالتغير فقط‪ ،‬وليس لقلة الماء أو كثرته‬
‫اعتبار في تنجيسه إذا لم يظهر أي أثر لتغيرأحد أوصافه الثالثة لحديث (الماء طهور ال ينجسه شيء)(‪ )4‬الماء اسم جنس يعم القليل‬
‫والكثير‪ ،‬وقد أطلق النبي ‪ ‬حكم الطهورية على الماء الذي خالطته النجاسات المتعددة الكثيرة من المحائض ولحوم الكالب والنتن ـ أي‬
‫عذرة اإلنسان ـ‪ ،‬هذا الحديث مبين لقوة الطهورية في أصل خلقة الماء وقدرته على االحتفاظ بهذه الصفة عند مخالطة النجاسات وال‬
‫يخرجه عن وصف الطهورية إال ظهور التغير في أحد أوصافه الثالثة بسبب النجاسة المخالطة‪ ،‬أما التغير بسبب المقر أو الممر فال‬
‫يخرجه عن الطهورية‪ ،‬وهذا هو رأي الشوكاني و ابن األمير من علماء اليمن المتأخرين‪ ،‬وأما االستدالل بحديث االستيقاظ(وَِإذَا ا ْ‬
‫س َتيْقَظَ‬
‫سلْ يَ َدهُ َق ْبلَ َأنْ ُيدْخِلَهَا فِي َوضُوئِهِ‪ ،‬فَِإنَ أَحَدَكُمْ لَا َيدْرِي َأيْنَ بَاتَتْ َي ُدهُ)(‪ )5‬وبحديث النهي عن البول في الماء الدائم(ال‬
‫حدُكُمْ ِمنْ َنوْمِهِ فَ ْليَغْ ِ‬
‫أَ َ‬
‫(‪)6‬‬
‫يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي ال يجري ثم يغتسل فيه) على أن قليل النجاسة ينجِس قليل الماء فهو استدالل ضعيف ألنه ال‬
‫صراحة في حديث االستيقاظ على تنجس الماء القليل بسبب إدخال يد المستيقظ فيه وال صراحة في تنجيس الماء الدائم بسبب بول اإلنسان‬
‫فيه‪ ،‬وإنما يجب العمل بمدلول كل حديث منهما من باب التعبد المحض الذي لم تتضح له علة صريحة‪ ،‬وأما االستدالل بحديث(ِإذَا بَّلَغَ‬
‫الْمَاءُ قَُّل َتيْنِ لَمْ يُنَجِسْهُ شَيْءٌ)(‪ )7‬في التفريق بين الماء القليل والكثير في التنجيس فقد ذكر الشوكاني في كتابه (الدراري المضيئة) وابن‬
‫األمير في كتابه (سبل السالم) االضطراب في متن وسند هذا الحديث وأنه بسبب االضطراب الذي فيه غير صالح لالحتجاج به وال عبرة‬
‫بتصحيح األلباني له ‪ ،‬ولفظ القلتين في تحديد مقدار الماء القليل والكثير غير واضح وقد حصل بسببه االختالف الكبير بين الفقهاء في‬
‫تحديد مقدار الماء القليل والكثير‪ ،‬وهو ال يقوى على معارضة مدلول حديث (الماء طهور ال ينجسه شيء) الذي صححه األلباني وتلقته‬
‫األمة بالقبول‪ ،‬هذا الحديث ظاهر الداللة في أن قليل الماء وكثيره سواء في قوة الطهورية عند مخالطة النجاسة وأن قليل الماء وكثيره ال‬
‫ينجسه شيء من النجاسات إال ما غير أحد أوصافه الثالثة‪.‬‬
‫إذا تغري املاء بسبب النجاسة الواقعة فيه فهو متنجس وإن مل يتغري فهو طاهر‬
‫إذا سقطت نجاسة بين ماء بركة صغيرة أو برميل أو خزان الماء أو نحوه فالعبرة بالتغير‪ ،‬فإذا تغير طعم الماء أو لونه أو شمه فإنه‬
‫يتنجس وإن لم يتغيرطعمه وال لونه وال شمه بسبب النجاسة فهو طاهر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األنفال‪. )11( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪. )6( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء بماء البحر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 53‬بلفظ (عن سعيد بن سلمة من آل ابن األزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني‬
‫عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول‪ :‬سأل رجل النبي صلى اهلل عليه و سلم فقال‪ :‬يا رسول اهلل إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به‬
‫عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال‪ :‬رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪ ،‬هو الطهور ماؤه الحل ميتته ")‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في المياه‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في بئر بضاعة‪ .‬حديث رقم (‪ )66‬بلفظ (عن أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه قال‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول اهلل أنتوضأ من‬
‫بئر بضاعة‪ ،‬وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكالب؟ قال‪ :‬الماء طهور ال ينجسه شيء)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في المياه‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب اإلستجما ر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 162‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قال‪ :‬إِذَا تَوَضَأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ‬
‫ت يَدُهُ)‬
‫ن بَاتَ ْ‬ ‫ن يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ‪ ،‬فَإِنَ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْ َ‬
‫ن نَوْمِ ِه فَلْيَغْسِ ْل يَدَ ُه قَبْلَ أَ ْ‬
‫ظ أَحَدُكُ ْم مِ ْ‬
‫ن اسْتَجْمَ َر فَلْيُوتِرْ‪ ،‬وَإِذَا ا سْتَيْقَ َ‬
‫فِي أَنْفِهِ‪ ،‬ثُ َم لِيَنْثُرْ‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باق ي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪،‬‬
‫والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب النهي عن البول في الماءالراكد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 654‬بلفظ (ال يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي ال يجري ثم يغتسل فيه)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ .‬والدرامي في‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الدائم‪ :‬الساكن الراكد‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجه ‪ :‬كتاب الطهارة وسننها ‪ :‬باب مقدار الماء الذي ال ينجس‪ .‬حديث رقم(‪ )424‬بلفظ(عَنْ عُبَيْدِ الَلهِ بْنِ عَبْدِ الَلهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ‪ ,‬قَالَ‪ :‬سَمِ ْعتُ َرسُولَ‬
‫سهُ‬
‫جْ‬ ‫سَلمَ‪ :‬إِذَا َبلَغَ الْمَاءُ قُلَتَيْنِ َلمْ يُنَ ِ‬
‫علَ ْيهِ وَ َ‬
‫علَ ْيهِ َوسََلمَ سُئِلَ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْ َفلَاةِ مِنْ الْأَ ْرضِ وَمَا يَنُو ُبهُ مِنْ الدَوَابِ وَالسِبَاعِ ‪ ,‬فَقَالَ َرسُولُ الَلهِ صَلَى الَلهُ َ‬ ‫صلَى الَلهُ َ‬ ‫الَلهِ َ‬
‫شَيْءٌ)‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة ‪ ,‬وأبوداود في الطهارة ‪ ,‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ,‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫القلة ‪ :‬الجرة الكبيرة‪.‬‬ ‫ينوبه ‪ :‬يتردد عليه للشرب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ ‪ :‬الفالة ‪ :‬الصحراء أوالمكان الواسع من األرض‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫املاء الذي خالطه شيء من األشياء الطاهرة‬
‫الماء الذي خالطه شيء من األشياء الطاهرة إذا كان التغير قوياً بحيث يسلب الماء اسم (الماء المطلق) حكمه أنه طاهر في نفسه غير‬
‫مطهر لغيره ألن الماء الذي شرع اهلل التطهر به هو الماء المطلق الذي لم يضف إلى شيء من الطاهرات قال تعالى {وَأَنزَ ْلنَا ِمنَ‬
‫شيء)(‪ )1‬في اآليتين‬ ‫‪2‬‬

‫والحديث داللة واضح ة وصريحة أن الماء الذي يشرع التطهر به هو الماء المطلق الذي لم يقيد بشيء ولم يضاف اسمه إلى شيء لتجرد‬
‫اسم الماء في اآليتين والحديث عن أي قيد‪ ،‬ويستثنى من هذا ما إذا كان المخالط الطاهر قليالً بحيث ال يسلب الماء االسم (المطلق) فإنه‬
‫حدٍ فِي َقصْعَةٍ فِيهَا َأثَرُ‬
‫سلَ هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ ِإنَاءٍ وَا ِ‬
‫غتَ َ‬
‫يبقى على األصل طاهراً مطهراً بدليل ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ا ْ‬
‫الْعَجِينِ)(‪ )4‬ويستثنى الماء الذي خالطه تراب أو صابون مخالطة قليلة ال تسلبه االسم المطلق‪ ،‬أما الماء الذي تسلبه مخالطة شيء طاهر له‬
‫االسم المطلق‪ ،‬فال يجوز استعماله في الوضوء أو األغسال الشرعية‪ ،‬وإذا لم يجد اإلنسان الماء المطلق عند إرادة الوضوء أو الغسل‬
‫الشرعي فيجب عليه االنتقال إلى التيمم بدالً عن التطهر بالماء المقيد‪.‬‬
‫املاء املستعمل يف الطهارة‬
‫هو الماء الذي الصق البشرة وانفصل عنها ورفع حكماً‪ ،‬الصحيح‪ :‬جواز الطهارة بالماء المستعمل ما لم يتغير طعمه أو لونه أو شمه‬
‫فيصير طاهراً غير مطهر بسبب التغير‪ ،‬أما إذا لم يتغير أحد أوصافه بسبب االستعمال فهو باق على أصل طهوريته وهو ماء مطلق اسماً‬
‫وحقيقة وحكماً وال يجوز العدول عن التطهر به إلى التيمم‪ ،‬والماء الذي تغسل فيه األيدي في الوالئم إذا تغير بسبب ما على األيدي من‬
‫مخلفات الطعام يصير طاهر غير مطهر بسبب التغير الحادث فيه‪.‬‬
‫آسار احليوانات واملشرك‬
‫األصل في كل حيوان حي الطهارة وكل ما كان طاهراً فسؤره طاهر وعلى هذا فآسار جميع الحيوانات وسؤر المشرك طاهرة مطهرة‬
‫ألن األصل في الماء ومنه آسار جميع الحيوانات والمشرك الطهورية وليس في لعاب الحيوانات نجاسة متفق عليها بين العلماء سوى‬
‫سبْعَ مِرَارٍ)(‪ )5‬وفي بعض طرقه (أُولَا ُهنَ بِالتُرَابِ)(‪ )6‬ويدل هذا‬ ‫حدِكُمْ فَ ْليُرِقْهُ ثُمَ ِليَغْسِلْهُ َ‬
‫لعاب الكلب لحديث ( ِإذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي ِإنَاءِ أَ َ‬
‫الحديث على نجاسة سؤر الكلب إذا شرب من إناء صغير أو متوسط وتغير الماء بسببه‪ ،‬أما اإلناء الكبير الذي يكثر فيه الماء كخزانات‬
‫البيوت فإن نجاسة لعاب الكلب ال تقوى على تغير الماء لقوة طهورية الماء بحسب أصل خلقته‪ ،‬وربما قيل بأن سبب األمر بإراقة سؤر‬
‫الكلب من اإلناء الذي ولغ فيه هو الميكروبات الضارة التي تختلط بالشيء المولوغ فيه لما في لعاب الكلب من الميكروبات الضارة التي‬
‫ال يقتلها إال التراب ويرجح هذا القول أمر النبي ‪ ‬باستعمال التراب في غسل اإلناء من ولوغ الكلب‪ ،‬ولو كان القصد من األمر بغسل‬
‫اإلناء من ولوغ الكلب هو لنجاسة لعاب الكلب الكتفى بالغسل بالماء فقط كما في سائر النجاسات وعلى هذا القول فالظاهر أن سؤر الكلب‬
‫من الماء الذي لم يتغير أحد أوصافه الثالثة بسبب ولوغ الكلب منه يبقى على أصل طهوريته مثله مثل سؤر بقية الحيوانات التي األصل‬
‫في لعابها الطهارة واألصل في الماء الطهورية التي تغلب ما يخالط الماء من النجاسات لحديث (الماء طهور ال ينجسه شيء) (‪ )7‬ولم يكن‬
‫ولوغ الكلب في تنجيس الماء المولوغ منه أقوى من مجموع النجاسات التي هي المحائض ولحوم الكالب وعذرة الناس المخالطة لمياه بئر‬
‫معونة التي لم تقو على تنجيس الماء الذي كان فيه‪ ،‬وقدر نجاسة لعاب الكلب قليل بالنسبة إلى مجموع هذه النجاسات الكثيرة المتعددة وهو‬
‫أمر يقوى القول بأن قصد النبي ‪ ‬من التشديد في غسل اإلناء من ولوغ الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب هو لتوقي ضرر الميكروبات‬
‫الموجودة في اإلناء من ولوغ الكلب‪ ،‬وكل النجاسات القصد من األمر بغسلها هو إذهاب عينها حتى ال يبقى للنجاسة طعم وال لون وال‬
‫جدُ فِي مَا ُأوْحِيَ إِلَيَ مُحَرَماً عَلَى‬ ‫ريح‪ ،‬وأما سؤر الخنزير فهو باق على أصل طهورية الماء‪ ،‬والمراد بالرجس في قوله تعالى {قل الَ أَ ِ‬
‫طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِالَ أَن يَكُونَ َم ْيتَةً َأوْ دَماً مَسْفُوحاً َأوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَِإنَهُ رِجْسٌ}(‪ )8‬هو تحريم أكل لحمه ال نجاسة لحمه‪ ،‬وأما لعاب الخنزير‬
‫فاألصل فيه الطهارة وال يوجد نص من الكتاب أو السنة يدل على نجاسة لعاب الخنزير‪،‬‬
‫ومثل طهارة لعاب الخنزير طهارة لعاب اإلنسان المشرك فهو طاهر‪ ،‬وسؤره طاهر مطهر ألن األصل في لعاب اإلنسان الطهارة‪،‬‬
‫جدَ الْحَرَامَ بَ ْعدَ عَا ِمهِمْ هَـذَا}(‪ )9‬هي‬
‫والمراد بنجاسة المشرك في قوله تعالى { يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإنَمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ َفالَ يَقْ َربُواْ الْمَسْ ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفرقان‪.)45( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)11( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه برقم (‪.)66‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب االغتسال في القصعة التي يعجن فيها‪ .‬حديث رقم (‪ )240‬بلفظ (عَنْ أُمِ هَانِئٍ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ اغْتَسَ َل‬
‫ن إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِي قَصْعَ ٍة فِيهَا أَثَ ُر الْعَجِينِ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫هُ َو وَمَيْمُونَةُ مِ ْ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬القصعة‪ :‬إناء يسع ما يشبع عشرة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم ولوغ الكلب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 415‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال‪ :‬قال رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي‬
‫إِنَا ِء أَحَدِكُ ْم فَلْيُرِقْ ُه ثُ َم لِيَغْسِلْ ُه سَبْ َع مِرَارٍُ)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫النكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الولوغ‪ :‬الشرب بطرف اللسان‪ .‬اإلراقة‪ :‬سكب ما بداخل اإلناء‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب المياه‪ :‬باب تعفير اإلناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 336‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قال‪:‬‬
‫ن بِالتُرَابِ)‪.‬‬
‫ت أُولَاهُ َ‬
‫ب فِي إِنَا ِء أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْ َع مَرَا ٍ‬ ‫إِذَا وَلَ َغ الْكَلْ ُ‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬ومسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫النكثرين‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه برقم (‪.)66‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)145( :‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)25( :‬‬
‫‪39‬‬
‫النجاسة الحكمية ال النجاسة الحسيه بدليل إدخال النبي ‪ ‬ثمامة بن آثال الحنفي مسجده ‪ ‬وربطه فيه وهو مشرك قبل أن يسلم في حديث‬
‫سوَارِي‬
‫حنِيفَةَ يُقَالُ‪ :‬لَهُ ثُمَامَةُ ْبنُ ُأثَالٍ‪ ،‬فَ َربَطُوهُ بِسَا ِريَةٍ ِمنْ َ‬
‫جدٍ‪ ،‬فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ ِمنْ َبنِي َ‬
‫خيْلًا ِق َبلَ نَ ْ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬ ‫(بَعَثَ ال َنبِيُ‬
‫جدِ)(‪ )3‬وإدخال غير ثمامة من المشركين مسجده ‪ ، ‬وكذا سؤر كل الحيوانات التي يحرم أكلها فهو طهور ألن األصل في لعاب هذه‬ ‫الْمَسْ ِ‬
‫الحيوانات الطهارة التي ال ينقل عنها إال ناقل صحيح صريح وال يوجد ناقل صحيح صريح يدل على نجاسة لعاب الحيوانات التي يحرم‬
‫أكلها‪ ،‬وعلى هذا فسؤر الخنزير والمشرك والحيوانات التي يحرم أكلها طهور ألن األصل في لعاب كل منها الطهارة‪.‬‬
‫سؤر الرجل واملرأة املسلمني‬
‫الصحيح‪ :‬جواز تطهر الرجل بالماء الذي فضل من تطهر المرأة وتطهر المرأة بالماء الذي فضل من تطهر الرجل ألن األصل في الماء‬
‫الطهورية واألصل في بدن الرجل والمرأة الطهارة‪ ،‬وال فرق بين كون الرجل جنبا أوطاهرا والمرأة حائضاً أو طاهراً ألن نجاسة المرأة‬
‫الحائض لما عدى موضع خروج الدم هي نجاسة حكمية ال حسية ولحديث (كنت أغتسل أنا والنبي ‪ ‬من إناء واحد من جنابة)(‪ )2‬في‬
‫الحديث داللة على جواز اغتسال كل من الرجل والمرأة بفضل اآلخر والحديث مقوٍ ألصل طهورية الماء وأصل طهارة بدن الرجل‬
‫والمرأة‪ ،‬هذا الحديث وغيره مما ورد في الصحيحين من األحاديث التي أثبتت اغتسال النبي صلى اهلل عليه وسلم مع نسائه من إناء واحد‪،‬‬
‫هي أرجح من رواية الحكم الغفاري وعبد اهلل بن سرجس اللتين تفيدان نهي النبي ‪ ‬عن تطهر الرجل بفضل المرأة وتطهر المرأة بفضل‬
‫الرجل ومن حديث(نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم‪ ،‬أو يبول في مغتسله‪ ،‬أو يغتسل الرجل بفضل المرأة‬
‫والمرأة بفضل الرجل‪ ،‬وليغترفا جميعا)(‪ )1‬وأما حديث علي بلفظ (كان النبي صلى اهلل علبه وسلم وأهله يغتسلون من إناء واحد‪ ،‬وال‬
‫يغتسل أحدهما بفضل صاحبه) فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم(‪ )77‬واألحاديث التي في صحيح البخاري ومسلم أرجح مما‬
‫في غيرهما وعند التعارض كما في هذه المسأ لة يرجح العمل بما في الصحيحين‪ ،‬وروايتي النهي ال تقوى على معارضة الروايات التي‬
‫أثبتت الجواز فضالً عن التقدم عليها‪ ،‬ومن يدعي المنع من جواز تطهر الرجل بفضل المرأة والعكس فعليه بالدليل الصحيح الصريح‬
‫الخالي عن المعارضة‪ ،‬والنهي في حديث الحكم الغفاري وعبد اهلل بن سرجس والرجل المجهول عند النسائي للتنزيه جمعاً بينها وبين‬
‫األحاديث الصحيحة الصريحة المثبتة للجواز‪.‬‬
‫الوضوء بنبيذ التمر‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز التطهر بالنبيذ وال يشرع التطهر به ال في رفع الحدث األصغر وال األكبر‪ ،‬والماء الذي يشرع التطهر به هو الماء‬
‫(المطلق) وهو المراد في قوله تعالى { يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ‬
‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ‬ ‫حدٌ مَنكُم ِمنَ ا ْلغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬
‫طهَرُواْ وَإِن كُنتُم مَ ْرضَى َأوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬ ‫جنُباً فَا َ‬
‫بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫طهَرَكُمْ وَِل ُيتِمَ نِعْ َمتَهُ‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ ِبوُجُوهِكُمْ وََأ ْيدِيكُم ِمنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ ِليَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُ َ‬‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬ ‫تَ ِ‬
‫عََليْكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ}(‪ )4‬فإذا عدم اإلنسان الماء المطلق ووجد ماءً متغيرا كالنبيذ أو نحوه فيجب عليه العدول إلى التيمم ألنه عادم للماء‬
‫الذي شرع اهلل التطهر به وال يجوز له أن يتوضأ أو يغتسل بالنبيذ أو بماء متغير بطاهر ألن حديث ابن مسعود بلفظ (أن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬قال له ليلة الجن‪ :‬ما في إداوتك ؟قال‪ :‬نبيذ‪،‬قال‪:‬تمرة طيبة وماءطهور) قد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم(‪)84‬‬
‫وال يعمل باألحاديث الضعيفة ألن البقاء على أصل وجوب التطهر بالماء المطلق هو الذي يحقق عبودية العبد هلل عز وجل‪ ،‬وليس من‬
‫العبادة هلل في شيء العمل باألحاديث الضعيفة‪ ،‬والشرع لم يدل إال على الماء المطلق أو التيمم ولم يدل على جواز التطهر بواسطة بينهما‬
‫هي الماء المتغير بطاهر‪ ،‬وحصر جواز التطهر على الماء المطلق أو التيمم هو ترجيح علماء اليمن كالشوكاني واألمير والمقبلي‬
‫وغيرهم‪ ،‬ويجوز غسل النجاسة من الثياب أو البدن بماء متغير بطاهر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب االغتسال إذا أسلم وربط األسير في المسجد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 447‬بلفظ (عن سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِ َ‬
‫ي‬
‫اللَهُ عَنْهُ قال‪ :‬بَعَثَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقال‪ :‬لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ‬
‫النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقال‪ :‬مَا عِنْدَاَ يَا ثُ مَامَةُ فَقال‪ :‬عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا‬
‫شِئْتَ فَتُرِاَ حَتَى كَانَ الْغَدُ ثُمَ قال‪ :‬لَهُ مَا عِنْدَاَ يَا ثُمَامَةُ قال‪ :‬مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ فَتَرَكَهُ حَتَى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقال‪ :‬مَا عِنْدَاَ يَا ثُمَامَةُ فَقال‪ :‬عِنْدِي مَا‬
‫قُلْتُ لَكَ فَقال‪ :‬أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقال‪ :‬أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَأَشْهَدُ أَنَ مُحَمَدًا رَسُولُ اللَهِ يَا مُحَمَدُ وَاللَهِ‬
‫مَا كَانَ عَلَى الْأَ ْرضِ وَجْهٌ أَبْ َغضَ إِلَيَ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَ الْوُجُوهِ إِلَيَ وَاللَهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْ َغضَ إِلَيَ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَ الدِينِ إِلَيَ وَاللَهِ مَا‬
‫كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْ َغضُ إِلَيَ مِنْ بَلَدِاَ فَأَصْبَحَ بَلَدُاَ أَحَبَ الْبِلَادِ إِلَيَ وَإِنَ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى فَبَشَرَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأَمَرَهُ أَنْ‬
‫يَعْتَمِرَ فَلَمَا قَدِمَ مَكَةَ قال‪ :‬لَهُ قَائِلٌ صَبَوْتَ قال‪ :‬لَا وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَدٍ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَلَا وَاللَهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَةُ حِنْطَةٍ حَتَى يَأْذَنَ فِيهَا‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‬ ‫النَبِ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الخصومات‪ ،‬المغازي‪.‬‬
‫الصابئ الشخص الذي يخرج من دين إلى غيره‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬نجل‪ :‬موضع قرب المسجد فيه ماء قليل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب هل يدخل الجنب يده في الماء قبل أن يغسلها‪ .‬حديث رقم (‪ )263‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ قالت‪ :‬كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫ن إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ)‪.‬‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪،‬‬
‫والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪ ،‬اإلعتكاف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ي‬‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ذكر النهي عن اإلغتسال بفضل الجنب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 235‬بلفظ (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَحْمَنِ قَالَ لَقِيتُ رَجُلًا صَحِبَ النَبِ َ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أَرْبَعَ سِنِينَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ أَوْ‬
‫يَغْتَسِ َل الرَجُ ُل بِفَضْلِ الْمَرْأَ ِة وَالْمَرْأَ ُة بِفَضْ ِل الرَجُلِ وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرحه أبوداود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6(:‬‬
‫‪41‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬نواقض الوضوء‬

‫الوضوء مما يخرج من اإلنسان‬ ‫‪‬‬


‫الوضوء من النوم‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء من لمس المرأة‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء من مس الفرج‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء من أكل ما مست النار‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء من الضحك في الصالة‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء من حمل الميت‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء من زوال العقل‬ ‫‪‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬نواقض الوضوء‬

‫الوضوء مما خيرج من اإلنسان‬


‫الصحيح‪ :‬أن نواقض الوضوء ما هي إال ما ذكرتها األحاديث الصحيحة وال عبرة بما يخرج من جسم اإلنسان من غير الفرجين في نقض‬
‫الوضوء‪ ،‬والذي ينقض الوضوء خروجه من الفرجين هو غائط اإلنسان وبوله والمذي والودي والريح (الفساء أو الضراط) وهذه األشياء‬
‫حتَى َي َتوَضَأَ)(‪ )3‬فكل واحد من هذه األشياء التي تخرج من فرج اإلنسان‬ ‫حدَثَ َ‬‫هي تفسير الحدث في حديث النبي ‪( ‬لَا تُ ْق َبلُ صَلَاةُ َمنْ أَ ْ‬
‫هو ناقض للوضوء بذاته‪ ،‬والدم إذا خرج من الفرجين فاألحوط قياسه على البول والغائط وجعله ناقضا من نواقض الوضوء‪ ،‬وأما ما‬
‫يخرج من اإلنسان من غير الفرجين كالرعاف ونحوه فال ينقض الوضوء‪ ،‬والشوكاني في جميع مؤلفاته رد النصوص الضعيفة أو‬
‫ال باألصل‪،‬‬‫القياسات‪ ،‬ومذهبه أن جميع ما يخرج من اإلنسان مما لم يرد به دليل خاص بكونه ناقضاً للوضوء فكلها ال تنقض الوضوء عم ً‬
‫واألصل عدم النقض وحديث القيء(‪)2‬وهو بلفظ (أنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ َف َت َوضَأ) عارضه في الصوم حديث ( َمنْ‬
‫ستَقَاءَ فَ ْليَقْضِ)(‪)3‬حيث دل الحديث على أن تعمد الصائم لخروج القيئ هوالذي يبطل‬ ‫ذَ َرعَهُ قَيْءٌ وَ ُهوَ صَائِمٌ فَ َليْسَ عََليْهِ قَضَاءٌ‪ ،‬وَِإنْ ا ْ‬
‫الصيام وأن خروج القيئ بغير عمد اليبطل الصيام واليوجب القضاء وكذا إجماله في الصيام وفي الوضوء يوجب عدم العمل به في نقض‬
‫الوضوء من خروج القيء عمدا أوبغير عمد لضعف االستدالل بالحديث لإلجمال الدي فيه ‪ ،‬هذا الحديث اليقوى على معارضة أصل عدم‬
‫النقض ألنه ال ينقل عن األصل إال دليل صحيح صريح خال عن المعارضة‪ ،‬وال اعتبار بمخرج وال خارج لم يدل عليه دليل صحيح‬
‫صريح خاص بكونه ناقضاَ من نواقض الوضوء‪ ،‬واألصل في الدليل الخاص أن يحمل على الموضع الخاص به وال يحمل على العموم‬
‫وال داللة في حديث القيء أو االستحاضة على عموم الخارج أو المخرج من جسم اإلنسان في نقض الوضوء‪.‬‬
‫الوضوء من النوم‬
‫الصحيح‪ :‬أن النوم ينقض الوضوء في حالة الركوع أو السجود أثناء الصالة أو االضطجاع وفي جميع األحوال إال في حالة نوم الجالس‬
‫الممكن مقعدته من األرض‪ ،‬دليل هذا القول حديث (أن رسول اهلل ‪ ‬شغل عنها‪ ،‬أي عن صالة العشاء ليلة فأخرها حتى رقدنا في‬
‫حدٌ ِمنْ أَ ْهلِ الْأَ ْرضِ َينْتَّظِرُ الصَلَاةَ غَيْرُكُمْ) (‪ )4‬في هذا‬
‫المسجد ثم استيقّظنا ثم رقدنا ثم استيقّظنا ثم خرج علينا النبي ‪ ‬ثم قال‪َ :‬ليْسَ أَ َ‬
‫الحديث داللة على أن الصحابة كانوا ينامون جلوساً ويصلون العشاء بدون أن يتوضؤوا من نومهم جلوساً‪ ،‬واألحاديث التي تفيد وجوب‬
‫الوضوء من مطلق النوم تحمل على حالة من نام مضطجعاً أو وهو غير ممكن مقعدته من األرض لحديث (إِنَ ا ْل ُوضُوءَ لَا يَجِبُ إِلَا عَلَى‬
‫ستَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ)(‪ )5‬الحديث وإن كان األلباني ضعفه في ضعيف سنن ابن ماجه إال أنه موافق لمعنى‬ ‫َمنْ نَامَ ُمضْطَجِعًا فَِإنَهُ ِإذَا اضْطَجَعَ ا ْ‬
‫الحديث الصحيح المتفق عليه في أنهم كانوا ينامون وهم منتظرون لصالة العشاء ولم يحدث من نام منهم وضوء جديدا لصالة العشاء‪.‬‬
‫الوضوء من ملس املرأة‬
‫الصحيح‪ :‬أن لمس الرجل للمرأة أو لمس المرأة للرجل ال يكون ناقضاً للوضوء سواء كانت المرأة زوجة الالمس أو غير زوجته وسواءً‬
‫(‪)6‬‬
‫ستُمُ النِسَاء}ا‬
‫كان اللمس بشهوة أو بغير شهوة ألنه ال دليل على نقض الوضوء من اللمس‪ ،‬والمراد بالمالمسة في قولة تعالى {أوْ الَمَ ْ‬
‫هي كناية عن الجماع‪ ،‬وليس المراد بالمالمسة مالصقة بشرة الرجل للمرأة أو العكس ال بلذة وال بغير لذة اللهم إال إذا لمس الرجل المرأة‬
‫وخرج منه مني فإن خروج المني يوجب الغسل أو خرج منه مذي فإن خروج المذي ينقض الوضوء وقرائن صرف لفظ (اللمس) من‬
‫المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي بتقبيل النبي ‪ ‬أم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها وخروجه للصالة من دون أن يتوضأ بسبب‬
‫صَلَى‬ ‫‪‬‬ ‫مالمسة فمه لجسم أم المؤمنين عائشة‬
‫(‪)7‬‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َق َبلَ بَ ْعضَ نِسَائِهِ‪ ،‬ثُمَ خَرَجَ إِلَى الصَلَاةِ وَلَمْ َيتَ َوضَأْ) في هذا الحديث داللة واضحة على أن المراد بلفظ المالمسة في‬
‫اآلية الكريمة هو المعنى المجازي وليس المعنى الحقيقي‪ ،‬والقرينة الثانية هي غمز النبي ‪ ‬لرجل أم المؤمنين عائشة رضي اهلل غنها‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب ال يقبل اهلل صالة بغير طهور‪ .‬حديث رقم (‪ )135‬بلفظ (عَنْ هَمَامِ بْنِ مُنَبِهٍ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‪ :‬قال‪ :‬رَسُولُ اللَهِ‬
‫ث يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قال‪ :‬فُسَا ٌء أَ ْو ضُرَاطٌ)‪.‬‬
‫ث حَتَى يَتَوَضَأَ‪ ،‬قال‪ :‬رَجُ ٌل مِنْ حَضْرَمَوْتَ‪ :‬مَا الْحَدَ ُ‬ ‫ن أَحْدَ َ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا تُقْبَ ُل صَلَاةُ مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 57‬بلفظ (عَنْ أَبِي الدَرْدَاءِ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَاءَ‬
‫ت لَهُ وَضُوءَهُ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ك لَ ُه فَقال‪ :‬صَدَقَ أَنَا صَبَبْ ُ‬ ‫ق فَذَكَرْتُ ذَلِ َ‬‫ن فِي مَسْجِدِ دِمَشْ َ‬ ‫ت ثَوْبَا َ‬
‫فَأَفْطَرَ فَتَوَضَأَ‪ ،‬فَلَقِي ُ‬
‫أخرجه أبو داود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪ - 3‬سنن أبي داود ‪ :‬كتاب الصوم ‪ :‬باب الصائم يستقي عمدا ‪ .‬حديث رقم(‪ )2350‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ ذَرَعَهُ‬
‫قَيْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ‪ ،‬وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ) صححه األلباني في صحيح أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصوم ‪ ،‬وابن ماجه في الصيام ‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم ‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬ذرعه ‪ :‬غلبه وسبقه في الخروج‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب النوم قبل العشاء لمن غلب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 575‬بلفظ (عن عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَرَهَا حَتَى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ‪ ،‬ثُمَ اسْتَيْقَّظْنَا‪ ،‬ثُمَ رَقَدْنَا‪ ،‬ثُمَ اسْتَيْقَّظْنَا‪ ،‬ثُمَ خَرَجَ عَلَيْنَا ا لنَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ثُمَ قال‪ :‬لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ‬
‫يَنْتَّظِ ُر الصَلَاةَ غَيْرُكُمْ)‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي ‪ :‬كتاب الطهارة ‪ :‬باب ماجاء في الوضوء من النوم‪ .‬حديث رقم(‪)77‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ أَنَهُ رَأَى النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ‬
‫ت ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنَكَ قَدْ نِمْتَ ‪ ،‬قَالَ ‪ :‬إِنَ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ إِلَا عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا فَإِنَهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ)‬ ‫حَتَى غَطَ أَوْ نَفَخَ ثُمَ قَامَ يُصَلِي‪ ،‬فَقُلْ ُ‬
‫أخرجه أحمد في مسند ومن بني هاشم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ ‪ :‬الغطيط ‪ :‬الصوت المرتفع أثناء النوم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6(:‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في ترا الوضوء من القبلة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 56‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَبَلَ بَ ْعضَ نِسَائِهِ‪ ،‬ثُ َم‬
‫ي إِلَا أَنْتِ قَ الَ‪ :‬فَضَحِكَتْ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ج إِلَى الصَلَا ِة وَلَ ْم يَتَوَضَأْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬مَنْ هِ َ‬ ‫خَرَ َ‬
‫أخرجه النسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫حينما كان يصلي في صالة الليل في بيته وهي معترضة أمامه في مصاله‪ ،‬وفيه داللة على أن لمس الرجل للمرأة ال ينقض الوضوء‪ ،‬لفظ‬
‫ط ُتهُمَا‬
‫جدَ غَمَ َزنِي فَ َق َبضْتُ رِجْلَيَ فَِإذَا قَامَ بَسَ ْ‬
‫الحديث ( ُكنْتُ َأنَامُ َب ْينَ َيدَيْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَرِجْلَايَ فِي ِقبَْلتِهِ فَِإذَا سَ َ‬
‫قَالَتْ‪ :‬وَا ْل ُبيُوتُ َيوْ َم ِئذٍ َليْسَ فِيهَا َمصَابِيح)(‪ )3‬ومعنى الحديث أن النبي ‪ ‬كان يلمس رجل عائشة بيده وهو يصلي لترفعها من مكان‬
‫سجوده وال يتوضأ بسبب لمسه رِجل أ م المؤمنين رضي اهلل عنها‪ ،‬والعرب يطلقون اللفظ ويريدون به معنى واحدا‪ ،‬إما الحقيقة وإما‬
‫المجاز‪ ،‬ألنه ال يمكن إطالق اللفظ على المعنيين في وقت واحد‪.‬‬
‫الوضوء من مس الفرج‬
‫الصحيح‪ :‬أن مس الذكر ناقض للوضوء إذا كان بدون حائل لتواتر حديث بسرة رضي اهلل عنها من طريق عدد من الصحابة وهو بلفظ‬
‫حتَى َي َت َوضَأ)(‪ )2‬الحديث يدل بمنطوقه على أن مس اإلنسان لذكره أو لفرجه بدون حائل وهو متوضئ ينقض‬ ‫صلِ َ‬ ‫( َمنْ مَسَ ذَكَ َرهُ فَلَا ُي َ‬
‫وضوء نفسه‪ ،‬ويدل بمفهومه على أن مس اإلنسان لذكر أو فرج غيره وهو متوضئ ال ينقض وضوءه‪ ،‬وذلك كمس المرأة لذكر أو فرج‬
‫ابنها الصغير أو ابنتها الصغيرة‪،‬وكمس المرأة المولِدة لفرج المرأة التي تساعدها على الوالدة‪ ،‬وكمس الرجل المغسِل لفرج الميت أو‬
‫المرأة المغسلة لفرج الميتة‪ ،‬وكمس الطبيب المعالج لذكر أو فرج اإلنسان المريض‪ ،‬ولكن مس فرج الرجل أو المرأة األجنبيين حرام وال‬
‫يحل إال لضرة العالج أو المساعدة على الوالدة أو تغسيل الميت أو الميتة ونحوها من الضرورات ويجب على الطبيب المعالج وعلى‬
‫المرأة التي تساعد على الوالدة وعلى من يغسل الميت أو الميتة وضع حائل على اليد عند مس فرج الغير‪ ،‬وقد ورد حديث بلفظ (من مس‬
‫فرجه فليتوضأ)(‪ .)1‬والفرج أعم من الذكر فهو يعم الذكر والدبر ويعم فرج الرجل وفرج المرأة للعموم في االسم الموصول (من) ولعل‬
‫الحكمة من منع لمس الفرج بعد الوضوء هي قطع الشك ممن يتشكك بخروج شيء من فرجه بعد الوضوء‪ ،‬وحديث طلق ابن على بلفظ‬
‫(وَ َهلْ ُهوَ إِلَا ُمضْغَةٌ ِم ْنكَ َأوْ بَضْعَةٌ ِم ْنكَ)(‪ )4‬كان في أول اإلسالم وحديث بسرة متأخر فهو أرجح فيجب العمل به لتواتره وتأخر صدوره‬
‫عن النبي ‪.‬‬
‫الوضوء من أكل ما مست النار‬
‫الصحيح‪ :‬أن كل ما مسته النار ال ينقض الوضوء ألن األحاديث التي فيها األمر بالوضوء مما مسته النار منسوخة بحديث (كَانَ آخِرَ‬
‫غيَرَتْ النَارُ)(‪ )5‬ويستثنى أكل لحم اإلبل فإنه ناقض للوضوء لدليل خاص‬ ‫الْأَمْ َر ْينِ ِمنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ تَ ْراُ ا ْل ُوضُوءِ مِمَا َ‬
‫شئْتَ فَلَا َت َوضَأْ‪،‬‬ ‫شئْتَ َف َت َوضَأْ‪ ،‬وَِإنْ ِ‬
‫به وهو حديث ( َأنَ رَجُلًا سََألَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ََأتَ َوضَأُ ِمنْ لُحُومِ الْ َغنَمِ؟ قال‪ِ ::‬إنْ ِ‬
‫قال‪َ ::‬أ َت َوضَأُ ِمنْ لُحُومِ الْإِ ِبلِ؟ قال‪ ::‬نَعَمْ‪َ ،‬ف َت َوضَأْ ِمنْ لُحُومِ الِْإبِلِ‪ ،‬قال‪ُ :‬أصَلِي فِي مَرَابِضِ الْ َغنَمِ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قال‪ُ :‬أصَلِي فِي َمبَا ِراِ الِْإ ِبلِ؟‬
‫غيَرَتْ النَارُ)(‪ )7‬عام لكل شيء يؤكل من‬ ‫قال‪ :‬لَا)(‪ )6‬وحديث ( كَانَ آخِرَ الْأَمْ َر ْينِ ِمنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬تَ ْراُ ا ْل ُوضُوءِ مِمَا َ‬
‫جميع أنواع اللحوم ومن جميع المطعومات‪ ،‬سواء كان اللحم لحم إبل أو بقر أو غنم أو دجاج أو سمك أو غيره من أنواع اللحوم‪ ،‬وسواء‬
‫كان المطعوم قمحاً أو شعيراً أو ذرة أو غيره من المطعومات‪ ،‬وحديث (َأ َت َوضَأُ ِمنْ لُحُومِ الِْإ ِبلِ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪َ ،‬ف َت َوضَأْ ِمنْ لُحُومِ الْ ِإ ِبلِ) خاص‬
‫فيعمل بالخاص فيما تناوله وهو نقض الوضوء من أكل لحوم اإلبل‪ ،‬وبالعام في الباقي وهو عدم نقض الوضوء من أكل ما مسته النار من‬
‫المطعومات األخرى‪.‬‬
‫الوضوء من الضحك يف الصالة‬
‫الصحيح‪ :‬أن الضحك في الصالة ال ينقض الوضوء ألنه ال عالقة بين الضحك وبين نقض الوضوء‪ ،‬والحديث الدال على نقض الوضوء‬
‫من الضحك مرسل‪ ،‬والحديث المرسل من األحاديث الضعيفة التي ال يجوز العمل بها في إثبات األحكام الشرعية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ت‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب ما يجوز من العمل في الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ )1201‬بلفظ ( عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنَهَا قالت‪ :‬كُنْ ُ‬
‫س فِيهَا مَصَابِيحُ)‪.‬‬ ‫ت يَوْمَئِذٍ لَيْ َ‬
‫ت رِجْلَيَ‪ ،‬فَإِذَا قَا َم بَسَطْتُهُمَا قالت‪ :‬وَالْبُيُو ُ‬
‫ي فِي قِبْلَتِهِ‪ ،‬فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْ ُ‬
‫ن يَدَيْ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬وَرِجْلَا َ‬ ‫أَنَا ُم بَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ .‬وأ بوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬اإلستئذان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الغمز‪ :‬المس برؤوس األصابع‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء من مس الذكر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 52‬بلفظ (عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قال‪ :‬مَنْ مَسَ ذَكَ َرهُ‬
‫فَلَا يُصَلِ حَتَى يَتَوَضَأَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في من مسند القبائل‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الطهارة وسننها‪ .‬باب الوضوء من مس الذكر‪ .‬حديث رقم (‪ )315‬بل فظ (عَنْ أُمِ حَبِيبَةَ قالت‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن مَسَ فَرْجَ ُه فَلْيَتَوَضَأْ) صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬ ‫يَقُولُ‪ :‬مَ ْ‬
‫انفرد به ابن ماجة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ترا الوضوء من ذلك‪ .‬حديث رقم (‪ ) 165‬بلفظ (عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقِ بْنِ عَلِي عَنْ أَبِيهِ قال‪ :‬خَرَجْنَا وَفْدًا حَتَى قَدِمْنَا عَلَى‬
‫رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَيْنَا مَعَهُ‪ ،‬فَلَمَا قَضَى الصَلَاةَ جَاءَ رَجُلٌ كَأَنَهُ بَ دَوِيٌ فَقال‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ مَسَ ذَكَرَهُ فِي الصَلَاةِ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ك أَ ْو بَضْعَةٌ مِنْكَ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَهَ ْل هُ َو إِلَا مُضْغَةٌ مِنْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪.‬‬
‫بضعة‪ :‬قطعة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المضغة‪ :‬القطعة من اللحم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في ترا ما مست النار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 115‬بلفظ (عَنْ جَابِرٍ قال‪ :‬كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ت النَارُ)‪.‬صححه األ لباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ا الْوُضُوءِ مِمَا غَيَرَ ْ‬ ‫تَرْ ُ‬
‫أخرجه البخاري في األطعمة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬ك تاب الحيض‪ :‬باب الوضوء من لحوم اإلبل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 500‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫َأَتَوَضَأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قال‪ :‬إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَأْ‪ ،‬وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَأْ‪ ،‬ق ال‪ :‬أَتَوَضَأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قال‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَتَوَضَأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ‪ ،‬قال‪ :‬أُصَلِي فِي مَرَا ِبضِ الْغَنَمِ؟‬
‫ا الْإِبِلِ؟ قال‪ :‬لَا)‪.‬‬ ‫قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قال‪ :‬أُصَلِي فِي مَبَارِ ِ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المربض‪ :‬مأوى الغنم ومباركها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)115‬‬
‫‪43‬‬
‫الوضوء من محل امليت‬
‫سلَ‬
‫المراد بحمل الميت مباشرة يد الحامل لجثة الميت‪ ،‬وال يحال بين يد الحامل وبين جثة الميت خشب النعش أو نحوه لحديث( َمنْ غَ َ‬
‫سلْ وَ َمنْ حَمَلَهُ فَلْ َيتَ َوضَأْ)(‪ )3‬الحديث بعض العلماء ضعفه وبعض العلماء صححه‪ ،‬وممن صححه األلباني في صحيح سنن أبي‬
‫الْ َميِتَ فَ ْليَ ْغتَ ِ‬
‫داود‪ ،‬والراجح‪ :‬هو القول بمشروعية الوضوء لمن حمل الميت حمالً مباشراً لجثته وكفنه‪ ،‬ومن العلماء من حمل الحديث على الوضوء‬
‫اللغوي وهو غسل الكفين‪ ،‬واألولى الحمل على الوضوء الشرعي لتصحيح األلباني للحديث‪.‬‬

‫الوضوء من زوال العقل‬


‫ليس على مسألة نقض الوضوء من زوال العقل دليل ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬وإنما قاسه العلماء على النوم‪،‬‬
‫وجعلوه من قياس األولى مثل قوله تعالى { َفالَ تَقُل َلهُمَا أُف}(‪ )2‬فإذا كان منطوق اآلية الكريمة يحرم قول (أف) للوالدين على ولدهما‬
‫فباألولى يحرم عليه ضربهما ألن إيذائهما بالضرب أشد من إيذائهما بقول (أف)‪ ،‬وإذا كان النوم ناقضاً للوضوء فنقض الوضوء بزوال‬
‫العقل من باب أولى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬الجنائز‪ :‬باب في الغسل من غسل الميت‪ .‬حديث رقم (‪ )3161‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ غَسَلَ‬
‫ت فَلْيَغْتَسِ ْل وَمَنْ حَمَلَ ُه فَلْيَتَوَضَأْ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫الْمَيِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اإلسراء‪.)23( :‬‬
‫‪44‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬األفعال التي يشرتط الوضوء يف فعلها‬

‫الوضوء للصالة‬ ‫‪‬‬


‫الوضوء لمس المصحف‬ ‫‪‬‬
‫وضوء الجنب‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء للطواف‬ ‫‪‬‬
‫الوضوء للذكر‬ ‫‪‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬األفعال التي يشترط الوضوء في فعلها‬

‫الوضوء للصالة‬
‫الوضوء شرط من شروط صحة الصالة ال من شروط وجوبها‪ ،‬ألن شروط وجوب الصالة هي اإلسالم والتكليف والعقل‪ ،‬والوضوء‬
‫حدَثَ حَتَى َيتَ َوضَأَ)(‪ )3‬ويشترط الوضوء للصالة‪ ،‬وال تشترط الطهارة لسجود الشكر أو‬
‫شرط لصحة الصالة لحديث (لَا تُ ْق َبلُ صَلَاةُ َمنْ أَ ْ‬
‫سجود التالوة ألنه ال يسمى سجود الشكر أو التالوة صالة‪ ،‬ومن قال بذلك فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة‪.‬‬
‫الوضوء ملس املصحف‬
‫(‪)2‬‬
‫طهَرُونَ}‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز لإلنسان مس المصحف ولو كان على غير وضوء لالحتماالت الواردة على قوله تعالى {لَا يَمَسُهُ إِلَا الْ ُم َ‬
‫ومن االحتماالت الواردة على اآلية اآلتي‪:‬‬

‫االحتمال األول‪ :‬أن المراد بالقرآن القرآن المحفوظ في اللوح المحفوظ‪.‬‬

‫االحتمال الثاني‪ :‬أن المراد بالقرآن هو ما بين دفتي المصحف الشريف‪.‬‬

‫واالحتماالت الواردة على لفظ (المطهرون) هي‪:‬‬

‫أ‪ .‬المطهرون‪ :‬المراد بهم المالئكة‪.‬‬


‫ب‪ .‬المطهرون من بني آدم‪ :‬وقد يحتمل أن المراد بهم‪:‬‬
‫‪ -1‬المطهرون من الشرك والكفر‪.‬‬
‫‪ -2‬المطهرون من الحدث األكبر (الجنابة أو الحيض أو النفاس)‪.‬‬
‫‪ -3‬المطهرون من الحدث األصغر‬
‫‪ -4‬المطهرون من النجاسات الحسية‪.‬‬
‫ألن لفظ (طاهر ) مشترك بين عدة معان متعددة هي‪ :‬الشرك والكفر‪ ،‬والحدث األكبر‪ ،‬والحدث األصغر‪ ،‬والنجاسات الحسية‪ ،‬وال قرينة في‬
‫اآلية دالة على حمله على أحد معاني اللفظ المشترك‪ ،‬هذا باإلضافة إلى احتمال اآلية القرآنية ألن تكون (جملة خبرية) ال تفيد النهي عن‬
‫مس‬
‫(‪)1‬‬
‫يسقط االستدالل‪ ،‬وحديث (َأنْ لَا يَمَسَ الْقُرْآنَ إِلَا طَاهِرٌ) لفظ (طاهر) في الحديث لفظ مشترك بين عدة معاني هي‬
‫الشرك والكفر والجنابة والحيض والنفاس والحدث األكبر واألصغر والنجاسات الحسية‪ ،‬وال قرينة في الحديث تدل على حمل لفظ (طاهر)‬
‫على أحد معاني المشترك‪ ،‬وال يمكن حمل المشترك على أحد معانيه بدون قرينة تدل على إرادة الرسول ‪ ‬لذلك المعنى‪ ،‬وإذا وجد‬
‫االحتمال بطل االستدالل‪ ،‬وبناء على هذه االحتماالت المتعددة التي ترد على اآلية القرآنية وعلى الحديث فالظاهر جواز مس المصحف‬
‫لمن كان محدثاُ حدثاُ أصغر‪ ،‬وأما بالنسبة للمرأة الحائض فإنه يجوز لها أن تقرأ القرآن حال الحيض في الحاالت الضرورية مثل أن تكون‬
‫طا لبة في االمتحانات العامة ألنه من الضروري للطالبة في أيام االمتحانات المذاكرة وأن تحفظ المقرر عليها من القرآن الكريم لكي تنجح‬
‫في االمتحان‪ ،‬أو أن تكون معلمة لمادة القرآن الكريم فيجوز لها أن تقرأ القرآن الكريم لتعليم الطالبات بنية التعليم ال بنية التالوة التي‬
‫المقصود بها القربة إلى اهلل ‪ ،‬ومثل أن تكون طالبة في حلقة قرآنية أو في مؤسسة تعلم القرآن الكريم فيجوز لها أن تقرأ القرآن الكريم‬
‫بنية التعلم ال القربة إلى اهلل ‪ ،‬فهذه الحاالت الثالث يجوز للمرأة الحائض والنفساء أن تقرأ القرآن الكريم في إحدى هذه الحاالت الثالث‪،‬‬
‫ألنها لو امتنعت عن القراءة فيها ستتعرض للحرج إما في ترك االمتحانات العامة أو التعليم أو التعلم أيام الحيض وهي أيام كثيرة تسبب‬
‫للمرأة حرجاً وعسراً ومشقة‪ ،‬والشريعة جاءت لرفع الحرج والعسر والمشقة‪ ،‬قال تعالى {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ ا ْليُسْرَ وَالَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(‪ )4‬وإذا‬
‫اضطرت المرأة الحائض أو النفساء إلى لمس المصحف فيجوز لها أن تلمسه بحائل‪ ،‬أما الجنب فال يجوز له أن يقرأ القرآن أو يلمس‬
‫المصحف في حال الجنابة بل يجب عليه االغتسال قبل قراءة القرآن أو لمس المصحف ألنه ال مشقة وال عسر وال حرج في المنع من‬
‫قراءة القرآن أو لمس المصحف ألن وقت الجنابة قصير يستطيع الجنب أن يغتسل منه بسرعة‪ ،‬بخالف وقت الحيض أو النفاس الذي‬
‫يتطلب وقتاً كبيراً هو عدد من األيام التي يستلزمها خروج وانقطاع دم الحيض والنفاس‪.‬‬

‫وضوء اجلنب‬
‫الصحيح‪ :‬بأن من أراد أن يعاود الجماع وهو جنب أو يأكل أو يشرب وهو جنب فيجوز له ذلك وال إثم عليه‪ ،‬ألن األحاديث الواردة‬
‫بصيغة األمر قد صُرفت من الوجوب إلى الندب باألحاديث التي ذكرت أن النبي ‪ ‬كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء الوضوء أو‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)135‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الواقعة‪)71( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬موطأ مالك‪ :‬كتاب النداء للصالة‪ :‬باب الوضوء لمن مس القرآن‪ .‬حديث رقم(‪ ) 42‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ‪ ،‬أَنَ فِي الْكِتَابِ الَذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن إِلَا طَاهِرٌ)‪ .‬صححه األلباني قي صحيح الجامع الصغيربرقم (‪)7750‬‬ ‫س الْقُرْآ َ‬
‫ن لَا يَمَ َ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ‪ ،‬أَ ْ‬
‫انفرد به مالك‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪46‬‬
‫غيْرِ أَنْ يَمَسَ مَاءً)(‪ )3‬فيه داللة واضحة على نوم‬
‫جنُبٌ مِنْ َ‬
‫غسل الجنابة‪ ،‬ومنها حديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َينَامُ وَ ُهوَ ُ‬
‫النبي ‪ ‬وهو جنب من دون أن يتوضأ‪ ،‬وفعل النبي ‪ ‬صارف لصيغة األمر إلى الندب‪ ،‬واألفضل للجنب أن يتوضأ قبل أن ينام‪ ،‬ويغتسل‬
‫بعد االستيقاظ‪ ،‬واألفضل منه أن يغتسل قبل النوم‪ ،‬وإذا نام بغير وضوء وال غسل فهو مباح له‪ ،‬والندب في الوضوء لمعاودة الجماع هو‬
‫للرجل والمرأة‪ ،‬ألن النساء شقائق الرجال‪.‬‬

‫الوضوء للطواف‬
‫الصحيح‪ :‬أن الطواف يلحق بالصالة‪ ،‬ألن النبي ‪ ‬منع الحائض من الطواف أثناء الحيض‪ ،‬كما منعها من الصالة‪ ،‬لحديث عائشة (افعلي‬
‫ح ْولَ الْ َبيْتِ ِم ْثلُ الصَلَاةِ إِلَا َأنَكُمْ َتتَكَلَمُونَ فِيهِ‪ ،‬فَ َمنْ تَكَلَمَ‬ ‫كما يفعل الحاج‪ ،‬غير أن ال تطوفي بالبيت حتى تطهري)(‪ )2‬ولحديث ( ال َ‬
‫طوَافُ َ‬
‫فِيهِ فَلَا َيتَكَلَ َمنَ إِلَا بِخَيْرٍ)(‪ .)1‬فيه دليل على أن حكم الطواف مثل حكم الصالة في اشتراط الطهارة‪ ،‬والمراد بالكالم في الطواف الكالم‬
‫الضروري وإال فالطواف عبادة يشتغل فيه الطائف باإلكثار من الدعاء والذكر وتالوة القرآن وغيره من الكالم الذي فيه قربة هلل ‪.‬‬

‫الوضوء للذكر‬
‫الصحيح‪ :‬أن فعل النبي ‪ ‬حينما لقيه رجل فسلم عليه ‪ ‬فلم يرد عليه النبي ‪ ‬حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه‪ ،‬ثم رد عليه‬
‫جلٌ فَسَلَمَ عََليْهِ‪ ،‬فَلَمْ يَ ُردَ عََليْهِ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‬
‫حوِ ِبئْرِ جَ َملٍ فَلَ ِقيَهُ رَ ُ‬
‫السالم لفظ الحديث ( أَ ْق َبلَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ نَ ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫جهِهِ َو َي َديْهِ‪ ،‬ثُمَ َردَ عََليْهِ السَلَامَ) الحديث يدل على الندب‪ ،‬وال يدل على الوجوب‪ ،‬وعلى مدعي‬ ‫جدَارِ فَمَسَحَ ِبوَ ْ‬ ‫حتَى أَ ْقبَلَ عَلَى الْ ِ‬
‫َ‬
‫الوجوب الدليل الصحيح الصريح‪ ،‬واألفضل أن يكون اإلنسان في حالة قراءة القرآن وذكر اهلل ‪ ‬على وضوء لفعل رسول اهلل ‪ ‬حينما‬
‫أقبل على الجدارليتيمم قبل رد السالم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬في الجنب يؤخر الغسل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 225‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ قالت‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَنَامُ وَ هُوَ جُنُبٌ مِنْ‬
‫س مَاءً)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن يَمَ َ‬ ‫غَيْ ِر أَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الجنب‪ :‬من وجب عليه الغسل بعد التقاء الختانين أوالقذف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب تقضي الحائض المناسك كلها إال الطواف بالبيت والسعي‪ .‬حديث رقم (‪ )650‬بلفظ (عن عائشة رضي اهلل عنها أنها قالت‪:‬‬
‫قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت وال بين الصفا والمروة‪ ،‬قالت‪ :‬فشكوت ذلك إلى رسول اهلل ‪ ، ‬قال‪ :‬افعلي كما يفعل الحاج‪ ،‬غير أن ال تطوفي بالبيت حتى‬
‫تطهري)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك ‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في‬
‫المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الطمث‪ :‬الحيض‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ما جاء في الكالم في الطواف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 160‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قال‪ :‬الطَوَافُ حَوْلَ‬
‫ن إِلَا بِخَيْرٍ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن تَكَلَ َم فِي ِه فَلَا يَتَكَلَمَ َ‬
‫ت مِثْ ُل الصَلَا ِة إِلَا أَنَكُ ْم تَتَكَلَمُونَ فِيهِ‪ ،‬فَمَ ْ‬ ‫الْبَيْ ِ‬
‫أخرجه الدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التيمم‪ :‬باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 337‬بلفظ (عَنْ الْأَعْرَجِ قال‪ :‬سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قال‪ :‬أَقْبَلْتُ‬
‫أَنَا وَعَبْدُ اللَهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬حَتَى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِمَةِ الْأَنْصَارِيِ‪ ،‬فَقال‪ :‬أَبُو الْجُهَيْمِ الْأَنْصَارِيُ‪:‬‬
‫أَقْبَلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَمَ عَلَيْهِ‪ ،‬فَلَمْ يَرُدَ عَلَيْهِ ال َنبِيُ صَ لَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَتَى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ‪ُ ،‬ث َم‬
‫رَدَ عَلَيْ ِه السَلَامَ)‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬الغسل‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬الغسّل ومشروعيته‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬موجبات الغسّل‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث ‪ :‬أحكام الجنابة والحيض‬

‫‪48‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تعريف الغسل ومشروعيته‬
‫تعريف الغسل‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية الغسل‬ ‫‪‬‬
‫دخول الطهارة الصغرى تحت الطهارة الكبرى‬ ‫‪‬‬
‫دلك الجسد‬ ‫‪‬‬
‫النية في الغسل‬ ‫‪‬‬
‫المضمضة واالستنشاق في الغسل‬ ‫‪‬‬
‫تخليل الرأس‬ ‫‪‬‬
‫الترتيب والمواالة في الغسل‬ ‫‪‬‬

‫‪49‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬الغسل‬

‫الفصل األول‪ :‬تعريف الغسل ومشروعيته‬

‫تعريف الغسل‬
‫الغسل (لغة)‪ :‬بضم الغين مصدر لالغتسال يعني الفعل‪.‬‬

‫الغسل (شرعاً)‪ :‬تعميم جميع البدن بالماء‪.‬‬

‫مشروعية الغسل‬
‫(‪)3‬‬
‫طهَرُواْ} وأما من السنة فحديث (كانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه‬ ‫جنُباً فَا َ‬
‫الغسل مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫ظنَ َأنَهُ َقدْ أَرْوَى بَشَ َرتَهُ‬ ‫غتَسَلَ ثُمَ يُخَِللُ ِب َي ِدهِ شَعَ َرهُ حَتَى ِإذَا َ‬
‫سلَ َي َديْهِ َو َتوَضَأَ ُوضُوءَهُ لِلصَلَاةِ‪ ،‬ثُمَ ا ْ‬‫جنَابَةِ غَ َ‬
‫سلَ ِمنْ الْ َ‬
‫غتَ َ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ ِإذَا ا ْ‬
‫حدٍ نَغْرِفُ ِمنْهُ‬
‫سلُ َأنَا وَرَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ِمنْ ِإنَاءٍ وَا ِ‬ ‫غتَ ِ‬
‫س ِدهِ وَقَالَتْ‪ُ :‬كنْتُ َأ ْ‬
‫سلَ سَائِرَ جَ َ‬
‫أَفَاضَ عََليْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬ثُمَ غَ َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪2‬‬
‫جَمِيعًا)( ) وحديث (إذا جلس بين شعبها األربع‪ ،‬ثم جهدها‪ ،‬فقد وجب الغسل) ‪.‬‬

‫دخول الطهارة الصغرى حتت الطهارة الكربى‬


‫ذهب جمهور العلماء الشافعية والمالكية والحنبلية إلى أن الطهارة الصغرى وهي الوضوء قد دخلت تحت الطهارة الكبرى وهي الغسل‬
‫الواجب‪ ،‬وأن من اغتسل غسالً واجباً فيكفيه عن الوضوء ألن الوضوء قد دخل تحت الغسل‪ ،‬وخالف في هذا الظاهرية فهم يقولون بعدم‬
‫جواز القول بدخول الطهارة الصغرى تحت الطهارة الكبرى‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن الطهارة الصغرى تدخل تحت الطهارة الكبرى لألحاديث‬
‫الصحيحة الكثيرة التي بينت غسل النبي ‪ ‬وكلها تفيد أن النبي ‪ ‬لم يكن يتوضأ بعد فراغه من أغسال الجنابة‪ ،‬وفعل النبي ‪ ‬في‬
‫طهَرُواْ}(‪ )4‬ولما لم يرد ذكر األمر بالوضوء علم أن‬ ‫جنُباً فَا َ‬
‫اغتساله من الجنابة هو بيان للطهارة الشرعية في قوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫طهَرُوا} هو االكتفاء بغسل الجنابة فقط وأن الوضوء قد دخل في االغتسال وأنه ال دليل على إيجاب‬ ‫الطهارة المرادة بقوله تعالى {فَا َ‬
‫الوضوء عقيب الغسل من الجنابة ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬هذا في األغسال الواجبة‪ ،‬أما في األغسال المستحبة‬
‫فإن الطهار ة الصغرى ال تدخل تحت الطهارة الكبرى لعدم وجود دليل يدل على االكتفاء بالغسل عن الوضوء ال من قول النبي ‪ ‬وال من‬
‫فعله وال من تقريره‪ ،‬فيبقى على األصل وهو وجوب الوضوء عند إرادة القيام للصالة عمالً بآية الوضوء وهي قوله تعالى {يَا َأيُهَا اَلذِينَ‬
‫آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ}‪.‬‬

‫دلك اجلسد‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب دلك ما يستطيع المغتسل دلكه من جسده ويعفى عن الجزء الذي لم يستطع دلكه لعجزه عن دلكه ويكتفي بإفاضة الماء‬
‫عليه‪ ،‬ويجب تعميم جميع أجزاء البدن بالماء‪ ،‬وال يعفى عن أي موضع في جسده عن التعميم بالماء‪ ،‬ودليل وجوب الدلك هو األحاديث‬
‫سلَ َي َديْهِ َو َت َوضَأَ‬‫جنَابَةِ غَ َ‬
‫سلَ مِنْ الْ َ‬ ‫الصحيحة المبينة لكيفية غسل النبي ‪ ‬من الجنابة (كانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِإذَا ا ْ‬
‫غتَ َ‬
‫سدِهِ‬‫سلَ سَائِرَ جَ َ‬ ‫ظنَ َأنَهُ َقدْ أَ ْروَى بَشَ َرتَهُ أَفَاضَ عََليْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬ثُمَ غَ َ‬
‫حتَى ِإذَا َ‬‫سلَ ثُمَ يُخَِللُ ِب َي ِدهِ شَعَ َرهُ َ‬
‫غتَ َ‬
‫ُوضُو َءهُ لِلصَلَاةِ‪ ،‬ثُمَ ا ْ‬
‫(‪)5‬‬
‫حدٍ نَغْرِفُ ِمنْهُ جَمِيعًا) وبلفظ (وضع رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫سلُ َأنَا وَرَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ ِإنَاءٍ وَا ِ‬ ‫غتَ ِ‬
‫وَقَالَتْ‪ُ :‬كنْ تُ َأ ْ‬
‫وسلم‪ ،‬وضوء الجنابة‪ ،‬فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثالث‪ ،‬ثم غسل فرجه‪ ،‬ثم ضرب يده باألرض ‪ -‬أو الحائط – مرتين أو ثالثا‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6(:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يعد غسل مواضع الوضوء مرة أخرى‪ .‬حديث رقم (‪ )272‬بلفظ (عَنْ‬
‫عَائِشَةَ قالت‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَوَضَأَ وُضُوءَهُ لِل صَلَاةِ‪ ،‬ثُمَ اغْتَسَلَ‪ ،‬ثُمَ يُخَلِلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ حَتَى إِذَا ظَنَ أَنَهُ‬
‫قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬ثُمَ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ‪ ،‬وَقالت‪ :‬كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ‬
‫جَمِيعًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الغسل والتيمم‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ .‬والدرامي في الطهارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحي ح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب إذا التقى الختانان‪ .‬حديث رقم (‪ )252‬بلفظ (عن أبي هريرة عن النبي ‪ ‬قال‪ :‬إذا جلس بين شعبها األربع‪ ،‬ثم جهدها‪ ،‬فقد‬
‫وجب الغسل)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جهدها‪ :‬كناية عن الجماع‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6(:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يعد غسل مواضع الوضوء مرة أخرى‪ .‬حديث رقم (‪ )272‬بلفظ (عَنْ‬
‫عَائِشَةَ قالت‪ :‬كَانَ رَسُولُ ا للَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَوَضَأَ وُضُوءَهُ لِلصَلَاةِ‪ ،‬ثُمَ اغْتَسَلَ‪ ،‬ثُمَ يُخَلِلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ حَتَى إِذَا ظَنَ أَنَهُ‬
‫قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَ لَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬ثُمَ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ‪ ،‬وَقالت‪ :‬كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ‬
‫جَمِيعًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الغسل والتيمم‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ .‬والدرامي في الطهارة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫ثم مضمض واستنشق‪ ،‬وغسل وجهه وذراعيه‪ ،‬ثم أفاض على رأسه الماء‪ ،‬ثم غسل جسده‪ ،‬ثم تنحى فغسل رجليه‪ ،‬قالت‪ :‬فأتيته بخرقة‬
‫فلم يرده‪ ،‬فجعل ينفض بيده)(‪ )3‬ولفظ (غسل سائر جسده) ولفظ (غسل جسده) في الحديثين يفيد أن النبي ‪ ‬كان يفيض الماء على جسده‬
‫مع ا لدلك‪ ،‬ألن حقيقة الغسل الشرعي هي تعميم البدن بالماء مع الدلك‪ ،‬كما هي حقيقة غسل أعضاء الوضوء في الوضوء‪ ،‬وال يجزئ‬
‫صب الماء فقط على أعضاء الوضوء في الوضوء من دون دلك‪ ،‬وال يسمى وضوء شرعياً‪ ،‬كما ال يجزئ صب الماء على جسد اإلنسان‬
‫من دون دلك في الغسل‪ ،‬وال يسمى غسالً شرعياً ألن حقيقة الغسل الشرعي البد فيها من دلك الجسد مع إفاضة الماء عليه‪ ،‬وعلى هذا‬
‫المعنى تحمل الروايات التي فيها أفاض الماء على جسده أو صب الماء عليه أي أنه أفاض الماء على جسده مع الدلك أو صب الماء مع‬
‫طهَرُواْ}(‪ )2‬فدلك المغتسل لما يستطيع من جسده مع التعميم‬
‫جنُباً فَا َ‬
‫الدلك‪ ،‬وأن غسل الجسد هي الطهارة المرادة بقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫بالماء واجب لقوله تعالى {فَاطَهَرُواْ} وال تتم حقيقة الطهارة الشرعية وامتثال أمر اهلل بها إال بإفاضة المغتسل الماء على جميع بدنه مع‬
‫دلك ما يستطيع من جسده‪.‬‬

‫النية يف الغسل‬
‫الصحيح‪ :‬أن النية شرط لصحة الغسل لحديث (إنما األعمال بالنيات)(‪( )1‬األلف والالم) في الحديث للعموم فهي تعم جميع األعمال‪،‬‬
‫وتشترط النية لصحة جميع األعمال ومنها الوضوء والغسل والتيمم‪ ،‬ومن سبح أو اغتسل في البحر أو في أي ماء وهو جنب ولم ينو‬
‫بسباحته أو غسله رفع ا لجنابة فال ترتفع الجنابة عنه لعدم النية ألن النية شرط لصحة الغسل‪ ،‬وكذا من سبح أو اغتسل في البحر أو في أي‬
‫ماء سواء كانت السباحة في نهر أو سد أو في بركة أو مسبح أو نحوه في يوم الجمعة ولم ينو به غسل الجمعة فال تعد سباحته االغتسال‬
‫المشروع ليوم الجمعة لعدم الني ة‪ ،‬والنية شرط لصحة غسل يوم الجمعة وكل غسل مشروع سواءً كان مشروعاً على جهة الوجوب أو‬
‫الندب‪ ،‬وأما الرد على من قال بعدم شرطية النية لكونها من الوسائل ال من المقاصد فقد سبق في باب الوضوء وهو نفسه في باب الغسل‪،‬‬
‫فليرجع إليه‪.‬‬

‫املضمضة واالستنشاق يف الغسل‬


‫الصحيح‪ :‬أن المضمضة واالستنشاق واجبان في الغسل سواءً كان الغسل لحيض أو نفاس أو جنابة‪ ،‬الدليل األحاديث الصحيحة التي بينت‬
‫فيها أم المؤمنين ميمونة رضي اهلل عنها أفعال النبي ‪ ‬في غسله من الجنابة‪ ،‬ومنها أنه كان ‪ ‬يتمضمض ويستنشق في غسله من‬
‫طهَرُواْ}(‪ )4‬وأفعال النبي‬ ‫الجنابة‪ ،‬وأفعال النبي ‪ ‬في غسله من الجنابة هي بيان لألمر المجمل بالطهارة في قوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫جنُبًا فَا َ‬
‫‪ ‬في بيان الواجب المجمل تفيد الوجوب‪ ،‬ومن األحاديث التي بينت أفعال النبي ‪ ‬في غسل الجنابة (عن ابن عباس ‪ ‬قال‪ :‬حدثتنا‬
‫ميمونة رضي اهلل عنها‪ ،‬قالت‪ :‬صبيت للنبي ‪ ‬غسالً فأفرغ بيمينه على يساره فغسلهما ثم غسل فرجه ثم قال بيده األرض فمسحها‬
‫بالتراب ثم غسلها ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه فأفاض على رأسه‪ ،‬ثم تنحى فغسل قدميه)(‪.)5‬‬

‫وال معارضة بين األحاديث المبينة ألفعال النبي ‪ ‬في غسل الجنابة وبين حديث أم سلمة المجمل ألن األحاديث المبينة هي تفسير‬
‫لإلجمال في األمر بالطهارة في القرآن الكريم وفي حديث أم سلمة في حكاية طهارة النبي ‪ ‬من الجنابة‪.‬‬

‫ختليل الرأس‬
‫الصحيح‪ :‬أن تخليل شعر الرأس واجب لتخليل النبي ‪ ‬شعر رأسه بيده حتى يغلب على ظنه أنه قد أروى بشرة رأسه في غسله من‬
‫سلَ‬
‫حتَى ِإذَا ظَنَ َأنَهُ َقدْ أَ ْروَى بَشَ َرتَهُ أَفَاضَ عََليْهِ ا ْلمَاءَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬ثُمَ غَ َ‬ ‫الجنابة‪ ،‬هذا التخليل مذكور في حديث (ثُمَ يُخَِللُ ِب َي ِدهِ شَعَ َرهُ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫طهَرُواْ} وال تتم‬ ‫س ِدهِ)(‪ )6‬التخليل للشعر هو بيان لطهارة الرأس في غسل الجنابة الواجبة في قوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫جنُباً فَا َ‬ ‫سَائِرَ جَ َ‬
‫طهارة الرأس في األغسال الواجبة إال بتخليل الشعر حتى يظن المغتسل أنه قد أروى بشرة رأسه‪ ،‬دليل وجوب تخليل شعر الرأس هو‬
‫طهَرُواْ} وليس الحديث الضعيف الذي نصه (تحت كل شعرة جنابة‬ ‫فعل النبي ‪ ‬المبين لألمر المجمل في قوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫جنُباً فَا َ‬
‫فاغسلوا الشعر‪ ،‬وانقوا البشر) ألنه ال حجة في الحديث الضعيف وال يجوز العمل به في إثبات األحكام الشرعية‪ ،‬وقد ضعف الحديث‬
‫األلباني في ضعيف الترمذي برقم (‪.)316‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ميمونة رضي اهلل عنها برقم (‪.)274‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة " (‪)6‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا‬
‫الليثي يقول‪ :‬سمعت عمر بن الخطأب ‪ ‬على المنبر قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى دنيا‬
‫يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال‪ ،‬والمراد‪ :‬تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)6( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكر ه في هذا الباب من حديث ميمونة رضي اهلل عنها برقم (‪.)241‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪)272‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪51‬‬
‫الرتتيب واملواالة يف الغسل‬
‫الصحيح‪ :‬أن الترتيب و اجب والمواالة واجبة ألن الروايات الصحيحة الكثيرة التي بينت غسل النبي ‪ ‬تفيد أنه كان غس ً‬
‫ال مرتباً متوالياً‪،‬‬
‫وغسل النبي ‪ ‬بيان لألمر المجمل في قوله تعالى {فَا َ‬
‫طهَرُوا} وبيان المجمل يفيد الوجوب‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬موجبات الغسل‬

‫‪ ‬التقاء الختانين‬
‫‪ ‬الغسل من خروج المني‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬موجبات الغسل‬

‫التقاء اخلتانني‬
‫(‪)3‬‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب الغسل من التقاء الختانين وإن لم يحصل إنزال‪ ،‬لحديث (إذا جلس بين شعبها األربع‪ ،‬ثم جهدها‪ ،‬فقد وجب الغسل)‬
‫عثْمَانُ‪:‬‬
‫في الحديث داللة واضحة على وجوب الغسل من التقاء الختانين ولو لم يحصل إنزال‪ ،‬وأما حديث (أَرََأيْتَ ِإذَا جَامَعَ فَلَمْ يُ ْمنِ؟ قَالَ ُ‬
‫عنْ ذَِلكَ عَلِيًا وَال ُزبَيْرَ وَطَلْحَةَ‬
‫عثْمَانُ‪ :‬سَمِ ْعتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَسَأَلْتُ َ‬
‫سلُ ذَكَ َرهُ‪ ،‬قَالَ ُ‬
‫َي َت َوضَأُ كَمَا َي َتوَضَأُ لِلصَلَاةِ َويَغْ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ع ْنهُمْ فَأَمَرُوهُ ِبذَِلكَ) وحديث أبي بن كعب أنه قال‪( :‬يارسول اهلل‪ ،‬إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل؟ قال‪:‬‬ ‫وَُأبَيَ ْبنَ كَعْبٍ َرضِيَ اللَهُ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫يغسل ما مس منه‪ ،‬ثم يتوضأ ويصلي) فهما منسوخان بحديث التقاء الختانين الموجب للغسل وبإجماع الصحابة على وجوب الغسل من‬
‫التقاء الختانين ولو لم يحصل إنزال‪ ،‬ومعنى الحديث أنه كان رخصة في أول اإلسالم‪ ،‬وإذا التقى ذكر رجل مع دبر امرأة أو رجل فهل‬
‫يجب عليهما الغسل ؟ علماء الظاهر ومن وافقهم قالوا‪ :‬ال يجب على الرجل أو المرأة االغتسال ألن النبي ‪ ‬لم يذكر في الحديث إال القبل‬
‫ولم يذكر التقاء ذكر الرجل ودبر المرأة أو الرجل في الحديث‪ ،‬وهم ال يقولون‪ :‬بالقياس على التقاء الختانين‪ ،‬وجهور العلماء يقولون‪:‬‬
‫بوجوب الغسل مطلقاً سواء كان الفرج قبالً أم دبراً بالقياس على التقاء الختانين حتى أن علماء الهادوية يقولون‪ :‬بوجوب الغسل من التقاء‬
‫ذكر الرجل بفرج الحيوان‪ ،‬والغسل من التقاء ذكر الرجل ودبر المرأة هو رأي الجمهور قياساً على قبل المرأة‪ ،‬وإذا التقى ختان الزاني‬
‫بختان الزانية فهل يقام عليهما حد الزنى وإن لم يحصل إنزال ؟‪ ،‬قال العلماء‪ :‬نعم‪ .‬يجب أن يقام عليهما حد الزنى ولو لم يحصل إنزال‬
‫بقياس وجوب إقامة حد الزنى على وجوب الغسل من التقاء الختانين‪.‬‬

‫الغسل من خروج املني‬


‫خروج المني بشهوة يوجب الغسل بإجماع العلماء‪ ،‬وخروجه بغير لذة عند جمهور العلماء ال يوجب الغسل وعند الشافعي يوجب الغسل‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن خروج المني بغير لذة كخروجه بسبب برد أو مرض ال يوجب الغسل‪ ،‬ومن الموجبات المتفق عليها للغسل الجماع‪ ،‬وانقطاع‬
‫دم الحيض أو النفاس‪ ،‬وغسل الميت على األحياء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب إذا التقى الختانان‪ .‬حديث رقم (‪ )252‬بلفظ (عن أبي هريرة عن النبي ‪ ‬قال‪ :‬إذا جلس بين شعبها األربع‪ ،‬ثم جهدها‪ ،‬فقد‬
‫وجب الغسل)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جهدها‪ :‬كناية عن الجماع‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب من لم ير الوضوء إال من المخرجين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 171‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ‪ ،‬أَنَ زَيْدَ بْنَ خَا ِلدٍ‬
‫أَخْبَرَهُ‪ ،‬أَنَهُ سَأَلَ عُثْمَ انَ بْنَ عَفَانَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قُلْتُ‪ :‬أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ؟ قال‪ :‬عُثْمَانُ‪ :‬يَتَوَضَأُ كَمَا يَتَوَضَأُ لِلصَلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ‪ ،‬قال‪ :‬عُثْمَانُ‪ :‬سَمِعْتُهُ مِنْ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمْ فَأَمَرُو ُه بِذَلِكَ)‬
‫ك عَلِيًا وَالزُبَيْ َر وَطَلْحَ َة وَأُبَيَ بْنَ كَعْبٍ رَضِ َ‬
‫ن ذَلِ َ‬
‫رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَسَأَ لْتُ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫اطراف الحديث‪:‬الغسل‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أرأيت‪ :‬أخبرني‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب غسل ما يصيب من فرج المرأة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 213‬بلفظ (عن أبي بن كعب أنه قال‪ :‬يارسول اهلل‪ ،‬إذاجامع الرجل المرأة فلم‬
‫ينزل؟ قال‪ :‬يغسل مامس منه‪ ،‬ثم يتوضا ويصلي‪).‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬أحكام اجلنابة واحليض‬

‫‪ ‬دخول المسجد‬
‫‪ ‬مس الجنب المصحف‬
‫‪ ‬قراءة القرآن للجنب‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أحكام الجنابة والحيض‬

‫دخول املسجد‬
‫الةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَىَ تَعْلَمُواْ‬
‫صَ‬‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز للجنب دخول المسجد إال لعابر سبيل لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ الَ تَقْ َربُواْ ال َ‬
‫حتَىَ تَ ْغتَسِلُواْ}(‪ )1‬أي ال تقربوا مكان الصالة وهو المسجد أي ال تجلسوا في موضع الصالة وأنتم‬ ‫سبِيلٍ َ‬
‫جنُباً إِالَ عَابِرِي َ‬
‫مَا تَقُولُونَ وَالَ ُ‬
‫جنباً على تقدير حذف مضاف في اآلية هو (موضع) الصالة إال المرورمن المسجد فيجوز‪ ،‬أما الجلوس في موضع الصالة فهو منهي‬
‫عنه‪ ،‬ومرور الجنب في اآلية جائز بنص اآلية الكريمة‪ ،‬وال دليل على القول بمنع مرور الجنب في المسجد ألن حديث (ال أحل المسجد‬
‫لجنب وال حائض) ضعيفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )212‬وال حجة وال داللة في الحديث الضعيف على أي حكم شرعي‬
‫‪.‬‬

‫مس اجلنب املصحف‬


‫(‪)2‬‬
‫طهَرُونَ} تحت عنوان (الوضوء لمس المصحف)‪ ،‬وهي‬ ‫قد سبق القول في االحتماالت الواردة على قوله تعالى {اليَمَسُهُ إِلَا الْمُ َ‬
‫االحتماالت التي ترد هنا بعينها‪ ،‬ولكن األحوط هو القول بعدم جواز مس المصحف للجنب‪ ،‬ألن وقت الجنابة قصير ويستطيع الجنب أن‬
‫يغتسل عقب حدوث الجنابة في وقت قصير بخالف الحيض والنفاس الذي ال تستطيع المرأة االغتسال منه لمس المصحف إال بعد انقطاع‬
‫دم الحيض أو ا لنفاس الذي ال ينقطع أي منهما إال بعد مضي عدد من األيام وهو أمر فيه عسر وحرج ومشقة على الحائض أو النفساء‬
‫التي تعلِم القرآن أو تتعلمه‪ ،‬وال توجد المشقة في حق الجنب سواء كان الجنب رجالً أو امرأة لقصر وقت الجنابة‪ ،‬وألن غسل الجنابة‬
‫تحت سلطة الجنب وتحت إرادته يستطيع االغتسال من الجنابة متى شاء‪ ،‬أما الحائض أو النفساء فال سلطة ألي منهما في انقطاع الدم ألن‬
‫انقطاع الدم خارج عن إرادة وتحكم أي منهما فيه‪.‬‬

‫قراءة القرآن للجنب‬


‫األحوط القول بعدم جواز قرآءة القرآن للرجل والمرأة في حال الجنابة تعظيماً للقرآن الكريم‪ ،‬والقرآن الكريم شعيرة من شعائر اهلل ‪،‬‬
‫وقد قال تعالى {ذَِلكَ وَمَن يُعَّظِمْ شَعَائِرَ اللَهِ فَِإنَهَا مِن تَ ْقوَى الْقُلُوبِ}(‪ )1‬وعدم قرآءة القرآن الكريم في حال الجنابة فيه تعبد هلل ‪ ‬بتعظيم‬
‫القرآن الكريم المنزل من رب العالمين والقول فيه هو القول في مس الجنب للمصحف‪ ،‬وأما االستدالل على منع التالوة بحديث (كان‬
‫رسول اهلل ‪ ‬ال يمنعه أو ال يحبسه من تالوة القرآن شيء ليس الجنابة) فهو استدالل ضعيف ألن الحديث قدضعفه األلباني في ضعيف‬
‫سنن أبي داود برقم (‪.)22‬‬

‫‪ -1‬النساء‪.)43( :‬‬
‫‪ -2‬الواقعة‪. )71( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)32( :‬‬
‫‪56‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬احليض والنفاس‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬الحيض والنفاس ومشروعيتهما‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬عالمات الطهر والحيض واالستحاضة‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬أحكام الحيض واالستحاضة‬

‫‪57‬‬
‫الفصل األول‪ :‬احليض والنفاس ومشروعيتهما‬

‫‪ ‬تعريف الحيض والنفاس‬


‫‪ ‬مشروعية االغتسال من الحيض‬
‫‪ ‬أنواع الدماء الخارجة من الرحم‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الحيض والنفاس ومشروعيتهما‬

‫تعريف احليض والنفاس‬

‫الحيض (لغة)‪ :‬السيالن‪ ،‬يقال‪ :‬حاض الوادي إذا سال‪.‬‬

‫الحيض (شرعاً)‪ :‬الدم الخارج من قبل المرأة حال صحتها من غير سبب والدة وال افتضاض‪.‬‬

‫النفاس (لغة)‪ :‬والدة المرأة‪ ،‬إذا وضعت فهي نفساء‪.‬‬

‫النفاس (شرعاً)‪ :‬الدم الخارج من قبل المرأة بسبب الوالدة‪.‬‬

‫مشروعية االغتسال من احليض‬


‫عنِ الْمَحِيضِ ُقلْ هُوَ َأذًى فَاعْتَزِلُواْ النِسَاء فِي‬ ‫االغتسال من الحيض مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى { َويَسْأَلُونَكَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫طهِرِينَ} وأما من السنة‬ ‫حيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ِإنَ اللّهَ يُحِبُ ال َتوَابِينَ َويُحِبُ الْ ُمتَ َ‬
‫طهَ ْرنَ فَ ْأتُو ُهنَ ِمنْ َ‬
‫طهُ ْرنَ فَِإذَا تَ َ‬
‫حتَىَ يَ ْ‬
‫الْمَحِيضِ وَالَ تَقْ َربُو ُهنَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫فحديث (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي ‪. )..‬‬

‫أنواع الدماء اخلارجة من الرحم‪.‬‬

‫‪ -1‬دم حيض‪ :‬هو الخارج من الرحم على جهة الصحة‪.‬‬


‫‪ -2‬دم االستحاضة‪ :‬هو الخارج من الرحم على جهة المرض‪.‬‬
‫‪ -3‬دم نفاس‪ :‬هو الخارج من الرحم مع الوالدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)222( :‬‬
‫‪2‬‬
‫ن أَ َم حَبِيبَ َة سَأَلَتْ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب المستحاضة وغسلها وصالتها‪ .‬حديث رقم(‪ )751‬بلفظ (عَنْ عَائِشَ َة أَنَهَا قَالَتْ‪ :‬إِ َ‬
‫ك ثُمَ اغْتَسِلِي وَصَلِي)‬ ‫ت تَحْبِسُكِ حَيْضَتُ ِ‬ ‫ت مِرْكَنَهَا مَلْآنَ دَمًا‪ ،‬فَقَالَ لَهَا رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَ ْ‬
‫ت عَائِشَةُ‪ :‬رَأَيْ ُ‬
‫ن الدَمِ‪ ،‬فَقَالَ ْ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبود اود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجه في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدارمي في الطهارة ‪.‬‬
‫المركن‪ :‬إناء كبير يغتسل فيه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عالمات الطهر واحليض واالستحاضة‬

‫عدة أيام الحيض‬ ‫‪‬‬


‫الحيضة المتقطعة‬ ‫‪‬‬
‫مدة النفاس‬ ‫‪‬‬
‫الدم الذي تراه الحامل‬ ‫‪‬‬
‫الصفرة والكدرة‬ ‫‪‬‬
‫عالمة الطهر من الحيض‬ ‫‪‬‬
‫المستحاضة‬ ‫‪‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عالمات الطهر والحيض واالستحاضة‬

‫عدة أيام احليض‬


‫كل األقوال في أكثر أيام الحيض وأقلها وأقل أيام الطهر وأكثرها اجتهادات‪ ،‬وليس عليها أدلة ولم تستند إلى آيات قرآنية وال إلى أحاديث‬
‫نبوية وال إلى أقيسة علتها ظاهرة جلية‪ ،‬وهذه األقوال ال لزوم لها ألن األحاديث لم تبين أقل الحيض وال أكثره‪ ،‬وإنما بينت أنه يجب على‬
‫ح َبيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ‪ ،‬فَسَأَلَتْ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬ ‫المرأة المستحاضة أن تعمل بعادتها كما في حديث ( َأنَ فَاطِمَةَ ِبنْتَ َأبِي ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫غتَسِلِي َوصَلِي) الحديث دليل على أنه يجب على‬ ‫ح ْيضَةُ َف َدعِي الصَلَاةَ‪ ،‬وَِإذَا َأ ْدبَرَتْ فَا ْ‬
‫حيْضَةِ‪ ،‬فَِإذَا أَ ْقبَلَتْ الْ َ‬
‫فَقَالَ‪ :‬ذَِلكِ عِ ْرقٌ وََليْسَتْ بِالْ َ‬
‫المرأة التي قد صارت لها عادة متكررة معلومة األيام والوقت من الشهر أن تعمل بعادتها التي تعلم عدد أيامها ووقتها من الشهر‪ ،‬فتعامل‬
‫نفسها في أيام عادتها معاملة الحائض وفيما عداها معاملة الطاهرة‪ ،‬وإن لم تكن لها عادة متكررة معلومة فيجب عليها أن تعمل بقرائن‬
‫س َودُ يُعْرَفُ‪ ،‬فَِإذَا كَانَ ذَلِكَ‬
‫ح ْيضَةِ فَِإنَهُ أَ ْ‬
‫الدم‪ ،‬حيث أن لون دم الحيض أسود ولون دم االستحاضة أحمر‪ ،‬كما في حديث ( ِإذَا كَانَ دَمُ الْ َ‬
‫ضئِي وَصَلِي فَِإنَمَا ُهوَ عِ ْرقٌ‪ )2().‬فيه دليل على أن المرأة المستحاضة التي ليس لها عادة معلومة‬ ‫عنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَِإذَا كَانَ الْآخَرُ َف َت َو َ‬ ‫فَأَمْسِكِي َ‬
‫من حيث القدر والوقت يجب عليها أن تميز أيام حيضتها من أيام استحاضتها بواسطة التفريق بين لون الدم‪ ،‬حيث أن دم الحيض أسود‬
‫يعرف ودم االستحاضة ليس كذلك‪ ،‬ألن لون دم الحيض يختلف عن لون دم االستحاضة‪ ،‬وربما رائحة دم الحيض تختلف عن رائحة دم‬
‫االستحاضة‪ ،‬فإن لم تستطع التمييز بين لون الدم تعمل بعادة قرائبها من النساء ـ أخواتها أو عماتها أو بنات إخوانها أو بنات أعمامها ـ وإذا‬
‫لم تستطع التمييز بعادة قرائبها الختالف عادة قرائبها‪ ،‬فإنها تحيَ ض ستة أو سبعة أيام من الشهر تجتهد في تحديد وقتها من الشهر بحسب‬
‫ما يغلب على ظنها و يترجح لديها من القرائن أنها أيام حيضتها‪ ،‬وتحكم على نفسها فيها بأنها حائض تطبق على نفسها أحكام الحيض‬
‫حتَى ِإذَا رََأيْتِ َأ َنكِ قَدْ‬
‫سلِي‪َ ،‬‬‫غتَ ِ‬
‫سبْعَةَ َأيَامٍ فِي عِلْمِ اللَهِ‪ ،‬ثُمَ ا ْ‬
‫ستَةَ َأيَامٍ َأوْ َ‬ ‫شيْطَانِ َفتَحَ َيضِي ِ‬‫عمالً بحديث ( ِإنَمَا َه ِذهِ رَ ْكضَةٌ ِمنْ رَ َكضَاتِ ال َ‬
‫شهْرٍ كَمَا‬ ‫س َتنْقَأْتِ َفصَلِي ثَلَاثًا َوعِشْرِينَ َليْلَةً َأوْ أَ ْربَعًا َوعِشْرِينَ َليْلَةً وََأيَا َمهَا َوصُومِي‪ ،‬فَِإنَ ذَ ِلكَ يَجْزِيكِ‪ ،‬وَكَذَِلكَ فَافْعَلِي فِي ُكلِ َ‬ ‫طهُرْتِ وَا ْ‬‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ض ِهنَ وَطُهْرِ ِهنَ) فتعامل نفسها في هذه األيام معاملة الحائض وتعامل نفسها في بقية أيام الشهر‬ ‫ح ْي ِ‬
‫تَحِيضُ النِسَاءُ وَكَمَا يَطْهُ ْرنَ مِيقَاتُ َ‬
‫معاملة الطاهرة ‪ ،‬تطبق على نفسها أحكام المرأة الطاهرة‪ ،‬وتقدم العادة على التمييز ألن أدلتها أصح‪ ،‬والغالب أن المرأة ال يأتيها الحيض‬
‫إال من بعد سن السنة التاسعة من عمرها‪ ،‬أما قبل سن التاسعة فال يأتي المرأة حيض‪.‬‬

‫واستثفار المستحاضة‪ :‬هو وضع خرقة قماش على فرجها لمنع خروج الدم‪ ،‬واالستثفار هو مثل الحفاظات التي توضع على فرج‬
‫األطفال‪ ،‬والقصد من استثفار الحائض هو لكي إذا خرج منها الدم فيخرج إلى الحفاظة‪ ،‬الحديث الذي يفيد بأن أقل الحيض ثالثة أيام وأن‬
‫أكثره عشرة أيام ليس بصحيح وال حسن وال ضعيف‪.‬‬

‫احليضة املتقطعة‬
‫هي الحائض التي تتقطع حيضتها‪ ،‬وذلك بأن تحيض يوماً أو يومين وتطهر يوماً أو يومين ويتخلل أيام حيضها أيام ينقطع الدم فيها حتى‬
‫تظن أنها قد طهرت‪ ،‬ثم يعاودها دم الحيض‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن الطهر المتوسط بين أيام الحيض حكمه حكم الحيض‪ ،‬فال تصلى فيه وال تصوم‬
‫وال يأتيها زوجها فيه وال تلمس المصحف وال تقرأ القرآن وال تجلس في المسجد إال إذا كانت ستقرأ القرآن بنية تعلم القرآن الكريم أو بنية‬
‫تعليمه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ي صَلَى‬ ‫ت النَبِ َ‬
‫ت تُسْتَحَاضُ‪ ،‬فَسَأَلَ ْ‬
‫ت أَبِي حُبَيْشٍ كَانَ ْ‬
‫ن فَاطِمَةَ بِنْ َ‬
‫ن عَائِشَةَ‪ ،‬أَ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب إقبال الحيض وإدباره‪ .‬حدث رقم (‪ )320‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ت فَاغْتَسِلِي وَصَلِي)‬ ‫ت بِالْحَيْضَةِ‪ ،‬فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَلَاةَ‪ ،‬وَإِذَا أَدْبَرَ ْ‬
‫ق وَلَيْسَ ْ‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬فَقال‪ :‬ذَلِكِ عِرْ ٌ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الحيض واالستحاضة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي‬
‫مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب تتوضأ لكل صالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 304‬بلفظ (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ‪ ،‬أَنَهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ‪ ،‬فَقال‪ :‬لَهَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ‪ ،‬فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَئِي وَصَلِي فَإِنَمَا هُوَ عِرْقٌ‪ ).‬حسنه األلباني في‬
‫صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫القرء‪ :‬الطهر أو الحيض‪.‬‬ ‫اآلخر‪ :‬دم ليس بدم حيض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬االستحاضة‪ :‬استمرار خروج الدم بعد أيام الحيض‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حديث رقم (‪ ) 257‬بلفظ (عَنْ أُمِهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قالت‪ :‬كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً‪ ،‬فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ ا للَهِ إِنِي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً‪ ،‬فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي‬
‫الصَ لَاةَ وَالصَوْمَ فَقال‪ :‬أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَهُ يُذْهِبُ الدَمَ قالت‪ :‬هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قال‪ :‬فَاتَخِذِ ي ثَوْبًا فَقالت‪ :‬هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ‪ ،‬إِنَمَا أَثُجُ ثَجًا‪ ،‬قال‪ :‬رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬سَآ مُرُاِ بِأَمْرَيْنِ أَيَهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ‪ ،‬قال‪ :‬لَهَا‪ :‬إِنَمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَيْطَانِ فَتَحَيَضِي سِتَةَ أَيَا ٍم‬
‫أَوْ سَبْعَةَ أَيَامٍ فِي عِلْمِ اللَهِ‪ ،‬ثُ مَ اغْتَسِلِي‪ ،‬حَتَى إِذَا رَأَيْتِ أَنَكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلِي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَامَهَا وَصُومِي‪ ،‬فَإِنَ ذَلِكَ‬
‫ن‬‫يَجْزِيكِ‪ ،‬وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي فِي كُلِ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ ال نِسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ مِيقَاتُ حَيْضِهِنَ وَطُهْرِهِنَ‪ ،‬وَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِرِي الّظُهْرَ وَتُعَجِلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِي َ‬
‫وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَلَاتَيْنِ الّظُهْرِ وَالْعَصْرِ وَتُؤَخِرِينَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِلِينَ الْعِشَ اءَ ثُمَ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَلَاتَيْنِ فَافْعَلِي‪ ،‬وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الْفَجْرِ فَافْعَلِي‪ ،‬وَصُومِي إِنْ‬
‫ب الْأَمْرَيْنِ إِلَيَ) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت عَلَى ذَلِكَ‪ ،‬قال‪ :‬رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَهَذَا أَعْجَ ُ‬ ‫قَدِرْ ِ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫الركض‪ :‬الضرب بالرجل‪،‬‬ ‫الثج‪ :‬نزول الدم وسيالنه بشدة‪.‬‬ ‫الكرسف‪ :‬القطن‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النعت‪ :‬ذكر صفة الشيئ‪ ،‬وا لمراد أصف وأبين‪.‬‬
‫اإلنقاء‪ :‬التنّظيف والتطهير‪.‬‬ ‫والمراد اإل ضرار واألذى‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫مدة النفاس‬
‫سهَا أَ ْربَعِينَ َيوْمًا‬
‫ع ْهدِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ تَقْ ُعدُ بَ ْعدَ نِفَا ِ‬
‫الصحيح‪ :‬أن أكثر النفاس أربعون يوماً لحديث (كَانَتْ النُفَسَاءُ عَلَى َ‬
‫َأوْ أَ ْربَعِينَ َليْلَةً)(‪ )3‬فإذا استمر خروج الدم بعد األربعين يوماً فتغتسل المرأة النفساء وتصلي وتعامل نفسها معاملة المستحاضة وتطبق على‬
‫نفسها أحكام المرأة الطاهرة‪ ،‬وال حد ألقله فينتهي بمجرد انقطاع الدم‪ ،‬لعدم وجود دليل يدل على تحديد مدة أقل النفاس‪ ،‬والتفرقة بين مدة‬
‫نفاس والدة الذكر ووالدة األنثى هي تفرقة عنصرية ال أصل لها في الشرع‪.‬‬

‫الدم الذي تراه احلامل‬


‫الصحيح‪ :‬أن خروج الدم من قبل المرأة الحامل ليس هو بدم حيض‪ ،‬وإنما هو دم علة وفساد‪ ،‬فيجب عليها أن تصلي وأن تصوم إن كانت‬
‫قادرة على الصوم وليس فيه مضرة ال على الحامل وال على جنينها‪ ،‬وأن تعامل نفسها معاملة المرأة الطاهرة‪ ،‬ودم الحيض يتغذى به‬
‫الجنين‪ ،‬واألطباء يقولون‪ :‬ال يكون الدم الخارج من الحامل دم حيض‪ ،‬وإنما دم علة وفساد‪.‬‬

‫الصفرة والكدرة‬
‫الصحيح‪ :‬أن الصفرة والكدرة ال تعد حيضاً ال في أيام الحيض وال في غيرها‪ ،‬وال بأثر الدم وال بعد انقطاعه لحديث ( ُكنَا لَا نَ ُعدُ الْ ُكدْرَةَ‬
‫وَالصُفْ َرةَ شَ ْيئًا)(‪ )2‬أي ال نعد الكدرة والصفرة شيئاً يعتد به ويبنى عليه حكماً شرعياً‪ ،‬والعمل بحديث ( ُكنَ نِسَاءٌ َيبْ َع ْثنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُرَجَةِ‬
‫ح ْيضَةِ‪َ ،‬وبَلَغَ ِبنْتَ َز ْيدِ ْبنِ ثَابِتٍ َأنَ نِسَاءً‬
‫حتَى تَ َر ْينَ الْ َقصَةَ الْ َب ْيضَاءَ‪ ،‬تُرِيدُ ِبذَِلكَ الطُهْرَ ِمنْ الْ َ‬
‫فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُفْ َرةُ َفتَقُولُ‪ :‬لَا تَعْجَ ْلنَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫صنَ ْعنَ َهذَا َوعَابَتْ عَلَ ْي ِهنَ) ألن حديث أم عطية أخرجه‬ ‫طهْرِ‪ ،‬فَقَالَت‪ :‬مَا كَانَ النِسَاءُ َي ْ‬ ‫جوْفِ الَل ْيلِ َينّْظُرْنَ إِلَى ال ُ‬
‫َي ْدعُونَ بِا لْ َمصَابِيحِ ِمنْ َ‬
‫البخاري وما رواه البخاري أرجح مما في السنن مع أن حديث عائشة لم أجده في صحاح السنن األربعة ال في سنن أبي داود والفي سنن‬
‫النسائي والفي سنن الترمذي والفي سنن ابن ماجة‪ ،‬حديث أم عطية خبر بقولها (كنا ال نعد الصفرة والكدرة شيئاً) ولفظ (كنا) من قول‬
‫الصحابي أو الصحابية له حكم الرفع‪ ،‬وحديث عائشة رضي اهلل عنها كأنه اجتهاد منها وهو موقوف عليها‪ ،‬وعلماء الحديث يقولون‪ :‬بأن‬
‫حديث أم عطية صحيح وحديث عائشة حسن‪ ،‬مع أني لم أجد لأللباني حكماً بتحسينه ال في صحيح سنن أبي داود‪ ،‬وال في صحيح سنن‬
‫النسائي‪ ،‬وال في غيرهم ا من صحاح السنن‪ ،‬ولو فرض صحة الحكم بتحسينه فإن الحديث الصحيح يقدم على الحديث الحسن عند‬
‫التعارض‪ ،‬وال يجمع بين الحديثين إال إذا كانا صحيحين مرفوعين إلى رسول اهلل ‪ ،‬أما في هذه المسألة فحديث أم عطية صحيح مرفوع‬
‫إلى رسول اهلل ‪ ‬وحديث عائشة موقوف عليها‪ ،‬وال يجوز معارضة الحديث المرفوع بالموقوف فضالً عن تقديمه على المرفوع‪،‬‬
‫والسائل الذي يسبق النفاس أو الحيض يأخذ حكم الطهر حتى ترى المرأة دم الحيض أو دم النفاس‪ ،‬والصفرة والكدرة ليست بدم أسود‬
‫وإنما هي من سائر الرطوبات التي يرخيها الرحم‪.‬‬

‫عالمة الطهر من احليض‬


‫إذا غلب على ظن المرأة انقطاع الحيض إما برؤية القصة البيضاء وإما بالجفاف فقد طهرت‪ ،‬ألنه ليس في الموضوع أدلة صحيحة‬
‫صريحة‪.‬‬

‫املستحاضة‬
‫الصحيح‪ :‬أن المستحاضة تستطيع أن تميز أيام الحيض من أيام االستحاضة بواحد من أمور أربعة هي‪:‬‬
‫إذا كانت للمستحاضة عادة متكررة معلومة من حيث عدد أيام الحيض ووقتها من الشهر فيجب عليها العمل بعادتها‪ ،‬ففي أيام‬ ‫‪-3‬‬
‫عادتها تعامل نفسها معاملة الحائض وتطبق على نفسها أحكام الحيض عمالً باألحاديث الصحيحة الصريحة التي توجب على‬
‫ع ْنكِ الدَمَ َوصَلِي) (‪ )4‬والعمل بالعادة‬
‫ح ْيضَةُ َف َدعِي الصَلَاةَ‪ ،‬وَِإذَا َأ ْدبَرَتْ فَاغْسِلِي َ‬
‫المستحاضة العمل بالعادة‪ ،‬ومنها حديث ( ِإذَا أَ ْقبَلَتْ الْ َ‬
‫مقدم على العمل بتمييز دم الحيض لمن قد صارت لها عادة معلومة العدد والوقت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ماجاء في وقت النفاس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 311‬بلفظ (عَنْ أُمِ سَلَمَةَ قالت‪ :‬كَانَتْ النُفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه‬
‫وَسَلَ مَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً‪ ،‬وَكُنَا نَطْلِي عَلَى وُجُوهِنَا الْوَرْسَ تَعْنِي مِنْ الْكَلَفِ) قال عنه األلباني‪ :‬في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‬
‫(حسن صحيح)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫الكلف‪ :‬شيء يعلو الوجه كالسمسم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الورس‪ :‬نبت طيب الرائحة يصبغ به‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن أُ ِم عَطِيَ َة قالت‪ :‬كُنَا لَا نَعُ ُد الْكُدْرَ َة وَالصُفْرَ َة شَيْئًا)‪.‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض‪ .‬حديث رقم (‪ )326‬بلفظ (عَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الكدرة‪ :‬لون يقرب من السواد‪ .‬الصفرة‪ :‬ماء كالصديد يعلوه اصفرار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب إقبال الحيض وإدباره‪ .‬حديث رقم (‪ ) 0‬بلفظ (َكُنَ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُفْرَةُ فَتَقُولُ‪ :‬لَا‬
‫تَعْجَلْنَ حَتَى تَرَيْنَ الْقَصَةَ الْبَيْضَاءَ‪ ،‬تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ‪ ،‬وَبَلَغَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَيْلِ يَنّْظُرْنَ إِلَى الطُهْرِ‪ ،‬فَقالت‪ :‬مَا‬
‫ت عَلَيْهِنَ) ليس للحديث رقم ألنه من قول أم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها‪.‬‬ ‫ن هَذَا وَعَابَ ْ‬ ‫ن النِسَا ُء يَصْنَعْ َ‬
‫كَا َ‬
‫القصة‪ :‬القطعة‪.‬‬ ‫الصفرة‪ :‬أثر دم الحيض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الدرجة‪ :‬القطعة التي تحتشي بها المرأة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب إذا رأت المستحاضة الطهر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 331‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قالت‪ :‬قال‪ :‬النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِذَا أَقْبَلَتْ‬
‫ك الدَ َم وَصَلِي)‬‫ت فَاغْسِلِي عَنْ ِ‬ ‫الْحَيْضَ ُة فَدَعِي الصَلَاةَ‪ ،‬وَإِذَا أَدْبَرَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الحيض واالستحاضة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجه في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي‬
‫مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪ - 2‬المستحاضة المبتدئة أو التي ليست لها عادة يجب عليها العمل بتمييز دم الحيض من دم االستحاضة ألن دم الحيض يتميز عن دم‬
‫االستحاضة بلونه ورائحته فدم الحيض أسود يعرف إما يُعرف برائحته أو تعرفه النساء بلونه بداللة حديث فاطمة بنت أبي حبيش‬
‫عنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَِإذَا كَانَ الْآخَرُ‬
‫س َودُ يُعْرَفُ‪ ،‬فَِإذَا كَانَ ذَ ِلكَ فَأَمْسِكِي َ‬ ‫أنها كانت تستحاض فقال لها النبي ‪ِ ( :‬إذَا كَانَ دَمُ الْ َ‬
‫ح ْيضَةِ فَإِنَهُ أَ ْ‬
‫ضئِي َوصَلِي‪ ،‬فَِإنَمَا ُهوَ عِرْقٌ)(‪.)3‬‬ ‫َف َت َو َ‬
‫‪ - 1‬المستحاضة التي لم تست طع أن تميز بين لون دم الحيض من غيره ولم يكن قد تقررت لها عادة معلومة‪ ،‬تعمل بعادة قرائبها من‬
‫شهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِسَاءُ وَكَمَا يَطْهُ ْرنَ‬‫النساء ـ أمها أو أخواتها أو عماتها أو غيرهن من القرائب ـ لحديث (وَ َكذَِلكَ فَافْعَلِي فِي ُكلِ َ‬
‫طهْرِ ِهنَ)(‪ )2‬واأللف والالم في لفظ (النساء) في الحديث للعهد‪ ،‬أي للنساء القرائب المعهودات لها‪ ،‬وليس المراد به‬ ‫ضهِنَ وَ ُ‬‫ح ْي ِ‬
‫مِيقَاتُ َ‬
‫االستغراق بحيث يكون معناه كما تحيض نساء أهل األرض‪.‬‬
‫‪ - 4‬إذا لم يكن للمستحاضة أقارب من النساء تعمل بعادتهن من حيث عدد أيام الحيض ووقت الحيض من الشهر أو اختلفت عادة‬
‫القريبات ولم تستطع أن تعرف عادة الغالب منهن‪ ،‬وبقيت في الحيرة والشك من وقت حيضها وعدد أيام الحيض فعليها أن تحيض‬
‫ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر تجتهد في تحديد أيام الحيض من الشهر بحسب ما يغلب على ظنها بحسب اجتهادها‪ ،‬وتطبق على‬
‫ستَةَ َأيَامٍ َأوْ‬
‫ح َيضِي ِ‬‫نفسها ف ي هذه األيام أحكام المرأة الحائض‪ ،‬وفيما عداها تطبق على نفسها أحكام المرأة الطاهرة عمالً بحديث (فَتَ َ‬
‫س ْبعَةَ َأيَامٍ فِي عِلْمِ اللَهِ)‪.‬‬
‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب من قال‪ :‬إذا أقبلت الحيضة تدع الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 256‬بلفظ (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ‪ ،‬أَنَهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ‪ ،‬فَقال‪:‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ‪ ،‬فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فأَ مْ سِكِي عَنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَئِي وَصَلِي‪ ،‬فَإِنَمَا هُوَ عِرْقٌ) حسنه‬
‫لَهَا النَ بِ ُ‬
‫األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الحيض‪ ،‬ومسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الحيض واإلستحاضة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في با قي‬
‫مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫البحراني‪ :‬شديد الحمرة‪ ،‬نسبة إلى البحر لكثرته وسرعة تد فقه‪ .‬القرء‪ :‬الطهر أو‬ ‫اإلساحاضة‪ .‬استمرار خروج الدم بعد أيام الحيض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫الحيض‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث حمنة بنة جحش رضي اهلل عنها برقم (‪.)257‬‬
‫‪63‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أحكام احليض واالستحاضة‬

‫تعامل اإلسالم مع الحائض والنفساء‬ ‫‪‬‬


‫ما يستباح من الحائض‬ ‫‪‬‬
‫وطء الحائض في طهرها قبل االغتسال‬ ‫‪‬‬
‫من يأتي امرأته وهي حائض‬ ‫‪‬‬
‫وضوء المستحاضة‬ ‫‪‬‬
‫وطء المستحاضة‬ ‫‪‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أحكام الحيض واالستحاضة‬

‫تعامل اإلسالم مع احلائض والنفساء‬

‫كان اليهود إذا حاضت المرأة ال يجالسونها وال يؤاكلونها بل تعتزل في غرفة لحالها‪ ،‬وفي الديانة المسيحية عكس اليهودية إجازة كل شيء‬
‫حتى النكاح في الفرج‪ ،‬واإلسالم جاء وسطاً فأجاز مؤاكلة ومجالسة ومخالطة المرأة الحائض وحرم النكاح في الفرج‪ ،‬وهذا المعنى مبين‬
‫في حديث (عن َأنَسٍ‪َ ،‬أنَ ا ْل َيهُودَ كَانُوا ِإذَا حَاضَتْ الْمَرَْأةُ فِيهِمْ لَمْ ُيؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُو ُهنَ فِي ا ْل ُبيُوتِ‪ ،‬فَسَ َألَ َأصْحَابُ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عتَزِلُو ْا النِسَاء فِي الْمَحِيضِ وَالَ‬ ‫عنِ الْمَحِيضِ ُقلْ ُهوَ َأذًى فَا ْ‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ فََأنْ َزلَ اللَهُ تَعَالَى {وَيَسْأَلُو َنكَ َ‬
‫طهِرِينَ} فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬ ‫حيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَ اللّهَ يُحِبُ ال َتوَابِينَ َويُحِبُ الْ ُمتَ َ‬ ‫حتَىَ يَطْهُ ْرنَ فَِإذَا تَطَهَ ْرنَ فَ ْأتُو ُهنَ ِمنْ َ‬ ‫تَقْ َربُو ُهنَ َ‬
‫س ْيدُ‬ ‫ش ْيئًا إِلَا خَالَ َفنَا فِيهِ‪ ،‬فَجَاءَ أُ َ‬
‫جلُ َأنْ َي َدعَ ِمنْ أَمْرِنَا َ‬ ‫صنَ عُوا ُكلَ شَيْءٍ إِلَا النِكَاحَ‪َ ،‬فبَلَغَ ذَِلكَ ا ْل َيهُودَ فَقَالُوا‪ :‬مَا يُرِيدُ َهذَا الرَ ُ‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ا ْ‬
‫عبَادُ ْبنُ بِشْرٍ فَقَالَا‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِنَ ا ْل َيهُودَ تَقُولُ‪َ :‬كذَا وَ َكذَا فَلَا نُجَامِ ُع ُهنَ َفتَ َغيَرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‬ ‫ضيْرٍ َو َ‬‫ح َ‬ ‫ْبنُ ُ‬
‫سلَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا فَعَرَفَا َأنْ لَمْ‬ ‫جدَ عََل ْيهِمَا‪ ،‬فَخَرَجَا فَاسْتَ ْقبََلهُمَا َه ِديَةٌ ِمنْ َل َبنٍ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَرْ َ‬
‫حتَى ظَ َننَا َأنْ َقدْ وَ َ‬
‫َ‬
‫(‪.)3‬‬
‫جدْ عَلَ ْيهِمَا) وعن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ُ ( :‬كنْتُ أَشْرَبُ وََأنَا حَا ِئضٌ ثُمَ أُنَاوِلُهُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ َف َيضَعُ فَاهُ عَلَى‬ ‫يَ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫عَليْهِ وَسَلَمَ َف َيضَعُ فَاهُ عَلَى َم ْوضِعِ فِيَ) في هذا الحديث بيان‬ ‫َم ْوضِعِ فِيَ َفيَشْرَبُ‪ ،‬وََأتَعَ َرقُ الْعَ ْرقَ وََأنَا حَا ِئضٌ ثُمَ ُأنَاوِلُهُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ َ‬
‫حرص النبي ‪ ‬على إكرام المرأة الحائض ومبالغته في مؤانستها وإدخال السرور عليها وإشعارها أن الحيض شيء طبيعي وجبلي ال‬
‫يسبب للمرأة أي حرج في تعاملها مع زوجها وأفراد أسرتها أو مجتمعها‪ ،‬فال تُعتزل أو تُجتنب ال في أكل وال شرب وال نوم وال مجالسة‬
‫وال تتميز معاملتها بسبب الحيض في شيء سوى النكاح‪ ،‬ألن فيه في وقت الحيض أذى وأضرار صحية تضر بالرجل والمرأة كما في‬
‫حيْثُ‬ ‫طهُ ْرنَ فَِإذَا تَطَهَ ْرنَ فَ ْأتُو ُهنَ ِمنْ َ‬ ‫عتَزِلُواْ النِسَاء فِي الْمَحِيضِ وَالَ تَقْ َربُو ُهنَ حَتَىَ يَ ْ‬ ‫عنِ الْمَحِيضِ ُقلْ ُهوَ أَذًى فَا ْ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَسْأَلُونَكَ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫طهِرِينَ } ‪.‬‬ ‫أَمَرَكُمُ اللّهُ ِإنَ اللّهَ يُحِبُ ال َتوَابِينَ َويُحِبُ الْ ُمتَ َ‬

‫ما يستباح من احلائض‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز للرجل أن يستمتع بأي جزء من أجزاء المرأة الحائض إال منطقة العورة خشية من الوقوع في المحذور ومن باب من‬
‫حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه‪ ،‬وقد ورد في األحاديث الصحيحة أن النبي ‪ ‬كان يأمر الحائض من أمهات المؤمنين بأن تتزر‬
‫ويباشرها من فوق اإلزار‪ ،‬والمراد بمباشرة النبي ‪ ‬في األحاديث هو أن يلصق جسده الشريف بجسد المرأة الحائض ال أنه يجامعها في‬
‫الفرج في وقت الحيض‪ ،‬ومن األحاديث التي ذكرت مباشرة النبي ‪ ‬ألمهات المؤمنين في حالة الحيض حديث (كان رسول اهلل ‪ ‬إذا‬
‫أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فأتزرت وهي حائض)(‪ )4‬وعن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪( :‬كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد‬
‫رسول اهلل ‪ ‬أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها‪ ،‬قالت‪ :‬وأيكم يملك إربه كما كان النبي ‪ ‬يملك إربه)(‪ )5‬في‬
‫الحديثين داللة على أن النبي ‪ ‬كان ينام مع الحائض من نسائه في فراش واحد ولحاف واحد وأنه كان يضاجع الحائض ويباشرها من‬
‫فوق اإلزار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله‪ .‬حديث رقم (‪ )612‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ أَنَ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا‬
‫وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَ فِي الْبُيُوتِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَنْزَلَ اللَهُ تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا‬
‫يءٍ إِلَا النِكَاحَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَقَالُوا مَا يُرِيدُ هَذَا الرَجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا‬ ‫النِسَاءَ فِي الْمَحِيضِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقال‪ :‬رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ اصْنَعُوا كُلَ شَ ْ‬
‫شيئاً إِلَا خَالَفَنَا فِيهِ فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَهِ إِنَ الْيَهُ ودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَلَا نُجَامِعُهُنَ فَتَغَيَرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا فَعَرَفَا أَنْ لَ ْم يَجِ ْد عَلَيْهِمَا)‬ ‫ن إِلَى النَبِ ِ‬
‫حَتَى ظَنَنَا أَنْ قَ ْد وَجَدَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيَةٌ مِنْ لَبَ ٍ‬
‫أخرج ه الترمذي في تفسير القرآن‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الوجد‪ :‬الغضب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله‪ .‬حديث رقم (‪ ) 610‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ قالت‪ :‬كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَا ِئضٌ ثُمَ أُنَاوِلُهُ النَبِ َ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَيَضَ ُع فَا ُه عَلَى مَوْضِ ِع فِيَ)‬ ‫ض ثُمَ أُنَاوِلُ ُه النَبِ َ‬‫ق وَأَنَا حَا ِئ ٌ‬ ‫ق الْعَرْ َ‬
‫ي فَيَشْرَبُ‪ ،‬وَأَتَعَرَ ُ‬‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَيَضَ ُع فَا ُه عَلَى مَوْضِعِ فِ َ‬
‫اخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في با قي مسند األنصار‪.‬‬
‫في‪ :‬فم‪.‬‬ ‫العرق‪ :‬العّظم إذا أخذ عنه معّظم اللحم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬اعترق‪ :‬أخذ الحم عن العّظم بأسنانه‪.‬‬
‫‪ - 3‬البقرة‪)222( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب مباشرة الحائض‪ .‬حديث رقم (‪ ) 303‬بلفظ (عن عَبْدُ اللَهِ بْنُ شَدَادٍ قال‪ :‬سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تَقُولُ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن نِسائِهِ‪ ،‬أَمَرَهَا فَاتَزَرَتْ وَهِيَ حَا ِئضٌ)‬ ‫ن يُبَاشِ َر امْرَأَةً مِ ْ‬‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم إِذَا أَرَا َد أَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب مباشرة الحائض‪ .‬حديث رقم (‪ )302‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ قالت‪ :‬كَ انَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ك إِرْبَهُ‪).‬‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَمْلِ ُ‬‫ن النَبِ ُ‬
‫ك إِرْبَهُ كَمَا كَا َ‬ ‫ن تَتَزِ َر فِي فَوْ ِر حَيْضَتِهَا‪ ،‬ثُ َم يُبَاشِرُهَا قالت‪ :‬وَأَيُكُ ْم يَمْلِ ُ‬ ‫ن يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَ ْ‬ ‫وَسَلَ َم أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫إربه‪ :‬الشهوة والحاجة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬معّظمها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬فور‪ :‬أول الحيضة‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫وطء احلائض يف طهرها قبل االغتسال‬
‫الصحيح‪ :‬أن التطهر غسل الجسد كله‪ ،‬وصيغة (تفعَل) دليل على أن الطهارة من فعل المرأة‪ ،‬وال بد لصيغة (تفعَل) أن تكون من فعل‬
‫حيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ِإنَ اللّهَ يُحِبُ ال َتوَابِينَ‬
‫طهَ ْرنَ فَأْتُو ُهنَ ِمنْ َ‬
‫فاعل وهو في هذه المسألة المرأة‪ ،‬وهذا هو المعنى المراد من قوله تعالى {فَ ِإذَا تَ َ‬
‫طهَ ْرنَ} اغتسلن من الحيض‪ ،‬فال يجوز وطؤ الحائض قبل االغتسال بالماء أو التيمم بالتراب في حالة عدم‬ ‫طهِرِينَ}(‪ )3‬ومعنى {تَ َ‬
‫َويُحِبُ الْ ُمتَ َ‬
‫وجود الماء أو تعذر استعماله‪.‬‬

‫من يأتي امرأته وهي حائض‬


‫الصحيح‪ :‬أن من يأتي امرأته وهي حائض فعليه أن يتصدق بدينار أو نصف دينار من الذهب أو مما يساوي قيمة الدينار أو النصف‬
‫طهُ ْرنَ‬ ‫حتَىَ يَ ْ‬
‫عتَزِلُواْ النِسَاء فِي الْمَحِيضِ وَالَ تَقْ َربُو ُهنَ َ‬
‫الدينار من العمالت النقدية لكونه ارتكب معصية هلل تعالى ومخالفة لقوله تعالى {فَا ْ‬
‫عنْ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫عبَاسٍ َ‬
‫عنْ ا ْبنِ َ‬
‫طهِرِينَ} لحديث ( َ‬ ‫حيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَ اللّهَ يُحِبُ ال َتوَابِينَ َويُحِبُ الْ ُمتَ َ‬
‫طهَ ْرنَ فَ ْأتُو ُهنَ ِمنْ َ‬
‫فَِإذَا تَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ص َدقُ بِدِينَارٍ َأوْ بِ ِنصْفِ دِينَار) الحديث صحيح صريح في وجوب الكفارة وهي التصدق‬ ‫جلِ يَ ْأتِي امْرََأتَهُ وَهِيَ حَا ِئضٌ َيتَ َ‬
‫وَسَلَمَ فِي الرَ ُ‬
‫بالدينار أو بنصف الدينار أو بما يساوي القيمة من العمالت النقدية‪ ،‬ويجب عليه التوبة مع التصدق لكون الحديث صحيحاً‪.‬‬

‫وضوء املستحاضة‬
‫الصحيح‪ :‬أن المستحاضة تغتسل غسالً واحداً عند انقضاء حيضتها بإحدى عالمات انقضاء الحيض العادة أو التمييز أو عادة قرائبها أو‬
‫انقضاء الستة أو السبعة األيام التي تُحيَض فيها من الشهر لحديث (أن فاطمة بيت أبي حبيش كانت تستحاض فسألت النبي ‪ ‬فقال‪ :‬ذلك‬
‫عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصالة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي)(‪ )3‬الحديث دليل على أنه يجب على الحائض أن‬
‫تغتسل مرة واحدة عند انقضاء الحيضة‪ ،‬ويجب عليها أن تتوضأ وضوء واحداً لكل صالة ألن الدين يسر وإيجاب الغسل عليها عند كل‬
‫صالة أو صالتين أو في كل يوم فيه حرج وعسر ومشقة‪ ،‬ويرجح العمل بما في صحيح البخاري وصحيح مسلم على ما في السنن‬
‫األخرى عند التعارض‪ ،‬وال سيما ما فيه حرج وعسر ومشقة على المستحاضة‪ ،‬وأم حبيبة رضي اهلل عنها كانت تغتسل لكل صالة باجتهاد‬
‫منها ألنه لم يثبت أن الرسول ‪ ‬أمرها أن تغتسل في كل يوم خمس مرات وفي الطهر الواحد تغتسل أكثر من مائة مرة‪ ،‬ولكن إذا جمعت‬
‫الصالتين المستحاضة بسبب سفر فتتوضأ لكل صالة عمالً بحديث (وتتوضأ لكل صالة)(‪ )4‬وقد صحح هذه الزيادة األلباني في صحيح‬
‫سنن أبي داود‪.‬‬

‫وطء املستحاضة‬
‫الصحيح‪ :‬جواز وطء المستحاضة ألن الشرع اإلسالمي قد أجاز لها أداء الصالة والصيام‪ ،‬وجواز وطئها من قبل زوجها من باب األولى‬
‫واألحرى ألن حكم المستحاضة حكم الطاهرة في كل شيء ومنها جواز الوطء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)222( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب مايجب على من أتى حليلته في حال حيضتها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 365‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي‬
‫ق بِدِينَا ٍر أَ ْو بِنِصْفِ دِينَارٍ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ض يَتَصَدَ ُ‬
‫الرَجُ ِل يَ أْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِ ٌ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الغسل‪ ،‬اإلعتكاف‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬يأتي‪ :‬كناية عن الجماع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا البا ب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)320‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب تغتسل من طهر إلى طهر‪ .‬حديث رقم (‪ )211‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أَنَ النَ بِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَبَلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُ َم‬
‫ن‬‫خَرَجَ إِلَى الصَلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَأْ قال‪ :‬عُرْوَةُ مَنْ هِيَ إِلَا أَنْتِ فَضَحِكَتْ‪ ،‬قال أَبُو دَاوُد‪ :‬هَكَذَا رَوَاهُ زَائِدَةُ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَانِيُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ حَدَثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْ ُ‬
‫مَخْلَدٍ الطَالْقَانِيُ حَدَثَنَا عَبْدُ الرَحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَغْرَاءَ حَدَثَنَا الْأَعْمَشُ أَخْبَرَنَا أَصْحَابٌ لَنَا عَنْ عُرْوَةَ الْمُزَنِيِ عَنْ عَائِشَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قال‪ :‬أَبُو دَاوُد قال‪ :‬يَحْيَى بْنُ‬
‫سَعِيدٍ الْقَطَانُ لِرَجُلٍ احْكِ عَنِي أَنَ هَذَيْنِ يَعْنِي حَدِيثَ الْأَعْمَشِ هَذَا عَنْ حَبِيبٍ وَحَدِيثَهُ بِهَذَا ا ْلإِسْنَادِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَهَا تَتَوَضَأُ لِكُلِ صَلَاةٍ) صححه األلباني في صحيح‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهار‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬التيمم‪.‬‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬تعريف التيمم ومشروعيته‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬من يجوز له التيمم‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬شروط التيمم‬
‫‪ ‬الفصّل الرابع‪ :‬صفة التيمم‬

‫‪67‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التيمم ومشروعيته‬
‫‪ ‬مشروعية التيمم‬
‫‪ ‬الطهارة التي التيمم بدال منها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التيمم ومشروعيته‬
‫تعريف التيمم‬
‫التيمم (لغة)‪ :‬القصد‪.‬‬

‫التيمم (شرعاً)‪ :‬قصد الصعيد الطيب لمسح الوجه والكفين بنية استباحة الصالة ونحوها‪.‬‬

‫مشروعية التيمم‬
‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ‬
‫حدٌ مَنكُم ِمنَ ا ْلغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬
‫التيمم مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {وَإِن كُنتُم مَ ْرضَى َأوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ ِبوُجُوهِكُمْ وََأ ْيدِيكُم ِمنْهُ}(‪ )1‬وأما من السنة فحديث (إنما كان يكفيك أن تضع هكذا فضرب بكفه‬ ‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬
‫تَ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ضربة بيده على األرض ثم نفضها ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه) ‪.‬‬

‫الطهارة التي التيمم بدال منها‬


‫الصحيح‪ :‬أن التيمم بدل عن الطهارة الصغرى والكبرى ألن التيمم في آية المائدة شرع بدالً عن الوضوء والغسل حيث قال تعالى {يَا َأ ُيهَا‬
‫جنُباً‬
‫اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى ال صَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَا ِفقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ‬
‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬ ‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ تَ ِ‬
‫حدٌ مَنكُم ِمنَ الْغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬ ‫فَاطَهَرُواْ وَإِن كُنتُم مَ ْرضَى َأوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫طهَرَكُمْ وَلِ ُيتِمَ نِعْ َمتَهُ عََليْكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ} ولحديث عمار ‪‬‬ ‫ِبوُجُوهِكُمْ وََأ ْيدِيكُم ِمنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ ِليَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ ِليُ َ‬
‫المتفق عليه بلفظ (فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة فذكرت ذلك للنبي ‪ ‬فقال‪ :‬إنما كان يكفيك أن تضع هكذا‬
‫فضرب بكفه ضربة بيده على األرض ثم نفضها ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه)(‪ )4‬في الحديث‬
‫داللة صريحة على أن التيمم يقوم مقام الماء ويكون بدالً عنه في الطهارة الكبرى عند عدم الماء وتعذر استعماله لعذر شرعي كالمرض‬
‫أو الخوف أو نحوهما وقد أجمعت األمة على إجزاء التيمم عن الطهارة الكبرى والصغرى‪ ،‬وعدم اقتناع عمر ‪ ‬أو نسيانه ال يكون حجة‬
‫لرد الحديث الصحيح المرفوع إلى رسول اهلل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التيمم‪ :‬باب التيمم ضربة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 347‬بلفظ (عن شقيق قال‪ :‬كنت جالسا مع عبد اهلل وأبي موسى األشعري فقال‪ :‬له أبو موسى‬
‫لو أن رجال أجنب فلم يجد الماء شهرا أما كان يتيمم ويصلي فكيف تصنعون بهذه اآلية في سورة المائدة فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فقال‪ :‬عبد اهلل لو‬
‫رخص لهم في هذا ألوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد قلت وإنما كرهتم هذا لذا قال‪ :‬نعم فقال‪ :‬أبو موسى ألم تسمع قول عمار لعمر بعثني رسول اهلل‬
‫‪ ‬في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة فذكرت ذلك للنبي ‪ ‬فقال‪ :‬إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا فضرب بكفه ضربة على‬
‫األرض ثم نفضها ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بهما وجهه‪).‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫التمعك‪ :‬التمرغ والتقلب في التراب‪.‬‬ ‫تمرغت‪ :‬تقلبت في التراب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الصعيد‪ :‬وجه األرض أو التراب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عماررضي اهلل عنه برقم (‪)347‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬من يجوز له التيمم‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬جواز التيمم للمسافر والمقيم الذي لم يجد الماء لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ‬
‫حدٌ مَنكُم ِمنَ‬ ‫طهَرُواْ وَإِن كُنتُم مَ ْرضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬ ‫جنُباً فَا َ‬‫إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ ِبوُجُوهِكُمْ وََأ ْيدِيكُم ِمنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ ِليَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ وَلَـكِن‬ ‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬ ‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ تَ ِ‬
‫الْغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫طهَرَكُمْ وَِليُتِمَ نِعْ َمتَهُ عََليْكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ} الخطاب من اهلل ‪ ‬لجميع المسلمين ومنهم المسافر والمقيم والمريض الذي يخاف‬ ‫يُرِيدُ ِليُ َ‬
‫من أن استعمال الماء يسبب له الهالك أوالضررالذي يسبب زيادة المرض أو تأخر الشفاء ولمن يخاف من استعمال الماء حدوث مرض‬
‫شديد أو يخاف من الوصول إلى الماء بسبب ترصد عدو له أو وجود سبع في الطريق إلى الماء أو نحوه‪ ،‬ويستدل لجواز التيمم مع وجود‬
‫الماء في حالة الخوف من الهالك من استعمال الماء بحديث (فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت)(‪ )2‬الحديث دليل على جواز التيمم مع‬
‫وجود الماء لمن خاف على نفسه الهالك من استعمال الماء البارد ولم يكن له وسيلة لتدفئته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب إذا خاف البرد الجنب أيتيمم‪ .‬حديث رقم (‪ )334‬بلفظ (عن عمرو بن العا قال‪ :‬احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات‬
‫السالسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي ‪ ‬فقال‪ :‬يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني‬
‫من االغتسال وقلت‪ :‬إني سمعت اهلل يقول‪ :‬وال تقتلوا أنفسكم إن اهلل كان بكم رحيما‪ ،‬فضحك رسول اهلل ‪ ‬ولم يقل شيئا‪ ).‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي‬
‫داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫مغابن البدن‪ :‬بواطن األفخاذ واآلباط‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الجنب‪ :‬من و جب عليه الغسل بعد التقاء الختانين أو القذف‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬شروط التيمم‬

‫‪ ‬نية التيمم‬
‫‪ ‬طلب الماء‬
‫‪ ‬دخول الوقت‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬شروط التيمم‬

‫نية التيمم‬

‫الصحيح‪ :‬أن النية شرط لصحة التيمم لحديث ( إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى‬
‫امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)(‪ )3‬التيمم عبادة من العبادات وعمل من األعمال العبادية التي يشترط لصحتها النية‪ ،‬والقول بعدم‬
‫شرطية النية في التيمم ال دليل عليه ال من الكتاب وال من السنة‪.‬‬

‫طلب املاء‬
‫الصحيح‪ :‬أن المتيقن بعدم الماء يصدق عليه أنه غير واجد للماء‪ ،‬فيجوز له التيمم بدون طلب للماء‪ ،‬وأما غير المتيقن فيجب عليه الطلب‬
‫والبحث عن الماء حتى يجد الماء أو يحصل له علم أو غلبة ظن بعدم الماء فيتيمم وال يشرع تكرار الطلب في المكان الواحد ألن الطالب‬
‫للماء قد صار لديه علم أو غلبة ظن بوجود الماء أو بعدمه في مكان الطلب‪.‬‬

‫دخول الوقت‬
‫الصحيح‪ :‬أن التيمم يصح قبل دخول الوقت أو بعده مثله مثل الوضوء‪ ،‬وأحكام التيمم مثل أحكام الوضوء في شروطه ونواقضه‪،‬‬
‫والوضوء الواحد يصح لعدة صلوات‪ ،‬والتيمم الواحد يصح لعدة صلوات‪ ،‬والتيمم جعله اهلل تيسيراً على األمة ورحمة بها ولكن بعض‬
‫العلماء شددوا فيه‪ ،‬واألصل أن جميع أحكام الوضوء تنتقل إلى التيمم ألن قياسه على الوضوء أقرب وأولى من قياسه على الصالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا‬
‫الليثي يقول‪ :‬سمعت عمر بن الخطأب ‪ ‬على المنبر‪ ،‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا‬
‫يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال‪ ،‬والمراد‪ :‬تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬صفة التيمم‬

‫‪ ‬حد مسح اليدين‬


‫‪ ‬عدد ضربات التيمم‬
‫‪ ‬إيصال التراب إلى أعضاء التيمم‬
‫‪ ‬وجود الماء‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬صفة التيمم‬

‫حد مسح اليدين‬


‫الصحيح‪ :‬مسح الكفين فقط لحديث عمار ‪ ‬بلفظ (يَكْفِيكَ ا ْلوَجْهَ وَالْكَ َف ْينِ)(‪ )3‬وقياس التيمم على الوضوء قياس غير صحيح ألنه مصادم‬
‫لحديث (يَكْفِيكَ الْوَجْهَ وَالْكَ َف ْينِ)‪ ،‬والقياس المصادم للنص فاسد االعتبار‪ ،‬واألقوال األخرى ضعيفة لمخالفتها للحديث الصحيح الصريح في‬
‫داللته على وجوب مسح الكفين فقط‪.‬‬

‫عدد ضربات التيمم‬


‫(‪)2‬‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يكفي ضربة واحدة للوجه والكفين لحديث(ومسح وجهه وكفيه واحدة) الحديث صريح الداللة أنه تكفي المتيممَ ضربة‬
‫واحدة ليمسح بها وجهه وكفيه‪ ،‬وقياس المخفف وهو التيمم على المثقل وهو الوضوء ال يصح‪ ،‬وحديث الضربتين ضعيف وال حجة فيه‬
‫وال يقوى على معارضة الحديث المتفق عليه فضالً عن أن يقدم في العمل عليه‪.‬‬

‫إيصال الرتاب إىل أعضاء التيمم‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يشترط في صحة التيمم أن يلتصق التراب بالجسد ألن المسألة تعبدية‪ ،‬وألن النبي ‪ ‬نفخ قبل أن يمسح بهما وجهه وكفيه‬
‫في حديث تعليمه ‪ ‬لعمار بن ياسر ‪ ‬كيفية التيمم وهو بلفظ (فضرب النبي ‪ ‬بكفيه األرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه‬
‫وكفيه)(‪ )3‬ونفخ النبي ‪ ‬في كفيه هو لتخفيف التراب العالق بكفيه ألنه ليس القصد من التيمم تعفير الوجه والكفين بالتراب وإنما المسألة‬
‫تعبدية‪ ،‬والواجب هو ضرب األرض بالكفين ومسح الوجه والكفين بهما وال يشترط تعميم الوجه والكفين بالتراب كما يشترط تعميم‬
‫أعضاء الوضوء بالماء‪ ،‬وإنما يكفي إيصال التراب إلى بعض أجزاء الوجه والكفين‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن المواالة واجبة كما هي واجبة في غسل أعضاء الوضوء ألن التيمم طهارة بديلة عن الوضوء في الطهارة الصغرى وعن‬
‫الغسل في الطهارة الكبرى ولبيان النبي ‪ ‬في حديث عمار بن ياسر ‪ ‬الذي بين فيه كيفية التيمم فبدأ فيه بمسح وجهه وأعقبه مسح كفيه‬
‫بدون أي فصل زمني أو تراخ بين مسح وجهه وكفيه ‪ ،‬وتعليم النبي ‪ ‬هو بيان لألمر المجمل بالتيمم في قوله تعالى { َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ ِبوُجُوهِكُمْ وََأ ْيدِيكُم ِمنْهُ}(‪ )4‬وتعليم النبي ‪ ‬لبيان األمر الواجب يكون واجباً‪.‬‬
‫َ‬

‫وجود املاء‬
‫الصحيح‪ :‬أن التيمم بدل عن الماء فإذا قد وجد الماء بطل التيمم‪ ،‬وهو يقوم مقام الماء في الطهارة فيرفع الحدث األكبر واألصغر‪ ،‬وإذا‬
‫ُوجد الماء في أثناء صالة المتيمم فإنه ينتقض التيمم وتبطل الصالة‪ ،‬وال حجة لمن يحتج بعدم نقض التيمم لمن يطرأ عليه الماء وهو في‬
‫الصالة لقوله تعالى { يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُوا أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَسُولَ وَلَا ُتبْطِلُوا َأعْمَالَكُمْ}(‪ )5‬ألن هذا المتيمم لم يبطل الصالة بإرادته‬
‫وإنما أبطلها وجود الماء وهو في حال الصالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التيمم‪ :‬باب التيمم للوجه والكفين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 341‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قال‪ :‬قال عَمَارٌ لِعُمَرَ تَمَرغْتُ فَأَتَيْتُ النَبِيَ صَلَى‬
‫ك الْوَجْهَ وَالْكَفَيْنِ)‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم فَقال‪ :‬يَكْفِي َ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تمرغت‪ :‬تقلبت في التراب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التيمم‪ :‬باب التيمم ضربة‪ .‬حديث رقم (‪ )334‬بلفظ‪( :‬عن شقيق قال‪ :‬كنت جالسا مع عبد اهلل وأبي موسيى األشيعري فقيال ليه أبيو موسيى‬
‫لو أن رجال أجنب فلم يجد الماء شهرا أما كان يتيمم ويصلي فكيف تصنعون بهذه اآلية في سورة المائدة فلم تجيدوا مياء فتيمميوا صيعيدا طيبيا‪ ،‬فقيال عبيد اهلل‪ :‬ليو‬
‫رخص لهم في هذا ألوشكوا إذا برد عليهم المياء أن يتيمميوا الصيعيد‪ ،‬قليت‪ :‬وإنميا كيرهتم هيذا ليذا ‪ ،‬قيال‪ :‬نعيم‪ ،‬فقيال أبيو موسيى‪ :‬أليم تسيمع قيول عميار‪ :‬لعمير ‪،‬‬
‫بعثني رسول اهلل ‪ ‬في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة فذكرت ذلك للنبي ‪ ‬فقال‪ :‬إنما كيان يكفييك أن تصينع هكيذا فضيرب بكفيه‬
‫ضربة على األرض ثم نفضها ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسيح بهميا وجهيه‪ ،‬فقيال عبيد اهلل‪ :‬أفليم تير عمير ليم يقنيع بقيول عميار‪ ،‬وزاد‬
‫يعلى عن األعمش عن شقيق كنت مع عبد اهلل وأبي موسى فقال أبو موسى‪ :‬ألم تسمع قول عمار لعمر إن رسول اهلل ‪ ‬بعثني أنا وأنت فأجنبيت فتمعكيت بالصيعيد‬
‫فأتينا رسول اهلل ‪ ‬فأخبرناه فقال‪ :‬إنما كان يكفيك هكذا ومسح وجهه وكفيه واحدة)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجه في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬التيمم‪.‬‬
‫التمعك‪ :‬التمرغ والتقلب في التراب‪.‬‬ ‫الصعيد‪ :‬وجه األرض أو التراب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عمار بن ياسر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)347‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬محمد‪.)33( :‬‬
‫‪74‬‬
‫الباب اخلامس‪ :‬الطهارة من النجس‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬تعريف الطهارة من النجس‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬أنواع النجاسات‪.‬‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬المواضع التي يجب إزالة النجاسة منها‬
‫‪ ‬الفصّل الرابع‪ :‬الشيء الذي تطهر به المتنجسات‬
‫‪ ‬الفصّل الخامس‪ :‬صفة إزالة النجاسة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الطهارة من النجس‬

‫‪ ‬تعريف الطهارة‬
‫‪ ‬مشروعية الطهارة من النجاسة‬

‫‪ ‬وجوب الطهارة من النجاسات‬

‫‪76‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الطهارة من النجس‬
‫تعريف الطهارة‬
‫الطهارة (لغة)‪ :‬النظافة والنزاهة عن األقذار الحسية‪.‬‬

‫الطهارة (شرعاً)‪ :‬المقصود بها وجوب طهارة بدن وثوب ومكان المصلي أو المصلية‪.‬‬

‫مشروعية الطهارة من النجاسة‬

‫طهِرْ}(‪ )1‬وأما من السنة فحديث ( َت َوضَ ْأ‬ ‫الطهارة من النجاسات الحسية مشروعة بالكتاب والسنة‪ ،‬أما من الكتاب فقوله تعالى { َو ِثيَا َبكَ فَ َ‬
‫سلْ ذَكَ َراَ) (‪ )2‬وحديث (دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا ِمنْ مَاءٍ َأوْ َذنُوبًا ِمنْ مَاءٍ)(‪ )3‬وحديث (فَِإذَا أَقْبَلَتْ َ‬
‫ح ْيضَ ُتكِ فَ َدعِي الصَلَاةَ وَِإذَا‬ ‫وَاغْ ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫ع ْنكِ الدَمَ ثُمَ صَلِي) ‪.‬‬
‫َأ ْدبَرَتْ فَاغْسِلِي َ‬

‫وجوب الطهارة من النجاسات‬

‫الصحيح‪ :‬أن طهارة ثوب المصلي وبدنه ومكانه واجبة ألن األدلة تدل على الوجوب فقوله تعالى { َو ِثيَا َبكَ فَطَهِرْ}(‪ )5‬يحمل على الحقيقة‬
‫ح ْيضَةِ فَلْتَقْ ُرصْهُ‬
‫حدَا ُكنَ الدَمُ ِمنْ الْ َ‬
‫وعلى المجاز وفي اآلية داللة على وجوب غسيل ثياب المصلي من النجاسة‪ ،‬وحديث ( ِإذَا َأصَابَ َثوْبَ إِ ْ‬
‫(‪)7‬‬
‫سلْ ذَكَ َراَ) داللة‬ ‫ثُمَ لِ َت ْنضَحْهُ بِمَاءٍ ثُمَ ِل ُتصَلِي فِيهِ)(‪ )6‬فيه داللة آيضا على وجوب غسل ثياب المرأة للصالة‪ ،‬وفي حديث ( َت َوضَأْ وَاغْ ِ‬
‫(‪)5‬‬
‫ع ْنكِ الدَمَ ثُمَ صَلِي)‬ ‫ح ْيضَ ُتكِ َف َدعِي الصَلَاةَ وَِإذَا َأ ْدبَرَتْ فَاغْسِلِي َ‬ ‫على وجوب غسل بدن المصلي من المذي‪ ،‬وفي حديث (فَِإذَا أَ ْقبَلَتْ َ‬
‫سلَ فَرْجَهُ وَمَا َأصَابَهُ ِمنْ الَْأذَى)(‪ )1‬دليل على وجوب غسل‬ ‫داللة على وجوب غسل بدن المصلية من دم الحيض‪ ،‬وفي حديث ( َوغَ َ‬
‫(‪)10‬‬
‫عنْهُ)‬
‫ب ِبهَا فَِإنَهَا تَجْزِي َ‬ ‫ستَطِ ْ‬ ‫حدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَ ْليَذْهَبْ مَعَهُ ِبثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَ ْليَ ْ‬‫الفرجين من البول والغائط بالماء‪ ،‬وفي حديث(ِإذَا ذَهَبَ أَ َ‬
‫دليل على وجوب طهارة الفرجين من النجاسة بثالثة أحجار في حال عدم الماء أو قلته أو تعذر استعماله في طهارة الفرحين‪ ،‬وفيه دليل‬
‫على جواز استعمال األحجار بدال عن الماء في غسل الفرجين من الغائط أو البول‪ ،‬وفي حديث ( َدعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى َبوْلِهِ سَجْلًا ِمنْ مَاءٍ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المدثر‪.)4( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب غسل المذي والوضوء منه‪ .‬حديث رقم (‪ )261‬بلفظ (عن علي قال‪ :‬كنت رجال مذاء فأمرت رجال أن يسيأل النبيي ‪ ‬لمكيان‬
‫ابنته فسأل فقال‪ :‬توضأ واغسل ذكرا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة ‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬العلم‪ ،‬الوضوء‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن أَبَا هُرَيْ َرةَ‬ ‫ن مَسْعُو ٍد أَ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب صب الماء على البول في المسجد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 220‬بلفظ (عن عُبَيْ ُد اللَ ِه بْنُ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عُتْبَ َة بْ ِ‬
‫قال‪ :‬قَامَ أَعْرَابِيٌ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَاسُ فَقال لَهُمْ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ مَ‪ :‬دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَمَا بُعِثْتُ ْم‬
‫ن وَلَ ْم تُبْعَثُوا مُعَسِرِينَ)‬
‫مُيَسِرِي َ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪.‬‬
‫الذنوب‪ :‬دلو كبير‪.‬‬ ‫السجل‪ :‬الدلو‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أهرق‪ :‬أراق وصب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪:‬كتاب الوضوء‪ :‬باب غسل الدم‪ .‬حديث رقم(‪ )221‬بلفك (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنِي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ‪ ،‬أَفَأَدَعُ الصَلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَا‪ ،‬إِنَمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ‪ ،‬فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ‬
‫ك الدَ َم ثُ َم صَلِي)‬ ‫ت فَاغْسِلِي عَنْ ِ‬ ‫فَدَعِي الصَلَاةَ‪ ،‬وَإِذَا أَدْبَرَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الحيض واالستحاضة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجه في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي‬
‫مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة ‪.‬‬
‫عرق‪ :‬دم ليس بدم حيض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬االستحاضة‪ :‬استمرار خروج الدم بعد أيام الحيض‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المدثر‪.)4( :‬‬
‫‪6‬‬
‫ت امْرَأَةٌ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ‬ ‫ق أَنَهَا قالت‪ :‬سَأَلَ ْ‬ ‫ت أَبِي بَكْ ٍر الصِدِي ِ‬
‫ن أَسْمَا َء بِنْ ِ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب غسل دم الحيض‪ .‬حديث رقم (‪ ) 307‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن الدَمُ‬ ‫ب إِحْدَاكُ َ‬ ‫ب ثَوْ َ‬‫ف تَصْنَعُ ؟ فَقال‪ :‬رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم إِذَا أَصَا َ‬ ‫ن الْحَيْضَةِ كَيْ َ‬ ‫ب ثَوْبَهَا الدَمُ مِ ْ‬
‫ت إِحْدَانَا إِذَا أَصَا َ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقالت‪ :‬يَ ا رَسُو َل اللَ ِه أَرَأَيْ َ‬
‫ن الْحَيْضَ ِة فَلْتَقْرُصْ ُه ثُمَ لِتَنْضَحْهُ بِمَا ٍء ثُ َم لِتُصَلِي فِيهِ)‪.‬‬ ‫مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة‪،‬‬
‫ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الوضوء‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علي رضي اهلل عنه برقم (‪.)261‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي اهلل عنها برقم (‪)307‬‬
‫‪1‬‬
‫ن مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَبِيِ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قالت‪ :‬تَوَضَأَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب الوضوء قبل الغسل‪ .‬حديث رقم (‪ )241‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن الْجَنَابَةِ)‬
‫ض عَلَيْ ِه الْمَا َء ثُ َم نَحَى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا هَذِهِ غُسْلُهُ مِ ْ‬‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم وُضُوءَهُ لِلصَلَاةِ غَيْ َر رِجْلَيْ ِه وَغَسَ َل فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَ ُه مِنْ الْأَذَى ثُ َم أَفَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الغسل والتيمم‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدارمي في الطهارة‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الطهار ة‪ :‬باب اإلجتزاء في االستطابة بالحجارة دون غيرها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 44‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ب بِهَا فَإِنَهَا تَجْزِي عَنْهُ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ب مَعَ ُه بِثَلَاثَ ِة أَحْجَارٍ فَلْيَسْتَطِ ْ‬
‫ب أَحَدُكُ ْم إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَ ْ‬‫قال‪ :‬إِذَا ذَهَ َ‬
‫أخرجه أبوداود في الطهارة‪.‬‬
‫االستطابة‪ :‬التطهر بعد قضاء الحاجة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغائط‪ :‬مكان قضاء الحاجة‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سبْعَ مِرَارٍ)‬ ‫َأوْ َذنُوبًا مِنْ مَاءٍ)(‪ )1‬دليل على وجوب غسل مكان المصلي وفي حديث (ِإذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي ِإنَاءِ أَ َ‬
‫حدِكُمْ فَ ْليُرِقْهُ ثُمَ ِليَغْسِلْهُ َ‬
‫دليل على وجوب غسل اإلناء من لعاب الكلب فهذه األدلة وغيرها من أدلة تطهير المتنجسات تفيد الوجوب وهي معقولة المعنى ألنها‬
‫للنظافة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ن أَبَا هُرَيْ َر َة‬ ‫ن مَسْعُو ٍد أَ َ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب صب الماء على البول في المسجد‪ .‬حديث رقم (‪ )220‬بلفظ (عن عُبَيْ ُد اللَ ِه بْنُ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عُتْبَ َة بْ ِ‬
‫قال‪ :‬قَامَ أَعْرَابِيٌ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَاسُ فَقال لَهُمْ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَمَا بُعِثْتُ ْم‬
‫ن وَلَ ْم تُبْعَثُوا مُعَسِرِينَ)‬ ‫مُيَسِرِي َ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪.‬‬
‫الذنوب‪ :‬دلو كبير‪.‬‬ ‫السجل‪ :‬الدلو‪.‬‬ ‫معاني األل فاظ‪ :‬أهرق‪ :‬أراق وصب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم ولوغ الكلب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 646‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال‪ :‬قال‪ :‬رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي‬
‫إِنَا ِء أَحَدِكُ ْم فَلْيُرِقْ ُه ثُ َم لِيَغْسِلْ ُه سَبْ َع مِرَارٍ)‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫اإلراقة‪ :‬سكب ما بدا خل اإلناء‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الولوغ‪ :‬الشرب بطرف اللسان‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أنواع النجاسات‪.‬‬

‫ميتة الحيوان‬ ‫‪‬‬


‫أجزاء الميتة‬ ‫‪‬‬
‫جلود الميتة‬ ‫‪‬‬
‫دم الحيوان‬ ‫‪‬‬
‫البول والروث‬ ‫‪‬‬
‫ما يعفى عنه من النجاسات‬ ‫‪‬‬
‫المني‬ ‫‪‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أنواع النجاسات‪.‬‬

‫األصل في األشياء الطهارة وال ينقل عنها شيء إال ما دل الدليل الصحيح الصريح على نجاسته‪.‬‬

‫ميتة احليوان‬
‫الصحيح‪ :‬طهارة الميتة ألن األصل فيها الطهارة ولعدم وجود دليل صحيح صريح بنجاسة الميتة ولقول النبي ‪ ‬في شاة ميمونة (إنما‬
‫حرم أكلها) بعد قوله ‪( ‬هال انتفعتم بإهابها‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنها ميتة)(‪ )1‬وتحريم أكلها ال يفيد نجاستها‪ ،‬وأما االستدالل بقوله تعالى {حُرِمَتْ‬
‫عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ}(‪ )2‬فهو استدالل غير صريح على نجاسة الميتة واآليتان صريحتان في داللتهما على تحريم أكل لحم الميتة وال تالزم بين‬
‫تحريم الميتة ونجاستها فكم من محرم األكل أو االنتفاع وهو طاهر العين كتحريم بيع البر بالبر والتمر بالتمر وغيرها من أنواع الربويات‬
‫إال مثالً بمثل ويداً بيد مع أن أعيان هذه األشياء طاهرة‪ ،‬وما قطع من أجزاء اإلنسان المسلم بعملية جراحية فهو طاهر لحديث (إن المسلم‬
‫ال ينجس حياً وال ميتاً)(‪ )1‬وليس على القول بنجاسة جسد المسلم بعد موته دليل ال من الكتاب وال من السنة ال من قول النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره‪.‬‬

‫أجزاء امليتة‬
‫الصحيح‪ :‬أن أجزاء الميتة كلها طاهرة ألن األصل في أجزاء الميتة الطهارة‪.‬‬

‫جلود امليتة‬
‫(‪)4‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن جلود الميتة طاهرة ألن األصل في األشياء الطهارة‪ ،‬ولحديث (هَلَا انْتَ َفعْ ُتمْ بِجِلْدِهَا‪ ،‬قَالُوا‪ :‬إِنَهَا مَيْ َتةٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَمَا حَ ُرمَ أَكْلُهَا)‬
‫(‪)5‬‬
‫في الحديث داللة على جواز االنتفاع بجلود ميتة الحيوان‪ ،‬واالنتفاع فرع الطهارة‪ ،‬وأما االستدالل برواية (إِذَا دُ ِبغَ الْ ِإهَابُ فَقَدْ طَهُرَ)‬
‫ورواية (أيما إهاب دبغ فقد طهر)(‪ )6‬على نجاسة جلود الميتة فهو استدالل ضعيف ألن مفهوم لفظ (فقد طهر) أن جلود الميتة نجسة‪ ،‬وهذا‬
‫المفهوم يعارضه األصل في األشياء الطهارة وال ينقل ع ن أصل الطهارة إال ناقل صحيح صريح خال عن المعارضة‪ ،‬وهذه الروايتان ال‬
‫تقوى على نقل جلود الميتة من أصل الطهارة إلى النجاسة ألنها معارضتان بمنطوق الحديث المتفق عليه (هال انتفعتم بإهابها) ومن‬
‫المعلوم في قواعد الترجيح بين األحاديث تقديم العمل بالحديث المتفق عليه على حديث ينفرد به أحد الشيخين وحديث (إذا دبغ اإلهاب فقد‬
‫طهر) انفرد به مسلم وحديث (أيما إهاب دبغ فقد طهر) لم يخرج في الصحيحين‪ ،‬وإذا تعارض ما في الصحيحين مع ما في غيرهما فيقدم‬
‫ما في الصحيحين على ما في غيرهما من كتب الحديث‪ ،‬ويقدم الحديث المتفق عليه الدال على جواز االنتفاع بجلود الميتة وعلى طهارتها‬
‫على حديث (ال تنتفعوا من الميتة بإهاب وال عصب)(‪ )7‬هذا الحديث وإن كان األلباني قد صححه في صحيح أبي داود فقد ضعفه بعض‬
‫علماء الحديث بانه مرسل ومضطرب السند ويكفي في تضعيفه مخالفته لنص ومضمون الحديث المتفق عليه المؤكد والمقوي لألصل في‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1412‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫وَجَدَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَ لَيْهِ وَسَلَمَ شَاةً مَيِتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَدَقَةِ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَ لَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬هَلَا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا‪ ،‬قَالُوا‪ :‬إِنَهَا مَيْتَةٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَمَا‬
‫حَرُ َم أَكْلُهَا)‬
‫اخرجه مسلم في ا لحيض‪ ،‬والترمذي في اللباس‪ ،‬والنسائي في الفرع والعتيرة‪ ،‬وأبو داود في اللباس‪ ،‬وابن ماجة في اللباس‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪،‬‬
‫ومالك في الصيد‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)3( :‬‬
‫‪3‬‬
‫ض‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب عرق الجنب و أن المسلم ال ينجس‪ .‬حديث رقم (‪ )523‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَقِيَهُ فِي بَ ْع ِ‬
‫طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ‪ ،‬فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ‪ ،‬فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَ فَقَالَ‪ :‬أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ‪ :‬كُنْتُ جُنُبًا‪ ،‬فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ‪ ،‬فَقَالَ‬
‫ن الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)‬ ‫ن اللَهِ! إِ َ‬ ‫سُبْحَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬انحنست‪ :‬مضيت عنه مستخفيا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫س رَضِ َ‬ ‫ن ابْنِ عَبَا ٍ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )1217‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬هَلَا انْتَفَعْتُ ْم بِجِلْدِهَا‪ ،‬قَالُوا‪ :‬إِنَهَا مَيْتَةٌ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ن الصَدَقَةِ‪ ،‬فَقَا َل النَبِ ُ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ هِ وَسَلَ َم شَاةً مَيِتَ ًة أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَ َة مِ ْ‬ ‫وَجَ َد النَبِ ُ‬
‫إِنَمَا حَرُ َم أَكْلُهَا)‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في اللباس‪ ،‬والنسائي في الفرع والعتيرة‪ ،‬وأبوداود في اللباس‪ ،‬وابن ماجه في اللباس‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪،‬‬
‫ومالك في الصيد والدارمي في االضاحي ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب طهارة جلد الميتة بالدباغ‪ .‬حديث رقم (‪ )510‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‬
‫ب فَقَدْ طَهُرَ)‬ ‫يَقُولُ‪ :‬إِذَا دُبِ َغ الْإِهَا ُ‬
‫أخرجه الترمذي في اللباس‪ ،‬والنسائي في الفرع والعتيرة‪ ،‬وأبوداود في اللباس‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في الصيد و‪ ،‬والدارمي في األضاحي ‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الدباغ‪ :‬عملية لتطير الجلد‪ .‬اإلهاب‪ :‬الجلد قبل الدباغ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)504‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي ‪ :‬كتاب اللبا س ‪:‬باب ماجاء في جلوج الميتة إذا دبعت‪ .‬حديث رقم (‪ )1721‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُكَيْمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ) صححه األلباني في صحيح أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أبوداد في اللباس ‪ ،‬وابن ماجه في اللباس ‪.‬‬
‫معاني األلفاظ ‪ :‬اإلهاب ‪ :‬الجلد قبل الدبغ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫جواز االنتفاع بجلود الميتة وطهارتها‪ ،‬وكذا جلود الحيوانات كالفرس والبغل والحمار والسباع وغيرها من الحيوانات األصل طهارتها‬
‫وجواز االنتفاع بها‪.‬‬

‫دم احليوان‬
‫الصحيح‪ :‬أن الدماء طاهرة ألن األصل فيها الطهارة ويستثنى منها دم الحيض والنفاس فهو نجس لورود الدليل على نجاسته في‬
‫حديث( إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصالة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي)(‪ )3‬الحديث دليل‬
‫على نجاسة دم الحيض ألنه ال يجب الغسل إال من نجاسة‪ ،‬ودليل نجاسة دم النفاس اإلجماع وقياسه على دم الحيض‪ ،‬وأما االستدالل على‬
‫جدُ فِي مَا ُأوْحِيَ إِلَيَ مُحَرَماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِالَ أَن يَكُونَ َم ْيتَةً َأوْ دَماً مَسْفُوحاً َأوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ‬
‫نجاسة سائر الدماء بقوله تعالى { قُل الَ أَ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫غيْرَ بَاغٍ وَالَ عَادٍ فَِإنَ َر َبكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فهو استدالل غير صحيح ألن سياق اآلية‬ ‫فَِإنَهُ رِجْسٌ َأوْ فِسْقاً أُ ِهلَ لِ َغيْرِ اللّهِ بِهِ فَ َمنِ اضْطُرَ َ‬
‫في بيان تحريم شرب الدماء ال في بيان نجاسة الدماء‪ ،‬وال داللة في اآلية على نجاسة الدماء ال قليلها وال كثيرها ال بمطابقة وال تضمن‬
‫وال التزام‪.‬‬

‫البول والروث‬
‫الصحيح‪ :‬أن بول جميع الحيوانات طاهر ألن األصل فيها الطهارة‪ ،‬وألنه لم يرد دليل صحيح صريح يدل على نجاسة أبوال الحيوانات أو‬
‫أي منها‪ ،‬وحديث (ال بأس ببول ما يؤكل لحمه ) ضعيف وال حجة فيه وال ينقل أبوال الحيوانات التي ال يؤكل لحمها عن أصل الطهارة‬
‫ألنه ال ينقل عنها إال دليل صحيح صريح في داللته على النجاسة وال يوجد دليل بهذا الوصف دال على نجاسة أبوال الحيوانات‪ ،‬وأما بول‬
‫اإلنسان فنجس لحديث (صبوا عليه ذنوبا من ماء)(‪ )1‬ودليل نجاسة بول الصبي الرضيع حديث (يُغْ َ‬
‫سلُ ِمنْ َب ْولِ الْجَا ِريَةِ َويُرَّشُ ِمنْ َب ْولِ‬
‫الْغُلَامِ)(‪.)4‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن رجيع جميع الحيوانات طاهر‪ ،‬ألن األصل فيها الطهارة إال الروثة وهي روثة الحمار ويقاس عليها روثة الخيل والبغل ألن‬
‫روثة الخيل والبغل تسمى في اللغة العربية (روثة) فتأخذ حكم روثة الحمار من النجاسة لالشتراك في االسم‪ ،‬وما يخرج من الحيوانات‬
‫األخرى ال يسمى روثاً وإنما يسمى رجيعاً واألصل بقاؤها على أصل طهارتها لعدم وجود دليل صحيح صريح يدل على نجاستها‪ ،‬وأما‬
‫صلّ فيهِمَا)(‪ .)5‬المراد‬
‫حدُكُم إِلَى المَسْجِد فَ ْليَنّْظُرْ فِإنْ رَأَى في نَعْلَيهِ َقذَراً َأوْ َأذًى فَلْيمْسَحَهُ وَ ْل ُي َ‬
‫غائط اإلنسان فنجس لحديث (إِذَا جاءَ أَ َ‬
‫بالخبث في الحديث النجاسة من غائط اإلنسان‪ ،‬وأمااالستدالل على نجاسة أبوال الحيوانات أو بعضها من النهي عن الصالة في معاطن‬
‫اإلبل في حديث ( ُأصَلِي فِي مَرَا ِبضِ الْ َغنَمِ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قال‪ُ :‬أصَلِي فِي َمبَا ِراِ الِْإ ِبلِ؟ قال‪ :‬لَا)(‪ )6‬فهو استدالل ضعيف ال صراحة فيه على‬
‫نجاسة األبوال أو الرجيع الخارج من الحيوانات ألن العلة في النهي عن الصالة في معاطن اإلبل ليست نجاسة رجيعها وإنما هي لتشويش‬
‫اإلبل بأصواتها وحركاتها على المصلي في أعطانها‪ ،‬والقول بنجاسة أبوال ورجيع الحيوانات بالقياس على بول وغائط اإلنسان قول‬
‫ضعيف لعدم العلة الجامعة بين بول وغائط اإلنسان وبول ورجيع الحيوانات والختالف اإلنسان عن الحيوانات في االسم والماهية والحكم‪،‬‬
‫واألحكام المتعلقة باإلنسان تختلف عن األحكام المتعلقة بالحيوان في كثير من األمور‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث فاطمة بنت حبيش رضي اهلل عنها برقم (‪.)256‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنعام‪)145( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب ترا النبي ‪ ‬والناس األعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد‪ .‬حديث رقم (‪ )220‬بلفظ (أن أبا هريرة قال‪ :‬قام أعرابي‬
‫ال من ماء أو ذنوبا من ماء ’ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)‪.‬‬ ‫فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي ‪ :‬دعوه وهريقوا على بوله سج ً‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫ذنوباً‪ :‬دلو كبير‪.‬‬ ‫سجالً‪ :‬دلو‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬هريقوا‪ :‬أريقوا و صبوا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب بول الصبي‪ .‬حديث رقم (‪ )376‬بلفظ (عن أَبُو السَمْحِ قَالَ‪ :‬كُنْتُ أَخْدِمُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِ َل‬
‫قَالَ‪ :‬وَلِنِي قَفَااَ‪ ،‬فَأُوَلِيهِ قَفَايَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ‪ ،‬فَأُتِيَ بِحَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ فَقَالَ‪ :‬يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَّشُ مِنْ بَوْلِ‬
‫الْغُلَامِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪ .‬قال‪ :‬قتادة وهذا ما لم يطعما فإذا طعما غسال جميعا‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪.‬‬
‫الجارية‪ :‬الطفلة حديثه الوالدة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النضح‪ :‬البل بالماء والرّش‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الصالة في النعل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 65‬بلفظ (عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قال‪ :‬بَيْنَمَا رسولُ اهلل ‪ ‬يُصَلّي بأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ‬
‫فَوضَعَهُمَا عن يَسَارِ هِ‪ ،‬فَلمّا رَأَى ذَلِكَ الْقُوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ‪ ،‬فَلمّا قَضَى رسولُ اهلل ‪ ‬صَالَتَهُ قال‪ :‬مَا حَمَلَكُم عَلَى إِلْقَائِكُم نِعَالَكُم؟ قالُوا‪ :‬رَأَيْنَااَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فأَلْقَيْنَا‬
‫نِعَالَنَا‪ ،‬فقال‪ :‬رسولُ اهلل ‪( :‬إِنّ جِبْرِيلَ ‪ ‬أَتَاني فأَخْبَرَنِي أَنّ فِيهِمَا قَذَراً‪ ،‬أَو قال‪ :‬أَذًى‪ ،‬وقال‪ :‬إِذَا جاءَ أَحَدُكُم إِلَى المَسْجِد فَلْيَنّْظُرْ فإِنْ رَأَى في نَعْلَيهِ قَذَراً أَوْ أَذًى‬
‫فَلْيمْسَحَهُ وَلْيُصَ ّل فيهِمَا)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬قذرًا أو أذى‪ :‬أي نجاسة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب الوضوء من لحوم اإلبل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 500‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫َأَتَوَ ضَأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قال‪ :‬إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَأْ‪ ،‬وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَأْ‪ ،‬قال‪ :‬أَتَوَضَأُ مِنْ لُحُومِ الْإِ بِلِ؟ قال‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَتَوَضَأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ‪ ،‬قال‪ :‬أُصَلِي فِي مَرَا ِبضِ الْغَنَمِ؟‬
‫ا الْإِبِلِ؟ قال‪ :‬لَا)‪.‬‬ ‫قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قال‪ :‬أُصَلِي فِي مَبَارِ ِ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المربض‪ :‬مأوى الغنم ومباركها‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫ما يعفى عنه من النجاسات‬
‫الصحيح‪ :‬أن قلي ل النجاسة وكثيرها سواء فكل نجاسة وقعت في ثوب اإلنسان أو بدنه يجب غسلها سواء كانت قليلة أو كثيرة وسواء كانت‬
‫مغلظة أو مخففة‪ ،‬واالستجمار باألحجار خاص بقضاء الحاجة ال يقاس عليه‪.‬‬

‫املني‬
‫الصحيح‪ :‬أن المني طاهر ألن األصل في كل شيء الطهارة ولحديث عائشة رضي اهلل عنها أنها كانت تفرك المني من ثوب النبي ‪‬‬
‫بيدها ولم تغسله بالماء‪ ،‬ولو كان المني نجساً لما كفى في تطهيره الفرك بل ألوجب الرسول ‪ ‬الغسل في تطهيره كما في سائر النجاسات‬
‫األخرى التي أوجب الشرع في تطهيرها الغسل بالماء بأدلة صحيحة صريحة بوجوب الغسل‪ ،‬واألحاديث التي وردت في المني هي أن‬
‫عائشة رضي اهلل عنها كانت تفركه إذا كان يابساً أو تحكه أو تسلته إذا كان رطباً‪ ،‬والحت والحك والسلت ال يذهب عين المني وإنما يذهب‬
‫بعضاً ويبقي بعض أجزائه المختلط بالثياب ولو كان نجساً لوجب في تطهيره استعمال الماء إلذهاب عين النجاسة كلها حتى ال يبقى منها‬
‫شيء‪ ،‬والرواية التي وردت بغسل النبي ‪ ‬للمني ال تدل على نجاسة المني وأنه يجب غسل ما علق منه في الثياب أو البدن وإنما تفيد‬
‫الغسل للنظافة بداللة االكتفاء بالفرك أو الحك أو السلت من أجل النظافة في الروايات الصحيحة األخرى‪ ،‬منها حديث عائشة رضي اهلل‬
‫عنها بلفظ (ولقد رأيتني أفركه من ثوب رسول اهلل ‪ ‬فركاً فيصلي فيه)(‪ )1‬وفي رواية (لقد رأيتني وإني ألحكه من ثوب رسول اهلل ‪‬‬
‫يابساً بّظفري)(‪ )2‬وفي رواية (أن رسول اهلل ‪ ‬كان يغسل المني ثم يخرج إلى الصالة في الثوب)(‪ ،)3‬وتنوع أساليب إزالة المني من‬
‫ثوب رسول اهلل ‪ ‬من ف رك وحك وسلت وغسل يدل داللة واضحة على طهارة المني وعلى ضعف القول بنجاسته ألن النجاسة ال يذهب‬
‫عينها الحت أو الفرك أو الحك أو السلت وإنما يذهب عينها الغسل بالماء فقط‪ ،‬وأما القول بقياس المني على المذي في االستدالل على‬
‫نجاسة المني فقول ضعيف ألن القياس ال يقوى ع لى نقل المني عن أصل الطهارة‪ ،‬واألصل أقوى من القياس في االستدالل‪ ،‬واألحاديث‬
‫كلها ليس فيها دليل أن النبي ‪ ‬أمر بغسل المني وإنما هي من فعل عائشة رضي اهلل عنها حرصاً منها على نظافة ثياب رسول اهلل ‪،‬‬
‫وفرك المني من الثوب هو كفرك النخامة منه من أجل النظافة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم المني‪ .‬حديث رقم (‪ )666‬بلفظ (عَنْ عَلْقَمَةَ وَاألَسْوَدِ‪ ،‬أَنَ رَجُالً نَزَلَ بِعَائِشَةَ‪ .‬فَأَصْبَحَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ‪ .‬فَقالت‪ :‬عَائِشَةُ‪ :‬إِنَمَا‬
‫ن ثَوْبِ رَسُو ِل اللّ ِه فَرْكاً‪ ،‬فَيُصَلِي فِيهِ)‪.‬‬ ‫ت حَوْلَهُ‪ ،‬وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْرُكُه ُ مِ ْ‬ ‫ن لَ ْم تَرَ‪ ،‬نَضَحْ َ‬
‫ن تَغْسِلَ مَكَانَهُ‪ ،‬فَإِ ْ‬
‫ن يُجْزِئُكَ‪ ،‬إِنْ رَأَيْتَهُ‪ ،‬أَ ْ‬
‫كَا َ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النضح‪ :‬البل بالماء والرّش‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم المني‪ .‬حديث رقم (‪ )672‬بلفظ (عن أَبُو الْأَحْ َو ِ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ شِهَابٍ الْخَوْلَانِيِ قَالَ كُنْتُ نَازِلًا‬
‫عَلَى عَائِشَةَ فَاحْتَلَمْتُ فِي ثَوْبَيَ فَغَمَسْتُهُمَا فِي الْمَاءِ فَرَأَتْنِي جَارِيَةٌ لِعَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَبَعَثَتْ إِلَيَ عَائِشَةُ فَ قَالَتْ‪ :‬مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ بِثَوْبَيْكَ؟ قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬رَأَيْتُ مَا‬
‫يَرَى النَائِمُ فِي مَنَامِهِ‪ :‬قَالَتْ‪ :‬هَلْ رَأَيْتَ فِيهِمَا شَيْئًا؟ قُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَلَوْ رَأَيْتَ شيئاً غَسَلْتَهُ‪ ،‬لَقَدْ رَأَيْتُنِي‪ ،‬وَإِنِي لَأَحُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫يَابِسًا بِّظُفُرِي)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ب الرَجُ ِل أَيَغْسِلُهُ‬
‫ب ثَوْ َ‬‫ي يُصِي ُ‬ ‫ن الْمَنِ ِ‬ ‫ن يَسَارٍ عَ ْ‬ ‫ن بْ َ‬
‫ت سُلَيْمَا َ‬
‫ن قَا َل سَأَلْ ُ‬
‫ن مَيْمُو ٍ‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم المني‪ .‬حديث رقم (‪ ) 670‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْ ِ‬
‫ب وَأَنَا أَنّْظُ ُر إِلَى أَثَ ِر الْغَسْ ِل فِيهِ)‪.‬‬
‫ج إِلَى الصَلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَوْ ِ‬ ‫ي ثُ َم يَخْرُ ُ‬
‫ن يَغْسِ ُل الْمَنِ َ‬
‫أَ ْم يَغْسِ ُل الثَوْبَ فَقَا َل أَخْبَرَتْنِي عَائِشَ ُة أَنَ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم كَا َ‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬المواضع التي يجب إزالة النجاسة منها‬

‫ال يجب على اإلنسان تطهير كل شيء ينجس من األرض أو غيرها ولكن يجب عليه تطهير بدنه وثيابه ومواضع صالته والفراش الذي‬
‫سيصلي عليه‪ ،‬وطهارة الثياب واجبة في الصالة مستحبة في غير الصالة‪ ،‬والبدن يجب تطهيره للصالة‪ ،‬ويستحب تطهيره فيما سواها‪،‬‬
‫ومواضع الصالة يجب تطهيرها عند إرادة الصالة عليها‪ ،‬ومن أدلة وجوب تطهير البدن أحاديث وجوب غسل الحائض بدنها من دم‬
‫الحيض ومنها حديث (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصالة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي)(‪ )1‬وحديث غسل الذكر والمذاكير من‬
‫(‪)3‬‬
‫المذي بلفظ (اغسل ذكرا)(‪ )2‬وحديث غسل الفرجين في الغسل من الجنابة بلفظ (ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه وما أصابه)‬
‫عنَ َزةً‬
‫حوِي إِدَا َوةً مِنْ مَاءٍ َو َ‬
‫خلُ الْخَلَاءَ فَأَحْ ِملُ َأنَا َوغُلَامٌ نَ ْ‬
‫وحديث وجوب االستنجاء بالماء بلفظ (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َيدْ ُ‬
‫س َتنْجِي بِالْمَاءِ)(‪ )4‬واالستجمار باألحجار‪ ،‬وأدلة وجوب غسل الثياب من النجاسات منها حديث (أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من‬ ‫َفيَ ْ‬
‫(‪)5‬‬
‫الحيضة كيف تصنع؟ فقال رسول اهلل ‪ : ‬إذا أصاب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لنتضحه بماء ثم لتصلي فيه) وفي رواية‬
‫(تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه)(‪ )6‬وحديث (أتى رسول ‪ ‬بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه)(‪ )7‬وقوله تعالى‬
‫طهِرْ}(‪ )8‬على القول بأن المراد بالثياب حقيقة الثياب ال المجاز وهو طهارة القلب‪ ،‬وأما دليل وجوب طهارة موضع الصالة‬ ‫{ َو ِثيَا َبكَ فَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫فحديث (أن النبي ‪ ‬رأى أعرابياً يبول في المسجد فقال‪ :‬دعوه حتى إذا فرغ دعا بماء فصبه عليه) الصحيح‪ :‬غسل الذكر كله من‬
‫خروج المذي من باب التعبد باللفظ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة عن رسول اهلل‪ :‬باب ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صالة‪ .‬حديث رقم (‪ )215‬بلفظ (عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها‬
‫كانت تستحاض فقال لها رسول اهلل ‪ :‬إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسكي عن الصالة‪ ،‬فإذا كان اآلخر فتوضئي فإنما هو عرق)‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند القبائل‪.‬‬
‫اآلخر‪ :‬دم ليس بدم حيض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬اال ستحاضة‪ :‬استمرار خروج الدم بعد أيام الحيض‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب غسل المذي والوضوء منه‪ .‬حديث رقم (‪ )261‬بلفظ ( عن علي قال‪ :‬كنت رجال مذاء فأمرت رجال أن يسأل النبي ‪ ‬لمكان‬
‫ابنته فسأل فقال‪ :‬توضأ واغسل ذكرا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة ‪ ،‬والنسائي في الغسل والتيمم‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى‪ .‬حديث رقم (‪ )260‬بلفظ (عن ميمونة أن النبي ‪ ‬اغتسل من الجنابة فغسل فرجه بيده ثم‬
‫دلك بها الحائط ثم غسلها ثم توضأ وضوءه للصالة فلما فرغ من غسله غسل رجليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الغسل والتيمم‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدرامي في الطهارة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب االستنجاء بالماء من التبرز‪ .‬حديث رقم (‪ )611‬بلفظ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ أَنَهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ‪ :‬كَانَ رَسُولُ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَدْخُ ُل الْخَلَا َء فَأَحْمِ ُل أَنَا وَغُلَا ٌم نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَ ًة فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ)‬
‫أخرجه البحاري في الوضوء‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب غسل الدم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 307‬بلفظ (عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِدِيقِ‪ ،‬أَنَهَا قَالَتْ‪ :‬سَأَلَتْ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَمُ مِنْ الْحَيْضَةِ‪ ،‬كَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَ الدَمُ مِنْ‬
‫الْحَيْ ضَةِ‪ ،‬فَلْتَقْرُصْهُ‪ ،‬ثُ َم لِتَنْضَحْ ُه بِمَاءٍ‪ ،‬ثُ َم لِتُصَلِي فِيهِ)‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬القر ‪ :‬الدلك بالماء بأطراف األ صابع‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب غسل الدم‪ .‬حديث رقم (‪ )305‬بلفظ (عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ‪ :‬جَاءَتْ امْرَأَةٌ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَتْ‪ :‬أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا‬
‫ف تَصْنَعُ ؟ قَا َل تَحُتُ ُه ثُ َم تَقْرُصُ ُه بِالْمَا ِء وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِي فِيهِ)‬ ‫ض فِي الثَوْبِ كَيْ َ‬ ‫تَحِي ُ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في اللطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬القر ‪ :‬الدلك بالماء بأطراف األ صابع‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب بول الصبيان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 222‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أُمِ الْمُؤْمِنِينَ‪ ،‬أَنَهَا قَالَتْ‪ :‬أُتِيَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫بِصَبِي‪ ،‬فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ‪ ،‬فَدَعَا بِمَاءٍ‪ ،‬فَأَتْبَعَ ُه إِيَاهُ)‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في األدب‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬العقيقة ‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أتبعه‪ :‬صبه على مكانه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المدثر‪)3( :‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)211‬‬
‫‪83‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الشيء الذي تطهر به المتنجسات‬
‫(‪)1‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن الماء هو األصل في طهارة المتنجسات من األبدان والثياب والمواضع لقوله تعالى {وَأَنزَ ْلنَا ِمنَ السَمَاءِ مَاءً طَهُوراً}‬
‫طهِرَكُم بِهِ}(‪ )2‬ولحديث (الماء طهور)(‪ )3‬وال يجوز تطهير المتنجسات بشيء من المائعات‬ ‫ولقوله تعالى { َو ُينَ ِزلُ عَ َليْكُم مِن السَمَاء مَاء ِليُ َ‬
‫الطاهرة التي خالطها طاهر فسلبها اسم (الماء المطلق) أو نحوها من الطاهرة غير المطهرة كالبترول والديزل وغيرها ويستثنى من ذلك‬
‫ما أجاز الدليل الشرعي الطهارة به مثل االستجمار باألحجار‪ ،‬ومثل تطهير النعال بمسحه في األرض‪ ،‬والماء له خصوصية ليست لغيره‬
‫في قوة التطهير وفي إزالة عين النجاسة التي يراد طهارتها‪ ،‬ولذا جعله اهلل عز وجل األصل األصيل في طهارة المتنجسات‪ ،‬والقول‬
‫بجواز الطهارة بأي مائع غير الماء ضعيف لمخالفته ظواهر النصوص الشرعية الموجبة للطهارة بالماء الطهور‪ ،‬ويجوز االستجمار بكل‬
‫جامد قالع طاهر كاألحجار وما في معناها من الخشب والجص والياجور والكراتين وغيرها‪ ،‬وال يجوز االستجمار بما له حرمة كالطعام‬
‫اليابس أو كتب أو أوراق الهداية أو بما فيه سرف وتبذير كاالستجمار بالذهب أو الفظة أو الياقوت أو الزمرجد‪ ،‬وال يجوز االستجمار‬
‫عنْ ال َروْثِ وَالْعِّظَامِ) (‪.)4‬‬‫بالروث أو العظم للنهي عن ذلك بلفظ ( َو َنهَى َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفرقان‪)45( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنفال‪)11( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في بئر بضاعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 66‬بلفظ (عن أبي سعيد الخدري رضي اله عنه قال‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول اهلل أنتوضأ من‬
‫بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكالب؟ قال‪ :‬الماء طهور ال ينجسه شيء)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في المياه ‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب االستطابة‪ .‬حديث رقم (‪ )606‬بلفظ (عَنْ سَلْمَانَ قَالَ‪ :‬قَالَ لَنَا الْمُشْرِكُونَ‪ :‬إِنِي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِمُكُمْ حَتَى يُعَلِمَكُمْ الْخِرَاءَةَ‪،‬‬
‫ن ثَلَاثَ ِة أَحْجَارٍ)‬‫ث وَالْعِّظَامِ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُ ْم بِدُو ِ‬
‫ن الرَوْ ِ‬
‫ي أَحَدُنَا بِيَمِينِ ِه أَ ْو يَسْتَقْبِ َل الْقِبْلَةَ‪ ،‬وَنَهَى عَ ْ‬
‫ن يَسْتَنْجِ َ‬
‫فَقَالَ‪ :‬أَجَلْ‪ ،‬إِنَ ُه نَهَانَا أَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫الروث‪ :‬فضالت الحيوانات من جنس الحمر والخيول والبغال‪.‬‬ ‫االستنجاء‪:‬ال تطهر بعد قضاء الحاجة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬االبتغاء‪:‬الطلب‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬صفة إزالة النجاسة‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أنه يجب إزالة النجاسة من البدن أو الثوب أو موضع الصالة بغسلها بالماء حتى ال يبقى لها أثر ال من الشم وال من اللون وال‬
‫من الطعم ألن الواجب هو إزالة عين النجاسة‪ ،‬وال تزول عين النجاسة إال بإذهاب أي أثر لها ألن بقاء الشم أو اللون أو الطعم هو دليل‬
‫على بقاء جزء من النجاسة‪ ،‬ويعفى عما تبقى من اللون الذي يغلب الظن بعدم زواله مهما تكرر غسله بالماء والصابون أو السدر أو نحوه‬
‫سلُ الدَمِ‪ ،‬وَلَا َيضُ ُراِ َأثَ ُرهُ)(‪ )3‬هذا في النجاسات المرئية أما النجاسة الخفية فتغسل ثالث مرات أو حتى يغلب على الظن‬ ‫لحديث (يَكْفِيكِ غَ ْ‬
‫إزالتها لحديث االستيقاظ وهو بلفظ ( وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم ال يدري أين باتت‬
‫يده)(‪ )2‬فإذا كان الغسل ثالثاً لنجاسة محتملة فباألولى الغسل ثالث مرات في نجاسة محققة‪ ،‬وأما النجاسات التي ورد النص في كيفية‬
‫طهُورُ ِإنَاءِ‬ ‫غسلها فيجب العمل بالنص في كيفية الغسل منها‪ ،‬فيجب غسل اإلناء من ولوغ الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب لحديث ( َ‬
‫سبْعَ مَرَاتٍ أُولَا ُهنَ بِالتُرَابِ)(‪ ،)3‬ويجب االستجمار بثالثة أحجار أو خمس أو سبع لوجوب اإليتار في‬ ‫حدِكُمْ ِإذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ َأنْ يَغْسِلَهُ َ‬
‫أَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫االستجمار بالنص عليه في حديث (ومن استجمر فليوتر) ويجب غسل الكفين عند االستيقاظ من النوم ثالث مرات لحديث (وإذا‬
‫استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم ال يدري أين باتت يده)(‪ .)5‬ويجب مسح النعل الذي قاعتها‬
‫ملساء بالتراب إلزالة األذى أو النجاسة منها‪ ،‬أما النعل الذي في قاعته فتحات وتصيبه النجاسة فيجب غسل النجاسة منها بالماء ألن‬
‫صنٍ‪َ ،‬أ َنهَا‬
‫ح َ‬ ‫عنْ أُمِ َقيْسٍ ِبنْتِ مِ ْ‬
‫التراب ال يطهر النجاسة الموجودة في الفتحات‪ ،‬ويجب النضح بالماء من بول الصبي الرضيع لحديث ( َ‬
‫َأتَتْ بِا ْبنٍ َلهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْ ُكلْ الطَعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي حَجْ ِرهِ‪َ ،‬فبَالَ‬
‫عَلَى َث ْوبِهِ‪َ ،‬فدَعَا بِمَاءٍ َف َنضَحَهُ‪ ،‬وَلَمْ يَغْسِلْهُ)(‪.)6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب المرأة تغسل ثوبها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 365‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ أَتَتْ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَتْ‪:‬‬
‫يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِنَهُ لَيْسَ لِي إِلَا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ‪ ،‬فَكَيْفَ أَ صْنَعُ؟ قَالَ‪ :‬إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ‪ ،‬ثُمَ صَلِي فِيهِ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الدَمُ قَالَ‪ :‬يَكْفِيكِ غَسْلُ الدَمِ‪،‬‬
‫ا أَثَرُهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَلَا يَضُرُ ِ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح ال بخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب االستجمار وتراً‪ .‬حديث رقم (‪ )157‬بلفظ (عن أبي هريرة أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم‬
‫لينثر‪ ،‬ومن استجمر فليوتر‪ ،‬وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم ال يدري أين باتت يده)‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسندالمكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪،‬‬
‫والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬االستجمار‪ :‬التطهر بعد قضاء الحاجة بالحجارة ونحوها‪ .‬اإليتار‪ :‬جعل العدد وترًا ـ أي فرداً ـ‪ .‬االستنثار‪ :‬إخراج الماء من األنف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم ولوغ الكلب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 646‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال‪ :‬قال رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي‬
‫إِنَا ِء أَحَدِكُ ْم فَلْيُرِقْهُ ثُ َم لِيَغْسِلْ ُه سَبْ َع مِرَارٍ)‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫اإلراقة‪ :‬سكب ما بداخل اإلناء‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الولوغ‪ :‬الشرب بطرف اللسان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الحديث من حديث ابي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪)157‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)157‬‬
‫‪6‬‬
‫ت بِابْنٍ لَهَا صَغِي ٍر لَ ْم يَأْكُ ْل الطَعَا َم إِلَى رَسُولِ اللَهِ‬
‫ت مِحْصَنٍ‪ ،‬أَنَهَا أَتَ ْ‬ ‫س بِنْ ِ‬
‫ن أُمِ قَيْ ٍ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب بول الصبيان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 223‬بلفظ (عَ ْ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَجْلَسَهُ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم فِي حَجْرِهِ‪ ،‬فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ‪ ،‬فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ‪ ،‬وَلَمْ يَغْسِلْهُ)‬
‫اخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ .‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسنننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الطب‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫الباب السادس‪ :‬آداب قضاء احلاجة‬

‫‪ ‬البعد عن الناس‬

‫‪ ‬تحريم استقبال القبّلة أو استدبارها أثناء قضاء الحاجة‬

‫‪86‬‬
‫الباب السادس‪ :‬قضاء الحاجة‬

‫البعد عن الناس‬
‫حتَى لَا‬ ‫من آداب قضاء الحاجة البعد عن الناس إذا كان في الفضاء لحديث ( َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَانَ ِإذَا أَرَادَ ا ْلبَرَازَ انْطَلَقَ َ‬
‫ع ْبدِ اللَهِ ْبنِ عُمَرَ َأنَهُ كَانَ يَقُولُ‪ :‬إِنَ نَاسًا يَقُولُونَ‪ِ :‬إذَا قَ َعدْتَ عَلَى حَاجَ ِتكَ فَلَا‬ ‫عنْ َ‬‫حدٌ) (‪ ،)3‬واالستتار إذا كان في البنيان لحديث ( َ‬ ‫يَرَاهُ أَ َ‬
‫ظهْرِ َبيْتٍ َلنَا فَرََأيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬ ‫ع ْبدُ اللَهِ ْبنُ عُمَرَ‪ :‬لَ َقدْ ا ْرتَ َقيْتُ َيوْمًا عَلَى َ‬
‫ستَ ْق ِبلْ الْ ِقبْلَةَ وَلَا َبيْتَ الْمَ ْقدِسِ‪ ،‬فَقَالَ َ‬
‫تَ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫جتِهِ) ‪ ،‬وترك الكالم أثناء قضاء الحاجة‪ ،‬والنهي عن مس الذكر باليمين‪ ،‬وعن غسل الفرجين‬ ‫ستَ ْقبِلًا َبيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَا َ‬
‫عَلَى َلبِ َن َت ْينِ مُ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫باليمين في حال قضاء الحاجة لحديث(وإذا بال أحدكم فال يمسح ذكره بيمينه‪ ،‬وإذا تمسح أحدكم فال يتمسح بيمينه) ‪ ،‬وأن يأتي بدعاء‬
‫خبَائِثِ) (‪)4‬والخروج لحديث (أَنَ‬ ‫خبُثِ وَالْ َ‬
‫خلَ الْخَلَاءَ قَالَ‪ :‬الَلهُمَ ِإنِي َأعُوذُ ِبكَ ِمنْ الْ ُ‬‫الدخول لحديث(كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِإذَا دَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ ِإذَا خَرَجَ ِمنْ الْغَائِطِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬غُفْرَا َنكَ) أي خرج من موضع قضاء الحاجة‪.‬‬

‫حتريم استقبال القبلة أو استدبارها أثناء قضاء احلاجة‬


‫الصحيح أن استقبال القبلة أو استدبارها أثناء قضاء الحاجة منهي عنه‪ ،‬والنهي يفيد التحريم لحديث (إذا أتى أحدكم الغائط فال يستقبل‬
‫القبلة وال يولها ظهره‪ ،‬شرقوا أو غربوا)(‪ )6‬الحديث دليل صريح في تحريم استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط‪ ،‬وعلى وجوب‬
‫االنحراف عن جهة القبلة أثناء قضاء الحاجة إلى جهة أخرى‪ ،‬فإذا كانت القبلة في جهة الشمال أو الجنوب فيجب االنحراف عن جهتها‬
‫إلى جهة المشرق أو المغرب‪ ،‬وإذا كانت القبلة في جهة المشرق أو المغرب فيجب االنحراف عن جهتها إلى جهة الشمال أو الجنوب‬
‫والنهي الوارد في الحديث القصد منه هو االنحراف عن جهة القبلة تعظيماً لها ال عن جهة الشمال أو جهة الجنوب‪ ،‬وال تعارض بين هذا‬
‫الحديث وحديث (فرأيت رسول اهلل ‪ ‬على لبنتين مستقبالً بيت المقدس لحاجته)(‪ )7‬واستقبال بيت المقدس يستلزم استدبار القبلة ألن‬
‫حديث ابن عمر يحكي فعل النبي ‪ ،‬وحديث النهي قول للنبي ‪ ،‬وال تعارض بين أقوال النبي ‪ ‬وأفعاله‪ ،‬فالفعل خاص بالنبي ‪‬‬
‫والقول تشريع لألمة‪ ،‬والقول أقوى من الفعل‪ ،‬فيقدم العمل به ألنه خطاب لألمة‪ ،‬وإن كان في حديث عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‬
‫شيء من الداللة فهو خاص بقضاء الحاجة في البنيان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب التخلي عند قضاء الحاجة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ‬
‫انْطَلَقَ حَتَى لَا يَرَا ُه أَحَدٌ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬والدارمي في المقدمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب من تبرز على لبنتين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 145‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَهُ كَانَ يَقُولُ‪ :‬إِنَ نَاسًا يَقُولُونَ‪ :‬إِذَا قَعَدْتَ عَلَى‬
‫حَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ‪ ،‬فَقَالَ عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْ مًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا‬
‫ت الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ)‬ ‫بَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪،‬‬
‫والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬فرض الخمس‪.‬‬
‫اللبنة‪ :‬حجر من طين يستخدم في البناء‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬رقى‪ :‬صعد وارتفع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب النهي عن التنفس في اإلناء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 135‬بلفظ (عن عبد اهلل بن أبي قتادة عن أبيه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ :‬إذا‬
‫شرب أحدكم فال يتنفس في اإلناء‪ ،‬وإذا بال أحدكم فال يمسح ذكره بيمينه‪ ،‬وإذا تمسح أحدكم فال يتمسح بيمينه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين ‪،‬‬
‫والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب ما يقول‪ :‬عند الخالء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 142‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَنَسًا‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫ن الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ)‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم إِذَا دَخَ َل الْخَلَاءَ قَالَ‪ :‬اللَهُ َم إِنِي أَعُو ُذ بِكَ مِ ْ‬
‫اخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ .‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسنننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الدعوات‪.‬‬
‫الخبائث‪ :‬إناث الشياطين‪.‬‬ ‫الخبث‪ :‬ذكور الشياطين‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الخالء‪ :‬مكان قضاء الحاجة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما يقول‪ :‬إذا خرج من الخالء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 30‬بلفظ (حَدَثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ط قَالَ‪ :‬غُفْرَانَكَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن الْغَائِ ِ‬‫ج مِ ْ‬
‫ن إِذَا خَرَ َ‬ ‫كَا َ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الغائط‪ :‬البراز‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب ال يستقبل القبلة بغائط أو بول‪ .‬حديث رقم (‪ )145‬بلفظ (عَنْ أَبِي أَيُوبَ الْأَنْصَارِيِ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ط فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَ َة وَلَا يُوَلِهَا ظَهْرَهُ‪ ،‬شَرِقُوا أَوْ غَرِبُوا)‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا أَتَى أَحَدُكُ ْم الْغَائِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫يولها‪ :‬يدر لها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغائظ‪ :‬األرض المنخفضة‪ ،‬والمراد مكان قضاء الحاجة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)145‬‬
‫‪87‬‬
‫كتاب‬

‫الصــــــــــالة‬

‫‪88‬‬
‫الكتاب الثاني‪ :‬كتاب الصالة‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬وجوب الصالة‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬أوقات الصالة‬
‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬األذان واإلقامة‪.‬‬
‫‪ ‬الباب الرابع‪ :‬القبّلة‬
‫‪ ‬الباب الخامس‪ :‬ستر العورة والّلباس في الصالة‬
‫‪ ‬الباب السادس‪ :‬وجوب الطهارة لّلصالة وترك األفعال التي ليس منها‪.‬‬
‫‪ ‬الباب السابع‪ :‬النية شرط في الصالة‪.‬‬
‫‪ ‬الباب الثامن‪ :‬أقوال الصالة‬
‫‪ ‬الباب التاسع‪ :‬أفعال الصالة‬
‫‪ ‬البـاب العاشر‪ :‬صالة الجماعة‬
‫‪ ‬الباب الحادي عشر‪ :‬صالة الجمعة‪.‬‬
‫‪ ‬الباب الثاني عشــر‪ :‬صالة المسافر‪.‬‬
‫‪ ‬الباب الثالث عشر‪ :‬صالة الخوف وصالة المريض‬
‫‪ ‬الباب الرابع عشر‪:‬إعادةوقضاء الصالة‪.‬‬
‫‪ ‬الباب الخامس عشر‪ :‬سجود السهو‬
‫‪ ‬الباب السادس عشر‪ :‬صالة التطوع‬
‫‪ ‬الباب السابع عشر‪ :‬صالة الكسوف‬
‫‪ ‬الباب الثامن عشر‪ :‬صالة االستسقاء‬
‫‪ ‬الباب التاسع عشر‪ :‬صالة العيدين‬
‫‪ ‬البـــاب العشرون‪ :‬سجود التالوة‬

‫‪89‬‬
‫الباب األول‪ :‬وجوب الصالة‬
‫تعريف الصالة‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الصالة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عدد الواجبات من الصالة في اليوم والليلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫على من تجب الصالة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حكم تارك الصالة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪91‬‬
‫الباب األول‪ :‬وجوب الصالة‬
‫تعريف الصالة‬
‫سمِيعٌ‬
‫ال َتكَ سَ َكنٌ َل ُهمْ وَاللّهُ َ‬
‫صَ‬‫ن َ‬
‫صلِ عَ َل ْيهِمْ ِإ َ‬
‫الصالة (لغة)‪ :‬الدعاء بخير‪ ،‬وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله تعالى { َو َ‬
‫عَلِيمٌ}(‪.)1‬‬

‫طهُورُ‪ ،‬وَتَحْرِي ُمهَا التَ ْكبِيرُ‪َ ،‬وتَحْلِيُلهَا‬


‫الصالة (شرعاً)‪ :‬أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم لحديث (مِ ْفتَاحُ الصَلَاةِ ال ُ‬
‫التَسْلِيمُ)(‪.)2‬‬

‫الصالة هي الركن الثاني من أركان اإلسالم‪ ،‬وهي الصلة بين العبد وربه‪ ،‬وهي فرض على كل مسلم ومسلمة‪ ،‬وتعلم أحكامها فرض عين‬
‫على كل مسلم ومسلمة‪.‬‬

‫وجوب الصالة‬

‫(‪)3‬‬
‫الةَ وَآتُواْ الزَكَا َة وَارْكَعُواْ مَعَ الرَاكِعِينَ}‬
‫صَ‬‫الصالة واجبة وجوباً قطعياً بأدلة الكتاب والسنة‪ ،‬ومن أدلة الكتاب قوله تعالى {وَأَقِيمُواْ ال َ‬
‫ومن أدلة السنة النبوية حديث (صلوا كما رأيتموني أصلي)(‪ )4‬وحديث ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال اهلل وأن محمداً‬
‫رسول اهلل ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة)(‪ )5‬هذه األدلة صريحة في إيجاب الصلوات المفروضة على كل مسلم ومسلمة وال حاجة لذكر‬
‫األدلة األخرى الدالة على وجوب الصالة لوضوح ذلك‪.‬‬

‫عدد الواجبات من الصالة يف اليوم والليلة‪.‬‬


‫الصحيح‪ :‬أن الوتر سنة مؤكدة حافظ عليها النبي ‪ ‬في الحضر والسفر‪ ،‬ولكنه ليس واجباً كوجوب الصلوات الخمس المفروضة في اليوم‬
‫والليلة على كل مسلم ومسلمة‪ ،‬لحديث (هي خمس وهي خمسون)(‪ )6‬بمعنى هي خمس في فعلها في اليوم والليلة وهي خمسون في ثوابها‬
‫ألن الحسنة بعشر أمثالها‪ ،‬الخمس الصلوات المفروضة ليس الوتر منها لحديث (خمس صلوات في اليوم والليلة‪ .‬قال‪ :‬هل عليَ غيرها؟‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬إال أن تتطوع)(‪ )7‬الحديثان صريحان على أن الواجب من الصلوات هي الخمس في اليوم والليلة بدليل قول النبي ‪ ‬لألعرابي‬
‫حينما سأله (هل عليَ غيرها؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬إال أن تتطوع)‪ ،‬وعلى هذا فالوتر من السنن المؤكدة وهو من التطوعات‪ ،‬ولفظ (الخمس الصلوات)‬
‫في الحديثين يرد على القول بوجوب صالة الوتر ألنه صريح الداللة على إيجاب الخمس فقط‪ ،‬وداللة الحديثين تقدم على داللة األحاديث‬
‫الموهمة وجوب الوتر لكونهما في الصحيحين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)103( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء أن مفتاح الصالة الطهور‪ .‬حديث رقم(‪ ) 235‬بلفظ (عَنْ عَلِي‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مِفْتَاحُ الصَلَاةِ‬
‫الطُهُورُ‪ ،‬وَتَحْرِيمُهَا التَكْبِيرُ‪ ،‬وَتَحْلِيلُهَا التَسْلِيمُ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)43( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب األذان للمسافر إذا كانوا جماعة واإلقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول الم ؤذن الصالة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة‪.‬‬
‫حديث رقم (‪ )631‬بلفظ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬حَدَثَنَا مَالِكٌ‪ ،‬أَتَيْنَا إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً‪ ،‬وَكَانَ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَحِيمًا رَفِيقًا فَلَمَا ظَنَ أَنَا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدْ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ‬
‫وَعَلِمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ‪ ،‬وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَّظُهَا أَوْ لَا أَحْفَّظُهَا‪ ،‬وَصَلُوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِي‪ ،‬فَإِذَا حَضَرَتْ الصَلَاةُ فَلْيُؤَذِنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَكُمْ أَكْبَرُكُمْ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومو اضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان واإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة‬
‫فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب قوله تعالى (فإن تابو ا وأقاموا الصلوة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)‪ .‬حديث رقم (‪ )25‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَاسَ حَتَى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَأَنَ مُحَمَدًا رَسُولُ اللَهِ وَيُقِيمُوا الصَلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَكَاةَ‪ ،‬فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِي‬
‫ق الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُ ْم عَلَى اللَهِ)‪.‬‬ ‫دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُ ْم إِلَا بِحَ ِ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪.‬‬
‫عصموا‪ :‬منعوا وحفّظوا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬يشهدوا‪ :‬يصدقوا ويقروا‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب كيف فرضت الصالة في اإلسراء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 341‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ أَبُو ذَر يُحَدِثُ‪ :‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأ َنَا بِمَكَةَ‪ ،‬فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ‪ .....‬فَقَالَ هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ‬
‫خَمْسُونَ لَا يُبَدَلُ الْقَوْلُ لَدَيَ فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَال َ‪ :‬رَاجِعْ رَبَكَ فَقُلْتُ ا سْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِي ثُمَ انْطَلَقَ بِي حَتَى انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي‬
‫ت الْجَنَةَ‪ ،‬فَإِذَا فِيهَا حَبَايِ ُل اللُؤْلُ ِؤ وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ)‪.‬‬‫مَا هِيَ‪ ،‬ثُ َم أُدْخِلْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫حبايل‪ :‬قالئد وعقود‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬فرج‪ :‬فتح‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب الزكاة من اإلسالم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 46‬بلفظ (عن مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمِهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ‬
‫عُبَيْدِ اللَهِ يَقُولُ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَ ْأسِ يُسْمَعُ دَوِيُ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ‪ :‬حَتَى دَنَا‪ ،‬فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ‬
‫ن تَطَوَعَ‪ ،‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‬ ‫ت فِي الْيَوْمِ وَاللَيْلَةِ فَقَالَ ‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَ ْ‬‫س صَلَوَا ٍ‬ ‫الْإِسْلَامِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬خَمْ ُ‬
‫وَصِيَامُ رَمَضَانَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهُ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَنْ تَطَوَعَ قَالَ‪ :‬وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الزَكَاةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَنْ تَطَوَعَ‪،‬‬
‫ن صَدَقَ)‪.‬‬ ‫ح إِ ْ‬‫قَالَ‪ :‬فَ أَدْبَ َر الرَجُ ُل وَهُ َو يَقُولُ‪ :‬وَاللَهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ‪ ،‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬أَفْلَ َ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫دنا‪ :‬اقترب أو قرب‪.‬‬ ‫دوي‪ :‬صوت متكرر ال يفهم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ثائر‪ :‬منتفش شعر رأسه‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫على من جتب الصالة‪.‬‬
‫تجب الصالة على المسلم البالغ العاقل الذكر واألنثى‪.‬‬

‫حكم تارك الصالة‪.‬‬


‫الصحيح‪ :‬أن تارك الصالة فاسق مرتكب لكبيرة من كبائر اإلثم‪ ،‬وقد أطلق النبي ‪ ‬على تارك الصالة لفظ (الكفر) في حديث (العهد‬
‫الذي بيننا وبينهم الصالة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر)(‪ )1‬وحديث (ليس بين العبد وبين الكفر إال ترا الصالة)(‪ )2‬وإطالق اسم (الكفر) عليه‬
‫لشناعة فعله ولذمه وزجره ولكبر إثم ترك الصالة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه ال يقتل تارك الصالة تكاسالً ألن من يجوز قتلهم محصورون في حديث‬
‫(ال يحل دم امرئ مسلم إال بإحدى ثالث)(‪ )3‬وليس بينها تارك الصالة تكاسالً وحديث (ال يحل دم امرئ مسلم) قرينة صارفة للفظ الكفر‬
‫في حديث (العهد الذي بيننا وبينهم الصالة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر) وحديث(ليس بين العبد وبين الكفر إال ترا الصالة) من معنى الكفر‬
‫الحقيقي إلى معناه المجازي وهو أن فعله كفعل الكفار وأن كفره كفراً عملياً بترك أداء الصالة ال اعتقادياً‪ ،‬ويجب تعزير تارك الصالة‬
‫حتى يصلي‪ ،‬واسم الكافر استعير له استعارة كما يستعار اسم األسد للرجل الشجاع وليس هو أسد حقيقة‪ ،‬فتارك الصالة استعير له لفظة‬
‫الكفر وليس هو كافر كفراً اعتقاديا ألن عنده أصول اإليمان من اإليمان باهلل تعالى وبرسله وبكتبه وباليوم اآلخر ولكن إيمانه ضعيف لم‬
‫يدفعه إلى االلتزام بأداء الواجبات ومنها فعل الصلوات الخمس والمحافظة عليها‪ ،‬وبناء على هذا فتطبق على تارك الصالة أحكام اإلسالم‬
‫من جواز الصالة على جنازته وتغسيله ودفنه في مقابر المسلمين ويرث ويورث وال يحكم بردته وكفره الكفر االعتقادي لتركه الصالة‬
‫تكاسالً ال جحودا‪ ،‬واطالق لفظ الكفر علي تارك الصالة لكفره كفرا عمليا بترك أداء الصالة في وقتها المشروع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب ما جاء في ترا الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ )2621‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ بُرَيْدَ َة عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ‪ :‬رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬الْعَهْ ُد الَذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ْم الصَلَاةُ‪ ،‬فَمَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب ماجاء في ترا الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 242‬بلفظ (عَنْ أَبِي سُفْيَانَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ا الصَلَاةِ)‬ ‫ا وَالْكُفْ ِر تَرْ َ‬
‫ن الشِرْ ِ‬ ‫ن الرَجُ ِل وَبَيْ َ‬ ‫ن بَيْ َ‬
‫وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬إِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في اإليمان‪ ،‬والنسائي في السنة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الحكم في تارا الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 462‬بلفظ (عَنْ جَابِرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ‬
‫ا الصَلَاةِ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫الْكُفْ ِر إِلَا تَرْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب القسامة والمحاربين والقصا والديات‪ .‬باب ما يباح به دم المسلم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4351‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ق لِلْجَمَاعَةِ)‬ ‫ا لِدِينِ ِه الْمُفَارِ ُ‬
‫س بِالنَفْسِ‪ ،‬وَالتَارِ ُ‬
‫ب الزَانِي‪ ،‬وَالنَفْ ُ‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَحِ ُل دَ ُم امْرِئٍ مُسْلِ ٍم يَشْهَ ُد أَنْ لَا إِلَ َه إِلَا اللَ ُه وَأَنِي رَسُو ُل اللَ ِه إِلَا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ‪ ،‬الثَيِ ُ‬
‫أخرجه البخاري في الديات‪ ،‬والترمذي في الديات‪ ،‬والنسائي في تحريم الدم‪ ،‬وأبو داود في الحدود‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الحدود‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الثيب‪ :‬من سبق له الزواج ذكرًا كان أو أنثى‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬أوقات الصالة‬

‫وقت صالة الظهر‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫وقت صالة العصر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقت صالة المغرب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقت صالة العشاء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقت صالة الصبح‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الصلوات التي لها أوقات ضرورة وعذر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حدود أوقات الضرورة والعذر‬ ‫‪‬‬
‫أهل العذر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عدد األوقات المنهي عن الصالة فيها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الصلوات التي يتعلق النهي عن فعلها في أوقات الكراهة‬ ‫‪‬‬

‫‪93‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬أوقات الصالة‬
‫(‪)3‬‬
‫الةَ كَانَتْ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ ِكتَاباً َموْقُوتاً} في اآلية داللة واضحة أن لكل صالة‬ ‫صَ‬‫األصل في أوقات الصلوات قوله تعالى قال تعالى { ِإنَ ال َ‬
‫من الصلوات الخمس وقتا محددا معلوم البداية والنهاية ال تصح الصالة المفروضة في غير وقتها المحدد لها في األحاديث الصحيحة‬
‫المبينة لبداية ونهاية وقت كل صالة من الصلوات المفروضة‪ ،‬ويستثنى من هذا الجمع بين الصالتين في السفر والجمع بين صالتي الظهر‬
‫والعصر في يوم عرفة جمع تقديم والجمع بين صالتي المغرب والعشاء في مزدلفة لمن هو حاج جمع تأخير لورود األدلة الصحيحة‬
‫الصريحة بجواز الجمع في األحوال الثالثة‪ ،‬ومن األحاديث المبينة ألوقات الصلوات حديث إمامة جبريل بالنبي ‪ ‬في تعليمه ‪ ‬أوقات‬
‫الصلوات بلفظ (َأمَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَتَيْنِ‪ ،‬فَصَلَى ِبيَ الّظُهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَمْسُ َوكَانَتْ قَدْرَ الشِرَااِ‪ ،‬وَصَلَى ِبيَ ا ْلعَصْرَ حِينَ كَانَ‬
‫ظُِلهُ مِثْ َلهُ‪ ،‬وَصَلَى ِبيَ َيعْنِي ا ْل َمغْرِبَ حِينَ َأ ْفطَرَ الصَا ِئمُ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ ا ْلعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَفَقُ‪ ،‬وَصَلَى ِبيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَعَامُ وَالشَرَابُ عَلَى‬
‫الصَا ِئمِ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ الْغَدُ صَلَى ِبيَ الّظُهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُهُ مِثْ َلهُ‪ ،‬وَصَلَى بِي ا ْلعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُهُ مِثْلَ ْيهِ‪ ،‬وَصَلَى ِبيَ ا ْل َمغْرِبَ حِينَ َأ ْفطَرَ الصَائِمُ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ‬
‫ا ْلعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَيْلِ‪ ،‬وَصَلَى ِبيَ الْ َفجْرَ فَأَسْفَرَ‪ ،‬ثُمَ الْتَفَتَ إِ َليَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا ُم َحمَدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ‪ ،‬وَالْ َوقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْ َوقْتَيْنِ)(‪ )2‬وحديث‬
‫أبي موسى األشعري ‪ ‬أن سائالً سأل النبي ‪ ‬عن أوقات الصلوات المفروضة فعلمه النبي ‪ ‬أوقات الصلوات في يومين حيث طلب‬
‫‪ ‬من السائل مالحظة صالته بالصحابة في يومين ليتعلم وقت كل صالة وقال له (ا ْلوَقْتُ فِيمَا َب ْينَ َه َذ ْينِ)(‪ )1‬وحديث (وَقْتُ الّظُهْرِ مَا لَمْ‬
‫حضُرْ الْ َعصْرُ‪َ ،‬ووَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ َتصْفَرَ الشَمْسُ‪َ ،‬ووَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَ َفقِ‪ ،‬وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى ِنصْفِ اللَ ْيلِ‪َ ،‬ووَقْتُ الْفَجْرِ‬
‫يَ ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَمْسُ) في هذه األحاديث بيان واضح لبداية ونهاية وقت كل صالة من الصلوات الخمس المفروضة التي يجب على كل‬
‫مسلم ومسلمة أداء كل صالة من الصلوات الخمس في وقتها المحدد لها في هذه األحاديث وغيرها من األحاديث الصحيحة المبينة ألوقات‬
‫الصلوات الخمس المفروضة‪ ،‬وقد أخبر النبي ‪ ‬أن أداء الصلوات في أوقاتها أحب عمل إلى اهلل عز وجل يقدم على بر الوالدين وعلى‬
‫سبِيلِ اللَهِ)(‪.)5‬‬
‫جهَادُ فِي َ‬ ‫ضلُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الصَلَاةُ ِلوَ ْقتِهَا‪َ ،‬وبِرُ ا ْلوَالِ َد ْينِ‪ ،‬ثُمَ الْ ِ‬
‫الجهاد في سبيل اهلل تعالى في حديث (أيُ الَْأعْمَالِ أَ ْف َ‬

‫وقت صالة الظهر‪.‬‬


‫(‪)6‬‬
‫ّظهْرَ ِإذَا زَالَتْ الشَمْسُ) وآخره مصير ظل الشيء‬ ‫أول وقت الظهر زوال الشمس من جهة المشرق إلى جهة المغرب لحديث ( َو ُيصَلِي ال ُ‬
‫مثله سوى فيء الزوال‪ ،‬ووقت الجمعة هو وقت صالة الظهر والمراد باإلبراد في حديث ( ِإذَا اشْ َتدَ الْحَرُ فَأَبْ ِردُوا بِالصَلَاةِ‪ ،‬فَِإنَ شِ َدةَ الْحَرِ‬
‫ج َهنَمَ)(‪ )7‬هو اإلبر اد في المناطق الحارة التي ترتفع فيها شدة الحرارة حتى ال يتمكن المصلي من الخشوع في صالة الظهر لشدة‬ ‫ِمنْ َفيْحِ َ‬
‫الحرارة‪ ،‬وأما المناطق الباردة فال يشرع فيها التأخير بصالة الظهر ألن الصالة في أول وقت الصالة أفضل من التأخير لحديث (أَيُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)103( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب في المواقيت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 313‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَمَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ‬
‫السَلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَتَيْنِ‪ ،‬فَصَلَى بِيَ الّظُهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِرَااِ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُهُ مِثْلَهُ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ يَعْنِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ‬
‫الصَائِمُ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَفَقُ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَعَامُ وَالشَرَابُ عَلَ ى الصَائِمِ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ الْغَدُ صَلَى بِيَ الّظُهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُهُ مِثْلَهُ‪ ،‬وَصَلَى‬
‫بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِ لُهُ مِثْلَيْهِ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَائِمُ‪ ،‬وَصَلَى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَيْلِ‪ ،‬وَصَلَ ى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ‪ ،‬ثُمَ الْتَفَتَ إِلَيَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا مُحَمَدُ هَذَا‬
‫ن الْوَقْتَيْنِ) قال عنه االلباني في صحيح سنن أبي داود (حسن صحيح)‬ ‫ت مَا بَيْنَ هَذَيْ ِ‬ ‫ن قَبْلِكَ‪ ،‬وَالْوَقْ ُ‬
‫ت الْأَنْبِيَاءِ مِ ْ‬
‫وَقْ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫الشفق‪ :‬الحمرة التي ترى في األفق بعد مغيب‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬زالت الشمس‪ :‬مالت عن وسط السماء إلى جهة الغرب‪ .‬الشراا‪ :‬أحد سيور النعل‪.‬‬
‫اإلسفار‪ :‬تأخير صالة الفجر حتى ينتشر ضوء الصبح‪.‬‬ ‫الشمس‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب في المواقيت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 315‬بلفظ (عَنْ أَبِي مُوسَى‪ ،‬أَنَ سَائِلًا سَأَلَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمْ يَرُدَ عَلَيْهِ شيئاً حَتَى‬
‫أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَ الْفَجْرُ فَصَلَى حِينَ كَانَ الرَجُلُ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ أَ ْو أَنَ الرَجُلَ لَا يَعْرِفُ مَنْ إِلَى جَنْبِهِ‪ ،‬ثُمَ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الّظُهْرَ حِينَ زَالَتْ‬
‫الشَمْسُ حَتَى قَالَ الْقَائِلُ انْتَصَفَ النَهَارُ وَهُوَ أَعْلَمُ‪ ،‬ثُمَ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ‪ ،‬وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتْ الشَمْسُ‪ ،‬وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ‬
‫الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَفَقُ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ مِنْ الْغَدِ صَلَى الْفَجْرَ وَانْصَرَفَ فَقُلْنَا أَطَلَعَتْ الشَمْسُ‪ ،‬فَأَقَامَ الّظُهْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ الَذِي كَانَ قَبْلَهُ‪ ،‬وَصَلَى الْعَصْرَ وَقَدْ اصْفَرَتْ‬
‫الشَمْسُ أَوْ قَالَ أَمْسَى‪ ،‬وَصَلَى الْ مَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَفَقُ‪ ،‬وَصَلَى الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَيْلِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ أَيْنَ السَائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَلَاةِ؟ الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ) صححه‬
‫األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1355‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَمْرٍو‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬وَقْتُ الّظُهْرِ مَا لَمْ‬
‫ت الْفَجْرِ مَا لَ ْم تَطْلُ ْع الشَمْسُ)‪.‬‬
‫ت الْعِشَا ِء إِلَى نِصْفِ اللَيْلِ‪ ،‬وَوَقْ ُ‬
‫ط ثَوْ ُر الشَفَقِ‪ ،‬وَوَقْ ُ‬ ‫ت الْمَغْرِبِ مَا لَ ْم يَسْقُ ْ‬‫ت الْعَصْرِ مَا لَ ْم تَصْفَ َر الشَمْسُ‪ ،‬وَوَقْ ُ‬ ‫يَحْضُ ْر الْعَصْرُ‪ ،‬وَوَقْ ُ‬
‫أخرجه النسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬ثور الشفق‪ :‬انتشار وارتفاع‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواق يت الصالة‪ :‬باب فضل الصالة لوقتها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 527‬بلفظ (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا سَأَلَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن ثُ َم الْجِهَادُ فِي سَبِي ِل اللَهِ)‬‫ي الْأَعْمَا ِل أَفْضَلُ قَا َل الصَلَا ُة لِوَقْتِهَا وَبِ ُر الْوَالِدَيْ ِ‬‫وَسَلَمَ‪ :‬أَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب وقت الّظهر عند الزوال‪ .‬حديث رقم (‪ )541‬بلفظ (عَنْ أَبِي بَرْزَةَ‪ ،‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يُصَلِي الصُبْحَ‬
‫وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ‪ ،‬وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِتِينَ إِلَى الْمِائَةِ‪ ،‬وَيُصَلِي الّظُهْرَ إِذَا زَالَتْ الشَمْسُ‪ ،‬وَالْعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ وَالشَمْسُ حَيَةٌ‪،‬‬
‫ث اللَيْلِ‪ ،‬ثُ َم قَا َل إِلَى شَطْ ِر اللَيْلِ)‬
‫ت مَا قَا َل فِي الْمَغْرِبِ‪ ،‬وَلَا يُبَالِي بِتَأْخِي ِر الْعِشَا ِء إِلَى ثُلُ ِ‬ ‫وَنَسِي ُ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪.‬‬
‫الشطر‪ :‬النصف‪.‬‬ ‫حية‪ :‬ساطعة لم يتغير لونها وال حرها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬زالت الشمس‪ :‬مالت عن وسط السماء‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب اإلبراد بالّظهر في شدة الحر‪ .‬حديث رقم (‪ )536‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬إِذَا‬
‫اشْتَدَ الْحَرُ فَأَبْرِدُوا بِالصَلَاةِ‪ ،‬فَإِنَ شِدَةَ الْحَرِ مِنْ فَيْحِ جَهَنَمَ‪ ،‬وَاشْتَكَتْ النَارُ إِلَى رَبِهَا فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَبِ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا‪ ،‬فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِتَاءِ وَنَفَسٍ فِي‬
‫ن الزَمْهَرِيرِ)‪.‬‬ ‫ن الْحَرّ‪ ،‬وَأَشَدُ مَا تَجِدُونَ مِ ْ‬ ‫ن مِ ْ‬
‫الصَيْفِ‪ ،‬فَهُ َو أَشَ ُد مَا تَجِدُو َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي‬
‫مسندالمكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في الوقوت‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫الزمهرير‪ :‬شدة البرد‪.‬‬ ‫فيح‪ :‬شدة الحر واللهب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أبردوا‪ :‬أخروا الصالة حتى تخف شدة الحر‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫ضلُ؟ قَالَ‪ :‬الصَلَاةُ فِي َأ َولِ وَ ْق ِتهَا)(‪ )3‬ولمداومة النبي ‪ ‬على أداء الصلوات المفروضة في أول أوقاتها‪ ،‬وعلة اإلبراد وهي شدة‬
‫الَْأعْمَالِ أَ ْف َ‬
‫الحر منتفية في غير المناطق الحارة‪.‬‬

‫وقت صالة العصر‪.‬‬


‫يبدأ وقت صالة العصر من انتهاء وقت صالة الظهر وهو مصير ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال‪ ،‬وينتهي قبيل اصفرار الشمس‬
‫عمالً بحديث ( َووَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ َتصْفَرَ الشَمْسُ)(‪ )2‬هذا الحديث تضمن زيادة على ما في حديث إمامة جبريل من انتهاء العصر بمصير‬
‫ظل الشيء مثليه‪ ،‬وهي زيادة ال تنافي المزيد‪ ،‬ولذا فيعمل بالحديث المتضمن للزيادة وهي امتداد وقت صالة العصر إلى قبيل اصفرار‬
‫الشمس ألن حديث (مثليه) قد دخل في هذا الوقت وال تعارض بين الحديثين‪ ،‬وألن حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما تضمن‬
‫زيادة على ما في حديث إمامة جبريل‪ ،‬والعمل بالزائد أفضل ويقدم العمل بحديث ابن عمرو لهذه االعتبارات كلها وألنه في صحيح مسلم‬
‫وحديث إمامة جيريل في سنن أبي داود وما في صحيح مسلم يقدم العمل به على ما في السنن األخرى‪ ،‬وقد ورد الوعيد الشديد المرعب‬
‫لمن يصلي العصر في غير وقتها في حديث (اَلذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْ َعصْر‪ ،‬كََأنَمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ)(‪ )1‬وفي رواية ( َمنْ تَ َراَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ‬
‫حبِطَ عَمَلُهُ)(‪ )4‬وصالة العصر في غير وقتها يسمى تركاً لها وعقوبته إحباط ثواب أعماله األخرى كلها إلضافة الضمير إلى مصدر الفعل‬ ‫َ‬
‫(عمل) وهو يفيد إحباط جميع أعمال التارك لصالة العصر في وقتها‪ ،‬ومثل هذا الوعيد في الرواية األخرى حيث شبه من تفوته صالة‬
‫العصر في وقتها بمن يفقد أهله وماله في وقت واحد‪.‬‬

‫وقت صالة املغرب‪.‬‬


‫(‪)5‬‬
‫يبدأ وقت المغرب بغروب الشمس لحديث (وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتْ الشَمْسُ) وينتهي بسقوط الشفق األحمر لحديث ( َووَقْتُ‬
‫الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ َثوْرُ الشَفَقِ)(‪ )6‬ووقت المغرب ممتد ما بين غروب الشمس وغياب الشفق األحمر‪ ،‬عمالً بالزيادة التي تضمنها حديث‬
‫عبد اهلل بن عمرو على حديث إمامة جبريل الذي فيه أن النبي ‪ ‬صلى المغرب بالنبي ‪ ‬في اليومين في وقت واحد هو عند غروب‬
‫الشمس‪ ،‬ويرجح العمل بما تضمنه حديث ابن عمرو على ما تضمنه حديث إمامة جبريل ألنه تضمن زيادة‪ ،‬والعمل بالزائد أوجب‪،‬‬
‫وحديث ابن عمرو متأخر ألنه في المدينة وحديث جبريل في مكة‪ ،‬ويرجح ما شرع متأخراً في المدينة على ما شرع في مكة في أول‬
‫اإلسالم‪ ،‬وحديث ابن عمرو في صحيح مسلم وحديث إمامة جبريل ليس في صحيح مسلم‪ ،‬وما في صحيح مسلم يرجح على ما في السنن‬
‫األخرى عند التعارض‪.‬‬

‫وقت صالة العشاء‪.‬‬


‫بداية وقت صالة العشاء من ذهاب الشفق األحمر ونهايته نصف الليل الشرعي لحديث (أَخَرَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ‬
‫إِلَى ِنصْفِ الَل ْيلِ)(‪ )7‬المراد بنصف الليل في الحديث هو نصف الليل الشرعي الذي يبدأ بأذان المغرب وينتهي بأذان الفجر‪ ،‬والعمل بهذا‬
‫الحديث أولى من العمل بالحديث الذي يفيد أن آخر وقت صالة العشاء ينتهي في ثلث الليل وهو بلفظ (وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب‬
‫الشفق إلى ثلث الليل األول)(‪ )8‬وألن الزيادة في حديث أن آخر وقت العشاء ممتد إلى نصف الليل ال تنافي ما تضمنه حديث أن آخر وقت‬
‫العشاء إلى ثلث الليل األول ألن الثلث األول من الليل داخل في النصف األول من الليل وال تعارض بين الحديثين‪ ،‬والعمل بالحديث‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬في المحافّظة على وقت الصلوات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 426‬بلفظ (عَنْ أُمِ فَرْوَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬سُئِلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَيُ‬
‫الْأَعْمَا ِل أَفْضَلُ؟ قَالَ‪ :‬الصَلَاةُ فِي أَوَ ِل وَقْتِهَا)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد اهلل بن عمرو بن العا رضي اهلل عنه برقم (‪.)1355‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب إثم من فاتته صالة العصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 552‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫قَالَ‪ :‬الَذِي تَفُوتُ ُه صَلَا ُة الْعَصْر‪ ،‬كَأَنَمَا وُتِ َر أَهْلَهُ وَمَالَهُ)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬وتر‪ :‬فقد‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب من ترا العصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 553‬بلفظ (عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ‪ ،‬فَقَالَ‪:‬‬
‫ا صَلَا َة الْعَصْ ِر فَقَ ْد حَبِطَ عَمَلُهُ)‪.‬‬
‫ن تَرَ َ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬مَ ْ‬ ‫ن النَبِ َ‬‫بَكِرُوا بِصَلَا ِة الْعَصْر‪ ،‬فَإِ َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في الوقوت‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫حبط‪ :‬ذهب وبطل ثوابه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬بكروا‪ :‬بادروا وسارعوا في أدائها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي موسى األشعري رضي اهلل عنه برقم (‪.)315‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد اهلل بن عمرو بن العا رضي اهلل عنه برقم (‪.)1355‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب صالة العشاء إلى نصف الليل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 572‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَخَرَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ف اللَيْلِ‪ ،‬ثُمَ صَلَى‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬قَ ْد صَلَى النَاسُ وَنَامُوا‪ ،‬أَمَا إِنَكُ ْم فِي صَلَاةٍ مَا انْتَّظَرْتُمُوهَا)‪.‬‬ ‫صَلَا َة الْعِشَا ِء إِلَى نِصْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬اللباس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الوبيص‪ :‬البريق واللمعان‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب النوم قبل العشاء لمن غلب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 561‬بلفظ (عَنْ عُرْوَةَ‪ ،‬أَنَ عَائِشَةَ قَالَتْ‪ :‬أَعْتَمَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْعِشَاءِ حَتَى نَادَاهُ عُمَر‪ :‬الصَلَاةَ‪ ،‬نَامَ النِسَاءُ وَالصِبْيَانُ‪ ،‬فَخَرَجَ فَقَال‪ :‬مَا يَنْتَّظِرُ هَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَ ْرضِ غَيْرُكُمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَلَا يُصَلَى يَوْمَئِذٍ إِلَا بِالْمَدِينَةِ‪،‬‬
‫ث اللَيْ ِل الْأَوَلِ)‪.‬‬
‫ق إِلَى ثُلُ ِ‬
‫ب الشَفَ ُ‬ ‫ن يَغِي َ‬‫ن أَ ْ‬
‫ن فِيمَا بَيْ َ‬
‫وَكَانُوا يُصَلُو َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫الشفق‪ :‬الحمرة التي ترى في األفق بعد مغيب الشمس‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أعتم‪ :‬أخر صالة العشاء حتى اشتداد ظلمة الليل‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫المتضمن للزيادة في الوقت أولى ألن فيه تيسيراً على األمة بامتداد وقت صالة العشاء إلى نصف الليل أكثر من امتداده إلى ثلث الليل‪ ،‬أما‬
‫القول بأن وقت العشاء ممتد إلى طلوع الفجر‪ ،‬وأن آخر وقت العشاء هو طلوع الفجر‪ ،‬فقول ضعيف وليس عليه دليل صحيح صريح‪،‬‬
‫صلِ الصَلَاةَ حَتَى يَجِيءَ وَقْتُ الصَلَاةِ الْأُخْرَى) (‪ )3‬ليس فيه داللة‬
‫وحديث أبي قتادة بلفظ ( َليْسَ فِي ال َنوْمِ تَفْرِيطٌ‪ِ ،‬إنَمَا التَفْرِيطُ عَلَى َمنْ لَمْ ُي َ‬
‫صريحة على أن وقت كل صالة من الصلوات الخمس يمتد إلى دخول وقت الصالة األخرى بل قد يخرج وقت الصالة األولى قبل دخول‬
‫وقت الصالة التالية مثل خروج وقت صالة الفجر بطلوع الشمس قبل دخول وقت صالة الظهر بالزوال‪ ،‬ومثله خروج وقت صالة العشاء‬
‫في منتصف الليل قبل دخول وقت صالة الفجر بطلوع الفجر‪ ،‬وليس موضوع وسياق حديث أبي قتادة في بيان أوقات الصلوات وإنما‬
‫موضوعه اإلنكار والذم على من يؤخر الصالة حتى يخرج وقتها ويدخل وقت الصالة األخرى‪ ،‬وأما قول ابن عباس رضي اهلل عنهما‬
‫(وقت صالة العشاء عنده إلى طلوع الفجر) فهو قول صحابي ال حجة فيه وهو رأي له وليس عليه دليل صحيح صريح وإنما هو فهم‬
‫خاص به‪.‬‬

‫وقت صالة الصبح‬


‫أول وقت صالة الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس‪ ،‬والتبكير بصالة الفجر في أول وقتها أفضل لحديث ( ُكنَ نِسَاءُ‬
‫طهِنَ‪ ،‬ثُمَ يَنْقَ ِل ْبنَ إِلَى ُبيُو ِت ِهنَ حِينَ يَ ْقضِينَ الصَلَاةَ‪ ،‬لَا‬
‫ش َه ْدنَ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ ُمتَلَفِعَاتٍ بِمُرُو ِ‬
‫الْ ُمؤْ ِمنَاتِ يَ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫حدٌ ِمنْ الْغَلَسِ) هذا دليل على أن النبي ‪ ‬كان يغلس بصالة الفجر أي يصليها في وقت الظالم وهو أول وقت الفجر‪ ،‬والمراد‬ ‫يَعْرِ ُف ُهنَ أَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫بلفظ (اإلسفار) في حديث (أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ) تحقق دخول وقت الصبح‪ ،‬بحيث ال يستعجل ويصلي قبل التحقق من دخول وقت الفجر‪.‬‬

‫الصلوات التي هلا أوقات ضرورة وعذر‬

‫الصحيح‪ :‬أن الصلوات التي لها وقت عذر هي صالة العصر وصالة الفجر‪ ،‬حيث يبدأ وقت العذر ألهل األعذار في صالة العصر من‬
‫آخر وقت صالة العصر المبين في حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما وهو وقت اصفرار الشمس إلى غروب الشمس‪ ،‬وفي صالة‬
‫صبْحَ‪ ،‬وَمَنْ‬
‫صبْحِ رَكْعَةً َق ْبلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَمْسُ فَ َقدْ َأدْ َراَ ال ُ‬
‫الفجر يبدأ وقت العذر من قبيل طلوع الشمس بقليل لحديث (مَنْ َأدْ َراَ مِنْ ال ُ‬
‫َأدْ َراَ رَكْعَةً ِمنْ الْ َعصْرِ َق ْبلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَمْسُ فَقَدْ َأدْ َراَ الْ َعصْرَ)(‪ )4‬الحديث دليل صحيح صريح على وجود وقت ألداء صالة العصر لمن‬

‫‪1‬‬
‫ن أَبِي قَتَادَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَطَبَنَا رَسُو ُل اللَ ِه‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب قضاء الصالة الفائتة واستحباب تعجيلها‪ .‬حديث رقم (‪ )1560‬بلفظ (عَ ْ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬إِنَكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَهُ غَدًا‪ ،‬فَانْطَلَقَ النَاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ‪ ،‬قَالَ أَبُو قَتَادَةَ‪ :‬فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن أُوقِّظَ ُه حَتَى‬ ‫صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَسِي ُر حَتَى ابْهَارَ اللَيْلُ‪ ،‬وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَنَعَسَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ‪ ،‬فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَ ْ‬
‫اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ثُمَ سَارَ حَتَى تَهَوَرَ اللَيْلُ مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَ يْرِ أَنْ أُوقِّظَهُ حَتَى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ثُمَ سَارَ حَتَى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ‬
‫السَحَرِ مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُ مِنْ الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَى كَادَ يَنْجَفِلُ‪ ،‬فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ‪ :‬مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ‪ :‬أَبُو قَتَادَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَاَ مِنِي؟ قُلْتُ‪:‬‬
‫مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَيْلَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬حَفِّظَكَ اللَهُ بِمَا حَفِّظْتَ بِهِ نَبِيَهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬هَلْ تَرَانَ ا نَخْفَى عَلَى النَاسِ؟ ثُمَ قَالَ‪ :‬هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟ قُلْتُ‪ :‬هَذَا رَاكِبٌ‪ ،‬ثُمَ قُلْتُ هَذَا‬
‫رَاكِبٌ آخَرُ ‪ ،‬حَتَى اجْتَمَعْنَا فَكُنَا سَبْعَةَ رَكْبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَمَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ الطَرِ يقِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬احْفَّظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا‪ ،‬فَكَانَ أَوَلَ مَنْ‬
‫شمْسُ نَزَلَ‪ ،‬ثُمَ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَتْ‬ ‫اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَالشَمْسُ فِي ظَهْرِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقُمْنَا فَزِعِينَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬ارْكَبُوا فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حَتَى إِذَا ارْتَفَعَتْ ال َ‬
‫مَعِي فِيهَا شَيْءٌ مَنْ مَاءٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَتَوَضَأَ مِنْهَا وُضُ وءًا دُونَ وُضُوءٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬لِأَبِي قَتَادَةَ‪ ،‬احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ‪ ،‬ثُمَ أَذَنَ‬
‫بِلَالٌ بِالصَلَاةِ فَصَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَكْعَتَيْنِ ‪ ،‬ثُمَ صَلَى الْغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَ يَوْمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَرَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَرَكِبْنَا‬
‫مَعَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَ ْعضٍ‪ ،‬مَا كَفَارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَ لَاتِنَا؟ ثُمَ قَالَ‪ :‬أَمَا لَكُمْ فِيَ أُسْوَةٌ؟ ثُمَ قَالَ‪ :‬أَمَا إِنَهُ لَيْسَ فِي النَوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَمَا التَفْرِيطُ‬
‫عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِ الصَلَاةَ حَتَى يَجِيءَ وَقْتُ الصَلَاةِ الْأُخْرَى‪ ،‬فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِهَا حِينَ يَ نْتَبِهُ لَهَا‪ ،‬فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِهَا عِنْدَ وَقْتِهَا‪ ،‬ثُمَ قَالَ مَا تَرَوْنَ النَاسَ صَنَعُوا؟‬
‫قَال‪ :‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَصْبَحَ النَاسُ فَقَدُوا نَبِيَهُمْ‪ ،‬فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَ عْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِفَكُمْ‪ ،‬وَقَالَ النَاسُ‪ :‬إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ‪ ،‬فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا‪ ،‬قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَاسِ حِينَ امْتَدَ النَهَارُ وَحَمِيَ كُلُ شَيْءٍ‪ ،‬وَهُمْ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَهِ هَلَكْنَا عَطِشْنَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا‬
‫هُلْكَ عَلَيْكُمْ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَصُبُ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ‪ ،‬فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَاسُ مَاءً فِي‬
‫الْمِيضَأَةِ تَكَابُوا عَلَيْهَا‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَحْسِنُوا الْمَلَأَ‪ ،‬كُلُكُمْ سَيَرْوَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَفَعَلُوا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَصُبُ وَأَسْقِيهِمْ‬
‫حَتَى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ثُمَ صَبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ لِي‪ :‬اشْرَبْ فَقُلْتُ‪ :‬لَا أَشْرَبُ حَتَى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ‬
‫اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَتَى النَاسُ الْمَاءَ جَامِينَ رِوَاءً‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَالَ عَبْدُ اللَهِ بْنُ رَبَاحٍ‪:‬‬
‫إِنِي لَأُحَدِ ثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ‪ ،‬إِذْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ‪ :‬انّْظُرْ أَيُهَا الْفَتَى‪ ،‬كَيْفَ تُحَدِثُ‪ ،‬فَإِنِي أَحَدُ الرَكْبِ تِلْكَ اللَيْلَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ‪،‬‬
‫ن أَحَدًا حَفِّظَهُ كَمَا حَفِّظْتُهُ)‪.‬‬‫ت أَ َ‬
‫ك اللَيْلَةَ‪ ،‬وَمَا شَعَرْ ُ‬ ‫ت تِلْ َ‬
‫ت الْقَوْمَ‪ ،‬فَقَا َل عِمْرَانُ‪ :‬لَقَ ْد شَهِدْ ُ‬ ‫ث فَأَنْتُ ْم أَعْلَ ُم بِحَدِيثِكُمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَحَدَثْ ُ‬
‫ن أَنْتَ؟ قُلْتُ‪ :‬مِنْ الْأَنْصَارِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬حَدِ ْ‬ ‫فَقَالَ‪ :‬مِمَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬والترمذي في الصال ة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫االمكثربن‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫تهور‪:‬‬ ‫دعمته‪ :‬أقمت ميله من النوم وسرت تحته كالدعامة‪.‬‬ ‫الراحلة‪ :‬الناقة التي يركب عليها‪.‬‬ ‫ابار‪ :‬انتصف‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬يلوي‪ :‬يعطف‪.‬‬
‫التفريط‪ :‬التضييع والتأخير‪.‬‬ ‫ميضأة‪ :‬إناء يتوضأ منه‪.‬‬ ‫فزع‪ :‬نفر مسرعا‪.‬‬ ‫ينجفل‪ :‬يسقط‪.‬‬ ‫السحر‪ :‬آخر الليل فبيل الفجر‪.‬‬ ‫ذهب أكثره‪.‬‬
‫الركب‪ :‬اصحاب اإلبل في السفر‪ ،‬وقيل واصحاب الخيل‪.‬‬ ‫حامين رواء‪ :‬مستريحين قد رووا من الماء‪.‬‬ ‫تكابوا‪ :‬تزاحموا‪.‬‬ ‫الغمر‪ :‬القدح الصغير‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب وقت الفجر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 575‬بلفظ (عن عُرْوَةُ بْنُ الزُبَيْر‪ ،‬أَنَ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ‪ :‬كُنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ‬
‫ن الْغَلَسِ)‪.‬‬‫ن أَحَدٌ مِ ْ‬ ‫ن الصَلَاةَ‪ ،‬لَا يَعْرِفُهُ َ‬ ‫ن يَقْضِي َ‬ ‫ن حِي َ‬ ‫ن إِلَى بُيُوتِهِ َ‬
‫ت بِمُرُوطِهِنَ‪ ،‬ثُ َم يَنْقَلِبْ َ‬
‫مَعَ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَ ى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ صَلَا َة الْفَجْ ِر مُتَلَفِعَا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬ومالك في وقوت الصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫المرط‪ :‬كساء من الصوف‪ .‬االنقالب‪ :‬الرجوع‪ .‬الغلس‪ :‬ظلمة آخر الليل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬متلفعات‪ :‬متسترات في ثوب يغطي جسدهن كله‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما جاء في اإلسفار بالفجر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 154‬بلفظ (عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫يَقُولُ‪ :‬أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ‪ ،‬فَإِنَ ُه أَعّْظَ ُم لِلْأَجْرِ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بتفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلسفار‪ :‬تأخير صالة الفجر حتى ينتشر ضوء الصبح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب من أدرا من الفجر ركعة‪ .‬حديث رقم (‪ )571‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَال‪ :‬مَنْ‬
‫ا الْعَصْرَ)‪.‬‬ ‫س فَقَ ْد أَدْرَ َ‬‫ب الشَمْ ُ‬ ‫ن تَغْرُ َ‬ ‫ن الْعَصْ ِر قَبْ َل أَ ْ‬
‫ن أَدْرَاَ رَكْعَ ًة مِ ْ‬ ‫س فَقَ ْد أَدْرَاَ الصُبْحَ‪ ،‬وَمَ ْ‬ ‫ن تَطْلُ َع الشَمْ ُ‬ ‫ن الصُبْحِ رَكْعَ ًة قَبْ َل أَ ْ‬‫أَدْرَاَ مِ ْ‬
‫‪96‬‬
‫فاته أداء صالة العصر في الوقت الشرعي المحدد أوله وآخره في األحاديث الصحيحة‪ ،‬بسبب عذر من األعذار القاهرة الخارجة عن‬
‫اإلرادة كالحائض أو النفساء تطهر في هذا الوقت أو الصبي يحتلم أو الكافر يسلم أو المغمي عليه يفيق أو نحوه‪ ،‬وهو دليل على وجود‬
‫وقت عذر ألداء صالة الفجر قبيل طلوع الشمس لمن فاته أداء صالة الفجر في وقتها الشرعي الموسع بسبب عذر قهري خارج عن‬
‫اإلرادة كاألعذار السابقة‪ ،‬وأما القول بوجود وقت مشترك بين وقتي الظهر والعصر يبدأ من أول وقت الظهر وينتهي بغروب الشمس‬
‫يصح في ه أداء صالتي الظهر والعصر سواء في وقت الظهر أو في وقت العصر ألن وقت الظهر ووقت العصر وقت مشترك ألداء‬
‫صالة الظهر وهما كذلك وقت مشترك ألداء صالة العصر ومثلهما وقت صالة المغرب ووقت صالة العشاء لهما وقت مشترك يبدأ من‬
‫أول وقت المغرب وينتهي في آخر وقت العشاء وهو منتصف الليل يصح في هذا الوقت المشترك صالة المغرب في وقت المغرب أو في‬
‫وقت العشاء ويصح فيه أيضاً أداء صالة العشاء سواء في وقت المغرب أو في وقت العشاء ألن الوقت المشترك هو وقت واحد لكل واحد‬
‫منهما ألنه وقت عذر وضرورة لمن كان في الحضر‪ ،‬فهذا القول ضعيف لمخالفته ألدلة وجوب التوقيت في الحضر الصحيحة الصريحة‬
‫الدالة على وجوب التوقيت لكل صالة من الصلوات الخمس ويجب أداء كل صالة في وقتها الشرعي‪ ،‬وال يجوز فعلها في غير وقتها‬
‫المبين في األحاديث الصحيحة‪ ،‬أما استدالل من يجوز الجمع بين الصالتين في الحضر جمع تقديم أو جمع تأخير بحديث ابن عباس‬
‫رضي اهلل عنهما الدال على أن النبي ‪ ‬جمع في يوم واحد فقط وهو في المدينة المنورة بين صالتي الظهر والعصر وبين صالتي‬
‫المغرب والعشاء‪ ،‬فالحديث في صحيح البخاري بلفظ (أن النبي ‪ ‬صلى بالمدينة سبعاً وثمانياُ الّظهر والعصر والمغرب والعشاء)(‪ )1‬أي‬
‫ثمان ر كعات صالتي الظهر والعصر وسبع ركعات صالتي المغرب والعشاء فهو استدالل ضعيف‪ ،‬ألن الحديث مجمل‪ ،‬ويحتمل أن‬
‫الجمع جمع تقديم‪ ،‬ويحتمل أنه جمع تأخير‪ ،‬ويحتمل أنه جمع صوري‪ ،‬واإلجمال في تعيين وقت الجمع يبطل االستدالل بالحديث‪ ،‬وأما‬
‫الزيادة التي في رواية النسائي التي ذكرت أن النبي ‪ ‬جمع جمعاً صورياً فقد ضعف الزيادة في رواية النسائي األلباني في صحيح سنن‬
‫النسائي برقم (‪ )588‬بقوله معقباعلى تصحيح الحديث (صحيح‪ :‬دون قوله‪ :‬أخر الظهر وعجل العصر‪ ،‬وأخر المغرب وعجل العشاء‪ ،‬فإنه‬
‫مدرج)‪ .‬وال حجة وال داللة في الحديث الضعيف‪ ،‬وبناء على تضعيف األلباني لزيادة رواية النسائي يبقى حديث ابن عباس رضي اهلل‬
‫عنهما حديثاً مجمالً ومحتمالً لكل من جمع التقديم أو التأخير أو الصوري وإذا دخل االحتمال الدليل بطل االستدالل به‪ ،‬وهذا هو رأي‬
‫العالمة محمد بن اسماعيل األمير في كتابه (سبل السالم) وهو رأي شيخه العالمة حسين بن محمد المغربي رحمهما اهلل تعالى‪ ،‬و نقل‬
‫األمير كالم شيخه في (سبل السالم) من كتاب (البدر التمام) للعالمة حسين بن محمد المغربي‪ ،‬ومما يثير العجب واالستغراب والدهشة‬
‫إصرار المستدلين بحديث ابن عباس على جواز الجمع في الحضر رغم أن الحديث مجمل ال يصح االستدالل به‪ ،‬ومما يثير العجب أكثر‬
‫جعلهم هذا الحديث الذي هو يحكي فعل يوم واحد من حياة النبي ‪ ‬في المدينة المنورة أصالً أصيالً لجواز جمع الصالتين في الحضر‪،‬‬
‫هذا على فرض أن الجمع فيه مبين موضح وضوحاً كامالً‪ ،‬وإيثاره وتقديمه على االستدالل بعمل أيام النبي ‪ ‬في المدينة بعد ما فرضت‬
‫الصلوات الرباعية والثالثية إلى أن مات النبي ‪ ‬وهو محافظ على أداء كل صالة في وقتها بل في أول وقتها إذا كان في الحضر‪ ،‬وهي‬
‫مدة تزيد على الثمان السنوات ألنه شرعت الزيادة في عدد الركعات في العام الثاني من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬ويقدر عدد أيام هذه المدة بثالثة آالف يوم تقريباً‪ ،‬فجعل عمل يوم مقدم على توقيت النبي ‪ ‬في ثالثة آالف يوم أو أكثر ليس من‬
‫االستدالل الصحيح وال الحريص على متابعة النبي ‪ ‬في أقواله وأفعاله وتقريراته‪ ،‬وال العقل وال المنطق يقبالن أن يقدم اإلنسان عمل‬
‫النبي ‪ ‬في يوم واحد على عمله في كل أيام وسنوات حياته في المدينة المنورة‪ ،‬بل الشرع والعقل والمنطق يقضي كل واحد من هذه‬
‫األمور أن يقدم عمل النبي ‪ ‬في ثمان سنوات على عمل يوم واحد من هذه السنوات‪ ،‬وأن يجعل عمله في توقيت الصلوات هو األصل‬
‫األصيل واألساس المتين لوجوب التو قيت في الحضر ألن العمل الكلي مقدم على العمل الجزئي‪ ،‬وألن فعل النبي ‪ ‬في التوقيت هو بيان‬
‫(‪)1‬‬
‫الةَ وَآتُواْ الزَكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَاكِعِينَ}‬
‫صَ‬‫الةَ كَانَتْ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ ِكتَاباً َموْقُوتاً}(‪ )2‬ولقوله تعالى {وَأَقِيمُواْ ال َ‬
‫صَ‬ ‫لقوله تعالى { ِإنَ ال َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ولحديث (وصلوا كما رأيتموني أصلي) ‪ .‬وجواز الجمع في السفر هو بدليل خاص بالسفر وقياس الشافعي جواز الجمع بين المطر قياساً‬
‫على جواز الجمع في السفر غير صحيح ألنه يستلزم جواز القصر والفطر في الحضر‪.‬‬

‫حدود أوقات الضرورة والعذر‬


‫الصحيح‪ :‬أن الدليل الصحيح ل م يدل إال على أن وقتي الضرورة و العذر هما قبيل غروب الشمس لمن يدرك ركعة من صالة العصر‪،‬‬
‫وقبيل شروق الشمس لمن يدرك ركعة قبيل طلوع الشمس‪ ،‬وأما القول‪ :‬بان وقتي صالتي الظهر والعصر هما وقت مشترك للصالتين‬

‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في وقوت الصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب تأخير الّظهر إلى العصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 543‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ صَلَى بِالْمَدِينَةِ‬
‫سَبْعًا وَثَمَانِيًا الّظُهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند الهاشميين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)103( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)43( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب األذان للمسافر إذا كانوا جماعة واإلقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن الصالة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة‪.‬‬
‫حديث رقم (‪ ) 631‬بلفظ (عن أبي قالبة‪ ،‬قال حدثنا مالك‪ :‬أتينا إلى النبي ‪ ‬ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة‪ ،‬وكان رسول اهلل ‪ ‬رحيما‬
‫رفيقا‪ ،‬فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا‪ ،‬سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه‪ ،‬قال‪ :‬ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم‪ ،‬وذكر أشياء أحفّظها‬
‫أو ال أحفّظها‪ ،‬وصلوا كما رأيتموني أصلي‪ ،‬فإذا حضرت الصالة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫وهو وقت عذر وضرورة لهما في الحضر‪ ،‬وأن وقت صالتي المغرب والعشاء هو وقت مشترك وهو وقت عذر وضرورة لهما‪ ،‬فال‬
‫دليل على هذا القول ال من الكتاب وال من السنة وال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬وإنما هو اجتهاد محض ال دليل عليه‪،‬‬
‫وأن المرأة الحائض أو النفساء إذا طهرت في وقت العشاء ال يجب عليها إال أداء صالة العشاء‪ ،‬وال يجب عليها أداء صالة المغرب ألن‬
‫صالة المغرب قد دخل وقتها وخرج وهي معذورة بخروج دم الحيض أو النفاس‪ ،‬وإذا طهرت في وقت العصر أو قبيل المغرب فال يجب‬
‫عليها إال صالة العصر فقط‪ ،‬أما صالة الظهر فال تجب عليها‪ ،‬ألنه قد دخل وقت الظهر وخرج وهي معذورة‪ ،‬ومثل هذه المرأة الحائض‬
‫أو النفساء الكافر إذا أسلم أو الصبي إذا احتلم أو المغمي عليه أو المجنون إذا أفاق في وقت الصالة الثانية فال تجب على أي منهم الصالة‬
‫األولى‪ ،‬ألن وقت الصالة األولى دخل وخرج وهو معذور بعذر شرعي عن أداء الصالة فيه‪ ،‬ويجب عليه فقط أداء الصالة الثانية التي‬
‫هي العصر أو العشاء‪ ،‬وإذا زال عذره في وقت األولى فيجب عليه أداؤها إذا كان في الوقت بقية تسع لطهارته وأداء الصالة التي زال‬
‫صبْحَ‪ ،‬وَمَنْ َأدْ َراَ رَكْعَةً مِنْ الْ َعصْرِ َق ْبلَ أَنْ‬
‫صبْحِ رَكْعَةً َق ْبلَ َأنْ تَطْلُعَ الشَمْسُ فَ َقدْ َأدْ َراَ ال ُ‬
‫العذر في وقتها بدليل حديث ( َمنْ َأدْ َراَ مِنْ ال ُ‬
‫تَغْرُبَ الشَمْسُ فَ َقدْ َأدْ َراَ الْ َعصْرَ)(‪ )3‬فالحديث لم يوجب إال صالة العصر ولم يوجب أداء صالة الظهر ألنه قد خرج وقتها ولم يكن لصالة‬
‫الظهر ذكر في الحديث لخروج وقتها‪ ،‬ومن زال عذره بعد منتصف الليل فال يجب عليه صالة العشاء وال صالة المغرب ألنه قد خرج‬
‫وقت كل منهما وهو معذور عن الصالة بعذر شرعي عن أدائها‪ ،‬والمرأة الحائض إذا جاءها الحيض في وقت صالة ولم تكن قد صلتها ال‬
‫يجب عليها القضاء إذا جاء الحيض أول الوقت أو في وسط الوقت‪ ،‬وإنما يجب عليها القضاء إذا جاءها الحيض أو النفاس في آخر وقت‬
‫الصالة أي في وقت قد تضيق الوجوب فيه لكونه آخر الوقت ال يتسع إال للفرض‪ ،‬فإذا جاءها الحيض أو النفاس في الوقت المضيق فيجب‬
‫عليها القضاء ألن الوقت المضيق هو وقت وجوب الصالة‪ ،‬وإذا جاءها الحيض أوالنفاس في الوقت الموسع فال قضاء عليها‪ ،‬ألنه لم‬
‫يتمحض الوجوب إال في آخر الوقت الذي ال يتسع إال ألداء الفرض وطهارته التي تسبقه من الوضوء أو الغسل‪.‬‬

‫أهل العذر‬
‫أهل األعذار هم الحائض أو النفساء تطهر من الحيض أو النفاس في وقت العذر‪ ،‬والصبي يحتلم في وقت العذر‪ ،‬والكافر يسلم في وقت‬
‫العذر‪ ،‬والمغمى عليه يفيق من إغمائه وقت العذر‪.‬‬

‫عدد األوقات املنهي عن الصالة فيها‬


‫الصحيح‪ :‬أن عدد األوقات المنهي عن الصالة فيها خمسة هي وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ووقت الزوال لحديث (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ‬
‫حتَى تَرْتَفِعَ‪ ،‬وَحِينَ يَقُومُ‬‫غةً َ‬ ‫كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َي ْنهَانَا َأنْ ُنصَلِيَ فِي ِهنَ َأوْ َأنْ نَ ْقبُرَ فِي ِهنَ َم ْوتَانَا‪ ،‬حِينَ تَطْلُعُ الشَمْسُ بَا ِز َ‬
‫ب)(‪ )2‬ولحديث (لَا تَحَ َروْا ِبصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَمْسِ وَلَا غُرُو َبهَا‪،‬‬ ‫حتَى تَغْرُ َ‬ ‫ضيَفُ الشَمْسُ لِلْغُرُوبِ َ‬ ‫حتَى تَمِيلَ الشَمْسُ‪ ،‬وَحِينَ َت َ‬ ‫ّظهِيرَةِ َ‬ ‫قَائِمُ ال َ‬
‫(‪)1‬‬
‫شيْطَانٍ) ويدل هذا الحديث على أن أشد أوقات الكراهة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها‪ ،‬ألنها تطلع بين قرني‬ ‫فَِإنَهَا تَطْلُعُ بِقَ ْرنَيْ َ‬
‫شيطان‪ ،‬ووقت الزوال ال تصح فيه الصالة مطلقاً‪ ،‬ال في يوم الجمعة وال في غيرها من األيام‪ ،‬للنهي المطلق عن الصالة في هذا الوقت‪،‬‬
‫حتَى‬‫وفي الوقت من بعد صالة الفجر حتى تطلع الشمس ومن بعد صالة العصر حتى تغرب الشمس لحديث (ال صَلَاةَ بَ ْعدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ َ‬
‫حتَى تَطْلُعَ الشَمْسُ)(‪ )4‬الحديث دليل على النهي عن الصالة التطوعية من بعد صالة العصر‬ ‫تَغْرُبَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ َ‬
‫عَليْهِ وَسَلَمَ َنهَى عَنْ الصَلَاةِ‬ ‫حتى تغرب الشمس ومن بعد صالة الفجر حتى تطلع الشمس‪ ،‬ويمكن الجمع بين حديث ( َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ َ‬
‫حتَى تَشْ ُرقَ الشَمْسُ‪َ ،‬وبَ ْعدَ الْعَصْرِ حَتَى تَغْرُبَ)(‪ )5‬وحديث عائشة رضي اهلل عنها (رَكْعَتَانِ لَمْ يَ ُكنْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫صبْحِ َ‬ ‫بَ ْعدَ ال ُ‬
‫(‪)6‬‬
‫صبْحِ وَرَكْ َعتَانِ بَ ْعدَ الْ َعصْرِ) باآلتي‪:‬‬ ‫عهُمَا سِرًا وَلَا عَلَا ِنيَةً‪ ،‬رَكْ َعتَانِ َق ْبلَ صَلَاةِ ال ُ‬ ‫وَسَلَمَ َي َد ُ‬

‫أوالً‪ :‬حديث النهي قولي وحديث عائشة فعلي ويرجح قول النبي ‪ ‬على فعله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)571‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة ا لمسافرين وقصرها‪ :‬باب األوقات التي نهي عن الصالة فيها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1126‬بلفظ (عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬ثَلَاثُ‬
‫سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِيَ فِيهِنَ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِ نَ مَوْتَانَا‪ ،‬حِينَ تَطْلُعُ الشَمْسُ بَازِغَةً حَتَى تَرْتَفِعَ‪ ،‬وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الّظَهِيرَةِ حَتَى‬
‫ف الشَمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَى تَغْرُبَ)‪.‬‬ ‫ن تَضَيَ ُ‬ ‫تَمِي َل الشَمْسُ‪ ،‬وَحِي َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجن ائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تضيف‪ :‬تميل وتجنح إلى الّظالم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ :‬باب األوقات التي نهي عن الصالة فيها‪ .‬حديث رقم (‪ )1122‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَر‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ي شَيْطَانٍ)‪.‬‬ ‫س وَلَا غُرُوبَهَا‪ ،‬فَإِنَهَا تَطْلُ ُع بِقَرْنَ ْ‬‫ع الشَمْ ِ‬ ‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬لَا تَحَرَوْا بِصَلَاتِكُ ْم طُلُو َ‬
‫أخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫حاجب الشمس‪ :‬طرف قرصها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬تحروا‪ :‬ترقبوا وتنتّظروا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ .‬باب األوقات التي نهي عن الصالة فيها‪ .‬حديث رقم (‪ )1120‬بلفظ (عن عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَيْثِيُ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ أَبَا‬
‫ب الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَا َة بَعْ َد صَلَا ِة الْفَجْ ِر حَتَى تَطْلُ َع الشَمْسُ)‪.‬‬‫ي يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا صَلَا َة بَعْدَ صَلَا ِة الْعَصْرِ حَ تَى تَغْرُ َ‬ ‫سَعِي ٍد الْخُدْرِ َ‬
‫أخرجه البخاري في الجمعة‪ ،‬والنسائ ي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب الصالة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 554‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُونَ‬
‫ق الشَمْسُ‪ ،‬وَبَعْ َد الْعَصْ ِر حَتَى تَغْرُبَ)‪.‬‬‫ح حَتَى تَشْرُ َ‬ ‫ن الصَلَا ِة بَعْ َد الصُبْ ِ‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم نَهَى عَ ْ‬ ‫ن النَبِ َ‬
‫وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ‪ ،‬أَ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها‪ .‬حديث رقم (‪ )512‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن بَعْ َد الْعَصْرِ)‪.‬‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَدَعُهُمَا سِرًا وَلَا عَلَانِيَةً‪ ،‬رَكْعَتَانِ قَبْ َل صَلَا ِة الصُبْحِ وَرَكْعَتَا ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫ثانيا‪ :‬حديث النهي يدل على التحريم وحديث الفعل يدل على الجواز ويرجح ما يدل على التحريم على ما يدل على الجواز‪.‬‬

‫ثالثاُ‪ :‬حديث النهي عام لألمة وحديث عائشة رضي اهلل عنها خاص بالنبي ‪ ‬ويرجح العام لألمة على ما هو خاص بالنبي ‪.‬‬

‫ّظهْرِ‪َ ،‬فهُمَا هَاتَانِ)(‪ )3‬فيه بيان لسبب‬


‫عنْ الرَكْ َع َت ْينِ الَل َت ْينِ بَعْدَ ال ُ‬
‫ع ْبدِ الْ َقيْسِ بِالْإِسْلَامِ ِمنْ َقوْ ِمهِمْ فَشَغَلُونِي َ‬
‫وأما حديث (ِإنَهُ َأتَانِي ُأنَاسٌ مِنْ َ‬
‫بدء النبي ‪ ‬للركعتين النافلتين بعد صالة العصر‪ ،‬وهو أن النبي ‪ ‬شغل عن الركعتين الراتبتين بعد صالة الظهر أثناء مقابلته وفد عبد‬
‫القيس فقضاهما بعد صالة العصر في ذلك اليوم‪ ،‬ثم واضب عليهما ألن من خصائص النبي ‪ ‬أنه إذا عمل عمالً واظب عليه‪ ،‬فالمداومة‬
‫على صالة ركعتين تطوعاً بعد صالة العصر هي من خصائص النبي ‪ ،‬وال يشرع لألمة متابعة النبي ‪ ‬في صالة ركعتين تطوعاً بعد‬
‫صالة العصر‪ ،‬ألن الوقت في حق األمة وقت كراهة منهي عن صالة التطوع فيه‪.‬‬

‫الصلوات التي يتعلق النهي عن فعلها يف أوقات الكراهة‬


‫الصحيح‪ :‬أن األوقات كلها يجوز فيها صالة الفرض والقضاء وذوات األسباب ألن عموم النهي عن الصالة في حديث (لَا صَلَاةَ بَ ْعدَ صَلَاةِ‬
‫حتَى تَغْرُبَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَى تَطْلُعَ الشَمْسُ)(‪ )2‬ورواية البخاري (لَا صَلَاةَ بَ ْعدَ ال ُ‬
‫صبْحِ حَتَى تَرْتَفِعَ الشَمْسُ‪،‬‬ ‫الْ َعصْرِ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫حتَى تَغِيبَ الشَمْسُ) قد ضعف بكثرة المخصصات‪ ،‬والدليل العام إذا قد خصص عدة مرات فإنه تضعف قوة‬ ‫وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ الْعَصْرِ َ‬
‫حتَى تَرْتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ‬ ‫صبْحِ َ‬
‫دليليته ويرجح عليه الدليل العام الذي لم يخصص‪ ،‬ومن المخصصات لحديث (لَا صَلَاةَ بَ ْعدَ ال ُ‬
‫حتَى تَغِيبَ الشَمْسُ) (‪ )4‬ما يلي‪:‬‬ ‫الْ َعصْرِ َ‬

‫‪ -1‬حديث صالة ركعتين تطوعاً بعد صالة العصر الذي روته عائشة رضي اهلل عنها (قَالَتْ‪ :‬رَكْ َعتَانِ لَمْ يَ ُكنْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْ ِه‬
‫صبْحِ وَرَكْ َعتَانِ بَ ْعدَ الْعَصْرِ)(‪ )5‬هاتان الركعتان فعلهما رسول اهلل ‪ ‬أول مرة قضاء‬ ‫عهُمَا سِرًا وَلَا عَلَا ِنيَةً‪ ،‬رَكْ َعتَانِ َق ْبلَ صَلَاةِ ال ُ‬
‫وَسَلَمَ َي َد ُ‬
‫لراتبة صالة الظهر حينما شغل عنهما باستقبال وفد عبد القيس‪ ،‬ثم داوم عليهما‪ ،‬والمداومة على هاتين الركعتين من خصائصه ‪،‬‬
‫الحديث مخصص ثان لحديث النهي‪.‬‬
‫صلِ مَعَهُ‪ ،‬فَِإ َنهَا لَهُ نَافِلَةٌ)(‪ )6‬في هذا الحديث أمر من النبي ‪ ‬لمن‬ ‫صلِ فَ ْل ُي َ‬
‫حدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَ َأدْ َراَ الْإِمَامَ وَلَمْ ُي َ‬‫‪ -2‬حديث (ِإذَ ا صَلَى أَ َ‬
‫حضر مسجداً تقام فيه صالة الفجر جماعة وهو قد صلى الفرض في بيته أو في مسجد آخر أو في أي مكان أن يدخل مع المصلين‬
‫جماعة وتكون صالته معهم نافلة‪ ،‬وهذا الحديث مخصص ثالث لعموم النهي عن الصالة في األوقات المكروهة‪ ،‬وباألخص هو‬
‫تخصيص لعموم النهي عن النوافل بعد صالة الفجر‪.‬‬
‫حدًا طَافَ ِب َهذَا ا ْل َبيْتِ َوصَلَى َأيَةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ َل ْيلٍ َأوْ نَهَار)(‪ )7‬في الحديث دليل على جواز‬ ‫ع ْبدِ َمنَافٍ‪ ،‬لَا تَ ْمنَعُوا أَ َ‬
‫‪ -3‬حديث (يَا َبنِي َ‬
‫صالة ركعتي الطواف في كل أوقات الليل والنهار‪ ،‬ومنها أوقات الكراهة من بعد العصر ومن بعد الفجر ووقت الزوال وعند طلوع‬
‫الشمس وعند غروبها‪ ،‬الحديث مخصص رابع لحديث النهي‪.‬‬
‫‪ -4‬حديث (إن الشمس والقمر ال ينكسفان لموت أحد وال لحياته‪ ،‬فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا اهلل)(‪ )8‬الحديث دليل على جواز صالة‬
‫كسوف الشمس في أي وقت من ساعات النهار‪ ،‬وإذا حصل كسوف الشمس في يوم من األيام بعد العصر فيشرع لمن علم بالكسوف‬

‫‪1‬‬
‫ن بُكَيْرٍ‪ ،‬أَنَ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَاسٍ حَدَثَهُ أَنَ ابْنَ عَبَاسٍ وَعَبْدَ الرَحْمَنِ بْ َ‬
‫ن‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب وفد عبد القيس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4370‬بلفظ (عَ ْ‬
‫أَزْهَرَ وَالْمِسْوَ رَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬اقْرَأْ عَلَيْهَا السَلَامَ مِنَا جَمِيعًا ‪ ،‬وَسَلْهَا عَنْ الرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَا أُخْبِرْنَا أَنَكِ تُصَلِيهَا‪ ،‬وَ َقدْ‬
‫بَلَغَنَا أَنَ النَبِيَ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ نَهَى عَنْهَا‪ ،‬قَالَ ابْنُ عَبَاسٍ‪ :‬وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ النَاسَ عَنْهُمَا‪ :‬قَالَ كُرَ يْبٌ‪ :‬فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي‪ :‬فَقَالَتْ سَلْ أُ َم‬
‫سَلَمَةَ‪ ،‬فَأَخْبَرْتُهُمْ‪ ،‬فَرَدُونِي إِلَى أُمِ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي إِلَى عَائِشَةَ‪ ،‬فَقَالَتْ أُمُ سَلَمَةَ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَنْهَى عَنْهُمَا‪ ،‬وَإِنَهُ صَلَى الْعَصْرَ ثُمَ دَخَلَ‬
‫عَلَيَ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَصَلَاهُمَا فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْخَادِمَ فَقُلْتُ‪ :‬قُومِي إِلَى جَنْبِهِ فَقُولِي‪ :‬تَقُولُ أُمُ سَلَمَةَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ‬
‫ن‬‫هَاتَيْنِ الرَكْعَتَيْنِ فَأَرَااَ تُصَلِيهِمَا؟ فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ‪ ،‬فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ‪ ،‬فَلَمَا انْصَرَفَ قَالَ‪ :‬يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَةَ‪ ،‬سَأَلْتِ عَنْ الرَكْعَتَيْ ِ‬
‫ن بَعْ َد الّظُهْرِ‪ ،‬فَهُمَا هَاتَانِ)‪.‬‬
‫ن اللَتَيْ ِ‬
‫ن قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَكْعَتَيْ ِ‬ ‫س بِالْإِسْلَامِ مِ ْ‬‫بَعْ َد الْعَصْرِ‪ ،‬إِنَ ُه أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ عَبْ ِد الْقَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه برقم (‪.)1121‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب ال تتحرى الصالة قبل غروب الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 556‬بلفظ (عن عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيُ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَعِي ٍد‬
‫ب الشَمْسُ)‪.‬‬ ‫ح حَتَى تَرْتَفِ َع الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَا َة بَعْ َد الْعَصْ ِر حَتَى تَغِي َ‬ ‫ي يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬لَا صَلَا َة بَعْدَ الصُبْ ِ‬ ‫الْخُدْرِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه برقم (‪.)556‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)513‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب في من صلى ف ي منزله ثم أدرا الجماعة يصلي معهم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 575‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬أَنَهُ‬
‫صَلَى مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌ‪ ،‬فَلَمَا صَلَى‪ ،‬إِذَا رَجُلَانِ لَمْ يُصَلِيَا فِ ي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ‪ ،‬فَدَعَا بِهِمَا فَجِئَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا‬
‫مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِيَا مَعَنَا؟ قَالَا‪ :‬قَدْ صَلَيْنَا فِي رِحَالِنَا‪ ،‬فَقَال‪ :‬لَا تَفْعَلُوا‪ ،‬إِذَا صَلَى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَ أَدْرَاَ الْإِمَا مَ وَلَمْ يُصَلِ فَلْيُصَلِ مَعَهُ‪ ،‬فَإِنَهَا لَهُ نَافِلَةٌ)‪ .‬صححه األلباني‬
‫في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الدارمي في الصالة‪.‬‬
‫رحالنا‪ :‬مكان إقامتنا‪.‬‬ ‫وهي لحمة بين الكتف والصدر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬فرائصهما‪ :‬مفرد فريصة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن الن سائي‪ :‬كتاب مناسك الحج‪ :‬باب الطواف بعد العصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1514‬بلفظ (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬يَا بَنِي عَبْ ِد‬
‫ن لَيْلٍ أَ ْو نَهَارٍ)‪ .‬صححه األلبا ني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ف بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَى أَيَ َة سَاعَ ٍة شَاءَ مِ ْ‬ ‫مَنَافٍ‪ ،‬لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَا َ‬
‫اخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الكسوف‪ :‬باب الصالة في كسوف الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1040‬بلفظ (عن المغيرة بن شعبة‪ ،‬قال‪ :‬كسفت الشمس على عهد رسول اهلل‬
‫‪ ‬يوم مات إبراهيم‪ ،‬فقال الناس‪ :‬كسفت الشمس لموت إبراهيم‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ : ‬إن الشمس والقمر ال ينكسفان لموت أحد وال لحياته‪ ،‬فإذا رأيتموهما‬
‫فصلوا وادعوا اهلل‪).‬‬
‫أخرجه مسلم في الكسوف‪ ،‬وأحمد في مسند الكوفيين‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫المسارعة إلى صالة الكسوف ألمر النبي ‪ ‬بذلك‪ ،‬الحديث مخصص خامس لحديث النهي عن الصالة في أوقات الكراهة‪ ،.‬وصالة‬
‫الجنازة يجوز أن تصلى بعد العصر أو بعد الفجر ألن المشروع هو التعجيل بدفنها‪ ،‬وتشرع صالة ركعتي تحية المسجد في كل أوقات‬
‫جدَ‬
‫حدُكُمْ الْمَسْ ِ‬ ‫خلَ أَ َ‬
‫الليل والنهار ومنها بعد صالة الفجر وبعد صالة العصر لكل من يدخل المسجد من الرجال أو النساء لحديث (ِإذَا دَ َ‬
‫فَ ْليَرْكَعْ رَكْ َع َت ْينِ َق ْبلَ َأنْ يَجْلِسَ)(‪ )3‬الحديث دليل على مشروعية تحية المسجد للداخل إلى المسجد في أي وقت من أوقات الليل أو النها‪،‬‬
‫وفي الحديث أمر صريح بالركعتين قبل الجلوس‪ ،‬وفي رواية أخرى صحيحة نهي صريح للداخل إلى المسجد عن الجلوس قبل أن‬
‫(‪)2‬‬
‫حتَى ُيصَلِيَ رَكْ َعتَ ْينِ)‬ ‫جدَ فَلَا يَجْلِسْ َ‬
‫حدُكُمْ الْمَسْ ِ‬
‫خلَ أَ َ‬
‫يركع ركعتي تحية المسجد‪ ،‬وحقيقة النهي التحريم‪ ،‬رواية النهي بلفظ (ِإذَا دَ َ‬
‫الحديث نهي عام لمن يدخل المسجد عن الجلوس فيه قبل صالة ركعتي التحية‪ ،‬والنهي في الحديث يعم جميع األوقات‪ ،‬هذا النهي العام‬
‫باق على عمومه لم يخصص بأي مخصص ألنه لم يرد حديث يدل على تخصيص هذا النهي العام ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله‬
‫وال من تقريره‪ ،‬بل ورد ما يؤكد هذا النهي من أمر النبي ‪ ‬للرجل الذي دخل المسجد وجلس قبل أن يصلي تحية المسجد والنبي ‪‬‬
‫يخطب خطبة الجمعة فقطع الخطبة وأمر الرجل بالقيام لصالة ركعتي التحية‪ ،‬وهذا الفعل من النبي ‪ ‬وهو في حال خطبة الجمعة‬
‫حدُكُمْ‬
‫خلَ أَ َ‬ ‫يدل على اهتمام النبي ‪ ‬بأداء صالة تحية المسجد وتشديده على فعلها‪ ،‬وبناء على هذا فيقدم النهي العام في حديث (ِإذَا دَ َ‬
‫حتَى تَ ْرتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ الْ َعصْرِ‬ ‫صبْحِ َ‬ ‫حتَى ُيصَلِيَ رَكْ َع َت ْينِ) على النهي العام في حديث (لَا صَلَاةَ بَ ْعدَ ال ُ‬
‫جدَ فَلَا يَجْلِسْ َ‬
‫الْمَسْ ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫حتَى تَغِيبَ الشَمْسُ) ألن النهي عن الصالة في أوقات الكراهة قد خصص بخمسة مخصصات قد سبق ذكرها في حين أن النهي عن‬ ‫َ‬
‫الجلوس في المسجد قبل صالة ركعتي التحية لم يرد دليل بتخصيصه‪ ،‬والدليل العام الذي لم يخصص يقدم على الدليل العام الذي قد‬
‫خصص بعدد من المخصصات المسببة لضعف قوة دليليته واالحتجاج به على عموم النهي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 444‬بلفظ (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ السَلَمِيِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن يَجْلِسَ)‪.‬‬ ‫ن قَبْ َل أَ ْ‬
‫قَالَ‪ :‬إِذَا دَخَ َل أَحَدُكُ ْم الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ -2‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1163‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُرَقِيِ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِي الْأنْصَارِ َ‬
‫س حَتَى يُصَلِيَ رَكْعَتَيْنِ)‪.‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا دَخَ َل أَحَدُكُ ْم الْمَسْجِ َد فَلَا يَجْلِ ْ‬ ‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَا َل النَبِ ُ‬ ‫رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه برقم (‪.)556‬‬
‫‪111‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬األذان واإلقامة‬

‫صفة األذان‬ ‫‪‬‬


‫حكم األذان‬ ‫‪‬‬
‫حكم أخذ األجرة على األذان‬ ‫‪‬‬
‫وقت األذان‬ ‫‪‬‬
‫شروط األذان‬ ‫‪‬‬
‫ما يقوله من يسمع المؤذن‬ ‫‪‬‬
‫اإلقامة‬ ‫‪‬‬

‫‪111‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬األذان واإلقامة‬

‫تعريف األذان واإلقامة‬

‫األذان‪ :‬إعالم بدخول وقت الصالة بألفاظ مخصوصة‪ ،‬واإلقامة‪ :‬إعالم بالقيام إلى الصالة بألفاظ مخصوصة‪ ،‬األذان شعار اإلسالم العظيم‬
‫الذي يذكِر المسلم في اليوم خمس مرات بعبوديته هلل تعالى وبوجوب االلتزام بمقتضيات الشهادتين من امتثال أوامر اهلل تعالى وأوامر‬
‫رسوله ‪ ‬واجتناب ما نهى اهلل ورسوله عنه في حياة المسلم كلها العقائدية والعبادية والحياتية‪ ،‬فيجب على المسلم أن يلتزم بتعاليم اإلسالم‬
‫في نفسه وأسرته ومجتمعه وفي وظيفته العامة فيتحرى التزام الشرع في عقيدته وعبادته ومأكوله ومشروبه وملبوسه ومركوبه ومسكنه‬
‫وفي كسبه للمال وإنفاقه‪ ،‬وفي عمله وحرفته ووظيفته وفي كل شأن من شئونه‪ ،‬ألنه عبد هلل عز وجل متصف بوصف العبودية في كل‬
‫وقت من عمره‪ ،‬وفي كل عمل يقوم به‪ ،‬وفي كل شأن من شئونه العامة والخاصة‪ ،‬هذه هي مقتضيات الشهادتين واألذان شرع لتذكير‬
‫المسلم خمس مرات في اليوم والليلة بمعاني ومقتضيات شهادة ( أن ال إله إال اهلل وأن محمداً رسول اهلل) ليلتزم بها‪ ،‬وليتذكرها‪ ،‬ولكي ال‬
‫يقع في مخالفتها أثناء ممارسته الحياتية الخاصة والعامة‪ ،‬واألذان واإلقامة وسيلة متكررة خمس مرات في اليوم والليلة لمحاسبة المسلم‬
‫نفسه على مدى التزامه أو مخالفته لمقتضيات الشهادتين في حياته العامة والخاصة‪.‬‬

‫صفة األذان‬
‫ش َهدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا‬
‫الصحيح‪ :‬تشفيع األذان وإيتار اإلقامة لحديث عبد اهلل بن زيد األنصاري بلفظ (اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬أَ ْ‬
‫ش َهدُ َأنَ مُحَ َمدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الصَلَاةِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الصَلَاةِ‪ ،‬حَيَ عَلَى‬ ‫ش َهدُ َأنَ مُحَ َمدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬أَ ْ‬ ‫ش َهدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬أَ ْ‬
‫اللَهُ‪ ،‬أَ ْ‬
‫غيْرَ بَعِيدٍ‪ ،‬ثُمَ قَال‪َ :‬وتَقُولُ‪ِ :‬إذَا أَقَمْتَ الصَلَاةَ اللَهُ أَ ْكبَرُ‬ ‫عنِي َ‬ ‫ستَأْخَرَ َ‬
‫الْفَلَاحِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الْفَلَاحِ‪ ،‬اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬قَال‪ :‬ثُمَ ا ْ‬
‫ت الصَلَاةُ‪َ ،‬قدْ قَامَتْ الصَلَاةُ‪،‬‬ ‫ش َهدُ أَنَ مُحَ َمدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الصَلَاةِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الْفَلَاحِ‪َ ،‬قدْ قَامَ ْ‬ ‫شهَدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬أَ ْ‬‫اللَهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬أَ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَر‪ ،‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ) وورد األذان واإلقامة بصفات أخرى كما في حديث أبي محذورة من ترجيع الشهادتين‪ ،‬وورد‬
‫بتشفيع اإلقامة‪ ،‬ولكن األصح هو تشفيع األذان وإيتار اإلقامة لحديث(أمر بالل أن يشفع األذان وأن يوتر اإلقامة)(‪.)2‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن التثويب وهو قول المؤذن في أذان الفجر (الصالة خير النوم) مرتين بعد قوله (حي على الفالح) كان في زمن النبي ‪ ‬وأنه‬
‫حتَى ُي َؤ ِذنَ ا ْبنُ أُمِ مَ ْكتُومٍ)(‪ )1‬القصد من األذان‬
‫كان في األذان األول الذي قبل طلوع الفجر لحديث ( ِإنَ بِلَالًا يُ َؤ ِذنُ بَِليْل‪ ،‬فَكُلُوا وَاشْ َربُوا َ‬
‫األول هو إليقاظ النائم وتنبيه المتيقظ لتناول السحور ولصالة النافلة في الليل وللتهيؤ لصالة الفجر‪ ،‬وال يشرع للمؤذن أن يتلفظ بلفظ‬
‫(سيدنا) ال في األذان وال في اإلقامة‪.‬‬

‫حكم األذان‬
‫الصحيح‪ :‬أن األذان ليس بسنة وليس بواجب على األعيان‪ ،‬بل هو واجب على الكفاية‪ ،‬بدليل أن النبي ‪ ‬لم يكن يأمر كل صحابي باألذان‬
‫بل كان يكتفي بأذان الواحد‪ ،‬واشتهر باألذان في المدينة المنورة بالل بن أبي رباح وابن أم مكتوم وفي مكة أبو محذورة‪ ،‬وهذا دليل على‬
‫حضَرَتْ الصَلَاةُ فَ ْليُ َؤ ِذنْ لَكُمْ‬
‫أن األذان واجب على الكفاية‪ ،‬ومن األدلة على أن األذان واجب وجوباً كفائياً وليس وجوباً عينياً حديث (فَ ِإذَا َ‬
‫حدُكُمْ وَ ْل َيؤُمَكُمْ أَ ْكبَرُكُمْ)(‪ )4‬الحديث دليل واضح على اكتفاء الجماعة بأذان الواحد وأن األذان وجوبه على المجموع ال على العين‪ ،‬ولو‬ ‫أَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب كيف األذان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 411‬بلفظ (عن عَبْدُ اللَهِ بْنُ زَيْدٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالنَاقُوسِ يُعْمَ ُل‬
‫لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَاسِ لِجَمْعِ الصَلَاةِ‪ ،‬طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا عَبْدَ اللَهِ أَتَبِيعُ النَاقُوسَ؟ قَالَ‪ :‬وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ‪ :‬نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَلَاةِ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬أَفَلَا أَدُلُكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ‪ :‬لَهُ بَلَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَالَ‪ :‬تَقُولُ‪ :‬اللَهُ أَكْبَرُ ا للَهُ أَكْبَرُ‪ ،‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَرُ‪ ،‬أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪،‬‬
‫ن مُحَمَدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬أَشْهَدُ أَنَ مُحَمَدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الصَلَاةِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الصَ لَاةِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الْفَلَاحِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الْفَلَاحِ‪ ،‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَرُ‪ ،‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪،‬‬ ‫أَشْهَدُ أَ َ‬
‫قَال‪ :‬ثُمَ اسْتَأْخَرَ عَنِي غَيْرَ بَعِيدٍ‪ ،‬ثُمَ قَال‪ :‬وَتَقُولُ‪ :‬إِذَا أَقَمْتَ الصَلَاةَ‪ ،‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَرُ‪ ،‬أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬أَشْهَدُ أَنَ مُحَمَدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬حَيَ عَلَى الصَلَاةِ‪ ،‬حَيَ‬
‫عَلَى الْفَلَاحِ‪ ،‬قَدْ قَامَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬قَدْ قَامَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَر‪ ،‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَ هُ‪ ،‬فَلَمَا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ‪ ،‬فَقَالَ‪:‬‬
‫ن‬
‫ن بِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَ ُر بْ ُ‬ ‫ت أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِ ُ‬‫ت مَ َع بِلَالٍ فَجَعَلْ ُ‬
‫ن بِ ِه فَإِنَهُ أَنْدَ ى صَوْتًا مِنْكَ‪ ،‬فَقُمْ ُ‬
‫ت فَلْيُؤَذِ ْ‬
‫ق عَلَيْهِ مَا رَأَيْ َ‬
‫ن شَا َء اللَ ُه فَقُمْ مَ َع بِلَا ٍل فَأَلْ ِ‬ ‫ق إِ ْ‬
‫إِنَهَا لَرُؤْيَا حَ ٌ‬
‫الخطأبِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُ رِدَاءَهُ وَيَقُول‪ :‬وَالَذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِ يَا رَسُولَ اللَهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِ ثْلَ مَا رَأَى‪ ،‬فَقَا لَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلِلَهِ الْحَمْدُ)‪ .‬قال‬
‫عنه األلباني في صحيح سنن أبي داود (حسن صحيح)‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في األذان والسنة فيه‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب اإلقامة واحدة إال قوله (قد قامت الصالة)‪ .‬حديث رقم (‪ )607‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أُمِ رَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ‬
‫يُوتِ َر الْإِقَامَةَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في األذان والسنة فيه‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن بِلَيْل‪ ،‬فَكُلُوا‬ ‫ن بِلَالًا يُؤَ ِذ ُ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَنَ ُه قَالَ‪ :‬إِ َ‬ ‫ن النَبِ ِ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب األذان قبل الفجر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 623‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬عَ ْ‬
‫ن أُ ِم مَكْتُومٍ)‪.‬‬ ‫ن ابْ ُ‬ ‫وَاشْرَبُوا حَتَى يُؤَذِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذ ي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد‪ .‬حديث رقم (‪ )625‬بلفظ (عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ‪ ،‬أَتَيْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً‪ ،‬وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا‪ ،‬فَلَمَا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَ هَالِينَا‪ ،‬قَال‪ :‬ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلِمُوهُمْ وَصَلُوا‪ ،‬فَإِذَا حَضَرَتْ الصَلَاةُ‬
‫ن لَكُ ْم أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَكُ ْم أَكْبَرُكُمْ)‪.‬‬
‫فَلْيُؤَذِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في أول مسند البصريين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫كان الوجوب عينياً ألمر النبي ‪ ‬كل واحد باألذان‪ ،‬ولما كان أذان الواحد كافياً لجميع من في بلدة المؤذن من الرجال والنساء‪ ،‬وأذان‬
‫المؤذن الواحد يكفي من سمع األذان ومن لم يسمعه داخل البلدة‪ ،‬ألنه لم يكن في المدينة إال أذان واحد في كل فرض من الفروض الخمسة‬
‫باستثناء الفجر‪ ،‬ومؤذن النبي ‪ ‬هو بالل ومعه في الفجر ابن أم مكتوم‪ ،‬وفي مكة لم يكن إال أذان واحد‪ ،‬ومؤذن النبي ‪ ‬هو أبو‬
‫محذورة‪ ،‬وأما المسلم المنفرد الذي ال يعيش في المدن وال في القرى والمحالت الجماعية كأن يكون في فالة أو في رأس جبل أو في أي‬
‫مكان خال من السكان فيجب عليه األذان لكل فرض‪ ،‬وتجب عليه اإلقامة ألن األذان فرض كفاية في حق الجماعة وهو فرض عين في‬
‫حق المنفرد‪ ،‬وال فرق في هذا الوجوب بين الرجال والنساء ألن النساء شقائق الرجال‪ ،‬والمرأة إذا أذنت لكونها منفردة فال يشرع لها رفع‬
‫الصوت بل تؤذن بصوت منخفض تسمع نفسها ومن عندها ألن صوت المرأة عورة وال يسمعها إال من سيصلي معها من النساء إن كن‬
‫جماعة أو تسمع نفسها إذا كانت منفردة‪ ،‬وإن كن في بلدة يؤذن فيها مؤذن البلدة فأذانه يكفي السامع ومن في البلد من الرجال والنساء‪،‬‬
‫ويجب على المرأة أن تقيم لنفسها أو لنفسها ولمن سيصلي معها من النساء ألن إقامة المؤذن ال تكفي جميع من في البلدة‪ ،‬وإنما تكفي‬
‫المصلين في المسجد الذي تقام فيه الصالة‪.‬‬

‫حكم أخذ األجرة على األذان‬


‫ال يجوز أخذ األجرة على نفس األذان‪ ،‬ألن األذان عبادة هلل عز وجل مثله مثل الصالة والصوم وغيرهما من العبادات التي أمر اهلل بها‪،‬‬
‫وال يجوز أخد األجرة على العبادات‪ ،‬ولكن يجوز أخذ األجرة ال على األذان نفسه وإنما على المداومة في المسجد من أجل األذان‪ ،‬فإذا‬
‫عُيّن شخص لألذان في مسجد من المساجد وانقطع عن األعمال األخرى للتفرغ لألذان فيجوز له أخذ األجرة لمقابل الوقت الذي تفرغ فيه‬
‫لألذان‪ ،‬مثله مثل من يدرس القرآن الكريم فتعليم القرآن واجب وأخذ األجرة على الواجب حرام‪ ،‬ولكن يجوز له أخذ األجرة لمقابل الوقت‬
‫الذي يقضيه في تعليم القرآن الكريم ولمقابل التفرغ واالنقطاع لتعليم القرآن الكريم‪ ،‬وعلى هذا فإذا أذن شخص من الموجودين في المسجد‬
‫غير الشخص المعين والمتفرغ لألذان فال يجوز للمؤذن الذي لم يتفرغ لألذان أو لم يعين لألذان أخذ األجرة على أذانه‪ ،‬وتحرم عليه‬
‫األجرة في هذه الحالة ألنه سيأخذ األجرة إلى مقابل األذان نفسه وهو عبادة‪ ،‬وأخذ األجرة على العبادة حرام فيأخذ ما هو محرَم عليه‪،‬‬
‫ومثل المؤذن اإلمام الذي يصلي بالناس‪ ،‬وخطيب الجمعة‪ ،‬والقاضي الذي يقضي بين الناس‪ ،‬والمفتي الذي يفتي في أمور الدين‪ ،‬والشاهد‬
‫الذي يدلي بشهادته أمام القاضي‪ ،‬ومن يعلم الناس الواجبات الدينية‪ ،‬ألن كل عمل من هذه األعمال يعتبر عبادة هلل تعالى‪ ،‬وال يجوز أخذ‬
‫األجرة على نفس العبادة‪ ،‬وإنما يجوز لكل واحد من المذكورين أن يأخذ األجرة إلى مقابل الوقت الذي يقضيه في القيام بذلك العمل‬
‫ولمقابل تفرغه وانقطاعه بشيء من وقته ألداء ذلك العمل عن األعمال األخرى التي يكتسب منها ما ينفقه على نفسه وعلى أسرته من‬
‫ضرورات الحياة المعيشية‪.‬‬

‫وقت األذان‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز األذان إال بعد دخول وقت الصالة‪ ،‬ألن األذان إعالم بدخول وقت الصالة‪ ،‬إال صالة الصبح فكان في أيام النبي ‪‬‬
‫أذانان أذان بالل قبل دخول وقت الفجر وأذان ابن أم مكتوم بعد دخول وقت الفجر‪ ،‬األول سنة والثاني واجب ألنه لإلعالم بدخول الوقت‪،‬‬
‫حدَكُمْ َأوْ‬
‫واألول إليقاظ النائمين ولتنبيه القائمين للتهيئ واالستعداد لصالة الفجر‪ ،‬المقصد من األذان األول واضح في حديث (لَا يَ ْمنَ َعنَ أَ َ‬
‫حدًا ِمنْكُمْ َأذَانُ بِلَالٍ ِمنْ سَحُو ِرهِ‪ ،‬فَِإنَهُ ُي َؤ ِذنُ َأوْ يُنَادِي بَِل ْيلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَِل ُي َنبِهَ نَائِمَكُمْ)(‪ )3‬الحديث دليل على أن األذان األول ليس‬
‫أَ َ‬
‫لإلعالم بدخول وقت ا لفجر‪ ،‬بدليل أنه ال يمنع من أكل السحور أو شرابه‪ ،‬وحديث عائشة رضي اهلل عنها نص في هذا المعنى وهو بلفظ‬
‫حتَى ُي َؤ ِذنَ ا ْبنُ أُمِ مَ ْكتُومٍ)(‪ )2‬الحديث دليل صحيح صريح على مشروعية أذانين لصالة الفجر‪،‬‬ ‫( ِإنَ بِلَالًا ُي َؤذِ نُ بَِليْل‪ ،‬فَكُلُوا وَاشْ َربُوا َ‬
‫األول لإليقاظ والتنبيه والثاني لإلعالم بدخول وقت الفجر‪ ،‬وال تعارض بين األحاديث ألن الحديثين في البخاري ومسلم وحديث (أال إن‬
‫العبد قد نام)(‪ )3‬في السنن ويرجح ما في الصحيحين على ما في السنن عند التعارض ألن ما في الصحيحين أصح مما في غيرهما‬
‫واألصح هو األولى بالتقديم عند التعارض‪ ،‬وأما التسبيح الذي في آخر الليل فأول من أمر به هو أمير مصر في أيام معاوية بن أبي سفيان‬
‫وكان اسم األمير (مسلمة بن مخلد) أما في أيام النبي ‪ ‬فلم يكن إال األذان األول للتنبيه فقط‪.‬‬

‫شروط األذان‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال يشترط في من أذن أنه يقيم‪ ،‬وحديث الصدائي بلفظ (أن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم) ضعفه األلباني في ضعيف‬
‫سنن أبي داود برقم(‪ )534‬وحديث (أن بالالً أذن وهو أقام الصالة) ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم(‪ )532‬الصحيح‪ :‬أنه‬
‫ال يشترط في المؤذن أال يتكلم في أثناء األذان‪ ،‬وال أن يكون على طهارة‪ ،‬وال أن يكون متوجهاً نحو القبلة‪ ،‬وال أن يكون قائماً‪ ،‬وال أال‬
‫يكون راكباً‪ ،‬وإنما هذه مستحبات للمؤذن‪ ،‬وليست شروطاً وال واجبات‪ ،‬وأما اشتراط أن يكون بالغاً فالظاهر أنه يشترط أن يكون مكلفاً أي‬

‫معاني األلفاظ‪ :‬نفر‪ :‬الجماعة من الرجال دون العشرة‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب األذان قبل الفجر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 621‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ مَسْعُودٍ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا يَمْنَعَنَ أَحَدَكُمْ‬
‫ن أَ ْو يُنَادِي بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُ ْم وَلِيُنَبِ َه نَائِمَكُمْ)‪.‬‬
‫ن سَحُورِهِ‪ ،‬فَإِنَ ُه يُؤَذِ ُ‬ ‫ن بِلَالٍ مِ ْ‬ ‫أَ ْو أَحَدًا مِ نْكُ ْم أَذَا ُ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والنسائي في الصيام‪ ،‬وأبوداود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)622‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب في األذان قبل دخول الوقت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 532‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَ بِلَالًا أَذَنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَمَرَهُ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫ن الْعَبْدَ قَ ْد نَامَ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن الْعَبْ َد قَ ْد نَامَ‪ ،‬أَلَا إِ َ‬
‫ي أَلَا إِ َ‬
‫ن يَرْجِ َع فَيُنَادِ َ‬‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَ ْ‬
‫انفرد به أبو داود‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫بالغاً عاقالً‪ ،‬أما اشتراط عدم األخذ لألجرة على األذان فيحرم على المؤذن أخذ األجرة لمقابل التأذين ويجوز له أخذ األجرة لمقابل الوقت‬
‫الذي ينقطع فيه عن األعمال األخرى من أجل المداومة على األذان‪ ،‬والكالم أثناء األذان غير جائز إال لضرورة‪ ،‬وال يقاس األذان على‬
‫الطهارة ألن كالً منهما عبادة مستقلة لها أدلتها الخاصة بها‪ ،‬وحديث (ال يؤذن إال متوضئ) ضعفه األلباني في ضعيف سنن الترمذي برقم‬
‫(‪ )211‬ويجب على المسلم ستر عورته في أحواله كلها ومنها وقت األذان‪.‬‬

‫ما يقوله من يسمع املؤذن‬


‫(‪)3‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن متابعة المؤذن واجبة‪ ،‬ألن األمربها(فَقُولُوا) يقتضي الوجوب في حديث (ِإذَا سَمِ ْعتُمْ ال ِندَاءَ فَقُولُوا‪ِ :‬م ْثلَ مَا يَقُولُ الْمُ َؤ ِذنُ)‬
‫وتشرع متابعة المؤذن كلمة كلمة إال في الحيعلتين فيقول‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل لحديث (قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ِ :‬إذَا قَالَ‬
‫شهَدُ‬‫ش َهدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَ ْ‬
‫ش َهدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَ ْ‬ ‫حدُكُمْ‪ :‬اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَ ْ‬
‫الْ ُم َؤ ِذنُ‪ :‬اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬فَقَالَ أَ َ‬
‫ح ْولَ وَلَا ُق َوةَ إِلَا بِاللَهِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬حَيَ عَلَى‬ ‫ش َهدُ َأنَ مُحَ َمدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬ثُمَ قَا لَ‪ :‬حَيَ عَلَى الصَلَاةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا َ‬ ‫َأنَ مُحَ َمدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَ ْ‬
‫ح ْولَ وَلَا ُق َوةَ إِلَا بِاللَهِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَر‪ :‬قَالَ‪ :‬اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ ِمنْ‬ ‫الْفَلَاحِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا َ‬
‫(‪)2‬‬
‫جنَةَ) الواجب متابعة المؤذن بمثل ما يقول في جميع ألفاظ األذان إال في الحيعلتين فيقول (ال حول وال قوة إال باهلل)‪ ،‬وعندما‬ ‫خلَ الْ َ‬‫قَ ْلبِهِ دَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫يُثوِب المؤذن في صالة الليل يشرع للسامع أن يقول مثل المؤذن لعموم قوله (فقولوا مثل ما يقول) والحيعلتان خرجتا من هذا العموم‬
‫بدليل خاص بهما‪.‬‬

‫اإلقامة‬
‫(‪)4‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن اإلقامة واجبة وجوباً مستقالً كفائياً‪ ،‬واألمربها يقتضي الوجوب في قوله ‪( :‬أمِرَ بِلَالٌ َأنْ يَشْفَعَ الَْأذَانَ وََأنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ)‬
‫وهي على المصلين في المسجد واجبة وجوباً كفائياً وعلى من سيصلي منفرداً أو النساء في البيوت واجبة وجوباً عينياً‪ ،‬وإذا صلى مصلٍ‬
‫في مسجد لم تقم فيه الصالة أو صلى منفرداً في مسجد أو بيت أو مزرعة أو مكان عمل أو في أي فالة أومكان من األرض فيجب عليه‬
‫حدُكُمْ)(‪ )5‬وأحاديث األذان األخرى وهي‬ ‫حضَرَتْ الصَلَاةُ فَ ْليُ َؤ ِذنْ لَكُمْ أَ َ‬ ‫أن يقيم الصالة‪ ،‬ووجه وجوبها على النساء عموم قوله ‪( ‬فَِإذَا َ‬
‫صحيحة تفيد خطاب عموم األمة من الرجال والنساء‪ ،‬مثلما تفيد خطاب األوامر بالطهارة والصالة والزكاة والصوم وغيرها من الواجبات‬
‫التي ظواهر خطاباتها للرجال وهي تعم النساء بالتبعية كقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ‬
‫حدٌ مَنكُم ِمنَ‬ ‫طهَرُواْ وَإِن كُنتُم مَ ْرضَى َأوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬ ‫جنُباً فَا َ‬
‫إِلَى الْمَرَا ِفقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ ِبوُجُوهِكُمْ وََأيْدِيكُم ِمنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ ِليَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ وَلَـكِن‬ ‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬ ‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ تَ ِ‬
‫الْغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬
‫(‪)7‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫الةَ كَانَتْ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ كِتَاباً َموْقُوتاً} وقوله‬ ‫الةَ ِإنَ الصَ َ‬ ‫صَ‬‫طهَرَكُمْ وَ ِل ُيتِمَ نِعْ َمتَهُ عََليْكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ} وقوله تعالى {فَأَقِيمُواْ ال َ‬ ‫يُرِيدُ ِليُ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫صيَامُ كَمَا ُكتِبَ عَلَى اَلذِينَ‬ ‫الةَ وَآتُواْ الزَكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَاكِعِينَ} وقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ُكتِبَ عََليْكُمُ ال ِ‬ ‫صَ‬‫تعالى {وَأَقِيمُواْ ال َ‬
‫(‪)1‬‬
‫مِن َقبْلِكُمْ لَعَلَكُمْ َتتَقُونَ} وحيث لم يرد دليل يخصص النساء من وجوب اإلقامة فتبقى األدلة على عمومها تعم الرجال والنساء‪ ،‬والنساء‬
‫شقائق الرجال في كل الواجبات إال ما خصصهن الدليل وال دليل على تخصيصهن من وجوب اإلقامة‪ ،‬فيجب على المرأة إذا صلت‬
‫منفردة أن تقيم بصوت تسمع به نفسها‪ ،‬وإذا صلت مع غيرها من النساء فتقيم بصوت تسمع بها نفسها ومن سيصلي معها من النساء‪ ،‬وأما‬
‫حديث (ليس على المرأة أذان وال إقامة) فهو ضعيف وال حجة في الحديث الضعيف‪ ،‬وحديث (النساء عي وعورات فاستروا عيهن‬
‫بالسكوت وعوراتهن بالبيوت) فهو ضعيف جداً وهو مذكور في كتاب المرشد باهلل من كتب الزيدية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما يقول إذا سمع المنادي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 611‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا‬
‫سَمِعْتُ ْم النِدَاءَ فَقُولُوا‪ :‬مِثْلَ مَا يَقُو ُل الْمُؤَذِنُ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في األذان والسنة فيه‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن أَبِيهِ عَنْ جَدِ ِه عُمَرَ‬ ‫ن الخطأبِ عَ ْ‬ ‫ن عُمَ َر بْ ِ‬
‫ن عَاصِ ِم بْ ِ‬ ‫ص بْ ِ‬‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب استحباب القول بمثل قول المؤذن‪ .‬حديث رقم (‪ )545‬بلفظ (عَنْ حَ ْف ِ‬
‫بْنِ الخطأ بِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا قَالَ الْمُؤَذِنُ‪ :‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَ رُ‪ ،‬فَقَالَ أَحَدُكُمْ‪ :‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَرُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ي عَلَى الصَلَاةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَوْ َل وَلَا قُوَ َة إِلَا بِاللَهِ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬حَيَ‬ ‫ن مُحَمَدًا رَسُو ُل اللَهِ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬حَ َ‬ ‫ن مُحَمَدًا رَسُو ُل اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَشْهَ ُد أَ َ‬ ‫ن لَا إِلَ َه إِلَا اللَهُ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬أَشْهَ ُد أَ َ‬
‫أَشْهَ ُد أَ ْ‬
‫عَلَى الْفَلَاحِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَوْلَ وَلَا قُوَةَ إِلَا بِاللَهِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَر‪ :‬قَالَ‪ :‬اللَ هُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَرُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَةَ)‬
‫أخرجه أبوداود في الصالة‪.‬‬
‫‪ -3‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه برقم (‪.)611‬‬
‫‪ -4‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنه برقم (‪.)607‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث مالك بن الحويرث رضي اهلل عنه برقم (‪.)625‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)103( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)43( :‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)153( :‬‬
‫‪114‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬القبلة‬

‫وجوب استقبال القبلة‬ ‫‪‬‬


‫االجتهاد في القبلة‬ ‫‪‬‬
‫قبلة من يخرج إلى الفضاء الخارجي‬ ‫‪‬‬
‫الصالة داخل الكعبة‬ ‫‪‬‬
‫سترة المصلي‬ ‫‪‬‬

‫‪115‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬القبلة‬
‫الصحيح‪ :‬أن استقبال الكعبة واجب من واجبات الصالة وليس بشرط من شروط وجوبها وال من شروط صحتها ألن األمر في قوله‬
‫جوِهَكُمْ شَطْ َرهُ}(‪ )3‬يقتضي الوجوب وال يقتضي الشرطية ألن الشرط ما‬ ‫حيْثُ مَا كُنتُمْ َفوَلُواْ وُ ُ‬
‫جدِ الْحَرَامِ وَ َ‬
‫تعالى‪َ { :‬ف َولِ وَجْ َهكَ شَطْرَ الْمَسْ ِ‬
‫يلزم من عدمه العدم‪ ،‬ومن جهل جهة القبلة وتحرى وانكشف أن صالته كانت لغير جهة القبلة فصالته صحيحة بدليل قوله تعالى {وَلِلّهِ‬
‫الْمَشْ ِرقُ وَالْمَغْرِبُ فََأ ْينَمَا ُتوَلُواْ َفثَمَ وَجْهُ اللّهِ ِإنَ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(‪ )2‬في اآلية داللة واضحة أن الصالة بعد تحري جهة القبلة صحيحة‬
‫ولو كانت إلى غير جهة القبلة وحديث قصة نزول اآلية يؤكد هذا المعنى ولفظه (كنا مع النبي ‪ ‬في سفر في ليلة مّظلمة‪ ،‬فلم ندر أين‬
‫القبلة‪ ،‬فصلى كل رجل منا على حياله‪ ،‬فلما أصبحنا ذكرنا للنبي ‪ ،‬فنزل {وَلِلّهِ الْمَشْ ِرقُ وَالْمَغْرِبُ فََأ ْينَمَا تُوَلُواْ َفثَمَ وَجْهُ اللّهِ ِإنَ اللّهَ‬
‫وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(‪ )1‬ولو كان استقبال القبلة شرطاً لصحة الصالة لما صحت صالة من صلى لغير القبلة ألنه يلزم من عدم استقبال القبلة عدم‬
‫حيْثُ خَرَجْتَ‬ ‫صحة الصالة ألن حقيقة الشرط ما يلزم من عدمه العدم‪ ،‬وإذا تقرر عدم الشرطية فاستقبال القبلة واجب لقوله تعالى {وَ ِمنْ َ‬
‫حيْثُ مَا كُنتُمْ َفوَلُواْ وُجُوهَكُمْ شَطْ َرهُ}(‪ )4‬وألمر النبي ‪ ‬للمسيء صالته باستقبال القبلة لحديث (ِإذَا‬ ‫جدِ الْحَرَامِ وَ َ‬
‫ج َهكَ شَطْرَ الْمَسْ ِ‬ ‫َف َولِ وَ ْ‬
‫(‪)5‬‬
‫ستَ ْق ِبلْ الْ ِقبْلَةَ) وصيغة األمر في اآلية والحديث تفيد الوجوب‪ ،‬الواجب على من كان في مكة وهو‬ ‫سبِغْ ا ْل ُوضُوء‪ ،‬ثُمَ ا ْ‬‫قُمْتَ إِلَى الصَلَاةِ فَأَ ْ‬
‫يشاهد الكعبة أثناء صالته سواء من كان داخل المسجد الحرام أو من كان يشاهد الكعبة من فوق سطح بيته أو في أي مكان يشاهد منه‬
‫الكعبة استقبال عين الكعبة ألنه يشاهدها ويستطيع استقبالها ومن لم يشاهد الكعبة فيجب عليه استقبال جهة الكعبة‪ ،‬والواجب على كل مسلم‬
‫ومسلمة استقبال جهة الكعبة لتعذر استقبال عين الكعبة على من لم يشاهدها وألن في تحري استقبال عين الكعبة على غير المشاهد لها‬
‫عسراً وحرجاً ومشقة والدين يسر قال تعالى {مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ}(‪ )6‬وقال تعالى {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ ا ْليُسْرَ وَالَ يُرِيدُ بِكُمُ‬
‫الْعُسْرَ}(‪.)7‬‬

‫االجتهاد يف القبلة‬
‫الصحيح‪ :‬أن من جهل جهة الكعبة وعمل ما في وسعه لتحري جهة الكعبة ثم انكشف له أنه صلى لغير جهة القبلة فصالته صحيحة‪ ،‬وال‬
‫تجب عليه اإلعادة‪ ،‬ألنه قد تحرى واجتهد وبذل ما في وسعه واستطاعته لتعيين جهة القبلة‪ ،‬وقد قال تعالى {وَلِلّهِ الْمَشْ ِرقُ وَالْمَغْرِبُ فََأ ْينَمَا‬
‫ُتوَلُواْ َفثَمَ وَجْهُ اللّهِ ِإنَ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(‪ )8‬وإلقرار النبي ‪ ‬للمصلين إلى غير القبلة بعد تحري كل واحد منهم‪ ،‬ولعدم أمرهم بإعادة‬
‫حيَالِهِ‪ ،‬فَلَمَا‬‫جلٍ ِمنَا عَلَى ِ‬ ‫الصالة في حديث ( ُكنَا مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي سَفَرٍ فِي َليْلَةٍ مُّظْلِمَةٍ‪ ،‬فَلَمْ َندْرِ َأ ْينَ الْ ِقبْلَةُ‪َ ،‬فصَلَى كُلُ رَ ُ‬
‫حنَا ذَكَرْنَا ذَِلكَ لِل َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَم‪َ ،‬فنَ َزلَ‪ :‬فََأ ْينَمَا تُوَلُوا َفثَمَ وَجْهُ اللَهِ)(‪.)9‬‬
‫صبَ ْ‬
‫َأ ْ‬

‫قبلة من خيرج إىل الفضاء اخلارجي‬


‫من يخرج من الكرة األرضية إلى الفضاء الخارجي فيجب عليه عند إرادة الصالة التوجه إلى جهة الكرة األرضية‪ ،‬ألنها قبلته في الصالة‬
‫لوجود الكعبة في الكرة األرضية‪ ،‬ومن كان في األطراف البعيدة من الكرة األرضية كمن يكون في أطراف المشرق أو المغرب أو‬
‫الشمال أو الجنوب من الكوكب األرضي فيجب عليه التوجه إلى جهة الجزيرة العربية‪ ،‬ألنه يوجد فيها المسجد الحرام والكعبة المشرفة‪.‬‬

‫الصالة داخل الكعبة‬


‫الصحيح‪ :‬أن الصالة تصح في الكعبة‪ ،‬وأنه يندب لمن دخل الكعبة أن يصلي فيها ركعتين تأسياً بالنبي ‪ ‬في حديث (َأصَلَى النَبِيُ صَلَى‬
‫(‪)31‬‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي الْكَ ْعبَةِ؟ قَال‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬رَكْ َع َت ْينِ َب ْينَ السَا ِر َيتَ ْينِ اللَ َت ْينِ عَلَى يَسَا ِرهِ إِذَا دَخَلْتَ‪ ،‬ثُمَ خَرَجَ َفصَلَى فِي وَجْهِ الْكَ ْعبَةِ رَكْعَ َت ْينِ)‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)144( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)115( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم‪ .‬حديث رقم (‪ )345‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا‬
‫مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي سَفَرٍ فِي لَيْلَةٍ مُّظْلِمَةٍ‪ ،‬فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ‪ ،‬فَصَلَى كُلُ رَجُلٍ مِنَا عَلَى حِيَالِهِ‪ ،‬فَلَمَا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪،‬‬
‫فَنَزَلَ‪ :‬فَأَيْنَمَا تُوَلُوا فَثَ َم وَجْ ُه اللَهِ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)150( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخ اري‪ :‬كتاب االستئذان‪ :‬باب من رد فقال عليك السالم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 6251‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَى‪ ،‬ثُمَ جَاءَ فَسَلَمَ عَلَيْهِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَعَلَيْكَ السَلَامُ‪ ،‬ارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ‬
‫تُصَلِ‪ ،‬فَرَجَعَ فَصَلَى‪ ،‬ثُمَ جَاءَ فَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬وَعَلَيْكَ السَلَامُ‪ ،‬فَارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُ صَلِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬فِي الثَانِيَةِ أَوْ فِي الَتِي بَعْدَهَا‪ ،‬عَلِمْنِي يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا قُمْتَ إِلَى‬
‫الصَلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوء‪ ،‬ثُمَ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِر‪ ،‬ثُمَ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ‪ ،‬ثمَ ارْ كَعْ حَتَى تَطْمَئِنَ رَاكِعًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَسْتَوِيَ قَائِمًا‪ ،‬ثُمَ اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِنَ‬
‫ك فِي صَلَاتِكَ كُلِهَا)‪.‬‬ ‫ن سَاجِدًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَطْمَئِنَ جَالِسًا‪ ،‬ثُ َم افْعَ ْل ذَلِ َ‬
‫سَاجِدً‪ ،‬ثُمَ ارْفَ ْع حَتَى تَطْمَئِنَ جَالِسًا‪ ،‬ثُ َم اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،.‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)115( :‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد اهلل بن عامر بن ربيعة رضي اهلل عنه برقم (‪.)345‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب قول اهلل تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1167‬بلفظ (عَنْ سَيْفٍ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ‬
‫مُجَاهِدً ا قَالَ‪ :‬أُتِيَ ابْنُ عُمَر‪ ،‬فَقِيلَ لَه‪ :‬هَذَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ‪ ،‬فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ‪ :‬فَأَقْبَلْتُ وَالنَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَدْ خَرَجَ‪ ،‬وَأَجِدُ بِلَالًا‬
‫قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْ نِ‪ ،‬فَسَأَلْتُ بِلَالًا‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬أَصَلَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي الْكَعْبَةِ؟ قَال‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬رَكْعَ تَيْنِ بَيْنَ السَارِيَتَيْنِ اللَتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ‪ ،‬ثُمَ خَرَجَ فَصَلَى‬
‫فِي وَجْ ِه الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ)‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫وتصح الصالة على سطح الكعبة‪ ،‬والصالة داخل الكعبة وعلى سطح الكعبة تصح إلى أي جهة من الجهات األربع‪ ،‬ويقدم حديث ابن عمر‬
‫‪ ‬المثبت لصالة النبي ‪ ‬داخل الكعبة على حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما بلفظ ( َلمَا َدخَلَ النَبِيُ صَلَى الَلهُ َ‬
‫علَيْهِ وَسَلَمَ الْبَيْتَ دَعَا فِي‬
‫نَوَاحِيهِ كُلِهَا وَلَمْ يُصَلِ حَتَى خَرَجَ مِ ْنهُ‪ ،‬فَ َلمَا خَرَجَ َركَعَ َر ْكعَتَيْنِ فِي قُبُلِ ا ْل َكعْ َبةِ‪ ،‬وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْ َلةُ)(‪ )1‬النافي لصالة النبي ‪ ‬داخل الكعبة‪ ،‬والمثبت‬
‫مقدم على النافي‪ ،‬وألن ابن عباس ممن لم يدخل الكعبة‪ ،‬أما بالل فقد رأى النبي ‪ ‬وهو يصلي داخل الكعبة بين الساريتين اللتين على‬
‫يسار الداخل إلى الكعبة‪ ،‬فحديث بالل أثبت ألنه مشاهد لفعل النبي ‪ ‬داخل الكعبة ويقدم على حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬

‫سرتة املصلي‬
‫صلّ‪ ،‬وَلَا يُبَالِ َمنْ مَرَ وَرَاءَ‬ ‫حلِ فَ ْل ُي َ‬
‫حدُكُمْ َب ْينَ َي َديْهِ ِم ْثلَ ُمؤْخِ َرةِ الرَ ْ‬
‫الصحيح‪ :‬أن السترة لإلمام والمنفرد سنة مؤكدة لحديث (ِإذَا َوضَعَ أَ َ‬
‫ذَِلكَ)(‪ )2‬ولحديث ( َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَ ْربَةُ َف ُيصَلِي إَِليْهَا) فيشرع للمصلي أن يضع أمامه شيئاً فيصلي‬
‫(‪)1‬‬

‫إليه‪ ،‬وسترة اإلمام سترة له وللمأمومين خلفه لحديث (أن رسول اهلل ‪ ‬كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي‬
‫إليها والناس وراءه)(‪ )4‬والسترة ال تكون إال شيئاً منتصباً يكون أمام المصلي‪ ،‬وال يكون الخط سترة ألن حديث الخط بلفظ (فإن لم يكن‬
‫معه عصا فليخط خطاً وال يضره من مر بين يديه) ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )689‬وحديث (أن النبي ‪ ‬صلى في‬
‫صحراء وليس بين يديه شيء سترة) ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ .)738‬ويستحب الدنو من السترة لحديث (ِإذَا‬
‫شيْطَانُ عََليْهِ صَلَاتَهُ)(‪ )5‬وكان بين موضع سجود النبي ‪ ‬وسترته قدر ممر شاة‪ ،‬ويشرع‬ ‫ستْ َرةٍ فَ ْل َي ْدنُ مِ ْنهَا‪ ،‬لَا يَقْطَعْ ال َ‬
‫حدُكُمْ إِلَى ُ‬
‫صَلَى أَ َ‬
‫جتَازَ بَ ْينَ َي َديْهِ‬
‫حدٌ َأنْ يَ ْ‬
‫ستُ ُرهُ ِمنْ النَاسِ فَأَرَادَ أَ َ‬ ‫حدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَ ْ‬ ‫للمصلي أن يمنع من يريد المرور بينه وبين سترته لحديث (ِإذَا صَلَى أَ َ‬
‫شيْطَانٌ)(‪ ، )6‬ويحرم المرور بين المصلي وسترته مطلقاً حتى ولو كان في المسجد الحرام بمكة أو في‬ ‫فَ ْليَدْفَعْهُ‪ ،‬فَِإنْ أَبَى فَ ْليُقَاتِلْهُ فَِإنَمَا ُهوَ َ‬
‫خيْرًا لَهُ ِمنْ َأنْ يَمُرَ‬ ‫المسجد النبوي في المدينة مهما أمكن ذلك لحديث ( َلوْ يَعْلَمُ الْمَارُ َب ْينَ َيدَيْ الْ ُمصَلِي مَاذَا عََليْهِ‪ ،‬لَكَانَ َأنْ يَقِفَ أَ ْربَعِينَ َ‬
‫سنَةً)(‪ )7‬ولفظ (المصلي) في الحديث تفيد عموم المصلي في أي مكان‬ ‫شهْرًا َأوْ َ‬
‫َب ْينَ َي َد ْيهِ‪ ،‬قَالَ َأبُو ال َنضْرِ‪ :‬لَا َأدْرِي أَقَالَ أَ ْربَعِينَ َيوْمًا‪َ ،‬أوْ َ‬
‫وفي أي مسجد كان‪.‬‬

‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪،‬‬
‫ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬كتاب الصالة ‪ :‬باب قول اهلل تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)‪ .‬حديث رقم(‪ )353‬بلفظ(عَنْ عَطَاءٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ ابْنَ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫لَمَا دَخَلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِهَا وَلَمْ يُصَلِ حَتَى خَرَجَ مِنْهُ‪ ،‬فَلَمَا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ‪ ،‬وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ)‬
‫أخرجه مسلم في الحج ‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج ‪ ،‬وأبوداود في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب سترة المصلي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1111‬بلفظ (عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَال‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا‬
‫ن يَدَيْ ِه مِثْ َل مُؤْخِرَ ِة الرَحْ ِل فَلْيُصَلّ‪ ،‬وَلَا يُبَالِ مَنْ مَرَ وَرَا َء ذَلِكَ)‬ ‫وَضَ َع أَحَدُكُ ْم بَيْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪.‬‬
‫الرحل‪ :‬مايوضع على ظهر الدابة للركوب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬مؤخرة‪ :‬الخشبة التي يستند إليها راكب البعير‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الصالة إلى الحربة‪ .‬حدديث رقم (‪ )415‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ‬
‫فَيُصَلِي إِلَيْهَا)‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب سترة اإلمام سترة من خلفه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 414‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ إِذَا خَرَجَ‬
‫ن ثَ َم اتَخَذَهَا الْأُمَرَاءُ)‪.‬‬
‫ن يَفْعَ ُل ذَلِكَ فِي السَفَرِ‪ ،‬فَمِ ْ‬ ‫ن يَدَيْ ِه فَيُصَلِي إِلَيْهَا وَالنَاسُ وَرَاءَهُ‪ ،‬وَكَا َ‬ ‫يَوْ َم الْعِي ِد أَمَ َر بِالْحَرْبَ ِة فَتُوضَ ُع بَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الدنو من السترة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 615‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ‪ ،‬يَبْلُغُ بِهِ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا صَلَى‬
‫ن عَلَيْهِ صَلَاتَهُ)صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن مِنْهَا‪ ،‬لَا يَقْطَ ْع الشَيْطَا ُ‬ ‫أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَ ٍة فَلْيَدْ ُ‬
‫أخرجه النسائي في القبلة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ت أَبَا سَعِي ٍد الْخُدْرِيَ فِي يَوْ ِم جُمُعَةٍ‬ ‫ح السَمَانُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَأَيْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البحاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب يرد المصلي من مر بين يديه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 501‬بلفظ (عن أَبُو صَالِ ٍ‬
‫يُصَلِي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُ هُ مِنْ النَاسِ‪ ،‬فَأَرَادَ شَابٌ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ‪ ،‬فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِ هِ‪ ،‬فَنَّظَرَ الشَابُ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَا بَيْنَ يَدَيْهِ‪ ،‬فَعَادَ‬
‫لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَ مِنْ الْ أُولَى‪ ،‬فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ‪ ،‬ثُمَ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ‪ ،‬وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَان‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا لَكَ‬
‫وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيد؟ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬إِذَا صَلَى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ‪ ،‬فَإِنْ أَبَى‬
‫فَلْيُقَاتِلْ ُه فَإِنَمَا هُ َو شَيْطَانٌ)‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في القبلة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند النكثرين‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬مساغا‪ :‬طريقا ومنفذا‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ن سَعِيدٍ‪ ،‬أَنَ زَيْ َد بْنَ خَالِ ٍد أَرْسَلَ ُه إِلَى أَبِي جُهَيْ ٍم يَسْأَلُهُ‪ ،‬مَاذَا‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إثم المار بين يدي المصلي‪ .‬حديث رقم (‪ )510‬بلفظ (عَنْ بُسْ ِر بْ ِ‬
‫سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي الْمَارِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِي؟ فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِي مَاذَا‬
‫ن يَوْمًا‪ ،‬أَ ْو شَهْرًا أَوْ سَنَةً)‬ ‫ن يَدَيْهِ‪ ،‬قَا َل أَبُو النَضْرِ‪ :‬لَا أَدْرِي أَقَا َل أَرْبَعِي َ‬
‫ن يَمُ َر بَيْ َ‬
‫ن أَ ْ‬
‫ن خَيْرًا لَ ُه مِ ْ‬ ‫ف أَرْبَعِي َ‬‫ن يَقِ َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫عَلَيْهِ‪ ،‬لَكَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في القبلة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫الباب اخلامس‪ :‬سرت العورة واللباس يف الصالة‬

‫ستر العورة‬ ‫‪‬‬


‫حد عورة الرجل‬ ‫‪‬‬
‫حد عورة المرأة‬ ‫‪‬‬
‫ما يجزئ من اللباس في الصالة‬ ‫‪‬‬
‫الحرير ينقسم إلى ثالثة أقسام‬ ‫‪‬‬

‫‪118‬‬
‫الباب اخلامس‪ :‬سرت العورة واللباس يف الصالة‬

‫ستر العورة واجب على الرجال والنساء في كل األوقات والمرأة كلها عورة يجب ستر جسمها وزينتها وال سيما في أثناء الصلوات‪.‬‬

‫سرت العورة‬
‫الصحيح‪ :‬أن ستر العورة واجب وليس بشرط من شروط صحة الصالة لألمر بها في قوله تعالى {يَا َبنِي آدَمَ خُذُواْ زِي َنتَكُمْ عِندَ ُكلِ‬
‫خ َذاَ فَِإنَهَا ِمنْ الْ َعوْ َرةِ)(‪ ،)2‬ومن ال يجد ثوباً طاهراً‬
‫جدٍ}(‪ )1‬وصيغة األمر ال تفيد الشرطية وإنما تفيد الوجوب‪ ،‬وفي حديث (غَطِ فَ ِ‬
‫مَسْ ِ‬
‫يصلي فيه وال يجد إال ثوباً متنجساً فيجب عليه أن يصلي في ثوبه المتنجس وصالته صحيحة‪ ،‬ألن طهارة الثياب ليست بشرط صحة‬
‫للصالة‪ ،‬وإذا حصل أن دخل وقت فرض من فروض الصالة وسيخرج الوقت وليس لدى المسلم من الثياب ما يستر به عورته‪ ،‬فيجب‬
‫عليه أن يصلي ولو بدون ستر عورته ألن الصالة ال يسقط وجوبها بحال من األحوال ما دام عقله وإدراكه باقياً‪ ،‬وعند بعض العلماء‬
‫يصلي قاعداً مومئا فال يركع وال يسجد وال يقف قائما في صالته‪ ،‬وإنما يصلي جالساً مومئا بالركوع والسجود لكي ال تنكشف عورته‪،‬‬
‫حتى ولو كان لديه ثياب متنجسة فال يصلي بينها صالة كاملة األركان‪ ،‬وإنما يصلي عارياً جالساً مومئا وهذا هو مذهب الهادوية الزيدية‪،‬‬
‫أما عند الشوكاني فيجب عليه أن يصلي بثيابه المتنجسة ويصلي صالة كاملة األركان‪ ،‬فيقرأ من قيام ويركع ويسجد ويحافظ على أركان‬
‫الصالة كلها من تكبيرة اإلحرام حتى التسليم‪ ،‬وصالة الجالس المومئ الناقصة أركان القيام والركوع والسجود غير صحيحة ألن الصالة‬
‫تبطل بترك ركن من أركانها عمداً‪ ،‬وصالة الجالس المومئ قد نقص منها ركن القيام وركن الركوع واالطمئنان فيه وركن الرفع من‬
‫الركوع واالطمئنان فيه وركن السجود واالطمئنان فيه وركن الجلوس بين السجدتين واالطمئنان فيه‪.‬‬

‫حد عورة الرجل‬


‫(‪)1‬‬
‫خ َذاَ فَِإنَهَا ِمنْ الْ َعوْرَةِ) الحديث دليل صريح على أن الفخذ‬ ‫الصحيح‪ :‬أن حد عورة الرجل هي ما بين السرة إلى الركبة لحديث (غَطِ فَ ِ‬
‫خذِ َنبِيِ‬
‫حتَى ِإنِي َأنّْظُرُ إِلَى َبيَاضِ فَ ِ‬
‫خ ِذهِ َ‬ ‫عورة وهو أولى بالتقديم من حديث أن النبي ‪ ‬حسر عن فخذه‪ ،‬وهو بلفظ (ثُمَ حَسَرَ الْإِزَارَ َ‬
‫عنْ فَ ِ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ)(‪ )4‬الحديث األول أقوى ألنه قولي والحديث الثاني فعلي والحديث القولي أقوى‪ ،‬ويقدم قول النبي ‪ ‬على فعله‬
‫ويمكن القول بأن القول خطاب لألمة والفعل خاص بالنبي ‪.‬‬

‫حد عورة املرأة‬

‫جكَ وَ َبنَا ِتكَ َونِسَاء الْ ُمؤْ ِمنِينَ ُي ْدنِي َ‬


‫ن‬ ‫الصحيح‪ :‬أن جسم المرأة كله عورة‪ ،‬ويجب عليها ستر جسدها كله لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا ال َنبِيُ قُل لِأَ ْزوَا ِ‬
‫عََل ْي ِهنَ مِن جَلَابِي ِب ِهنَ ذَِلكَ َأدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُ ْؤ َذ ْينَ وَكَانَ اللَهُ غَفُوراً رَحِيماً}(‪ )5‬في الصالة يجب على المرأة أن تستر جميع جسمها ما‬
‫عدا الوجه والكفين فيجو ز لها كشفهما‪ ،‬ويجب عليها أن تستر قدميها في الصالة ألنهما من جسمها الذي كله عورة يجب عليها ستره‪ ،‬وال‬
‫حجة لمن يقول بجواز كشف وجه المرأة وكفيها أمام الرجال األجانب بجواز كشفهما في اإلحرام ألن جواز كشفهما في الحج هو خاص‬
‫باإلحرام وهو حالة استثنائية خاصة‪ ،‬ويجوز للمرأة المحرمة بحج أو بعمرة أن تغطي وجهها وهي محرمة إذا رأت من ينظر إليها نظرة‬
‫مريبة‪ ،‬وكشف وجه المرأة أمام الرجال األجانب هو أعظم وسيلة الفتتان الرجل بالمرأة وتغطية المرأة وجهها هو وسيلة لحمايتها وحماية‬
‫سمعتها ونفسها من الرجال المشبوهين وأصحاب القلوب المريضة‪ ،‬وقد صرف الرسول ‪ ‬وجه الفضل بن العباس حينما كان رديف‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)31( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب األدب‪ :‬باب ما جاء أن الفخذ عورة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 715‬بلفظ (عَنْ أَبِي الزِنَادِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَخْبَرَنِي ابْنُ جَرْهَدٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ا فَإِنَهَا مِنْ الْعَوْرَةِ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ط فَخِذَ َ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬غَ ِ‬ ‫ن فَخِذِهِ‪ ،‬فَقَا َل النَبِ ُ‬
‫وَسَلَمَ مَ َر بِهِ وَهُوَ كَاشِفٌ عَ ْ‬
‫انفرد به الترمذي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي الزناد رضي اهلل عنه برقم (‪.)715‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما يذكر في الفخذ‪ .‬حديث رقم (‪ ) 351‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ غَزَا خَيْبَرَ‪ ،‬فَصَلَيْنَا‬
‫عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ‪ ،‬فَرَكِبَ نَبِيُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِ يفُ أَبِي طَلْحَةَ فَأَجْرَى نَبِيُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ‪ ،‬وَإِنَ‬
‫رُكْبَتِي لَتَمَسُ فَخِذَ نَبِيِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ثُمَ حَسَرَ الْإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ حَتَى إِنِي أَنّْظُرُ إِلَى بَ يَاضِ فَخِذِ نَبِيِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمَا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَال‪:‬‬
‫اللَهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَر‪ ،‬إِنَا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ‪ ،‬قَالَهَا ثَلَاثً‪ ،‬ا قَالَ‪ :‬وَخَرَجَ الْقَوْمُ إِلَ ى أَعْمَالِهِمْ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬مُحَمَدٌ‪ ،‬قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ‪ :‬وَقَالَ بَ ْعضُ‬
‫أَصْحَابِنَا‪ :‬وَالْخَمِيسُ يَعْنِي الْجَيْشَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً‪ ،‬فَجُمِعَ السَبْيُ‪ ،‬فَجَاءَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ فَقَالَ‪ :‬يَا نَبِيَ اللَهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنْ السَبْيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اذْهَبْ‬
‫فَخُذْ جَارِيَةً‪ ،‬فَأَخَذَ صَفِيَةَ بِنْتَ حُيَي‪ ،‬فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ يَا نَبِيَ اللَهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَةَ بِنْتَ حُيَي سَيِدَةَ قُرَيّْظَةَ وَالنَضِيرِ لَا تَصْلُحُ إِلَا‬
‫لَكَ‪ ،‬قَالَ ادْعُوهُ بِهَا فَجَاءَ بِهَا‪ ،‬فَلَمَا نَّظَرَ إِلَيْهَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خُذْ جَارِيَةً مِنْ السَبْيِ غَيْرَهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَعْتَقَهَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَتَزَوَجَهَا‪،‬‬
‫فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ‪ :‬يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ‪ :‬نَفْسَهَا‪ ،‬أَعْتَقَهَا‪ ،‬وَتَزَوَجَهَا حَتَى إِذَا كَانَ بِالطَرِيقِ جَهَزَتْهَا لَهُ أُمُ سُلَيْمٍ‪ ،‬فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنْ اللَيْلِ‪ ،‬فَأَصْبَحَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَرُوسًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ‪ ،‬وَبَسَطَ نِطَعًا فَجَعَلَ الرَجُلُ يَجِيءُ بِالتَمْرِ وَجَعَلَ الرَجُلُ يَجِيءُ بِالسَمْنِ‪ .‬قَالَ‪ :‬وَأَحْسِبُهُ قَدْ ذَكَرَ السَوِيقَ‪ ،‬قَالَ‬
‫ت وَلِيمَةَ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‬‫فَحَاسُوا حَيْسًا فَكَانَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الجهاد‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫خربت‪ :‬لحق بأهلها الخراب والهزيمة‪.‬‬ ‫اإلزار‪ :‬ثوب يلف به النصف األسفل من الجسم‪.‬‬ ‫الغلس‪ :‬ظلمة آخر الليل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغداة‪ :‬الصبح‪.‬‬
‫اهدتها‪ :‬زفتها‪ .‬جاسوا‪ :‬خلطوا‪.‬‬ ‫السويق‪ :‬طعام يتحذ من مدقوق الحنطة والشعير‪.‬‬ ‫عنوة‪ :‬قهرا‪.‬‬ ‫ساحة‪ :‬ناحية‪ .‬النطع‪ :‬بساط من جلد‪.‬‬
‫الحيس‪ :‬طعام يتخذ من التمر والسمن واللبن المجفف‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪.)51( :‬‬
‫‪119‬‬
‫النبي ‪ ‬في حجة الوداع لكي ال ينظر إلى وجه المرأة الخثعمية التي كانت تسأل الرسول ‪ ‬عن جواز حجها عن أبيها الذي ال يستطيع‬
‫أن يثبت على الراحلة‪ ،‬ولما أحس الرسول ‪ ‬أن الفضل ينظر إلى وجه المرأة وأن المرأة تنظر إلى الفضل خشي من وقوع الفتنة بإفساد‬
‫قلب الفضل من أثر نظرته إلى وجه المرأة وفساد قلبها من تبادل النظرات بينهما‪ ،‬فكان يصرف وجه الفضل بيده الشريفة إلى الجهة‬
‫ضلُ يَنّْظُرُ إِلَ ْيهَا َو َتنّْظُرُ‬
‫ضلُ َردِيفَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَجَاءَتْ امْرََأةٌ ِمنْ خَشْعَمَ فَجَ َعلَ الْ َف ْ‬ ‫األخرى‪ ،‬الحديث بلفظ (كَانَ الْ َف ْ‬
‫شقِ الْآخَر‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ِ ،‬إنَ فَرِيضَةَ اللَهِ عَلَى عِبَا ِدهِ فِي‬ ‫ضلِ إِلَى ال ِ‬ ‫إَِليْهِ‪ ،‬وَجَ َعلَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ َيصْرِفُ وَجْهَ الْ َف ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫عنْهُ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وَذَِلكَ فِي حَجَةِ ا ْل َودَاعِ) في الحديث داللة واضحة وصريحة‬ ‫شيْخًا كبيراً لَا َي ْثبُتُ عَلَى الرَاحِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ َ‬
‫الْحَجِ َأ ْدرَكَتْ َأبِي َ‬
‫على حرمة نظر الرجل إلى وجه المرأة األجنبية‪ ،‬فإذا كان الرسول ‪ ‬قد صرف وجه الفضل ومدة النظر قليلة جداً فكيف بمن يقول‬
‫بجواز نظر الرجل إلى األجنبية لمدة أطول وأكثر‪ ،‬وكشف وجه المرأة وتبادل النظرات مع الرجال األجانب من أقوى الوسائل المقربة‬
‫سبِيالً}(‪ )2‬وكشف وجه‬ ‫للزنا‪ ،‬وقد حرم اهلل تحريماُ قطعياً كل ما يقرب إلى الزنى في قوله تعالى {وَالَ تَقْ َربُواْ ال ِزنَى ِإنَهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء َ‬
‫المرأة داخل تحت تحريم هذه اآلية‪ ،‬ألن النهي في اآلية يشمل تحريم كشف وجه المرأة شموالً أولياً ألنه من أعظم ما يسهل تبال النظرات‬
‫والمكالمات والضحكات وكلها تقرب إلى فاحشة الزنى بين الرجل والمرأة‪.‬‬

‫ما جيزئ من اللباس يف الصالة‬


‫الصحيح‪ :‬أن المرأة تلبس ما يسترها من أعلى رأسها حتى قدميها وال يجوز لها كشف شيء من أجزاء جسمها إال الوجه والكفين أثناء‬
‫عنْ‬ ‫الصالة‪ ،‬ويجزئ الرجل لبسُ الثوب الواحد الساتر لعورته في الصالة لحديث ( َأنَ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫حدُكُمْ فِي ال َثوْبِ ا ْلوَاحِدِ َليْسَ‬ ‫الصَلَاةِ فِي َثوْبٍ وَاحِد‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ :‬أوَلِكُلِكُمْ َثوْبَانِ ؟)(‪ )1‬وأما حديث (لَا ُيصَلِي أَ َ‬
‫عَلَى عَاتِ َقيْهِ شَيْءٌ)(‪ )4‬فقد ق ال الشوكاني‪ :‬إن كان الثوب واسعاً أوله ثوبان فيجب عليه أن يضع على عاتقه شيئاً يستره‪ ،‬وإن كان الثوب‬
‫ضيقاً أو لم يكن معه ثوب آخر فال يجب عليه أن يغطي عاتقه في الصالة ألن العاتق ليس من العورة التي يجب سترها لحديث(سَأَ ْلنَا جَابِرَ‬
‫جئْتُ َليْلَةً ِلبَعْضِ أَمْرِي‪،‬‬
‫حدِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬خَرَجْتُ مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي بَ ْعضِ أَسْفَا ِرهِ‪ ،‬فَ ِ‬ ‫عنْ الصَلَاةِ فِي ال َثوْبِ ا ْلوَا ِ‬ ‫ع ْبدِ اللَهِ َ‬
‫ْبنَ َ‬
‫جتِي‪ ،‬فَلَمَا فَ َرغْتُ‪،‬‬ ‫خبَ ْرتُهُ بِحَا َ‬
‫شتَمَلْتُ بِهِ وَصََليْتُ إِلَى جَا ِنبِهِ‪ ،‬فَلَمَا ا ْنصَرَفَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا السُرَى يَا جَابِرُ؟ فَأَ ْ‬‫ج ْدتُهُ يُصَلِي َوعَلَيَ َثوْبٌ وَاحِدٌ فَا ْ‬
‫َفوَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ضيِقًا فَاتَزِرْ بِهِ) ‪ .‬وأما حديث‬ ‫شتِمَالُ اَلذِي رََأيْتُ؟ قُلْتُ‪ :‬كَانَ َثوْبٌ يَ ْعنِي ضَاقَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَِإنْ كَانَ وَاسِعًا فَا ْلتَحِفْ بِهِ وَِإنْ كَانَ َ‬ ‫قَالَ‪ :‬مَا َهذَا الِا ْ‬
‫(صالة بعمامة تعدل خمساً وعشرين صالة بغير عمامة) فهو حديث موضوع‪ ،‬ولكن قال العلماء‪ :‬يستحسن للمصلي وضع شيء على‬
‫رأسه أثناء الصالة ألن رسول اهلل ‪ ‬كان يصلي بعمامة وكان يلبس العمامة فلبس العمامة مستحب في الصالة وفي غيرها لفعل الرسول‬
‫‪ ، ‬والمرأة إذا صلت مكشوفة الرأس يجب عليها إعادة الصالة في الوقت وبعده لحديث (لَا تُ ْق َبلُ صَلَاةُ الْحَا ِئضِ إِلَا بِخِمَار)(‪ )6‬وصيغة (ال‬
‫تقبل ) تفيد الشرطية التي يلزم من عدمها العدم‪ ،‬فخمار المرأة شرط لصحة صالتها‪ ،‬وصالة المرأة بدون خمار يغطي رأسها غير‬
‫صحيحة ‪ ،‬ويجب على المرأة تغطية قدميها في الصالة ألن القدمين جزء من جسمها الذي يجب تغطيته وستره في الصالة وفي غير‬
‫الصالة‪ ،‬وحديث أم سلمة رضي اهلل عنها (أنها سألت النبي ‪ :‬أتصلي المرأة في درع وخمار‪ ،‬ليس عليها إزار؟ قال‪ :‬إذا كان الدرع‬
‫سابغا‪ ،‬يغطي ظهور قدميها) ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم (‪ )641‬والحديث الضعيف ال يحتج به‪ ،‬ودليل وجوب تغطية قدم‬
‫المرأة في الصالة هي أدلة وجوب تغطية بدن المرأة األخرى ال هذا الحديث الضعيف‪ ،‬ولفظ الخادم يطلق على الرقيق ذكراً أو أنثى‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫ن الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى‬ ‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَا َ‬‫س رَضِ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب وجوب الحج‪ .‬حديث رقم (‪ )1513‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عَبَا ٍ‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنّْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنّْظُرُ إِلَيْهِ‪ ،‬وَجَ عَلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِقِ الْآخَر‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا‬
‫ك فِي حَجَ ِة الْوَدَاعِ)‬ ‫ت أَبِي شَيْخًا كبيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَ احِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ عَنْهُ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وَذَلِ َ‬ ‫ج أَدْرَكَ ْ‬
‫ن فَرِيضَ َة اللَهِ عَلَى عِبَادِ ِه فِي الْحَ ِ‬ ‫رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبوداود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬االستئذان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الردف‪ :‬الجلوس خلف الراكب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اإلسراء‪.)32( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الصالة في الثوب الواحد ملتحفا به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 355‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن ؟)‬‫ن الصَلَا ِة فِي ثَوْبٍ وَاحِد‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَوَلِكُلِكُ ْم ثَوْبَا ِ‬ ‫وَسَلَمَ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في القبلة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إذا صلى في الثوب الواجد فليجعل على عاتقه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 351‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫س عَلَى عَاتِقَيْ ِه شَيْءٌ)‬ ‫ب الْوَاحِ ِد لَيْ َ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬لَا يُصَلِي أَحَدُكُمْ فِي الثَوْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في القبلة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العاتق‪ :‬اسفل العنق مما يلي الكتف‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إذا كان الثوب ضيقا‪ .‬حديث رقم (‪ ) 361‬بلفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ عَنْ الصَلَاةِ فِي الثَوْبِ‬
‫الْوَاحِدِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬خَرَجْتُ مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي بَ ْعضِ أَسْفَارِهِ‪ ،‬فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَ ْعضِ أَمْرِي‪ ،‬فَوَجَدْتُهُ يُصَلِي وَعَلَيَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَيْتُ إِلَى جَانِبِهِ‪،‬‬
‫فَلَمَا انْصَرَفَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا السُرَى يَا جَابِرُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي‪ ،‬فَلَمَا فَرَغْتُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا هَذَا الِاشْتِمَ الُ الَذِي رَأَيْتُ؟ قُلْتُ‪ :‬كَانَ ثَوْبٌ يَعْنِي ضَاقَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ‬
‫ن ضَيِقًا فَاتَزِ ْر بِهِ)‬ ‫ن كَا َ‬‫بِ ِه وَإِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬و أبوداود في الصالة‪ ،‬و أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصال ة‪.‬‬
‫السرى‪ :‬السير بالليل‪ ،‬والمراد ماذا أتى بك في هذا الوقت‪ .‬اتزر‪ :‬اشدده على نصف‬ ‫االش تمال‪ :‬االلتفاف بالثوب الواحد ليس عليه غيره‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫جسمك األسفل‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ماجاء ال تقبل صالة المرأة إال بخمار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 377‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا‬
‫ض إِلَا بِخِمَارٍ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫تُقْبَ ُل صَلَا ُة الْحَا ِئ ِ‬
‫أخرجه أبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الخمار‪ :‬غطاء يوضع على رأس المرأة‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫والمرأة الخادم حكمها مثل حكم الحرة فيجب عليها تغطية رأسها وجميع بدنها ألن األحكام الشرعية تعم األحرار والعبيد‪ ،‬اللهم إال إذا ورد‬
‫دليل يخصص العبيد وال تخصيص لهم في لباس الصالة‪.‬‬

‫احلرير ينقسم إىل ثالثة أقسام‬


‫األول‪ :‬الحرير الخالص (القزويني) الذي يستورد من مدينة (قزوين) وعالمته أنه يتقزز إذا أحرق بالنار كتقزز صوف الحيوانات إذا‬
‫أحرق‪ ،‬وهذا النوع من الحرير هو المنهي عن لبسه في الصالة وفي غير الصالة‪ ،‬وهو المراد بالنهي في األحاديث المحرِمة لبس الحرير‬
‫عنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ‬
‫على الرجال‪ ،‬ومنها حديث ( َنهَانَا ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َأنْ نَشْرَبَ فِي آ ِنيَةِ الذَهَبِ وَالْ ِفضَةِ‪ ،‬وَأَنْ نَأْ ُكلَ فِيهَا‪َ ،‬و َ‬
‫وَالدِيبَاجِ‪ ،‬وََأنْ نَجْلِسَ عََليْهِ)(‪ )3‬ونهي الرجال عن لبس الحرير عام يعم لبسه في الصالة وفي غيرها‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الحرير الشجري الصناعي‪ ،‬وهذا عالمته أن يحرق في النار كما يحرق أي قماش آخر‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬الحرير المصنوع من البترول‪ ،‬وهذا عالمته أنه يشتعل إذا أحرق في النار كما يشتعل البترول‪.‬‬

‫والنوع الثاني والثالث ال يتناولهما النهي عن لبس الحرير وال يحرم على الرجال لبسهما ألن المنهي عنه هو الحرير الخالص فقط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ب‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اللباس‪ :‬باب افتراّش الحرير‪ .‬حديث رقم (‪ )5537‬ب لفظ (عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَهَانَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ نَشْرَ َ‬
‫ن نَجْلِسَ عَلَيْهِ)‬
‫س الْحَرِيرِ وَالدِيبَاجِ‪ ،‬وَأَ ْ‬
‫ن لُبْ ِ‬
‫ن نَأْكُ َل فِيهَا‪ ،‬وَعَ ْ‬
‫فِي آنِيَ ِة الذَهَبِ وَالْفِضَةِ‪ ،‬وَأَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في اللباس والزينة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في الزينة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫والدارمي في األشرتة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األطعمة‪ ،‬االشربة‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫الباب السادس‪ :‬وجوب الطهارة للصالة وترك األفعال التي ليس منها‪.‬‬

‫‪ ‬الفصّل األول ‪:‬وجوب طهارة البدن والثياب وموضع الصالة‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬المواضع التي يصّلى فيها‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث ‪ :‬التروك التي هي شروط في صحة الصالة‬

‫‪112‬‬
‫الفصل األول ‪:‬وجوب طهارة البدن والثياب وموضع الصالة‬

‫الصحيح‪ :‬أن الطهارة من النجس في ال ثوب أو البدن أو موضع الصالة ليست مسنونة فقط وليست بشرط من شروط صحة الصالة‪ ,‬ولكنها‬
‫طهِرْ}(‪ )1‬يحمل على الحقيقة وعلى المجاز وفي اآلية داللة على وجوب‬ ‫واجب مستقل‪ ,‬ألن األدلة تدل على الوجوب فقوله تعالى { َو ِثيَابَكَ فَ َ‬
‫ح ْيضَةِ فَ ْلتَقْ ُرصْهُ ثُمَ ِل َت ْنضَحْهُ بِمَاءٍ ثُمَ ِل ُتصَلِي فِيهِ)(‪ )2‬وفي‬ ‫حدَا ُكنَ الدَمُ ِمنْ الْ َ‬
‫غسل ثياب المصلي من النجاسة‪ ،‬وحديث (ِإذَا أَصَابَ َثوْبَ إِ ْ‬
‫ض ُتكِ َف َدعِي الصَلَاةَ وَِإذَا‬ ‫سلْ ذَكَ َراَ)(‪ )3‬داللة على وجوب غسل بدن المصلي من المذي‪ ،‬وفي حديث (فَِإذَا أَ ْقبَلَتْ َ‬
‫ح ْي َ‬ ‫حديث ( َتوَضَأْ وَاغْ ِ‬
‫سلَ فَرْجَهُ وَمَا َأصَابَهُ مِنْ‬ ‫ع ْنكِ الدَمَ ثُمَ صَلِي)(‪ )4‬داللة على وجوب غسل بدن المصلية من دم الحيض‪ ،‬وفي حديث ( َوغَ َ‬ ‫َأ ْدبَرَتْ فَاغْسِلِي َ‬
‫ستَطِبْ‬ ‫الَْأذَى)(‪ )5‬دليل على وجوب غسل الفرجين من البول والغائط‪ ،‬وفي حديث(ِإذَا ذَهَبَ أَ َ‬
‫حدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْ َيذْهَبْ مَعَهُ ِبثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَلْيَ ْ‬
‫عنْهُ)(‪ )6‬دليل على وجوب طهارة الفرجين من النجاسة بثالثة أحجار في حال عدم الماء أو قلته أو تعذر استعماله في‬ ‫ِبهَا فَِإ َنهَا تَجْزِي َ‬
‫طهارة الفرحين‪ ،‬وفيه دليل على جواز استعمال األحجار بدال عن الماء في غسل الفرجين من الغائط أو البول حتى في حال وجود الماء‬
‫وفي حال القدرة على استعمال الماء‪ ،‬ولكن استعمال الماء في غسل الفرجنين في حال وجود الماء وفي حال القدرة على استعماله أفضل‪،‬‬
‫وفي حديث ( َدعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى َبوْلِهِ سَجْلًا ِمنْ مَاءٍ أَوْ َذنُوبًا ِمنْ مَاءٍ)(‪ )7‬دليل على وجوب غسل مكان المصلي‪ ،‬وفي حديث (ِإذَا وَلَغَ‬
‫سبْعَ مِرَارٍ)(‪ )5‬دليل على وجوب غسل اإلناء من لعاب الكلب فهذه األدلة وغيرها من أدلة تطهير‬ ‫حدِكُمْ فَ ْليُرِقْهُ ثُمَ ِليَغْسِلْهُ َ‬‫الْكَلْبُ فِي ِإنَاءِ أَ َ‬
‫المتنجسات تفيد الوجوب وهي معقولة المعنى ألنها للنظافة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المدثر‪.)4( :‬‬
‫‪2‬‬
‫ت امْرَأَةٌ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ‬ ‫ق أَنَهَا قالت‪ :‬سَأَلَ ْ‬ ‫ت أَبِي بَكْ ٍر الصِدِي ِ‬‫ن أَسْمَا َء بِنْ ِ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب غسل دم الحيض‪ .‬حديث رقم (‪ ) 307‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن الدَمُ مِنْ‬ ‫ب إِحْدَاكُ َ‬ ‫ب ثَوْ َ‬ ‫ف تَصْنَ ُع فَقال‪ :‬رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم إِذَا أَصَا َ‬ ‫ن الْحَيْضَةِ كَيْ َ‬‫ب ثَوْبَهَا الدَمُ مِ ْ‬ ‫ت إِحْدَانَا إِذَا أَصَا َ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَقالت‪ :‬يَا رَسُو َل اللَ ِه أَرَأَيْ َ‬
‫الْحَيْضَ ِة فَلْتَقْرُصْهُ‪ ،‬ثُ َم لِتَنْضَحْ ُه بِمَاءٍ‪ ،‬ثُ َم لِتُصَلِي فِيهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة‪ ،‬ومالك‬
‫في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الوضوء‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علي رضي اهلل عنه برقم (‪.)261‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب إذا رأت المستحاضة الطهر ‪ .‬حديث رقم (‪ )311‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا أَقْبَلَتْ‬
‫الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَلَاةَ‪ ،‬وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَمَ وَصَلِي)‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة‪،‬‬
‫ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ن مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَ بِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قالت‪ :‬تَوَضَأَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب الوضوء قبل الغسل‪ .‬حديث رقم (‪ )241‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن الْجَنَابَةِ)‬
‫ض عَلَيْ ِه الْمَا َء ثُ َم نَحَى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا هَذِهِ غُسْلُهُ مِ ْ‬‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم وُضُوءَهُ لِلصَلَاةِ غَيْ َر رِجْلَيْ ِه وَغَسَ َل فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَ ُه مِنْ الْأَذَى ثُ َم أَفَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الغسل والتيمم‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الطهار ة‪ :‬باب اإلجتزاء في االستطابة بالحجارة دون غيرها‪ .‬حديث رقم (‪ )44‬بلفظ (عَنْ عَائِشَ َة أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ب بِهَا فَإِنَهَا تَجْزِي عَنْهُ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ب مَعَ ُه بِثَلَاثَ ِة أَحْجَارٍ فَلْيَسْتَطِ ْ‬‫ب أَحَدُكُ ْم إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَ ْ‬ ‫قال‪ :‬إِذَا ذَهَ َ‬
‫أخرجه أبوداود في الطهارة‪.‬‬
‫االستطابة‪ :‬التطهر بعد قضاء الحاجة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغائط‪ :‬مكان قضاء الحاجة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ن أَبَا هُرَيْ َرةَ‬ ‫ن مَسْعُو ٍد أَ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب صب الماء على البول في المسجد‪ .‬حديث رقم (‪ )220‬بلفظ (عن عُبَ يْ ُد اللَ ِه بْنُ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عُتْبَ َة بْ ِ‬
‫قال‪ :‬قَامَ أَعْرَابِيٌ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَاسُ فَقال لَهُمْ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَمَا بُعِثْتُ ْم‬
‫ن وَلَ ْم تُبْعَثُوا مُعَسِرِينَ)‬ ‫مُيَسِرِي َ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪.‬‬
‫الذنوب‪ :‬دلو كبير‪.‬‬ ‫السجل‪ :‬الدلو‪.‬‬ ‫م عاني األلفاظ‪ :‬أهرق‪ :‬أراق وصب‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم ولوغ الكلب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 646‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال‪ :‬قال‪ :‬رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي‬
‫إِنَا ِء أَحَدِكُ ْم فَلْيُرِقْ ُه ثُ َم لِيَغْسِلْ ُه سَبْ َع مِرَارٍ)‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪.‬‬
‫اإلراقة‪ :‬سكب ما بدا خل اإلناء‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الولوغ‪ :‬الشرب بطرف اللسان‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المواضع التي يصلى فيها‬

‫جلٍ ِمنْ أُ َمتِي َأدْرَ َكتْهُ الصَلَا ُة‬


‫طهُورًا‪ ،‬فََأيُمَا رَ ُ‬‫جدًا وَ َ‬
‫األصل جواز الصالة في جميع المواضع من األرض لحديث (وَجُعِلَتْ لِي الْأَ ْرضُ مَسْ ِ‬
‫فَ ْل ُيصَل)(‪ )3‬في أي مكان من األرض ألن األرض كلها مسجد أي مكان تجوز فيه الصالة ويستثنى المواضع التي ورد فيها النص الصريح‬
‫خذُوهَا ُقبُورًا)(‪ )2‬قال العلماء‪ :‬في هذا الحديث إشارة‬ ‫بعدم جواز الصالة فيها‪ ،‬وهي المقبرة لحديث (اجْعَلُوا فِي ُبيُوتِكُمْ ِمنْ صَلَاتِ ُكمْ‪ ،‬وَلَا تَتَ ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫شيَاطِينِ) وفي الحمام لحديث (الْأَ ْرضُ‬ ‫إلى عدم جواز الصالة في المقبرة‪ ،‬وأعطان اإلبل لحديث (لَا ُتصَلُوا فِي َمبَا ِراِ الِْإ ِبلِ فَِإ َنهَا ِمنْ ال َ‬
‫جدٌ إِلَا الْحَمَامَ وَالْمَ ْقبَرَةَ)(‪ )4‬وما عدا هذه المواضع الثالثة فتصح الصالة في كل موضع من األرض‪ ،‬والمراد بالنهي في الحمام‬ ‫كُُلهَا مَسْ ِ‬
‫هو في موضع قضاء الحاجة )المرحاض) أما المحل الذي تخلع فيه المالبس في الحمامات العامة فحكمه حكم المصلَي وتجوز الصالة‬
‫فيه‪ ،‬السيما ما وضع له محراب فهو موضع مخصص للصالة فيه من وقت بناء الحمام‪ ،‬وأما الصالة في البيع والكنائس فال يوجد حديث‬
‫ينهى عن الصالة في البيع أو الكنائس‪ ،‬واألصل جواز الصالة فيها إذا لم يكن فيها شيء يشغل المصلي عن صالته كالتصاوير والتماثيل‪،‬‬
‫والصالة على الفرش التي يفرش بها المساجد جائزة ألنه ال دليل على المنع من جواز الصالة على المفارش ونحوها‪ ،‬ومن صلى على‬
‫مفروش متنجس من فوقه سجادة أو ثوب أو فرش طاهر فصالته صحيحة ألنه يباشر الصالة على شيء طاهر وال دليل من الكتاب وال‬
‫من السنة ال من قوله صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره لمن يقول ببطالن الصالة إذا تحرك بتحرك المصلي شيء متنجس‪،‬‬
‫وأما حديث النهي عن الصالة في السبعة المواطن التي هي( المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن اإلبل‬
‫وفوق الكعبة) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن ابن ماجه برقم (‪.)345‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التيمم‪ :‬باب حديث رقم (‪ ) 335‬بلفظ (عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَ أَحَدٌ قَبْلِي‪،‬‬
‫نُصِرْتُ بِا لرُعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ‪ ،‬وَجُعِلَتْ لِي الْأَ ْرضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا‪ ،‬فَأَيُمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَتِي أَدْرَ كَتْهُ الصَلَاةُ فَلْيُصَل‪ ،‬وَأُحِلَتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَ لِأَحَدٍ قَبْلِي‪ ،‬وَأُعْطِيتُ‬
‫س عَامَةً)‬
‫ت إِلَى النَا ِ‬
‫ث إِلَى قَوْمِهِ خَاصَةً وَبُعِثْ ُ‬
‫ي يُبْعَ ُ‬‫ن النَبِ ُ‬
‫الشَفَاعَةَ‪ ،‬وَكَا َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحدبث‪ :‬فرض الخمس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الرعب‪ :‬الخوف والفزع‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب كراهية الصالة في المقابر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 432‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَر‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اجْعَلُوا فِي‬
‫ن صَلَاتِكُمْ‪ ،‬وَلَا تَتَخِذُوهَا قُبُورًا)‬‫بُيُوتِكُ ْم مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في صال ة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء من لحوم اإلبل‪ .‬حديث رقم (‪ )413‬بلفظ (عَنْ الْ بَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سُئِلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬عَنْ‬
‫الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ‪ ،‬فَقَال‪ :‬تَوَضَئُوا مِنْهَا‪ ،‬و سُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا تَوَضَئُوا مِنْهَا‪ ،‬وَسُئِلَ عَنْ الصَلَاةِ فِي مَبَارِاِ الْإِبِلِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا تُصَلُوا فِي مَبَارِاِ الْإِبِلِ‬
‫ض الْغَنَمِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬صَلُوا فِيهَا فَإِنَهَا بَرَكَةٌ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن الصَلَاةِ فِي مَرَا ِب ِ‬ ‫ن الشَيَاطِينِ‪ ،‬وَسُئِلَ عَ ْ‬ ‫فَإِنَهَا مِ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المربض‪ :‬مأوى الغنم ومباركها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب المواضع التي ال تجوز فيها الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 412‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪:‬‬
‫وَقَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ فِيمَا يَحْسَبُ عَمْرٌو‪ ،‬إِنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬الْأَرْضُ كُلُ هَا مَسْجِدٌ إِلَا الْحَمَامَ وَالْمَقْبَرَةَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود‬
‫بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعات‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬التروك التي هي شروط في صحة الصالة‬

‫طهُورُ‪،‬‬‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على المصلي أن يترك كل فعل ليس من أفعال الصالة من تكبيرة اإلحرام حتى التسليم لحديث (مِ ْفتَاحُ الصَلَاةِ ال ُ‬
‫حيَةَ وَالْعَقْرَبَ)(‪ )2‬ويجوز‬ ‫سوَ َد ْينِ فِي الصَلَاةِ‪ ،‬الْ َ‬ ‫َوتَحْرِي ُمهَا التَ ْكبِيرُ‪َ ،‬وتَحْلِيُلهَا التَسْلِيمُ)(‪ )3‬ويستثنى قتل الحية والعقرب لحديث (ا ْقتُلُوا الْأَ ْ‬
‫الفعل الخفي ف الذي لم يخل بهيئة الصالة كالتقدم أو التأخر أو التحرك يميناً أو شماالً تحركاً يسيراً في صالة الجماعة أو أي فعل يسير ال‬
‫(‪)1‬‬
‫يخرج المصلي عن هيئة الصالة‪ ،‬ويجب على المصلي أن يترك كل قول ال يشرع قوله في الصالة لقوله تعالى {وَقُومُواْ لِلّهِ قَا ِنتِينَ}‬
‫حدَثَ ِمنْ أَمْ ِرهِ َأنْ لَا تَكَلَمُوا فِي‬ ‫جلَ َوعَزَ َقدْ أَ ْ‬‫حدِثُ ِمنْ أَمْ ِرهِ مَا يَشَاءُ‪ ،‬وَِإنَ اللَهَ َ‬
‫والمراد بالقنوت في هذه اآلية السكوت‪ ،‬ولحديث ( ِإنَ اللَهَ يُ ْ‬
‫حتَى نَزَلَتْ‪( :‬وَقُومُوا لِلَهِ قَا ِنتِينَ) فَأُمِ ْرنَا بِالسُكُوتِ‬ ‫ج ْنبِهِ فِي الصَلَاةِ َ‬‫حبَهُ وَ ُهوَ إِلَى َ‬‫جلُ صَا ِ‬ ‫الصَلَاةِ)(‪ )4‬وحديث ( ُكنَا َنتَكَلَمُ فِي الصَلَاةِ يُكَلِمُ الرَ ُ‬
‫سبِيحُ وَالتَ ْكبِيرُ وَقِرَا َءةُ الْقُرْآنِ)(‪ )6‬فهذه‬ ‫َو ُنهِينَا عَنْ الْكَلَامِ)(‪ )5‬وحديث (إِنَ َه ِذهِ الصَلَاةَ لَا َيصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ ِمنْ كَلَامِ النَاسِ‪ِ ،‬إنَمَا ُهوَ التَ ْ‬
‫األحاديث تدل على أن تكلم المصلي في الصالة بأي كالم غير مشروع في الصالة يفسد صالته سواء كان المتكلم عامداً أو ساهياً ويستثنى‬
‫كالم العامد الذي إلصالح الصالة أو لتنبيه اإلمام بشيء ال يفهمه بالتسبيح كتنبيهه بترك سجود أو أي فعل ال ينتبه له إال بالقول لحديث‬
‫ذي اليدين الذي تكلم فيه النبي ‪ ‬وتكلم فيه بعض الصحابة المؤتمين من أجل الصالة‪ ،‬الحديث بلفظ (أصدق ذو اليدين؟ فقالوا‪ :‬نعم‪ .‬فقام‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فصلى ركعتين آخريين ثم سلم)(‪ )7‬حديث ذي اليدين خاص فيعمل به في مثل عمل ذي اليدين إذا نسي المصلي وسلم قبل‬
‫إكمال الصالة فيبني على ما قد صلى وال يستأنف الصالة من أولها‪ ،‬وإذا احتاج اإلمام تنبيهاً على ترك فعل كترك سجدة أو نحوها فينبه‬
‫بالقول بقدر الحاجة فقط في الموضع الذي ال ينتبه فيه اإلمام بالتسبيح أو التصفيق‪ ،‬ويعمل بحديث زيد بن أرقم فيما عدى ما تضمنه حديث‬
‫ذي اليدين‪ ،‬وحديث ذو اليدين ليس منسوخا بأحاديث النهي عن الكالم في الصالة ألن أحاديث النهي عن الكالم في الصالة في أول الهجرة‬
‫وحديث ذي اليدين متأخر عنها‪ ،‬ألن الذي رواه هو أبو هريرة ‪ ،‬وأبو هريرة ‪ ‬لم يسلم إال في السنة السابعة من الهجرة‪ ،‬وأحاديث‬
‫النهي عن الكالم في الصالة عامة تعم كالم العامد والناسي‪ ،‬وكالم الناسي يبطل الصالة ويجب إعادة الصالة في الوقت والقضاء إذا كان‬
‫الوقت قد خرج‪ ،‬وحديث ذي اليدين خاص وال تعارض بين عام وخاص‪ ،‬وإنما يعمل بالخاص فيما تناوله وهو إذا سلم اإلمام قبل إكمال‬
‫الصالة أو احتاج إلى تنبيه إلكمال الصالة أو إصالحها بالقول فينبه بالقول بقدر الحاجة فقظ وبالعام في الباقي وهو النهي عن كل كالم في‬
‫غير الصالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء أن مفتاح الصالة الطهور‪ .‬حديث رقم(‪ ) 235‬بلفظ (عَنْ عَلِي‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مِفْتَاحُ الصَلَاةِ‬
‫الطُهُورُ‪ ،‬وَتَحْرِيمُهَا التَكْبِيرُ‪ ،‬وَتَحْلِيلُهَا التَسْلِيمُ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب العمل في الصالة‪ :‬باب قتل الحية والعقرب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 121‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ الَلهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اقْتُلُوا‬
‫ن فِي الصَلَاةِ‪ ،‬الْحَيَةَ وَالْعَقْرَبَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫الْأَسْوَدَيْ ِ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنس ائي في السهو‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)235( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب رد السالم في الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 124‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا نُسَلِمُ فِي الصَلَاةِ وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا‪ ،‬فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُوَ يُصَلِي‪ ،‬سَلَمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَ عَلَيَ السَلَامَ‪ ،‬فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ‪ ،‬فَلَمَا قَضَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الصَلَاةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ‬
‫اللَهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ‪ ،‬وَإِنَ اللَهَ جَلَ وَعَزَ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا تَكَلَمُوا فِ ي الصَلَاةِ فَرَدَ عَلَيَ السَلَامَ) صححه األلباتي في صحيح سنن أبي داود بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ا لبخاري في الجمعة‪ ،‬ومسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬ما قدم وما جدث‪ :‬أي عاوده قديم األحزان واتصل بحديثها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب تحريم الكالم في الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1202‬بلفظ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا نَتَكَلَمُ فِي الصَلَاةِ يُكَلِمُ‬
‫ن الْكَلَامِ)‬‫ت وَنُهِينَا عَ ْ‬‫الرَجُ ُل صَاحِبَ ُه وَهُ َو إِلَى جَنْبِ ِه فِي الصَلَا ِة حَتَى نَزَلَتْ‪( :‬وَقُومُوا لِلَهِ قَانِتِينَ) فَأُمِرْنَا بِالسُكُو ِ‬
‫أخرجه البخاري في الجمعة‪ ،‬ومسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬القنوت‪ :‬السكوت‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب تحريم الكالم في الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1111‬بلفظ(عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُلَمِيِ‪ ،‬قَال‪ :‬بَيْنَا أَنَا أُصَلِي مَعَ‬
‫رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ‪ ،‬فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَهُ‪ ،‬فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ! فَقُلْتُ‪ :‬وَا ثُكْلَ أُمِيَاهْ! مَا شَأْنُكُمْ تَنّْظُرُونَ إِلَيَ؟ فَجَعَلُوا‬
‫يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ‪ ،‬فَلَمَا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِتُونَنِي لَكِنِي سَكَتُ‪ ،‬فَلَمَا صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِي‪ ،‬مَا رَأَيْتُ مُعَلِمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْ َدهُ‬
‫ح وَالتَكْبِي ُر وَقِرَاءَ ُة الْقُرْآنِ)‬
‫ح فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَا ِم النَاسِ‪ ،‬إِنَمَا هُ َو التَسْبِي ُ‬ ‫ن هَذِ ِه الصَلَاةَ لَا يَصْلُ ُ‬ ‫ن تَعْلِيمًا مِنْهُ‪ ،‬فَوَاللَهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ‪ :‬إِ َ‬ ‫أَحْسَ َ‬
‫أخرجه البخاري في الجمعة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ .‬أبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬كهرني‪ :‬زجرني وعبس في وجهي‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ف‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬انْصَرَ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب هل يأخذ اإلمام إذاشك بقول الناس‪ .‬حديث رقم (‪ )714‬بلفظ (عَ ْ‬
‫مِنْ اثْنَتَيْنِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ‪ :‬أَقَصُرَتْ الصَلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُ ولَ اللَهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَاسُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقَامَ رَسُولُ‬
‫ن ثُ َم سَلَ َم ثُمَ كَبَ َر فَسَجَ َد مِثْ َل سُجُودِ ِه أَ ْو أَطْوَلَ)‬
‫ن أُخْرَيَيْ ِ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬فَصَلَى اثْنَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫الباب السابع‪ :‬النية شرط يف الصالة‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن النية شرط لصحة الصالة لحديث (ِإنَمَا الَْأعْمَالُ بِال ِنيَاتِ‪ ،‬وَِإنَمَا لِ ُكلِ امْرِئٍ مَا َنوَى)(‪ )3‬وال يشترط أن توافق نية اإلمام نية‬
‫المأموم لحديث إمامة جبريل بالنبي ‪ ‬في اليومين اللذين علم جبريل فيهما النبي ‪ ‬مواقيت الصلوات فكانت نية جبريل لتعليم النبي ‪‬‬
‫جبْرِيلُ عََليْهِ السَلَام إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬حِينَ زَالَتْ‬ ‫ونية النبي ‪ ‬ألداء الواجب التكليفي بفرض الصالة‪ ،‬ولفظ الحديث (جَاءَ ِ‬
‫جلِ ِمثْلَهُ جَا َءهُ لِ ْل َعصْرِ ’ فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬يَا مُحَمَدُ‬
‫حتَى ِإذَا كَانَ فَيْءُ الرَ ُ‬ ‫ّظهْرَ حِينَ مَالَتْ الشَمْسُ‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ َ‬ ‫صلِ ال ُ‬ ‫الشَمْسُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬يَا مُحَ َمدُ‪َ ،‬ف َ‬
‫حتَى‬ ‫سوَاءً‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ َ‬ ‫صلِ الْمَغْرِبَ فَقَامَ َفصَلَاهَا حِينَ غَابَتْ الشَمْسُ َ‬ ‫صلِ الْعَصْر‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ حَتَى إِذَا غَابَتْ الشَمْسُ‪ ،‬جَا َءهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪َ :‬ف َ‬ ‫’ َف َ‬
‫صلِ فَقَامَ َفصَلَى‬ ‫صلِ الْعِشَاءَ فَقَامَ َفصَلَاهَا‪ ،‬ثُمَ جَا َءهُ حِينَ سَطَعَ الْفَجْرُ فِي الصُبْحِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬يَا مُحَ َمدُ‪َ ،‬ف َ‬ ‫ِإذَا ذَهَبَ الشَ َفقُ جَاءَه‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُم‪َ :‬ف َ‬
‫ّظهْرَ‪ ،‬ثُمَ جَا َءهُ جِبْرِيلُ عََليْهِ السَلَام حِينَ كَانَ‬ ‫صلِ َفصَلَى ال ُ‬ ‫جلِ ِمثْلَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬يَا مُحَ َمدُ‪َ ،‬ف َ‬ ‫صبْحَ‪ ،‬ثُمَ جَا َءهُ ِمنْ الْ َغدِ حِينَ كَانَ فَيْءُ الرَ ُ‬ ‫ال ُ‬
‫عنْهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪:‬‬‫حدًا لَمْ يَ ُزلْ َ‬
‫صلِ َفصَلَى الْ َعصْرَ‪ ،‬ثُمَ جَا َءهُ لِلْمَغْرِبِ حِينَ غَابَتْ الشَمْسُ وَ ْقتًا وَا ِ‬ ‫جلِ ِمثَْليْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬يَا مُحَ َمدُ‪َ ،‬ف َ‬‫فَيْءُ الرَ ُ‬
‫جدًا‪ ،‬فَقَالَ‪:‬‬ ‫صبْحِ حِينَ أَسْفَرَ ِ‬ ‫صلِ فَصَلَى الْعِشَاءَ‪ ،‬ثُمَ جَا َءهُ لِل ُ‬ ‫ن ذَهَبَ ثُلُثُ اللَ ْيلِ الَْأوَلُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪َ :‬ف َ‬
‫صلِ فَصَلَى الْمَغْرِبَ‪ ،‬ثُمَ جَا َءهُ لِلْعِشَاءِ حِي َ‬ ‫َف َ‬
‫(‪)2‬‬
‫صبْحَ‪ ،‬فَقَالَ مَا بَ ْينَ َه َذيْنِ وَقْتٌ كُلُهُ) ولحديث صالة معاذ بن جبل ‪ ‬بقومه الصلوات الخمس في كل يوم وكانت نيته‬ ‫صلِ َفصَلَى ال ُ‬ ‫قُمْ‪َ :‬ف َ‬
‫مختلفة عن نية المؤتمين به فنيته صالة نفل ألنه قد صلى الفرض خلف النبي ‪ ‬ونية المؤتمين صالة الفرض‪ ،‬وال يمكن أن تكون نية‬
‫صالة معاذ بقومه هي الفرض ونية صالته مع النبي ‪ ‬هي نفل‪ ،‬ألن الصالة خلف النبي ‪ ‬أفضل‪ ،‬وألن صالته مع النبي ‪ ‬هي في‬
‫أول الوقت وهي أفضل من الصالة المتأخرة‪ ،‬والصالة في مسجد النبي ‪ ‬بألف صالة‪،‬والصالة في مسجد قومه ليست بألف صالة‪ ،‬وال‬
‫يمكن لمعاذ أن يترك هذه الفضائل كلها ويجعل صالته بقومه هي الفريضة وصالته مع النبي ‪ ‬هي النافلة‪ ،‬بل كانت صالته خلف النبي‬
‫ج َبلٍ يُصَلِي مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ثُمَ يَرْجِعُ َف َيؤُمُ‬ ‫‪ ‬هي الفريضة‪ ،‬وصالته بقومه هي النافلة‪ .‬الحديث بلفظ ( كَانَ مُعَاذُ ْبنُ َ‬
‫َقوْمَه)(‪ )1‬هذان الحديثان دليالن صحيحان صريحان على عدم شرطية موافقة نية المؤتم لنية اإلمام‪ ،‬والمتابعة الواجبة على المؤتم إلمام‬
‫صالته إنما هي في األفعال واألركان الظاهرة ال في النية لحديث (ِإنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ‪ ،‬فَِإذَا َكبَرَ فَ َكبِرُوا‪ ،‬وَِإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا‬
‫جدُوا‪ ،‬وَِإنْ صَلَى قَائِمًا َفصَلُوا ِقيَامًا)(‪ )4‬وال تعارض بين الحديثين فكل منهما دليل مستقل على ما تضمنه‪ ،‬فحديث معاذ دليل‬ ‫جدَ فَاسْ ُ‬‫سَ َ‬
‫على صحة صالة المفترض خلف المتنفل وعلى صحة الصالة في حالة اختالف نية المؤتم عن نية إمامه‪ ،‬وحديث وجوب متابعة المؤتم‬
‫إلمامه إنما هي في أركان الصالة وأفعالها من تكبيرة اإلحرام حتى التسليم‪ ،‬والنية ال تدخل في وجوب متابعة المؤتم إلمام الصالة‪ ،‬وليس‬
‫اتفاق نية المؤتم إلمام الصالة شرطاً لصحة الصالة وال واجباً من واجبات الصالة بدليل اختالف النيتين في صالة جبريل بالنبي ‪ ‬وفي‬
‫صالة معاذ بقومه في حياة النبي ‪ ‬وبعلمه وتقريره ‪ ‬وهما دليال جواز اختالف النيتين في الصالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ت عُمَ َر‬ ‫ن إِبْرَاهِي َم التَيْمِيُ‪ ،‬أَنَ ُه سَمِعَ عَلْقَمَ َة بْنَ وَقَا ٍ اللَيْثِيَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬سَمِعْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬باب بدء الوحي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1‬بلفظ (عن مُحَمَ ُد بْ ُ‬
‫بْنَ الخطأبِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬إِنَمَا الْأَعْمَالُ بِالنِيَاتِ‪ ،‬وَإِنَمَا لِكُلِ امْرِئٍ مَا نَوَى‪ ،‬فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى‬
‫دُنْيَا يُصِيبُهَا أَ ْو إِلَى امْرَأَ ٍة يَنْكِحُهَا‪ ،‬فَهِجْرَتُ ُه إِلَى مَا هَاجَ َر إِلَيْهِ)‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل ال جهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبوداود في الطالق‪ .‬وا بن ماجه في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإليمان ‪ ،‬المنافب‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال‪ ،‬والمراد تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب المواقيت‪ :‬باب أول وقت العشاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 525‬بلفظ (عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَلَام إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬حِينَ زَالَتْ الشَمْسُ‪ ،‬فَقَالَ ‪ :‬قُمْ يَا مُحَمَدُ‪ ،‬فَصَلِ الّظُهْرَ حِينَ مَالَتْ الشَمْسُ‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ حَتَى إِذَا كَانَ فَيْءُ الرَجُلِ مِثْلَهُ جَاءَهُ لِلْعَصْرِ ’ فَقَالَ‪ :‬قُمْ يَا مُحَمَدُ ’ فَصَلِ‬
‫الْعَصْر‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ حَتَى إِذَا غَابَتْ الشَمْسُ‪ ،‬جَاءَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬فَصَلِ الْمَغْرِبَ فَقَامَ فَصَلَاهَا حِينَ غَابَتْ الشَمْسُ سَوَاءً‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ حَتَى إِذَا ذَهَبَ الشَفَقُ جَاءَه‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُم‪:‬‬
‫فَصَلِ الْعِشَاءَ فَقَامَ فَصَلَاهَا‪ ،‬ثُمَ جَاءَهُ حِينَ سَطَعَ الْفَجْرُ فِي الصُبْحِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬يَا مُ حَمَدُ‪ ،‬فَصَلِ فَقَامَ فَصَلَى الصُبْحَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَهُ مِنْ الْغَدِ حِينَ كَانَ فَيْءُ الرَجُلِ مِثْلَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪:‬‬
‫قُمْ‪ :‬يَا مُحَمَدُ‪ ،‬فَصَلِ فَصَلَى الّظُهْرَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَلَام حِينَ كَانَ فَيْءُ الرَجُلِ مِثْلَيْهِ‪ ،‬فَ قَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬يَا مُحَمَدُ‪ ،‬فَصَلِ فَصَلَى الْعَصْرَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ حِينَ غَابَتْ‬
‫الشَمْسُ وَقْتًا وَاحِدًا لَمْ يَزُلْ عَنْهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬فَصَلِ فَصَلَى الْمَغْرِبَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَهُ لِلْعِشَاءِ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَيْلِ الْأَوَلُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬فَصَلِ فَصَلَى الْعِشَاءَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَهُ لِلصُبْحِ حِينَ‬
‫أَسْفَ َر جِدًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬قُمْ‪ :‬فَصَلِ فَصَلَى الصُبْحَ‪ ،‬فَقَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ كُلُهُ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫لم يزل‪ :‬لم يتأخر‪ .‬أسفر الصبح‪:‬‬ ‫زالت الشمس‪ :‬مالت عن وسط السماء‪ .‬الشفق‪ :‬الحمرة التي ترى في األفق بعد مغيب الشمس‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫انكسف وأضاء‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إذاطول اإلمام وكان للرجل حاجة فخرج‪ .‬حديث رقم (‪ )701‬بلفظ (عَنْ عَ مْرٍو‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ‬
‫ف الرَجُلُ‪ ،‬فَكَأَنَ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ‪ ،‬فَبَلَ َغ النَبِيَ صَلَى اللَهُ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬ثُ َم يَرْجِ ُع فَيَؤُ ُم قَوْمَه‪ ،‬فَصَلَى الْعِشَاءَ فَقَرََأ بِالْبَقَرَ ِة فَانْصَرَ َ‬ ‫ن جَبَ ٍل يُصَلِي مَ َع النَبِ ِ‬ ‫مُعَا ُذ بْ ُ‬
‫ط الْمُفَصَلِ‪ ،‬قَالَ عَمْرٌو‪ :‬لَا أَحْفَّظُهُمَا)‬
‫ن أَوْسَ ِ‬ ‫ن مِ ْ‬ ‫ن ’ فَتَانٌ‪ ،‬ثَلَاثَ مِرَا ٍر أَ ْو قَالَ‪ :‬فَاتِنًا‪ ،‬فَاتِنًا‪ ،‬فَاتِنًا‪ ،‬وَأَمَرَ ُه بِسُورَتَيْ ِ‬‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬فَتَانٌ‪ ،‬فَتَا ٌ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪.‬‬
‫المفصل‪ :‬من أول سورة (ق) إلى آخر المصحف‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬تناول منه‪ :‬ذكره بسوء‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إنما جعل اإلمام ليؤتم به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 651‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬سَقَطَ عَنْ‬
‫فَرَسِهِ‪ ،‬فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ‪ ،‬وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا‪ ،‬فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ ‪ ،‬دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ‪ ،‬فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ‪ ،‬فَصَلَى بِهِمْ جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ‪ ،‬فَلَمَا سَلَمَ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬إِنَمَا جُعِ َل الْإِمَامُ لِيُؤْتَ َم بِهِ‪ ،‬فَإِذَا كَبَ َر فَكَبِ رُوا‪ ،‬وَإِذَا رَكَ َع فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا‪ ،‬وَإِنْ صَلَى قَائِمًا فَصَلُوا قِيَامًا‪ ،‬وَنَزَ َل لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬يَا رَسُو َل اللَه‪،‬‬
‫ن الشَهْ َر تِسْعٌ وَعِشْرُونَ)‬ ‫ت شَهْرًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِ َ‬ ‫إِنَكَ آلَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬و النسائي في اإلقامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬االذان ‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫ليؤتم‪ :‬يقتدى‪.‬‬ ‫المشربة‪ :‬الغرف المرتفعة‪.‬‬ ‫آلى‪ :‬حل ف‪ ،‬وهنا حلف أال يدخل على نسائه شهرا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬جحش‪ :‬خدّش‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫الباب الثامن‪ :‬أقوال الصالة‬

‫التكبير‬ ‫‪‬‬
‫لفظ التكبير‬ ‫‪‬‬
‫دعاء التوجه‬ ‫‪‬‬
‫قراءة البسملة‬ ‫‪‬‬
‫قراءة القرآن‬ ‫‪‬‬
‫ما يقوله المصلي في الركوع والسجود‬ ‫‪‬‬
‫التشــهد‬ ‫‪‬‬
‫التسـليم‬ ‫‪‬‬
‫القنــــوت‬ ‫‪‬‬
‫تكبــــيرات االنتقال‬ ‫‪‬‬

‫‪117‬‬
‫الباب الثامن‪ :‬أقوال الصالة‬

‫التكبري‬
‫ستَقْ ِبلْ الْ ِقبْلَةَ‬
‫سبِغْ ا ْل ُوضُوءَ‪ ،‬ثُمَ ا ْ‬
‫الصحيح‪ :‬أن تكبيرة اإلحرام واجبة لألمر بها في حديث المسيء صالته بلفظ (ِإذَا قُمْتَ إِلَى الصَلَاةِ فَأَ ْ‬
‫فَ َكبِرْ)(‪ )3‬األمر يقتضي الوجوب‪ ،‬ولم يأمره بتكبيرات االنتقال‪ ،‬ومن صلى ولم يكبر تكبيرة اإلحرام فصالته باطلة‪.‬‬
‫لفظ التكبري‬
‫الصحيح‪ :‬أننا متعبدون بلفظ (اهلل أكبر) فال يجوز تجاوزه إلى لفظ آخر‪ ،‬وكما ال يجوز األذان بالمعنى فكذلك ال يجوز افتتاح الصالة‬
‫طهُورُ‪َ ،‬وتَحْرِي ُمهَا التَ ْكبِيرُ‪،‬‬
‫بمعنى لفظ (اهلل أكبر) ألن لفظ (اهلل أكبر) هو المتعبد به في افتتاح الصالة وفي األذان لحديث (مِ ْفتَاحُ الصَلَاةِ ال ُ‬
‫ستَ ْق ِبلْ الْ ِقبْلَةَ فَ َكبِرْ)(‪.)1‬‬ ‫َوتَحْلِيُلهَا التَسْلِيمُ)(‪ )2‬وحديث ( ِإذَا قُمْتَ إِلَى الصَلَاةِ فَأَ ْ‬
‫سبِغْ ا ْل ُوضُوءَ‪ ،‬ثُمَ ا ْ‬
‫دعاء التوجه‬
‫عدْ بَ ْينِي‬
‫الصحيح‪ :‬أن دعاء ا لتوجه سنة لعدم ذكره في حديث المسيء صالته‪ ،‬وأصح التوجهات ما ثبت عن أبي هريرة ‪ ‬بلفظ (الَلهُمَ بَا ِ‬
‫سلْ خَطَايَايَ‬ ‫عدْتَ َب ْينَ الْمَشْ ِرقِ وَالْمَغْرِبِ‪ ،‬الَلهُمَ نَ ِقنِي ِمنْ الْخَطَايَا كَمَا ُينَقَى ال َثوْبُ الْأَ ْب َيضُ ِمنْ ال َدنَسِ‪ ،‬الَلهُمَ اغْ ِ‬
‫َو َب ْينَ خَطَايَايَ‪ ،‬كَمَا بَا َ‬
‫بِالْمَاءِ وَالثَلْجِ وَا ْلبَرَدِ)(‪ )4‬ألن هذا الدعاء متفق عليه‪ ،‬وأما حديث (عن سمرة بن جندب عن النبي ‪ ‬أنه كان يسكت سكتتين‪ .‬إذا استفتح‬
‫وإذا فرغ من القراءة كلها) فقد ضعفه األلباني في سنن أبي داود برقم (‪.)779‬‬
‫قراءة البسملة‬
‫الصحيح‪ :‬أن البسملة آية من كل سورة بدليل إثباتها في المصاحف من أيام النبي ‪ ‬إلى يومنا في جميع السور إال سورة التوبة‪ ،‬قيل في‬
‫سبب عدم كتابة البسملة في سورة التوبة اآلتي‪:‬‬
‫‪3‬ـ ألن فيها البراءة من عهود المشركين‪.‬‬
‫‪2‬ـ ألنها سورة غضب على المشركين والمنافقين‪.‬‬
‫‪1‬ـ ألنها فضحت المنافقين‪.‬‬
‫البسملة آية من كل سورة وهي بعض آية من سورة النمل‪ ،‬والصحابة رضوان اهلل عليهم لم يدخلوا في المصحف إال ما كان قرآناً ولذا‬
‫فإنهم حذفوا لفظ (آمين) بعد قراءة سورة الفاتحة ولم يثبتوها ألنها ليست قرآناً‪ ،‬وما دامت آية من كل سورة فال بد من قراءتها سراً أو‬
‫جهراً‪ ،‬وأحاديث اإلسرار بها أصح وأحاديث الجهر بها مثبته والكل جائز‪ ،‬ومن أدلة اإلسرار بها حديث أنس ‪ ‬بلفظ (صََليْتُ مَعَ رَسُولِ‬
‫حدًا ِم ْنهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَهِ الرَحْ َمنِ الرَحِيمِ)(‪ )5‬وفي رواية له بلفظ‬ ‫عثْمَان‪ ،‬فَلَمْ أَسْمَعْ أَ َ‬ ‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وََأبِي بَكْرٍ‪َ ،‬وعُمَرَ‪َ ،‬و ُ‬
‫ستَ ْفتِحُونَ بِـ الْحَمْد لِلَهِ رَبِ الْعَالَمِينَ‪ ،‬لَا َيذْكُرُونَ بِسْمِ اللَهِ‬‫عثْمَانَ‪ ،‬فَكَانُوا يَ ْ‬ ‫(صََليْتُ خَلْفَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وََأبِي بَكْرٍ‪َ ،‬وعُمَر‪َ ،‬و ُ‬
‫الرَحْ َمنِ الرَحِيمِ فِي َأ َولِ قِرَا َءةٍ‪ ،‬وَلَا فِي آخِرِهَا)(‪ )6‬ودليل القول بأن البسملة آية من كل سورة حديث أنس ‪ ‬بلفظ ( َب ْينَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ظهُ ِرنَا‪ِ ،‬إذْ َأغْفَى ِإغْ فَا َءةً‪ ،‬ثُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ ُم َتبَسِمًا‪ ،‬فَقُ ْلنَا‪ :‬مَا َأضْحَ َككَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ‪ُ :‬أنْزِلَتْ عَلَيَ آنِفًا‬ ‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ذَاتَ َيوْمٍ َب ْينَ أَ ْ‬
‫صلِ لِ َر ِبكَ وَانْحَرْ‪ِ ،‬إنَ شَا ِنئَكَ ُهوَ الَْأ ْبتَر‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪َ :‬أ َتدْرُونَ مَا الْكَ ْوثَر؟ فَقُلْنَا‪:‬‬
‫طيْنَااَ الْ َكوْثَرَ‪ ،‬فَ َ‬
‫سُورَة‪ ،‬فَقَرَأَ بِسْمِ اللَهِ الرَحْ َمنِ الرَحِيمِ‪ِ ،‬إنَا َأعْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإلستئذان‪ :‬باب من رد فقال‪( :‬عليك السالم)‪ .‬حديث رقم (‪ ) 6251‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُو ُل‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ‪ ،‬فَصَلَى‪ ،‬ثُمَ جَاءَ فَسَلَمَ عَلَيْهِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَعَلَيْكَ السَلَامُ‪ ،‬ارْجِعْ‪ ،‬فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ‬
‫تُصَلِ‪ ،‬فَرَ جَعَ فَصَلَى‪ ،‬ثُمَ جَاءَ فَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬وَعَلَيْكَ السَلَامُ‪ ،‬فَارْجِعْ‪ ،‬فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُصَلِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬فِي الثَانِيَةِ أَوْ فِي الَتِي بَعْدَهَا‪ ،‬عَلِمْنِي يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا قُمْتَ إِلَى‬
‫الصَلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُ وءَ‪ ،‬ثُمَ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِرْ‪ ،‬ثُمَ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ‪ ،‬ثُمَ ارْكَعْ حَتَى تَطْ مَئِنَ رَاكِعًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَسْتَوِيَ قَائِمًا‪ ،‬ثُمَ اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِنَ‬
‫ك فِي صَلَاتِكَ كُلِهَا)‪.‬‬ ‫ن سَاجِدًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَطْمَئِنَ جَالِسًا‪ ،‬ثُ َم افْعَ ْل ذَلِ َ‬ ‫سَاجِدًا‪ ،‬ثُ َم ارْفَ ْع حَتَى تَطْمَئِ نَ جَالِسًا‪ ،‬ثُ َم اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ .‬وأ بوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصال ة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬األيمان والنذور‪.‬‬
‫‪ -2‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء أن مفتاح الصالة الطهور‪ .‬حديث رقم(‪ ) 235‬بلفظ (عَنْ عَلِي‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مِفْتَاحُ الصَلَاةِ‬
‫الطُهُورُ‪ ،‬وَتَحْرِيمُهَا التَكْبِيرُ‪ ،‬وَتَحْلِيلُهَا التَسْلِيمُ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب ً من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪)6251‬‬
‫‪4‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب ما يقول‪ :‬بعد التكبير‪ .‬حديث رقم (‪ ) 744‬بلفظ (عن أَبُو هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَسْكُتُ بَيْ َ‬
‫ن‬
‫التَكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَحْسِبُهُ‪ ،‬قَال‪ :‬هُنَيَةً‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬بِأَبِي وَأُمِي يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَكْبِيرِ وَالْقِرَ اءَة‪ ،‬مَا تَقُولُ‪ :‬قَالَ‪ :‬أَقُولُ‪ :‬اللَهُمَ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْ َ‬
‫ي بِالْمَاءِ وَالثَلْجِ وَالْبَرَدِ)‬
‫ن الدَنَسِ‪ ،‬اللَهُ َم اغْسِ ْل خَطَايَا َ‬ ‫ب الْأَبْ َيضُ مِ ْ‬
‫ن الخطأ يَا كَمَا يُنَقَى الثَوْ ُ‬ ‫ن الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ‪ ،‬اللَهُ َم نَقِنِي مِ ْ‬ ‫ت بَيْ َ‬
‫خَطَايَايَ‪ ،‬كَمَا بَاعَدْ َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫الدنس‪ :‬األوسا ‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬هنية‪ :‬زمن ًا يسيراً‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب حجة من قال‪ :‬اليجهر بالبسملة‪ .‬حديث رقم (‪ )555‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَأَبِي‬
‫ن الرَحِيمِ)‬ ‫بَكْرٍ‪ ،‬وَعُمَرَ‪ ،‬وَعُثْمَان‪ ،‬فَلَ ْم أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُ ْم يَقْرَُأ بِسْ ِم اللَ ِه الرَحْمَ ِ‬
‫أخرجه البخاري في األذان‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب حجة من قال‪ :‬اليجهر بالبسملة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 510‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَهُ حَدَثَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَيْتُ خَلْفَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن بِسْ ِم اللَهِ الرَحْمَنِ الرَحِي ِم فِي أَوَلِ قِرَاءَةٍ‪ ،‬وَلَا فِي آخِرِهَا)‬ ‫ب الْحَمْد لِلَهِ رَبِ الْعَالَمِينَ‪ ،‬لَا يَذْكُرُو َ‬‫ن ِ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَأَبِي بَكْرٍ‪ ،‬وَعُمَر‪ ،‬وَعُثْمَانَ‪ ،‬فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُو َ‬
‫أخرجه البخاري في األذان‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬و النسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جدا‪ :‬غّظمتك وجال لك‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫ح ْوضٌ تَ ِردُ عَ َليْهِ أُ َمتِي َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ‪ ،‬آ ِن َيتُهُ عَ َددُ النُجُومِ‪،‬‬
‫خيْرٌ َكثِيرٌ‪ُ ،‬هوَ َ‬
‫جلَ‪ ،‬عَلَيْهِ َ‬‫ع َدنِيهِ َربِي عَزَ وَ َ‬
‫اللَهُ وَرَسُولُهُ َأعْلَمُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَِإنَهُ َنهْرٌ َو َ‬
‫(‪)3‬‬
‫ح َدثَتْ بَ ْع َداَ) ‪ .‬وأما القول بعدم اإلتيان بها ال سراً وال جهراً فهو‬ ‫َفيُخْتَلَجُ الْ َع ْبدُ ِم ْنهُمْ‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬رَبِ ِإنَهُ ِمنْ أُ َمتِي‪َ ،‬فيَقُولُ‪ :‬مَا َتدْرِي مَا أَ ْ‬
‫قول ضعيف لمخالفته لألدلة المثبتة الصحيحة‪.‬‬
‫قراءة القرآن‬
‫الصحيح‪ :‬أنه تجب قراءة الفاتحة لإلمام وللمأموم في الصالة الجهرية والسرية لحديث (أَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَقْرَأُ فِي‬
‫ح َيتِهِ)(‪ )2‬وهي شرط في صحة صالة اإلمام والمؤتم والمنفرد‬ ‫ّظهْرِ وَالْ َعصْرِ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قُ ْلنَا‪ :‬بِمَ ُك ْنتُمْ تَعْرِفُونَ ذَااَ؟ قَالَ‪ :‬بِاضْطِرَابِ لِ ْ‬‫ال ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫لحديث (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ) ألن الحديث دليل صريح في عدم صحة صالة من لم يقرأ في صالته بفاتحة الكتاب‪،‬‬
‫و(من) من ألفاظ العموم فهي تعم اإلمام والمؤتم والمنفرد ولفظ (صالة) نكرة في سياق النفي فتفيد العموم‪ ،‬والمراد به عموم صالة الفرض‬
‫والنفل وذات السبب وغير ذات السبب وصالة الجمعة وصالة العيد وصالة الكسوف وصالة االستسقاء وصالة الخوف وغيرها ألن لفظ‬
‫(ال) يفيد نفي جنس الصالة‪ ،‬فالحديث يفيد نفي جنس الصالة الصحيحة أو الصالة المشروعة‪ .‬وبناء على هذا فمن صلى أي صالة كانت‬
‫ولم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فصالته باطلة غير مسقطة الوجوب وال ثواب عليها‪ ،‬ألنه لم يصل الصالة المشروعة ألن قرآة الفاتحة في‬
‫جملة الصالة شرط لصحتها أو لمشروعيتها‪ .‬وقراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصالة الرباعية أو الثالثية أو الثنائية واجب لألمر‬
‫ستَ ْق ِبلْ الْقِبْلَةَ فَ َكبِرْ‪ ،‬ثُمَ اقْرَأْ بِمَا َتيَسَرَ‬
‫سبِغْ ا ْل ُوضُوءَ‪ ،‬ثُمَ ا ْ‬‫بقراءة الفاتحة في كل ركعة في حديث المسيء صالته (ِإذَا قُمْتَ إِلَى الصَلَاةِ فَأَ ْ‬
‫جدًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَطْ َم ِئنَ جَالِسًا‪ ،‬ثُمَ‬ ‫ستَوِيَ قَائِمًا‪ُ ،‬ثمَ اسْجُدْ حَتَى تَطْ َم ِئنَ سَا ِ‬‫حتَى تَطْ َم ِئنَ رَاكِعًا ‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَ ْ‬
‫مَ َعكَ ِمنْ الْقُرْآنِ‪ ،‬ثُمَ ارْكَعْ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫حتَى تَطْ َم ِئنَ جَالِسًا‪ ،‬ثُمَ افْ َعلْ ذَِلكَ فِي صَلَا ِتكَ كُلِهَا) ومعلوم أن الرسول ‪ ‬علم المسيء أفعال ركعة‬ ‫جدًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ َ‬ ‫حتَى تَطْ َم ِئنَ سَا ِ‬
‫جدْ َ‬‫اسْ ُ‬
‫من ركعات الصالة ومنها قراءة ما تيسر من القرآن الكريم وهذا لفظ مجمل فسر إجمال لفظ (ما تيسر من القرآن) حديث (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ‬
‫يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ) ومن أفعال الركعة التي علم الرسول ‪ ‬المسيء صالته قراءة الفاتحة في الركعة‪ ،‬وأمره بأن يفعل ذلك في صالته‬
‫كلها أي في كل ركعة من ركعات الصالة‪ . ،‬وقراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة واجب على اإلمام والمأموم والمنفرد‪ ،‬والمأموم يجب عليه‬
‫أن يقرأ الفاتحة في كل ركعة سراً في الصالة الجهرية بعد اإلمام سواءً قرأها مع اإلمام آية آية أو يقرأها بعد فراغ اإلمام من قراءة الفاتحة‬
‫في السكتة التي يسكتها اإلمام بعد الفراغ من قراءة الفاتحة‪ ،‬وإذا كان إمام الصالة ال يسكت بعد الفراغ من قراءته سورة الفاتحة فيشرع‬
‫ستَمِعُواْ‬
‫للمؤتم أن يقرأ فاتحة الكتاب أثناء قراءة اإلمام للسورة التي بعد الفاتحة‪ ،‬وهي مخصصة من عموم قوله تعالى {وَِإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَا ْ‬
‫صتُواْ لَعَلَكُمْ تُرْحَمُونَ}(‪ )5‬ألن األمر بوجوب استماع القرآن عام يعم االستماع في حال الصالة وفي غير الصالة والحديث خاص‬ ‫لَهُ وَأَن ِ‬
‫بقراءة المؤتم للفاتحة في الصالة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن قراءة الفاتحة في الركعتين األخيرتين من الرباعية أو الركعة األخيرة من الثالثية هو‬
‫الواجب قرآء ته فقط وليس التسبيح‪ ،‬أما في الركعتين األوليتين ففراءة فاتحة الكتاب وسورة أو قراءة شيء ولو آية واحدة مع فاتحة الكتاب‬
‫غيْرُ تَمَامٍ)(‪ )6‬المراد به عند‬ ‫خدَاجٌ ثَلَاثًا َ‬ ‫هي الواجب قرآءته‪ ،‬ولفظ (خداج) في حديث ( َمنْ صَلَى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِ الْقُرْآنِ َفهِيَ ِ‬
‫الجمهور أن الصالة باطلة‪ .‬لحديث (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ) الصحيح‪ :‬أن المراد بالنفي في الحديث نفي الصحة ال نفي‬
‫الكمال‪ ،‬ألن األ صل أن النفي يحمل على نفي الحقيقة ال المجاز‪ ،‬وإذا لم يمكن حمله على نفي الحقيقة فيحمل على نفي أقرب المجازين‬
‫وهو نفي الصحة‪ ،‬وال يصح حمله على نفي المجاز البعيد وهو الكمال‪ ،‬مع إمكان حمله على نفي المجاز القريب وهو الصحة‪ ،‬ونفي‬
‫الصحة هو المراد في الحديث‪ ،‬وإذا كان إمام الصالة ال يسكت بعد الفراغ من قراءة سورة الفاتحة فيشرع للمؤتم أن يقرأ فاتحة الكتاب‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب حجة من قال‪ :‬البسملة آية من كل سورة‪ .‬حديث رقم (‪ )512‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَيْنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ذَا َ‬
‫ت‬
‫يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا‪ ،‬إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً‪ ،‬ثُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِمًا‪ ،‬فَقُلْنَا‪ :‬مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ‪ :‬أُنْزِلَتْ عَلَيَ آنِفًا سُورَة‪ ،‬فَقَرَأَ بِسْمِ اللَهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ‪ ،‬إِنَا أَعْطَيْنَااَ‬
‫الْكَوْثَرَ‪ ،‬فَصَلِ لِرَبِكَ وَانْحَرْ‪ ،‬إِنَ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَر؟ فَقُلْنَا‪ :‬اللَهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِنَهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِي عَزَ وَجَلَ‪ ،‬عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ‪ ،‬هُوَ‬
‫ت بَعْدَاَ)‬
‫ن أُمَتِي‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ ْ‬
‫ج الْعَبْ ُد مِنْهُمْ‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬رَبِ إِنَ ُه مِ ْ‬
‫ض تَرِ ُد عَلَيْ ِه أُمَتِي يَوْ َم الْقِيَامَةِ‪ ،‬آنِيَتُهُ عَدَ ُد النُجُومِ‪ ،‬فَيُخْتَلَ ُ‬ ‫حَ ْو ٌ‬
‫أخ رجه البخاري في تفسير القرآن‪ ،‬والترمذي في تفسير القرآن‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الفضائل‪.‬‬
‫يختلج‪ :‬يجتذب ويقتطع‪.‬‬ ‫االبتر‪ :‬المنقطع الذرية‪ ،‬ومن كل خير‪.‬‬ ‫الشانئ‪ :‬المبغض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬آنفا‪ :‬قبل قليل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب رفع البصر إلى اإلمام‪ .‬حديث رقم (‪ ) 746‬بلفظ (عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْنَا لِخَبَابٍ‪ :‬أَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ب لِحْيَتِهِ)‬
‫ن ذَااَ؟ قَالَ‪ :‬بِاضْطِرَا ِ‬ ‫يَقْرَُأ فِي الّظُهْ ِر وَالْعَصْرِ ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قُلْنَا‪ :‬بِمَ كُنْتُ ْم تَعْرِفُو َ‬
‫أخرجه أبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب وجوب القراءة لإلمام والمأموم في الصلوات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 756‬بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَامِتِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن لَ ْم يَقْرَأْ بِفَاتِحَ ِة الْكِتَابِ)‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا صَلَاةَ لِمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في ال صالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامةالصالة و السنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من جديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)6251‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)204( :‬‬
‫‪6‬‬
‫ن صَلَى‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَ ْ‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬عَ ْ‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 576‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ج ثَلَاثًا غَيْ ُر تَمَامٍ‪ ،‬فَقِي َل لِأَبِي هُرَيْرَةَ‪ :‬إِنَا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اقْرَ ْأ بِهَا فِي نَفْسِكَ‪ ،‬فَإِنِي سَمِعْتُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ‬ ‫ي خِدَا ٌ‬ ‫ن فَهِ َ‬ ‫صَلَا ًة لَ ْم يَقْرَ ْأ فِيهَا بِأُ ِم الْقُرْآ ِ‬
‫وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬قَالَ اللَهُ تعالى قَسَمْتُ الصَلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ‪ ،‬وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ‪ ،‬فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ‪ :‬الْحَ مْدُ لِلَهِ رَبِ الْعَالَمِينَ‪ ،‬قَالَ اللَهُ تعالى حَمِدَنِي عَبْدِي‪ ،‬وَإِذَا‬
‫قَالَ‪ :‬الرَحْمَنِ الرَحِيمِ‪ ،‬قَالَ اللَهُ تعالى أَثْنَى عَلَيَ عَبْدِي‪ ،‬وَإِذَا قَالَ‪ :‬مَالِكِ يَوْمِ الدِينِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَجَدَنِي عَبْدِي‪ ،‬وَقَالَ مَرَةً‪ :‬فَ َوضَ إِلَيَ عَبْدِي‪ ،‬فَإِذَا قَالَ‪ :‬إِيَااَ نَعْبُدُ وَإِيَااَ‬
‫نَسْتَعِينُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ‪ ،‬فَإِذَا قَالَ‪ :‬اهْدِنَا الصِرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‪ ،‬صِرَاطَ الَذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‪ ،‬غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‪ ،‬وَلَا الضَالِينَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَذَا‬
‫لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ)‬
‫أخرجه الترمذي في تفسير القرآن‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة وإقامة السنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الخداج‪ :‬النقصان‪ .‬أم القرآن‪ :‬الفا تحة‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫صتُواْ‬
‫ستَمِعُواْ لَ ُه وَأَن ِ‬
‫أثناء قرأءة اإلمام للسورة التي بعد الفاتحة وقرآءة المؤتم للفاتحة مخصصة من عموم قوله تعالى {وَِإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَا ْ‬
‫لَعَلَكُمْ تُرْحَمُونَ} ألن األمر بوجوب استماع القرآن واإلنصات له من السامعين يعم استماعه في أثناء الصالة وفي غير الصالة بل يعم‬
‫جميع الحاالت‪ ،‬لكن قراءة الفاتحة للمؤتم في الصالة مخصصة من هذا العموم بحديث (ال صالة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) و(من) لفظ‬
‫عام يعم اإلمام والمأموم والمنفرد‪ ،‬فالحديث دليل على مشروعية قراءة الفاتحة للمأموم ولو أثناء قراءة اإلمام‪ ،‬وال تعارض بين عام‬
‫وخاص فالخاص فيما تناوله وهو هنا جواز قراءة الفاتحة للمؤتم في الصالة أثناء قراءة اإلمام‪ ،‬والعام في الباقي وهو عدم قراءة المأموم‬
‫لشيء من القرآن غير الفاتحة في أثناء قراءة إمام الصالة في الصالة الجهرية لوجوب االستماع واإلنصات لقراءة إمام الصالة‪.‬‬

‫ما يقوله املصلي يف الركوع والسجود‬


‫جدًا‪ ،‬فَأَمَا الرُكُوعُ‬
‫الصحيح‪ :‬أن الدعاء بالقرآن ال يشرع في الركوع وال في السجود لحديث (أَلَا‪ ،‬وَِإنِي ُنهِيتُ َأنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا َأوْ سَا ِ‬
‫ستَجَابَ لَكُمْ)(‪ )3‬النهي يفيد التحريم‪ ،‬فيحرم الدعاء بالقرآن في‬ ‫جتَ ِهدُوا فِي ال ُدعَاءِ‪ ،‬فَقَ ِمنٌ َأنْ يُ ْ‬‫جلَ‪ ،‬وَأَمَا السُجُودُ فَا ْ‬ ‫فَعَّظِمُوا فِيهِ الرَبَ عَزَ وَ َ‬
‫سبِحْ بِاسْمِ َر ِبكَ الْعَّظِيمِ‪ ،‬قَالَ رَسُولُ‬
‫الركوع أو السجود‪ ،‬والمصلي يقول في ركوعه (سبحان ربي األعلى) لحديث حذيفة ‪( ‬لَمَا نَزَلتْ‪ ،‬فَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫سبِحْ اسْمَ َر ِبكَ الَْأعْلَى‪ ،‬قَالَ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ) يجوز للمصلي أن‬ ‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَم‪ :‬اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ‪ ،‬فَلَمَا نَزَلَتْ‪َ ،‬‬
‫يأتي بالزيادة في التسبيحات على ثالث أو خمس ألنه ليس في الحديث دليل على عدد التسبيحات‪ ،‬ويشرع للمصلي أن يأتي بالدعاء‬
‫المشروع في الركوع والسجود لدعاء النبي ‪ ‬به في ركوعه وسجوده (كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يُ ْكثِرُ َأنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ‬
‫سبْحَا َنكَ الَلهُمَ َر َبنَا وَبِحَ ْم ِداَ‪ ،‬الَلهُمَ اغْفِرْ لِي َيتََأ َولُ الْقُرْآنَ)(‪ )1‬يتأول القرآن‪ ،‬وكان من دعائه ‪ ‬في الركوع والسجود ( ُ‬
‫سبْحَانَ‬ ‫وَسُجُو ِدهِ‪ُ :‬‬
‫(‪)4‬‬
‫جبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْ ِكبْرِيَاءِ وَالْعَّظَمَةِ) وأما السجود فيشرع فيه اإلكثار من الدعاء بخيري الدنيا واآلخرة‪ ،‬بما ورد وبما لم يرد‪،‬‬ ‫ذِي الْ َ‬
‫ويشرع الدعاء في السجود للمصلي يدعوا لنفسه ولغيره من المسلمين ألنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد لحديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ‬
‫جدٌ‪ ،‬فَأَ ْكثِرُوا ال ُدعَاءَ) (‪ )5‬القول بأن الدعاء في الصالة ال يشرع‬ ‫جلَ وَ ُهوَ سَا ِ‬ ‫صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْ َع ْبدُ ِمنْ َربِهِ عَزَ وَ َ‬
‫إال بألفاظ القرآن قول ضعيف لورود أحاديث كثيره في دعاء النبي ‪‬في الصالة ولورود أحاديث كثيرة تفيد مشروعية دعاء المصلي في‬
‫الصالة‪.‬‬

‫التشــهد‬
‫ط ِيبَاتُ‪ ،‬السَلَامُ عََل ْيكَ‪َ ،‬أيُهَا ال َنبِيُ‬
‫حيَاتُ لِلَهِ وَالصَلَوَاتُ وَال َ‬
‫الصحيح‪ :‬أن التشهد واجب لألمر به في حديث (فَِإذَا صَلَى أَحَدُكُمْ‪ ،‬فَ ْليَ ُقلْ‪ :‬التَ ِ‬
‫شهَدُ‬
‫ع ْبدٍ لِلَهِ صَالِحٍ فِي السَمَاءِ وَالْأَ ْرضِ‪ ،‬أَ ْ‬‫وَرَحْمَةُ اللَهِ َوبَرَكَاتُهُ‪ ،‬السَلَامُ عَلَ ْينَا َوعَلَى عِبَادِ اللَ هِ الصَالِحِينَ‪ ،‬فَ ِإنَكُمْ ِإذَا قُ ْلتُمُوهَا‪َ ،‬أصَابَتْ ُكلَ َ‬
‫ع ْب ُدهُ وَرَسُولُهُ)(‪ )6‬فقول النبي ‪( ‬فليقل) يقتضي وجوب التشهد‪ ،‬ألن األصل في أوامر النبي ‪‬‬ ‫ش َهدُ أَنَ مُحَ َمدًا َ‬ ‫َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَأَ ْ‬
‫الوجوب‪ ،‬وتشهد ابن مسعود هذا هو أصح التشهدات ألنه نقله الجمع في كل الطبقات‪ ،‬وتجب الصالة على النبي ‪ ‬لحديث (قُولُوا‪ :‬الَلهُمَ‬
‫صلِ عَلَى مُحَ َمدٍ َوعَلَى آلِ مُحَمَدٍ كَمَا صََليْتَ عَلَى آلِ ِإبْرَاهِيمَ وَبَا ِراْ عَلَى مُحَ َمدٍ َوعَلَى آلِ مُحَ َمدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ ِإبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ‬ ‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب النهي عن قرآة القرآن في الركوع و السجود‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1074‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَشَفَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه‬
‫ت‬‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ السِتَارَةَ وَالنَاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْ ر‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَيُهَا النَاسُ‪ ،‬إِنَهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِرَاتِ النُبُوَةِ إِلَا الرُؤْيَا الصَالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ‪ ،‬أَلَا‪ ،‬وَإِنِي نُهِي ُ‬
‫ب لَكُمْ)‬
‫ن يُسْتَجَا َ‬‫ن أَ ْ‬
‫ع فَعَّظِمُوا فِي ِه الرَبَ عَزَ وَجَلَ‪ ،‬وَأَمَا السُجُو ُد فَاجْتَهِدُوا فِي الدُعَاءِ‪ ،‬فَقَمِ ٌ‬ ‫ن أَقْرََأ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَ ْو سَاجِدًا‪ ،‬فَأَمَا الرُكُو ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في تعبير الرؤيا‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬قمن‪ :‬جدير وحقيق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب مايقول الرجل في ركوعه وسجوده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 574‬بلفظ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَمَا نَزَلتْ‪ ،‬فَسَبِحْ بِاسْمِ رَبِكَ الْعَّظِيمِ‪ ،‬قَالَ رَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ :‬اجْعَلُوهَا فِي رُكُ وعِكُمْ‪ ،‬فَلَمَا نَزَلَتْ‪ ،‬سَبِحْ اسْمَ رَبِكَ الْأَعْلَى‪ ،‬قَالَ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ) صححه االلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب التسبيح والدعاء في السجود‪ .‬حديث رقم (‪ ) 714‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَهَا قَالَتْ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ك اللَهُمَ رَبَنَا وَبِحَمْدِاَ‪ ،‬اللَهُمَ اغْفِ ْر لِي يَتَأَوَلُ الْقُرْآنَ)‬
‫ن يَقُولَ فِي رُكُوعِ ِه وَسُجُودِهِ‪ :‬سُبْحَانَ َ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬يُكْثِ ُر أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫‪ -5‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب مايقول الرجل في ركوعه وسجوده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 573‬بلفظ (عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَيْلَةً‪ ،‬فَقَامَ‪ ،‬فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ‪ ،‬لَا يَمُرُ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَا وَقَفَ فَ سَأَلَ‪ ،‬وَلَا يَمُرُ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَا وَقَفَ فَتَعَوَذَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ثُمَ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ‪ ،‬يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ‪:‬‬
‫سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَّظَمَةِ‪ ،‬ثُمَ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ فِي سُجُ ودِهِ‪ :‬مِثْلَ ذَلِكَ‪ ،‬ثُمَ قَامَ‪ ،‬فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ‪ ،‬ثُمَ قَرَأَ سُورَةً سُورَةً) صححه‬
‫األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب التطبيق‪ :‬باب أقرب مايكون العبد من ربه وهوساجد‪ .‬حديث رقم (‪ )1136‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن الْعَبْدُ مِنْ رَبِهِ عَزَ وَجَلَ وَهُ َو سَاجِدٌ‪ ،‬فَأَكْثِرُوا الدُعَاءَ) صححه األلباني بنفس الرقم‪.‬‬ ‫قَالَ‪ :‬أَقْرَبُ مَا يَكُو ُ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب التشهد في اآلخرة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 535‬بلفظ (قَالَ عَبْدُ اللَهِ‪ :‬كُنَا إِذَا صَلَيْنَا خَلْفَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُلْنَا‪ :‬السَلَامُ‬
‫عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِي لَ‪ ،‬السَلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ‪ ،‬فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَ اللَهَ هُوَ السَلَامُ‪ ،‬فَإِذَا صَلَى أَحَدُكُمْ‪ ،‬فَلْيَقُلْ‪ :‬التَحِيَاتُ لِلَهِ‬
‫وَالصَلَوَاتُ وَالطَيِبَاتُ‪ ،‬السَلَامُ عَلَيْكَ‪ ،‬أَيُهَا النَبِيُ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ‪ ،‬السَلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَهِ الصَالِحِينَ‪ ،‬فَإِنَكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا‪ ،‬أَصَابَتْ كُلَ عَبْدٍ لِلَهِ صَالِحٍ فِي‬
‫ن مُحَمَدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)‬ ‫السَمَا ِء وَالْأَرْضِ‪ ،‬أَشْهَ ُد أَنْ لَا إِلَ َه إِلَا اللَ ُه وَأَشْهَدُ أَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬اإلستئذان‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫ِإ َنكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)(‪ )3‬ولفظة (قولوا) تدل على الوجوب‪ ،‬وتشرع الصالة على النبي ‪ ‬عقيب التشهد األوسط ولو بالتلفظ بجزء منها لحديث‬
‫صلِ عَلَيَ)(‪ )2‬وألن األدلة أطلقت وجوب الصالة على النبي ‪ ‬ولم تحددها في التشهد األخير‪ ،‬وال‬ ‫ع ْن َدهُ فَلَمْ ُي َ‬
‫(ا ْلبَخِيلُ الَذِي َمنْ ذُكِرْتُ ِ‬
‫يشرع للمصلي أن يتلفط بلفظ (سيدنا) في الصالة على النبي ‪ ‬وال في التشهد لعدم ورودها في األحاديث‪ ،‬ويشرع للمصلي أن يدعو بما‬
‫يشاء من خيري الدنيا واآلخرة لنفسه أو لغيره من المسلمين لحديث (ثُمَ َيتَخَيَرُ ِمنْ ال ُدعَاءِ َأعْجَبَهُ إَِليْهِ َف َي ْدعُو)(‪ )1‬ويستحب له أن يدعو‬
‫بجوامع الدعاء مما ورد ومما لم يرد بما فيه خير له أو لغيره من المسلمين‪.‬‬

‫التسـليم‬
‫الصحيح‪ :‬أن التسليم واجب لحديث ( َوتَحْلِيلُهَا التَسْلِيمُ) (‪ )4‬لعل هذا الحديث متأخر عن حديث المسيء صالته وعدم ذكر التسليم في حديث‬
‫المسيء صالته ال يلزم منه عدم الوجوب‪ ،‬ألن حديث المسيء علمه الرسول ‪ ‬أفعال الركعة الواحدة ولم يعلمه أفعال الصالة كلها‪،‬‬
‫وحديث ( َوتَحْلِيُلهَا التَسْلِيمُ) مثبت وجوب التسليم‪ ،‬والمثبت مقدم على النافي ولحديث (أن النبي ‪ ‬كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى‬
‫عنْ يَسَا ِرهِ السَلَامُ عََليْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَهِ‪ ،‬السَلَامُ‬
‫عنْ يَمِينِهِ َو َ‬
‫عنْ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬أنَهُ كَانَ يُسَلِمُ َ‬ ‫يرى بياض خده)(‪ )5‬ولحديث ( َ‬
‫خ ِدهِ ِمنْ هَا ُهنَا)(‪ )6‬وينبغي لإلمام أن يسرع في التسليمتين لكي يتابعه‬ ‫خ ِدهِ ِمنْ هَا ُهنَا‪َ ،‬و َبيَاضُ َ‬ ‫حتَى يُرَى َبيَاضُ َ‬ ‫عََليْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَهِ‪َ ،‬‬
‫المؤتمون به وال يسلم المؤتمون إال بعد انتهاء اإلمام من التسليمة الثانية ألن التسليمتين ركن واحد من أركان الصالة‪ ،‬فال يشرع للمأموم‬
‫أن يسابق أو يساوي اإلمام في التسليم وال في أي ركن من أركان الصالة‪ ،‬بل يجب عليه التسليم بعد أن يفرغ اإلمام من التسليمة الثانية‬
‫لتتحقق المتابعة‪ ،‬كما ال يشرع للمؤتم أن يتأخر عن التسليم بعد فراغ اإلمام من التسليمة الثانية ألنه يجب على المؤتم متابعة اإلمام متابعة‬
‫فورية‪ ،‬فيكون سالمه عقب سالم اإلمام مباشرة‪ ،‬وإذا حصل أن كان اإلمام مستعجالً فسلم قبل أن يكمل المؤتم التشهد أو الصالة على النبي‬
‫‪ ‬فيجب على المؤتم متابعة اإلمام والتسليم عقب تسليم اإلمام‪ ،‬ألن واجب متابعة اإلمام أولى من واجب قراءة التشهد أو الصالة على‬
‫ختَلِفُوا عََليْهِ)(‪ )7‬ومن األخطاء الشائعة ما يفعله بعض المصلين بجوار الكعبة المشرفة من‬ ‫النبي ‪ ‬لحديث (ِإنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ فَلَا تَ ْ‬
‫التسليم قبل تسليم اإلمام أو مساواته من أجل السباق على تقبيل الحجر األسود‪ ،‬ومتابعة اإلمام في التسليم واجب وجوباً قطعياً‪ ،‬ومسابقة‬
‫اإلمام مخالفة شرعية لدليل قطعي‪ ،‬وتقبيل الحجر األسود مندوب‪ ،‬وال يجوز تقديم المندوب على الواجب القطعي‪ ،‬وأما حديث (إذا جلس‬
‫الرجل في آخر صالته فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صالته) فضعيف جداً وال حجة فيه لمن يقول بعدم وجوب التسليم‪.‬‬

‫‪ -1‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تفسير القرآن الكريم‪ .‬حديث رقم(‪ )4423‬بلفظ (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قِيلَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَمَا السَلَامُ عَلَيْكَ فَ َق ْد‬
‫عَرَفْنَاهُ‪ ،‬فَكَيْفَ الصَلَاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ‪ :‬قُولُوا ‪ :‬اللَهُمَ صَ لِ عَلَى مُحَمَدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَدٍ كَمَا صَلَيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ‪ ،‬اللَهُمَ بَارِاْ عَلَى مُحَمَدٍ وَعَلَى آلِ‬
‫ت عَلَى آ ِل إِبْرَاهِي َم إِنَكَ حَمِي ٌد مَجِيدٌ)‬ ‫مُحَمَدٍ كَمَا بَارَكْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجه في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند‬
‫الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصالة ‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬تفسير القرآن‪ ،‬الدعوات ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الدعوات‪ :‬باب قول رسول اهلل صلى اهلل غليه وسلم‪ ،‬رغم أنف رحل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3545‬بلفظ (عَنْ عَلِيِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ‬
‫ن ذُكِرْتُ عِنْدَ ُه فَلَ ْم يُصَلِ عَلَيَ) قال عنه االلباني في صحيح سنن الترمذي (حسن صحيح)‬ ‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬الْبَخِي ُل الَذِي مَ ْ‬
‫أخرجه احمد في مسند اهل البيت‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب مايتخير من الدعاء‪ .‬حديث رقم (‪ )535‬بلفظ ( عَنْ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا إِذَا كُنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي الصَلَاةِ‪،‬‬
‫قُلْنَا‪ :‬السَلَامُ عَلَى اللَهِ مِنْ عِبَادِهِ‪ ،‬السَ لَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا تَقُولُوا‪ :‬السَلَامُ عَلَى اللَهِ‪ ،‬فَإِنَ اللَهَ هُوَ السَلَامُ‪ ،‬وَلَكِنْ قُولُوا‪ :‬التَحِيَاتُ‬
‫صلَوَاتُ وَالطَيِبَاتُ‪ ،‬السَلَامُ عَلَيْكَ أَيُ هَا النَبِيُ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ‪ ،‬السَلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَهِ الصَالِحِينَ‪ ،‬فَإِنَكُمْ إِذَا قُلْتُمْ‪ :‬أَصَابَ كُلَ عَبْدٍ فِي السَمَاءِ أَوْ بَيْنَ‬ ‫لِلَهِ وَال َ‬
‫ن الدُعَا ِء أَعْجَبَ ُه إِلَيْ ِه فَيَدْعُو)‬
‫السَمَا ِء وَالْأَرْضِ‪ ،‬أَشْهَ ُد أَنْ لَا إِلَ َه إِلَا اللَهُ‪ ،‬وَأَشْ هَ ُد أَنَ مُحَمَدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ‪ ،‬ثُ َم يَتَخَيَ ُر مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬اإلستئذان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه برقم (‪.)235‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب السالم للتحليل من الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ )1315‬بلفظ (عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنْتُ أَرَى رَسُولَ‬
‫ن يَسَارِهِ حَتَى أَرَى بَيَاضَ خَدِهِ)‬ ‫ن يَمِينِ ِه وَعَ ْ‬‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يُسَلِمُ عَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في السهو‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب السهو‪ :‬باب كيف السالم على الشمال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1323‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهُ كَانَ يُسَلِمُ عَنْ يَمِينِهِ‬
‫وَعَنْ يَسَارِهِ السَلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَهِ‪ ،‬السَلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَهِ‪ ،‬حَتَى يُرَى بَيَاضُ خَدِهِ مِنْ هَاهُنَا‪ ،‬وَبَيَاضُ خَدِهِ مِنْ هَاهُنَا) صححه األلباني في صحيح سنن‬
‫النسائي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إقامة الصالة من تمام الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 655‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬إِنَمَا‬
‫جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْ هِ‪ ،‬فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا قَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ‪ ،‬فَقُولُوا‪ :‬رَبَنَا لَكَ الْحَمْدُ‪ ،‬وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا‪ ،‬وَإِذَا صَلَى جَالِسًا فَصَلُوا‬
‫ن الصَلَاةِ)‬ ‫ن إِقَامَ َة الصَفِ مِنْ حُسْ ِ‬ ‫جُلُوسًا أَجْمَعُونَ‪ ،‬وَأَقِيمُوا الصَفَ فِي الصَلَاةِ‪ ،‬فَإِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلقامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الصوم‪.‬‬
‫يؤم‪ :‬يقتدى‪.‬‬ ‫آلى‪ :‬حلف‪ ،‬وهنا حلف صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬اال يدخل على نسائه شهرا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬جحش‪ :‬خدّش‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫القنــــوت‬
‫الصحيح‪ :‬أن القنوت ال يكون إال في النوازل ويكون في جميع الصلوات في وقت النازلة لحديث (أنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫حدٍ َقنَتَ بَعْدَ الرُكُوعِ)(‪ )3‬أي قنت بعد الركوع في جميع الصلوات‪ ،‬وقد قنت رسول اهلل صلى اهلل‬ ‫عوَ لِأَ َ‬
‫حدٍ َأوْ َي ْد ُ‬‫عوَ عَلَى أَ َ‬
‫كَانَ ِإذَا أَرَادَ َأنْ َي ْد ُ‬
‫عليه وسلم على الذين قتلوا القرآء من العرب واستمر يقنت عليهم لمدة شهر حتى أنزل اهلل قوله تعالى { َليْسَ َلكَ ِمنَ األَمْرِ شَيْ ٌء َأوْ َيتُوبَ‬
‫عََل ْيهِمْ َأوْ يُ َع َذ َبهُمْ فَِإ َنهُمْ ظَالِمُونَ}(‪ )2‬ثم ترك القنوت في جميع الصلوات لحديث أنس ‪َ ( ‬أنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬قنَتَ‬
‫حيَاءِ الْعَرَبِ‪ ،‬ثُمَ تَرَكَهُ)(‪ )1‬وفي كل نازلة يدعو بما يناسبها ألنه ليس هناك دليالً على تحديد نوع الدعاء في‬ ‫شهْرًا‪َ ،‬ي ْدعُو عَلَى أَحْيَاءٍ ِمنْ أَ ْ‬ ‫َ‬
‫القنوت ال يصح الدعاء إال به بل يشرع الدعاء لكل نازلة بما يناسبها‪ ،‬واليوجد دليل صحيح صريح بمشروعية القنوت في صالة الفجر‬
‫بصورة مستمرة ودائمة‪ ،‬ورواية (أما الفجر فما زال يقنت فيها حتى فارق الدنيا) فهو حديث ضعيف والحجة والداللة في الحديث‬
‫الضعيف‪ .‬والمشروع هو قنوت الوتر بصورة دائمة لحديث (عَلَ َمنِي رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَلِمَاتٍ أَقُوُل ُهنَ فِي ا ْل ِوتْرِ فِي‬
‫ضيْتَ‪ِ ،‬إ َنكَ تَ ْقضِي‬‫طيْتَ‪ ،‬وَ ِقنِي شَرَ مَا قَ َ‬ ‫الْ ُقنُوتِ‪ :‬الَلهُمَ ا ْه ِدنِي فِي َمنْ َهدَيْتَ‪َ ،‬وعَا ِفنِي فِي َمنْ عَا َفيْتَ‪َ ،‬وتَوَلَنِي فِي َمنْ َتوََليْتَ‪َ ،‬وبَا ِراْ لِي فِيمَا َأعْ َ‬
‫وَلَا يُ ْقضَى عَلَ ْيكَ‪ ،‬وَِإنَهُ لَا َي ِذلُ َمنْ وَاَليْتَ‪َ ،‬تبَارَكْتَ َربَنَا َوتَعَاَليْتَ)(‪.)4‬‬

‫تكبــــريات االنتقال‬
‫الصحيح‪ :‬أن تكبيرات االنتقال سنة لعدم األمر بها في حديث المسيء صالته‪ ،‬وهي ثابتة من حديث أبي هريرة ‪ ‬بلفظ (كَانَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ح ِم َدهُ حِينَ يَرْفَعُ صُ ْلبَهُ مِنْ‬‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِإذَا قَامَ إِلَى الصَلَاةِ يُ َكبِرُ حِينَ يَقُومُ‪ ،‬ثُمَ يُ َكبِرُ حِينَ يَرْكَعُ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ سَمِعَ اللَهُ لِ َمنْ َ‬
‫جدُ‪ ،‬ثُمَ يُ َكبِرُ حِينَ‬ ‫جدًا‪ ،‬ثُمَ يُكَبِرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ يُ َكبِرُ حِينَ يَسْ ُ‬
‫الرُكُوعِ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ وَ ُهوَ قَائِمٌ‪َ :‬ربَنَا وََلكَ الْحَ ْمدُ‪ ،‬ثُمَ يُكَبِرُ حِينَ يَهْوِي سَا ِ‬
‫ضيَهَا‪َ ،‬ويُ َكبِرُ حِينَ يَقُومُ ِمنْ الْ َم ْثنَى بَ ْعدَ الْجُلُوسِ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ َأبُو هُ َريْ َرةَ‪ِ :‬إنِي‬ ‫حتَى يَ ْق ِ‬
‫يَرْفَعُ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ يَفْ َعلُ ِم ْثلَ ذَِلكَ فِي الصَلَاةِ كُِلهَا َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ش َبهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ) والمراد بلفظ (حتى يقضيها) حتى يفرغ منها ألن لفظ القضاء قد ترد بمعنى األداء‬ ‫لَأَ ْ‬
‫(‪)6‬‬
‫ش َد ذِكْراً} بمعنى إذا أديتم مناسككم‪.‬‬ ‫ض ْيتُم َمنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ َكذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ َأوْ أَ َ‬
‫كما في قوله {فَِإذَا َق َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التفسير‪ :‬باب (ليس لك من االمر شيئ)‪ .‬حديث رقم (‪ )4560‬بلفظ (عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُكُوعِ‪ ،‬فَرُبَمَا قَالَ‪ :‬إِذَا قَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَهُمَ رَبَنَا لَكَ الْحَمْدُ‪ ،‬اللَهُمَ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ‬
‫وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَاّشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ‪ ،‬اللَهُمَ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ‪ ،‬وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِ نِي يُوسُفَ‪ ،‬يَجْهَرُ بِذَلِكَ‪ ،‬وَكَانَ يَقُولُ‪ :‬فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ‪،‬‬
‫ن الْأَمْرِ شَيْءٌ‪).‬‬ ‫ك مِ ْ‬‫ب حَتَى أَنْزَ َل اللَهُ‪ ،‬لَيْسَ لَ َ‬ ‫ن الْعَرَ ِ‬
‫ن فُلَانًا وَفُلَانًا لِأَحْيَاءٍ مِ ْ‬
‫اللَهُ َم الْعَ ْ‬
‫أحرخه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)125( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب استحباب القنوت في جميع الصلوات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1552‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ت شَهْرًا‪ ،‬يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَا ِء الْعَرَبِ‪ ،‬ثُ َم تَرَكَهُ)‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَنَ َ‬
‫أخرجه البخاري في الجمعة‪ ،‬والنسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي‬
‫في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإلمارة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬القنوت‪ :‬الدعاء في الصالة قبل الركوع أو بعده‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب قيام الليل وتطوع النهار‪ :‬باب الدعاء في الوتر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1425‬بلفظ (عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ الْحَسَنُ‪ ،‬عَلَمَنِي رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَ فِي الْوِ تْرِ فِي الْقُنُوتِ‪ :‬اللَهُمَ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ‪ ،‬وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ‪ ،‬وَتَوَلَنِي فِيمَنْ تَوَلَيْتَ‪ ،‬وَ بَارِاْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ‪ ،‬وَقِنِي شَرَ مَا‬
‫ك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ‪ ،‬وَإِنَ ُه لَا يَذِ ُل مَنْ وَالَ يْتَ‪ ،‬تَبَارَكْتَ رَبَنَا وَتَعَالَيْتَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫قَضَيْتَ‪ ،‬إِنَ َ‬
‫أخرجه النسائي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند أهل البيت‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬القنوت‪ :‬الدعاء‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب التكبيرفي كل خفض ورفع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 565‬بلففظ (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَحْمَنِ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‪ :‬كَانَ رَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَلَاةِ يُكَبِرُ حِينَ يَقُومُ‪ ،‬ثُمَ يُكَبِرُ حِينَ يَرْكَعُ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرُكُوعِ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ‪:‬‬
‫رَبَنَا وَلَكَ الْحَمْدُ‪ ،‬ثُمَ يُكَبِرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا‪ ،‬ثُمَ يُكَبِرُ حِينَ يَرْ فَعُ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ يُكَبِرُ حِينَ يَسْجُدُ‪ ،‬ثُمَ يُكَبِرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصَلَاةِ كُلِهَا حَتَى‬
‫ن الْمَثْنَى بَعْ َد الْجُلُوسِ‪ ،‬ثُ َم يَقُو ُل أَبُو هُرَيْرَةَ‪ :‬إِ نِي لَأَشْبَهُكُ ْم صَلَا ًة بِرَسُو ِل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‬
‫ن يَقُومُ مِ ْ‬ ‫يَقْضِيَهَا‪ ،‬وَيُكَبِ ُر حِي َ‬
‫أخرجه البخاري في األذان‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)200( :‬‬
‫‪122‬‬
‫الباب التاسع‪ :‬أفعال الصالة‬

‫رفــع اليـــدين‬ ‫‪‬‬


‫االعتدال من الركــــــوع‬ ‫‪‬‬
‫الجلوس‬ ‫‪‬‬
‫الجلسة الوسطى واألخيرة‬ ‫‪‬‬
‫جلســــة االستراحة‬ ‫‪‬‬
‫وضع اليدين إحداهما على األخرى‬ ‫‪‬‬
‫النهوض من السجود‬ ‫‪‬‬
‫السجود على سبعة أعضاء‬ ‫‪‬‬
‫النهي عن اإلقعاء في الصالة‬ ‫‪‬‬

‫‪123‬‬
‫الباب التاسع‪ :‬أفعال الصالة‬

‫رفــع اليـــدين‬
‫الصحيح‪ :‬أن رفع اليدين عند افتتاح الصالة بتكبيرة االحر ام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند القيام من الركعتين للركعة الثالثة‬
‫ح ْذوَ َمنْ ِك َبيْهِ‪ ،‬وَِإذَا َكبَرَ‬
‫حتَى يَجْعََلهُمَا َ‬
‫سنة لحديث (رََأيْتُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ا ْف َتتَحَ التَ ْكبِيرَ فِي الصَلَاةِ‪ ،‬فَرَفَعَ َي َديْهِ حِينَ يُكَبِرُ َ‬
‫جدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ‬ ‫ك الْحَ ْمدُ‪ ،‬وَلَا يَفْ َعلُ ذَ ِلكَ حِينَ يَسْ ُ‬
‫لِلرُكُوعِ فَ َعلَ ِمثْلَهُ‪ ،‬وَِإذَا قَالَ سَمِعَ اللَهُ لِ َمنْ حَ ِم َدهُ فَ َعلَ ِمثْلَهُ وَقَالَ َر َبنَا وََل َ‬
‫السُجُودِ)(‪ )3‬ولحديث (وَِإذَا قَامَ مِنْ الرَكْ َع َت ْينِ رَفَعَ َي َديْهِ)(‪ )2‬وأما الحد الذي ترفع إليه اليدان فالصحيح جواز كلما اشتملت عليه األحاديث من‬
‫كيفيات الرفع سواء إلى أمام األذنين أو إلى أمام المنكبين لحديث وائل ابن حجر أنه كان يرفع يديه حتى تحاذي أذنيه بلفظ (فَلَمَا ا ْف َتتَحَ‬
‫حتَى حَاذَتَا ُأ ُذ َنيْهِ)(‪.)1‬‬
‫الصَلَاةَ كَبَرَ وَرَفَعَ يَ َديْهِ َ‬

‫االعتدال من الركــــــوع‬
‫الصحيح‪ :‬أن الرفع من الركوع واجب وأن الطمأنينة فيه واجب كماهي واحبة في كل ركن من أركان الصالة الفعلية لحديث (ثُمَ ارْفَعْ‬
‫س َتوِيَ قَائِمًا)(‪ )4‬فاالطمئنان فيه واألمر ب الرفع من الركوع في حديث المسيء صالته يقتضي الوجوب وكل ما اشتمل عليه حديث‬
‫حتَى تَ ْ‬
‫َ‬
‫المسيء صالته يحمل على الوجوب‪.‬‬

‫اجللوس‬
‫الصحيح‪ :‬أن المصلى ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى في التشهد األوسط‪ ،‬وينصب الرجل اليمنى ويقدم اليسرى ويجلس على‬
‫مقعدته متوركاً في الجلسة األخيرة بعد فراغ المصلي من الركعة الرابعة في الصالة الرباعية أو من الركعة الثالثة في الصالة الثالثية‪،‬‬
‫لحديث أبي حميد الساعدي الذي اشتمل على وصف وبيان هيئات أفعال النبي ‪ ‬في الصالة‪ ،‬الحديث بلفظ (َأنَا ُكنْتُ أَحْفَّظَكُمْ لِصَلَاةِ رَسُولِ‬
‫ظهْ َرهُ‪ ،‬فَِإذَا رَفَعَ رَأْسَهُ‬
‫حذَاءَ َمنْ ِك َبيْهِ‪ ،‬وَِإذَا َركَعَ أَمْ َكنَ َي َديْهِ ِمنْ رُ ْكبَ َتيْهِ ثُمَ َهصَرَ َ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬رَأَ ْيتُهُ ِإذَا َكبَرَ جَ َعلَ َي َديْهِ ِ‬
‫ستَ ْق َبلَ بِأَطْرَافِ َأصَابِعِ ِرجَْليْهِ الْ ِقبْلَةَ‪ ،‬فَِإذَا جَلَسَ فِي‬
‫ضهِمَا وَا ْ‬‫غيْرَ مُ ْفتَرِّشٍ وَلَا قَا ِب ِ‬
‫جدَ َوضَعَ َي َديْهِ َ‬ ‫حتَى يَعُودَ ُكلُ فَقَارٍ مَكَانَهُ‪ ،‬فَِإذَا سَ َ‬ ‫س َتوَى َ‬
‫ا ْ‬
‫الرَكْ َع َت ْينِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى َو َنصَبَ ا ْليُ ْمنَى‪ ،‬وَِإذَا جَلَسَ فِي الرَكْعَةِ الْآخِ َرةِ َقدَمَ رِجْلَهُ ا ْليُسْرَى َو َنصَبَ الْأُخْرَى وَقَ َعدَ عَلَى‬
‫مَقْ َع َدتِهِ)(‪ )5‬الحديث قد اشتمل على بيان هيئة أفعال النبي ‪ ‬في الصالة والصحيح العمل بما فيه لحديث (صَلُوا كَمَا رََأ ْيتُمُونِي ُأصَلِي)(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب إلى أين يررفع يديه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 735‬بلفظ (عن سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَهِ أَنَ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَأَيْ ُ‬
‫ت‬
‫النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْ هِ وَسَلَمَ افْتَتَحَ التَكْبِيرَ فِي الصَلَاةِ‪ ،‬فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِرُ حَتَى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ‪ ،‬وَإِذَا كَبَرَ لِلرُكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ‪ ،‬وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ‬
‫ن السُجُودِ)‬ ‫ن يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِ ْ‬
‫ن يَسْجُدُ وَلَا حِي َ‬ ‫ك الْحَمْدُ‪ ،‬وَلَا يَفْعَ ُل ذَلِكَ حِي َ‬ ‫فَعَلَ مِثْلَ ُه وَقَالَ رَبَنَا وَلَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ .‬وأحمدفي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫المنكب‪ :‬مابين الكتف والعنق‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حذو‪ :‬موازاة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب رفع اليدين إذاقام من الركعتين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 731‬بلفظ (عَنْ نَافِعٍ‪ ،‬أَنَ ابْنَ عُمَرَ‪ ،‬كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَلَاةِ كَبَرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ‪،‬‬
‫ي اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ)‪.‬‬
‫ن عُمَ َر إِلَى نَبِ ِ‬
‫ك ابْ ُ‬‫ن الرَكْعَتَيْنِ رَفَ َع يَدَ ْيهِ‪ ،‬وَرَفَ َع ذَلِ َ‬
‫ن حَمِدَهُ رَفَ َع يَدَيْهِ‪ ،‬وَإِذَا قَامَ مِ ْ‬ ‫وَإِذَا رَكَعَ رَفَ َع يَدَيْهِ‪ ،‬وَإِذَا قَا َل سَمِ َع اللَ ُه لِمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ت خَلْفَ رَسُو ِل اللَهِ صَلَى اللَهُ‬ ‫ن وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَيْ ُ‬ ‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب االفتتاح‪ :‬باب رفع اليدين حيال األذنين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 575‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد الْجَبَا ِر بْ ِ‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمَا افْتَتَحَ الصَلَاةَ كَبَرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ‪ ،‬ثُمَ يَقْرَأُ بِفَاتِحَ ةِ الْكِتَابِ‪ ،‬فَلَمَا فَرَغَ مِنْهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬آمِينَ يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ) صححه األلباني في‬
‫صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬التطبيق‪ ،‬السهو‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬حذو‪ :‬موازاة‪ ،‬قرب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االستئذان‪ :‬باب من رد فقال عليك السالم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 6251‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أَنَ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَى ثُمَ جَاءَ فَسَلَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَعَلَيْكَ السَلَامُ ارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُصَلِ فَرَجَعَ‬
‫فَصَلَى ثُ َم جَاءَ فَسَلَمَ فَقَالَ وَعَ لَيْكَ السَلَامُ فَارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُصَلِ فَقَالَ فِي الثَانِيَةِ أَوْ فِي اَلتِي بَعْدَهَا عَلِمْنِي يَا رَسُولَ اللَهِ فَقَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ‬
‫ثُمَ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِرْ ثُمَ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَ ارْكَعْ حَتَى تَطْمَئِنَ رَاكِعًا ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَ اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِنَ سَاجِدًا ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَطْمَئِنَ‬
‫ن سَاجِدًا ثُ َم ارْفَ ْع حَتَى تَطْمَئِنَ جَالِسًا ثُ َم افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِهَا)‪.‬‬ ‫جَالِسًا ثُ َم اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب سنة الجلوس في التشهد‪ .‬حديث رقم (‪ )525‬بلفظ ( عَنْ مُحَمَدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ‪ ،‬أَنَهُ‪ ،‬كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ مَ‪ ،‬فَقَا َل أَبُو حُمَيْ ٍد السَاعِدِيُ‪ :‬أَنَا كُنْتُ أَحْفَّظَكُمْ لِصَلَاةِ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬رَأَيْتُ ُه إِذَا‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬فَذَكَرْنَا صَلَا َة النَبِ ِ‬ ‫النَبِ ِ‬
‫ّش‬
‫كَبَرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ‪ ،‬وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ ثُمَ هَصَرَ ظَهْرَهُ‪ ،‬فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَى يَعُودَ كُلُ فَقَارٍ مَكَانَهُ‪ ،‬فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِ ٍ‬
‫وَلَا قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ‪ ،‬فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَ لَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى‪ ،‬وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَكْعَةِ الْآخِرَةِ قَدَمَ رِجْلَهُ‬
‫ب الْأُخْرَى وَقَعَ َد عَلَى مَقْعَدَتِهِ)‬ ‫الْيُسْرَى وَنَصَ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة و السنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫هصر‪ :‬حفض وثنى‪ .‬فقار‪ :‬مفصل‪.‬‬ ‫المنكب‪ :‬مابين الكتف والعنق‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حذاء‪ :‬جانب وموازاة‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫اجللسة الوسطى واألخرية‬
‫الصحيح‪ :‬أن الجلسة األخيرة فرض لكونها ركناً من أركان الصالة وتبطل الصالة بتركها وتختل هيئة الصالة وماهيتها إذا تركت الجلسة‬
‫األخيرة‪ ،‬وجلسة التشهد األوسط سنة لترك النبي ‪ ‬التشهد األوسط ناسياً ولم يرجع له من القيام‪ ،‬ولو كان جلوس التشهد األوسط ركناً من‬
‫أركان الصالة الفعلية لرجع له النبي ‪ ‬بعد أن ينبهه الصحابة الكرام‪ ،‬ولذا حكم عليه بعض العلماء بأنه سنة لحديث (ِإنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫ج َد َت ْينِ‪ ،‬ثُمَ سَلَمَ بَ ْعدَ ذَِلكَ)(‪ )2‬ويستحب للمصلي‬ ‫جدَ سَ ْ‬‫ّظهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَ ْي َنهُمَا‪ ،‬فَلَمَا َقضَى صَلَاتَهُ سَ َ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ قَامَ‪ِ :‬منْ ا ْث َن َتيْنِ ِمنْ ال ُ‬
‫أثناء جلوسه للتشهد األوسط وللتشهد األخير أن يحلق أصابع يده اليمنى ويشير بسبابته عند ذكر شهادة التوحيد لحديث (كَانَ ِإذَا جَلَسَ فِي‬
‫صبَعِهِ ا َلتِي تَلِي الِْإ ْبهَامَ وَ َوضَعَ كَفَهُ ا ْليُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ‬
‫خ ِذهِ ا ْليُ ْمنَى وَ َق َبضَ َأصَابِعَهُ كَُلهَا وَأَشَارَ بِِإ ْ‬
‫الصَلَاةِ َوضَعَ كَفَهُ ا ْليُ ْمنَى عَلَى فَ ِ‬
‫ا ْليُسْرَى)(‪ )1‬وال فرق في هيئة جلسة التشهد األخير أو األوسط بين الرجل والمرأة‪ ،‬بل وال فرق بينهما في قيام وال ركوع وال رفع من‬
‫الركوع وال سجود وال جلوس بين السجدتين وال في رفع وال ضم وال غيره من أفعال وأقوال الصالة بين الرجل والمرأة‪ ،‬ولعدم وجود‬
‫دليل يخصص المرأة بهيئة خاصة ألي فعل من أفعال الصالة‪ ،‬والقول‪ :‬بأنه يجب على المرأة أن تضم بعضها البعض في حال الركوع‬
‫أ والسجود أو في أي فعل من أفعال الصالة‪ ،‬قول ال دليل عليه ال من الكتاب وال من السنة ال من قول النبي ‪ ‬وال من تعليمه وال من‬
‫تقريره‪ ،‬فهيئة صالة النبي ‪ ‬المبينة في األحاديث الصحيحة هي بيان لألمة كلها من الرجال والنساء وال دليل على تخصيص المرأة‬
‫بشيء منها‪.‬‬
‫جلســــة االسرتاحة‬
‫جلسة االستراحة مستحبة ألنها من فعل النبي ‪ ‬حيث كان إذا قام من السجدة األخيرة من الركعة األولى في الصالة الثنائية أو من الركعة‬
‫الثالثة لم ينهض للقيام للركعة الرابعة حتى يجلس جلسة خفيفة وينهض بعدها للقيام للركعة الثانية أو الرابعة (فَِإذَا كَانَ فِي ِوتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ‬
‫عدًا)(‪ )4‬ومعنى (في وتر من صالته) أي في الركعة األولى أو الثالثة فيطلق على كل ركعة منهما وتراً وعلى‬ ‫س َتوِيَ قَا ِ‬
‫حتَى يَ ْ‬
‫لَمْ َي ْن َهضْ َ‬
‫الركعة الثانية والرابعة من الصالة أنها شفع وتشرع جلسة االستراحة لإلمام والمنفرد‪ ،‬أما المؤتم فالواجب عليه متابعة اإلمام لحديث (ِإنَمَا‬
‫جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ)(‪ )5‬فإذا كان اإلمام مشتهراً بأنه يجلس جلسة االستراحة فيجلس المأموم جلسة االستراحة متابعة إلمام الصالة‪ ،‬أما إذا‬
‫كان اإلمام ال يجلس جلسة االستراحة فال يشرع للمأموم أن يجلس جلسة االستراحة بل يجب عليه أن يتابع اإلمام في القيام إلى الركعة‬
‫دون جلوس لالستراحة ألن متابعة اإلمام واجب مجمع عليه‪ ،‬وجلسة االستراحة مندوبة وال يقدم المندوب على الواجب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب االذان للمسافرإذا كانواجماعة واإلقامة‪ .‬حديث رقم (‪ )631‬بلفظ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ‪ :‬حَدَثَنَا مَالِكٌ‪ :‬أَتَيْنَا إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَ ُه‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ‪ ،‬فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً‪ ،‬وَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَحِيمًا رَفِيقًا‪ ،‬فَلَمَا ظَنَ أَنَا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ َقدْ‬
‫اشْتَقْنَا‪ ،‬سَأَلَنَا عَمَنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ‪ ،‬فَأَقِيمُوا فِيهِمْ‪ ،‬وَعَلِمُوهُمْ‪ ،‬وَمُرُوهُمْ‪ ،‬وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْ فَّظُهَا أَوْ لَا أَحْفَّظُهَا‪ ،‬وَصَلُوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي‬
‫ت الصَلَاةُ فَلْيُؤَذِنْ لَكُ ْم أَحَدُكُمْ‪ ،‬وَلْيَؤُمَكُ ْم أَكْبَرُكُمْ)‪.‬‬
‫أُصَلِي‪ ،‬فَإِذَا حَضَرَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبو داود في ال صالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪.‬‬
‫‪ -6‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب السهو‪ :‬باب ماجاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1225‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَهُ‪،‬‬
‫ن الّظُهْرِ لَ ْم يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا‪ ،‬فَلَمَا قَضَى صَلَاتَ ُه سَجَ َد سَجْدَتَيْنِ‪ ،‬ثُ َم سَلَ َم بَعْدَ ذَلِكَ)‬ ‫ن مِ ْ‬‫ن اثْنَتَيْ ِ‬‫قَالَ‪ :‬إِنَ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم قَامَ‪ :‬مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الص الة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب صفة الجلوس في الصالة وكيفية وضع اليدين على الفخذين‪ .‬حديث رقم (‪ )1301‬بلفظ (عَنْ عَلِيِ بْنِ عَبْ ِد‬
‫الرَحْمَنِ الْمُعَاوِيِ‪ ،‬أَنَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَآنِي عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَلَاةِ‪ ،‬فَلَمَا انْصَرَفَ نَهَانِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫يَصْنَعُ‪ :‬فَقُلْتُ‪ :‬وَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَصْنَعُ‪ :‬قَالَ‪ :‬كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَلَاةِ وَضَعَ كَفَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَقَ َبضَ أَصَابِعَهُ كُلَهَا وَأَشَارَ‬
‫بِإِصْبَعِ ِه الَتِي تَلِي الْإِبْهَامَ‪ ،‬وَوَضَعَ كَفَ ُه الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِ ِه الْيُسْرَى)‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب من استوى قاعدا في وتر من صالته ثم ينهض‪ .‬حديث رقم (‪ ) 523‬بلفظ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ‬
‫ي قَاعِدًا)‪.‬‬
‫ض حَتَى يَسْتَوِ َ‬‫ن صَلَاتِ ِه لَ ْم يَنْهَ ْ‬
‫ن فِي وِتْ ٍر مِ ْ‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم يُصَلِي‪ ،‬فَإِذَا كَا َ‬ ‫اللَيْثِيُ‪ ،‬أَ َنهُ رَأَى النَبِ َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪ ،‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الوتر‪ :‬الفرد‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إيجاب التكبير وإفتتاح الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ )655‬بلفظ (عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫صلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ‪ ،‬فَصَلَيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا‪ ،‬ثُمَ قَالَ لَمَا سَلَمَ‪ :‬إِنَمَا جُعِلَ الْإِمَامُ‬ ‫رَكِبَ فَرَسًا فَجُحِشَ شِقُهُ الْأَيْمَنُ‪ ،‬قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ :‬فَصَلَى لَنَا يَوْمَئِذٍ صَلَاةً مِنْ ال َ‬
‫ك الْحَمْدُ)‬
‫ن حَمِدَهُ‪ ،‬فَقُولُوا رَبَنَا وَلَ َ‬ ‫لِيُؤْتَ َم بِهِ‪ ،‬فَإِذَا صَلَى قَائِمًا فَصَلُوا قِيَامًا‪ ،‬وَإِذَا رَكَ َع فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا‪ ،‬وَإِذَا سَجَ َد فَاسْجُدُوا‪ ،‬وَإِذَا قَا َل سَمِ َع اللَ ُه لِمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الصوم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جحش‪ :‬خدّش‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫وضع اليدين إحداهما على األخرى‬
‫جلُ ا ْل َيدَ ا ْل ُي ْمنَى عَلَى ذِرَاعِهِ‬
‫الصحيح‪ :‬أن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصالة سنة لحديث (كَانَ النَاسُ ُيؤْمَرُونَ‪َ ،‬أنْ َيضَعَ الرَ ُ‬
‫ا ْليُسْرَى فِي الصَلَاةِ)(‪ )3‬ولحديث (ثُمَ َوضَعَ َي َدهُ ا ْليُ ْمنَى عَلَى ا ْليُسْرَى)(‪.)2‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى وعلى جزء من ساعد اليد اليسرى أي على الكف والرسغ لليد اليسرى وهذه الهيئة فيها‬
‫إظهار التأدب بين يدي اهلل تعالى كما فيها تعظيم هلل عز وجل‪.‬‬

‫النهوض من السجود‬
‫قد سبق القول في مشروعية جلسة االستراحة وأما حديث ( أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة األولى قام ولم يتورا) فهو‬
‫حديث ضعيف ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ .)966‬وأما هل يضع المصلي يديه قبل ركبتيه أو يضع ركبتيه قبل يديه‬
‫حدُكُمْ فَلَا َيبْ ُراْ كَمَا َيبْ ُراُ ا ْلبَعِيرُ‪ ،‬وَ ْل َيضَعْ َي َديْهِ َق ْبلَ رُكْ َب َتيْهِ)(‪ .)1‬فالمشاهد أن الجمل حينما يبرك‬
‫جدَ أَ َ‬
‫عند الهوي للسجود عمالً بحديث ( ِإذَا سَ َ‬
‫يبدأ بيديه فرجليه وعلى هذا فيحمل نهي المصلي عن أن يبدأ بيديه واألوفق واأليسر على المصلي هو أن يبدأ بوضع ركبتيه فيديه وعند‬
‫النهوض يبدأ بيديه فركبتيه وال سيما لمن كان كبير السن أو مريضاً أو متبدناً‪.‬‬

‫السجود على سبعة أعضاء‬


‫(‪)4‬‬
‫سبْعَةِ َأعّْظُمٍ) والسبعة األعضاء هي الوجه والكفان‬ ‫جدَ عَلَى َ‬ ‫الصحيح‪ :‬وجوب السجود على سبعة أعضاء لحديث (أُمِرْتُ َأنْ أَسْ ُ‬
‫ج ْبهَةِ وَأَشَارَ ِب َيدِهِ‬
‫سبْعَةِ َأعّْظُمٍ‪ ،‬عَلَى الْ َ‬
‫جدَ عَلَى َ‬
‫والركبتان والقدمان‪ ،‬والمراد بالوجه هو السجود على الجبهة واألنف لحديث (أُمِرْتُ َأنْ أَسْ ُ‬
‫جدَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬ ‫عَلَى َأنْفِهِ‪ ،‬وَا ْل َي َد ْينِ‪ ،‬وَالرُ ْك َب َتيْن‪ ،‬وَأَطْرَافِ الْ َقدَ َم ْينِ‪ ،‬وَ لَا نَكْفِتَ ال ِثيَابَ وَالشَعَرَ) ولحديث (وَأُقِيمَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬فَسَ َ‬
‫ج ْب َهتِهِ)(‪ )5‬ومعنى لفظ (أرنبته) طرف أنفه‪ ،‬وبناء على هذا الحديث فيجب‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ فِي الطِينِ وَالْمَاءِ حَتَى رََأيْتُ َأثَرَ الطِينِ فِي أَ ْر َن َبتِهِ وَ َ‬
‫السجود على الجبهة واألنف وال يتم الواجب بالسجود على الجبهة وحدها دون األنف‪ ،‬وال تبطل صالة من قطع منه أحد أعضاء السجود ـ‬
‫الرجل أو اليد ـ ألنه ال دليل على بطالن صالة من نقص منه عضو من أعضاء السجود السبعة ال من الكتاب وال من السنة بل صالة من‬
‫نقص منه عضو من أعضاء السجود صحيحة مثل صالة كامل األعضاء ألنه يعبد اهلل بما في وسعه واستطاعته وقد قال تعالى {الَ يُكَلِفُ‬
‫ستَطَ ْعتُمْ}(‪ )7‬الصحيح‪ :‬أن السجود يجب أن يكون‬ ‫سبَتْ}(‪ )6‬وقال تعالى {فَاتَقُوا اللَهَ مَا ا ْ‬ ‫اللّهُ نَفْساً إِالَ وُسْ َعهَا َلهَا مَا كَسَبَتْ َوعََل ْيهَا مَا ا ْكتَ َ‬
‫في موضع يتمكن فيه المصلي من وضع جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وقدميه على األرض ليتحقق بهيئة السجود المشروع‪ ،‬لحديث (ا ْل َي َديْنِ‬
‫جهَهُ فَ ْل َيضَعْ َي َديْهِ‪ ،‬وَِإذَا رَ َفعَهُ فَ ْليَرْفَ ْعهُمَا)(‪ )8‬وإذا سجد المصلي وعلى جبهته شيء من‬ ‫حدُكُمْ وَ ْ‬
‫جدُ ا ْلوَجْهُ‪ ،‬فَِإذَا َوضَعَ أَ َ‬‫جدَانِ كَمَا يَسْ ُ‬ ‫تَسْ ُ‬
‫العمامة فالظاهر الجواز وال سيما إذا كان المصلِي أي موضع سجود الجبهة حاراً أو بارداً‪ ،‬ففي حالة الحر الشديد أو البرد الشديد يجوز‬
‫للمصلي أن يكون على جبهته شيء يقئه الحر أو البرد‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذن‪ :‬باب وضع اليد اليمنى على اليسرى‪ .‬حديث رقم (‪ ) 740‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَجُلُ الْ َيدَ‬
‫الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِ ِه الْيُسْرَى فِي الصَلَاةِ)‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب يضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة اإلحرام تحت صدره فوق سرته‪ .‬حديث رقم (‪ )514‬بلفظ (عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ‬
‫وَمَوْلًى لَهُمْ أَنَهُمَا حَدَثَاهُ عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ‪ ،‬أَنَ هُ رَأَى النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَلَاةِ كَبَرَ وَصَفَهما حِيَالَ أُذُنَيْهِ‪ ،‬ثُمَ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ‪ ،‬ثُ َم‬
‫وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى‪ ،‬فَلَمَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَ يْهِ مِنْ الثَوْبِ‪ ،‬ثُمَ رَفَعَهُمَا‪ ،‬ثُمَ كَبَرَ فَرَكَع‪ ،‬فَلَمَا قَال‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ‪ ،‬فلمَا سَجَدَ سَجَدَ بَيْنَ‬
‫كَفَيْهِ)‬
‫أخرجه النسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب كيف يضع ركبتيه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 540‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا‬
‫يَبْرُاْ كَمَا يَبْرُاُ الْبَعِيرُ‪ ،‬وَلْيَضَ ْع يَدَيْ ِه قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في التطبيق‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب السجود على األنف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 512‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪:‬‬
‫ت الثِيَابَ وَالشَعَرَ)‬
‫ف الْقَدَمَيْنِ‪ ،‬وَ لَا نَكْفِ َ‬
‫ن أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعّْظُمٍ‪ ،‬عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَا َر بِيَدِ ِه عَلَى أَنْفِهِ‪ ،‬وَالْيَدَيْنِ‪ ،‬وَالرُكْبَتَيْن‪ ،‬وَأَطْرَا ِ‬ ‫ت أَ ْ‬
‫أُمِرْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ .‬والسائي في التطبيق‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني‬
‫هاشم‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الكفت‪ :‬الضم والجمع‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب السجود على األنف وغلى الطين حديث رقم (‪ ) 513‬بلفظ (عن يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَحْمَنِ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْر؟ قَالَ‪ :‬نَعَمِ‪ ،‬اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِ ينَ‪ ،‬قَال‪ :‬فَخَطَبَنَا رَسُولُ الَلهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنِي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْر ِ‪،‬‬
‫وَإِنِي نُسِيتُهَا‪ ،‬فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي وِتْر‪ ،‬فَإِنِي رَأَيْتُ أَنِي أَسْجُدُ فِي مَ اءٍ وَطِينٍ‪ ،‬وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَلْيَرْجِعْ‪ ،‬فَرَجَعَ‬
‫ت‬‫النَاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَا نَرَى فِي السَمَاءِ قَزَعَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ‪ ،‬وَأُقِيمَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬فَسَجَدَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي الطِينِ وَالْمَاءِ حَتَى رَأَيْ ُ‬
‫ن فِي أَرْنَبَتِ ِه وَجَبْهَتِهِ)‬
‫أَثَ َر الطِي ِ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬االذان‪ ،‬صالة التراويح‪.‬‬
‫األرنبة‪ :‬طرف األنف من مقدمته‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬القزعة‪ :‬السحابة الخفيفة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)256( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬التغابن‪.)16( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب التطبيق‪ :‬باب وضع اليدين مع الوجه في السجود‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1011‬بلفط (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬رَفَعَهُ قَال‪ :‬إِنَ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ‬
‫الْوَجْهُ‪ ،‬فَإِذَا وَضَ َع أَحَدُكُمْ وَجْهَ ُه فَلْيَضَ ْع يَدَيْهِ‪ ،‬وَإِذَا رَفَعَ ُه فَلْيَرْفَعْهُمَا) صححه أبوداود في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في الصالة‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫النهي عن اإلقعاء يف الصالة‬
‫الصحيح‪ :‬أن اإلقعاء المنهي عنه هو جلوس اإلنسان على إليتيه في الصالة ناصباً فخذيه مثل إقعاء الكلب لحديث (قَالَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَا عَلِيُ‪ ،‬لَا تُقْعِ إِقْعَاءَ الْكَلْبِ)(‪ )3‬واإلقعاء الجائز في الصالة هو الجلوس على أطراف القدمين في الجلوس بين السجدتين وفي‬
‫جلِ‪ ،‬فَقَالَ ا ْبنُ‬
‫سنَةُ‪ ،‬فَقُ ْلنَا لَهُ‪ِ :‬إنَا َلنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَ ُ‬
‫التشهد األوسط واألخير لحديث (قُلْنَا لِا ْبنِ عَبَاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْ َقدَ َم ْينِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هِيَ ال ُ‬
‫عبَاسٍ‪َ :‬بلْ هِيَ سُنَةُ َن ِب ِيكَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ)(‪ )2‬وقول ابن عباس يقدم على قول ابن عمر رضي اهلل عنهما (أن قعود الرجل على‬ ‫َ‬
‫صدور قدميه ليس من السنة ) ألن ابن عباس أثبت أنه من السنة‪ ،‬وابن عمر نفى أنه من السنة‪ ،‬والمثبت للسنة يقدم على النافي لها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الجلوس بين السجدتين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 735‬بلفظ (عَنْ عَلِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَا عَلِيُ‪ ،‬لَا تُقْعِ إِقْعَاءَ‬
‫الْكَلْبِ) حسنه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب جواز اإلقعاء على القدمين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1115‬بلفظ (عن أَبُو الزُبَيْر‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ‪ :‬قُلْنَا لِابْنِ‬
‫ك صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‪.‬‬
‫ي سُنَ ُة نَبِيِ َ‬
‫ي السُنَةُ‪ ،‬فَقُلْنَا لَهُ‪ :‬إِنَا لَنَرَاهُ جَفَا ًء بِالرَجُلِ‪ ،‬فَقَا َل ابْنُ عَبَاسٍ‪ :‬بَلْ هِ َ‬
‫س فِي الْإِقْعَا ِء عَلَى الْقَدَمَيْنِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هِ َ‬
‫عَبَا ٍ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫جفاء‪ :‬أي عدم لزوم الرجل مكانه واإلطمئنان إليه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلقعاء‪ :‬أن يلصق مؤخرته على األرض وينصب ساقيه‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫البـاب العاشر‪ :‬صالة اجلماعة‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬حكم صالة الجماعة‬


‫‪ ‬الفصّل الثــــاني‪ :‬اإلمـــــامة‬
‫‪ ‬الفصّل الثــــــــــالث‪ :‬أحكام خاصه بالمأمومين‬

‫‪128‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حكم صالة اجلماعة‬

‫من هو األولى باإلمامة‬ ‫‪‬‬


‫إمامة الصبي‬ ‫‪‬‬
‫إمامة المتنفل بالمفترض‬ ‫‪‬‬
‫إمـــامة الفـــاسق‬ ‫‪‬‬
‫إمــــــامة المـــرأة‬ ‫‪‬‬
‫أحكام اإلمــــــام الخاصة به‬ ‫‪‬‬

‫‪129‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حكم صالة الجماعة‬

‫صالة اجلماعة سنة مؤكدة‬


‫(‪)3‬‬
‫ح َدهُ بِخَمْسٍ َوعِشْرِينَ جُزْءًا) ولحديث (صَلَاةُ‬ ‫حدِكُمْ وَ ْ‬
‫ضلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ صَلَاةَ أَ َ‬ ‫الصحيح‪ :‬أن صالة الجماعة سنة مؤكدة لحديث ( تَ ْف ُ‬
‫سبْعٍ َوعِشْرِينَ دَرَجَةً)(‪ )2‬وأما حديث (وَاَلذِي نَفْسِي ِب َي ِدهِ لَ َقدْ هَمَمْتُ َأنْ آمُرَ بِحَطَبٍ َفيُحْطَبَ‪ ،‬ثُمَ آمُرَ بِالصَلَاةِ‬ ‫ضلُ صَلَاةَ الْ َفذِ بِ َ‬‫الْجَمَاعَةِ تَ ْف ُ‬
‫جدُ عَرْقًا سَمِينًا‬ ‫حدُهُمْ َأنَهُ يَ ِ‬
‫َف ُي َؤ َذنَ َلهَا‪ ،‬ثُمَ آمُرَ رَجُلًا َف َيؤُمَ النَاسَ‪ ،‬ثُمَ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَ ِرقَ عََل ْيهِمْ ُبيُو َتهُمْ‪ ،‬وَاَلذِي نَفْسِي ِب َي ِدهِ َلوْ يَعْلَمُ َأ َ‬
‫س َن َت ْينِ لَشَ ِهدَ الْعِشَاءَ)(‪ )1‬فقد قال الجمهور من العلماء أن المراد بمن همَ النبي ‪ ‬بتحريق بيوتهم بسبب تخلفهم عن حضور‬ ‫َأوْ مِرْمَا َت ْينِ حَ َ‬
‫صالة الجماعة هم من المنافقين ال من المسلمين‪ ،‬ولكن لو تماأل أهل حي أو قرية أو بلدة على ترك صالة الجماعة في المسجد وصلوا في‬
‫بيوتهم ألثموا جميعاً بترك صالة الجماعة‪ ،‬ويجب أن تقام جماعة في الحي أو القرية أو البلدة من باب الوجوب الكفائي على أهل الحي أو‬
‫القرية أو البلدة ألن صالة الجماعة شعار ومظهر إلسالم أهل الحي أو القرية أو البلدة مثلها مثل األذان يأثم الجميع بتركه ألنه شعار‬
‫إلسالم أهل البلدة‪ ،‬ويجب أن تقام الجماعة في كل فرض من الفروض الخمسة كما يجب األذان لكل فرض من الفروض الخمسة‪.‬‬

‫من دخل مسجدا تقام فيه اجلماعة وكان قد صلى‬


‫الصحيح‪ :‬أن من صلى في بيته أو في مسجد أو في سوق أو في أي مكان ثم جاء إلى مسجد والمصلون فيه يصلون صالة جماعة فيجب‬
‫عليه الدخول معهم في تلك الصالة المقامة وينوي بصالته معهم نافلة ألنه قد صلى الفريضة في أول الوقت وهو أفضل‪ ،‬وألنه قد نوى بها‬
‫حدُكُمْ فِي رَحْلِهِ‪ ،‬ثُمَ َأدْ َراَ الْإِمَامَ وَلَمْ‬
‫أداء الفرض وال يحق للمسلم تحويل نية الفرض إلى نفل ألنها قد كتبت له الفريضة لحديث ( ِإذَا صَلَى أَ َ‬
‫صلِ مَعَهُ‪ ،‬فَِإ َنهَا لَهُ نَافِلَةٌ)(‪ )4‬واألمر (فليصل) فيه دليل على وجوب إعادة الصالة مع الجماعة لمن قد صلى في غير مسجد‬ ‫صلِ فَ ْل ُي َ‬
‫ُي َ‬
‫الجماعة المقامة سواء صلى في بيته أو في مسجد آخر أو في مكان عمله أو في أي مكان وسواء كانت صالته األولى منفرداً أو في‬
‫جماعة وسواء كانت صالة الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر وإعادة صالة الفجر أو العصر لمن يحضر الجماعة وقد‬
‫صبْحِ حَتَى تَ ْرتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْ َعصْرِ‬ ‫صلى صالة الفرض في مسجد أو في مكان آخر هو تخصيص لحديث (لَا صَلَاةَ بَ ْعدَ ال ُ‬
‫حتَى تَغِيبَ الشَمْسُ)(‪ )5‬ومما يفيد مشروعية إعادة الصالة مع الجماعة بنية النفل حتى بعد صالة الفجر والعصر حديث (صَلِ الصَلَاةَ‬ ‫َ‬
‫(‪)6‬‬
‫صلِ) ولفظ (الصالة) في الحديث عام يعم الصلوات الخمس ومنها‬ ‫جدِ َف َ‬
‫ج ِتكَ‪ ،‬فَِإنْ أُقِيمَتْ الصَلَاةُ وََأنْتَ فِي الْمَسْ ِ‬
‫ِلوَ ْقتِهَا‪ ،‬ثُمَ اذْهَبْ لِحَا َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب فضل صالة الفجر في جماعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 645‬بلفظ (عن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَحْمَنِ‪ ،‬أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَ يْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬تَفْضُلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا‪ ،‬وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَهَارِ فِي صَلَاةِ‬
‫ن الْفَجْ ِر كَانَ مَشْهُودًا)‪.‬‬ ‫ن شِئْتُمْ‪ ،‬إِنَ قُرْآ َ‬ ‫الْفَجْرِ‪ ،‬ثُ َم يَقُو ُل أَبُو هُرَيْرَةَ‪ :‬فَاقْرَءُوا إِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الساجد والجماعة‪ ،‬وأحمد في‬
‫باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جزءا‪ :‬درجة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب فضل صالة الجماعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 345‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَال‪ :‬صَلَاةُ‬
‫ن دَرَجَةً)‪.‬‬ ‫الْجَمَاعَ ِة تَفْضُ ُل صَلَا َة الْفَ ِذ بِسَبْ ٍع وَعِشْرِي َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعة‪ ،‬وأحمد في‬
‫باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداللصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الفذ‪ :‬الفرد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب وجوب صالة الجماعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 644‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَالَذِي نَفْسِي‬
‫بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ‪ ،‬ثُمَ آمُرَ بِالصَلَاةِ فَيُؤَذَنَ لَهَا‪ ،‬ثُمَ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَ النَاسَ‪ ،‬ثُمَ أُخَالِفَ إِلَ ى رِجَالٍ فَأُحَرِقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ‪ ،‬وَالَذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ‬
‫ن لَشَهِ َد الْعِشَاءَ)‪.‬‬
‫ن حَسَنَتَيْ ِ‬‫أَحَدُهُ ْم أَ َن ُه يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعة‪ ،‬وأحمد في‬
‫باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الخصومات‪ ،‬االحكام‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أخالف‪ :‬آتيهم من خلفهم‪ .‬المرماة‪ :‬ما بين ظلفي الشاة من اللحم‪ .‬شهد‪ :‬حضر‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب فيمن صلى في منزله ثم أدرا الجماعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 575‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬أَنَهُ صَلَى مَعَ‬
‫رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌ‪ ،‬فَلَمَا صَلَى إِذَا رَجُلَانِ لَمْ يُصَلِيَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ‪ ،‬فَدَعَا بِهِمَا‪ ،‬فَجِئَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا مَنَعَكُمَا أَنْ‬
‫ا الْإِمَامَ وَلَ ْم يُصَ ِل فَلْيُصَلِ مَعَهُ‪ ،‬فَإِنَهَا لَ ُه نَافِلَةٌ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح‬ ‫تُصَلِيَا مَعَنَا‪ ،‬قَالَا‪ :‬قَ ْد صَلَيْنَا فِي رِحَالِنَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا تَفْعَلُوا‪ ،‬إِذَا صَلَى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ‪ ،‬ثُ َم أَدْرَ َ‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الدارمي في الصالة‪.‬‬
‫الرحال‪ :‬مكان اإلقامة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الفريصة‪ :‬لحمة بين الكتف والصدر‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب ال يتحرى الصالة قبل غروب الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ )556‬بلفظ (عن عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيُ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَعِي ٍد‬
‫ب الشَمْسُ)‪.‬‬ ‫ح حَتَى تَرْتَفِ َع الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَا َة بَعْ َد الْعَصْ ِر حَتَى تَغِي َ‬ ‫ي يَقُول‪ :‬سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬لَا صَلَا َة بَعْ َد الصُبْ ِ‬ ‫الْخُدْرِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صال ة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ .‬باب كراهية تأخير الصالة عن وقتها المختار‪ .‬حديث رقم (‪ )1466‬بلفظ (عَنْ أَبِي ذَرّ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَضَرَبَ فَخِذِي‪ ،‬كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِرُونَ الصَلَاةَ عَنْ وَقْ تِهَا؟ قَالَ‪ :‬قَالَ‪ :‬مَا تَأْمُر؟ قَالَ‪ :‬صَلِ الصَلَاةَ لِوَقْتِهَا‪ ،‬ثُمَ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ‪ ،‬فَإِنْ‬
‫ت الصَلَا ُة وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِ ِد فَصَلِ)‪.‬‬ ‫أُقِيمَ ْ‬
‫‪131‬‬
‫صالتي الفجر والعصر وال تعارض بين الحديثين وبين حديث ( ِإنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَقُول‪ :‬لَا ُتصَلُوا صَلَاةً فِي‬
‫َيوْمٍ مَ َر َت ْينِ)(‪ )3‬ألن المراد بالحديث أال يصلي اإلنسان الفرض الواحد في اليوم مرتين بنية الفرض متعمداً تكرار صالة الفرض مرتين‬
‫معتقدا أن له أجراً بذلك‪ ،‬والنهي في الحديث ال يتناول الصالة المعادة مع الجماعة في المسجد الذي حضر إليه اإلنسان بعد صالته الفرض‬
‫في مسجد أو مكان آخر ألن الصالة المعادة مع الجماعة دليلها خاص بمن يحضر مسجداً تقام فيه جماعة ذلك الفرض والصالة المعادة‬
‫بنية النفل ال الفرض‪.‬‬

‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ت‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إذا صلى في جماعة ثم أدرا جماعة أيعيد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 571‬بلفظ (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ يَعْنِي مَوْلَى مَيْمُونَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَتَيْ ُ‬
‫ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ وَهُ ْم يُصَلُونَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬أَلَا تُصَلِي مَعَهُمْ؟ قَال‪ :‬قَ ْد صَلَيْتُ‪ ،‬إِنِ ي سَمِعْتُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُول‪ :‬لَا تُصَلُوا صَلَا ًة فِي يَوْمٍ مَرَتَيْنِ)‪ .‬قال‬
‫عنه االلباني في صحيح سنن أبي داود (حسن صحيح)‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫الفصل الثــــاني‪ :‬اإلمـــــامة‬

‫من هو األولى باإلمامة‬ ‫‪‬‬


‫إمامة الصبي‬ ‫‪‬‬
‫إمامة المتنفل بالمفترض‬ ‫‪‬‬
‫إمـــامة الفـــاسق‬ ‫‪‬‬
‫إمــــــامة المـــرأة‬ ‫‪‬‬
‫أحكام اإلمــــــام الخاصة به‬ ‫‪‬‬

‫‪132‬‬
‫الفصل الثــــاني‪ :‬اإلمـــــامة‬

‫من هو األوىل باإلمامة‬


‫الصحيح‪ :‬أن األولى باإلمامة األقرأ ألن النبي ‪ ‬قدم األقرأ على األعلم في حديث ( َيؤُمُ الْ َقوْمَ أَقْ َرؤُهُمْ لِ ِكتَابِ اللَهِ‪ ،‬فَِإنْ كَانُوا فِي الْقِرَا َءةِ‬
‫سوَاءً‪ ،‬فَأَ ْقدَ ُمهُمْ سِلْمًا‪ )3()،‬ويجب أن يكون‬ ‫سوَاءً‪ ،‬فَأَ ْقدَ ُمهُمْ هِجْرَة‪ ،‬فَِإنْ كَانُوا فِي ا ْلهِجْ َرةِ َ‬
‫سنَةِ َ‬
‫سنَةِ‪ ،‬فَِإنْ كَانُوا فِي ال ُ‬
‫سوَاءً فََأعْلَ ُمهُمْ بِال ُ‬
‫َ‬
‫األقرأ فاهماً ألحكام الصالة ألن الواجبات العينية تعلم أحكامها فرض عين على كل مسلم ومسلمة‪ ،‬واألقرأ المفترض فيه أن يكون هو‬
‫األعلم كما كان حال القراء في أيام النبي ‪.‬‬

‫إمامة الصبي‬
‫الصحيح‪ :‬جواز إمامة الصبي المميز في الصالة لحديث عمرو بن سلمة حينما قدمه قومه ليصلي بهم وعمره حينذاك سبع سنين ألنه كان‬
‫حدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا ِمنِي لِمَا ُكنْتُ‬
‫حدُكُمْ‪ ،‬وَ ْل َيؤُمَكُمْ أَ ْكثَرُكُمْ قُرْآنًا‪َ ،‬فنَّظَرُوا‪ ،‬فَلَمْ يَ ُكنْ أَ َ‬
‫حضَرَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬فَ ْل ُيؤَ ِذنْ أَ َ‬‫أكثرهم قرآناً ولفظ الحديث (فَ ِإذَا َ‬
‫عنِي فَقَالَتْ‪ :‬امْرََأةٌ ِمنْ‬
‫جدْتُ تَقََلصَتْ َ‬ ‫سنِينَ‪ ،‬وَكَانَتْ عَلَيَ بُرْدَة‪ُ ،‬كنْتُ إِذَا سَ َ‬ ‫سبْعِ ِ‬ ‫َأتَلَقَى ِمنْ الرُ ْكبَانِ‪ ،‬فَ َقدَمُونِي َب ْينَ َأ ْيدِيهِمْ وََأنَا ا ْبنُ سِت أَوْ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫شتَ َزوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا‪ ،‬فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَِلكَ الْقَمِيصِ) ‪.‬‬ ‫عنَا اسْتَ قَا ِرئِكُمْ فَا ْ‬
‫الْحَيِ أَلَا تُغَطُوا َ‬

‫إمامة املتنفل باملفرتض‬


‫الصحيح‪ :‬جواز إمامة المتنفل بالمفترض إلقرار النبي ‪ ‬لمعاذ بن جبل ‪ ‬بان يؤم قومه في الصلوات الخمس اليومية وهو متنفل وهم‬
‫ج َبلٍ‬‫مؤتمون به في صالة الفريضة‪ ،‬وال يشترط لصحة صالة الجماعة اتحاد نية اإلمام والمؤتم في الفرض ولفظ الحديث (كَانَ مُعَاذُ ْبنُ َ‬
‫جلُ‪ ،‬فَكَأَنَ مُعَاذًا تَنَا َولَ ِمنْهُ‪َ ،‬فبَلَغَ‬
‫ُيصَلِي مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ثُمَ يَرْجِعُ َف َيؤُمُ َقوْمَهُ‪َ ،‬فصَلَى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَ َرةِ فَانْصَرَفَ الرَ ُ‬
‫ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬فتَانٌ‪َ ،‬فتَانٌ‪َ ،‬فتَانٌ‪ ،‬ثَلَاثَ مِرَارٍ‪َ ،‬أوْ قَالَ‪ :‬فَاتِنًا‪ ،‬فَا ِتنًا‪ ،‬فَاتِنًا‪ ،‬وَأَمَ َرهُ بِسُو َر َت ْينِ ِمنْ َأوْسَطِ الْمُ َفصَل‪ ،‬قَالَ‬
‫ّظهُمَا)(‪.)1‬‬
‫عَمْرٌو لَا أَحْفَ ُ‬

‫إمـــامة الفـــاسق‬
‫األصل في إمام الصالة أن يكون األقرأ األعلم وأن يكون الوصف الغالب عليه التقوى‪ ،‬ولكن إذا صادف أن اإلنسان صلى خلف رجل‬
‫فاسق فصالته صحيحة‪ ،‬ألن بعض الصحابة صلوا خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وخلف عبد اهلل بن زياد الذي قتل الحسين بن على بن‬
‫أبي طالب رضي اهلل عنهما‪ ،‬وألنه لم يرد دليل صحيح صريح ببطالن صالة من صلى خلف الفاسق‪ ،‬ولعدم وجود دليل يمنع من الصالة‬
‫خلف الفاسق فتصح الصالة خلف من ظاهره اإلسالم‪ ،‬ألن األصل الجواز‪ ،‬وإن كان األفضل أن تكون الصالة بعد األفضل والفاضل‪ .‬وأما‬
‫حديث (اجعلو أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم بين ربكم) فهو حديث ضعيف ضعفه األلباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته‬
‫برقم(‪ ،)351‬وحديث (إن سركم أن تقبل صالتكم فليؤمكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم) فهو حديث ضعيف ضعفه األلباني‬
‫في ضعيف الجامع الصغير وزيادته برقم(‪ )3291‬أيضاً‪ ،‬وكذا حديث (صلوا على من قال‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬وصلوا خلف من قال ال إله إال‬
‫اهلل) فضعيف ضعفه األلباني في اإلرواء برقم (‪ ) 525‬وكذا حديث (الصالة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل‬
‫الكبائر) فضعيف ضعفه األلباني في اإلرواء برقم (‪.)527‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب من أحق باإلمامة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1530‬بلفظ (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيّ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬يَؤُمُ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَهِ‪ ،‬فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُنَةِ‪ ،‬فَإِنْ كَانُ وا فِي السُنَةِ سَوَاءً‪ ،‬فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَة‪ ،‬فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً‪،‬‬
‫ن الرَجُ ُل الرَجُلَ فِي سُلْطَانِهِ‪ ،‬وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِ ِه إِلَا بِإِذْنِهِ)‪.‬‬ ‫فَأَقْدَمُهُ ْم سِلْمًا‪ ،‬وَلَا يَؤُمَ َ‬
‫أخرجه الترمذي في ال صالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب من شهد الفتح‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4302‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ‪ :‬أَلَا تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَقِيتُهُ‬
‫فَسَأَلْتُهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬كُنَا بِمَاءٍ مَمَرَ النَاسِ وَكَانَ يَمُرُ بِنَا الرُكْبَانُ‪ ،‬فَنَسْأَلُهُمْ‪ ،‬مَا لِلنَاسِ؟ مَا لِلنَاسِ؟ مَا هَذَا الرَجُلُ؟ فَيَقُولُونَ‪ :‬يَزْعُمُ أَنَ اللَهَ أَرْسَلَهُ‪ ،‬أَوْحَى إِلَيْه‪ ،‬أَوْ أَوْحَى اللَهُ‬
‫ب تَلَوَ ُم بِإِسْلَامِهِمْ الْفَتْحَ‪ ،‬فَيَقُولُونَ‪ :‬اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ‪ ،‬فَإِنَ ُه إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُ َو نَبِيٌ صَادِقٌ‪ ،‬فَلَمَا كَانَتْ‬ ‫ت الْعَرَ ُ‬ ‫ك الْكَلَامَ‪ ،‬وَكَأَنَمَا يُقَ ُر فِي صَدْرِي‪ ،‬وَكَانَ ْ‬‫ت أَحْفَظُ ذَلِ َ‬
‫بِكَذَا‪ ،‬فَكُنْ ُ‬
‫وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ‪ ،‬وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ‪ ،‬فَلَمَا قَدِمَ‪ ،‬قَالَ ‪ :‬جِئْتُكُمْ وَاللَهِ مِنْ عِنْدِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَقًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬صَلُوا صَلَاةَ كَذَا فِي‬
‫ن الرُكْبَانِ‪،‬‬
‫ت أَتَلَقَى مِ ْ‬
‫ن أَحَ ٌد أَكْثَ َر قُرْآنًا مِنِي لِمَا كُنْ ُ‬
‫ن أَحَدُكُمْ‪ ،‬وَلْيَؤُمَكُ ْم أَ كْثَرُكُمْ قُرْآنًا‪ ،‬فَنَّظَرُوا‪ ،‬فَلَ ْم يَكُ ْ‬
‫ت الصَلَاةُ‪ ،‬فَلْيُؤَذِ ْ‬
‫ن كَذَا فَإِذَا حَضَرَ ْ‬‫حِينِ كَذَا وَصَلُوا صَلَا َة كَذَا فِي حِي ِ‬
‫فَقَدَمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِت أَوْ سَبْعِ سِنِينَ‪ ،‬وَكَانَتْ عَلَيَ بُرْدَة‪ ،‬كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَ قَلَصَتْ عَنِي فَقَالَتْ‪ :‬امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِ أَلَا تُغَطُوا عَنَا اسْتَ قَارِئِكُمْ فَاشْتَزَوْا‬
‫ك الْقَمِيصِ)‪.‬‬‫ت بِشَيْ ٍء فَرَحِي بِذَلِ َ‬‫فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا‪ ،‬فَمَا فَرِحْ ُ‬
‫أخرجه النسائي في األذان‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إذا طول اإلمام وكان للرجل حاجة فخرج‪ .‬حديث رقم (‪ )701‬بلفظ (عَنْ عَمْرٍو قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ‬
‫ف الرَجُلُ‪ ،‬فَكَأَنَ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ‪ ،‬فَبَلَ َغ النَبِيَ صَلَى اللَهُ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬ثُ َم يَرْجِ ُع فَيَؤُ ُم قَوْمَهُ‪ ،‬فَصَلَى الْعِشَاءَ فَقَرََأ بِالْبَقَرَ ِة فَانْصَرَ َ‬ ‫ن جَبَ ٍل يُصَلِي مَ َع النَبِ ِ‬ ‫مُعَا ُذ بْ ُ‬
‫ط الْمُفَصَل‪ ،‬قَالَ عَمْرٌو لَا أَحْفَّظُهُمَا)‪.‬‬ ‫ن أَوْسَ ِ‬ ‫ن مِ ْ‬‫ث مِرَارٍ‪ ،‬أَوْ قَالَ‪ :‬فَاتِنًا‪ :‬فَاتِنًا‪ :‬فَاتِنًا‪ :‬وَأَمَرَ ُه بِسُورَتَيْ ِ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬فَتَانٌ‪ ،‬فَتَانٌ‪ ،‬فَتَانٌ‪ ،‬ثَلَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬و الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ .‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪.‬‬
‫المفصل‪ :‬السور من أول سورة (ق) إلى آخر المصحف‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬تناول منه‪ :‬ذكره بسوء‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫إمــــــامة املـــرأة‬
‫الصحيح‪ :‬أن المرأة ال تؤم الرجل في الصالة وإنما تؤم النساء ألنه لم يرد دليل يدل على جواز إمامة المرأة للرجال في الصالة ال من‬
‫قول النبي ‪ ‬وال من فعه وال من تقريره‪ ،‬وأما حديث أم ورقة رضي اهلل عنها بلفظ (َكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ يَزُورُهَا فِي‬
‫َب ْي ِتهَا‪ ،‬وَجَ َعلَ َلهَا ُم َؤذِنًا ُيؤَ ِذنُ لَهَا‪ ،‬وَأَمرَهَا َأنْ َتؤُمَ أَ ْه َل دَارِهَا)(‪ )3‬المراد بإمامتها أهل دارها من النساء ال من الرجال بدليل أن أم المؤمنين‬
‫عائشة رضي اهلل عنها وهي عالمة بالشريعة كانت تصلي خلف موالها‪ ،‬وأما حديث (أخروهن حيث أخرهن اهلل) فليس بحديث ال صحيح‬
‫وال حسن وال ضعيف وال أصل له ألنه من قول ابن مسعود ‪ ‬وهو من األحاديث الدارجة على األلسن‪.‬‬

‫أحكام اإلمــــــام اخلاصة به‬


‫‪1‬ـ تأمين اإلمــام‪ :‬الصحيح أن اإلمام والمأمومين يؤمنوا لحديث ( ِإذَا أَ َمنَ الْإِمَامُ فَأَ ِمنُوا‪ ،‬فَِإنَهُ مَنْ وَا َفقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا‬
‫تَ َقدَمَ ِمنْ َذ ْنبِهِ)(‪ )2‬الحديث دليل على مشروعية تأمين اإلمام بعد فراغه من قراءة الفاتحة‪ ،‬ورأي الشوكاني أن األمر للوجوب إذا كان‬
‫المصلي م ؤتماً ولالستحباب إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً‪ ،‬ورأي جمهور العلماء أن االمرلالستحباب لعدم األمر به في حديث المسيء‬
‫صالته‪ ،‬ويشرع التأمين للمؤتم حينما يفرغ اإلمام من قراءة الفاتحة حتى ولو لم يؤمن اإلمام‪ ،‬وال يعتبر تأمين المأموم بعد إمام ال يؤمن‬
‫مخالفة لإلم ام ألن التأمين ليس من األركان الفعلية التي يجب على المؤتم متابعة اإلمام فيها‪ ،‬والقول بأن التأمين يبطل الصالة قول ضعيف‬
‫لمخالفته لألدلة الصحيحة الصريحة الثابتة من قول النبي ‪ ‬وفعله وتقريره‪.‬‬

‫‪2‬ــ تكبير اإلمـام لإلحرام‪ :‬الصحيح أن اإلمام ال يكبر إال بعد تمام اإلقامة واستواء الصفوف لحديث أنس ‪( ‬أقِيمَتْ الصَلَاةُ فَأَقْ َبلَ عََل ْينَا‬
‫ظهْرِي)(‪ )1‬ورؤية المؤتمين من وراء‬ ‫جهِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ‪َ ،‬وتَرَاصُوا‪ ،‬فَِإنِي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ َ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِبوَ ْ‬
‫الظهر من خصائص النبي ‪ ،‬ويشرع لإلمام قبل التكبير حث المؤتمين على التراص وتسوية الصفوف‪ ،‬وأما حديث بالل بلفظ (يا رسول‬
‫اهلل ال تسبقني بآمين) فضعيف ضعفه االلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )917‬وال يمكن لبالل أن يطلب من رسول اهلل ‪ ‬أال‬
‫يسبقه بالتأمين وإنما النبي ‪ ‬هو الذي طلب من بالل أال يسبقه بالتأمين بدليل حديث (ِإذَا أَمَنَ الْإِمَامُ فَأَ ِمنُوا)(‪ )4‬في الحديث داللة واضحة‬
‫على أن اإلمام هو الذي يسبق بالتأمين‪.‬‬

‫‪3‬ـ جواز فتح المأموم على إمام الصالة‪ :‬الصحيح‪ :‬جواز فتح المأموم على إمام الصالة إذا احتاج اإلمام إلى فتح المأموم عليه لحديث (أَنَ‬
‫(‪)5‬‬
‫ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَم‪ ،‬صَلَى صَلَاةً فَقَرَأَ فِيهَا فَُلبِسَ عَ َليْهِ‪ ،‬فَلَمَا ا ْنصَرَفَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ألبَي‪َ ،‬أصََليْتَ مَ َعنَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ فَمَا َمنَ َعكَ ؟!)‬
‫أي ما منعك من أن ترد عليَ وتفتح عليَ في الصالة‪.‬‬

‫‪4‬ـ موقف إمام الصالة من المؤتمين‪ :‬الصحيح‪ :‬أن موقف اإلمام يكون أمام المؤتمين‪ ،‬ويجوز أن يكون موقف اإلمام مرتفعاً على‬
‫المؤتمين بدليل أن النبي ‪ ‬صلى على المنبر فكان قيامه وركوعه وهو على المنبر وينزل ليسجد على األرض‪ ،‬وصالة النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم على المنبر فيها دليل على جواز أن يكون موضع اإلمام مرتفعاً على المؤتمين‪ ،‬ومن لفظ الحديث ( ِمنْ أَيِ شَيْءٍ الْ ِم ْنبَرُ؟ فَقَالَ‪:‬‬
‫مَا بَقِيَ بِالنَاسِ َأعْلَمُ ِمنِي‪ُ ،‬هوَ ِمنْ َأ ْثلِ الْغَابَةِ‪ ،‬عَمِلَهُ فُلَانٌ‪َ ،‬موْلَى فُلَانَةَ‪ ،‬لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬وقَامَ عََليْهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ستَ ْق َبلَ الْ ِقبْلَةَ َكبَرَ‪ ،‬وَقَامَ النَاسُ خَلْفَهُ‪ ،‬فَقَرَأَ‪ ،‬وَرَكَعَ‪ ،‬وَرَكَعَ النَاسُ خَلْفَهُ‪ ،‬ثُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُمَ رَجَعَ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ حِينَ عُ ِملَ وَ ُوضِعَ فَا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إمامة النساء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 511‬بلفظ (عَنْ أُمِ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَنْصَارِيَةِ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَمَا‬
‫غَزَا بَدْرًا قَالَتْ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬لَهُ يَا رَسُ ولَ اللَهِ ائْذَنْ لِي فِي الْغَزْوِ مَعَكَ أُمَ ِرضُ مَرْضَاكُمْ لَعَلَ اللَهَ أَنْ يَرْزُقَنِي شَهَادَةً‪ ،‬قَالَ قَرِي فِي بَيْتِكِ‪ ،‬فَإِنَ اللَهَ تَعَالَى يَرْزُقُكِ الشَهَادَةَ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬فَكَانَتْ تُسَمَى الشَهِيدَةُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَ تْ الْقُرْآنَ‪ ،‬فَاسْتَأْذَنَتْ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ تَتَخِذَ فِي دَارِهَا مُؤَذِنًا فَأَذِنَ لَهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَكَانَتْ قَدْ دَبَرَتْ غُلَامًا لَهَا‬
‫وَجَارِيَةً‪ ،‬فَقَامَا إِلَيْهَا بِاللَيْلِ فَغَمَاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَ ى مَاتَتْ‪ ،‬وَذَهَبَا‪ ،‬فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِي النَاسِ فَقَالَ‪ :‬مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا‪ ،‬فَأَمَرَ‬
‫بِهِمَا فَصُلِبَا‪ ،‬فَكَانَا أَوَلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ‪ ،‬حَدَثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَادٍ الْحَضْرَمِيُ حَدَثَنَا مُحَمَدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ عَبْدِ ال َرحْمَنِ بْنِ خَلَادٍ عَنْ أُمِ وَرَقَةَ بِنْتِ‬
‫عَبْدِ اللَهِ بْنِ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاألول أَتَمُ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا‪ ،‬وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِنًا يُؤَذِنُ لَهَا‪ ،‬وَأَمرَهَا أَنْ تَؤُمَ أَهْلَ دَارِهَا‪،‬‬
‫ت مُؤَذِنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا)‪ .‬حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‬ ‫قَالَ عَبْ ُد الرَحْمَنِ فَأَنَا رَأَيْ ُ‬
‫أخرجه أحمد في ومن مسند القبائل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب جهر اإلمام بالتأمين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 750‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬إِذَا أَمَنَ الْإِمَامُ فَأَمِنُوا‪،‬‬
‫ن الْمَلَائِكَ ِة غُفِ َر لَ ُه مَا تَقَدَمَ مِنْ ذَنْبِهِ)‪.‬‬
‫ق تَأْمِينُهُ تَأْمِي َ‬
‫فَإِنَهُ مَنْ وَافَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬تفسير القرآن‪ ،‬الدعوات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب الزاق المنكب بالمنكب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 725‬بلفظ (عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أُقِيمَتْ الصَلَاةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم بِوَجْهِ هِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ‪ ،‬وَتَرَاصُوا‪ ،‬فَإِنِي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األيمان والنذور والرقاق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تراصوا‪ :‬تالصقوا بغير خلل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح الخاري ‪:‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)750‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الفتح على اإلمام في الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ )107‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَ هِ بْنِ عُمَر‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ ،‬صَلَى صَلَاةً‬
‫فَقَرََأ فِيهَا فَلُبِسَ عَلَيْهِ‪ ،‬فَلَمَا انْصَرَفَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ألبَي‪ ،‬أَصَلَيْتَ مَعَنَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ فَمَا مَنَعَكَ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في أول مسند المدنيين‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫جدَ عَلَى الْأَ ْرضِ‪ ،‬ثُمَ عَادَ إِلَى الْ ِم ْنبَرِ‪ ،‬ثُمَ رَكَعَ‪ ،‬ثُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ)(‪ )3‬ومثلما يجوز أن يكون موضع اإلمام مرتفعاً عن المؤتمين‬ ‫الْ َقهْقَرَى فَسَ َ‬
‫يجوز أن يكون منخفضاً عنهم ألن األصل الجواز ولعدم ورود دليل صحيح صريح يمنع من ذلك‪ ،‬ويحمل حديث حذيفة ‪ ‬بلفظ (َأنَ‬
‫ج َب َذهُ‪ ،‬فَلَمَا فَ َرغَ ِمنْ صَلَاتِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَلَمْ تَعْلَمْ َأ َنهُمْ كَانُوا ُي ْن َهوْنَ عَنْ ذَِلكَ ؟!‬
‫خذَ َأبُو مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَ َ‬
‫ح َذيْفَةَ أَمَ النَاسَ بِالْ َمدَا ِئنِ عَلَى دُكَانٍ‪ ،‬فَأَ َ‬
‫ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫قَالَ‪ :‬بَلَى َقدْ ذَكَرْتُ حِينَ َم َد ْدتَنِي) على أن المراد به أن ال يصلي في مكان مرتفع وحده وليس وراءه أحد من المؤتمين اآلخرين‪،‬‬
‫ويجوز أن يكون المؤتمون في موضع مرتفع أو منخفض عنه بشرط أال يتقدموا عليه وال يكونوا فوقه تماماً بل يكونون مصطفين خلفه‪.‬‬

‫‪5‬ـ المنفرد يصير إماما‪ :‬الصحيح‪ :‬أنه يجوز للمنفرد أن ينوي نية اإلمامة وهو في حال الصالة إذا دخل في الصالة منفرداً ثم ائتم به‬
‫مصل أو مصلون آخرون سواء كانت الصالة فرضاً أو نفالً لحديث ابن عباس ‪( ‬قال‪ :‬بِتُ فِي َبيْتِ خَاَلتِي َميْمُونَةَ ِبنْتِ الْحَارِثِ َزوْجِ‬
‫ع ْندَهَا فِي لَيَْل ِتهَا‪َ ،‬فصَلَى ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ الْعِشَاءَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَ إِلَى‬
‫ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَكَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ ِ‬
‫عنْ يَمِينِهِ‪َ ،‬فصَلَى‬‫عنْ يَسَا ِرهِ‪ ،‬فَجَعَ َلنِي َ‬ ‫ش ِب ُههَا‪ ،‬ثُمَ قَامَ‪ ،‬فَقُمْتُ َ‬
‫َمنْزِلِهِ‪َ ،‬فصَلَى أَ ْربَعَ رَكَعَاتٍ‪ ،‬ثُمَ نَامَ‪ ،‬ثُمَ قَامَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬نَامَ الْغَُليِمُ َأوْ كَلِمَةً تُ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫خَمْسَ رَكَعَاتٍ‪ ،‬ثُمَ صَلَى رَكْ َع َتيْنِ‪ ،‬ثُمَ نَامَ حَتَى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ َأوْ خَطِيطَهُ‪ُ ،‬ثمَ خَرَجَ إِلَى الصَلَاةِ) في الحديث داللة واضحة على جواز‬
‫تحويل نية المصلي المنفرد إلى نية اإلمامة وهو في حال الصالة إذا شعر بانضمام مصل أو مصلين إليه ليأتموا به‪ ،‬وأما جواز الصالة‬
‫بعد النوم من غير إعادة الوضوء فهو من خصائص النبي صلى اهلل عليه وسلم ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم تنام عيناه وال ينام قلبه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب الخطبة على المنبر‪ .‬حديث رقم (‪ )117‬بلفظ (عن أَبي حَازِمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْد‪ ،‬مِنْ أَيِ شَيْءٍ الْمِنْبَرُ؟ فَقَالَ‪ :‬مَا بَقِ َ‬
‫ي‬
‫بِالنَاسِ أَعْلَمُ مِنِي‪ ،‬هُوَ مِنْ أَثْ لِ الْغَابَةِ‪ ،‬عَمِلَهُ فُلَانٌ‪ ،‬مَوْلَى فُلَانَةَ‪ ،‬لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حِينَ عُمِلَ وَوُضِعَ‬
‫فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كَبَرَ‪ ،‬وَقَامَ النَاسُ خَلْفَهُ‪ ،‬فَقَرَأَ‪ ،‬وَرَكَعَ‪ ،‬وَرَكَعَ النَاسُ خَلْفَهُ‪ ،‬ثُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ‪ ،‬ثُ َم رَجَعَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ عَلَى الْأَ ْرضِ‪ ،‬ثُمَ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ‪ ،‬ثُمَ رَكَعَ‪ ،‬ثُمَ رَفَ َع‬
‫رَأْسَهُ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في المساجد‪ ،‬أبوداو د في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫القهقرى‪ :‬الرجوع إلى الورى‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أثل‪ :‬شجر ال شوا له‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫خذَ‬‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب اإلمام يقوم مكانا أرفع من مكان القوم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 517‬بلفظ (عَنْ هَمَامٍ‪ ،‬أَنَ حُذَيْفَةَ أَمَ النَاسَ بِالْمَدَائِنِ عَلَى دُكَانٍ‪ ،‬فَأَ َ‬
‫أَبُو مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ‪ ،‬فَلَمَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ ؟! قَالَ‪ :‬بَلَى قَدْ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِي)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن‬
‫أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به ابوداود‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المكان‪ :‬الحانوت‪ ،‬وقيل‪ :‬الدكة هي المكان المرتفع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب إذا قام الرجل عن يسار اإلمام وحوله اإلمام إلى يمينه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 726‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بِتُ فِي بَيْتِ خَالَتِي‬
‫مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَكَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِ هَا‪ ،‬فَصَلَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الْعِشَاءَ‪ ،‬ثُمَ جَاءَ إِلَى‬
‫مَنْزِلِهِ‪ ،‬فَصَلَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ‪ ،‬ثُمَ نَامَ‪ ،‬ثُمَ قَامَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬نَامَ الْغُلَيِمُ أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا‪ ،‬ثُمَ قَامَ‪ ،‬فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ‪ ،‬فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ‪ ،‬فَصَلَى خَمْسَ رَكَعَاتٍ‪ ،‬ثُمَ صَلَى‬
‫ج إِلَى الصَلَاةِ)‪.‬‬
‫رَكْعَتَيْنِ‪ ،‬ثُ َم نَا َم حَتَى سَمِعْتُ غَطِيطَ ُه أَ ْو خَطِيطَهُ‪ ،‬ثُ َم خَرَ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫خطيط‪ :‬صوت نفس النائم‪.‬‬ ‫الغطيط‪ :‬صوت نفس النائم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغليم‪ :‬تصغير غالم‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫الفصل الثــــــــــالث‪ :‬أحكام خاصه باملأمومني‬

‫موقف اإلمام والمأمومين‬ ‫‪‬‬


‫الصف األول‬ ‫‪‬‬
‫اإلسراع إلى الصالة‬ ‫‪‬‬
‫متى ينهض إلى الصالة‬ ‫‪‬‬
‫ال يشرع للداخل وراء اإلمام أن يركع دون الصف‬ ‫‪‬‬
‫ما يجب على المأموم أن يتبع فيه اإلمام‬ ‫‪‬‬
‫صالة القائم خلف القاعد‬ ‫‪‬‬
‫صفة االتباع‬ ‫‪‬‬
‫وجوب دخول الالحق الصالة واإلمام في حالة السجود أو في غير السجود‬ ‫‪‬‬
‫مؤتم يصلي المغرب بعد إمام يصلي العشاء‬ ‫‪‬‬
‫ما يحمله اإلمام عن المأمومين‬ ‫‪‬‬
‫ال تبطل صالة المؤتمين ببطالن صالة اإلمام‬ ‫‪‬‬

‫‪136‬‬
‫الفصل الثــــــــــالث‪ :‬أحكام خاصه بالمأمومين‬

‫موقف اإلمام واملأمومني‬


‫حوََلنِي‬ ‫عنْ شِمَالِهِ فَ َ‬ ‫عنْ يَسَا ِرهِ وَ ُربَمَا قَالَ سُ ْفيَانُ َ‬ ‫جئْتُ فَقُمْتُ َ‬
‫الصحيح‪ :‬أن موقف المؤتم الواحد أن يقوم عن يمين اإلمام لحديث (ثُمَ ِ‬
‫عنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَهِ‬ ‫حتَى قُمْتُ َ‬ ‫جئْتُ َ‬ ‫عنْ يَمِينِهِ‪ ،‬ثُمَ صَلَى مَا شَاءَ اللَهُ) (‪ )3‬وموقف االثنين فأكثر يكونون خلف اإلمام لحديث (ثُمَ ِ‬ ‫فَجَعََلنِي َ‬
‫حتَى أَقَامَنَا‬‫خذَنَا ِبيَ َديْهِ جَمِيعًا َ‬
‫عنْ يَسَا ِرهِ‪ ،‬فَأَ َ‬
‫حتَى قَامَ َ‬ ‫عنْ يَمِينِهِ‪ ،‬فَجَاءَ ا ْبنُ صَخْرٍ َ‬ ‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَأَخَذَ ِبيَدِي فََأدَا َرنِي حَتَى أَقَا َمنِي َ‬
‫خَلْفَهُ)(‪ )2‬ولحديث ( فَقَامَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َوصَفَفْتُ وَا ْل َيتِيمَ وَرَا َءهُ وَالْعَجُوزُ ِمنْ وَرَا ِئنَا‪ ،‬فَصَلَى َلنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ رَكْ َع َت ْينِ‪ ،‬ثُمَ ا ْنصَرَفَ)(‪ )1‬في الحديث داللة على أن موقف المرأة في الصالة يكون خلف الرجال وال يجوز للمرأة أن تصطف‬
‫مع الرجل بجانبه حتى لو كانت امرأة واحدة فموقفها خلف الرجل إذا كانت تصلي مع رجل واحد هو اإلمام وهي مؤتمة به‪ ،‬وخلف‬
‫الرجال إذا كان وراء اإلمام أكثر من رجل مثل صالة النبي ‪ ‬بأنس واليتيم وأمه‪ ،‬فموقف المرأة في الصالة خلفه ال بجانبه‪ ،‬سواء كان‬
‫اإلمام محرما لها أو غير محرم لها وسواء كانت وراء إمام الصالة مباشرة أو وراء مؤتمين به وسواء كانت إمرأة واحدة أو معها غيرها‬
‫من النساء فموقفهن خلف الرجال‪ ،‬وال يجوز للمرأة ان تصلي في صف الرجال أو بجانب الرجل المنفرد وسواء كانت الصالة صالة‬
‫ح َدهُ‪ ،‬فَأَمَ َرهُ َأنْ يُعِيدَ‪ ،‬قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ‬ ‫فرض أو نفل‪ ،‬وأما حديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ رَأَى رَجُلًا ُيصَلِي خَلْفَ الصَفِ وَ ْ‬
‫حَرْبٍ‪ :‬الصَلَاةَ)(‪ )4‬فهو خاص بالرجال وليس فيه أي داللة على بطالن صالة المرأة منفردة خلف الرجل أو الرجال‪ ،‬و يدل حديث أنس ‪‬‬
‫على أنه صلى هو واليتيم خلف رسول اهلل صلى عليه سلم والمرأة خلفهما فال تعارض بين الحديثين ألن حديث أنس خاص بصالة المرأة‬
‫خلف الرجل أو الرجال وحديث وابصة خاص بصالة الرجل وحده خلف الصف‪ ،‬ويعارض حديث وابصة حديث أبي بكرة وهو بلفظ (َأنَهُ‬
‫صلَ إِلَى الصَفِ‪ ،‬فَذَكَرَ ذَ ِلكَ لِل َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬زَا َداَ اللَهُ‬
‫ا ْن َتهَى إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَ ُهوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ َق ْبلَ َأنْ َي ِ‬
‫حِ ْرصًا وَلَا تَعُدْ)(‪ )5‬ومعنى قوله (وال تعد) أي ال تعد لفعل الركوع للصالة وأنت خارج الصف والنهي يقتضي التحريم فيحرم الركوع‬
‫للصالة لمن كان خارج الصف والنهي يقتضي فساد المنهي عنه‪ ،‬فمن ركع وهو خارج صف الصالة وهو يمشي إلى الصف في حالة‬
‫الركوع حرصاً عل ى إدراك الركعة فصالته غير صحيحة‪ ،‬وحديث أبي بكرة يعارض حديث وابصة ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم أقر‬
‫صالة أبي بكرة ولم يأمره بإعادة الصالة مع أنه صلى بعض الركعة وهو خارج الصف وعند التعارض يرجح ما في البخاري على ما في‬
‫السنن األخرى‪ ،‬ويحمل حديث أبي بكرة على حالة من لحق اإلمام وهو راكع وركع معه خلف الصف قبل أن ينضم إليه غيره ثم انضم‬
‫إليه غيره وتشكل صف لمصلين خلف الصف فصالته صحيحة وال يعيد الصالة لكونه صلى بعضاً من الصالة وحده خلف الصف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب التخفيف في الوضوء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 135‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بِتُ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَبِيُ صَلَى اللَ ُه‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ اللَيْلِ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ فِي بَ ْعضِ اللَيْلِ‪ ،‬قَامَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ مَ فَتَوَضَأَ مِنْ شَن مُعَلَقٍ وُضُوءً خَفِيفًا يُخَفِفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِلُهُ‪ ،‬وَقَامَ يُصَلِي‪ ،‬فَتَوَضَأْتُ‬
‫نَحْوًا مِمَا تَوَضَأَ‪ ،‬ثُمَ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ وَرُبَمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ فَحَوَلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَ مِينِهِ‪ ،‬ثُمَ صَلَى مَا شَاءَ اللَهُ‪ ،‬ثُمَ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَى نَفَخَ‪ ،‬ثُمَ أَتَاهُ‬
‫الْمُنَادِي فَآذَنَهُ بِالصَلَاةِ فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَلَاةِ فَصَلَى وَلَمْ يَتَوَضَأْ‪ ،‬قُلْنَا‪ :‬لِعَمْرٍو إِنَ نَاسًا يَقُولُونَ‪ :‬إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ‪ ،‬قَالَ‬
‫عَمْرٌو‪ :‬سَمِعْتُ عُبَيْ َد بْنَ عُمَيْ ٍر يَقُول‪ :‬رُؤْيَا الْأَنْبِيَا ِء وَحْيٌ‪ ،‬ثُ َم قَرََأ إِنِي أَرَى فِي الْمَنَا ِم أَنِي أَذْبَحُكَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصر ها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫أذن‪ :‬أعلم وأخبر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الشن‪ :‬القربة القديمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن‬‫ن الصَامِتِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَتَيْنَا جَابِرًا يَعْنِي ابْ َ‬‫ن الْوَلِي ِد بْنِ عُبَادَ َة بْ ِ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 634‬بلفظ (عَنْ عُبَادَ َة بْ ِ‬
‫عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سِرْتُ مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي غَزْوَةٍ فَقَامَ يُصَلِي‪ ،‬وَكَانَتْ عَلَيَ بُرْدَةٌ ذَهَبْتُ أُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي‪ ،‬وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَسْتُهَا‪ ،‬ثُمَ‬
‫خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا‪ ،‬ثُمَ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا لَا تَسْقُطُ‪ ،‬ثُمَ جِئْتُ حَتَى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ‪ ،‬فَجَاءَ‬
‫ابْنُ صَخْرٍ حَتَى قَامَ عَنْ يَسَارِهِ‪ ،‬فَأَخَذَنَا بِيَدَيْهِ جَمِيعًا حَتَى أَقَامَنَا خَلْفَهُ‪ ،‬قَالَ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَرْمُقُنِي وَأَنَا لَا أَشْعُر‪ ،‬ثُمَ فَطِنْتُ بِهِ فَأَشَارَ إِلَيَ أَنْ‬
‫أَتَزِرَ بِهَا‪ ،‬فَلَمَا فَرَغَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا جَابِرُ قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬لَبَيْكَ يَا رَسُو لَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِذَا كَانَ ضَيِقًا فَاشْدُدْهُ‬
‫عَلَى حِقْوِاَ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الصالة‪ ،‬ومسلم في كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫الرمق‪ :‬النّظر بطرف العين مع التتبع‪.‬‬ ‫تواقصت‪ :‬أمسكت عليها بعنقي لئال تسقط‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ذباذب‪ :‬أهداب وأطراف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الصالة على الحصير‪ .‬حديث رقم (‪ )350‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَ جَدَتَهُ مُلَيْكَةَ‪ ،‬دَعَتْ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬قُومُوا فَلِأُصَلِ لَكُمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ‪ ،‬فَقَامَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن وَرَائِنَا‪ ،‬فَصَلَى لَنَا رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَكْعَتَيْنِ‪ ،‬ثُ َم انْصَرَفَ)‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ وَصَفَفْتُ وَالْيَتِي َم وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِ ْ‬
‫أخ رجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصال ة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬نضح‪ :‬رّش‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬الرجل يصلي وحده خلف الصف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 652‬بلفظ (عَنْ وَابِصَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِي‬
‫ن بْنُ حَرْبٍ‪ :‬الصَلَاةَ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن يُعِيدَ‪ ،‬قَا َل سُلَيْمَا ُ‬ ‫ف وَحْدَهُ‪ ،‬فَأَمَرَ ُه أَ ْ‬
‫خَلْفَ الصَ ِ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إذا ركع دون الصف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 753‬بلفظ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ‪ ،‬أَنَهُ انْتَهَى إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَ َع‬
‫ا اللَ ُه حِرْصًا وَلَا تَعُدْ)‪.‬‬‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬زَادَ َ‬ ‫ن يَصِ َل إِلَى الصَفِ‪ ،‬فَذَكَ َر ذَلِكَ لِلنَبِ ِ‬ ‫قَبْ َل أَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫الصف األول‬
‫ثواب الصالة في الصف األول أكثر من ثواب الصالة في غيره من الصفوف حتى أن النبي ‪ ‬قال مبينا ثواب الصف األول وحاثاً لألمة‬
‫(‪)3‬‬
‫ستَهَمُوا)‬
‫س َتهِمُوا عََليْهِ لَا ْ‬
‫جدُوا إِلَا َأنْ يَ ْ‬
‫على المبادرة إلى الصالة في الصف األول ( َلوْ يَعْلَمُ النَاسُ مَا فِي ال ِندَاءِ وَالصَفِ الَْأوَل‪ ،‬ثُمَ لَمْ يَ ِ‬

‫اإلسراع إىل الصالة‬


‫الصحيح‪ :‬أ ن المصلي يأتي إلى الصالة بوقار وسكينة حتى يدخل في صف الصالة وال يسرع المشي ال خارج المسجد وال داخله لكي‬
‫يدرك الركعة لحديث ( ِإذَا أُقِيمَتْ الصَلَاةُ فَلَا تَ ْأتُوهَا تَسْ َع ْونَ‪ ،‬وَ ْأتُوهَا تَمْشُونَ‪ ،‬عََليْكُمْ السَكِينَةُ‪ ،‬فَمَا َأدْرَ ْكتُمْ َفصَلُوا‪ ،‬وَمَا فَاتَكُمْ فَ َأتِمُوا)(‪ )2‬وال‬
‫خيْرَاتِ}(‪ )1‬وبين قوله تعالى {وَسَا ِرعُواْ إِلَى مَغْفِ َرةٍ مِن َربِكُمْ}(‪ )4‬ألن اآلية عامة في‬ ‫س َتبِقُواْ الْ َ‬
‫تعارض بين الحديث وبين قول اهلل تعالى {فَا ْ‬
‫المسابقة في كل عبادة والحديث خاص بالمشي إلى الصالة فيعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام في الباقي‪.‬‬

‫مىت ينهض إىل الصالة‬


‫الصحيح‪ :‬جواز النهوض للصالة حينما يسمع صوت اإلقامة ولم يرد دليل صحيح صريح يحدد للقيام وقتاً معينا فيجوز القيام في بدء‬
‫اإلقامة ويجوز أثناء اإلقامة ويجوز عند االنتهاء من اإلقامة أو عند رؤية اإلمام متهيئاً للصالة‪ ،‬وأما حديث (ِإذَا أُقِيمَتْ الصَلَاةُ فَلَا تَقُومُوا‬
‫حتَى تَ َر ْونِي‪َ ،‬وعَ َليْكُمْ بِالسَكِينَةِ)(‪ )5‬فقد حمل البخاري رحمه اهلل تعالى النهي عن المسارعة في المشي إلى الصالة بدليل لفظ (السكينة) في‬ ‫َ‬
‫الحديث ألن األمر بالسكينة ال يكون إال للماشي‪ ،‬وال يصد ق على من كان جالسا منتظراً للصالة فوقف للصالة في مكانه‪.‬‬

‫ال يشرع للداخل وراء اإلمام أن يركع دون الصف‬


‫الصحيح‪ :‬أن ركوع المؤتم خارج الصف ومشيه إلى الصف وهو راكع ال يجوز وال يشرع للنهي الوارد بالمنع في حديث (زَا َداَ اللَهُ‬
‫حِ ْرصًا وَلَا تَ ُعدْ)(‪ )6‬الحديث ال ي دل على جواز الركوع دون الصف وإنما عذرالنبي صلى اهلل عليه وسلم أبا بكرة عن الفعل الماضي ونهاه‬
‫عن الركوع دون الصف في المستقبل ومعنى (وال تعد) نهي عن إيقاع فعل مثل هذا الفعل المنهي عنه‪.‬‬

‫ما جيب على املأموم أن يتبع فيه اإلمام‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على المؤتم متابعة اإلمام في أركان الصالة القولية والفعلية لحديث ( ِإنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ‪ ،‬فَِإذَا َكبَرَ فَ َكبِرُوا‪ ،‬وَِإذَا‬
‫(‪)7‬‬
‫جدُوا وَِإذَا صَلَى جَالِسًا َفصَلُوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ)‬ ‫جدَ فَاسْ ُ‬
‫رَكَعَ فَارْكَعُوا‪ ،‬وَِإذَا قَالَ سَمِعَ اللَهُ لِ َمنْ حَ ِم َدهُ‪ ،‬فَقُولُوا‪َ :‬ر َبنَا وََلكَ الْحَمْدُ‪ ،‬وَِإذَا سَ َ‬
‫الصحيح‪ :‬الجمع بين السمعله والحمدلة سواء كان المصلي إماماً أو مؤتماً أومنفردا‪ ،‬ألن األفضل هو اإلتيان بالزائد في حديث (وَِإذَا رَفَعَ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب اإلستهام في األذان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 615‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬لَوْ يَعْلَمُ النَاسُ مَا‬
‫فِي النِدَاءِ وَالصَفِ الْأَوَل‪ ،‬ثُمَ لَمْ يَجِدُوا إِلَ ا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا‪ ،‬وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْه‪ ،‬وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ‬
‫حَبْوًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬و أبو داود في األذان‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعات‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الشهادات‪ ،‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫العتمة‪ :‬صالة العشاء‪.‬‬ ‫التهجير‪ :‬التبكير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلستهام‪ :‬اإلقتراع‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب المشي إلى الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ )105‬بلفظ (عن أَبُي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَحْمَنِ‪ ،‬أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬إِذَا أُقِيمَتْ الصَلَا ُة فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ‪ ،‬وَأْ تُوهَا تَمْشُونَ‪ ،‬عَلَيْكُ ْم السَكِينَةُ‪ ،‬فَمَا أَدْرَكْتُ ْم فَصَلُوا‪ ،‬وَمَا فَاتَكُ ْم فَأَتِمُوا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعا ت‪ ،‬وأحمد في‬
‫باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحد يث‪ :‬األذان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬السعي‪ :‬اإلسراع في المشي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)145( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)133( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب اليسعى إلى الصالة مستعجال وليقم بالسكينة والوقار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 635‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ت الصَلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَى تَرَوْنِي‪ ،‬وَعَلَيْكُ ْم بِالسَكِينَةِ)‪.‬‬ ‫قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا أُقِيمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬و الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬السكينة‪ :‬الهدوء والطمأنينة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي بكرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)753‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إنما جعل اإلمام ليؤتم به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 651‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَمَا جُعِلَ الْإِمَامُ‬
‫لِيُؤْتَمَ بِهِ‪ ،‬فَإِذَا كَبَرَ فَكَبِرُوا‪ ،‬وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ‪ ،‬فَقُولُوا‪ :‬رَبَنَا وَلَكَ الْحَمْدُ‪ ،‬وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا و وَإِذَا صَلَى جَالِسًا فَصَلُوا جُلُوسًا‬
‫أَجْمَعُونَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن م اجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫رَأْسَهُ مِنْ الرُكُوعِ رَفَ َعهُمَا َكذَِلكَ َأ ْيضًا وَقَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِ َمنْ حَ ِم َدهُ َر َبنَا وََلكَ الْحَ ْمدُ‪ ،‬وَكَانَ لَا يَفْ َعلُ ذَِلكَ فِي السُجُودِ)(‪ )3‬وما دام أن النبي ‪‬‬
‫كان يجمع بين السمعلة والحمدلة فيجوزلإلمام الجمع بينهما ألن المثبت مقدم على النافي ومن حفظ حجة على من لم يحفظ‪.‬‬

‫صالة القائم خلف القاعد‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز أن يصلي القائم خلف القاعد ألن الصحابة صلوا بعد رسول اهلل ‪ ‬قائمين وصلى بهم قاعداً في مرض موته ‪،‬‬
‫وهذه القصة متأخرة ألنها في مرض موت النبي ‪ ‬وهي آخر فعل النبي ‪ ‬في حديث (لَمَا ثَقُلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬جَاءَ‬
‫جلٌ أَسِيفٌ‪ ،‬وَإِنَهُ َمتَى مَا يَقُمْ مَقَا َمكَ لَا‬ ‫بِلَالٌ يُو ِذنُهُ بِالصَلَاةِ‪ ،‬فَقَال‪ :‬مُرُوا َأبَا بَكْرٍ أَنْ ُيصَلِيَ بِالنَاسِ‪ .‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِنَ أَبَا بَكْرٍ رَ ُ‬
‫جلٌ أَسِيفٌ‪ ،‬وَِإنَهُ َمتَى يَقُمْ مَقَامَكَ‬ ‫يُسْمِعُ النَاسَ‪ ،‬فََلوْ أَمَرْتَ عُمَرَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مُرُوا َأبَا بَكْرٍ ُيصَلِي بِالنَاسِ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لِحَ ْفصَةَ قُولِي‪ :‬لَهُ ِإنَ َأبَا بَكْرٍ رَ ُ‬
‫جدَ رَسُولُ‬ ‫خلَ فِي الصَلَاةِ وَ َ‬‫صوَاحِبُ يُوسُفَ‪ ،‬مُرُوا َأبَا بَكْرٍ َأنْ ُيصَلِيَ بِالنَاسِ‪ ،‬فَلَمَا دَ َ‬ ‫لَا يُسْمِعُ النَاسَ‪ ،‬فََلوْ أَمَرْتَ عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬إنَكُنَ لََأ ْن ُتنَ َ‬
‫جدَ‪ ،‬فَلَمَا سَمِعَ َأبُو بَكْرٍ‬
‫خلَ الْمَسْ ِ‬‫حتَى دَ َ‬ ‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي نَفْسِهِ خِفَةً‪ ،‬فَقَامَ ُيهَادَى َب ْينَ رَجُ َل ْينِ وَرِجْلَا ُه يَخُطَانِ فِي الْأَ ْرضِ َ‬
‫عنْ يَسَارِ َأبِي‬ ‫حتَى جَلَسَ َ‬ ‫حِسَهُ ذَهَبَ َأبُو بَكْرٍ َيتَأَخَر‪ ،‬فََأوْمَأَ إَِليْهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَ َم َ‬
‫عدًا يَ ْق َتدِي َأبُو بَكْرٍ ِبصَلَاةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬‫بَكْرٍ فَكَانَ َأبُو بَكْرٍ ُيصَلِي قَائِمًا وَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ُيصَلِي قَا ِ‬
‫عنْهُ)(‪ )2‬وفعل النبي ‪ ‬في مرض موته ناسخ لقوله ‪( ‬وَِإذَا صَلَى جَالِسًا َفصَلُوا‬ ‫وَسَلَمَ وَالنَاسُ مُ ْق َتدُونَ ِبصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ َرضِيَ اللَهُ َ‬
‫جُلُوسًا)(‪ )1‬ألن فعله األخير ناسخ لفعله وقوله األول‪.‬‬

‫صفة االتباع‬
‫الصحيح‪ :‬أن من يسابق اإلمام يأثم وصالته صحيحة وإذا سابق المؤتم اإلمام فيجب عليه الرجوع إلى الركن أو الفعل الذي سبق اإلمام‬
‫فيه‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن المؤتم يكبر تكبيرة اإلحرام بعد فراغ اإلمام من تكبيرة اإلحرام لحديث (فَ ِإذَا َكبَرَ فَ َكبِرُوا) وألن األصل في صالة المؤتم‬
‫حدُكُمْ‪ِ ،‬إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ َق ْبلَ الْإِمَامِ‪َ ،‬أنْ يَجْ َعلَ اللَهُ َرأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ‪َ ،‬أوْ يَجْعَلَ‬
‫حدُكُمْ َأوْ لَا يَخْشَى أَ َ‬
‫هي متابعة اإلمام‪ ،‬وأما حديث (أَمَا يَخْشَى أَ َ‬
‫اللَهُ صُو َرتَهُ صُو َرةَ حِمَارٍ)(‪ )5‬فهو دليل على تحريم مسابقة إمام الصالة‪ ،‬ولكن ليس فيه دليل على بطالن صالة المؤتم‪ ،‬فالصالة صحيحة‬
‫وعليه إثم المسابقة‪.‬‬
‫وجوب دخول الالحق الصالة واإلمام يف حالة السجود أو يف غري السجود‬
‫يجب على الالحق إذا جاء واإلمام في حالة السجود أن يكبر تكبيرة اإلحرام في حال قيامه ويسجد مع اإلمام‪ ،‬وال يجوز له أن يظل واقفاً‬
‫حتى يفرغ اإلمام من سجوده ثم يقوم ويدخل الالحق مع اإلمام في حالة القيام‪ ،‬فهذه الحالة مخالفة ألمر النبي ‪ ‬من يلحق اإلمام في حال‬
‫جدُوا وَلَا‬
‫حنُ سُجُودٌ‪ ،‬فَاسْ ُ‬
‫ج ْئتُمْ إِلَى الصَلَاةِ َونَ ْ‬
‫السجود بالسجود معه وإذا لم يدخل الصالة ويلحقه ساجداً فقد خالف المشروع في حديث ( ِإذَا ِ‬
‫ش ْيئًا‪ ،‬وَ َمنْ َأدْ َراَ الرَكْعَةَ فَ َقدْ َأدْ َراَ الصَلَاةَ)(‪ )2‬في الحديث داللة على وجوب متابعة الالحق لإلمام في حالة السجود وال يعتبر‬
‫تَ ُعدُوهَا َ‬
‫سجوده مع اإلمام ركعة بل متابعة للتعبد‪ ،‬وأما الركعة فال تدرك إال بإدراك الركوع لحديث أبي بكرة ‪ ‬الذي لحق اإلمام وهو راكع‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب رفع اليدين في التكبيرة األولى مع االفتتاح‪ .‬حديث رقم (‪ ) 735‬بلفظ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ عَنْ أَبِيهِ و أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَلَاةَ‪ ،‬وَإِذَا كَبَرَ لِلرُكُو عِ‪ ،‬وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَنَا‬
‫ك فِي السُجُودِ)‪.‬‬ ‫ن لَا يَفْعَ ُل ذَلِ َ‬
‫ك الْحَمْدُ‪ ،‬وَكَا َ‬
‫وَلَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫المنكب‪ :‬ما بين الكتف والعنق‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حذو‪ :‬موازاة‪ ،‬أوقرب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب الرجل يأتم باإلمام ويأتم الناس بالمأموم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 713‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬لَمَا ثَقُلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَ سَلَمَ‪ ،‬جَاءَ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَلَاةِ‪ ،‬فَقَال‪ :‬مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِيَ بِالنَاسِ‪ .‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ ا للَهِ‪ ،‬إِنَ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ‪ ،‬وَإِنَهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَاسَ‪ ،‬فَلَوْ‬
‫أَمَرْتَ عُمَرَ‪ ،‬فَقَ الَ‪ :‬مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِي بِالنَاسِ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لِحَفْصَةَ قُولِي‪ :‬لَهُ إِنَ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ‪ ،‬وَإِنَهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَاسَ‪ ،‬فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَكُنَ‬
‫لَأَنْتُنَ صَوَاحِبُ يُوسُفَ‪ ،‬مُرُوا أَبَ ا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِيَ بِالنَاسِ‪ ،‬فَلَمَا دَخَلَ فِي الصَلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِ ي نَفْسِهِ خِفَةً‪ ،‬فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ‬
‫يَخُطَانِ فِي الْأَرْضِ حَتَى دَخَلَ الْمَسْجِدَ‪ ،‬فَلَمَا سَ مِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَر‪ ،‬فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن أَبُو بَكْ ٍر يُصَلِي قَائِمًا وَكَانَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يُصَلِي قَاعِدًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْ ٍر بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ‬ ‫ن يَسَا ِر أَبِي بَكْرٍ فَكَا َ‬ ‫وَسَلَمَ حَتَى جَلَسَ عَ ْ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ)‪.‬‬ ‫ن بِصَلَا ِة أَبِي بَكْرٍ رَضِ َ‬ ‫وَسَلَمَ وَالنَاسُ مُقْتَدُو َ‬
‫أخرجه مسلم في الصال ة‪ ،‬والترمذي في المناقب‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪ ،‬االعتصام بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫يهادى‪ :‬يترنح من شدة‬ ‫صواحب يوسف‪ :‬مثلهن في الجدل واإللحاح‪.‬‬ ‫آسيف‪ :‬رقيق القلب‪ ،‬سريع البكاء‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ثقل‪ :‬ضعف لشدة مرضه‪.‬‬
‫ضعفه‪ .‬تخطان‪ :‬أي يجر رجليه جراً في المشي‪ .‬اإليماء‪ :‬اإلشارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)734‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األذا ن‪ :‬باب في الرجل يدرا اإلمام ساجدا كيف يصنع‪ .‬حيث رقم (‪ ) 513‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ا الصَلَاةَ)‪ .‬حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ا الرَكْعَ َة فَقَ ْد أَدْرَ َ‬
‫ن أَدْرَ َ‬
‫ن سُجُودٌ‪ ،‬فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُوهَا شَيْئًا‪ ،‬وَمَ ْ‬ ‫وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا جِئْتُ ْم إِلَى الصَلَاةِ وَنَحْ ُ‬
‫أخرجه البخاري في المواقيت‪ ،‬ومسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في وقوت الصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إثم من رفع أسه قبل اإلمام‪ .‬حديث رقم (‪ ) 611‬بلفظ (عَنْ مُحَمَدِ بْنِ زِيَادٍ‪ ،‬سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫س حِمَارٍ‪ ،‬أَ ْو يَجْعَ َل اللَ ُه صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ)‪.‬‬ ‫ن يَجْعَ َل اللَهُ رَ ْأسَهُ رَأْ َ‬ ‫وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُ ْم أَوْ لَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ‪ ،‬إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْ َل الْإِمَامِ‪ ،‬أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إق امة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫واعتبرها ركعة ولفظه( َأنَهُ ا ْن َتهَى إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ وَ ُهوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَ ْبلَ َأنْ َيصِلَ إِلَى الصَفِ‪َ ،‬فذَكَرَ ذَِلكَ لِل َنبِيِ صَلَى اللَ ُه‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬زَا َداَ اللَهُ حِ ْرصًا وَلَا تَ ُعدْ) (‪ ، )3‬وأما من يلحق اإلمام وهو في حالة الرفع من الركوع أو في حالة السجود أو الجلوس بين‬
‫السجد تين أو في حالة الجلوس للتشهد فال يعدها ركعة وإنما يجب عليه الدخول في الصالة ومتابعة اإلمام على أي حال كان اإلمام فيها‬
‫صنَعُ الْإِمَامُ)(‪ )2‬فمن لحق اإلمام في حال الرفع من الركوع أوفي حال‬ ‫صنَعْ كَمَا َي ْ‬ ‫حدُكُمْ الصَلَاةَ‪ ،‬وَالْإِمَامُ عَلَى حَالٍ‪ ،‬فَ ْل َي ْ‬
‫لحديث ( ِإذَا َأتَى أَ َ‬
‫السجود أو الجلوس بين السجدتين أو الجلوس للتشهد فيجب عليه الدخول في الصالة مع اإلمام وال يعدها ركعة‪ ،‬وإذا كان في حال التشهد‬
‫األخيرفي الركعة األخيرة فإن كان يغلب على ظنه قيام جماعة أخرى فيسلم مع اإلمام‪ ،‬ويصلي الفرض مع جماعة أخرى وإن لم يغلب‬
‫على ظنه قيام جماعة أخرى فال يسلم مع اإلمام‪ ،‬وإنما يتم صالته ويسلم بعد إكمال صالته‪ ،‬وإن كان في غير الركعة األخيرة فيتابع اإلمام‬
‫وال يعدها ركعة إال إذا لحق اإلمام في حال الركوع واطمأن في الركوع مع اإلمام ولو بقدر تسبيحة واحدة فإنه يعتد بالركعة‪ ،‬أما إذا لحق‬
‫حتَى تَطْ َم ِئنَ رَاكِعًا)(‪.)1‬‬
‫اإلمام في الركوع ولم يطمئن راكعا مع اإلمام بقدر تسبيحة فال يعتد بالركعة لقوله ‪( ‬ثُمَ ارْكَعْ َ‬
‫مؤمت يصلي املغرب بعد إمام يصلي العشاء‬
‫إذا كان اإلنسان يريد أن يصلي صالة المغرب في جماعة بعد إمام يصلي صالة العشاء فيشرع له االنضمام إلى جماعة العشاء من الركعة‬
‫الثانية لكي يكمل صالته مع إكمال اإلمام صالة العشاء ويسلم مع تسليم اإلمام‪ ،‬ويكون بهذه الصفة مؤتماً باإلمام في جميع أفعال الصالة‬
‫وال يكون مخالفاً لإلمام في أي فعل من أفعال الصالة‪ ،‬أما لو دخل في الصالة مع اإلمام في الركعة األولى فإن صالته ستكمل في الركعة‬
‫الثالثة لإلمام‪ ،‬ويكون مضطراً ألن يسلم في الركعة الثالثة قبل تسليم اإلمام‪ ،‬ويكون بهذا مخالفاً لإلمام وغير مؤتم به‪ ،‬أو يضطر أن ينتظر‬
‫بعد فراغه من الركعة الثالثة في جلسته للتشهد األخير حتى يفرغ اإلمام من الركعة الرابعة وينتظر تشهد اإلمام األخير ويسلم معه‪ .‬وفي‬
‫هذا الفعل مخالفة لحديث (إنما جعل اإلمام ليؤتم به)(‪ )4‬ومخالفة اإلمام محرمة‪ ،‬الخالصة أنه يجب على مؤتم يريد أن يصلي صالة‬
‫المغرب بعد إمام يصلي صالة العشاء أن ال يدخل مع اإلمام في الركعة األولى ولكن ينتظر ويدخل معه في صالة الجماعة من الركعة‬
‫الثانية لكي ال يخالف اإلمام ويسلم قبل تسليم اإلمام‪.‬‬
‫ما حيمله اإلمام عن املأمومني‬
‫الصحيح‪ :‬أن إمام الصالة ال يحمل عن المأمومين شيئاً‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن المأموم يقرأ في الصالة السرية فاتحة الكتاب وغيرها من القرآن‬
‫وفي الصالة الجهرية فاتحة الكتاب في كل ركعة لحديث (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ)(‪ )5‬ولما ورد في حديث المسيء صالته من‬
‫األمر بقراءة الفاتحة التي هي تفسير لما تيسر من القرآن بقوله ‪( ‬وافعل ذلك في صالتك كلها)(‪ )6‬وأما حديث (مَالِي ُأنَا َزعُ الْقُرْآنَ! قَالَ‪:‬‬
‫جهَرَ فِيهِ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْقِرَا َءةِ ِمنْ الصََلوَاتِ‪ ،‬حِينَ‬
‫عنْ الْقِرَا َءةِ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِيمَا َ‬
‫فَا ْنتَهَى النَا سُ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫سَمِعُوا ذَِلكَ ِمنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ) فهو حديث عام وحديث (ال صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ) خاص فيعمل بالخاص‬
‫فيما تناوله وهو قراءة المؤتم بفاتحة الكتاب في كل ركعة‪ ،‬وبالعام في الباقي وهو تحريم قراءة المؤتم غير الفاتحة في الصالة وراء‬
‫اإلمام‪ ،‬ألن اإلمام يتحمل عن المأموم القراءة إال فاتحة الكتاب فيجب على المؤتم قراءتها سراً في الصالة الجهرية خلف اإلمام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي بكرة رضي اهلل عنه برقم (‪)753‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب مايذكر في الرجل يدرا اإلمام وهو ساجد كيف يصنع‪ .‬حديث رقم (‪ )511‬بلفظ (عَنْ عَلِي وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي‬
‫ن جَبَلٍ‪ ،‬قَالَا‪ :‬قَا َل النَبِيُ صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَم‪ :‬إِذَا أَتَى أَحَدُكُ ْم الصَلَاةَ‪ ،‬وَالْإِمَا ُم عَلَى حَالٍ‪ ،‬فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَ ُع الْإِمَامُ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن‬ ‫ن مُعَا ِذ بْ ِ‬
‫لَيْلَى عَ ْ‬
‫الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به الترمذي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب وجوب القرآءة لإلمام والمأموم في الصلوات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 713‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَم دَخَلَ الْمَسْجِدَ‪ ،‬فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَى فَسَلَمَ عَلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَرَدَ‪ ،‬وَقَال‪ :‬ارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَ كَ لَمْ تُصَلّ‪ ،‬فَرَجَعَ يُصَلِي كَمَا صَلَى‪ ،‬ثُمَ جَاءَ فَسَلَمَ عَلَى‬
‫النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ ‪ :‬ارْجِعْ فَصَلِ فَإِنَكَ لَمْ تُصَلِ ثَلَاثًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬وَالَذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِمْنِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَلَاةِ فَكَبّرِ‪ ،‬ثُمَ اقْرَأْ مَا‬
‫تَيَسَرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ‪ ،‬ثُمَ ارْكَعْ حَتَى تَطْمَئِ نَ رَاكِعًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَعْدِلَ قَائِمًا‪ ،‬ثُمَ اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِنَ سَاجِدًا‪ ،‬ثُمَ ارْفَعْ حَتَى تَطْمَئِنَ جَالِسًا‪ ،‬وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ‬
‫كُلِهَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي فيي االفتتياح‪ ،‬وأبيوداود فيي الصيالة‪ ،‬وابين ماجية فيي إقامية الصيالة والسينة فيهيا‪ ،‬وأحميد فيي بياقي مسيند‬
‫المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬األذان‪ ،‬االستئذان‪ ،‬األيمان والنذور ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)734‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب وجوب القرآءة لإلمام والمأموم في الصلوات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 756‬بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَامِتِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن لَ ْم يَقْرَأْ بِفَاتِحَ ِة الْكِتَابِ)‪.‬‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَم‪ ،‬قَال‪ :‬لَا صَلَاةَ لِمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)713‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب‪ ...‬حديث رقم (‪ )526‬بل فظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ‪،‬‬
‫فَقَالَ‪ :‬هَلْ قَرَأَ مَعِيَ أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنِي أَقُولُ‪ :‬مَالِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ! قَالَ‪ :‬فَانْتَهَى النَاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ الصَلَوَاتِ‪ ،‬حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أنازع‪ :‬المراد يقرأمعي ويسابقني في القرآءة‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ال تبطل صالة املؤمتني ببطالن صالة اإلمام‬
‫الصحيح‪ :‬أنه إذا فسدت صالة اإلمام بسبب من أسباب بطالن الصالة فال تفسد صالة المؤتمين سواءً علم اإلمام بالسبب المبطل لصالته‬
‫طئُوا فَلَكُمْ وَعََل ْيهِمْ)(‪ )3‬الحديث دليل واضح على عدم‬
‫أثناء الصالة أو بعد الفراغ منها لحديث ( ُيصَلُونَ لَكُمْ‪ ،‬فَِإنْ َأصَابُوا فَلَكُمْ‪ ،‬وَِإنْ أَخْ َ‬
‫بطالن صالة المؤتم أو المؤتمين بسبب بطالن صالة اإلمام ألن األصل عدم ارتباط صحة صالة المؤتم بصحة صالة اإلمام‪ ،‬ويجب على‬
‫اإلمام إذا بطلت صالته أن يعيدها في الوقت أو يقضيها إذا قد خرج وقتها‪ ،‬وال يجب على المؤتم أن يعيد الصالة إذا علم بطالن صالة‬
‫اإلمام في الوقت وال يجب عليه القضاء بعد الوقت‪ ،‬ألن صالته صحيحة ومن ادعى وجوب اإلعادة أو القضاء على المؤتم فعليه الدليل‬
‫الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إذا لم يتم اإلمام وأتم من خلفه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 614‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ن أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ)‪.‬‬
‫ن أَصَابُوا فَلَكُمْ‪ ،‬وَإِ ْ‬
‫يُصَلُونَ لَكُمْ‪ ،‬فَإِ ْ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫الباب احلادي عشر‪ :‬صالة اجلمعة‪.‬‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬وجوب صالة الجمعة ومن تجب عّليه‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬شروط صالة الجمعة‬
‫‪ ‬الفصّل الثـالث‪ :‬أركان الجمعة‪.‬‬
‫‪ ‬الفصّل الرابـــع‪ :‬غسّل يوم الجمعـــــة‬

‫‪142‬‬
‫الفصل األول‪ :‬وجوب صالة الجمعة ومن تجب عليه‪.‬‬

‫وجوب صالة اجلمعة‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة الجمعة فرض عين لقوله تعالى { يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصَلَاةِ مِن َيوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْ َعوْا إِلَى ذِكْرِ اللَهِ َوذَرُوا‬
‫ختِ َمنَ اللَهُ‬
‫عهِمْ الْجُمُعَاتِ‪َ ،‬أوْ َليَ ْ‬ ‫خيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(‪ )1‬األمر بالسعي يقتضي الوجوب ولحديث ( َليَ ْن َت ِه َينَ أَ ْقوَامٌ َ‬
‫عنْ َو ْد ِ‬ ‫ا ْل َبيْعَ ذَلِكُمْ َ‬
‫)(‪)2‬‬
‫عَلَى قُلُو ِبهِم‪ ،‬ثُمَ َليَكُو ُننَ ِمنْ الْغَافِلِينَ الوعيد الشديد في الحديث على من يترك صالة الجمعة يدل على وجوبها وألنها بدل عن واجب‬
‫صالة الظهر وال يقوم مقام الواجب إال واجب‪.‬‬

‫على من جتب صالة اجلمعة‬


‫تجب صالة الجمعة على كل مسلم ذكر صحيح عاقل‪ ،‬وال تجب على المرأة وال الصبي وال المجنون وال على المريض لحديث (الجمعة‬
‫حق واجب على كل مسلم في جماعة إال أربعة عبد مملوا أو امرأة أو صبي أو مريض)(‪ )1‬ولم يرد ذكر المسافر بين المستثنين من‬
‫وجوب صالة الجمعة‪ ،‬ولعدم وجود الدليل الخاص باستثناء المسافر نقل اإلمام البخاري رحمه اهلل تعالى في كتابه (صحيح البخاري) رأي‬
‫الزهري بوجوب صالة الجمعة على المسافر ونص قوله "وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري‪ :‬إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر‬
‫فعليه أن يشهد"‪ ،‬وهذا النقل تحت عنوان (المشي إلى صالة الجمعة) ولعل اإلمام الزهري ووافقه اإلمام البخاري ذهبا إلى القول بوجوب‬
‫صالة الجمعة على المسافر إذا سمع أذان صالة الجمعة لدخول المسافر تحت عموم قول النبي ‪( ‬الجمعة حق واجب على كل مسلم في‬
‫جماعة)(‪ )4‬حيث لم يرد دليل صحيح صريح يدل على تخصيص المسافر من هذا العموم‪ .‬وعلماء الظاهرية يقولون‪ :‬بوجوب صالة‬
‫الجمعة على المسافر لدخوله في عموم الحديث (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة) وإذا حضر صالة الجمعة العبد أو الصبي‬
‫أو المرأة أو المريض فتصح صالته جمعة وتسقط عنه صالة الظهر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الجمعة‪.)1( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب التغليظ في ترا الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1111‬بلفظ (عن الْحَكَمُ بْنُ مِينَاءَ أَنَ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَثَاهُ أَنَهُمَا سَمِعَا‬
‫ن الْغَافِلِينَ)‪.‬‬‫ن اللَهُ عَلَى قُلُوبِهِم‪ ،‬ثُ َم لَيَكُونُنَ مِ ْ‬
‫ن وَدْعِهِ ْم الْجُمُعَاتِ‪ ،‬أَوْ لَيَخْتِمَ َ‬
‫ن أَقْوَا ٌم عَ ْ‬
‫رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِه‪ ،‬لَيَنْتَهِيَ َ‬
‫أخرجه النسائي في الجمعة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعات‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الختم‪ :‬الطبع والتغطية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الجمعة للمملوا والمرأة‪ .‬حديث رقم (‪ )1067‬بلفظ (عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الْجُمُعَةُ‬
‫ب عَلَى كُلِ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ‪ ،‬إِلَا أَرْبَعَةً‪ ،‬عَبْ ٌد مَمْلُواٌ‪ ،‬أَ ْو امْرَأَةٌ‪ ،‬أَ ْو صَبِيٌ‪ ،‬أَوْ مَرِيضٌ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ق وَاجِ ٌ‬ ‫حَ ٌ‬
‫انفرد به أبوداود‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث طارق بن شهاب رضي اهلل عنه برقم (‪.)1067‬‬
‫‪143‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شروط صالة الجمعة‬

‫وقت صالة اجلمعة‬


‫الصحيح‪ :‬أن وقت صالة الجمعة هو وقت الزوال وهو وقت صالة الظهر ألن صالة الجمعة هي بدل عن صالة الظهر وال تجوز وال‬
‫تجزئ قبل الزوال ألن األصل أال تصلى إال بعد الزوال لحديث (َأنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ ُيصَلِي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ‬
‫الشَمْسُ)(‪ )3‬ومعنى (تميل الشمس) أي عقيب الزوال‪ ،‬وأما حديث (مَا ُكنَا نَقِيلُ‪ ،‬وَلَا َنتَ َغدَى‪ ،‬إِلَا بَ ْعدَ الْجُمُعَةِ)(‪ )2‬فالمراد به المبالغة في‬
‫التبكير لصالة الجمعة في أول وقت الظهر وليس المراد منه أن وقت صالة الجمعة قبل الزوال‪.‬‬

‫أذان صالة اجلمعة‬


‫الصحيح‪ :‬أن وقت أذان صالة الجمعة هو حينما يجلس اإلمام على المنبر ألداء خطبتي الجمعة‪ .‬الصحيح‪ :‬أنه يكفي لصالة الجمعة أذان‬
‫واحد ومؤذن واحد‪ ،‬ألن بالالً كان يؤذن بين يدي رسول اهلل ‪ ‬أذاناً واحداً لحديث (وَلَمْ يَ ُكنْ لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ُم َؤ ِذنٌ َ‬
‫غيْرَ وَاحِدٍ‬
‫وَكَانَ التَأْذِينُ َيوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ يَ ْعنِي عَلَى الْ ِم ْنبَرِ)(‪ )1‬وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس اإلمام يعني على المنبر‪ ،‬وفي‬
‫عصرنا ال لزوم لألذان األول في يوم الجمعة ألن الناس قد معهم ساعات تبين لهم األوقات وأصبح الوقت معلوماً‪.‬‬

‫قراءة القرآن من اإلذاعة قبل خطبة اجلمعة‬


‫قراءة القرآن من اإلذاعة قبل خطبة الجمعة ليست مشروعة ألن القراءة تحمَل الناس واجب االستماع واإلنصات لقراءة القرآن الكريم وهم‬
‫مشغولون عن القيام بهذا الواجب‪ ،‬البعض مشغولون في الحمامات للتهيئ لصالة الجمعة‪ ،‬والبعض مشغولون بقراءة سورة الكهف‬
‫وغيرها‪ ،‬والبعض مشغولون بالتحادث مع غيرهم ولم يستمع وينصت للقرآن المتلو من اإلذاعة إال القليل من الناس‪ ،‬والمشروع في يوم‬
‫الجمعة أن كل إنسان يقرأ القرآن بنفسه أو يصلي على النبي ‪ ،‬أو يذكر اهلل تعالى ويستغفره‪.‬‬

‫العدد الذي تنعقد به صالة اجلمعة‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة الجمعة تصح بأقل ما يطلق عليه اسم الجمع ألن من شرطها الجماعة واسم الجمع يطلق على االثنين سوى اإلمام فإذا‬
‫وجد اثنان مع اإلمام في جب أن تقام فيهم صالة الجمعة وإذا لم يقم الثالثة صالة الجمعة فإنهم مهددون بالوعيد الشديد على ترك صالة‬
‫(‪)4‬‬
‫ختِ َمنَ اللَهُ عَلَى قُلُو ِبهِم‪ ،‬ثُمَ َليَكُو ُننَ ِمنْ الْغَافِلِينَ)‬
‫عهِمْ الْجُمُعَاتِ‪َ ،‬أوْ َليَ ْ‬
‫عنْ َودْ ِ‬
‫الجمعة وهو الختم على القلوب لحديث ( َل َي ْنتَ ِه َينَ أَ ْقوَامٌ َ‬
‫ويجب أن تقام صالة الجمعة بأقل اسم الجمع في القرى والمدن واألرياف والسجون والمعسكرات والمستشفيات والمصانع وحيثما يوجد‬
‫الثالثة الرجال من المسلمين في أي مكان من األرض‪.‬‬

‫املسجد واملصر والسلطان‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يشترط لوجوب صالة الجمعة أن تكون في مسجد ألن النبي ‪ ‬صلى أول جمعة في وادي (وابورا) ولم يكن في هذا‬
‫الوادي مسجد وال مدينة وال سلطان وإنما كان عبارة عن واد‪ ،‬وال عالقة بين وجوب صالة الجمعة والمسجد أو بين وجوب صالة الجمعة‬
‫والمدينة أو الدولة كما اشترط بعض العلماء لصحة ولوجوب صالة الجمعة وجود السلطان العام أو العادل‪ ،‬وال عالقة لوجوب صالة‬
‫الجمعة بالسلطان وليس وجود السلطان العادل أو غير العادل شرطاً لوجوب صالة الجمعة‪ ،‬والقول باشتراط السلطان العادل أو غير‬
‫العادل لوجوب أو لصحة صالة الجمعة ال دليل عليه ال من الكتاب وال من السنة ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره ألن‬
‫صالة الجمعة مثل الصلوات الخمس هي عبادة هلل عز وجل وعالقة خاصة بين العابد والمعبود وبين الخالق والمخلوق ومن يدعي اشتراط‬
‫وجود سلطان عادل أو غير عادل لوجوب أو لصحة صالة الجمعة فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة‪ ،‬وكذا من يدعي‬
‫اشتراط وجود المسجد أو المصر أو العدد الزائد على ما يطلق عليه اسم الجمع لوجوب أو لصحة صالة الجمعة فعليه الدليل الصحيح‬
‫الصريح الخالي عن المعارضة‪ ،‬وليس على القول باشتراط المسجد أو المصر أو العدد الزائد على ما يطلق عليه اسم الجمع دليل ال من‬
‫الكتاب وال من السنة‪ ،‬ولو كان أي من المسجد أو المصر أو السلطان شرطاً لوجوب أو لصحة صالة الجمعة لبينه الرسول ‪ ‬بياناً‬
‫واضحًا بأدلة واضحة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ )104‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن تَمِي ُل الشَمْسُ)‪.‬‬ ‫ن يُصَلِي الْجُمُعَ َة حِي َ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬كَا َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب قول اهلل (إذا قضيت الصالة فانتشروا)‪ .‬حديث رقم (‪ )131‬بلفظ (عن ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ بِهَذَا‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬مَا كُنَا‬
‫نَقِيلُ‪ ،‬وَلَا نَتَغَدَى‪ ،‬إِلَا بَعْ َد الْجُمُعَةِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الجمعة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب المؤذن الواحد يوم الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 113‬بلفظ (عَنْ السَائِبِ بْنِ يَزِيد‪ ،‬أَنَ الَذِي زَادَ التَأْذِينَ الثَالِثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُثْمَانُ‬
‫بْنُ عَفَانَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ‪ ،‬وَلَمْ يَكُنْ لِلنَبِيِ صَلَى اللَ هُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مُؤَذِنٌ غَيْرَ وَاحِدٍ‪ ،‬وَكَانَ التَأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ يَعْنِي عَلَى‬
‫الْمِنْبَرِ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1111‬‬
‫‪144‬‬
‫الفصل الثـالث‪ :‬أركان اجلمعة‬

‫الخطــــبة‬ ‫‪‬‬
‫مقدار الخطـــــبة‬ ‫‪‬‬
‫اإلنصات للخطبة‬ ‫‪‬‬
‫صالة ركعتين واإلمام يخطب‬ ‫‪‬‬
‫ما يقرأ في صالة الجمعة‬ ‫‪‬‬

‫‪145‬‬
‫الفصل الثـالث‪ :‬أركان الجمعة‪.‬‬

‫‪3‬ـ الخطبة‪2 .‬ـ ركعتان بعد الخطبة‬

‫اخلطــــبة‬
‫الصحيح‪ :‬أن خطبة الجمعة ليست شرطاً لصحة صالة الجمعة وليست ركناً من أركانها ولكنها واجب مستقل فمن فاتته خطبة الجمعة‬
‫صلَاةَ)(‪ )3‬ولفظ (الصالة) عام يعم الصلوات كلها ومنها صالة‬ ‫فليصل ركعتي الجمعة لحديث ( َمنْ َأدْ َراَ رَكْعَةً مِنْ الصَلَاةِ فَقَدْ َأدْ َراَ ال َ‬
‫(‪)2‬‬
‫الجمعة وحكم الخطبة الوجوب لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُوا ِإذَا نُودِي لِلصَلَاةِ مِن َيوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْ َعوْا إِلَى ذِكْرِ اللَهِ} وذكر اهلل يعم‬
‫الخطبة والصالة‪.‬‬

‫مقدار اخلطـــــبة‬
‫خُطبُ النبي ‪ ‬كان فيها الحمد هلل تعالى والصالة والسالم على رسول اهلل ‪ ‬وذكر هلل تعالى‪ ،‬وخطبة الجمعة ال بد أن تشتمل على هذه‬
‫األمور وعلى مواعظ وآيات قرآنية وأحاديث نبوية وهي خطبتان يكون الخطيب في كل منهما قائماً يفصل بينهما بجلسة خفيفة‪ ،‬والقدر‬
‫المجزئ هو أقل ما يطلق عليه اسم الخطبة الشرعي المشتمل على اإلرشاد والوعظ‪ ،‬والقيام في الخطبتين واجب مستقل وليس بشرط فمن‬
‫خطب وهو جالس فتصح خطبته ويأثم لمخالفة الواجب‪ ،‬وأول من خطب جالساً هو معاوية بن أبي سفيان في آخر عمره حينما سمن وثقل‬
‫جسمه‪ ،‬والجلوس بين الخطبتين تعبد هلل عز وجل وليست للراحة ألن خطب النبي ‪ ‬كانت قصيرة بحيث ال يحتاج إلى راحة‪ ،‬وحكم‬
‫الجلسة بين الخطبتين واجب مستقل وليس بشرط لصحة الخطبة‪ ،‬وليست الجلسة جلسة طبيعية اختيارية بل هي جلسة تعبدية حكمها‬
‫ط َبتَ ْينِ يَقْ ُعدُ بَ ْي َنهُمَا)(‪ )1‬ويستحب تقصير وقت الخطبتين لحديث (ِإنَ طُولَ صَلَاةِ‬‫الوجوب لحديث (كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَخْطُبُ خُ ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫طبَةَ‪ ،‬وَِإنَ ِمنْ ا ْل َبيَانِ سِحْرًا) ‪.‬‬
‫ط َبتِهِ َم ِئنَةٌ ِمنْ فِ ْقهِهِ‪ ،‬فَأَطِيلُوا الصَلَاة‪ ،‬وَا ْقصُرُوا الْخُ ْ‬
‫جلِ‪ ،‬وَقِصَرَ خُ ْ‬
‫الرَ ُ‬

‫اإلنصات للخطبة‬
‫(‪)5‬‬
‫ح ِبكَ َيوْمَ الْجُمُعَةِ َأ ْنصِتْ‪ ،‬وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَ َقدْ لَ َغوْتَ) والكالم أثناء‬
‫الصحيح‪ :‬أن اإلنصات لخطبتي الجمعة واجب لحديث (ِإذَا قُلْتَ ِلصَا ِ‬
‫الخطبتين محرم فمن تكلم فقد لغى وأثم بالكالم لكنه يصلي جمعة ركعتين وال يصلي ظهرً أربعا‪ ،‬ألن الكالم يفسد عليه ثواب الجمعة ويأثم‬
‫بمخالفة الواجب‪ ،‬وال يفسد عليه صحة صالة الجمعة‪ ،‬ويجب اإلنصات في الخطبتين كليهما وليس عند قراءة القرآن فقط بدليل قول النبي‬
‫‪( ‬واإلمام يخطب) ولم يقل (واإلمام يقرأ القرآن) وكالم الخطيب بالقرآن أو بغير القرآن يسمى خطبة‪ ،‬الحديث يفيد النهي عن جميع‬
‫سبْعٍ َو َنهَانَا عَنْ‬
‫أنواع الكالم حال الخطبتين‪ ،‬وأما األمر برد السالم وتشميت العاطس في حديث (أَمَ َرنَا ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ بِ َ‬
‫(‪)6‬‬
‫عيَا َدةِ الْمَرِيضِ‪ ،‬وَإِجَابَةِ الدَاعِي‪َ ،‬و َنصْرِ الْمَّظْلُوم‪ ،‬وَِإبْرَارِ الْقَسَمِ‪ ،‬وَ َردِ السَلَامِ‪َ ،‬وتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ) فهو‬
‫جنَائِزِ‪َ ،‬و ِ‬
‫سبْعٍ‪ ،‬أَمَ َرنَا بِا ِتبَاعِ الْ َ‬
‫َ‬
‫عام في كل األوقات‪ ،‬واألمر باإلنصات خاص بوقت خطبتي الجمعة واألمر باإلنصات يتضمن النهي عن الكالم حال الخطبتين‪ ،‬واألمر‬
‫برد السالم أو تشميت العاطس أثناء خطبتي الجمعة يعارض االمر بوجوب اإلنصات والنهي عن الكالم فيرجح األمر باإلنصات على‬
‫األمر برد السالم وعلى تشميت العاطس تغليباً لجانب النهي عن الكالم حال الخطبتين‪ ،‬وعلى هذا فال يجوز رد السالم وال تشميت‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب من ادرا من الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 550‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ‬
‫ا الصَلَاةَ)‪.‬‬ ‫ن الصَلَاةِ فَقَدْ أَدْرَ َ‬ ‫أَدْرَاَ رَكْعَ ًة مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في وقت الصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الجمعة‪.)1( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 125‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى‬
‫ن يَقْعُ ُد بَيْنَهُمَا)‪.‬‬‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الجمعة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب تخفيف الصالة والخطبة‪ .‬حديث رقم (‪ )2116‬بلفظ (عَنْ وَ اصِلِ بْنِ حَيَانَ‪ ،‬قَال‪ :‬قَالَ أَبُو وَائِلٍ‪ :‬خَطَبَنَا عَمَارٌ فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ‪ ،‬فَلَمَا‬
‫ن طُو َل صَلَا ِة الرَجُلِ‪ ،‬وَقِصَرَ خُطْبَتِ ِه مَئِنَةٌ‬ ‫ت تَنَفَسْتَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنِي سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬إِ َ‬ ‫ت وَأَوْجَزْتَ‪ ،‬فَلَوْ كُنْ َ‬ ‫نَزَ َل قُلْنَا‪ :‬يَا أَبَا الْيَقّْظَانِ‪ ،‬لَقَ ْد أَبْلَغْ َ‬
‫ن سِحْرًا)‪.‬‬ ‫ن الْبَيَا ِ‬
‫ن فِقْهِهِ‪ ،‬فَأَطِيلُوا الصَلَاة‪ ،‬وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ‪ ،‬وَإِنَ مِ ْ‬ ‫مِ ْ‬
‫أخرجه أحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫البيان‪ :‬الفصاحة وبالغة الكال م‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬مئنة‪ :‬عالمة ودليل‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب اإلنصات يوم الجمعة واإلمام يخطب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2006‬بلفظ (عن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَبِ‪ ،‬أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَخْبَرَهُ أَنَ رَسُولَ‬
‫ب فَقَ ْد لَغَوْتَ)‪.‬‬
‫ك يَوْ َم الْجُمُعَ ِة أَنْصِتْ‪ ،‬وَالْإِمَا ُم يَخْطُ ُ‬‫ت لِصَاحِبِ َ‬ ‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬إِذَا قُلْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجمعة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالوالسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬لغوت‪ :‬انشغلت عن الخطبة فذهب أجرا‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب األمر باتباع الجنائز‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1231‬بلفظ (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَال‪ :‬أَمَرَنَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ‪ ،‬أَمَرَنَا بِاتِبَاعِ الْجَنَائِزِ‪ ،‬وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ‪ ،‬وَإِجَابَةِ الدَاعِي‪ ،‬وَنَصْرِ الْمَّظْلُوم‪ ،‬وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ‪ ،‬وَرَدِ السَلَامِ‪ ،‬وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ‪ ،‬وَنَهَانَا عَنْ‬
‫آنِيَ ِة الْفِضَةِ‪ ،‬وَخَاتَ ِم الذَهَبِ‪ ،‬وَالْحَرِير و ِ وَالدِيبَاجِ‪ ،‬وَالْقَسِيِ‪ ،‬وَالْإِسْتَبْرَقِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اللباس والزينة‪ ،‬والترمذي في اللباس‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النكاح األشربة‪.‬‬
‫استبرق‪ :‬ما غلظ من الحرير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬القسي‪ :‬ثياب مخططه بالحرير‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫العاطس أثناء الخطبتين‪ ،‬أما الصالة على النبي ‪ ‬عند ذكر اسمه أثناء الخطبتين بصوت خفي فيجوز لعدم التشويش أثناء الخطبتين‪،‬‬
‫ويجوز التأمين على دعاء الخطيب بصوت خفي‪.‬‬

‫صالة ركعتني واإلمام خيطب‬


‫الصحيح‪ :‬أن من يدخل المسجد يوم الجمعة واإلمام يخطب فيصلي ركعتين تحية المسجد ألمر رسول اهلل ‪ ‬بصالة الركعتين في حديث‬
‫صلِ رَكْ َع َت ْينِ)(‪ )3‬وفي‬
‫جلٌ َيوْمَ الْجُمُعَةِ‪ ،‬وَال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَخْطُبُ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬أصََليْتَ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُمْ َف َ‬
‫خلَ رَ ُ‬
‫جابر ‪ ‬بلفظ ( دَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫رواية مسلم بلفظ (قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَ َت ْينِ) في الحديث داللة على أن من دخل المسجد وجلس قبل صالة ركعتي التحية فيجوز له أن يستدرك‬
‫فيقوم يصلي ركعتي التحية‪ ،‬الحديثان دليالن خاصان بمن يدخل المسجد في يوم الجمعة واإلمام يخطب وهما يخصصان عموم حديث‬
‫وجوب اإلنصات أثناء الخطبتين‪ ،‬ويشرع التجوز فيهما وأن يكونا ركعتين خفيفتين‪.‬‬

‫ما يقرأ يف صالة اجلمعة‬


‫يستحب قراءة سورة الجمعة بعد قراءة سورة الفاتحة في الركعة األولى وسورة المنافقين بعد قراءة سورة الفاتحة في الركعة الثانية أحياناً‪،‬‬
‫وأحيانا يستحب قراءة سورة األعلى بعد الفاتحة في الركعة األولى وسورة الغاشية بعد الفاتحة في الركعة الثانية لصالة رسول اهلل ‪ ‬بهذه‬
‫ستَخْلَفَ مَ ْروَانُ َأبَا هُ َريْرَةَ عَلَى الْ َمدِينَةِ وَخَرَجَ إِلَى مَكَةَ َفصَلَى َلنَا َأبُو هُ َريْ َرةَ الْجُمُعَةَ‪ ،‬فَقَرَأَ بَ ْعدَ سُورَةِ‬
‫السور في صالة الجمعة لحديث (ا ْ‬
‫الْجُمُعَةِ فِي الرَكْعَةِ الْآخِ َرةِ ِإذَا جَا َءاَ الْ ُمنَافِقُونَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَدْرَكْتُ َأبَا هُ َريْ َرةَ حِينَ ا ْنصَرَفَ فَقُلْتُ‪ :‬لَهُ ِإ َنكَ قَرَأْتَ بِسُو َر َت ْينِ كَانَ عَلِيُ ْبنُ َأبِي‬
‫طَالِبٍ يَقْرَأُ ِبهِمَا بِالْكُوفَةِ‪ ،‬فَقَالَ َأبُو هُ َريْ َرةَ‪ِ :‬إنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَقْرَأُ بِهِمَا َيوْمَ الْجُمُ َعةِ)(‪ )1‬وحديث (كان رسول‬
‫اهلل ‪ ‬يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ (سبح اسم ربك األعلى) و(هل أتاا حديث الغاشية)(‪ )4‬وتشرع القراءة بهذه السور في صالة‬
‫الجمعة سنة ال وجوباً ويجوز القراءة في صالة الجمعة بغير هذه السور بأي شيء من القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التهجد‪ :‬باب ماجاء في التطوع مثنى مثنى‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1116‬بلفظ (عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا‪ ،‬قَال‪ :‬دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ‪ ،‬وَالنَبِيُ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَخْطُبُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَصَلَيْتَ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُ ْم فَصَلِ رَكْعَتَيْنِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنةفيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب التحية واإلمام يخطب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2015‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ وَالنَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَخْطُبُ‬
‫ت يَا فُلَانُ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَال‪ :‬قُمْ فَارْكَ ْع رَكْعَتَيْنِ)‪.‬‬ ‫س يَوْ َم الْجُمُعَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَصَلَيْ َ‬
‫النَا َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنةفيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب ما يقرأ في صالة الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2024‬بلفظ (عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ‬
‫إِلَى مَكَةَ فَصَلَى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ‪ ،‬فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَكْعَةِ الْآخِرَ ةِ إِذَا جَاءَاَ الْمُنَافِقُونَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ‪ :‬لَهُ إِنَكَ قَرَأْتَ‬
‫ب يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ‪ ،‬فَقَا َل أَبُو هُرَيْرَةَ‪ :‬إِنِي سَمِعْتُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقْرَُأ بِهِمَا يَوْ َم الْجُمُعَةِ)‪.‬‬
‫ن أَبِي طَالِ ٍ‬ ‫ي بْ ُ‬
‫بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب ما يقرأ في صالة الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ )2025‬بلفظ (عَنْ النُعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقْ َرأُ‬
‫ث الْغَاشِيَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَإِذَا اجْتَمَ َع الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِ ٍد يَقْرَُأ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَلَاتَيْنِ)‪.‬‬ ‫ك الْأَعْلَى وَهَ ْل أَتَااَ حَدِي ُ‬
‫ح اسْمَ رَبِ َ‬ ‫فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَ ِة بِسَبِ ِ‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الموفيين‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫الفصل الرابـــع‪ :‬غسل يوم الجمعـــــة‬

‫سلْ)(‪ )3‬الصارف لصيغة األمر من الوجوب إلى السنية‬ ‫حدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَ ْليَ ْغتَ ِ‬
‫الصحيح‪ :‬أن غسل يوم الجمعة سنة مؤكدة لحديث (ِإذَا جَاءَ أَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫سلَ َف ُهوَ أَ ْفضَلُ) المراد من اغتسال يوم الجمعة هو لحضور صالة‬ ‫المؤكدة حديث ( َمنْ َت َوضَأَ َيوْمَ الْجُمُعَةِ َف ِبهَا َونِعْمَتْ‪ ،‬وَ َمنْ اغْتَ َ‬
‫الجمعة بجسد نضيف من العرق وأوضار الجسد التي تالزمه من الجهد في العمل‪ ،‬ولذا فيستحب االغتسال قبيل الحضور إلى المسجد‬
‫لصالة الجمعة ومن اغتسل في صباح الجمعة لسنة اغتسال يوم الجمعة ثم مارس عمالً مجهداً سبب له العرق ونحوه فيستحب له إعادة‬
‫سلْ) معنى الحديث‬
‫حدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَ ْليَ ْغتَ ِ‬
‫االغتسال لكي يحضر الصالة بعد االغتسال وهو طيب الجسد والرائحة وهذا معنى حديث (ِإذَا جَاءَ أَ َ‬
‫إذا أراد أحدكم المجيء إلى صالة الجمعة فليغتسل ليحضر الصالة وهو طيب الجسد والرائحة ولذا فيشرع إضافة إلى االغتسال التطيب‬
‫بالروائح الطيبة ولبس الثياب النظيفة لتعظيم شعيرة صالة الجمعة‪ ،‬وغسل يوم الجمعة مشروع لمن يحضر صالة الجمعة من الرجال أو‬
‫النساء وإن كانت صالة المرأة في بيتها أفضل من صالتها في المسجد لكن إذا كانت كبيرة السن وحضرت مسجد النساء لصالة الجمعة‬
‫فيشرع لها االغتسال لصالة الجمعة وال يشرع التطيب بالعطر أو الروائح الطيبة ألنه يحرم على المرأة أن تمس الطيب وتخرج من بيتها‬
‫جدُوا ِمنْ رِيحِهَا َفهِيَ زَا ِنيَةٌ)(‪..)1‬‬ ‫ستَعْطَرَتْ فَمَرَتْ عَلَى َقوْمٍ‪ِ ،‬ليَ ِ‬ ‫لحديث ( َأيُمَا امْرََأةٍ ا ْ‬

‫وجوب اجلمعة على من يف املصر ومن خارج املصر‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة الجمعة واجبة على كل مسلم يسكن المدن أو القرى أو البوادي وال فرق بين كونه يسمع النداء أوال يسمع النداء وتجب‬
‫على من قد اجتمعوا ثالثة فصاعداً في أي مكان من األرض في الصحاري أوفي الجبال أوفي المدن أو في القرى أو في أي مكان من‬
‫األرض‪ ،‬وهي واجبة على من في المعسكرات ومن في المصانع ومن في السجون ومن في المستشفيات من المرضى الذين يستطيعون‬
‫أداء صالة الجمعة في المستشفى‪.‬‬

‫التبكري لصالة اجلمعة‬


‫جنَابَةِ‪ ،‬ثُمَ رَاحَ فَكََأنَمَا قَرَبَ َب َدنَةً‪ ،‬وَمَنْ رَاحَ فِي السَاعَةِ الثَا ِنيَةِ‬
‫سلَ الْ َ‬‫غتَسَلَ َيوْمَ الْجُمُعَةِ غُ ْ‬
‫يستحب التبكير لصالة الجمعة لحديث ( َمنْ ا ْ‬
‫فَكََأنَمَا قَرَبَ بَقَ َرةً‪ ،‬وَ َمنْ رَاحَ فِي السَاعَةِ الثَاِلثَةِ فَكََأنَمَا قَرَبَ َكبْشًا أَقْ َرنَ‪ ،‬وَ َمنْ رَاحَ فِي السَاعَةِ الرَابِعَةِ فَكََأنَمَا قَرَبَ دَجَاجَةً‪ ،‬وَ َمنْ رَاحَ فِي‬
‫ستَمِعُونَ الذِكْرَ)(‪ )4‬والمراد بلفظ (غسل الجنابة) أي كغسل‬ ‫حضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَ ْ‬ ‫السَاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكََأنَمَا قَرَبَ َب ْيضَةً‪ ،‬فَِإذَا خَرَجَ الْإِمَامُ َ‬
‫الجنابة في صفته وهيئته‪ ،‬والمراد بالساعات الخمس في الحديث أن تكون كلها في ساعة واحدة من ساعات النهار وهي الساعة التي قبيل‬
‫الزوال والساعات التي في الحديث هي أجزاء من الساعة التي قبيل زوال الشمس‪.‬‬

‫حكم البيع وقت صالة اجلمعة‬


‫الصحيح‪ :‬أن النهى عن البيع والشراء وقت النداء لصالة الجمعة ال يفسد البيع‪ ،‬ألن النهي ليس لذات البيع وال لصفة فيه‪ ،‬وإنما ألمر‬
‫خارج عنه‪ ،‬فيصح عقد البيع والشراء ويأثم البائع والمشتري لمخالفة األمر بترك البيع والشراء وقت النداء‪.‬‬

‫آداب اجلمعة‬
‫من آداب الجمعة التطيب والسواك ولبس أجود الثياب والتبكير لصالة الجمعة وعدم تخطي رقاب المصلين أو التفريق بينهم واالستماع‬
‫سلَ َيوْمَ‬ ‫غتَ َ‬‫واالنصات للخطبة وهما واجبان واإلكثار من الذكر والصالة على النبي ‪ ‬ألدلة وردت بهذه األداب منها حديث ( َمنْ ا ْ‬
‫عنَاقَ النَاسِ‪ ،‬ثُمَ صَلَى مَا َكتَبَ اللَهُ لَه‪ ،‬ثُمَ‬ ‫ع ْن َدهُ‪ ،‬ثُمَ َأتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ َيتَخَطَ َأ ْ‬ ‫سنِ ِثيَابِه‪ ،‬وَمَسَ مِنْ طِيبٍ ِإنْ كَانَ ِ‬ ‫الْجُمُعَة‪ ،‬وََلبِسَ ِمنْ أَحْ َ‬
‫جمُ َعتِهِ اَلتِي قَبَْلهَا‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ويَقُولُ َأبُو هُ َريْ َرةِ‪ :‬وَ ِزيَا َدةٌ ثَلَاثَةُ َأيَامٍ‪،‬‬
‫حتَى يَفْ ُرغَ ِمنْ صَلَاتِهِ‪ ،‬كَانَتْ كَفَا َرةً لِمَا َب ْي َنهَا َوبَ ْينَ ُ‬
‫َأ ْنصَتَ ِإذَا خَرَجَ إِمَامُهُ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب فرض الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 577‬بلفظ (عَنْ عَ ْبدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫قَالَ‪ :‬إِذَا جَا َء أَحَدُكُ ْم الْجُمُعَ َة فَلْيَغْتَسِلْ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الج معة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في الرخصة في ترا الغسل يوم الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ )354‬بلفظ (عَنْ سَمُرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن تَوَضََأ يَوْمَ الْجُمُعَ ِة فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَ َل فَهُ َو أَفْضَلُ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫مَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الزينة‪ :‬باب مايكره للنساء من الطيب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5141‬بلفظ (عَنْ الْأَشْعَرِيِ‪ ،‬قَال‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَيُمَا امْرََأةٍ‬
‫ت فَمَرَتْ عَلَى قَوْمٍ‪ ،‬لِيَجِدُوا مِ نْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ)‪ .‬حسنه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫اسْتَعْطَرَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في األدب‪ ،‬وأبوداود في الترجل‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في االستئذان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ .‬باب فضل الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ )551‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَ يْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ‬
‫اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ‪ ،‬ثُمَ رَاحَ فَكَأَنَمَا قَرَبَ بَدَنَةً‪ ،‬وَمَنْ رَاحَ فِي السَاعَةِ الثَانِيَةِ فَكَأَنَمَا قَرَبَ بَ قَرَةً‪ ،‬وَمَنْ رَاحَ فِي السَاعَةِ الثَالِثَةِ فَكَأَنَمَا قَرَبَ كَبْشًا أَقْرَنَ‪،‬‬
‫ت الْمَلَائِكَ ُة يَسْتَمِعُونَ الذِكْرَ)‪.‬‬
‫ج الْإِمَا ُم حَضَرَ ْ‬
‫ب بَيْضَةً‪ ،‬فَإِذَا خَرَ َ‬
‫ح فِي السَاعَ ِة الْخَامِسَ ِة فَكَأَنَمَا قَرَ َ‬
‫ب دَجَاجَةً‪ ،‬وَمَنْ رَا َ‬
‫ح فِي السَاعَ ِة الرَابِعَةِ فَكَأَنَمَا قَرَ َ‬ ‫ن رَا َ‬‫وَمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الجمعة‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في إقاة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬بدء الخلق‪.‬‬
‫البدنة‪ :‬البعير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬قرب‪ :‬أعطى وتصدق‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫سلَ‪ ،‬ثُمَ بَكَرَ وَا ْبتَكَر‪ ،‬وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ‪ ،‬وَ َدنَا ِمنْ الْإِمَامِ‬
‫غتَ َ‬ ‫سنَةَ بِعَشْرِ أَ ْمثَا ِلهَا)(‪ )3‬وحديث ( َمنْ غَ َ‬
‫سلَ َيوْمَ الْجُمُعَ ِة وَا ْ‬ ‫َويَقُولُ‪ِ :‬إنَ الْحَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫صيَا ِمهَا وَ ِقيَا ِمهَا) ‪.‬‬
‫سنَةٍ أَجْرُ ِ‬
‫ط َوةٍ عَ َملُ َ‬
‫ستَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ‪ ،‬كَانَ لَهُ بِ ُكلِ خُ ْ‬
‫فَا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في الغسل يوم الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 340‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه‬
‫ت‬‫وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَة‪ ،‬وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِه‪ ،‬وَمَسَ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ‪ ،‬ثُمَ أَ تَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطَ أَعْنَاقَ النَاسِ‪ ،‬ثُمَ صَلَى مَا كَتَبَ اللَهُ لَه‪ ،‬ثُمَ أَنْصَ َ‬
‫إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ‪ ،‬كَانَتْ كَفَارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَتِي قَبْلَهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَيَقُولُ أَ بُو هُرَيْرَةِ‪ :‬وَزِيَادَةٌ ثَلَاثَةُ أَيَامٍ‪ ،‬وَيَقُولُ‪ :‬إِنَ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا)‬
‫حسنه األالباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الجمعة‪ ،‬ومسلم في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫س الثَقَفِيُ‪ ،‬سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪:‬‬ ‫ن أَوْ ٍ‬‫س بْ ُ‬ ‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب في الغسل يوم الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ )345‬بلفظ (عن أَوْ ُ‬
‫مَنْ غَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ‪ ،‬ثُمَ بَكَرَ وَابْتَكَر‪ ،‬وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ‪ ،‬وَ دَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ‪ ،‬كَانَ لَهُ بِكُلِ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) صححه‬
‫األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪.‬‬
‫‪149‬‬
‫الباب الثاني عشــر‪ :‬صالة املسافر‪.‬‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬القصـــر‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬الجمع بين الصالتين في السفر‬

‫‪151‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القصـــــــــــر‬

‫‪ ‬حكم القصـــــــر‬
‫‪ ‬المسافة التي يجب فيها القصر‬
‫‪ ‬نوع السفر لذي يجب فيه قصر الصالة‬
‫‪ ‬الموضع الذي يبدأ المسافر منه قصر الصالة‬
‫‪ ‬الزمان الذي يجب عّلى المسافر أن يقصر فيه‪.‬‬
‫‪ ‬صالة المسافر خّلف المقيم‬

‫‪151‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القصـــــــــــــــــــر‬

‫وجوب القصـــــــر‬
‫حضَرِ وَالسَفَرِ‪ ،‬فَأُقِرَتْ صَلَاةُ‬
‫ضهَا رَكْعَ َت ْينِ رَكْ َع َت ْينِ فِي الْ َ‬
‫ن فَ َر َ‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب قصر الصالة في السفر لحديث (فَ َرضَ اللَهُ الصَلَاةَ حِي َ‬
‫حضَرِ)(‪ )3‬فالواجب على المسافر قصر الصالة‪ ،‬وال يجوز له إتمام الصالة‪ ،‬ألنه سيخالف أصل مشروعية صالة‬ ‫السَفَرِ‪ ،‬وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْ َ‬
‫السفر‪ ،‬قال الشوكاني في (الدراري المضيئة ) (فمن أتم في السفر فكأنه صلى في الحضر الثنائية أربعا والرباعية ثمانياً عمداً) انتهى‬
‫كالمه رحمه اهلل تعالى‪ ،‬وقال ابن القيم في زاد المعاد (وكان النبي ‪ ‬يقصر الصالة الرباعية فيصليها ركعتين من حين يخرج مسافراً إلى‬
‫أن يرجع إلى المدينة ولم يثبت أنه أتم الرباعية في سفرة البتة) انتهى كالمه رحمه اهلل تعالى‪.‬‬

‫املسافة التي جيب فيها القصر‬


‫الصحيح‪ :‬وجوب القصر وجوازالفطر في مسافة يطلق على المسافر إليها مسافراً ألن الواجب الرجوع على ما يسمى (سفراً) لغة‬
‫وشرعاً‪ ،‬وقدَرها سيد سابق في (فقه السنة) بتسعة عشر كيلو متراً‪ ،‬ويجب القصر في كل سفر آمنا أو غير آمن ألن النبي ‪ ‬كان يقصر‬
‫الصالة وهو في غاية االطمئنان‪ ،‬والقول أن القصر ال يكون إال لمن كان خائفا قول ضعيف لمخالفته قول وفعل النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫نوع السفر لذي جيب فيه قصر الصالة‬


‫الصحيح‪ :‬أن السفر يجب فيه القصر مطلقاً سواء كان سفرا لواجب أو مندوب أو مباح أو مكروه أو محرم ألن اهلل جعل العلة هي السفر‬
‫الةِ ِإنْ خِ ْفتُمْ أَن يَ ْف ِتنَكُمُ الَذِينَ كَفَرُواْ ِإنَ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ‬
‫صَ‬‫جنَاحٌ أَن تَ ْقصُرُواْ مِنَ ال َ‬
‫في قوله تعالى {وَِإذَا ضَ َر ْبتُمْ فِي األَ ْرضِ فََليْسَ عََليْكُمْ ُ‬
‫ع ُدوّاً ُمبِيناً}(‪ )2‬والعلة في األحاديث هي (السفر) واأللف والالم تعم كل سفر ألنها من صيغ العموم‪.‬‬ ‫َ‬

‫املوضع الذي يبدأ املسافر منه قصر الصالة‬


‫الصحيح‪ :‬أن المسافر ال يقصر الصالة حتى يخرج من بيوت القرية أو المدينة أي من آخر بنيان المدينة أو القرية التي يسكنها‪ ،‬فال يجوز‬
‫له ال قصر حتى يجاوز آخر البنيان للمدينة أو للقرية أو للمحل فال يقصر الصالة قبل خروجه من آخر بنيان المكان الذي يقيم فيه‪ ،‬ومن‬
‫كان سيسافر من مدينة رئيسية فال يقصر حتى يخرج من آخر بنيانها مهما كان طول شوارع المدينة‪ ،‬ألنه ال زال باقٍ في العمران‪ ،‬والنبي‬
‫‪ ‬صلى الظهر أربعاً في المدينة في يوم سفره من المدينة إلى مكة‪ ،‬ألنه ال زال في العمران مع قصده للسفر إلى مكة ألداء حجة الوداع‪،‬‬
‫ّظهْرَ مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِالْ َمدِينَةِ أَرْبَعًا‪َ ،‬و ِبذِي‬ ‫وحينما فارق العمران صلى العصر بذي الحليفة ركعتين لحديث (صََليْتُ ال ُ‬
‫الْحَُليْفَةِ رَكْ َع َت ْينِ)(‪ )1‬في الحديث داللة واضحة على عدم جواز القصر وال الجمع بين الصالتين لمن يريد السفر قبل الخروج من آخر بنيان‬
‫المدينة أو القرية التي يريد السفر منها‪ ،‬وإذا اتصل سفر المسافر من وقت خروجه من محل سفره حتى رجوعه إليه مثل سفر النبي ‪ ‬في‬
‫حجة الوداع فيشرع له القصر إلى أن يدخل عمران مدينته أو قريته التي سافرمنها فإذا دخل أول عمران مدينته أو قريته فيجب عليه إتمام‬
‫جنَا مَعَ ال َنبِيِ‬
‫الصلوات ألنه قد زال عنه وصف السفر‪ ،‬ودليل وجوب القصر لمن يتصل سفره حتى رجوعه إلى بلده حديث أنس بلفظ (خَرَ ْ‬
‫ش ْيئًا؟ قَال‪ :‬أَقَ ْمنَا بِهَا‬
‫حتَى رَجَعْنَا إِلَى الْ َمدِينَةِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَقَ ْمتُمْ بِمَكَةَ َ‬‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ الْ َمدِينَةِ إِلَى مَكَةَ‪ ،‬فَكَانَ يُصَلِي رَكْ َعتَيْنِ رَكْ َع َت ْينِ َ‬
‫عَشْرًا)(‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب كيف فرضت الصالة في اإلسراء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 337‬بللفظ (عَنْ عَائِشَةَ أُمِ الْمُؤْمِنِينَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَ َرضَ اللَهُ الصَلَاةَ حِينَ‬
‫ت صَلَا ُة السَفَرِ‪ ،‬وَزِيدَ فِي صَلَا ِة الْحَضَرِ)‪.‬‬ ‫ن فِي الْحَضَ ِر وَالسَفَرِ‪ ،‬فَأُقِرَ ْ‬ ‫فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقيي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬المناقب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)101( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب يقصر إذا خرج من موضعه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1027‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَيْتُ الّظُهْرَ مَعَ‬
‫ن )‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم بِالْمَدِينَ ِة أَرْبَعًا‪ ،‬وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْ ِ‬ ‫النَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬وال ترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر‪ .‬حديث رقم (‪ )1051‬بلفظ (عن يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَنَسًا‪،‬‬
‫يَقُولُ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَةَ‪ ،‬فَكَانَ يُصَلِي رَكْعَ تَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَقَمْتُمْ بِمَكَةَ شَيْئًا؟ قَال‪ :‬أَقَمْنَا بِهَا‬
‫عَشْرًا)‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في تفسير القرآن الكريم‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في با‬
‫قي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫الزمان الذي جيب على املسافر أن يقصر فيه‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أنه يجب القصر على المسافر في أثناء السفر فإذا وصل إلى البلدة التي سافر إليها فإن كان عازماً على البقاء فيها أكثر من‬
‫أربعة أيام فيجب عليه أن يتم الصلوات من أول يوم وصول ه إلى البلدة وإن كان عازماً على البقاء فيها مدة أربعة أيام أو أقل فيجب عليه‬
‫أن يقصر الصلوات في هذه البلدة إذا كان سيصلي إماماً أو منفرداً‪ ،‬أما إذا كان سيصلي مؤتماً بإمام مقيم فيجب عليه متابعة إمام الصالة‬
‫وإتمام الصلوات معه‪ ،‬دليل مشروعية القصر للعازم على اإلقامة لمدة أربعة أيام أو أقل وعلى وجوب إتمام الصلوات من أول يوم وصول‬
‫المسافر البلدة التي سافر إليها هو فعل النبي ‪ ‬في حجة الوداع‪ ،‬حيث وصل مكة في صبح يوم رابع ذي الحجة وبقي في مكة اليوم‬
‫الرابع والخامس والسادس والسابع‪ ،‬وفي اليوم الثامن طلع إلى منى‪ ،‬ففي هذه األربعة األيام التي قضاها في مكة قبل طلوعه إلى منى كان‬
‫يقصر الصلوات‪ ،‬فتأسياً بالنبي ‪ ‬يقصر المسافر في مدة األربعة األيام أو ما دونها ويتم العازم على بقاء خمسة أيام أو أكثرألن األصل‬
‫في المسافر المقيم بعد وصوله إلى مكان سفره أن حكمه حكم المقيمين من إتمام الصلوات ألنه ال مشقة عليه‪ ،‬ولكن ما دام وقد ثبت قصر‬
‫النبي ‪ ‬في األربعة األيام وهو مقيم فيقصر في مثلها وال يزي د عليها‪ ،‬وأما المتردد الذي لم يعزم على إقامة أيام معينة في البلد الذي‬
‫وصل إليه فيشرع له القصر إلى مدة عشرين يوماً‪ ،‬وبعد العشرين يوماً يتم الصلوات‪ ،‬ألن النبي ‪ ‬بقي في مكة بعد فتحها تسعة عشر‬
‫يوما متردداً وبقي في تبوك في معركة تبوك عشرين يوماً متردداً‪ ،‬وكان يقصر فيها الصلوات فيعمل بالزائد بمدة بقائه في تبوك وهي‬
‫العشرون يوماً‪ ،‬وبعد العشرين يوماً يجب على المسافر المتردد أن يتم الصلوات‪ ،‬واألدلة حديث ( َقدِمَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‬
‫صبْحِ رَابِعَةٍ يُ َلبُونَ بِالْحَجِ‪ ،‬فَأَمَرَهُمْ َأنْ يَجْعَلُوهَا عُمْ َرةً إِلَا َمنْ مَعَهُ ا ْل َهدْيُ)(‪ )3‬أي يوم رابع من شهر ذي الحجة وكان النبي ‪‬‬ ‫وََأصْحَابُهُ ِل ُ‬
‫يقصر الصلوات في أيام بقائه في مكة قبل طلوعه إلى منى وهذا دليل مشروعية القصر للعازم على إقامة أربعة أيام أو أقل وحديث (أَقَامَ‬
‫حنُ ِإذَا سَافَ ْرنَا تِسْعَةَ عَشَرَ َقصَ ْرنَا‪ ،‬وَِإنْ ِز ْدنَا َأتْمَ ْمنَا) (‪ )2‬وحديث (أَقَامَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬تِسْعَةَ عَشَرَ يَ ْقصُرُ‪َ ،‬فنَ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِب َتبُواَ عِشْرِينَ َيوْماً‪ ،‬يَ ْقصُرُ الصَلَاةَ) في الحديثين داللة على أن المسافر المتردد الذي لم يعزم على إقامة أيام‬
‫معلومة وهو عازم على السفر من البلدة التي وصل إليها متى تحقق غرضه من السفر يجوز له قصر الصلوات إلى عشرين يوماً كما‬
‫قصر النبي ‪ ‬في مدة التسعة عشر يوماً في فتح مكة والعشرين يوماً في تبوك‪ ،‬وبعد مضي العشرين يوماً يجب عليه إتمام الصلوات ألن‬
‫حكم المسافر المقيم أو النازل في البلدة التي سافر إليها حكم أهل البلدة النتفاء مشقة السفر‪ ،‬ولكن يجوز له القصر في مدة العشرين يوماً‬
‫تأسياً بالنبي ‪ ،‬وإال فاألصل في من كان مقيماً االرتياح مثله مثل أهل البلد الذي وصل إليه‪.‬‬

‫صالة املسافر خلف املقيم‬


‫إذا صلى المسافر خلف المقيم فيصلي أربعاً إذا كانت رباعية للمقيم أو ثالثية إذا كانت ثالثية للمقيم أو ركعتين إذا كانت صالة الفجر ألن‬
‫المسافر إذا صلى خلف المقيم يصير حكم صالته حكم صالة المقيم فإذا لحق المسافر المقيم في ركعتين من الرباعية فيصلي المسافر‬
‫ركعتين بعد تسليم اإلمام إلتمام صالته وإذا لحق المسافر المقيم وقد صلى ثالث ركعات من الرباعية فيصلي المسافر ثالث ركعات بعد‬
‫تسليم اإلمام إلتمام صالته ألن حكم صالة المسافر المؤتم بالمقيم حكم صالة اإلمام المقيم الئتمام المسافر بالمقيم لحديث (ِإنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ‬
‫ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ)(‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫ي‬
‫ن ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَال‪ :‬قَدِ َم النَبِ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التقصير‪ :‬باب كم أقام النبي صلى اهلل عليه وسلم في حجه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1055‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن يَجْعَلُوهَا عُمْرَ ًة إِلَا مَنْ مَعَ ُه الْهَدْيُ)‪.‬‬ ‫ن بِالْحَجِ‪ ،‬فَأَمَرَهُ ْم أَ ْ‬‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأَصْحَابُ ُه لِصُبْحِ رَابِعَ ٍة يُلَبُو َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج و المناقب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التقصير‪ :‬باب ماجاء في التقصير‪ .‬حديث رقم (‪ )1050‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَقَامَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪:‬‬
‫ن زِدْنَا أَتْمَمْنَا)‪.‬‬‫ن إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَ َر قَصَرْنَا‪ ،‬وَإِ ْ‬ ‫تِسْعَةَ عَشَ َر يَقْصُرُ‪ ،‬فَنَحْ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في تفسير الصالة في السفر‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب إذا أقام بأرض العدو يقصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1235‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَقَامَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن يَوْمً‪ ،‬يَقْصُ ُر الصَلَاةَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫بِتَبُواَ عِشْرِي َ‬
‫أخرجه احمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إنما جعل اإلمام ليؤتم به‪ .‬حديث رقم (‪ )355‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَهُ قَالَ‪ :‬خَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ‬
‫فَرَسٍ فَجُحِشَ‪ ،‬فَصَلَى لَنَا قَاعِدًا‪ ،‬فَصَلَيْنَا مَعَهُ قُعُودًا‪ ،‬ثُمَ انْصَرَفَ‪ ،‬فَقَال‪ :‬إِنَمَا الْإِمَامُ أَوْ إِنَ مَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَ بِهِ‪ ،‬فَإِذَا كَبَرَ فَكَبِرُوا‪ ،‬وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا رَفَعَ‬
‫ك الْحَمْدُ‪ ،‬وَإِذَا سَجَ َد فَاسْجُدُوا)‪.‬‬ ‫ن حَمِدَهُ‪ ،‬فَقُولُوا‪ :‬رَبَنَا لَ َ‬ ‫فَارْفَعُوا‪ ،‬وَإِذَا قَا َل سَمِعَ اللَهُ لِمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبوداود في الصال ة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬خرَ‪ :‬سقط‪ .‬جحش‪ :‬خدّش‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اجلمع بني الصالتني يف السفر‬

‫جواز الجمع للمسافر في أثناء السفر‬ ‫‪‬‬


‫الجمع في الحضر‬ ‫‪‬‬
‫الجمــع بين المطـــر‬ ‫‪‬‬
‫الجمع للمسافر المقيم‬ ‫‪‬‬
‫الجمـــع للمـريض‬ ‫‪‬‬

‫‪154‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجمع بين الصالتين في السفر‬

‫جواز اجلمع للمسافر يف أثناء السفر‪.‬‬


‫يجوز الجمع بين صالتي الظهر والعصر وصالتي المغرب والعشاء للمسافر وهو في أثناء السفر لحديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫سيْرٍ‪َ ،‬ويَجْمَعُ َب ْينَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)(‪ )3‬واألولى للمسافر تأخير األولى ويصلي‬ ‫ظهْرِ َ‬ ‫ّظهْرِ وَالْ َعصْرِ ِإذَا كَانَ عَلَى َ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬يَجْمَعُ َب ْينَ صَلَاةِ ال ُ‬
‫ّظهْرَ إِلَى وَقْتِ‬ ‫حلَ َق ْبلَ َأنْ تَزِيغَ الشَمْسُ أَخَرَ ال ُ‬ ‫جمع تأخير تأسياً بالنبي ‪ ‬في حديث (كان رَسُولُ اللَ هِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ِ ،‬إذَا ا ْرتَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ّظهْر‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ) وحديث (رََأيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫حلَ صَلَى ال ُ‬ ‫الْ َعصْرِ‪ ،‬ثُمَ نَ َزلَ فَجَمَعَ َب ْي َنهُمَا‪ ،‬فَِإنْ زَاغَتْ الشَمْسُ َق ْبلَ َأنْ يَ ْرتَ ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫سيْرُ فِي السَفَرِ ُيؤَخِرُ الْمَغْرِبَ حَتَى يَجْمَعَ َب ْي َنهَا َو َب ْينَ الْعِشَاءِ) في الحديثين داللة واضحة على استحباب جمع‬ ‫وَسَلَمَ‪ِ ،‬إذَا َأعْجَلَهُ ال َ‬
‫التأخير للمسافر إذا جد به السير وعلى استحباب الجمع الصوري من باب أولى وليس فيهما داللة على جواز جمع التقديم ألن النبي ‪‬‬
‫كان إذا ارتحل بعد الزوال صلى الظهر وحدها ولم يصل معها العصر جمع تقديم‪ ،‬بل كان يؤخر العصر إلى وقتها‪ ،‬كما في رواية أنس‬
‫‪ ‬وكان إذا صلى المغرب بعد غروب الشمس لم يصل معها صالة العشاء جمع تقديم بل يؤخر العشاء إلى وقتها‪ ،‬كما في رواية ابن‬
‫عمر رضي اهلل عنهما ولفظ (كان) في حديث أنس ‪ ‬تفيد أن الرسول ‪ ‬كان ال يجمع بين الصالتين جمع تقديم في السفر‪ ،‬وإنما كان‬
‫يجمع جمع تأخير‪ ،‬ولكن بعض العلماء أجازوا للمسافر أن يجمع بين الصالتين جمع تقديم أثناء السفر مستدلين بحديث معاذ بن جبل ‪‬‬
‫الذي ذكر فيه جمع الرسول ‪ ‬بين الصالتين جمع تقديم في غزوة تبوك بلفظ (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ فِي غَ ْزوَةِ َتبُواَ‬
‫حتَى يَنْ ِزلَ لِلْ َعصْرِ‪ ،‬وَفِي‬ ‫ّظهْرَ َ‬
‫حلْ َق ْبلَ َأنْ تَزِيغَ الشَمْسُ أَخَرَ ال ُ‬ ‫حلَ جَمَعَ َب ْينَ الّظُهْرِ وَالْ َعصْرِ‪ ،‬وَِإنْ يَ ْرتَ ِ‬ ‫ِإذَا زَاغَتْ الشَمْسُ َق ْبلَ َأنْ يَ ْرتَ ِ‬
‫حتَى َينْ ِزلَ‬‫حلْ َق ْبلَ َأنْ تَغِيبَ الشَ ْمسُ أَخَرَ الْمَغْرِبَ َ‬
‫حلَ جَمَعَ َب ْينَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ‪ ،‬وَِإنْ يَ ْرتَ ِ‬ ‫الْمَغْرِبِ ِم ْثلُ ذَِلكَ‪ِ ،‬إنْ غَابَتْ الشَمْسُ َق ْبلَ َأنْ يَ ْرتَ ِ‬
‫لِلْعِشَاءِ‪ ،‬ثُمَ جَمَعَ َب ْي َنهُمَا)(‪ . )4‬وال شك أن العمل بما في حديث أنس وابن عمر المتفق عليهما أولى من العمل بما في غير الصحيحين‪ ،‬وإذا‬
‫كان جمع التقديم غير ثابت في الرواية المتفق عليها من فعل النبي ‪ ‬في أثناء سفره‪ ،‬فكيف بمن يستجيز جمع التقديم في الحضر من غير‬
‫سفر؟!‪.‬‬

‫اجلمع يف احلضر‬
‫(‪)5‬‬
‫الةَ كَانَتْ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ ِكتَاباً َموْقُوتاً} ولمداومة النبي ‪ ‬على‬
‫صَ‬ ‫الصحيح‪ :‬وجوب التوقيت لمن كان في الحضر لقوله تعالى {ِإنَ ال َ‬
‫التوقيت في الحضرمن حين فرضت الصلوات الخمس ومن حين نزل جبريل يعلم النبي ‪ ‬أوقات الصلوات الخمس حتى توفاه اهلل تعالى‪،‬‬
‫وأما االستدالل بحديث ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬من أن النبي ‪ ‬جمع في المدينة في يوم واحد بين صالتي الظهر والعصر وبين‬
‫المغرب والعشاء فهو استدالل ضعيف‪ ،‬ألن الجمع في الحديث مجمل لم يبين في الحديث هل هو جمع تقديم أو جمع تأخير أو جمع‬
‫صوري‪ ،‬ولما لم يبين أي جمع هو‪ ،‬كان الحديث مجمالً‪ ،‬وال يصح االستدالل بالدليل المجمل في وجود الدليل المبين‪ ،‬ورواية النسائي التي‬
‫ذكر فيها الجمع الصوري ضعفها األلباني وال حجة في الحديث الضعيف‪ ،‬ومع تضعيف األلباني لرواية النسائي بقي حديث ابن عباس‬
‫مجمالً وال يصح االستدالل به مع وجود األدلة المبينة ألوائل وقت كل صالة ونهايته‪ ،‬وهي صحيحة وصريحة في بيان وقت كل صالة‬
‫‪1‬‬
‫ن ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب الجمع في السفر بين الغرب والعشاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1107‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ب وَالْعِشَاءِ)‪.‬‬‫ن الْمَغْرِ ِ‬
‫ن عَلَى ظَهْ ِر سَيْرٍ‪ ،‬وَيَجْمَ ُع بَيْ َ‬ ‫ن صَلَا ِة الّظُهْ ِر وَالْعَصْ ِر إِذَا كَا َ‬‫رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَجْمَ ُع بَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬زاغت‪ :‬مالت الشمس عن وسط السماء إلى جهة الغرب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صح يح البخاري‪ .‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الّظهر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1112‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَمْسُ أَخَرَ الّظُهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ‪ ،‬ثُمَ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا‪ ،‬فَإِنْ زَاغَتْ الشَمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَى الّظُهْر‪ ،‬ثُمَ‬
‫رَكِبَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب يصلي المغرب ثالثا في السفر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1011 ،1012‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫رَأَيْتُ رَسُولَ اللَ هِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِذَا أَعْجَلَهُ السَيْرُ فِي السَفَرِ يُؤَخِرُ الْمَغْرِبَ حَتَى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ‪ ،‬قَالَ سَالِمٌ‪ :‬وَكَانَ عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫عَنْهُمَا‪ ،‬يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَ يْرُ‪ ،‬وَزَادَ اللَيْثُ قَالَ‪ :‬حَدَثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ‪ ،‬قَالَ سَالِمٌ‪ :‬كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ‪،‬‬
‫قَالَ سَالِمٌ‪ :‬وَأَخَرَ ابْنُ عُمَرَ الْمَغْرِبَ‪ ،‬وَكَانَ اسْتُصْ رِ َ عَلَى امْرَأَتِهِ صَفِيَةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لَهُ الصَلَاةَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬سِر‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬الصَلَاةَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬سِرْ حَتَى سَارَ مِيلَيْنِ أَوْ‬
‫ثَلَاثَةً‪ ،‬ثُمَ نَزَلَ فَصَلَى‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬هَكَذَا رَأَيْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْ هِ وَسَلَمَ يُصَلِي إِذَا أَعْجَلَهُ السَيْرُ‪ ،‬وَقَالَ عَبْدُ اللَهِ‪ ،‬رَأَيْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَيْرُ‬
‫ف اللَيْلِ)‪.‬‬
‫ح بَعْ َد الْعِشَا ِء حَتَى يَقُومَ مِنْ جَوْ ِ‬‫ن ثُ َم يُسَلِمُ‪ ،‬وَلَا يُسَبِ ُ‬
‫ث حَتَى يُقِيمَ الْعِشَا َء فَيُصَلِيهَا رَكْعَتَيْ ِ‬ ‫ب فَيُصَلِيهَا ثَلَاثًا ثُ َم يُسَلِمُ‪ ،‬ثُ َم قَلَمَا يَلْبَ ُ‬
‫يُؤَخِ ُر الْمَغْرِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الجمع بين الصالتين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1205‬بلفظ (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ فِي غَزْ َوةِ‬
‫ت‬
‫تَبُواَ إِ ذَا زَاغَتْ الشَمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الّظُهْرِ وَالْعَصْرِ‪ ،‬وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَمْسُ أَخَرَ الّظُهْرَ حَتَى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ‪ ،‬وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ‪ ،‬إِنْ غَابَ ْ‬
‫الشَمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ‪ ،‬وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَمْسُ أَخَرَ الْمَغْرِبَ حَتَى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ‪ ،‬ثُمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا) صححه األلباني في صحيح‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)103( :‬‬
‫‪155‬‬
‫من الصلوات الخمس‪ ،‬ولو فرض عدم اإلجمال في حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬وهو عمل يوم واحد في حياة النبي ‪ ‬فال يصح‬
‫أن يجعل فعل يوم أصالً في جواز الجمع بين الصالتين في الحضر‪ ،‬ويقدم على عمل النبي ‪ ‬في حياته كلها منذ أن نزل جبريل عليه‬
‫السالم يبين أوقات الصلوات حتى قبض اهلل رسوله ‪ ‬إليه فال الشرع وال العقل وال المنطق يقبل أن المسلم يقدم فعل يوم في حياة النبي‬
‫‪ ،‬على فعل أكثر من ثالثة آالف يوم من المداومة على التوقيت إال في أيام السفر‪ ،‬واألولى عقالً فضالً عن الشرع أن يكون فعل النبي‬
‫‪ ‬ومداومته على التوقيت في حياته كلها هو األصل الذي يجب متابعته فيه ألن فعله في الصالة والمداومة على أداء كل فرض في وقته‬
‫الةَ كَانَتْ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ ِكتَاباً َموْقُوتاً} ولقوله تعالى (وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة واركعوا مع‬
‫صَ‬‫المحدد له هو بيان لقوله تعالى { ِإنَ ال َ‬
‫الراكعين)(‪ )3‬ولقوله ‪َ ( ‬وصَلُوا كَمَا رََأ ْيتُمُونِي ُأصَلِي) ورأي العالمة محمد بن إسماعيل األمير في كتابة (سبل السالم) ان الجمع في‬
‫(‪)2‬‬

‫الحضر غير جائز‪ ،‬ونص كالمه هو (وأما الجمع في الحضر فقال الشارح بعد ذكر أدلة القائلين بجوازه فيه‪ :‬إنه ذهب أكثر األئمة إلى أنه‬
‫ال يجوز الجمع في الحضر لما تقدم من األحاديث المبينة ألوقات الصلوات ولما تواتر من محافظة النبي ‪ ‬على أوقاتها حتى قال ابن‬
‫مسعود‪( :‬ما رأيت النبي ‪ ‬صلى صالة لغير ميقاتها إال صالتين جمع بين المغرب والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها)‪،‬‬
‫وأما حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما عند مسلم وأنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف وال مطر قيل‬
‫البن عباس‪ :‬ما أراد إلى ذلك؟ قال‪ :‬أراد أال يحرج أمته‪ ،‬فال يصح االحتجاج به ألنه غير معين لجمع التقديم أو التأخير كما هو ظاهر‬
‫رواية مسلم وتعيين واحد منهما تحكم‪ ،‬فوجب العدول إلى ما هو واجب من البقاء على العموم في حديث األوقات للمعذور وغيره‪،‬‬
‫وتخصيص المسافر لثبوت المخصص‪ ،‬وهذا هو الجواب الحاسم) انتهى‪ .‬وقال األمير في آخر بحثه لجمع الحضر ما لفظه (واعلم أن جمع‬
‫حيَاةِ ال ُدنْيَا‬
‫ضلَ سَ ْع ُيهُمْ فِي الْ َ‬
‫التقديم فيه خطر عظيم وهو كمن صلى الصالة قبل دخول وقتها فيكون حال الفاعل كما قال اهلل تعالى {اَلذِينَ َ‬
‫سنُونَ صُنْعاً}(‪ )1‬وهذه الصالة المقدمة ال داللة عليها بمنطوق وال مفهوم وال عموم وال خصوص) انتهى‪ ،‬المفهوم‬ ‫سبُونَ َأ َنهُمْ يُحْ ِ‬
‫وَهُمْ يَحْ َ‬
‫من كالم العالمة محمد بن اسماعيل األمير ومن كالم شيخه العالمة حسين بن محمد المغربي أنهما ال يجوِزان الجمع بين الصالتين في‬
‫الحضر‪ ،‬وال يجوز االستدالل بحديث اب ن عباس على جواز الجمع بين الصالتين في الحضر لكونه مجمالً غير مبين لنوع الجمع فيه‪،‬‬
‫ولالحتمال الذي يمكن أن يدخله لبيان نوع الجمع فيه‪ ،‬وأي دليل يدخله االحتمال يبطل به االستدالل‪ ،‬والعالمة األمير وشيخه العالمة‬
‫المغربي من كبار علماء اليمن المجتهدين الذين لرأيهما وزن واعتبار عند العلماء المجتهدين‪ ،‬وهما يرجحان عدم العمل بحديث ابن عباس‬
‫لكونه مجمالً والعمل على أصل وجوب التوقيت في الحضر هو األوفق لمراد اهلل تعالى ولمراد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫اجلمــع بني املطـــر‬


‫األصل وجوب التوقيت في الحضر سواء بين المطر أو ف ي غير المطر‪ ،‬ولم يرد دليل صحيح صريح يدل على استحباب الجمع بين‬
‫الصالتين أثناء المطر ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬ولم يرد أن النبي ‪ ‬جمع بين صالتي الظهر و العصر أو بين‬
‫صالتي المغرب والعشاء بسبب نزول المطر‪ ،‬ولو جمع مرة واحدة في حياته بسبب المطر لنقل جمعه في جميع كتب السنة المطهرة كما‬
‫نقل جمعه بين صالتي الظهر والعصر في يوم عرفة جمع تقديم و بين صالتي المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير‪ ،‬وبالتأكيد كانت‬
‫تنزل أمطار على المدينة في مدة بقاء الرسول ‪ ‬فيها ولم ينقل أنه جمع بين صالتين في يوم من األيام وال في مرة من المرات بسبب‬
‫المطر‪ ،‬وفي صحيح البخاري حديث الرجل الذي سأل النبي ‪ ‬وهو في خطبة الجمعة أن يسأل اهلل نزول المطر واستمر أسبوعاً كامالً‬
‫حتى دعا الرسول ‪ ‬في الجمعة الثانية بتوقف المطر فتوقف ولم ينقل أن النبي ‪ ‬جمع بين صالتي ظهر وعصر أو مغرب وعشاء في‬
‫يوم من أيام هذا األسبوع الذي تواصل فيه نزول المطر في الليل والنهار‪ ،‬لفظ الحديث ( َب ْينَمَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَخْطُبُ‬
‫صلَ إِلَى َمنَازِِلنَا‪ ،‬فَمَا‬
‫جلٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ قَحَطَ الْمَطَرُ‪ ،‬فَا ْدعُ اللَهَ َأنْ يَسْ ِقيَنَا‪َ ،‬فدَعَا‪ ،‬فَمُطِ ْرنَا‪ ،‬فَمَا ِكدْنَا َأنْ َن ِ‬ ‫َيوْمَ الْجُمُعَةِ‪ِ ،‬إذْ جَا َءهُ رَ ُ‬
‫عنَا‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫زِ ْلنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُ ْقبِلَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَامَ ذَِلكَ َأوْ غَيْ ُرهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ ا ْدعُ اللَهَ َأنْ َيصْرِفَهُ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫حوَاَل ْينَا‪ ،‬وَلَا عَلَ ْينَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَ َقدْ رََأيْتُ السَحَابَ‪َ ،‬يتَقَطَعُ يَمِينًا وَشِمَالًا‪ ،‬يُمْطَرُونَ‪ ،‬وَلَا يُمْطَرُ أَ ْهلُ الْ َمدِينَةِ) في هذا الحديث‬ ‫وَسَلَمَ‪ :‬الَلهُمَ َ‬
‫داللة واضحة على عدم جمع النبي ‪ ‬بين الصالتين في المطر وعلى أن هدي النبي ‪ ‬في حياته كلها هو عدم الجمع بين صالتي الظهر‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)43( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب األذان للمسافر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 631‬بلفظ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ‪ ،‬قَال‪ :‬حَدَثَنَا مَالِكٌ‪ ،‬أَتَيْنَا إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَنَحْنُ شَبَبَ ٌة‬
‫مُتَقَارِبُونَ‪ ،‬فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِ ينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً‪ ،‬وَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَحِيمًا رَفِيقًا‪ ،‬فَلَمَا ظَنَ أَنَا قَ دْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدْ اشْتَقْنَا‪ ،‬سَأَلَنَا عَمَنْ تَرَكْنَا‬
‫بَعْدَنَا‪ ،‬فَأَخْبَرْنَاه‪ ،‬قَالَ‪ :‬ارْجِعُوا إِلَى أَهْ لِيكُمْ‪ ،‬فَأَقِيمُوا فِيهِمْ‪ ،‬وَعَلِمُوهُمْ‪ ،‬وَمُرُوهُمْ‪ ،‬وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَّظُهَا أَوْ لَا أَحْفَّظُهَا‪ ،‬وَصَلُوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِي‪ ،‬فَإِذَا حَضَرَتْ الصَلَاةُ‬
‫ن لَكُ ْم أَحَدُكُمْ‪ ،‬وَلْيَؤُمَكُ ْم أَكْبَرُكُمْ)‬
‫فَلْيُؤَذِ ْ‬
‫أخرجه مسلم ف ي المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة قيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الكهف‪.)104( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب االستسقاء على المنبر‪ .‬حديث رقم‪ ) 1015(:‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَيْنَمَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ‪ ،‬إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ قَحَطَ الْمَطَرُ‪ ،‬فَادْعُ اللَهَ أَنْ يَسْقِيَنَا‪ ،‬فَدَعَا‪ ،‬فَمُطِرْنَا‪ ،‬فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا‪ ،‬فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ‬
‫الْمُقْبِلَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَامَ ذَلِكَ أَوْ غَيْرُهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ ادْعُ اللَهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَا‪ ،‬فَقَالَ رَسُو لُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اللَهُمَ حَوَالَيْنَا‪ ،‬وَلَا عَلَيْنَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَقَدْ رَأَيْتُ‬
‫السَحَابَ‪ ،‬يَتَقَطَ ُع يَمِينًا وَشِمَالًا‪ ،‬يُمْطَرُونَ‪ ،‬وَلَا يُمْطَ ُر أَهْ ُل الْمَدِينَةِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة االستسقاء‪ ،‬والترمذي في صالة ا الستسقاء‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪،‬‬
‫ومالك في الجامع‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬المناقب‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫والعصر وال بين صالتي المغرب والعشاء أثناء نزول المطر‪ ،‬وأما االستدالل بحديث ابن عباس على جواز جمع الصالتين بين المطر‬
‫بسبب نزول المطر فهو استدالل ضعيف لعدة أوجه منها‪ :‬ـ‬

‫‪3‬ـ لعدم ذكر زيادة (في غير خوف وال مطر) في رواية صحيح البخاري وعدم ذكر البخاري لهذه الزيادة تضعيف لها‪ ،‬ولفظ رواية‬
‫ّظهْرَ وَالْ َعصْرَ وَالْمَغْرِبَ‬
‫سبْعًا َوثَمَا ِنيًا‪ ،‬ال ُ‬
‫عبَاسٍ‪ ،‬أَنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬صَلَى بِالْ َمدِينَةِ َ‬
‫عنْ ا ْبنِ َ‬
‫البخاري لحديث ابن عباس هو ( َ‬
‫وَالْعِشَاءَ)(‪ )3‬والمراد بلفظ (سبعا) أي سبع ركعات هي صالتي المغرب والعشاء و(ثمانيا) أي ثمان ركعات هي صالتي الظهر والعصر‬
‫ولم يرد في هذه الرواية الزيادة (في غير خوف وال مطر)‪.‬‬

‫ّظهْرِ‬
‫‪2‬ـ االضطراب الواقع في روايات صحيح مسلم‪ .‬ففي رواية يذكر الزيادة بلفظ (جَمَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬ب ْينَ ال ُ‬
‫خوْفٍ وَلَا مَطَرٍ)(‪ )2‬وفي رواية من غير خوف وال سفر وهي بلفظ (صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬ ‫غيْرِ َ‬ ‫وَالْ َعصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْ َمدِينَةِ‪ ،‬فِي َ‬
‫(‪)1‬‬
‫خوْفٍ وَلَا سَفَرٍ) واالضطراب في زيادة (من غير خوف‬ ‫غيْرِ َ‬
‫ّظهْرَ وَالْ َعصْرَ جَمِيعًا‪ ،‬وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي َ‬‫اللَ هُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ال ُ‬
‫وال مطر) وفي زيادة (من غير خوف وال سفر) يضعف صحة الزيادة‪ ،‬ألن الحادثة تفيد أن الفعل وقع في يوم واحد وال يدري أي‬
‫الروايتين هي الصحيحة رواية في (غير خوف وال مطر) أم رواية (في غير خوف وال سفر)‪ ،‬أما استباحة الجمع بسبب السفر فله أدلة‬
‫مستقلة خاصة به مذكورة في باب صالة السفرفي جميع كتب الحديث‪ ،‬وأما استباحة الجمع بسبب المطر فليس عليه دليل صحيح صريح‬
‫مستقل من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬وال يوجد باب خاص بجمع الصالتين بين المطر‪ ،‬فيه أدلة خاصة تبين جمع النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بين صالتي الظهر والعصر أو بين صالتي المغرب والعشاء أثناء نزول المطرفي أي كتاب من كتب السنة‬
‫الصحيحة‪ ،‬ولو جمع النبي صلى اهلل عليه وسلم الصالتين بين المطرفي حياته ولومرة واحدة لنقل جمعه في جميع كتب األحاديث‬
‫الصحيحه كما نقل جمعه بين الصالتين في السفر‪ ،‬وجمعه في يوم عرفة جمع تقديم‪ ،‬وجمعه في مزدلفة جمع تأخير‪،‬ولو كان هدي النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم الجمع بين الصالتين بين المطر بصورة مستمرة لكان للجمع بين الصالتين بين المطر باب مستقل في كل كتب‬
‫الحديث‪ ،‬ولكان في هذا الباب عدد من األحاديث التي تبين جمع النبي صلى اهلل عليه وسلم للصوات التي جمع فيها بين المطر سواء الجمع‬
‫بين صالتي الظهر والعصر أو الجمع بين صالتي المغرب والعشاء أكثر من األحاديث التي ذكرت في أبواب صالة السفر أو صالة‬
‫الكسوف أوصالة االستسقاء أوصالة الخوف أوصالة العيدين‪.‬‬

‫‪1‬ـ مخالفة هذه الزيادة لفعل النبي ‪ ‬من المحافظة على التوقيت في الحضر في حياته كلها سواءً في أيام المطر أو في غير أيام المطر‬
‫كما في حديث دعاء النبي ‪ ‬بنزول المطر في خطبة الجمعة واستمرار نزول المطر أسبوعاً كامالً ولم يثبت أن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم جمع بين صالتين بسبب نزول المطر في يوم من أيام األسبوع أو في يوم من أيام حياته كلها منذ نزل جبريل يعلمه مواقيت‬
‫الصلوات الخمس حتى توفاه اهلل عز وجل وهي مدة تزيد على الثمان السنوات من عمره ‪ ‬وال شك أن المطر نزل في أيام من أيام كل‬
‫سنة من هذه السنوات العديدة‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ إن المستدل بهذه الزيادة على استحباب أو جواز جمع الصالتين بين المطر إنما يستدل بمفهوم زيادة (في غير خوف وال مطر) فلفظ‬
‫(وال مطر) فهم المستدل منه جواز الجمع بين الصالتين بسبب نزول المطر‪ ،‬وهذا المفهوم يعارضه منطوق أدلة وجوب التوقيت‪،‬‬
‫ويعارضه األصل في وجوب التوقيت في الحضر في جميع الصلوات‪ ،‬وفي جميع األحوال‪ ،‬ومنها حال نزول المطر‪ ،‬لعدم وجود دليل‬
‫صحيح صريح مستقل يخرج حالة نزول المطر من هذا األصل األصيل الموافق لهدى النبي ‪ ‬في حياته كلها‪ ،‬وبحسب قواعد أصول‬
‫الفقه إذا تعارض المفهوم والمنطوق فتقدم داللة المنطوق ألنها أقوى من داللة المفهوم‪ ،‬ولفظ بعض روايات حديث ابن عباس في صحيح‬
‫مسلم التي اضطربت فيها الزيادة هي‪:‬‬

‫ّظهْرَ وَالْ َعصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي‬


‫‪3‬ـ عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬قال‪( :‬صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ال ُ‬
‫خوْفٍ وَلَا سَفَرٍ)(‪.)4‬‬
‫غيْرِ َ‬
‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب تأخير الّظهر إلى العصر‪ .‬حديث رقم(‪ )510‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬صَلَى بِالْمَدِينَةِ‬
‫ب وَالْعِشَاءَ)‪.‬‬ ‫سَبْعًا وَثَمَانِيًا‪ ،‬الّظُهْرَ وَالْعَصْ َر وَالْمَغْرِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬مواقيت الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين‪ :‬باب الجمع بين الصالتين في الحضر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1631‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَمَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن الّظُهْرِ وَالْعَصْ ِر وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَا ِء بِالْمَدِينَ ِة فِي غَيْ ِر خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ)‪.‬‬‫وَسَلَمَ‪ ،‬بَيْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫‪ -3‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسا فرين‪ :‬باب الجمع بين الصالتين في الحضر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1626‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬الّظُهْ َر وَالْعَصْرَ جَمِيعًا‪ ،‬وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَا َء جَمِيعًا فِي غَيْ ِر خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الموافيت‪ :‬باب الجمع بين الصالتين في الحضر‪ .‬حديث رقم (‪ )1627‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَال‪ :‬صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ف وَلَا سَفَرٍ)‪.‬‬
‫الّظُهْرَ وَالْعَصْ َر جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَا َء جَمِيعًا فِي غَيْ ِر خَوْ ٍ‬
‫اخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬ومسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأحمد في ومن‬
‫مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫خوْفٍ وَلَا‬
‫غيْرِ َ‬
‫ّظهْرَ وَالْ َعصْرَ جَمِيعًا بِالْ َمدِينَةِ فِي َ‬
‫‪2‬ـ عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬قال‪( :‬صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ال ُ‬
‫سَفَرٍ)(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬عن ابن عباس رضي اهلل عنهما (أ نَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ جَمَعَ َب ْينَ الصَلَاةِ فِي سَفْ َرةٍ سَافَرَهَا فِي غَزْ َوةِ َتبُواَ فَجَمَعَ َب ْينَ‬
‫(‪)2‬‬
‫ّظهْرِ وَالْ َعصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)‬
‫ال ُ‬

‫‪4‬ـ عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬قال‪ ( :‬جَمَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْ ِه وَسَلَمَ‪َ ،‬ب ْينَ الّظُهْرِ وَالْ َعصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ‪ ،‬فِي‬
‫خوْفٍ وَلَا مَطَرٍ)(‪ ،)1‬واالضطراب واضح بين لفظي (سفر) و(مطر) وواضح أيضا بين لفظي (المدينة) و(تبوا) وبسبب هذا‬ ‫غيْرِ َ‬
‫َ‬
‫االضطراب يضعف االستدالل بحديث ابن عباس رضي اهلل عنهما على جواز الجمع بين الصالتين في الحضر أو بين المطر‪ ،‬وال يقوى‬
‫حديث ابن عباس هذا على معارضة أدلة وجوب التوقيت في الحضر وبين المطر فضال عن أن يقدم عليها‪.‬‬

‫اجلمع للمسافر املقيم‬


‫األصل وجوب التوقيت على المسلم في جميع األحوال ويخصص المسافر في اثناء سفره لحديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫سيْرٍ‪َ ،‬ويَجْمَعُ َب ْينَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)(‪ )4‬أما المسافر المقيم أليام معلومة أو غير معلومة‬ ‫ظهْرِ َ‬ ‫يَجْمَعُ َب ْينَ صَلَاةِ الّظُهْرِ وَالْ َعصْرِ ِإذَا كَانَ عَلَى َ‬
‫فلم يرد دليل صحيح صريح يدل على جواز جمعه بين الصالتين بسبب السفر لكونه قد صار في راحة مثله مثل أهل البلد الذي وصل‬
‫إليه‪ ،‬والنبي ‪ ‬في سفره لحجة الوداع كان يقصر الصالة ويجمع بين الصالتين أثناء سفره من المدينة إلى مكة‪ ،‬فلما وصل إلى مكة‬
‫استمر يقصر الصالة بسبب السفر‪ ،‬ولكنه لم يكن يجمع بين صالتي الظهر والعصر وال بين صالتي المغرب والعشاء بسبب السفر‪ ،‬بل‬
‫كان يصلي كل فرض من الصلوات الخمس الواجبة في وقته في كل يوم من أيام بقائه في مكة المكرمة‪ ،‬ولم يجمع بين صالتين فيها سوى‬
‫جمعه بين صالتي الظهر والعصر في يوم عرفة جمع تقديم‪ ،‬وجمعه بين صالتي المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير‪ ،‬وقال بعض‬
‫العلماء‪ :‬مشروعية جمع الصالتين في عرفة لمن كان واقفاً بها جمع تقديم‪ ،‬وفي المزدلفة لمن كان حاجاً جمع تأخير‪ ،‬هو ألجل نسك الحج‪،‬‬
‫ال ألجل السفر‪ ،‬ألنه لو كان الجمع بسبب السفر لكان النبي ‪ ‬يجمع بين الصالتين في األربعة األيام التي قضاها في مكة قبل طلوعه إلى‬
‫منى في يوم التروية‪ ،‬ولجمع بين الصالتين يوم التروية في منى‪ ،‬ولجمع في أيام منى ومكة قبل سفره من مكة إلى المدينة بعد انتهائه من‬
‫مناسك الحج‪ ،‬ولما عُلم أن النبي ‪ ‬لم يجمع بين الصالتين في مدة العشرة األيام التي قضاها في مكة من يوم وصوله مكة إلى يوم سفره‬
‫منها بعد انتهائه من مناسك الحج‪ ،‬عُلم أن الجمع بين الصالتين ال يُشرع للمسافر المقيم في البلد الذي وصل إليه‪ ،‬ألن حكم صالته حكم‬
‫صالة أهل البلد الذي و صل إليه من وجوب التوقيت لكل صالة من الصلوات الخمس المفروضة‪ ،‬وال تالزم بين القصر والجمع ألن‬
‫القصر واجب‪ ،‬والجمع رخصة للمسافر في أثناء سفره‪ ،‬ولذا قيدت رخصة الجمع في األحاديث بلفظ (يَجْمَعُ َب ْينَ صَلَاةِ الّظُهْرِ وَالْ َعصْرِ ِإذَا‬
‫سيْرُ)(‪ )5‬الحديث الدال على عدم جمع النبي ‪ ‬بين الصالتين في‬ ‫جدَ بِهِ ال َ‬‫سيْرٍ) أو بلفظ (يَجْمَعُ َب ْينَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ‪ِ ،‬إذَا َ‬ ‫كَانَ عَلَى ظَهْرِ َ‬
‫حتَى‬ ‫جنَا مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ الْ َمدِينَةِ إِلَى مَكَةَ‪ ،‬فَكَانَ ُيصَلِي رَكْ َع َت ْينِ رَكْ َعتَ ْينِ َ‬
‫مكة سوى جمع عرفة ومزدلفة هو حديث (خَرَ ْ‬
‫(‪)6‬‬
‫ش ْيئًا؟ قَالَ‪ :‬أَقَ ْمنَا ِبهَا عَشْرًا) الحديث دليل صحيح صريح في عدم جمع النبي ‪ ‬بين الصالتين‬ ‫رَجَ ْعنَا إِلَى الْ َمدِينَةِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَقَ ْمتُمْ بِمَكَةَ َ‬
‫في مدة بقائه في مكة في حجة الوداع‪ ،‬ألن أنساً ‪ ‬راوي الحديث ذكر القصر الذي شاهده من فعل النبي ‪ ‬ولم يذكر الجمع بين‬
‫الصالتين في مكة سوى جمع عرفة ومزدلفة ألنه لم يشاهد النبي ‪ ‬يجمع بين الصالتين في مكة مع أن أنساً ‪ ‬هو راو لحديث جمع‬
‫النبي ‪ ‬بين الصالتين جمع تأخير أثناء السفر‪ ،‬ألنه شاهد النبي ‪ ‬يجمع بين الصالتين أثناء السفر جمع تأخير ومثل حديث أنس ‪‬‬
‫حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما الذي ذكر إقامة النبي ‪ ‬تسعة عشر يوماً في مكة بعد الفتح‪ ،‬فذكر قصر النبي ‪ ‬الصلوات الرباعية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صح يح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين‪ :‬باب الجمع بين الصالتين في الحضر‪ .‬حديث رقم (‪ )1627‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ف وَلَا سَفَرٍ)‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬الّظُهْ َر وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَ ِة فِي غَيْ ِر خَوْ ٍ‬
‫أخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صجيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين‪ :‬باب الجمع بين الصالتين في الحضر‪ .‬حديث رقم (‪ )1625‬بلفظ (عن ابْنُ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن الّظُهْرِ وَالْعَصْ ِر وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)‪.‬‬
‫ن الصَلَا ِة فِي سَفْرَ ٍة سَافَرَهَا فِي غَزْوَ ِة تَبُواَ‪ ،‬فَجَمَ َع بَيْ َ‬ ‫جَمَ َع بَيْ َ‬
‫أخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1631‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس ررضي اهلل عنهما برقم (‪.)1107‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬الجمع في السفر بين المغرب والعشاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1106‬بلفظ (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ب وَالْعِشَاءِ‪ ،‬إِذَا جَ َد بِ ِه السَيْرُ)‪.‬‬
‫ن الْمَغْرِ ِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬يَجْمَ ُع بَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1051‬بلفظ (عن يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَنَسًا‬
‫يَقُولُ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَةَ‪ ،‬فَكَانَ يُصَلِي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَى رَجَعْنَا إِ لَى الْمَدِينَةِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَقَمْتُمْ بِمَكَةَ شَيْئًا؟ قَالَ‪ :‬أَقَمْنَا بِهَا‬
‫عَشْرًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في تقصير الصالة في السفر‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫اطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫الذي شاهده من فعل النبي ‪ ‬ولم يذكر الجمع بين الصالتين في هذه المدة ألنه لم يشاهد النبي ‪ ‬يجمع بين الصالتين في مدة إقامته في‬
‫حنُ ِإذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ َقصَرْنَا‪ ،‬وَِإنْ ِز ْدنَا‬ ‫مكة بعد فتحها‪ ،‬الحديث بلفظ ( أَقَامَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَ ْقصُر‪َ ،‬فنَ ْ‬
‫َأتْمَ ْمنَا)(‪ )3‬الحديثان دليالن على عدم جواز جمع ال صالتين للمسافر المقيم في البلد الذي وصل إليه وأنه يجب عليه التوقيت لكل صالة من‬
‫الةَ كَانَتْ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ ِكتَاباً َموْقُوتاً}(‪.)2‬‬
‫صَ‬
‫ال باألصل في وجوب التوقيت المبين في قوله تعالى {ِإنَ ال َ‬ ‫الصلوات المفروضة عم ً‬

‫اجلمـــع للمـريض‬
‫الصحيح‪ :‬عدم جواز الج مع بين الصالتين بسبب المرض‪ ،‬ألن األصل وجوب التوقيت لمن في الحضر‪ ،‬وال فرق بين صحيح أو مريض‬
‫لعدم ورود دليل صحيح صريح خاص يدل على جواز الجمع بين الصالتين للمريض بسبب المرض‪ ،‬وقد قال اإلمام الشوكاني في كتاب‬
‫(السيل الجرار) ما نصه (وقد مرض النبي ‪ ‬ولم ينقل إلينا أنه جمع بين الصلوات وكذا ما نقل إلينا أنه سوَغ ألحد من المرضى جمع‬
‫الصلوات) انتهى‪ ،‬وقد نقل البخاري حديث عائشة وهي تحكي مرض رسول اهلل ‪ ‬وتذكر أن رسول اهلل ‪ ‬في مرض موته كان يحاول‬
‫عدة مرات أن يتوضأ ويخرج يصلي بالناس كل صالة في وقتها وفي الحديث داللة على حرص النبي ‪ ‬على صالة كل فرض في وقته‬
‫وفي جماعة في المسجد وأنه ‪ ‬لم يجمع بين الصالتين رغم شدة المرض ومن لفظ الحديث (ثقل النبي ‪ ‬فقال‪ :‬أصلى الناس؟‪ :‬قلنا ال‪.‬‬
‫هم ينتّظرونك قال‪ :‬ضعوا لي ماء في المخضب قالت‪ :‬ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء فأعمي عليه)(‪ ،)1‬الصحيح‪ :‬أن علة الجمع للمسافر في‬
‫أثناء السفر هي وصف السفر وليست المشقة ولذا يجوز للمسافر أن يفطر في نهار رمضان برخصة السفر وال يجوز لمن يعمل عمالً‬
‫شاقاً كالحداد ونحوه في نهار رمضان أن يفطر بعلة المشقة‪ ،‬ألن المشقة ال دليل على اعتبارها ال في الفطر وال في القصر وال في الجمع‬
‫بين ا لصالتين في الحضر‪ ،‬وإنما األدلة خاصة بجواز الجمع والفطر والقصر للمسافر بوصف السفر ألن السفر هو علة الفطر والجمع‬
‫والقصر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1050‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَال‪ :‬أَقَامَ‬
‫ن زِدْنَا أَتْمَمْنَا)‪.‬‬
‫ن إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَ َر قَصَرْنَا‪ ،‬وَإِ ْ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم تِسْعَةَ عَشَ َر يَقْصُر‪ ،‬فَنَحْ ُ‬ ‫النَبِ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في تقصير الصالة في السفر‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‬
‫اطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪)103( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب إنما جعل اإلمام ليؤتم به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 657‬بلفظ (عَنْ عُبَيْدِ اللَهِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُتْبَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬أَلَا‬
‫تُحَدِثِينِي عَنْ مَ َرضِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ؟ قَالَتْ‪ :‬بَلَى‪ ،‬ثَقُلَ النَ بِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَصَلَى النَاسُ؟ قُلْنَا‪ :‬لَا‪ ،‬هُمْ يَنْتَّظِرُونَكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ضَعُوا لِي‬
‫مَاءً فِي الْمِخْضَبِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَفَعَلْنَا‪ ،‬فَاغْتَسَلَ فَذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ‪ ،‬ثُمَ أَفَاقَ‪ ،‬فَقَالَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَصَلَى النَاسُ؟ قُلْنَا‪ :‬لَا‪ ،‬هُمْ يَنْتَّظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ‪ ،‬ثُمَ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ‪ ،‬ثُمَ أَفَاقَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَصَلَى النَاسُ؟ قُلْنَا‪ :‬لَا‪ ،‬هُمْ يَنْتَّظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬ضَعُوا لِي‬
‫جدِ‬ ‫مَاءً فِي الْمِخْضَبِ فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ‪ ،‬ثُمَ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ‪ ،‬ثُمَ أَفَاقَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَصَلَى النَاسُ؟ فَقُلْنَا‪ :‬لَا‪ ،‬هُمْ يَنْتَّظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬وَالنَاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْ ِ‬
‫يَنْتَّظِرُونَ النَبِيَ عَلَيْهِ السَلَام لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ‪ ،‬فَأَرْسَلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِيَ بِالنَاسِ‪ ،‬فَأَتَاهُ الرَسُولُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫ن النَبِيَ‬ ‫ك الْأَيَامَ‪ ،‬ثُ َم إِ َ‬
‫ق بِذَلِكَ‪ ،‬فَصَلَى أَبُو بَكْ ٍر تِلْ َ‬‫ت أَحَ ُ‬
‫ي بِالنَاسِ‪ ،‬فَقَا َل أَبُو بَكْرٍ‪ :‬وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا يَا عُمَ ُر صَ ِل بِالنَاسِ‪ ،‬فَقَا َل لَ ُه عُمَرُ‪ :‬أَنْ َ‬
‫ن تُصَلِ َ‬‫ا أَ ْ‬
‫اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَأْمُرُ َ‬
‫ي‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَاسُ لِصَلَاةِ ا لّظُهْر‪ ،‬وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِي بِالنَاسِ‪ ،‬فَلَمَا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَرَ‪ ،‬فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَبِ ُ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِأَنْ لَا يَتَأَخَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ‪ ،‬فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِ ي بَكْر‪ ،‬قَال‪ :‬فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِي وَهُوَ يَأْتَمُ بِصَلَاةِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫وَالنَاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ‪ ،‬وَالنَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَاعِدٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬عُبَيْدُ اللَهِ فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬فَقُلْتُ لَه‪ :‬أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَثَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ‬
‫مَ َرضِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ؟ قَالَ‪ :‬هَاتِ‪ ،‬فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَدِيثَهَا فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا‪ ،‬غَيْرَ أَنَهُ قَالَ‪ :‬أَسَمَتْ لَكَ الرَجُلَ الَذِي كَانَ مَعَ الْعَبَاسِ؟ قُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ هُوَ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ)‪.‬‬‫ن أَبِي طَالِبٍ رَضِ َ‬ ‫ي بْ ُ‬‫عَلِ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ .‬والترمذي في المناقب‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة)‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪ ،‬أحاديث األنبياء‪.‬‬
‫اإليماء‪ :‬اإلشارة‪.‬‬ ‫ينوء‪ :‬يقوم وينهض‪.‬‬ ‫المخض ب‪ :‬إناء يغتسل فيه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ثقل‪ :‬ضعف لشدة مرضه‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫الباب الثالث عشر‪ :‬صالة اخلوف وصالة املريض‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬صالة الخوف‪.‬‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬صالة المريض‬

‫‪161‬‬
‫الفصل األول‪ :‬صالة الخــــوف‬

‫حكم صالة اخلوف‬

‫الصحيح‪ :‬أن صالة الخوف مشروعة لجميع المسلمين بعد النبي ‪ ‬وال تشرع صالة الخوف إال في السفر‪ ،‬وإن كان المجاهدون في‬
‫الحضر في حالة الخوف فيتموا الصلوات‪ ،‬وصفات صالة الخوف تبقى مشروعيتها قائمة وتجوز الصالة على وفق صفة من صفاتها إذا‬
‫كان سالح الطرفين المتحاربين هو السيف‪ ،‬أما في عصرنا فلم تعد المعارك بين المتحاربين بالمواجهة وجهًا لوجه والضرب بالسيوف‬
‫كما كانت في أيام النبي ‪ ، ‬ولم يعد السالح المستخدم لكال الطرفين هو السيف‪ ،‬وإنما تطورت األسلحة المستخدمة وتنوعت أسلحة‬
‫ووسائل الحرب فصارت األسلحة القنابل الم لقاة من الطائرات وقذائف المدافع والرشاشات والصواريخ التي تلقى من مسافات بعيده‪،‬‬
‫وتطورت وسائل الكشف والمراقبة التي ترقب تحركات المقاتلين داخل مواقعهم وفي أماكن تجمعاتهم فإذا اجتمعوا للصالة فقد تسقط عليهم‬
‫قذيفة أو صاروخ فتميتهم جميعاً في لحظة واحدة‪ ،‬فصار المن اسب للمجاهدين أن يصلي كل واحد بمفرده في حالة الخوف من تعرض‬
‫المصلين لصاروخ أو قذيفة أو نحوها أو يصلون جماعات صغيرة متفرقة كل مجموعة تصلي لحالها بإمام خاص بها مثلما تقام صالة‬
‫جماعة متعددة في ليلة المزدلفة بمزدلفة‪ ،‬وهذه الصورة أسلم من تجمع جميع المتواجدين في الموقع أو المعسكر في جماعة واحدة‪ ،‬وكل‬
‫جماعة صغيره تصلي وراء إمام واحد مثل حالة عدم الخوف‪ ،‬ألنه ال يوجد إمام يساوي في الفضل والعلم رسول اهلل ‪ ‬بحيث يحرص‬
‫الجميع على اال ئتمام به‪ ،‬فكل جماعة من المجاهدين في أي موقع أو معسكر أو أي مكان من أماكن الجهاد يصح ائتمامها وراء األقرأ أو‬
‫األعلم من بين أفرادها من تكبيرة اإلحرام حتى التسليم قصراً للرباعية في السفر وإتماماً لها في الحضر‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬صالة المريض‬

‫األصل أن المريض من جملة المخاطبين بأداء الصلوات مادام يعقل ويدرك معنى الصالة فإذا قد صار يُخرِف سقط عنه الوجوب ألن حكمه‬
‫حكم المجنون‪ ،‬ومن أغمي عليه سقط عنه الوجوب في الوقت الذي أغمي عليه فيه لزوال عقله في ذلك الوقت‪ ،‬فمن دخل عليه وقت صالة‬
‫من الصلوات المفروضة وخرج الوقت وهو مغمى عليه فقد سقط عنه الوجوب لزوال عقله‪ ،‬ومن دخل عليه وقت الصوم في رمضان وخرج‬
‫الوقت بغروب الشمس وهو مغمى عليه فقط سقط عنه وجوب الصوم لزوال عقله في ذلك الوقت‪ ،‬أما من يخدر لعملية جراحية فيدخل وقت‬
‫الصالة ويخرج وهو مخدر‪ ،‬فعليه قضاء الصالة أو الصيام ألن حكمه حكم النائم‪ ،‬فيجب عليه القضاء ألنه عُمِل التخدير باختياره بخالف‬
‫اإلغماء فهو ال إرادي وهو غير مخاطب بالشرعيات‪.‬‬

‫صفة صالة املريض‬


‫(‪)3‬‬
‫ستَطِعْ‬ ‫صلِ قَائِمًا‪ ،‬فَِإنْ لَمْ تَ ْ‬
‫األصل وجوب القيام في صالة الفرض على كل مصلٍ ومصلية لقوله تعالى {وَقُومُواْ لِلّهِ قَا ِنتِينَ} ولحديث ( َ‬
‫ستَطِعْ‬ ‫ستَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)(‪ )2‬وال يسقط وجوب القيام إال في حالة العجز عن القيام‪ ،‬فإذا عجز عن القيام صلى قاعداً(فَِإنْ لَمْ تَ ْ‬ ‫عدًا‪ ،‬فَِإنْ لَمْ تَ ْ‬
‫فَقَا ِ‬
‫جنْبٍ) وصفة القعود كقعود التشهد‪ ،‬وصفة االضطجاع أن يجلس على جنبه األيمن رأسه إلى جهة المشرق وأرجله إلى جهة المغرب‬ ‫فَعَلَى َ‬
‫ووجهه إلى جهة القبلة وظهره إلى جهة الجنوب ‪ ،‬الواجب أن يكون وجهه متجهاً نحو القبلة‪ ،‬ومن لم يستطع الصالة مضطجعاً يصلي مستلقياً‬
‫بحيث تكون أرجله في جهة القبلة ورأسه إلى الجهة المقابلة وهي جهة الجنوب بحيث لو وقف لوقف مستقبالً القبلة بجسمه‪ ،‬والواجب أن‬
‫ستَطَعْتُمْ}(‪ )1‬وقوله تعالى {الَ يُكَلِفُ اللّهُ نَفْساً إِالَ‬
‫يعمل ما في استطاعته في التوجه إلى القبلة في صالته بدليل قوله تعالى {فَاتَقُوا اللَهَ مَا ا ْ‬
‫سبَتْ}(‪.)4‬‬
‫سبَتْ َوعَلَ ْيهَا مَا ا ْكتَ َ‬
‫وُسْ َعهَا َلهَا مَا كَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)235( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬بَاب إِذَا لَمْ يُطِقْ قَاعِدًا صَلَى عَلَى جَنْبٍ‪ .‬حديث رقم (‪ )1117‬بلفظ (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَتْ بِي بَوَاسِير‪ ،‬فَسَأَلْتُ‬
‫ن الصَلَاةِ‪ ،‬فَقَال‪ :‬صَ ِل قَائِمًا‪ ،‬فَإِنْ لَ ْم تَسْتَطِ ْع فَقَاعِدًا‪ ،‬فَإِنْ لَ ْم تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)‪.‬‬
‫ي ‪ ‬عَ ْ‬‫النَبِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند‬
‫البصريين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التغابن‪.)16( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)256( :‬‬
‫‪162‬‬
‫الباب الرابع عشر‪:‬إعادةوقضاء الصالة‬

‫‪ ‬الفصّل األول ‪ :‬إعادة الصالة‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬قضاء الصالة‬

‫‪163‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬إعادة الصالةواحلدث الذيل يقطع الصالة‬

‫إعادة الصالة‬ ‫‪‬‬


‫الحدث يقطع الصالة‬ ‫‪‬‬
‫المرور بين يدي المصلي‬ ‫‪‬‬
‫النفخ في الصالة‬ ‫‪‬‬
‫التنحنح في الصالة‬ ‫‪‬‬
‫الضحك في الصالة‬ ‫‪‬‬
‫البكاء في الصالة‬ ‫‪‬‬
‫رفع الصوت بتالوة القرآن للتنبيه‬ ‫‪‬‬
‫صالة الحاقن‬ ‫‪‬‬
‫رد السالم في الصالة‬ ‫‪‬‬

‫‪164‬‬
‫الفصل األول ‪:‬إعادة الصالةوالحدث الذي يقطع الصالة‬

‫إعادة الصالة‬
‫كل من أخلَ بشرط من شروط صحة الصالة وجبت عليه اإلعادة‪.‬‬

‫احلدث يقطع الصالة‬


‫الصحيح‪ :‬أن المصلي إذا قد خرج من الصالة وخالف القبلة وفاته عدد من أركان الصالة فيجب عليه إعادة الصالة سواءً كان حدوث‬
‫البطالن في الركعة األولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة‪ ،‬وسواءً كان البطالن بحدث أو رعاف أو غيره‪.‬‬

‫املرور بني يدي املصلي‬


‫الصحيح‪ :‬أن المرور بين يدي المصلي أو بين المصلي وسترته ال يقطع الصالة وأنه ال تجب عليه اإلعادة‪ ،‬والمرور بين اإلمام وسترته‬
‫خيْرًا لَهُ ِمنْ َأنْ يَمُرَ َب ْينَ يَ َديْهِ‪ ،‬قَالَ‬ ‫والمنفرد وسترته منهي عنه لحديث ( َلوْ يَعْلَمُ الْمَارُ َب ْينَ َيدَيْ الْمُصَلِي‪ ،‬مَاذَا عََليْهِ؟ لَكَانَ َأنْ يَقِفَ أَ ْربَعِينَ َ‬
‫سنَةً ؟)(‪ )3‬وفي رواية البزار (أربعين خريفاً) ولو يعلم المار ماذا عليه من اإلثم؟ لكان‬ ‫شهْرًا َأوْ َ‬ ‫َأبُو ال َنضْرِ‪ :‬لَا َأدْرِي‪ ،‬أَقَالَ أَ ْربَعِينَ َيوْمًا َأوْ َ‬
‫أن يقف أربعين سنة ينتظر تسليم اإلمام خيراً له من المرور بين يدي المصلي‪ ،‬والمنهي عنه هو المرور بين اإلمام وسترته أو المنفرد‬
‫وسترته‪ ،‬أما المرور خلف السترة فيجوز‪ ،‬أما المؤتم فيجوز المرور بين يديه ألن سترة اإلمام سترة له لمرور أتان ابن عباس رضي اهلل‬
‫حتِلَام‪،‬‬‫عنهما بين صفوف المصلين ولم ينكر عليه الرسول ‪ ‬كما في حديث (أ ْقبَلْتُ رَا ِكبًا عَلَى حِمَارٍ َأتَانٍ‪ ،‬وََأنَا َيوْ َم ِئذٍ َقدْ نَاهَزْتُ الِا ْ‬
‫جدَار‪ ،‬فَمَرَرْتُ َب ْينَ يَدَيْ بَ ْعضِ الصَفِ‪َ ،‬فنَزَلْتُ‪ ،‬وَأَرْسَلْتُ الْ َأتَانَ تَ ْرتَعُ‪،‬‬ ‫غيْرِ ِ‬‫وَرَسُولُ ا للَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ُيصَلِي بِالنَاسِ بِ ِمنًى إِلَى َ‬
‫حدٌ)(‪ ،)2‬ويشرع للمصل ي أن يصلي إلى سترة ويشرع له أن يمنع من يمرُ بين المصلي وسترته‬ ‫َودَخَلْتُ فِي الصَفِ فَلَمْ ُينْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَ أَ َ‬
‫جتَازَ َب ْينَ يَ َديْهِ‪ ،‬فَ ْليَدْفَعْهُ‪ ،‬فَِإنْ َأبَى‬
‫حدٌ َأنْ يَ ْ‬‫ستُ ُرهُ ِمنْ النَاسِ‪ ،‬فَأَرَادَ أَ َ‬ ‫حدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَ ْ‬
‫ويدافعه عن المرور بين يديه لحديث ( إذَا صَلَى أَ َ‬
‫شيْطَانٌ)(‪ )1‬ومقاتلة المار تنافي أعمال الصالة وإنما المراد المبالغة في المدافعة‪ ،‬وأما حديث (يَقْطَعُ الصَلَاةَ الْمَرَْأةُ‪،‬‬ ‫فَ ْليُقَاتِلْهُ‪ ،‬فَ ِإنَمَا ُهوَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫وَالْحِمَارُ‪ ،‬وَالْكَلْبُ‪ ،‬وَيَقِي ذَِلكَ مِ ْثلُ ُمؤْخِ َرةِ الرَحْلِ) ‪ ،‬فهو منسوخ بحديث ابن عباس الذي فيه أن الحمار دخل بين صفوف المصلين ولم‬
‫يقطع صالتهم‪ ،‬ويحرم المرور بين يدي المصلين حتى في المسجد الحرام والمسجد النبوي لعدم وجود دليل صحيح صريح يخصص‬
‫المرور بين يدي المصلين في المسجدين الشريفين ويجوِز المرور بين يدي المصلين في المسجد الحرام أو المسجد النبوي على صاحبه‬
‫وآله أفضل الصالة والسالم‪.‬‬

‫النفخ يف الصالة‬
‫الصحيح‪ :‬جواز النفخ في الصالة ألنه ليس بكالم تبطل به الصالة‪ ،‬فإذا تولد من النفخ حروفاً فتبطل به الصالة‪ ،‬وإن لم يتولد منه حروف‬
‫فال تبطل به الصالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري كتاب الصالة‪ :‬باب إثم المار بين يدي المصلي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 510‬بلفظ (عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ‪ ،‬أَنَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ‪ ،‬مَاذَا‬
‫ي الْمُصَلِي‪ ،‬مَاذَا‬ ‫ن يَدَ ْ‬ ‫ي الْمُصَلِي؟ فَقَا َل أَبُو جُهَيْمٍ‪ :‬قَ الَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬لَ ْو يَعْلَ ُم الْمَا ُر بَيْ َ‬ ‫ن يَدَ ْ‬
‫سَمِ َع مِنْ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم فِي الْمَا ِر بَيْ َ‬
‫ن يَوْمًا أَ ْو شَهْرًا أَ ْو سَنَ ًة ؟)‪.‬‬
‫ن يَدَيْهِ‪ ،‬قَا َل أَبُو النَضْرِ‪ :‬لَا أَدْرِي‪ ،‬أَقَا َل أَرْبَعِي َ‬
‫ن يَمُ َر بَيْ َ‬
‫ن أَ ْ‬
‫ف أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَ ُه مِ ْ‬ ‫ن يَقِ َ‬
‫عَلَيْهِ؟ لَكَانَ أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ما جة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫الشاميين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب سترة اإلمام سترة من حلفه‪ .‬حديث رقم (‪ )413‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ‪ ،‬وَأَنَا‬
‫يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَام‪ ،‬وَرَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يُصَلِي بِالنَاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَار‪ ،‬فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَ ْعضِ الصَفِ‪ ،‬فَنَزَلْتُ‪ ،‬وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ‪،‬‬
‫ي أَحَدٌ)‪.‬‬
‫ك عَلَ َ‬ ‫ت فِي الصَفِ فَلَ ْم يُنْكِ ْر ذَلِ َ‬ ‫وَدَخَلْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في القبلة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني‬
‫هاشم‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫ترتع‪ :‬ترعى‪.‬‬ ‫ناهزت‪ :‬قاربت‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬األتان‪ :‬أنثى الحمار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ت أَبَا سَعِي ٍد الْخُدْرِيَ فِي يَوْ ِم جُمُعَةٍ‬ ‫ح السَمَانُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَأَيْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب يرد المصلي من مر بين يديه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 501‬بلفظ (عن أَبُو صَالِ ٍ‬
‫يُصَلِي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَاسِ‪ ،‬فَأَرَادَ شَابٌ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ‪ ،‬فَ دَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ‪ ،‬فَنَّظَرَ الشَابُ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَادَ‬
‫لِيَجْتَازَ‪ ،‬فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَ مِنْ الْأُولَى‪ ،‬فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ‪ ،‬ثُمَ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَ ا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ‪ ،‬وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ‪ ،‬فَقَالَ مَا لَكَ‬
‫وَلِابْنِ أَخِيكَ يَ ا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬إِذَا صَلَى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَ سْتُرُهُ مِنْ النَاسِ‪ ،‬فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ‪ ،‬فَلْيَدْفَعْهُ‪ ،‬فَإِنْ‬
‫أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ‪ ،‬فَإِنَمَا هُ َو شَيْطَانٌ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في القبلة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن مماجه في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكقربن‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬بدء الخلق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬مساغا‪ :‬طريقا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب قد ر ما يستر المصلي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1137‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬يَقْطَعُ الصَلَاةَ‬
‫ك مِثْ ُل مُؤْخِرَ ِة الرَحْلِ)‪.‬‬ ‫الْمَرْأَةُ‪ ،‬وَالْحِمَارُ‪ ،‬وَالْكَلْبُ‪ ،‬وَيَقِي ذَلِ َ‬
‫أخرجه ابن ماجة في إقامة الصالة والسنةفيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫الرحل‪ :‬ما يوضع على ظهر الدابة للركوب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬مؤخرة‪ :‬الخشبة التي يستند إليها راكب البعير‪.‬‬
‫‪165‬‬
‫التنحنح يف الصالة‬
‫التنحنح ال يبطل الصالة‪ ،‬وأما حديث أن النبي ‪ ‬تنحنح لعلي ابن أبي طالب ليعلمه أنه في صالة‪ ،‬فهو حديث ضعيف ضعفه األلباني في‬
‫ضعيف سنن النسائي برقم (‪ ) 3231‬وال حجة في الحديث الضعيف‪ .‬وإذا تنحنح المصلي لضرورة فال تبطل صالته ألن األصل صحة‬
‫الصالة وال تبطل الصالة إال بدليل صحيح صريح في داللته على البطالن‪.‬‬
‫الضحك يف الصالة‬
‫الضحك هو ماله صوت وقهقهة وهو الذي يبطل الصالة‪ ،‬والضحك الذي ال قهقهة فيه ال يبطل الصالة وهو التبسم وال يسمى ضحكاً‪ ،‬ألن‬
‫حقيقة الضحك هو ما كان له صوت وقهقهة‪.‬‬

‫البكاء يف الصالة‬
‫البكاء من التخشع في الصالة ال يبطلها‪ ،‬وقد كان البكاء يغشى النبي ‪ ‬في صالته كما في حديث (رََأيْتُ رَسُولَ اللَ ِه َ‬
‫صلَى اللَ ُه عََليْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫صدْ ِرهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَحَى ِمنْ ا ْلبُكَاءِ)(‪ )3‬أما البكاء من أجل تذكر أمر دنيوي فهو يبطل الصالة‪.‬‬
‫ُيصَلِي وَفِي َ‬

‫رفع الصوت بتالوة القرآن للتنبيه‬


‫رفع الصوت بتالوة القرآن لتنبيه أحد بشيء ال يبطل الصالة‪.‬‬

‫صالة احلاقن‬
‫الصحيح‪ :‬أن صالة الحاقن أو الحاقب ال تصح للنهي عن الصالة واإلنسان في حال شدة من مدافعة خروج البول أو الغائط ألن هذه المدافعة‬
‫خبَثَانِ)(‪ )2‬فصالة من‬
‫تلهيه عن الخشوع في الصالة الذي هو روح الصالة ومقصدها‪ ،‬لحديث (لَا صَلَاةَ بِحَضْ َرةِ الطَعَامِ‪ ،‬وَلَا ُهوَ ُيدَافِعُهُ الْأَ ْ‬
‫يدافعه األخبثان مدافعة شديدة باطلة للنهي عن الصالة في هذه الحالة‪ ،‬والنهي يقتضي البطالن‪ ،‬والمصلي في هذه الحالة آثم لمخالفته نهي‬
‫النبي ‪ ‬والنهي يفيد التحريم‪ ،‬ومن العلماء من فصَل فقال‪ :‬إن كانت المدافعة مدافعة شديدة بحيث تشوش عليه صالته فصالته باطلة وإن‬
‫كانت المدافعة خفيفة ال تشوش عليه صالته فصالته صحيحة‪ ،‬وبعض العلماء ألحق بمدافعة البول والغائط مدافعة الفساء والظراط وقالوا‪ :‬إذا‬
‫صلى في حال مدافعة شديدة للفُساء أو الظراط فصالته باطلة قياساً على مدافعة البول والغائط‪.‬‬

‫رد السالم يف الصالة‬


‫سبِيحُ‪،‬‬ ‫الصحيح‪ :‬أن رد السالم في الصالة بالقول غير جائز لحديث ( ِإنَ َه ِذهِ الصَلَاةَ‪ ،‬لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ ِمنْ كَلَامِ النَاسِ‪ِ ،‬إنَمَا ُهوَ التَ ْ‬
‫وَالتَ ْكبِيرُ‪ ،‬وَقِرَا َءةُ الْقُرْآنِ)(‪ )1‬ورد السالم نوع من كالم الناس المنهي عنه في الصالة فلفظ (كالم الناس) يعم كل كالم غير مشروع في‬
‫سنَ ِم ْنهَا َأوْ‬
‫حيُواْ بِأَحْ َ‬
‫حيَةٍ فَ َ‬
‫ح ِي ْيتُم ِبتَ ِ‬
‫الصالة ومن الكالم غير المشروع في الصالة رد السالم‪ ،‬وهذا الحديث من مخصصات قوله تعالى {وَِإذَا ُ‬
‫ُردُوهَا ِإنَ اللّهَ كَانَ عَلَى ُكلِ شَيْءٍ حَسِيباً}(‪ )4‬فرد السالم واجب في كل األحوال إال في حال الصالة وعند قضاء الحاجة ويشرع للمصلي إذا‬
‫سلم عليه شخص وهو في الصالة أن يرد إشارة بإصبعه كما في حديث (مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَ ُهوَ ُيصَلِي‪ ،‬فَسَلَمْتُ عََليْهِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب البكاء في الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 104‬بلفظ (عَنْ مُطَرِفٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَأَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يُصَلِي وَفِي‬
‫صَدْرِ ِه أَزِيزٌ كَأَزِي ِز الرَحَى مِنْ الْبُكَا ِء صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أحرجه النسائي في السهو‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪.‬‬
‫الرحى‪ :‬آلة تطحن الحبوب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬األزيز‪ :‬صوت كصوت النحل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد‪ :‬باب كراهية الصالة بحضرة الطعام‪ .‬حديث رقم (‪ )1246‬بلفظ (عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬تَحَدَثْتُ أَنَا وَالْقَاسِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ‬
‫اللَهُ عَنْهَا حَدِيثًا‪ ،‬وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَانَةً وَكَانَ لِأُمِ وَلَدٍ‪ ،‬فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ‪ ،‬مَا لَكَ لَا تَحَدَثُ كَمَا يَتَحَدَثُ ابْنُ أَخِي هَذَا؟ أَمَا إِنِي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ هَذَا أَدَبَتْهُ أُمُهُ‬
‫وَأَنْتَ أَدَبَتْكَ أُمُكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَغَضِبَ الْقَاسِمُ وَأَضَبَ عَلَيْهَا‪ ،‬فَلَمَا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ قَدْ أُتِيَ بِهَا‪ ،‬قَامَ قَالَتْ‪ :‬أَيْنَ؟ قَالَ‪ :‬أُصَلِي قَالَتْ‪ :‬اجْلِسْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنِي أُصَلِي‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬اجْلِسْ‬
‫غُدَر‪ ،‬إِنِي سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬لَا صَلَا َة بِحَضْرَ ِة الطَعَامِ‪ ،‬وَلَا هُ َو يُدَافِعُ ُه الْأَخْبَثَانِ)‪.‬‬
‫اخرجه أبوداود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫األخبثان‪ :‬البول والغائط‪.‬‬ ‫أضب‪ :‬حقد‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬لحانة‪ :‬كثير الخطأ في اإلعراب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب كراهية الصالة بحضرة الطعام الذي يريد أكله‪ .‬حديث رقم (‪ )1246‬بلفظ (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُلَمِيِ‪،‬‬
‫قَال‪ :‬بَيْ نَا أَنَا أُصَلِي مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬يَرْحَمُكَ اللَهُ‪ ،‬فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬وَا ثُكْلَ أُمِيَاهْ! مَا شَأْنُكُمْ‬
‫تَنّْظُرُونَ إِلَيَ ؟! فَجَعَلُ وا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ‪ ،‬فَلَمَا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِتُونَنِي‪ ،‬لَكِنِي سَكَتُ‪ ،‬فَلَمَا صَلَى رَ سُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِي‪ ،‬مَا‬
‫رَأَيْتُ مُعَلِمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ‪ ،‬فَوَاللَهِ مَا كَهَرَنِي‪ ،‬وَلَا ضَرَبَنِي‪ ،‬وَلَا شَتَمَنِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ هَذِهِ الصَلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِ يهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَاسِ‪ ،‬إِنَمَا هُوَ‬
‫التَسْبِيحُ‪ ،‬وَالتَكْبِيرُ‪ ،‬وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ‪ ،‬أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ ا للَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِنِي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَةٍ‪ ،‬وَقَدْ جَاءَ اللَهُ بِالْإِسْلَامِ‪ ،‬وَإِنَ مِنَا‬
‫ا شَيْ ٌء يَجِدُونَ ُه فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَنَهُمْ)‪.‬‬ ‫ن الْكُهَانَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَا تَأْتِهِمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَمِنَا رِجَا ٌل يَتَطَيَرُونَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ذَا َ‬
‫رِجَالًا يَأْتُو َ‬
‫أخرجه النسائي في السهو‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحد يث‪ :‬السالم‪.‬‬
‫الطيرة‪ :‬التشاؤم الذي يصد صاحبه عن‬ ‫الكاهن‪ :‬كاذب ي دعي معرفة األسرار ومستقبل الزمان‪.‬‬ ‫كهرني‪ :‬زجرني وعبس في وجهي‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫صك‪ :‬ضرب‪.‬‬ ‫العمل‪ .‬يخطون‪ :‬نوع من الكهانة‪ ،‬يزعمون معرفة الغيب باستخدام الرمل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)56( :‬‬
‫‪166‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أو ينتظر حتى يفرغ من الصالة ويرد السالم باللفظ‪ ،‬والرد إشارة باألصبع أولى ألنه‬ ‫صبُعِهِ)‬
‫فَ َردَ إِشَا َرةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَلَا َأعْلَمُهُ إِلَا قَالَ‪ :‬إِشَا َرةً بُِأ ْ‬
‫فعل النبي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب رد السالم في الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ )125‬بلفظ (عَنْ صُهَيْبٍ‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُوَ يُصَلِي‪،‬‬
‫فَسَلَمْتُ عَلَيْهِ فَرَ َد إِشَارَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَلَا أَعْلَمُ ُه إِلَا قَالَ‪ :‬إِشَارَ ًة بِأُصْبُعِهِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في السهو‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‬
‫أطراف الحديث‪:‬السالم‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قضاء الصالة‬

‫من يجب عليه القضاء‬ ‫‪‬‬


‫صفة القضاء‬ ‫‪‬‬
‫تعارض واجب مضيق وواجب موسع‬ ‫‪‬‬
‫المأموم يدرك اإلمام قبل الرفع من الركوع‬ ‫‪‬‬
‫سهو المأموم عن إتباع اإلمام‬ ‫‪‬‬
‫إتيان المؤتم ما فاته من الصالة‬ ‫‪‬‬
‫المأموم يدرك صالة الجمعة‬ ‫‪‬‬
‫المأموم يدرك اإلمام في سجود السهو‬ ‫‪‬‬
‫متى يلزم المسافر اإلتمام إذا أدرك من صالة اإلمام بعضها‬ ‫‪‬‬

‫‪168‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قضاء الصالة‬

‫من جيب عليه القضاء‬


‫الناسي والنائم ال يسمى فعلهما للصالة المنسية أو التي نام عنها قضاء وإنما يسمى أداء عند الذكر أو عند االستيقاظ لحديث ( َمنْ نَسِيَ صَلَاةً‬
‫(‪)2‬‬
‫صلِ ِإذَا ذَكَرَهَا‪ ،‬لَا كَفَا َرةَ لَهَا إِلَا ذَِلكَ‪{ ،‬وَأَقِمْ الصَلَاةَ ِلذِكْرِي})(‪ )3‬ولحديث ( َمنْ نَسِيَ صَلَاةً‪َ ،‬أوْ نَامَ َ‬
‫ع ْنهَا‪ ،‬فَكَفَارَ ُتهَا َأنْ ُيصَلِ َيهَا ِإذَا ذَكَرَهَا)‬ ‫فَ ْل ُي َ‬
‫(‪)1‬‬
‫عنْهَا‪ ،‬فَ ْليُصَِلهَا ِإذَا ذَكَرَهَا‪ ،‬فَِإنَ اللَهَ يَقُولُ‪{ :‬أَقِمْ الصَلَاةَ ِلذِكْرِي}) فهذه األحاديث تدل داللة‬ ‫عنْ الصَلَاةِ‪َ ،‬أوْ غَ َفلَ َ‬ ‫حدُكُمْ َ‬‫وحديث ( ِإذَا رَ َقدَ أَ َ‬
‫واضحة على أن وقت الصالة المنسية أو التي نام عنها حين يذكر المنسية أو حين يستيقظ النائم وهو وقت أداء ال وقت قضاء بدليل‬
‫(فليصليها إذا ذكرها) سواءَ ذكرها في وقتها أو بعد خروج وقتها فوقت الذكر أو االستيقاظ هو وقت أدائها‪ ،‬واليسمى أداؤها بعد خروج وقتها‬
‫قضاء‪ ،‬بل هو أداء بنص األحاديث المتقدمة‪ ،‬والتارك للصالة عمداً يجب عليه قضاء الصلوات المتروكة عمداً ألنها ال تزال ديناً هلل تعالى في‬
‫حقُ أَنْ يُ ْقضَى)(‪ )4‬وأما‬ ‫ذمة التارك المتعمد‪ ،‬والدين يجب قضاؤه و دليل وجوب قضاء الصالة أو الصلوات المتروكة عمداً حديث ( َف َد ْينُ اللَهِ أَ َ‬
‫المغمى عليه فال يجب عليه القضاء للصالة أو للصلوات التي دخل وقتها وخرج وهو مغمي عليه ألن حكمه حكم فاقد العقل‪ ،‬وفاقد العقل ال‬
‫وجوب عليه‪ ،‬ألنه غير مخاطب بالشرعيات‪ ،‬ويجب القضاء على من يخدر طبياً إلجراء عملية جراحية فالمخدر يجب عليه القضاء فيما فاته‬
‫من الصلوات وهو في حال التخدير ألن المخدَر حكمه حكم النائم يجب عليه القضاء بعد إفاقته من التخدير ألن التخدير عُمل له بإرادته‪،‬‬
‫بخالف المغمى عليه فإنه يغمى عليه بدون اختياره‪ ،‬ويجب الترتيب بين الصلوات المقضية إذا كانت كلها في وقت قصير كاليوم والليلة حيث‬
‫أن النبي ‪ ‬رتب بين الصلوات المتروكة بسبب المعركة في يوم عزوة األحزاب‪ ،‬فبدأ بصالة العصر فصالة المغرب فصالة العشاء‬
‫وصالهن كلهن بعد أن غربت الشمس‪ ،‬الدليل على وجوب الترتيب هو فعل النبي ‪ ‬في يوم األحزاب لحديث (َأنَ عُمَرَ ْبنَ الْخَطَابِ‪ ،‬جَاءَ‬
‫حتَى كَادَتْ الشَمْسُ تَغْرُبُ‪ ،‬قَالَ‬ ‫خ ْن َدقِ بَ ْعدَ مَا غَ َربَتْ الشَمْسُ‪ ،‬فَجَ َعلَ يَسُبُ كُفَارَ قُ َريْشٍ‪ ،‬قَال‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬مَا ِكدْتُ أُصَلِي الْ َعصْرَ َ‬ ‫َيوْمَ الْ َ‬
‫ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَاللَهِ مَا صََل ْي ُتهَا‪ ،‬فَقُ ْمنَا‪ ،‬إِلَى بُطْحَان‪َ ،‬ف َت َوضَأَ لِلصَلَاةِ َو َت َوضَأْنَا َلهَا‪َ ،‬فصَلَى الْ َعصْرَ بَ ْعدَ مَا غَرَبَتْ الشَمْسُ‪ .‬ثُمَ‬
‫(‪.)5‬‬
‫صَلَى بَ ْعدَهَا الْمَغْرِبَ)‬

‫صفة القضاء‬
‫الصحيح‪ :‬أن الصلوات تُقضى على ما في ذمة التارك للصالة‪ ،‬وهي على صفة الصالة المتروكة‪ ،‬فالصلوات الجهرية تقضى جهرية حتى‬
‫ولو صليت في النهار‪ ،‬والصلوات السرية تقضى سرية حتى ولو قضيت في الليل‪ ،‬والصلوات التي في الحضر تقضى تامة حتى ولو قضيت‬
‫في السفر‪ ،‬والصلوات التي في السفر تقضى قصراً حتى ولو قضيت في الحضر‪ ،‬وتقدم الصالة المنسية ألن وقتها مضيق‪ ،‬والمؤداة وقتها‬
‫موسع‪ .‬والمنسيات في أيام مختلفة يقدم قضاء اليوم األول قبل اليوم الذي بعده ويرتب بعضها على بعض ومن نسي صالة الفجر وذكرها في‬
‫أول وقت الظهر فإنه يبدأ بصالة الفجر المنسية وبعدها يصلي صالة الظهر الحاضرة‪.‬‬

‫تعارض واجب مضيق وواجب موسع‬


‫إ ذا تعارض الواجب الذي وقته مضيق مع واجب وقته موسع فيقدم الواجب الذي وقته مضيق كإنقاذ شخص من الغرق أو الحريق فإذا سمع‬
‫المصلي إنساناً يغرق أو يحرق فيجب عليه قطع الصالة إلنقاذ الغريق أو الحريق ألن وقت اإلنقاذ مضيق‪ ،‬ووقت الصالة موسع‪ ،‬وإذا استمر‬
‫في صالته وترك ال غريق يغرق أو المحروق يحترق فإنه يأثم بتركه واجب اإلنقاذ المضيق وقته باشتغاله بواجب الصالة الموسع وقته‪ ،‬ومن‬
‫ترك الصالة إلنقاذ غريق أو حريق أو نحوه فأنه يعيد الصالة من أولها وال يبني على ما ترك لعدم وجود دليل بجواز البناء على ما قد سبق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب من نسي صالة فليصل إذاذكر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 517‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ي صَلَاةً فَلْيُصَ ِل إِذَا ذَكَرَهَا‪ ،‬لَا كَفَارَةَ لَهَا إِلَا ذَلِكَ‪ ،‬وَأَقِ ْم الصَلَاةَ لِذِكْرِي)‪.‬‬‫ن نَسِ َ‬‫مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ .‬باب قضاء الصالة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها‪ .‬حديث رقم (‪ )1555‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ‬
‫ن يُصَلِيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا)‪.‬‬‫ي صَلَاةً‪ ،‬أَ ْو نَامَ عَنْهَا‪ ،‬فَكَفَارَتُهَا أَ ْ‬‫ن نَسِ َ‬ ‫ي اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَ ْ‬ ‫نَبِ ُ‬
‫أخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ .‬باب قضاء الصالة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها‪ .‬حديث رقم (‪ )1555‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ‬
‫ن اللَ َه يَقُولُ‪ :‬أَقِمْ الصَلَا َة لِذِكْرِي)‪.‬‬
‫ن الصَلَاةِ‪ ،‬أَوْ غَفَلَ عَنْهَا‪ ،‬فَلْيُصَلِهَا إِذَا ذَكَرَهَا‪ ،‬فَإِ َ‬ ‫رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِذَا رَقَ َد أَحَدُكُمْ عَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب من مات وعليه صوم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1103‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ق أَنْ يُقْضَى)‪.‬‬ ‫ن اللَهِ أَحَ ُ‬‫ن أُمِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْ ُم شَهْ ٍر أَفَأَقْضِي ِه عَنْهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَدَيْ ُ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَ ِه إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبوداود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 516‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬أَنَ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ‪،‬‬
‫جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَمْسُ‪ ،‬فَجَعَلَ يَسُبُ كُفَارَ قُرَيْشٍ‪ ،‬قَال‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬مَا كِدْتُ أُصَلِي الْعَصْرَ حَتَى كَادَتْ الشَمْسُ تَغْرُبُ‪ ،‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ت الشَمْسُ‪ .‬ثُمَ صَلَى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ)‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ :‬وَاللَهِ مَا صَلَيْتُهَا‪ ،‬فَقُمْنَا‪ ،‬إِلَى بُطْحَان‪ ،‬فَتَوَضَ َأ لِلصَلَا ِة وَتَوَضَأْنَا لَهَا‪ ،‬فَصَلَى الْعَصْ َر بَعْدَ مَا غَرَبَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬االذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪169‬‬
‫املأموم يدرك اإلمام قبل الرفع من الركوع‬
‫من أدرك اإلمام وهو راكع وركع معه فهو مدرك للركعة وال يجب عليه قضاؤها‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه يأتي بتكبيرتين األولى تكبيرة اإلحرام وهي‬
‫واجبة والثانية تكبيرة النقل وهي مندوبة ويشترط إلدراك الركعة أن يطمئن في الركوع قبل رفع اإلمام رأسه ولو بقدر تسبيحة واحدة لحديث‬
‫أبي بكرة ‪ ‬الذي لحق اإلمام وهو راكع واعتبرها ركعة وأقره النبي ‪ ‬على ذلك‪ ،‬لفظ الحديث ( َ‬
‫عنْ َأبِي بَكْ َرةَ‪َ ،‬أنَهُ ا ْن َتهَى إِلَى ال َنبِيِ صَلَى‬
‫(‪)3‬‬
‫صلَ إِلَى الصَفِ‪َ ،‬فذَكَرَ ذَِلكَ لِل َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬زَا َداَ اللَهُ حِ ْرصًا وَلَا تَ ُعدْ)‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَ ُهوَ رَاكِعٌ‪ ،‬فَرَكَعَ َق ْبلَ َأنْ َي ِ‬
‫النبي ‪ ‬قد أقرّ أبا بكرة ‪ ‬على إدراك الركعة بإدراك الركوع مع اإلمام ألن مسمى الركعة يطلق على القيام والركوع والرفع من الركوع‬
‫والسجود والجلوس بين السجدتين والسجدة الثانية‪ ،‬والنبي ‪ ‬أقرّ أبا بكرة على إدراك الركعة بفعل بعض أعمال الركعة وهو الركوع والرفع‬
‫منه والسجدتين والجلوس بينهما‪ ،‬أما من فاته الركوع مع اإلمام واالطمئنان فيه فال يعتبر مدركاً للركعة ألنه فاته القيام والقراءة فيه‬
‫والركوع‪ ،‬ويجب على الالحق أن يأتي بتكبيرة اإلحرام وهو واقف منتصباً وال بد من مقارنتها بنية الدخول في الصالة وبعدها يكبر تكبيرة‬
‫االنتقال ويهوي للركوع‪ ،‬وإذا جاء عن النبي ‪ ‬حديث وفيه لفظ يحتمل المعنى اللغوي والمعنى الشرعي فيقدم المعنى الشرعي على المعنى‬
‫اللغوي ألن النبي ‪ ‬جاء معلماً للمعاني الشرعية وليس معلماً للمعاني اللغوية‪.‬‬

‫سهو املأموم عن إتباع اإلمام‬


‫الصحيح‪ :‬أن المؤتم إذا سبق اإلمام بركن واحد فيتابع المؤتم اإلمام وال تبطل الصالة‪ ،‬أما إذا سبق المؤتم اإلمام بركنين فعليين أوأكثر كالرفع‬
‫من الركوع و الهوي الى السجود والسجود فصالة المؤتم غير صحيحة‪ ،‬وال يسمى المؤتم مدركاً للركعة مع اإلمام إال إذا استطاع أن يلحق‬
‫اإلمام وهو راكع ولو بقدر تسبيحة واحدة وال فرق بين التأخر عن متابعة اإلمام في ركنين فعليين في صالة جمعة أو غيرها من الصلوات‬
‫سواءً كان التأخر بسبب نسيان أو عدم سماع صوت اإلمام أو ازدحام أو غيرها من األسباب‪ ،‬وسواءً كان في الركعة األولى أو الثانية أو‬
‫غيرها‪.‬‬

‫إتيان املؤمت ما فاته من الصالة‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة الالحق مع اإلمام هي أول صالة الالحق‪ ،‬وأنه يتم صالته بعد تسليم اإلمام أداء فيجعل الركعة الثالثة والرابعة أداء فال‬
‫يقرأ مع الفاتحة سورة أو آي ات وما لحقه مع اإلمام يكون أول صالته بدليل أنها مقترنة بتكبيرة اإلحرام ألن تكبيرة اإلحرام ال تكون إال في‬
‫أول الصالة وال تكون في وسط الصالة‪ ،‬وال مانع من اختالف نية اإلمام والمؤتم كأن تكون الركعة لإلمام الثانية أو الثالثة أو الرابعة وهي‬
‫للمؤتم األولى أو الثانية فتكون للمؤتم أول الصالة وهي لإلمام آخر الصالة‪ .‬لحديث ( ِإذَا أُقِيمَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬فَلَا تَ ْأتُوهَا تَسْ َع ْونَ‪ ،‬وَ ْأتُوهَا تَمْشُونَ‪،‬‬
‫عََليْكُمْ السَكِينَةُ‪ ،‬فَمَا َأدْرَ ْكتُمْ فَصَلُوا‪ ،‬وَمَا فَاتَكُمْ فَ َأتِمُوا)(‪ )2‬واألمر باإلتمام دليل على أن صالة المؤتم مع اإلمام هي أول صالته‪ ،‬ولفظة‬
‫(قضاء) تأتي لمعنيين‪:‬‬

‫األول‪ :‬بمعنى األداء بعد خروج الوقت المقدر شرعاً‪.‬‬

‫ضيَتِ الصَلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَ ْرضِ}(‪ )1‬ومثل قوله تعالى {فَِإذَا‬
‫الثاني‪ :‬بمعنى فعل الواجب في وقته المقدر شرعاً مثل قوله تعالى {فَِإذَا ُق ِ‬
‫شدَ ذِكْراً}(‪ )4‬أي إذا أديتم صالة الجمعة وفرغتم منها فانتشروا في األرض ومثله إذا‬ ‫ض ْيتُم َمنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ َأوْ أَ َ‬
‫قَ َ‬
‫فرغتم من أداء مناسككم فاذكروا اهلل كثيراً لعلكم تفلحون فلفظة "القضاء" في اآليتين بمعنى األداء وعلى هذا المعنى يحمل لفظ (القضاء)‬
‫سبَ َقكَ)(‪ )5‬ألن المراد بالقضاء في الحديث هو اإلتمام‪.‬‬ ‫صلِ مَا َأدْرَكْتَ‪ ،‬وَا ْقضِ مَا َ‬ ‫في حديث ( َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إذا ركع دون الصف‪ .‬حديث رقم (‪ )753‬بلفظ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ‪ ،‬أَنَهُ انْتَهَى إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُوَ رَاكِعٌ‪ ،‬فَرَكَ َع‬
‫ا اللَهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ)‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬زَادَ َ‬ ‫ن يَصِ َل إِلَى الصَفِ‪ ،‬فَذَكَ َر ذَلِكَ لِلنَبِ ِ‬ ‫قَبْ َل أَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب المشي إلى الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 105‬بلفظ (عن أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَحْمَنِ‪ ،‬أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫ت ا لصَلَاةُ‪ ،‬فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ‪ ،‬وَأْتُوهَا تَمْشُونَ عَلَيْكُ ْم السَكِينَةُ‪ ،‬فَمَا أَدْرَكْتُ ْم فَصَلُوا‪ ،‬وَمَا فَاتَكُ ْم فَأَتِمُوا)‪.‬‬ ‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬إِذَا أُقِيمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعا ت‪ ،‬وأحمد في‬
‫باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحد يث‪ :‬األذان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬السعي‪ :‬اإلسراع في المشي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الجمعة‪.)10( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)200( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَال‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب استحباب إتيان الصالة بوقار وسكينة‪ .‬حديث رقم (‪ )147‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ض مَا سَبَقَكَ)‪.‬‬ ‫ش وَعَلَيْ ِه السَكِينَ ُة وَالْوَقَار‪ ،‬صَلِ مَا أَدْرَكْتَ‪ ،‬وَاقْ ِ‬ ‫ن لِيَمْ ِ‬ ‫ب بِالصَلَا ِة فَلَا يَسْ َع إِلَيْهَا أَحَدُكُمْ‪ ،‬وَلَكِ ْ‬ ‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا ثُوِ َ‬
‫أخرجه البخاري في األذان‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعات‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫الوقار‪ :‬الرزانة والتأني‪.‬‬ ‫السعي‪ :‬اإلسراع في المشي‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬التثويب‪ :‬إقامة الصالة‪.‬‬
‫‪171‬‬
‫املأموم يدرك صالة اجلمعة‬
‫(‪)3‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن من أدرك ركعة من صالة الجمعة فقد أدرك صالة الجمعة لحديث ( َمنْ َأدْ َراَ رَكْعَةً ِمنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَ َقدْ َأدْ َراَ الصَلَاةَ) ولفظ‬
‫(الصالة) عام يعم كل الصلوات ومنها صالة الجمعة‪ ،‬ومن أدرك أقل من الركعة لم يدرك صالة الجمعة ويجب عليه أن يصليها ظهراً أربع‬
‫ركعات‪ ،‬وحقيقة الركعة القيام والقراءة والركوع والرفع من الركوع والسجدتين والجلوس بينهما‪ ،‬فمن لم يدرك الركوع مع اإلمام ولو بقدر‬
‫تسبيحة واحدة في الركعة الثانية لم يدرك صالة الجمعة ويجب عليه أن يصلي ظهراً أربع ركعات‪.‬‬

‫املأموم يدرك اإلمام يف سجود السهو‬


‫إذا جاء الالحق وإمام الصالة في حال سجود السهو فيحب على الالحق أن ينضم إلى الصالة وال يحسب سجوده ركعة عمالً بحديث (ِإنَمَا‬
‫صنَعُ الْإِمَامُ)(‪ )1‬فيكون بانضمامه قد عمل بالحديث‬ ‫صنَعْ كَمَا َي ْ‬
‫حدُكُمْ الصَلَاةَ‪ ،‬وَالْإِمَامُ عَلَى حَالٍ‪ ،‬فَلْ َي ْ‬ ‫جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ)(‪)2‬ولحديث ( ِإذَا َأتَى أَ َ‬
‫وائتم باإلمام في الحال الذي هو عليه ولم يجعلها ركعة عمالً بحديث ( َمنْ َأدْ َراَ رَكْعَةً مِنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَ َقدْ َأدْ َراَ الصَلَاةَ)(‪ )4‬فهو لم يحسب سجوده‬
‫مع اإلمام ركعة عمالً بالحديث ألن الواجب على الالحق االنضمام إلى صالة الجماعة وإن لم يدرك الركعة كاملة وال يحسب المؤتم ما لحق‬
‫اإلمام فيه من السجود أو التشهد ر كعة وإذا لحق المؤتم اإلمام في القيام من الركوع أو في حال السجدة األولى أو الجلوس بين السجدتين أو‬
‫في السجدة الثانية أو في حالة الجلوس للتشهد األخير فاألولى له أن يسلم مع اإلمام ألنه لم يدرك ركعة كاملة ليدرك بها صالة الجماعة‪،‬‬
‫وينضم مع جماعة أخرى ليكون له أجر صالة جماعة‪ ،‬هذا إذا كان في مسجد يغلب على ظنه أنه ستقام فيه جماعة ثانية‪ ،‬وإذا كان في مسجد‬
‫يغلب على ظنه أنه ال تقام فيه جماعة ثانية فال يسلم المؤتم مع اإلمام وإنما يتم صالته‪ ،‬الدليل أن صالة الجماعة ال تدرك إال بإدراك الالحق‬
‫ركعة كاملة مع اإلمام لحديث ( َمنْ َأدْ َراَ رَكْعَةً ِمنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَ َقدْ أَدْ َراَ الصَلَاةَ)‪.‬‬

‫مىت يلزم املسافر اإلمتام إذا أدرك من صالة اإلمام بعضها‬


‫الصحيح‪ :‬أن المسافر إذا أدرك وراء اإلمام الحاضر أقل من ركعة لم يتم ألنه لم يأتم باإلمام في ركعة‪ ،‬وال يحصل له حكم صالة الجماعة‬
‫إال إذا أدرك ركعة كاملة مع اإلمام لحديث ( َمنْ َأدْ َراَ رَكْعَةً ِمنْ الصَلَاةِ‪ ،‬فَ َقدْ َأدْ َراَ الصَلَاةَ)(‪ )5‬مفهوم الحديث من لم يدرك ركعة كاملة مع‬
‫اإلمام لم يكن مدركاً للصالة‪ ،‬وإن كان الواجب على كل الحق أن ينضم الى الجماعة ويتابع اإلمام ولو في أقل من الركعة حتى ولو كان‬
‫اإلمام في جلسة التشهد األخير فإنه يجب على الالحق الدخول معه في الصالة وال يعدها ركعة‪ ،‬وال يعتبر مدركا لصالة الجماعة‪ ،‬ولكنه‬
‫عامل بمشروعية الدخول مع اإلمام في أي حال كان فيها‪ ،‬وأما من أدرك من الصالة ركعة كاملة مع اإلمام الحاضر فإنه يجب على‬
‫الالحق المساف ر أن يأتي بركعة أخرى إذا كانت صالة الفجر وبركعتين إذا كانت صالة المغرب وبثالث ركعات إذا كانت صالة رباعية‬
‫ألن حكم صالة المسافر مثل حكم صالة الحاضر الئتمام المسافر بالحاضر عمالً بحديث (ِإنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ)(‪ )6‬وإن ائتم المسافر‬
‫بالمسافر فيصلي الرباعية قصراً وتكون صالته مثل صالة اإلمام ألن كليهما مسافران‪ ،‬وحديث (ِإنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ) يوجب على‬
‫المؤتم متابعة اإلمام الحاضر في صالته ويتم معه الرباعية‪ ،‬ويوجب عليه متابعة اإلمام المسافر في صالته فيقصر معه الصالة الرباعية‪،‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن من نسي أربع سجدات من أربع ركعات في صالة من الصلوات أن صالته باطلة‪ ،‬ويجب عليه إعادة الصالة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن‬
‫من نسي قراءة الفاتحة في ركعة من ركعات الصالة فإنه يسجد سجدتي السهو وال يجب عليه إعادة الصالة‪ ،‬ومن لم يقرأ فاتحة الكتاب في‬
‫صالته كلها فصالته باطلة لحديث (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ)(‪.)7‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حدديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)550‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب إنما جعل اإلمام ليؤتم به‪ .‬حديث رقم (‪ )355‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬خَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬عَنْ‬
‫فَرَسٍ فَجُحِشَ‪ ،‬فَصَلَى لَنَا قَاعِدًا‪ ،‬فَصَلَيْنَا مَعَهُ قُعُودًا‪ ،‬ثُمَ انْصَرَفَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَمَا الْإِمَامُ أَوْ إِنَمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَ مَ بِهِ‪ ،‬فَإِذَا كَبَرَ فَكَبِرُوا‪ ،‬وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا رَفَعَ‬
‫ك الْحَمْدُ‪ ،‬وَإِذَا سَجَ َد فَاسْجُدُوا)‪.‬‬
‫فَارْفَعُوا ’ وَإِذَا قَالَ‪ :‬سَمِ َع اللَ ُه لِمَنْ حَمِدَهُ‪ ،‬فَقُولُوا‪ :‬رَبَنَا لَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحد يث‪ :‬الصالة‪.‬‬
‫جحش‪ :‬خدّش‪.‬‬ ‫خرَ‪ :‬سقط‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب مايذكر في الرجل يدرا اإلمام وهو ساجد كيف يصنع‪ .‬حديث رقم (‪ )511‬بلفظ (عَنْ عَلِي وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي‬
‫لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ‪ ،‬قَالَا‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ :‬إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الصَلَاةَ‪ ،‬وَا لْإِمَامُ عَلَى حَالٍ‪ ،‬فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْإِمَامُ) صححه األلباني في صحيح سنن‬
‫الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به الترمذي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة ‪ ‬برقم (‪.)550‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة ‪ ‬برقم (‪.)550‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنه برقم (‪.)355‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب وجوب القرآة لإلمام والمأموم في الصلوات‪ .‬حديث رقم (‪ )756‬بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَامِتِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن لَ ْم يَقْرَأْ بِفَاتِحَ ِة الْكِتَابِ)‪.‬‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَال‪ :‬لَا صَلَاةَ لِمَ ْ‬
‫‪171‬‬
‫الباب اخلامس عشر‪ :‬سجود السهو‬

‫حكم سجود السهو‬ ‫‪‬‬


‫مواضع سجود السهو‬ ‫‪‬‬
‫األقوال و األفعال التي يسجد للسهو لها‬ ‫‪‬‬
‫صفة سجود السهو‬ ‫‪‬‬
‫سجود السهو من سنة المنفرد واإلمام‬ ‫‪‬‬
‫سجود المؤتم لسهو نفسه‬ ‫‪‬‬
‫التسبيح لمن سهى في الصالة‬ ‫‪‬‬
‫السجود للسهو لمن شك في الصالة‬ ‫‪‬‬

‫‪172‬‬
‫الباب اخلامس عشر‪ :‬سجود السهو‬

‫حكم سجود السهو‬

‫الصحيح‪ :‬أن سجود السهو واجب لحديث(وصلوا كما رأيتموني أصلي)(‪ )3‬وألن أفعال النبي ‪ ‬في الصالة تدل على الوجوب‪ ،‬وسجود السهو‬
‫مشروع للزيادة في الصالة أو لنقصانها سواء كان النقص أو الزيادة في األفعال أو األقوال وال دليل على التفرقة فيما بينهما‪.‬‬

‫مواضع سجود السهو‬


‫الصحيح‪ :‬أن المواضع التي سجد فيها النبي ‪ ‬قبل التسليم يكون سجود السهو فيها قبل التسليم مثل نسيان الجلوس بعد الركعتين‪ ،‬وما سجد‬
‫فيها الرسول ‪ ‬بعد التسليم مثل صالة ركعة خامسة أو الخروج من الصالة قبل التسليم كما في حديث ذي اليدين أو نحوها فيسجد للسهو بعد‬
‫التسليم‪ ،‬وفيما عدى الوارد عن النبي ‪ ‬يكون المصلي مخيراً في السجود قبل التسليم أو بعده‪.‬‬

‫األقوال و األفعال التي يسجد للسهو هلا‬


‫من ترك فعالً من أفعال ا لصالة الواجبة كالقيام أو الركوع أو السجود أو قراءة الفاتحة أو تكبيرة اإلحرام فيجب عليه إعادة الصالة وال يجبره‬
‫سجود السهو ألن سجود السهو يجبر المسنونات في الصالة‪ ،‬وال يجبر أفعال الصالة الواجبة‪ ،‬فإمام الصالة إذا نسي التشهد األوسط فانتصب‬
‫للصالة قائماً للركعة الثالثة فال يرجع من القيام للتشهد األوسط ولكن يومئ للمأمومين بالقيام حين يسبحون له ليجلس لحديث (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬صَلَى ِبهِمْ الّظَهْر‪ ،‬فَقَامَ فِي الرَكْ َع َت ْينِ الْأُوَل َي ْينِ لَمْ يَجْلِسْ‪ ،‬فَقَامَ النَاسُ مَعَهُ‪ ،‬حَتَى ِإذَا َقضَى الصَلَاةَ وَا ْنتَّظَرَ النَاسُ تَسْلِيمَهُ َكبَرَ‬
‫جدَ َت ْينِ قَ ْبلَ َأنْ يُسَلِمَ ثُمَ سَلَمَ)(‪ )2‬وإذا زاد اإلمام ركعة خامسة سهواً وسبح له المؤتمون ولم يرجع‪ ،‬فاألولى للمؤتمين‬ ‫جدَ سَ ْ‬ ‫وَ ُهوَ جَالِسٌ‪ ،‬فَسَ َ‬
‫عزل صالتهم عنه‪ ،‬ألن متابعة اإلم ام واجبة إذا كان ملتزماً بالعمل وفق النصوص الشرعية‪ ،‬وإذا خالف المشروع في الصالة فيجب على‬
‫المؤتمين عزل صالتهم عنه‪ ،‬وذلك بأن ينوي كل واحد منهم أن يتم صالته فرادى فيسلم لنفسه‪ ،‬ويشرع سجود السهو لترك مسنون كترك‬
‫حدُكُمْ كَمْ‬ ‫تكبيرة االنتقال أوأذكار الركوع أو الرفع منه أوأذكار السجود أو الجلوس بين السجدتين أو للشك في العدد لحديث (فَ ِإذَا لَمْ َيدْرِ أَ َ‬
‫ج َد َت ْينِ وَ ُهوَ جَالِسٌ)(‪ )1‬ويشرع سجود السهو لمن يسلم قبل إتمام الصالة لحديث (أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬ ‫جدْ سَ ْ‬ ‫صَلَى ثَلَاثًا َأوْ أَ ْربَعًا‪ ،‬فَ ْليَسْ ُ‬
‫ص َدقَ‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ا ْنصَرَفَ ِمنْ ا ْث َن َت ْينِ فَقَالَ لَهُ ذُو ا ْل َي َد ْينِ‪ :‬أَ َقصُرَتْ الصَلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ :‬أ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ط َولَ)‬
‫جدَ ِم ْثلَ سُجُو ِدهِ َأوْ أَ ْ‬
‫ذُو ا ْل َي َد ْينِ؟ فَقَالَ النَاسُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقَامَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َفصَلَى ا ْث َنتَ ْينِ أُخْ َر َي ْينِ‪ ،‬ثُمَ سَلَمَ‪ ،‬ثُمَ َكبَرَ فَسَ َ‬
‫سهْوٍ‬ ‫وإذا نسي المصلي فقرأ الفاتحة في التشهد األوسط أو التشهد األخير أو تشهد في القيام بدالً عن قراءة الفاتحة فيسجد للسهو لحديث (لِ ُكلِ َ‬
‫ج َدتَانِ بَ ْعدَ مَا يُسَلِم)(‪.)5‬‬‫سَ ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب األذان للمسافر إذا كانوا جماعة واإلقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن الصالة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة‪.‬‬
‫حديث رقم (‪ ) 631‬بلفظ (عن أبي قالبة‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا مالك‪ :‬أتينا إلى النبي ‪ ‬ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة‪ ،‬وكان رسول اهلل ‪ ‬رحيما‬
‫رفيقا‪ ،‬فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا‪ ،‬سألنا عمن تركنا بعدنا‪ ،‬فأخبرناه‪ ،‬قال‪ :‬ارجعوا إلى أهليكم‪ ،‬فأقيموا فيهم‪ ،‬وعلموهم‪ ،‬ومروهم‪ ،‬وذكر أشياء‬
‫أحفّظها أو ال أحفّظها‪ ،‬وصلوا كما رأيتموني أ صلي‪ ،‬فإذا حضرت الصالة‪ ،‬فليؤذن لكم أحدكم‪ ،‬وليؤمكم أكبركم)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان و اإلمامة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة‬
‫فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب السهو‪ :‬باب ماجاء إذا قام من ركعتي الفريضة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1224‬بلفظ (عن عَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَلِبِ وَقَالَ مَرَةً‬
‫مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْ حَارِثِ‪ ،‬أَنَ عَبْدَ اللَهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ وَهُوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَ ْبدِ مَنَافٍ‪ ،‬وَكَانَ مِ نْ أَصْحَابِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى‬
‫جدَ‬ ‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬صَلَى بِهِمْ الّظَ هْر‪ ،‬فَقَامَ فِي الرَكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ‪ ،‬فَقَامَ النَاسُ مَعَهُ‪ ،‬حَتَى إِذَا قَضَى الصَلَاةَ وَانْتَّظَرَ النَاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَرَ وَهُوَ جَالِسٌ‪ ،‬فَسَ َ‬
‫ن يُسَلِ َم ثُ َم سَلَمَ)‪.‬‬
‫ن قَبْ َل أَ ْ‬
‫سَجْدَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصال والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب السهو‪ :‬باب إذا لم يدر كم صلى ثالثا أو أربعا سجد سجد تين وهو جالس‪ .‬حديث رقم (‪ )1231‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا نُودِيَ بِالصَلَاةِ أَدْبَرَ الشَيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَى لَا يَسْمَعَ الْأَذَانَ‪ ،‬فَإِذَا قُضِيَ الْأَذَانُ أَقْبَلَ‪ ،‬فَإِذَا ثُوِبَ بِهَا أَدْبَر‪ ،‬فَإِذَا قُضِيَ‬
‫التَثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ‪ ،‬حَتَى يَّظَلَ الرَجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَى‪ ،‬فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا‪،‬‬
‫فَلْيَسْجُ ْد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصال ة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪.‬‬
‫اطراف الحديث‪:‬االذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬التثويب‪ :‬إقامة الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب السهو‪ :‬باب من لم يتشهد في سجدتي السهو‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1225‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ا نْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ‪ :‬أَقَصُرَتْ الصَلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ فَقَالَ رَسُو لُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَاسُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقَامَ‬
‫ن أُخْرَيَيْنِ‪ ،‬ثُ َم سَلَمَ‪ ،‬ثُمَ كَبَ َر فَسَجَ َد مِثْ َل سُجُودِ ِه أَ ْو أَطْوَلَ)‪.‬‬
‫رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى ال لَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَصَلَى اثْنَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب من نسي أن يتشهد وهو جالس‪ .‬حد يث رقم (‪ ) 1035‬بلفظ (عَنْ ثَوْبَان‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لِكُلِ سَهْوٍ‬
‫ن بَعْ َد مَا يُسَلِم) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫سَجْدَتَا ِ‬
‫‪173‬‬
‫صفة سجود السهو‬
‫الصحيح‪ :‬أن من يسجد سجدتي السهو قبل التسليم فتشهد الصالة كافٍ للصالة ولسجود السهو والتسليم من الصالة كافٍ للصالة ولسجدتي‬
‫السهو‪ ،‬ومن يسجد سجدتي السهو بعد التسليم فيتشهد كتشهد الصالة ويسلم كتسليم الصالة لحديث (صَلَى ِبنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‬
‫شبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ‬ ‫حدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ سَمَاهَا َأبُو هُ َريْ َرةَ وَلَ ِكنْ نَسِيتُ َأنَا قَالَ َفصَلَى بِنَا رَكْعَ َت ْينِ ثُمَ سَلَمَ فَقَامَ إِلَى خَ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ظهْرِ كَفِهِ ا ْليُسْرَى وَخَرَجَتْ السَ َرعَانُ‬ ‫خ َدهُ الَْأيْمَنَ عَلَى َ‬ ‫شبَكَ َب ْينَ َأصَابِعِهِ َو َوضَعَ َ‬‫ضبَانُ وَ َوضَعَ َي َدهُ ا ْليُ ْمنَى عَلَى ا ْليُسْرَى وَ َ‬‫غ ْ‬ ‫فَاتَكَأَ عََليْهَا كََأنَه َ‬
‫جلٌ فِي َي َديْهِ طُولٌ يُقَالُ لَهُ ذُو ا ْل َيدَ ْينِ قَالَ يَا‬ ‫جدِ فَقَالُوا قَصُرَتْ الصَلَاةُ وَفِي الْ َقوْمِ َأبُو بَكْرٍ َوعُمَرُ َفهَابَا َأنْ يُكَلِمَاهُ وَفِي الْ َقوْمِ رَ ُ‬ ‫ِمنْ َأ ْبوَابِ الْمَسْ ِ‬
‫رَسُولَ اللَهِ َأنَسِيتَ أَمْ َقصُرَتْ الصَلَاةُ قَالَ لَمْ َأنْسَ وَلَمْ تُ ْقصَرْ فَقَالَ أَكَمَا يَقُولُ ذُو ا ْليَ َد ْينِ فَقَالُوا نَعَمْ َفتَ َقدَمَ َفصَلَى مَا تَ َراَ ثُمَ سَلَمَ ثُمَ َكبَرَ وَسَجَدَ‬
‫ط َولَ ثُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ َكبَرَ فَ ُربَمَا سَأَلُوهُ ثُمَ سَلَمَ َفيَقُولُ ُن ِبئْتُ أَنَ‬ ‫جدَ ِم ْثلَ سُجُو ِدهِ َأوْ أَ ْ‬‫ط َولَ ثُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ َكبَرَ ثُمَ َكبَرَ وَسَ َ‬
‫ِم ْثلَ سُجُو ِدهِ َأوْ أَ ْ‬
‫ص ْينٍ قَالَ ثُمَ سَلَمَ)(‪ .)3‬ولفظ (ثم) هي للتراخي وفيها داللة على توسط التشهد بين القيام من سجدتي السهو وبين التسليم منهما‪،‬‬ ‫ح َ‬ ‫عِمْرَانَ ْبنَ ُ‬
‫حتَى ِإذَا َقضَى الصَلَاةَ‬ ‫ّظهْر‪ ،‬فَقَامَ فِي الرَكْ َع َت ْينِ الْأُوَل َي ْينِ لَمْ يَجْلِسْ‪ ،‬فَقَامَ النَاسُ مَعَهُ‪َ ،‬‬ ‫ولحديث (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬صَلَى ِبهِمْ ال َ‬
‫(‪)2‬‬
‫جدَ َت ْينِ َق ْبلَ َأنْ يُسَلِمَ ثُمَ سَلَمَ) ‪.‬‬
‫جدَ سَ ْ‬
‫وَا ْنتَّظَرَ النَاسُ تَسْلِيمَهُ َكبَرَ وَ ُهوَ جَالِسٌ‪ ،‬فَسَ َ‬

‫سجود السهو من سنة املنفرد واإلمام‬

‫الصحيح‪ :‬أن اإلمام إذا سجد للسهو قبل التسليم فيسجد الالحق للسهو مع اإلمام ألن المؤتم الالحق ال زال مؤتماً باإلمام ويجب على المؤتم‬
‫متابعة اإلمام لحديث (ِإنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ ِل ُي ْؤتَمَ بِهِ)(‪ )1‬وإن سجد اإلمام للسهو بعد التسليم فيسجد المؤتم الالحق بعد أن يكمل صالته وال يتابع‬
‫اإلمام في سجود السهو ألن العالقة بين اإلمام والمأموم قد انقطعت بتسليم اإلمام وتحلل اإلمام من الصالة ألن الصالة تحليلها التسليم وال‬
‫يجب على المؤتم الال حق متابعة اإلمام بعد التسليم‪.‬‬

‫سجود املؤمت لسهو نفسه‬

‫ج َدتَانِ بَ ْعدَ مَا يُسَلِم)(‪ )4‬المؤتم يسجد‬


‫س ْهوٍ سَ ْ‬
‫إذا كان المصلي مؤتماً وسهى في صالته فيجب عليه أن يسجد سجود السهو لنفسه لحديث (لِ ُكلِ َ‬
‫لسهو نفسه بعد ما يسلم وال يسجد لسهو نفسه قبل التسليم لكي ال يخالف حديث (إِنَمَا جُ ِعلَ الْإِمَامُ لِ ُي ْؤتَمَ بِهِ)(‪ )5‬وال أعرف ما هو دليل الجمهور‬
‫على القول بأن اإلمام يتحمل سهو المأموم‪ ،‬وال أعرف كيفية تحمل اإلمام عن المؤتمين‪ ،‬ولو فرضنا أن جميع المؤتمين سهوا في صالتهم‬
‫فكيف يكون تحمل اإلمام عن سهو كل واحد منهم‪ ،‬واألصل أن كل مصل مسئول عن نفسه وال يتحمل عنه غيره‪.‬‬

‫التسبيح ملن سهى يف الصالة‬


‫سبَحَ‬
‫سبِحْ‪ ،‬فَِإنَ ُه إِذَا َ‬
‫الصحيح‪ :‬أن للرجال التسبيح وللنساء التصفيق لحديث ( مَا لِي رََأ ْيتُكُمْ أَ ْكثَ ْرتُمْ ال َتصْفِيقَ ؟! َمنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَ ْليُ َ‬
‫ا ْلتُفِتَ إَِليْه‪ ،‬وَِإنَمَا ال َتصْفِيقُ لِلنِسَاءِ)(‪ )6‬ولفظ (النساء) في الحديث يعم النساء الالئي يصلين خلف رجل في جماعة للرجال والنساء‪.‬‬

‫أخرجه ابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)1225‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)1224‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االذان‪ :‬باب إنما جعل اإلمام ليؤتم به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 655‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أُمِ الْمُؤْمِنِينَ‪ ،‬أَنَهَا قَالَتْ‪ :‬صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَااٍ‪ ،‬فَصَلَى جَالِسًا‪ ،‬وَصَلَى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا‪ ،‬فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ‪ ،‬أَنْ اجْلِسُ وا‪ ،‬فَلَمَا انْصَرَفَ‪ ،‬قَال‪ :‬إِنَمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَ بِهِ‪ ،‬فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا‪ ،‬وَإِذَا‬
‫رَفَ َع فَارْفَعُوا‪ ،‬وَإِذَا صَلَى جَالِسًا فَصَلُوا جُلُوسًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬المرضى‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ثوبان رضي اهلل عنه برقم (‪.)1035‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)655‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب من دخل ليؤم الناس فجاء اإلما م األول‪ .‬حديث رقم (‪ )654‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَاعِدِيِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ‪ ،‬فَحَانَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬فَجَاءَ الْمُؤَذِنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَتُصَلِي لِلنَاسِ فَأُقِيمَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَصَلَى أَبُو بَكْرٍ‪ ،‬فَجَاءَ‬
‫ق‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَالنَاسُ فِي الصَلَاةِ‪ ،‬فَتَخََلصَ حَتَى وَقَفَ فِي الصَفِ فَصَفَقَ النَاسُ‪ ،‬وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ‪ ،‬فَلَمَا أَكْثَرَ النَاسُ التَصْفِي َ‬
‫الْتَفَتَ‪ ،‬فَرَأَى رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ هِ وَسَلَمَ أَنْ امْكُثْ مَكَانَكَ‪ ،‬فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَهَ عَلَى مَا‬
‫أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ ذَلِكَ‪ ،‬ثُمَ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَى اسْتَوَى فِ ي الصَفِ‪ ،‬وَتَقَدَمَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَصَلَى‪ ،‬فَلَمَا انْصَرَفَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫يَا أَبَا بَكْ رٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُك؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ‪ :‬مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِيَ بَيْنَ يَ دَيْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ق لِلنِسَاءِ)‪.‬‬‫ت إِلَيْه‪ ،‬وَإِنَمَا التَصْفِي ُ‬
‫ح ا ْلتُفِ َ‬
‫ق ؟! مَنْ رَابَ ُه شَيْءٌ فِي صَلَاتِ ِه فَلْيُسَبِحْ‪ ،‬فَإِنَ ُه إِذَا سَبَ َ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬مَا لِي رَأَيْتُ كُ ْم أَكْثَرْتُ ْم التَصْفِي َ‬
‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة وا لسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في إقامة‬
‫الصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الصلح‪.‬‬
‫بين يدي‪ :‬أمام‪.‬‬ ‫تخلص‪ :‬تجاوز وتخطى‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حانت‪ :‬دخل وقتها‪.‬‬
‫‪174‬‬
‫السجود للسهو ملن شك يف الصالة‬

‫الصحيح‪ :‬أن من شك في صالته فيجب عليه أن يقدم التحري حتى يغلب على ظنه شيء فيسجد للسهو وال يزيد ركعة لحديث (َِإذَا شَ َ‬
‫ك‬
‫ج َد َتيْنِ)(‪ )3‬وإذا لم يغلب على ظنه شيء فيبني على األقل ويسجد‬ ‫جدُ سَ ْ‬ ‫صوَابَ‪ ،‬فَ ْل ُيتِمَ عَ َليْهِ‪ ،‬ثُمَ ِليُسَلِمْ ثُمَ يَسْ ُ‬
‫حدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَ ْل َيتَحَرَ ال َ‬
‫أَ َ‬
‫ج َد َتيْنِ قَ ْبلَ َأنْ‬
‫جدُ سَ ْ‬
‫س َتيْ َقنَ‪ ،‬ثُمَ يَسْ ُ‬
‫شكَ وَ ْل َي ْبنِ عَلَى مَا ا ْ‬
‫حدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ َيدْ رِ كَمْ صَلَى؟ ثَلَاثًا أَمْ أَ ْربَعًا فَ ْليَطْرَحْ ال َ‬‫شكَ أَ َ‬‫للسهو لحديث (ِإذَا َ‬
‫(‪)2‬‬
‫شيْطَانِ) ‪.‬‬ ‫يُسَلِمَ‪ ،‬فَِإنْ كَانَ صَلَى خَمْسًا شَفَ ْعنَ لَهُ صَلَاتَهُ‪ ،‬وَِإنْ كَانَ صَلَى ِإتْمَامًا لِأَ ْربَعٍ كَانَتَا تَ ْرغِيمًا لِل َ‬

‫‪1‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم‬ ‫ن عَلْقَمَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ عَبْ ُد اللَهِ‪ :‬صَلَى النَبِ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد‪ :‬باب السهو في الصالة والسجود له‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1274‬بلفظ (عَ ْ‬
‫قَال‪ :‬إِبْرَاهِيمُ لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ‪ ،‬فَلَمَا سَلَمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَحَدَثَ فِي الصَلَاةِ شَيْءٌ ؟! قَا لَ‪ :‬وَمَا ذَااَ؟ قَالُوا‪ :‬صَلَيْتَ كَذَا وَكَذَا فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ‬
‫ت فَذَكِرُونِي‪،‬‬ ‫وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَ سَلَمَ‪ ،‬فَلَمَا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَلَاةِ شَيْءٌ لَنَبَأْتُكُمْ بِهِ‪ ،‬وَلَكِنْ إِنَ مَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‪ ،‬أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِي ُ‬
‫ك أَحَدُكُ ْم فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَ َر الصَوَابَ‪ ،‬فَلْيُتِ َم عَلَيْهِ‪ ،‬ثُمَ لِيُسَلِ ْم ثُ َم يَسْجُ ُد سَجْدَتَيْنِ)‪.‬‬
‫وَإِذَا شَ َ‬
‫أخرجه البخاري في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬التحري‪ :‬القصد واالجتهاد في الطلب‪ .‬أحرى‪ :‬أجدر وأولى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب السهو في الصالة والسجود له‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1572‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا شَكَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ‪ ،‬فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا‪ ،‬فَلْيَطْرَحْ الشَكَ ‪ ،‬وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ‪ ،‬ثُمَ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِمَ‪ ،‬فَإِنْ كَانَ‬
‫ن صَلَى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ‪ ،‬كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَيْطَانِ)‪.‬‬ ‫ن كَا َ‬
‫ن لَ ُه صَلَاتَهُ‪ ،‬وَإِ ْ‬
‫صَلَى خَمْسًا شَفَعْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في السهو‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الترغيم‪ :‬اإلذالل واإلغاظة‪.‬‬
‫‪175‬‬
‫الباب السادس عشر‪ :‬صالة التطوع‬

‫‪ ‬الفصّل األول ‪:‬حكم صالة الوتر‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬ركعتا الفجر‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬صفة صالة النوافّل‬

‫‪176‬‬
‫الفصل األول ‪:‬حكم صالة الوتر‬

‫‪ ‬الوتر سنة مؤكدة‬


‫‪ ‬صفة صالة الوتر‬
‫‪ ‬وقت صالة الوتر‬
‫‪ ‬القنوت في صالة الوتر‬

‫‪177‬‬
‫الفصل األول ‪:‬حكم صالة الوتر‬

‫الوتر سنة مؤكدة‬


‫الوتر سنة مؤكدة لمواضبة النبي ‪ ‬على الوتر في الحضر والسفر‪ ،‬وأما األمر بالوتر في حديث ( ِإنَ اللَهَ ِوتْرٌ يُحِبُ ا ْل ِوتْرَ‪ ،‬فََأوْتِرُوا يَا أَ ْهلَ‬
‫الْقُرْآنِ)(‪ )3‬فهو مصروف من الوجوب إلى السنية المؤكدة بحديث األعرابي الذي سأل النبي ‪ ‬ماذا يجب عليه من الصالة فقال النبي ‪:‬‬
‫ط َوعَ)(‪ .)2‬فقوله ‪[ ‬ال‪ ،‬إال أن تطوع] صرف صيغة األمر‬ ‫غيْرُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا َأنْ تَ َ‬
‫(خَمْسُ صََلوَاتٍ فِي ا ْل َيوْمِ وَالَليْلَةِ‪ ،‬فَقَال‪ :‬هَلْ عَلَيَ َ‬
‫(أوتروا) من الوجوب إلى االستحباب‪ ،‬والذي جعله سنة مؤكدة هو مواظبة النبي ‪ ‬على صالة الوتر في الحضر والسفر‪ ،‬فهو سنة تأكدت‬
‫مشروعيتها من قول النبي ‪ ‬وفعله وتقريره‪.‬‬

‫صفة صالة الوتر‬

‫الصحيح‪ :‬أن اإلنسان مخير بين أن يوتر بثالث أو خمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشر ركعة‪ ،‬وإذا أوتر بركعة فيشترط أن يسبقها صالة‬
‫شفع ولو ركعتين‪ ،‬ومن سيوتر بثالث ركعات فاألولى أن ال يصلى الثالث الركعات متصالت وإنما يصلي ركعتين ويسلم ويصلي الركعة‬
‫(‪)1‬‬
‫ح َدةٍ)‬
‫صبْحَ‪ ،‬فََأوْتِرْ ِبوَا ِ‬
‫الثالثة وحدها واألفضل أن تكون صالة الليل مثنى مثنى لحديث ( َكيْفَ صَلَاةُ الَل ْيلِ؟ قَالَ‪َ :‬م ْثنَى َم ْثنَى‪ ،‬فَِإذَا خِفْتَ ال ُ‬
‫ويستحب طول القيام في صالة الليل وال سيما من يصلى لوحده لحديث ( ِإنْ كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَيَقُومُ ِليُصَلِيَ حَتَى تَرِمُ َقدَمَاهُ‬
‫ع ْبدًا شَكُورًا)(‪ )4‬ومن سيوتر بخمس أو سبع أو تسع فال يشرع له جلوس تشهد أوسط بينها‪ ،‬والدعاء‬ ‫َأوْ سَاقَاهُ‪ ،‬فَيُقَالُ‪ :‬لَهُ‪َ ،‬فيَقُولُ‪ :‬أَفَلَا أَكُونُ َ‬
‫في صالة الليل مستجاب إذا خرج من قلب خالص موقن باإلجابة لحديث ( َينْ ِز ُل َر ُبنَا تَبَا َراَ َوتَعَالَى ُكلَ َليْلَةٍ إِلَى السَمَاءِ ال ُدنْيَا حِينَ َيبْقَى ثُلُثُ‬
‫ستَغْفِ ُرنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)(‪ ،)5‬وأما عدد ركعات صالة النبي ‪ ‬في الليل‬ ‫ستَجِيبَ لَه‪َ ،‬منْ يَسْأَُلنِي فَُأعْطِيَهُ‪َ ،‬منْ يَ ْ‬ ‫الَل ْيلِ الْآخِرُ‪ ،‬يَقُولُ‪َ :‬منْ َي ْدعُونِي فَأَ ْ‬
‫فكانت إحدى عشر ركعة ولما كبر سنه وضعف بدنه كان يوتر بتسع ركعات ثم سبع ركعات لحديث عائشة رضي اهلل عنها حينما سئُلت عن‬
‫سوَى رَكْ َعتِي الْفَجْرِ)(‪ )6‬الصحيح‪ :‬أنه يشترط قبل صالة ركعة الوتر أن يكون قد‬ ‫حدَى عَشْ َرةَ ِ‬ ‫سبْعٌ َوتِسْعٌ وَإِ ْ‬‫صالة رسول اهلل ‪ ‬قالت‪َ ( :‬‬
‫سبقها صالة شفع ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان أو عشر أو أكثر وال تسمى الركعة الواحدة من دون أن يسبقها صالة شفع وتراً لحديث‬

‫‪1‬‬
‫ـ سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ماجاء أن الوتر ليس بحتم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 453‬بلفظ (عَنْ عَلِي‪ ،‬قَال‪ :‬الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلَاتِكُمْ الْمَكْتُوبَةِ‪ ،‬وَلَكِنْ سَنَ رَسُولُ‬
‫ب الْوِتْرَ‪ ،‬فَأَوْتِرُوا يَا أَهْ َل الْقُرْآنِ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن اللَ َه وِتْ ٌر يُحِ ُ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَقَالَ‪ :‬إِ َ‬
‫أخرجه النسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫إن اهلل وتر‪ :‬أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الحتم‪ :‬الالزم الواجب الذي ال بد من فعله‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب الزكاة من اإلسالم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 46‬بلفظ (عن مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمِهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ‬
‫عُبَيْدِ اللَهِ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬جَ اءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَأْسِ‪ ،‬يُسْمَعُ دَوِيُ صَوْ تِهِ‪ ،‬وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ‪ :‬حَتَى دَنَا‪ ،‬فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ‬
‫الْإِسْلَامِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ لَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَيْلَةِ‪ ،‬فَقَال‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَنْ تَطَوَعَ‪ ،‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬وَصِيَامُ رَمَضَانَ‪ ،‬قَال‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهُ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَ ا أَنْ تَطَوَعَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الزَكَاةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَنْ‬
‫ن صَدَقَ)‪.‬‬ ‫تَطَوَعَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَدْبَ َر الرَجُلُ وَهُ َو يَقُولُ‪ :‬وَاللَ ِه لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُ صُ‪ ،‬قَا َل رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَفْلَحَ إِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصوم الشهادات‪.‬‬
‫الدنو‪ :‬القرب‪.‬‬ ‫الدوي‪ :‬صوت مرتفع متكرر ال يفهم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ثائر‪ :‬منتفش شعر الرأس‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب التهجد‪ :‬باب كيف صالة النبي صلى اهلل علبه وسلم‪ ،‬وكم كان يصلي من الليل‪ .‬حديث رقم (‪ )1137‬بلفظ (عن سَالِ ُم بْنُ عَبْ ِد اللَ ِه أَنَ عَبْدَ‬
‫ت الصُبْحَ‪ ،‬فَأَوْتِ ْر بِوَاحِدَةٍ)‪.‬‬ ‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ رَجُلًا قَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬كَيْفَ صَلَا ُة اللَيْلِ؟ قَالَ‪ :‬مَثْنَى مَثْنَى‪ ،‬فَإِذَا خِفْ َ‬ ‫اللَ ِه بْنَ عُمَرَ رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ ،‬والترمذي في الصالة ‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب االجمعة‪ :‬قيام النبي صلى اهلل عليه و سلم الليل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1130‬بلفظ (عَنْ زِيَاد‪ ،‬قَال‪ :‬سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬إِنْ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَيَقُو ُم لِيُصَلِيَ حَتَى تَرِ ُم قَدَمَا ُه أَ ْو سَاقَاهُ‪ ،‬فَيُقَالُ‪ :‬لَهُ‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)‪.‬‬ ‫ن النَبِ ُ‬‫كَا َ‬
‫أخرجه مسلم في صفة القيامة والنار‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة‬
‫فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬تفسير القرآن‪ ،‬الرقاق‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب التهجد‪ :‬باب الدعاء في الصالة من آخر الليل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1145‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَنْزِلُ رَبُنَا تَبَارَاَ وَتَعَالَى كُلَ لَيْلَةٍ إِلَى السَمَا ءِ الدُنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَيْلِ الْآخِرُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَه‪ ،‬مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ‪ ،‬مَنْ‬
‫يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِ َر لَهُ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬التوحيد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب التهجد‪ :‬باب كيف كان صالة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )1121‬بلفظ (عَنْ مَسْرُوقٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪،‬‬
‫ن صَلَاةِ رَسُو ِل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم بِاللَيْلِ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬سَبْ ٌع وَتِسْ ٌع وَإِحْدَى عَشْرَ َة سِوَى رَكْعَتِي الْفَجْرِ)‪.‬‬ ‫عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ .‬والترمذي ف ي الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في باقي مسند البصريين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫حدَة‪ ،‬تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَى)(‪ )3‬والركعتين الراتبة التي بعد صالة العشاء ال‬
‫صبْحَ‪ ،‬صَلَى رَكْعَةً وَا ِ‬
‫حدُكُمْ ال ُ‬
‫( صَلَاةُ اللَ ْيلِ َم ْثنَى َم ْثنَى‪ ،‬فَِإذَا خَشِيَ أَ َ‬
‫تدخل في صالة الليل ألنها من الرواتب التي تصلى مع الفرائض ألنها سنة راتبة لصالة العشاء مستقلة عن صالة الليل‪ ،‬ودليلها مستقل عن‬
‫أدلة صالة الليل‪ .‬ألنها ال تصلى في السفر‪ ،‬وصالة الليل يجوز صالتها في السفر‪.‬‬

‫وقت صالة الوتر‬

‫وقت صالة الوتر من بعد صالة العشاء إلى طلوع الفجر‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن وقت صالة الوتر ينتهي بطلوع الفجر بدليل قول النبي ‪( ‬فَِإذَا خِفْ َ‬
‫ت‬
‫حدَة‪ ،‬تُوتِرُ لَهُ مَا َقدْ صَلَى)(‪ )1‬في الحديثين داللة واضحة‬
‫صبْحَ‪ ،‬صَلَى رَكْعَةً وَا ِ‬ ‫ح َدةٍ)(‪ )2‬وفي رواية (فَِإذَا خَشِيَ أَ َ‬
‫حدُكُمْ ال ُ‬ ‫صبْحَ‪ ،‬فََأ ْوتِرْ ِبوَا ِ‬
‫ال ُ‬
‫على أن وقت صالة الوتر ينتهي ويخرج ب طلوع الفجر‪ ،‬وأن من فاته صالة الوتر قبل طلوع الفجر وصالها بعد طلوع الفجر لم يصلي الوتر‬
‫أداءً في وقته وإنما صالها قضاءً بعد خروج وقته الشرعي‪ ،‬وال حجه في أفعال الصحابة إَال أن يجمعوا جميعاً على شيء‪ ،‬أما أفعال البعض‬
‫منهم فال حجة فيها وأحياناً تختلف أفعال صحابي مع أفعال صحابة آخرين كاختالفهم في تعيين الصالة الوسطى‪ ،‬وفي قنوت صالة الوتر‬
‫وفي غيرها من المسائل‪ ،‬فإذا اعتبرنا فعل الصحابي حجة فستتعدد الحجج وتتعارض األدلة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن فعل الصحابي ال حجة فيه‪،‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن القضاء ال بد فيه من دليل آخر غير دليل األداء‪.‬‬

‫القنوت يف صالة الوتر‬

‫الصحيح‪ :‬أن قنوت الوتر مشروع في كل األوقات‪ ،‬وأن المراد في النهي عن القنوت في قوله تعالى { َليْسَ َلكَ ِمنَ األَمْرِ شَيْءٌ َأوْ َيتُوبَ‬
‫عََل ْيهِمْ َأوْ يُ َع َذ َبهُمْ فَِإ َنهُمْ ظَالِمُونَ}(‪)4‬هو القنوت في الصلوات الخمس وليس قنوت الوتر‪ ،‬ودليل مشروعية قنوت الوتر حديث (عَلَ َمنِي رَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬كَلِمَاتٍ أَقُوُل ُهنَ فِي ا ْل ِوتْرِ‪ ،‬الَلهُمَ ا ْه ِدنِي فِي َمنْ َه َديْتَ‪َ ،‬وعَافِنِي فِي َمنْ عَا َفيْت‪َ ،‬و َتوََلنِي فِي َمنْ َتوََليْت‪ ،‬وَبَا ِراْ لِي فِيمَا‬
‫ضيْتَ‪ ،‬فَ ِإ َنكَ تَ ْقضِي وَلَا يُقْضَى عََل ْيكَ‪ ،‬وَإِنَهُ لَا َي ِذلُ َمنْ وَاَليْتَ‪َ ،‬تبَارَكْتَ َربَنَا َوتَعَاَليْتَ)(‪ ،)5‬الصحيح‪ :‬جواز صالة الوتر‬ ‫طيْتَ‪ ،‬وَ ِقنِي شَرَ مَا َق َ‬‫َأعْ َ‬
‫جهَتْ بِهِ‪ ،‬يُومِئُ إِيمَاءً‪ ،‬صَلَاةَ الَل ْيلِ‪ ،‬إِلَا‬ ‫حيْثُ َتوَ َ‬‫على الراحلة لحديث (كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ُ ،‬يصَلِي فِي السَفَرِ عَلَى رَاحَِلتِهِ َ‬
‫الْفَرَا ِئضَ‪َ ،‬ويُوتِرُ عَلَى رَاحَِلتِهِ)(‪ )6‬الصحيح‪ :‬عدم جواز الوتر مرة ثانية لمن أوتر قبل أن ينام لحديث (لَا ِوتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ) وهو دليل صحيح‬
‫(‪)7‬‬

‫صريح عل ى نهي من قد أوتر قبل نومه أوفي أول الليل من أن يوتر مرة ثانية في تلك الليلة‪ ،‬وإذا أراد من قد أوتر أن يتنفل من قد أوتر‬
‫فليتنفل شفعاً ويكون آخر صالته في الليل شفعاً‪ ،‬وال يشرع له أن يصلي ركعة واحدة بعد استيقاظه لتشفع له وتره قبل النوم ألن صالته‬
‫األولى قد انته ت بالتسليم‪ ،‬وال تواصل وال ترابط وال عالقة بين صالته قبل النوم وبين صالته بعد النوم‪ ،‬بل يصدق على من يصلي ركعة‬
‫بعد االستيقاظ أنه صلى وتران في ليلة ألن الركعة الواحدة تسمى وتراً وال تسمى شفعاً ال لغة وال شرعاً‪ ،‬ومن يصلي الوتر قبل النوم ثم‬
‫يتنفل بعد االستيقاظ أو يصلي الوتر في أول الليل ويتنفل شفعاً في آخر الليل ففعله هذا يخالف أمر الرسول ‪ ‬وحثه على تأخير صالة الوتر‬
‫صبْحَ‪ ،‬فَ َأ ْوتِرْ ِبوَاحِ َدةٍ)(‪ )8‬الحديث دليل صحيح صريح في داللته‬ ‫إلى آخر صالة الليل قبيل طلوع الفجر في الحديث المتفق عليه (فَِإذَا خِفْتَ ال ُ‬
‫على ت أخير صالة الوتر إلى قبيل طلوع الفجر في حق من يتيقن أو يغلب على ظنه االستيقاظ في آخر الليل‪ ،‬ويشرع لمن يغلب على ظنه‬

‫‪1‬‬
‫ـ صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ :‬صال ة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة واحدة من آخر الليل‪ .‬حديث رقم (‪ )110‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا‪،‬‬
‫سَأَلَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ صَلَاةِ اللَيْلِ‪ ،‬فَقَالَ َرسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬صَلَاةُ اللَ يْلِ مَثْنَى مَثْنَى‪ ،‬فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُبْحَ‪ ،‬صَلَى رَكْعَةً‬
‫وَاحِدَة‪ ،‬تُوتِرُ لَهُ مَا قَ ْد صَلَى)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1137‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)110‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ آل عمرآن‪.)125( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬عَلَمَنِي‬
‫ن عَلِي رَضِ َ‬‫ن بْ ُ‬‫ن أَبِي الْحَوْرَا ِء السَعْدِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَا َل الْحَسَ ُ‬ ‫ـ سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب القنوت في الوتر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1425‬بلفظ (عَ ْ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬كَلِمَاتٍ أَ قُولُهُنَ فِي الْوِتْرِ‪ ،‬اللَهُمَ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ‪ ،‬وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت‪ ،‬وَتَوَلَنِي فِيمَنْ تَوَلَيْت‪ ،‬وَبَارِاْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ‪ ،‬وَقِنِي‬
‫ك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ‪ ،‬وَإِنَهُ لَا يَذِلُ مَنْ وَالَيْتَ‪ ،‬تَبَارَكْتَ رَبَنَا وَتَعَالَيْتَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫شَ َر مَا قَضَيْتَ‪ ،‬فَإِنَ َ‬
‫أخرجه النسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند أهل البيت‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬القنوت‪ :‬الدعاء في الصالة قبل الركوع أوبعده‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوتر‪ :‬باب الوتر في السفر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1000‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَر‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يُصَلِي فِي السَفَرِ عَلَى‬
‫ئ إِيمَاءً‪ ،‬صَلَا َة اللَيْلِ‪ ،‬إِلَا الْفَرَائِضَ‪ ،‬وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ)‪.‬‬
‫ت بِهِ‪ ،‬يُومِ ُ‬ ‫ث تَوَجَهَ ْ‬ ‫رَاحِلَتِ ِه حَيْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في القبلة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬يومئ‪ :‬يشير برأسه‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ن عَلِي فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ‪ ،‬وَأَمْسَى عِنْدَنَا‬ ‫ق بْ ُ‬
‫ن طَلْقٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬زَارَنَا طَلْ ُ‬ ‫س بْ ِ‬
‫ن قَيْ ِ‬‫ـ سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب في نقض الوتر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1431‬بلفظ (عَ ْ‬
‫وَأَفْطَرَ‪ ،‬ثُمَ قَامَ بِنَا اللَيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا‪ ،‬ثُمَ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَى بِأَصْحَابِهِ حَتَى إِ ذَا بَقِيَ الْوِتْرُ‪ ،‬قَدَمَ رَجُلًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ‪ ،‬فَإِنِي سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر ر ضي اهلل عنهما برقم (‪.)1137‬‬
‫‪179‬‬
‫استمرار نومه إلى بعد طلوع الفجر أن يصلي صالة الوتر قبل نومه لحديث ( َمنْ خَافَ َأنْ لَا يَقُومَ ِمنْ آخِرِ الَل ْيلِ‪ ،‬فَ ْليُوتِرْ َأوَلَهُ‪ ،‬وَ َمنْ طَمِعَ أَنْ‬
‫ضلُ)(‪.)3‬‬
‫شهُو َدةٌ‪ ،‬وَذَ ِلكَ أَ ْف َ‬
‫يَقُومَ آخِ َرهُ‪ ،‬فَ ْليُوتِرْ آخِرَ الَل ْيلِ‪ ،‬فَ ِإنَ صَلَاةَ آخِرِ الَل ْيلِ مَ ْ‬

‫‪1‬‬
‫ـ صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسسافرين وقصرها‪ .‬باب من خاف اال يقوم من آخر الليل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1763‬بلفظ (عَنْ جَابِر‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ك أَفْضَلُ)‪.‬‬
‫ن صَلَاةَ آخِ ِر اللَيْلِ مَشْهُودَةٌ‪ ،‬وَذَلِ َ‬
‫ن يَقُومَ آخِرَهُ‪ ،‬فَلْيُوتِرْ آخِ َر اللَيْلِ‪ ،‬فَإِ َ‬
‫ن طَمِ َع أَ ْ‬
‫ن آخِ ِر اللَيْلِ‪ ،‬فَلْيُوتِ ْر أَوَ لَهُ‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫ف أَنْ لَا يَقُومَ مِ ْ‬
‫ن خَا َ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ركعتا الفجر‬

‫‪ ‬ما يقرأ في ركعتي الفجر‬


‫‪ ‬صفةالقراءة في ركعتي الفجر‬
‫‪ ‬إذا أقيمت الصالة فال صالة إال المكتوبة‬
‫‪ ‬متى تقضى سنة الفجر‬

‫‪181‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ركعتا الفجر‬

‫ركعتا الفجر أهم وأفضل السنن لثالثة أحاديث بينت فضلها وشدة اهتمام النبي ‪ ‬بها والترغيب في فعلها حضراً وسفراً‪.‬‬

‫الحديث األول‪ :‬يبين شدة تعاهد النبي ‪ ‬ركعتي الفجر ولفظه (لَمْ يَ ُكنْ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ عَلَى شَيْءٍ ِمنْ ال َنوَا ِفلِ‪ ،‬أَ َ‬
‫شدَ ِمنْهُ تَعَا ُهدًا‬
‫عَلَى رَكْ َعتَيْ الْفَجْرِ)(‪.)3‬‬

‫الحديث الثاني‪ :‬يبين فضل ركعتي الفجر ولفظه (رَكْ َعتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ ِمنْ ال ُد ْنيَا وَمَا فِيهَا)(‪.)2‬‬

‫سلَمَ‪ ،‬كَانَ فِي سَفَرٍ لَهُ‪ ،‬فَمَا َل‬ ‫الحديث الثالث‪ :‬يبين فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم ركعتي الفجر في السفر ولفظه (أنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَ َ‬
‫سبْعَةً‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬احْفَّظُوا‬
‫حتَى صِرْنَا َ‬ ‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَمِلْتُ مَعَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬انّْظُر‪ ،‬فَقُلْتُ‪َ :‬هذَا رَاكِبٌ‪َ ،‬هذَانِ رَا ِكبَانِ‪َ ،‬هؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ‪َ ،‬‬
‫ضئُوا‪ ،‬وََأ َذنَ بِلَالٌ‬
‫ّظهُمْ إِلَا حَرُ الشَمْسِ‪ ،‬فَقَامُوا فَسَارُوا ُه َنيَة‪ ،‬ثُمَ َنزَلُوا َف َت َو َ‬ ‫عََل ْينَا صَلَاتَنَا‪ ،‬يَ ْعنِي صَلَاةَ الْفَجْر‪َ ،‬فضُرِبَ عَلَى آذَا ِنهِمْ‪ ،‬فَمَا َأيْقَ َ‬
‫َفصََلوْا رَكْ َعتَيْ الْفَجْرِ‪ ،‬ثُمَ صََلوْا الْفَجْرَ‪ ،‬وَرَ ِكبُوا)(‪ )1‬الحديث دليل على شدة اهتمام النبي ‪‬بهذه السنة والمحافظة عليها حيث قضى ركعتي‬
‫الفجر بعد أن خرج وقتها وهو في حال السفر‪.‬‬

‫ما يقرأ يف ركعتي الفجر‬

‫الصحيح‪ :‬أن المستحب أن يقرأ المصلي مع الفاتحة في الركعة األولى سورة (الكافرون) وفي الثانية سورة (اإلخالص) لحديث (َأنَ رَسُولَ‬
‫حدٌ)(‪.)4‬‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَرَأَ فِي رَكْ َعتَيْ الْفَجْرِ‪ُ ،‬قلْ يَا َأ ُيهَا الْكَافِرُونَ‪ ،‬وَ ُقلْ ُهوَ اللَهُ أَ َ‬

‫صفةالقراءة يف ركعتي الفجر‬


‫الصحيح‪ :‬أن المصلي مخير بين الجهر فيهما بالقراءة أو اإلسرار فيهما بالقراءة لحديث (كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يُخَفِفُ الرَكْ َع َت ْينِ‬
‫حتَى ِإنِي لَأَقُولُ َهلْ قَرَأَ بِأُمِ الْ ِكتَابِ)(‪ )5‬الحديث فيه داللة على أن النبي ‪ ‬كان يسر بالقراءة فيهما ولذا لم تتيقن‬ ‫صبْحِ‪َ ،‬‬
‫الَل َت ْينِ َق ْبلَ صَلَاةِ ال ُ‬
‫عائشة رضي اهلل عنها هل قرأ الفاتحة أم ال؟ ألنها لم تسمع قراءة النبي ‪ ‬في ركعتي الفجر‪ ،‬وحديث أبي هريرة ‪ ‬يدل على جهر النبي ‪‬‬
‫بالقراءة في الركعتين حيث أثبت قراءة (سورة الكافرون) مع (الفاتحة) في الركعة األولى وقراءة (سورة اإلخالص) مع (الفاتحة) في الركعة‬
‫الثانية‪ ،‬وهذا يدل على أن أبا هريرة ‪ ‬سمع قراءة النبي ‪ ‬فيهما‪.‬‬

‫إذا أقيمت الصالة فال صالة إال املكتوبة‬

‫الصحيح‪ :‬أنه إذا أقيمت الصالة المكتوبة فال يركع ركعتي الفجر ال داخل المسجد وال خارجه لحديث (ِإذَا أُقِيمَتْ الصَلَاةُ‪ ،‬فَلَا صَلَاةَ إِلَا‬
‫الْمَ ْكتُوبَةُ)(‪ )6‬ولفظ (صالة) نكرة في سياق النفي يفيد العموم ولفظ (ال) في الحديث إن كانت للنهي فمعناه تحريم أي صالة غير المكتوبة إذا‬

‫‪1‬‬
‫ـ صحيح البخا ري‪ :‬كتاب التهجد‪ :‬باب تعاهد ركعتي الفجر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1161‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬لَمْ يَكُنْ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ي الْفَجْرِ) ‪.‬‬ ‫ن النَوَافِلِ‪ ،‬أَشَدَ مِنْ ُه تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَ ْ‬ ‫عَلَى شَيْءٍ مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ .‬باب استحباب ركعتي الفجر والحث عليها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1655‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن الدُنْيَا وَمَا فِيهَا)‪.‬‬‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْ ٌر مِ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ صحيح مسلم‪ :‬كتاب المساجد ومواضع الصالة‪ :‬باب قضاء الصالة الفائتة‪ .‬حديث رقم (‪ )1560‬بلفظ (عن أَبُو قَتَادَةَ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ فِي‬
‫سَفَرٍ لَهُ‪ ،‬فَمَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَمِلْتُ مَعَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬انّْظُر‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬هَذَا رَاكِبٌ‪ ،‬هَذَانِ رَاكِبَانِ‪ ،‬هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ‪ ،‬حَتَى صِرْنَا سَبْعَةً‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬احْفَّظُوا عَلَيْنَا‬
‫صَلَاتَنَا‪ ،‬يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْر‪ ،‬فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ‪ ،‬فَمَا أَيْقَّظَهُمْ إِلَا حَرُ الشَمْسِ‪ ،‬فَقَامُوا فَسَارُوا هُنَيَة‪ ،‬ثُمَ نَزَلُوا فَتَوَضَئُوا‪ ،‬وَأَذَنَ بِلَالٌ فَصَلَوْا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ‪ ،‬ثُمَ صَلَوْا‬
‫الْفَجْرَ‪ ،‬وَرَكِبُوا‪ ،‬فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَ ْعضٍ‪ :‬قَدْ فَرَطْنَا فِي صَلَاتِنَا‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَهُ لَا تَفْرِيطَ فِي النَوْمِ‪ ،‬إِنَمَا التَفْرِيطُ فِي الْيَقَّظَة‪ ،‬فَإِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ عَنْ‬
‫ن يَذْكُرُهَا)‪.‬‬ ‫صَلَاةٍ‪ ،‬فَلْيُصَلِهَا حِي َ‬
‫أخرجه البخاري في مواقيت الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في‬
‫باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬التفريط‪ :‬التضييع والتأخير‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ .‬باب استحباب ركعتي الفجر والحث عليها‪ .‬حديث رقم (‪ )1657‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫ي الْفَجْرِ‪ ،‬قُ ْل يَا أَيُهَا الْكَافِرُونَ‪ ،‬وَقُ ْل هُ َو اللَ ُه أَحَدٌ)‪.‬‬ ‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَرَأَ فِي رَكْعَتَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في االفتتاح‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب التهجد‪ :‬باب مايقرأ في سنة ركعتي الفجر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1171‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن قَبْ َل صَلَا ِة الصُبْحِ‪ ،‬حَتَى إِنِي لَأَقُو ُل هَ ْل قَرََأ بِأُ ِم الْكِتَابِ)‬ ‫ن اللَتَيْ ِ‬
‫ف الرَكْعَتَيْ ِ‬‫وَسَلَمَ‪ ،‬يُخَفِ ُ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي ي الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد‬
‫في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ـ صحيح مسلم‪ :‬كتب صالة المسافرين وقصرها‪ :‬باب كراهية الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن‪ .‬حديث رقم (‪ )1644‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى‬
‫ت الصَلَاةُ‪ ،‬فَلَا صَلَا َة إِلَا الْمَكْتُوبَةُ)‪.‬‬‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا أُقِيمَ ْ‬
‫‪182‬‬
‫أقيمت الصالة ألن النهي يفيد التحريم‪ ،‬وإن كانت (ال) للنفي فوجود الصالة وعدمها على السواء أي ال ثواب عليها‪ ،‬ومن أقيمت الصالة وهو‬
‫في حال صالة تطوع ينبغي له اإلسراع فيها ويخرج منها بالتسليم إذا كان يستطيع أن يفرغ منها بالتسليم قبل تكبير اإلمام تكبيرة اإلحرام‪،‬‬
‫وإن كان حرصه على الفراغ من النافلة بالتسليم يقتضي منه االستمرار في صالة النافلة بعد تكبيرة اإلمام لإلحرام في الصالة المكتوبة‬
‫فالمشروع في حقه قطع الصالة النافلة والدخول مع اإلمام في الصالة المكتوبة من حين يكبر اإلمام تكبيرة اإلحرام ألن استمراره في صالة‬
‫النافلة بعد تكبيرة اإلحرام استمرارً في صالة غير مشروعة ألن النفي في الحديث (ال صالة) يفيد نفي المشروعية أي ال صالة مشروعة إال‬
‫المكتوبة وصالة غير الصالة المكتوبة في وقت الصالة المكتوبة هي غير مشروعة بل هي إلى المعصية أكثر منها إلى الطاعة‪.‬‬

‫مىت تقضى سنة الفجر‬

‫الصحيح‪ :‬أن من فاته صالة ركعتي الفجر حتى صلى صالة الفجر فإنه يقضيها بعد صالة الفجر لحديث (رَأَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْ ِه‬
‫جلُ‪ِ :‬إنِي لَمْ أَ ُكنْ صََليْتُ‬
‫صبْحِ رَكْ َع َت ْينِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬صَلَاةُ الصُبْحِ رَكْ َعتَانِ‪ ،‬فَقَالَ الرَ ُ‬
‫وَسَلَمَ رَجُلًا ُيصَلِي بَ ْعدَ صَلَاةِ ال ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫الرَكْ َع َت ْينِ الَل َت ْينِ قَبَْلهُمَا‪ ،‬فَصََل ْيتُهُمَا الْآنَ‪ ،‬فَسَكَتَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ) ‪ .‬سكوت النبي ‪ ‬إقرار على جواز صالة ركعتي الفجر‬
‫حتَى تَ ْرتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ‬ ‫صبْحِ َ‬‫بعد صالة الفجر لمن فاته صالة الركعتين قبل الصالة‪ ،‬هذا اإلقرار تخصيص لحديث (لَا صَلَاةَ بَ ْعدَ ال ُ‬
‫بَ ْعدَ الْ َعصْرِ حَتَى تَغِيبَ الشَمْسُ)(‪ .)2‬وأما صالة النبي ‪ ‬لركعتي الفجر بعد طلوع الشمس وقبل أداء صالة الفجر في قصة نومه في السفر‬
‫حين أيقظهم حر الشمس في الحديث الذي رواه أبو قتادة فليس في هذا الفعل من النبي ‪ ‬داللة على أن من فاتته صالة ركعتي الفجر قبل‬
‫صالة الفجر ال يقضيها إال بعد طلوع الشمس‪ ،‬ألن نومهم استمر حتى طلوع الشمس ولم يكونوا مستيقظين قبل ذلك حتى يستدل بانتظارهم‬
‫لطلوع الشمس على عدم جواز قضاء ركعتي الفجر بعد صالة الفجر‪.‬‬

‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة ولسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ـ سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب من فاتته متى يقضيها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1267‬بلفظ (عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَأَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَجُلًا‬
‫يُصَلِي بَعْدَ صَلَاةِ الصُبْحِ رَكْعَتَيْنِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ ال لَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬صَلَاةُ الصُبْحِ رَكْعَتَانِ‪ ،‬فَقَالَ الرَجُلُ‪ :‬إِنِي لَمْ أَكُنْ صَلَيْتُ الرَكْعَتَيْنِ اللَتَيْنِ قَبْلَهُمَا‪ ،‬فَصَلَيْتُهُمَا‬
‫الْآنَ‪ ،‬فَسَكَتَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ)صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرحه الترمذي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن يَزِي َد الْجُنْدَعِيُ‪ ،‬أَنَ ُه سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَ‪،‬‬‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب اليتحرى قبل غروب الشمس‪ .‬حد يث رقم (‪ )556‬بلفظ (عن عَطَاءُ بْ ُ‬
‫ب الشَمْسُ)‪.‬‬ ‫ح حَتَى تَرْتَفِ َع الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَا َة بَعْ َد الْعَصْ ِر حَتَى تَغِي َ‬
‫يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬لَا صَلَا َة بَعْ َد الصُبْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪183‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬صفة صالة النوافل‬

‫َ ْ َ‬ ‫ََ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ار مثنى مثنى‬ ‫ل والنه ِ‬ ‫صالة اللي ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫ح َدةٍ)‬
‫صبْحَ‪ ،‬فََأ ْوتِرْ ِبوَا ِ‬
‫ت ال ُ‬
‫الصحيح‪ :‬أن األفضل في صالة الليل أن تكون مثنى مثنى لحديث ( َكيْفَ صَلَاةُ اللَ ْيلِ؟ قَالَ‪َ :‬م ْثنَى َم ْثنَى‪ ،‬فَِإذَا خِفْ َ‬
‫وهو حديث قولي يبين األفضل في صالة الليل أن المصلي يسلم بعد كل ركعتين‪ ،‬واألفضل أن تكون صالة النفل في النهار مثنى‪ ،‬لحديث‬
‫(صَلَاةُ الَل ْيلِ وَال َنهَارِ َم ْثنَى َم ْثنَى)(‪ )2‬ويجوز أن يصلى المتنفل مثنى أو ثالث أو أربع أو أكثر دون تسليم أو تشهداً أوسط ولكن األفضل أن‬
‫تكون صالة الليل والنهار الرواتب والتطوعات مثنى مثنى بدليل الحديثين‪ ،‬ففيهما الحث واإلرشاد من النبي ‪ ‬أن تكون صالة الرواتب‬
‫والتطوعات في الليل والنهار مثنى مثنى‪.‬‬

‫ركعتي دخول املسجد‬

‫جدَ‪ ،‬فَلَا‬ ‫حدُكُمْ الْمَسْ ِ‬


‫خلَ أَ َ‬
‫الصحيح‪ :‬أن ركعتي تحية المسجد مشروعة‪ ،‬وأنه منهي عن الجلوس في المسجد قبل صالة الركعتين لحديث (ِإذَا دَ َ‬
‫حتَى تَغِيبَ‬ ‫حتَى تَ ْرتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ الْعَصْرِ َ‬ ‫حتَى يُصَلِيَ رَكْ َع َتيْنِ)(‪ )1‬ويرجح هذا الحديث على حديث ( لَا صَلَاةَ بَ ْعدَ ال ُ‬
‫صبْحِ َ‬ ‫يَجْلِسْ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫الشَمْسُ) ألن النهي عن الصالة بعد الفجر وبعد العصر قد خصص بعدة مخصصات منها إقرار النبي ‪ ‬لصالة ركعتي الفجر بعد صالة‬
‫الفجر‪ ،‬ومنها وجوب إعادة الصالة جماعه لمن يحضر مسجد تقام فيه صالة جماعة وقد صلى في رحله أي صالة من الصلوات الخمس ومن‬
‫الصلوات صالتي الفجر والعصر وهذا تخصيص ثان‪ ،‬ومنها جواز صالة راتبة الظهر بعد صالة العصر‪ ،‬ومنها جواز صالة ركعتي‬
‫الطواف في أي وقت حتى ولوكان الوقت بعد الفجر أو بعد العصر‪ ،‬ومثلها جواز صالة كسوف الشمس بعد العصر إذا حصل كسوف الشمس‬
‫في الوقت الذي بين صالة العصر وبين غروب الشمس‪ ،‬فهذه خمسة مخصصات لحديث النهي عن الصالة بعد صالتي الفجر والعصر‬
‫وأدلة هذه المخصصات قد تقدم ذكرها تحت عنوان (الصلوات التي يتعلق النهي عن فعلها في أوقات الكراهة) فليرجع إليه‪ ،‬هذه‬
‫المخصصات قد أضعفت عموم حديث النهي عن فعل الصالة النافلة في الوقت الذي بعد صالة الفجر حتى طلوع الشمس أو بعد صالة‬
‫العصر حتى غرو ب الشمس فيرجح العمل بحديث النهي عن الجلوس في المسجد قبل صالة ركعتين فيه لمن يدخل المسجد في الوقت الذي‬
‫بعد صالة الفجر حتى طلوع الشمس أو بعد صالة العصر حتى غروب الشمس فمن دخل المسجد في أحد هذين الوقتين فال يجلس فيه إال بعد‬
‫حتَى يُصَلِيَ رَكْ َع َت ْينِ)(‪)5‬عموم لم يخصص وحديث (لَا صَلَاةَ بَعْدَ‬ ‫جدَ‪ ،‬فَلَا يَجْلِسْ َ‬ ‫حدُكُمْ الْمَسْ ِ‬
‫خلَ أَ َ‬
‫صالة ركعتي دخول المسجد ألن حديث (إِذَا دَ َ‬
‫حتَى تَغِيبَ الشَمْسُ) عموم قد خصص بخمسة مخصصات فضعفت بهذه المخصصات قوة‬ ‫حتَى تَ ْرتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ الْ َعصْرِ َ‬
‫صبْحِ َ‬
‫ال ُ‬
‫دليليته‪ ،‬ويقدم عليه العموم الذي لم يخصص لقوة دليليته واالحتجاج به‪ ،‬والمراد بالنهي عن الصالة بعد الصبح وبعد العصر أي بعد أداء‬
‫فرض الفجر وبعد أداء فرض العصر المجرد دخول وقت الصبح أو دخول وقت العصر‪.‬‬

‫قيام رمضان‬

‫حتِسَابًا‪ ،‬غُفِرَ لَهُ مَا تَ َقدَمَ ِمنْ ذَ ْنبِهِ)(‪ )6‬وقيام‬ ‫قيام رمضان من أفضل العبادات التي شرعت في رمضان لحديث ( َمنْ قَامَ َر َمضَانَ إِيمَانًا وَا ْ‬
‫جدِ‪َ ،‬فصَلَى رِجَالٌ‬ ‫جوْفِ الَل ْيلِ فَصَلَى فِي الْمَسْ ِ‬ ‫ج ذَاتَ َليْلَةٍ ِمنْ َ‬ ‫رمضان مشروع في المساجد لحديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬خَرَ َ‬
‫جدِ ِمنْ الَليْلَةِ الثَاِلثَةِ‪ ،‬فَخَرَجَ رَسُولُ‬ ‫حدَثُوا‪ ،‬فَكَثُرَ أَ ْهلُ الْمَسْ ِ‬‫صبَحَ النَاسُ َفتَ َ‬ ‫جتَمَعَ أَ ْكثَرُ ِم ْنهُمْ َفصََلوْا مَعَهُ‪ ،‬فََأ ْ‬
‫صبَحَ النَاسُ َفتَحَ َدثُوا فَا ْ‬‫ِبصَلَاتِهِ‪ ،‬فَأَ ْ‬
‫صبْحِ‪ ،‬فَلَمَا قَضَى الْفَجْرَ أَ ْقبَلَ‬
‫حتَى خَرَجَ ِلصَلَاةِ ال ُ‬ ‫عنْ أَهْلِهِ َ‬ ‫جدُ َ‬ ‫اللَهِ صَلَى اللَ هُ عََليْهِ وَسَلَمَ َفصَلَوْا ِبصَلَاتِهِ‪ ،‬فَلَمَا كَانَتْ الَليْلَةُ الرَابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْ ِ‬
‫(‪)7‬‬
‫ع ْنهَا) وذلك في رمضان ‪ ،‬فهذا‬ ‫عَلَى النَاسِ َفتَشَ َهدَ ثُمَ قَال‪ :‬أَمَا بَ ْعدُ فَِإنَهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَ مَكَانُكُمْ‪ ،‬لَ ِكنِي خَشِيتُ َأنْ تُفْ َرضَ عََليْكُمْ َفتَعْجِزُوا َ‬

‫‪1‬‬
‫ـ صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1137‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب في صالة النهار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1215‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَاةُ اللَيْلِ وَالنَهَارِ مَثْنَى‬
‫مَثْنَى) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وطلوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في النداءللصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ :‬كتاب التهجد‪ :‬باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى‪ .‬حديث رقم (‪ )1163‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُرَقِيِ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِي الْأنْصَارِيَ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا دَخَ َل أَحَدُكُ ْم الْمَسْجِدَ‪ ،‬فَلَا يَجْلِسْ حَتَى يُصَلِيَ رَكْعَتَيْنِ)‪.‬‬ ‫ي الَلهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَا َل النَبِ ُ‬
‫رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ .‬والنسائي في المساجد والجماعات‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة‬
‫فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه برقم (‪.)556‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي قتادة ابن ربعي االنصاري رضي اهلل عنه برقم (‪.)1163‬‬
‫‪6‬‬
‫ن قَامَ‬ ‫ن رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَ ْ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب تطوع قيام رمضان من اإليمان‪ .‬حديث رقم (‪ )37‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَ َ‬
‫ن ذَنْبِهِ)‪.‬‬
‫ن إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا‪ ،‬غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَ َم مِ ْ‬ ‫رَمَضَا َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأبوداود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصوم‪ ،‬صالة التراويح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلحتساب‪ :‬رجاء الثواب من اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب من قال في الحطبة بعد الثناء أما بعد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 124‬بلفظ (عن عُرْوَةُ‪ ،‬أَنَ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَيْلِ فَصَلَى فِي الْمَسْجِدِ‪ ،‬فَصَلَى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ‪ ،‬فَأَصْ بَحَ النَاسُ فَتَحَدَثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَوْا مَعَهُ‪ ،‬فَأَصْبَحَ النَاسُ‬
‫‪184‬‬
‫الحديث فيه داللة صريحة على أن صالة التراويح في رمضان مشروعة من فعل النبي ‪ ‬وأن المانع لرسول اهلل ‪ ‬من االستمرار على‬
‫صالتها في حياته هو خشيته من أن تفرض على األمة‪ ،‬وبعد موت النبي ‪ ‬زال هذا المانع ألنه ال يفرض شيء من الواجبات بعد موت‬
‫النبي ‪ ، ‬ولذا فصالة التراويح مشروعة في رمضان لكل المسلمين في المساجد‪ ،‬وأما حديث (فَِإنَ أَ ْفضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي َب ْيتِهِ إِلَا الصَلَاةَ‬
‫الْمَ ْكتُوبَةَ)(‪ )3‬ف فيه دليل على أن أفضل صالة المرء من التطوعات والنوافل في الليل أو النهار في سائر العام هي ما كان في البيت ألن‬
‫الصالة في البيت أبعد عن الرياء والسمعة‪ ،‬وهذا الحديث عام في صالة التطوعات ويخصص منه صالة التراويح في رمضان ألن رسول اهلل‬
‫‪ ‬فعلها في المسجد‪ ،‬و أوضح لألمة بقوله‪ :‬أنه لم يمنعه من االستمرار على فعلها في المسجد إال خشية فرضيتها على األمة‪ ،‬وأما أن‬
‫الصحابة كانوا يصلونها ثالثاً وعشرين ركعة فال داللة فيه على أنها ال تصح إال بهذا العدد ألن الصحابة لم يكونوا كلهم في المدينة‪ ،‬بل كان‬
‫بعضهم في الفتوحات‪ ،‬وال ت عد صالة الموجودين منهم بهذا العدد إجماعاً‪ ،‬ولم يرد دليل صحيح صريح يحدد عدد الركعات بعشرين ركعة ال‬
‫يزاد عليه وال ينقص منه ولكن قال العلماء‪ :‬األصل في التطوعات الجواز فيجوز أن تكون عشرين ركعة ويجوز أن تكون أقل أو أكثر‬
‫صبْحَ صَلَى وَاحِ َدةً‪ ،‬فَ َأ ْوتَرَتْ لَهُ مَا صَلَى)(‪ )2‬الحديث دليل على جواز صالة‬ ‫لحديث (مَا تَرَى فِي صَلَاةِ الَل ْيلِ؟ قَالَ‪َ :‬م ْثنَى َم ْثنَى‪ ،‬فَ ِإذَا خَشِيَ ال ُ‬
‫الليل ركعتين ركعتين مطلقاً ولم يحدد عدداً معيناً بل هو حديث مطلق يجيز التنفل في الليل بأي عدد كان‪ ،‬ففيه داللة على جواز صالة‬
‫العشرين ركعة ألنها داخلة تحت معنى الحديث ويصدق عليها قوله ‪( ‬صالة الليل مثنى مثنى)(‪ )1‬ولكن صالة الثالثة والعشرين ركعة‬
‫متواصلة التي يوتر في آخرها بركعة‪ ،‬هذه الصالة بهذه الصفة هي التي ال يوجد عليها دليل صحيح وال حسن ولم يفعلها رسول اهلل ‪ ‬في‬
‫حياته وال فعلها الصحابة رضوان اهلل عليهم وأقرهم عليها‪ ،‬وصالة الرسول ‪ ‬في رمضان التي صلى بصالته بعض أصحابه لم يكن عددها‬
‫ثالثة وعشرين ركعة ولم يحدد عددها في األحاديث الصحيحة‪ ،‬ولعلها كانت صالته في الليل المعهودة التي ال تزيد على إحدى عشر ركعة‬
‫كما في األحاديث الصحيحة التي بينت صالة رسول اهلل ‪ ‬في الليل في رمضان وفي غير رمضان‪ ،‬أما من هو مستيقظ في آخر الليل‬
‫فالمشروع تأخير صالته إلى آخر الليل وصالته مع صالة التراويح في أول الليل مخالف ألمر الرسول ‪ ‬بتأخير صالة ركعة الوتر إلى‬
‫حدَةٍ)(‪ )4‬داللة الحديث واضحة‬ ‫صبْحَ‪ ،‬فََأ ْوتِرْ ِبوَا ِ‬
‫آخر صالة التطوعات في الليل وأن يصلي الوتر قبيل طلوع الفجر لحديث(فَِإذَا خِفْتَ ال ُ‬
‫وصريحة على أن ركعة الوتر تصلى في آخر الليل قبيل طلوع الفجر في الوقت الذي يخاف المتطوع فيه أن يدخل وقت الفجر ويخرج وقت‬
‫الليل الذي هو وقت صالة الوتر‪ ،‬وصالة الوتر مع صالة التراويح في أول الليل فيه مخالفة ألمر الرسول ‪ ‬بتأخيره إلى آخر الليل في‬
‫الحديث المتفق عليه (اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِالَل ْيلِ ِوتْرًا)(‪ )5‬واألمر خطاب من النبي ‪ ‬لألمة كلها في كل زمان وفي كل مكان بأن يجعلوا آخر‬
‫صالتهم في الليل وتراً سواءً في رمضان أو في غير رمضان لعدم وجود دليل يخصص رمضان من عموم هذا الخطاب العام‪ ،‬وأما حديث‬
‫حتَى َينْصَرِفَ ُكتِبَ لَهُ ِقيَامُ لَيْلَةٍ)(‪ )6‬فهو يخالف األحاديث الصحيحة التي في البخاري ومسلم اآلمرة للمصلي في الليل‬ ‫( ِإنَهُ َمنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ َ‬
‫بأن يجعل آخر صالته في الليل وتراً‪ ،‬وبأنه يستمر في صالة الليل مثنى مثنى إلى أن يخشى طلوع الفجر‪ ،‬وفي الوقت القريب من طلوع‬
‫الفجر يصلي صالة الوتر ركعة واحدة توتر له ما قد صلى من التطوعات في الليل‪ ،‬وإذا تعارض ما في الصحيحين مع ما في غيرهما من‬

‫فَتَحَدَثُوا‪ ،‬فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَيْلَةِ الثَالِثَةِ‪ ،‬فَخَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَصَلَ وْا بِصَلَاتِهِ‪ ،‬فَلَمَا كَانَتْ اللَيْلَةُ الرَابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَى خَرَجَ‬
‫ن تُفْ َرضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا)‪.‬‬
‫ت أَ ْ‬
‫ي مَكَانُكُمْ‪ ،‬لَكِنِي خَشِي ُ‬ ‫س فَتَشَهَ َد ثُ َم قَال‪ :‬أَمَا بَعْ ُد فَإِنَهُ لَ ْم يَخْفَ عَلَ َ‬
‫لِصَلَا ِة الصُبْحِ‪ ،‬فَلَ مَا قَضَى الْفَجْ َر أَقْبَ َل عَلَى النَا ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار ‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬صالة التراويح‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ :‬باب مايكره من كثرة السؤال وتكلف ماال يعنيه‪ .‬حديث رقم (‪ )7210‬بلفظ (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬اتَخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ‪ ،‬فَصَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِيهَا لَيَالِيَ حَتَى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ‪ ،‬ثُمَ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً‪ ،‬فَّظَنُوا أَنَهُ َقدْ‬
‫نَامَ‪ ،‬فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا زَالَ بِكُمْ الَذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ حَ تَى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ‪ ،‬وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ‪ ،‬فَصَلُوا أَيُهَا النَاسُ فِي‬
‫بُيُوتِكُمْ‪ ،‬فَإِنَ أَفْضَ َل صَلَا ِة الْمَرْءِ فِي بَيْتِ ِه إِلَا الصَلَا َة الْمَكْتُوبَةَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪،‬‬
‫ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫كتب‪ :‬فرض وأصبح واجبا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الحلق والجلوس في المساجد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 472‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَر‪ ،‬قَال‪ :‬سَأَلَ رَجُلٌ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫وَهُوَ عَلَى الْمِنْ بَرِ‪ ،‬مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَيْلِ؟ قَالَ‪ :‬مَثْنَى مَثْنَى‪ ،‬فَإِذَا خَشِيَ الصُبْحَ صَلَى وَاحِدَةً‪ ،‬فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَى‪ ،‬وَإِنَهُ كَانَ يَقُولُ‪ :‬اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا فَإِنَ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَمَرَ بِهِ) ‪.‬‬ ‫النَبِ َ‬
‫أخرجه البخاري في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عمهما برقم (‪.)110‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عمهما برقم (‪.)1137‬‬
‫‪5‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬عَ ْ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوتر‪ :‬ليجعل آخر صالته وترا‪ .‬حديث رقم (‪ )115‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عُمَرَ رَضِ َ‬
‫اجْعَلُوا آخِ َر صَلَاتِكُ ْم بِاللَيْ ِل وِتْرًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الجمعة ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب ماجاء في قيام شهر رمضان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 506‬بلفظ (عَنْ أَبِي ذَر‪ ،‬قَالَ‪ :‬صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمْ‬
‫يُصَلِ بِنَا حَتَى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَهْرِ‪ ،‬فَقَامَ بِنَا حَتَى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَيْلِ‪ ،‬ثُمَ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَادِسَةِ‪ ،‬وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ حَتَى ذَهَبَ شَطْرُ اللَيْلِ‪ ،‬فَقُلْنَا‪ :‬لَهُ يَا رَسُولَ اللَهِ‪،‬‬
‫ب لَهُ قِيَا ُم لَيْلَةٍ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن قَامَ مَ َع الْإِمَا ِم حَتَى يَنْصَرِفَ كُتِ َ‬ ‫لَ ْو نَفَلْتَنَا بَقِيَةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَ ُه مَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في السهو‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫النفل‪ :‬الزيادة في الطاعات عن الفرائض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الشطر‪ :‬النصف والمراد الجزء‪.‬‬
‫‪185‬‬
‫السنن ومن كتب الحديث األخرى فيرجح العمل بما في الصحيحي ن ألن ما في الصحيحين أصح‪ ،‬والعمل باألصح أحب إلى اهلل تعالى ال سيما‬
‫ما ورد فيه بصيغة األمر كما في أحاديث تأخير صالة الوتر إلى آخر الليل والمبادرة بها قبيل طلوع الفجر‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫الباب السابع عشر‪ :‬صالة الكسوف‬

‫حكم صالة الكسوف‬ ‫‪‬‬


‫صفة صالة الكسوف‬ ‫‪‬‬
‫القراءة في صالة الكسوف‬ ‫‪‬‬
‫وقت صالة الكسوف‬ ‫‪‬‬
‫الخطبة في صالة الكسوف‬ ‫‪‬‬
‫صالة كسوف القمر‬ ‫‪‬‬

‫‪187‬‬
‫الباب السابع عشر‪ :‬صالة الكسوف‬

‫حكم صالة الكسوف‬


‫الصحيح‪ :‬أن حكم صالة الكسوف الوجوب عند الشوكاني لألمر بالصالة عند رؤية كسوف الشمس أو القمر في حديث (إِنَ الشَمْسَ‬
‫حدٍ ِمنْ النَاسِ‪ ،‬وَلَ ِك َنهُمَا آ َيتَانِ ِمنْ آيَاتِ اللَهِ‪ ،‬فَِإذَا رََأ ْيتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُوا)(‪ )3‬وعند الشوكاني أن األمر‬
‫وَالْقَمَرَ لَا يَ نْكَسِفَانِ لِ َموْتِ أَ َ‬
‫بصالة الكسوف للوجوب وهو ينازع في صحة اإلجماع الصارف لألمر بصالتها من الوجوب إلى السنية‪.‬‬

‫صفة صالة الكسوف‬


‫الصحيح‪ :‬أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان ألن رواية هذه الصفة متفق عليها في حديث (خَسَفَتْ الشَمْسُ فِي حَيَاةِ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫طوِيلَةً‪ ،‬ثُمَ َكبَرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ َفصَفَ النَاسُ وَرَا َءهُ فَ َكبَرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ الَلهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ قِرَا َءةً َ‬
‫طوِيلًا وَهُوَ‬
‫طوِيلَةً هِيَ َأ ْدنَى ِمنْ الْقِرَا َءةِ الْأُولَى‪ ،‬ثُمَ َكبَ َر وَرَكَعَ رُكُوعًا َ‬ ‫جدْ‪ ،‬وَقَرَأَ قِرَاءَةً َ‬ ‫طوِيلًا‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِ َمنْ حَ ِم َدهُ فَقَامَ وَلَمْ يَسْ ُ‬ ‫َ‬
‫جدَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ فِي الرَكْعَةِ الْآخِ َرةِ ِم ْثلَ ذَِلكَ فَاسْتَكْ َملَ أَ ْربَعَ رَكَعَاتٍ‬ ‫سَ‬
‫َأ ْدنَى ِمنْ الرُكُوعِ الَْأ َولِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِ َمنْ حَ ِم َدهُ َر َبنَا وََلكَ الْحَ ْمدُ‪ ،‬ثُمَ َ‬
‫جدَ اتٍ‪ ،‬وَانْجَلَتْ الشَمْسُ َق ْبلَ َأنْ َي ْنصَرِفَ‪ ،‬ثُمَ قَامَ فََأثْنَى عَلَى اللَهِ بِمَا ُهوَ أَهْلُهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬هُمَا آ َيتَانِ ِمنْ آيَاتِ اللَهِ لَا يَخْسِفَانِ‬ ‫فِي أَ ْربَعِ سَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫جدَاتٍ) أربع ركوعات في كل ركعة‬ ‫حيَاتِهِ‪ ،‬فَِإذَا رََأ ْيتُمُوهُمَا فَافْ َزعُوا إِلَى الصَلَاةِ) والمراد بلفظ (أَ ْربَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَ ْربَعِ سَ َ‬ ‫حدٍ وَلَا لِ َ‬
‫لِ َموْتِ أَ َ‬
‫ركوعان‪ ،‬وهذه الصفة هي أرجح من الصفات األخرى‪ ،‬ألن روايتها هي أصح الروايات لكون الحديث متفقاً عليه‪ ،‬وألن القصة واحدة‬
‫فالنبي ‪ ‬صلى صالة الكسوف مرة واحدة في حياته‪ ،‬هذه الصالة عند موت ابنه إبراهيم في شهر محرم في السنة العاشرة للهجرة النبوية‬
‫على صاحبها أفضل الصالة والسالم ولم تتعدد القصة حتى تتعدد صفاتها‪ ،‬وال يشرع أن تتكرر صالة الكسوف في وقت الكسوف الواحد‪،‬‬
‫لكن إذا فرغ اإلمام من صالة الكسوف قبل أن تتجلى الشمس أو القمر فيشرع مال زمة الدعاء واالستغفار والتصدق حتى تتجلى الشمس أو‬
‫ستِغْفَا ِرهِ)(‪ )3‬ويستحب أن يخطب اإلمام خطبة صغيرة يذكرهم فيها‬ ‫ش ْيئًا ِمنْ ذَِلكَ‪ ،‬فَافْ َزعُوا إِلَى ذِكْ ِرهِ َودُعَائِهِ وَا ْ‬ ‫القمر لحديث (فَِإذَا رََأ ْيتُمْ َ‬
‫أن الشمس والقمر آيتان من آيات اهلل ال ينكسفان لموت أحد وال لحياته تأسياً بخطبة النبي ‪ ‬ويذكر بقدرة اهلل المطلقة على جميع مخلوقاته‬
‫ويعظهم موعظة قصيرة‪.‬‬

‫القراءة يف صالة الكسوف‬

‫جهَرَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَا َءتِهِ)(‪.)4‬‬
‫الصحيح‪ :‬الجهر بقراءة القرآن في صالة الكسوف لحديث ( َ‬

‫وقت صالة الكسوف‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة الكسوف تصلى في جميع األوقات وأنها تصلى في األوقات المنهي عن الصالة فيها لحديث (فإذا رأيتموهما فادعوا‬
‫اهلل وصلوا حتى تنجلي)(‪ )5‬الحديث يدل على مشروعية صالة الكسوف في أي وقت من أوقات الليل أو النهار ألن الحديث مطلق ولم يقيد‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الكسوف‪ :‬باب الصالة في كسوف الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ )1041‬بلفظ (عَنْ قَيْسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫ت اللَهِ‪ ،‬فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُوا)‪.‬‬ ‫ن مِنْ آيَا ِ‬ ‫ن النَاسِ‪ ،‬وَلَكِنَهُمَا آيَتَا ِ‬ ‫ن لِمَوْتِ أَحَدٍ مِ ْ‬ ‫ن الشَمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَا ِ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الكسوف ‪ ،‬والنسائي في الكسوف‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬بدء الخلق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ت‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الكسوف‪ :‬باب خطبة اإلمام في الكسوف‪ .‬حديث رقم (‪ )1047‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬خَسَفَ ْ‬
‫الشَمْسُ فِي حَيَاةِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَ النَاسُ وَرَاءَهُ فَكَ بَرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً‪ ،‬ثُمَ كَبَرَ فَرَكَ َع‬
‫رُكُوعًا طَوِيلًا‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ‪ ،‬وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْ نَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى‪ ،‬ثُمَ كَبَرَ وَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ أَدْنَى مِنْ الرُكُوعِ‬
‫الْأَوَلِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَنَا وَلَكَ الْحَمْدُ‪ ،‬ثُمَ سَجَدَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ فِي الرَكْعَةِ الْآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ‪ ،‬وَانْجَلَتْ الشَمْسُ قَبْلَ أَنْ‬
‫ت أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ‪ ،‬فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَلَاةِ)‪.‬‬
‫ت اللَهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْ ِ‬ ‫ن مِنْ آيَا ِ‬‫يَنْصَرِفَ‪ ،‬ثُ َم قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَ ِه بِمَا هُ َو أَهْلُهُ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬هُمَا آيَتَا ِ‬
‫أخرجه مسلم في الكسوف‪ ،‬والنسائي في الكسوف‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة الدعوات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الكسوف‪ :‬باب الذكر في الكسوف‪ .‬حديث رقم (‪ )1065‬بلفظ (عَنْ أَبِي مُوسَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَ سَفَتْ الشَمْسُ‪ ،‬فَقَامَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَاعَةُ‪ ،‬فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُ يَفْعَلُهُ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬هَذِهِ الْآيَاتُ الَتِي يُرْسِلُ اللَهُ لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ‪،‬‬
‫ن ذَلِكَ‪ ،‬فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِ ِه وَاسْتِغْفَارِهِ)‪.‬‬ ‫ف اللَ ُه بِهِ عِبَادَهُ‪ ،‬فَإِذَا رَأَيْتُ ْم شيئًا مِ ْ‬
‫ن يُخَوِ ُ‬ ‫وَلَكِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الكسوف‪ ،‬والنسائي في الكسوف‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬افزعوا‪ :‬توجهواوأقبلوا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الكسوف‪ :‬باب الجهر بالقرآءة في الكسوف‪ .‬حديث رقم (‪ )1065‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬جَهَرَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ‪ ،‬فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَ اءَتِهِ كَبَرَ فَرَكَعَ‪ ،‬وَإِذَا رَفَعَ مِنْ الرَكْعَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعَ اللَهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَنَا وَلَكَ الْحَمْدُ‪ ،‬ثُمَ يُعَاوِدُ الْقِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ‬
‫ن وَأَرْبَ َع سَجَدَتٍ)‪.‬‬ ‫ت فِي رَكْعَتَيْ ِ‬ ‫أَرْبَعَ رَكَعَا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في الكسوف‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الكسوف‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬ومالك في النداء للصال ة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الدعوات‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ت‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الكسوف‪ :‬باب الدعاء في الخسوف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1060‬بلفظ (عن زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬انْكَسَفَ ْ‬
‫الشَمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ‪ ،‬فَقَالَ النَاسُ‪ :‬انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ‪ :‬إِنَ الشَمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ‬
‫أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ‪ ،‬فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَهَ وَصَلُوا حَتَى يَنْجَلِيَ)‪.‬‬
‫‪188‬‬
‫بوقت كراهة أو غيره‪ ،‬واألمر بصالة الكسوف حين رؤية الكسوف مخصص ألحاديث النهى عن الصالة في وقتي الزوال أو بعد صالة‬
‫العصر‪.‬‬

‫اخلطبة يف صالة الكسوف‬


‫الصحيح‪ :‬مشروعية خطبة قصيرة لفعل النبي ‪ ‬وأفعال النبي ‪ ‬األصل فيها االستحباب والمراد بالخطبة تذكيرهم بأن الشمس والقمر‬
‫آيتان من آيات اهلل ال ينكسفان لموت أحد وال لحياته وتذكيرهم بقدرة اهلل على خلقه ووعظهم وإرشادهم إلى الطاعات وتحذيرهم من‬
‫المعاصي حتى ولو لم يصعد على المنبر بل يكفي أن يقف في المحراب واعظاً مذكراً والخطبة مشروعة سواءً في كسوف الشمس أو‬
‫القمر‪.‬‬

‫صالة كسوف القمر‬


‫(‪)1‬‬
‫حتَى َينْجَلِيَ)‬
‫الصحيح‪ :‬أن صالة خسوف القمر وكسوف الشمس واحدة تصلى في جماعة لحديث (فَِإذَا رََأ ْيتُمُوهُمَا فَا ْدعُوا اللَهَ َوصَلُوا َ‬
‫فاألمر بالصالة عام لكسوف الشمس ولخسوف القمر بدليل تثنية ضمير رؤيتهما (فإذا رأيتموهما) ولم يقل فإذا رأيتم الشمس فصلوا وفعل‬
‫حتَى َينْجَلِيَ) فهي نفس الصالة في جماعة سواءً‬ ‫النبي ‪ ‬في صالة كسوف الشمس هو بيان لقوله ‪( ‬فَِإذَا رََأ ْيتُمُوهُمَا فَا ْدعُوا اللَهَ َوصَلُوا َ‬
‫في كسوف الشمس أو في خسوف القمر‪ ،‬وال تشرع صالة الكسوف في غير كسوف الشمس أو القمر فال تشرع للزالزل وال للرياح‬
‫الشديدة وال في الظلمة وال في غيرها لعدم الدليل بمشروعيتها في هذه األحوال‪ ،‬ولكن يشرع الدعاء والذكر والتصدق‪ ،‬ال بدليل خاص‬
‫بهذه الحاالت ولكن مشروعيتها مطلقة تشمل جميع األوقات وال سيما مثل هذه الحاالت‪.‬‬

‫أخرجه مسلم في الكسوف‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬


‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث زياد بن عالقة رضي اهلل عنه برقم (‪.)1060‬‬
‫‪189‬‬
‫الباب الثامن عشر‪ :‬صالة االستسقاء‬

‫صالة االستسقاء سنة‬ ‫‪‬‬


‫استسقاء النساء‬ ‫‪‬‬
‫االكتفاء بصالة الجمعة في االستسقاء‬ ‫‪‬‬
‫تحويل الرداء في صالة االستسقاء واستقبال القبلة‬ ‫‪‬‬
‫الدعاء باالستصحاء إذا انقطعت السبل من كثرة المطر‬ ‫‪‬‬
‫رفع الناس أيديهم مع اإلمام في االستسقاء‬ ‫‪‬‬
‫وقت صالة االستسقاء‬ ‫‪‬‬

‫‪191‬‬
‫الباب الثامن عشر‪ :‬صالة االستسقاء‬

‫صالة االستسقاء سنة‬

‫صالة االستسقاء سنة في حالة القحط وتأخر نزول المطر لطلب نزول المطر ورفع الشدة عن الناس بالدعاء والصالة والتضرع إليه‬
‫ح َولَ ِردَا َءهُ‪ ،‬ثُمَ صَلَى‬
‫ستَسْقِي‪َ ،‬ف َتوَجَهَ إِلَى الْقِبْلَةِ َي ْدعُو وَ َ‬
‫واالستغاثة به في إنزال المطر لحديث (خَرَجَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَ َم يَ ْ‬
‫جهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ)(‪ )1‬في الحديث داللة على مشروعية صالة االستسقاء وعلى تحويل الرداء وعلى مشروعة الخروج إلى‬ ‫رَكْ َع َت ْينِ َ‬
‫خارج البلد لصالة االستسقاء‪.‬‬

‫استسقاء النساء‬
‫المرأة يشرع لها أن تصلى صالة االستسقاء في بيتها وتدعوا اهلل تعالى بنزول المطر وتحويل الشدة إلى رخاء‪ ،‬وال يشرع للمرأة أن تحول‬
‫خمارها كما يحول الرجال أرديتهم إذا كانت أمام رجل أو رجال أجانب عنها‪.‬‬

‫االكتفاء بصالة اجلمعة يف االستسقاء‬


‫يشرع االستسقاء بصالة الجمعة ويكتفى بها‪ ،‬وال يشرع صالة ركعتين لالستسقاء بعد صالة الجمعة إذا استسقى الناس في يوم الجمعة‪،‬‬
‫ألن النبي ‪ ‬لم يصل ركعتين لالستسقاء في يوم الجمعة بعد صالة الجمعة‪ ،‬وإنما اكتفى بالدعاء في أثناء خطبتي الجمعة‪ ،‬وبصالة ركعتي‬
‫الجمعة‪ ،‬ويشرع الدعاء لالستسقاء في أثناء خطبتي الجمعة‪.‬‬

‫حتويل الرداء يف صالة االستسقاء واستقبال القبلة‬


‫ستَسْقِي‪،‬‬ ‫يشرع تحويل رداء اإلمام والمؤتمين إذا خرجوا لصالة االستسقاء إلى خارج البلد لحديث (خَرَجَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَ ْ‬
‫ح َولَ ِردَا َءهُ‪ ،‬ثُمَ صَلَى رَكْ َع َت ْينِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ)(‪ )2‬في الحديث دليل على استقبال القبلة عند الدعاء‪ ،‬وعلى‬ ‫َف َتوَجَهَ إِلَى الْقِبْلَةِ َي ْدعُو وَ َ‬
‫قلب الرداء عند االنتهاء من الدعاء‪ ،‬ولم يشرع تحويل الرداء إذا استسقوا في يوم الجمعة في المسجد لحديث (َأنَ رَجُلًا شَكَا إِلَى ال َنبِيِ‬
‫ستَ ْق َبلَ الْ ِقبْلَةَ)(‪ )3‬في الحديث دليل‬‫حوَلَ ِردَا َءهُ‪ ،‬وَلَا ا ْ‬
‫ستَسْقِي‪ ،‬وَلَمْ َيذْكُرْ َأنَهُ َ‬
‫ج ْهدَ الْ ِعيَالِ‪َ ،‬فدَعَا اللَهَ يَ ْ‬
‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬هَلَااَ الْمَالِ‪ ،‬وَ َ‬
‫على عدم مشروعية تحويل رداء الخطيب‪ ،‬وال أردية الحاضرين‪ ،‬وعلى عدم مشروعية استقبال الخطيب إلى جهة القبلة حينما يدعوا‬
‫بنزول المطر وتغير الحال من الشدة إلى الرخاء‪ ،‬وتحويل الرداء يكون بأن يجعل ما على اليمنى على اليسار والعكس أو يجعل أسفل‬
‫الرداء أعاله والعكس‪ ،‬وإذا لم يكن عنده شالٍ أو نحوه وكان عنده كوت فيقلبه ويجعل ظهره لبطنه‪ ،‬وال يكون تحويل الرداء في حالة‬
‫االستسقاء في خطبة الجمعة وإنما يكون في حالة خروج اإلمام والمصلين لالستسقاء خارج البلد وفي غير يوم الجمعة‪.‬‬

‫الدعاء باالستصحاء إذا انقطعت السبل من كثرة املطر‬


‫يشرع الدعاء باالستصحاء وتحويل المطر إذا كثرت األمطار وصارت سبباً في تهدم المنازل وتقطع الطرقات وهالك المواشي والنباتات‬
‫س ُبلُ‪َ ،‬فدَعَا فَ ُمطِ ْرنَا مِنْ‬
‫جلٌ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَلَكَتْ الْ َموَاشِي‪َ ،‬وتَقَطَعَتْ ال ُ‬ ‫وخسارة في األموال لحديث (جَاءَ رَ ُ‬
‫س ُبلُ‪ ،‬وَهَلَكَتْ الْ َموَاشِي‪ ،‬فَا ْدعُ اللَهَ يُمْسِ ْكهَا‪ ،‬فَقَامَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ‪ ،‬ثُمَ جَاءَ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬ت َهدَمَتْ ا ْل ُبيُوتُ‪َ ،‬وتَقَطَعَتْ ال ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫جيَابَ الثَوْبِ) فانجابت عن المدينة انجياب الثوب‪.‬‬ ‫عنْ الْ َمدِينَةِ انْ ِ‬
‫فَقَالَ‪ :‬الَلهُمَ عَلَى الْآكَامِ‪ ،‬وَالّظِرَابِ‪ ،‬وَالَْأ ْو ِديَةِ‪ ،‬وَ َمنَابِتِ الشَجَرِ‪ ،‬فَانْجَابَتْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب الجهر بالقرآءةفي االستسقاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1024‬بلفظ (عَنْ عَبَادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَرَجَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَ َم يَسْتَسْقِي‪ ،‬فَتَوَجَ َه إِلَى الْقِبْلَ ِة يَدْعُو وَحَوَ َل رِدَاءَهُ‪ ،‬ثُ َم صَلَى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالةاالستسقاء‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في االستسقاء‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في‬
‫أول مسند المدنيين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الدعوات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب تحويل الراء في االستسقاء‪ .‬حديث رقم (‪ )1012‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ عَبَادَ بْنَ تَمِيمٍ‪ ،‬يُحَدِثُ أَبَاهُ‬
‫ج إِلَى الْمُصَلَى‪ ،‬فَاسْتَسْقَى‪ ،‬فَاسْتَقْبَ َل الْقِبْلَةَ‪ ،‬وَقَلَبَ رِدَاءَهُ‪ ،‬وَصَلَى رَكْعَتَيْنِ)‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬خَرَ َ‬ ‫ن النَبِ َ‬
‫عَنْ عَمِهِ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ زَيْدٍ‪ ،‬أَ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالةاالستسقاء‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في االستسقاء‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في‬
‫أول مسند المدنيين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الدعوات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب االستسقاء في خطبة الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1014‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ا الْمَالِ‪ ،‬وَجَهْ َد الْعِيَالِ‪ ،‬فَدَعَا اللَ َه يَسْتَسْقِي‪ ،‬وَلَ ْم يَذْكُ ْر أَنَهُ حَوَلَ رِدَاءَهُ‪ ،‬وَلَا اسْتَقْبَ َل الْقِبْلَةَ)‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬هَلَا َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة االستسقاء‪ ،‬والنسائي في االستسقاء‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الجامع‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الدعوات‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخ اري‪ :‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب الدعاء إذا تقطعت السبل من كثرة المطر‪ .‬حديث يث رقم (‪ ) 1017‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَال‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَلَكَتْ الْمَوَاشِي‪ ،‬وَتَقَطَعَتْ السُبُلُ‪ ،‬فَدَعَا فَمُطِرْ نَا مِنْ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ‪ ،‬ثُمَ جَاءَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬تَهَدَمَتْ الْبُيُوتُ‪ ،‬وَتَقَطَعَتْ السُبُلُ‪ ،‬وَهَلَكَتْ‬
‫ب الثَوْبِ)‪.‬‬
‫ن الْمَدِينَةِ انْجِيَا َ‬
‫ت عَ ْ‬
‫ت الشَجَرِ‪ ،‬فَانْجَابَ ْ‬ ‫ع اللَ َه يُمْسِكْهَا‪ ،‬فَقَا َم صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬اللَهُمَ عَلَى الْآكَامِ‪ ،‬وَالّظِرَابِ‪ ،‬وَالْأَوْدِيَةِ‪ ،‬وَمَنَابِ ِ‬ ‫الْمَوَاشِي‪ ،‬فَادْ ُ‬
‫‪191‬‬
‫رفع الناس أيديهم مع اإلمام يف االستسقاء‬
‫يشرع لإلمام أن يرفع يديه في أثناء خطبة الجمعة عندما يدعو اهلل بنزول المطر وتحويل الحال إلى يسر ورخاء‪ ،‬ويشرع للحاضرين رفع‬
‫أيديهم أثناء دعاء الخطيب‪ ،‬ألن النبي ‪ ‬بالغ في رفع يدية حتى رؤي بياض إبطيه‪ ،‬وال يشرع للخطيب رفع يديه عند الدعاء في خطبة‬
‫جلٌ َأعْرَابِيٌ ِمنْ أَ ْهلِ ا ْل َب ْدوِ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َيوْمَ الْجُمُعَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ‬ ‫الجمعة إال في االستسقاء لحديث ( َأتَى رَ ُ‬
‫شيَةُ‪ ،‬هََلكَ الْ ِعيَالُ‪ ،‬هََلكَ النَاسُ‪ ،‬فَرَفَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َي َديْهِ َي ْدعُو‪ ،‬وَرَفَعَ النَاسُ َأ ْي ِد َيهُمْ مَعَهُ َي ْدعُونَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫اللَهِ‪ ،‬هَلَكَتْ الْمَا ِ‬
‫جلُ إِلَى َنبِيِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَال‪ :‬يَا‬ ‫حتَى كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْأُخْرَى‪ ،‬فََأتَى الرَ ُ‬ ‫حتَى مُطِ ْرنَا‪ ،‬فَمَا زِ ْلنَا نُمْطَرُ َ‬
‫جدِ َ‬‫فَمَا خَرَجْنَا ِمنْ الْ مَسْ ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫شقَ الْمُسَافِرُ وَ ُمنِعَ الطَرِيقُ) وفي رواية (كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَا يَرْفَعُ َي َديْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ُدعَائِهِ إِلَا فِي‬ ‫رَسُولَ اللَهِ بَ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫جلُ) دليل على أن الرجل هو الذي طلب الدعاء بالمطر في الجمعة‬ ‫طيْهِ) وفي لفظ (فَأَتَى الرَ ُ‬ ‫حتَى يُرَى َبيَاضُ ِإبْ َ‬ ‫االستسقاء‪ ،‬وَِإنَهُ يَرْفَعُ َ‬
‫األولى‪.‬‬

‫وقت صالة االستسقاء‬


‫الصحيح‪ :‬أن وقت الخروج لصالة االستسقاء هو وقت صالة العيدين عقيب شروق الشمس لحديث عائشة (شَكَا النَاسُ إِلَى رَسُولِ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُحُوطَ الْمَطَرِ‪ ،‬فَأَمَرَ بِ ِم ْنبَرٍ َف ُوضِعَ لَهُ فِي الْ ُمصَلَى َو َوعَدَ النَاسَ َيوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ‪ ،‬قَالَتْ عَائِشَةُ‪ :‬فَخَرَجَ رَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ حِينَ َبدَا حَاجِبُ الشَمْسِ فَقَ َعدَ عَلَى الْ ِم ْنبَرِ)(‪ )3‬في الحديث داللة على أن أداء صالة االستسقاء عقيب شروق‬
‫الشمس هو أداء في الوقت المستحب لها ألن فعل النبي ‪ ‬يدل على االستحباب‪.‬‬

‫أخرجه مسلم في صالةاالستسقاء‪ ،‬والنسائي في االستسقاء‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الجامع‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الدعوات‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ن مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫س بْ َ‬ ‫ت أَنَ َ‬
‫ن سَعِيدٍ‪ ،‬سَمِعْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب رفع الناس أيديهم مع اإلمام في االستسقاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1021‬بلفظ (قَا َل يَحْيَى بْ ُ‬
‫أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِيٌ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬هَلَكَتْ الْمَاشِيَةُ‪ ،‬هَلَكَ الْعِيَالُ‪ ،‬هَلَكَ النَاسُ‪ ،‬فَرَفَعَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن الْمَسْجِدِ حَتَى مُطِرْنَا‪ ،‬فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ حَتَى كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْأُخْرَى‪ ،‬فَأَتَى‬ ‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَدَيْهِ يَدْعُو‪ ،‬وَرَفَعَ النَاسُ أَيْدِيَهُ مْ مَعَهُ يَدْعُونَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَمَا خَرَجْنَا مِ ْ‬
‫ق الْمُسَافِرُ وَمُنِ َع الطَرِيقُ)‪.‬‬‫ي اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَال‪ :‬يَا رَسُو َل اللَ ِه بَشِ َ‬ ‫الرَجُ ُل إِلَى نَبِ ِ‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬بشق‪ :‬اشتد عليه الضرروعجز عن السفر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االستسقاء‪ :‬باب رفع اإلمام يده في االستسقاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1031‬بلفط (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَال‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَا‬
‫ض إِبْطَيْهِ)‪.‬‬
‫يَرْفَ ُع يَدَيْ ِه فِي شَيْ ٍء مِنْ دُعَائِ ِه إِلَا فِي االستسقاء‪ ،‬وَإِنَ ُه يَرْفَعُ حَتَى يُرَى بَيَا ُ‬
‫أخرجه مسلم في صالةاالستسقاء‪ ،‬والنسائي في االستسقاء‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬المناقب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتا ب الصالة‪ :‬باب رفع اليدين في االستسقاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1173‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬شَكَا النَاسُ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُحُوطَ الْمَطَرِ‪ ،‬فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَى وَوَعَدَ النَاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ‪ ،‬قَالَتْ عَا ئِشَةُ‪ :‬فَخَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حِينَ بَدَا‬
‫حَاجِبُ الشَمْسِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ‪ ،‬فَكَبَ رَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَحَمِدَ اللَهَ عَزَ وَجَلَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬إِنَكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ‪ ،‬وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَانِ زَمَانِهِ عَنْكُم‪ ،‬وَ َقدْ‬
‫أَمَرَكُمْ اللَهُ عَزَ وَجَلَ أَنْ تَدْعُوهُ‪ ،‬وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬الْحَمْدُ لِلَهِ رَبِ الْعَالَمِينَ‪ ،‬الرَحْمَنِ الرَحِيمِ‪ ،‬مَلِكِ يَوْمِ الدِينِ‪ ،‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ‪ ،‬اللَهُمَ أَنْتَ‬
‫اللَهُ لَا إِلَهَ إِلَا أَنْتَ الْغَنِيُ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ‪ ،‬أَ نْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ‪ ،‬وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ‪ ،‬ثُمَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَفْعِ حَتَى بَدَا بَيَاضُ إِبِطَيْهِ‪ ،‬ثُمَ حَوَلَ‬
‫إِلَى النَاسِ ظَهْرَهُ‪ ،‬وَقَلَبَ أَوْ حَوَلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِ عٌ يَدَيْهِ‪ ،‬ثُمَ أَقْبَلَ عَلَى النَاسِ‪ ،‬وَنَزَلَ فَصَلَى رَكْعَتَيْنِ‪ ،‬فَأَنْشَأَ اللَهُ سَحَابَةً‪ ،‬فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ‪ ،‬ثُمَ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَهِ‪ ،‬فَلَمْ‬
‫يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَى سَالَتْ السُيُولُ‪ ،‬فَلَمَا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكِ نِ‪ ،‬ضَحِكَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسََلمَ حَتَى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَشْهَدُ أَنَ اللَهَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ‪ ،‬وَأَنِي عَبْدُ‬
‫اللَ ِه وَرَسُولُهُ) حسنه االلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به أبوداود‪.‬‬
‫الكن‪ :‬مايقي من الحر والبرد‬ ‫إبان زمانه‪ :‬وقت نزوله وموسمه‪.‬‬ ‫القحط‪ :‬الجدب والجفاف‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حاجب الشمس‪ :‬طرف قر الشمس‪.‬‬
‫من المساكن والّظالل‪ .‬النواجذ‪ :‬األنياب‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫الباب التاسع عشر‪ :‬صالة العيدين‬

‫الغسل لصالة العيدين‬ ‫‪‬‬


‫صالة العيدين قبل الخطبة بال أذان وال إقامة‬ ‫‪‬‬
‫أول من خطب قبل الصالة‬ ‫‪‬‬
‫ما يقرأ في صالة العيدين‬ ‫‪‬‬
‫التكبير في صالة العيدين‬ ‫‪‬‬
‫على من تجب صالة العيدين‬ ‫‪‬‬
‫أدلة وجوب صالة العيدين‬ ‫‪‬‬
‫اعتزال الحيض المصلى‬ ‫‪‬‬
‫التنفل قبل صالة العيد وبعدها‬ ‫‪‬‬
‫خطبة العيد‬ ‫‪‬‬
‫إذا اجتمع عيد وجمعة‬ ‫‪‬‬
‫من فاتته صالة العيد مع الجماعة‬ ‫‪‬‬
‫التكبير أيام التشريق‬ ‫‪‬‬

‫‪193‬‬
‫الباب التاسع عشر‪ :‬صالة العيدين‬

‫الغسل لصالة العيدين‬


‫الصحيح‪ :‬أن اغتسال يوم العيد لم يرد به حديث ال في صحيح البخاري وال في صحيح مسلم ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من‬
‫تقريره‪ ،‬وأما حديث الفاكه بن سعد ‪( ‬أنه ‪ ‬كان يغتسل يوم الجمعة‪ ،‬ويوم الفطر‪ ،‬ويوم عرفة) فقد ضعفه األلباني في ضعيف ابن‬
‫ماجه برقم (‪ )241‬وقال عنه بأنه (موضوع)‪ ،‬وإنما استحسن بعض العلماء االغتسال ليوم العيدين استحساناً‪ ،‬وتنظيف الجسد والتجمل‬
‫بلبس أحسن الثياب وتطييب الجسد والثياب أفعال يستحق اإلنسان الثواب بفعلها حتى اإلنسان المريض مندوب له أن يتنظف وأن يتجمل‬
‫بلبس أحسن الثياب والتطيب بأحسن الطيب سواءً سيخرج بين الناس أم ال‪ ،‬ألن هذه األفعال مستحبة لذاتها في يوم العيد ألن العيدين‬
‫شعيرة من شعائر اهلل وقد قال تعالى {ذَِلكَ وَمَن يُعَّظِمْ شَعَائِرَ اللَهِ فَِإنَهَا مِن َت ْقوَى الْقُلُوبِ}(‪ )3‬وال يجوز التجمل لمناسبة دينية غير العيدين‬
‫الفطر واألضحى‪ ،‬أما التجمل ليوم الخامس عشر من شهر رجب أو يوم ميالد النبي ‪ ‬باعتقاد استحباب هذا التجمل فال يجوز‪ ،‬وال يجوز‬
‫ليوم أول السنة الهجرية أو غيرها كما ال يجوز التجمل ألعياد غير المسلمين تعظيماً لها كالتجمل ليوم عيد ميالد المسيح عليه وعلى نبينا‬
‫الصالة والسالم‪ ،‬والتجمل في هذه األيام وغيرها بغير اعتقاد استحبابها دينيا هو جائز‪.‬‬

‫صالة العيدين قبل اخلطبة بال أذان وال إقامة‬


‫ال يشرع لصالة العيدين أذان وال إقامة ويبدأ بصالة العيدين قبل الخطبة لحديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ ُيصَلِي فِي‬
‫الَْأضْحَى وَالْفِطْرِ‪ ،‬ثُمَ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَلَاةِ)(‪ )2‬وحديث (لَمْ يَ ُكنْ ُيؤَ َذنُ َيوْمَ الْفِطْرِ وَلَا َيوْمَ الَْأضْحَى)(‪ )3‬ولفظ (لَمْ يَ ُكنْ ُي َؤ َذنُ) يعم األذان‬
‫واإلقامة‪ ،‬فلم يكن ‪ ‬يؤذن وال يقيم في صالة العيدين‪.‬‬

‫أول من خطب قبل الصالة‬


‫أول من خطب قبل صالة العيد مروان بن الحكم وهو أمير على المدينة قال أبو سعيد الخدري رضي اهلل عنه (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَخْرُجُ َيوْمَ الْفِطْرِ وَالَْأضْحَى إِلَى الْ ُمصَلَى‪ ،‬فََأوَلُ شَيْءٍ َي ْبدَأُ بِهِ الصَلَاةُ‪ ،‬ثُمَ َينْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَا ِبلَ النَاسِ‪ ،‬وَالنَاسُ جُلُوسٌ عَلَى‬
‫ّظهُمْ َويُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ‪ ،‬فَِإنْ كَانَ يُرِيدُ َأنْ يَقْطَعَ بَ ْعثًا قَطَعَهُ َأوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ‪ ،‬ثُمَ َي ْنصَرِفُ قَالَ َأبُو سَعِيدٍ‪ :‬فَلَمْ يَ َزلْ‬ ‫صُفُو ِفهِمْ‪َ ،‬فيَعِ ُ‬
‫حتَى خَرَجْتُ مَعَ مَ ْروَانَ وَ ُهوَ أَ مِيرُ الْ َمدِينَةِ فِي َأضْحًى َأوْ فِطْرٍ‪ ،‬فَلَمَا َأ َت ْينَا الْ ُمصَلَى‪ِ ،‬إذَا ِم ْنبَرٌ َبنَاهُ كَثِيرُ ْبنُ الصَلْتِ‪ ،‬فَ ِإذَا‬ ‫النَاسُ عَلَى ذَِلكَ َ‬
‫غيَ ْرتُمْ وَاللَهِ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬أبَا سَعِيدٍ َقدْ ذَهَبَ‬ ‫ج َب َذنِي فَا ْرتَفَعَ فَخَطَبَ َق ْبلَ الصَلَاةِ‪ ،‬فَقُلْتُ لَهُ َ‬
‫ج َبذْتُ ِبثَ ْوبِهِ فَ َ‬
‫مَ ْروَانُ يُرِيدُ َأنْ يَ ْرتَ ِقيَهُ َق ْبلَ َأنْ ُيصَلِيَ‪ ،‬فَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫مَا تَعْلَمُ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا َأعْلَمُ وَاللَهِ خَيْرٌ مِمَا لَا َأعْلَمُ‪ ،‬فَقَالَ‪ِ :‬إنَ النَاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَ ْعدَ الصَلَاةِ فَجَعَ ْلتُهَا َق ْبلَ الصَلَاةِ) ‪.‬‬

‫ما يقرأ يف صالة العيدين‬


‫كان ‪ ‬يقرأ في صالة العيدين سورة (ق) و(اقتربت الساعة) لحديث أن عمر بن الخطاب ‪ ‬سأل أبا واقد الليثي (مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ‬
‫شقَ الْقَمَرُ)(‪ )5‬وأحيانا‬ ‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي الْ َأضْحَى وَالْفِطْر؟ فَقَال‪ :‬كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا‪ ،‬بِـ(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)‪ ،‬وَا ْقتَ َربَتْ السَاعَةُ وَانْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحج‪)23( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العيدين‪ :‬باب المشي والركوب إلى العيد والصالة قبل الخطبة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 157‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ب بَعْ َد الصَلَاةِ)‪.‬‬ ‫ن يُصَلِي فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْ ِر ثُ َم يَخْطُ ُ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَا َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العيدين‪ :‬باب المشي والركوب إلى العيد والصالة قبل الخطبة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 160‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ قَالَا‪ :‬لَمْ‬
‫ن يَوْ َم الْفِطْ ِر وَلَا يَوْ َم الْأَضْحَى)‪.‬‬
‫ن يُؤَذَ ُ‬
‫يَكُ ْ‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب صالة العيدين‪ :‬باب الخروج إلى المصلى بغير منبر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 156‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَى‪ ،‬فَأَوَلُ شَيْءٍ يَ بْدَأُ بِهِ الصَلَاةُ‪ ،‬ثُمَ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَاسِ‪ ،‬وَالنَاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ‪ ،‬فَيَعِّظُهُمْ‬
‫وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ‪ ،‬فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ‪ ،‬ثُمَ يَنْصَرِفُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ‪ :‬فَلَمْ يَزَلْ النَاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ‬
‫أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ‪ ،‬فَلَمَا أَتَيْنَا الْمُصَلَى‪ ،‬إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَلْتِ‪ ،‬فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَ قِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِيَ‪ ،‬فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ‬
‫قَبْلَ الصَلَاةِ‪ ،‬فَقُلْتُ لَهُ غَيَرْتُمْ وَاللَهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا أَعْلَمُ وَاللَهِ خَيْرٌ مِمَا لَا أَعْلَمُ‪ ،‬فَقَ الَ‪ :‬إِنَ النَاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَلَاةِ‬
‫فَجَعَلْتُهَا قَبْ َل الصَلَاةِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ .‬الحيض‪ ،‬الزكاة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جبذ‪ :‬جذب وشد بقوة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما يقرأفي صالة العيدين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2056‬بلفظ (عَنْ عُبَيْدِ اللَهِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬أَنَ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَيْثِيَ‪ ،‬مَا‬
‫ق الْقَمَرُ)‪.‬‬
‫ت السَاعَ ُة وَانْشَ َ‬
‫ن الْمَجِيدِ)‪ ،‬وَاقْتَرَبَ ْ‬ ‫ن يَقْرَُأ فِيهِمَا‪ ،‬بِـ(ق وَالْقُرْآ ِ‬
‫ن يَ قْرَُأ بِهِ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْر؟ فَقَال‪ :‬كَا َ‬ ‫كَا َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأب و داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪.‬‬
‫‪194‬‬
‫سبِحِ اسْمَ َر ِبكَ الَْأعْلَى‪،‬‬
‫سورة (األعلى) وسورة (الغاشية) لحديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقْرَأُ فِي الْعِيدَ ْينِ وَفِي الْجُمُعَةِ‪ ،‬بِ َ‬
‫حدٍ‪ ،‬يَقْرَأُ ِبهِمَا َأيْضًا فِي الصَلَا َتيْنِ)(‪.)3‬‬ ‫جتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَا ِ‬
‫شيَةِ‪ ،‬قَال‪ :‬وَِإذَا ا ْ‬
‫حدِيثُ الْغَا ِ‬
‫وَ َهلْ َأتَااَ َ‬

‫التكبري يف صالة العيدين‬


‫الصحيح‪ :‬أن التكبيرات سبع والثامنة تكبيرة اإلحرام في الركعة األولى‪ ،‬وخمس والسادسة تكبيرة االنتقال في الركعة الثانية‪ ،‬لحديث (كَا َ‬
‫ن‬
‫سبْعَ تَ ْكبِيرَاتٍ‪ ،‬وَفِي الثَا ِنيَةِ خَمْسًا)(‪.)2‬‬
‫يُ َكبِرُ فِي الْفِطْرِ وَالَْأضْحَى فِي الْأُولَى َ‬

‫الصحيح‪ :‬أن رفع اليدين يكون عند تكبيرة اإلحرام فقط‪ ،‬وال يكون عند التكبيرات األخرى ألن األحاديث في هذا ضعيفة‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن قراءة الفاتحة والسورة بعد التكبير في الركعة األولى والثانية لحديث (قَالَ َنبِيُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬التَ ْكبِيرُ فِي الْفِطْرِ‬
‫سبْعٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الْآخِ َرةِ‪ ،‬وَالْقِرَا َءةُ بَ ْعدَهُمَا كِ ْل َت ْيهِمَا)(‪ ، )3‬ولم يفصل بين التكبيرات بفاصل‪ ،‬وما ورد عند الهادوية من الفصل‬
‫َ‬
‫بين التكبيرات بالقول (اهلل أكبر كبيراً والحمد هلل كثيراً وسبحان اهلل بكرة وأصيالً) إنما هو استحسان لبعض الصحابة ولعله البن مسعود‬
‫‪.‬‬

‫على من جتب صالة العيدين‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة العيدين تجب على كل مسلم ومسلمة مسافرين أومقيمين‪ ،‬ويستثنى منهم الحاج فال تجب عليه‪ ،‬وال يشرع للحاج صالة‬
‫العيد يوم عيد األضحى‪ ،‬ألن جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنهما حينما روى حج النبي ‪ ‬من أول الحج إلى آخره‪ ،‬لم يذكر أن النبي ‪‬‬
‫صلى صالة العيد في يوم األضحى‪.‬‬

‫أدلة وجوب صالة العيدين‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة العيدين واجبة ألدلة ثالثة هي‪:‬‬

‫صلِ لِ َر ِبكَ وَانْحَرْ}(‪ )4‬على رأي بعض المفسرين حيث قالوا‪ :‬المراد بالصالة هي صالة العيد‪ ،‬والمراد بالنحر هو نحر‬
‫األول‪ :‬قولة تعالى { َف َ‬
‫األضحية‪ ،‬أي أن اهلل تعالى أمر بصالة العيد وبنحر األضحية‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وأمر الرسول صلى اهلل عليه وسلم يقتضي‬ ‫خدُورِ)‬
‫الثاني‪ :‬حديث (أَمَ َرنَا‪َ ،‬ن ِب ُينَا صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬بَِأنْ نُخْرِجَ الْ َعوَا ِتقَ‪َ ،‬و َذوَاتِ الْ ُ‬
‫الوجوب‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬إذا صادف يوم العيد يوم جمعة فتنوب صالة العيد عن صالة الجمعة‪ ،‬وصالة الجمعة واجبة وال ينوب عن الواجب إال واجب‪،‬‬
‫والمرأة التى ال تخرج إلى الجبانة ألداء صالة العيد مع الجماعة يجب عليها أن تصلى صالة العيد في بيتها‪ ،‬وإذا كانت المرأة معها غيرها‬
‫في البيت فيصلين جماعة تصلي بهن إحداهن األقرأ أو األعلم منهن‪.‬‬

‫اعتزال احليض املصلى‬


‫األول ى أن تحضر النساء صالة العيد في الجبانة في مصلى خاص بالنساء يكون بعيداً عن مصلى الرجال بحيث ال يحصل اختالط الرجال‬
‫بالنساء في مصلى العيد‪ ،‬ويصلين صالة العيد مع الرجال‪ ،‬ويستمعن خطبة العيد‪ ،‬ويكن ملتزمات بالحجاب الشرعي واللباس الشرعي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب ما يقرأفي صالة الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2025‬بلفظ (عَنْ النُعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقْ َرأُ‬
‫ث الْغَاشِيَةِ‪ ،‬قَال‪ :‬وَإِذَا اجْ تَمَ َع الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ‪ ،‬يَقْرَُأ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَلَاتَيْنِ)‪.‬‬
‫ا حَدِي ُ‬
‫ك الْأَعْلَى‪ ،‬وَهَ ْل أَتَا َ‬
‫ح اسْمَ رَبِ َ‬
‫فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ‪ ،‬بِسَبِ ِ‬
‫أخرج ه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في الجمعة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬ومالك في‬
‫النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب التكبير في العيدين‪ .‬حديث رقم (‪ )1141‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ يُكَبِرُ فِي الْفِطْرِ‬
‫وَالْأَضْحَى فِي الْأُولَى سَبْ َع تَكْبِيرَاتٍ‪ ،‬وَفِي الثَانِيَةِ خَمْسًا) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب التكبير في العيدين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1151‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَا ِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ نَبِيُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫س فِ ي الْآخِرَةِ‪ ،‬وَالْقِرَاءَ ُة بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫التَكْبِي ُر فِي الْفِطْ ِر سَبْ ٌع فِي الْأُولَى وَخَمْ ٌ‬
‫أخرجه ابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الكوثر‪.)2( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العيدين‪ :‬باب إباحة خ روج النساء إلى المصلى‪ .‬حديث رقم (‪ )174‬بلفظ (عَنْ أُمِ عَطِيَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬أَمَرَنَا نَبِيُنَا صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬بِأَنْ‬
‫ت الْخُدُورِ)‪.‬‬‫ج الْعَوَاتِقَ‪ ،‬وَذَوَا ِ‬‫نُخْرِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين ‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في‬
‫أول مسند البصريين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫الخدر‪ :‬ستر يجعل للبا لغ في جانب من البيت‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العاتق‪ :‬البالغة أو المقاربة للبلوغ‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫ح َيضَ‪ ،‬وَالْ َعوَا ِتقَ‪َ ،‬و َذوَاتِ‬
‫والضوابط الشرعية‪ ،‬وتعتزل الحيَض المصلى ويشهدن دعوة الخير‪ ،‬لحديث (أُمِ ْرنَا‪َ ،‬أنْ نَخْرُجَ‪َ ،‬فنُخْرِجَ الْ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ع َو َتهُمْ‪َ ،‬ويَ ْعتَزِ ْلنَ ُمصَلَاهُمْ) ‪.‬‬
‫ش َه ْدنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ‪َ ،‬و َد ْ‬
‫ح َيضُ‪َ ،‬فيَ ْ‬
‫خدُورِ‪ ،‬فَأَمَا الْ ُ‬
‫ق َذوَاتِ الْ ُ‬
‫ع ْونٍ‪َ :‬أوْ الْ َعوَا ِت َ‬
‫خدُورِ‪ ،‬قَالَ ا ْبنُ َ‬
‫الْ ُ‬

‫التنفل قبل صالة العيد وبعدها‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يستحب صالة شيء من النوافل قبل صالة العيد وال بعدها‪ ،‬إذا صليت في الجبانة‪ ،‬ألن الجبانة ال تسمى مسجداً‪ ،‬لحديث‬
‫صلِ َقبْ َلهَا وَلَا بَ ْعدَهَا)(‪ )2‬أما إذا صليت في مسجد فيشرع لكل من يدخل‬ ‫( َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَم‪ ،‬صَلَى َيوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَ َت ْينِ لَمْ ُي َ‬
‫(‪)3‬‬
‫حتَى ُيصَلِيَ رَكْ َعتَيْنِ) أما‬
‫خلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِد‪ ،‬فَلَا يَجْلِسْ َ‬
‫المسجد قبل البدء في صالة العيد أن يصلى ركعتين تحية للمسجد لحديث ( ِإذَا دَ َ‬
‫من يحضر وقد بدء في صالة العيد فيدخل في صالة العيد ويسقط عنه صالة تحية المسجد‪ ،‬أما صالة العيد فال يشرع لها صالة قبلية وال‬
‫بعدية‪.‬‬

‫خطبة العيد‬
‫كان النبي ‪ ‬يخطب في عيد الفطر واألضحى خطبة واحدة لحديث ( ِإنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ خَرَجَ يَ ْومَ الْفِطْرِ‪ ،‬فَ َبدَأَ بِالصَلَاةِ َق ْبلَ‬
‫طبَةِ)) في الحديث يفيد اإلفراد وال يفيد التثنية‪ ،‬وليس على الخطبتين دليل ال‬ ‫طبَةِ)(‪ )4‬الحديث دليل على أنها خطبة واحدة ألن لفظ (الْخُ ْ‬
‫الْخُ ْ‬
‫من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪.‬‬

‫إذا اجتمع عيد ومجعة‬


‫إذا صادف أ ن العيد كان يوم الجمعة فيسقط عمن صلى صالة العيد وجوب صالة يوم الجمعة ويبقى حضور صالة الجمعة على‬
‫جتَمَعَ عِيدَانِ فِي َيوْمِكُمْ َهذَا‪ ،‬فَ َمنْ شَاءَ أَجْزََأهُ ِمنْ الْجُمُعَةِ‪ ،‬وَِإنَا مُجَمِعُونَ ِإنْ شَاءَ اللَهُ)(‪ )5‬الحديث‬
‫االستحباب بدالً عن الوجوب‪ ،‬لحديث ( ا ْ‬
‫دليل على أن اإلنسان مخير بين أن يصلى الجمعة أو أن يصلي بدلها صالة الظهر أربع ركعات‪ ،‬واألفضل لإلنسان أن يحضر صالة‬
‫الجمعة لقول النبي ‪( ‬وَِإنَا مُجَمِعُونَ ِإنْ شَاءَ اللَهُ) وفعل النبي ‪ ‬يدل على االستحباب ومن لم يصل جمعة مع اإلمام يجب عليه أن‬
‫يصلي صالة الظهر أربع ركعات وهي أداء لفريضة الظهر‪ ،‬التي لم يسقط وجوبها بأداء صالة العيد‪.‬‬

‫من فاتته صالة العيد مع اجلماعة‬


‫الصحيح‪ :‬أن من فاتته صالة العيد مع الجماعة يجب عليه أن يصليها على صفة صالة اإلمام ركعتين يكبر فيهما مثل تكبير اإلمام ويجهر‬
‫فيهما كجهر اإلمام وصالته أداء ال قضاء ألنه ال زال في وقت صالة العيدين إذا صالها قبل خروج وقتها‪.‬‬

‫التكبري أيام التشريق‬


‫التكبير يشرع في كل أوقات أيام التشريق‪ ،‬وليس عقب الصلوات فقط‪ ،‬ونقل البخاري في صحيحه تحت عنوان (التكبير في منى) ما لفظه‬
‫حتَى تَ ْرتَجَ ِمنًى تَكبيراً وَكَانَ‬ ‫سوَاقِ َ‬ ‫ج ِد َفيُكَبِرُونَ‪َ ،‬ويُكَبِرُ أَ ْهلُ الْأَ ْ‬
‫اآلتي‪( :‬كَانَ عُمَرُ َرضِيَ اللَهُ عَنْهُ يُ َكبِرُ فِي قُ َبتِهِ بِ ِمنًى‪َ ،‬فيَسْمَعُهُ أَ ْهلُ الْمَسْ ِ‬
‫ا ْبنُ عُمَرَ يُ َكبِرُ بِ ِمنًى تِ ْلكَ الَْأيَامَ‪ ،‬وَخَلْفَ الصََلوَاتِ‪َ ،‬وعَلَى فِرَاشِهِ‪ ،‬وَفِي فُسْطَاطِهِ‪ ،‬وَمَجْلِسِهِ‪ ،‬وَمَمْشَاهُ‪ ،‬تِ ْلكَ الْأَيَامَ جَمِيعًا‪ ،‬وَكَانَتْ َميْمُونَةُ‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب صالة العيدين‪ :‬باب اعتزال الحيض المصلى‪ .‬حديث رقم (‪) 151‬بلفظ (عَنْ مُحَمَدٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَتْ أُمُ عَطِيَةَ‪ :‬أُمِرْنَا‪ ،‬أَنْ نَخْرُجَ‪ ،‬فَنُخْرِجَ‬
‫ن جَمَاعَ َة الْمُسْلِمِينَ‪ ،‬وَدَعْوَتَهُمْ‪ ،‬وَيَعْتَزِلْنَ مُصَلَاهُمْ)‪.‬‬‫ت الْخُدُورِ‪ ،‬فَأَمَا الْحُيَضُ‪ ،‬فَيَشْهَدْ َ‬ ‫ت الْخُدُورِ‪ ،‬قَا َل ابْنُ عَوْنٍ‪ :‬أَ ْو الْعَوَاتِقَ ذَوَا ِ‬ ‫الْحُيَضَ‪ ،‬وَالْعَوَاتِقَ‪ ،‬وَذَوَا ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في‬
‫أول مسند البصريين ‪ ،‬وا لدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب صالة العيدين‪ :‬باب الصالة قبل صالة العيد وبعدها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 151‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ ،‬صَلَى يَوْمَ‬
‫ن يُلْقِينَ‪ ،‬تُلْقِي الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا)‪.‬‬‫ن بِالصَدَقَةِ‪ ،‬فَجَعَلْ َ‬‫ن لَ ْم يُصَلِ قَبْلَهَا وَلَا بَ عْدَهَا‪ ،‬ثُ َم أَتَى النِسَا َء وَمَعَ ُه بِلَال‪ ،‬فَأَمَرَهُ َ‬
‫الْفِطْرِ رَكْعَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين ‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في و من مسند بني هاشم‪.‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫السخاب‪ :‬خيط من خرز يوضع في العنق كالقالدة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الخر ‪ :‬حلي تلبس في األذن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1163‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُرَقِيِ‪ ،‬سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِي الْأنْصَارِيَ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا دَخَ َل أَحَدُكُ ْم الْمَسْجِد‪ ،‬فَلَا يَجْلِسْ حَتَى يُصَلِيَ رَكْعَتَيْنِ)‪.‬‬ ‫ي الَلهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَا َل النَبِ ُ‬ ‫رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪،‬‬
‫وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العيدين‪ :‬باب المشي والركوب إلى العيد والصالة قبل الخطبة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 155‬بلفظ (عن عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَال‪ :‬سَمِعْتُهُ‪،‬‬
‫ج يَوْ َم الْفِطْرِ‪ ،‬فَبَدََأ بِالصَلَا ِة قَبْ َل الْخُطْبَةِ)‪.‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَرَ َ‬ ‫ن النَبِ َ‬‫يَقُولُ‪ :‬إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأبوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب إقامة الصالة والسنة فيها‪ :‬باب ماجاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم‪ .‬حديث رقم (‪ )1010‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا‪ ،‬فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ‪ ،‬وَإِنَا مُجَمِعُونَ إِنْ شَاءَ اللَهُ) صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫انفرد به ابن ماجة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬مجمعون‪ :‬نصلي الجمعة‪.‬‬
‫‪196‬‬
‫تُ َكبِرُ َيوْمَ النَحْرِ)(‪ )1‬الظاهر أن الذكر يكون جماعيا ويكون فرديا‪ ،،‬الكل جائز‪ ،‬لحديث أنس رضي اهلل عنه حينما سأله سائل عن كيفية‬
‫الذكر وهم في حجة الوداع مع النبي صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬كان الملبي يلبي وال يُنكر عليه‪ ،‬والمكبر يكبر وال يُنكر عليه‪ ،‬لفظ الحديث‬
‫(كَانَ يَُلبِي الْمَُلبِي لَا ُينْكَرُ عََليْهِ‪َ ،‬ويُ َكبِرُ الْمُ َكبِرُ فَلَا ُينْكَرُ عََليْهِ)(‪ )2‬تكبير النساء وتلبيتهن تكون بصوت خفيض يسمعن أنفسهن أوتسمع‬
‫المرأة المكبرة أوالملبية نفسها واليسمعها الرجال األجانب‪ ،‬ألن صوت المرأة عورة وفتنة للرجال األجانب عنها‪ ،‬ولحديث (كُنَا ُنؤْمَرُ‪ ،‬أَنْ‬
‫ح َيضَ‪َ ،‬فيَكُنَ خَلْفَ النَاسِ َفيُ َكبِ ْرنَ ِبتَ ْكبِيرِهِمْ‪ ،‬وَ َي ْدعُونَ ِبدُعَا ِئهِمْ‪ ،‬يَرْجُونَ‬
‫حتَى نُخْرِجَ الْ ُ‬
‫خدْرِهَا‪َ ،‬‬
‫حتَى نُخْرِجَ ا ْلبِكْرَ ِمنْ ِ‬ ‫نَخْرُجَ َيوْمَ الْعِيدِ‪َ ،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫طهْ َرتَهُ)‬
‫بَرَكَ َة ذَِلكَ ا ْل َيوْمِ وَ ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العيدين‪ :‬باب التكبير أيام منى وإّذا غدا إلى عرفة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 171‬بلفظ (َكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ يُكَبِرُ فِي قُبَتِهِ بِمِنًى‪ ،‬فَيَسْمَعُهُ أَهْ ُل‬
‫الْمَسْجِدِ فَيُكَبِرُونَ‪ ،‬وَيُكَبِرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَى تَرْتَجَ مِنًى تَكبيراً وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِرُ بِ مِنًى تِلْكَ الْأَيَامَ‪ ،‬وَخَلْفَ الصَلَوَاتِ‪ ،‬وَعَلَى فِرَاشِهِ‪ ،‬وَفِي فُسْطَاطِهِ‪ ،‬وَمَجْلِسِهِ‪،‬‬
‫ك الْأَيَامَ جَمِيعًا‪ ،‬وَكَانَتْ مَيْمُونَ ُة تُكَبِ ُر يَوْ َم النَحْرِ)‪.‬‬
‫وَمَمْشَاهُ‪ ،‬تِلْ َ‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب التكبير أيام منى وإّذا غدا إلى عرفة‪ .‬حديث رقم (‪ )170‬بلفظ (عن مُحَمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَقَفِيُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ‪،‬‬
‫وَنَ حْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنْ التَلْبِيَةِ‪ ،‬كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَ يْهِ وَسَلَمَ؟ قَالَ‪ :‬كَانَ يُلَبِي الْمُلَبِي لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ‪ ،‬وَيُكَبِرُ الْمُكَبِرُ فَلَا يُنْكَ ُر‬
‫عَلَيْهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العيدين‪ :‬باب التكبير أيام منى وإّذا غدا إلى عرفة‪ .‬حديث رقم(‪ )171‬بلفظ (عَنْ أُمِ عَطِيَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كُنَا نُؤْمَرُ‪ ،‬أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ‪ ،‬حَتَى‬
‫ك الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ)‪.‬‬‫ن بَرَكَةَ ذَلِ َ‬
‫ن بِدُعَائِهِمْ‪ ،‬يَرْجُو َ‬
‫ن بِتَكْبِيرِهِمْ‪ ،‬وَيَدْعُو َ‬
‫ف النَاسِ فَيُكَبِرْ َ‬
‫ن خَلْ َ‬‫ج الْحُ َيضَ‪ ،‬فَيَكُ َ‬ ‫ن خِدْرِهَا‪ ،‬حَتَى نُخْرِ َ‬ ‫ج الْبِكْرَ مِ ْ‬
‫نُخْرِ َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة العيدين‪ ،‬والترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في‬
‫أول مسند البصريين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫‪197‬‬
‫البـــاب العشرون‪ :‬سجود التالوة‬

‫سجود التالوةسنة‬ ‫‪‬‬


‫عدد عزائم سجود القرآن‬ ‫‪‬‬
‫األوقات التي يسجد فيها للتالوة‬ ‫‪‬‬
‫على من يشرع سجود التالوة‬ ‫‪‬‬
‫ما يقول في سجود التالوة‬ ‫‪‬‬
‫صفة سجود التالوة‬ ‫‪‬‬

‫‪198‬‬
‫البـــاب العشرون‪ :‬سجود التالوة‬

‫سجود التالوةسنة‬
‫الصحيح‪ :‬أن سجود التالوة سنة لفعل النبي ‪ ،‬والفعل يدل على السنية المؤكدة لحديث (كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقْرَأُ عََليْنَا‬
‫ج ْب َهتِهِ)(‪ )1‬ويشرع سجود التالوة في الصالة وفي غير الصالة ويشرع‬ ‫حدُنَا َم ْوضِعَ َ‬
‫جدُ أَ َ‬
‫حتَى مَا يَ ِ‬
‫جدُ‪َ ،‬‬
‫جدُ‪ ،‬وَنَسْ ُ‬
‫ج َدةُ َفيَسْ ُ‬
‫السُو َرةَ فِيهَا السَ ْ‬
‫لتالي القرآن وللسامع‪ ،‬وال يشرع السجود للسامع إال إذا سجد التالي‪ ،‬ولهذا ال يشرع السجود لسامع تالٍ من اإلذاعة أو التلفزيون ألن التالي‬
‫من اإلذاعة أو التلفزيون لم يسجد عند قراءة آية فيها موضع سجود التالوة‪ ،‬أما إذا سمع اإلنسان تالياً يتلو ويسجد أثناء تالوته مثل إمام‬
‫صالة التراويح من المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد األقصى أو أي مسجد تبث صالته قناة من القنوات الفضائية‪ ،‬فإنه يشرع‬
‫للسامع سجود التالوة مع اإلمام الساجد للتالوة في مسجد من المساجد التي تبث الصالة منه فضائية من الفضائيات‪.‬‬

‫عدد عزائم سجود القرآن‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يسجد التالي أوالسامع فيما سجد فيه النبي ‪ ‬وال يعمل بالقياس‪ ،‬ألنه ال قياس في العبادات‪ ،‬وال يعمل بعمل أهل المدينة‬
‫ألنهم جزء من األمة‪ ،‬والصحابة الذين كانوا في المدينة في أيام النبي ‪ ‬كانوا قد تفرقوا في األمصار‪ ،‬ومن سجدات القرآن سجدة‬
‫األعراف والرعد والنحل واإلسراء ومريم وسجدتي الحج والفرقان والنمل والسجدة أي (آلم تنزيل) وفي (ص) والنجم واالنشقاق والعلق‪.‬‬

‫األوقات التي يسجد فيها للتالوة‬


‫الصحيح‪ :‬أن سجود التالوة مشروع في كل األوقات‪ ،‬ألن سجدة التالوة ال تسمى صالة‪ ،‬وإذا كانت ال تسمى صالة‪ ،‬فهي غير داخلة في‬
‫مضمون أدلة النهي عن الصالة في أوقات الكراهة‪ ،‬ألن حديث النهى فيه لفظ (الصالة)‪ ،‬وليس لفظ (السجود)‪ ،‬وهو بلفظ (لَا صَلَاةَ بَعْدَ‬
‫حتَى تَغِيبَ الشَمْسُ)(‪ )2‬وال يشترط لسجود التالوة الوضوء‪ ،‬ألنها ال تسمى صالة‪ ،‬وال‬‫حتَى تَ ْرتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ الْ َعصْرِ َ‬
‫صبْحِ َ‬
‫ال ُ‬
‫يجب لسجودها طهارة المكان‪.‬‬

‫على من يشرع سجود التالوة‬


‫يشرع سجود التالوة على القارئ والسامع سواء كانا داخل الصالة أو خارج الصالة وال فرق بين الرجل والمرأة‪ ،‬إال أن السامع يشترط‬
‫لسجوده سجود القارئ‪.‬‬

‫ما يقول يف سجود التالوة‬


‫حوْلِهِ‬
‫شقَ سَمْعَهُ‪َ ،‬و َبصَ َرهُ‪ ،‬بِ َ‬
‫جهِي لِلَذِي خَلَقَهُ‪ ،‬وَ َ‬
‫جدَ وَ ْ‬
‫يشرع للساجد للتالوة أن يدعو بالدعاء الوارد عن النبي صلى اهلل عليه وسلم (سَ َ‬
‫عنِي ِبهَا‬ ‫وَ ُق َوتِهِ)(‪ )1‬الحديث دليل على أنه يشرع للساجد للتالوة أن يدعوا بهذا الدعاء وهو ساجد‪ ،‬ويضيف إليه هذا الدعاء (الَلهُمَ احْطُطْ َ‬
‫ع ْن َداَ ذُخْرًا)(‪ )4‬الحديث دليل على استحباب الجمع بين هذا الدعاء والدعاء الذي قبله في سجود‬ ‫وِزْرًا‪ ،‬وَا ْكتُبْ لِي ِبهَا أَجْرًا‪ ،‬وَاجْعَ ْلهَا لِي ِ‬
‫التالوة ليعمل الساجد بالحديثين ويحصل له فضل الدعاءين‪.‬‬

‫صفة سجود التالوة‬


‫يكبر الساجد للتالوة إذا خفض للسجود ويكبر إذا رفع رأسه من السجود‪ ،‬سواء كان سجوده في الصالة أو في غير الصالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب سجود القرآن‪ :‬من سجد لسجود القارئ‪ .‬حديث رقم (‪ )1075‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُورَ َة فِيهَا السَجْدَةُ فَيَسْجُدُ‪ ،‬وَنَسْجُدُ‪ ،‬حَتَى مَا يَجِ ُد أَحَدُنَا مَوْضِ َع جَبْهَتِهِ)‪.‬‬
‫أحرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب ال يتحرى الصالة قبل غروب الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 556‬بلفظ (عن عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيُ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَعِي ٍد‬
‫ب الشَمْسُ)‪.‬‬ ‫الْخُدْرِيَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬لَا صَلَا َة بَعْدَ الصُبْحِ حَتَى تَرْتَفِ َع الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَعْ َد الْعَصْ ِر حَتَى تَغِي َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة ف ي إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب ما يقول إذا سجد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1414‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ق سَمْ عَهُ‪ ،‬وَبَصَرَهُ‪ ،‬بِحَوْلِهِ وَقُوَتِهِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود‬ ‫ن بِاللَيْلِ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬فِي السَجْدَةِ مِرَارًا‪ ،‬سَجَ َد وَجْهِي لِلَذِي خَلَقَهُ‪ ،‬وَشَ َ‬ ‫يَقُولُ‪ :‬فِي سُجُو ِد الْقُرْآ ِ‬
‫بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪ ،‬والنسائي في التطبيق‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب سجود القرآن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 572‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنْتُ عِنْدَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَتَاهُ رَجُلٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنِي‬
‫رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِيمَا يَرَى النَائِمُ‪ ،‬كَأَنِي أُصَلِي إِلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ‪ ،‬فَقَرَأْتُ السَجْدَةَ فَسَجَدْتُ فَسَجَدَتْ ا لشَجَرَةُ لِسُجُودِي‪ ،‬فَسَمِعْتُهَا‪ ،‬تَقُولُ‪ :‬اللَهُمَ احْطُطْ عَنِي بِهَا وِزْرًا‪،‬‬
‫وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا‪ ،‬وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَاَ ذُخْرًا‪ ،‬قَالَ ابْنُ عَبَاسٍ‪ :‬فَرَأَيْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَرَأَ السَجْدَةَ فَسَجَدَ‪ ،‬فَسَمِعْتُهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬فِي سُجُودِهِ مِثْلَ الَذِي أَخْبَ َرهُ‬
‫الرَجُلُ عَنْ قَوْ ِل الشَجَرَةِ) حسنه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجمعة‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫كتاب أحكام‬

‫امليـت‬

‫‪211‬‬
‫الكتاب الثالث‪ :‬أحكام امليت‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬ما يستحب أن يفعّل بالميت عند االحتضار‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬غسّل الميت وتكفينه‬
‫‪ ‬البــــــاب الثالث‪ :‬الصالة عّلى الجنازة‬
‫‪ ‬الباب الرابـــــع‪ :‬الـــــدفن‬

‫‪211‬‬
‫الباب األول‪ :‬ما يستحب أن يفعل بامليت عند االحتضار‬

‫تعريف املوت‬
‫الموت (لغة)‪ :‬ضد الحياة‪ ،‬والميت ما ال روح فيه‪.‬‬

‫الموت (شرعاً)‪ :‬هو انتقال الروح من عالم الدنيا إلى عالم اآلخرة‪ ،‬وهو مفارقة الروح للبدن قال تعالى {اللَهُ َي َتوَفَى الْأَنفُسَ حِينَ‬
‫َم ْو ِتهَا}(‪ )1‬أي حين موت أجسادها‪.‬‬

‫ما يستحب أن يفعل بامليت عند االحتضار وبعده‬

‫يستحب أن يلقن الميت عند االحتضار شهادة أن (ال إله إال اهلل) لحديث (لَقِنُوا َم ْوتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ)(‪ )2‬وحديث ( َمنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ‬
‫حيَاءً وَأَ ْموَاتًا)(‪ )4‬ولفظ (قبلتكم‬ ‫جنَةَ)(‪ ،)1‬ويستحب توجيه المحتضر إلى جهة القبلة لحديث (وَا ْ‬
‫ستِحْلَالُ ا ْل َبيْتِ الْحَرَامِ ِقبَْلتِكُمْ أَ ْ‬ ‫خلَ الْ َ‬
‫إِلَا اللَهُ‪ ،‬دَ َ‬
‫أحياء وأمواتاً) يدل على استحباب توجيه المحتضر إلى جهة القبلة لكي يأتيه الموت وهو مستقبل للقبلة‪ ،‬ويستحسن التعجيل بدفن الميت‬
‫بعد التيقن من موته لكي ال تتغير رائحته‪ ،‬أما في حالة الشك من موته فيجب االنتظار حتى يعلم يقيناً حالته من الحياة أو الموت كمن‬
‫يغرق بين الماء أومن تحصل له نوبة قلبية أو غيرها من األمراض التي ال يعرف عنها حالة المريض من الموت أو بقاء الحياة‪ ،‬وأما‬
‫حضَرَتْ وَالَْأيِمُ‬ ‫جنَا َزةُ ِإذَا َ‬
‫عنْ عَلِيِ ْبنِ َأبِي طَالِبٍ َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُ ثَلَاثٌ لَا ُتؤَخِرْهَا الصَلَاةُ ِإذَا آنَتْ وَالْ َ‬ ‫حديث ( َ‬
‫جدْتَ َلهَا كُفْئًا) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن الترمذي برقم (‪ )373‬وحديث (إني ال أرى طلحة إال قد حدث فيه الموت فآذنوني‬ ‫ِإذَا وَ َ‬
‫به وعجلوا فإنه ال ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين طهراني أهله) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪.)1359‬‬

‫أوليات الرباء بن معرور ‪‬‬


‫هو أول من استقبل القبلة عند موته‪.‬‬
‫هو أول من صلى عليه رسول اهلل صالة الجنازة على القبر‪.‬‬
‫هو أول من أوصى بثلث من تركته‪.‬‬
‫وجمهور المحدثين صححوا حديث البراء ابن معرور‪ ،‬واأللباني ضعف حديث البراء ‪.‬‬

‫‪ - 1‬الزمر ‪)42( :‬‬


‫‪2‬‬
‫ت أَبَا سَعِي ٍد الْخُدْرِيَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُولُ‬ ‫ن عُمَارَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب تلقين الموتى ال إله إال اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2120‬بلفظ (عن يَحْيَى بْ ُ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَقِنُوا مَوْتَاكُ ْم لَا إِلَ َه إِلَا اللَهُ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬التلقين‪ :‬تذكير من حضره الموت بشهادة التوحيد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كاب الجنائز‪ :‬باب في التلقين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3116‬بلفظ (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا‬
‫إِلَ َه إِلَا الَلهُ‪ ،‬دَخَ َل الْجَنَةَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب ماجاء في التشديد في أكل مال اليتيم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2574‬بلفظ (عَ ْ‬
‫اجْتَنِبُوا السَ بْعَ الْمُوبِقَاتِ‪ ،‬قِيلَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬وَمَا هُنَ؟ قَالَ‪ :‬الشِرْاُ بِاللَهِ‪ ،‬وَالسِحْرُ‪ ،‬وَقَتْلُ النَفْسِ الَ تِي حَرَمَ اللَهُ إِلَا بِالْحَقِ‪ ،‬وَأَكْلُ الرِبَا‪ ،،‬وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ‪ ،‬وَالتَوَلِي‬
‫يَوْمَ الزَحْفِ‪ ،‬وَقَذْفُ الْ مُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ‪ ،‬قَالَ أَبُو دَاوُد أَبُو الْغَيْثِ سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ حَدَثَنَا إِبْرَا هِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوْزَجَانِيُ حَدَثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ حَدَثَنَا‬
‫حَرْبُ بْنُ شَدَادٍ حَدَثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِ ي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَهُ حَدَثَهُ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَ ةٌ أَنَ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬مَا‬
‫الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ‪ :‬هُنَ تِسْعٌ‪ ،‬فَذَكَرَ مَعْنَاهُ زَادَ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ‪ ،‬وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) حسنه االلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الوصايا‪ ،‬ومسلم في اإليمان‪ ،‬والنسائي في الوصايا‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الموبقات‪ :‬الذنوب المهلكات‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬غسل امليت وتكفينه‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬حكم الغسّل‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬صفة الغسّل‬

‫‪213‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حكم الغسل‬

‫غسل الميت فرض كفاية على األحياء‬ ‫‪‬‬


‫فيمن يجب غسله من الموتى‬ ‫‪‬‬
‫في من يجوز أن يغسل الميت‬ ‫‪‬‬
‫جواز غسل الزوج زوجته والعكس‬ ‫‪‬‬
‫استحباب الغسل لمن غسل ميتا‬ ‫‪‬‬

‫‪214‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حكم الغسل‬

‫غسل امليت فرض كفاية على األحياء‬


‫الصحيح‪ :‬أن غسل الميت فرض كفاية على األحياء لحديث (اغْسِ ْل َنهَا ثَلَاثًا َأوْ خَمْسًا َأوْ أَ ْكثَرَ ِمنْ ذَِلكَ ِإنْ رََأ ْي ُتنَ ذَِلكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ‪ ،‬وَاجْعَلْنَ‬
‫ش ْيئًا ِمنْ كَافُورٍ)(‪ )3‬األمر للوجوب الكفائي الذي إذا قام به البعض سقط الوجوب عن الباقين‪ ،‬وألمر النبي ‪ ‬بغسل‬ ‫فِي الْآخِ َرةِ كَافُورًا َأوْ َ‬
‫صتْهُ‪،‬‬‫صتْهُ َأوْ قَالَ فََأوْ َق َ‬‫عنْ رَاحَِلتِهِ َفوَ َق َ‬
‫جلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ‪ِ ،‬إذْ وَقَعَ َ‬ ‫الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة فمات‪ ،‬في حديث ( َب ْينَمَا رَ ُ‬
‫حنِطُوهُ‪ ،‬وَلَا تُخَمِرُوا رَأْسَهُ‪ ،‬فَِإنَهُ ُيبْعَثُ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ‬ ‫سدْرٍ‪ ،‬وَكَ ِفنُوهُ فِي َث ْو َب ْينِ‪ ،‬وَلَا تُ َ‬
‫قَالَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَ ِ‬
‫مَُل ِبيًا)(‪ )2‬األمر بغسله يقتضي الوجوب‪.‬‬

‫فيمن جيب غسله من املوتى‬


‫يجب غسل كل مسلم ومسلمة يموت بأي سبب من أسباب الموت ويستثنى من وجوب الغسل شهيد المعركة الحربية مع الكافرين‪ ،‬وال فرق‬
‫بين صغير وكبير وذكر وأنثى‪ ،‬وأما شهيد المعركة الحربية مع الكافرين فال يجب تغسيله ألن الرسول ‪ ‬لم يغسل شهداء أُحُد‪ ،‬ولم يصل‬
‫عليهم‪ ،‬وأمر بدفنهم بدمائهم في حديث (فَأَمَرَ بِدَ ْف ِنهِمْ ِبدِمَا ِئهِمْ‪ ،‬وَلَمْ يُغَسِ ْلهُمْ)(‪ )1‬وأما من أطلق عليهم لفظ الشهيد في حديث (مَنْ ُق ِتلَ دُونَ‬
‫سبِيلِ اللَهِ‪،‬‬
‫سوَى الْ َق ْتلِ فِي َ‬‫سبْعٌ ِ‬ ‫شهِيدٌ)(‪ .)4‬وفي حديث (ال َ‬
‫شهَا َدةُ َ‬ ‫شهِيدٌ‪ ،‬وَ َمنْ ُق ِتلَ دُونَ أَهْلِهِ‪َ ،‬أوْ دُونَ دَمِهِ‪َ ،‬أوْ دُونَ دِينِهِ‪َ ،‬ف ُهوَ َ‬
‫مَالِهِ َف ُهوَ َ‬
‫شهِيدٌ‪،‬‬‫شهِيدٌ‪ ،‬وَاَلذِي يَمُوتُ تَحْتَ ا ْل َهدْمِ َ‬
‫شهِيدٌ‪َ ،‬وصَاحِبُ الْحَرِيقِ َ‬
‫شهِيدٌ‪ ،‬وَالْ َمبْطُونُ َ‬‫جنْبِ َ‬ ‫شهِيدٌ‪َ ،‬وصَاحِبُ ذَاتِ الْ َ‬ ‫شهِيدٌ‪ ،‬وَالْغَ ِرقُ َ‬ ‫الْمَطْعُونُ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫شهِيد) فهؤالء الذين أطلق عليهم رسول اهلل ‪ ‬لفظ الشهيد في الحديثين يجب تغسيلهم وتكفينهم والصالة عليهم‬ ‫وَالْمَرَْأةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ َ‬
‫ألنه م لم يموتوا في معركة حربية بين المسلمين والكافرين‪ ،‬ولهم فضلهم في ثواب الشهادة‪ ،‬ولكن وصفهم بلفظ الشهادة ال يرفع عن‬
‫األحياء وجوب تغسيلهم وتكفينهم والصالة عليهم‪ ،‬والصحابة رضي اهلل عنهم غسلوا عمر بن الخطاب ‪ ‬وكفنوه وصلوا عليه صالة‬
‫الجنازة‪ ،‬ألن قتله لم يكن في م عركة حربية‪ ،‬وإنما قتل في المسجد النبوي الشريف‪ ،‬والصحيح أن الموجب لرفع حكم الغسل هي الشهادة‬
‫على أيدي الكفار فقط‪.‬‬

‫يف من جيوز أن يغسل امليت‬


‫يجوز أن يغسل كل جنس جنسه فيجوز للرجال أن يغسلوا الرجل ويجوز للنساء أن يغسلن المرأة كما في حديث أمر النبي ‪ ‬للنساء أن‬
‫يغسلن ابنته حينما ماتت ولم يغسلها النبي ‪ ‬بنفسه‪ ،‬ألنه ال يجوز للرجل أن يغسل المرأة حتى ولو كانت قريبة له كابنته أو أمه أو أخته‬
‫أو عمته أو خالته أو جدته أو نحوها من النساء‪ ،‬والعكس‪ ،‬فال يجوز للمرأة أن تغسل الرجل ولو كان قريباً لها كابنها أو ابن ابنها أو أبيها‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب غسل الميت ووضوئه بالماءوالسدر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1253‬بلفظ (عَنْ أُ ِم عَطِيَةَ الْأَنْصَارِيَةِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬دَخَ َل‬
‫عَلَيْنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حِينَ تُوُفِيَتْ ابْنَتُهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ‪ ،‬وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ‬
‫ن فَآذِنَنِي‪ ،‬فَلَمَا فَرَغْنَا آذَنَاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ ،‬أَشْعِرْنَهَا إِيَا ُه تَعْنِي إِزَارَهُ)‪.‬‬ ‫شيئًا مِنْ كَافُورٍ‪ ،‬فَإِذَا فَرَغْتُ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في من مسند القبائل‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪.‬‬
‫حقوه‪ :‬المراد به اإلزار‪.‬‬ ‫الكافور‪ :‬مادة دهنية رائحتها عطرية‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ال سدر‪ :‬نوع من النبات يجفف ورقه ويستعمل في التنّظيف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الكفن في ثوبين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1265‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُماْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ‪ ،‬إِذْ وَقَعَ عَنْ‬
‫ث يَوْمَ الْقِيَامَةِ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اغْسِلُو ُه بِمَاءٍ وَ سِدْرٍ‪ ،‬وَكَفِنُو ُه فِي ثَوْبَيْنِ‪ ،‬وَلَا تُحَنِطُوهُ‪ ،‬وَلَا تُخَمِرُوا رَأْسَهُ‪ ،‬فَإِنَ ُه يُبْعَ ُ‬ ‫رَاحِلَتِ ِه فَوَقَصَتْ ُه أَ ْو قَا َل فَأَوْقَصَتْهُ‪ ،‬قَا َل النَبِ ُ‬
‫مُلَبِيًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪.‬‬
‫التخمير‪ :‬التغطية‪.‬‬ ‫الحنوط‪ :‬عطر يطيب به الميت‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الوقص‪ :‬كسر العنق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب من يقدم في الحد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1347‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ‪ :‬أَيُهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ‪ ،‬فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَمَهُ فِي اللَحْدِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‪ ،‬فَأَمَرَ‬
‫بِدَفْنِهِ ْم بِدِمَائِهِمْ‪ ،‬وَلَ ْم يُغَسِلْهُمْ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجنا ئز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب السنة‪ :‬باب في قتال اللصو ‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1173‬بلفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ‬
‫ن دَمِهِ‪ ،‬أَ ْو دُونَ دِينِهِ‪ ،‬فَهُ َو شَهِيدٌ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن أَهْلِهِ‪ ،‬أَوْ دُو َ‬‫فَهُ َو شَهِيدٌ‪ ،‬وَمَنْ قُتِلَ دُو َ‬
‫أخرجه الترمذي في الديات‪ ،‬والنسائي في تحريم الدم‪ ،‬وا بن ماجة في الحدود‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب فضل من مات في الطاعون‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3111‬بلفظ (عَنْ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَتِيكٍ وَهُوَ جَدُ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ أَبُو‬
‫أُمِهِ أَنَهُ أَخْبَ رَهُ أَنَ عَمَهُ جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْ دَ اللَهِ بْنَ ثَابِتٍ‪ ،‬فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ‪ ،‬فَصَاحَ بِهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمْ يُجِبْهُ‪ ،‬فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَبِيعِ‪ ،‬فَصَاحَ ال نِسْوَةُ وَبَكَيْنَ‪ ،‬فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِتُهُنَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬دَعْهُنَ‪ ،‬فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَ بَاكِيَةٌ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ‪ :‬الْمَوْتُ‪ ،‬قَالَتْ ابْنَتُهُ‪ :‬وَاللَهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا‪،‬‬
‫فَإِنَكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَاَ‪ ،‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى ال لَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَ اللَهَ عَزَ وَجَلَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَتِهِ‪ ،‬وَمَا تَعُدُونَ الشَهَادَةَ؟ قَالُوا‪ :‬الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَهِ‬
‫تَعَالَى‪ ،‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬الشَهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَهِ‪ ،‬الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ‪ ،‬وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ‪ ،‬وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ‪ ،‬وَالْمَبْطُونُ‬
‫ت بِجُمْ ٍع شَهِيدٌ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت الْهَدْ ِم شَهِيدٌ‪ ،‬وَالْمَرْأَ ُة تَمُو ُ‬
‫ت تَحْ َ‬‫ق شَهِيدٌ‪ ،‬وَالَذِي يَمُو ُ‬ ‫ب الْحَرِي ِ‬ ‫شَهِيدٌ‪ ،‬وَصَاحِ ُ‬
‫أخرجه النسائي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجنائز‪.‬‬
‫المبطون‪:‬‬ ‫ذات الجنب‪ :‬السل‪ ،‬أوذبول الجسم‪ ،‬أو قرحة في البطن‪.‬‬ ‫المطعون‪ :‬الذي يموت بمرض الطاعون‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العيادة‪ :‬الزيارة‪.‬‬
‫بجمع‪ :‬المرأة التي تموت في النفاس وولدها في بطنها‪.‬‬ ‫الذي مات بمرض البطن‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫أو جدها أو أخيها أو ابن أخيها أو عمها أو خالها أو غيره من الرجال‪ ،‬وال يستثنى من هذا الحكم أحد إال الزوجين‪ ،‬فيجوز للرجل أن‬
‫يغسل زوجته ويجوز للزوجة أن تغسل زوجها‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬تغليب النهي على األمر فإذا مات رجل بين نساء أو ماتت امرأة بين رجال وال يوجد بين الرجال امرأة تغسل المرأة‪ ،‬وال يوجد‬
‫بين النساء رجل يغسل الرجل فالصحيح‪ :‬أن الميت يدفن كما هو‪ ،‬وال يغسل وال ييمم ألن الواجب هو تغسيل الميت‪ ،‬وليس على استبدال‬
‫تغسيل الميت في حالة عدم وجود من يقوم بتغسيله من جنسه أنه ييمم بالتراب دليل ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪،‬‬
‫وقياسه على األحياء في انتقاله من طهارة الماء إلى التراب في حال تعذر استعمال الماء قياس ضعيف‪ ،‬ألنه ال وجوب على الميت بعد‬
‫موته بشيء لرفع التكليف عنه بالموت‪ ،‬ومشروعية طهارة التيمم بدالً عن الطهارة بالماء هي في حق األحياء خاصة‪.‬‬

‫جواز غسل الزوج زوجته والعكس‬


‫الصحيح‪ :‬جواز غسل الزوج زوجته وغسل الزوجة زوجها ألنه يجوز للزوج أن ينظر إلى عورة زوجته في حياتها وبعد موتها‪ ،‬ويجوز‬
‫للزوجة أن تنظر إلى عورة زوجها في حياته وبعد موته‪ ،‬لحديث (مَا ضَ َراِ َلوْ مِتِ َقبْلِي‪ ،‬فَقُمْتُ عََل ْيكِ‪ ،‬فَغَسَ ْل ُتكِ‪ ،‬وَكَ َفنْ ُتكِ‪َ ،‬وصََليْتُ عََل ْيكِ‪،‬‬
‫غيْرُ نِسَا ِئهِ)(‪ )2‬الصحيح‪ :‬أن المطلقة‬ ‫سلَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬ ‫َودَ َف ْنتُكِ)(‪ )3‬ولحديث (َلوْ ُكنْتُ اسْتَ ْقبَلْتُ ِمنْ أَمْرِي مَا ا ْ‬
‫س َت ْدبَرْتُ‪ ،‬مَا غَ َ‬
‫طالقا رجعيا إذا مات زوجها وهي في حال العدة فيجوز لها أن تغسل زوجها ألنها ال تزال زوجة له يحل لها أن ترثه ويرثها ويجوز له‬
‫مراجعتها قبل انقضاء عدتها‪ ،‬وال يجوز للمطلقة طالقًا بائناً أن تغسل مطلقها النقطاع الزوجية بينهما‪.‬‬

‫استحباب الغسل ملن غسل ميتا‬


‫(‪)1‬‬
‫سلْ‪ ،‬وَ َمنْ حَمَلَهُ فَ ْليَ َت َوضَأْ) الصارف لألمر باالغتسال إلى‬ ‫الصحيح‪ :‬أنه يستحب لمن غسَل ميتاً أن يغتسل لحديث ( َمنْ غَسَلَ الْ َميِتَ فَ ْليَ ْغتَ ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫االستحباب حديث (ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه‪ ،‬فإن ميتكم ليس بنجس‪ ،‬فحسبكم أن تغسلوا أيديكم) في الحديث‬
‫داللة على صرف األمر بغسل من غسل ميتاً من الوجوب إلى االستحباب‪ ،‬وإلجابة الصحابة على أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر‬
‫شدِيدُ ا ْلبَ ْردِ‪،‬‬
‫رضي اهلل عنهما فإنها لما غسلت أبا بكر ‪ ‬سألت من حضرها من المهاجرين واألنصار بقولها‪ِ ( :‬إنِي صَائِمَةٌ‪ ،‬وَِإنَ َهذَا َيوْمٌ َ‬
‫سلٍ؟ فَقَالُوا‪ :‬لَا)(‪ )5‬وح ديث أسماء بنت عميس رضي اهلل عنها صارف آخر لألمر من الوجوب إلى االستحباب إلجماع‬ ‫َف َهلْ عَلَيَ ِمنْ غُ ْ‬
‫الصحابة ألن الكثير منهم ال زالوا في المدينة المنورة حين موت أبي بكر ‪ ،‬والمراد بحمل الميت في الحديث هو من يحمل جثة الميت‬
‫بيده حمالً مباشراً لجسد وكفن الميت المغطى به جسم الميت سواء كان الحمل قبل تغسيل الميت أو بعد تغسيله‪ ،‬وليس على من يحمل‬
‫النعش الذي فوقه جثة الميت وضوء ألنه لم يلمس بيده بدن الميت وال لمس كفنه المغطى به جسده‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها‪ .‬حديث رقم (‪ )1206‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬رَجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ الْبَقِيعِ فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي‪ ،‬وَأَنَا أَقُولُ وَا رَأْسَاهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬بَ لْ أَنَا يَا عَائِشَةُ‪ ،‬وَا رَأْسَاهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬مَا ضَرَاِ لَوْ مِتِ قَبْلِي‪ ،‬فَقُمْتُ عَلَيْكِ‪،‬‬
‫ت عَلَيْكِ‪ ،‬وَدَفَنْتُكِ) حسنه االلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬ ‫فَغَسَلْتُ كِ‪ ،‬وَكَفَنْتُكِ‪ ،‬وَصَلَيْ ُ‬
‫انفرد به ابن ماجة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب في غسل الرجل إمرأته وغسل المرأة زوجها‪ .‬حديث رقم (‪ )1205‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬لَوْ كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ غَيْ ُر نِسَائِهِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫اسْتَدْبَرْتُ‪ ،‬مَا غَسَ َل النَبِ َ‬
‫أخرجه ابوداود في الجنائز‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ غَسَلَ‬ ‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب في الغسل من غسل الميت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3161‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَأْ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت فَلْيَغْتَسِلْ‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫الْمَيِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن البيهقي‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬بلفظ (ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه‪ ،‬فإن ميتكم ليس بنجس‪ ،‬فحسبكم أن تغسلوا أيديكم)صححه األلباني في‬
‫صحيح الجامع الصغير برقم (‪)5405‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬موطأ مالك‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب غسل الميت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 466‬بلفظ (وَحَدَثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ أَبِي بَكْر‪ ،‬أَنَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ‪ ،‬غَسَلَتْ أَبَا بَكْرٍ‬
‫ن الْمُهَاجِرِينَ‪ ،‬فَقَالَ تْ‪ ،‬إِنِي صَائِمَةٌ‪ ،‬وَإِنَ هَذَا يَوْ ٌم شَدِي ُد الْبَرْدِ‪ ،‬فَهَ ْل عَلَيَ مِنْ غُسْلٍ؟ فَقَالُوا‪ :‬لَا)‪.‬‬
‫ت مَنْ حَضَرَهَا مِ ْ‬
‫ن تُوُفِيَ‪ ،‬ثُمَ خَرَجَتْ‪ ،‬فَسَأَلَ ْ‬‫الصِدِيقَ حِي َ‬
‫انفرد به مالك‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬صفة الغسل‬

‫نزع القميص في الغسل‬ ‫‪‬‬


‫وضوء المــــــــيت‬ ‫‪‬‬
‫العدد في تغسيل الميت‬ ‫‪‬‬
‫حلق عانة الميت‬ ‫‪‬‬
‫الكفــــن‬ ‫‪‬‬
‫صفة المشي مع الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫اإلسراع في المشي بالجنازة‬ ‫‪‬‬
‫حمل الجنازة على الرجال المشيعين‬ ‫‪‬‬
‫القيام للجنازة‬ ‫‪‬‬

‫‪217‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬صفة الغسل‬

‫نزع القميص يف الغسل‬


‫سلَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬وَاللَهِ مَا َندْرِي‬ ‫الصحيح‪ :‬أن تغسيل الميت في ثيابه من خصائص النبي ‪ ‬لحديث (لَمَا أَرَادُوا غَ ْ‬
‫حتَى مَا‬ ‫ختَلَفُوا أَلْقَى اللَهُ عََل ْيهِمْ ال َنوْمَ َ‬
‫َأنُجَ ِردُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ِمنْ ِثيَابِهِ كَمَا نُجَ ِردُ َموْتَانَا أَمْ نَغْسِلُهُ َوعَلَيْهِ ِثيَابُهُ‪ ،‬فَلَمَا ا ْ‬
‫حيَةِ ا ْل َبيْتِ لَا َيدْرُونَ َمنْ ُهوَ‪َ ،‬أنْ اغْسِلُوا ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َوعَلَيْهِ ِثيَابُهُ‪،‬‬ ‫صدْ ِرهِ‪ ،‬ثُمَ كَلَ َمهُمْ مُكَلِمٌ ِمنْ نَا ِ‬
‫جلٌ إِلَا َوذَ ْقنُهُ فِي َ‬
‫ِم ْنهُمْ رَ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫صبُونَ الْمَاءَ َف ْوقَ الْقَمِيصِ َو ُيدَلِكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ َأ ْيدِيهِمْ)‬ ‫فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَ هِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَغَسَلُوهُ وَعََليْهِ قَمِيصُهُ‪َ ،‬ي ُ‬
‫عبارة (أنجرد رسول اهلل ‪ ‬من ثيابه كما نجرد موتانا) دليل على أن الصحابة كانوا يجردون موتاهم من ثيابهم عند تغسيل الميت‪ ،‬وبهذا‬
‫فالحديث دليل واضح في أنه تم تغسيل النبي صلى اهلل عليه وسلم في ثيابه‪ ،‬وأن الموتى من الصحابة رضي اهلل عنهم في حياته كانوا‬
‫يجردون من ثيابهم عند تغسيلهم بعد الموت‪ ،‬وبناء عليه فالمشروع تجريد الميت من ثيابه عند تغسيله وتغطية عورته أثناء الغسل‪ ،‬وعورة‬
‫الميت هي كعورة الحي يجب سترها‪ ،‬وبقية جسم الميت الرجل ليس بعورة فيجوز نظر الغاسلين إلى جسم الميت ما عدى منطقة العورة‬
‫التي يجب تغطيتها أثناء التغسيل‪ ،‬وبجوز نظر الغاسلة أوالغاسالت إلى جسم الميتة ماعدى منطقة العورة التي ما بين السرة والركبة التي‬
‫يجب تغطيتها أثناء التغسيل‪.‬‬

‫وضوء املــــــــيت‬
‫(‪)2‬‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يجب أن يبدأ الغاسل في تغسيل الميت بمواضع الوضوء لحديث (ا ْبدَ ْأنَ بِ َميَا ِم ِنهَا‪ ،‬وَ َموَاضِعِ ا ْل ُوضُوءِ ِم ْنهَا) ألن األمر‬
‫يقتضي الوجوب وهو البدء بميامين الميت أوالميتة‪ ،‬هذا الحديث تقييد لألمر المطلق بوجوب تغسيل الميت في حديث الذي وقصته ناقته‬
‫حنِطُوهُ‪ ،‬وَلَا تُخَمِرُوا رَأْسَهُ‪ ،‬فَِإنَهُ ُيبْعَثُ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ مَُل ِبيًا)(‪ )1‬وإذا جاء‬
‫سدْرٍ‪ ،‬وَكَ ِفنُوهُ فِي َث ْو َب ْينِ‪ ،‬وَلَا تُ َ‬
‫وهو واقف بعرفة ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَ ِ‬
‫دليل مطلق ودليل مقي د فيعمل بالمقيد ألن فيه زيادة والعمل بالزائد أوجب من العمل بالمطلق‪ ،‬وال يسمى غسل مواضع الوضوء وضوءً‬
‫للميت ألنه ال وجوب على الميت ال وضوء وال غسال وال صالة وال أي واجب من الواجبات الشرعية الواجبة على األحياء‪ ،‬وإنما هو‬
‫أمر لألحياء بالبدء في تغسيل الميت بمواضع الوضوء من جسمه وميامينه‪.‬‬

‫العدد يف تغسيل امليت‬


‫الصحيح‪ :‬أن اإلنسان مخير بين غسل الميت ثالث مرات أو خمس مرات أو سبع مرات بحسب ما يراه من الحاجة للغسل لحديث‬
‫ش ْيئًا مِنْ كَافُور)(‪ )4‬التعديد واجب‬
‫سدْرٍ‪ ،‬وَاجْعَ ْلنَ فِي الْآخِ َرةِ كَافُورًا أَوْ َ‬
‫(اغْسِ ْل َنهَا ثَلَاثًا َأوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ ِمنْ ذَِلكَ ِإنْ رََأ ْي ُتنَ ذَِلكَ بِمَاءٍ وَ ِ‬
‫ويكون العدد بحسب حاجة الميت ثالثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر إن احتاج إلى الزيادة وتكون الغسلة األخيرة وتراً‪ ،‬وأما قياس الميت على‬
‫سدْرٍ) الصحيح‪ :‬أنه إذا خرج من بطن‬ ‫الحي في الطهارة فهو قياس فاسد االعتبار لمصادمتة لنص(اغسلنها) ولنص (اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَ ِ‬
‫الميت شيء بعد تغسيله ال يعاد تغسيله ألن المسألة تعبدية وقد تم التغسيل‪ ،‬واألصل عدم مشروعية إعادة التغسيل‪.‬‬

‫حلق عانة امليت‬


‫الصحيح‪ :‬عدم جواز حلق عانة الميت لوجوه عدة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫األول‪ :‬ال يجوز حلق عانة الميت ألن حلق عانة الميت يستلزم لمس عورة الميت ولمس عورة الميت أو الحي حرام وما يؤدي إلى الحرام‬
‫فهو حرام‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن حلق عانة الميت يؤدي إلى نظر عورة الميت‪ ،‬والنظر إلى عورة الحي أو الميت حرام وما يؤدي إلى الحرام فهو حرام‪ ،‬وإذا‬
‫تعارض دليل التحريم مع دليل االستحباب فيقدم اجتناب فعل المحرم على فعل المستحب‪ ،‬هذا لو كان الفعل فعال مستحبا‪ ،‬أما حلق عانة‬
‫الميت فليس بمستحب بل هو حرام ألنه يستلزم لمس عورة الميت والنظر إليها وهما محرمان على الحي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب في ستر الميت عند غسله‪ .‬حد يث رقم (‪ ) 3141‬بلفظ (عن يَحْيَى بْنُ عَبَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَبَادِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ الزُبَيْرِ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫سَمِعْتُ عَائِشَةَ‪ ،‬تَقُولُ‪ :‬لَمَا أَرَادُوا غَسْلَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬وَاللَهِ مَا نَدْ رِي أَنُجَرِدُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِدُ مَوْتَانَا أَمْ‬
‫نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ‪ ،‬فَلَمَا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَهُ عَلَيْهِمْ النَوْمَ حَتَى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ‪ ،‬ثُمَ كَلَمَهُمْ مُكَلِمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ‪ ،‬أَنْ اغْسِلُوا النَبِيَ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ‪ ،‬فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَغَ سَلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ‪ ،‬يَصُبُونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيُدَلِكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ‬
‫ت مَا غَسَلَ ُه إِلَا نِسَاؤُهُ) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْ ُ‬ ‫ت مِ ْ‬‫ت عَائِشَ ُة تَقُولُ‪ :‬لَ ْو اسْتَقْبَلْ ُ‬ ‫أَيْ دِيهِمْ‪ ،‬وَكَانَ ْ‬
‫أخرجه احمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫استدبرت‪ :‬بدالي أخيراً‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬استقبلت‪ :‬بدالي أوالً‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب يبدأ بميامين الميت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1255‬بلفظ (عَنْ أُمِ عَطِيَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَهُنَ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ‪،‬‬
‫ن بِمَيَامِنِهَا‪ ،‬وَمَوَاضِ ِع الْوُضُوءِ مِنْهَا)‪.‬‬ ‫ابْدَأْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في ما جاء في الجنائز‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1267‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أم عطية برقم (‪.)1253‬‬
‫‪218‬‬
‫الثالث‪ :‬الميت قد انقطع التكليف عنه فليس مكلفاً بشيء من التكاليف الشرعية التي كان مكلفاً بها في حياته ألن الموت قد قطع عنه كل‬
‫التكاليف الشرعية‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬األحياء مكلفون بما ورد فيه الدليل الشرعي من تلقين المحتضر الشهادتين وتغسيل الميت وتكفينه والصالة عليه ودفنه‪ ،‬وال دليل‬
‫على مشروعية حلق عانة الميت‪ ،‬ألن األصل عدم تكليف األحياء بشيء إال ما ورد فيه الدليل الشرعي الصحيح الصريح‪ ،‬الصحيح‪ :‬عدم‬
‫مشروعية عصر بطن الميت قبل تغسيله وإن كان يستحسن إمرار يد الغاسل برفق على بطن الميت قبل الشروع في التغسيل إلخراج ما‬
‫في بطن الميت من األذى‬

‫الكفــــن‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يجزئ في الكفن الثوب الواحد الذي يستر البدن لحديث (هَاجَ ْرنَا مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ نَ ْلتَمِسُ وَجْهَ اللَهِ‪َ ،‬فوَقَعَ‬
‫حدٍ فَلَمْ‬ ‫ش ْيئًا‪ِ ،‬م ْنهُمْ ُمصْعَبُ ْبنُ عُ َميْرٍ‪ ،‬وَ ِمنَا مَنْ َأ ْينَعَتْ لَهُ ثَمَ َرتُهُ َف ُهوَ َي ْه ِد ُبهَا‪ُ ،‬ق ِتلَ َيوْمَ أُ ُ‬
‫أَجْ ُرنَا عَلَى اللَهِ‪ ،‬فَ ِمنَا َمنْ مَاتَ لَمْ يَأْ ُكلْ ِمنْ أَجْ ِرهِ َ‬
‫ط ْينَا رِجَْليْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ‪ ،‬فَأَمَ َرنَا ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ َأنْ نُغَطِيَ‬ ‫ط ْينَا ِبهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ‪ ،‬وَِإذَا غَ َ‬ ‫جدْ مَا نُكَ ِفنُهُ إِلَا بُ ْر َدةً‪ِ ،‬إذَا غَ َ‬
‫نَ ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫رَأْسَهُ‪ ،‬وََأنْ نَجْ َعلَ عَلَى رِجَْليْهِ ِمنْ الِْإذْخِرِ) في الحديث دليل على جواز أن يكون الكفن ثوباً واحداً‪ ،‬ويستحب أن يكون وتراُ ألن رسول‬
‫اهلل ‪ ‬كٌفن في ثالثة أثواب سحوليه لحديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَم‪ ،‬كُ ِفنَ فِي ثَلَاثَةِ َأ ْثوَابٍ يَمَا ِنيَةٍ بِيضٍ سحوليه مِنْ‬
‫كُرْسُفٍ‪َ ،‬ليْسَ فِي ِهنَ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ)(‪ )2‬ويجوز أن يكون الكفن من أي لون واألفضل األبيض لحديث (ا ْلبَسُوا ِمنْ ثِيَابِكُمْ ا ْلبَيَاضَ‪ ،‬فَِإنَهَا‬
‫خيْرِ ِثيَابِكُمْ‪ ،‬وَكَ ِفنُوا فِيهَا مَ ْوتَاكُمْ)(‪ )1‬والمُحرِم إذا مات فإنه يكفن في ثوبي إحرامه وال يُغطى رأسه وال يُطيب ال بدنه وال كفنه ألنه‬ ‫ِمنْ َ‬
‫يبعث يوم القيامة ملبياً لكونه يبقى محرما إلى يوم القيامة‪ ،‬والمرأة المحرمة إذا ماتت وهي محرمة بحج أو بعمرة فتكفن وال يغطى وجهها‬
‫وال كفيها لكونها محرمة‪ ،‬وحديث الذي وقصته ناقته وهو محرم واقف بعرفة في حجة الوداع ليس خاصاً به وإنما هو عام لكل من يموت‬
‫محرماً ألن األصل هو حمل أحاديث النبي ‪ ‬على العموم وال تحمل على الخصوص إال بدليل من النبي ‪ ‬ينص على الخصوصية مثلما‬
‫خص النبي ‪ ‬شهادة (خزيمة بن ثابت ) بشهادتين‪ ،‬وإذا كفن ميت ولم يكفه الكفن لتغطية جسده كله فإنه يكمل تكفينه من الشجر إذا لم‬
‫يوجد ما يكمل به كفنه من القماش‪ ،‬ويقدم الرأس في التغطية ألنه أفضل من الرجلين‪ ،‬لحديث تكفين مصعب بن عمير رضي اهلل عنه بلفظ‬
‫ط ْينَا رِجْ َليْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ‪ ،‬فَأَمَ َرنَا ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫جدْ مَا نُكَ ِفنُهُ إِلَا بُ ْر َدةً‪ِ ،‬إذَا غَطَ ْينَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ‪ ،‬وَِإذَا غَ َ‬
‫حدٍ فَلَمْ نَ ِ‬
‫( ُق ِتلَ َيوْمَ أُ ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫وَسَلَمَ َأنْ نُغَطِيَ رَأْسَهُ‪ ،‬وََأنْ نَجْ َعلَ عَلَى رِجْ َليْهِ ِمنْ الْإِذْخِر) وأما شهيد المعركة الحربية مع الكافرين فيكفن في ثيابه التي استشهد فيها‬
‫صلَ عََليْهِمْ)(‪ )5‬وحديث (زملوهم في ثيابهم)(‪ ،)6‬الكفن من الواجبات الكفائية على‬ ‫لحديث (وَأَمَرَ ِبدَ ْف ِنهِمْ فِي دِمَائِهِمْ‪ ،‬وَلَمْ يُغَسَلُوا‪ ،‬وَلَمْ ُي َ‬
‫األحياء وقيمته تخرج من رأس تركة الميت‪ ،‬وإذا مات شخص ال يمتلك قيمة الكفن فيجب على األحياء تكفينه‪ ،‬وإذا قام بالتكفين البعض‬
‫سقط الوجوب عن اآلخرين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب إذا لم يجد كفنا إال مايواري به رأسه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1276‬بلفظ (عن خَبَابٌ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَاجَرْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ نَلْ تَمِسُ وَجْهَ اللَهِ‪ ،‬فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَهِ‪ ،‬فَمِنَا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا‪ ،‬مِنْهُمْ مُ صْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ‪ ،‬وَمِنَا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا‪ ،‬قُتِلَ‬
‫يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِنُ هُ إِلَا بُرْدَةً‪ ،‬إِذَا غَطَيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ‪ ،‬وَإِذَا غَطَيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ‪ ،‬فَأَمَ رَنَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ نُغَطِيَ رَأْسَهُ‪ ،‬وَأَنْ‬
‫ن الْإِذْخِرِ)‪.‬‬
‫نَجْعَ َل عَلَى رِجْلَيْ ِه مِ ْ‬
‫أخ رجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في المناقب‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المناقب‪ ،‬المغاوي‪.‬‬
‫اإلذخر‪ :‬نبات طيب الرائحة‪.‬‬ ‫البرد‪ :‬رداء يلبس فوق الثياب أوكساء مخطط‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أينعت‪ :‬نضجت‪ .‬يهدبها‪ :‬يقطعها ويجتنيها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الثياب البيض للكفن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1264‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ ،‬كُفِنَ‬
‫ن قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ)‪.‬‬ ‫ض سَحُولِيَ ٍة مِنْ كُرْسُفٍ‪ ،‬لَيْسَ فِيهِ َ‬ ‫ب يَمَانِيَ ٍة بِي ٍ‬ ‫فِي ثَلَاثَ ِة أَثْوَا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫ومالك في الجنائز‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الكرسف‪ :‬القطن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب اللباس‪ :‬باب في البياض‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1236‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِ ُكمْ‬
‫الْبَيَاضَ‪ ،‬فَإِنَهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ‪ ،‬وَكَفِنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ‪ ،‬وَإِ نَ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَر‪ ،‬وَيُنْبِتُ الشَعْرَ)‪ .‬صححه األلباني في صحيح الجامع الصغير برقم‬
‫(‪.)1236‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في ومن مسند تبي هاشم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬األثمد‪ :‬أجود أنواع الكحل‪ .‬يجلو‪ :‬يحسن ويقوي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث خباب رضي اهلل عنه برقم (‪.)1267‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب من يقدم في اللحد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1347‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬يَجْمَعُ بَيْنَ الرَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِد‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ‪ :‬أَيُهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْ قُرْآنِ‪ ،‬فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَمَهُ فِي اللَحْدِ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ‬
‫الْقِيَامَةِ‪ ،‬وَأَمَ َر بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ‪ ،‬وَلَ ْم يُغَسَلُوا‪ ،‬وَلَ ْم يُصَلَ عَلَيْهِمْ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب مواراة الشهيد في دمه حديث رقم (‪ ) 2001‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ‪ ،‬قَال‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لِقَتْلَى‬
‫أُحُدٍ‪ ،‬زَمِلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ‪ ،‬فَإِنَهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ فِي اللَهِ إِلَا يَأْتِي يَ وْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى‪ ،‬لَوْنُهُ لَوْنُ الدَمِ‪ ،‬وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫الكلم‪ :‬الجرح‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬زمله‪ :‬غطاه ولفه‪.‬‬
‫‪219‬‬
‫صفة املشي مع اجلنازة‬
‫جنَا َزةِ‪ ،‬وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا‬
‫الصحيح‪ :‬أن المشي أمام الجنازة أو خلفها أو عن يمينها أو يسارها سواء لحديث (الرَاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْ َ‬
‫عنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا ِم ْنهَا ِ)(‪ )3‬في الحديث دليل على أن الراكب يكون بعيداً عن الجنازة متأخراً عنها كثيراً ألن النبي‬ ‫عنْ يَمِي ِنهَا َو َ‬
‫وَأَمَا َمهَا َو َ‬
‫‪ ‬لم يركب أثناء تشييع الجنازة والركوب بالسيارات أو الحيوانات أو نحوها يتنافى مع الحكمة من االتعاظ واالعتبار من رحلة الموت‬
‫واالنتقال من دار الدنيا الفانية إلى دار اآلخرة الباقية‪ ،‬والركوب يمثل تكبر وتعالي المشيع الراكب ولذا إذا شيع أحد راكباً فيكون متأخراً‬
‫كثيراً عن الجنازة‪.‬‬

‫اإلسراع يف املشي باجلنازة‬


‫سوَى ذَلِكَ‪ ،‬فَشَرٌ‬ ‫جنَا َزةِ‪ ،‬فَ ِإنْ َتكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُ َقدِمُو َنهَا‪ ،‬وَِإنْ َيكُ ِ‬
‫يشرع اإلسراع في المشي بالجنازة إلى المقبرة لحديث (أَسْ ِرعُوا بِالْ ِ‬
‫عنْ رِقَابِكُمْ)(‪ )2‬الحديث دليل على مشروعية اإلسراع في المشي بالجنازة أي جنازة ألن (األلف والالم) في لفظ (الْ ِ‬
‫جنَا َزةِ) تفيد‬ ‫َتضَعُونَهُ َ‬
‫العموم‪ ،‬أما المراسيم التي أحدثت في تشييع بعض الزعماء من عزف الموسيقي والمشي ببطء ومشي مجموعات من العسكريين بما يسمى‬
‫الخطوة البطيئة فهذه بدع ال أصل لها في الشرع بل فيها مخالفة ألمر الرسول ‪ ‬باإلسراع في المشي في تشييع الجنازة إلى المقبرة‪ ،‬ومن‬
‫البدع التي أحدثت عند موت بعض الزعماء ما يسمى بتنكيس اإلعالم وإعالن الحداد لمدة أيام معينة فكلها أعراف توافدت على بلدان‬
‫المسلمين وليست من اإلسالم في شيء بل هي منكرات تخالف التعاليم اإلسالمية‪ ،‬ومن البدع المحدثة بدعة إقامة حفالت التأبين بعد موت‬
‫الميت لإلنشاد عليه ومدحه وتمجيده بما هو فيه وبما ليس فيه وقد نهى النبي ‪ ‬عن النعي‪ ،‬والنهى يفيد التحريم‪ ،‬من األحاديث في تحريم‬
‫النعي (أَ ْربَعٌ فِي أُ َمتِي ِمنْ أَمْرِ الْجَاهِِليَةِ لَا َيتْرُكُو َن ُهنَ‪ ،‬الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ‪ ،‬وَالطَ ْعنُ فِي الَْأنْسَابِ‪ ،‬وَاالستسقاء بِالنُجُومِ‪ ،‬وَال ِنيَاحَةُ‪ ،‬وَقَال‪:‬‬
‫النَائِحَةُ ِإذَا لَمْ َتتُبْ َق ْبلَ َم ْو ِتهَا تُقَامُ َيوْمَ الْقِيَامَةِ َوعََل ْيهَا سِ ْربَالٌ ِمنْ قَطِرَانٍ َودِ ْرعٌ ِمنْ جَرَبٍ)(‪ )1‬وجعل النبي صلى اهلل غليه وسلم النياحة‬
‫من أمر الجاهلية التي جاء اإلسالم بمخالفتها يفيد تحريم النياحة‪ ،‬وحديث (فَاحْثُ فِي أَ ْفوَا ِه ِهنَ التُرَابَ)(‪ )4‬فيه مبالغة في الزجر والنهي عن‬
‫النياحة ألن النياحة على الميت محرمة بكل أنواعها وأشكالها فإذا كان الحديث يحرم نياحة امرأة فباألولى نياحة مؤسسة أو دولة أو هيئة‬
‫أو غيرها‪ ،‬وقد مات رس ول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وهم أفضل الحاكمين في تاريخ البشرية كله ولم يحدث في موت‬
‫أي منهم أي بدعة من هذه البدع التي حدثت في تشييع جنائز الحاكمين في هذا العصر سواء من حيث الخطوة البطيئة أو إعالن الحداد‬
‫الرسمي أو تنكيس األعالم أو إقامة حفالت تأبين أو غيرها من البدع المستحدثة وهي كلها من الضالل ال من الهدى لحديث (كل بدعة‬
‫ضاللة)(‪.)5‬‬

‫محل اجلنازة على الرجال املشيعني‬


‫األصل المشروع هو حمل الجنازة على أكتاف الرجال المشيعين إلى المقبرة وتشييع الجنازة مشروع ويكون المشيعون ماشين على األقدام‬
‫غ ْيرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ‪ :‬يَا َويَْلهَا‪،‬‬
‫عنَا ِقهِمْ‪ ،‬فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ‪َ :‬قدِمُونِي‪ ،‬وَِإنْ كَانَتْ َ‬
‫حتَمََلهَا الرِجَالُ عَلَى َأ ْ‬
‫جنَا َزةُ وَا ْ‬
‫لحديث (ِإذَ ا ُوضِعَتْ الْ ِ‬

‫‪1‬‬
‫ي‬‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب المشي أمام الجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3150‬بلفظ (عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَأَحْسَبُ أَنَ أَهْلَ زِيَادٍ أَخْبَرُونِي أَنَهُ رَفَعَهُ إِلَى النَبِ ِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الرَاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ‪ ،‬وَالْمَاشِي يَمْشِي خَ لْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا‪ ،‬وَالسِقْطُ يُصَلَى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ‬
‫بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَحْمَةِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب السرعة بالجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 13115‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ك سِوَى ذَلِكَ‪ ،‬فَشَ ٌر تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ)‪.‬‬ ‫ن يَ ُ‬
‫ك صَالِحَةً فَخَيْ ٌر تُقَدِمُونَهَا‪ ،‬وَإِ ْ‬ ‫ن تَ ُ‬
‫أَسْرِعُوا بِالْجِنَ ازَةِ‪ ،‬فَإِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الجنائز‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب التشديد في النياحة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2157‬بلفظ (عن يَحْيَى أَنَ زَيْدًا حَدَثَهُ أَنَ أَبَا سَلَامٍ حَدَثَهُ أَنَ أَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَ حَدَثَهُ‪ ،‬أَنَ‬
‫النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْ هِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَرْبَعٌ فِي أُمَتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَ‪ ،‬الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ‪ ،‬وَالطَعْنُ فِي الْأَنْسَابِ‪ ،‬وَاالستسقاء بِالنُجُومِ‪ ،‬وَالنِيَاحَةُ‪ ،‬وَقَال‪:‬‬
‫ع مِنْ جَرَبٍ)‪.‬‬ ‫ن قَطِرَانٍ وَدِرْ ٌ‬ ‫ب قَبْ َل مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِ ْ‬
‫النَائِحَ ُة إِذَا لَ ْم تَتُ ْ‬
‫أخرجه ابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫القطران‪ :‬مادة سوداء لزجة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النياحة‪ :‬البكاء بصوت مع ترديد عبارات السخط‪ .‬سربال‪ :‬ثوب طويل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب التشديد في النياحة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2155‬بلفظ (أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬تَقُولُ‪ :‬لَمَا جَاءَ قَتْلُ‬
‫ن نِسَاءَ‬ ‫ن شَقِ الْبَابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬إِ َ‬ ‫ف فِي ِه الْحُزْنُ‪ ،‬وَأَنَا أَطَلِ ُع مِ ْ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يُعْرَ ُ‬ ‫س النَبِ ُ‬
‫زَيْ ِد بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَ ٍر وَعَبْ ِد اللَ ِه بْنِ رَوَاحَةَ‪ ،‬جَلَ َ‬
‫جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَ‪ ،‬فَذَهَبَ الرَجُلُ‪ ،‬ثُمَ أَتَى فَقَالَ‪ :‬قَدْ نَهَيْتُهُنَ وَذَكَرَ أَنَهُنَ لَمْ يُطِعْنَهُ‪ ،‬فَأَمَرَهُ الثَانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَ فَذَهَبَ ثُمَ أَتَى فَقَالَ‪ :‬وَاللَهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي‬
‫ت‬‫أَوْ غَلَبْنَنَا الشَكُ مِنْ مُحَمَدِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ حَوْشَبٍ‪ ،‬فَ زَعَمَتْ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَ التُرَابَ‪ ،‬فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَهُ أَنْفَكَ‪ ،‬فَوَاللَهِ مَا أَنْ َ‬
‫ن الْعَنَاءِ)‬
‫بِفَاعِلٍ‪ ،‬وَمَا تَرَكْتَ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم مِ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫العناء‪ :‬التعب والمشقة‪.‬‬ ‫أرغم اهلل أنفك‪ :‬ألصقه بالتراب إهانة وإذالالً‪.‬‬ ‫شق الباب‪ :‬الموضع الذي ينّظر منه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب تخفيف الصالة والخطبة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1435‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَهِ ‪ ‬إِذَا خَطَبَ احْمَرَتْ عَيْنَاهُ‬
‫وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَ غَضَبُهُ حَتَى كَأَنَهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَ قُولُ صَبَحَكُمْ وَمَسَاكُمْ وَيَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَبَابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ أَمَا بَعْدُ فَإِنَ‬
‫خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَدٍ وَشَرُ الْأُمُو رِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ثُمَ يَقُولُ أَنَا أَوْلَى بِكُلِ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَاَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَاَ دَيْنًا‬
‫ي وَعَلَيَ)‪.‬‬ ‫أَ ْو ضَيَاعًا فَإِلَ َ‬
‫أخرجه النسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأبو داود في الخراج واإلمارة وا لفيء‪ ،‬وابن ماجة في المقدمة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في المقدمة‪.‬‬
‫‪211‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فيه دليل على أن حمل الجنازة مشروع للرجال ال للنساء‬ ‫ص ْو َتهَا ُكلُ شَيْءٍ إِلَا الِْإنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَ ُه صَ ِعقَ)‬
‫َأ ْينَ َيذْ َهبُونَ ِبهَا‪ ،‬يَسْمَعُ َ‬
‫ويجوز حمل الجنازة على السيارة إلى المقبرة للضرورة أو الحاجة‪.‬‬

‫القيام للجنازة‬
‫كان في أول اإلسالم يشرع لمن كان غير مشيع للجنازة ممن هم على جنبات الطريق ممن تمر عليهم الجنازة القيام لها ويظلون واقفين‬
‫جنَا َزةً‪ ،‬فَِإنْ لَمْ يَ ُكنْ مَاشِيًا مَ َعهَا‪ ،‬فَ ْليَقُمْ حَتَى يُخَلِ َفهَا َأوْ تُخَلِفَهُ أَوْ‬
‫حدُكُمْ ِ‬
‫حتى تخلفهم أو توضع من على أعناق المشيعين لحديث ( ِإذَا رَأَى أَ َ‬
‫تُوضَعَ ِمنْ َق ْبلِ َأنْ تُخَلِفَهُ)(‪ )2‬ثم نسخ األمر بالقيام لها لمن لم يكن مشيعاً وبقي األمر بالقيام في حق من يشيعها فال يجلس بعد وصول‬
‫حتَى‬‫جنَا َزةَ فَقُومُوا‪ ،‬فَ َمنْ َتبِ َعهَا فَلَا يَقْ ُعدْ َ‬ ‫الجنازة إلى المقبرة قبل أن توضع من على أعناق المشيعين إلى األرض لحديث ( ِإذَا رََأ ْيتُمْ الْ َ‬
‫تُوضَعَ)(‪ ،)1‬ومن األدلة على نسخ القيام للجنازة لمن لم يكن ماشياً معها حديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَقُومُ‪ :‬فِي الْ َ‬
‫جنَازَةِ‬
‫حبْرٌ ِمنْ ا ْل َيهُودِ فَقَال‪ :‬هَ َكذَا نَفْ َعلُ‪ ،‬فَجَلَسَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَقَالَ‪ :‬اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ)(‪ )4‬وحديث‬ ‫حدِ‪ ،‬فَمَرَ بِهِ َ‬
‫حتَى تُوضَعَ فِي اللَ ْ‬
‫َ‬
‫(‪)5‬‬
‫(قام رسول اهلل ‪ ‬ثم قعد) ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب حمل الرجال الجنازة دون النساء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1314‬بلفظ (عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِ عَنْ أَبِيهِ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِ َ‬
‫ي‬
‫رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا ال رِجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ‪ ،‬فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ‪ :‬قَدِمُونِي‪ ،‬وَإِنْ كَانَتْ غَيْ َر‬
‫ن بِهَا‪ ،‬يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُ ُل شَيْ ٍء إِلَا الْإِنْسَانَ وَلَ ْو سَمِعَ ُه صَعِقَ)‪.‬‬ ‫ن يَذْهَبُو َ‬ ‫صَالِحَ ٍة قَالَتْ‪ :‬يَا وَيْلَهَا‪ ،‬أَيْ َ‬
‫أخرجه النسائي في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب متى يقعد إذا قام للجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ )1305‬بلفظ (عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن تُخَلِفَهُ)‪.‬‬
‫ن مَاشِيًا مَعَهَا‪ ،‬فَلْيَقُ ْم حَتَى يُخَلِفَهَا أَ ْو تُخَلِفَهُ أَ ْو تُوضَعَ مِنْ قَبْ ِل أَ ْ‬ ‫قَالَ‪ :‬إِذَا رَأَى أَحَدُكُ ْم جِنَازَةً‪ ،‬فَإِنْ لَ ْم يَكُ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب من تبع جنازة فال يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال‪ .‬حديث رقم (‪ )1310‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪،‬‬
‫ن تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُ ْد حَتَى تُوضَعَ)‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا رَأَيْتُ ْم الْجَنَازَ َة فَقُومُوا فَمَ ْ‬ ‫ن النَبِ ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الج نائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب القيام للجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3176‬بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَامِتِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُومُ‪ :‬فِي‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَقَالَ‪ :‬اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ)‪.‬‬ ‫س النَبِ ُ‬‫ن الْيَهُودِ فَقَال‪ :‬هَكَذَا نَفْعَلُ‪ ،‬فَجَلَ َ‬ ‫الْجَنَازَةِ حَتَ ى تُوضَعَ فِي اللَحْدِ‪ ،‬فَمَ َر بِهِ حَبْ ٌر مِ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪.‬‬
‫الحبر‪ :‬العالم‪ ،‬أوعالم اليهود‪.‬‬ ‫ماني األلفاظ‪ :‬اللحد‪ :‬حفرة مائلة داخل القبر يوض ع فيها الميت‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب نسخ القيام للجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2224‬بلفظ (عن وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُ أَنَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَ‬
‫ن نَافِعَ‬ ‫ث بِذَلِكَ لِأَ َ‬
‫ن رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَا َم ثُ َم قَعَدَ‪ ،‬وَإِنَمَا حَدَ َ‬ ‫ن الْجَنَائِ ِز إِ َ‬
‫ن أَبِي طَالِبٍ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬فِي شَأْ ِ‬ ‫ي بْ َ‬
‫ي أَخْبَرَ ُه أَنَهُ سَمِعَ عَلِ َ‬ ‫ن الْحَكَ ِم الْأَنْصَارِ َ‬
‫مَسْعُو َد بْ َ‬
‫ت الْجَنَازَةُ)‪.‬‬ ‫ن جُبَيْرٍ رَأَى وَاقِ َد بْنَ عَمْرٍو قَامَ حَتَى وُضِعَ ْ‬ ‫بْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬ومالك‬
‫في الجنائز‪.‬‬
‫‪211‬‬
‫البـــاب الثالث‪ :‬الصالة على اجلنازة‬

‫‪ ‬عدد التكبيرات في صالة الجنازة‬


‫رفع اليدين في تكبيرات صالة الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫الصالة على الغائب‬ ‫‪‬‬
‫القراءة في صالة الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫كيفية صالة الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫من يفوته بعض التكبيرات في صالة الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫أين يقوم اإلمام في صالة الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫الصالة على القبر‬ ‫‪‬‬
‫من يصلى عليه‬ ‫‪‬‬
‫ال يصلي على شهداء المعركة الحربية مع الكافرين‬ ‫‪‬‬
‫الصالة على الطفل‬ ‫‪‬‬
‫أطفال المشركين‬ ‫‪‬‬
‫األولى بالتقدم لصالة الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫الصالة على بعض الجسد‬ ‫‪‬‬
‫وقت الصالة علي الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫مواضع صالة الجنازة‬ ‫‪‬‬
‫شروط الصالة على الجنازة‬ ‫‪‬‬

‫‪212‬‬
‫البــــــاب الثالث‪ :‬الصالة على اجلنازة‬

‫عدد التكبريات يف صالة اجلنازة‬


‫الصحيح‪ :‬أن عدد تكبيرات صالة الجنازة أربع تكبيرات لحديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬نَعَى النَجَاشِيَ فِي ا ْل َيوْمِ الَذِي مَاتَ‬
‫ش ِهدَ ال َنبِيَ صَلَى‬ ‫فِيهِ‪ ،‬وَخَرَجَ ِبهِمْ إِلَى الْ ُمصَلَى َفصَفَ ِبهِمْ‪ ،‬وَ َكبَرَ عََليْهِ أَ ْربَعَ تَ ْكبِيرَاتٍ)(‪ )3‬وكبر أربعاً على قبر منبوذ لحديث (أَ ْ‬
‫خبَ َرنِي َمنْ َ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َأتَى عَلَى َقبْرٍ َم ْنبُوذٍ‪َ ،‬فصَ َفهُمْ وَ َكبَرَ أَ ْربَعًا)(‪ )2‬هذه الصفة لصالة الجنازة هي التي داوم عليها رسول اهلل ‪ ‬حتى توفاه اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬وأما حديث زيد بن أرقم فهو دليل على أن التكبيرات أربع حيث كان يكبر أربع تكبيرات في صالة الجنازة‪ ،‬وأنه في مرة واحدة‬
‫من المرات صلى بهم خمس تكبيرات‪ ،‬وال يصح إيثاراالستدالل بالمرة الواحدة على المرات الكثيرة ال سيما وقد قال العلماء‪ :‬بأن الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم واظب على أربع تكبيرات من بعد صالته على النجاشي حتى توفاه اهلل تعالى‪ ،‬لفظ حديث زيد بن أرقم (كَانَ َز ْيدٌ يُ َكبِرُ‬
‫جنَا َزةٍ خَمْسًا‪ ،‬فَسَأَ ْلتُهُ فَقَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ يُ َكبِرُهَا)(‪ )1‬لعل المراد بقول زيد بن‬
‫جنَائِ ِزنَا أَ ْربَعً ا‪ ،‬وَِإنَهُ َكبَرَ عَلَى َ‬
‫عَلَى َ‬
‫أرقم ‪( ‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يكبرها) أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان يكبر الخامسة في أول اإلسالم قبل صالته‬
‫على النجاشي‪ ،‬وحينما تعارض هذه الزيادة في الحديث الروايات المتفق عليها عند البخاري ومسلم المثبتة لألربع تكبيرات في صالة‬
‫الجنازة فيجب تقديم الروايات المتفق عليها على ما انفرد به مسلم ألن المتفق عليه هو األصح والعمل باألصح هو األحب إلى اهلل تعالى‪.‬‬

‫رفع اليدين يف تكبريات صالة اجلنازة‬


‫جنَا َزةٍ‪،‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن رفع اليدين في صالة الجنازة ال يكون إال عند تكبيرة اإلحرام لحديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَبَرَ عَلَى َ‬
‫فَرَفَعَ َي َديْهِ فِي َأ َولِ تَ ْكبِي َرةٍ‪َ ،‬و َوضَعَ ا ْليُ ْمنَى عَلَى ا ْليُسْرَى)(‪ )4‬وال يوجد دليل على رفع اليدين في غير تكبيرة اإلحرام في صالة الجنازة ال‬
‫من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره ال في حديث صحيح وال حسن‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن الرفع في تكبيرات الجنازة غير مشروع وال‬
‫يصح قياس التكبيرات الثالث على تكبيرة اإلحرام ألن القياس في العبادات غير مشروع‪.‬‬

‫الصالة على الغائب‬


‫الصحيح‪ :‬أن صالة الجنازة على الميت الغائب تشرع على ميت مات في أرض كفرية ال يوجد فيها مسلمون يصلون عليه صالة الجنازة‬
‫مثلما صلى النبي ‪ ‬على النجاشي ملك الحبشة ألنه مات في أرض كفرية ال يوجد فيها مسلمون يصلون عليه لحديث (نَعَى ال َنبِيُ صَلَى‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ إِلَى َأصْحَابِهِ النَجَاشِيَ‪ ،‬ثُمَ تَ َقدَمَ َفصَفُوا خَلْفَهُ فَ َكبَرَ أَ ْربَعًا)(‪ )5‬أما من مات في أرض إسالمية فيها مسلمون يصلون عليه‬
‫صالة الجنازة فال يصلي عليه صالة الغائب ألن كثيراً من المسلمين الذين ماتوا في أيام النبي صلى اهلل عليه وسلم في غيرالمدينة لم يصل‬
‫عليهم النبي صلى اهلل عليه وسلم صالة الغائب ولو كانت صالة الجنازة على من مات في أرض إسالمية فيها مسلمون يصلون عليه‬
‫مشروعة لنقل بالتواتر صالة النبي صلى اهلل عليه وسلم على كثير ممن ماتوا في حياته صلى اهلل عليه وسلم في غير المدينة المنورة‪.‬‬

‫القراءة يف صالة اجلنازة‬


‫(‪)6‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن قراءة الفاتحة شرط لصحة صالة الجنازة لحديث (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ) ولفظ (صَلَاةَ) في الحديث نكرة في‬
‫سياق النفي تفيد العموم أي تعم كل صالة‪ ،‬وصالة الجنازة داخلة تحت عموم (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ) فمن صلى صالة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب التكبير على الجنازة أربعا‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1333‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ج بِهِ ْم إِلَى الْمُصَلَى فَصَفَ بِهِمْ‪ ،‬وَكَبَرَ عَلَيْهِ أَرْبَ َع تَكْبِيرَاتٍ)‪.‬‬ ‫ت فِيهِ‪ ،‬وَخَرَ َ‬ ‫ي فِي الْيَوْ ِم الَذِي مَا َ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬نَعَى النَجَاشِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ .‬وأبوداود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الجنائز‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المناقب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَتَى عَلَى‬ ‫ن شَهِ َد النَبِ َ‬
‫ي قَالَ‪ :‬أَخْبَرَنِي مَ ْ‬
‫ن الشَعْبِ ِ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصفوف على الجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1311‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا)‪.‬‬ ‫ن حَدَثَكَ قَالَ‪ :‬ابْنُ عَبَاسٍ رَضِ َ‬ ‫قَبْ ٍر مَنْبُوذٍ‪ ،‬فَصَفَهُمْ وَكَبَ َر أَرْبَعًا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني‬
‫هاشم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب في التكبير على الجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2213‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ زَيْدٌ يُكَبِرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا‪،‬‬
‫وَإِنَهُ كَبَ َر عَلَى جَنَازَةٍ خَمْسًا‪ ،‬فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ‪ :‬كَانَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يُكَبِرُهَا)‪.‬‬
‫أخرجه ا لترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ .‬وأبوداود ففي الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب ماجاء في رفع اليدين على الجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ )1077‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ كَبَرَ‬
‫عَلَى جَنَازَةٍ‪ ،‬فَرَفَ َع يَدَيْ ِه فِي أَوَ ِل تَكْبِيرَةٍ‪ ،‬وَوَضَ َع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى) حسنه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به الترمذي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصفوف على الجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1315‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫إِلَى أَصْحَابِ ِه النَجَاشِيَ‪ ،‬ثُ َم تَقَدَ َم فَصَفُوا خَلْفَ ُه فَكَبَ َر أَرْبَعًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الجنائز‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المناقب‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب وجوب القرآءة لإلمام والمأموم‪ .‬حديث رقم (‪ )756‬بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَامِتِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬لَا صَلَا َة لِمَنْ لَ ْم يَقْرَ ْأ بِفَاتِحَ ِة الْكِتَابِ)‪.‬‬
‫‪213‬‬
‫الجنازة ولم يقرأ فيها سورة فاتحة الكتاب فصالته غير صحيحة ألنه لم يصل الصالة الشرعية‪ ،‬وعند ابن عباس رضي اهلل عنهما أن‬
‫قراءة فاتحة الكتاب في صالة الجنازة من سنة الشريعة اإلسالمية أي من واجبات الشريعة وليس من السنة المقابلة للواجب لحديث (صََليْتُ‬
‫سنَةٌ) في عبارة ابن عباس رضي‬ ‫سنَةٌ)(‪ )3‬لفظ ( ُ‬
‫عبَاسٍ َرضِيَ اللَهُ عَ ْنهُمَا عَلَى جَنَا َزةٍ‪ ،‬فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬ليَعْلَمُوا َأ َنهَا ُ‬
‫خَلْفَ ا ْبنِ َ‬
‫سنَةٌ) له حكم الحديث المرفوع إلى رسول اهلل ‪ ‬ألن قول الصحابي من السنة كذا له‬ ‫اهلل عنهما بمعنى (شريعة) وقول ابن عباس إنها ( ُ‬
‫حكم الحديث المرفوع إلى الرسول ‪.‬‬

‫كيفية صالة اجلنازة‬


‫الصحيح‪ :‬أنها أربع تكبيرات يقرأ بعد التكبيرة األولى بفاتحة الكتاب‪ ،‬وبعد التكبيرة الثانية الصالة على النبي ‪ ‬التي تقرأ في التشهد‬
‫األخير من الصلوات الخمس‪ ،‬وبعد التكبيرة الثالثة الدعاء بالمشروع للميت‪ ،‬وبعد التكبيرة الرابعة‪ ،‬التسليم على جهة اليمين واليسار‪.‬‬

‫من يفوته بعض التكبريات يف صالة اجلنازة‬


‫الصحيح‪ :‬أ ن الالحق في صالة الجنازة إذا كان قد أدرك التكبيرة األولى تكبيرة اإلحرام وقراءة الفاتحة بعدها‪ ،‬فإنه يكبر بقية التكبيرات‬
‫متتابعاً ويسلم بعد اإلمام‪ ،‬واألصل أن الالحق يكبر فور دخوله الصالة وال ينتظر تكبير اإلمام‪ ،‬ألن القول بأن الالحق ينتظر تكبير اإلمام‬
‫يحتاج إ لى دليل وال دليل على ذلك‪ ،‬بل الدليل على الدخول مباشرة لحديث (فَمَا أَدْرَ ْكتُمْ َفصَلُوا‪ ،‬وَمَا فَاتَكُمْ فََأتِمُوا)(‪ )2‬فالمشروع الدخول‬
‫في الصالة حال اإلدراك بدليل (الفاء) التي تفيد الترتيب والتعقيب‪.‬‬

‫طهُورُ‪ ،‬وَ َتحْرِي ُمهَا التَ ْكبِيرُ‪ ،‬وَتَحْلِيلُهَا‬


‫الصحيح‪ :‬أن التسليم فرض في الصلوات الخمس وفي صالة الجنازة لحديث (مِ ْفتَاحُ الصَلَاةِ ال ُ‬
‫التَسْلِيمُ)(‪ )1‬ولفعل النبي ‪ ‬في خروجه من الصلوات الخمس ومن صالة الجنازة بالتسليم في األحاديث التي بينت صالة النبي ‪ ،‬وفعل‬
‫الةَ}(‪ )4‬وحديث (وصلوا كما رأيتموني صلي)(‪ )5‬الصحيح‪:‬‬ ‫النبي ‪ ‬مبين لألمر المجمل الدال على الوجوب في قوله تعالى {وَأَقِيمُواْ ال َ‬
‫صَ‬
‫الجهر بالتسليم في صالة الجنازة وفي الصلوات الخمس‪.‬‬

‫أين يقوم اإلمام يف صالة اجلنازة‬


‫الصحيح‪ :‬أن اإلمام في صالة الجنازة يقف أمام رأس الرجل وأمام وسط المرأة لحديث (صليت وراء النبي ‪ ‬على امرأة ماتت في‬
‫ع ْندَ‬‫نفاسها فقام عليها وسطها)(‪ )6‬وحديث (فَلَمَا ُوضِعَتْ الْجَنَا َزةُ‪ ،‬قَامَ َأنَسٌ َفصَلَى عََل ْيهَا وََأنَا خَلْفَهُ لَا يَحُولُ َب ْينِي َو َب ْينَهُ شَيْءٌ‪ ،‬فَقَامَ ِ‬
‫خضَرُ‪ ،‬فَقَامَ‬ ‫طلْ وَلَمْ يُ سْ ِرعْ‪ ،‬ثُمَ ذَهَبَ يَقْ ُعدُ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬يَا َأبَا حَمْ َزةَ‪ ،‬الْمَرَْأةُ الَْأنْصَا ِريَةُ‪ ،‬فَقَ َربُوهَا َوعَ َل ْيهَا نَعْشٌ أَ ْ‬ ‫رَأْسِهِ فَ َكبَرَ أَ ْربَعَ تَ ْكبِيرَاتٍ لَمْ يُ ِ‬
‫جلِ‪ ،‬ثُمَ جَلَسَ‪ ،‬فَقَالَ الْعَلَاءُ ْبنُ زِيَادٍ‪ :‬يَا أَبَا حَمْ َزةَ‪ ،‬هَ َكذَا‪ ،‬كَانَ يَفْ َعلُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬ ‫ع ْندَ عَجِي َز ِتهَا‪ ،‬فَصَلَى عََليْهَا نَحْوَ صَلَاتِهِ عَلَى الرَ ُ‬ ‫ِ‬
‫(‪)7‬‬
‫جلِ َوعَجِي َزةِ الْمَرَْأةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ) ‪.‬‬ ‫ع ْندَ رَأْسِ الرَ ُ‬ ‫جنَازَةِ َكصَلَا ِتكَ يُكَبِرُ عََليْهَا أَ ْربَعًا‪َ ،‬ويَقُومُ ِ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ُ ،‬يصَلِي عَلَى الْ َ‬

‫أخرجه مسلم في الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في االفتتاح‪ .‬وأوداود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫األنصار‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1335‬بلفظ (عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَوْفٍ‪ ،‬قَال‪ :‬صَلَيْتُ خَلْفَ ابْنِ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا عَلَى جَنَازَةٍ‪ ،‬فَقَرََأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لِيَعْلَمُوا أَنَهَا سُنَةٌ)‪.‬‬ ‫عَبَاسٍ رَضِ َ‬
‫أحرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب ال يسعى إلى الصالة وليأت بالسكينة والوقار‪ .‬حديث رقم (‪ )636‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬إِذَا سَمِعْتُ ْم الْإِقَامَ َة فَامْشُوا إِلَى الصَلَاةِ وَعَلَيْكُ ْم بِالسَكِينَ ِة وَالْوَقَارِ‪ ،‬وَلَا تُسْرِعُوا‪ ،‬فَمَا أَدْرَكْتُ ْم فَصَلُوا‪ ،‬وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُوا)‪.‬‬
‫أخرجه م سلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في اإلمامة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في المساجد والجماعات‪ ،‬وأحمد في‬
‫باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫الوقار‪ :‬الرزانة ولتأني‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬السكينة‪ :‬الهدوء والطمأنينة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء أن مفتاح الصالة الطهور‪ .‬حديث رقم(‪ ) 235‬بلفظ (عَنْ عَلِي‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مِفْتَاحُ الصَلَاةِ‬
‫الطُهُورُ‪ ،‬وَتَحْرِيمُهَا التَكْبِ يرُ‪ ،‬وَتَحْلِيلُهَا التَسْلِيمُ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الطهارة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)43( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب األذان للمسافر إذا كانوا جماعة واإلقامة وكذل ك بعرفة وجمع وقول المؤذن الصالة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة‪.‬‬
‫حديث رقم (‪ ) 631‬بلفظ (عن أبي قالبة‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا مالك‪ :‬أتينا إلى النبي ‪ ‬ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة وكان رسول اهلل ‪ ‬رحيما‬
‫رفيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اش تقنا سألنا‪ :‬عمن تركنا بعدنا فأخبرناه‪ ،‬قال‪ ،‬ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم‪ ،‬وذكر أشياء أحفّظها أو‬
‫ال أحفّظها‪ ،‬وصلوا كما رأيتموني صلي‪ ،‬فإذا حضرت الصالة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬و النسائي في األذان و اإلمامة‪ ،،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة‬
‫فيها‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصالة على النفساء إذا ماتت في نفاسها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1331‬بلفظ (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَيْتُ‬
‫ت فِي نِفَاسِهَا‪ ،‬فَقَا َم عَلَيْهَا وَسَطَهَا)‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم عَلَى امْرَأَ ٍة مَاتَ ْ‬ ‫وَرَا َء النَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب أين يقوم اإلمام من الميت إذا صلى عليه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3114‬بلفظ (عَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنْتُ فِي سِكَةِ الْمِرْبَدِ فَمَرَتْ‬
‫جَنَازَةٌ مَعَهَا نَاسٌ كَثِيرٌ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬جَنَازَةُ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَيْرٍ فَتَبِعْتُهَا‪ ،‬فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَيْ هِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ عَلَى بُرَيْذِينَتِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةٌ تَقِيهِ مِنْ الشَمْسِ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَنْ هَذَا‬
‫الدِهْقَانُ ؟ قَالُوا‪ :‬هَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ‪ ،‬فَلَمَا وُضِعَتْ الْجَنَازَةُ‪ ،‬قَامَ أَنَسٌ فَصَلَى عَلَيْهَا وَأَنَا خَلْفَهُ لَا يَ حُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ‪ ،‬فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَكَبَرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ لَمْ يُطِلْ‬
‫ش أَخْضَرُ‪ ،‬فَقَامَ عِ نْدَ عَجِيزَتِهَا‪ ،‬فَصَلَى عَلَيْهَا نَحْوَ صَلَاتِهِ عَلَى الرَجُلِ‪ ،‬ثُ َم‬ ‫وَلَمْ يُسْرِعْ‪ ،‬ثُمَ ذَهَبَ يَقْعُدُ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬يَا أَبَا حَمْزَةَ‪ ،‬الْمَرْأَةُ الْأَنْصَارِيَةُ‪ ،‬فَقَرَبُوهَا وَعَلَيْهَا نَعْ ٌ‬
‫‪214‬‬
‫الصالة على القرب‬
‫خبَ َرنِي َمنْ مَرَ مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ عَلَى قَبْرٍ َم ْنبُوذٍ فَأَ َمهُمْ‬
‫الصحيح‪ :‬جواز الصالة على القبر لمن فاتته صالة الجنازة لحديث (أَ ْ‬
‫جدَ‪ ،‬فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‬ ‫جدِ يَقُمُ الْمَسْ ِ‬
‫س َودَ رَجُلًا َأوْ امْرََأةً‪ ،‬كَانَ يَكُونُ فِي الْمَسْ ِ‬‫َوصََلوْا خَلْفَهُ)(‪ )3‬وحديث (َأنَ أَ ْ‬
‫بِ َم ْوتِهِ‪َ ،‬فذَكَ َر ُه ذَاتَ َيوْمٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا فَ َعلَ ذَِلكَ الِْإنْسَانُ؟ قَالُوا‪ :‬مَاتَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَفَلَا آ َذ ْنتُمُونِي؟ فَقَالُوا‪ِ :‬إنَهُ كَانَ َكذَا وَ َكذَا ِقصَتُهُ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫فَحَقَرُوا شَ ْأنَهُ‪ ،‬قَال‪َ :‬فدُلُونِي عَلَى َقبْ ِرهِ فَأتَى َقبْ َرهُ َفصَلَى عََليْهِ)(‪ )2‬في الحديثين داللة واضحة على مشروعية صالة الجنازة على القبر لمن‬
‫فاتته الصالة على الجنازة‪ ،‬وليس من شرط االستدالل بالحديث الصحيح أن يشتهر‪ ،‬فمهما صح الحديث فيجب العمل به مطلقا اشتهر أو لم‬
‫يشتهر‪ ،‬وال دليل للحنفية على هذا القول‪ ،‬ومعنى لفظ (منبوذ) غير معروف‪ ،‬ويجوز للمرأة إذا أرادت أن تصلي على قبر الميت أن تصلي‬
‫على القبر ألن حكم الرجال هو حكم النساء في هذه المسألة‪ ،‬وال يشترط لجواز صالتهن على القبر أن يشتركن في تشييع الجنائز مع‬
‫الرجال‪.‬‬

‫من يصلى عليه‬


‫الصحيح‪ :‬أن المسلم يصلي صالة الجنازة على كل مسلم سواء كان الميت صالحاً أم فاسقاً مبتدعاً أو غير مبتدع سنيا أو غير سني‪ ،‬يصلي‬
‫على الميت ما دام مسلماً‪ ،‬ألن األصل صحة الصالة ع لى كل مسلم‪ ،‬والساحر عاص من جملة العصاة يصلى عليه‪ ،‬وكذا قاتل نفسه‬
‫فاإلنسان مخير بين الصالة عليه وبين عدم الصالة عليه والظاهر جواز الصالة على كل مسلم لعدم وجود دليل صحيح صريح يدل على‬
‫عدم جواز الصالة على المسلم الفاسق‪ ،‬الدليل على جواز الصالة على المسلم الفاسق صالة النبي ‪ ‬على المرأة الغامدية التي زنت‬
‫ش ْيئًا‬
‫جدْتَ َ‬ ‫وطلبت إقامة حد الزنى عليها حيث قال النبي ‪( ‬لَ َقدْ تَابَتْ َتوْبَةً َلوْ قُسِمَتْ َب ْينَ َ‬
‫سبْعِينَ مِنْ أَ ْهلِ الْ َمدِينَةِ َلوَسِ َع ْتهُمْ‪ ،‬وَ َهلْ وَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫صلِ عََليْهِ) فلعل‬ ‫جلٍ َق َتلَ نَفْسَهُ بِمَشَا ِقصَ‪ ،‬فَلَمْ ُي َ‬ ‫سهَا لِلَهِ ؟!)(‪ )1‬وأما حديث (أتِيَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِرَ ُ‬
‫ضلَ ِمنْ أَنْ جَادَتْ ِبنَفْ ِ‬
‫أَ ْف َ‬
‫النبي ‪ ‬امتنع من الصالة عليه للزجر عن الوقوع فيما وقع فيه هذا الرجل‪ ،‬ولكن ليس في الحديث منع لألمة من الصالة على قاتل نفسه‪،‬‬
‫ومثله حديث ماعز بن مالك الذي قتل في رميه بالحجارة في حد الزنى والنبي ‪ ‬لم يصل عليه ولم ينه عن الصالة عليه‪.‬‬

‫ال يصلي على شهداء املعركة احلربية مع الكافرين‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال تشرع الصالة على شهداء المعركة الحربية مع الكافرين ألن الرسول ‪ ‬لم يصل على شهداء أُحُد كما في حديث (أَمَرَ‬
‫صلِ عََليْهِمْ‪ ،‬وَلَمْ يُغَسَلُوا)(‪ )5‬وألن الشهادة في سبيل اهلل قد كفرت ذنوبهم ورفعت درجاتهم في الجنة مع النييين‬
‫ِبدَ ْف ِنهِمْ ِبدِمَا ِئهِمْ‪ ،‬وَلَمْ ُي َ‬
‫والصديقين وأغنتهم عن صالة الجنازة من األحياء عليهم حيث الغاية من صالة الجنازة هي الدعاء للميت بالمغفرة‪.‬‬

‫جَلَسَ‪ ،‬فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ‪ :‬يَا أَبَا حَ مْزَةَ‪ ،‬هَكَذَا‪ ،‬كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يُصَلِي عَلَى الْجَنَازَةِ كَصَلَاتِكَ يُكَبِرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا‪ ،‬وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَجُ ِل‬
‫وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا أَبَا حَمْزَةَ‪ ،‬غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬غَزَوْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا‪ ،‬فَخَرَجَ الْمُشْرِ كُونَ فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَتَى رَأَيْنَا‬
‫خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا‪ ،‬وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَيْنَا فَيَدُقُنَا وَ يَحْطِمُنَا‪ ،‬فَهَزَمَهُمْ اللَهُ‪ ،‬وَجَعَلَ يُجَاءُ بِهِمْ فَيُبَايِعُونَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ‪ ،‬فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَ عَلَيَ نَذْرًا إِنْ جَاءَ اللَهُ بِالرَجُلِ الَذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمَ يَحْطِمُنَا لَأَضْرِبَنَ عُنُقَهُ‪ ،‬فَسَكَتَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَجِيءَ بِالرَجُلِ‪ ،‬فَلَمَا رَأَى‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬تُبْتُ إِلَى اللَهِ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَ هِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَا يُبَايِعُهُ لِيَفِيَ الْآخَرُ بِنَذْرِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَجَعَلَ الرَجُلُ يَتَصَدَى‬
‫لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ‪ ،‬وَجَعَلَ يَهَابُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ أَنْ يَقْتُلَهُ‪ ،‬فَلَمَا رَأَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنَهُ لَا يَصْنَ ُع‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ‬ ‫ت إِلَيَ‪ ،‬فَقَا َل النَبِ ُ‬‫ي بِنَذْرِ اَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَ ِه أَلَا أَوْمَضْ َ‬ ‫شيئًا بَايَعَهُ‪ ،‬فَقَالَ الرَجُلُ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬نَذْرِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنِي لَ ْم أُمْسِكْ عَنْ ُه مُنْ ُذ الْيَوْ َم إِلَا لِتُوفِ َ‬
‫ن يُومِض) صححه األلباني ففي صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫س لِنَبِي أَ ْ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬إِنَهُ لَيْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاءفي الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الدهقان‪ :‬رئيس القرية أو صاحب المزرعة‪ .‬يمر‪ :‬يجتاز‪ .‬العجيزة‪ :‬مؤخرة الجسد‪ .‬اإليماض‪ :‬الرمز بالعين واإلشارة بها‪ .‬حيال‪ :‬تلقاء واتجاه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصالة على القبر بعد ما يدفن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1336‬بلفظ (عن سُلَيْمَانُ الشَيْبَانِيُ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ الشَعْبِيَ قَالَ‪ :‬أَخْبَرَنِي مَنْ مَرَ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا)‪.‬‬
‫ك هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ‪ :‬ابْنُ عَبَاسٍ رَضِ َ‬ ‫ن حَدَثَ َ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم عَلَى قَبْ ٍر مَنْبُوذٍ فَأَمَهُ ْم وَصَلَوْا خَلْفَهُ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬مَ ْ‬ ‫مَ َع النَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬منبوذ‪ :‬منفرد بعيد عن القبور‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصالة على القبر بعد ما يدفن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1337‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ أَسْوَدَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً‪ ،‬كَانَ‬
‫يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُمُ الْمَسْجِدَ‪ ،‬فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِمَوْتِهِ‪ ،‬فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا فَعَلَ ذَلِكَ الْإِنْ سَانُ؟ قَالُوا‪ :‬مَاتَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَفَلَا‬
‫آذَنْتُمُونِي؟ فَقَالُوا‪ :‬إِنَ ُه كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَتُهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَحَقَرُوا شَأْنَهُ‪ ،‬قَال‪ :‬فَدُلُونِي عَلَى قَبْرِ ِه فَأَتَى قَبْرَ ُه فَصَلَى عَلَيْهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الحدود‪ :‬باب تربص الرجم بالحبلى حتى تضع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1435‬بلفظ (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ‪ ،‬أَنَ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ اعْتَرَفَتْ عِنْدَ النَبِيِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالزِنَا‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬إِنِي حُبْلَى‪ ،‬فَدَعَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ وَلِيَهَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَحْسِنْ إِلَيْهَا‪ ،‬فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَأَخْبِرْنِي فَفَعَلَ‪ ،‬فَأَمَرَ بِهَا فَشُدَتْ‬
‫عَلَيْهَا ثِيَابُهَا‪ ،‬ثُمَ أَمَرَ بِرَجْمِهَا فَرُجِمَتْ‪ ،‬ثُمَ صَلَى عَلَيْهَا‪ ،‬فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الخطأبِ‪ ،‬يَا رَسُولَ ا للَهِ رَجَمْتَهَا‪ ،‬ثُمَ تُصَلِي عَلَيْهَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ‬
‫ت بِنَفْسِهَا لِلَ ِه ؟!) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن جَادَ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ت شيئًا أَفْضَلَ مِ ْ‬ ‫ن أَهْ ِل الْمَدِينَ ِة لَوَسِعَتْهُمْ‪ ،‬وَهَ ْل وَجَدْ َ‬
‫ن مِ ْ‬‫سَبْعِي َ‬
‫أخرجه مسلم في الحدود‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ .‬وأبوداودفي الحدود‪ ،‬وابن ماجة في الحدود‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصرين‪ ،‬والدارمي في الحدود‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الولي‪ :‬األب ومن يقوم مقامه في التزويج‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب ترا الصالة على قاتل نفسه‪ .‬حديث رقم (‪ )2251‬بلفظ ( عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أُتِيَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ‬
‫نَفْسَ ُه بِمَشَاقِصَ‪ ،‬فَلَ ْم يُصَ ِل عَلَيْهِ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصرين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصالة على الشهيد حديث رقم (‪ ) 1343‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ‬
‫عَنْهُمَا‪ ،‬أَخْبَرَهُ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى ا للَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِد‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ‪ :‬أ يُهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ‪ ،‬فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ‪،‬‬
‫قَدَمَهُ فِي اللَحْدِ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬أَنَا شَهِي ٌد عَلَى هَؤُلَا ِء يَوْ َم الْقِيَامَةِ‪ ،‬وَأَمَ َر بِدَفْنِهِ ْم بِدِمَائِهِمْ‪ ،‬وَلَ ْم يُصَلِ عَلَيْهِمْ‪ ،‬وَلَ ْم يُغَسَلُوا)‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫الصالة على الطفل‬
‫الصحيح‪ :‬أن الطفل ال يصلى عليه صالة جنازة إال إذا استهل صارخاً أو عطس أو سعل أو تحرك أو تنفس أو ظهرت عليه أي أمارة من‬
‫س َتهِلّ)(‪ )3‬ويصلى على األطفال المسبيين ألن‬ ‫األمارات التي تدل على حياته لحديث (الطِ ْفلُ لَا ُيصَلَى عََليْهِ‪ ،‬وَلَا يَرِثُ‪ ،‬وَلَا يُورَثُ حَتَى يَ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫حكمهم حكم من سباهم ولحديث ( ُكلُ َموْلُودٍ يُوَلدُ عَلَى الْفِطْ َرةِ‪ ،‬فَأَ َبوَاهُ ُي َه ِودَانِهِ‪َ ،‬أوْ ُي َنصِرَانِهِ‪ ،‬أَوْ يُمَجِسَانِهِ) ‪.‬‬

‫أطفال املشركني‬
‫(‪)1‬‬
‫وإن مات طفل‬ ‫إذا مات طفل من أطفال المشركين في بالد المسلمين فيصلى عليه صالة الجنازة لحديث ( ُكلُ َموْلُودٍ يُوَلدُ عَلَى الْ ِفطْ َرةِ)‬
‫من أطفال المشركين في بالد المشركين فال يصلى عليه ألن حكمه حكم القوم الذين يربونه‪.‬‬

‫األوىل بالتقدم لصالة اجلنازة‬


‫األولى أن الوالي ينوب عنه إمام المسجد في كل حارة وقرية‪ ،‬وإذا كان ولي الميت هو األقرأ أو األعلم فهو األولى بالصالة على قريبه‬
‫ألنه أحرص على الدعاء له وهو األحق به‪.‬‬

‫الصالة على بعض اجلسد‬


‫الصحيح‪ :‬وجوب الصالة علي أي جزء من أجزاء الميت ألنه إذا جازت الصالة علي الغائب فباألولى جواز الصالة علي الميت الذي‬
‫جزء منه حاضر واألجزاء المفقودة حكمها حكم الصالة على الغائب‪.‬‬

‫وقت الصالة علي اجلنازة‬


‫الصحيح‪ :‬جواز صالة الجنازة في كل وقت إال في أوقات ثالثة هي حين طلوع الشمس وحين غروبها وحين يقوم قائم الظهيرة لحديث‬
‫حتَى‬
‫(ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َي ْنهَانَا َأنْ ُنصَلِيَ فِي ِهنَ‪َ ،‬أوْ َأنْ نَ ْقبُرَ فِي ِهنَ َم ْوتَانَا‪ ،‬حِينَ تَطْلُعُ الشَمْسُ بَا ِزغَةً َ‬
‫حتَى تَغْرُبَ)(‪ )4‬وحدود وقت الكراهة وقت طلوع‬ ‫ضيَفُ الشَمْسُ لِلْغُرُوبِ َ‬ ‫حتَى تَمِيلَ الشَمْسُ‪ ،‬وَحِينَ َت َ‬ ‫تَ ْرتَفِعَ‪ ،‬وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الّظَهِي َرةِ َ‬
‫الشمس ووقت زوالها من جهة المشرق إلى جهة المغرب حين الظهيرة ووقت غروبها‪ ،‬وقدره من خمس إلى عشر دقائق في كل وقت من‬
‫حتَى تَ ْرتَفِعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَاةَ بَ ْعدَ الْعَصْرِ حَتَى تَغِيبَ‬ ‫صبْحِ َ‬ ‫األوقات الثالثة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن المراد بالنهي في حديث (لَا صَلَاةَ بَعْدَ ال ُ‬
‫الشَمْسُ)(‪ )5‬صالة النوافل وال تدخل صالة الجنازة في هذا النهي ألن صالة الجنازة واجبة وليست بسنة‪.‬‬

‫مواضع صالة اجلنازة‬


‫الصحيح‪ :‬جواز صالة الجنازة في الصحراء وفي المسجد وفي خارج المسجد لحديث (وَاللَهِ لَ َقدْ صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‬
‫س َهيْل‪ ،‬وَأَخِيهِ)(‪ )6‬صالة الجنازة في المسجد وخارج المسجد سواء ال فرق في ثوابها‪ ،‬وأما حديث (مَنْ‬ ‫جدِ‪ُ ،‬‬ ‫عَلَى ا ْبنَيْ َبيْضَاءَ فِي الْمَسْ ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫جدِ فَلَا شَيْءَ عََليْهِ) فالرد عليه من ثالثة أوجه‪:‬‬
‫جنَا َزةٍ فِي الْمَسْ ِ‬
‫صَلَى عَلَى َ‬

‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫ن جَابِرٍ‪ ،‬عَ ْ‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب ماجاء في ترا الصالة على الجنين حتى يستهل‪ .‬حديث رقم (‪ )1032‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ث حَتَى يَسْتَهِلَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫الطِفْلُ لَا يُصَلَى عَلَيْهِ‪ ،‬وَلَا يَرِثُ‪ ،‬وَلَا يُورَ ُ‬
‫أخرجه ابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬والدارمي في الفرائض‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلستهالل‪ :‬صيحة المولود عند الوالدة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب ماقيل في أوالد المشركين‪ .‬حديث رقم (‪ )1355‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ج الْبَهِيمَ َة هَ ْل تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ)‪.‬‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬كُ ُل مَوْلُو ٍد يُولَ ُد عَلَى الْفِطْرَةِ‪ ،‬فَأَبَوَا ُه يُهَوِدَانِهِ‪ ،‬أَ ْو يُنَصِرَانِهِ‪ ،‬أَ ْو يُمَجِسَانِهِ‪ ،‬كَمَثَ ِل الْبَهِيمَ ِة تُنْتَ ُ‬
‫أ خرجه مسلم في القدر‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في السنة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الجنائز‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬القدر‪ ،‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الجدع‪ :‬قطع األنف واألذن أو غيره من األطراف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)1355‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب صالة المسافرين‪ :‬باب األوقات التي نهي عن الصالة فيها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1126‬بلفظ (عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَي عَنْ أَبِيهِ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ‬
‫عَامِرٍ الْجُهَنِيَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬ثَلَا ثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِيَ فِيهِنَ‪ ،‬أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِ يهِنَ مَوْتَانَا‪ ،‬حِينَ تَطْلُعُ الشَمْسُ بَازِغَةً حَتَى تَرْتَفِعَ‪،‬‬
‫س لِلْغُرُوبِ حَتَى تَغْرُبَ)‪.‬‬ ‫ف الشَمْ ُ‬ ‫ن تَضَيَ ُ‬ ‫ن يَقُو ُم قَائِ ُم الّظَهِيرَةِ حَتَى تَمِي َل الشَمْسُ‪ ،‬وَحِي َ‬ ‫وَحِي َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تضيف‪ :‬تميل‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب اليتحرى الصالة قبل غروب الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 556‬بلفط (عن عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيُ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَعِي ٍد‬
‫ب الشَمْسُ)‪.‬‬ ‫الْخُدْرِيَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬لَا صَلَا َة بَعْ َد الصُبْحِ حَتَى تَرْتَفِ َع الشَمْسُ‪ ،‬وَلَا صَلَا َة بَعْ َد الْعَصْرِ حَتَى تَغِي َ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬ك تاب الجنائز‪ :‬باب الصالة على الجنازة في المسجد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2251‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَحْمَنِ أَنَ عَائِشَةَ لَمَا تُوُفِيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي‬
‫وَقَا ٍ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬ادْخُلُوا بِهِ الْمَسْجِدَ حَتَى أُصَلِيَ عَلَيْهِ‪ ،‬فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَ لَيْهَا‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬وَاللَهِ لَقَدْ صَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ‪،‬‬
‫ن الْبَيْضَا ِء أُمُ ُه بَيْضَاءُ)‪.‬‬ ‫ن دَعْ ٍد وَهُ َو ابْ ُ‬ ‫سُهَيْل‪ ،‬وَأَخِي ِه قَا َل مُسْلِم‪ :‬سُهَيْ ُل بْ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في ال جنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجنائز‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫األول‪ :‬في سند الحديث ضعف ألن فيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬رواية ابن ماجة بلفظ (من صلى على جنازة في المسجد فليس له شيء) بدل رواية (فال شيء عليه) ومعنى رواية ابن ماجة من‬
‫صلى على جنازة في المسجد فليس له أجر زائد على أجر من ص لى على جنازة في صحراء أو جبانة أو في أي مكان آخر غير المسجد‪،‬‬
‫فأجر صالة الجنازة في المسجد وفي خارج المسجد سواء ال فرق بينهما في األجر‪ ،‬وترجح رواية ابن ماجة على رواية غيره لموافقتها‬
‫صالة النبي ‪ ‬على ابني بيضاء في المسجد‪ ،‬ورواية ابن ماجة حسنها األلباني‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن (الالم) في رواية ابن ماجة تنوب عن (على) في رواية أبي داود‪.‬‬

‫الخالصة‪ :‬أن الصالة على الجنازة في جبانة أو صحراء أو في مسجد أو في المقبرة أو في أي مكان من األرض جائزة وأن ثوابها على‬
‫السواء وال فرق في أجر صالة الجنازة بين الصالة عليها في المسجد أو في غير مسجد‪ ،‬ويجوز الصالة علي الجنازة في المقبرة ألن‬
‫النهي عن الصالة في المقبرة هو متوجه إلى الصالة ذات الركوع والسجود‪ ،‬وصالة الجنازة ليس فيها ركوع وال سجود ولذا فال يشملها‬
‫النهي عن الصالة في المقبرة‪ ،‬وال يسمى ميت بني آدم ميتة ألن لفظ (الميتة) خاص بما مات من بهائم األنعام التي تموت بدون تذكية‪،‬‬
‫والمسلم إذا مات يسمى (ميت) وال يسمى (ميتة) ولفظ (الميت) تختلف عن لفظ (الميتة) اسماً وحكماً من حيث اللغة والشرع‪.‬‬

‫شروط الصالة على اجلنازة‬


‫الصحيح‪ :‬أن شروط صحة صالة الجنازة هي شروط صحة الصلوات الخمس المفروضة فيشترط لصحتها ما يلي‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حتَى َي َتوَضَأَ)‬
‫حدَثَ َ‬
‫‪ - 3‬الطهارة من الحدث األكبر واألصغر لحديث (لَا تُقْ َبلُ صَلَاةُ َمنْ أَ ْ‬

‫‪ -2‬نية الصالة على الجنازة أو الجنائز الحاضرة أو الغائبة إذا كان الميت في بلد غير إسالمي ال يصلى فيها على الميت‪ ،‬لحديث (ِإنَمَا‬
‫(‪)1‬‬
‫الَْأعْمَالُ بِال ِنيَاتِ‪ ،‬وَِإنَمَا لِ ُكلِ امْرِئٍ مَا َنوَى)‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -1‬قراءة فاتحة الكتاب بعد تكبيرة اإلحرام لحديث (لَا صَلَاةَ لِ َمنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْ ِكتَابِ)‬

‫ولم يرد أن النبي ‪ ‬صلى صالة جنازة بدون وضوء‪ ،‬ولم يرد أن الصحابة كانوا يتيممون لصالة الجنازة في حياة النبي ‪ ،‬وال يجوز‬
‫التيمم لصالة الجنازة أو ألي صالة من الصلوات إال لضرورة عدم وجود الماء أو تعذر استعماله‪ ،‬أما في حالة وجود الماء فال يجوز‬
‫التيمم من أجل إدراك صالة الجنازة بل يجب على اإلنسان أن يتوضأ بالماء ويصلي مع الجماعة إن أدرك صالة الجنازة مع الجماعة وإن‬
‫لم يدرك اإلنسان صالة الجنازة مع الجماعة فيصلي على الجنازة بمفرده قبل رفعها من األرض لدفنها‪ ،‬وإن لم يتمكن من الصالة عليها‬
‫وهي على األرض فالصالة عليها فرض كفاية وقد سقط عنه الوجوب بصالة المصلين عليها‪ ،‬ويجوز له أن يصلي على القبر إن أراد‪،‬‬
‫ألن النبي ‪ ‬صلى علي قبر المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد لكونه لم يعلم بموتها ولم يصل عليها صالة الجنازة‪ ،‬الخالصة‪ :‬ال‬
‫يجوز لإلنسان أن يصلي صالة الجنازة بتيمم في وجود الماء‪ ،‬وتجوز صالة الجنازة بالتيمم إذا عدم الماء لقوله تعالى {يَا َأيُهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ‬
‫جنُباً فَاطَهَرُواْ وَإِن كُنتُم‬ ‫ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَا ِفقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ وَإِن كُنتُمْ ُ‬
‫طيِباً فَامْسَحُواْ ِبوُجُوهِكُمْ وَأَ ْيدِيكُم مِنْهُ‬
‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬ ‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ تَ ِ‬
‫حدٌ مَنكُم مِنَ الْغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬ ‫مَ ْرضَى َأوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ ِليُطَهَرَكُمْ وَلِ ُيتِمَ نِعْ َمتَهُ عََليْكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ} ألن لفظ (الصَالةِ) في اآلية عام يعم كل‬
‫الصلوات ومنها صالة الجنازة حيث األلف والالم في لفظ (الصَالةِ) للعموم ‪ ،‬ولذا فلفظ (الصَالةِ) في األية الكريمة يعم جميع الصلوات‬
‫المفروضة والنافلة‪ ،‬وأما القول بأن صالة الجنازة تصح بدون طهارة فليس عليه دليل ال من الكتاب وال من السنة ال من قول النبي ‪ ‬وال‬
‫من فعله وال من تقريره‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصالة على الجنازة في المسجد‪ .‬حديث رقم (‪ )2111‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَنْ‬
‫صَلَى عَلَى جَنَازَ ٍة فِي الْمَسْجِ ِد فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب التقبل صالة بغير طهور‪ .‬حديث رقم (‪ ) 132‬بلفظ (عَنْ هَمَامِ بْنِ مُنَبِهٍ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ث يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ‪ :‬فُسَا ٌء أَ ْو ضُرَاطٌ)‪.‬‬ ‫ث حَتَى يَتَوَضَأَ‪ ،‬قَا َل رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ‪ :‬مَا الْحَدَ ُ‬ ‫ن أَحْدَ َ‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬لَا تُقْبَ ُل صَلَاةُ مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن إِبْرَاهِي َم التَيْمِيُ‪ ،‬أَنَ ُه سَمِعَ عَلْقَمَ َة بْنَ وَقَا ٍ اللَيْثِيَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ عُمَرَ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬باب بدء الوحي‪ .‬حديث رقم (‪ )1‬بلفظ (عن مُحَمَ ُد بْ ُ‬
‫بْنَ الخطأ بِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬إِ نَمَا الْأَعْمَالُ بِالنِيَاتِ‪ ،‬وَإِنَمَا لِكُلِ امْرِئٍ مَا نَوَى‪ ،‬فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى‬
‫دُنْيَا يُصِيبُهَا أَ ْو إِلَى امْرَأَ ٍة يَنْكِحُهَا‪ ،‬فَهِجْرَتُ ُه إِلَى مَا هَاجَ َر إِلَيْهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائ ي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال‪ ،‬والمراد تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبادة بن الصامت رضي اهلل عنه برقم (‪.)756‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪217‬‬
‫الباب الرابـــــع‪ :‬الـــــدفن‪.‬‬

‫دفن الميت واجب كفائي‬ ‫‪‬‬


‫األذان عند دفن الميت‬ ‫‪‬‬
‫تلقين الميت أثناء دفنه‬ ‫‪‬‬
‫حفر قبر فوق قبر قديم‬ ‫‪‬‬
‫حفر القبور فوق القبور التي قد ذهب أثرها‬ ‫‪‬‬
‫رفع القبر أكثر من شبر‬ ‫‪‬‬
‫دفن األعضاء الصناعية مع الميت‬ ‫‪‬‬
‫جمع أكثر من ميت في قبر واحد‬ ‫‪‬‬
‫وضع حجر أو حجرين على القبر‬ ‫‪‬‬
‫من يشتغل بحفر القبر ال يحرم عليه الجلوس أو العمل أثناء وصول الميت المقبرة‬ ‫‪‬‬
‫وضع التراب في يد الميت عند وضعه في المقبرة‬ ‫‪‬‬
‫الدفن بالليل‬ ‫‪‬‬
‫الموعظة فوق القبر‬ ‫‪‬‬
‫حثو التراب على القبر‬ ‫‪‬‬
‫الحك بالجص أو الفحم على ظهر القبر‬ ‫‪‬‬
‫وضع اسمنت على القبر‬ ‫‪‬‬
‫نقل الميت من قبر إلى قبر‬ ‫‪‬‬
‫قلع أسنان الميت التي من ذهب‬ ‫‪‬‬
‫العمارة على القبور‬ ‫‪‬‬
‫حرمة الزراعة فوق القبور المكتشفة‬ ‫‪‬‬
‫وجوب إزالة بناء من بني فوق المقبرة‬ ‫‪‬‬
‫حرمة نقل القبور لشق طرق للسيارات‬ ‫‪‬‬
‫حرمة اتخاذ المقابر مالعب أو أحياء للسكن‬ ‫‪‬‬

‫‪218‬‬
‫الباب الرابـــــع‪ :‬الدفـــــــــــن‬

‫دفن امليت واجب كفائي‬

‫دفن الميت واجب كفائي إذا قام به البعض سقط الوجوب عن اآلخرين‪ ،‬الصحيح‪ :‬تحريم تجصيص القبور والجلوس على القبر أو المشي‬
‫(‪)3‬‬
‫صصَ الْقَبْرُ‪ ،‬وََأنْ يُقْ َع َد عََليْهِ‪ ،‬وََأنْ ُيبْنَى عََليْهِ)‬
‫عليه أو خرابه أو العمارة عليه لحديث (نَهَى رَسُولُ اللَ هِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬أنْ يُجَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫حدُكُمْ عَلَى جَمْ َرةٍ فَتُحْ ِرقَ ثِيَابَهُ فَتَخُْلصَ إِلَى جِ ْل ِدهِ خَيْرٌ لَهُ ِمنْ َأنْ يَجْلِسَ عَلَى َقبْرٍ) الحديثان يدالن على تحريم‬ ‫ولحديث (لََأنْ يَجْلِسَ أَ َ‬
‫الجلوس على القبر والبناء عليه أو خرابه والمراد بالقعود الجلوس عليه أي جلوس‪ ،‬وليس المراد بالنهى هوالجلوس لقضاء الحاجة ألن‬
‫لفظ الجلوس يعم الجلوس لقضاء الحاجة ولغيره والنهي يشمل كل جلوس على القبر‪ ،‬وأما زيادة (يبول أو يتغوط) في حديث (من جلس‬
‫على قبر يبول أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة نار) فهي زيادة ضعيفة‪.‬‬

‫األذان عند دفن امليت‬


‫األذان عند دفن الميت ليس له أصل في الشريعة اإلسالمية وأول من عمله في اليمن (أبو الحسن على األصفهاني) أحد علماء تعز في‬
‫القرن السابع الهجري‪ ،‬ثم تبعة الناس ولم يرد عليه دليل ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره‪.‬‬

‫تلقني امليت أثناء دفنه‬


‫تلقين الميت أثناء دفنه عادة موجودة في المناطق التي تتمذهب بالمذهب الشافعي‪ ،‬وحديث التلقين موجود في كتب الفقه والحديث‪ ،‬لكن‬
‫العالمة صالح المقبلي والعالمة محمد بن إسماعيل األمير والعالمة المحدث محمد ناصرالدين األلباني رحمهم اهلل تعالى قالوا‪ :‬بأنه حديث‬
‫موضوع‪.‬‬

‫حفر قرب فوق قرب قديم‬


‫إذا حفر شخص قبراً فوق قبر وهو ال يعلم أنه قبر فوجد عظام جثة فيجب عليه أن يغطي القبر األول ويحفر قبراً آخر في موضع آخر‪.‬‬

‫حفر القبور فوق القبور التي قد ذهب أثرها‬


‫ال يجوز حفر القبور فوق القبور التي قد ذهب أثرها إال إذا قد ذهب كل أثرلها‪ ،‬كما في حالة السيول التي قد أخذت كل شيء بما فيها‬
‫الجثث‪ ،‬أما إ ذا كانت الجثث أو شيء من عظام الجثث موجوداً‪ ،‬فال يجوز ألن الجثث محترمة‪.‬‬

‫رفع القرب أكثر من شرب‬


‫ال يجوز رفع القبر أ كثر من شبر سواءً كان قبر عالم أو غير عالم فاضل أو غير فاضل قبر رجل مشهور أو غير مشهور لحديث (أَأل‬
‫س َو ْيتَهُ)(‪ )1‬الحديث يدل على‬
‫َأبْ َع ُثكَ عَلَى مَا بَ َع َثنِي عََليْهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا َت َدعَ تِ ْمثَالًا إِلَا طَمَسْتَهُ وَلَا َقبْرًا مُشْرِفًا إِلَا َ‬
‫تحريم رفع القبور وعلى تحريم بناء القبب والمساجد عليها لحديث (لعن اهلل اليهود والنصارى اتخدوا قبور أنبيائهم مساجداً)(‪.)4‬‬

‫دفن األعضاء الصناعية مع امليت‬


‫ال يشرع دفن اليد أو الرجل الصناعية مع الميت ألنها ليست عضواً من أعضاء جسد الميت يجب دفنها وإنما هي شيء مصنوع من غير‬
‫جسد الميت فال يجوز دفنها في القبر جنب جثة الميت ألنه إسراف بالمال واإلسراف بالمال حرام‪ ،‬واألولى أن تعطى لشخص آخر محتاج‬
‫لها إن كان فقيراً فيتصدق بها عليه وإن كان غنياً فتباع منه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2242‬بلفظ (عَنْ جَابِرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَهَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن يُبْنَى عَلَيْهِ)‪.‬‬
‫ن يُقْعَ َد عَلَيْهِ‪ ،‬وَأَ ْ‬
‫ص الْقَبْرُ‪ ،‬وَأَ ْ‬
‫ن يُجَصَ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مستد المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬التجصيص‪ :‬طالء القبر بالجص‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب النهي عن الجلوس على القبر والصالة عليه‪ .‬حديث رقم(‪ ) 2245‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَال‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ)‪.‬‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ص إِلَى جِلْدِهِ خَيْ ٌر لَهُ مِ ْ‬‫ق ثِيَابَ ُه فَتَخُْل َ‬‫س أَحَدُكُ ْم عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِ َ‬ ‫ن يَجْلِ َ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬لَأَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ما جاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تخلص‪ :‬تصل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجنائز‪ .‬باب األمر بتسوية القبر‪ .‬حديث رقم (‪ )2240‬بلفظ (عَنْ أَبِي الْهَيَاجِ الْأَ سَدِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ لِي عَلِيُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‪ :‬أَأل أَبْعَثُكَ عَلَى مَا‬
‫ع تِمْثَالًا إِلَا طَمَسْتَ ُه وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَا سَوَيْتَهُ)‪.‬‬
‫بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬لَا تَدَ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الجن ائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫المشرف‪ :‬البارز المرتفع عن مستوى األرض‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الطمس‪ :‬اإلزالة واإلبطال والمحو‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب مايكره من اتخاذ المساجد على القبور‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1330‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن يُتَخَذَ مَسْجِدًا)‪.‬‬
‫ك لَأَبْرَزُوا قَبْرَهُ غَيْ َر أَنِي أَخْشَى أَ ْ‬
‫ن اللَ ُه الْيَهُودَ وَالنَصَارَى اتَخَذُوا قُبُو َر أَنْبِيَائِهِ ْم مَسْجِدًا قَالَتْ وَلَوْلَا ذَلِ َ‬ ‫وَسَلَ َم قَا َل فِي مَرَضِ ِه الَذِي مَاتَ فِيهِ لَعَ َ‬
‫أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصالة‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫اطراف الجديث‪ :‬الجنائز‪ ،‬أحاديث األنبياء‪.‬‬
‫‪219‬‬
‫مجع أكثر من ميت يف قرب واحد‬
‫األص ل أن كل ميت يوضع في قبر خاص به ال يشاركه فيه أحد‪ ،‬ولكن في حالة الحروب أو الزالزل أو البراكين أو الفيضانات أو‬
‫األمراض المعدية أو نحوها من الكوارث التي تسبب الموت الجماعي فيجوز جمع أكثر من ميت في القبر الواحد وجمع العدد من الموتى‬
‫في القبر الواحد مثلما حصل في يوم غزوة أحد فكان الصحابة يجمعون المتآخين في اهلل ويضعونهم في قبر واحد‪ ،‬وكانوا يقدمون األقرأ‬
‫للقرآن واألفضل في القبر وكان الرسول ‪ ‬يجوِز قبر أكثر من شهيد في قبر واحد للضرورة لحديث (كان النبي ‪ ‬يجمع بين الرجلين‬
‫من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول أيهم أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد‪ ،‬قال‪ :‬أنا شهيد على هؤالء يوم‬
‫القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم)(‪.)3‬‬

‫وضع حجر أو حجرين على القرب‬


‫ال يشرع وضع حجر على قبر الذكر وحجرين على قبر األنثى ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال من تقريره وإنما هي عادة يمنية‬
‫وهي بدعة من بدع القبور المستحدثة ألنه ال حاجة لمعرفة تمييز قبر الذكر بوضع حجر واحد عليه وتمييز قبر األنثى بوضع حجرين‬
‫عليه‪ ،‬وهذه العادة لم تعرف في أيام النبي ‪ ‬وال في أيام الصحابة والتابعين وال استحسنها أحد منهم‪.‬‬
‫من يشتغل حبفر القرب ال حيرم عليه اجللوس أو العمل أثناء وصول امليت املقربة‬
‫ال يحرم الجلوس أو العمل في حفر القبر على من يشتغل بحفر القبر وتجهيزه أثناء وصول الميت إلى المقبرة قبل أن توضع من على‬
‫أكتاف المشيعين‪ ،‬والنهى الدال على تحريم الجلوس في المقبرة قبل أن توضع الجنازة على األرض هو خاص بمن يشيع الميت إلى‬
‫المقبرة وال يدخل في النهي من هم مشتغلون بحفر القبر وتجهيزه‪ ،‬الحديث الدال على تحريم الجلوس على المشيعين قبل وضع الجنازة هو‬
‫بلفظ (فمن تبعها فال يقعد حتى توضع)(‪.)2‬‬
‫وضع الرتاب يف يد امليت عند وضعه يف املقربة‬
‫هناك من يضع في يد الميت كمية من التراب للقول بأنه لم يخرج من الدنيا إال بالتراب وليس على هذا الفعل دليل ال من قول النبي ‪ ‬وال‬
‫من فعله وال من تقريره‪ ،‬والمشروع هو أن يوسد الميت ويوضع خلف ظهره التراب ويوجه نحو القبلة‪.‬‬

‫الدفن بالليل‬
‫الدفن بالليل جائز ألن المشروع هو التعجيل بالدفن وقد كان الدفن بالليل يقع في زمن النبي ‪ ‬كما في حديث (صلى النبي ‪ ‬على رجل‬
‫بعد ما دفن بليلة‪ ،‬فقال‪ :‬من هذا؟ فقالوا‪ :‬فالن دفن البارحة فصلوا عليه)(‪ )1‬ويجوز استخدام اإلضاءة لحفر القبر وللدفن ليالً وال شيء‬
‫في ذلك ألن اإلضاءة لعمل تجهيز القبر هو عمل مشرع وليست لشيء منهي عنه كتسريج القبر أو لتتبع الجنازة بالنار‪ ،‬ويجوز الدفن‬
‫بالليل وال سميا في المناطق الحارة التي يخشى فيها من تغير رائحة الميت‪.‬‬
‫املوعظة فوق القرب‬
‫يستحسن الموعظة في المقبرة أثناء أو عقيب دفن الميت ألن الموت موعظة وكفى بالموت واعظاً‪.‬‬
‫حثو الرتاب على القرب‬
‫يستحب حثو التراب ثالث حثيات من قبل رأس الميت أثناء إهالة التراب على القبر بعد وضع الميت في القبر لحديث (أن رسول اهلل ‪‬‬
‫صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثالثا)(‪.)4‬‬
‫احلك باجلص أو الفحم على ظهر القرب‬
‫عادة الحك بالجص ذي اللون األبيض أو بالفحم إلحداث خط أسود على القبر ال أصل لها في الشرع ال من قول النبي ‪ ‬وال من فعله وال‬
‫من تقريره وإنما وردت عبارة في بعض حواشي كتب الفقه (أن من زار قريبه في القبر وقرأ له القرآن أو دعا له وخط على قبره خطوطاً‬
‫بيضاء يبقى له األجر ما دام الحك موجوداً) حتى أن بعض الناس في صنعاء يضع حجراً كبيراً على القبر لقصد الخط عليه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الصالة على الشهيد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1347‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه‬
‫ن الرَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ‪ ،‬ثُ َم يَقُولُ‪ :‬أَيُهُ ْم أَكْثَ ُر أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِي َر لَ ُه إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَمَ ُه فِي اللَحْدِ‪ ،‬وَقَا َل‪ :‬أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَا ِء يَوْمَ‬ ‫وَسَلَ َم يَجْمَ ُع بَيْ َ‬
‫الْقِيَامَةِ‪ ،‬وَأَمَ َر بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ‪ ،‬وَلَ ْم يُغَسَلُوا‪ ،‬وَلَ ْم يُصَلَ عَلَيْهِمْ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الجنائ ز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ عَ ْ‬
‫ن أَبِي سَعِي ٍد الْخُدْرِيِ رَضِ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب من تبع جنازة فال يقعد حتى توضع‪ .‬حديث رقم (‪ )1310‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُ ْد حَتَى تُوضَعَ)‪.‬‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا رَأَيْتُ ْم الْجَنَازَ َة فَقُومُوا فَمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب الدفن باليل‪ .‬حديث رقم (‪ )1340‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَلَى‬
‫ن الْبَارِحَةَ فَصَلَوْا عَلَيْهِ)‪.‬‬ ‫ن سَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ‪ :‬مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا‪ :‬فُلَانٌ دُفِ َ‬ ‫ن بِلَيْلَةٍ قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ‪ ،‬وَكَا َ‬ ‫رَجُ ٍل بَعْ َد مَا دُفِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجنائز‪ ،‬والترمذي في الجنائز‪ ،‬والنسائي في الجنائز‪ ،‬وأبو داود في الجنائز‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَ َة أَنَ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ صَلَى عَلَى‬ ‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب ما جاء في حثو التراب في القبر‪ .‬حديث رقم (‪ )1251‬بلفط (عَ ْ‬
‫ن قِبَلِ رَأْسِ ِه ثَلَاثًا) صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬ ‫عَلَى جِنَازَةٍ‪ ،‬ثُ َم أَتَى قَبْ َر الْمَيِتِ فَحَثَى عَلَيْ ِه مِ ْ‬
‫انفرد به ابن ماجة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الحثو‪ :‬األخذ بملء الكفين والرمي بهما‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫وضع امسنت على القرب‬
‫يجوز استخدام اإلسمنت لتثبيت األحجار على القبر وال يجوز رفع البناء عليه على شبر من األرض‪ ،‬أما إذا كان الرفع للزينة فال يجوز‪.‬‬

‫نقل امليت من قرب إىل قرب‬


‫ال يجوز نقل الميت من قبر إلى قبر ألن لقبر الميت حرمة من الثرى إلى الثريا‪ ،‬والميت قد اختص بالقبر الذي دفن فيه فال يجوز إخراجه‬
‫منه‪.‬‬

‫قلع أسنان امليت التي من ذهب‬


‫ال يجوز قلع أسنان الميت التي من ذهب ألن قلعها مثلة بالميت وانتهاك لحرمة الميت التي ورد عن الرسول ‪ ‬أن حرمة الميت كحرمة‬
‫الحي وأن (كسر عّظم الميت ككسر عّظم الحي)(‪.)3‬‬

‫العمارة على القبور‬


‫العمارة فوق القبور محرمة ألن للقبور حرمتها من الثرى إلى الثريا فال تجوز العمارة فوق القبور مطلقاً سواء كانت العمارة بيتاً أو‬
‫مدرسة أو مسجداً أو مؤسسة أو غيرها ألن األحاديث الصحيحة دلت على تحريم بناء أي شيء على أي قبر من قبور المسلمين لحديث‬
‫(لئن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)(‪ )2‬وإذا كان هذا الوعيد الشديد في حق من‬
‫يجلس على القبر والقبور فكيف بمن يعمر عليها‪ ،‬وقد لعن رسول اهلل ‪ ‬من يعمر على القبر أو القبور مسجداً في حديث (لعن اهلل اليهود‬
‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجداً)(‪ )1‬والنبي ‪ ‬يحذر المسلمين في هذا الحديث من الوقوع فيما وقع فيه اليهود والنصارى من‬
‫عمارة المساجد على القبور لتعظيم القبور والمقبورين‪ ،‬فكيف بمن يعمر على القبور انتهاكا لحرمتها واستهانة بحق وحرمة المقبورين‬
‫فيها‪ ،‬وعلى هذا فال يجوز استخدام أراضي قبور المسلمين ألي شيء وال يجوز أن يعمر عليها شيء ال لمصلحة عامة وال خاصة ألن‬
‫األراضي غير المقابر واسعة تكفي إلقامة العمارات العامة والخاصة عليها دون حاجة إلى انتهاك حرمة مقابر المسلمين بالعمارة عليها‪.‬‬

‫حرمة الزراعة فوق القبور املكتشفة‬


‫من اكتشف في مزرعته قبراً أو قبوراً فيحرم عليه زراعتها ويجب عليه أن يحدد الموضع الذي فيه قبراً أو قبوراً ويحوطه باألحجار أو‬
‫اللبن أو نحوه لتعرف أنها قبورألنه يجب على اإلنسان أن ينتهي عن زراعة القبور المكتشفة أو العمارة عليها أو وطئها باألقدام أو المشي‬
‫عليها ألن حرمة القبور من الثرى إلى الثريا‪.‬‬

‫وجوب إزالة بناء من بني فوق املقربة‬


‫يجب على من بنى فوق المقبرة أن يزيل البناء من فوق المقبرة أي بناء كان للوعيد الشديد لمن يجلس على القبر في حديث (ألن يجلس‬
‫أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)(‪ )4‬فإذا كان هذا الوعيد الشديد في حق من يجلس على‬
‫القبر فكيف بمن يبني على القبر ويستحل السكن والعمل والجلوس والمشي وغيرها من األفعال على القبر الذي حرمته من الثرى إلى‬
‫الثريا‪.‬‬

‫حرمة نقل القبور لشق طرق للسيارات‬


‫ال يجوز نقل ا لقبور لتكون طرقاً للسيارات مع أنه توجد مساحات أخرى غير المقبرة لشق الطرقات ألنه إذا كان الرسول ‪ ‬قد حرَم‬
‫الجلوس على القبر أو القبور والمشي عليها باألقدام فكيف بشق الطرق واستطراقها للسيارات والمركبات وسائر وسائل المواصالت‬
‫ويجب أن تشق الطرقات في أراض خالية من القبور‪.‬‬

‫حرمة اختاذ املقابر مالعب أو أحياء للسكن‬


‫ال يجوز اتخاذ المقابر مالعباً أو أحياء للسكن ألن للميت حرمة وقد توعد الرسول ‪ ‬من يجلس على القبر مجرد الجلوس في حديث (ألن‬
‫يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلدة خير له من أن يجلس على قبر)(‪ )5‬فكيف بمن يتخذ المقبرة ملعباً تمارس فيه‬
‫األلعاب المختلفة بصورة دائمة أو حياً سكنياً تمارس عليه كل أنواع الحياة من بناء وسكن وتجارة وعمارة وحرف ومشي وامتهان للقبور‬
‫وانتهاك لحرمتها بكل ما يحدث عليها أو يمارس فوقها‪ ،‬فإذا كان الجلوس على القبور محرما فاتخاذ المقابر مالعباً أو مساكناً محرم من‬
‫باب أولى وبناء على هذا فال يجوز اللعب فوق القبور وال يجوز السكن فوق القبور ألن حرمتها من الثرى إلى الثريا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب كسر العّظم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3207‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ كَسْرُ عَّظْمِ الْمَيِتِ كَكَسْرِهِ حَيًا)‬
‫صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في ماجاء في الجنائز‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)2245‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)1330‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)2245‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)2245‬‬
‫‪221‬‬
‫كتاب‬

‫الزكـــــــــاة‬

‫‪222‬‬
‫الكتاب الرابع‪ :‬كتاب الزكاة‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬الزكاة ومشروعيتها‬


‫‪ ‬الباب الثاني ‪ :‬األموال التي تجب فيها الزكاة‬
‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬نصاب األموال الزكوية‬
‫‪ ‬الباب الرابع‪ :‬وقت الزكاة‬
‫‪ ‬الباب الخامس‪ :‬مصارف الزكاة‬
‫‪ ‬الباب السادس‪ :‬زكاة الفطر‬

‫‪223‬‬
‫الباب األول ‪ :‬الزكــــــــاة ومشروعيتـهـا‬

‫تعريف الزكاة‬ ‫‪‬‬


‫مشروعية الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الزكاة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫زكاة مال الصبي واليتيم والمجنون‬ ‫‪‬‬
‫زكــاة أهل الذمة‬ ‫‪‬‬
‫زكاة العبيد‬ ‫‪‬‬
‫زكاة من عليه دين يستغرق ماله‬ ‫‪‬‬
‫زكاة المال المديون لدى الغير‬ ‫‪‬‬
‫زكاة األموال الموقوفة‬ ‫‪‬‬
‫زكاة األرض المستأجرة‬ ‫‪‬‬
‫زكاة األرض الخراجية‬ ‫‪‬‬
‫إذا أخرج المالك الزكاة فضاعت‬ ‫‪‬‬
‫إذا ذهب بعض المال بعد وجوب الزكاة وقبل التمكن من إخراج الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫من مات بعد وجوب الزكاة عليه وقبل إخراجها‬ ‫‪‬‬
‫إذا بيع المال بعد وجوب الزكاة فيه‬ ‫‪‬‬
‫إذا وهب المال بعد وجوب الزكاة فيه‬ ‫‪‬‬
‫حكم من منع الزكاة ولم يجحد وجوبها‬ ‫‪‬‬
‫إثم مانع الزكاة‬ ‫‪‬‬

‫‪224‬‬
‫الباب األول‪ :‬الزكاة ومشروعيتها‬

‫تعريف الزكاة‬

‫الزكاة (لغة)‪ :‬النماء والزيادة‪ ،‬وسمي المُخرََج زكاة ألنه يزيد المخرج منه وينميه‪.‬‬
‫الزكاة (شرعاً)‪ :‬حق واجب في مال معلوم بلغ النصاب لمصارف معلومة في وقت معلوم‪.‬‬

‫مشروعية الزكاة‬
‫ال َتكَ سَ َكنٌ َلهُمْ‬
‫صَ‬ ‫ن َ‬
‫صلِ عََل ْيهِمْ ِإ َ‬
‫طهِرُهُمْ وَتُزَكِيهِم ِبهَا َو َ‬
‫صدَقَةً تُ َ‬
‫خذْ مِنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫الزكاة مشروعة بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى { ُ‬
‫خذُ من أغنيائهم وتُرَدُ على‬ ‫وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(‪ )1‬وأما من السنة فحديث (فَأعْلِ ْمهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤ َ‬
‫فُقَرائهم)(‪.)2‬‬

‫وجوب الزكاة‪.‬‬

‫صالَ َتكَ سَكَ ٌ‬


‫ن‬ ‫صلِ عََل ْيهِمْ ِإنَ َ‬
‫طهِرُهُمْ َوتُزَكِيهِم ِبهَا َو َ‬
‫صدَقَةً تُ َ‬
‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫الزكاة واجبة على كل مسلم حر مالك للنصاب لقوله تعالى { ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫خذُ من أغنيائهم وتُ َردُ على فُقَرائهم) فالصدقة‬ ‫َلهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ولحديث (فأَعْلِ ْمهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤ َ‬
‫واجبة في أموال األغنياء ذكوراً أو إناثاً صغاراً أو كباراً ألن لفظ (أغنيائهم) في الحديث جمع مضاف وهو يفيد العموم‪.‬‬

‫زكاة مال الصبي واليتيم واجملنون‬


‫الصحيح‪ :‬وجوب الزكاة في مال الصبي واليتيم والمجنون ألنها حق واجب للفقراء والمساكين في أموال األغنياء من المسلمين سواء كانوا‬
‫بالغين أو غير بالغين أصحاء أو مجانين ذكوراً أو إناثاً ألن الوجوب تعلق بالمال ال بذمة المالك‪ ،‬وألن رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم أمر معاذ بن جبل رضي اهلل عنه حين بعثه إلى اليمن أن يعلمهم أن اهلل افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم‪،‬‬
‫ولفظ (أغنيائهم) في الحديث لفظ عام ألنه جمع مضاف وهو يعم جميع األغنياء بما فيهم األغنياء من الصبيان والمجانين واأليتام ألن‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم عمم ولم يخصص من العام األيتام أو المجانين أو الصبيان‪ ،‬وأطلق ولم يقيد والرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
‫مهمته بيان ما أوجب اهلل على الناس ولو كان األغنياء من الصبيان أو المجانين أو األيتام مستثنيين من وجوب الزكاة لبينه النبي صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم بيانا واضحا بلفظ واضح ألن تأخير البيان في وقت الحاجة ال يجوز‪ ،‬وقد قال اهلل تعالى في بيان مهمة الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم {وَأَنزَ ْلنَا إَِل ْيكَ الذِكْرَ ِلتُ َب ِينَ لِلنَاسِ مَا نُ ِزلَ إَِل ْيهِمْ وَلَعََلهُمْ َيتَفَكَرُونَ}(‪ )4‬وقال تعالى {وَمَا عَلَى الرَسُولِ إِلَا ا ْلبَلَاغُ الْ ُمبِينُ}(‪ )5‬البالغ‬
‫المبين في حديث معاذ قد دل داللة صريحة على وجوب الزكاة في أموال جميع األغنياء بدون فرق بين غني كبير وصغير وغني صحيح‬
‫أومجنون‪ ،‬والزكاة واجبة في ما تخرج األرض وفي غيره من األموال األخرى ألن اهلل تعالى أوجب الزكاة في جميع األموال ولم يفرق‬
‫طهِرُهُمْ َوتُزَكِيهِم بِهَا}(‪ )6‬لفظ (أموالهم) في اآلية الكريمة لفظ عام ألنه جمع‬ ‫صدَقَةً تُ َ‬ ‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬ ‫بين مال ومال في قوله تعالى { ُ‬
‫مضاف فيعم جميع األموال التي يصدق عليها لفظ المال سواء كانت مما تخرج األرض أو من األنعام أومن الذهب أو الفضة أو من‬
‫صدَقَةً} والزكاة عبادة لم يشترط‬ ‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫عروض التجارة أو من غيرها مما يصدق عليه أسم المال الذي يشمله عموم قوله تعالى { ُ‬
‫فيها التكليف‪ ،‬ولذا فالزكاة واجبة في كل مال سواء كان حراَ أو وقفا أو وصية لدخوله في عموم لفظ (أموالهم) في اآلية الكريمة‪.‬‬

‫زكــاة أهل الذمة‬


‫الصحيح‪ :‬عدم وجوب الزكاة في أموال أهل الذمة ألنهم مطالبون بالدخول في اإلسالم أوال‪ ،‬ثم يطالبون بالواجبات الشرعية من فعل‬
‫الصالة والزكاة والصوم والحج وغيرها من التكاليف الشرعية‪ ،‬وما تأخذه الدولة اإلسالمية من أهل الذمة ال يسمى زكاة وإنما يسمى‬
‫(جزية)‪ ،‬وأما من أطلق عليهم(نصارى بني تغلب من عرب قحطان) فقد انقرضوا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)103( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب وجوب الزكاة وقول اهلل تعالى (وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة)‪ .‬حديث برقم (‪ )1315‬بلفظ (عنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللّه‬
‫عنهما‪ ،‬أنّ النبيّ ‪ ‬بَعثَ مُعاذاً ‪ ‬إلى اليَمن فقال‪ :‬ادْعُهم إِلَى‪ :‬شهادةِ أنْ ال إله إالّ اللّهُ وأني رسولُ اللّهِ‪ ،‬فإن هُمْ أطاعوا لذلك فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افت َرضَ عليهم‬
‫ن اللّ َه افترضَ عليهم صدق ًة في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤخَذُ من أغنيائهم وتُرَدُ على فُقَرائهم)‪.‬‬ ‫ت في ك ّل يومٍ وليلة‪ ،‬فإن هم أطاعوا لذلك‪ ،‬فأَعْلِمْهُم أ ّ‬
‫خَمسَ صَلوا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬المّظالم والغصب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪)1315‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النحل‪.)44( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النور‪.)54( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)103( :‬‬
‫‪225‬‬
‫زكاة العبيد‬
‫الصحيح‪ :‬أن العبد ال تجب عليه الزكاة ألنه ال يملك ماال وال يجوز للعبد أن يملك شيئا من األموال ألن العبد كل ماله يكون ملكا لسيده‬
‫فمن أوصى بمال لعبد أو نذر له نذرا أو أوقف له شيئا من المال فإن المال الموصى به أو المنذوربه أو الموقوف للعبد ال يدخل في ملك‬
‫العبد وإنما يدخل في ملك سيد العبد‪.‬‬

‫زكاة من عليه دين يستغرق ماله‬


‫الصحيح‪ :‬أن أدلة وجوب الزكاة في أموال األغنياء لم تفرق بين غني مديون وغني غير مديون أو بين مال شخص مديون وبين أموال‬
‫صدَقَةً تُطَهِرُهُمْ َوتُزَكِيهِم بِهَا}(‪ )1‬فاألموال في اآلية عامة ولم يرد ما يخصص أموال‬
‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫شخص غير مديون قال تعالى { ُ‬
‫الشخص المديون بل اآلية عامة في إيجاب الزكاة على كل مال بلغ النصاب‪ ،‬ولفظ الغني في حديث(فأَعْلِ ْمهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم‬
‫خذُ‬
‫خذُ من أغنيائهم وتُ َردُ على فُقَرائهم) عام ولم يخصص منه الغني المديون فلفظ الحديث عام غير مخصص (تُؤ َ‬ ‫صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫من أغنيائهم وتُ َردُ على فُقَرائهم) وبناء على هذا فالدين ال يمنع وجوب الزكاة ألن الزكاة نماء للمال وبركة فيه وفي الحديث (مانقص‬
‫مال عبد من صدقة)(‪.)3‬‬

‫زكاة املال املديون لدى الغري‬


‫المال الذي هو دين في ذمة الغير إن كان المالك متيقنا رجوعه أو يغلب على طنة رجوعه فيجب على المالك أن يخرج زكاته‪ ،‬وإن كان‬
‫المالك متيقنا عدم رجوعه أو يغلب على ظنة عدم رجوعه فال يجب على المالك إخراج الزكاة على الدين الميؤوس من رجوعه‪ ،‬وإذا‬
‫رجع إليه في يوم من األيام فيزكي عليه من وقت رجوعه كأنه مال جديد دخل في ملكة يستأنف به الحول من وقت رجوعه‪ ،‬وإذا دخل في‬
‫ملك اإلنسان مال مثل الميراث فيبدأ حول الزكاة من يوم دخول المال في ملك المالك‪.‬‬
‫زكاة األموال املوقوفة‬
‫الصحيح‪ :‬أن الزكاة واجبة على األموال الموقوفة ألن الزكاة حق للفقراء والمساكين في المال سواء كان المال حرا أو موقوفا لعموم قوله‬
‫طهِرُهُمْ َوتُزَكِيهِم ِبهَا}(‪ )4‬فاألموال في اآلية تعم األموال الحرة و األموال الموقوفة‪.‬‬
‫صدَقَةً تُ َ‬
‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫تعالى { ُ‬

‫زكاة األرض املستأجرة‬


‫الصحيح‪ :‬أن زكاة غلة األرض المستأجرة تجب على مستأجر األرض ألن الزكاة هي واجبة على غلة األرض والمستأجر هو الذي بيده‬
‫غلة األرض‪.‬‬

‫زكاة األرض اخلراجية‬


‫الصحيح‪ :‬أن غلة األرض الخراجية يجب فيها الزكاة ألن غلة األرض الخراجية لها قيمة مالية تقوم بالدنانير ولذا فغلة األرض الخراجية‬
‫طهِرُهُمْ َوتُزَكِيهِم ِبهَا}‬
‫صدَقَةً تُ َ‬
‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫تسمى ماال يدخل تحت عموم األموال التي أمر اهلل بإخراج الزكاة منها في قوله تعالى { ُ‬
‫وغلة األرض الخراجية إذا بلغت نصابا من الحبوب أو أكثر أو بلغت قيمة الغلة قيمة نصاب الذهب أو الفضة أو أكثر تُصيِر مالك‬
‫األرض غنيا من األغنياء الذين افترض اهلل علي أموالهم صدقة تؤخذ منهم وترد على الفقراء والمساكين في حديث (فَأعْلِ ْمهُم أنّ اللّهَ‬
‫خذُ من أغنيائهم وتُ َردُ على فُقَرائهم)(‪ ،)5‬ولذا فاألرض الخراجية إذا امتلكها مسلم فيجب عليه‬ ‫افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤ َ‬
‫إخراج الزكاة على غلتها إذا بلغت نصابا أو ما قيمته قيمة نصاب الذهب أو الفضة ألن اهلل تعالى أوجب الزكاة على المسلمين‪ ،‬وإذا امتلك‬
‫األرض الخراجية ذمي فال يجب عليه زكاة ألن الزكاة ال يخاطب بها الذمي قبل إعالن الشهادتين‪ ،‬واليمن أرض عشرية وليست بأرض‬
‫خراجية وال يجب على أهلها إال إخراج الزكاة فقط‪ ،‬ألنها لم تفتح عنوة‪ ،‬واألرض الخراجية هي التي فتحت عنوة مثل أرض مصر‬
‫والمغرب العربي وأرض العراق والشام وافغانستان وغيرها من األراضي التي فتحها المسلمون عنوة‪ ،‬واألرض العشرية هي األراضي‬
‫التي لم تفتح عنوة مثل أرض اليمن واندنوسيا وماليزيا وغيرها من البلدان التي لم تفتح عنوة‪ ،‬واألرض الخراجية يفرض عليها خراج‬
‫سواء ملكها كافر أو مسلم‪ ،‬واألرض العشرية ال يفرض عليها خراج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)103( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1315‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الزهد‪ :‬باب ماجاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2325‬بلفظ (عن أبو كبشة األنماري‪ ،‬أنه سمع رسول اهلل يقول‪ :‬ثالثة أقسم‬
‫عليهن‪ ،‬وأح دثكم حديثا فاحفّظوه‪ .‬قال‪ :‬مانقض مال عبد من صدقة‪ ،‬والظلم عبد مّظلمة فصبر عليها إال زاده اهلل عزا‪ ،‬والفتح عبد باب مسألة إالفتح اهلل عليه باب‬
‫فقر أو كلمة نحوها‪.‬وأحدثكم حديثا فاحفّظوه‪ .‬قال‪:‬إنما الدنيا ألربعة نفر‪ .‬عبد رزقه اهلل ماالوعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم هلل فيه حقافهذا بأفضل‬
‫المنازل‪ ،‬وعبد رزقه اهلل علما ولم يرزقه ماالفهوفهو صادق النية يقول‪ :‬لوأن لي ماال لعملت بعمل فالن فهو بنيته فأجرهما سواء‪ ،‬وعبد زرقه اهلل ماالولم يرزقه‬
‫علماً فهو يخبط في ماله بغير علم‪ ،‬اليتقي فيه ربه واليصل فيه رحمه واليعلم في ه هلل حقا‪ ،‬فهذا بأخبث المنازل‪ ،‬وعبد لم يرزقه اهلل ماال والعلما فهو يقول‪ :‬لو أن‬
‫لي ماال لعملت فيه بعمل فالن فهو بنيته فوزرهما سواء)‪.‬صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)103( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1315‬‬
‫‪226‬‬
‫إذا أخرج املالك الزكاة فضاعت‬
‫األصل أن المزكي يسلم الزكاة للجهة التي تتولى جباية الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية فور وجوبها وفور تمكنه من إخراجها‪ ،‬فإذا‬
‫أخرج المالك الزكاة فضاعت أو هلكت قبل أن يسلمها لجهة جبايتها فالصحيح‪ :‬أن المالك إذا فرط في حفظ الزكاة فيضمنها أو تراخى عن‬
‫تسليمها بعد تمكنه من تسليمها فيضمن ويجب عليه إخراج بدال عنها وتسليمها للجهة الشرعية المتخصصة في جبايتها وصرفها‪ ،‬وإن‬
‫أخرج المالك الزكاة وحفظها في حرز وظلت أو هلكت قبل أن يسلمها للجهة الشرعية المختصة بجبايتها وصرفها‪ ،‬وكان ضياعها أو‬
‫هالكها بدون سبب منه أو تفريط فال يضمن‪.‬‬

‫إذا ذهب بعض املال بعد وجوب الزكاة وقبل التمكن من إخراج الزكاة‬
‫الصحيح‪ :‬أن من وجبت عليه الزكاة وتمكن من إخراجها ولم يخرجها حتى ذهب بعض المال فإنه ضامن ويجب عليه إخراج الزكاة‬
‫وتسليمها للجهة الشرعية المختصة بجباية الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية‪ ،‬أما من ذهب عليه بعض المال بعد وجوب الزكاة وقبل‬
‫تمكنه من إخراجها فحكمه حكم األمين‪ ،‬واألمين ال يضمن إال إذا فرط‪.‬‬

‫من مات بعد وجوب الزكاة عليه وقبل إخراجها‬


‫الصحيح‪ :‬أن من مات بعد وجوب الزكاة عليه وقبل إخراجها فهي دين عليه تخرج من رأس تركته قبل القسمة ألنها دين هلل تعالى في ذمة‬
‫(‪)1‬‬
‫صيَةً ِمنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}‬
‫غيْرَ ُمضَآر َو ِ‬
‫صيَةٍ يُوصَى بِهَا َأوْ َد ْينٍ َ‬
‫الميت‪ ،‬والدين يخرج من رأس التركة لقوله تعالى {مِن بَ ْعدِ وَ ِ‬
‫حقُ َأنْ يُ ْقضَى)(‪.)2‬‬
‫ولحديث ( َفدَ ْينُ اللَهِ أَ َ‬

‫إذا بيع املال بعد وجوب الزكاة فيه‬


‫إذا بيع المال بعد وجوب الزكاة فيه وقبل إخراج الزكاة منه فالصحيح‪ :‬أن الزكاة واجبة على البائع حيث فرط ببيعه المال قبل إخراج‬
‫الزكاة منه وألن الزكاة واجبة في ذمة المالك‪.‬‬

‫إذا وهب املال بعد وجوب الزكاة فيه‬


‫الصحيح‪ :‬أن الزكاة في المال الموهوب واجبة على الواهب ألنه فرط بهبة المال قبل إخراج الزكاة منه‪ ،‬والزكاة في ذمة الواهب الذي‬
‫فرط بعدم إخراج الزكاة من المال الموهوب فور الوجوب والتمكن من اإلخراج‪.‬‬
‫حكم من منع الزكاة ومل جيحد وجوبها‬
‫الصحيح‪ :‬أن مانع الزكاة الذي لم يجحد وجوبها يسمى فاسقا‪ ،‬والفسق (لغة) ‪ :‬هو الخروج عن طاعة اهلل تعالى‪ ،‬والفسق في القرآن‬
‫الكريم يطلق على مطلق الخروج عن الطاعة سواء كان بكبيرة أم بصغيرة والفسق كبيرة من كبائر اإلثم تستوجب عقوبة صاحبها في‬
‫عذَابَ النَارِ اَلذِي كُنتُم بِهِ‬ ‫النار قال تعالى {وَأَمَا اَلذِينَ فَسَقُوا فَمَ ْأوَاهُمُ النَارُ كُلَمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا ِم ْنهَا ُأعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ َلهُمْ ذُوقُوا َ‬
‫حدٍ ِم ْنهُم مَاتَ َأبَداً وَالَ تَقُمْ عَلَىَ َقبْ ِر ِه ِإ َنهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ‬ ‫تُ َك ِذبُونَ}(‪ )3‬وأطلق لفظ الفسق على الكفر في قوله تعالى {وَالَ تُ َ‬
‫صلِ عَلَى أَ َ‬
‫وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ}(‪ )4‬وأبو بكر الصديق اعتبر مانعي الزكاة مرتدين واستحل قتالهم وقال قولته الشهيرة (وَاللَهِ َلوْ َمنَعُونِي َ‬
‫عنَاقًا كَانُوا‬
‫ُي َؤدُونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ لَقَاتَ ْل ُتهُمْ عَلَى َمنْ ِعهَا)(‪ )5‬ألن الزكاة أحد أركان اإلسالم الخمسة ال يتم إسالم المسلم إال‬
‫خوَانُكُمْ فِي الدِينِ}(‪)6‬مفهوم‬ ‫الةَ وَآ َتوُاْ الزَكَاةَ فَِإ ْ‬‫بإيتاء الزكاة الواجبة إذا ملك المسلم ماال تجب فيه الزكاة قال تعالى {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَ َ‬
‫اآلية من لم يقم الصالة أو لم يؤد الزكاة فال أخوة بينه وبين المسلمين‪.‬‬
‫إثم مانع الزكاة‬
‫منع الزكاة كبيرة من كبائر اإلثم أو جب اهلل على فاعلها عقوبة من أشد العقوبات وأفظعها حيث جعل اهلل المال الذي منع صاحبه زكاته‬
‫سبِيلِ اللّهِ َفبَشِرْهُم بِ َعذَابٍ أَلِيمٍ * َيوْمَ يُحْمَى‬
‫وسيلة لتعذيبه به وسببا لشقائه قال تعالى {وَاَلذِينَ يَ ْكنِزُونَ الذَهَبَ وَالْ ِفضَةَ وَالَ يُنفِقُو َنهَا فِي َ‬
‫(‪)7‬‬
‫جبَا ُههُمْ وَجُنو ُبهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا َكنَ ْزتُمْ ألَنفُسِكُمْ َفذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَ ْكنِزُونَ} في اآلية داللة واضحة‬ ‫ج َهنَمَ َفتُكْوَى بِهَا ِ‬
‫عََل ْيهَا فِي نَارِ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)12( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب من مات وعليه صوم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1153‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن يُقْضَى)‪.‬‬ ‫ق أَ ْ‬‫ن اللَ ِه أَحَ ُ‬
‫ن أُمِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْ ُم شَهْرٍ‪ ،‬أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَدَيْ ُ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل ال لَهِ‪ ،‬إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬السجدة‪.)20( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)54( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب أخذ العناق في الصدقة‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1400‬بلفظ (عَنْ عُبَيْدِ اللَهِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬وَاللَهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا‪ ،‬قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪،‬‬
‫ت أَنَ ُه الْحَقُ)‪.‬‬
‫ي اللَهُ عَنْ ُه بِالْقِتَالِ‪ ،‬فَعَرَفْ ُ‬
‫ن اللَ َه شَرَحَ صَدْ َر أَبِي بَكْرٍ رَضِ َ‬ ‫ت أَ َ‬
‫فَمَا هُوَ إِلَا أَنْ رَأَيْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في األيمان‪ ،‬والترمذي في األيمان‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬االعتصام بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العناق‪ :‬األنثى من المعز إذا قويت مالم تستكمل سنة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)54( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)35 ،34( :‬‬
‫‪227‬‬
‫على أن اهلل تعالى يحوِل المال الذي لم يزكه مالكه في الدنيا وسيلة شديدة لتعذيبه وعقابه حيث يجعل المال صفائح من نار يكوى بها جبهة‬
‫وجنب وظهر مالكه الذي لم يخرج زكاته في الدنيا‪ ،‬وفي الحديث الشريف أن اهلل تعالى يحيي األموال التي من بهيمة األنعام في يوم‬
‫خيْرِ مَا كَانَتْ ِإذَا‬ ‫حبِهَا عَلَى َ‬ ‫القيامة كما كانت في الدنيا ليعذب اهلل بها مالكها الذي لم يؤد زكاتها في الدنيا‪ ،‬لفظ الحديث (تَ ْأتِي الْ ِإ ِبلُ عَلَى صَا ِ‬
‫خيْرِ مَا كَانَتْ ِإذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَ َقهَا‪ ،‬تَطَ ُؤهُ بِأَظْلَا ِفهَا َو َتنْطَحُهُ‬ ‫ح ِبهَا عَلَى َ‬ ‫ُهوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَ َقهَا‪ ،‬تَطَ ُؤهُ بِأَخْفَا ِفهَا‪ ،‬وَتَ ْأتِي الْ َغنَمُ عَلَى صَا ِ‬
‫بِقُرُونِهَا‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬وَ ِمنْ حَ ِقهَا َأنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ) (‪ )1‬لكي يعطي من حليبها الفقراء الموجودين على الماء وحديث ( َمنْ آتَاهُ اللَهُ مَالًا فَلَمْ‬
‫شدْ َقيْهِ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ‪َ :‬أنَا مَاُلكَ‪َ ،‬أنَا‬ ‫خذُ بِ ِلهْزِ َم َتيْهِ يَ ْعنِي بِ ِ‬
‫طوَقُهُ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ‪ ،‬ثُمَ يَأْ ُ‬‫ُي َؤدِ زَكَاتَهُ ُم ِثلَ لَهُ مَالُهُ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ شُجَاعًا أَقْ َرعَ لَهُ َزبِي َبتَانِ يُ َ‬
‫طوَقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ َيوْمَ‬ ‫سيُ َ‬‫خيْراً َلهُمْ َبلْ ُهوَ شَرٌ َلهُمْ َ‬ ‫س َبنَ اَلذِينَ َيبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن َفضْلِهِ ُهوَ َ‬ ‫َكنْ ُزاَ)(‪ )2‬ثم تلى قوله تعالى {وَالَ يَحْ َ‬
‫الْ ِقيَامَةِ}(‪ )3‬فالمال الذي ال يزكيه مالكه يكون سبباً كافياً لعذابه وعقابه وشقائه‪ ،‬والمال الذي يخرج مالكه زكاته في الدنيا ال يسمى كنزا‪،‬‬
‫حتَى تُنفِقُواْ مِمَا‬ ‫وأما إذا أنفق منه مالكه في أوجه الخير غير الزكاة فيكون سبباً في راحته وتنعمه في جنة النعيم قال تعالى {لَن تَنَالُواْ ا ْلبِرَ َ‬
‫حبُونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَ ِإنَ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}(‪ )4‬وقال تعالى {ِإنَ الَْأبْرَا َر لَفِي نَعِيمٍ}(‪)5‬وقال تعالى {َليْسَ الْبِرَ أَن تُوَلُواْ وُجُوهَكُمْ ِقبَلَ‬ ‫تُ ِ‬
‫حبِهِ ذَوِي الْقُ ْربَى وَا ْل َيتَامَى‬ ‫الْمَشْ ِرقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـ ِكنَ ا ْلبِرَ َمنْ آ َمنَ بِاللّهِ وَا ْل َيوْمِ اآلخِرِ وَالْمَآلئِكَةِ وَالْ ِكتَابِ وَال َن ِبيِينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى ُ‬
‫سبِيلِ وَالسَآئِلِينَ وَفِي الرِقَابِ وَأَقَامَ الصَالةَ وَآتَى الزَكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَ ْهدِهِمْ ِإذَا عَا َهدُواْ وَالصَابِرِينَ فِي ا ْلبَأْسَاء‬ ‫وَالْمَسَاكِينَ وَا ْبنَ ال َ‬
‫(‪)6‬‬
‫جلٍ آتَاهُ اللَهُ مَالًا فَسَلَطَهُ عَلَى‬ ‫سدَ إِلَا فِي ا ْث َن َت ْينِ رَ ُ‬‫صدَقُوا وَأُولَـ ِئكَ هُمُ الْ ُمتَقُونَ} وفي الحديث (لَا حَ َ‬ ‫والضَرَاء وَحِينَ ا ْلبَأْسِ أُولَـ ِئكَ اَلذِينَ َ‬
‫حقِ ) أن اهلل تعالى يوفق الغني في إنفاق ماله في كل أبواب الخير غير ما‬ ‫حقِ)(‪ )7‬ومعنى عبارة (فَسَلَطَهُ عَلَى هَلَ َكتِهِ فِي الْ َ‬ ‫هَلَ َكتِهِ فِي الْ َ‬
‫يخرجه زكاة مفروضة على ماله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب إثم مانع الزكاة‪ .‬حديث رقم (‪) 1402‬بلفظ (عن أَبُو الزِنَادِ أَنَ عَبْدَ الرَحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الْأَعْرَجَ حَدَثَهُ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِ َ‬
‫ي‬
‫اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬تَأْتِي الْإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَهَا‪ ،‬تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا‪ ،‬وَتَأْتِي الْغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا‬
‫عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَهَا‪ ،‬تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬وَمِنْ حَقِهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَلَا يَأْتِي أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا‬
‫عَلَى رَقَ بَتِهِ لَهَا يُعَار‪ ،‬فَيَقُول‪ :‬يَا مُحَمَدُ‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمْلِكُ لَكَ شيئاً قَدْ بَلَغْتُ‪ ،‬وَلَا يَأْتِي بِبَعِيرٍ يَحْ مِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬يَا مُحَمَدُ‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَهِ‬
‫شيئًا قَ ْد بَلَغْتُ)‪.‬‬
‫أ خرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المساقاة‪ ،‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫اليعار‪ :‬صوت الشاة‪ .‬الرغاء‪ :‬صوت البعير‪.‬‬ ‫الّظلف‪ :‬اسم لقدم البقر والغنم والّظباء‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬تطؤه‪ :‬تدوسه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب إثم مانع الزكاة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1403‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَنْ‬
‫آتَاهُ اللَهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَ دِ زَكَاتَهُ مُثِلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‪ ،‬ثُ مَ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ‪ :‬أَنَا مَالُكَ‪ ،‬أَنَا كَنْزُاَ‪ ،‬ثُ َم‬
‫ن الْآيَةَ)‪.‬‬‫ن يَبْخَلُو َ‬ ‫ن الَذِي َ‬‫تَلَا لَا يَحْسِبَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المساقاة‪ ،‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬زبيبتان‪ :‬نقطتان سوداوان فوق عينيه أو بجانب فمه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)150( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)12( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬االنفطار‪.)13( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)177( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب إنفاق المال في حقه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1401‬بلفظ (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫يَقُولُ‪ :‬لَا حَسَ َد إِلَا فِي اثْنَتَيْنِ‪ ،‬رَجُلٍ آتَاهُ اللَ ُه مَالًا فَسَلَطَ ُه عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِ‪ ،‬وَرَجُ ٍل آتَا ُه اللَ ُه حِكْمَ ًة فَهُ َو يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِمُهَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسا فرين وقصرها‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫اطراف الحديث‪:‬العلم‪ ،‬األحكام‪.‬‬
‫‪228‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬األموال التي جتب فيها الزكاة‬

‫الذهب والفضة‬ ‫‪‬‬


‫أموال التجارة والمستغالت‬ ‫‪‬‬
‫زكـــــاة الحلي‬ ‫‪‬‬
‫زكــــــاة الخيـــــــــــــــل‬ ‫‪‬‬
‫زكاة السائمة من بهيمة األنعام‬ ‫‪‬‬
‫مزارع البقر‬ ‫‪‬‬
‫زكاة العسل‬ ‫‪‬‬
‫زكاة النباتات‬ ‫‪‬‬
‫زكاة التجارة‬ ‫‪‬‬

‫‪229‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬األموال التي جتب فيها الزكاة‬

‫الذهب والفضة‬

‫األموال التي تجب فيها الزكاة هي الذهب والفضة وما يقوم مقام الذهب والفضة من العمالت النقدية المتداولة المحلية والعالمية ألنها قد‬
‫ح ْولُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‪ ،‬وََليْسَ عََل ْيكَ شَيْءٌ يَ ْعنِي فِي‬ ‫حلت محل الذهب في كل شيء لحديث (فَ ِإذَا كَانَتْ َلكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَ َل ْيهَا الْ َ‬
‫ح ْولُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَار‪ ،‬فَمَا زَادَ َفبِحِسَابِ ذَِلكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَا‬ ‫حتَى يَكُونَ َلكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَ ِإذَا كَانَ َلكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عََليْهَا الْ َ‬ ‫الذَهَبِ َ‬
‫ح ْولُ)(‪ )1‬في الحديث‬ ‫حتَى يَحُولَ عََليْهِ الْ َ‬ ‫َأدْرِي َأعَلِيٌ يَقُولُ‪َ :‬فبِحِسَابِ ذَلِكَ‪َ ،‬أوْ رَفَعَهُ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وََليْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ َ‬
‫دليل على وجوب صدقة الذهب إذا بلغت عشرين دينارا وعلى صدقة الفضة إذا بلغت مائتا درهم‪ ،‬وعلى ما يقوم مقامهما من العمالت‬
‫النقدية إذا بلغت قيمتها قيمة نصاب الذهب أو الفضة وحال عليها الحول ألن العمالت النقدية التي تصدرها الدول قد حلت محل الذهب في‬
‫البيع والشراء وفي التعامالت المالية في كل شيء ولذا فهي تأخذ حكم الذهب والفضة في وجوب إخراج الزكاة‪ ،‬ومن األموال التي تجب‬
‫فيها الزكاة اإلبل وا لبقر والغنم والماعز من الحيوانات إذا كانت سائمة وبلغت النصاب وحال عليها الحول لحديث (فِي أَ ْربَعٍ َوعِشْرِينَ مِنْ‬
‫ستًا‬ ‫الِْإ ِبلِ فَمَا دُونَهَا ِمنْ الْ َغنَمِ مِنْ ُكلِ خَمْسٍ شَاةٌ‪ِ ،‬إذَا بَلَغَتْ خَمْسًا َوعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ َوثَلَاثِينَ فَفِيهَا ِبنْتُ مَخَاضٍ ُأ ْنثَى‪ ،‬فَِإذَا بَلَغَتْ ِ‬
‫ستِينَ‬ ‫حدَةً وَ ِ‬ ‫ستِينَ فَفِيهَا حِقَةٌ طَرُوقَةُ الْجَ َملِ‪ ،‬فَِإذَا بَلَغَتْ وَا ِ‬ ‫ستًا وَأَ ْربَعِينَ إِلَى ِ‬ ‫َوثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَ ْربَعِينَ فَفِيهَا ِبنْتُ َلبُونٍ ُأ ْنثَى‪ ،‬فَِإذَا بَلَغَتْ ِ‬
‫حدَى َوتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ‬ ‫سبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا ِب ْنتَا َلبُونٍ‪ ،‬فَِإذَا بَلَغَتْ إِ ْ‬ ‫ستًا وَ َ‬ ‫ج َذعَةٌ‪ ،‬فَِإذَا بَلَغَتْ يَ ْعنِي ِ‬
‫سبْعِينَ فَفِيهَا َ‬
‫إِلَى خَمْسٍ وَ َ‬
‫فَفِيهَا حِ َقتَانِ طَرُوقَتَا الْجَ َملِ‪ ،‬فَِإذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ‪ ،‬فَفِي ُكلِ أَ ْربَعِينَ ِبنْتُ َلبُونٍ‪ ،‬وَفِي ُكلِ خَمْسِينَ حِقَةٌ‪ ،‬وَ َمنْ لَمْ يَ ُكنْ مَعَهُ إِلَا أَ ْربَعٌ‬
‫ِمنْ الِْإ ِبلِ فََليْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَا َأنْ يَشَاءَ َر ُبهَا‪ ،‬فَِإذَا بَلَغَتْ خَمْسًا ِمنْ الِْإ ِبلِ فَفِيهَا شَاةٌ‪ ،‬وَفِي صَدَقَةِ الْ َغنَمِ فِي سَائِ َم ِتهَا ِإذَا كَانَتْ أَ ْربَعِينَ إِلَى‬
‫شيَاهٍ‪ ،‬فَ ِإذَا‬ ‫عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ‪ ،‬فَِإذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِا َئتَ ْينِ شَاتَانِ‪ ،‬فَ ِإذَا زَادَتْ عَلَى مِا َئتَ ْينِ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ح َدةً فََليْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَا َأنْ يَشَاءَ َر ُبهَا)‬ ‫زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَفِي ُكلِ مِائَةٍ شَاةٌ‪ ،‬فَِإذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَجُلِ نَا ِقصَةً ِمنْ أَ ْربَعِينَ شَاةً وَا ِ‬
‫خذَ ِمنْ ا ْلبَقَرِ ِمنْ ُكلِ ثَلَاثِينَ َتبِيعًا َأوْ َتبِيعَةً‪،‬‬ ‫جهَهُ إِلَى ا ْليَ َمنِ أَمَ َرهُ َأنْ يَأْ ُ‬‫وحديث معاذ رضي اهلل عنه‪َ( :‬أنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَمَا وَ َ‬
‫وَ ِمنْ ُكلِ أَ ْربَعِينَ مُسِنَةً)(‪ ، )3‬ومن األموال التي تجب فيها الزكاة النباتات والحبوب التي تنبتها األرض إذا بلغ ما تنبته األرض نصابا من‬
‫الحبوب أو ما قيمته نصاب الذهب أو الفضة من الثمار األخرى من الفواكه والخضروات واألعالف واألخشاب وغيرها مما تنبته األرض‬
‫عثَ ِريًا الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِيَ بِال َنضْحِ ِنصْفُ الْعُشْرِ)(‪ )4‬ولحديث (َوََليْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ َأوْسُقٍ‬ ‫لحديث (فِيمَا سَقَتْ السَمَاءُ وَالْعُيُونُ َأوْ كَانَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب في زكاة السائمة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1573‬بلفظ (عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِبَ ْعضِ أَوَلِ هَذَا‬
‫الْحَدِ يثِ قَالَ‪ :‬فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‪ ،‬وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ يَعْنِي فِي الذَهَبِ حَتَى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِذَا كَانَ لَكَ‬
‫عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَ وْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَار‪ ،‬فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَا أَدْرِي أَعَلِيٌ يَقُولُ‪ :‬فَبِحِسَابِ ذَلِكَ أَوْ رَفَعَهُ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ إِلَا أَنَ جَرِيرًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَى يَحُولَ عَلَيْهِ‬
‫الْحَوْلُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزك اة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند العشره المبشرين بالجنه‪.‬‬
‫المسنة‪ :‬ما تمت سنتين فما فوق من إبل أو بقر او غنم‪ .‬العوامل‪ :‬التي تستخدم للسقي والحرث‬ ‫التبيع‪ :‬الذي دخل في السنة الثانية‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫بنت لبون‪ :‬ما دخل في السنة الثالثة من اإلبل‪.‬‬ ‫بنت مخاض‪ :‬ما دخل في السنه الثانية من اإلبل‪ .‬ابن لبون‪ :‬ما دخل في السنه الثالثه من اإلبل‪.‬‬ ‫ونحوه‪.‬‬
‫الطروقة‪ :‬الناقة في سن يمكن ان يعلوها فيه الجمل‪ .‬التفريق بين مجتمع‪ :‬التفريق بين ما يملك الشريكين‬ ‫الحقة‪ :‬أنثى اإلبل التي دخلت في السنة الرابعة‪.‬‬
‫المصدق‪ :‬جامع‬ ‫العوار‪ :‬العيب‪.‬‬ ‫هرمة‪ :‬طاعنة في السن ضعيفة‪.‬‬ ‫الجمع بين مفترق‪ :‬ضم ما يملك كل من الشريكين لتقل الزكاة‪.‬‬ ‫معا لتقل الزكاة‪.‬‬
‫يمر‪ :‬يجتاز‪.‬‬ ‫الحول‪ :‬العام‪.‬‬ ‫حال‪ :‬مضى‪.‬‬ ‫الغرب‪ :‬الدلو الكبير إي ماسقي بالسواقي واآلالت‪.‬‬ ‫الزكاة والصدقات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ كَتَبَ لَ ُه هَذَا‬ ‫ن أَبَا بَكْرٍ رَضِ َ‬ ‫ن أَنَسًا حَدَثَ ُه أَ َ‬
‫س أَ َ‬
‫ن أَنَ ٍ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب زكاة االغنم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1454‬بلفظ (عن ثُمَامَ ُة بْنُ عَبْ ِد اللَ ِه بْ ِ‬
‫الْكِتَابَ لَمَا وَجَهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَدَقَةِ الَتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ‪ ،‬وَالَتِي أَمَرَ اللَهُ بِهَا‬
‫رَسُولَهُ‪ ،‬فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَ لَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا‪ ،‬وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ‪ ،‬فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْغَنَمِ مِنْ كُلِ خَمْسٍ شَاةٌ‪ ،‬إِذَا بَلَغَتْ‬
‫خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى‪ ،‬فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى‪ ،‬فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِينَ‬
‫فَفِيهَا حِ َقةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ‪ ،‬فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِ يهَا جَذَعَةٌ‪ ،‬فَإِذَا بَلَغَتْ يَعْنِي سِتًا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ‪ ،‬فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى‬
‫وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ‪ ،‬فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ‪ ،‬فَفِي كُ لِ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ‪ ،‬وَفِي كُلِ خَمْسِينَ حِقَةٌ‪ ،‬وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَا‬
‫أَرْبَعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَا أَنْ يَشَاءَ رَبُهَا‪ ،‬فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ‪ ،‬وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ‪،‬‬
‫فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ‪ ،‬فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ‪ ،‬فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَفِي كُلِ مِائَةٍ شَاةٌ‪ ،‬فَإِذَا كَانَتْ‬
‫سَائِمَةُ الرَجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَا أَنْ يَشَاءَ رَبُهَا‪ ،‬وَفِي الرِقَةِ رُبْعُ الْعُشْر‪ ،‬فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَا تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَا أَنْ يَشَا َء‬
‫رَبُهَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‬
‫بنت لبون‪ :‬ما دخل في السنة الثالثة‬ ‫ابن لبون‪ :‬ما دخل في السنة الثالثة من األبل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬بنت مخاض‪ :‬ما دخل في السنة الثانية من اإلبل‪.‬‬
‫الجذعة‪ :‬أنثى اإلبل التي دخلت في‬ ‫الطروقه‪ :‬الناقة في سن يمكن ان يعلوها فيه الجمل‪.‬‬ ‫الحقه‪ :‬أنثى اإلبل التي دخلت في السنة الرابعة‪.‬‬ ‫من اإلبل‪.‬‬
‫الرقة‪ :‬الدراهم المضروبة المتخذة من الفضة‪.‬‬ ‫السائمة‪ :‬الدواب التي ترعى في البراري وال تعلف‪.‬‬ ‫الرب‪ :‬الصاحب و المالك‪.‬‬ ‫السنة الخامسة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب في زكاة السائمه حديث‪ .‬رقم (‪ ) 1576‬بلفظ (عَنْ مُعَاذٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَمَا وَجَهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ‬
‫ن مُسِنَةً) صححه األلباني في صحيح سنن ابي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن كُ ِل أَرْبَعِي َ‬
‫ن تَبِيعًا أَ ْو تَبِيعَةً‪ ،‬وَمِ ْ‬
‫ن كُ ِل ثَلَاثِي َ‬‫ن الْبَقَرِ مِ ْ‬
‫مِ ْ‬
‫اخرجه الترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة ف ي الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الزكاة‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫اطراف الحديث‪:‬الخراج واإلمارة والفيء‪.‬‬
‫المسنة‪ :‬ما تمت سنتين فما فوق من إبل وبقر وغنم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬التبيع‪ :‬ولد البقره الذي دخل في السنة الثانية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة ‪ :‬باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري‪ .‬حديث رقم (‪ )1453‬بلفظ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَهُ‬
‫ف الْعُشْرِ)‪.‬‬ ‫ح نِصْ ُ‬ ‫ي بِالنَضْ ِ‬
‫ن أَوْ كَانَ عَثَرِيًا الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِ َ‬
‫ت السَمَاءُ وَالْعُيُو ُ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَال‪ :‬فِيمَا سَقَ ْ‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫عَنْهُ‪ ،‬عَ ْ‬
‫أخرجه أبوداود في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪.‬‬
‫الناضح‪ :‬اإلبل التي يستسقى عليها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العثري‪ :‬النخيل الذي يشرب بعروقه من التربة بدون سقي‪.‬‬
‫‪231‬‬
‫صدَقة)(‪ )1‬الخمسة األوسق من الحبوب هي ثالثمائة صاع ألن الوسق الواحد ستون صاعا وهي تقدر بتسعة عشر قدح إال ربع قدح‬ ‫َ‬
‫بالمكيال الصنعاني‪ ،‬والقدح الواحد ثمان كيالت بالمكيال الثماني المعروف في مدينة صنعاء وبعض المناطق اليمنية‪.‬‬

‫أموال التجارة واملستغالت‬


‫من األموال التي تجب فيها الزكاة أموال التجارة والمستغالت لدخول عروض التجارة والمستغالت من العقارات والمصانع وشركات‬
‫االتصاالت والمواصالت وغيرها من المستغالت الكبيرة تحت اسم المال ولدخولها تحت عموم األموال التي أوجب اهلل عز وجل فيها‬
‫ال َتكَ سَ َكنٌ َلهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(‪)2‬وألن غنى‬
‫صَ‬‫صدَقَةً تُطَهِرُهُمْ َوتُزَكِيهِم ِبهَا َوصَلِ عََل ْيهِمْ ِإنَ َ‬
‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫الزكاة في قوله تعالى { ُ‬
‫إنسان بملكية المستغالت الكبيرة ودخلها أكثرمن غنى إنسان يملك أرضاً زراعية أو إنسان يملك عدداً من اإلبل أو البقر أو الغنم‬
‫أوالماعز‪ ،‬ودخل التجار ومالكي األموال المستغلة السنوي يفوق دخل مالكي األراضي المزروعة أو دخل مالكي السائمة من األبل أو‬
‫البقر أو الغنم أوالماعز السنوي عشرات ومئات وآآلف المرات‪ ،‬والتجار ومالكي المستغالت الكبيرة هم أولى و أحق بوصف األغنياء في‬
‫خذُ من أغنيائهم وتُ َردُ على فُقَرائهم)(‪ )3‬ألن دخل بعض الشركات‬ ‫حديث ( فَأعْلِ ْمهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤ َ‬
‫االستثمارية مثل شركات المواصالت أو االتصاالت أو شركات التصنيع أو الشركات التجارية أو مؤجري العقارات الكبيرة أو شركات‬
‫الصرافة أو التصدير أو االستيراد أو نحوها من وسائل االستثمار والتأجير التي دخلها األسبوعي أو الشهري يفوق بكثير دخل مالكي‬
‫األراضي الزراعية السنوي أو دخل مالكي الحيوانات السائمة‪ ،‬والشرع الذي أوجب الزكاة في مال المزارع الذي تغل أرضه خمسة‬
‫أوسق من الحبوب‪ ،‬وأوجب الزكاة على من يملك ثالثين رأساً من البقر أو أربعين رأساً من الشياه أو خمساً من اإلبل‪ ،‬وأوجب الزكاة على‬
‫من يملك عشرين ديناراً من الذهب أو مائتا درهم من الفضة يوجب الزكاة على أموال التجارة والمستغالت الكبيرة الني دخلها يفوق دخل‬
‫األ راضي المزروعة والحيوانات السائمة بعشرات ومئات وآآلف المرات من باب أولى‪ ،‬وكيف ال تجب الزكاة في أموال التجارة‬
‫والمستغالت وقد صارت في عصرنا أهم وسيلة ال كتساب األموال ودخلها أكثر من دخل األراضي أو الحيوانات أو أي عمل أو مصدر‬
‫للدخل واالكتساب‪ ،‬ومصلحة الفقراء ومص ارف الزكاة األخرى من زكاة التجارة والمستغالت أكثر من زكاة الزراعة أو الرعي‪ ،‬ألن زكاة‬
‫األراضي المزروعة والحيوانات السائمة صارت قليلة بالنسبة إلى زكاة التجارة والمستغالت في عصرنا الحاضر‪ ،‬والمقصد األساسي من‬
‫فرضية الزكاة هو سد حاجة الفقراء من أموال األغنياء‪ ،‬وفي عصرنا الحاضر صار أكبر األغنياء وأكثرهم غناء التجار وأصحاب‬
‫األموال المستغلة‪ ،‬وزكواتهم هي األكثر نفعاً وإ غناء لمصارف الزكاة الثمانية ولتحقيق الغاية والقصد من تشريع الزكاة وجعلها ركن من‬
‫أركان اإلسالم‪.‬‬

‫زكـــــاة احللي‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على المرأة أن تخرج زكاة حليها من الذهب أو الفضة إذا بلغ نصابا‪ ،‬ونصاب الذهب (‪)85‬خمسة وثمانون جراما فإذا‬
‫كانت المرأة تملك من الذهب خمسة وثمانين جراما أو أكثر فيجب عليها إخراج زكاته في كل سنة‪ ،‬وإن كان ما تملكه المرأة من الذهب‬
‫خّلَ عَّلَيَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ‬‫أقل من خمسة وثمانين جراما فال يجب عليها زكاة‪ ،‬ودليل وجوب زكاة حلي المرأة حديث (دَ َ‬
‫صنَ ْع ُت ُهنَ َأتَ َز َينُ َلكَ يَا رَسُولَ الّلَه‪ ،‬قَالَ‪َ :‬أ ُت َؤدِينَ زَكَا َت ُهنَ؟ قُّلْتُ‪ :‬لَا‪َ ،‬أوْ مَا‬
‫فَرَأَى فِي َيدَيَ َفتَخَاتٍ ِمنْ وَ ِرقٍ‪ ،‬فَقَالَ مَا َهذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُّلْتُ‪َ :‬‬
‫س ُبكِ ِمنْ النَارِ)(‪ )4‬في الحديث داللة صريحة على وجوب زكاة حلي المرأة من الذهب أو من الفضة ألنه ال يعذب اهلل‬ ‫شَاءَ الّلَهُ‪ ،‬قَالَ‪ُ :‬هوَ حَ ْ‬
‫تعالى بالنار إال على واجب‪ ،‬ونصاب الفضة مائتا درهم وهي بالجرامات(‪)595‬خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً‪ ،‬ومن‬
‫الذهب(‪) 85‬خمسة وثمانون جراما‪ ،‬والزكاة على حلي المرأة واجبة سواء كان الحلي ملبوسا أو غير ملبوس معارا أو غير معار ألنه يجب‬
‫على المرأة إخراج زكاة الحلي ما دامت تملك نصاب الذهب أو الفضة‪.‬‬

‫زكــــــاة اخليـــــــــــــــل‬
‫(‪)5‬‬
‫صدَقَةٌ) الحديث دليل على عدم‬ ‫الصحيح‪ :‬أن الخيل ال تجب فيها الزكاة حتى ولو كانت منتجة لحديث (َليْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ َ‬
‫وجوب الزكاة في الخيل ولو كثر عددها مع الشخص الواحد إال أن تكون معدة للتجارة فيجب إخراج زكاتها زكاة التجارة‪ ،‬ال زكاة سائمة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة ‪ :‬باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1451‬بلفظ (أَنَ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَا َر َة‬
‫بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَة‪ ،‬وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ‪،‬‬
‫ق صَدَقة)‪.‬‬ ‫س أَوْسُ ٍ‬ ‫ن خَمْ ِ‬‫س فِيمَا دُو َ‬ ‫وَلَيْ َ‬
‫اخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الز‬
‫كاة‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬األوقيه‪ :‬أربعون درهما من الفضة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)103( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1315‬‬
‫‪4‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب الكنز ماهو وزكاة الحلي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1565‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ شَدَادِ بْنِ الْهَادِ أَنَهُ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَبِ ِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬دَخَلَ عَلَيَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى ا للَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَرَأَى فِي يَدَيَ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ‪ ،‬فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ‪ :‬صَنَعْتُهُنَ أَتَزَيَنُ لَكَ يَا‬
‫ن النَارِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ك مِ ْ‬‫رَسُو َل اللَه‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَتُؤَدِينَ زَكَاتَهُنَ؟ قُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬أَ ْو مَا شَا َء اللَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هُوَ حَسْبُ ِ‬
‫أنفرد به أبوداود‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الفتخ‪ :‬الخواتم الكبار‪ .‬الورق‪ :‬الفضة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب ليس على المسلم في عبده صدقة‪ .‬حديث رقم (‪ )1464‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِ ِه وَغُلَامِ ِه صَدَقَةٌ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الز كاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الز كاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪231‬‬
‫الحيوانات‪ ،‬ألنه ال يوجد دليل يد ل على وجوب زكاة الخيل بخصوصها يحدد نصاب الزكاة وقدر الزكاة‪ ،‬ولكن إذا كانت معدة للتجارة‬
‫فتزكى لكونها عرضا من أعراض التجارة‪ ،‬ومثل الخيول العبيد لو كان مع الشخص الواحد عبيد كثيرون فال زكاة عليهم إال إذا كانوا‬
‫حقَ اللَهِ فِي‬
‫معدين للتجارة فيجب عليه أن يزكى عليهم لكونهم عرضا من أعراض التجارة‪ ،‬وأما قوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ثُمَ لَمْ َينْسَ َ‬
‫ظهُورِهَا)(‪ )1‬فليس المراد بحق اهلل في رقابها وال ظهورها إخراج الزكاة عليها‪ ،‬وإنما المراد بحق اهلل فيها إعارتها أو تمكين‬‫رِقَابِهَا وَلَا ُ‬
‫من يريد الجهاد في سبيل اهلل تعالى عليها‪ ،‬أو استخدامها في ضرورة من الضرورات‪ ،‬وأما أن عمر رضي اهلل عنه أخذ من الخيل الصدقة‬
‫فهو كان يأخذ الخيل ليبيعها للجهاد في سبيل اهلل تعالى وهو فعل صحابي ال حجة فيه‪ ،‬وإنما الحجة في قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وفعلة وتقريره‪ ،‬والخالصة‪ :‬أنه ال تجب الزكاة في الخيل سواء كانت قليلة أو كثيرة وسواء كانت سائمة أو غير سائمة‪.‬‬

‫زكاة السائمة من بهيمة األنعام‬


‫الصحيح‪ :‬أن الزكاة ال تجب إال في السائمة من بهيمة األنعام وأن غير السائمة ال تجب فيها الزكاة‪ ،‬مثل أن يكون مع الشخص خمس‬
‫وثالثون شاة سائمة وخمس شياه معلوفه فال تجب ع ليه الزكاة ألنه لم يكتمل النصاب من الشياه السائمة‪ ،‬بل حتى لو كان مع شخص تسعة‬
‫وثالثون شاة سائمة ومعه شاة معلوفة فال تجب عليه الزكاة‪ ،‬ألنه لم يكتمل النصاب من الشياه السائمة لحديث (‬
‫)(‪ )2‬وتقاس البقر على اإلبل والغنم والماعز في اشتراط وصف السوم لوجوب الزكاة‬
‫فيها ألن العلة أن كلها من بهيمة األنعام والحكم وجوب اشتراط السوم في البقر‪ ،‬البقر المعلوفة ال زكاة فيها مهما بلغ رؤوس ما يملكه‬
‫الشخص منها حتى ولو كان أكثر من النصاب لكونها غير سائمة‪.‬‬

‫مزارع البقر‬
‫مزا رع البقر تعتبر من البقر المعلوفة التي ال تجب فيها الزكاة لكونها غير سائمة‪ ،‬وصفة السوم شرط لوجوب الزكاة في بهيمة األنعام من‬
‫البقر وغيرها‪ ،‬ومزارع البقر ال يجب على مالكها أن يخرج عليها زكاة البقر مهما بلغ عدد رؤوس البقر فيها‪ ،‬ولكن يجب عليه أن يخرج‬
‫عليها زكاة األموال المستغلة وقدر زكاتها ربع عشر دخلها السنوي‪ ،‬لكون هذه المزارع معدة لالستغالل أو لالستثمار ببيع الخارج منها‬
‫من الحليب يومياً‪.‬‬

‫زكاة العسل‬
‫(‪)3‬‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب زكاة العسل وقدرها عشر المحصول لحديث (في كل عشرة أزفاق زق) ‪ .‬والزق هو الوعاء من جلد الكبش الصغير‪،‬‬
‫ا لحديث دليل على وجوب زكاة العسل‪ ،‬وعلى أن قدر الزكاة عشر المحصول من العسل‪ ،‬سواء كان المحصول قليال أو كثيرا لعدم ورود‬
‫دليل يحدد نصابا لوجوب زكاة العسل‪ ،‬فيبقى الدليل على إطالقه يوجب زكاة العسل في قليله وكثيره‪.‬‬

‫زكاة النباتات‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب الزكاة في كلما أنبتته األرض من الحبوب والفواكه والخضروات واألخشاب واألعالف وغيرها مما تنبته األرض‬
‫عثَ ِريًا الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِيَ بِال َنضْحِ ِنصْفُ الْعُشْرِ)(‪ )4‬الحديث يدل داللة واضحة وصريحه على‬
‫لحديث (فِيمَا سَقَتْ السَمَاءُ وَالْ ُعيُونُ َأوْ كَانَ َ‬
‫وجوب الزكاة في كل نبات ينبت في األرض‪ ،‬فإن سقى بماء السماء أو األنهار أو كان عثريا من األشجار التي تمتص الماء بعروقها وال‬
‫تحتاج إلى سقي وكلفة ومؤونة في السقي ففيها العشر‪ ،‬وإن كان يسقى بكلفة ومؤنة مثل السقي بالمضخات أو بنقل الماء على السيارات‬
‫ونحوها ففيه نصف العشر‪ ،‬وكل نبات يباع بثمن فيجب فيه الزكاة عمال بعموم الحديث ألن لفظ‪( :‬ما) في الحديث اسم موصول واألسماء‬
‫الموصولة من ألفاظ العموم فمدلول الحديث يشمل ويستغرق كل نبات ينبت في األرض ألن العموم مراد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ص حيح البخاري‪ :‬كتاب المناقب‪ :‬باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى اهلل عليه‪.‬وسلم آية‪ .‬حديث رقم (‪ )3646‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أَ َ‬
‫ن‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ‪ ،‬وَلِرَجُلٍ سِتْ ر‪ ،‬وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ‪ ،‬فَأَمَا الَذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَهِ‪ ،‬فَأَطَالَ بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ‬
‫رَوْضَةٍ فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنْ الْمَرْجِ أَوْ الرَوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ‪ ،‬وَلَوْ أَنَهُ انْقَطَعَ طِ يَلُهَا فَاسْتَنَتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ‪ ،‬وَلَوْ‬
‫أَنَهَا مَرَتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ‪ ،‬فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ‪ ،‬وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِيًا وَتَعَفُفًا‪ ،‬ثُمَ لَمْ يَنْسَ حَقَ اللَهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا فَهِيَ‬
‫لِذَلِكَ سِتْرٌ‪ ،‬وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءًلِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ‪ ،‬وَسُئِلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ الْحُمُرِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا أُنْزِلَ عَلَيَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَا‬
‫ن يَعْمَلْ مِثْقَا َل ذَرَةٍ شَرًا يَرَهُ)‪.‬‬
‫ن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَ ٍة خَيْرًا يَرَ ُه وَمَ ْ‬
‫هَذِ ِه الْآيَةُ الْجَامِعَ ُة الْفَاذَ ُة فَمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الخيل‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين ومالك في الجهاد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد و السير‪ ،‬المناقب‪.‬‬
‫الطيل‪ :‬الحبل الطويل الذي تربط به الدابة‪ .‬استنت‬ ‫الوزر‪ :‬الذنب واإلثم‪ .‬المرج‪ :‬أرض حضراء بالعشب والزرع‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫الفاذة‪ :‬الوحيدة الفريدة في أحكامها‪.‬‬ ‫شرق ا‪ :‬الجري السريع شوطا أو شوطين‪ .‬النواء‪ :‬المعاداة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس رضي اهلل عنه برقم (‪.)1454‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب ما جاء في زكاة العسل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 626‬بلفظ (عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَر‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَال َ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬فِي‬
‫الْعَسَ ِل فِي كُلِ عَشَرَ ِة أَزُق زِقٌ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنقس الرقم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الزق‪ :‬وعاء من الجلد يتخذ للشراب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري‪ .‬حديث رقم (‪ )1453‬بلفظ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَهُ‬
‫ف الْعُشْرِ)‪.‬‬
‫ح نِصْ ُ‬ ‫ي بِالنَضْ ِ‬ ‫ن أَوْ كَانَ عَثَرِيًا الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِ َ‬
‫ت السَمَاءُ وَالْعُيُو ُ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فِيمَا سَ قَ ْ‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫عَنْهُ عَ ْ‬
‫أحرجه أبوداود في الزكاة‪ .‬والرمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪.‬‬
‫الناضح‪ :‬اإلبل التي يستسقى عليها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العثري‪ :‬النخيل الذي يشرب بعروقه من التربة بدون سقي‪.‬‬
‫‪232‬‬
‫عثَ ِريًا الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِيَ بِال َنضْحِ ِنصْفُ الْعُشْرِ) وال سيما النباتات التي تباع بثمن مالي‬ ‫في بحديث (فِيمَا سَقَتْ السَمَاءُ وَالْ ُعيُونُ َأوْ كَانَ َ‬
‫مثل الفواكه والخضروات واألعالف واألخشاب وغيرها مما يباع ويدر دخال ماليا لمالكه فإذا بلغ قيمة ما يباع منها قيمة نصاب الفضة أو‬
‫الذهب فيجب إخراج الزكاة عليه‪ ،‬ومقدار الزكاة عليه العشر إذا سقي بماءالسماء أوالعيون أو األنهار ونحوها مما ال كلفة فيه على المالك‪،‬‬
‫أو نصف عشر القيمة إذا كان سقيه بالمضخات أو بالنقل على السيارات أو بما فيه كلفة ومئونة على المالك لألرض الزراعية‪ ،‬وما كان‬
‫عثَ ِريًا‬
‫قيمته أقل من قيمة نصاب الفضة أو الذهب فال زكاة فيه‪ ،‬أما الحبوب فيخصص عموم بحديث (فِيمَا سَقَتْ السَمَاءُ وَالْ ُعيُونُ َأوْ كَانَ َ‬
‫صدَقة)(‪ )1‬في الحبوب ال تجب الزكاة إال إذا بلغ‬ ‫الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِيَ بِال َنضْحِ ِنصْفُ الْعُشْرِ)(‪ )4‬بحديث (وََليْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ َأوْسُقٍ َ‬
‫المحصول من الحبوب خمسة أوسق أو أكثر‪ ،‬أما إذا نقص المحصول من الحبوب عن خمسة أوسق فال تجب على مالك األرض الزراعية‬
‫زكاة لعدم اكتمال النصاب الذي تجب فيه الزكاة‪ ،‬والخمسة األوسق بالمكيال الصنعاني اليماني هي تسعة عشر قدح إال ربع القدح‪ ،‬فمن‬
‫حصل له تسعة عشر قدح من الحب أو الدخن أو القمح أو الشعير أو البلسن أو األرز أو أي محصول من الحبوب فيجب على المالك‬
‫إخراج الزكاة‪ ،‬ومن لم يحصل له النصاب من الصنف الواحد فال زكاة عليه‪ ،‬وال يجب على المالك أن يضم نوعا إلى نوع آخر من‬
‫الحبوب الكتمال النصاب فال يجب ضم محصول القمح إذا كان أقل من النصاب إلى محصول الذرة أو الشعير أو إلى أي محصول آخر‬
‫يكون أقل من النصاب الكتمال النصاب إلخراج الزكاة‪ ،‬فإذا اكتمل النصاب من النوع الواحد وجبت الزكاة‪ ،‬وإن لم يكتمل النصاب من‬
‫النوع الواحد فال تجب الزكاة‪ ،‬وأما الخمسة األصناف التي هي الحنطة والشعير والذرة والتمر والزبيب فهي من باب التنصيص على‬
‫بعض أفراد العام‪ ،‬والتنصيص على بعض أفراد العام ال يفيد الحصر وال التخصيص‪ ،‬حديث (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا‬
‫العشر) متفق عليه وبحديث ( ال تأخذ الصدقة إال من هذه األربعة‪ :‬الشعير والحنطة والزبيب والتمر) لم يخرجه البخاري وال مسلم وال أبو‬
‫داود وال الترمذي وال النسائي وال ابن ماجة فليس هو في الصحيحين وال في األمهات الست وعدم ذكره في هذه الكتب توهين له‪ ،‬وإذا‬
‫تعارض ما في الصحيحين أو ما في األمهات الست مع ما ليس في الصحيحين وال في األمهات الست كلها فيقدم ما في الصحيحين ألن‬
‫العمل باألصح هو األرضى هلل تعالى وهو الموافق لمراد اهلل عز وجل ومراد رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والزكاة واجبة في الزيتون كما‬
‫هي واجبة في كل نبات أنبتة اهلل عز وجل في األرض وال سيما ما كان له قيمة مالية ويباع بالنقود كالزيتون‪.‬‬

‫زكاة التجارة‬
‫قد سبق ال قول بوجوب زكاة التجارة ألن عروض التجارة تسمي ماال لغة وشرعا وعرفا‪ ،‬وألن مالك عروض التجارة إذا بلغت قيمتها‬
‫قيمة نصاب الذهب أو الفضة يسمى غنيا لغة وشرعا وعرفا وعروض التجارة هي أموال منتجة تنتج لمالكها أرباحا وهي قطعا داخلة‬
‫طهِرُهُمْ َوتُزَكِيهِم ِبهَا}(‪ )2‬فاألموال في‬
‫صدَقَةً تُ َ‬
‫خذْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫تحت عموم األموال التي أوجب اهلل عز وجل فيها الزكاة في قوله تعالى { ُ‬
‫اآلية لفظ عام يعم كل مال يملكه المسلم سواء كان ذهباً أو فضة أو مواشيا أو نباتات أوعروض تجارة أو مستغالت أو غيرها مما يطلق‬
‫عليه لفظ المال لغة و شرعا‪ ،‬ولم يرد دليل صحيح صريح يستثني زكاة التجارة من وجوب الزكاة على األموال‪ ،‬وداللة اآلية على وجوب‬
‫الزكاة فيما يملكه اإلنسان من األموال داللة قطعية ألن اآلية قطعية الورود قطعية الداللة‪ ،‬واألمر اإللهي في اآلية بوجوب أخذ الزكاة على‬
‫األموال هو دليل وجوب زكاة أموال التجارة ألن أموال التجارة من األموال المقصودة في اآلية‪ ،‬وألن التجار يسمون أغنياء ويصدق لفظ‬
‫األغنياء على التجار المالكين لما قيمته قيمة نصاب الذهب فأكثر لغة وشرعا وعرفا‪ ،‬بل من التجار الكبار من يصدق عليهم لفظ أغنى‬
‫األغنياء وقد فرض اهلل عز وجل على لسان رسوله صلى اهلل عليه وسلم الزكاة في أموال األغنياء لمواساة الفقراء والمساكين في الحديث‬
‫خذُ من أغنيائهم وتُ َردُ على فُقَرائهم)(‪ )3‬الحديث هو‬ ‫الصحيح المتفق عليه بلفظ (فَأعْلِ ْمهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤ َ‬
‫الدليل الثاني على وجوب زكاة الت جارة ألن التجار أغنياء بأموالهم التجارية والحديث دليل صحيح صريح في وجوب الزكاة على أموال‬
‫األغنياء‪ ،‬وأما حديث سمرة بن جندب بلفظ ( أما بعد‪ :‬فإن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده‬
‫للبيع) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )3562‬وكون الحديث ضعيفا ال يستلزم عدم وجوب الزكاة في أموال التجارة‬
‫التي قد ثبتت باألدلة العامة الصحيحة الصريحة في داللتها على وجوب الزكاة على جميع األموال التي يملكها المسلم ولم يرد دليل صحيح‬
‫صريح يخصص األموال التجارية من وجوب الزكاة عليها يساوي أدلة الوجوب العامة في الصحة أو يقدم عليها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث سالم بن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما رقم (‪.)1435‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)103( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب وجوب الزكاة وقول اهلل تعالى (وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة)‪ .‬حديث رقم (‪ )1315‬بلفظ (عنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللّه عنهما‪،‬‬
‫أنّ النبيّ ‪ ‬بَعثَ مُعاذاً ‪ ‬إلى اليَمن‪ ،‬فقال‪ :‬ادْعُهم إِلَى‪ :‬شهادةِ أنْ ال إله إالّ اللّهُ وأني رسولُ اللّهِ‪ ،‬فإن هُمْ أطاعوا لذلك‪ ،‬فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افت َرضَ عليهم خَمسَ‬
‫ض عليهم صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤخَ ُذ من أغنيائهم وتُرَدُ على فُقَرائهم)‪.‬‬ ‫ن اللّهَ افتر َ‬‫ت في ك ّل يو ٍم وليلة‪ ،‬فإن هم أطاعو ا لذلك‪ ،‬فأَعْلِمْهُم أ ّ‬
‫صَلوا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬المّظالم والغصب‪ ،‬المغازي‪ ،‬التوحيد‪.‬‬
‫‪233‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬نصاب األمـــوال الزكويــة‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬نصاب الذهب والفضة‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬نصاب اإلبّل والبقر والغنم والماعز‬
‫الفصّل الثالث‪ :‬نصاب الحبوب والثمار والقدر الواجب‬ ‫‪‬‬

‫‪234‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الذهـــب والفضــــــة‬

‫النصـــــــــــاب‬ ‫‪‬‬
‫نصاب الذهب عشرون دينار‬ ‫‪‬‬
‫نصاب الفضة خمس أواق‬ ‫‪‬‬
‫ليس في الذهب أو الفضة أو قاص‬ ‫‪‬‬
‫جمع الذهب والفضة في الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫ليس من شرط النصاب أن يكون المالك واحدا‬ ‫‪‬‬
‫اعتبار النصاب في المعدن‬ ‫‪‬‬
‫زكاة العمالت الورقية‬ ‫‪‬‬
‫نصاب العملة الورقية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪235‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الذهب والفضة‬

‫النصـــــــــــاب‬
‫النصـــاب ‪ :‬هو المقدار الذي تجب فيه الزكاة في األموال التي يشترط لوجوب الزكاة فيها أن تبلغ النصاب كالذهب والفضة‪ ،‬واألبل والبقر‬
‫والغنم والماعز والحبوب وغيرها من األموال الزكوية التي يشترط لوجوب الزكاة فيها بلوغ النصاب‪.‬‬

‫نصاب الذهب عشرون دينار‬


‫الصحيح‪ :‬أن نصاب الذهب عشرون دينار لحديث (فَِإذَا كَانَتْ َلكَ مِا َئتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عََل ْيهَا الْحَ ْولُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‪ ،‬وَ َليْسَ عََل ْيكَ شَيْءٌ‬
‫ح ْولُ فَفِيهَا ِنصْفُ دِينَار‪ ،‬فَمَا زَادَ َفبِحِسَابِ‬ ‫حتَى يَكُونَ َلكَ عِشْرُونَ دِينَاراً‪ ،‬فَِإذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عََليْهَا الْ َ‬
‫يَ ْعنِي فِي الذَهَبِ َ‬
‫ذَِلكَ)(‪ )1‬الحديث صريح الداللة على أن نصاب الذهب عشرون ديناراً وعلى أن قدر الزكاة في الذهب ربع العشر حيث أن عشر العشرين‬
‫الدينار ديناران وربع الدينارين نصف دينار وقدر العشرين الدينار بـ(‪ )55‬خمسة وثمانين جراما فمن يملك مقدار خمسة وثمانين جراما‬
‫من الذهب أو أكثر فيجب عليه إخراج الزكاة‪.‬‬

‫نصاب الفضة مخس أواق‬


‫(‪)2‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن نصاب الفضة خمس أواق أو مائتا درهم لحديث (ليس فيما دون خمس أواق صدقة) واألوقية هي أربعون درهما‬
‫والخمس األواق قدرها مائتا درهم وهو نصاب الفضة المعمول به اآلن ويقدر بالجرامات بـ (‪ )515‬خمسمائة وخمسة وتسعين جراما‬
‫وكان يقدر بالرياالت الفضية (ماريا تريزا) بستة عشر رياال إال ربع الريال‪ ،‬وفي حديث (فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول‬
‫ففيها خمسة دراهم)(‪ )2‬في الحديث دليل على أن نصاب الفضة مائتا درهم وعلى أن مقدار زكاة الفضة ربع العشر ألن الخمسة الدراهم‬
‫هي ربع عشر المأتى الدرهم‪.‬‬

‫ليس يف الذهب أو الفضة أو قاص‬


‫الصحيح‪ :‬أ نه ليس في الذهب أو الفضة أوقاص فما زاد على نصاب الذهب ولو دينار واحدا وعلى نصاب الفضة ولو درهما واحدا فيجب‬
‫فيه الزكاة‪ ،‬والزكاة في الذهب أو الفضة تحسب في عصرنا بالجرامات فما زاد على النصاب من الجرامات فتحسب عليه الزكاة وجوبا‬
‫ألن النص في األوقاص لم يرد إال في زكاة الحيوانات‪ ،‬أما الذهب والفضة والحبوب والنباتات فال أوقاص فيها‪ ،‬ويمكن القول بإلحاق‬
‫الذهب والفضة بالحبوب في وجوب الزكاة على ما زاد على النصاب وأنه ال أوقاص فيهاألن تشبيه الذهب والفضة بالجماد أولى من‬
‫تشبيههما بالحيوانات من بهيمة األنعام‪.‬‬

‫مجع الذهب والفضة يف الزكاة‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجب ضم الذهب إلى الفضة لتكميل النصاب لوجوب الزكاة ال بالوزن وال بالقيمة ألن كال منهما جنس مستقل بذاته في‬
‫أسمه ولونه وقيمته كاإلبل والبقر كل منهما جنس مستقل بذاته‪ ،‬فمن يملك كمية من الذهب أقل من النصاب ويملك كمية من الفضة أقل من‬
‫النصاب فال يجب عليه ضم أحدهما إلى اآلخر إلكمال النصاب‪ ،‬ألن الناتج من ضم أحدهما إلى األخر ال يصدق عليه أنه نصاب ذهب‪،‬‬
‫وال نصاب فضة‪ ،‬وال يجب عليه أن يخرج الزكاة ال على الذهب وال على الفضة لعدم اكتمال النصاب‪.‬‬

‫ليس من شرط النصاب أن يكون املالك واحدا‬


‫‪3‬‬
‫صدَقَةٌ)( ) وال فرق أن يكون‬
‫الصحيح‪ :‬أن الزكاة واجبة في مال الشركة إذا بلغ المال نصابا أو أكثر لحديث (َليْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ َأوَاقٍ َ‬
‫مالك الخمس األواق مالكاً واحداً أو أكثر ألن العبرة باكتمال النصاب إذا كان المال مختلطا كما في زكاة الحيوانات المختلطة من بهيمة‬
‫األنعام‪ ،‬ووجوب الزكاة في المال المختلط إذا بلغ النصاب تشبه وجوب الزكاة في مال الصبي أو المجنون ألن الزكاة هي حق تعلق بعين‬
‫المال‪ ،‬وإذا كانت الزكاة تجب في مال الصبي أو المجنون فباألولى إيجابها في أموال الشركات إذا بلغ النصاب وقد صار اآلن أغلب‬
‫األموال وأكثرها في شركات‪ ،‬ويجب إخراج الزكاة على األموال المختلطة في الشركات أو البنوك أونحوها من األموال المختلطة‪.‬‬

‫اعتبار النصاب يف املعدن‬


‫الركاز‪ :‬هو دفائن الذهب أو الفضة في باطن األرض من أيام الجاهلية‪ .‬الصحيح‪ :‬أنه يجب إخراج الخمس من الركاز مطلقا سواء بلغ‬
‫النصاب أم لم يبلغ النصاب‪ ،‬فال يشترط الشرع في إخراج الخمس نصابا وال حوال‪ ،‬وإنما يجب إخراج الخمس منه سواء كان قليال أو‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الز كاة‪ :‬باب في زكاة السائمة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1573‬بلفظ (عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ...‬قَالَ‪ :‬فَإِذَا كَانَتْ لَ َ‬
‫ك‬
‫مِائَ تَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‪ ،‬وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ يَعْنِي فِي الذَهَبِ حَتَى يَ كُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارً‪ ،‬فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا‬
‫الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَار‪ ،‬فَمَا زَ ادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ‪ ،‬قَالَ فَلَا أَدْرِي أَعَلِيٌ يَقُولُ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ أَوْ رَفَعَهُ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَى يَحُولَ‬
‫عَلَيْ ِه الْحَوْلُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند العشره المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علي رضي اهلل عنه برقم (‪.)1573‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه رقم (‪)1451‬‬
‫‪236‬‬
‫كثيرا‪ ،‬ثم إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول فيجب اخراج الزكاة منه بعد مضي الحول ربع العشر لكونه ذهبا أو فضة بلغ النصاب وحال‬
‫عليه الحول‪ ،‬أما في الخمس فلم يرد حديث عن النبي صلى اهلل عليه وسلم ال في اشتراط النصاب وال في عدم اشتراطه‪ ،‬واسم الرِكاز‬
‫مطلق يع م القليل والكثير ولذا وجب إخراج الخمس في قليله وكثيره‪ ،‬والخمس ال يكون إال على دفائن الجاهلية‪ ،‬أما من اشترى بيتا أو‬
‫أرضية وحفر في األرض أو في أرضية البيت وحصل على نقود مدفونة في باطن األرض ولكنها بالعملة اإلسالمية وليست من دفائن‬
‫الجاهلية فال يجب عليه إخراج الخمس ألنها ليست ركازا‪ ،‬وإنما حكمها حكم اللقطة يجب عليه أن يطبق عليها أحكام اللقطة فيسأل مالك‬
‫البيت أو األرض الذي كان قبله‪ ،‬هل ظل عليهم شيء فإن أتوا بأمارة لما لقية فيعطيه لهم وإن لم يأتوه بأمارة فيتصرف فيه كما يتصرف‬
‫في اللقطة‪ ،‬يسأل عنه لمدة سنة ثم بعد مضي السنة يتصرف فيه لنفسه أو يصرفه في مصرف أو مصارف خيرية بنية ضمانه لصاحبه إذا‬
‫وجد في يوم من الدهر‪.‬‬

‫زكاة العمالت الورقية‬


‫العملة الورقية في كل دولة قد قامت مقام الدنانير والدراهم التي كانت معروفة في العصور اإلسالمية األولى ومقام الجنيهات الذهبية‬
‫والرياالت ال فضية التي كان الناس يتعاملون بها قبل طبع األوراق النقدية فأصبحت األوراق النقدية تسلم ثمنا للمبيعات من العقارات‬
‫وغيرها من السلع التجارية‪ ،‬وتسلم مهرا للزوجة ونفقة لها ودية للمقتول وأصبحت مثل الرياالت الفضية والجنيهات الذهبية في التعامالت‬
‫التجارية والمالية بي ن الناس‪ ،‬وصار حكمها حكم الذهب والفضة ألنها حلت محلهما في التعامالت المالية‪ ،‬بل صارت هي العملة المتداولة‪،‬‬
‫ولذا يجب على مالكها إخراج الزكاة عليها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول‪.‬‬

‫نصاب العملة الورقية‪.‬‬


‫نصاب العملة الورقية بما يساوي قيمة نصاب الذهب أو الفضة ومقدار نصاب الذهب (‪ )85‬خمسة وثمانون جراما من الذهب‪ ،‬ونصاب‬
‫الفضة (‪ )595‬خمسمائة وخمسة وتسعو ن جراما من الفضة‪ ،‬وإذا اعتبر نصاب الفضة هو مقدار نصاب العمالت الورقية فسيكون أحسن‬
‫لصالح الفقراء والمساكين ومصارف الزكاة األخرى‪ ،‬فمن ملك من العمالت الورقية ما يساوي قيمته قيمة نصاب الذهب أو الفضة وحال‬
‫عليها الحول فيجب عليه إخراج الزكاة عليها ربع العشر‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬نصاب اإلبل والبقر والغنم واملاعز‬

‫نصاب اإلبل والواجب فيه‬ ‫‪‬‬


‫ما زاد على المائة والعشرين‬ ‫‪‬‬
‫ماذا يعطى المتصدق إذا عدم السن الواجب من اإلبل‬ ‫‪‬‬
‫أخذ القيمة في الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫الزكاة في صغار اإلب‬ ‫‪‬‬
‫نصاب البقر وقدر الواجب فيه‬ ‫‪‬‬
‫نصاب الغنم وقدر الواجب فيه‬ ‫‪‬‬
‫ضم الماعز مع الغنم‬ ‫‪‬‬
‫احتساب السخال وذات العلة في العدد‬ ‫‪‬‬
‫الخلطة‬ ‫‪‬‬
‫زكاة المختلط بحسب األنصباء‬ ‫‪‬‬

‫‪238‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬نصاب اإلبل والبقر والغنم والماعز‬

‫نصاب اإلبل والواجب فيه‬


‫في كل خمس من اإل بل شاة وفي العشر شاتان وفي الخمسة عشر ثالث شياه وفي العشرين إلى األربع والعشرين أربع شياه فإذا بلغت‬
‫خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاص وبقية نصاب اإلبل مذكور في كتاب أبي بكر رضي اهلل عنه الذي بين فيه فريضة الزكاة ولفظه (بسم‬
‫اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول اهلل ‪ ‬على المسلمين والتي أمر اهلل بها رسوله‪ ،‬فمن سئلها من المسلمين‬
‫على وجهها فليعطها‪ ،‬ومن سئل فوقها فال يعط‪ ،‬في أربع وعشرين من اإلبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة‪ ،‬إذا بلغت خمساً‬
‫وعشرين إلى خمس وثالثين ففيها حقة طروقة الجمل‪ ،‬فإذ ا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة‪ ،‬فإذا بلغت يعني ستاً‬
‫وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون‪ ،‬فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل‪ ،‬فإذا زادت على عشرين‬
‫ومائة‪ ،‬ففي كل أربعين بنت لبون‪ ،‬وفي كل خمسين حقة‪ ،‬ومن لم يكن معه إال أربع من اإلبل فليس فيها صدقة إال أن يشاء ربها‪ ،‬فإذا‬
‫بلغت خمساً من اإلبل ففيها شاة)‬
‫ما زاد على املائة والعشرين‬
‫الصحيح‪ :‬أن ما زاد على المائة والعشرين ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وماكان زائدا بين العقدين من الواحد إلى‬
‫العشرة‪ ،‬فيعتبر وقصاً ال زكاة عليه لحديث ( فإذا زادت على عشرين ومائة‪ ،‬ففي كل أربعين بنت لبون‪ ،‬وفي كل خمسين حقه)(‪ )3‬والقول‬
‫باستئناف الفريضة قول ضعيف لمخالفته الدليل الصحيح‪ ،‬وأما ما يروى بلفظ (إذا زادت اإلبل على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة)‬
‫فهو حديث ضعيف ال يحتج به فضال عن ترجيح العمل به على العمل بالحديث الصحيح وهو من قول على وابن مسعود رضي اهلل‬
‫عنهما‪ .‬وكالم الصحابي ليس بحجة‪ ،‬الدليل على أن ما بين العقود وقص ال زكاة عليه حديث (فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة‪ ،‬ففيها‬
‫ثالث بنات لبون حتى تبلغ تسعا وعشرين ومائة‪ ،‬فإذا كانت ثالين ومائة ففيها بنتا لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وثالثين ومائة‪ ،‬فإذا‬
‫كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وبنت لبون‪ ،‬و حتى تبلغ تسعا وأربعين ومائة‪ ،‬فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثالث حقاق‪ ،‬حتى تبلغ‬
‫تسعا وخمسين ومائة‪ ،‬فإذا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون‪ ،‬حتى تبلغ تسعا وستين ومائة‪ ،‬فإذا كانت سبعين ومائة‪ ،‬ففيها‬
‫ثالث بنات لبون وحقه‪ ،‬حتى تسعا وسبعين ومائة‪ ،‬فإذا كانت ثمانين ومائة ففيها حقتان وابنتا لبون‪ ،‬حتى تبلغ تسعا وثمانين ومائة‪،‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫فإذا كانت مائتين‪ ،‬ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي السنين وجدت أخذت)‬
‫ماذا يعطى املتصدق إذا عدم السن الواجب من اإلبل‬
‫الصحيح‪ :‬أن المزكي ال يكلف بشراء السن الذي ليس عنده ولكن يدفع المزكي إلى المصدق السن الذي عنده فإذا كان أقل من الواجب‬
‫عليه فيدفع للمصدق فارق السعر‪ ،‬السعر بين السنين بحسب الزمان والمكان‪ .‬مثلما من عنده لشخص مبلغ ثالثمائة ريال فيعطي المدين‬
‫خمسمائة ريال ويرد له الدائن مائتين ريال‪ ،‬الدليل حديث ( من بلغت عنده من اإلبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة‪ ،‬فإنها‬
‫تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أعشرين درهما‪ ،‬ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة‪،‬‬
‫فإنها تقبل منه الجذعة ويعطي ه المصدق عشرين درهما أو شاتين‪ ،‬ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إالبنت لبون‪ ،‬فإنها تقبل‬
‫منه بنت لبون ويعطي شاتين أو عشرين درهما‪ ،‬ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق‬
‫عشرين درهما أو شاتين‪ ،‬ومن بلغت صدقة بنت لبون وليست عنده وعنده بنت مخاض‪ ،‬فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطي معها‬
‫عشرين درهما أو شاتين)(‪.)3‬‬

‫أخذ القيمة يف الزكاة‬


‫وأما أخذ القيمة نقدا من المزكي فينضر فإن كانت المصلحة لمصارف الزكاة أخذ قيمة الزكاة فتؤخذ القيمة‪ ،‬وإن كانت المصلحة أخذ عين‬
‫الزكاة فتؤخذ من عين المال الم زكي‪ ،‬ومثل هذا في زكاة النباتات فإن كانت المصلحة أخذ الثمن فيؤخذ الثمن‪ ،‬وإن كانت المصلحة أخذ‬
‫الزكاة من عين المال فتؤخذ من عين المال المزكي‪ ،‬فالعبرة بمصلحة مصارف الزكاة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ثمامة بن عبد اهلل بن أنس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1454‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب زكاة السائمة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1570‬بلفظ (عن ابن شهاب قال‪ :‬هذه نسخة كتاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الذي كتبه في‬
‫الصدقة‪ ،‬وهي عند آل عمر بن الخطأب‪ .‬قال ابن شهاب ‪ :‬أقرأنيها سالم بن عبد اهلل بن عمر فوعيتها على و جهها‪ ،‬وهي التي انتسخها عمر بن عند العزيز من‬
‫عبد اهلل بن عبد اهلل بن عمر وسالم بن عبد اهلل بن عمر فذكر الحديث‪ ،‬قال‪( :‬فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة‪ ،‬ففيها ثالث بنات لبون حتى تبلغ تسعا وعشرين‬
‫ومائة‪ ،‬فإذا كانت ثالين ومائة ففيها بنتا لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وثالثين ومائة‪ ،‬فإذا كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وبنت لبون‪ ،‬وحتى تبلغ تسعا وأربعين‬
‫ومائة‪ ،‬فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثالث حقاق‪ ،‬حتى تبلغ تسعا وخمسين ومائة‪ ،‬فإذ ا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون‪ ،‬حتى تبلغ تسعا وستين ومائة‪،‬‬
‫فإذا كانت سبعين ومائة‪ ،‬ففيها ثالث بنات لبون وحقه‪ ،‬حتى تسعا وسبعين ومائة‪ ،‬فإذا كانت ثمانين ومائة ففيها حقتان وابنتا لبون‪ ،‬حتى تبلغ تسعا وثمانين‬
‫ومائة‪ ،‬فإذا كانت مائتين‪ ،‬ففيها أربع حقاق أو خم س بنات لبون أي السنين وحدت أخذت) صححه األلباني في صحيح أبي دواود بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1453‬بلفظ (عن ثمامة أن أنسا رضي اهلل عنه حدثه‪ :‬أن‬
‫أبا بكر رضي اهلل عنه‪ :‬كتب له فريضة الصدقة ال تي أمر اهلل رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من بلغت عنده من اإلبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده‬
‫حقة‪ ،‬فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسترتا له أوعشرين درهما‪ ،‬ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة‪ ،‬فإنها تقبل‬
‫منه الجذعة ويعطيه ال مصدق عشرين درهما أو شاتين‪ ،‬ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إال بنت لبون‪ ،‬فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو‬
‫عشرين درهما‪ ،‬ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين‪ ،‬ومن بلغت صدقة بنت لبون‬
‫وليست عنده وعنده بنت مخاض‪ ،‬فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطي معها عشرين درهما أو شاتين)‪.‬‬
‫‪239‬‬
‫الزكاة يف صغار اإلبل‬
‫الصحيح‪ :‬أن صغار اإلبل تجب فيها الزكاة ألنه يصدق عليها اسم اإلبل‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن صغار البقر أو الغنم أو الما عز تجب فيها الزكاة‪،‬‬
‫وأنها تحسب وتعد من جملة البقر أو الغنم أوالماعز لوجوب الزكاة ألنه يصدق عليها اسم البقر أو الغنم أوالماعز لإلطالق في أحاديث‬
‫(‪)1‬‬
‫وجوب زكاة اإلبل والبقر والغنم والماعز‪ .‬ولم يفرق في األحاديث بين كبير وصغير كما في حديث (في أربع وعشرين من اإلبل)‬
‫وحديث (في صدقة الغنم)(‪ )2‬وحديث ( ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم ال يؤدي حقها إال أوتي بها يوم القيامة أعّظم ما تكون‬
‫وأسمنه تطؤه بأخفافها‪ ،‬وتنطحه بقرونها‪ ،‬كلما جازت أخراها ردت عليه أوالها حتى يقضى بين الناس)(‪ )3‬في الحديثين داللة على‬
‫(‪)4‬‬
‫خذَ رَاضِعَ َل َبنٍ)‬
‫ع ْهدِي‪ ،‬أَنْ لَا نَأْ ُ‬
‫إطالق اسم اإلبل واسم البقر واسم الغنم على الصغير والكبير في وجوب الزكاة‪ ،‬أما حديث (ِإنَ فِي َ‬
‫فقال بعض العلماء‪ :‬أن المراد بالحديث أن يحسبها المصدق على المزكي في العدد وال يقبلها من المزكي في الصدقة‪.‬‬

‫نصاب البقر وقدر الواجب فيه‬


‫الصحيح‪ :‬أن في ثالثين من البقر تبيعا أو تبيعة وفي أربعين مسنة لحديث معاذ رضي اهلل عنه بلفظ (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ لَمَا‬
‫حتَلِمًا دِينَارًا َأوْ‬
‫سنَةً‪ ،‬وَ ِمنْ ُكلِ حَالِمٍ يَ ْعنِي مُ ْ‬
‫جهَهُ إِلَى ا ْليَ َمنِ‪ ،‬أَمَ َرهُ َأنْ يَأْخُذَ ِمنْ ا ْلبَقَرِ ِمنْ ُكلِ ثَلَاثِينَ َتبِيعًا َأوْ َتبِيعَةً‪ ،‬وَ ِمنْ ُكلِ أَ ْربَعِينَ مُ ِ‬
‫وَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫عدْلَهُ ِمنْ الْمَعَافِرِ ِثيَابٌ تَكُونُ بِا ْليَ َمنِ) الصحيح‪ :‬أنه ال زكاة في أوقاص البقر قياسا على زكاة اإلبل أو الغنم وهو قياس صحيح ألنه لم‬ ‫َ‬
‫يصادم نصا واألصل كون كل منهما حيواناً من بهيمة األنعام‪ ،‬واألبل والغنم قد جاء النص بأن ال زكاة في األوقاص التي بين الفريضتين‬
‫منها‪.‬‬

‫نصاب الغنم وقدر الواجب فيه‬


‫الصحيح‪ :‬أن نصاب الغنم إذا كانت سائمة وبلغت أربعين ففيها شاه وبقية النصاب كما في حديث (وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت‬
‫اربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثالثمائة ففيها ثالث شياه‬
‫فإذا زادت على ثالثمائة ففي كل مائة شاه‪ .‬فاذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إال أن يشاء‬
‫ربها)(‪ )6‬فيشترط لوجوب الزكاة أن يكون جميعها سائمة فإذا كان مع الشخص تسعة وثالثون سائمة وواحدة معلوفة فال زكاة فيها ‪.‬‬

‫ضم املاعز مع الغنم‬


‫يجب ضم الماعز إلى الغنم إلكمال النصاب أو إلخراج الزكاة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن الزكاة تخرج من األكثر عددا وإذا استوى عدد الغنم أو‬
‫الماعز فالمصدق يخير بين أخذ الزكاة إما من الغنم أو من الماعز ‪.‬‬

‫احتساب السخال وذات العلة يف العدد‬


‫الصحيح‪ :‬أن السخال تحسب وتعد على صاحب المال كما تحسب المريضة والعمياء والعرجاء والكسرى وغيرها من ذوات العلة ألنها ال‬
‫عوَار‪،‬‬
‫ت َ‬‫صدَ َقةِ هَرِمَةٌ‪ ،‬وَلَا ذَا ُ‬
‫زال اسمها شاة أو معزة فتعد ويكمل بها النصاب ولكن ال تؤخذ في الصدقة لعيبها لحديث (وَلَا يُخْرَجُ فِي ال َ‬
‫ص ِدقُ)(‪.)7‬‬
‫وَلَا َتيْسٌ إِلَا مَا شَاءَ الْ ُم َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذ الباب من حديث ثمامة بن عبد اهلل بن انس رضي اهلل عنه برقم (‪.)1454‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذ الباب من حديث ثمامة بن عبد اهلل بن انس رضي اهلل عنه برقم (‪.)1454‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب زكاة البقر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1460‬بلفظ (عن أبي ذر رضي اهلل عنه قال‪ :‬انتهيت إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬والذي‬
‫نفسي بيده أو والذي ال إله غيره أو كما حلف‪ ،‬ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم ال يؤدي حقها إال أوتي بها يوم القيامه أعّظم ما تكون وأسمنه تطؤه‬
‫بأخفافها‪ ،‬وتنطحه بقرونها‪ ،‬كلما جازت أخراها ردت عليه أوالها حتى يقضى بين الناس)‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ‬ ‫ق النَبِ ِ‬‫ن سُوَيْ ِد بْنِ غَفَلَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَتَانَا مُصَدِ ُ‬ ‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب الجمع بين المتفرق و التفريق بين المجتمع‪ .‬حديث رقم (‪ )2456‬بلفظ (عَ ْ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَتَيْتُهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬إِنَ فِي عَهْدِي‪ ،‬أَنْ لَا نَأْخُذَ رَاضِعَ لَبَنٍ‪ ،‬وَلَا نَجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِقٍ‪ ،‬وَلَا نُفَرِقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ) قال عنه األلباني في صحيح‬
‫سنن النسائي‪.‬بنفس الرقم‪( .‬حسن صحيح)‬
‫أخرجه أبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫تفريق بين مجتمع‪ :‬التفريق بين مايملك الشريكين معا لتقل الزكاة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬نجمع بين متفرق‪ :‬ضم مايملك كل من الشريكين معا لتقل الزكاة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ن الْبَقَرِ‬ ‫ن يَأْخُ َذ مِ ْ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم لَمَا وَجَهَ ُه إِلَى الْيَمَنِ‪ ،‬أَمَرَ ُه أَ ْ‬
‫ن النَبِ َ‬
‫ن مُعَاذٍ‪ ،‬أَ َ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب في السائمة‪ .‬حديث رقم ‪ ) 1576‬بلفظ (عَ ْ‬
‫مِنْ كُلِ ثَ لَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً‪ ،‬وَمِنْ كُلِ أَرْبَعِينَ مُسِنَةً‪ ،‬وَمِنْ كُلِ حَالِمٍ يَعْنِي مُحْتَلِمًا دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مِنْ الْمَعَافِرِ ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ) صححه األلباني في صحيح سنن‬
‫أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫اخرجه الترمذي في الزكاة‪ ،‬و النسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الزكاة‪.‬‬
‫العدل‪ :‬التساوي في القيمة‪.‬‬ ‫المسنة‪ :‬ماتمت سنتين من إبل وبقر وغنم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬التبيع‪ :‬ولد البقرة الذي دحل في السنة الثالثة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ثمامة بن عبد اهلل بن أنس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1454‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب اليؤخذ في الصدقة هرمة والذات عوار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1455‬بلفظ (عن ثُمَامَةُ أَنَ أَنَسًا رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ حَدَثَهُ‪ ،‬أَنَ أَبَا بَكْ ٍر‬
‫س إِلَا مَا شَا َء الْمُصَدِقُ)‪.‬‬ ‫ب لَ ُه الصَدَقَ َة الَتِي أَمَ َر اللَهُ رَسُولَهُ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَدَقَةِ هَرِمَةٌ‪ ،‬وَلَا ذَاتُ عَوَار‪ ،‬وَلَا تَيْ ٌ‬
‫ي الَلهُ عَ نْهُ‪ ،‬كَتَ َ‬
‫رَضِ َ‬
‫أخرجه النسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫اطراف الحد يث‪ :‬الشركة‪ ،‬فرض الخمس‪.‬‬
‫ذات عوار‪ :‬ذات عيوب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬هرمة‪ :‬طاعنة في السن‪.‬‬
‫‪241‬‬
‫اخللطة‬
‫الخلطة‪ :‬هي االشتراك في المرعى والمسقى والمراح إلى المرعى والمبيت‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن لها تأثيراً في قدر النصاب وفي الواجب من‬
‫صدَقَةِ)(‪ )1‬ومثال أال يفرق‬
‫شيَةَ ال َ‬
‫جتَمِعٍ خَ ْ‬
‫الزكاة وأن الخلطاء يزكون زكاة المالك الواحد لحديث (وَلَا يُجْمَعُ َب ْينَ ُمتَفَ ِرقٍ‪ ،‬وَلَا يُفَ َرقُ َب ْينَ مُ ْ‬
‫بين مجتمع هو أن يكون لمالك واحد مائة وعشرون رأسا الواجب فيها شاة واحدة وإذا فرق ملكه أثالثا يصير عليه ثالث شياه على كل‬
‫أربعين شاة‪ ،‬في الحديث نهى للمصدقين أال يفرقوا ما كان مجمعا من أجل تكثير الزكاة على المالك‪ ،‬ومثال الجمع بين مفترق كأن يكون‬
‫ألخوين لكل منهما خمسة واربعون رأسا على كل واحد منهما شاة وإذا جمع ملك األخوين يكون تسعين رأسا ال يجب على المجموع إال‬
‫شاة واحدة‪ ،‬في الحديث نهى للمزكين عن جمع المفترق خشية الصدقة‪ ،‬ويمكن يكون نهيا للمصدق أال يجمع المفترق من أجل الصدقة كأن‬
‫يكون لكل واحد من األخوين عشرون رأسا فقط فال زكاة عليهما وإذا جمع المتفرق صار عليهما شاة زكاة األربعين‪ ،‬فال يجوز للمصدق‬
‫أن يجمع بين ملك أخوين أو أب وا بن متفرقين من أجل الصدقة وال يفرق بين مجتمعين من أجل زيادة الصدقة وإنما يجب عليه أن‬
‫يستصحب الحال التي هم عليها قبل وصول المصدق‪.‬‬

‫زكاة املختلط حبسب األنصباء‬


‫الزكاة على المال المختلط تخرج من المال المختلط وتكون بحسب أنصبتهم سواء كانت الخلطة على الشيوع أو كانت خلطة متميزاً فيها‬
‫مال كل واحد من الشركاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب ال يجمع بين مفترق واليفرق بين مجتمع‪ .‬حديث رقم (‪ )1450‬بلفظ (عن ثُمَامَةُ‪ ،‬أَنَ أَنَسًا رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ حَدَثَهُ أَنَ أَبَا بَكْرٍ‬
‫ن مُجْتَمِ ٍع خَشْيَ َة الصَدَقَةِ)‪.‬‬
‫ق بَيْ َ‬
‫ض رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَلَا يُجْمَ ُع بَيْنَ مُتَفَرِقٍ‪ ،‬وَلَا يُفَرَ ُ‬
‫ب لَ ُه الَتِي فَ َر َ‬
‫ي الَلهُ عَنْهُ‪ ،‬كَتَ َ‬
‫رَضِ َ‬
‫أخرجه أبو داود في الز كاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الشركة‪ ،‬الحيل‪.‬‬
‫‪241‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬نصاب احلبوب والثمار والقدر الواجب‬

‫ن عَ َثرِيًا ا ْل ُعشْرُ‬
‫سمَا ُء وَا ْلعُيُونُ أَ ْو كَا َ‬
‫ت ال َ‬
‫فِيمَا سَقَ ْ‬ ‫‪‬‬
‫ضم الحبوب بعضها إلى بعض في النصاب‬ ‫‪‬‬
‫تقدير نصاب لعنب والتمر بالخرص‬ ‫‪‬‬
‫يحسب ما أكل الرجل من ثمره وزرعه في النصاب‬ ‫‪‬‬
‫نصاب التجارة‬ ‫‪‬‬
‫حول زكاة التجارة‬ ‫‪‬‬
‫كيفية زكاة التجارة‬ ‫‪‬‬
‫زكاة الشركات‬ ‫‪‬‬
‫زكاة العروض من الثمن‬ ‫‪‬‬

‫‪242‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نصاب الحبوب والثمار والقدر الواجب‬
‫َ َ ُ َ ْ ُ ُ َُ ْ َ َ َ َ ً ْ ُ ْ ُ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫ِفيما سقت السماء والعيون أو كان عث ِريا العشر‬
‫زكاة النباتات ما سقى بماء السماء أو العيون أو األنهار أو كان النبات عثريا يسقى بعروقه ويثمر بدون كلفة والمؤنة في سقايته ففيه‬
‫العشر من الثمرة أو عشر قيمة الثمرة‪ ،‬وما كان يسقى بكلفة ومؤنة مالية كسقي بالمضخات أو بالنقل على السيارات أو بأي وسيلة فيها‬
‫كلفة ومؤنة ففيه نصف العشر‪ ،‬إما نصف عشر ثمرة النبات المثمر‪ ،‬أو نصف عشر قيمة الثمرة‪ ،‬أو نصف عشر قيمة النباتات المباعة‬
‫عثَ ِريًا‬
‫بثمن كالخضروات والفواكه واالعالف واألخشاب وغيرها من النباتات المباعة بثمن لحديث (فِيمَا سَقَتْ السَمَاءُ وَالْعُيُونُ َأوْ كَانَ َ‬
‫الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِيَ بِال َنضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ)(‪ )1‬الحديث يدل على وجوب إخراج زكاة النباتات في كل ما أنبته اهلل من األرض‪ ،‬وأن الزكاة‬
‫تخرج من قليله وكثيره ألن لفظ (ما) في الحديث اسم موصول وهو من ألفاظ العموم يعم القليل والكثير من النباتات ويدخل في عموم‬
‫الحديث كل شجرة تنبت في األرض سواء كانت شجرة حبوب أو فواكه أو خضروات أو أعالف أو أخشاب أوغيرها من األشجار‬
‫والنباتات المختلفة ويخصص عموم الحديث بزكاة الحبوب التي ال تجب الزكاة فيها في قليلها وكثيرها وإنما تجب فيها الزكاة إذا بلغت‬
‫خمسة أوسق وال تجب الزكاة فيما دون الخمسة األوسق من الحبوب‪ ،‬فمن ملك خمسة أوسق فما فوقها فيجب عليه إخراج زكاة الحبوب‬
‫صدَقَةٌ)(‪ )2‬والوسق ستون صاعا والخمسة‬ ‫سقٍ َ‬ ‫ومن ملك أقل من خمسة أوسق ال يجب عليه الزكاة لحديث (وَ َليْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ َأوْ ُ‬
‫األوسق ثالثما ئة صاع وتقدر بالمكيال الصنعاني اليماني بتسعة عشر قدح إال ربع القدح‪ ،‬وال تعارض بين الحديثين ألن بحديث (فِيمَا‬
‫صدَقَةٌ) خاص فيعمل بالخاص فيما تناوله وهو‬ ‫سقٍ َ‬ ‫عثَ ِريًا الْعُشْرُ) عام وحديث (وََليْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ َأوْ ُ‬
‫سَقَتْ السَمَاءُ وَالْ ُعيُونُ َأوْ كَانَ َ‬
‫عدم وجوب زكاة الحبوب فيما دون الخمسة األوسق‪ ،‬وبالعام وهو وجوب الزكاة في باقي النباتات في قليلها وكثيرها وأنه ليس لها نصاب‬
‫مقدر ال تجب الزكاة إال إذا بلغت مقداره كما في نباتات الحبوب‪ ،‬وحديث الخمسة األوسق ليس مخصصا متصال بحديث (فِيمَا سَقَتْ‬
‫عثَ ِريًا الْعُشْرُ) وإنما هو مخصص منفصل ألن كال من الحديثين حديث مستقل بنفسه وكل حديث منهما صحيح‬ ‫السَمَاءُ وَالْ ُعيُونُ أَوْ كَانَ َ‬
‫متفق عليه‪.‬‬

‫ضم احلبوب بعضها إىل بعض يف النصاب‬


‫الصنف الواحد من الحبوب والثمر يجمع جيده إلى الضعيف منه وتؤخذ الزكاة عن الصنف كله وتؤخذ الزكاة بحسب قدر كل منهما من‬
‫الجيد يؤخذ منه زكاته ومن الضعيف تؤخذ منه زكاته‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن الحبوب ال يضم بعضها إلى بعض لتكميل النصاب ألن كل صنف‬
‫مستقل وألن كل صنف يختلف عن الصنف اآلخر في اسمه ونوعه وصورته وطعمه ولونه وقيمته الثمنية‪ ،‬ومن قال‪ :‬يضم بعضها إلى‬
‫بعض فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة‪.‬‬

‫تقدير نصاب لعنب والتمر باخلرص‬


‫يسمى الشخص الذي يقوم بالخرص الخرُاص ويسمى المخمن ويسمى المِقدر ألن الخرص هو التقدير‪ ،‬الصحيح‪ :‬جواز الخرص قياسا‬
‫على خرص خيبر ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم كان يبعث عبد اهلل بن رواحه رضي اهلل عنه على أرض خيبر يخرص الثمرة على‬
‫اليهود الذين ترك النبي صلى اهلل عليه وسلم أرض خيبر بأيديهم يعملونها ويزرعونها على أن لهم نصف الثمرة‪ ،‬ولرسول اهلل صلى اهلل‬
‫ع ْبدَ اللَهِ ْبنَ َروَاحَةَ فَحَزَ َر عَلَ ْيهِمْ النَخْل‪ ،‬وَ ُهوَ اَلذِي‬‫خلُ بَعَثَ إِلَ ْيهِمْ َ‬ ‫عليه وسلم النصف اآلخر‪ ،‬الحديث بلفظ (فَلَمَا كَانَ حِينَ ُيصْرَمُ النَ ْ‬
‫خلِ وَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ اَلذِي‬ ‫يُسَمِيهِ أَهْلُ الْ َمدِينَةِ الْخَ ْر َ فَقَالَ‪ :‬فِي ِذهْ َكذَا وَ َكذَا قَالُوا‪ :‬أَ ْكثَرْتَ عََل ْينَا يَا ا ْبنَ َروَاحَةَ فَقَالَ‪ :‬فَ َأنَا أَلِي حَزْرَ النَ ْ‬
‫خ َذهُ بِاَلذِي قُلْتَ)(‪ ،)3‬والخرص أسهل للمصدق وللمزارع واألحوط أن‬ ‫حقُ َوبِهِ تَقُومُ السَمَاءُ وَالْأَ ْرضُ‪َ ،‬قدْ َرضِينَا أَنْ نَأْ ُ‬
‫قُلْتُ‪ :‬قَالُوا‪َ :‬هذَا الْ َ‬
‫يقوم بالخرص عدالن مختاران أحدهما من قبل الدولة الجابية للزكاة‪ ،‬واآلخر من قبل المزارعين‪ ،‬والخرص جائز في الحبوب والثمار‬
‫ومنها الزيتون‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري‪ .‬حديث رقم (‪ )1456‬بلفظ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَهُ‬
‫ف الْعُشْرِ)‪.‬‬‫ح نِصْ ُ‬
‫ي بِالنَضْ ِ‬
‫ن أَوْ كَانَ عَثَرِيًا الْعُشْرُ‪ ،‬وَمَا سُقِ َ‬ ‫ت السَمَاءُ وَالْعُيُو ُ‬‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فِيمَا سَقَ ْ‬‫ن النَبِ ِ‬
‫عَنْهُ‪ ،‬عَ ْ‬
‫أخرجه أبوداود في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ .‬وابن ماحه في الزكاة‪.‬‬
‫النضح‪ :‬اإلبل التي يستقى عليها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العثري‪ :‬النخيل الذي يشرب بعروقه من التربة بدون سقي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب ليس فيما دون خمس أوسق صدقة‪ .‬حديث رقم (‪ )1454‬بلفظ (أَنَ عَمْرَو بْنَ يَحْ يَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ‬
‫عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُول‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ‪ ،‬وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ‬
‫س فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ)‪.‬‬ ‫صَدَقَةٌ‪ ،‬وَلَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الزكاة‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫الوسق‪ :‬ماقدره ستون صاعا من تمر أو نحوه‪.‬‬ ‫الذود‪ :‬مابين الثالثة إلى العشرة من اإلبل‪.‬‬ ‫مع اني األلفاظ‪ :‬األوقية‪ :‬أربغين درهما من فضة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب المساقاة‪ .‬حديث رقم (‪ )6410‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬افْتَتَحَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَيْبَرَ‪ ،‬وَاشْتَرَطَ أَنَ لَهُ‬
‫الْأَ ْرضَ وَكُلَ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ‪ ،‬قَالَ أَهْلُ خَيْبَر‪ :‬نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْأَ ْرضِ مِنْكُمْ‪ ،‬فَأَعْطِنَاهَا عَلَى أَنَ لَكُمْ نِصْفَ الثَمَرَةِ وَلَنَا نِصْفٌ‪ ،‬فَزَعَمَ أَنَهُ أَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ حِينَ‬
‫يُصْرَمُ النَخْلُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَحَزَرَ عَلَيْهِمْ النَخْل‪ ،‬وَهُوَ الَذِي يُسَمِيهِ أَ هْلُ الْمَدِينَةِ الْخَ ْر َ فَقَالَ‪ :‬فِي ذِهْ كَذَا وَكَذَا قَالُوا‪ :‬أَكْثَرْتَ عَلَيْنَا يَا ابْنَ رَوَاحَةَ‬
‫فَقَالَ‪ :‬فَأَنَا أَلِي حَزْرَ النَخْلِ وَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ الَذِي قُلْتُ‪ :‬قَالُوا‪ :‬هَذَا الْحَقُ وَبِهِ تَقُومُ السَمَاءُ وَالْأَ ْرضُ‪ ،‬قَدْ رَضِينَا أَنْ نَأْخُذَهُ بِالَذِي قُلْتَ) قال عنه األلباني في صحيح‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪( .‬حسن صحيح)‬
‫أخرجه ابن ماجة في الزكاة‪.‬‬
‫الخر ‪ :‬تقدير الثمر على رؤس الشجر‬ ‫حزر‪ :‬قدر وخمن‪.‬‬ ‫يصرم‪ :‬يقطع الثمر ويجتني‪.‬‬ ‫البيضاء‪ :‬الفضة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الصفراء‪ :‬الذهب‪.‬‬
‫بالتخمين‪.‬‬
‫‪243‬‬
‫حيسب ما أكل الرجل من مثره وزرعه يف النصاب‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب احتساب ما أكل الرجل وأهله من ثمره وزرعه قبل الحصاد في النصاب لقوله تعالى {كُلُواْ مِن ثَمَ ِرهِ ِإذَا َأثْمَرَ وَآتُواْ حَقَهُ‬
‫حصَا ِدهِ}(‪ )1‬ولفظ (حقه ) اآلية تعم ما أكل منه وما لم يؤكل منه‪ ،‬واألصل أن الزكاة واجبة على كل ما ينبته اهلل عز وجل في األرض‬ ‫َيوْمَ َ‬
‫سواء ما أكل منه أو ما لم يؤكل منه ألن األصل وجوب الزكاة في المال النابت في األرض‪ ،‬وأما بحديث (إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث‬
‫فدعوا الربع) فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم (‪ )3615‬وحديث ( خففوا في الخر فإن في المال العرية واآلكلة والوصية‬
‫والعامل والنوائب وما وجب في الثمر من الحق)ضعيف‪ ،‬فهما حديثان ضعيفان فالقول بعدم احتساب ما يأكله المالك وأهله من ثمره‬
‫وزرعه قول ضعيف ألن أدلته ضعيفة‪.‬‬

‫نصاب التجارة‬
‫هو نصاب الذهب فمن يملك من عروض التجارة ما قيمته قيمة نصاب الذهب وهو (‪ )85‬خمسة وثمانون جراما من الذهب وحال عليها‬
‫(‪)2‬‬
‫ح ْولُ)‬
‫حتَى يَحُولَ عََليْهِ الْ َ‬
‫الحول فيجب عليه إخراج الزكاة عنها لحديث (وََليْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ َ‬

‫حول زكاة التجارة‬


‫الصحيح‪ :‬أن حول زكاة التجارة يبدأ من يوم بدئه بالبيع والشراء حتى يحول عليه الحول‪ ،‬وال فرق بين تاجر تجزئة تاجر جملة‪.‬‬

‫كيفية زكاة التجارة‬


‫من اشترى عرضاً أو أعراضاً للتجارة وحال عليه الحول يُقوِم ممتلكاته من أعراض التجارة بسعر بيع يوم إخراج الزكاة‪ ،‬و يُقوِمها بثمن‬
‫البيع ويزك ي على مبلغ قيمة األعراض ربع العشر من قيمة األعراض‪ ،‬ال من أعيانها وفي نهاية كل حول يُقوِم كل ممتلكاته من أعراض‬
‫التجارة بسعر بيع شهر أو أسبوع أو يوم إخراج الزكاة ويخرج الزكاة عن جملة مبلغ تقويم ثمن كل السلع المعروضة للبيع‪ ،‬وقدر الزكاة‬
‫ربع العشر من ثمن األعراض التجارية‪.‬‬

‫زكاة الشركات‬
‫الصحيح‪ :‬أن الزكاة على شركات األموال المختلطة سواء كانت بنوكاً أو شركات مضاربة أو شركات تجارية أو غيرها من المؤسسات‬
‫التجارية التي يكون رأس مالها مختلطاً لعدد من الشركاء تؤخذ من رأس المال المختلط ثم يوزع الباقي من الربح على الشركاء‪.‬‬

‫زكاة العروض من الثمن‬


‫الصحيح‪ :‬أن زكاة عروض التجارة مثلها مثل زكاة الحيوانات والنباتات ينضر فيها لمصلحة مصارف الزكاة والمصدق فربما تكون‬
‫القيمة أخف وأسهل للمصدق وأنفع لمصارف الزكاة فالعبرة فيها مراعاة مصلحة الفقراء ومصارف الزكاة األخرى‪ ،‬وال يجمد على القول‬
‫بأنه ال بد من خروجها من عين المال‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)141( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه برقم (‪.)1573‬‬
‫‪244‬‬
‫الباب الرابع ‪ :‬وقت الزكـــــــــاة‬

‫مضي الحول شرط لوجوب الزكاة في الذهب والفضة وفي العمالت النقدية‬ ‫‪‬‬
‫اشتراط الحول في المعدن‬ ‫‪‬‬
‫حول ربح المال‬ ‫‪‬‬
‫الفوائد الواردة على المال‬ ‫‪‬‬
‫حول الدين‬ ‫‪‬‬
‫فوائد الماشية‬ ‫‪‬‬
‫الحول في نسل الغنم‬ ‫‪‬‬
‫إخراج الزكاة قبل الحول‬ ‫‪‬‬

‫‪245‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬وقت الزكاة‬

‫مضي احلول شرط لوجوب الزكاة يف الذهب والفضة ويف العمالت النقدية‬

‫الصحيح‪ :‬أن مضي الحول شرط لوجوب الزكاة في الذهب والفضة وفي العمالت النقدية التي حلت محل الذهب والفضة في التعامالت‬
‫المالية‪ ،‬وفي زكاة السائمة م ن األبل والبقر والغنم والما عز‪ ،‬وفي زكاة عروض التجارة والمستغالت‪ ،‬لحديث (وََليْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَى‬
‫ح ْولُ)(‪ )1‬المراد بالحول هو الحول الهجري أي مرور السنة الهجرية ألن المراد بالتوقيت في الشريعة اإلسالمية هو التاريخ‬ ‫يَحُولَ عََليْهِ الْ َ‬
‫الهجري سواء في باب الزكاة أو العدة أو الطالق أو غيرها‪.‬‬

‫اشرتاط احلول يف املعدن‬


‫المراد بالمعدن هو الذهب والفضة قبل أن تصاغ نقوداً‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه ال يجب على مالك المعدن إخراج الزكاة عليه حتى يحول عليه‬
‫الحول ألنه يشبه النقود من الذهب والفضة‪.‬‬

‫حول ربح املال‬


‫مذهب الشافعي أن ال ربح يعتبر حوله من حين استفيد ومذهب مالك أن حول الربح حول األصل فمذهب الشافعي أصح ومذهب مالك‬
‫أضبط‪ ،‬الراجح‪ :‬أن التاجر إن كان يستطيع ضبط تواريخ األرباح وحساب الحول لألرباح فيعمل برأي الشافعي والشوكاني وإن كان ال‬
‫يستطيع ضبط تواريخ األرباح فيعمل بالرأي القائل بأن حول الربح حول األصل‪.‬‬

‫الفوائد الواردة على املال‬


‫إذا كان مع الشخص مال أقل من النصاب ودخل في ملكه مال آخر من غير ربح المال األول كالميراث أو الوصية أو الهبة أو نحوها‬
‫وهذا هو المراد بلفظ (الفوائد الواردة على المال) فإذا كمل النصاب من مجموع المالين فإن الحول يبدأ من يوم كمل النصاب‪ ،‬وأما إن‬
‫دخل في ملك الشخص مال وعنده مال قد بلغ النصاب وحال عليه الحول فالصحيح‪ :‬أن الزكاة ال تجب إال على المال الذي قد مضى عليه‬
‫ح ْولُ)‪ ،‬سواء كان المال من السائمة من بهيمة األنعام أو أمواال تجارية أو نقودا‬
‫حول كامل لحديث(وََليْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَى يَحُولَ عََليْهِ الْ َ‬
‫أو مستغالت أو غيرها‪ ،‬والمال ال يسمى نصابا تجب فيه الزكاة إال إذا استمر طوال السنة ولم ينقص فيها ولم يبدل ما لم تظهر عليه‬
‫الحيلة‪ ،‬فإذا ظهرت الحيلة فنصاب البدل نصاب مبدله وكل حيله من أجل التهرب من وجوب الزكاة باطلة وهي حرام‪.‬‬

‫حول الدين‬
‫الصحيح‪ :‬أن الزكاة واجبة في الديون المتيقن قضاؤها وحال عليها الحول‪ ،‬وال تسقط الزكاة بمضي الحول إذا لم يزكها فيه‪ ،‬ألن حق‬
‫الزكاة ال يسقط بمضي الحول أو األحوال إذا لم يتمكن من إخراج الزكاة حين وجوبها‪ ،‬والواجب على المالك أن يعزل الزكاة عند نهاية‬
‫الحول ألنها في ذمته وال تبرأ ذمته إال بإخراج الزكاة‪ ،‬وليس مجيء الساعي شرطاً لوجوب الزكاة وال دليل على هذا االشتراط واهلل عز‬
‫حقٌ لِلسَا ِئلِ وَالْمَحْرُومِ}(‪ )2‬فالزكاة حق معلوم‬ ‫وجل قد أوجب الزكاة في مال األغنياء بدون شرط وال قيد قال تعالى {وَفِي أَ ْموَاِلهِمْ َ‬
‫للمستحقين لها ال يشترط في وجوبها مجيء السعاة ألخذها‪ ،‬وال يشترط لوجوبها وجود اإلمام العادل ألنها واجبة على صاحب المال‪ ،‬وهي‬
‫عبادة هلل عز وجل مثلها مثل الصالة يجب على اإلنسان إقامتها سواء كان هناك إماماً أو ال يوجد إمام‪ ،‬وسواء كانت الدولة موجودة أو‬
‫غير موجودة وسواء كانت عادلة أم غير عادلة ألن الزكاة حق هلل عز وجل في ذمة الغنى ال تبرأ ذمته إال بأدائها‪ ،‬وإذا لم يوجد المصدق‬
‫أو الساعي فيوزعها المزكي في مصارفها الشرعية بنفسه‪ ،‬وال دخل لوجود اإلمام أو الدولة في وجوبها ألن خطاب اهلل عز وجل بوجوب‬
‫الصالة والزكاة عام لكل مسلم ومسلمة في قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَلَاةَ وَآتُوا الزَكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَسُولَ لَعَلَكُمْ تُرْحَمُونَ}(‪ )3‬واألمران في‬
‫اآلية بإقامة الصالة وإيتاء الزكاة عامان مطلقان لم يقيدا بقيد وال شرط‪.‬‬

‫فوائد املاشية‬
‫الصحيح‪ :‬أنه إذا أضيف إلى مال الشخص مال جديد سواء بالميراث أو الوصية أو الهبة أو بأي وسيلة من وسائل التمليك كالشراء أو‬
‫نحوه فيجب عليه أن يجعل للمال الجديد حوال مستقال ألنه مال جديد مستقل بذاته بخالف أرباح أو نسل المال األصلي فهي تابعة للمال‬
‫األصلي وحولها حوله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب في زكاة السائمة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1573‬بلفظ (عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِبَ ْعضِ أَوَلِ هَذَا‬
‫الْحَدِيثِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‪ ،‬وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ ءٌ يَعْنِي فِي الذَهَبِ حَتَى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا‪ ،‬فَإِذَا كَانَ لَكَ‬
‫عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَار‪ ،‬فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ‪ ،‬قَا لَ فَلَا أَدْرِي أَعَلِيٌ يَقُولُ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ أَوْ رَفَعَهُ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫س فِي مَالٍ زَكَا ٌة حَتَى يَحُو َل عَلَيْ ِه الْحَوْلُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَلَيْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند العشره المبشرين بالجنه‪.‬‬
‫يمر‪ :‬يجتاز‪.‬‬ ‫الحول‪ :‬العام‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حال‪ :‬مضى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الذاريات‪.)11( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النور‪.)56( :‬‬
‫‪246‬‬
‫احلول يف نسل الغنم‬
‫الصحيح‪ :‬أن حول نسل الغنم حول أصله ولفظ‪( :‬الناض) هو النقود في لغة أهل الحجاز‪.‬‬

‫إخراج الزكاة قبل احلول‬


‫ا لصالة ال تصح قبل دخول وقتها والصيام ال يصح إال بعد دخول شهر رمضان والحج ال يصح إال في أشهر الحج والوقوف بعرفة ال‬
‫يصح إال في يوم عرفة وال يصح الوقوف قبل يوم عرفة ألنها عبادات مؤقتة بأوقات معلومة ال يصح أداؤها إال في األوقات المحددة‬
‫حدَثَ فِي أَمْ ِرنَا َهذَا‬ ‫المعلومة‪ .،‬ومن أداها في غير وقتها المحدد من الشارع فهي باطلة ومردودة على فاعلها ال يقبلها اهلل منه لحديث ( َمنْ أَ ْ‬
‫مَا َليْسَ فِيهِ َف ُهوَ رَدٌ) (‪)1‬وفي رواية ( َمنْ عَ ِمّلَ عَمَّلًا َليْسَ عََّليْهِ أَمْ ُرنَا َف ُهوَ َردٌ)(‪ )2‬إال في باب الزكاة فيجوز تقديم الزكاة قبل حلول الحول‬
‫ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم استلف من عمه العباس بن عبد المطلب رضي اهلل عنه صدقته لعامين لحديث (أَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬فَقَالَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَا َينْقِمُ ا ْبنُ‬
‫عبَاسُ ْبنُ َ‬ ‫صدَقَةِ‪ ،‬فَقِيلَ‪َ :‬منَعَ ا ْبنُ جَمِيلٍ وَخَاِلدُ ْبنُ ا ْلوَلِيدِ‪َ ،‬و َ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِال َ‬
‫سبِيلِ اللَهِ‪ ،‬وَأَمَا الْعَبَاسُ بْنُ‬‫ع ُت َدهُ فِي َ‬
‫ح َتبَسَ َأدْرَاعَهُ وََأ ْ‬
‫غنَاهُ اللَهُ وَرَسُولُهُ‪ ،‬وَأَمَا خَاِلدٌ فَِإنَكُمْ تَّظْلِمُونَ خَاِلدًا‪َ ،‬قدْ ا ْ‬
‫جَمِيلٍ إِلَا َأنَهُ كَانَ فَقِيرًا فََأ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫صدَقَةٌ َو ِمثْلُهَا) دليل واضح في أن‬ ‫صدَقَةٌ وَمِثُْلهَا) ولفظ ( َفهِيَ عَلَيْ َ‬ ‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬فَعَمُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَم‪َ ،‬فهِيَ عَلَيْ َ‬ ‫َ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم قد تقدم من العباس زكاة سنتين وعلى هذا فيجوز للغني أن يعطي فقيرا أو مسكينا أو مصرفا من مصارف‬
‫الزكاة إذا عرف حاجة المصرف إلى المال من زكاة ماله المستقبلية قبل حلول وجوب الزكاة وله بذلك أجر الزكاة وأجر سد حاجة‬
‫عنْهُ كُ ْربَةً ِمنْ كُرُبَاتِ َيوْمِ‬‫عنْ مُسْلِمٍ كُ ْربَةً فَرَجَ اللَهُ َ‬ ‫المصرف المحتاج وتعاونه مع المحتاج في قضاء حاجته لحديث (وَ َمنْ فَرَجَ َ‬
‫جتِهِ)(‪ )5‬والجزاء من جنس العمل فمقابل عون الغنى للفقير يكون عون اهلل‬ ‫الْ ِقيَامَةِ)(‪ )4‬وحديث (وَ َمنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَهُ فِي حَا َ‬
‫للغني في قضاء حوائجه وتسديده وتوفيقه وتكثير أمواله وإخالفها عليه من حيث ال يشعر مصداقا لقوله تعالى {وَمَا أَنفَ ْقتُم مِن شَيْءٍ َفهُوَ‬
‫خيْرُ الرَازِقِينَ}(‪.)6‬‬ ‫يُخْلِفُهُ وَ ُهوَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصلح‪ :‬باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2617‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ رَسُولُ‬
‫س فِيهِ فَهُوَ رَدٌ)‪.‬‬
‫ث فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْ َ‬ ‫ن أَحْدَ َ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األقضية‪ ،‬وأبو داود في السنة‪ ،‬وابن ماجة في المقدمة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬رد‪ :‬رجوع إلى الباطل‪ ،‬وعودة إلى الجاهلية وهو مردود‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األقضية‪ :‬باب نقض األحكام الباطلة ورد محدثات األمور‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4465‬بلفظ (عن عَائِشَةُ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم قَالَ‪:‬‬
‫ن عَمِ َل عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْ ِه أَمْرُنَا فَهُ َو رَدٌ)‪.‬‬ ‫مَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في الصلح‪ ،‬وأبو داود في السنة‪ ،‬وابن ماجة في المقدمة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح الب خاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب قول اهلل تعالى (وفي الر قاب) حديث رقم (‪ ) 1465‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالصَدَقَةِ‪ ،‬فَقِيلَ‪ :‬مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ‪ ،‬وَ عَبَاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَا أَنَهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ‬
‫اللَهُ وَرَسُولُهُ‪ ،‬وَأَمَا خَالِدٌ فَإِنَكُمْ تَّظْلِمُونَ خَالِدًا‪ ،‬قَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَهِ‪ ،‬وَأَمَا الْعَبَاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬فَعَمُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ ،‬فَهِيَ‬
‫ي صَدَقَ ٌة وَمِثْلُهَا)‪.‬‬
‫عَلَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الز كاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المّظالم والغصب‪ :‬باب اليّظلم المسلم المسلم واليسلمه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2442‬بلفظ (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عُمَرَ‬
‫رَضِيَ الَلهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَخْبَرَهُ أَنَ رَسُ ولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ‪ ،‬لَا يَّظْلِمُهُ‪ ،‬وَلَا يُسْلِمُهُ‪ ،‬وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَهُ فِي حَاجَتِهِ‪ ،‬وَمَنْ‬
‫ن سَتَ َر مُسْلِمًا سَتَرَ ُه الَل ُه يَوْ َم الْقِيَامَةِ)‪.‬‬‫ت يَوْ ِم الْقِيَامَةِ‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫ن كُرُبَا ِ‬
‫ج اللَهُ عَنْهُ كُرْبَ ًة مِ ْ‬
‫فَرَجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَ َ‬
‫أخرجه مسلم‪ :‬في البر والصلة واألداب‪ ،‬والترمذي‪ :‬في الحدود‪ ،‬وأبوداود‪ :‬في األداب‪ ،‬وأحمد‪ :‬في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإلكراه‪.‬‬
‫الكربة‪ :‬الضيق والشدة والغم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬يسلمه‪ :‬يخذله‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الحدود‪ :‬باب ما جاء في الستر على المسلم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1425‬بلفظ (عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬من‬
‫نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اهلل عنه كربة من كرب اآلخرة‪ ،‬ومن ستر على مسلم ستره اهلل في الدنيا واآلخرة‪ ،‬واهلل في عون العبد ما كان العبد في‬
‫عون أخيه) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سبأ‪.)13( :‬‬
‫‪247‬‬
‫الباب اخلامس ‪ :‬مصارف الزكـــــــاة‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬عدد مصار ف الزكاة‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬الصفة التي تقتضي صرف الزكاة إليهم‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث ‪ :‬جواز صرف الزكاة لمن هو مصرف من مصارف الزكاة من بني هاشم‬

‫‪248‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عدد مصار ف الزكاة‬

‫‪ ‬مصارف الزكاة ثمانية مصارف‬


‫‪ ‬صرف الزكاة إلى صنف واحد‬
‫‪ ‬حق المؤلفة قلوبهم باق‬

‫‪249‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عدد مصار ف الزكاة‬

‫مصارف الزكاة مثانية مصارف‬


‫صدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عََل ْيهَا وَالْ ُمؤَلَفَةِ‬
‫عدد مصارف الزكاة ثمانية مصارف هي المنصوص عليها في قوله تعالى {ِإنَمَا ال َ‬
‫(‪)1‬‬
‫سبِيلِ فَرِيضَةً ِمنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فاآلية الكريمة نصت على ثمانية‬ ‫سبِيلِ اللّهِ وَا ْبنِ ال َ‬
‫قُلُو ُبهُمْ وَفِي الرِقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي َ‬
‫أصناف هم مصارف الزكاة الواجبة‪.‬‬

‫صرف الزكاة إىل صنف واحد‬


‫الصحيح‪ :‬هو النظر إلى الحاجة فتعطى لألحوج سواء كان المحتاجون هم الفقراء أو المساكين أو المجاهدون أو غيرهم من مصارف‬
‫الزكاة‪ ،‬فينظر إلى األحوال واألزمان والظروف‪ ،‬والمسكين هو الشخص العزيز الذي يحتاج فال يفطن لحاجته لحديث (َليْسَ الْمِسْكِينُ‬
‫جدُ‬
‫طوَافِ اَلذِي يَطُوفُ عَلَى النَاسِ َفتَ ُر ُدهُ اللُقْمَةُ وَاللُقْ َمتَانِ وَالتَمْ َرةُ وَالتَمْ َرتَانِ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ‪ :‬اَلذِي لَا يَ ِ‬ ‫ِب َهذَا ال َ‬
‫(‪)2‬‬
‫شيْئًا) والظاهر أن القصد من الزكاة هو سد خلة أهل هذه المصارف ال‬ ‫ص َدقَ عََليْهِ‪ ،‬وَلَا يَسْأَ ُل النَاسَ َ‬ ‫طنُ لَهُ َف ُيتَ َ‬
‫غنًى يُ ْغنِيهِ‪ ،‬وَلَا يُفْ َ‬
‫ِ‬
‫تشريكهم فيها بحيث تقسم الزكاة على األصناف الثمانية‪ ،‬وأما حديث الصدائي بلفظ (إن اهلل تعالى لم يرض بحكم نبي وال غيره في‬
‫الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك األجزاء أعطيتك حقك) فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم‬
‫(‪)3611‬‬

‫حق املؤلفة قلوبهم باق‬


‫الصحيح‪ :‬أن حق المؤلفة باق إذا رأى اإلمام المصلحة في إعطائهم وتألفهم ولكن يقطع في حال قوة المسلمين ألنه ال لزوم لمداراة الكبراء‬
‫من المنافقين أو الكافرين في حال قوة المسلمين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)60( :‬‬
‫‪2‬‬
‫س‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الز كاة‪ :‬باب المسكين الذي ال يجد غنى‪ .‬حديث رقم (‪ )22310‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬لَيْ َ‬
‫الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَوَافِ الَذِي يَطُوفُ عَلَى النَاسِ فَتَرُدُهُ اللُقْمَةُ وَاللُقْمَتَانِ وَالتَمْرَةُ وَالتَمْرَتَانِ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ‪ :‬الَذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ‪ ،‬وَلَا‬
‫س شَيْئًا)‪.‬‬
‫ن لَ ُه فَيُتَصَدَقَ عَلَيْهِ‪ ،‬وَلَا يَسْأَلُ النَا َ‬
‫يُفْطَ ُ‬
‫أخرجه البخاري في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الجامع‪.‬‬
‫‪251‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬الصفة التي تقتضي صرف الزكاة إليهم‬

‫الصفات التي يستحق بها اإلنسان األخذ من الزكاة هي األوصاف الثمانية‬ ‫‪‬‬
‫األغنياء الذين ال تجوز لهم الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫الغني المانع من أخذ الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫ال من الفقر‬
‫المسكين أحسن حا ً‬ ‫‪‬‬
‫الرقـــــــــــــاب‬ ‫‪‬‬
‫في سبيل اهلل‬ ‫‪‬‬
‫ابن السبيـــــــل‬ ‫‪‬‬
‫مقدار ما يعطي الشخص من الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫صرف الزكاة في األصول والفصول‬ ‫‪‬‬
‫طالب العلوم الشرعية من مصارف الزكاة‬ ‫‪‬‬
‫وجوب إخراج الزكاة ولو بعد سنين‬ ‫‪‬‬
‫الزكاة ال تصرف على المشاريع العامة إال إذا قد استغنى أهل المصارف المنصوص عليها‬ ‫‪‬‬
‫من لم يخرج الزكاة فهو مخالف للكتاب والسنة واإلجماع‬ ‫‪‬‬

‫‪251‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصفة التي تقتضي صرف الزكاة إليهم‬

‫الصفات التي يستحق بها اإلنسان األخذ من الزكاة هي األوصاف الثمانية‬


‫الصفات التي يستحق بها اإلنسان األخذ من الزكاة هي األوصاف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة‪ .‬وهي‪ :‬الفقير‪،‬‬
‫والمسكين‪ ،‬والعاملين عليها‪ ،‬والمؤلفة قلوبهم‪ ،‬والغارمين‪ ،‬وفي الرقاب‪ ،‬والمجاهدون في سبيل اهلل‪ ،‬وابن السبيل‪.‬‬

‫وابن السبيل‪ :‬هو المنقطع عن بلده الذي انتهت فلوسه‪ ،‬وأصبح ال يملك من المال ما يكفيه لنفقته ولتكاليف مواصالت عودته إلى بالده‪،‬‬
‫فيعطى من الزكاة ما يكفيه حتى يصل إلى بالده‪.‬‬

‫األغنياء الذين ال جتوز هلم الزكاة‬


‫(‪)1‬‬
‫سوِي) ولفظ (غني) نكره في سياق النفي يفيد العموم‬ ‫صدَقَةُ لِغَنِي وَلَا ِلذِي مِ َرةٍ َ‬ ‫حلُ ال َ‬ ‫ال تجوز الزكاة المفروضة لألغنياء لحديث (لَا تَ ِ‬
‫أي عموم األغنياء‪ ،‬وكذا ال تحل لذي مرة سوي أي ال تحل الزكاة لمن كان صحيحا قويا قادرا على العمل واالكتساب ألن الدِين يوجب‬
‫العمل في كسب الرزق ويجعل العمل عبادة هلل عز وجل وقربة من القرب ويجعل العامل في كسب الرزق من الحالل ممن يحبهم اهلل‬
‫حلُ الصَدَقَةُ لِ َغنِي إِلَا لِخَمْسَةٍ‪ ،‬لِغَازٍ‬
‫ورسوله ويستثنى خمسة أصناف من األغنياء تحل لهم الزكاة وهم المنصوص عليهم في حديث‪( .‬لَا تَ ِ‬
‫ن‬‫ص ِدقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فَأَ ْهدَاهَا الْمِسْكِي ُ‬
‫جلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ َف ُت ُ‬
‫شتَرَاهَا بِمَالِهِ‪ ،‬أَوْ لِرَ ُ‬
‫جلٍ ا ْ‬
‫سبِيلِ اللَهِ‪ ،‬أَوْ لِعَا ِملٍ عََل ْيهَا‪َ ،‬أوْ لِغَارِمٍ‪َ ،‬أوْ لِرَ ُ‬
‫فِي َ‬
‫(‪)2‬‬
‫لِلْ َغنِيِ) ‪.‬‬

‫الغني املانع من أخذ الزكاة‬


‫الصحيح‪ :‬أن الغني الذي يمنع من أخذ الزكاة غير محدود وأنه يختلف باختالف الحاالت والحاجات واألشخاص واألمكنة واألزمنة‬
‫وغيرها من الظروف وأن تقدير الغني المانع راجع إلى االجتهاد‪.‬‬
‫ً‬
‫املسكني أحسن حاال من الفقر‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال ترادف في ألفاظ القرآن الكريم وأن المسكين غير الفقير ألن حرف العطف (الواو) يقتضي المغايرة بين الفقير والمسكين‬
‫ولو كان معنى الفقير والمسكين واحدا ألكتفي بلفظ واحد‪ ،‬والمسكين أحسن حاال من الفقير ألن المسكين هو الذي معه مصدر لالكتساب‬
‫لكن دخله ال يفي بحاجاته ودليل القول بأن المسكين أحسن حاال من الفقير هو قصة أصحاب السفينة الذين كانوا يعملون في البحر وخرق‬
‫السفينة عليهم العبد الصالح الذي كان مع موسى حينما ركب على السفينة‪ .،‬فأطلق اهلل عليهم لفظ المساكين في حين أنهم يمتلكون سفينة‬
‫ليعملوا بها في البحر لتأجيرها في نقل البضائع واألشخاص‪ ،‬فهي تدر عليهم دخال لكن هذا الدخل ال يسد حاجتهم‪ ،‬والفقيرهو الذي يكون‬
‫دخله أقل من دخل المسكين فالفقير أكثر حاجة من المسكين وألن حاجته أكثر من المسكين قدم اهلل الفقراء على المساكين في آية مصارف‬
‫صدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ}(‪ )3‬ولفظ (الفقراء‪ ،‬والمساكين) عند العوام من الناس مترادفان وهم يطلقون لفظ‬
‫الزكاة قال تعالى {ِإنَمَا ال َ‬
‫الفقير على المسكين وعلى الفقير ولفظ المسكين على الفقير وعلى المسكين‪.‬‬

‫الرقـــــــــــــاب‬
‫المقصود بمصرف الرقاب إما إعانة المكاتبين أو شراء من كان رقا خالصا وتحريره‪.‬‬

‫يف سبيل اهلل‬


‫المقصود به الجهاد في سبيل اهلل عز وجل ومستلزماته من إعداد المجاهدين وتدريبهم وتأهيلهم للجهاد ومن توفير وسائل الجهاد واآلته‬
‫خ ْيلِ تُرْ ِهبُونَ بِهِ‬
‫ستَطَ ْعتُم مِن ُق َوةٍ وَمِن ِربَاطِ الْ َ‬
‫عدُواْ َلهُم مَا ا ْ‬
‫ومعداته وكل ما يستلزمه الجهاد والرباط في سبيل اهلل تعالى قال تعالى {وََأ ِ‬
‫ع ُدوَكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُو ِنهِمْ الَ تَعْلَمُو َنهُمُ اللّهُ يَعْلَ ُمهُمْ}(‪ )4‬ويعطى المجاهد في سبيل اهلل من الزكاة ولو كان غنيا يعطى ما يعينه‬ ‫ع ْدوَ اللّهِ َو َ‬
‫َ‬
‫على الجهاد في سبيل اهلل تعالى ويعطى المج اهدون في سبيل اهلل تعالى ما يعينهم على الجهاد وتوفير متطلباته ومستلزماته من اإلعداد‬
‫والتأهيل والتدريب وتوفير كل وسائل ومتطلبات الجهاد من العتاد القتالي بكل أنواع األسلحة المختلفة للجهاد في البر والبحر و الجو‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تَحِ ُل الصَدَقَةُ‬
‫ن النَبِ ِ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب من يعطى من الزكاة‪ .‬حديث رقم (‪ )1634‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عَمْرٍو عَ ْ‬
‫لِغَنِي وَلَا لِذِي مِرَ ٍة سَوِي) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫سوي‪ :‬صحيح الهيئة والعقل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المرة‪ :‬القوة والشدة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني‪ .‬حديث رقم (‪ )1635‬بلفظ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬لَا تَحِلُ الصَدَقَةُ لِغَنِي إِلَا لِخَمْسَةٍ‪ ،‬لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَهِ‪ ،‬أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا‪ ،‬أَوْ لِغَا رِمٍ‪ ،‬أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ‪ ،‬أَوْ لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتُصُدِقَ عَلَى الْمِسْكِينِ‬
‫ن لِلْغَنِيِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫فَأَهْدَاهَا الْمِسْكِي ُ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الزكاة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬لغارم‪ :‬لمن تحمل دينا في سبيل اإلصالح بين المتخاصمين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)60( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)60( :‬‬
‫‪252‬‬
‫ويدخل في مسمى القوة التي أمر اهلل بإعدادها في ع صرنا الحاضرصناعة األسلحة النووية وصناعة كل عتاد عسكري يلزم للحفاظ على‬
‫سالمة األرواح والممتلكات والمنشئات‪ ،‬ويحقق القدرة على رد أي اعتداء محتمل على األرواح أوالممتلكات أو المنشئات بمثل السالح‬
‫ع َتدُواْ عََليْهِ‬
‫ع َتدَى عََليْكُمْ فَا ْ‬
‫الذي يعتدى به‪ ،‬ويجب صناعة السالح المماثل لرد وردع أي اعتداء محتمل به امتثاال لقول اهلل تعالى {فَ َمنِ ا ْ‬
‫ع َتدَى عََليْكُمْ وَاتَقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ َأنَ اللّهَ مَعَ الْ ُمتَقِينَ}(‪.)1‬‬
‫بِ ِم ْثلِ مَا ا ْ‬

‫ابن السبيـــــــل‬
‫ابن السبيل‪ :‬هو المسافر الذي انتهت نقوده ولم يبق معه ما ينفقه لصرفته ولمواصالته فيعطى من الزكاة ما يكفيه حتى يرجع إلى بلده‬
‫حتى ولو كانت بالده في أطراف األرض‬

‫مقدار ما يعطي الشخص من الزكاة‬


‫يعطى الغارم بقدر ما عليه إن كان دينه في أمر ضروري‪ ،‬ويعطى ابن السبيل ما يكفيه ويوصله إلى بلده‪ ،‬ويعطى المسكين الواحد بحسب‬
‫حاجته وال يحد في ذلك حدا بل يترك لالجتهاد ‪ ،‬ألن وصف الفقير أو المسكين يختلف بحسب الحاجة من بلد إلى بلد ومن زمن إلى زمن‬
‫باختالف الظروف واألحوال الشخصية والزمانية والمكانية‪ ،‬ويعطى العامل عليها بقدر عمله ال زيادة وال نقصان ولكن ال يقدر بشيء‬
‫محدود بل بقدر عمله تقدره الجهة الحكومية المختصة بجمع الصدقات من األغنياء وصرفها في مصارفها الثمانية المذكورة في آية‬
‫سبِيلِ‬
‫صدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَ َل ْيهَا وَالْ ُمؤَلَفَةِ قُلُو ُبهُمْ وَفِي الرِقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي َ‬
‫مصارف الزكاة في قوله تعالى‪ِ{ :‬إنَمَا ال َ‬
‫(‪)2‬‬
‫سبِيلِ فَرِيضَةً ِمنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ‪.‬‬
‫اللّهِ وَا ْبنِ ال َ‬

‫صرف الزكاة يف األصول والفصول‬


‫ال يجوز صرف الزكاة ال في األصول كاألب والجد واألم والجدة وال في الفصول األبناء وأبناء األبناء من الذكورواألناث‪.‬‬

‫طالب العلوم الشرعية من مصارف الزكاة‬


‫يجوز إعطاء طالب العلوم الشرعية من الزكاة ألنه يصدق عليهم أنهم مجاهدون‪ ،‬ألن المجاهد ليس هو الذي في يده البندق أو القنبلة‬
‫أوالدبابة أو غيرها من األسلحة فقط‪ ،‬بل طالب العلم الشرعي يعدون من المجاهدين الذين يتفقهون في الدين ليجاهدوا بألسنتهم في بيان‬
‫اإلسالم عقيدة وعبادة وشريعة وفي بيان رد الشبهات المثارة لتشويه اإلسالم في نظر أبنائه و لصرف غير المسلمين عن الدخول فيه‪ ،‬وقد‬
‫سمى اهلل تعالى طلبهم للعلم نفرة في سبيل اهلل تعالى كما سمى اهلل تعالى الجهاد بالسنان نفرة في سبيل اهلل تعالى‪ ،‬قال تعالى {وَمَا كَانَ‬
‫حذَرُونَ}(‪ )3‬وهم‬ ‫الْ ُمؤْ ِمنُونَ ِليَنفِرُواْ كَآفَةً فََلوْالَ نَفَرَ مِن ُكلِ فِرْقَةٍ ِم ْنهُمْ طَآئِفَةٌ لِ َيتَفَ َقهُواْ فِي الدِينِ وَِليُنذِرُواْ َقوْ َمهُمْ ِإذَا رَجَعُواْ إَِل ْيهِمْ لَعََلهُمْ يَ ْ‬
‫بهذا يعدون من مصارف الزكاة السيما الفقراء منهم‪ ،‬وقد تكلم الشوكاني بهذا في وبل الغمام وفي غيره من مؤلفاته‪.‬‬

‫وجوب إخراج الزكاة ولو بعد سنني‬


‫إذا كان اإلنسان قد تساهل في إخراج الزكاة لسنوات فيجب عليه إخراج الزكاة للسنوات التي لم يزك فيها ألن الزكاة دين في ذمته ال تبرأ‬
‫حقُ َأنْ يُ ْقضَى)(‪ )4‬وإذا مات ولم يكن قد أخرج الزكاة‪ ,‬فالزكاة تُخرج من رأس التركة قبل القسمة‬
‫ذمته إال بتسليم الزكاة لحديث (فَدَ ْينُ اللَهِ أَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫لقوله تعالى {مِن بَعْدِ وَصِيَةٍ يُوصِي بِهَا َأوْ دَيْنٍ} ‪.‬‬

‫الزكاة ال تصرف على املشاريع العامة إال إذا قد استغىن أهل املصارف املنصوص عليها‬
‫المشاريع العامة من المساجد والمدارس والطرقات وغيرها ال يصرف علي بنائها من الزكاة إال إذا قد استغنت مصارف الزكاة الثمانية‪،‬‬
‫وفاضت الزكاة على المصارف المنصوص عليها‪ ،‬واستغنى الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب وفي سبيل‬
‫اهلل وابن السبيل بعد استغناء هذه المصارف‪ ،‬يمكن أن تصرف الزكاة في المصالح العامة‪ ،‬أما إذا كانت مصارف الزكاة أو بعضها محتاجا‬
‫فال تصرف الزكاة في المصالح العامة‪.‬‬

‫من مل خيرج الزكاة فهو خمالف للكتاب والسنة واإلمجاع‬


‫الشخص الذي يخرج زكاة أمواله عابداً هلل عز وجل بامتثال أو امرا اهلل وأوامر رسوله صلى اهلل عليه وسلم في إخراج الزكاة هو عامل‬
‫بالكتاب والسنة‪ ،‬والذي لم يخرج الزكاة ال للدولة وال للفقراء وال لمصارف الزكاة األخرى فهو آثم آثم آثم مخالف لكتاب اهلل وسنة رسوله‬
‫واإلجماع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)114( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)60( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)122( :‬‬
‫‪4‬‬
‫صلَى الَلهُ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب من مات وعليه صوم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1153‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ال َنبِيِ َ‬
‫ن يُقْضَى)‪.‬‬ ‫ق أَ ْ‬
‫ن اللَ ِه أَحَ ُ‬
‫ن أُمِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْ ُم شَهْرٍ‪ ،‬أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَدَيْ ُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَال‪ :‬يَا رَسُولَ اللَ ِه إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في األيمان و النذور‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)11( :‬‬
‫‪253‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬جواز صرف الزكاة ملن هو من مصارف الزكاةمن بني هاشم‬

‫اتهام الرسول صلى اهلل عليه وسلم بمخالفة صريح القرآن‬ ‫‪‬‬
‫لم يثبت أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم أمر أي عامل بعدم صرف الزكاة في مصارفها من بني هاشم‬ ‫‪‬‬
‫إخراج الرواية التي تحرم الزكاة على بني هاشم إخراج مسرحي مكذوب‬ ‫‪‬‬
‫مشهد اجتماع مغلق بين العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي اهلل عنهما‬ ‫‪‬‬
‫مشهد الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث في اجتماع مغلق مع الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪‬‬
‫مشهد الرسول يتصرف تصرفات مخالفة لتعاليم شريعته‬ ‫‪‬‬
‫لفظ الرواية المدسوسة في صحيح مسلم‬ ‫‪‬‬
‫لفظ الرواية المدسوسة في سنن أبي داوود‬ ‫‪‬‬
‫لفظ الرواية المدسوسة في سنن النسائي‬ ‫‪‬‬
‫لفظ الرواية المدسوسة في سنن الترمذي بتحريم الصدقة على موالي بني هاشم‬ ‫‪‬‬
‫كذب إطالق لفظ (الناس) على صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من غير بني هاشم‬ ‫‪‬‬
‫حاشا رسول اهلل أن يكون غارسا في نفوس بني هاشم منكر الكبر‬ ‫‪‬‬
‫إعالن بشرية الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪‬‬
‫لفظ (أوساخ) في تسمية أموال الزكاة يستحيل صدورها من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪‬‬
‫لفظ (اآلل) في القرآن الكريم بمعنى األتباع وليس بمعنى األقارب من النسب‬ ‫‪‬‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم ال يحرم الطيبات وإنما يحرم الخبائث‬ ‫‪‬‬
‫حديث تحريم الزكاة على بني هاشم شاذ في المعنى‪ ,‬مضطرب في اللفظ‪ ,‬مخالف للقرآن الكريم في لفظه ومعناه‬ ‫‪‬‬
‫كذب الرواية التي تحرم الزكاة على موالي بني هاشم‬ ‫‪‬‬
‫تضارب الروايات في مكان التمرة التي أخذها الحسن بن على بن أبي طالب رضي اهلل عنهما‬ ‫‪‬‬
‫الطفل الصغير اليخاطب بحالل وال بحرام لكونه غير مكلف‬ ‫‪‬‬
‫تخالف روايات امتناع الرسول صلى اهلل عليه وسلم من أكل حبة التمر المزعومة يدل على أن القصة مكذوبة‬ ‫‪‬‬
‫ألفاظ الرواية المكذوبة المدسوسة في صحيح البخاري وصحيح مسلم‬ ‫‪‬‬
‫لقطة حبة التمر من األشياء اليسيرة التي القيمة لها‬ ‫‪‬‬
‫وجود حبة تمر في بيت الرسول أمر غير مستغرب لكثرة وجود التمر في بيوت الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪‬‬

‫‪254‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬جواز صرف الزكاة لمن هو مصرف من مصارف الزكاة من بني هاشم‬

‫الحديث المكذوب بلفظ (أَنَ عَبْدَ الْ ُمطَِلبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَا ِرثِ حَدَثَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اجتمع رَبِيعَةُ بْنُ الْحَا ِرثِ وَالْعَبَاسُ بْنُ عَبْدِ الْ ُمطَِلبِ‪ ،‬فَقَالَا‪ :‬وَاللَ ِه‬
‫َلوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ قَالَا لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَاسٍ إِلَى َرسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ‪ ،‬فَكَلَمَاهُ فَأَمَرَهُمَا عَلَى هَ ِذهِ الصَدَقَاتِ فَأَدَيَا مَا ُيؤَدِي‬
‫النَاسُ وَأَصَابَا مِمَا يُصِيبُ النَاسُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَِلكَ جَاءَ عَلِيُ بْنُ أَبِي طَاِلبٍ َفوَقَفَ عَلَيْهِمَا فَذَكَرَا لَهُ ذَِلكَ‪ ،‬فَقَالَ عَلِيُ بْنُ أَبِي طَاِلبٍ‪ :‬لَا‬
‫تَفْعَلَا‪َ ،‬فوَاللَهِ مَا ُهوَ بِفَاعِلٍ‪ ،‬فَانْتَحَاهُ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَا ِرثِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬وَاللَهِ مَا تَصْنَعُ هَذَا إِلَا نَفَاسَةً مِ ْنكَ عَلَيْنَا‪َ ،‬فوَاللَهِ لَقَدْ نِ ْلتَ صِهْرَ َرسُولِ اللَهِ صَلَى‬
‫ضطَجَعَ عَلِيٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَمَا صَلَى َرسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ الظُهْرَ‬ ‫اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ فَمَا نَ ِفسْنَاهُ عَلَ ْيكَ‪ ،‬قَالَ عَلِيٌ‪ :‬أَ ْرسِلُوهُمَا فَا ْنطَلَقَا‪ ،‬وَا ْ‬
‫حشٍ‪،‬‬ ‫سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجْ َرةِ فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَى جَاءَ فَأَخَذَ بِآذَانِنَا‪ ،‬ثُمَ قَالَ أَخْرِجَا مَا تُصَرِرَانِ‪ ،‬ثُمَ دَخَلَ وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَ ُهوَ َيوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْ َنبَ بِ ْنتِ جَ ْ‬
‫قَالَ‪ :‬فَ َتوَاكَلْنَا الْكَلَامَ‪ ،‬ثُمَ تَكَلَمَ أَحَدُنَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا َرسُولَ اللَهِ أَ ْنتَ أَبَرُ النَاسِ وََأوْصَلُ النَاسِ‪ ،‬وَقَدْ بَلَغْنَا النِكَاحَ فَجِئْنَا لِ ُتؤَمِرَنَا عَلَى بَعْضِ هَ ِذهِ‬
‫طوِيلًا حَتَى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِمَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَجَعََلتْ زَيْ َنبُ تُلْمِعُ عَلَيْنَا مِنْ‬ ‫الصَدَقَاتِ فَُنؤَدِيَ إِلَ ْيكَ كَمَا ُيؤَدِي النَاسُ وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬فسَ َكتَ َ‬
‫عوَا لِي مَحْمِيَةَ وَكَانَ عَلَى الْخُمُسِ‬ ‫صدَقَةَ لَا َت ْنبَغِي لِآلِ مُحَ َمدٍ إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ‪ ،‬ادْ ُ‬ ‫وَرَاءِ ا ْلحِجَابِ أَنْ لَا تُكَلِمَاهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ثُمَ قَالَ‪ِ :‬إنَ ال َ‬
‫وَ َنوْفَلَ بْنَ الْحَا ِرثِ بْنِ عَبْدِ الْ ُمطَِلبِ قَالَ فَجَاءَاهُ فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَ َتكَ لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَاسٍ فَأَنْكَحَهُ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬لِ َنوْفَلِ بْنِ الْحَا ِرثِ أَنْكِحْ‬
‫هَذَا الْغُلَامَ ابْنَ َتكَ لِي فَأَنْكَحَنِي‪ ،‬وَقَالَ لِمَحْمِيَةَ أَصْ ِدقْ عَنْهُمَا مِنْ الْخُ ُمسِ كَذَا وَكَذَا)(‪ )1‬وفي رواية (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ الْحَا ِرثِ بْنِ َنوْفَلٍ الْهَاشِمِيِ‬
‫أَنَ عَبْدَ الْ ُمطَِلبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَا ِرثِ بْنِ عَبْدِ الْ ُمطَِلبِ‪ ،‬أَخْبَ َرهُ أَنَ أَبَاهُ رَبِيعَ َة بْنَ الْحَا ِرثِ بْنِ عَبْدِ الْ ُمطَِلبِ وَالْعَبَاسَ بْنَ عَبْدِ الْ ُمطَِلبِ‪ ،‬قَالَا‪:‬‬
‫حوِ حَدِيثِ مَاِلكٍ وَقَالَ‪ :‬فِيهِ‪ ،‬فَأَلْقَى عَلِيٌ‬ ‫لِعَبْدِ الْ ُمطَِلبِ بْنِ رَبِيعَةَ وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَاسٍ ائْتِيَا َرسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ َوسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَ ْ‬
‫حوْرِ مَا بَعَثْتُمَا بِهِ إِلَى َرسُولِ اللَهِ صَلَى‬ ‫حسَنٍ الْقَرْمُ‪ ،‬وَاللَهِ لَا أَرِيمُ مَكَانِي حَتَى يَرْجِعَ إِلَيْكُمَا ابْنَاكُمَا بِ َ‬‫ضطَجَعَ عَلَيْهِ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬أنا أَبُو َ‬ ‫رِدَا َءهُ ثُمَ ا ْ‬
‫حلُ لِمُحَ َمدٍ وَلَا لِآلِ مُحَ َمدٍ وَقَالَ أَيْضًا‬ ‫صدَقَاتِ إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ‪ ،‬وَِإ َنهَا لَا تَ ِ‬ ‫اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬فِي الْحَدِيثِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬لَنَا‪ِ ،‬إنَ َه ِذهِ ال َ‬
‫عوَا لِي مَحْمِيَةَ بْنَ جَ ْزءٍ وَ ُهوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي َأسَدٍ كَانَ َرسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ اسْتَعْمَلَهُ‬ ‫ثُمَ قَالَ َرسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ‪ :‬ادْ ُ‬
‫عَلَى الْأَخْمَاسِ)(‪. )2‬‬

‫اتهام الرسول صلى اهلل عليه وسلم مبخالفة صريح القرآن‬


‫هذا الحديث المكذوب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم المؤسس للطائفية والعنصرية والساللية بين المسلمين المنسوب إلى الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم كذبا وافتراء وزور ا وبهتانا الدال على تحريم الزكاة على أقارب الرسول صلى اهلل عليه وسلم من بني هاشم فيه اتهام‬
‫صدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عََليْهَا وَالْ ُمؤَلَفَةِ قُلُو ُبهُمْ‬
‫للرسول صلى اهلل عليه وسلم بمخالفة صريح القرآن في قوله تعالى‪{ :‬إنما ال َ‬
‫(‪)3‬‬
‫سبِيلِ فَرِيضَةً ِمنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ألن لفظ (ال) في ألفاظ الفقراء والمساكين‬ ‫سبِيلِ اللّهِ وَا ْبنِ ال َ‬
‫وَفِي الرِقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي َ‬
‫والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين يفيد العموم‪ ،‬فاآلية تدل داللة واضحة على حل الزكاة لجميع الفقراء والمساكين‬
‫والعاملين عليها وغيرهم من المصارف المذكورة في اآلية من المسلمين سواء كانوا من بني هاشم أو من غيرهم وسواء كانوا عربا أو‬
‫عجما ألن عموم اآلية يحلها لجميع المسلمين ومنهم بني هاشم‪ ،‬ويعضد عموم اآلية القرآنية عموم حديث معاذ بن جبل رضي اهلل عنه‬
‫غ ِنيَا ِئهِمْ َوتُ َردُ‬
‫خذُ مِنْ َأ ْ‬
‫صدَقَةً فِي أَمْوَاِلهِمْ ُتؤْ َ‬
‫حينما بعثه النبي صلى اهلل عليه وسلم إلى اليمن وقال له‪( :‬فََأعْلِ ْمهُمْ َأنَ اللَ َه ا ْفتَ َرضَ عََل ْيهِمْ َ‬
‫غ ِنيَا ِئهِمْ) جمع مضاف يفيد العموم أي أن الزكاة تؤخذ من جميع األغنياء سواء كانوا من بني هاشم أو من‬ ‫عَلَى فُقَرَا ِئهِمْ)(‪ )4‬فلفظ (َأ ْ‬
‫غيرهم‪ ،‬ولفظ (فُقَرَا ِئهِمْ ) جمع مضاف يفيد العموم أي أن الزكاة المأخوذة من جميع األغنياء تصرف على جميع الفقراء سواء كانوا من‬
‫بني هاشم أو من غيرهم‪ ،‬وال فرق بين فقير هاشمي وفقير غير هاشمي وال فرق بين مسكين هاشمي و مسكين غير هاشمي وال فرق بين‬
‫عامل عليها هاشمي أو غير هاشمي لعموم لفظ فقرائهم في الحديث المعضد لعموم النص القرآني المؤكد أن العدل اإللهي هو التسوية بين‬
‫جميع األغنياء في أخذ الزكاة والتسوية بين جميع الفقراء والمساكين والعاملين عليها وبين جميع بقية مصارف الزكاة في صرف الزكاة‪،‬‬
‫ألن العدل والمساواة في األخذ والعطاء أصالن أصيالن في مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فاهلل عز وجل لم يحرِم الزكاة على بني هاشم في‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬والرسول صلى اهلل عليه وسلم لم يحرِم الزكاة على بني هاشم في حديث معاذ بن جبل المخرج في جميع كتب الحديث‪،‬‬
‫والرسول صلى اهلل عليه وسلم لم يثبت أنه أمر عامال من العمال الذين كان يرسلهم لجمع الصدقات من األغنياء وصرفها على الفقراء‬
‫بعدم صرف الزكاة في فقراء بني هاشم في مدة الثمان السنوات التي حكم فيها النبي صلى اهلل عليه وسلم من بعد أن فرض اهلل الزكاة‪ ،‬ألن‬
‫الزكاة فرضت في السنة الثانية من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصالة وأتم التسليم‪ ،‬وتوفي الرسول صلى اهلل عليه وسلم في السنة‬
‫العاشرة من الهجرة النبوية وكان النبي الكريم في كل سنة يرسل عماال لجمع الصدقات من أغنياء المسلمين وصرفها في فقرائهم ‪.‬‬

‫مل يثبت أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم أمر أي عامل بعدم صرف الزكاة يف مصارفها من بني هاشم‬
‫لم ينقل في أي كتاب من كتب الحديث التي جمعت سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم أمر أي عامل من‬
‫عماله لجمع الصدقات في أي سنة من السنوات الثما ن التي حكم فيها النبي صلى اهلل عليه وسلم المسلمين بعد أن فرض اهلل الزكاة في‬
‫أموال األغنياء لمواساة الفقراء‪ ،‬ومنهم معاذ بن جبل رضي اهلل عنه الذي أرسله النبي صلى اهلل عليه وسلم في العام التاسع للهجرة ولم‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬بـاب ترك استعمال آل النبي عّلى الصدقه‪)2478( .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬بـاب ترك استعمال آل النبي عّلى الصدقه‪)2479( .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)61( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة ‪:‬باب وجوب الزكاة‪ .‬رقم (‪)1395‬‬
‫‪255‬‬
‫يأمره الرسول صلى اهلل عليه وسلم بعدم صرف الزكاة في مصارفها من بني هاشم لكونها محرمة عليهم‪ ،‬ولو أنه أمر عامال واحدا في‬
‫سنة من سنوات حكم النبي صلى اهلل عليه وسلم بعدم صرف الزكاة في فقراء بني هاشم لنقل نقال متواترا ولكان أمر المنع مذكورا في كل‬
‫كتب الحديث التي جمعت سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مثلما نقل جمع النبي صلى اهلل عليه وسلم مرة واحدة بين الصالتين في يوم‬
‫عرفة جمع تقديم وفي مزدلفة جمع تأخير ونقل هذا الجمع في كل كتب الحديث النبوي‪ ،‬وألنه صلى اهلل عليه وسلم لم يأمر أي مصدق في‬
‫أي عام بعدم صرف الزكاة على مصارفها من بني هاشم لم ينقل في أي كتاب من كتب الحديث منع أي عامل على الصدقة بعدم صرف‬
‫الزكاة على بني هاشم ألن األصل جواز صرفها عليهم كما هي جائزة على غيرهم ممن هم من مصارف الزكاة عمال بدخولهم تحت‬
‫عموم القرآن الكريم وتحت عموم حديث (معاذ بن جبل) الذي أرسله الرسول صلى اهلل عليه وسلم إلى اليمن في العام التاسع الهجري أي‬
‫بعد سبع سنوات من فرض الزكاة‪ ،‬ولو كان تحريم الزكاة شريعة محكمة بوحي من اهلل عز وجل ألمر الرسول صلى اهلل عليه وسلم (معاذ‬
‫بن جبل) رضي اهلل عنه بعدم صرف الزكاة على بني هاشم ولكن اهلل الذي شرع الزكاة في أموال األغنياء لمواساة الفقراء رحمة بالفقراء‬
‫ومواساة لهم ولتأس يس التراحم والتعاون والتكافل بين أفراد المجتمع اإلسالمي كله لم يكن ليحرم مصارف الزكاة من بني هاشم من هذا‬
‫الخير الذي شرعه رحمة للجميع‪ ،‬وال يليق بعدل اهلل ورحمته أن يظلم أحدا من البشر قال تعالى‪{ :‬وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}(‪ )3‬واليليق‬
‫بعدل اهلل ورحمته أن يؤسس بين المسلمين الطائفية والعنصرية والساللية المسببة لعنت المسلمين بتفرقهم وتنازعهم وتباغضهم بسبب‬
‫الفكر العنصري الساللي الطائفي األسري المقيت والمشين‪ ،‬ولذا فالرواية التي تفيد تحريم الزكاة على بني هاشم هي رواية مكذوبة على‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألنها تنم عن هوى ورغبة في تميز بني هاشم وذريتهم بالعلو والشرف والرفعة والجاه والسلطان بسبب‬
‫نسبهم الهاشمي‪ ،‬وهذا من أبطل الباطل ومن أرذل الرذائل التي كانت عليها الجاهلية من التعاظم والتفاخر باألنساب وقد أبطلها اإلسالم‬
‫وجعل معيار التفاضل بين المسلمين تقوى اهلل عز وجل في قولة تعالى‪{ :‬إن أكرمكم عِندَ اللَهِ أَتْقَاكُمْ إِنَ اللَهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (‪.)2‬‬

‫إخراج الرواية التي حترم الزكاة على بني هاشم إخراج مسرحي مكذوب‬
‫الرواية التي تفيد تحريم الزكاة على بني هاشم هي عبارة عن مسرحية مكونة من ثالثة مشاهد‪:‬‬

‫مشهد اجتماع مغلق بني العباس بن عبد املطلب وربيعة بن احلارث بن عبد املطلب رضي اهلل عنهما‬
‫المشهد األول‪ :‬مشهد اجتماع مغلق بين العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي اهلل عنهما تدارسا فيه إرسال‬
‫ابنيهما إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ليستعملهما على جمع الصدقة ويعطيهما من األجرة ما يعطي عماله اآلخرين ألنهما قد بلغا سن‬
‫النكاح‪ ،‬ويريدا الزواج وليس معهما وال مع أسرتيهما مال لتكاليف النكاح ونفقة ما بعد الزواج‪ ،‬ودخل عليهما علي بن أبي طالب رضي‬
‫اهلل عنه وأعلمهما أن الرسول الكريم لن يستعمل ابنيهما على جمع الصدقات‪ ،‬والمشهد يوحي بأن علي يعلم أن رسول اهلل لن يستعملهما‬
‫على الصدقة ألن نسب بني هاشم عاليا ال يليق به أن ُي ستعمل في جمع الصدقات أو ال يليق به أن يأخذ أجرة عمل من جمع الصدقات‪،‬‬
‫واتهم ربيعة بن الحارث (عليا) بأنه يحسدهما على حصول أجرة عمالة الصدقة لولديهما وهما لم يحسداه على مصاهرة النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وتحول االجتماع المغلق بين الثالثة إلى لغط وشجار وخصام وتبادل اتهامات ومعاندة حيث أصر العباس وربيعة على إرسال‬
‫ابنيهما‪ ،‬وأصر (علي ) على البقاء في المكان مضطجعا ال جالسا من شدة الغضب من مخالفته ومعاندته‪ ،‬وكأن الثالثة األجالء من صحابة‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم أطفال صغار متعاندين أو أنهم من ساقطي األخالق كعيال السوق أو من الجهالء األميين الالهثين وراء الدنيا‬
‫وحطامها‪ ،‬وهو مشهد انتهى بصورة مشوِهة لهم وال تليق بصحبتهم وفضلهم وجاللة قدرهم‪.‬‬

‫مشهد الفضل بن العباس وعبد املطلب بن ربيعة بن احلارث يف اجتماع مغلق مع الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬

‫المشهد الثاني‪ :‬مشهد الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي اهلل عنهما وهما في اجتماع مغلق في‬
‫بيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وهما يعرضان على النبي صلى اهلل عليه وسلم طلب استعمالهما في جمع الصدقات ليحصال على‬
‫أجرة عملهما ليتمكنا من الزواج‪ ،‬ومشهد رسول اهلل ساكتا سكوتا طويال منتظرا نزول الوحي في شأن استعمالهما على الصدقة في رواية‬
‫مسلم‪ ،‬وساكتا سكوتا طويال وهو رافع رأسه إلى سقف الحجرة التي كانوا فيها في بيت أم المؤمنين (زينب بنت جحش) رضي اهلل عنها ثم‬
‫تكلم بأن الصدقة ال تنبغي آلل محمد إنما هي أوساخ الناس في رواية أبي داوود‪.‬‬

‫مشهد الرسول يتصرف تصرفات خمالفة لتعاليم شريعته‬


‫المشهد الثالث‪ :‬مشهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم يتصرف تصرفات مخالفة لتعاليم شريعته من اشتراط رضاء المرأة بالزواج ومن‬
‫وجوب العدل في توزيع األموال العامة ومن وجوب العدل والمساواة بين المسلمين في كل شأن وفي كل حق وفي كل واجب ومن وجوب‬
‫عدم محاباة األقارب في أي شيء من األموال العامة أو الوظائف العامة في الدولة‪ ،‬وإذا به في المشهد الثالث يأمر (محمية) بتزويج‬
‫الفضل بن العباس فيزوجه فورا كما جاء في الرواية بلفظ (فأنكحه) بفاء الترتيب والتعقيب‪ ،‬وأمر (نوفل بن الحارث بن عبد المطلب)‬
‫بتزويج عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث (فأنكحه) بفاء الترتيب والتعقيب دون معرفة رضا أي من البنتين‪ ،‬وهذا مخالف لهدي النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم من اشتراط معرفة رضا البنت‪ ،‬إن كانت بكرا فيعرف رضاها بصمتها وإن كانت ثيبا فتعرب عن رضاها بلسانها‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪)118( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الحجرات‪)13( :‬‬
‫‪256‬‬
‫وفي المشهد الثالث أمر النبي صلى اهلل عليه وسلم (محمية) بأن يدفع مهر المرأتين من الخمس بدون مراعاة التسوية أو العدالة في‬
‫الصرف بين من يستحقون الخمس الذي كان يص رف لبني هاشم وبني المطلب لنصرتهم لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في شعب أبي‬
‫طالب‪ ،‬وهذه التصرفات مشوِهة للرسول صلى اهلل عليه وسلم ألنها صوَرته كإنسان قائد أمي يأمر والي المرأة بتزويج المرأة بدون‬
‫مراضاتها‪ ،‬ويأمر بالصرف من األموال العامة بسبب القرابة النسبية دون مراعاة العدل والمساواة في توزيع األموال العامة‪ ،‬وحاشا‬
‫رسول اهلل أن يتصرف هذه التصرفات التي تتناقض مع تعاليم شريعته صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولكنها رواية مدسوسة في صحيح مسلم وقي‬
‫سنن أبي داوود‪ ،‬وفي سنن النسائي وردت بصورة مختصرة لتشويه الرسول صلى اهلل عليه وسلم وتشويه رسالته رسالة العدل والمساواة‬
‫بين أفراد المجتمع المسلم‪.‬‬

‫لفظ الرواية املدسوسة يف صحيح مسلم‬


‫ح َدثَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اجتمع َربِيعَةُ ْبنُ الْحَارِثِ وَالْ َعبَاسُ ْبنُ‬ ‫ع ْبدَ الْمُطَلِبِ ْبنَ َربِيعَةَ ْبنِ الْحَارِثِ َ‬ ‫لفظ الرواية المدسوسة في صحيح مسلم (َأنَ َ‬
‫عبَاسٍ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَكَلَمَاهُ فَأَمَرَهُمَا عَلَى‬ ‫ضلِ ْبنِ َ‬ ‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬فَقَالَا‪ :‬وَاللَهِ َلوْ بَعَ ْثنَا َه َذ ْينِ الْغُلَا َم ْينِ قَالَا لِي وَلِلْفَ ْ‬ ‫َ‬
‫صدَقَاتِ فََأدَيَا مَا ُي َؤدِي النَاسُ وََأصَابَا مِمَا ُيصِيبُ النَاسُ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ف َب ْينَمَا هُمَا فِي ذَِلكَ جَاءَ عَلِيُ ْبنُ َأبِي طَالِبٍ َفوَقَفَ عَلَ ْيهِمَا َفذَكَرَا لَهُ‬ ‫َه ِذهِ ال َ‬
‫صنَعُ َهذَا إِلَا نَفَاسَةً ِم ْنكَ عََل ْينَا‪،‬‬ ‫علٍ‪ ،‬فَانْتَحَاهُ َربِيعَةُ ْبنُ الْحَارِثِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬وَاللَهِ مَا َت ْ‬ ‫ذَِلكَ‪ ،‬فَقَالَ عَلِيُ ْبنُ َأبِي طَالِبٍ‪ :‬لَا تَفْعَلَا‪َ ،‬فوَاللَهِ مَا ُهوَ بِفَا ِ‬
‫صهْرَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَمَا نَفِسْنَاهُ عَ َل ْيكَ‪ ،‬قَالَ عَلِيٌ‪ :‬أَرْسِلُوهُمَا فَانْطَلَقَا‪ ،‬وَاضْطَجَعَ عَلِيٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَمَا صَلَى‬ ‫َفوَاللَهِ لَ َقدْ نِلْتَ ِ‬
‫خذَ بِآذَانِنَا‪ ،‬ثُمَ قَالَ أَخْرِجَا مَا ُتصَرِرَانِ‪ ،‬ثُمَ دَخَلَ‬ ‫حتَى جَاءَ فَأَ َ‬ ‫ع ْندَهَا َ‬ ‫سبَ ْقنَاهُ إِلَى الْحُجْ َرةِ فَقُ ْمنَا ِ‬
‫ّظهْرَ َ‬ ‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ال ُ‬
‫صلُ النَاسِ‪،‬‬ ‫حدُنَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ َأنْتَ َأبَرُ النَاسِ وََأوْ َ‬ ‫ع ْندَ زَ ْينَبَ ِبنْتِ جَحْشٍ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ف َتوَاكَ ْلنَا الْكَلَامَ‪ ،‬ثُمَ تَكَلَمَ أَ َ‬ ‫َودَخَلْنَا عَلَيْهِ وَ ُهوَ َيوْ َم ِئذٍ ِ‬
‫حتَى‬ ‫طوِيلًا َ‬‫صدَقَاتِ َفنُؤَدِيَ إَِل ْيكَ كَمَا يُ َؤدِي النَاسُ َونُصِيبَ كَمَا ُيصِيبُونَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَسَكَتَ َ‬ ‫ج ْئنَا ِل ُتؤَمِرَنَا عَلَى بَ ْعضِ َه ِذهِ ال َ‬ ‫وَ َقدْ بَلَ ْغنَا النِكَاحَ فَ ِ‬
‫صدَقَةَ لَا َت ْنبَغِي لِآلِ مُحَ َمدٍ إنما هِيَ‬ ‫أَ َر ْدنَا َأنْ نُكَلِمَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَجَعَلَتْ َز ْينَبُ تُلْمِعُ عََل ْينَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ أَنْ لَا تُكَلِمَاهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ثُمَ قَالَ‪ِ :‬إنَ ال َ‬
‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ قَالَ فَجَاءَاهُ فَقَالَ لِمَحْ ِميَةَ َأنْكِحْ َهذَا الْغُلَامَ ا ْبنَتَكَ‬ ‫عوَا لِي مَحْ ِميَةَ وَكَانَ عَلَى الْخُمُسِ َو َنوْ َفلَ ْبنَ الْحَارِثِ ْبنِ َ‬ ‫َأوْسَا ُ النَاسِ‪ ،‬ا ْد ُ‬
‫ع ْنهُمَا مِنْ الْخُمُسِ َكذَا‬ ‫ص ِدقْ َ‬ ‫حنِي‪ ،‬وَقَالَ لِمَحْ ِميَةَ َأ ْ‬ ‫ك لِي فََأنْكَ َ‬ ‫عبَاسٍ فََأنْكَحَهُ‪ ،‬وَقَالَ‪ِ :‬ل َنوْ َفلِ ْبنِ الْحَارِثِ َأنْكِحْ َهذَا الْغُلَامَ ا ْب َن َت َ‬ ‫ضلِ ْبنِ َ‬ ‫لِلْفَ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫خبَ َرهُ َأنَ َأبَاهُ‬
‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬أَ ْ‬‫ع ْبدَ الْمُطَلِبِ بْنَ َربِيعَةَ ْبنِ الْحَارِثِ بْنِ َ‬ ‫ع ْبدِ اللَهِ ْبنِ الْحَارِثِ ْبنِ َنوْ َفلٍ ا ْلهَاشِمِيِ َأنَ َ‬ ‫عنْ َ‬ ‫وَ َكذَا) وفي رواية ( َ‬
‫عبَاسٍ ا ْئتِيَا رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬ ‫ضلِ ْبنِ َ‬ ‫َربِيعَةَ ْبنَ الْحَارِثِ ْبنِ عَ ْبدِ الْمُطَلِبِ وَالْ َعبَاسَ ْبنَ عَ ْبدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬قَالَا‪ :‬لِ َع ْبدِ الْمُطَلِبِ بْنِ َربِيعَةَ وَلِلْفَ ْ‬
‫سنٍ الْقَرْمُ‪ ،‬وَاللَهِ لَا أَرِيمُ‬‫حدِيثِ مَاِلكٍ وَقَالَ‪ :‬فِيهِ‪ ،‬فَأَلْقَى عَلِيٌ ِردَا َءهُ ثُمَ اضْطَجَعَ عََليْهِ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬أنا َأبُو حَ َ‬ ‫حدِيثَ بِنَحْوِ َ‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ وَسَاقَ الْ َ‬
‫حوْرِ مَا بَعَ ْثتُمَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬فِي الْحَدِيثِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪َ :‬لنَا‪ِ ،‬إنَ َهذِهِ‬ ‫حتَى يَرْجِعَ إَِليْكُمَا ا ْبنَاكُمَا بِ َ‬ ‫مَكَانِي َ‬
‫عوَا لِي‬‫حلُ لِمُحَ َمدٍ وَلَا لِآلِ مُحَ َمدٍ وَقَالَ َأيْضًا ثُمَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ا ْد ُ‬ ‫صدَقَاتِ إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ وَِإ َنهَا لَا تَ ِ‬ ‫ال َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ستَعْمَلَهُ عَلَى الْأَخْمَاسِ)‬ ‫سدٍ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ا ْ‬ ‫جلٌ ِمنْ بَنِي أَ َ‬ ‫مَحْ ِميَةَ ْبنَ جَزْءٍ وَ ُهوَ رَ ُ‬

‫لفظ الرواية املدسوسة يف سنن أبي داوود‬


‫خبَ َرهُ َأنَ َأبَاهُ َربِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ‬ ‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬أَ ْ‬ ‫ع ْبدَ الْمُطَلِبِ بْنَ َربِيعَةَ ْبنِ الْحَارِثِ ْبنِ َ‬ ‫الرواية التي في سنن أبي داوود بلفظ‪َ( :‬أنَ َ‬
‫عبَاسٍ ا ْئ ِتيَا رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَقُولَا‪ :‬لَهُ‪ ،‬يَا رَسُولَ‬ ‫ضلِ ْبنِ َ‬ ‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬قَالَا‪ :‬لِ َع ْبدِ الْمُطَلِبِ ْبنِ َربِيعَةَ وَلِلْ َف ْ‬
‫عبَاسَ ْبنَ َ‬ ‫َو َ‬
‫عنَا‪،‬‬ ‫صدِقَانِ َ‬ ‫ع ْندَ َأ َب َو ْينَا مَا ُي ْ‬
‫ح َب ْبنَا َأنْ َنتَ َزوَجَ‪ ،‬وََأنْتَ يَا رَسُولَ اللَهِ َأبَرُ النَاسِ وََأ ْوصَُلهُمْ‪ ،‬وََليْسَ ِ‬ ‫سنِ مَا تَرَى‪ ،‬وَأَ ْ‬ ‫اللَهِ‪َ ،‬قدْ بَلَ ْغنَا ِمنْ ال ِ‬
‫حنُ‬ ‫صدَقَاتِ فَ ْل ُن َؤدِ إَِل ْيكَ مَا ُي َؤدِي الْعُمَالُ وَ ْل ُنصِبْ مَا كَانَ فِيهَا ِمنْ مَرْ َفقٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فََأتَى عَلِيُ ْبنُ َأبِي طَالِبٍ َونَ ْ‬ ‫ستَعْمِ ْلنَا يَا رَسُولَ اللَهِ عَلَى ال َ‬ ‫فَا ْ‬
‫ستَعْ ِملُ ِمنْكُمْ أَحَدًا عَلَى الصَدَ َقةِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ َربِيعَةُ‪َ :‬هذَا مِنْ‬ ‫عَلَى تِ ْلكَ الْحَالِ‪ ،‬فَقَالَ َلنَا‪ِ :‬إنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا وَاللَهِ لَا نَ ْ‬
‫سنٍ الْقَرْمُ‬ ‫س ْداَ عََليْهِ‪ ،‬فَأَلْقَى عَلِيٌ ِردَا َءهُ ثُمَ اضْطَجَعَ عََليْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أنا َأبُو حَ َ‬ ‫صهْرَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَلَمْ نَحْ ُ‬ ‫أَمْ ِراَ‪َ ،‬قدْ نِلْتَ ِ‬
‫ضلُ إِلَى‬ ‫ع ْبدُ الْمُطَلِبِ‪ :‬فَانْطَلَقْتُ أنا وَالْ َف ْ‬ ‫جوَابِ مَا بَ َع ْثتُمَا بِهِ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ َ‬ ‫حتَى يَرْجِعَ إِلَيْكُمَا ا ْبنَايَ بِ َ‬‫وَاللَهِ لَا أَرِيمُ َ‬
‫ضلُ إِلَى بَابِ حُجْرَةِ‬ ‫حتَى ُنوَا ِفقَ صَلَاةَ الّظُهْرِ َقدْ قَامَتْ َفصََل ْينَا مَعَ النَاسِ‪ ،‬ثُمَ أَسْ َرعْتُ أنا وَالْ َف ْ‬ ‫بَابِ حُجْ َرةِ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫خذَ بِأُذُنِي وَُأذُنِ‬ ‫ع ْندَ َز ْينَبَ ِبنْتِ جَحْشٍ فَقُ ْمنَا بِا ْلبَابِ حَتَى َأتَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَأَ َ‬ ‫ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَ ُهوَ َيوْ َم ِئذٍ ِ‬
‫عبْدُ‬ ‫شكَ فِي ذَِلكَ َ‬ ‫ضلُ َقدْ َ‬ ‫ضلِ َفدَخَلْنَا َف َتوَاكَلْنَا الْكَلَامَ قَلِيلًا‪ ،‬ثُمَ كَلَ ْمتُهُ َأوْ كَلَمَهُ الْ َف ْ‬
‫خلَ‪ ،‬فََأ ِذنَ لِي وَلِلْ َف ْ‬‫ضلِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَخْرِجَا مَا ُتصَرِرَانِ‪ ،‬ثُمَ دَ َ‬ ‫الْ َف ْ‬
‫حتَى طَالَ‬ ‫اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَلَمَهُ بِالْأَمْرِ الَذِي أَمَ َرنَا بِهِ أبوانا‪ ،‬فَسَكَتَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ سَاعَةً وَرَفَعَ َبصَ َرهُ ِق َبلَ سَقْفِ ا ْل َبيْتِ َ‬
‫عََل ْينَا َأنَهُ لَا يَرْجِعُ إَِليْنَا شيئا‪ ،‬حَتَى رََأ ْينَا َز ْينَبَ تَلْمَعُ ِمنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ ِب َيدِهَا تُرِيدُ َأنْ لَا تَعْجَلَا‪ ،‬وَِإنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ فِي‬
‫حلُ لِمُحَمَدٍ وَلَا لِآلِ‬ ‫صدَقَةَ إنما هِيَ أَوْسَا ُ النَاسِ َوِإ َنهَا لَا تَ ِ‬ ‫أَمْ ِرنَا‪ ،‬ثُمَ خَ َفضَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ رَأْسَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬لنَا‪ِ ،‬إنَ َه ِذ ِه ال َ‬
‫حنِي َنوْ َفلٌ‪ ،‬ثُمَ قَالَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ‬ ‫ع ْبدَ الْمُطَلِبِ فََأنْكَ َ‬
‫مُحَ َمدٍ‪ ،‬ا ْدعُوا لِي َنوْ َفلَ ْبنَ الْحَارِثِ َف ُدعِيَ لَهُ َنوْ َفلُ ْبنُ الْحَارِثِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا نَوْ َفلُ َأنْكِحْ َ‬
‫ستَعْمَلَهُ عَلَى الْأَخْمَاسِ‪ ،‬فَقَالَ‬ ‫جلٌ ِمنْ َبنِي ُز َب ْيدٍ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ ا ْ‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ا ْدعُوا لِي محمية ْبنَ جَزْءٍ وَ ُهوَ رَ ُ‬
‫ع ْنهُمَا ِمنْ الْخُمُسِ‬ ‫ضلَ فََأنْكَحَهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬قُمْ فََأصْ ِدقْ َ‬ ‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لمحمية َأنْكِحْ الْ َف ْ‬
‫ع ْبدُ اللَهِ ْبنُ الْحَارِثِ)(‪. )3‬‬ ‫َكذَا وَ َكذَا لَمْ يُسَمِهِ لِي َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬بـاب ترك استعمال آل النبي عّلى الصدقه‪)2478( .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬بـاب ترك استعمال آل النبي عّلى الصدقه‪ .‬رقم (‪)2487‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن ابي داوود‪ :‬كــتاب الخراج والفئ واألماره‪ :‬بـــاب بيان موأنع قسم الخمس وسهم ذوي القربى‪ .‬رقم (‪)2978‬‬
‫‪257‬‬
‫لفظ الرواية املدسوسة يف سنن النسائي‬
‫خبَ َرهُ َأنَ َأبَاهُ َربِيعَةَ ْبنَ الْحَارِثِ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ أَ ْ‬
‫ع ْبدَ الْمُطَلِبِ ْبنَ َربِيعَةَ ْبنِ الْحَارِثِ ْبنِ َ‬‫الرواية المدسوسة في سنن النسائي بلفظ‪َ( :‬أنَ َ‬
‫ستَعْمِ ْلنَا يَا‬
‫سلَمَ‪ ،‬فَقُولَا‪ :‬لَهُ‪ ،‬ا ْ‬
‫ع ْبدِ الْمُطَلِبِ ا ْئ ِتيَا رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَ َ‬
‫ضلِ ْبنِ الْ َعبَاسِ بْنِ َ‬ ‫لِ َع ْبدِ الْمُطَلِبِ ْبنِ َربِيعَةَ ْبنِ الْحَارِثِ وَالْ َف ْ‬
‫ستَعْمِلُ‬‫حنُ عَلَى تِ ْلكَ الْحَالِ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬لهُمَا ِإنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ لَا يَ ْ‬ ‫صدَقَاتِ‪ ،‬فَأَتَى عَلِيُ ْبنُ َأبِي طَالِبٍ َونَ ْ‬ ‫رَسُولَ اللَهِ عَلَى ال َ‬
‫صدَقَةَ‬
‫حتَى َأ َت ْينَا رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬لنَا‪ِ ،‬إنَ َه ِذهِ ال َ‬ ‫ضلُ َ‬‫صدَقَةِ‪ ،‬قَالَ عَ ْبدُ الْمُطَلِبِ‪ :‬فَانْطَلَقْتُ أنا وَالْ َف ْ‬‫حدًا عَلَى ال َ‬ ‫ِمنْكُمْ أَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫حلُ لِمُحَ َمدٍ وَلَا لِآلِ مُحَ َمدٍ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ)‬
‫إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ وَِإ َنهَا لَا تَ ِ‬

‫لفظ الرواية املدسوسة يف سنن الرتمذي بتحريم الصدقة على موايل بني هاشم‬
‫عنْهُ‪َ ،‬أنَ ال َنبِيَ‬ ‫عنْ َأبِي رَافِعٍ َرضِيَ اللَهُ َ‬ ‫الرواية المدسوسة في سنن الترمذي التي تزعم تحريم الزكاة على موالي بني هاشم هي بلفظ‪َ ( :‬‬
‫ح ْبنِي َكيْمَا ُتصِيبَ ِم ْنهَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬حَتَى آتِيَ رَسُولَ‬ ‫صدَقَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لِ َأبِي رَافِعٍ‪ ،‬اصْ َ‬ ‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بَعَثَ رَجُلًا ِمنْ َبنِي مَخْزُومٍ عَلَى ال َ‬
‫حلُ َلنَا‪ ،‬وَِإنَ َموَالِيَ الْ َقوْمِ مِنْ‬
‫صدَقَةَ لَا تَ ِ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَأَسْأَلَهُ‪ ،‬فَانْطََلقَ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَسَأَلَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ِ :‬إنَ ال َ‬
‫(‪)2‬‬
‫سهِمْ)‬
‫َأنْفُ ِ‬

‫كذب إطالق لفظ (الناس) على صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من غري بني هاشم‬
‫هذه الروايات المكذوبة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم المدسوسة في كتب الحديث التي جمعت سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فيها إساءة صارخة للنبي صلى اهلل عليه وسلم حيث صوَرة الرسول محمدا صلى اهلل عليه وسلم مؤسسا لألسرية والساللية والطائفية‬
‫والعنصرية وصورته محافظا على أرذل خلق من أخالق الجاهلية وهو التفاخر والتعاظم والتعالى باألنساب وصوَرته مقرا لعبد المطلب‬
‫بن ربيعة بن الحارث والفضل بن العباس رضي اهلل عنهما في إطالق لفظ (الناس) على صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من غير‬
‫بني هاشم استشعارا من أن نسب غير الهاشمي أنزل من نسب الهاشمي‪ ،‬وأن نسب الهاشمي أعلى من نسب غير الهاشمي‪ ،‬وكأن الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم نفسه معتقد هذا االعتقاد وساع إلى تأسيسه وتعميقه في نفوس الصحابة ومن بعدهم من المسلمين‪ ،‬هذا الوصف‬
‫للعاملين على جمع الصدقات وتوزيعها والمزكين من أبناء الصحابة بلفظ (الناس) يتعارض مع وصف القرآن الكريم للصحابة بأنهم‬
‫شهِيداً عََليْكُمْ َوتَكُونُوا شُ َهدَاء عَلَى‬ ‫مسلمون في قوله تعالى‪{ :‬مِلَةَ أَبِيكُمْ ِإبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن َق ْبلُ وَفِي َهذَا ِليَكُونَ الرَسُولُ َ‬
‫النَاسِ} (‪ )3‬وبأنهم مؤمنون في قوله تعالى‪{ :‬بِالْ ُمؤْ ِمنِينَ َرؤُوفٌ رَحِيمٌ} (‪ )4‬وبأنهم السابقون إلى اإلسالم وإلى نصرة اهلل عز وجل ونصرة‬
‫ع ْنهُمْ‬ ‫رسوله صلى اهلل عليه وسلم في قوله تعالى‪{ :‬وَالسَابِقُونَ ا َألوَلُونَ ِمنَ الْ ُمهَاجِرِينَ وَاألَنصَارِ وَاَلذِينَ ا َتبَعُوهُم بإحسان َرضِيَ اللّهُ َ‬
‫ح َتهَا ا َأل ْنهَارُ خَاِلدِينَ فِيهَا َأبَداً ذَِلكَ الْ َفوْزُ الْعَّظِيمُ}(‪ )5‬وبأنهم مهاجرون تركوا األهل والديار‬ ‫عدَ َلهُمْ جَنَاتٍ تَجْرِي تَ ْ‬ ‫عنْهُ وََأ َ‬ ‫وَ َرضُو ْا َ‬
‫واألوطان ابتغاء فضل اهلل ورضوانه لنصرة اهلل ورسوله في قوله تعالى‪{ :‬لِلْفُقَرَاء الْ ُمهَاجِرِينَ اَلذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَ ْموَاِلهِمْ َي ْبتَغُونَ‬
‫ضالً ِمنَ اللَهِ وَرضوانا َويَنصُرُونَ اللَهَ وَرَسُولَهُ ُأوَْل ِئكَ هُمُ الصَادِقُونَ}(‪ )6‬ويتعارض مع أوصاف النبي صلى اهلل عليه وسلم ألتباعه من‬ ‫َف ْ‬
‫عبَادَ اللَهِ إخوانا‪ ،‬الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ‪ ،‬لَا يَّظْلِمُهُ‪ ،‬وَلَا يَخْذُلُهُ‪ ،‬وَلَا‬‫الصحابة ومن بعدهم إلى يوم القيامة بوصف اإلسالم في حديث (َكُونُوا ِ‬
‫صدْ ِرهِ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬بِحَسْبِ امْرِئٍ ِمنْ الشَرِ َأنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ‪ُ ،‬كلُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ‬ ‫يَحْقِ ُرهُ‪ ،‬التَقْوَى هَا ُهنَا َويُشِيرُ إِلَى َ‬
‫(‪)8‬‬
‫شبَكَ َأصَابِعَهُ) وحديث (تَرَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ فِي تَرَاحُ ِمهِمْ‬ ‫وَمَالُهُ َوعِ ْرضُهُ)(‪ )7‬وحديث (ِإنَ الْ ُمؤْ ِمنَ لِلْ ُمؤْ ِمنِ كَا ْل ُب ْنيَانِ يَ ُ‬
‫شدُ بَ ْعضُهُ بَ ْعضًا وَ َ‬
‫سهَرِ وَالْحُمَى)(‪ )9‬وفي رواية صحيح مسلم بلفظ ( َمثَلُ‬ ‫س ِدهِ بِال َ‬
‫ضوًا َتدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَ َ‬ ‫ع ْ‬‫شتَكَى ُ‬ ‫َو َتوَادِهِمْ َوتَعَاطُ ِفهِمْ كَ َم َثلِ الْجَسَدِ‪ِ ،‬إذَا ا ْ‬
‫(‪)10‬‬
‫سهَرِ وَالْحُمَى) ‪ ،‬ووصف‬ ‫سدِ بِال َ‬‫ضوٌ َتدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَ َ‬‫ع ْ‬ ‫شتَكَى ِمنْهُ ُ‬‫سدِ ِإذَا ا ْ‬‫الْ ُمؤْ ِمنِينَ فِي َتوَادِهِمْ َوتَرَاحُ ِمهِمْ َوتَعَاطُ ِفهِمْ َم َثلُ الْجَ َ‬
‫المسلمين من غير بني هاشم من الصحابة وممن يأتي بعدهم بوصف لفظ (الناس) استحقارا لهم لدناءة نسبهم غير الهاشمي وتنويها بعلو‬
‫وكرامة النسب الهاشمي يتعارض تعارضا واضحا كوضوح الشمس في رابعة النهار مع قوله تعالى‪{ :‬إن أكرمكم عِندَ اللَهِ َأتْقَاكُمْ ِإنَ اللَهَ‬
‫(‪)11‬‬
‫خبِيرٌ}‬
‫عَلِيمٌ َ‬

‫حاشا رسول اهلل أن يكون غارسا يف نفوس بني هاشم منكر الكرب‬
‫حاشا رسول اهلل أن يكون غارسا في نفوس بني هاشم منكر الكبر بسبب عنصر النسب الهاشمي الذي بسببه طرد إبليس من الجنة وبسببه‬
‫استحق غضب اهلل عليه ولعنه وتخليده في النار‪ ،‬وكان سبب عصيانه هلل تعالى وسبب غضب اهلل عليه ولعنه وإخرجه من الجنة وتخليده‬
‫جدَ ِإذْ أَمَ ْر ُتكَ قَالَ أنا‬
‫في النار هو استشعاره أن عنصره خير من عنصر آدم حيث قال عن نفسه مفتخرا بعنصريته {قَالَ مَا َمنَ َعكَ أَالَ تَسْ ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الزكاة ‪:‬باب استعمال آل النبي صّلى اهلل عّليه وسّلم عّلى الصدقة‪ .‬رقم (‪)2618‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كــتاب الزكاة‪ :‬بــاب كراهية الزكاة لّلنبي وأهّل بيته ومواليه‪ .‬رقم (‪)657‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحج‪)78( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)128( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)111( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬الحشر‪)8( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم ‪:‬كتاب البر والصّلة واالدب‪ :‬باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم‪ .‬رقم (‪)6487‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب تشبيك األصابع في المساجد وغيرها‪ .‬رقم (‪)481‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪:‬كتاب األدب‪ :‬باب رحمة الناس والبهائم‪ .‬رقم (‪)6111‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب البروالصّلة واألدب‪ :‬باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم‪ .‬رقم (‪)6529‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬الحجرات‪)13( :‬‬
‫‪258‬‬
‫خيْرٌ ِمنْهُ خَلَ ْق َتنِي مِن نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}(‪ )1‬وقد ذم اهلل تعالي ابليس وتكبره على آدم بعنصره وعاقبه على ذلك بإخراجه من الجنة‬ ‫َ‬
‫ووصفه بأنه من األذالء الصاغرين جزاء وفاقا لتكبره قال تعالى‪{ :‬قَالَ فَا ْهبِطْ ِم ْنهَا فَمَا يَكُونُ َلكَ أَن َتتَ َكبَرَ فِيهَا فَاخْرُجْ ِإ َنكَ مِنَ‬
‫الصَاغِرِينَ}(‪ )2‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم مهمته األساسية تزكية األمة وتحليتها بالفضائل وتخليتها من الرذائل التي تنافي األخالق‬
‫الحميدة‪ ،‬ومن أرذلها منكر التكبر على اآلخرين بسبب النسب‪ ،‬ومن أمته بني هاشم فالرسول صلى اهلل عليه وسلم كانت مهمته االجتهاد‬
‫في تربيتهم على اإليمان والتقوى والتواضع وغرس الربانية والزهد في الدنيا في قلوبهم كما هي مهمته في تربية جميع أفراد أمته على‬
‫المستوى الرفيع من الربانية واألخالق الفاضلة‪ ،‬وليست مهمته تربيتهم على التكبر على المسلمين اآلخرين من غير بني هاشم‪ ،‬ألن‬
‫استشعار التفاضل والتفاخر والتعالي على المسلمين من غير بني هاشم من الضالل المبين وليس هو من الهدى‪ ،‬وهو من المنكر وليس من‬
‫المعروف‪ ،‬وهومن اعتقاد الشيطان وأولياء الشيطان ال من اعتقاد األنبياء وأولياء الرحمن قال تعالى‪ُ { :‬هوَ اَلذِي بَعَثَ فِي الْأُ ِميِينَ رَسُوالً‬
‫ِم ْنهُمْ َيتْلُو عََل ْيهِمْ آيَاتِهِ َويُزَكِيهِمْ َويُعَلِ ُمهُمُ الْ ِكتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن َق ْبلُ لَفِي ضَلَالٍ ُمبِينٍ}(‪ )3‬وقد اخبر النبي المزكِى صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أن الجنة ال يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر سواء كان الكبر بسبب النسب الهاشمي أو العلوي الفاطمي أو النسب القرشي‬
‫أو العربي أو أي نسب يشعر المنتسب إليه بالرفعة والشرف والعلو على اآلخرين الذين يعتبرهم في مرتبة أدنى من مرتبة نسبه أو كان‬
‫الكبر بسبب مال أو علم أو منصب أومكانة اجتماعية أو بأي سبب فمثقال الذرة من الكبر على اآلخرين تحرم المتكبر من دخول الجنة كما‬
‫في الحديث الصحيح الصريح في داللته على بغض اهلل ومقته للمتكبرين على اآلخرين بأي سبب من األسباب التي تولد الكبر في نفس‬
‫سنَةً‪،‬‬ ‫سنًا وَنَعُْلهُ حَ َ‬
‫جلَ يُحِبُ َأنْ يَكُونَ َث ْوبُهُ حَ َ‬
‫جلٌ‪ِ :‬إنَ الرَ ُ‬ ‫جنَةَ َمنْ كَانَ فِي قَ ْلبِهِ ِمثْقَالُ ذَرَةٍ ِمنْ ِكبْرٍ‪ ،‬قَالَ رَ ُ‬ ‫خلُ الْ َ‬
‫المتكبر‪ ،‬لفظ الحديث‪( :‬لَا يَدْ ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫عنْ ال َنبِيِ صَلَى‬ ‫عنْ أبي هُ َريْ َرةَ‪َ ،‬‬ ‫حقِ َوغَمْطُ النَاسِ) وفي ذم التفاخر باألنساب حديث‪َ ( :‬‬ ‫قَالَ‪ِ :‬إنَ اللَهَ جَمِيلٌ يُحِبُ الْجَمَالَ‪ ،‬الْ ِكبْرُ بَطَرُ الْ َ‬
‫ج َهنَمَ َأوْ َليَكُو ُننَ أَ ْه َونَ عَلَى اللَهِ ِمنْ الْجُ َعلِ اَلذِي ُيدَ ْه ِدهُ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ل َي ْن َت ِه َينَ أَ ْقوَامٌ يَ ْفتَخِرُونَ بِآبَا ِئهِمْ اَلذِينَ مَاتُوا‪ ،‬إنما هُمْ فَحْمُ َ‬
‫ع ِبيَةَ الْجَاهِِليَةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ‪ ،‬إنما ُهوَ ُمؤْ ِمنٌ تَقِيٌ وَفَاجِرٌ شَقِيٌ‪ ،‬النَاسُ كُُلهُمْ َبنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ‬ ‫عنْكُمْ ُ‬ ‫الْخِرَاءَ بِأنفِهِ‪ ،‬أن اللَهَ َقدْ َأذْهَبَ َ‬
‫طبَةَ رَسُولِ اللَهِ‬ ‫ح َد َثنِي َمنْ سَمِعَ خُ ْ‬ ‫عنْ أبي َنضْ َرةَ‪َ ،‬‬ ‫ِمنْ تُرَابٍ)(‪)5‬الجعل هوالدويبة التي تكون بين براز اإلنسان‪ ،‬والحديث اآلخر يقول‪َ ( :‬‬
‫ضلَ لِعَ َربِي عَلَى َأعْجَمِي‪،‬‬ ‫حدٌ‪ ،‬أَلَا لَا فَ ْ‬
‫حدٌ‪ ،‬وَإن أباكم وَا ِ‬ ‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي وَسَطِ َأيَامِ التَشْرِيقِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا َأ ُيهَا النَاسُ‪ ،‬أَلَا إن ربكم وَا ِ‬
‫س َودَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَا بِالتَ ْقوَى‪َ ،‬أبَلَغْتُ ؟ قَالُوا‪ :‬بَلَغَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬ ‫س َودَ‪ ،‬وَلَا أَ ْ‬ ‫وَلَا لِعَجَمِي عَلَى عَ َربِي‪ ،‬وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَ ْ‬
‫وَسَلَمَ)(‪.)6‬‬

‫إعالن بشرية الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬


‫كيف يتفاخر متفاخر بالنسب الهاشمي بسبب القرابة من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقد أمر اهلل عز وجل رسوله محمدا بالرد على‬
‫ادعاء التميز أو التعالي على المسلمين بسبب االنت ساب إلى نسب الرسول صلى اهلل عليه وسلم وبالبيان الواضح الجلي الذي ال حفاء فيه‬
‫وال غموض بأن األصل الذي هو رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بشر من البشر ال يتميز على البشر اآلخرين إال بميزة واحدة هي اختيار‬
‫اهلل عز وجل له لتلقي الوحي اإللهي وتبليغه لسائر البشر؟!‪ ،‬أما في ما عدى خاصية الوحي اإللهي فالرسول محمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫بشر من البشر مثله مثل البشر اآلخرين في النسب حيث ينتهي نسب جميع البشر إلى (آدم) و(حواء) وال تمايز بينهم وال تفاضل وال‬
‫تفاخر بسبب النسب ألن الجميع متساوون في االنتساب إلى (آدم) و(حواء) ويعيش الرسول صلى اهلل عليه وسلم كما يعيش سائر البشر‬
‫أكال وشربا ونوما ويقضة ومشيا على األقدام وفي سائر شؤون الحياة الدنيا قال تعالى‪ُ { :‬قلْ إنما أنا بشر ِمثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَ} (‪ )7‬اآلية وردت‬
‫بأسلوب الحصر والقصر ألن لفظ {إنما} تفيد الحصر والقصر‪ ،‬وقد قصرت في هذه اآلية موصوفا على صفة‪ ،‬الموصوف هو رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم المضمر عنه في اآلية بضمير المتكلم {أنا} والصفة المقصور عليها صفة البشرية في قوله تعالى‪{ :‬بشر} ولفظ‬
‫{ ِمثْلُكُمْ} في اآلية لتأكيد صفة البشرية ولنفي تميز الرسول بشيء غير صفة الوحي إليه وحده حيث أسند صفة الوحي إلى ياء المتكلم في‬
‫قوله تعالى {إليَ} ‪ ،‬ومن المعلوم علما قطعيا أن صفة الوحي خاصة برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ولم يشاركه في تلقي الوحي أحد من‬
‫بني هاشم وال من غيرهم لورود صفة الوحي محصورة ومقصورة على الرسول صلى اهلل عليه وسلم في قوله تعال‪ُ { :‬قلْ إنما يُوحَى‬
‫إِلَيَ}(‪ )8‬وإذا تبين أن صفة الوحي محصورة ومقصورة على شخص الرسول صلى اهلل عليه وسلم في حياته ولم يشاركه فيها مشارك في‬
‫حياته (ال علي وال فاطمة وال حسن وال حسين) وال غيرهم من بني هاشم أومن غيرهم فباأل ولى أن ال يشاركه أحد في الوحي بعد موته‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ممن يطلق عليهم مصطلح (أئمة أهل البيت المعصومين) سواء األئمة اإلثني عشر المزعومين أو غيرهم من أئمة‬
‫الزيدية الهادوية أو أئمة اإلباضية‪ ،‬وهذا األمر من اهلل عز وجل إلى رسوله محمد صلى اهلل عليه وسلم بإعالن حقيقة بشريته وعدم تميزه‬
‫عن البشر اآلخرين بشيء سوى الوحي اإللهي هو لرد االفتراء على الرسول صلى اهلل عليه وسلم بأنه يدعي أن نسبه ونسب بني هاشم‬
‫متميز على أنساب اآلخرين كما في الرواية المكذوبة (إِنَ اللَهَ اصْطَفَى ِكنَانَةَ ِمنْ وََلدِ إِسْمَعِيلَ‪ ،‬وَاصْطَفَى قُ َريْشًا ِمنْ ِكنَانَةَ‪ ،‬وَاصْطَفَى مِنْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)12( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)13( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الجمعة‪)2( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب تحريم الكبر وبيانه‪ .‬رقم (‪)261‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب المناقب‪ :‬باب في فضّل الشام واليمن‪ .‬رقم(‪)3955‬حسنه األلباني في صحيح الترمذي بنفس الرقم‬
‫معأني االلفاظ‪ :‬الجعّل‪ :‬دويبة سوداء تدير الغائط‪ ،‬يقال لها الخنفساء‪ .‬يدهده‪ :‬يدحرجه‪ .‬العبية‪ :‬الكبر والنخوة والفخر‪1‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬مسند أحمد‪ :‬كتاب باقي مس ند األنصار‪ :‬باب حديث رجّل من أصحاب النبي صّلى اهلل عّليه وسّلم‪ .‬رقم (‪)22391‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬الكهف‪)111( :‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬األنبياء‪)118( :‬‬
‫‪259‬‬
‫قُ َريْشٍ َبنِي هَاشِمٍ‪ ،‬وَاصْطَفَانِي ِمنْ َبنِي هَاشِمٍ)(‪ )1‬هذا الحد يث المكذوب يؤسس عنصرية كبيرة بين البشرية من ولد إسماعيل فيفضل‬
‫عنصر كنانة على بقية ذرية إسماعيل ويفضل قبيلة قريش على بقية كنانة ويفضل عنصر بني هاشم على بقية قريش فهذه الرواية‬
‫المكذوبة ت ؤسس لعنصريات متعددة هي تفضيل عنصر كنانة على غيرها من ذرية إسماعيل بدون ذكر أي سبب للتفضيل‪ ،‬وتفضيل‬
‫عنصر قبيلة قريش على غيرها من قبائل كنانة بدون ذكر أي سبب للتفضيل‪ ،‬وتفضيل عشيرة بني هاشم على غيرها من عشائر قريش‬
‫بدون ذكر سبب للتفضيل‪ ،‬أما تفضيل الرسول محمد صلى اهلل عليه وسلم على سائر البشر فليس بسبب عنصره الهاشمي ولكن الختيار‬
‫اهلل عز وجل له لتلقي الوحي اإللهي لتبليغه للبشرية كتفضيل اهلل عز وجل لكل رسول على قومه الختيار اهلل عز وجل له لتبليغ الرسالة‬
‫إلى قومه البسبب عنصره‪ ،‬وهذه الرواية المكذوبة تخالف مخالفة صارخة قول اهلل تعالى‪{ :‬يَا َأ ُيهَا النَاسُ إنا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى‬
‫خبِيرٌ}(‪ )2‬وتخالف مخالفة صارخة الحديث الصحيح الموافق‬ ‫وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَا ِئلَ ِلتَعَارَفُوا إن أكرمكم عِندَ اللَهِ َأتْقَاكُمْ إِنَ اللَهَ عَلِيمٌ َ‬
‫ضلَ لِعَ َربِي عَلَى َأعْجَمِي‪ ،‬وَلَا لِعَجَمِي عَلَى‬ ‫حدٌ‪ ،‬أَلَا لَا َف ْ‬
‫حدٌ‪ ،‬وَإن أباكم وَا ِ‬ ‫لمضمون هذه اآلية وهو حديث (يَا َأ ُيهَا النَاسُ‪ ،‬أَلَا إن ربكم وَا ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫س َودَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَا بِالتَ ْقوَى‪َ ،‬أبَلَغْتُ ؟ قَالُوا‪ :‬بَلَغَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ) ‪ ،‬ولكي ال يفخر‬ ‫س َودَ‪ ،‬وَلَا أَ ْ‬ ‫عَ َربِي‪ ،‬وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَ ْ‬
‫أحد على أحد من المسلمين بغير تقوى اهلل عز وجل ألن الكل في األنساب واألحساب متساوون وليس أحد أعلى من أحد بسب نسبه وال‬
‫أحد أدنى من أحد بسبب نسبه ألن اإلسالم قد أبطل التفاخر باألنساب وجعله منقصة ومذمة ومنكرا ومعصية هلل عز وجل يستوجب فاعله‬
‫الخلود في نار جهنم لتكبره على اآلخرين بعنصره أو بساللته أو بطائفته أو بقومه أو بسبب لونه أو لغته أو موطنه أو جاهه أو مركزه‬
‫االجتماعي‪ ،‬وشبه المتخلق به بإبليس اللعين في تكبره على آدم بسبب تميز عنصره‪ ،‬وبئس الخلق التشبه بإبليس اللعين في قوله تعالى‪:‬‬
‫خيْرٌ ِمنْهُ خَلَ ْق َتنِي مِن نَارٍ وَخَلَ ْقتَهُ مِن طِينٍ}(‪.)4‬‬
‫جدَ ِإذْ أَمَ ْر ُتكَ قَالَ أنا َ‬
‫{قَالَ مَا َمنَ َعكَ أَالَ تَسْ ُ‬

‫لفظ (أوساخ) يف تسمية أموال الزكاة يستحيل صدورها من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫لفظ (أوسا ) في تسمية أموال الزكاة يستحيل صدورها من وحي اهلل عز وجل‪ ،‬ألن الرسول صلى اهلل عليه وسلم ال ينطق عن‬
‫الهوى وما كالمه إال وحي يوحى‪ ،‬وال يمكن صدورها من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألنها تخالف الوحي القرآني في تسمية األموال‬
‫الزكوية‪ ،‬وال يوجد في القرآن لفظ يسمى األموال التي يباح تملكها بلفظ (أوسا ) بل أطلق القرآن على المال لفظ {الخير} في قوله تعالى‪:‬‬
‫خذْ ِمنْ‬ ‫شدِيدٌ}(‪ )5‬المراد بلفظ {الخير} في اآلية المال‪ ،‬وأطلق على األموال الزكوية لفظ ({األموال}) في قوله تعالى‪ُ { :‬‬ ‫{وَِإنَهُ لِحُبِ الْخَيْرِ لَ َ‬
‫(‪)7‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫حبُونَ‬ ‫حقٌ مَعْلُومٌ} ولفظ (المال} في قوله تعالى‪َ { :‬وتُ ِ‬ ‫طهِرُهُمْ وَتُزَكِيهِم ِبهَا} وفي قوله تعالى‪{ :‬وَاَلذِينَ فِي أَ ْموَاِلهِمْ َ‬ ‫صدَقَةً تُ َ‬
‫أَ ْموَاِلهِ ْم َ‬
‫(‪)8‬‬
‫حبّاً جَمّاً} وفي غيرها من اآليات القرآنية‪ ،‬وكذا في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصالة والسالم ال يوجد حديث يطلق على‬ ‫الْمَالَ ُ‬
‫المال أو األموال لفظ (أوسا ) وإنما يطلق على األموال الزكوية لفظ (المال) كما في حديث معاذ بن جبل رضي اهلل عنه حينما أرسله‬
‫غ ِنيَا ِئهِمْ َوتُ َردُ عَلَى‬
‫خذُ ِمنْ َأ ْ‬ ‫صدَقَةً فِي أَ ْموَاِلهِمْ ُتؤْ َ‬
‫ض عََل ْيهِمْ َ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم إلى اليمن وقال له (فََأعْلِ ْمهُمْ َأنَ اللَهَ ا ْفتَ َر َ‬
‫سوَى ذَلِكَ َفهُوَ ذَاهِبٌ‬ ‫فُقَرَا ِئهِ ْم)(‪ )9‬وحديث (يَقُولُ الْ َع ْبدُ مَالِي مَالِي إنما لَهُ ِمنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ مَا أَ َكلَ فَأَ ْفنَى َأوْ َلبِسَ فََأبْلَى َأوْ َأعْطَى فَا ْقتَنَى وَمَا ِ‬
‫َوتَارِكُهُ لِلنَاسِ)(‪ )10‬وغيرها من األحاديث‪ ،‬ويناء عليه فلفظ (أوسا ) لفظ شاذ ال يوجد له لفظ مماثل أطلق على المال أو األموال ال في‬
‫القرآن الكريم وال في السنة النبوية الصحيحة‪ ،‬وكالم النبي صلى اهلل عليه وسلم يكون مطابقا وموافقا لكالم اهلل عز وجل حيث الوحي‬
‫النبوي ال يخالف الوحي القرآني ألن مصدر الوحيين واحد هو اهلل عز وجل‪ ،‬والوحي الصحيح ال يناقض بعضه بعضا وال يتعارض مع‬
‫بعضه البعض وإذا حصل التعارض بين رواية حديث كهذا الذي يطلق على الزكاة لفظ (أوسا الناس) وأنها (ال تحل آلل محمد أو ال‬
‫تنبغي آلل محمد ) كما في روايتي صحيح مسلم فهو عالمة على أن الحديث مكذوب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأنه ليس مما‬
‫نطق به الرسول صلى اهلل عليه وسلم لتزكية اهلل لنطق رسوله صلى اهلل عليه وسلم عن النطق بالهوى لحب شخص أو أسرة من أقاربه أو‬
‫طقُ عَنِ الْ َهوَى} (‪. )11‬‬ ‫من غير أقاربه وكل نطق فيه هوى فليس هو من الكالم النبوي المنزه عن النطق بالهوى في قوله تعالى‪{ :‬وَمَا يَن ِ‬

‫لفظ (اآلل) يف القرآن الكريم مبعىن األتباع وليس مبعىن األقارب من النسب‬
‫من مخالفة رواية تحريم الزكاة على آل محمد أنها تعطل ركن الزكاة في اإلسالم ألن لفظ {اآلل} في القرآن الكريم بمعنى األتباع‬
‫شدَ الْ َعذَابِ} (‪ )12‬في اآلية داللة واضحة‬
‫ع ْونَ أَ َ‬
‫وليس بمعنى األقارب من النسب كما في قوله تعالى‪َ { :‬و َيوْمَ تَقُومُ السَاعَةُ َأدْخِلُوا آلَ فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ} أتباع فرعون كلهم‪ ،‬وليس أقارب فرعون من النسب فقط‪ ،‬وال يفهم عاقل‬ ‫كوضوح الشمس في رابعة النهار أن المراد بلفظ {آلَ فِ ْر َ‬
‫من اآلية أن الوعيد فيها مختص بأقارب فرعون من النسب وال يعم الوعيد فيها جميع من اتبع فرعون وعاونه على ظلمه وكفره‪ ،‬وال يفهم‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب الفضائّل‪ :‬باب فضّل نسب النبي صّلى اهلل عّليه وسّلم‪ .‬رقم (‪)5897‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الحجرات‪)13( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬مسند أحمد‪ :‬كتاب باقي مسند األنصار‪ :‬باب حديث رجّل من أصحاب النبي صّلى اهلل عّليه وسّلم‪ .‬رقم (‪)22391‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)12( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬العاديات‪)8( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)113( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المعارج‪)24( :‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬الفجر‪)21( :‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬الزكاة‪ :‬باب وجوب الزكاة‪ .‬رقم (‪)1395‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب الرقاق‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬النجم‪)3( :‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ -‬غافر‪)46( :‬‬
‫‪261‬‬
‫عاقل أن بقية أتباع فرعون من غير أقاربه من النسب ليسوا متوعدين بهذا الوعيد الشديد المرعب في قول اهلل تعالى‪َ { :‬و َيوْمَ تَقُومُ السَاعَ ُة‬
‫شدَ الْ َعذَابِ} بحجة أن لفظ {اآلل} مقصور على القرابة من النسب وليس عاما فيمن يتبع المتبوع في ملته أو عقيدته أو‬ ‫ع ْونَ أَ َ‬
‫َأدْخِلُوا آلَ فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ وَأَنتُمْ‬ ‫نظامه أومنهجه أو طريقته ‪،‬ولفظ {اآلل} بمعنى األتباع واضح في قوله تعالى‪{ :‬وَِإذْ فَرَ ْقنَا بِكُمُ ا ْلبَحْرَ فأنجبناكم وََأغْرَقْنَا آلَ فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ وَاَلذِينَ مِن َقبِْلهِمْ َك َذبُواْ بآيَاتِ رَ ِبهِمْ فَأَهْلَ ْكنَاهُم ِبذُنُو ِبهِمْ وََأغْرَقْنَا آلَ فِ ْرعَونَ وَكُلٌ كَانُواْ‬ ‫تَنّظُرُونَ}(‪)3‬وقوله تعالى‪َ { :‬كدَأْبِ آلِ فِ ْر َ‬
‫ظَالِمِينَ}(‪ )2‬فالذين أغرقهم اهلل عز وجل في اآليتين هم جميع أتباع فرعون من المدنيين والعسكريين وليس أقاربه فقط‪ ،‬وكذا قوله تعالى‪:‬‬
‫ع ْونَ سُوءُ الْ َعذَابِ} جميع من اتبع‬ ‫ع ْونَ سُوءُ الْ َعذَابِ}(‪ )1‬المراد بقول اهلل تعالى{وَحَاقَ بِآلِ فِ ْر َ‬ ‫س ِيئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِ ْر َ‬ ‫{ َفوَقَاهُ اللَهُ َ‬
‫فرعون وعاونه على ظلمه من المدنيين والعسكريين‪ ،‬وبناء على معنى لفظ {اآلل} في القرآن الكريم فآل محمد صلى اهلل عليه وسلم هم‬
‫أتباع ملته من الهاشميين والقرشيين والعرب والعجم ومن السود ومن البيض من الذكور واإلناث‪ ،‬وهم كلهم أتباع ملته في كل زمان وفي‬
‫كل مكان ألن األصل في لفظ {اآلل} عموم األتباع‪ ،‬وعلى هذا المعنى فرواية تحريم الزكاة على آل محمد معناها تحريم الزكاة على جميع‬
‫صدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عََل ْيهَا وَالْ ُمؤَلَفَةِ قُلُو ُبهُمْ وَفِي الرِقَابِ وَالْغَارِمِينَ‬ ‫من فرض اهلل لهم الزكاة في قوله تعالى‪{ :‬إنما ال َ‬
‫(‪)4‬‬
‫سبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وقد ورد استخدام لفظ (آل محمد) بمعنى أتباع محمد في حديث (قِيلَ‪:‬‬ ‫سبِيلِ اللّهِ وَا ْبنِ ال َ‬‫وَفِي َ‬
‫صلِ عَلَى مُحَ َمدٍ َوعَلَى آلِ مُحَمَدٍ كَمَا صََليْتَ عَلَى آلِ‬ ‫يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَمَا السَلَامُ عََل ْيكَ فَ َقدْ عَرَفْنَاهُ‪ ،‬فَ َكيْفَ الصَلَاةُ عََل ْيكَ ؟ قَالَ‪ :‬قُولُوا‪ :‬الَلهُمَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ِإبْرَاهِيمَ ِإ َنكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ‪ ،‬الَلهُمَ بَا ِراْ عَلَى مُحَ َمدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ِإ َنكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وكل الروايات الواردة‬
‫في الصالة على محمد وعلى آل محمد في التشهد األخير في الصالة هي بمعنى األتباع بدليل السالم على عباد اهلل الصالحين في التشهد‬
‫ط ِيبَاتُ‪ ،‬السَلَامُ عََل ْيكَ َأ ُيهَا ال َنبِيُ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ‪،‬‬ ‫حيَاتُ لِلَهِ وَالصََلوَاتُ وَال َ‬ ‫حدُكُمْ فِي الصَلَاةِ فَلْيَ ُقلْ‪ :‬التَ ِ‬ ‫األول في حديث‪( :‬فَِإذَا جَلَسَ أَ َ‬
‫ش َهدُ أَنَ‬
‫ش َهدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَأَ ْ‬
‫ع ْبدٍ صَالِحٍ فِي السَمَاءِ وَالْأَ ْرضِ‪ ،‬أَ ْ‬ ‫عبَادِ اللَهِ الصَالِحِينَ‪ ،‬فَ ِإنَهُ ِإذَا قَالَ‪ :‬ذَلِكَ‪ ،‬أَصَابَ ُكلَ َ‬ ‫السَلَامُ عَ َل ْينَا وَعَلَى ِ‬
‫(‪)6‬‬
‫خيَرْ بَ ْعدُ ِمنْ الْكَلَامِ مَا شَاءَ) ألن لفظ عباد اهلل الصالحين عام يعم كل عبد صالح من أمة محمد صلى اهلل‬ ‫ع ْب ُدهُ وَرَسُولُهُ‪ ،‬ثُمَ يَتَ َ‬
‫مُحَ َمدًا َ‬
‫عبَادِ اللَهِ الصَالِحِينَ ) جمع مضاف يفيد العموم وال يقصر عموم عباد اهلل الصالحين على أقارب النبي صلى اهلل عليه‬ ‫عليه وسلم ولفظ ( ِ‬
‫وسلم من بني هاشم أو بني المطلب أو غيرهم‪ ،‬وهكذا لفظ (آل محمد) في التشهد األخير يعم جميع أتباع محمد بن عبد اهلل من الهاشميين‬
‫والقرشيين والعرب والعجم والبيض والسود والذكور واإلناث وغيرهم من المسلمين في سائر أنحاء الكرة األرضية في كل زمان وفي كل‬
‫مكان‪ ،‬وقد ورد استعمال لفظ (آل محمد ) بمعنى خاص يخص بعض أفراد العموم كالتنصيص على أزواج النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫صلِ عَلَى مُحَ َمدٍ وَأَ ْزوَاجِهِ َوذُ ِريَتِهِ‪ ،‬كَمَا صََليْتَ عَلَى آلِ ِإبْرَاهِيمَ‪َ ،‬وبَا ِراْ عَلَى مُحَ َمدٍ وَأَ ْزوَاجِهِ َوذُ ِر َيتِهِ‪ ،‬كَمَا‬ ‫وذريته في حديث (قُولُوا‪ :‬الَلهُمَ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫بَارَكْتَ عَلَى آلِ ِإبْرَاهِيمَ ِإ َنكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) والقاعدة في أصول الفقه أن التنصيص على بعض أفراد العام ال يقتضي التخصيص يعني أن‬
‫النص على بعض أفراد العام ال يقتضي تخصيص اللفظ العام بهذا اللفظ الخاص وإنما يكون بعضا من أفراد اللفظ العام‪ ،‬وقد وردت عدة‬
‫استعماالت للفظ (آل محمد) في معان خاصة وكلها ال تقتضي تخصيص اللفظ العام بها وال قََصر العام على أي منها‪ ،‬من هذه‬
‫ع ْندَ آلِ مُحَ َمدٍ صَلَى‬ ‫حتَى قُ ِبضَ)(‪ )8‬وحديث (مَا أَمْسَى ِ‬ ‫شبِعَ آلُ مُحَ َمدٍ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ َأيَامٍ َ‬ ‫االستعماالت حديث (مَا َ‬
‫(‪)9‬‬
‫س َوةٍ) المراد بلفظ (آل محمد) في الحديثين زوجات النبي صلى اهلل عليه‬ ‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ صَاعُ بُر وَلَا صَاعُ حَب‪ ،‬وَِإنَ عِ ْن َدهُ َلتِسْعَ نِ ْ‬
‫وسلم الالئي كان ينفق عليهن‪ ،‬والتنصيص عليهن في الحديثين ال يقتضي قصر عموم لفظ (آل محمد) عليهن‪ ،‬واستعمال أبي بكر لفظ (آل‬
‫محمد) على من طلب ميراث النبي صلى اهلل عليه وسلم مما تركه من األموال‪ ،‬وهم فاطمة والعباس وأزواج النبي صلى اهلل عليه وسلم ال‬
‫يقتضي تخصيص أو قصر عموم لفظ (آل محمد ) على الوارثين من أقارب النبي صلى اهلل عليه وسلم وزوجاته‪ ،‬وإنما تطبق القاعدة‬
‫األصولية التي هي بلفظ (التنصيص على بعض أفراد العام ال يقتضي التخصيص) وال يقتضي قصر اللفظ العام على بعض أفراده‬
‫المنصوص عليهم‪.‬‬

‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم ال حيرم الطيبات وإمنا حيرم اخلبائث‬
‫صدَقَةَ لَا َت ْنبَغِي لِآلِ مُحَ َمدٍ إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ) وفي لفظ منها (إِنَ‬
‫لو فرض حمل لفظ (آل محمد) في الرواية المكذوبة بلفظ (ِإنَ ال َ‬
‫حلُ لِمُحَ َمدٍ وَلَا لِآلِ مُحَ َمدٍ) الرواية تخالف القرآن الكريم من حيث أن الرسول صلى اهلل‬ ‫صدَقَاتِ إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ وَِإ َنهَا لَا تَ ِ‬
‫َه ِذهِ ال َ‬
‫عليه وسلم ال يحرم على بني هاشم وال على غيرهم من أمته من المطعومات إال ما كان خبيثا كالميتة أو لحم الخنزير أو الخمر أو األموال‬
‫الربوية أو غيرها مما حرَمه اهلل تعالى‪ ،‬وال يحرم الطيبات من المطعومات وغيرها من األموال ألن اهلل الرحيم بعباده الذي أرسل رسوله‬
‫لهداية خلقه جعل مهمته تحليل (الطيبات) لبني هاشم ولغيرهم من أمته وتحريم (الخبائث) على بني هاشم وعلى غيرهم ويضع عنهم‬
‫(اآلصار واألغالل ) من أعراف وعادات الجاهلية التي كانت تشدد وتثقل عليهم‪ ،‬وليس من مهمة الرسول صلى اهلل عليه وسلم وال مما‬
‫يناسب رحمته ببني هاشم وبغيرهم من أمته أن يحرَم عليهم ما أحلَ اهلل لهم من أموال الزكاة‪ ،‬ويحل لهم ما حرم اهلل عليهم من التفاخر‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)51( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنفال‪)54( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬غافر‪)45( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)61( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البخاري‪ :‬كتاب تفسير القرآن‪ :‬باب قوله تعالى‪ :‬إن اهلل ومالئكته يصّلون عّلى النبي صّلى اهلل عّليه وسّلم‪ .‬رقم (‪)4797‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب مايتخير من الدعاء بعد التشهد‪ .‬رقم (‪)835‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬البخاري‪ :‬كتاب أحاديث االنبياء‪ :‬باب قول اهلل تعالى واتخذ اهلل إبراهيم خيال‪ .‬رقم (‪)3369‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬البخاري‪ :‬كتاب االطعمة‪ :‬باب قول اهلل تعالى كّلوا من طيبات ما رزقناكم‪ .‬رقم (‪)5374‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬البخاري ‪:‬كتاب البيوع‪ :‬باب شراء النبي صّلى اهلل عّليه وسّلم بالنسيئة‪ .‬رقم (‪)2169‬‬
‫‪261‬‬
‫باألنساب وال أن يضع عليهم(آصارا وأغالال ) تحرمهم مما أحله اهلل لهم من الطيبات من أموال الزكوات المفروضة رحمة بالفقراء ال‬
‫انتقاصا واحتقارا للفقراء والمساكين وبقية مصارف الزكاة الثمانية المنصوص عليها في كتاب الرحمة والعزة السماوية‪ ،‬ويحرم على‬
‫نسائهم الزواج ممن ترضى المرأة وأولياؤها دينه وخلقه فهذه الرواية وضعت على بني هاشم أغالال وآصارا ما أنزل اهلل بها من سلطان‪،‬‬
‫خبَآئِثَ‬ ‫طيِبَاتِ َويُحَرِمُ عََل ْيهِمُ الْ َ‬
‫حلُ َلهُمُ ال َ‬‫وهي مخالفة مخالفة صارخة لما كلف اهلل به رسوله صلى اهلل عليه وسلم في قوله تعالى‪َ { :‬ويُ ِ‬
‫اللَ اَلتِي كَانَتْ عََل ْيهِمْ}(‪ ،)1‬ومما يدل على كذب الحديث على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم االضطراب في‬ ‫غَ‬ ‫ع ْنهُمْ ِإصْرَهُمْ وَا َأل ْ‬ ‫َو َيضَعُ َ‬
‫ألفاظ الرواية بين لفظ (إن الصدقة ال تنبغي لمحمد وال آلل محمد) في أول الرواية وبين لفظ (إن الصدقة ال تحل لمحمد وال آلل محمد)‬
‫في آخر الرواية‪ ،‬فاالضطراب ظاهر بين لفظ (ال تنبغي) ولفظ (ال تحل)‪ ،‬أيضا اختالف لفظ رواية مسلم عن رواية سنن أبي داوود في‬
‫طوِيلًا حَتَى أَ َردْنَا َأنْ نُكَلِمَهُ) ولم‬ ‫السكوت الطويل بعد أن سمع طلب الغالمين بتكليفهما على جمع الصدقات‪ ،‬فرواية صحيح مسلم (فَسَكَتَ َ‬
‫يذكر فيه أ ن الرسول رفع رأسه أثناء السكوت الطويل إلى سقف الحجرة‪ ،‬بينما رواية سنن أبي داوود ذكرت أن الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم في وقت سكوته الطويل كان رافعا رأسه إلى سقف الحجرة التي كانوا فيها ولم يخفض رأسه إال حينما بدأ الكالم‪ ،‬وهي بلفظ(فَسَكَتَ‬
‫حتَى أَ َر ْدنَا َأنْ نُكَلِمَهُ‪ ،‬قَال‪ :‬فَأَشَارَتْ إَِل ْينَا َز ْينَبُ ِمنْ وَرَاءِ حِجَا ِبهَا كََأ َنهَا‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ ا ْل َبيْتِ َ‬
‫صدَقَةَ لَا َت ْنبَغِي لِمُحَ َمدٍ وَلَا لِآلِ مُحَ َمدٍ إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ)‪ ،‬مفتر الحديث يريد في رواية أبي‬ ‫عنْ كَلَامِهِ‪ ،‬وَأَ ْق َبلَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَلَا ِإنَ ال َ‬‫تنهانا َ‬
‫داوود أن يوغل في اإليهام بأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم رفع رأسه إلى سقف الحجرة منتظرا تنزل الوحي اإللهي عليه في شأن‬
‫توليتهما على جمع الصدقات‪ ،‬وأنه لم ينطق من ذات نفسه‪ ،‬وإنما توقف عن الكالم حتى نزل عليه الوحي من السماء ونطق بما أٌوحي إليه‬
‫بعد انتظاره في سكوته الطويل لتنزل الوحي عليه في طلب التولية على جمع الصدقات ‪.‬‬

‫حديث حتريم الزكاة على بني هاشم شاذ يف املعىن‪ ,‬مضطرب يف اللفظ‪ ,‬خمالف للقرآن الكريم يف لفظه ومعناه‬
‫حديث تحريم الزكاة على بني هاشم شاذ في المعنى‪ ،‬مضطرب في اللفظ‪ ،‬مخالف للقرآن الكريم في لفظه ومعناه‪ ،‬وأنه من المنكر‬
‫ستَطِعْ‬
‫الذي يجب تغييره على كل من يقدر على تغييره بيده أو بلسانه أو بقلبه كما في حديث ( َمنْ رَأَى ِمنْكُمْ ُمنْكَرًا فَ ْليُغَيِ ْرهُ بِ َي ِدهِ‪ ،‬فَِإنْ لَمْ يَ ْ‬
‫ستَطِعْ فَبِقَ ْلبِهِ‪َ ،‬وذَِلكَ َأضْعَفُ الْإِيمَانِ)(‪ )2‬ألن حديث تحريم الزكاة على بني هاشم من أكثر األحاديث المكذوبة تشويها‬ ‫َفبِلِسَانِهِ‪ ،‬فَِإنْ لَمْ يَ ْ‬
‫لصورة الرسول صلى اهلل عليه وسلم إليهامه بأن النبي صلى اهلل عليه وسلم مؤسس الطائفية والعنصرية والساللية بين المسلمين‪ ،‬ومبارك‬
‫ومؤيد تقسيم المسلمين من الرجال إلى سادة وعبيد أو أشراف وغير أشراف بسبب النسب الهاشمي وبسبب النسب لغير نسب الهاشميين‪،‬‬
‫ومن النساء إلى شريفات ودنيئات بسبب االنتساب إلى النسب الهاشمي‪ ،‬وهو المسبب لحرمان زواج النساء من بني هاشم على غير من‬
‫ينتسب إلى بني هاشم حتى ولو كانت المرأة وأولياؤها يرضون دين الخاطب وخلقه‪ ،‬ولكن األولياء يمتنعون عن تزويج المرأة خوف‬
‫االستنكار عليهم من اآلخرين أو خوف العار والذل الذي يلحق بمن يزوج الهاشمية من غير الهاشمي لالعتقاد السائد بأن نسب الهاشمية‬
‫أعلى وأشرف من نسب غير الهاشمي‪ ،‬وهذا االعتقاد سبب حرمان بعض الهاشميات من الزواج ممن يرضين دينهم وخلقهم‪ ،‬وهذا‬
‫الحرمان منكر في حد ذاته يجب على من يقدر على تغييره بيده أو بلسانه أو بقلبه تغييره‪ ،‬وال يمكن تغييره إال ببيان حقيقة هذا الحديث‬
‫المكذوب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألنه من أهم الروايات التي تؤسس التميز والتفاضل بين المسلمين بسبب النسب الهاشمي‬
‫والنسب غير الهاشمي‪.‬‬

‫كذب الرواية التي حترم الزكاة على موايل بني هاشم‬


‫الرواية التي تحرم الزكاة على موالي بني هاشم هي من األحاديث المكذوبة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألنها تصور رسول‬
‫سهِمْ‪ ،‬وَإنا لَا‬ ‫الرحمة برسول الطائفية والعنصرية المقيتة حيث نسبت إلى رسول الرحمة والهداية والمساوة ‪،‬القول( َموْلَى الْ َقوْمِ ِمنْ َأنْفُ ِ‬
‫صدَقَةِ ِمنْ َبنِي مَخْزُومٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَِأبِي رَافِعٍ‬ ‫عنْ َأبِي رَافِعٍ َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى ال َ‬ ‫صدَقَةُ) في رواية ( َ‬ ‫حلُ لَنَا ال َ‬
‫تَ ِ‬
‫حلُ‬
‫سهِمْ‪ ،‬وَإنا لَا تَ ِ‬ ‫حتَى آتِيَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ فَأَسَْألَهُ‪ ،‬فََأتَاهُ فَسَأَلَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬موْلَى الْ َق ْومِ ِمنْ َأنْفُ ِ‬‫ح ْبنِي فَإِ َنكَ ُتصِيبُ ِمنْهَا‪ ،‬قَالَ‪َ :‬‬‫اصْ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫سسٌ علو وشرف ورفعة وعظمة النسب الهاشمي‪ ،‬وأن المراد بلفظ‬ ‫صدَقَةُ) هذا القول المكذوب يصوِر رسول الرحمة بأنه مؤ ِ‬ ‫َلنَا ال َ‬
‫(الْ َقوْمِ) أي بني هاشم لتعا ليهم وتعاظمهم وشرفهم ورفعتهم على المسلمين اآلخرين ممن ال ينتسب إلى بني هاشم‪ ،‬والزكاة الموصوفة بأنها‬
‫أوساخ الناس ال يليق صرفها في من ينتسب إلى بني هاشم لشرفهم العالي حتى أنها ال تحل لموالي بني هاشم ال لشرف الموالي ولكن‬
‫لشرف أسيادهم من بني هاشم‪ ،‬ولذا جاء لفظ التحريم لبني هاشم مجموعين بضمير (نا) الدال على الجمع‪ ،‬وكأن الرسول صلى اهلل يشعر‬
‫بالفخر واالعتزاز لكونه من بني هاشم ذوي النسب العالي المتميز على غيره من األنساب بالعلو والرفعة والعظمة‪ ،‬مع أنه من المعلوم‬
‫قطعا أن علو الرسول وشرفه ورفعته عند اهلل ثم عند خلقه جاءت من تميزه باصطفاء اهلل له لتلقي الوحي اإللهي وأنه ال تميز له وال رفعة‬
‫وال مكانة ال عند اهلل وال عند الخلق بسبب نسبه الهاشمي‪ ،‬ألن نسبه الهاشمي ال يتميز على نسب غيره من البشر بشيء‪ ،‬وأن نسب بني‬
‫هاشم ونسب غيرهم سواء الشتراك الجميع في االنتساب إلى أب واحد هو (آدم)وإلى أم واحده هي (حواء)‪ ،‬وهذا المعنى واضح وجلي‬
‫في قوله تعالى‪ُ { :‬قلْ إنما أنا بشر ِمثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَ}(‪ )4‬والرواية المكذوبة تصوِر رسول الرحمة والمساوة مؤسِسا للعنصرية الهاشمية حيث‬
‫صدَقَةُ) وضمير الجمع في لفظ (لنا) يصوِر الرسول داعيا لعنصرية بني هاشم على‬ ‫حلُ َلنَا ال َ‬‫سهِمْ‪ ،‬وَإنا لَا تَ ِ‬
‫قال‪َ ( :‬موْلَى الْ َقوْمِ ِمنْ َأنْفُ ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)175( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب بيان كون النهي عن المنكر من اإليمان‪ .‬رقم (‪)175‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داوود ‪:‬كتاب الزكاة‪ :‬باب الصدقة عّلى بني هاشم‪ .‬رقم(‪)1651‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الكهف‪)111( :‬‬
‫‪262‬‬
‫غيرهم بسبب نسبهم الهاشمي بقوله وفعله‪ ،‬وتصوِره آمرا به ناهيا عن مخالفته‪ ،‬هذا القول من أفحش الكذب المتعمد على رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد أخبر أمته صلى اهلل عليه وسلم أنه سيكذب عليه بتعمد‪ ،‬وبين حكم الكذب المتعمد عليه في حديث (ِإنَ َك ِذبًا عَلَيَ َليْسَ‬
‫حدٍ‪َ ،‬منْ َكذَبَ عَلَيَ ُمتَعَ ِمدًا فَ ْل َي َت َبوَأْ مَقْ َع َدهُ ِمنْ النَارِ)(‪ )1‬والعجب من القول بتحريم الزكاة على موالي بني هاشم استدالال بهذا‬ ‫كَ َكذِبٍ عَلَى أَ َ‬
‫الق ول المكذوب على رسول الرحمة والمساواة في حين أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان يأكل من الصدقة التي تعطى لموالي أزواجه‪،‬‬
‫صدَقَةٌ‪،‬‬‫ص ِدقَ عَلَى َبرِي َرةَ‪ ،‬قَالَ‪ُ :‬هوَ لَهَا َ‬
‫ويقول هي صدقة على بريرة وهدية لنا في حديث (ُأتِيَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِلَحْمٍ‪ ،‬فَقِيلَ‪ُ :‬ت ُ‬
‫وََلنَا َه ِديَةٌ)(‪ )2‬الحديث دليل صريح على جواز الصدقة على موالي أزواج رسول الرحمة والمساواة والعدالة وعلى جواز أكل الرسول‬
‫صلى اهلل عليه سلم من الصدقة التي كانت تعطى لمواليه بصفتها هدية من الموالى‪ ،‬الحديث صحيح متفق عليه وهو يقدم على حديث‬
‫تحريم الزكاة على موالى بني هاشم من حيث الصحة‪ ،‬ألن القاعدة في الترجيح بين األحاديث إذا تعارض ما في الصحيحين مع ما في‬
‫غيرهما من كتب الحديث فيقدم ما في الصحيحين‪ ،‬وألن األصل حل الزكاة لبني هاشم ومواليهم ألنهم داخلون تحت عموم لفظ{النَاسُ} في‬
‫طيِباً}(‪ )3‬فالزكاة هي مما في األرض وهي مما أحلَه اهلل عز وجل لمن كان مصرفا‬ ‫حالَالً َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬يَا َأ ُيهَا النَاسُ كُلُواْ مِمَا فِي األَ ْرضِ َ‬
‫من مصارفها الثمانية من بني هاشم ومن مواليهم‪ ،‬ولم يحرِمها اهلل عز وجل عليهم في كتابه الكريم ولم يحرِمها عليهم رسولٌ اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل رضي اهلل عنه وال في غيره من األحاديث الصحيحة‪ ،‬وإنما حرمها عليهم المفترون على اهلل الكذب‬
‫الذين استطاعوا دس مسرحية تحريم الزكاة في صحيح مسلم وسنن أبي داوود وسنن النسائي في غفلة وعدم انتباه من مؤلفيها لمخالفتها‬
‫لنصوص ومقاصد القرآن الكريم ولألحاديث الصحيحة المطابقة لما في القرآن الكريم من حل الزكاة لمن كان مصرفا لها من جميع‬
‫سبِيلِ اللّهِ‬
‫صدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عََل ْيهَا وَالْ ُمؤَلَفَةِ قُلُو ُبهُمْ وَفِي الرِقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي َ‬
‫المسلمين في قوله تعالى‪{ :‬إنما ال َ‬
‫(‪)4‬‬
‫سبِيلِ فَرِيضَةً ِمنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ‪.‬‬
‫وَا ْبنِ ال َ‬

‫تضارب الروايات يف مكان التمرة التي أخذها احلسن بن على بن أبي طالب رضي اهلل عنهما‬
‫الحديث المكذوب بلفظ (أَمَا عَلِمْتَ َأنَ آلَ مُحَمَدٍ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ لَا يَأْكُلُونَ الصَدَقَةَ)(‪ )5‬هذه الرواية من األحاديث المكذوبة على‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في منعه الحسن بن علي رضي اهلل عنهما من أكل تمرة واحدة من تمر الصدقة التي كانت مكومة في بيته‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بحسب رواية البخاري ‪ ،‬وفي روايات مسند أحمد بن حنبل رحمه اهلل تعالى أن الحسن أخذ التمرة من غرفة الصدقة‬
‫في الطابق األسفل من بيته صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وفي رواية أنه صعد مع النبي صلى اهلل عليه وسلم إلى غرفة الصدقة وكأن النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم كان معه غرفة في الطابق الثاني من بيته مخصصة لخزن تمر الصدقة فيها‪ ،‬وفي رواية أن الحسن مرَ مع النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم على (جرين ) به تمر الصدقة فأخذ التمرة من الجرين‪ ،‬وهكذا يظهر اختالف روايات مسند اإلمام أحمد عن مكان التمرة التي‬
‫أخذها الحسن بن علي رضي اهلل عنهما‪ ،‬فرواية من كومة تمر في بيت النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ورواية من غرفة الصدقة‪ ،‬ورواية من‬
‫غرفة الصدقة في طابق ثان ألن الحسن صعد مع النبي صلى اهلل عليه وسلم إليها والصعود يقتضي أنها في طابق ثان‪ ،‬مع أنه من المعلوم‬
‫قطعا أن النبي صلى اهلل عليه وسلم لم يكن معه بيت مكون من طوابق متعددة‪ ،‬ورواية أن الحسن أخد التمرة من (جرين) كان يوضع فيه‬
‫تمر الصدقة‪ ،‬وفي رواية أن الحسين بن علي هو الذي أخذ حبة من تمر الصدقة وليس الحسن‪ ،‬وبهذه الرواية يظهر االضطراب في من‬
‫أخذ التمرة هل هوالحسن أوالحسين؟! كما يظهر االضطراب في مكان التمرة المزعوم أخذها منه في الروايات األخرى ! هل هو بيت‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم ؟! وإذا كان بيت النبي صلى اهلل عليه وسلم فأي بيت من بيوت النبي صلى اهلل عليه وسلم التسعة ؟! أوهوغرفة‬
‫مخصصة لتمر الصدقة في الطابق األسفل من بيت من بيوت النبي صلى اهلل عليه وسلم ؟! أوهو غرفة مخصصة لتمر الصدقة في طابق‬
‫ث ان في بيت من بيوت الرسول صلى اهلل عليه وسلم ؟! أوهوالجرين المخصص لوضع تمر الصدقة فيه الذي هوخارج بيوت الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم التسعة ؟!‪ ،‬وقد حصل االضطراب في متن رواية الحديث في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم‪ ،‬فمن ألفاظه في‬
‫صحيح البخاري بعد أن أمر النبي صلى اهلل عليه وسلم الحسن بإلقاء التمرة التي قد وضعها في فيه أن قال له في الرواية التي في كتاب‬
‫صدَقَةَ؟!)(‪ )6‬وفي رواية (كَانَ َرسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ ُيؤْتَى بِالتَمْرِ عِنْدَ صِرَامِ‬ ‫الزكاة (كِخْ كِخْ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬أَمَا شَعَرْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬
‫حسَيْنُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا يَلْعَبَانِ بِذَِلكَ التَمْرِ‪ ،‬فَأَخَذَ‬
‫النَخْلِ فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْ ِرهِ وَهَذَا مِنْ تَمْ ِرهِ حَتَى يَصِيرَ عِنْ َدهُ َكوْمًا مِنْ تَمْرٍ‪ ،‬فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْ ُ‬
‫أَحَدُهُمَا تَمْ َرةً فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ‪ ،‬فَ َنظَرَ إِلَيْهِ َرسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَمَا عَلِمْتَ َأنَ آلَ مُحَ َمدٍ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫وَسَلَمَ لَا يَأْكُلُونَ الصَدَقَةَ ؟!)(‪ )7‬في الرواية أن النبي صلى اهلل عليه وسلم أخرج التمرة من فيِ الحسن بيده وكأن الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم كان فظا غليظا قاسي القلب خاليا من الرحمة باألطفال إلى حد إخراج التمرة من فيِ الحسن بعد أن أدخلها إلى فيه ومضغها و النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يمنعه من بلعها ويخرجها من فيه بيد النبي صلى اهلل عليه وسلم الرحيمة‪ ،‬هذا الفعل يتنافي مع رحمة النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم بأمته وال سيما باألطفال‪ ،‬وهذا القول والفعل مستغرب من نبي موصوف بالرحمة‪ ،‬محل الشاهد في االستغراب أن النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم قال‪ :‬مخاطبا الطفل الصغير الذي عمره ما بين السنتين إلى الثالث إلى الخمس السنوات بالكثير والذي هو من األطفال غير‬
‫صدَقَةَ ؟!) هذا الخطاب ال يصلح أن يخاطب به الرسول صلى اهلل‬ ‫المميزين (َأمَا عَلِمْتَ َأنَ آلَ مُحَ َمدٍ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ لَا يَأْكُلُونَ ال َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البخاري‪ :‬كتاب الجنائز‪ :‬باب مايكره من النياحة‪ .‬رقم (‪)1291‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري كتاب الهبة وفضّلها‪ :‬باب قبول الهدية‪)2577( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)168( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)61( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخّل‪ .‬رقم (‪)1485‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب مايذكر في الصدقة لّلنبي صّلى اهلل عّليه وسّلم‪ .‬رقم (‪)1491‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخّل‪ .‬رقم (‪)1485‬‬
‫‪263‬‬
‫عليه وسلم طفال صغيرا غير مميز ال يعلم الحالل والحرام وليس هو مخاطبا بالشرعيات ألنه لم يبلغ سن التكليف حتى يكون مخاطبا‬
‫بالحالل والحرام في مأكله ومشربه وماليته وفي كل شؤونه وال يليق برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كرسول مكلف أن يخاطب برسالته‬
‫المكلفين بالحالل والحرام وبالواجبات والتكاليف الشرعية أن يخاطب الطفل الصغير غير المميزوغير المكلف بحالل أو بحرام أو بواجب‬
‫أوبغير واجب بهذا الخطاب مستخدما فيه أسلوب االستفهام االستنكاري على عدم علمه في هذه الرواية‪ ،‬وعلى عدم معرفته في الرواية‬
‫حسَنَ بْنَ عَلِيٍ أَخَذَ تَمْ َرةً مِنْ تَمْرِ الصَدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫التي أوردها البخاري في كتاب الجهاد بلفظ‪( :‬أَنَ الْ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫صدَقَةَ؟!) وعلى عدم استشعاره بأن بني هاشم ال يأكلون الصدقة كما في الرواية التي‬ ‫َوسَلَمَ بِالْفَا ِرسِيَةِ‪ :‬كِخْ كِخْ‪ ،‬أَمَا تَعْرِفُ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬
‫صدَقَةَ؟!)‪ ،‬الروايات الثالث التي في صحيح البخاري ورد الخطاب فيها للطفل الصغير‬ ‫قد سبق ذكرها بلفظ (أَمَا شَعَرْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬
‫الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنهما بأسلوب االستفهام االستنكاري على عدم االستشعار في الرواية األولى‪ ،‬وعلى عدم العلم‬
‫في الرواية الثانية‪ ،‬وعلى عدم المعرفة في رواية كتاب الجهاد‪ ،‬ومعنى (شعر) في اللغة بمعنى (فطن)‪ ،‬ومن أين يفطن الحسن الطفل‬
‫الصغير الحالل والحرام في المطعومات ؟! ألن الحالل والحرام ال يعرف إال بواسطة الوحي اإللهي‪ ،‬والحسن طفل صغير غيرمميز ال‬
‫يوحي إليه بحالل وال بحرام ألن الوحي مختص برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فمن أين يعلم الحالل والحرام ؟ ! ومن أين يعرف‬
‫الحالل والحرام ؟ ! وكيف يستشعر الحالل والحرام ؟ ! وهذه الصيغ االستفهامية الثالث المستخدِمة أسلوب االستفهام االستنكاري ال‬
‫تصلح لمخاطبة طفل صغير غير مميز‪ ،‬وال تصلح إال لمخاطبة إنسان بالغ عاقل مكلف عارف للحالل والحرام إذا خالف علمه بالحالل‬
‫والحرام ووقع في فعل محرم عليه‪ ،‬الظاهر أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم أجل وأعظم من أن يخاطبَ بهذا الخطاب وبهذه الصيغ‬
‫االستفهامية طفال صغيرا غير مميز‪ ،‬ألن الرسول مبلغ أحكام الشريعة إلى المكلفين من الرجال والنساء وليس مكلفا بتبليغ الصبيان غير‬
‫المميزين الذين ال يعقلون خطاباً وال تكليفا‪ ،‬هذا األسلوب في الخطاب وهذه الصيغ المضطربة في األلفاظ الحاكية لحادثة واحدة تدل داللة‬
‫واضحة على أن الحديث مكذوب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأنه من إخراج المفترين على اهلل الكذب المتعمدين الكذب على‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الذين استطاعوا أن يدسوا هذه الروايات في صحيح البخاري اثنتين منها في كتاب الزكاة وواحدة في كتاب‬
‫الجهاد منه‪ ،‬كما استطاعوا أن يدسوا في صحيح مسلم في كتاب الزكاة رواية في أولها لفظ‪( :‬كِخْ كِخْ ارْمِ ِبهَا‪ ،‬أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْكُلُ‬
‫صدَقَةُ) وهي روايات مكذوبة على رسول‬ ‫صدَقَةَ) (‪ )2‬وفي وسط الرواية لفظ (إنا لَا تَ ِ‬
‫حلُ َلنَا ال َ‬ ‫صدَقَةَ) وفي آخرها لفظ (أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬ ‫ال َ‬
‫الرحمة محمد صلى اهلل عليه وسلم ألنها تصوِره كمؤسِس للعنصرية والطائفية والساللية الهاشمية‪ ،‬وتكذيب هذه الروايات من عدة وجوه‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أنه لم يعلم تحريم الزكاة على بني هاشم بدليل قطعي الورود والداللة كالدليل القطعي الدال على تحريم الميتة والدم ولحم‬
‫خنِقَةُ وَالْ َموْقُو َذةُ وَالْ ُمتَ َر ِديَةُ وَالنَطِيحَةُ وَمَا‬
‫خنْزِيرِ وَمَا أُ ِهلَ لِ َغيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْ ُمنْ َ‬
‫الخنزير في قولة تعالى‪{ :‬حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ وَا ْلدَمُ وَلَحْ ُم الْ ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫سبُعُ إِالَ مَا ذَ َك ْيتُمْ وَمَا ُذبِحَ عَلَى ال ُنصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِاألَزْالَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} حتى يشدد الرسول صلى اهلل عليه وسلم على الحسن‬ ‫أَ َكلَ ال َ‬
‫(‪)4‬‬
‫صدَقَةَ) ‪.‬‬ ‫التشديد المذكور في الحديث ويخرج التمرة من فيه ويعاتبه ويستنكره علي فعله بقوله‪( :‬أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬

‫الطفّل الصغير اليخاطب بحالل وال بحرام لكونه غير مكّلف‬


‫الوجه الثاني‪ :‬الحسن بن علي رضي اهلل عنهما كان طفال صغيرا غير مميز وغير مكلف وغير مخاطب بالشرعيات والرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم مكلف بمخاطبة المكلفين وإعالمهم بشرائع اإلسالم من أحكام العقائد والعبادات والمعامالت وأحكام الحالل والحرام في‬
‫المطعومات والمشروبات والملبوسات وغيرها من شؤون الحياة العامة‪ ،‬وليس مكلفا بمخاطبة الصبيان ولم ينقل عن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أنه كان يخاطب صبيان الصحابة غير المميزين بالحالل والحرام ولو كان مكلفا بمخاطبة الصبيان لخاطبهم ولنقل عنه بالتواتر بيان‬
‫الحالل والحرام في المطعومات وغيرها للصبيان ‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬ال يليق برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يخاطب بمسائل الحالل والحرام في األطعمة أو في غيرها من كان صغير السن‬
‫صدَقَةَ) أو(إنا لَا تَحِلُ َلنَا الصَدَقَةُ)‬
‫غير مميز ال يعقل ما يخاطب به كمثل الحسن بعبارة‪( :‬أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬

‫الوجه الرابع‪ :‬استخدام أسلوب االستفهام اإلنكاري بعدم العلم بتحريم الزكاة على بني هاشم في سياق قصة أخذ الحسن لحبة تمر من تمر‬
‫الصدقة يوحي بأن القصة مختلقة وأنها غير واقعية وأنها ال أساس لها من الصحة‪ ،‬وأنها من القصص التي حبكها وافتراها من يتعمد‬
‫الكذب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ليستخدمها كدليل مكذوب على رسول الرحمة والمساواة في تحريم الزكاة على بني هاشم‬
‫ليؤكد بها الحديث السابق المستدل به على تحريم الزكاة على بني هاشم ألنها أوساخ الناس‪.‬‬

‫صدَقَةَ)‬
‫الوجه الخامس‪ :‬في استخدام المتعمد الكذب على رسول الرحمة ضمير (نا) الدال على الجمع في عبارات (أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْكُلُ ال َ‬
‫حلُ َلنَا الصَدَقَةُ) لإليهام بأن الروايات المكذوبة وحي من اهلل عز وجل ولإليهام بأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم هو من أسس‬ ‫أو (إنا لَا تَ ِ‬
‫العنصرية الهاشمية والطائفية وتميز بني هاشم بسبب انتساب الرسول صلى اهلل عليه وسلم إليهم أو انتسابهم إليه‪ ،‬وأن هذا التميز بوحي‬
‫إلهي من السماء‪ ،‬ولكي يعرف شرف نسبهم وعلوه على أنساب اآلخرين من غيرهم حرمت عليهم الزكاة ألنها من أوساخ الناس‪ ،‬و يصح‬
‫صرفها في كل من كان نسبه غير النسب الهاشمي وال تصح لمن كان نسبه هاشميا حتى ولو كان صبيا غير مميز في سن الحسن بن علي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب من تكّلم بالفارسية والرطانة‪ .‬رقم(‪)3172‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم ‪:‬كتاب الزكاة‪ :‬باب تحريم الزكاة عّلى النبي ‪.‬رقم (‪)2472‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)3( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب تحريم الزكاة عّلى رسول اهلل‪ .‬رقم (‪)2471‬‬
‫‪264‬‬
‫رضي اهلل عنهما‪ ،‬وهذا التأسيس العنصري الساللي الطائفي المقيت ال يليق برسول الرحمة والعدالة والمساواة وال يليق بتعاليم رسالته‬
‫الخاتمة للرساالت السماوية الهادية‪.‬‬

‫الوجه السادس‪ :‬األموال الزكوية هي من األموال الحالل الطيبة للفقراء والمساكين ولكل مصرف من مصارف الزكاة الثمانية من كل‬
‫المسلمين الهاشميين وغير الهاشميين سواء كانت من بهيمة األنعام أو من النباتات أو من النقود أو من عروض التجارة أو من األموال‬
‫المستغلة أو من غيرها ألنها من الطيبات وليست من الخبائث المحرمة تحريما قطعيا كالميتة ولحم الخنزير والربويات وغيرها من‬
‫المحرمات بأدلة قطعية من القرآن الكريم‪ ،‬ومهمة الرسول صلى اهلل عليه وسلم تحليل الطيبات وتحريم الخبائث كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫خبَآئِثَ}(‪ )3‬ومخالفة الحديث لآلية يدل على أنه مكذوب على رسول الرحمة والمساواة صلى اهلل عليه‬
‫طيِبَاتِ َويُحَرِمُ عََليْهِمُ الْ َ‬
‫حلُ َلهُمُ ال َ‬‫{ َويُ ِ‬
‫وسلم‪.‬‬

‫صدَقَةَ لَا َت ْنبَغِي لِآلِ مُحَ َمدٍ إنما هِيَ َأوْسَا ُ‬ ‫صدَقَةَ)(‪ )2‬بألفاظها المختلفة ورواية (إِنَ ال َ‬ ‫الوجه السابع‪ :‬رواية (أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬
‫النَاسِ)(‪ )3‬هي من (األغالل واآلصار) التي وض عها األفاكون المفترون الكذب على اهلل عز وجل المتعمدون الكذب على رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم على بني هاشم لحرمانهم من الزكاة التي أحلها اهلل عز وجل لمن كان مصرفا منهم من مصارفها الثمانية‪ ،‬والرسول‬
‫الرؤوف الرحيم بأمته وببني هاشم مهمته تخليص األمة والبشرية جمعاء من (آصار الجاهلية) التي كانت تعانيها وتقاسيها وتتعذب بسببها‬
‫ومنها آصار وأغالل التفاخر والتعاظم باألنساب‪ ،‬وليس من مهمة رسول الرحمة والهداية والمساواة وضع (آصار وأغالل جديدة على بني‬
‫هاشم) تحرمهم من الزكوات المفروضة رحمة من اهلل بهم وبغيرهم من المسلمين‪ ،‬وتحرم نساءهم من الزواج بالرجال األكفاء في الدين‬
‫ض ْونَ دِي َنهُ وَخُلُقَهُ فَ َزوِجُوهُ إِلَا تَفْعَلُوا تَ ُكنْ ِف ْتنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ‬
‫وهم ذوو الخلق والدين كما في حديث (ِإذَا خَطَبَ إَِليْكُمْ َمنْ تَ ْر َ‬
‫عَرِيضٌ)(‪ )4‬ولفظ (من) في الحديث من ألفاظ العم وم‪ ،‬في الحديث داللة على مشروعية زواج كل مسلم ترضى المرأة وأولياؤها دينه‬
‫وخلقه بدون أي قيد آخر من نسب أو غير نسب ألن نسب الجميع الهاشمي وغير الهاشمي واحد وال فرق بسبب النسب‪ ،‬وادعاء الفضل‬
‫والشرف للنسب الهاشمي الذي يحرِم زواج الهاشمية بغير الهاشمي بسببه هو (غل) من األغالل واآلصار التي بعث اهلل رسوله محمدا‬
‫صلى اهلل عليه وسلم إلبطالها والقضاء عليها ال لتأسيسها وتعميقها بأدلة من أقواله وأفعاله قال تعالى مبينا مهمة الرسول في تخليص البشر‬
‫اللَ اَلتِي كَانَتْ عََل ْيهِمْ}(‪. )5‬‬ ‫غَ‬ ‫ع ْنهُمْ ِإصْرَهُمْ وَا َأل ْ‬
‫والمسلمين ومنهم بني هاشم من اآلصار واألغالل في قوله تعالى‪َ { :‬و َيضَعُ َ‬

‫صدَقَةُ) فيها إشعار بتميز بني هاشم بسبب نسبهم الهاشمي وهذا‬ ‫حلُ َلنَا ال َ‬
‫الوجه الثامن‪ :‬رواية (أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ الصَدَقَةَ) أو (إنا لَا تَ ِ‬
‫يعارض تساوي البشر من بني هاشم وغيرهم في األنساب ألن نسب الجميع الهاشمي وغير الهاشمي إلى (آدم) و(حواء)عليهما السالم‬
‫سواء‪ ،‬وأن الكرامة والتفاضل ال يكون عند اهلل ثم عند خلقه إال على أساس التقوى والعلم والعمل الصالح قال تعالى‪{ :‬يَا َأ ُيهَا النَاسُ إنا‬
‫خبِيرٌ}(‪.)6‬‬
‫خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَ ْلنَاكُمْ شُعُوباً وَ َقبَا ِئلَ ِلتَعَارَفُوا إن أكرمكم عِندَ اللَهِ َأتْقَاكُمْ ِإنَ اللَهَ عَلِيمٌ َ‬

‫صدَقَةُ) فيها تربية على الكبر على اآلخرين بسبب النسب‬ ‫حلُ َلنَا ال َ‬‫صدَقَةَ) أو (إنا لَا تَ ِ‬ ‫الوجه التاسع‪ :‬رواية (أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬
‫الهاشمي العالي المحرِم على من ينتسب إليه أخذ الزكاة ألن أخذ الزكاة يتعارض مع علو النسب الهاشمي األعلى على كل نسب من‬
‫أنساب البشر على وجه األرض‪ ،‬والذي كل أنساب أهل األرض من البشر هي دون النسب الهاشمي‪ ،‬وهذا يتعارض مع مهمة الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم في تزكية البشر من الرذائل ومنها رذيلة الكبر بالنسب الهاشمي أو بغيره قال تعالى‪ُ { :‬هوَ اَلذِي بَعَثَ فِي الْأُ ِميِينَ‬
‫رَسُوالً ِم ْنهُمْ َيتْلُو عَ َل ْيهِمْ آيَاتِهِ َويُزَكِيهِمْ َويُعَلِ ُمهُمُ الْ ِكتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن َق ْبلُ لَفِي ضَلَالٍ ُمبِينٍ}(‪ )7‬والكبر معصية كبيرة من كبائر‬
‫الذنوب تحرم المستكبِِر من هداية اهلل تعالى له في دنياه إلى الدين وإلى صراط اهلل المستقيم الموصل إلى جنة عرضها السماوات واألرض‬
‫خذُوهُ‬
‫شدِ الَ َيتَ ِ‬
‫سبِيلَ الرُ ْ‬
‫حقِ وَإِن يَ َروْاْ كُلَ آيَةٍ الَ ُيؤْمِنُواْ ِبهَا وَإِن يَ َروْاْ َ‬‫عنْ آيَاتِيَ اَلذِينَ َيتَ َكبَرُونَ فِي األَ ْرضِ بِ َغيْرِ الْ َ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬سََأصْرِفُ َ‬
‫(‪)8‬‬
‫ع ْنهَا غَافِلِينَ} والقليل القليل من الكبر يحرِم من دخول الجنة‬ ‫سبِيالً ذَِلكَ بَِأ َنهُمْ َك َذبُواْ بِآيَا ِتنَا وَكَانُواْ َ‬
‫خذُوهُ َ‬
‫سبِيلَ الْغَيِ َيتَ ِ‬‫سبِيالً وَإِن يَ َروْاْ َ‬
‫َ‬
‫(‪)9‬‬
‫خلُ الْجَنَةَ َمنْ كَانَ فِي قَ ْلبِهِ ِمثْقَالُ ذَ َرةٍ ِمنْ ِكبْرٍ) ‪.‬‬ ‫كما جاء في حديث (لَا َيدْ ُ‬

‫صدَقَةُ) المشعِرة بتميز النسب الهاشمي وعلوه على غيره من‬ ‫حلُ َلنَا ال َ‬
‫صدَقَةَ) أو (إنا لَا تَ ِ‬
‫الوجه العاشر‪ :‬رواية (أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬
‫أنساب البشر تتعارض مع أمر اهلل عز وجل لرسول الرحمة والمساواة محمد صلى اهلل عليه وسلم أن يعلن للبشرية جمعاء أن شخص‬
‫الرسول الكريم مثل سائر البشر في النسب والحسب وفي أكله وشربه ولباسه ومسكنه وتزوجه وأبوته ألبنائه وفي سائر شؤون الحياة‬
‫ا لدنيا‪ ،‬وأنه ال يتميز عن البشر اآلخرين بسبب نسبه الهاشمي وال بأي ميزة غير ميزة تلقي الوحي اإللهي‪ ،‬وأن هذه الميزة خاصة به ال‬
‫يشاركه فيها أحد من بني هاشم قال تعالى‪ُ { :‬قلْ إنما أنا بشر ِمثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَ إنما إَِلهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء َربِهِ فَ ْليَعْ َملْ عَ َمالً‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)157( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬قد سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبيب هريرة ررضي اهلل عنه برقم(‪)2472‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬قد سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد المطّلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم‪ .‬رقم(‪)2478‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ما جااء إذا جااءكم مان ترضاون ديناه فزوجاوه‪ .‬رقام (‪ ) 1184‬قاال عناه االلبااني فاي صاحيح الترماذي بانفس الارقم بأناه (حسان‬
‫صحيح)‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)157( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬الحجرات‪)13( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬الجمعة‪)2( :‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)146( :‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب تحريم الكبر وبيانه‪ .‬رقم (‪)136‬‬
‫‪265‬‬
‫صَالِحاً وَلَا يُشْ ِراْ بِعِبَا َدةِ َربِهِ أَحَداً}(‪ )1‬وفي آية أخري حصر اهلل صفة الوحي على موصوف واحد هو رسوله محمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫في قوله تعالى‪ُ { :‬قلْ إنما يُوحَى إِلَيَ}(‪ )2‬وجاء أسلوب الحصر والقصر بأداة الحصر والقصر (إنما) في اآلية الكريمة لكي يرد ادعاء‬
‫مشاركة أحد من بني هاشم للرسول صلى اهلل عليه وسلم في تلقي الوحي أو في تبيين الرسالة الموحاة إليه وحده كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫{وَأَنزَلْنَا إَِل ْيكَ الذِكْرَ ِل ُت َب ِينَ لِلنَاسِ مَا نُ ِزلَ إَِل ْيهِمْ وَلَعََلهُمْ َيتَفَكَرُونَ}(‪ )3‬وقوله تعالى‪{ :‬مَا كَانَ مُحَ َمدٌ َأبَا أَ َ‬
‫حدٍ مِن رِجَالِكُمْ وَلَكِن رَسُولَ اللَهِ‬
‫وَخَاتَمَ ال َن ِبيِينَ وَكَانَ اللَهُ بِ ُكلِ شَيْءٍ عَلِيماً}(‪ )4‬في اآلية داللة على أن محمدا صلى اهلل عليه وسلم هو رسول اهلل وحده وهو خاتم النبيين‬
‫وحده وعالقته ببني هاشم صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم كعالقته بغيرهم في كونهم مخاطبين برسالته كمخاطبة غيرهم‪ ،‬وليس ألحد‬
‫منهم مشاركة في النبوة أو الرسالة اإللهية التي اختار اهلل لها محمدا صلى اهلل عليه وسلم وحده من بين سائر البشر‪ ،‬ولذا نفي اهلل في هذه‬
‫اآل ية أبوة الرسول صلى اهلل عليه وسلم ألحد من بني هاشم أو من غيرهم ألنه رسول اهلل إليهم وإلى الناس أجمعين كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫{ ُقلْ يَا َأيُهَا النَاسُ ِإنِي رَسُولُ اللّهِ إَِليْكُمْ جَمِيعاً}(‪. )5‬‬

‫حلُ َلنَا الصَدَقَةُ) جاءت في سياق قصة أخذ الحسن بن علي رضي‬ ‫صدَقَةَ) أو (إنا لَا تَ ِ‬‫الوجه الحادي عشر‪ :‬رواية (أَمَا عَلِمْتَ أنا لَا نَأْ ُكلُ ال َ‬
‫اهلل عنهما تمرة من تمر الصدقة ولم تكن جملة خبرية مبتدأة من الرسول صلى اهلل عليه وسلم معبرة عن وحي من اهلل عز وجل إلى‬
‫رسول اهلل به فنطق ابتداء بالوحي اإللهي الذي أنزل عليه‪ ،‬وهكذا كل أو معظم الروايات المكذوبة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫أخرجها المفترون لها في سياق قصص مختلقة مكذوبة ال أساس لها في الواقع كقصة اجتماع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب‬
‫صدَقَةَ لَا َت ْنبَغِي لِآلِ مُحَمَدٍ إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ)‪ ،‬وقصة‬ ‫وعلي بن أبي طالب والمسرحية التي عملوها لكي تكون سببا لرواية (إِنَ ال َ‬
‫رواية أم سلمة لما سمي بحديث أهل الكساء وهوبلفظ (لَمَا نَزََلتْ هَ ِذهِ الْآيَةُ عَلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ َوسَلَمَ‪ ،‬إنما يُرِيدُ اللَهُ لِيُذْ ِهبَ عَنْكُمْ‬
‫حسَيْنًا فَجَلَلَهُمْ بِ ِكسَاءٍ وَعَلِيٌ خَلْفَ ظَهْ ِرهِ فَجَلَلَهُ بِ ِكسَاءٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪:‬‬‫حسَنًا َو ُ‬‫جسَ أَهْلَ الْبَ ْيتِ وَُيطَهِرَكُمْ تَطْهِيرًا فِي بَ ْيتِ أُمِ سَلَمَةَ‪ ،‬فَدَعَا فَاطِمَةَ وَ َ‬‫الرِ ْ‬
‫طهِرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ أُمُ سَلَمَةَ‪ :‬وَأنا مَ َعهُمْ يَا َنبِيَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬أنْتِ عَلَى مَكَا ِنكِ‪ ،‬وََأنْتِ عَلَى‬ ‫ع ْنهُمْ الرِجْسَ وَ َ‬ ‫الَلهُمَ َهؤُلَاءِ أَ ْهلُ َب ْيتِي فََأذْهِبْ َ‬
‫ض َبنِي) وغيرها من الروايات‬ ‫غ َ‬
‫ض َبهَا َأ ْ‬
‫خيْرٍ) وقصة غد يرخم بلفظ ( َمنْ ُكنْتُ َموْلَاهُ فَعَلِيٌ َموْلَاهُ) وقصة (فَاطِمَةُ ِبضْعَةٌ مِنِي فَ َمنْ َأغْ َ‬ ‫َ‬
‫المكذوبة التي حاول المفترون إخراج النص المكذوب المنسوب إلى رسول الرحمة والمساواة والعدالة في سياق قصة تٌحكي لكي يتقبلها‬
‫المسلمون على أنها وحي أوحي اهلل به إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫الوجه الثاني عشــــر‪ :‬است خدام األسلوب البالغي في السباكة اللفظية في روايات (أما علمت ؟! أما شعرت ؟ ! أما تعرف ؟ ! هذه السباكة‬
‫اللفظية في مخاطبة طفل صغير غير مميز ال يعقل هذه االستفهامات االستنكارية تدل على أن العبارات مختلقة ومكذوبة على رسول اهلل‪.‬‬

‫الوجه الثالث عشـــر‪ :‬اختالف عبار ات الرواية عن الفعل المستفهم عنه استفهاما استنكاريا أو تعجبيا مثل أما علمت ؟! وفي رواية أما‬
‫شعرت ؟! وفي رواية أما تعرف ؟َ! واختالف عبارات (أما علمت أنا ال نأكل الصدقة) و (أما علمت أنا ال تحل لنا الصدقة) االختالف بين‬
‫(ال نأكل) و(ال تحل) اختالف األلفاظ والعب ارات مع أن الحادثة المفتراة واحدة يدل على أن الرواية مكذوبة على رسول الرحمة والمساواة‬
‫والعدالة محمد صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫ختالف روايات امتناع الرسول صلى اهلل عليه وسلم من أكل حبة التمر املزعومة يدل على أن القصة مكذوبة‬
‫(‪)6‬‬
‫ن ِمنْ صَدَقَةٍ لَأَكَلْ ُتهَا) هذه‬ ‫الرواية الخامسة‪ :‬الحديث المكذوب بلفظ (مَرَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِب َتمْ َرةٍ مَسْقُوطَةٍ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬لوْلَا َأنْ تَكُو َ‬
‫الرواية من األحاديث المكذوبة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الحاكية في رواية أن الرسول الكريم امتنع من أكل حبة واحدة من‬
‫التمر وجدها في طريقه فهمَ بأكلها وامتنع عن أكلها خوفا من أن تكون من تمر الصدقة‪ ،‬وفي وراية أنها ساقطِة على فراش النبي الكريم‬
‫بفعل مسقِط لها على فراش النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وتخالف الروايتين بين مسقطَة في طريق يمر منه النبي الكريم وبين ساقطة على‬
‫فراش النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واختالف اللفظ بين (ممر) و(فراّش) يؤكد أن الحديث مكذوب على رسول الرحمة محمد صلى اهلل عليه‬
‫صدَقَةَ لَا َت ْنبَغِي لِآلِ مُحَمَدٍ‬
‫وسلم‪ ،‬وأن قصة التمرة مختلقة كاختالق قصة تمرة الحسن بن علي رضي اهلل عنهما‪ ،‬وكاختالق قصة (ِإنَ ال َ‬
‫إنما هِيَ َأوْسَا ُ النَاسِ ) القصد من رواية امتناع الرسول الكريم عن أكل التمرة المسقََطة في الطريق أو الساقِطة على الفراش هي لتأكيد‬
‫الضالل والباطل والمنكر الذي حرص المفترون على اهلل الكذب المتعمدون الكذب على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على تثبيت اعتقاده‬
‫في األمة اإلسالمية من أن الصدقة محرَمة على بني هاشم‪ ،‬ومنهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كما في روايات منع الحسن بن علي‬
‫رضي اهلل عنهما من أكل التمرة التي أخذها من الصدقة وقال له الرسول المفترَى عليه معلال منعه من أخذ التمرة (أَمَا عَلِمْتَ أنا ال نأكل‬
‫صدَقَةُ ) وظاهر لفظ الرواية يجعل الرسول صلى اهلل عليه وسلم وبني هاشم متشاركين مجتمعين في التميز‬ ‫الصدقة)أو(إنا لَا تَحِلُ لَنَا ال َ‬
‫كأنهم جنسا واحدا متميزا على غيره بتحريم الصدقة عليهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الكهف ‪)111(:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنبياء‪)118( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النحّل‪)44( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪)41( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)158( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب ما يتنزه من الشبهات‪ .‬رقم (‪)2551‬‬
‫‪266‬‬
‫ألفاظ الرواية املكذوبة املدسوسة يف صحيح البخاري وصحيح مسلم‬
‫‪ -3‬ألفاظ روايتي صحيح البخاري‪ :‬لفظ الرواية األولى (مَرَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِبتَمْ َرةٍ مَسْقُوطَةٍ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬لوْلَا َأنْ تَكُونَ ِمنْ‬
‫صدَقَةً‬
‫جدُ التَمْ َرةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فَأَرْفَ ُعهَا لِآكُلَهَا‪ ،‬ثُمَ أَخْشَى َأنْ تَكُونَ َ‬ ‫صدَقَةٍ لَأَكَلْ ُتهَا)(‪ )1‬لفظ الرواية الثانية (ِإنِي لََأنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَ ِ‬‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫فَأُلْقِيهَا)‬
‫جدُ التَمْ َرةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي ثُمَ أَرْفَ ُعهَا لِآكُ َلهَا ثُمَ أَخْشَى َأنْ‬
‫‪ -2‬ألفاظ روايتي صحيح مسلم‪ :‬األولى بلفظ (ِإنِي لََأنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَ ِ‬
‫جدُ التَمْ َرةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي َأوْ فِي َب ْيتِي فَأَرْفَعُهَا لِآكَُلهَا ثُمَ أَخْشَى‬ ‫صدَقَةً فَأُلْقِيهَا)(‪ )3‬الثانية بلفظ (وَاللَهِ‪ِ ،‬إنِي لََأنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَ ِ‬
‫تَكُونَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫صدَقَةِ فَأُلْقِيهَا) لفظ (مسقوطة وساقطة)في الروايات في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم تدل على‬ ‫َأنْ تَكُونَ صَدَقَةً َأوْ ِمنْ ال َ‬
‫اختيارمقصود لمختلق الرواية وأن اليد التي دستها في صحيح البخاري هي اليد التي دستها في صحيح مسلم نفسها‪ ،‬هذا االختيار يثير عدة‬
‫تساؤالت هي‪ :‬من الذي أسقط حبة التمرالمزعومة في طريق الرسول صلى اهلل عليه وسلم أو فوق فراشه ؟! ولماذا أسقط المسقِط حبة‬
‫التمرفي الممر أو فوق فراش الرسول صلى اهلل عليه وسلم ؟! وماهوقصد المسقط من إسقاط حبة التمر في طريق النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أوفوق فراشه ؟! وهل وجود حبة تمرواحدة في طريق من طرق المدينة المنورة المشهورة بكثرة وجود التمرفيها أوفي بيت من‬
‫بيوت النبي صلى اهلل عليه وسلم الذين كان أغلب طعامهم فيها التمرأمرمستغرب ؟! وهل لقطة حبة تمر في طريق أوفي أي مكان إذا لقيها‬
‫إنسا ن محرمة عليه في أحكام اللقطة في الشريعة اإلسالمية؟! وهل يجب على من يلتقط حبة تمر أن يمتنع من أكلها؟! وهل يجب عليه أن‬
‫يضمنها لصاحبها إذا وجد في يوم من الدهر أم أنها من لقطة الشيء اليسير الذي اليحرم أكله واليجب التعريف به؟! وهل امتناع الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم عن أكل حبة التمر المزعومة يصلح أن يكون دليال قطعيا على تحريم الزكاة على بني هاشم في كل زمان وفي كل‬
‫مكان ؟! هذا التهويل في شدة تحريم أكل حبة التمر يدل على أن القصة مكذوبة على الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ويتضح كذبها من‬
‫وجوه‪:‬‬

‫لقطة حبة التمر من األشياء اليسرية التي القيمة هلا‬


‫األول‪ :‬أن حبة التمر من األشياء اليسيرة التي القيمة لها وإذا لقيها إنسان في طريق فيحوز له أخذها ويجوزله تركها‪ ،‬وإذا التقطها‬
‫فيحوز له أكلها لنفسه أو يؤكلها غيره‪ ،‬وال يجب عليه التعريف بها ألنها من المحقرات‪ ،‬واألصل أن حبة التمر التي يلتقطها اإلنسان من‬
‫طريق أومن أي مكان غير محرز ليست من الصدقة ألن احتمال أن تكون من الصدقة احتمال ضئيل جدا لكثرة التمر في المدينة‪ ،‬ونسبة‬
‫أن تكون من الصدقة نسبة(‪)%31‬عشرة في المائة‪ ،‬ونسبة أن تكون من غير الصدقة نسبة(‪)%91‬تسعين في المائة‪ ،‬ألن نسبة الصدقة من‬
‫التمر الموجود في المدينة نسبة عشرة في المائة‪ ،‬وبناء على هذا فلو كانت القصة صحيحة لما كانت التمرة محرَمة على رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ألنها من لقطة الشيء اليسير الذي اليحرم أكله‪.‬‬

‫وجود حبة متر يف بيت الرسول أمر غري مستغرب لكثرة وجود التمر يف بيوت الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
‫الثاني‪ :‬اليٌستغرب وجود حبة تمر في بيت من بيوت الرسول صلى اهلل عليه وسلم لكثرة التمر الموجود فيها بصورة دائمة ومستمرة‬
‫حيث كان التمر غالب طعامهم‪ ،‬وكيف يستغرب وجود حبة تمر في بيت من بيوت الرسول صلى اهلل عليه وسلم وقد ثبت أنه كان يمر‬
‫الهالل ثم الهالل ولم يوقد في بيوت الرسول صلى اهلل عليه وسلم نار وكان طعامهم األسودان التمر والماء؟! بل كيف يستغرِب ويستنكِر‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم نفسه وجود حبة تمر في بيت من بيوته وهو يعلم وجود التمر في بيوته بكثرة ؟!‪ ،‬وقد كان التمر غالب‬
‫قوته وقوت أمهات المؤمنين كما في حديث (عَنْ عَا ِئشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَهَا قَاَلتْ‪ :‬لِعُ ْر َوةَ‪ ،‬ابْنَ أُخْتِي‪ِ ،‬إنْ ُكنَا َل َننّْظُرُ إِلَى ا ْلهِلَالِ ثُمَ ا ْلهِلَالِ‬
‫س َودَانِ‪،‬‬ ‫شهْ َر ْينِ‪ ،‬وَمَا أُو ِقدَتْ فِي َأ ْبيَاتِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ نَارٌ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا خَالَةُ‪ ،‬مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ ؟ ! قَالَتْ‪ :‬الْأَ ْ‬
‫ثَلَاثَةَ أَهِلَةٍ فِي َ‬
‫التَمْرُ وَالْمَاءُ‪ ،‬إِلَا أَنَهُ َقدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ جِيرَانٌ ِمنْ الَْأ ْنصَارِ كَانَتْ َلهُمْ َمنَائِحُ‪ ،‬وَكَانُوا يَ ْمنَحُونَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ مِنْ أَ ْلبَا ِنهِمْ َفيَسْقِينَا)(‪ )5‬وجود التمر بكثرة في بيوت الرسول صلى اهلل عليه وسلم بصورة دائمة ومستمرة يدل على أن‬
‫الرواية مكذوبة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬تهويل وتعظيم تحريم أكل حبة التمر في الرواية وكأن أكلها كبيرة من كبائر اإلثم التي قد ثبت تحريمها لدى رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم بأدلة قطعية كتحريم الميتة أولحم الخنزير أوشرب الدم أو الخمر أو الربويات أو غيرها من المحرَمات القطعية حتى أن‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم من شدة خوفه من الوقوع في أكل المحرم القطعي بأكل حبة التمر المسقََطة في طريقه أوالساقِطة على فراشه‬
‫ليضطر إلى استخدام أسلوب القسم للتأكيد على امتناعه من أكل حبة التمر المزعومة كما في رواية صحيح مسلم بلفظ (وَاللَهِ إِنِي لََأنْقَلِبُ‬
‫صدَقَةِ فَأُلْقِيهَا)(‪ )6‬هذا التهويل‬ ‫صدَقَةً َأوْ ِمنْ ال َ‬
‫جدُ التَمْ َرةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي َأوْ فِي َب ْيتِي فَأَرْفَ ُعهَا لِآكُلَهَا ثُمَ أَخْشَى َأنْ تَكُونَ َ‬
‫إِلَى أَهْلِي فَأَ ِ‬
‫في شدة تحريم أكل حبة التمر المزعومة يدل على أن الرواية مكذوبة على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب ما يتنزه من الشبهات‪ .‬رقم (‪)2551‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪:‬كتاب القطة‪ :‬باب إذاوجد تمرة في الطريق‪ .‬رقم (‪)2433‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتا ب الزكاة‪ :‬باب تحريم الزكاة عّلى سول اهلل واله‪ .‬رقم (‪)2473‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم‪ :‬كتا ب الزكاة‪ :‬باب تحريم الزكاة عّلى سول اهلل واله‪ .‬رقم (‪)2474‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الهبة وفضّلها والتحريض عّليها‪ :‬رقم(‪)2567‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسّلم ‪:‬كتاب الزكاة‪ :‬باب تحرين الصدقة عّلى رسول اهلل صّلى اهلل عّليه وآله‪ .‬رقم (‪)2474‬‬
‫‪267‬‬
‫الرابــــــع‪ :‬يتضح من سياق روايات القصة وسباكتها اللفظية واستخدام أسلوب القسم في بعض روايات صحيح مسلم حرص‬
‫الكذابين المتعمدين الكذب على الرسول صلى اهلل عليه وسلم من خالل تنوع أسلوب صياغة القصة على إثبات االعتقاد في تحريم الصدقة‬
‫على النبي صلى اهلل عليه وسلم ليكون التحريم على النبي الكريم مؤكِدا ومعضِدا ومقوِيا ومرسِخا االعتقاد بتحريم الزكاة على بني هاشم‬
‫لكي يثبت االعتقاد بتميز نسب بني هاشم على أنساب غيرهم من المسلمين‪ ،‬وأنهم شركاء الرسول الكريم في التميز بشرف النسب‬
‫الهاشمي على غيره من األنساب البشرية األخرى‪ ،‬هذا االعتقاد يتعارض تعارضا صارخا مع قول اهلل تعالى‪{ :‬يَا َأ ُيهَا النَاسُ إنا خَلَقْنَاكُم‬
‫خبِيرٌ}(‪ )1‬في اآلية داللة على أن أنساب الجميع‬ ‫مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَ ْلنَاكُمْ شُعُوباً وَ َقبَائِلَ ِلتَعَارَفُوا إن أكرمكم عِندَ اللَهِ َأتْقَاكُمْ ِإنَ اللَهَ عَلِيمٌ َ‬
‫متساوية في االنتهاء إلى أب واحد لجميع البشر هو (آدم) وأم واحدة هي (حواء) وكل بني هاشم في أيام النبي صلى اهلل عليه وسلم ومن‬
‫بعدهم إلى يوم القيامة هم داخلون تحت عموم لفظ (الناس) في اآلية‪ ،‬وتحت حكم األفضلية المبين فيها في قوله تعالى ‪{:‬إن أكرمكم عِندَ‬
‫اللَهِ َأتْقَاكُمْ} فالتفاضل فيما بين بني هاشم أنفسهم وفيما بينهم وبين غيرهم من المسلمين إنما هو بتقوى اهلل عز وجل‪ ،‬وأي تفاضل بين بني‬
‫هاشم أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم من المسلمين على سبب غير تقوى اهلل عز وجل إنما هو من اعتقاد الشيطان اللعين وعنصريته‬
‫جدَ ِإذْ أَمَ ْر ُتكَ قَالَ أنا خير منه خَلَ ْق َتنِي مِن نَارٍ وَخَلَ ْقتَهُ مِن‬
‫المحرَمة المذمومة من قبل اهلل عز وجل في قوله تعالى‪{ :‬قَالَ مَا َمنَ َعكَ أَالَ تَسْ ُ‬
‫طِينٍ}(‪ )2‬فمن يعتقد في نفسه العظمة أو العلو على اآلخرين بسبب نسبه فهو مؤتََم بالشيطان الرجيم في تكبره على آدم بسبب اعتقاده أنه‬
‫خير من آدم ألن اهلل خلق آدم من طين وخلق إبليس من نار‪ ،‬وقد ذم اهلل عز وجل تعالي إبليس على آدم وتكبره عليه واستحقاره آلدم‬
‫واستصغاره لشأنه بسبب عنصره الطيني‪ ،‬وفي اآلية داللة واضحة على أن كل متكبر على غيره بسبب نسب أو حسب أو لون أو علم أو‬
‫منصب أو مكانة اجتماعية فهو مؤتَم بالشيطان في تكبره على آدم عليه السالم ألنه من االستكبار في األرض على الخلق بغير الحق وأن‬
‫عقوبة اهلل عز وجل في الدنيا لكل متكبر على اآلخرين بسبب نسب أو جاه أو منصب أو مال أو علم أو غيره بالصغار الذي هو الذل‬
‫والهوان على الخلق وهو جزاء وفاق لتعاليه على اآلخرين بغير الحق والمصغِر له في الدنيا عقابا له على تكبره على غيره هو اهلل عز‬
‫وجل وكأنه المخاطَب من قبل اهلل تعالى‪{ :‬قَالَ فَا ْهبِطْ ِم ْنهَا فَمَا يَكُونُ َلكَ أَن َتتَ َكبَرَ فِيهَا فَاخْرُجْ ِإ َنكَ ِمنَ الصَاغِرِينَ}(‪ .)1‬ومن أراد زيادة‬
‫إيضاح في بيان كذب الروايات التي أسست للتشيع في (أهل بيت علي بن أبي طالب)رضي اهلل عنهم فليرجع إلى كتابي (البيان المقنع في‬
‫إبطال حجج التشيع)ففيه مايغينه عن الرجوع إلى غيره‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحجرات‪)13( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬االعراف‪)12( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)13( :‬‬
‫‪268‬‬
‫الباب السادس ‪ :‬زكـــــــــــاة الفطـــر‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬حكم زكاة الفطر‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬مصرف زكاة الفطر‬

‫‪269‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حكم زكاة الفطر‬

‫وجوب زكاة الفطر‬ ‫‪‬‬


‫من تجب عليه زكاة الفطر‬ ‫‪‬‬
‫العبد ال يملك وزكاته على سيده‬ ‫‪‬‬
‫ال زكاة فطر على العبد الكافر‬ ‫‪‬‬
‫زكاة الفطر عن المكاتب‬ ‫‪‬‬
‫من ماذا تجب زكاة الفطر‬ ‫‪‬‬
‫وقت وجوب زكاة الفطر‬ ‫‪‬‬

‫‪271‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حكم زكاة الفطر‬

‫وجوب زكاة الفطر‬


‫سلَمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ‪ ،‬صَاعًا ِمنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا ِمنْ شَعِيرٍ عَلَى الْ َع ْبدِ‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب زكاة الفطر لحديث (فَ َرضَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫وَالْحُرِ وَالذَكَرِ وَالُْأنْثَى وَالصَغِيرِ وَالْ َكبِيرِ ِمنْ الْمُسْلِمِينَ‪ ،‬وَأَمَرَ ِبهَا َأنْ ُت َؤدَى قَ ْبلَ خُرُوجِ النَاسِ إِلَى الصَلَاةِ) لفظ (فَ َرضَ) في الحديث‬
‫يدل على الوجوب وفهم الصحابي مقدم على فهم غيره‪.‬‬

‫من جتب عليه زكاة الفطر‬


‫الصحيح‪ :‬أن زكاة الفطر واجبة على رب البيت الغني عن نفسة وعن كل من ينفق عليه سواء الزوجة أو الوالدين أو األوالد أو العبيد أو‬
‫غيرهم ممن ينفق عليهم طوال العام‪ ،‬وإذا وجد في األسرة أوالد قد تزوجوا وصار لهم أوالد ولهم كسب خاص بهم من وضيفة أو تجارة‬
‫أو حرفة أو أي كسب كان فيجب على الولد أن يخرج زكاة الفطر عن نفسة وعن زوجته وعن أوالده‪ ،‬ورب األسرة يجب عليه أن يخرج‬
‫زكاة الفطر عن الباقين من أفراد األسرة عن نفسه وزوجته ووالديه إن كانوا عنده‪ ،‬وأوالده الصغار وغيرهم ممن تجب عليه النفقة عليهم‪،‬‬
‫وتجب على من يملك زيادة على قوت يوم العيد وليلته‪ ،‬والفقير في باب صدقة الفطر هو من ال يملك قوة يوم العيد وليلته‬

‫العبد ال ميلك وزكاته على سيده‬


‫الصحيح‪ :‬أن العبد ال يملك وكل مال يدخل عليه فهو ملك لسيده‪ ،‬وحتى لو فرض أن العبد يملك فيجب على سيده أن يخرج زكاة الفطر‬
‫عن العبد ألن السيد هو الذي ينفق على العبد طوال العام ‪.‬‬

‫ال زكاة فطر على العبد الكافر‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجب إخراج زكاة الفطر على العبد الكافر ألن الزكاة تطهير وال تطهير لكافر ‪.‬‬

‫زكاة الفطر عن املكاتب‬


‫الصحيح‪ :‬أن السيد يجب عليه أن يخرج زكاة المكاتب ألن المكاتب ال زال رقاً ما دام وهو لم يوف مال الكتابة ولم يحرر نفسه نهائيا‪،‬‬
‫ويجب على السيد أن يخرج على العبيد زكاة الفطر وزكاة التجارة إذا كان السيد يتجر في العبيد‪.‬‬

‫من ماذا جتب زكاة الفطر‬


‫ن شَعِيرٍ َأوْ صَاعًا ِمنْ تَمْرٍ‬
‫الصحيح‪ :‬أن زكاة الفطر تجب من غالب قوة البلد لحديث ( ُكنَا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ‪ ،‬صَاعًا ِمنْ طَعَامٍ َأ ْو صَاعًا ِم ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫َأوْ صَاعًا ِمنْ أَقِطٍ َأوْ صَاعًا ِمنْ َزبِيبٍ)‬

‫وقت وجوب زكاة الفطر‬


‫الصحيح‪ :‬أن زكاة الفطر تجب من غروب شمس آخر يوم من رمضان ويستمر الوجوب حتى صالة عيد الفطر فمن ولد له مولود قبل‬
‫صالة العيد فيجب على األب إخراج زكاة الفطر عن المولود ومن ولد له مولود بعد صالة عيد الفطر فال يجب إخراج الزكاة عليه لحديث‬
‫(َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْر‪َ ،‬ق ْبلَ خُرُوجِ النَاسِ إِلَى الصَلَاةِ)(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب فرض صدقة الفطر‪ .‬حديث رقم (‪ )1503‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَ رَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَ َرضَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه‬
‫وَسَلَمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ‪ ،‬صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِ وَالذَكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ‪ ،‬وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَى قَبْلَ خُرُوجِ النَاسِ إِلَى‬
‫الصَلَاةِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الزكاة‪،‬‬
‫والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الصاع‪ :‬اسم مكيال‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب صدقة الفطر صاع من طعام‪ .‬حديث رقم (‪) 1506‬بلظ (عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا‬
‫ط أَ ْو صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ)‪.‬‬ ‫ن أَقِ ٍ‬
‫ن تَمْرٍ أَ ْو صَاعًا مِ ْ‬
‫ن شَعِي ٍر أَ ْو صَاعًا مِ ْ‬
‫ن طَعَا ٍم أَ ْو صَاعًا مِ ْ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬كُنَا نُخْرِجُ زَكَا َة الْفِطْرِ‪ ،‬صَاعًا مِ ْ‬
‫سَعِي ٍد الْخُدْرِيَ رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسندئ المكثرين‪ ،‬ومالك في الزكاة‪،‬‬
‫والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1501‬‬
‫‪271‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬مصرف زكاة الفطر‬

‫مصرف زكاة الفطر الفقراء والمساكين‬ ‫‪‬‬


‫الفقير الفاسق من المسلمين‬ ‫‪‬‬
‫إخراج القيمة في زكاة الفطر‬ ‫‪‬‬
‫سقوط زكاة الفطر على من ال يملك قوة يوم العيد وليلته‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جواز إخراج زكاة الفطر قبيل عيد الفطر‬ ‫‪‬‬

‫‪272‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬مصرف زكاة الفطر‬

‫مصرف زكاة الفطر الفقراء واملساكني‬


‫الصحيح‪ :‬أن مصرف زكاة الفطر الفقراء والمساكين لكي يشاركوا األغنياء في فرحة العيد لعموم حديث (فأعلمهم أن اهلل قد افترض‬
‫عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)(‪ )1‬فالحديث يعم صدقة األموال وصدقة الفطر والحكمة منها إغناء‬
‫الفقراء في يوم العيد لحديث (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْر‪َ ،‬ق ْبلَ خُرُوجِ النَاسِ إِلَى الصَلَا ِة)(‪ )2‬أي أن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم أمر بإخراج زكاة الفطر وإعطائها للفقراء في صبح يوم العيد لكي يشارك الفقراء األغنياء في فرحة العيد‪.‬‬

‫الفقري الفاسق من املسلمني‬


‫إذا عُلِ م من حال فقير فاسق من المسلمين أنه سيشتري بالزكاة المحرمات كالخمر أو المخدرات أو يستعين بالزكاة على المعاصي كشراء‬
‫القات والسيجارة ونحوها فيحرم صرف الزكاة فيه‪ ،‬وإن عُ لم من حاله أنه سيصرف الزكاة في المباحات من شراء الطعام والكسوة‬
‫والعالج له وألهله وأوالده فيجوز صرفها فيه ‪.‬‬

‫إخراج القيمة يف زكاة الفطر‬


‫الصحيح‪ :‬جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر إذا كانت القيمة أنفع للفقراء والمساكين ألن القيمة يستطيع الفقير أن يشتري بها طعاما‬
‫ألسرته ويشتري بها مالبسا ألوالده ويستطيع أن يشتري بها عالجا للمريض من أفراد أسرته‪ ،‬ولكن إذا وُجِد فقير وعُلِم من حاله أنه‬
‫سيصرفها في قات أو دخان أو يصرفها في غير محتاجات أسرته فاألولى أن ال يعطى نقوداً وإنما يعطى طعاماً من الحبوب التي تخرج‬
‫لزكاة الفطر لكي تنتفع بها أسرته‪ ،‬أما من عُلم من حاله أنه يصرفها في محتاجات أسرته فاألولى إعطاؤه نقوداً لكي يستطيع أن يشتري‬
‫بها مالبساً وأطعمة يشارك بها األغنياء في فرحة العيد‪.‬‬

‫سقوط زكاة الفطر على من ال ميلك قوة يوم العيد وليلته‪.‬‬


‫الصحيح‪ :‬أن من ال يملك قوت يوم العيد وليلته ال تجب عليه زكاة الفطر وهو في هذه الحال مصرف لزكاة الفطر ال صارفا لها‪ ،‬ومن‬
‫يملك زيادة على قوت يوم العيد وليلته فيجب عليه إخراج زكاة الفطر ألن الفقير في زكاة الفطر هو من ال يملك قوت يوم العيد وليلته‬
‫والغني هو من يملك زيادة على قوت يوم العيد وليلته ‪.‬‬

‫جواز إخراج زكاة الفطر قبيل عيد الفطر‬


‫يجوز لإلنسان أن يخرج زكاة الفطر من ماله‪ ،‬ويعزلها ولو من نصف شهر رمضان ولكن ال يعطيها للفقراء إال في ليلة العيد أو صباح‬
‫يوم العيد‪ ،‬ألن الحكمة منها هي إغناء الفقراء في يوم العيد عن الطواف على األغنياء لسؤالهم اعطاء الفقراء مايحتاجونه وتحتاجه أسرهم‬
‫من الطعام واللباس وغيره مما يحتاجونه لمشاركة األغنياء في فرحة العيد ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب وجوب الزكاة وقول اهلل تعالى (وأقيموا الصالة وآتوا الزكاة)‪ .‬حديث رقم (‪ )1315‬بلفظ (عنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللّه عنهما‬
‫أنّ النبيّ ‪ ‬بَعثَ مُعاذاً ‪ ‬إلى اليَمن فقال‪ :‬ادْعُهم إِلَى‪ :‬شهادةِ أنْ ال إله إالّ اللّهُ وأني رسولُ اللّهِ‪ ،‬فإن هُمْ أطاعوا لذلك فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افت َرضَ عليهم خَمسَ‬
‫ض عليهم صدقةً في أموالِهمْ‪ ،‬تُؤخَ ُذ من أغنيائهم وتُرَدُ على فُقَرائهم)‪.‬‬ ‫ن اللّهَ افتر َ‬‫ت في ك ّل يو ٍم وليلة‪ ،‬فإن هم أطاعوا لذ لك‪ ،‬فأَعْلِمْهُم أ ّ‬
‫صَلوا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والترمذي في الزكاة عن رسول اهلل‪ ،‬البر والصلة عن رسول اهلل‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪،‬‬
‫وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬المّظالم والغصب‪ ،‬المغازي‪ ،‬التوحيد‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1501‬‬
‫‪273‬‬
‫كتاب‬

‫الصيـــــــــــام‬

‫‪274‬‬
‫الكتــاب اخلامس ‪ :‬كتاب الصيــــــــام‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬تعريف الصوم ومشروعيته‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬الفطر لعذر وأحكامه‬
‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬الصيام المندوب والمكروه والمحرم‬
‫‪ ‬الباب الرابع‪ :‬االعتكاف‬

‫‪275‬‬
‫الباب األول ‪:‬وجوب صوم رمضان‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬تعريف الصوم ومشروعيته‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬أركان الصيام‬

‫‪276‬‬
‫الفصل األول‪:‬تعريف الصوم ومشروعيته‬

‫تعريف الصوم‬

‫صوْماً فََلنْ ُأكَلِمَ ا ْل َيوْمَ‬


‫الصوم (لغة)‪ :‬اإلمساك‪ ،‬يقال للساكت صائم‪ ،‬ومنه قوله تعالى {فَإِمَا تَ َر ِينَ ِمنَ ا ْلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي ِإنِي َنذَرْتُ لِلرَحْ َمنِ َ‬
‫سيّاً}(‪.)1‬‬
‫إِن ِ‬

‫الصوم (شرعاً)‪ :‬اإلمساك عن المفطرات الحسية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية الصوم‪.‬‬

‫مشروعية الصوم‬
‫صيَامُ كَمَا ُكتِبَ عَلَى اَلذِينَ مِن َقبْلِكُمْ لَعَلَكُمْ‬
‫الصوم مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ُكتِبَ عََليْكُمُ ال ِ‬
‫َتتَقُونَ}(‪ )2‬وأما من السنة فحديث (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وحديث (كل عمل ابن آدم له إال الصوم‬
‫(‪)3‬‬

‫فإنه لي وأنا أجزي به)(‪.)4‬‬

‫وجوب صوم رمضان‬


‫شهْرُ رَ َمضَانَ اَلذِيَ أُن ِزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ُهدًى لِلنَاسِ َو َب ِينَاتٍ ِمنَ ا ْل ُهدَى‬
‫صوم شهر رمضان واجب بالكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى { َ‬
‫شهْرَ فَ ْل َيصُمْهُ} (‪ )5‬وأما السنة فحديث (بني اإلسالم على خمس‪ :‬شهادة أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول‬ ‫ش ِهدَ مِنكُمُ ال َ‬
‫وَالْفُرْقَانِ فَمَن َ‬
‫(‪)6‬‬
‫اهلل‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وصوم رمضان) وفي حديث األعرابي قال‪ :‬أخبرني ما فرض اهلل عليَ من الصيام فقال‪:‬‬
‫غيْ ُرهُ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا َأنْ تَطَ َوعَ)(‪.)7‬‬
‫صيَامُ رَ َمضَانَ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬هلْ عَلَيَ َ‬
‫( َو ِ‬

‫من جيب عليه صيام رمضان‬


‫يجب صيام شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل حاضر صحيح ليس فيه صفة مانعه من الصوم وهي الحيض أو النفاس في حق المرأة‬
‫شهْرَ فَلْ َيصُمْهُ}(‪ )8‬فالمرأة تبلغ بالعالمات التي يبلغ بها الرجل من اإلنبات واالحتالم وبلوغ سن الخامسة‬
‫ش ِهدَ مِنكُمُ ال َ‬
‫لقوله تعالى {فَمَن َ‬
‫عشر وتزيد على الرجل بالحبل والحيض فمن حاضت وجب عليها الصوم حتى ولو كان عمرها اثنتا عشر سنة أو أقل أو أكثر ألن‬
‫الحيض عالمة لبلوغ المرأة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مريم‪)26( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)153( :‬‬
‫‪3‬‬
‫ي ‪ ‬قال‪ :‬مَن قامَ‬ ‫ن النب ِ‬ ‫ي اهللُ عنه ع ِ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب من صام رمضان إيمانًا واحتساباُ‪ .‬حديث رقم (‪ )1550‬بلفظ (عن أبي هريرةَ رض َ‬
‫ن إِيمان ًا واحتِساباً غُفِ َر لهُ ما تَقدِ َم مِن ذَنْبه)‪.‬‬ ‫ليلةَ القَدْ ِر إِيماناً واحْتِساباً غُفِ َر لهُ ما تَقَد َم مِن ذَنْبهِ‪ ،‬ومَن صا َم رمضا َ‬
‫أخرجه مسل م في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصيام‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬اإليمان‪ ،‬صالة التراويح‪.‬‬
‫احتسابا‪ :‬رجاء الثواب و األجر من اهلل تعالى ‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪:‬‬ ‫ت أَنَ ُه سَمِ َع أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِ َ‬‫ح الزَيَا ِ‬ ‫ن أَبِي صَالِ ٍ‬ ‫‪ -‬صحيح ال بخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب هل يقول إني صائم إذا شتم‪ .‬حديث رقم(‪ )1771‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن يَوْ ُم صَوْ ِم أَحَدِكُ ْم فَلَا يَرْ ُفثْ وَلَا‬
‫قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬قَا َل اللَهُ‪ :‬كُ ُل عَمَ ِل ابْ نِ آدَمَ لَ ُه إِلَا الصِيَا َم فَإِنَهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ‪ ،‬وَالصِيَا ُم جُنَةٌ‪ ،‬وَإِذَا كَا َ‬
‫ن يَفْرَحُهُمَا إِذَا‬ ‫ح الْمِسْكِ‪ ،‬لِلصَائِمِ فَرْحَتَا ِ‬ ‫س مُحَمَ ٍد بِيَدِ ِه لَخُلُوفُ فَ ِم الصَائِ ِم أَطْيَبُ عِنْ َد اللَهِ مِنْ رِي ِ‬
‫ن سَابَ ُه أَحَ ٌد أَ ْو قَاتَلَ ُه فَلْيَقُ ْل إِنِي امْرُ ٌؤ صَائِمٌ‪ ،‬وَالَذِي نَفْ ُ‬
‫ب فَإِ ْ‬
‫يَصْخَ ْ‬
‫ح بِصَوْمِهِ)‬‫أَفْطَرَ فَرِحَ‪ ،‬وَإِذَا لَقِيَ رَبَهُ فَرِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصيام‪ ،‬والنسائي في الصيام‪ ،‬وأب وداود في الصيام‪ ،‬وابن ماجه في الصيام‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الصيام‪.‬‬
‫الصخب‪ :‬اختالط األصوات وارتفاعها‪ .‬الخلوف‪ :‬تغير رائحة‬ ‫الرفث‪ :‬الفحش من القول أو الجماع‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الجنة‪ :‬الوقاية والحماية والستر‪.‬‬
‫الفم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة(‪)155‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب دعاؤكم إيمانكم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5‬بلفظ (عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬بني‬
‫اإلسالم على خمس‪ :‬سهادة أن الإله إال اهلل وأ ن محمدا رسول اهلل‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وصوم رمضان)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والترمذي في اإليمان‪ ،‬والنسائي في اإليمان وشرائعه‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب وجوب صوم رمضان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1511‬بلفظ (عن مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمِهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَهُ سَمِعَ طَلْحَةَ‬
‫بْنَ عُبَيْدِ اللَهِ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ أَهْلِ نَجْد‪ ،‬ثَائِ رَ الرَأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ‪ :‬حَتَى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ‬
‫الْإِسْلَا مِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَيْلَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَلْ عَ لَيَ غَيْرُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَنْ تَطَوَعَ‪ ،‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬وَصِيَامُ رَمَضَانَ‪ ،‬قَ الَ‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهُ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَنْ تَطَوَعَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ الزَكَاةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَلْ عَلَيَ غَيْرُهَا؟ قَال‪ :‬لَا‪ ،‬إِلَا أَنْ‬
‫ن صَدَقَ)‪.‬‬ ‫تَطَوَعَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَدْبَ َر الرَجُلُ وَهُ َو يَقُولُ‪ :‬وَاللَ ِه لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ‪ ،‬قَا َل رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَفْلَحَ‪ ،‬إِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والنسائي في الصالة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وأحمد في مسند العشره المبشرين بالجنه‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الشهادات‪ ،‬الحلل‪.‬‬
‫الدنو‪ :‬القرب‪.‬‬ ‫الدوي‪ :‬صوت مرتفع متكرر ال يفهم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ثائر‪ :‬منتفش شعر الرأس‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪277‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬أركان الصيام‬

‫‪3‬ـ النية ‪.‬‬ ‫‪2‬ـ اإلمساك ‪.‬‬ ‫‪ ‬أركان الصيام ثالثة ‪1 :‬ـ الزمان‪.‬‬

‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬الزمــــــــــان‬

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬اإلمســــــــــاك‬

‫‪ ‬المبحث الثالث‪ :‬النيــــــة‬

‫‪278‬‬
‫املبحث األول ‪:‬الزمــــــــــان‬

‫زمان الصيام قسمان‬ ‫‪‬‬


‫بماذا يكون وجوب صوم رمضان‬ ‫‪‬‬
‫وقت رؤية الهالل‬ ‫‪‬‬
‫وجوب صوم من رأي الهالل بنفسه‬ ‫‪‬‬
‫الشهادة على رؤية هالل رمضان‬ ‫‪‬‬
‫رؤية الهالل في بلد رؤية لجميع المسلمين‬ ‫‪‬‬
‫رؤية األرصاد‬ ‫‪‬‬
‫شهادة الفاسق‬ ‫‪‬‬
‫زمن اإلمساك‬ ‫‪‬‬
‫من أكل أو شرب بعد طلوع الفجر‬ ‫‪‬‬
‫من يأكل أو يشرب قبل غروب الشمس‬ ‫‪‬‬

‫‪279‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الزمــــــــــان‬

‫زمان الصيام قسمان‬


‫األول‪ :‬زمن الوجوب وهو شهر رمضان ‪.‬‬

‫خيْطُ ا َأل ْبيَضُ‬


‫حتَى َي َت َب َينَ لَكُمُ الْ َ‬
‫الثاني‪ :‬زمن اإلمساك عن المفطرات في نهار أيام شهر رمضان دون الليل لقوله تعالى {وكُلُواْ وَاشْ َربُواْ َ‬
‫صيَامَ إِلَى الَل ْيلِ}(‪.)1‬‬
‫س َودِ ِمنَ الْفَجْرِ ثُمَ َأتِمُواْ ال ِ‬
‫خيْطِ األَ ْ‬
‫ِمنَ الْ َ‬

‫مباذا يكون وجوب صوم رمضان‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجب صوم شهر رمضان إال برؤية هالل شهر رمضان أو بشهادة شاهد واحد عدل أو شاهدين عدلين أو بحكم القاضي أو‬
‫بفتوى المفتي بدخول شهر رمضان‪ ,‬وأنه ال يجب الصيام بأقوال أهل الفلك وال بالتقويم لحديث (‬
‫(‪)3‬‬
‫حتَى تَ َر ْوهُ‪ ،‬فَ ِإنْ غُمَ عََليْكُمْ فَا ْقدُرُوا لَهُ)‬ ‫)(‪ )2‬وحديث (لَا تَصُومُوا َ‬
‫حتَى تَ َروْا ا ْلهِلَالَ‪ ،‬وَلَا تُفْطِرُوا َ‬
‫ومعنى (فاقدروا له) في الحديث‪ ,‬أي أكملوا العدة ثالثين يوما‪.‬‬

‫وقت رؤية اهلالل‬


‫(‪)4‬‬
‫هي الرؤية وقت‬ ‫)‬ ‫الصحيح‪ :‬أن العبرة برؤية الهالل وقت المغرب ألن المراد بالرؤية في حديث (‬
‫الغروب وال عبرة بالرؤية في النهار أو بعد الفجر أو في أي وقت غير وقت الغروب أو بعيد الغروب بقليل ‪.‬‬

‫وجوب صوم من رأي اهلالل بنفسه‬


‫الصحيح‪ :‬أن من شاهد هالل شهر رمضان ولم يقبل القاضي الشرعي شهادته برؤية هالل رمضان لكونه مجهول الحال عند القاضي أو‬
‫لكونه لم يجد من يزكيه عند القاضي فيجب عليه أن يصوم متكتما يصوم لكونه قد حصل له العلم بدخول شهر رمضان برؤيته الهالل‬
‫بنفسه ويتكتم لكي ال يخالف المجتمع الذي يعيش فيه وإن رأى هالل شهر شوال يجب عليه أن يفطر متكتما‪ ،‬وهذا جمع بين حديث‬
‫(‪)6‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫وقد قال بهذا‬ ‫صوْمُ َيوْمَ َتصُومُونَ‪ ،‬وَالْفِطْرُ َيوْمَ تُفْطِرُونَ‪ ،‬وَالْأَضْحَى َيوْمَ تُضَحُونَ)‬
‫وحديث (ال َ‬ ‫)‬ ‫(‬
‫العالمة (محمد بن إسماعيل األمير) رحمه اهلل تعالى‪ ،‬وأما شيخ اإلسالم القاضي العالمة المجتهد المطلق (محمد بن على الشوكاني)‬
‫فرأيه أنه يجب على من رأى هالل شهر رمضان أن يصوم رمضان معلنا صيامه غير متكتم بالصوم ومن رأى هالل شوال يجب عليه‬
‫أن يفطر معلنا فطره ليعلن دخول شهر شوال وال يجب عليه أن يتكتم ألن عنده يقينا بدخول شهر رمضان أو بدخول شهرشوال‪ ،‬ونص‬
‫كالم الشوكاني في كتابه السيل الجرار هو (فهذا الذي انفرد بالرؤية قد حصل له العلم اليقين المستند إلى حاسة البصر فال وجه لتكتمه‬
‫بالصوم وال باإلفطار بل عليه التظاهر بذلك وإعالم الناس بأنه رآه فمن عمل بذلك عمل ومن ترك ترك‪ ،‬وأما االستدالل على هذا التكتم‬
‫صوْمُ َيوْمَ َتصُومُونَ‪ ،‬وَالْفِطْرُ َيوْمَ تُفْطِرُونَ‪ ،‬وَالْأَضْحَى َيوْمَ ُتضَحُونَ) فمن االستدالل بما ال مدخل له في المقام فإن ذلك إنما هو‬
‫بحديث (ال َ‬
‫إرشاد إلى أن يكون األقل من الناس مع السواد األعظم‪ ،‬وال يخالفونهم إذا وقع الخالف بشبهة من الشبه‪ ،‬وأما بعد رؤية العدل فقد‬
‫أ سفرالصبح لذي عينين ولم يبق على الرآئي أن يقلد غيره أو يعمل بغير ما عنده من اليقين) انتهى كالمه رحمة اهلل تعالى‪.‬‬

‫الشهادة على رؤية هالل رمضان‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجب قبول شهادة الشاهدين العدلين في اإلخبار برؤية هالل شهر رمضان في وجوب الصوم وبرؤية هالل شوال في‬
‫ش ِهدَا عِ ْندَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِاللَهِ لَأَهَلَا‬
‫ختَلَفَ النَاسُ فِي آخِرِ َيوْمٍ ِمنْ رَ َمضَانَ‪ ،‬فَ َقدِمَ َأعْرَابِيَانِ‪ ،‬فَ َ‬
‫اإلفطار من رمضان لحديث (ا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)157( :‬‬
‫‪2‬‬
‫صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب قول النبي ‪( ‬إذا رأيتم الهالل فصوموا)‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1101‬بلفظ (عن محمدُ بنُ زيادٍ قال‪ :‬سمعتُ أبا هُريرةَ رضيَ اللّهُ‬
‫ن ثالثين)‪.‬‬ ‫ي عليكم فأكملوا عِدَةَ شَعبا َ‬ ‫عن ُه يقول‪ :‬قال النبيُ ‪ ‬ـ أو قال‪ :‬قال أبو القاسم ‪‬ـ صُوموا لِرُؤْيت ِه وأفطِروا لرُؤيته‪ ،‬فإن غُبِ ّ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصيام‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬غبي‪ :‬خفي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب قول النبي صلى اهلل عليه وسلم (إذا رأيتم الهالل فصوموا)‪ .‬حديث ر قم (‪ )1106‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫ن فَقَالَ‪ :‬لَا تَصُومُوا حَتَى تَرَوْا الْهِلَالَ‪ ،‬وَلَا تُفْطِرُوا حَتَى تَرَوْهُ‪ ،‬فَإِنْ غُ َم عَلَيْكُ ْم فَاقْدُرُوا لَهُ)‪.‬‬
‫عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ذَكَرَ رَمَضَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في الصوم‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصوم‪ ،‬الطالق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬غم‪ :‬حال الغيم بينكم وبين رؤية الهالل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪:‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)1101‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪:‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)1101‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب ماحاء الصوم يوم تصومون‪ .‬حديث رقم (‪ )617‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الصَوْمُ يَوْمَ‬
‫تَصُومُونَ‪ ،‬وَالْفِطْ ُر يَوْ َم تُفْطِرُونَ‪ ،‬وَالْأَضْحَى يَوْ َم تُضَحُونَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫اخرجه ابوداود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪.‬‬
‫‪281‬‬
‫حدِيثِهِ وََأنْ يَ ْغدُوا إِلَى ُمصَلَاهُم)(‪ )1‬والمراد‬
‫شيَةً‪ ،‬فَأَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ النَاسَ َأنْ يُفْطِرُوا‪ ،‬زَادَ خَلَفٌ فِي َ‬ ‫ا ْلهِلَالَ أَمْسِ عَ ِ‬
‫شيَةً) أي وقت المغرب‪ ،‬وأما حديث ابن عباس بلفظ (جاء أعرابي إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬أبصرت الهالل الليلة‬ ‫بلفظ (عَ ِ‬
‫فقال‪ :‬أتشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمد عبده ورسوله قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬يا بالل أذن في الناس فليصوموا غدا) فقد ضعفه األلباني في‬
‫ضعيف أبي داود برقم (‪ )2141‬وال حجة في الحديث الضعيف‪ ،‬وقد ورد في وجوب الصوم واإلفطار بشهادة الشاهدين حديث (صُومُوا‬
‫لِ ُر ْؤ َيتِهِ‪ ،‬وَأَفْطِرُوا لِ ُر ْؤ َيتِهِ‪ ،‬وَانْسُكُوا َلهَا‪ ،‬فَِإنْ غُمَ عَ َليْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ‪َ ،‬فِإنْ شَ ِهدَ شَا ِهدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا)(‪ )2‬وحديث ( َ‬
‫عهِدَ إَِل ْينَا‬
‫شهَا َد ِتهِمَا)(‪ )3‬في الحديثين وحديث األعرابي‬ ‫ع ْدلٍ نَسَ ْكنَا بِ َ‬
‫ش ِهدَ شَا ِهدَا َ‬
‫سكَ لِل ُر ْؤيَةِ‪ ،‬فَِإنْ لَمْ نَ َرهُ وَ َ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َأنْ َننْ ُ‬
‫دليل صحيح صريح على وجوب صوم رمضان وعلى وجوب اإلفطار في يوم عيد اإلفطار بشهادة الشاهدين العدلين المسلمين‪ ،‬وقد ورد‬
‫خبَرْتُ رَسُولَ اللَهِ‬‫في قبول خبر الواحد العدل في دخول شهر رمضان حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما بلفظ (تَرَاءَى النَاسُ الْهِلَالَ‪ ،‬فَأَ ْ‬
‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َأنِي رََأ ْيتُهُ‪ ،‬فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَاسَ ِبصِيَامِهِ)(‪ )4‬روايات العمل بشهادة الشاهدين في دخول شهر رمضان والخروج منه‬
‫العمل بها أحوط‪ ،‬واإلخبار برؤية الهالل من باب الشهادة‪ ،‬والشهادة ال يكفي فيها شهادة الشاهد الواحد بل ال بُدَ فيها من شهادة شاهدين‬
‫اثنين من العدول المسلمين ‪.‬‬

‫رؤية اهلالل يف بلد رؤية جلميع املسلمني‬


‫الصحيح‪ :‬أن رؤية الهالل في أي بلد رؤية لجميع المسلمين لعموم خطاب النبي صلى اهلل عليه وسلم لجميع المسلمين في األحاديث التي‬
‫أمرت بوجوب الصيام عند رؤية هالل شهر رمضان في أي مكان من األرض وبوجوب اإلفطار عند رؤية هالل شهر شوال في أي بلد‬
‫من البلدان‪ ،‬ولم تفرق بين البلدان في رؤيته ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم أسند فعل الصوم وفعل اإلفطار إلى واو الجماعة الذي يفيد‬
‫العموم ويستغرق بعمومه كل مسلم ومسلمة في األرض‪ ،‬ومن األحاديث الدالة على عموم الخطاب لألمة حديث (‬
‫حتَى تَ َر ْوهُ فَ ِإنْ غُمَ عََليْكُمْ‬ ‫)(‪ )5‬وحديث (لَا َتصُومُوا َ‬
‫حتَى تَ َروْا ا ْلهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا َ‬
‫فَا ْقدُرُوا لَه)(‪ )6‬وأما حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما بلفظ‪(:‬متى رأيتم الهالل؟ فقلت‪ :‬رآيناه ليلة الجمعة‪ ،‬فقال‪ :‬أنت رأيته؟ فقلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫ورآه الناس وصاموا وصام معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬لكنا رأيناه ليلة السبت‪ ،‬فالنزال نصوم حتى نكمل ثالثين أو نراه‪ ،‬فقلت‪ :‬أوال تكتفي برؤية‬
‫معاوية وصيامه؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬هكذا أمرنا رسول اهلل)(‪ )7‬فهو يبين مذهب ابن عباس رضي اهلل عنهما أن المطالع مختلفة‪ ،‬وأنه ال يصح أن‬
‫يصوم أهل الشام برؤية أهل الحجاز وال أهل الحجاز برؤية أهل الشام‪ ،‬مع أن البلدين على خط واحد أو متقارب‪ ،‬ولكن هذا رأي شخصي‬
‫للصحابي الجليل عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬وأما قوله (هكذا أمرنا رسول اهلل)بلفظ (أمرنا) فهو أمر مجمل ال يعلم ما الذي أمر‬
‫به‪ ،‬هل العمل باختالف المطالع أم عدم العمل باختالف المطالع وال يعمل باألمر المجمل في مقابل األوامر المبينة ‪.‬‬

‫رؤية األرصاد‬
‫(‪)8‬‬
‫فالمراد بالرؤية في‬ ‫)‬ ‫ال يعمل باألرصاد في رؤية هالل شهر رمضان أو هالل شهر شوال لحديث (‬
‫الحديث الرؤية بالعين المجردة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه‬ ‫ب النَبِ ِ‬‫ن أَصْحَا ِ‬
‫ن حِرَاّشٍ عَنْ رَجُلٍ مِ ْ‬ ‫ي بْ ِ‬‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب شهادة رجلين على رؤية هالل شوال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2331‬بلفظ (عَنْ رِبْعِ ِ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اخْتَلَفَ النَاسُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ‪ ،‬فَقَدِمَ أَعْرَابِيَانِ‪ ،‬فَشَهِدَا عِنْدَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِاللَهِ لَأَهَلَا الْهِلَالَ أَمْسِ عَشِيَةً‪ ،‬فَأَمَرَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن يَغْدُوا إِلَى مُصَلَاهُمْ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ف فِي حَدِيثِ ِه وَأَ ْ‬‫ن يُفْطِرُوا‪ ،‬زَا َد خَلَ ٌ‬ ‫س أَ ْ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم النَا َ‬
‫اخرجه أحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أهال‪ :‬رأيا الهالل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب قبول شهادة الرجل الواحد‪ .‬حديث رقم (‪ )2115‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الخطأبِ‪ ،‬أَنَهُ خَطَبَ النَاسَ فِي الْيَوْمِ الَذِي‬
‫يُشَكُ فِيهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَلَا إِنِي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَسَاءَلْتُهُمْ‪ ،‬وَ إِنَهُمْ حَدَثُونِي أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ‪،‬‬
‫ن فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن شَهِ َد شَاهِدَا ِ‬ ‫وَأَفْطِرُوا لِ رُؤْيَتِهِ‪ ،‬وَانْسُكُوا لَهَا‪ ،‬فَإِنْ غُمَ عَلَيْكُ ْم فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ‪ ،‬فَإِ ْ‬
‫أخرجه أحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫غم‪ :‬حال الغيم بينكم وبين رؤية الهالل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النسك‪ :‬الذبح تقربا وطاعة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب قبول شهادة رجلين على رؤية هالل شوال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2325‬بلفظ (عن حُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ الْجَدَلِيُ مِنْ جَدِيلَةَ قَيْسٍ‪ ،‬أَنَ‬
‫ن لَ ْم نَرَ ُه وَشَهِ َد شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا) صححه األلباني في صحيح‬ ‫ك لِلرُؤْيَةِ‪ ،‬فَإِ ْ‬
‫ن نَنْسُ َ‬
‫أَمِيرَ مَكَةَ خَطَبَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬عَهِدَ إِلَيْ نَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم أَ ْ‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫اإليماء‪ :‬اإلشارة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النسك‪ :‬العبادة والمراد هنا الصوم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب قبول شهادة الواحد علىرؤية هالل رمضان‪ .‬حديث رقم(‪ ) 2342‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬تَرَاءَى النَاسُ الْهِلَالَ‪ ،‬فَأَخْبَرْتُ‬
‫س بِصِيَامِهِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَنِي رَأَيْتُهُ‪ ،‬فَصَامَهُ وَأَمَ َر النَا َ‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البحاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل برقم (‪.)1101‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1106‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1106‬بلفظ (عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث‪ ،‬بغثته إلى معاوية بالشام‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقدمت الشام فقضيت حاجتها‪ ،‬واستهل علي رمضان وأنا بالشام‪ ،‬فرأيت الهالل ليلة الجمعة‪ .‬ثم قدمت المدينة في آخر الشهر‪ ،‬فسألني عبد اهلل بن عباس رضي‬
‫اهلل عنهما‪ ،‬ثم ذكر الهالل فقال‪ :‬متى رأيتم الهالل؟ فقلت‪ :‬رآيناه ليلة الجمعة‪ ،‬فقال‪ :‬أنت رأيته؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬ورآه الناس وصاموا وصام معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬لكنا رأيناه‬
‫ليلة السبت‪ ،‬فال نزال نصوم حتى نكمل ثالثين أونرآه‪ .‬فقلت‪ :‬أوال تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬هكذا أمرنا رسول اهلل)‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم (‪.)1101‬‬
‫‪281‬‬
‫شهادة الفاسق‬
‫ال تقبل شهادة الفاسق في رؤية هالل شهر رمضان وال في رؤية هالل شهر شوال ألن اهلل عزوجل اشترط العدالة في الشهادة‪ ،‬وال بد أن‬
‫شهَا َدةَ لِلَهِ}(‪ )1‬ولحديث (ال‬
‫ع ْدلٍ مِنكُمْ وَأَقِيمُوا ال َ‬
‫ش ِهدُوا َذوَيْ َ‬
‫يكون سلوك الشاهد مرضيا وموافقا لتعاليم الشرع اإلسالمي لقوله تعالى { َوأَ ْ‬
‫نكاح إال بولي وشاهدي عدل)(‪ )2‬فاآلية والحديث اشترطا العدالة في الشاهدين‪.‬‬

‫زمن اإلمساك‬
‫حتَى َي َت َبيَنَ‬‫الصحيح‪ :‬أن زمن اإلمساك يبدأ من طلوع الفجر الصادق وينتهي بغروب الشمس ودخول الليل لقوله تعالى‪{ :‬وَكُلُواْ وَاشْ َربُواْ َ‬
‫س َودِ ِمنَ الْفَجْرِ ثم أتموا الصيام إلى الليل}(‪ )3‬والتبين يكون بسماع أذان الفجر الثاني من مؤذن عدل خبير‬ ‫خيْطِ األَ ْ‬‫خيْطُ ا َأل ْب َيضُ ِمنَ الْ َ‬
‫لَكُمُ الْ َ‬
‫حتَى ُي َؤ ِذنَ ا ْبنُ أُمِ مَ ْكتُومٍ‪ ،‬فَِإنَهُ لَا ُي َؤ ِذنُ‬
‫باألوقات لحديث (َأنَ بِلَالًا كَانَ ُي َؤ ِذنُ بَِل ْيلٍ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬كُلُوا وَاشْرَبُوا َ‬
‫حتَى يَطْلُعَ الْفَجْرُ)(‪ )4‬الحديث دليل على جواز األكل والشرب حتى يتبين طلوع الفجر بسماع آذان الفجر الثاني‪ ،‬التبين خاص بالصيام‬ ‫َ‬
‫واألولى االحتياط باالمتناع عن األكل والشرب قبيل طلوع الفجر بدقائق‪ ،‬ومن سمع أذان الفجر وفي فمه طعام أو شراب فيجب عليه‬
‫إخراجه من فمه إلى األرض وال يبلعه إلى بطنه‪ ،‬ألنه يكون في هذه الحالة آكال أو شارباً بعد طلوع الفجر وبعد تبينه دخول وقت النهار‬
‫الذي يح رم على الصائم فيه األكل أو الشرب أو الجماع‪ ،‬وكذا من سمع األذان وهو في حال اتصال جنسي مع زوجته فيجب عليه أن‬
‫ينزع فورا وإذا تراخي أو تباطأ بعد سماع األذان فصومه باطل ويلزمه وزوجته كفارة الجماع في نهار رمضان‪ ،‬وأما من سمع أذان‬
‫الفجر وهو يأكل أو يشرب فامتنع فورا وبلع ما في فمه إلى األرض فصومه صحيح وال قضاء عليه ‪.‬‬

‫من أكل أو شرب بعد طلوع الفجر‬


‫من أكل أو شرب بعد أذان الفجر بزمن ربع ساعة أو أكثر أو أقل ظانا أن الفجر لم يدخل فيجب عليه أن يمسك عن األكل والشرب إذا‬
‫جنَاحٌ‬
‫كان في شهر رمضان احتراما لنهار رمضان ويجب عليه القضاء‪ ،‬وال إثم عليه لكونه مخطئا غير متعمد لقوله تعالى {وََليْسَ عَلَيْكُمْ ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫ولحديث (‬ ‫خطَ ْأتُم بِهِ وَلَكِن مَا تَعَ َمدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَهُ غَفُوراً رَحِيماً}‬
‫فِيمَا أَ ْ‬
‫(‪)6‬‬
‫في اآلية والح ديث دليل على أن من يخطئ فيأكل أو يشرب بعد طلوع الفجر ظانا بقاء الليل فال إثم عليه واإلثم يختص بمن‬ ‫)‬
‫ت قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَهُ غَفُوراً‬
‫يتعمد األكل أو الشرب بعد طلوع الفجر لقوله تعالى {وََليْسَ عََليْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَ ْأتُم بِهِ وَلَكِن مَا تَعَ َمدَ ْ‬
‫رَحِيماً}(‪.)7‬‬

‫من يأكل أو يشرب قبل غروب الشمس‬


‫من يأكل أو يشرب قبل غروب الشمس بخمس دقائق أو أكثر أو أقل ظانا غروب الشمس ودخول الليل‪ ،‬قد يحصل هذا في اليوم الذي‬
‫يكون الجو فيه ممطرا أو ملبدا بالغيوم‪ ،‬فإذا انكشف أن فطره باألكل أو الشرب أو بأي مفطر كان قبل غروب الشمس فيجب عليه القضاء‬
‫وال إثم عليه في خطئه ألن اإلثم ال يكون إال على من يتعمد اإلفطار في نهار رمضان قبل غروب الشمس لقولة تعالى {وََليْسَ عََليْكُمْ‬
‫جنَاحٌ فِيمَا أَخْطَ ْأتُم بِهِ وَلَكِن مَا تَعَ َمدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَهُ غَفُوراً رَحِيماً}(‪. )8‬‬
‫ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الطالق‪.)2( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ما جاء ال نكاح إال بولي‪ .‬حديث رقم (‪ )1101‬بلفظ (عن أبي موسى قال قال رسول اهلل ‪ ‬النكاح إال بولي)‪ .‬صححه األلباني‬
‫في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الولي‪ :‬األب ومن يقوم مقامه في التزويج‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)157( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب قول النبي صلى اهلل عليه وسلم (ال يمنعنكم من سحوركم أذان بالل)‪ .‬حديث رقم (‪ )1111‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫ن أُ ِم مَكْتُومٍ‪ ،‬فَإِنَ ُه لَا يُؤَذِنُ حَتَى يَطْلُ َع الْفَجْرُ)‪.‬‬
‫ن ابْ ُ‬
‫ن بِلَيْلٍ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَى يُؤَذِ َ‬
‫ن يُؤَذِ ُ‬
‫ن بِلَالًا كَا َ‬
‫عَنْهَا‪ ،‬أَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في األذان‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في النداء للصالة والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األذان‪ ،‬الشهادات‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪.)5( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب طالق المكره والناسي‪ .‬حديث رقم (‪ )3302‬بلفظ (عن أبي ذر الغفاري قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪: ‬إن اهلل تجاوز عن أمتي‬
‫الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة برقم (‪.)1675‬‬
‫انفرد به ابن ماجة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪.)5( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪.)5( :‬‬
‫‪282‬‬
‫املبحث الثاني ‪:‬اإلمســــــــــاك‬

‫وجوب اإلمساك عن األكل والشرب والجماع‬ ‫‪‬‬


‫اإلبر المغذية تفطر الصائم‬ ‫‪‬‬
‫القبلة للصائم‬ ‫‪‬‬
‫الحجامة للصائم‬ ‫‪‬‬
‫القيء للصائم‬ ‫‪‬‬
‫البلغم (القلس)‬ ‫‪‬‬

‫‪283‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلمســــــــــاك‬

‫وجوب اإلمساك عن األكل والشرب واجلماع‬


‫يجب على الصائم والصائمة اإلمساك عن األكل والشرب والجماع في زمن الصوم الذي يبدأ بطلوع الفجر الصادق وينتهي بغياب قرص‬
‫صيَامَ إِلَى‬
‫س َودِ ِمنَ الْفَجْرِ ثُمَ َأتِمُواْ ال ِ‬‫خيْطِ األَ ْ‬‫خيْطُ ا َأل ْب َيضُ مِنَ الْ َ‬
‫حتَى َي َت َب َينَ لَكُمُ الْ َ‬
‫الشمس ودخول الليل لقوله تعالى {وَكُلُواْ وَاشْ َربُواْ َ‬
‫الَل ْيلِ}(‪ )1‬والتبين يكون بسماع أذان الفجرالثاني من مؤذن عدل خبيرباألوقات لحديث (َأنَ بِلَالًا كَانَ ُي َؤ ِذنُ بِلَ ْيلٍ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫حتَى يَطْلُعَ الْفَجْرُ)(‪ )2‬الحديث دليل على جواز األكل والشرب حتى‬ ‫حتَى ُيؤَ ِذنَ ا ْبنُ أُمِ مَ ْكتُومٍ‪ ،‬فَِإنَهُ لَا ُي َؤ ِذنُ َ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كُلُوا وَاشْ َربُوا َ‬
‫يتبين طلوع الفجربسماع أذان الفجر الثاني‪ .‬والتبين خاص بالصيام‪ ،‬واألولى االحتياط باالمتناع عن األكل والشرب قبيل طلوع الفجر‬
‫بدقائق ‪.‬‬

‫اإلبر املغذية تفطر الصائم‬


‫الصحيح‪ :‬أن كلما يدخل إلى الجسم من غير المنفذ المعتاد ال يفطر ما عدى اإلبر المغذية فحكمها حكم األكل تفطر الصائم‪ ،‬ألنها تغذي‬
‫الجسم‪ ،‬وأن كلما يدخل إلى جسم اإلنسان من المنفذ المعتاد ولو لم يكن مغذيا فهو مفطر ألن العلة تعبدية‪ ،‬والصحيح أيضاً أن الحقنة التي‬
‫يعملها الطبيب للمريض من دبره ال تفطر ألنها دخلت من غير المنفذ المعتاد وألنها ليست مغذية‪.‬‬

‫القبلة للصائم‬
‫الصحيح‪ :‬أن تقبيل الصائم لزوجته في نهار رمضان مكروه لمن كان يخشى على نفسه الدخول في المحرم وهو الجماع في نهار‬
‫رمضان‪ ،‬وأما حديث (سئل النبي صلى اهلل عليه وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان قال‪ :‬قد فطرا) قد ضعفه األلباني في ضعيف‬
‫ابن ماجة برقم (‪ )112‬وقال عنه (ضعيف جداً)‪ ،‬وما دام الحديث ضعيفاً جداً فهو ال يصلح لالحتجاج به فضالً عن معارضة حديثي‬
‫عائشة وأم سلمة في الصحيحين‪ ،‬حديث عائشة رضي اهلل عنها بلفظ (ِإنْ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َليُ َق ِبلُ بَ ْعضَ أَ ْزوَاجِهِ وَهُوَ‬
‫صَائِمٌ‪ ،‬ثُمَ ضَحِكَتْ)(‪ )3‬ولفظ حديث أم سلمة (كَانَ يُ َقبُِلهَا وَ ُهوَ صَائِمٌ)(‪. )4‬‬

‫احلجامة للصائم‬
‫(‪)5‬‬
‫حتَجَمَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَ ُهوَ صَائِمٌ) وحديث ابن عباس يرجح على حديث‬
‫الصحيح‪ :‬أن الحجامة جائزة مع الكراهة لحديث (ا ْ‬
‫(‪)6‬‬
‫ثوبان رضي اهلل عنه بلفظ (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) ألنه عند التعارض يرجح ما في البخاري على ما في غيره‪ ،‬ومثل الحجامة سحب‬
‫الدم من الصائم إلسعاف مريض فهو ال يفطر الصائم بدليل احتجام النبي صلى اهلل عليه وسلم وهو صائم‪ ،‬ألن كال من الحجامة وسحب‬
‫الدم من الصائم بمعنى واحد هو خروج الدم من الصائم وهو صائم‪ ،‬وال فرق بين أن يكون خروج الدم بمحجم أو بحقنة ألنه ال تأثير آللة‬
‫إخراج الدم في الحكم ‪.‬‬

‫القيء للصائم‬
‫الصحيح‪ :‬أن من ذرعه أو غلبه القيء وخرج بدون اختيار منه فال يفطر‪ ،‬وأن من استقاء أي من تسبب في خروج القيء بأي سبب فيجب‬
‫ستَقَاءَ عَ ْمدًا فَ ْليَقْض)(‪ )7‬وأما حديث (أن أبا الدرداء حدثه أن رسول اهلل‬
‫عليه القضاء لحديث ( َمنْ ذَ َرعَهُ الْقَيْءُ فََليْسَ عََليْهِ قَضَاءٌ‪ ،‬وَ َمنْ ا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)157( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)1111‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب القبلة للصائم‪ .‬حديث رقم (‪ )1125‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ض أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ‪ ،‬ثُ َم ضَحِكَتْ)‪.‬‬ ‫لَيُقَبِ ُل بَ ْع َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الصوم‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1121‬بلفظ (عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ حَدَثَتْهُ‬
‫أَنَ أُمَ سَلَمَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬حِضْتُ وَأَنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى ا للَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي الْخَمِيلَةِ فَانْسَلَلْتُ‪ ،‬فَخَرَجْتُ مِنْهَا فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي فَلَبِسْتُهَا‪ ،‬فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن يُقَبِلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ)‪.‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَا َ‬
‫ن النَبِ َ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنُفِسْتِ؟ قُلْتُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَدَعَانِي فَأَدْخَلَنِي مَعَهُ فِي الْخَمِيلَ ةِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬وَحَدَثَتْنِي أَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫انسل‪ :‬خرج برفق‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الخميلة‪ :‬كساء غليظ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب الحجامة والقيء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1131‬بلفط (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬احْتَجَمَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫وَهُوَ صَائِمٌ)‬
‫أحرجه مسلم في المساقاه‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ .‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب في الصائم يحتجم‪ .‬حديث رقم (‪ )2367‬بلفظ (عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ)‬
‫صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬الصائم يستقئ عامداً‪ .‬حديث رقم (‪ )2350‬ب لفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ‬
‫عَلَيْ ِه قَضَاءٌ‪ ،‬وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْض) صححه األلباني في صحيج أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪284‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قاء فأفطر‪ ،‬فلقيت ثوبان ‪ -‬مولى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬في مسجد دمشق‪ ،‬فقلت‪ :‬إن أبا الرداء حدثني‬
‫أن رسول اهلل قاء فأفطر‪ ،‬قال‪ :‬صدق‪ .‬وأنا صببت له وضوءه صلى اهلل عليه وسلم)(‪ ،)1‬فلفظ الحديث (قاء فأفطر) مجمل وحديث ( َمنْ‬
‫ستَقَاءَ عَ ْمدًا فَ ْليَقْض)مفصل‪ ،‬وإذا تعارض حديث مجمل مع حديث مفصَل أو مبيَن فيعمل بالمبيَن‬ ‫ذَ َرعَهُ الْقَيْءُ فََليْسَ عََليْهِ َقضَاءٌ‪ ،‬وَ َمنْ ا ْ‬
‫وحديث (قاء فأفطر) فعل وحديث ( َمنْ ذَ َرعَهُ الْقَيْءُ فََليْسَ عََليْهِ َقضَاءٌ) قول والقول أرجح من الفعل ‪.‬‬

‫البلغم (القلس)‬
‫البلغم أو القلس هو الذي يخرج من الحلق وليس هو القيء‪ ،‬هذا القلس لم يرد ما يدل على أنه يفطر ولم يرد عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫أنه لم يفطر‪ ،‬فيبقى على األصل‪ ،‬واألصل عدم الفطر‪ ،‬ولكن يمكن قياس القلس على القيء فإن خرج بدون اختيار اإلنسان وبدون سبب‬
‫منه في إخراجه ولم يرجع منه شيء إلى الحلق فال يفطر‪ ،‬وإن خرج باختيار اإلنسان وبتسبب منه فإنه يفطر قياساً على القيء ‪.‬‬

‫معاني األلفاظ‪ :‬ذرعه‪ :‬غلبه وسبقه في الخروج‪.‬‬


‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب الصائم يستقئ عامداً‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2531‬بلفظ (عن معدان بن طلحة‪ ،‬أن أبا الدرداء حدثه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬قاء فأفطر‪ ،‬فلقيت ثوبان‪ -‬مولى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬في مسجد دمشق‪ ،‬فقلت‪ :‬إن أبا الرداء حدثني أن رسول اهلل قاء فأ فطر‪ ،‬قال‪ :‬صدق‪ .‬وأنا‬
‫صببت له وضؤءه صل اهلل عليه وسلم) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم ‪.‬‬
‫‪285‬‬
‫املبحث الثالث ‪:‬النيــــــة‬

‫النية شرط في صحة الصيام‬ ‫‪‬‬


‫تعيين النية لصوم رمضان‬ ‫‪‬‬
‫وقت النية في الصيام الواجب‬ ‫‪‬‬
‫صيام من لم يعلم بدخول رمضان إال بعد الفجر‬ ‫‪‬‬
‫وقت النية في صيام النوافل‬ ‫‪‬‬
‫صحة صوم من أصبح جنبا‬ ‫‪‬‬

‫‪286‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬النيــــــة‬

‫النية شرط يف صحة الصيام‬


‫)(‪ )1‬والصيام عمل عبادي ال يصح وال‬ ‫الصحيح‪ :‬أن النية شرط لصحة الصيام لحديث (‬
‫يجزئ إال بالنية‪ ،‬فمن صام ولم ينو الصيام فصيامه باطل وال يجزئ عن الصيام الواجب‪ ،‬ألنه ال يرفع الوجوب إال الصيام الشرعي الذي‬
‫وجود النية شرط في صحته‪.‬‬

‫تعيني النية لصوم رمضان‬


‫الصحيح‪ :‬أن صيام شهر رمضان ال يصح وال يجزئ إال عن الصيام الواجب في رمضان لتلك السنة حتى ولو نوى به اإلنسان قضاء سنة‬
‫أخرى أو صيام نذر أو صيام كفارة أو أي صيام نوى به فإنه ال يجزئ إال عن صيام تلك السنة فينقلب إلى الصيام الواجب المعين بصوم‬
‫شهر رمضان في تلك السنة ‪.‬‬

‫وقت النية يف الصيام الواجب‬


‫(‪)2‬‬
‫صيَامَ لَ ُه)‬
‫صيَامَ َق ْب َل الْ َفجْرِ فَلَا ِ‬
‫الصحيح‪ :‬أن تبييت النية من الليل في الصيام الواجب شرط لصحة الصيام لحديث( َمنْ لَمْ يُجْمِ ْع ال ِ‬
‫ولفظ(فَلَا صِيَامَ لَهُ) يفيد نفي الصيام الشرعي المجزئ الرافع للوجوب ‪.‬‬

‫صيام من مل يعلم بدخول رمضان إال بعد الفجر‬


‫الصحيح‪ :‬صحة صيام من لم يعلم بدخول أول يوم من شهر رمضان إال بعد الفجر ولم يكن قد بيت نية الصيام من الليل‪ ،‬وجاءه العلم ولم‬
‫يكن قد أكل شيئا من الطعام أو شرب شيئا من الماء أو الشراب وال قضاء عليه‪ ،‬أما من جاءه العلم وقد أكل أو شرب شيئا بعد الفجر‬
‫فيجب عليه أن يمسك عن األكل والشرب والجماع احتراما لوقت الصيام في نهارشهررمضان ويجب عليه قضاء ذلك اليوم‪ ،‬الدليل أمر‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم في يوم عاشوراء لمن لم يكن قد أكل أو شرب بالصوم وكان صوم يوم عاشوراء واجبا على المسلمين قبل أن‬
‫يفرض عليهم صوم شهر رمضان‪ ،‬والذي نسخ فرضية صوم يوم عاشوراء إلى االستحباب هو فرض صوم شهررمضان‪ ،‬وأمر النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم من كان قد أكل أو شرب باإلمساك احتراما لوقت الصيام الواجب في يوم عاشوراء حينذاك هوحديث ( َمنْ كَانَ أَكَلَ‬
‫فَ ْل َيصُمْ بَ ِقيَةَ َيوْمِهِ‪ ،‬وَ َمنْ لَمْ يَ ُكنْ أَ َكلَ فَ ْل َيصُمْ‪ ،‬فَ ِإنَ ا ْل َيوْمَ َيوْمُ عَاشُورَاءَ)(‪ )3‬وال تعارض بين هذا الحديث وحديث ( َمنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِيَامَ قَ ْبلَ‬
‫صيَامَ لَهُ)(‪ )4‬فبينهما عموم وخصوص فحديث صوم يوم عاشوراء يستدل به على صحة صيام من لم يعلم بدخول أول يوم من‬ ‫الْفَجْرِ فَلَا ِ‬
‫صيَامَ‬
‫صيَامَ َق ْبلَ الْفَجْرِ فَلَا ِ‬
‫شهر رمضان إال بعد الفجر فينوى الصيام من وقت علمه ويصح صومه لذلك اليوم‪ ،‬وحديث ( َمنْ لَمْ يُجْمِعْ ال ِ‬
‫لَهُ) في الباقي وهو صيام بقية أيام شهر رمضان وكل صيام واجب سواء كان قضاء أو نذرا أو كفارة يمين أو كفارة قتل خطأ أو كفارة‬
‫جماع في نهار رمضان أو كفارة ظهار أوغيرها من أنواع الصيام الواجب ‪.‬‬

‫وقت النية يف صيام النوافل‬


‫ع ْندَكُمْ‬
‫الصحيح‪ :‬صحة صوم النوافل بنية من بعد الفجر لحديث (قَالَ لِي رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ذَاتَ َيوْمٍ يَا عَائِشَةُ‪َ ،‬هلْ ِ‬
‫ع ْن َدنَا شَيْءٌ! قَالَ‪ :‬فَ ِإنِي صَائِمٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَخَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَأُهْ ِديَتْ لَنَا َه ِديَةٌ أَوْ‬ ‫شَيْءٌ؟ قَالَتْ‪ :‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬مَا ِ‬
‫ش ْيئًا‪،‬‬
‫خبَأْتُ َلكَ َ‬ ‫جَا َءنَا َزوْرٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَلَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أُ ْه ِديَتْ َلنَا َه ِديَةٌ َأوْ جَا َءنَا زَوْرٌ وَ َقدْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬كيف كان بدء الوحي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا الليثي يقول سمعت‬
‫عمر بن الخطأب رضي اهلل عنه على المنبر قال سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو‬
‫إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإليمان‪ ،‬العتق‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال والمراد تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب النية في الصيام‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2454‬بلفظ (عَنْ حَفْصَةَ‪ ،‬زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن لَ ْم يُجْ مِ ْع الصِيَا َم قَبْ َل الْفَجْ ِر فَلَا صِيَامَ لَهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الصيام‪ ،‬والنسائي في الصيام‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الصيام‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أجمع‪ :‬نوى وعزم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم يوم عاشوراء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2007‬بلفظ (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَمَرَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن الْيَوْ َم يَوْمُ عَاشُورَاءَ)‪.‬‬
‫ن أَكَ َل فَلْيَصُمْ‪ ،‬فَإِ َ‬
‫ن أَكَ َل فَلْيَصُ ْم بَقِيَ َة يَوْمِهِ‪ ،‬وَمَنْ لَ ْم يَكُ ْ‬
‫ن مَنْ كَا َ‬
‫س أَ َ‬
‫ن فِي النَا ِ‬
‫ن أَذِ ْ‬
‫ن أَسْلَمَ‪ ،‬أَ ْ‬
‫وَسَلَ َم رَجُلًا مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الصوم‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصوم‪ ،‬أخباراآلحاد‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث حفصة رضي اهلل عنها برقم (‪.)2454‬‬
‫‪287‬‬
‫صبَحْتُ صَائِمًا)(‪ )1‬في الحديث داللة واضحة على صحة صوم‬
‫جئْتُ بِهِ‪ ،‬فَأَ َكلَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪َ :‬قدْ ُكنْتُ َأ ْ‬
‫حيْسٌ قَالَ‪ :‬هَاتِيهِ‪ ،‬فَ ِ‬
‫قَالَ‪ :‬مَا ُهوَ؟ قُلْتُ‪َ :‬‬
‫التطوع بنية من النهار وعلى أن المتطوع أمير نفسه يجوز له أن يفطر متى ما أراد وال إثم وال قضاء عليه ‪.‬‬

‫صحة صوم من أصبح جنبا‬


‫(‪)2‬‬
‫الصحيح‪ :‬صحة صيام من أصبح جنبا لحديث (أن رسول اهلل كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله‪ ،‬ثم يغتسل ويصوم) الحديث دليل‬
‫على جواز طلوع الفجر على الصائم وهو جنب وعلى صحة صوم من دخل عليه وقت الفجر وهو جنب‪ ،‬ويصح صوم المرأة الحائض أو‬
‫النفساء إذا انقطع الدم عنها وقت الفجر قبل أن تغتسل من الحيض أو النفاس ألنه بانقطاع الدم قبل طلوع الفجر يجب عليها الصيام وعدم‬
‫تمكنها من االغتسال قبل طلوع الفجر ال يمنع صحة الصيام وال يؤثر فيه‪ ،‬مثلها مثل الجنب الذي يدخل وقت الفجر عليه وهو جنب ألن‬
‫االغتسال من الجنابة أو من انقطاع الدم للحيض أو النفاس ليس بشرط لصحة الصيام‪ ،‬وأما حديث (كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يأمر‬
‫بالفطر) يقصد يأمر بالفطر لمن أصبح جنبا‪ ،‬فهذا الحديث لم يعمل به جمهور العلماء لكون الحديث منسوخا بحديث عائشة وأم سلمه‬
‫ألنه ما بينتا ما اطلعتا عليه من أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان يصبح جنبا من غير احتالم ويصوم‪ ،‬وفعل الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بيان للجواز‪ ،‬وتقدم روايتهما على رواية أبي هريرة رضي اهلل عنه ألنهما أعلم بحال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في بيته من‬
‫غيرهن من الصحابة ‪ ،‬وربما ترك الجمهور من العلماء العمل برواية أبي هريرة رضي اهلل عنه لكونه قد رجع عن روايته‪ ،‬وإذا تعارض‬
‫حديثان هما في موضوع األمور البيتية‪ ،‬فتقدم رواية أمهات المؤمنين على رواية الصحابي ألنهن أعلم لما يشاهدن من افعال النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم في بيوتهن‪،‬وقد أمر هن اهلل تعالى ببيان مايشاهدنه من أفعال النبي صلى اهلل عليه وسلم في بيوتهن في قوله تعالى {وَاذْكُ ْرنَ‬
‫خبِيراً}(‪ )3‬ألن أفعال النبي صلى اهلل عليه وسلم في بيته وفي خارج بيته‬ ‫مَا ُيتْلَى فِي ُبيُوتِ ُكنَ ِمنْ آيَاتِ اللَهِ وَالْحِكْمَةِ ِإنَ اللَهَ كَانَ لَطِيفاً َ‬
‫تشريع لألمة‪ ،‬وإن كان في أمور هي خارج البيت فتقدم رواية الصحابي لكونه أعلم ألنه يشاهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم ويسمعه‬
‫وهن في البيوت ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬جواز صوم النافلة بنية من النهار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2707‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أُمِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ لِي رَسُولُ اللَ ِه‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَائِشَةُ‪ ،‬هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ‪ :‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ! قَالَ‪ :‬فَإِنِي صَائِمٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَخَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَةٌ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَلَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَةٌ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ‬
‫ت صَائِمًا)‪.‬‬‫ت أَصْبَحْ ُ‬‫ت بِهِ‪ ،‬فَأَكَلَ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬قَدْ كُنْ ُ‬
‫س قَالَ‪ :‬هَاتِيهِ‪ ،‬فَجِئْ ُ‬
‫شَيْئًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا هُوَ؟ قُلْتُ‪ :‬حَيْ ٌ‬
‫اخرجه النسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬زور‪ :‬الزوار‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب الصائم يصبح جنباً‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1130‬بلفظ (عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه عبد الرحمن‬
‫أخبر مروان‪ ،‬أن عائشة وأم سلمة أخبرتاه‪ ،‬أن رسول اهلل ‪ ،‬كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله‪ ،‬ثم يغتسل ويصوم)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الصيام‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪.)34( :‬‬
‫‪288‬‬
‫الباب الثاني ‪:‬الفطر لعذر وأحكامه‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬صوم المريض والمسافر‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬قضاء الحامّل والمرضع والشيخ الكبير‬

‫‪289‬‬
‫الفصل األول ‪:‬صوم املريض واملسافر‬

‫إجزاء صوم المريض والمسافر‬ ‫‪‬‬


‫وجوب إفطار المسافر‬ ‫‪‬‬
‫الصوم في السفر أفضل من الفطر‬ ‫‪‬‬
‫السفر الذي يجوز فيه الفطر للمسافر‬ ‫‪‬‬
‫المرض الذي يجوز به الفطر‬ ‫‪‬‬
‫متى يفطر المسافر ومتى يمسك‬ ‫‪‬‬
‫يجوز للصائم أن ينشئ سفرًا ال يصوم فيه‬ ‫‪‬‬
‫قضاء المسافر والمريض الصوم‬ ‫‪‬‬
‫تأخير قضاء المريض والمسافر إلى بعد رمضان آخر‬ ‫‪‬‬
‫من مات من المرضى والمسافرين ولم يقض قضى عنه وليه‬ ‫‪‬‬

‫‪291‬‬
‫الفصل األول‪ :‬صوم المريض والمسافر‬

‫إجزاء صوم املريض واملسافر‬


‫الصحيح‪ :‬أن صوم المسافر والمريض إن صاما صحيح‪ ،‬ويجزئ عن الصوم الواجب‪ ،‬وأنه ال يجب قضاء األيام التي قد صامها المريض‬
‫أو المسافر في أيام شهررمضان في حال مرضه أو سفره‪ ،‬لحديث ( ُكنَا نُسَافِرُ مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمْ يَعِبْ الصَائِمُ عَلَى‬
‫الْمُفْطِر‪ ،‬وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَائِم)(‪ )1‬وحديث (خَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ الْ َمدِينَةِ إِلَى مَكَةَ َفصَامَ َ‬
‫حتَى بَلَغَ عُسْفَانَ‪ ،‬ثُمَ‬
‫حتَى َقدِمَ مَكَةَ َوذَ ِلكَ فِي رَ َمضَانَ)(‪ )2‬في الحديثين دليل على جواز الصوم في السفر وعلى‬ ‫َدعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى َي َديْهِ ِليُ ِريَهُ النَاسَ فَأَفْطَرَ َ‬
‫إجزائه عن الصيام الواجب ألنه لم يرد دليل صحيح صريح يوجب القضاء على من صام وهو مسافر في رمضان‪ ،‬بل قد وردت األدلة‬
‫الصحيحة الصريحة بجواز الصيام في شهر رمضان للمسافر وإجزائه عن الصوم الواجب من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وفعله‬
‫وتقريره‪ ،‬والقول بنسخ الصيام في السفر ال دليل عليه‪ ،‬وإفطار النبي صلى اهلل عليه وسلم بالماء لكي يراه المسافرون فيفطروا هولكي‬
‫يستعدوا لفتح مكة ولمقاتلة المشركين ألن الفطر أقوى لهم‪ ،‬وصوم النبي صلى اهلل عليه وسلم في السفر دليل على جواز الصوم في السفر‬
‫وعلى إجزائه عن الصوم الواجب ‪.‬‬

‫وجوب إفطار املسافر‬


‫ع ُدوِكُمْ‬
‫صبِحُو َ‬
‫يجب على المسافر أن يفطر إذا كان قد قرب وقت لقائه العدو في الجهاد ألن الفطر أقوى للمجاهد في جهاده لحديث (ِإنَكُمْ ُم َ‬
‫وَالْفِطْرُ أَ ْقوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا‪ ،‬وَكَانَتْ عَزْمَةً‪ ،‬فَأَفْطَرْنَا)(‪ )3‬يجب الفطر في السفر إذا كان الصيام سيضر المسافر ويسبب له مرضا أو يزيد‬
‫مرضه إن كان مريضا ألن ا تقاء الضرر واجب‪ ،‬وإذا خشي اإلنسان على نفسه الهالك أو التلف من الصوم فيجب عليه اإلفطار ألن حفظ‬
‫النفس واجب وقد رأى النبي صلى اهلل عليه وسلم رجال يظلل من حر الشمس وهو صائم ألن الصوم سبب له الضعف فقال‪ :‬ليس صيام‬
‫صوْمُ فِي‬‫من هو ضعيف يسبب له الصيام الضرر أو زيادة الضعف من أعمال البر والتقرب إلى اهلل عز وجل في حديث (َليْسَ ِمنْ ا ْلبِرِ ال َ‬
‫السَفَرِ)(‪ )4‬في الحديث داللة على أن صيام من كان الصيام يضعفه أو يسبب له ضررا أو مرضا أو عجزا عن أي عبادة أو عمل ليس هو‬
‫من البروال من األعمال التي يحبها اهلل عز وجل ‪ ،‬الحديث داللته قاصرة على من يتضرر من الصوم في السفر وليس فيه داللة على‬
‫كراهة الصوم في السفر مطلقا ألن الرسول صلى اهلل عليه وسلم قد صام في السفر وصام معه الكثير من الصحابة وهم مسافرون وأقرهم‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم على الصيام في السفر ولم يقل لمن لم يتضرر من السفر بأنه (ليس من البر الصيام في السفر) و بالجمع بين‬
‫صوْمُ فِي السَفَرِ) في حق من يسبب له الصيام في السفر الضرر أو المرض أو العجز عن‬ ‫األحاديث يترجح حمل حديث (لَيْسَ ِمنْ ا ْلبِرِ ال َ‬
‫األعمال‪ ،‬كما في حالة الرجل الذي كان يظلل من الشمس بسبب الصيام ‪.‬‬

‫الصوم يف السفر أفضل من الفطر‬


‫الصحيح‪ :‬أن الصيام في السفر يختلف باختالف األحوال فمن كان الصيام ال يتعبه وال يشق عليه لكون الجو باردا واليوم قصيرا والسفر‬
‫مريحا فاألفضل في حقه الصيام تأسيا بصوم النبي صلى اهلل عليه وسلم وصوم بعض الصحابة معه في سفرهم لفتح مكة‪ ،‬ولكون الصوم‬
‫في رمضان هو األصل‪ ،‬والفطر رخصة وترك الرخصة وعمل العزيمة هو األفضل‪ ،‬ومن كان الصيام يتعبه ويشق عليه أو يسبب له‬
‫مرضا أو يؤخر شفاء مرضه فالفطر في حقه أفضل‪ ،‬وال سيما إذا كان الجو حارا واليوم طويال والسفر غير مريح وعلى هذه الحالة‬
‫صوْمُ فِي السَفَرِ ) وصوم من يضره الصوم مكروه‪ ،‬ومن كان في جهاد في سبيل اهلل تعالى فالفطر في حقه‬ ‫يحمل حديث (َليْسَ ِمنْ ا ْلبِرِ ال َ‬
‫ع ُدوِكُمْ وَالْفِطْرُ أَ ْقوَى لَكُمْ‬
‫صبِحُو َ‬
‫واجب ألنه مخاطب بما هو أهم من الصيام وأوجب عليه من الصيام في وقت الجهاد لحديث (ِإنَكُمْ ُم َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب لم يعب أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم بعضهم على بعض‪ .‬حديث رقم (‪ )1147‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا‬
‫ب الصَائِمُ عَلَى الْمُفْطِر‪ ،‬وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَائِمِ)‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَ ْم يَعِ ْ‬ ‫نُسَافِ ُر مَ َع النَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬ومالك في الصوم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب من أفطر في السفر ليراه الناس‪ .‬حديث رقم (‪ )1145‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَةَ فَصَامَ حَتَى بَلَغَ عُسْفَانَ‪ ،‬ثُمَ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَاسَ فَأَفْطَرَ حَتَى قَدِمَ مَكَةَ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ‪ ،‬فَكَانَ ابْنُ عَبَاسٍ‬
‫ن شَا َء صَا َم وَمَنْ شَا َء أَفْطَرَ)‪.‬‬ ‫يَقُولُ‪ :‬قَ ْد صَامَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ وَأَفْطَرَ‪ ،‬فَمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصو م‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في الصوم‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2611‬بلفظ (عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ حَدَثَنِي قَزَعَةُ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَ‬
‫رَضِيَ الَلهُ عَ نْهُ وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ‪ ،‬فَلَمَا تَفَرَقَ النَاسُ عَنْهُ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬إِنِي لَا أَسْأَلُكَ عَمَا يَسْأَلُكَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ‪ ،‬سَأَلْتُهُ عَنْ الصَوْمِ فِي السَفَرِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِلَى مَكَةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ‪ ،‬فَكَانَتْ رُخْصَةً‪،‬‬
‫ن أَفْطَرَ‪ ،‬ثُمَ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ فَقَالَ‪ :‬إِنَكُمْ مُصَبِحُو عَدُوِكُ ْم وَالْفِطْ ُر أَقْوَى لَكُ ْم فَأَفْطِرُوا‪ ،‬وَكَانَتْ عَزْمَ ةً‪ ،‬فَأَفْطَرْنَا‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُو ُم مَعَ رَسُولِ‬ ‫ن صَا َم وَمِنَا مَ ْ‬ ‫فَمِنَا مَ ْ‬
‫ك فِي السَفَرِ)‪.‬‬ ‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم بَعْدَ ذَلِ َ‬
‫أخرجه أبو داود في الصوم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬مكثور عليه‪ :‬عنده ناس كثيرون‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب ليس من البر الصوم في السفر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1146‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمْا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن الْبِرِ الصَوْ ُم فِي السَفَرِ)‪.‬‬ ‫س مِ ْ‬‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم فِي سَفَرٍ‪ ،‬فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِ َل عَلَيْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا هَذَا؟ فَقَالُوا‪ :‬صَائِمٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ولفظ (فَأَفْطِرُوا) أمر من النبي صلى اهلل عليه وسلم بالفطر وهو يفيد الوجوب والواجب يثاب فاعله‬ ‫فَأَفْطِرُوا‪ ،‬وَكَانَتْ عَزْمَةً‪ ،‬فَأَفْطَ ْرنَا)‬
‫ويعاقب تاركه ‪.‬‬

‫السفر الذي جيوز فيه الفطر للمسافر‬


‫الصحيح‪ :‬أن الفطر يجوز في المسافة التي يجوز فيها قصر الصلوات‪ ،‬وهي كل مسافة يطلق على السائر فيها مسافرا‪ ،‬إلطالق اسم السفر‬
‫في قوله تعالى {َأيَاماً مَ ْعدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً َأوْ عَلَى سَفَرٍ فَ ِع َدةٌ ِمنْ َأيَامٍ أُخَرَ}(‪ )2‬ويجب عليه أال يفطر إال بعد مجاوزة عمران‬
‫بلده‪ ،‬ومن شرط السفر الذي يجوز فيه الفطر والقصر أال يكون في الحضر مثل السير داخل المدن الرئيسية‪ ،‬حتى ولو كانت المسافة‬
‫داخل المدينة الواحدة أكثر من مسافة القصر في غير العمران‪ ،‬ألنه ال يصح إطالق اسم السفر على من يسير داخل المدن الرئيسية ‪.‬‬

‫املرض الذي جيوز به الفطر‬


‫الصحيح‪ :‬أنه إذا تيقن اإلنسان المريض أن الصيام سيضره بزيادة المرض أو بتأخر الشفاء أو سيسبب له مرضا آخر أو سيضره بأي‬
‫ضرر أو غلب على ظنه ذلك الضرر فيجوز له أن يفطر‪ ،‬أو إذا كان الطبيب قد قرر للمريض عالجا وقال له من الضروري أن تفطر‬
‫الستعمال العالج وكان الطبيب خبيراً متخصصا في عالج المرض وهو ثقه وأمين عدل مسلم‪ ،‬فيجوز له أن يفطر‪ ،‬أما إذا قال له ليس من‬
‫الضروري الفطر الستعمال العالج فيجب على المريض الصيام ‪.‬‬

‫مىت يفطر املسافر ومىت ميسك‬


‫الصحيح‪ :‬أن المسافر في شهررمضان ال يجوز له الفطر وهو ال يزال في العمران ويجوز له الفطر بعد خروجه من ميل البلد الحتمال أن‬
‫يطرأ له ما يعيقه عن السفر‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن للواصل من السفر أن يأكل ويشرب إال أن المستحسن له أن يتكتم مراعاة لشعور الصائمين‪،‬‬
‫وكذا الحائض والنفساء األولى لكل منهما أن تتكتم في أكلها وشربها في نهار شهررمضان مراعاة لشعور الصائمين‪ ،‬وأما القول بعدم‬
‫جواز الفطر للمسافر لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُوا أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَسُولَ وَلَا ُتبْطِلُوا َأعْمَالَكُمْ}(‪ )3‬وفطر المسافر بعد أن بيت نية‬
‫الصيام من الليل إبطال لعمله المنهي عنه في هذه اآلية فقول ضعيف‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه ال تعارض بين اآلية وبين األحاديث التي تجيز‬
‫للمسافر الفطر بعذر السفر وقوله تعالى مبينا جواز الفطر بعذر السفر {َأيَامًا مَ ْعدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً َأوْ عَلَى سَفَرٍ فَ ِع َدةٌ ِمنْ َأيَامٍ‬
‫أُخَرَ}(‪ )4‬ألن قوله تعالى (أو على سفر) واألحاديث المجوزة لفطر المسافر مخصصة للنهى في قوله تعالى (وَلَا ُتبْطِلُوا َأعْمَالَكُمْ) ألن‬
‫النهي عن إبطال األعمال عام وآية جواز الفطر للمسافر وأحاديث جواز الفطر للمسافر خاصة فيعمل بالخاص فيما تناوله وهو جواز‬
‫الفطر للمسافر بعذر السفر وبالعام فيما بقي‪ ،‬ومن األحاديث المخصصة حديث ( ُكنْتُ مَعَ َأبِي بَصْ َرةَ الْغِفَارِيِ صَاحِبِ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫حتَى دَعَا بِالسُفْ َرةِ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫حدِيثِهِ‪ :‬فَلَمْ يُجَاوِزْ ا ْلبُيُوتَ َ‬
‫غدَاهُ‪ ،‬قَالَ جَعْفَرٌ فِي َ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬فِي سَفِينَةٍ ِمنْ الْفُسْطَاطِ فِي رَ َمضَانَ فَرُفِعَ‪ ،‬ثُمَ قُرِبَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫حدِيثِهِ‪ :‬فَأَ َكلَ)‬‫سنَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ؟ قَالَ جَعْفَرٌ فِي َ‬ ‫عنْ ُ‬ ‫ا ْقتَرِبْ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَلَسْتَ تَرَى ا ْل ُبيُوتَ ؟! قَالَ َأبُو َبصْ َرةَ‪َ :‬أتَ ْرغَبُ َ‬
‫فيه دليل على جواز الفطر في نهار رمضان بعذر السفر‪ ،‬ومن األدلة حديث فطر النبي صلى اهلل عليه وسلم حين بلغ عسفان في سفره‬
‫لفتح مكة فدعاء بماء فرفعه إلى يديه ليراه الناس فأفطر حتى قدم مكة ولفظ الحديث (خَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ مِنْ الْ َمدِينَةِ‬
‫حتَى َقدِمَ مَكَةَ َوذَِلكَ فِي رَ َمضَانَ)(‪ )6‬فاآلية الناهية عن‬ ‫حتَى بَلَغَ عُسْفَانَ‪ ،‬ثُمَ َدعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى َي َديْهِ ِليُ ِريَهُ النَاسَ فَأَفْطَرَ َ‬
‫إِلَى مَكَةَ َفصَامَ َ‬
‫إبطال األعمال مخصصة باآلية المجوزة للفطر بعذر المرض أو السفر وباألحاديث المجوزة للفطر في السفر ‪.‬‬
‫ً‬
‫جيوز للصائم أن ينشئ سفرا ال يصوم فيه‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز لمن طرأ له سبب سفر أو طرأ له مرض أن يفطر بسبب عذر السفر أو المرض ويجب عليه القضاء إجماعاً لقوله‬
‫تعالى {فَعِ َدةٌ ِمنْ َأيَامٍ أُخَرَ}(‪ )7‬الصحيح‪ :‬أن المغمى عليه الذي يدخل وقت الصيام ويخرج وهو مغمى عليه ال يجب عليه القضاء‪ ،‬قياساً‬
‫على المجنون ألنه غير مخاطب بالشرعيات ‪.‬‬

‫قضاء املسافر واملريض الصوم‬


‫(‪)1‬‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجب التتابع في قضاء الصوم للمريض أو المسافر لقوله تعالى {فَ ِع َدةٌ ِمنْ َأيَامٍ أُخَرَ} اآلية توجب القضاء وال تشترط‬
‫التتابع وال توجبه ألن ظاهر النص يقتضي قضاء عدد األيام التي أفطر فيها فقط‪ ،‬والقضاء عبادة مستقلة عن األداء وقياس القضاء على‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه رقم (‪)2611‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)154( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬محمد‪.)33( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)154( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب متى يفطر المسافر إذاخرج‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2412‬بلفظ (عَنْ عُبَيْدٍ قَالَ‪ :‬جَعْفَرٌ ابْنُ جَبْرٍ قَالَ‪ :‬كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِ‬
‫صَاحِبِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فِي سَفِينَةٍ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ فَرُفِعَ‪ ،‬ثُمَ قُرِبَ غَدَاهُ‪ ،‬قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ‪ :‬فَلَمْ يُجَاوِزْ الْبُيُوتَ حَتَى دَعَا بِالسُفْرَةِ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫اقْتَرِبْ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ ؟! قَالَ أَبُو بَصْرَةَ‪ :‬أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ؟ قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ‪ :‬فَأَكَلَ) صححه األلباني في صحيح‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في من مسند القبائل‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه رقم (‪.)2611‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)154( :‬‬
‫‪292‬‬
‫األداء غير صحيح وهوقياس فاسد ألنه ال يوجد دليلً على إيجاب التتابع ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من‬
‫تقريره‪.‬‬

‫تأخري قضاء املريض واملسافر إىل بعد رمضان آخر‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على من أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر‪ ،‬القضاء وال كفارة عليه‪ ،‬ألن أدلة الكفارة إما ضعيفة أو موقوفة على‬
‫صحابي‪ ،‬ولكنه يأثم بتأخيره القضاء إلى بعد رمضان آخر إذا لم يكن معذورا عن القضاء في خالل الشهور التي بعد رمضان في السنة‬
‫التي أفطر فيها ألن األصل أن يكون القضاء في نفس السنة التي أفطرفيها‪ ،‬ولقضاء النبي صلى اهلل عليه وسلم وأمهات المؤمنين‬
‫والصحابة لأليام التي أفطروها في شهررمضان في نفس السنة‪ ،‬وقضاء النبي صلى اهلل عليه وسلم بيان لأليام األخرفي قوله تعالى {فَ ِعدَةٌ‬
‫ِمنْ َأيَامٍ أُخَرَ}(‪.)2‬‬

‫من مات من املرضى واملسافرين ومل يقض قضى عنه وليه‬


‫جلٌ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ‬‫عنْهُ)(‪ )3‬ولحديث (جَاءَ رَ ُ‬ ‫صيَامٌ صَامَ َ‬‫الصحيح‪ :‬أن من مات وعليه صوم يصوم عنه وليه لحديث ( َمنْ مَاتَ َوعََليْ ِه ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫حقُ أَنْ يُ ْقضَى) في‬ ‫ع ْنهَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ف َد ْينُ اللَهِ أَ َ‬
‫شهْرٍ‪ ،‬أَفَأَ ْقضِيهِ َ‬
‫صوْمُ َ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ِ ،‬إنَ أُمِي مَاتَتْ َوعََل ْيهَا َ‬
‫الحديثين دالله على أنه يجب أن يصوم الصيام عن الميت وليه‪ ،‬ويصح أن يتوزع الورثة الصيام عن الميت بينهم‪ ،‬فيصوم كل واحد ما‬
‫تعين عليه‪ ،‬أو يصوم بعضهم عن الميت‪ ،‬أو يقوم أحدهم بالصيام كله عن الميت‪ ،‬فكل هذه الصور جائزة‪ ،‬وأما اآلية القرآنية { َوعَلَى اَلذِينَ‬
‫يُطِيقُونَهُ ِف ْديَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}(‪ )5‬فسياق اآلية كما قال ابن عباس‪ :‬هي في صيام الشيخ الكبير العاجز عن الصيام‪ ،‬والصيام عن الميت يجب‬
‫على وليه من الورثة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)154( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)154( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب من مات وعليه صوم‪ .‬حد يث رقم (‪ ) 1152‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ن مَاتَ وَعَلَيْ ِه صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وليه)‪.‬‬ ‫مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب من مات وعليه صوم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1153‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن يُقْضَى)‪.‬‬ ‫ق أَ ْ‬
‫ن اللَ ِه أَحَ ُ‬
‫ت وَعَلَيْهَا صَوْ ُم شَهْرٍ‪ ،‬أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَدَيْ ُ‬
‫ن أُمِ ي مَاتَ ْ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)154( :‬‬
‫‪293‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬قضاء احلامل واملرضع والشيخ الكبري‬

‫وجوب قضاء الحامل و المرضع إذا أفطرتا‬ ‫‪‬‬


‫وجوب اإلطعام على الشيخ الكبير إذا أفطر‬ ‫‪‬‬
‫قدر إطعام المسكين‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الكفارة والقضاء على من جامع متعمدًا في نهار رمضان‬ ‫‪‬‬
‫من أفطر باألكل أو الشرب متعمدا‬ ‫‪‬‬
‫جماع الناسي لصومه‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الكفارة على المرأة المجامعة‬ ‫‪‬‬
‫ترتيب كفارة الجماع في نهار رمضان‬ ‫‪‬‬
‫مقدار اإلطعام‬ ‫‪‬‬
‫تكرر الكفارة بتكرر اإلفطار‬ ‫‪‬‬
‫وجوب اإلطعام على المعسر إذا أيسر‬ ‫‪‬‬
‫عدم وجوب الكفارة على من يفطر عمدا في قضاء رمضان‬ ‫‪‬‬
‫استحباب تعجيل الفطر‬ ‫‪‬‬
‫استحباب تأخير السحور‬ ‫‪‬‬
‫حرمة الرفث والمشاتمة على الصائم‬ ‫‪‬‬
‫حكم الحقنة العالجية للصائم‬ ‫‪‬‬
‫حكم الكحل في العين‬ ‫‪‬‬
‫حكم شم العود والعطر والبخور‬ ‫‪‬‬
‫حكم حقنة الدم‬ ‫‪‬‬
‫حكم صيام من يدخن السيجارة أو المداعة‬ ‫‪‬‬
‫واجب من رأي الصائم يأكل أو يشرب ناسيا تذكيره بالصوم‬ ‫‪‬‬
‫جواز استعمال معجون األسنان للصائم‬ ‫‪‬‬
‫حكم االستياك بالسواك الرطب‬ ‫‪‬‬
‫دخول الغبار أو الطحين إلى جوف الصائم‬ ‫‪‬‬
‫مضغ الصائم اللبان‬ ‫‪‬‬
‫تعاطي الشمة (البردقان)‬ ‫‪‬‬

‫‪294‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬قضاء الحامل والمرضع والشيخ الكبير‬

‫وجوب قضاء احلامل و املرضع إذا أفطرتا‬


‫الصحيح‪ :‬أن الحا مل و المرضع إذا أفطرت أي واحدة منهما لكونها حامال أو مرضعا يجب عليها القضاء عن كل يوم أفطرت فيه‪ ،‬وال‬
‫يجب عليها مع القضاء الكفارة ألنه ال دليل على وجوب الكفارة‪ ،‬وال دليل على القول بأنه يجب على المفطرة بسبب الحمل أو الرضاع‬
‫اإلطعام فقط وهي تقدر على القضاء‪ ،‬ألن اإلطعام لم يشرع إال لمن يعجز عن الصيام كالشيخ الكبير أو المريض مرضا ميؤوسا من شفائه‬
‫منه‪ ،‬وليس الحامل أو المرضع من العاجزات عن الصيام أو ممن هو مصاب بمرض ميئوس من شفائه بل هن ممن يقدر على القضاء‬
‫بعد شهر رمضان ‪.‬‬

‫وجوب اإلطعام على الشيخ الكبري إذا أفطر‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة السن اللذين يعجزان عن الصيام أن يطعم كل منهما عن كل يوم مسكينا لحديث‬
‫ستَطِيعَانِ َأنْ َيصُومَا‪َ ،‬فيُطْعِمَانِ مَكَانَ ُكلِ َيوْمٍ مِسْكِينًا) (‪ )1‬إذا قد صار الرجل الكبير في السن أو المرأة‬
‫شيْخُ الْ َكبِيرُ وَالْمَرَْأةُ الْ َكبِي َرةُ‪ ،‬لَا يَ ْ‬
‫(ال َ‬
‫الكبيرة يخرفان وال يعقالن واصبحا عاجزين عن الصيام فيسقط عنهما وجوب الصيام ويُطعم على كل واحد منهما مسكينا مكان كل يوم‪،‬‬
‫ويلحق بهما المريض أو المريضة اللذان يقرر الطبيب الخبير المتخصص بالمرض المسلم العدل الثقة بأن المرض من األمراض المزمنة‬
‫المستعصية عن العالج كأمراض السكر أو الفشل الكلوي أو نحوهما من األمراض المستعصية عن العالج والميؤوس من شفاء المريض‬
‫من المرض حتى الموت فالمريض الميؤوس من شفائه العاجز عن الصيام يسقط عنه وجوب الصوم ويطعم بدل كل يوم مسكينا إلحاقا له‬
‫بالشيخ والشيخة الكبيرين العاجزين عن الصوم ‪.‬‬

‫قدر إطعام املسكني‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يكفي في إطعام المسكين مد أو حفنات من الحبوب ألن الحبوب ال تسمى طعاماً ال لغة وال شرعاً وال عرفاً‪ ،‬الحبوب لكي‬
‫تصير طعاما هي بحاجة إلى طحن وطبخ وإدام‪ ،‬وطعام اإلنسان في أي زمان وفي أي مكان هي الوجبات الغذائية المجهزة من حبوب‬
‫مطحونة ومعجونه ومطبوخة ومأدومه ‪ ،‬وإعطاء الحبوب من دون طحن وال عجن وال طبخ وال إدام كطعام ال يكون إال لبعض الحيوانات‬
‫أو الطيور كالدجاج ونحوه‪ ،‬والواجب إطعام المسكين وجبتين غذائيتين في اليوم‪ ،‬إما وجبتي صبوح وغداء أو عشاء وغداء من أوسط ما‬
‫يطعم المكفر أهله‪ ،‬هذا إذا كان سيقدم المكفر للمسكين أو المساكين طعاما مطبوخا‪ .‬وأما إذا كان سيعطي المكفر المسكين أو المساكين‬
‫نقودا بدل الطعام المطبوخ فيقدر ثمن وجبتي الصبوح والغداء أو وجبتي العشاء والغداء في المطاعم من األكل الذي يأكله ويشتريه أغلب‬
‫رواد المطاعم‪ ،‬ومجموع ثمن الوجبتين هو إطعام المسكين في اليوم الواحد ولعله هو طعام المسكين المراد في قوله تعالى { َوعَلَى اَلذِينَ‬
‫يُطِيقُونَهُ ِف ْديَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}(‪ )2‬وإعطاء المسكين أو المساكين نقودا أنفع لهم ليشتروا بالنقود مواداً غذائية من الحبوب والخضروات‬
‫وغيرها ليطبخوا منها طعاما لهم وألفراد أسرهم‪ ،‬ويختلف ثمن الوجبتين بحسب اختالف األسعار وبحسب الزمان والمكان‪ ،‬وأما االكتفاء‬
‫بإعطاء المسكين مدا أو مدين أو حفنة أو حفنات من الحبوب بدال عن اإلطعام المنصوص عليه في اآلية الكريمة فال دليل عليه ال من قول‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬وال يصدق عليه لفظ (طعام مسكين) في اآلية الكريمة ال لغة وال شرعاً وال عرفاً‪.‬‬
‫ً‬
‫وجوب الكفارة والقضاء على من جامع متعمدا يف نهار رمضان‬
‫ع ْندَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬ ‫حنُ جُلُوسٌ ِ‬ ‫الصحيح‪ :‬وجوب الكفارة والقضاء على من جامع متعمدا في نهار شهررمضان لحديث ( َبيْنَمَا نَ ْ‬
‫جلٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬هَلَكْتُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا َلكَ؟ قَالَ‪ :‬وَقَعْتُ عَلَى امْرََأتِي وََأنَا صَائِمٌ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫وَسَلَمَ ِإذْ جَا َءهُ رَ ُ‬
‫ستِينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ‪:‬‬ ‫جدُ إِطْعَامَ ِ‬ ‫شهْ َر ْينِ ُم َتتَابِ َع ْينِ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬ف َهلْ تَ ِ‬
‫ستَطِيعُ أَنْ َتصُومَ َ‬
‫جدُ رَ َقبَةً تُ ْعتِ ُقهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ف َهلْ تَ ْ‬
‫وَسَلَمَ‪َ :‬هلْ تَ ِ‬
‫حنُ عَلَى ذَ ِلكَ‪ُ ،‬أتِيَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِعَ َرقٍ فِيهَا تَمْرٌ‪ ،‬وَالْعَ َرقُ الْمِكْ َتلُ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫لَا قَالَ‪ :‬فَمَكَثَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َف َب ْينَا نَ ْ‬
‫جلُ‪َ :‬أعَلَى أَفْقَرَ ِمنِي يَا رَسُولَ اللَهِ ؟! َفوَاللَهِ مَا َب ْينَ لَا َب َت ْيهَا‪ ،‬يُرِيدُ الْحَرَ َت ْينِ‪ ،‬أَهْلُ‬ ‫ص َدقْ بِهِ‪ ،‬فَقَالَ الرَ ُ‬ ‫خذْهَا َف َت َ‬
‫َأ ْينَ السَا ِئلُ؟ فَقَالَ‪َ :‬أنَا‪ ،‬قَالَ‪ُ :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫َبيْتٍ أَفْقَرُ ِمنْ أَ ْهلِ َب ْيتِي‪َ ،‬فضَحِكَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ حَتَى َبدَتْ َأ ْنيَابُهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهَْلكَ) وقول النبي صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التفسير‪ :‬باب قوله تعالى (أياما معدودات) حديث رقم (‪ ) 4505‬بلفظ (عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَاسٍ يَقْرَأُ وَعَلَى الَذِينَ يُطَوَقُونَهُ فَلَا‬
‫ن كُ ِل يَوْمٍ مِسْكِينًا)‬
‫ن يَصُومَا‪ ،‬فَيُطْعِمَانِ مَكَا َ‬
‫ن أَ ْ‬
‫خ الْكَبِي ُر وَالْمَرْأَ ُة الْكَبِيرَةُ‪ ،‬لَا يَسْتَطِيعَا ِ‬
‫ت بِمَ ْنسُوخَ ٍة هُوَ الشَيْ ُ‬
‫ن عَبَاسٍ‪ :‬لَيْسَ ْ‬‫يُطِيقُونَ ُه فِدْيَةٌ طَعَا ُم مِسْكِينٍ‪ ،‬قَا َل ابْ ُ‬
‫أخرجه النسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)154( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب إذاجامع في رمضان ولم يكن له شئ‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1134‬بلفط (عن حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَحْمَنِ أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ الَلهِ‪ ،‬هَلَكْتُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا لَكَ؟ قَالَ‪ :‬وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ‪ :‬لَا قَالَ‪:‬‬
‫فَمَكَثَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ‪ ،‬أُتِيَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ‪ ،‬وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَيْنَ السَائِلُ؟ فَقَالَ‪ :‬أَنَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬خُذْهَا‬
‫فَتَصَدَقْ بِهِ‪ ،‬فَقَالَ الرَجُلُ‪ :‬أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِي يَا رَسُولَ اللَهِ ؟! فَوَاللَهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا‪ ،‬يُرِ يدُ الْحَرَتَيْنِ‪ ،‬أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي‪ ،‬فَضَحِكَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ت أَنْيَابُهُ‪ ،‬ثُ َم قَا َل أَطْعِمْ ُه أَهْلَكَ)‪.‬‬
‫حَتَى بَدَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في كتاب الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبوداود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الصوم‪ ،‬و الدارمي‬
‫في الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النفقات‪ ،‬األداب‪.‬‬
‫‪295‬‬
‫( َف َتصَ َدقْ بِهِ ) أمر واألمر يدل على الوجوب وصرف الكفارة فيه ألنه مصرف الكفارة حيث وضح للنبي صلى اهلل عليه وسلم أن أسرته‬
‫أفقر أسرة في مجتمع المدينة وأنها أحوج أسرة لصرف الكفارة عليها ‪.‬‬

‫من أفطر باألكل أو الشرب متعمدا‬


‫الصحيح‪ :‬أن األكل والشرب بتعمد في نهار رمضان يوجب الكفارة المذكورة في حديث الذي جامع أهله في نهار رمضان ألن الجماع في‬
‫غير نهار شهر رمضان حالل كاألكل والشرب في غير نهار رمضان‪ ،‬وإنما حرم األكل والشرب والجماع احتراما لنهار شهررمضان‪،‬‬
‫وانتهاك حرمة نهار شهررمضان باألكل أو الشرب كانتهاكه بالجماع تماما‪ ،‬والكفارة هي عقاب النتهاك حرمة شهر رمضان بالفطر في‬
‫نهاره وال فرق بين مفطر ومفطر لكون الجميع حالال لم يحرم في نهار رمضان إال لعارض الصوم ولحرمة نهار شهررمضان السيما‬
‫ستِينَ‬
‫شهْ َر ْينِ‪َ ،‬أوْ يُطْعِمَ ِ‬
‫وقد ورد في رواية (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَ َمضَانَ َأنْ يُ ْع ِتقَ رَ َقبَةً‪َ ،‬أوْ َيصُومَ َ‬
‫مِسْكِينًا)(‪ )1‬الحديث دليل على أن الكفارة والتغليظ فيها هي عقوبة على انتهاك حرمة نهار شهررمضان باإلفطار فيه بأي مفطر ‪.‬‬

‫مجاع الناسي لصومه‬


‫الواقع أن الصائم يمك ن أن ينسى فيأكل وهو صائم ويمكن أن ينسى فيشرب وهو صائم‪ ،‬ألن حركة األكل أو الشرب خفيفة وقصيرة‬
‫وسهله ومتوقع من الصائم أن ينسى فيأكل أو يشرب ناسيا للصيام‪ ،‬أما الجماع فهو عملية ليست بسيطة وال قصيرة وال ممكنة في ثانية أو‬
‫ثوان فيندر أن يحصل بين زوج وزوجته عملية جماع ويتم الجماع والزوج ناسيا والزوجة ناسية للصيام فنسيان الزوج والزوجة الصيام‬
‫في الوقت الذي تتم فيه عملية الجماع حتى يفرغا من الجماع أمر يبعد حدوثه‪ ،‬وإذا فرض حدوثه فعلى وجه الندرة والنادر ال حكم له‪،‬‬
‫والستبعاد أن يحدث عملية جماع بين زوجين وكل منهما ناس للصيام ولكونه في شهر رمضان لم يذكر النبي صلى اهلل عليه وسلم الجماع‬
‫في الحديث الذي بين فيه أن من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم فإن صومه صحيح‪ ،‬وإنما أطعمه اهلل وسقاه لحديث (ِإذَا نَسِيَ فَأَ َكلَ وَشَرِبَ‬
‫صوْمَهُ‪ ،‬فَِإنَمَا أَطْعَمَهُ اللَهُ وَسَقَاهُ)(‪ )2‬الحديث دليل على صحة صوم من أكل أو شرب ناسيا ولم يذكر في الحديث صحة صيام من‬
‫فَ ْل ُيتِمَ َ‬
‫جامع ناسيا ألن الجماع يحتاج إلى وقت أكثر من وقت األكل أو الشرب بكثير ويحتاج إلى فعل أكثر من فعل األكل أو الشرب بكثير‬
‫ويحتاج إلى عملية مشاركة في وقوع الجماع بين الزوج والزوجة ولذا لم يذكره النبي صلى اهلل عليه وسلم في الحديث‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن‬
‫الحديث خاص باألكل والشرب فقط وأن األصل في عملية الجماع في نهار شهررمضان هو التعمد ومن ادعى النسيان فهو خالف‬
‫األصل‪ ،‬والقياس يكون في المعامالت أما في العبادات فال قياس فيها ألن األصل في العبادات التوقف على األدلة فال تقاس صالة على‬
‫صالة وال صيام على صيام وال صيام على صاله ‪.‬‬

‫وجوب الكفارة على املرأة اجملامعة‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على المرأة المطاوعة على الجماع في نهار شهررمضان الكفارة والقضاء‪ ،‬ألن حكم المرأة مثل حكم الرجل إال إذا‬
‫كانت مكرهة فيجب عليها القضاء وال كفارة عليها‪ ،‬ولكن يبعد أن تتم عملية جماع بين الزوج والزوجة بدون رغبة من الزوجة‪ ،‬وأما عدم‬
‫ذكر المرأة في حديث المجامع في نهار شهر رمضان فهو ال يستلزم عدم الوجوب عليها ألن حكم المرأة حكم الرجل في التكليف بالطهارة‬
‫والصالة والزكاة والصوم والحج وسائر التكاليف ا لشرعية إال أن يأتي دليل يخصصها‪ ،‬ولم يأت دليل يخصص المرأة المطاوعة من‬
‫وجوب الكفارة عليها وخطابات الشرع في التكليف مخاطب بها الذكور‪ ،‬واألنثى مكلفة بهذه التكاليف بالتبعية للذكر قال تعالى في وجوب‬
‫الطهارة {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا قُ ْمتُمْ إِلَى الصَالةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وََأ ْي ِديَكُمْ إِلَى الْمَرَا ِفقِ وَامْسَحُواْ بِ ُرؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَ ْعبَينِ وَإِن‬
‫طيِباً‬‫جدُواْ مَاء َف َتيَمَمُواْ صَعِيداً َ‬ ‫ستُمُ النِسَاء فَلَمْ تَ ِ‬
‫حدٌ مَنكُم ِمنَ الْغَائِطِ َأوْ الَمَ ْ‬ ‫جنُباً فَاطَهَرُواْ وَإِن كُنتُم مَ ْرضَى َأوْ عَلَى سَفَرٍ َأوْ جَاء أَ َ‬ ‫كُنتُمْ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫فَامْسَحُواْ ِبوُجُوهِكُمْ وََأ ْيدِيكُم ِمنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ ِليُطَهَرَكُمْ وَِليُتِمَ نِعْ َمتَهُ عََليْكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ} وفي‬
‫الةَ وَآتُواْ الزَكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَاكِعِينَ}(‪ )4‬وفي وجوب الصيام {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ُكتِبَ عََليْكُمُ‬ ‫صَ‬ ‫وجوب الصالة والزكاة {وَأَقِيمُواْ ال َ‬
‫(‪)6‬‬
‫عنِ الْعَالَمِينَ} النساء تبع‬ ‫غنِيٌ َ‬ ‫سبِيالً وَمَن كَفَرَ فَِإنَ اهلل َ‬ ‫ستَطَاعَ إَِليْهِ َ‬ ‫صيَامُ}(‪ )5‬وفي وجوب الحج {وَلِلّهِ عَلَى النَاسِ حِجُ ا ْل َبيْتِ مَنِ ا ْ‬ ‫ال ِ‬
‫للرجال في كل التكاليف المخاطب بها الرجال إال فيما يُخصصن فيه بدليل خاص بالتخصيص ‪.‬‬

‫الالبة‪ :‬أرض بها حجارة سود‪.‬‬ ‫المكتل‪ :‬القفة أو السلة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العرق‪ :‬القفة أو السلة الكبيرة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب تغليظ تحريم الجماع في نهاررمضان‪ .‬حديث‪ .‬رقم (‪ )2514‬بلفظ (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَحْمَنِ أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَثَهُ‪ ،‬أَنَ النَبِ َ‬
‫ن مِسْكِينًا)‪.‬‬
‫ن يُعْتِقَ رَقَبَةً‪ ،‬أَ ْو يَصُو َم شَهْرَيْنِ‪ ،‬أَوْ يُطْعِ َم سِتِي َ‬ ‫ن أَ ْ‬‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَمَ َر رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَا َ‬
‫أخرجه البخاري في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الصوم والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا‪ .‬حديث رقم (‪ )1133‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ب فَلْيُتِ َم صَوْمَهُ‪ ،‬فَإِنَمَا أَطْعَمَ ُه اللَ ُه وَسَقَاهُ)‪.‬‬
‫ي فَأَكَلَ وَشَرِ َ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا نَسِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإليمان والنذور‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)43( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقره‪.)153( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)17( :‬‬
‫‪296‬‬
‫ترتيب كفارة اجلماع يف نهار رمضان‬
‫شهْ َريْنِ‬
‫ستَطِيعُ َأنْ َتصُومَ َ‬ ‫جدُ رَ َقبَةً تُعْتِ ُقهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ف َهلْ تَ ْ‬
‫الصحيح‪ :‬أن كفارة الجماع في نهار شهررمضان مرتبة لحديث ( َهلْ تَ ِ‬
‫ستِينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ‪ :‬لَا)(‪ )1‬ويرجح هذا الحديث المتفق عليه بين البخاري ومسلم على حديث‬ ‫جدُ إِطْعَامَ ِ‬‫ُم َتتَابِ َع ْينِ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬ف َهلْ تَ ِ‬
‫صيَامِ‬
‫التخيير الذي رواه مالك بلفظ (َأنَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَ َمضَانَ‪ ،‬فَأَمَ َرهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ أَنْ يُكَفِرَ‪ ،‬بِ ِع ْتقِ رَ َقبَةٍ‪َ ،‬أوْ ِ‬
‫جدُ)(‪ )2‬ألن الحديث المتفق عليه أصح‪ ،‬والعمل باألصح هو األحب إلى اهلل عز وجل‪،‬‬ ‫ستِينَ مِسْكِينًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا أَ ِ‬
‫شهْ َر ْينِ ُم َتتَابِ َع ْينِ‪َ ،‬أوْ إِطْعَامِ ِ‬
‫َ‬
‫وحديث الترتيب مبين‪ ،‬وحديث التخيير مجمل‪ ،‬ويقدم العمل بالحديث المبين على الحديث المجمل‪ ،‬والقصد في العقوبات الردع والزجر‬
‫والترتيب أردع من التخيير وأبلغ في الزجر ‪.‬‬

‫مقدار اإلطعام‬
‫قد سبق القول‪ :‬بأن الواجب أن يُطعم المكفرُ المسكين وجبتين في اليوم طعامًا مطبوخاً جاهزاً من أوسط ما يأكله المكفر أو يعطي المسكين‬
‫قيمة وجبتين غذائيتين تباع في مطعم من المطاعم التي يرتادها الكثير من الناس‪ ،‬وتكون قيمتها قيمة الطعام الذي يشتريه غالب رواد‬
‫المط اعم‪ ،‬ويختلف سعر الوجبتين باختالف األسعار وباختالف الزمان والمكان‪ ،‬أما إعطاء المسكين حبوبا فال يجزئ‪ ،‬ألن الحبوب التي لم‬
‫تطحن ولم تعجن ولم تطبخ ال تسمى طعاما وال يصدق عليها اسم الطعام ال من حيث اللغة وال من حيث الشرع وال من حيث العرف وال‬
‫يتحقق بها مراد اهلل ومراد رسوله صلى اهلل عليه وسلم من التكفير بإطعام المساكين ‪.‬‬

‫تكرر الكفارة بتكرر اإلفطار‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على من يكرر الوطء في نهار شهر رمضان كفارة لكل يوم لكونه ينتهك حرمة النهار في يوم رمضان‪ ،‬لكون كل يوم‬
‫(‪. )3‬‬
‫شعيرة وتعظيمها واجب وانتهاكها حرام قال تعالى {ذَِلكَ وَمَن يُعَّظِمْ شَعَائِرَ اللَهِ فَِإنَهَا مِن تَ ْقوَى الْقُلُوبِ}‬

‫وجوب اإلطعام على املعسر إذا أيسر‬


‫الصحيح‪ :‬أن من أعسر ولم يستطع الصيام وال اإلطعام يكون اإلطعام ديناً في ذمته يجب عليه أن يطعم إذا أيسر لكونه ديناً هلل عز وجل‬
‫(‪)4‬‬
‫حقُ َأنْ يُ ْقضَى)‬
‫في ذمته ال تبرأ ذمته إال بأدائه إلى المساكين ألنه حق لهم لحديث ( َف َد ْينُ اللَهِ أَ َ‬

‫عدم وجوب الكفارة على من يفطر عمدا يف قضاء رمضان‬


‫الصحيح‪ :‬أن من يفطر عمدا وهو يقضي صيام شهر رمضان ال تجب عليه الكفارة ألنه ليس لليوم الذي أفطر فيه حرمة كالحرمة التي‬
‫لنهارشهر رمضان ‪.‬‬

‫استحباب تعجيل الفطر‬


‫(‪)5‬‬
‫خيْرٍ مَا عَجَلُوا الْفِطْرَ) ‪.‬‬
‫يستحب للصائم تعجيل الفطر بعد تيقن دخول الليل لحديث (لَا يَزَالُ النَاسُ بِ َ‬

‫استحباب تأخري السحور‬

‫(‪)7‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫صيَامِ أَ ْهلِ الْ ِكتَابِ أَكْلَةُ السَحَرِ)‬
‫صيَا ِمنَا َو ِ‬
‫صلُ مَا َب ْينَ ِ‬
‫ولحديث ( َف ْ‬ ‫يستحب للصائم السحور لحديث (تَسَحَرُوا‪ ،‬فَِإنَ فِي السَحُورِ بَرَكَةً)‬
‫ومن لم يتسحر فصيامه صحيح ولكنه حرم من الثواب ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه رقم (‪.)1134‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬موطأمالك‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب كفارة من أفطر في رمضان‪ .‬حديث رقم (‪ )552‬بلفظ (عَنْ أَ بِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ‪ ،‬فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ يُكَفِرَ‪ ،‬بِعِتْقِ رَقَبَةٍ‪ ،‬أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ‪ ،‬أَوْ إِطْعَامِ سِتِينَ مِسْكِينًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا أَجِدُ‪ ،‬فَأُتِيَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِعَرَقِ تَمْرٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬خُذْ‬
‫ت أَنْيَابُهُ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬كُلْهُ)‪.‬‬
‫ج مِنِي‪ ،‬فَضَحِكَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَتَى بَدَ ْ‬
‫ق بِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬مَا أَجِ ُد أَحْوَ َ‬ ‫هَذَا فَتَصَدَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في الصيام‪ ،‬ومسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصيام‪ ،‬وأبو داود في الصيام‪ ،‬وابن ماجة في الصيام‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصيام‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العرق‪ :‬وعاء يصنع من الخو تكال به أشياء‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)32( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1153‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب تعجيل اإلفطار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1157‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا يَزَالُ النَاسُ‬
‫بِخَيْرٍ مَا عَجَلُوا الْفِطْرَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الصوم‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب بركة السحور‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1123‬بلفظ (عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن فِي السَحُو ِر بَرَكَةً)‪.‬‬ ‫تَسَحَرُوا فَإِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ .‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ن الْعَا ِ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب فضل السحور وتأ كيد استحبابه‪ .‬جديث رقم (‪ ) 2545‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْ ِ‬
‫ب أَكْلَ ُة السَحَرِ)‪.‬‬‫ن صِيَامِنَا وَصِيَا ِم أَهْ ِل الْكِتَا ِ‬ ‫فَصْلُ مَا بَيْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الصيام‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪297‬‬
‫حرمة الرفث واملشامتة على الصائم‬
‫يحرم على الصائم الرفث والمشاتمة والتشاجر والتخاصم مع اآلخرين بسبب الصيام‪ ،‬هذه األفعال محرمة في كل وقت‪ ،‬ولكن التحريم‬
‫يتأكد أكثر في حق الصائم والمحرم لحديث ( إذا كان يوم صوم أحدكم فال يرفث وال يصخب‪ ،‬فإن سابه أحد أو قاتله فليقل‪ :‬إني امرؤ‬
‫(‪)1‬‬
‫صائم)‬

‫حكم احلقنة العالجية للصائم‬


‫اإلبرة إذا كانت مما يغذي الجسد فهي مفطرة وإن كانت مما ال يغذي الجسد وإنما هي لمجرد العالج فهي غير مفطرة سواء كانت الحقنة‬
‫في العضل أو في الوريد ‪.‬‬

‫حكم الكحل يف العني‬


‫الكحل في العين ال يفطر الصائم ألنه ال يدخل إلى الحلق ‪.‬‬

‫حكم شم العود والعطر والبخور‬


‫الصحيح‪ :‬أن روائح العود والعطر والبخور ال يبطل الصيام ألن األصل الجواز ومن ادعى أنه يكره أو يحرم أو يبطل الصيام فعليه الدليل‬
‫الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة ‪.‬‬

‫حكم حقنة الدم‬


‫المريض الذي يعطى حقن دم إنسان آخر إذا كان المريض صائما فحقنة الدم تفطر ألنها تغذي الجسد وتقويه‪ ،‬فهي مثل الغذاء تفطر‬
‫الصائم ألنها تقوم بعمل الغذاء في تغذية الجسد وتقويته ‪.‬‬

‫حكم صيام من يدخن السيجارة أو املداعة‬


‫الدخان بالسيجارة أو المداعة تعاطيهما في نهار شهررمضان أو أحدهما يفطر الصائم كما قرره علماء العصر ألنه يتلذذ المدخن بهذا‬
‫الدخان‪ ،‬أما من يصل إليه دخان السيجارة أو المداعة من مدخن بالقرب منه وهو ال يدخن بأحدهما فوصول الدخان إلى أنفه أو فمه ال‬
‫يفطر ألنه ليس باختياره وال بقصد منه وهو مثل وصول دخان المطبخ إلى أنف الطباخ أو الطباخة ال يفطر الصائم ‪.‬‬

‫واجب من رأي الصائم يأكل أو يشرب ناسيا تذكريه بالصوم‬


‫يجب على من رأى صائما يأكل أو يشرب أن يذكر الصائم بصومه‪ ،‬ويقول‪ :‬له هل أنت مسافر أو مريض أو ناس أو لماذا تأكل أو تشرب‬
‫وأنت صائم ‪.‬‬

‫جواز استعمال معجون األسنان للصائم‬


‫يجوز للصائم أن يستعمل معجون األسنان ولكن يتحرى لئال يدخل منه شيء إلى حلقه‪ ،‬فإذا وصل شيء منه إلى حلقه فقد أفطر ‪.‬‬

‫حكم االستياك بالسواك الرطب‬


‫يستحب االستياك في نهار شهررمضان وإذا نزل جزء من عود السواك إلى حلق الصائم فإنه يفطِر‪ ،‬مع أن اإلمام الشافعي يكره للصائم‬
‫السواك بعد الظهر حتى ولو لم ينزل منه شيء إلى حلق الصائم قال ألنه يذهب بخلوف الصائم‪ ،‬ورد عليه العلماء بأن خلوف الصائم يطلع‬
‫من المعدة وأن السواك ال يذهب بخلوف الصائم‪ ،‬وأنه يستحب السواك للصائم في كل وقت الصيام ‪.‬‬

‫دخول الغبار أو الطحني إىل جوف الصائم‬


‫دخول الغبار إلى جوف الصائم ممن يعمل في زارعة األرض أو في مصنع اسمنت أو يعمل عمال يصل منه الغبار إلى أنف الصائم أو‬
‫من يعمل على مكينة أو مكائن لطحن الحبوب فإن دخول الغبار أو الطحين أو نحوهما إلى جوف الصائم بدون قصد وال اختيار منه ال‬
‫يفطره ‪.‬‬

‫مضغ الصائم اللبان‬


‫مضغ الصائم اللبان يفطر ألن له طعما وكلما ينزل إلى الحلق فإنه يفطر الصائم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب هل يقول‪ :‬إني صائم إذا شتم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1104‬بلفظ (عن أبي صالح الزيات‪ ،‬أنه سمع أبا هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل ع ليه وسلم‪ ،‬قال اهلل‪ :‬كل عمل ابن آدم له إال الصيام‪ ،‬فإنه لي وأنا أجزي به‪ ،‬والصيام جنة‪ ،‬وإذا كان يوم صوم أحدكم فال يرفث وال‬
‫يصخب‪ ،‬فإن سابه أحد أو قاتله فليقل‪ :‬إني امرؤ صائم‪ ،‬والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم اطيب عند اهلل من ريح المسك‪ ،‬للصائم فرحتان يفرحهما‪ ،‬إذا‬
‫أفطر فرح‪ ،‬وإذا لقي ربه فرح بصومه)‪.‬‬
‫‪298‬‬
‫تعاطي الشمة (الربدقان)‬
‫تعاطي الشمة (البردقان) في نهار شهررمضان يفطر ألنه ينزل إلى الحلق‪ ،‬وألن المتعاطي يتلذذ بالشمة‪ ،‬كما يتلذذ بالسيجارة متعاطي‬
‫السيجارة والمداعة‪ ،‬وتعاطي أي من هذه التوالع البردقان أو السيجارة أوالمداعة في نهار شهررمضان يفطر ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫الباب الثالث ‪:‬الصيام املندوب واملكروه واحملرم‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬الصيام المندوب‪.‬‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬الصيام المحرم والمكروه‬

‫‪311‬‬
‫الفصل األول ‪:‬الصيام املندوب‬

‫صيام يوم عاشوراء‬ ‫‪‬‬


‫صيام يوم عرفة‬ ‫‪‬‬
‫صيام الست من شوال‬ ‫‪‬‬
‫صيام أيام البيض‬ ‫‪‬‬
‫صيام ثالثة أيام غير معينة من كل شهر‬ ‫‪‬‬
‫استحباب صيام يوم وإفطار يوم‬ ‫‪‬‬
‫صوم شعبان‬ ‫‪‬‬

‫‪311‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصيام المندوب‬

‫من الصيام المستحب صيام الست من شوال وصيام عشر ذي الحجة ومنها صيام يوم عرفة وصيام شهر اهلل المحرم ومنه صيام عاشوراء‬
‫وصيام االثنين والخميس من كل أسبوع وأيام البيض من كل شهر وصيام شهر شعبان وصيام يوم وإفطار يوم‪.‬‬

‫صيام يوم عاشوراء‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يستحب للمسلم وللمسلمة صيام التاسع مع العاشر من شهر محرم ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم ال يهم إال بمشروع لحديث‬
‫(فَِإذَا كَانَ الْعَامُ الْمُ ْق ِبّلُ ِإنْ شَاءَ الّلَهُ صُ ْمنَا ا ْل َيوْمَ التَاسِعَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَّلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُ ْق ِبّلُ حَتَى تُوُفِيَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ)(‪ )1‬في‬
‫الحديث داللة على مشروعية صيام يومي التاسع والعاشر من شهر محرم من كل سنة‪.‬‬

‫صيام يوم عرفة‬


‫الصحيح‪ :‬استحباب صيام يوم عرفة لمن لم يكن محرِماً بالحج بعرفة ألن صيامه يكفر ذنوب سنتين السنة الماضية والسنة المستقبلية‬
‫لحديث (صيام يوم عرفة أحتسب على اهلل أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)(‪ )2‬قال العلماء تكفير السنة الماضية معلوم ألنه‬
‫تكفير لذنوب قد وقعت‪ ،‬وأما ذنوب السنة المستقبلية فغير مفهوم فقال العلماء‪ :‬المراد بتكفير ذنوب السنة المستقبلية هو توفيق اهلل لمن صام‬
‫يوم عرفه بأن اليذنب في السنة المستقبلية وإن حصل منه ذنوب فيوفقه اهلل تعالى إلى التوبة النصوح من الذنوب فيتوب ويتوب اهلل عليه‬
‫ويصير وكأنه لم يذنب‪ ،‬وأما من كان محرما بعرفه في يوم عرفه فيستحب له اإلفطار وال يستحب له الصيام وهو محرم بالحج لحديث‬
‫صوْمِ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَبَ َعثْتُ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِشَرَابٍ فَشَ ِربَهُ)(‪ )3‬النبي صلى اهلل‬
‫شكَ النَاسُ َيوْمَ عَرَفَةَ فِي َ‬
‫( َ‬
‫عليه وسلم شرب الشراب أمام الواقفين بعرفة ليعلمهم أنه مفطر وليعلمهم أن فطر المحرمين الواقفين بعرفة أفضل من الصيام في عرفة‬
‫لمن هو محرم بالح ج ليتقوى على الوقوف واإلكثار من الدعاء والذكر واألعمال الصالحة في هذا اليوم الذي يباهي اهلل بالواقفين‬
‫وتضرعهم ودعائهم وإقبالهم عليه المالئكة ‪.‬‬

‫صيام الست من شوال‬


‫(‪)4‬‬
‫صيَامِ الدَهْرِ) وال يشترط في صيام الست من‬
‫شوَالٍ كَانَ َك ِ‬
‫ستًا ِمنْ َ‬
‫يستحب صيام الست من شوال لحديث ( َمنْ صَامَ رَ َمضَانَ ثُمَ َأ ْتبَعَهُ ِ‬
‫شوال أن تكون عقيب رمضان وال أن تكون متوالية وصيام الست مع رمضان كصيام الدَهر ألن الحسنة بعشر أمثالها فصيام رمضان‬
‫ثالثون يوما وصيام الست يكون صومها مع رمضان صيام ست وثالثين يوما واليوم كصيام عشره أيام فيكون كصوم السنة ثالثمائة‬
‫وستين يوما ألن الحسنه بعشر أمثالها‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب أي يوم يصام في عاشوراء‪ .‬جديث رقم (‪ ) 2661‬بلفظ (عن إِسْمَعِيلُ بْنُ أُمَيَةَ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِيَ يَقُولُ‪:‬‬
‫ن صَامَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَوْ َم عَاشُورَاءَ وَأَمَ َر بِصِيَامِهِ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬إِنَ ُه يَوْ ٌم تُعَّظِمُهُ‬ ‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬حِي َ‬ ‫س رَضِ َ‬ ‫سَمِعْتُ عَبْ َد اللَ ِه بْنَ عَبَا ٍ‬
‫الْيَهُودُ وَالنَصَارَى‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَاسِعَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَى تُوُفِيَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في الصيام‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في الصيام‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب استحباب صيام ثالثة أيام من كل شهر حديث‪ .‬رقم (‪ ) 22736‬بلفظ (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَجُلٌ أَتَى النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فَقَالَ‪ :‬كَيْفَ تَصُومُ ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمَا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ غَضَبَهُ قَالَ‪ :‬رَضِينَا بِاللَهِ رَبًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَدٍ نَبِيًا نَعُوذُ بِاللَهِ‬
‫مِنْ غَضَبِ اللَهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ يُرَدِدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَى سَكَنَ غَضَبُهُ‪ ،‬فَقَالَ عُمَرُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَهْرَ كُلَهُ؟ قَالَ لَا صَامَ‬
‫وَلَا أَفْطَرَ أَوْ قَالَ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ‪ :‬وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا ؟ قَالَ ذَااَ صَوْمُ‬
‫دَاوُدَ عَلَيْهِ السَلَام‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ ؟ قَالَ‪ :‬وَدِدْتُ أَنِي طُوِقْتُ ذَلِكَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ثَلَاثٌ مِنْ كُلِ شَهْرٍ‬
‫وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَهْرِ كُلِهِ‪ ،‬صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَهِ أَنْ يُكَفِرَ السَنَةَ الَتِي قَبْلَهُ وَالسَنَةَ الَتِي بَعْدَهُ‪ ،‬وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى‬
‫ن يُكَفِ َر السَنَ َة الَتِي قَبْلَهُ)‪.‬‬‫اللَ ِه أَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬طوقت ذالك‪ :‬قدرت عليه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم يوم عرفة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1151‬بلفظ (عَنْ أُمِ الْفَضْلِ‪ ،‬شَكَ النَاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ب فَشَرِبَهُ)‪.‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِشَرَا ٍ‬ ‫ت إِلَى النَبِ ِ‬
‫فَبَعَثْ ُ‬
‫أخرحه مسلم في الصيام‪ ،‬وأبو داود في الصيام‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫أظراف الحديث‪ :‬الحج‪ ،‬األشربة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ب‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعا‪ .‬حديث رقم (‪ )2750‬بلفظ (عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِيِ عَنْ أَبِي أَيُو َ‬
‫ن ثُ َم أَتْبَعَ ُه سِتًا مِنْ شَوَا ٍل كَانَ كَصِيَا ِم الدَهْرِ)‪.‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَهُ حَدَثَهُ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَال‪ :‬مَنْ صَا َم رَمَضَا َ‬ ‫الْأَنْصَارِيِ رَضِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في ال صوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪312‬‬
‫صيام أيام البيض‬
‫يستحب صيام أيام البيض من كل شهر لحديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَأْمُرُنَا‪َ ،‬أنْ َنصُومَ ا ْلبِيضَ‪ ،‬ثَلَاثَ عَشْ َرةَ‪ ،‬وَأَ ْربَعَ‬
‫عَشْ َرةَ‪ ،‬وَخَمْسَ عَشْ َرةَ)(‪ )1‬وال وجه للقول بكراهة صيامها‪ ،‬وتسميتها بأيام الغرر لظهور القمر في لياليها وهي ليالي الثالث عشر والرابع‬
‫عشر والخامس عشر من الشهر وفي هذه الليالي يكون القمر واضحا ووضوحه هو السبب في تسميتها أيام البيض ‪.‬‬

‫صيام ثالثة أيام غري معينة من كل شهر‬


‫يستحب صيام ثالثة أيام غير معينة من كل شهر لحديث معاذة العدوية رضي اهلل عنها(َأ َنهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ َزوْجَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫شهْرِ كَانَ َيصُومُ قَالَتْ‪:‬‬ ‫وَسَلَم‪ ،‬أَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َيصُومُ ِمنْ كُلِ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ َأيَامٍ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقُلْتُ‪َ :‬لهَا ِمنْ أَيِ َأيَامِ ال َ‬
‫شهْرِ َيصُومُ)(‪ )2‬جاء في بعض األحاديث أنها الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وفي بعض األحاديث‬ ‫لَمْ يَ ُكنْ ُيبَالِي ِمنْ أَيِ َأيَامِ ال َ‬
‫مسكوت عنه فيصوم ثالثة أيام من الشهر سواء من أوله أو من أوسطه أو من آخره‪ ،‬وقد ورد عن حفصة رضي اهلل عنها (كَانَ رَسُولُ‬
‫شهْرِ‪ ،‬الِا ْث َن ْينِ‪ ،‬وَالْخَمِيسَ‪ ،‬وَالِا ْث َن ْينِ‪ِ ،‬منْ الْجُمْعَةِ الْأُخْرَى)(‪.)3‬‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َيصُومُ ثَلَاثَةَ َأيَامٍ ِمنْ ال َ‬

‫استحباب صيام يوم وإفطار يوم‬


‫يستحب صيام يوم وإفطار يوم لحديث (صُمْ َيوْمًا وَأَفْطِرْ َيوْمًا)(‪.)4‬‬

‫صوم شعبان‬
‫شهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ َأنْ َيصُومَهُ شَ ْعبَانُ‪ ،‬ثُمَ َيصِلُهُ‬ ‫يستحب صيام شهر شعبان كله لحديث (كَانَ أَحَبَ ال ُ‬
‫بِرَ َمضَانَ)(‪ )5‬ومن كان عادته أن يصوم شهر شعبان كله فال مانع أن يصوم آخر يوم من شهرشعبان ويواصله بصيام شهررمضان‪ ،‬وال‬
‫صوْمِ َيوْمٍ َأوْ َيوْ َم ْينِ)(‪ )6‬ألنه لم يتعمد تقدم رمضان بصوم يوم أو‬ ‫حدُكُمْ رَ َمضَانَ ِب َ‬
‫يصدق عليه في هذه الحالة النهي في حديث (لَا َيتَ َقدَ َمنَ أَ َ‬
‫يومين ألنه مواصل الصيام من أول الشهر ومن لم تكن عادته صيام شهر شعبان كله فيجوز له أن يصوم أكثر شهر شعبان إال قبل‬
‫رمضان بيوم أو يومين فال يجوز صيامهما للنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين‪ ،‬وأما صيام النصف الثاني من شعبان لمن لم‬
‫يصم في النصف األول فهو مكروه لحديث (ِإذَا ا ْن َتصَفَ شَ ْعبَانُ فَلَا تَصُومُوا)(‪ )7‬وال معارضة بين األحاديث‪ ،‬فمن سيصوم من أول‬
‫شهرشعبان الشهر كله فهو مستحب ومن يريد الصوم بعد منتصف شهرشعبان فهو مكروه‪ ،‬ومن لم تكن عادته صيام شهرشعبان كله‬
‫فيجوز له أن يصوم أكثرشهر شعبان إال قبيل رمضان بيوم أو يومين فاليجوز له صيامهما للنهي عن تقدم شهررمضان بصوم يوم أو‬
‫يومين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب في صوم الثالث من كل شهر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2441‬بلفظ (عَنْ ابْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِ عَنْ أَبِيهِ‪،‬قَال‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه‬
‫ن نَصُو َم الْبِيضَ‪،‬ثَلَاثَ عَشْرَةَ‪ ،‬وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ‪،‬وَخَمْسَ عَشْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪:‬وَقَالَ‪:‬هُنَ كَهَيْئَ ِة الدَهْرِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَأْمُرُنَا‪ ،‬أَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في الصوم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصي ام‪ :‬باب استحباب صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2736‬بلفظ (عَنْ يَزِيدَ الرِشْكِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬حَ َدثَتْنِي مُعَاذَةُ الْعَدَوِيَةُ‪ ،‬أَنَهَا سَأَلَتْ‬
‫عَائِشَةَ زَوْجَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ ،‬أَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ لَيْهِ وَسَلَمَ يَصُومُ مِنْ كُلِ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَامٍ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لَهَا مِنْ أَيِ أَيَامِ الشَهْرِ كَانَ‬
‫ي أَيَامِ الشَهْ ِر يَصُومُ)‪.‬‬ ‫ن أَ ِ‬‫ن يُبَالِي مِ ْ‬ ‫يَصُو ُم قَالَتْ‪ :‬لَ ْم يَكُ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب من قال‪ :‬االثنين والخميس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2451‬بلفظ (عَنْ حَفْصَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ‬
‫ن الْجُمْعَ ِة الْأُخْرَى) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بتفس الرقم‪.‬‬ ‫ن مِ ْ‬‫ن الشَهْرِ‪ ،‬الِاثْنَيْنِ‪ ،‬وَالْخَمِيسَ‪ ،‬وَالِا ثْنَيْ ِ‬ ‫أَيَا ٍم مِ ْ‬
‫أخرجه النسائي في الصوم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ .:‬باب صوم داود‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1150‬بلفظ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ‪ :‬دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ عَلَى عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَمْرٍو‪،‬‬
‫فَحَدَثَنَا أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي فَدَخَلَ عَلَيَ‪ ،‬فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ‪ ،‬فَجَلَسَ عَلَى الْأَ ْرضِ وَصَارَتْ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ‪،‬‬
‫فَقَالَ‪ :‬أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِ شَهْرٍ ثَلَاثَةُ أَيَامٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَمْسًا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬يَ ا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَبْعًا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬تِسْعًا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْ ِم دَاوُدَ عَلَيْ ِه السَلَام‪ ،‬شَطْ َر الدَهَرِ‪ ،‬صُ ْم يَوْمًا وَأَفْطِ ْر يَوْمًا)‪.‬‬ ‫اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِحْدَى عَشْرَةَ‪ ،‬ثُمَ‪ ،‬قَا َل النَبِ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ .‬وأبوداودفي الص وم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫الشطر‪ :‬النصف‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬األدم‪ :‬الجلد المدبوغ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب في صوم شعبان‪ .‬حديث رقم (‪ )2431‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ أَبِ ي قَيْسٍ سَمِعَ عَائِشَةَ‪ ،‬تَقُولُ‪ :‬كَانَ أَحَبَ الشُهُورِ إِلَى رَسُولِ‬
‫ن يَصُومَهُ شَعْبَانُ‪ ،‬ثُ َم يَصِلُ ُه بِرَمَضَانَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَ ْ‬
‫أخرجه أحمد في مسند األنصار‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب ال يتقدم رمضان بصوم يوم واليومين‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1114‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ك الْيَوْمَ)‪.‬‬
‫ن يَصُو ُم صَوْمَهُ‪ ،‬فَلْيَصُ ْم ذَلِ َ‬
‫ن يَكُونَ رَجُلٌ كَا َ‬
‫ن بِصَوْ ِم يَوْمٍ أَ ْو يَوْمَيْنِ‪ ،‬إِلَا أَ ْ‬ ‫ن أَحَدُكُ ْم رَمَضَا َ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا يَتَقَدَمَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسندالمكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب في كراهية ذالك‪ .‬حديث رقم (‪ )22337‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَا ُ‬
‫فَلَا تَصُومُوا) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داودبنفس الرقم‪.‬‬
‫‪313‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬الصيام احملرم واملكروه‬

‫صوم العيدين‬ ‫‪‬‬


‫صوم أيام التشريق‬ ‫‪‬‬
‫إفراد يوم الجمعة بالصيام‬ ‫‪‬‬
‫صوم يوم الشك‬ ‫‪‬‬
‫صوم يوم السبت‬ ‫‪‬‬
‫صيام الدهر‬ ‫‪‬‬
‫اإلفطار في صوم التطوع‬ ‫‪‬‬

‫‪314‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصيام المحرم والمكروه‬

‫صوم العيدين‬
‫عنْهُ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬هذَانِ َيوْمَانِ‪ ،‬نَهَى رَسُولُ‬
‫ش ِهدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ ْبنِ الْخَطَابِ َرضِيَ اللَهُ َ‬
‫يحرم صوم يوم عيد الفطر وعيد األضحى لحديث ( َ‬
‫(‪)1‬‬
‫صيَامِكُمْ‪ ،‬وَا ْل َيوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ ِمنْ نُسُكِكُمْ) وحديث (نَهَى ال َنبِيُ صَلَى‬
‫صيَا ِمهِمَا‪َ ،‬يوْمُ فِطْرِكُمْ ِمنْ ِ‬
‫عنْ ِ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫صوْمِ َيوْمِ الْفِطْرِ وَالنَحْرِ) في الحديثين داللة واضحة وصريحة على تحريم صوم يومي عيد الفطر واألضحى ألن‬ ‫عنْ َ‬ ‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫النهي يفيد التحريم ‪.‬‬

‫صوم أيام التشريق‬


‫يحرم صيام أيام التشريق ألنها أيام أكل وشرب ويستثنى من التحريم من كان متمتعا بالعمرة إلى الحج ولم يجد الهدى ولم يصم الثالثة‬
‫خصْ فِي َأيَامِ التَشْرِيقِ‬ ‫األيام التى في الحج قبل يوم النحر فيرخص له في صيام الثالثة األيام التي في الحج في أيام التشريق لحديث (لَمْ يُرَ َ‬
‫جدْ َه ْديًا وَلَمْ َيصُمْ صَامَ َأيَامَ‬ ‫جدْ ا ْل َهدْيَ)(‪ )3‬وفي رواية (ال ِ‬
‫صيَامُ لِ َمنْ تَمَتَعَ بِالْعُمْ َرةِ ِإلَى الْحَجِ إِلَى َيوْمِ عَرَفَةَ‪ ،‬فَِإنْ لَمْ يَ ِ‬ ‫َأنْ ُيصَ ْمنَ إِلَا لِ َمنْ لَمْ يَ ِ‬
‫ِمنًى)(‪.)4‬‬

‫إفراد يوم اجلمعة بالصيام‬


‫جميع الفقهاء يذكرون أن صيام يوم الجمعة مفردا في صيام تطوع مكروه ولم يقل أحد بأنه محرم ويستحب صيامه تطوعا إذا صام قبله أو‬
‫صوْمِ َيوْمِ الْجُمُعَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ)(‪ )5‬وحديث (لَا َيصُو َمنَ‬
‫عنْ َ‬
‫عنْهُ‪َ ،‬نهَى ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫بعده لحديث (سَأَلْتُ جَابِرًا َرضِيَ اللَهُ َ‬
‫(‪)6‬‬
‫حدُكُمْ َيوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَا َيوْمًا َقبْلَهُ َأوْ بَ ْع َدهُ) وحديث أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي اهلل عنها (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‬ ‫أَ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫خلَ عَ َل ْيهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬أصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ‪ :‬لَا‪ ،‬قَال‪ :‬تُرِيدِينَ َأنْ َتصُومِي غَدًا؟ قالَتْ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَفْطِرِي) األمر لها‬
‫دَ َ‬
‫بالفطر يقتضي الوجوب‪ ،‬ولكن إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم عاشوراء فيجوز صيامه لكونه يوم عرفه أو يوم عاشوراء ال لكونه‬
‫يوم جمعة ألنه في يوم عرفة وفي يوم عاشوراء قد وُ جد سبب صيامه بدليل خاص بيوم عرفة أو بيوم عاشوراء مع أنه في يوم عاشوراء‬
‫يشرع صيام التاسع والعاشر وسيصوم قبله أو بعده ولم يفرد إال في يوم عرفة إذا صادف يوم عرفة يوم جمعة هذا في صوم التطوع أما‬
‫في صوم القضاء فيجوز صوم الجمعة وال يكره ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم يوم الفطر‪ .‬حديث رقم (‪ )1110‬بلفظ (عَنْ أَبِ ي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخطأبِ رَضِيَ‬
‫ن نُسُكِكُمْ)‪.‬‬‫ن صِيَامِكُمْ‪ ،‬وَالْيَوْمُ الْآخَ ُر تَأْكُلُونَ فِي ِه مِ ْ‬
‫ن صِيَامِهِمَا‪ ،‬يَوْمُ فِطْرِكُ ْم مِ ْ‬ ‫ن يَوْمَانِ‪ ،‬نَهَى رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَ ْ‬ ‫اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَذَا ِ‬
‫أخرجه مسلم في الصيام‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ .‬و النسائي في الصوم‪ .‬و أبوداود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪،‬‬
‫ومالك في النداء للصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النسك‪ :‬الذبح تقربا وطاعة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم يوم الفطر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1111‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَهَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ‬
‫ن صَلَا ٍة بَعْ َد الصُبْحِ وَالْعَصْرِ)‪.‬‬ ‫ب وَاحِدٍ‪ ،‬وَعَ ْ‬ ‫ي الرَجُلُ فِي ثَوْ ٍ‬ ‫ن يَحْتَبِ َ‬ ‫ن الصَمَاءِ‪ ،‬وَأَ ْ‬ ‫صَوْ ِم يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَحْرِ‪ ،‬وَعَ ْ‬
‫أحرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ .‬وأبو داودفي الصوم‪ ،‬وابن ماجة في التجارات‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫اإلحتباء‪ :‬أن يجلس على مؤخرته‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الصماء‪ :‬أن يلف جسده بالثوب الواحد اليّظهر من جسده شيء‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫خصْ فِي‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صيام أيام التشريق‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1155‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمْ‪ ،‬قَالَا‪ :‬لَمْ يُرَ َ‬
‫ن لَ ْم يَجِ ْد الْهَدْيَ)‪.‬‬ ‫ن إِلَا لِمَ ْ‬
‫ن يُصَمْ َ‬ ‫ق أَ ْ‬
‫أَيَا ِم التَشْرِي ِ‬
‫أخرجه مالك في الحج‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أيام التشريق‪ :‬األيام الثالثة التي تلي يوم عيد األضحى‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫صيَامُ لِمَنْ تَمَتَعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صيام أيام التشريق‪ .‬حديث رقم (‪ )1111‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬ال ِ‬
‫إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ‪ ،‬فَإِنْ لَ ْم يَجِ ْد هَدْيًا وَلَ ْم يَصُ ْم صَامَ أَيَا َم مِنًى)‪.‬‬
‫أخرجه مالك في الحج‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم يوم الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1154‬بلفظ (عَنْ مُحَمَدِ بْنِ عَبَادٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬نَهَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫ن يَنْفَرِ َد بِصَوْمٍ)‪.‬‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ صَوْ ِم يَوْ ِم الْجُمُعَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬زَادَ غَيْ ُر أَبِي عَاصِ ٍم يَعْنِي‪ ،‬أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم يوم الجمعة‪ .‬حديث‪ .‬رقم (‪ ) 1155‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن أَحَدُكُ ْم يَوْ َم الْجُمُعَ ِة إِلَا يَوْمًا قَبْلَ ُه أَ ْو بَعْدَهُ)‪.‬‬
‫يَقُولُ‪ :‬لَا يَصُومَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم وأبوداود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم يوم الجمعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1156‬بلفظ (عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن تَصُومِي غَدًا؟ قَالَتْ‪ :‬لَا‪ ،‬قَا َل فَأَفْطِرِي)‪.‬‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ت أَمْسِ؟ قَالَتْ‪ :‬لَا‪ ،‬قَال‪ :‬تُرِيدِي َ‬ ‫دَخَ َل عَلَيْهَا يَوْ َم الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَصُمْ ِ‬
‫أخرجه أبوداود في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪315‬‬
‫صوم يوم الشك‬
‫حدُكُمْ رَ َمضَانَ ِبصَوْمِ َيوْمٍ َأوْ َيوْمَ ْينِ‪ ،‬إِلَا َأنْ‬
‫يحرم صيام يوم الشك بمفرده للنهي عن تقدم رمضان يصوم يوم أو يومين لحديث (لَا يَتَ َقدَ َمنَ أَ َ‬
‫صوْمَهُ‪ ،‬فَ ْل َيصُمْ ذَِلكَ ا ْل َيوْمَ)(‪ )1‬وحديث ( كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتى بشاة فتنحى بعض القوم فقال‬ ‫يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ َيصُومُ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫عصَى َأبَا الْقَاسِمِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ) الحديث دليل على تحريم صوم يوم الشك بمفرده أما من كان له‬ ‫عمار‪ :‬مَنْ صَامَ َهذَا ا ْل َيوْمَ فَ َقدْ َ‬
‫عادة صوم اثنين أو خميس فيجوز صيامه وكذا من صام شهر شعبان كله فيجوز له أن يواصل صيام شعبان بصيام رمضان بدليل خاص‬
‫بصيام شعبان كله‪.‬‬

‫صوم يوم السبت‬


‫ع َنبَةٍ َأوْ عُودَ‬
‫حدُكُمْ إِلَا لِحَاءَ ِ‬
‫جدْ أَ َ‬
‫سبْتِ إِلَا فِيمَا ا ْفتَ َرضَ اللَهُ عََليْكُمْ‪ ،‬فَِإنْ لَمْ يَ ِ‬
‫يكره إفراد يوم السبت بصيام تطوع لحديث (لَا َتصُومُوا َيوْمَ ال َ‬
‫شَجَ َرةٍ فَ ْليَ ْمضُغْهُ)(‪ )3‬فيه دليل على النهي عن إفراد يوم السبت بصوم تطوع إال إذا وافق يوم السبت يوم عرفة فيجوز صومه لكونه يوم‬
‫عرفة للدليل الخاص بصوم يوم عرفه فيعمل بالخاص فيما تناوله وهو جواز صوم يوم السبت إذا صادف أنه يوم عرفة وبالعام في الباقي‬
‫وهو تحريم صوم يوم السبت بمفرده تطوعاً أما في صوم القضاء فيجوز وال يكره ‪.‬‬

‫صيام الدهر‬
‫يكره صوم الدهر لحديث (لَا صَامَ َمنْ صَامَ الدَهْرَ)(‪ )4‬فصوم من يصوم الدهر غير مشروع لنفي الصيام المشروع في الحديث وقد قال‬
‫بعض العلماء هو دعاء على الصائم زجرا له عن مواصلة الصيام المجهد الشاق الذي يمنع الصائم من القيام بكثير من أعمال البر و‬
‫اإلحسان ويعجزه عن القيام بالواجبات والمستحبات ويجعله مقصرا في حقوق نفسه وأهله ومجتمعه ويعطله عن القيام بمصالح دينه‬
‫ودنياه ‪.‬‬

‫اإلفطار يف صوم التطوع‬


‫الصحيح‪ :‬أن الصائم صوم تطوع أمير نفسه إن شاء أن يستمر في صومه حتى غروب الشمس استمر وله ثواب الصيام وإن شاء أن‬
‫يفطر في أثناء النهار أفطر فيه ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم كان يفطر وهو صائم صوما تطوعيا وال يقضي وأقرَ أم هانئ بنت أبي‬
‫ط ِوعُ أَمِينُ نَفْسِهِ ِإنْ شَاءَ صَامَ وَِإنْ‬ ‫طالب رضي اهلل عنها حينما أخبرته أنها أفطرت وهي صائمة صوم تطوع وقال لها‪( :‬الصَائِمُ الْ ُمتَ َ‬
‫شَاءَ أَفْطَرَ)(‪ )5‬ألن حكم أصل صيام التطوع هو الندب وليس الوجوب والمندوب ال يجب قضاؤه لحديث (قَالَتْ‪ :‬قَالَ لِي رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ع ْن َدنَا شَيْءٌ! قَالَ‪ :‬فَِإنِي صَائِمٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَخَرَجَ‬ ‫ع ْندَكُمْ شَيْءٌ ؟! قَالَتْ‪ :‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ مَا ِ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ذَاتَ َيوْمٍ يَا عَائِشَةُ‪ ،‬هَلْ ِ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأُ ْه ِديَتْ َلنَا َه ِديَةٌ َأوْ جَا َءنَا َزوْرٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَلَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُلْتُ يَا رَسُولَ‬
‫صبَحْتُ‬
‫جئْتُ بِهِ فَأَ َكلَ‪ ،‬ثُمَ قَال‪َ :‬قدْ ُكنْتُ َأ ْ‬ ‫حيْسٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَاتِيهِ‪ ،‬فَ ِ‬‫ش ْيئًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا ُهوَ؟ قُلْتُ‪َ :‬‬
‫خبَأْتُ َلكَ َ‬
‫اللَهِ أُ ْه ِديَتْ َلنَا َه ِديَةٌ َأوْ جَاءَنَا َزوْرٌ وَ َقدْ َ‬
‫صَائِمًا)(‪ )6‬الحديث دليل على جواز إفطار الصائم صياما تطوعيا وأنه ال يلزمه قضاء وال إثم عليه وحديث أم هانئ (لما كان يوم الفتح ـ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب اليتقدمن رمضان بصوم يوم أو يومين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1114‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ك الْيَوْمَ)‪.‬‬
‫ن يَصُو ُم صَوْمَهُ‪ ،‬فَلْيَصُمْ ذَلِ َ‬
‫ن يَكُونَ رَجُلٌ كَا َ‬
‫ن بِصَوْ ِم يَوْ ٍم أَ ْو يَوْمَيْنِ‪ ،‬إِلَا أَ ْ‬‫ن أَحَدُكُ ْم رَمَضَا َ‬‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا يَتَقَدَمَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في ا لصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬و أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي‬
‫في الصوم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب كراهية صوم يوم الشك‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2334‬بلفظ (عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ صِلَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا عِنْدَ عَمَارٍ فِي الْيَوْمِ الَذِي يُشَكُ فِيهِ‪،‬‬
‫ن صَا َم هَذَا الْيَوْ َم فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِ ِم صَلَى ال لَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫فَأَ تَى بِشَاةٍ فَتَنَحَى بَ ْعضُ الْقَوْمِ‪ ،‬فَقَا َل عَمَارٌ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن أُخْتِهِ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬ ‫ن بُسْرٍ عَ ْ‬ ‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2421‬بلفظ(عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْ ِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَبْتِ إِلَ ا فِيمَا افْتَرَضَ اللَهُ عَلَيْكُمْ‪ ،‬فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي‬
‫داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ .‬وأحمدفي باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اللحاء‪ :‬قشر الشجر‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب صوم الدهر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1177‬بلفظ (عن حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَاسِ الْمَكِيَ وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ لَا يُتَهَمُ‬
‫فِي حَدِيثِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَا ِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَكَ لَتَصُومُ الدَهْرَ وَتَقُومُ اللَيْلَ؟ فَقُلْتُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫إِنَكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ‪ ،‬هَجَمَتْ لَهُ ا لْعَيْنُ‪ ،‬وَنَفِهَتْ لَهُ النَفْسُ‪ ،‬لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَهْرَ‪ ،‬صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَامٍ صَوْمُ الدَهْرِ كُلِهِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬فَإِنِي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَصُمْ صَوْمَ‬
‫ن يَصُو ُم يَوْمًا وَيُفْطِ ُر يَوْمًا وَلَا يَفِ ُر إِذَا لَاقَى)‪.‬‬ ‫دَاوُ َد عَلَيْ ِه السَلَام كَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الصوم‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في الصوم‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعه‪ ،‬أحاديث األنبياء‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب ماجاء في إفطار الصائم المتطوع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 732‬بلفظ (عن شعبة قال كنت أسمع سماا بن حرب يقول‪ :‬أحد ابني أم‬
‫هاني حدثني‪ ،‬فلقيت انا أفضلهما‪ ،‬وكان اسمه جعدة‪ ،‬وكانت أم هاني جدته فحدثني عن جدته‪ :‬أن رسول اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَى بِشَرَابٍ‬
‫فَشَرِبَ‪ ،‬ثُمَ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَمَا إِنِي كُنْتُ صَائِمَةً‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬الصَائِمُ الْمُتَطَوِعُ أَمِينُ نَفْسِهِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ‬
‫أَفْطَرَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدرمي في الصوم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيام‪ :‬باب جوازصوم النافلة بنية من النهار‪.‬حديث رقم (‪ ) 2707‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أُمِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ لِي رَسُولُ‬
‫ت يَوْ ٍم يَا عَائِشَةُ‪ ،‬هَلْ عِنْدَكُ ْم شَيْ ٌء ؟! قَالَتْ‪ :‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَ ِه مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ! قَالَ‪ :‬فَإِنِي صَائِمٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَخَرَجَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ‬ ‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬ذَا َ‬
‫‪316‬‬
‫فتح مكة ـ جاءت ف اطمة فجلست عن يسار رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأم هانئ عن يمينه قالت‪ :‬فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب‬
‫فناولته فشرب منه ثم ناوله أم هانئ فشربت منه فقالت‪ :‬يا رسول اهلل لقد أفطرت وكنت صائمة فقال لها‪ :‬أكنت تقضين شيئا قالت‪ :‬ال‬
‫قال‪ :‬فال يضرا إن كان تطوعا)(‪ )1‬وأما الحديث بلفظ ( عن عائشة قالت‪ :‬أهدى لي ولحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا ثم دخل رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقلنا له‪ :‬يا رسول اهلل! إنا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ال عليكما‪،‬‬
‫صوما مكانه يوما آخر) فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم (‪ )2457‬وأما القول بقياس صوم التطوع على حج التطوع في‬
‫وجوب القضاء فقول ضعيف ال دليل عليه وال يصح القياس ألنه ال قياس في العبادات وال حاجة للقياس ألن أدلة جواز إفطار الصائم‬
‫المتطوع صحيحة صريحة ‪.‬‬

‫عَ لَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَةٌ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَلَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَهِ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَةٌ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ‬
‫ت صَائِمًا)‪.‬‬ ‫ت أَصْبَحْ ُ‬ ‫ت بِهِ فَأَكَلَ‪ ،‬ثُ َم قَال‪ :‬قَدْ كُنْ ُ‬
‫شَيْئًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا هُوَ؟ قُلْتُ‪ :‬حَيْسٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَاتِيهِ‪ ،‬فَجِئْ ُ‬
‫أخرجه النسائي في الصوم وأبوداود في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫الحيس‪ :‬طعام يتخذ من التمر واللبن المجفف والسمن‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬زور‪ :‬الزوار‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ت فَاطِمَ ُة فَجَلَسَتْ عَنْ‬ ‫ن أُ ِم هَانِئٍ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬لَمَا كَانَ يَوْ ُم الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَةَ جَاءَ ْ‬ ‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصوم‪ :‬باب في الرخصة في ذلك‪ .‬حديث رقم (‪ )2100‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ت مِنْ ُه فَقَالَتْ‪ :‬يَا‬
‫ئ فَشَرِبَ ْ‬
‫ب فَنَاوَلَتْ ُه فَشَرِبَ مِنْ ُه ثُ َم نَاوَلَ ُه أُ َم هَانِ ٍ‬
‫ت الْوَلِيدَ ُة بِإِنَاءٍ فِي ِه شَرَا ٌ‬
‫ن يَمِينِهِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَجَاءَ ْ‬ ‫يَسَارِ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم وَأُ ُم هَانِئٍ عَ ْ‬
‫ن تَطَوُعًا)‪.‬‬ ‫ن كَا َ‬‫ا إِ ْ‬
‫ن شيئاً؟ قَالَتْ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَا يَضُرُ ِ‬ ‫ت تَقْضِي َ‬ ‫ت وَكُنْتُ صَائِمَةً‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَهَا أَكُنْ ِ‬ ‫رَسُو َل اللَهِ لَقَ ْد أَفْطَرْ ُ‬
‫اخرجة الترمذي في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫‪317‬‬
‫الباب الرابع ‪:‬االعتكــــــاف‬

‫تعريف االعتكاف‬ ‫‪‬‬


‫عمــــــــل المعتكف‬ ‫‪‬‬
‫موضع االعتكـــــــــــاف‬ ‫‪‬‬
‫زمن االعتكاف‬ ‫‪‬‬
‫المباشرة في االعتكاف‬ ‫‪‬‬
‫كفارة المباشر في االعتكاف‬ ‫‪‬‬
‫خروج المعتكف من المسجد‬ ‫‪‬‬
‫وقت دخول المعتكف في رمضان والخرو ج من المعتكف‬ ‫‪‬‬
‫جواز خروج المعتكف لتناول الطعام في بيته‬ ‫‪‬‬
‫جلوس المعتكف في صوح الجامع‬ ‫‪‬‬

‫‪318‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬االعتكاف‬

‫تعريف االعتكــــاف‬

‫االعتكاف (لغة) ‪ :‬اإلقامة في أي مكان سواء في البيت أو الصحراء أو في الميدان أو في الشارع أو في أي مكان‬

‫االعتكاف(شرعا) ‪ :‬المكث في المسجد‪ ،‬فاالعتكاف اللغوي أعم واالعتكاف الشرعي أخص‪.‬‬

‫عمــــــــل املعتكف‬
‫الراجــــــح‪ :‬أن المعتكف يشغل وقته في الصالة وقراءة القرآن الكريم وذكر اهلل تعالى والصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬و يجوز‬
‫له أن يدرس العلم أو يدرِسه ويجوز له الوعظ واإلرشاد وخطبة الجمعة والفتوى في المسجد الذي هو معتكف فيه‪ ،‬وال يزور مريضا‬
‫خارج المسجد وال يشيِع ج نازة ألنه سيستلزم خروجه من المسجد والغرض من االعتكاف المكث في المسجد وال يخرج منه إال لضرورة‪،‬‬
‫وهذه مسألة اجتهادية خالفية بين العلماء حيث لم يرد دليل صحيح صريح يدل على وجوب البقاء في المسجد وال يخرج ألداء أي طاعة‬
‫أخرى‪ ،‬ولم يرد دليل صحيح صريح يدل على مشروعية خروج المعتكف ألداء عبادات خارج المسجد كزيارة مريض أو تشييع جنازة أو‬
‫غيرها‪ ،‬فتبقى المسألة خالفيه و حجة من قال بعدم الخروج قال‪ :‬ألن الخروج ينافي البقاء في المسجد لالعتكاف ‪.‬‬

‫موضع االعتكـــــــــــاف‬
‫الصحيح‪ :‬أن االعتكاف الشرعي ال يكون إال في مسجد وال يصح في غير المسجد وأن المسجد شرط في صحة االعتكاف المشروع لقوله‬
‫حدُودُ اللّهِ َفالَ تَقْ َربُوهَا َكذَِلكَ ُي َب ِينُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَاسِ لَعََلهُمْ َيتَقُونَ}(‪ )1‬ولو كان‬
‫جدِ تِ ْلكَ ُ‬
‫تعالى {وَالَ ُتبَاشِرُو ُهنَ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَا ِ‬
‫االعتكاف جائزاً في غير المسجد ألذن النبي صلى اهلل عليه وسلم ألمهات المؤمنين باالعتكاف في بيوتهن‪ ،‬ويجوز للنساء أن يعتكفن في‬
‫مسجد النبي صلى اهلل عليه وسلم أو في المسجد الحرام حيث يوجد في المسجدين مساحات مخصصة لصالة واعتكاف النساء مفصولة عن‬
‫المساحات المخصصة لصالة واعتكاف الرجال‪ ،‬واألولى للمعتكف أال يعتكف إال في مسجد تقام فيه جمعة وإن لم يتمكن واعتكف في‬
‫مسجد ال تقام فيه جمعة فيجب عليه الخروج لصالة الجمعة‪ ،‬ألن صالة الجمعة واجبة وجوبا عينيا‪ ،‬واالعتكاف مندوب وال يترك الواجب‬
‫العيني من أجل المندوب‪ ،‬واالعتكاف يصح في كل مسجد سواء كان مسجداً تقام فيه الجمعة أو مسجداً ال تقام فيه الجمعة ألن األلف والالم‬
‫في قوله تعالى (المساجد) تفيد العموم فتعم كل مسجد بني للصالة فيه‪ ،‬وأما حديث حذيفة (ال اعتكاف إال في المساجد الثالثة) وإن كان‬
‫األلباني صححه فقد ضعفه بعض علماء المملكة العربية السعودية‪ ،‬وإذا كان ضعيفا فال حجة فيه فضال عن معارضته العموم القرآني في‬
‫قوله تعالى (وأنتم عاكفون في المساجد)‪.‬‬

‫زمن االعتكاف‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال حد ألكثر االعتكاف وال حد ألقله فيجوز ولو لمدة ساعة من ليل أو نهار ألنه لم يرد دليل صحيح صريح يحدد مدة ألكثر‬
‫االعتكاف أو ألقله‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه ال يشترط الصيام لصحة االعتكاف ألن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه اعتكف ليلة في المسجد الحرام‬
‫واعتكاف الليل ال صيام فيه‪ ،‬ولو كان الصيام شرطاً لصحة االعتكاف لما صح اعتكاف عمر في الليل اعتكافا شرعيا لحديث (ِإنِي َنذَرْتُ‬
‫عتَكَفَ َليْلَةً)(‪ )2‬الحديث دليل صحيح‬
‫جدِ الْحَرَامِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ :‬أوْفِ َنذْ َراَ فَا ْ‬
‫عتَكِفَ َليْلَةً فِي الْمَسْ ِ‬
‫فِي الْجَاهِِليَةِ َأنْ َأ ْ‬
‫صريح على عدم اشتراط الصوم لصحة االعتكاف ومن ادعى اشتراط الصوم لصحة االعتكاف فليأت بالدليل الصحيح الصريح الخالي‬
‫عن المعارضة‪ ،‬وأما اعتكاف النبي صلى اهلل عليه وسلم في شهررمضان فهو ال يدل على الشرطية وإنما يدل على سنية االعتكاف في‬
‫رمضان ال سيما في العشر األواخر منه لمواظبة النبي صلى اهلل عليه وسلم على االعتكاف فيها‪ ،‬ويستدل من اعتكاف النبي صلى اهلل‬
‫عليه و سلم في رمضان على أن الصيام مستحب في االعتكاف ال على أنه شرط لصحة االعتكاف ألن فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم يدل‬
‫على االستحباب ‪ ،‬ودليل عدم اشتراط الصيام لصحة االعتكاف أمره صلى اهلل عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي اهلل عنه بالوفاء بنذره‬
‫ليلة في المسجد الحرام‪ ،‬وأما قول عائشة رضي اهلل عنها(ال اعتكاف إال بصوم) فليس هذا القول حديث مرفوع إلى النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وإنما هو من كالم عائشة رضي اهلل عنها وكالم الصحابي ليس بحجة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)157( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإلعتكاف‪ :‬باب من لم ير عليه صوما إذا اعتكف‪ .‬حديث رقم (‪ )2042‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ‪ ،‬عَنْ عُمَرَ بْنِ الخطأبِ رَضِيَ اللَهُ‬
‫ف نَذْرَاَ فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً)‪.‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَوْ ِ‬
‫ن أَعْتَكِفَ لَيْلَ ًة فِي الْمَسْجِ ِد الْحَرَامِ‪ ،‬فَقَا َل لَ ُه النَبِ ُ‬
‫ت فِي الْجَاهِلِيَ ِة أَ ْ‬
‫عَنْهُ‪ ،‬أَنَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬إِنِي نَذَرْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والترمذي في األيمان والنذور‪ ،‬والنسائي في األ يمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪،‬‬
‫والدارمي في النذور واأليمان‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬فرض الخمس‪ ،‬المغاوي‪.‬‬
‫‪319‬‬
‫املباشرة يف االعتكاف‬
‫جدِ تِ ْلكَ حُدُودُ اللّهِ َفالَ تَقْ َربُوهَا َكذَِلكَ ُي َب ِينُ اللّهُ آيَاتِهِ‬
‫الصحيح‪ :‬أن المراد بالمباشرة في قوله تعالى {وَالَ ُتبَاشِرُو ُهنَ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَا ِ‬
‫لِلنَاسِ لَعََلهُمْ َيتَقُونَ}(‪ )1‬الجماع وأن لفظ المباشرة في اآلية كناية عن الجماع‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن القبلة واللمس ال تسمى جماعا وأنها ال تفسد‬
‫االعتكاف إال أن ينزل‪.‬‬

‫كفارة املباشر يف االعتكاف‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجب على المباشر في االعتكاف كفارة ككفارة المجامع في نهار رمضان إذا كانت المباشرة في غير نهارشهر رمضان‬
‫ألنه لم يرد دليل صحيح صريح يدل على وجوب الكفارة مثلما ورد في وجوب الكفارة على المجامع في نهار رمضان‪ ،‬والقياس على‬
‫كفارة المجامع في نهار رمضان غير صحيح ألنه ال يقاس التطوع على الواجب وجوبا قطعيا‪ ،‬الصحيح‪ :‬في مطلق النذر باالعتكاف عدم‬
‫اشتراط التتابع إذا لم يقيد الناذر نذره بالتتابع ويجوز تفريق النذر باالعتكاف إذا لم ينو التتابع ألن األصل عدم التتابع ‪.‬‬

‫خروج املعتكف من املسجد‬


‫الصحيح‪ :‬عدم مشروعية خروج المعتكف من المسجد إال لحاجة اإلنسان أو ما هو ضروري لحديث عائشة رضي اهلل عنها‪َ(:‬أنَهَا كَانَتْ‬
‫جدِ‪ ،‬وَهِيَ فِي حُجْ َر ِتهَا‪ُ ،‬ينَاوُِلهَا رَأْسَهُ)(‪ )2‬فقد كان النبي صلى اهلل‬ ‫جلُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَهِيَ حَا ِئضٌ‪ ،‬وَ ُهوَ مُ ْعتَكِفٌ فِي الْمَسْ ِ‬‫تُرَ ِ‬
‫عليه وسلم يناولها رأسه الشريف صلى اهلل عليه وسلم لترجيله وهو في المسجد والقول بالبيع والشراء للمعتكف في المسجد قول ضعيف‬
‫ألنه اشتغال بالدنيا‪ ،‬وألنه يستلزم خروج المعتكف من المسجد وألن المسجد منهي عن البيع والشراء فيه لغير المعتكف والنهي للمعتكف‬
‫من باب أولى‪ ،‬الظاهر أن المجنون أو المغمى عليه أو المريض إذا حصل له شيء من ذلك وهو معتكف ثم أفاق فإنه يبقى على اعتكافه‬
‫ألنهم معذورون‪ ،‬المتطوع المعتكف إذا قطع اعتكافه ألي سبب ال يجب عليه قضاء االعتكاف‪ ،‬واعتكاف النبي صلى اهلل عليه وسلم في‬
‫شهر شوال في السنة التي ترك فيها االعتكاف في رمضان ال يدل على وجوب قضاء االعتكاف ألنه فعل للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫وأفعال النبي صلى اهلل عليه وسلم ال تدل إال على الندب فقط إذا لم تكن بيانا لواجب‪ ،‬واألصل في مشروعية االعتكاف الندب ال الوجوب‪،‬‬
‫وقد اعتكف النبي صلى اهلل عليه وسلم في شوال كما في حديث (كانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَ ْعتَكِفُ فِي كُلِ رَ َمضَانٍ‪ ،‬وَإِذَا صَلَى‬
‫عتَكَفَ فِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَاسْتَ ْأ َذ َنتْهُ عَائِشَ ُة‪َ ،‬أنْ تَ ْعتَكِفَ فََأ ِذنَ َلهَا َفضَ َربَتْ فِيهِ ُقبَةً‪ ،‬فَسَمِعَتْ ِبهَا حَ ْفصَةُ‪َ ،‬فضَرَبَتْ ُقبَةً‪،‬‬ ‫خلَ مَكَانَهُ الَذِي ا ْ‬ ‫الْ َغدَاةَ دَ َ‬
‫خبِرَ‬‫وَسَمِعَتْ َز ْينَبُ ِبهَا َفضَ َربَتْ ُقبَةً أُخْرَى‪ ،‬فَلَمَا ا ْنصَرَفَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ مِنْ الْ َغدَاةِ َأ ْبصَرَ أَ ْربَعَ ِقبَابٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا هَذَا؟ فَأُ ْ‬
‫عتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ‬ ‫حتَى ا ْ‬ ‫خبَرَ ُهنَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا حَمََل ُهنَ عَلَى َهذَا؟! آ ْلبِرُ؟ انْ ِزعُوهَا‪ ،‬فَلَا أَرَاهَا‪َ ،‬فنُ ِزعَتْ‪ ،‬فَلَمْ يَ ْعتَكِفْ فِي رَ َمضَانَ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬
‫شوَال)‬ ‫َ‬

‫وقت دخول املعتكف يف رمضان واخلرو ج من املعتكف‬


‫كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يدخل معتكفه بعد صالة الفجر في يوم الحادي والعشرين من رمضان لحديث (كَانَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫صبْحَ ثُمَ َيدْخُلُهُ)(‪ )4‬ويخرج المعتكف من معتكفة بعد‬ ‫خبَاءً‪َ ،‬ف ُيصَلِي ال ُ‬
‫وَسَلَمَ يَ ْعتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الَْأوَاخِرِ ِمنْ رَ َمضَانَ‪ ،‬فَ ُكنْتُ َأضْرِبُ لَهُ ِ‬
‫غروب الشمس في آخر يوم من رمضان أي بعد أن يُعلن من اإلذاعات ثبوت رؤية هالل شوال‪ ،‬أو إكمال عدة رمضان ثالثين يوما‬
‫ويخرج ليلة عيد الفطر ‪.‬‬

‫جواز خروج املعتكف لتناول الطعام يف بيته‬


‫يجوز للمعتكف أن يفطر ويتسحر في بيته ويرجع عقيب اإلفطار وعقيب التسحر إلى المسجد وال يجلس في البيت إال بقدر تناول الطعام ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)157( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإل عتكاف‪ :‬باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل‪ .‬جديث ررقم (‪ ) 2046‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَهَا كَانَتْ تُرَجِلُ النَبِيَ‬
‫ي فِي حُجْرَتِهَا‪ ،‬يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ)‪.‬‬ ‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهِيَ حَائِضٌ‪ ،‬وَهُ َو مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ‪ ،‬وَهِ َ‬
‫أحرجه مسلم في الحيض‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الغسل‪ ،‬الحيض‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الترجل‪ :‬تمشيط الشعر‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإلعتكاف‪ :‬باب اإلعتكاف في شوال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2041‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِ رَمَضَانٍ‪ ،‬وَإِذَا صَلَى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَذِي اعْتَكَفَ فِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ‪ ،‬أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَةً‪ ،‬فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ‪،‬‬
‫فَضَرَبَتْ قُبَةً‪ ،‬وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَةً أُخْرَى‪ ،‬فَلَمَا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ الْغَدَاةِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا هَذَا؟ فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَ‪،‬‬
‫ن شَوَالٍ)‪.‬‬‫ف فِي آخِ ِر الْعَشْ ِر مِ ْ‬ ‫ف فِي رَمَضَانَ حَتَى اعْتَكَ َ‬ ‫ن عَلَى هَذَا ؟! آلْبِرُ؟ انْزِعُوهَا‪ ،‬فَلَا أَرَاهَا‪ ،‬فَنُزِعَتْ‪ ،‬فَلَ ْم يَعْتَكِ ْ‬ ‫فَقَالَ‪ :‬مَا حَمَلَهُ َ‬
‫أخرجه مسلم في اإلعتكاف‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫البر‪ :‬حسن المعاملة وكمال الطاغة‪.‬‬ ‫القبة‪ :‬الخيمة أو البنيان المدور‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغداة‪ :‬صالة الصبح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإلعتكاف‪ :‬باب إعتكاف النساء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2033‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كَانَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَعْتَكِفُ‬
‫فِي الْعَشْرِ الْأَ وَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ‪ ،‬فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً‪ ،‬فَيُصَلِي الصُبْحَ ثُمَ يَدْخُلُهُ‪ ،‬فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِ شَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا فَضَرَبَتْ خِبَاءً‪ ،‬فَلَمَا رَأَتْهُ‬
‫زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ‪ ،‬فَ لَمَا أَصْبَحَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَأَى الْأَخْبِيَةَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا هَذَا؟ فَأُخْبِرَ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَلْبِرَ تُرَوْنَ بِهِنَ؟‬
‫ن شَوَالٍ)‪.‬‬ ‫ك الشَهْر‪ ،‬ثُمَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِ ْ‬ ‫ا الِاعْتِكَافَ ذَلِ َ‬
‫فَتَرَ َ‬
‫أخرجه مسلم في اإلعتكا ف‪ ،‬والترمذي في الصوم‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وأبو داود في الصوم‪ ،‬وابن ماجة في الصوم‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫اإلعتكاف‪ :‬المكوث في المسجد بنية العبادة‪.‬‬ ‫البر‪ :‬حسن المعاملة وكمال الطاعة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الخباء‪ :‬الخيمة من وبر او صوف‪.‬‬
‫‪311‬‬
‫جلوس املعتكف يف صوح اجلامع‬
‫إذا كان الواقف قد جعل (الصوح ) أو جزءًا من الصوح من المسجد فيكون حكم هذا الصوح أو الجزء منه حكم المسجد فيجوز للمعتكف‬
‫الجلوس فيه وإن لم ينص الواقف على جعله من المسجد فليس هو من المسجد وال يأخذ حكم المسجد وال يشرع للمعتكف الجلوس فيه إال‬
‫إذا كان الصوح داخل المسجد يحيط به بناء المسجد من الجهات األربع كالصوح الذي داخل جامع صنعاء الكبير ‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫كتاب‬

‫احلـــــــــــــ‬

‫‪312‬‬
‫الكتاب السادس ‪:‬كتاب احلج‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬تعريف الحج ومشروعيته‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬أفعال الحج‬
‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬في أحكام المحصر والصيد والهدى‬

‫‪313‬‬
‫الباب األول ‪:‬احلج ومشروعيته‬
‫تعريف الحج‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية الحج‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الحج‬ ‫‪‬‬
‫حج الصبي‬ ‫‪‬‬
‫شروط وجوب الحج‬ ‫‪‬‬
‫النيابة في الحج‬ ‫‪‬‬
‫حج اإلنسان عن غيره‬ ‫‪‬‬
‫جواز التأجير في الحج عن الغير‬ ‫‪‬‬
‫حج العبـــــــــــد‬ ‫‪‬‬
‫متى يجب الحج‬ ‫‪‬‬
‫حج المرأة مع محرم لها‬ ‫‪‬‬
‫العمرة‬ ‫‪‬‬
‫محرم المرأة‬ ‫‪‬‬
‫جواز حج المرأة فريضة الحج ولو بغير أذن الزوج‬ ‫‪‬‬
‫عدم جواز الحج عن المرأة إذا كانت تستطيع الحج بنفسها‬ ‫‪‬‬
‫االستدانة ألداء فريضة الحج‬ ‫‪‬‬
‫حرمة أداء فريضة الحج من مهر البنت‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫بدعة إنشاء الحج من فوق قبر الميت‬
‫ال يستحب التطوع بالحج للمرأة‬ ‫‪‬‬

‫‪314‬‬
‫الباب األول‪ :‬احلج ومشروعيته‬

‫تعريف احلج‬
‫الحج (لغة)‪ :‬القصد إلى معظم‪.‬‬

‫الحج (اصطالحاً)‪ :‬قصد البيت الحرام ألداء مناسك الحج في أشهر الحج‪.‬‬

‫مشروعية احلج‬
‫غنِيٌ عَنِ‬
‫سبِيالً وَمَن كَفَرَ فَِإنَ اهلل َ‬
‫ستَطَاعَ إَِليْهِ َ‬
‫الحج مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَاسِ حِجُ ا ْل َبيْتِ َمنِ ا ْ‬
‫الْعَالَمِينَ}(‪ )1‬وأما السنة فحديث (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)(‪ )2‬وحديث (الحج المبرور ليس له جزاء إال‬
‫الجنة)(‪ )3‬وحديث (تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب‪.)4()..‬‬

‫وجوب احلج‬
‫ستَطَاعَ إَِليْهِ‬
‫الحج أحد أركان اإلسالم وهو واجب وجوبا قطعيا بالكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَاسِ حِجُ ا ْل َبيْتِ َمنِ ا ْ‬
‫ضلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَجَاءَتْ امْرََأةٌ مِنْ‬ ‫عنِ الْعَالَمِينَ}(‪ )5‬ومن السنة حديث (كَانَ الْ َف ْ‬ ‫غنِيٌ َ‬ ‫سبِيالً وَمَن كَفَرَ فَِإنَ اهلل َ‬ ‫َ‬
‫شقِ الْآخَرِ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ‬ ‫ضلِ إِلَى ال ِ‬
‫ضلُ يَنّْظُرُ إَِليْهَا َو َتنّْظُرُ إِ َليْهِ‪ ،‬وَجَ َعلَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ َوسَلَمَ َيصْرِفُ وَجْهَ الْ َف ْ‬
‫خَشْعَمَ فَجَ َعلَ الْفَ ْ‬
‫عنْهُ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪َ ،‬وذَلِكَ فِي حَجَةِ‬ ‫شيْخًا كبيراً لَا َي ْثبُتُ عَلَى الرَاحِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ َ‬ ‫اللَهِ‪ِ ،‬إنَ فَرِيضَةَ اللَهِ عَلَى عِبَا ِدهِ فِي الْحَجِ أَدْرَكَتْ َأبِي َ‬
‫ا ْل َودَاع)(‪ )6‬في الحديث داللة على أن الحج واجب عيني على كل مسلم ومسلمة ملك االستطاعة ‪.‬‬

‫حج الصبي‬
‫الصحيح‪ :‬جواز حج الصبي ولكن حجه ال يسقط عنه فرض الحج إذا بلغ وملك االستطاعة‪ ،‬و حجه وهوصبي يصح ويثاب عليه ويثاب‬
‫(‪)7‬‬
‫وليه الذي يحج معه لحديث (رفعت امرأة صبيا لها فقالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ألهذا حج؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولك أجر)‬
‫شروط وجوب احلج‬
‫يشترط لوجوب الحج اإلسالم والبلوغ والعقل واالستطاعة‪ ،‬أما شرط اإلسالم فالصحيح‪ :‬أن الكفار مخاطبون بشرائع اإلسالم وأنهم‬
‫سيحاسبون في اآلخرة على الكفر بملة اإلسالم وعلى شرائع اإلسالم ولكنهم مخاطبون باإلسالم أوال أي مخاطبون بإعالن الشهادتين‬
‫وبشرائع اإلسالم بعد ذلك فال يصح من الكافر صالة وال صوم وال زكاة وال حج وال أيُ عبادة قبل إعالن الشهادتين ألن الكفر مانع من‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)17( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب فضل الحج المبرور‪ .‬حديث رقم (‪ )1424‬بلفظ (عن سَيَارٌ أَبُو الْحَكَم‪ ِ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫ن حَجَ لِلَ ِه فَلَ ْم يَرْفُثْ وَلَ ْم يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْ ُه أُمُهُ)‪.‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬مَ ْ‬ ‫ت النَبِ َ‬‫عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الحج‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الرفث‪ :‬الجماع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب وجوب العمرة وفضلها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1650‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪:‬‬
‫س لَهُ جَزَا ٌء إِلَا الْجَنَةُ)‪.‬‬ ‫ج الْمَبْرُو ُر لَيْ َ‬
‫الْعُمْرَ ُة إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا‪ ،‬وَالْحَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في‬
‫المناسك‪.‬‬
‫المبرور‪ :‬الخالص المقبول‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة‪ .‬حديث رقم (‪ )735‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ مَسْعُودٍ‪ ،‬قَالَ‪:‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪:‬‬
‫ب إِلَا الْجَنَةُ)‪.‬‬
‫س لِلْحَجَ ِة الْمَبْرُورَ ِة ثَوَا ٌ‬
‫ب وَالْفِضَةِ‪ ،‬وَلَيْ َ‬ ‫ث الْحَدِيدِ وَالذَهَ ِ‬
‫ب كَمَا يَنْفِي الْكِي ُر خَبَ َ‬ ‫ن الْفَقْرَ وَالذُنُو َ‬
‫ن الْحَجِ وَالْعُمْرَ ِة فَإِنَهُمَا يَنْفِيَا ِ‬‫تَا بِعُوا بَيْ َ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫خبث الحديد‪ :‬وسخه وقذره‪.‬‬ ‫الكير‪ :‬آلة لنفخ النار وإشعالها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)17( :‬‬
‫‪6‬‬
‫ن الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى‬ ‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَا َ‬ ‫س رَضِ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب وجوب الحج‪ .‬حديث رقم (‪ )1513‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عَبَا ٍ‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنّْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنّْظُرُ إِلَيْهِ‪ ،‬وَجَ عَلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِقِ الْآخَرِ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا‬
‫ك فِي حَجَ ِة الْوَدَاع) ‪.‬‬ ‫ت أَبِي شَيْخًا كبيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَ احِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ عَنْهُ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وَذَلِ َ‬ ‫ج أَدْرَكَ ْ‬
‫ن فَرِيضَ َة اللَهِ عَلَى عِبَادِ ِه فِي الْحَ ِ‬ ‫رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬إِ َ‬
‫أخرجه مس لم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬االستئذان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الردف‪ :‬الجلوس خلف الراكب‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب صحة حج الصبي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3240‬بلفظ (عن ابن عباس قال‪ :‬رفعت امرأة صبيا لها فقالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ألهذا حج؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬ولك أجر)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫‪315‬‬
‫قبول األعمال قال تعالى {وَ َقدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا ِمنْ عَ َملٍ فَجَعَ ْلنَاهُ َهبَاء مَنثُوراً}(‪ )1‬وقوله تعالى {وَاَلذِينَ كَفَرُوا َأعْمَاُلهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ‬
‫جدَ اللَهَ عِن َدهُ َفوَفَاهُ حِسَابَهُ وَاللَهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(‪. )2‬‬
‫شيْئاً َووَ َ‬
‫ج ْدهُ َ‬
‫حتَى ِإذَا جَاءهُ لَمْ يَ ِ‬
‫سبُهُ الّظَمْآنُ مَاء َ‬
‫يَحْ َ‬

‫وأما شرط العقل‪ :‬فالمجنون غير مخاطب بالشرعيات فال تكليف عليه بشي من األوامر أو النواهي الشرعية لفقدانه مناط التكليف وهو‬
‫العقل لحديث (رفع القلم عن ثالثة‪ ،‬عن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى يحتلم‪ ،‬وعن المجنون حتى يعقل)(‪.)3‬‬

‫وأما شرط البلوغ‪ :‬فألن الصبي قبل البلوغ ال تكليف عليه لحديث ( رفع القلم عن ثالثة‪ ،‬عن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى‬
‫يحتلم‪ ،‬وعن المجنون حتى يعقل)‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫سبِيالً}‬
‫ستَطَاعَ إَِليْهِ َ‬
‫وأما شرط االستطاعة‪ :‬فلقوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَاسِ حِجُ ا ْلبَيْتِ َمنِ ا ْ‬

‫الصحيح‪ :‬أن االستطاعة في حق الرجل هي الزاد والراحلة وصحة البدن وآمان الطريق الموصلة إلى مدينة مكة وأمان مدينة مكة‪،‬‬
‫والمراد بالزاد هو امتالك مبلغا من المال يكفي لنفقة الطعام والشراب والعالج من وقت خروج الحاج من بلده إلى وقت عودته إليها بعد‬
‫أداء فريضة الحج‪ ،‬والمراد بالراحلة هو امتالك مبلغا من المال يكفي للمواصالت من خروجه من بلده إلى مكة المكرمة والعودة منها إلى‬
‫بلده‪ ،‬ويضاف إلى نفقة الرجل ومواصالته نفقة أهله ومن يعولهم حتى يرجع من الحج‪ ،‬أما االستطاعة في حق المرأة فهي االستطاعة في‬
‫حق الرجل بعينها ويزاد وجود محرم يسافر معها‪ ،‬فإن لم تجد محرما إال وتتحمل هي تكاليف نفقته ومواصالته فال يجب عليها الحج إال‬
‫بامتالك مبلغا ماليا كافيا لنفقتها ونفقه المحرم المرافق لها ولنفقة مواصالتهما من حين خروجهما من بلدهما إلى حين عودتهما إليه‪ ،‬ومن‬
‫كان سيحج عن نفسه بنفسه فيشترط لوجوب الحج عليه أن يكون صحيح البدن ليتمكن من السفر إلى مكة وأداء مناسك الحج فمن كان‬
‫وقت الحج مريضا ال يستطيع السفر أوال يستطيع أداء مناسك الحج فال يجب عليه الحج حتى ولو كان مستطيعا من الناحية المالية‪ ،‬ألن‬
‫صحة البدن شرط في وجوب الحج‪ ،‬وكذا يشترط لوجوب الحج آمان الطريق الموصلة إلى مدينة مكة وآمان مدينة مكة فإن فقد شرط أمان‬
‫الطريق أو آمان مدينة مكة فال يجب الحج حتى لو امتلك اإلنسان القدرة المالية وصحة البدن‪ ،‬والقول بعدم اشتراط الزاد والراحلة لوجوب‬
‫الحج قول ضعيف ألنه ليس في وسع اإلنسان أن يحج بدون زاد وال راحلة وال سيما من كانت بالده بعيدة عن مدينة مكة‪ ،‬واهلل عز وجل‬
‫ال يكلف اإلنسان إال في حدود وسعه وطاقته قال تعالى {الَ يُكَلِفُ اللّهُ نَفْساً إِالَ وُسْ َعهَا}(‪ )5‬والتكليف بالحج من غير زاد وال راحلة فيه‬
‫(‪)7‬‬
‫حرج ومشقه وعسر وقد قال تعالى {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ ا ْليُسْرَ وَالَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(‪ )6‬وقال تعالى { وَمَا جَ َعلَ عََليْكُمْ فِي الدِينِ ِمنْ حَرَجٍ}‬

‫النيابة يف احلج‬
‫الصحيح‪ :‬جواز اإلنابة في الحج سواء لمن كان قد مات أو لمن قد أصبح عاجزا عن الوصول إلى مدينة مكة ألداء فريضة الحج بنفسه‬
‫سواء كان العجز بسبب مرض ميئوس من شفائه أو بسبب إعاقة جسمية أو أي سبب حصل له بسببه العجز عن أداء فريضة الحج بنفسه‬
‫عنْهُ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ)(‪ )8‬الحديث يدل على‬‫شيْخًا كبيراً لَا َي ْثبُتُ عَلَى الرَاحِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ َ‬
‫لحديث (ِإنَ فَرِيضَةَ اللَهِ عَلَى عِبَا ِدهِ فِي الْحَجِ َأدْرَكَتْ َأبِي َ‬
‫جواز الحج بالنيابة عن اإل نسان الحي المقعد الذي ال يستطيع الركوب على السيارة وال على الطائرة وال على الباخرة وال على أي وسيلة‬
‫من وسائل المواصالت‪ ،‬ودليل جواز النيابة في الحج عن الميت حديث (أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي فقالت‪ :‬إن أمي نذرت أن‬
‫تحج فلم تحج حتى ماتت‪ ،‬أفأحج عنها؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬حجي عنها‪ ،‬أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا اهلل فاهلل أحق‬
‫بالوفاء)(‪ )9‬الحديث دليل على أن الحج دين هلل عز وجل في ذمة الميت‪ ،‬فمن مات ولم يكن قد حج فتخرج تكاليف الحج عنه من رأس‬
‫تركته سواء أوصى بالحج عنه أم لم يوص عمال بقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم (اقضوا اهلل فاهلل أحق بالوفاء) والدين سواء كان‬
‫صيَةٍ يُوصِي ِبهَا أَوْ َد ْينٍ}(‪ )10‬والمراد بلفظ‬‫للمخلوقين أو هلل تعالى فهو يُخرج من رأس التركة قبل القسمة لقوله تعالى {مِن بَعْدِ َو ِ‬
‫(المعضوب) هو الذي ال يستطيع الثبات على الراحلة ألي سبب من األسباب كالمشلول والمقعد ومقطوع األطراف وال سيما القدمين أما‬
‫القادر على الحج بنفسه فال يجوز الحج عنه ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفرقان‪.)23( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النور‪.)31( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الحدود‪ :‬باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً‪ .‬حديث رقم (‪ )4315‬بلفظ عن علي رضي اهلل عنه عن النبي ‪ ‬قال‪ :‬رفع القلم عن‬
‫ثالثة‪ ،‬عن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى يحتلم‪ ،‬وعن المجنون حتى يعقل)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم (‪.)4315‬‬
‫أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)17( :‬‬
‫‪5‬‬
‫– البقرة‪.)256( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)57( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما رقم (‪.)1513‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1554‬بلفظ (عن بن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬أن امرأة من‬
‫جهينة جاءت إلى النبي ‪ ، ‬فقالت‪ :‬إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت‪ ،‬أفأحج عنها؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬حجي عنها‪ ،‬أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟‬
‫اقضوا اهلل فاهلل أحق بالوفاء)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األيمان والنذور‪ ،‬االعتصام بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)12( :‬‬
‫‪316‬‬
‫حج اإلنسان عن غريه‬
‫الصحيح‪ :‬أن اإلنسان ال يجوز له أن يحج عن غيره إال بعد أن يحج عن نفسه وإذا حج إنسان عن غيره قبل أن يحج عن نفسه انقلب حجه‬
‫عن نفسه وال يصح عن غيره‪ ،‬و ال يجوز له أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه سواء كان مستطيعا للحج عن نفسه أم لم يكن‬
‫‪‬‬ ‫مستطيعا للحج عن نفسه لحديث (‬
‫(‪)1‬‬
‫الحديث دليل على عدم جواز حج اإلنسان عن غيره قبل أن‬ ‫)‬
‫يحج عن نفسه ‪.‬‬

‫جواز التأجري يف احلج عن الغري‬


‫الصحيح‪ :‬جواز تأجير اإلنسان نفسه للحج عن الغير ويجوز لإلنسان أخذ األجرة للحج عن الغير ‪.‬‬

‫حج العبـــــــــــد‬
‫الصحيح‪ :‬أن العبد ال يجب عليه الحج حتى يُعتَق وإذا حج العبد مع سيده فالصحيح‪ :‬سقوط واجب الحج عنه ألنه داخل في عموم قوله‬
‫عنِ الْعَالَمِينَ}(‪ )2‬ودفع المؤنة عنه من سيده هو‬‫غنِيٌ َ‬‫سبِيالً وَمَن كَفَرَ فَِإنَ اهلل َ‬
‫ستَطَاعَ إَِليْهِ َ‬
‫تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَاسِ حِجُ ا ْل َبيْتِ َمنِ ا ْ‬
‫استطاعته ألداء فريضة الحج‪ ،‬وهذا رأي الشوكاني في كتابه السيل الجرار بلفظ (وأما العبد البالغ فهو داخل في مثل قوله سبحانه‪{ :‬وَلِلّهِ‬
‫سبِيالً} واالستطاعة في حقه على قول من قال إنه يملك كسائر المكلفين من األحرار وهكذا إذا‬ ‫ستَطَاعَ إَِليْهِ َ‬‫عَلَى النَاسِ حِجُ ا ْل َبيْتِ َمنِ ا ْ‬
‫وجد من يق وم بمؤنته كسيده فإن ذلك استطاعته وإذا كان ال يملك فإذا انتهض الدليل على أن ذلك الحج ال يجزئ عن حجة اإلسالم فذاك‬
‫وإال فالظاهر أنها تجزؤه هذه الحجة عن حجة اإلسالم) انتهى كالمه رحمه اهلل ‪.‬‬

‫مىت جيب احلج‬


‫الصحيح‪ :‬أن الحج يجب على الفور ألنه ما دام وقت الحج هو عمر اإلنسان واإلنسان لم يعلم متى يأتيه الموت فاألحوط هو المبادرة بأداء‬
‫فريضة الحج‪ ،‬فمن دخلت عليه أشهر الحج وهو مستطيع فيجب عليه المبادرة بالسفر ألداء فريضة الحج ‪.‬‬

‫حج املرأة مع حمرم هلا‬


‫الصحيح‪ :‬أن المرأة ال يجوز لها السفر للحج إال مع محرم لها وأن وجود المحرم شرط لوجوب الحج عليها لحديث (‬
‫(‪)3‬‬
‫وحديث (‬ ‫)‬
‫)(‪ )4‬الحديث يدل‬
‫على تحريم سفر المرأة بغير محرم سواء كان سفرا للحج أو لغير الحج ألن النهي في الحديث يفيد التحريم ‪.‬‬

‫العمرة‬
‫الظاهر أن األدلة على وجوب العمرة ليست صحيحة صريحة بالوجوب أو عدم الوجوب والمتطوع بالحج أو بالعمرة إذا قد شرع في‬
‫اإلحرام فيجب عليه اإلتمام لقوله تعالى {وََأتِمُواْ الْحَجَ وَالْعُمْ َرةَ لِلّهِ}(‪ )5‬فاألمر في اآلية الكريمة يقتضي الوجوب سواء كان الحج أو العمرة‬
‫واجباً أو تطوعاً‪ ،‬وهذا بخالف المتطوع بالصوم فإنه يجوز له أن يفطر إذا جاءه ضيف أو نحوه ألنه أمير نفسه ‪.‬‬

‫حمرم املرأة‬
‫محرم ال مرأة هو من يحرم عليها التزوج به كأب أو ابن أو ابن ابن أو ابن بنت أو أخ أو ابن أخ أو عم أو أخ من الرضاع أو زوج أو ابن‬
‫الزوج أو غيرهم ممن يحرم عليها التزوج به ويشترط أن يكون المحرم بالغاً وأن يكون محرما لها بسبب نسب أو مصاهره أو رضاع ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب الرجل يحج عن غيره‪ .‬حديث رقم (‪ )1511‬بلفظ (عن ابن عباس‪ ،‬أن النبي ‪ ‬سمع رجالً يقول‪ :‬لبيك عن شبرمة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫من شبرمة؟ قال‪ :‬أ لي أو ق ريب لي‪ ،‬قال‪ :‬حججت عن نفسك؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬حج عن نفسك‪ ،‬ثم حج عن شبرمة)‪.‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود‬
‫بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)17( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تقصير الصالة‪ :‬باب في كم تقصر الصالة‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1055‬بلفظ (عن أبي هريرة رضي اهلل عنهما قال قال النبي ‪ :‬ال يحل المرأة‬
‫تؤمن باهلل واليوم اآلخر‪ ،‬أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الرضاع‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الجامع‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ال يخلون رجل بامرأة‪ .‬حديث رقم (‪ )5233‬بلفظ (عن ابن عباس رضي اهلل عنهما أنه سمع النبي ‪ ‬يقول‪ :‬ال يخلون رجل‬
‫بامرأة‪ ،‬وال تسافرن امرأة إال ومعها محرم‪ ،‬فقام رجل فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة‪ ،‬قال‪ :‬اذهب‪ ،‬فحج مع امرأتك)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪ ،‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪317‬‬
‫جواز حج املرأة فريضة احلج ولو بغري أذن الزوج‬
‫إذا دخلت أشهر الحج والمرأة مستطيعة ألداء فريضة الحج ومعها محرم فيجب عليها السفر مع محرمها ألداء فريضه الحج في الوقت الذي‬
‫تتمكن فيه من أداء الفريضة حتى ولو بدون إذن زوجها‪ ,‬وال يجوز لزوجها وال يحق له أن يمنعها عن أداء الواجب ألنه (ال طَاعَةَ فِي‬
‫صيَةِ اللَهِ‪ِ ،‬إنَمَا الطَاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ)(‪ )1‬وألنه إذا منع الزوج زوجته وهي مستطيعة ومعها محرمها فهو آثم وليس ألي زوج منع امرأته‬
‫مَ ْع ِ‬
‫من أداء أي واجب عليها من الصلوات الخمس أو أداء الزكاة الواجبة عليها أو الصيام أو الحج أو أي واجب شرعي يجب عليها القيام به‪.‬‬

‫عدم جواز احلج عن املرأة إذا كانت تستطيع احلج بنفسها‬


‫إذا كانت المرأة مستطيعه فيجب عليها أن تحج بنفسها ألن الحج عبادة بدنية ال تصح اإلنابة فيها إال لمن يعجز عن السفر إليها‪ ،‬ومن تمام‬
‫استطاعة المرأة وجود المحرم أو استئجار محرم من أقاربها‪ ،‬ومن لم تستطع استئجار محرم معها ليرافقها في السفر ألداء فريضه الحج‬
‫فهي غير مستطيعه وال يجب عليها الحج‪ ،‬أما الحج عن المرأة وهي قادرة على السفر ألداء مناسك الحج بنفسها فال يجوز ألن الحج عبادة‬
‫بدنية ال تجزؤ فيه النيابة إال لمن يعجز عجزاً بدنياً عن أدائها لمرض أو إعاقة أو ألي سبب صحي كمرض ميئوس من شفائه ‪.‬‬

‫االستدانة ألداء فريضة احلج‬


‫ال يجب على اإلنسان أن يستدين من الناس ألداء فريضة الحج ألنه غير مستطيع للحج وال يجب عليه تحصيل شرط الوجوب ليجب عليه‬
‫الحج‪ ،‬ومن استدان ماال فحج به فقد صحت حجته وعمرته وسقط عنه الوجوب‪ ،‬ولكن ال يشرع االستدانة للحج بل الواجب على من يريد‬
‫الحج أن يقضي دينه قبل سفره للحج ألن قضاء الدين مقدم على أداء الحج ‪.‬‬

‫حرمة أداء فريضة احلج من مهر البنت‬


‫ال يجوز لألب أن يذهب ألداء فريضة الحج من مال ابنته مطلقا سواء كان هذ المال الذي من ابنته مهرا لها أو إرثا ورثته من قريب لها‬
‫أو من زوج لها‪ ،‬ألنه ال يجب على البنت أن تعطي والدها نفقة لحجه سواء كان مستطيعا أو غير مستطيع ألنه إن كان مستطيعا فيجب‬
‫عليه إخراج تكاليف الحج من ماله الخاص به وإن لم يكن مستطيعا فال يجب عليه الحج‪ ،‬اللهم إال إذا تبرعت البنت لوالدها من ذات نفسها‬
‫بنفس طيبة بال حياء وال إحراج وعُ رف من حالها رغبتها وحبها أن تتطوع لوالدها وسلمت له مبلغا ليحج به بدون ضغط منه أو طلب فال‬
‫مانع له من قبول ذلك‪ ،‬وحجه بهذا المال سيكون صحيحا وحكم األم مثل حكم األب تماما‬

‫بدعة إنشاء احلج من فوق قرب امليت‬


‫لم يرد عن الرسو ل صلى اهلل عليه وسلم دليل يدل على أنه يجب على من يريد الحج عن الغير أن يأتي إلى عند قبر الميت ويؤذِن عند قبر‬
‫الميت أو يعمل ما يسمى بإنشاء الحج من عند قبر الميت‪ ،‬ولم يرد ما يدل على وجوب الوصول إلى قبر الميت بعد الرجوع من الحج‪ ،‬كما‬
‫لم يرد ما يدل على أن زيار ة قبر الميت إلنشاء الحج مسنونة أو مستحبة فضال عن كونها واجبا أو شرطا أو ركنا من أركان الحج عن‬
‫الغير وإذا لم يرد دليل على مشروعيته ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره فيكون بدعة من البدع غير‬
‫المشروعة ‪.‬‬

‫ال يستحب التطوع باحلج للمرأة‬


‫ا لواجب على المرأة أن تحج حجة اإلسالم الواجبة عليها إذا امتلكت االستطاعة وال يسن لها التطوع بالحج حتى ولو كان لديها القدرة‬
‫(‪)2‬‬
‫المالية والمحرم المرافق لها لحديث أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال ألمهات المؤمنين في حجة الوداع (هذه ثم ظهور الحصر)‬
‫الحديث يدل على م نع النبي صلى اهلل عليه وسلم ألمهات المؤمنين من تكرار الحج تطوعا‪ ،‬ومعنى قول النبي صلى اهلل عليه وسلم (هذه‬
‫ثم ظهور الحصر) هذه هي حجة اإلسالم الواجبة وال يشرع لكنَ تكرار الحج تطوعا‪ ،‬وإنما الواجب على المرأة المسلمة أن تلزم بيتها ألن‬
‫معنى عبارة (ظهور الحصر) أي الزمن بيوتكن ألن بيت المرأة أستر لها وفي الحج تتعرض المرأة لرؤية الرجال األجانب ومالمستهم في‬
‫بعض أماكن أو أعمال الحج‪ ،‬ومالمسة الرجال األجانب ومزاحمتهم أو النظر إليهم أو النظرمنهم إلى المرأة بشهوة حرام‪ ،‬وحج التطوع‬
‫مستحب فال يشرع فعل مستحب يؤدي إلى فعل الحر ام‪ ،‬ومنع المرأة من التطوع بالحج هو من باب سد الذرائع التي قد تفضي إلى الحرام‬
‫ولكن يجوز للمرأة أن تكرر أداء مناسك الحج إذا كانت ستحج عن شخص آخر ميت أو عاجز عن الحج بنفسه من أقاربها بدليل إذن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم للمرأة التي سألت النبي صلى اهلل عليه وسلم أن تحج عن أبيها العاجز عن أداء الحج بنفسه لحديث (ِإنَ فَرِيضَةَ اللَهِ‬
‫عنْهُ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪َ ،‬وذَِلكَ فِي حَجَةِ ا ْل َودَاع)(‪.)3‬‬
‫شيْخًا كبيراً لَا َي ْثبُتُ عَلَى الرَاحِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ َ‬
‫عبَا ِدهِ فِي الْحَجِ َأدْرَكَتْ َأبِي َ‬
‫عَلَى ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ :‬باب وجوب طاعة األمراء في غير معصية‪ .‬حديث رقم (‪ )4742‬بلفظ (عَنْ عَلِي‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَعَثَ جَيْشًا‪،‬‬
‫ن يَدْخُلُوهَا‪ ،‬وَقَا َل الْآخَرُونَ ‪ :‬إِنَا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا‪ ،‬فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لِلَذِينَ‬
‫س أَ ْ‬ ‫وَأَمَرَ عَلَيْهِ ْم رَجُلًا‪ ،‬فَأَوْقَ َد نَارًا‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬ادْخُلُوهَا‪ ،‬فَأَرَا َد نَا ٌ‬
‫ن قَوْلًا حَسَنًا‪ ،‬وَقَال‪ :‬لَا طَاعَ َة فِي مَعْصِيَ ِة اللَهِ‪ ،‬إِنَمَا الطَاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ)‪.‬‬ ‫ن يَدْخُلُوهَا‪ ،‬لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَ ْم تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْ ِم الْقِيَامَةِ‪ ،‬وَقَالَ لِلْآخَرِي َ‬
‫أَرَادُوا أَ ْ‬
‫أحرجه البخاري في المغازي ‪ ،‬والنسائي في البيعة‪ ،‬وأ بوداود في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب فرض الحج‪ .‬حديث رقم (‪ )1722‬بلفظ { عن ابنٍ أبي واقد الليثي عن أبيه قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول ألزواجه في‬
‫حجة الوداع (هذه ثم ظهور الحصر)} صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في مسند األنصار‪.‬‬
‫‪ -3‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1513‬‬
‫‪318‬‬
‫الباب الثاني ‪:‬أفعال احلج‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬اإلحرام‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬أنواع اإلحرام‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬الطواف بالبيت‬
‫‪ ‬الفصّل الرابع‪ :‬السعي بين الصفا والمروة‬
‫‪ ‬الفصّل الخامس‪ :‬أعمال منى وعرفه ومزدلفة‬

‫‪319‬‬
‫الفصل األول ‪:‬اإلحــــــــرام‬

‫نية الدخول في النسك‬ ‫‪‬‬


‫أماكن اإلحرام‬ ‫‪‬‬
‫من تجاوز الميقات بدون إحرام‬ ‫‪‬‬
‫جواز اإلحرام من أي ميقات‬ ‫‪‬‬
‫مكان إحرام أهل مكة بالحج أو العمرة‬ ‫‪‬‬
‫زمان اإلحرام بالحج‬ ‫‪‬‬
‫زمن اإلحرام بالعمرة‬ ‫‪‬‬
‫جواز تكرار العمرة في السنة الواحدة‬ ‫‪‬‬
‫محظورات اإلحرام‬ ‫‪‬‬
‫ما يلبس المحرم من الثياب‬ ‫‪‬‬
‫لباس المرأة المحرمة‬ ‫‪‬‬
‫تخمير المحرم وجهه‬ ‫‪‬‬
‫حرمة لبس الثوب المعصفر مطلقا‬ ‫‪‬‬
‫تطيب المحرم بعد اإلحرام‬ ‫‪‬‬
‫مجامعة الزوجة أو الزوجات‬ ‫‪‬‬
‫غسل المحرم رأسه‬ ‫‪‬‬
‫دخول المحرم الحمام‬ ‫‪‬‬
‫االصطياد‬ ‫‪‬‬
‫أكل المضطر من لحم الصيد‬ ‫‪‬‬
‫نكاح المحرم‬ ‫‪‬‬

‫‪321‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلحـــــــــــــرام‬

‫نية الدخول يف النسك‬


‫اإلحرام‪ :‬هو نية الدخول في النسك والتلبية ولبس ثياب اإلحرام في حق الرجل وكشف الوجه والكفين في حق المرأة ‪.‬‬

‫أماكن اإلحرام‬
‫حدد النبي صلى اهلل عليه وسلم المواقيت المكانية لإلحرام سواء اإلحرام بالحج أو بالعمرة في حديث (وَقَتَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫غيْرِ‬‫جدٍ قَ ْرنَ الْمَنَا ِزلِ‪ ،‬وَلِأَ ْهلِ ا ْليَ َمنِ يَلَمْلَمَ‪َ ،‬ف ُهنَ َل ُهنَ وَلِ َمنْ َأتَى عََليْ ِهنَ ِمنْ َ‬
‫وَسَلَمَ لِأَهْلِ الْ َمدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ‪ ،‬وَلِأَ ْهلِ الشَأْمِ الْجُحْفَةَ‪ ،‬وَلِأَ ْهلِ نَ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫حتَى أَ ْهلُ مَكَةَ ُيهِلُونَ ِم ْنهَا) وميقات أهل العراق ذات‬ ‫أَهِْل ِهنَ لِ َمنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَ وَالْعُمْ َرةَ‪ ،‬فَ َمنْ كَانَ دُو َن ُهنَ فَ ُمهَلُهُ ِمنْ أَهْلِهِ‪ ،‬وَ َكذَااَ َ‬
‫عرق وقته لهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كما في حديث ( ُم َهلُ أَهْلِ الْ َمدِينَةِ مِنْ ذِي الْحَُليْفَةِ‪ ،‬وَالطَرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةُ‪ ،‬وَ ُم َهلُ أَهْلِ‬
‫جدٍ ِمنْ قَ ْرنٍ‪ ،‬وَ ُم َهلُ أَ ْهلِ الْيَ َمنِ ِمنْ يَلَمْلَمَ)(‪ )2‬وفي البخاري عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال (لَمَا‬ ‫الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِ ْرقٍ‪ ،‬وَ ُم َهلُ أَ ْهلِ نَ ْ‬
‫عنْ طَرِي ِقنَا‪،‬‬ ‫جوْرٌ َ‬ ‫جدٍ قَ ْرنًا‪ ،‬وَ ُهوَ َ‬
‫حدَ لِأَ ْهلِ نَ ْ‬
‫ُفتِحَ َهذَانِ الْ ِمصْرَانِ َأ َتوْا عُمَر‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬يَا أَمِيرَ الْ ُمؤْ ِمنِينَ إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫حدَ َلهُمْ ذَاتَ عِ ْرقٍ)(‪)3‬والعلماء مجمعون على أن ميقات أهل العراق‬ ‫ح ْذوَهَا ِمنْ طَرِيقِكُمْ‪ ،‬فَ َ‬ ‫شقَ عََل ْينَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَانّْظُرُوا َ‬ ‫وَِإنَا ِإنْ أَ َر ْدنَا قَ ْرنًا َ‬
‫ذات عرق سواء كان تحديده من النبي صلى اهلل عليه وسلم أو من عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬وهذه المواقيت المكانية هي لمن هم‬
‫محيطون بمدينة مكة‪ ،‬وأما أهل المناطق البعيدة عن مدينة مكة فميقاتهم ميقات أهل البلد الذي سيمرون منه‪ ،‬فمن يأتي من جهة الجنوب‬
‫فميقاتهم م يقات أهل اليمن‪ ،‬ومن يأتي من جهة المغرب من مصر وأهل المغرب األقصى فميقاتهم ميقات أهل المدينة‪ ،‬ومن يأتي من جهة‬
‫الشام فميقاتهم الجحفة‪ ،‬ومن يأتي من المشرق فميقاتهم ميقات أهل العراق‪ ،‬ومن كان منزله أو خيمته أو محل إقامته أو عمله دون هذه‬
‫حتَى أَ ْهلُ‬ ‫المواقيت فميقات إحرامه من منزله أو محل عمله لقول النبي صلى اهلل عليه وسلم (فَ َمنْ كَانَ دُو َن ُهنَ فَ ُمهَلُهُ ِمنْ أَهْلِهِ‪ ،‬وَ َكذَااَ َ‬
‫مَكَةَ ُيهِلُونَ ِم ْنهَا) وأما حديث (من تمام الحج أن تحرم له من دويرة أهلك) فهو حديث ضعيف‪.‬‬

‫من جتاوز امليقات بدون إحرام‬


‫الصحيح‪ :‬أ ن من جاوز الميقات وهو يريد الحج أو العمرة ولم يحرم من الميقات فإنه يخير بين الرجوع إلى الميقات ليحرم منه وهو‬
‫األفضل أو أنه يذبح دما ويحرم من المكان الذي تجاوز إليه الميقات ‪.‬‬

‫جواز اإلحرام من أي ميقات‬


‫ن َأتَى‬
‫الصحيح‪ :‬أن من أحرم من ميقات غير ميقات أهل بلده فإحرامه صحيح وال شيء عليه‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪َ ( :‬ف ُهنَ َلهُنَ وَلِ َم ْ‬
‫غيْرِ أَهِْل ِهنَ لِ َمنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَ وَالْعُمْ َرةَ)(‪.)4‬‬
‫عََل ْي ِهنَ ِمنْ َ‬

‫الصحيح‪ :‬أن من مر بهذه المواقيت قاصداً مدينة مكة ال للحج وال للعمرة ولكن لزيارة قريب أو لعمل أو لعالج أو ألي عمل غير الحج‬
‫أوالعمرة فال يلزمه اإلحرام وال يلزمه شيء لمجاوزة الميقات بدون إحرام ‪.‬‬

‫مكان إحرام أهل مكة باحلج أو العمرة‬


‫الصحيح‪ :‬أن أهل مكة والمقيمين فيها يهلون بالحج من أماكنهم في مدينة مكة في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة حينما يتوجه الحجاج‬
‫حتَى أَ ْهلُ مَكَةَ ُيهِلُونَ ِم ْنهَا ) وأن من أراد اإلحرام بالعمرة من أهل مكة أو المقيمين بها يخرج إلى التنعيم أو إلى الحل‬
‫إلى منى لحديث ( َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب مهل أهل الشام‪ .‬حديث رقم (‪ )1526‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ ال لَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَقَتَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم‬
‫لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ‪ ،‬وَلِأَهْلِ الشَأْمِ الْجُحْفَةَ‪ ،‬وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ‪ ،‬وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ‪ ،‬فَهُنَ لَهُنَ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَ ِلمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَ‬
‫ن مِنْهَا)‪.‬‬
‫ن أَهْلِهِ‪ ،‬وَكَذَااَ حَتَى أَهْ ُل مَكَ َة يُهِلُو َ‬ ‫ن فَمُهَلُ ُه مِ ْ‬
‫ن كَانَ دُونَهُ َ‬
‫وَالْعُمْرَةَ‪ ،‬فَمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب مواقيت الحج والعمرة‪ .‬حديث رقم (‪ )2502‬بلفظ (عن أَبي الزُبَيْرِ أَنَهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬يُسْأَلُ عَنْ‬
‫الْمُهَلِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬مُهَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ‪ ،‬وَالطَرِيقُ الْآخَ رُ الْجُحْفَةُ‪ ،‬وَمُهَلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ‬
‫عِرْقٍ‪ ،‬وَمُهَلُ أَهْ ِل نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ‪ ،‬وَمُهَلُ أَهْ ِل الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ)‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في المناسك‬
‫العرق‪ :‬الجبل الصغير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المهل‪ :‬موضع إهالل ومكان إحرام‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ذات عرق ألهل العراق‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1531‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَمَا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَر‪،‬‬
‫فَقَالُوا‪ :‬يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَدَ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا‪ ،‬وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا‪ ،‬وَإِنَا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَ عَلَيْنَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَانّْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ‬
‫طَرِيقِكُمْ‪ ،‬فَحَ َد لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ)‪.‬‬
‫انفرد به البخاري‪.‬‬
‫شق‪ :‬صعب حذوها‪ :‬تجاهها‪.‬‬ ‫جور‪ :‬ميل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1513‬‬
‫‪321‬‬
‫طهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى‬
‫ليحرم بالعمرة من هناك مثلما أخرج النبي صلى اهلل عليه وسلم عائشة إلى التنعيم لتحرم بالعمرة منه لحديث (فَِإذَا َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ال َتنْعِيمِ فَأَهِلِي)‬

‫زمان اإلحرام باحلج‬


‫الصحيح‪ :‬أن زمن اإلحرام بالحج يبدأ من أول شهر شوال ويستمر إلى يوم التاسع من شهر ذي الحجة ‪.‬‬

‫شهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}(‪ )2‬ولفعل‬


‫الصحيح‪ :‬أن أيام الحج تنتهي بنهاية أيام التشريق أي يوم الرابع عشر من شهر ذ ي الحجة لقوله تعالى {الْحَجُ أَ ْ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم حيث فرغ من أعمال الحج بعد طوافه للوداع‪ ،‬وقد خرج من مدينة مكة عائدا إلى المدينة المنورة في آخر أيام‬
‫التشريق ‪.‬‬

‫زمن اإلحرام بالعمرة‬


‫الصحيح‪ :‬جواز اإلحرام بالعمرة في كل أيام السنة‪ ،‬وقد كانت العمرة في الجاهلية ال تؤدي في أيام الحج‪ ،‬وقد أبطل النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم عادة الجاهلية هذه‪ ،‬وقد أمر النبي صلى اهلل عليه وسلم من أهل بالحج ممن حج معه في حجة الوداع وكان مفردا بفسخ الحج المفرد‬
‫شوْكَرٍ‪ :‬وَلَمْ يُ َقصِرْ‪،‬‬
‫إلى العمرة في حديث (أَ َهلَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِالْحَجِ‪ ،‬فَلَمَا َقدِمَ طَافَ بِا ْل َبيْتِ َو َب ْينَ الصَفَا وَالْمَ ْر َوةِ‪ ،‬وَقَالَ ا ْبنُ َ‬
‫حلَ)(‪ )3‬الحديث صحيح صريح على أن‬ ‫جلِ ا ْل َهدْيِ‪ ،‬وَأَمَرَ َمنْ لَمْ يَ ُكنْ سَاقَ ا ْل َهدْيَ َأنْ يَطُوفَ َوَأنْ يَسْعَى وَيُ َقصِرَ ثُمَ يُ ِ‬ ‫حلَ ِمنْ أَ ْ‬ ‫ثُمَ اتَفَقَا وَلَمْ يُ ِ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم أمر من لم يسق الهدي بالتحلل من اإلحرام وجعلها عمرة متمتعا بها إلى الحج‪ ،‬وبهذا فقد أبطل النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم عادة الجاهلية في منع العمرة في أيام الحج‪ ،‬وفي رواية عن ابن عباس رضي عنهما عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫حلَ كُلَهُ‪ ،‬فَِإنَ الْ ُعمْ َرةَ َقدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِ إِلَى َيوْمِ الْ ِقيَامَةِ)(‪.)4‬‬‫حلَ الْ ِ‬
‫ع ْن َدهُ ا ْل َهدْيُ فَلْيَ ِ‬
‫ستَ ْمتَ ْعنَا ِبهَا‪ ،‬فَ َمنْ لَمْ يَ ُكنْ ِ‬
‫(ه ِذهِ عُمْ َرةٌ ا ْ‬

‫جواز تكرار العمرة يف السنة الواحدة‬


‫الصحيح‪ :‬جواز تعدد العمرة في السنة الواحدة أو الشهر الواحد أو األسبوع الواحد أو في أقل من ذلك ألن األصل الجواز‪ ،‬وأما أن‬
‫الصحابة لم يكونوا يكررون العمرة فكانوا مشغولين‪ ،‬والمواصالت كانت متعسرة ألنها كانت على الجمال والمسافة بين المدينة ومكة‬
‫بعيدة ‪.‬‬

‫حمظورات اإلحرام‬
‫اإلحرام يحرِم على المحرم أمورا هي مباحة للحالل وهي لبس المخيط من الثياب والتطيب ابتداء وعقد النكاح لنفسه أو لغيره واألكل من‬
‫لحم الصيد الذي صيد ألجل المحرم‪ ،‬والجماع وغيرها من المحظورات ‪.‬‬

‫ما يلبس احملرم من الثياب‬


‫ال يلبس المحرمُ المخيط من الثياب وال العمائم والالسراويالت وال البرانس وال الخفاف لحديث (َأنَ رَجُلًا‪ ،‬قَا َل‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬مَا يَ ْلبَسُ‬
‫الْمُحْرِمُ ِمنْ ال ِثيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَ ْلبَسُ الْقُ ُمصَ‪ ،‬وَلَا الْعَمَائِمَ‪ ،‬وَلَا السَرَاوِيلَاتِ‪ ،‬وَلَا ا ْلبَرَانِسَ‪ ،‬وَلَا الْخِفَافَ‪ ،‬إِلَا‬
‫ش ْيئًا مَسَهُ ال َزعْفَرَانُ َأوْ وَرْسٌ)(‪ ،)5‬الحديث دليل‬ ‫جدُ نَعَْل ْينِ فَلْيَ ْلبَسْ خُ َفيْنِ وَ ْليَقْطَ ْعهُمَا أَسْ َفلَ ِمنْ الْكَ ْع َب ْينِ‪ ،‬وَلَا تَ ْلبَسُوا ِمنْ ال ِثيَابِ َ‬
‫حدٌ لَا يَ ِ‬
‫أَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب أجر العمرة على قدر النصب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1757‬بلفظ (عَنْ الْأَسْوَدِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَتْ‪ :‬عَائِشَةُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا يَا رَسُولَ اللَهِ‬
‫ك أَ ْو نَصَبِكِ)‪.‬‬
‫ن كَذَا‪ ،‬وَلَكِنَهَا عَلَى قَدْ ِر نَفَقَتِ ِ‬ ‫ت فَاخْرُجِي إِلَى التَنْعِي ِم فَأَهِلِي‪ ،‬ثُ َم ائْتِينَا بِمَكَا ِ‬ ‫ن وَأَصْدُ ُر بِنُسُكٍ‪ ،‬فَقِيلَ‪ :‬لَهَا انْتَّظِرِي‪ ،‬فَإِذَا طَهُرْ ِ‬ ‫س بِنُسُكَيْ ِ‬
‫يَصْدُ ُر النَا ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في‬
‫المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النصب‪ :‬التعب والمشقة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)117( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب في إفراد الحج‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1712‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَهَلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْحَجِ‪ ،‬فَلَمَا قَدِمَ طَافَ‬
‫بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ‪ ،‬وَقَالَ ابْنُ شَوْكَرٍ‪ :‬وَلَمْ يُقَصِرْ‪ ،‬ثُمَ اتَفَقَا وَلَمْ يُحِلَ مِنْ أَ جْلِ الْهَ ْديِ‪ ،‬وَأَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَطُوفَ وَأَنْ يَسْعَى وَيُقَصِرَ ثُمَ يُحِلَ‪،‬‬
‫ق ثُ َم يُحِلَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن مَنِي ٍع فِي حَدِيثِ ِه أَ ْو يَحْلِ َ‬ ‫زَا َد ابْ ُ‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬ومسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫يقصر‪ :‬يأخذ من شعره من جميع الجهات دون الحلق‪.‬‬ ‫الهدي‪ :‬مايذبحه الحاج في حجه نسكا‪.‬‬ ‫معاني ا أللفاظ‪ :‬اإلهالل‪ :‬النية والتلبية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ‬ ‫ن ابْنِ عَبَاسٍ رَضِ َ‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب جواز العمرة في أشهر الحج‪ .‬حديث رقم (‪ )3004‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ج إِلَى يَوْ ِم الْقِيَامَةِ)‪.‬‬
‫ن الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَ ِ‬ ‫ي فَلْيَحِ َل الْحِلَ كُلَهُ‪ ،‬فَإِ َ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬هَذِ ِه عُمْرَ ٌة اسْتَمْتَعْنَا بِهَا‪ ،‬فَمَنْ لَ ْم يَكُنْ عِنْدَ ُه الْهَدْ ُ‬
‫أخرجه البخار ي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫الهدي‪ :‬مايذبحه الحاج في حجه نسكا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬التمتع‪ :‬فصل بين الحج والعمرة بإحالل في أشهر الحج‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب مايلبس المحرم من الثياب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1542‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَجُلًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ‬
‫جدُ‬
‫اللَهِ‪ ،‬مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَلْبَسُ الْقُ ُمصَ‪ ،‬وَلَا ا لْعَمَائِمَ‪ ،‬وَلَا السَرَاوِيلَاتِ‪ ،‬وَلَا الْبَرَانِسَ‪ ،‬وَلَا الْخِفَافَ‪ ،‬إِلَا أَحَدٌ لَا يَ ِ‬
‫ن أَوْ وَرْسٌ)‪.‬‬ ‫ب شيئًا مَسَ ُه الزَعْفَرَا ُ‬ ‫ن الثِيَا ِ‬‫ن الْكَعْبَيْنِ‪ ،‬وَلَا تَلْبَسُوا مِ ْ‬ ‫ن وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِ ْ‬ ‫ن فَلْيَلْبَسْ خُفَيْ ِ‬
‫نَعْلَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪،‬‬
‫ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬اللباس‪.‬‬
‫‪322‬‬
‫على أنه ال يجوز للمحرم أن يلبس أي نوع من الثياب المخيط ويدخل في مسمى (الْقُ ُمصَ)كل أنواع الثياب المخيطة وأن ما يلبس على‬
‫الجسد كله كالزنين والجالبيب أو ما يلبس على بعض الجسد كالشموز والبنطلونات والفنائل وغيرها مما يلبسه الرجال داخل في مسمى‬
‫(الْقُ ُمصَ) ويدخل في مسمى (الْعَمَائِمَ ) كل ما يعصب به الرأس وكلما يغطي الرأس من الصمائط والشاالت والكوافي وغيرها‪ ،‬ويدخل في‬
‫مسمى (السَرَاوِيلَاتِ) كلما يلبسه الرجل من السراويالت الصغيرة والكبيرة على اختالف أنواعها ويلحق ب(الْخِفَافَ) كلما يستر القدمين‬
‫من القناطر والجزمات وغيرها‪ ،‬وال يشرع للمحرم لبس(ا ْلبَرَانِسَ) وهي نوع من الثياب المغربية تغطي الرأس مع الجسد والرقبة‪،‬‬
‫ويشرع للمحرم أن يلبس إزاراً ورداء فقط ويلبس نعلين وإن لم يجد النعلين فيلبس خفين يقطعهما من أسفل الكعبين ومن لم يجد إزارا إال‬
‫جدْ النَعَْل ْينِ فَ ْليَ ْلبَسْ الْخُ َف ْينِ‪ ،‬وَ َمنْ لَمْ‬
‫السراويل فيجوز له لبس السراويل ألنه ضرورة وعند الضرورات تباح المحظورات لحديث ( َمنْ لَمْ يَ ِ‬
‫جدْ إِزَارًا فَ ْليَ ْلبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ)(‪ )1‬الصحيح‪ :‬أنه يقطع الخفين حتى يكونا أسفل من الكعبين حمال للحديث المطلق على المقيد‪،‬‬ ‫يَ ِ‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال فدية على من لبس الخف المقطوع بدل النعال أو لبس السراويل بدل اإلزار عند الضرورة لوجود النص بجوازه ‪.‬‬

‫لباس املرأة احملرمة‬


‫تحريم اللباس المخيط والمحيط بالرأس أو القدمين هو خاص بالرجل‪ ،‬أما المرأة فال يحرم عليها لبس شيء باإلحرام ألن إحرامها في‬
‫وجهها وكفيها فقط‪ ،‬ويجب عل يها أن تلبس ما يغطي جسمها كله ألن جسم المرأة كله عورة واإلحرام ال يوجب عليها إال كشف وجهها‬
‫وكفيها فقط عند أمن الفتنة وإذا رأت من ينظر إليها نظرة مريبة فيجب عليها تغطية وجهها حتى تتجاوز من ينظر إليها نظرة مريبة‬
‫وتختفي عن عينيه‪ ،‬أما أذا غطت المرأة المحرمة وجهها بدون نظر الرجل أو الرجال إليها فعليها دم ألن كشف وجه المرأة المحرمة‬
‫واجب عليها ال يسقط عنها هذا الواجب إال نظر الرجال األجانب إليها نظر ريبة وشهوة‪ ،‬وأما حديث عائشة رضي اهلل عنها‪( :‬كان‬
‫الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم محرمات فإذا حذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا‬
‫جاوزونا كشفناه)فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم (‪ )3811‬ومهما يكن فالواجب على المرأة المحرمة أن تكشف وجهها‬
‫وكفيها في مدة اإلحرام وتتجنب نظر الرجال إليها ما أمكن ذلك‪ ،‬وال يجوز للمرآة أن تلبس القفازين وهي محرمة سواء نظر إلى كفيها‬
‫رجال أجانب أم لم ينظر إليها أحد ‪.‬‬

‫ختمري احملرم وجهه‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز للمحرم أن يغطي وجهه ويجوز له أن يكشفه ألن الكل جائز والمحرَم هو تغطية رأسه فقط‬

‫حرمة لبس الثوب املعصفر مطلقا‬


‫الصحيح‪ :‬تحريم لبس الثوب المصبوغ بالعصفر مطلقا سواء في حالة اإلحرام أو في غير حالة اإلحرام فهو من الثياب المحرم لبسها على‬
‫الرجال في كل األوقات وفي كل الحاالت لحديث (رَأَى ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ عَلَيَ َثوْ َب ْينِ مُ َعصْفَ َر ْينِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَأُ ُمكَ أَمَ َر ْتكَ ِبهَذَا؟ قُلْتُ‪:‬‬
‫َأغْسِلُهُمَا؟ قَالَ‪َ :‬بلْ أَحْرِ ْقهُمَا)(‪ )2‬واألمر بإحراق الثياب المصبوغة بالعصفر دليل على تحريم لبسه في غير حالة اإلحرام وتحريم لبسه‬
‫على المحرم من باب أولى‪.‬‬

‫تطيب احملرم بعد اإلحرام‬


‫الطيب كله محرَم على المحرم والمحرمة في حال إحرامهما بالحج أو العمرة‪ ،‬الصحيح‪ :‬جوازه للمحرم عند إحرامه قبل أن يحرم ويبقى‬
‫(‪)3‬‬
‫طيِبُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ‪ ،‬وَلِحِلِهِ َق ْبلَ َأنْ يَطُوفَ بِا ْل َبيْتِ)‬
‫أثر الطيب عليه بعد اإلحرام لحديث (كنْتُ أُ َ‬

‫الورس‪ :‬نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ‬ ‫الخف‪ :‬مايستر الرجل وعادة يكون من الجلد‪.‬‬ ‫البرنس‪ :‬ثوب ملتصق به غطاء ال رأس‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫به‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ت‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب جزاء الصيد‪ :‬باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1541‬بلفظ (عن عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ سَمِعْ ُ‬
‫ابْنَ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ‪ ،‬مَ نْ لَمْ يَجِدْ النَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَيْنِ‪ ،‬وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ‬
‫لِلْمُحْرِمِ)‬
‫أخر جه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اللباس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلزار‪ :‬ثوب يلف به النصف األسفل من الجسم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اللباس والزينة‪ :‬باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر‪ .‬حديث رقم (‪ )5401‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عَمْرٍو‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَأَى النَبِ ُ‬
‫ك بِهَذَا؟ قُلْتُ‪ :‬أَغْسِلُهُمَا؟ قَالَ‪ :‬بَ ْل أَحْرِقْهُمَا)‪.‬‬ ‫ن مُعَصْفَرَيْنِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَأُمُكَ أَمَرَتْ َ‬ ‫ي ثَوْبَيْ ِ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم عَلَ َ‬
‫أخرجه النسائي في الزينة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المعصفر‪ :‬ما يصبغ بصبغ أصفر اللون‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب الطيب عند اإلحرام‪ .‬حديث رقم (‪ )1531‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَ نْهَا زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كُنْتُ‬
‫ف بِالْبَيْتِ)‪.‬‬‫ن يَطُو َ‬‫ن يُحْرِمُ‪ ،‬وَلِحِلِ ِه قَبْ َل أَ ْ‬
‫أُطَيِبُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم لِإِحْرَامِهِ حِي َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائ ي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الغسل‪ ،‬اللباس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬لحله‪ :‬تحلله من محّظورات اإلحرام‪.‬‬
‫‪323‬‬
‫سلْ الطِيبَ اَلذِي ِبكَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ)(‪ )1‬والظاهر أن الطيب الذي في البدن‬
‫ألن حديث عائشة متأخر‪ ،‬وقال بعض العلماء هو ناسخ لحديث (اغْ ِ‬
‫ع ْنكَ‬
‫ال يشرع إزالته لحديث عائشة فإنه يدل على جواز التطيب قبل اإلحرام والطيب الذي في ثياب اإلحرام يجب إزالته لحديث (وَانْ ِزعْ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫جبَةَ)‬
‫الْ ُ‬

‫جمامعة الزوجة أو الزوجات‬


‫الصحيح‪ :‬أن الجماع في حالة اإلحرام يبطل حج المرأة والرجل حتى ولو كانت المرأة مكرهة إال أن اإلكراه يرفع عنها اإلثم‪ ،‬أما الحج‬
‫فيبطل حجها وحج زوجها ويجب على كل منهما أن يتم أعمال الحج ويقضي حجة بدل الحج الذي بطل بالجماع في العام المقبل ويذبح كل‬
‫شهُرٌ مَعْلُومَاتٌ‬
‫منهما بدنة‪ ،‬هكذا قال العلماء‪ :‬بوجوب قضاء الحج في العام المقبل وذبح البدنة على كل واحد منهما لقوله تعالى {الْحَجُ أَ ْ‬
‫خيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَ َز َودُواْ فَِإنَ خَيْرَ الزَادِ التَ ْقوَى وَاتَقُونِ يَا‬
‫جدَالَ فِي الْحَجِ وَمَا تَفْعَلُواْ ِمنْ َ‬
‫فَمَن فَ َرضَ فِي ِهنَ الْحَجَ َفالَ رَفَثَ وَالَ فُسُوقَ وَالَ ِ‬
‫ُأوْلِي األَ ْلبَابِ}(‪ )3‬والرفث‪ :‬هو الجماع ودواعيه ‪.‬‬

‫غسل احملرم رأسه‬


‫عبَاسٍ‪ :‬يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ‬ ‫ختَلَفَا بِالْأَ ْبوَاءِ‪ ،‬فَقَالَ ا ْبنُ َ‬
‫سوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ ا ْ‬ ‫عبَاسٍ وَالْمِ ْ‬ ‫ع ْبدَ اللَهِ ْبنَ َ‬ ‫الصحيح‪ :‬جواز غسل المحرم رأسه لحديث (أنَ َ‬
‫سلُ َب ْينَ الْقَ ْر َن ْينِ وَهُوَ يُسْتَرُ‬
‫ج َدهُ يَ ْغتَ ِ‬
‫عبَاسٍ إِلَى َأبِي َأيُوبَ الَْأنْصَارِيِ َفوَ َ‬ ‫ع ْبدُ اللَهِ ْبنُ َ‬ ‫سلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ‪ ،‬فَأَرْسَلَهُ َ‬
‫سوَرُ‪ :‬لَا يَغْ ِ‬
‫رَأْسَهُ‪ ،‬وَقَالَ الْمِ ْ‬
‫عبَاسٍ أَسْأَُلكَ‪َ ،‬كيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬ ‫ع ْبدُ اللَهِ ْبنُ َ‬
‫ح َن ْينٍ أَرْسََلنِي إَِل ْيكَ َ‬ ‫ع ْبدُ اللَهِ ْبنُ ُ‬ ‫ِب َثوْبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَسَلَمْتُ عََليْهِ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬منْ َهذَا؟ قُلْتُ‪َ :‬أنَا َ‬
‫حتَى َبدَا لِي رَأْسُهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬لِِإنْسَانٍ َيصُبُ عََليْهِ‪،‬‬ ‫سلُ رَأْسَهُ وَ ُهوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ‪َ :‬ف َوضَعَ َأبُو َأيُوبَ َي َدهُ عَلَى ال َثوْبِ فَطَأْطََأهُ َ‬ ‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَغْ ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫صلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ) وال‬ ‫صبُبْ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬فصَبَ عَلَى رَأْسِهِ‪ ،‬ثُمَ حَ َراَ َأبُو َأيُوبَ رَأْسَهُ ِب َي َديْهِ فَأَ ْق َبلَ ِبهِمَا وََأ ْدبَرَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬هَ َكذَا رََأ ْيتُهُ يَفْ َعلُ َ‬ ‫ا ْ‬
‫يلزم من غسل الرأس قتل القمل فيمكن للمحرم أن يغسل رأسه وال يقتل قمله وال يغسل المحرم رأسه بالخطمي ألن فيه طيب وال يغسل‬
‫رأسه وال جسمه بأي صابون فيه رائحة طيب ويجوز االغتسال بصابون ال رائحة طيب فيه ‪.‬‬

‫دخول احملرم احلمام‬


‫إذا كان دخول المحرم الحمام للتجمل فيكره دخوله الحمام ألن الترفه مكروه للمحرم وإن كان دخول المحرم الحمام ليدفئ جسمه أو بعض‬
‫أجزاء جسمه أو للعالج فالظاهر الجواز ‪.‬‬

‫االصطياد‬
‫(‪)5‬‬
‫ص ْيدُ ا ْلبَرِ مَا دُ ْمتُمْ حُرُماً وَاتَقُواْ اللّهَ اَلذِيَ إَِليْهِ تُحْشَرُونَ} وقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا‬ ‫يحرم على المحرم االصطياد لقوله تعالى {وَحُرِمَ عََليْكُمْ َ‬
‫ع ْدلٍ مِنكُمْ َهدْياً بَالِغَ الْكَ ْعبَةِ أَوْ‬
‫ص ْيدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن َقتَلَهُ مِنكُم ُمتَعَمِداً فَجَزَاء ِم ْثلُ مَا َق َتلَ مِنَ النَعَمِ يَحْكُمُ بِهِ َذوَا َ‬
‫اَلذِينَ آ َمنُواْ الَ تَ ْقتُلُواْ ال َ‬
‫(‪)6‬‬
‫صيَاماً ِليَذُوقَ َوبَالَ أَمْ ِرهِ عَفَا اللّهُ عَمَا سَلَف وَ َمنْ عَادَ َفيَنتَقِمُ اللّهُ ِمنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو ا ْنتِقَامٍ} وكما‬ ‫ع ْدلُ ذَ ِلكَ ِ‬‫كَفَا َرةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو َ‬
‫جثَامَةَ الَل ْيثِيِ‪َ ،‬أنَهُ‬
‫عنْ الصَعْبِ ْبنِ َ‬ ‫يحرم على المحرم صيد البر يحرم عليه أكل ما صاده هو أو ما صيد ألجله أو ألجل محرمين لحديث ( َ‬
‫جهِهِ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬إنَا لَمْ نَ ُردَهُ‬ ‫شيًا وَهُوَ بِالَْأ ْبوَاءِ َأوْ ِب َودَانَ فَ َر َدهُ عَ َليْهِ‪ ،‬فَلَمَا رَأَى مَا فِي وَ ْ‬
‫أَ ْهدَى لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ حِمَارًا وَحْ ِ‬
‫غيْرُ الْمُحْرِمِ‪ ،‬فَرََأيْتُ َأصْحَابِي َيتَرَا َء ْونَ‬ ‫عََل ْيكَ إِلَا َأنَا حُرُمٌ)(‪ )7‬وحديث ( ُكنَا مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِالْقَاحَةِ‪ ،‬وَ ِمنَا الْمُحْرِمُ‪ ،‬وَ ِمنَا َ‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب غسل الخلوق ثالث مرات من الثياب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1536‬بلفظ (أَنَ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أَنَ يَعْلَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬لِعُمَرَ رَضِيَ اللَ ُه‬
‫عَنْهُ‪ ،‬أَرِنِي النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَبَيْنَمَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَ يْهِ وَسَلَمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ جَاءَهُ رَجُلٌ‪ ،‬فَقَال‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪،‬‬
‫كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مُتَضَمِخٌ بِطِيبٍ؟ فَسَكَتَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ سَاعَةً‪ ،‬فَجَاءَهُ ا لْوَحْيُ‪ ،‬فَأَشَارَ عُمَرُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ إِلَى يَعْلَى‪ ،‬فَجَاءَ يَعْلَى‬
‫وَعَلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَ بِهِ‪ ،‬فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ‪ ،‬فَإِذَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مُحْمَرُ الْ وَجْهِ وَهُوَ يَغِطُ ثُمَ سُرِيَ عَنْهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَيْنَ الَذِي‬
‫سَأَلَ عَنْ الْعُمْرَةِ؟ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اغْسِلْ الطِيبَ الَذِي بِكَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬وَانْزِعْ عَنْكَ الْجُبَ ةَ‪ ،‬وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَتِكَ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬لِعَطَاءٍ أَرَادَ الْإِنْقَاءَ حِينَ‬
‫ث مَرَاتٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ)‪.‬‬
‫ن يَغْسِ َل ثَلَا َ‬
‫أَمَرَهُ أَ ْ‬
‫الجبة‪ :‬رداء يلبس فوق الثياب‪.‬‬ ‫التسرية‪ :‬الكشف واإلزالة‪.‬‬ ‫يغط‪ :‬ينفخ من شدة ثقل الوحي‪.‬‬ ‫متضمخ‪ :‬متطيب بكثير منه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫اإلنقاء‪ :‬التنّظيف والتطهير‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث صفوان بن يعلى رضي اهلل عنه برقم (‪.)1536‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)117( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب جزاء الصيد‪ :‬باب اإلغتسال للمحرم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1540‬بلفظ (عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬أَنَ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عَبَاسٍ‬
‫ب‬
‫وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ‪ ،‬فَقَالَ ابْنُ عَبَاسٍ‪ :‬يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ‪ ،‬وَقَالَ الْمِ سْوَرُ‪ :‬لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ‪ ،‬فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَهِ بْنُ عَبَاسٍ إِلَى أَبِي أَيُو َ‬
‫الْأَنْصَارِيِ فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَسَلَمْتُ عَلَيْهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ‪ :‬أَنَا عَبْدُ اللَهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَهِ بْنُ عَبَاسٍ أَسْأَلُكَ‪ ،‬كَيْفَ‬
‫كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ‪ :‬فَوَضَعَ أَبُو أَيُوبَ يَدَ هُ عَلَى الثَوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَى بَدَا لِي رَأْسُهُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬لِإِنْسَانٍ يَصُبُ عَلَيْهِ‪،‬‬
‫ا أَبُو أَيُوبَ رَأْسَ ُه بِيَدَيْ ِه فَأَقْبَ َل بِهِمَا وَأَدْبَرَ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬هَكَذَا رَأَيْتُ ُه يَفْعَ ُل صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‪.‬‬
‫ب عَلَى رَأْسِهِ‪ ،‬ثُمَ حَرَ َ‬‫اصْبُبْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَصَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي‬
‫في المناسك‪.‬‬
‫طأطأه‪ :‬ازاله عن رأسه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬القرنين‪ :‬الخشبتين القائمتين على رأس البئر‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪7‬‬
‫ن جَثَامَ َة اللَيْثِيِ‪ ،‬أَنَهُ أَهْدَى لِرَسُو ِل اللَ ِه صَلَى‬
‫ب بْ ِ‬‫ن الصَعْ ِ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب جزاء الصيد‪ :‬باب إذا أهدي للمحرم حمارا وحشيا‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1525‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ك إِلَا أَنَا حُرُمٌ)‪.‬‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ حِمَارًا وَحْشِيًا وَهُ َو بِالْأَبْوَا ِء أَ ْو بِوَدَانَ فَرَدَ ُه عَلَيْهِ‪ ،‬فَلَمَا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَا لَ ْم نَرُدَهُ عَلَيْ َ‬
‫أخرجه ممسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في‬
‫المناسك‪.‬‬
‫‪324‬‬
‫خ ْذتُهُ‪ ،‬ثُمَ َأ َتيْتُ الْحِمَارَ مِنْ‬
‫سوْطُهُ فَقَالُوا‪ :‬لَا نُعِي ُنكَ عََليْهِ بِشَيْءٍ‪ِ ،‬إنَا مُحْرِمُونَ‪َ ،‬ف َتنَاوَ ْلتُهُ فَأَ َ‬
‫ش ْيئًا‪َ ،‬فنَّظَرْتُ‪ ،‬فَ ِإذَا حِمَارُ وَحْشٍ‪ ،‬يَ ْعنِي وَقَعَ َ‬ ‫َ‬
‫ضهُمْ‪ :‬لَا تَأْكُلُوا‪ ،‬فََأ َتيْتُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَ ُهوَ أَمَا َمنَا‬ ‫ضهُمْ‪ :‬كُلُوا‪ ،‬وَقَالَ بَ ْع ُ‬ ‫وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَعَقَ ْرتُهُ فََأ َتيْتُ بِهِ َأصْحَابِي‪ ،‬فَقَالَ بَ ْع ُ‬
‫فَسَأَ ْلتُهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬كُلُوهُ حَلَالٌ)(‪ )1‬ويجمع بين الحديثين بأنه إذا صاد المحل ألجل المحرم فيحرم على المحرم األكل من الصيد‪ ،‬وإن لم يصده‬
‫المحل من أجل المحرم فيجوز للمحرم األكل من الصيد أما حديث (صيد البر حالل لكم وأنتم حرم مالم تصيدوه أو يصد لكم) فقد ضعفه‬
‫األلباني في ضعيف سنن النسائي برقم (‪. )2827‬‬

‫أكل املضطر من حلم الصيد‬


‫الصحيح‪ :‬أن اإلنسان المحرم إذا اضطر إلى أكل الحرام فإنه يقدم األكل من الصيد على األكل من الميتة أو من لحم الخنزير ألن علة‬
‫تحريم الميتة لكونها منتنة مضرة مليئة بالميكروبات الضارة وكذا علة تحريم لحم الخنزير لمضرته وألن الميتة ولحم الخنزير محرمان‬
‫ألعيانه ما وعلة تحريم أكل الصيد ال لتحريم عين الصيد وال لمضرته وإنما ألمر عارض وهو كون الصائد محرما وهذا التحريم لعارض‬
‫اإلحرام أخف من التحريم لمحرمات لعينها ولضررها ‪.‬‬

‫نكاح احملرم‬
‫الصحيح‪ :‬أن المحرم ال ينكح وال ينكح أي ال يعقد عقد النكاح لغيره وال يعقد له بالنكاح أي ال يقبل عقد النكاح لنفسه لحديث (لَا َينْكِحُ‬
‫سلَمَ‪ ،‬تَ َزوَجَ َميْمُونَةَ وَ ُهوَ مُحْرِمٌ)(‪ )3‬فيعارضه حديث (حَ َد َث ْتنِي‬
‫الْمُحْرِمُ وَلَا ُينْكَحُ وَلَا يَخْطُب)(‪ )2‬وأما حديث (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَ َ‬
‫جهَا وَ ُهوَ حَلَالٌ)(‪ )4‬ويرجح حديث ميمونة رضي اهلل عنها على حديث ابن‬ ‫َميْمُونَةُ ِبنْتُ الْحَارِثِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬تَزَوَ َ‬
‫عباس رضي اهلل عنهما من عدة وجوه ‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أن ميمونة صاحبة القصة وهي أعرف بها من ابن عباس وروايتها أثبت من رواية ابن عباس ‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬حديث ميمونة رواه اثنان ميمونة وأبو رافعٍ وما رواه اثنان أرجح مما رواه راو واحد‪ ،‬وحديث أن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم عقد بها وهو محرم رواه راو واحد ‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬رواية أبي رافع أرجح من رواية ابن عباس ألن أبا رافع كان السفير بين رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وبين ميمونة‬
‫رضي اهلل عنها ألن رواية السفير بينهما أرجح وأثبت ألنه أعلم بالقصه ومتى حدث العقد بها ‪.‬‬

‫الوجه الرابع‪ :‬ابن عباس يومئذ كان صغير السن ورواية من تحمل الرواية وهو كبير وأداها وهو كبير أرجح من رواية من تحملها وهو‬
‫صغير وأداها وهو كبير‪ ،‬وعلى هذا فرواية ميمونة وأبي رافع أرجح ألنهما تحمال الرواية وأدياها وهما كبيران ‪.‬‬

‫الوجه الخامس‪ :‬إذا تعارض حديث يدل على الحضر وحديث يدل على اإلباحة فيرجح ما يدل على الحضر ‪.‬‬

‫الوجه السادس‪ :‬أن نترك العمل بالحديثين المتعارضين ونرجع إلى حديث عثمان بن عفان رضي اهلل عنه الذي يفيد التحريم وهو مرجح‬
‫لجانب التحريم ‪.‬‬

‫أطراف الحديث‪:‬الهبة وفضلهاوالتحريض عليها‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب جزاء الصيد‪ :‬باب اليعين المحرم الحالل في قتل الصيد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1614‬بلفظ (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا مَعَ النَبِ ِ‬
‫ي‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْقَاحَةِ‪ ،‬وَمِنَا الْمُحْرِمُ‪ ،‬وَمِنَا غَيْرُ الْ مُحْرِمِ‪ ،‬فَرَأَيْتُ أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا‪ ،‬فَنَّظَرْتُ‪ ،‬فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ‪ ،‬يَعْنِي وَقَعَ سَوْطُهُ فَقَالُوا‪ :‬لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ‬
‫بِشَيْءٍ‪ ،‬إِنَا مُحْرِمُونَ‪ ،‬فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُهُ‪ ،‬ثُمَ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَعَقَرْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي‪ ،‬فَقَالَ بَعْضُهُمْ‪ :‬كُلُوا‪ ،‬وَقَالَ بَعْضُهُمْ‪ :‬لَا تَأْكُلُوا‪ ،‬فَأَتَيْتُ النَبِيَ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم وَهُ َو أَمَامَنَا فَسَأَلْتُهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬كُلُوهُ حَلَالٌ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في ال حج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬الهبه وفضلها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب تحريم نكاح المحرم وخطبته‪ .‬حديث رقم (‪ )3432‬بلف ظ (عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِجَ‬
‫طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَحْضُرُ ذَلِكَ وَهُوَ أَمِيرُ الْحَجِ‪ ،‬فَقَالَ أَبَانُ‪ :‬سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَانَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ح الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ)‪.‬‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَنْكِ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند العشره المبشرين بالجنه‪.‬‬
‫ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النكاح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬تَزَوَجَ مَيْمُونَةَ‬
‫ن النَبِ َ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَ َ‬
‫ن ابْنِ عَبَاسٍ رَضِ َ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصيد‪ :‬باب تزويج المحرم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1537‬بلفظ (عَ ْ‬
‫وَهُوَ مُحْرِمٌ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬النكاح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب تحريم نكاح المحرم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3435‬بلفظ (عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِ‪ ،‬حَدَثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬تَزَوَجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ‪ ،‬قَال‪ :‬وكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَ َة ابْنِ عَبَاسٍ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪325‬‬
‫الوجه السابع‪ :‬تأويل حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما ونقول‪ :‬بأن المراد بلفظ (وهو محرم) أي في أرض الحرم أو في األشهر الحرم‪،‬‬
‫وبناء على هذا فيرجح العمل بحديث ميمونة رضي اهلل عنها وال يجوز للمحرم أن ينكح أو ينكح وال يخطب وهو محرم ‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬أنواع اإلحرام‬

‫التمتع والقران واإلفراد‬ ‫‪‬‬


‫التمتع‬ ‫‪‬‬
‫كيفية التمتع‬ ‫‪‬‬
‫حاضري المسجد الحرام‬ ‫‪‬‬
‫فسخ الحج المفرد إلى العمرة‬ ‫‪‬‬
‫تمتع المكي من غير مكة‬ ‫‪‬‬
‫من أحرم بعمرة متمتعا بها إلى الحج في غير أشهر الحج‬ ‫‪‬‬
‫القران‬ ‫‪‬‬
‫اإلفـــــــــراد‬ ‫‪‬‬
‫األفضل التمتع‬ ‫‪‬‬
‫اغتسال اإلحرام‬ ‫‪‬‬
‫وجوب التلبية‬ ‫‪‬‬
‫لفظ التلبية‬ ‫‪‬‬
‫تلبية المرأة‬ ‫‪‬‬
‫اإلكثار من التلبية‬ ‫‪‬‬
‫موضع إحرام النبي صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪‬‬
‫قطع التلبية في الحج والعمرة‬ ‫‪‬‬

‫‪327‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أنواع اإلحرام‬

‫التمتع والقران واإلفراد‬


‫اإلحرام إما أن يكون بعمرة مفردة متمتعا بها إلى الحج‪ ،‬وأما أن يكون بعمرة مقترنة بالحج‪ ،‬وإما أن يكون بحج مفرد‪.‬‬

‫التمتع‬
‫صيَامُ ثَالثَةِ َأيَامٍ فِي الْحَجِ‬
‫جدْ َف ِ‬
‫س َتيْسَرَ مِنَ ا ْل َهدْيِ فَمَن لَمْ يَ ِ‬
‫التمتع بالعمرة إلى الحج مستحب لقوله تعالى {فَمَن تَ َمتَعَ بِالْعُمْ َرةِ إِلَى الْحَجِ َفمَا ا ْ‬
‫شدِيدُ الْعِقَابِ}(‪ )1‬ولحديث‬ ‫جدِ الْحَرَامِ وَاتَقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ َأنَ اللّهَ َ‬‫سبْعَةٍ ِإذَا رَجَ ْعتُمْ تِ ْلكَ عَشَ َرةٌ كَامِلَةٌ ذَِلكَ لِمَن لَمْ يَ ُكنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْ ِ‬
‫وَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫س َت ْدبَرْتُ مَا أَ ْه َديْتُ‪ ،‬وََلوْلَا أَنَ مَعِي ا ْل َهدْيَ لَأَحْلَلْتُ) الحديث يدل داللة واضحة بأن التمتع بالعمرة إلى الحج‬ ‫ستَ ْقبَلْتُ ِمنْ أَمْرِي مَا ا ْ‬ ‫( َلوْ ا ْ‬
‫هو أفضل األنواع ألمر النبي صلى اهلل عليه وسلم من كان معه من الحجاج في حجة الوداع وهم مفردون بأن يفسخوا إحرامهم من الحج‬
‫المفرد إلى العمرة المتمتع بها إلى الحج‪ ،‬ولحث الن بي صلى اهلل عليه وسلم على التمتع وبيان المانع من حجه متمتعا في حجة الوداع‬
‫بسوقه الهدي معه من الميقات وأنه لوال سوقه الهدى معه المانع له من فسخ إحرامه إلى العمرة لكان متمتعا بالعمرة إلى الحج‪ ،‬وبهذا‬
‫القول يتضح جليا أن التمتع أفضل من القران وأفضل من اإلفراد‪.‬‬

‫كيفية التمتع‬
‫التمتع‪ :‬هو أن يحرم اإلنسان من الميقات في أشهر الحج لمن كان مسكنه أو محل عمله خارجا عن الحرم المحرم ثم يطوف ويسعى‬
‫ويحلق أو يقصِر في أشهر الحج من نفس العام ثم يحل بمكة كل الحل ويصير كأنه أحد ساكني مدينة مكة يحل له كل شيء حرم عليه‬
‫باإلحرام حتى جماع زوجته إذا كانت معه‪ ،‬ثم يحرم بالحج في يوم التروية الثامن من شهر ذي الحجة ويتم أعمال الحج في عرفة ومزدلفة‬
‫ومنى حتى طواف الوداع‪ ،‬ويبقى في مكة من بعد تحلله من إحرامه بالعمرة حتى يكمل أعمال الحج في أيام التشريق وال يرجع إلى بلده‬
‫فيما بين إحرامه بالعمرة وإح رامه بالحج‪ ،‬التمتع جائز لمن لم يكن أهله حضري المسجد الحرام لقوله تعالى {فمَن تَ َمتَعَ بِالْعُمْ َرةِ إِلَى الْحَجِ‬
‫سبْعَةٍ ِإذَا رَجَ ْعتُمْ تِ ْلكَ عَشَ َرةٌ كَامِلَةٌ ذَِلكَ ِلمَن لَمْ يَ ُكنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي‬
‫صيَامُ ثَالثَةِ َأيَامٍ فِي الْحَجِ وَ َ‬
‫جدْ َف ِ‬
‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْل َهدْيِ فَمَن لَمْ يَ ِ‬ ‫فَمَا ا ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫شدِيدُ الْعِقَابِ} ‪.‬‬ ‫جدِ الْحَرَامِ وَاتَقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ َأنَ اللّهَ َ‬‫الْمَسْ ِ‬

‫حاضري املسجد احلرام‬


‫جدِ الْحَرَامِ‬
‫ج َهكَ شَطْرَ الْمَسْ ِ‬
‫ث خَرَجْتَ َف َولِ وَ ْ‬
‫حيْ ُ‬
‫أ ـــ السكان والمقيمون في مدينة مكة ألن المراد بلفظ المسجد الحرام في قوله تعالى {وَ ِمنْ َ‬
‫حيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُواْ وُجُوهَكُمْ شَطْ َرهُ}(‪ )3‬مدينة مكة ألن مسرى النبي صلى اهلل عليه وسلم كان من بيت أم هاني وليس من الكعبة ألن‬ ‫وَ َ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم في تلك الليلة كان في بيت أم هاني وهو بيت من بيوت مدينة مكة‪.‬‬

‫ب ـــ السكان والمقيمون في أرض الحرم المحرم التي يحرم الصيد فيها ألن المراد بلفظ المسجد الحرام في قوله تعالى { َكيْفَ يَكُونُ‬
‫(‪)4‬‬
‫ستَقِيمُواْ َلهُمْ ِإنَ اللّهَ يُحِبُ الْمُتَقِينَ}‬
‫ستَقَامُواْ لَكُمْ فَا ْ‬
‫جدِ الْحَرَامِ فَمَا ا ْ‬
‫ع ْهدٌ عِندَ اللّهِ َوعِندَ رَسُولِهِ إِالَ اَلذِينَ عَاهَدتُمْ عِندَ الْمَسْ ِ‬
‫لِلْمُشْرِكِينَ َ‬
‫أرض الحرم المحرم ألن المعاهدة كانت عند الحديبية ويدخل في حاضري المسجد الحرام من هو مقيم في مدينة مكة لطلب علم أو لعبادة‬
‫أو تجارة أو عمل أو وظيفة أو ألي قصد كان فحكمه حكم أهل مكة ال يجب عليه هدى إذا تمتع بالعمرة إلى الحج‪ ،‬وسمي هذاالنوع من‬
‫اإلحرام بالتمتع ألن الحاج المتمتع يتمتع بتحلله من اإلحرام بكل المحرمات على المحرم في الزمن الذي بين تحلله من العمرة وبين‬
‫إحرامه للحج في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ‪.‬‬

‫فسخ احلج املفرد إىل العمرة‬


‫الصحيح‪ :‬جواز فسخ إحرام الحج المفرد إلى العمرة المتمتع بها إلى الحج بل يستحب تحويل نية اإلحرام بالحج المفرد إلى نية اإلحرام‬
‫بالعمرة المتمتع بها إلى الحج ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم أمر من حج معه من الصحابة في حجة الوداع بتحويل نية اإلحرام بالحج‬
‫ستَ ْقبَلْتُ‬
‫المفرد إلى نية العمرة المتمتع بها إلى الحج ولم يستثن منهم إال من ساق الهدى معه من الميقات ولقوله صلى اهلل عليه وسلم‪َ ( :‬لوْ ا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العمرة‪ :‬باب عمرة التنعيم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1755‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَهَلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِ‪ ،‬وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَطَلْحَةَ‪ ،‬وَقَدِمَ عَلِيٌ مِنْ الْيَمَنِ وَمَعَهُ هَدْيٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَ بِهِ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَمَرَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً‪ ،‬وَيَطُوفُوا ‪ ،‬ثُمَ يُقَصِرُوا‪ ،‬وَيَحِلُوا‪ ،‬إِلَا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ‬
‫أَحَدِنَا يَقْطُرُ! فَبَلَغَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْ تُ‪ ،‬وَلَوْلَا أَنَ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ‪ ،‬وَحَاضَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‬
‫فَنَسَ كَتْ الْمَنَاسِكَ كُلَهَا غَيْرَ أَنَهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ‪ ،‬فَلَمَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬يَا رَسُو لَ اللَهِ‪ ،‬تَنْطَلِقُونَ بِحَجَةٍ وَعُمْرَةٍ‪ ،‬وَأَنْطَلِقُ بِحَج‪ ،‬فَأَمَرَ عَبْدَ الرَحْمَنِ بْنَ أَبِي‬
‫ت بَعْ َد الْحَجِ)‪.‬‬
‫ج مَ عَهَا إِلَى التَنْعِيمِ‪ ،‬فَاعْتَمَرَ ْ‬
‫ن يَخْرُ َ‬
‫بَكْ ٍر أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في‬
‫المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬التمني‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)150( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)7( :‬‬
‫‪328‬‬
‫س َت ْدبَرْتُ مَا أَ ْهدَيْتُ‪ ،‬وََلوْلَا َأنَ مَعِي ا ْل َهدْيَ لَأَحْلَلْتُ)(‪ )1‬وال دليل على القول بأن األمر للصحابة الذين حجوا مع الرسول‬ ‫ِمنْ أَمْرِي مَا ا ْ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بتحويل نية اإلحرام بالحج المفرد إلى نية اإلحرام بالتمتع بالعمرة إلى الحج هو خاص بالصحابة وليس عاما لعموم‬
‫المسلمين ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه تشريع عام لعموم المسلمين إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫وأنه يجب على من يحول نية إحرامه من الحج المفرد إلى نية اإلحرام بالعمرة المتمتع بها إلى الحج أن يذبح هدي التمتع وإن لم يجد قيمة‬
‫سبْعَةٍ‬
‫صيَامُ ثَالثَةِ َأيَامٍ فِي الْحَجِ وَ َ‬
‫جدْ فَ ِ‬
‫الهدي فيجب عليه أن يصوم ثالثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله لقوله تعالى {فَمَن لَمْ يَ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫شدِيدُ الْعِقَابِ} وأما حديث بالل‬ ‫جدِ الْحَرَامِ وَاتَقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ َأنَ اللّهَ َ‬
‫ِإذَا رَجَ ْعتُمْ تِ ْلكَ عَشَ َرةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَ ُكنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْ ِ‬
‫بن الحارث‪( :‬قلت يا رسول اهلل فسخ الحج لنا خاصة أو لمن بعدنا؟ قال‪ :‬بل لكم خاصة) فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم‬
‫(‪. )3818‬‬

‫متتع املكي من غري مكة‬


‫الصحيح‪ :‬أن المكي إذا تمتع من بلد غير مكة فحكمه حكم غير أهل مكة أي يجب عليه هدى التمتع ‪.‬‬

‫من أحرم بعمرة متمتعا بها إىل احلج يف غري أشهر احلج‬
‫الصحيح‪ :‬أن اإلحرام في غير أشهر الحج بعمرة يريد المحرم التمتع بها إلى الحج ال يكون متمتعا‪ ،‬وال يكون متمتعا بعمرة إلى الحج إال‬
‫شهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}(‪ )3‬ومن‬
‫من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وعمل أعمال العمرة كلها في أشهر الحج قبل إحرامه بالحج لقوله تعالى {الْحَجُ أَ ْ‬
‫شروط التمتع أن يكون أداء العمرة والحج في عام واحد‪ ،‬أما إذا اعتمر اإلنسان في أشهر الحج ولم يحج في نفس السنه فال يسمى متمتعا‬
‫بالعمرة إلى الحج‪.‬‬

‫القران‬
‫القران‪ :‬هو أن يحرم الحاج بالحج والعمرة معا ويقول‪ :‬لبيك اللهم بحج وعمرة‪ ،‬ويكون إحرامه في أشهر الحج ويكون معه هدي من‬
‫حلَ ِم ْنهُمَا جَمِيعًا)(‪.)4‬‬
‫حتَى يَ ِ‬
‫حلَ َ‬
‫الميقات لحديث( َمنْ كَانَ مَعَهُ َهدْيٌ فَ ْليُ ِهلَ بِالْحَجِ مَعَ الْعُمْ َرةِ ثُمَ لَا يَ ِ‬

‫الصحيح‪ :‬أن القارن ال يكون من أهل مكة وإنما يكون من خارج مكة للزوم سوق الهدي معه من بالده أو من الميقات وقد حج النبي صلى‬
‫ستَ ْقبَلْتُ ِمنْ‬
‫اهلل عليه وسلم قارنا ألنه ساق الهدي معه من المدينة المنورة وليس القران هو األفضل بدليل قوله صلى اهلل عليه وسلم‪َ ( :‬لوْ ا ْ‬
‫س َت ْدبَرْتُ مَا أَ ْه َديْتُ‪ ،‬وََلوْلَا َأنَ مَعِي ا ْل َهدْيَ لَأَحْلَلْتُ)(‪ )5‬الحديث يدل داللة واضحة صريحة على أن التمتع أفضل من القران وأن‬
‫أَمْرِي مَا ا ْ‬
‫المانع للنبي صلى اهلل عليه وسلم من تحويل نية إحرامه من نية اقتران العمرة بالحج إلى العمرة المفردة المتمتع بها إلى الحج إنما هو‬
‫سوق الهدي معه من الميقات وال يكون القران أفضل من التمتع وقد تمنى النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه لم يسق الهدى ليكون متمتعا‬
‫والقارن يبقى محرما إلى يوم النحر ويتحلل من إحرامه بعد طواف اإلفاضة ‪.‬‬

‫اإلفـــــــــراد‬
‫هو أن ينوي الحاج اإلحرام بحج مفرد من الميقات في أشهر الحج ويقول‪ :‬لبيك اللهم بحج‪ ،‬ويبقى محرما حتى يوم النحر ويتحلل من‬
‫إحرامه بعد طواف اإلفاضة وهذا النوع من أنواع اإلحرام مفضول ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم أمر جميع الصحابة الذين كانوا معه في‬
‫حجة الوداع بعد أن وصلوا إلى مكة بأن يفسخوا إحرامهم بالحج المفرد إلى العمرة المتمتع بها إلى الحج‪ ،‬وقدفسخ الصحابة إحرامهم من‬
‫نية اإلحرام بالحج المفرد إلى نية اإلحرام بالعمرة المتمتع بها إلى الحج وطافوا وسعوا وقصَروا وتحللوا من إحرامهم ولم يبق منهم على‬
‫إحرامه إال من ساق الهدي من الميقات وهم قلة‪ ،‬والنبي صل اهلل عليه وسلم ال يأمر إال باألفضل واأليسر ألنه رحمة للعالمين وقد كان‬
‫الصحابة أهلوا بالحج المفرد من الميقات ثم أُمروا بعد وصولهم إلى مكة بتحويل نياتهم إلى نية اإلحرام بالعمرة المتمتع بها إلى الحج‬
‫حدٍ ِم ْنهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَطَلْحَةَ‪ ،‬وَ َقدِمَ‬
‫لحديث (أَ َهلَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ ُهوَ وََأصْحَابُهُ بِالْحَجِ‪ ،‬وََليْسَ مَعَ أَ َ‬
‫عَلِيٌ ِمنْ ا ْليَمَنِ وَمَعَهُ َهدْيٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَ بِهِ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَمَرَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َأصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا‬
‫ح ِدنَا يَقْطُرُ! َفبَلَغَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫عُمْ َرةً‪َ ،‬ويَطُوفُوا‪ ،‬ثُمَ يُ َقصِرُوا‪َ ،‬ويَحِلُوا‪ ،‬إِلَا َمنْ كَانَ مَعَهُ ا ْل َهدْيُ‪ ،‬فَقَالُوا‪َ :‬ننْطَِلقُ إِلَى مِنًى َوذَكَرُ أَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر رضي اهلل عنه برقم (‪.)1565‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)117( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب كيف تهل الحائض والنفساء‪ .‬حديث رقم (‪ )1454‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَ بِالْحَجِ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَ لَا‬ ‫قَالَتْ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي حَجَةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ النَبِ ُ‬
‫يَحِلَ حَتَى يَحِلَ مِنْهُمَا جَمِيعًا‪ ،‬فَقَدِمْتُ مَكَةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ‪ ،‬فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ انْ ُقضِي رَأْسَكِ‬
‫وَامْتَشِطِي وَأَهِلِي بِالْحَجِ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَفَعَلْتُ‪ ،‬فَلَمَا قَضَيْنَا الْحَجَ‪ ،‬أَرْسَلَنِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَعَ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَ ِذهِ‬
‫مَكَانَ عُمْرَتِكِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَطَافَ الَذِينَ كَانُوا أَهَلُوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ‪ ،‬ثُ مَ حَلُوا‪ ،‬ثُمَ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى‪ ،‬وَأَمَا الَذِينَ جَمَعُوا الْحَجَ‬
‫وَالْعُمْرَ َة فَإِنَمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ .‬وابن ماحه في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند االنصا ر‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النقض‪ :‬الحل واإلرخاء‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1755‬‬
‫‪329‬‬
‫س َت ْدبَرْتُ مَا أَ ْه َديْتُ‪ ،‬وَلَوْلَا َأنَ مَعِي ا ْل َهدْيَ لَأَحْلَلْتُ)(‪ )1‬الحديث يدل على أن النبي صلى اهلل عليه‬ ‫ستَقْبَلْتُ ِمنْ أَمْرِي مَا ا ْ‬‫وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬لوْ ا ْ‬
‫وسلم والصحابة الذين كانوا معه أهلوا بالحج المفرد ويحمل الحديث على أن النبي صلى اهلل عليه وسلم ابتدأ إحرامه في ذي الحليفة‬
‫بالتلبية بالحج المفرد ثم أهل بالحج والعمرة في الطريق وعلى هذا المعنى يحمل قول عائشة رضي اهلل عنها (وَأَ َهلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ بِالْحَجِ)(‪ )2‬أي أنه ابتدأ إحرامه بالتلبية بالحج المفرد ثم لبى بالحج والعمرة في الطريق إلى مكة بدليل حديث (سَمِعْتُ ال َنبِيَ‬
‫صلِ فِي َهذَا ا ْلوَادِي الْ ُمبَا َراِ‪ ،‬وَ ُقلْ‪ :‬عُمْ َرةً فِي حَجَةٍ)(‪ )3‬وادي‬
‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِبوَادِي الْعَقِيقِ‪ ،‬يَقُولُ‪َ :‬أتَانِي اللَيْلَةَ آتٍ ِمنْ َربِي فَقَالَ‪َ :‬‬
‫العقيق قريب من ذي الحليفة‪ ،‬الحديث يدل على أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قد قرن بين الحج والعمرة في هذا الوادي بعد أن أحرم‬
‫بالحج مفردا في ذي الحليفة ‪.‬‬

‫األفضل التمتع‬
‫الصحيح‪ :‬أن أفضل أنواع الحج هو التمتع ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم تمنى أنه لم يسق الهدي معه ليكون حجه متمتعا في الحديث‬
‫ت) (‪)4‬وبين‬ ‫س َت ْدبَرْتُ مَا أَ ْه َديْتُ‪ ،‬وََلوْلَا َأنَ مَعِي ا ْل َهدْيَ لَأَحْلَلْ ُ‬
‫ستَ ْقبَلْتُ ِمنْ أَمْرِي مَا ا ْ‬
‫الذي قد سبق من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‪َ ( :‬لوْ ا ْ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم المانع له من التمتع وهو سوق الهدي معه وأنه ال يحل من يسوق الهدي معه من الميقات حتى ينحر هديه في‬
‫يوم النحر لحديث حفصه رضي اهلل عنها أنها قالت‪( :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬مَا شَ ْأنُ النَاسِ‪ ،‬حَلُوا بِعُمْ َرةٍ وَلَمْ تَحِْللْ َأنْتَ مِنْ عُمْ َر ِتكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنِي‬
‫حتَى َأنْحَرَ)(‪ )5‬الحديثان دليالن صحيحان صريحان على أن المانع للنبي صلى اهلل عليه وسلم من‬ ‫حلُ َ‬‫َل َبدْتُ رَأْسِي‪ ،‬وَقََلدْتُ َه ْديِي‪ ،‬فَلَا أَ ِ‬
‫تحويل نية إحرامه من القران إلى التمتع هو سوقه للهدي معه من الميقات ‪.‬‬

‫اغتسال اإلحرام‬
‫الصحيح‪ :‬أن االغتسال لإلحرام سنة لفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم في حديث (أنَهُ رَأَى ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ تَجَ َردَ ال هالله‬
‫سلَ)(‪ ،)6‬وفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم يدل على االستحباب ال الوجوب‪ ،‬وأما حديث (فَأَمَ َرهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ أَنْ‬ ‫غتَ َ‬
‫وَا ْ‬
‫(‪)7‬‬
‫سلَ‪ ،‬ثُمَ ُت ِهلَ بِالْحَجِ) فهو خاص بوجوب اغتسال المرأة النفساء والحائض عند اإلحرام لحديث (الْحَا ِئضُ وَالنُفَسَاءُ‪ِ ،‬إذَا‬ ‫يَأْمُرَهَا َأنْ تَ ْغتَ ِ‬
‫(‪)8‬‬
‫وهو يفيد وجوب اغتسال المرأة الحائض أو‬ ‫طوَافِ بِا ْل َبيْتِ)‬
‫غيْرَ ال َ‬
‫سكَ كَُلهَا َ‬
‫ضيَانِ الْ َمنَا ِ‬
‫َأ َتتَا عَلَى الْوَقْتِ تَ ْغتَسِلَانِ‪َ ،‬وتُحْرِمَانِ‪َ ،‬وتَ ْق ِ‬
‫النفساء عند اإلحرام في الميقات المكاني لإلحرام أو ما يحاذيه إذا كانت على وسيلة مواصالت جوية أو بحرية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1755‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب التمتع والقران واإلفراد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1562‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَمِنَا مَنْ أَهَلَ بِعُمْرَةٍ‪ ،‬وَمِنَا مَنْ أَهَلَ بِحَجَةٍ‪ .‬وَمِنَا مَنْ أَهَلَ بِحَج وَعُمْرَةٍ‪ ،‬وَأَهَلَ رَسُولُ اللَ هِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْحَجِ‪ ،‬فَأَمَا مَنْ أَهَلَ بِالْحَجِ أَوْ جَمَعَ الْحَجَ‬
‫وَالْعُمْرَ َة فَلَ ْم يَحِلُوا حَتَى يَوْ ِم النَحْرِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ .‬وأ حمد في باقي مسنداألنصار‪.‬‬
‫أظراف الحديث‪ :‬الحيض‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب قول النبي صلى اهلل عليه وسلم (بوادي العقيق)‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1514‬بلفظ (عن عِكْرِمَةُ أَنَهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ‬
‫عَنْهُمَا‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬إِنَهُ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِوَادِي الْعَقِيقِ‪ ،‬يَقُ ولُ‪ :‬أَتَانِي اللَيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِي فَقَالَ‪ :‬صَلِ فِي هَذَا الْوَادِي‬
‫الْمُبَارَاِ‪ ،‬وَقُلْ‪ :‬عُمْرَةً فِي حَجَةٍ)‬
‫أخرجه أبود اود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المزارعة‪ ،‬االعتصام بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذاالباب من حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)1755‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب التمتع والقران واإل فراد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1566‬بلفظ (عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُا‪ ،‬زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهَا‬
‫ت مِنْ عُمْرَتِكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنِي لَبَدْتُ رَأْسِي‪ ،‬وَقَلَدْتُ هَدْيِي‪ ،‬فَلَا أَحِ ُل حَتَى أَنْحَرَ)‪.‬‬ ‫ن النَاسِ‪ ،‬حَلُوا بِعُمْرَةٍ وَلَ ْم تَحْلِ ْل أَنْ َ‬ ‫قَالَتْ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬مَا شَأْ ُ‬
‫اخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪.‬‬
‫وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬اللباس‪.‬‬
‫قلد الهدي‪ :‬علق في عنقها مايدل على إهدائها للحرم‪.‬‬ ‫معاني األل فاظ‪ :‬اللبد‪ :‬ما تجمع من صوف أو شعر‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ماجاء قي اإلغتسال عند اإلحرام‪ .‬حديث رقم (‪ ) 530‬بلفظ (عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬أَنَهُ رَأَى النَبِيَ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم تَجَرَدَ لِإِهْلَالِ ِه وَاغْتَسَلَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الدارمي في المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلهالل‪ :‬النية والتلبية‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب‪ :‬مناسك الحج‪ :‬باب الغسل لإلهالل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2662‬بلفظ (عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَهُ خَرَجَ حَاجًا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَجَةَ‬
‫الْوَدَاعِ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَةُ‪ ،‬فَلَمَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ مُحَمَدَ بْ نَ أَبِي بَكْرٍ‪ ،‬فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَخْبَرَهُ‪ ،‬فَأَمَ َرهُ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ‪ ،‬ثُمَ تُهِلَ بِالْحَجِ‪ ،‬وَتَصْنَعَ مَا يَصْنَعُ النَاسُ إِلَ ا أَنَهَا لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي‬
‫بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في المناسك‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب الحائض تهل بالحج‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1744‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الْحَا ِئضُ وَالنُفَسَاءُ‪،‬‬
‫ف بِالْبَيْتِ)‪.‬‬
‫ك كُلَهَا غَيْ َر الطَوَا ِ‬ ‫ن الْمَنَاسِ َ‬ ‫ت تَغْتَسِلَانِ‪ ،‬وَتُحْرِمَانِ‪ ،‬وَتَقْضِيَا ِ‬
‫إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْ ِ‬
‫أحرجه الترمذي في مناسك الحج‪.‬‬
‫المناسك‪ :‬أعمال الحج‪.‬‬ ‫النسك‪ :‬العبادة وكل حق هلل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬وقت‪ :‬حدد مكانا لإلحرام‪.‬‬
‫‪331‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن النية شرط في صحة اإلحرام لحديث (إنما األعمال بالنية‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى) (‪.)1‬‬

‫النية‪ :‬هي التي تحدد نوع اإلحرام من تمتع أو قران أو إفراد أو بعمرة مفردة غير متمتع بها إلى الحج كالعمرة في غير أشهر الحج ‪.‬‬

‫وجوب التلبية‬
‫صوَا َتهُمْ بِا ْلإِهْلَالِ‬
‫جبْرِيلُ‪ ،‬فَأَمَ َرنِي‪َ ،‬أنْ آمُرَ َأصْحَابِي َأنْ يَ ْرفَعُوا َأ ْ‬
‫الصحيح‪ :‬أن التلبية واجبة في اإلحرام أي عند اإلحرام لحديث (َأتَانِي ِ‬
‫وَالتَ ْل ِبيَةِ)(‪ )2‬الحديث يدل على وجوب رفع الصوت بالتلبية حين اإلحرام وبعده ألن األمر يقتضي الوجوب ‪.‬‬

‫لفظ التلبية‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يجب المحافظة على تلبية النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهي مبينة في حديث ( َل َب ْيكَ الَلهُمَ َل َب ْيكَ‪َ ،‬ل َب ْيكَ لَا شَرِيكَ َلكَ لَ َب ْيكَ‪ ،‬إِنَ‬
‫الْحَ ْمدَ وَالنِعْمَةَ َلكَ وَالْمُ ْلكَ‪ ،‬لَا شَرِيكَ َلكَ)(‪ )3‬وال يشرع الزيادة على لفظ التلبية وال النقصان وال استبدالها بلفظ آخر‪ ،‬ويجب رفع الصوت‬
‫بالتلبية في معظم الوقت بحسب االستطاعة ‪.‬‬

‫تلبية املرأة‬
‫تلبية المرأة هي أن تلبي بصوت خفيض بحيث تسمع نفسها بالتلبية وال يشرع لها رفع الصوت بالتلبية كالرجل ألن صوت المرأة عورة‬
‫ولذا ال يشرع للمرأة أن ترفع صوتها باألذان للصلوات المفروضة وإذا أذنت فيجب عليها أن تخفض صوتها لتسمع نفسها ومن عندها من‬
‫النساء ولكي ال يسمع صوتها الرجال األجانب وهكذا يشرع لها اإلكثار من التلبية كالرجل ولكن بصوت خفيض تسمع نفسها وال يسمعها‬
‫الرجال األجانب ‪.‬‬

‫اإلكثار من التلبية‬
‫(‪)4‬‬
‫ضلُ؟ قَالَ‪ :‬الْعَجُ وَالثَجُ)‬‫يستحب اإلكثار من التلبية في الحج للرجل والمرأة لحديث ( َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬سُ ِئلَ‪ ،‬أَيُ الْحَجِ أَ ْف َ‬
‫(‪)5‬‬
‫عنْ شِمَالِهِ ِمنْ حَجَرٍ َأوْ شَجَرٍ َأوْ َمدَرٍ‪ ،‬حَتَى َتنْقَطِعَ الْأَ ْرضُ ِمنْ هَاهُنَا وَهَا ُهنَا)‬ ‫عنْ يَمِينِهِ َأوْ َ‬
‫وحديث (مَ ا ِمنْ مُسْلِمٍ يَُلبِي إِلَا َلبَى َمنْ َ‬
‫الحديث األول يدل علي أن أفضل الحج العج‪ :‬وهو اإلكثار من رفع الصوت بالتلبية للرجل‪ ،‬واإلكثار من التلبية بصوت منخفض للمرأة‪،‬‬
‫والثج‪ :‬هو نحر الهدي‪ ،‬ويدل الحديث الثاني على مشاركة الكائنات كلها للملبي في التلبية وهو إعالن الوحدانية هلل تعالى ‪.‬‬

‫موضع إحرام النبي صلى اهلل عليه وسلم‬


‫الصحيح‪ :‬أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم ابتدأ إهالله من عند مسجد ذي الحليفة لحديث (مَا أَ َهلَ رَسُولُ اللَ ِه صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ إِلَا‬
‫س َتوَتْ بِهِ أَ َهلَ)(‪ )7‬في الحديث داللة‬ ‫جدِ‪ ،‬يَ ْعنِي مَسْجِدَ ذِي الْحَُليْفَةِ)(‪ )6‬وأهل حين ركب راحلته لحديث (فَلَمَا رَكِبَ رَاحَِلتَهُ وَا ْ‬
‫ع ْندِ الْمَسْ ِ‬
‫ِمنْ ِ‬

‫‪ -1‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬كيف كان بدء الوحي‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا الليثي يقول سمعت‬
‫عمر بن الخطأ ب رضي اهلل عنه على المنبر قال سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعما ل بالنية‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها‬
‫أو إلى امرأة ينكحها‪ ،‬فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإليمان‪ ،‬العتق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪ .‬يصيب‪ :‬ينال والمراد تحصيل أسباب العيش‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب مناسك الحج‪ :‬باب ماجاء في رفع الصوت بالتلبية‪ .‬حديث رقم (‪ )521‬بلفظ (عَنْ خَلَادِ بْنِ السَائِبِ بْنِ خَلَادٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُ ْم بِالْإِهْلَالِ وَالتَلْبِيَةِ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن آمُ َر أَصْحَابِي أَ ْ‬ ‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَتَانِي جِبْرِيلُ‪ ،‬فَأَمَرَنِي‪ ،‬أَ ْ‬
‫أخرجه الن سائي في المناسك‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأجمد في أول مسند المدنيين‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلهالل‪ :‬النية والتلبية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ك‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب التلبية‪ .‬حديث رقم (‪ )1541‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْ نِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَبَيْ َ‬
‫ك لَكَ)‪.‬‬ ‫ك وَالْمُلْكَ‪ ،‬لَا شَرِي َ‬ ‫ك لَكَ لَبَيْكَ‪ ،‬إِنَ الْحَمْ َد وَالنِعْمَ َة لَ َ‬
‫ك لَا شَرِي َ‬ ‫اللَهُ َم لَبَيْكَ‪ ،‬لَبَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في ا لحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصجابة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب مناسك الحج‪ :‬باب ما جاء في فضل التلبية والنحر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 527‬بلفظ (عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِدِيقِ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬سُئِلَ‪،‬‬
‫ج وَالثَجُ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ج أَفْضَلُ؟ قَالَ‪ :‬الْعَ ُ‬ ‫ي الْحَ ِ‬ ‫أَ ُ‬
‫أخرجه ابن ماجة في المناسك‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫الثج‪ :‬سيالن دماء ذبائح الحج‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العج‪ :‬رفع الصوت بالتلبية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب مناسك الحج‪ :‬باب ما جاء في فضل التلبية والنحر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 525‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِي إِلَا لَبَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِ مَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ‪ ،‬حَتَى تَنْقَطِعَ الْأَ ْرضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن‬
‫الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في المناسك‪.‬‬
‫البدنة‪ :‬البعير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المدر‪ :‬الطين اليابس‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب اإلهالل عند مسجد ذي الحليفة‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1541‬بلفظ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ أَنَهُ سَمِعَ أَبَاهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬مَا أَهَلَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم إِلَا مِنْ عِنْ ِد الْمَسْجِدِ‪ ،‬يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ)‪.‬‬
‫أحرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في مناسك الحج‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬من بات بذي الحليفة حتى أصبح‪ .‬حديث رقم (‪ )1546‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ت بِ ِه أَهَلَ)‪.‬‬
‫ح بِذِي الْحُلَيْفَةِ‪ ،‬فَلَمَا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَ ْ‬ ‫ت حَتَى أَصْبَ َ‬ ‫وَسَلَ َم بِالْمَدِينَ ِة أَرْ بَعًا‪ ،‬وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ‪ ،‬ثُ َم بَا َ‬
‫‪331‬‬
‫على أنه يشرع للمحرم البدء باإلحرام والتلبية من حين ركوبه على السيارة أوالباص أوالقطار أوأي وسيلة من وسائل المواصالت التي‬
‫سيركب عليها إلى مدينة مكة‪ ،‬وأما حديث (قلت لعبد اهلل بن عباس يا أبا العباس‪ ،‬عجبت الختالف أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم في إهالل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حين أوجب فقال‪ :‬إني ألعلم الناس بذلك‪ ،‬إنها إنما كانت من رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم حجة واحدة فمن هناا اختلفوا‪ ،‬خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في‬
‫مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه فسمع منه ذل ك أقوام فحفّظته عنه‪ ،‬ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرا ذلك منه أقوام‪،‬‬
‫وذلك أن الناس كانوا يأتون أرساال فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل فقالوا‪ :‬إنما أهل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حين استقلت به‬
‫ناقته‪ ،‬ثم مضى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فلما عال على شرف البيداء أهل وأدرا ذلك منه أقوام فقالوا‪ :‬إنما أهل حين عال على‬
‫شرف البيداء‪ ،‬وأيم اهلل لقد أوجب في مصاله وأهل حين استقلت به ناقته وأهل حين عال على شرف البيداء‪ ،‬قال سعيد‪ :‬فمن أخد بقول‬
‫ابن عباس‪ ،‬أهل في مصاله إذ فرغ من ركعتيه) فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم (‪ )3771‬وحديث (كان نبي اهلل إذا أخذ‬
‫طريق الفرع أهل إذا استقلت به راحلته وإذا أخذ طريق أحد أهل إذا أشرف على جبل البيداء)ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم‬
‫(‪ )3775‬ويستحب أن يكون اإلحرام عقيب صالة فرض أو تطوع كصالة تحية المسجد أو سنة الوضوء أو أي صالة نفل‬

‫قطع التلبية يف احلج والعمرة‬


‫حتَى رَمَى‬
‫صلَى الَلهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَُلبِي َ‬
‫الصحيح‪ :‬أن الحاج يستمر في التلبية إلى أن يشرع في رمي جمرة العقبة لحديث (لَمْ يَ َزلْ ال َنبِيُ َ‬
‫جَمْ َرةَ الْعَ َقبَةِ)(‪ )1‬والمحرم بالعمرة يستمر في التلبية إلى أن يبدأ في الطواف ‪.‬‬

‫أخرجه مسلم في الحج‪.‬‬


‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الراحلة‪ :‬الناقة التي يركب عليها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب اإلرتداف في الحج‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1543‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا أَنَ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬كَانَ رِدْفَ النَبِ ِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ‪ ،‬ثُمَ أَرْدَفَ الْ فَضْلَ مِنْ الْمزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَكِلَاهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَمْ يَزَلْ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يُلَبِي حَتَى رَمَى جَمْ َرةَ‬
‫الْعَقَبَةِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسندبني هاشم‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪332‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬الطواف بالبيت‬

‫صفة الطواف بالبيت‬ ‫‪‬‬


‫الدعاء في الطواف‬ ‫‪‬‬
‫طـــواف المـــــــــــرأة‬ ‫‪‬‬
‫حرمة مزاحمة المرأة للرجال األجانب على تقبيل الحجر األسود‬ ‫‪‬‬
‫استالم الركنين اليمانيين‬ ‫‪‬‬
‫ركعتي الطواف‬ ‫‪‬‬
‫القراءة في ركعتي الطواف‬ ‫‪‬‬
‫شروط الطواف‬ ‫‪‬‬
‫وقت الطواف‬ ‫‪‬‬
‫الطهارة في الطواف‬ ‫‪‬‬
‫أنواع الطواف‬ ‫‪‬‬
‫إباحة الكالم في الطواف‬ ‫‪‬‬
‫طواف القارن‬ ‫‪‬‬
‫السهو في عدد أشواط الطواف‬ ‫‪‬‬
‫حيض المرأة أثناء الطواف‬ ‫‪‬‬
‫جواز استعمال المرأة للعالج لتأخير العادة الشهرية‬ ‫‪‬‬
‫وقت طواف الوداع‬ ‫‪‬‬
‫جواز البقاء بعض الوقت في مكة بعد طواف الوداع‬ ‫‪‬‬

‫‪333‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الطواف بالبيت‬

‫صفة الطواف بالبيت‬


‫يبدأ المحرم بالحج أو العمرة باستالم الحجر األسود فيقبله بالفم إن استطاع أو بيده ويقبل يده التي لمس بها الحجر أو بمحجن ويقبل‬
‫المحجن أي الموضع الذي لمس الحجر منه ‪ ،‬وإن لم يتمكن من استالمه بمحجن فيشير إليه بيده إشارة وال بقيل يده ألنه لم يلمس بها‬
‫الحجر‪ ،‬ثم يجعل البيت على يساره ويمشي من أمام الحجر األسود ويعود إلى المكان الذي بدأ منه ويعتبر شوطا‪ ،‬وفي كل شوط يستلم‬
‫الحجر األسود بما يستطيع بفمه أو بيده أو بمحجنه أو إشارة بيده‪ ،‬وفي أوقات ازدحام الطائفين ال يتمكن الطائف من استالمه اال إشارة‬
‫بيده‪ ،‬ويستحب أن يقول الطائف حين استالم الحجر األسود في كل شوط (بسم اهلل واهلل أكبر) ويطوف سبعة أشواط‪ ،‬ويسن للطائف أن‬
‫يرمل في الثالثة األشواط األولى إذا كان في طواف قدوم ويمشي في األربعة األشواط األخيرة‪ ،‬والرمل يشرع في الجهات الثالث حول‬
‫الكعبة الشرقية والشمالية و الغربية وال يشرع في الجهة الجنوبية فيما بين الركن اليماني والحجر األسود‪ ،‬وأما في غير طواف القدوم فال‬
‫يشرع الرمل في الثالثة األشواط األولى وإنما يمشي مشيا عاديا في كل األشواط‪ ،‬وطواف القدوم هو طواف من يقدم من خارج مكة‬
‫محرما بحج أو عمرة وال يسمى طواف قدوم طواف من هو في مكة وقد طاف الطواف األول بعد قدومه إلى مكة‪ ،‬وفي طواف القدوم‬
‫سنة االضطباع وهي أن يجعل الطائف ثوب اإلحرام من تحت عضده اليمنى بحيث يكون عضده األيمن مكشوفا وال يشرع االضطباع إال‬
‫في طواف القدوم فقط‪ ،‬الرمل واالضطباع في طواف القدوم سنتان خاصتان بالرجل أما المرأة فال يشرع لها الرمل في األشواط الثالثة‬
‫األولى‪ ،‬واالضطباع محرم على المرأة ألن فيه كشف عن جسمها الذي يجب عليها ستره‪ ،‬دليل االستالم والتكبير واالضطباع والرمل‬
‫طوَافٍ‪ ،‬وَكَانُوا ِإذَا بَلَغُوا الرُ ْكنَ ا ْليَمَانِيَ َوتَ َغ َيبُوا مِنْ قُ َريْشٍ‬
‫ستَلَمَ‪ ،‬وَكَبَرَ‪ ،‬ثُمَ رَ َملَ ثَلَا َثةَ أَ ْ‬‫طبَعَ‪ ،‬فَا ْ‬
‫حديث (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬اضْ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫سنَةً) ومن وصل إلى األماكن المقدسة في يوم‬ ‫عبَاسٍ‪ :‬فَكَانَتْ ُ‬ ‫شوْا‪ ،‬ثُمَ يَطْلُعُونَ عَ َل ْيهِمْ يَرْمُلُونَ‪ ،‬تَقُولُ قُ َريْشٌ‪ :‬كََأ َنهُمْ الْغِزْلَانُ‪ ،‬قَالَ ا ْبنُ َ‬
‫مَ َ‬
‫عرفة فوصل إلى أرض عرفة مباشرة ولم يتمكن من أداء طواف القدوم فيدخل طواف القدوم في طواف اإلفاضة ويسقط عنه وجوب‬
‫طواف القدوم‪ ،‬ويستحب له أن يرمل في الثالثة األشواط األول لكونه لم يطف طواف القدوم‪ ،‬ويستحب له االضطباع لكونه لم يطف‬
‫طوا ف القدوم‪ ،‬والظاهر أن أهل مكة ال يرملون ألنهم ليسوا قادمين من خارج مكة والرمل ال يشرع إال للقادم من خارج مكة‪ ،‬ويصح‬
‫طواف المريض على عربية أو فوق الحمالين أوعلى أي آلة متحركة لطواف النبي صلى اهلل عليه وسلم على بعير في حديث (طَافَ ال َنبِيُ‬
‫جنٍ)(‪. )2‬‬ ‫ستَلِمُ الرُ ْكنَ بِمِحْ َ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي حَجَةِ ا ْل َودَاعِ عَلَى بَعِيرٍ‪ ،‬يَ ْ‬

‫الدعاء يف الطواف‬
‫يستحب للطائف أن يكثر من الدعاء بخيري الدنيا واآلخرة لنفسه ولوالديه وقرابته ولإلسالم والمسلمين وليس في الطواف أدعية‬
‫مخصوصة به إال الدعاء الذي يدعو ب ه الطائف بين الركنين اليمانيين في حديث (سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ :‬ما بين‬
‫عذَابَ النَارِ}) (‪.)3‬‬
‫سنَةً وَ ِقنَا َ‬
‫الركنين { َر َبنَا آتِنَا فِي ال ُدنْيَا حَسَنَةً وَفِي اآلخِ َرةِ حَ َ‬

‫طـــواف املـــــــــــرأة‬
‫يجب على المرأة أن تتجنب مزاحمة الرجال األجانب في الطواف ومالمسة جسدها لجسد الرجال األجانب في الطواف وفي كل أعمال‬
‫الحج ما استطاعت ألن مزاحمة المرأة للرجال األجانب ومالصقة جسد المرأة لجسد الرجال األجانب حرام‪ ،‬وقد أمر النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أم المؤمنين أم سلمه رضي اهلل عنها بالطواف في وقت قيام الرجال لصالة الفجر وأمرها بأن تطوف من وراء الناس لكي ال يحدث‬
‫من طوافها مخالطة للرجال الطائفين ولتكون أبعد عن النظر إليها أثناء طوافها ألن الوقت ال يزال وقت ظالم والرجال مشغولون‬
‫حتَى خَرَجَتْ)(‪ )4‬وفي رواية‬
‫صلِ َ‬
‫صبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِي ِراِ‪ ،‬وَالنَاسُ ُيصَلُونَ‪ ،‬فَفَعَلَتْ ذَ ِلكَ‪ ،‬فَلَمْ ُت َ‬
‫بالصالة‪ ،‬لفظ الحديث ( ِإذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ ال ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب في الرمل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1551‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬اضْطَبَعَ‪ ،‬فَاسْتَلَمَ‪ ،‬وَكَبَرَ‪ ،‬ثُمَ رَمَ َل‬
‫ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ‪ ،‬وَكَانُوا إِذَا بَلَغُوا الرُكْنَ الْيَمَانِيَ وَتَغَيَبُوا مِنْ قُرَيْشٍ مَشَوْا‪ ،‬ثُمَ يَطْلُعُونَ عَلَيْهِمْ يَرْمُلُونَ ‪ ،‬تَقُولُ قُرَيْشٌ‪ :‬كَأَنَهُمْ الْغِزْلَانُ‪ ،‬قَالَ ابْنُ عَبَاسٍ‪ :‬فَكَانَتْ سُنَةً)‬
‫صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬ومسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫الرمل‪ :‬المشي السريع مع‬ ‫اضطبع‪ :‬لف الرداء من تحت ابطه األيمن إلى كتفه األيسر‪ .‬استلم‪ :‬لمس وقبل وإاللمس فقط وإال أشار إليه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫تقارب الخطى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب استالم الركن بالمحجن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1607‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬طَافَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن بِمِحْجَنٍ)‪.‬‬ ‫فِي حَجَ ِة الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ‪ ،‬يَسْتَلِ ُم الرُكْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الطالق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المحجن‪ :‬عصا معوجة الرأس‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب قول النبي ‪" ‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة"‪ .‬حديث رقم (‪ )1512‬بلفظ {عن عبداهلل بن السائب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬ما بين الركنين (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار)} حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكيين‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬ص حيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من صلى ركعتي الطواف خارجا من المسجد‪ .‬حدي رقم (‪ ) 1626‬بلفظ (عَنْ أُمِ سَلَمَةَ زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَ‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬وَهُوَ بِمَكَةَ وَأَرَادَ الْخُرُ وجَ وَلَمْ تَكُنْ أُمُ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتْ الْخُرُوجَ‪ ،‬فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا‬
‫س يُصَلُونَ‪ ،‬فَفَعَلَتْ ذَلِكَ‪ ،‬فَلَ ْم تُصَلِ حَتَى خَرَجَتْ)‪.‬‬ ‫ت صَلَا ُة الصُبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِاِ‪ ،‬وَالنَا ُ‬ ‫أُقِيمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫‪334‬‬
‫( طُوفِي ِمنْ وَرَاءِ النَاسِ وََأنْتِ رَا ِكبَةٌ‪ ،‬فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ُيصَلِي إِلَى جَنْبِ ا ْل َبيْتِ)(‪ )1‬الحديثان يدالن على حرص‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم على إبعاد أمهات المؤمنين عن مخالطة الرجال األجانب أو التعرض لنظراتهم أثناء الطواف‪ ،‬والمرأة‬
‫الحاجة أوالمعتمرة يجب عليها أن تتوقى مخالطة الرجال األجانب في كل مواطن الحج سواء في أثناء الطواف أو السعي أو في منى أو‬
‫عرفة أو مزدلفة أو في أي مكان من األماكن المقدسة‪ ،‬واألفضل لها أن تصلي في المكان الذي تقيم فيه في أيام الحج ألنه أستر لها‬
‫والصالة فيه أفضل لها من الصالة مع الجماعة في األماكن المكشوفة أمام الرجال لحديث(صَّلَاةُ الْمَرَْأةِ فِي َب ْي ِتهَا أَ ْف َ‬
‫ضّلُ ِمنْ صَّلَا ِتهَا فِي‬
‫ضّلُ ِمنْ صَّلَا ِتهَا فِي َبيْ ِتهَا)(‪ ،)2‬وابتعاد المرأة عن مخالطة الرجال األجانب وعن مزاحمتهم وعن كل ما‬ ‫عهَا أَ ْف َ‬ ‫حُجْ َرتِهَا‪َ ،‬وصَّلَا ُتهَا فِي مَ ْ‬
‫خ َد ِ‬
‫يسبب مالمسة شيء من جسدها لجسد رجل أو رجال أجانب عنها هو خير لها في دينها وأسلم إليمانها وآخرتها ألن في المخالطة‬
‫ومالمسة شيء من جسدها لجسد رجل أجنبي عنها ضرر لدينها وآخرتها لحديث (ألن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من‬
‫أن يمس امرأة ال تحل له) صححه األلباني في صحيح الجامع الصغير برقم (‪ )5145‬وحكم المرأة حكم الرجل وهو يدل على حرمة لمس‬
‫الرجل للمرأة األجنبية ولمس المرأة للرجل األجنبي وهو عام يعم تحريم اللمس في أي مكان سواء في مكة أو في غير مكة وسوا كان‬
‫الرجل أو المرأة حاجا أو حاجة أو غير حاج أو حاجة وال فرق في التحريم بين مكان ومكان وال بين زمان وزمان وقد كانت أم المؤمنين‬
‫عنْهَا تَطُوفُ‬ ‫عائشة رضي اهلل عنها تطوف وهي مبتعدة عن الرجال ال تخالطهم في الطواف‪ ،‬لفظ الحديث (كَانَتْ عَائِشَةُ َرضِيَ اللَهُ َ‬
‫ع ْنكِ وََأبَتْ)(‪.)3‬‬ ‫ستَلِمْ يَا أُمَ الْ ُمؤْ ِمنِينَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬انْطَلِقِي َ‬
‫طهُمْ‪ ،‬فَقَالَتْ امْرََأةٌ‪ :‬انْطَلِقِي نَ ْ‬‫حَجْ َرةً ِمنْ الرِجَالِ لَا تُخَالِ ُ‬

‫حرمة مزامحة املرأة للرجال األجانب على تقبيل احلجر األسود‬


‫يحرم على المرأة الطائفة مزاحمة الرجال األجانب على تقبيل الحجر األسود ألن تقبيل الحجر األسود مندوب ومزاحمة المرأة للرجال‬
‫األجانب محرم عليها ألنه يسبب لمس شيء من جسد المرأة ألجساد عدد من الرجال األجانب ولمس شيء من جسد المرأة لشيء من جسد‬
‫الرجل أو الرجال األجانب محرم للوعيد الشديد في حديث ( ألن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة ال تحل‬
‫له) الحديث صححه األلباني في صحيح الجامع الصغير برقم (‪ )5145‬فطعن الرجل أو المرأة في الرأس بمخيط حديد قد يؤدي إلى موته‬
‫أو موت المرأة والرسول صلى اهلل عليه وسلم يبين في الحديث أن الموت خير للرجل من لمس المرأة األجنبية وأن موت المرأة خير لها‬
‫من أن تلمس جسد رجل أجنبي‪ ،‬وال يجوز للمسلم أو المسلمة أن يقوم بعمل مندوب يسبب له أولها الوقوع في الحرام‪ ،‬وإذا تعارض الفعل‬
‫الواجب مع الفعل المح رم فيجب ترك الفعل المحرم‪ ،‬وترك الفعل المندوب لتوقي الوقوع في المحرم أوجب وأولى‪ ،‬ومزاحمة المرأة‬
‫للرجال على تقبيل الحجر األسود يسبب لها الوقوع في فعل محرم آخر وهو تكشف بعض أجزاء جسدها أمام الرجال األجانب ألن الزحمة‬
‫تسبب لبعض النساء المزاحمات نزع الخمار من على رأسها فينكشف شعر رأسها وعنقها وقد أمر اهلل عز وجل المرأة بستر هذه المواضع‬
‫ظهَرَ ِم ْنهَا وَ ْل َيضْ ِربْنَ‬ ‫ج ُهنَ وَلَا ُيبْدِينَ زِي َن َت ُهنَ إِلَا مَا َ‬ ‫ّظنَ فُرُو َ‬ ‫ضنَ ِمنْ َأ ْبصَارِ ِهنَ َويَحْفَ ْ‬ ‫ض ْ‬‫من جسدها في قوله تعالى {وَقُل لِلْ ُمؤْ ِمنَاتِ يَ ْغ ُ‬
‫خوَا ِنهِنَ َأوْ َبنِي‬ ‫جيُو ِب ِهنَ وَلَا يُ ْبدِينَ زِي َن َت ُهنَ إِلَا ِلبُعُوَل ِت ِهنَ َأوْ آبَا ِئ ِهنَ َأوْ آبَاء بُعُوَل ِت ِهنَ َأوْ َأبْنَا ِئهِنَ َأوْ َأ ْبنَاء بُعُوَل ِت ِهنَ َأوْ إِ ْ‬
‫بِخُمُرِ ِهنَ عَلَى ُ‬
‫ّظهَرُوا عَلَى‬ ‫غيْرِ ُأوْلِي الْإِ ْربَةِ ِمنَ الرِجَالِ َأوِ الطِ ْفلِ اَلذِينَ لَمْ يَ ْ‬ ‫خوَا ِت ِهنَ أَوْ نِسَائِ ِهنَ َأوْ مَا مَلَكَتْ َأيْمَا ُن ُهنَ أَوِ التَابِعِينَ َ‬ ‫خوَا ِن ِهنَ َأوْ َبنِي أَ َ‬
‫إِ ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫عوْرَاتِ النِسَاء وَلَا َيضْ ِر ْبنَ بِأَرْجُِل ِهنَ ِليُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِي َن ِت ِهنَ َوتُوبُوا إِلَى اللَهِ جَمِيعاً َأ ُيهَا الْ ُمؤْ ِمنُونَ لَ َعلَكُمْ تُفْلِحُونَ} ‪ ،‬في اآلية‬ ‫َ‬
‫الكريمة أمر للمرأة بستر رأسها وعنقها ومواضع الفتنة منها ونهى عن أبداء الزينة أمام الرجال األجانب‪ ،‬وأعظم زينة المرأة هي في‬
‫وجهها ورأسها وعنقها الذي ينكشف أمام الرجال الطائفين فالمزاحمة التي ينكشف أجزاء من جسدها تقع في المحرم القطعي في هذه اآلية‬
‫الكريمة‪ ،‬والمزاحَمة تسبب للمزاحِ مة الوقوع في محرم ثالث وهو مؤاذاة المسلمين الطائفين المتأذين من مزاحمتها في المطاف ومؤاذاة‬
‫المسلم حرام ‪.‬‬

‫الخالصة‪ :‬أن المرأة المزاحمة على تقبيل الحجر األسود تقع في ثالثة محرمات هي‪:‬‬

‫األول‪ :‬لمس أجساد الرجال األجانب ‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬انكشاف بعض أجزاء من جسدها أمام الرجال األجانب ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كاب الحج‪ :‬باب إدخال البعير في المسجد للعلة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1632‬بلفظ (عَنْ أُمِ سَلَمَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ب الطُورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ)‪.‬‬ ‫ب الْبَيْتِ‪ ،‬يَقْرَأُ ْ‬ ‫س وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ‪ ،‬فَطُفْتُ وَرَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يُصَلِي إِلَى جَنْ ِ‬ ‫أَنِي أَشْتَكِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬طُوفِي مِنْ وَرَا ِء النَا ِ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الشكاية‪ :‬المرض‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب التشديد في ذالك‪ .‬حديث رقم (‪ ) 570‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ‬
‫ن صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا‪ ،‬وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَ ُل مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫مِ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الرضاع‪.‬‬
‫المخدع‪ :‬البيت الصغير داخل البيت الكبير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حجرة البيت‪ :‬المساحة المحيطة بجدران البيت من الخارج المحاطة بجدار خارجي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب طواف النساء مع الرجال‪ .‬حديث رقم (‪ )1615‬بلفظ (عن عَطَاءٌ‪ ،‬إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِسَاءَ الطَوَافَ مَعَ الرِجَالِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَيْفَ‬
‫ن الرِجَا َل ؟!‬ ‫ف يُخَالِطْ َ‬
‫ب أَوْ قَ ْبلُ؟ قَا َل إِي لَعَمْرِي لَقَ ْد أَدْرَكْتُ ُه بَعْ َد الْحِجَابِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬كَيْ َ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم مَ َع الرِجَا ِل ؟! قُلْتُ‪ :‬أَ بَعْدَ الْحِجَا ِ‬ ‫ف نِسَا ُء النَبِ ِ‬‫ن وَقَدْ طَا َ‬ ‫يَمْنَعُهُ َ‬
‫قَالَ‪ :‬لَمْ يَكُنَ يُخَالِطْنَ‪ ،‬كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ ‪ ،‬فَقَالَتْ امْرَأَةٌ‪ :‬انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَ الْمُؤْمِنِينَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬انْطَلِقِي عَنْكِ وَأَبَتْ‪،‬‬
‫ج الرِجَالُ)‪.‬‬
‫ن حَتَى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِ َ‬ ‫ت قُمْ َ‬
‫ن الْبَيْ َ‬‫ن إِذَا دَخَلْ َ‬
‫ن مَ َع الرِجَالِ‪ ،‬وَلَكِنَهُنَ كُ َ‬ ‫ت بِاللَيْ ِل فَيَطُفْ َ‬
‫وكن يَخْرُجْنَ مُتَنَكِرَا ٍ‬
‫القبة‪ :‬الخيمة أو البنيان المدور‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬حجرة‪ :‬ناحية والمراد اعتزالها عنهم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النور‪)31( :‬‬
‫‪335‬‬
‫الثالث‪ :‬مؤذاة بعض الطائفين أثناء طوافهم ‪.‬‬

‫ومن األدلة على تحريم مزاحمة المرأة الرجال على تقبيل الحجر األسود أمر النبي صلى اهلل عليه وسلم ألم المؤمنين أم سلمة باالبتعاد عن‬
‫مخالطة الطائفين وأال تتوسط الرجال األجانب أثناء طوافها بالبيت وأال تتعرض لنظراتهم أثناء الطواف فأمرها بأن تطوف وقت الظالم‬
‫حيث ال يُرى وجهها وأن تطوف وراء الناس لكي ال تختلط بالرجال األجانب في حديث (ِإذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِي ِراِ‪،‬‬
‫حتَى خَرَجَتْ)(‪ )1‬فأمرها أن تقدم الطواف في الوقت الذي يستر ظالمه وجهها عن الرجال على‬ ‫صلِ َ‬ ‫وَالنَاسُ ُيصَلُونَ‪ ،‬فَفَعَلَتْ ذَِلكَ‪ ،‬فَلَمْ ُت َ‬
‫أداء صالة الفجر في جماعة في المسجد الحرام الذي الصالة فيه بمائة ألف صالة فيما سواه من المساجد‪ ،‬وفي الصالة التي يؤم المصلين‬
‫فيها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم واألمر ألم المؤمنين بالطواف من وراء الناس يقتضي النهي لها عن الطواف في وسط الرجال‬
‫األجانب‪ ،‬ويقتضي النهي للنساء الطائفات عن مزاحمة الرجال على تقبيل الحجر األسود ألن مخالطة النساء ومزاحمتهن للرجال األجانب‬
‫على تقبيل الحجر األسود ينافي الغاية والمقصد من الحج الذي يستلزم من الحاج والحاجة الحرص على تحري أعمال البر التي هي طاعة‬
‫اهلل عز وجل وطاعة رسوله صلى اهلل عليه وسلم في كل أعمال الحج وتجنب معصيته ومعصية رسوله صلى اهلل عليه وسلم من حين يبدأ‬
‫سقْ‪ ،‬رَجَعَ َك َيوْمِ وََل َدتْهُ‬ ‫باإلحرام في الميقات إلى أن ينهى أعمال الحج بطوف الوداع لحديث (مَنْ حَجَ َهذَا ا ْل َبيْتَ‪ ،‬فَلَمْ يَرْفُثْ‪ ،‬وَلَمْ يَفْ ُ‬
‫جهَادُ‬ ‫ضلُ؟ فَقَالَ‪ :‬إِيمَانٌ بِاللَهِ وَرَسُولِهِ‪ ،‬قِيلَ‪ :‬ثُمَ مَاذَا؟ قَالَ‪ :‬الْ ِ‬ ‫أُمُهُ)(‪ )2‬ولحديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ُ ،‬‬
‫س ِئلَ‪ ،‬أَيُ الْعَ َملِ أَ ْف َ‬
‫ضلَ‬ ‫ضلَ الْعَ َملِ أَفَلَا نُجَا ِهدُ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬لَ ِكنَ أَ ْف َ‬ ‫سبِيلِ اللَهِ‪ ،‬قِيلَ‪ :‬ثُمَ مَاذَا؟ قَالَ‪ :‬حَجٌ َمبْرُورٌ)(‪ )3‬ولحديث (يَا رَسُولَ اللَ ِه‪ ،‬نَرَى الْجِهَادَ أَ ْف َ‬ ‫فِي َ‬
‫(‪)4‬‬
‫جهَادِ حَجٌ َمبْرُورٌ) الحج المبرور هو الخالي من اآلثام‪ ،‬وليس من أعمال البر في الحج مزاحمة المرأة الحاجة للرجال األجانب سواء‬ ‫الْ ِ‬
‫على تقبيل الحجر األسود أو في أي منسك من مناسك الحج ألن الحاجة تستطيع تجنب مزاحمة الرجال بتخيرها الوقت الذي تخف فيه‬
‫الزحمة سواء في الطواف أو السعي أو رجم الجمار أو غيرها من أعمال الحج‪ ،‬مثلما تخير النبي صلى اهلل عليه وسلم لطواف أم سلمه‬
‫وقت صالة الفجر وهو وقت الرجال فيه منشغلون بصالة الفجر‪ ،‬ومثل تخير النساء لطوافهن وقت الليل ليكون ظالم الليل ساترا‬
‫جنَ ُمتَنَكِرَاتٍ بِالَل ْيلِ َفيَطُ ْفنَ مَعَ الرِجَالِ‪ ،‬وَلَ ِك َن ُهنَ‬ ‫لوجوههن من نظر الرجال األجانب إليهن وهن في حال الطواف كما في حديث(وكن يَخْرُ ْ‬
‫حتَى َيدْخُ ْلنَ وَأُخْرِجَ الرِجَالُ)(‪ )5‬ويشرع للمرأة أن تختار األوقات التي تستطيع أن تؤدي فيها أعمال الحج من‬ ‫ُكنَ ِإذَا دَخَ ْلنَ ا ْل َبيْتَ قُ ْمنَ َ‬
‫الطواف أو السعي أو رمي الجمار أو غيرها بدون مزاحمة الرجال أو التعرض لنظراتهم إلى أن يهيئ اهلل عز وجل في المشاعر المقدسة‬
‫أماكن مخصصة للنساء يتمكنَ في هذه األماكن من أداء مناسك الحج بدون مزاحمة الرجال وال التعرض لنظراتهم ويحرم على أيِ امرأة‬
‫مزاحمة الرجال على تقبيل الحجر األسود ألنه مندوب وليس هو ركن من أركان الحج أو واجب من واجباته ‪.‬‬

‫استالم الركنني اليمانيني‬


‫الصحيح‪ :‬أن المشروع استالم الركنين اليمانيين فقط أما الركنان الشاميان فليسا على قواعد إبراهيم عليه السالم‪ ،‬ألن قريشا قصرت البناء‬
‫حينما أعادة عمارة الكعبة وخرَجت من الكعبة بعض أرض حجر إسماعيل‪ ،‬ولذا ال يشرع استالم الركنين الشاميين‪ ،‬ألنهما بعد أن قصَرت‬
‫قريش بناء الكعبة من الجهة الشامية ليسا على قواعد بناء نبي اهلل إبراهيم وإسماعيل عليهما السالم‪ ،‬ودليل استالم الركنين اليمانيين فعل‬
‫ستَلِمُ ِمنْ ا ْل َبيْتِ إِلَا الرُ ْك َن ْينِ ا ْليَمَا ِن َييْنِ)(‪ )6‬ومسح الركن اليماني‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم في حديث (لَمْ أَرَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَ ْ‬
‫ليس بالفم وإنما باليد فقط وال يؤشر له بمحجن وال باليد إذا لم يتمكن الطائف من مسحه باليد مباشرة وإنما يترك استالمه ألن استالمه هو‬
‫مسحه بالكفين فقط ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أم سلمة رضي اهلل عنها برقم (‪.)1626‬‬
‫‪2‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ .‬باب قول اهلل عز وجل (الرقث والفسوق في الحج)‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1520‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْه‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِ ُ‬
‫ج هَذَا الْبَيْتَ‪ ،‬فَلَ ْم يَرْفُثْ‪ ،‬وَلَ ْم يَفْسُقْ‪ ،‬رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْ ُه أُمُهُ)‪.‬‬ ‫ن حَ َ‬‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرج ه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في‬
‫المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الرفث‪ :‬الجماع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من قال‪ :‬إن اإليمان هو العمل‪ .‬حديث رقم (‪)1511‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬سُئِلَ‪ ،‬أَيُ‬
‫ن بِاللَ ِه وَرَسُولِهِ‪ ،‬قِيلَ‪ :‬ثُ َم مَاذَا؟ قَالَ‪ :‬الْجِهَا ُد فِي سَبِي ِل اللَهِ‪ ،‬قِيلَ‪ :‬ثُمَ مَاذَا؟ قَالَ‪ :‬حَجٌ مَبْرُورٌ)‪.‬‬ ‫الْعَمَ ِل أَفْضَلُ؟ فَقَالَ‪ :‬إِيمَا ٌ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابه‪ ،‬والدارمي في الجهاد‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬مبرور‪ :‬خالص مقبول ال خلل فيه ولم يخالطه إثم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب فضل الحج المبرور حديث رقم (‪ ) 1521‬بلفظ (عَائِشَةَ أُمِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَهَا قَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬نَرَى الْجِهَادَ‬
‫ج مَبْرُورٌ)‪.‬‬ ‫أَفْضَ َل الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬لَكِنَ أَفْضَلَ الْجِهَا ِد حَ ٌ‬
‫اخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪.‬‬
‫أطرافه‪ :‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬مبرور‪ :‬خالص مقبول ال خلل فيه ولم يخالطه إثم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عطاء رضي اهلل عنه برقم (‪)1615‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من لم يستلم إال الركنيين اليمانيين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1601‬بلفظ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَمْ أَرَ‬
‫ن الْيَمَانِيَيْنِ)‪.‬‬
‫ت إِلَا الرُكْنَيْ ِ‬
‫ن الْبَيْ ِ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَسْتَلِ ُم مِ ْ‬ ‫النَبِ َ‬
‫اخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابه‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪ ،‬الصالة‪.‬‬
‫‪336‬‬
‫ركعتي الطواف‬
‫سبْعًا‬
‫يشرع للطائف بعد الفراغ من الطواف أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم لحديث ( َقدِمَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَطَافَ بِالْ َبيْتِ َ‬
‫َوصَلَى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَ َت ْينِ)(‪ )1‬وإذا طاف اإلنسان سبعة أشواط الطواف الواجب وسبعة أشواط طواف تطوع وجعل األربعة عشر شوطا‬
‫متواصلة فيستحب له أن يصلي ركعتين بعد كل سبعة أشواط‪ ،‬هذه الصورة هي األفضل لموافقتها صالة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫بعد انتهائه من الطواف الواجب‪ ،‬ويجوز أن يصلي أربع ركعات بعد الفراغ من األربعة عشر شوطاً‪ ،‬وصالة ركعتين بعد الفراغ من كل‬
‫سبعة أشواط هي األفضل لموافقتها لصالة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعد فراغه من السبعة األشواط‪ ،‬ويصلي الطائف الركعتين خلف‬
‫مقام إبراهيم أي خلف الطائفين‪ ،‬وفي وقت ازد حام المطاف بالطائفين يصلي الركعتين ولو في نهاية المسجد الحرام من جهة المشرق أو‬
‫في أي مكان يستطيع أن يصلي فيه الركعتين في المسجد الحرام ‪.‬‬

‫القراءة يف ركعتي الطواف‬


‫يستحب في ركعتي الطواف قراءة سورة الكافرون بعد سورة الفاتحة في الركعة األولى وسورة اإلخالص بعد الفاتحة في الركعة الثانية‬
‫حدٌ) وَ( ُقلْ يَا َأ ُيهَا الْكَافِرُونَ) ثُمَ رَجَعَ إِلَى الرُ ْكنِ فَاسْتَلَمَهُ)(‪.)2‬‬
‫لحديث (كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَكْ َع َت ْينِ ( ُقلْ ُهوَ اللَهُ أَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب قول اهلل تعالى واتخذو من مقام إبراهيم‪ .‬حديث رقم (‪ )1627‬بلفظ (عن عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ‪ ،‬عَنْ رَجُلٍ طَا َ‬
‫ف‬
‫ن‬‫بِالْبَيْتِ الْعُمْرَةَ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ‪ ،‬أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ‪ :‬قَدِمَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ‪ ،‬وَطَافَ بَيْ َ‬
‫ن الصَفَا وَالْمَرْوَةِ)‪.‬‬ ‫ف بَيْ َ‬
‫ن عَبْ ِد اللَهِ فَقَالَ‪ :‬لَا يَقْرَبَنَهَا حَتَى يَطُو َ‬‫ن لَكُ ْم فِي رَسُو ِل اللَ ِه أُسْوَ ٌة حَسَنَةٌ‪ ،‬وَسَأَلْنَا جَابِ َر بْ َ‬ ‫الصَفَا وَالْمَرْوَةِ‪ ،‬وَقَ ْد كَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )2141‬بلفظ ( عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَدٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‬
‫فَسَأَلَ عَنْ الْقَوْمِ حَ تَى انْتَهَى إِلَيَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬أَنَا مُحَمَدُ بْنُ عَلِيِ بْنِ حُسَيْنٍ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِي الْأَعْلَى ثُمَ نَزَعَ زِرِي الْأَسْفَلَ ثُمَ وَضَعَ كَفَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَ وَأَنَا‬
‫يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَرْحَ بًا بِكَ يَا ابْنَ أَخِي‪ ،‬سَلْ عَمَا شِئْتَ‪ ،‬فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى‪ ،‬وَحَضَرَ وَقْتُ الصَلَاةِ فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا كُلَمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ‬
‫طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْ مِشْجَبِ‪ ،‬فَصَلَى بِنَا‪ ،‬فَقُلْتُ‪ ،‬أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا فَقَالَ‪ :‬إِنَ‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَ‪ ،‬ثُمَ أَذَ نَ فِي النَاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَاجٌ‪ ،‬فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُهُمْ‬
‫يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَ بِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ‪ ،‬فَخَ رَجْنَا مَعَهُ حَتَى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى‬
‫رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ‪ :‬اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي‪ ،‬فَصَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي الْمَسْجِد‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ‬
‫حَتَى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَّظَرْتُ إِلَى مَدِ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاّشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ‪ ،‬فَأَهَلَ بِالتَوْحِيدِ لَبَيْكَ اللَهُمَ لَبَيْكَ لَبَيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَيْكَ إِنَ‬
‫الْحَمْدَ وَالنِعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ‪ ،‬وَأَهَلَ النَاسُ بِهَذَا الَذِي يُهِلُونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَلَيْهِمْ شيئاً مِنْهُ‪ ،‬وَلَزِمَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ تَلْبِيَتَهُ‪ ،‬قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ :‬لَسْنَا نَنْوِي إِلَا الْحَجَ‪ ،‬لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ‪ ،‬حَتَى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا‪ ،‬ثُمَ نَفَذَ إِلَى‬
‫مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَلَام فَقَرَأَ‪( :‬وَاتَخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًى) فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ‪ ،‬فَكَانَ أَبِي يَقُولُ‪ :‬وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَا عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫صفَا‪ ،‬فَلَمَا دَنَا مِنْ الصَفَا قَرَأَ (إِنَ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَكْعَتَيْنِ (قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ) وَ(قُلْ يَا أَيُهَا الْكَافِرُونَ) ثُمَ رَجَعَ إِلَ ى الرُكْنِ فَاسْتَلَمَهُ‪ ،‬ثُمَ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ إِلَى ال َ‬
‫ك‬‫الصَفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَهِ) أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَهُ بِهِ‪ ،‬فَبَدَأَ بِالصَفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَ ى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَدَ اللَهَ وَكَبَرَهُ وَقَالَ‪ :‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِي َ‬
‫ث مَرَاتٍ‪،‬‬ ‫ك قَالَ مِثْ َل هَذَا ثَلَا َ‬
‫ن ذَلِ َ‬
‫ب وَحْدَهُ‪ ،‬ثُ َم دَعَا بَيْ َ‬‫لَهُ‪ ،‬لَ ُه الْمُلْكُ‪ ،‬وَلَ ُه الْحَمْدُ‪ ،‬وَهُوَ عَلَى كُ ِل شَيْ ٍء قَدِير‪ ،‬لَا إِلَ َه إِلَا اللَهُ وَحْدَهُ‪ ،‬أَنْجَ َز وَعْدَ هُ‪ ،‬وَنَصَرَ عَبْدَهُ‪ ،‬وَهَزَ َم الْأَحْزَا َ‬
‫ثُمَ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَى إِذَا انْصَبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَ َت ى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَفَا‪ ،‬حَتَى إِذَا كَانَ آخِرُ‬
‫طَوَافِهِ عَلَ ى الْمَرْوَةِ فَقَالَ‪ :‬لَوْ أَنِي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً‪ ،‬فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً‪ ،‬فَقَامَ سُرَاقَةُ‬
‫ن‬‫بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَ الَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَكَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَصَابِ عَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى وَقَالَ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِ مَرَتَيْ ِ‬
‫لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ‪ ،‬وَقَدِمَ عَلِيٌ مِنْ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا مِمَنْ حَلَ وَلَبِ سَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا‪ ،‬فَقَالَتْ‪:‬‬
‫إِنَ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا‪ ،‬قَالَ فَكَانَ عَلِيٌ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مُحَرِشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ‪ ،‬فَأَخْبَرْتُهُ أَنِي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ‪ :‬صَدَقَتْ صَدَقَتْ‪ ،‬مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَ؟ قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬اللَهُمَ إِنِي أُهِلُ بِمَا أَهَلَ بِهِ رَسُولُكَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫فَإِنَ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَذِي قَدِمَ بِ هِ عَلِيٌ مِنْ الْيَمَنِ وَالَذِي أَتَى بِهِ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِائَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَحَلَ النَاسُ كُلُهُمْ وَقَصَرُوا إِلَا‬
‫النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ يَوْمُ التَرْ وِيَةِ تَوَجَهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُوا بِالْحَجِ‪ ،‬وَرَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَصَلَى بِهَا الّظُهْرَ‬
‫ك‬‫وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَى طَلَعَتْ الشَمْسُ‪ ،‬وَأَمَرَ بِقُبَ ةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ‪ ،‬فَسَارَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَلَا تَشُ ُ‬
‫قُرَيْشٌ إِلَا أَنَهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَةِ‪ ،‬فَأَجَازَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَتَى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ‬
‫بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا‪ ،‬حَتَى إِذَا زَاغَتْ الشَمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَاسَ وَقَالَ إِنَ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي‬
‫شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا‪ ،‬أَلَا كُلُ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَةِ تَحْتَ قَدَمَيَ مَوْضُوعٌ‪ ،‬وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَةِ مَوْضُوعَةٌ‪ ،‬وَإِنَ أَوَلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ‬
‫كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ‪ ،‬وَرِبَا الْجَاهِلِيَةِ مَوْضُوعٌ‪ ،‬وَأَوَلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَلِبِ فَإِنَهُ مَوْضُوعٌ كُلُهُ فَاتَقُوا اللَهَ فِي النِسَاءِ فَإِنَكُ ْم‬
‫ن ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِحٍ وَلَهُنَ عَلَيْكُمْ‬ ‫أَخَذْتُمُوهُنَ بِأَمَانِ اللَهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَ بِكَلِمَةِ اللَهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُ َ‬
‫رِزْقُهُنَ وَكِسْوَتُهُنَ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ الَلهِ‪ ،‬وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ قَالُوا‪ :‬نَشْهَدُ أَنَكَ قَدْ بَلَغْتَ وَأَدَيْتَ‬
‫وَنَصَحْتَ‪ ،‬فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَبَابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَاسِ اللَهُمَ اشْهَدْ ا للَهُمَ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬ثُمَ أَذَنَ ثُمَ أَقَامَ فَصَلَى الّظُهْرَ ثُمَ أَقَامَ فَصَلَى الْعَصْرَ وَلَمْ‬
‫يُصَلِ بَيْنَهُمَا شَيْئًا‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَتَى أَتَى الْمَوْقِفَ‪ ،‬فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَ َل‬
‫الْقِبْلَةَ‪ ،‬فَلَمْ يَزَ لْ وَاقِفًا حَتَى غَرَبَتْ الشَمْسُ وَذَهَبَتْ الصُفْرَةُ قَلِيلًا حَتَى غَابَ الْقُ ْر ُ‪ ،‬وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ وَ دَفَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ‬
‫الزِمَامَ حَتَى إِنَ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِاَ رَحْلِهِ‪ ،‬وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيُهَا النَاسُ السَكِينَةَ السَكِينَةَ‪ ،‬كُلَمَا أَتَى حَبْلًا مِنْ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَى تَصْعَدَ حَتَى أَتَى‬
‫الْمُزْدَلِفَةَ‪ ،‬فَصَلَى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِ دٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا‪ ،‬ثُمَ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَتَى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَى الْفَجْرَ‬
‫حِينَ تَبَيَنَ لَهُ الصُبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَى أَ تَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَرَهُ وَهَلَلَهُ وَوَحَدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَى أَسْفَرَ جِدًا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ‬
‫تَطْلُعَ الشَمْسُ‪ ،‬وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَاسٍ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَعْرِ أَ بْ َيضَ وَسِيمًا فَلَمَا دَفَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَرَتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ‪ ،‬فَطَفِقَ الْفَضْلُ‬
‫يَنّْظُرُ إِلَيْهِنَ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ‪ ،‬فَحَوَلَ الْ فَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِقِ الْآخَرِ يَنّْظُرُ‪ ،‬فَحَوَلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَ َدهُ‬
‫مِنْ الشِقِ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنْ الشِقِ الْآخَرِ يَنّْظُرُ‪ ،‬حَتَى أَتَى بَطْنَ مُحَسِرٍ فَحَرَاَ قَلِيلًا ثُمَ سَلَكَ الطَرِيقَ الْوُسْطَى الَتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى‬
‫حَتَى أَتَى الْجَمْرَةَ الَتِي عِنْدَ الشَجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ‪ ،‬يُكَبِرُ مَعَ كُلِ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ‪ ،‬رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي‪ ،‬ثُ َم انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا‬
‫وَسِتِينَ بِيَدِهِ ثُمَ أَعْطَى عَلِيًا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ثُمَ أَمَرَ مِنْ كُلِ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ رَسُولُ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَى بِمَكَةَ الّظُهْرَ‪ ،‬فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَلِبِ‪ ،‬فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَاسُ‬
‫عَلَى سِقَايَتِكُ ْم لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ‪ ،‬فَنَاوَلُو ُه دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪337‬‬
‫شروط الطواف‬
‫(‪)1‬‬
‫يشترط لصحة الطواف شروط‪ ،‬هي النية لحديث (إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وأن يكون الطواف من خارج الحجر‬
‫ع ْبدُ اللَهِ‬
‫ح ْدثَانُ َقوْ ِمكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ‪ ،‬فَقَالَ َ‬
‫ألن جزءً من الحجر من الكعبة وجزء منه ليس من الكعبة لحديث عائشة رضي اهلل عنها ( َلوْلَا ِ‬
‫ع ْنهَا سَمِعَتْ َهذَا ِمنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَا أُرَى رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫عنْهُ‪َ :‬ل ِئنْ كَانَتْ عَائِشَةُ َرضِيَ اللَهُ َ‬ ‫َرضِيَ اللَهُ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫عدِ ِإبْرَاهِيمَ) ‪.‬‬
‫ستِلَامَ الرُكْ َن ْينِ اللَ َذيْنِ يَِليَانِ الْحِجْرَ إِلَا َأنَ ا ْل َبيْتَ لَمْ ُيتَمَمْ عَلَى َقوَا ِ‬
‫وَسَلَمَ تَ َراَ ا ْ‬

‫الصحيح‪ :‬أن الطواف من داخل الحجر ال يصح ألن بعض الحجر جزء من الكعبة وال يجزئ الطواف إال إذا كان من خارج الحجر ‪.‬‬

‫وقت الطواف‬
‫حدًا يَطُوفُ ِب َهذَا ا ْل َبيْتِ َويُصَلِي‪ ،‬أَيَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ َل ْيلٍ أَوْ‬
‫الصحيح‪ :‬جواز الطواف في كل أوقات الليل والنهار لحديث (لَا تَ ْمنَعُوا أَ َ‬
‫َنهَارٍ)(‪ . )3‬وإذا كان النبي صلى اهلل عليه وسلم قد أذن بالصالة في كل األوقات فباألولى واألحرى جواز الطواف به وهو المعمول به اآلن‬
‫من قبل حجاج كل البلدان اإلسالمية ‪.‬‬

‫الطهارة يف الطواف‬
‫الصحيح‪ :‬أن الطهارة في الطواف واجبة وليست شرطا من شروط صحة الطواف وليست مندوبة فقط‪ ،‬لحديث (فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُ‬
‫طهُرِي)(‪ )4‬الحديث يدل على وجوب الطهارة في الطواف‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن من انتقض وضوؤه وهو يطوف‬ ‫حتَى تَ ْ‬
‫ن لَا تَطُوفِي بِا ْل َبيْتِ َ‬
‫غيْرَ َأ ْ‬
‫َ‬
‫فإنه يذهب ليتوضأ ويبنى على ما قد فعل في طوافه إال إذا طال به الوقت لزحمة أو ألي سبب كان التأخير عن مواصلة الطواف فإنه‬
‫يستأنف الطواف من أول شوط وال يبنى على ما قد فعل‪ ،‬أما في السعي فال يشترط الطهارة فيجوز للمرأة إذا جاءها الحيض بعد الفراغ‬
‫من الطواف أن تسعى بين الصفا والمروة في حالة الحيض ألنه لم يرد دليل على وجوب الطهارة أثناء السعي و األصل عدم الوجوب ‪.‬‬

‫أنواع الطواف‬
‫الطواف أربعة أنواع هي ‪:‬‬

‫األول‪ :‬طواف القدوم على مكة يكون في صورتين هما‪ :‬طواف العمرة لمن يقدم على مكة وهو محرم بعمرة‪ ،‬وطواف من يقدم على مكة‬
‫وهو محرم بحج مفرد‪ ،‬وهذا يشرع له أن يفسخ إحرامه من الحج المفرد إلى اإلحرام بعمرة ويطوف طواف العمرة الذي هو طواف‬
‫القدوم‪ ،‬ومن لم يفسخ إحرامه إلى العمرة فيطوف طواف القدوم ويبقى محرما إلى أن يتحلل من إحرامه بالحج في يوم النحر ‪.‬‬

‫المنكب‪ :‬المفصل الذي بين العضد والكتف‪ .‬المشجب‪ :‬أعواد تعلق عليها الثياب ومتاع‬ ‫نساجة‪ :‬نوع من األكسية والثياب المنسوجة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫لزم‪ :‬داوم على ترديد التلبية‪ .‬استلم‬ ‫اإلهالل‪ :‬النية والتلبية‪.‬‬ ‫اإلستثفار‪ :‬أن تشد المرأة وسطها وتضع محل الدم خرقة‪.‬‬ ‫أذن‪ :‬أعلم وأخبر‪.‬‬ ‫البيت‪.‬‬
‫الباب‪ :‬باب بني مخزوم‪ ،‬ويسمى اآلن باب الصفا‪.‬‬ ‫أو أشار إليه بيده فقط‪ .‬الرمل‪ :‬المشي السريع مع تقارب الخطى‪.‬‬ ‫الركن‪ :‬لمسه وقبله أولمسه فقط‪.‬‬
‫الهدي‪ :‬مايذبحه الحاج في حجه نسكا‪.‬‬ ‫اإلنصباب‪ :‬اإلنحدار‪ .‬صعدتا‪ :‬ارتفعت قد ماه عن بطن الوادي‪ .‬استقبلت‪ :‬بدا لي أوال‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬كيف كان بدء الوحي‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا الليثي يقول سمعت‬
‫عمر بن الخطأب رضي اهلل عنه على المنبر قال سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو‬
‫إلى امرأة ينكحها‪ ،‬فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة والطالق‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة‬
‫المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإليمان‪ ،‬العتق‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال والمراد تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب فضل مكة وبنيانها‪ .‬حديث رقم (‪ )4454‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَهَا‪ ،‬أَلَمْ تَرَيْ أَنَ قَوْمَكِ لَمَا بَنَوْا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُ ولَ اللَهِ‪ ،‬أَلَا تَرُدُهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ‪ :‬لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ‬
‫لَفَعَلْتُ‪ ،‬فَقَالَ عَبْدُ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ :‬لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى ا للَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَا أُرَى رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ت لَ ْم يُتَمَمْ عَلَى قَوَاعِ ِد إِبْرَاهِيمَ)‪.‬‬
‫ن الْبَيْ َ‬
‫ن يَلِيَانِ الْحِجْ َر إِلَا أَ َ‬
‫ن اللَذَيْ ِ‬
‫ا اسْتِلَا َم الرُكْنَيْ ِ‬
‫وَسَلَ َم تَرَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج ‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬أحاديث األنبياء‪ ،‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَبْلُغُ بِهِ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا‬‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ .‬باب الطواف بعد العصر‪ .‬حديث رقم(‪ )1514‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ي سَاعَةٍ شَا َء مِنْ لَيْ ٍل أَ ْو نَهَارٍ)‪.‬‬ ‫ت وَيُصَلِي‪ ،‬أَ َ‬ ‫ف بِهَذَا الْبَيْ ِ‬
‫يَطُو ُ‬
‫أخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في اول مسند المدنيين‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب تقضي الحائض المناسك كلها إال الطواف بالبيت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1650‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَ لَمَ لَا نَذْكُرُ إِلَا الْحَجَ‪ ،‬فَلَمَا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ‪ ،‬فَدَخَلَ عَلَيَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ وَأَنَا أَبْكِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا يُبْكِيكِ؟ قُلْتُ‪ :‬لَوَدِدْتُ وَاللَهِ أَنِي لَمْ أَحُجَ الْعَامَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ت حَتَى تَطْهُرِي) ‪.‬‬ ‫ن لَا تَطُوفِي بِالْبَيْ ِ‬‫ن ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَ ُه اللَ ُه عَلَى بَنَاتِ آدَمَ‪ ،‬فَافْعَلِي مَا يَفْعَ ُل الْحَاجُ غيرَ أَ ْ‬ ‫ك نُفِسْ تِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِ َ‬ ‫لَعَلَ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المنا سك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪ ،‬المغازي‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الطمث‪ :‬الحيض‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)21( :‬‬
‫‪338‬‬
‫الثاني‪ :‬طواف اإلفاضة الذي يكون بعد رمي جمرة العقبة في يوم النحر وهو الطواف األهم في الحج والذي بدونه يبطل الحج‪ ،‬ومن تركه‬
‫وخرج من مكة قبل أن يطوف فإنه يجب على الحاج أن يرجع ألداء طواف اإلفاضة من الطريق أو من بلده في أي مكان في األرض‬
‫حتى ولو كان في أطراف الكرة األرضية فيجب عليه أن يرجع ألداء طواف اإلفاضة ألن حجه ال يتم إال بأداء طواف اإلفاضة‪ ،‬وال‬
‫يجزئ عنه دم أو غيره‪ ،‬ووقته يبدأ من صبح يوم النحر من بعد رمي جمرة العقبة ويصح في أيام التشريق كلها ليالً أو نهاراً ومن جاءها‬
‫الحيض قبل طواف اإلفاضة فوقت طوافها بعد أن تطهر من الحيض أو النفاس ومن نسيه فتركه وسافر من مكة فوقته حين يعود إليها‬
‫طوَفُوا بِا ْل َبيْتِ الْ َعتِيقِ}(‪ )1‬وفي صيغة المبالغة باألمر بالطواف{وَ ْليَ َ‬
‫طوَفُوا بِا ْل َبيْتِ الْ َعتِيقِ} داللة على‬ ‫ألدائه وهو المراد في قوله تعالى{وَ ْليَ َ‬
‫استحباب اإلكثار من الطواف بالبيت العتيق تطوعا ألن التنفل بالطواف اليمكن تعبد اهلل عزوجل به إال في مكة المكرمة ‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬طواف الوداع ويكون بعد إكمال الحاج أو الحاجة أعمال الحج بعد النفر من منى ويسقط وجوبه عن الحاج في حالتين‪:‬‬

‫األولى‪ :‬إذا أخر الحاج طواف اإلفاضة لمرض أو لغيره إلى بعد النفر من منى فإن طواف الوداع يدخل في طواف اإلفاضة ويكفيه طواف‬
‫وا حد ينوي به الحاج طواف اإلفاضة لكونه الطواف األهم في الحج وهو ركن أساسي ال يجزئ عنه غيره من الدم أو نحوه‪ ،‬وال يجزئ‬
‫طواف الوداع عن طواف اإلفاضة ‪.‬‬

‫حيَي‬
‫الثانية‪ :‬المرأة الحاجة إذا جاءها الحيض وقد طافت طواف اإلفاضة فإنه يسقط عنها وجوب طواف الوداع لحديث (َأنَ صَ ِفيَةَ ِبنْتَ ُ‬
‫س ُتنَا هِيَ؟ قَالُوا‪ِ :‬إ َنهَا َقدْ أَفَاضَتْ‪،‬‬
‫َزوْجَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬حَاضَتْ َفذَكَرْتُ ذَِلكَ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَحَابِ َ‬
‫قَالَ‪ :‬فَلَا ِإذًا)(‪ )2‬الحديث دليل صريح على سقوط وجوب طواف الوداع عن المرأة إذا جاء الحيض بعد طواف اإلفاضة ‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬طواف التطوع وهو الطواف الذي يتطوع به من أكرمه اهلل عز وجل بالوصول إلى المسجد الحرام لحج أو عمرة أو العتكاف فيه‬
‫أو لطلب علم أو لعبادة فيه لحديث (من طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين كان كعتق رقبة) صحح الحديث األلباني في صحيح الجامع‬
‫الصغير برقم (‪ )6179‬وحديث ( من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة ال يضع قدما وال يرفع أخرى إال حط اهلل عنه بها‬
‫خطيئة وكتب له بها حسنه) الحديث صححه األلباني في صحيح الجامع الصغير برقم (‪ )6181‬والمراد بلفظ (أسبوعا) في الحديث أي‬
‫سبعة أشواط‪ ،‬ألن الطواف المشروع على جهة الوجوب أو التطوع هو سبعة أشواط يصلي الطائف ركعتين خلف مقام إبراهيم بعد كل‬
‫طواف‪ ،‬ويستحب اإلكثار من طواف التطوع كلما وجد اإلنسان في نفسه قدرة وكان الوقت مناسباً بعدم االزدحام في المطاف ‪.‬‬

‫إباحة الكالم يف الطواف‬


‫الطواف األصل فيه اإلكثار من الدعاء والتضرع والذكر ويباح فيه الكالم إذا احتاج الطائف إلى الكالم في الطواف ويكون بقدر الحاجة‬
‫وال يكثر منه لحديث (الطواف بالبيت صالة فأقلوا الكالم)(‪.)3‬‬

‫طواف القارن‬
‫الصحيح‪ :‬أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد لحجه وعمرته الكتفاء رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم والذين قرنوا معه بطواف‬
‫حدًا)(‪. )4‬‬
‫طوَافًا وَا ِ‬
‫واحد وسعي واحد للحجة والعمرة لحديث (وَأَمَا اَلذِينَ جَمَعُوا الْحَجَ وَالْعُمْ َرةَ فَِإنَمَا طَافُوا َ‬

‫السهو يف عدد أشواط الطواف‬


‫إذا نسي الطائف عدد أشواط الطواف فلم يدركم طاف فيجب عليه أن يبني على األقل كالسهو في عدد ركعات الصالة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)21( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب إذا حاضت المرأة بعد ما افاضت‪ .‬حديث رقم (‪ )1757‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ صَفِيَةَ بِنْتَ حُيَي زَوْجَ النَبِيِ‬
‫ت قَالَ‪ :‬فَلَا إِذًا)‪.‬‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬حَاضَتْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا‪ :‬إِنَهَا قَ ْد أَفَاضَ ْ‬
‫أخرجه أبوداود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬الطالق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب مناسك الحج‪ :‬باب إباحة الكالم في الطواف‪ .‬حديث رقم (‪ )2122‬بلفظ (عَنْ طَاوُسٍ عَنْ رَجُلٍ أَدْرَاَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪:‬‬
‫ن الْكَلَامِ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت صَلَا ٌة فَأَقِلُوا مِ ْ‬‫ف بِالْبَيْ ِ‬
‫الطَوَا ُ‬
‫أخرجه احمد في مسند المكيين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب كيف تهل الحائض والنفساء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1635‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫قَالَتْ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي حَجَةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ النَبِ يُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَ بِالْحَجِ مَعَ الْعُمْرَةِ‪ ،‬ثُمَ لَا‬
‫يَحِلَ حَتَى يَحِلَ مِنْهُمَا جَمِيعًا‪ ،‬فَقَدِمْتُ مَكَةَ وَأَنَا حَا ِئضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَال‪ :‬نْقُضِي رَأْسَكِ‪،‬‬
‫وَامْتَشِطِي‪ ،‬وَأَهِلِي بِالْحَجِ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَفَعَلْتُ‪ :‬فَلَمَا قَضَيْنَا الْحَجَ أَرْسَلَنِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَعَ عَ بْدِ الرَحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَنْعِيمِ‪ ،‬فَاعْتَمَرْتُ‪ ،‬فَقَالَ‪:‬‬
‫هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ قَالَتْ‪ :‬فَطَافَ الَذِينَ كَانُوا أَهَلُوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَ ةِ‪ ،‬ثُمَ حَلُوا‪ ،‬ثُمَ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى‪ ،‬وَأَمَا الَذِينَ جَمَعُوا‬
‫الْحَجَ وَالْعُمْرَ َة فَإِنَمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫النقض‪ :‬الحل واإلرخاء‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪339‬‬
‫حيض املرأة أثناء الطواف‬
‫المرأة إذا فاجأها الحيض وهي في أثناء الطواف فيجب عليها قطع الطواف والخروج من المسجد الحرام‪ ،‬ويجب عليها أن تؤخر الطواف‬
‫إلى بعد طهرها‪ ،‬وتستأنف طوافا جديدا سبعة أشواط وال تبنى على األشواط التي كانت قد بدأتها قبل طرو الحيض سواء كانت حاجة أو‬
‫معتمرة ‪.‬‬

‫جواز استعمال املرأة للعالج لتأخري العادة الشهرية‬


‫إذا كان العالج ال يضر بصحة المرأة فيجوز لها استعمال عالج تأخير العادة لكي ال يأتيها الحيض وهي محرمة بحج أو عمرة‪ ،‬أما إذا‬
‫أخبرها الطبيب المختص بأن استعمال العالج سيضر بصحتها فيحرم عليها استعمال العالج ‪.‬‬

‫وقت طواف الوداع‬


‫وقت طواف الوداع هو عند إرادة الحاج الخروج من مكة إلى بالده أو إلى أي ِ مكان في األرض ولو في شهر المحرم أو في غيره‪ ،‬وإذا‬
‫أراد الخروج إلى المدينة أو جدة أو الطائف أو إلى أي مكان في األرض السعودية فيجب عليه أن يطوف طواف الوداع قبل الخروج من‬
‫مدينة مكة ‪.‬‬

‫جواز البقاء بعض الوقت يف مكة بعد طواف الوداع‬


‫يجوز للحاج التراخي بعض الوقت لقضاء بعض األغراض التي هي ضرورية للحاج بعد طواف الوداع كأن يتراخى إلى أن يدخل وقت‬
‫صالة الفرض اآلخر‪ ،‬فمن طاف للوداع في الصباح فله التراخي إلى قبيل دخول وقت صالة الظهر ‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫الفصل الرابع ‪:‬السعي بني الصفا واملروة‬

‫وجوب السعي‬ ‫‪‬‬


‫صفة السعي‬ ‫‪‬‬
‫شروط السعي‬ ‫‪‬‬
‫الترتيب بين الطواف والسعي‬ ‫‪‬‬
‫من نسى السعي‬ ‫‪‬‬

‫‪341‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬السعي بين الصفا والمروة‬

‫وجوب السعي‬
‫الصحيح‪ :‬أن السعي واجب يجبر بدم ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم سعى في حجة الوداع وفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم في الحج يفيد‬
‫جتِي هَ ِذهِ)(‪ )1‬ولحديث (قدم النبي صلى اهلل عليه‬ ‫خذُوا َمنَاسِكَكُمْ فَِإنِي لَا َأدْرِي لَعَلِي لَا أَحُجُ بَ ْعدَ حَ َ‬‫الوجوب لقوله صلى اهلل عليه وسلم ( ِلتَأْ ُ‬
‫سنَةٌ لِمَن‬
‫س َوةٌ حَ َ‬
‫وسلم مكة فطاف بالبيت ثم صلى ركعتين ثم سعى بين الصفا والمروة ثم تال قوله تعالى {لَ َقدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَهِ أُ ْ‬
‫كَانَ يَرْجُو اللَهَ وَا ْل َيوْمَ الْآخِرَ َوذَكَرَ اللَهَ َكثِيرا})(‪)2‬الحديث دليل على أن السعي واجب يجبر بدم‪ ،‬ويجب أن يكون بعد طواف‪ ،‬أما من سعى‬
‫قبل الطواف فيلغي سعيه ويعيد السعي بعد الطواف ألن سعي الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان بعد فراغه من الطواف‪ ،‬وكان سعيه صلى‬
‫اهلل عليه وسلم في حجه وعمره وسعي من حج أو اعتمر مع الرسول صلى اهلل عليه وسلم عقيب الطواف ومعنى قوله تعالى {إِنَ الصَفَا‬
‫خيْراً فَِإنَ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}(‪)3‬اآلية مبيحة‬ ‫ط َوعَ َ‬ ‫طوَفَ ِبهِمَا وَمَن تَ َ‬ ‫جنَاحَ عََليْهِ أَن يَ َ‬
‫عتَمَرَ َفالَ ُ‬ ‫وَالْمَ ْر َوةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَ َمنْ حَجَ ا ْل َبيْتَ َأوِ ا ْ‬
‫للسعي بين الصفا والمروة لمن كان يتحرج من الطواف بينهما بسبب ما كان يهل به من الذبائح لصنم (مناه) الذي كان موضعه بين الصفا‬
‫والمروة‪ ،‬فبعد نزول اآلية زال التحرج وشرع السعي بين الصفا والمروة على جهة الوجوب وال يتحرج من فعل واجب‪ ،‬وقد قالت أم‬
‫المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها‪( :‬وقد سن رسول اهلل صلى اهلل وسلم الطواف بينهما‪ ،‬فليس ألحد أن يترا الطواف بينهما)(‪ )4‬ألنهما‬
‫بعد اإلسالم قد تطهرا من األصنام ‪.‬‬

‫صفة السعي‬
‫بعد فراغ المحرم من الطواف بالبيت يتجه نحو الصفا فيبدأ فيرقي على الصفا ويتجه إلى جهة الكعبة ويدعو اهلل عز وجل لنفسه ولوالديه‬
‫ولقرابته و لإلسالم والمسلمين‪ ،‬ثم ينزل من على الصفا ويمشي متجها نحو المروة مشيا عاديا فإذا وصل الساعي بطن المسيل الذي يعرف‬
‫اآلن بالبقعة الواقعة بين الميلين األخضرين أسرع في مشيه وإذا تجاوز ما بين الميلين عاد إلى مشيه العادي حتى يصل إلى المروة فيرقي‬
‫عليها ويتجه إلى جهة الكعبة ويدعو بما فتح اهلل عليه كما دعى على الصفا ثم يمشي مشيا عاديا في الشوط الثاني الذي هو من المروة إلى‬
‫الصفا وإذا وصل إلى ما بين الميلين األخضرين فيسرع المشي وإذا تجاوز ما بين الميلين مشى مشيا عاديا حتى يصل إلى الصفا‪ ،‬وهكذا‬
‫يفعل في كل شوط حتى يكمل السب عة األشواط التي تبدأ بالصفا وتنتهي بالمروة‪ ،‬ويستحب للساعي أن يبدأ سعيه بقراءة قول اهلل عز وجل‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫خيْراً فَِإنَ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}‬
‫ط َوعَ َ‬
‫طوَفَ ِبهِمَا وَمَن تَ َ‬
‫جنَاحَ عََليْهِ أَن يَ َ‬
‫{ِإنَ الصَفَا وَالْمَ ْر َوةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَ َمنْ حَجَ ا ْل َبيْتَ َأوِ اعْتَمَرَ َفالَ ُ‬
‫ويردد في كل شوط الذكر الوارد في السعي وهولفظ (ال إله إال اهلل وحده أنجز وعده ونصر عبده وأعزجنده وهزم األحزاب وحده)‬
‫لحديث جابر رضي اهلل عنه حاكيا حج النبي صلى اهلل عليه وسلم في حجة الوداع‪( :‬ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ‪:‬‬
‫{ِإنَ الصَفَا وَالْمَ ْر َوةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} أبدأ بما بدأ اهلل به فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد اهلل وكبره وقال‪ :‬ال‬
‫إله إال اهلل وحده ال شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ال إله إال اهلل وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم األحزاب‬
‫وحده ثم دعا بين ذلك فقال‪ :‬مثل هذا ثالث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعي حتى إذا صعدتا مشى‬
‫حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا)(‪ )6‬وليس في السعي دعاء محدد غير هذا الذكر ولكن يستحب للساعي اإلكثار من‬
‫الدعاء بخيري الدنيا واآلخرة واإلكثار من ذكر اهلل تعالى وتذكر سعي هاجر أم نبي اهلل إسماعيل عليه السالم وهي تبحث عن الماء لطفلها‬
‫الرضيع نبي اهلل إسماعيل وأخذ دروس الصبر والتوكل والتضحية من قصة هاجر‪ ،‬وال يجزئ السعي إذا خالف المشروع وبدأ بالمروة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3124‬بلفظ (عن أَبُو الزُبَيْرِ أَنَهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ‪ :‬رَأَيْتُ النَبِيَ صَلَى‬
‫ج بَعْدَ حَجَتِي هَذِهِ)‪.‬‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِ ِه يَوْ َم النَحْر‪ ،‬يَقُو ُل لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِي لَا أَدْرِي لَعَلِي لَا أَحُ ُ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫المناسك‪ :‬أعمال الحج والعمرة‪.‬‬ ‫يوم النحر‪ :‬يوم عيد االضحى‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الراحلة‪ :‬الدابة التي يركب عليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ماجاء في السعي بين الصفاوالمروة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1647‬بلفظ (عن عمرو بن دينار قال‪ :‬سمعت ابن عمر رضي اهلل‬
‫عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قدم النبي صلى اهلل عليه وسلم مكة‪ ،‬فطاف بالبيت ثم صلى ركعتين ثم سعى بيبن الصفا والمرو‪ ،‬ثم تال‪ :‬لقدكان لكم في رسول اهلل أسوة حسنة)‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب وجوب الصفا والمروة‪ ،‬وجعلها من شعائر اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1643‬بلفظ (قالت عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬وقد سن رسول اهلل‬
‫صلى اهلل وسلم الطواف بينهما‪ ،‬فليس ألحد أن يترا الطواف بينهما)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في تفسير القرآن ‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)2114‬‬
‫‪342‬‬
‫شروط السعي‬
‫الصحيح‪ :‬أن الطهارة ليست شرطا لصحة السعي ويجوز للمرأة الحائض أن تسعى قبل أن تطهر من الحيض أو النفاس ألن االسم‬
‫األصلي لهما هو الصفا والمروة وهما من شعائر ومناسك الحج والعمرة وحتى بعد دخولهما في مبنى المسجد الحرام فيغلب االسم األصلي‬
‫(‪.)1‬‬
‫لهما لقوله تعالى {ِإنَ الصَفَا وَالْمَ ْر َوةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ}‬

‫الرتتيب بني الطواف والسعي‬


‫الصحيح‪ :‬وجوب الترتيب بين الطواف والسعي سواء في أداء الحج أو العمرة‪ ،‬ومن سعى قبل الطواف فيلغي سعيه ويجب عليه إعادة‬
‫السعي بعد الطواف سواء كان طواف عمرة أو طواف حج ألن السعي قبل الطواف مخالف لفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم في حجه‬
‫حدَثَ فِي أَمْ ِرنَا َهذَا مَا َليْسَ فِيهِ‬
‫وعمره ولفعل الصحابة الذين كانوا معه في حجة الوداع وفي عمرة القضاء وفي الحديث الصحيح ( َمنْ أَ ْ‬
‫َف ُهوَ َردٌ)(‪. )2‬‬

‫من نسى السعي‬


‫من نسى السعي وخرج من مكة قبل السعي سواء في الحج أو العمرة فال يجب عليه الرجوع من بلده ألداء سعي الحج أو العمرة وإنما‬
‫يجب عليه دم وحجه أو عمرته صحيحة لعدم ورود دليل صحيح صريح يدل على بطالن الحج أو العمرة بترك السعي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخ اري‪ :‬كتاب الصلح‪ :‬باب إذا اصطلحوا على صلح جورفالصلح مردود‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2617‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الَلهُ عَ ْنهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَا َل رَسُولُ‬
‫س فِيهِ فَهُ َو رَدٌ)‪.‬‬
‫ث فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْ َ‬
‫ن أَحْدَ َ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األقضية‪ ،‬وأبو داود في السنة‪ ،‬وابن ماجة في المقدمة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪343‬‬
‫الفصل اخلامس ‪:‬أعمال مىن وعرفه ومزدلفة‬

‫استحباب طلوع الحجاج يوم التروية من مكة إلى منى‬ ‫‪‬‬


‫الوقوف بعرفة‬ ‫‪‬‬
‫حكمه‬ ‫‪‬‬
‫إجزاء الوقوف ليال للضرورة‬ ‫‪‬‬
‫صفة الوقوف بعرفة‬ ‫‪‬‬
‫يخطب خطبة عرفه خليفة المسلمين‬ ‫‪‬‬
‫وقت األذان بعرفة‬ ‫‪‬‬
‫قصر الصالة الرباعية‬ ‫‪‬‬
‫ال صالة جمعة في عرفة‬ ‫‪‬‬
‫شروط الوقوف بعرفة‬ ‫‪‬‬
‫حج من وقف بعرنة‬ ‫‪‬‬
‫أعمال يوم عرفة‬ ‫‪‬‬
‫إجزاء وقوف المريض على سيارة‬ ‫‪‬‬
‫عدم إجزاء الوقوف في الطائرة على جبل عرفات‬ ‫‪‬‬
‫الوقوف على جبل الرحمة‬ ‫‪‬‬
‫صالة في مسجد نمرة‬ ‫‪‬‬
‫خطبة يوم عرفة خطبة واحدة‬ ‫‪‬‬
‫أفضل وقت الوقوف بعرفة‬ ‫‪‬‬
‫المبيت بمزدلفة‬ ‫‪‬‬
‫لقط األحجار للرمي من مزدلفة‬ ‫‪‬‬
‫جواز تقدم النساء ومحارمهن والضعفة من بعد منتصف الليل‬ ‫‪‬‬
‫تسمية مزدلفة‬ ‫‪‬‬
‫المشعر الحرام‬ ‫‪‬‬
‫رمي الجمرات‬ ‫‪‬‬
‫رمي جمرة العقبة‬ ‫‪‬‬
‫احتساب رمي السبع الحصيات دفعة واحدة رمية واحدة‬ ‫‪‬‬
‫رمي الجمرات الثالث في أيام التشريق‬ ‫‪‬‬
‫التكبير مع كل حصاة‬ ‫‪‬‬
‫رفع اليدين بالدعاء عند الجمرتين‬ ‫‪‬‬
‫وقت رمي الجمرات الثالث في أيام التشريق‬ ‫‪‬‬
‫الرخصة لرعاة اإلبل‬ ‫‪‬‬
‫جواز الرمي باألحجار المستعملة‬ ‫‪‬‬
‫جواز التوكيل في رمي الجمرات لمن لم يستطع الرمي بنفسه‬ ‫‪‬‬
‫عدم جواز الرمي بغير األحجار‬ ‫‪‬‬
‫من نسي بعض األحجار في رمي الجمرات‬ ‫‪‬‬
‫جواز تقديم بعض أعمال يوم النحر على بعضها‬ ‫‪‬‬
‫حجم الحصاة في الرجم‬ ‫‪‬‬
‫جواز التعجل‬ ‫‪‬‬
‫الحلق أو التقصير‬ ‫‪‬‬
‫تقصير شعر المرأة‬ ‫‪‬‬
‫طواف الوداع‬ ‫‪‬‬
‫وقت طواف الوداع‬ ‫‪‬‬
‫ليس لطواف الوداع سعي‬ ‫‪‬‬
‫جواز البقاء في مدينة مكة بعض الوقت بعد طواف الوداع‬ ‫‪‬‬
‫‪344‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬أعمال منى وعرفه ومزدلفة‬

‫استحباب طلوع احلجاج يوم الرتوية من مكة إىل مىن‬


‫يستحب للحاج أن يطلع من مكة إلى منى في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة بعد إحرامه بالحج من مكة ويصلي بها الظهر والعصر‬
‫والمغر ب والعشاء والفجر يقصر فيها الصلوات الرباعية وال يجمع فيها بين الصالتين بل يُصلي كل فرض في أول وقته‪ ،‬وبعد طلوع‬
‫شمس يوم التاسع يُ سن للحجاج أن يتوجهوا من منى إلى أرض عرفة للوقوف بها لحديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما حاكيا أفعال‬
‫جهُوا إِلَى ِمنًى فَأَهَلُوا بِالْحَجِ‪ ،‬وَرَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم في حجة الوداع قال‪( :‬فَلَمَا كَانَ َيوْمُ التَ ْر ِويَةِ َتوَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ّظهْرَ وَالْ َعصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَى طَلَعَتْ الشَمْسُ) الحديث دليل على أن من أراد أن يأتي‬ ‫وَسَلَمَ فَصَلَى ِبهَا ال ُ‬
‫بمناسك الحج ومسنونا ته على الصفة التي حج عليها النبي صلى اهلل عليه وسلم فعليه أن يطلع إلى منى يوم التروية ويبقى فيها إلى صبح‬
‫اليوم التاسع وهو يوم عرفة ويخرج من منى إلى عرفه في اليوم التاسع بعد طلوع الشمس‪ ،‬وسمى يوم التروية ألن الناس كانوا يتروون‬
‫الماء فيه ومن لم يبق في منى إلى صباح يوم التاسع أو من لم يؤد الخمس الصلوات في منى فقد ترك السنة وليس عليه إثم وال دم ألنه لم‬
‫يترك ركنا من أركان الحج وال واجبا من واجباته وإنما ترك فعال مسنونا وترك المسنون ال يوجب على التارك إثما وال كفارة وال فدية ‪.‬‬

‫الوقوف بعرفة‬
‫المراد به مكث الحاج أو الحاجة على أرض عرفة من زوال الشمس حتى غروب الشمس في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة ‪.‬‬

‫حكمه‬
‫(‪)2‬‬
‫الوقوف بعرفة هو ركن من أركان الحج التي يبطل الحج بتركه والتي ال يجبره دم لحديث (الْحَجُ الْحَجُ َيوْمُ عَرَفَةَ) فمن أحرم بالحج‬
‫ولم يتمكن من الوقوف على أرض عرفة ال في نهار يوم التاسع وال في ليلة عيد النحر أي ليلة اليوم العاشر من شهر ذي الحجة حتى ولو‬
‫لحظة من الوقت قبل طلوع فجريوم النحر فحجه غير صحيح وال يجزئ في اسقاط وجوب الحج لفواته الوقوف على عرفة في الوقت‬
‫المحدد للوقوف المشروع ‪.‬‬

‫إجزاء الوقوف ليال للضرورة‬


‫من فاته الوقوف في النهار بسبب مرض أو تأخر في الوصول إلى عرفه فلم يصل إال في المساء يجزؤه الوقوف في المساء بشرط أن‬
‫يدرك صالة فجر يوم النحر في المزدلفة لحديث عروة بن مضرس الطائي‪ ،‬قال‪( :‬أتيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالموقف ـــ يعني‬
‫بجمع ــ قلت جئت يا رسول اهلل من جبل طئ أكللت مطيتي وأتعبت نفسي واهلل ما تركت من جبل إال وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال‪:‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أدرا معنا هذه الصالة وأتى عرفات قبل ذلك ليال أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)(‪. )3‬‬

‫صفة الوقوف بعرفة‬


‫هو المكث على أرض عرفة من الزوال حتى غروب الشمس‪ ،‬وصالة الظهر والعصرعلى أرض عرفة قصرا وجمع تقديم‪ ،‬وجمع‬
‫الصالتين في عرفة هو كما قال اإلمام أبو حنيفة بسبب النسك ال بسبب السفر ولذا فيجوز ألهل مكة جمع الصالتين في عرفة جمع تقديم‬
‫وجمع المغرب والعشاء في المزدلفة جمع تأخير‪ ،‬مثلهم مثل غيرهم من الحجاج الوافدين على مكة المكرمة ألداء الحج ألن جمع‬
‫الصالتين في عرفة وفي المزدلفة هو عمل من أعمال الحج في عرفة وفي مزدلفة ال بسبب السفر‪ ،‬ولو كان الجمع بسبب السفر لكان‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم جمع بين صالتي الظهر والعصر وبين صالتي المغرب والعشاء في منى في يوم التروية اليوم الثامن من شهر‬
‫ذي الحجة ولجمع بين الصالتين في يوم النحر وأيام التشريق في منى بسبب السفر‪ ،‬ولما عُلم عدم جمعه بين الصالتين في يوم التروية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي صلى اهلل وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )2141‬بلفظ (فَلَمَا كَانَ يَوْمُ التَرْوِيَةِ تَوَجَهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُوا بِالْحَجِ‪ ،‬وَرَكِبَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ت الشَمْسُ)‪.‬‬ ‫ث قَلِيلًا حَتَى طَلَعَ ْ‬ ‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَصَلَى بِهَا الّظُهْ َر وَالْعَصْ َر وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَا َء وَالْفَجْرَ‪ ،‬ثُ َم مَكَ َ‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في ال مناسك‪ .‬وابن ما جة في المناسك‪ .‬وأ حمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب من لم يدرا عرفة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1147‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِيلِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَتَيْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫وَهُوَ بِعَرَفَةَ‪ ،‬فَجَاءَ نَاسٌ أَوْ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَأَمَرُوا رَجُلًا فَنَادَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ لَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَيْفَ الْحَجُ؟ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَجُلًا فَنَادَى‪،‬‬
‫الْحَجُ الْحَجُ يَوْمُ عَرَفَةَ‪ ،‬مَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَتَمَ حَجُهُ‪ ،‬أَيَامُ مِنًى ثَ لَاثَةٌ‪ ،‬فَمَنْ تَعَجَلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ثُمَ أَرْدَفَ‬
‫رَجُلًا خَلْفَ ُه فَجَعَ َل يُنَادِي بِذَلِكَ) صححه األلباني في ًصحيح أبي د اود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النفر‪ :‬مابين الثالثة إلى العشرة من الرجال‪ .‬الردف‪ :‬الجلوس خلف الراكب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب من لم يدرا عرفة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 11150‬بلفظ (عن عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِسٍ الطَائِيُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَتَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْ عٍ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَهِ مِنْ جَبَلِ طَيِئٍ‪ ،‬أَكْلَلْتُ مَطِيَتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاللَهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ‪ ،‬فَهَلْ لِي مِنْ حَج؟ فَقَالَ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ أَدْرَ اَ مَعَنَا هَذِهِ الصَلَاةَ‪ ،‬وَأَتَى عَرَفَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَ حَجُهُ وَقَضَى تَفَثَهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي‬
‫داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫تفثه‪ :‬المناسك أوهو التحلل منها بالحلق ولبس‬ ‫حبل‪ :‬تل من الرمل‪.‬‬ ‫المطايا‪ :‬مايركب عليه من الدواب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الكلل ‪ :‬التعب واإلرهاق‪.‬‬
‫المخيط‪.‬‬
‫‪345‬‬
‫وال في يوم النحر وال في أيا م التشريق وهي أيام مكث النبي صلى اهلل عليه وسلم في منى‪ ،‬علم أن جمع النبي صلى اهلل عليه وسلم بين‬
‫صالتي الظهر والعصر جمع تقديم في يوم عرفة وجمعه بين صالتي المغرب والعشاء جمع تأخير في مزدلفة هو لكون الجمع في هذين‬
‫الموضعين وفي هذين الوقتين من أعمال الحج أي بسبب الحج ال بسبب السفر وفي حديث جابر رضي اهلل عنه‪( :‬ثُمَ َأ َذنَ ثُمَ أَقَامَ َفصَلَى‬
‫طنَ نَا َقتِهِ‬
‫ش ْيئًا‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ حَتَى َأتَى الْ َموْقِفَ‪ ،‬فَجَ َعلَ بَ ْ‬ ‫صلِ َبيْ َنهُمَا َ‬ ‫ّظهْرَ ثُمَ أَقَامَ فَصَلَى الْ َعصْرَ وَلَمْ ُي َ‬‫ال ُ‬
‫حتَى غَ َربَتْ الشَمْسُ َوذَ َهبَتْ الصُفْ َرةُ قَلِيلًا حَتَى غَابَ‬ ‫ستَ ْق َبلَ الْ ِقبْلَةَ‪ ،‬فَلَمْ يَ َزلْ وَاقِفًا َ‬
‫ح ْبلَ الْمُشَاةِ َب ْينَ َي َديْهِ وَا ْ‬
‫صوَاءِ إِلَى الصَخَرَاتِ وَجَ َعلَ َ‬ ‫الْ َق ْ‬
‫سهَا َل ُيصِيبُ َموْرِاَ رَحْلِهِ‪،‬‬ ‫حتَى ِإنَ رَأْ َ‬
‫صوَاءِ الزِمَامَ َ‬ ‫ش َنقَ لِلْ َق ْ‬
‫الْقُ ْر ُ‪ ،‬وَأَ ْردَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ َودَفَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ وَ َقدْ َ‬
‫َويَقُولُ ِبيَ ِدهِ ا ْليُ ْمنَى َأ ُيهَا النَاسُ السَكِينَةَ السَكِينَةَ)(‪.)1‬‬

‫خيطب خطبة عرفه خليفة املسلمني‬


‫يخطب خطبة يوم عرفة خليفة المسلمين أو من يستنيبه خليفة المسلمين للنيابة عنه في أداء خطبة يوم عرفة والصالة بالحجاج في يوم‬
‫عرفة ويجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم لفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم حيث خطب النبي صلى اهلل عليه وسلم خطبة يوم عرفة وهو‬
‫ش ْهرِكُمْ َهذَا فِي بََلدِكُمْ َهذَا‪ ،‬أَلَا‬ ‫إمام المسلمين‪ ،‬لفظ الحديث (فَخَطَبَ النَاسَ وَقَالَ ِإنَ دِمَاءَكُمْ وَأَ ْموَالَكُمْ حَرَامٌ عََليْكُمْ كَحُرْمَةِ َيوْمِكُمْ َهذَا فِي َ‬
‫ُكلُ شَيْءٍ ِمنْ أَمْرِ الْجَاهِِليَةِ تَحْتَ َقدَمَيَ َم ْوضُوعٌ‪َ ،‬ودِمَاءُ الْجَاهِلِيَةِ َم ْوضُوعَةٌ‪ ،‬وَِإنَ َأ َولَ دَمٍ َأضَعُ ِمنْ دِمَا ِئنَا دَمُ ا ْبنِ َربِيعَةَ ْبنِ الْحَارِثِ كَانَ‬
‫ستَ ْرضِعًا فِي َبنِي سَ ْعدٍ فَ َقتََلتْهُ ُه َذ ْيلٌ‪ ،‬وَ ِربَا الْجَاهِِليَةِ َم ْوضُوعٌ‪ ،‬وََأ َولُ ِربًا َأضَعُ رِبَانَا ِربَا عَبَاسِ ْبنِ عَ ْبدِ الْمُطَلِبِ فَِإنَهُ َم ْوضُوعٌ كُلُهُ فَاتَقُوا‬ ‫مُ ْ‬
‫حدًا تَكْرَهُونَهُ فَِإنْ فَعَ ْلنَ ذَِلكَ‬
‫ط ْئنَ فُرُشَكُمْ أَ َ‬
‫ج ُهنَ بِكَلِمَةِ اللَهِ وَلَكُمْ عََل ْي ِهنَ َأنْ لَا يُو ِ‬
‫ستَحْلَ ْلتُمْ فُرُو َ‬
‫خ ْذتُمُو ُهنَ بِأَمَانِ اللَهِ وَا ْ‬
‫اللَهَ فِي النِسَاءِ فَ ِإنَكُمْ أَ َ‬
‫ع َتصَ ْمتُمْ بِهِ ِكتَابُ اللَهِ‪،‬‬
‫س َو ُت ُهنَ بِالْمَعْرُوفِ وَ َقدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا َلنْ َتضِلُوا بَ ْع َدهُ ِإنْ ا ْ‬ ‫غيْرَ ُمبَرِحٍ وََل ُهنَ عََليْكُمْ رِزْ ُق ُهنَ وَكِ ْ‬ ‫فَاضْرِبُو ُهنَ ضَ ْربًا َ‬
‫سبَابَةِ يَرْفَ ُعهَا إِلَى السَمَاءِ َو َينْكُ ُتهَا إِلَى‬
‫صبَعِهِ ال َ‬
‫صحْتَ‪ ،‬فَقَالَ بِإِ ْ‬ ‫ش َهدُ َأ َنكَ َقدْ بَلَغْتَ وََأ َديْتَ َو َن َ‬
‫عنِي فَمَا َأنْتُمْ قَائِلُونَ قَالُوا‪ :‬نَ ْ‬ ‫وََأ ْنتُمْ تُسْأَلُونَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ش َهدْ ثَلَاثَ مَرَاتٍ) ‪.‬‬ ‫ش َهدْ الَلهُمَ ا ْ‬ ‫النَاسِ الَلهُمَ ا ْ‬

‫وقت األذان بعرفة‬


‫األذان إعالم بدخول وقت الصالة‪ ،‬ووقت أذان يوم عرفة لمن هو واقف بعرفة هووقت أذان صالة الظهر‪ ،‬ووقت صالة العصر لم يدخل‬
‫وال يجوز األذان قبل دخول الوقت‪ ،‬وفي بعض كتب الفقه أن من يؤذن قبل دخول وقت الصالة يؤدب ال سيما في صالتي المغرب والفجر‬
‫وال يشرع تقديم األذان ال في حج وال في سفر وال في غيره‪ ،‬ودليل أذان يوم عرفة حديث (ثُمَ َأ َذنَ ثُمَ أَقَامَ َفصَلَى الّظُهْرَ ثُمَ أَقَامَ َفصَلَى‬
‫ش ْيئًا)(‪ )3‬الصحيح‪ :‬أنه يجمع بين الصالتين بأذان واحد وإقامتين فيكتفي بأذان واحد ألن وقت العصر لم يدخل‬ ‫صلِ َب ْي َنهُمَا َ‬
‫الْ َعصْرَ وَلَمْ ُي َ‬
‫حتى يؤذن له ‪.‬‬

‫قصر الصالة الرباعية‬


‫الصحيح‪ :‬أن الحاج يقصر الصلوات الرباعية ليس لعلة السفر‪ ،‬ولكن القصر هو األصل في عرفة ومزدلفة وقد صار من المناسك وعمال‬
‫من أعمال الحج ‪.‬‬

‫ال صالة مجعة يف عرفة‬


‫الصحيح‪ :‬أن من صادف حجه يوم الوقوف بعرفة يوم جمعة ال جمعة عليه ألنه ال جمعة على من يقف بعرفة أو بمنى ولو كانت خطبة‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم يوم عرفة خطبة جمعة لكانت خطبتين ولكانت صالة الركعتين جهرية ال سرية ألن قراءة صالة الجمعة‬
‫جهرية‪ ،‬والركعتان اللتان صالهما النبي صلى اهلل عليه وسلم في يوم عرفة الذي كان يوم جمعة هي صالة الظهر مقصورة‪ ،‬وإذا صادف‬
‫يوم عرفة يوم جمعة ففيه فضيلة لموافقته حجة النبي صلى اهلل عليه وسلم ولكونه يوم جمعة‪ ،‬وأما حديث (من صادف حجه يوم عرفة يوم‬
‫جمعة بسبعين حجة) فهو حديث موضوع وممن حكم بوضعه ابن القيم واأللباني ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )2141‬بلفظ ( ثُمَ أَذَنَ ثُمَ أَقَامَ فَصَلَى الّظُهْرَ ثُمَ أَقَامَ فَصَلَى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِ بَيْنَهُمَا‬
‫صوَاءِ إِلَى الصَخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ‪ ،‬فَلَمْ يَزَلْ‬
‫شَيْئًا‪ ،‬ثُ َم رَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَتَى أَتَى الْمَوْقِفَ‪ ،‬فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْ قَ ْ‬
‫ن‬
‫وَاقِفًا حَتَى غَرَبَتْ الشَمْسُ وَذَهَبَتْ الصُفْرَةُ قَلِيلًا حَتَى غَابَ الْقُرْ ُ‪ ،‬وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ وَدَفَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِمَامَ حَتَى إِ َ‬
‫س السَكِينَ َة السَكِينَةَ)‪.‬‬
‫ا رَحْلِهِ‪ ،‬وَيَقُو ُل بِيَدِ ِه الْيُمْنَى أَيُهَا النَا ُ‬
‫ب مَوْرِ َ‬
‫رَأْسَهَا لَيُصِي ُ‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي ف ي الطهارة‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ .‬وابن ما جة في المناسك‪ .‬وأ حمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2141‬بلفظ (فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها‪ ،‬حتى إذا زاغت الشمس‬
‫أمر بالقصواء فرحلت له‪ ،‬فأتى بطن الوادي‪ ،‬فخطب الناس وقال‪ :‬إن دماءكم وأمولكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا‪ ،‬في شهركم هذا‪ ،‬في بلدكم هذا‪ ،‬أآلكل شيئ‬
‫من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع‪ ،‬ودماؤ الجاهلية موضوعة‪ ،‬وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث‪ ،‬كان مسترضعا في بني سعد فقتلته‬
‫هذيل‪ ،‬وربا الجاهلية موضوع‪ ،‬وأول ربا أضع ربانا رباعباس بن عبد المطلب‪ ،‬فإنه موضوع كله‪ ،‬فاتقوا اهلل في النساء فإنكم أخذ تموهن بأمان اهلل‪ ،‬واستحللتم‬
‫فروجهن بكلمة اهلل‪ ،‬ولكم عليهن أن اليوطئن فرشكم أحدا تكرهونه‪ ،‬فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا عيرمبرح‪ ،‬ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن المعروف‪،‬‬
‫وقدتركت فيكم مالن تضلوابعده إن اعتصمتم به‪ ،‬كتاب اهلل‪ ،‬وأنتم تُسألون عني فما أنتم قائلون ؟‪.‬قالوا‪ :‬نشهدأنك قدبلغت وأديت ونصحت‪ ،‬فقال‪ :‬بإصبعه السبابة‬
‫يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس‪ :‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد‪ ،‬ثالث مرات)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ .‬وابن ما جة في المناسك‪ .‬وأ حمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذاالباب من حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهمارقم (‪.)2141‬‬
‫‪346‬‬
‫شروط الوقوف بعرفة‬
‫الصحيح‪ :‬أن الواجب يحصل بالوقوف بعرفة في النهار واألفضل البقاء فيها حتى الليل لحديث ( َمنْ َأدْ َراَ مَ َعنَا َه ِذهِ الصَلَاةَ‪ ،‬وََأتَى عَرَفَاتَ‬
‫َق ْبلَ ذَ ِلكَ لَيْلًا َأوْ َنهَارًا فَ َقدْ تَمَ حَجُهُ وَ َقضَى تَ َفثَهُ)(‪ )1‬ويجزئ الوقوف بعرفة في أي وقت من نهار يوم عرفة ولكن األفضل للحاج والحاجة‬
‫حتَى‬
‫البقاء فيه إلى دخول جزء من الليل لوقوف النبي صلى اهلل عليه وسلم فيها إلى بعد غروب الشمس كما في حديث (فَلَمْ يَ َزلْ وَاقِفًا َ‬
‫حتَى غَابَ الْقُرْ ُ)(‪.)2‬‬
‫غَ َربَتْ الشَمْسُ َوذَ َهبَتْ الصُفْ َرةُ قَلِيلًا َ‬

‫اسم عرفة‪ :‬اسم لليوم وللمكان وقد يطلق على شخص ‪.‬‬

‫حج من وقف بعرنة‬


‫من وقف بعرنة التي هي أسفل من أرض عرفة ولم يقف بعرفة ال في ليل وال في نهار فإن كان وقوفه بعرنة نتيجة لجهله ألرض عرفة‬
‫وحدودها وكان يعتقد أنها من أرض عرفه فحج الحاج الجاهل صحيح وال دم عليه‪ ،‬ومن كان يعرف أنها أرض عرنة وأنها ليست من‬
‫أرض عرفة ووقف بها متعمدا الوقوف فيها فحجه باطل لمخالفته الشريعة وألنه لم يقف بعرفة ومن لم يقف بعرفه فحجه باطل لحديث‬
‫(الْحَجُ الْحَجُ َيوْمُ عَرَفَةَ)(‪.)1‬‬

‫أعمال يوم عرفة‬


‫يشرع للحاج والحاجة اإلكثار من التلبية وذكر اهلل عز وجل والدعاء ألن الدعاء في يوم عرفة يرجى قبوله لقرب العبد من ربه وتخشعه‬
‫خيْرُ مَا قُلْتُ َأنَا وَال َن ِبيُونَ ِمنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ‬
‫خيْرُ ال ُدعَاءِ ُدعَاءُ َيوْمِ عَرَفَةَ‪ ،‬وَ َ‬
‫وتذلـله بين يدي ربه وال سيما الواقفين في عرفة لحديث ( َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ح َدهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَ ْمدُ وَ ُهوَ عَلَى ُكلِ شَيْءٍ َقدِيرٌ) ‪.‬‬
‫وَ ْ‬

‫إجزاء وقوف املريض على سيارة‬


‫الوقوف بعرفة هو ركن أساسي في الحج ويبطل حج من لم يقف بعرفة سواء كان صحيحا أو مريضا والمريض أو المرضى األولى أن‬
‫يؤتى بهم إلى عرفة ولو على سيارة إسعاف أو أي سيارة للوقوف على أرض عرفات ولو لمدة خمس دقائق ومن لم يؤتى به إلى جبل‬
‫عرفات من المرضى فال حج له ‪.‬‬

‫عدم إجزاء الوقوف يف الطائرة على جبل عرفات‬


‫اليجزئ الوقوف أو المرور على هواء أرض عرفة في يوم عرفة ومن كان يريد الحج من موظفي الطيران المكلفين بالمرور على‬
‫الحجاج بالطائرة في يو م عرفة فيجب عليه أن يقف على أرض عرفة ولو لمدة خمس دقائق ألنه يشترط للواقف بعرفة أن يكون وقوفه‬
‫على أرض عرفة أو على شيء متصل بأرض عرفة فلو وقف على الطيارة الواقفة على أرض عرفة صح وقوفه ‪.‬‬

‫الوقوف على جبل الرمحة‬


‫الطلوع إلى جبل الرحمة في يوم عرفة للوقوف على الجب ل ليس بسنة وال مستحب بل هو مباح فقط ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم لم يرد‬
‫عنه دليل يبين أن للوقوف على جبل الرحمة فضل أو زيادة أجر أو أيُ مزية أخرى على الواقف في أرض عرفة في غير جبل الرحمة‪،‬‬
‫بل ورد الدليل الصحيح الصريح أن الوقوف على أي جزء من أرض عرفة يجزئ وكل أرض عرفة متساوية في اإلجزاء والثواب وأنه‬
‫ال فرق بين موضع وموضع في أرض عرفه لحديث ( َووَقَفْتُ هَا ُهنَا َوعَرَفَةُ كُُلهَا َموْقِفٌ)(‪ )5‬الحديث دليل على أن أرض عرفه كلها‬
‫موقف وال يتميز الوقوف في موضع على الوقوف في موضع آخر‪ ،‬وجبل الرحمة جزء من أرض عرفة‪ ،‬الوقوف عليه يساوي الوقوف‬
‫على أي موضع في عرفة‪ ،‬وبعض العلماء يقولون‪ :‬االعتقاد بأن طلوع جبل الرحمة الزم للواقف بعرفه بدعة‪ ،‬ومزاحمة الحاج للحجاج‬
‫في الطلوع إلى الجبل مكروه وال سيما مزاحمة النساء للرجال فهي محرمة لحديث (ألن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له‬
‫من أن يمس امرأة ال تحل له) صححه األلباني في صحيح الجامع الصغير برقم (‪. )5145‬‬

‫صالة يف مسجد منرة‬


‫األفضل لمن تمكن من دخول مسجد نمرة البقاء فيه حتى يؤدي صالتي الظهر والعصر جماعة فيه‪ ،‬ومن لم يتمكن من دخول المسجد‬
‫ومكث في مكان آخر في جبل عرفة فهو خالف األفضل ويجوز لكل أهل بقعة متقاربة أن يكون لهم خطيبا يخطب بهم خطبة يوم عرفة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عروة بن مضرس الطائي رضي اهلل عنه رقم (‪.)1150‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابربن عبد اهلل رضي اهلل عنهما رقم (‪.)2141‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي اهلل عنه رقم (‪.)1147‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب في دعاء يوم عرفة حديث رقم (‪ ) 3555‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِهِ‪ ،‬أَنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫خَيْرُ الدُعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ‪ ،‬وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَبِيُونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَ هُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ) حسنه األلباني في‬
‫صحيح سنن أبي داود بتفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به الترمذي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ما جاء أن عرفة كلها موقف‪ .‬حديث رقم (‪ )2143‬بلفظ (وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُهَا مَوْقِفٌ‪ ،‬وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلُهَا مَوْقِفٌ)‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫ويصلون جماعة يجمعون الظهر والعصر جمع تقديم‪ ،‬ويجوز أن تقام عدة جماعات وعدة خطب في يوم عرفة ألن مسجد نمرة ال يتسع‬
‫لجميع الواقفين في عرفة ‪.‬‬

‫خطبة يوم عرفة خطبة واحدة‬


‫خطبة يوم عرفه هي خطبة واحدة‪ ،‬وإذ ا صادف يوم عرفه يوم جمعة فهي خطبة يوم عرفة وليست خطبة يوم جمعة لصالة الجمعة وتكون‬
‫خطبتين‪ ،‬وخطبة يوم عرفة خطبة واحدة ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم خطب في يوم عرفه خطبة واحده وكان يوم جمعة كما في حديث‬
‫جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما الذي حكي أعمال النبي صلى اهلل عليه وسلم في حجة الوداع ‪.‬‬

‫أفضل وقت الوقوف بعرفة‬


‫األفضل للحاج الواقف في عرفة هو أن يصلي الظهر والعصر مع إمام الصالة في مسجد نمرة ثم يقف على أرض عرفة أي داخل أرض‬
‫عرفه ال في المسجد‪ ،‬من بعد الصالة إلى غروب الشمس ثم يفيض منها إلى مزدلفة ألن هذا الوقوف يماثل وقوف النبي صلى اهلل عليه‬
‫شيْئًا‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬ ‫صلِ َب ْي َنهُمَا َ‬‫ّظهْرَ ثُمَ أَقَامَ َفصَلَى الْ َعصْرَ وَلَمْ ُي َ‬
‫وسلم في حديث (ثُمَ َأ َذنَ ثُمَ أَقَامَ َفصَلَى ال ُ‬
‫ستَ ْق َبلَ الْقِبْلَةَ‪ ،‬فَلَمْ يَ َزلْ وَاقِفًا حَتَى غَ َربَتْ‬
‫ح ْبلَ الْمُشَاةِ َب ْينَ َي َديْهِ وَا ْ‬
‫صوَاءِ إِلَى الصَخَرَاتِ وَجَ َعلَ َ‬ ‫طنَ نَا َقتِهِ الْ َق ْ‬
‫حتَى َأتَى الْ َموْقِفَ‪ ،‬فَجَ َعلَ بَ ْ‬
‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫الشَمْسُ َوذَ َهبَتْ الصُفْ َرةُ قَلِيلًا حَتَى غَابَ الْقُ ْر ُ) ‪.‬‬

‫املبيت مبزدلفة‬
‫المشروع للحاج ب عد وصوله المزدلفة الجمع بين صالتي المغرب والعشاء جمع تأخير وهذا الجمع هو من مناسك الحج لحديث (دَفَعَ‬
‫سبِغْ ا ْل ُوضُوءَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬الصَلَاةَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪،‬‬ ‫حتَى ِإذَا كَانَ بِالشِعْبِ نَ َزلَ َفبَالَ‪ ،‬ثُمَ َت َوضَأَ وَلَمْ يُ ْ‬ ‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ عَرَفَةَ َ‬
‫سبَغَ ا ْل ُوضُوءَ ثُمَ أُقِيمَتْ الصَلَاةُ َفصَلَى الْمَغْرِبَ‪ ،‬ثُمَ َأنَا َ ُكلُ ِإنْسَانٍ بَعِي َرهُ فِي‬ ‫فَقَالَ‪ :‬الصَلَاةُ أَمَا َمكَ‪ ،‬فَرَكِبَ فَلَمَا جَاءَ الْمُ ْزدَلِفَةَ نَ َزلَ َف َتوَضَأَ فَأَ ْ‬
‫صلِ َب ْي َنهُمَا)(‪ )2‬وال يشرع للحاج أن يصلى صالة المغرب في الطريق التي بين عرفة ومزدلفة من‬ ‫َمنْزِلِهِ‪ ،‬ثُمَ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ َفصَلَى وَلَمْ ُي َ‬
‫أجل إدراك وقت المغرب قبل خروج وقت المغرب ألن جمع صالتي المغرب والعشاء في مزدلفة من مناسك الحج‪ ،‬وال يشرع للحاج أن‬
‫يصل ي المغرب والعشاء في غير المزدلفة إال لمن تأخر عن الوصول إلى المزدلفة ألي سبب إلى أن يخرج وقت العشاء بعد منتصف الليل‬
‫فمن خشي خروج وقت العشاء قبل وصوله إلى المزدلفة فيجوز له أن يصلي المغرب والعشاء في الطريق أو في أي مكان كان الحاج فيه‪.‬‬

‫لقط األحجار للرمي من مزدلفة‬


‫بعض الحجاج يبدأ الحاج منهم بلقط األحجار من مزدلفة حال الوصول إليها وقبل صالة المغرب والعشاء‪ ،‬هذا الفعل بدعة ألن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بدأ بصالة المغرب والعشاء فالمبيت ولم يلقط األحجار من مزدلفة ال قبل الصالة وال بعدها‪ ،‬ولقط أحجار الرمي من‬
‫مزدلفة ليس مشروعا ال على جهة الوجوب وال على جهة االستحباب‪ ،‬ولقط األحجار يجوز سواء من مزدلفة أو من منى والنبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم لم يلقط األحجار من المزدلفة وإنما اشتغل النبي صلى اهلل عليه وسلم بالمبيت والذكر والدعاء وصالة الفجر والدعاء بعدها عند‬
‫ش ْيئًا‪ ،‬ثُمَ‬
‫سبِحْ َب ْي َنهُمَا َ‬
‫حدٍ وَإِقَا َم َت ْينِ وَلَمْ يُ َ‬
‫المشعر الحرام كما جاء في حديث (حَتَى َأتَى الْمُ ْزدَلِفَة َفصَلَى ِبهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بَِأذَانٍ وَا ِ‬
‫حتَى َأتَى‬ ‫صوَاءَ َ‬
‫صبْحُ بِ َأذَانٍ وَإِقَامَةٍ‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ الْ َق ْ‬ ‫حتَى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَى الْفَجْرَ حِينَ تَ َب َينَ لَهُ ال ُ‬ ‫اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫جدًا فَدَفَعَ َقبْلَ َأنْ تَطْلُع الشَمْسُ) ‪.‬‬ ‫ستَ ْق َبلَ الْ ِقبْلَةَ فَ َدعَاهُ وَ َكبَ َرهُ وَهَلَلَهُ َووَحَ َدهُ فَلَمْ يَ َزلْ وَاقِفًا حَتَى أَسْفَرَ ِ‬
‫الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَا ْ‬

‫جواز تقدم النساء وحمارمهن والضعفة من بعد منتصف الليل‬


‫يجوز للنساء ومحارمهن والمرضى والعجزة من كبار السن والمعاقين ونحوهم التقدم إلى منى من بعد منتصف الليل‪ ،‬وال يجوز التقدم‬
‫س ْو َدةُ أَنْ‬
‫لغيرهم من القادرين األصحاء األقوياء لحديث عائشة رضي اهلل عنها‪( :‬نزلنا المزدلفة فَاسْتَ ْأذَنَتْ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫حنُ ثُمَ دَفَ ْعنَا بِدَفْعِهِ‪ ،‬فَلَ َأنْ أَكُونَ‬
‫حنَا نَ ْ‬
‫صبَ ْ‬
‫حتَى َأ ْ‬
‫َتدْفَعَ َق ْبلَ حَطْمَةِ النَاسِ وَكَانَتْ امْرََأةً بَطِيئَةً فََأ ِذنَ َلهَا‪َ ،‬فدَفَعَتْ قَ ْبلَ حَطْمَةِ النَاسِ‪ ،‬وَأَقَ ْمنَا َ‬
‫س ْو َدةُ أَحَبُ إِلَيَ ِمنْ مفروح بِهِ)(‪ )4‬ولحديث ابن عباس رضي اهلل عنهما (َأنَا مِمَنْ‬ ‫ستَ ْأ َذنَتْ َ‬
‫ستَ ْأ َذنْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَمَا ا ْ‬
‫ا ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫َقدَمَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َليْلَةَ الْمُ ْزدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ) ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)2141‬‬
‫‪2‬‬
‫ن أُسَامَ َة بْنِ زَيْدٍ‪ ،‬أَنَ ُه سَمِعَ ُه يَقُولُ‪ :‬دَفَ َع رَسُو ُل اللَهِ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب إسباغ الوضوء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1672‬بلفظ (عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَا ٍ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَى إِذَا كَانَ بِالشِعْبِ نَزَلَ فَبَالَ‪ ،‬ثُمَ تَوَضَأَ وَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬الصَلَاةَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬الصَلَاةُ أَمَامَكَ‪ ،‬فَرَكِبَ فَلَمَا جَاءَ‬
‫ت الْعِشَاءُ فَصَلَى وَلَ ْم يُصَ ِل بَيْنَهُمَا)‪.‬‬
‫ن بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ‪ ،‬ثُ َم أُقِيمَ ْ‬
‫ت الصَلَا ُة فَصَلَى الْمَغْرِبَ‪ ،‬ثُ َم أَنَا َ كُ ُل إِنْسَا ٍ‬ ‫الْمُزْدَلِفَ َة نَزَ َل فَتَوَضَأَ فَأَسْبَ َغ الْوُضُو َء ثُ َم أُقِيمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ .‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي‬
‫في المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الشعب‪ :‬الطريق في الجبل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)2141‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من قدم ضعفة أهله بليل من مزدلفة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 11675‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ‬
‫فَاسْتَأْذَنَتْ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ سَوْدَةُ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَاسِ وَكَانَتْ امْرَأَةً بَطِيئَةً فَأَذِنَ لَهَا‪ ،‬فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَ طْمَةِ النَاسِ‪ ،‬وَأَقَمْنَا حَتَى أَصْبَحْنَا نَحْنُ ثُمَ دَفَعْنَا‬
‫ح بِهِ)‪.‬‬‫ب إِلَيَ مِنْ مَفْرُو ٍ‬‫ت سَوْدَ ُة أَحَ ُ‬ ‫ن اسْتَأْذَنْتُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم كَمَا اسْتَأْذَنَ ْ‬ ‫ن أَكُو َ‬ ‫بِدَفْعِهِ‪ ،‬فَلَأَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والن سائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪348‬‬
‫تسمية مزدلفة‬
‫ص وَاَلذِينَ‬
‫سميت مزدلفة بمزدلفة ألن الحجاج يتقربون إليها ويجتمعون فيها واإلزدالف االقتراب قال اهلل تعالى {أَلَا لِلَ ِه الدِينُ الْخَا ِل ُ‬
‫(‪. )2‬‬
‫خذُوا مِن دُونِهِ َأوِْليَاء مَا نَ ْع ُبدُهُمْ إِلَا ِليُقَ ِربُونَا إِلَى اللَهِ زُلْفَى}‬
‫اتَ َ‬

‫املشعر احلرام‬
‫ضتُم ِمنْ عَرَفَاتٍ‬ ‫المشعر الحرام جزء من مزدلفة يشرع للحاج الوقوف عنده بعد صالة فجر يوم النحر والدعاء عنده لقوله تعالى {فَِإذَا أَ َف ْ‬
‫حتَى‬
‫ح َدهُ فَلَمْ يَ َزلْ وَاقِفًا َ‬ ‫فَاذْكُرُو ْا اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}(‪ )3‬ولحديث (حَتَى َأتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَا ْ‬
‫ستَ ْق َبلَ الْقِبْلَةَ َف َدعَاهُ وَكَبَ َرهُ وَهَلَلَهُ وَوَ َ‬
‫جدًا َفدَفَعَ َق ْبلَ َأنْ تَطْلُع الشَمْسُ)(‪.)4‬‬
‫أَسْفَرَ ِ‬

‫رمي اجلمرات‬
‫رمي الجمرات مشروع على جهة الوجوب ولكن رمي الجمرات ليس ركنا من أركان الحج التي يبطل الحج بتركها‪ ،‬والمشروع للحاج‬
‫وللحاجة رمي الجمرات لفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم حيث رمى جمرة العقبة في يوم النحر بسبع حصيات ورمى الجمرات الثالث في‬
‫جتِي َه ِذهِ)(‪ )5‬الحديث يدل على وجوب‬
‫خذُوا َمنَاسِكَكُمْ‪ ،‬فَِإنِي لَا َأدْرِي لَعَلِي لَا أَحُجُ بَعْدَ حَ َ‬
‫أيام التشريق كل جمرة بسبع حصيات لحديث ( ِلتَأْ ُ‬
‫متابعة النبي صلى اهلل عليه وسلم في أفعال الحج ومنها رمي الجمرات‪ ،‬والحج المبرور الذي ليس له جزاء إال الجنة هو الحج الذي يتابع‬
‫فيه الحاج النبي صلى اهلل عليه وسلم في كل أفعال الحج من اإلحرام إلى طواف الوداع ‪.‬‬

‫رمي مجرة العقبة‬


‫يشرع للحاج في يوم النحر رمي جمرة العقبة بسبع حصيات والوقت المستحب للرمي هو من حين تطلع الشمس إلى الزوال ‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز رمي جمرة العقبة للنساء وللمرضى وللضعفاء قبل طلوع الشمس بل قبل طلوع فجر يوم النحر من آخر الليل ومن‬
‫بعد زوال شمس يوم النحر إلى طلوع فجر يوم ثاني العيد‪ ،‬دليل مشروعية الرجم في يوم العيد فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم في حديث‬
‫خذْفِ‪ ،‬رَمَى مِنْ‬ ‫حصَى الْ َ‬ ‫حصَاةٍ ِم ْنهَا ِم ْثلِ َ‬‫صيَاتٍ‪ُ ،‬ي َكبِرُ مَعَ كُلِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫سبْعِ َ‬
‫ع ْندَ الشَجَ َرةِ فَرَمَاهَا بِ َ‬
‫حتَى َأتَى الْجَمْ َرةَ اَلتِي ِ‬ ‫جابر رضي اهلل عنه‪َ ( :‬‬
‫خذْفِ) أي مثل حصى الخذف الواحدة منها مثل حبة (القلي) ودليل جواز الرجم قبل الفجر من‬ ‫حصَى الْ َ‬ ‫طنِ ا ْلوَادِي)(‪ )6‬والمراد بلفظ ( َ‬ ‫بَ ْ‬
‫ع ْندَ الْمُ ْزدَلِفَةِ فَقَامَتْ ُتصَلِي فَصَلَتْ سَاعَةً‪ ،‬ثُمَ قَالَتْ‪ :‬يَا ُبنَيَ َهلْ غَابَ الْقَمَرُ؟‬ ‫آخر الليل حديث أسماء رضي اهلل عنها‪( :‬نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ ِ‬
‫ضيْنَا حَتَى رَمَتْ الْجَمْ َرةَ ثُمَ رَجَعَتْ َفصَلَتْ‬ ‫قُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬فَصَلَتْ سَاعَةً ثُمَ قَالَتْ‪ :‬يَا ُبنَيَ َهلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْت‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَا ْرتَحِلُوا فَا ْرتَحَلْنَا وَمَ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫سنَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬يَا ُبنَيَ ِإنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َأذِنَ لِلّظُ ُعنِ) الحديث‬ ‫صبْحَ فِي َمنْزِلِهَا‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لَهَا يَا َه ْنتَاهُ مَا أُرَانَا إِلَا قَدْ غَلَ ْ‬
‫ال ُ‬
‫د ليل على جواز رمي النساء ومحارمهن في آخر الليل‪ ،‬وفي إطالة وقت الرَجم من آخر ليلة يوم النحر إلى طلوع فجر يوم ثاني العيد‬
‫تيسير للحجاج والحاجات وال سيما النساء والمرضى والضعفاء‪ ،‬والتيسير في العبادات مطلوب قال اهلل تعالى {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَالَ‬
‫يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(‪ )8‬وقال تعالى {مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْ َعلَ عََليْكُم ِمنْ حَرَجٍ}(‪ )9‬وقوله تعالى {وَمَا جَ َعلَ عََليْكُمْ فِي الدِينِ ِمنْ حَرَجٍ}(‪ )10‬وحصر‬
‫وقت الرمي من طلوع الشمس إلى الزوال فقط فيه عسر ومشقة وحرج ألنه سيزدحم الحجاج في هذا الوقت وسيؤدي إلى المشقة والحرج‬

‫الحطمة‪ :‬اإلزدحام‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من قدم ضعفة أهله بليل‪ .‬حديث رقم (‪ )1675‬بلفظ (عن عُبَيْدُ اللَهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ سَمِعَ ابْنَ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬يَقُولُ‪:‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم لَيْلَ َة الْمُزْدَلِفَ ِة فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ)‪.‬‬‫ن قَدَ َم النَبِ ُ‬
‫أَنَا مِمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الزمر‪.)3( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)115( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)2141‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا‪ .‬حديث رقم (‪ )1170‬بل فظ (عن أَبُو الزُبَيْرِ أَنَهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ‪ :‬رَأَيْتُ النَبِيَ صَلَى‬
‫ج بَعْدَ حَجَتِي هَذِهِ)‪.‬‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِ ِه يَوْ َم النَحْرِ‪ ،‬وَيَقُولُ‪ :‬لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ‪ ،‬فَإِنِي لَا أَدْرِي لَعَلِي لَا أَحُ ُ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫المناسك‪ :‬أعمال الحج والعمرة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الراحلة‪ :‬الناقة التي يركب عليها‪ .‬يوم النحر‪ :‬يوم عيد األضحى‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )2141‬بلفظ ( عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَدٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ‬
‫فَسَأَلَ عَنْ الْقَوْمِ حَتَى انْتَهَى إِلَيَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬أَنَا مُحَمَدُ بْنُ عَلِيِ بْنِ حُسَيْنٍ فَأَهْوَى بِيَ دِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِي الْأَعْلَى ثُمَ نَزَعَ زِرِي الْأَسْفَلَ‪ ...‬حَتَى أَتَى الْجَمْرَةَ الَتِي عِنْدَ‬
‫ن الْوَادِي)‪.‬‬ ‫ن بَطْ ِ‬
‫الشَجَرَ ِة فَرَمَاهَا بِسَبْ ِع حَصَيَاتٍ‪ ،‬يُكَبِ ُر مَعَ كُلِ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْ ِل حَصَى الْخَذْفِ‪ ،‬رَمَى مِ ْ‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ما جة في المناسك‪ ،‬وأ حمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬من قدم ضعفة أهله بليل من مزدلفة‪ .‬حديث رقم (‪ )1671‬بلفظ (عن عَبْدُ اللَهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَهَا‪ ،‬نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ‬
‫الْمُزْدَلِفَةِ فَقَامَتْ تُصَلِي فَصَلَتْ سَاعَةً‪ ،‬ثُمَ قَالَتْ‪ :‬يَا بُنَيَ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬فَصَلَتْ سَاعَةً ثُمَ قَالَتْ‪ :‬يَا بُنَيَ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْت‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَارْتَحِلُوا فَارْتَحَلْنَا‬
‫وَمَضَيْنَا حَتَى رَمَتْ الْجَمْرَةَ ثُمَ رَجَعَتْ فَصَلَتْ الصُبْحَ فِي مَنْزِلِهَا‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لَهَا يَا هَنْتَاهُ مَا أُرَانَا إِلَا قَدْ غَلَسْنَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬يَا بُنَيَ إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَذِنَ‬
‫لِلّظُعُنِ)‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وأحمد في مسند المكثربن من الصحابة‪.‬‬
‫الضعينة‪ :‬المرأة في السفر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬هنتاه‪ :‬كلمة تطلق للكناية عن شيئ اليذكر اسمه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)155( :‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)6( :‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)75( :‬‬
‫‪349‬‬
‫ال سيما في حق الحاجات ألنهن سيضطررن إلى مزاحمة الرجال في هذا الوقت‪ ،‬ودليل جواز الرمي في المساء حديث (رَ َميْتُ بَ ْعدَ مَا‬
‫سيْتُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ)(‪ )1‬وأما حديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَ َ‬
‫سلَمَ يُقَدِمُ ضُعَفَاءَ أَهْلِهِ بِغَلَسٍ‪َ ،‬ويَأْمُرُهُمْ يَ ْعنِي لَا يَرْمُونَ الْجَمْ َرةَ‬ ‫أَمْ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫حتَى تَطْلُعَ الشَمْسُ) هذا الحديث وإن كان صححه األلباني إال أنه عارض حديث أسماء الذي خرجه البخاري الدال على جواز رمي‬ ‫َ‬
‫النساء في آخر الليل‪ ،‬وإذا تعارض ما في البخاري مع ما في غيره من كتب الحديث األخرى فيرجح ما في صحيح البخاري ألنه أصح‬
‫وألنه في هذه المسألة األوفق ألدلة التيسير ورفع الحرج العامة ‪.‬‬

‫احتساب رمي السبع احلصيات دفعة واحدة رمية واحدة‬


‫الواجب أن يكون الرمي بسبع حصيات على الصفة المشروعة وهي أن يكون بكل حصاة رمية ومن رمى السبع الحصيات برمية واحدة‬
‫فال تحسب له إال رمية واحدة ‪.‬‬

‫رمي اجلمرات الثالث يف أيام التشريق‬


‫أيام التشريق هي يوم ثاني ويوم ثالث ويوم رابع عيد األضحى وفي أيام التشريق الواجب على كل حاج وحاجة رمى الجمرات الثالث‪،‬‬
‫يرمى الحاج والحاجة كل جمرة بسبع حصيات ويشرع للحاج وللحاجة بعد رمي الجمرة الدنيا التي إلى جهة منى أن يتحول قليال من مكان‬
‫الرمي ويستقبل القبلة ويدعوا اهلل تعالى ويرفع يديه متضرعا إليه بالدعاء بخيري الدنيا واآلخرة لنفسه ولوالديه ولقرابته وللمسلمين ألن‬
‫مشاعر الحج مواطن استجابة الدعاء ويشرع بعد رمي الجمرة الوسطى أن يدعو كما دعى بعد رمي الجمرة الدنيا وال يشرع الدعاء وال‬
‫صيَاتٍ يُ َكبِرُ عَلَى‬‫سبْعِ حَ َ‬ ‫الوقوف للدعاء بعد رمي جمرة العقبة‪ ،‬لحديث عبداهلل بن عمر رضي اهلل عنهما ( َأنَهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْ َرةَ ال ُد ْنيَا بِ َ‬
‫خذُ ذَاتَ الشِمَالِ‬ ‫طوِيلًا َو َي ْدعُو َويَرْفَعُ َي َديْهِ‪ ،‬ثُمَ يَرْمِي ا ْلوُسْطَى ثُمَ يَأْ ُ‬‫ستَقْ ِبلَ الْقِبْلَةِ َفيَقُومُ َ‬
‫س ِهلَ َفيَقُومَ مُ ْ‬
‫حصَاةٍ‪ ،‬ثُمَ َيتَ َقدَمُ حَتَى يُ ْ‬ ‫ِإثْرِ ُكلِ َ‬
‫طنِ ا ْلوَادِي وَلَا يَقِفُ‬ ‫طوِيلًا‪ ،‬ثُمَ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ الْعَ َقبَةِ ِمنْ بَ ْ‬ ‫طوِيلًا َو َي ْدعُو َويَرْفَعُ َي َديْهِ َويَقُومُ َ‬
‫ستَ ْق ِبلَ الْقِبْلَةِ َفيَقُومُ َ‬
‫س َت ِهلُ َويَقُومُ مُ ْ‬
‫َفيَ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫ع ْندَهَا‪ ،‬ثُمَ يَ ْنصَرِفُ فَيَقُولُ‪ :‬هَكَذَا رََأيْتُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَفْعَلُهُ) وفي قول ابن عمر رضي اهلل عنهما (هَ َكذَا رََأيْتُ ال َنبِيَ‬ ‫ِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ يَفْعَلُهُ) دليل مشروعية الوقوف للدعاء عند الجمرة الدنيا والوسطى‪ ،‬ومعالم بطن الوادي والشجرة قد تغيرت‬
‫وأصبحت اآلن جسوراً مسفلته باإلسفلت ‪.‬‬

‫التكبري مع كل حصاة‬
‫(‪)4‬‬
‫وأما لفظ (بسم اهلل) فقد قال العلماء بأنه لم يرد حديث‬ ‫يشرع لرامي الجمرات أن يكبر مع كل حصاة لحديث (يُ َكبِرُ عَلَى ِإثْرِ ُكلِ حَصَاةٍ)‬
‫يدل على مشروعيتها ‪.‬‬

‫رفع اليدين بالدعاء عند اجلمرتني‬


‫يشرع رفع اليدين بالدعاء عند الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الدنيا والوسطى لحديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَانَ ِإذَا‬
‫ستَ ْق ِبلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا َي َديْهِ‬
‫ف مُ ْ‬
‫صيَاتٍ يُ َكبِرُ كُلَمَا َرمَى بِحَصَاةٍ‪ ،‬ثُمَ تَ َقدَمَ أَمَا َمهَا َفوَقَ َ‬
‫سبْعِ حَ َ‬ ‫رَمَى الْجَمْ َرةَ اَلتِي تَلِي الْ َمنْحَرَ َمنْحَرَ ِمنًى رَمَاهَا بِ َ‬
‫ستَقْ ِبلَ ا ْل َبيْتِ‬
‫حدِرُ ذَاتَ الشِمَالِ َفيَقِفُ مُ ْ‬ ‫صيَاتٍ يُ َكبِرُ ُكلَمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ثُمَ َينْ َ‬ ‫سبْعِ حَ َ‬ ‫َي ْدعُو يُطِيلُ ا ْلوُقُوفَ‪ ،‬ثُمَ يَ ْأتِي الْجَمْ َرةَ الثَا ِنيَةَ َفيَرْمِيهَا بِ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ع ْندَهَا) ‪.‬‬ ‫صيَاتٍ وَلَا يَقِفُ ِ‬
‫ح َ‬‫سبْعِ َ‬ ‫ع ْندَ الْعَ َقبَةِ َفيَرْمِيهَا بِ َ‬
‫رَافِعًا َي َديْهِ َي ْدعُو‪ ،‬ثُمَ يَ ْأتِي الْجَمْ َرةَ اَلتِي ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب الذبح قبل الحلق‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1723‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬سُئِلَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪:‬‬
‫ن أَنْحَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ)‪.‬‬
‫ت بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬حَلَقْتُ قَبْ َل أَ ْ‬ ‫رَمَيْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األيمان والنذور‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب التعجيل من جمع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1141‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يُقَدِمُ ضُعَفَاءَ أَهْلِهِ‬
‫ن الْجَمْرَ َة حَتَى تَطْلُ َع الشَمْسُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫بِغَلَسٍ‪ ،‬وَيَأْمُرُهُ ْم يَعْنِي لَا يَرْمُو َ‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬ومسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الغلس‪ :‬ظلمة آخرالليل والمراد التبكير‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1752‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَهُ كَانَ يَرْمِي‬
‫الْجَمْرَةَ الدُنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِرُ عَلَى إِثْرِ كُلِ حَصَاةٍ‪ ،‬ثُمَ يَتَقَدَمُ حَتَى يُسْهِلَ فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلًا وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ‪ ،‬ثُمَ يَرْمِي الْوُسْطَى ثُمَ يَأْخُذُ ذَاتَ‬
‫ف‬
‫الشِمَالِ فَيَسْتَهِلُ وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُومُ طَوِيلًا وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُومُ طَوِيلًا‪ ،‬ثُمَ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا‪ ،‬ثُمَ يَنْصَرِ ُ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَفْعَلُهُ)‪.‬‬ ‫ت النَبِ َ‬
‫فَيَقُولُ‪ :‬هَكَذَا رَأَيْ ُ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1751‬بلفظ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ أَنَ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫عَنْهُمَا‪ ،‬كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ثُمَ يُكَبِرُ عَلَى إِثْ رِ كُلِ حَصَاةٍ‪ ،‬ثُمَ يَتَقَدَمُ فَيُسْهِلُ فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَ يْهِ‪ ،‬ثُمَ يَرْمِي الْجَمْ َرةَ‬
‫الْوُسْطَى كَذَلِكَ فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِمَالِ فَيُسْهِلُ وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَا مًا طَوِيلًا فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ‪ ،‬ثُمَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا‪،‬‬
‫وَيَقُولُ‪ :‬هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَفْعَلُ)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب مناسك الحج‪ :‬باب الدعاء بعد رمي الجمار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3053‬بلفظ (عَنْ الزُهْرِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَلَغَنَا أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ كَانَ‬
‫إِ ذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَتِي تَلِي الْمَنْحَرَ مَنْحَرَ مِنًى رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِرُ كُلَمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ‪ ،‬ثُمَ تَقَدَمَ أَمَامَهَا فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو يُطِيلُ الْوُقُوفَ‪ ،‬ثُمَ‬
‫يَأْتِي الْجَمْ رَةَ الثَانِيَةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِرُ كُلَمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ثُمَ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الشِمَالِ فَيَقِ فُ مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو‪ ،‬ثُمَ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ‬
‫فَيَرْمِيهَا بِسَبْ ِع حَصَ يَاتٍ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪351‬‬
‫وقت رمي اجلمرات الثالث يف أيام التشريق‬
‫الوقت المستحب لرمي الجمرات في أيام التشريق يبدأ من وقت الزوال لحديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَرْمِي الْجِمَارَ ِإذَا‬
‫زَالَتْ الشَمْسُ)(‪ )1‬الحديث يدل على أفضلية رجم الجمرات الثالث من وقت زوال الشمس في منتصف النهار إلى الغروب ألن رجم‬
‫الجمرات عبادة نهارية ولكن يجوز رمي الجمرات في الليل ومن قبل الزوال لضرورة ازدحام الحجاج حيث صار الحجاج يعدون‬
‫بالماليين وربما يرتفع عدد الحجاج في مستقبل الزمان إلى عشرات ومئات الماليين في العام الواحد لتزايد أعداد المسلمين في العالم‪ ،‬فمن‬
‫أراد متابعة النبي صلى اهلل عليه وسلم في حجه فيستحب له الرجم في أيام التشريق من بعد الزوال ويجوز لمن لم يتمكن من الرمي في‬
‫وقت االستحباب أن يرمي في الليل أو قبل الزوال من الصباح وال سيما النساء والصبيان والضعفاء من كبار السن أو المرضى أو‬
‫نحوهم‪ ،‬أما النساء والضعفاء فيستحب لهم االنتضار إلى الوقت الذي يخف فيه االزدحام حتى ولو كان في الليل‪.‬‬

‫الرخصة لرعاة اإلبل‬


‫يجوز لرعاة الحيوانات أن يرموا في اليوم الثالث لليوم الثاني والثالث والرخصة خاصة برعاة الحيوانات فقط ألن الرخصة للضرورة ‪.‬‬

‫جواز الرمي باألحجار املستعملة‬


‫يجوز الرمي باألحجار المستعملة ألن األصل الجواز وليس على القول بعدم جواز استعمالها دليل ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وال من فعله وال من تقريره ‪.‬‬

‫جواز التوكيل يف رمي اجلمرات ملن مل يستطع الرمي بنفسه‬


‫النيابة في رمي الجمرات جائزة ومجزأة لمن لم يستطع الرمي بنفسه كالصبيان الصغار وكبار السن والمرضى الذين ال يستطيعون الرمي‬
‫بأنفسهم والنساء الالئي ال يقدرن على رمي الجمرات وخصوصا من كانت حبلى وأمثالهم ممن لم يستطع الرمي بنفسه‪ ،‬الدليل على جواز‬
‫التوكيل في رمي الجمرات هو الدليل على جواز أداء فريضة الحج على من لم يستطع أداء فريضة الحج بنفسه‪ ،‬فقد جاء في الحديث‬
‫ضلُ َينّْظُرُ إَِل ْيهَا وَ َتنّْظُرُ إَِليْهِ‪ ،‬فَجَ َعلَ ال َنبِيُ صَلَى‬
‫خثْعَمَ فَجَ َعلَ الْ َف ْ‬
‫ضلُ َردِيفَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَجَاءَتْ امْرََأةٌ ِمنْ َ‬‫الصحيح (كَانَ الْ َف ْ‬
‫عنْهُ؟‬
‫شيْخًا كبيراً لَا َي ْثبُتُ عَلَى الرَاحِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ َ‬ ‫شقِ الْآخَرِ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ِ :‬إنَ فَرِيضَةَ الَلهِ َأدْرَكَتْ َأبِي َ‬ ‫ضلِ إِلَى ال ِ‬‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َيصْرِفُ وَجْهَ الْ َف ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪َ ،‬وذَِلكَ فِي حَجَةِ ا ْل َودَاعِ) جواز النيابة في الحج‪ ،‬فإذا جازت اإلنابة في الكل فباألولى واألحرى إجازتها في الجزء ‪.‬‬

‫عدم جواز الرمي بغري األحجار‬


‫ال يشرع الرمي إال باألحجار فال يصح الرمي بالدر أو الياقوت أو المرجان وال الرمي بالرصاص وال بالنعال وال يصح بأي شيء إال‬
‫باألحجار ألنها المشروعة‪.‬‬

‫من نسي بعض األحجار يف رمي اجلمرات‬


‫من نسي في عدد رمي الجمرة حجرا أو أكثر فيعود ليكمل العدد الناقص و ال يستأنف الرمي من أوله ‪.‬‬

‫جواز تقديم بعض أعمال يوم النحر على بعضها‬


‫الصحيح‪ :‬جواز ت قديم بعض أعمال يوم النحر على بعض فيجوز الحلق قبل النحر أو قبل رمي جمرة العقبة ويجوز النحر قبل الرمي أو‬
‫جلٌ لِلنَبِيِ صَلَى‬‫قبل الحلق فيجوز أن يقدم ما أخره النبي صلى اهلل عليه وسلم أو يؤخر ما قدمه النبي صلى اهلل عليه وسلم لحديث (قَالَ رَ ُ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬زُرْتُ َق ْبلَ َأنْ أَرْمِيَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ‪ ،‬قَالَ آخَرُ‪ :‬حَلَقْتُ َق ْبلَ َأنْ َأ ْذبَحَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ‪ ،‬قَالَ آخَرُ‪ :‬ذَ َبحْتُ َقبْلَ َأنْ أَرْمِيَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا‬
‫حَرَجَ)(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ماجاء في الرمي بعد زوال الشمس‪ .‬حديث رقم (‪ )515‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ت الشَمْسُ)صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫يَرْمِي الْجِمَا َر إِذَا زَالَ ْ‬
‫أخرجه ابن ماجة في المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬زالت الشمس‪ :‬مالت عن وسط السماء إلى جهة الغرب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حج المرأة عن الرجل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1513‬بلفظ (عن عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَبِ ِ‬
‫ق الْآخَرِ‪ ،‬فَقَالَتْ‪:‬‬ ‫ن خَ ثْعَ َم فَجَعَ َل الْفَضْ ُل يَنّْظُ ُر إِلَيْهَا وَتَنّْظُ ُر إِلَيْهِ‪ ،‬فَجَعَ َل النَبِيُ صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم يَصْرِفُ وَجْ َه الْفَضْ ِل إِلَى الشِ ِ‬
‫ت امْرَأَ ٌة مِ ْ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَجَاءَ ْ‬
‫ك فِي حَجَ ِة الْوَدَاعِ)‪.‬‬
‫ت أَبِي شَيْخًا كبيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَاحِلَةِ‪ ،‬أَفَأَحُجُ عَنْهُ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وَذَلِ َ‬ ‫ن فَرِيضَ َة اللَ ِه أَدْرَكَ ْ‬
‫إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬اإلستئذان‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ي صَلَى‬ ‫ن ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَا َل رَجُ ٌل لِلنَبِ ِ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب إذاحنث ناسيا في األيمان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1722‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن أَرْمِيَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ)‪.‬‬
‫ن أَذْبَحَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ‪ ،‬قَالَ آخَرُ‪ :‬ذَبَحْتُ قَبْ َل أَ ْ‬ ‫ن أَ رْمِيَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا حَرَجَ‪ ،‬قَا َل آخَرُ‪ :‬حَلَقْتُ قَبْ َل أَ ْ‬ ‫ت قَبْ َل أَ ْ‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬زُرْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأ بوداود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫‪351‬‬
‫حجم احلصاة يف الرجم‬
‫خذْفِ)‬
‫حصَاةٍ ِم ْنهَا ِم ْثلِ حَصَى الْ َ‬
‫حجم الحصاة التي يجوز الرمي بها تكون مثل حصى الخذف أي مثل حبة القلى لحديث (يُ َكبِرُ مَعَ ُكلِ َ‬
‫خذْفِ)أي الحصى التي يحذف بها وهي صغيرة الحجم يشبه حجمها حجم حبة القلى ‪.‬‬ ‫(‪)1‬ومعنى (حَصَى الْ َ‬

‫جواز التعجل‬
‫يجوز لمن أراد التعجل بعد رمي الجمرات في اليوم الثاني من أيام التشريق أن ينفر من منى وينزل إلى مكة ويطوف طواف الوداع‬
‫ويسافر من مكة عائداً إلى بلده أو محل عمله أو إلى أي مكان يريد السفر إليه‪ ،‬ويكون المتعجل قد رمي بتسع وأربعين حجرا منها سبع في‬
‫يوم النحر لرمي جمرة العقبة‪ ،‬وإحدى وعشرون حجراً في اليوم الثاني لعيد األضحى لرمي الثالث الجمرات‪ ،‬وإحدى وعشرون حجراً في‬
‫اليوم الثالث لعيد األضحى لرمي الثالث الجمرات‪ ،‬والمتعجل يجب عليه الخروج من منى قبل غروب شمس اليوم الثالث لعيد األضحى‬
‫وإن بات في منى فيجب عليه الرمي في اليوم الرابع لعيد األضحى‪ ،‬ويجوز التأخر في منى إلى اليوم الرابع لعيد األضحى ويرمي الثالث‬
‫الجمرات ثم ينفر من منى بعد رمي الجمرات ويكون عدد أحجار الرمي للمتأخر سبعين حصاة‪ ،‬منها سبع في يوم النحر لرمي جمرة‬
‫العقبة‪ ،‬ومنها ثالث وستون لرمي الثالث الجمرات في اليوم الثاني والثالث والرابع لعيد األضحى‪ ،‬في كل يوم واحدة وعشرون حصاة‪،‬‬
‫ي رمي كل جمرة بسبع حصيات‪ ،‬ومن تأخر إلى اليوم الرابع فثوابه أكثر ألنه يعمل أكثر ممن تعجل فزيادة المبيت في منى والرمي في‬
‫خيْراً يَ َرهُ}(‪ )2‬ودليل جواز التعجل أو التأخر قوله تعالى‬ ‫اليوم الرابع زيادة في العمل على المتعجل وقد قال تعالى {فَمَن يَعْ َملْ ِمثْقَالَ ذَ َرةٍ َ‬
‫جلَ فِي َيوْ َم ْينِ َفالَ ِإثْمَ عََليْهِ وَمَن تَأَخَرَ فَال ِإثْمَ عََليْهِ لِ َمنِ اتَقَى وَاتَقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا َأنَكُمْ إَِليْهِ‬
‫{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي َأيَامٍ مَ ْعدُودَاتٍ فَمَن تَعَ َ‬
‫تُحْشَرُونَ}(‪.)3‬‬

‫احللق أو التقصري‬
‫الحلق أو التقصير واجب من واجبات الحج والحلق أفضل من التقصير سواء في الحج أو العمرة لحديث (الَلهُمَ ارْحَمْ الْمُحَلِقِينَ قَالُوا‪:‬‬
‫وَالْمُ َقصِرِينَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الَلهُمَ ارْحَمْ الْمُحَلِقِينَ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬وَالْمُ َقصِرِينَ يَا رَسُولَ اللَه‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَالْمُ َقصِرِينَ)(‪ )4‬ولحديث (حَلَقَ رَسُولُ‬
‫جتِهِ)(‪ )5‬الحلق أفضل من التقصير ألن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم دعا للمحلقين مرتين وللمقصرين‬ ‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي حَ َ‬
‫مرة وقدَم في دعائه الدعاء للمحلقين قبل المقصِرين ولفعل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حيث حلق رأسه في حجة الوداع ولحديث (ثُمَ‬
‫شقِ رَأْسِهِ الَْأيْسَرِ فَحَلَقَهُ‪ُ ،‬ثمَ قَالَ‪ :‬هَا‬
‫خذَ بِ ِ‬
‫شقِ رَأْسِهِ الَْأيْ َمنِ فَحَلَقَهُ فَجَ َعلَ يَقْسِمُ َب ْينَ مَنْ يَلِيهِ الشَعْ َرةَ وَالشَعْ َر َت ْينِ‪ ،‬ثُمَ أَ َ‬
‫خذَ بِ ِ‬
‫َدعَا بِالْحَلَاقِ فَأَ َ‬
‫(‪)6‬‬
‫ُهنَا َأبُو طَلْحَةَ فَدَفَعَهُ إِلَى َأبِي طَلْحَةَ) إذا قدم الحاج مكة في أيام عشر ذي الحجة وهو متمتع بالعمرة إلى الحج فاألولى أن يقصِر شعره‬
‫عند التحلل من العمرة ويحلق عند تحلله من الحج ألن التحلل من الحج بحلق الرأس أفضل‪ ،‬وإن كان الوقت كافيا إلنبات شعر رأسه‬
‫ويتمكن من حلق رأسه في التحلل من العمرة ومن الحج فالحلق أفضل مطلقاً‪.‬‬

‫تقصري شعر املرأة‬


‫المرأة المحرمة بالحج أو بالعمرة ال يجب عليها حلق شعر رأسها عند تحللها من اإلحرام بل الواجب عليها التقصير من شعر رأسها بقدر‬
‫أنملة من ضفائر شعر رأسها‪ ،‬وإن لم يكن رأسها مضفورا فتقصر من شعر رأسها بقدر أنملة من جميع أو معظم شعر رأسها لحديث (قَالَ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ :‬ليْسَ عَلَى النِسَاءِ الْحَ ْلقُ‪ِ ،‬إنَمَا عَلَى النِسَاءِ التَ ْقصِيرُ)(‪ )7‬فالنساء المشروع لهن تقصير شعر الرأس ال‬
‫حلقه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )2141‬بلفظ (يُكَبِ ُر مَعَ كُ ِل حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ .‬وابن ما جة في المناسك‪ .‬وأ حمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الزلزلة‪.)7( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)203( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب الحلق والتقصير عند اإلحالل‪ .‬حديث رقم (‪ )1727‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن يَا رَسُو َل اللَه‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَالْمُقَصِرِينَ)‪.‬‬ ‫ن يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اللَهُمَ ارْحَ ْم الْمُحَلِقِينَ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬وَالْمُقَصِرِي َ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اللَهُ َم ارْحَ ْم الْمُحَلِقِينَ قَالُوا‪ :‬وَالْمُقَصِرِي َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ .‬وأجمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب الحلق والتقصير عند اإلحالل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1726‬بلفظ (كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬حَلَقَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم فِي حَجَتِهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب الحلق والتقصير‪ .‬حد يث رقم (‪ ) 1151‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ‬
‫يَوْمَ النَحْرِ ثُمَ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنً ى‪ ،‬فَدَعَا بِذِبْحٍ فَذُبِحَ‪ ،‬ثُمَ دَعَا بِالْحَلَاقِ فَأَخَذَ بِشِقِ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ فَحَلَقَهُ فَجَعَلَ يَقْسِمُ بَ يْنَ مَنْ يَلِيهِ الشَعْرَةَ وَالشَعْرَتَيْنِ‪ ،‬ثُمَ أَخَذَ بِشِقِ‬
‫رَأْسِ ِه الْأَيْسَ ِر فَحَلَقَهُ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ فَدَفَعَ ُه إِلَى أَبِي طَلْحَةَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الوضوء‪ ،‬ومسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬يوم النحر‪ :‬يوم عيد األضحى‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ن ابْنَ عَبَاسٍ‪،‬‬ ‫ن أَ َ‬
‫ت أَبِي سُفْيَا َ‬
‫ن بِنْ ُ‬
‫ت شَيْبَ َة قَالَتْ‪ :‬أَخْبَرَتْنِي أُمُ عُثْمَا َ‬
‫ن صَفِيَ َة بِنْ ِ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ .‬كتاب المناسك‪ :‬باب الحلق والتقصير‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1155‬بلفظ (عَ ْ‬
‫قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَيْسَ عَلَى النِسَا ِء الْحَلْقُ‪ ،‬إِنَمَا عَلَى النِسَا ِء التَقْصِيرُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪352‬‬
‫طواف الوداع‬
‫طواف الوداع واجب على الحاج والحاجة إال أنه رخص للمرأة الحائض في تركه إذا جاءها الحيض بعد طواف اإلفاضة فإنه يسقط عنها‬
‫عنْ الْحَا ِئضِ)(‪ )1‬ولحديث (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫ع ْهدِهِمْ بِا ْل َبيْتِ إِلَا َأنَهُ خُفِفَ َ‬‫وجوب طواف الوداع لحديث ( أُمِرَ النَاسُ َأنْ يَكُونَ آخِرُ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫حصَبِ‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ إِلَى ا ْل َبيْتِ فَطَافَ بِهِ) ‪.‬‬ ‫ّظهْرَ وَالْ َعصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَ رَ َقدَ رَ ْق َدةً بِالْمُ َ‬
‫وَسَلَمَ صَلَى ال ُ‬

‫وقت طواف الوداع‬


‫وقت طواف الوداع وقت إرادة ال حاج السفر من مكة عائدا إلى بلده أو إلى محل عمله خارج مدينة مكة المكرمة أو إلى أي مكان آخر في‬
‫غير مدينة مكة المكرمة ‪.‬‬

‫ليس لطواف الوداع سعي‬


‫ال يشرع لطواف الوداع سعي وإنما المشروع بعد طواف الوداع السفر من مدينة مكة‪.‬‬

‫جواز البقاء يف مدينة مكة بعض الوقت بعد طواف الوداع‬


‫يجوز لمن قد طاف طواف الوداع البقاء في مدينة مكة لقضاء بعض األغراض التي يستلزمها السفر أو لشراء بعض ما يريد شراءه من‬
‫مدينة مكة أو لقضاء ما كان ضروريا للحاج أوالحاجة عمله‪ ،‬ويجوز البقاء إلى وقت صالة الفرض اآلخر فمن طاف في الصباح فيجوز‬
‫له التراخي عن السفر إلى قبيل دخول صالة الظهر ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ت إِلَا‬
‫ن آخِ ُر عَهْدِهِ ْم بِالْبَيْ ِ‬
‫ن يَكُو َ‬
‫س أَ ْ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬أُمِ َر النَا ُ‬
‫س رَضِ َ‬
‫ن ابْنِ عَبَا ٍ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب طواف الوداع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1755‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن الْحَا ِئضِ)‪.‬‬ ‫ف عَ ْ‬
‫أَنَ ُه خُفِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب طواف الوداع‪ .‬حديث رقم (‪( )1661‬عَنْ قَتَادَةَ أَنَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ حَدَثَهُ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ صَلَى‬
‫ف بِهِ)‪.‬‬‫ت فَطَا َ‬
‫ب إِلَى الْبَيْ ِ‬
‫الّظُهْرَ وَالْعَصْ َر وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَا َء ثُمَ رَقَ َد رَقْدَ ًة بِالْمُحَصَبِ‪ ،‬ثُمَ رَكِ َ‬
‫أخرجه الدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الحج‪.‬‬
‫‪353‬‬
‫الباب الثالث ‪:‬يف أحكام احملصر والصيد واهلدى‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬اإلحصار‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬جزاء الصيد‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬فدية من حّلق رأسه قبّل محّل الحّلق‬
‫‪ ‬الفصّل الرابع‪ :‬كفارة المتمتع‬
‫‪ ‬الفصّل الخامس‪ :‬الهــــــــــــــــدي‬
‫‪ ‬الفصّل السادس‪ :‬مسائّل متفرقة في الحج‬

‫‪354‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلحصار‬

‫احملصر‬
‫الصحيح‪ :‬أن المحصر هو الممنوع عن دخول مدينة مكة لعدو أو مرض أو فاته الزمن كأن تتأخر به وسيلة المواصالت البرية أوالبحرية‬
‫حتى ما يصل مكة إال في يوم النحر أو ألي ما نع أو عائق فكله يسمى محصرا‪ ،‬ودليل االحصار قول اهلل تعالى {وََأتِمُواْ الْحَجَ وَالْعُمْرَةَ‬
‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْلهَدْيِ}هو ذبح هدي ال‬ ‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْل َهدْيِ }(‪ )1‬والمراد بالهدي في قوله تعالى {فَإِنْ أُ ْ‬
‫حصِ ْرتُمْ فَمَا ا ْ‬ ‫حصِ ْرتُمْ فَمَا ا ْ‬
‫ن أُ ْ‬
‫لِلّهِ فَِإ ْ‬
‫يشترط فيه ما يشترط في األضحي ة من بلوغ سن معين كالظأن يشترط فيه أن يكون ابن سنة والمعز أو البقر ابن سنتين أما الهدي فما‬
‫استيسر من الهدي حتى ولو كان سنه أقل من السن الذي يشترط في األضحية‪.‬‬

‫مكان ذبح هدي اإلحصار‬


‫الصحيح‪ :‬أن هدي اإلحصار يذبح في المكان الذي حصل اإلحصار فيه ويتحلل المحصر من إحرامه في مكان اإلحصار سواء كان‬
‫اإلحصار بعدو أو مرض أو فوت زمن أو غيره وسواء كان مكان اإلحصار داخل أرض الحرم المحرم أو خارج أرض الحرم المحرم‬
‫ح َد ْي ِبيَةِ) وذبحوا هديهم في‬ ‫ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه تحللوا من إحرامهم في وقت اإلحصار وفي مكان اإلحصار(الْ ُ‬
‫ح َديْ ِبيَةِ) ورجعوا منها إلى المدينة المنورة بعد حلق رؤوسهم وذبح هديهم وتحللهم التحلل الكامل من إحرامهم‪ ،‬الدليل الحديث الذي رواه‬ ‫(الْ ُ‬
‫حبِسَ وََليْسَ عََليْهِ‬ ‫حيْثُ ُ‬
‫حلُ ِمنْ كُلِ شَيْءٍ وَ َينْحَرُ َه ْديَهُ َويَحِْلقُ رَأْسَهُ َ‬ ‫حبِسَ بِ َعدُو فَحَالَ َب ْينَهُ َو َب ْينَ ا ْل َبيْتِ فَِإنَهُ يَ ِ‬
‫مالك في الموطأ بلفظ (مَنْ ُ‬
‫سهُمْ‬‫ح َد ْي ِبيَةِ َفنَحَرُوا ا ْلهَدْيَ وَحَلَقُوا رُءُو َ‬
‫حلَ ُهوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْ ُ‬
‫عنْ مَالِك َأنَهُ بَلَغَهُ َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ َ‬ ‫ح َد َثنِي َ‬
‫َقضَاءٌ‪ ،‬وَ َ‬
‫حدًا مِنْ‬
‫صلَ إَِليْهِ ا ْل َهدْيُ ثُمَ لَمْ يُعْلَمْ َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ أَمَرَ أَ َ‬‫وَحَلُوا ِمنْ ُكلِ شَيْءٍ َق ْبلَ َأنْ يَطُوفُوا بِا ْل َبيْتِ وَ َق ْبلَ َأنْ َي ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ش ْيئًا وَلَا يَعُودُوا لِشَيْءٍ) ‪.‬‬ ‫َأصْحَابِهِ وَلَا مِ َمنْ كَانَ مَعَهُ َأنْ يَ ْقضُوا َ‬

‫الواجب على احملصر‬


‫المحصر بأي سبب لإلحصار يجب عليه ثالثة أمور‪:‬‬

‫األول‪ :‬التحلل الكامل من اإلحرام ‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬ذبح هدي أي دم اإلحصار في مكان وزمان اإلحصار ‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬قضاء الحج الذي أحصر فيه لقوله تعالى‪{ :‬وََأتِمُواْ الْحَجَ وَالْعُمْ َرةَ لِلّهِ} اآلية دليل على وجوب قضاء الحج أو العمرة التي يُشرع‬
‫فيها ألن لفظ (الحج) عام يعم الحج الواجب والحج التطوعي‪ ،‬ولفظ (العمرة) عام يعم العمرة الواجبة والعمرة التطوعية واألمر باإلتمام‬
‫يقتضي الوجوب‪ ،‬والمحصربأي سبب لإلحصار قدشرع في حج وحصل له المانع من إتمامه فيجب عليه قضاؤه ‪.‬‬

‫احملصر املكي مبرض‬


‫المكي الذي لم يستطع الطلوع إلى منى أو عرفات أو مزدلفة بسبب المرض فيذبح الهدي في مكة ويتحلل من إحرامه ويقضي حجه ألن‬
‫حجه غير صحيح لعدم الوقوف بعرفة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)116( :‬‬
‫‪2‬‬
‫ن كُ ِل شَيْءٍ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ‬
‫ت فَإِنَ ُه يَحِلُ مِ ْ‬ ‫ن الْبَيْ ِ‬
‫س بِعَدُو فَحَا َل بَيْنَهُ وَبَيْ َ‬
‫ن حُبِ َ‬
‫ن مَالِك قَالَ‪ :‬مَ ْ‬
‫‪ -‬موطا مالك‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ماجاء فيمن أحصربعدو‪ .‬بلفظ (عن يَحْيَى عَ ْ‬
‫وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ حَيْثُ حُبِسَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ‪ ،‬وَحَدَثَنِي عَنْ مَالِك أَنَهُ بَلَغَهُ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَنَحَرُوا الْهَدْيَ وَحَلَقُوا‬
‫رُؤُوسَهُمْ وَحَلُوا مِنْ كُلِ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَطُو فُوا بِالْبَيْتِ وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْهَدْيُ ثُمَ لَمْ يُعْلَمْ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَمَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِمَنْ كَانَ‬
‫ن يَقْضُوا شيئاً وَلَا يَعُودُوا لِشَيْءٍ)‬ ‫مَعَ ُه أَ ْ‬
‫الهدي‪ :‬مايذبحه الحاج في حجه نسكا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلحصارفي الحج‪ :‬المنع من الوصول إلى البيت الحرام‪.‬‬
‫‪355‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬جزاء الصيد‬

‫قيمة الصيد‬ ‫‪‬‬


‫كفارة الصيد على التخيير‬ ‫‪‬‬
‫التخيير بين ثمن الصيد أو ثمن المثل‬ ‫‪‬‬
‫قتل الصيد خطأ‬ ‫‪‬‬
‫الجماعة يشتركون في قتل الصيد‬ ‫‪‬‬
‫ال يكون قاتل الصيد أحد الحكمين‬ ‫‪‬‬
‫مكـــــــان اإلطعام‬ ‫‪‬‬
‫الحالل يقتل الصيد في الحرم‬ ‫‪‬‬
‫جواز القصاص في مكة‬ ‫‪‬‬
‫حمام مكة‬ ‫‪‬‬
‫ندرة الصيد في مكة‬ ‫‪‬‬
‫صيد البحر‬ ‫‪‬‬
‫جواز قتل المحرم الفواسق‬ ‫‪‬‬
‫جواز قتل كل غراب‬ ‫‪‬‬
‫الحيوانات التي تعيش في البر وفي البحر‬ ‫‪‬‬
‫نبات الحرم‬ ‫‪‬‬

‫‪356‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬جزاء الصيد‬

‫ص ْيدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن َقتَلَ ُه مِنكُم ُمتَعَمِداً فَجَزَاء ِمثْ ُل مَا َق َتلَ ِمنَ النَعَ ِم‬
‫األصل في جزاء الصيد قوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ الَ تَقْتُلُواْ ال َ‬
‫ع ْدلُ ذَِلكَ صِيَاماً ِل َيذُوقَ َوبَالَ أَمْ ِرهِ عَفَا اللّهُ عَمَا سَلَف وَ َمنْ عَادَ‬ ‫ع ْدلٍ مِنكُمْ َهدْياً بَالِغَ الْكَ ْعبَةِ َأوْ كَفَا َرةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو َ‬
‫يَحْكُمُ بِهِ َذوَا َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َفيَنتَقِمُ اللّهُ ِمنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو ا ْنتِقَامٍ} ‪.‬‬

‫قيمة الصيد‬
‫الراجح‪ :‬إخراج قيمة الصيد وتعطى للفقراء والمساكين‪.‬‬

‫كفارة الصيد على التخيري‬


‫الراجح‪ :‬أن قاتل الصيد مخير بين أنوع الكفارة المذكورة في اآلية وهي إعطاء المثل أوقيمة المثل أو إطعام مساكين أو عدل ذلك صياماً‪.‬‬

‫التخيري بني مثن الصيد أو مثن املثل‬


‫الراجح‪ :‬أن قاتل الصيد مخير بين إعطاء ثمن الصيد أو ثمن المثل أي تقدر قيمة الصيد نفسه أو تقدر قيمة المثل ‪.‬‬

‫قتل الصيد خطأ‬


‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الراجح‪ :‬أن قتل الصيد خطأ ال جزاء عليه لقوله تعالى {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُتَعَمِداً}‬

‫اجلماعة يشرتكون يف قتل الصيد‬


‫إذا قتل جماعة صيداً وهم محرمون فيجب على كل واحد مهم جزاء كامال ألن كل واحد منهم قد انتهك إحرامه وتعدى بقتل الصيد وهو‬
‫محرم‪ ،‬والمحرم يفدى حتى لو قتل الصيد في غير أرض الحرم لعلة اإلحرام أما لو قتل صيداً في األرض الحرام فعليه جزاءان لكونه‬
‫انتهك اإلحرام وف ي األرض الحرام‪ ،‬أما المُحِل يقتل في األرض الحرام فيفدي لكونه انتهك األرض الحرام وال فرق في انتهاك األرض‬
‫الحرام بين المحرم والمحل ‪.‬‬

‫ال يكون قاتل الصيد أحد احلكمني‬


‫ال يكون قاتل الصيد أحد الحكمين ألنه سيؤثر على الحكم اآلخر ويخفف الحكم لنفسه ‪.‬‬

‫مكـــــــان اإلطعام‬
‫(‪)3‬‬
‫حيث لم تقيد اآلية اإلطعام بمكان معين ‪.‬‬ ‫يجوز اإلطعام في أي مكان إلطالق القرآن في قوله تعالى {َأوْ كَفَا َرةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}‬

‫احلالل يقتل الصيد يف احلرم‬


‫المحل الذي يقتل الصيد في أرض الحرم يجب عليه الجزاء ألن قتل الصيد في مكة ال يجوز لألدلة الخاصة بحرمة قتل الصيد في الحرم‬
‫ختَلَى خَلَاهَا)(‪. )4‬‬
‫طتَهُ إِلَا َمنْ عَرَفَهَا‪ ،‬وَلَا يُ ْ‬
‫صيْ ُدهُ‪ ،‬وَلَا يَ ْلتَقِطُ لُقَ َ‬
‫شوْكُهُ‪ ،‬وَلَا ُينَفَرُ َ‬
‫ضدُ َ‬
‫المحرم ومنها حديث (لَا يُ ْع َ‬

‫جواز القصاص يف مكة‬


‫ومن حُكم عليه بالقصاص وهو في مدينة مكة فيجوز تنفيذ حكم القصاص عليه وهو في مدينة مكة ألن األحكام التي تتعلق باإلنسان غير‬
‫األحكام الني تتعلق بالحيوانات ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب اليحل القتال بمكة‪ .‬حديث رقم (‪ )1534‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْ هُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬يَوْمَ‬
‫افْتَتَحَ مَكَةَ لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَةٌ‪ ،‬وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا‪ ،‬فَإِنَ هَذَا بَلَدٌ حَرَمَ اللَهُ يَوْمَ خَلَقَ السَمَوَاتِ وَالْأَ ْرضَ وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‪ ،‬وَإِنَهُ لَمْ‬
‫يَحِلَ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَمْ يَحِلَ لِي إِلَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‪ ،‬لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ‪ ،‬وَلَا يُنَفَرُ صَيْدُهُ‪ ،‬وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَا مَنْ عَرَفَهَا‪،‬‬
‫وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا‪ ،‬قَا َل الْعَبَاسُ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَ ِه إِلَا الْإِذْخِرَ فَإِنَ ُه لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ‪ :‬إِلَا الْإِذْخِرَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في السير ‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫اإلذخر‪ :‬نبات طيب الرائحة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العضد‪ :‬القطع‪.‬‬
‫‪357‬‬
‫محام مكة‬
‫الصحيح‪ :‬أن من قتل حمام مكة يُحكِم عدلين ليحكما عليه بما يريانه من ذبح شاه أو يقدران عليه كفارة قيمة الحمامة أو قيمة المثل ويجب‬
‫عليه تنفيذ ما حكما به عليه ‪.‬‬

‫ندرة الصيد يف مكة‬


‫لم يعد في مدينة مكة صيد ألن أرض مكة قد صارت اآلن شوارع مسفلتة وأحياء سكنية ومنشاءات عمرانية ‪.‬‬

‫صيد البحر‬
‫ص ْيدُ ا ْل َبرِ مَا دُ ْمتُمْ حُرُماً وَاتَقُواْ‬
‫سيَا َرةِ وَحُرِمَ عَلَيْكُمْ َ‬
‫صيْدُ ا ْلبَحْرِ وَطَعَامُهُ َمتَاعاً لَكُمْ وَلِل َ‬
‫حلَ لَكُمْ َ‬
‫صيد البحر حالل كله للمحرم لقوله تعالى {أُ ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫اللّهَ اَلذِيَ إَِليْهِ تُحْشَرُونَ}‬

‫جواز قتل احملرم الفواسق‬


‫يجوز للمحرم أن يقتل خمسا من الحيوانات المؤذية وهي ليست بصيد وال تطبق على قاتلها أحكام الصيد بل أباح الشرع قتلها في الحل‬
‫والحرم وللمحرم وللمحل لحديث (خَمْسٌ ِمنْ ال َدوَابِ َمنْ َقتََل ُهنَ وَ ُهوَ مُحْرِمٌ فَلَا جُنَاحَ عََليْهِ‪ ،‬الْعَقْرَبُ‪ ،‬وَالْفَأْ َرةُ‪ ،‬وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ‪ ،‬وَالْغُرَابُ‪،‬‬
‫حدََأةُ)(‪ )2‬الحديث يدل على جواز قتل هذه الخمس الدواب في الحل والحرم وال فدية على المحرم في قتلها ‪.‬‬ ‫وَالْ ِ‬

‫الصحيح‪ :‬أنها من باب الخاص الذي أريد به العام فيقاس على الخمس المنصوص عليها في الحديث كل حيوان مؤذ معتد فيقاس على‬
‫الكلب العقور كل حيوان مؤذ مثله من السباع كاألسد والنمر وكل حيوان مفترس وال يجمد على الكلب العقور كما قالت الظاهرية‪ ،‬ولفظ‬
‫حدََأةُ‬
‫حيَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْ ِ‬
‫الحية واألفعى واألسود ألفاظ مترادفة لمسمى واحد وقد ورد لفظ الحية في حديث (خَمْسٌ َقتُْل ُهنَ حَلَالٌ فِي الْحُرُمِ الْ َ‬
‫وَالْفَأْ َرةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ)(‪ ،)3‬وأحاديث األمر بقتل الوزغ في الحرم ضعيفة فيجوز قتلها في غير الحرم ويمكن القول بجواز قتلها في الحرم‬
‫وفي غير الحرم ‪.‬‬

‫جواز قتل كل غراب‬


‫الصحيح‪ :‬جواز قتل كل غراب ألن األلف والالم لالستغراق والغراب األبقع الذي فيه بقع بيض واألبقع مشتق من البقعة وهو أسود وهذا‬
‫من باب التنصيص على بعض أفراد العام‪ ،‬والتنصيص على بعض إفراد العام ال يقتضي التخصيص‪ ،‬والتنصيص على بعض أفراد العام‬
‫وذكره لألهمية ‪.‬‬

‫احليوانات التي تعيش يف الرب ويف البحر‬


‫الصحيح‪ :‬أن طير الماء من حيوانات البر ألنه طائر يعيش في البر‪ ،‬وربما يقال الطيور التي غالب عيشها في الماء يحكم بأنها بحريه وما‬
‫كان غالب عيشها في البر يلحق بالبريات فالعبرة بغالب عيشها ‪.‬‬

‫نبات احلرم‬
‫ضدُ‬
‫نبات الحرم يحرم قطعه وال جزاء فيه ألنه ال دليل على وجوب الفدية في قطع النبات وإنما يأثم من قطع شجر الحرم لحديث (لَا يُ ْع َ‬
‫شوْكُهُ)(‪ )4‬فقطع شجر الحرم حرام ولكن ال دليل على وجوب الفدية على من يقطع شجر الحرم المحرم ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الخلق‪ :‬باب خمس من الدواب الفواسق يقتلن في الحرم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3315‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ‬
‫ب الْعَقُورُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ)‪.‬‬
‫ح عَلَيْهِ‪ ،‬الْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْ ُ‬
‫ن وَهُوَ مُحْرِ ٌم فَلَا جُنَا َ‬
‫ن الدَوَابِ مَنْ قَتَلَهُ َ‬ ‫رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَمْسٌ مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في الحج‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العقور‪ :‬المؤذي المتوحش‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب مايقتل المحرم من الدواب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1547‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬خَمْسٌ‬
‫ب الْعَقُورُ) قال األلباني عنه (حسن صحيح) في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫قَتْلُهُنَ حَلَا ٌل فِي الْحُرُ ِم الْحَيَ ُة وَالْعَقْرَبُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَ ُة وَالْكَلْ ُ‬
‫انفرد به أبوداود‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما رقم (‪.)1534‬‬
‫‪358‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬فدية من حلق رأسه قبل حمل احللق‬

‫على من تجب الفدية‬ ‫‪‬‬


‫الواجب في فدية األذى‬ ‫‪‬‬
‫اإلطعام في فدية األذى‬ ‫‪‬‬
‫الفعل الذي تجب فيه الفدية‬ ‫‪‬‬
‫موضع الفدية‬ ‫‪‬‬
‫وقت الفدية‬ ‫‪‬‬

‫‪359‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬فدية من حلق رأسه قبل محل الحلق‬

‫صدَقَةٍ َأوْ نُسُكٍ}(‪ )1‬ومن السنة حديث‬ ‫صيَامٍ َأوْ َ‬‫األصل في فدية األذى قوله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً َأوْ بِهِ َأذًى مِن رَأْسِهِ فَ ِف ْديَةٌ مِن ِ‬
‫سكَ َأوْ قَالَ‬ ‫ح َد ْي ِبيَةِ وَرَأْسِي َي َتهَافَتُ قَمْلًا‪ ،‬فَقَالَ‪ُ :‬ي ْؤذِيكَ َهوَا ُمكَ؟ قُلْتُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَاحِْلقْ رَأْ َ‬
‫(وَقَفَ عَلَيَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِالْ ُ‬
‫سكٍ}إِلَى آخِرِهَا فَقَالَ ال َنبِيُ‬ ‫صدَقَةٍ أَوْ نُ ُ‬
‫صيَامٍ أَوْ َ‬‫احِْلقْ‪ ،‬قَال‪ :‬فِيَ نَزَلَتْ َه ِذهِ الْآيَةُ {فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِن رَأْسِهِ فَ ِف ْديَةٌ مِن ِ‬
‫سكْ بِمَا َتيَسَرَ)(‪)2‬والنسك يكون بشاة كما في رواية ( َأوْ انْسُكْ‬ ‫ستَةٍ‪َ ،‬أوْ انْ ُ‬ ‫ص َدقْ بِفَرَقٍ َب ْينَ ِ‬ ‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬صُمْ ثَلَاثَةَ َأيَامٍ‪َ ،‬أوْ َت َ‬
‫بِشَاةٍ)(‪.)3‬‬

‫على من جتب الفدية‬


‫تجب فدية األذى على كل من أماط األذى عن رأسه قبل أن يحل موعد تحلله من إحرامه وهي على من حلق رأسه قبل حلول موعد‬
‫التحلل من اإلحرام‪ ،‬والظاهر أن الفدية تجب على من يحلق رأسه متعمداً أما الناسي فالظاهر أنه معذور وال فدية عليه لقوله تعالى {وََليْسَ‬
‫جنَاحٌ فِيمَا أَخْطَ ْأتُم بِهِ وَلَكِن مَا تَعَ َمدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَهُ غَفُوراً رَحِيماً}(‪ )4‬ولحديث (إن اهلل وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما‬
‫عََليْكُمْ ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫استكرهوا عليه) فالمتعمد يجب عليه الفدية المغلظة وهي نحر الدم والناسي يعفى عن نحر الدم بنسيانه وال فدية عليه ‪.‬‬

‫الواجب يف فدية األذى‬


‫(‪)6‬‬
‫سكٍ}‬
‫صدَقَةٍ َأوْ نُ ُ‬
‫صيَامٍ َأوْ َ‬
‫الواجب الصيام أو اإلطعام أو النسك لقوله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً َأوْ بِهِ َأذًى مِن رَأْسِهِ فَ ِف ْديَةٌ مِن ِ‬
‫الصيام صيام ثالثة أيام والصدقة إطعام ستة مساكين والنسك ذبح شاه كما في حديث كعب بن عجره رضي اهلل عنه‪ ،‬ويقدم الحديث على‬
‫القياس ألنه ال قياس في العبادات‪ ،‬وهو واجب‪ ،‬المفدى مخير فيه بين الصيام أو اإلطعام أو النسك ‪.‬‬

‫اإلطعام يف فدية األذى‬


‫يعطي كل مسكين نصف صاع من غالب طعام المفدى أو من غالب قوة المجتمع الذي يعيش فيه المفدى‪ ،‬والظاهر أن األطعمة كلها سواء‬
‫ستَةَ مَسَاكِينَ لِ ُكلِ مِسْكِينٍ ِنصْفَ صَاعٍ)(‪ )7‬ويجوز أن يخرج قيمة النصف الصاع وتعطى‬
‫يخرج منها نصف صاع لحديث (َأوْ أَطْعِمْ ِ‬
‫لمسكين أو فقير ‪.‬‬

‫الفعل الذي جتب فيه الفدية‬


‫تجب الفدية على من حلق رأسه وهو محرم لضرورة مرض أو حيوان يؤذيه لقوله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً َأوْ بِهِ َأذًى مِن رَأْسِهِ‬
‫سكٍ}(‪ )1‬وأما مسائل‪ :‬من قص ظفر من أظفاره أو قص أظافره أو نتف شعرة أو شعرتين من جسده أومن‬ ‫صدَقَةٍ َأوْ نُ ُ‬
‫صيَامٍ َأوْ َ‬
‫فَ ِف ْديَةٌ مِن ِ‬
‫رأسه فهي مسائل اجتهاديه لم يرد فيها أدله توجب الفدية وتحددها‪ ،‬واألدلة لم ترد إال في حلق الرأس والقياس على حلق الرأس ضعيف‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب قول اهلل تعالى أوصدقة وهي إطعام ستة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1515‬بلفظ (عن مُجَاهِدٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ عَبْدَ الرَحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَنَ‬
‫كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ حَدَثَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَقَفَ عَلَيَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَرَأْسِي يَتَهَافَتُ قَمْلًا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يُؤْذِيكَ هَوَامُكَ؟ قُلْتُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَاحْلِقْ رَأْسَكَ أَوْ قَالَ‬
‫ن سِتَةٍ‪،‬‬ ‫ق بَيْ َ‬‫ق بِفَرَ ٍ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬صُ ْم ثَلَاثَ َة أَيَامٍ‪ ،‬أَ ْو تَصَدَ ْ‬ ‫ن كَانَ مِنْكُ ْم مَرِيضًا أَ ْو بِ ِه أَذًى مِ نْ رَأْسِهِ)إِلَى آخِرِهَا فَقَا َل النَبِ ُ‬ ‫ي نَزَلَتْ هَذِ ِه الْآيَ ُة (فَمَ ْ‬
‫احْلِقْ‪ ،‬قَال‪ :‬فِ َ‬
‫ك بِمَا تَيَسَرَ)‪.‬‬
‫أَ ْو انْسُ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المن اسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند الكوفيين‪ ،‬ومالك في‬
‫الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الطب‪ ،‬كفارات األيمان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الهوام‪ :‬الحشرات الضارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب قول اهلل تعالى (فمن كان منكم مريضاً أو به أَذًى مِنْ رَأْسِهِ)‪ .‬حديث رقم (‪ )1514‬بلفظ (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‬
‫عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬لَعَلَكَ آذَااَ هَوَامُكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَامٍ أَوْ‬
‫ك بِشَاةٍ)‪.‬‬‫ن أَ ْو انْسُ ْ‬‫أَطْعِ ْم سِتَةَ مَسَاكِي َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في مناسك الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪،‬‬
‫ومالك في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الطب‪ ،‬كفارات األيمان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الهوام‪ :‬الحشرات الضارة المؤذية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪.)5( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب طالق المكره والناسي‪ .‬حديث رقم (‪ )1675‬بلفظ (عن ابن عباس عن النبي ‪ ‬قال‪ :‬إن اهلل وضع عن أمتي الخطأ والنسيان‬
‫وما استكرهوا عليه)‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به ابن ماجة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)116( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب اإلطعام في الفدية نصف صاع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1516‬بلفظ(عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ مَعْقِلٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْفِدْيَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬نَزَلَتْ فِيَ خَاصَةً وَهِيَ لَكُمْ عَامَةً‪ ،‬حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ‬
‫ف صَاعٍ)‪.‬‬ ‫ن نِصْ َ‬ ‫ن لِكُ ِل مِسْكِي ٍ‬ ‫ك مَا أَرَى‪ ،‬تَجِ ُد شَاةً؟ فَقُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬فَصُ ْم ثَلَاثَةَ أَيَا ٍم أَ ْو أَطْعِ ْم سِتَ َة مَسَاكِي َ‬
‫ت أُرَى الْجَهْ َد بَلَ َغ بِ َ‬ ‫ك مَا أَرَى أَوْ مَا كُنْ ُ‬ ‫بَلَ َغ بِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأب و داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬ومالك‬
‫في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المرضى‪ ،‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الصاع‪ :‬اسم مكيال‪.‬‬
‫‪361‬‬
‫موضع الفدية‬
‫الراجح‪ :‬أن الذبح أو اإلطعام يكون في مكة ألن فيهما فائدة لفقراء مكة‪ ،‬أما الصيام فهو ال ينفع فقراء مكة فجاز أن يصوم المفدى في غير‬
‫مكة ‪.‬‬

‫وقت الفدية‬
‫وقت الفدية هو بعد إماطة األذى من الرأس وال فدية عليه قبل إماطة األذى لعدم وجود السبب الموجب لها ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪361‬‬
‫الفصل الرابع ‪:‬كفارة املتمتع‬
‫الواجب على المتمتع بالعمرة إلى الحج ما استيسر من الهدي‬ ‫‪‬‬
‫الزمان الذي ينتقل بانقضائه فرض التمتع من الهدي إلى الصيام‬ ‫‪‬‬
‫صوم الثالثة األيام في أيام التشريق‬ ‫‪‬‬
‫صوم السبعة األيام‬ ‫‪‬‬
‫جواز ذبح هدي التمتع قبل يوم النحر‬ ‫‪‬‬
‫وجوب قضاء من فاته الحج بعد الشروع فيه‬ ‫‪‬‬
‫الجماع مفسد لحج الرجل والمرأة‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الهدي والقضاء على المرأة المجامعة‬ ‫‪‬‬
‫فساد الحج بفوات الوقت‬ ‫‪‬‬
‫وجوب التحلل بعمرة‬ ‫‪‬‬
‫الكفارات المسكوت عنها‬ ‫‪‬‬
‫جواز لبس السراويل لمن لم يجد إزارا‬ ‫‪‬‬
‫من وقف بعرنة‬ ‫‪‬‬

‫‪362‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬كفارة المتمتع‬

‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْل َهدْيِ فَمَن لَمْ يَجِدْ َفصِيَامُ ثَالثَةِ َأيَامٍ فِي الْحَ ِ‬
‫ج‬ ‫األصل في هدي المتمتع قول اهلل عز وجل‪{ :‬فَمَن تَ َمتَعَ بِالْعُمْ َرةِ إِلَى الْحَجِ فَمَا ا ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫شدِيدُ الْعِقَابِ} والهدي‬ ‫جدِ الْحَرَامِ وَاتَقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ َأنَ اللّهَ َ‬
‫سبْعَةٍ ِإذَا رَجَ ْعتُمْ تِ ْلكَ عَشَ َرةٌ كَامِلَةٌ ذَِلكَ لِمَن لَمْ يَ ُكنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْ ِ‬
‫وَ َ‬
‫ال يسمى هديا إال ما كان من الضأن أو الماعز أو البقر أو اإلبل‪.‬‬

‫الواجب على املتمتع بالعمرة إىل احلج ما استيسر من اهلدي‬


‫الواجب على المتمتع بالعمرة إلى الحج ما استيسر من الهدي وهو شاة ألن الشاة أقل ما يصدق عليه اسم الهدى وال يعدل عن ذبح الشاة‬
‫إلى الصيام إال إذا لم يجد المتمتع قيمة شاة وال يملك من المال إال كفايته لألكل والشرب أما إذا كان يمتلك ماال ولكنه يريد بالمال شراء‬
‫هدايا من مكة ويعدل إلى الصيام فال يجوز له وال يقبل منه الصيام بدال عن الهدي ألن العدول إلى الصيام مشروط بعدم وجود قيمة الهدي‬
‫سبْعَةٍ ِإذَا رَجَ ْعتُمْ تِلْكَ عَشَ َرةٌ‬
‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْلهَدْيِ فَمَن لَمْ يَجِدْ َفصِيَامُ ثَالثَةِ َأيَامٍ فِي الْحَجِ وَ َ‬
‫قال تعالى {فَمَن تَ َمتَعَ بِالْعُمْ َرةِ إِلَى الْحَجِ فَمَا ا ْ‬
‫كَامِلَةٌ}‪ .‬ففي اآلية الكريمة داللة على عدم إجزاء الصيام لمن يجد قيمة الهدي‪.‬‬

‫الزمان الذي ينتقل بانقضائه فرض التمتع من اهلدي إىل الصيام‬


‫الراجح‪ :‬أن المتمتع إذا شرع في الصيام ثم وجد قيمة هدى وهو في صيام الثالثة األيام التي في الحج فيترك الصيام ويجب عليه الهدي‪،‬‬
‫أما إذا لم يجد قيمة هدي فيكمل صيام الثالثة األيام ويسقط عنه وجوب الهدي‪ ،‬وإذا حصل له قيمة هدى أثناء صيام السبعة األيام بعد‬
‫رجوعه من مكة فال يجب الهدي ألن وجوب الهدى قد سقط بصوم الثالثة األيام التي في الحج‪ ،‬وال يصح صوم الثالثة األيام التي في‬
‫الحج إال بعد إهالل المتمتِع بالعمرة المتمتَع بها إلى الحج مثلما أنه ال يصح الطالق قبل الزواج ‪.‬‬

‫صوم الثالثة األيام يف أيام التشريق‬


‫يجوز للمتمتع الذي لم يجد قيمة هدي ولم يصم الثالثة األيام في أيام عشر ذي الحجة أن يصوم الثالثة األيام التي في الحج في أيام‬
‫التشريق ‪.‬‬

‫صوم السبعة األيام‬


‫الصحيح‪ :‬أن صوم السبعة األيام يكون إذا رجع المتمتع إلى أهله ألن اسم األهل ال يطلق إال على من في بيته‪ ،‬أو إلى محل عمله أو‬
‫وظيفته أو دراسته أو مهجره أو إقامته كمثل الطالب غير اليمنيين الذين يدرسون في جامعة اإليمان يعتبر رجوعهم من مكة إلى صنعاء‬
‫رجوع إلى أهلهم لكونهم يدرسون في الجامعة ‪.‬‬

‫جواز ذبح هدي التمتع قبل يوم النحر‬


‫يجوز للمتمتع أن يذبح هدى تمتعه قبل يوم النحر حتى ولو كان الذبح في مكة إذا كان هناك من سيأكل لحم الهدي‪ ،‬ووجه الجواز أنه‬
‫يجو ز لمن لم يجد الهدي أن يصوم الثالثة األيام التي في الحج في أيام عشر ذي الحجة أي قبل يوم النحر والصيام بدل عن الهدي‪ ،‬وإذا‬
‫جاز الصيام قبل يوم النحر فباألولى جواز ذبح الهدى الذي هو األصل والصيام بدل عنه فإذا جاز صيام البدل فباألولى واألحرى جواز‬
‫ذبح الهدي الذي هو األصل‪ ،‬دليل جواز ذبح هدي التمتع بمكة حديث ( ُكلُ عَرَفَةَ َموْقِفٌ‪ ،‬وَكُلُ ِمنًى َمنْحَرٌ‪ ،‬وَكُلُ الْمُ ْزدَلِفَةِ َموْقِفٌ وَ ُكلُ فِجَاجِ‬
‫مَكَةَ طَرِيقٌ وَ َمنْحَرٌ)(‪ )2‬الحديث دليل على أن النحر ال يختص بمنى بل يجوز الذبح في أي مكان من فجاج مكة وقال الشوكاني‪ :‬بأن مكان‬
‫جميع الدماء منى وفجاج مكة محتجا بهذا الحديث‪ ،‬ولكن األولى في عصرنا الحاضر أن يكون النحر في المواضع المحددة للنحر خفاظا‬
‫على نظافة منى وفجاج مكة‪ ،‬وحفاظا على صحة الحجاج من اإلصابة بأمراض تسببها روائح مخلفات ذبائح الهدي‪ ،‬والتزام الحجاج‬
‫بالذبح او النحر في المواضع المحددة من قبل السلطة القائمةعلى مدينة مكة المكرمة هو من باب التعاون على البر والتقوى الذين أمر اهلل‬
‫شدِيدُ الْعِقَابِ}(‪.)3‬‬ ‫بالتعاون عليهما في قوله تعالى{ َوتَعَا َونُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَ ْقوَى وَالَ تَعَا َونُواْ عَلَى ا ِإلثْمِ وَالْ ُع ْدوَانِ وَاتَقُواْ اللّهَ ِإنَ اللّهَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب الصالة بجمع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1137‬بلفظ (عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَدَثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَهِ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬كُلُ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ‪ ،‬وَكُلُ مِنًى مَنْحَرٌ‪ ،‬وَكُلُ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ وَكُلُ فِجَاجِ مَكَةَ طَرِيقٌ وَمَ ْنحَرٌ) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم وقال(حسن‬
‫صحيح)‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في المناسك‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الفج‪ :‬الطريق الواسع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)2( :‬‬
‫‪363‬‬
‫وجوب قضاء من فاته احلج بعد الشروع فيه‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على من فاته الحج بعد أن شرع فيه إما بترك ركن كترك الوقوف بعرفة أو إتيانه عمال مفسدا كالجماع قبل رمي‬
‫جمرة العقبة حج قضاء سواء كان الحج الفائت حجا واجبا أو حجاتطوعيا لقوله تعالى {وََأتِمُواْ الْحَجَ وَالْعُمْ َرةَ لِلّهِ}(‪ )1‬اآلية دليل على‬
‫وجوب قضاء الحج أو العمرة التي يُشرع فيها ألن لفظ (الحج) عام يعم الحج الواجب والحج التطوعي‪ ،‬ولفظ (العمرة) عام يعم العمرة‬
‫الواجبة والعمرة التطوعية واألمر باإلتمام يقتضي الوجوب‪ ،‬وبناء على هذا فالعمرة من أحرم بها وأتى فعال مفسدا لها فيجب عليه عمرة‬
‫قضاء سواء كانت العمرة واجبة أو تطوعاً بدليل األمر باإلتمام في اآلية القرآنية ‪.‬‬

‫اجلماع مفسد حلج الرجل واملرأة‬


‫(‪)2‬‬
‫جدَالَ فِي الْحَجِ}‬
‫شهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَ الْحَجَ َفالَ رَفَثَ وَالَ فُسُوقَ وَالَ ِ‬
‫األصل في إفساد الجماع للحج قوله تعالى {الْحَجُ أَ ْ‬
‫الصحيح‪ :‬أن من جامع أهله قبل طواف اإلفاضة فسد حجه ويجب عليه هدي بدنة وقضاء الحج الذي أفسده الجماع ألنه ال يصدق التحلل‬
‫من اإلحرام إال بطواف اإلفاضة وهو التحلل المراد في قوله تعالى‪{ :‬وَِإذَا حَلَ ْلتُمْ فَاصْطَادُواْ}(‪ )3‬الصحيح‪ :‬أن التقاء الختانين يبطل الحج ولو‬
‫لم يمن ألنه ما دام التقاء الختانين يوجب الغسل ويوجب حد الزنى فهو مفسد للحج‪ ،‬وأما مقدمات الجماع كالقبلة إذا تسببت في خروج منى‬
‫أو مذي من المحرم فال يبطل به الحج‪.‬‬

‫وجوب اهلدي والقضاء على املرأة اجملامعة‬


‫يجب على المرأة التي طاوعت زوجها في الجماع وهما محرمان بالحج هدي بدنة‪ ،‬ويجب عليها حج قضاء بدل الحج الذي أفسده الجماع‬
‫ألن األمر بإتمام الحج والعمرة لمن قد شرع في الحج أو العمرة في قوله تعالى {وََأتِمُواْ الْحَجَ وَالْعُمْ َرةَ لِلّهِ}(‪ )4‬يعم الرجال والنساء مثله‬
‫الةَ وَآتُواْ الزَكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَاكِعِينَ}(‪ )5‬وغيرها من الخطابات العامة بالتكاليف‬ ‫صَ‬
‫مثل الخطابات العامة في قوله تعالى {وَأَقِيمُواْ ال َ‬
‫والواجبات الشرعية التي تعم الرجال والنساء‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه إذا حج الزوج والزوجة اللذان فسد حجهما بالجماع من عام قابل ال يجب‬
‫عليهما أن يفترقا إذا وصال إلى الموضع أو العمل الذي وقع فيه أو بعده الجماع ألنه لم يرد عن النبي صلى اهلل عليه وسلم دليل يوجب‬
‫عليهما االفتراق‪ ،‬والقول بوجوب افتراقهما قول ضعيف ألنه لم يرد عليه دليل ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من‬
‫تقريره ‪.‬‬

‫فساد احلج بفوات الوقت‬


‫من فاته الحج بعد إحرامه بالحج بفواته الوقوف بعرفة كمن يسافر بوسيلة مواصالت بحرية فال يصل إلى عرفة إال في يوم النحر أو بعد‬
‫يوم النحر أو فاته الوقوف بعرفة ألي سبب من األسباب فيجب عليه أن يستمر على إحرامه ويطوف ويسعى ويحلق أو يقصِر ويتحلل‬
‫بعمرة ويحج في عام قابل‪ ،‬والظاهر أن من فاته الحج بسبب فوات الوقت يجب عليه هدي قياسا على وجوب الهدى على المحصر‪،‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن من فاته الحج وقد كان إحرامه بالحج قراناً أنه يقضي قارنا ألنه يقضي مثل الذي في ذمته وقد كان الحج الذي فسد عليه‬
‫قارناً مثل من في ذمته دراهم فضية فيجب عليه أن يقضي دراهم فضية ومن استقرض ذهبا فيجب عليه أن يقضي ذهبا ومن في ذمته‬
‫عملة ورقية يجب عليه أن يقضي من عين تلك العملة‪. .‬‬

‫وجوب التحلل بعمرة‬


‫الصحيح‪ :‬أن الذي يفوته الحج ال يستمر على إحرامه إل ى عام قابل بل يجب عليه أن يفسخ الحج إلى عمرة ويتحلل بعمرة ألن وقت الحج‬
‫قد فات والحج أشهر معلومات ال يصح الحج في غيرها‪ ،‬فمن أحرم بالحج وفاته الوقوف بعرفة فيجب عليه التحلل من إحرامه بعمرة‬
‫ويحج في عام قابل مثلما أن الصالة ال تصح إال بعد دخول الوقت فهكذا الحج ال يصح إال في وقته فال يجزئ الحج قبل وقته وال بعد‬
‫فوات وقته ‪.‬‬

‫الكفارات املسكوت عنها‬


‫الظاهرية ال يرون على الحاج دما على فعل أو ترك إال حيث ورد النص عليه لتركهم العمل بالقياس في العبادات وهو رأي شيخ اإلسالم‬
‫القاضي (محمد بن علي الشوكاني) ورأي العالمة (محمد بن إسماعيل األمير) من علماء اليمن المتأخرين‪ ،‬والدماء المنصوص عليها في‬
‫الحج هي خمسه ‪:‬‬

‫ستَيْسَرَ ِمنَ ا ْل َهدْيِ}(‪. )6‬‬


‫‪3‬ـ دم التمتع‪ ،‬لقوله تعالى {فَمَن تَ َمتَعَ بِالْعُمْ َرةِ إِلَى الْحَجِ فَمَا ا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)117( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)2( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)43( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪364‬‬
‫(‪)1‬‬
‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْل َهدْيِ}‬
‫حصِ ْرتُمْ فَمَا ا ْ‬
‫‪2‬ــ دم اإلحصار‪ ،‬لقوله تعالى {فَ ِإنْ أُ ْ‬

‫حتَى‬
‫حلُ َ‬
‫‪1‬ـ دم القران‪ ،‬الدليل عليه حج النبي صلى اهلل عليه وسلم قارنا وسوقه الهدي معه لحديث ( ِإنِي َل َبدْتُ رَأْسِي وَقََلدْتُ َه ْديِي فَلَا أَ ِ‬
‫َأنْحَرَ)(‪.)2‬‬

‫سكٍ}(‪. )3‬‬
‫صدَقَةٍ َأوْ نُ ُ‬
‫صيَامٍ َأوْ َ‬
‫‪4‬ـ دم الفدية‪ ،‬لقول اهلل تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً َأوْ بِهِ َأذًى مِن رَأْسِهِ فَ ِف ْديَةٌ مِن ِ‬

‫‪5‬ــ دم التطوع‪ ،‬لحديث ابن عباس رضي اهلل عنه أن ذؤيبا أبا قبيصة حدثه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم‬
‫حدٌ ِمنْ‬
‫ح َتهَا‪ ،‬وَلَا تَطْعَ ْمهَا َأنْتَ وَلَا أَ َ‬
‫يقول‪ِ( :‬إنْ عَطِبَ ِم ْنهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عََليْهِ َموْتًا فَانْحَرْهَا‪ ،‬ثُمَ اغْمِسْ نَعَْلهَا فِي دَ ِمهَا ثُمَ اضْرِبْ بِهِ صَفْ َ‬
‫أَ ْهلِ رُفْ َقتِكَ)(‪ )4‬هذه الخمسة هي التي عليها األدلة إما من القرآن كأدلة هدى التمتع و اإلحصار وفدية األذى وإما من السنة كهدي القران‬
‫والتطوع‪ ،‬أما بقية الدماء فما هي إال من اجتهادات العلماء‪ ،‬وقد أسرفوا في ذلك ودليل العلماء أثار عن الصحابة روي عن ابن عباس‬
‫ش ْيئًا َأوْ تَرَكَهُ فَ ْل ُيهْ ِرقْ دَمًا قَالَ َأيُوبُ لَا َأدْرِي قَالَ تَرَاَ َأوْ نَسِيَ)(‪ )5‬ومستند العلماء في القول‬ ‫رضي اهلل عنهما أنه قال ( َمنْ نَسِيَ ِمنْ نُسُكِهِ َ‬
‫بالدماء هو قول ابن عباس هذا‪ ،‬والعلماء في المذاهب اإلسالمية كلها يقولون بالدماء‪ ،‬والشوكاني واألمير رحمهما اهلل تعالى ال يقوالن‪:‬‬
‫بالدماء في غير الخمسة التي وردت بها األدلة ‪.‬‬

‫جواز لبس السراويل ملن مل جيد إزارا‬


‫(‪. )6‬‬
‫جدْ الْإِزَارَ فَلْيَ ْلبَسْ السَرَاوِيلَ)‬
‫الصحيح‪ :‬جواز لبس السراويل لمن لم يجد إزاراً لحديث ( َمنْ لَمْ يَ ِ‬

‫جدُ نَعْلَ ْينِ فَ ْليَ ْلبَسْ خُ َف ْينِ وَ ْليَقْطَ ْعهُمَا أَسْ َفلَ مِنْ‬
‫حدٌ لَا يَ ِ‬
‫الصحيح‪ :‬جواز لبس الخفين المقطوعين ألن حكمهما حكم لبس النعال لحديث(إِلَا أَ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫الْكَ ْع َب ْينِ)‬

‫الصحيح‪ :‬أن لبس المرأة القفازين وهي محرمة ال يجوز ألن لبسها القفازين مثل لبس الرجل الثياب المخيطة‪.‬‬

‫الصحيح ‪ :‬أن من نسي شوطا من الطواف يكمل الطواف إذا كان ال يزال في مكة وإن كان قد غادر مكة ولم يشعر إال بعد وصوله إلى‬
‫أهله فيعفى عنه ‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن من ترك ركعتي الطواف حتى رجع إلى بلده ليس عليه دم وأنها مندوبة وإن ذكرهما وهو ال زال في الحرم فيركعهما ما دام‬
‫في الحرم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب بيان أن القارن اليتحلل إال في وقت تحلل‪ .‬حديث رقم (‪ )2174‬بلفظ ( عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ أَنَ حَفْصَةَ زَوْجَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ت هَدْيِي فَلَا أَحِلُ حَتَى أَنْحَرَ)‪.‬‬ ‫ن عُمْرَتِكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنِي لَبَدْتُ رَأْسِي وَقَلَدْ ُ‬ ‫ت مِ ْ‬‫س حَلُوا وَلَ ْم تَحْلِلْ أَنْ َ‬ ‫ن النَا ِ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬مَا شَأْ ُ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫التقليد‪ :‬وضع قالدة في عنق الهدي عالمة على إهدائها للحرم‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬التلبيد‪ :‬جمع شعر الراس بما يلصق بعضه ببعض‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ .‬باب مايفعل بالهدي إن عطب في الطريق‪ .‬حديث رقم (‪ )3203‬بلفظ (عَ نْ ابْنِ عَبَاسٍ أَنَ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ حَدَثَهُ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ‪ ،‬ثُمَ يَقُولُ‪ :‬إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا‪ ،‬ثُمَ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا ثُمَ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا‪ ،‬وَلَا تَطْعَمْهَا‬
‫ن أَهْلِ رُفْقَتِكَ)‪.‬‬ ‫ت وَلَا أَحَدٌ مِ ْ‬ ‫أَنْ َ‬
‫أخرجه ابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫الصفحة‪ :‬الجانب‪.‬‬ ‫عطب‪ :‬هلك أو قارب الهالا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬البدن‪ :‬البعير او الناقة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬موطا مالك‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب مايفعل من نسي من نسكه شيئا‪ .‬حديث رقم (‪ )751‬بلفظ ( عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَبَاسٍ قَالَ‪ :‬مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شيئاً أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ‬
‫ب النُسُكِ)‪.‬‬ ‫ب صَاحِ ُ‬ ‫ث أَحَ َ‬
‫ن حَيْ ُ‬ ‫ك نُسُكًا فَهُ َو يَكُو ُ‬‫ن ذَلِ َ‬
‫ن مِ ْ‬‫ن إِلَا بِمَكَةَ‪ ،‬وَمَا كَا َ‬ ‫ا أَ ْو نَسِيَ‪ ،‬قَالَ مَالِك مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ هَدْيًا فَلَا يَكُو ُ‬ ‫دَمًا قَا َل أَيُوبُ لَا أَدْرِي قَا َل تَرَ َ‬
‫انفرد به مالك‪.‬‬
‫الهدي‪ :‬مايذبحه الحاج في حجه نسكا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المناسك‪ :‬أعمال الحج والعمرة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب إذا لم يجد اإلزار فليلبس السراويل‪ .‬حديث رقم (‪ )1543‬بلفظ ( عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَطَبَنَا النَبِيُ صَلَى‬
‫س الْخُفَيْنِ)‪.‬‬
‫ن فَلْيَلْبَ ْ‬
‫س السَرَاوِيلَ‪ ،‬وَمَنْ لَ ْم يَجِ ْد النَعْلَيْ ِ‬ ‫ت فَقَالَ‪ :‬مَنْ لَ ْم يَجِ ْد الْإِزَا َر فَلْيَلْبَ ْ‬ ‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم بِعَرَفَا ٍ‬
‫اخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اللباس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلزار‪ :‬ثوب يلف به النصف األسفل من الجسم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب مايلبس المحرم من الثياب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1542‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَجُلًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ‬
‫جدُ‬
‫اللَهِ‪ ،‬مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَلْبَسُ الْقُ ُمصَ‪ ،‬وَلَا الْعَمَائِمَ‪ ،‬وَلَا السَرَاوِيلَاتِ‪ ،‬وَلَا الْبَرَانِسَ‪ ،‬وَلَا الْخِفَافَ‪ ،‬إِلَا أَحَدٌ لَا يَ ِ‬
‫ن أَوْ وَرْسٌ)‪.‬‬ ‫ب شيئًا مَسَ ُه الزَعْفَرَا ُ‬ ‫ن الثِيَا ِ‬
‫ن الْكَعْبَيْنِ‪ ،‬وَلَا تَلْبَسُوا مِ ْ‬ ‫ن وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِ ْ‬ ‫ن فَلْيَلْبَسْ خُفَيْ ِ‬ ‫نَعْلَ يْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪،‬‬
‫ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬اللباس‪.‬‬
‫الورس‪ :‬نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ‬ ‫الخف‪ :‬مايستر الرجل وعادة يكون من الجلد‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬البرنس‪ :‬ثوب ملتصق به غطاء الرأس‪.‬‬
‫به‪.‬‬
‫‪365‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن الطواف راكبا جائز ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم طاف راكبا في حديث(طَافَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فِي حَجَةِ ا ْل َودَاعِ‬
‫(‪)1‬‬
‫عَلَى بَعِيرٍ‪ ،‬يَسْتَلِمُ الرُ ْكنَ بِمِحْجَنٍ)‬

‫الصحيح‪ :‬أن من دفع من عرفة قبل غروب الشمس يجب عليه الرجوع إليها بعد الغروب وإال فعليه دم ‪.‬‬

‫من وقف بعرنة‬


‫الصحيح‪ :‬أن من وقف بعرنه ولم يقف بعرفة إن كان ناسياً أنه في عرنه وليس هو واقف بعرفه فحجه صحيح وعليه دم‪ ،‬وإن كان متعمداً‬
‫الوقوف بعرنه ولم يقف بعرفه أو مرَ بها فحجه باطل وهو آثم لتعمده الوقوف في غير عرفه ولتعمده مخالفة الشرع ومشاقة الرسول صلى‬
‫ج َهنَمَ وَسَاءتْ‬
‫غيْرَ سَبِيلِ الْ ُمؤْ ِمنِينَ ُنوَلِهِ مَا َتوَلَى َونُصْلِهِ َ‬
‫اهلل عليه وسلم قال تعالى {وَمَن يُشَا ِققِ الرَسُولَ مِن بَ ْعدِ مَا َت َب َينَ لَهُ ا ْل ُهدَى َو َي َتبِعْ َ‬
‫َمصِيراً}(‪. )2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب استالم الركن بالمحجن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1607‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬طَافَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن بِمِحْجَنٍ)‪.‬‬
‫فِي حَجَ ِة الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ‪ ،‬يَسْتَلِ ُم الرُكْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الطالق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المحجن‪ :‬عصا معوجة الرأس‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)115( :‬‬
‫‪366‬‬
‫الفصل اخلامس ‪:‬اهلــــــــــــــــدي‬

‫الهدي‬ ‫‪‬‬
‫حكــــــــم الهـــــــــدى‬ ‫‪‬‬
‫جواز شراء هدى القران من طريق مكة‬ ‫‪‬‬
‫جنس الهدي‬ ‫‪‬‬
‫أفضل الهدى‬ ‫‪‬‬
‫كيفية سوق الهدي‬ ‫‪‬‬
‫اإلشعار لإلبل من الجانب األيمن‬ ‫‪‬‬
‫من أين يساق الهدي‬ ‫‪‬‬
‫محل الهــــــــدي‬ ‫‪‬‬
‫متى ينحر الهدي‬ ‫‪‬‬
‫صفـــــــــــة النحـــــــــــــــر‬ ‫‪‬‬
‫توجيه الحيوان إلى جهة القبلة عند ذبحه‬ ‫‪‬‬
‫التوكيل في ذبح الهدي‬ ‫‪‬‬
‫جواز توكيل مؤسسة شراء وذبح الهدي في مكة المكرمة‬ ‫‪‬‬
‫إجزاء البدنة أو البقرة عن سبعة حجاج‬ ‫‪‬‬
‫لفظ البدنة أو البقرة أو الشاة يراد به الذكر واألنثى‬ ‫‪‬‬
‫جواز ركوب الهدي‬ ‫‪‬‬
‫جواز األكل من الهدي‬ ‫‪‬‬
‫نحر أو ذبح الهدي إذا عطب قبل وصوله محله‬ ‫‪‬‬

‫‪367‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬الهــــــــــــــــدي‬

‫اهلدي‬
‫اسم لما يهدي إلى الكعبة المشرفة من بهمية األنعام تقربا إلى اهلل عز وجل ونفعا لفقراء الحرم قال تعالى {لَن َينَالَ اللَهَ لُحُو ُمهَا وَلَا دِمَاؤُهَا‬
‫وَلَكِن َينَالُهُ التَ ْقوَى مِنكُمْ}(‪ )1‬وقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ الَ تَ ْقتُلُواْ ال َ‬
‫ص ْيدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم ُمتَعَمِداً فَجَزَاء ِمثْ ُل مَا َق َتلَ مِنَ‬
‫ع ْدلٍ مِنكُمْ َهدْياً بَالِغَ الْكَ ْعبَةِ}(‪. )2‬‬
‫النَعَمِ يَحْكُمُ بِهِ َذوَا َ‬

‫حكــــــــم اهلـــــــــدى‬
‫(‪)3‬‬
‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْل َهدْيِ} وهدى اإلحصار لقوله تعالى {فَإِنْ‬ ‫الهدي منه واجب كهدي التمتع لقوله تعالى {فَمَن تَ َمتَعَ بِالْعُمْ َرةِ إِلَى الْحَجِ فَمَا ا ْ‬
‫س َتيْسَرَ ِمنَ ا ْلهَدْيِ}(‪ )4‬وهدي كفارة إزالة األذى في الرأس لقوله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً َأوْ بِهِ َأذًى من رَأْسِهِ فَ ِف ْديَةٌ‬ ‫حصِ ْرتُمْ فَمَا ا ْ‬ ‫أُ ْ‬
‫(‪)5‬‬
‫ص ْيدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن َقتَلَهُ مِنكُم ُمتَعَمِداً‬ ‫سكٍ} وهدى جزاء الصيد لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ الَ تَ ْقتُلُواْ ال َ‬ ‫صدَقَةٍ َأوْ نُ ُ‬
‫صيَامٍ َأوْ َ‬ ‫مِن ِ‬
‫(‪)6‬‬
‫ع ْدلٍ مِنكُمْ َهدْياً بَالِغَ الْكَ ْعبَةِ} وهدي القران لحديث ( َمنْ كَانَ مَعَهُ َهدْيٌ فَ ْليُ ِهلَ بِالْحَجِ مَعَ‬ ‫فَجَزَاء ِم ْثلُ مَا َق َتلَ ِمنَ النَعَمِ يَحْكُمُ بِهِ َذوَا َ‬
‫حلَ ِم ْنهُمَا جَمِيعًا)(‪ )7‬وال يشترط فيه سوقه من بلد الحاج ويجوز شراؤه من طريق مكة‪ ،‬ومن الهدي الواجب من‬ ‫حتَى يَ ِ‬‫حلَ َ‬ ‫الْعُمْ َرةِ ثُمَ لَا يَ ِ‬
‫(‪)8‬‬
‫نذر بهدي ألن الهدي طاعة هلل عز وجل لحديث (مَنْ َنذَرَ َأنْ يُطِيعَ اللَهَ فَ ْليُطِعْهُ) ومنه هدي كفارة قضاء حج من فسد حجة بسبب‬
‫الجماع على قول من يشترط عليه الهدي‪ ،‬ومن الهدي هدي التطوع ألن الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان يبعث بهدى من المدينة المنورة‬
‫إلى مكة ليذبح في مكة لفقراء الحرم لحديث ( َفتَلْتُ قَلَا ِئدَ هَدْيِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ثُمَ أَشْعَرَهَا وَقََلدَهَا َأوْ قََلدْ ُتهَا‪ ،‬ثُمَ بَعَثَ ِبهَا إِلَى‬
‫حلٌ)(‪ )9‬وبعث النبي صلى اهلل عليه وسلم بالهدي إلى مكة وهو مقيم بالمدينة دليل على‬ ‫ا ْل َبيْتِ وَأَقَامَ بِالْ َمدِينَةِ‪ ،‬فَمَا حَرُمَ عََليْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ ِ‬
‫استحباب هدي التطوع ولحديث ( أَ ْهدَى ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ مِائَةَ َب َدنَةٍ فَأَمَ َرنِي بِلُحُومِهَا فَقَسَ ْم ُتهَا‪ ،‬ثُمَ أَمَ َرنِي بِجِلَالِهَا فَقَسَ ْم ُتهَا‪ ،‬ثُمَ‬
‫بِجُلُودِهَا فَقَسَ ْم ُتهَا)(‪)10‬الواجب منها واحدة وتسع وتسعون تطوعا ‪.‬‬

‫جواز شراء هدى القران من طريق مكة‬


‫يجوز لمن يريد أن يحج قارنا أن يشتري هدي القران من طريق مكة وال يشترط أن يسوقه من بلده لشراء عمربن الخطاب رضي اهلل عنه‬
‫الهدي من طريق مكة في رواية (إذا أفعل كما فعل رسول اهلل صلى اهلل علبه وسلم‪ ،‬وقد قال اهلل (لقد كان لكم في رسول اهلل أسوة‬
‫حسنة) فأنا أشهدكم أني قد أوجبت على نفسي العمرة‪ ،‬فأهل بالعمرة‪ ،‬قال‪ :‬ثم خرج حتى إذا كان بالبيداء أهل بالحج والعمرة‪ ،‬وقال‪ :‬ما‬
‫(‪)11‬‬
‫شأن الحج والعمرة إال واحدا‪ ،‬ثم اشترى الهدي من‪ -‬قديد‪ ، -‬ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا‪ ،‬فلم يحل حتى حل منهما جميعا)‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)37( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)116( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب كيف تهل الحائض والنفساء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1635‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫قَالَتْ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي حَجَةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَ بِالْحَجِ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَ لَا‬
‫يَحِلَ حَتَى يَحِلَ مِنْهُمَا جَمِيعًا‪ ،‬فَقَدِمْتُ مَكَةَ وَأَنَا حَا ِئضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ انْ ُقضِي رَأْسَكِ‬
‫وَامْتَشِطِي وَأَهِلِي بِالْحَجِ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَفَعَلْتُ‪ ،‬فَلَمَا قَضَيْنَا الْحَجَ أَرْسَلَنِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَعَ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَ ِذهِ‬
‫مَكَانَ عُمْرَتِكِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَطَافَ الَذِينَ كَانُوا أَهَلُوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَفَ ا وَالْمَرْوَةِ ثُمَ حَلُوا‪ ،‬ثُمَ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى‪ ،‬وَأَمَا الَذِينَ جَمَعُوا الْحَجَ‬
‫وَالْعُمْرَ َة فَإِنَمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪ ،‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النقض‪ :‬الحل واإلرخاء‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب النذر في الطاعة‪ .‬حديث رقم (‪ )6616‬بلفظ (عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ن يَعْصِيَ ُه فَلَا يَعْصِهِ)‪.‬‬ ‫ن نَذَ َر أَ ْ‬
‫ن يُطِي َع اللَ َه فَلْيُطِعْهُ‪ ،‬وَمَ ْ‬ ‫ن نَذَ َر أَ ْ‬
‫مَ ْ‬
‫أخرحه الترمذي في األيمان والنذور‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫ومالك في األيمان والنذور‪ ،‬والدارمي في األيمان والنذور‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب اشعار البدن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1611‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا قَالَتْ‪ :‬فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ثُمَ‬
‫ث بِهَا إِلَى الْبَيْتِ وَأَقَا َم بِالْمَدِينَةِ‪ ،‬فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلٌ)‪.‬‬ ‫أَشْعَرَهَا وَقَلَدَهَا أَوْ قَلَدْتُهَا‪ ،‬ثُ َم بَعَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي‬
‫في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تقليد الهدي‪ :‬وضع قالدة في عنق الهدي عالمة على إهدائه للحرم‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علي رضي اهلل عنه برقم (‪.)1715‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من اشترى الهدي من الطريق‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1613‬بلفظ (عن نافع قال‪ :‬قال عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما البيه‪ :‬أقم‪،‬‬
‫فإني ال آمنها أن ستصد عن البيت‪ ،‬قال‪ :‬إذا أفعل كما فعل رسول اهلل صلى اهلل علبه وسلم‪ ،‬وقد قال اهلل {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فأنا أشهدكم أني‬
‫قد أوجبت على نفسي العمرة‪ ،‬فأهل بالعمرة‪ ، .‬قال‪ :‬ثم خرج حتى إذا كان بالبيداء أهل بالحج والعمرة‪ ،‬وقال‪ :‬ماشأن الحج والعمرة إال واحدا‪ ،‬ثم اشترى الهدي‬
‫من‪ -‬قديد‪ ، -‬ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا‪ ،‬فلم يحل حتى حل منهما جميعا)‪.‬‬
‫‪368‬‬
‫الحديث دليل على جواز شراء هدي القران من طريق مكة‪ ،‬والشوكاني يقول‪ :‬بجواز شراء هدي القران حتى ولو من مكة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه‬
‫ن مَعِي ا ْل َهدْيَ لَأَحْلَلْتُ)(‪ )1‬الحديث يدل على أن القارن ال يدخل‬ ‫يجب على القارن أن يسوق الهدي معه من خارج مدينة مكة لحديث (لَوْلَا َأ َ‬
‫مدينة مكة إال ومعه هدي القران ولحديث ( فَلَمَا َد َنوْنَا ِمنْ مَكَةَ أَمَرَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ َمنْ لَمْ يَ ُكنْ مَعَهُ َهدْيٌ ِإذَا طَافَ‬
‫حلَ)(‪.)2‬‬
‫وَسَعَى َب ْينَ الصَفَا وَالْمَ ْر َوةِ َأنْ يَ ِ‬

‫جنس اهلدي‬
‫الهدى ال يكون إال من اإلبل أو البقر أو الغنم أو الماعز من الذكر ومن األنثى وال يجوز وال يصح أن يكون الهدى من غير هذه األجناس ‪.‬‬

‫أفضل اهلدى‬
‫األفضل في الهدي هي اإلبل ثم البقر ثم الغنم ثم الماعز ألن الرسول صلى اهلل عليه وسلم أهدى البدن وأهدى البقر عن أزواجه في حجة‬
‫الوداع‪ ،‬لحديث (أَ ْهدَى ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ مِائَةَ َبدَنَةٍ‪ ،‬فَأَمَ َرنِي بِلُحُو ِمهَا فَقَسَ ْم ُتهَا‪ ،‬ثُمَ أَمَ َرنِي بِجِلَالِهَا فَقَسَ ْم ُتهَا‪ ،‬ثُمَ بِجُلُودِهَا‬
‫(‪)4‬‬
‫عنْ أَ ْزوَاجِهِ)‬ ‫عَليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫خلَ عَ َل ْينَا َيوْمَ النَحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا َهذَا؟ قَالَ‪ :‬نَحَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ َ‬ ‫فَقَسَ ْم ُتهَا)(‪ ،)3‬ولحديث ( َفدُ ِ‬
‫ولحديث ( ُكنْتُ أَفْ ِتلُ قَلَا ِئدَ الْ َغنَمِ لِل َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬ف َيبْعَثُ ِبهَا ثُمَ يَمْكُثُ حَلَالًا)(‪ )5‬واألفضل من البدن أو البقر أو الغنم أو الماعز‬
‫هو األغلى ثمنا ألنه األسمن وهو األنفع للفقراء والمساكين‪ ،‬وال يشترط للهدي سن معينه كاألضاحي ولكن أفضل الهدي أسمنه وأغاله‬
‫ح َببْتُ َأنْ تَكُونَ شَاتِي َأ َولَ مَا ُي ْذبَحُ فِي بَ ْيتِي َف َذبَحْتُ‬ ‫ثمنا‪ ،‬وأما حديث (فَِإنِي نَسَكْتُ شَاتِي َق ْبلَ الصَلَاةِ َوعَرَفْتُ َأنَ ا ْليَوْمَ َيوْمُ أَ ْكلٍ وَشُرْبٍ وَأَ ْ‬
‫ج َذعَةً هِيَ أَحَبُ إِلَيَ ِمنْ شَا َت ْينِ‪ ،‬أَ َفتَجْزِي‬‫عنَاقًا لَنَا َ‬ ‫ع ْن َدنَا َ‬
‫شَاتِي َوتَ َغ َديْتُ َق ْبلَ َأنْ آتِيَ الصَلَاةَ‪ ،‬قَالَ شَا ُتكَ شَاةُ لَحْمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَِإنَ ِ‬
‫حدٍ بَ ْع َداَ)(‪ )6‬فهي خاصة باألضحية والداللة فيه على اشتراط السن في لحوم الهدي وال يقاس الهدي‬ ‫عنْ أَ َ‬
‫عنِي؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وََلنْ تَجْزِيَ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)7‬‬
‫ع ْندَ أَهِْلهَا) فليس فيه داللة على‬ ‫سهَا ِ‬‫ضلُ؟ قَالَ‪َ :‬أعْلَاهَا ثَ َمنًا وَأَنْفَ ُ‬ ‫على األضاحي ألنه ال قياس في العبادات‪ ،‬وكذا حديث (فَأَيُ الرِقَابِ أَ ْف َ‬
‫اشتراط سن معينه في الهدي ال بمطابقة وال تضمن وال التزام الختالف العبيد عن الهدايا اسما وجنسا وحكماً ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من أهل في زمن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1651‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَدِمَ عَلِيٌ‬
‫ن مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ)‪.‬‬‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَال‪ :‬لَوْلَا أَ َ‬ ‫ن الْيَمَنِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬بِمَا أَهْلَلْتَ؟ قَالَ‪ :‬بِمَا أَهَ َل بِ ِه النَبِ ُ‬
‫ي الَلهُ عَنْ ُه عَلَى النَبِيِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِ ْ‬ ‫رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في من اسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من‬
‫الصحابة‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غيرأمرهن‪ .‬حديث رقم (‪ )1720‬بلفظ (عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَحْمَنِ قَالَتْ‪ :‬سَمِعْتُ عَائِشَةَ‬
‫رَضِيَ الَلهُ عَنْهَا‪ ،‬تَقُولُ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَا نُرَى إِلَا الْحَجَ‪ ،‬فَلَمَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَ‪ ،‬قَالَتْ فَدُ خِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا هَذَا؟ قَالَ‪ :‬نَحَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ن أَزْوَاجِهِ)‪.‬‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬و‬
‫الدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيض‪ ،‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ‬ ‫ي اللَهُ عَنْ ُه حَدَثَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَهْدَى النَبِ ُ‬ ‫ن عَلِيًا رَضِ َ‬ ‫ن أَبِي لَيْلَى أَ َ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب يتصدق بجالل البدن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1715‬بلفظ (عن ابْ ُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِائَ َة بَدَنَةٍ‪ ،‬فَأَمَرَنِي بِلُحُومِهَا فَقَسَمْتُهَا‪ ،‬ثُ َم أَمَرَنِي بِجِلَالِهَا فَقَسَمْتُهَا‪ ،‬ثُ َم بِجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوكالة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الجالل‪ :‬مايطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عمرة بنت عند الرحمن رقم (‪.)1720‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب تقليد الغنم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1703‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ الْغَنَمِ لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ث بِهَا ثُ َم يَمْكُثُ حَلَالًا)‪.‬‬
‫فَيَبْعَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في‬
‫المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوكالة‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أفتل‪ :‬ألوي وأبرم‪ .‬تقليد الهدي‪ :‬وضع قالدة في عنق الهدي عالمة على إهدائه للحرم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب األكل يوم النحر‪ .‬حديث رقم (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَطَبَنَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَوْمَ الْأَضْحَى‬
‫بَعْدَ الصَلَاةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَنْ صَلَى صَلَاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُسُكَ‪ ،‬وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَلَا ةِ فَإِنَهُ قَبْلَ الصَلَاةِ وَلَا نُسُكَ لَهُ‪ ،‬فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ الْبَرَاءِ‪ ،‬يَا‬
‫رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَإِنِي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَلَاةِ وَعَرَفْتُ أَنَ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَأَحْبَبْتُ أَ نْ تَكُونَ شَاتِي أَوَلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي فَذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ‬
‫ن أَحَ ٍد بَعْدَاَ)‪.‬‬
‫ن تَجْزِيَ عَ ْ‬ ‫ن شَاتَيْنِ‪ ،‬أَفَتَجْزِي عَنِي؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وَلَ ْ‬ ‫ب إِلَيَ مِ ْ‬ ‫ي أَحَ ُ‬‫ك شَاةُ لَحْمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬فَإِنَ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِ َ‬ ‫الصَلَاةَ‪ ،‬قَا َل شَاتُ َ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النسك‪ :‬الذبح تقربا وطاعة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العتق‪ :‬باب أي الرقاب أفضل‪ .‬حديث رقم (عَنْ أَ بِي ذَر رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَيُ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ‬
‫إِيمَانٌ بِاللَهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬فَأَيُ الرِقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ‪ :‬أَعْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَ ْهلِهَا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬تُعِينُ ضَايِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِنْ لَمْ‬
‫ق بِهَا عَلَى نَفْسِكَ)‪.‬‬ ‫ن الشَ ِر فَإِنَهَا صَدَقَ ٌة تَصَدَ ُ‬‫س مِ ْ‬ ‫ع النَا َ‬ ‫أَفْعَل‪ ،‬قَالَ‪ :‬تَدَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪ ،‬والنسائي في األحكام‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في الرقاق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬األخرق‪ :‬الجاهل الذي الصنعة له‪.‬‬
‫‪369‬‬
‫كيفية سوق اهلدي‬
‫المشروع في سوق الهدى هو تقليد الهدي وإشعاره ليعرف أنه هدي‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن الغنم والماعز يقلد وال يشعر‪ ،‬أما اإلبل والبقر فيجوز‬
‫إشعار الهدي منها وليس اإلشعار مثلة بها ألنَ جواز اإلشعار خاص بالهدي وتحريم المثلة عام‪ ،‬وال تعارض بين عام وخاص فيعمل‬
‫بالخاص وهو جواز إشعار الهدي من اإلبل أو البقر وبالعام في الباقي وهو تحريم المثلة بجميع الحيوانات‪ ،‬ودليل مشروعية تقليد وإشعار‬
‫ح َد ْي ِبيَةِ فِي ِبضْعَ عَشْ َرةَ مِائَةً مِنْ َأصْحَابِهِ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ ِبذِي الْحُلَيْفَةِ قََلدَ ا ْل َهدْيَ‬ ‫الهدي حديث (خَرَجَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ عَامَ الْ ُ‬
‫وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ ِم ْنهَا)(‪ )1‬ودليل تقليد الغنم دون إشعارها حديث ( ُكنْتُ أَ ْف ِتلُ قَلَا ِئدَ الْ َغنَمِ لِل َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬ف َيبْعَثُ ِبهَا ثُمَ يَمْكُثُ‬
‫حَلَالًا)(‪.)2‬‬

‫اإلشعار لإلبل من اجلانب األمين‬


‫يستحب إشعار الهدي إذا كان من اإلبل في الجانب األيمن لحديث (صلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الّظهر بذي الحليفة‪ ،‬ثم دعا‬
‫(‪)3‬‬
‫بناقته فأشعرها في صفحة سنامها األيمن‪ ،‬وسلت الدم‪ ،‬وقلدها نعلين‪ ،‬ثم ركب راحلته‪ ،‬فلما استوت به على البيداء أهل بالحج)‬
‫فاإلشعار لإلبل فقط والتقليد للكل‪.‬‬

‫من أين يساق اهلدي‬


‫ال يشرع وقوف الهدي بعرفة وال سوقه من الحل ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ساق الهدي معه من الحل ألن مسكنه في المدينة وهو‬
‫من األعمال الجبليَة‪ ،‬وليس مسألة سوق الهدي من خارج الحل تعبدية والمشروع للحاج في يوم عرفة هو اإلكثار من التلبية والذكر‬
‫والدعاء والتضرع إلى اهلل عز وجل بقبول الدعاء وطلب المغفرة ال االشتغال بسوق الهدى والوقوف به‪ ،‬واألحسن شراء الهدي من مدينة‬
‫مكة إال من سيحج قارنا فيسوق الهدي معه من خارج مدينة مكة‪.‬‬

‫حمل اهلــــــــدي‬
‫محل الهدي البيت العتيق قال تعالى { َهدْياً بَالِغَ الْكَ ْعبَةِ}(‪ )4‬ومن المعلوم شرعا أن الكعبة ال يجوز ألحد ذبح الهدي فيها وال يجوز ذبح‬
‫الهدي في المسجد الحرام المحيط بناؤه بالكعبة‪ ،‬والمراد به في اآليتين هو مدينة مكة ومنى ألنهما تابعان للمسجد الحرام‪ ،‬أما المحصر‬
‫فينحر في مكان احصاره إذا لم يتمكن من إيصال هديه إلى مكة أو منى‪ ،‬الدليل على أن المراد بمكان الذبح منى ومدينة مكة حديث (كُلُ‬
‫عَرَفَةَ َموْقِفٌ‪ ،‬وَ ُكلُ ِمنًى َمنْحَر‪ ،‬وَ ُكلُ الْمُ ْزدَلِفَةِ َموْقِفٌ‪ ،‬وَكُلُ فِجَاجِ مَكَةَ طَرِيقٌ وَ َمنْحَرٌ)(‪ )5‬الحديث دليل على جواز النحر في أي مكان في‬
‫منى وفي مدينة مكة ولكن يستحسن االلتزام بالذبح أوالنحرفي األماكن المخصصة للذبح أوالنحر حفاظا على نظافة منى وفجاج مكة‬
‫وحفاظا على صحة الحجاج والساكنين والمقيمين في مدينة مكة‪.‬‬

‫مىت ينحر اهلدي‬


‫الصحيح‪ :‬جواز نحر هدى التمتع قبل يوم النحر ألن الصيام بدل عنه ويجوز صيام الثالثة األيام التي في الحج قبل يوم النحر وإذا جاز‬
‫فعل البدل وهو الصيام فباألولى جواز ذبح الهدي ألنه األصل‪ ،‬واألفضل هو أن يكون ذبح الهدي في يوم النحر لذبح النبي صلى اهلل عليه‬
‫خلَ عََليْنَا َيوْمَ النَحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪:‬‬
‫وسلم والصحابة الذين حجوا معه في حجة الوداع في يوم النحر في منى‪ ،‬وهذا واضح في حديث ( َفدُ ِ‬
‫عنْ أَ ْزوَاجِه)(‪ )6‬ومعنى لفظ (نحر) في الحديث أي ذبح ألن البقر ال تنحر وإنما تذبح‬ ‫مَا َهذَا؟ قَالَ‪ :‬نَحَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫ح ِببْكُمُ اللّهُ} ‪.‬‬ ‫حبُونَ اللّهَ فَا َتبِعُونِي يُ ْ‬ ‫وفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم هو األفضل ومتابعته هي األحب إلى اهلل تعالى لقوله { ُقلْ إِن كُنتُمْ تُ ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العتق‪ :‬باب غزوة الحديبية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1614‬بلفظ (عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ‪ ،‬قَالَا‪ :‬خَرَجَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَامَ‬
‫ي وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ مِنْهَا)‪.‬‬
‫ن بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَ َد الْهَدْ َ‬‫ن أَصْحَابِهِ‪ ،‬فَلَمَا كَا َ‬‫الْحُدَيْبِيَ ِة فِي بِضْعَ عَشْرَ َة مِائَةً مِ ْ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند الكوفيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪ ،‬الشروط‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)1702‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب تقليد الهدي وإشعاره عند اإلحرام‪ .‬حديث رقم (‪ )3006‬بلفظ (عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬قال‪ :‬صلى رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم الّظهر بذي الحليفة‪ ،‬ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها األيمن‪ ،‬وسلت الدم‪ ،‬وقلدها نعلين‪ ،‬ثم ركب راحلته‪ ،‬فلما استوت به على البيداء أهل‬
‫بالحج)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ .‬وأبوداودفي المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫الصفحة‪ :‬الجانب‪ .‬السلت‪ :‬المسح واإلزالة‪ .‬تقليد الهدي‪ :‬وضع قالدة تعلق في‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬إشعار الهدي‪ :‬جرحها ليسيل دمها داللة على كونها هدي‪.‬‬
‫اإلهالل‪ :‬النية والتلبية‪.‬‬ ‫عنق الهدي عالمة على إهدائه للحرم‪ .‬الراحلة‪ :‬الناقة التي يركب عليها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب الصالة بجمع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1173‬بلفظ (عَنْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَهِ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُلُ عَرَفَةَ‬
‫ق وَمَنْحَرٌ) قال عنه األلبا ني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم بأنه (حسن صحيح)‪.‬‬ ‫ج مَكَةَ طَرِي ٌ‬ ‫مَوْقِفٌ‪ ،‬وَكُ ُل مِنًى مَنْحَر‪ ،‬وَكُ ُل الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ‪ ،‬وَكُ ُل فِجَا ِ‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الفج‪ :‬الطريق الواسع‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)1720‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)13( :‬‬
‫‪371‬‬
‫صفـــــــــــة النحـــــــــــــــر‬
‫صوَافَ فَِإذَا‬
‫تشرع التسمية عند الذبح أو النحر لقوله تعالى {وَا ْل ُب ْدنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللَهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَهِ عََليْهَا َ‬
‫جنُوبُهَا فَكُلُوا ِم ْنهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُ ْعتَرَ َكذَِلكَ سَخَ ْرنَاهَا لَكُمْ لَعَلَ ُكمْ تَشْكُرُونَ}(‪ )1‬أي قياما‪ ،‬في اآلية دليل على أن اإلبل تنحر‬ ‫جبَتْ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫وهي قائمة ألن لفظ (صواف) مشتق من الصواف ال من الصفوف‪ ،‬والبقروالغنم والماعز تذبح وتشرع التسمية عند الذبح لقوله تعالى {وَالَ‬
‫سقٌ}(‪ )2‬ويستحب للمهدي أن ينحر أو يذبح هديه بيده ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم نحر سبع‬ ‫تَأْكُلُواْ مِمَا لَمْ ُيذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَِإنَهُ لَفِ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫سبْعَ ُب ْدنٍ ِقيَامًا) اإلبل تنحر من أسفل‬ ‫بدن من هديه بيده الشريفة ووكل في ذبح الباقي لحديث ( َونَحَرَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِب َي ِدهِ َ‬
‫الرقبة وتكون الرقبة تابعة للرأس والبقر والغنم والماعز تذبح وتكون الرقبة تابعة للجسد‪.‬‬

‫توجيه احليوان إىل جهة القبلة عند ذحبه‬


‫لم يرد د ليل صحيح ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله يفيد مشروعية توجيه الحيوان إلى جهة القبلة عند ذبحه وإنما هي‬
‫استحسانات استحسنها بعض العلماء ‪.‬‬

‫التوكيل يف ذبح اهلدي‬


‫يجوز للمهدي أن يوكل غيره في ذبح هديه أو في اإلشراف على ذبح هديه ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم وكل علي بن أبي طالب في‬
‫اإلشراف على ذبح ثالث وتسعين بدنه من هديه صلى اهلل عليه وسلم ووكل عليا في تقسيم لحوم وجلود وجالل بدن هديه على الفقراء‬
‫والمساكين لحديث (ب َع َثنِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقُمْتُ عَلَى ا ْل ُب ْدنِ‪ ،‬فَأَمَ َرنِي فَقَسَمْتُ لُحُو َمهَا‪ ،‬ثُمَ أَمَ َرنِي فَقَسَمْتُ جِلَاَلهَا‬
‫وَجُلُودَهَا)(‪.)4‬‬

‫جواز توكيل مؤسسة شراء وذبح اهلدي يف مكة املكرمة‬


‫يجوز للحاج وللحاجة أن يدفع قيمة الهدي إلى المؤسسة التي تقوم بشراء الهدي وذبحه بالوكالة عن الحاج في مكة المكرمة‪ ،‬وفي توكيل‬
‫الشركة القائمة بشراء الهدي وذبحه في مكة المكرمة مصلحة عامة ألنها تقوم بحفظ اللحوم الزائدة على حاجة فقراء الحرم وشحنها على‬
‫متن طائرات أو بواخر أو سفن إلى مختلف أقطار العالم اإلسالمي لتوزيعها للفقراء في تلك البلدان ‪.‬‬

‫إجزاء البدنة أو البقرة عن سبعة حجاج‬


‫صلَى الَلهُ عََليْهِ وَسَلَمَ عَامَ‬
‫تجزئ البدنة عن سبعة حجاج وكذا البقرة تجزئ عن سبعة حجاج متمتعين لحديث (نَحَ ْرنَا مَ َع رَسُولِ الَلهِ َ‬
‫سبْعَةٍ)(‪.)5‬‬
‫عنْ َ‬
‫سبْعَةٍ وَا ْلبَقَ َرةَ َ‬
‫عنْ َ‬
‫ح َد ْي ِبيَةِ ا ْل َب َدنَةَ َ‬
‫الْ ُ‬

‫لفظ البدنة أو البقرة أو الشاة يراد به الذكر واألنثى‬


‫المراد بلفظ البدنة أو البقرة أو الغنمة في األحاديث النبوية الذكر واألنثى ألن المراد به النوع ‪.‬‬

‫جواز ركوب اهلدي‬


‫الصحيح‪ :‬جواز ركوب الهدي بشروط هي ‪:‬‬

‫‪3‬ـ إذا اضطر المهدي إلى ركوب ظهر هديه بحيث لم يجد وسيلة مواصالت غيره ‪.‬‬

‫‪2‬ــ أن يكون الحمل عليها مؤقتا حتى يجد وسيلة مواصالت غير الهدى ينقل عليها محموالته لحديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫(‪)6‬‬
‫وَسَلَمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ َب َدنَةً‪ ،‬فَقَالَ ارْ َك ْبهَا‪ ،‬فَقَالَ ِإ َنهَا َب َدنَةٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬ارْ َك ْبهَا‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬إ َنهَا َب َدنَةٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ارْ َك ْبهَا َويْلَكَ فِي الثَا ِلثَةِ َأوْ فِي الثَا ِنيَةِ)‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)36( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)121( :‬‬
‫‪3‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من نحر هديه بيده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1712‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ‪ :‬وَنَحَرَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْ ٍ‬
‫ن أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ)‪.‬‬
‫قِيَامًا‪ ،‬وَضَحَى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْ ِ‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ال يعطى الجزار من الهدي شيئا‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1716‬بلفظ (عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قَالَ‪ :‬بَعَثَنِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ‪ ،‬فَأَمَرَنِي فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا‪ ،‬ثُمَ أَمَرَنِي فَقَسَمْتُ جِلَالَهَا وَجُلُودَهَا‪ ،‬قَ الَ سُفْيَانُ وَحَدَثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى‬
‫ي عَلَيْهَا شيئًا فِي جِزَارَتِهَا)‪.‬‬ ‫ن أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ وَلَا أُعْطِ َ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَ ْ‬ ‫ي اللَهُ عَنْهُ قَا َل أَمَرَنِي النَبِ ُ‬ ‫عَ نْ عَلِي رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الوكالة‪.‬‬
‫الجالل‪ :‬مايطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬البدنة‪ :‬البعير‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب اإلشتراا في الهدي‪ .‬حديث رقم (‪ )3172‬بلفظ(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ ال لَهِ قَالَ‪ :‬نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَامَ‬
‫ن سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ)‪.‬‬ ‫الْحُدَيْبِيَ ِة الْبَدَنَةَ عَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في المناقب‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ركوب البدن‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1651‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَأَى رَجُلًا‬
‫ك فِي الثَالِثَ ِة أَوْ فِي الثَانِيَةِ)‪.‬‬
‫ق بَدَنَةً ‪ ،‬فَقَالَ ارْكَبْهَا‪ ،‬فَقَا َل إِنَهَا بَدَنَةٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬ارْكَبْهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَهَا بَدَنَةٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ارْكَبْهَا وَيْلَ َ‬ ‫يَسُو ُ‬
‫‪371‬‬
‫ظهْرًا)(‪)1‬الحديث يفيد جواز ركوب‬
‫جدَ َ‬
‫حتَى تَ ِ‬
‫جئْتَ إَِل ْيهَا َ‬
‫وحديث (سَمِعْتُ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬ارْ َك ْبهَا بِالْمَعْرُوفِ‪ِ ،‬إذَا أُلْ ِ‬
‫الهدي من اإلبل بشرط االضطرار إلى ركوبه وأن يكون الحمل عليه بالمعروف ومؤقتا حتى يجد وسيلة مواصالت أخرى ليركب عليها‬
‫ويحمل عليها محموالته للحج‪ ،‬وحديث أبي هريرة يفيد ركوب الهدي مطلقا ويحمل المطلق على المقيد وال يعمل بحديث أبي هريرة إال‬
‫بتقييده بحديث جابر رضي اهلل عنه ‪.‬‬

‫جواز األكل من اهلدي‬


‫خصَ لَنَا النَبِيُ صَلَى‬‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز للمهدي أن يأكل من هدي التمتع والقران لحديث (كُنَا لَا نَأْ ُكلُ ِمنْ لُحُومِ ُبدْ ِننَا َف ْوقَ ثَلَاثِ ِمنًى‪ ،‬فَرَ َ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬كُلُوا َوتَ َز َودُوا‪ ،‬فَأَكَ ْلنَا َوتَ َز َودْنَا)(‪ )2‬وألن أمهات المؤمنين أكلن من الهدي الذي ذبحه النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫عنْ أَ ْزوَاجِهِ)(‪ )3‬ولقوله‬‫خلَ عََل ْينَا َيوْمَ النَحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا َهذَا؟ قَالَ‪ :‬نَحَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫عنهن في حديث ( َفدُ ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫جنُوبُهَا فَكُلُوا ِم ْنهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُ ْعتَرَ َكذَِلكَ سَخَ ْرنَاهَا لَكُمْ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ} ‪ ،‬أما الكفارة في جزاء الصيد وفي‬ ‫جبَتْ ُ‬‫تعالى {فَِإذَا وَ َ‬
‫فدية إزالة األذى من الرأس وكفارة اإلحصار وغيرها من الكفارات فال يأكل منها المكفر ألنها للفقراء والمساكين وليست للمكفر نفسه ‪.‬‬

‫حنر أو ذبح اهلدي إذا عطب قبل وصوله حمله‬


‫إذا عطب الهدى قبل محله فيجب نحره أو ذبحه وصبغ نعليه في دمه ويطلب من الناس األكل منه‪ ،‬وال يأكل منه المهدي لحديث (بَعَثَ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فُلَانًا الْأَسْلَمِيَ َوبَعَثَ مَعَهُ ِبثَمَانِ عَشْ َرةَ َب َدنَةً‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَرََأيْتَ ِإنْ أُزْحِفَ عَلَيَ ِم ْنهَا شَيْءٌ؟ قَالَ‪َ :‬تنْحَرُهَا‪ ،‬ثُمَ‬
‫حدٌ ِمنْ َأصْحَابِكَ‪َ ،‬أوْ قَالَ‪ :‬مِنْ أَهْلِ رُفْ َق ِتكَ)(‪ )5‬الحديث يدل على‬ ‫صبُغُ نَعَْلهَا فِي دَ ِمهَا‪ ،‬ثُمَ اضْرِ ْبهَا عَلَى صَفْحَ ِتهَا‪ ،‬وَلَا تَأْ ُكلْ ِم ْنهَا َأنْتَ وَلَا أَ َ‬‫َت ْ‬
‫وجوب نحر ما سيهلك من الهدي وأال يأكل المهدي منه‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه يجوز بيع الهدي الذي يتعرض للهالك ألن المهدي سيشتري بدله‬
‫واألصل جواز التصرف في الهدي الذي يتعرض للهالك بسبب مرض أو نحوه ألن المُهدي سيشتري بدال عنه هدياً سليماً ‪.‬‬

‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الحج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوصايا‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1760‬بلفظ (عن أَبُو الزُبَيْرِ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ سُئِلَ‬
‫ت إِلَيْهَا حَتَى تَجِدَ ظَهْرًا)‪.‬‬ ‫ت النَبِيَ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ‪ ،‬إِذَا أُلْجِئْ َ‬‫ب الْهَدْيِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬سَمِعْ ُ‬ ‫عَنْ رُكُو ِ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫الّظهر‪ :‬مايركب عليه من الدواب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الهدي‪ :‬مايذبحه الحاج في حجه نسكا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب وإذ بوأنا ألبراهيم مكان البيت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1711‬بلفظ (عن عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬كُنَا لَا‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬كُلُوا وَتَزَوَدُوا‪ ،‬فَأَكَلْنَا وَتَزَوَدْنَا)‪.‬‬ ‫خصَ لَنَا النَبِ ُ‬ ‫ق ثَلَاثِ مِنًى‪ ،‬فَرَ َ‬
‫ن لُحُو ِم بُدْنِنَا فَوْ َ‬
‫نَأْكُلُ مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األطعمة‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البحاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عمرة بنت عبد الرحمن رقم (‪.)1720‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)36( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬باب في الهدي إذاعطب قبل أن يبلغ‪ .‬حديث رقم (‪ )1763‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَعَثَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فُلَانًا الْأَسْلَمِيَ وَبَعَثَ مَعَهُ بِثَمَانِ عَشْرَةَ بَدَنَةً‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَرَأَيْتَ إِنْ أُزْحِفَ عَلَيَ مِنْهَا شَيْءٌ ؟ قَالَ‪ :‬تَنْحَرُهَا‪ ،‬ثُمَ تَصْبُغُ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا‪ ،‬ثُمَ اضْرِبْهَا عَلَى صَفْحَتِهَا‪ ،‬وَلَا تَأْكُلْ‬
‫ن أَهْلِ رُفْقَتِكَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن أَصْحَابِكَ‪ ،‬أَوْ قَالَ‪ :‬مِ ْ‬‫ت وَلَا أَحَ ٌد مِ ْ‬‫مِنْهَا أَنْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬البدنة‪ :‬البعير اوالناقة تنحر بمكة‪.‬‬
‫‪372‬‬
‫الفصل السادس ‪:‬مسائل متفرقة يف احلج‬

‫سنة الشرب من ماء زمزم‬ ‫‪‬‬


‫من مقاصد الحج اجتماع المسلمين وتدارس أمورهم‬ ‫‪‬‬
‫صحة صالة المصلى داخل الكعبة إلى أي جهة من الجهات األربع‬ ‫‪‬‬
‫براءة ذمة من لقي لقطة في مكة وسلمها لشرطة الحرم الشريف للتعريف بها‬ ‫‪‬‬
‫جواز ممارسة األعمال التجارية في الحج‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية كسوة الكعبة المشرفة‬ ‫‪‬‬
‫جواز زيارة غار حراء لمعرفة اآلثار التاريخية‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية زيارة المسجد النبوي الشريف‬ ‫‪‬‬
‫ضعف أحاديث زيارة قبر النبي صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪‬‬

‫‪373‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬مسائل متفرقة في الحج‬

‫سنة الشرب من ماء زمزم‬


‫يسن للحاج الشرب من ماء زمزم وال سيما بعد الفراغ من الطواف وقبل السعي لحديث (سَ َقيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِمنْ‬
‫زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَ ُهوَ قَائِمٌ)(‪ )1‬الحديث يدل على أن الشرب من ماء زمزم سنة وأما كونه قائما فهو للضرورة ألن من يشرب وهو قائم شربه‬
‫حدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا فَ َمنْ نَسِيَ فَ ْليَسْتَقِئْ)(‪. )2‬‬
‫مكروه لحديث (لَا يَشْ َر َبنَ أَ َ‬

‫من مقاصد احلج اجتماع املسلمني وتدارس أمورهم‬


‫الحج من مقاصد مشروعيته أن يجتمع المسلمون ويتدارسون أمور المسلمين العامة وشئونهم السياسية واالقتصادية واالجتماعية والعلمية‬
‫والدفاعية وغيرها من األمور التي تهم المسلمين كأمة من األمم التي تعيش على وجه الكرة األرضية‪ ،‬والدولة القائمة على الحرمين‬
‫الشريفين يجب عليها أن تسهل التجمعات في الحج ألنه يشرع للمسلم العربي أن يتعرف على أحوال المسلم الهندي أو الروسي أو األوربي‬
‫أو الصيني أو األمر يكي أو األفريقي والعكس‪ ،‬والمفترض أن يكون الحج موسما للتعارف بين المسلمين وللتعرف على أحوال المسلمين‬
‫في مختلف بلدانهم ومؤتمرا عالميا لتدارس شؤونهم وحل مشكالتهم كما كان في أيام الخلفاء الراشدين وال سيما في أيام الخليفة الراشد‬
‫عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬وتداس القيادات اإلسالمية العلمية والدعوية والسياسية والعسكرية والعلمية واالقتصادية وغيرها‬
‫المشكالت العامة التي تهم المسلمين في مختلف بلدان العالم اإلسالمي واقتراح الحلول لمشكالتها هي من المنافع العامة للمسلمين وهي من‬
‫(‪)3‬‬
‫ش َهدُوا َمنَافِعَ َلهُمْ َو َيذْكُرُوا اسْمَ اللَهِ فِي َأيَامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَ َقهُم مِن َبهِيمَةِ الَْأنْعَامِ}‬
‫المنافع المقصودة في قوله تعالى {ِليَ ْ‬

‫صحة صالة املصلى داخل الكعبة إىل أي جهة من اجلهات األربع‬


‫يشرع للمصلي داخل الكعبة أن يتجه إلى أي جهة فيها وتصح صالته إلى أي جهة من الجهات األربع سواء الشمال أو الجنوب أو الشرق‬
‫أو الغرب فكلها قبلة للمصلي المتجه إليها‪ ،‬وكذا تصح الصالة على سطح الكعبة إلى أي جهة من الجهات األربع (الشمال أو الجنوب أو‬
‫الشرق أو الغرب) ألن كل جهة من جهاتها األربع هو قبلة للمصلي المتجه إليها‪.‬‬

‫براءة ذمة من لقي لقطة يف مكة وسلمها لشرطة احلرم الشريف للتعريف بها‬
‫إذا لقي اإلنسان لقطة في الحرم المكي الشريف وقام بتسليمها لشرطة الحرم للتعريف بها فإن ذمته تبرأ من اللقطة ألن الشرطة هي الجهة‬
‫المسؤولة على حفظ اللقطة وعلى التعريف بها ‪.‬‬

‫جواز ممارسة األعمال التجارية يف احلج‬


‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫ضالً مِن َربِكُمْ}‬
‫يجوز للحاج أن يمارس عمال من األعمال التجارية في أيام الحج لقوله تعالى {َليْسَ عََليْكُمْ جُنَاحٌ أَن َت ْبتَغُواْ َف ْ‬

‫مشروعية كسوة الكعبة املشرفة‬


‫كسوة الكعبة مشروعة وال يشرع أن تطلى الكسوة بالذهب وإنما تزين من غير الذهب‪ ،‬وأول من كسى الكعبة هو ملك اليمن (تبع اليماني‬
‫أبو كرب ) وكانت العرب تكسوا الكعبة كل سنة إلى أيام النبي صلى اهلل عليه وسلم فأمر النبي صلى اهلل عليه وسلم بكسوتها‪ ،‬وفي أيام‬
‫دولة بين أمية ودولة بني العباس كانت كل دولة تكسوا الكعبة كل سنة‪ ،‬ثم أوقف بعض ملوك مصر أراضي قرية لكسوة الكعبة وكانت‬
‫الكعبة تكسى من غالل هذه األوقاف في كل سنة حتى ساءت العالقة بين الدولة المصرية أيام جمال عبدا لناصر وبين القائمين على‬
‫المملكة العربية السعودية بعد أن أصبحت المملكة العربية السعودية أغنى من دولة مصر بسبب عائدات الثروة النفطية فقامت المملكة‬
‫العربية السعودية بكسوة الكعبة‪ ،‬وكانت كسوة الكعبة القديمة يأخذها بنو شيبة ويبيعونها من المسؤولين واألثرياء المسلمين ثم بعد ذلك‬
‫صارت المملكة العربية السعودية تقطع كسوة الكعبة القديمة وتهديها لبعثات الحج وللملوك والرؤساء من المسلمين‪.‬‬

‫جواز زيارة غار حراء ملعرفة اآلثار التارخيية‬


‫يجوز للحاج أو المعتمر أو ألي إنسان زيارة غار حراء من باب التعرف على اآلثار التاريخية لبدء الوحي اإللهي ولنزول القرآن الكريم‬
‫وال يجوز زيارة الغار من باب االعتقاد في الغار أو التبرك به أو بترابه أو التمسح بأحجاره فهذا من باب الشرك المحرم المحبط ألعمال‬

‫‪1‬‬
‫ن عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا حَدَثَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَقَيْتُ رَسُولَ اللَهِ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ما جاء في زمزم‪ .‬حديث رقم (‪) 1637‬بلفظ (عَنْ الشَعْبِيِ أَنَ ابْ َ‬
‫ن يَوْمَئِ ٍذ إِلَا عَلَى بَعِيرٍ)‪.‬‬
‫ب وَهُ َو قَائِمٌ‪ ،‬قَال عَاصِمٌ‪ :‬فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَا َ‬
‫ن زَمْزَ َم فَشَرِ َ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األشربة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب كراهة الشرب قائما‪ .‬حديث رقم (عن أَبُو غَطَفَانَ الْمُرِيُ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪:‬‬
‫ي فَلْيَسْتَقِئْ)‪.‬‬
‫ن نَسِ َ‬‫ن أَحَ ٌد مِنْكُمْ قَائِمًا فَمَ ْ‬
‫لَا يَشْرَبَ َ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)25( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)151( :‬‬
‫‪374‬‬
‫جنَةَ وَمَ ْأوَاهُ النَارُ وَمَا لِلّظَالِمِينَ ِمنْ أَنصَارٍ}(‪ )1‬وقال تعالى {ِإنَ اللّهَ الَ يَغْفِرُ أَن‬
‫فاعله قال تعالى {ِإنَهُ مَن يُشْ ِراْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَمَ اللّهُ عَلَيهِ الْ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ي إَِل ْيكَ وَإِلَى اَلذِينَ ِمنْ َقبِْلكَ‬
‫يُشْ َراَ بِهِ َويَغْفِرُ مَا ُدونَ ذَِلكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْ ِراْ بِاللّهِ فَ َقدِ ا ْفتَرَى ِإثْماً عَّظِيماً} وقال تعالى {وَلَ َقدْ أُوحِ َ‬
‫طنَ عَمَُلكَ وََلتَكُو َننَ ِمنَ الْخَاسِرِينَ}(‪. )3‬‬ ‫حبَ َ‬
‫َل ِئنْ أَشْرَكْتَ َليَ ْ‬

‫مشروعية زيارة املسجد النبوي الشريف‬


‫يشرع للمسلم شد الرحال لزيارة المسجد النبوي الشريف والصالة فيه ألن الصالة فيه بألف صالة فيما سواه سوى المسجد الحرام الذي‬
‫الصالة فيه بمائة ألف فيما سواه وسوى المسجد النبوي الشريف والمشروع شد الرحال إلى المسجد النبوي ال إلى قبر النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فيجب أن يكون القصد من شد الرحال هو لزيارة المسجد النبوي الشريف وتكون زيارة قبر النبي صلى اهلل عليه وسلم تبعا لزيارة‬
‫المسجد ال دافعا لشد الرحال لزيارة القبر فمن وصل المسجد النبوي لزيارته يستحب له زيارة قبر النبي صلى اهلل عليه وسلم من داخل‬
‫جدِ الرَسُولِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَمَسْجِدِ‬
‫جدِ الْحَرَامِ‪ ،‬وَمَسْ ِ‬
‫جدَ‪ ،‬الْمَسْ ِ‬‫شدُ الرِحَالُ إِلَا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَا ِ‬
‫المسجد النبوي الشريف لحديث (لَا تُ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫جدَ الْحَرَامَ) وليس زيارة قبر النبي صلى اهلل عليه‬ ‫خيْرٌ ِمنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَا الْمَسْ ِ‬ ‫جدِي َهذَا َ‬ ‫الْأَقْصَى)(‪ )4‬وحديث (صَلَاةٌ فِي مَسْ ِ‬
‫وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر رضي اهلل عنهما من تمام زيارة المسجد النبوي الشريف‪ ،‬وال زيارة المسجد أو القبر من تمام الحج‪ ،‬ألنه‬
‫ال عالقة لزيارة المسجد النبوي بالحج ولكن زيارة المسجد النبوي الشريف مشروعة مشروعية مستقلة عن مشروعية الحج بدليل الحديثين‬
‫السابقين وهما حديثان صحيحان متفق على صحتهما ‪.‬‬

‫ضعف أحاديث زيارة قرب النبي صلى اهلل عليه وسلم‬


‫أما ما يروى بلفظ (من حج ولم يزرني فقد جفاني) فهو ضعيف ال أصل له ومثله ما يروى بلفظ (من زار قبري وجبت له شفاعتي) فهو‬
‫ضعيف وما يروى بلفظ (من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة) قال ابن تيميه إنه موضوع فهذه األقوال كلها ضعيفة أو‬
‫موضوعه ال حجة فيها وال يجوز االستدالل بها على مشروعية شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)72( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)45( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الزمر‪.)65( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب فضل الصالة في مسجد مكة والمدينة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1151‬بلفط (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْ هِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تُشَ ُد الرِحَا ُل إِلَا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ‪ ،‬الْمَسْجِ ِد الْحَرَامِ‪ ،‬وَمَسْجِ ِد الرَسُو ِل صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَمَسْجِ ِد الْأَقْصَى)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والنسائي في المواقيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والس نة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬مواقيت الصالة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب فضل الصالة في مسجد مكة والمدينة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1110‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬صَلَا ٌة فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْ ٌر مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَا ُه إِلَا الْمَسْجِ َد الْحَرَامَ)‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في المساجد‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النداء‬
‫للصالة‪.‬‬
‫‪375‬‬
‫كتاب‬

‫اجلهــــــــــا‬

‫‪376‬‬
‫الكتاب السابع ‪:‬كتـــــــــــاب اجلهـــــــــــــــــاد‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬الجهاد ومشروعيته‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬الغنائم والفيء والجزية‬

‫‪377‬‬
‫الباب األول ‪:‬اجلهاد ومشروعيته‬

‫‪ ‬الفصّل األول ‪ :‬تعريف الجهادوحكمه‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬ما يجوز من النكاية في العدو‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬شرط الحرب والهدنة‬

‫‪378‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬اجلهـــــــادوحكمه‬

‫تعريف الجهاد‬ ‫‪‬‬


‫مشروعية الجهاد‬ ‫‪‬‬
‫حكم الجهاد‬ ‫‪‬‬
‫الجهاد فرض كفاية‬ ‫‪‬‬
‫على من يجب الجهاد‬ ‫‪‬‬
‫إذن الوالدين‬ ‫‪‬‬
‫إذن صاحب الدين‬ ‫‪‬‬
‫من الذين يحاربون‬ ‫‪‬‬

‫‪379‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الجهادوحكمه‬

‫تعريف اجلهاد‬
‫الجهاد (لغة)‪ :‬المشقة‪ ،‬يقال‪ :‬جاهد يجاهد جهاداً ومجاهدة إذا استفرغ وسعه وبذل طاقته وتحمل المشاق في مقاتلة العدو ومدافعته‪.‬‬

‫الجهاد (شرعاً)‪ :‬بذل الجهد في قتال الكفار والبغاة‪.‬‬

‫مشروعية اجلهاد‬
‫(‪)1‬‬
‫الجهاد مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {يَا َأيُهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا لَقِيتُمْ ِفئَةً فَاثْ ُبتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ َكثِيراً لَعَلَكُمْ تُفْلَحُونَ}‬
‫وقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا لَقِيتُمُ اَلذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً َفالَ ُتوَلُوهُمُ ا َأل ْدبَارَ }(‪ )2‬ومن السنة حديث (وإذا استنفرتم فانفروا)(‪.)3‬‬

‫لما كان الجهاد من أهم العبادات والقربات إلى اهلل تعالى جعله مؤلف البداية بعد العبادات ولذا وضعه بعد كتاب الحج ‪.‬‬

‫حكم اجلهاد‬
‫يتضمن حكم الجهاد وما هي حالة وجوب الجهاد وجوبا عينياً وما هي حاالت وجوبه وجوباً كفائياً كما يتضمن ما يجوز من النكاية في‬
‫العدو في أنفسهم بالقتل أو األسر أو االسترقاق وما يجوز من النكاية في أموالهم من الغنائم أو قلع األشجار أو خراب البيوت أو غيرها‬
‫من النكاية في العدو‪.‬‬

‫اجلهاد فرض كفاية‬


‫الجهاد فرض كفاية إال إ ذا صار فرض عين بدخول الكافرين بالد المسلمين أو عُين شخص للجهاد من قبل اإلمام فيصير الجهاد بدخول‬
‫الكافرين بالد المسلمين أو بتعيين ولي أمر المسلمين فرض عين ولو بغير إذن الوالدين ألنه يتعارض فرض عين وهو طاعة الوالدين مع‬
‫فرض عين آخر وهو الجهاد في سبيل اهلل تعالى‪ ،‬وإذا تعارض فرض عين نفعه متعد لألمة مع فرض عين نفعه قاصر على أسرة فيقدم‬
‫فرض العين الذي نفعه عام لألمة كأن يوجد شخص ال يصح الجهاد إال به فيعين من قبل ولي األمر فيجب عليه الجهاد وجوبا عينيا حتى‬
‫ولو لم يأذن له والداه بالجهاد في سبيل اهلل تعالى‪ ،‬دليل كون الجهاد فرضا قوله تعالى { ُكتِبَ عََليْكُمُ الْ ِقتَالُ وَ ُهوَ كُ ْرهٌ لَكُمْ َوعَسَى أَن تَكْرَهُواْ‬
‫شيْئاً وَ ُهوَ شَرٌ لَكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ الَ َتعْلَمُونَ}(‪ )4‬ولفظ (كتب) تدل على الوجوب ودليل كون الجهاد‬ ‫حبُواْ َ‬‫خيْرٌ لَكُمْ َوعَسَى أَن تُ ِ‬ ‫شيْئاً وَ ُهوَ َ‬
‫َ‬
‫فرضا على الكفاية قوله تعالى {وَمَا كَانَ الْ ُمؤْ ِمنُونَ ِليَنفِرُواْ كَآفَةً فََلوْالَ نَفَرَ مِن ُكلِ فِرْقَةٍ ِم ْنهُمْ طَآئِفَةٌ ِل َيتَفَ َقهُواْ فِي الدِينِ وَِليُنذِرُواْ َقوْ َمهُمْ‬
‫حذَرُونَ}(‪ )5‬ودليل كونه فرض عين إذا عين من قبل ولي األمر قوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬وَِإذَا ا ْ‬
‫س ُتنْفِ ْرتُمْ‬ ‫ِإذَا رَجَعُواْ إَِل ْيهِمْ لَعََلهُمْ يَ ْ‬
‫فَانْفِرُوا)(‪ )6‬وكذا إذا دخل العدو بالد المسلمين صار الجهاد فرض عين على جميع من في البالد المهاجَمة ‪.‬‬

‫على من جيب اجلهاد‬


‫يجب الجهاد على الرجال األحرار البالغين العاقلين األصحاء فيخرج عن الرجال النساء‪ ،‬وعن األحرار العبيد‪ ،‬وعن البالغين الصبيان‪،‬‬
‫وعن العاقلين المجانين‪ ،‬وعن األصحاء المرضى والزمني أي كبار السن العاجزين عن الجهاد لكبر سنهم‪ ،‬قال تعالى {َليْسَ عَلَى الَْأعْمَى‬
‫حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}(‪ )7‬وقال تعالى {َليْسَ عَلَى الضُعَفَاء وَالَ عَلَى الْمَ ْرضَى َوالَ عَلَى اَلذِينَ الَ يَجِدُونَ مَا‬
‫سبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(‪.)8‬‬
‫سنِينَ مِن َ‬
‫يُنفِقُونَ حَرَجٌ ِإذَا َنصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْ ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األنفال‪)45( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنفال‪)15( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب اليحل القتال بمكة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 22753‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَوْمَ‬
‫افْتَتَحَ مَ َكةَ‪ ،‬لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَةٌ‪ ،‬وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا فَإِنَ هَذَا بَلَدٌ حَرَمَ اللَهُ يَ وْمَ خَلَقَ السَمَوَاتِ وَالْأَ ْرضَ وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة‪ ،‬وَإِنَهُ لَمْ‬
‫يَحِلَ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي‪ ،‬وَلَمْ يَحِلَ لِي إِلَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَ امَةِ‪ ،‬لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ‪ ،‬وَلَا يُنَفَرُ صَيْدُهُ‪ ،‬وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَا مَنْ عَرَفَهَا‪،‬‬
‫س يَا رَسُو َل اللَ ِه إِلَا الْإِذْخِ َر فَإِنَهُ لِقَيْنِهِ ْم وَلِبُيُوتِهِمْ قَالَ‪ :‬قَالَ‪ :‬إِلَا ا ْلإِذْخِرَ)‬
‫وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَ ا‪ ،‬قَا َل الْعَبَا ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫األذخر‪ :‬نبات طيب الرائحة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬العضد‪ :‬القطع‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)216( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)122( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)2753‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬الفتح‪.)17( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)11( :‬‬
‫‪381‬‬
‫إذن الوالدين‬
‫يشترط لوجوب الجهاد وللقيام بأعمال الجهاد إذن الوالدين إال إذا قد صار الجهاد فرض عين فال يحتاج إلى أذن الوالدين لحديث (جَاءَ‬
‫جهَادِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَحَيٌ وَاِلدَااَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَفِيهِمَا فَجَا ِهدْ)(‪ )1‬أي أطعهما‪ ،‬وإطالق‬ ‫جلٌ إِلَى ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَاسْتَ ْأ َذنَهُ فِي الْ ِ‬
‫رَ ُ‬
‫لفظ الجهاد على طاعة الوالدين من باب المشاكلة‪ ،‬الحديث دليل على وجوب استئذان األبوين المسلمين في الجهاد وأن طاعتهما مقدمه‬
‫على الجهاد في سبيل اهلل الواجب وجوبا كفائيا‪ ،‬وأما األبوان المشركان فال تجب طاعتهما في ترك الجهاد في سبيل اهلل وال يجب على‬
‫سبِيالً}(‪. )2‬‬
‫المسلم استئذانهما في الجهاد في سبيل ألنه ال والية للكافر على المسلم قال تعالى {وَلَن يَجْ َعلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ َ‬

‫إذن صاحب الدين‬


‫الصحيح‪ :‬أن الجهاد ال يجب على المديون إال إذا كان معه مال يوصى به لقضاء الدين وكان متأكدا من تنفيذ وصيته إذا استشهد أو أن‬
‫يأذن له الدائن (صاحب الدين ) بالجهاد في سبيل اهلل تعالى ألن الدين أو حقوق المخلوق أو المخلوقين تحرمه من ثواب الشهادة ومن تكفير‬
‫عنِي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬إِنْ‬ ‫سبِيلِ اللَهِ‪ ،‬تُكَفَرُ َ‬‫السيئات لحديث (يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَرََأيْتَ ِإنْ ُقتِلْتُ فِي َ‬
‫غيْرُ ُم ْدبِرٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ :‬كيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ‪ :‬أَرََأيْتَ ِإنْ قُتِلْتُ فِي‬ ‫حتَسِبٌ مُ ْق ِبلٌ َ‬
‫سبِيلِ اللَهِ وََأنْتَ صَابِرٌ مُ ْ‬
‫ُقتِلْتَ فِي َ‬
‫جبْرِيلَ‬‫غيْرُ ُم ْدبِرٍ إِلَا ال َد ْينَ‪ ،‬فَ ِإنَ ِ‬
‫حتَسِبٌ مُ ْق ِبلٌ َ‬
‫عنِي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وََأنْتَ صَابِرٌ مُ ْ‬ ‫سبِيلِ اللَهِ‪َ ،‬أتُكَفَرُ َ‬
‫َ‬
‫(‪)3‬‬
‫عََليْهِ السَلَام قَالَ‪ :‬لِي ذَِلكَ) ‪ ،‬الحديث يدل على أن الشهادة في سبيل اهلل تكفر جميع الذنوب سواء الصغائر أو الكبائر إال حقوق المخلوقين‬
‫ومنها الديون المادية فال يكفرها شيء من العبادات والطاعات حتى وال الشهادة في سبيل اهلل التي هي أعلى الطاعات وأحب العبادات إلى‬
‫اهلل تعالى ‪.‬‬

‫من الذين حياربون‬


‫(‪)4‬‬
‫ع ْدوَانَ إِالَ عَلَى الّظَالِمِينَ}‬ ‫الذين يحاربَون هم المشركون لقوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَى الَ تَكُونَ ِف ْتنَةٌ َويَكُونَ الدِينُ لِلّهِ فَِإنِ ان َتهَواْ َفالَ ُ‬
‫يلحق بهم اليهود والنصارى بكونهم مشركين محرفين للتوراة واإلنجيل إذا قاتلوا المسلمين من أجل دينهم وحاربوهم وأخرجوهم من‬
‫ديارهم وظاهروا من يحارب المسلمين ويعتدي على دين المسلمين ومقدساتهم ومدوهم بالعتاد الحربي والدعم االقتصادي والمعنوي أو‬
‫عنِ اَلذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِن ِديَارِكُمْ‬ ‫يظاهرونهم بأي نوع من أنواع المظاهرة أو العون لقوله تعالى {لَا َينْهَاكُمُ اللَهُ َ‬
‫عنِ اَلذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِينِ وَأَخْرَجُوكُم مِن ِديَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى‬ ‫أَن َتبَرُوهُمْ َوتُقْسِطُوا إَِل ْيهِمْ ِإنَ اللَهَ يُحِبُ الْمُقْسِطِينَ * ِإنَمَا َي ْنهَاكُمُ اللَهُ َ‬
‫إِخْرَاجِكُمْ أَن َتوََلوْهُمْ وَمَن َي َتوََلهُمْ فَُأوَْل ِئكَ هُمُ الّظَالِمُونَ}(‪ )5‬فاآلية األولى تحث المسلمين على إقامة عالقات بر وتعاون تراعى فيها‬
‫مصالح المسلمين وغير المسلمين العامة وعلى إقامة العدل مع غير المسلمين في جميع الشئون واألمور العامة والخاصة ولكن بشرط إذا‬
‫لم يعتدوا على المسلمين أو يظاهروا من يعتدي على المسلمين بأي نوع من أنواع المظاهرة أو يدعموا المعتدين بأي نوع من أنواع الدعم‬
‫العسكري أو االقتصادي أو السياسي أو اإلعالمي أو غيره من أنواع الدعم أو التقوية للمعتدين على المسلمين‪ ،‬واآلية الثانية تحرم إقامة‬
‫أي عالقة أو تعاون مع من يعتدي على المسلمين أو يظاهر أو يدعم من يعتدي على المسلمين بأي نوع من أنواع الدعم العسكري أو‬
‫االقتصادي أو السياسي أو االستخباراتي أو اإلعالمي أو المعنوي أو بأي دعم فيه تقوية للمعتدين على المسلمين في أي زمان وفي أي‬
‫مكان من األرض سواء كان االعتداء بفتنتهم عن دينهم أو بتهجيرهم من ديارهم أو باالعتداء على دمائهم أو ممتلكاتهم أو بمنعهم من‬
‫ممارسة شعائر دينهم أو بتخريب وتدنيس مقدساتهم أو بالتضييق على حرياتهم الدينية في العلم أو التعليم أو اللباس أو العمل أو الدعوة إلى‬
‫دينهم أو بأي نوع من أنواع االعتداء أو القتال في الدين والنهي صريح عن إقامة أي عالقة أو تعاون مع المعتدين أو من يعاونهم في قوله‬
‫عنِ اَلذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِينِ وَأَخْرَجُوكُم مِن ِديَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن َتوََلوْهُمْ وَمَن َيتَوََلهُمْ فَُأوَْل ِئكَ هُمُ‬ ‫تعالى {ِإنَمَا َينْهَاكُمُ اللَهُ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫حبَشَةَ) في الحديث أهل (أرتيريا) ألنهم‬ ‫حبَشَةَ مَا َو َدعُوكُمْ‪ ،‬وَاتْرُكُوا التُ ْراَ مَا تَرَكُوكُمْ) فالمراد ب(الْ َ‬ ‫الّظَالِمُونَ}(‪ )6‬وأما حديث ( َدعُوا الْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب الجهاد بإذن األبوين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3004‬بلفظ (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَاسْتَأْذَنَ ُه فِي الْجِهَادِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَحَيٌ وَالِدَااَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ)‪.‬‬ ‫النَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في الجهاد‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)141( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ :‬باب من ق تل في سبيل اهلل كفرت خطاياه إال الدين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4557‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَهُ‬
‫يُحَدِثُ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَ الْجِ هَادَ فِي سَبِيلِ اللَهِ وَالْإِيمَانَ بِاللَهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ‪ ،‬فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَرَأَيْتَ‬
‫إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَهِ‪ ،‬تُكَفَرُ عَنِي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ‪ :‬أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَهِ‪ ،‬أَتُكَفَرُ عَنِي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬وَأَنْتَ صَابِرٌ‬
‫ب مُقْبِلٌ غَيْ ُر مُدْبِ ٍر إِلَا الدَيْنَ‪ ،‬فَإِنَ جِبْرِيلَ عَلَيْ ِه السَلَام قَالَ‪ :‬لِي ذَلِكَ)‪.‬‬
‫مُحْتَسِ ٌ‬
‫أخرجه الترمذي في االجهاد‪ ،‬والنسائي في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باق ي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجهاد‪ ،‬والدارمي في الجهاد‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تكفر‪ :‬تمحو وتزيل‪ .‬اإلحتساب‪ :‬رجاء الثواب واألجر من اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)113( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الممتحنة‪.)5 ،1( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬الممتحنة‪.)1( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب المالحم‪ :‬باب في النهي عن تهييج الترا والحبشة‪ .‬حديث رقم (‪) 4302‬بلفظ (عَنْ أَبِي سُكَيْنَةَ رَجُلٌ مِنْ الْمُحَرَرِينَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ‬
‫النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ‪ ،‬وَاتْ رُكُوا التُرْاَ مَا تَرَكُوكُمْ) حسن الحديث األلباني في صحيح‬
‫سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في الجهاد‪.‬‬
‫‪381‬‬
‫هم الذين هاجر إليهم أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم في أول اإلسالم والمراد بلفظ (الترا) في الحديث أهل تركستان وليس المراد‬
‫ب(الترا) في الحديث تركيا التي عاصمتها (أنقره) ألنهم مسلمون وقد تولوا خالفة المسلمين لمدة عقود من الزمن ‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬ما جيوز من النكاية يف العدو‬

‫النكاية‬ ‫‪‬‬
‫أسرى الحرب‬ ‫‪‬‬
‫تأمين األسير‬ ‫‪‬‬
‫النكاية في النفوس‬ ‫‪‬‬
‫النهي عن المثلة‬ ‫‪‬‬
‫تحريم تحريق المشركين بالنار‬ ‫‪‬‬
‫جواز رمي حصون المحاربين بالمجانيق وأمثالها‬ ‫‪‬‬
‫النكاية في أموال المحاربين‬ ‫‪‬‬

‫‪383‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ما يجوز من النكاية في العدو‬

‫النكاية‬
‫هي النقص فيجوز إدخال النقص على العدو في أفرادهم وأموالهم سواء بالقتل أو األسر أو االسترقاق ألفرادهم أو بالغنائم ألموالهم‬
‫وممتلكاتهم فيجوز قطع األشجار أو غيرها من األموال أو خراب بيوت ومنشئات العدو للنكاية بهم‪ ،‬وتجوز النكاية بالمشركين في ذكرانهم‬
‫وإناثهم وشيوخهم وصبيانهم صغارهم وكب ارهم إال الرهبان فال يتعرض لهم ال بقتل وال بأسر إال إذا كان الراهب ذا رأي ومكيدة في‬
‫الحرب فيقتل‪ ،‬ومثل الراهب الشيخ الكبير الطاعن في السن والمرأة فيتركون وال يقتلون إال إذا كان الشيخ الكبير أو المرأة يساعد على‬
‫الحرب برأي وتدبير أو مشاركة في القتال فيقتل الشيخ الكبير وتقتل المرأة إذا كان لها مشاركة برأي أو تدبير أو مشاركة في أعمال‬
‫الحرب والقتال‪ ،‬وال دليل على القول بعدم استعباد الرهبان وأما حديث (أن رسول صلى اهلل عليه وسلم خرج مشيعا ألهل مؤتة فقال‪:‬‬
‫اغزوا باسم اهلل فقاتلوا عدو اهلل وعدوكم بالشام وستجدون فيهم رجاال في الصوامع معتزلين عن الناس فال تعرضوا لهم) فهو حديث‬
‫ضعيف‪.‬‬

‫أسرى احلرب‬
‫الصحيح‪ :‬أن أسرى الحرب أمرهم موكول إلى ولي أمر المسلمين فإن رأي المصلحة في قتلهم فيجوز قتلهم ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قد قتل النضر بن الحارث وقتل أبا عزة الجمحي في معركة أحد‪ ,‬وإن رأى المصلحة في المن فيجوز له المن عليهم كما من النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم على أهل مكة بعد فتح مكة‪ ,‬وإن رأى المصلحة في أخذ الفدية فيجوز له أخذ الفدية كما كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يأخذ‬
‫الفدية في أسري معركة بدر‪ ,‬والعبرة هي بالمصلحة للمسلمين‪ ,‬وأما الجزية فلم تفرض إال في السنة التاسعة للهجرة النبوية على صاحبها‬
‫طلٍ ُمتَعَلِقٌ بِأَسْتَارِ الْكَ ْعبَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬ا ْقتُلُوهُ)(‪ )1‬واألمر بقتل ابن خطل دليل‬ ‫أفضل الصالة والسالم‪ ,‬الدليل على قتل األسير حديث (ِإنَ ا ْبنَ خَ َ‬
‫على جواز قتلى أسرى الحرب إذا رأى اإلمام المصلحة في القتل‪ ,‬ودليل المن على األسرى بال مقابل حديث (بَعَثَ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ‬
‫جدِ‪ ،‬فَخَرَجَ إَِليْهِ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ‬ ‫سوَارِي الْمَسْ ِ‬ ‫حنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ ْبنُ ُأثَالٍ‪ ،‬فَرَبَطُوهُ بِسَا ِريَةٍ ِمنْ َ‬ ‫جّلٍ ِمنْ َبنِي َ‬ ‫جدٍ فَجَاءَتْ بِرَ ُ‬ ‫خيّْلًا قِ َبّلَ نَ ْ‬
‫وَسَّلَمَ َ‬
‫خيْرٌ يَا مُحَ َمدُ‪ِ ،‬إنْ تَقْتُ ّْلنِي تَ ْق ُتّلْ ذَا دَمٍ‪ ،‬وَِإنْ ُتنْعِمْ ُتنْعِمْ عَّلَى شَاكِرٍ‪ ،‬وَِإنْ ُكنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ‬‫عنْدِي َ‬ ‫عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَقَالَ‪ :‬مَا عِ ْن َدكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ‪ِ :‬‬
‫ع ْن َدكَ يَا ثُمَامَةُ؟ قَالَ مَا قُّلْتُ َلكَ‪ِ ،‬إنْ ُتنْعِمْ تُنْعِمْ عَّلَى شَاكِرٍ‪َ ،‬فتَرَكَهُ حَتَى كَانَ بَ ْعدَ الْ َغدِ‪،‬‬
‫حتَى كَانَ الْ َغدُ ثُمَ قَالَ‪ :‬لَهُ‪ ،‬مَا ِ‬‫شئْتَ‪َ ،‬فتُ ِركَ َ‬ ‫سّلْ ِم ْنهُ مَا ِ‬ ‫فَ َ‬
‫خّلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ‪:‬‬ ‫سّلَ ثُمَ دَ َ‬
‫غتَ َ‬
‫جدِ فَا ْ‬
‫جّلٍ قَرِيبٍ ِمنْ الْمَسْ ِ‬ ‫ع ْندِي مَا قُّلْتُ َلكَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَطّْلِقُوا ثُمَامَةَ‪ ،‬فَانْطََّلقَ إِلَى نَ ْ‬ ‫ع ْن َدكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ ِ‬ ‫فَقَالَ‪ :‬مَا ِ‬
‫ش َهدُ َأنَ مُحَ َمدًا رَسُولُ الّلَهِ)(‪ )2‬في الحديث دليل على جواز المن على األسير أو األسرى إذا رأى اإلمام المصلحة‬ ‫ش َهدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا الّلَهُ وَأَ ْ‬‫أَ ْ‬
‫في المن بال مقابل‪ ,‬ودليل فداء األسير أو األسرى في مقابل الفداء بالمال حديث (لما كان يوم بدر فأخذ النبي صلى اهلل عليه وسلم الفداء‬
‫أنزل اهلل عز وجل ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في األرض تريدون عرض الدنيا واهلل يريد اآلخرة واهلل عزيز حكيم لوال‬
‫كتاب من اهلل سبق لمسكم فيما أخذتم عذابا عظيم) من الفداء ثم أحل لهم اهلل الغنائم)(‪ )3‬الحديث دليل على أن النبي صلى اهلل عليه وسلم كان‬
‫يأخذ الفداء مقابل إطالق أسرى معركة بدر قبل أن تنزل اآلية القرآنية التي تحثه على اإلثخان في القتل في أسرى معركة بدر ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام‪ .‬حديث رقم (‪ )2655‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ق بِأَسْتَا ِر الْكَعْبَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اقْتُلُوهُ)‪.‬‬
‫ن ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِ ٌ‬‫ح وَعَلَى رَأْسِ ِه الْمِغْفَرُ‪ ،‬فَلَمَا نَزَعَ ُه جَا َء رَجُلٌ فَقَالَ‪ :‬إِ َ‬
‫وَسَلَمَ دَخَ َل عَا َم الْفَتْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬وال نسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الحج‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬اللباس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المغفر‪ :‬مايوضع على الرأس في القتال‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4372‬بلفظ (عن سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ‬
‫عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَعَثَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُ قَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ‪ ،‬فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ‪ ،‬فَخَرَجَ إِلَيْهِ‬
‫ت تُرِي ُد الْمَا َل فَسَلْ مِنْ ُه مَا‬ ‫ن تُنْعِ ْم تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ‪ ،‬وَإِنْ كُنْ َ‬
‫ا يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ‪ :‬عِنْدِي خَيْ ٌر يَا مُحَمَدُ‪ ،‬إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُ ْل ذَا دَمٍ‪ ،‬وَإِ ْ‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬مَا عِنْدَ َ‬ ‫النَبِ ُ‬
‫شِئْتَ‪ ،‬فَتُرِاَ حَتَى كَانَ الْغَدُ ثُمَ قَالَ‪ :‬لَهُ‪ ،‬مَا عِنْدَاَ يَا ثُمَامَةُ؟ قَالَ مَا قُلْتُ لَكَ‪ ،‬إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ‪ ،‬فَتَرَكَهُ حَتَ ى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا عِنْدَاَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ عِنْدِي‬
‫سجِدَ فَقَالَ‪ :‬أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا ال لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَ مُحَمَدًا رَسُولُ اللَهِ‪ ،‬يَا مُحَمَدُ‬ ‫مَا قُلْتُ لَكَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ‪ ،‬فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَ دَخَلَ الْمَ ْ‬
‫وَاللَهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَ ْرضِ وَجْهٌ أَبْ َغضَ إِلَيَ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَ الْوُجُوهِ إِلَيَ‪ ،‬وَاللَهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْ َغضَ إِلَيَ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَ الدِينِ إِلَيَ‪،‬‬
‫وَاللَهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْ َغضُ إِلَيَ مِنْ بَلَدِاَ فَأَصْبَحَ بَلَدُاَ أَحَبَ الْبِلَادِ إِلَيَ‪ ،‬وَإِنَ خَيْلَ كَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ‪ ،‬فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَرَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ‪ ،‬فَلَمَا قَدِمَ مَكَةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ‪ :‬صَبَوْتَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَ دٍ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَلَا وَاللَهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَةُ حِنْطَةٍ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‪.‬‬ ‫ن فِيهَا النَبِ ُ‬ ‫حَتَى يَأْذَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الخصومات‪ ،‬الصالة‪.‬‬
‫الصابئ‪ :‬الذي يخرج من دين إلى غيره‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬نجل‪ :‬موضع قرب المسجد فيه ماء قليل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب في فداء األسير بالمال‪ .‬حديث ر قم (‪ )2610‬بلفظ [عن ابْنُ عَبَاسٍ قَالَ حَدَثَنِي عُمَرُ بْنُ الخطأبِ قَالَ لَمَا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ‬
‫فَأَخَذَ يَعْنِي النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الْفِدَاءَ أَنْزَلَ اللَهُ عَزَ وَجَلَ ( مَا كَانَ لِنَبِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَى يُثْخِنَ فِي الْأَ ْرضِ إِلَى قَوْلِهِ لَمَسَكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ) مِنْ الْفِدَاءِ ثُمَ‬
‫أَحَلَ لَهُ ْم اللَ ُه الْغَنَائِمَ)] قال عنه األلباني (حسن صحيح) في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬يثخن‪ :‬يكثر القتل والقهر في الكفار‪.‬‬
‫‪384‬‬
‫تأمني األسري‬
‫يجوز قتل األسير أو األسرى للمصلحة إذا رأى ولي أمر المسلمين ذلك هذا الجواز مشروط بعدم تأمين األسير من المسلمين‪ ،‬أما إذا قد‬
‫سوَاهُمْ يَ ُردُ‬
‫أمنه مسلم فال يجوز قتله لحديث (الْمُسْلِمُونَ َتتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى ِبذِ َم ِتهِمْ َأدْنَاهُمْ َويُجِيرُ عَلَ ْيهِمْ أَ ْقصَاهُمْ وَهُمْ َيدٌ عَلَى َمنْ ِ‬
‫عدِهِمْ)(‪ )1‬الحديث دليل على جواز تأمين المسلم على المسلمين ‪.‬‬ ‫شدُهُمْ عَلَى ُمضْعِ ِفهِمْ وَ ُمتَسَرِيهِمْ عَلَى قَا ِ‬
‫مُ ِ‬

‫الصحيح‪ :‬جواز تأمين العبد المسلم والمرأة المسلمة ألن كال منهما داخل تحت عموم (الْمُسْلِمُونَ َتتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى ِبذِ َم ِتهِمْ َأ ْدنَاهُمْ‬
‫شدُهُمْ عَلَى ُمضْعِ ِفهِمْ وَ ُمتَسَرِيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ) الحديث يعم كل مسلم ومسلمة سواء‬ ‫سوَاهُمْ يَ ُردُ مُ ِ‬
‫َويُجِيرُ عَلَ ْيهِمْ أَ ْقصَاهُمْ وَهُمْ َيدٌ عَلَى َمنْ ِ‬
‫كانوا أحراراً أو عبيداً‪ ،‬ومعنى لفظ (الْمُسْلِمُونَ َتتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ) أنه لو فرض أن عالماً أو مفكراً أو طبيباً أو قائداً أو ملكاً أو رئيساً قتل‬
‫مزارعاً أو عامالً أو طفالً فيقتل القاتل مهما كان علمه أو مكانته الرسمية أو الشعبية ألن كل نفس مسلمه تكافئ غيرها وال اعتبار للمكانة‬
‫العملية أو الرسمية أو الشعبية‪ ،‬ومعنى لفظ (وَيُجِيرُ عَ َل ْيهِمْ أَ ْقصَاهُمْ) جواز أمان كل مسلم أو مسلمه ألسير من أسرى الكافرين ‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن حكم المرأة مثل حكم الرجل في كل شيء إال ما خصه الدليل الخاص وال دليل في هذه المسألة بل قد ورد الدليل الخاص‬
‫بجواز أمان المرأة لألسير المشرك في حديث ( َقدْ أَجَ ْرنَا َمنْ أَجَرْتِ يَا أُمَ هَانِئٍ‪ ،‬قَالَتْ أُمُ هَانِئٍ‪َ :‬وذَااَ ضُحًى)(‪. )2‬‬

‫النكاية يف النفوس‬
‫سبِيلِ اللّهِ اَلذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ‬
‫يجوز في الحرب بين المسلمين والمشركين قتل المشركين الذكور البالغين المقاتلين لقوله تعالى {وَقَاتِلُواْ فِي َ‬
‫وَالَ تَ ْع َتدُواْ ِإنَ اللّهَ الَ يُحِبِ الْمُعْ َتدِينَ}(‪ )3‬وال يجوز قتل النساء وال الصبيان وال كبار السن إال إذا كان الشيخ الكبير له رأى وتدبير في‬
‫الحرب أو مشاركة في القتال فيجوز قتله وكذا المرأة إذا كان لها رأي وتدبير في الحرب أو مشاركة في القتال فيجوز قتلها وكذا الصبي‬
‫إذا كان له مشاركة في الحرب بالرأي أو في القتال فيجوز قتل الصبي أو الصبيان ودليل النهي عن قتل النساء والصبيان حديث ( َأنَ امْرَأَةً‬
‫ص ْبيَانِ)(‪ )4‬النهي‬ ‫جدَتْ فِي بَ ْعضِ مَغَازِي ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ مَ ْقتُولَةً‪ ،‬فََأنْكَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َق ْتلَ النِسَاءِ وَال ِ‬
‫وُ ِ‬
‫يفيد تحريم قتل النساء والصبيان إال من كان مشاركا في الحرب برأيه أو بنفسه ‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز قتل من لم يقاتل المسلمين كالرجل األعمى و المعتوه والحرات والعسيف األجير لحديث (لَا يَ ْقتَُلنَ امْرََأةً وَلَا‬
‫سبِيلِ اللَهِ وَقَاتِلُوا َمنْ كَ َفرَ بِاللَهِ‪ ،‬اغْزُوا‪ ،‬وَلَا تَ ْغدِرُوا‪ ،‬وَلَا تَغُلُوا‪ ،‬وَلَا تُ َمثِلُوا‪ ،‬وَلَا تَ ْقتُلُوا‬ ‫عَسِيفًا)(‪ )5‬ولحديث (ا ْ‬
‫غزُوا بِاسْمِ اللَهِ وَفِي َ‬
‫وَلِيدًا)(‪.)6‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن الصبي والمرأة والعسيف الراهب والشيخ الكبير ال يقتلون إال إذا شاركوا في الحرب أو ساعدوا عليها بأي مساعدة أو شارك‬
‫صنف منهم فالمشارك يقتل وغير المشارك ال يجوز قتله ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب في السرية ترد على العسكر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2751‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِهِ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَ ِه‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدُ مُشِدُهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِيهِمْ عَلَى‬
‫ن بِكَافِ ٍر وَلَا ذُو عَهْ ٍد فِي عَهْدِهِ) قال عنه األلباني(حسن صحيح)في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫قَاعِدِهِ ْم لَا يُقْتَلُ مُؤْمِ ٌ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الديات‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫يد‪ :‬أي عون وقوة بين بعضهم البعض‪ .‬يرد‪:‬‬ ‫اإلجارة‪ :‬عهد بالمنع والحماية‪.‬‬ ‫أدناهم‪ :‬أضعفهم وأقلهم منزلة‪.‬‬ ‫الذمة‪ :‬العهد‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫مضعفهم‪ :‬الذي يملك دوابا ضعيفة‪ .‬متسريهم‪ :‬الخارج‬ ‫مشدهم‪ :‬القوي الذي يملك دوابا نشطة قوية‪.‬‬ ‫يعين ويسهم فيما اكتسب من الغنيمة‪.‬‬
‫التكافؤ‪ :‬المساواة في الدماء‪.‬‬ ‫القوة‪ :‬القصا وهو مجازاة الجاني بمثل صنيعة‪.‬‬ ‫من الجيش إلى القتال‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب الص الة في الثوب الواحد ملتحفاً به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 357‬بلفظ (أَنَ أَبَا مُرَةَ مَوْلَى أُمِ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَهُ سَمِعَ أُمَ‬
‫هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ‪ ،‬تَقُولُ‪ :‬ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَسَلَمْتُ عَلَيْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَنْ هَذِهِ؟‬
‫فَقُلْتُ‪ :‬أَنَا أُمُ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ‪ :‬مَرْحَبًا بِأُمِ هَانِئٍ‪ ،‬فَلَمَا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَى ثَ مَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَمَا انْصَرَفَ قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ زَعَمَ‬
‫ا ضُحًى)‪.‬‬ ‫ت أُ ُم هَانِئٍ‪ :‬وَذَا َ‬‫ت يَا أُمَ هَانِئٍ‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ن أَجَرْ ِ‬
‫ن ابْنَ هُبَيْرَةَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬قَ ْد أَجَرْنَا مَ ْ‬ ‫ن أُمِي أَنَهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَ ْد أَجَرْتُ ُه فُلَا َ‬ ‫ابْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والترمذي في الصالة‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في من‬
‫مسند القبائل‪ ،‬ومالك في النداء للصالة‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الغسل‪ ،‬الجمعة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلجارة‪ :‬عهد بالمنع والحماية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)110( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب قتل الصبيان في الحرب‪ .‬حديث رقم (‪ )3015‬بلفظ (عَنْ نَافِعٍ أَنَ عَبْدَ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ‪ ،‬أَنَ امْرَأَةً وُجِدَتْ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ مَقْتُولَةً‪ ،‬فَأَنْكَرَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم قَتْ َل النِسَاءِ وَالصِبْيَانِ)‪.‬‬ ‫فِي بَ ْعضِ مَغَازِي النَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الجهاد‪ ،‬والدارمي في‬
‫السير‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي دود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب في قتل النساء‪ .‬حديث رقم (‪( )2661‬عن أَبِي عَنْ جَدِهِ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي‬
‫غَزْوَةٍ‪ ،‬فَرَأَى النَاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ‪ :‬انّْظُرْ عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ فَجَاءَ فَ قَالَ‪ :‬عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ فَقَالَ‪ :‬مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَعَلَى الْمُقَدِمَةِ‬
‫ن امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا) قال عنه األلباني (حسن صحيح) في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ث رَجُلًا فَقَالَ‪ :‬قُلْ‪ :‬لِخَالِدٍ لَا يَقْتُلَ َ‬ ‫ن الْوَلِيدِ‪ ،‬فَبَعَ َ‬
‫خَالِ ُد بْ ُ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الجهاد‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العسيف‪ :‬األجير‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب في دعاء المشركين‪ .‬حديث رقم (‪ )2613‬بللفظ ( عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬اغْزُوا‬
‫ن كَفَ َر بِاللَهِ‪ ،‬اغْزُوا‪ ،‬وَلَا تَ غْدِرُوا‪ ،‬وَلَا تَغُلُوا‪ ،‬وَلَا تُمَثِلُوا‪ ،‬وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫بِاسْ ِم اللَهِ وَفِي سَبِي ِل اللَ ِه وَقَاتِلُوا مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫المثلة‪ :‬تشويه الجسد قبل القتل أو بعده‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغلول‪ :‬ما يؤحذ من الغنيمة قبل قسمتها‪.‬‬
‫‪385‬‬
‫النهي عن املثلة‬
‫يجوز قتل الرجال المشركين المقاتلين ويحرم التمثيل بهم لنهيه صلى اهلل عليه وسلم (وَلَا تُ َمثِلُوا) في الحديث السابق والنهي يفيد التحريم‬
‫عنْ الْ ُمثْلَةِ)(‪ )1‬النهي عن المثلة يفيد تحريمها ألن األصل في‬‫ح ُثنَا عَلَى الصَدَقَةِ َو َي ْنهَانَا َ‬
‫ولحديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ يَ ُ‬
‫النهي التحريم ‪.‬‬

‫حتريم حتريق املشركني بالنار‬


‫جلٍ ِمنْ عُذْ َرةَ‪ ،‬فَقَالَ‪ِ :‬إنْ قَدَ ْرتُمْ عَلَى‬ ‫يحرم تحريق المشركين بالنار لحديث (أ نَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بَ َعثَهُ وَرَهْطًا مَعَهُ إِلَى رَ ُ‬
‫سلَ فِي َأثَرِهِمْ فَ َردُوهُمْ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ِ :‬إنْ َأ ْنتُمْ َقدَ ْرتُمْ عََليْهِ فَا ْقتُلُوهُ‪ ،‬وَلَا تُحْرِقُوهُ‬
‫حتَى ِإذَا َتوَا َروْا ِمنْهُ نَادَاهُمْ َأوْ أَرْ َ‬
‫فُلَانٍ فَأَحْرِقُوهُ بِالنَارِ‪ ،‬فَانْطَلَقُوا َ‬
‫(‪)2‬‬
‫بِالنَارِ فَِإنَمَا يُ َعذِبُ بِالنَارِ رَبُ النَارِ) الحديث دليل على تحريم تعذيب المشركين بالنار وأنه يجوز قتل المشرك المحارب وال يجوز‬
‫تعذيبه بالنار وال تعذيب المشركين بالنار للنهي الوارد في الحديث ‪.‬‬

‫جواز رمي حصون احملاربني باجملانيق وأمثاهلا‬


‫يجوز رمي أماكن تجمعات المحاربين سواء كان فيها نساء أو ذرية أم لم يكن فيها نساء وال ذرية لحديث (مَرَ بِيَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫عنْ أَ ْهلِ الدَارِ ُي َب َيتُونَ ِمنْ الْمُشْرِكِينَ َف ُيصَابُ ِمنْ نِسَا ِئهِمْ َوذَرَارِ ِيهِمْ قَالَ‪ :‬هُمْ ِم ْنهُمْ)(‪ )3‬الحديث دليل على‬
‫س ِئلَ َ‬
‫وَسَلَمَ بِالَْأ ْبوَاءِ َأوْ ِب َودَانَ‪ ،‬وَ ُ‬
‫جواز رمي المحاربين بالمنجنيقات وأمثالها من الوسائل الحربية المعاصرة حتى ولو كان فيهم النساء والصبيان و أساري المسلمين ألن‬
‫العبرة بالغالب والغالب هم المحاربون ‪.‬‬

‫النكاية يف أموال احملاربني‬


‫تجوز النكاية في أموال المحاربين في مزروعاتهم ومواشيهم من الحيوانات ومنشئاتهم من المباني وغيرها لحديث (حرق رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فنزلت {مَا قَطَ ْعتُم مِن لِينَةٍ َأوْ تَرَ ْكتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى ُأصُوِلهَا َفبِِإ ْذنِ اللَهِ وَِليُخْزِيَ‬
‫الْفَاسِقِينَ})(‪)4‬الحديث دليل على جواز تحريق شجر الكافرين المحاربين ويقاس على تحريق وقطع األشجار خراب المباني والمنشئات‬
‫وسلب أوقتل المواشي وغيرها من أموال المحاربين ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب في النهي عن المثلة‪ .‬جديث رقم (‪ ) 2667‬بلفظ (عَنْ الْهَيَاجِ بْنِ عِمْرَانَ أَنَ عِمْرَانَ أَبَقَ لَهُ غُلَامٌ فَجَعَلَ لِلَهِ عَلَيْهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيْ ِه‬
‫لَيَقْطَعَنَ يَدَهُ‪ ،‬فَأَرْسَلَنِي لِأَسْأَلَ لَهُ‪ ،‬فَأَتَيْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ‪ :‬كَانَ نَبِيُ ال لَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَحُثُنَا عَلَى الصَدَقَةِ وَيَنْهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ‪ ،‬فَأَتَيْتُ عِمْرَانَ بْنَ‬
‫ن الْمُثْلَةِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن فَسَأَلْتُهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬كَانَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَحُثُنَا عَلَى الصَدَقَ ِة وَيَنْهَانَا عَ ْ‬ ‫حُصَيْ ٍ‬
‫أخرجه أحمد في أول مسند البصريين‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫المثلة‪ :‬تشويه الجسد قبل القتل أو بعده‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أبق العبد‪ :‬إذا هرب فهو آبق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ‬ ‫ب النَبِ ِ‬‫ي صَاحِ ِ‬ ‫‪ -‬مسند احمد‪ :‬كتاب مسند المكيين‪ :‬باب حديث حمزة بن عمرو األسلمي‪ .‬حديث رقم (‪ )15455‬بلفظ (عَنْ حَمْزَ َة بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِ ِ‬
‫وَسَلَمَ حَ َدثَهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَعَثَهُ وَرَهْطًا مَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ عُذْ رَةَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنْ قَدَرْتُمْ عَلَى فُلَانٍ فَأَحْرِقُوهُ بِالنَارِ‪ ،‬فَانْطَلَقُوا حَتَى إِذَا تَوَارَوْا مِنْهُ‬
‫نَادَاهُمْ أَوْ أَرْسَلَ فِي أَثَرِهِمْ فَرَدُوهُمْ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬إِنْ أَنْتُمْ قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَاقْتُلُوهُ‪ ،‬وَلَا تُحْ رِقُوهُ بِالنَارِ فَإِنَمَا يُعَذِبُ بِالنَارِ رَبُ النَارِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود‬
‫برقم (‪.)2673‬‬
‫أخرجه أبو داود في الجهاد‪.‬‬
‫السرية‪ :‬مجموعة من الجيش لها مهمة خاصة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أثره‪ :‬طلبه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب أهل الدار بيتون فيصاب الولدان والذراري‪ .‬حديث رقم (‪ )2672‬بلفظ (عَنْ الصَعْبِ بْنِ جَثَامَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمْ‪،‬‬
‫ن نِسَائِهِ ْم وَذَرَارِيِهِمْ قَالَ‪ :‬هُمْ مِنْهُمْ)‪.‬‬‫ن فَيُصَابُ مِ ْ‬ ‫ن الْمُشْرِكِي َ‬‫ن مِ ْ‬‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم بِالْأَبْوَا ِء أَ ْو بِوَدَانَ‪ ،‬وَسُئِلَ عَنْ أَهْ ِل الدَا ِر يُبَيَتُو َ‬
‫ي النَبِ ُ‬
‫قَالَ‪ :‬مَ َر بِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المساقاة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب حديث بني النضير‪ .‬حديث رقم (‪ )4032‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬حَرَقَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن اللَهِ)‪.‬‬
‫ن لِينَ ٍة أَ ْو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَ ًة عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْ ِ‬
‫ي الْبُوَيْرَةُ‪ ،‬فَنَزَلَتْ مَا قَطَعْتُمْ مِ ْ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم نَخْ َل بَنِي النَضِي ِر وَقَطَ َع وَهِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬المزارعة‪.‬‬
‫‪386‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬شرط احلرب واهلدنة‬

‫شرط الهدنة‬ ‫‪‬‬


‫العدد الذين ال يجوز الفرار عنهم‬ ‫‪‬‬
‫جواز المهادنة‬ ‫‪‬‬
‫حرمة التطبيع مع اليهود الغاصبين ألرض فلسطين‬ ‫‪‬‬
‫هدف المحاربة‬ ‫‪‬‬
‫جواز السفر بالقرآن الكريم إلى بالد غير المسلمين‬ ‫‪‬‬
‫حرمة االستعانة بالكافرين إذا لم يستطع المسلمون إخراج الكافرين‬ ‫‪‬‬
‫خدعة الحرب‬ ‫‪‬‬
‫استحباب تشجيع وتحفيز المجاهدين بحوافز مادية‬ ‫‪‬‬

‫‪387‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬شرط الحرب والهدنة‬

‫شرط اهلدنة‬
‫(‪)1‬‬
‫حتَى َنبْعَثَ رَسُوالً} ‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه إذا قد‬ ‫ال يجوز محاربة الكافرين إال إذا قد بلغتهم الدعوة اإلسالمية لقوله تعالى {وَمَا ُكنَا مُ َع ِذبِينَ َ‬
‫بُلِغوا دعوة اإلسالم فال حاجة لتبليغهم مرة أخرى‪ ،‬والكافرون إذا اسلموا فلهم بعد اإلسالم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين‪ ،‬أما‬
‫الذمي فليس له ما للمسلمين ولكن ليس عليه زكاة وال يصح إخراج الزكاة لكافر لحديث (وإذا لقيت عدوا من المشركين فادعهم إلى‬
‫ثالث خصال – أو خالل – فأيتهن ما أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى اإلسالم‪ ،‬فإذا أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬ثم‬
‫ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين‪ ،‬وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين‪ ،‬فإن أبوا‬
‫أن يتحولوا منها‪ ،‬فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين‪ ،‬يجري عليهم حكم اهلل الذي يجري على المؤمنين‪ ،‬وال يكون لهم في‬
‫الغنيمة والفيء شيء إال أن يجاهدوا مع المسلمين‪ ،‬فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬فإن هم أبو‬
‫فاستعن باهلل وقاتلهم)(‪ ،)2‬وكان النبي صلى اهلل عليه وسلم يبيت العدو ويغير على العدو وقت الصباح لحديث (ِإنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫(‪)3‬‬
‫سبَى ذَرَا ِر َيهُمْ‪ ،‬وََأصَابَ َيوْ َم ِئذٍ جُ َويْ ِريَةَ)‬
‫وَسَلَمَ َأغَارَ عَلَى َبنِي الْ ُمصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُونَ وََأنْعَا ُمهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ‪ ،‬فَقَ َتلَ مُقَاتِلَ َتهُمْ‪ ،‬وَ َ‬
‫صبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ َأذَانًا رَكِبَ وَرَ ِكبْتُ خَلْفَ َأبِي طَلْحَةَ وَِإنَ َق َدمِي َلتَمَسُ َقدَمَ ال َنبِيِ صَلَى‬ ‫خ ْيبَرَ فَا ْنتَ َه ْينَا إَِل ْيهِمْ لَيْلًا فَلَمَا َأ ْ‬
‫وحديث (فَخَرَجْنَا إِلَى َ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَخَرَجُوا إِ َل ْينَا بِمَكَاتِِلهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ فَلَمَا رَأَوْا ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ قَالُوا‪ :‬مُحَ َمدٌ وَاللَهِ مُحَ َمدٌ وَالْخَمِيسُ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫صبَاحُ الْ ُمنْذَرِينَ)(‪،)4‬‬ ‫خيْبَرُ‪ِ ،‬إنَا ِإذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ َقوْمٍ فَسَاءَ َ‬
‫فَلَمَا رَآهُمْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬اللَهُ أَ ْكبَرُ اللَهُ أَ ْكبَرُ خَ ِربَتْ َ‬
‫الحديثان دليالن على جواز مباغتة المحاربين وتبييتهم في الحرب‪ ،‬وفي عصرنا الغالب أن دعوة اإلسالم قد بلغت جميع البشر بواسطة‬
‫وسائل اإلعالم والفضائيات اإلسالمية المتخصصة في التعريف بالرسالة اإلسالمية ‪.‬‬

‫العدد الذين ال جيوز الفرار عنهم‬


‫ضعْفاً فَإِن يَكُن مِنكُم مِ َئةٌ صَابِ َرةٌ يَغِْلبُواْ‬
‫العدد الذين ال يجوز الفرار عنهم هم الضِعف لقوله تعالى {اآلنَ خَفَفَ اللّهُ عَنكُمْ َوعَلِمَ َأنَ فِيكُمْ َ‬
‫ِم َئ َت ْينِ وَإِن يَكُن مِنكُمْ أَلْفٌ يَغِْلبُواْ أَلْ َف ْينِ بِِإ ْذنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَابِرِينَ}(‪. )5‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن الضِعف إنما يعتبر في القوة ال في العدد‪ ،‬وأنه يجوز أن يفر الواحد عن الواحد إذا كان أجود سالحا وأشد قوة كأن يكون‬
‫المسلم سالحه بندق والكافر الحربي شخص واحد ولكنه يسوق دبابة ويحارب المسلم بدبابة أو صاروخ فقد تفاوتت األسلحة في هذا‬
‫العصر‪ ،‬فأسلحة المسلمين ضعيفة قديمة وأسلحة الكافرين الحربيين قوية متطورة‪ ،‬ويجب على الدول اإلسالمية أن تصنع األسلحة القوية‬
‫المتطورة التي توازي أو تفوق ما مع غير المسلمين لكي تضمن الحماية واألمان لشعوبها وعزتها وتضمن رد االعتداء على من يريد‬
‫ع َتدَى عََل ْيكُمْ}(‪)6‬فاهلل عز وجل يوجب‬
‫ع َتدُواْ عََليْهِ بِ ِم ْثلِ مَا ا ْ‬
‫ع َتدَى عََليْكُمْ فَا ْ‬
‫االعتداء عليها بمثل ما يعتدى به عليها عمال بقوله تعالى {فَ َمنِ ا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬اإلسراء‪.)15( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب تأمير اإلمام األمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو‪ .‬حديث رقم (‪ )4417‬بلفظ (عن سليمان بن بريدة عن‬
‫أبيه‪ ،‬قال‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬إذا أمر أميرا على جيش أوسرية‪ ،‬أوصاه في خاصته بتقوى اهلل ومن معه من المسلمين خيرا‪ ،‬ثم قال‪ :‬اغزواباسم‬
‫اهلل‪ ،‬في سبيل اهلل‪ ،‬قاتلوا من كفر باهلل‪ ،‬اغزوا والتغلو ا‪ ،‬والتغدروا‪ ،‬والتمثلوا‪ ،‬والتقتلوا وليدا‪ ،‬وإذا لقيت عدوا من المشركين فادعهم إلى ثالث خصال – أوخالل‬
‫– فأيتهن ماأجابوا فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى اإلسالم‪ ،‬فإذا أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين‪،‬‬
‫وأخبرهم أنهم إن فعلوذالك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين‪ ،‬فإن أبوا أن يتحولوامنها‪ ،‬فأخببرهم انهم يكونون كأعراب المسلمين‪ ،‬يجري عليهم‬
‫حكم اهلل الذي يجري على المؤمنين‪ ،‬واليكون لهم في الغنيمة والفيء شيئ إال أن يجاهدوا مع المسلمين‪ ،‬فإن هم أبوفسلهم الجزية فإن هم أجابوا فاقبل منهم‬
‫وكف عنهم‪ ،‬فإن هم أبو فاستعن باهلل وقاتلهم‪ ،‬وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوا أن تجعل لهم ذمة اهلل وذمة نبيه‪ ،‬فالتجعل لهم ذمة اهلل والذمة نبيه‪ ،‬ولكن اجعل‬
‫لهم ذمتك وذمة أصحابك‪ ،‬فإنكم أن تخفروذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفرو ذمة اهلل وذمة رسوله‪ ،‬وإذا حاصرت اهل حصن فارادوا أن تنزلهم على حكم‬
‫اهلل فالتنزلهم على حكم اهلل‪ ،‬ولكن انزلهم غلى حكمك‪ ،‬فإنك التدري أتصيب حكم اهلل فيهم أم ال)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫المثلة‪:‬‬ ‫الغدر‪ :‬نقض العهد‪.‬‬ ‫الغلول‪ :‬ما يؤحذ من الغنيمة قبل قسمتها‪.‬‬ ‫السرية‪ :‬مجموعة من الجيش لها مهمة خاصة‪.‬‬ ‫معاني األ لفاظ‪:‬‬
‫الذمة‪:‬‬ ‫الجزية‪ :‬ما يدفعه أهل الذمة للدولة اإلسالمية‪.‬‬ ‫الفيئ‪ :‬مايؤخذ من العدو من مال ومتاع بغير حرب‪.‬‬ ‫تشويه الجسد قبل القتل أو بعده‪.‬‬
‫العهد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العتق‪ :‬باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2541‬بلفظ (عن ابْنُ عَوْنٍ قَالَ‪ :‬كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ‪ ،‬فَكَتَبَ إِلَيَ إِنَ‬
‫ب يَوْمَئِ ٍذ جُوَيْرِيَةَ)‪.‬‬
‫ن وَأَنْعَامُهُ ْم تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ‪ ،‬فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ‪ ،‬وَسَبَى ذَرَارِيَهُمْ‪ ،‬وَأَصَا َ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَغَا َر عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُ ْم غَارُو َ‬ ‫النَبِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األ لفاظ‪ :‬اإلغارة‪ :‬المباغتة في القتال‪ .‬غارون‪ :‬غافلون‪ .‬السبي‪ :‬أسرى الحرب من النساء والولدان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األذان‪ :‬باب مايحقن باألذان من الدماء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2145‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا‬
‫قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَى يُصْبِحَ وَيَنّْظُرَ‪ ،‬فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَ عَنْهُمْ‪ ،‬وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَ انًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَخَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ لَيْلًا فَلَمَا أَصْبَحَ وَلَمْ‬
‫يَسْمَعْ أَذَانًا رَكِبَ وَرَكِبْتُ خَلْفَ أَبِي طَلْحَةَ وَإِنَ قَدَمِي لَتَمَسُ قَدَمَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَخَرَجُوا إِلَيْنَا بِمَكَاتِلِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ فَلَمَا رَأَوْا النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ قَالُوا‪ :‬مُحَمَدٌ وَاللَهِ مُحَمَدٌ وَالْخَمِيسُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَمَا رَآهُمْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬اللَهُ أَكْبَرُ اللَهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ‪ ،‬إِنَا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ‬
‫ح الْمُنْذَرِينَ)‪.‬‬
‫صَبَا ُ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في الخراج والفيء واإلمارة‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في الجهاد‪ ،‬والدارمي في البيوع‪.‬‬
‫أطراف الحدييث‪ :‬الصالة‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫الخميس‪ :‬الجيش‪.‬‬ ‫المسحاة‪ :‬المجرفة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ا لمكتل‪ :‬القفة أو السلة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)66( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)114( :‬‬
‫‪388‬‬
‫على الدول اإلسالمية امتالك مثل ما مع غير المسلمين من األسلحة المتطورة لرد اعتداء المعتدي عليهم‪ ،‬والمثل يختلف من زمان إلى‬
‫ستَطَ ْعتُم مِن ُق َوةٍ}(‪ )1‬ولفظ‬
‫عدُواْ َلهُم مَا ا ْ‬
‫زمان ومن عصر إلى عصر‪ ،‬والمثل يتضمن المثلية في الكم والكيف‪ ،‬وعمال بقوله تعالى {وََأ ِ‬
‫( ُق َوةٍ) اسم جنس يندرج تحته كل أنواع األسلحة الحديثة المتطورة‪.‬‬

‫جواز املهادنة‬
‫الصحيح‪ :‬جواز المهادنة إذا رأى ولي أمر الم سلمين في المهادنة مصلحة لكي يتقوى المسلمون وكانت مصالحة النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم للمشركين في الحديبية لضرورة ألن المسلمين كانوا بدون أسلحة ألنهم جاؤا لعمرة وألنه حقق مصلحة انتشار اإلسالم وتفرغ النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم لنشر الدعوة اإلسالمية‪ ،‬دليل جوازالمهادنة صلح النبي صلى اهلل عليه وسلم مع المشركين في الحديبية‪ ،‬وكان الصلح‬
‫لمدة عشر سنوات ويجب أن يكون الصلح مع الكفار الحربيين مؤقتا وال يكون دائما وأال يزيد على مدة العشر السنوات إال لمصلحة‬
‫حتَى ِإذَا كَانُوا ِببَ ْعضِ الطَرِيقِ‪ ،‬قَالَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ‬ ‫ح َد ْي ِبيَةِ َ‬
‫ن الْ ُ‬
‫راجحة‪،‬من لفظ حديث الصلح (خَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ زَ َم َ‬
‫جيْشِ‬ ‫خذُوا ذَاتَ ا ْليَمِينِ‪ ،‬فواهلل مَا شَعَرَ ِبهِمْ خَا ِلدٌ حَتَى ِإذَا هُمْ بِ َقتَرَةِ الْ َ‬ ‫خ ْيلٍ لِقُ َريْشٍ طَلِيعَةٌ‪ ،‬فَ ُ‬
‫عََليْهِ وَسَلَمَ‪ِ :‬إنَ خَاِلدَ ْبنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي َ‬
‫فَانْطََلقَ يَرْ ُكضُ َنذِيرًا لِقُ َريْشٍ‪ ...‬وَكَانَتْ حَ ِم َي ُتهُمْ َأ َنهُمْ لَمْ يُقِرُوا أَنَهُ َنبِيُ اللَهِ وَلَمْ يُقِرُوا بِـ (بِسْمِ اللَهِ الرَحْ َمنِ الرَحِيمِ) وَحَالُوا َب ْينَهُمْ َو َب ْينَ‬
‫ا ْل َبيْتِ)(‪ )2‬في الحديث داللة واضحة على جواز المهادنة ولكن بشرط أن تكون مؤقتة وال يجوز أن تكون المعاهدة أبدية مثل المعاهدة التي‬
‫تمت بين (محمد أنور السادات) ودويلة الكيان اليهودي الغاصب ألرض فلسطين المحتلة التي هي ملك للفلسطينيين والمسلمين ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)60( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الشروط‪ :‬باب الشروط في الجهاد‪ ،‬والمصالحة مع أهل الحرب‪ .‬حديث رقم (‪ )2731‬بلفظ (عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِقُ كُلُ‬
‫وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ‪ ،‬قَالَا‪ :‬خَرَجَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ حَتَى إِذَا كَانُوا بِبَ ْعضِ الطَرِيقِ‪ ،‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَ خَالِدَ بْنَ‬
‫الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ‪ ،‬فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ‪ ،‬فَوَاللَهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَ ى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ يَرْ ُكضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ‪ ،‬وَسَارَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْ هِ وَسَلَمَ حَتَى إِذَا كَانَ بِالثَنِيَةِ الَتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ‪ ،‬فَقَالَ النَاسُ ‪ :‬حَلْ حَلْ فَأَلَحَتْ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ مَ‪ :‬مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَااَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬وَاَلذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَةً يُعَّظِمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَهِ إِلَا أَعْطَيْتُ ُهمْ‬
‫ي إِلَى رَسُو ِل اللَهِ‬ ‫س تَبَ رُضًا‪ ،‬فَلَمْ يُلَبِثْ ُه النَاسُ حَتَى نَزَحُوهُ وَشُكِ َ‬
‫إِيَاهَا‪ ،‬ثُمَ زَجَرَهَا فَوَثَبَ تْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَى نَزَ َل بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَ ِة عَلَى ثَمَ ٍد قَلِي ِل الْمَا ِء يَتَبَرَضُ ُه النَا ُ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الْعَطَشُ‪ ،‬فَ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ‪ ،‬فَوَاللَهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِيِ حَتَى صَدَرُوا عَنْهُ‪ ،‬فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ‬
‫بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُ زَاعَةَ وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنِي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَي وَعَامِرَ بْنَ‬
‫لُؤَي نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَعَهُمْ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ وَهُ مْ مُقَاتِلُواَ وَصَادُواَ عَنْ الْبَيْتِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنَا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ‪ ،‬وَلَكِنَا جِئْنَا‬
‫مُعْتَمِرِينَ‪ ،‬وَإِنَ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمْ الْحَرْبُ وَأَضَرَتْ بِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا مَ ادَدْتُهُمْ مُدَةً وَيُخَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَاسِ فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَاسُ فَعَلُوا‬
‫وَإِلَا فَقَدْ جَمُوا‪ ،‬وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي وَلَيُنْفِذَنَ اللَهُ أَمْرَهُ‪ ،‬فَقَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِغُهُمْ مَا تَقُولُ‪ :‬قَالَ‪ :‬فَانْطَلَقَ حَتَى أَتَى‬
‫قُرَيْشًا قَالَ‪ :‬إِنَا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَ عْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا‪ ،‬فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ‪ :‬لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ‪ ،‬وَقَالَ ذَوُو الرَأْيِ‬
‫مِنْهُمْ‪ :‬هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ‪ :‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُهُ يَقُولُ‪ :‬كَذَا وَكَذَا فَحَدَثَهُمْ بِمَا قَالَ النَبِيُ صَلَى ا للَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا‪:‬‬
‫بَلَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا‪ :‬بَلَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَهَلْ تَتَهِمُونِي؟ قَالُوا‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ فَلَمَا بَلَحُوا عَلَيَ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ‬
‫أَطَاعَنِي؟ قَالُوا‪ :‬بَلَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِنَ هَذَا قَدْ عَ َرضَ لَكُمْ خُطَةَ رُشْدٍ اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِيهِ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬ائْتِهِ فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِمُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ‪ ،‬فَقَالَ عُرْوَةُ‪ :‬عِنْدَ ذَلِكَ أَيْ مُحَمَدُ أَرَأَيْتَ إِنْ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى‬
‫صصْ بِبَّظْرِ اللَاتِ‪ ،‬أَنَحْنُ نَفِرُ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَالَ‪ :‬مَنْ‬ ‫فَإِنِي وَاللَهِ لَأَرَى وُجُوهًا وَإِنِي لَأَرَى أَوْشَابًا مِنْ النَاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُوا وَيَدَعُواَ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِدِيقُ‪ :‬امْ ُ‬
‫ذَا؟ قَالُوا‪ :‬أَبُو بَكْرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَمَا وَالَذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِاَ بِهَا لَأَ جَبْتُكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَجَعَلَ يُكَلِمُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَكُلَمَا تَكَلَمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ‪،‬‬
‫وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَمَعَهُ السَيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ فَكُلَمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ضَرَبَ يَدَهُ‬
‫سيْفِ‪ ،‬وَقَالَ لَهُ أَخِرْ يَدَاَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَرَفَعَ عُرْ وَةُ رَأْسَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَنْ هَذَا؟ قَالُوا‪ :‬الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَيْ غُدَرُ‪ ،‬أَلَسْتُ‬ ‫بِنَعْلِ ال َ‬
‫أَسْعَى فِي غَ دْرَتِكَ؟ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ ثُمَ جَاءَ فَأَسْلَمَ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَمَا الْإِسْلَامَ فَأَقْبَلُ‪ ،‬وَأَمَا الْمَالَ‬
‫فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ ‪ ،‬ثُمَ إِنَ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِعَيْنَيْهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَوَاللَهِ مَا تَنَخَمَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ نُخَامَةً إِلَا وَقَعَتْ‬
‫فِي كَفِ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَ ا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ‪ ،‬وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ‪ ،‬وَإِذَا تَوَضَأَ كَادُوا يَ ْقتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ‪ ،‬وَإِذَا تَكَلَمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ‪ ،‬وَمَا يُحِدُونَ إِلَيْهِ‬
‫النَّظَرَ تَعّْظِيمًا لَهُ‪ ،‬فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَا بِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَيْ قَوْمِ وَاللَهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُواِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَجَاشِيِ وَاللَهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُ يُعَّظِمُهُ‬
‫أَصْحَابُهُ مَا يُعَّظِمُ أَصْحَابُ مُحَمَدٍ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مُحَ مَدًا‪ ،‬وَاللَهِ إِنْ تَنَخَمَ نُخَامَةً إِلَا وَقَعَتْ فِي كَفِ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ‪ ،‬وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ‪،‬‬
‫وَإِذَا تَوَضَأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ‪ ،‬وَإِذَا تَكَلَمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُ مْ عِنْدَهُ‪ ،‬وَمَا يُحِدُونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعّْظِيمًا لَهُ‪ ،‬وَإِنَهُ قَدْ عَ َرضَ عَلَيْكُمْ خُطَةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا‪ ،‬فَقَالَ رَجُلٌ‬
‫مِنْ بَنِي كِنَانَةَ‪ :‬دَعُونِي آتِيهِ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬ائْتِهِ‪ ،‬فَلَمَا أَشْرَفَ عَلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَ لَيْهِ وَسَلَمَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬هَذَا فُلَانٌ‪ ،‬وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ‬
‫يُعَّظِمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ النَاسُ يُلَبُونَ‪ ،‬فَلَمَا رَأَى ذَلِكَ‪ ،‬قَالَ سُبْحَانَ اللَهِ! مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُوا عَنْ الْبَيْتِ‪ ،‬فَلَمَا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِدَتْ وَأُشْعِرَتْ‪ ،‬فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُوا عَنْ الْبَيْتِ‪ ،‬فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَ ْفصٍ ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬دَعُونِي آتِيهِ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬ائْتِهِ‪ ،‬فَلَمَا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ‬
‫ب‬
‫النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ فَجَعَلَ يُكَلِمُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو‪ ،‬قَالَ مَعْمَرٌ‪ :‬فَأَخْبَرَنِي أَيُو ُ‬
‫عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَهُ لَمَا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ‪ :‬قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُهْرِيُ فِي حَدِيثِهِ فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو‪ ،‬فَقَالَ‪:‬‬
‫هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الْكَاتِبَ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬بِسْمِ اللَهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ قَالَ سُهَيْلٌ‪ :‬أَمَا الرَحْمَنُ فَوَاللَهِ مَا‬
‫ك‬
‫أَدْرِي مَا هُوَ؟ وَلَكِنْ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَهُمَ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ‪ ،‬فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ‪ :‬وَاللَهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَا بِسْمِ اللَهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اكْتُبْ بِاسْمِ َ‬
‫اللَهُمَ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَدٌ رَسُولُ اللَهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ‪ :‬وَاللَهِ لَوْ كُنَا نَعْلَمُ أَنَكَ رَسُولُ اللَهِ مَا صَدَدْنَااَ عَنْ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَااَ‪ ،‬وَلَكِنْ اكْتُبْ مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ‬
‫اللَهِ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَاللَهِ إِنِي لَرَسُولُ اللَهِ وَإِنْ كَذَبْتُمُونِي‪ ،‬اكْ تُبْ مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَهِ‪ ،‬قَالَ الزُهْرِيُ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ‪ :‬لَا يَسْأَلُونِي خُطَةً يُعَّظِمُونَ فِيهَا‬
‫حُرُمَاتِ اللَهِ إِلَا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَاهَا‪ ،‬فَقَالَ لَهُ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬عَلَى أَنْ تُخَ لُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ‪ ،‬فَقَالَ سُهَيْلٌ‪ :‬وَاللَهِ لَا تَتَحَدَثُ الْعَرَبُ أَنَا أُخِذْنَا‬
‫ضُغْطَةً‪ ،‬وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ‪ ،‬فَقَالَ سُهَيْلٌ‪ :‬وَعَلَى أَنَهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَا رَجُلٌ وَ إِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا‪ ،‬قَالَ الْمُسْلِمُونَ‪ :‬سُبْحَانَ اللَهِ! كَيْفَ يُرَدُ إِلَى‬
‫الْ مُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا ؟! فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَةَ حَتَى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ‬
‫الْمُسْلِمِينَ‪ ،‬فَقَالَ سُهَيْلٌ‪ :‬هَذَا يَا مُحَمَدُ أَوَلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَهُ إِلَيَ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِ نَا لَمْ نَ ْقضِ الْكِتَابَ بَعْدُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَوَاللَهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى‬
‫شَيْءٍ أَبَدًا‪ ،‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَ هُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَجِزْهُ لِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَلَى فَافْعَلْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا أَنَا بِفَاعِلٍ‪ ،‬قَالَ مِكْرَزٌ بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ‪ ،‬قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَيْ‬
‫مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا! أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟! وَكَانَ قَدْ عُذِبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخطأبِ‪ ،‬فَأَتَيْتُ نَبِيَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِيَ اللَهِ حَقًا؟ قَالَ‪ :‬بَلَى‪ ،‬قُ لْتُ‪ :‬أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِ وَعَدُوُنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ‪ :‬بَلَى‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬فَلِمَ نُعْطِي الدَنِيَةَ فِي دِينِنَا إِذًا قَالَ إِنِي رَسُولُ اللَهِ‬
‫وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِثُنَا أَنَا سَنَأْتِي الْ بَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ‪ :‬بَلَى‪ ،‬فَأَخْبَرْتُكَ أَنَا نَأْتِيهِ الْعَامَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِنَكَ آتِيهِ وَمُطَوِفٌ بِهِ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَ اللَهِ حَقًا؟ قَالَ‪ :‬بَلَى‪ ،‬قُ لْتُ‪ :‬أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِ وَعَدُوُنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ‪ :‬بَلَى‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬فَلِمَ نُعْطِي الدَنِيَةَ فِي دِينِنَا إِذًا‪،‬‬
‫قَالَ‪ ،‬أَيُهَا الرَجُلُ‪ ،‬إِنَهُ لَرَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَهُ وَهُوَ نَاصِ رُهُ فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ فَوَاللَهِ إِنَهُ عَلَى الْحَقِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِثُنَا أَنَا سَنَأْتِي‬
‫‪389‬‬
‫حرمة التطبيع مع اليهود الغاصبني ألرض فلسطني‬
‫ال يجوز االعتراف بدويلة الكيان اليهودي الغاصب ألرض فلسطين وال يجوز التعاون وال التعامل معها في أي شأن من الشؤون وال في‬
‫أي مجال من المجاالت ال سياسيا وال اقتصاديا وال عسكريا وال أمنيا وال ثقافيا وال إعالمياً ألن أي تعاون أو تعامل معها هو اعتراف بها‬
‫وهو تعاون معها على عدوانها على الشعب الفلسطيني وعلى اغتصابها لألراضي الفلسطينية والعربية المغتصبة وهو تشجيع لليهود على‬
‫مضاعفة جرائم اعتداءاتهم المتكررة بشكل يومي لظلم الشعب الفلسطيني وتشريده من أرضه وقتل أبنائه وخراب بيوته وجرف أراضيه‬
‫عنِ اَلذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِينِ‬
‫والتعبث بكل أفراده وممتلكاتهم وحرياتهم وكراماتهم وتدنيس المقدسات اإلسالمية قال تعالى {ِإنَمَا َي ْنهَاكُمُ اللَهُ َ‬
‫وَأَخْرَجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن َتوََلوْهُمْ وَمَن َي َتوََلهُمْ فَأُوَْل ِئكَ هُمُ الّظَالِمُونَ}(‪ )1‬اليهود هم الذين يقاتلون المسلمين في‬
‫دينهم وهم الذين اخرجوا الشعب الفلسطيني من دياره وهم مظاهرون ومحركون ومشاركون لكل معتد على اإلسالم والمسلمين‪ ،‬ومن‬
‫يتوالهم أو يتعاون معهم أو يطِبع أو يدعوا للتطبيع مع اليهود الغاصبين ألراضي المسلمين فهو الظالم المساند المعاون الداعم لليهود على‬
‫ظلم الفلسطينيين وغير الفلسطينيين من سكان األراضي المغتصبة‪ ،‬وفي اآلية دليل واضح وصريح وجازم وحاسم بتحريم مواالة اليهود‬
‫ومن يدعم اليهود ويساندهم على ظلم المسلمين في فلسطين واألراضي المغتصبة األخرى ‪.‬‬

‫هدف احملاربة‬
‫المقصود بالحرب هو رد العدوان على المسلمين سواء على دينهم أوعلى مقدساتهم أوعلى دمائهم أو على أعراضهم أو على أموالهم أو‬
‫سبِيلِ اللّهِ اَلذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَالَ تَ ْع َتدُواْ ِإنَ اللّهَ الَ يُحِبِ الْمُ ْع َتدِينَ}(‪ )2‬ومن‬
‫على حرياتهم وكرامتهم أو على استقاللهم قال تعالى {وَقَاتِلُواْ فِي َ‬
‫مقاصد الحرب دعوة المحاربين إلى الدخول في اإلسالم أو دفع الجزية للدولة اإلسالمية مقابل تأمينها للذميين وحمايتها ألنفسهم وأموالهم‬
‫وحرياتهم الدينية وحماية أماكن عباداتهم ومقابل الخدمات التي تقوم بها الدولة لمواطنيها كالصحة والتعليم واألمن والمواصالت و‬
‫االتصاالت و المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات التي تقوم بها الدولة إلسعاد مواطنيها قال تعالى {قَاتِلُواْ اَلذِينَ الَ ُيؤْ ِمنُونَ بِاللّهِ وَالَ‬
‫حتَى يُعْطُواْ الْجِ ْزيَةَ عَن َيدٍ وَهُمْ‬ ‫حقِ ِمنَ اَلذِينَ أُوتُواْ الْ ِكتَابَ َ‬ ‫بِا ْل َيوْمِ اآلخِرِ وَالَ يُحَرِمُونَ مَا حَرَمَ اللّهُ وَرَسُولُ ُه وَالَ َيدِينُونَ دِينَ الْ َ‬
‫صَاغِرُونَ}(‪. )3‬‬

‫الصحيح‪ :‬جواز أخذ الجزية من الكفار جميعا مشركين وغير مشركين ال فرق بين كفار وآخرين سواء كانوا عربا أو غير عرب وتؤخذ‬
‫خذَهَا ِمنْ مَجُوسِ هَجَر)(‪. )4‬‬
‫الجزية من المجوس لشهادة عبد الرحمن بن عوف‪َ( :‬أنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَ َ‬

‫الصحيح‪ :‬أن الدليل العام ليس ناسخا للدليل الخاص وإنما يبنى العموم على الخصوص سواء تقدم أو تأخر أو جهل التاريخ بينهما‬
‫حتَى الَ تَكُونَ ِف ْتنَةٌ َويَكُونَ الدِينُ كُلُهُ لِلّه فَِإنِ انتَ َهوْاْ فَِإنَ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ َبصِيرٌ}(‪ )5‬يعم أهل الكتاب‬
‫والضمير في قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ َ‬
‫وغيرهم ‪.‬‬

‫الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ‪ :‬بَلَى‪ ،‬أَفَأَخْبَرَاَ أَنَكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَإِنَكَ آتِيهِ وَمُطَوِفٌ بِهِ ‪ ،‬قَالَ الزُهْرِيُ‪ :‬قَالَ عُمَرُ‪ :‬فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَمَا فَرَغَ مِنْ قَضِيَ ِة‬
‫حدٌ‬ ‫الْكِتَابِ‪ ،‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَانْحَرُوا‪ ،‬ثُمَ احْلِقُوا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَوَاللَهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ‪ ،‬فَلَمَا لَمْ يَ ُقمْ مِنْهُمْ أَ َ‬
‫دَخَلَ عَلَى أُمِ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَاسِ‪ ،‬فَقَالَتْ أُمُ سَلَمَةَ‪ :‬يَا نَبِيَ اللَهِ‪ ،‬أَتُحِبُ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَ لَا تُكَلِمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ‪،‬‬
‫فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ‪ ،‬فَلَمَا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًا‪ ،‬ثُمَ‬
‫جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَهُ تَعَالَى(يَا أَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَ)حَتَى بَلَغَ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ‪ ،‬فَطَلَقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي‬
‫الشِرْاِ‪ ،‬فَتَزَوَجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَةَ ثُمَ رَجَعَ النَ بِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِلَى الْمَدِينَةِ‪ ،‬فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ‬
‫حدِ‬ ‫مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬الْعَهْدَ الَذِي جَعَلْتَ لَنَا فَدَفَعَهُ إِلَى الرَجُلَيْنِ فَخَ رَجَا بِهِ حَتَى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ‪ ،‬فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ‪ :‬لِأَ َ‬
‫الرَجُلَيْنِ وَاللَهِ إِنِي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِدًا فَاسْتَلَهُ الْآخَرُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَجَلْ وَاللَهِ إِ نَهُ لَجَيِدٌ لَقَدْ جَرَبْتُ بِهِ ثُمَ جَرَبْتُ‪ ،‬فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ‪ :‬أَرِنِي أَنّْظُرْ إِلَيْهِ فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ‬
‫فَضَرَبَهُ حَتَى بَرَدَ وَفَرَ الْآخَرُ حَتَى أَتَى الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬حِينَ رَآهُ لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا‪ ،‬فَلَمَا انْتَهَى إِلَى النَبِيِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬قَالَ‪ :‬قُتِلَ وَاللَهِ صَاحِبِي وَإِنِي لَمَقْتُولٌ‪ ،‬فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ‪ :‬فَقَالَ يَا نَبِيَ اللَهِ قَدْ وَاللَهِ أَوْفَى اللَهُ ذِمَتَكَ قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَ أَنْجَانِي اللَهُ مِنْهُمْ‪ ،‬قَالَ النَبِيُ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَيْلُ أُمِهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ‪ ،‬فَلَمَا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَ هُ سَيَرُدُهُ إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ‬
‫سُهَيْلٍ فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ حَتَى اجْتَمَ عَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ‪ ،‬فَوَاللَهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَأْمِ‬
‫إِلَا اعْتَرَضُوا لَهَا فَقَتَلُ وهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ‪ ،‬فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ تُنَاشِدُهُ بِاللَهِ وَالرَحِمِ لَمَا أَرْسَلَ فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ‪ ،‬فَأَرْسَلَ النَبِيُ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِلَيْهِمْ‪ ،‬فَأَ نْزَلَ اللَهُ تَعَالَى(وَهُوَ الَذِي كَفَ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ)حَتَى بَلَغَ الْحَمِيَةَ حَمِيَةَ الْجَاهِلِيَةِ وَكَانَتْ‬
‫ن الْبَيْتِ)‪.‬‬
‫ن الرَحِي ِم وَحَالُوا بَيْنَهُ ْم وَبَيْ َ‬
‫ب بِسْ ِم اللَ ِه الرَحْمَ ِ‬
‫ي اللَ ِه وَلَمْ يُقِرُوا ِ‬
‫حَمِيَتُهُ ْم أَنَهُ ْم لَ ْم يُقِرُوا أَنَ ُه نَبِ ُ‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫عيبة‪:‬‬ ‫ثمد‪ :‬حوض‪ .‬يتبرض‪ :‬يأخذ منه قليال قليال‪.‬‬ ‫خألت‪ :‬امتنعت عن المشي‪.‬‬ ‫ألحت‪ :‬لزمت مكانها لم تتحرا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬قترة‪ :‬غبرة‪.‬‬
‫سالفتي‪:‬‬ ‫جموا‪ :‬استراحوا من جهد الحرب‪.‬‬ ‫المطافيل‪ :‬النوق التي معها اطفالها‪.‬‬ ‫العوذ‪ :‬جمع عائذ وهي الناقة ذات اللبن‪.‬‬ ‫موضع سره وأمانته ‪.‬‬
‫الجزاء‪ :‬المكافأة والمثوبة‪.‬‬ ‫امصص‪ :‬العبارة تقال لإلهانة واإلحتقار‪.‬‬ ‫بلحوا‪ :‬امتنعوا‪ .‬أوشابا‪ :‬أخالطا‪.‬‬ ‫صفحة العنق والمراد أقتل‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬الممتحنة‪.)1( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة (‪.)110‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬التوبة‪.)21( :‬‬
‫‪4‬‬
‫ت جَالِسًا مَعَ جَابِ ِر بْنِ زَيْ ٍد وَعَمْرِو بْنِ‬ ‫ت عَمْرًا قَالَ‪ :‬كُنْ ُ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجزية‪ :‬باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 31557‬بلفظ (سَمِعْ ُ‬
‫ن‬
‫أَوْسٍ فَحَدَثَهُمَا بَجَالَةُ سَنَةَ سَبْعِينَ عَامَ‪ ،‬حَجَ مُصْعَبُ بْنُ الزُبَيْرِ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ عِنْدَ دَرَجِ زَمْزَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِ الْأَحْنَفِ فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْ ِ‬
‫الخطأ بِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ‪ ،‬فَرِقُوا بَيْنَ كُلِ ذِي مَحْرَمٍ مِنْ الْمَجُوسِ‪ ،‬وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ حَتَى شَهِدَ عَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫س هَجَرَ)‪.‬‬ ‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬أَخَذَهَا مِنْ مَجُو ِ‬
‫أخرجه الترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الخراج والفيء واإلمارة‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الجزية‪ :‬ما يدفعه أهل الذمة للدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)31( :‬‬
‫‪391‬‬
‫جواز السفر بالقرآن الكريم إىل بالد غري املسلمني‬
‫الصحيح‪ :‬جواز السفر بالمصحف الشريف إلى غير بالد المسلمين إذا أمن اإلنسان على المصحف من عدم إهانة المصحف من قبل غير‬
‫المسلمين‪ ،‬وأما حديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬نَهَى َأنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَ ْرضِ الْ َع ُدوّ)(‪ )1‬فالقصد من الحديث هو الخوف‬
‫من أن يصل المصحف إلى أيدي الكفار الذين يهينون القرآن الكريم‪ ،‬أما إذا وصل المصحف إلى أيادي مسلمين مطهرين يكرمون القرآن‬
‫الكريم ويقرؤونه ويتعلمونه ويُعلِمونه في أراضي غير المسلمين فيجوز أن يسافر بالقرآن الكريم ال سيما مع وجود المراكز اإلسالمية‬
‫الكثيرة المنتشرة في أراضي غير المسلمين لتعليم القرآن الكريم والعلوم اإلسالمية في تلك األراضي‪ ،‬وقد ورد في صحيح مسلم حديث‬
‫يبين أن العلة من النهي بالسفر بالقران هو الخوف من وقوعه في يد من يهينه من أهل البالد غير اإلسالمية لحديث (لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ‬
‫فَِإنِي لَا آ َمنُ َأنْ يَنَالَهُ الْ َع ُدوُ)(‪ )2‬والتعليل واضح في قوله صلى اهلل عليه وسلم (فَِإنِي لَا آ َمنُ َأنْ َينَالَهُ الْ َع ُدوُ) بإهانة أو إساءة أو ازدراء أو‬
‫أي فعل من شأنه االنتقاص من القرآن الكريم ‪.‬‬

‫حرمة االستعانة بالكافرين إذا مل يستطع املسلمون إخراج الكافرين‬


‫االستعانة بالكافرين تنقسم إلى قسمين استعانة بأجرة واستعانة بغير أجرة والنبي صلى اهلل عليه وسلم حينما استعان بالمشرك استعان به‬
‫باألجرة واالستعانة باألجرة لها وقت محدد وعمل محدد تنتهي اإلجارة بانتهائه واالستعانة بالكافرين من حيث هي سواء كانت بأجرة أو‬
‫بغير أجرة تجوز إذا كان المسلمون قادرين على إخراج الكافرين المستعان بهم في أي وقت وبدون أي شرط و كانت االستعانة بهم ال‬
‫يحصل منها أي ضرر على المسلمين‪ ،‬وال تجوز االستعانة بالكافرين بأجرة أو بغير أجرة إذا لم يستطع المسلمون إخراجهم من بالد‬
‫المسلمين أو كان سيحصل من االستعانة بهم ضرر على المسلمين كأن كان الكافرون أكثر عددا أو أقوى تسليحا وعتادا حربيا أو كانوا‬
‫يمتلكون من األسلحة المتطورة سواء البرية أو الجوية أو البحرية ما ال يمتلكه المسلمون أو كان فيهم من الخبراء والمهندسين والطيارين‬
‫ما ليس مع المسلمين بحيث ال يستطيع المسلمون إخراجهم أو االستغناء عنهم بعد انتهاء المهمة التي استعين بهم من أجلها‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحاالت ال يجوز االستعانة بالكافرين ألن مفسدة االستعانة واألضرار الناتجة عنها ستكون أكبر من مصلحة االستعانة بهم‪ ،‬ومن األضرار‬
‫الناتجة عن االستعانة بالكافرين األقوياء أن المستعين بهم يتحول إلى مأموراً لهم وليس آمراً عليهم ألنهم يسلبون سلطة الوالية العامة‬
‫وإدارة شئون الدولة المستعينة بهم من المستعين إلى المستعان به ويحولون مسئولي الدولة المستعينة إلى موظفين عندهم يأتمرون بأمر‬
‫المستعان به وينتهون لنهيه وتسلب الثروات وتعطل الطاقات والمؤسسات ويعم الفساد ويحصل الضرر العام والشامل لكل أبناء البلد‬
‫سدُوهَا وَجَعَلُوا َأعِ َزةَ أَهِْلهَا َأذِلَةً وَ َكذَِلكَ يَفْعَلُونَ}(‪. )3‬‬
‫المستعين بهم‪ .‬كما في قوله تعالى {قَالَتْ ِإنَ الْمُلُواَ ِإذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْ َ‬

‫خدعة احلرب‬
‫(‪)5‬‬
‫خ ْدعَةً) وحديث (ال تغدروا) هو أنه يجوز‬ ‫خ ْدعَةً)(‪)4‬والجمع بين حديث (الْحَرْبَ َ‬
‫يجوز الكذب في الحرب لخداع العدو لحديث (الْحَرْبَ َ‬
‫للمسلمين مخادعة الكافرين إذا كان المسلمون مع الكافرين في حالة حرب‪ ،‬وال يجوز للمسلمين أن يغدروا إذا كان المسلمون مع الكافرين‬
‫في حال صلح وهدنة‪ ،‬ففي هذه الحالة ال يجوز للمسلمين أن يباغتوا الكافرين وال أن يغدروا بهم إال إذا نقض الكافرون الصلح أو الهدنة‬
‫التي بينهم وبين المسلمين كما فعلت قريش حينما نقضت صلحها مع النبي صلى اهلل عليه وسلم باعتداء أفرادها على قبيلة خزاعة التي‬
‫كانت متحالفة مع النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫استحباب تشجيع وحتفيز اجملاهدين حبوافز مادية‬


‫يستحب لإلمام أو لقائد الجيش اإلسالمي أن يكافئ من يبلي في الجهاد بالء متميزا بمكافئات مادية ويعطي المجاهدين حوافز مادية‬
‫ومكافئات تسبب رفع األداء والتنافس في النكاية باألعداء الحربيين لحديث ( َمنْ َق َتلَ َقتِيلًا لَهُ عََليْهِ َب ِينَةٌ فَلَهُ سََلبُهُ)(‪ )6‬الحديث دليل على‬
‫جواز إعالن منح ومكافئات للمتفوقين في الجهاد في سبيل اهلل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2110‬بللفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ‬
‫ض الْعَدُوِ)‪.‬‬
‫ن إِلَى أَ ْر ِ‬‫ن يُسَافَ َر بِالْقُرْآ ِ‬‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬نَهَى أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الجهاد‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ :‬باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار‪ .‬حديث رقم (‪ )4516‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن يَنَالَ ُه الْعَدُوُ)‪.‬‬
‫ن فَإِنِي لَا آمَنُ أَ ْ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآ ِ‬
‫أخرجه البخاري في الجهاد والسير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الجهاد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النمل‪.)34( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب الحرب خدعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3030‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَنْ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ن ثُ َم لَا يَكُونُ قَيْصَ ٌر بَعْدَهُ‪ ،‬وَلَتُقْسَمَنَ كُنُوزُهَا فِي سَبِي ِل اللَهِ‪ ،‬وَسَمَى الْحَرْبَ خَدْعَةً)‪.‬‬ ‫هَلَكَ كِسْرَى‪ ،‬ثُ َم لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ‪ ،‬وَقَ يْصَرٌ لَيَهْلِكَ َ‬
‫أخرجه مسلم في الفتن واشراط الساعة‪ ،‬والترمذي في الفتن‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫اطراف الحديث‪ :‬فرض الخمس‪ ،‬المناقب‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سببق ذكره قي هذا الباب من حديث سليمان بن بريدة رضي اهلل عنه رقم (‪.)2613‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فرض الخمس‪ :‬باب من لم يخمس األسالب ومن قتل قليال فله‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3142‬بلفظ (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَرَجْنَا‬
‫مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ‪ ،‬فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَدَرْتُ حَتَى أَتَيْتُهُ مِنْ‬
‫وَرَائِهِ حَتَى ضَ رَبْتُهُ بِالسَيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَأَقْبَلَ عَلَيَ فَضَمَنِي ضَمَةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ‪ ،‬ثُمَ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي‪ ،‬فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا بَالُ‬
‫النَاسِ‪ ،‬قَالَ أَمْرُ اللَهِ‪ ،‬ثُمَ إِنَ ا لنَاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ‪ ،‬فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي‪ ،‬ثُمَ جَلَسْتُ‪ُ ،‬ث َم‬
‫قَالَ‪ :‬مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِنَةٌ فَ لَهُ سَلَبُهُ‪ ،‬فَقُمْتُ فَقُلْتُ‪ :‬مَنْ يَشْهَدُ لِي‪ ،‬ثُمَ جَلَسْتُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ الثَالِثَةَ مِثْلَهُ‪ ،‬فَقُمْتُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَا لَكَ يَا أَبَا‬
‫‪391‬‬
‫الباب الثاني ‪:‬الغنائم والفيء واجلزية‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬حكم خمس الغنيمة‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬تنفيّل اإلمام من الغنيمة‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬الفيء والجــــزية‬
‫‪ ‬الفصــــــّل الرابــــع‪ :‬مسائّل متفرقة في الجهاد‬

‫س ٍد‬
‫قَتَادَةَ؟ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَةَ‪ ،‬فَقَالَ رَجُلٌ‪ :‬صَ دَقَ يَا رَسُولَ اللَهِ وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ عَنِي‪ ،‬فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِدِيقُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ :‬لَاهَا اللَهِ! إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَ َ‬
‫مِنْ أُسْدِ اللَهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَهِ وَرَسُولِهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬صَدَقَ فَأَعْطَاهُ‪ ،‬فَبِعْتُ الدِرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي‬
‫سَلِمَ َة فَإِنَ ُه لَأَوَلُ مَا ٍل تَأَثَلْتُ ُه فِي الْإِسْلَامِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ .‬وأ بوداود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجهاد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬البيوع‪ ،‬المغازي‪.‬‬
‫المخرف‪ :‬البستان المثمر‪.‬‬ ‫تأثلته‪ :‬اقتنيته وتملكته‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬سلب القتيل‪ :‬ما يؤخذ منه من سالح ومتاع‪.‬‬
‫‪392‬‬
‫الفصل األول ‪:‬حكم مخس الغنيمة‬

‫الغنيمة‬ ‫‪‬‬
‫حكم األربعة األخماس‬ ‫‪‬‬
‫من له السهم من الغنيمة‬ ‫‪‬‬
‫التجار واألجراء يحضرون المعركة‬ ‫‪‬‬
‫شرط استحقاق المجاهد للغنيمة‬ ‫‪‬‬
‫السرايا التي تخرج من العسكر فتغنم‬ ‫‪‬‬
‫للفارس ثالثة أسهم‬ ‫‪‬‬
‫إباحة الطعام للمجاهدين ما داموا في أرض الجهاد‬ ‫‪‬‬
‫عقــــــــــوبة الغـــــــــــــال‬ ‫‪‬‬
‫الغلول كبيرة من كبائر اإلثم‬ ‫‪‬‬
‫القليل من الغلول يسبب دخول النار‬ ‫‪‬‬
‫تحريم االنتفاع بشي من الغنائم قبل قسمتها‬ ‫‪‬‬
‫ما يأخذه الموظف زيادة على ما هو مقرر له غلول‬ ‫‪‬‬
‫ما يحل لإلمام من األموال العامة‬ ‫‪‬‬
‫تغليظ النبي صلى اهلل عليه وسلم على من كتم شيئا من الغنيمة‬ ‫‪‬‬
‫تحريم الغلول من الصدقة‬ ‫‪‬‬
‫عطاء الموظف يكون كافيا لمتطلبات حياته‬ ‫‪‬‬

‫‪393‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حكم خمس الغنيمة‬

‫الغنيمة‬
‫هي األموال التي يستولى عليها المجاهدون من أموال الكفار المحاربين بعد االنتصار عليهم مثل أموال اليهود التي غنمها المسلمون بعد‬
‫فتح خيبر ومثل أموال هوازن التي غنمها المسلمون بعد معركة حنين‪،‬والغنائم تقسم خمسة أخماس‪ ،‬أربعة أخماس للمجاهدين وخمس يقسم‬
‫خمسة أخماس خمس هلل وخمس للرسول صلى اهلل عليه وسلم وخمس لذي القربى وخمس لليتامى وخمس للمساكين وخمس البن السبيل‬
‫سبِيلِ إِن كُنتُمْ‬
‫غنِ ْمتُم مِن شَيْءٍ فََأنَ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَسُولِ وَ ِلذِي الْقُ ْربَى وَالْ َيتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَا ْبنِ ال َ‬ ‫كما في قوله تعالى {وَاعْلَمُواْ َأنَمَا َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ع ْبدِنَا َيوْمَ الْفُرْقَانِ َيوْمَ ا ْلتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى ُكلِ شَيْءٍ َقدِيرٌ}‬
‫آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَ ْلنَا عَلَى َ‬

‫الصحيح‪ :‬أن خمس الخمس الذي هلل تعالى وخمس الخمس الذي للرسول صلى اهلل عليه وسلم وخمس ذوي القربى يكون لبيت مال‬
‫المسلمين لسقوط هذه األسهم بموت النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وألن الكثير من ذرية بني هاشم من بني العباس وجعفر بن أبي طالب‬
‫وعقيل بن أبي طالب وعلي بن أبي طالب من غير فاطمة رضي اهلل عنها وعنهم وهم أكثرية بني هاشم‪ ،‬قد ذابوا في المجتمعات واختفى‬
‫نسبهم وصلتهم إلى بني هاشم‪ ،‬وكذا ذراري بني المطلب قد ذابوا في المجتمعات واختفى نسبهم وصلتهم إلى بني المطلب‪ ،‬ومن العسير‬
‫حصر كل من ينتسب إلى بني هاشم وبني المطلب في البلدان والمجتمعات اإلسالمية المعاصرة‪ ،‬وفي أيام النبي صلى اهلل عليه وسلم كان‬
‫عددهم محصوراً وكان توزيع سهم ذوى القربى عليهم ميسورا واآلن صار حصرهم عسيراً وشاقا إن لم يكن مستحيال‪ ،‬وليس ذوو القربى‬
‫محصورين في العلويين من أبناء الحسن والحسين ابني على بن أبي طالب‪ ،‬ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم كان يقسم سهم ذوي القربى في‬
‫بني هاشم وبني المطلب وعلل النبي صلى اهلل عليه وسلم حصر قسمة خمس ذوي القربى على بني هاشم وبني المطلب بأنهما لم يفترقا‬
‫في الجاهلية وال في اإلسالم‪ ،‬وهما ناصراه في مكة واشتركا معه في محاصرة قريش له في شعب أبي طالب‪ ،‬وهذا التعليل واضح في‬
‫حدٌ)(‪ )2‬قال جبير‪ :‬ولم يقسم النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫حديث جبير بن مطعم رضي اهلل عنه بلفظ ( ِإنَمَا َبنُو الْمُطَلِبِ َوبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَا ِ‬
‫لبني عبد شمس وال لبني نوفل‪ ،‬ومن المعلوم أن هاشما والمطلب ونوفل وعبد شمس أبناء لعبد مناف‪ ،‬وهم جميعا في منزلة واحدة من‬
‫قرابة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وحديث جبير رضي اهلل عنه دليل واضح على أن النبي صلى اهلل عليه وسلم كان يقسم خمس ذوي‬
‫القربى على أساس النصرة ال على أساس القرابة‪ ،‬ولو كان أساس قسمة خمس ذوي القربى القرابة ألشرك بني عبد شمس وبني نوفل مع‬
‫بني هاشم وبني المطلب لكون الجميع في منزلة قرابة واحدة‪ ،‬ألن األربعة كلهم أبناء عبد مناف‪ ،‬وانقطع سهم ذوي القربى من بعد موت‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم ولم يقسم لبني هاشم وال لبني المطلب شيئاً من الغنائم في دولة الخلفاء الراشدين لعلمهم أنه كان بسبب النصرة‬
‫وليس بسبب القرابة‪،‬الصحيح‪ :‬أن سهم ذوي القربى قد سقط الستحالة حصر من ينتسب إلى بني هاشم وبني المطلب في كل قطر وبلد‬
‫إسالمي ‪.‬‬

‫حكم األربعة األمخاس‬


‫أربعة أخماس الغنيمة هي للغانمين سواء خرجوا بإذن اإلمام أو بغير إذن اإلمام لكونهم متطوعين مجاهدين في سبيل اهلل لوجه اهلل تعالى‬
‫غنِ ْمتُم مِن شَيْءٍ فََأنَ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَسُولِ وَِلذِي الْقُ ْربَى وَالْ َيتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَبِيلِ إِن كُنتُمْ‬
‫ولعموم قوله تعالى {وَاعْلَمُواْ َأنَمَا َ‬
‫ع ْب ِدنَا َيوْمَ الْفُرْقَانِ َيوْمَ ا ْلتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى ُكلِ شَيْءٍ َقدِيرٌ}(‪ )3‬السبب في إباحة الغنائم هو الجهاد في‬ ‫آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَ ْلنَا عَلَى َ‬
‫سبيل اهلل تعالى سواء كان بإذن من اإلمام أو بغير إذن منه ألن خطاب اهلل تعالى في اآلية يعم جميع الغانمين سواء كان خروجهم للجهاد‬
‫في سبيل اهلل بإذن اإلمام أو بغير إذنه ما دام وهم مجاهدون في سبيل اهلل تعالى ‪.‬‬

‫من له السهم من الغنيمة‬


‫تقسم األربعة األخماس من غنائم الجهاد مع الكافرين الحربيين لكل من حضر المعركة من الذكور األحرار البالغين‪ ،‬وال يشترط في من‬
‫يستحق الغنائم أن يقتل من الكافرين المحاربين وإنما يشترط حضوره المعركة‪ ،‬وإذا كلف اإلمام شخصا أو أشخاصا في مصلحة للمسلمين‬
‫فيقسم له أولهم من الغنائم مثلما قسم النبي صلى اهلل عليه وسلم لعثمان بن عفان من غنائم معركة بدر الذي تأخر في المدينة المنورة ليدفن‬
‫عثْمَانَ انْطَ َلقَ فِي حَاجَةِ اللَهِ وَحَاجَةِ رَسُولِ اللَهِ‪ ،‬وَِإنِي ُأبَايِعُ لَهُ‪َ ،‬فضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ‬
‫زوجته بنت النبي صلى اهلل عليه وسلم لحديث ( ِإنَ ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫جنَا‬
‫حنُ بِا ْليَ َمنِ فَخَرَ ْ‬
‫غيْرَهُ) وحديث (بَلَغَنَا مَخْرَجُ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َونَ ْ‬‫حدٍ غَابَ َ‬ ‫سهْمٍ وَلَمْ َيضْرِبْ لِأَ َ‬
‫صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)41( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فرض الخمس‪ :‬باب ومن الدليل على أن الخمس لإلمام‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3140‬بلفظ (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ‬
‫عَفَانَ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقُلْنَا‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَلِبِ وَتَرَكْتَنَا وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬إِ َنمَا بَنُو الْمُطَلِبِ وَبَنُو هَاشِ ٍم شَيْ ٌء وَاحِدٌ)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في قسم ال فيئ‪ ،‬وأبو داود في الخراج واإلمارة والفيئ‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)41( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب فيمن جاء بعد الغنيمة السهم له‪ .‬حديث رقم (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَامَ يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ‪،‬‬
‫ن عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَهِ وَحَاجَةِ رَسُولِ اللَهِ‪ ،‬وَإِنِي أُبَايِعُ لَهُ‪ ،‬فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِسَهْمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ غَابَ غَيْرَهُ) صححه‬ ‫فَقَالَ‪ :‬إِ َ‬
‫األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به أبوداود‪.‬‬
‫‪394‬‬
‫حدُهُمَا َأبُو بُ ْر َدةَ وَالْآخَرُ َأبُو رُهْمٍ‪ ،‬إِمَا قَالَ فِي ِبضْعٍ وَإِمَا قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ َأوْ ا ْث َنيْنِ‬ ‫خوَانِ لِي َأنَا َأصْغَرُهُمْ أَ َ‬ ‫ُمهَاجِرِينَ إَِليْهِ َأنَا وَأَ َ‬
‫ع ْن َدهُ‪ ،‬فَقَالَ‬
‫حبَشَةِ‪َ ،‬ووَافَ ْقنَا جَعْفَرَ ْبنَ َأبِي طَالِبٍ وََأصْحَابَهُ ِ‬ ‫وَخَمْسِينَ رَجُلًا ِمنْ َقوْمِي‪ ،‬فَرَ ِك ْبنَا سَفِينَةً‪ ،‬فَأَلْ َقتْنَا سَفِي َن ُتنَا إِلَى النَجَاشِيِ بِالْ َ‬
‫حتَى َقدِ ْمنَا جَمِيعًا‪َ ،‬فوَافَ ْقنَا النَبِيَ صَلَى‬ ‫جَعْفَرٌ‪ِ :‬إنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بَ َع َثنَا هَا ُهنَا وَأَمَ َرنَا بِالْإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَ َعنَا فَأَقَ ْمنَا مَعَهُ َ‬
‫شهِدَ مَعَهُ إِلَا‬ ‫ش ْيئًا إِلَا لِ َمنْ َ‬
‫خ ْيبَرَ ِم ْنهَا َ‬
‫عنْ فَتْحِ َ‬ ‫حدٍ غَابَ َ‬ ‫سمَ لِأَ َ‬‫سهَمَ لَنَا َأوْ قَالَ فََأعْطَانَا مِ ْنهَا‪ ،‬وَمَا قَ َ‬ ‫خيْبَرَ فَأَ ْ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ حِينَ ا ْف َتتَحَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َأصْحَابَ سَفِينَ ِتنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ قَسَمَ َلهُمْ مَ َعهُمْ) ‪ ،‬وأما النساء إذا حضرن المعركة فال يسهم لهن ولكن يعطين شيئا أقل من السهم‬
‫من الغنيمة‪ ،‬وكذا العبيد إذا حضروا المعركة فال يسهم لهم ولكن يعطوا شيئا أقل من السهم من الغنيمة‪ ،‬وكذا الصبيان إذا حضروا‬
‫عنْ الْمَمْلُواِ‪ ،‬أَلَهُ فِي‬ ‫شيَاءَ َو َ‬ ‫عنْ َكذَا وَ َكذَا َوذَكَرَ أَ ْ‬ ‫عبَاسٍ‪ ،‬يَسْأَلُهُ َ‬ ‫ج َدةُ إِلَى ا ْبنِ َ‬ ‫المعركة فيعطون أقل من السهم من الغنيمة لحديث ( َكتَبَ نَ ْ‬
‫عبَاسٍ‪َ :‬لوْلَا َأنْ يَأْتِيَ أُحْمُوقَةً مَا‬ ‫جنَ مَعَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ؟ وَ َهلْ َل ُهنَ َنصِيبٌ؟ فَقَالَ ا ْبنُ َ‬ ‫عنْ النِسَاءِ َهلْ ُكنَ يَخْرُ ْ‬ ‫الْفَيْءِ شَيْءٌ؟ َو َ‬
‫(‪)2‬‬
‫خ ْيبَرَ‬
‫شهِدْتُ َ‬ ‫حذَى‪ ،‬وَأَمَا النِسَاءُ فَ َقدْ ُكنَ ُيدَاوِينَ الْجَرْحَى َويَسْقِينَ الْمَاءَ) وحديث عمير مولى آبي اللحم ( َ‬ ‫َك َتبْتُ إَِليْهِ‪ ،‬أَمَا الْمَمْلُواُ فَكَانَ يُ ْ‬
‫سيْفًا‪ ،‬فَِإذَا َأنَا أَجُ ُرهُ‪ ،‬فَأُخْبِرَ َأنِي مَمْلُواٌ فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ‬ ‫مَعَ سَا َدتِي فَكَلَمُوا فِيَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَمَرَ بِي‪ ،‬فَقُِلدْتُ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫خُ ْرثِيِ الْ َمتَاعِ)‬

‫الرضخ من الغنيمة‪ :‬هو إعطاء من حضر المعركة من النساء أو العبيد أو الصبيان شيئا من الغنيمة أقل من السهم ويعطون ال لكونهم‬
‫عبيداً أو صبياناً أو نساء وإنما لكونهم شاركوا في القتال أو لحضورهم مع الجيش في وقت القتال ‪.‬‬

‫التجار واألجراء حيضرون املعركة‬


‫الصحيح‪ :‬أن من حضر المعركة من التجار أو األجراء أو نحوهم من أهل الخدمات فال يعطى الواحد منهم سهما مثل سهم المقاتلين ولكن‬
‫ينظر في أمر كل واحد منهم‪ ،‬فمن اشترك في الجهاد منهم فيعطى بقدره‪ ،‬ويفصِل في أمرهم فمن خرج قاصداً الجهاد فعرضت له التجارة‬
‫فحكمه حكم المجاهدين ويعطى سهما كما يعطى المجاهدون‪ ،‬ومن خرج قاصداً التجارة وعرض له القتال فحكمه حكم األجراء يرضخ له‬
‫أقل من سهم من أسهم المقاتلين ‪.‬‬

‫شرط استحقاق اجملاهد للغنيمة‬


‫الشرط الذي يستحق به المجاهد الغنيمة هو حضوره أرض المعركة حتى ولو لم يقتل أحداً من المقاتلين الحربيين فمن كان حاضرا من‬
‫أول المعركة إلى نهايتها ولم يقتل فيسهم له من الغنائم‪ ،‬ومن يجيء بعد انتهاء المعركة فال يستحق أن يسهم له من الغنائم لحديث (بَعَثَ‬
‫خ ْيبَرَ‬‫جدٍ‪ ،‬فَ َقدِمَ َأبَانُ ْبنُ سَعِيدٍ وََأصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِ َ‬ ‫َأبَانَ ْبنَ سَعِيدِ ْبنِ الْعَا ِ عَلَى سَ ِريَةٍ مِنْ الْ َمدِينَةِ ِق َبلَ نَ ْ‬
‫خيِْلهِمْ لِيفٌ فَقَالَ َأبَانُ‪ :‬اقْسِمْ َلنَا يَا رَسُولَ اللَهِ فَقَالَ َأبُو هُ َريْ َرةَ‪ :‬فَقُلْتُ‪ :‬لَا تَقْسِمْ َلهُمْ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬فَقَالَ َأبَانُ‪:‬‬‫حهَا‪ ،‬وَِإنَ حُزُمَ َ‬ ‫بَ ْعدَ َأنْ َفتَ َ‬
‫حدَرُ عَلَ ْينَا ِمنْ رَأْسِ ضَالٍ‪ ،‬فَقَالَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اجْلِسْ يَا َأبَانُ وَلَمْ يَقْسِمْ َلهُمْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬ ‫َأنْتَ ِبهَا يَا َوبْرُ تَ َ‬
‫وَسَلَمَ)(‪ . )4‬الحديث دليل على أن من لم يحضر المعركة من أولها وال حضر في أثنائها وإنما حضر بعد انتهاء المعركة لم يعط من الغنيمة‬

‫السهم‪ :‬النصيب من الغنيمة‪.‬‬ ‫ضرب له‪ :‬جعل له سهما وفرضه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬البيعة‪ :‬العهد على السمع والطاعة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فرض الخمس‪ :‬باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين‪ .‬حديث رقم (‪ )3136‬بلفظ (عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَ صْغَرُهُمْ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالْآخَرُ أَبُو رُهْمٍ‪ ،‬إِمَا قَالَ فِي بِضْعٍ وَإِمَا‬
‫قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي‪ ،‬فَرَكِبْنَا سَفِينَةً‪ ،‬فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَجَاشِيِ بِالْحَبَ شَةِ‪ ،‬وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ‪ ،‬فَقَالَ‬
‫جَعْفَرٌ‪ :‬إِنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَعَثَنَا هَاهُنَا وَأَمَرَنَا بِالْإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَى قَدِمْنَا جَمِيعًا‪ ،‬فَوَافَقْنَا النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حِينَ افْتَتَحَ‬
‫ب سَفِينَتِنَا مَ َع جَعْفَ ٍر وَأَصْحَابِهِ قَسَ َم لَهُمْ مَعَهُمْ)‪.‬‬
‫ن شَهِدَ مَعَ ُه إِلَا أَصْحَا َ‬
‫ح خَيْبَ َر مِنْهَا شيئًا إِلَا لِمَ ْ‬
‫ن فَتْ ِ‬
‫خَيْبَ َر فَأَسْهَمَ لَنَا أَوْ قَا َل فَأَعْطَانَا مِنْهَا‪ ،‬وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في فضائل الصحابة‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبواود في الجهاد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب في المرةة والعبد يحذيان من الغنيمة‪ .‬حديث رقم (‪ )2727‬بلفظ (عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ‪ :‬كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬يَسْأَلُهُ‬
‫عَنْ كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ أَشْيَاءَ وَعَنْ الْمَمْلُواِ‪ ،‬أَلَهُ فِي الْفَيْءِ شَيْءٌ؟ وَعَنْ النِسَاءِ هَلْ كُنَ يَخْرُجْ نَ مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ؟ وَهَلْ لَهُنَ نَصِيبٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَاسٍ‪:‬‬
‫لَوْلَا أَنْ يَأْتِيَ أُحْمُوقَةً مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ‪ ،‬أَمَا الْمَمْلُواُ فَكَانَ يُحْذَى‪ ،‬وَأَمَا النِسَاءُ فَقَدْ كُنَ يُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَيَسْقِينَ الْمَاءَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫أخر جه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬والنسائي في قسم الفيئ‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫الحذوة‪ :‬العطية‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الفيئ‪ :‬مايؤخذ من العدو من مال ومتاع من غير حرب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتا ب الجهاد‪ :‬باب في المرأة والعبيد يحذيان من الغنيمة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2730‬بلفظ (عن عُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللَحْمِ قَالَ‪ :‬شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي‬
‫فَكَلَمُوا فِيَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَأَمَرَ بِي‪ ،‬فَقُلِدْتُ سَيْفًا‪ ،‬فَإِذَا أَنَا أَجُ رُهُ‪ ،‬فَأُخْبِرَ أَنِي مَمْلُواٌ فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِ الْمَتَاعِ قَالَ أَبُو دَاوُد مَعْنَاهُ أَنَهُ لَمْ‬
‫ن حَرَ َم اللَحْ َم عَلَى نَفْسِ ِه فَسُمِيَ آبِي اللَحْمِ)صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫يُسْهِ ْم لَهُ قَا َل أَبُو دَاوُد وَقَا َل أَبُو عُبَيْ ٍد كَا َ‬
‫اخرجه الترمذي في السير‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬حرثي المتاع‪ :‬أثاث البيت وأسقاطه كالقدر وغيره‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب فيمن جاء بعد الغنيمة السهم له‪ .‬حديث رقم (‪ )2723‬بلفظ (عَنْ الزُهْرِيِ أَنَ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْ َرةَ‬
‫يُحَدِثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَا ِ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَا ِ عَلَى سَرِيَ ةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ‪ ،‬فَقَدِمَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَصْحَابُهُ عَلَى‬
‫رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا‪ ،‬وَإِنَ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لِيفٌ فَقَالَ أَبَانُ‪ :‬اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَهِ فَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ‪ :‬فَقُلْتُ‪ :‬لَا تَقْسِمْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَهِ‪،‬‬
‫فَقَالَ أَبَانُ‪ :‬أَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحَدَرُ عَلَيْنَا مِنْ رَأْسِ ضَالٍ‪ ،‬فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ‪ :‬اجْلِسْ يَا أَبَانُ وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ) صححه‬
‫األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الجهاد والسير‪.‬‬
‫تحدر‪:‬‬ ‫وبر‪ :‬دابة صغيرة وحشية كالقط‪.‬‬ ‫أنت بها‪ :‬أنت المتكلم بهذه الكلمة‪.‬‬ ‫السرية‪ :‬مجموعة من الجيش لها مهمة خاصة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫نزل وهبط‪.‬‬
‫‪395‬‬
‫شيء إال أن يكون مكلفا من اإلمام في أداء عمل فيه مصلحة للمسلمين ألن من كان مكلفا في واجب أو مهمة من اإلمام أو من قائد الجيش‬
‫فيسهم له ‪.‬‬

‫السرايا التي خترج من العسكر فتغنم‬


‫الصحيح‪ :‬أن العسكر جميعهم يشاركون السرية في الغنيمة سواء من باشر القتال أو من كان ردء وحماية للمجاهدين والردء هم الذين‬
‫يكونون احتياطيين أو في مؤخرة جيش المجاهدين والردء يكون لهم تأثير في تحقيق النصر والغلبة على العدو الحربي ‪.‬‬

‫للفارس ثالثة أسهم‬


‫الصحيح‪ :‬أن الفارس يعطى ثالثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه وإعطاء الفارس ثالثة أسهم هو لقوة تأثيره ونكايته في الحرب وليس لنفس‬
‫الفرس ألن الفرس حيوان ال يعقل ومثل الفارس يعطى صاحب الدبابة إذا لم يكونوا موظفين في الجيش الرسمي ألن أفراد الجيش الرسمي‬
‫يأخذون مرتبات شهرية من الخزينة العامة وأي غنائم يغنمها الجيش الرسمي تكون ملكا للدولة ال للغانمين ولكن الغنائم التي تقسم ثالثة‬
‫أسهم سهمان للفارس وسهم للراجل هي إذا كان المجاهدون متطوعين ليس لهم مرتبات شهرية من الخزينة العامة للدولة ويمكن أن يعطى‬
‫صاحب المدفع مثل الفارس ثالثة أسهم‪ ،‬دليل إعطاء الفارس وأمثاله ثالثة أسهم حديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ جَ َعلَ لِلْفَرَسِ‬
‫سهْمًا)(‪ )1‬الحديث صريح الداللة على إعطاء الفارس ثالثة أسهم ‪.‬‬
‫حبِهِ َ‬
‫سهْ َم ْينِ وَِلصَا ِ‬
‫َ‬

‫إباحة الطعام للمجاهدين ما داموا يف أرض اجلهاد‬


‫يباح للمجاهدين أن يأخذوا مما يغنموه في الحرب من الكافرين الحربيين الطعام لهم أو لدوابهم أو ما تحتاجه مركباتهم وآلياتهم الحربية من‬
‫سلَ وَالْ ِعنَبَ َفنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ)(‪ )2‬الحديث دليل على إباحة ما‬
‫البترول أو من الغاز أو نحوه قبل القسمة لحديث ( ُكنَا ُنصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَ َ‬
‫يحتاجه المجاهد من الطعام في أرض الجهاد وهو محتاج للطعام المأخوذ من الغنائم أو محتاج لطعام فرسه أو دوابه أو محتاج للبترول‬
‫وقودا لمعداته وآالته وأسلحته الحربية وكذا يجوز أن يأخذ ما يحتاجه الجهاد من األسلحة والذخائر المغنومة ويخصص حديثُ ابن عمر‬
‫بإباحة الطعام للمجاهدين أحاديثَ تحريم الغلول من الغنيمة ويعمل بالخاص فيما تناوله وهو إباحة الطعام للمجاهدين ويعمل بالعام وهو‬
‫تحريم الغلول في الباقي ‪.‬‬

‫عقــــــــــوبة الغـــــــــــــال‬
‫الغلول (لغة) ‪ :‬الخيانة ‪ ،‬وبناء على التعريف اللغوي فـ(الغال)هو الخائن ‪.‬‬
‫الغلول في الشرع‪ :‬األخذ من الغنيمة التي هي ملك عام لجميع الغانمين قبل أن تقسم أو األخذ من مال مملوك ملكية عامة إلطالق النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم لفظ (الغلول ) على ما يأخذه الموظف العام من المال العام الذي تحت واليته زائدا عما يستحقه هو وأمثاله بموجب‬
‫ستَعْمَ ْلنَاهُ ِمنْكُمْ عَلَى عَ َملٍ فَ َكتَ َمنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ‬
‫القوانين واللوائح المحددة والمبينة للمرتبات والمستحقات المالية في حديث ( َمنْ ا ْ‬
‫(‪.)3‬‬
‫غُلُولًا يَ ْأتِي بِهِ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ)‬

‫الغلول كبرية من كبائر اإلثم‬


‫الغلول كبيرة من كبائر اإلثم يعاقب اهلل الغال في اآلخرة بتعذيبه بالمال الذي غله في الدنيا حيث يجعل اهلل عز وجل المال المغلول وسيلة‬
‫(‪)4‬‬
‫غلَ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ}‬
‫يعاقب بها الغال ويكون المال هو وسيلة لتعذيبه به في اآلخرة قال تعالى {وَمَا كَانَ ِل َنبِي أَن يَ ُغلَ وَمَن يَغُْللْ يَأْتِ بِمَا َ‬
‫حدَكُمْ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ عَلَى رَ َق َبتِهِ شَاةٌ َلهَا ثُغَاءٌ‪،‬‬
‫وحديث (قَامَ فِينَا ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َفذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَّظَمَهُ َوعَّظَمَ أَمْ َرهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا أُلْ ِف َينَ أَ َ‬
‫ش ْيئًا قَدْ َأبْلَ ْغتُكَ‪َ ،‬وعَلَى رَقَ َبتِهِ بَعِيرٌ لَهُ ُرغَاءٌ يَقُولُ‪ :‬يَا‬ ‫غ ْثنِي‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمِْلكُ لَكَ َ‬ ‫عَلَى رَ َق َبتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ َأ ِ‬
‫شيْئًا قَدْ‬
‫غ ْثنِي‪َ ،‬فأَقُولُ‪ :‬لَا أَمِْلكُ َلكَ َ‬ ‫ش ْيئًا َقدْ َأبْلَغْ ُتكَ‪َ ،‬وعَلَى رَ َق َبتِهِ صَامِتٌ‪َ ،‬فيَقُولُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ َأ ِ‬ ‫غ ْثنِي‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمِْلكُ َلكَ َ‬‫رَسُولَ اللَهِ َأ ِ‬
‫(‪)5‬‬
‫ش ْيئًا َقدْ َأبْلَ ْغ ُتكَ) الحديث دليل صحيح صريح في‬ ‫غ ْثنِي‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمِْلكُ َلكَ َ‬ ‫َأبْلَ ْغ ُتكَ‪َ ،‬أوْ عَلَى رَ َق َبتِهِ رِقَاعٌ تَخْ ِفقُ‪َ ،‬فيَقُولُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ َأ ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب سهام الفرس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2563‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن وَلِصَاحِبِ ِه سَهْمًا)‪.‬‬ ‫س سَهْمَيْ ِ‬ ‫جَعَلَ لِلْفَرَ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ .‬وأ حمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ب‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فرض الخمس‪ :‬باب مايصيب من الطعام في أرض الحرب‪ .‬حديث رقم (‪ )3154‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا نُصِي ُ‬
‫ب فَنَأْكُلُ ُه وَلَا نَرْفَعُهُ)‪.‬‬
‫فِي مَغَازِينَا الْعَسَ َل وَالْعِنَ َ‬
‫أخرجه أبوداود‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ :‬باب تحريم هدايا العمال‪ .‬حديث رقم (‪ )47 20‬بلفظ (عَنْ عَدِيِ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِ يِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫يَقُولُ‪ :‬مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِنْ الْأَنْصَارِ كَأَنِي أَنّْظُرُ إِلَيْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ‬
‫ن اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ‪ ،‬فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ‪ ،‬وَمَا‬
‫اللَهِ اقْبَلْ عَنِي عَمَلَكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَمَا لَكَ؟ قَالَ سَمِعْتُكَ تَقُولُ‪ :‬كَذَا وَكَذَا قَالَ‪ :‬وَأَنَا أَقُولُهُ‪ :‬الْآنَ‪ ،‬مَ ْ‬
‫نُهِيَ عَنْ ُه انْتَهَى)‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في األقضية‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)161( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَامَ فِينَا‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب الغلول وقول اهلل (ومن يغلل يأت بما غل)‪ .‬حديث رقم (‪ )3073‬بلفظ (عن أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِ َ‬
‫النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَّظَمَهُ وَعَّظَمَ أَمْرَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا أُلْفِيَنَ أَحَدَ كُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ‪ ،‬عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬يَا‬
‫‪396‬‬
‫أن اهلل عز وجل يعذب الغال في اآلخرة بما غلَه على وجه الخيانة من األموال المغنومة أو المملوكة ملكية عامة سواء كان المال الذي‬
‫غله من الحيوانات كجمل أو شاة أو فرس أو نحوها أو كان من األموال الصامتة كالذهب أو الفضة أو العمالت النقدية التي حلت محل‬
‫الذهب والفضة في التعامالت المالية أو كان المال المغلول من األموال الصامتة كاألراضي أو العقارات أو األشياء المادية المنقولة أو أي‬
‫شيء له قيمة ماليه‪ ،‬وعلى أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم ال يغث ه وال يشفع له ألن الرسول قد وضح وبين في الدنيا حرمة وخطورة‬
‫الوقوع في معصية الغلول التي هي كبيرة من كبائر الذنوب التي ال تكفرها الصلوات الخمس وال الصوم وال سائر العبادات لحديث‬
‫ج َتنَبَ الْ َكبَائِرَ)(‪،)1‬ومعصية الغلول من الكبائر التي‬ ‫( الصََلوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَ َمضَانُ إِلَى رَ َمضَانَ مُكَفِرَاتٌ مَا َب ْي َن ُهنَ إِذَا ا ْ‬
‫ال يقوى على تكفيرها شيء من العبادات حتى وال الشهادة في سبيل اهلل تعالى ألن األموال المغلولة دين في ذمة الشخص الغال للمجتمع‬
‫المغلول عليه‪ ،‬والشهادة في سبيل اهلل هي أفضل العبادات وتكفر جميع الذنوب الصغائر والكبائر إال الدين الذي هو حق من حقوق العباد‬
‫عنِي‬ ‫سبِيلِ اللَهِ تُكَفَرُ َ‬
‫التي ال يكفرها إال التوبة منها‪ ،‬وقد بين ذلك النبي صلى اهلل عليه وسلم في حديث (يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَرََأيْتَ إِنْ ُقتِلْتُ فِي َ‬
‫حتَسِبٌ مُ ْق ِبلٌ غَيْرُ ُم ْدبِرٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ رَسُولُ‬ ‫سبِيلِ اللَهِ وََأنْتَ صَابِرٌ مُ ْ‬ ‫خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬إِنْ ُقتِلْتَ فِي َ‬
‫عنِي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬ ‫سبِيلِ اللَهِ َأتُكَفَرُ َ‬ ‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬كيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ‪ :‬أَرََأيْتَ ِإنْ ُقتِلْتُ فِي َ‬
‫(‪)2‬‬
‫جبْرِيلَ عََليْهِ السَلَام قَالَ‪ :‬لِي ذَِلكَ) في الحديث داللة واضحة على أن حقوق‬ ‫غيْرُ ُم ْدبِرٍ إِلَا ال َد ْينَ‪ ،‬فَِإنَ ِ‬
‫حتَسِبٌ مُ ْق ِبلٌ َ‬
‫نَعَمْ‪ ،‬وََأنْتَ صَابِرٌ مُ ْ‬
‫العباد ال يكفرها إال التحلل منها بإرجاعها إلى أصحابها أو التسامح منهم‪ ،‬واألموال المغلولة حق لألمة ال توبة للغال منها إال بإرجاعها‬
‫إلى ملكية المجتمع المغلول عليه‪ ،‬وال يتقبل اهلل من الغال أي صدقة أو أي إنفاق في أي مجال من مجاالت العبادات المالية ألن األموال‬
‫المغلولة أموال محرمة خبيثة‪ ،‬وال يقبل اهلل العبادة والتقرب إليه إال من المال الحالل الطيب ألن اهلل طيب وال يقبل إال طيباً‪ ،‬وقد بيَن‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أن اهلل عز وجل ال يقبل صدقة من الصدقات وال قربة من القربات من مال مغلول في حديث (لَا ُت ْق َبلُ صَلَاةٌ‬
‫طهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ ِمنْ غُلُولٍ)(‪ ،)3‬ألن معصية الغلول كبيرة من كبائر اإلثم‪ ،‬واهلل عز وجل ال يتقرب إليه بالمعاصي‪ ،‬وإنما يتقرب إليه‬ ‫بِ َغيْرِ ُ‬
‫بالطاعات التي هي متجسدة بامتثال األوامر واجتناب النواهي وهي التي تحقق للطائع الفوز العظيم في الدنيا واآلخرة قال تعالى {وَمَن‬
‫ح ِتهَا ا َأل ْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا َو َذِلكَ الْ َفوْزُ الْعَّظِيمُ}(‪،)4‬وقال تعالى {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَسُولَ‬ ‫جنَاتٍ تَجْرِي مِن تَ ْ‬ ‫يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ ُيدْخِلْهُ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫سنَ أُولَـ ِئكَ رَفِيقاً} ‪ ،‬والغلول من المعاصي التي ال‬ ‫صدِيقِينَ وَالشُ َهدَاء وَالصَاِلحِينَ وَحَ ُ‬ ‫فَُأوْلَـ ِئكَ مَعَ اَلذِينَ َأنْعَمَ اللّهُ عََليْهِم ِمنَ ال َن ِبيِينَ وَال ِ‬
‫تحقق للغال الفوز في الدنيا وال في اآلخرة‪ ،‬وإنما تحقق للغال العذاب المهين في الدنيا واآلخرة مصداقا لقوله تعالى {وَمَن يَ ْعصِ اللّهَ‬
‫عذَابٌ ُمهِينٌ}(‪ ،)6‬وقد قال ابن حجر العسقالني في فتح الباري‪ :‬بأنه ال يمكن أن تكون‬ ‫حدُو َدهُ ُيدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ َ‬ ‫وَرَسُولَهُ َو َيتَ َعدَ ُ‬
‫عين المعصية هي عين الطاعة‪.‬‬

‫القليل من الغلول يسبب دخول النار‬


‫األخذ من أموال الغنائم أومن األموال العامة يسبب لآلخذ دخول النار والعذاب فيها بما غله من المال المغلول حتى ولو كان المال المأخوذ‬
‫حوَائِطَ‪،‬‬
‫غنِ ْمنَا الْبَقَرَ وَالِْإ ِبلَ وَالْ َمتَاعَ وَالْ َ‬
‫خ ْيبَرَ وَلَمْ نَ ْغنَ ْم ذَهَبًا وَلَا ِفضَةً ِإنَمَا َ‬
‫حنَا َ‬
‫قليالً ومما يدل على التعذيب بقليل الغلول حديث أنه قال (ا ْف َتتَ ْ‬
‫ضبَابِ‪ ،‬فَ َب ْينَمَا ُهوَ يَحُطُ‬
‫حدُ َبنِي ال ِ‬ ‫ع ْبدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ ِم ْدعَمٌ أَ ْهدَاهُ لَهُ أَ َ‬
‫ثُمَ ا ْنصَرَ ْفنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَمَعَهُ َ‬
‫شهَا َدةُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬ ‫سهْمٌ عَائِرٌ حَتَى َأصَابَ ذَِلكَ الْ َع ْبدَ‪ ،‬فَقَالَ النَاسُ‪ :‬هَنِيئًا لَهُ ال َ‬ ‫حلَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِإذْ جَا َءهُ َ‬ ‫رَ ْ‬
‫جلٌ‬ ‫شتَ ِعلُ عََليْهِ نَارًا‪ ،‬فَجَاءَ رَ ُ‬ ‫ص ْبهَا الْمَقَاسِمُ َلتَ ْ‬ ‫خ ْيبَرَ ِمنْ الْمَغَانِمِ لَمْ ُت ِ‬‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ :‬بلْ وَاَلذِي نَفْسِي ِب َي ِدهِ‪ِ ،‬إنَ الشَمْلَةَ اَلتِي َأصَا َبهَا َيوْمَ َ‬

‫ك شيئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ‪ ،‬وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَا ٌء يَقُ ولُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أَغِثْنِي‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمْلِكُ لَكَ شيئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ‪ ،‬وَعَلَى رَقَبَتِ ِه‬ ‫رَسُولَ اللَهِ أَغِثْنِي‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمْلِكُ لَ َ‬
‫صَامِتٌ‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أَغِثْنِي‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمْلِكُ لَكَ شيئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ‪ ،‬أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أَغِثْنِي‪ ،‬فَأَقُولُ‪ :‬لَا أَمْلِكُ لَكَ شيئاً َق ْد‬
‫أَبْلَغْتُكَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الزكاة‪ ،‬والترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وأبو داود في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المساقاة‪ ،‬تفسير القرآن الكريم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الغلول‪ :‬مايؤخذ من الغنيمة خفية قبل ق سمتها أو مايؤخذ من المال العام فوق مايستحقه الموظف العام على سبيل الكتمان‪.‬‬
‫الرقعة‪ :‬قطعة من جلد أو ورق يكتب عليه‪.‬‬ ‫الحمحمة‪ :‬صوت الفرس‪.‬‬ ‫الرغاء‪ :‬صوت البعير‪.‬‬ ‫الثغاء‪ :‬صوت الشاة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 551‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ب الْكَبَائِرَ)‪.‬‬
‫ن إِذَا اجْتَنَ َ‬
‫ن مُكَفِرَاتٌ مَا بَيْنَهُ َ‬ ‫ن إِلَى رَمَضَا َ‬‫ت الْخَمْسُ وَالْجُمْعَ ُة إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَا ُ‬ ‫ن يَقُولُ‪ :‬الصَلَوَا ُ‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬كَا َ‬
‫أخرجه الترمذي في الصالة‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ :‬باب من قتل في سبيل اهلل كفرت خطاياه إال الدين‪ .‬حديث رقم (‪ )4557‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَهُ سَمِعَهُ‬
‫يُحَدِثُ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَهِ وَالْإِيمَانَ بِاللَهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ‪ ،‬فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬أَرَأَيْتَ‬
‫إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَهِ تُكَفَرُ عَنِي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‬
‫رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ‪ :‬أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَهِ أَتُكَفَ رُ عَنِي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬نَعَمْ‪ ،‬وَأَنْتَ صَابِرٌ‬
‫ب مُقْ بِلٌ غَيْ ُر مُدْبِ ٍر إِلَا الدَيْنَ‪ ،‬فَإِنَ جِبْرِيلَ عَلَيْ ِه السَلَام قَالَ‪ :‬لِي ذَلِكَ)‪.‬‬
‫مُحْتَسِ ٌ‬
‫أخرجه الترمذي في الجهاد‪ ،‬والنسائي في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجهاد‪ ،‬والدارمي في الجهاد‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تكفر‪ :‬تمحو وتزيل‪ .‬االحتساب‪ :‬رجاء الثواب واألجر من اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب وجوب الطهارة للصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 534‬بلفظ (عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ دَخَلَ عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ يَعُودُهُ وَهُوَ‬
‫ن غُلُولٍ)‪.‬‬ ‫مَرِيضٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَلَا تَدْعُو اللَهَ لِ ي يَا ابْنَ عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنِي سَمِعْتُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْ ِر طُهُو ٍر وَلَا صَدَقَةٌ مِ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ .‬وا بن ماجه في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬غل‪ :‬خان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)13( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)61( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)14( :‬‬
‫‪397‬‬
‫ص ْبتُهُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬ ‫حِينَ سَمِعَ ذَِلكَ ِمنْ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بِشِرَااٍ َأوْ بِشِرَا َك ْينِ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬هذَا شَيْءٌ ُكنْتُ َأ َ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬شِرَااٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ)(‪ )1‬في الحديث دالله على عظم ذنب الغلول وأنه ال تكفره الطاعات حتى وال الشهادة في سبيل اهلل تعالى‬
‫جلٌ يُقَالُ لَهُ (كِرْكِ َرةُ) فَمَاتَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ُ :‬هوَ فِي النَارِ‬ ‫لحديث (كانَ عَلَى ثَ َقلِ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ رَ ُ‬
‫جدُوا عَبَا َءةً َقدْ غَلَهَا)(‪ )2‬في الحديث داللة واضحة على أن كركرة يعذب في النار بسبب عباءة غلَها من المغانم‬ ‫َفذَ َهبُوا َينّْظُرُونَ إَِليْهِ َفوَ َ‬
‫قبل أن تقسم ولم ينفعه عمله الصالح من اإليمان والصالة والصوم والجهاد وغيرها من العبادات واألعمال الصالحة ألن معصية الغلول‬
‫خالً‬
‫س ِيئَاتِكُمْ َونُدْخِلْكُم ُمدْ َ‬
‫عنْهُ نُكَفِرْ عَنكُمْ َ‬
‫ج َت ِنبُواْ َكبَآئِرَ مَا ُت ْن َه ْونَ َ‬
‫عطلت عمل هذه الطاعات في تكفير السيئات كما في قوله تعالى {إِن تَ ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫كَرِيماً}(‪ )3‬ولحديث (الصََلوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَ َمضَانُ إِلَى رَ َمضَانَ مُكَفِرَاتٌ مَا َبيْ َن ُهنَ ِإذَا ا ْ‬
‫ج َتنَبَ الْ َكبَائِرَ) ‪.‬‬

‫حتريم االنتفاع بشي من الغنائم قبل قسمتها‬


‫يحرم على الغانم االنتفاع بشي من أموال الغنيمة قبل أن تقسم ألن ملكيتها ملكية عامة وليست ملكاً خاصاً به لحديث (وَ َمنْ كَانَ ُيؤْمِنُ‬
‫حتَى ِإذَا َأعْجَ َفهَا َردَهَا فِيهِ‪ ،‬وَ َمنْ كَانَ ُيؤْ ِمنُ بِاللَهِ وَا ْل َي ْومِ الْآخِرِ فَلَا يَ ْلبَسْ َث ْوبًا ِمنْ‬
‫بِاللَهِ وَا ْل َيوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبْ دَابَةً ِمنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ َ‬
‫حتَى إِذَا أَخْلَقَهُ َر َدهُ فِيهِ)(‪ )5‬الحديث دليل على تحريم انتفاع الشخص بالشيء المملوك للجماعة انتفاعا شخصيا يسبب‬ ‫فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ َ‬
‫استهالك ذلك الشيء أو ضعفه ألن في هذا االنتفاع تعد على الملكية العامة وإضرار بها ومثل ركوب الدابة من فيء المسلمين استعمال‬
‫السيارات والمركبات والمعدات المملوكة ملكية عامة يحرم االنتفاع بها انتفاعا شخصياً‪ ،‬وال يجوز استخدامها إال في ما فيه مصلحة عامة‬
‫لمجموعة المالكين ومن يسلم له وسيلة مواصالت ليستعين بها أو ليستخدمها للقيام بعمله الوظيفي فيجب عليه المحافظة عليها كمحافظته‬
‫على ملكه الشخصي لكي يستمر نفعها لما فيه مصلحة عامة للمجموع‪ ،‬وال يجوز له أن يستخدمها استخداما غير معتاد يسبب هالكها أو‬
‫تعطيلها أو تقليل االنتفاع بها‪ ،‬ويجب على من يسلم له شيء من السيارات والمعدات وغيرها من اآلالت المتحركة أو غير المتحركة أن‬
‫يستخدمه االستخدام المعتاد الذي يؤدي إلى الحفاظ عليها صالحة لالستعمال ليدوم ويستمر االنتفاع بها أطول مدة ممكنة للمصلحة العامة‬
‫أو لمصلحة الجماعة المالكين لها ملكية عامة‪.‬‬

‫ما يأخذه املوظف زيادة على ما هو مقرر له غلول‬


‫ما يأخذه الموظف العام في أي وظيفة عامة سواء كان ملكاً و رئيساً أو وزيراً أو محافظاً أو قائداً أو مديراً عاماً أو مندوباً للمال أو أمين‬
‫صندوق أو مسئوالً مالياً أو رئيس شركة أو مؤسسة أي مؤسسة أو موظفاً في أي مؤسسة أو مصلحة عسكريه أو مدينة أو خاصة زيادة‬
‫على ما هو مقرر له و ألمثاله من الموظفين في نفس العمل أوالوظيفة بحسب اللوائح أو القوانين المنظمة للعمل وللمرتبات والعطاءات‬
‫المالية فهو غلول يأتي به يوم القيامة‪ ،‬ويشترط فيما يقرر للموظف المفرغ لوظيفته أن يضمن له كفايته وكفاية من يعولهم من أفراد أسرته‬
‫من متطلبات الحياة من المسكن الكافي له وألفراد أسرته والغذاء والدواء والشراب واللباس المناسب لكل منهم ولكل ما يحتاجونه بحسب‬
‫متوسط معيشة أفراد المجتمع فال يعاملون بمعيشة األغنياء وال بمعيشة الفقراء بل يعاملون بمعيشة متوسط أفراد المجتمع‪ ،‬الدليل الذي يدل‬
‫على أن ما يأخذه الموظف من أموال وظيفته العامة التي أؤتمن عليها يسمى غلوالً يأتي به يوم القيامة ويعاقب عليه وسيعذبه اهلل به حديث‬
‫س َودُ ِمنْ الَْأ ْنصَارِ كََأنِي َأنّْظُرُ‬
‫جلٌ أَ ْ‬
‫خيَطًا فَمَا َفوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَ ْأتِي بِهِ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَامَ إَِليْهِ رَ ُ‬
‫ستَعْمَ ْلنَاهُ ِمنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَ َكتَ َمنَا مِ ْ‬
‫( َمنْ ا ْ‬
‫ستَعْمَ ْلنَاهُ ِمنْكُمْ عَلَى‬‫عنِي عَمََلكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَمَا َلكَ؟ قَالَ سَمِ ْع ُتكَ تَقُولُ‪َ :‬كذَا وَ َكذَا قَالَ‪ :‬وََأنَا أَقُولُهُ‪ :‬الْآنَ‪َ ،‬منْ ا ْ‬ ‫إَِليْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ ا ْقبَلْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب غزوة خيبر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4234‬بلفظ (عن سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬افْتَتَحْنَا‬
‫خَيْبَرَ وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَةً إِنَمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ‪ ،‬ثُمَ انْ صَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَمَعَهُ عَبْ ٌد لَهُ يُقَالُ لَهُ‬
‫مِدْعَمٌ أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِبَابِ‪ ،‬فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُ رَحْلَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ‪ ،‬فَقَالَ النَاسُ‪ :‬هَنِيئًا لَهُ الشَهَادَةُ‪،‬‬
‫فَقَالَ رَسُولُ ال لَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬بَلْ وَالَذِي نَفْسِي بِيَدِهِ‪ ،‬إِنَ الشَمْلَةَ الَتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا‪ ،‬فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ‬
‫ا أَ ْو شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ)‪.‬‬ ‫ت أَصَبْتُهُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬شِرَا ٌ‬ ‫ا أَ ْو بِشِرَاكَيْنِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَذَا شَيْءٌ كُنْ ُ‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم بِشِرَا ٍ‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫ك مِ ْ‬
‫سَمِ َع ذَلِ َ‬
‫أخرجه مسلم في األيمان‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬ومالك في الجهاد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األيمان والنذور‪.‬‬
‫تصيبها‪ :‬تشملها‬ ‫الشملة‪ :‬كساء يتغطى به‪.‬‬ ‫طائش‪ :‬اليعرف راميه‪.‬‬ ‫الرحل‪ :‬أمتعة السفر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الحائط‪ :‬البستان‪.‬‬
‫الشراا‪ :‬أحد سيور النعل‪.‬‬ ‫وتتضمنها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‬ ‫ن عَلَى ثَقَ ِل النَبِ ِ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب القليل من الغلول‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3074‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَ ِه بْنِ عَمْرٍو قَالَ‪ :‬كَا َ‬
‫ن إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَ ًة قَدْ غَلَهَا)‬
‫رَجُ ٌل يُقَالُ لَ ُه (كِرْكِرَةُ) فَمَاتَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَ ى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬هُ َو فِي النَا ِر فَذَهَبُوا يَنّْظُرُو َ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫الغلول‪( :‬لغة) ‪ :‬الخيانة‪ ،‬واصطالحا‪ :‬مايؤخذ من الغنيمة خفية قبل قسمتها أو مايؤخذ من المال العام زائداًعلى مايستحقه الموظف العام على‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫سبيل الكتمان‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)31( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة ري اهلل عنه رقم (‪.)551‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب في وطء السبايا‪ .‬حديث رقم (‪ )2705‬بلفظ (عَنْ حَنَشٍ الصَنْعَانِيِ عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِ قَالَ‪ :‬قَامَ فِينَا خَطِيبًا‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫أَمَا إِنِي لَا أَقُولُ‪ :‬لَكُمْ إِلَا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ‪ :‬لَا يَحِلُ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ يَعْنِي‬
‫إِتْيَانَ الْحَبَالَى‪ ،‬وَلَا يَحِلُ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ السَبْيِ حَتَى يَسْتَبْرِئَهَا‪ ،‬وَلَا يَحِلُ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَى‬
‫يُقْسَمَ‪ ،‬حَدَثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ‪ :‬حَتَى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ زَادَ فِيهِ بِحَيْضَةٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ‬
‫فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ‪ ،‬زَادَ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبْ دَابَةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَهَا فِيهِ‪ ،‬وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا‬
‫ن حَتَى إِذَا أَخْلَقَ ُه رَدَهُ فِيهِ) قال عنه األلباني (حسن صحيح) في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫س ثَوْبًا مِنْ فَيْ ِء الْمُسْلِمِي َ‬‫يَلْبَ ْ‬
‫أخرجه أحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫الفيء‪:‬‬ ‫اإلستبراء‪ :‬التأكد من عدم الحبل‪.‬‬ ‫السبي‪ :‬األسيرة في قتال مع المشركين‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬إتيان الحبالى‪ :‬كناية عن الجماع‪.‬‬
‫خلق‪ :‬بلي‪.‬‬ ‫أعجفها‪ :‬أهزلها وأضعفها‪.‬‬ ‫مايؤخذ من العدومن مال ومتاغ بغير حرب‪.‬‬
‫‪398‬‬
‫عنْهُ ا ْن َتهَى)(‪ )1‬المخيط في لفظ(كتمنا مخيطاً) هو اإلبرة‪ ،‬الحديث يدل داللة‬ ‫خذَ‪ ،‬وَمَا ُنهِيَ َ‬
‫عَ َملٍ فَ ْليَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَ َكثِي ِرهِ‪ ،‬فَمَا أُوتِيَ ِمنْهُ أَ َ‬
‫واضحة صريحة على تحريم أخذ أي شيء من المال الذي تحت والية الموظف العام أو الخاص سواء كان كثيرا أو قليال حتى ولو كان‬
‫المال المأخوذ شيئاً تساوي قيمته قيمة إبرة الخياطة إذا كان اآلخذ أخذه على جهة الكتمان والتخفي عن اآلخرين وغير ما هو مقرر له‬
‫وألمثاله بحسب لوائح وقوانين العمل في مؤسسة وظيفته التي يعمل فيها‪ ،‬وإذا كان اهلل تعالى سيحاسب الموظف الذي يخون في وظيفته‬
‫على الشيء الذي قيمته قيمة إبرة الخياطة فما كان قيمته أزيد على قيمة المخيط فباألولى وسيكون عذابه وعقابه في اآلخرة على قدر المال‬
‫المغلول فمن كثر غلوله كثر عقابه وعذابه في اآلخرة واهلل عز وجل يحاسب على مثقال الذرة من الخير أو من الشر قال تعالى {فَمَن‬
‫خيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْ َملْ ِمثْقَالَ ذَ َرةٍ شَرّاً يَرَهُ}(‪ )2‬ومن األدلة على تحريم أخذ الموظف من المال العام الذي تحت واليته‬ ‫يَعْ َملْ ِمثْقَالَ ذَ َرةٍ َ‬
‫خذَ بَعْدَ‬
‫ستَعْمَ ْلنَاهُ عَلَى عَ َم ٍل فَرَزَ ْقنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَ َ‬
‫فوق المعين له بحسب اللوائح والقوانين المنظمة للعمل والمرتبات والعطاءات حديث ( َمنْ ا ْ‬
‫ذَِلكَ َف ُهوَ غُلُولٌ)(‪ )3‬الحديث يعم كل عمل ألن لفظ (عَ َملٍ) نكرة في سياق الشرط‪ ،‬والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم‪ ،‬ولفظ ( َمنْ) من‬
‫ألفاظ العموم يعم كل (موظف) سواء كان وزيراً أو محافظاً أو قائداً أو وكيالً أو مديراً عاماً أو رئيس مصلحة أو مؤسسه أو مندوباً مالياً‬
‫أو أمين صندوق أو أي موظف في أي موقع أو عمل أو كان موظف في مؤسسة إيرادية أو غير إيراديه ‪.‬‬

‫ما حيل لإلمام من األموال العامة‬


‫اإلمام أو الملك أو الرئيس ال يحل له من األموال العامة التي تحت واليته إال ما يكفيه ويكفي أفراد أسرته مثل أوساط المجتمع من المسكن‬
‫واألثاث والطعام والشراب والدواء والمركوب والملبوس المناسبين له وألمثاله بقدر الحاجة له ولوظيفته العامة ويحرم عليه التوسع الزائد‬
‫فيما ال حاجة له فيه وال ألفراد أسرته وال لوظيفته العامة فإذا أخذ من األموال العامة التي تحت واليته شيئا زائدا على حاجاته المعيشية‬
‫كان ما يأخذه غلوالً يأتي به يوم القيامة ويحاسب ويعاقب عليه ويعذبه اهلل به سواء كان المال المغلول قليال أو كثيرا حتى ولو بلغ من القلة‬
‫غلَ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ ثُمَ ُتوَفَى ُكلُ نَفْسٍ‬ ‫ما تساوي قيمته قيمة إبرة الخياطة (المخيط) لقول اهلل تعالى {وَمَا كَانَ ِل َنبِي أَن يَ ُغلَ وَمَن يَغُْللْ يَأْتِ بِمَا َ‬
‫سبَتْ وَهُمْ الَ يُّظْلَمُونَ}(‪ )4‬اإلمام أو الملك أو الرئيس استعملته األمة في إدارة شؤونها العامة فهو أجير عند األمة يطبق عليه ما يطبق‬ ‫مَا كَ َ‬
‫علَى عَ َملٍ فَ َكتَ َمنَا مِخْيَطًا فَمَا‬ ‫ستَعْمَ ْلنَاهُ ِمنْكُمْ َ‬
‫على أي موظف عام‪ ،‬ويدخل اإلمام أو الملك أو الرئيس تحت قوله صلى اهلل عليه وسلم ( َمنْ ا ْ‬
‫َفوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَ ْأتِي بِهِ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ)(‪ )5‬دخوالً أولياً ألنه مستعمل من قبل األمة كلها إلدارة شؤونها ويجب عليه أن يمثل القدوة لبقية‬
‫الموظفين في األمانة والعفة والنزاهة والبعد عن الخيانة وعن األخذ من األموال العامة والخاصة ال لنفسه وال ألسرته وال لقرابته‪ ،‬وبهذا‬
‫يستطيع منع اآلخرين من األخذ من األموال العامة بغير وجه حق‪ ،‬وال يجوز لإلمام أو الرئيس أو الملك أن يسمح لنفسه أو لغيره من‬
‫الموظفين أن يصرف أو يتصرف في شيء من األموال العامة في شيء لم يكن فيه مصلحة محققة لصالح األمة ألن من الواجب على‬
‫األمام المحافظة على األموال العامة والخاصة والحرص على أال يُصرف شيء من األموال العامة إال فيما يحقق نفعاً عاماً لصالح األمة‬
‫ويسد حاجة من حاجاتها الضرورية أو الحاجية‪ ،‬ومن األدلة على تحريم أخذ اإلمام والموظف العام من األموال العامة غير المخصص له‬
‫الذي يضمن كفايته وكفاية من يعول من أفراد أسرته بالمعروف الذي هو مثل معيشة الغالبية من أفراد المجتمع الذي يعيش فيه اإلمام‬
‫جلَ‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬مَا لِي مِنْ َهذَا إِلَا‬ ‫خذُ ا ْلوَبَ َرةَ ِمنْ ُقصَةٍ ِمنْ فَيْءِ اللَهِ عَزَ وَ َ‬‫والموظف العام حديث (أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَانَ يَأْ ُ‬
‫حبِهِ َيوْمَ‬
‫شنَارٌ عَلَى صَا ِ‬ ‫خيْطَ وَالْمَخِيطَ فَمَا َفوْ َقهُمَا‪ ،‬وَِإيَاكُمْ وَالْغُلُولَ فَِإنَهُ عَارٌ وَ َ‬ ‫حدِكُمْ إِلَا الْخُمُسَ‪ ،‬وَ ُهوَ مَ ْردُودٌ فِيكُمْ‪ ،‬فََأدُوا الْ َ‬
‫ِم ْثلَ مَا لِأَ َ‬
‫الْ ِقيَامَةِ)(‪ ،)6‬الحديث صحيح صريح واضح الداللة في أنه ال يحل لمن يخلف الرسول صلى اهلل عليه وسلم في الوالية العامة على األمة‬
‫سوى ما يخصص ويعين لهم من العطاء الشهري الذي يكفي اإلمام لنفسه ولمن يعوله من أفراد أسرته مثل ما فرض الصحابة ألبي بكر‬
‫الصديق رضي اهلل عنه بعد توليه خالفة المسلمين بعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حيث قدَر له أهل الحل والعقد من الصحابة ما يكفيه‬
‫وأفراد أسرته الذين يعولهم من بيت مال المسلمين النشغاله عن اكتساب المال الذي يعول به أسرته باالشتغال بإدارة أمور المسلمين‬
‫العامة‪ ،‬وإذا كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ال يحل له من أموال المسلمين العامة شيء إال الخمس الذي فرضه اهلل له يأخذ منه القدر‬
‫الذي يسد به حاجته ويرد الباقي إلى بيت مال المسلمين فباألولى من يخلفه من األئمة والرؤساء والملوك في إدارة شؤون وأموال األمة ال‬
‫يحل لهم من األموال العامة شيء غير ما يقدره لهم أهل الحل والعقد في األمة مما يضمن كفايتهم وكفاية من يعولونهم من أمور الحياة‬
‫خذَ َوبَرَةً‬ ‫صلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ إِلَى بَعِيرٍ ِمنْ الْمَ ْغنَمِ‪ ،‬فَلَمَا سَلَمَ أَ َ‬
‫المعيشية وقد جاء في رواية عمرو بن عبسة قال‪( :‬صَلَى ِبنَا رَسُولُ اللَهِ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عدي بن عميرة الكندي رضي اهلل عنه رقم (‪.)4720‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الزلزلة‪.)7 ،5( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الخراج واإلمارة والفيئ‪ :‬باب في أرزاق العمال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2143‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن اسْتَعْمَلْنَا ُه عَلَى عَمَ ٍل فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَ َذ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُ َو غُلُولٌ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَ ْ‬
‫انفرد به أبوداود‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬غل‪ :‬خان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)161( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عدي بن عميرة الكندي رضي اهلل عنه رقم (‪.)4720‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬مسند أحمد‪ :‬كتاب مسند الشاميين‪ :‬باب حديث العرباض بن سارية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 16525‬بلفظ (حَدَثَتْنِي أُمُ حَبِيبَةَ بِنْتُ الْعِرْبَاضِ عَنْ أَبِيهَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ كَانَ يَأْخُذُ الْوَبَرَةَ مِنْ قُصَةٍ مِنْ فَيْءِ اللَهِ عَزَ وَجَلَ‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬مَا لِي مِنْ هَذَا إِلَا مِثْلَ مَا لِأَحَدِكُمْ إِلَا الْخُمُسَ‪ ،‬وَهُوَ مَرْدُودٌ فِيكُمْ‪ ،‬فَأَدُوا الْخَيْطَ‬
‫ط فَمَا فَوْقَهُمَا‪ ،‬وَإِيَاكُمْ وَالْ غُلُولَ فَإِنَ ُه عَا ٌر وَشَنَا ٌر عَلَى صَاحِبِ ِه يَوْ َم الْقِيَامَةِ) صححه األلباني في صحيح الجامع الصغير رقم (‪.)7573‬‬ ‫وَالْمَخِي َ‬
‫الوبرة‪ :‬الشعرة‪ .‬القصة‪ :‬الخصلة‪ .‬الفيئ‪ :‬مايؤخذ من العدو من مال ومتاع بغير حرب‪ .‬المخيط‪ :‬الثوب‪ .‬والمراد عدم األخذ من األموال العامة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫الشنار‪ :‬العيب والعار‪.‬‬ ‫عار‪ :‬عيب‪.‬‬ ‫غل‪ :‬خان‪.‬‬
‫‪399‬‬
‫خمُسُ مَ ْردُودٌ فِيكُمْ) (‪ ،)1‬األموال العامة في أيام النبي صلى اهلل‬
‫غنَائِمِكُمْ ِم ْثلُ َهذَا إِلَا الْخُمُسُ‪ ،‬وَالْ ُ‬
‫حلُ لِي مِنْ َ‬
‫جنْبِ ا ْلبَعِير‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬وَلَا يَ ِ‬
‫ِمنْ َ‬
‫عليه وسلم كانت متمثلة في الغنائم حيث توفى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ولم يكن لبيت مال المسلمين موارد غير مورد الغنائم ومن‬
‫حرص الرسول صلى اهلل عليه وسلم على توفير األموال العامة والمحافظة عليها أمره صلى اهلل عليه وسلم بأداء الخيط والمخيط وكالهما‬
‫قليل الثمن والمنفعة ولكن مبالغة في التحري في جمعها وحفظها وإيصالها إلى مستحقيها ‪.‬‬

‫تغليظ النبي صلى اهلل عليه وسلم على من كتم شيئا من الغنيمة‬
‫كان هدى النبي صلى اهلل عليه وسلم في الغنائم أن يأمر مناديا فينادي الناس ليجمعوا الغنائم فكل غانم يأتي بما غنمه فتجمع ويخمسها‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم ويقسم األربعة األخماس بين الغانمين ويقسم الخمس بحسب ما قسمه اهلل عز وجل في القرآن الكريم في قوله‬
‫سبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا‬‫غنِ ْمتُم مِن شَيْءٍ فََأنَ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَسُولِ وَِلذِي الْقُ ْربَى وَا ْليَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَا ْبنِ ال َ‬ ‫تعالى {وَاعْلَمُواْ َأنَمَا َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ع ْبدِنَا َيوْمَ الْفُرْقَانِ َيوْمَ ا ْلتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى ُكلِ شَيْءٍ َقدِيرٌ} وفي غزوة تأخر رجل عن إحضار ما غنمه واحتفظ به‬ ‫أَنزَ ْلنَا عَلَى َ‬
‫عنده حتى قسم الرسول صلى اهلل عليه وسلم الغنائم ثم جاء به إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم فرفض الرسول قبوله منه ردعا وزجرا له‬
‫وتغليظا عليه لتأخيره تسليم ما عنده من الغنيمة وأخبره أنه سيأتي به يوم القيامة كغال من الغالين للغنائم يعذبه اهلل به ويعاقبه عليه‪ ،‬وهذا‬
‫غنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا َفنَادَى فِي النَاسِ َفيَجِيئُونَ بِغَنَائِ ِمهِمْ َفيَخْمُسُهُ‬ ‫واضح في حديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ ِإذَا َأصَابَ َ‬
‫ص ْبنَاهُ ِمنْ الْ َغنِيمَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَسَمِعْتَ بِلَالًا ُينَادِي ثَلَاثًا؟‬ ‫جلٌ بَ ْعدَ ذَِلكَ بِزِمَامٍ ِمنْ شَعَرٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪َ ،‬هذَا فِيمَا ُكنَا َأ َ‬ ‫َويُقَسِمُهُ‪ ،‬فَجَاءَ رَ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫ع ْنكَ) وأما حديث (إذا وجدتم‬ ‫ع َتذَرَ إَِليْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ُ :‬كنْ َأنْتَ تَجِيءُ بِهِ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ فََلنْ أَ ْقبَلَهُ َ‬
‫قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَمَا َمنَ َعكَ َأنْ تَجِيءَ بِهِ؟ فَا ْ‬
‫الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه) فقد ضعفه األلباني في ضعيف أبي داود برقم (‪. )2731‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن الغال يؤدب ويعزر وال يحرق متاعه ‪.‬‬

‫حتريم الغلول من الصدقة‬


‫األصل في كل موظف ت وكل إليه مهمة مالية سواء كانت مهمة جمع المال وتحصيله أو مهمة إنفاق المال فيما وضع له مما فيه مصلحة‬
‫عامة للمجتمع أن يتصف باألمانة فالمتحصل يوصل كل ما يتحصله إلى بيت مال المسلمين (الخزينة العامة)وال يكتم منه شيئا لنفسه أو‬
‫ألسرته أو لقرابته‪ ،‬والمنفق ال ينفق إال في أوجه اإلنفاق التي تسد حاجة للمجتمع أو تحقق نفعا ومصلحة عامة للمجتمع وبحسب الخطط‬
‫المعدة التي تحقق القصد الع ام من اإلنفاق‪ ،‬وإذا أخذ الموظف المختص بجمع الصدقة منها شيئا لنفسه زائدا على ما هو مقرر له من‬
‫العمالة على الصدقة أو المرتب الرسمي فالمأخوذ غلول يأتي به يوم القيامة ويعذبه اهلل به ويعاقبه عليه أمام الخالئق في يوم القيامة‪،‬‬
‫ظهْ ِراَ بَعِيرٌ ِمنْ ِإبِلِ‬
‫عيًا‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬انْطَِلقْ َأبَا مَسْعُودٍ وَلَا أُلْ ِف َي َنكَ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ تَجِيءُ َوعَلَى َ‬
‫لحديث (بَ َع َثنِي ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ سَا ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫صدَقَةِ لَهُ ُرغَاءٌ َقدْ غَلَ ْلتَهُ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬إذًا لَا َأنْطَِلقُ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬إذًا لَا أُكْرِهُكَ) ‪ .‬الحديث يدل على تحريم الغلول من أي مال يكون تحت سلطة‬ ‫ال َ‬
‫الموظف المكلف بتحصيل المال الذي هو مملوك ملكية عامه لألمة أو لبعض أصنافها ‪.‬‬

‫عطاء املوظف يكون كافيا ملتطلبات حياته‬


‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم يحث األمة على إكرام األُجراء والموظفين ويجعل للموظف حقا في بيت مال المسلمين (المال العام) أن‬
‫يعطى منه ما يكفيه لمتطلبات حياته وحياة أفراد أسرته من امتالك مسكناً يكفي لسكن أفراد أسرة الموظف ولكل متطلبات حياته وحياة‬
‫أسرته المعيشية ليعيش حياة كريمة مثل ما يعيش غالبية أفراد المجتمع الذي يعيش فيه لحديث ( َمنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا فَ ْليَ ْكتَسِبْ َزوْجَةً‪ ،‬فَِإنْ لَمْ‬
‫يَ ُكنْ لَهُ خَادِمٌ فَ ْليَ ْكتَسِبْ خَادِمًا‪ ،‬فَِإنْ لَمْ يَ ُكنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَ ْليَ ْكتَسِبْ مَسْ َكنًا)(‪ )5‬فيه داللة على أنه يجب على الدولة أو الجهة التي يعمل معها‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب في اإلمام يستأثر بشيئ من الفيء لنفسه‪ .‬حديث رقم (‪ )2755‬بلفظ (عن عَبْدُ اللَهِ بْنُ الْعَلَاءِ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا سَلَامٍ الْأَسْوَدَ قَالَ‪:‬‬
‫سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ قَالَ‪ :‬صَلَى بِنَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِلَى بَعِيرٍ مِنْ الْمَ غْنَمِ‪ ،‬فَلَمَا سَلَمَ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ الْبَعِير‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬وَلَا يَحِلُ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ‬
‫مِثْ ُل هَذَا إِلَا الْخُمُسُ‪ ،‬وَالْخُمُسُ مَرْدُو ٌد فِيكُمْ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الخمس‪ :‬خمس الغنائم المفروض هلل ولرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)41( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب في الغلول إذا كان يسيرا يتركه اإلمام واليحرقه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2712‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَمْرٍو‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا أَصَابَ غَنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَاسِ فَيَ جِيئُونَ بِغَنَائِمِهِمْ فَيَخْمُسُهُ وَيُقَسِمُهُ‪ ،‬فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِمَامٍ مِنْ شَعَرٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪،‬‬
‫ن أَقْبَلَهُ‬‫ت تَجِي ُء بِ ِه يَوْ َم الْقِيَامَةِ فَلَ ْ‬
‫ن أَنْ َ‬
‫ن تَجِي َء بِهِ؟ فَاعْتَذَ َر إِلَيْهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬كُ ْ‬
‫ك أَ ْ‬
‫ت بِلَالًا يُنَادِي ثَلَاثًا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَمَا مَنَعَ َ‬
‫ن الْغَنِيمَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَسَمِعْ َ‬
‫هَذَا فِيمَا كُنَا أَصَبْنَاهُ مِ ْ‬
‫عَنْكَ) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنف الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الزمام‪ :‬ماتقاد به الدابة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب‪ .‬في غلول الصدقة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2147‬بلفظ (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِ قَالَ‪ :‬بَعَثَنِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ سَاعِيًا‪ ،‬ثُمَ‬
‫قَالَ‪ :‬انْطَلِقْ أَبَا مَسْعُودٍ وَلَا أُلْفِيَنَكَ يَوْمَ الْقِ يَامَةِ تَجِيءُ وَعَلَى ظَهْرِاَ بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الصَدَقَةِ لَهُ رُغَاءٌ قَدْ غَلَلْتَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذًا لَا أَنْطَلِقُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذًا لَا أُكْرِهُكَ) حسنه األلباني في‬
‫صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫غل‪ :‬خان‪.‬‬ ‫الرغاء‪ :‬صوت البعير‪.‬‬ ‫الفاه‪ :‬وجده وصادفه ولقيه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الخراج واإلمارة والفيئ‪ :‬باب في أرزاق العمال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2145‬بلفظ (عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَادٍ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ي‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً‪ ،‬فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمً ا‪ ،‬فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ أَبُو بَكْرٍ‪ :‬أُخْبِرْتُ أَنَ النَبِ َ‬
‫ك فَهُ َو غَا ٌل أَ ْو سَارِقٌ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن اتَخَذَ غَيْ َر ذَلِ َ‬
‫صَلَى ال لَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه أحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬غل‪ :‬خان‪.‬‬
‫‪411‬‬
‫الموظف أن تعطيه أجراً أو مرتباً شهرياً يكفي لسد حاجات الموظف وحاجات من يعول من أفراد أسرته من جميع متطلبات الحياة‬
‫المعيشية مأكالً ومشرباً ومسكناً ومركباً وعالجاً وغيرها من متطلبات الحياة لكي يعيش الموظف عيشة كريمة عزيزة مثله مثل سائر‬
‫أفراد مجتمعه سواء كان الموظف في وظيفة مدنية أو عسكريه ال فرق ألن الحاجات األساسية لحياة اإلنسان من األكل أو الشرب أو‬
‫السكن أو اللباس أو المواصالت أو الدواء أو التعلم وغيرها من الحاجات األساسية يستوي فيها الموظف في وظيفة عسكريه أو مدنية‬
‫ألنها حاجات ضرورية لمعيشة أي إنسان‪ ،‬والواجب الشرعي على جهة العمل (الدولة أو غيرها) أن تعطى الموظف الذي يتفرغ للعمل‬
‫معها مرتبا كافيا لحاجاته وحاجات أفراد أسرته المعيشية ‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تنفيل اإلمام من الغنيمة‬

‫التنفيل من الغنيمة‬ ‫‪‬‬


‫عدم جواز الوعــــد بالتنفيل قبل الحرب‬ ‫‪‬‬
‫سلب القتيل للقاتل‬ ‫‪‬‬
‫حكم أموال المسلمين المستردة من الكفار‬ ‫‪‬‬
‫حكم ما افتتح المسلمون من األرض عنوة‬ ‫‪‬‬

‫‪412‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تنفيل اإلمام من الغنيمة‬

‫التنفيل من الغنيمة‬
‫تنفيل اإلمام من الغنيمة هو إعطاء بعض المجاهدين زيادة على نصيب المجاهد من األربعة األخماس واختلفوا من أي شيء يكون التنفيل‬
‫هل من خمس الخمس أو من الخمس أو من رأس الغنيمة ‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أنه يجوز لإلمام أن يعطي من تفوق في النكاية في العدو في أثناء المعركة زيادة على سهمه من الغنيمة من خمس الغنيمة الذي‬
‫جدٍ فَ َغنِمُوا‬ ‫ع ْبدُ اللَهِ ْبنُ عُمَرَ ِق َبلَ نَ ْ‬
‫لبيت مال المسلمين ال من رأس الغنيمة لحديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بَعَثَ سَرِيَةً فِيهَا َ‬
‫حدَ عَشَرَ بَعِيرًا َونُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا)(‪ )1‬ولحديث (أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ كَانَ‬ ‫سهَا ُمهُمْ ا ْثنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا َأوْ أَ َ‬‫ِإبِلًا َكثِي َرةً‪ ،‬فَكَانَتْ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫جيْشِ) الحديثان يدالن على أن النفل كان من الخمس أي مما هو‬ ‫سوَى قِسْمِ عَامَةِ الْ َ‬ ‫سهِمْ خَاصَةً ِ‬ ‫ُينَفِلُ بَ ْعضَ َمنْ َيبْعَثُ ِمنْ السَرَايَا لَِأنْفُ ِ‬
‫لبيت مال المسلمين من الخمس ال من رأس الغنيمة ألن التنيفل وقع بعد قسمة الغنائم بين الغانمين وبعد تحديد نصيب كل غانم‪ ،‬وأما القول‬
‫بجواز تنفيل اإلمام الثلث أو الربع من الغنيمة فقول ضعيف ألنه يتنافى مع مبدأ العدالة بين المجاهدين‪ ،‬وأما حديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ ُينَ ِفلُ ال ُربْعَ بَ ْعدَ الْخُمُسِ وَالثُلُثَ بَ ْعدَ الْخُمُسِ ِإذَا قَ َف َل)(‪ )3‬ومعنى (قفل) رجع‪ ،‬الحديث وإن صححه األلباني فهو‬
‫(‪)4‬‬
‫جيْشِ)‬ ‫سوَى قِسْمِ عَامَةِ الْ َ‬ ‫سهِمْ خَاصَةً ِ‬ ‫يعارض حديث ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَانَ ُينَ ِفلُ بَ ْعضَ َمنْ َيبْعَثُ مِنْ السَرَايَا لَِأنْفُ ِ‬
‫سهَا ُمهُمْ ا ْثنَيْ عَشَرَ‬ ‫جدٍ فَغَنِمُوا ِإبِلًا َكثِي َرةً‪ ،‬فَكَانَتْ ِ‬ ‫ع ْبدُ اللَهِ ْبنُ عُمَرَ ِق َبلَ نَ ْ‬
‫ورواية ( َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ بَعَثَ سَ ِريَةً فِيهَا َ‬
‫حدَ عَشَرَ بَعِيرًا َونُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا)(‪ ،)5‬ألن حديثي ابن عمر يفيدان أن التنفيل كان بعد قسمة الغنائم بين الغانمين وبعد أن تعين‬ ‫بَعِيرًا َأوْ أَ َ‬
‫قسم كل غانم‪ ،‬وأن التنفيل ليس من رأس الغنيمة وإنما هو من حصة بيت مال المسلمين من الخمس وليس من األربعة األخماس التي هي‬
‫للغانمين‪ ،‬وإذا تعارض ما في صحيح البخاري مع ما في غيره من السنن األخرى فيقدم ما في صحيح البخاري ألنه األصح وألنه األوفق‬
‫سبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ‬ ‫غنِ ْمتُم مِن شَيْءٍ فََأنَ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَسُولِ وَِلذِي الْقُ ْربَى وَا ْليَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَا ْبنِ ال َ‬ ‫لقوله تعالى {وَاعْلَمُواْ َأنَمَا َ‬
‫(‪)6‬‬
‫ع ْب ِدنَا َيوْمَ الْفُرْقَانِ َيوْمَ ا ْلتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى ُكلِ شَيْءٍ َقدِيرٌ} ألن اآلية تدل على أن األربعة األخماس حق للغانمين‬ ‫وَمَا أَنزَ ْلنَا عَلَى َ‬
‫(‪)7‬‬
‫عنِ األَنفَالِ ُقلِ األَنفَالُ لِلّهِ وَالرَسُولِ} وآية الغنائم بينت أن حق اهلل وحق‬ ‫وهذه اآلية بيان لإلجمال الذي في قوله تعالى {يَسْأَلُو َنكَ َ‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم ومن ذكر فيها هو خمس الغنائم وعلم بالمفهوم أن األربعة األخماس الباقية هي حق للغانمين ‪.‬‬

‫عدم جواز الوعــــد بالتنفيل قبل احلرب‬


‫الصحيح‪ :‬عدم جواز الوعد بالتنفيل قبل الحرب ألنه يفسد على المجاهد مقصده من ابتغاء الجهاد في سبيل اهلل تعالى ألن المجاهدين في‬
‫سبيل اهلل تعالى يجب تربيتهم على اإلخالص هلل تعالى وابتغاء الثواب من عند اهلل عز وجل في اآلخرة وألن الجهاد عبادة هلل عز وجل بل‬
‫هو من أعظم العبادات وأكثرها ثوابا وتقربا إلى اهلل تعالى قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَا ِليَ ْع ُبدُوا اللَهَ مُخِْلصِينَ لَهُ الدِينَ}(‪. )8‬‬

‫سلب القتيل للقاتل‬


‫الصحيح‪ :‬جواز إعطاء القاتل سلب القتيل كله سواء كان السلب قليال أو كثيرا رخيصا أو غالي الثمن كبيراً أو صغيراً وسواء كان ذهبا أو‬
‫فضة أو من غير هما من العمالت النقدية التي حلت في التعامل محل الذهب أو الفضة ألن دليل إباحة سلب المقتول للقاتل مطلق لم يقيد‬
‫بسلب دون سلب وهو حديث ( َمنْ َق َتلَ َقتِيلًا لَهُ عََليْهِ َب ِينَةٌ فَلَهُ سَ َلبُهُ)(‪ )9‬السلب يعطي للقاتل تشجيعا له والسلب غير حصة القاتل من الغنيمة‬

‫‪1‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَسُو َل‬ ‫ن ابْنِ عُمَ َر رَضِ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فرض الخمس‪ :‬باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين‪ .‬حديث رقم (‪ )3134‬بلف(عَ ْ‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَعَثَ سَرِيَةً فِيهَا عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً‪ ،‬فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ اثْ نَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا بَعِيرًا‬
‫بَعِيرًا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الجهاد‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النفل‪ :‬الزيادة على نصيب المقاتل من الغنيمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فرض الخمس‪ :‬باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين‪ .‬حديث رقم (‪ )3125‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ‬
‫ن السَرَايَا لِأَنْفُسِهِ ْم خَاصَ ًة سِوَى قِسْمِ عَامَ ِة الْجَيْشِ)‪.‬‬ ‫ث مِ ْ‬‫ن يَبْعَ ُ‬ ‫ض مَ ْ‬
‫ن يُنَفِ ُل بَ ْع َ‬
‫رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم كَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الجهاد‪ :‬باب فيمن قال‪ :‬الخمس قبل النفل‪ .‬حديث رقم (‪ )2741‬بلفظ (عَنْ حَ بِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ‬
‫س إِذَا قَفَلَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ث بَعْ َد الْخُمُ ِ‬ ‫س وَالثُلُ َ‬‫يُنَفِ ُل الرُبْ َع بَعْ َد الْخُمُ ِ‬
‫أخرجه ابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند ال شاميين‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النفل‪ :‬الزيادة على نصيب المقاتل من الغنيمة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)3125‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)3134‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)41( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬األنفال‪.)1( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البينة‪.)5(:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فرض الخمس‪ :‬باب من لم يخمس األسالب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3142‬بلفظ (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَامَ حُ نَيْنٍ فَلَمَا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ‪ ،‬فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُ سْلِمِينَ فَاسْتَدَرْتُ حَتَى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَى ضَرَبْتُهُ‬
‫بِالسَيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَأَقْبَلَ عَلَيَ فَضَمَنِي ضَمَةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ‪ ،‬ثُمَ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ‪ ،‬فَأَرْسَلَنِي‪ ،‬فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا بَالُ النَاسِ‪ ،‬قَالَ أَمْرُ‬
‫اللَهِ‪ ،‬ثُمَ إِنَ النَاسَ رَجَعُوا‪ ،‬وَجَلَسَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ‪ ،‬فَقُمْتُ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَنْ يَشْهَدُ لِي‪ ،‬ثُمَ جَلَسْتُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬مَنْ قَتَلَ‬
‫‪413‬‬
‫ألنه من التنفيل الزائد على الغنيمة‪ ،‬والّظاهر‪ :‬أن اإلمام ال يأخذ من السلب شيئا حتى ولو كان السلب كثيرا أو غالي الثمن لحديث (فله‬
‫سلبه) أي كله مهما كان حجمه أو قدره أو ثمنه أو ماهيته وفعل عمر رضي اهلل عنه في تخميس السلب ال يخصص الحديث المرفوع إلى‬
‫رسول اهلل ص لى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ألن عمر رضي اهلل عنه هو أول من خمس سلب القتيل‪ ،‬و المشروع البقاء على ما كان عليه األمر من‬
‫إعطاء القاتل سلب المقتول كله في أيام النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫حكم أموال املسلمني املسرتدة من الكفار‬


‫الصحيح‪ :‬أن مالك الشيء المسترد من الكفار إذا وج د ملكه بعينه فهو أحق به مطلقا سواء قبل القسمة أو بعدها ويعوض من كان الشيء‬
‫قد خرج في نصيبه من الغانمين عينا مثل العين المستردة من الغنيمة‪ ،‬وإن لم توجد عين مثله فيعوض قيمته من بيت مال المسلمين ألن‬
‫الكفار ال يملكون أموال المسلمين باالستيالء عليها بالغلبة و لحديث ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪( :‬ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَ َذهُ الْ َع ُدوُ فَّظَهَرَ‬
‫ّظهَرَ عَ َل ْيهِمْ الْمُسْلِمُونَ‪ ،‬فَ َر َدهُ عََليْهِ‬‫حقَ بِالرُومِ فَ َ‬‫ع ْبدٌ لَهُ فَلَ ِ‬
‫عََليْهِ الْمُسْلِمُونَ فَ ُردَ عََليْهِ فِي زَ َمنِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وََأ َبقَ َ‬
‫خَا ِلدُ ْبنُ الْوَلِيدِ بَ ْعدَ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ)(‪ )1‬الحديث دليل صحيح صريح أن الكافرين ال يملكون على المسلمين ما يدخل تحت‬
‫سلطتهم ويتحكمون فيه عن طريق الغلبة على المسلمين وحديث (كانت العضباء لرجل من بني عقيل‪ ،‬وكانت من سوابق الحاج‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأسر‪ ،‬فأتي النبي صلى اهلل عليه وسلم وهو في وثاق‪ ،‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم على حمار عليه قطيفة‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد! عالم‬
‫تأخذني وتأخذ سابقة الحاج؟! قال‪ :‬نأخذا بجريرة حلفائك ثقيف‪ ،‬قال‪ :‬وكان ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬قال‪ :‬وقد قال فيما قال‪ :‬وأنا مسلم‪ ،‬أو قال‪ :‬وقد أسلمت‪ ،‬فلما مضى النبي صلى اهلل عليه وسلم ناداه‪ :‬يا محمد يا محمد قال‪:‬‬
‫وكان النبي صلى اهلل عليه وسلم رحيماً رفيقا فرجع إليه فقال‪ :‬ما شأنك؟ قال‪ :‬إني مسلم قال‪ :‬لو قلتها وأنت تملك أمرا أفلحت كل‬
‫الفالح‪ ،‬قال‪ :‬يا محمد إني جائع فأطعمني‪ ،‬إني ظمآن فاسقني قال‪ :‬فقال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬قال‪ :‬هذه حاجتك أو قال‪ :‬هذه‬
‫حاجته‪ :‬ففودي الرجل بعد بالرجلين قال‪ :‬وحبس رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العضباء لرحله‪ ،‬قال‪ :‬فأغار المشركون على سرح‬
‫المدينة فذهبوا بالعضباء قال‪ :‬فلما ذهبوا بها وأسروا امرأة من المسلمين قال‪ :‬فكانوا إذا كان الليل يريحون إبلهم في أفنيتهم فنوموا‬
‫ليلة وقامت المرأة فجعلت ال تضع يدها على بعير إال رغا حتى أتت العضباء‪ ،‬قال‪ :‬فأتت على ناقة ذلول مجرسة قال‪ :‬فركبتها ثم جعلت‬
‫هلل عليها إن نجاها اهلل لتنحرنها‪ ،‬قال‪ :‬فلما قدمت المدينة عرفت الناقة ـ ناقة النبي صلى اهلل عليه وسلم ـ فأخبر النبي بذلك فأرسل إليها‬
‫فجيئ بها وأخبر بنذرها فقال‪ :‬بئس ما جزيتيها أو جزتها إن اهلل أنجاها عليها لتنحرنها ال وفاء لنذر في معصية اهلل وال فيما ال يملك‬
‫ابن آدم)(‪ ،)2‬وأما حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما ( أن رجال وجد بعيرا له كان المشركون قد أصابوه فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم إن أصبته قبل أن يقسم فهو لك وإن أصبته بعد القسم أخذته بالقيمة) فهو حديث ضعيف ال يحتج به ألن في سنده الحسن بن‬
‫عماره وهو مجمع على ترك االحتجاج به عند علماء الحديث‪ ،‬والكفار إذا اسلموا وعندهم أموال ودماء للمسلمين فاإلسالم يجب ما قبله‪،‬‬
‫غدًا؟ قَالَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَ َهلْ تَ َراَ َلنَا عَقِيلٌ ِمنْ َمنْ ِزلٍ؟ ثُمَ قَالَ‪ :‬لَا يَرِثُ الْ ُمؤْ ِمنُ الْكَافِرَ‬
‫وأما حديث (يَا رَسُولَ اللَهِ‪َ ،‬أ ْينَ َتنْ ِزلُ َ‬
‫وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْ ُمؤْ ِمنَ)(‪ )3‬ليس فيه دالله على أن الكافرين يملكون على المسلمين ولكن الحديث يدل على أن الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وعلي بن أبي طالب أسمى وأعلى من أن يطالبا بيوتهم في مكة ألنهما من أسمح الناس ‪.‬‬

‫قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ‪ ،‬فَقُمْتُ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَنْ يَشْهَدُ لِي‪ ،‬ثُمَ جَلَسْتُ‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬الثَالِثَةَ مِ ْثلَهُ‪ ،‬فَقُمْتُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟‬
‫فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَةَ‪ ،‬فَقَالَ رَجُلٌ‪ :‬صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬وَسَلَبُهُ عِنْدِي‪ ،‬فَأَرْضِهِ عَ نِي‪ ،‬فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِدِيقُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ :‬لَاهَا اللَهِ‪ ،‬إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ‬
‫ت بِ ِه مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ‪،‬‬ ‫ت الدِرْعَ فَابْتَعْ ُ‬
‫ق فَأَعْطَاهُ‪ ،‬فَبِعْ ُ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَ لَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬صَدَ َ‬ ‫ك سَلَبَهُ‪ ،‬فَقَا َل النَبِ ُ‬
‫ن اللَهِ وَرَسُولِ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يُعْطِي َ‬ ‫أُسْ ِد اللَ ِه يُقَاتِلُ عَ ْ‬
‫فَإِنَهُ لَأَوَ ُل مَا ٍل تَأَثَلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وابن ماجة في الجهاد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجهاد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪ ،‬األحكام‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬سلب القتيل‪ :‬مايؤخذ منه من سالح ومتاع‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده‪ .‬حديث رقم (‪ )3067‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬ذَهَبَ‬
‫فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهُ الْعَدُوُ فَّظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُومِ فَّظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ‪ ،‬فَرَدَهُ عَلَيْهِ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ)‪.‬‬ ‫ن الْوَلِي ِد بَعْ َد النَبِ ِ‬
‫خَالِ ُد بْ ُ‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أبق‪ :‬هرب وفر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب في النذر فيما ال يملك حديث رقم (‪ )3316‬بلفظ (عن عمران بن حصين‪ ،‬قال‪ :‬كانت العضباء لرجل من بني عقيل‪،‬‬
‫وكانت من سوابق الحاج‪ ،‬قال‪ :‬فأسر‪ ،‬فأتي النبي صلى اهلل عليه وسلم وهو في وثاق‪ ،‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم على حمار عليه قطيفة‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد! عالم‬
‫تأخذني وتأخذ سابقة الحاج؟! قال‪ :‬نأخذا بجريرة حلفائك ثقيف‪ ،‬قال‪:‬وكان ثقيف قد اسروا رجلين من اصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬وقد قال فيما قال‪:‬‬
‫وأنا مسلم‪ ،‬أو قال‪ :‬وقد أسلمت‪ ،‬فلما مضى النبي صلى اهلل عليه وسلم ناداه‪ :‬يا محمد يامحمد قال‪ :‬وكان النبي صلى اهلل عليه وسلم رحيماً رفيقا فرجع اليه فقال‪:‬‬
‫ماشأنك؟ قال‪ :‬اني مسلم قال‪ :‬لو قلتها وانت تملك امرا افلحت كل الفالح‪ ،‬قال‪ :‬يا محمد اني جائع فأطعمني‪ ،‬إني ظمآن فاسقني قال‪ :‬فقال النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ :‬قال‪ :‬هذه حاجتك أو قال‪ :‬هذه حاجته‪ :‬ففودي الرجل بعد بالرجلين قال‪ :‬وحبس رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العضباء لرحله‪ ،‬قال‪ :‬فأغار المشركون على‬
‫سرح المدينة فذهبوا بالعض باء قال‪ :‬فلما ذهبوا بها وأسروا امرأة من المسلمين قال‪ :‬فكانوا اذا كان الليل يريحون إبلهم في افنيتهم فنوموا ليلة وقامت المرأة‬
‫فجعلت ال تضع يدها على بعير إال رغا حتى أتت العضباء‪ ،‬قال‪ :‬فأتت على ناقة ذلول مجرسة قال‪ :‬فركبتها ثم جعلت هلل عليها إن نجاها اهلل لتنحرنها‪ ،‬قال‪ :‬فلما‬
‫قدمت المدينة عرفت الناقة ـ ناقة النبي صلى اهلل عليه وسلم ـ فأخبر النبي بذلك فأرسل إليها فجيئ بها وأخبر بنذرها فقال‪ :‬بئس ما جزيتيها أو جزتها إن اهلل‬
‫أنجاها عليها لتنحرنها ال وفاء لنذر في معصية اهلل والفيما اليملك ابن آدم) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب أين ركز النبي صلى اهلل عليه وسلم الراية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4252‬بلفظ (عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَهُ قَالَ‪ :‬زَمَنَ الْفَتْحِ يَا رَسُولَ‬
‫اللَهِ‪ ،‬أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَ هُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَهَلْ تَرَاَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ؟ ثُمَ قَالَ‪ :‬لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ‪ ،‬قِيلَ لِلزُهْرِيِ وَمَنْ وَرِثَ‬
‫أَبَا طَالِبٍ قَالَ وَرِثَهُ عَقِي ٌل وَطَالِبٌ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الفرائض ‪ ،‬والترمذي في الفرائض‪ ،‬وأبو داود في الفرائض‪ ،‬وابن ماجة في الفرائض‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الفرائض‪ ،‬والدارمي‬
‫في الفرائض‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪ ،‬الفرائض‪.‬‬
‫‪414‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن من أسلم وبيده مال مسلم فإنه ال يحل له مال المسلم لحديث ( ُكلُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَا ٌم دَمُهُ وَمَالُهُ َوعِ ْرضُه)‬

‫أيدخل في الغنيمة أبناء وزوجة وأموال الحربي الذي يسلم ويهاجر من دار الحرب ويترك فيها زوجته وأوالده وماله ؟ ‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز استرقاق زوجته وأوالده ألنهم أبناء وزوجة رجل مسلم وال يجوز أن تدخل أمواله بين الغنائم ألنها أموال مسلم‬
‫واإلسالم قد عصم مال المسلم ودمه وعرضه وأوالده لحديث ( أُمِرْتُ َأنْ أُقَا ِتلَ النَاسَ حَتَى يَشْ َهدُوا َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وََأنَ مُحَمَدًا رَسُولُ‬
‫حقِ الْإِسْلَامِ وَحِسَا ُبهُمْ عَلَى اللَهِ)(‪. )2‬‬‫عصَمُوا ِمنِي دِمَاءَهُمْ وََأ ْموَاَلهُمْ إِلَا بِ َ‬
‫اللَهِ َويُقِيمُوا الصَلَاةَ َويُ ْؤتُوا الزَكَاةَ‪ ،‬فَ ِإذَا فَعَلُوا ذَِلكَ‪َ ،‬‬

‫حكم ما افتتح املسلمون من األرض عنوة‬


‫الصحيح‪ :‬أن األمام مخير بين أن يقسمها على الغانمين أو يقرها بأيدي أهلها من الكفار ويضرب عليها الخراج‪ ،‬وهذا الرأي هو الذي‬
‫عمل به المسلمون في أيام الخلفاء الراشدين وأيام بني أمية وبني العباس ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم أخذ األرض غنيمة في خيبر ولم‬
‫يأخذ األرض غنيمة في فتح مكة وال في الطائف وعمر رضي اهلل عنه لم يقسم األراضي بين الغانمين بل تركها أرضا خراجية لحديث‬
‫عمر رضي اهلل عنه بلفظ ( أَمَا وَاَلذِي نَفْسِي ِب َي ِدهِ َلوْلَا َأنْ َأتْ ُراَ آخِرَ النَاسِ بَبَانًا َليْسَ َلهُمْ شَيْءٌ مَا ُفتِحَتْ عَلَيَ قَرْيَةٌ إِلَا قَسَ ْم ُتهَا‪ ،‬كَمَا قَسَمَ‬
‫خ ْيبَرَ‪ ،‬وَلَ ِكنِي َأتْرُ ُكهَا خِزَانَةً َلهُمْ يَ ْقتَسِمُو َنهَا)(‪ ،)3‬ولحديث (أَعْطَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫خ ْيبَرَ‬ ‫ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ا ْل َيهُودَ َأنْ يَعْمَلُوهَا َويَزْ َرعُوهَا‪ ،‬وََلهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ ِم ْنهَا) ‪ ،‬ويجوز للمسلمين أذا فتحوا أرضا أن يعفوا ويمنوا على أهل األرض‬
‫المفتوحة ويطلقوهم وأرضهم بال مقابل لمصلحة كما فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم في فتح مكة وترك النبي صل اهلل عليه وسلم أراضي‬
‫أهل مكة ألهلها ولم يقسمها حرمة لبيت اهلل الحرام وللكعبة المشرفة وأهل الحرم تكريما لمكة التي كرمها اهلل تعالى‪ ،‬أما القول بأن آية‬
‫الفيء ناسخة آلية الغنيمة أو مخصصة لها فقول ضعيف ألن آية الغنيمة تناولت حكم ما غنمه المجاهدون في الحرب وآية األنفال ما غنمه‬
‫المسلمون بدون حرب وحكم الغنائم يختلف عن حكم األنفال وكل آية محكمة فيما تختص به ألن مسمى الغنائم غير مسمى الفيء لغة‬
‫وحكما ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب البروالصلة واالداب‪ .‬باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره‪ .‬حديث رقم (‪ )6457‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِ ْع بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ‪ ،‬وَكُونُوا عِبَا َد اللَ ِه إِخْوَانًا‪ ،‬الْمُسْلِ ُم أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَّظْلِمُ ُه وَلَا يَخْذُلُ ُه وَلَا‬
‫ن يَحْقِ َر أَخَا ُه الْمُسْلِمَ‪ ،‬كُ ُل الْمُسْلِ ِم عَلَى الْمُسْلِ ِم حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ)‪.‬‬ ‫ن الشَ ِر أَ ْ‬‫ث مَرَاتٍ‪ ،‬بِحَسْبِ امْرِئٍ مِ ْ‬ ‫يَحْقِرُهُ‪ ،‬التَقْوَى هَاهُنَا وَيُشِي ُر إِلَى صَدْرِ ِه ثَلَا َ‬
‫أخرجه البخاري في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في البيوع‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫البيوع‪.‬‬
‫ال تدابر‪ :‬المعاداة والمقاطعة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النجش‪ :‬الزيادة في ثمن السلعة لخداع الغير‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإليمان‪ :‬باب فإن تابو وأقاموا الصالة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 25‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ‬
‫النَاسَ حَتَى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَأَنَ مُحَمَدًا رَسُولُ اللَهِ وَيُقِيمُوا الصَلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَكَاةَ‪ ،‬فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَا بِحَقِ الْإِسْلَامِ‬
‫وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإليمان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬يشهدوا‪ :‬يقروا ويصدقوا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب غزوة خيبر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4235‬بلفظ (عن زَيْدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬أَمَا وَالَذِي‬
‫نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُاَ آخِرَ ال نَاسِ بَبَانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَيَ قَرْيَةٌ إِلَا قَسَمْتُهَا‪ ،‬كَمَا قَسَمَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَيْبَرَ‪ ،‬وَلَكِنِي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ‬
‫يَقْتَسِمُونَهَا)‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في الخراج واإلمارة والفيئ‪ .‬و أحمد في مسند العشرة المبشرين في الجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬فرض الخمس‪ ،‬المزارعة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬ببانا‪ :‬معدمين ال يملكون شيئا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اإلجارة‪ :‬باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما‪ .‬حديث رقم (‪ )2331‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَعْطَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا‪ ،‬وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا‪ ،‬وَأَنَ ابْنَ عُمَرَ حَدَثَهُ أَنَ الْمَزَارِعَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى شَيْءٍ سَمَاهُ نَافِعٌ لَا أَحْفَّظُهُ وَأَنَ‬
‫ن عُمَ َر وحَتَى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ)‪.‬‬ ‫ن ابْ ِ‬ ‫ن نَافِعٍ عَ ْ‬
‫ع وَقَالَ عُبَيْ ُد اللَهِ عَ ْ‬‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم نَهَى عَنْ كِرَا ِء الْمَزَارِ ِ‬‫ن النَبِ َ‬‫ث أَ َ‬
‫ن خَدِيجٍ حَدَ َ‬ ‫رَافِ َع بْ َ‬
‫أخرجه الترمذي في األحكام‪ ،‬والنسائي في ا أليمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في البيوع‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في كراء األرض‪.‬‬
‫اإلجالء‪ :‬اإلبعاد عن الوطن‪.‬‬ ‫الكراء‪ :‬التأ جير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الشطر‪ :‬النصف‪.‬‬
‫‪415‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الفيء واجلــــزية‬

‫الفــــــــــيء‬ ‫‪‬‬
‫مصرف الفيء‬ ‫‪‬‬
‫الجـــــــزية‬ ‫‪‬‬
‫ممن تؤخذ الجزية‬ ‫‪‬‬
‫الجزية عن الرجال البالغين األحرار‬ ‫‪‬‬
‫قدر الجزية‬ ‫‪‬‬
‫متى تجب الجزية‬ ‫‪‬‬
‫أصناف الجزية‬ ‫‪‬‬
‫مصرف الجزية‬ ‫‪‬‬

‫‪416‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الفيء والجــــزية‬

‫الفــــــــــيء‬
‫هو ما يأخذه المسلمون من أموال الكافرين بدون حرب وال قتل وال قتال ولكن بواسطة الرعب والخوف من المسلمين ‪.‬‬

‫مصرف الفيء‬
‫الصحيح‪ :‬أن الفيء ال يقسم بين المجاهدين وال بين المسلمين وإنما يأخذ اإلمام منه حاجته لمدة سنة إذا كان محتاجا لألخذ منه بمعنى أال‬
‫يكون لإلمام مصدر مالي آخر يأخذ منه كفايته وكفاية من يعولهم من أفراد أسرته والباقي يصرف في مصالح المسلمين العامة ال سيما في‬
‫خ ْيلٍ وَلَا‬
‫ف الْمُسْلِمُونَ عََليْهِ بِ َ‬
‫العتاد الحربي لحديث (كَانَتْ أَ ْموَالُ َبنِي ال َنضِيرِ مِمَا أَفَاءَ اللَهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ مِمَا لَمْ يُوجِ ْ‬
‫ع َدةً فِي‬‫س َنتِهِ‪ ،‬ثُمَ يَجْ َعلُ مَا بَقِيَ فِي السِلَاحِ وَالْكُرَاعِ ُ‬ ‫رِكَابٍ‪ ،‬فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ خَاصَةً‪ ،‬وَكَانَ ُينْ ِفقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ َ‬
‫سبِيلِ اللَهِ)(‪ )1‬ولم يثبت أن النبي صلى اهلل عليه وسلم أخرج الخمس من أموال بني النضير ألن إخراج الخمس ورد في الغنائم التي تؤخذ‬ ‫َ‬
‫من الكافرين بحرب‪ ،‬والفيء ال يسمى غنائم وال هو مأخوذ من الكافرين بحرب‪.‬‬

‫اجلـــــــزية‬
‫الجزية مبلغ من ال مال يدفعه غير المسلم من أهل الكتاب يدفع سنويا للدولة اإلسالمية في مقابل حماية الدولة اإلسالمية لدماء وأموال‬
‫وحريات أهل الكتاب العائشين تحت سلطة الدولة اإلسالمية وفي مقابل تمتعهم بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة اإلسالمية لمواطنيها من‬
‫المسلمين وغيرهم ‪.‬‬

‫ممن تؤخذ اجلزية‬


‫الصحيح‪ :‬أن الجزية تؤخذ من الكافرين من أهل الكتاب سواء كانوا عربا أم غير عرب وسواء كانوا يهوداً أم نصارى لقوله تعالى {قَاتِلُواْ‬
‫حتَى يُعْطُواْ‬
‫حقِ ِمنَ اَلذِينَ أُوتُواْ الْ ِكتَابَ َ‬
‫اَلذِينَ الَ ُيؤْ ِمنُونَ بِاللّهِ وَالَ بِا ْليَوْمِ اآلخِرِ وَالَ يُحَرِمُونَ مَا حَرَمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَ َيدِينُونَ دِينَ الْ َ‬
‫الْجِ ْزيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(‪ )2‬ويلحق بأهل الكتاب من اليهود والنصارى غيرهم من الكافرين سواء كانوا مجوسا أو بوذيين أم غيرهم‬
‫سنَةَ أَ ْهلِ الْكِتَابِ)(‪. )3‬‬
‫سنُوا ِبهِمْ ُ‬ ‫لحديث ( ُ‬

‫اجلزية عن الرجال البالغني األحرار‬


‫الجزية تؤخذ عن الرجال البالغين األحرار وال تؤخذ عن النساء وال الصبيان والعن الشيوخ العاجزين عن التكسب لكبر سنهم وال تؤخذ‬
‫الجزية عن الرهبان والقسيسين وال عن المريض المقعد أو المجانين وإنما تؤخذ من األصحاء‪ ،‬والفقير الذي ال يستطيع دفع الجزية تبقى‬
‫الجزية في ذمته يسلمها عند االستطاعة ‪.‬‬

‫قدر اجلزية‬
‫جهَهُ إِلَى ا ْليَمَنِ أَمَ َرهُ أَنْ‬
‫قدر الجزية الراجح فيه العمل بما روى عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه (أَنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ لَمَا وَ َ‬
‫عدْلَهُ ِمنْ الْمَعَافِرِ ِثيَابٌ تَكُونُ‬ ‫حتَلِمًا دِينَارًا َأوْ َ‬‫سنَةً وَ ِمنْ ُكلِ حَالِمٍ يَ ْعنِي مُ ْ‬
‫خذَ ِمنْ ا ْلبَقَرِ ِمنْ ُكلِ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا َأوْ َتبِيعَةً وَ ِمنْ ُكلِ أَ ْربَعِينَ مُ ِ‬
‫يَأْ ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫بِا ْليَ َمنِ) الحديث يدل على التيسير على الرعايا في أخذ الجزية في القدر المأخوذ وفي نوع المأخوذ فمن لم يكن عنده ذهب فيؤخذ ما‬
‫يعادله مما يملكه اإلنسان الذي يطلب منه الجزية وال يشترط أن تكون ثيابا معافرية من ثياب اليمن ألن الثياب المعافرية روعي فيها حالة‬
‫المأخوذ منهم زمانا ومكانا أي في زمن النبي صلى اهلل عليه وسلم و في مكان المبعوث إليهم معاذ رضي اهلل عنه من أهل اليمن وال حاجة‬
‫للدولة اإلسالمية في هذا العصر ألخذ الثياب من رعاياها من غير المسلمين‪ ،‬وإنما الواجب عليها أخذ الجزية من الذهب أو ما يعادله من‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسي ر‪ .‬باب المجن ومن يترس بترس صاحبه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2104‬بلفظ (عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قَالَ‪ :‬كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي‬
‫النَضِيرِ مِمَا أَفَاءَ اللَهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِمَا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ‪ ،‬فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَاصَةً‪ ،‬وَكَانَ‬
‫ع عُدَةً فِي سَبِي ِل اللَهِ)‪.‬‬ ‫ي فِي السِلَاحِ وَالْكُرَا ِ‬ ‫يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِ ِه نَفَقَ َة سَنَتِهِ‪ ،‬ثُ َم يَجْعَلُ مَا بَقِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الجهاد والسير‪ ،‬وال ترمذي في الجهاد‪ ،‬والنسائي في قسم الفيئ‪ ،‬وأبو داود في الخراج إلمارة والفيئ‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬فرض الخمس‪ ،‬المغازي‪.‬‬
‫الركاب‪ :‬ما يركب عليه من اإلبل‪.‬‬ ‫اإليجاف‪ :‬شرعة السير‪ ،‬وهو كناية عن الجهاد والقتال‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أفاء‪ :‬أعطى وأنعم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬التوبة‪)21(:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬موطأ مالك‪ :‬كتاب الزكاة باب جزية أهل الكتاب والمجوس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 544‬بلفظ (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَدِ بْنِ عَلِي عَنْ أَبِيهِ أَنَ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ‪ ،‬ذَكَرَ الْمَجُوسَ‪،‬‬
‫ف أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬سُنُوا بِهِ ْم سُنَ َة أَهْ ِل الْكِتَابِ)‪.‬‬ ‫ن عَوْ ٍ‬ ‫ن بْ ُ‬‫ف أَصْنَ ُع فِ ي أَمْرِهِمْ؟ فَقَالَ عَبْ ُد الرَحْمَ ِ‬ ‫فَقَالَ‪ :‬مَا أَدْرِي‪ ،‬كَيْ َ‬
‫أخرجه البخاري في الجزية‪ ،‬والترمذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الخراج واإلمارة والفيئ‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ن يَأْخُذَ مِنْ‬
‫ن أَمَرَ ُه أَ ْ‬
‫ن النَبِيَ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ لَمَا وَجَهَ ُه إِلَى الْيَمَ ِ‬ ‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الزكاة‪ :‬باب في زكاة السائمة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1576‬بلفظ (عَنْ مُعَاذٍ‪ ،‬أَ َ‬
‫ن بِالْيَمَنِ)‪.‬‬‫ب تَكُو ُ‬
‫ن الْمَعَافِ ِر ثِيَا ٌ‬
‫ن مُسِنَةً وَمِنْ كُلِ حَالِ ٍم يَعْنِي مُحْتَلِمًا دِينَارًا أَ ْو عَدْلَهُ مِ ْ‬ ‫ن تَبِيعًا أَ ْو تَبِيعَ ًة وَمِنْ كُ ِل أَرْبَعِي َ‬
‫ن كُ ِل ثَلَاثِي َ‬
‫الْبَقَ ِر مِ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الزكاة‪ ،‬والنسائي في الزكاة‪ ،‬وابن ماجة في الزكاة‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الزكاة‪ ،‬والدارمي في الزكاة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الخراج واإلمارة والفيئ‪.‬‬
‫المسنة‪ :‬ما تمت سنتين فما فوق من إبل وبقر وغنم‪ .‬العدل‪ :‬المساوي في القيمة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬التبيع‪ :‬ولد البقرة الذي دخل في السنة الثانية‪.‬‬
‫‪417‬‬
‫العمالت النقدية التي تتعامل بها الدولة اإلسالمية ويمكن القول بأن أقل الجزية دينار أو ما يعادله من العمالت النقدية المعمول بها في‬
‫الدولة اإلسالمية ‪.‬‬

‫مىت جتب اجلزية‬

‫تجب الجزية على اإلنسان في كل سنة‪ ،‬وإذا أسلم غير المسلم قبل انقضاء السنه تسقط عنه الجزية باإلسالم سواء أعلن اإلسالم في أول‬
‫السنه أو في وسطها أو في آخرها ‪.‬‬

‫أصناف اجلزية‬
‫قسم العلماء الجزية ثالثة أصناف ‪:‬‬

‫‪3‬ـ جزية عنوية‪ :‬وهي التي يفرض على الكفار الحربيين بعد االنتصار عليهم وهي التي قد تقدم الكالم عليها ‪.‬‬

‫‪2‬ـ جزية صلحية‪ :‬وهي التي يتبرع الكافرون ليكف عنهم وهي التي تكون على جملتهم يدفعها المقدم عليهم وهي غير الجزية التي على‬
‫كل فرد وإنما هي تعطي على جملتهم ويتقاسمونها فيما بينهم من باب الصلح ‪.‬‬

‫‪1‬ـ جزية عشرية‪ :‬وهي ما يؤخذ على تجار الكافرين إذا اتجروا في بالد المسلمين وهو عشر أموالهم ‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجب عليهم عشر وال نصف عشر إال إذا اصطلحوا عليه أو اشترط عليهم إال أنه يجوز األخذ على تجار الكافرين إذا‬
‫مرت بضائعهم أو تجاراتهم من بالد المسلمين أو اتجروا في بالد المسلمين مثلما يأخذ الكافرون من تجار المسلمين ما يسمى بالجمارك أو‬
‫الضرائب‪ ،‬وهذا األخذ ليس عليه دليل خاص ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم و ال من فعله وال من تقريره‪ ،‬وإنما هو من باب‬
‫المعاملة بالمثل ويؤخذ من تجار الكافرين سواء كانوا حربين أو غير حربيين ‪.‬‬

‫مصرف اجلزية‬
‫الجزية تورد لبيت ما ل المسلمين ومصرفها المصالح العامة للمسلمين وليس لها مصرف معين كالزكاة أو الغنيمة وإنما هي كالفيء‬
‫تصرف في مصالح المسلمين العامة ‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫الفصــــــل الرابــــع‪ :‬مسائل متفرقة يف اجلهاد‬

‫الجهاد إلعالء كلمة اإلسالم‬ ‫‪‬‬


‫التدرب على المصارعة بقصد الجهاد في سبيل اهلل عبادة هلل تعالى‬ ‫‪‬‬
‫حرمة تولى المرأة منصبا في الجيش أو األمن أو في أي والية عامة‬ ‫‪‬‬
‫حرمة خروج المرأة مع المجاهدين بدون محرم‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الجهاد في سبيل اهلل سواء كان للمسلمين إمام عادل أو لم يكن لهم إمام عادل‬ ‫‪‬‬
‫حكم األرض التي فتحها المسلمون عنوه‬ ‫‪‬‬
‫وجوب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب‬ ‫‪‬‬

‫‪419‬‬
‫الفصــــــل الرابــــع‪ :‬مسائل متفرقة في الجهاد‬

‫اجلهاد إلعالء كلمة اإلسالم‬


‫الجهاد في سبيل اهلل تعالى شرع من أجل إعالء كلمة اإلسالم ونشر الدين اإلسالمي ولم يشرع الجهاد من أجل مصلحة رئيس دولة أو‬
‫لتحقيق مصلحة شخصية أو دنيوية في دولة من الدول أو لمجاهد والتاريخ اإلسالمي يذكر لنا قصة عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‬
‫رضي اهلل عنه للقائد العظيم المنتصر (خالد بن الوليد) رضي اهلل عنه حينما وصله قرار العزل في أيام المعركة فأخفى قرار العزلواستمر‬
‫(خالد بن الوليد) يقود الجيش اإلسالمي حتى تحقق االنتصار‪ ،‬وبعد تحقق االنتصار استمر جنديا في الجيش اإلسالمي بعد عزله من‬
‫القيادة ألنه يجاهد من أجل إعالء كلمة اإلسالم‪ ،‬ولما سئل عن عزله واستمراره في الجهاد بعد عزله فقال‪( :‬أنا ال أحارب من أجل عمر‬
‫ولكنى أحارب من أجل رب عمر‪ ،‬فإذا كان عمر قد عزلني من إمارة الجيش فرب عمر لم يعزلني عن الجهاد في سبيل اهلل تعالى (‪.‬‬
‫التدرب على املصارعة بقصد اجلهاد يف سبيل اهلل عبادة هلل تعاىل‬
‫التدرب على المصارعة وغيرها من ا ألعمال الرياضية ترجع إلى النية فإن كانت نية الشخص التدرب على المصارعة لكي يصارع‬
‫الكفار ويجاهدهم عند الضرورة وعند جهاد الكافرين فهي عبادة ونوع من الجهاد ألن ما ال يتم الواجب إال به فيجب كوجوبه‪ ،‬وإن كانت‬
‫نية الشخص الحصول على الشهرة والجائزة فليست من باب الجه اد فالعبرة بنية المتدرب ألن هذه األعمال وغيرها من التدريبات‬
‫الرياضية داخله تحت عموم حديث (إنما األعمال بالنيات‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى)(‪. )1‬‬
‫حرمة توىل املرأة منصبا يف اجليش أو األمن أو يف أي والية عامة‬
‫ال يجوز للمرأة أن تتولى منصبا في الجيش أو األمن أو أي والية عامه ألنها معرضة للحمل واإلرضاع وألن وضيفتها األساسية هي‬
‫جنَ َتبَرُجَ الْجَاهِِليَةِ الْأُولَى}(‪ )2‬وال يجوز أن تكون القوامة للمرأة على الرجال‬ ‫القيام باألعمال البيتيه قال تعالى {وَقَ ْرنَ فِي ُبيُوتِ ُكنَ وَلَا َتبَرَ ْ‬
‫ضهُمْ عَلَى بَ ْعضٍ َوبِمَا‬
‫ضلَ اللّهُ بَ ْع َ‬
‫في أي عمل جماعي أوفي أي مؤسسة رسمية أو أهلية قال تعالى {الرِجَالُ َقوَامُونَ عَلَى النِسَاء بِمَا َف َ‬
‫أَنفَقُواْ ِمنْ أَ ْموَاِلهِمْ}(‪ )3‬فاآلية تجعل القوامة للرجل في أصغر التجمعات وهي األسرة المكونة من الزوج والزوجة واألبناء والبنات‬
‫وباألولى ت كون القوامة للرجل في التجمعات الكبيرة سواء كانت عسكرية كالجيش أو األمن أو مدنية كالوزارات والمؤسسات ولذا جاء‬
‫نفي النجاح والفالح ألي قوم ولوا أمرهم امرأة في حديث ( َلنْ يُفْلِحَ َقوْمٌ وََلوْا أَمْرَهُمْ امْرََأةً)(‪ )4‬لفظ ( َقوْمٌ) في الحديث نكرة تفيد العموم‬
‫فالحديث يدل على التحريم ألن النفي أبلغ من النهي سواء كان هؤالء القوم عسكريين أو مدنيين‪ ،‬وال فرق بين أن يكون القوم الذين تتولى‬
‫أمورهم امرأة من الجيش أو األمن أومن المدنيين في وزارة أو مصلحة أو أي مؤسسة مدنية‪ ،‬ولفظ (أَمْرَهُمْ) في الحديث يفيد العموم ألن‬
‫لفظ األمر بمعنى (الشأن) ولفظ أمر مصدر مضاف إلى ضمير الغائبين وعلماء أصول الفقه يجعلون من صيغ العموم المصدر المضاف‬
‫فهو يعم أي شأن سواء كان الشأن عسكرياً أو أمنياً أو مدنياً وسواء كان الشأن المدني إدارياً أو مالياً أو سياسياً أو تعليمياً أو قضائياً أو أي‬
‫شأن من الشؤون العامة ‪.‬‬
‫حرمة خروج املرأة مع اجملاهدين بدون حمرم‬

‫جلٌ بِامْرََأةٍ‪ ،‬وَلَا تُسَافِرَنَ امْرَأَ ٌة‬


‫ال يجوز للمرأة أن تخرج مع المجاهدين إذا احتيج لخروجها مع المجاهدين إال بمحرم لحديث (لَا يَخُْل َونَ رَ ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫جلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬ا ْك ُت ِتبْتُ فِي غَ ْز َوةِ َكذَا وَ َكذَا‪ ،‬وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬اذْهَبْ فَحُجَ مَعَ امْرََأتِكَ) وأما‬
‫إِلَا وَمَ َعهَا مَحْرَمٌ‪ ،‬فَقَامَ رَ ُ‬
‫خروج النساء في يوم أحد فهو ألن أحد في أطراف المدينة وال يعتبر سفرا لكون جبل أحد من ضواحي المدينة ‪ ،‬وكان عدد المجاهدين من‬
‫الصحابة قليال في مقابل عدد المحاربين الكثرين من المشركين ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬كيف كان بدء الوحي‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا الليثي يقول سمعت‬
‫عمر بن الخطأب رضي اهلل عنه على المنبر قال سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعمال بالنيات‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو‬
‫إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة والطالق‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة‬
‫المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإليمان‪ ،‬العتق‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال والمراد تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪.)33( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)34( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب كتاب النبي صلى اهلل عليه وسلم إلى كسرى‪ .‬حديث رقم (‪( )4425‬عَنْ أَبِي بَكْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَقَدْ نَفَعَنِي اللَهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ‬
‫رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَيَامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَمَا بَلَغَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنَ أَهْلَ فَارِسَ َقدْ‬
‫ح قَوْمٌ وَلَوْا أَمْرَهُ ْم امْرَأَةً)‪.‬‬
‫ن يُفْلِ َ‬
‫مَلَكُوا عَلَيْهِ ْم بِنْتَ كِسْرَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في الفتن‪ ،‬والنسائي في أداب القضاة‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الفتن‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير ‪ :‬باب من اكتتب في جيش فخرجت إمرأته حاجة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3006‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَهُ سَمِعَ‬
‫النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬لَا يَخْلُوَنَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ‪ ،‬وَلَا تُسَافِرَنَ امْرَأَةٌ إِلَا وَمَعَ هَا مَحْرَمٌ‪ ،‬فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا‪ ،‬وَخَرَجَتْ‬
‫ج مَ َع امْرَأَتِكَ)‪.‬‬‫امْرَأَتِي حَاجَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬اذْهَبْ فَحُ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النكاح‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪411‬‬
‫وجوب اجلهاد يف سبيل اهلل سواء كان للمسلمني إمام عادل أو مل يكن هلم إمام عادل‬
‫الجهاد في سبيل اهلل تعالى للكافرين الحربيين بنية إعالء كلمة اهلل واجب وجوبا مطلقا سواء كان للمسلمين إمام عادل أو لم يكن لهم إمام‬
‫عادل وسواء كان اإلمام الذي يقود الجهاد متدينا أو غير متدين فيزيد بن معاوية هو الذي تولى قياده الجيش اإلسالمي الذي ذهب لفتح‬
‫القسطنطينية وكان في الجيش عبدا هلل بن الزبير وعبد اهلل بن عباس وأبو أيوب األنصاري من الصحابة رضي اهلل عنهم وهؤالء الصحابة‬
‫وغيرهم من أفراد الجيش الذاهب لفتح القسطنطينية كانوا تحت سلطة يزيد بن معاوية ألن الجهاد في سبيل اهلل تعالى لتكون كلمة اهلل هي‬
‫العليا واجب وألن المقصد من الجهاد إعالء كلمة (ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم) ورفع راية اإلسالم‪ ،‬وتوفي‬
‫أبو أيوب األنصاري في القسطنطينية وقبر هناك ‪.‬‬

‫حكم األرض التي فتحها املسلمون عنوه‬


‫األرض المفتوحة أمرها إلى اإلمام يفعل فيها األصلح إما أن يقسمها بين الفاتحين كما فعل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بأرض خبير‬
‫حيث أخذ أموال اليهود كلها وهم في الحصن وقسمها بين الفاتحين لخيبر‪ ،‬وبعد أن قسمها بين الفاتحين طلب اليهود من الرسول إقرارهم‬
‫عليها ليعملوا فيها باألجرة مع المالكين لها من الصحابة الفاتحين ويكون نصف الثمرة للمسلم المالك لألرض ونصف الغلة لليهودي العامل‬
‫في األرض مقابل عمله فيها أجيراً مع المالك لها المسلم فأقرهم رسول اهلل على ذلك وأصبح اليهود أجراء مع المسلمين الفاتحين ألرض‬
‫خيْبَرَ ا ْل َيهُودَ َأنْ َيعْمَلُوهَا‪ ،‬وَيَزْ َرعُوهَا‪ ،‬وََلهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ ِم ْنهَا) (‪)1‬وإما أن‬
‫خيبر‪ ،‬الدليل حديث ( َأعْطَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫يفعل فيها مثل ما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه حيث لم يقسم األرض المفتوحة بين الفاتحين بل جعلها أرضا‬
‫خراجية يضرب على من يملكها خراجا سنويا يورد لبيت مال المسلمين ويصرف منه على مصالح المسلمين العامة ويسدد منه حاجات‬
‫المسلمين المحتاجين‪ ،‬وفي عهد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه فتح المسلمون بالد الشام ثم بالد مصر ثم ليبيا هذا في المغرب أما في‬
‫الشرق فإنهم فتحوا بالد العراق وبالد فارس (إيران ) فلم يقسم عمر األراضي المفتوحة بين الفاتحين مثلما قسم النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫أرض خيبر ألن عمر لو قسمها بين الفاتحين كان يوجد من المسلمين من يمتلك أراضٍ كبيرة ويكونون أغنياءً غناءً كبيراً وبقية المسلمين‬
‫سيكونون فقراء بائسين يصبحوا أجراء عند هؤالء األغنياء أصحاب المقاطعات الكبيرة فبعد أن انتصر المسلمون وفتحت األراضي قال‬
‫عمر‪ :‬اسألوا كم كان يأخذ الرومان على األرض من أهل الشام؟ قالوا‪ :‬كانوا يأخذون ضريبة على األرض الفالنية كذا وكذا وعلى اللبنة‬
‫كذا قال عمر للوالة‪ :‬افرضوا عليهم خراجا على األرض بهذا القدر أو أقل قليالً‪ ،‬وقال عمر رضي اهلل عنه‪ :‬كم كانت دولة الفرس تأخذ‬
‫من العراقيين ضريبة على األرض؟ قالوا‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬فقال‪( :‬خذوا عليهم خراجا على األرض مثل القدر الذي كانت تأخذه منهم الدولة‬
‫الفارسية أو أقل قليال) وجعل عمر رضي اهلل عنه األراضي المفتوحة في عهده أراضياً خراجيه يؤخذ الخراج عليها سنويا ويورد لبيت‬
‫مال المسلمين ويعطِ ى خراجها كل من يملكها سواء كان المالك لها مسلما أو كافرا والخراج الذي يؤخذ على األرض هو غير الزكاة‬
‫الواجبة على غلة ما يخرج منها‪ ،‬فالمسلم يخرج الزكاة على غلة األرض ويخرج الخراج المعين على األرض والكافر يؤخذ منه الخراج‬
‫على األرض وال يؤخذ منه زكاة على الغلة لكن يؤخذ منه الجزية المفروضة عليهم‪ ،‬واألرض الخراجية هي األرض التي فتحها‬
‫المسلمون عنوة وفرضوا على أهلها خراجاً ‪.‬‬

‫األرض الزكوية‪ :‬هي التي دخلها اإلسالم طوعا مثل أ رض اليمن فال يجوز أن يأخذ أحد على أرض اليمن سوى الزكاة وال خراج على‬
‫أرضها ألنها لم تفتح بالقوة وإنما أسلم أهلها طوعاً‪ ،‬وقد بين أمير المؤمنين عمر المقصد من اجتهاده في جعل األراضي المفتوحة أرضا‬
‫خراجيه لتكون ن موردا دائما لبيت مال المسلمين ينتفع منه جميع المسلمين في قوله (أَمَا وَاَلذِي نَفْسِي ِب َي ِدهِ َلوْلَا َأنْ َأتْ ُراَ آخِرَ النَاسِ َببَانًا‬
‫خ ْيبَرَ‪ ،‬وَلَ ِكنِي َأتْرُ ُكهَا خِزَانَةً َلهُمْ يَ ْقتَسِمُو َنهَا)(‪ )2‬أي‬
‫َليْسَ َلهُمْ شَيْءٌ‪ ،‬مَا ُفتِحَتْ عَلَيَ قَ ْريَةٌ إِلَا قَسَ ْم ُتهَا‪ ،‬كَمَا قَسَمَ ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫يقتسمون خراجها ويستفيدون من منافع خراجها ‪.‬‬

‫وجوب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب‬


‫الواجب على المسلمين إخراج اليهود والنصارى والمشركين أو المجوس أو غيرهم من جزيرة العرب لحديث (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ‬
‫حتَى لَا َأ َدعَ إِلَا مُسْلِمًا) (‪ ،)1‬الحديث األول يدل على وجوب‬ ‫جَزِي َرةِ الْعَرَبِ)(‪ )3‬وحديث (لَأُخْرِ َ‬
‫جنَ ا ْل َيهُودَ وَال َنصَارَى ِمنْ جَزِي َرةِ الْعَرَبِ َ‬

‫صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغاري‪ :‬باب معاملة النبي صلى اهلل عليه وسلم أهأل خيبر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4245‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ج مِنْهَا)‪.‬‬
‫ن يَعْمَلُوهَا‪ ،‬وَيَزْرَعُوهَا‪ ،‬وَلَهُ ْم شَطْ ُر مَا يَخْرُ ُ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَيْبَ َر الْيَهُو َد أَ ْ‬
‫أَعْطَى النَبِ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في األحكام‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في البيوع‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في كراء األرض‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الشطر‪ :‬النصف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب غزوة خيبر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4335‬بلفظ (عن زَيْدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬أَمَا وَالَذِي‬
‫نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُاَ آخِرَ النَاسِ بَبَانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ‪ ،‬مَا فُتِحَتْ عَلَيَ قَرْيَةٌ إِلَا قَسَمْتُهَا‪ ،‬كَمَا قَسَمَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ خَيْبَرَ‪ ،‬وَلَكِنِي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ‬
‫يَقْتَسِمُونَهَا)‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود في الخراج واإلمارة والفيء‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المزارعة‪ ،‬فرض الخمس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬بباناً‪ :‬معدمين ال يملكون شيئاً‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ .‬باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3165‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَهُ قَالَ‪ :‬يَوْمُ‬
‫الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَ مِيسِ ثُمَ بَكَى حَتَى خَضَبَ دَمْعُهُ الْحَصْبَاءَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اشْتَدَ بِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَ ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا‬
‫ن تَضِلُوا بَعْدَ ُه أَبَدًا‪ ،‬فَتَنَازَعُوا وَلَ ا يَنْبَغِي عِنْ َد نَبِي تَنَازُعٌ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬هَجَرَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬دَعُونِي‪ ،‬فَالَذِي أَنَا فِيهِ خَيْ ٌر مِمَا تَدْعُونِي إِلَيْهِ‪ ،‬وَأَوْصَى‬ ‫لَ ْ‬
‫‪411‬‬
‫إخراج جميع المشرك ين من جزيرة العرب ويدخل في عمومه اليهود ألنهم مشركون بعبادة عزير الذي قالوا بأنه ابن اهلل والنصارى الذين‬
‫أشركوا بعبادة المسيح عيسى بن مريم‪ ،‬ويدخل في عموم المشركين أصحاب كل دين محرَف باطل من المجوس والبوذيين وغيرهم من‬
‫أصحاب األديان الباطلة التي تؤله مخلوقا غير اهلل عز وجل‪ ،‬ألن األمر بإخراج المشركين يقتضي الوجوب‪ ،‬وفي الحديث الثاني بيان‬
‫لعزم الرسول صلى اهلل عليه سلم على إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وقد أخرج الحديثَ اإلمامُ أحمد بن حنبل رحمه اهلل‬
‫تعالى بزيادة (لئن عشت إلى قابل) الحديثان يدالن داللة صريحة على وجوب إخراج اليهود والنصارى وغيرهم من أصحاب الديانات‬
‫األخرى الباطلة وأال يبقى في الجزيرة إال من يدين بدين اإلسالم واألمر يقتضي وجوب اإلخراج في كل زمن يوجد في الجزيرة أو‬
‫يستوطنها يهود أو نصارى أو مجوس أو بوذيون أو غيرهم‪ ،‬الّظاهر‪ :‬أن المراد بالجزيرة كل الجزيرة العربية وال سيما نجد ألن فيها‬
‫الحرمين الشريفين ‪.‬‬

‫عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ‪ ،‬أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ‪ ،‬وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ‪ ،‬وَنَسِيتُ الثَالِثَةَ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَدٍ سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَحْمَنِ‬
‫ن جَزِيرَ ِة الْعَرَبِ فَقَالَ مَكَةُ وَالْمَدِينَ ُة وَالْيَمَامَ ُة وَالْيَمَنُ)‪.‬‬
‫عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الوصية‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬العلم‪ ،‬الجزية‪.‬‬
‫اإلجازة‪ :‬اإلذن والسماح‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬خضب دمعه الحصباء‪ :‬بلها‪ ،‬والمراد المبالغة في البكاء‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب‪ .‬حديث رقم (‪ )4561‬بلفظ (عن عُمَرُ بْنُ الخطأبِ أَنَهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَهِ‬
‫ب حَتَى لَا أَدَعَ إِلَا مُسْلِمًا)‬
‫ن جَزِيرَ ِة الْعَرَ ِ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬لَأُخْرِجَنَ الْيَهُودَ وَالنَصَارَى مِ ْ‬
‫أخرجه التر مذي في السير‪ ،‬وأبو داود في الخراج واإلمارة والفيئ‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪412‬‬
‫كتاب‬

‫األـميـــــــــــــا‬

‫‪413‬‬
‫الكتاب الثامن‪ :‬األميــــــــــــــــــان‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬األيمـــــــــان وأحكامها‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬االستثناء والكفارات في األيمان‬

‫‪414‬‬
‫الباب األول‪ :‬األميـــــــــان وأحكامها‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬األيمان المباحة‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬األيمــــــــــــــان المنهي عنه‬

‫‪415‬‬
‫الفصل األول‪ :‬األميان املباحة‬

‫تعريف األيمان‬ ‫‪‬‬


‫مشروعية األيمان‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية الحلف باهلل أو باسم من أسماء اهلل تعالى أو صفة من صفاته تعالى‬ ‫‪‬‬
‫حرمة الحلف بغير اهلل تعالى‬ ‫‪‬‬
‫اليمين اللغو‬ ‫‪‬‬
‫اليمين المعقودة‬ ‫‪‬‬
‫جواز الحنث في اليمين المعقودة‬ ‫‪‬‬
‫ال تنعقد اليمين على الغير‬ ‫‪‬‬
‫يشرع للمسلم إبرار قسم أخيه‬ ‫‪‬‬

‫‪416‬‬
‫الفصل األول‪ :‬األيمان المباحة‬

‫تعريف األميان‬
‫األيمان (لغة)‪ :‬جمع يمين‪ ،‬وأصل اليمين في اللغة (اليد) وأطلقت على الحلف ألنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل واحد يمين صاحبه‪.‬‬

‫اليمين (شرعاً)‪ :‬هي توكيد األمر المحلوف عليه بذكر معظم وهو اسم اهلل أو اسم من أسماء اهلل تعالى أو صفة من صفاته‪.‬‬

‫مشروعية األميان‬
‫ن قُل لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَ ْعرُوفَةٌ‬
‫جَ‬‫ج ْهدَ أَيْمَا ِنهِمْ َل ِئنْ أَمَرْ َتهُمْ َليَخْرُ ُ‬
‫األيمان مشروعة بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {وَأَقْسَمُوا بِاللَهِ َ‬
‫خبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }(‪ )1‬وأما من السنة فحديث (من كان حالفاً فال يحلف إال باهلل) ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ِإنَ اللَهَ َ‬

‫مشروعية احللف باهلل أو باسم من أمساء اهلل تعاىل أو صفة من صفاته تعاىل‬
‫الصحيح‪ :‬أن الحلف ال يجوز إال باهلل أو باسم من أسماء اهلل تعالى أو بصفه من صفات اهلل تعالى أو بفعل من أفعال اهلل تعالى لحديث (أَلَا‪،‬‬
‫ِإنَ اللَهَ َي ْنهَاكُمْ َأنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ‪ ،‬فَ َمنْ كَانَ حَالِفًا فَ ْليَحْلِفْ بِاللَهِ وَإِلَا فَ ْل َيصْمُتْ)(‪ )3‬وال يجوز الحلف بأي مخلوق سواء كان معظما في‬
‫الشرع أو غير معظم‪ ،‬والحلف ببعض المخلوقات ال يجوز إال هلل تعالى ألن النهي في الحديث يفيد التحريم‪.‬‬

‫حرمة احللف بغري اهلل تعاىل‬


‫يحرم على اإلنسان أن يحلف باآلباء أو األمهات أو باألبناء أو بالشرف العسكري أو بأي شيء سوى اهلل عز وجل لحديث ( َمنْ حَلَفَ بِ َغيْرِ‬
‫اللَهِ فَ َقدْ كَفَرَ َأوْ أَشْ َراَ) (‪.)4‬‬

‫اليمني اللغو‬
‫الصحيح‪ :‬أن اليمين اللغو هو اليمين الذي تنعقد عليه النية وهي التي تخرج بغير قصد اليمين مثلما قالت أم المؤمنين عائشة رضي اهلل‬
‫جلِ لَا وَاللَهِ َوبَلَى وَاللَهِ)(‪ )5‬وتفسير الصحابي مقدم على تفسير‬ ‫خذُكُمُ اللّهُ بِاللَ ْغوِ فِيَ َأيْمَانِكُمْ} فِي َق ْولِ الرَ ُ‬
‫عنها (ُأنْزِلَتْ َه ِذهِ الْآيَةُ {الَ ُيؤَا ِ‬
‫خذُكُم بِمَا عَقَدتُمُ‬
‫خذُكُمُ اللّهُ بِاللَغْوِ فِي َأيْمَانِكُمْ وَلَـكِن ُيؤَا ِ‬
‫غيره‪ ،‬واليمين اللغو ال يؤاخذ اهلل عليها وال كفارة عليها لقوله تعالى {الَ ُيؤَا ِ‬
‫ا َأليْمَانَ}(‪.)6‬‬

‫اليمني املعقودة‬
‫هي اليمين التي يقصدها الحالف باال يفعل شيئا أو بأن يترك شيئا في المستقبل أي بعد الحلف وهي اليمين التي تجب فيها الكفارة إذا رأي‬
‫خذُكُم بِمَا عَقَدتُمُ ا َأليْمَانَ فَكَفَا َرتُهُ‬ ‫الحالف أن يحنث فيها ألن الحنث فيها خير من المضي فيها وهي المرادة بقول اهلل تعالى {وَلَـكِن ُيؤَا ِ‬
‫الثَةِ َأيَامٍ َذِلكَ كَفَا َرةُ َأيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَ ْفتُمْ‬
‫صيَامُ ثَ َ‬
‫جدْ َف ِ‬
‫س َو ُتهُمْ َأوْ تَحْرِيرُ رَ َقبَةٍ فَمَن لَمْ يَ ِ‬
‫إِطْعَامُ عَشَ َرةِ مَسَاكِينَ ِمنْ َأوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ َأوْ كِ ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النور‪)53( :‬‬
‫‪2‬‬
‫ن عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللّهِ‪:‬‬ ‫ن دِينَا ٍر أَنَ ُه سَمِ َع ابْ َ‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب النهي عن الحلف بغير اهلل تعالى‪ .‬حديث رقم (‪ )4235‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللّ ِه بْ ِ‬
‫ف بِآبَائِهَا‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬ال تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ)‪.‬‬ ‫ش تَحْلِ ُ‬
‫ت قُرَيْ ٌ‬‫ف إ َال بِاللّهِ‪ ،‬وَكَانَ ْ‬
‫ال يَحْلِ ْ‬
‫ن حَالِفًا فَ َ‬ ‫مَنْ كَا َ‬
‫أخرجه البخاري في الشهادات‪ ،‬والترمذي في النذور واأليمان‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في‬
‫مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬ومالك في النذور واأليمان‪ ،‬والدارمي في النذور واأليمان‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬األيمان‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األدب‪ :‬باب من لم ير إكفار من قال ذالك متأوال‪ .‬حديث رقم (‪ )6105‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا أَنَهُ أَدْرَاَ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ‬
‫ف بِاللَهِ وَإِلَا فَلْيَصْمُتْ)‪.‬‬
‫ن كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِ ْ‬ ‫ن تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ‪ ،‬فَمَ ْ‬
‫ف بِأَبِيهِ‪ ،‬فَنَادَاهُمْ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَلَا إِنَ اللَ َه يَنْهَاكُ ْم أَ ْ‬ ‫فِي رَكْبٍ وَهُ َو يَحْلِ ُ‬
‫أخرجه مسلم في األيمان‪ ،‬والترمذي في األيمان والنذور‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين من الصحابة‪ ،‬والدارمي في األيمان والنذور‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األيمان والنذور‪ ،‬المناقب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫جلًا يَقُولُ‪ :‬لَا‬‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتا ب األيمان والنذور‪ :‬باب ما جاء في كراهية الحلف بغير اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1535‬بلفظ (عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ أَنَ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ رَ ُ‬
‫ف بِغَيْ ِر اللَهِ فَقَدْ كَفَ َر أَوْ أَشْرَاَ) صححه األلباني في صحيح‬ ‫ن حَلَ َ‬‫ف بِغَ يْرِ اللَهِ‪ ،‬فَإِنِي سَمِعْتُ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَقُولُ‪ :‬مَ ْ‬ ‫ن عُمَرَ‪ :‬لَا يُحْلَ ُ‬ ‫وَالْكَعْبَةِ‪ ،‬فَقَا َل ابْ ُ‬
‫سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في األيمان والنذور‪ ،‬ومسلم في األيمان‪ ،‬والنسائ ي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في االيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬ومالك في النذور واأل يمان‪ ،‬والدارمي في النذور واأليمان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الرياء‪ :‬القيام بالفعل طلبا للسمعة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب (اليؤخذ كم اهلل بالغو في أيمانكم)‪ .‬حديث رقم (‪ )6663‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا قالت‪ :‬أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‬
‫ي أَيْمَانِكُمْ} فِي قَوْ ِل الرَجُ ِل لَا وَاللَ ِه وَبَلَى وَاللَهِ)‪.‬‬
‫{ َال يُؤَاخِذُكُ ُم اللّ ُه بِاللَغْ ِو فِ َ‬
‫أخرجه أبوداود في األيمان والنذور‪ ،‬ومالك في النذور واأليمان‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)51( :‬‬
‫‪417‬‬
‫(‪)1‬‬
‫خيْرًا ِم ْنهَا فَ ْليَأْ ِتهَا‬
‫غيْرَهَا َ‬
‫وهي المرادة بحديث (من حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى َ‬ ‫وَاحْفَّظُواْ َأيْمَانَكُمْ َكذَِلكَ ُيبَ ِينُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ}‬
‫(‪)2‬‬
‫عنْ يَمِينِهِ)‬‫وَ ْليُكَفِرْ َ‬

‫جواز احلنث يف اليمني املعقودة‬


‫يشرع لمن حلف على فعل شيء أو ترك شيء ورأى أن فعل الشيء الذي حلف على عدم فعله خيرمن عدم فعله فيشرع له أن يفعله‬
‫ويكفر عن يمينه‪ ،‬وكذا إذا رأى أن ترك الشيء الذي حلف على فعله أخير أن يتركه لكون الترك هو األخير للحديث السابق وفي رواية‬
‫عنْ يَمِينِهِ وَ ْليَفْ َعلْ)(‪ )3‬أي األخير‪ ،‬في الحديث أمر بفعل‬
‫خيْرًا ِم ْنهَا فَ ْليُكَفِرْ َ‬
‫غيْرَهَا َ‬
‫منه أمر بفعل األخير وهي (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى َ‬
‫األخير وأمر بتكفير اليمين ألن فعل األخير وتكفير اليمين هو األحب إلى اهلل عز وجل من عدم التكفير والبقاء على تنفيذ ما حلف عليه‪،‬‬
‫وجواز التكفير مشروط بان الحنث هو إلى الخير‪ ،‬وعلى هذا فمن حلف أال يأكل القات أو أال يشرب الدخان وأراد أن يرجع إلى مضغ‬
‫القات أو إلى شرب الدخان ويكفر عن يمينه فال يجوز له الرجوع إلى مضغ القات أو شرب الدخان وال يشرع له التكفير عن اليمين ألنه‬
‫ال يصدق على مضغ القات أو شرب الدخان أنه من الخير‪ ،‬وال يشرع التكفير للحالف إال إذا كان الرجوع إلى المحلوف عنه فيه خير‬
‫للحالف ‪.‬‬

‫ال تنعقد اليمني على الغري‬


‫ال تنعقد اليمين على الغير ألن اإلنسان اآلخر ليس تحت سلطة الحالف وألن للغير إرادته وقدرته وطاقته وللحالف إرادته وقدرته وطاقته‬
‫واهلل عز وجل ال يحاسب اإلنسان إال على أفعال نفسه ووسعه وطاقته وال يحاسب اإلنسان على أفعال غيره قال تعالى {الَ يُكَلِفُ اللّهُ نَفْساً‬
‫سبَتْ}(‪ )4‬فمن حلف على شخص على أن يفعل كذا أو يترك كذا فلم يفعل أو لم يترك‪ ،‬فال كفارة‬ ‫سبَتْ َوعََل ْيهَا مَا ا ْكتَ َ‬
‫إِالَ وُسْ َعهَا َلهَا مَا كَ َ‬
‫على الحالف ألن المحلوف عليه ليس تحت سلطة الحالف وإرادته وقدرته بل للمحلوف عليه قدرة وإرادة وطاقة خاصة به ‪.‬‬

‫يشرع للمسلم إبرار قسم أخيه‬


‫يشرع للمسلم أن يبر قسم أخيه إذا حلف عليه على فعل شيء أو تركه ولم يكن في فعل الشيء المحلوف عليه أوتركه إثم لحديث (أَمَ َرنَا‬
‫عيَا َدةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَاعِي َو َنصْرِ الْمَّظْلُومِ وَِإبْرَارِ الْقَسَمِ)(‪.)5‬‬
‫جنَائِزِ َو ِ‬
‫بِا ِتبَاعِ الْ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)51( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4247‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَعْتَمَ رَجُلٌ عِنْدَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬ثُمَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ الصِبْيَةَ قَدْ نَامُوا فَأَتَاهُ أَهْلُهُ بِطَعَامِهِ‪ ،‬فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ أَجْلِ صِبْيَتِهِ ثُمَ بَدَا لَهُ فَأَكَلَ فَأَتَى رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَذَكَرَ‬
‫ن يَمِينِهِ)‪.‬‬
‫ن فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِرْ عَ ْ‬ ‫ذَلِكَ لَهُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِي ٍ‬
‫أخرجه البرمذي في النذور واأليمان‪ ،‬ومالك في النذور واأليمان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أعتم‪ :‬أخر صالة العشاء حتى اشتداد ظلمة الليل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2245‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلْ)‪.‬‬
‫ن فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِرْ عَ ْ‬
‫قَالَ‪ :‬مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِي ٍ‬
‫أخرجه الترمذي في النذور واأليمان‪ ،‬ومالك في النذور واأليمان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)256( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب إبرار القسم‪ .‬حديث رقم (‪ )1163‬بلفظ (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَمَرَنَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ بِسَبْعٍ‪ ،‬وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ‪ ،‬أَمَرَنَا بِاتِبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَاعِي وَنَصْرِ الْمَّظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَرَدِ السَلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ‪ ،‬وَنَهَانَا عَنْ آنِيَ ِة‬
‫ب وَالْحَرِي ِر وَالدِيبَاجِ وَالْقَسِيِ وَالْإِسْتَبْرَقِ)‪.‬‬
‫الْفِضَ ِة وَخَاتَ ِم الذَهَ ِ‬
‫اخرجه مسلم في الباس والزينة‪ ،‬والترمذي في الباس‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجنائز‪ ،‬الزينة‪.‬‬
‫استبرق‪ :‬ما غلظ من الحرير‪.‬‬ ‫القسي‪ :‬ثياب مخططة بالحرير‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬التشميت‪ :‬أن يقال للعاطس رحمك اهلل إذا حمد اهلل‪.‬‬
‫‪418‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬األميــــــــــــــان املنهي عنه‬

‫اليمين الغمـــــــــوس‬ ‫‪‬‬


‫اليمين الغموس قسمان‬ ‫‪‬‬
‫من حلف بأنه كافر باهلل تعالى‬ ‫‪‬‬
‫من حلف على شيء معلق بشرط فال كفارة عليه‬ ‫‪‬‬
‫قول‪ :‬أقسم أو أشهد‬ ‫‪‬‬

‫‪419‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬األيمــــــــــــــان المنهي عنه‬

‫اليمني الغمـــــــــوس‬
‫هي اليمين التي يتعمد الحالف فيها الكذب ويقتطع بها مال امرئ مسلم وهي من الكبائر لحديث ( َمنْ ا ْقتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَا ِذبَةٍ‬
‫(‪)2‬‬
‫ضبَانُ)(‪ )1‬ولحديث (الْ َكبَائِرُ الْإِشْرَااُ بِاللَهِ‪َ ،‬وعُقُوقُ ا ْلوَاِلدَ ْينِ‪ ،‬وَ َق ْتلُ النَفْسِ‪ ،‬وَا ْليَمِينُ الْغَمُوسُ)‬
‫غ ْ‬
‫لَقِيَ اللَهَ وَ ُهوَ عََليْهِ َ‬

‫اليمني الغموس قسمان‬


‫األول‪ :‬اليمين التي يتعمد فيها الحالف الكذب وليس فيها اقتطاع مال امرئ مسلم فهذه يجوز فيها الكفارة ألنها يمين معقودة لقوله تعالى {الَ‬
‫خذُكُم بِمَا عَقَدتُ ُم ا َأليْمَانَ}(‪. )3‬‬
‫خذُكُمُ اللّهُ بِاللَ ْغوِ فِي َأيْمَانِكُمْ وَلَـكِن ُيؤَا ِ‬
‫ُيؤَا ِ‬

‫الثاني‪ :‬اليمين التي يتعمد الحالف فيها الكذب ويقتطع بها الحالف مال امرئ مسلم‪ ،‬وهذه اليمين ال كفارة عليها وال تجزئ الكفارة في محو‬
‫الذنب منها وإنما يجزئ فيها التوبة الصادقة النصوح لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُوا تُوبُوا إِلَى اللَهِ َت ْوبَةً َنصُوحاً عَسَى َربُكُمْ أَن يُكَفِرَ‬
‫ح ِتهَا الَْأ ْنهَارُ َيوْمَ لَا يُخْزِي اللَهُ ال َنبِيَ وَاَلذِينَ آ َمنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى َب ْينَ َأ ْيدِيهِمْ َوبَِأيْمَا ِنهِمْ‬
‫جنَاتٍ تَجْرِي مِن تَ ْ‬
‫س ِيئَاتِكُمْ َو ُيدْخِلَكُمْ َ‬
‫عَنكُمْ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫يَقُولُونَ رَ َبنَا َأتْمِمْ َلنَا نُو َرنَا وَاغْفِرْ َلنَا ِإ َنكَ عَلَى ُكلِ شَيْءٍ َقدِيرٌ} ومن شروط التوبة إرجاع مال المرء المسلم أو التحلل منه إن كان حيا‬
‫أو من ورثته إن كان قد مات‪ ،‬فإذا تاب الحالف اليمين الغموس توبة صادقة بأن رد مال الغير إلى مالكه أو من يقوم مقام المالك كفر اهلل‬
‫عنه الذنب وقبل توبته لقوله تعالى {ِإنَ اللّهَ الَ يَغْفِرُ أَن يُشْ َراَ بِهِ َويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَ ِلكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْ ِراْ بِاللّهِ فَ َقدِ افْتَرَى ِإثْماً‬
‫عَّظِيماً}(‪. )5‬‬

‫من حلف بأنه كافر باهلل تعاىل‬


‫من قال ‪ :‬أنه كافر باهلل أو أنه مشرك باهلل أو قال‪ :‬هو يهودي أو نصراني إذا فعل كذا ثم يفعل ذلك‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن هذا القول ليس بيمين‬
‫مشروعه ألنه ليس باسم من أسماء اهلل تعالى وال بصفه من صفاته وال بفعل من أفعاله‪ ،‬وال يجب على القائل بهذا القول كفارة ألنها ليست‬
‫داخله تحت مسمى اليمين الشرعي وليس القول بقول من هذه األلفاظ يميناً شرعياً يشمله قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ( َمنْ حَلَفَ عَلَى‬
‫عنْ يَمِينِهِ)(‪.)6‬‬
‫غيْرَهَا خَيْرًا ِم ْنهَا فَلْيَ ْأ ِتهَا وَ ْليُكَفِرْ َ‬
‫يَمِينٍ فَرَأَى َ‬

‫من حلف على شيء معلق بشرط فال كفارة عليه‬


‫من قال‪ :‬إن فعلت كذا فعليَ كذا مثل أن يقول‪ :‬إن فعلت كذا فعليَ المشي إلى المسجد الحرام ففعل ما علق المشي إلى المسجد الحرام على‬
‫فعله‪ ،‬أو قال امرأتي طالق إن فعلت كذا أو نحو هذه األلفاظ‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن من تلفظ بقول من هذه األقوال وأمثالها ال كفارة عليه ألنها‬
‫(‪)7‬‬
‫ليست أيمانا وألنها ليست بصيغة األيمان وال يلزم المتلفظ بها كفارة النذر إال إذا قصد بقوله النذر لحديث (كَفَا َرةُ ال َنذْرِ كَفَا َرةُ ا ْليَمِينِ)‬
‫والنذر الشرعي الذي يستوجب الكفارة ال ينعقد إال بالنية لحديث (إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)(‪ )8‬وهذه األلفاظ بدون‬

‫‪1‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب التوحيد‪ :‬باب قول اهلل تعالى وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 7445‬بلفظ (عَنْ عَبْ ِد اللَهِ رَضِ َ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ لَقِيَ اللَهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ قَالَ عَبْدُ اللَهِ ثُمَ قَرَأَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ‬
‫ن بِعَهْدِ اللَ ِه وَأَيْمَانِهِ ْم ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُ ْم فِي الْآخِرَ ِة وَلَا يُكَلِمُهُ ْم اللَهُ‪ ...‬الْآيَةَ)‪.‬‬
‫ن يَشْتَرُو َ‬
‫ن الَذِي َ‬
‫اللَهِ جَلَ ذِكْرُ ُه (إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في األيمان‪ ،‬والترمذي في البيوع‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الخصومات‪ ،‬الرهن‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الخالق‪ :‬الحظ والنصيب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب اليمين الغموس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 6675‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الْكَبَائِرُ‬
‫ن الْغَمُوسُ)‪.‬‬ ‫ق الْوَالِدَيْنِ‪ ،‬وَقَتْلُ النَفْسِ‪ ،‬وَالْيَمِي ُ‬ ‫ا بِاللَهِ‪ ،‬وَعُقُو ُ‬ ‫الْإِشْرَا ُ‬
‫أخرجه الترمذي في تفسير القرآن‪ ،‬والنسائي في تحريم الدم‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الديات‪ ،‬استتابة المرتدين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اليمين الغموس‪ :‬القسم الكاذب الذي يغنس صاحبه في النار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائد‪.)51( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬التحريم‪.)5( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)45( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيراً منها‪ .‬حديثرقم (‪ ) 4247‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَعْتَمَ رَجُلٌ عِنْدَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ ثُمَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ الصِبْيَةَ قَدْ نَامُوا فَأَتَاهُ أَهْلُهُ بِطَعَامِهِ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ أَجْلِ صِبْيَتِهِ‪ ،‬ثُمَ بَدَا لَهُ فَأَكَلَ‪ ،‬فَأَتَى رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَذَكَرَ‬
‫ن يَمِينِهِ)‪.‬‬
‫ن فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِرْ عَ ْ‬ ‫ذَلِكَ لَهُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِي ٍ‬
‫أخرجه الترمذي في النذور واأليمان‪ ،‬ومالك في النذور واأليمان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أعتم‪ :‬أخر صالة العشاء حتى اشتداد ظلمة اليل‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النذر‪ :‬باب في كفارة النذر‪ .‬حديث رقم (‪ )4221‬بلفظ (عَنْ عُقْبَ ةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَفَارَةُ النَذْرِ كَفَا َرةُ‬
‫الْيَمِينِ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في النذور وااليمان‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النذر‪ :‬الزام النفس بفعل مشروطا بتحقق المراد‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬كيف كان بدء الوحي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا الليثي يقول سمعت‬
‫عمر بن الخطأب رضي اهلل عنه على المنبر قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إن ما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها‬
‫أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫‪421‬‬
‫قصد النذر ال تسمى أيمانا وال تسمى نذرا وال يلزم المتلفظ بها شيء واألولى عدم التلفظ بها‪ ،‬وكفارة اليمين ال تلزم إال على يمين معقودة‬
‫واليمين ال تكون إال باسم من أسماء اهلل تعالى أو بصفة من صفات اهلل تعالى ‪.‬‬

‫قول‪ :‬أقسم أو أشهد‬


‫إذا قال قائل‪ :‬أقسم أو أشهد بكذا‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن التلفظ بلفظ أقسم أو أشهد ليس بيمين ألنه ليس باسم اهلل تعالى وال بصفة من صفاته وال‬
‫بفعل من أفعاله ‪.‬‬

‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة والطالق‪ ،‬األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في‬
‫مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬اإليمان‪ ،‬العتق‪ ،‬المناقب‪ ،‬النكاح‪ ،‬األيمان والنذور‪ ،‬الحيل‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال والمراد تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪421‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬االستثناء والكفارات يف األميان‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬االستثناء المؤثر في اليمين‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬الحنث في األيمان‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬كفارة اليمين‬

‫‪422‬‬
‫الفصل األول‪ :‬االستثناء املؤثر يف اليمني‬

‫شروط اإلسنثناء في اليمين‬ ‫‪‬‬


‫اتصال االستثناء باليمين‬ ‫‪‬‬
‫قول ابن عباس بجواز التراخي في االستثناء قول ضعيف‬ ‫‪‬‬
‫االستثناء ال يكون إال في األيمان المعقودة‬ ‫‪‬‬
‫اشتراط التلفظ باللسان في االستثناء‬ ‫‪‬‬
‫استثناء مشيئة اهلل في األيمان‬ ‫‪‬‬

‫‪423‬‬
‫الفصل األول‪ :‬االستثناء المؤثر في اليمين‬

‫شروط اإلسنثناء يف اليمني‬


‫االستثناء في اليمين الذي يؤثر في الحل من اليمين يجب أن يجتمع فيه ثالثة شروط هي‪ :‬أن يكون متناسقاً مع اليمين‪ ،‬وملفوظاً به‪،‬‬
‫ومقصودا من أول اليمين أنه ال ينعقد معه اليمين‪.‬‬

‫اتصال االستثناء باليمني‬


‫يجوز االستثناء في األيمان ولكن ب شرط أن يكون متصال باليمين وال يجوز التراخي فيه إال لضرورة كسعال أو بلع ريق أو عطاس أو‬
‫نحوه لحديث (وَاللَهِ لََأغْ ُز َونَ قُ َريْشًا‪ ،‬وَاللَهِ لَأَغْ ُز َونَ قُ َريْشًا‪ ،‬وَاللَهِ لََأغْ ُز َونَ قُ َريْشًا‪ ،‬ثُمَ قَالَ ِإنْ شَاءَ اللَهُ)(‪ )1‬الحديث دليل على جواز‬
‫التراخي قليالً في االستثناء ألن حرف (ثم) في الحديث يفيد الفصل القليل بين اليمين واالستثناء وهوالفصل الذي لضرورة التنفس أو‬
‫السعال أو العطاس أو نحوها ‪.‬‬

‫قول ابن عباس جبواز الرتاخي يف االستثناء قول ضعيف‬


‫مذهب حبر األمة (عبد اهلل بن عباس) رضي اهلل عنهما بجواز االستثناء في األيمان ولو بعد مضي وقت ولغير ضرورة هو مذهب‬
‫ضعيف ألنه يؤدي إلى عدم إتمام األيمان ويضعف الثقة بها ويؤدي إلى عدم إتمام المعامالت المالية وغيرها من العقود‪ ،‬كالبيع والشفعة‬
‫واإلجارة وبيعة الخلفاء وغيرها من عقود المعامالت المالية ولو كان االستثناء جائزا في أي وقت لكان يغني عن الكفارة ‪.‬‬

‫االستثناء ال يكون إال يف األميان املعقودة‬


‫االستثناء ال يكون إال إذا علق اليمين على فعل شيء أو تركه في المستقبل‪ ،‬أما إذا كان اليمين على أن الحالف لم يعمل شيئا قد مضى فال‬
‫يسمى استثناء وال عمل على قوله (إن شاء اهلل) لكن الناس لجهلهم بالشرع قد تالعبوا باالستثناء في األيمان‪ ،‬أما في الشرع فال عبرة‬
‫لالستثناء في األيمان إال إذا كان اليمين من األيمان المعقودة على فعل شيء أو تركه في المستقبل ‪.‬‬

‫اشرتاط التلفظ باللسان يف االستثناء‬


‫ال بد من التلفظ باالستثناء في اليمين أو بتخصيص لفظ العموم أو بتقييد اللفظ المطلق وال يعمل بالنية إال مع التلفظ بالمنوي سواء كان‬
‫المنوي استثناء في اليمين أو كان نكاحاً أو طالقاً أو عتقاً أو غيرها‪ ،‬ألن النية والتلفظ بالمنوي الزمه في سائر العقود الشرعية والنية بغير‬
‫تلفظ بالمنوي ال عبرة بها وال تنعقد بها األيمان وال العقود الشرعية وال يسمى اليمين يمينا شرعيا إال بالنية مع التلفظ ويصح االستثناء‬
‫بلفظ إال‪ ،‬أو ليس‪ ،‬أو ما خال أو بتخصيص اللفظ العام أو بتقييد اللفظ المطلق‪ ،‬والّظاهر‪ :‬أن االستثناء حال وأنه جائز مهما كان االستثناء‬
‫متصال ولم يحصل تراخ في الكالم سواء كان الحالف ناوياً االستثناء قبل الكالم باالستثناء أو في أثنائه أو قبل النطق باليمين أو في أثنائه‪،‬‬
‫ويصح التخصيص أو التقييد مهما كان متصالً وسواء كان الحالف ناوياً التخصيص أو التقييد قبل النطق باليمين أو في أثنائه ‪.‬‬

‫استثناء مشيئة اهلل يف األميان‬


‫استثناء مشيئة اهلل في األيمان المعقودة ق د سبق القول فيه‪ ،‬وأما استثناء مشيئة اهلل في الطالق والعتق ففيه تفصيل أما الطالق فإن كانت‬
‫المطلقة حائضا أو نفساء فال تطلق وال ينفذ الطالق ألن اهلل عز وجل ال يريد أن يقع الطالق في حال الحيض أو النفاس‪ ،‬وإن كانت‬
‫المطلقة في حال الطهر فيفصل فيها أيضاً‪ ،‬فإن كانت العالقة بين المطلقة وزوجها عالقة طيبة والعشرة بينهما حسنة فال يقع الطالق ألن‬
‫اهلل ال يريد الطالق والعشرة بينهما حسنة بالمعرف‪ ،‬وإن كانت العشرة بينهما سيئة فالطالق يقع ألن اهلل يريد الطالق كحل ألن العشرة بين‬
‫الزوج وزوجته سيئة مليئة بالمشاكل والصعوبات الحياتية ‪ ،‬أما العتق فيقع بمجرد تلفظ المالك بالعتق ويقع بال قيد وال شرط ألن اهلل يشاء‬
‫العتق وقد رغب الشارع به وحث عليه في أكثر من دليل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب اإل ستثناء في اليمين بعد السكوت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3255‬بلفظ (عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن شَا َء اللَهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن قُرَيْشًا‪ ،‬وَاللَهِ لَأَغْزُوَنَ قُرَيْشًا‪ ،‬ثُمَ قَا َل إِ ْ‬
‫ن قُرَيْشًا‪ ،‬وَاللَهِ لَأَغْزُوَ َ‬
‫قَالَ‪ :‬وَالَل ِه لَأَغْزُوَ َ‬
‫انفرد به أبو داود‪.‬‬
‫‪424‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬احلنث يف األميان‬

‫الحنث‬ ‫‪‬‬
‫يمين الساهي والمكره‬ ‫‪‬‬
‫يمين المكره ال حنث فيها وال كفارة‬ ‫‪‬‬
‫الحنث يكون بأكثر ما يدل عليه االسم‬ ‫‪‬‬
‫الحلف على شيء يفهم منه القصد إلى معنى أعم أو أخص‬ ‫‪‬‬
‫اليمين على نية المستحلف‬ ‫‪‬‬

‫‪425‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الحنث في األيمان‬

‫احلنث‬
‫هو المخالفة لما انعقدت عليه اليمين وهو إما فعل ما حلف على أال يفعله وإما ترك ما حلف على فعله ‪.‬‬

‫ميني الساهي واملكره‬


‫إذا حلف اإلنسان على شيء وخالف أي فعل ما حلف على أال يفعله أو ترك ما حلف على فعله على جهة النسيان أو اإلكراه‪ ،‬فالصحيح‪:‬‬
‫أنه ال حنث عليه النتفاء قصد الحنث حيث الحانث ناسيا ال قصد له في الحنث وال تجب الكفارة على الحانث ناسيا وال مكرها لحديث (إنَ‬
‫ستُكْرِهُوا عََليْهِ)(‪ )1‬والمكره ال ينعقد له يمين ألن اليمين المنعقدة من شرطها توفر القصد‬
‫سيَانَ وَمَا ا ْ‬
‫عنْ أُ َمتِي الْخَطَأَ وَالنِ ْ‬
‫اللَهَ َوضَعَ َ‬
‫واإلرادة لتنفيذ ما حلف عليه‪ ،‬والحنث في حالة النسيان ال يسمى حنثا يستوجب الكفارة النتفاء قصد الحنث الموجب للكفارة ‪.‬‬

‫ميني املكره ال حنث فيها وال كفارة‬


‫من حلف على شيء وهو مكره على الحلف عليه فال يجب على الحالف الوفاء به وال يأثم بالحنث فيه وال تلزمه كفارة‪ ،‬وحد اإلكراه هو‬
‫أن يُهدد الشخص بالقتل أو بقطع عضو من أعضائه وأن يكون المهدِد قادراً على تنفيذ تهديده وأن يكون بيده آلة القتل أو القطع كأن يكون‬
‫معه بندق أو مسدس لقتل المكره أو السكين أو نحوها لقطع عضو المهدَد‪ ،‬وأن يكون المهدِد قد أغلق الباب على المكره وحبسه في مكان‬
‫له ليس عنده أحد يدافع عنه ويكون قد غلب على ظن الحالف أن المهدِد سينفذ تهديده ففي مثل هذه الحالة يعتبر الحالف مكرها‪ ،‬أما إذا هُدد‬
‫المكره بالحبس أو نحوه فال يعد إكراهاً ‪.‬‬

‫احلنث يكون بأكثر ما يدل عليه االسم‬


‫إذا حلف اإلنسان على أال يفعل شيئا ففعل بعضه أو أنه يفعل شيئا فلم يفعل بعضه‪ ،‬فالصحيح‪ :‬أنه ال يحنث أخذا بأكثر ما يدل عليه االسم ‪.‬‬

‫احللف على شيء يفهم منه القصد إىل معىن أعم أو أخص‬
‫من حلف على شيء بعينه يفهم منه القصد إلى معنى أعم من ذلك الشيء الذي لفظ به أو أخص‪ ،‬أو يحلف على شيء وينوي به معنى أعم‬
‫أو أخص أو يكون للشيء الذي حلف عليه اسمان أحدهما لغوي واآلخر عرفي‪ ،‬أو أحدهما أخص من اآلخر‪ ،‬الصحيح‪ :‬النظر إلى اللفظ‬
‫العرفي عند الناس ألن الغالب هو التعامل بحسب العرف في أبواب األيمان والنذر والوقف والوصايا والطالق والعتق إال من كان عالما‬
‫باللغة العربية فيعامل بحسب ما يدل عليه المعنى اللغوي‪ ،‬الصحيح‪ :‬أنه ال يعمل إال باللفظ إال إذا كانت القرائن تدل على العمل بالنية ‪.‬‬

‫اليمني على نية املستحلف‬


‫(‪)2‬‬
‫األصل أن اليمين على نية المستحلف وال سيما في الدعاوي أمام القضاء اإلسالمي لحديث (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك)‬
‫وحديث (اليمين على نية المستحلف)(‪ )3‬اللهم إال إذا وجد شخص مظلوم يتعقبه ذو سلطان ظالم فأخفاه رجل لظلمه ثم حلف للظالم أو‬
‫ألعوان الظالم بأنه ليس لديه وقصد ليس لديه في موضعه الذي هو فيه أو نحو ذلك من التورية فالعبرة بقصد الحالف ألن قصده مشروع‬
‫وهو إنقاذ المظلوم من تعسف الظالم وتعذيبه والتنكيل به ألن عمل الحالف في إخفاء المظلوم ومساعدته على التخلص من ظلم الظالم‬
‫مشروع وواجب عليه نصرة للمظلوم لحديث (انصر أخاا ظالماً أو مّظلوماً)(‪.)4‬‬

‫‪11‬‬
‫ن‬‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب طالق المكره والناسي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1675‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ اللَهَ وَضَعَ عَ ْ‬
‫أُمَتِي الخطأ وَالنِسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬
‫انفرد به ابن ماجة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب يمين الحالف على نية المستحلف‪ .‬حديث رقم (‪ )4251‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَمِينُكَ‬
‫ك عَلَيْهِ صَاحِبُكَ)‪.‬‬‫عَلَى مَا يُصَدِقُ َ‬
‫أخرجه الترمذي في األحكام‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في النذور واأليمان‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬ما يصدقك‪ :‬مانواه وقصده‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب يمين الحالف على نية المستحلف‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4260‬بللفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫الْيَمِينُ عَلَى نِيَ ِة الْمُسْتَحْلِفِ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في األحكام ‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في النذور واأليمان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب المّظالم والغصب‪ :‬باب أعن أخاا ظالما أومّظلوم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2263‬بلفظ (عن عُبَيْدُ اللَهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ وَحُمَيْدٌ الطَوِيلُ سَمِعَ‬
‫ا ظَالِمًا أَوْ مَّظْلُومًا)‪.‬‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬انْصُ ْر أَخَا َ‬
‫ن مَالِكٍ رَضِ َ‬ ‫س بْ َ‬
‫أَنَ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الفتن‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإلكراه‪.‬‬
‫‪426‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬كفارة اليمني‬

‫كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة‬ ‫‪‬‬


‫مقدار اإلطعام‬ ‫‪‬‬
‫المجزئ من الكسوة‬ ‫‪‬‬
‫اشتراط التتابع في صيام األيام الثالثة الكفارة‬ ‫‪‬‬
‫اشتراط العدد في المساكين‬ ‫‪‬‬
‫اشتراط اإلسالم والحرية في المساكين‬ ‫‪‬‬
‫اشتراط اإليمان في الرقبة في كفارة األيمان‬ ‫‪‬‬
‫الكفارة ترفع الحنث‬ ‫‪‬‬
‫وجوب تعدد الكفارات بتعدد األيمان إذا كانت األيمان على أشياء مختلفة‬ ‫‪‬‬
‫كفارة واحدة إذا تعددت صفات اهلل في اليمين‬ ‫‪‬‬
‫جواز إخراج الكفارة للمساكين من األقارب‬ ‫‪‬‬

‫‪427‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬كفارة اليمين‬

‫كفارة اليمني إطعام عشرة مساكني أو كسوتهم أو حترير رقبة‬


‫كفارة اليمين هي ما تضمنته اآلية الكريمة إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم المكفر أهله أو من أوسط ما يطعمه المجتمع الذي‬
‫يعيش فيه المكفر‪ ،‬أو كسوة عشرة من المساكين من اللباس الذي يستر جسم المسكين مما يلبسه غالبية المجتمع‪ ،‬أو تحرير رقبة‪ ،‬هذه‬
‫الثالثة األنواع المكفر مخير فيها فهو مخير بين أن يكفر عن يمينه بإطعام المساكين أو بكسوتهم أو بتحرير رقبة إن وجد أرقاء‪ ،‬فمن لم‬
‫يجد من المال ما يطعم به عشرة مساكين أو يكسوهم ولم يجد رقبة يحررها من الرق فيكفر عن يمينه بصيام ثالثة أيام متتابعة ألن قراءة‬
‫خذُكُمُ اللّهُ بِاللَغْوِ فِي‬
‫عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه ذكرت التتابع في صيام الثالثة األيام في كفارة اليمين لقول اهلل تعالى {الَ ُيؤَا ِ‬
‫س َو ُتهُمْ َأوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن‬
‫خذُكُم بِمَا عَقَدتُمُ ا َأليْمَانَ فَكَفَا َرتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ِمنْ َأوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ َأوْ كِ ْ‬ ‫َأيْمَانِكُمْ وَلَـكِن ُيؤَا ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫الثَةِ َأيَامٍ ذَِلكَ كَفَا َرةُ أَيْمَانِكُمْ ِإذَا حَلَ ْفتُمْ وَاحْفَّظُواْ َأيْمَانَكُمْ َكذَِلكَ ُي َب ِينُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَكُمْ تَشْكُرُونَ} ‪.‬‬
‫صيَامُ َث َ‬
‫جدْ فَ ِ‬
‫لَمْ يَ ِ‬

‫مقدار اإلطعام‬
‫الصحيح‪ :‬أن المسكين يُطعَم وجبتين في اليوم غداء و عشاء أو غداء وصبوح أي وجبة الصباح أو يعطي ثمن وجبتين مما يباع في‬
‫المطاعم مما يأكله غالبية المجتمع الذي يعيش فيه المُكفِ ر‪ ،‬ألن الحبوب بحاجة إلى طحن وعجن وطبخ وإدام وال تعطي الحبوب المجردة‬
‫إال للدجاج أو الحيوانات ال لبني آدم‪ ،‬وإذا كان المكفر سيطعم المسكين أو المساكين في بيته أو في مطعم فيقدم لهم مع الخبز إداماً أي إدام‬
‫يسهل للمسكين بلع الطعام كالفول أو العدس أو الفاصوليا أو الحلبة أو اللحم أو الدجاج أو السمك أو أي نوع من أنواع الطعام من أوسط‬
‫طعام المكفر أو طعام المجتمع الذي يعيش فيه المكفر لقوله تعالى {فَكَفَا َرتُهُ إِطْعَامُ عَشَ َرةِ مَسَاكِينَ ِمنْ َأوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}(‪.)2‬‬

‫اجملزئ من الكسوة‬
‫الصحيح‪ :‬أن المسكين يعطى اللباس الشرعي وهو ما يستر الجسد مما يلبسه الغالبية من أفراد المجتمع الذي يعيش فيه المكفر‪ ،‬فإذا كان‬
‫المسكين ذكراً يعطي كسوة رجل من نوع اللباس الذي يلبسه غالبية أفراد المجتمع وإن كانت امرأة تعطي كسوة امرأة تغطي كل جسدها‬
‫من رأسها إلى قدميها من نوع اللباس الذي تلبسه الغالبية من النساء في المجتمع الذي يعيش فيه المكفر أو المكفرة لقوله تعالى {أَوْ‬
‫س َو ُتهُمْ }(‪ )3‬واللباس الشرعي هو الساتر لجسد اإلنسان وأن يكون مما يلبسه الغالبية من أفراد المجتمع سواء الرجال أو النساء ‪.‬‬
‫كِ ْ‬

‫اشرتاط التتابع يف صيام األيام الثالثة الكفارة‬


‫الصحيح‪ :‬هو العمل بقراءة عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه وهو أنه صيام ثالثة أيام متتابعات ألنه يجب العمل بقراءة اآلحاد حكمها‬
‫حكم األحاديث األحادية الصحيحة التي يجب العمل بها ومعظم األحاديث أحادية‪.‬‬

‫اشرتاط العدد يف املساكني‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجب على الحانث إطعام عشرة مساكين أو إعطاء قيمة الطعام لعشرة مساكين للنص على لفظ العشرة المساكين في قوله‬
‫تعالى {فَكَفَا َرتُهُ إِطْعَامُ عَشَ َرةِ مَسَاكِينَ ِمنْ َأوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}(‪)4‬إطعام عشرة أو إعطاؤهم قيمة الطعام أولى من إطعام فقير واحد‬
‫ألن سد حاجة عشرة فقراء أولى من سد حاجة فقير واحد ‪.‬‬

‫اشرتاط اإلسالم واحلرية يف املساكني‬


‫الصحيح‪ :‬أن الكفارة يقدم صرفها على المساكين من المسلمين األحرار ألن العبيد كفايتهم واجبة على مالكيهم ولكن إذا وجد عبيد يجوعهم‬
‫س يدهم أو وجد عبد يجوعه مالكه فيجوز للمكفر أن يطعم العبد أو العبيد‪ ،‬وكذا يجب أن يقدم المكفر المساكين من المسلمين على غيرهم‬
‫من غير المسلمين‪ ،‬مثل الكفارة مثل الزكاة الواجبة للمسلمين ‪.‬‬

‫اشرتاط اإلميان يف الرقبة يف كفارة األميان‬


‫الصحيح‪ :‬أنه يجزئ في كفارة اليمين تحرير أي رقبة ألنه لم يأت اشتراط اإليمان في الرقبة في اآلية القرآنية {َأوْ تَحْرِيرُ رَ َقبَةٍ}فأطلق اهلل‬
‫تعالى لفظ الرقبة ولم يقيدها بوصف اإليمان ولم يأت اشتراط وصف اإليمان في تحرير الرقبة في كفارة األيمان في حديث صحيح صريح‬
‫الداللة على اشتراط اإليمان في الرقبة المحررة في كفارة األيمان والواجب بقاء اللفظ على إطالقه‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن اسم الرقبة يطلق على‬
‫الصحيح والمريض وعلى من فيه عيوب وعلى من هو سليم‪ ،‬واألفضل أن تكون الرقبة التي تحرر في كفارة اليمين سليمة من العيوب فال‬
‫يكون أعرجاً وال أعوراً وال أصماً وال أعجماً وال مشلوالً وال غيرها من العيوب ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)51( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)51( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)51( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)51( :‬‬
‫‪428‬‬
‫الكفارة ترفع احلنث‬
‫عنْ‬
‫خيْرٌ وَ ْليُكَفِرْ َ‬
‫الصحيح‪ :‬جواز إخراج الكفارة قبل الحنث أو بعده لحديث ( َمنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا ِم ْنهَا فَ ْليَأْتِ اَلذِي ُهوَ َ‬
‫يَمِينِهِ)(‪ ،)1‬الحديث دليل على جواز إخراج الكفارة قبل الحنث أو بعده ألن الواو تفيد مطلق االشتراك وال تفيد ترتيبا بين الحنث والتكفير‬
‫ويجب إخراج الكفارة من بعد العزم على الحنث وإرادته‪ ،‬ألن الموجب للكفارة هو إرادة الحنث والعزم عليه‪ ،‬والكفارة رافعة إلثم الحنث ‪.‬‬

‫وجوب تعدد الكفارات بتعدد األميان إذا كانت األميان على أشياء خمتلفة‬
‫إذا كانت األيمان على أشياء مختلفة مثل أن يقول‪ :‬واهلل لن أقرأ فقرأ واهلل لن أدخل البيت فدخل البيت واهلل لن أكتب كذا فكتب فيكفر عن‬
‫كل يمين حلفه كفارة‪ ،‬وإذا كانت األيمان على شيء واحد مثل أن يقول‪ :‬واهلل ال أدخل البيت‪ ،‬فيقال له في اليوم الثاني أدخل البيت فيقول‪:‬‬
‫واهلل ال أدخل البيت وفي اليوم الثالث‪ ،‬يقال له‪ :‬أدخل البيت فيقول‪ :‬واهلل ال أدخل البيت‪ ،‬فهذا الحالف إن كان قد كفر بعد كل يمين فيكفر‬
‫عن كل يمين كفارة وإن لم يكن قد كفر فيكفر كفارة واحدة ألن األيمان المتعددة على شيء واحد عبارة عن يمين واحده فتعتبر اليمين‬
‫الثانية مؤكده لألولى والثالثة مؤكده للثانية وهكذا‪.‬‬

‫كفارة واحدة إذا تعددت صفات اهلل يف اليمني‬


‫الصحيح‪ :‬وجوب إخراج كفارة واحدة إذا حلف الحالف في يمين واحدة بأكثر من صفة من صفات اهلل تعالى ألنها يمين واحدة والمحلوف‬
‫عليه شيء واحد والصيغة واحدة ولو تعددت فيها أسماء اهلل عز وجل ‪.‬‬

‫جواز إخراج الكفارة للمساكني من األقارب‬


‫يجوز للحانث أن يخرج كفارة اليمين للمساكين من أقاربه ويكون له ثواب صلة األقارب ألن الكفارة للمساكين من أقاربه تكون صلة رحم‬
‫وكفارة يمين ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4241‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن يَمِينِهِ)‪.‬‬
‫ت الَذِي هُوَ خَيْ ٌر وَلْيُكَفِرْ عَ ْ‬
‫ف عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْ ِ‬
‫ن حَلَ َ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في األيمان والنذور‪ ،‬ومالك في األيمان والنذور‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬فليأت‪ :‬فليفعل‪.‬‬
‫‪429‬‬
‫كتاب‬

‫النــــــــــــــذر‬

‫‪431‬‬
‫الكتاب التاسع‪ :‬كتـــــــــــــــــاب النــــــذر‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬النذر ومشروعيته‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬ما يّلزم من النذور وما ال يّلزم‬

‫‪431‬‬
‫الباب األول‪ :‬النذر ومشروعيته‬
‫تعريف النذر‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية النذر‬ ‫‪‬‬
‫أنواع النذور‬ ‫‪‬‬
‫مثال النذر المشروط‬ ‫‪‬‬
‫النذر من جهة األشياء المنذورة‬ ‫‪‬‬

‫‪432‬‬
‫الباب األول‪ :‬النذر ومشروعيته‬
‫تعريف النذر‬
‫النذر (لغة)‪ :‬إيجاب شيء على النفس لم يكن واجباً‪.‬‬

‫النذر (شرعاً)‪ :‬النذر إلزام الشخص نفسه بفعل لم يوجبه الشرع عليه ‪.‬‬

‫مشروعية النذر‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن السنة حديث (من نذر‬ ‫ستَطِيراً}‬
‫النذر مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {يُوفُونَ بِالنَذْرِ َويَخَافُونَ َيوْماً كَانَ شَ ُرهُ مُ ْ‬
‫أن يطع اهلل فليطعه)(‪.)2‬‬

‫أنواع النذور‬

‫النذور نتقسم قسمين‪ :‬قسم من جهة اللفظ وقسم من جهة األشياء التي تنذر‪.‬‬

‫النذر من جهة اللفظ نوعان ‪:‬‬

‫األول‪ :‬النذر المطلق وهو المخرج مخرج الخبر وهذا النذر هو النذر الذي هو قربة محضة هلل عز وجل كأن ينذر بالحج إلى بيت اهلل‬
‫الحرام أو ينذر بالتصدق بمبلغ من المال يوزع على الفقراء والمساكين أو لجمعية من الجمعيات الخيرية أو ألي جهة أو مؤسسة من‬
‫المؤسسات القائمة على فعل الخير‪ ،‬أو ينذر بصيام يوم أو أيام للتقرب بها إلى اهلل وهذا النذر هو النذر المستحب الذي هو طاعة هلل عز‬
‫وجل وهو مراد قول اهلل عز وجل {يُوفُونَ بِال َنذْرِ}الذي هو قربة هلل تعالى‪ ،‬وهو المراد في حديث ( َمنْ َنذَرَ َأنْ يُطِيعَ الّلَهَ فَ ّْليُطِعْهُ)(‪ )3‬ألن‬
‫قصد الناذر فيه التقرب إلى اهلل تعالى‪.‬‬

‫الثــــــاني‪ :‬النذر المقيد وهو المخرج مخرج الشرط‪ ،‬النذر المشروط ليس طاعة هلل عز وجل وليس هو قربة هلل عز وجل وليس هو‬
‫ستَخْرَجُ بِهِ ِمنْ الْبَخِيّلِ)(‪،)4‬‬ ‫ش ْيئًا‪ ،‬وَِإنَمَا ُي ْ‬
‫عنْ ال َنذْرِ‪ ،‬وَقَالَ‪ِ :‬إنَهُ لَا يَرُدُ َ‬ ‫مستحب بل هو منهي عنه لحديث ( َنهَى ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫النذر المشروط هو المراد بحديث (لَا يَ ْأتِي ا ْبنَ آدَمَ ال َنذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَ ُكنْ قُدِرَ لَهُ‪ ،‬وَلَ ِكنْ يُّلْقِيهِ النَذْرُ إِلَى الْ َقدَرِ َقدْ ُقدِرَ لَهُ‪َ ،‬فيَ ْ‬
‫ستَخْرِجُ الّلَهُ بِهِ‬
‫ِمنْ ا ْلبَخِيّلِ‪َ ،‬ف ُي ْؤتِي عََّليْهِ مَا لَمْ يَ ُكنْ ُي ْؤتِي عََّليْهِ ِمنْ َق ْبّلُ)(‪ ،)5‬النهي يفيد التحريم لكون الناذر يشترط على اهلل أن يفعل له كذا لكي يفعل كذا‬
‫والحديث يدل على أن النذر ال يغير شيئا مما قدره اهلل على العبد في األزل من األقدار التي فيها ابتالء من اهلل عز وجل للعبد بالمرض أو‬
‫الفقر أو غيرها من األقدار التي ال يريدها العبد‪ ،‬وإنما يستخرج اهلل به من مال البخيل ألنه ينذر بمبلغ من المال للفقراء والمساكين أو ألي‬
‫مصرف من المصارف التي الصرف فيها قربة هلل عز وجل ال لقصد التقرب إلى اهلل عز وجل وإنما بشرطه على اهلل عز وجل أن يحقق‬
‫اهلل عز وجل له طلبا يطلبه من اهلل في شفاء مريض أو عودة غائب أو إطالق سجين أو كسب مال أو حصول على وظيفة أو يدفع عنه‬
‫أذى مؤذ أو نحوها من األغراض والمقاصد الدنيوية‪ ،‬النذر المطلق إذا لم يصرح فيه الناذر بالعبادة المنذورة فيصدق عليه أقل العبادة مثال‬
‫صالة ركعتين أل نها أقل عبادة الصالة أو صيام يوم ألنه أقل عبادة الصيام أو التصدق بقليل من المال أو غيرها من األعمال العبادية ‪.‬‬

‫مثال النذر املشروط‬


‫ي نذر كذا وكذا‪ ،‬وربما علقه الناذر‬
‫النذر المشروط‪ :‬ربما علقه الناذر بفعل من أفعال اهلل تعالى مثل أن يقول‪ :‬إن شفى اهلل مريضي فعل َ‬
‫بفعل نفسه مثل أن يقول‪ :‬إن فعلت كذا فعليَ نذر كذا ‪.‬‬

‫هذه أنواع النذر من جهة الصيغ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬اإلنسان‪)7( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النذر‪ :‬باب النذر في الطاعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 6616‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ نَذَرَ أَنْ‬
‫ن يَعْصِيَ ُه فَلَا يَعْصِهِ)‪.‬‬ ‫ن نَذَ َر أَ ْ‬
‫يُطِي َع اللَ َه فَلْيُطِعْهُ‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في النذور واأليما ن‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫ومالك في النذور واأليمان‪ ،‬والدارمي في النذور واأليمان‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)6616‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النذر‪ :‬باب النذر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 6613‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَهَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ النَذْرِ‪ ،‬وَقَالَ‪:‬‬
‫ج بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ)‪.‬‬ ‫إِنَ ُه لَا يَرُ ُد شَيْئًا‪ ،‬وَإِنَمَا يُسْتَخْرَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في النذر‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في النذور‬
‫واأليمان‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النذر‪ :‬باب الوفاء بالنذر وقوله يوفون بالنذر‪ .‬حديث رقم (‪ )6614‬بلفظ (عَنْ أَبِ ي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَأْتِي‬
‫ن قَبْلُ)‪.‬‬ ‫ن يُؤْتِي عَلَيْ ِه مِ ْ‬
‫ن الْبَخِيلِ‪ ،‬فَيُؤْتِي عَلَيْ ِه مَا لَ ْم يَكُ ْ‬
‫ج اللَ ُه بِ ِه مِ ْ‬
‫ن يُلْقِي ِه النَذْ ُر إِلَى الْقَدَرِ قَدْ قُدِرَ لَهُ‪ ،‬فَيَسْتَخْرِ ُ‬
‫ن قُدِرَ لَهُ‪ ،‬وَلَكِ ْ‬‫ابْنَ آدَ َم النَذْ ُر بِشَيْ ٍء لَ ْم يَكُ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في النذور واأليمان‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪433‬‬
‫النذر من جهة األشياء املنذورة‬
‫النذر من جهة األشياء المنذورة ينقسم إلى أربعة أقسام ‪:‬‬

‫األول‪ :‬نذر من جنس القرب كالنذر بصالة أو صوم أو صدقة أو حج أو تالوة قرآن أو ذكر أو نحوها‪ ،‬هذا النوع من النذر يجب الوفاء به‬
‫صيَهُ فَّلَا يَ ْعصِهِ)(‪ )1‬األمر يقتضي الوجوب ‪.‬‬
‫لحديث ( َمنْ َنذَرَ َأنْ يُطِيعَ الّلَهَ فَّلْيُطِعْهُ‪ ،‬وَ َمنْ َنذَرَ َأنْ يَ ْع ِ‬

‫الثاني‪ :‬نذر من جنس المعاصي كالنذر بالذبح لقبر من القبور أو النذر بإعطاء ما ل لقبر من القبور والنذر بصيام يوم العيدين أو أيام‬
‫التشريق أو النذر بقتل فالن من الناس أو بشرب خمر أو زنا ونحوه من المعاصي‪ ،‬هذا النذر ال يجب الوفاء به ألن الوفاء به معصية هلل‬
‫صيَهُ فَّلَا يَ ْعصِهِ) الوفاء بهذا النوع من النذر معصية هلل عز وجل يستوجب عقاب اهلل‬ ‫عز وجل والمعاصي محرمة لحديث (وَ َمنْ َنذَرَ َأنْ يَ ْع ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫عذَابٌ ُمهِينٌ} ‪.‬‬
‫حدُو َدهُ ُيدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ َ‬
‫عز وجل لفاعله في نار جهنم قال تعالى {وَمَن يَ ْعصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ َو َيتَ َعدَ ُ‬

‫الثالث‪ :‬نذر من جنس المكروهات مثل النذر بصيام الدهر أو صيام يوم الجمعة أو صيام يوم السبت منفردين وهذا النوع من النذر ال يجب‬
‫الوفاء به وهو يلحق بنذر المعصية ألنه من النذر المنهي عنه في حديث (من نذر أن يعصيه فال يعصية)‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬نذر من جنس المباحات مثل أن ينذر شخص بالبقاء في الشمس لمدة من الزمن أو أن يسافر إلى مكان كذا في يوم كذا أو أن‬
‫يشتري سلعة ما أو أن يبيع شيئا ما مما يملكه أو أن يتزوج فالنة من الناس أو نحوها‪ ،‬هذا النذر ما كان القصد منه الطاعة فيجب الوفاء‬
‫به لكون القصد منه طاعة اهلل عز وجل‪ ،‬وما لم يكن القصد منه عبادة اهلل عز وجل فال يجب الوفاء به ألن النذر الذي يجب الوفاء به هو‬
‫ما كان طاعة هلل عز وجل أو كان القصد منه طاعة اهلل عز وجل وأما النذر باألفعال التي األصل فيها اإلباحة فال يجب الوفاء به لحديث‬
‫ظّلَ وَلَا َيتَكَّلَمَ‬ ‫عنْهُ‪ ،‬فَقَالُوا‪َ :‬أبُو إِسْرَائِيّلَ‪َ ،‬نذَرَ َأنْ يَقُومَ وَلَا يَقْ ُعدَ وَلَا يَ ْ‬
‫ستَ ِ‬ ‫جّلٍ قَائِمٍ‪ ،‬فَسَأَلَ َ‬ ‫( َب ْينَا ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ يَخْطُبُ ِإذَا ُهوَ بِرَ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫صوْمَهُ) الحديث دليل على عدم إلزام النبي صلى اهلل‬ ‫َو َيصُومَ‪ ،‬فَقَالَ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬مُ ْرهُ فَ ّْل َيتَكَّلَمْ وَ ْليَسْتَ ِ‬
‫ظّلَ وَ ْليَقْ ُعدْ َو ْليُتِمَ َ‬
‫عليه وسلم ألبي اسرائيل بوفاء نذره بالقيام والقيام مباح وبعدم االستظالل‪ ،‬واالستظالل مباح وبعدم الوفاء بنذره بعدم الكالم وهو مباح له‬
‫الكالم وعدم الكالم وأمره الرسول صلى اهلل عليه وسلم بإتمام الصيام ألن الصيام طاعة هلل عز وجل وعبادة وقربة هلل عز وجل‪ ،‬وإن كان‬
‫القيام وعدم االستظالل وعدم الكالم فيها إتعاب للنفس بقصد التقرب إلى اهلل عز وجل فليس هذه األفعال من العبادة هلل عز وجل في شيء‬
‫ألن من شرط العبادة أن تكون موافقة لما شرعه اهلل في كتابه أو في سنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ولعدم مشروعيتها أمر الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم أبا اسرائيل بعدم الوفاء بها‪ ،‬وإتعاب النفس بقصد التعبد ليس من شريعة النبي صلى اهلل عليه وسلم وإنما هو من تقليد‬
‫حدَثَ فِي أَمْ ِرنَا َهذَا مَا َليْسَ فِيهِ َف ُهوَ َردٌ)(‪. )4‬‬ ‫األمم السابقة‪ ،‬وفي الحديث الصحيح ( َمنْ أَ ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)6616‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)14( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النذر‪ :‬باب النذرفيما ال يملك وفي معصية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 6704‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَيْنَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَخْطُبُ إِذَا‬
‫هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ‪ ،‬فَسَأَ لَ عَنْهُ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬أَبُو إِسْرَائِيلَ‪ ،‬نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَّظِلَ وَلَا يَتَكَلَمَ وَيَصُومَ‪ ،‬فَ قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مُرْهُ فَلْيَتَكَلَمْ وَلْيَسْتَّظِلَ‬
‫وَلْيَقْعُ ْد وَلْيُتِ َم صَوْمَهُ)‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬ومالك في النذور واأليمان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصلح‪ :‬باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2617‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ رَسُولُ‬
‫س فِيهِ فَهُ َو رَدٌ)‪.‬‬‫ث فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْ َ‬‫ن أَحْدَ َ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األقضية‪ ،‬وأبو داود في السنة‪ ،‬وابن ماجة في المقدمة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪434‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬ما يلزم من النذور وما ال يلزم‬

‫اللفظ والنية شرطان لصحة النذر المطلق‬ ‫‪‬‬


‫نذر المعصية‬ ‫‪‬‬
‫من حرم على نفسه شيئًا من المباحات‬ ‫‪‬‬
‫الواجب في النذر المطلق المبهم‬ ‫‪‬‬
‫النذر بالمشي إلى بيت اهلل الحرام‬ ‫‪‬‬
‫من نذر أن يذبح ابنه في مقام إبراهيم‬ ‫‪‬‬
‫من نذر أن يجعل ماله كله في سبيل اهلل‬ ‫‪‬‬
‫تتزاحم النذور والوصايا في الثلث‬ ‫‪‬‬
‫ال ينعقد نذر من نذر أن يحج سبع حجج ما شياً‬ ‫‪‬‬
‫وجوب تنفيذ النذر على الفور‬ ‫‪‬‬
‫حرمة النذر على القبور‬ ‫‪‬‬
‫مصرف النذر على القبور مصالح اإلسالم والمسلمين‬ ‫‪‬‬
‫حرمة النذر بالذبح لصرف الجن‬ ‫‪‬‬
‫حرمة العدول عن الشيء المنذور به إلى شيء آخر إال للضرورة‬ ‫‪‬‬

‫‪435‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬ما يلزم من النذور وما ال يلزم‬

‫اللفظ والنية شرطان لصحة النذر املطلق‬

‫ال يلزم النذر المطلق وال يجب الوفاء به إال إذا اجتمع فيه اللفظ والنية وهما شرطان لصحة النذر المطلق والمراد باللفظ الصريح أو التلفظ‬
‫بالمنذور كأن يقول‪ :‬هلل علي أن أصوم يوم كذا‪ ،‬أو أن تصدق بمبلغ كذا أو أن أصلي كذا ركعة أو أن أتلو كذا من القرآن ونحوه‪ ،‬وال يجب‬
‫النذر بالنية بدون تلفظ بالنذر وال بلفظ النذر بدون نية ألن النذر المطلق عبادة هلل تعالى وكل عبادة يشترط لصحتها النية لحديث (إنما‬
‫األعمال بالنيات‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى)(‪ )1‬فال يكفي لصحة النذر المطلق اللفظ وحده وال النية وحدها وال بد لصحة النذر المطلق من‬
‫النية واللفظ معاً‪.‬‬

‫نذر املعصية‬
‫(‪)2‬‬
‫صهِ) الحديث دليل صحيح‬ ‫الصحيح‪ :‬أن من نذر بمعصية ال ينعقد نذره وال يجب عليه كفارة يمين لحديث (وَ َمنْ َنذَرَ َأنْ يَ ْع ِ‬
‫صيَهُ فَّلَا يَ ْع ِ‬
‫صريح في عد م وجوب الوفاء بنذر المعصية‪ ،‬وأن نذر المعصية ال ينعقد وال يجب على الناذر كفارة يمين وأما حديث عمران بن حصين‬
‫بلفظ (ال نذر في معصية وال غضب وكفارته كفارة يمين) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن النسائي برقم (‪ )1856‬وكذا حديث ابن‬
‫عباس رضي اهلل عنهما بلفظ (من نذر نذ را لم يسمه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا ال‬
‫يطيقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا أطاقه فليف به) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪. )1122‬‬
‫ً‬
‫من حرم على نفسه شيئا من املباحات‬
‫الصحيح‪ :‬أن لفظ التحريم ليس من باب النذور وإنما من باب األيمان وأن التحريم والتحليل من خصائص اهلل تعالى ورسوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم وليس من خصائص اإلنسان‪ ،‬واإلنسان الذي يحرم على نفسه شيئا فتحريمه وجوده وعدمه على السواء لتعديه على حق اهلل‬
‫عز وجل في التحريم وألن التحريم ليس من خصائص اإلنسا ن وليس من حقه‪ ،‬وقد عاتب اهلل رسوله محمدا صلى اهلل عليه وسلم حينما‬
‫حرم على نفسه شرب العسل عند أم المؤمنين (زينب بنت حجش) والعسل حالل مباح أباحه اهلل عز وجل لعباده لحديث (سَمِعْتُ عَائِشَةَ‬
‫صيْتُ َأنَا وَحَ ْفصَةُ َأنَ َأ َي َتنَا‬
‫عنْدَهَا عَسَلًا َف َتوَا َ‬
‫ع ْندَ َز ْينَبَ ِبنْتِ جَحْشٍ َويَشْرَبُ ِ‬ ‫ع ْنهَا‪ ،‬أَنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ كَانَ يَمْكُثُ ِ‬ ‫َرضِيَ اللَهُ َ‬
‫حدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَِلكَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬بَلْ‬ ‫خلَ عَلَى إِ ْ‬
‫جدُ ِم ْنكَ رِيحَ مَغَافِيرَ‪ ،‬أَكَلْتَ مَغَافِيرَ َفدَ َ‬ ‫خلَ عََليْهَا ال َنبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَ ْلتَ ُقلْ ِإنِي أَ ِ‬
‫دَ َ‬
‫حلَ اللَهُ لَكَ إِلَى ِإنْ َتتُوبَا إِلَى اللَهِ لِعَائِشَةَ وَحَ ْفصَةَ‬ ‫ع ْندَ َز ْينَبَ ِبنْتِ جَحْشٍ‪ ،‬وََلنْ َأعُودَ لَه‪ ،‬فنَزَلَتْ يَا َأيُهَا ال َنبِيُ لِمَ تُحَرِمُ مَا أَ َ‬ ‫شَ ِربْتُ عَسَلًا ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫وَِإذْ أَسَرَ ال َنبِيُ إِلَى بَعْضِ أَ ْزوَاجِهِ لِ َقوْلِهِ‪َ :‬بلْ شَ ِربْتُ عَسَلًا) ولفظ (المغافير) معناه شجيرة كريهة الرائحة وكان النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ال يأكل شيئا فيه رائحة كريهة ألنه كان ينزل عليه الوحي ويناجي جبريل ويتلقى منه الوحي ‪.‬‬

‫الواجب يف النذر املطلق املبهم‬


‫الصحيح‪ :‬أن النذر المبهم الذي لم يسم الناذر الشيء المنذور كأن يقول‪ :‬هلل علي نذر ولم يعين الشيء المنذور به ال من صالة وال صدقة‬
‫وال صيام وال حج وال تالوة وال ذكر وال تعلم وال تعليم وال أمر بمعروف وال نهي عن منكر وال غيره من العبادات التي يصح النذر بها‬
‫يجب على الناذر النذر المبهم كفارة مثل كفارة اليمين لحديث (كَفَا َرةُ ال َنذْرِ كَفَا َرةُ ا ْليَمِينِ)(‪ )4‬هذا الحديث يحمل على النذر المطلق المبهم‬
‫الذي لم يسم الناذر المنذور به فمن نذر نذرا لم يسمه فيجب عليه كفارة يمين وال يلزمه النذر بشيء ألنه لم يسم نذراً يجب عليه الوفاء به‪،‬‬
‫وأما القول بأنه يجب على الناذر نذرا لم يسمه كفارة مثل كفارة الظهار فقول ضعيف ألنه لم يذكر لفظ الظهار ولم يذكر الزوجة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا‬
‫الليثي يقول سمعت عمر بن الخطأب ‪ ‬على المنبر قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعمال بالنيات‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى‬
‫دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬والطالق‪ ،‬واأليمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد‬
‫في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال‪ ،‬والمراد‪ :‬تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)6616‬‬
‫‪3‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب تفسير القرآن‪ :‬باب ياآيها النبي لم تحرم ما أحل اهلل لك‪ .‬حديث رقم (‪ )6611‬بلفظ (عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْ َ‬
‫عُمَيْرٍ يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَ أَيَتَ َنا‬
‫ت‬
‫دَخَلَ عَلَيْهَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَلْتَقُلْ إِنِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ أَكَلْتَ مَغَا فِير‪ ،‬فدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ‪ :‬لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ‪ :‬لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْ ِ‬
‫ض أَزْوَاجِ ِه لِقَوْلِهِ‪ :‬بَ ْل شَرِبْتُ عَسَلًا)‪.‬‬‫ي إِلَى بَعْ ِ‬‫ن تَتُوبَا إِلَى اللَهِ لِعَا ئِشَةَ وَحَفْصَةَ‪ ،‬وَإِ ْذ أَسَ َر النَبِ ُ‬
‫ك إِلَى إِ ْ‬
‫ي لِ َم تُحَرِمُ مَا أَحَ َل اللَهُ لَ َ‬
‫ت يَا أَيُهَا النَبِ ُ‬
‫ن أَ عُودَ لَهُ فَنَزَلَ ْ‬
‫جَحْشٍ وَلَ ْ‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النذر‪ :‬باب في كفارة النذر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4221‬بلفظ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَفَارَةُ النَذْرِ كَفَا َرةُ‬
‫الْيَمِينِ)‬
‫أخرجه الترمذي في النذور واأليمان‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبوداود في األيمان والنذور‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬النذر‪ :‬الزام النفس بعمل مشروطا بتحقق المراد‪.‬‬
‫‪436‬‬
‫النذر باملشي إىل بيت اهلل احلرام‬
‫الصحيح‪ :‬أن من نذر بالمشي إلى بيت اهلل الحرام على أرجله وكانت المسافة بعيدة يشق عليه المشي فيها فليركب وسيلة من وسائل‬
‫ستَ ْفتِيَ َلهَا ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عَّلَيْهِ وَسَّلَمَ‬
‫ختِي َأنْ تَمْشِيَ إِلَى َبيْتِ الّلَهِ وَأَمَ َر ْتنِي َأنْ أَ ْ‬ ‫المواصالت المختلفة وال شيء عليه لحديث ( َنذَرَتْ أُ ْ‬
‫)(‪)1‬‬
‫ستَفْ َت ْيتُهُ‪ ،‬فَقَالَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ِ :‬لتَمْشِ وَ ْلتَرْكَبْ الحديث دليل صحيح على أن من نذر بالمشي إلى المسجد الحرام لحج أو عمرة‬ ‫فَا ْ‬
‫أو للصالة أو لطلب العلم وكان في النذر ضرر ومشقة فإنه يجوز له أن يركب وال كفارة عليه وال إثم عليه ألن الدين يسر والشريعة‬
‫سمحة واهلل يريد بعباده اليسر وال يريد بهم العسر‪ ،‬أما إذا نذر شخص بالمشي إلى الكعبة المسجد الحرام وكانت المسافة قريبة ويستطيع‬
‫شدُ الرِحَالُ إِلَا‬ ‫المشي وال ضرر عليه من المشي فيجب عليه الوفاء بنذره ألن المشي إلى المسجد الحرام طاعة هلل عز وجل لحديث (لَا تُ َ‬
‫جدِ الْأَقْصَى)(‪)2‬ولحديث ( َمنْ َنذَرَ َأنْ يُطِيعَ الّلَهَ فَ ّْليُطِعْهُ) ‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫جدِ الرَسُولِ صَّلَى الّلَهُ عَّلَيْهِ وَسَّلَمَ‪َ ،‬ومَسْ ِ‬‫جدِ الْحَرَامِ‪ ،‬وَمَسْ ِ‬
‫جدَ‪ ،‬الْمَسْ ِ‬‫إِلَى ثَّلَاثَةِ مَسَا ِ‬
‫أما من نذر بالمشي إلى أي مكان غير المساجد الثالثة فال يسمى نذراً وال يجب عليه الوفاء به وليس على الناذر شيء لحديث (َأنَ ال َنبِيَ‬
‫عنْ تَعْذِيبِ َهذَا نَفْسَهُ لَ َغنِيٌ‪ ،‬وَأَمَ َرهُ‬
‫صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ رَأَى شَيْخًا ُيهَادَى َب ْينَ ا ْب َنيْهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا‪َ :‬نذَرَ َأنْ يَمْشِيَ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬إنَ الّلَهَ َ‬
‫َأنْ يَرْكَبَ)(‪.)4‬‬

‫من نذر أن يذبح ابنه يف مقام إبراهيم‬


‫الصحيح‪ :‬أن من نذر أن يذبح ابنه في مقام ابراهيم أو في غيره من األماكن ال يجب عليه الوفاء بهذا النذر وال كفارة عليه وال إثم عليه‬
‫ألنه نذر في معصية‪ ،‬والنذر في معصية ال ينعقد وال يجب الوفاء به لحديث (من نذر أن يعصيه فال يعصيه)(‪ )5‬وقصة ذبح نبي اهلل‬
‫ابراهيم ولده اسماعيل عليهما السالم هي خاصة بنبي اهلل ابراهيم وليست عامة لألمة ال في زمن نبي اهلل ابراهيم عليه السالم وال ألمة‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وال نذر فيما ال يملك الناذر واالبن ليس مملوكا ألبيه لحديث (ال وفاء لنذر في معصية اهلل وال فيما ال يملك‬
‫ابن آدم)(‪.)6‬‬

‫من نذر أن جيعل ماله كله يف سبيل اهلل‬


‫الصحيح‪ :‬أن من نذر بماله كله في سبيل اهلل أو في سبيل من سبل البر يجزؤه إخراج الثلث من ماله لحديث عن كعب بن مالك انه قال‬
‫صبْتُ فِيهَا ال َذنْبَ‪ ،‬وََأنْ َأنْخَّلِعَ ِمنْ مَالِي كُّلِهِ‬ ‫جرَ دَارَ َقوْمِي اَلتِي َأ َ‬ ‫للنبي صلى اهلل عليه وسلم أو أبو لبابه أو من شاء اهلل (ِإنَ ِمنْ َت ْو َبتِي َأنْ أَهْ ُ‬
‫عنْكَ الثُّلُثُ)(‪ )7‬ولحديث كعب بن مالك بلفظ (يَا رَسُولَ الّلَهِ ِإنَ ِمنْ َتوْ َبتِي إِلَى الّلَهِ َأنْ أَخْرُجَ ِمنْ مَالِي كُّلِهِ إِلَى الّلَهِ وَإِلَى‬ ‫صدَقَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬يُجْزِئُ َ‬
‫َ‬

‫‪1‬‬
‫ت اللَهِ وَأَمَرَتْنِي‬‫ي إِلَى بَيْ ِ‬ ‫ن تَمْشِ َ‬ ‫ت أُخْتِي أَ ْ‬ ‫ن عَامِرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَذَرَ ْ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من نذر المشي إلى الكعبة‪ .‬حديث رقم (‪ )1566‬بلفظ (عَنْ عُقْبَ َة بْ ِ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم فَاسْتَفْتَيْتُهُ‪ ،‬فَقَا َل صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ)‪.‬‬‫ي لَهَا النَبِ َ‬
‫ن أَسْتَفْتِ َ‬
‫أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في النذر‪ ،‬والترمذي في النذورواأليمان‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬و أبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وابن ماجة في الكفارات‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫الشاميين‪ ،‬والدارمي في النذور واأليمان‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬باب فضل الصالة في مسجد مكة والمدينة‪ .‬حديث رقم (‪ )1151‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تُشَ ُد الرِحَا ُل إِلَا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ‪ ،‬الْمَسْجِ ِد الْحَرَامِ‪ ،‬وَمَسْجِ ِد الرَسُو ِل صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬وَمَسْجِ ِد الْأَقْصَى)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬والنسائي في الموا قيت‪ ،‬وابن ماجة في إقامة الصالة والسنة فيها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫الصوم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)6616‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من نذر المشي إلى الكعبة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1567‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ رَأَى شَيْخًا‬
‫ن يَرْكَبَ)‪.‬‬
‫ن تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌ‪ ،‬وَأَمَرَ ُه أَ ْ‬
‫ن اللَهَ عَ ْ‬ ‫ن يَمْشِيَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِ َ‬ ‫ن ابْنَيْهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا‪ :‬نَذَ َر أَ ْ‬‫يُهَادَى بَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في النذر‪ ،‬والترمذي في النذورواأليمان‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأبو داود في األيمان والنذور‪ ،‬وأحمد في باقي مسند االمكثرين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)6616‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب في النذر فيما ال يملك حديث رقم (‪ ) 3316‬بلفظ (عن عمران بن حصين‪ ،‬قال‪ :‬كانت العضباء لرجل من بني عقيل‪،‬‬
‫وكانت من سوابق الحاج‪ ،‬قال‪ :‬فأسر‪ ،‬فأتي النبي صلى اهلل عليه وسلم وهو في وثاق‪ ،‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم على حمار عليه قطيفة‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد! عالم‬
‫تأخذني وتأخذ سابقة الحاج؟! قال‪ :‬نأخذا بجريرة حلفائك ثقيف‪ ،‬قال‪:‬وكان ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬وقد قال فيما قال‪:‬‬
‫وأنا مسلم‪ ،‬أو قال‪ :‬وقد أسلمت‪ ،‬فلما مضى النبي صلى اهلل عليه وسلم ناداه‪ :‬يا محمد يامح مد قال‪ :‬وكان النبي صلى اهلل عليه وسلم رحيماً رفيقا فرجع إليه فقال‪:‬‬
‫ما شأنك؟ قال‪ :‬إني مسلم قال‪ :‬لو قلتها وأنت تملك أمرا أفلحت كل الفالح‪ ،‬قال‪ :‬يا محمد إني جائع فأطعمني‪ ،‬إني ظمآن فاسقني قال‪ :‬فقال النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ :‬قال‪ :‬هذه حاجتك أو قال‪ :‬هذه حاجته‪ :‬ففو دي الرجل بعد بالرجلين قال‪ :‬وحبس رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العضباء لرحله‪ ،‬قال‪ :‬فأغار المشركون على‬
‫سرح المدينة فذهبوا بالعضباء قال‪ :‬فلما ذهبوا بها وأسروا امرأة من المسلمين قال‪ :‬فكانوا إذا كان الليل يريحون إبلهم في أفنيتهم فنوموا ليلة وقامت المرأة‬
‫فجعلت ال تضع يدها على بعير إال رغا حتى أتت العضباء‪ ،‬قال‪ :‬فأتت على ناقة ذلول مجرسة قال‪ :‬فركبتها ثم جعلت هلل عليها إن نجاها اهلل لتنحرنها‪ ،‬قال‪ :‬فلما‬
‫قدمت المدينة عرفت الناقة ـ ناقة النبي صلى اهلل عليه وسلم ـ فأخبر النبي بذلك فأرسل إليها فجيئ بها وأخبر بنذرها فقال‪ :‬بئس ما جزيتيها أو جزتها إن اهلل‬
‫أنجاها عليها لتنحرنها ال وفاء لنذر في معصية اهلل وال فيما ال يملك ابن آدم) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬ ‫ن أَبِي ِه أَنَهُ قَا َل لِلنَبِ ِ‬
‫ن مَالِكٍ عَ ْ‬‫ب بْ ِ‬
‫ن ابْنِ كَعْ ِ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األيمان والنذور‪ :‬باب فيمن نذر أن يتصدق بماله‪ .‬حديث رقم (‪ )3311‬بلفظ (عَ ْ‬
‫وَسَلَمَ أَوْ أَبُو لُبَابَةَ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَهُ‪ ،‬إِنَ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَنْبَ‪ ،‬وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِهِ صَدَقَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬يُجْزِئُ عَنْكَ الثُلُثُ) صححه‬
‫األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في الوصايا‪ ،‬ومسلم في التوبة‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد‪.‬‬
‫‪437‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وأما بقية األقوال فليس‬ ‫خ ْيبَرَ)‬ ‫ت‪ :‬فَِإنِي سَأُمْ ِ‬
‫سكُ سَهْمِي ِمنْ َ‬ ‫صدَقَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قُّلْتُ‪َ :‬ف ِنصْفُهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قُّلْتُ‪َ :‬فثُُّلثُهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قُّلْ ُ‬
‫رَسُولِهِ َ‬
‫عليها أدلة ‪.‬‬

‫تتزاحم النذور والوصايا يف الثلث‬


‫إذا كان اإلنسان قد نذر بثلث أمواله و أوصى بثلث أمواله فإذا كان الناذر قد انسلخ من الثلث المنذور في حياته فعند موته يخرج الثلث‬
‫الموصى بعد موته من رأس تركته بعد موته‪ ،‬وإن كان لم يخرج النذر في حياته وكان قد أوصى بثلث أمواله فيتزاحم النذر مع الوصية‬
‫في الثلث من أمواله بعد موته ‪.‬‬
‫ً‬
‫ال ينعقد نذر من نذر أن حيج سبع حجج ما شيا‬
‫ال ينعقد نذر من نذر أن يحج سبعة مواسم حافي القدمين ألنه ال يستطيع الوفاء بنذره إذا كان في منطقة بعيدة عن أرض الحرم الشريف‬
‫فإذا تيقن أو غلب على ظنه عدم قدرته على الوفاء بنذره فيكفر كفارة يمين ألن اهلل تعالى ال يكلف نفسا إال بالوسع قال تعالى {الَ يُكَلِفُ اللّهُ‬
‫سبَتْ}(‪ )2‬والشيء راجع إلى ذمة الناذر وهو الذي سيسال عنه يوم القيامة يوم ال ينفع ما ل‬ ‫سبَتْ َوعََل ْيهَا مَا ا ْكتَ َ‬
‫نَفْساً إِالَ وُسْ َعهَا َلهَا مَا كَ َ‬
‫وال بنون إال من أتى اهلل بقلب سليم ‪.‬‬

‫وجوب تنفيذ النذر على الفور‬


‫(‪)3‬‬
‫يجب على الناذر نذر طاعة تنفيذ نذره على الفور مهما كان مستطيعا لقوله تعالى {وَسَا ِرعُواْ إِلَى مَغْفِ َرةٍ مِن َربِكُمْ} ولقوله تعالى {ِإ َنهُمْ‬
‫خيْرَاتِ}(‪ )4‬والنذر المطلق الذي هو قربة إلى اهلل عز وجل هو داخل في عموم الخيرات‪ ،‬والمسارعة إلى فعل‬ ‫كَانُوا يُسَا ِرعُونَ فِي الْ َ‬
‫الخيرات مشروعة في الكتاب والسنة ‪.‬‬

‫حرمة النذر على القبور‬


‫النذر للقبور ال يجوز كالنذر لقبر على بن أبي طالب رضي اهلل عنه في النجف أو لقبر البدوي أو المهدي أو الهادي أو ابن علوان أو‬
‫الجيالني أو لغيرهم من األموات ألن النذر للقبور يزيد العوام اعتقاداً في صاحب القبر والنذر ال يصح إال لألحياء لينتفعوا به‪ ،‬أما أهل‬
‫القبور فهم قد ماتوا وليسوا في حاجة إلى نذر األحياء ولكنهم في حاجة إلى دعاء األحياء واستغفارهم لألموات لقوله تعالى {وَاَلذِينَ جَاؤُوا‬
‫خوَانِنَا اَلذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}(‪. )5‬‬
‫مِن بَ ْعدِهِمْ يَقُولُونَ َربَنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِ ْ‬

‫مصرف النذر على القبور مصاحل اإلسالم واملسلمني‬


‫النذر على القبور حرام وال ينعقد وليس هو من النذر المشروع وغلة األموال المنذورة أو الموقوفة على القبور أو القباب أو المشاهد‬
‫المبنية على قبور بعض العلماء أو من يسمون باألولياء فيجب أن تصرف في مصالح اإلسالم والمسلمين كأن تصرف على مدارس أو‬
‫معاهد أو مراكز علمية تنشأ لتحفيظ القرآن الكريم ولتدريس العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية التي تعلمها ضرورة لفهم النصوص‬
‫الشرعية أو في أي مصلحة عامة من مصالح اإلسالم أو المسلمين يستحسن الصرف فيها العلماء أو طلبة العلم في المنطقة ‪.‬‬

‫حرمة النذر بالذبح لصرف اجلن‬


‫النذر بذبح حيوان سواء على عتبة المنزل وقت عمارته أو في أي مكان بقصد صرف الجن عن المنزل أو عن أي مكان يريد الناذر‬
‫صرف الجن منه أو بقصد التقرب إلى الجن بالذبح لشفاء مريض أو لقضاء أي غرض من الجن‪ ،‬هذا النذر حرام ال يجوز وهو شرك باهلل‬
‫جنَةَ وَمَأْوَاهُ النَارُ‬ ‫عز وجل ال يغفره اهلل وهو يستوجب لفاعله دخول النار وحرمان الجنة قال تعالى {مَن يُشْ ِراْ بِاللّهِ فَ َقدْ حَرَمَ اللّهُ عَلَيهِ الْ َ‬
‫وَمَا لِلّظَالِمِينَ ِمنْ أَنصَارٍ}(‪ )6‬وقال تعالى {ِإنَ اللّهَ الَ يَغْفِرُ أَن يُشْ َراَ بِهِ َويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَِلكَ لِمَن يَشَاءُ}(‪ )7‬وقال تعالى {وَلَ َقدْ أُوحِيَ إَِليْكَ‬
‫طنَ عَمَُلكَ وََلتَكُو َننَ ِمنَ الْخَاسِرِينَ}(‪ )8‬والناذر بالذبح للحيوان بقصد صرف الجن أو بقصد التقرب‬ ‫حبَ َ‬
‫وَإِلَى اَلذِينَ ِمنْ َقبِْلكَ َل ِئنْ أَشْرَكْتَ َليَ ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األ يمان والنذور‪ :‬باب فيمن نذر أن يتصدق بماله‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3321‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِهِ فِي‬
‫قِصَتِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنَ مِنْ تَوْبَتِي إِلَى اللَهِ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ مَالِ ي كُلِهِ إِلَى اللَهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَدَقَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬فَنِصْفُهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬فَثُلُثُهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪،‬‬
‫ن خَيْبَرَ) قال عنه األلباني في صحيح سنن أبي داود (حسن صحيح)‪.‬‬ ‫ك سَهْمِي مِ ْ‬ ‫قُلْتُ‪ :‬فَإِنِي سَأُمْسِ ُ‬
‫أخرجه البخاري في الوصاي ا‪ ،‬ومسلم في التوبة‪ ،‬والنسائي في األيمان والنذور‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪ ،‬والدارمي في الصالة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد‪..‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬السهم‪ :‬النصيب من الغنيمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)256( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)133( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األنبياء‪.)10( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الحشر‪.)10( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)72( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)116( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الزمر‪.)65( :‬‬
‫‪438‬‬
‫ضلَ‬
‫إليهم لشفاء مريضه أو قضاء حاجته قد ضل عن الهدى واتبع الهوى وضل عن الهدى ضالالً بعيداً قال تعالى {وَمَن يُشْ ِراْ بِاللّهِ فَ َقدْ َ‬
‫ضالَالً بَعِيداً}(‪. )1‬‬
‫َ‬

‫حرمة العدول عن الشيء املنذور به إىل شيء آخر إال للضرورة‬


‫النذر المطلق الذي يقصد به القربة إلى اهلل عز وجل يجب على الناذر الوفاء به وال يجوز العدول عن الشيء المنذور به إلى شيء آخر إال‬
‫للضرورة مثل من ينذر أن يصلي في الحرم المكي في الشهر الفالني أو في العام الفالني فيتعذر وصوله إلى الحرم للوفاء بنذره ألسباب‬
‫قاهره تجعل وصوله إلى الحرم في الوقت المعين للوفاء بالنذر مستحيال ودليل وجوب الوفاء بالنذر وعدم العدول عنه قوله تعالى {يُوفُونَ‬
‫ستَطِيراً}(‪ )2‬وحديث ( َمنْ َنذَرَ َأنْ يُطِيعَ الّلَهَ فَ ّْليُطِعْهُ)(‪.)3‬‬
‫بِالنَذْرِ َويَخَافُونَ َيوْماً كَانَ شَ ُرهُ مُ ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)116(:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اإلنسان‪.)7( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)6616‬‬
‫‪439‬‬
‫كتاب‬

‫األـضــــــــاح‬

‫‪441‬‬
‫الكتاب العاشر‪ :‬كتاب األضاحي‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬األضحية وحكمها‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬األضاحي وأسنانها‬
‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬ذبــــــــــح األضحيـــــــــة‬

‫‪441‬‬
‫الباب األول‪ :‬األضحية وحكمها‬
‫تعريف األضحية‬ ‫‪‬‬
‫حـكــــــــــــــــم األضحيـــــــــــــــة‬ ‫‪‬‬
‫محافظة النبي صلى اهلل عليه وسلم على األضحية في السفر والحضر‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية األضحية للمرأة إذا لم يكن في األسرة رجال‬ ‫‪‬‬

‫‪442‬‬
‫الباب األول‪ :‬األضحية وحكمها‬
‫تعريف األضحية‬

‫األضحية (لغة)‪ :‬اسمها مشتق من الوقت الذي شرع بدء ذبحها فيه‪ ،‬وبهذا الوقت سمي عيد األضحى ويوم األضحى‪.‬‬

‫األضحية (شرعاً)‪ :‬هي ما يذبحه المسلم من بهيمة األنعام في يوم النحر أوفي أيام التشريق التي بعده بقصد التقرب إلى اهلل عز وجل‬
‫وتأسيا بالنبي صلى اهلل عل يه وسلم الذي كان يضحي بكبشين كبش عن نفسه صلى اهلل عليه وسلم وعن أسرته وكبش عن أمته‪ ،‬وإحياء‬
‫لذكرى ذبح نبي اهلل إبراهيم ابنه اسماعيل عليهما السالم امتثاال ألمر اهلل عز وجل بذبح اسماعيل عليه السالم في قوله تعالى {فَلَمَا بَلَغَ‬
‫ج ُدنِي إِن شَاء اللَهُ ِمنَ الصَابِرِينَ}(‪،)1‬‬
‫ستَ ِ‬
‫حكَ فَانّظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا َأبَتِ افْ َعلْ مَا ُتؤْمَرُ َ‬
‫مَعَهُ السَعْيَ قَالَ يَا ُبنَيَ ِإنِي أَرَى فِي الْ َمنَامِ َأنِي َأ ْذبَ ُ‬
‫األضحية شرعت في السنة الثانية من الهجرة على صاحبها أفضل الصالة والتسليم ‪.‬‬

‫حـكــــــــــــــــم األضحيـــــــــــــــة‬
‫الصحيح‪ :‬أن األضحية واجبة على من كان في سعة من المال وهو قادر على شراء أضحية لحديث ( َمنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ ُيضَحِ فَّلَا يَقْ َر َبنَ‬
‫ُمصَّلَانَا)(‪ )2‬الحديث يدل على وجوب األضحية على من عنده سعة من المال ولديه القدرة على شراء األضحية ألن النهي عن قرب‬
‫المصلَ ى وعن دخول المسجد الذي يصلى فيه المصلون من المسلمين يدل على الوجوب‪ ،‬وفي الحديث ذم لمن لم يضح وهو قادر على‬
‫شراء األضحية‪ ،‬وأما من كان فقيراً ودخل عيد األضحى عليه وهو غير قادر على شراء أضحية فليس عليه وجوب ذبح األضحية ألنه‬
‫(‪)3‬‬
‫ليس في وسعه شراء أضحية واهلل عز وجل ال يكلف نفسا إال بحسب وسعها وقدرتها وطاقتها قال تعالى {الَ يُكَلِفُ اللّهُ نَفْساً إِالَ وُسْ َعهَا}‬
‫وألن مفهوم حديث أبي هريرة يدل على عدم الوجوب على من لم يجد سعة من المال وال يذم الفقير بتركه األضحية‪.‬‬

‫حمافظة النبي صلى اهلل عليه وسلم على األضحية يف السفر واحلضر‬
‫كان هدي النبي صلى اهلل عليه وسلم أن يضحي في كل سنة سواء كان مقيما في المدينة أو مسافراً حيث كان يضحي في المدينة بكبشين‬
‫وفي حجة الوداع ضحى بالبقر عن أزواجه أمهات المؤمنين رضي اهلل عنهن‪ ،‬الدليل حديث (كَانَ النَ ِبيُ صَّلَى الَّل ُه عَّلَ ْيهِ وَسََّلمَ يُ َ‬
‫ضحِي ِبكَبْشَيْنِ‪،‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ضحَى رَسُولُ الَّلهِ صَّلَى الَّلهُ عَّلَيْهِ وَسََّلمَ عَنْ أَزْوَا ِجهِ بِالْبَقَرِ) ‪.‬‬ ‫ضحِي ِبكَبْشَيْنِ) وحديث (فَ َّلمَا كُنَا ِبمِنًى أُتِيتُ بِ َّل ْ‬
‫حمِ بَقَرٍ فَقُّلْتُ مَا هَذَا؟ قَالُوا‪َ :‬‬ ‫وَأَنَا أُ َ‬

‫مشروعية األضحية للمرأة إذا مل يكن يف األسرة رجال‬


‫إذا كانت األسرة ال يوجد فيها رجل وكانت المرأة التي تعول األسرة أو تنوب عن رجل غائب في إدارة األسرة عندها سعة من المال‬
‫وقدرة مالية على شراء أضحية أو كانت تملك أضحية من بهيمة األنعام فيشرع لها األضحية ألن النساء شقائق الرجال ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الصافات‪.)102( :‬‬
‫‪2‬‬
‫ن لَهُ سَعَةٌ‬
‫ن كَا َ‬
‫صلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَ ْ‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬األضاحي‪ :‬باب األضحية واجبة أم ال‪ .‬حديث رقم (‪ )2541‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَ ِه َ‬
‫ن مُصَلَانَا) حسنه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬
‫ح فَلَا يَقْرَبَ َ‬
‫وَلَ ْم يُضَ ِ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)256( :‬‬
‫‪4‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬صحيح البحاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب في أضحية النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم(‪ )5127‬بلفظ (حَدَثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ أَنَسَ بْ َ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يُضَحِي بِكَبْشَيْنِ‪ ،‬وَأَنَا أُضَحِي بِكَبْشَيْنِ)‬
‫ن النَبِ ُ‬
‫ي اللَهُ عَنْ ُه ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬كَا َ‬
‫مَالِكٍ رَضِ َ‬

‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبوداود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجه في األضاحي‪ ،‬وأحمد في باقي مسند الكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في األضاحي ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االضاحي‪ :‬باب األضحية للمسافر وللنساء‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5122‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ دَخَلَ‬
‫عَلَيْهَا وَحَاضَتْ بِسَرِفَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَةَ وَهِيَ تَبْكِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا لَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟ قَالَتْ ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ ‪ :‬إِنَ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ‪ ،‬فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُ‬
‫ت بِلَحْ ِم بَقَ ٍر فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ قَالُوا‪ :‬ضَحَى رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ أَزْوَاجِ ِه بِالْبَقَرِ)‬
‫ن لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ‪ ،‬فَلَمَا كُنَا بِمِنًى أُتِي ُ‬
‫غَيْ َر أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في االحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج ‪ ،‬وأبوداود في المناسك‪ ،‬وابن ماجه في االمناسك ‪ ،‬وأحمد في باقي مسند االنصار‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪443‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬األضاحي وأسنانها‬

‫األضحية من بهيمة األنعام الظأن أو المعز أو البقر أو اإلبل‬ ‫‪‬‬


‫األفضل في األضاحي‬ ‫‪‬‬
‫العيوب التي تجتنب في األضاحي‬ ‫‪‬‬
‫السن المشترطة في األضاحي‬ ‫‪‬‬
‫إجزاء األضحية عن عدد أفراد األسرة‬ ‫‪‬‬
‫االشتراك في األضحية‬ ‫‪‬‬

‫‪444‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬األضاحي وأسنانها‬

‫األضحية من بهيمة األنعام الظأن أو املعز أو البقر أو اإلبل‬


‫األضحية ال تصح وال تجزئ إال من بهيمة األنعام الظأن أو المعز أو البقر أو اإلبل لحديث (كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يذبح‬
‫وينحر بالمصلى)(‪ )1‬الح ديث يدل على أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان يذبح وينحر األضاحي في مصلى صالة العيد والذي يذبح من‬
‫بهيمة األنعام هو الظأن والماعز والبقر والذي ينحر منها هو اإلبل فقط‪ ،‬ويستحب ذبح أو نحر األضاحي في مصلى العيد لوجود الفقراء‬
‫والمساكين فيه الذين يستحب للمضحي أن يتصدق عليهم من أضحيته ‪.‬‬

‫األفضل يف األضاحي‬
‫الراجح‪ :‬أن األفضل في األضاحي اإلبل ثم البقر ثم الضأن ثم الماعز ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم ضحى بالكباش في حديث (ضَحَى‬
‫حهِمَا)(‪ )2‬وضحى بالبقر في حديث‬ ‫ح ْينِ أَقْ َر َن ْينِ‪َ ،‬ذبَ َ‬
‫حهُمَا ِب َي ِدهِ وَسَمَى وَ َكبَرَ َو َوضَعَ رِجّْلَهُ عَّلَى صِفَا ِ‬ ‫ش ْينِ أَمّْلَ َ‬
‫ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ بِ َكبْ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫عنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَر) وضحى باإلبل في حديث (كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يذبح‬ ‫( َوضَحَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫وينحر بالمصلى) و النحر في المصلى ال يكون إال لإلبل ألن النحر خاص باإلبل فقط والذبح مشترك للبقر وللغنم وللماعز‪ ،‬والتقرب إلى‬
‫اهلل عز وجل باألغلى ثمنا واألسمن من اإلبل أو البقر أفضل من األقل ثمنا من الغنم والماعز‪ ،‬واألفضل من كل نوع هو األسمن ألنه‬
‫األنفع لحما واألغلى ثمنا سواءً من اإلبل أو البقر أو الضأن أو الماعز‪ ،‬و يستحب للمضحي التصدق منها على الفقراء والمساكين‬
‫والتصدق منها أحب إلى اهلل عز وجل قال تعالى {لَن َينَالَ اللَهَ لُحُو ُمهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن َينَالُهُ التَقْوَى مِنكُمْ}(‪ )4‬اآلية تشمل الذبائح في‬
‫األضاحي والذبائح في الهدى ألن كال منهما ذبح القصد منه التقرب إلى اهلل عز وجل والتحقق بعبودية اهلل عز وجل والتأسي بالرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم في ذبحه ونحره في األضاحي والهدي وأقل األضحية كبش وأعالها بدنة وأوسطها بقرة ويستوي الذكر واألنثى‬
‫سواء من الغنم أو البقر أو اإلبل ‪.‬‬

‫العيوب التي جتتنب يف األضاحي‬


‫يشرع للمضحي أن يتجنب في أضحيته العيوب التي تنقصها كالمريضة البيِن مرضها والعجفاء التي ال تنقي والعوراء البين عورها‬
‫ضهَا‪ ،‬وَالْعَرْجَاءُ َبيِنٌ ظَّلْعُهَا‪،‬‬
‫عوَرُهَا‪ ،‬وَالْمَرِيضَةُ َب ِينٌ مَ َر ُ‬
‫والعرجاء البين عرجها لحديث (أَ ْربَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِ فَقَالَ‪ :‬الْ َعوْرَاءُ َب ِينٌ َ‬
‫وَالْكَسِيرُ اَلتِي لَا َتنْقَى)(‪ )5‬الصحيح‪ :‬أن الحديث يراد به العموم فتدخل العيوب التي هي أشد مما ذكره نص الحديث والعيوب المساوية‬
‫للمنصوص في الحديث من باب األولى ألنها كلها عيوب تؤدي إلى النقص في األضحية وكلها ال تجوز في األضاحي‪ ،‬وأما حديث على‬
‫بن أبي طالب رضي اهلل عنه بلفظ (قال أمرنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن نستشرف العين واألذنين وال نضحي بعوراء وال مقابلة‬
‫وال مدابرة وال خرقاء وال شرقاء) قال زهير ‪ ،‬قفلت ألبي إسحاق‪ :‬أذكر عضباء؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪ :‬فما المقابلة؟ قال‪ :‬يقطع طرف األذن‪،‬‬
‫قلت‪ :‬فما المدابرة؟ قال‪ :‬يقطع من مؤخر األذن قلت‪ :‬فما الشرقاء؟ قال‪ :‬تشق األذن‪ ،‬قلت‪ :‬فما الخرقاء؟ قال‪ :‬تخرق أذنها للسمة) فقد‬
‫ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )2814‬إال جملة األمر باالستشراف‪ ،‬وحديث علي رضي اهلل عنه بلفظ (أن النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم نهى أن يضحى بعضباء األذن والقرن) قدضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )2815‬وحديث أبي سعيد‬
‫الخدري رضي اهلل عنه بلفظ ( ابتعنا كبشا نضحى به فأصاب الذئب من أليته أو أذنه فسألنا النبي صلى اهلل عليه وسلم فأمرنا أن نضحي‬
‫به) قد ضعف الحديث األلباني وقال عنه (ضعيف اإلسناد جداً) في ضعيف ابن ماجة برقم (‪ )1215‬وإذا حصل لألضحية عيب بعد‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضحية‪ :‬باب األضحى والمنحر بالمصلى‪ .‬حديث رقم (‪ )5552‬بلفظ (كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى)‬
‫أخرجه ابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‬ ‫ن أَنَسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ضَحَى النَبِ ُ‬‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب استحباب التضحية وذبحها مباشرة بال توكيل‪ .‬حديث رقم (‪ )5061‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن أَقْرَنَيْنِ‪ ،‬ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَى وَكَبَرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا)‪.‬‬
‫ن أَمْلَحَيْ ِ‬
‫بِكَبْشَيْ ِ‬
‫أخرجه البخاري في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األ ضاحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫الصفحة‪ :‬جا نب العنق‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬األملح‪ :‬الذي بياضه أكثر من سواده‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب من ذبح ضحية غيره‪ .‬حديث رقم(‪ )5551‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬خَ رَجْنَا مَعَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ وَلَا نَرَى إِلَا الْحَجَ حَتَى إِذَا كُنَا بِسَرِفَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَ النَبِيُ صَ لَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأَنَا أَبْكِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَنَفِسْتِ؟ يَعْنِي الْحَيْضَةَ قَالَتْ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬نَعَم‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬إِنَ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَ يْتِ حَتَى تَغْتَسِلِي‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬وَضَحَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ‬
‫نِسَائِ ِه بِالْبَقَرِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الحج‪)37( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الضحايا‪ :‬باب مايكره من الضحايا‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2502‬بلفظ (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِ‬
‫ن‬‫فَقَالَ‪ :‬قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِ فَقَالَ‪ :‬الْعَوْرَاءُ بَيِ ٌ‬
‫عَوَرُهَا‪ ،‬وَالْمَرِيضَةُ بَيِنٌ مَرَضُهَا‪ ،‬وَالْعَرْجَاءُ بَيِنٌ ظَلْعُهَا‪ ،‬وَالْكَسِيرُ الَتِي لَا تَنْقَى‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬فَإِنِي أَكْرَهُ أَنْ يَ كُونَ فِي السِنِ نَ ْقصٌ قَالَ‪ :‬مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ وَلَا تُحَرِمْهُ عَلَى‬
‫أَحَدٍ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضا حي‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬ومالك في الضحايا‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬األنامل‪ :‬أطراف األصابع‪.‬‬
‫‪445‬‬
‫شرائها وقبل ذبحها في يوم العيد وكان المضحي ال يستطيع شراء أضحية بدال عنها فالّظاهر‪ :‬أنه يجوز له أن يضحي باألضحية التي‬
‫طرأ عليها العيب بعد شرائها للضرورة ال عمالً بحديث أبي سعيد لكونه ضعيفا وال يعمل باألحاديث الضعيفة ‪.‬‬

‫السن املشرتطة يف األضاحي‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز األضحية بما سنه أقل من سنتين من اإلبل أو البقر أو الماعز وتجوز األضحية بالجذع من الضأن لحديث (لَا‬
‫ج َذعَةً ِمنْ الضَ ْأنِ)(‪ )1‬وال يجزئ من الماعز إال الثنى وهو ماله سنتان لحديث (من صلى‬
‫سنَةً إِلَا أَنْ يَعْسُرَ عََّليْكُمْ‪َ ،‬ف َت ْذبَحُوا َ‬
‫َت ْذبَحُوا إِلَا مُ ِ‬
‫صالتنا واستقبل قبلتنا فال يذبح حتى ينصرف‪ ،‬فقام أبو برده بن نيار قال‪ :‬يا رسول اهلل فعلت‪ ،‬فقال‪ :‬هو شيء عجلته‪ ،‬قال‪ :‬فإن عندي‬
‫جذعه هي خير من مسنتين آذبحها؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬ثم ال تجزئ عن أحد بعدا)(‪ )2‬وال تعارض بين الحديثين ألن حديث جابر في جواز إجزاء‬
‫الجذع من الضأن وحديث البراء في فعل أبي برده بن نيار هو في عدم إجزاء الجذع من الماعز واختلف علماء اللغة في لفظة (الجذع)‬
‫فبعظهم قال‪ :‬الجذع هو ابن سنة‪ ،‬وبعضهم قال‪ :‬الجذع هو ابن ستة أشهر وأكثر علماء اللغة على أن الجذع هو ابن سنة‪ ،‬والجمهور من‬
‫العلماء عملوا باألحوط فقالوا‪ :‬ال تجزئ األضحية من الضأن إال ما كان ابن سنة ألن أكثر علماء اللغة قالوا‪ :‬بأن الجذع هو ابن سنة أي‬
‫أنه ال يجزئ في األضحية من الضأن إال ما قد مضى عليه سنة ‪.‬‬

‫إجزاء األضحية عن عدد أفراد األسرة‬


‫يجوز أن يذبح اإلنسان الكبش أو البقرة أو البدنة أضحية عن نفسه وعن أفراد أسرته الذين تلزمه نفقتهم بالشرع وإذا كان في األسرة ولد‬
‫كبير له دخل مستقل عن دخل الوالد فالوالد يذبح أضحيته عن نفسه وزوجته أو زوجاته وأوالده الصغار‪ ،‬والولد الكبير يذبح أضحية عن‬
‫نفسه وزوجته أو زوجاته وأوالده‪ ،‬أما إذا لم يكن للولد الكبير دخل مستقل عن دخل الوالد فهو ممن يعولهم الوالد الذي هو رب األسرة‬
‫فيكفي ذبح أضحية واحدة عن األسرة كلها‪ ،‬وفي حالة أن يكون للولد دخل مالي مستقل به فيذبح أضحية عن نفسه وأسرته حتى ولو كان‬
‫مطبخ األسرتين واحدا وإناء طعام األسرتين واحداً ‪.‬‬

‫االشرتاك يف األضحية‬
‫الصحيح‪ :‬أن البدنة تجزئ عن سبعة أشخاص أي عن سبع أسر فكل سبع من بدنة يجزئ أضحية عن أسرة سواء كان عدد أفراد األسرة‬
‫الواحدة قليلين أو كثيرين‪ ،‬وكذا البقرة تجزئ عن سبعة أشخاص أي عن سبع أسر سواء كان أفراد األسرة قليلين أو كثيرين لحديث (أن‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة)(‪ )3‬وأما الظأن أو الماعز فال يجزئ الواحد منه إال عن أسرة‬
‫واحدة سواء كان عدد أفراد األسرة الواحدة قليلين أو كثيرين وال يجزئ في األضحية أن يشترك في الكبش أكثر من أسرة لحديث (َأنَ‬
‫ع َّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬ضَحِ َأنْتَ‬
‫عتُودٌ‪َ ،‬فذَكَ َرهُ لِّلنَبِيِ صَّلَى الّلَهُ َ‬
‫غنَمًا يَقْسِ ُمهَا عَّلَى صَحَا َبتِهِ ضَحَايَا‪ ،‬فَبَقِيَ َ‬ ‫ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َأعْطَاهُ َ‬
‫ج َذعَةٌ‪ ،‬فَقُّلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ الّلَهِ‪ ،‬صَارَتْ لِي َ‬
‫ج َذعَةٌ‪،‬‬ ‫بِه)(‪)4‬وفي رواية (قَسَمَ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َب ْينَ َأصْحَابِهِ ضَحَايَا‪ ،‬فَصَارَتْ لِعُ ْقبَةَ َ‬
‫قَالَ‪ :‬ضَحِ ِبهَا)(‪ )5‬الحديثان دليالن صحيحان صريحان على أن الرأس الواحد من الضأن أو الماعز ال يجزئ إال عن أسرة واحدة وال‬
‫يجزئ اشتراك أكثر من أسرة في ذبح الواحد من الضأن أو الماعز ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب سن األضحية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5055‬بلفظ (عَنْ جَابِرٍ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا تَذْبَحُوا إِلَا مُسِنَةً إِلَا أَنْ‬
‫ن الضَأْنِ)‪.‬‬
‫يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ‪ ،‬فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِ ْ‬
‫أخرجه النسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫الجذعة‪ :‬ماتمت ستة أشهر إلى سنة من الضأن‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المسنة‪ :‬ماتمت سنة فما فوق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخ اري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب من ذبح قبل الصالة أعاد‪ .‬حديث رقم (‪ )5563‬بلفظ (عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ‪ :‬صلى رسول اهلل ذات يوم فقال‪ :‬من صلى صالتنا‬
‫واستقبل قبلتنا فال يذبح حتى ينصرف‪ ،‬فقام أبو برده بن نيار قال‪ :‬يا رسول اهلل فعلت‪ ،‬فقال‪ :‬هو شيء عجلته‪ ،‬قال‪ :‬فإن عندي جذعه هي خير من مسنتين‬
‫آذبحها؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬ثم ال تجزئ عن أحد بعدا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في االضاحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫النسيكة‪ :‬ما يذبح تقربا هلل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النسك‪ :‬الذبح تقربا هلل وطاعة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الضحايا‪ :‬باب حديث رقم(‪ ) 2505‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْجَزُورُ عَنْ‬
‫سَبْعَةٍ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في األضااحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في الضحايا‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الضحايا‪ ،‬والدارمي‬
‫في األضاحي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب أضحية النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )5555‬بلفظ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ‬
‫ت بِهِ)‪.‬‬
‫ح أَنْ َ‬‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬ضَ ِ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا‪ ،‬فَبَقِيَ عَتُودٌ‪ ،‬فَذَكَرَهُ لِلنَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األضا حي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في الضحايا‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬الشركة‪.‬ين الناس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬عتود‪ :‬ولد المعز إذا قوي ورعى بنفسه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم بَيْنَ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب قسمة اإلمام األضاحي‪ .‬حديث رقم(‪ )5121‬بلفظ ( عَنْ عُقْبَ َة بْنِ عَامِ ٍر الْجُهَنِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَسَ َم النَبِ ُ‬
‫ح بِهَا)‪.‬‬
‫ت لِعُقْبَ َة جَذَعَةٌ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬صَارَتْ لِي جَذَعَةٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ضَ ِ‬ ‫أَصْحَابِ ِه ضَحَايَا‪ ،‬فَصَارَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األضا حي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في الضحايا‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬اللشركة‪.‬ين الناس‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الجذعة‪ :‬ما تم ستة أشهرإلى سنة من الضأن‪.‬‬
‫‪446‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ذبــــــــــح األضحيـــــــــة‬

‫ذبح األضحية قبل صالة العيد‬ ‫‪‬‬


‫ذبح األضحية قبل ذبح اإلمام‬ ‫‪‬‬
‫ذبح من لم يعلم بصالة اإلمام‬ ‫‪‬‬
‫آخر وقت ذبح األضحية‬ ‫‪‬‬
‫الليالي التي تتخلل أيام التشريق‬ ‫‪‬‬
‫استحباب ذبح المضحي أضحيته بيده‬ ‫‪‬‬
‫جواز التوكيل في ذبح األضحية‬ ‫‪‬‬
‫وجوب إعطاء أجرة الجزار من غير األضحية‬ ‫‪‬‬
‫جواز االنتفاع بجلد األضحية‬ ‫‪‬‬
‫حرمة بيع جلود األضاحي واألولى إعطاؤها لجمعية خيريه لتستفيد منها‬ ‫‪‬‬
‫األكل والتصدق من لحم األضحية‬ ‫‪‬‬
‫ال يلزم من ذبح أضحية في سنه أن يذبح أضحية في كل السنين‬ ‫‪‬‬
‫يشرع لمن سيضحي أن ال يحلق شعره وال يقلم أظافره بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يذبح أضحيته‬ ‫‪‬‬

‫‪447‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ذبــــــــــح األضحيـــــــــة‬

‫يتعلق النظر في الذبح المختص باألضاحي في وقت ذبح األضحية‬

‫ذبح األضحية قبل صالة العيد‬


‫الذبح قبل صالة العيد ال يجوز وال يجزئ لحديث (من ذبح قبل الصالة فإنما ذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصالة فقدتم نسكه وأصاب سنة‬
‫المسلمين)(‪ )1‬وقد أمر النبي صلى اهلل عليه وسلم من ذبح أضحيته قبل الصالة بإعادة ذبح أضحية بعد صالة العيد الن المذبوح قبل‬
‫الصالة ال يجزئ في التحقق بنسك األضحية وهو مخالف للمشروع في األضاحي ألنه ذبح في غير الوقت المشروع لذبح األضحية‬
‫حيَةً ذَاتَ َيوْمٍ‪ ،‬فَِإذَا ُأنَاسٌ قَدْ َذبَحُوا‬ ‫ح ْينَا مَعَ رَسُولِ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ ُأضْ ِ‬ ‫لحديث (من ذبح قبل الصالة فليعد)(‪ )2‬وفي رواية (ضَ َ‬
‫ضَحَايَاهُمْ قَ ْبّلَ الصَّلَاةِ‪ ،‬فَّلَمَا ا ْنصَرَفَ رَآهُمْ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َأ َنهُمْ َقدْ َذبَحُوا َق ْبّلَ الصَّلَاةِ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬منْ َذبَحَ َقبّْلَ الصَّلَاةِ فَ ّْل َي ْذبَحْ مَكَا َنهَا‬
‫أُخْرَى‪ ،‬وَ َمنْ كَانَ لَمْ َي ْذبَحْ حَتَى صََّل ْينَا فَ ّْل َي ْذبَحْ عَّلَى اسْمِ الّلَهِ)(‪ )3‬ولحديث (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر‪ ،‬من‬
‫فعله فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه ألهله ليس من النسك في شيء)(‪ )4‬في األحاديث داللة واضحة على عدم إجزاء‬
‫ذبح األضحية قبل صالة العيد‪ ،‬والمراد بالصالة صالة اإلمام والمراد باإلمام إمام المسلمين أو رئيس الدولة أو المسئول األول في الدولة‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬

‫ذبح األضحية قبل ذبح اإلمام‬


‫األحاديث الصحيحة دلت على عدم إجزاء أضحية من ذبح قبل صالة العيد‪ ،‬وليس فيها أي داللة على عدم إجزاء أضحية من ذبح قبل ذبح‬
‫اإلمام ألنه يصعب على كل شخص معرفة وقت ذبح اإلمام أضحيته ألن ذبح أضحية اإلمام شأن خاص باإلمام بخالف صالة اإلمام صالة‬
‫العيد ألنه يصلي في الجبَانة العامة التي تقام فيها صالة العيد العامة التي يسهل معرفة وقتها‪ ،‬وعلى هذا فيجوز للمضحي أن يذبح أضحيته‬
‫قبل ذبح اإلمام أضحيته‪ ،‬المؤثر في عدم األجزاء إنما هو الذبح قبل الصالة فقط ألنه هو المنصوص عليه في األحاديث الصحيحة ‪.‬‬

‫ذبح من مل يعلم بصالة اإلمام‬


‫األصل جواز الذبح بعد العلم بصالة اإلمام‪ ،‬ويقدر الوقت الذي يكون اإلمام قد صلى فيه لمن لم يكن عنده وسيلة اتصاالت يعلم بواسطتها‬
‫صالة اإلمام أو لم يكن عنده أي وسيلة إعالمية ال راديو وال تلفزيون والتلفون وال غيره يعلم بواسطتها صالة اإلمام‪ ،‬وقد يوجد من ال‬
‫يعلم بصالة اإلمام من سكان األرياف التي ال يوجد بها كهرباء وال وسائل اتصاالت وال بث وسائل إعالمية النعدام الكهرباء أو البدو‬
‫الرحل الذين يتنقلون بعد الماء والكالء بمواشيهم‪ ،‬ومثل هؤالء يمكن أن يقدر الوقت بالنسبة لهم بمرور ساعة من طلوع الشمس وبعد‬
‫مرور الساعة يمكن لمن لم يعلم بصالة اإلمام أن يذبح أضحيته ألنه بعد مرور ساعة من طلوع الشمس يكون اإلمام قد صلى صالة العيد‬
‫في الجماعة الكبيرة لصالة العيد ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب سنة األضحية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5546‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ‬
‫ح بَعْدَ الصَلَاةِ فَقَ ْد تَ َم نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَ َة الْمُسْلِمِينَ)‪.‬‬
‫ن ذَبَ َ‬‫ح قَبْ َل الصَلَاةِ فَإِنَمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ‪ ،‬وَمَ ْ‬ ‫ذَبَ َ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األضا حي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في الضحايا‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحي ح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب األكل يوم النحر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5561‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَلَاةِ فَلْيُعِدْ‪،‬‬
‫خصَ لَهُ‬ ‫فَقَامَ رَجُلٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَحْمُ‪ ،‬وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ فَكَأَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ صَدَقَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَعِنْدِي جَذَعَةٌ أَحَبُ إِلَيَ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ‪ ،‬فَرَ َ‬
‫ن سِوَا ُه أَ ْم لَا)‪.‬‬
‫ت الرُخْصَ ُة مَ ْ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَا أَدْرِي أَبَلَغَ ْ‬ ‫النَبِ ُ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األضا حي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في الضحايا‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب قول النبي صلى اهلل عليه وسلم فليذبح‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5562‬بلفظ (عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ضَحَيْنَا مَعَ رَسُولِ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أُضْحِيَةً ذَاتَ يَوْمٍ‪ ،‬فَإِذَا أُنَاسٌ قَدْ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَلَاةِ‪ ،‬فَلَمَا انْصَرَفَ رَآهُمْ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنَهُمْ قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَلَاةِ‪،‬‬
‫ن كَانَ لَ ْم يَذْبَحْ حَتَى صَلَيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْ ِم اللَهِ)‪.‬‬ ‫فَقَالَ‪ :‬مَنْ ذَبَحَ قَبْ َل الصَلَا ِة فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والنسائ ي في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬األيمان والنذور‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االضاحي‪ :‬باب سنة األضحية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5545‬بلفظ (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِنَ أَوَلَ مَا نَبْدَأُ فِي‬
‫يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِيَ ثُمَ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَتَنَا‪ ،‬وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَلَاةِ فَإِنَمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُسْكِ فِي شَيْءٍ‪ ،‬فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ‬
‫ي أَ ْو تَجْزِيَ عَنْ أَحَ ٍد بَعْدَاَ)‪.‬‬
‫ن تُوفِ َ‬
‫ن مُسِنَةٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اجْعَلْهُ مَكَانَهُ وَلَ ْ‬ ‫ن نِيَارٍ‪ ،‬يَا رَسُو َل اللَهِ ذَبَحْتُ‪ ،‬وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْ ٌر مِ ْ‬ ‫الْأَنْصَا ِر يُقَا ُل لَ ُه أَبُو بُرْدَ َة بْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في االضاحي‪ ،‬والترمذي ف ي األضاحي‪ .‬النسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫المسنة‪ :‬مادخل في السنة الثانية من المعز‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النحر‪ :‬الذبح‪.‬‬
‫‪448‬‬
‫آخر وقت ذبح األضحية‬
‫الراجح‪ :‬أن آخر وقت ذبح األضحية هو غروب شمس يوم رابع العيد ألن وقت األضحية يبدأ من صباح يوم النحر أي من بعد الفراغ من‬
‫صالة العيد في الجماعة الكبيرة التي يحضرها اإلمام ويمتد إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق وهو يوم رابع العيد‪ ،‬وهذا الوقت‬
‫هو الذي يجوز فيه ذبح األضحية سواء في الليل أو في النهار لحديث (وَ ُكّلُ َأيَامِ التَشْرِيقِ َذبْحٌ)(‪. )1‬‬

‫الليايل التي تتخلل أيام التشريق‬


‫الصحيح‪ :‬جواز ذبح األضحية في ليالي أيام التشريق ألن النهار والليل في أيام التشريق كله وقت جواز لذبح األضحية وذلك ألن اسم‬
‫اليوم في قوله تعالى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَهِ فِي أَيَامٍ مَعْلُومَاتٍ}(‪ )2‬يشمل الليل مع النهار وشمول اسم اليوم لليل مع النهار هو المراد في حديث‬
‫(وَ ُكّلُ َأيَامِ التَشْرِيقِ َذبْحٌ) ‪.‬‬

‫استحباب ذبح املضحي أضحيته بيده‬


‫استحباب ذبح المضحي أضحيته بيده ألن األضحية عبادة وألن النبي صلى اهلل عليه وسلم ذبح أضحيته بيده الشريفة وفعل النبي صلى اهلل‬
‫حهِمَا يُسَمِي َويُ َكبِرُ‪،‬‬
‫ح ْينِ‪ ،‬فَرََأ ْيتُهُ وَاضِعًا َقدَمَهُ عَّلَى صِفَا ِ‬ ‫عليه وسلم يفيد االستحباب لحديث (ضَحَى ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ بِ َكبْ َ‬
‫ش ْينِ أَمّْلَ َ‬
‫حهُمَا ِبيَدِه)(‪ )3‬وذبح النبي صلى اهلل عليه وسلم أضحيته بيده يدل على استحباب ذبح المضحي أضحيته بيده تأسيا بالنبي صلى اهلل عليه‬ ‫َف َذبَ َ‬
‫وسلم ‪.‬‬

‫جواز التوكيل يف ذبح األضحية‬


‫(‪)4‬‬
‫الصحيح‪ :‬جواز توكيل المضحى غيره ليذبح أضحيته لحديث ( َوضَحَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ) ووجه‬
‫الداللة أن نساء النبي صلى اهلل عليه وسلم لم يذبحن أضحيتهن بأيديهن‪ ،‬وقد وكل النبي صلى اهلل عليه وسلم على بن أبي طالب في نحر‬
‫بعض ا لبدن من هدي النبي صلى اهلل عليه وسلم في حجة الوداع‪ ،‬والوكالة ال يشترط فيها التلفظ بالتوكيل‪ ،‬ودعوة الجزار لذبح األضحية‬
‫يعتبر توكيالً‪.‬‬

‫وجوب إعطاء أجرة اجلزار من غري األضحية‬


‫الجزار ال يعطي أجرة ذبحه لألضحية من األضحية وإنما يعطى أجرته من غير األضحية‪ ،‬وإذا كان الجزار فقيراً فيعطي من األضحية‬
‫لكونه فقيراً وإذا أخذ الجزار الرأس أو الجلد فيأخذها باسم صدقة إن كان فقيراً أو باسم هدية إن كان غنياً وال يعطى شيئاً من األضحية‬
‫باسم أجرة ألن األجرة يجب أن تعطى له من غير األضحية لحديث (بَ َع َثنِي ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَقُمْتُ عَّلَى ا ْل ُب ْدنِ‪ ،‬فَأَمَ َرنِي فَقَسَمْتُ‬
‫عنْ عَّلِيٍ رَضِيَ‬ ‫ع ْبدِ الرَحْ َمنِ ْبنِ َأبِي َليّْلَى َ‬ ‫عنْ َ‬ ‫عنْ مُجَا ِهدٍ َ‬ ‫ع ْبدُ الْكَرِيمِ َ‬
‫ح َدثَنِي َ‬ ‫لُحُو َمهَا‪ ،‬ثُمَ أَمَ َرنِي فَقَسَمْتُ جِّلَا َلهَا وَجُّلُودَهَا‪ ،‬قَالَ سُفْيَانُ‪ :‬وَ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫شيْئًا فِي جِزَا َر ِتهَا) ووجه الداللة في الحديث أن‬ ‫عنْهُ قَالَ‪ :‬أَمَ َرنِي ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َأنْ أَقُومَ عَّلَى ا ْل ُب ْدنِ وَلَا ُأعْطِيَ عَ َّل ْيهَا َ‬
‫الّلَهُ َ‬
‫علياً رضي اهلل عنه قسم اللحوم والجلود والجالل ولم يعط منها الجزار شيئا مقابل أجرته في جزارتها‪ ،‬وتقاس األضاحي على الهدي‬
‫بجامع أن كال منهما ذبح عبادة يتقرب المهدي أو المضحي بذبحها إلى اهلل عز وجل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ن مُطْعِمٍ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُ ُل‬ ‫‪ -‬مسند أحمد‪ :‬كتاب أول مسند المدنيين‪ :‬باب حديث جبير بن مطعم‪ .‬حديث رقم (‪ )16151‬بلفظ (عَنْ جُبَيْرِ بْ ِ‬
‫عَرَفَاتٍ مَوْقِفٌ‪ ،‬وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ‪ ،‬وَكُلُ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ مُحَسِرٍ‪ ،‬وَكُلُ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ‪ ،‬وَ ُكلُ أَيَامِ التَشْرِيقِ ذَبْحٌ) صححه األلباني في صحيح‬
‫الجامع الصغير برقم (‪.)4537‬‬
‫انفرد به أحمد بن حنبل‪.‬‬
‫أيام التشريق‪ :‬الثالثة األيام التي تلي عيد األضحى‪.‬‬ ‫المنحر‪ :‬المكان الذي يذبح فيه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الفج‪ :‬الطريق الواسع‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)25( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضحية‪ :‬باب من ذبح األضحية بيده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5555‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ضَحَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ‪،‬‬
‫فَرَأَيْتُ ُه وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِي وَيُكَبِرُ‪ ،‬فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األضا حي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة‪ ،‬الحج‪.‬‬
‫الصفحة‪ :‬جانب العنق‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬األملح‪ :‬الذي بياضه أكثر من سواده‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب كيف كان بدء الحيض‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5551‬بلفظ (سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَا الْحَجَ‪ ،‬فَلَمَا كُنَا بِسَرِفَ حِضْتُ‪،‬‬
‫فَدَخَلَ عَلَيَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأَنَا أَبْكِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَا لَكِ ؟ أَنُفِسْتِ؟ قُلْتُ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ‪ ،‬فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُ غَيْرَ أَنْ‬
‫ن نِسَائِ ِه بِالْبَقَرِ)‪.‬‬ ‫لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬وَضَحَى رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األضاحي‪ ،‬الحيض‪.‬‬
‫يقضي‪ :‬يفعل ويتم‪.‬‬ ‫كتبه اهلل‪ :‬جعله اهلل من أصل خلقتهن‪.‬‬ ‫نفست‪ :‬حضت‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬نرى‪ :‬نّظن‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬ال يعطى الجزار من الهدي شيئا‪ .‬حديث رقم(‪ )1601‬بلفظ (عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬بَعَثَنِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِي‬ ‫ن بْ ِ‬
‫ن مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْ ِد الرَحْمَ ِ‬
‫ت جِلَالَهَا وَجُلُودَهَا‪ ،‬قَا َل سُفْيَانُ‪ :‬وَحَدَثَنِي عَبْ ُد الْكَرِيمِ عَ ْ‬ ‫ت لُحُومَهَا‪ ،‬ثُ َم أَمَرَنِي فَقَسَمْ ُ‬ ‫فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ‪ ،‬فَأَ مَرَنِي فَقَسَمْ ُ‬
‫ن وَلَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شيئًا فِي جِزَارَتِهَا)‬ ‫ن أَقُومَ عَلَى الْبُدْ ِ‬ ‫ي صَلَ ى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَ ْ‬
‫ي اللَهُ عَنْ ُه قَالَ‪ :‬أَمَرَنِي النَبِ ُ‬
‫رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحج‪ ،‬الوكالة‪.‬‬
‫الجالل‪ :‬مايطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬البدنة‪ :‬البعير‪.‬‬
‫‪449‬‬
‫جواز االنتفاع جبلد األضحية‬
‫يجوز للمضحي أن ينتفع بجلد أضحيته بعد دبغ الجلد بأي نوع من االنتفاع سواء بعملها كنوع من المالبس الصوفية ضد البرد أو بجعلها‬
‫نوعاً من الفراش أو نوعاً من األواني كقرب الماء أو نحوها‪ ،‬ألن األصل في كل شيء الجواز ومن ادعى تحريم شيء فعليه الدليل‬
‫الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة ‪.‬‬

‫حرمة بيع جلود األضاحي واألوىل إعطاؤها جلمعية خرييه لتستفيد منها‬
‫ال يجوز بيع جلود األضاحي ألن بيع أي جزء أو أي شيء من األضحية ال يجوز ولكن يستحسن إعطاء جلود األضاحي لجمعية خيرية‬
‫لتستفيد منها بدالً من ترك الجلود تعطب وترمى في القمامات وال يستفاد منها‪ ،‬وإذا بيع من األضحية شيء فلم تعد أضحية ألن بيع‬
‫األضحية أو جزء منها ال يجوز ‪.‬‬

‫األكل والتصدق من حلم األضحية‬


‫يشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته وأن يتصدق منها على الفقراء والمساكين لقوله تعالى { َو َيذْكُرُوا اسْمَ اللَهِ فِي َأيَامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا‬
‫رَزَ َقهُم مِن َبهِيمَةِ الَْأنْعَامِ فَكُلُوا ِم ْنهَا وَأَطْعِمُوا ا ْلبَائِسَ الْفَقِيرَ}(‪ )1‬ولحديث (كُّلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَخِرُوا)(‪ )2‬اآلية والحديث دليالن على‬
‫مشروعية أكل المضحي وأفراد أسرته من األضحية وعلى التصدق منها على الفقراء والمساكين‪ ،‬وفي الحديث داللة على جواز االدخار‬
‫من لحوم األضاحي وقد استحب كثير من العلماء أن تقسم لحوم األضاحي إلى ثالثة أقسام قسم لألكل منها وقسم للتصدق به وقسم لالدخار‬
‫لحديث (كُّلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَخِرُوا) ‪.‬‬

‫ال يلزم من ذبح أضحية يف سنه أن يذبح أضحية يف كل السنني‬


‫األضحية عبادة تجب على اإلنسان في حال استطاعته وال تجب عليه في حال عدم االستطاعة لحديث ( َمنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ ُيضَحِ فَّلَا‬
‫يَقْ َر َبنَ ُمصَّلَانَا)(‪ )3‬الحديث يدل على مشروعية األضحية على المستطيع وال تجب على من لم يجد سعة في سنة من السنوات ولكن يشاع‬
‫قول بين الناس أن من ضحى في سنة ولم يضح في السنوات األخرى أنه سيعمى‪ ،‬وهكذا يقولون‪ :‬أن من صام الست من شوال في سنة‬
‫ولم يصمها في السنوات األخرى أنه سيعمى والقوالن من األباطيل والترهات والخرافات التي ال دليل عليها ال من العقل وال من النقل ‪.‬‬

‫يشرع ملن سيضحي أن ال حيلق شعره وال يقلم أظافره بعد دخول شهر ذي احلجة حىت يذبح أضحيته‬
‫يشرع لمن سيضحي أال يحلق شعره وال يقلم أظافره من بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يذبح أضحيته‪ ،‬ومن يريد أن يحلق شعره أو يقلم‬
‫أظافره فينبغي أن يكون في أخر شهر ذي القعدة قبل دخول شهر ذي الحجة لحديث (أنَ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬إذَا دَخَّلَتْ‬
‫ش ْيئًا)(‪ )4‬النهي في الحديث يفيد التحريم كما قال الحنابلة والظاهرية ‪.‬‬ ‫حدُكُمْ َأنْ ُيضَحِيَ فَّلَا يَمَسَ ِمنْ شَعَ ِرهِ َوبَشَ ِرهِ َ‬
‫الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحج‪.)25( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب حديث رقم(‪ ) 5561‬بلفظ (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَنْ ضَحَى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَ بَعْدَ‬
‫ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِي؟ قَالَ‪ :‬كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَخِرُوا‪ ،‬فَإِنَ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَاسِ‬
‫ن تُعِينُوا فِيهَا)‪.‬‬ ‫ت أَ ْ‬
‫جَهْ ٌد فَأَرَدْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب االضاحي واحدة هي أم ال‪ .‬حديث رقم(‪ ) 2541‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ كَانَ‬
‫ن مُصَلَانَا)‪.‬‬ ‫ح فَلَا يَقْرَبَ َ‬
‫لَ ُه سَعَ ٌة وَلَ ْم يُضَ ِ‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو يريد أن يذبح أضحية‪ .‬حديث رقم (‪ )5051‬بلفظ (عَنْ أُمِ سَلَمَةَ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ‬
‫ن شَعَرِ ِه وَبَشَرِ ِه شَيْئًا)‪.‬‬
‫ن يُضَحِيَ فَلَا يَمَسَ مِ ْ‬‫ت الْعَشْ ُر وَأَرَا َد أَحَدُكُ ْم أَ ْ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا دَخَلَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬يمس‪ :‬يقص ويأخذ‪.‬‬
‫‪451‬‬
‫كتاب‬

‫الـــــــــــذبح‬

‫‪451‬‬
‫الكتاب احلادي عشــــر‪ :‬كتاب الذبـــــــــــح‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬الذبح ومشروعيته‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬الذكـــــــــــاة‬
‫‪ ‬البــــــــــــاب الثـــــــــــالث‪ :‬من تجوز تذكيته ومن ال تجوز‬

‫‪452‬‬
‫الباب األول‪ :‬الذبح ومشروعيته‬
‫تعريف الذبح‬ ‫‪‬‬
‫مشروعية الذبح‬ ‫‪‬‬
‫المذبوح والمنحور من الحيوانات‬ ‫‪‬‬
‫تأثير الذكاة في الحيوانات المشرفة على الموت‬ ‫‪‬‬
‫ذكاة الحيوانات المحرمة األكل‬ ‫‪‬‬
‫تأثير الذكاة في الحيوان الذي أشرف على الموت من شدة المرض‬ ‫‪‬‬
‫ذكاة األم ذكاة الجنين‬ ‫‪‬‬
‫الجــــــــــــــراد‬ ‫‪‬‬
‫الحيوانات التي تعيش في البر والبحر‬ ‫‪‬‬

‫‪453‬‬
‫الباب األول‪ :‬الذبح ومشروعيته‬

‫تعريف الذبح‬
‫الذبح (لغة)‪ :‬ذبح الحيوان بقطع جلد وأوردة رقبته بآلة قطع حادة‪.‬‬

‫الذبح (شرعاً)‪ :‬ذبح حيوان مباح أكله يعيش في البر وعقر ما لم يقدر على ذبحه لشروده‪.‬‬

‫مشروعية الذبح‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن السنة حديث‬ ‫الذبح مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {إِالَ مَا ذَ َك ْيتُمْ }‬

‫‪.‬‬

‫الذبح أو النحر هما الوسيلة المشروعة لحل أكل لحم الحيوانات التي أجازت الشريعة اإلسالمية أكل لحمها من الحيوانات التي تعيش في‬
‫البر‪ ،‬أما الحيوانات التي تعيش في البحر وال تعيش في البر فهي ال تحتاج إلى الذبح أو النحر لحل أكلها فقد أحل اهلل عز وجل أكل‬
‫(‪)3‬‬
‫ص ْيدُ ا ْلبَحْرِ وَطَعَامُهُ َمتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَيَا َرةِ} ولحديث (هو‬
‫حلَ لَكُمْ َ‬
‫الحيوانات البحرية لإلنسان بدون حاجة إلى ذبح أو نحر لقوله تعالى {أُ ِ‬
‫الطهور ماؤه الحّل ميتته)(‪.)4‬‬

‫املذبوح واملنحور من احليوانات‬


‫هي الحيوانات البرية من بهيمة األنعام والطيور وغيرها من الحيوانات التي يحل أكلها بالتذكية ‪.‬‬

‫تأثري الذكاة يف احليوانات املشرفة على املوت‬


‫الحيوانات البرية من بهيمة األنعام أو غيرها من الحيوانات التي يحل أكلها إذا تعرضت للموت بسبب وقذ أو ترد أو نطح أو خنق أو أكل‬
‫خنِقَةُ وَالْ َموْقُو َذةُ وَا ْل ُمتَرَ ِديَةُ وَالنَطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ‬
‫سبع منها وهي حية فالصحيح أنها إذا ذكيت قبل موتها فإنه يحل أكلها لقوله تعالى {وَالْ ُمنْ َ‬
‫سبُعُ إِالَ مَا ذَ َك ْيتُمْ}(‪ )5‬أما إذا ذكيت بعد موتها فال يحل أكلها ألنها تكون ميتة يصدق عليها قوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ}الراجح أن‬ ‫ال َ‬
‫االستثناء في قوله تعالى (إِالَ مَا ذَ َك ْيتُمْ) استثناء متصل وكيفما كان االستثناء فإن التذكية مسببة لحل أكل لحم الحيوان المذبوح بشرط أن تتم‬
‫التذكية والحيوان ال يزال حيا تعرف حياته بأي ِ عالمة من عالمات الحياة كتحريك يده أو رجله أو بتحرك جزء من أجزاء جسمه كالذنب‬
‫أو أي عالمة تدل على بقاء حياته قبل التذكية‪ ،‬الصحيح‪ :‬جواز تدارك اإلنسان للحيوان المتعرض للموت بالتذكية قبل موته سواء كان‬
‫منفوذ المقاتل أو غيره والعبرة بالتذكية قبل موت الحيوان لعموم قوله تعالى (إِالَ مَا ذَ َك ْيتُمْ) ألن لفظ (ما) اسم موصول وهو يفيد عموم كل‬
‫حيوان متعرض للموت بسبب من األسباب الخمسة التي ذكرت في اآلية ‪.‬‬

‫ذكاة احليوانات احملرمة األكل‬


‫الذكاة في الحيوانات المحرمة األكل مثل الحمر األهلية والسباع وذي مخلب من الطير ال تحل أكل الحيوان ألن األصل في أكل لحمه‬
‫التحريم‪ ،‬وأما ذبح هذه الحيوانات من أجل دبغ جلودها واالنتفاع بها بعد الدباغ فالّظاهر‪ :‬الجواز ألن األصل في األشياء اإلباحة وكذا‬
‫يجوز ذبح الفيل من أجل االنتفاع بعظمه ويجوز ذبح أي حيوان محرم األكل من أجل االنتفاع بشيء من أجزاء جسمه كالجلود بعد الدباغ‬
‫أو بالعظام أو القرون من الحيوانات التي ينتفع بقرونها أو بريشها أو بأيَ شيء ينتفع به من جسمها‪ ،‬وحل االنتفاع بشيء من أجزاء هذه‬
‫(‪)6‬‬
‫الحيوانات داخل تحت عموم قوله تعالى {وَسَخَرَ لَكُم مَا فِي السَمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَ ْرضِ جَمِيعاً ِمنْهُ ِإنَ فِي ذَِلكَ لَآيَاتٍ لَ َقوْمٍ يَتَفَكَرُونَ}‬
‫قوله تعالى (وَمَا فِي الْأَ ْرضِ جَمِيعاً ) يفيد حل كلما خلقه اهلل في األرض ومنها أجزاء أجساد الحيوانات التي يحرم أكل لحمها على اإلنسان‪،‬‬
‫فكل جزء من أجزاء الحيوانات المحرمة األكل فيه منفعة لإلنسان يجوز له االنتفاع بذلك الجزء‪ ،‬ألن كل ما في الكون ومنه ما خلقه اهلل‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)3( :‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان‪ :‬باب األمر بإحسيان القتيل واليذبح وتحدييد الشيفرة‪ .‬حيديث رقيم (‪ )3615‬بلفيظ‪ :‬عين شيداد بين أوس‬
‫قال ثنتان حفّظتهما عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم قال (إن اهلل كتب اإلحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسينوا اليذبح وليحيد‬
‫أحدكم شفرته فليرح ذبيحته) ‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الديات‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا وابن ماجة في الذبائح وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)16( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء بماء البحر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 53‬بلفظ (عن سعيد بن سلمة من آل ابن األزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني‬
‫عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول‪ :‬سأل رجل النبي صلى اهلل عليه و سلم فقال‪ :‬يا رسول اهلل إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به‬
‫عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال‪ :‬رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪ ،‬هو الطهور ماؤه الحل ميتته ")‪ .‬صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في المياه‪ ،‬وابن ماج ة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬الجاثية‪.)13( :‬‬
‫‪454‬‬
‫في األرض مسخر لمنفعة اإلنسان‪ ،‬وألنه لم يرد دليل صحيح صريح يدل على تحريم االنتفاع بأجزاء الحيوانات التي حرَم الشرع على‬
‫اإلنسان أكل لحمها ‪.‬‬

‫تأثري الذكاة يف احليوان الذي أشرف على املوت من شدة املرض‬


‫الحيوان الذي قد أشرف على الموت من شدة المرض يجوز ذبحه مهما تحرك شيء من أجزاء جسمه مما يدل على بقاء حياته كتحريك‬
‫الذنب أو العين أو األطراف أو ظهرت عليه أيَ عالمة من تحرك جسمه تدل على بقاء حياته قبل التذكية لحديث (َأنَ جَا ِريَةً لِكَعْبِ ْبنِ مَاِلكٍ‬
‫ح ْتهَا بِهِ‪َ ،‬فذَكَرُوا لِّل َنبِيِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَأَمَرَهُمْ‬
‫ج َب ْيّلِ الَذِي بِالسُوقِ وَ ُهوَ بِسَّلْعٍ‪ ،‬فَُأصِيبَتْ شَاةٌ فَكَسَرَتْ حَجَرًا َفذَبَ َ‬
‫غنَمًا لَهُ بِالْ ُ‬
‫تَ ْرعَى َ‬
‫(‪)1‬‬
‫بِأَكّْلِهَا) هذا الجواز من الناحية الشرعية ولكن يجوز لألطباء أن يمنعوا من أكلها من الناحية الطبية إذا كان أكل لحمها يسبب لمن يأكله‬
‫مرضا أو ضرراً‪ ،‬أما إذا تم ذبح الحيوان المشرف على الموت ولم تظهر منه أيَ حركة ال بعينه وال بذنبه وال برجله ولم تظهر عليه أيَ‬
‫حركة تدل على بقاء حياته فهو دليل على أن الذبح لم يقع إال وقد مات الحيوان وال يجوز أكل لحمه ألنه ميتة داخل تحت تحريم قوله‬
‫تعالى (حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ)(‪.)2‬‬

‫ذكاة األم ذكاة اجلنني‬


‫الصحيح‪ :‬أن أكل جنين بهيمة األنعام الذي في بطن أمه جائز وأن ذكاة أمه ذكاة له وال فرق بين كونه قد أشعر أو لم يشعر لحديث (كُّلُوهُ‬
‫جنِينِ ذَكَاةُ أُمِهِ)(‪ )4‬الحديثان دليالن صريحان على جواز أكل الجنين وأن ذكاته هي‬
‫ش ْئتُمْ فَِإنَ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِهِ)(‪ )3‬وفي رواية (ذَكَاةُ الْ َ‬
‫ِإنْ ِ‬
‫ذكاة أمه وال دليل على االشتراط لجواز أكل الجنين أن يكون قد نبت في جلده شعر أو كان فيه الحياة‪ ،‬وأما القول بأنه كان أصحاب‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقولون‪( :‬إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه) فهو حديث موقوف والحديث الموقوف من قسم الحديث‬
‫الضعيف الذي ال يعمل به ‪.‬‬

‫اجلــــــــــــــراد‬
‫(‪)5‬‬
‫الراجح‪ :‬جواز أكل الجراد ولو لم يذك لحديث (أُحِّلَتْ َلنَا َم ْيتَتَانِ الْحُوتُ وَالْجَرَادُ) المراد بالميتتين في الحديث هما ميتة السمك وميتة‬
‫الجراد ‪،‬وال زلت محتاراً عن كيفية إماتة الجراد في زمن النبي صلى اهلل عليه وسلم ألن شوي الجراد بالنار وهو حي تعذيب له وغمسه‬
‫بين الماء الحار تعذيب أيضاً‪ ،‬ونتف ريشه مثلة به ولم يتضح لي كيفية إماتته في عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم حتى اآلن ‪.‬‬

‫احليوانات التي تعيش يف الرب والبحر‬


‫الراجح‪ :‬أن الحيوانات التي تعيش في البر وفي البحر مثل السلحفاة والضفادع وغيرهما من الحيوانات التي تستطيع العيش في البر‬
‫والبحر حكمها حكم الحيوان البري ما دام الحيوان يعيش في البر‪ ،‬ألن حيوانات البحر ال تستطيع العيش في البر أبدا‪ ،‬والواجب تذكية‬
‫(‪)6‬‬
‫ط ِيبَاتِ وَيُحَرِمُ عَ َل ْيهِمُ الْخَبَآئِثَ}‬
‫حلُ َلهُمُ ال َ‬
‫الحيوانات التي تعيش في البر والبحر‪ ،‬والسلحفاة والضفادع قد تندرج تحت قول اهلل تعالى { َويُ ِ‬
‫فمن يستخبث السلحفاة أو الضفادع فهي عليه محرَمة ومن لم يستخبث الضفادع كالمسلمين في الصين فهي له حالل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد‪ .‬حديث رقم(‪ )5502‬بلفظ (عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَخْبَرَ عَبْ َد اللَهِ أَ َ‬
‫ن‬
‫جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَذِي بِالسُوقِ وَهُوَ بِسَلْعٍ‪ ،‬فَأُصِيبَتْ شَاةٌ فَكَ سَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ‪ ،‬فَذَكَرُوا لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسََلمَ فَأَمَرَهُمْ‬
‫بِأَكْلِهَا)‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الذبائح‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪ ،‬ومالك في الذبائح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوكالة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)3( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الضحايا‪ :‬باب ماجاء في ذكاة الجنين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3527‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ‬
‫الْجَنِينِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ‪ ،‬وَقَالَ مُسَدَدٌ قُلْنَا‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ نَنْحَرُ النَاقَةَ وَنَذْبَحُ الْ بَقَرَةَ وَالشَاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ‪ ،‬أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ قَالَ‪ :‬كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَ‬
‫ذَكَاتَ ُه ذَكَا ُة أُمِهِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في األطعمة‪ ،‬وابن ماجة في الذبائح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الذكاة‪ :‬الذبح الشرعي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الضحايا‪ :‬باب ماجاء في ذكاة الجنين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3525‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ذَكَاةُ‬
‫ن ذَكَا ُة أُمِهِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫الْجَنِي ِ‬
‫أخرجه الدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب الصيد‪ :‬باب صيد الحيتان والجراد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2625‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أُحِلَتْ لَنَا‬
‫ن الْحُوتُ وَالْجَرَادُ) صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬ ‫مَيْتَتَا ِ‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬األعراف‪)157( :‬‬
‫‪455‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬الذكـــــــــــاة‬

‫الذكاة في بهيمة األنعام نحر وذبح‬ ‫‪‬‬


‫صفــــــــــــة الـذكــــــــــــــاة‬ ‫‪‬‬
‫قطــــــــــــع الودجــــــين‬ ‫‪‬‬
‫ما تكون به الذكاة‬ ‫‪‬‬
‫شــــــــــروط الذكــــــــــــــــاة‬ ‫‪‬‬
‫حكــــــم التسميــــــة على الذبيحة‬ ‫‪‬‬
‫استقبال القبلة بالذبيحة‬ ‫‪‬‬
‫النيـــــــــــــة في الذبــــــــــــــح‬ ‫‪‬‬

‫‪456‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬الذكـــــــــــاة‬

‫الذكاة يف بهيمة األنعام حنر وذبح‬


‫الذكاة في بهيمة األنعام نحر وذبح فسنة التذكية في الكباش الذبح ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم ذبح الكبشين اللذين ضحى بهما كما في‬
‫حهُمَا ِب َي ِدهِ)(‪ )1‬ومثل‬ ‫حهِمَا يُسَمِي َويُ َكبِرُ َف َذبَ َ‬ ‫ح ْينِ‪ ،‬فَرََأ ْيتُهُ وَاضِعًا َقدَمَهُ عَّلَى صِفَا ِ‬ ‫حديث (ضَحَى ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ بِ َكبْ َ‬
‫ش ْينِ أَمّْلَ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ج َذعَةً ِمنْ الْمَعَزِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ا ْذ َبحْهَا وََلنْ تَصّْلُحَ لِ َغيْ ِركَ) وسنة البقر الذبح لقوله تعالى {وَِإذْ‬ ‫عنْدِي دَاجِنًا َ‬ ‫الكباش الماعز فهي تذبح لحديث (ِإنَ ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫خّلَ عََّل ْينَا َيوْمَ النَحْرِ بِّلَحْمِ بَقَرٍ‪ ،‬فَقُّلْتُ‪ :‬مَا َهذَا؟ قَالَ‪ :‬نَحَرَ رَسُولُ الّلَهِ‬ ‫قَالَ مُوسَى لِ َقوْمِهِ ِإنَ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ َأنْ َت ْذبَحُواْ بَقَ َرةً} و لحديث ( َفدُ ِ‬
‫عنْ أَ ْزوَاجِهِ)(‪ )4‬والمراد بلفظ (نحر) في الحديث الذبح ألن المشهور في سنة البقر الذبح‪ ،‬وسنة النبي صلى اهلل عليه‬ ‫صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫وسلم في اإلبل النحر لنحر النبي صلى اهلل عليه وسلم سبع بدن من هديه صلى اهلل عليه وسلم بيده لحديث (ونحر النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بيده سبع بدن قياما)(‪ )5‬والذكاة في الطيور والدجاج والحيوانات المأكولة الصغيرة كاألرانب وغيرها من الحيوانات التي يجوز‬
‫حهَا َوبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ‬ ‫خ ْذ ُتهَا فََأ َتيْتُ بِهَا َأبَا طَّلْحَةَ َف َذبَ َ‬
‫ظهْرَانِ فَسَعَى الْ َقوْمُ فَّلَ َغبُوا فََأدْرَ ْك ُتهَا فَأَ َ‬ ‫أكلها هي الذبح لحديث (أنْفَ ْ‬
‫جنَا أَ ْر َنبًا بِمَرِ ال َ‬
‫(‪)6‬‬
‫شكَ فِيهِ فَ َقبِّلَهُ قُّلْتُ وَأَ َكّلَ ِمنْهُ قَالَ وَأَ َكّلَ ِمنْهُ) وال تعارض بين هذه‬ ‫خ َذ ْيهَا لَا َ‬ ‫الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ ِبوَرِ ِكهَا َأوْ فَخِ َذ ْيهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَ ِ‬
‫(‪)7‬‬
‫األحاديث وبين حديث (مَا َأ ْنهَرَ الدَمَ َوذُكِرَ اسْمُ الّلَهِ فَ ُكّلْ) ألنه ما أنهر الدم عام يعم النحر والذبح ولفظ (مَا َأ ْنهَرَ الدَمَ) مجمل بينته‬
‫األحاديث التي حكت فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم في نحر اإلبل وذبح البقر وذبح الكباش وتقريره لذبح الماعز واألرانب وغيرها من‬
‫الحيوانات الصغيرة التي يجوز أكلها وفي حالة الضرورة يجوز نحر ما يذبح وذبح ما ينحر من بهيمة األنعام وغيرها من الحيوانات التي‬
‫يجوز أكلها عمالً بحديث (مَا َأنْهَرَ الدَمَ َوذُكِرَ اسْمُ الّلَهِ فَ ُكّلْ) وإذا ند حيوان وصعب إمساكه فضُرب أورُمي فمات بسبب ضربه أورميه‬
‫فالضرب أو الرمي ذكاة له حتى ولو نسي الضارب أو الرامي التسمية عند الضرب أو الرمي ألنه لم يقصد بذبحه أورميه أو ضربه‬
‫إماتته ليتقرب به لألصنام ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االضاحي‪ :‬باب من ذبح األضاحي بيده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5555‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬ضَحَى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ‪،‬‬
‫فَرَأَيْتُ ُه وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِي وَيُكَبِ ُر فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في األ ضاحي‪ ،‬والترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين من‬
‫الصحابة‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة ’ الحج‪.‬‬
‫الصفحة‪ :‬جانب العنق‪.‬‬ ‫معا ني األلفاظ‪ :‬األملح‪ :‬الذي بياضه أكثر من سواده‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االضاحي‪ :‬باب من ذبح األضاحي بيده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5556‬بلفظ (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬ضَحَى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ‬
‫أَبُو بُرْ دَةَ قَبْلَ الصَلَاةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُ ولَ اللَهِ إِنَ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اذْبَحْهَا وَلَنْ تَصْلُحَ‬
‫ب سُنَةَ الْمُسْلِمِينَ)‪.‬‬
‫ح بَعْ َد الصَلَا ِة فَقَ ْد تَ َم نُسُكُ ُه وَأَصَا َ‬
‫ن ذَبَ َ‬ ‫ح لِنَفْسِهِ وَمَ ْ‬ ‫لِغَيْرِاَ‪ ،‬ثُ َم قَالَ‪ :‬مَنْ ذَبَحَ قَبْ َل الصَلَاةِ فَإِنَمَا يَذْبَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في األ ضاحي‪ ،‬والترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في صالة العيدين‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجمعة ’ األيمان والنذور‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الداجن‪ :‬الحيوانات والطيور التي تربى في البيت‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)67( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن‪ .‬حديث رقم (‪ )1720‬بلفظ (عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَحْمَنِ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬سَمِعْتُ عَائِشَةَ‬
‫رَضِيَ الَلهُ عَنْهَا‪ ،‬تَقُولُ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَا نُرَى إِلَا الْحَجَ‪ ،‬فَلَمَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَ دُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬مَا هَذَا؟ قَالَ‪ :‬نَحَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫ن أَزْوَاجِهِ)‪.‬‬ ‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في االحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ .‬و ابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند ااألنصار‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب من نحرهديه بيده‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1712‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ‪ :‬وَنَحَرَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْ ٍ‬
‫ن أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ)‪.‬‬ ‫قِيَامًا‪ ،‬وَضَحَى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ .‬و ابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهاد والسير‪ ،‬األضاحي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الهدية وفضلها والتحريض عليها‪ :‬باب قبول هدية الصيد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5535‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِ‬
‫الّظَهْرَانِ فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِوَرِكِهَا أَوْ فَخِذَيْهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَخِذَيْهَا لَا شَكَ‬
‫فِي ِه فَقَبِلَ ُه قُلْتُ وَأَكَ َل مِنْ ُه قَالَ وَأَكَ َل مِنْهُ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في األطعمة‪ .‬النسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وأبو داود في األطعمة‪ ،‬وا بن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند‬
‫المكثرين‪ ،‬والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫لغبوا‪ :‬تعبوا وعجزوا‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أنفجنا‪ :‬آثرنا وهيجنا‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب ما انهر الدم من القصب والمروة والحديد‪ .‬حديث رقم(‪ )5543‬بلفظ (عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِهِ أَنَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا‬
‫رَسُولَ اللَهِ لَيْسَ لَنَا مُدًى‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا أَنْهَرَ الدَمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَهِ فَكُلْ لَيْسَ الّظُفُرَ وَالسِنَ أَ مَا الّظُفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ وَأَمَا السِنُ فَعَّظْمٌ‪ ،‬وَنَدَ بَعِيرٌ فَحَبَسَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَ لِهَ ِذهِ‬
‫الْإِبِ ِل أَوَابِدَ كَأَوَابِ ِد الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األحكام والفوائد‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪،‬‬
‫والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الشركة الجهادوالسير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أنهر‪ :‬أسال وصب‪.‬‬
‫‪457‬‬
‫صفــــــــــــة الـذكــــــــــــــاة‬
‫الذبح الشرعي هو الذي يقطع الذابح فيه الودجين المريء والحلقوم وأهمها قطع الودجين وإنهار الدم وهذا الذبح هو الذي يبيح أكل‬
‫الحيوان المذبوح ‪.‬‬

‫قطــــــــــــع الودجــــــني‬
‫الراجح‪ :‬وجوب قطع الودجين من المذبوح ألن إنهار الدم ال يكون إال بقطع الودجين لحديث (مَا َأ ْنهَرَ الدَمَ َوذُكِرَ اسْمُ الّلَهِ فَكُّلْ) الحديث‬
‫دليل على وجوب قطع الودجين ألن قطعهما سبب إلنهار دم الحيوان المذبوح والذكاة في أيام النبي صلى اهلل عليه وسلم لم تكن إال بقطع‬
‫الودجين‪ ،‬وأما اشتراط قطع ما عدى الودجين فهي اجتهادات وخالفات في شيء لم توجد به نصوص شرعية ‪.‬‬

‫ما تكون به الذكاة‬


‫تجوز التذكية بكل ما أنهر الدم وفرى األوداج من حديد حاد محدد أو نحوه وال تجوز التذكية بالسن أو الظفر أو العظم لحديث (مَا َأ ْنهَرَ‬
‫سنٌ وَلَا ظُفُرٌ)(‪ )1‬من العلماء من فهم أن النهي عن الذبح بالسن أو الظفر أو العظم ال يدل على فساد‬ ‫الدَمَ َوذُكِرَ اسْمُ الّلَهِ فَكُّلُوهُ مَا لَمْ يَ ُكنْ ِ‬
‫المنهي عنه وإنما يأثم الذابح ويجوز أكل المذبوح‪ ،‬والّظاهر أن الذبح بالسن والظفر والعظم ال يتحقق بواحد منها الذبح الشرعي الذي هو‬
‫إنهار الدم وقطع األوداج‪ ،‬وفي الذبح بواحد من هذه الثالثة تعذيب للمذبوح وقد أمر اهلل باإلحسان في الذبح وإراحة المذبوح وال يتحقق هذا‬
‫حتُمْ‬ ‫إال بالذبح بآلة حادة كالسكين الحادة المحدودة أو نحوها لحديث (ِإنَ الّلَهَ َكتَبَ الْإِحْسَانَ عَّلَى ُكّلِ شَيْءٍ‪ ،‬فَِإذَا َقتَ ّْلتُمْ فَأَحْ ِ‬
‫سنُوا الْقِتّْلَةَ وَِإذَا َذبَ ْ‬
‫حتَهُ)(‪ )2‬الحديث دليل على مشروعية إحسان الذبح وعلى مشروعية استعمال آلة حادة‬ ‫حدُكُمْ شَفْ َرتَهُ فَّلْيُرِحْ َذبِي َ‬
‫حدَ أَ َ‬‫سنُوا ال َذبْحَ وَ ْليُ ِ‬
‫فَأَحْ ِ‬
‫سريعة القطع بحيث يتمكن الذابح بواسطتها من سرعة قطع الجلد و األوداج إلراحة الحيوان المذبوح‪ ،‬والمشروع أن تكون آلة ذبح‬
‫الحيوانات أو نحرها حادة سريعة القطع تسبب راحة المذبوح ال تعذيبه سواء كانت سكينا أو ما يقوم مقام السكين في الذبح السريع المريح‬
‫للمذبوح أو المنحور من الحيوانات التي يجوز أكلها وسواء كان الحيوان المذبوح أو المنحور سيذبح أو سينحر في مسلخ معين للذبح‬
‫وللنحر أو في غير مسلخ ‪.‬‬

‫شــــــــــروط الذكــــــــــــــــاة‬
‫في هذا الباب ثالث مسائل هي اشتراط التسمية واشتراط توجيه الحيوان المذبوح أو المنحور إلى جهة القبلة و اشتراط النية ‪.‬‬

‫حكــــــم التسميــــــة على الذبيحة‬


‫الراجح‪ :‬أن التسمية حال الذبح سنة مؤكدة لحديث (سَمُوا عََّليْهِ َأنْتُمْ وَكُّلُوهُ)(‪ )3‬في الحديث داللة على أن التسمية غير واجبة وإنما هي سنة‬
‫سقٌ}(‪ )4‬ناسخ لحديث (سَمُوا الّلَهَ عََّليْهِ وَكُّلُوهُ)(‪ )5‬ألن‬
‫مؤكدة وال دليل على أن قوله تعالى {وَالَ تَأْكُلُواْ مِمَا لَمْ ُيذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عََليْهِ وَِإنَهُ لَفِ ْ‬
‫اآلية مكية والحديث مدني وال ينسخ المتقدم المتأخر ‪.‬‬

‫استقبال القبلة بالذبيحة‬


‫الراجح‪ :‬عدم اشتراط توجيه الحيوان المذبوح أو المنحور إلى جهة القبلة ألنه لم يرد دليل صحيح صريح يدل على القول باشتراط القبلة‬
‫حال الذبح أو بتوجيه الحيوان المذب وح أو المنحور إلى جهة القبلة ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬بل‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنما‪ .‬حديث رقم (‪ )5543‬بلفظ (عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِهِ رَافِ ِع‬
‫ن وَلَا ظُفُرٌ‪ ،‬وَسَأُحَدِثُكُمْ‬ ‫ن سِ ٌ‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِنَنَا نَلْقَى الْعَدُوَ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا أَنْهَ َر الدَمَ وَذُكِ َر اسْ ُم اللَ ِه فَكُلُوهُ مَا لَ ْم يَكُ ْ‬ ‫ن خَدِيجٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬لِلنَبِ ِ‬ ‫بْ ِ‬
‫عَنْ ذَلِكَ‪ ،‬أَمَا السِنُ فَعَّظْمٌ وَأَمَا الّظُفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ‪ ،‬وَتَقَدَمَ سَرَعَانُ النَاسِ فَأَصَابُوا مِنْ الْغَنَائِمِ وَالنَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي آخِرِ النَاسِ فَنَصَبُوا قُدُورًا فَأَمَرَ بِهَا‬
‫فَأُكْ فِئَتْ‪ ،‬وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ وَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ‪ ،‬ثُمَ نَدَ بَعِيرٌ مِنْ أَوَائِلِ الْقَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ مَ عَهُمْ خَيْلٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَهُ‪ ،‬فَقَالَ إِنَ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَا ِبدِ‬
‫الْوَحْشِ‪ ،‬فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا مِثْلَ هَذَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األحكام والفوائد‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪،‬‬
‫والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الشركة الجهادوالسير‪.‬‬
‫ند‪ :‬هرب ونفر‪.‬‬ ‫أوابد‪ :‬نافرة متوحشة‪.‬‬ ‫أنهر‪ :‬أسال وصب‪.‬‬ ‫معاني األ لفاظ‪ :‬المدية‪ :‬السكين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصيد والذبائح‪ :‬باب األمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5025‬بلفظ (عَنْ شَدَادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ‪ :‬ثِنْتَانِ حَفِّظْتُهُمَا‬
‫عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَ اللَهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ‪ ،‬فَإِذَا قَتَ ْلتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَبْحَ وَلْيُحِدَ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ‬
‫ذَبِيحَتَهُ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الديات‪ ،‬والنسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ .‬ووابن ماجة في الذبائح‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصيد والذبائح‪ :‬باب ذبيحة األعراب ونحوهم‪ .‬حديث رقم (‪ )5507‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ قَوْمًا قَالُوا‪ :‬لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَحْ ِم لَا نَدْرِي أَذُكِ َر اسْ ُم اللَهِ عَلَيْ ِه أَ ْم لَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬سَمُوا عَلَيْ ِه أَنْتُمْ وَكُلُوهُ)‪.‬‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِ َ‬
‫أخرجه النسائي في الضحايا ‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في الذبائح‪ ،‬ومالك في الذبائح‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬البيوع‪ ،‬التوحيد‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)121( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات‪ .‬حديث رقم (‪ )2057‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ قَوْمًا قَالُوا‪ :‬يَا‬
‫رَسُو َل اللَ ِه إِنَ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَحْ ِم لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْ َم اللَ ِه عَلَيْ ِه أَ ْم لَا‪ ،‬فَقَا َل رَسُولُ اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬سَمُوا اللَ َه عَلَيْهِ وَكُلُوهُ)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ .‬ووابن ماجة في الذبائح‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الذبائح والصيد‪ ،‬التوحيد‪.‬‬
‫‪458‬‬
‫لم يرد دليل يدل على وجوب توجيه الحيوان إلى جهة القبلة حال ذبحه أو نحره ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من‬
‫تقريره ‪.‬‬

‫النيـــــــــــــة يف الذبــــــــــــــح‬
‫الراجح‪ :‬عدم اشتراط النية في الذبح إال إذا كان الذبح ذبح عبادة كذبح الهدى أو األضحية أو ذبح نذر أو نحوها فذبح العبادة يشترط فيه‬
‫النية ألن النية شرط في صحة كل عمل عبادي لحديث (إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)(‪)1‬وأما الذبح العادي الذي يقصد به‬
‫الذبح ألكل اللحم فهو ذبح مباح وال يشترط فيه النية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اهلل‪ .‬حديث رقم (‪ )1‬بلفظ (عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقا‬
‫الليثي يقول سمعت عمر بن الخطأب ‪ ‬على المنبر قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا‬
‫يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اإلمارة‪ ،‬والترمذي في فضائل الجهاد‪ ،‬والنسائي في الطهارة‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‬
‫بالجنة‪.‬‬
‫يصيب‪ :‬ينال‪ ،‬والمراد‪ :‬تحصيل أسباب العيش‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النية‪ :‬القصد وعزم القلب على الفعل‪.‬‬
‫‪459‬‬
‫البــــــــــــاب الثـــــــــــالث‪ :‬من جتوز تذكيته ومن ال جتوز‬

‫ذباحــــــــة الكتـــــــــــــــــابي‬ ‫‪‬‬


‫الذبح على غير الطريقة اإلسالمية‬ ‫‪‬‬
‫ذبـــــــــح المــــــــــــــــــرأة‬ ‫‪‬‬
‫ذبــــــــح الصبي والمجنون والسكـــــران‬ ‫‪‬‬
‫ذكـــــــاة الســــــارق والغـــــــــاصب‬ ‫‪‬‬
‫ذبــــــــــــــــــــح قاطــــــع الصــــــــــــــالة‬ ‫‪‬‬
‫ذبـــــــــــــح الحيـــــــوان (العقير أو الهجر)‬ ‫‪‬‬
‫حرمة أكل اللحوم المستوردة من البلدان الكافرة التي تذبح على غير الطريقة اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حرمة ذبح الحيوان في غير موضع الذبح الشرعي إال إذا ندَ‬ ‫‪‬‬

‫‪461‬‬
‫البـاب الثالـــــث‪ :‬من جتوز تذكيته ومن ال جتوز‬

‫ذباحــــــــة الكتـــــــــــــــــابي‬
‫الصحيح‪ :‬جواز ذباحة أهل الكتاب مطلقا حتى ولو كان اآلمر للكتابي بالذبح غير كتابي كمشرك أو نحوه المهم أن يكون الكتابي هو‬
‫المباشر للذبح‪ ،‬وسواء كان الذبح للكتابيين أو للمسلمين وسواء كان الذابح من أهل الكتاب من العرب أومن غير العرب ال فرق ألنه‬
‫يجمعهم اسم الكتابي وسواء كان الكتابي يهودياً أو نصرانياً ألن األصل جواز أكل طعامهم وذبائحهم من طعامهم لعموم قوله تعالى‬
‫حلُ َلهُمْ}(‪ )1‬اآلية تفيد حل طعام أهل الكتاب وذبائحهم مطلقاً سواء سموا اهلل حال الذبح أم لم‬ ‫حلٌ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ ِ‬
‫{وَطَعَامُ الَذِينَ أُوتُواْ الْ ِكتَابَ ِ‬
‫حلُ َلهُمْ}وبين قوله تعالى {وَمَا أُ ِهلَ بِهِ‬
‫حلٌ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ ِ‬
‫يسموا اهلل حال الذبح‪ ،‬وال تعارض بين قوله تعالى‪{ :‬وَطَعَامُ الَذِينَ أُوتُواْ الْ ِكتَابَ ِ‬
‫لِ َغيْرِ اللّهِ}(‪ )2‬ألن اآلية األولى تعم كل طعام ألهل الكتاب لم يحرم في شريعتنا كالخنزير والخمر ومن عموم أطعتهم ذبائحهم فذبائحهم‬
‫حالل بنص اآلية‪ ،‬واآلية الثانية تخصص ذبائح المشركين والوثنيين الذين ليسوا من أهل الكتاب وال تعارض بين اآليتين‪ ،‬ويجوز أكل‬
‫كلما اشتملت عليه ذبيحة أهل الكتاب الشحم واللحم وغيره مما حرموه على أنفسهم أو حرَم عليهم في التوراة لعموم الطعام في قوله تعالى‬
‫{وَطَعَامُ اَلذِينَ أُوتُواْ الْ ِكتَابَ حِلٌ لَكُمْ}ألن اآلية تفيد إباحة طعام أهل الكتاب إباحة مطلقه غير مقيدة بتحريم شيء مما حرَم عليهم‪ ،‬أو‬
‫حرَموه على أنفسهم‪ ،‬وقد أكل النبي صلى اهلل عليه وسلم من الشاة التي ذبحتها له المرأة اليهودية في غزوة خيبر مع أنها ذبحتها للنبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ولم تذبحها لنفسها أو لليهود فاألكل من ذبائحهم جائز سواء ما حرَموه على أنفسهم أو حرمته عليهم التوراة أو‬
‫غيرها‪.‬‬

‫الذبح على غري الطريقة اإلسالمية‬


‫سبب تحريم ذبائح أهل الكتاب في عصرنا هو لكونها ال تذبح على الطريقة اإلسالمية ال لكون الذابح لها كتابي‪ ،‬والذبح على غير الطريقة‬
‫اإلسالمية هو أن تضرب في رأسها أو في أي موضع من جسمها حتى تموت من الضرب أو تصعق بكهرباء في رأسها أو في أي موضع‬
‫من جسمها فتموت بذلك الصعق أو تموت بأي سبب من ضرب أو صعق أو غيره قبل أن يُنهر دمه وتقطع أوداجه وال يقطع رأس‬
‫الحيوان إال بعد موته فهذه الطريقة غير مشروعة ويحرم أكل لحمها حتى لو كانت من مسلم ‪.‬‬

‫ذبـــــــــح املــــــــــــــــــرأة‬
‫ج َب ْيّلِ الَذِي بِالسُوقِ وَ ُهوَ بِسَّلْعٍ فَُأصِيبَتْ شَاةٌ فَكَسَرَتْ حَجَرًا‬ ‫الصحيح‪ :‬جواز ذبح المرأة لحديث (َأنَ جَا ِريَةً لِكَعْبِ ْبنِ مَاِلكٍ تَ ْرعَى َ‬
‫غنَمًا لَهُ بِالْ ُ‬
‫َف َذبَحَ ْتهَا بِهِ َفذَكَرُوا لِّل َنبِيِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَأَمَرَهُمْ بِأَكّْلِهَا)(‪ )3‬الحديث دليل صحيح صريح على جواز أكل ما تذبحه المرأة من‬
‫الحيوانات التي يجوز أكلها ‪.‬‬

‫ذبــــــــح الصبي واجملنون والسكـــــران‬


‫الراجح‪ :‬جواز أكل ما يذبحه الصبي والمجنون والسكران من الحيوانات والطيور التي يجوز أكلها بشرط أن يكون ذبح كل واحد منهم‬
‫على الطريقة اإلسالمية‪ ،‬وهي إنهار دم الحيوان المذبوح في محل النحر أو الذبح وقطع أوداجه‪ ،‬ألن األصل اإلباحة في كل شيء لم‬
‫تحرمه نصوص الشريعة اإلسالمية ولم يرد نص يحرم ذبح الصبي وال المجنون وال السكران ‪.‬‬

‫ذكـــــــاة الســــــارق والغـــــــــاصب‬


‫الراجح‪ :‬أن الغصب والسرق حرام يأثم الغاصب بغصبه ويأثم السارق بسرقته ويجب تعزيرهما على معصية الغصب أو السرقة ولكن‬
‫ذكاة كل منهما جائزة ألن األصل الجواز‪ ،‬لحديث (أطعميه اآلساري)(‪ )4‬الحديث دليل على أن لحم الحيوان المسروق أو المغصوب يعطى‬
‫لحمه لألساري أو للمحابيس الذين في السجون ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)5( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)173( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح الب خاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5505‬بلفظ (عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَخْبَرَ عَبْدَ‬
‫اللَهِ‪ ،‬أَنَ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَذِي بِالسُوقِ وَهُ وَ بِسَلْعٍ فَأُصِيبَتْ شَاةٌ فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ فَذَكَرُوا لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَأَمَرَهُمْ‬
‫بِأَكْلِهَا)‪.‬‬
‫أخرجه ابن ماجة في الذبائح والصيد‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪ ،‬ومالك في الذبائح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب في اجتناب الشبهات‪ .‬حديث رقم (‪ )3332‬بلفظ (عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ ‪ ،‬قَالَ ‪ :‬خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فِي جَنَازَةٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُوَ عَلَى الْقَبْرِ يُوصِي الْحَافِرَ أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ‪ ،‬فَلَمَا رَجَعَ اسْتَقْبَلَهُ دَاعِي امْرَأَةٍ فَجَاءَ‬
‫وَجِيءَ بِالطَعَامِ فَوَضَعَ يَدَهُ ثُمَ وَضَعَ الْقَوْمُ فَأَكَلُوا‪ ،‬فَنَّظَرَ آبَاؤُنَا رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَلُواُ لُقْمَةً فِي فَمِهِ‪ ،‬ثُمَ قَال‪ :‬أَجِدُ لَحْمَ شَاةٍ أُخِذَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا‪،‬‬
‫فَأَرْسَلَتْ الْمَرْأَةُ ‪ ،‬قَالَتْ ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنِي أَرْسَلْتُ إِلَى الْبَقِيعِ يَشْتَرِي لِي شَاةً فَلَمْ أَجِدْ فَأَرْسَلْتُ إِلَى جَارٍ لِي قَدْ اشْتَرَى شَاةً أَنْ أَرْسِلْ إِلَيَ بِهَا بِثَمَنِهَا فَلَمْ يُوجَدْ‪،‬‬
‫ي بِهَا فَقَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَطْعِمِي ِه الْأُسَارَى) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت إِلَ َ‬
‫فَأَرْسَلْتُ إِلَى امْرَأَتِ ِه فَأَرْسَلَ ْ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند األنصار ‪.‬‬
‫‪461‬‬
‫ذبــــــــــــــــــــح قاطــــــع الصــــــــــــــالة‬
‫ذبح قاطع الصالة مبني على الخالف في حكم قاطع الصالة عمدا فمن قال‪ :‬بكفر قاطع الصالة بقطعه للصالة المفروضة قال‪ :‬بعدم جواز‬
‫ذبح قاطع الصالة وأنه يحرم األكل من ذبيحة قاطع الصالة‪ ،‬ومن قال‪ :‬يفسق قاطع الصالة قال‪ :‬بجواز ذبح قاطع الصالة واألكل منها ‪.‬‬

‫ذبـــــــــــــح احليـــــــوان (العقري أو اهلجر)‬


‫ذبح الحيوان المصطلح عليه في اليمن بلفظ (العقير أو الهجر) وكيفيته أن يؤتى بالثور أو الكبش ويذبح عند بيت أو في ساحة من يقصد‬
‫بذبح الحيوان أو الحيوانات إرضائه سواء كان فردا أو أسرة أو قبيلة وقد صار الذبح عرفا عند بعض القبائل كوسيلة لحل المشاكل التي‬
‫تنشأ بين أفراد أو أسر أو قبائل‪ ،‬والعلماء مختلفون في حكم هذا الذبح‪ ،‬فبعضهم قال‪ :‬بأنه جائز لكونه وسيلة لحل المشاكل وبعضهم قال‪:‬‬
‫بأنه محرم ألنه ذبح أهل به لغير اهلل حيث ذبح بقصد إرضاء شخص أو أسرة أو قبيلة وبعض العلماء قالوا‪ :‬يجوز هذا الذبح للضرورة‬
‫ألنه إذا لم يحصل هذا الذبح تتعقد المشكلة وقد يحصل سفك دماء‪ ،‬وأنا أعتبر هذا الذبح شبهة من الشبهات والمؤمنون وقافون عند‬
‫(‪)1‬‬
‫شكُ َأنْ ُيوَاقِعَهُ)‬
‫ح ْولَ الْحِمَى يُو ِ‬
‫شبُهَاتِ كَرَاعٍ يَ ْرعَى َ‬
‫س َتبْرَأَ ِلدِينِهِ َوعِ ْرضِهِ‪ ،‬وَ َمنْ وَقَعَ فِي ال ُ‬ ‫الشبهات لحديث (فَ َمنْ اتَقَى الْمُ َ‬
‫ش َبهَاتِ ا ْ‬
‫المخرج من هذا الحرج الشرعي هو أن المهجِر يصطحب معه الحيوان أو الحيوانات التي يريد تقديمها هجر للمهجَر سواء كان شخصاً أو‬
‫أسرة أو قبيلة وال يذبح الحيوانَ المهجِر به بل يتركه حياً ويترك التصرف فيه للمهجَر أو المهجَرين إن أحبوا أن يذبحوه ويطبخوه لحما‬
‫للمهجِر أو المهجِرين فليذبحوه باختيارهم وإن أرادوا أن يحتفظوا به ويتملكوه فلهم ذلك‪ ،‬وإن أرادوا إرجاعه للمهجِرين بعد قبوله منهم‬
‫وحصول الرضا وطيبة النفس فلهم إرجاعه أو يتصرفون فيه بحسب ما يرون‪ ،‬هذا التصرف شرعي وجائز وال يحصل فيه الحرج‬
‫الشرعي الذي يحصل بالذبح‪ ،‬ألن العقير في هذه الحالة سيكون عبارة عن هدية مقدمة من المهجِر أو المهجِرين إلى المهجَر أو‬
‫المهجَرين ‪.‬‬

‫حرمة أكل اللحوم املستوردة من البلدان الكافرة التي تذبح على غري الطريقة اإلسالمية‪.‬‬

‫البالغ أن الدجاج وغيره من الحيوانات األخرى المستورد لحمها من بلدان غير إسالميه ال يذبحونها على الطريقة اإلسالمية وهي إماتة‬
‫الحيوان بإنهار دمه وقطع أوداجه وإنما يميتون الحيوانات بطرق أخرى‪ ،‬كالضرب على رأس الحيوان بمثقل حتى يموت أو إماتة الحيوان‬
‫بالصعق الكهربائي أو بوسائل وطرق أخرى تسبب موت الحيوان قبل أن ينهر دمه وتقطع أوداجه ثم يقطع رأسه وينهر دمه بعد موته‪،‬‬
‫وبهذه الطرق يكون الحيوان ميتة ألنه مات قبل أن يذكي الذكاة الشرعية ويكون حكم أكل لحمه حكم أكل لحم الميتة وهو التحريم لدخوله‬
‫تحت قوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ}(‪ )2‬و قطع رأس الحيوان وقطع أوداجه وإنهار دمه بعد تحقق موته يكون ذبحا غير شرعي‬
‫ويصدق عليه أنه ذبح على غير الطريقة اإلسالمية‪ ،‬فإذا ثبت وحصل اليقين أو غلب الظن أن الدجاج واللحوم األخرى المستوردة من بالد‬
‫غير المسلمين تذبح على غير الطريقة اإلسالمية فهي حرام لكونها ميتة ال لكون الذابح لها كتابياً‪ ،‬وإذا حصل اليقين بعد البحث والتحري‬
‫أنها تذبح على الطريقة اإلسالمية فهي حالل‪ ،‬والعبرة بما يصح بعد البحث والتحري من قبل أشخاص موثوقين أوجهات إسالمية موثوقة‬
‫تعيش في البلدان المصدرة للدجاج وللحوم المستوردة إلى بالد المسلمين ‪.‬‬
‫َ‬
‫حرمة ذبح احليوان يف غري موضع الذبح الشرعي إال إذا ند‬
‫ال يجوز ذبح الحيوان في غير موضع الذبح الشرعي إال إذا ندَ ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم قيد جواز الذبح في غير الرقبة بما إذا ندَ‬
‫صنَعُوا بِهِ هَ َكذَا)(‪ )3‬ومعنى لفظ(ندَ) في الحديث‬
‫الحيوان للضرورة فقط لحديث (ِإنَ ِل َه ِذهِ ا ْلبَهَائِمِ َأوَا ِبدَ كََأوَا ِبدِ الْوَحْشِ فَمَا غََّلبَكُمْ ِمنْهَا فَا ْ‬
‫أسرع في مشيه وال أحدا يستطيع أن يلحقه أو يمسكه ويصير كالمجنون من اقترب منه عقره أو نطحه وللجمال وللبقر منها عادات‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األيمان‪ :‬باب فضل من استبرأ لدينه‪ .‬حديث رقم (‪ ) 52‬بلفظ (عَنْ عَامِرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ النُعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ يَقُولُ‪ :‬الْحَلَالُ بَيِنٌ وَالْحَرَامُ بَيِنٌ‪ ،‬وَبَيْنَهُمَا مُشَبَهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَاسِ‪ ،‬فَمَ نْ اتَقَى الْمُشَبَهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ‪ ،‬وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُبُهَاتِ‬
‫كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ‪ ،‬أَلَا وَإِنَ لِكُلِ مَلِكٍ حِمًى‪ ،‬أَلَا إِنَ حِمَى اللَهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ‪ ،‬أَلَا وَإِنَ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُهُ وَإِذَا‬
‫ت فَسَ َد الْجَسَ ُد كُلُهُ‪ ،‬أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)‪.‬‬
‫فَسَدَ ْ‬
‫أخر جه مسلم في المساقاة‪ ،‬والترمذي في البيوع‪ ،‬والنسائي في البيوع‪ ،‬وأبو داود في البيوع‪ ،‬وابن ماجة في الفتن‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في‬
‫البيوع‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬البيوع‪.‬‬
‫يواقعه‪ :‬يدخله‪،‬‬ ‫الحمى‪ :‬أرض مخصوصة يمنع الغير من دخولها‪.‬‬ ‫الشبهات‪ :‬ما تردد بين الحل والحرمة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬استبرأ‪ :‬صان وحفظ‪.‬‬
‫مضغة‪ :‬قطعة لحم بقدر ما يمضغ‪.‬‬ ‫ما حرمه ونهى عن إتيانه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الشركة‪ :‬باب من عدل عشرا من الغنم بجزور في القسم‪ .‬حديث رقم(‪ )2507‬بلفظ (عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ‬
‫ن تِهَامَ َة فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلًا فَعَجِ َل الْقَوْمُ فَأَغْلَوْا بِهَا الْقُدُورَ‪ ،‬فَجَاءَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنَا مَ َع النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم بِذِي الْحُلَيْفَةِ مِ ْ‬
‫ن بَعِيرًا نَدَ وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ إِلَا خَيْ ٌل يَسِيرَةٌ فَرَمَا ُه رَجُ ٌل فَحَبَسَ ُه بِسَهْمٍ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪:‬‬ ‫ن الْغَنَ ِم بِجَزُورٍ‪ ،‬ثُ َم إِ َ‬
‫فَأَمَ َر بِهَا فَأُكْفِئَتْ‪ ،‬ثُ َم عَدَلَ عَشْرًا مِ ْ‬
‫إِنَ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ جَدِي‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنَا نَرْجُو أَوْ نَخَافُ أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى فَنَذْبَحُ‬
‫ن فَعَّظْمٌ وَأَمَا الّظُفُ ُر فَمُدَى الْحَبَشَةِ)‪.‬‬
‫ك أَمَا السِ ُ‬
‫ن ذَلِ َ‬
‫ن وَالّظُفُرَ‪ ،‬وَسَأُحَدِثُكُمْ عَ ْ‬ ‫س السِ َ‬ ‫بِالْقَصَبِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اعْجَ ْل أَ ْو أَرْنِي مَا أَنْهَ َر الدَ َم وَذُكِ َر اسْ ُم اللَهِ عَلَيْ ِه فَكُلُوا لَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األحكام والفوائد‪ ،‬والنسائي في الصيدوالذبائح‪.‬وأبوداود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكيين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجهادوالسير‪ ،.‬الذبائح والصيد‪.‬‬
‫مدى‪ :‬جمع مدية وهي السكين‪.‬‬ ‫أوابد‪ :‬نافرة متوحشة‪.‬‬ ‫حبسه‪ :‬أصابه‪.‬‬ ‫ند‪ :‬هرب ونفر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬كفأ‪ :‬قلب‪.‬‬
‫‪462‬‬
‫كعادات الوحش في الهرب واالعتداء على اإلنسان وما كان من البهائم بهذه الصفة فيجوز رميه أو عقره في أي موضع من جسمه‪ ،‬وإذا‬
‫صنَعُوا بِهِ هَ َكذَا)‪.‬‬
‫أنهر دمه ومات بسبب الرمي أو الطعن بآلة حادة أنهرت دمه فتكون ذكاته الشرعية للضرورة وعمال بالحديث (فَا ْ‬

‫‪463‬‬
‫كتاب‬

‫الصيـــــــــــــد‬

‫‪464‬‬
‫الكتاب الثاني عشـر‪ :‬كتـــــاب الصيــــــــد‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬حكم الصيد‬


‫‪ ‬البـاب الثـانـي‪ :‬فيمـــا يكون به الصيـــــــــــــد‬

‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬الذكاة المختصة بالصيد‬

‫‪465‬‬
‫الباب األول‪ :‬الصيد وحكمه‬

‫‪ ‬تعريف الصيد‬

‫‪ ‬مشروعية الصيد‬

‫‪ ‬حكم الصيد‬

‫‪ ‬محــــل الصيـــــــــــد‬

‫‪ ‬الحيوان اإلنسي المتوحش‬

‫‪466‬‬
‫الباب األول‪ :‬الصيد وحكمه‬

‫تعريف الصيد‬
‫(‪)1‬‬
‫وقوله‬ ‫ص ْيدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}‬
‫الصيد (لغة)‪ :‬مصدر الفعل (صَ َادَ)‪ ،‬وقد أطلق على اسم المفعول كقوله تعالى {يَا َأيُهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ الَ تَ ْق ُتلُواْ ال َ‬
‫ص ْيدُ ا ْلبَحْرِ وَطَعَامُهُ َمتَاعاً لَكُمْ}(‪.)2‬‬
‫حلَ لَكُمْ َ‬
‫{أُ ِ‬

‫الصيد (شرعاً)‪ :‬اقتناص حيوان حالل متوحش بالطبع غير مملوك‪.‬‬

‫مشروعية الصيد‬
‫(‪)3‬‬
‫ص ْيدُ ا ْلبَحْرِ‬‫حلَ لَكُمْ َ‬ ‫ص ْيدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} وقوله {أُ ِ‬ ‫الصيد مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ الَ تَ ْق ُتلُواْ ال َ‬
‫سهِ‪ ،‬قُّلْتُ‪ :‬أُرْسِّلُ كَّلْبِي فَأَجِدُ‬ ‫وَطَعَامُهُ َمتَاعاً لَكُمْ}(‪ )4‬ومن السنة حديث (إِذَا أَرْسَّلْتَ كَّلْبَكَ ا ْل ُمعََّلمَ فَقَتَّلَ فَكُّلْ‪ ،‬وَإِذَا َأكَّلَ فَّلَا تَأْكُّلْ فَإِ َنمَا أَمْ َ‬
‫س َكهُ عَّلَى نَفْ ِ‬
‫ع ْنكَ فََأدْرَ ْكتَهُ فَكُّلْهُ مَا لَمْ‬
‫سهْ ِمكَ فَغَابَ َ‬ ‫سمِ عَّلَى كَّلْبٍ آخَرَ)(‪ )5‬وحديث (إذَا رَ َميْتَ بِ َ‬ ‫َم َعهُ كَّلْبًا آخَرَ ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَّلَا تَأْكُّلْ فَإِ َنمَا َ‬
‫سمَيْتَ عَّلَى كَّلْبِكَ وَ َلمْ تُ َ‬
‫ُي ْن ِتنْ)(‪.)6‬‬

‫حكم الصيد‬
‫ص ْيدُ ا ْلبَرِ مَا دُ ْمتُمْ حُ ُرماً وَاتَقُواْ‬
‫سيَا َرةِ وَحُرِمَ عََليْكُمْ َ‬
‫ص ْيدُ ا ْلبَحْرِ وَطَعَامُهُ َمتَاعاً لَكُمْ وَلِل َ‬ ‫حلَ لَكُمْ َ‬ ‫األصل أن حكم الصيد مباح لقوله تعالى {أُ ِ‬
‫اللّهَ اَلذِيَ إَِليْهِ تُحْشَرُونَ}(‪ )7‬وقوله تعالى {وَِإذَا حَلَ ْلتُمْ فَاصْطَادُواْ} األمر باالصطياد بعد النهي عنه يفيد اإلباحة والصيد قد يكون واجبا في‬
‫حالة إذا ما كان الصائد ال يملك من المال ما يأكله هو وأفراد عائلته ففي هذه الحالة يجب على اإلنسان الصيد إلطعام عائلته‪ ،‬وقد يكون‬
‫مندوبا في حالة ما إذا كانت الحاجة لم تبلغ به وال بأفراد أسرته الذين يعولهم حدَ الضرورة‪ ،‬وقد يكون الصيد محرما وذلك في حالة‬
‫إحرامه بالحج أو العمرة‪ ،‬وقد يكون الصيد مكروها وذلك في حالة الصيد للتالعب والتلهي به وفي حالة اإلسراف في االصطياد الذي ال‬
‫عنْ‬ ‫حاجة للصائد في صيده ال في أكله وال في االنتفاع بثمنه‪ ،‬ومما يدل على جواز الصيد حديث (سَأَلْتُ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫جدُ مَعَهُ‬
‫سّلُ كَ ّْلبِي وَأُسَمِي فَأَ ِ‬‫ح ِدهِ فَ ُكّلْ‪ ،‬وَِإذَا َأصَابَ بِعَ ْرضِهِ فَ َقتَّلَ‪ :‬فَّلَا تَأْ ُكّلْ َفِإنَهُ وَقِيذٌ‪ ،‬قُّلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ الّلَهِ أُرْ ِ‬ ‫الْمِعْرَاضِ‪ ،‬فَقَالَ‪ِ :‬إذَا َأصَابَ بِ َ‬
‫(‪)8‬‬
‫خذَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تَأْ ُكّلْ ِإنَمَا سَ َميْتَ عَّلَى كَ ّْل ِبكَ وَلَمْ تُسَمِ عَّلَى الْآخَرِ) الحديث دليل صحيح‬ ‫ص ْيدِ كَ ّْلبًا آخَرَ لَمْ أُسَمِ عَّلَيْهِ وَلَا َأدْرِي َأ ُيهُمَا أَ َ‬
‫عَّلَى ال َ‬
‫صريح في داللته على جواز الصيد وإباحته‪.‬‬

‫حمــــل الصيـــــــــــد‬
‫(‪)9‬‬
‫سيَارَةِ} فكل‬ ‫ص ْيدُ ا ْلبَحْرِ وَطَعَامُهُ َمتَاعاً لَكُمْ وَلِل َ‬
‫حلَ لَكُمْ َ‬‫محل الصيد هو الحيوان البحري (السمك) بكل أنواعه وأصنافه لقوله تعالى {أُ ِ‬
‫حيوان بحري مهما كان شكله أو حجمه أو لونه أو اسمه أو صفته وفي أي بحر أو ماء يعيش فهو حالل ألن كل حيوان بحري ال يعيش‬
‫ص ْيدُ الْبَحْرِ}وألن لفظ (صيد) مصدر مضاف إلى لفظ‬ ‫حلَ لَكُمْ َ‬ ‫إال بين الماء هو داخل تحت عموم إباحة صيد البحر في قوله تعالى {أُ ِ‬
‫(الْبَحْرِ ) والمصدر المضاف يفيد العموم فاآلية تفيد إباحة صيد كل حيوان بحري مهما كان شكله أو حجمه أو وصفه‪ ،‬ومن الحيوان البري‬
‫ما يحل أكله وهو غير مستأنس‪ ،‬كالظباء والحمر الوحشية واألرانب واألوبار والطيور التي ال مخلب لها وغيرها من حيوانات البر‬
‫جوَارِحِ مُكَِلبِينَ‬‫علَ ْمتُم ِمنَ الْ َ‬
‫ط ِيبَاتُ وَمَا َ‬‫حلَ لَكُمُ ال َ‬ ‫المأكولة اللحم من الحيوانات المستوحشة لقوله تعالى {يَسْأَلُو َنكَ مَاذَا أُحِلَ َلهُمْ ُقلْ أُ ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)15( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‬‫ت النَبِ َ‬ ‫ن حَاتِمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْ ُ‬ ‫ي بْ ِ‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب الماء الذي يغسل به شعر اإلنسان‪ .‬حديث رقم (‪ )161‬بلفظ (عَنْ عَدِ ِ‬
‫ك الْمُعَلَ َم فَقَتَ َل فَكُلْ‪ ،‬وَإِذَا أَكَ َل فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَمَا أَمْسَكَ ُه عَلَى نَفْسِهِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أُرْسِ ُل كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَ ُه كَلْبًا آخَ َر ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَا تَأْكُ ْل فَإِنَمَا سَمَيْتَ عَلَى كَلْبِكَ‬
‫‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَ َ‬
‫ب آخَرَ)‬ ‫وَلَ ْم تُسَمِ عَلَى كَلْ ٍ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وأبوداود في الصيد‪ ،‬وابن ماجه في الصيد‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪،‬‬
‫والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيد والذبائح‪ :‬باب إذا غاب عنه الصيد ثم وجده‪ .‬حديث رقم(‪ ) 4162‬بلفظ (عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا‬
‫ك فَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْ ُه مَا لَ ْم يُنْتِنْ)‪.‬‬
‫ت بِسَهْمِكَ فَغَابَ عَنْ َ‬ ‫رَمَيْ َ‬
‫أخرجه البخاري في الذبائح والصيد‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ‬ ‫ت النَبِ َ‬ ‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْ ُ‬‫ي بْنِ حَاتِمٍ رَضِ َ‬ ‫ن عَدِ ِ‬‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب تفسير الشبهات‪ .‬حديث رقم (‪ )5476‬بلفظ (عَ ْ‬
‫الْمِعْرَاضِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا أَصَابَ بِحَدِهِ فَكُلْ‪ ،‬وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ‪ :‬فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَهُ وَقِيذٌ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أُرْسِلُ كَلْ بِي وَأُسَمِي فَأَجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَيْدِ كَلْبًا آخَرَ لَمْ أُسَمِ‬
‫ك وَلَ ْم تُسَمِ عَلَى الْآخَرِ)‪.‬‬ ‫ت عَلَى كَلْبِ َ‬ ‫عَلَيْهِ وَلَا أَدْرِي أَيُهُمَا أَخَذَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تَأْكُ ْل إِنَمَا سَمَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والن سائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصيد‬
‫أطراف الحديث‪:‬التوحيد‪.‬‬
‫الوقيذ‪ :‬ما يقتل بغير أداة حادة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المعراض‪ :‬سهم يصيب بعرضه دون حده‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪467‬‬
‫تُعَلِمُو َن ُهنَ مِمَا عَلَمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَا أَمْسَ ْكنَ عََليْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عََليْهِ وَاتَقُواْ اللّهَ إِنَ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(‪ )1‬ولحديث (وَمَا ِ‬
‫صدْ َ‬
‫ت‬
‫غيْرِ مُعَّلَمٍ فََأدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُّلْ)(‪ )2‬اآلية‬ ‫صدْتَ بِكَ ّْل ِبكَ الْمُعَّلَمِ َفذَكَرْتَ اسْمَ الّلَهِ فَ ُكّلْ‪ ،‬وَمَا ِ‬
‫صدْتَ بِكَ ّْل ِبكَ َ‬ ‫سكَ َفذَكَرْتَ اسْمَ الّلَهِ فَ ُكّلْ‪ ،‬وَمَا ِ‬
‫بِ َقوْ ِ‬
‫والحديث يدالن على جواز اصطياد أيَ حيوان برى متوحش مما يجوز أكله في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬سواء كان الحيوان الذي يراد‬
‫اصطياده من الطيور أو من الحيوانات التي تعيش في البر ألنها كلها محل لالصطياد البري‪ ،‬وال يشترط أن يذبح الصيد في رقبته كذبح‬
‫الحيوان المستأنس بل يجوز رميه أو عقره في أيِ موضع من جسمه ورميه أو عقره أو طعنه في أيِ موضع من جسمه الذي يسبب موت‬
‫الحيوان المُصاد هو تذكيته المجيزة لحل أكله‪.‬‬

‫احليوان اإلنسي املتوحش‬


‫الصحيح‪ :‬أن البعير الشارد أو البقر الشارد إذا لم يقدر اإلنسان على ذكاته بالنحر أو الذبح لشروده فإنه يقتل كالصيد‪ ،‬والعلة هي عدم‬
‫التمكن من نحر اإلبل أو ذبح البقر أو الغنم لشروده فإنه يحكم عليه في حال شروده كما يحكم على الصيد فيرمي فيكون الرمي ذكاة له‬
‫ويسلخ بعد الرمي ويؤكل لحمه وال بدَ أن يكون رميه بمحدد أو خارق كالرمي بالرصاص أما لو صدم اإلنسان الحيوان الشارد بسيارة‬
‫فمات من الصدمة فال يحل أكله ألنه يصير ميتة لموته بالمثقل وال يجوز أكل لحمه ألن أكل الميتة حرام لقوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ‬
‫الْ َم ْيتَةُ}(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)4( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ص حيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب صيد القوس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5475‬بلفظ (عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬يَا نَبِيَ اللَهِ إِنَا بِأَ ْرضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ‬
‫ن وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا‬ ‫ت مِنْ أَهْ ِل الْكِتَابِ فَإِ ْ‬
‫ح لِي؟ قَالَ‪ :‬أَمَا مَا ذَكَرْ َ‬‫س بِمُعَلَ ٍم وَبِكَلْبِي الْمُعَلَمِ‪ ،‬فَمَا يَصْلُ ُ‬
‫ض صَيْدٍ‪ ،‬أَصِي ُد بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَذِي لَيْ َ‬
‫الْكِتَابِ‪ ،‬أَفَنَأْكُ ُل فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْ ِ‬
‫فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا‪ ،‬وَمَا صِدْتَ بِقَ وْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَكُلْ‪ ،‬وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَكُلْ‪ ،‬وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْ ِر‬
‫مُعَلَمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَ ُه فَكُلْ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبا ئح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الذكاة‪ :‬الذبح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪468‬‬
‫البــاب الثــانـي‪ :‬فيمـــا يكون به الصيـــــــــــــد‬

‫‪ ‬الصيد يتم بوسيلة االصطياد التي تخرق جسم الحيوان‬

‫‪ ‬قياس الجوارح على الكلب‬

‫‪469‬‬
‫البــاب الثــانـي‪ :‬فيمـــا يكون به الصيـــــــــــــد‬

‫الصيد يتم بوسيلة االصطياد التي خترق جسم احليوان‬


‫الصيد يتم بوسيلة االصطياد بالوسائل الحادة المحددة التي تسبب موت الحيوان المُصاد وإزهاق روحه نتيجة ألثر آلة الصيد الحادة التي‬
‫تخرق جسم الحيوان أو تجرح جسمه كالصيد بالبنادق الصيد يتم بوسيلة االصطياد بالوسائل الحادة المحددة التي تسبب موت الحيوان‬
‫المُصاد وإزهاق روحه نتيجة ألثر آلة الصيد الحادة التي تخرق جسم الحيوان أو تجرح جسمه كالصيد بالبنادق التي يؤدي رصاصها إلى‬
‫خرق جسم الحيوان المصاد‪ ،‬والصيد بالرماح أو السهام أو الضرب بالسيوف وغيرها من اآلالت الحادة التي تؤدي إلى إزهاق روح‬
‫(‪)1‬‬
‫ص ْيدِ َتنَالُهُ َأ ْيدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}‬
‫الحيوان المصاد بواسطة خرق جسمه أو جرحه لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ َليَبُْل َونَكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ ِمنَ ال َ‬
‫فالرماح هي آلة حادة تؤدي إلى جرح الحيوان ويقاس على الرماح كل آلة حادة جارحة أو خارقة تؤدي إلى موت الحيوان المصاد بفعل‬
‫آلة الصيد التي تخرق جسم الحيوان أو جرح جسمه وإزهاق روحه سواء كانت بنادق أو غيرها من آالت الصيد الحادة والجارحة أو‬
‫الخارقة لجسم الحيوان المصاد الذي يعيش في البر ألن حيوانات البحر ال يشترط في آلة صيدها أن تكون حادة وال يشترط لحل أكلها أن‬
‫تصاد بآلة حادة تخرق جسم الصيد أو تجرحه كما يشترط في صيد البر‪ ،‬ويتم صيد البر بواسطة الحيوانات المعلمة كالكالب المعلمة‬
‫جوَارِحِ مُكَِلبِينَ‬ ‫طيِبَاتُ وَمَا عَلَ ْمتُم ِمنَ الْ َ‬ ‫حلَ لَكُمُ ال َ‬
‫حلَ َلهُمْ ُقلْ أُ ِ‬ ‫والطيور المعلمة ونحوهما من الجوارح المعلمة لقوله تعالى {يَسْأَلُو َنكَ مَاذَا ُأ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫تُعَلِمُو َن ُهنَ مِمَا عَلَمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَا أَمْسَ ْكنَ عََليْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عََليْهِ وَاتَقُواْ اللّهَ ِإنَ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ولحديث (ِإذَا أَرْسَّلْتَ‬
‫كِّلَا َبكَ الْمُعَّلَمَةَ َوذَكَرْتَ اسْمَ الّلَهِ فَ ُكّلْ مِمَا أَمْسَ ْكنَ عََّليْكُمْ وَِإنْ َقتَ ّْلنَ إِلَا َأنْ يَأْ ُكّلَ الْكَّلْبُ فَِإنِي أَخَافُ َأنْ يَكُونَ ِإنَمَا أَمْسَكَهُ عَّلَى نَفْسِهِ‪ ،‬وَإِنْ‬
‫غيْرِهَا فَّلَا تَأْ ُكّلْ)(‪ )3‬وفي رواية زيادة بلفظ (لَا تَأْ ُكلْ ِإنَمَا سَ َميْتَ عَلَى كَ ْل ِبكَ وَلَمْ تُسَمِ عَلَى الْآخَرِ)(‪ )4‬وشروط الصيد‬ ‫طهَا كِّلَابٌ ِمنْ َ‬ ‫خَالَ َ‬
‫بالجوارح المعلمة اآلتي‪:‬‬

‫‪3‬ـ أن يكون الكلب الذي يريد الصائد الصيد به معلما‪.‬‬

‫‪2‬ـ أن يذكر الصائد اسم اهلل عليه عند إرساله للصيد‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أن يمسك الكلب الصيد للصائد ال لنفسه وعالمة إمساك الصيد لصاحبه هي عدم أكل الكلب من الصيد وإن أكل الكلب من الصيد فهو‬
‫عالمة أن الكلب صاد لنفسه ال لمرسله‪.‬‬

‫‪4‬ـ أالَ يخالط الكلَب كلبٌ آخر في اال صطياد سواء كان المخالط كلبا معلما أو غير معلم ألنه لم يسم إال على كلبه‪ ,‬فإذا اجتمعت الشروط‬
‫األربعة جاز األكل من الصيد الذي صاده الكلب المعلم‪ ,‬وأما صيد غير الكلب المعلم فال يعتبر أخذ الكلب للصيد ذكاة للحيوان بل ال بد من‬
‫صدْتَ بِكَ ّْل ِبكَ الْمُعَّلَمِ َفذَكَرْتَ اسْمَ الّلَهِ فَ ُكّلْ‪،‬‬
‫سكَ َفذَكَرْتَ اسْمَ الّلَهِ فَ ُكّلْ‪ ،‬وَمَا ِ‬
‫صدْتَ بِ َقوْ ِ‬ ‫تذكية الحيوان الذي صاده كلب غير معلم لحديث (وَمَا ِ‬
‫غيْرِ مُعَّلَمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُّل) (‪ )5‬الحديث دليل على أن صيد الكلب غير المعلم ال يحل أكله إالَ إذا أدركه الصائد قبل موته‬ ‫صدْتَ بِكَ ّْل ِبكَ َ‬
‫وَمَا ِ‬
‫فذكاه والتذكية هي التي تسبب حل أكله ال إمساك الكلب غير المعلم له‪ ,‬أما الكلب المعلم فمسكه للصيد ذكاة له سواء كان الكلب المعلم أسود‬
‫أو غير أسود ألنه ال عالقة بين لون الكلب وبين جواز األكل من صيده ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم لم يذكر إال كونه معلما ولم يذكر لونه‬
‫ولفظ (بِكَ ّْل ِبكَ الْمُعَّلَمِ) يعم الكلب األسود واألحمر وغيرهما ألنه ال فرق بين الكلب األسود وغير األسود‪ ,‬التعليم هو الشرط األساسي لجواز‬
‫أ كل صيد الكلب وحكم الكلب المعلم مثل السكين فيجوز أكل ما صاده الكلب المعلم‪ ,‬ولو لم يذكه الصائد ألن الصيد تذكية له وأما الكلب غير‬
‫المعلم فحكمه حكم الحجر فإن صاد شيئا وذكاه اإلنسان فيجوز أكل الصيد وإن مات الصيد بدون تذكية فال يجوز أكله ألنه ميتة وحكم أكله‬
‫(‪)6‬‬
‫حكم أكل الميتة وهو التحريم لقوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ}‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)14( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)4( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الصيدوالذبائح‪ :‬باب إذا أكل الكلب‪ .‬حديث رقم (‪ )5457‬بلفظ (عَنْ عَدِيِ بْنِ حَاتِمٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قُلْتُ‪ :‬إِنَا‬
‫قَوْمٌ نَصِيدُ بِهَذِهِ الْكِلَابِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَكُلْ مِمَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَإِنْ قَتَلْنَ إِلَا أَ نْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ فَإِنِي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَمَا أَمْسَكَهُ عَلَى‬
‫ب مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ)‪.‬‬
‫ن خَالَطَهَا كِلَا ٌ‬ ‫نَفْسِهِ‪ ،‬وَإِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ‬ ‫ت النَبِ َ‬
‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْ ُ‬
‫ي بْنِ حَاتِمٍ رَضِ َ‬ ‫ن عَدِ ِ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب تفسير الشبهات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5476‬بلفظ (عَ ْ‬
‫الْمِعْ رَاضِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا أَصَابَ بِحَدِهِ فَكُلْ‪ ،‬وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ‪ :‬فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَهُ وَقِيذٌ‪ ،‬قُلْتُ ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أُرْسِلُ كَلْبِي وَأُسَمِي فَأَجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَيْدِ كَلْبًا آخَرَ لَمْ أُسَمِ‬
‫ك وَلَ ْم تُسَمِ عَلَى الْآخَرِ)‪.‬‬‫ت عَلَى كَلْبِ َ‬
‫عَلَيْهِ وَلَا أَدْرِي أَيُهُمَا أَخَذَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تَأْكُ ْل إِنَمَا سَمَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬التوحيد‪.‬‬
‫الوقيذ‪ :‬ما يقتل بغير أداة حادة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المعراض‪ :‬سهم يصيب بعرضه دون حده‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب صيد القوس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5475‬بلفظ (عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬يَا نَبِيَ اللَهِ إِنَا بِأَ ْرضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ‬
‫ن وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا‬ ‫ت مِنْ أَهْ ِل الْكِتَابِ فَإِ ْ‬
‫ح لِي؟ قَالَ‪ :‬أَمَا مَا ذَكَرْ َ‬ ‫س بِمُعَلَ ٍم وَبِكَلْ بِي الْمُعَلَمِ‪ ،‬فَمَا يَصْلُ ُ‬
‫ض صَيْدٍ‪ ،‬أَصِي ُد بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَذِي لَيْ َ‬ ‫الْكِتَابِ‪ ،‬أَفَنَأْكُ ُل فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْ ِ‬
‫فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا‪ ،‬وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَكُلْ‪ ،‬وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَكُلْ‪ ،‬وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْ ِر‬
‫مُعَلَمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَ ُه فَكُلْ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في الصيد‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الذكاة‪ :‬الذبح‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪471‬‬
‫قياس اجلوارح على الكلب‬
‫(‪)1‬‬
‫جوَارِحِ مُكَِلبِينَ تُعَلِمُو َنهُنَ مِمَا عَلَمَكُمُ اللّهُ}‬
‫يجوز لإلنسان أن يصطاد بسائر الجوارح إذا قبلت التعليم لقوله تعالى {وَمَا عَلَ ْمتُم ِمنَ الْ َ‬
‫فلفظة (الجوارح) جمع جارحة وهي تدل على الجمع ولفظ (الكلب) مفرد فاآلية نصت على جواز االصطياد بالجوارح المعلمة ولم تقصر‬
‫اال صطياد على الكلب فقط‪ ،‬ويشترط لجواز األكل من اصطياد الجوارح أن يكون الجارح الذي يصاد به معلما وأن يسمى الصائد عليه‬
‫عند إرساله للصيد‪ ،‬وعالمة الجارح المعلم هي‪:‬‬

‫‪3‬ـ أن يدعو الصائد الجارح فيجيبه‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يشليه فينشلى أي يؤشر له على الصيد فيصطاد‬

‫‪ -1‬أن يزجر الصائد الحيوان الجارح فينزجر‪ ،‬وبعض العلماء قال‪ :‬شرط االنزجار خاص بالكلب وال يشترط في كل جارح‪ ،‬وكذا شرط‬
‫أالّ يأكل الجارح من الصيد قالوا‪ :‬هو خاص بصيد الكلب للنص عليه في حديث (إذَا أَرْسَّلْتَ كِّلَا َبكَ الْمُعَّلَمَةَ َوذَكَرْتَ اسْمَ الّلَهِ فَكُّلْ مِمَا‬
‫سكَ عَّلَى نَفْسِهِ)(‪ )2‬وأما حديث(عن أبي ثعلبة الخشني قال‪ :‬قال‬ ‫أَمْسَ ْكنَ عََّل ْيكَ إِلَا َأنْ يَأْ ُكّلَ الْكَّلْبُ فَّلَا تَأْ ُكّلْ فَِإنِي أَخَافُ َأنْ يَكُونَ ِإنَمَا أَمْ َ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في صيد الكلب‪ :‬إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم اهلل فكل وإن أكل منه وكل ما ردت عليك يداا) فقد ضعفه‬
‫األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )2852‬قال األلباني عن الحديث بأنه (منكر) والمنكر من قسم الحديث الضعيف ولو فرض‬
‫صحة الحديث فيرجح ما في البخاري ومسلم أو ما في أحدهما على ما في سنن أبي داود أو ما في إحدى السنن األربع وحديث أبي ثعلبه‬
‫الخشني هذا حديث ضعيف ال يصح أن يعارض به ما في الصحيحين وهو حديث عدي بن حاتم المتفق عليه الذي يحرم األكل مما أكل‬
‫منه الكلب‪ ،‬ومن الج وارح التي تقبل التعليم الكلب والقرد والصقر وغيرها من الجوارح سواء من الطيور أو من الحيوانات‪ ،‬والّظاهر‪ :‬أن‬
‫حكم الجوارح حكم الكالب فما ينزجر منها حكمه حكم الكالب المعلمة وحكم صيده حكم صيد الكالب المعلمة‪ ،‬والذي الينزجر منها حكمه‬
‫حكم الكلب غير المعلم وحكم صيده حكم صيد الكلب غير المعلم يشترط لحل أكل صيده أن يذكى قبل موت الصيد‪ ،‬وكل حيوان قد أصبح‬
‫معلما فيجوز األكل من صيده إذا لم يأكل منه‪ ،‬وإذا قد أكل الجارح من الصيد فال يجوز األكل من صيده ألنه أمسك على نفسه ولم يمسك‬
‫للصائد به ولقوله تعالى {فَكُلُواْ مِمَا أَمْسَكْنَ عََليْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عََليْهِ}(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)4( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح الب خاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب ماجاء في التصيد‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5457‬بلفظ (عَنْ عَدِيِ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقُلْتُ‪ :‬إِنَا قَوْمٌ نَتَصَيَدُ بِهَذِهِ الْكِلَابِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَكُلْ مِمَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ إِلَا أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنِي أَخَافُ أَنْ‬
‫ن خَالَطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ)‪.‬‬‫ك عَلَى نَفْسِهِ‪ ،‬وَإِ ْ‬ ‫ن إِنَمَا أَمْسَ َ‬
‫يَكُو َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬التوحيد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)4( :‬‬
‫‪471‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬الذكاة املختصة بالصيد‬

‫اشتراط تذكية الصيد‬ ‫‪‬‬


‫غياب الصيد بعد مصرعه‬ ‫‪‬‬
‫وقوع الصيد بين الماء بعد إصابته‬ ‫‪‬‬
‫تردي الصيد من مكان عال بعد إصابته‬ ‫‪‬‬
‫موت الصيد من خوف الحيوان الجارح‬ ‫‪‬‬
‫الصيد الذي يبين منه عضو بسبب آلة الصيد‬ ‫‪‬‬
‫حرمة أكل الصيد الذي لم يذكر الصائد اسم اهلل عليه‬ ‫‪‬‬
‫شروط الصائد‬ ‫‪‬‬

‫‪472‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬الذكاة املختصة بالصيد‬

‫الذكاة المختصة بالصيد هي اال صطياد نفسه فجرح الحيوان أو خرق جسمه إذا كان الصيد بالبنادق أو بآلة حادة هو تذكيته وعقر الحيوان‬
‫أو مسكه وعقره من قبل الحيوان الجارح المعلم هو تذكيته إذا كان الصيد بكلب معلم أو بجارحة من الجوارح المعلمة‪ ،‬ويشترط لحل أكل‬
‫الحيوان المصاد أن يسمي الصائد عند الرمي بالبندق أو باآللة الحادة الجارحة أو الخارقة لجسم الحيوان المصاد أو عند إرساله الحيوان‬
‫صدْتَ بِ َقوْسِكَ َفذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَ ُكلْ‪ ،‬وَمَا صِدْتَ بِكَ ْل ِبكَ‬
‫الجارح المعلم إذا كان الصيد بحيوان أو بحيوانات جارحة معلمة لحديث (وَمَا ِ‬
‫غيْرِ مُعَلَمٍ فَ َأدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ) (‪ )1‬الحديث يدل داللة واضحة على اشتراط التسمية في‬ ‫صدْتَ بِكَ ْل ِبكَ َ‬
‫الْمُعَلَمِ َفذَكَرْتَ اسْمَ اللَهِ فَ ُكلْ‪ ،‬وَمَا ِ‬
‫صحة ذكاة الحيوان المصاد سواء كان االصطياد باآلالت الخارقة أو الجارحة أو بالجوارح المعلمة من الحيوانات‪.‬‬

‫اشرتاط تذكية الصيد‬


‫الصحيح‪ :‬أن الصائد إذا أدرك الحيوان المصاد حيا فيذكيه أما إذا أتى الكلب المعلم بالحيوان المصاد ميتاً فيجوز األكل منه لقوله تعالى‬
‫(فَكُلُواْ مِمَا أَمْسَكْنَ عََليْكُمْ) (‪)2‬سواء كان منفوذ المقاتل أم لم يكن منفوذ المقاتل ألن أخذ الحيوان للصيد هو ذكاة الحيوان المصاد‪ ،‬وأما‬
‫اشتراط أن يكون بدء الفعل من الصائد ال من الحيوان بدون إرسال من الصائد‪ ،‬فالصحيح‪ :‬أن الصيد إذا لم يكن بدء الصيد من الصائد‬
‫بأن يكون هو الذي طلب من الحيوان االصطياد‪ ،‬وكان الصيد من قبل الحيوان الصائد نفسه فال يحل أكل الصيد في هذه الحالة ألنه‬
‫اليسمى صيدا‪ ،‬وكذا اشتراط أال يخالط سهم أو رصاصة الصائد رصاصة أخرى أو سهم أخر وإال ال ُيدرى هل قُتل الصيد بسهم الصائد‬
‫أو بسهم غيره وهل قتل برصاصة الصائد أو برصاصة غيره وهل قتله كلب الصائد أو كلب غيره وال يجوز أكل لحم الصيد الذي اشترك‬
‫في قتله سهم أو رصاصة أو كلب غير الصائد ألنه لم يسم إال على رصاصته أو سهمه أو كلبه ولم يسم على رصاصة أو سهم أو كلب‬
‫غيره‪.‬‬

‫غياب الصيد بعد مصرعه‬


‫الصحيح‪ :‬أن الصيد إذا غاب بعد إصابته ووجد وفيه السهم أو أثر السهم أو الرصاصة أو آلة الصيد التي استخدمها الصائد فيجوز أكله‬
‫مالم ينتن‪ ،‬هذا إذا تيقن الصائد أو غلب على ظنه أن الوسيلة التي استخدمها في الصيد هي التي سببت قتل الصيد‪ ،‬أما إذا تيقن أو غلب‬
‫على ظنه أن قتل الصيد كان بسبب آخر غير وسيلة اصطياده فال يجوز له أكله ألنه ال يسمى في هذه الحالة صيد لحديث (إذَا رَ َميْتَ‬
‫ص ْيدَهُ بَ ْعدَ ثَّلَاثٍ فَكُّلْهُ مَا لَمْ ُي ْنتِنْ)(‪ )4‬وحديث (ِإذَا عَّلِمْتَ َأنَ‬
‫عنْكَ فََأدْرَ ْكتَهُ فَكُّلْهُ مَا لَمْ يُ ْن ِتنْ)(‪ )3‬وفي رواية (فِي اَلذِي ُيدْ ِركُ َ‬
‫سهْ ِمكَ فَغَابَ َ‬ ‫بِ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫سبُعٍ فَ ُكّلْ) الحديث يدل على أنه إذا رأى الصائد أثر السبع في الصيد فال يجوز أكل الصيد ألنه يغلب على‬ ‫سهْ َمكَ َقتَّلَهُ وَلَمْ تَرَ فِيهِ َأثَرَ َ‬
‫َ‬
‫الظن أن الصيد قتل بسبب عقر السبع له‪.‬‬

‫وقوع الصيد بني املاء بعد إصابته‬


‫إذا وقع الصيد في الماء بعد إصابته بآلة الصيد المستخدمة ال صطياده ووجد بين الماء ميتا فال يجوز أكله ألنه يحتمل أنه مات بسبب آلة‬
‫الصيد التي أصابته ويحتمل أنه مات بسبب غرقه في الماء‪ ،‬ولهذا االحتمال يرجح جانب الحضر فال يجوز أكله تغليبا لموته بسبب الغرق‬
‫في الماء‪.‬‬

‫تردي الصيد من مكان عال بعد إصابته‬


‫إذا تردى الصيد من مكان عال بعد إصابته فوجد في أسفل الجبل ميتاً فال يجوز أكله ألنه يحتمل أنه مات بسبب فعل آلة الصيد في جسمه‬
‫ويحتمل أنه مات بسبب التردي من قمة الجبل إلى أسفله ويرجح غلبة موته بسبب التردي وفي هذه الحالة ال يجوز أكله ألنه يكون ميتة‬
‫والميتة يحرم أكل لحمها تحريماً قطعياً في قوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ}(‪.)6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي اهلل عنه برقم(‪.)5475‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)4( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيد والذبائح‪ :‬باب إذا غاب عنه الصيد ثم وجده‪ .‬حديث رقم(‪ ) 4162‬بلفظ (عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا‬
‫ك فَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْ ُه مَا لَ ْم يُنْتِنْ)‪.‬‬
‫ت بِسَهْمِكَ فَغَابَ عَنْ َ‬ ‫رَمَيْ َ‬
‫أخرجه البخاري في الذبائح والصيد‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الصيد والذبائح‪ :‬باب إذاغاب عنه الصيد ثم وجده‪ .‬حديث رقم(‪ )4163‬بلفظ (عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فِي الَذِي‬
‫ث فَكُلْ ُه مَا لَ ْم يُنْتِنْ)‪.‬‬
‫ا صَيْدَ ُه بَعْ َد ثَلَا ٍ‬
‫يُدْرِ ُ‬
‫أخرجه البخاري في الذبائح والصيد‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصيد‪ :‬باب ماجاء في الرجل يرمي الصيد فيغيب عنه‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1465‬بلفظ (عَنْ عَدِيِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أَرْمِي الصَيْدَ‬
‫ك قَتَلَهُ وَلَ ْم تَرَ فِي ِه أَثَ َر سَبُ ٍع فَكُلْ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫ن سَهْمَ َ‬ ‫ت أَ َ‬‫ن الْغَ ِد سَهْمِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِذَا عَلِمْ َ‬ ‫فَأَجِدُ فِيهِ مِ ْ‬
‫أخرجه البخاري في الذبائح والصيد‪ ،‬ومسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وأبو داود في الصيد‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في أول مسند‬
‫االكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪473‬‬
‫موت الصيد من خوف احليوان اجلارح‬
‫الراجح‪ :‬أن ما مات من الحيوان الذي يراد صيده بسبب الخوف من الجارح ال يسمى صيداً وال يجوز أكله ألن موته كان بسبب خوفه من‬
‫الجارح ال بسبب فعل الجارح في جسمه‪.‬‬

‫الصيد الذي يبني منه عضو بسبب آلة الصيد‬


‫(‪)1‬‬
‫الراجح‪ :‬جواز أكل الصيد والعضو المقطوع منه لعموم قوله تعالى {فَكُلُواْ ِممَا أَمْسَ ْكنَ عََليْكُمْ} ولعموم قوله تعالى {يَا َأيُهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ‬
‫حيَةٌ َفهِيَ َميْتَةٌ)(‪ )3‬على ما قطع من‬ ‫ص ْيدِ َتنَالُهُ َأ ْيدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}(‪ )2‬ويحمل حديث (مَا قُطِعَ ِمنْ ا ْل َبهِيمَةِ وَهِيَ َ‬
‫َل َيبُْل َونَكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ ِمنَ ال َ‬
‫بهيمة األنعام من الحيوان اإلنسي ال من الصيد‪ ،‬الحديث يستدل به على تحريم أكل العضو المقطوع من الحيوان اإلنسي ألنه ميتة والميتة‬
‫يحرم أكلها بالدليل القطعي في قوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ}(‪ )4‬وال يستدل بالحديث على تحريم األكل من العضو المقطوع من الصيد‬
‫بسبب فعل آلة الصيد في جسم الحيوان المصاد ألن ذكاة الصيد هي جرحه أو عقره في أي عضو من أعضاء جسمه‪.‬‬

‫حرمة أكل الصيد الذي مل يذكر الصائد اسم اهلل عليه‬


‫إذا لم يسم الصائد اسم اهلل تعالى حين رميه الصيد بالبندق أو باآللة الحادة أو حين إرساله للحيوان الجارح المعلم فال يجوز األكل من‬
‫صيده لحديث (سَأَلْتُ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ِ :‬إذَا أَرْسَّلْتَ كَ ّْل َبكَ الْمُعَّلَمَ فَ َق َتّلَ فَ ُكّلْ‪ ،‬وَِإذَا أَ َكّلَ فَّلَا تَأْ ُكّلْ فَِإنَمَا أَمْسَكَهُ عَّلَى نَفْسِهِ‪،‬‬
‫جدُ مَعَهُ كَ ّْلبًا آخَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَّلَا تَأْ ُكّلْ فَِإنَمَا سَ َميْتَ عَّلَى كَ ّْل ِبكَ وَلَمْ تُسَمِ عَّلَى كَّلْبٍ آخَرَ)(‪ )5‬الحديث دليل صحيح صريح على‬ ‫قُّلْتُ‪ :‬أُرْ ِ‬
‫سّلُ كَ ّْلبِي فَأَ ِ‬
‫تحريم األكل من الصيد الذي ال يسمي الصائد عليه حين الرمي أو حين إرسال الحيوان المعلم لالصطياد‪.‬‬

‫شروط الصائد‬
‫شروط الصائد هي شروط الذابح وقد تقدمت في كتاب الذبح‪ ،‬ويختص الصيد بشرط زائد على شروط الذبح هو تحريم صيد البر على‬
‫ص ْيدُ ا ْلبَرِ مَا دُ ْمتُمْ حُرُماً وَاتَقُواْ اللّهَ اَلذِيَ إَِليْهِ تُحْشَرُونَ}(‪ )6‬الراجح أن اإلثم يقع على‬
‫المحرم بالحج أو العمرة لقوله تعالى {وَحُرِمَ عََليْكُمْ َ‬
‫الصائد في حالة اإلحرام‪ ،‬وأما الصيد فيجوز أكله للحالل واإلثم مختص بالصائد لمخالفة الدليل المحرِم للصيد البري في حالة اإلحرام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)4( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)14( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الصيد‪ :‬باب ماقطع من الحي فهوميت‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1450‬بلفظ (عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَيْثِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَدِمَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ‬
‫ن الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَ ٌة فَهِيَ مَيْتَةٌ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت الْغَنَمِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا قُطِعَ مِ ْ‬ ‫ن أَلْيَا ِ‬
‫ن أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ وَيَقْطَعُو َ‬ ‫يَجُبُو َ‬
‫أخرجه أبوداود في الصيد‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الجب‪ :‬القطع‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬ ‫ت النَبِ َ‬
‫ن حَاتِ ٍم قَالَ‪ :‬سَأَلْ ُ‬
‫ي بْ ِ‬
‫ن عَدِ ِ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االوضوء‪ :‬باب الماء الذي يغسل به شعر اإلنسان‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5476‬بلفظ (عَ ْ‬
‫فَقَالَ‪ :‬إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَمَ فَقَتَلَ فَكُلْ‪ ،‬وَإِذَا أَكَلَ فَلَا تَأْكُ لْ فَإِنَمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَمَا سَمَيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ‬
‫ب آخَرَ)‪.‬‬ ‫تُسَمِ عَلَى كَلْ ٍ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في الصيد‪ ،‬والنسائي في الص يد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في الصيد‬
‫أطراف الحديث‪:‬التوحيد‪ ،‬الذبائح والصيد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪474‬‬
‫كتاب‬

‫العقيقــــــــــــة‬

‫‪475‬‬
‫الكتاب الثالث عشر‪ :‬كتاب العقيقة‬

‫تعريف العقيقة‬ ‫‪‬‬


‫حكم العقيقة‬ ‫‪‬‬
‫محل العقيقـــــــــة‬ ‫‪‬‬
‫من يعق عنه‬ ‫‪‬‬
‫عدد العقيقة‬ ‫‪‬‬
‫وقت العقيقة‬ ‫‪‬‬
‫سن العقيقة‬ ‫‪‬‬
‫حكم لحم العقيقة‬ ‫‪‬‬
‫استحباب حلق رأس المولود والتصدق بوزن شعره فضة‬ ‫‪‬‬
‫تسمية المولود‬ ‫‪‬‬
‫حديث (خير األسماء ما حمد وعبد) ال أصل له في كتب السنة النبوية ال بسند صحيح وال حسن وال ضعيف‬ ‫‪‬‬
‫حرمة تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة‬ ‫‪‬‬
‫وجوب الختان للطفل‬ ‫‪‬‬
‫موت الطفل قبل ختانه يسقط على األحياء مشروعية ختانه‬ ‫‪‬‬

‫‪476‬‬
‫كتاب العقيقــــــة‬

‫تعريف العقيقة‬
‫العقيقة (لغة)‪ :‬األصل في العقيقة الشعر الذي على رأس المولود فسميت الذبيحة عند حلق ذلك الشعر عقيقة‪.‬‬

‫العقيقة (شرعاً)‪ :‬هي ذبح شاتين عن الغالم وذبح شاة عن البنت‪.‬‬

‫حكم العقيقة‬
‫(‪)1‬‬
‫عنْهُ َيوْمَ السَابِعِ َويُحّْلَقُ رَأْسُهُ) وحديث (لَا يُحِبُ الّلَهُ الْعُقُوقَ‬ ‫الراجح‪ :‬أن ذبح العقيقة سنة مؤكدة لحديث ( ُكّلُ غُّلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِي َقتِهِ ُت ْذبَحُ َ‬
‫(‪)2‬‬
‫عنْ الْجَا ِريَةِ شَاةٌ) يدل على أن حكم‬ ‫عنْ الْ ُغّلَامِ شَاتَانِ مُكَا ِفئَتَانِ َو َ‬
‫سكْ َ‬ ‫عنْهُ فَ ّْليَنْ ُ‬
‫سكَ َ‬‫كََأنَهُ كَ ِرهَ الِاسْمَ‪ ،‬وَقَالَ‪َ :‬منْ وُِلدَ لَهُ وََلدٌ فَأَحَبَ َأنْ َينْ ُ‬
‫العقيقة سنة وليس واجبا ألن تعليق ذبح العقيقة على إرادة المولود له يدل على أن ذبح العقيقة سنة وليس واجبا ألن الواجب يكون بصيغة‬
‫الجزم دون نظر إلى إرادة المأمور أو رغبته‪ ،‬كصيغ األوامر الدالة على وجوب الوضوء والصالة والصوم وغيرها من الواجبات فهي‬
‫صيغ أفعال أمر تدل على الوجوب المطلق دون نظر إلى تخيير المأمور في فعل الطهارة أو الصالة أو الصوم أو عدم فعلها كما في ذبح‬
‫العقيقة‪.‬‬

‫حمل العقيقـــــــــة‬
‫سنِ وَالْحُسَ ْينِ َكبْشًا‬
‫عنْ الْحَ َ‬ ‫الصحيح‪ :‬أن العقيقة عن الغالم شاتان وعن الجارية شاة لحديث (أنَ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫عقَ َ‬
‫َكبْشًا)(‪ )3‬وفي رواية النسائي (كبشين كبشين)(‪ )4‬قال األلباني ورواية النسائي هي األصح‪ ،‬وقد تكون من الضأن لفعل النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم في عقيقته عن ال حسن والحسين‪ ،‬وتجوز العقيقة من الضأن ولو بما هو دون سن األضحية ألنه لم يرد دليل على اشتراط السن فيها‬
‫كما ورد في األضحية‪ ،‬وأما قياس العقيقة على األضحية في اشتراط سن العقيقة بالقياس على سن األضحية فالقياس في العبادات فيه نظر‪.‬‬

‫من يعق عنه‬


‫الراجح‪ :‬أن العقيقة ال تشرع إال عن الذكر واألنثى الصغيرين وال تشرع العقيقة عن الكبير أبدا لحديث ( ُكّلُ غُّلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِي َقتِهِ ُت ْذبَحُ َ‬
‫عنْهُ‬
‫َيوْمَ سَابِعِهِ وَيُحّْلَقُ َويُسَمَى)(‪ )5‬الحديث دليل على أن العقيقة ال تستحب إال على المولود سواء كان ذكرا أو أنثى‪ ،‬وأما ما يروى (أن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم عق عن نفسه بعد ما بعث بالنبوة) فهو حديث ضعيف وال يصح االستدالل به على استحباب العقيقة على اإلنسان‬
‫الكبير‪.‬‬

‫عدد العقيقة‬
‫سيْنِ َرضِيَ الّلَهُ‬
‫سنِ وَالْحُ َ‬ ‫الصحيح‪ :‬أن العقيقة عن الذكر شاتان وعن الجارية شاة لحديث (عقَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫عنْ الْحَ َ‬
‫ش ْينِ)(‪ )6‬الحديث يدل على أنه يعق عن الذكر شاتان وعن األنثى شاة واحدة عمال بالزائد في رواية النسائي‪.‬‬ ‫ش ْينِ َكبْ َ‬
‫ع ْنهُمَا بِ َكبْ َ‬
‫َ‬

‫‪1‬‬
‫ن سَمُرَةَ عَنْ رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُ ُل غُلَامٍ رَهِينَ ٌة بِعَقِيقَتِ ِه تُذْبَحُ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب االضحايا‪ :‬باب في العقيقة‪ .‬حديث رقم (‪ )2535‬بلفظ (عَ ْ‬
‫عَنْ ُه يَوْ َم السَابِ ِع وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في العقيقة‪ ،‬والترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في في العقيقة‪ ،‬وابن ماجة في الذبا ئح‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العقيقة‪ :‬ذبيحة تذبح عن المولود‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب االضحايا‪ :‬باب في العقيقة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2542‬بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أُرَاهُ عَنْ جَدِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سُئِلَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَا يُحِبُ اللَهُ الْعُقُوقَ كَأَنَهُ كَرِهَ الِاسْمَ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَ دٌ فَأَحَبَ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ‪،‬‬
‫وَسُئِلَ عَنْ الْفَرَعِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وَالْفَرَعُ حَقٌ وَأَنْ تَتْرُكُوهُ حَتَى يَكُونَ بَكْرًا شُغْزُبًا ابْنَ مَخَاضٍ أَوْ ابْ نَ لَبُونٍ فَتُعْطِيَهُ أَرْمَلَةً أَوْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحَهُ‬
‫ق لَحْمُ ُه بِوَبَرِهِ وَتَكْفََأ إِنَاءَاَ وَتُولِهُ نَاقَتَكَ) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫فَيَلْ زَ َ‬
‫أخرجه الترمذي في األضاحي‪ ،‬والنسائي في العقيقة‪ ،‬وابن ماجة في الذبائح‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫الفرع‪:‬‬ ‫الجارية‪ :‬الطفلة حديثة الوالدة‪.‬‬ ‫مكافئنان‪ :‬أي متكافئتان في السن‪ ،‬وقيل متساويتان‪.‬‬ ‫النسك‪ :‬الذبح تقربا وطاعة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫ابن لبون‪:‬‬ ‫ابن مخاض‪ :‬هوما دخل في السنة الثانية من اإلبل‪.‬‬ ‫شغربا‪ :‬هو الغليظ الذي اشتد لحمه‪.‬‬ ‫أول ما تلده الناقة‪ ،‬وكانوا يذبحونه آللهتهم‪.‬‬
‫توله‪ :‬من الوله وهو ذهاب العقل من فقدان الولد‪.‬‬ ‫كفأ‪ :‬قلب‪.‬‬ ‫الوبر‪ :‬شعر اإلبل‪.‬‬ ‫هومادخل في السنة الثالثة من اإلبل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ن وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا‬ ‫ن الْحَسَ ِ‬ ‫س أَنَ رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَقَ عَ ْ‬ ‫ن ابْنِ عَبَا ٍ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الضحايا‪ :‬باب في العقيقة‪ .‬حديث رقم (‪ )2541‬بلفظ (عَ ْ‬
‫كَبْشًا) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في العقيقة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬عق‪ :‬ذبح عقيقة وهي ذبيحة عن المولود‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النسائي‪ :‬كتاب العقيقة‪ :‬باب كم يعق عن الجارية‪ .‬حديث رقم (‪ ) 4230‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ قَالَ‪ :‬عَقَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ‬
‫ي الَلهُ عَنْهُمَا بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫رَضِ َ‬
‫انفرد به النسائي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬سنن النسائي‪ :‬كتاب العقيقة‪ :‬باب متى يعق‪ .‬حديث رقم(‪ ) 4231‬بلفظ (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُلُ غُلَامٍ رَهِي ٌ‬
‫بِعَقِيقَتِ ِه تُذْبَحُ عَنْ ُه يَوْ َم سَابِعِهِ‪ ،‬وَيُحْلَقُ رَأْسُ ُه وَيُسَمَى) صححه األلباني في صحيح النسائي بنفس الرقم ‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في األضاحي‪ ،‬وأبوداود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجه في الذبائح‪ ،‬وأحمد في أول مسند البصريين‪ ،‬والدارمي في األضاحي ‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العقيقة‪ :‬ذبيحة تذبح عن المولود‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما في برقم (‪.)4230‬‬
‫‪477‬‬
‫وقت العقيقة‬
‫عنْهُ َيوْمَ سَابِعِهِ) وإذا لم يذبح عنه يوم سابع المولود‬
‫الصحيح‪ :‬أنه يستحب أن تذبح العقيقة في اليوم السابع من يوم الوالة لحديث ( ُت ْذبَحُ َ‬
‫فتذبح في األسبوع الثاني أو الثالث كاستدراك لفوات الذبح في اليوم السابع‪ ،‬ويجوز الذبح في اليوم السابع في أي وقت منه سواء تم الذبح‬
‫في الصباح أو الظهر أو العصر أو في الليل أو في أي جزء من الليل أو النهار‪.‬‬

‫سن العقيقة‬
‫قد سبق القول أنه ال دليل على اشتراط سن معينة للعقيقة وأنه ال يصح قياس سن العقيقة على سن األضحية ألن العقيقة عبادة وال قياس‬
‫حبُونَ‬
‫في العبادات‪ ،‬ولكن يستحسن أن تكون سمينة وسليمة من العيوب لتدخل تحت معنى قوله تعالى {لَن َتنَالُواْ الْ ِبرَ حَتَى تُنفِقُواْ مِمَا تُ ِ‬
‫وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَِإنَ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}(‪.)1‬‬

‫حكم حلم العقيقة‬


‫الراجح‪ :‬أن حكم لحم العقيقة كحكم لحم األضاحي في األكل منه بجزء والتصدق منه بجزء وعدم جواز بيع لحمها وال جلدها وال إعطاء‬
‫الذابح أجرة ذبحته من لحمها وال جلدها وال رأسها وال أي جزء منها‪ ،‬ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم سماها نسكا وكل نسك عباده‬
‫والمذبوح عبادة ال يجوز بيع لحمه وال جلده وال أي جزء منه كلحم الهدى في الحج‪.‬‬

‫استحباب حلق رأس املولود والتصدق بوزن شعره فضة‬


‫الراجح‪ :‬استحباب حلق رأس المولود في اليوم السابع والتصدق يوزن شعره فضة أو ما يعادلها من العمالت النقدية في العصر الحاضر‬
‫سنِ بِشَاةٍ وَقَالَ‪ :‬يَا فَاطِمَةُ احّْلِقِي رَأْسَهُ َو َتصَدَقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ‬
‫على فقير أو فقراء لحديث (عقَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ عَنْ الْحَ َ‬
‫ِفضَةً)(‪.)2‬‬

‫تسمية املولود‬
‫يسمى المولود من أول يوم ندبا ويسمى وجوبا في اليوم السابع‪.‬‬

‫حديث (خري األمساء ما محد وعبد)‬


‫حديث (خير األسماء ما حمد وعبد) ال أصل له في كتب السنة النبوية ال بسند صحيح وال حسن وال ضعيف‪ ،‬وال وجود لهذا الحديث في‬
‫السنن وال في المعاجم وال في المستندات التي حوت كتب الحديث‪.‬‬

‫حرمة تلطيخ رأس املولود بدم العقيقة‬


‫ال يجوز تلطيخ رأس الطفل بدم العقيقة ويجوز تعليق القرط في أذن البنت وال يجوز تعليق القرط في أذن الطفل‪.‬‬

‫وجوب اخلتان للطفل‬


‫الختان مشروع للطفل وقد جاء في بعض األحاديث ما يدل على أنه مشروع للذكور فقط‪.‬‬

‫موت الطفل قبل ختانه يسقط على األحياء مشروعية ختانه‬


‫إذا مات الطفل قبل ختانه فقد اسقط على األحياء مشروعية ختانه ويجب على األحياء دفنه على حالته بعد والدته أي بدون ختان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪.)12( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب األضاحي‪ :‬باب العقيقة بشاة‪ .‬حديث (‪ ) 1511‬بلفظ (عَنْ عَلِيِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬عَقَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ الْحَسَنِ بِشَاةٍ‬
‫ض دِرْهَمٍ) حسنه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَقَالَ‪ :‬يَا فَاطِمَ ُة احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَقِي بِزِنَ ِة شَعْرِ ِه فِضَ ًة قَا َل فَوَزَنَتْ ُه فَكَانَ وَزْنُ ُه دِرْهَمًا أَ ْو بَ ْع َ‬
‫أخرجه مالك في العقيقة‪.‬‬
‫‪478‬‬
‫كتاب‬

‫األعطعةة ااألرببة‬

‫‪479‬‬
‫الكتاب الرابع عشر‪ :‬كتاب األطعمة واألشربة‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬المحرم من األطعمة‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬المحرم من األشربة‬

‫‪481‬‬
‫الباب األول‪ :‬احملرم من األطعمة‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬المحرمات لسبب وارد عّليها‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬المحرمات لعينها‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث ‪:‬آداب األكّل‬

‫‪481‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬احملرمات لسبب وارد عليها‬

‫الميتـــــــــــــــــــة‬ ‫‪‬‬
‫المنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع‬ ‫‪‬‬
‫الجــــــــــــــــــــاللـــــة‬ ‫‪‬‬
‫لبن الجاللة‬ ‫‪‬‬
‫الدجاجـــــــــة‬ ‫‪‬‬
‫مخالطة الفأرة أو نحوها للمطعومات الحالل‬ ‫‪‬‬

‫‪482‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المحرمات لسبب وارد عليها‬

‫تعريف األطعمة‬
‫األطعمة (لغة)‪ :‬ما يؤكل‪ ،‬و(شرعاً)‪ :‬كل طعام مباح شرعاً‪.‬‬

‫مشروعية األطعمة واألشربة‬


‫جدٍ وكُلُواْ وَاشْ َربُواْ وَالَ تُسْرِفُواْ ِإنَهُ‬
‫خذُواْ زِي َنتَكُمْ عِندَ ُكلِ مَسْ ِ‬
‫الطعام والشراب مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {يَا َبنِي آدَمَ ُ‬
‫الَ يُحِبُ الْمُسْرِفِينَ}(‪ )1‬ومن السنة حديث (يا غالم سم اهلل وكل بيمينك وكل مما يليك)(‪ )2‬واألصل في األطعمة واألشربة الحل وال يحرم‬
‫منها إال ما دلَ الدليل على تحريمه‪ ،‬فكل ما خلقه اهلل عز وجل من النباتات والحيوانات حالل أكله إال ما دلَ الدليل على تحريمه‪،‬‬
‫والمحرمات من األطعمة قليلة ومحدودة‪.‬‬

‫المحرمات لسبب وارد عليها‬

‫خنِقَ ُة‬
‫المحرمات بسبب تحريم يطرأ عليها ال لعينها هي الميتة والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع لقوله تعالى {وَالْ ُمنْ َ‬
‫سبُعُ إِالَ مَا ذَ َك ْيتُمْ}(‪ )3‬فهذه المحرمات التي هي في األصل حالل وإنما حرمت بسبب استلزم‬ ‫وَالْ َموْقُو َذةُ وَالْ ُمتَ َر ِديَةُ وَالنَطِيحَةُ وَمَا أَ َكلَ ال َ‬
‫تحريمها مثل الميتة فموتها بدون ذكاة شرعية هو سبب لتحريمها ومثلها المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع فموت كل‬
‫واحدة من الحيوانات بسبب من هذه األسباب الستة بدون ذكاه شرعيه هو سبب تحريم أكل لحمها‪ ،‬أما لو حصلت ذكاة شرعية للمنخنقة‬
‫والمتردية والنطيحة وما أكل السبع قبل موتها فهي من الحالل الذي يحل أكله بأصل خلقته وليست من المحرمات األصل‪.‬‬

‫امليتـــــــــــــــــــة‬
‫(‪)4‬‬
‫الميتة من الحيوانات البرية محرمة أي ال يجوز أكل لحمها لقوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ} والمراد بلفظ الميتة في اآلية ميتة‬
‫الحيوانات البرية وأما ميتة الحيوانات البحرية‪ ،‬فالصحيح‪ :‬جواز أكل لحمها مطلقا سواء ما جزره البحر أو ما كان طافياً على البحر لقوله‬
‫صيْدُ) مصدر مضاف إلى لفظ البحر وهو يدل على العموم أي أنه‬ ‫سيَا َرةِ}(‪ )5‬ألن لفظ ( َ‬‫حلَ لَكُمْ صَ ْيدُ ا ْلبَحْرِ وَطَعَامُهُ َمتَاعاً لَكُمْ وَلِل َ‬ ‫تعالى {أُ ِ‬
‫يعم كل صيد بحري وصيد البحر ال يشترط لحل أكله تذكيته كصيد البر ألن ميتة الحيوانات البحرية حالل على أي صفة وجدت عليها‬
‫سواء كانت مما جزره البحر أو مما طفا على ماء البحر أو مما اصطاده الصائدون لحديث (بَ َع َثنَا ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ ثَّلَاثَ مِائَةِ‬
‫خبَطِ‪ ،‬وَأَلْقَى ا ْلبَحْرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ الْ َع ْنبَرُ‬
‫جيْشَ الْ َ‬ ‫حتَى أَكَّلْنَا الْخَبَطَ فَسُمِيَ َ‬ ‫صدُ عِيرًا لِقُ َريْشٍ‪ ،‬فََأصَا َبنَا جُوعٌ َ‬
‫شدِيدٌ َ‬ ‫ع َب ْي َدةَ نَرْ ُ‬
‫رَاكِبٍ وَأَمِي ُرنَا َأبُو ُ‬
‫(‪)6‬‬
‫حتَى صَّلَحَتْ أَجْسَا ُمنَا) الحديث دليل صحيح صريح على جواز أكل ميتة البحر حيث كان حوت العنبر‬ ‫شهْرٍ وَادَ َهنَا ِب َودَكِهِ َ‬‫فَأَكَ ّْلنَا ِنصْفَ َ‬
‫(‪)7‬‬
‫حّلُ َم ْي َتتُهُ) الحديث دليل صحيح صريح على حل‬ ‫طهُورُ مَا ُؤهُ الْ ِ‬ ‫موجودا على البحر وأكلت منه السرية لمدة نصف شهر ولحديث ( ُهوَ ال َ‬
‫ميتة كل حيوان بحري ألن لفظ (م ْي َتتُهُ) تعم ميتة كل حيوان بحري سواء كان طافياً على ماء البحر أو مجزوراً على ساحل البحر وسواء‬
‫كان شكله يشبه اآلدمي أو ال يشبه اآلدمي وسواء كان يشبه حيوان بري محرم األكل أوال يشبهه فالحديث يدل على حل ميتة كل حيوان‬
‫بحري‪ ،‬والحديثان يخصصان عموم لفظ (الميتة) في قوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمُ الْ َم ْيتَةُ}(‪ )8‬فيعمل بالخاص فيما تناوله وهو جواز أكل لحم‬
‫ميتة الحيوان البحري وبالعام في الباقي وهو تحريم أكل لحم ميتة الحيوان البري‪ ،‬والقول بتحريم ميتة الحيوان البحري عمالً بعموم لفظ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)31( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األطعمة‪ :‬باب التسمية على الطعام واألكل باليمين‪ .‬حديث رقم (‪ )4157‬بلفظ ( أخبرنا سفيان قال الوليد بن كثير أخبرني أنه سمع وهب‬
‫بن كيسان أنه سمع عمر بن أبي سلمة يقول كنت غالما في حجر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ :‬يا غالم سم اهلل‪ ،‬وكل بيمينك‪ ،‬وكل مما يليك‪ ،‬فما زالت تلك طعمتي بعد)‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود في األطعمة‪ ،‬وابن ماجة في األطعمة‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين أجمعين‪ ،‬ومالك في الجامع‪ ،‬والدارمي في األطعمة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األطعمة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)16( :‬‬
‫‪6‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب قول اهلل تعالى (أحل لكم صيد البحر)‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5414‬بلفظ (عَنْ عَمْرٍو قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ‪ :‬بَعَثَنَا النَبِ ُ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ ثَلَاثَ مِائَةِ رَاكِبٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَ ةَ نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ‪ ،‬فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَى أَكَلْنَا الْخَبَطَ فَسُمِيَ جَيْشَ الْخَبَطِ‪ ،‬وَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ‬
‫الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا نِصْفَ شَهْرٍ وَادَهَنَا بِوَدَكِهِ حَتَى صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَ خَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ فَمَرَ الرَاكِبُ تَحْتَهُ وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ فَلَمَا اشْتَدَ الْجُوعُ‬
‫ث جَزَائِ َر ثُ َم نَهَا ُه أَبُو عُبَيْدَةَ)‪.‬‬
‫نَحَ َر ثَلَاثَ جَزَائِ َر ثُ َم ثَلَا َ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في صفة القيامة‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الزهد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الجامع‪ ،‬والدارمي في الصيد‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الخبط‪ :‬ماسقط من ورق الشجر‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء بماء البحر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 53‬بلفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ أَنَ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي‬
‫عَبْدِ الدَارِ أَخْبَرَهُ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‪ :‬سَأَلَ رَجُلٌ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَ قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنَا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَأْنَا بِهِ‬
‫عَطِشْنَا‪ ،‬أَفَنَتَوَضَُأ بِمَا ِء الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬هُ َو الطَهُورُ مَاؤُ ُه الْحِ ُل مَيْتَتُهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في المياه‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪483‬‬
‫تحريم الميتة في اآلية هو قول ضعيف ألنه ال يجوز ترجيح الدليل العام على الدليل الخاص وكثير من عمومات القرآن الكريم والسنة‬
‫النبوية الشريفة قد خصصت‪ ،‬وأما حديث (ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فال تأكلوه) فقد ضعفه األلباني في‬
‫ضعيف أبي داود برقم (‪.)1835‬‬

‫املنخنقة واملوقودة واملرتدية والنطيحة وما أكل السبع‬


‫قد سبق القول في حكم هذه األصناف الخمسة في كتاب الذبح من أنها إذا مات الحيوان منها بسبب من األسباب الخمسة بدون تذكيته قبل‬
‫موته فهو يحرم أكل لحمه وحكم أكل لحمه حكم أكل لحم الميتة‪ ،‬وأما إذا ذكى الحيوان الذي طرأ له سبب من األسباب الخمسة وكانت‬
‫ذكاته قبل موته فهو حالل أي يحل أكل لحمه ألنه ذكى وهو حي فلم يكن ميتة وال ينطبق على لحمه حكم لحم الميتة لقوله تعالى‬
‫سبُعُ إِالَ مَا ذَ َك ْيتُمْ}(‪.)1‬‬
‫خنِقَةُ وَالْ َموْقُو َذةُ وَالْ ُمتَ َردِيَةُ وَالنَطِيحَةُ وَمَا أَ َكلَ ال َ‬
‫{وَالْ ُمنْ َ‬

‫اجلــــــــــــــــــــاللـــــة‬
‫هي الحيوان البري الذي يجوز أكله سواء كان من بهيمة األنعام أو من غيرها وهو الذي يأكل النجاسات من غائط اإلنسان وغيره من‬
‫النجاسات‪.‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن لحم الجاللة يحرم أكله إذا وجد اإلنسان طعم النجاسة التي أكلها الحيوان أو رائحتها أو لونها لحديث ( َنهَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى‬
‫عنْ أَ ْكّلِ الْجَّلَالَةِ وَأَ ْلبَانِهَا)(‪ )2‬أما إذا لم يوجد في لحم الجاللة أي أثر للنجاسة التي أكلتها ال طعم النجاسة وال رائحتها وال‬
‫الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫لونها فاألصل جواز أكل لحمها ألن األصل في أكل لحم كل حيوان بري جائز األكل اإلباحة‪.‬‬

‫لنب اجلاللة‬
‫مثل حكم أكل لحمها شرب لبنها فإذا وجد اإلنسان في لبن الجاللة طعم النجاسة التي أكلتها أو رائحتها أو لونها فيحرم شرب لبنها عمال‬
‫بحديث ( َنهَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ عَنْ أَ ْكّلِ الْجَّلَالَةِ وَأَ ْلبَانِهَا)(‪ )3‬وأما إذا لم يوجد للنجاسة أثر في لبنها ال في الطعم وال في‬
‫الرائحة وال في اللون فيجوز شرب لبنها عمال باألصل ألن األصل في لبن الحيوانات من بهيمة األنعام جواز شربه لقوله تعالى {وَِإنَ لَكُمْ‬
‫فِي ا َألنْعَامِ لَ ِعبْ َرةً نُسْقِيكُم مِمَا فِي بُطُونِهِ مِن َب ْينِ فَرْثٍ َودَمٍ َلبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَا ِربِينَ}(‪.)4‬‬

‫الدجاجـــــــــة‬
‫حكم لحم الدجاجة التي أكلت العذرة أو النجاسة مثل حكم لحم األنثى من بهيمة األنعام إذا وجد اإلنسان في لحم الدجاجة طعم النجاسة‬
‫أورائحتها أولونها فيحرم أكل لحمها‪ ،‬وإن لم يوجد أثر للنجاسة في لحم الدجاجة ال طعما وال شما وال لونا فيجوز أكل لحم الدجاجة‪،‬‬
‫وبيضة الدجاجة الجاللة حكمها حكم لبن األنثى الجاللة من بهيمة األنعام إذا وجد اإلنسان في البيضة طعم أو شم أو لون النجاسة فيحرم‬
‫أكل البيضة وإن لم يجد طعم وال شم وال رائحة للنجاسة فيجوز له أكل البيضة ألن األصل الجواز‪.‬‬

‫خمالطة الفأرة أو حنوها للمطعومات احلالل‬


‫الصحيح‪ :‬أن النجاسة إذا وقعت في طعام حالل فإن كان جامداً فتلقي النجاسة وما حولها من كل الجوانب ويؤكل ما تبقى من الطعام‪ ،‬وإن‬
‫كانت وقعت في طعام مائع كاللبن أو المرق أو الزيت أو السمن أو نحوه فيلقي الطعام كله مع النجاسة أي يهرق كله وال يؤكل لمخالطة‬
‫عنْ فَأْ َرةٍ سَقَطَتْ فِي سَ ْمنٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَلْقُوهَا وَمَا حَوَْلهَا فَاطْرَحُوهُ وَكُّلُوا‬ ‫النجاسة لجميعه لحديث (أنَ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ ُ‬
‫س ِئّلَ َ‬
‫سَ ْمنَكُمْ)(‪ )5‬الحديث دليل على أن الطعام الجامد إذا وقعت فيه فأرة أو ما يساوي الفأرة من الحيوانات أو المستفزات فإنه يلقي المستقذر وما‬
‫حوله من الطعام ويؤكل الباقي‪ ،‬وأما ما كان مائعا من األطعمة كالحليب أو اللبن أو المرق أو السمن أو الزيت أو نحوه من المشروبات‬
‫فإنه إذا تغير وتقذر الطعام بسبب المخالط المستقذر فإنه يراق الطعام المائع أو الشراب كله الستقذاره‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)3( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األطعمة‪ :‬باب النهي عن أكل الجاللة وألبانها‪ .‬حديث رقم(‪ ) 3755‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَهَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ‬
‫أَكْ ِل الْجَلَالَةِ وَأَلْبَانِهَا) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‬
‫أخرجه الترمذي في األطعمة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الجاللة‪ :‬الحيوان الذي يأكل العذرة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)3755‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النحل‪.)66( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬الوضوء‪ :‬باب مايقع من النجاسات في السمن أو الماء‪ .‬حديث رقم (‪ )5535‬بلفظ (عَنْ مَيْمُونَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ سُئِلَ‬
‫ت فِي سَمْنٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ وَكُلُوا سَمْنَكُمْ)‪.‬‬
‫ن فَأْرَ ٍة سَقَطَ ْ‬
‫عَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في األطعمة‪ ،‬والنسائي في الفرع والعتيرة‪ ،‬وأبو داود في األط عمة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجامع‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪484‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬احملرمات لعينها‬

‫لحم الخنزير‬ ‫‪‬‬


‫الــــــــــــدم‬ ‫‪‬‬
‫لحم السباع ذوات األربع‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم الضبع‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم الضب‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم ذي مخلب من الطير‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم الحمر األهلية‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم الخيل‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحوم البغال‬ ‫‪‬‬
‫لحوم الحمر الوحشية‬ ‫‪‬‬
‫لحم الخمس الفواسق الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور‬ ‫‪‬‬
‫قتل الحيات وحرمة أكل لحمها لالستخباث‬ ‫‪‬‬
‫قتل الوزغ وتحريم أكل لحمه لالستخباث‬ ‫‪‬‬
‫النهي عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد‬ ‫‪‬‬
‫قتل الضفادع وتحريم أكل لحمها‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم البومة‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحكم الهر‬ ‫‪‬‬
‫حرمة أكل اللحوم المستوردة من البلدان الكافرة التي تذبح على غير الطريقة اإلسالمية‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم القنفذ‬ ‫‪‬‬
‫جواز أكل لحم الوبر‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحكم األرانب‬ ‫‪‬‬
‫أكل لحم الثعلب‬ ‫‪‬‬
‫جواز أكل البطة والوزة‬ ‫‪‬‬
‫المستخبث من الحيوانات‬ ‫‪‬‬
‫حرمة تعاطي الدخان‬ ‫‪‬‬

‫‪485‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المحرمات لعينها‬

‫المحرمات لعينها هي ما حرمت لذاتها ال لعارض‪ ،‬منها لحم الخنزير ومنها الدم ومنها الميتة وقد تقدم الكالم عليها فبعد موت الحيوان‬
‫جدُ فِي مَا ُأوْحِيَ إِلَيَ مُحَرَماً‬
‫الذي يجوز أكله حتف أنفه بدون تذكية يصير ميتة والميتة من المحرمات المحصورة في قوله تعالى {قُل الَ أَ ِ‬
‫عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِالَ أَن يَكُونَ َم ْيتَةً َأوْ دَماً مَسْفُوحاً َأوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَِإنَهُ رِجْسٌ }(‪ )1‬والميتة قد تقدم الكالم عليها في الفصل األول‪.‬‬

‫حلم اخلنزير‬
‫لحم الخنزير يحرم أكله لقوله تعالى {َأوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَِإنَهُ رِجْسٌ} ويلحق بلحم الخنزير شحمه بالقياس على اللحم ألن الشحم جزء من اللحم‬
‫فشحم الخنزير حرام ألنه جزء من لحم الخنزير المحرم تحريما قطعيا‪.‬‬

‫الــــــــــــدم‬
‫جدُ فِي مَا ُأوْحِيَ إِلَيَ مُحَرَماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِالَ أَن يَكُونَ َم ْيتَةً َأوْ دَمًا مَسْفُوحاً } لفظ (دما) عام‬
‫يحرم الدم المسفوح لقوله تعالى {قُل الَ أَ ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫يعم دم الحيوان البري والحيوان البحري إال أن حديث ( ُهوَ الطَهُورُ مَاؤُهُ الْحِّلُ َم ْي َتتُهُ) يدل على جواز أكل ميتة الحيوان البحري حتى‬
‫ولو كان فيها دم واآلية تدل على تحريم شرب دم كل حيوان بري سواء كان دم حيوان مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم‪ ،‬الصحيح‪ :‬العمل‬
‫بالقيد ألنه يصدق على من ي عمل بالقيد أنه يعمل بالدليلين المطلق والمقيد بخالف العمل بالمطلق فقط ففيه ترك العمل بالمقيد والعمل بالمقيد‬
‫قد دخل فيه العمل بالمطلق فيعفى عن الدم غير المسفوح وهو الذي يبقى في عروق أو لحم الحيوان المذبوح أو المنحور‪.‬‬

‫حلم السباع ذوات األربع‬


‫(‪)3‬‬
‫سبَاعِ) الحديث دليل‬ ‫الصحيح‪ :‬أن لحم السباع يحرم أكله لحديث (أنَ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َنهَى َ‬
‫عنْ أَ ْكّلِ ُكّلِ ذِي نَابٍ ِمنْ ال ِ‬
‫على تحريم أكل لحم كل ذي ناب من السباع والسباع المحرمة األكل هي كل ما يعدو على الناس كاألسد والنمر والثعلب وكل ما يفترس‬
‫سبُعِ‪َ ،‬وعَنْ ُكّلِ ذِي مِخّْلَبٍ‬
‫الحيوانات من أجل أكل لحومها وفي رواية ( َنهَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ عَنْ أَ ْكّلِ كُّلِ ذِي نَابٍ ِمنْ ال َ‬
‫طيْرِ) (‪)4‬الحديث يدل على تحريم أكل لحم كل ذي ناب من السباع ولحم كل ذي مخلب من الطير‪.‬‬ ‫ِمنْ ال َ‬

‫أكل حلم الضبع‬


‫ص ْيدٌ هِيَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُّلْتُ‪ :‬آكُُّلهَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُّلْتُ‪ :‬أَقَالَهُ رَسُولُ‬ ‫الصحيح‪ :‬جواز أكل لحم الضبع لحديث (قُّلْتُ‪ :‬لِجَابِرٍ‪ ،‬ال َ‬
‫ضبُعُ َأ َ‬
‫الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ) (‪)5‬الحدي ث يدل داللة واضحة على جواز أكل لحم الضبع وهو دليل خاص يخصص به عموم حديث‬
‫سبَاعِ) (‪)6‬فيعمل بالخاص فيما تناوله وهو جواز أكل لحم الضبع وإن‬ ‫(َأنَ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َنهَى َ‬
‫عنْ أَ ْكّلِ ُكّلِ ذِي نَابٍ ِمنْ ال ِ‬
‫كان له ناب ويفترس الح مر األهلية وبالعام في الباقي وهو تحريم أكل كل ذي ناب من السباع غير الضبع‪ ،‬وانثى الضبع تسمى في اللغة‬
‫العرفية (العرج) وفي اللغة العربية تسمى أم عامر‪.‬‬

‫أكل حلم الضب‬


‫خبَ َرهُ َأنَهُ دَخَّلَ مَعَ رَسُولِ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ‬ ‫سيْفُ الّلَهِ أَ ْ‬‫عبَاسٍ أَخْبَ َرهُ َأنَ خَالِدَ بْنَ ا ْلوَلِيدِ اَلذِي يُقَالُ لَهُ َ‬ ‫يجوز أكل لحم الضب لحديث (َأنَ ا ْبنَ َ‬
‫جدٍ‪ ،‬فَ َقدَمَتْ‬ ‫حنُوذًا‪َ ،‬قدْ َقدِمَتْ بِهِ أُ ْ‬
‫خ ُتهَا حُ َفيْ َدةُ ِبنْتُ الْحَارِثِ ِمنْ نَ ْ‬ ‫ضبًا مَ ْ‬
‫عنْدَهَا َ‬ ‫جدَ ِ‬ ‫عبَاسٍ‪َ ،‬فوَ َ‬ ‫عََّليْهِ وَسَّلَمَ عَّلَى َميْمُونَةَ وَهِيَ خَاَلتُهُ وَخَالَةُ ا ْبنِ َ‬
‫حدَثَ بِهِ َويُسَمَى لَهُ فَأَهْوَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َيدَهُ‬ ‫حتَى يُ َ‬
‫الضَبَ لِرَسُولِ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَّلَيْهِ وَسَّلَمَ وَكَانَ قَّلَمَا يُ َقدِمُ َي َدهُ لِطَعَامٍ َ‬
‫خبِ ْرنَ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ مَا َقدَ ْم ُتنَ لَهُ ُهوَ الضَبُ يَا رَسُولَ الّلَهِ فَرَفَعَ رَسُولُ‬ ‫س َوةِ الْحُضُورِ‪ :‬أَ ْ‬ ‫إِلَى الضَبِ‪ ،‬فَقَالَتْ امْرََأةٌ ِمنْ النِ ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)145( :‬‬
‫‪ -5‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب المياه‪ .‬حديث رقم(‪ ) 53‬بللفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ أَنَ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَارِ‬
‫أَخْبَرَهُ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‪ :‬سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِنَا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ‪ ،‬فَإِنْ تَوَضَأْنَا بِهِ‬
‫عَطِشْنَا‪ ،‬أَفَنَتَوَضَُأ مِنْ مَا ِء الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬هُ َو الطَهُو ُر مَاؤُ ُه الْحِلُ مَيْتَتُهُ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في المياه‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطهارة‪ ،‬والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب أكل كل ذي ناب من السباع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5530‬بلفظ (عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن السِبَاعِ)‪.‬‬‫ن أَكْلِ كُ ِل ذِي نَابٍ مِ ْ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم نَهَى عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في األطعمة‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وأبو داود في األطعمة‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪،‬‬
‫ومالك في الصيد‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الطب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األطعمة‪ :‬باب النهي عن أكل السباع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3503‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَهَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ أَكْلِ كُلِ‬
‫ن الطَيْرِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ب مِ ْ‬
‫ن كُلِ ذِي مِخْلَ ٍ‬‫ن السَبُعِ‪ ،‬وَعَ ْ‬ ‫ب مِ ْ‬ ‫ذِي نَا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬السبع‪ :‬المفترس من الحيوانات‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي ‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب ماجاء في الضبع يصيدها المحرم‪ .‬حديث رقم(‪ ) 1711‬بلفظ (عَنْ ابْنِ أَبِي عَمَارٍ قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬لِجَابِرٍ‪ ،‬الضَبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬آكُلُهَا؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬أَقَالَهُ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في األطعمة‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي اهلل عنهما برقم (‪.)5530‬‬
‫‪486‬‬
‫عنْ الضَبِ‪ ،‬فَقَالَ خَالِدُ ْبنُ الْوَلِيدِ‪ :‬أَحَرَامٌ الضَبُ يَا رَسُولَ الّلَهِ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬وَلَ ِكنْ لَمْ يَ ُكنْ بِأَ ْرضِ َقوْمِي فَأَ ِ‬
‫ج ُدنِي‬ ‫الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َيدَهُ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫جتَرَ ْرتُهُ فَأَكَ ّْلتُهُ وَرَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َينْظُرُ إِلَيَ) الحديث دليل صريح على جواز أكل الضب إلقرار‬ ‫َأعَافُهُ‪ ،‬قَالَ خَاِلدٌ‪ :‬فَا ْ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم لخالد بن الوليد رضي اهلل عنه على أكله بحضرة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫أكل حلم ذي خملب من الطري‬


‫الصحيح‪ :‬تحريم أكل لحم كل ذي مخلب من الطيور التي تفترس بمخالبها غيرها من الطيور أو الحيوانات الصغار كالغراب والحدأة‬
‫طيْرِ)(‪ )2‬الحديث‬ ‫سبُعِ‪َ ،‬و َ‬
‫عنْ ُكّلِ ذِي مِخّْلَبٍ ِمنْ ال َ‬ ‫والصقر وغيرها لحديث ( َنهَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫عنْ أَ ْكّلِ ُكّلِ ذِي نَابٍ ِمنْ ال َ‬
‫يدل على تحريم أكل ذي مخلب من الطير‪.‬‬

‫أكل حلم احلمر األهلية‬


‫الصحيح‪ :‬أن لحم الحمر األهلية يحرم أكله لحديث (نهى النبي صلى اهلل عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم‬
‫الخيل)(‪ )3‬الحديث يدل على تحريم أكل لحوم الحمر األهلية وعلى جواز أكل لحم الخيل‪.‬‬

‫أكل حلم اخليل‬


‫(‪)4‬‬
‫الصحيح‪ :‬جواز أكل لحم الخيل لحديث (نهى النبي صلى اهلل عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل) ولحديث‬
‫(ذبحنا على عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فرسا ونحن بالمدينة فأكلناه)(‪ )5‬الحديثان يدالن على جواز أكل لحوم الخيل والقول‬
‫بعدم جواز أكل لحم الخيل قياسا على الحمر قول ضعيف ألن القياس المصادم للنص فاسد االعتبار‪.‬‬

‫أكل حلوم البغال‬


‫الراجح‪ :‬أنه يحرم أكل لحم البغال ألن البغال مثل الحمير والحمير األهلية يحرم أكلها‪.‬‬

‫حلوم احلمر الوحشية‬


‫جدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَ مُحَرَماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِالَ أَن يَكُونَ َم ْيتَةً َأوْ دَماً مَسْفُوحاً َأوْ‬
‫يجوز أكل لحم الحمر الوحشية لقوله تعالى {قُل الَ أَ ِ‬
‫لَحْمَ خِنزِيرٍ فَِإنَهُ رِجْسٌ}(‪ )6‬وألن حديث النهي عن أكل لحوم الحمر لم يحرم إال الحمر اإلنسية‪ ،‬ويبقى لحم الحمر الوحشية على أصل‬
‫الجواز ألن األصل في كل شيء اإلباحة‪.‬‬

‫حلم اخلمس الفواسق الغراب واحلدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور‬


‫الراجح‪ :‬أنه يحرم أكل لحم الغراب والحدأة لكون كل منهما ذا مخلب من الطير لحديث ( َنهَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫عنْ أَ ْكّلِ ُكّلِ‬
‫طيْرِ)(‪ )7‬ويح رم لحم الكلب لكونه داخل تحت عموم كل ذي ناب من السبع في الحديث‬ ‫سبُعِ‪َ ،‬و َ‬
‫عنْ ُكّلِ ذِي مِخّْلَبٍ ِمنْ ال َ‬ ‫ذِي نَابٍ ِمنْ ال َ‬
‫المذكور وألن الكلب من جنس الحيوانات المفترسة التي تعتدي على غيرها ولكونه ذا ناب‪ ،‬ويحرم أكل لحم الفأرة والعقرب الستخباثهما‬
‫ألنهما داخالن تحت عموم لفظ الخبائث في قوله تعالى { َويُحَرِمُ عََل ْيهِمُ الْخَبَآئِثَ}(‪ )8‬وأما جواز قتل هذه الخمس الفواسق في الحل والحرم‬

‫‪1‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االطعمة‪ :‬باب ماكان النبي صلى اهلل عليه وسلم ال يأكل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5311‬بلفظ (عن أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيُ أَنَ ابْ َ‬
‫جدَ‬ ‫عَبَاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِي دِ الَذِي يُقَالُ لَهُ سَيْفُ اللَهِ أَخْبَرَهُ أَنَهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَلَى مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬فَوَ َ‬
‫عِنْدَهَا ضَبًا مَحْنُوذًا‪ ،‬قَدْ قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَ ةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ‪ ،‬فَقَدَمَتْ الضَبَ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَكَانَ قَلَمَا يُ قَدِمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَى يُحَدَثَ بِهِ‬
‫وَيُسَمَى لَهُ فَأَهْوَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَدَهُ إِلَى الضَبِ‪ ،‬فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِسْوَةِ الْحُضُورِ‪ :‬أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَا قَدَمْتُنَ لَهُ هُوَ‬
‫الضَبُ يَا رَسُولَ اللَهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَدَهُ عَنْ الضَ بِ‪ ،‬فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ‪ :‬أَحَرَامٌ الضَبُ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَ ْرضِ قَوْمِي‬
‫فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ‪ ،‬قَالَ خَالِدٌ‪ :‬فَاجْتَرَرْتُ ُه فَأَكَلْتُهُ وَرَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ يَنّْظُرُ إِلَيَ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ .‬وملك في الجامع‪ ،‬والدارمي في االصيد‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المحنوذ‪ :‬المشوي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الحديث من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم(‪.)3503‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب لحوم الخيل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5520‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ص فِي الْخَيْلِ)‪.‬‬
‫خ َ‬ ‫ن لُحُو ِم الْحُمُرِ الْأَهْلِيَةِ وَرَ َ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَوْمَ خَيْبَرَ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والترمذي في األطعمة‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وأبو داود في األطعمة‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في مسند‬
‫المكثرين‪ ،.‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الذبائح والصيد‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما برقم (‪.)5520‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب النحر والذبح‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5511‬بلفظ (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ‬
‫رَسُو ِل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَرَسًا فَأَكَلْنَاه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الصيد والذبائح‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وابن ماجة في الذبائح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،.‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)145( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)3503‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)157( :‬‬
‫‪487‬‬
‫ح َديَا‬
‫سقُ يُقْتَ ْلنَ فِي الْحَرَمِ‪ ،‬الْفَأْ َرةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْ ُ‬
‫فلكونها حيوانات معتدية مؤذيه مضرة لإلنسان في بدنه أو ماله ولحديث (خَمْسٌ َفوَا ِ‬
‫وَالْغُرَابُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ)(‪.)1‬‬

‫قتل احليات وحرمة أكل حلمها لالستخباث‬


‫يشرع لإلنسان قتل الحية أو الحيات لكونها من الحيوانات المعتدية على اإلنسان ولكون سمها ضاراً باإلنسان في جسمه قد يؤدي باإلنسان‬
‫حيَاتِ كَُّل ُهنَ فَ َمنْ خَافَ ثَأْرَ ُهنَ فََّليْسَ ِمنِي)(‪ )2‬وفي رواية ( َمنْ تَ َركَ الْ َ‬
‫حيَاتِ مَخَافَةَ طََّلبِ ِهنَ فَّلَيْسَ ِمنَا‬ ‫إلى الموت أو اإلعاقة لحديث (ا ْقتُّلُوا الْ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ح َبّلَ) األحاديث الثالثة فيها داللة واضحة‬ ‫مَا سَالَ ْمنَا ُهنَ ُم ْنذُ حَا َربْنَا ُهنَ)(‪ )3‬وفي رواية (ا ْقتُّلُوا ذَا الطُ ْف َي َت ْينِ فَإِنَهُ يَ ّْلتَمِسُ ا ْل َبصَرَ َو ُيصِيبُ الْ َ‬
‫وصريحة على وجوب قتل الحية إال إذا كانت في البيوت فإنها تنادي ويطلب منها الخروج ثالث مرات فإن خرجت وإال تقتل وأما ذا‬
‫الطفيتين واألبتر فإنهما يقتالن في أي مكان وجدا فيه سواء في البيت أو خارج البيت‪ ،‬وأما تحريم أكل الحيات فالستخباث لحمها لكون‬
‫خبَآئِثَ) في قوله تعالى { َويُحَرِمُ عََل ْيهِمُ الْخَبَآئِثَ}(‪.)5‬‬ ‫لحمها داخالً تحت عموم لفظ (الْ َ‬

‫قتل الوزغ وحتريم أكل حلمه لالستخباث‬


‫يشرع قتل الوزغ ألنه من الحيوانات التي تسبب لإلنسان ضرراً في صحته لحديث (َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَمَرَ بِقَ ْتلِ ا ْلوَزَغِ‬
‫وَسَمَاهُ ُف َويْسِقًا)(‪ )6‬ولحديث ( َمنْ َق َتّلَ وَ َزغَةً فِي َأ َولِ ضَ ْربَةٍ فَّلَهُ كَذَا وَ َكذَا حَ َ‬
‫سنَةً‪ ،‬وَمَنْ َقتََّلهَا فِي الضَ ْربَةِ الثَا ِنيَةِ فَّلَهُ َكذَا وَ َكذَا حَسَنَةً ِلدُونِ‬
‫سنَةً)(‪ )8‬األحاديث تدل على‬ ‫سبْعِينَ حَ َ‬ ‫سنَةً ِلدُونِ الثَا ِنيَةِ)(‪ )7‬ولحديث (فِي َأ َولِ ضَ ْربَةٍ َ‬ ‫الْأُولَى‪ ،‬وَِإنْ َقتََّلهَا فِي الضَ ْربَةِ الثَاِلثَةِ فَّلَهُ َكذَا وَ َكذَا حَ َ‬
‫وجوب قتل الوزغة للضرر الذي تسببه لإلنسان‪ ،‬سماها النبي صلى اهلل عليه وسلم ( ُف َويْسِقًا) ولمن قتلها في الضربة األولى سبعين حسنة‪،‬‬
‫وأما تحريم أكل لحمها فهو لالستخباث‪.‬‬

‫النهي عن قتل النملة والنحلة واهلدهد والصرد‬


‫جهَا ِزهِ فَُأخْرِجَ مِنْ‬ ‫ال يشرع لإلنسان قتل النمل والنحل والهدهد والصرد لحديث (نَ َزلَ َنبِيٌ ِمنْ الَْأ ْن ِبيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ فََّل َد َ‬
‫غتْهُ نَمّْلَةٌ فَأَمَرَ بِ َ‬
‫صّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ يَقُولُ‪:‬‬‫ح َدةً)(‪ )9‬وفي رواية (سَمِعْتُ رَسُولَ الّلَهِ َ‬ ‫ح ِتهَا‪ ،‬ثُمَ أَمَرَ ِب َبيْ ِتهَا فَأُحْ ِرقَ بِالنَارِ فََأوْحَى الّلَهُ إَِليْهِ َفهَّلَا نَمّْلَةً وَا ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫(‪)10‬‬
‫سبِحُ) وفي رواية (ِإنَ‬ ‫قَ َرصَتْ نَمّْلَةٌ َن ِبيًا ِمنْ الَْأ ْن ِبيَاءِ فَأَمَرَ بِقَ ْريَةِ النَ ْمّلِ فَأُحْرِقَتْ‪ ،‬فََأوْحَى الّلَهُ إَِليْهِ َأنْ قَ َر َ‬
‫ص ْتكَ نَمّْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَةً ِمنْ الْأُمَمِ تُ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الخلق‪ :‬باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3315‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫ب وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ)‪.‬‬‫ب وَالْحُدَيَا وَالْغُرَا ُ‬ ‫ق يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَ ِم الْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَ ُ‬ ‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خَمْسٌ فَوَاسِ ُ‬
‫أخرجه مسلم في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬العقور‪ :‬المؤذي المتوحش‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب اآلداب‪ :‬باب في قتل الحيات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5241‬بلفظ (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اقْتُلُوا الْحَيَاتِ كُلَهُنَ‬
‫س مِنِي) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ف ثَأْرَهُنَ فَلَيْ َ‬‫فَمَنْ خَا َ‬
‫أخرجه النسائي في الجهاد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب األدب‪ :‬باب في قتل الحيات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5250‬بلفظ (عن مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ فِيمَا أَرَى إِلَى ابْنِ عَبَاسٍ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ تَرَاَ الْحَيَاتِ مَخَافَةَ طَلَبِهِنَ فَلَيْسَ مِنَا مَا سَالَمْنَاهُنَ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس‬
‫الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬طلبهن‪ :‬انتقامهن‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الخلق‪ :‬باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعاف الجبال‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3305‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا قَالَتْ‪ :‬قَالَ النَبِيُ‬
‫ب الْحَبَلَ)‪.‬‬ ‫س الْبَصَ َر وَيُصِي ُ‬ ‫ن فَإِنَ ُه يَلْتَمِ ُ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اقْتُلُوا ذَا الطُفْيَتَيْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في السالم‪ ،‬وابن ماجة في الطب‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجامع‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الطفيتين‪ :‬نوع من الحيات على ظهره خطان‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬االعراف‪.)157( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب السالم‪ :‬باب استحباب قتل الوزغ‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5503‬بلفظ (عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ‬
‫وَسَمَاهُ فُوَيْسِقًا)‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في األدب‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الوزع‪ :‬نوع من الزواحف أشبه بالسحلية وهو سام‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً‬ ‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب السالم‪ :‬باب استحباب قتل الوزغ‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5507‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ن الثَانِيَةِ)‪.‬‬
‫ن الْأُولَى‪ ،‬وَإِنْ قَتَلَهَا فِي الضَرْبَ ِة الثَالِثَةِ فَلَ ُه كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً لِدُو ِ‬ ‫ن قَتَلَهَا فِي الضَرْبَ ِة الثَانِيَ ِة فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَ ًة لِدُو ِ‬ ‫فِي أَوَ ِل ضَرْبَ ٍة فَلَ ُه كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫أخرجه الترمذي في األحكام والفوائد‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب السالم‪ :‬باب استحباب قتل الوزغ‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5507‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنَهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فِي أَوَلِ ضَرْبَةٍ‬
‫ن حَسَنَةً)‪.‬‬ ‫سَبْعِي َ‬
‫أخرجه ال ترمذي في األحكام والفوائد‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء الخلق‪ :‬باب خمس من الفواسق يقتلن في الحرم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3311‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫ق بِالنَا ِر فَأَوْحَى اللَ ُه إِلَيْهِ فَهَلَا نَمْلَةً وَاحِدَةً)‪.‬‬
‫ج مِنْ تَحْتِهَا‪ ،‬ثُ َم أَمَ َر بِبَيْتِهَا فَأُحْرِ َ‬
‫ت شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْ ُه نَمْلَ ٌة فَأَمَ َر بِجَهَازِ ِه فَأُخْرِ َ‬ ‫ن الْأَنْبِيَا ِء تَحْ َ‬‫ي مِ ْ‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬نَزَ َل نَبِ ٌ‬
‫أخرجه مسلم في السالم‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وأبو داود في األدب‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحدييث‪ :‬الجهاد والسير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جهازه‪ :‬متاعه‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب إذا حرق المشرا المسلم هل يحرق‪ .‬حديث رقم (‪ )3011‬بلفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَبِ وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَ أَبَا هُرَيْ َرةَ‬
‫رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَمْلِ فَأُحْرِقَتْ‪ ،‬فَأَوْحَى اللَهُ إِلَيْهِ أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ‬
‫ن الْأُمَ ِم تُسَبِحُ)‪.‬‬‫ت أُمَ ًة مِ ْ‬
‫أَحْرَقْ َ‬
‫أخرجه مسلم في السالم‪ ،‬والنسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬وأبو داود في األدب‪ ،‬وابن ماجة في الصيد‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪488‬‬
‫عنْ َق ْتّلِ أَ ْربَعٍ ِمنْ ال َدوَابِ‪ :‬النَمّْلَةُ وَالنَحّْلَةُ وَا ْل ُهدْ ُهدُ وَالصُ َردُ)(‪ )1‬الحديث يدل على تحريم قتل النملة والنمل‬
‫ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ نَهَى َ‬
‫والنحلة والنحل والهدهد والصرد الواحد والجمع ألن الواحد منها والمجموع ال يسبب أضرارا تؤدي باإلنسان إلى الهالك أو الضرر الدائم‬
‫كما هو الحال في أضرار الحيات‪ ،‬وتحريم أكل هذه األربع هو الستخباث أكل لحمها وكلما يستخبث أكل لحمه فهو داخل تحت عموم قوله‬
‫تعالى { َويُحَرِمُ عََل ْيهِمُ الْخَبَآئِثَ}(‪.)2‬‬

‫قتل الضفادع وحتريم أكل حلمها‬


‫طبِيبًا سََألَ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬عَنْ ضِ ْف َدعٍ يَجْعَّلُهَا فِي َدوَاءٍ‪،‬‬
‫الضفادع نهى النبي صلى اهلل عليه وسلم عن قتلها في حديث (أَنَ َ‬
‫عنْ قَتِّْلهَا)(‪ )3‬ويحرم أكل لحمها عند من يستخبثه لدخولها تحت عموم قوله تعالى {وَيُحَرِمُ عََل ْيهِمُ‬ ‫َف َنهَاهُ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْ ِه وَسَّلَمَ َ‬
‫خبَآئِثَ}(‪.)4‬‬ ‫الْ َ‬

‫أكل حلم البومة‬


‫البومة هي أم سليم وهي ال تسكن إال في الخرائب األماكن الخالية من السكان وحكم أكل لحكم البومة إن كان لها مخلب فهي محرمة‬
‫طيْرِ)(‪ )5‬وإن لم يكن لها مخلب‬
‫عنْ ُكلِ ذِي مِخْلَبٍ ِمنْ ال َ‬‫سبُعِ‪َ ،‬و َ‬
‫عنْ أَ ْكلِ ُكلِ ذِي نَابٍ ِمنْ ال َ‬ ‫لحديث ( َنهَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َ‬
‫(‪)6‬‬
‫خبَآئِثَ} ‪.‬‬ ‫فهي محرمه لكونها مستخبثة تدخل تحت عموم قوله تعالى { َويُحَرِمُ عََل ْيهِمُ الْ َ‬

‫أكل حلكم اهلر‬


‫يحرم أكل لحم الهر ألنه ذو ناب ويحرم أكل لحم كل ذي ناب من السباع للحديث المتقدم الذكر‪.‬‬

‫حرمة أكل اللحوم املستوردة من البلدان الكافرة التي تذبح على غري الطريقة اإلسالمية‬
‫أكل اللحوم المستوردة ومنها الدجاج المستوردة من بلدان أهل الكتاب التي يثبت أنها تذبح الحيوانات المأكولة اللحم على غير الطريقة‬
‫اإلسالمية حرام وإن لم تعرف الطريقة التي تذبح بها الحيوانات المأكولة اللحم فهو شبهه من الشبهات ألن البالغ أنها ال تذبح على الطريقة‬
‫اإلسالمية ألنه وجد سمك مكتوب عليه (مذبوح على الطريقة اإلسالمية) ووجدت دجاجة ال يزال رأسها مرتبطا برقبتها وهي ميتة‬
‫مكتوب عليها مذبوحة على الطريقة اإلسالمية وهي لم تذبح أصالً‪ ،‬واللحوم المستوردة من بالد كتابية هي محرمة لكونها تذبح على غير‬
‫الطريقة اإلسالمية ألن حل أكل ذبيحة الكتابي هو إذا كان ذبحها على الطريقة اإلسالمية‪ ،‬واللحوم المستوردة من بالد بوذية فهي محرمة‬
‫في كل األحوال ألن الذابح لها ليس مسلماً وال كتابياً‪ ،‬أما ذبائح بلدان أهل الكتاب لو ذبحت على الطريقة اإلسالمية وهي ما أنهر الدم‬
‫وقطع العروق التي بين الرقبة والرأس في جميع الحيوانات ما عدى اإلبل فهي التي تنحر وتكون الرقبة تابعة للرأس وفي الحيوانات‬
‫األخرى تكون الرقبة تابعة للجسد فهي حالل سواء كان الذابح لها مسلماً أم كتابياً‪ ،‬وسواء كان الذبح بالسكين الحادة أو ما يقوم مقام‬
‫السكين من األشياء الحادة ولو كانت من نوع المكائن أو آالت القطع الكهربائية الحديثة ما دام الذبح أو النحر وقع على الصفة التي جاءت‬
‫بها الشريعة اإلسالمية من إنهار الدم وقطع العروق على الوصف الشرعي في حديث (مَا َأ ْنهَرَ الدَمَ َوذُكِرَ اسْمُ اللَهِ فَكُلُوهُ)(‪ )7‬فإذا علم يقيناً‬
‫من مصادر موثوقة أو غلب على الظن أن اللحوم المستوردة ومنها الدجاج تذبح على الطريقة اإلسالمية فهي حالل سواء كان الذابح لها‬
‫مسلماً أو كتابياً‪ ،‬وإذا علم يقيناً من مصادر موثوقة أنها تذبح على غير الطريقة اإلسالمية فهي محرمة ال يجوز أكلها سواء كان الذابح لها‬
‫كتابياً أو غيره والعبرة بما يصح بعد البحث والتحري من قبل جهة أو جهات موثوقة‪ ،‬وتصح ذبيحة الكتابي ولو لم يذكر اسم اهلل على‬
‫الذبيحة إذا كانت على الطريقة اإلسالمية لحديث (ِإنَ َقوْمًا يَ ْأتُونَنَا بِالّلَحْمِ لَا َندْرِي َأذَكَرُوا اسْمَ الّلَهِ عََّليْهِ أَمْ لَا‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سننن أبي داود‪ :‬باب في قتل الذر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5267‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ قَالَ‪ :‬إِنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنْ الدَوَابِ‪ :‬النَمْلَةُ‬
‫وَالنَحْلَ ُة وَالْهُدْهُ ُد وَالصُرَدُ)‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في االضاحي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الصرد‪ :‬نوع من الطيور ال يجوز قتله‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)157( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطب‪ :‬باب في األدوية المكروهة‪ .‬حديث ررقم (‪ ) 5261‬بلفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِبِ عَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ‪ ،‬أَنَ طَبِيبًا سَأَلَ النَبِيَ‬
‫ن قَتْلِهَا)‪.‬‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَمَ عَ ْ‬
‫ع يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ‪ ،‬فَنَهَا ُه النَبِ ُ‬‫ن ضِفْدَ ٍ‬‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬عَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في الصيد والذبائح‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫اطراف الحديث‪:‬األدب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)157( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪.)3503‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)157( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الذبائح والصيد‪ :‬باب إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنما‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5543‬بلفظ (عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِهِ رَافِعِ‬
‫ن وَلَا ظُفُرٌ‪ ،‬وَسَأُحَدِثُكُمْ‬ ‫ن سِ ٌ‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِنَنَا نَلْقَى الْعَدُوَ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدً ى‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا أَنْهَ َر الدَمَ وَذُكِ َر اسْ ُم اللَ ِه فَكُلُوهُ مَا لَ ْم يَكُ ْ‬ ‫بْنِ خَدِيجٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬لِلنَبِ ِ‬
‫عَنْ ذَلِكَ ‪ ،‬أَمَا السِنُ فَعَّظْمٌ وَأَمَا الّظُفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ‪ ،‬وَتَقَدَمَ سَرَعَانُ النَاسِ فَأَصَابُوا مِنْ الْغَنَائِ مِ وَالنَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي آخِرِ النَاسِ فَنَصَبُوا قُدُورًا فَأَمَرَ بِهَا‬
‫فَأُكْفِئَتْ‪ ،‬وَقَسَمَ بَيْ نَهُمْ وَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ‪ ،‬ثُمَ نَدَ بَعِيرٌ مِنْ أَوَائِلِ الْقَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ ْم خَيْلٌ فَرَمَا هُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَهُ‪ ،‬فَقَالَ إِنَ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَا ِبدِ‬
‫الْوَحْشِ‪ ،‬فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا مِثْلَ هَذَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في األضاحي‪ ،‬والترمذي في األحكام والفوائد‪ ،‬والنسائي في اللضحايا‪ .‬وأبودازد في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في األضاحي‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪،‬‬
‫والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الشركة الجهادوالسير‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬المدية‪ :‬السكين‪ .‬أنهر‪ :‬أسال وصب‪ .‬أوابد‪ :‬نافرة متوحشة‪ .‬ند‪ :‬هرب ونفر‪.‬‬
‫‪489‬‬
‫عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬سَمُوا الّلَهَ عََّليْهِ وَكُّلُوهُ)(‪ )1‬وألن النبي صلى اهلل عليه وسلم أكل من الشاة التي ذبحتها له المرأة اليهودية في فتح خيبر لحديث‬
‫سّلَمَ‪ :‬اجْمَعُوا لِي َمنْ كَانَ هَا‬ ‫(لَمَا فُتِحَتْ خَ ْيبَرُ أُ ْه ِديَتْ لِرَسُولِ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ شَاةٌ فِيهَا سَمٌ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَ َ‬
‫عنْهُ؟ فَقَالُوا‪ :‬نَعَمْ يَا َأبَا‬ ‫عنْ شَيْءٍ‪َ ،‬ف َهّلْ َأ ْنتُمْ صَادِقِيَ َ‬ ‫ُهنَا ِمنْ ا ْل َيهُودِ فَجُمِعُوا لَهُ‪ ،‬فَقَالَ َلهُمْ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ِ ،‬إنِي سَائِّلُكُمْ َ‬
‫الْقَاسِمِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪َ :‬منْ َأبُوكُمْ؟ قَالُوا‪َ :‬أبُونَا فُّلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪َ :‬ك َذ ْبتُمْ‪َ ،‬بّلْ َأبُوكُمْ‬
‫عنْهُ؟ فَقَالُوا‪ :‬نَعَمْ يَا َأبَا الْقَاسِمِ‪ ،‬وَِإنْ َكذَ ْبنَاكَ عَرَفْتَ كَ ِذ َبنَا كَمَا‬ ‫عنْ شَيْءٍ ِإنْ سَأَ ْلتُكُمْ َ‬ ‫صدَقْتَ َوبَرِرْتَ‪ ،‬فَقَالَ‪َ :‬هّلْ َأ ْنتُمْ صَادِقِيَ َ‬ ‫فُّلَانٌ‪ ،‬فَقَالُوا‪َ :‬‬
‫عَرَ ْفتَهُ فِي َأبِينَا‪ ،‬قَالَ َلهُمْ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬مَنْ أَ ْهّلُ النَارِ؟ فَقَالُوا‪ :‬نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَ تَخّْلُفُونَنَا فِيهَا‪ ،‬فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ‬
‫عنْهُ؟ قَالُوا‪ :‬نَعَم‪،‬‬ ‫عنْ شَيْءٍ ِإنْ سَأَ ْلتُكُمْ َ‬ ‫الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ اخْسَئُوا فِيهَا وَالّلَهِ لَا نَخّْلُفُكُمْ فِيهَا َأ َبدًا‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪َ :‬لهُمْ َف َهّلْ َأ ْنتُمْ صَادِقِيَ َ‬
‫قَالَ‪َ :‬هّلْ جَعَ ّْلتُمْ فِي َهذِهِ الشَاةِ سَمًا؟ فَقَالُوا‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا حَمَّلَكُمْ عَّلَى ذَِلكَ؟ فَقَالُوا‪ :‬أَ َر ْدنَا إِنْ كُنْتَ َكذَابًا نَسْتَرِيحُ ِم ْنكَ‪ ،‬وَِإنْ ُكنْتَ َن ِبيًا لَمْ‬
‫َيضُ َركَ)(‪ )2‬الحديثان دليالن على جواز أكل ذبيحة من ذبح على الطريقة اإلسالمية حتى ولو جهل ذكره اسم اهلل على الذبيحة ألن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم لم يكن متيقناً أن اليهودية ذكرت اسم اهلل على ذبح الشاة التي ذبحتها له صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫أكل حلم القنفذ‬


‫الصحيح‪ :‬جواز أكل لحم القنفذ ألن األصل في كل شيء من المطعومات الحل وأما حديث نميلة بلفظ (قال‪ :‬كنت عند ابن عمر رضي اهلل‬
‫عنهما فسئل عن أكل القنفذ فتال قوله تعالى‪ (:‬قل ال أجد فيما أوحي إلي محرما‪ )....‬اآلية‪ ،‬قال شيخ عنده‪ :‬سمعت أبا هريرة يقول‪ :‬ذكر‬
‫عند النبي صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬خبيثة من الخبائث‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬إن كان قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هذا فهو كما قال‬
‫ما لم ندر) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )1799‬وإذا تعارض الحديث الضعيف واألصل فال يعمل بالحديث‬
‫الضعيف ويرجح البقاء على األصل ألن األصل أقوى واألصل الحل والحديث الضعيف ال يصح االستدالل به ال على التحريم وال على‬
‫الكراهة ألن التحريم والكراهة من األحكام الشرعية التي ال تثبت إال بدليل صحيح صريح خال عن المعارضة‪.‬‬

‫جواز أكل حلم الوبر‬


‫الوبر‪ :‬حيوان له أنياب وله يدان ورجالن كأيدي وأرجل القط وله ذنب وشعره يشبه شعر القط‪ ،‬وهو يتغذى من الحشائش والشجر‪،‬‬
‫الصحيح‪ :‬جواز صيده وأكل لحمه ألن األصل في األشياء اإلباحة وليس هو من الحيوانات الموصوفة بصفة السبع ألنه ال يفترس‬
‫سبُعِ)(‪ )3‬قد قيد الحيوانات التي يحرم أكل‬ ‫الحيوانات األخرى‪ ،‬حديث( َنهَى رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫عنْ أَ ْكّلِ ُكّلِ ذِي نَابٍ ِمنْ ال َ‬
‫لحمها إذا كان لها ناب بصفة السبع فما كان له ناب وليس بسبع كالوبر فهو يحل أكله وصيده‪.‬‬

‫أكل حلكم األرانب‬


‫الراجح‪ :‬جواز أكل لحم األرانب ألن األصل اإلباحة وأكل لحم األرانب جائز مباح وال كراهة في أكل لحمها ومن ادعى الكراهة فعليه‬
‫الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة‪.‬‬

‫أكل حلم الثعلب‬


‫الظاهر حرمة أكل لحكم الثعلب ألنه ذو أنياب ويفترس الدجاج وهو داخل تحت عموم حديث (نهى رسول اهلل عن أكل كل ذي ناب من‬
‫السبع)(‪ )4‬الثعلب من الحيوانات الموصوفة بصفة السبع العتدائه على الدجاج وافتراسها‪.‬‬

‫جواز أكل البطة والوزة‬


‫يجوز أكل لحم البطة والوزة ألن األصل حل أكل لحمهما لكونهما ليستا من ذوات المخالب من الطير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5507‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ قَوْمًا قَالُوا‪ :‬يَا‬
‫رَسُو َل اللَ ِه إِنَ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَحْ ِم لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْ َم اللَ ِه عَلَيْ ِه أَ ْم لَا‪ ،‬فَقَا َل رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬سَمُوا اللَ َه عَلَيْهِ وَكُلُوهُ)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في الضحايا‪ ،‬وأبو داود في الضحايا‪ ،‬وابن ماجة في الذبائح‪ ،‬ومالك في الذبائح‪ ،‬والدارمي في األضاحي‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الذبائح والصيد ’ التوحيد‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الطب‪ :‬باب مايذكر في سم النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3161‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَهُ قَالَ‪ :‬لَمَا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ‬
‫لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ شَاةٌ فِيهَا سَمٌ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ الْيَهُودِ فَجُمِعُوا لَهُ‪ ،‬فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬إِنِي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ‪ ،‬فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَ عَنْهُ؟ فَقَالُوا‪ :‬نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ أَبُوكُمْ؟ قَالُوا‪ :‬أَبُونَا‬
‫فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬كَذَ بْتُمْ‪ ،‬بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُ مْ عَنْهُ؟ فَقَالُوا‪ :‬نَعَمْ يَا أَبَا‬
‫الْقَاسِمِ‪ ،‬وَإِنْ كَذَبْنَااَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا‪ ،‬قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬مَنْ أَهْلُ النَارِ؟ فَقَالُوا‪ :‬نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا‪ ،‬فَقَالَ‬
‫لَهُمْ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ اخْسَئُوا فِيهَا وَاللَهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَ بَدًا‪ ،‬ثُمَ قَالَ‪ :‬لَهُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا‪ :‬نَعَم‪ ،‬قَالَ‪ :‬هَلْ جَعَلْتُمْ‬
‫ت نَبِيًا لَ ْم يَضُرَاَ)‪.‬‬
‫ح مِنْكَ‪ ،‬وَإِنْ كُنْ َ‬‫فِي هَذِ ِه الشَا ِة سَمًا؟ فَقَالُوا‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا حَمَلَكُ ْم عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالُوا‪ :‬أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَابًا نَسْتَرِي ُ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في المقدمة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الجزبة‪ ،‬المغاوي‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬بررت‪ :‬أحسنت وقلت خيرًا وحقا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الحديث من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم(‪.)3503‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما برقم (‪)3503‬‬
‫‪491‬‬
‫املستخبث من احليوانات‬
‫قال العلماء‪ :‬المستخبث من الحيوانات هو ما استخبثه األكثر من أمم األرض أو ما استخبثه العرب الذين نزل القرآن الكريم بلغتهم‪،‬‬
‫خبَآئِثَ}(‪.)1‬‬
‫والمستخبث يحرم أكل لحمه لقوله تعالى { َويُحَرِمُ عََل ْيهِمُ الْ َ‬

‫حرمة تعاطي الدخان‬


‫تعاطي الدخان من السيجارة ونحوها من النرجيلة والمداعة وغيرها يسبب أضرار بالغة لجسم اإلنسان ومنها إصابة اإلنسان المتعاطي‬
‫للدخان بالسرطان الرؤى وأمراض الصدر وغيرها من األمراض التي يحذر منها ‪ ،‬والّظاهر‪ :‬أن تعاطي الدخان حرام لألضرار التي‬
‫يسببها تعاطيه لإلنسان لحديث (َأنَ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬قَضَى َأنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)(‪ )2‬الحديث دليل على تحريم تناول كلما‬
‫يسبب ضرراً لإلنسان في جسمه أو ماله أو عرضه ألن لفظ (ال ضرر) نفي بمعنى النهي عن جنس الضرر ولفظ ضرر نكرة في سياق‬
‫النفي يفيد العموم أي أن الحديث فيه نهي النبي صلى اهلل عليه وسلم عن كل ضرر أو فعل ما يسبب ضررا لإلنسان ومن المعلوم‬
‫والمقطوع به الضرر الذي يحدثه الدخان في جسم اإلنسان من األمراض التي تصيب رئتيه وجهازه التنفسي وبقية أجهزة جسمه باإلضافة‬
‫إلى الضرر المادي الذي يضر بماليته والسيما إذا كان من الفقراء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)157( :‬‬
‫‪2‬‬
‫صلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‪ :‬كتاب األحكام‪ :‬باب من بنى في حقه ما يضر بغيره‪ .‬حديث رقم (‪ )1101‬بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَامِتِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَ ِه َ‬
‫قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) صححه األلباني في صحيح سنن ابن ماجة بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الضرار‪ :‬أي ال يضر الرجل أخاه فينقصه شيئًا من حقه‪.‬‬
‫‪491‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬آداب األكل‬

‫‪ ‬آداب األكّل‬
‫‪ ‬الجّلسة المسنونة عّلى األكّل‬
‫‪ ‬كان النبي صّلى اهلل عّليه وآله وسّلم ال يتوسع في أنواع المطعومات‬

‫‪492‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬آداب األكــــــــــــل‬

‫آداب األكـــل‬
‫‪ -1‬التسمية واحلمد عند الفراغ واألكل باليمني ومما يلي اآلكل ولعق األصابع والصفحة ‪ :‬يشرع لآلكل التسمية واألكل باليمين واألكل‬
‫مما يلي اآلكل‪ ،‬لحديث (يا غالم سم اهلل وكل بيمينك وكل مما يليك)(‪ ،)3‬ويشرع لعق األصابع والحمد عند الفراغ من الطعام‬
‫والدعاء بالمأثور‪ ،‬وال يأكل متكئاً لحديث (إني ال أكل متكئاً)(‪ )2‬والمتكئ‪ :‬هو الذي يجلس متمكناً على مقعدته متربعا‪.‬‬
‫‪ -2‬األكل باليمني ‪ :‬الظاهر‪ :‬أنه واجب ألن النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم شبَه من يأكل أو يشرب بشماله بالشيطان في حديث (ال‬
‫(‪)1‬‬
‫يأكلن أحد منكم بشماله وال يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها)‬
‫‪4‬‬

‫األكل بثالث أصابع‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫لعق اإلناء ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫لعق األصابع ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫اجللسة املسنونة على األكل‬


‫األكل متكئاً خالف األفضل‬
‫كان النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم ال يتوسع يف أنواع املطعومات‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب ا ألطعمة‪ :‬باب التسمية على الطعام واألكل باليمين‪ .‬حديث رقم (‪ )4157‬بلفظ ( أخبرنا سفيان قال الوليد بن كثير أخبرني أنه سمع وهب‬
‫بن كيسان أنه سمع عمر بن أبي سلمة يقول‪ :‬كنت غالما في حجر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة‪ ،‬فقال لي رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ :‬يا غالم سم اهلل‪ ،‬وكل بيمينك‪ ،‬وكل مما يليك‪ ،‬فما زالت تلك طعمتي بعد)‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود في األطعمة‪ ،‬وابن ماجة في األطعمة‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين أجمعين‪ ،‬ومالك في الجامع‪ ،‬والدارمي في األطعمة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األطعمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األطعمة‪ :‬باب األكل متكئاً‪ .‬حديث رقم (‪ )4150‬بلفظ (عن أبي جحيفة‪ ،‬قال‪ :‬كنت عند النبي صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬لرجل عنده ال‬
‫آكل وأنا متكئ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في األطعمة‪ ،‬وأبو داود في األطعمة‪ ،‬وابن ماجة في األطعمة‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في األطعمة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األطعمة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3765‬بلفظ (عن سالم عن أبيه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬ال‬
‫يأكلن أحد منكم بشماله وال يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في األطعمة‪ ،‬وأبو داود في األطعمة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في الجامع‪ ،‬والدارمي في األطعمة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬األشربة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث سالم عن أبيه برقم (‪.)3765‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما‪ .‬حديث رقم (‪ )3766‬بلفظ (عن إياس بن سلمة بن األكوع أن أباه حدثه أن رجال أكل عند‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بشماله فقال‪ :‬كل بيمينك قال ال أستطيع قال ال استطعت ما منعه إال الكبر قال فما رفعها إلى فيه)‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في أول مسند المدنيين أجمعين‪ ،‬والدارمي في األطعمة‪.‬‬
‫في‪ :‬فم‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬فما رفعها‪ :‬أصابها الشلل فلم يعد يستطيع رفعها‪.‬‬
‫‪493‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬احملرم من األشربة‬

‫‪ ‬الفصّل األول ‪:‬كّل مسكر حرام سواء كان شرابا أم حبوبا‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني ‪:‬آداب الشرب‬

‫‪494‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬كل مسكر حرام سواء كان شرابا أم حبوبا‬

‫تعريف األشربة‬ ‫‪‬‬


‫األصل أن كل مايشربه اإلنسان حالل‬ ‫‪‬‬
‫الخمـــــــــــر‬ ‫‪‬‬
‫حكم الخمر‬ ‫‪‬‬
‫من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في اآلخرة‬ ‫‪‬‬
‫كثرة شرب الخمر عالمة من عالمات أشراط الساعة‬ ‫‪‬‬
‫استحالل الخمر وتسميتها بغير اسمها‬ ‫‪‬‬
‫كل مسكر حرام سواء كان شرابا أم حبوبا‬ ‫‪‬‬
‫حرمة التداوي بالخمر‬ ‫‪‬‬
‫انتباذ جنسين مختلطين‬ ‫‪‬‬
‫تخليل الخمر‬ ‫‪‬‬
‫جواز االنتباذ في أي إناء‬ ‫‪‬‬
‫جواز شرب النبيذ قبل تغيره باإلسكار‬ ‫‪‬‬
‫شرب النبي صلى اهلل عليه وسلم النبيذ‬ ‫‪‬‬
‫حرمة طاعة المرأة زوجها في مشاركته بشرب الخمر أو مساعدته على شرب الخمر‬ ‫‪‬‬
‫جواز أكل أو شرب المحرمات في حال االضطرار‬ ‫‪‬‬
‫السبب المحلل ألكل أو شرب المحرم‬ ‫‪‬‬
‫جنس الشيء المحلل‬ ‫‪‬‬
‫مقدار ما يؤكل أو يشرب أو يلبس من المحرمات‬ ‫‪‬‬
‫استحباب الشرب باليد اليمنى وكون الشارب قاعدًا وكون الشرب على ثالثة أنفاس‬ ‫‪‬‬
‫استحباب إعطاء الشراب من على يمين الساقي حتى لو كان من على يمينه طفالً أو أميًا ومن على يساره عالماً‬ ‫‪‬‬
‫أو وجيهاً‬
‫كراهة تنفس الشارب في اإلناء‬ ‫‪‬‬
‫كراهة الشرب من فم السقاء‬ ‫‪‬‬
‫حرمة الشرب أو األكل في آنية الذهب أو الفضة‬ ‫‪‬‬

‫‪495‬‬
‫الفصل األول ‪:‬كل مسكر حرام سواء كان شرابا أم حبوبا‬

‫تعريف األشربة‬
‫األشربة (لغة)‪ :‬ما يشرب‪ ،‬و(شرعاً)‪ :‬كل شراب مباح شرعاً‪.‬‬

‫األصل أن كل ما يشربه اإلنسان حالل‬


‫األصل أن كل ما يشربه اإلنسان سواء كان ماء أو عصيراً أو غيره من األشربة المختلفة حالل ألن األصل في كل مشروب الحل وال‬
‫يستثني من هذا األصل إال ما ورد الدليل على تحريمه كالخمر وكل ما يسكر من األنبذة وغيرها مما يسبب اإلسكار ألن العلة في التحريم‬
‫هي اإلسكار لحديث ( ُكّلُ شَرَابٍ أَسْكَرَ َف ُهوَ حَرَامٌ)(‪.)1‬‬

‫اخلمـــــــــــر‬
‫الخمر‪ :‬شراب مسكر يتخذ من خمسة أشياء من نقيع العنب أو التمر أو الحنطة أو الشعير أو العسل‪ ،‬وسمى الخمر خمرا ألنه يخامر‬
‫العقل‪.‬‬

‫حكم اخلمر‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ولحديث (مَا أَسْكَرَ َكثِي ُرهُ فَقَّلِيّلُهُ حَرَامٌ) قال األلباني عن‬ ‫ال أو كثيراً لحديث ( ُكلُ شَرَابٍ أَسْكَرَ َف ُهوَ حَرَامٌ)‬
‫يحرم شربها سواء كان قلي ً‬
‫الحديث بأنه (حسن صحيح)‪.‬‬

‫من شرب اخلمر يف الدنيا مل يشربها يف اآلخرة‬


‫ا لخمر شربها في الدنيا ذنب عظيم وكبيرة من كبائر اإلثم ومن شرب خمر الدنيا ومات مدمنا عليها لم يتب منها قبل موته حرم اهلل عليه‬
‫خمر اآلخرة التي هي نوع من أشربة أهل الجنة لحديث ( َمنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُنْيَا ثُمَ لَمْ َيتُبْ ِم ْنهَا حُرِ َمهَا فِي الْآخِ َرةِ)(‪ )4‬وحديث (وَمَنْ‬
‫صبَاحًا‬‫شَرِبَ الْخَمْرَ فِي ال ُد ْنيَا فَمَاتَ وَ ُهوَ ُيدْ ِم ُنهَا لَمْ َيتُبْ لَمْ يَشْ َر ْبهَا فِي الْآخِ َرةِ)(‪ )5‬ولحديث ( َمنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَ ْق َبّلْ الّلَهُ لَهُ صَّلَاةً أَ ْربَعِينَ َ‬
‫صبَاحًا‬‫فَِإنْ تَابَ تَابَ الّلَهُ عََّليْهِ‪ ،‬فَ ِإنْ عَادَ لَمْ يَقْ َبّلْ الّلَهُ لَهُ صَّلَاةً أَ ْربَعِينَ صَبَاحًا فَِإنْ تَابَ تَابَ الّلَهُ عَ َّليْهِ‪ ،‬فَِإنْ عَادَ لَمْ يَ ْق َبّلْ الّلَهُ لَهُ صَّلَاةً أَ ْربَعِينَ َ‬
‫صبَاحًا فَإِنْ تَابَ لَمْ َيتُبْ الّلَهُ عََّليْهِ‪ ،‬وَسَقَاهُ ِمنْ َنهْرِ الْخَبَالِ‪ ،‬قِيّلَ‪ :‬يَا‬ ‫فَِإنْ تَابَ تَابَ الّلَهُ عَّلَيْهِ‪ ،‬فَِإنْ عَادَ الرَابِعَةَ لَمْ يَقْ َبّلْ الّلَهُ لَهُ صَّلَاةً أَ ْربَعِينَ َ‬
‫صدِيدِ أَهّْلِ النَارِ)(‪.)6‬‬‫ع ْبدِ الرَحْ َمنِ وَمَا َنهْرُ الْخَبَالِ؟ قَالَ‪َ :‬نهْرٌ ِمنْ َ‬ ‫َأبَا َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االوضوء‪ :‬باب ال يجوز الوضوء بالنبيذ وال المسكر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5555‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُلُ‬
‫ب أَسْكَ َر فَهُ َو حَرَامٌ)‪.‬‬
‫شَرَا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشرب ة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك‬
‫في االشربة‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األشربة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا قَالَتْ‪:‬‬ ‫صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب الخمر من العسل وهو البتع‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5556‬بلفظ (عن أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَحْمَنِ أَ َ‬
‫ن يَشْرَبُونَهُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬كُ ُل شَرَابٍ أَسْكَ َر فَهُوَ حَرَامٌ)‪.‬‬ ‫ن الْبِتْ ِع وَهُ َو نَبِي ُذ الْعَسَ ِل وَكَانَ أَهْ ُل الْيَمَ ِ‬
‫سُئِلَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك‬
‫في االشربة‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬البتع‪ :‬شراب يتخذ من العسل‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب ماجاء ما أسكر كثيره فقليله حرام‪ .‬حديث رقم (‪( )1565‬عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) قال األلباني عن الحديث في صحيح سنن الترمذي (حسن صحيح)‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في االشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬ب اب قول اهلل تعالى (إنما الخمر والميسر واألنصاب)‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5575‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا أَنَ‬
‫ب مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ)‪.‬‬ ‫ب الْخَمْ َر فِي الدُنْيَا ثُ َم لَ ْم يَتُ ْ‬
‫ن شَرِ َ‬ ‫رَسُو َل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في االشربة‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬بيان أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5112‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كُلُ‬
‫ب لَ ْم يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ)‪.‬‬
‫ت وَهُ َو يُدْمِنُهَا لَ ْم يَتُ ْ‬ ‫ب الْخَمْرَ فِي الدُنْيَا فَمَا َ‬ ‫ن شَرِ َ‬ ‫مُسْكِ ٍر خَمْرٌ وَكُلُ مُسْكِ ٍر حَرَامٌ‪ ،‬وَمَ ْ‬
‫أخرجه البخاري في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشرب ة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في االشربة‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬يدمنها‪ :‬يداوم على شربها‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ب‬
‫‪ -‬سنن الترمذ ي‪ :‬كتاب االشربة‪ :‬باب ماجاء في شارب الخمر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1562‬بلفظ (عن عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬مَنْ شَرِ َ‬
‫الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلْ اللَهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَهُ عَلَيْهِ‪ ،‬فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلْ اللَهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَهُ عَلَيْهِ‪ ،‬فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلْ اللَهُ لَهُ‬
‫صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَهُ عَلَيْهِ‪ ،‬فَإِنْ عَادَ الرَابِعَةَ لَمْ يَقْ بَلْ اللَهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبْ اللَهُ عَلَيْهِ‪ ،‬وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ‪ ،‬قِيلَ‪ :‬يَا أَبَا‬
‫ن صَدِي ِد أَهْ ِل النَارِ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن وَمَا نَهْ ُر الْخَبَالِ؟ قَالَ‪ :‬نَهْ ٌر مِ ْ‬
‫عَبْ ِد الرَحْمَ ِ‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪496‬‬
‫كثرة شرب اخلمر عالمة من عالمات أشراط الساعة‬
‫ظهَرَ الْجَهّْلُ‬‫كثرة شرب الخمر وسعة انتشارها عالمة من عالمات خراب الكون وقيام الساعة لحديث ( ِمنْ أَشْرَاطِ السَاعَةِ َأنْ يَ ِقّلَ الْعِّلْمُ َويَ ْ‬
‫ستَحِّلُونَ الْحِرَ‬‫حدُ)(‪ )1‬وحديث (َليَكُو َننَ ِمنْ أُ َمتِي أَ ْقوَامٌ يَ ْ‬ ‫حتَى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرََأةً الْ َقيِمُ ا ْلوَا ِ‬
‫ظهَرَ الزنى َوتَ ْكثُرَ النِسَاءُ َويَ ِقّلَ الرِجَالُ َ‬
‫َويَ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ) ‪.‬‬

‫استحالل اخلمر وتسميتها بغري امسها‬


‫قد اخبر النبي صلى اهلل عليه وسلم أن أقواماً من األمة سيستحلون الخمر ويسمونها بغير اسمها ويستحلون مع الخمر بعض المحرمات‬
‫ستَحِّلُونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ) (‪ )3‬هذا الحديث من معجزات‬
‫األخرى المغضبة هلل عز وجل لحديث (َليَكُو َننَ ِمنْ أُ َمتِي أَ ْقوَامٌ يَ ْ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم حيث اخبر باستحالل األمة لهذه المحرمات وأخبر عن إتيان زمن يكثر فيه كل معصية من هذه المعاصي وفي‬
‫عصرنا الحاضر قد كثر وشاع وانتشر استحالل (الحر) المراد به الزنى وسهلت طرقه ووسائل وقوعه عن طريق تسهيل وتزيين اختالط‬
‫الرجال بالنساء في المؤسسات التعليمية من مؤسسات التعليم األساسي حتى الجامعات‪ ،‬ومن االختالط في المؤسسات االعالمية وعن‬
‫طريق توظيف النساء مع الرجال في معظم الوظائف المدنية في الوزارات والمؤسسات الرسمية حتى بلغ الحال أن سهل توظيف النساء‬
‫في المؤسسات العسكرية واألمنية التي يتطلب دوام الموظف فيها أربع وعشرين ساعة وفي حالة االختالط يستلزم توظيف المرأة في هذه‬
‫المؤسسات بقاء المرأة الموظفة بين الرجال األجانب عنها أربع وعشرين ساعة وقد بلغ االبتذال بالمرأة أن طلب منها وسهل لها اختالط‬
‫الكثير من الشابات بالكثير من الشباب في النوادي واأللعاب الرياضية‪ ،‬وهذا االستحالل السافر الختالط الرجال بالنساء الذي يسهل‬
‫جريمة الزنى قد صار شائعاً ذائعاً في مختلف األقطار اإلسالمية وغير اإلسالمية وهو ما أخبر عنه الرسول صلى اهلل عليه وسلم في هذا‬
‫الحديث من إتيان أقوام يستحلون (الحر) ومثل استحالل الحر استحالل الحرير والخمر التي صارت تباع كما يباع الماء في الفنادق‬
‫وبعض البيوت أو الدكاكين أو المحالت التي يباع فيها الخمر باسم غير اسم الخمر‪ ،‬أما استحالل المعازف من وسائل العزف بالعود‬
‫واآلالت الموسيقية فاألمر واضح من خالل مشاهدة وسائل اإلعالم الرسمي من تلفزيون وإذاعة حيث أصبح معظم بث هذه الوسائل في‬
‫كل يوم هو الغنى والعزف والرقص والخنا بهذه المعازف المتعددة األلوان واألشكال والمسميات واألصوات وكلها داخله تحت عموم‬
‫استحالل (المعازف) المذكورة في الحديث الذي أخبر فيه النبي صلى اهلل عليه وسلم باستحالل األمة لهذه المحرمات والمفاسد والمضار‬
‫المهلكة لدين األمة وأعراضها وقيمها وأخالقها وتمسكها بدينها وفضائلها‪.‬‬

‫كل مسكر حرام سواء كان شرابا أم حبوبا‬


‫كل مسكر حرام ولو سمي بغير اسم الخمر ألن العلة هي اإلسكار واألسماء ال يترتب عليها أحكام شرعيه‪ ،‬فالبيرة إن كان كثيرها يسكر‬
‫فقليلها حرام‪ ،‬وكذا الحبوب المخدرة التي تفعل بالعقل مثل فعل الخمر من اإلسكار فتناولها حرام كشرب الخمر تماما إلسكارها مهما كانت‬
‫أسماء هذه الحبوب أو المشروبات المسكرة ألن حكم التحريم قائم ومبني على وصف اإلسكار فكل مسكر حرام سواء كان المسكر من‬
‫األشربة كالخمر أو النبيذ المسكر أو البيرة المسكرة أو غيرها من المشروبات المسكرة أو كان من الحبوب المسكرة التي تسكر العقل كما‬
‫يسكره الخمر سواء كانت مورفين أو هيروين أو غيرها من الحبوب المسكرة لحديث ( ُكّلُ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَ ُكّلُ خَمْ ٍر حَرَامٌ)(‪.)4‬‬

‫حرمة التداوي باخلمر‬


‫يحرم على اإلنسان شرب الخمر بقصد التد اوي بها كما يحرم عليه شربها لغير التداوي ألن الخمر ليس بدواء وال شفاء وال منفعة في‬
‫الخمر ألي مرض من األمراض بل هي داء في ذاتها وليست بدواء لحديث (ِإنَهُ َليْسَ ِب َدوَاءٍ وَلَ ِكنَهُ دَاءٌ)(‪ )5‬الحديث صحيح صريح بتحريم‬
‫شرب الخمر بحجة التداوي ويجب تصديق قول ا لنبي صلى اهلل عليه وسلم وتقديمه على قول األطباء وليس في الخمر دواء بل فيه عدة‬
‫أضرار منها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ت‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب االشربة‪ :‬باب رفع العلم وظهور الجهل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5577‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ‪ :‬لَأُحَدِثَنَكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْ ُ‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬مِنْ أَشْرَاطِ السَاعَةِ أَنْ يَقِلَ الْعِلْمُ وَيَّظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَّظْهَرَ الزنى وَتَكْثُرَ النِسَاءُ وَيَقِلَ الرِجَالُ حَتَى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِمُ‬
‫الْوَاحِدُ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في العلم‪ ،‬والترمذي في الفتن‪ ،‬وابن ماجة في الفتن‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النكاح‪ ،‬األشربة‪.‬‬
‫القيم‪ :‬القائم على رعاية شؤن غيره‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أشراط الساعة‪ :‬ظهور العالمات والدالئل الدالة على قرب يوم القيامة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح ال بخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُ الْخَمْرَ وَيُسَمِيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ‪ .‬حديث رقم (‪ )5530‬بلفظ (عن أَبُي عَامِرٍ أَوْ أَبُي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُ وَاللَهِ مَا‬
‫كَذَبَنِي سَمِعَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَقُولُ‪ :‬لَ يَكُونَنَ مِنْ أُمَتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ‬
‫ن قِرَدَةً وَخَنَازِي َر إِلَى يَوْ ِم الْقِيَامَةِ)‪.‬‬‫خ آخَرِي َ‬ ‫بِسَارِحَةٍ لَهُ ْم يَأْتِيهِ ْم يَعْنِي الْفَقِي َر لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ‪ :‬ارْجِ ْع إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِتُهُ ْم اللَهُ وَيَضَ ُع الْعَلَمَ وَيَمْسَ ُ‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الحر‪ :‬الزنا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبو مالك األشعري رضي اهلل عنه برقم (‪.)5530‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5157‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَا عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُ ُل مُسْكِرٍ خَمْرٌ‪ ،‬وَكُ ُل خَمْ ٍر حَرَامٌ)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك‬
‫في االشربة‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب تحريم التداوي بالخمر‪ .‬حديث رقم (‪ )5112‬بلفظ (عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِ أَنَ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَ‬
‫س بِدَوَا ٍء وَلَكِنَ ُه دَاءٌ)‪.‬‬
‫ن يَصْنَعَهَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَمَا أَصْنَعُهَا لِلدَوَاءِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَهُ لَيْ َ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ الْخَمْرِ فَنَهَا ُه أَوْ كَرِ َه أَ ْ‬ ‫سَأَ َل النَبِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الطب‪ ،‬وأبو داود في الطب‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫‪497‬‬
‫أوالً‪ :‬الخمر يضر كبد اإلنسان الذي يشربها ومعدته حتى لقد قيل إن معهد اإلحصاء القومي في فرنسا قرر أن الخمور بدأت تقتل من‬
‫الفرنسيين أكثر مما يقتل مرض السل وال حياة لمن كان مضرورا في كبده ومعدته‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬الخمر يضر روح اإلنسان حيث تصده عن ذكر اهلل عز وجل وعن الصالة وعن كل شعيرة من شعائر الدين ‪ ،‬قال تعالى {إِنَمَا يُرِي ُد‬
‫الةِ َف َهلْ أَنتُم مُن َتهُونَ}(‪ )1‬وال خير في‬
‫صَ‬‫عنِ ال َ‬
‫صدَكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ َو َ‬
‫شيْطَانُ أَن يُوقِعَ َب ْينَكُمُ الْ َعدَا َوةَ وَا ْلبَ ْغضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْ َميْسِرِ َو َي ُ‬
‫ال َ‬
‫إنسان يعيش بال روح إيمانيه وهو مصدود من الشيطان عن ذكر اهلل تعالى وعن الصالة وعن كل العبادات والطاعات هلل ولرسوله صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الخمر تخامر عقل اإلنسان وتزيله وال أدري أي إنسان هو هذا اإلنسان الذي يعيش بال عقل سليم وال جسم صحيح وال روح دينيه‬
‫إيمانية‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬الخمر تفسد صلة المحبة بين مدمن الخمر وبين الناس الذين يعيش معهم من الزوجة واألوالد والوالدين واألخوان واألخوات‬
‫واألعمام والعمات واألخوال والخاالت واألصدقاء والزمالء والجيران وكل الناس الذين يعيش اإلنسان بينهم لقوله تعالى {إِنَمَا يُرِيدُ‬
‫صالَةِ َف َهلْ أَنتُم مُن َتهُونَ}‪.‬‬
‫عنِ ال َ‬
‫صدَكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ َو َ‬
‫شيْطَانُ أَن يُوقِعَ َب ْينَكُمُ الْ َعدَا َوةَ وَا ْلبَ ْغضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْ َميْسِرِ وَ َي ُ‬
‫ال َ‬

‫خامساً‪ :‬شارب الخمر ينغمس في الشهوات والملذات ويرتكب الفواحش والمنكرات ومنها قتل األنفس وانتهاك األعراض وكم حوادث قتل‬
‫قد حدثت وكم جريمة زنا قد ارتكبت بسبب شرب الخمر‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬شارب الخمر يضيع أمواله ويسرف ويبذر في إنفاقها على الخمر وفواحش المنكرات وقد نهى اإلسالم عن إضاعة األموال‬
‫(‪)2‬‬
‫واإلسراف في إنفاقها والتبذير بها في المباح فكيف إذا كان في الحرام قال تعالى {وكُلُواْ وَاشْ َربُواْ وَالَ تُسْرِفُواْ ِإنَهُ الَ يُحِبُ الْمُسْرِفِينَ}‬
‫شيْطَانُ لِ َربِهِ كَفُوراً}(‪ )3‬اإلسراف والتبذير محرمان إذا أسرف في اإلنفاق على‬ ‫شيَاطِينِ وَكَانَ ال َ‬
‫خوَانَ ال َ‬
‫وقال تعالى {ِإنَ الْ ُم َبذِرِينَ كَانُواْ إِ ْ‬
‫ما هو مباح وحالل فكيف بمن يضيع أمواله في الحرام‪.‬‬

‫سابعاً‪ :‬الضرر األدبي الذي يصيب شارب الخمر حيث يذهب ما كان يتمتع به قبل شربه الخمر من السيماء اإليمانية والحب والوقار‬
‫واالحترام بي ن أهله وعشيرته ومعارفه وزمالئه حيث يصير منظره مزر يدعو إلى السخرية واالستهزاء به ويصير مبغوضاً مكروها‬
‫تشمئز منه النفوس‪.‬‬

‫ثامناً‪ :‬شارب الخمر بشربه الخمر يضحي بنفسه وأسرته جميعا وال سيما بأطفاله الصغار من البنيين والبنات حيث تفقد األسرة رعايته لها‬
‫وقيامه على شؤونها‪ ،‬وقد تضطر أسرته الحاجة إلى قليل من المال أو كثير لإلنفاق على حاجاتها وهو ال ينفق علها ألنه غارق ومهموم‬
‫باإلنفاق على القاذورات من الخمر أو الحبوب المسكرة‪.‬‬

‫تاسعاً‪ :‬شرب الخمر إذا انتشر في مجتمع يفسد المجتمع ويصيره مجتمعاً منهاراً فاسداً خبيثاً ال قوة فيه وال عزة له وال منعة فيه‪.‬‬

‫عاشراً‪ :‬شرب الخمر قد يؤدي بمدمن الخمر إلى الموت أو االنتحار لما يسببه الخمر لشارب الخمر من الضيق والضنك وسوء الحياة‬
‫(‪.)4‬‬
‫ومرارتها قال تعالى {وَ َمنْ َأعْ َرضَ عَن ذِكْرِي فَِإنَ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً َونَحْشُ ُرهُ يَوْمَ الْ ِقيَامَةِ َأعْمَى}‬

‫انتباذ جنسني خمتلطني‬


‫اال نتباذ من جنسين مختلطين الستعجال التخمر فيه محرم لنهي الرسول صلى اهلل عليه وسلم عن الجمع بين جنسين مختلطين في االنتباذ‬
‫لحديث (لَا تَجْمَعُوا َب ْينَ الرُطَبِ وَا ْلبُسْرِ َو َبيْنَ الزَبِيبِ وَالتَمْرِ َنبِيذًا) (‪)5‬ال حديث دليل على تحريم الجمع بين جنسين مختلطين في نبيذ واحد‬
‫ألن خلط الجنسين في النبيذ يسرع التخمر فال يجمع بين زبيب وتمر أو تمر وبسر أو حب وشعير أو ذره وقمح في االنتباذ كما ال يجمع‬
‫بين أي جنسين مختلطين في االنتباذ لحديث (لَا َت ْن َت ِبذُوا الزَ ْهوَ وَالرُطَبَ جَمِيعًا وَلَا َت ْن َت ِبذُوا الرُطَبَ وَال َزبِيبَ جَمِيعًا وَلَ ِكنْ ا ْن َت ِبذُوا ُكّلَ وَاحِدٍ‬
‫ح َدتِهِ)(‪.)6‬‬
‫عَّلَى ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)11( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األعراف‪.)31( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬اإلسراء‪.)27( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬طه‪.)124( :‬‬
‫‪5‬‬
‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين‪ .‬حديث رقم (‪ )5115‬بلفظ (عن ا بْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ لِي عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَهِ‪،‬‬
‫ب وَالتَمْ ِر نَبِيذًا)‪.‬‬
‫ن الزَبِي ِ‬
‫ب وَالْبُسْ ِر وَبَيْ َ‬
‫ن الرُطَ ِ‬‫يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا تَجْمَعُوا بَيْ َ‬
‫أخرجه البخاري في األشربة‪ ،‬و الترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشرب ة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫النبيذ‪ :‬شراب حلو يتخذ غالبا من التمر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬البسر‪ :‬أول مايدرا من التمر‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5127‬بلفظ (عَنْ أِبِي قَتَادَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪:‬‬
‫ن انْتَبِذُوا كُلَ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ)‪.‬‬ ‫ب جَمِيعًا وَلَكِ ْ‬
‫ب وَالزَبِي َ‬ ‫ب جَمِيعًا وَلَا تَنْتَبِذُوا الرُطَ َ‬‫لَا تَنْتَبِذُوا الزَهْ َو وَالرُطَ َ‬
‫أخرجه البخاري في األشربة‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشرب ة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫الزهو‪ :‬ماخالطه صفرة وحمرة من أول التمر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلنتباذ‪ :‬اإللقاء والطرح لتصير نبيذا‪.‬‬
‫‪498‬‬
‫ختليل اخلمر‬
‫س ِئلَ‬
‫عنْ َأنَسٍ َأنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عَ َليْهِ وَسَلَمَ‪ُ ،‬‬
‫ال يجوز تخليل الخمر لنهي النبي صلى اهلل عليه وسلم عن اتخاذ الخمر خال في حديث ( َ‬
‫خذُ خَلًا فَقَالَ‪ :‬الَ)(‪ )1‬أي ال يجوز أن يعمل اإلنسان أي عمل لتخلل الخمر‪ ،‬أما إذا تخللت الخمر من ذات نفسها بدون أي فعل‬ ‫عنْ الْخَمْرِ ُتتَ َ‬
‫َ‬
‫لقصد تخليلها فيجوز استعمالها إداماً لألكل ألنها قد صارت ذاتاً أخرى غير ذات الخمر‪.‬‬

‫جواز االنتباذ يف أي إناء‬


‫يجوز االنتباذ في أي إناء ويجوز شرب النبيذ ما لم يكن مسكراً لحديث ( َن َه ْيتُكُمْ َ‬
‫عنْ ال َنبِيذِ إِلَا فِي سِقَاءٍ فَاشْ َربُوا فِي الْأَسْ ِقيَةِ كُِّلهَا وَلَا‬
‫ح ْنتَمِ‬
‫عنْ الدُبَاءِ وَالْ َ‬ ‫تَشْ َربُوا مُسْكِرًا)(‪ )2‬أما النهى عن االنتباذ في أواني الدباء والحنتم والمزفت والمجير الواردة في حديث ( َونَهَاهُمْ َ‬
‫وَالْمُزَفَتِ)(‪ )3‬فكان النهي في أول اإلسالم ثم نسخ النهي بحديث (فَاشْ َربُوا فِي الْأَسْ ِقيَةِ كُّلِهَا وَلَا تَشْ َربُوا مُسْكِرًا) الحديث يدل داللة واضحة‬
‫وصريحة على جواز االنتباذ في أي إناء سواء كان مصنوعاً من المعادن أو من المدر أو الحجر أو الخشب أو من أي شيء‪ ،‬والمحرم من‬
‫النبيذ في جميع األوعية هو المسكر فقط‪ ،‬فالعبرة في التحريم هي في وصف اإلسكار ال في اإلناء الذي تم فيه االنتباذ‪.‬‬

‫جواز شرب النبيذ قبل تغريه باإلسكار‬


‫يجوز شرب النبيذ ما لم يتغير ويزبد ويصل به التغير حد اإلسكار فيجوز شرب النبيذ ولو بعد يومين أو ثالثة أو أربعة أيام أما القول بأن‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم كان بعد ثالثة أيام يعطيه للخادم وال يشربه فهذا دليل على جواز شرب النبيذ‪ ،‬إذ لو كان محرما ألراقه النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ولما أعطاه للخادم ليشربه وهو محرم شربه‪ ،‬وبناء على هذا فيجوز لإلنسان أن يشرب النبيذ ولو بعد أسبوع ما لم‬
‫يتغير ويزبد وتغير النبيذ يختلف من المناطق الحارة إلى المناطق الباردة‪ ،‬ففي المناطق الباردة يتأخر تغيره عن المناطق الحارة ألنه في‬
‫البالد الباردة ال يزبد إال بعد مدة طويلة بخالف المناطق الحارة أو ما ينتبذ في أوانٍ حارة كاالنتباذ في الدباء أو الحنتم أو نحوه‪.‬‬

‫شرب النبي صلى اهلل عليه وسلم النبيذ‬


‫س ْيدٍ السَاعِدِيُ رَسُولَ الّلَهِ‬ ‫كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يشرب النبيذ الذي تصنعه له أزواجه أمهات المؤمنين لحديث ( َدعَا َأبُو أُ َ‬
‫س ْهّلٌ‪َ :‬تدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ‬
‫صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ فِي عُرْسِهِ وَكَانَتْ امْرََأتُهُ يَوْ َم ِئذٍ خَادِ َمهُمْ وَهِيَ الْعَرُوسُ‪ ،‬قَالَ َ‬
‫وَسَّلَمَ‪َ ،‬أنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنْ الَّل ْيّلِ فَّلَمَا أَ َكّلَ سَ َقتْهُ ِإيَاهُ)(‪ )4‬الحديث دليل على شرب النبي صلى اهلل عليه وسلم للنبيذ الذي كانت تعمله له‬
‫صلى اهلل عليه وسلم أزواجه أمهات المؤمنين ولم يحدد في الحديث المدة التي كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يمتنع عن شرب النبيذ بعد‬
‫مضيها فالعبرة هي بالتغير فيجوز شرب النبيذ مهما كانت مدة نقعه بين الماء ما لم يتغير باإلسكار‪.‬‬

‫حرمة طاعة املرأة زوجها يف مشاركته بشرب اخلمر أو مساعدته على شرب اخلمر‬
‫صيَةِ الَّلهِ‪ِ ،‬إنَمَا الطَاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ)(‪ )5‬وشرب الخمر حرام وكبيرة‬
‫ال يجوز للمرأة طاعة زوجها في المحرمات لحديث (لَا طَاعَةَ فِي مَ ْع ِ‬
‫من كبائر اإلثم وسواء كان شارب الخمر رجالً أو امرأة والمرأة إذا أمرها زوجها بشرب الخمر معه ال يجوز لها مساعدته ومعاونته على‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب االشربة‪ :‬باب تحريم تخليل الخمر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5111‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ تُتَخَذُ خَلًا فَقَالَ‪:‬‬
‫لَا)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في البيوع‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب النهي عن االنتباذ في المزفت والدباء والحنتم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5056‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ م‪ :‬نَهَيْتُكُمْ عَنْ النَبِي ِذ إِلَا فِي سِقَا ٍء فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في االشربة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫السقاء‪ :‬وعاء يوضع فيه الشراب‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬النبيذ‪ :‬شراب حلو يتخذ غالبا من التمر‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫س‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العلم‪ :‬باب تحريض النبي صلى اهلل علبه وسلم وفد‪ .‬حديث رقم (‪ )53‬بلفظ (عن شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ‪ :‬كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَا ٍ‬
‫وَبَيْنَ النَاسِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَ وَ فْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬مَنْ الْوَفْدُ أَوْ مَنْ الْقَوْمُ؟ قَالُ وا‪ :‬رَبِيعَةُ فَقَالَ‪ :‬مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا‬
‫نَدَامَى‪ ،‬قَالُوا‪ :‬إِنَا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَةٍ بَعِيدَةٍ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيُ مِنْ كُفَارِ مُضَرَ وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ‬
‫ن لَا إِلَهَ‬ ‫ن بِاللَهِ وَحْدَهُ؟ قَالُوا‪ :‬اللَهُ وَرَسُولُ ُه أَعْلَمُ قَالَ‪ :‬شَهَادَةُ أَ ْ‬ ‫ن مَا الْإِيمَا ُ‬
‫ن بِاللَهِ عَزَ وَجَ َل وَحْدَهُ قَالَ‪ :‬هَ ْل تَدْرُو َ‬
‫ن أَرْبَعٍ‪ :‬أَمَرَهُ ْم بِالْإِيمَا ِ‬ ‫الْجَنَةَ‪ ،‬فَأَمَرَهُ ْم بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَ ْ‬
‫ن الدُبَاءِ وَالْحَنْتَ ِم وَالْمُزَفَتِ)‪.‬‬ ‫ن الْمَغْنَمِ‪ .‬وَنَهَاهُمْ عَ ْ‬‫إِلَا اللَهُ وَأَنَ مُحَمَدًا رَسُو ُل اللَ ِه وَإِقَامُ الصَلَاةِ وَإِيتَا ُء الزَكَا ِة وَصَوْ ُم رَمَضَانَ وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األشربة‪ ،‬والترمذي في اإليمان‪ ،‬والنسائي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اإليمان‪ ،‬الوكالة‪.‬‬
‫المزفت‪:‬‬ ‫الحنتم‪ :‬إناء يصنع من طين وشعر ودم‪.‬‬ ‫الدباء‪ :‬القرع‪ ،‬والمراد هنا إناء يصنع من القرع‪.‬‬ ‫شقة‪ :‬مكان‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫المقير‪ :‬إناء يطلى بالقار‪.‬‬ ‫النقير‪ :‬جذغ الشجر ينقر ويتخذ وعاء‪.‬‬ ‫إناء يطلى بالزفت أوالقار‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب حق إجابة الوليمة والدعوة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5517‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ‪ :‬دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَاعِدِيُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ فِي عُرْسِهِ وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِيَ الْعَرُوسُ‪ ،‬قَالَ سَهْلٌ‪ :‬تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنْ اللَيْلِ‬
‫فَلَمَا أَكَ َل سَقَتْ ُه إِيَاهُ)‪.‬‬
‫أخرجه مسل م في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند المكيين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األشربة ’ األيمان والنذور‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أنقعت‪ :‬وضعت التمر في الماء ليذوب‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اإلمارة‪ :‬باب وجوب طاعة األمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية‪ .‬حديث رقم(‪ )4743‬بلفظ (عَنْ عَلِي أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ك لِرَسُو ِل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬ ‫ن يَدْخُلُوهَا‪ ،‬وَقَا َل الْآخَرُونَ‪ :‬إِنَا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا‪ ،‬فَذُكِ َر ذَلِ َ‬‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَ َر عَلَيْهِ ْم رَجُلًا فَأَوْقَ َد نَارًا وَقَا َل ادْخُلُوهَا‪ ،‬فَأَرَا َد نَاسٌ أَ ْ‬
‫وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬لِلَذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ‪ .‬وَقَالَ‪ :‬لِلْآخَرِينَ قَوْلًا حَسَنًا‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَهِ إِنَمَا الطَاعَةُ فِي‬
‫الْمَعْرُوفِ)‪.‬‬
‫‪499‬‬
‫شرب الخمر فال يجوز لها أن تقدم له خمراً ليشربه أو تساعده بأي شيء يعينه على شرب الخمر ألنها تأثم بمعاونته قال تعالى {وَ َال‬
‫شدِيدُ الْعِقَابِ}(‪ )1‬ويجب على المرأة طاعة زوجها في كل شيء ليس فيه عمل محرم‪،‬أما‬
‫تَعَا َونُواْ عَلَى ا ِإلثْمِ وَالْ ُع ْدوَانِ وَاتَقُواْ اللّهَ إِنَ اللّهَ َ‬
‫ما كان فيه مشاركة في شرب الخمر أو تنفيذ أوامره في شراء الخمر أو حفظه أو تقديمه له فال يجوز لها طاعته في هذه األعمال أو‬
‫أمثالها من المحرمات أبداً‪.‬‬

‫جواز أكل أو شرب احملرمات يف حال االضطرار‬


‫األصل في جواز أكل المطعومات المحرمة أو شرب المشروبات المحرمة أن يكون قليال بقدر ما يحفظ حياة اإلنسان من أكل المطعوم‬
‫صلَ لَكُم مَا حَرَمَ عََليْكُمْ إِالَ مَا اضْطُرِ ْرتُمْ إَِليْهِ}(‪.)2‬‬
‫المحرم أو شرب المشروب المحرم لالضطرار لقوله تعالى {وَ َقدْ َف َ‬

‫السبب احمللل ألكل أو شرب احملرم‬


‫السبب المحلل ألكل طعام محرم أو شرب شراب محرم هو الضرورة لألكل من المحرم لحفظ حياة اإلنسان المضطر الذي قد أشرف على‬
‫الموت من شدة الجوع وال يوجد مطعوم حالل يتغذى به وال يوجد إال المطعوم المحرم فيكون الخيار إما االمتناع من األكل المحرم وقد‬
‫يموت بسبب شدة الجوع‪ ،‬وإما األكل من المطعوم المحرم بقدر ما يسد الرمق ويحفظ حياة اإلنسان المشرف على الموت من شدة الجوع‬
‫أو شرب المشروب المحرم كالخمر م ثال لمن قد بلغ به العطش حد الهالك من شدة العطش وال يوجد ماء وال أي مشروب حالل يشرب‬
‫منه ليحفظ حياته وال يوجد إال الخمر أو مشروبا محرما ففي هذه الحالة االضطرارية يجوز لمن قد بلغ به العطش أو حصل له شرغة‬
‫وسيموت إن لم يشرب شيئاً ينزل ما انسد به حلقه من الشرغة أن يشرب شيئاً من الخمر أو من شراب محرم لحفظ حياته لقوله تعالى‬
‫صلَ لَكُم مَا حَرَمَ عََليْكُمْ إِالَ مَا اضْطُرِ ْرتُمْ إَِليْهِ}(‪ )3‬أما سبب تناول الشيء المحرم بسبب التداوي بالمحرم فإن كان خمراً فال يجوز‬ ‫{وَ َقدْ فَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫شرب الخمر بسبب التداوي بها لحديث (ِإنَهُ َليْسَ ِب َدوَاءٍ وَلَ ِكنَهُ دَاءٌ) الحديث دليل صحيح صريح في تحريم شرب الخمر بسبب الدواء‬
‫ألنه ال دواء في الخمر وإنما هو داء‪ ،‬ويجوز التداوي بلبس الحرير المحرم لبسه على الرجال لمن كان به حكة وقرر الطبيب المختص‬
‫عوْفٍ وَال ُز َبيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ‬ ‫خصَ لِعَ ْبدِ الرَحْ َمنِ ْبنِ َ‬ ‫بالمرض بأن لبس الحرير لبسا مؤقتا بزمن محدد لقصد عالج المرض لحديث (رَ َ‬
‫عوْفٍ وَال ُز َبيْرَ شَ َكوَا إِلَى ال َنبِيِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ‬
‫ع ْبدَ الرَحْ َمنِ بْنَ َ‬
‫عنْهُ َأنَ َ‬ ‫حَرِيرٍ ِمنْ حِكَةٍ كَانَتْ ِبهِمَا)(‪ )5‬وفي رواية ( َ‬
‫عنْ َأنَسٍ َرضِيَ الّلَهُ َ‬
‫خصَ لَهُمَا فِي الْحَرِيرِ فَرََأ ْيتُهُ عَ َّل ْيهِمَا فِي غَزَاةٍ)(‪ )6‬الحديثان دليالن على جواز لبس الحرير للتداوي وبقدر الحاجة‬ ‫وَسَّلَمَ‪ ،‬يَ ْعنِي الْقَ ْمّلَ‪ ،‬فَأَرْ َ‬
‫للتداوي بحسب ما يقرره الطبيب المختص لعالج المرض‪.‬‬

‫جنس الشيء احمللل‬


‫جنس الشيء المحلل المباح بسبب الضرورة هو كل شيء حرم اإلسالم أكله كالميتة وغيرها من المطعومات المحرمة وكالخمر وغيرها‬
‫من المشروبات المحرمة وكالحرير وغيره من الملبوسات المحرمة‪.‬‬

‫مقدار ما يؤكل أو يشرب أو يلبس من احملرمات‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز األكل من الميتة إال بقدر ما يسد الرمق ويحفظ حياة المضطر المشرف على الموت بسبب الجوع الشديد‪ ،‬وال يجوز‬
‫الشرب من الخمر إال بقدر ما يحفظ حياة من قد أشرف على الموت بسبب العطش الشديد أو قدر ما ينزل اللقمة من الطعام الذي غص به‬
‫إنسان أي ـ شرغ ـ وإن لم يشرب سائالً يعينه على بلع القمة التي غص بها قد يموت فيشرب من الخمر قدر ما ينزل اللقمة حتى ال يموت‬
‫أي قدر الضرورة ألن األصل في أكل الميتة هو التحريم واألصل في شرب الخمر هوالتحريم وال يحل إال بسبب الضرورة‪ ،‬والقدر الذي‬
‫يجوز مما أصله التحريم هو القدر اليسير الذي يدفع عن المضطر الهالك‪.‬‬

‫أخرجه البخاري في المغازي‪ ،‬والنسائي في البيعة‪ ،‬وأبو داود في الجهاد‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)2( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)111( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬األنعام‪.)111( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب االشربة‪ :‬باب تحريم التداوي بالخمر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5112‬بلفظ (عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِ أَنَ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَ‬
‫س بِدَوَا ٍء وَلَكِنَ ُه دَاءٌ)‪.‬‬
‫ن يَصْنَعَهَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَمَا أَصْنَعُهَا لِلدَوَا ِء فَقَالَ‪ :‬إِنَ ُه لَيْ َ‬‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ الْخَمْرِ فَنَهَا ُه أَوْ كَرِ َه أَ ْ‬ ‫سَأَ َل النَبِ َ‬
‫أخرجه مسلم في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وأحمد في مسند الكوفيين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب الحرير في الحرب‪ .‬حديث رقم (‪ )2111‬بلفظ (عَنْ قَتَادَةَ أَنَ أَنَسًا حَدَثَهُمْ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬رَخَصَ‬
‫ت بِهِمَا)‪.‬‬‫ن حَرِيرٍ مِنْ حِكَ ٍة كَانَ ْ‬ ‫ص مِ ْ‬ ‫ف وَالزُبَيْ ِر فِي قَمِي ٍ‬ ‫ن عَوْ ٍ‬ ‫ن بْ ِ‬
‫لِعَبْ ِد الرَحْمَ ِ‬
‫أخرجه مسلم في اللباس والزينة‪ ،‬والترمذي في اللباس‪ ،‬والنسائي في الزينة‪ ،‬وأبو داود في اللباس‪ ،‬وابن ماجة في اللباس‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬اللباس‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب الحرير في الحرب‪ .‬حديث رقم(‪ ) 2120‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أَنَ عَبْدَ الرَحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُبَيْرَ شَكَوَا‬
‫ص لَهُمَا فِي الْحَرِي ِر فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ)‪.‬‬ ‫خ َ‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَعْنِي الْقَمْلَ‪ ،‬فَأَرْ َ‬ ‫إِلَى النَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في اللباس والزينة‪ ،‬والترمذي في اللباس‪ ،‬والنسائي في الزينة‪ ،‬وأبو داود في اللباس‪ ،‬وابن ماجة في اللباس‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬اللباس‪.‬‬
‫‪511‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬آداب الشرب‬
‫ً‬
‫استحباب الشرب باليد اليمىن وكون الشارب قاعدا وكون الشرب على ثالثة أنفاس‬
‫من آداب الشرب‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -3‬يستحب الشرب باليد اليمنى لحديث (ال يأكلن أحد منكم بشماله وال يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها)‬
‫(‪)2‬‬
‫ستَقِئْ)‬
‫حدٌ ِمنْكُمْ قَائِمًا فَ َمنْ نَسِيَ فَ ْليَ ْ‬
‫‪ -2‬يكره أن يشرب اإلنسان قائماً لحديث (لَا يَشْ َر َبنَ أَ َ‬
‫‪ -1‬يستحب أن يشرب اإلنسان على ثالثة أنفاس لحديث (كَانَ رَسُولُ الَلهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َي َتنَفَسُ فِي الشَرَابِ ثَلَاثًا)(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫استحباب إعطاء الشراب من على ميني الساقي حىت لو كان من على ميينه طفال أو أميا ومن على يساره عاملا‬
‫من السنة أن يعطي الساقي من على يمينه حتى لو كان من على يمينه طفالً أو عجوزاً أو أمياً أو امرأة أو رجالً مغموراً وحتى لو كان من‬
‫على يساره عالماً أو فاضالً فالسنة هي أن يبدأ اإلنسان بسقي من على يمينه إال أن يأذن من على يمينه بتقديم من على يساره في الشراب‬
‫لحديث (أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أتي بلبن قد شيب ماء وعن يمينه أعرابي وعن شماله أبو بكر فشرب ثم أعطى األعرابي‬
‫وقال األيمن فاأليمن)(‪.)4‬‬
‫كراهة تنفس الشارب يف اإلناء‬
‫يكره لإلنسان أن يتنفس في اإلناء وهو يشرب لحديث (إذا شرب أحدكم فال يتنفس في اإلناء)(‪ )5‬والجمع بين حديث (إذا شرب أحدكم فال‬
‫يتنفس في اإلناء) الذي يفيد كراهة التنفس في اإلناء وبين حديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ َي َتنَفَسُ فِي الشَرَابِ ثَلَاثًا)(‪)6‬الذي‬
‫يفيد اس تحبات التنفس ثالثا أثناء الشرب‪ ،‬ال معارضة بين الحديثين ألن الحديث الذي يفيد كراهية التنفس في اإلناء هو أنه يكره لإلنسان أن‬
‫يتنفس في اإلناء حالة كون اإلناء في فمه‪ ،‬والحديث الذي يفيد استحباب التنفس ثالثاً أثناء الشرب هو أن يتنفس اإلنسان واإلناء بعيد عن‬
‫فمه‪.‬‬
‫كراهة الشرب من فم السقاء‬
‫يكره الشرب من فم السقاء لحديث (نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن الشرب من فم القربة أو السقاء)(‪ )7‬وهل النهي في الحديث‬
‫يشمل الماء المصفى في أواني بالستيكية أو زجاجية مثل ما يسمى بمياه (شمالن ‪ -‬حده ‪ -‬معين) ونحوه من المياه المعدنية المصنعة؟‬
‫الجواب عن هذا التساؤل أن من كان مذهبه ظاهرياً سيقول ما دام الماء في إناء فال يشرب من في السقاء بل يُسكب الماء في إناء شرب‬
‫ويشرب منه عمالً بالحديث‪ ،‬ومن كان مذهبه حنفياً ينظر إلى علل األحكام فسيقول هذا الماء الذي في قوارير الزجاج أو البالستيك الذي‬
‫يشاهده من يريد الشرب فلإلنسان أن يشرب من القوارير المختومة ألن القارورة مثل اإلناء الذي يُشرب به لكون الشارب يشاهد الماء‪،‬‬
‫وهو متيقن أنه ماء مصفى ال يشوبه أي شائب الراجح‪ :‬جوز الشرب من اإلناء الذي يشاهد الشارب الماء صافيا بداخله ال يشوبه أي‬
‫شائب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3765‬بلفظ (عن سالم عن أبيه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬ال‬
‫يأكلن أحد منكم بشماله وال يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها)‪.‬‬
‫أخرج ه الترمذي في األطعمة‪ ،‬وأبو داود في األطعمة‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬ومالك في الجامع‪ ،‬والدارمي في األطعمة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األشربة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب كراهة الشرب قائما‪ .‬حديث رقم (‪ )5247‬بلفظ (عن أَبُو غَطَفَانَ الْمُرِيُ أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ي فَلْيَسْتَقِئْ)‪.‬‬‫ن نَسِ َ‬ ‫ن أَحَ ٌد مِنْكُ ْم قَائِمًا فَمَ ْ‬‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَشْرَبَ َ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب كراهة التنفس في نفس اإلناء واستحباب التنفس‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5255‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ رضي اهلل عنه قَالَ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫س فِي الشَرَابِ ثَلَاثًا)‪.‬‬ ‫ب ثَلَاثًا‪ ،‬وَيَقُولُ‪ :‬إِنَ ُه أَرْوَى وَأَبْرَُأ وَأَمْرَأُ‪ ،‬قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أَتَنَفَ ُ‬
‫س فِي الشَرَا ِ‬ ‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم يَتَنَفَ ُ‬
‫أخرجه البخاري في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬أبرأ‪ :‬أنفع وأسوغ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫( ) صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب األيمن فاأليمن في الشرب‪ .‬حديث رقم (‪ )5216‬بلفظ (عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه‪ :‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أتي بلبن قد شيب ماء وعن يمينه أعرابي وعن شماله أبو بكر فشرب ثم أعطى األعرابي وقال األيمن فاأليمن)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في األشربة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪ ،‬ومالك في الجامع‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المساقاة‪ .‬الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ .‬األشربة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫( ) صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب النهي عن التنفس في اإلناء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5307‬بلفظ عن عبد اهلل بن أبي قتادة عن أبيه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم (إذا شرب أحدكم فال يتنفس في اإلناء‪ ،‬وإذا بال أحدكم فال يمسح ذكره بيمينه‪ ،‬وإذا تمسح أحدكم فال يتمسح بيمينه)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الطهارة‪ ،‬والترمذي في الطهارة‪ ،‬والنسائي في الطهارة ‪ ،‬وأبو داود في الطهارة‪ ،‬وابن ماجة في الطهارة وسننها‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪،‬‬
‫والدارمي في الطهارة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوضوء‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫( )صحيح البخار‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد اهلل بن أبي قتادة برقم (‪.)5307‬‬
‫‪7‬‬
‫( ) صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب الشرب من فم السقاء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5304‬بيلفظ‪( :‬حدثنا أيوب قال‪ :‬قال لنا عكرمة أال أخبركم بأشياء قصار حدثنا بها‬
‫أبو هريرة (نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن الشرب من فم القربة أو السقاء وأن يمنع جاره أن يغرز خشبه في داره)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في المساقاة‪ ،‬والترمذي في األحكام ‪ ،‬وأبو داود في األقضية‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في األقضية‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المّظالم والغصب‪ ،‬األشربة‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬السقاء‪ :‬وعاء يوضع فيه الشراب‪.‬‬
‫‪511‬‬
‫حرمة الشرب أو األكل يف آنية الذهب أو الفضة‬
‫يحرم األكل أو الشرب في آنية الذهب أو الفضة لحديث (ال تشربوا في آنية الذهب والفضة)(‪ )3‬ولحديث (الذي يشرب في آنية الفضة‬
‫إنما يجرجر في بطنه ناراً)(‪ )2‬وعند الشافعية ال يجوز لإلنسان الوضوء أو الغسل في إناء الذهب أو الفضة قياساً على األكل أو الشرب‪،‬‬
‫وقال المقبلي‪ :‬ال قياس في العبادات وهذا من شؤم القياس‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب آنية الفضة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5202‬بلفظ (عن ابن أبي ليلى قال خرجنا مع حذيفة وذكر النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬ال‬
‫تشربوا في آنية الذهب والفضة‪ ،‬وال تلبسوا الحرير والديباج فإنها لهم في الدنيا ولكم في اآلخرة)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اللباس والزينة‪ ،‬والترمذي في األشربة‪ ،‬والنسائي في الزينة‪ ،‬وأبو داود في األشربة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪،‬‬
‫والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األطعمة‪ ،‬األشربة‬
‫معاني األل فاظ‪ :‬الديباج‪ :‬نوع من الحرير‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب آنية الفضة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5203‬بلفظ (عن أم سلمة زوج النبي صلى اهلل عليه وسلم أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في اللباس والزينة‪ ،‬وابن ماجة في األشربة‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الجامع‪ ،‬والدارمي في األشربة‪.‬‬
‫‪512‬‬
‫كتاب‬

‫النــــــــــكاح‬

‫‪513‬‬
‫الكتاب اخلامس عشر‪ :‬كتاب النكـــــــــاح‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬مقدمات النكاح‬


‫‪ ‬الباب الثاني ‪ :‬عقد النكاح‬
‫‪ ‬الباب الثالث ‪ :‬محّل عقد النكاح‬
‫‪ ‬الباب الرابع ‪ :‬الخيار في عقد النكاح‬
‫‪ ‬الباب الخامس ‪ :‬حقوق الزوجة‬
‫‪ ‬الباب السادس ‪ :‬األنكحــــــــة المحرمة‬

‫‪514‬‬
‫الباب األول‪ :‬مقدمات النكاح‬

‫تعريف النكاح‬ ‫‪‬‬


‫مشروعية النكاح‬ ‫‪‬‬
‫حكـــــــــــم النكــــــــــــاح‬ ‫‪‬‬
‫أفضلية النكاح على االنقطاع للعبادة‬ ‫‪‬‬
‫من لم يستطع الزواج فليصم‬ ‫‪‬‬
‫الخطبة حين عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫حرمة الخطبة على الخطبة‬ ‫‪‬‬
‫جواز نظر الخاطب إلى المرأة المخطوبة‬ ‫‪‬‬
‫جواز خطبة المرأة للرجل‬ ‫‪‬‬
‫حرمة مصافحة الخاطب المخطوبة أو الجلوس معها بدون محرم‬ ‫‪‬‬
‫من الحزم أال تكاتب المرأة خطيبها وال ترسل له بصورتها الفتوغرافية‬ ‫‪‬‬
‫جواز اشعار الزوجة المطلقة بالرغبة في الزواج بها مرة ثانية بعد انقضاء عدتها‬ ‫‪‬‬
‫جواز التعريض بالخطبة في عدة الوفاة وفي الطالق البائن‬ ‫‪‬‬

‫‪515‬‬
‫الباب األول‪ :‬تعريف النكاح ومشروعيته‬

‫تعريف النكاح‬
‫النكاح (لغة)‪ :‬الضم وهو حقيقة الوطء‪ ،‬ويطلق مجازاً على العقد من إطالق المسبب على السبب‪ ،‬وكل ما ورد من لفظ النكاح في القرآن‬
‫غيْ َرهُ}(‪ )3‬فالمراد به (الوطء) في هذه اآلية‪.‬‬ ‫الكريم فالمراد به (العقد) إال قوله تعالى {فَإِن طَّلَ َقهَا َفالَ تَ ِ‬
‫حّلُ لَهُ مِن بَ ْعدُ حَتَىَ تَنكِحَ َزوْجاً َ‬

‫النكاح (شرعاً)‪ :‬هو عقد النكاح الشرعي‪.‬‬

‫مشروعية النكاح‬
‫النكاح مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم ِمنَ النِسَاء َم ْثنَى َو ُثالَثَ َو ُربَاعَ فَِإنْ خِ ْفتُمْ أَالَ تَ ْعدِلُواْ‬
‫صوْمِ فَِإنَهُ لَهُ وِجَاءٌ)(‪.)3‬‬ ‫ستَطِعْ فَعََّليْهِ بِال َ‬
‫ستَطَاعَ ِمنْكُمْ ا ْلبَا َءةَ فَ ّْليَتَ َزوَجْ وَ َمنْ لَمْ يَ ْ‬ ‫حدَةً}(‪ )2‬وأما من السنة فحديث (يَا مَعْشَرَ ال َ‬
‫شبَابِ َمنْ ا ْ‬ ‫َفوَا ِ‬

‫حكـــــــــــم النكــــــــــــاح‬
‫الراجح‪ :‬أن النكاح ليس واجباً مطلقاً وليس مندوباً مطلقاً وليس مباحاً مطلقاً وليس مكروهاً مطلقاً وليس محرماً مطلقا وإنما يكون النكاح‬
‫واجباً إذا خشي اإلنسان على نفسه الوقوع في المعصية‪ ،‬وإذا كان له رغبه في النكاح وال يخشى على نفسه الوقوع في المعصية إذا لم‬
‫صوْمِ فَِإنَهُ لَهُ‬
‫ستَطِعْ فَعََّليْهِ بِال َ‬
‫ستَطَاعَ ِمنْكُمْ الْبَا َءةَ فَ ّْليَتَزَوَجْ وَ َمنْ لَمْ يَ ْ‬‫شبَابِ َمنْ ا ْ‬ ‫يتزوج فيكون الزواج مندوباً في حقه لحديث (يَا مَعْشَرَ ال َ‬
‫وِجَاءٌ)(‪ )4‬وإذا كان النكاح وعدم النكاح مستويين عند شخص فالنكاح في حقه مباح‪ ،‬ومن يعلم أن لديه نقصاً أو قصوراً في أداء ما عليه‬
‫من الحقوق لآلخر فالزواج في حقه مكروه ومن كان يعلم أنه ال يستطيع أن يعف امرأته لعجزه عن الوطء لكونه عنينا أو كان عاجزا عن‬
‫اإلنفاق المالي على زوجته لعجزه عن االكتساب المالي فيكون الزواج في حقه محرما إال أن ترضى المرأة بالزواج على حالته المبينة لها‬
‫قبل العقد بها فإذا عرفت أنه عنينا ورضيت بحالته أو عرفت قبل العقد بها أنه عاجز عن اإلنفاق عليها لكونه عاجزاً عن االكتساب المالي‬
‫فيجوز له التزوج بالمرأة التي ترضى بالزواج به على حالته المبينة لها قبل عقد الزواج به‪ ،‬وهذه األحكام الخمسة المتعلقة بالنكاح ال‬
‫يوجد حديث يوجب الزواج وحديث يُحرِمه وحديث يندبه وحديث يبيحه وحديث يُكرِهه وإنما استنبطت األحكام من أدلة النكاح كقوله تعالى‬
‫ح َدةً}(‪ )5‬وحديث (تَ َزوَجُوا ا ْل َودُودَ الْوَلُودَ فَِإنِي مُكَاثِرٌ بِكُمْ‬ ‫{فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم ِمنَ النِسَاء مَ ْثنَى َو ُثالَثَ وَ ُربَاعَ فَِإنْ خِ ْفتُمْ أَالَ تَ ْعدِلُواْ َفوَا ِ‬
‫ستَطَاعَ ِمنْكُمْ ا ْلبَا َءةَ فَ ّْل َيتَ َزوَجْ وَ َمنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَ َّليْهِ بِالصَوْمِ فَِإنَهُ لَهُ وِجَاءٌ)‪.‬‬ ‫الْأُمَمَ)(‪ )6‬وحديث (يا مَعْشَرَ ال َ‬
‫شبَابِ َمنْ ا ْ‬

‫أفضلية النكاح على االنقطاع للعبادة‬


‫عبَادَةِ‬ ‫عنْ ِ‬ ‫يستحب النكاح ويفضل على االنقطاع للعبادة لحديث (جَاءَ ثَّلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَ ْزوَاجِ ال َنبِيِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْ ِه وَسَّلَمَ يَسْأَلُونَ َ‬
‫حنُ ِمنْ ال َنبِيِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َقدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَ َقدَمَ ِمنْ َذ ْنبِهِ‬ ‫خبِرُوا كَ َأ َنهُمْ تَقَالُوهَا‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬وََأ ْينَ نَ ْ‬ ‫ال َنبِيِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬فَّلَمَا أُ ْ‬
‫ع َت ِزلُ النِسَاءَ فَّلَا َأتَزَوَجُ َأ َبدًا‪،‬‬
‫حدُهُمْ‪ :‬أَمَا َأنَا فَ ِإنِي ُأصَّلِي الَّليّْلَ َأ َبدًا‪ ،‬وَقَالَ آخَرُ‪َ :‬أنَا َأصُومُ الدَهْرَ وَلَا أُفْطِرُ‪ ،‬وَقَالَ آخَرُ‪َ :‬أنَا َأ ْ‬ ‫وَمَا تَأَخَرَ‪ ،‬قَالَ أَ َ‬
‫فَجَاءَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَّلَيْهِ وَسَّلَمَ إَِل ْيهِمْ فَقَالَ‪َ :‬أ ْنتُمْ اَلذِينَ قُ ّْلتُمْ َكذَا وَ َكذَا أَمَا وَالّلَهِ ِإنِي لَأَخْشَاكُمْ لِّلَهِ وََأتْقَاكُمْ لَهُ لَ ِكنِي َأصُومُ وَأُفْطِرُ‬
‫س َنتِي فَ َّليْسَ ِمنِي)(‪.)7‬‬ ‫عنْ ُ‬ ‫وَُأصَّلِي وَأَرْ ُقدُ وََأتَ َزوَجُ النِسَاءَ فَ َمنْ َرغِبَ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)230( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)3( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب قول النبي صلى اهلل عليه وسلم من استطاع الباءة‪ .‬حديث رقم (‪ )5066‬بلفظ (عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَهِ فَلَقِيَهُ‬
‫عُثْمَانُ بِمِنًى‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا أَبَا عَبْدِ الرَحْمَنِ إِنَ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَخَلَوَا‪ ،‬فَقَالَ عُثْمَانُ‪ :‬هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِجَكَ بِكْرًا تُذَكِرُاَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَا رَأَى عَبْ ُد‬
‫اللَهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَيَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا عَلْقَمَةُ‪ ،‬فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ‪ :‬أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬يَا مَعْشَرَ الشَبَابِ مَنْ‬
‫ج وَمَنْ لَ ْم يَسْتَطِ ْع فَعَلَيْ ِه بِالصَوْمِ فَإِنَ ُه لَ ُه وِجَاءٌ)‪.‬‬
‫ع مِنْكُ ْم الْبَاءَ َة فَلْيَتَزَوَ ْ‬
‫اسْتَطَا َ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصوم‪.‬‬
‫الوجاء‪ :‬الوقاية والمنع من الوقوع في الزلل‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الباءة‪ :‬تكاليف الزواج والقدرة عليه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علقمة برقم (‪.)5066‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)3( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن النسائي ‪ :‬كتاب النكاح‪ .‬باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2050‬بلفظ (عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقَالَ‪ :‬إِنِي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَهَا لَا تَلِدُ‪ ،‬أَفَأَتَزَوَجُهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬ثُمَ أَتَاهُ الثَانِيَةَ فَنَهَاهُ ثُمَ أَتَاهُ الثَالِثَةَ فَقَالَ‪ :‬تَزَوَجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِي مُكَاثِرٌ‬
‫بِكُ ْم الْأُمَمَ) قال األلباني في صحيح سنن أبي داود (حسن صحيح)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في النكاح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الحسب‪ :‬الشرف وقيل األفعال الحسنة والسيرة الطيبة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب الترغيب في النكاح‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2063‬بلفظ (عن حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَوِيلُ أَنَهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‬
‫يَقُولُ‪ :‬جَاءَ ثَلَاثَ ةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ ال َنبِيِ صَلَى ا للَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَلَمَا أُخْبِرُوا كَأَنَهُمْ تَقَالُوهَا‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬وَأَيْنَ نَحْنُ‬
‫مِنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَرَ‪ ،‬قَالَ أَحَدُهُمْ‪ :‬أَمَا أَنَا فَإِنِي أُصَ لِي اللَيْلَ أَبَدًا‪ ،‬وَقَالَ آخَرُ‪ :‬أَنَا أَصُومُ الدَهْرَ وَلَا أُفْطِرُ‪ ،‬وَقَالَ آخَرُ‪:‬‬
‫أَنَا أَعْتَزِلُ النِسَاءَ فَلَا أَ تَزَوَجُ أَبَدًا‪ ،‬فَجَاءَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ‪ :‬أَنْتُمْ الَذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَهِ إِنِي لَأَخْشَاكُمْ لِلَهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِي أَصُومُ‬
‫س مِنِي)‬ ‫ن سُنَتِي فَلَيْ َ‬‫ج النِسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَ ْ‬ ‫وَأُفْطِ ُر وَأُصَلِي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَ ُ‬
‫‪516‬‬
‫من مل يستطع الزواج فليصم‬
‫من لم يستط ع الزواج لفقره ولعدم امتالكه تكاليف الزواج فليستعن بالصيام لتحصين نفسه من الوقوع في معصية الزنى ألن الصوم‬
‫صوْمِ فَِإنَهُ لَهُ وِجَاءٌ)(‪ )1‬الحديث دليل صحيح صريح‬
‫ستَطِعْ فَعَ َليْهِ بِال َ‬
‫ستَطَاعَ ِمنْكُمْ ا ْلبَا َءةَ فَ ْليَتَ َزوَجْ وَ َمنْ لَمْ يَ ْ‬
‫يضعف الشهوة لحديث ( َمنْ ا ْ‬
‫على أفضلية الزواج والقيام بتكاليفه ومسؤولياته نحو الزوجة واألوالد على ترك الزواج من أجل االنقطاع للعبادة ألن الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ال يفعل إال األفضل واألكمل واألحب إلى اهلل عز وجل وخير الهدي هدي محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫اخلطبة حني عقد النكاح‬


‫الراجح‪ :‬أن قراءة خطبة الحاجة قبيل عقد النكاح مندوبة لعدم ورود أمر من النبي صلى اهلل عليه وسلم بوجوبها ألن أفعال النبي صلى اهلل‬
‫سنَا مَنْ‬ ‫ستَغْفِ ُرهُ َونَعُوذُ بِالّلَهِ ِمنْ شُرُورِ َأنْفُ ِ‬ ‫عليه وسلم ال تدل على الوجوب وإنما تدل على السنية‪ ،‬ولفظ الخطبة (أنْ الْحَ ْمدُ لِّلَهِ نَ ْ‬
‫ستَعِينُهُ َونَ ْ‬
‫عبْ ُدهُ وَرَسُولُهُ َو َيقْرَأُ ثَّلَاثَ آيَاتٍ‪،‬هي {يَا َأ ُيهَا‬ ‫ش َهدُ َأنَ مُحَ َمدًا َ‬ ‫ش َهدُ َأنْ لَا إِلَهَ إِلَا الّلَهُ وَأَ ْ‬
‫ضّلَ لَهُ وَ َمنْ ُيضِّْلّلْ الّلَهُ فَّلَا هَادِيَ لَهُ وَأَ ْ‬
‫َي ْه ِدهِ الّلَهُ فَّلَا ُم ِ‬
‫جهَا َوبَثَ ِم ْنهُمَا رِجَاالً َكثِيراً َونِسَاء وَاتَقُواْ الّلّهَ اَلذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَاألَرْحَامَ‬ ‫ح َدةٍ وَخََّلقَ ِم ْنهَا زَوْ َ‬
‫النَاسُ اتَقُواْ َربَكُمُ اَلذِي خَّلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَا ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫حقَ تُقَاتِهِ وَالَ تَمُو ُتنَ إِالَ وَأَنتُم مُسّْلِمُونَ} {يَا َأيُهَا اَلذِينَ آ َمنُوا اتَقُوا الّلَهَ‬ ‫ِإنَ الّلّهَ كَانَ عَ َّليْكُمْ رَقِيباً}(‪{ )2‬يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ اتَقُواْ الّلّهَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫سدِيداً * ُيصّْلِحْ لَكُمْ َأعْمَالَكُمْ َويَغْفِرْ لَكُمْ ُذنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ الّلَهَ وَرَسُولَهُ فقد فاز فوزاً عظيماً}‬ ‫وَقُولُوا َقوْالً َ‬

‫حرمة اخلطبة على اخلطبة‬


‫حتَى‬ ‫طبَةِ أَخِيهِ َ‬ ‫يحرم خطبة المسلم على خطبة المسلم إذا قد وقع التراضي والموافقة على خطبة األول لحديث (وَلَا يَخْطُبَ الرَ ُ‬
‫جّلُ عَّلَى خِ ْ‬
‫َيتْ ُركَ الْخَاطِبُ َقبّْلَهُ َأوْ يَ ْأ َذنَ لَهُ الْخَاطِبُ)(‪ )5‬أما قبل الموافقة على خطبة األول فال تحرم خطبة الثاني بدليل حديث فاطمة بنت قيس رضي‬
‫عنْ‬‫عصَاهُ َ‬ ‫جهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬أَمَا َأبُو َ‬
‫جهْمٍ فَّلَا َيضَعُ َ‬ ‫اهلل عنها بلفظ (َأنَ مُعَا ِويَةَ ْبنَ أَبِي سُ ْفيَانَ وََأبَا َ‬
‫(‪)6‬‬
‫غتَبَطْتُ)‬
‫خيْرًا وَا ْ‬ ‫عَاتِقِهِ وَأَمَا مُعَا ِويَةُ َفصُعّْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ‪ ،‬انْكِحِي أُسَامَةَ ْبنَ َز ْيدٍ فَكَرِ ْهتُهُ ثُمَ قَالَ‪ :‬انْكِحِي أُسَامَةَ َفنَكَ ْ‬
‫حتُهُ فَجَ َعّلَ الّلَهُ فِيهِ َ‬
‫الحديث يدل على جواز االستشارة في التزويج ويدل على أن النهي عن خطبة الثاني على خطبة الخاطب األول إنما هو محرم في حالة‬
‫موافقة المرأة المخطوبة وأوليائها على خطبة الخاطب األول‪ ،‬وأما قبل الموافقة على خطبة الخاطب األول فيجوز للثاني أن يتقدم لخطبة‬
‫المرأة التي لم تبد موافقتها على خطبة الخاطب األول‪ ،‬وخطبة النبي صلى اهلل عليه وسلم ألسامة بعد خطبة معاوية وأبي جهم دليل على‬
‫الجواز‪ ،‬وأما القول بأن النهي عن خطبة الثاني على خطبة األول هو في حالة إذا كان الخاطب األول رجل صالح أما إذا لم يكن صالحا‬
‫فيجوز للثاني أن يخطب على خطبة األول فهذا قول ضعيف ألن أحاديث نهي المسلم على خطبة أخيه المسلم لم تفرق بين خاطب صالح‬
‫أو غير صالح وهو قول مخالف لألدلة الصحيحة‪ ،‬وإذا عقد بالمرأة للخاطب الثاني بعد الرضا والموافقة على الخاطب األول فالعقد يكون‬
‫عقدا صحيحا مع اإلثم ألن النهي ليس عن ذات العقد وال عن صفة من صفاته‪ ،‬وإنما النهي عن شيء خارج عن ذات العقد وصفاته ولكنه‬
‫يأثم العاقدان والشهود لمخالفتهم للنهي والنهي يفيد التحريم‪.‬‬

‫جواز نظر اخلاطب إىل املرأة املخطوبة‬


‫يجوز لمن يريد أن يخطب امرأة أن ينظر إلى وجه المرأة المخطوبة وكفيها ليتعرف بالنظر إلى الوجه على جمال المرأة وبالنظر إلى‬
‫الكفين على نعومة البدن لحديث (َأنَ امْرََأةً جَاءَتْ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ الّلَهِ ِ‬
‫جئْتُ لِأَهَبَ َلكَ نَفْسِي َفنَظَرَ إَِل ْيهَا‬

‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬


‫معاني األلفاظ‪ :‬تقالوها‪ :‬وجدوها قليلة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري ‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث علقمة برقم (‪.)5066‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)1( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬آل عمران‪)102( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األحزاب‪)71،70( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ن ابْنَ عُمَرَ‬ ‫ث أَ َ‬‫ت نَافِعًا يُحَدِ ُ‬
‫ن جُرَيْجٍ قَا َل سَمِعْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ال يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع‪ .‬حديث رقم (‪ )5142‬بلفظ (عن ابْ ُ‬
‫رَضِيَ الَلهُ عَنْهُمَا‪ ،‬كَانَ يَقُولُ نَهَ ى النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَ ْعضٍ وَلَا يَخْطُبَ الرَجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَى يَتْرُاَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ‬
‫لَ ُه الْخَاطِبُ)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسا ئي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في االتجارات‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬البيوع‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب المطلقة ثالثاً ال نفقة لها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3651‬بلفظ (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَ ْفصٍ طَلَقَهَا الْبَتَةَ وَهُوَ غَائِبٌ‬
‫ك عَلَيْ ِه نَفَقَةٌ‪ ،‬فَأَمَرَهَا‬
‫ت ذَلِكَ لَهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَيْسَ لَ ِ‬
‫ن شَيْءٍ‪ ،‬فَجَاءَتْ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم فَذَكَرَ ْ‬ ‫ك عَلَيْنَا مِ ْ‬‫فَأَرْسَ َل إِلَيْهَا وَكِيلُ ُه بِشَعِي ٍر فَسَخِطَتْهُ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬وَاللَهِ مَا لَ ِ‬
‫أَنْ تَعْتَدَ فِي بَيْتِ أُمِ شَرِيكٍ ثُمَ قَالَ‪ :‬تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي‪ ،‬اعْتَدِي عِنْدَ ابْنِ أُمِ مَكْ تُومٍ فَإِنَهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي‪ ،‬قَالَتْ فَلَمَا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ‬
‫لَهُ‪ ،‬أَنَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ مَ‪ :‬أَمَا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُواٌ لَا مَالَ لَهُ‪،‬‬
‫ا نْكِحِي أُسَامَ َة بْنَ زَيْ ٍد فَكَرِهْتُ ُه ثُمَ قَالَ‪ :‬انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَ َل اللَ ُه فِي ِه خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الطالق‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الطالق‪.‬‬
‫الغبطة‪ :‬الفرح والسرور‪.‬‬ ‫الصعلوا‪ :‬الفقير‪.‬‬ ‫آذن‪ :‬أعلم وأخبر‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬يغشاها‪ :‬يأتيها ويزورها‪ .‬حللت‪ :‬أكملت العدة‪.‬‬
‫‪517‬‬
‫ص َوبَهُ ثُمَ طَأْطَأَ رَأْسَهُ‪ )1()،‬ولحديث ( ُكنْتُ عِ ْندَ ال َنبِيِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَأَتَاهُ رَجُ ٌّل‬ ‫رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َفصَ َعدَ النَظَرَ إِلَ ْيهَا َو َ‬
‫فَأَخْبَ َرهُ َأنَهُ تَ َزوَجَ امْرََأةً ِمنْ الْأَ ْنصَارِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪َ :‬أنَظَرْتَ إَِليْهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إَِل ْيهَا فَإِنَ فِي‬
‫حهَا فَ ّْليَفْ َعّلْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَخَطَبْتُ جَا ِريَةً فَ ُكنْتُ‬‫ستَطَاعَ َأنْ َينْظُرَ إِلَى مَا َي ْدعُوهُ إِلَى نِكَا ِ‬ ‫ش ْيئًا)(‪ )2‬وحديث (ِإذَا خَطَبَ أَ َ‬
‫حدُكُمْ الْمَرَْأةَ فَِإنْ ا ْ‬ ‫ع ُينِ ا ْلَأ ْنصَارِ َ‬
‫َأ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫حهَا وَتَ َزوُجِهَا فَتَ َزوَجْ ُتهَا) ‪ .‬فاألحاديث الثالثة تدل على جواز نظر الخاطب إلى وجه المرأة‬ ‫خبَأُ لَهَا حَتَى رََأيْتُ ِم ْنهَا مَا َدعَانِي إِلَى نِكَا ِ‬ ‫َأتَ َ‬
‫المخطوبة وإلى كفيها ألن النظر إلى المخطوبة يمكِن الخاطب من التعرف على المرأة التي يريدها شريكة لحياته وهو وسيلة تجعل الرجل‬
‫يعقد على المرأة المخطوبة ولديه الرغبة الكاملة في التزوج بها وهذا يؤدي إلى حسن العشرة بعد الزواج وإدامتها وعمال بحديث (انْظُرْ‬
‫إَِل ْيهَا فَِإنَهُ أَحْرَى أَنْ ُي ْؤدَمَ َب ْينَكُمَا) (‪ )4‬وأما من قال بعدم جواز النظر إلى المخطوبة فهو مستدل بأدلة تحريم النظر إلى المرأة األجنبية‬
‫صنَعُونَ}(‪ )5‬وحديث‬ ‫خبِيرٌ بِمَا يَ ْ‬ ‫جهُمْ ذَِلكَ أَزْكَى َلهُمْ ِإنَ اللَهَ َ‬ ‫العامة منها قوله تعالى {قُل لِلْ ُمؤْ ِمنِينَ يَ ُغضُوا ِمنْ َأ ْبصَارِهِمْ وَيَحْفَّظُوا فُرُو َ‬
‫(‪)6‬‬
‫عنْ نَظْ َرةِ الْفَجْ َأةِ فَقَالَ‪ :‬اصْرِفْ َبصَ َركَ) وحديث ( ُكتِبَ عَّلَى ا ْبنِ آدَمَ َنصِيبُهُ ِمنْ الزنى ُمدْ ِركٌ‬ ‫(سَأَلْتُ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ َ‬
‫جّلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَّلْبُ َي ْهوَى‬ ‫ذَِلكَ لَا مَحَالَةَ‪ ،‬فَالْ َعيْنَانِ ِزنَاهُمَا النَظَرُ وَالْأُ ُذنَانِ زِنَاهُمَا الِا ْ‬
‫ستِمَاعُ وَالّلِسَانُ ِزنَا ُه الْكَّلَامُ وَا ْل َيدُ ِزنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِ ْ‬
‫ص ِدقُ ذَِلكَ الْفَرْجُ َويُكَ ِذبُهُ)(‪ )7‬الصحيح‪ :‬أنه ال تعارض بين أدلة تحريم النظر إلى المرأة األجنبية العامة وبين أدلة جواز النظر‬ ‫َو َيتَ َمنَى َويُ َ‬
‫إلى المرأة المخطوبة ألنها أدلة خاصة بجواز النظر إلى المرأة التي يراد خطبتها للتزوج بها وال تعارض بين عام وخاص فيعمل بالخاص‬
‫فيما تناوله وهو جواز النظر إلى وجه المخطوبة وكفيها وبالعام في الباقي وهو تحريم النظر إلى المرأة األجنبية على من ليس خاطبا‬
‫عمال بأدلة تحريم النظر إلى المرأة األجنبية‪.‬‬

‫جواز خطبة املرأة للرجل‬


‫يجوز للمرأة أن تخطب الرجل من الناحية الشرعية ولكن من الناحية االجتماعية األولى لها أن تكون لبيبة ذكية ترسل من يعرض على‬
‫الزوج بصورة ذكية بحيث ال يعرف الرجل أن المرأة هي التي أرسلت تخطبه لكي ال يعيرها بعد الزواج ويقول لها أنت خطبتيني‪ ،‬ولكي‬
‫ال يعترض على خطبتها وليها وأسرتها‪ ،‬وقد خطبت أم المؤمنين خديجة رضي اهلل عنها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم زوجاً لها‪.‬‬

‫حرمة مصافحة اخلاطب املخطوبة أو اجللوس معها بدون حمرم‬


‫ال يجوز للخاطب مصافحة المرأة ال مخطوبة ألنها ال تزال أجنبية عنه وال يجوز لها الجلوس معه بدون محرم‪ ،‬وال يجوز للخاطب‬
‫الجلوس مع أم المخطوبة ألنه ال يزال أجنبيا عن المرأة المخطوبة وعن أمها ولكن يجوز له النظر إلى المخطوبة في حضور قريبها من‬
‫الذكور ألن حكم المرأة المخطوبة مثل غيرها من النساء األجنبيات الالئي يحرم على الرجل أن يكلم المرأة األجنبية إال الكالم العادي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فضائل القرآن‪ :‬باب القراءة عن ظهر غيب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3472‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ‪ ،‬أَنَ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي فَنَّظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَصَعَدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَبَهُ ثُمَ طَأْطَأَ رَأْسَهُ‪ ،‬فَلَمَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَهُ لَمْ‬
‫يَ ْقضِ فِيهَا شيئاً جَلَسَتْ‪ ،‬فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِجْنِيهَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَ لْ عِنْدَاَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ‪ :‬لَا وَاللَهِ يَا رَسُولَ اللَهِ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانّْظُرْ‪ ،‬هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ فَذَهَبَ ثُمَ رَجَعَ فَقَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬وَاللَهِ يَا رَسُولَ اللَهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬انّْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَهِ‬
‫يَا رَسُولَ اللَهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي‪ ،‬قَالَ سَهْلٌ‪ :‬مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِاَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ‬
‫عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ فَجَلَسَ الرَجُلُ حَتَى طَالَ مَجْلِسُهُ ثُمَ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مُوَلِيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَلَمَا جَاءَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ن الْقُرْآنِ)‪.‬‬
‫ك مِ ْ‬
‫ب فَقَدْ مَلَكْتُكَهَا بِمَا مَعَ َ‬
‫ن الْقُرْآنِ؟ قَالَ‪ :‬مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَ ُة كَذَا عَدَهَا قَالَ‪ :‬أَتَقْرَؤُهُنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اذْهَ ْ‬ ‫ك مِ ْ‬ ‫مَاذَا مَعَ َ‬
‫أخرجه مسلم في النك اح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في‬
‫النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوكالة‪ ،‬النكاح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬النكاح‪ :‬باب النّظر إلى وجه المرأة المخطوبة وكفيها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3470‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُنْتُ عِنْدَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَهُ تَزَوَجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ‪ ،‬فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَنَّظَرْتَ إِلَ يْهَا؟ قَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَاذْهَبْ فَانّْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ‬
‫شَيْئًا)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب في الرجل ينّظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها‪.‬حديث رقم (‪ )2052‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنّْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَ احِهَا فَ ْليَفْعَلْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَأُ لَهَا حَتَى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى‬
‫نِكَاحِهَا وَتَزَوُجِهَا فَتَزَوَجْتُهَا) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫دعاني‪ :‬رغبني‪.‬‬ ‫جارية‪ :‬البنت التي لم يسبق لها الزواج‪.‬‬ ‫يدعوه‪ :‬يرغبه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ما جاء في النّظر إلى المخطوبة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1057‬بلفظ (عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن يُؤْدَ َم بَيْنَكُمَا) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬انّْظُ ْر إِلَيْهَا فَإِنَ ُه أَحْرَى أَ ْ‬
‫أخرجه النسائي في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫يؤدم‪ :‬يوفق ويؤلف والمراد المودة والمحبة‪.‬‬ ‫أحرى‪ :‬أجدر وأولى‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النور‪.)30( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب مايؤمر به من غض البصر‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2145‬بلفظ (عَنْ جَرِيرٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَأَلْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ نَّظْ َرةِ‬
‫ف بَصَرَاَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫الْفَجْأَةِ فَقَالَ‪ :‬اصْرِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في األداب‪ ،‬والترمذي في األدب‪ ،‬وأحمد في مسند الكوفيين‪ ،‬والدارمي في اإلستئذان‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ب‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب القدر‪ :‬باب قدر على ابن أدم حّظه من الزنى وغيره‪ .‬حديث رقم (‪ )6616‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كُتِ َ‬
‫عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزنى مُدْرِاٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ‪ ،‬فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ‪،‬وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ‪ ،‬وَاللِسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ‪ ،‬وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ‪ ،‬وَالرِجْلُ زِنَاهَا‬
‫ق ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِبُهُ)‪.‬‬
‫ب يَهْوَى وَيَتَمَنَى‪ ،‬وَيُصَدِ ُ‬ ‫الخطأ‪ ،‬وَالْقَلْ ُ‬
‫أخرجه البخاري في القدر‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬البطش‪ :‬التعدي واألخذ بغير حق‪.‬‬
‫‪518‬‬
‫الضروري كما يحرم عليه الخلوة بالمخطوبة كحرمة خلوة الرجل األجنبي بسائر النساء الالئي لسن محارما له ولم يأذن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم في حق المخطوبة إال في جواز النظر إليها فقط لمن كان يريد أن يتزوج بها‪.‬‬

‫من احلزم أال تكاتب املرأة خطيبها وال ترسل له بصورتها الفوتغرافية‬
‫يجوز للمرأة من الناحية الدينية أن تراسل خطيبها إلبداء رغبتها وموافقتها على الزواج به ولكن من ناحية الحزم ال ينبغي لها مكاتبة‬
‫خاطبها ألنه إذا لم يتم زواجه بها قد يُشهِر بها ويدعي أنها كانت تكاتبه وتراسله ويستدل بمكاتيبها ورسائلها إليه وفي هذا إساءة لسمعتها‬
‫وسمعة أسرتها ولكن لكي ال تضع نفسها وال أسرتها في هذا الحرج ينبغي لها أال تكاتبه وال تسلم له صورتها ليحتفظ بها‪ ،‬وإن طلب‬
‫االطالع على صورتها فترسل الصورة مع من تثق بأنه يطلعه على الصورة ويرجع الصورة إليها وال يسلمها للخاطب أبداً حفاظا على‬
‫سمعتها وسمعة أسرتها‪ ،‬أما عرض الصورة عرضا مع من تثق به من الرجال أو من النساء فال مانع ألنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى‬
‫وجه المخطوبة وباألولى جواز نظره إلى صورتها‪.‬‬

‫جواز اشعار الزوجة املطلقة بالرغبة يف الزواج بها مرة ثانية بعد انقضاء عدتها‬
‫يجوز للرجل أن يشعر المرأة بعد انقضاء عدتها منه برغبته في الزواج بها مرة ثانية لكي ال يتقدم لخطبتها رجل آخر فتوافق فعلمها‬
‫برغبة زوجها األول بالزواج بها مرة أخرى يجعلها ال توافق على الزواج إذا تقدم لخطبتها رجل آخر ألنها إذا كانت راضية بالزواج‬
‫بالزوج األول فستنتظر خطبته من جديد‪.‬‬

‫جواز التعريض باخلطبة يف عدة الوفاة ويف الطالق البائن‬


‫جنَاحَ‬ ‫يجوز التعريض بالخطبة في عدة الوفاة وال يجوز التصريح بالخطبة في عدة الوفاة أو في العدة من الطالق البائن لقوله تعالى {وَالَ ُ‬
‫عدُو ُهنَ سِرّاً إِالَ أَن تَقُولُواْ َقوْالً‬
‫س َتذْكُرُو َن ُهنَ وَلَـكِن الَ ُتوَا ِ‬
‫طبَةِ النِسَاء َأوْ أَ ْكنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ َأنَكُمْ َ‬
‫ضتُم بِهِ ِمنْ خِ ْ‬ ‫عََليْكُمْ فِيمَا عَرَ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫حتَىَ َيبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ َأنَ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ َأنَ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} ‪.‬‬
‫مَعْرُوفاً وَالَ تَعْزِمُواْ عُ ْق َدةَ النِكَاحِ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)23( :‬‬
‫‪519‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬عقد النكــــــاح‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬كيفية عقد النكاح‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬شروط عقد النكاح‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬الشهود في عقد النكاح‬
‫‪ ‬الفصّل الرابع‪ :‬الصـــــــــــداق‬

‫‪511‬‬
‫الفصل األول‪ :‬كيفية عقد النكاح‬

‫اإلذن في النكاح‬ ‫‪‬‬


‫صيغة عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫رضا الرجّل والمرأة شرط لصحة عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫صحة عقد الولي بالبنت الصغيرة أو المجنونة‬ ‫‪‬‬
‫لمن الحق في زواج البنت الصغيرة‬ ‫‪‬‬
‫الثيوبة التي توجب النطق بالرضى في النكاح‬ ‫‪‬‬
‫اليتيمة التي تستأمر‬ ‫‪‬‬
‫الخيار في عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫تراخي القبول في عقد النكاح‬ ‫‪‬‬

‫‪511‬‬
‫الفصل األول‪ :‬كيفية عقد النكاح‬

‫اإلذن يف النكاح‬
‫اإلذن في إنشاء عقد النكاح من الرجال ومن الثيب من النساء يكون باللفظ الواضح الصريح‪ ،‬ومن النساء األبكار بالصمت والسكوت‬
‫لحديث (لَا ُتنْكَحُ الَْأيِمُ حَتَى تُسْتَأْمَرَ‪ ،‬وَلَا ُتنْكَحُ ا ْلبِكْرُ حَتَى تُسْتَأْ َذنَ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬يَا رَسُولَ الّلَهِ‪ ،‬وَ َكيْفَ ِإ ْذ ُنهَا؟ قَالَ‪َ :‬أنْ تَسْكُتَ)(‪ )1‬وفي رواية‬
‫ستَأْمَرُ وَِإ ْذنُهَا سُكُو ُتهَا)(‪.)2‬‬‫سهَا ِمنْ وَلِ ِيهَا‪ ،‬وَا ْلبِكْرُ تُ ْ‬ ‫(ال َثيِبُ أَ َ‬
‫حقُ بِنَفْ ِ‬

‫صيغة عقد النكاح‬


‫الصحيح‪ :‬أن عقد النكاح ال ينعقد إال بلفظ النكاح أو التزويج باللغة العربية أو بما هو في معناهما بلغة أخرى غير اللغة العربية سواء‬
‫كانت اللغة األخرى إنجليزية أو روسية أو صينية أو فارسية أو أُردية أو غيرها من اللغات األخرى وال ينعقد عقد النكاح بلفظ غير لفظ‬
‫النكاح أو التزويج أو ما في معناهما بلغة أخرى ‪.‬‬

‫رضا الرجل واملرأة شرط لصحة عقد النكاح‬


‫رضا الرجل والمرأة البالغين العاقلين شرط لصحة عقد النكاح وال يصح عقد النكاح بدون رضا الرجل البالغ العاقل أو المرأة البالغة‬
‫العا قلة سواء كان العاقد بالمرأة أباها أو أخاها أو جدها أو عمها أو غيرهم من األولياء أو كان القاضي الشرعي في حالة فقدان الولي‬
‫الشرعي أو عضل الولي أو األولياء‪ ،‬الدليل فسخ النبي صلى اهلل عليه وسلم عقد نكاح المرأة التي زوجها أبوها وهي كارهة أي زوجها‬
‫بدون رضاها وخيرها بين إمضاء العقد إذا رضيت وبين فسخ العقد إذا لم تكن راضية ألن عقد الزواج لم ينعقد إذا لم تكن راضية‪ ،‬لفظ‬
‫(‪)3‬‬
‫خيَرَهَا ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ)‬ ‫لحديث (َأنَ جَا ِريَةً بِكْرًا َأتَتْ النَبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َفذَكَرَتْ َأنَ َأبَاهَا زَوَ َ‬
‫جهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَ َ‬
‫الحديث دليل صحيح صريح على أن رضا المرأة شرط في صحة عقد النكاح‪ ،‬وأن أي امرأة يعقد بها وليها وهي غير راضية فنكاحها لم‬
‫ينعقد وهو باطل إال أن ترضى بعقد وليها وتجيزه فيصير العقد بإجازتها عقد زواج شرعي يترتب عليه كل آثار العقد الشرعي من حل‬
‫استمتاع كل من الزوج والزوجة باآلخر ويترتب عليه حقوق الزوجة على زوجها وحقوق الزوج على زوجته وواجبات الزوج لزوجته‬
‫والزوجة لزوجها وغيرها من اآلثار التي تترتب على عقد الزواج الشرعي ‪.‬‬

‫صحة عقد الويل بالبنت الصغرية أو اجملنونة‬


‫األصل أن المرأة ال تنكح إال بإذنها‪ ،‬وإذن الثيب أن تعرب باللفظ عن رضاها وإذن البكر سكوتها لحديث (إنَ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ‬
‫ستَ ْأ َذنَ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬يَا رَسُولَ الّلَهِ‪ ،‬وَ َكيْفَ ِإ ْذنُهَا؟ قَالَ‪َ :‬أنْ تَسْكُتَ)(‪ )4‬ويستثنى من هذا‬ ‫ستَأْمَرَ‪ ،‬وَلَا ُتنْكَحُ ا ْلبِكْرُ َ‬
‫حتَى تُ ْ‬ ‫قَالَ‪ :‬لَا ُتنْكَحُ الَْأيِمُ حَتَى تُ ْ‬
‫البنت الصغيرة غير البالغة أو البنت المجنونة فيصح للولي أن يزوجها بدون إذنها إذا رأى لها المصلحة في الزواج ويبقى العقد موقوفا‬
‫على رضاها إذا بلغت فإذا بلغت فلها الحق في أن ترضى بعقد الزواج الذي عقده وليها بدون رضاها وهي صغيرة فيصح عقد الزواج‬
‫ويصير عقد زواج شرعي يترتب عليه كل أثار عقد الزواج الشرعي‪ ،‬ولها الحق أن تفسخ عقد الزواج الذي عقده أبوها وهي صغيرة إذا‬
‫لم ترض بالزوج وينفسخ العقد وال يبقى له أي أثر شرعي ألن رضا البنت بعد البلوغ شرط لصحة عقد النكاح‪ ،‬ولذا فأنا أنصح الرجال‬
‫والشباب بأن ال يتزوج من يريد الزواج ببنت قبل بلوغها ألن صحة عقد الزواج سيبقى موقوفا على رضاها بعد البلوغ فإن رضيت بعد‬
‫البلوغ صح العقد وإن رفضت فسخ العقد‪ ،‬ويستدل على جواز زواج األب ابنته الصغيرة قبل بلوغها بزواج أبي بكر الصديق ابنته عائشة‬
‫سنِينَ‪ ،‬وَُأدْخِّلَتْ‬ ‫رضي اهلل عنها من النبي صلى اهلل عليه وسلم قبل بلوغها لحديث (َأنَ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ تَ َزوَجَهَا وَهِيَ ِبنْتُ سِتِ ِ‬
‫ع ْن َدهُ تِسْعًا)(‪ )5‬أي تسع سنين ألنه توفي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وعمرها ثمانية عشر سنة وكذا البنت‬ ‫عََّليْهِ وَهِيَ ِبنْتُ تِسْعٍ وَمَ َكثَتْ ِ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب الينكح األب وغيره البكر أوالثيب إالبعد إذنها‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5136‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَثَهُمْ‪ ،‬أَنَ النَبِيَ‬
‫ن تَسْكُتَ)‪.‬‬ ‫ف إِذْنُهَا؟ قَالَ‪ :‬أَ ْ‬
‫ح الْأَيِ ُم حَتَى تُسْتَأْمَرَ ‪ ،‬وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَى تُسْتَأْذَنَ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬يَا رَسُو َل اللَهِ‪ ،‬وَكَيْ َ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬لَا تُنْكَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الحيل‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬اإلستئمار‪ :‬طلب األمر‪ ،‬فال يعقد عليها حتى يطلب األمر منها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق‪ .‬حديث رقم (‪ )3462‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬الثَيِبُ أَحَقُ‬
‫بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِهَا‪ ،‬وَالْبِكْ ُر تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬ومالك في النكاح‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الثيب‪ :‬من سبق له الزواج ذكرا كان أو أنثى‪ .‬اإلستئمار‪ :‬اإلستئذان واالستشارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب في البكر يزوجها أبوها وال يستأمرها‪ .‬حديث رقم (‪ )2016‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬أَنَ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتْ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ي كَارِهَ ٌة فَخَيَرَهَا النَبِ ُ‬‫ن أَبَاهَا زَوَجَهَا وَهِ َ‬ ‫ت أَ َ‬
‫وَسَلَ َم فَذَكَرَ ْ‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬جارية‪ :‬البنت التي لم يسبق لها الزواج‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه برقم(‪.)5136‬‬
‫‪55‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ تَزَوَجَهَا‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬النكاح‪ :‬باب إنكاح الرجل ولده الصغار‪ .‬حديث رقم (‪ )5133‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ النَبِ َ‬
‫ت تِسْ ٍع وَمَكَثَتْ عِنْدَ ُه تِسْعًا)‪.‬‬ ‫ي بِنْ ُ‬
‫ت سِنِينَ‪ ،‬وَأُدْخِلَتْ عَلَيْ ِه وَهِ َ‬ ‫ت سِ ِ‬ ‫ي بِنْ ُ‬‫وَهِ َ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،.‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫‪512‬‬
‫المجنونة يكون عقد زواجها موقوفاً على رضاها إذا شفيت من مرض الجنون فإن رضيت بالزوج صح عقد النكاح وإن لم ترض فسخ‬
‫عقد نكاحها وصار كأن لم يكن ‪.‬‬

‫ملن احلق يف زواج البنت الصغرية‬


‫الراجح‪ :‬أن ال حق في زواج البنت الصغيرة التي لم تبلغ هو لألب فقط‪ ،‬الدليل تزويج أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه ابنته أم المؤمنين‬
‫عائشة رضي اهلل عنها برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألن األب هو األعرف بمصلحة البنت وهو األحرص على منفعة البنت واألرأف‬
‫واألرحم بالبنت من غيره من األولياء‪ ،‬وال ينبغي التوسع في زواج الصغيرات قبل سن بلوغهن ألنه يندر أن يوجد زوج مثل رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يرعي الزوجة ويرحمها ويكرمها ويوفر لها الراحة والسعادة الزوجية التي تنسيها رعاية أسرتها وحنان أبويها‪ ،‬وال‬
‫يجوز للوصي أن يزوج البنت الصغيرة وليس له الحق في زواجها إذا لم يكن هو الولي الشرعي لها‪.‬‬

‫الثيوبة التي توجب النطق بالرضى يف النكاح‬


‫حقُ ِبنَفْسِهَا ِمنْ وَِل ِيهَا)(‪ )1‬هي إزالة بكارة المرأة في زواج شرعي وال يصدق على المرأة‬
‫الراجح‪ :‬أن الثيوبة المرادة في حديث (ال َثيِبُ أَ َ‬
‫أنها ثيب إال من قد زالت بك ارتها في زواج شرعي‪ ،‬فمن كانت ثيبا بهذا الوصف الشرعي فإذنها في الزواج أو رفض الزواج بمن تقدم‬
‫لخطبتها يكون بتلفظها بالقبول أو الرد بعبارات واضحه وصريحه مفيدة القبول أو الرد ‪.‬‬

‫اليتيمة التي تستأمر‬


‫األصل في لفظ اليتيم إذا أطلق أن يراد به على الحقيقة الصغير أو الصغيرة قبل البلوغ‪ ،‬وأما إذا أطلق لفظ اليتيم أو اليتيمة على من بعد‬
‫البلوغ فهو اطالق لفظ اليتم على سبيل المجاز ال الحقيقة كما هو المراد في حديث (قَالَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ تُ ْ‬
‫ستَأْمَرُ ا ْل َيتِيمَةُ‬
‫جوَازَ عَّلَ ْيهَا)(‪ )2‬المرأة التي تستأمر هي البالغة ال البنت الصغيرة التي قبل البلوغ‪ ،‬وإطالق‬ ‫فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَ َكتَتْ فَ ُهوَ ِإذْ ُنهَا‪ ،‬وَِإنْ َأبَتْ فَّلَا َ‬
‫لفظ اليتم عليها هو باعتبار ما كانت عليه قبل البلوغ وهو من باب اطالق لفظ اليتم على سبيل المجاز ال على سبيل الحقيقة‪ ،‬وال تستأمر‬
‫البنت على الزواج إال بعد البلوغ سواء كانت يتيمة أو غير يتيمة ‪.‬‬

‫اخليار يف عقد النكاح‬


‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز الخيار في عقد النكاح ألن عقد النكاح من العقود الالزمة بمجرد انعقاده واألصل عدم الخيار إال في باب البيوع‬
‫لقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا اَلذِينَ آ َمنُواْ َأوْفُواْ بِالْعُقُودِ}(‪.)3‬‬

‫تراخي القبول يف عقد النكاح‬


‫الراجح‪ :‬أنه ال يجوز التراخي في قبول عقد النكاح إال بقدر الضرورة مثل السعال أو العطاس أو التنفس ألنه ال يتم عقد النكاح إال باتصال‬
‫القبول واإليجاب من العاقدين بحضور الشهود في مكان واحد ووقت واحد ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي اهلل عنها برقم (‪.)3462‬‬
‫‪2‬‬
‫ن أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب البكر يزوجها أبوها‪ .‬حديث رقم(‪ ) 2013‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ت فَلَا جَوَا َز عَلَيْهَا) صححه األلباني في صحيح سنن النسائي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن أَبَ ْ‬
‫ت فَهُ َو إِذْنُهَا‪ ،‬وَإِ ْ‬
‫ن سَكَتَ ْ‬
‫فِ ي نَفْسِهَا فَإِ ْ‬
‫أخرجه البخاري في النكاح ومسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المائدة‪.)1( :‬‬
‫‪513‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شروط عقد النكــــــاح‬

‫الولي في عقد الزواج‬ ‫‪‬‬


‫ولي المرأة الشرعي‬ ‫‪‬‬
‫صفات الولي الشرعي‬ ‫‪‬‬
‫صنفا الوالية في عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫صفات الولي الشرعي‬ ‫‪‬‬
‫ولي المرأة الشرعي‬ ‫‪‬‬
‫الولي في عقد الزواج‬ ‫‪‬‬
‫والية عقد المرأة التي اسلمت في بالد غير المسلمين‬ ‫‪‬‬
‫والية الوصي في عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫عقد الولي األبعد مع حضور األقرب‬ ‫‪‬‬
‫غياب الولي األقرب‬ ‫‪‬‬
‫المرأة التي عقد بها وليان‬ ‫‪‬‬
‫عضل الولي أو األولياء‬ ‫‪‬‬
‫الولي العاضل‬ ‫‪‬‬
‫الكفاءة المعتبرة في الزواج‬ ‫‪‬‬
‫المهر ليس من الكفاءة‬ ‫‪‬‬
‫صحة تولي طرفي العقد شخص واحد‬ ‫‪‬‬
‫صحة الوكالة في قبول عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫ال يصح عقد النكاح بالتلفون‬ ‫‪‬‬
‫كتابة عقد النكاح في المحكمة‬ ‫‪‬‬
‫اشتراط إذن المرأة الثيب لصحة عقد نكاحها‬ ‫‪‬‬
‫وضع العاقد بالمرأة في يد المعقود له عادة وليست بشريعة‬ ‫‪‬‬
‫زواج الصبي‬ ‫‪‬‬
‫إذا تعدد األولياء من درجة واحده فاألولى تقديم األكبر‬ ‫‪‬‬

‫‪514‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شروط عقد النكاح‬

‫الويل يف عقد الزواج‬


‫(‪)1‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن الولي شرط من شروط صحة عقد النكاح لحديث (ال نِكَاحَ إِلَا بِوَلِيٍ) الحديث دليل على اشتراط الولي لصحة عقد النكاح‬
‫ألن صيغة النفي واالستثناء تفيد حصر وقصر النكاح الشرعي على نكاح الولي‪ ،‬والنفي حقيقته هي نفي الذات المنفية وإذا تعذر نفي الذات‬
‫فيحمل النفي على أقرب المجازين وهو نفي الصحة‪ ،‬وعلى هذا فيكون معنى الحديث ال نكاحاً صحيحاً إال بولي ونفي الصحة يستلزم نفي‬
‫حهَا‬‫الشرعية فنكاح المرأة من دون ولي نكاح غير شرعي وهو نكاح باطل ولذا جاء في حديث (َأيُمَا امْرََأةٍ نَكَحَتْ بِ َغيْرِ ِإ ْذنِ وَِليِهَا َفنِكَا ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫شتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُ َمنْ لَا وَلِيَ لَهُ)‬ ‫جهَا‪ ،‬فَِإنْ ا ْ‬ ‫حّلَ ِمنْ فَرْ ِ‬
‫ستَ َ‬‫خّلَ ِبهَا فَ َّلهَا الْ َمهْرُ بِمَا ا ْ‬‫طّلٌ‪ ،‬فَِإنْ دَ َ‬
‫حهَا بَا ِ‬ ‫طّلٌ‪َ ،‬فنِكَا ُ‬
‫حهَا بَا ِ‬‫طّلٌ‪َ ،‬فنِكَا ُ‬
‫بَا ِ‬
‫الحديث دليل صحيح صريح على بطالن نكاح المرأة من دون ولي وأنه نكاح باطل ال يترتب عليه آثار نكاح الزواج الشرعي وأن األثر‬
‫الذي يترتب عليه هو استحقاق المرأة المهر بما استحل الزوج من فرجها‪ ،‬وإذا حصل عقد زواج من دون الولي الشرعي للمرأة نتيجة‬
‫جهل أو ألي سبب فيحرم على المرأة وعلى الرجل االستمرار على هذا العقد الذي وصفه النبي صلى اهلل عليه وسلم بأنه باطل وأكد‬
‫بطالنه بتكرار عبارات البطالن ثالث مرات‪ ،‬ومما يؤكد شرطية الولي الشرعي لصحة عقد النكاح الشرعي للمرأة حديث تزويج النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بأم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان حينما أراد النبي صلى اهلل عليه وسلم أن يتزوجها بعد موت زوجها إكراماً‬
‫وحفظاً ورعاية لها بعد فقدها زوجها بالموت وأبيها بالهجرة من مكة وألن أباها كان مشركاً كافراً وهي مسلمة وال والية لكافر على مسلم‬
‫أو مسلمة عقد بها النجاشي للنبي صلى اهلل عليه وسلم ألن النجاشي كان قد أسلم وهو سلطان في بالدة وهي تحت رعايته فكان وليها ألن‬
‫حبَشَةِ‪ ،‬فَ َزوَ َ‬
‫جهَا‬ ‫عنْهَا‪ ،‬وَكَانَ فِي َمنْ هَاجَرَ إِلَى أَ ْرضِ الْ َ‬ ‫ع ْندَ ا ْبنِ جَحْشٍ فَهََّلكَ َ‬ ‫حبِيبَةَ َأ َنهَا كَانَتْ ِ‬ ‫السلطان ولي من ال ولي له ولحديث (عنْ أُمِ َ‬
‫)(‪)3‬‬
‫ع ْندَهُمْ في الحديث داللة واضحة أن الولي الشرعي الزم وشرط من شروط صحة‬ ‫النَجَاشِيُ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ وَهِيَ ِ‬
‫عقد النكاح‪ ،‬وفي الحديث تأكيد لحديث (السلطان ولي من ال ولي له) وال يصح عقد النكاح من قبل شخص ليس هو الولي الشرعي إال‬
‫بوكالة من الولي الشرعي أو كان السلطان المسلم أو نائبا عن السلطان كقضاة المحاكم الشرعية في البالد اإلسالمية‪ ،‬وال يصح عقد النكاح‬
‫من قبل شخص ليس هو الوالي الشرعي وال هو وكيل للوالي الشرعي كقاض من قضاة المسلمين وفي حالة عقد القاضي الشرعي بالمرأة‬
‫يشترط أن تجيز العقد المرأة المعقود بها‪ ،‬ألن عقد الولي شرط في صحة عقد النكاح‪ ،‬وال يصح عقد النكاح من قبل شخص توكله المرأة‬
‫طّلٌ‪ ،‬فَنِكَا ُ‬
‫حهَا‬ ‫التي يراد العقد بها ليعقد بها ألن عقد النكاح ليس من حق المرأة وقد تقدم حديث (َأيُمَا امْرََأةٍ نَكَحَتْ بِ َغيْرِ ِإ ْذنِ وَِليِهَا َفنِكَاحُهَا بَا ِ‬
‫شتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُ َمنْ لَا وَلِيَ لَهُ) النكاح الباطل وجوده‬ ‫جهَا‪ ،‬فَِإنْ ا ْ‬ ‫حّلَ ِمنْ فَرْ ِ‬
‫ستَ َ‬ ‫طّلٌ‪ ،‬فَِإنْ دَ َ‬
‫خّلَ ِبهَا فَّلَهَا الْ َمهْرُ بِمَا ا ْ‬ ‫طّلٌ‪َ ،‬فنِكَاحُهَا بَا ِ‬
‫بَا ِ‬
‫وعدمه على السواء وعالقة المرأة بالرجل الذي عقدت بنفسها عليه عالقة محرمة ألنها ال تحل له وال يحل لها وال هي زوجة له وال هو‬
‫زوج لها ألن الذي يحل ال عالقة الشرعية بينهما هو العقد الشرعي الصحيح الذي عقد الولي الشرعي شرط في صحته‪ ،‬واسناد فعل النكاح‬
‫غيْرَهُ}(‪ )5‬هو‬ ‫حتَىَ تَنكِحَ َزوْجاً َ‬ ‫حلُ لَهُ مِن بَ ْعدُ َ‬ ‫ج ُهنَ}(‪ )4‬وقوله تعالى { َفإِن طَلَقَهَا َفالَ تَ ِ‬ ‫حنَ أَ ْزوَا َ‬
‫إلى المرأة في قوله‪َ { :‬فالَ تَ ْعضُلُو ُهنَ أَن يَنكِ ْ‬
‫من باب المجاز ألن المرأة هي المعقود عليها ال أنها هي العاقدة ولم يحديث أن امرأة عقدت بنفسها وال بغيرها في أيام النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ألن عقد النكاح من حق األولياء من الذكور كما في حديث (ال نِكَاحَ إِلَا ِبوَلِيٍ) وقد سبق القول بأنه دليل على اشتراط الولي‬
‫لصحة عقد النكاح الشرعي الذي يترتب عليه حل استمتاع كل من الزوجين باآلخر‪ ،‬ومما يؤكد اشتراط الولي في صحة عقد النكاح قوله‬
‫حتَى ُيؤْ ِمنُواْ}(‪ )7‬ألن‬ ‫ج ُهنَ}(‪ )6‬وقوله تعالى {وَالَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ َ‬ ‫تعالى {وَِإذَا طَلَ ْقتُمُ النِسَاء فَبَلَغْنَ أَجََل ُهنَ َفالَ تَعْضُلُو ُهنَ أَن يَنكِحْنَ أَ ْزوَا َ‬
‫الخطاب في اآليتين لألولياء الذين جعل اهلل لهم حق الوالية في العقد بالمرأة لكون الولي هو األعرف بمصلحة المرأة وهو األرأف‬
‫واألرحم بالمرأة واألحرص على مصلحتها وهو األقدر على اختيار الزوج الذي يعين المرأة على أمور دينها ودنياها‪.‬‬

‫ويل املرأة الشرعي‬


‫ولي المرأة الشرعي هو أقرب الذكور من العصبات إليها األب فإن فقد فالجد فإن فقد فاالبن فاألخ الشقيق فإن فقد فاألخ ألب فابن األخ‬
‫الشقيق فابن األخ ألب فإن لم يوجدوا جميعا فالعم الشقيق فالعم ألب فابن العم الشقيق فابن العم ألب فإن فقدوا جميعا فتنتقل والية المرأة‬
‫إلى القاضي الشرعي المولى في المنطقة ألن القاضي نائب عن السلطان الشرعي (رئيس دولة أو ملك أو أمير أو سلطان أو نحوه)‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكح‪ :‬باب في الولي‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2055‬بلفط (عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا نِكَاحَ إِلَا بِوَلِي) صححه األلباني‬
‫في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في أول مسند الكوفيين‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الولي‪ :‬األب ومن يقوم مقامه في التزويج‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ت بِغَيْ ِر إِذْنِ‬
‫ن عَائِشَةَ‪ ،‬أَنَ رَسُو َل اللَهِ صَلَ ى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم قَالَ‪ :‬أَيُمَا امْرَأَ ٍة نَكَحَ ْ‬ ‫‪ -‬سننن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب النكاح إال بولي‪ .‬حديث رقم (‪ )1102‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ي لَهُ) صححه األلباني في‬ ‫ن وَلِيُ مَنْ لَا وَلِ َ‬ ‫ن اشْتَجَرُوا فَالسُلْطَا ُ‬ ‫ن فَرْجِهَا‪ ،‬فَإِ ْ‬
‫وَلِيِهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ‪ ،‬فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ‪ ،‬فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ‪ ،‬فَإِنْ دَخَ َل بِهَا فَلَهَا الْمَهْ ُر بِمَا اسْتَحَلَ مِ ْ‬
‫صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب في الولي‪ .‬حديث رقم (‪ )2056‬بلفظ (عَنْ أُمِ حَبِيبَةَ أَنَهَا كَانَتْ عِنْدَ ابْنِ جَحْشٍ فَهَلَكَ عَنْهَا‪ ،‬وَكَانَ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ‬
‫الْحَبَشَةِ‪ ،‬فَزَوَجَهَا النَجَاشِيُ رَسُو َل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهِيَ عِنْدَهُمْ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في النكاح‪ .‬وأحمد ومن مسند القبائل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة (‪.)232‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة (‪.)230‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)232( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)221( :‬‬
‫‪515‬‬
‫وتصح وكالة الولي الشرعي في عقد النكاح فيصح عقد النكاح سواء كان العاقد بالمرأة الولي الشرعي أو من يوكله الولي الشرعي من‬
‫الذكور‪.‬‬

‫صفات الويل الشرعي‬


‫صفات الولي الشرعي هي اإلسالم والبلوع والذكورة‪ ،‬هذه هي الصفات المعتبرة في الولي الشرعي في عقد النكاح‪ ،‬فال يصح عقد الكافر‬
‫ألنه ال والية لكافر على مسلم وال مسلمة لقوله تعالى {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ سَبِيالً}(‪ )1‬وال يصح عقد الصبي بالمرأة في‬
‫عقد الزواج ألن الصبي ال والية له على نفسه وباألولى ال والية له على غيره‪ ،‬وال يصح عقد المرأة بالمرأة في عقد النكاح ألن المرأة ال‬
‫طّلٌ‪َ ،‬فنِكَاحُهَا‬ ‫والية لها على نفسها وباألولى ال والية لها على غيرها في عقد النكاح لحديث (َأيُمَا امْرََأةٍ نَكَحَتْ بِ َغيْرِ ِإ ْذنِ وَلِ ِيهَا َفنِكَا ُ‬
‫حهَا بَا ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫شتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُ مَنْ لَا وَلِيَ لَهُ) وهو دليل على‬ ‫جهَا‪ ،‬فَِإنْ ا ْ‬
‫حّلَ ِمنْ فَرْ ِ‬
‫ستَ َ‬ ‫طّلٌ‪ ،‬فَِإنْ دَ َ‬
‫خّلَ ِبهَا فََّلهَا الْ َمهْرُ بِمَا ا ْ‬ ‫طّلٌ‪َ ،‬فنِكَاحُهَا بَا ِ‬
‫بَا ِ‬
‫بطالن عقد المرأة بنفسها في عقد النكاح وباألولى بطالن عقدها بغيرها من النساء في عقد النكاح‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن العبد ال والية له على‬
‫نفسه وباألولى ال والية له على غيره سواء كانوا أبناءه أو بناته أو غيرهم ويعقد بابنة العبد سيدها‪ ،‬الراجح‪ :‬أن الفاسق ال تبطل واليته‬
‫ألنه لم يرد دليل صحيح في عدم صحة عقده بمن هو ولي عليها من النساء‪ ،‬وألنه ال تشترط العدالة في الولي الذي يعقد بمن هو مولى‬
‫عليها في صحة عقد النكاح والعدالة ال تشترط إال في الشهود وال تشترط في األولياء ألنه قد ال يوجد للمرأة إال ولي واحد وال يوجد لها‬
‫ولي غيره بخالف الشهود فمن يصلح لحمل الشهادة على عقد النكاح كثيرون‪ ،‬وأما الرشد في المال فال يشترط في ولي المرأة لعدم وجود‬
‫دليل صحيح صريح يدل على اشتراط الرشد المالي في صحة عقد الولي الذي يعقد بالمرأة في عقد النكاح‪ ،‬وإن كان الرشد المالي مطلوب‬
‫اإلسالم في كل مسلم يتولى عمال ماليا يقوم به‪.‬‬

‫صنفا الوالية يف عقد النكاح‬


‫الوالية في عقد النكاح صنفان‪:‬‬

‫الصنف األول‪ :‬صنف والية النسب وهي األبوة ويدخل فيها األب والجد والبنوة ويدخل فيها االبن وابن االبن واألخوة ويدخل فيها األخ‬
‫الشقيق واألخ ألب وابن األخ الشقيق وابن األخ ألب والعمومة ويدخل فيها العم الشقيق والعم ألب وابن العم الشقيق وابن العم ألب‬
‫وترتيب الوالية على المرأة في عقد النكاح هي األقرب عصبة للمرأة فجهة األبوة األب فالجد بعدها جهة البنوة االبن فابن االبن ثم جهة‬
‫األخوة األخ الشقيق فاألخ ألب ثم ابن األخ الشقيق فابن األخ ألب ثم جهة العمومة العم الشقيق فالعم ألب ثم ابن العم الشقيق وابن العم‬
‫ألب‪.‬‬

‫الصنف الثاني‪ :‬صنف والية السلطان والسلطان الذي يتولى أمور المسلمين أو أمور بعض من المسلمين يسمى (إماماً أو رئيس دوله أو‬
‫ملكاً أو أميراً أو سلطانًا) وورد في األحاديث اسم إمام واسم سلطان ولم يرد في األحاديث اسم ملك‪ ،‬وال يجوز لشخص أن يسمي أو يطلق‬
‫على نفسه أو يطلق عليه غيره (الشاهنشاه) ألن هذا اللفظ معناه ملك الملوك وال يجوز أن يدعى مخلوق بملك الملوك ألن ملك الملوك هو‬
‫اهلل جل وعال‪ ،‬ونائب السلطان في كل منطقة من بالد المسلمين هو القاضي الشرعي فيها والية النسب ووالية السلطان هما صنفا الوالية‬
‫في عقد النكاح في بالد المسلمين‪ ،‬ويضاف إليهما مولى العبد والمولى هو ولي ابنة العبد أو من كانت واليتها إلى العبد سواء كانت بنتاً أو‬
‫بنت ابن أو أماً أو أختاً للعبد فوالية عقد نكاحها إلى سيد العبد ألن العبد ال والية له على نفسه وباألولى ال والية له على غيره‪.‬‬

‫والية عقد املرأة التي اسلمت يف بالد غري املسلمني‬


‫المرأة التي أ سلمت في بالد غير المسلمين ويتقدم لخطبتها خاطب ترضى دينه وخلقه وتريد الزواج به يكون وليها الشرعي الذي يعقد بها‬
‫للشخ ص الذي ترضاه زوجا لها هو أحد المسلمين في بلدها ممن تثق في دينه وتقواه وإذا وُجِد عالم من علماء المسلمين أو رئيس مركز‬
‫إ سالمي أو إمام جامع أو خطيب جامع من الجوامع التي في بلدها فهو األولى بأن يعقد بها‪ ،‬وإن لم يوجد في بلدها عالم من علماء‬
‫المسلمين وال إمام مركز إ سالمي وال إمام جامع أو خطيب جامع فيصح أن يعقد بها أي مسلم في بلدها لرباط اإلسالم الذي بينهما‪ ،‬ألن‬
‫المسلم هو ولي المسلمة حيث ال والية لكافر عليها‪ ،‬وإذا وجد مسلم من قرابتها ولو لم يكن أباها أو أخاها وهو من عصبتها فهو وليها‬
‫الشرعي وهو األولى بالعقد بها الرتباطها به برابطين برباط اإلسالم وبرباط القرابة النسبية‪ ،‬والمسلم ولي المرأة المسلمة في البالد غير‬
‫اإلسالمية ألنه ال يوجد سلطان مسلم وال نائب سلطان مسلم حيث ال رئيس دولة مسلم وال قاض مسلم‪.‬‬

‫والية الوصي يف عقد النكاح‬


‫الصحيح‪ :‬أن الوصي ال والية له في عقد النكاح إال أن يكون هو الولي الشرعي من جهة النسب أو السلطان‪ ،‬وال دخل للوصي بصفة‬
‫الوصية في والية عقد النكاح‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)141( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)1102‬‬
‫‪516‬‬
‫عقد الويل األبعد مع حضور األقرب‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال يصح عقد الولي األبعد (كاأل ) مع حضور األقرب (األب) مثال أو األخ ألب مع حضور األخ الشقيق أو ابن األخ الشقيق‬
‫مع حضور األخ الشقيق أو األخ ألب إال بوكالة من الولي الشرعي األقرب وإال فالعقد غير صحيح حتى ولو كانت المرأة راضية بالمتقدم‬
‫للزواج بها ألن العبرة بالرضا مع كون العاقد أقرب األولياء إليها‪ ،‬إال إذا عضل الولي األقرب فتنتقل الوالية إلى الولي الذي بعده‪ ،‬أما إذا‬
‫لم يعضل فال يصح عقد زواج غير الولي األقرب‪ ،‬وللولي األقرب أن يجيز عقد نكاح الولي األبعد ويصير العقد بإجازة الولي األقرب‬
‫صحيحا وله أن يفسخ عقد نكاح الولي األبعد ألن ترتيب الوالية في عقد النكاح حق هلل تعالى وهو حكم شرعي وهو حق من حقوق الولي‬
‫األقرب‪.‬‬

‫غياب الويل األقرب‬


‫الراجح‪ :‬أن الولي األقرب إذا غاب غيبة جُهِ ل فيها حاله ومكانه تنتقل الوالية على المرأة في عقد النكاح منه إلى الولي الذي بعده لكي ال‬
‫تتضرر المرأة من غيبته وتُحرم من الزواج ولكن اآلن في هذا العصر نتيجة لسهولة المواصالت واالتصاالت صار من السهل التعرف‬
‫ع لى الغائب ويسهل على القاضي أن يطلب من الولي الغائب حضوره للعقد أو إرسال وكالة معمدة من محكمة في البلد الذي هو مقيم فيه‬
‫لمن يعقد بالمرأة بالوكالة عنه أو معمدة من السفارة أو القنصلية التابعة لبلده أو يطلب القاضي شهادة تثبت تمرد الولي األقرب وعضله‬
‫عن تزويج المرأة بمن هو مرضي السيرة ويُرتضى دينه وخلقه والمرأة راضية بالزواج به فيحكم بعضل الولي األقرب وينقل الوالية إلى‬
‫ولي أبعد منه وال يصح أن تنتقل الوالية إلى السلطان مع وجود الولي األبعد ألن الولي األبعد أقدم من السلطان‪ ،‬وفي حالة إذا غاب الولي‬
‫األقرب أو جُهِل مكانه فيجوز نقل الوالية إلى غيره من األولياء وال فرق بين كون المرأة صغيرة أو كبيرة‪.‬‬

‫املرأة التي عقد بها وليان‬


‫المرأة التي يعقد بها وليان هما في درجة واحدة من القرابة كأن يكونا أخوين شقيقين فالراجح‪ :‬أنها لألول منهما سواء دخل بها الثاني أم لم‬
‫يدخل بها ألنه بم جرد العقد بها لألول صارت زوجة له تحرم على غيره وعقد الثاني على امرأة متزوجة يكون عقداً باطالً النعقاده على‬
‫صنَاتُ ِمنَ النِسَاء}(‪ )1‬أما إذا لم يُعلم األول من‬
‫ح َ‬
‫امرأة متزوجة في عقد نكاح صحيح لقوله تعالى في سياق المحرمات من النساء {وَالْمُ ْ‬
‫المعقود لهما فإن المرأة تخير بينهما فمن اختارته منهما يكون هو الزوج‪.‬‬

‫عضل الويل أو األولياء‬


‫عضل الولي هو عرقلة الزواج بعدم العقد بالمرأة لمن يتقدم لخطبتها وهو ذو دين وخلق‪.‬‬

‫الويل العاضل‬
‫الولي العاضل الذي يجب على القاضي الشرعي أن ينقل والية المرأة منه إلى غيره من األولياء بسبب عضله هو الذي يمتنع عن تزويج‬
‫المرأة عند أن يتقدم لخطبتها من ترضى المرأة دينه وخلقه وترضى به زوجا لها‪ ،‬وعضل الولي حرام لقوله تعالى {وَِإذَا طَلَ ْقتُمُ النِسَاء‬
‫ضوْاْ بَ ْينَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَِلكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ ُيؤْ ِمنُ بِاللّهِ وَا ْل َيوْمِ اآلخِرِ ذَلِكُمْ‬
‫ج ُهنَ ِإذَا تَرَا َ‬
‫حنَ أَ ْزوَا َ‬
‫َفبَلَ ْغنَ أَجََل ُهنَ َفالَ تَعْضُلُو ُهنَ أَن يَنكِ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫طهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ الَ تَعْلَمُونَ} ويجوز للمرأة التي يعضلها وليها أو أولياؤها أن تشكو إلى القاضي الشرعي المولى في‬ ‫أَزْكَى لَكُمْ وَأَ ْ‬
‫المنطقة التي تسكنها وهو يقوم بإجبار الولي على تزويجها وإن امتنع الولي عن العقد بها يأمر غيره من األولياء بتزويجها فإن امتنع‬
‫األولياء جميعا فيقوم هو بتزويجها ألن (السُّلْطَانُ وَلِيُ َمنْ لَا وَلِيَ لَهُ)(‪ )3‬والولي العاضل وجوده وعدمه على السواء وكأن المرأة ال وليا‬
‫لها فتنتقل واليتها إلى القاضي الشرعي الذي هو نائب السلطان في والية التزويج‪.‬‬

‫الكفاءة املعتربة يف الزواج‬


‫الراجح‪ :‬أن الكفاءة المعتبرة في الزواج هي الكفاءة في الدين لحديث (ِإذَا خَطَبَ إَِليْكُمْ َمنْ تَ ْر َ‬
‫ض ْونَ دِينَهُ وَخُّلُقَهُ فَ َزوِجُوهُ إِلَا تَفْعَّلُوا تَ ُكنْ ِف ْتنَةٌ‬
‫(‪)4‬‬
‫فِي الْأَ ْرضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)‬

‫ولقوله تعالى {يَا َأ ُيهَا النَاسُ إِنَا خَلَ ْقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَ ْلنَاكُمْ شُعُوبًا وَ َقبَا ِئلَ ِلتَعَارَفُوا ِإنَ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَهِ َأتْقَاكُمْ ِإنَ اللَهَ عَلِي ٌم‬
‫خبِيرٌ}(‪ )5‬فالواجب على المرأة وأوليائها التحقق من صفتي الخلق والدين في من يتقدم لخطبة المرأة‪ ،‬ويجوز للمرأة إذا تقدم لخطبتها رجل‬ ‫َ‬
‫فاسق وهي متدينة أن تمتنع من الزواج به حتى لو عقد بها وليها بفاسق فيجوز لها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي ليفسخ عقد نكاحها‬
‫بعدم الكفاءة في الدين أو تخالعه‪ ،‬وللولي أن يمتنع من تزويج من هي تحت واليته برجل فاسق ألن تزويج الرجل الفاسق ظلم للمرأة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)24( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)232( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)1102‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه‪ .‬حدييث رقم (‪ ) 1054‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ن فِتْنَ ٌة فِي الْأَ ْرضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) حسنه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن دِينَ ُه وَخُلُقَهُ فَزَوِجُو ُه إِلَا تَفْعَلُوا تَكُ ْ‬
‫ن تَرْضَوْ َ‬
‫ب إِلَيْكُ ْم مَ ْ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم إِذَا خَطَ َ‬
‫أخرجه ابن ماجة في النكاح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الحجرات‪.)13( :‬‬
‫‪517‬‬
‫وغضاضة في حق الولي‪ ،‬وأما اعتبار النسب في كفاءة الزواج فال دليل عليه ألنه ال فرق بين عربي وغير عربي وال بين قرشي وغير‬
‫قرشي وال بين هاشمي وغير هاشمي لقوله تعالى {إِنَ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَهِ َأتْقَاكُمْ}ولحديث ِ(ذَا خَطَبَ إَِليْكُمْ َمنْ تَ ْر َ‬
‫ض ْونَ دِينَهُ وَخُّلُقَهُ فَ َزوِجُوهُ‬
‫سبِهَا وَجَمَاِلهَا وَِلدِينِهَا‪ ،‬فَاظْفَرْ ِبذَاتِ الدِينِ تَ ِربَتْ‬‫إِلَا تَفْعَّلُوا تَ ُكنْ ِف ْتنَةٌ فِي الْأَ ْرضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) ولحديث ( ُتنْكَحُ الْمَرَْأةُ لِأَ ْربَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَ َ‬
‫َيدَاكَ)(‪ )1‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم حث على تفضيل ذات الدين على ذات المال أو الحسب أو النسب ألن الدين هو المعنى الذي يجب‬
‫اعتباره ومراعاته في الكفاءة في عقد النكاح ألن تحقق وصف الدين والخلق في الزوجين هو الذي يحقق لهما السعادة الزوجية والعشرة‬
‫الحسنة بين الزوجين وإليثار وصف الدين على وصف الحسب والنسب واهدارهما في باب الكفاءة في الزواج زوج النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم زيد بن حارثة زينب بنت جحش وهو مولى وهي عربية قرشية‪.‬‬

‫املهر ليس من الكفاءة‬


‫الصحيح‪ :‬أن المهر ليس داخال في كفاءة الزواج وأكثر النساء بركة أقلهن مؤنة ويجوز للولي أن يزوج من تحت واليته بمهر قليل مثل‬
‫زواج التابعي الجليل (سعيد بن المسيب) ابنته من تلميذه ابن أبي وداعة بمهر قليل‪ ،‬وال يجوز لولي المرأة أن يأخذ من صداق ابنته شيئا‬
‫إال برضى من نفسها لكن يجوز للولي أن يتنازل عن شيء من مهر المرأة إذا كان في التنازل تحقيق مصلحة للمرأة كأن كان الزوج‬
‫صالحا وهو فقير ومصلحة البنت في الزواج به وتيسير الزواج له‪ ،‬وبشرط أن يكون التنازل برضى المرأة وال يجوز له أن يجبرها على‬
‫التنازل جبراَ‪.‬‬

‫صحة تويل طريف العقد شخص واحد‬


‫يصح أن يتولى طرفي عقد النكاح شخص واحد إذا كان هو الولي وهو المتزوج بها فيعقد بها لنفسه وذلك كأن تكون لشخص ابنة عم قد‬
‫مات أبوها وال وليا لها سواه فيرغب بالزواج منها فيقعد بها لنفسه‪ ،‬وكذا إذا كانت والية القاضي على امرأة فيرغب أن يتزوج بها فيعقد‬
‫بها لنفسه فيقول كل منهما‪ :‬زوجت نفسي بفالنة وقبلت عقد النكاح لنفسي‪ ،‬الدليل على هذا زواج النبي صلى اهلل عليه وسلم بأم المؤمنين‬
‫صفية رضي اهلل عنها حيث كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هو العاقد بها وهو القابل لعقد النكاح لنفسه وهو المعتق لها من الرق‬
‫صدَاقَهَا)(‪ )2‬الحديث دليل على جواز أن يتولى طرفي عقد النكاح‬ ‫ع َتقَ صَ ِفيَةَ‪ ،‬وَجَ َعّلَ ِ‬
‫عتْ َقهَا َ‬ ‫لحديث (َأنَ رَسُولَ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َأ ْ‬
‫شخص واحد يكون هو العاقد بالمرأة وهو القابل لعقد النكاح لنفسه‪ ،‬وفيه دليل على جواز جعل عتق األمة صداقها في زواجها من المعتِق‬
‫لها‪.‬‬

‫صحة الوكالة يف قبول عقد النكاح‬


‫يجوز للرجل أن يوكل من يقبل عقد النكاح عنه كأن يوكل الولد أباه أو أخاه أو غيرهما في قبول عقد النكاح لموكله لجواز التوكيل في عقد‬
‫النكاح وفي قبول عقد النكاح وفي كثير من المعامالت الشرعية‪.‬‬

‫ال يصح عقد النكاح بالتلفون‬


‫ال يصح عقد النكاح بالتلفون إذا كان طرفا العقد في بلدين مختلفين ألن العقد يحتاج إلى شاهدين وألن األصوات تُقلد وتتشابه لكن يصح‬
‫العقد بالوكالة إذا كان العاقد والمعقود له في زمان واحد وبلد واحد‪.‬‬

‫كتابة عقد النكاح يف احملكمة‬


‫ك تابة عقد النكاح عند القاضي الشرعي ليست بواجبة وليست بشرط من شروط صحة عقد النكاح وإنما هي للتوثيق وللتثبت‪ ،‬والمهم من‬
‫الناحية الشرعية هو وجود األقرب من األولياء ووجود الشاهدين وتعيين المرأة باالسم أو الصفة أو اإلضافة ورضا المرأة المعقود بها‪،‬‬
‫أما كونه يكتب عن د القاضي أو في المحكمة فليس بشرط وإنما هو عمل للتوثيق فقط وهو عمل جيد وحسن إذا طبق في جميع المحافظات‪.‬‬

‫اشرتاط إذن املرأة الثيب لصحة عقد نكاحها‬


‫يشترط إذن المرأة لوليها ال وكالتها له لصحة عقد نكاحها ليعقد بها أو إجازتها لعقد وليها بها عقد زواج شرعي فإذا عقد بها بدون إذنها‬
‫وبدون إجازتها لعقد وليها بها فالعقد غير صحيح‪ ،‬وإذن البكر يكون بالقرائن‪ ،‬وزفاف المرأة يعتبر رضاً منها بالزواج اللهم إال إذا كانت‬
‫صغيرة وبلغت بعد الزواج فلها الفسخ عند القاضي الشرعي المولي في المنطقة سواء كان المزوج للمرأة هو أبوها أو غيره من األولياء‬
‫وسواء كان البلوغ ببلوغ سن خمسة عشر سنة أو باالحتالم أو باإلنبات أو بالنفاس أو الحبل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب باب األكفاء في الدين حديث رقم (‪ ) 5010‬بلفظ (عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ت يَدَااَ)‬
‫ن تَرِبَ ْ‬
‫ح الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا‪ ،‬فَاظْفَ ْر بِذَاتِ الدِي ِ‬
‫تُنْكَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬تربت يداا‪ :‬دعاء بالفوز والفالح‪ ،‬وقد يطلق على التأنيب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب من جعل عتق األمة صداقها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5056‬بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَعْتَقَ‬
‫صَفِيَةَ‪ ،‬وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا)‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الجامع‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬الصالة‪ ،‬األذآن‪.‬‬
‫‪518‬‬
‫وضع العاقد باملرأة يف يد املعقود له عادة وليست بشريعة‬
‫وضع يد العاقد بالمرأة في يد المعقود له حين العقد هي عادة وليست بشرط وال واجب وال مستحب في عقد النكاح ألن العقد يصح بالتلفظ‬
‫باإليجاب والقبول بحضور الشاهدين‪ ،‬ووضع يد العاقد في يد المعقود له ليس بأمر مشروع وإنما هو من جملة األعراف والعادات التي‬
‫اعتادها الناس وتوارثوها جيال بعد جيل‪.‬‬

‫زواج الصبي‬
‫الصبي ال يصح عقده وال طالقه وإنما يزوجه وليه ويطلق عنه وليه إن رأى الولي في زواج الصبي أو طالقه مصلحة للصبي في الزواج‬
‫أوالطالق وهو مذهب الجمهور‪ ،‬ومذهب ابن حزم والعالمة (محمد بن اسماعيل األمير) وهو اختيار المحكمة العليا في الجمهورية اليمنية‬
‫أن زواج الصبي ال يصح ألنه ال مصلحة له في الزواج ما دام صبيا‪.‬‬

‫إذا تعدد األولياء من درجة واحده فاألوىل تقديم األكرب‬


‫إذا كان مع المرأة عدد من األولياء في درجة واحدة بأن كانوا إخوة أشقاء أو كانوا أخوة ألب أو كانوا أبناء أخوة أشقاء أو أبناء أخوة ألب‬
‫أو كانوا أعماما أشقاء أوأعماما ألب فمن حيث الشريعة فالوالية ألي واحد منهم ما داموا في درجة واحدة ومرتبة واحدة‪ ،‬ومن باب‬
‫االحترام و األدب ينبغي أن يقدم األكبر منهم‪ ،‬وأما إذا اختلفوا في درجة القرابة بأن كان لها أخ شقيق وأخ ألب فالوالية لألخ الشقيق وإن‬
‫كان هو األصغر‪.‬‬

‫‪519‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الشهود يف عقد النكاح‬

‫الشهود في عقد النكاح‬ ‫‪‬‬


‫وصية الشاهدين بكتمان عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫إعالن النكاح‬ ‫‪‬‬
‫الواجب إسماع الشاهدين اإليجاب والقبول‬ ‫‪‬‬
‫الرضا شرط لصحة عقد النكاح‬ ‫‪‬‬

‫‪521‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الشهود في عقد النكاح‬

‫الشهود يف عقد النكاح‬

‫(‪)1‬‬
‫ع ْدلٍ مِنكُمْ}‬
‫ش ِهدُوا َذوَيْ َ‬
‫الصحيح‪ :‬أن حضور الشاهدين أو حضور رجل وامرأتين عقد النكاح شرط لصحة عقد النكاح لقوله تعالى {وَأَ ْ‬
‫ولحديث (ال نكاح إال بولي وشاهدي عدل) الحديث صححه األلباني في صحيح الجامع الصغير برقم (‪ )7557‬واآلية والحديث يدالن على‬
‫أن اإلشهاد على عقد النكاح شرط لصحة عقد النكاح وأن عقد النكاح بدون اشهاد عليه باطل ألن صيغة النفي في الحديث (ال نكاح إال‬
‫بولي وشاهدي عدل ) تفيد نفي ذات النكاح وإذا تعذر نفي الذات فيحمل النفي على أقرب المجازين وهو نفي الصحة أي ال نكاحا صحيحا‬
‫إال بولي وشاهدي عدل ونفي الصحة يستلزم نفي الشرعية ويكون معنى الحديث ال نكاحا شرعيا إال بولي وشاهدي عدل‪ ،‬والنكاح الذي‬
‫يكون بدون شاهدي عدل نكاح غير شرعي والنكاح غير الشرعي هو النكاح الباطل الذي وجوده وعدمه على السواء لمخالفته األمر‬
‫الشرعي في عقد النكاح‪.‬‬

‫وصية الشاهدين بكتمان عقد النكاح‬


‫الظاهر أن وصية الشاهدين بكتمان عقد النكاح أمر مخالف لألمر الشرعي بإعالن النكاح في حديث ( َف ْ‬
‫صّلُ مَا َب ْينَ الْحَرَامِ وَالْحَّلَالِ الدُفُ‬
‫صوْتُ)(‪ )2‬الحديث يدل على مشروعية إعالن النكاح ونشر خبره بإقامة حفلة اعالن العرس ليعلم الناس أن العالقة بين الرجل والمرأة‬ ‫وَال َ‬
‫عالقة زواج شرعي وليست عالقة محرمة وكتمان الزواج وعدم إعالنه بإقامة حفلة إعالن الزواج يجعل العالقة بين الرجل والمرأة محل‬
‫شك وريبة من المجتمع الذي يعيشان فيه‪.‬‬

‫إعالن النكاح‬
‫يشرع إعالن النكاح بإقامة حفلة إ عالن النكاح لكي يعلم أهل المكان الذي يعيش فيه الرجل والمرأة أن العالقة الناشئة بينهما هي عالقة‬
‫صوْتُ) ولحديث (جَاءَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ‬ ‫زواج شرعي وليست عالقة سفاح محرم‪ ،‬لحديث ( َفصّْلُ مَا َبيْنَ الْحَرَامِ وَالْحَّلَالِ الدُفُ وَال َ‬
‫سكَ ِمنِي‪ ،‬وَ ُ‬
‫ج َويْ ِريَاتٌ َلنَا َيضْ ِر ْبنَ ِبدُفُوفِ ِهنَ َو َي ْن ُد ْبنَ َمنْ ُق ِتّلَ ِمنْ آبَائِي َيوْمَ َبدْرٍ إِلَى‬ ‫غدَاةَ ُبنِيَ بِي فَجَّلَسَ عَّلَى فِرَاشِي كَمَجّْلِ ِ‬ ‫خّلَ عَّلَيَ َ‬
‫وَسَّلَمَ فَدَ َ‬
‫عنْ َه ِذهِ وَقُولِي اَلذِي ُكنْتِ تَقُولِينَ َقبّْلَهَا)‬ ‫غدٍ‪ ،‬فَقَالَ َلهَا رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عَ َّليْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬اسْ ُكتِي َ‬
‫حدَا ُهنَ‪ :‬وَفِينَا َنبِيٌ يَعّْلَمُ مَا فِي َ‬
‫َأنْ قَالَتْ إِ ْ‬
‫(‪ )3‬فيه داللة على مشروعية إعالن النكاح بإقامة حفلة إعالن النكاح وعلى جواز ضرب الدفوف واإلنشاد بالعبارات التي ال تثير والتهيج‬
‫الشهوات والتي ليس فيها تغزل بالنساء أو تصوير لجمال المرأة أو وصف لبعض أجزاء من جسمها أو حركاتها بغية إثارة الشهوات‬
‫وتزيين لل عالقات المحرمة بين الرجل والمرأة‪ ،‬واألصل في الزواج إعالنه بإقامة حفلة اإلعالن التي يجب خلوها من المحرمات الشرعية‬
‫التي بدأت تظهر في بعض حفالت األعراس كالغنى الماجن الذي يصف المرأة وجمالها ومحاسنها ويصف بعض أجزاء من جسمها‬
‫وزينتها والمثير للحب والغرام والمزين والداعي إلنشاء عالقات محرمة بين الرجل و المرأة وكإسماع صوت آالت الطرب من المزامير‬
‫والعود واآلالت الموسيقية ونحوها من المثيرات للشهوة الجنسية وتزيين العالقات المشبوهة بين الرجال والنساء‪ ،‬وأماحديث (اعلنوا هذا‬
‫النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف) فقد ضعفه األلباني في ضعيف الترمذي برقم (‪.)3189‬‬

‫الواجب إمساع الشاهدين اإلجياب والقبول‬


‫لكي يكون عقد النكاح صحيحاً ال بد من إ سماع الشاهدين اإليجاب والقبول الصادرين من العاقد والمعقود له في مجلس العقد‪ ،‬أما إذا لم‬
‫يسمع الشاهدان اإليجاب الصادر من العاقد والقبول الصادر من المعقود له فال يصدق عليهما أنهما شاهدان وإذا لم يصدق عليهما اسم‬
‫الشاهدين فالعقد يكون باطال ألن اإلشهاد عليه شرط في صحته‪.‬‬

‫الرضا شرط لصحة عقد النكاح‬


‫ال يصح عقد النكاح إال بعد التحقق من رضا المرأة ورضا الثيب التلفظ بالموافقة ورضا البكر السكوت فإذا تيقن العاقد من الرضا عقد‬
‫بالمرأة للخاطب الذي يشترط رضاه بالمرأة المخطوبة ولتحقيق رضا الرجل الخاطب يشترط معرفته بالمرأة وتعيينها سواء باالسم أو‬
‫بالصفة إذا كان لألب أكثر من بنت وإذا لم تعين ال باالسم وال بالصفة ولم تكن معلومة للمعقود له فالعقد باطل لجهالة المرأة المعقود بها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الطالق‪.)2( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ماجاء في إعالن النكاح‪ .‬حديث رقم (‪ )1055‬بلفظ (عَنْ مُحَمَدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ف وَالصَوْتُ) حسنه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ن الْحَرَا ِم وَالْحَلَا ِل الدُ ُ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬فَصْلُ مَا بَيْ َ‬
‫أخرجه أبوداود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬ك تاب النكاح‪ :‬باب ما جاء في إعالن النكاح‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1010‬بلفظ (عَنْ الرُبَيِعِ بِنْتِ مُعَوِذٍ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬جَاءَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ي‬
‫فَدَخَلَ عَلَيَ غَدَاةَ بُنِيَ بِي فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِي‪ ،‬وَجُوَيْرِيَ اتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِدُفُوفِهِنَ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى أَنْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَ‪ :‬وَفِينَا نَبِ ٌ‬
‫ن قَبْلَهَا) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت تَقُولِي َ‬ ‫يَعْلَ ُم مَا فِي غَدٍ‪ ،‬فَقَالَ لَهَا رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬اسْكُتِي عَنْ هَذِ ِه وَقُولِي الَذِي كُنْ ِ‬
‫أخرجه البخاري في النكاح‪ ،‬وأبو داود في األدب‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪.‬‬
‫الندبة‪ :‬ذكر محاسن الميت والثناء عليه‪.‬‬ ‫البناء‪ :‬الدخول بالزوجة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الغداة‪ :‬الصبح‪.‬‬
‫‪521‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الصـــــــــــداق‬

‫‪ ‬المبحث األول ‪ :‬أحكـــــام الصداق‬


‫‪ ‬المبحث الثاني ‪ :‬األصدقة الفاســـدة‬

‫‪522‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬أحكـــــام الصداق‬

‫الصـــــــــــداق‬ ‫‪‬‬
‫حكم الصـــــــداق‬ ‫‪‬‬
‫قـــــــــدر المهــــــر‬ ‫‪‬‬
‫المهــــــر تعليـــــم القرآن أو منفعة‬ ‫‪‬‬
‫جنـــــــــــــــس المهــــــــــــــر‬ ‫‪‬‬
‫مهر المثل لمن لم يسم لها صداقًا حين العقد‬ ‫‪‬‬
‫استحقاق المرأة المهر كله بالدخول أو الموت‬ ‫‪‬‬
‫الخلوة الشرعية بين الزوج والزوجة‬ ‫‪‬‬
‫استحقاق الزوجة نصف المهر‬ ‫‪‬‬
‫ملك الزوجة للمهر‬ ‫‪‬‬
‫الزوج هو الذي بيده عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫مهر نكاح التفويض‬ ‫‪‬‬
‫خالصة استحقاق المطلقة للمهر‬ ‫‪‬‬
‫المهر لمن مات زوجها قبل الدخول بها‬ ‫‪‬‬

‫‪523‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الصـــــــــــداق‬

‫املبحث األول ‪ :‬أحكـــــام الصداق‬


‫الصـــــــــــداق‬
‫الصداق‪ :‬هو العطاء المالي الذي يعطيه الرجل الخاطب للمرأة المخطوبة عند عقد الزواج بينهما‪.‬‬

‫حكم الصـــــــداق‬
‫الراجح‪ :‬أن الصداق (المهر ) واجب مستقل وليس بشرط لصحة عقد النكاح فيصح عقد النكاح حتى ولو لم يسم المهر حين العقد ويعين لها‬
‫مهر مثلها من أخواتها أو قريباتها أو مثل مهر المرأة في المجتمع الذي تعيش فيه‪ ،‬ودليل الوجوب المستقل قوله تعالى {وَآتُواْ النَسَاء‬
‫ن بِالْمَعْرُوفِ}(‪ )2‬في اآليتين دليل واضح على وجوب إعطاء‬ ‫صدُقَا ِتهِنَ نِحْلَةً}(‪ )1‬وقوله تعالى {فَانكِحُو ُهنَ بِِإ ْذنِ أَهِْل ِهنَ وَآتُو ُهنَ أُجُورَ ُه َ‬
‫َ‬
‫المرأة صداقها حين العقد بها‪ ،‬ويستحب أن يكون المهر معجالً ويجوز أن يكون مؤجالً ويجوز تعجيل بعضه وتأجيل البعض اآلخر‪.‬‬

‫قـــــــــدر املهــــــر‬
‫المغاالة في المهر حرام للمفاسد التي تترتب على المغاالة في المهور من تعسير الزواج الذي يسبب إغالق باب إشباع الرغبة الجنسية‬
‫لدى الشباب والشابات عن طريق الزواج الشرعي ويسبب اضطرار الشباب والشابات إلى اشباع رغباتهم الجنسية عن طريق باب‬
‫العالقات المحرمة بين الشباب والشابات الذين تعسر عليهم الزواج الحالل بسبب المغاالة في المهور والمبالغة في تكاليف حفالت الزواج‪،‬‬
‫حدِيدٍ)(‪.)3‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن أقل المهر خاتم من حديد يعطيه الرجل للمرأة لحديث (انّْظُرْ وََلوْ خَاتَمًا ِمنْ َ‬

‫املهــــــر تعليـــــم القرآن أو منفعة‬


‫يصح أن يكون المهر تعليم القرآن للمرأة كله أو بعضا منه ويصح أن يكون مهر المرأة منفعة من المنافع التي تنتفع بها المرأة لحديث‬
‫ظهْرِ قَ ْل ِبكَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اذْهَبْ فَقَدْ‬ ‫عنْ َ‬ ‫عدَهَا قَالَ‪َ :‬أتَقْرَؤُ ُهنَ َ‬‫(مَاذَا مَ َعكَ ِمنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ‪ :‬مَعِي سُو َرةُ َكذَا وَسُو َرةُ َكذَا وَسُو َرةُ َكذَا َ‬
‫مَلَ ْكتُ َكهَا بِمَا مَ َعكَ ِمنْ الْقُرْآنِ) (‪)4‬الحديث يدل على جواز أن يكون مهر المرأة تعليمها القرآن أو بعض سور منه كما يجوز أن يكون المهر‬
‫منفعة ألن التعليم منفعة من المنافع التي تنتفع بها المرأة‪ ،‬الحديث عام يعم كل المسلمين في كل زمان وفي كل مكان ألن كلما حكم به النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم على شخص بشيء فهو عام لكل المسلمين إال أن يرد دليل على الخصوصية وال دليل على تخصيص الرجل بهذا‬
‫الحديث‪ ،‬وأما حديث (من أعطى في صداق امرأة ملئ كفيه سويقا أو تمرا فقد استحل) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود‬
‫برقم (‪ )2331‬وكذا حديث ( ما تحفظ من القرآن قال‪ :‬سورة البقرة أو التي تليها قال‪ :‬فقم فعلمها عشرين آية وهي أمرأتك) فقد ضعفه‬
‫األلباني في ضعيف سنن ابي داود برقم (‪ )2332‬وأما القول بأن أقل المهر قدر ما تقطع به اليد في حد السرقة فقياس بعيد ألن قطع يد‬
‫السارق عقاب على جريمة السرقة وهو حد من حدود اهلل تعالى و الزواج هو عالقة مودة ورحمة بين الزوجين وال تناسب بينهما ألن‬
‫عقوبة الجريمة ال تناسب عالقة الرحمة بين الزوجين‪ ،‬ومن األدلة على أن المهر يصح أن يكون منفعة للزوجة تزوج النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بأم المؤمنين صفيه وجعل صلى اهلل عليه وسلم مهرها عتقها والعتق منفعة من المنافع التي تنتفع بها المرأة لحديث (أن رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم أعتق صفيه وجعل عتقها صداقتها)(‪ )5‬وأما حديث (َأنَ امْرََأةً ِمنْ َبنِي فَزَا َرةَ‪ ،‬تَ َزوَجَتْ عَّلَى نَعْ َّل ْينِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ الّلَهِ‬
‫سكِ وَمَاِلكِ ِبنَعَّْل ْينِ؟ قَالَتْ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَأَجَا َزهُ) فقد ضعفه األلباني في إرواء الغليل برقم (‪.)3926‬‬ ‫صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ ،‬أَ َرضِيتِ ِمنْ نَفْ ِ‬

‫جنـــــــــــــــس املهــــــــــــــر‬
‫يجوز أن يكون مهر الزوجة من كل ما يجوز تملكه ومن كل ما يجوزأن يكون عوضا‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن المهر يجوز أن يكون إجارة ألن‬
‫اإلجارة عبارة عن من فعة وقد تزوج النبي صلى اهلل عليه وسلم أم المؤمنين صفية وجعل عتقها صداقها والعتق منفعة ويقاس على العتق‬
‫حدَى ا ْب َنتَيَ هَا َت ْينِ عَلَى أَن‬
‫حكَ ِإ ْ‬
‫كل منفعة تنتفع بها المرأة وليس الدليل على جواز أن يكون المهر إجارة قو اهلل تعالى {قَالَ ِإنِي أُرِيدُ َأنْ أُنكِ َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)4( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)25( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب فضائل القرآن‪ :‬باب القرآءة عن ظهر غيب‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5057‬بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ‪ ،‬أَنَ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي فَنَّظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَ يْهِ وَسَلَمَ فَصَعَدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَبَهُ ثُمَ طَأْطَأَ رَأْسَهُ‪ ،‬فَلَمَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَهُ لَمْ‬
‫يَ ْقضِ فِيهَا شيئاً جَلَسَتْ‪ ،‬فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِجْنِيهَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬هَلْ عِنْدَاَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ‪ :‬لَا وَاللَهِ يَا رَسُولَ اللَهِ‪،‬‬
‫قَالَ‪ :‬اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَا نّْظُرْ‪ ،‬هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ فَذَهَبَ ثُمَ رَجَعَ فَقَالَ‪ :‬لَا‪ ،‬وَاللَهِ يَا رَسُولَ اللَهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا‪ ،‬قَالَ‪ :‬ا نّْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَهِ‬
‫يَا رَسُولَ اللَهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَ كِنْ هَذَا إِزَارِي‪ ،‬قَالَ سَهْلٌ‪ :‬مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِاَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ‬
‫عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ فَجَلَ سَ الرَجُلُ حَتَى طَالَ مَجْلِسُهُ ثُمَ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مُوَلِيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَلَمَا جَاءَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ن الْقُرْآنِ)‪.‬‬ ‫ك مِ ْ‬‫ب فَقَدْ مَلَكْتُكَهَا بِمَا مَعَ َ‬
‫ن الْقُرْآنِ؟ قَالَ‪ :‬مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَ ُة كَذَا عَ دَهَا قَالَ‪ :‬أَتَقْرَؤُهُنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬قَالَ‪ :‬اذْهَ ْ‬‫ك مِ ْ‬
‫مَاذَا مَعَ َ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في‬
‫النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الوكالة‪ ،‬النكاح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي اهلل عنه برقم (‪.)5057‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس رضي اهلل عنه برقم (‪.)5056‬‬
‫‪524‬‬
‫ستَجِ ُدنِي إِن شَاء اللَهُ ِمنَ الصَالِحِينَ}(‪ )1‬ألن ما تضمنته اآلية‬
‫شقَ عََل ْيكَ َ‬
‫تَأْجُ َرنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَ ِإنْ َأتْمَمْتَ عَشْراً فَ ِمنْ عِن ِداَ وَمَا أُرِيدُ َأنْ أَ ُ‬
‫هو شرع من قبلنا وشرع من قبلنا ليس بشرع لنا ولكن الدليل على جواز أن يكون المهر منفعة هو العمل باألصل واألصل في األشياء‬
‫الجواز واإلباحة والعمل باألصل يغنينا عن الرجوع إلى شرع من قبلنا‪ ،‬واإلجارة مثل البيع إذا كانت معلومة فهي إجارة صحيحة وإن‬
‫كانت مجهولة فهي غير صحيحة وإذا حصل مخالعة من الزوجة التي كان مهرها منفعة فتقدر المنفعة بالنقود وترد للزوج قدر تلك المنفعة‬
‫من النقود‪ ،‬وأما تأجيل المهر فقد سبق القول بجواز تأجيل المهر كله أو بعضه إلى زمن معلوم إذا كانت الزوجة راضية بالتأجيل‪.‬‬
‫ً‬
‫مهر املثل ملن مل يسم هلا صداقا حني العقد‬
‫من عُقِ د بها ولم يسم لها مهر وقت العقد فيجب لها مهرأمثالها من قريباتها أو مثل مهر نساء مجتمعها الذي تعيش فيه لحديث (َلهَا ِم ْثلُ‬
‫صدَاقِ نِسَا ِئهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ َوعََل ْيهَا الْعِ َدةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ)(‪.)2‬‬
‫َ‬

‫استحقاق املرأة املهر كله بالدخول أو املوت‬


‫حدَا ُهنَ‬
‫س ِت ْبدَالَ َزوْجٍ مَكَانَ َزوْجٍ وَآ َت ْيتُمْ إِ ْ‬
‫تستحق المرأة المهر كله إذا دخل بها الزوج أي إذا زفت إلى الزوج لقوله تعالى {وَِإنْ أَرَدتُمُ ا ْ‬
‫خذُونَهُ ُب ْهتَاناً وَِإثْماً ُمبِيناً}(‪ )3‬ووجه الداللة في اآلية أن المرأة استحقت مهرها بدخول الزوج بها وأنه ال‬ ‫خذُواْ ِمنْهُ شَيْئاً أَتَأْ ُ‬
‫قِنطَاراً َفالَ تَأْ ُ‬
‫يجوز للزوج أن يأخذ من صداقها شيئا وكيف يأخذ من صداقها وقد أفضى إليها واتصل بها‪ ،‬وأما وجوب المهر بموت الزوج ولو لم يكن‬
‫قد دخل بالز وجة ألن الموت بمنزلة الدخول تستحق الزوجة به المهر كامال‪ ،‬الدليل قضى النبي صلى اهلل عليه وسلم في بروع بنت واشق‬
‫أن لها المهر كله وأن لها الميراث وأن عليها أن تعتد عدة الوفاه أربعة أشهر وعشرا ألن الموت بمنزله الدخول‪.‬‬

‫اخللوة الشرعية بني الزوج والزوجة‬


‫الخلوة ا لشرعية هي اختالء الزوج بالزوجة في مكان مغلق وبهذه الخلوة تستحق الزوجة المهر كامال ويشترط لصحة الخلوة الشرعية‬
‫خلوها من أي مانع شرعي كأن يكونا محرمين بحج أو عمرة أو أحدهما أو تكون المرأة حائضا أو تكون الخلوة في نهار رمضان بأن‬
‫يكونا صائمين أو يكون أحدهما مريضا مرضا شديدا يسبب امتناع االتصال الجنسي بينهما فإذا خلت الخلوة من هذه الموانع الشرعية التي‬
‫تمنع اال تصال الجنسي بين الزوج وزوجته فهي خلوة شرعية تستوجب الزوجة بموجبها من زوجها المهر المسمى كامالً أو مهر المثل إن‬
‫لم يكن قد سمى لها المهر حين العقد‪ ،‬وأما القول بأن الزوجة ال تستحق المهر كامالً إال بالجماع ال بالخلوة فهو قول ضعيف لصعوبة‬
‫التحقق من وقوع الجماع بين الزوجة وزوجها ألن هذا من األمور الخفية التي يصعب التحقق منها أو إثباتها أمام القضاء الشرعي‪ ،‬وأما‬
‫دخول الزوج على زوجته قبل زفافها إليه كدخول زيارة لمرض أو نحوه فال يسمى دخوال شرعيا بالزوجة تستحق به المهر كامال‪،‬‬
‫ضتُمْ َل ُهنَ فَرِيضَةً فَ ِنصْفُ مَا‬
‫ويرجح تأويل الصحابة بـلفظ (المس) في قوله تعالى {وَإِن طَلَ ْقتُمُو ُهنَ مِن َقبْلِ أَن تَمَسُو ُهنَ وَ َقدْ فَ َر ْ‬
‫ضتُمْ}(‪ )4‬بأنه ليس المراد بلفظ (المس) معناه الحقيقي في اللغة وهو لمس اليد أو لمس أي جزء من أجزاء جسم اإلنسان وإنما هو كناية‬ ‫فَ َر ْ‬
‫عن الجماع‪.‬‬

‫استحقاق الزوجة نصف املهر‬


‫الراجح‪ :‬أن المرأة إذا طلقها زوجها قبل الدخول بها فهي تستحق نصف المهر سواء كان الطالق بسببه أو بسبب منها إذا كان العقد بها‬
‫ضتُمْ َل ُهنَ فَرِيضَةً َف ِنصْفُ مَا‬
‫عقدا صحيحا مستوفيا لشروط عقد النكاح الصحيح لقوله تعالى (وَإِن طَلَ ْقتُمُو ُهنَ مِن َق ْبلِ أَن تَمَسُو ُهنَ وَ َقدْ فَ َر ْ‬
‫ضتُمْ) (‪.)5‬‬
‫فَ َر ْ‬

‫ملك الزوجة للمهر‬


‫الراجح‪ :‬الزوجة تملك المهر ملكا مستقرا وأن ما يحدث للمهر من التغيرات قبل الطالق من التلف أو النقص يرجع عليها الزوج بالنصف‬
‫مثل أن يمهر الزوج الزوجة سيارة فتكون السيارة حين الطالق قد تكسرت أو بقرة فتكون قد ماتت أوبيتا وحصلت زالزل ويكو قد تخرب‬
‫أو يمهرها ناقة أو بقرة أو فرسا أنثى فتكون قد ولدت األنثى المهر مولودا فيكون المولود للزوجة وال ينصفها فيه الزوج ألنه نماء في ملك‬
‫الزوجة المستقر ويكون النماء ملكا خاصا للزوجة ال يستحق الزوج فيه التنصيف‪ ،‬وإنما يرجع بالنصف في أصل المهر فقط‪ ،‬والمرأة‬
‫تستحق نصف المهر بالطالق قبل الدخول سواء كانت بكراً أم ثيباً لإلطالق في قوله تعالى (وَإِن طَلَ ْقتُمُو ُهنَ مِن َق ْبلِ أَن تَمَسُو ُهنَ وَ َقدْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬القصص‪.)27( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ماجاء في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1145‬بلفظ (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَجَ امْرَأَةً وَلَمْ‬
‫يَفْ ِرضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَى مَاتَ فَقَالَ ابْنُ مَسْ عُودٍ لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا لَا وَ ْكسَ وَلَا شَطَطَ وَعَلَيْهَا الْعِدَةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُ‬
‫فَقَالَ قَضَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ امْرَأَةٍ مِنَ ا مِثْلَ الَذِي قَضَيْتَ فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي‬
‫بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫شطط‪ :‬زيادة‪.‬‬ ‫الوكس‪ :‬النقص‪.‬‬ ‫الصداق‪ :‬المهر‪.‬‬ ‫يفرض‪ :‬يقدرويعين‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪ -3‬النساء‪.)20( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)237( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)237( :‬‬
‫‪525‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فاآلية تعم المرأة المطلقة سواء كانت بكراً أم ثيباً ألنه يصدق على كل واحدة أنها مطلقة من‬ ‫ضتُمْ)‬
‫ضتُمْ َل ُهنَ فَرِيضَةً َف ِنصْفُ مَا فَ َر ْ‬
‫فَ َر ْ‬
‫قبل الدخول بها‪.‬‬

‫الزوج هو الذي بيده عقد النكاح‬


‫الراجح‪ :‬أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج ألنه هو الذي له أن يعفوا عما دفعه من المهر ومعنى لفظ (يعفو) بالنسبة للزوج يسقط يعني‬
‫أن الزوج إذا كان قد سلم المهر كله فيسقط الزوج المهر كله للزوجة نصفه لمقابل الطالق الستحقاقها له بمجرد انعقاد العقد‪ ،‬والنصف‬
‫الثاني يهبه الزوج للزوجة ألنه هو الذي له الحق في أن يسقط النصف الثاني من المهر وهو تفسير لقوله تعالى {وَإِن طَلَ ْقتُمُو ُهنَ مِن َق ْبلِ‬
‫سوُاْ‬
‫ضتُمْ إَالَ أَن يَعْفُونَ َأوْ يَعْ ُفوَ الَذِي بِ َي ِدهِ عُ ْقدَةُ النِكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَ ْقوَى وَالَ تَن َ‬
‫ضتُمْ َل ُهنَ فَرِيضَةً َف ِنصْفُ مَا فَ َر ْ‬
‫أَن تَمَسُو ُهنَ وَ َقدْ فَ َر ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫ضلَ َب ْينَكُمْ ِإنَ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ َبصِيرٌ} ولفظ (يعفو) في كالم العرب تأتي بمعنى (يسقط) وتأتي بمعنى (يهب) وتفسير قوله تعالى {أوْ‬ ‫الْ َف ْ‬
‫يَعْ ُفوَ اَلذِي ِب َي ِدهِ عُ ْق َدةُ النِكَاحِ} بالزوج أولى من تفسيرها بالولي ألن الولي ليس له حق إسقاط المهر ألنه ليس مالكا للمهر والمالك للمهر‬
‫هو الزوجة والمرأة هي التي لها الحق في أن تهب النصف الواجب لها من المهر‪.‬‬

‫مهر نكاح التفويض‬


‫نكاح التفويض جائز وهو أن يعقد النكاح دون تسمية صداق للمرأة لقوله تعالى {الَ جُنَاحَ عََليْكُمْ إِن طَلَ ْقتُمُ النِسَاء مَا لَمْ تَمَسُو ُهنُ َأوْ‬
‫سنِينَ}(‪ )3‬في اآلية داللة واضحة‬ ‫تَفْ ِرضُواْ َل ُهنَ فَرِيضَةً وَ َمتِعُو ُهنَ عَلَى الْمُوسِعِ َقدَ ُرهُ َوعَلَى الْمُ ْقتِرِ َقدْ ُرهُ َمتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْ ِ‬
‫على جواز النكاح والطالق قبل الدخول بالمرأة وعلى جواز النكاح بدون تسمية المهر حين عقد النكاح‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن المرأة التي تطلق‬
‫جنَاحَ عََليْكُمْ إِن طَلَ ْقتُمُ النِسَاء مَا لَمْ تَمَسُو ُهنُ َأوْ تَفْرِضُواْ َل ُهنَ فَرِيضَةً‬
‫قبل الدخول بها وقبل تسمية صداقها تستحق المتعة لقوله تعالى {الَ ُ‬
‫سنِينَ} والمتعة هي إعطاء الزوجة المطلقة عطية من‬ ‫وَ َمتِعُو ُهنَ عَلَى الْمُوسِعِ َقدَ ُرهُ َوعَلَى الْمُ ْقتِرِ َقدْ ُرهُ َمتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْ ِ‬
‫الزوج المطلق تنتفع بها وترضى نفسها وتجبر خاطرها وهي غير محددة تكون على حسب حال الزوج المطلق فمتعة الغني غير متعة‬
‫الفقير لقوله تعالى {وَ َمتِعُو ُهنَ عَلَى الْمُوسِعِ َقدَ ُرهُ َوعَلَى الْمُ ْقتِرِ قَدْ ُرهُ َمتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ} والمتعة تكون بأقل من نصف مهر المثل وبحسب‬
‫حال المطلق‪.‬‬

‫خالصة استحقاق املطلقة للمهر‬


‫للمرأة المطلقة في استحقاق المهر خمس حاالت هي‪:‬‬

‫األولى‪ :‬تستحق المرأة المطلقة المهر كامالً إذا طلقها زوجها بعد الدخول بها وكان قد سمى لها مهراً في وقت عقد الزواج بها‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬تستحق مهر المثل إذا طلقها بعد الدخول بها ولم يكن قد سمى لها مهراً وقت عقد الزواج بها‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬تستحق نصف المهر إذا طلقها زوجها قبل الدخول بها وكان قد سمى لها مهراً حين العقد لقوله تعالى {وَإِن طَلَ ْقتُمُو ُهنَ مِن َق ْبلِ أَن‬
‫سوُاْ‬
‫ضتُمْ إَالَ أَن يَعْفُونَ َأوْ يَعْ ُفوَ اَلذِي بِ َيدِهِ عُ ْق َدةُ النِكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَ ْقوَى وَالَ تَن َ‬
‫ضتُمْ َل ُهنَ فَرِيضَةً َف ِنصْفُ مَا فَ َر ْ‬
‫تَمَسُو ُهنَ وَ َقدْ فَرَ ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫ضلَ َب ْينَكُمْ ِإنَ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ َبصِيرٌ} ‪.‬‬
‫الْ َف ْ‬

‫الرابعة‪ :‬تستحق المطلقة متعة بحسب حال الزوج المطلق من الغني والفقر إذا طلقها قبل الدخول بها ولم يكن قد سمى لها مهراً حين العقد‬
‫جنَاحَ عََليْكُمْ إِن طَلَ ْقتُمُ النِسَاء مَا لَمْ تَمَسُو ُهنُ َأوْ تَفْ ِرضُواْ َل ُهنَ فَرِيضَةً وَ َمتِعُوهُنَ عَلَى الْمُوسِعِ َقدَ ُرهُ َوعَلَى الْمُقْتِرِ َقدْرُهُ‬
‫لقوله تعالى (الَ ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫سنِينَ) ‪.‬‬ ‫َمتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْ ِ‬

‫الخامسة‪ :‬تستحق المطلقة مهر المثل إذا طلقها بعد الدخول بها وكان قد سمى لها تسمية باطلة كتسمية شيء محرم من المحرمات‬
‫الشرعية ألن التسمية بالشيء المحرم حكمها حكم عدم التسمية والمراد بمهر المثل مهر قريباتها من النسب أو مهر المرأة من نساء‬
‫المجتمع الذي تعيش فيه‪.‬‬

‫املهر ملن مات زوجها قبل الدخول بها‬


‫إذا مات الزوج قبل تسمية الصداق وقبل الدخول بالمرأة فإنه يجب لها مهر المثل والميراث ويجب عليها عدة الوفاة ألن الموت بمنزلة‬
‫الدخول لقضاء رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في بروع بنت واشق التي قضى لها بمهر المثل وبالميراث وأوجب عليها العدة لحديث‬
‫سنَانٍ الْأَشْجَعِيُ َقَالَ قَضَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫صدَاقِ نِسَا ِئهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ َوعََل ْيهَا الْ ِع َدةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَامَ مَعْ ِقلُ بْنُ ِ‬
‫(َلهَا ِم ْثلُ َ‬
‫(‪)6‬‬
‫ضيْتَ فَفَرِحَ ِبهَا ا ْبنُ مَسْعُودٍ) الحديث دليل على أن المرأة التي يموت زوجها‬ ‫عََليْهِ وَسَلَمَ فِي بِ ْر َوعَ ِبنْتِ وَاشِقٍ امْرََأةٍ ِمنَا ِم ْثلَ اَلذِي َق َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)237( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)237( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)236( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)237( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)236( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن مسعود رضي اهلل عنه برقم(‪.)1145‬‬
‫‪526‬‬
‫قبل الدخول وقبل تسمية المهر يجب لها مهر المثل والميراث من بعد زوجها وأنه يجب عليها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام‪ ،‬والقول‬
‫المستند إل ى النص أولى من القول المستند إلى القياس ألن النص هو األصل‪ ،‬وال يرجع إلى القياس إال مع عدم النص والقياس المصادم‬
‫للنص فاسد االعتبار‪.‬‬

‫‪527‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬األصدقة الفاســـدة‬

‫الصداق المحرم أو المجهول‬ ‫‪‬‬


‫اقتران المهر ببيع‬ ‫‪‬‬
‫المهر الذي يشترط فيه حِبا ٌء ألب المرأة‬ ‫‪‬‬
‫الصداق يُستحق أو يوجد به عيب‬ ‫‪‬‬
‫المهـــــــــر المشـــــــروط‬ ‫‪‬‬
‫اختالف الزوجين في الصداق‬ ‫‪‬‬
‫حرمة أخذ ولي المرأة من مهرها شيئاً إال ما يحتاجه الولي من تكاليف العرس‬ ‫‪‬‬

‫‪528‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬األصدقة الفاســـدة‬

‫الصداق احملرم أو اجملهول‬


‫ال يصح أن يكون المهر شيئاً محرماً كخمر أو خنزير أو نحوه أو مجهوالً كثمرة لم يبد صالحها أو بعيراً شارداً أو سيارة مسروقة‬
‫والشيء المحرم الذي ال يصح بيعه في اإلسالم ال يصح أن يكون مهراً والشيء المجهول ال يصح أن يكون مهراً بل يجب أن يكون المهر‬
‫شيئاً معلوماً‪ ،‬وتسمية المهر الباطلة ال فرق بين كونه محرما لعينه كالخمر والخنزير أو ما كان محرماً لصفة فيه من جهالة أو غرر‪.‬‬

‫اقرتان املهر ببيع‬


‫إذا اقترن بمهر المرأة بيع ولم يحدد قدر المهر وال قدر ثمن المبيع فالراجح‪ :‬أن للمرأة مهر المثل وال حاجة إلى عقد ومهر ألن فيه جهالة‬
‫قدر المهر ويجب أن يكون المهر معلوما‪.‬‬
‫ٌ‬
‫حباء ألب املرأة‬
‫املهر الذي يشرتط فيه ِ‬
‫من نكح امرأة واشترط عليه في صداقها حباء يحابي به أبا المرأة فالراجح‪ :‬أن المهر صحيح ما دام معلوما وال وجه لجعل المهر فاسدا‬
‫وال لالنتقال إلى مهر المثل‪ ،‬وأما حديث (أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد عصمة‬
‫النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته) فقد ضعفه األلباني في ضعيف سنن أبي داود برقم (‪ )2329‬وال حجة‬
‫في الحديث الضعيف وصحيفة عبد اهلل بن عمرو ابن العاص التي يرويها عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ال يعترف بما فيها البخاري‬
‫وال مسلم‪ ،‬والمشروع هو مهر المرأة وما يحتاجه العرس من التكاليف الضرورية وأما ما يشترطه الولي لنفسه أو للخال أو العم او العمة‬
‫أو نحوها فال دليل عله ال من الكتاب وال من السنه وهو ما يسبب تعسير الزواج وكلما يسبب تعسير الزواج فهو حرام‪.‬‬
‫ُ‬
‫الصداق يستحق أو يوجد به عيب‬
‫الصداق يُستحق أي يثبت أنه ملك شخص آخر أو يوجد به عيب فالراجح‪ :‬أنه يجب للزوجة مهر المثل والمراد بمهر المثل مثل مهر‬
‫عصبتها أختها أو عمتها أو بنت أخيها أو بنت عمها أو نساء المجتمع الذي تعيش فيه المرأة‪ ،‬وليست المثلية في المال أو الجمال أو النسب‬
‫أو الجاه وإنما هي في العصبة النسبية وال يدخل في العصبة األخوال والخاالت ألنهم من ذوي األرحام‪ ،‬وأما القول بأن النكاح يفسد إذا‬
‫استحق المهر أو ظهر به عيب فهو رأي ضعيف لتوفر شروط العقد الصحيح من الولي والشاهدين والرضا وتعيين المعقود بها باالسم أو‬
‫الصفة وليس المهر شرطا من شروط صحة العقد كما قد سبق القول بذلك‪.‬‬

‫املهـــــــــر املشـــــــروط‬
‫إذا عقد لشخص بامرأة على شرط إن كان له امرأة فالمهر ألفان وإن لم يكن له امرأة فالمهر ألف‪ ،‬فالصحيح‪ :‬هو الوفاء بالشرط فإن كان‬
‫ستَحّْلَ ّْلتُمْ بِهِ الْفُرُوج)(‪.)1‬‬ ‫له امرأة فمهر الزوجة ألفان وإن لم يكن له امرأة فالمهر ألف لحديث (أَ َ‬
‫حقُ الشُرُوطِ َأنْ تُوفُوا بِهِ مَا ا ْ‬

‫اختالف الزوجني يف الصداق‬


‫إذا اختلف الزوج والزوجة في قبض المهر أو في قدر المهر أو في جنس المهر أوفي وقت تسليمه فالراجح‪ :‬أن البينة على المدعي‬
‫واليمين على المنكر‪ ،‬فإن أقامت المرأة البينة ألنها هي المدعية وإال فاليمين على الزوج ألنه المدُعى عليه‪ ،‬وال لزوم للمفاسخة ألن الزواج‬
‫غير البيع و ألن البيع ال بُدَ فيه من تعيين المبيع والثمن وفي الزواج ال يشترط تعيين المهر وإنما المهر واجب مستقل وليس بشرط‪،‬‬
‫والمهر مسألة تعبدية وليس هو ثمن للمرأة ألن المرأة ليست سلعة من السلع التي تباع وتشترى‪ ،‬وإنما الزواج رباط مقدس بين الزوج‬
‫والزوجة قائماً على المودة والرحمة بين الزوجين و حسن المعاشرة بينهما بالمعروف ويجب على الزوج تقديم حقوق الزوجة ومنها المهر‬
‫قبل مطالبتها بواجباته نحوه لقوله تعالى {وََل ُهنَ ِمثْ ُل اَلذِي عََل ْي ِهنَ بِالْمَعْرُوفِ}(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫حرمة أخذ ويل املرأة من مهرها شيئا إال ما حيتاجه الويل من تكاليف العرس‬
‫المال المشروع أخذه من الزوج هو المهر مع متطلبات العرس الضرورية التي يحتاجها الولي‪ ،‬وأما ما يسمى بحق الجد أو األخ أو العم‬
‫أو الخال أو ما يشترطه الولي لنفسه فهي بدع ما أنزل اهلل بها من سلطان وال دليل على جواز أخذه ال من الكتاب وال من السنه ال من قول‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره‪ ،‬وواجب العلماء وطالب العلم بيان حكمها للناس ألن رفع التكاليف تعسِر الزواج‬
‫وتحول بين الزواج وبين الشباب من الجنسين وكلما يعسِر الزواج ويغلق في وجوه الشباب والشابات أبواب الحالل فهو حرام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الشروط‪ :‬باب الشروط في المهر عند عقد النكاح‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5151‬بلفظ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُ ْم بِ ِه الْفُرُوجَ)‪.‬‬
‫ط أَ ْ‬
‫ق الشُرُو ِ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَحَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)225( :‬‬
‫‪529‬‬
‫البـــــــاب الثالــــــــث‪ :‬حمـــــل العقــــــــــد‬

‫األصل جواز نكاح الرجل بكل امرأة‬ ‫‪‬‬


‫موانع عقد النكاح‬ ‫‪‬‬
‫األنكحة التي انعقدت قبل اإلسالم‬ ‫‪‬‬
‫من يسلم وهو متزوج أختين‬ ‫‪‬‬
‫إسالم أحد الزوجين قبل اآلخر‬ ‫‪‬‬

‫‪531‬‬
‫البـــــــاب الثالــــــــث‪ :‬حمـــــل العقــــــــــد‬

‫األصل جواز نكاح الرجل بكل امرأة‬


‫األصل في الشرع اإلسالمي جواز نكاح الرجل بكل امرأة إال من اتصفت بمانع من الموانع الشرعية‪ ،‬والموانع الشرعية تنقسم إلى موانع‬
‫مؤبدة وموانع غير مؤب دة والموانع المؤبدة تنقسم إلى موانع متفق عليها وموانع مختلف فيها‪ ،‬والموانع المتفق عليها هي بسبب النسب‬
‫خوَاتُكُمْ َوعَمَاتُكُمْ وَخَا َالتُكُمْ َو َبنَاتُ األَ ِ َو َبنَاتُ‬
‫والمصاهرة والرضاع وهي المذكورة في قوله تعالى {حُرِمَتْ عََليْكُمْ أُ َمهَا ُتكُمْ َو َبنَاتُكُمْ وَأَ َ‬
‫التِي دَخَ ْلتُم ِب ِهنَ فَإِن‬
‫التِي فِي حُجُورِكُم مِن نِسَآئِكُمُ ال َ‬ ‫خوَاتُكُم ِمنَ ال َرضَاعَةِ وَأُ َمهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَا ِئبُكُمُ ال َ‬ ‫التِي أَ ْرضَ ْعنَكُمْ وَأَ َ‬
‫األُخْتِ وَأُ َمهَاتُكُمُ ال َ‬
‫خ َت ْينِ إَالَ مَا َقدْ سَلَفَ إِنَ اللّهَ كَانَ غَفُوراً‬ ‫البِكُمْ َوأَن تَجْمَعُواْ َب ْينَ األُ ْ‬ ‫صَ‬ ‫ال ِئلُ َأ ْبنَائِكُمُ اَلذِينَ ِمنْ َأ ْ‬
‫حَ‬ ‫جنَاحَ عََليْكُمْ وَ َ‬ ‫لَمْ تَكُونُواْ دَخَ ْلتُم ِب ِهنَ َفالَ ُ‬
‫رَحِيماً}(‪ )1‬والموانع المختلف فيها الزنى واللعان والموانع غير المؤبدة تسعة موانع هي مانع العدد والجمع والرق والكفر واإلحرام‬
‫والمرض والعدة والتطليق ثالثا للمطلق والزوجية‪.‬‬

‫موانع عقد النكاح‬

‫‪ ‬األول‪ :‬مانع النســـــب ‪ ,‬النساء المحرمات من قبل النسب هن سبع المذكورات في قوله تعالى‪{ :‬حُرِمَتْ عََليْكُمْ أُ َمهَاتُكُمْ َوبَنَاتُكُمْ‬
‫خوَاتُكُمْ َوعَمَاتُكُمْ وَخَا َالتُكُمْ َو َبنَاتُ األَ ِ َو َبنَاتُ األُخْتِ} وهن األمهات والبنات واألخوات والعمات والخاالت وبنات األخ وبنات‬
‫وَأَ َ‬
‫األخت‪.‬‬

‫األم‪ :‬اسم لكل أنثى لها عليك والدة من جهة األم أو من جهة األب وهي أم الرجل وأم أمه وإن علت وأم أبيه وإن علت‪.‬‬

‫البنت‪ :‬اسم لكل أنثى لك عليها والدة من قبل االبن أو من قبل البنت أو مباشرة‪ ،‬وهي البنت وبنت االبن وإن نزلت وبنت البنت وإن‬
‫نزلت‪.‬‬

‫األخت‪ :‬اسم لكل أنثى شاركتك في أحد أصليك أو مجموعهما األب أو األم أو كليهما و هي األخت ألب و أم واألخت ألب واألخت ألم‪.‬‬

‫العمة‪ :‬اسم لكل أنثى هي أخت ألبيك أو لكل ذكر له عليك والدة و هي أخت أبيك ألبوين أو ألب أو ألم‪ ،‬وأخت جدك أبي أبيك ألبوين أو‬
‫ألب أو ألم وإن علوا‪.‬‬

‫الخالة‪ :‬اسم ألخت أمك ألبوين أو ألب أو ألم و هي أخت أمك ألبوين أو ألب أو ألم‪.‬‬

‫بنات األ ‪ :‬اسم لكل أنثى ألخيك عليها والدة مباشرة وهي بنت األخ ألبوين أو ألب أو ألم وبنت ابن األخ من كل جهة وإن نزلت‪.‬‬

‫بنات األخت‪ :‬اسم لكل انثى ألختك عليها والدة مباشرة وهي بنت أختك ألبوين أو ألب أو ألم وبنت ابن أختك من كل جهة وإن نزلت‬
‫وبنت ابنت أختك من كل جهة وإن نزلت هؤالء السبع هن المحرمات بسبب النسب‪ .‬والالئي يحرمن من النساء بسبب النسب يحرمن بملك‬
‫اليمين فال يجوز الزواج بأم المرأة الموطوءة بملك اليمين وال بأختها وال بعمتها وال بخالتها وال ببنت أخيها ألن أحكام الزوجية هي أحكام‬
‫الموطوءة‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪ :‬مانـع املصاهـــرة ‪ ,‬النساء المحرمات بالمصاهرة أربع هن‪ 3 :‬ــ زوجات اآلباء ‪2‬ـ زوجات األبناء ‪1‬ــ أمهات النساء‪ -4‬بنات‬
‫التِي دَخَ ْلتُم ِب ِهنَ فَإِن لَمْ تَكُونُواْ دَخَ ْلتُم ِبهِنَ َفالَ‬
‫التِي فِي حُجُورِكُم مِن نِسَآئِكُمُ ال َ‬ ‫الزوجات لقوله تعالى‪{ :‬وَأُ َمهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَ َربَا ِئبُكُمُ ال َ‬
‫خ َت ْينِ إَالَ مَا َقدْ سَلَفَ ِإنَ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}‪.‬‬
‫البِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ َب ْينَ األُ ْ‬ ‫صَ‬‫ال ِئلُ َأ ْبنَائِكُمُ الَذِينَ ِمنْ َأ ْ‬
‫حَ‬ ‫جنَاحَ عََليْكُمْ وَ َ‬
‫ُ‬

‫المراد بزوجات اآلباء‪ :‬هي زوجة أو زوجات األب مباشرة غير األم‪ ،‬وزوجة أو زوجات الجد أبو األب غير أم األب وإن علون لقوله‬
‫سبِيالً}(‪.)2‬‬
‫تعالى {وَالَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم ِمنَ النِسَاء إِالَ مَا َقدْ سَلَفَ ِإنَهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء َ‬

‫المراد بزوجات األبناء من الصلب‪ :‬زوجة االبن المباشر وزوجة ابن االبن وإن نزل وال يدخل فيه زوجة ابن البنت ألن ابن البنت ليس‬
‫البِكُمْ}‪.‬‬
‫صَ‬ ‫ال ِئلُ َأ ْبنَائِكُمُ اَلذِينَ ِمنْ َأ ْ‬
‫حَ‬ ‫من صلب الرجل لقوله تعالى {وَ َ‬

‫المراد ببنات الزوجات‪ :‬بنت أو بنات الزوجة من الزوج السابق أو األزواج السابقين ويحرم الزواج بالبنت أو البنات الربيبات مطلقا سواء‬
‫التِي دَخَلْتُم ِب ِهنَ‬
‫التِي فِي حُجُورِكُم مِن نِسَآئِكُمُ ال َ‬
‫كن في حجر الزوج أو لم يكن في حجره ألن وصف الحجر في قوله تعالى {وَ َربَا ِئبُكُمُ ال َ‬
‫جنَاحَ عََليْكُمْ}خرج مخرج الغالب‪ ،‬وال تأثير له في التحريم ألن العلة عند بعض العلماء أنه ال يجمع بين‬ ‫فَإِن لَمْ تَكُونُواْ دَخَ ْلتُم ِب ِهنَ َفالَ ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)23( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪.)22( :‬‬
‫‪531‬‬
‫جنَاحَ عََليْكُمْ}فالظاهر العمل باألحوط‬
‫التِي دَخَ ْلتُم ِب ِهنَ فَإِن لَمْ تَكُونُواْ دَخَ ْلتُم ِب ِهنَ َفالَ ُ‬
‫وطء امرأة وابنتها‪ ،‬وأما قوله تعالى {مِن نِسَآئِكُمُ ال َ‬
‫وهو تحريم الزواج بالبنت بمجرد الدخول والخلوة باألم‪.‬‬

‫تحريم الزواج بأم الزوجة بمجرد العقد عّلى البنت‬


‫التِي دَخَ ْلتُم‬
‫الراجح‪ :‬أن أم الزوجة تحرم على زوج ابنتها بمجرد العقد على البنت لقوله تعالى {وَأُ َمهَاتُ نِسَآئِكُمْ}وأما قوله تعالى {ال َ‬
‫ِب ِهنَ}فالراجح‪ :‬أنه وصف عائد إلى الربائب ألن الضمير يعود إلى أقرب ملفوظ وهو في هذه اآلية الربائب‪ ،‬وأما حديث (أيما رجل نكح‬
‫امرأة فدخل بها أو لم يدخل فال تحل له أمها) فلم يذكره األلباني في صحيح سنن الترمذي ولم يذكره في ضعيف سنن الترمذي‪.‬‬

‫الزنى بالمرأة ال يحرم قريباتها‬


‫الزنى ال يتناوله اسم النكاح الشرعي والنكاح الشرعي ال يطلق إال على العقد الشرعي الجامع لشروط العقد الصحيح‪ ،‬أما في اللغة فاسم‬
‫النكاح يطلق على الوطء أي وطء كان وال يكون الزنى الذي هو نقمة سببا في تحريم النكاح الشرعي الذي هو نعمة وليس من الشرع أن‬
‫تكون النقمة سبباً في تحريم النعمة‪.‬‬

‫الحديث دليل‬ ‫(‪)1‬‬


‫‪ ‬الثالث‪ :‬مانع الرضـــــاع ‪ ,‬الرضاع يحرم منه ما يحرم من النسب لحديث (ِإنَ الرَضَاعَةَ تُحَرِمُ مَا يَحْرُمُ ِمنْ الْوِلَا َدةِ)‬
‫على أن الرضاع يحرِم ما يحرِم النسب فيحرم على الطفل الرضيع المرضعة لكونها أمه من الرضاعة وأم المرضعة لكونها جدته‬
‫وابنة المرضعة لكونها أخته وأخت المرضعة لكونها خالته وابنة زوج المرضع من امرأة أخرى لكونها أخته من أبيه من الرضاعة‬
‫ويحرم عليه بنات أبناء المرضعة لكونهن بنات أخيه وبنات بنات المرضعة لكونهن بنات األخت من الرضاعة‪ ،‬وبنات ابن ابن‬
‫المرضعة لكونهن بنات ابن األخ من الرضاعة وأخت زوج المرضعة لكونها عمته وبالجملة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب‬
‫من األمهات والبنات واألخوات والعمات والخاالت وبنات األخ وبنات األخت‪.‬‬

‫مقــــــــــدار الرضــــــــــاع المحرًم‬


‫الراجح‪ :‬أن الرضاع المحرِم هو خمس رضعات وما زاد لحديث عائشة رضى اهلل عنها أنها قالت‪( :‬كَانَ فِيمَا ُأنْ ِزلَ ِمنْ الْقُرْآنِ عَشْ ُر‬
‫خنَ بِخَمْسٍ مَعّْلُومَاتٍ‪َ ،‬ف ُتوُفِيَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ وَ ُهنَ فِيمَا يُقْرَأُ ِمنْ الْقُرْآنِ)(‪ )2‬وهذا‬ ‫َرضَعَاتٍ مَعّْلُومَاتٍ يُحَرِ ْمنَ‪ ،‬ثُمَ نُسِ ْ‬
‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫جتَانِ) وحديث (لَا تُحَرِمُ ال َرضْعَةُ أَوْ‬ ‫صتَانِ) وحديث (ال تُحَرِمُ الْإِمّْلَاجَةُ وَالْإِمّْلَا َ‬ ‫الحديث يرجح على حديث (ال تُحَرِمُ الْ َمصَةُ وَالْ َم َ‬
‫صتَانِ)(‪ )5‬ألن مفهوم األحاديث الثالثة أن ما زاد على الرضعة أو الرضعتان يحرم‪ ،‬وهذا المفهوم يعارضه‬ ‫ال َرضْ َعتَانِ َأوْ الْ َمصَةُ َأوْ الْ َم َ‬
‫منطوق حديث الخمس ا لرضعات المعلومات ألن مفهوم حديث الخمس الرضعات أن ما كان أقل من الخمس الرضعات الثالث الرضعات‬
‫أو األربع ال يحرمن وعند تعارض مفهوم حديث (ال تحرم الرضعة أو الرضاعتان) مع مفهوم حديث (ثم نسخن بخمس معلومات) فيرجح‬
‫مفهوم حديث الخمس الرضعات ألن أصله قرآن‪ ،‬والحديث الذي أصله قرآن يرجح على غيره من األحاديث األخرى‪ ،‬ومعنى المصة‬
‫واإلمالجة والرضعة واحد فهذه األلفاظ مختلفة في اللفظ وهي بمعنى واحد‪ ،‬وترجيح حديث الخمس الرضعات هو ترجيح شيخ اإلسالم‬
‫القاضي العالمة المجتهد المطلق (محمد بن على الشوكاني) في جميع مؤلفاته وترجيح العالمة (محمد بن اسماعيل األمير) في كتابه في‬
‫كتابه (سبل السالم) وهو اختيار قانون األحوال الشخصية في الجمهورية اليمنية‪.‬‬

‫إرضـــــــــــــاع الكبيــــــــــــر‬
‫الرضاع الذي يحرم هو الرضاع في حال الصغر في الوقت الذي ال يزال اللبن يقوم مقام الغذاء للطفل الرضيع وال يحرم الرضاع الذي‬
‫بعد فطام الطفل عن الرضاع ألن الطفل قد أصبح مستغنياً عن اللبن بطعام آخر لحديث عائشة أن النبي صلى اهلل عليه وسلم دخل عليها‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الشهادات‪ :‬باب الشهادة على األنساب والرضاع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5011‬بلفظ (عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَحْمَنِ أَنَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‬
‫زَوْجَ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَخْبَرَتْهَا أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ عِنْدَهَا وَأَنَهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ‪ ،‬قَالَتْ عَائِشَةُ‪ :‬فَقُلْتُ‪:‬‬
‫ن حَيًا لِعَمِهَا‬ ‫يَا رَسُولَ اللَهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أُرَاهُ فُلَانًا لِعَمِ حَفْصَةَ مِنْ الرَضَاعَةِ‪ ،‬فَقَالَتْ عَائِشَةُ‪ :‬لَوْ كَانَ فُلَا ٌ‬
‫ن الْوِلَادَةِ)‪.‬‬
‫ن الرَضَاعَ َة تُحَرِمُ مَا يَحْرُمُ مِ ْ‬ ‫ن الرَضَاعَةِ دَخَ َل عَلَيَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬إِ َ‬ ‫مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الرضاع‪ ،‬والترمذي في الرضاع‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في‬
‫الرضاع‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النكاح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب التحريم بخمس رضعات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3552‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أَنَهَا قَالَتْ‪ :‬كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ‬
‫ن الْقُرْآنِ)‪.‬‬
‫ن فِيمَا يُقْرَأُ مِ ْ‬
‫س مَعْلُومَاتٍ‪ ،‬فَتُوُفِيَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَهُ َ‬ ‫ن بِخَمْ ٍ‬ ‫ت يُحَرِمْنَ‪ ،‬ثُ َم نُسِخْ َ‬ ‫مَعْلُومَا ٍ‬
‫أخرجه مسلم في الرضاع‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ .‬باب في المصة والمصتان‪ .‬حديث رقم (‪ )3575‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَقَالَ سُوَيْدٌ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ قَالَ‪ :‬لَا تُحَرِ ُم الْمَصَةُ وَالْمَصَتَانِ)‪.‬‬ ‫ن النَبِ َ‬
‫وَزُهَيْ ٌر إِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الرضاع‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ي اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم وَهُوَ‬
‫ن أُ ِم الْفَضْ ِل قَالَتْ‪ :‬دَخَ َل أَعْرَابِيٌ عَلَى نَبِ ِ‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب في المصة والمصتان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3576‬بلفظ (عَ ْ‬
‫فِي بَيْ تِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬يَا نَبِيَ اللَهِ إِنِي كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ فَتَزَوَجْتُ عَلَيْهَا أُخْرَى فَزَعَمَتْ امْرَأَتِي الْأُولَ ى أَنَهَا أَرْضَعَتْ امْرَأَتِي الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ‪ ،‬فَقَالَ نَبِيُ اللَهِ صَلَى‬
‫اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ :‬لَا تُحَرِ ُم الْإِمْلَاجَ ُة وَالْإِمْلَاجَتَانِ)‪.‬‬
‫أخرجه النسائي في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب في المصة والمصتان‪ .‬حديث رثم (‪ )3575‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَ أُمَ الْفَضْلِ حَ َدثَتْ أَنَ نَبِيَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ن أَ ْو الْمَصَةُ أَ ْو الْمَصَتَانِ)‪.‬‬ ‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَا تُحَرِ ُم الرَضْعَةُ أَ ْو الرَضْعَتَا ِ‬
‫أخرجه الترمذي في الرضاع‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪532‬‬
‫خوَانُ ُكنَ‪ ،‬فَِإنَمَا‬
‫وعندها رجل فكأنه تغير وجهه صلى اهلل عليه وسلم كأنه كره ذلك فقالت‪( :‬أَخِي ِمنْ ال َرضَاعَةِ‪ .‬قَالَ‪ :‬يَا عَائِشَةُ‪ ،‬انْظُرْنَ َمنْ إِ ْ‬
‫ال َرضَاعَةُ ِمنْ الْمَجَاعَةِ)(‪ )1‬الحديث دليل على أن الرضاع المؤثر للتحريم هو ما كان في الحولين حيث اللبن هو الغذاء الكامل للطفل ومنه‬
‫ينبت لحم الطفل وينشز عظامه‪ ،‬ويستغني الطفل عن اللبن بعد الحولين ويصبح غذاؤه ما يأكله من األطعمة األخرى لقوله تعالى‬
‫حوَْل ْينِ كَامَِل ْينِ لِ َمنْ أَرَادَ أَن ُيتِمَ ال َرضَاعَةَ}(‪ )2‬وال يحرم اللبن الذي ال يقوم للطفل مقام الغذاء قال ابن مسعود‬ ‫{وَا ْلوَاِلدَاتُ يُ ْرضِ ْعنَ َأوْ َالدَ ُهنَ َ‬
‫رضي اهلل عنه (ال رضاع إال ما شدَ العّظم وأنبت اللحم)‪ ،‬وأما حديث سالم مولى أبي حذيفة رضي اهلل عنهما وأمر النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم المرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما خمس رضعات وهو كبير ليحل له الدخول على امرأة أبي حذيفة بعد بلوغه مبلغ الرجال فقد‬
‫رجح شيخ اإلسالم ابن تيمية أن هذا تجويز خاص بسالم مولى أبي حذيفة ويقاس علي ه من كان في حالته أي إذا وجد شخص تبنته أسرة‬
‫فلما كبر تحرجت األسرة من دخوله على زوجة رب األسرة وبناتها فترضعه خمس مرات ليحل له الدخول على المرأة وبناتها وهذا‬
‫التجويز للضرورة ولمن هو في مثل هذه الحالة فقط‪ ،‬وحديث سالم مولى أبي حذيفة بلفظ (يَا رَسُولَ الّلَهِ إِنَا كُنَا نَرَى سَالِمًا وََلدًا وَكَانَ‬
‫جّلَ فِيهِمْ مَا َقدْ عَّلِمْتَ‪ ،‬فَ َكيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ لَهَا النَبِيُ صَّلَى‬
‫حدٍ وَيَرَانِي ُفضّْلًا وَ َقدْ َأنْزَلَ الّلَهُ عَزَ وَ َ‬
‫حذَيْفَةَ فِي َبيْتٍ وَا ِ‬‫يَ ْأوِي مَعِي وَمَعَ َأبِي ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬أَ ْرضِعِيهِ فَأَ ْرضَ َعتْهُ خَمْسَ َرضَعَاتٍ فَكَانَ بِ َمنْزِلَةِ وََلدِهَا ِمنْ ال َرضَاعَةِ) الحديث دليل على جواز إرضاع من حالته مع‬
‫أسرة مثل حال سالم مع أسرة أبي حذيفة‪ ،‬وعلماء الظاهر استدلوا به على جواز إرضاع الكبير مطلقا وعندهم أن الرضاع محرم مطلقا‬
‫سواء في العامين أو بعد العامين وعند جمهور العلماء أن الرضاع الذي يحرم ال يكون إال في العامين حيث الرضاع هو غذاء الطفل غذاء‬
‫كامال ومنه ينبت لحم الطفل وينشز عظامه لحديث (إِنَمَا ال َرضَاعَةُ ِمنْ الْمَجَاعَةِ) وظل الخالف بين الظاهرية والجمهور ستة قرون إلى أن‬
‫جاء (شيخ اإلسالم ابن تيميه ) وجمع بين الحديثين بأن الرضاع ال يكون إال في العامين وال يحرم الرضاع بعد العامين عمال بحديث (ِإنَمَا‬
‫حتَى َيدْخُّلَ عََّليْكِ)(‪ )5‬يحمل‬ ‫ال َرضَاعَةُ ِمنْ الْمَجَاعَةِ) وحديث سالم مولى أبي حذيفة بلفظ (أ ْرضِعِيهِ تَحْرُمِي عََّليْهِ)(‪ )4‬وفي رواية (أَ ْرضِعِيهِ َ‬
‫على من كانت حالته كحالة سالم مولى أبي حذيفة أي للضرورة وال يحمل على غير هذه الحالة‪ ،‬وبهذا الجمع زال التعارض بين الحديثين‬
‫وانتهى الخالف الذي بين الجمهور والظاهرية‪ ،‬وتبع ابن تيمية في هذا الجمع تلميذه العالمة (ابن القيم الجوزية) وعلماء اليمن المتأخرون‬
‫العالمة (صالح المقبلي) والعالمة (محمد اسماعيل األمير)‪ ،‬وأما قول عائشة بأن رضاع الكبير يحرم مطلقا فال عبرة به ألنه قول‬
‫صحابي وال حجة في قول الصحابي وال في فعله وإنما الحجة في قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وفعله وتقريره‪ ،‬والعبرة برواية‬
‫الصحابي ال برأيه‪.‬‬

‫إرضاع الطفّل بعد الفطام في الحولين‬


‫الراجح‪ :‬أن المولود إذا فطم قبل الحولين ثم أرضعته امرأة في الحولين أن رضاعه يحرِم ألنه رضاع وقع في سن الرضاع الذي يحرم‬
‫ت يُ ْرضِ ْعنَ َأوْ َالدَ ُهنَ حَوَْل ْينِ كَامَِل ْينِ لِ َمنْ أَرَادَ أَن ُيتِمَ ال َرضَاعَةَ}(‪ )6‬والمراد بالحولين حولين‬
‫وهو داخل الحولين لقوله تعالى {وَا ْلوَاِلدَا ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب الشهادة على األنساب والرضاع المستفيض والموت‪ .‬حديث رقم (‪ )5102‬بلفظ (عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‬
‫قَالَتْ‪ :‬دَخَلَ عَلَيَ النَبِيُ صَلَى اللَ هُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَعِنْدِي رَجُل‪ ،‬قَالَ‪ :‬يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذا؟ قُلْتُ‪ :‬أَخِي مِنْ الرَضَاعَةِ‪ .‬قَالَ‪ :‬يَا عَائِشَةُ‪ ،‬انّْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَ‪ ،‬فَإِنَمَا الرَضَاعَةُ‬
‫ن الْمَجَاعَةِ)‪.‬‬ ‫مِ ْ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)233( :‬‬
‫‪3‬‬
‫ن‬ ‫سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب فيمن حرم به‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2061‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأُمِ سَلَمَةَ أَنَ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْ ِ‬
‫رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ كَانَ تَبَنَى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ زَيْ دًا‪ ،‬وَكَانَ مَنْ تَبَنَى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَةِ دَعَاهُ النَاسُ إِلَيْهِ وَوُرِثَ مِيرَاثَهُ حَتَى أَنْزَلَ اللَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِينِ‬
‫وَمَوَالِيكُمْ فَرُدُوا إِ لَى آبَائِهِمْ‪ ،‬فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِينِ‪ ،‬فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِ ثُمَ الْعَامِرِيِ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ فَقَالَتْ‪ :‬يَا‬
‫رَسُولَ اللَهِ إِنَا كُنَا نَرَى سَالِمً ا وَلَدًا وَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيَرَانِي فُضْلًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللَهُ عَزَ وَ جَلَ فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ‪ ،‬فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ‬
‫ت‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَرْضِعِيهِ فَأَ رْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنْ الرَضَاعَةِ‪ ،‬فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا تَأْمُرُ بَنَاتِ أَخَوَاتِهَا وَبَنَا ِ‬ ‫لَهَا النَبِ ُ‬
‫إِخْوَتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَتْ عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَ ا وَإِنْ كَانَ كبيراً خَمْسَ رَضَعَاتٍ ثُمَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا‪ ،‬وَأَبَتْ أُمُ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم لِسَالِمٍ‬ ‫ن النَبِ ِ‬
‫ن لِعَائِشَةَ وَاللَ ِه مَا نَدْرِي لَعَلَهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِ ْ‬ ‫ن النَاسِ حَتَى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ‪ ،‬وَقُلْ َ‬ ‫ك الرَضَاعَةِ أَحَدًا مِ ْ‬
‫ن بِتِلْ َ‬
‫ن عَلَيْهِ َ‬
‫ن يُدْخِلْ َ‬
‫وَسَلَ َم أَ ْ‬
‫ن النَاسِ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫دُو َ‬
‫أخرجه البخاري في النكاح‪ ،‬ومسلم في الرضاع‪ ،‬والنسائي في النكا ح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الرضاع‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫فضال‪ :‬متبذلة في ثوب واحد من ثياب مهنتي‪.‬‬ ‫ادعى‪ :‬انتسب‪.‬‬ ‫دعاه‪ :‬نسبه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المولى‪ :‬العبد‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب رضاعة الكبير‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3556‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ أَنَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ‬
‫تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬إِنَ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا وَإِنَهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَإِنِي أَظُنُ أَنَ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ‬
‫شَيْئًا‪ ،‬فَقَالَ لَهَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ وَيَذْهَبْ الَذِ ي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ إِنِي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَذِي فِي نَفْسِ أَبِي‬
‫حُذَيْفَةَ)‪.‬‬
‫أخرجه البخاري في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الرضاع‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب رضاعة الكبير‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3555‬بلفظ (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِ سَلَمَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَتْ أُمُ سَلَمَةَ‪ :‬لِعَائِشَةَ إِنَهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ الْغُلَامُ‬
‫الْأَيْفَعُ الَذِي مَا أُحِبُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَ يَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَالَتْ عَائِشَةُ‪ :‬أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أُسْوَةٌ؟ قَالَتْ‪ :‬إِنَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنَ‬
‫س أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ُه شَيْءٌ‪ ،‬فَقَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَرْضِعِي ِه حَتَى يَدْخُ َل عَلَيْكِ)‪.‬‬
‫سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيَ وَهُ َو رَجُلٌ وَفِي نَفْ ِ‬
‫أخرجه البخاري في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في الرضاع‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪.)233( :‬‬
‫‪533‬‬
‫(‪)1‬‬
‫هي في مدة الحولين لتكون المجاعة مفسرة‬ ‫كاملين بحساب التاريخ الهجري والمراد بالمجاعة في حديث (ِإنَمَا الرَضَاعَةُ ِمنْ الْمَجَاعَةِ)‬
‫الحولين‪.‬‬

‫المعتبر في التحريم وصول الّلبن إلى الجوف بأي وسيّلة‬


‫الراجح‪ :‬أن الرضاع يحرِم ما دام قد وصل إلى الحلق سواء وصل إلى الحلق عن طريق امتصاص الرضيع اللبن من الثدي أو حلبت‬
‫المرأة الحليب إلى المعجى وامتص الرضيع الحليب من المعجي أو سكبت المرأة الحليب إلى إناء وشرَبته من اإلناء أو بأي وسيلة وصل‬
‫الحليب إلى الحلق مهما كان وصول الحليب في سن الرضاعة وهو الحولين ألن وصول اللبن إلى حلق الرضيع يسمى رضاعة شرعية‬
‫وهو داخل تحت مسمى الرضاعة الشرعية المرادة في حديث (فَ ِإنَمَا ال َرضَاعَةُ ِمنْ الْمَجَاعَةِ) (‪.)2‬‬

‫الحّليب الذي خالطه غيره‬


‫الراجح‪ :‬أن حليب المرأة إذا خالطه ماء أو غيره فالعبرة بالغالب فإن كان الغالب الحليب فهو يُحرِم وإن كان الماء أو المخالط هو الغالب‬
‫فهو ال يحرم عمالً بالغالب‪.‬‬

‫السعــــــــــوط‬
‫السعوط‪ :‬الصب من األنف‪ ،‬الراجح‪ :‬أنه مهما تحقق وصول الحليب إلى الحلق سواء من الفم أو من األنف فهو يُحرِم‪.‬‬

‫حّليب الفحّل‬
‫ستَ ْأ ِذ َنكَ‪ ،‬فَقَالَ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عَّلَيْهِ وَسَّلَمَ‪:‬‬
‫حتَى أَ ْ‬ ‫الصحيح‪ :‬أن لبن الفحل يحرِم لحديث (ِإنَ أَفّْلَحَ أَخَا َأبِي الْقُ َعيْسِ ا ْ‬
‫ستَ ْأ َذنَ فََأ َبيْتُ َأنْ آ َذنَ لَهُ َ‬
‫جّلَ َليْسَ هُوَ أَ ْرضَ َعنِي وَلَ ِكنْ أَ ْرضَ َع ْتنِي امْرََأةُ َأبِي الْقُ َعيْسِ‪ ،‬فَقَالَ ائْ َذنِي لَهُ فَِإنَهُ عَ ُمكِ‪،‬‬ ‫وَمَا َمنَ َعكِ َأنْ تَ ْأ َذنِي عَ ُمكِ؟ قُّلْتُ يَا رَسُولَ الّلَهِ ِإنَ الرَ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫تَ ِربَتْ يَمِي ُنكِ‪ ،‬قَالَ عُ ْر َوةُ‪ :‬فَِّلذَِلكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرِمُوا ِمنْ ال َرضَاعَةِ مَا ُتحَرِمُونَ ِمنْ النَسَبِ) الحديث يدل على أن لبن الفحل يحرم‬
‫ألمر النبي صلى اهلل عليه وسلم أم المؤمنين عائشة باإل ذن لعمها من الرضاعة لكون العم من الرضاع هو أخو زوج المرضعة وزوج‬
‫المرضعة صار أباً للرضيع بسبب لبن امرأته المرضعة للرضيعة وهي في هذا الحديث أم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها‪.‬‬

‫الشهـــــــــادة عّلى الرضــــاع‬


‫س ْودَاءُ‪،‬‬
‫الراجح‪ :‬قبول قول المرضعة إذا كانت امرأة متصفة بالتقوى ومعروفة بالصدق في القول لحديث (تَ َزوَجْتُ امْرََأةً فَجَا َء ْتنَا امْرََأةٌ َ‬
‫س ْودَاءُ فَقَالَتْ‪ :‬لِي ِإنِي َقدْ أَ ْرضَ ْعتُكُمَا وَهِيَ‬ ‫فَقَالَتْ‪ :‬أَ ْرضَ ْعتُكُمَا فََأ َتيْتُ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَقُّلْتُ تَ َزوَجْتُ فُّلَانَةَ ِبنْتَ فُّلَانٍ فَجَا َءتْنَا امْرََأةٌ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ع ْنكَ) الحديث دليل‬ ‫عهَا َ‬ ‫جهِهِ قُّلْتُ ِإ َنهَا كَا ِذبَةٌ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬كيْفَ ِبهَا وَ َقدْ َزعَمَتْ َأ َنهَا َقدْ أَ ْرضَ َعتْكُمَا َد ْ‬ ‫عنِي‪ ،‬فََأ َت ْيتُهُ ِمنْ ِق َبّلِ وَ ْ‬
‫كَا ِذبَةٌ فََأعْ َرضَ َ‬
‫واضح على قبول قول المرضعة إذا كانت عدلة وقبول شهادة المرأة الواحدة هو خاص بالمرضعة التي أرضعت الرضيع عمالً بهذا‬
‫ع ْنكَ) وأمر النبي صلى اهلل عليه وسلم يقتضي‬ ‫عهَا َ‬ ‫الحديث الصحيح الصريح بوجوب العمل به في قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ( َد ْ‬
‫الوجوب‪.‬‬

‫صفة المرضعة‬
‫يحرم حليب كل امرأة بالغة أو غير بالغة سواء قد بلغت سن اليأس من الحيض أم لم تبلغه‪.‬‬

‫‪ ‬الرابـــع‪ :‬مانع الزنـــــــــا ‪ ,‬الراجح‪ :‬أن نكاح الزانية محرَم لقوله تعالى {الزَانِي لَا يَنكِحُ إلَا زَا ِنيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَا ِنيَةُ لَا يَنكِ ُ‬
‫حهَا إِلَا‬
‫زَانٍ َأوْ مُشْ ِراٌ وَحُرِمَ ذَِلكَ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ}(‪ )5‬اآلية واضحة في تحريم نكاح المرأة الزانية والتحريم قطعي ألنه ال يحتمل معنى آخر‬
‫والقول بتأويل اآلية القطعية الداللة من أجل حديث (ِإنَ امْرََأتِي لَا تَ ْمنَ ُع َيدَ لَامِسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬غَ ِر ْبهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَخَافُ أَنْ َت ْتبَ َعهَا نَفْسِي‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫ستَ ْمتِعْ ِبهَا)(‪ )6‬قول ضعيف ألن الحديث آحادي ظني الداللة وال يؤول القطعي من أجل الظني بل يؤول الحديث بأن المراد بلفظ ال‬ ‫فَا ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)5102‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي اهلل عنها برقم (‪.)5102‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاي‪ :‬كتاب تفسيرالقرآن‪ :‬باب قوله تعالى إن تبدوا شيئاً أوتخفوه‪ .‬حديث قم (‪ )5103‬بلفظ (عن عُرْوَةُ بْنُ الزُبَيْرِ أَنَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا قَالَتْ‪:‬‬
‫س هُ َو أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ‬ ‫ن أَخَا ُه أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْ َ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْ ِه وَسَلَ َم فَإِ َ‬‫ن فِي ِه النَبِ َ‬
‫س بَعْدَمَا أُنْزِ َل الْحِجَابُ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لَا آذَنُ لَهُ حَتَى أَسْتَأْذِ َ‬ ‫ح أَخُو أَبِي الْقُعَيْ ِ‬ ‫ن عَلَيَ أَفْلَ ُ‬ ‫اسْتَأْذَ َ‬
‫أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ‪ ،‬فَدَخَلَ عَلَيَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬لَهُ‪ ،‬يَا رَسُولَ اللَهِ‪ ،‬إِنَ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَى أَسْتَأْذِنَكَ‪،‬‬
‫فَقَالَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي عَمُكِ؟ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَهِ إِنَ الرَجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ‪ ،‬فَقَالَ ائْذَنِي لَهُ فَإِنَهُ‬
‫ن النَسَبِ)‪.‬‬ ‫ن الرَضَاعَةِ مَا تُحَرِمُونَ مِ ْ‬ ‫ك كَانَتْ عَائِشَ ُة تَقُو ُل حَرِمُوا مِ ْ‬ ‫ك قَالَ عُرْوَةُ‪ :‬فَلِذَلِ َ‬
‫ت يَمِينُ ِ‬‫عَمُكِ‪ ،‬تَرِبَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الرضاع‪ ،‬والترمذي في الرضاع‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ .‬أبوداود في النكاح‪ ،‬ومالك في الرضاع‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النكاح‪ ،‬الشهادات‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتا ب النكاح‪ :‬باب شهادة المرضعة‪ .‬حديث قم (‪ ) 5104‬بلفظ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قالَ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ لَكِنِي لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ قَالَ‪:‬‬
‫تَزَوَجْتُ امْرَأَةً فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬أَرْضَعْتُكُمَا فَأَتَيْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْ هِ وَسَلَمَ فَقُلْتُ تَزَوَجْتُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ‪ :‬لِي إِنِي َقدْ‬
‫ت أَنَهَا قَ ْد أَرْضَعَتْكُمَا دَعْهَا عَنْكَ)‬ ‫ت إِنَهَا كَاذِبَةٌ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَ ْ‬‫ن قِبَ ِل وَجْهِهِ قُلْ ُ‬
‫ي كَاذِبَ ٌة فَأَعْرَضَ عَنِي‪ ،‬فَأَتَيْتُ ُه مِ ْ‬ ‫أَرْضَعْتُكُمَا وَهِ َ‬
‫أخرجه الترمذي في الرضاع‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في األقضية‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪ ،‬والدارمي في النكاح‬
‫أطاف البحديث العلم‪ ،‬الشهادات‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النور‪)3( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب النهي عن تزويج من لم تلد‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2041‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪،‬‬
‫ن تَتْبَعَهَا نَفْسِي‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَاسْ تَمْتِ ْع بِهَا) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ف أَ ْ‬
‫ن امْرَأَتِي لَا تَمْنَ ُع يَدَ لَامِسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬غَرِبْهَا‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَخَا ُ‬ ‫فَقَالَ‪ :‬إِ َ‬
‫‪534‬‬
‫ترد يدالمس المراد به مداعبة الرجل ال الزنى ألن المالمسة كناية تحتمل المداعبة وتحتمل الزنى والدليل إذا دخله االحتمال بطل به‬
‫االستدالل‪ ،‬والقول بأن المراد بالمالمسة في الحديث الزنى يخشى منه إباحة الديوثة وهي الرضا بوقوع فاحشة الزنى من أهله والعياذ‬
‫باهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ ‬اخلامســــــة‪ :‬مانع العــــــدد ‪ ,‬يجوز للمسلم أن يجمع بين نكاح أربع من النساء في وقت واحد لقوله تعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِنَ‬
‫س َوةٍ فِي الْجَاهِ ِّليَ ِة‬ ‫ح َدةً}(‪ )1‬ولحديث (َأنَ َ‬
‫غيّْلَانَ بْنَ سَّلَمَةَ الثَقَفِيَ‪ ،‬أَسّْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِ ْ‬ ‫النِسَاء َم ْثنَى َو ُثالَثَ وَ ُربَاعَ فَِإنْ خِ ْفتُمْ أَالَ تَ ْعدِلُواْ َفوَا ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫خيَرَ أَ ْربَعًا ِم ْن ُهنَ) الصحيح‪ :‬أن األحرار والعبيد سواء فيما ال نص فيه ومن‬ ‫سّلَ ْمنَ مَعَهُ‪ ،‬فَأَمَ َرهُ ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َأنْ َيتَ َ‬
‫فَأَ ْ‬
‫ادعى الفرق بين الحرِ والعبد في جواز الزواج باألربع فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة‪ ،‬وفي حديث غيالن الثقفي‬
‫لم يأمره النبي صلى اهلل عليه وسلم بأن يمسك الالئي عقد بهن أوال‪ ،‬بل أطلق وجعل له الخيار في طالق من يريد ويمسك منهن من‬
‫يريد‪ ،‬الحديث دليل أيضاً على ما دلت عليه اآلية من جواز جمع الرجل بين أربع من النساء في وقت واحد‪ ،‬وال يجوز له أن يجمع بين‬
‫أكثر من أربع في وقت واحد وإذا عقد رجل على امرأة خامسة فعقده غير صحيح وهو عقد باطل لمخالفته للشرع اإلسالمي الذي‬
‫يحرم على الرجل أن يجمع بين أكثر من أربع من النساء في وقت واحد‪.‬‬
‫‪ ‬الســـــادس‪ :‬مانع اجلمـــــــــع ‪ ,‬ال يجوز أن يجمع الرجل بين المرأة وأختها في النكاح في وقت واحد لقوله تعالى {وَأَن تَجْمَعُواْ َب ْينَ‬
‫خ َت ْينِ إَالَ مَا َقدْ سَلَفَ ِإنَ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}(‪ ،)3‬الراجح‪ :‬أنه ال يجوز الجمع بين األختين بملك اليمين وال إذا كانت إحداهما‬ ‫األُ ْ‬
‫بنكاح واألخرى بملك يمين فكل حالة من حاالت الجمع بين األختين محرمة لعموم اآلِية الكريمة ألن العلة هي األخوة بينهما ولكي ال‬
‫ينشأ بينهما عداوة أو بغضاء أو تباعد بسبب الجمع بينهما في عصمة رجل واحد سواء كان بعقد نكاح أو بملك يمين أو أحدهما بعقد‬
‫نكاح واألخرى بملك اليمين فتحريم نكاح األخت على أختها تحريماً مؤقتاً ال مؤبداً ألنه في حالة موت األخت أو طالقها من زوجها‬
‫تحل األخت لزوج أختها بعد انتهاء العدة سواء عدة وفاة أو عدة طالق‪ ،‬ويحرم على الرجل الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة‬
‫وخالتها لحديث (لَا يُجْمَعُ َب ْينَ الْمَرَْأةِ َوعَ َم ِتهَا وَلَا َب ْينَ الْمَرَْأةِ وَخَاَلتِهَا)(‪ )4‬الحديث دليل على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين‬
‫المرأة وخالتها في وقت واحد‪ ،‬أما في حالة موت أو طالق األولى فيجوز الزواج بالثانية بعد انتهاء العدة إذا كانت األولى قد طلقها‬
‫زوجها ويجوز الزواج بالثانية إذا ماتت األولى ألنه يجوز للرجل أن يتزوج بعمة زوجته أو بخالتها بعد وفاة الزوجة‪ ،‬ألن التحريم‬
‫صنَاتُ ِمنَ النِسَاء إِالَ مَا مَلَكَتْ‬
‫ح َ‬
‫محصور بحالة الجمع بينهما في حال الحياه في وقت واحد‪ ،‬والحديث مخصص لقوله تعالى {وَالْمُ ْ‬
‫َأيْمَانُكُمْ}(‪ )5‬فاآلية تفيد جواز الوطء بملك اليمين ألي أمة ويخصص من العموم تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أوبين المرأة وخالتها‬
‫في ملك سيد واحد للنهي الخاص عن الجمع بينهما في الحديث‪ ،‬أما الجمع بين المرأة وابنة عمتها أو ابنة عمها أوبين المرأة وابنة‬
‫حلَ لَكُم مَا وَرَاء ذَلِكُمْ}(‪ )6‬الحديث من باب‬ ‫خالها أو ابنة خالتها فيجوز ألن األصل الجواز وهن داخالت تحت عموم قوله تعالى {وَأُ ِ‬
‫الخاص وهو تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أريد به الخاص وهو تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها فقط وال يعم‬
‫التحريم قرائب الزوجة األخريات من بنات أعمامها وعماتها أو بنات أخوالها أو خاالتها‪.‬‬
‫‪ ‬الســــــــــــابع‪ :‬مانع الـــــرق ‪ ,‬يجوز للعبد أن ينكح األمة ويجوز للحرة أن تنكح العبد إذا رضيت بذلك هي وأولياؤها‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن‬
‫الحر ال يجوز له أن يتزوج األمة إال إذا خشي العنت وهو الدخول في الحرام وكان فقيراً ال يستطيع الزواج بالحرة لقوله تعالى {وَمَن‬
‫صنَاتِ الْ ُمؤْ ِمنَاتِ فَمِن مِا مَلَكَتْ َأيْمَانُكُم مِن َف َتيَاتِكُمُ الْ ُمؤْ ِمنَاتِ وَاللّهُ َأعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَ ْعضُكُم مِن بَعْضٍ‬
‫ح َ‬
‫طوْالً أَن يَنكِحَ الْمُ ْ‬
‫ستَطِعْ مِنكُمْ َ‬ ‫لَمْ يَ ْ‬
‫(‪)7‬‬
‫خدَانٍ} في اآلية داللة واضحة على أنه‬ ‫خذَاتِ أَ ْ‬ ‫غيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَالَ ُمتَ ِ‬ ‫صنَاتٍ َ‬ ‫ح َ‬
‫فَانكِحُو ُهنَ بِِإ ْذنِ أَهِْل ِهنَ وَآتُو ُهنَ أُجُورَ ُهنَ بِالْمَعْرُوفِ مُ ْ‬
‫اليجوز للحر أن ينكح األمة إال بشرطين‪:‬‬

‫األول‪ :‬أال يستطيع الزواج بالحرة لعدم قدرته من الناحية المالية‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن يخشى على نفسه إذا لم يتزوج الوقوع في جريمة الزنى وهو المراد بخشية العنت في اآلية‪ ،‬وفيها داللة أنه ال يجوز لمن كان‬
‫متزوجاً بحرة أن يتزوج بأمة إال بالشرطين السابقين يعني إذا كانت الحرة ال تغنيه ويخشى على نفسه العنت وهو الوقوع في الحرام وليس‬
‫لديه قدرة مالية يتزوج بامرأة حرة ثانية‪ ،‬وإذا أصبح من تزوج األمة غنياً بعد زواجه باألمة فال يجب عليه طالق األمة بل الواجب عليه‬
‫اال ستمرار على نكاحه إذا كانت العشرة بينهما حسنة ألنه تزوج األمة بسبب شرعي وهو في حالة الفقر وفي حالة الخشية من الوقوع في‬

‫أخرجه النسائي في النكاح‪.‬‬


‫غربها‪ :‬المراد طلقها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬ال تمنع يد ال مس‪ :‬التمنع نفسها عمن يقصدها بفاحشة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪)3( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ماجاء فيمن أسلم وعنده عشر نسوة‪ .‬حديث قم (‪ ) 1125‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬أَنَ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَقَفِيَ‪ ،‬أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ‬
‫ن يَتَخَيَ َر أَرْبَعًا مِنْهُنَ) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَ ْ‬ ‫نِسْوَ ٍة فِي الْجَاهِلِيَ ِة فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ‪ ،‬فَأَمَرَ ُه النَبِ ُ‬
‫أخرجه ابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في الطالق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النساء‪)23( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬با ب ال تنكح المرأة على عمتها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3422‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا)‬‫ن الْمَرْأَةِ وَعَمَتِهَا وَلَا بَيْ َ‬‫قَالَ‪ :‬لَا يُجْمَ ُع بَيْ َ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند االمكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الرضاع‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النساء‪)24( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬النساء‪)24( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬النساء‪)25( :‬‬
‫‪535‬‬
‫صنَاتِ الْ ُمؤْ ِمنَاتِ}(‪ )1‬وهو تحريم الزواج باألمة لمن كان غنيا‬ ‫ح َ‬ ‫طوْالً أَن يَنكِحَ الْمُ ْ‬
‫ستَطِعْ مِنكُمْ َ‬
‫الحرام‪ ،‬ويقدم مفهوم قوله تعالى {وَمَن لَمْ يَ ْ‬
‫يستطيع الزواج بالحرة على عموم قوله تعالى {وَأَنكِحُوا الَْأيَامَى مِنكُمْ وَالصَالِحِينَ ِمنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُ ْغ ِنهِمُ اللَهُ مِن‬
‫َفضْلِهِ وَاللَهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(‪ )2‬ألن عموم اآلية يقتضي تزويج اإلماء من حر أو عبد سواء كان الحر غنياً أو فقيراً خاشياً للعنت أو غير خاشٍ‬
‫وعند تعارض المفهوم والعموم يقدم المفهوم على العموم ألن المفهوم أقوى من العموم‪.‬‬

‫‪ ‬الثامـــــن‪ :‬مانــــع الكفـــــــر ‪ ,‬الصحيح‪ :‬ال يجوز التزوج بأي امرأة كافرة لقوله تعالى {وَالَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ َ‬
‫حتَى ُيؤْ ِمنَ وَألَمَةٌ‬
‫جبَتْكُمْ}(‪ )3‬النهي عام في أي كافرة سواء كانت مشركة أو يهودية أو نصرانية وخصص عموم هذه‬ ‫خيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ وََلوْ أَعْ َ‬
‫ُمؤْ ِمنَةٌ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫اآلية بآية حل نكاح المرأة من أهل الكتاب لقوله تعالى (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن) وحل‬
‫المحصنات من الذين أوتوا الكتاب هو أعم من كونها حرة أو أمة فيخص حل نكاح الكتابية سواء كانت يهودية أو نصرانية وسواء‬
‫كانت حرة أو أمة‪ ،‬ويبقى تحريم المشركة سواء كانت بوذية أو هندوسية أو أي كافرة غير كتابية‪ ،‬الراجح‪ :‬أن السبي يهدم النكاح‬
‫سواء سُبي الزوج والزوجة معا أو سُبي أحدهما قبل اآلخر‪.‬‬
‫‪ ‬التاسـع‪ :‬مانــــع اإلحرام ‪ ,‬الصحيح‪ :‬أن الرجل المحرم ال يجوز له أن يَنكِح أي أن يعقد لنفسه عقد زواج وال يُنكَح أي وال يعقد بقريبته‬
‫لغيره عقد النكاح وهو محرم لحديث (لَا َينْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا ُينْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ)(‪ )5‬الحديث دليل على تحريم نكاح المحرم أو خطبته‪ ،‬وأما‬
‫حديث (َأنَ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عَّلَيْهِ وَسَّلَمَ تَ َزوَجَ َميْمُونَةَ وَ ُهوَ مُحْرِمٌ)(‪ )6‬فهو مرجوح بحديث أم المؤمنين ميمونة رضي اهلل عنها (أَنَ‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬تَ َزوَجَهَا وَ ُهوَ حَلَالٌ)(‪ )7‬وبرواية أبي رافع السفير بين رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وبين أم‬
‫المؤمنين ميمونة رضي اهلل عنها بأن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تزوج بأم المؤمنين ميمونة وهو حالل‪ ،‬وروايتهما أرجح من‬
‫رواية ابن عباس لكونهما أعرف بالقصة ألن أم المؤمنين ميمونة هي صاحبة القصة وهي أعرف بها وأبو رافع هو الواسطة في‬
‫التزويج وهو أعرف وروايته أثبت من رواية ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫‪ ‬العاشر‪ :‬مانــــع املـــــــرض ‪ ,‬الراجح‪ :‬في زواج الشخص المريض الرجوع إلى القرائن فإن دلت القرائن على احتياج الرجل للزواج‬
‫فالعقد صحيح وإن دلت القرائن على أن المراد بالزواج االضرار بالورثة بإدخال وارث جديد ليزاحم الورثة في الميراث‪ ،‬ولكن‬
‫األصل صحة النكاح الكتمال الشروط المطلوبة في صحة عقد النكاح والغالب أن المريض ال يتزوج إال الحتياجه إلى امرأة تقوم‬
‫بحاله‪ ،‬ومن ادعى الحيلة فعليه البرهان‪.‬‬
‫‪ ‬احلـــــادي عشـــــر‪ :‬مانــــــع العـــــدة ‪ ,‬ال يجوز النكاح بالمرأة وهي في حالة العدة سواء كانت عدة طالق بالحيض أو باألشهر أو‬
‫بالحمل أو كانت عدة وفاة أربعة أشهر وعشرا وإذا تزوج الرجل امرأة وهي في حال عدتها فالواجب أن يفرق بينهما وتكمل عدتها من‬
‫األول ثم يعقد بها للثاني إذا كانت راضية بعقد جديد إذا كان ا لثاني لم يكن قد دخل بها وإن كان الزوج الثاني قد دخل بها فيجب أن‬
‫يفرق بينهما وتكمل عدتها من األول ثم تستبرئ من الثاني بحيضة وإذا كانت راضية بالثاني فيعقد بها للثاني بعقد جديد ومهر جديد‬
‫ألنها استحقت المهر األول بما استحل من فرجها‪ ،‬الراجح‪ :‬أن المرأة ال تحرم على الثاني تحريماً مؤبداً ورأى عمر بن الخطاب رأي‬
‫صحابي وال حجة في قول الصحابي وال في فعله‪ ،‬الراجح‪ :‬أن المهر ال يسلم من بيت المال وإنما يسلم المهر الزوج ألن الفرج ال‬
‫يخلو من حد أو مهر والمهر على الزوج ال على بيت المال‪.‬‬

‫وجوب استبراء المرأة المسبية‬


‫ال يجوز وطء المرأة المسبية إال بعد استبرائها إن كانت حامالً فبوضع الحمل وإن كانت حائضاً فتستبرئ بحيضة لحديث (لَا تُوطَأُ حَامِ ٌّل‬
‫ح ْيضَةً)(‪ ،)8‬الحديث دليل صحيح صريح على تحريم وطء المرأة المسبية قبل وضع حملها إن‬ ‫حتَى تَحِيضَ َ‬ ‫حتَى َتضَعَ‪ ،‬وَلَا َ‬
‫غيْرُ ذَاتِ حَ ْمّلٍ َ‬ ‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪)25( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النور‪)32( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)221( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)5( :‬‬
‫‪5‬‬
‫ن يَقُولُ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ‬‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب تحريم نكاح المحرم وكراهية حطبته‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3432‬بلفظ (سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَا َ‬
‫ح وَلَا يَخْطُبُ)‬
‫ح الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَ ُ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬لَا يَنْكِ ُ‬
‫أخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬ومالك في‬
‫الحج‪ .‬والدامي في المناسك‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب تزويج المحرم‪ .‬حديث قم (‪ ) 3437‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ تَزَوَجَ مَيْمُونَةَ‬
‫وَهُوَ مُحْرِمٌ)‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في ومن مسند بني هاشم‪.‬‬
‫والدامي في المناسك‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬المغازي‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب تحريم نكاح المحرم‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3435‬بلفظ (عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِ‪ ،‬حَدَثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬تَزَوَجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ‪ ،‬قَال‪ :‬وكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَ َة ابْنِ عَبَاسٍ)‪.‬‬
‫أخرجه الترمذي في الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود ‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب في وطء السبايا‪ .‬حديث قم (‪ ) 2175‬بلفظ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ وَرَفَعَهُ أَنَهُ قَالَ‪ :‬فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ‪ ،‬لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَى‬
‫تَضَعَ‪ ،‬وَلَا غَيْ ُر ذَاتِ حَمْلٍ حَتَى تَحِيضَ حَيْضَةً) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه مسلم في الرضاع‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في الطالق‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬الوطء‪ :‬الجماع‪.‬‬
‫‪536‬‬
‫كانت حامالً وقبل استبرائها بحيضة إذا لم تكن حامالً‪ ،‬وقد همَ النبي صلى اهلل عليه وسلم أن يلعن من يطأ المرأة المسبية قبل استبرائها في‬
‫حّلُ لَه)(‪ )1‬واللعن الطرد من رحمة‬ ‫حّلُ لَ ُه؟ َكيْفَ يَسْتَ ْ‬
‫خدِمُهُ وَ ُهوَ لَا يَ ِ‬ ‫خّلُ مَعَهُ قَبْ َرهُ‪َ ،‬كيْفَ ُيوَ ِرثُهُ وَ ُهوَ لَا يَ ِ‬
‫حديث (لَقَدْ هَمَمْتُ َأنْ أَلْ َعنَهُ لَ ْعنًا َيدْ ُ‬
‫اهلل تعالى والذنب الذي يلعن اهلل أو رسوله فاعله هو كبيرة من كبائر اإلثم كما نص على ذلك بعض العلماء‪.‬‬

‫صنَاتُ ِمنَ النِسَاء}(‪ )2‬اآلية تدل‬ ‫‪ ‬الثــاني عشـــــر‪ :‬مانــع الزوجيـــــــة ‪ ,‬يحرم على اإلنسان الزواج بالمرأة المتزوجة لقوله تعالى {وَالْمُ ْ‬
‫ح َ‬
‫داللة واضحة وصريحة على تحريم المرأة المزوجة‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن األمة إذا بيعت وهي مزوجة ال يكون بيعها طالقا ألنه لو كان بيع‬
‫األمة طالقاً لكان شراء عائشة رضي اهلل عنها لبريرة رضي اهلل عنها طالقا من زوجها ولو كان البيع طالقاً لما خيرها رسول اهلل صلى‬
‫عتِقِيهَا‪ ،‬فَِإنَ‬‫اهلل عليه وسلم بين البقاء على نكاحها أو فسخ النكاح بعد عتقها لكونها أصبحت حرة وملكت أمر نفسها بعد الحرية لحديث (َأ ْ‬
‫جهَا فَقَالَتْ‪َ :‬لوْ َأعْطَانِي َكذَا وَ َكذَا مَا َثبَتُ ِ‬
‫ع ْندَهُ‬ ‫خيَرَهَا ِمنْ زَوْ ِ‬
‫عتَقْ ُتهَا َفدَعَاهَا ال َنبِيُ صَّلَى الّلَ ُه عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَ َ‬
‫ا ْلوَلَاءَ لِ َمنْ َأعْطَى ا ْلوَ ِرقَ فََأ ْ‬
‫سهَا)(‪ )3‬الحديث دليل صحيح صريح على أن بيع األمة ليس بطالق لها‪ ،‬واألمة إذا سبيت وهي متزوجة فالسبي يحل وطأها‬ ‫فَاخْتَارَتْ نَفْ َ‬
‫للسابي ولو كانت متزوجة ولكن ال يجوز وطء األمة إال بعد استبرائها إن كانت حامالً فبوضع الحمل وإن لم تكن حامالً فتستبرأ بحيضة‬
‫لحديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوم حنين بعث جيشاً إلى أو طاس فلقوا عدوَا فقاتلوهم‬
‫فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكان ناساً من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من‬
‫صنَاتُ ِمنَ النِسَاء إِالَ مَا مَلَكَتْ َأيْمَانُكُمْ}(‪ )4‬أي فهن لكم حالل إذا انقضت عدتهن فتصبح‬ ‫ح َ‬‫المشركين فأنزل اهلل عز وجل في ذلك {وَالْمُ ْ‬
‫األمة حالالً للسابي لها أو الم الك لها بأي سبب من أسباب تملك الجارية وتصبح محرمة على الزوج المشرك الذي كانت زوجته قبل‬
‫سبيها أما بعد سبيها فقد أصبحت ملكاً للسابي أو لمن يملكها بسبب شرعي‪.‬‬

‫األنكحة التي انعقدت قبل اإلسالم‬


‫إذا أسلم الرجل وهو متزوج ب أكثر من أربع نسوة فيشرع له أن يختار منهن أربع نسوة ويجب عليه أن يطلق الباقيات ويجوز له أن يختار‬
‫األربع ممن يشاء وال يلزم باختيار الالئي وقع عليهن العقد أوال ألنه ال يوجد دليل يوجب على الزوج اختيار من عقد عليهن أوال بل له‬
‫س َوةٍ فِي الْجَاهِِّليَةِ فَأَسّْلَ ْمنَ مَعَهُ‪ ،‬فَأَمَ َرهُ ال َنبِيُ صَّلَى‬
‫غيّْلَانَ ْبنَ سَّلَمَةَ الثَقَفِيَ‪ ،‬أَسّْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِ ْ‬
‫الحق في اختيار من يرغب منهن لحديث (َأنَ َ‬
‫خيَرَ أَ ْربَعًا ِم ْن ُهنَ)(‪ )5‬الحديث دليل على تحريم جمع الرجل بين أكثر من أربع نساء في وقت واحد وعلى أن من أسلم‬ ‫الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ َأنْ َيتَ َ‬
‫وهو متزوج بأكثر من أربع زوجات فيجوز له اختيار أربع منهن فقط‪.‬‬

‫من يسلم وهو متزوج أختني‬


‫إذا أسلم الرجل وهو متزوج بأ ختين فيجب عليه أن يطلق إحداهما ويختار إحداهما ويحق له أن يختار من أراد منهما سواء التي عقد بها‬
‫أوالً أو التي عقد بها آخراً ال فرق فاالختيار هو للزوج وال قيد عليه في اختياره لحديث (َأ َتيْتُ ال َنبِيَ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ فَقُّلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ‬
‫شئْتَ)(‪.)6‬‬ ‫ختَانِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬ا ْ‬
‫ختَرْ َأ َي َتهُمَا ِ‬ ‫حتِي أُ ْ‬
‫الّلَهِ ِإنِي أَسّْلَمْتُ َوتَ ْ‬

‫إسالم أحد الزوجني قبل اآلخر‬


‫إذا أسلم الرجل بعد إسالم المرأة ولم تكن قد تزوجت بزوج آخر فيجوز أن يُقرَا على نكاحهما بدون عقد جديد وال مهر جديد لحديث (رَدَ‬
‫حدِثْ نِكَاحًا)(‪ )7‬وال يجوز للمرأة إذا‬ ‫سنِينَ بِالنِكَاحِ األول وَلَمْ يُ ْ‬
‫ال َنبِيُ صَّلَى الّلَهُ عََّليْهِ وَسَّلَمَ ا ْب َنتَهُ َز ْينَبَ عَّلَى َأبِي الْعَاصِي ْبنِ الرَبِيعِ بَ ْعدَ سِتِ ِ‬
‫أسلمت قبل زوجها أن تمكن زوجها من نفسها ألن إسالمها حرمها على الزوج الكافر لقوله تعالى { فَلَا تَرْجِعُو ُهنَ إِلَى الْكُفَارِ لَا ُهنَ حِلٌ‬

‫‪1‬‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪ ،‬أَنَ ُه أَتَى بِامْرَأَةٍ مُجِح‬‫ن النَبِ ِ‬‫ن أَبِي الدَ رْدَاءِ عَ ْ‬‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب تحريم وطء الحامل المسبية‪ .‬حديث رقم (‪ )3547‬بلفظ (عَ ْ‬
‫عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَعَلَهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَ بِهَا‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬نَعَمْ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ‪ ،‬كَيْفَ يُوَرِثُهُ وَهُوَ لَا‬
‫ف يَسْتَخْدِمُهُ وَهُ َو لَا يَحِلُ لَهُ)‪.‬‬
‫يَحِلُ لَهُ؟ كَيْ َ‬
‫أخرجه أبوداود في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫يلم‪ :‬يطؤها‪.‬‬ ‫فسطاط‪ :‬الخيمة الكبيرة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬مجح‪ :‬هي الحامل التي قربت والدتها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪)24( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العتق‪ :‬باب بيع الوالء وهيبته‪ .‬حديث قم (‪ ) 6754‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَ َها‬
‫فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَعْتِقِيهَا‪ ،‬فَإِنَ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْ وَرِقَ فَأَعْتَقْتُهَا فَدَعَاهَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَخَيَرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ‪ :‬لَوْ‬
‫ت نَفْسَهَا)‬‫أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُ عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في العتق‪ ،‬والترمذي في البيوع‪ ،‬وأبو داود في العتق‪ ،‬وابن ماجة في الدعاء‪ ،‬ومالك في العتق والوالء‪.‬‬
‫الورق‪ :‬الفضة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الوالء‪ :‬نسب المعتق وإرثه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬النساء (‪)24‬‬
‫‪5‬‬
‫سنن الترمذي‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنه رقم (‪)1125‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ماجاء في الرجل يسلم وعنده أختان‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1121‬بلفظ (عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِ أَنَهُ سَمِعَ ابْنَ فَيْرُوزَ الدَيْلَمِيَ يُحَدِثُ‬
‫عَنْ أَبِيهِ قَالَ‪ :‬أَتَيْتُ النَبِيَ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَقُلْتُ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ إِنِي أَسْلَمْتُ وَتَ حْتِي أُخْتَانِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اخْتَرْ أَيَتَهُمَا شِئْتَ) حسنه‬
‫األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬
‫أخرجه أبوداود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ماجاء في الز وجين المشركين يسلم أحدهما‪ .‬حديث رقم (‪ ) 1143‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬رَدَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ث نِكَاحًا) صححه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ح األول وَلَ ْم يُحْدِ ْ‬
‫ن بِالنِكَا ِ‬
‫ت سِنِي َ‬
‫ن الرَبِي ِع بَعْ َد سِ ِ‬
‫ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِي بْ ِ‬
‫أخرجه أبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪.‬‬
‫‪537‬‬
‫صنَاتُ ِمنَ اَلذِينَ أُوتُو ْا‬ ‫َلهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُونَ لَ ُهنَ}(‪ )1‬أما الزوج إذا أسلم وكان متزوجاً بامرأة كتابية فيجوز له البقاء معها لقوله تعالى {وَالْمُ ْ‬
‫ح َ‬
‫الْ ِكتَابَ مِن َقبْلِكُمْ}(‪ )2‬وهذه اآلية هي مخصصة لعموم قوله تعالى {وَلَا تُمْسِكُوا بِ ِعصَمِ الْ َكوَافِرِ}(‪ )3‬فاآلية تدل على تحريم التمسك بالزوجة‬
‫المشركة سواء كانت ممن تعبد األصنام أو كانت بوذية أو هندوسية أو التينية ويخصص من عموم (الكوافر) المرأة الكتابية بقوله تعالى‬
‫صنَاتُ ِمنَ اَلذِينَ أُوتُواْ الْ ِكتَابَ مِن َقبْلِكُمْ} سواء كانت يهودية أو نصرانية ألنهما داخلتان في عموم اآلية‪.‬‬
‫ح َ‬
‫{وَالْمُ ْ‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الممتحنة‪)10( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المائدة‪)5( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الممتحنة‪)10( :‬‬
‫‪538‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬اخليار يف عقد النكاح‬

‫خيار العيوب‬ ‫‪‬‬


‫خيار اإلعسار بالصداق والنفقة‬ ‫‪‬‬
‫خيار الفقد‬ ‫‪‬‬
‫خيار العتق‬ ‫‪‬‬

‫‪539‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬اخليار يف عقد النكاح‬

‫خيار العيوب‬
‫العيوب التي ذكر الفقهاء أن النكاح يفسخ إن وجدت في الرجل أو المرأة هي الجنون والجذام والبرص وهذه الثالثة هي عيوب مشتركة قد‬
‫توجد في الرجل والمرأة وعيوب المرأة الخاصة بها هي داء الفرج الذي يمنع الوطء مثل‪ :‬القرن‪ ،‬وهوشيء مثل القرن يوجد في رحم‬
‫المرأة يمنع الوطء أو الرتق‪ ،‬وهو أن يوجد رحم المرأة كالمرتوق بحيث اليستطيع الزوج الوطء‪ ،‬وهذه العيوب يمكن معالجتها في العصر‬
‫الحاضر بواسطة العمليات الجراحية‪ ،‬وعيوب الرجل الخاصة به العنة أو الخصي‪ ،‬وكل واحد منهما عيب في الرجل إال إذا كانت المرأة‬
‫راضية بالبقاء مع الزوج مع وجود العيب‪ ،‬واآلن ظهرت في هذا العصر أمراض معدية مثل‪ :‬مرض الزهري واإليدز ونحوهما هي أهم‬
‫من العيوب المذكورة في كتب الفقه القديمة وهما من العيوب المشتركة‪ ،‬واألصل في من تزوج بامرأة ليس له أن يردها وليس للمرأة أن‬
‫ترد الزواج ألنه لم يرد دليل صحيح خال من المعارضة يدل على جواز الرد بالعيب في باب األنكحة‪ ،‬واألصل أن العقد ال يتم إال بعد‬
‫معرفة الرجل بالم رأة والمرأة بالرجل معرفة تامة قبل العقد‪ ،‬وإذا أرادت المرأة الفرقة بعد الزواج فيجوز لها أن تخالع الزوج مخالعة وال‬
‫حاجة للفسخ بالعيب‪ ،‬وإذا أراد الزوج الفرقة بعد الدخول بالمرأة فيجوز له أن يطلقها طالقاً وال ترجع له شيئاً من المهر ألنها قد استحقته‬
‫بما استحل الزوج من فرجها‪.‬‬

‫خيار اإلعسار بالصداق والنفقة‬


‫ا إلعسار بالنفقة يسبب للمرأة ضررا من عجز الزوج عن اإلنفاق على الزوجة‪ ،‬وإذا قد حصل لها الضرر من عدم اإلنفاق عليها فيجوز‬
‫لها أن تطلب فسخ نكاحها بسبب الضرر من عجز الزوج عن اإلنفاق عليها‪.‬‬

‫خيار الفقد‬
‫المفقود‪ :‬هو من انقطع عن أهله فترة من الزمن وجُهل فيها موته أو حياته فالراجح‪ :‬أن تركته ال تقسم حتى يثبت موته‪ ،‬ولكن يجوز‬
‫للورثة أن يتوزعوا أمواله للتعيش فيها واالرتزاق من غالتها ال للقسمة والتمليك الشرعي ألنه من شروط تملك المال الموروث التحقق‬
‫من موت المورِث‪ ،‬وأما بخصوص فسخ عقد نكاح زوجة المفقود ففي قانون األحوال الشخصية اليمني أن زوجة الشخص المفقود تنتظر‬
‫عودته لمدة سنتين‪ ،‬وبعد انقضاء السنتين يحق لها أن تطلب فسخ عقد نكاحها في المحكمة الشرعية لتضررها من غيابه من الناحية‬
‫الجنسية حتى ولو كان ينفق عليها من ماله‪ ،‬وسواء كان غيابه وفقدانه في بالد المسلمين أو الكافرين ألن العلة هي تضرر الزوجة من‬
‫غيابه‪.‬‬

‫خيار العتق‬
‫الصحيح‪ :‬أن األمة إذا أعتقت وهي متزوجة فإن لها الخيار في عقد نكاحها سواء كان زوجها عبداً أو حراً لحديث ( َف َدعَاهَا النَبِيُ صَلَى‬
‫ع ْن َدهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا)(‪ )1‬الحديث يدل على تخيير األمة مطلقاً‬
‫جهَا فَقَالَتْ َلوْ َأعْطَانِي َكذَا وَ َكذَا مَا َثبَتُ ِ‬
‫اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ فَخَيَرَهَا مِنْ زَوْ ِ‬
‫سواء كان زوجها عبداً أو حراً ألن الظاهر أن لها الخيار المطلق في عقد النكاح لمقابل إجبارها في الزواج وهي أمة مثلها مثل البنت‬
‫الصغيرة التي يزوجها أبوها من دون رضاها وإذا بلغت يكون لها الخيار في إمضاء عقد نكاحها أو فسخه‪ ،‬وهكذا األمة لها الخيار بعد‬
‫عتقها في إقرار عقد الزواج أو فسخه لمقابل تزويج مالكها لها بدون رضاها وهي أمة‪ ،‬وأما وقت إعالنها فسخ عقد نكاحها فالراجح‪ :‬أن‬
‫لها الخيا ر ما لم يمسها فإذا وطأها زوجها بعد عتقها فهو دليل على رضاها بالزوج وهو إقرار منها بعقد نكاحها وال يقبل طلبها فسخه عقد‬
‫نكاحها بعده‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب العتق‪ :‬باب بيع الوالء وهبته‪ .‬حديث رقم (‪ )6752‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا‬
‫فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَم‪ َ،‬فَقَالَ‪ :‬أَعْتِقِيهَا فَإِنَ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ فَأَعْتَقْتُهَا‪ ،‬فَدَعَاهَا النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَخَيَرَهَا مِنْ زَوْجِهَا‪ ،‬فَقَالَتْ ‪:‬‬
‫ت نَفْسَهَا)‬
‫لَ ْو أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُ عِنْدَ ُه فَاخْتَارَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في ال عتق‪ ،‬والترمذي في البيوع‪ ،‬وأبو داود في العتق‪ ،‬وابن ماجة في الدعاء‪ ،‬ومالك في العتق والوالء‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الزكاة‪ ،‬البيوع‪.‬‬
‫الورق‪ :‬الفضة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬الوالء‪ :‬نسب المعتق وإرثه‪.‬‬
‫‪541‬‬
‫الباب اخلامس‪ :‬حقوق الزوجة‬

‫النفقة‬ ‫‪‬‬
‫قيام المرأة باألعمال البيتية‬ ‫‪‬‬
‫وقت وجوب النفقة‬ ‫‪‬‬
‫مقدار النفقة‬ ‫‪‬‬
‫لمن تجب النفقة‬ ‫‪‬‬
‫العدل بين الزوجات في القسم‬ ‫‪‬‬
‫مقام الزوج عند البكر والثيب عقب الزواج‬ ‫‪‬‬
‫حقوق الزوج‬ ‫‪‬‬
‫الحضانة‬ ‫‪‬‬
‫سقوط حق األم في الحضانة‬ ‫‪‬‬
‫انتقال الحضانة إلى أم األم ثم إلى الخالة أخت األم‬ ‫‪‬‬

‫‪541‬‬
‫الباب اخلامس‪ :‬حقوق الزوجـــــة‬

‫النفقـــــــــة‬
‫للزوجة على زوجها حقوق مادية ومعنوية فمن الحقوق المادية النفقة والكسوة والمسكن والعالج بحسب حال الزوج من اإليسار واإلعسار‬
‫لقوله تعالى {ِليُن ِفقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَ َعتِهِ وَمَن ُقدِرَ عََليْهِ رِزْقُهُ فَلْيُن ِفقْ مِمَا آتَاهُ اللَهُ لَا يُكَلِفُ اللَهُ نَفْساً إِلَا مَا آتَاهَا سَيَجْ َعلُ اللَهُ بَعْدَ عُسْرٍ‬
‫س َوتُ ُهنَ بِالْمَعْرُوف}(‪ )2‬فيختلف تقدير نفقة الرجل الغني عن الرجل الفقير عن الرجل‬ ‫يُسْراً}(‪ )3‬ولقوله تعالى {وَعلَى الْ َموْلُودِ لَهُ رِزْ ُق ُهنَ وَكِ ْ‬
‫متوسط الدخل‪ ،‬كما أن من حقوق الزوجة االتصال الجنسي والمعاشرة الحسنة والكلمة الطيبة والبسمة والمعاملة الودودة واألخالق‬
‫الكريمة والرحمة والحنان والمودة والشفقة واحترامها كإنسان لها حق التفاهم والتشاور في األمور البيتية وتربية األوالد‪ ،‬ويستحب مداعبة‬
‫الزوجة المداعبة الخفيفة التي تطيب النفس ويذهب بها الغم وتسعد بها الزوجة‪ ،‬وإذا أخطأت كلمها بلين ورفق ال بعجرفة وتكبر‪ ،‬وإذا‬
‫أساءت وغضب عليها فليرجع عن غضبه في أقرب وقت ممكن ألن المرأة قد تقع في الخطأ وليست معصومة عن األخطاء ألنها بشر‬
‫والبشر يخطئون ويصيبون‪ ،‬وحسن معاشرة الزوجة بالفعل والقول واجب على الزوج في كل األحوال والظروف لقوله تعالى‬
‫خيْراً َكثِيراً}(‪ )3‬والواجب على الزوج أن يقدم واجبات‬ ‫شيْئاً َويَجْ َعلَ الّلهُ فِيهِ َ‬ ‫{ َوعَاشِرُو ُهنَ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِ ْهتُمُو ُهنَ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫الزوجة عليه من الحقوق المادية والمعنوية قبل مطالبتها بحقوقه عليها لقوله تعالى {وََل ُهنَ ِم ْثلُ اَلذِي عََل ْي ِهنَ بِالْمَعْرُوفِ} في اآلية داللة‬
‫واضحة على أن اهلل عز وجل قدم حقوقهن على واجباتهن‪ ،‬واآلية الجامعة لحقوق الزوجة أوالزوجات هي قوله تعالى {فَإِمْسَااٌ بِمَعْرُوفٍ‬
‫َأوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}(‪ )5‬والرسول صلى اهلل عليه وسلم كان القدوة في حسن معاشرة أهله وقد حث األزواج على حسن العشرة مع‬
‫خيْرُكُمْ لِأَهْلِي)(‪ )6‬وفي مقابل حقوق المرأة على زوجها أوجب الشرع اإلسالمي عليها‬ ‫خيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ‪ ،‬وََأنَا َ‬
‫الزوجات في حديث ( َ‬
‫واجبات نحو زوجها وهي حقوق لزوجها عليها ليس هي طاعة الزوج فيما يتعلق باالتصال الجنسي والقيام باألعمال البيتية وتربية‬
‫األطفال فحسب بل عليها واجب نحو زوجها من الناحية النفسية وهي أن تبش في وجه زوجها وتالطفه بالكلمة الطيبة وأن تحسن استقباله‬
‫عند عودته من العمل إلى البيت وتحرص على أن تجعل من البيت مكاناً لسعادة وراحة ورفاهية الزوج‪ ،‬وإذا لزم األمر إلى أن تعاتب‬
‫الزوج فتعاتبه برفق ولطف ولين‪ ،‬وإذا لزم األمر إلى أن تطلب منه أي مطلب مادي فتطلبه منه في األوقات المناسبة التي يكون الزوج‬
‫فيها مرتاحاً وأن تستخدم العبارات اللطيفة التي بواسطتها تستطيع الزوجة الحصول على ما تطلبه سواء من الضروريات الحياتية أو‬
‫الكماليات التي تحتاجها الزوجة أو األسرة‪.‬‬

‫قيام املرأة باألعمال البيتية‬


‫يجب على الزوجة أن تقوم باألعمال البيتية وال يجب على الزوج أن يأتي للزوجة بخادمة ألن فاطمة بنت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫شكت إلى أبيها تعبها من قيامها بأعمال بيتها وطلبت منه مساعدتها بخا دمة من الغنائم لتساعدها على أعمالها البيتية فأقرها الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم على قيامها بأعمال بيتها ولم يخبرها بأن أعمال البيت ال تجب عليها أو ال تلزمها‪ ،‬وقد كانت تقوم بأعمال بيتها وهي من‬
‫أفضل نساء العالمين وهي بنت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وإقرار النبي صلى اهلل عليه وسلم لفاطمة بنت محمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫على القيام باألعمال البيتية هو دليل ترجيح الشوكاني واألمير وغيرهما من علماء اإلسالم بأن الواجب على المرأة القيام باألعمال البيتية‪،‬‬
‫والقول بعدم قيام المرأة باألعمال البيتية قول ضعيف‪.‬‬

‫وقت وجوب النفقة‬


‫الراجح‪ :‬أن النفقة تجب على الزوج للزوجة بعد الدخول بها أي بعد أن تزف إليه إال في حالة رفضه الدخول بالزوجة فيجب عليه نفقتها‬
‫قبل الدخول بها‪ ،‬والعرف في اليمن أن الزوج ال ينفق على زوجته إال بعد زفافها إليه‪ ،‬الراجح‪ :‬أن النفقة تجب للزوجة لكونها محبوسة‬
‫لدى الزوج ومتفرغة للقيام بحقوق الزوجية‪.‬‬

‫مقدار النفقــة‬
‫نفقة الزوجة على زوجها غير مقدرة بنص شرعي وال يوجد نص شرعي يحدد مقدار نفقة الزوجة على زوجها ألن تقدير نفقة الزوجة‬
‫يختلف من زوج إلى زوج بحسب اختالف حال الزوج ويختلف بحسب األمكنة واألزمنة واألحوال لقوله تعالى {ليُن ِفقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَ َعتِهِ‬
‫سيَجْ َعلُ اللَهُ بَ ْعدَ عُسْرٍ يُسْراً}(‪ )7‬وأما القول بأن نفقة الزوجة تقدر‬
‫وَمَن ُقدِرَ عََليْهِ رِزْقُهُ فَ ْليُن ِفقْ مِمَا آتَاهُ اللَهُ لَا يُكَلِفُ اللَهُ نَفْساً إِلَا مَا آتَاهَا َ‬
‫بمدان من القمح على الموسر وبمد ونصف على المتوسط وبمد على الفقير فهو قول ضعيف لعدم الدليل عليه ال من قول النبي صلى اهلل‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الطالق‪)7( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)233( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النساء‪)11( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)225( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)221( :‬‬
‫‪6‬‬
‫ن عَائِشَةَ‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬قَالَ رَسُو ُل اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَمَ‪:‬‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‪ :‬كتاب المناقب‪ :‬باب فضل أزواج التبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪) 3515‬بلفظ (عَ ْ‬
‫ت صَاحِبُكُ ْم فَدَعُوهُ) صححه األلباني بنفس الرقم‪.‬‬
‫خَيْرُكُ ْم خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ‪ ،‬وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي‪ ،‬وَإِذَا مَا َ‬
‫أخرجه أبوداود في األدب‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬الطالق‪)7( :‬‬
‫‪542‬‬
‫عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره وألن المرأة بحاجة إلى طعام وإدام والطعام بحاجة إلى حبوب تطحن وتطبخ والحبوب التعطى‬
‫كما هي لألكل إال للحيوانات‪ ،‬ولكن الواجب أن يقدر النفقة القاضي الشرعي من النقود يراعي فيها حاجات المرأة مع مراعاة حال الزوج‬
‫من اإليسار واإلعسار إذا لزم تقديرها من قبل المحكمة الشرعية‪ ،‬وأما القول بوجوب اإلنفاق على خادم لتخدم الزوجة فال دليل عليه ال‬
‫من الكتاب وال من السنة ال من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وال من فعله وال من تقريره ففاطمة بنت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫كانت تقوم بأعمال بيتها وأمهات المؤمنين كل واحدة منهن كانت تقوم بأعمال بيتها ونساء الصحابة في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم كن يقمن بأعمال بيوتهن‪ ،‬ولو كان اإلنفاق على الخادم واجباً لنقل عن النبي صلى اهلل عليه وسلم نقالً متواتراً من فعل الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ومن قوله ومن تقريره‪ ،‬ولفظ (الخادم) في اللغة العربية يطلق على الذكر واألنثى‪.‬‬

‫ملن جتب النفقة‬


‫النفقة واجبة على الزوج للزوجة الحرة الغير ناشزة التي قد دخل بها الزوج‪ ،‬الراجح‪ :‬أن المرأة الناشزة ال تجب لها النفقة ألن النفقة هي‬
‫مقابل استمتاع الزوج بزوجته وفي مقابل تفرغها للقيام بحقوق الزوج البيتية‪ ،‬والمرأة الناشزة تعطل مهمتها الزوجية‪ ،‬ودليل النفقة للزوجة‬
‫س َو ُت ُهنَ بِالْمَعْرُوفِ)(‪ )1‬وحديث (خُذِي مَا يَكْفِيكِ َووََل َداِ بِالْمَعْرُوفِ)(‪ )2‬الراجح‪ :‬أن نفقة الزوجة‬
‫وللزوجات حديث (وََل ُهنَ عََليْكُمْ رِزْ ُق ُهنَ وَكِ ْ‬
‫األمة إن كان زوجها حراً فيجب عليه نفقة الزوجة األمة‪ ،‬وإن كان زوجها عبداً فيجب نفقتها علي سيد الزوج الرقي‬

‫العدل بني الزوجات يف القسم‬


‫العدل بين الزوجات واجب على الزوج وحق من حقوق الزوجات ويجب على كل زوج متزوج بأكثر من زوجة أن يعدل بين زوجاته في‬
‫حدَاهُمَا جَاءَ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ وَشِقُهُ‬
‫القسم ويحرم عليه أن يفضل بعضهن على بعض في القسم لحديث ( َمنْ كَانَتْ لَهُ امْرََأتَانِ فَمَالَ إِلَى إِ ْ‬
‫مَا ِئلٌ)(‪ )3‬الحديث دليل صحيح صريح على تحريم الميل الزائد إلى إحدى الزوجتين أو الزوجات في القسم أو في أي حق مادي‪ ،‬وكان مع‬

‫‪ -1‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الحج‪ :‬باب حجة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬حديث رقم (‪ )2141‬بلفظ (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَدٍ عَنْ أَبِيهِ ‪ ،‬قَالَ‪ :‬دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَ ِه‬
‫فَسَأَلَ عَنْ الْقَوْمِ حَتَى انْتَهَى إِلَيَ‪ ،‬فَقُلْتُ‪ :‬أَنَا مُحَمَدُ بْنُ عَلِيِ بْنِ حُسَيْنٍ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَ ى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِي الْأَعْلَى ثُمَ نَزَعَ زِرِي الْأَسْفَلَ ثُمَ وَضَعَ كَفَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَ وَأَنَا‬
‫يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ أَخِي‪ ،‬سَلْ عَمَا شِئْتَ‪ ،‬فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى‪ ،‬وَحَضَرَ وَقْتُ الصَلَاةِ فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا كُلَمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ‬
‫طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ‪ ،‬فَصَلَى بِنَا‪ ،‬فَقُلْتُ‪ ،‬أَخْبِرْنِي عَنْ حَ جَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا فَقَالَ‪ :‬إِنَ‬
‫رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَ‪ ،‬ثُمَ أَذَنَ فِي النَاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَ رَسُو لَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَاجٌ‪ ،‬فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُهُمْ‬
‫يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَ بِرَ سُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ‪ ،‬فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْ فَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى‬
‫رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ‪ ،‬كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ‪ :‬اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي‪ ،‬فَصَلَى رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِي الْمَسْجِد‪ ،‬ثُمَ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ‬
‫حَتَى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَّظَرْتُ إِلَى مَ دِ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاّشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَهِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِ فُ تَأْوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ‪ ،‬فَأَهَلَ بِالتَوْحِيدِ لَبَيْكَ اللَهُمَ لَبَيْكَ لَبَيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَيْكَ إِنَ‬
‫الْحَمْدَ وَالنِعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ‪ ،‬وَأَهَلَ النَاسُ بِهَذَا الَذِي يُ هِلُونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَلَيْهِمْ شيئاً مِنْهُ‪ ،‬وَلَزِمَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ تَلْبِيَتَهُ‪ ،‬قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ :‬لَسْنَا نَنْوِي إِلَا الْحَجَ‪ ،‬لَسْنَا نَ عْرِفُ الْعُمْرَةَ‪ ،‬حَتَى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا‪ ،‬ثُمَ نَفَذَ إِلَى‬
‫مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَلَام فَقَرَأَ‪( :‬وَاتَخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًى) فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ‪ ،‬فَكَانَ أَبِي يَقُولُ‪ :‬وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَا عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَكْعَتَيْنِ (قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ) وَ(قُلْ يَا أَيُهَا الْكَافِرُونَ) ثُمَ رَجَعَ إِلَى ال رُكْنِ فَاسْتَلَمَهُ‪ ،‬ثُمَ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ إِلَى الصَفَا‪ ،‬فَلَمَا دَنَا مِنْ الصَفَا قَرَأَ (إِنَ‬
‫ك‬‫الصَفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَهِ) أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَهُ بِهِ‪ ،‬فَبَدَأَ بِالصَفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْ تَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَدَ اللَهَ وَكَبَرَهُ وَقَالَ‪ :‬لَا إِلَهَ إِلَا اللَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِي َ‬
‫ث مَرَاتٍ‪،‬‬ ‫ك قَالَ مِثْ َل هَذَا ثَلَا َ‬
‫ن ذَلِ َ‬
‫ب وَحْدَهُ‪ ،‬ثُ َم دَعَا بَيْ َ‬
‫لَهُ‪ ،‬لَ ُه الْمُلْكُ‪ ،‬وَلَ ُه الْحَمْدُ‪ ،‬وَهُوَ عَلَى كُ ِل شَيْ ٍء قَدِير‪ ،‬لَا إِلَ َه إِلَا اللَهُ وَحْدَهُ‪ ،‬أَنْجَ َز وَعْدَهُ‪ ،‬وَنَصَرَ عَبْدَهُ‪ ،‬وَهَزَ َم الْأَحْزَا َ‬
‫ثُمَ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَى إِذَا انْصَبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَ َتى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَفَا‪ ،‬حَتَى إِذَا كَانَ آخِرُ‬
‫طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَالَ‪ :‬لَوْ أَنِي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً‪ ،‬فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً‪ ،‬فَقَامَ سُرَاقَةُ‬
‫ن‬‫بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَكَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى ال لَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى وَقَالَ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِ مَرَتَيْ ِ‬
‫لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ‪ ،‬وَقَدِمَ عَلِيٌ مِنْ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَوَجَدَ فَاطِ مَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا مِمَنْ حَلَ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا‪ ،‬فَقَالَتْ‪:‬‬
‫إِنَ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا‪ ،‬قَالَ فَكَانَ عَلِيٌ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَ يْهِ وَسَلَمَ مُحَرِشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ‪ ،‬فَأَخْبَرْتُهُ أَنِي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ‪ :‬صَدَقَتْ صَدَقَتْ‪ ،‬مَاذَ ا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَ؟ قَالَ‪ :‬قُلْتُ‪ :‬اللَهُمَ إِنِي أُهِلُ بِمَا أَهَلَ بِهِ رَسُولُكَ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫فَإِنَ مَعِ يَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌ مِنْ الْيَمَنِ وَالَذِي أَتَى بِهِ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مِائَةً‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَحَلَ النَاسُ كُلُهُمْ وَقَصَرُوا إِلَا‬
‫النَبِيَ صَلَى اللَ هُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ‪ ،‬فَلَمَا كَانَ يَوْمُ التَرْوِيَةِ تَوَجَهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُوا بِالْحَجِ‪ ،‬وَرَكِبَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَصَلَى بِهَا الّظُهْرَ‬
‫ك‬‫وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ‪ ،‬ثُمَ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَى طَلَعَتْ الشَمْسُ‪ ،‬وَأَمَرَ بِقُبَةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ‪ ،‬فَسَارَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَلَا تَشُ ُ‬
‫قُرَيْشٌ إِلَا أَنَهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَ مَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَةِ‪ ،‬فَأَجَازَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَتَى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ‬
‫بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا‪ ،‬حَتَى إِذَا زَاغَتْ الشَمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُ حِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَاسَ وَقَالَ إِنَ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي‬
‫شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا‪ ،‬أَلَا كُلُ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَةِ تَحْتَ قَدَمَيَ مَوْ ضُوعٌ‪ ،‬وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَةِ مَوْضُوعَةٌ‪ ،‬وَإِنَ أَوَلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ‬
‫كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ‪ ،‬وَرِبَا الْجَاهِلِيَةِ مَوْضُوعٌ‪ ،‬وَأَوَلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِ بَا عَبَاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَلِبِ فَإِنَهُ مَوْضُوعٌ كُلُهُ فَاتَقُوا اللَهَ فِي النِسَاءِ فَإِنَكُ ْم‬
‫ن ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِحٍ وَلَهُنَ عَلَيْكُمْ‬ ‫أَخَذْتُمُوهُنَ بِأَمَانِ اللَهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَ بِكَلِمَةِ اللَهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُ َ‬
‫ن بِالْمَعْرُوفِ)‬‫رِزْقُهُنَ وَكِسْوَتُهُ َ‬
‫أخرجه البخاري في الحج‪ ،‬والترمذي في الحج‪ ،‬والنسائي في مناسك الحج‪ ،‬وأبو داود في المناسك‪ ،‬وابن ماجة في المناسك‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪،‬‬
‫ومالك في الحج‪ ،‬والدارمي في المناسك‪.‬‬
‫المشجب‪ :‬أعواد تعلق عليها الثياب ومتاع‬ ‫المنكب‪ :‬المفصل الذي بين العضد والكتف‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬نساجة‪ :‬نوع من األكسية والثياب المنسوجة‪.‬‬
‫لزم‪ :‬داوم على ترديد التلبية‪.‬‬ ‫اإلهالل‪ :‬النية والتلبية‪.‬‬ ‫اإلستثفار‪ :‬أن تشد المرأة وسطها وتضع محل الدم خرقة‪.‬‬ ‫أذن‪ :‬أعلم وأخبر‪.‬‬ ‫البيت‪.‬‬
‫الباب‪ :‬باب بني مخزوم‪ ،‬ويسمى اآلن باب‬ ‫الرمل‪ :‬المشي السريع مع تقارب الخطى‪.‬‬ ‫استلم الركن‪ :‬لمسه و قبله أولمسه فقط أو أشار إليه بيده فقط‪.‬‬
‫الهدي‪ :‬مايذبحه الحاج في حجه نسكا‪.‬‬ ‫استقبلت‪ :‬بدا لي أوال‪.‬‬ ‫صعدتا‪ :‬ارتفعت قدماه عن بطن الوادي‪.‬‬ ‫الصفا‪ .‬اإلنصباب‪ :‬اإلنحدار‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب األحكام‪ :‬باب القضاء على الغائب‪ .‬حديث رقم (‪ )2211‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬أَنَ هِنْدًا قَالَتْ‪ :‬لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ا بِالْمَعْرُوفِ)‬
‫ك وَوَلَدَ ِ‬‫ن آخُذَ مِنْ مَالِهِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬خُذِي مَا يَكْفِي ِ‬ ‫ج أَ ْ‬
‫ح فَأَحْتَا ُ‬
‫ن أَبَا سُفْيَانَ رَجُ ٌل شَحِي ٌ‬ ‫إِ َ‬
‫أخرجه مسلم في األقضية‪ ،‬والنسائي في أداب القضاة‪ ،‬وأبو داود في البيوع‪ ،‬وابن ماجة في التجارات‪ ،‬وأحمد في باقي منسد األنصار‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬النفقات‪ ،‬المّظالم والغصب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب في القسم بين الزوجات‪ .‬حديث رقم (‪ )2133‬بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬مَنْ كَانَتْ لَهُ‬
‫امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَا َء يَوْ َم الْقِيَامَ ِة وَشِقُهُ مَائِلٌ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬
‫‪543‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تسع نسوة في وقت واحد وكان يعدل بينهن في القسم وفي كل الحقوق الزوجية ولم يفضل بعضهن على‬
‫بعض‪ ،‬وكان يساوي بين أم المؤمنين عائشة وبقية أمهات المؤمنين األخريات في القسم وفي الحقوق إال ما كان من تنازل أم المؤمنين‬
‫سودة رضي اهلل عنها عن قسمها ألم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها عن رضى وطيبة نفس منها‪ ،‬ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫س َوةٍ‪ ،‬فَكَانَ ِإذَا‬
‫مضرب المثل في العدل بين الزوجات في القسم وفي كل الحقوق الزوجية لحديث (كَانَ لِل َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ تِسْعُ نِ ْ‬
‫جتَمِ ْعنَ ُكلَ لَيْلَةٍ فِي َبيْتِ اَلتِي يَ ْأتِيهَا)(‪ )1‬فكان يعدل في القسم بين نسائه صلى‬ ‫قَسَمَ َب ْي َن ُهنَ لَا َي ْن َتهِي إِلَى الْمَرَْأةِ الْأُولَى إِلَا فِي تِسْعٍ‪ ،‬فَ ُكنَ يَ ْ‬
‫اهلل عليه وس لم ومن طيب أخالقه أنه كان يجمع أمهات المؤمنين عند من هي في نوبتها لكي يجالسهن ويؤانسهن ويالطفهن ويبعد عنهن‬
‫الشعور بالوحدة والوحشة والبعد عن رسول اهلل في الليالي التي هو عند نسائه األخريات‪ ،‬وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا أراد‬
‫سفراً أقرع بين نسائه ومن خرج سهمها اصطحبها معه في سفره صلى اهلل عليه وسلم كما في حديث (كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ‬
‫سهْ ُمهَا خَرَجَ ِبهَا مَعَهُ)(‪.)2‬‬‫وَسَلَمَ ِإذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْ َرعَ َب ْينَ نِسَائِهِ فََأ َي ُت ُهنَ خَرَجَ َ‬

‫مقام الزوج عند البكر والثيب عقب الزواج‬


‫إذا تزوج الرجل وهو متزوج فيشرع له أن يقيم عند الزوجة التي دخل بها أسبوعاً إن كانت بكراً وثالثة أيام إن كانت ثيباً وال يحتسب‬
‫عليها بهذه األيام في القسم بينها وبين زوجته أو زوجاته األخريات لحديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَمَا تَ َزوَجَ أُمَ سَلَمَةَ أَقَامَ‬
‫سبَعْتُ ِلنِسَائِي)(‪ )3‬وفي رواية (إن شئت سبعت‬ ‫سبَعْتُ َلكِ َ‬ ‫شئْتِ سَبَعْتُ َلكِ وَِإنْ َ‬ ‫ع ْندَهَا ثَلَاثًا‪ ،‬وَقَالَ‪ِ :‬إنَهُ َليْسَ بِكِ عَلَى أَهِْلكِ َهوَانٌ‪ِ ،‬إنْ ِ‬
‫ِ‬
‫(‪)5‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫سبْعٌ وَلِل َثيِبِ ثَلَاثٌ) ‪.‬‬
‫س ْب ُتكِ بِهِ لِ ْلبِكْرِ َ‬
‫شئْتِ ِز ْد ُتكِ وَحَا َ‬
‫عندا وإن شئت ثلثت) وفي رواية (ِإنْ ِ‬

‫حقوق الزوج‬
‫قد سبق القول بالتفصيل في حقوق الزوجة على زوجها وفي بعض حقوق الزوج على الزوجة وخالصة حقوق الزوج على الزوجة هي‬
‫طاعته في غير معصية اهلل عز وجل أومعصية رسوله صلى اهلل عليه وسلم وتمكنيه من نفسها وأال تدخل بيته من ال يرغب دخوله في‬
‫حوَْل ْينِ كَامَِل ْينِ لِ َمنْ أَرَادَ أَن‬
‫بيته من النساء وأن تقوم باألعمال البيتية‪ ،‬وأن تقوم بإرضاع أوالدها لقوله تعالى {وَا ْلوَاِلدَاتُ يُرْضِ ْعنَ َأوْ َالدَ ُهنَ َ‬
‫ُيتِمَ ال َرضَاعَةَ}(‪ )6‬وقول من قال‪ :‬بأنه يجب على المرأة الدنيئة إرضاع أوالدها والمرأة الشريفة ال يجب عليها إرضاع أوالدهاقول‬
‫ضعيف ‪ ،‬فالقول الذي يفرق بين حكم المرأة الشريفة والدنيئة في وجوب اإلرضاع أوفي أي حق من الحقوق الزوجية هو تفرقة عنصرية‬
‫وهو ليس من اإلسالم ألنه ال تفرقة عنصرية في اإلسالم‪ ،‬وأما المرأة المطلقة فال يجب عليها الرضاع إال إذا لم يقبل الطفل ثدي امرأة‬
‫غيرها فيجب عليها إرضاعه وعلى الزوج المطلق أن يسلم للمطلقة أجر الرضاع والحضانة لقوله تعالى {فَِإنْ أَ ْرضَ ْعنَ لَكُمْ فَآتُو ُهنَ‬
‫أُجُورَ ُهنَ}(‪.)7‬‬

‫احلضانـــــــة‬
‫إذا طلقت المرأة وأرا دت أن ترضع المولود واختلفت مع الزوج المطلق على حضانة المولود فإن الحق في حضانة المولود لألم حتى يبلغ‬
‫حوَاءً‪ ،‬وَإِنَ‬
‫طنِي لَهُ ِوعَاءً‪ ،‬وَ َث ْديِي لَهُ سِقَاءً‪ ،‬وَحِجْرِي لَهُ ِ‬
‫المولود سن التمييز لحديث (َأنَ امْرََأةً قَالَتْ‪ :‬يَا رَسُولَ اللَهِ ِإنَ ا ْبنِي َهذَا كَانَ بَ ْ‬

‫أخرجه الترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في عشرة النساء‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب القسم بين الزوجات‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3613‬بلفظ (عَنْ أَنَسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ لِلنَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ تِسْعُ نِسْوَةٍ‪ ،‬فَكَانَ إِذَا قَسَ َم‬
‫بَيْنَهُنَ لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَةِ الْأُ ولَى إِلَا فِي تِسْعٍ‪ ،‬فَكُنَ يَجْتَمِعْنَ كُلَ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ الَتِي يَأْتِيهَا‪ ،‬فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَجَا ءَتْ زَيْنَبُ فَمَدَ يَدَهُ إِلَيْهَا‪ ،‬فَقَالَتْ‪ :‬هَذِهِ زَيْنَبُ فَكَفَ‬
‫النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ يَدَهُ‪ ،‬فَ تَقَاوَلَتَا حَتَى اسْتَخَبَتَا وَأُقِيمَتْ الصَلَاةُ فَمَرَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ذَلِكَ فَسَمِعَ أَصْوَاتَهُمَا‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬اخْرُجْ يَا رَسُولَ اللَهِ إِلَى الصَلَاةِ وَاحْثُ فِي‬
‫أَفْوَاهِهِنَ التُرَابَ‪ ،‬فَخَرَجَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَ لَمَ‪ ،‬فَقَالَتْ عَائِشَةُ الْآنَ يَقْضِي النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ صَلَاتَهُ فَيَجِيءُ أَبُو بَكْرٍ فَيَفْعَلُ بِي وَيَفْعَلُ‪ ،‬فَلَمَا قَضَى‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم صَلَاتَ ُه أَتَاهَا أَبُو بَكْ ٍر فَقَا َل لَهَا قَوْلًا شَدِيدًا وَقَا َل أَتَصْنَعِينَ هَذَا)‬ ‫النَبِ ُ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الهبة وفضلها‪ :‬باب هبة المرأة لغير زوجها‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2513‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬قَالَتْ‪ :‬كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَتُهُنَ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ‪ ،‬وَكَانَ يَقْسِ مُ لِكُلِ امْرَأَةٍ مِنْهُنَ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا‪ ،‬غَيْرَ أَنَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا‬
‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُو ِل اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ)‬ ‫ج النَبِ ِ‬
‫وَلَيْلَتَهَا لِعَ ائِشَ َة زَوْ ِ‬
‫أخرجه مسلم في في التوبة‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الشهادات‪ ،‬الجهادوالسير‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب قدر ماتستحقه البكروالثيب من إقامة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3106‬بلفظ (عَنْ أُمِ سَلَمَةَ أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬لَمَا‬
‫ت لِنِسَائِي)‬‫ك سَبَعْ ُ‬
‫ن سَبَعْتُ لَ ِ‬‫ك وَإِ ْ‬‫ت لَ ِ‬‫ت سَبَعْ ُ‬
‫ن شِئْ ِ‬ ‫س بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ‪ ،‬إِ ْ‬ ‫ج أُ َم سَلَمَ َة أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬إِنَ ُه لَيْ َ‬
‫تَزَوَ َ‬
‫أخرجه أبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬سبع‪ :‬أقام سبعة أيام‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الررضاع‪ :‬باب قدر ماتستحقه البكروالثيب من إقامة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3107‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَحْمَنِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ‬
‫ت قَالَتْ‪ :‬ثَلِثْ)‬ ‫ت ثُ َم دُرْ ُ‬
‫ت ثَلَثْ ُ‬
‫ن شِئْ ِ‬
‫ا وَإِ ْ‬
‫ت سَبَعْتُ عِنْدَ ِ‬‫ن شِئْ ِ‬‫ك هَوَانٌ‪ ،‬إِ ْ‬‫س بِكِ عَلَى أَهْلِ ِ‬ ‫ج أُ َم سَلَمَ َة وَأَصْبَحَتْ عِنْدَه‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَهَا لَيْ َ‬ ‫ن تَزَوَ َ‬ ‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ حِي َ‬
‫أخرجه أبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬سبع‪ :‬أقام سبعة أيام‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الرضاع‪ :‬باب قدر ماتستحقه البكروالثيب من إقامة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 3105‬بلفظ (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ ال َرحْمَنِ‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ‬
‫ب‬
‫عَلَيْهِ وَسَلَمَ حِينَ تَ زَوَجَ أُمَ سَلَمَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬إِنْ شِئْتِ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ بِهِ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَيِ ِ‬
‫ثَلَاثٌ)‬
‫أخرجه أبو داود في النكاح‪ ،‬وا بن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫معاني األلفاظ‪ :‬سبع‪ :‬أقام سبعة أيام‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)233( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬الطالق‪)6( :‬‬
‫‪544‬‬
‫حقُ بِهِ مَا لَمْ َتنْكِحِي)(‪ )1‬ولحديث ( َمنْ فَ َرقَ َبيْ َ‬
‫ن‬ ‫َأبَاهُ طَلَ َقنِي وَأَرَادَ َأنْ َي ْنتَ ِزعَهُ مِنِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَهَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪َ ،‬أنْتِ أَ َ‬
‫ح َبتِهِ َيوْمَ الْ ِقيَامَةِ)(‪ )2‬الحديثان يدالن على أن األم هي أحق من األب في حضانة المولود سواء كان‬ ‫ا ْلوَاِل َدةِ َووَ َلدِهَا فَ َرقَ اللَهُ َبيْنَهُ َو َب ْينَ أَ ِ‬
‫ذكراً أو أنثى إلى سن التمييز وتنتهي والية األم على المولود الذكر إذا استغنى بنفسه أكأل وشرباً ونوماً ولباساً ويرجع إلى أبيه ألنه‬
‫األصلح لل مولود الذكر من حيث تربيته على أمور دينه ودنياه وتعويده األمور التي يقوم بها الرجال من وسائل اكتساب المال والتعليم‬
‫وغيره‪ ،‬أما األنثى فتبقى عند أمها حتى تبلغ سن الرشد ألن األم أقدر على تعليم البنت وتدريبها على القيام باألعمال البيتية‪ ،‬وبعد سن‬
‫البلوغ تخير في البقاء عند أبيها أوأمها فإذا اختارت أحدهما تبقى لديه وال حق لآلخر في طلبها إال إذا خشي عليها االنحراف في دينها أو‬
‫في شرفها فلألب الحق في المطالبة بها‪ ،‬أما نفقة المولود في مدة حضانته عند أمه سواء الذكر أو األنثى فهي على الزوج بحسب ما‬
‫يتراضيان عليه أو بحسب م ا يفرضه القاضي الشرعي المولى من الدولة في المنطقة التي يعيش فيها والد المولود المحضون أو األوالد‬
‫المحضونين عند أمهم‪.‬‬

‫سقوط حق األم يف احلضانة‬


‫حقُ بِهِ مَا لَمْ َتنْكِحِي) ويسقط حق األم في‬
‫يسقط حق األم في حضانة المولود سواء كان ذكراً أم أنثى إذا تزوجت بزوج آخر لحديث (أنْتِ أَ َ‬
‫الحضانة إذا أصيبت بمرض الجنون أو مرض من األمراض المعدية كمرض االيدز أو الزهري أو نحوهما من األمراض المعدية التي‬
‫يخشى على المولود من انتقال المرض إليه‪.‬‬

‫انتقال احلضانة إىل أم األم ثم إىل اخلالة أخت األم‬


‫تنتقل الحضانة من األم إلى أم األم في حالة تزوج األم أو موتها أو جنونها أو إصابتها بمرض معدٍ أو صارت غير صالحة للحضانة بأي‬
‫سبب شرعي أو صحي أو أخالقي‪ ،‬والخالة بعد أم األم هي أقدم من األب في كل المذاهب اإلسالمية لحديث (وإنما الخالة أم)(‪ )3‬الحديث‬
‫دليل على أن الخالة بمنزلة األم وعلى أنها أحق ب حضانة الطفل بعد أم األم‪ ،‬الحديث يدل على أن أم األم أولى في حضانة المولود من‬
‫الخالة من باب أولى ألن حق أم األم يقدم على حق الخالة أخت األم ألن أم األم أرحم وأرأف وأحرص على مصلحة المولود من الخالة‬
‫أخت األم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب من أحق بالولد‪ .‬حديث رقم(‪ )2276‬بلفظ (عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِهِ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَمْرٍو‪ ،‬أَنَ امْرَأَةً قَالَتْ‪ :‬يَا‬
‫رَسُولَ اللَهِ إِنَ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً‪ ،‬وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً‪ ،‬وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً‪ ،‬وَإِنَ أَبَاهُ طَلَقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِي‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لَهَا رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ق بِ ِه مَا لَ ْم تَنْكِحِي) حسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ت أَحَ ُ‬‫وَسَلَمَ‪ ،‬أَنْ ِ‬
‫أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫حواء‪ :‬مكان يحويه ويحفّظه ويحرسه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سنن الت رمذي‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب ماجاء في كراهية الفرق بين األخوين أوبين الوالدة وولدها‪ .‬حديث رقم (‪ )1257‬بلفظ (عَنْ أَبِي أَيُوبَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ رَسُولَ‬
‫ن أَحِبَتِ ِه يَوْ َم الْقِيَامَةِ) حسنه األلباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ق اللَ ُه بَيْنَهُ وَبَيْ َ‬
‫ن الْوَالِدَ ِة وَوَلَدِهَا فَرَ َ‬
‫ق بَيْ َ‬
‫ن فَرَ َ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬يَقُولُ‪ :‬مَ ْ‬
‫أخرجه أحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬والدارمي في السير‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب من أحق بالولد‪ .‬حديث رقم(‪ )2275‬بلفظ (عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ ‪ :‬خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى مَكَةَ فَقَدِمَ بِابْنَةِ حَمْزَةَ‪،‬‬
‫فَقَالَ جَعْفَرٌ‪ :‬أَنَا آخُذُهَا أَنَا أَحَقُ بِهَا ابْنَةُ عَمِي وَعِنْدِي خَالَتُهَا وَإِنَمَا الْخَالَةُ أُمٌ‪ ،‬فَقَالَ عَلِيٌ‪ :‬أَنَا أَحَقُ بِهَا ابْنَةُ عَمِي وَعِنْدِي ابْنَةُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫وَهِيَ أَحَقُ بِهَا ‪ ،‬فَقَالَ زَيْدٌ‪ :‬أَنَا أَحَقُ بِهَا أَنَا خَرَجْتُ إِلَيْهَا وَسَافَرْتُ وَقَدِمْتُ بِهَا فَخَرَجَ النَبِيُ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا قَالَ‪ :‬وَأَمَا الْجَارِيَةُ فَأَقْضِي بِهَا لِجَعْفَرٍ‬
‫ن مَعَ خَالَتِهَا وَإِنَمَا الْخَالَ ُة أُمٌ) صححه األلباني في صحيح أبي داود‬ ‫تَكُو ُ‬
‫أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة ‪.‬‬
‫معاني االلفاظ‪ :‬الجارية‪ :‬البنت الصغيرة ‪.‬‬
‫‪545‬‬
‫الباب السادس‪ :‬األنكحة احملرمــــــــة‬

‫نكاح الشغار‬ ‫‪‬‬


‫حرمة الزواج المعروف في اليمن بتبادل القرائب مع تسمية المهر لكل واحدة قبل العقد لما ينتج عنه من مشاكل‬ ‫‪‬‬
‫حرمة نكاح المتعة‬ ‫‪‬‬
‫نكاح الخطبة على خطبة الغير‬ ‫‪‬‬
‫نكاح التحليل‬ ‫‪‬‬
‫الشروط في النكاح‬ ‫‪‬‬
‫زواج المسلمة بكافر‬ ‫‪‬‬
‫حرمة الزواج بالزاني أو الزانية‬ ‫‪‬‬
‫زواج الرجل بامرأة قد زني بها‬ ‫‪‬‬
‫حرمة زواج الشخص بأصول من قد عقد له بها‬ ‫‪‬‬
‫حرمة زواج الشخص بفصول من قد دخل بها‬ ‫‪‬‬
‫حرمة الزواج بالمرأة المعتدة من طالق أو موت‬ ‫‪‬‬

‫‪546‬‬
‫الباب السادس‪ :‬األنكحة احملرمة‬

‫األنكحة المحرمة‪ :‬هي األنكحة التي ورد النهي عنها أو التي خالفت الشرع بتخلف شروط صحة عقد النكاح أو بعضها‪.‬‬

‫نكاح الشغار‬
‫نكاح الشغار‪ :‬هو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو من هي تحت واليته لشخص آخر على أن يزوجه الشخص اآلخر ابنته أو أخته أو من‬
‫هي تحت واليته بدون أن يُسمي للمرأة التي يُعقد بها منهما مهراً بل يُجعل بضع كل واحدة منهماً صداقاً لألخرى‪ ،‬ونكاح الشغار حرام‬
‫عنْ الشِغَارِ)(‪ )1‬الصحيح‪ :‬أن النهي يدل على‬
‫لنهي النبي صلى اهلل عليه وسلم عنه في حديث (َأنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َنهَى َ‬
‫فساد المنهي عنه ونكاح الشغار باطل من أساسه وتسمية المهر من بعد العقد ال يصحح العقد ألن ما بني على باطل فهو باطل‪ ،‬وليس‬
‫العلة عدم الصداق ألن تسمية الصداق ليس بشرط لصحة العقد‪.‬‬

‫حرمة الزواج املعروف يف اليمن بتبادل القرائب مع تسمية املهر لكل واحدة قبل العقد ملا ينتج عنه من مشاكل‬
‫ا لزواج المعروف في اليمن بتبادل القرائب حيث يزوج كل واحد اآلخر بقريبته مع تسمية المهر لكل واحدة منهما حين العقد‪ ،‬هذا الزواج‬
‫ليس بشغار لتسمية مهر كل من المرأتين حين العقد‪ ،‬وهو في مدينة صنعاء جائز ألن العرف فيها أنه إذا ساءت العشرة بين أحد الزوجين‬
‫مع زوجته حتى بلغت حد الطالق فإن العرف في المدينة أال يرتبط طالق إحداهما بطالق األخرى وال مشاكل إحدى المرأتين مع زوجها‬
‫باألخرى‪ ،‬أما في المناطق التي يرتبط طالق إحداهما باألخرى وهروب إحدى المرأتين من بيت زوجها إلى بيت والدها بسبب مشاكل‬
‫بينها وبين زوجها بهروب األخرى التي ليس بينها وبين زوجها أية مشاكل والعشرة بينها وبين زوجها على أحسن حال‪ ،‬فهذا الزواج‬
‫حرام ال لذات العقد وال ألنه شغار وإنما لما ينشأ عنه من مشاكل بين األسرتين وألنه قد يؤدي إلى طالق المرأة التي ليس بينها وبين‬
‫زوجها مشاكل وال سوء عشرة‪ ،‬وألنه يتسبب في ضياع أطفال األسرتين وحرمان المرأتين والزوجين من الحياة األسرية السعيدة والسيما‬
‫المرأتين وي ؤدي إلى أن تعيشا محرومتين من الحياة الزوجية حتى موت كل منهما لعزوف الرجال عن الزواج بالمرأة المطلقة في الغالب‪.‬‬

‫حرمة نكاح املتعة‬


‫نكاح المتعة‪ :‬هو النكاح المؤقت بوقت محدود وبأجر معلوم يدفعه الرجل للمرأة مقابل استمتاعه ببضعها‪ ،‬وينتهي حل االستمتاع بانتهاء‬
‫مدة ا لنكاح وال يحتاج إلى طالق الزوج ألنه ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها والمحددة بزمن معين من حين العقد بها‪ ،‬ونكاح المتعة حرام‬
‫عنْ الْ ُمتْعَةِ)(‪ )2‬هذا‬
‫لنهي النبي صلى اهلل عليه وسلم عن نكاح المتعة في غزو ة خيبر في حديث (ِإنَ ال َنبِيَ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َنهَى َ‬
‫الحديث الصحيح الصريح يدل على تحريم نكاح المتعة وأن األدلة الدالة على جواز نكاح المتعة منسوخة بهذا الحديث‪ ،‬ومن األدلة‬
‫ستَ ْمتِعُوا)(‪ )3‬وحديث‬ ‫ستَ ْمتِعُوا فَا ْ‬
‫جيْشٍ فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ِ :‬إنَهُ قَدْ ُأ ِذنَ لَكُمْ َأنْ تَ ْ‬ ‫المنسوخة حديث ( ُكنَا فِي َ‬
‫جلٍ وَامْرََأةٍ َتوَافَقَا فَعِشْرَةُ مَا َب ْي َنهُمَا ثَلَاثُ َليَالٍ فَِإنْ أَحَبَا َأنْ َيتَزَا َيدَا َأوْ َي َتتَارَكَا َتتَارَكَا فَمَا َأدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ َلنَا خَاصَةً أَمْ لِلنَاسِ‬‫(َأيُمَا رَ ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫عنْ ال َنبِيِ صَلَى اللَهُ عََليْهِ وَسَلَمَ َأنَهُ َمنْسُو ٌ) قال الراوي إياس بن سلمة بن األكوع‪ ،‬فما أدري أشي‬ ‫عبْد اللَهِ َو َب َينَهُ عَلِيٌ َ‬
‫عَامَةً قَالَ َأبُو َ‬
‫كان لنا خاصة أم للناس عامة‪ ،‬قال أبو عبد اهلل ـ أي البخاري ـ وبينه عليٌ عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه منسوخ‪ ،‬ونكاح المتعة ليس‬
‫نكاحاً شرعياً ألنه ال طالق فيه وال توارث بين الرجل والمرأة‪ ،‬وإذا حملت المرأة من نكاح المتعة فال ينسب المولود إلى الرجل الذي‬
‫ارتبط بالمرأة بنكاح عقد متعة‪ ،‬ونكاح المتعة إلى وصف الزنى وحكمه أقرب منه إلى و صف النكاح الشرعي وحكمه ألن آثار عقد‬
‫النكاح الشرعي إدامة العالقة بين الرجل والمرأة وال تفك العالقة بينهما إذا ساءت العشرة إال بالطالق الشرعي بين الرجل والمرأة‪،‬‬
‫ووجوب اإلنفاق على الزوج للزوجة ووجوب طاعة المرأة لزوجها في غير معصية اهلل ومعصية رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهذه‬
‫اآلثار منتفية في عقد نكاح المتعة‪ ،‬ولذا حرَمه الرسول صلى اهلل عليه وسلم تحريماً مؤبداً والوقوع فيه بعد تحريمه وقوع في فاحشة الزنى‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ .‬باب الشغار‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5112‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا‪ ،‬أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ نَهَى عَنْ الشِغَارِ‪،‬‬
‫س بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ)‬ ‫ن يُزَوِجَ ُه الْآخَ ُر ابْنَتَهُ لَيْ َ‬
‫ج الرَجُ ُل ابْنَتَهُ عَلَى أَ ْ‬
‫ن يُزَوِ َ‬ ‫وَالشِغَا ُر أَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في النكاح‪،‬‬
‫والدارمي في النكاج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيل‪.‬‬
‫الصداق‪ :‬المهر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ن أَبِيهِمَا‪،‬‬‫ن مُحَمَدٍ عَ ْ‬
‫ن مُحَمَ ِد بْنِ عَلِي وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَ ِه بْ ُ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب نهي رسول اهلل عن المتعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5115‬بلفظ (عن الْحَسَ ُ‬
‫ن الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُو ِم الْحُمُ ِر الْأَهْلِيَةِ زَمَنَ خَيْبَرَ)‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم نَهَى عَ ْ‬ ‫ن النَبِ َ‬‫ي اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لِابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬إِ َ‬ ‫أَنَ عَلِيًا رَضِ َ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪ ،‬ومالك في الصيد‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاج‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الحيل‪ ،‬المغازي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب نهي رسول اهلل عن المتعة‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5117‬بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ‪ ،‬قَالَا‪ :‬كُنَا فِي جَيْشٍ فَأَتَانَا‬
‫رَسُولُ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬إِنَهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ‬
‫اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَيُمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا فَعِشْرَةُ مَا بَ يْنَهُمَا ثَلَاثُ لَيَالٍ فَإِنْ أَحَبَا أَنْ يَتَزَايَدَا أَوْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَةً أَمْ لِلنَاسِ عَامَةً‬
‫ن النَبِيِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَ َم أَنَهُ مَنْسُو ٌ)‬ ‫قَا َل أَبُو عَبْد اللَهِ وَبَيَنَهُ عَلِيٌ عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬وأحمد في أول مسند المدنيين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث جابر بن عبد اهلل وسلمة بن األكوع رضي اهلل عنهما برقم (‪)5117‬‬
‫‪547‬‬
‫سبِيالً}(‪ )1‬و إذا كان اهلل عز وجل قد حرَم في‬ ‫المحرَم تحريماً قطعيا في كتاب اهلل في قوله تعالى {وَالَ تَقْ َربُواْ ال ِزنَى ِإنَهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء َ‬
‫هذه اآلية تحريما قطعيا كل ما يقرب إلى الزنى من تبادل النظرات والعبارات الغرامية والمالمسة والخلوة بين الرجل والمرأة األجنبية‬
‫فباألولى تحريم نكاح المتعة ألن فيه كل مايقرب إلى الزنى بل فيه مجامعة المرأة األجنبية الذي هو عين الزنى وحقيقته التي هي استمتاع‬
‫الرجل األجنبي بالمرأة األجنبية‪ ،‬وما إطالق لفظ (نكاح المتعة) على مجامعة الرجل األجنبي للمرأة األجنبية إال من باب التحايل على‬
‫الشريعة اإلسالمية التي حرمت الزنى ومن باب تغيير الحقائق الشرعية وتسمية األفعال المحرمة بغير اسمائها كتسمية الخمر المحرم‬
‫تحريما قطعياً في الشريعة اإلسالمية بالمشروبات الروحية وكتسمية الربا المحرم تحريما قطعيا في الشريعة اإلسالمية بالفائدة ونحوهما‪،‬‬
‫ومن المعلوم أن تسمية األفعال المحرمة بغير أسمائها الشرعية ال يغير من حقائقها الشرعية فيبقى الفعل المحرم محرما على فاعله وإن‬
‫غير اسمه‪ ،‬وعلى هذ يظل استمتاع الرجل األجنبي بالمرأة األجنبية زنا اسما وحقيقة وحكما‪ ،‬يعاقب اهلل عز وجل الرجل والمرأة بعقوبة‬
‫مرتكبي جريمة الزنا حتى وإن أطلقا على جريمتيهما لفظ (نكاح متعة)‪ ،‬وقد أوجب اهلل عز وجل على من ارتكب فاحشة الزنى إقامة حد‬
‫خذْكُم‬
‫حدٍ ِم ْنهُمَا ِمئَةَ جَلْ َدةٍ وَلَا تَأْ ُ‬
‫الزنى عليه وهو مائة جلدة للبكر والرجم حتى الموت للثيب قال تعالى {الزَا ِنيَةُ وَالزَانِي فَاجْلِدُوا ُكلَ وَا ِ‬
‫عذَا َبهُمَا طَائِفَةٌ ِمنَ الْ ُمؤْ ِمنِينَ}(‪ )2‬وأما قوله تعالى {فَمَا ا ْ‬
‫ستَ ْمتَ ْعتُم بِهِ‬ ‫ش َهدْ َ‬
‫ِبهِمَا رَ ْأفَةٌ فِي دِينِ اللَهِ إِن كُنتُمْ ُتؤْ ِمنُونَ بِاللَهِ وَا ْل َيوْمِ الْآخِرِ وَلْيَ ْ‬
‫ِم ْن ُهنَ فَآتُو ُهنَ أُجُورَ ُهنَ فَرِيضَةً}(‪ )3‬فقد قال بعض المفسرين بأن المراد بأجورهن أي مهورهن الشرعية في النكاح الشرعي المستوفي‬
‫شروط عقد النكاح الصحيح‪ ،‬والمراد باالستمتاع بهن المذكور في اآلية هو التلذذ بجماع المرأة المعقود عليها بعقد نكاح شرعي صحيح‬
‫المراد به دوام العشرة بالمرأة‪ ،‬وعلى قول بعض المفسرين بأن المراد بها نكاح المتعة فهذا النكاح منسوخ بحديث علي بن أبي طالب‬
‫رضي اهلل عنه المتضمن نهي النبي صلى اهلل عليه وسلم عن نكاح المتعة ‪ ،‬ومعنى اآلية على هذا القول منسوخ بحديث النهي عن المتعة‬
‫في حديث علي السابق الذكر‪ ،‬وأما قول ابن عباس رضي اهلل عنهما بجواز نكاح المتعة فهو قول صحابي ورأيٌ اجتهادي له وال حجة في‬
‫قول الصحابي وال اجتهاده ألن الحجة ليست إال في قول النبي صلى اهلل عليه وسلم وفعله وتقريره وربما في صحة النقل عن ابن عباس‬
‫نظر ألنه اليمكن لصحابي جليل كابن عباس رضي اهلل عنهما أن يخالف النصوص الصحيحة الصريحة من القرآن الكريم ومن السنة‬
‫النبوية الصحيحة التي تحرم تحريما قطعياً فعل الزنى وكل ما يقرب إليه ومنه ما يسمى نكاح متعة‪ ،‬ولكن أقرب االحتماالت في حقه أن‬
‫يقال‪ :‬بان العزو إليه غير صحيح أو أنه قد رجع عن قوله إن صح النقل إليه‪.‬‬

‫نكاح اخلطبة على خطبة الغري‬


‫النكاح الذي ينعقد بعد خطبة سابقة لخاطب آخر وكانت البنت وأسرتها قد أظهروا موافقتهم على طلب الخاطب السابق الزواج بالمخطوبة‬
‫فالراجح‪ :‬أن عقد النكاح صحيح الستكماله شروط صحة العقد من وجود الولي والشاهدين والتحقق من رضى الخاطب والمخطوبة‬
‫ومعرفة البنت المعقود عليها باالسم أو الوصف ولكن يأثم الخاطب الثاني المعقود له لمخالفته نهي النبي صلى اهلل عليه وسلم عن خطبة‬
‫حتَى َينْكِحَ أَوْ َيتْ ُراَ)(‪ )4‬والنهي يفيد التحريم ألنه اعتداء على حق‬
‫جلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ َ‬
‫المسلم علي خطبة أخيه في حديث (وَلَا يَخْطُبُ الرَ ُ‬
‫الخاطب األول‪.‬‬

‫نكاح التحليل‬
‫هو النكاح الذي ال يقصد الرجل به الزواج الدائم بالمرأة المعقود بها له وإنما يقصد بنكاحه تحليل المرأة المطلقة ثالثاً لزوجها األول‬
‫المطلق ثالثاً‪ ،‬هذا النكاح حرام وكبيرة من كبائر اإلثم لعن الرسول صلى اهلل عليه وسلم الزوج الثاني المحلل والزوج األول المحلل له‬
‫ألنهما متعاونان على اإلثم ومخالفة الشريعة التي حرمت زواج التحليل في حديث (لَ َعنَ اللَهُ الْمُحَِللَ وَالْمُحََللَ لَهُ)(‪ )5‬الحديث دليل علي أن‬
‫نكاح التحليل كبيرة من كبائر اإلثم ألن اللعن الطرد من رحمة اهلل والذنب الذي يلعن اهلل أو رسوله صلى اهلل عليه وسلم فاعله هو كبيرة‬
‫من كبائر اإلثم‪ ،‬الصحيح‪ :‬أن نكاح التحليل باطل ألن اللعن أبلغ من النهي والنهي يدل على فساد المنهي عنه والمراد بالفساد الفساد‬
‫المرادف للبطالن‪.‬‬

‫الشروط يف النكاح‬
‫الشروط التي تشترط على الزوج ثالثة أقسام هي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬اإلسراء‪)32( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النور‪)2( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬النساء‪)24( :‬‬
‫‪4‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب ال يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5144‬بلفظ (عَنْ الْأَعْرَجِ قَالَ‪ :‬قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ‪ :‬يَأْثُرُ عَنْ النَبِ ِ‬
‫صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِيَاكُمْ وَالّظَنَ فَإِنَ الّظَنَ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ‪ ،‬وَلَا تَجَسَسُوا وَلَا تَحَسَسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا‪ ،‬وَكُونُوا إِخْوَانًا‪ ،‬وَلَا يَخْطُبُ الرَجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَى‬
‫ح أَ ْو يَتْرُاَُ)‬
‫يَنْكِ َ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في البروالصلة‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫النكاح‪ ،‬والدارمي في النكاح‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬األدب‪ ،‬الفرائض‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‪ :‬كتاب النكاح‪ :‬باب في التحليل‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2076‬بلفظ (عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قَالَ إِسْمَعِيلُ وَأُرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ إِلَى النَبِيِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‬
‫ن اللَ ُه الْمُحَلِلَ وَالْمُحَلَ َل لَهُ) صححه األلباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم‪.‬‬ ‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَعَ َ‬ ‫ن النَبِ َ‬‫أَ َ‬
‫أخرجه الترمذي في النكاح‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫المحلل له‪ :‬الذي طلق زوجته ثالثا ويرغب في إعادتها‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬المحلل‪ :‬من يتزوج المطلقة ثالثا لتحل لزوجها األول‪.‬‬
‫‪548‬‬
‫األول‪ :‬الشروط التي تشترط على الزوج فيما هو واجب على الزوج القيام به لزوجته فهذه يجب الوفاء بها ألن القيام بها واجب على‬
‫ستَحْلَ ْلتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ)(‪ )1‬كأن تشترط عليه الوفاء بالنفقة أو حسن‬
‫حقُ الشُرُوطِ َأنْ تُوفُوا بِهِ مَا ا ْ‬
‫الزوج وحق من حقوق الزوجة لحديث (أَ َ‬
‫العشرة فيجب على الزوج الوفاء بها وجوباً ألنها واجبات على الزوج بموجب عقد الزواج ويجب على الزوج الوفاء بها حتى ولو لم‬
‫تشترطها الزوجة‪.‬‬

‫شتَرِطُو َ‬
‫ن‬ ‫الثاني‪ :‬الشروط التي تشترط على الزوج وهي فيما هو محرَم تحرِمه الشريعة اإلسالمية فالوفاء بها حرام لحديث (مَا بَالُ ُأنَاسٍ يَ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫حقُ وََأ ْوثَقُ) كأن‬ ‫شتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ شَرْطُ اللَهِ أَ َ‬
‫طلٌ وَِإنْ ا ْ‬
‫شتَرَطَ شَرْطًا َليْسَ فِي ِكتَابِ اللَهِ َف ُهوَ بَا ِ‬
‫شُرُوطًا َليْسَ فِي ِكتَابِ اللَهِ ؟! َمنْ ا ْ‬
‫تشترط عليه طالق زوجته األولى أو أن اليطأها ‪ ،‬أو أن يسمح لها بمخالطة الرجال األجانب عنها في دراسة أو وظيفة أو سفر أوغيرها‬
‫أو كأن تشترط على الزوج السماح لها باحتراف الزنى والعي اذ باهلل تعالى أواحتراف الرقص والغنى أمام الرجال األجانب أو أن يسمح لها‬
‫بشرب الخمرأو أنها تنفق على األسرة ويكون لها القوامة على الزوج وعلى األسرة‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬الشروط التي تشترط على الزوج فيما هو مباح يشرع الوفاء بها لحديث (أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج) الحديث‬
‫دليل على أن الزوج إذا قبل شروط المرأة التي ال تحلل حراماً وال تحرم حالالً فيجب عليه الوفاء بها كأن تشترط عليه مثالُ أن تواصل‬
‫الدراسة في مؤسسة خاصة بالنساء أو تشترط عليه البقاء في مدينة أومنطقة معينة أوأنها تتعاون مع غيرها من النساء الصالحات في القيام‬
‫أو اإلشراف على أنشطة علمية أودعوية أو خيرية في األوساط النسائية فكل شرط مباح يجب على الزوج الوفاء به‪.‬‬

‫زواج املسلمة بكافر‬


‫زواج المرأة المسلمة بالكافر أي كافر كان ال يجوز شرعاً‪ ،‬وتحريم زواج المسلمة بأي كافر مما علم من الدين بالضرورة لقوله تعالى‬
‫جنَةِ وَالْمَغْفِ َرةِ‬
‫عوَ إِلَى الْ َ‬
‫جبَكُمْ ُأوْلَـ ِئكَ َي ْدعُونَ إِلَى النَارِ وَاللّهُ َي ْد ُ‬ ‫خيْرٌ مِن مُشْ ِراٍ وََلوْ َأعْ َ‬ ‫حتَى ُيؤْ ِمنُواْ وَلَ َع ْبدٌ ُمؤْمِنٌ َ‬
‫{وَالَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫بِِإ ْذنِهِ َو ُي َبيِنُ آيَاتِهِ لِلنَاسِ لَعََلهُمْ يَ َتذَكَرُونَ} النهي في اآلية خطاب لألولياء بتحريم زواج المرأة المسلمة التي تحت والية اإلنسان المسلم‬
‫من أي كافر كان سواء مشركاً أو يهودياً أو نصرانياً أو هندوسياً أو بوذياً أومجوسياً أووثنياً أوملحداً أو أي كافر كان ومعنى اآلية أي ال‬
‫تزوجوا بناتكم أو أخو اتكم أو أي امرأة من أقاربكم ممن لكم عليهن والية النكاح بأي مشرك أو كافر حتى يترك دينه الكفري ويدخل في‬
‫حلٌ َلهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُونَ َل ُهنَ}(‪ )4‬والضمير في قوله تعالى (وال هم يحلون لهن) عائد إلى الكفار وهو‬ ‫الدين اإلسالمي لقوله تعالى {لَا ُهنَ ِ‬
‫يشمل كل كافر أي كافر كان فكل الكافرين ال يجوز تزويج المرأة المسلمة بواحد منهم والعلة في تحريم زواج المسلمة بكافر هي أن‬
‫المرأة ضعيفة فقد يجبرها الزوج الكافر على ترك اإلسالم واعتناق ديانته الكفرية أو قد تتأثر هي بديانة زوجها الكفرية فتترك اإلسالم‬
‫وتتابع زوجها على كفره تحببا وتقربا إليه ألن الزوج يؤثر في زوجته وهي تتأثربه قطعا وفي هذا التأثر إهالك لدينها ولذا قال تعالى‬
‫جنَةِ وَالْمَغْفِ َرةِ بِِإ ْذنِهِ}‪.‬‬
‫عوَ إِلَى الْ َ‬
‫معلالً تحريم زواج المسلمة بالكافر {ُأوْلَـ ِئكَ َي ْدعُونَ إِلَى النَارِ وَاللّهُ َي ْد ُ‬

‫حرمة الزواج بالزاني أو الزانية‬


‫يحرم على الرجل أن يتزوج بامرأة يعرف أنها زانية ويحرم على المرأة أن تتزوج برجل تعرف أنه زانٍ لقوله تعالى {الزَانِي لَا يَنكِحُ إلَا‬
‫حهَا إِلَا زَانٍ َأوْ مُشْ ِراٌ وَحُرِمَ ذَِلكَ عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِينَ}(‪ )5‬في اآلية داللة على أنه يحرم على الرجل أن يتزوج‬
‫زَا ِنيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَا ِنيَةُ لَا يَنكِ ُ‬
‫بامرأة يعرف أنها زانية ويحرم على المرأة التزوج برجل تعرف أنه زان‪.‬‬

‫زواج الرجل بامرأة قد زني بها‬


‫اذا تزوج الرجل بالمرأة التي قد زنا بها بعد استبرائها بوضع الحمل إن كانت حامالً من الزنى أو بحيضة إن لم تكن حامالً فالولد أو‬
‫األوالد الذين من المرأة بغير وطء شرعي وإنما هم من الزنى يلحقون بأمهم فال ينسبون إليه وال يرث منهم وال يرثون منه‪ ،‬وإذا أنجبت له‬
‫أوالداً بعد الزواج الشرعي فإن أوالدها من الزنى ال يكونون محارماً لألوالد الشرعيين وليس األوالد من الزنى أخوة للبنات من الماء‬
‫الشرعي الذي بعد الزواج فال يحل لألوالد من الزنى الخلوة بالبنات الشرعيات وال السفر معهن وال هم محارم لهن والعكس كذلك‪ ،‬وال‬
‫مانع للرجل أن يوصي لألوالد من الزنى بالثلث أو من الثلث ألنها وصية لغير وارث‪ ،‬أما األوالد الذين ولدوا من بعد الزواج الشرعي‬
‫فهم أوالد شرعيون يرثونه ويرثهم بحسب الفرائض الشرعية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الشروط‪ :‬باب الشروط في المهر عند عقد النكاح‪ .‬حديث رقم (‪ )2721‬بلفظ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ اللَهِ‬
‫ن تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُ ْم بِ ِه الْفُرُوجَ)‬
‫ط أَ ْ‬
‫ق الشُرُو ِ‬
‫صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬أَحَ ُ‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في النكاح‪ ،‬وأبو داود في النكاح‪ ،‬وابن ما جة في النكاح‪ ،‬وأحمد في مسند الشاميين‪ ،‬والدارمي في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب البيوع‪ :‬باب البيع والشراء مع النساء‪ .‬حديث رقم(‪ ) 2165‬بلفظ (قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُبَيْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ :‬دَخَلَ عَلَيَ رَسُولُ‬
‫ن الْعَشِيِ‬‫ي صَلَى اللَهُ عَلَيْ ِه وَسَلَ َم مِ ْ‬
‫ن أَعْتَقَ‪ ،‬ثُ َم قَا َم النَبِ ُ‬
‫اللَ ِه صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَذَكَرْتُ لَهُ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ :‬اشْتَرِي وَأَعْتِقِي فَإِنَمَا الْوَلَاءُ لِمَ ْ‬
‫فَأَثْنَى عَلَى اللَهِ بِ مَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَ قَالَ‪ :‬مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَهِ ؟! مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ‬
‫ط اللَ ِه أَحَقُ وَأَوْثَقُ)‬‫شَرْ ُ‬
‫أخرجه مسلم في العتق‪ ،‬و الترمذي في البيوع‪ ،‬وأبو داود في العتق‪ ،‬وابن ماجة في الدعاء‪ ،‬ومالك في العتق والوالء‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪:‬الصالة‪ ،‬الزكاة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)221( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الممتحنة‪)10( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬النور‪)3( :‬‬
‫‪549‬‬
‫حرمة زواج الشخص بأصول من قد عقد له بها‬
‫من النساء الالئي يحرم على الرجل أن يتزوج بهن أم زوجته أو أم أم زوجته أو أم أبي زوجته سواء كانت زوجته قد فارقته بموت أو‬
‫طالق أو فسخ أوكانت باقية في عقد نكاحه وسواء كان الزوج قد دخل بمن كانت زوجته أو لم يكن قد دخل بها وإنما كان منه مجرد عقد‬
‫نكاح فقط لقوله تعالى {وَأُ َمهَاتُ نِسَآئِكُمْ}(‪ )1‬فهذه اآلية تدل على تحريم زواج الرجل بأصول من قد عقد له بها سواء كانت باقية لديه أو قد‬
‫فارقته وسواء كان قد دخل بها أم لم يدخل وسواء كان بعقد فقط أو بعقد ودخول بعد زفافها إليه‪.‬‬

‫حرمة زواج الشخص بفصول من قد دخل بها‬


‫يحرم على الرجل أن يتزوج بفصول المرأة التي قد دخل بها سواء كانت الزوجة باقية عند الرجل أو قد فارقته بموت أو طالق أو فسخ‬
‫ويشترط لتحريم بنات أو بنات ابن أو بنات بنت الزوجة أن يكون الزوج قد دخل بها أي قد زفت إلى بيته بعد عقد النكاح‪ ،‬أما إذا كان‬
‫مجرد عقد فقط‪ ،‬فال يحرم عليه الزواج بفصول من قد عقد له بها عقد نكاح فقط ألن تحريم الربائب مقيد بالدخول في قوله تعالى‬
‫التِي دَخَ ْلتُم بِ ِهنَ فَإِن لَمْ تَكُونُواْ َدخَ ْلتُم بِ ِهنَ َفالَ جُنَاحَ عََليْكُمْ}(‪.)2‬‬
‫التِي فِي حُجُورِكُم مِن نِسَآئِكُمُ ال َ‬
‫{وَ َربَا ِئبُكُمُ ال َ‬

‫حرمة الزواج باملرأة املعتدة من طالق أو موت‬


‫يحرم نكاح المرأة المعتدة وهي في أثناء العدة سواءً كانت العدة من طالق بائن بينونة صغرى أو كبرى أو من طالق رجعي أو من خلع‬
‫أو فسخ أو كانت عدة وفاة‪ ،‬وإذا حصل عقد نكاح بامرأة قبل انقضاء عدتها فهو نكاح باطل‪ ،‬والواجب الشرعي التفريق بين الرجل والمرأة‬
‫ألن عالقتهما بالعقد في العدة عالقة غير شرعية أي ليست عالقة زواج وإنما هي عالقة زنا محرم ويجب تأديب وتعزير الولي العاقد‬
‫والمعقود له والمعقود بها ال شتراكهم في اإلثم والدخول في المحرم الشرعي وال يحتاج التفريق بينهما الى طالق من الزوج ألنه لم يصح‬
‫عقد الزواج وليس هو بزوج شرعي للمرأة وليست زوجة شرعية له للعقد بها قبل انتهاء عدتها من الزواج الشرعي األول‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬النساء‪)23( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬النساء‪)23( :‬‬
‫‪551‬‬
‫كتاب‬

‫الطـــــــــــالق‬

‫‪551‬‬
‫الكتاب السادس عشر‪ :‬كتاب الطالق‬

‫‪ ‬الباب األول‪ :‬الطــــــالق‬


‫‪ ‬الباب الثاني‪ :‬العـــــــدة‬
‫‪ ‬الباب الثالث‪ :‬اإليـــــالء‬
‫‪ ‬الباب الرابع‪ :‬الظــــهار‬
‫‪ ‬الباب الخامس‪ :‬االحداد‬

‫‪552‬‬
‫الباب األول‪ :‬الطــــــالق‬

‫‪ ‬الفصّل األول‪ :‬الطالق ومشروعيته وأنواعه‬


‫‪ ‬الفصّل الثاني‪ :‬الطالق السني و البدعي‬
‫‪ ‬الفصّل الثالث‪ :‬الخّلع‬
‫‪ ‬الفصّل الرابع‪ :‬ألفاظ الطالق المطّلقة والمقيدة‬
‫‪ ‬الفصّل الخامس‪ :‬الرجعة في الطالق‬

‫‪553‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الطالق ومشروعيته وأنواعه‬

‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬تعريف الطالق ومشروعيته‬


‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬الطالق البائن والطالق الرجعي‬

‫‪554‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف الطالق ومشروعيته‬

‫‪ ‬تعريف الطالق‬
‫‪ ‬مشروعية الطالق‬

‫‪555‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف الطالق ومشروعيته‬

‫تعريف الطالق‬
‫الطالق (لغة)‪ :‬اإلرسال والترك‪.‬‬

‫الطالق (شرعاً)‪ :‬حلَ عقد النكاح‪.‬‬

‫ا لطالق فك ارتباط الزوج بالزوجة وإنهاء العالقة الشرعية التي أنشأها بينهما عقد النكاح الشرعي المستوفي الشروط الشرعية‬
‫لصحة عقد النكاح‪.‬‬

‫مشروعية الطالق‬
‫(‪)1‬‬
‫وأما من السنة‬ ‫ح بِإِحْسَانٍ}‬
‫ف َأ ْو تَسْرِي ٌ‬
‫القُ مَ َرتَانِ فَإِمْسَااٌ بِ َمعْرُو ٍ‬
‫طَ‬ ‫الطالق مشروع بالكتاب والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعالى‪{ :‬ال َ‬
‫فحديث (مُرْهُ‪ ،‬فَّلْيُرَاجِعْهَا ثُمَ لِ ُيمْسِكْهَا حَتَى َتطْهُرَ ثُمَ َتحِيضَ ثُمَ َتطْهُر‪ُ ،‬ثمَ إِنْ شَاءَ َأمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَّلَقَ قَبّْلَ أَنْ َيمَسَ‪ ،‬فَتِّلْكَ ا ْلعِدَةُ الَتِي أَمَرَ‬
‫()‬
‫الَّلهُ أَنْ ُتطَّلَقَ لَهَا النِسَاء) ‪. 2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)221( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب قول اهلل تعالى يا أيها النبي إذا طلفتم النساء‪ .‬حديث رقم (‪ ) 5251‬بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمَا أَنَهُ طَلَقَ‬
‫امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَا ِئضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخطأبِ رَسُ ولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ عَنْ ذَلِكَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫وَسَلَمَ‪ :‬مُرْهُ‪ ،‬فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَ لِيُمْسِكْهَا حَتَى تَطْهُرَ ثُمَ تَحِيضَ ثُمَ تَطْهُر‪ ،‬ثُمَ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَ‪ ،‬فَتِلْكَ الْعِدَةُ الَتِي أَمَرَ اللَهُ أَنْ تُطَلَقَ لَهَا‬
‫النِسَاءُ)‬
‫أخرجه مسلم في الطالق‪ ،‬والترمذي في الطالق‪ ،‬والنسائي في الطالق‪ ،،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الطالق‪ ،،‬وأحمد في مسند العشرة المبشرين‪ ،‬ومالك‬
‫في الطالق‪ ،‬والدارمي في الطالق‪.‬‬
‫‪556‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الطالق البائن والطالق الرجعي‬

‫الطالق البائن والطالق الرجعي‬ ‫‪‬‬


‫الطالق بالثالث حكمه حكم الطلقة الواحدة‬ ‫‪‬‬
‫نقص عدد الطالق البائن بالرق‬ ‫‪‬‬
‫طالق الثالث متخلالت الرجعة‬ ‫‪‬‬
‫صور الطالق البائن بينونة صغرى‬ ‫‪‬‬
‫الطالق البائن بينونة كبرى‬ ‫‪‬‬
‫عدة المرأة المطلقة طالقاً رجعيًا في بيت زوجها‬ ‫‪‬‬
‫صفة مراجعة المطلقة‬ ‫‪‬‬
‫اإلشهاد على المراجعة‬ ‫‪‬‬
‫عدة المرأة المطلقة طالقًا بائنًا في بيت أهلها‬ ‫‪‬‬

‫‪557‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الطالق البائن والطالق الرجعي‬

‫الطالق البائن‬
‫هو الطالق الذي تبين منه الزوجة وال يستطيع الزوج إرجاعها إلى نكاحه إال بعقد جديد ومهر جديد إذا رضيت الزواج به مرة أخرى‬
‫ألنه ليس فيه حق للزوج لمراجعة الزوجة‪ ،‬وإذا كانت الطلقة الثالثة فال تحل لزوجها األول إال بعد زاجهابرجل آخر في نكاح شرعي‬
‫حلُ لَهُ مِن بَعْدُ‬
‫صحيح يرادبه العشرة الدائمة بين المرأة وزجها اآلخروال يقصد به التحليل للزوج األول‪ ،‬لقوله تعالى‪{ :‬فَإِن طَلَقَهَا َفالَ تَ ِ‬
‫غيْرَهُ}(‪.)3‬‬
‫حتَىَ تَنكِحَ َزوْجاً َ‬
‫َ‬

‫الطالق الرجعي‬
‫هو الطالق الذي يملك فيه الزوج حق مراجعة الزوجة إلى نكاحه في مدة العدة حتى ولولم تكن راضية بالرجوع ألنها التزال زوجته فله‬
‫حصُوا ا ْل ِع َدةَ‬
‫الحق الشرعي في إرجاعها ولوبدون اختيارها لقوله تعالى {يَا أَيُهَا النَبِيُ ِإذَا طَلَقْ ُتمُ ال ِنسَاء َفطَلِقُو ُهنَ ِل ِعدَتِ ِهنَ وََأ ْ‬
‫حدُو َد‬ ‫حشَةٍ مُبَيِنَةٍ وَتِ ْلكَ حُدُودُ اللَهِ وَمَن يَ َتعَدَ ُ‬ ‫وَاتَقُوا اللَهَ رَ َبكُمْ لَا ُتخْرِجُو ُهنَ مِن بُيُوتِهِنَ وَلَا يَخْ ُرجْنَ إِلَا أَن يَأْتِينَ بِفَا ِ‬
‫حدِثُ َبعْدَ ذَِلكَ أَمْراً}(‪ )2‬وقوله تعالى { وَ ُبعُولَتُ ُهنَ َأحَقُ بِرَدِ ِهنَ فِي ذَِلكَ ِإنْ أَرَادُواْ‬ ‫اللَهِ فَقَدْ ظََلمَ نَفْسَهُ لَا َتدْرِي َلعَلَ اللَهَ ُي ْ‬
‫صالَحاً} (‪ )1‬ولحديث (مُرْهُ‪ ،‬فَّلْيُرَا ِ‬
‫جعْهَا ثُمَ لِ ُيمْسِكْهَا حَتَى تَطْهُرَ ثُمَ تَحِيضَ ُثمَ تَطْهُر‪ُ ،‬ثمَ إِنْ شَاءَ َأمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَّلَقَ قَبّْلَ أَنْ يَمَسَ‪ ،‬فَتِّلْكَ الْعِدَةُ‬ ‫ِإ ْ‬
‫الطالق الرجعي هو طالق المرأة في المرة األولى أو الثانية ويحق للزوج أن يراجعها في العدة من‬ ‫(‪)4‬‬
‫الَتِي َأمَرَ الَّلهُ أَنْ ُتطَّلَقَ لَهَا النِسَاء)‬
‫دون عقد وال مهر جديد‪.‬‬

‫الطالق بالثالث حكمه حكم الطلقة الواحدة‬


‫الصحيح‪ :‬أن الطالق بلفظ الثالث ال يقع إال طلقة وحدة ألن الطلقة األولى وقعت على زوجته والطلقة الثانية والثالثة وقعتا على امرأة‬
‫أجنبية عنه ألن طالق الثالث كانت في عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم تعتبر طلقة واحدة لحديث (كَانَ الطَّلَاقُ عَّلَى عَهْدِ رَسُولِ الَّلهِ صَّلَى‬
‫س قَدْ اسْ َت ْعجَّلُوا فِي َأمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَ ُه ْم فِيهِ أَنَاةٌ فَّلَوْ‬
‫عمَرَ طَّلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً‪ ،‬فَقَالَ عُمَرُ بْنُ ا ْلخَطَابِ‪ :‬إِنَ النَا َ‬
‫الّلَهُ عَّلَ ْيهِ وَسََّلمَ وَأَبِي َبكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِّلَافَةِ ُ‬
‫َأمْضَيْنَا ُه عَّلَيْ ِهمْ فَ َأمْضَاهُ عَّلَيْ ِهمْ)(‪ )5‬الحديث دليل صحيح صريح أن الطالق بلفظ الثالث أو الثالث الطلقات في الوقت الواحد كانت تعتبر‬
‫طلقة واحدة في عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم ثم اجتهد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه فجعل الثالث التطليقات في الوقت الواحد ثالث‬
‫طلقات زجراً للناس عن التمادي في الطالق بلفظ الثالث التطليقات في الوقت الواحد‪ ،‬ودعوى اإلجماع على جعل الثالث الطلقات في‬
‫الوقت الواحد ثالث تطليقات تبين بها المرأة بينونة كبرى دعوى غير صحيحة ألن الصحابة كانوا قد تفرقوا في األمصار‪ ،‬واإلجماع ال بد‬
‫له من مستند شرعي صحيح وصريح‪ ،‬واجتهاد عمر رضي اهلل عنه ال يصح أن يكون مستنداً إلجماع على مسألة كهذه المسألة التي تسبب‬
‫ضياع كثير من األسر في المجتمعات اإلسالمية‪.‬‬

‫نقص عدد الطالق البائن بالرق‬


‫الراجح‪ :‬أن الرِقية ال اعتبار بها في نقص عدد الطلقات وأن طالق العبد مثل طالق الحر ال فرق بينهما والعبرة باألصل واألصل أنهما‬
‫في الطالق سواء فحكم الحر حكم العبد إال ما أخرجه الدليل وليس في هذا دليل فيكون طالق العبد ثالثا مثل طالق الحر تماماً لقوله‬
‫تعالىال َطالَقُمَرَتَان ِفَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ َأ ْوتَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ (‪ )6‬وقوله تعالى {فَإِن طَلَقَهَا َفالَ َتحِلُ لَهُ مِن َبعْدُ حَتَىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ‬
‫(‪)7‬‬
‫خطاب اهلل‬ ‫حدُودُ اللّهِ يُبَيِنُهَا لِقَوْمٍ َيعْلَمُونَ}‬
‫حدُودَ اللّهِ وَتِ ْلكَ ُ‬
‫جعَا إِن ظَنَا أَن يُقِيمَا ُ‬
‫فَإِن طَلَقَهَا فَالَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَا َ‬
‫تعالى في اآليتين عام يعم العبد والحر وال دليل على التفرقة بينهما في الطالق‪.‬‬

‫طالق الثالث متخلالت الرجعة‬


‫من طلق زوجته ثالث طلقات متخلالت الرجعة فإن زوجته تصبح عليه محرمة شرعاً ال يحل له منها ما يحل للزوج من زوجته وال‬
‫يجوز له االتصال بها جنسياً أي جماعها‪ ،‬وال ترثه الزوجة وال يرثها وإذا ادعت الزوجة أنه قد طلقها زوجها ثالثاً متخلالت الرجعة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)230( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الطالق‪)1( :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)225( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪)5251‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب طالق الثالث‪ .‬حديث رقم (‪ )3655‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ الطَلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأَبِي‬
‫ت لَهُ ْم فِي ِه أَنَا ٌة فَلَ ْو أَمْضَيْنَا ُه عَلَيْهِ ْم فَأَمْضَا ُه عَلَيْهِمْ)‬
‫س قَ ْد اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَ ْد كَانَ ْ‬
‫ن النَا َ‬
‫ن الخطأبِ‪ :‬إِ َ‬ ‫ث وَاحِدَةً‪ ،‬فَقَا َل عُمَ ُر بْ ُ‬
‫ق الثَلَا ِ‬
‫ن خِلَافَ ِة عُمَ َر طَلَا ُ‬
‫ن مِ ْ‬
‫بَكْ ٍر وَسَنَتَيْ ِ‬
‫أخرجه النسائي في الطالق‪ ،،‬وأبو داود في الطالق‪.‬‬
‫أمضاه‪ :‬عاقبهم بإيقاعه ثالثا‪.‬‬ ‫أمضيناه‪ :‬أنفذناه‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬أناة‪ :‬مهلة وسعة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)221( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)230( :‬‬
‫‪558‬‬
‫فعليها البرهان وإذا لم تتمكن من إبراز برهان فالقول قول الزوج مع يمينه فإذا كان الواقع ما ادعته الزوجة فاإلثم كله على الزوج‬
‫وسيعاقبه اهلل عقابين عقاب اليمين الف اجرة وعقاب بقاء الزوجة عنده بعد طالقها‪ ،‬وحكم الحاكم ينفذ ظاهراً ال باطنًا ألن الباطن يعلمه اهلل‬
‫حجَ ِتهِ مِنْ َبعْضٍ‪َ ،‬فمَنْ قَضَيْتُ لَهُ ِبحَقِ َأخِيهِ شَيْئًا بِقَوْ ِلهِ فَإِ َنمَا‬ ‫عز وجل والقاضي يعرف الظاهر لحديث (إِ َن ُكمْ َتخْتَصِمُونَ إِ َليَ وََلعَّلَ َبعْ َ‬
‫ض ُكمْ أَ ْلحَنُ ِب ُ‬
‫َأ ْق َطعُ لَ ُه ِق ْط َعةً مِنْ النَارِ فَّلَا يَ ْأخُذْهَا)(‪ )1‬وليتق اهلل كل من يطلق ثالث طلقات متخلالت الرجعة فإن الزوجة تصير محرمة عليه تحريماً قطعياً‬
‫ال تحل له إال بعد أن تتزوج زوجاً غيره في نكاح شرعي غير مقصود به التحليل وبشروط أن يدخل بها الزوج الثاني ويتحقق بينهما‬
‫االتصال الجنسي لحديث (لَا‪ ،‬حَتَى تَذُوقِي عُسَيّْلَ َتهُ وَيَذُوقَ عُسَيّْلَتَكِ)(‪ )2‬ومعنى الحديث أن الزواج الذي تحل به المرأة للزوج األول هو في‬
‫حالة إذا مات الزوج الثاني أو ساءت العشرة بين الزوجين فطلقها الزوج الثاني ويشترط فيه تحقق الوطء من الزوج الثاني‪ ،‬ومفهوم‬
‫الحديث أن المرأة إذا تزوجت بالزوج الثاني ثم مات قبل وطئها فال تحل للزوج األول بهذا النكاح الذي لم يحصل فيه وطء الزوجة من‬
‫الزوج الثاني‪.‬‬

‫صور الطالق البائن بينونة صغرى‬


‫صور الطالق البائن بينونة صغرى ثالث هي‪:‬‬

‫األولى‪ :‬إذا طلق الرجل زوجته ولم يراجعها حتى انقضت العدة فبانقضاء العدة تبين منه بينونة صغرى‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬إذا طلقت المرأة لمقابل عوض وهو الخلع فإنها تبين بينونة صغرى وال يحق له أن يراجعها في العدة وال بعد انقضاء العدة ألنه‬
‫قد صار أمرها بيدها بالخلع ألنها قد اشترت الطالق شراء بالعوض الذي سلمته للزوج‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬إذا طلق الزوج الزوجة قبل الدخول بها فإنها تبين منه بينونة صغرى لقوله تعالى {يَا أَيُهَا اَلذِينَ آمَنُوا ِإذَا َن َكحْ ُتمُ الْمُؤْمِنَاتِ‬
‫ع َدةٍ َتعْتَدُونَهَا}(‪ )3‬وإذا أراد الزوج أن يتزوج بالمرأة التي قد بانت منه‬ ‫ُثمَ طَلَقْتُمُو ُهنَ مِن قَبْلِ أَن تَ َمسُوهُنَ فَمَا َل ُكمْ عَلَيْ ِهنَ ِمنْ ِ‬
‫بينونة صغرى في أي صورة من الصور الثالث فال يحق له إال بمهر جديد وعقد جديد إن كانت راضية وإال فقد أصبح خاطباً من‬
‫الخطاب واألمر راجع إليها بالموافقة أو عدم الموافقة‪.‬‬

‫الطالق البائن بينونة كربى‬


‫الطالق البائن بينونة كبرى هو طالق الزوجة في المرة الثالثة ألنها تبين من الزوج بينونة كبرى ال تحل له من بعد هذا الطالق إال من بعد‬
‫أن تتزوج بزوج آخر ثم يموت أو تسوء العشرة بين المرأة والزوج الثاني فيطلقها بسبب سوء العشرة ال من أجل تحليلها للزوج األول‬
‫فبعد طالق الزوج الثاني يحل للزوج األول أن يتزوج بها إذا كانت راضية بعقد جديد ومهر جديد لقوله تعالى‪{ :‬فَإِن طَّلَقَهَا َفالَ تَ ِ‬
‫حّلُ لَهُ مِن‬
‫غيْ َرهُ } (‪.)4‬‬
‫حتَىَ تَنكِحَ َزوْجاً َ‬
‫بَ ْعدُ َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عدة املرأة املطلقة طالقا رجعيا يف بيت زوجها‬
‫تعتد المرأة المطلقة طالقاً رجعياً في بيت زوجها وال تخرج من بيت زوجها إلى بيت وليها في عدة الطالق الرجعي لقوله تعالى‪{ :‬يَا َأ ُيهَا‬
‫جنَ إِلَا أَن يَ ْأتِينَ بِفَاحِشَةٍ ُم َبيِنَةٍ‬
‫حصُوا الْ ِع َدةَ وَاتَقُوا الّلَهَ َربَكُمْ لَا تُخْرِجُو ُهنَ مِن ُبيُوتِ ِهنَ وَلَا يَخْرُ ْ‬ ‫ال َنبِيُ ِإذَا طَّلَ ْقتُمُ النِسَاء فَطَّلِقُوهُنَ لِ ِع َد ِت ِهنَ وَأَ ْ‬
‫)‪)5‬‬
‫حدِثُ بَ ْعدَ ذَِلكَ أَمْراً }ً ‪.‬‬
‫حدُودَ الّلَهِ فَ َقدْ ظَّلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَ َعّلَ الّلَهَ يُ ْ‬
‫َوتِ ّْلكَ حُدُودُ الّلَهِ وَمَن َيتَ َعدَ ُ‬

‫صفة مراجعة املطلقة‬


‫صفة مراجعة الزوجة المطلقة هي أن يقول الزوج راجعت زوجتي أو يخاطبها بقوله راجعتك أو يخبر ويقول أنا قد راجعت زوجتي فالنة‬
‫بنت فالن أو يكتب لها رسالة أو لوليها يخبر فيها أنه قد راجع زوجته إذا لم يكن حاضراً لديها وتصح المراجعة بكل قول يفيد مراجعة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الشهادات‪ :‬باب من أقام البينة بعد اليمين‪ .‬حديث رقم (‪ ) 2650‬بلفظ (عَنْ أُمِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا أَنَ رَسُولَ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ‬
‫ق أَخِي ِه شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَمَا أَقْطَ ُع لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَا ِر فَلَا يَأْخُذْهَا)‬
‫ت لَ ُه بِحَ ِ‬
‫ن بَعْضٍ‪ ،‬فَمَنْ قَضَيْ ُ‬ ‫ن بِحُجَتِهِ مِ ْ‬‫ن إِلَيَ وَلَعَ َل بَعْضَكُ ْم أَ لْحَ ُ‬
‫وَسَلَمَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬إِنَكُ ْم تَخْتَصِمُو َ‬
‫أخرجه مسلم في األقضية‪ ،‬والنسائي في أداب القضاة‪ ،،‬وأبو داود في األقضية‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪ ،،‬وأحمد في باقي مسند األنصار‪ ،‬ومالك في األقضية‪.‬‬
‫أطاف الحديث‪ :‬األحكام‪ ،‬الحيل‪.‬‬
‫ألحن‪ :‬أفصح ببيان حجته‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الشهادات‪ :‬باب شهادة المختبي‪ .‬حديث قم (‪ )2631‬بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا‪ ،‬جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ الْقُرَظِيِ النَبِيَ صَلَى اللَهُ‬
‫ن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا‪ ،‬حَتَى‬ ‫ن أَ ْ‬‫ن الزَبِيرِ‪ ،‬إِنَمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَ ِة الثَوْبِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬أَتُرِيدِي َ‬ ‫ن بْ َ‬
‫ت طَلَاقِي فَتَزَوَجْتُ عَبْ َد الرَحْمَ ِ‬‫عَلَيْهِ وَسَلَ َم فَقَالَتْ‪ :‬كُنْتُ عِنْ َد رِفَاعَةَ فَطَلَقَنِي فَأَبَ َ‬
‫تَذُوقِي عُسَيْلَتَ ُه وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ)‬
‫أخرجه مسلم في النكاح‪ ،‬والترمذي في النكاح‪ ،‬والنسائي في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في النكاح‪ ،،‬وأحمد في باقي مسند االنصار‪ ،‬والدارمي في الطالق‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬اللباس‪ ،‬األدب‪.‬‬
‫عسيلته‪ :‬كناية عن لذة الجماع‪.‬‬ ‫الهدبة‪ :‬طرف الثوب وهوكناية عن ضعفه الجنسي‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪ :‬طالق البتة‪ :‬الطالق ثالثا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬االحزاب‪)41( :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)230( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الطالق‪)1( :‬‬
‫‪559‬‬
‫الزوجة وإرجاعها إلى نكاحه إذا كانت الطلقة األولى أو الثانية‪ ،‬وتصح المراجعة بالفعل بأن يجامعها وتكون المجامعة مراجعة فعلية‬
‫للمطلقة ألنه لم يطأها إال وقد نوى مراجعتها‪.‬‬

‫اإلشهاد على املراجعة‬


‫إذا كان الزوج قد راجع زوجته المطلقة مراجعة قولية فيجب عليه اإلشهاد على المراجعة لكي ال يحصل مناكرة في المراجعة لقوله تعالى‬
‫عدْلٍ مِنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَهَا َدةَ لِلَهِ ذَِلكُمْ‬
‫سكُو ُهنَ بِ َمعْرُوفٍ أَ ْو فَارِقُوهُنَ بِ َمعْرُوفٍ وََأشْهِدُوا ذَوَيْ َ‬ ‫{فَِإذَا بََلغْنَ َأجَلَ ُهنَ فَأَ ْم ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫جعَل لَهُ مَخْرَجاً } اآلية دليل على أن اإلشهاد على المراجعة‬ ‫خرِ وَمَن يَتَقِ اللَهَ َي ْ‬
‫عظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَهِ وَالْيَ ْومِ الْآ ِ‬ ‫يُو َ‬
‫واجب وجوبا مستقالً‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عدة املرأة املطلقة طالقا بائنا يف بيت أهلها‬
‫تعتد المرأة المطلقة طالقاً بائناً بينونة صغرى أو كبرى في بيت أهلها لقوله تعالى‪{ :‬فَإِن طَّلَ َقهَا فَالَ تَ ِ‬
‫حّلُ لَهُ مِن بَ ْع ُد حَ َتىَ تَنكِحَ َزوْجاً‬
‫غيْرَه}(‪ )2‬ألنه ال حق للزوج في مراجعتها وألنها قد أصبحت امرأة أجنبية عنه‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ - 1‬الطالق‪)2( :‬‬
‫‪ - 2‬البقرة‪)230( :‬‬
‫‪561‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الطالق السني والبدعي‬

‫الطالق السني‬ ‫‪‬‬


‫الطالق البدعي‬ ‫‪‬‬
‫وقوع الطالق البدعي مع اإلثم‬ ‫‪‬‬
‫وقوع الثالث الطلقات طلقة واحدة‬ ‫‪‬‬
‫تتابع الطالق‬ ‫‪‬‬
‫وجوب مراجعة المطلقة في الحيض والنفاس‬ ‫‪‬‬
‫إيقاع الطالق في الطهر الثاني‬ ‫‪‬‬
‫وقوع الطالق المعلق لمجرد وقوع الشرط‬ ‫‪‬‬
‫عدم وقوع الطالق بالتسويف‬ ‫‪‬‬
‫كتابة الطالق على ورقة من كنايات الطالق‬ ‫‪‬‬
‫اليمين بلفظ التحريم من كنايات الطالق‬ ‫‪‬‬
‫الحلف بلفظ الطالق كناية من كنايات الطالق‬ ‫‪‬‬
‫طالق األخرس باإلشارة‬ ‫‪‬‬
‫طالق الصبي أو المجنون‬ ‫‪‬‬
‫طالق المكره‬ ‫‪‬‬
‫عدم طاعة الوالدين أو أحدهما بطالق الزوجة‬ ‫‪‬‬
‫صحة طالق المكره في باب اإليالء‬ ‫‪‬‬
‫وقوع طالق الهازل‬ ‫‪‬‬
‫وقوع طالق السكران المتبقي له تمييز‬ ‫‪‬‬

‫‪561‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الطالق السني والبدعي‬

‫الطالق السني من حيث الصفة‬


‫سكْهَا‬ ‫الطالق السني من حيث الصفة هو أن يطلق الزوج الزوجة وهي حامل أو وهي في طهر لم يمسها فيه لحديث (مُرْهُ‪ ،‬فَّلْيُرَا ِ‬
‫جعْهَا ُثمَ لِ ُيمْ ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫حَتَى َتطْهُرَ ُثمَ َتحِيضَ ُثمَ تَطْهُر‪ُ ،‬ثمَ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَا َء طَّلَقَ قَبّْلَ أَنْ يَمَسَ‪ ،‬فَتِّلْكَ ا ْلعِدَةُ الَتِي َأمَرَ الَّلهُ أَنْ ُتطَّلَقَ لَهَا النِسَاءُ)‬

‫الطالق السني من حيث العدد‬


‫وأما الطالق السني من حيث العدد فهو أن يكون الطالق طلقة واحدة‪ ،‬وهذا هو الطالق السني من حيث الصفة ومن حيث العدد وهو‬
‫المراد بلفظ الطالق الشرعي سواء في آيات الطالق في القرآن الكريم أو في األحاديث النبوية الصحيحة‪.‬‬

‫الطالق البدعي‬
‫الطالق البدعي من حيث الصفة‪ :‬هو طالق الزوجة وهي حائض أو نفساء أو في طهر قد جامعها زوجها فيه‪ ،‬ومن حيث العدد هو أن‬
‫يطلق الزوج الزوجة طلقتين أو ثالث أو أكثر في وقت واحد‪ ،‬والطالق البدعي سواءً من حيث الصفة أو من حيث العدد محرم باإلجماع‬
‫ألنه طالق مخالف لما جاءت به الشريعة اإلسالمية من وصف الطالق المشروع ‪،‬الدليل حديث (مُرْهُ‪ ،‬فَّلْيُرَاجِ ْعهَا ُثمَ لِ ُيمْسِكْهَا حَتَى َتطْهُرَ ثُمَ‬
‫ق قَبّْلَ أَنْ َيمَسَ‪ ،‬فَتِّلْكَ الْعِدَةُ الَتِي أَمَرَ الَّلهُ أَنْ ُتطَّلَقَ لَهَا النِسَاءُ)‪.‬‬
‫َتحِيضَ ُثمَ تَطْهُر‪ُ ،‬ثمَ إِنْ شَاءَ َأمْسَكَ َبعْدُ وَإِنْ شَا َء طَّلَ َ‬

‫وقوع الطالق البدعي مع اإلثم‬


‫الصحيح‪ :‬أن الطالق البدعي من حيث الصفة يقع مع اإلثم ألن عبداهلل بن عمر أخبر أن الطلقة التي أوقعها على زوجته وهي حائض‬
‫(‪)2‬‬
‫حسبت عليه طلقة لحديث (طَّلَقَ ابْنُ ُعمَرَ امْرَأَ َتهُ َو ِهيَ حَائِضٌ فَ َذكَرَ ُعمَرُ لِّلنَ ِبيِ صَّلَى الَّلهُ عَّلَ ْيهِ وَسََّلمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لِيُرَا ِجعْهَا‪ ،‬قُّلْتُ‪ُ :‬تحْتَسَبُ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬ف َمهْ)‬
‫ومعنى لفظ (فمه) أي نعم حسبت طلقة‪ ،‬وفي رواية (حسبت عليَ بتطليقة)(‪ )3‬الحديث دليل صريح على احتساب الطالق البدعي من‬
‫حسَانٍ}(‪ )4‬وقوله تعالى‪{ :‬فَإِن‬ ‫طالَقُ مَرَتَانِ فَإِ ْمسَااٌ بِ َمعْرُوفٍ أَوْ َتسْرِيحٌ بِِإ ْ‬ ‫الثالث الطلقات التي تشرع للزوج في قوله تعالى‪{ :‬ال َ‬
‫رهُ}(‪ )5‬وأمرالنبي صلى اهلل عليه وسلم البن عمر بمراجعتها دليل على وقوع الطالق‬
‫طَّلَقَهَا َفالَ َتحِّلُ لَهُ مِن َب ْعدُ حَتَىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْ َ‬
‫ألن المراجعة ال تكون إال على طالق قد وقع واألمر بالمراجعة يقتضي الوجوب‪.‬‬

‫وقوع الثالث الطلقات طلقة واحدة‬


‫الصحيح‪ :‬أن الطالق بلفظ الثالث أو الثالث الطلقات في وقت واحد ال تقع إال طلقة واحدة ألن الطلقة األولى هي التي وقعت على الزوجة‬
‫والطلقة الثانية والثالثة وقعتا على امرأة أجنبية عنه ألن الطالق بالثالث كانت تحسب طلقة واحدة في عهد النبي صلى اهلل وعليه وسلم‬
‫خطَابِ‪ :‬إِنَ‬
‫عمَرُ بْنُ ا ْل َ‬ ‫لحديث (كَانَ الطَّلَاقُ عَّلَى عَهْدِ رَسُولِ الَّلهِ صَّلَى ال َّلهُ عَّلَ ْيهِ وَسََّلمَ وَأَبِي َبكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِّلَا َفةِ ُ‬
‫عمَرَ طَّلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً‪ ،‬فَقَالَ ُ‬
‫النَاسَ قَدْ اسْ َت ْعجَّلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَ ُهمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَّلَوْ َأمْضَيْنَاهُ عَّلَيْ ِهمْ فََأمْضَاهُ عَّلَيْ ِهمْ)(‪)6‬الحديث دليل صحيح صريح على أن الطالق بلفظ الثالث‬
‫كانت تحسب طلقة واحدة في عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم واجتهاد عمر هو للزجر عن التمادي فيه وعقاب منه على مخالفة الطالق‬
‫المشروع ألن الطالق بالثالث من الطالق البدعي‪.‬‬

‫تتابع الطالق‬
‫الراجح‪ :‬أن الزوج إذا طلق الزوجة عند كل طهر طلقة واحدة كان مطلقاً للسنة‪ ،‬أي كان طالقه سنياً‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما برقم (‪.)5251‬‬
‫‪2‬‬
‫ن‬
‫س بْنِ سِيرِينَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ‪ :‬طَلَقَ ابْ ُ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطالق‪ .‬حديث رقم(‪ ) 5252‬بلفظ (عَنْ أَنَ ِ‬
‫ي صَلَى اللَ ُه عَلَيْهِ وَسَلَمَ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬لِيُرَاجِعْهَا‪ ،‬قُلْتُ‪ :‬تُحْتَسَبُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَمَهْ)‬ ‫عُمَ َر امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَا ِئضٌ فَذَكَ رَ عُمَ ُر لِلنَبِ ِ‬
‫أخرجه مسلم في الطالق‪ ،‬والترمذي في الطالق‪ ،‬والنسائي في الطالق‪ ،،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الطالق‪ ،،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الطالق‪ ،‬والدارمي في الطالق‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬األحكام‬
‫فمه‪ :‬كلمة زجر وانكار بمعنى اكفف‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫ي بِتَطْلِيقَةٍ)‬‫ن ابْنِ عُمَرَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬حُسِبَتْ عَلَ َ‬ ‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب إذا طلقت الحائض تعتد بذالك الطالق‪ .‬حديث رقم(‪ )5253‬بلفظ (عَ ْ‬
‫أخرجه مسلم في الطالق‪ ،‬والترمذي في الطالق‪ ،‬والنسائي في الطالق‪ ،،‬وأبو داود في الطالق‪ ،‬وابن ماجة في الطالق‪ ،،‬وأحمد في مسند المكثرين‪ ،‬ومالك في‬
‫الطالق‪ .‬و الدارمي في الطالق‪.‬‬
‫أطراف الحديث‪ :‬األحكام‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)221( :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬البقرة‪)230( :‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الطالق‪ :‬باب طالق الثالث‪ .‬حديث رقم (‪ )3655‬بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَاسٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬كَانَ الطَلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَهِ صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ وَأَبِي‬
‫ت لَهُ ْم فِي ِه أَنَا ٌة فَلَ ْو أَمْضَيْنَا ُه عَلَيْهِ ْم فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ)‬
‫س قَ ْد اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَ ْد كَانَ ْ‬
‫ن النَا َ‬
‫ب إِ َ‬
‫ن الخطأ ِ‬ ‫ث وَاحِدَةً‪ ،‬فَقَا َل عُمَ ُر بْ ُ‬‫ق الثَلَا ِ‬ ‫ن خِلَافَ ِة عُمَ َر طَلَا ُ‬
‫ن مِ ْ‬
‫بَكْ ٍر وَسَنَتَيْ ِ‬
‫أخرجه النسائي في الطالق‪ ،‬وابو داود في الطالق‪.‬‬
‫أمضيناه‪ :‬أنفذناه‪.‬‬ ‫أمضاه‪ :‬عاقبهم بإيقاعه ثالثا‪.‬‬ ‫أناة‪ :‬مهلة وسعة‪.‬‬ ‫معاني األلفاظ‪:‬‬
‫‪562‬‬
‫وجوب مراجعة املطلقة يف احليض والنفاس‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب مراجعة الزوج الزوجة التي طلقها في حالة الحيض أو النفاس ألمر النبي صلى اهلل عليه وسلم ابن عمر رضي اهلل‬
‫عنهما بمراجعة زوجته المطلقة حال الحيض في حديث (مُ ْرهُ فَلْيُرَاجِ ْعهَا)(‪ )1‬واألمر يقتضي الوجوب‪.‬‬

‫إيقاع الطالق يف الطهر الثاني‬


‫الصحيح‪ :‬أن من طلق زوجته وهي حائض فيجب عليه مراجعتها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ويطلقها إن أراد طالقها في‬
‫الطهر الثاني إذا لم يكن قد جامعها فيه لحديث ابن عمر رضي اهلل عنهما (أَ َنهُ طَّلَقَ امْرَأَتَهُ وَ ِهيَ حَائِضٌ عَّلَى عَ ْهدِ رَسُولِ الَّلهِ صَّلَى الَّلهُ عَّلَيْهِ‬
‫جعْهَا ُثمَ لِ ُيمْسِكْهَا حَتَى‬
‫خطَابِ رَسُولَ الَّلهِ صَّلَى الَّلهُ عَّلَ ْيهِ وَسََّلمَ عَنْ ذَلِكَ‪ ،‬فَقَالَ رَسُولُ الّلَهِ صَّلَى الَّلهُ عَّلَيْهِ وَسَّلَمَ‪ :‬مُرْهُ‪ ،‬فَّلْيُرَا ِ‬ ‫وَسََّلمَ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ ا ْل َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ق قَبّْلَ أَنْ َيمَسَ‪ ،‬فَتِّلْكَ الْعِدَةُ الَتِي َأمَرَ الَّلهُ أَنْ ُتطَّلَقَ لَهَا النِسَاءُ) ‪.‬‬
‫َتطْهُرَ ُثمَ تَحِيضَ ُثمَ َتطْهُر‪ُ ،‬ثمَ إِنْ شَاءَ َأمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَا َء طَّلَ َ‬

‫وقوع الطالق املعلق جملرد وقوع الشرط‬


‫الطالق المعلق على فعل شيء أو ترك شيء يقع بمجرد فعل الشيء الذي علق الطالق على فعله أو مجرد ترك الشيء الذي علق الطالق‬
‫على تركه‪.‬‬

‫عدم وقوع الطالق بالتسويف‬


‫من قال لزوجته إذا فعلت كذا فسوف أطلقك ففعلت الشيء الذي منعها من فعله فال تطلق إال إذا قال لها بعد ذلك الشيء أنت طالق ألن‬
‫التسويف بالطالق ليس بطالق‪.‬‬

‫كناية الطالق العربة فيها بنية الزوج‬


‫كناية الطالق العبرة فيها بنية الطالق فإن أراد بتلفظه بكناية الطالق الطالق تكون طلقة وإن أراد غير الطالق فال تحسب طلقة وعليه‬
‫اليمين بأنه لم يرد الطالق والقول قول الزوج مع يمينه‪.‬‬

‫كتابة الطالق على ورقة من كنايات الطالق‬


‫الكتابة المرتسمة على بياض أو على السبورة أو نحوهما هي من كنايات الطالق إال إذا كتب الزوج ورقة الطالق وأرخها وأرسلها إلى‬
‫الزوجة أو إلي وليها فإنه يكون طالقاً صريحاً بالقرائن من الكتابة وكتابة التاريخ واإلرسال بالورقة إلى الزوجة أو إلى وليها ليعلم الزوجة‬
‫أوالولي بطالق الزوجة‪.‬‬

‫اليمني بلفظ التحريم من كنايات الطالق‬


‫إذا تلفظ الزوج بلفظ التحريم فال يقع طالقاً ولكنه كناية من كنايات الطالق وهوبحسب نيته فإن أراد بلفظ الحرام الطالق فهو طالق وإن‬
‫أراد اليمين فهو يمين والقول قول الزوج‪.‬‬

‫احللف بلفظ الطالق كناية من كنايات الطالق‬


‫من حلف ب

You might also like