Professional Documents
Culture Documents
تأليف
يوهان كرستوف آرنولد
Johann Christoph Arnold
2
يرجى مشاركة هذا الكتاب مع أصدقائكم .وال تترددوا في إرساله في البريد اإللكتروني أو
طبع الكتاب كليا أو جزئيا ،لكن الرجاء عدم إجراء أي تغيير بأية طريقة كانت .وإذا رغبتم
في عمل نسخ متعددة منه لتوزيعه على نطاق واسع ،أو إلعادة استنساخ أجزاء منه
كرسائل إخبارية أو دورية ،فيرجى مراعاة القيود التالية :
•ال يجوز إعادة نشره لمكاسب مادية.
•يجب إدراج عبارة االئتمان التالية« :حقوق الطبع والنشر لدار المحراث للنشر
- Plough Publishing Houseسنة 2007م .تم استخدامه بعد اإلذن».
مـالحـظ ــة :تـشـي ــر الـنـج ــوم ال ــتي تـتـخـل ــل الـن ــص ـفـي الـكـت ــاب إ ـلـى الـهـوام ــش ـفـي
أسـف ــل الـصـفـح ــة ،أم ــا األرق ــام فـتـشـي ــر إ ـلـى الـمـراج ــع الـمـوج ــودة ـفـي قـس ــم
ال ُـمـلـحـق ــات ـفـي نـهـاي ــة الـكـت ــاب.
3
إهداء
4
محتويات الكتاب
100 س ّر الزواج
ِ 9 9
5
الباطل الذي يَ ُ
عيشه عص ُرنا ِ روح
الجزء الثالثُ :
178 1أنريد الجنس في ظِ ِّ
ل اللـه أم بدونه؟ 15
191 1ماذا عن المثلية الجنسية؟ 16
ُملحقات الكتاب
253 •دعوة إلى حياة العِ َّفة والنقاوة
261 •عن المؤلف
6
المقدمة
بقلم األنبا أنطونيوس مرقس
+لذا أعطى هللا الوصايا التي تدعوه إلى الطهارة والنقاوة في كلمات
العهدين القديم والجديد ووعده بالقوة من الروح القدس للهروب من
االبتذال والتدني وأيضا للهروب من أمراض جسدية ونفسية وروحية
مصاحبة للخطيئة واألدناس التي تشقي اإلنسان وتذله وتضعف
7
الجنس والزواج في فكر اللـه 8
+كما أثبتت الخبرة على مدى التاريخ أنه ليس هناك مهرب
لهؤالء الذين يمارسون الجنس الدنس من مخاطر األمراض
الجسدية ودمار العائالت وتشتت األطفال باستخدام المضادات
الحيوية والكيمياويات والغالف الواقي إال عن طريق حياة الطهارة
والنقاوة وااللتزام بممارسة الجنس المقدس في نطاق العائلة
ورباط الروح القدس.
+هذا الكتاب الذي بين يديك «الجنس والزواج في فكر اللـه» ليس
كتابا صغيرا كما يصفه مؤلفه بل هو كتاب كبير عظيم ُمختبر
في نهجه وأسلوبه وهدفه وعمقه وتفاصيله يسعى بنا إلى تفهم
واكتساب طهارة الجسد والنفس والروح وممارسة الحياة الزوجية
على أساس رباط الروح القدس الذي يؤدي إلى نقاوة األسرة وتناغم
الحياة وبناء األطفال ونموهم روحيا ونفسيا وعقليا ليكونوا أعضاء
مثمرين نافعين في الجسد اإللهي.
9 المقدمة
+هذا الكتاب يمثل عنصرا أساسيا ومركزيا لتف ُّهم دقائق العالقات
الجنسية األسرية في ضوء كلمة هللا وحكمته وتحويل عش الزوجية
المقدس إلى فردوس طاهر يعيش فيه هللا ويسكن بينهم ويزيد من
محبتهم وإثمارهم وامتدادهم ألجيال كثيرة.
بنعمة هللا
نيافة الحبر الجليل
األسقف المصري
األنبا أنطونيوس مرقس
أسقف عام شؤون أفريقيا
في الكنيسة القبطية األرثوذكسية
رسالة من األم تيريزا
ّ
صلى أفراد العائالت معا إن العِ َّفة هي ثمرة الصالة ،فلو
فسوف يبقون في وحدة وعفاف ،وسوف يحب بعضهم بعضا ،مثلما
يحب هللا كل واحد منهم .والقلب الطاهر والعفيف هو الحامل
الجيد لمحبة هللا ،وحيثما تكن المحبة تكن الوحدة والوفاق والفرح
ّ
فلنصلي .وليبارككم هللا. والسالم.
األم تيريزا
كلكتا نوفمبر/تشرين الثاني 1995م
10
تمهيد الكتاب
بقلم المؤلف
]*[ التحرر الجنسي Sexual Liberationيعني ممارسة المزيد من الجنس خارج إطار الزواج
(سواء كان قبل الزواج أو بعد الزواج) السيما من قِبل النساء.
11
الجنس والزواج في فكر اللـه 12
ُ
قمت ،كقسيس ،بتقديم المشورة للكثير من الناس عبر وقد
ُ
فالحظت أن الجانب الجنسي السنين ،سواء كانوا عزابا أو متزوجين.
عند الكثيرين منهم ال يعكس فرحا وإنما تدميرا نفس ّيا أو التباس
األمور وعدم وضوحها حتى أنه قد يكون يأسا .ويتطلع الناس في
الحقيقة إلى وحدة القلب والنفس ،ولكن نزوة الحب الرومانسي
تصيبهم بالعمى بحيث تجعل اشتياقهم الوجداني السامي غير
واضح المعالم عندهم .وربما يعرفون أن المجامعة الجنسية في
الزواج هي نعمة إلهية؛ وينبغي أن تكون من أكثر العالقات الجنسية
الحميمة والممتعة على الصعيد الشخصي بين الرجل والمرأة.
ولكنهم يتساءلون لماذا أصبحت المجامعة الجنسية مصدرا لمثل
هذه العزلة واأللم عندهم ،وعند الكثيرين.
وال يوجد في ثقافة اليوم الكثير من األشياء التي ُتغ ّذي أو تحمي
الحياة الجديدة التي يريد يسوع المسيح تقديمها إلينا .ثم إن الناس
يتحدثون باستمرار عن أهمية الزواج الملتزم ،وعن الحياة األسرية
الجنس والزواج في فكر اللـه 14
السليمة ،ولكن دعونا نسأل أنفسنا :كم واحدا منا على استعداد
التخاذ اإلجراءات الالزمة لجعل هذه القيم واقع ملموس؟ باإلضافة
إلى ذلك فإن الكثير منا يميلون إلى إلقاء اللوم على المجتمع على
التأثيرات التي تفسدنا ،ولكن ماذا عنا نحن الذين نسمي أنفسنا
مسيحيين؟ فكم منا على استعداد ليغلق جهاز التلفزيون ويلقي
نظرة ثاقبة على حياتنا الزوجية وعلى بقية عالقاتنا األخرى وعلى
حياتنا الشخصية؟ وكم منا يدعم حقا الذين من حولنا في صراعهم
اليومي من أجل حياة النقاوة؟ وكم منا يجازف ليتواجه مع اآلخرين
من حولنا بشأن الخطيئة الموجودة في حياتهم؟ وكم منا يتحمل
ّ
بحق؟ المسؤولية
هناك آالم مروعة ومتفشية فيما بين أولئك الذين يدّعون بأنهم
من أتباع السيد المسيح :عائالت مفككة ،وزوجات يتعرضن للضرب
هملين أو ُتساء معاملتهم ،وعالقات غير شريفة.
والقسوة ،وأطفال ُم َ
ومع ذلك ،وبدال من تعالي الصياح واالحتجاج على تلك المشاكل
الفظيعة فال نجد سوى الالمباالة والمواقف الفاترة .فمتى سوف
نستيقظ وندرك أن فتورنا يقوم بتدميرنا؟
ولألسف ،لقد ّ
تخلى ،وببساطة ،الكثير من الناس في يومنا هذا
عن إمكانية العيش العفيف الشريف .فقد وقعوا في شراك خرافة
«التح ّرر» الجنسي ،وحاولوا التعايش مع ما يسببه هذا التح ّرر من
خيبات األمل ،وعندما تنهار عالقاتهم يلتمسون أسبابا أخرى لتبرير
فشلهم وإخفاقهم .ويعجزون عن رؤية مدى روعة وعظمة نعمة
العِ َّفة ووصية هللا بالحياة العفيفة النقية.
الجنس والزواج في فكر اللـه 16
ومع ذلك ،فأنا أؤمن بأن هناك حنينا في أعماق كل قلب إلى
عالقات صافية وعفيفة وإلى حب يدوم .فاألمر يقتضي شجاعة
وضبطا للنفس للعيش حقا بطريقة مختلفة ،لكنها ممكنة .فحيثما
توجد كنيسة مخلصة – أي بمعنى أية جماعة مسيحية تَع َّه َد
أفرادها بأن يحيوا بعالقات مخلصة وصادقة – تحصل على معونة
وأمل لكل شخص ولكل زواج فيها .ولعل هذا الكتاب يعطي هذا
اإليمان لكل من يقرأه.
17
الفصل األول
وقال هللاُ« :لِنَصن َِع اإلنسان على ُصو َرتِنا كَمِ ثالِنا،
َ
السما ِء والبهائمِ وطير ِ َّ
ك البحر ِ َ
سم ِ
َ َسلَّ ْط على
ول َيت َ
ِب على األرض». ُل ما يَد ُّ حوش األرض وك ِّ وجميع ُو ِ ِ
فخ َل َق هللاُ اإلنسان على صو َرتِه ،على صور ِة هللاِ خ َلقَ
فقال ل ُهم:
َ البش َرَ ،ذكَ ًرا وأُنثى خ َل َق ُهم .وبا َركَ ُه ُم هللاُ،
َ
خضعوها وتَسلَّطوا على «أ ُ ْن ُموا وا َ ْك ُثروا وا َ ْمألوا األرض ،وأ َ ِ
ِب
الحيوان الذي يَد ُّ
ِ وجميع
ِ السما ِء
وطير ِ َّ
ك البحر ِ َ
سم ِ
َ
على األرض».
18
19 عـلى صـورة اللـه
وأن َ
ألف س َن ٍة ك َيومٍ َّ كألف س َنةٍ،
ِ ب
يوما واحدًا عِ ن َد ال َّر ِّ
أن ًَّ
واحدٍ 2( .بطرس )8 :3
َم ْن َس َف َ
ك َد َم اإلنسان يَس ُف ُ
ك اإلنسان د ََمهُ .فعلى ُصور ِة هللاِ
اإلنسان( .تكوين )6 :9
َ َصن ََع هللاُ
أما النظر إلى الحياة بطريقة تختلف عن ذلك ،كتقييم الناس بحسب
فائدتهم فقط وليس بحسب ما يراهم هللا ،فهذا معناه احتقار
الجنس والزواج في فكر اللـه 20
وعندما نقرأ في سفر التكوين نرى أننا حصلنا على روح من
الروح الح ّية لله:
لكن حتى لو كنا نملك روحا ح ّية ،فنحن لسنا سوى صورة
للخالق .ولو رأينا أن هللا مركز الخليقة ومحورها وليس البشر ،ألدركنا
نحن البشر مكاننا الحقيقي والصحيح في ترتيبه اإللهي لألمور .أما
حي في حياته،
ّ الذي ينكر أن أصله من هللا ،والذي ينكر أن هللا واقع
فتراه سرعان ما يضيع في فراغ رهيب .وفي النهاية يجد نفسه واقعا
في فخ تأليه الذات ،األمر الذي يجلب معه احتقارا لذاته واحتقارا
لقيمة اآلخرين.
21 عـلى صـورة اللـه
ولما كنا قد ُ
خل ِقنا على صورة هللا ،وهللا أبديّ ،فال يمكن أن
متأصلة باألبدية .ويقول
ِّ نتالشى ،في نهاية الحياة ،كالدخان .فحياتنا
القسيس األلماني كريستوف بلومهارت :Christoph Blumhardt
«إن حياتنا تحمل عالمة األبدية ،أي بمعنى عالمة هللا األبدي الذي
خلقنا على صورته ،وال يريدنا أن نُبتَلع إلى زوال ،بل يدعونا إليه ،إلى
2
ما هو أبدي».
سنا ً ِفي
ح َ
ي ٍء َ
ش ْ لقد غرس هللا األبدية في قلوبنا« :إ ِ ْذ َصن ََع ك َّ
ُل َ
شرِ( »،جامعة )11 :3وفي أعماق حِي ِن ِه َو َغ َر َس األَبَ ِديَّ َة ِفي ُق ُل ِ
وب ا ْل َب َ
كل منّا اشتياق جارف إلى األبدية ،أي بمعنى اشتياق إلى حياة
اآلخرة مع هللا في ملكوته .وعندما نتنكر لهذه الحقيقة وال نعيش
سوى من أجل الحاضر ،فإن كل ما يحدث لنا في الحياة يظل غامضا
ومغلّفا بألغاز محيرة ،ويبقى كياننا الداخلي غير مقتنع وغير ٍ
راض
على حالنا .فال يوجد أي شخص أو أي تنظيم بشري قادر على أن
ُيش ِبع اشتياق أرواحنا.
ذين بال شريعةٍ ،إذا َعمِ لوا بالفِطر ِةن األ ُ َممِ ،الّ َ َ
فغير ال َيهو ِد مِ َ
مع أن َّ ُهم بِال
س ِهمَ ،الشريع ُة ،كانوا شريع ًة ألن ُف ِ ما تأْ ُم ُر بِه َّ
مكتوب في ُقلوب ِ ِهم
ٌ الشريع ُة
تأم ُر بِه َّ
أن ما ُ
تون َّ َ
شريعةٍ .ف ُيث ِب َ
فهي م َّر ًة تَت َِّه ُم ُهم وم َّر ًة
َ وتَش َه ُد ل ُهم ضمائِ ُرهُم وأفكا ُرهُم،
دين
بش ُركُم بِه ،يو َم يَ ُ ُتداف ُِع َعن ُهم .وس َيظ َه ُر هذا كُلُّهُ ،كما أ ُ ِّ
سوع خفايا ال ُق ِ
لوب( .رومة )16–14 :2 َ سيح يَ
ِ الم
هللاُ ب ِ َ
أما األطفال فلم يعد هناك تثمين لهم ككنوز عزيزة وغالية
على القلوب .ففي كتاب سفر التكوين يأمر هللا« :أ َ ْثمِ ُروا َوا ْك ُث ُروا»
ولكن في يومنا هذا نرى أن الكثيرين يتجنبون ما يسمونه «عبء»
األطفال ،ذلك النسل غير المرغوب فيه ،وذلك باللجوء إلى اإلجهاض
الذي صار ُمش َّرعا في عدد متزايد من دول .وصار ُي َ
نظر إلى األطفال
بأنهم مصدر إزعاج وبأن مجيئهم إلى العالم يكلف الكثير ،بما في
ذلك تربيتهم وتعليمهم والسيما تعليما عاليا .فصاروا في نظر الناس
يشكلون نزيفا اقتصاديا في حياتنا المادية ،حتى أنهم ينظرون إلى
تقديم المحبة والحنان إلى األوالد بأنها تستنزف الكثير من الوقت.
صورته ،وحدد عمال ودورا خاصا متميزا لكل رجل وامرأة وطفل على
وجه األرض ،وهو عمل يتوقع منا هللا إنجازه .فال يجوز ألي شخص
أن يتجاهل قصد هللا لخليقته وله شخصيا وإال فسوف يعاني معاناة
روحية بليغة ويدفع ثمنا باهظا ،كما يخبرنا الكتاب المقدس:
إن الماديّة التي تسود عصرنا ،قد أفرغت الحياة من كل هدف أخالقي
وروحي .وهي تفصلنا بعضنا عن بعض ،وتعيقنا عن رؤية العالم
جب وعن رؤية مهمتنا الحقيقية .وقد تم ّرضت نفوسنا
بإجالل وتع ُّ
وأرواحنا من جراء حمى االستهالك التجاري التي قد أصبنا بها ،فأخذ
هذا المرض يحدث تآكال فادحا في ضمائرنا ،حتى أن الضمير نفسه
لم يعد قادرا على التمييز بين الخير والشر .ومع ذلك فال تزال في
داخل كل منا احتياج روحي عميق الجذور يجعلنا نشتاق إلى ال ِب ّر
والفضيلة والحياة المستقيمة.
ولن نحصل على شفاء الروح إال عندما نؤمن إيمانا راسخا بأن
هللا هو خالقنا وبأنه هو واهب الحياة والحب والرحمة .وهذا ما نقرأه
في اإلنجيل:
27
الجنس والزواج في فكر اللـه 28
نرى هنا أن الكبرياء لعنة تؤدي إلى الموت .أما التواضع فيؤدي إلى
المحبة .والمحبة أعظم نعمة موهوبة لبني البشر؛ إنها دعوتنا اإللهية
29 ـسن أن يـكون آدم وحـده
ال يَـح ُ
الحقيقية .إنها بمثابة قول «نعم» للحياة ،و «نعم» للحياة المشتركة.
ثم إن المحبة وحدها هي الكفيلة بتحقيق اشتياق إنساننا الداخلي.
ال يمكن ألي إنسان أن يحيا حياة حقيقية من دون أن يمتلئ صدره
بالمحبة نحو اآلخرين :فإرادة هللا لكل إنسان هي أن يلعب دور هللا
«المحِب» نحو اآلخرين .فكل شخص مدعو ليحب وليساعد الذين
ُ
من حوله نيابة عن هللا (راجع تكوين .)10–8 :4
ِب إخ َوتَنا.
الموت إلى الحيا ِة ألنَّنا نُح ُّ
ِ حن نَعر ِ ُف أنَّنا ان َت َقلنا مِ َ
ن نَ ُ
الموت 1( .يوحنا )14 :3
ِ ِي في
ِب بَق َ
َم ْن ال ُيح ُّ
فحياتنا ال تكتمل إال عندما تتوهج فيها المحبة وإال عندما تبرهن
الجنس والزواج في فكر اللـه 30
ويخبرنا يسوع بأن أعظم وصيتين هما أن نحب هللا بكل قلبنا
ونفسنا وقوتنا ،وأن نحب القريب مثل نفسنا (معنى القريب أخونا
اإلنسان) .وال يجوز فصل هاتين الوصيتين إحداهما عن األخرى:
فالبد لمحبتنا لله أن تعني دائما محبتنا للقريب .فال يمكننا إقامة
عالقة مع هللا إن كنا نتجاهل اآلخرين ،كما يوصينا اإلنجيل:
ُ
ِب قال أحدٌ« :أنا أح ُّ
َ ح َّبنا أ َّوالً .إذا
ألن هللاَ أ َ
ِب َّفع َلينا أن نُح َّ
ِب أخا ُه وه َوألن الّذي ال ُيح ُّ
كان كا ِذبًا َّ هللاَ» وه َو يك َر ُه أخا ُه َ
ي:
سيح لنا هِ َ
ِ ص َّي ُة َ
الم ِب هللاَ وه َو ال يَرا ُهَ .و ِ
أن ُيح َّ
يَرا ُه ،ال يَق ِد ُر ْ
ب أخا ُه ً
أيضا 1( .يوحنا )21–19 :4 ح َّ
ب هللاَ أ َ
ح َّ
َم ْن أ َ
ُ
رأيت روحي تضعف وتفرغ عند قضاء وقتي أمام شاشة
أخذت بهجة الحياة التي في داخلي
ْ التلفزيون .وسرعان ما
تتالشى .وقد أخبرني أحد األشخاص وقتذاك عن وجود
برنامج مسائي للمساعدة في تدريس األطفال المشردين في
المدينة ،فقد كانوا يفتشون تفتيشا يائسا عن متطوعين.
ُ
أردت تجريب هذا العمل .وها أنا اآلن أقدم المساعدة لذلك
في هذا المجال في كل مساء .وال أصدق كيف تغيرت نظرتي
للحياة كل ّيا .فلم أكن أعلم سابقا على اإلطالق كم كان يترتب
علي تقديم أعمال المحبة والخدمة إلى هؤالء األطفال.
ّ
فبإحضار حواء إلى آدم أظهر هللا لجميع البشر دعوتهم الحقيقية؛
الجنس والزواج في فكر اللـه 32
ح َّب ُه أبي،
ح َّبني أ َ
وم ْن أ َ
ح َّبنيَ .
ل بِها أ َ
وعمِ َ
ل وصاياي َ أن َم ْن َق ِب َ
ّ
ظه ُر َله ذاتي( .يوحنا )21 :14ُ ُ
وأنا أ ِح ُّب ُه وأ ِ
فمن يقدر على أن يفهم سمو هذا الكالم واألمل الذي فيه لعالمنا
المضطرب؟ وعسى أن يتأكد كل من هو وحيد ومن فقد عزيمته
ومن خاب أمله بأن هللا لن يتخلى عنه أبدا .ولن يكون وحيدا أبدا
يتخل اإلنسان
َ حتى لو لم يتمكن من إيجاد أية صداقة بشرية .فلو لم
عن هللا ،لما تخلى هللا عنه أبدا.
سدِ، ج َ
رأس ال َ
ُل شيءٍ .ه َو ُ ُل شي ٍء وفي ِه يَتك َّو ُن ك ُّ كان َق َ
بل ك ِّ َ
األموات ين ْ
ِ َنيسةِ ،وه َو ال َبد ُء وبِك ُر َم ْن قا َم مِ ْن بَ ِ
أي رأ ُس الك َ
ِل في ِه المل ُء
أن يَح َّ
ألن هللاَ شا َء ُْل شيءٍَّ ، ِتكون َله األ َّولِ َّي ُة في ك ِّ
َ ل
ماوات،
ِ ُل شي ٍء في األرض كما في َّ
الس ِح بِه ك َّ كُلُّ ُه ْ
وأن ُيصال َ
الم( .كولوسي )20–17 :1 ح ِّق َق َّ
الس ُ ليب ُ
الص ِ
ف ِبدَمِ ِه على َّ
فعسى هللا أن ينعم علينا بأن تملك علينا من جديد قوة محبته
لتسيير حياتنا حسبما تشاء .فسوف تقودنا إلى اآلخرين لنشاركهم
حياتنا في السراء والضراء .بل وأكثر من ذلك ،فسوف تقودنا إلى
ملكوت هللا .فالمحبة ِس ّر ملكوت هللا اآلتي.
الفصل الثالث
فيصيران
ِ جل أبا ُه وأ ُ َّم ُه وي َّت ِ
ح ُد باَمرأتِهِ، ك ال َّر ُ
ِك يت ُر ُ
ولِذل َ
جسدًا واحدًا.
َ
ل َوا ْل َ
ح ِّق سي بِا ْل َعدْ ِك لِن َْف ِ سي إلى األَبَدَِ .وأ َ ْ
خ ُط ُب ِ ك لِن َْف ِ َوأ َ ْ
خ ُط ُب ِ
سي بِاأل َ َمانَ ِة َفت َْعرِف َ
ِين ك لِن َْف ِ ان َوا ْل َم َراحِمِ .أ َ ْ
خ ُط ُب ِ س ِ ح َ َواإل ِ ْ
ب( .هوشع )20–19 :2
ال َّر َّ
هنا يكشف هللا محبته لجميع الناس بأسلوب متميز متم ِّثل بالرباط
الفريد بين الزوج وزوجته.
35
الجنس والزواج في فكر اللـه 36
أما أعجوبة تحويل الماء إلى خمر من قِبل يسوع المسيح في
عرس قانا الجليل فلم يكن أمرا بال مغزى بالتأكيد؛ فمن الواضح أن
الرب كان لديه فرح عظيم بمسألة الزواج .ولكن من الواضح أيضا
أن الزواج في نظر يسوع أمر مقدس .وقد أخذ األمر على محمل الجد
حدّة ال هوادة فيها ضد أدنى خطوة ترمي إلى
إلى درجة أنه أخذ يتكلم ب ِ ِ
تدمير الزواج أو التحلل من رباطه ،فقال:
أما الوفاء بين الزوج والزوجة فهو انعكاس للوفاء األبدي لله؛
ألن هللا هو الذي يحفظ كل رباط زوجي حقيقي في التئام ووئام.
جع وندع الحب يتدفق
ولذلك ،وبفضل صدق محبة هللا نتش ّ
من خالل حياتنا ،ونسمح لمواهب أحدنا أن تتفتّح على اآلخر في
السراء والضراء.
من خالل عالقة الحب الجنسية في الزواج سوف يطرأ شيء يمكن
مالحظته بل ربما يظهر حتى على مالمح وجهي الزوجين .كما يقول
]*[
فون جاجرن« :في معظم األحوال ،ال يصبح الزوج رجال حقيقيا إال
5
بزوجته ،وال تكتسب الزوجة أنوثة حقيقية إال بزوجها».
]*[ فريدريش فون جاجرن 2000 – 1914( Friedrich von Gagernم) طبيب نفساني ألماني
كاثوليكي ومؤلف كتب عن الحياة الزوجية.
الجنس والزواج في فكر اللـه 40
انضم ْ
ت ّ قبل مدة قصيرة ،أخبرتني امرأة أعرفها بأنها وزوجها
41 فيصيران جـسـدا واحـدا
إلى كنيستنا ال من أجل تكريس حياتهما لله وإنما لمجرد أنهما أرادا
الحصول على مراسيم زفاف كنسية .فقالت« :لم أتكلم مطلقا مع
زوجي عما كان هللا يريده لحياتنا ،أو ماذا كنا نريد عمله قبل وبعد
الزواج ».وتردف قائلة« :لم أكن أنا وزوجي على الموجة نفسها
ليتفق ويفهم أحدنا اآلخر ».أما اآلن فقد هجرها زوجها هي وأطفالهما
الخمسة .وصارت ترى اآلن بوضوح الحقيقة الموجعة أنه بسبب
ترسخ وعودهما الزوجية على السيد المسيح ،فقد افتقرا إلى
عدم ّ
أساس رصين يبنيان حياتهما الزوجية عليه.
أما لو أُريد للزواج بأن يكون سليما ومتعافيا حقا فالبد من
تأسيسه على الترتيب اإللهي – أي بمعنى تأسيسه على وحدة
الروح والقلب والنفس .فالغالبية العظمى من الناس اليوم ،بما
فيهم نحن الذين ندعي بأننا مسيحيون ،ليس لديهم أدنى فكرة عما
قد هيأه هللا للذين يحبونه ويكرمونه بكل صدق .فعندما نحتضن
من كل قلوبنا ونقبل ترتيب هللا لعالقاتنا الزوجية فسوف نلمس
بركاته علينا .فاالختبارات القلبية التي ينعم بها هللا علينا في خطوبة
أو في زواج هي أكبر من تصوراتنا .لكن ،لألسف ،يعيش الكثيرون
منا ،نحن البشر ،في عالم الحواس واللذات والماديّات فقط ،المتعلق
بالنوم واألكل والشرب ،وال نعطي أبدا ألنفسنا فرصة لننظر إلى ما
هو أهم :أي بمعنى إلى حياتنا الروحية .وينطبق هذا على العديد من
الزواجات في زماننا الحاضر .فنرى أن الجنس هو البؤرة الرئيسية
التي يتمحور حولها الزواج اليوم ،أما اتحاد القلوب فال يسعون إليه
بالمرة وال يذكرونه أصال .فهل من المستغرب أن ال نجد سوى حفنة
قليلة من األزواج الذين يبقى بعضهم وف ّيا لبعض لمدى الحياة؟
الخطيئة األولية
43
الجنس والزواج في فكر اللـه 44
ومع ذلك فقد كشف يسوع المسيح الشيطان منذ أول تجربة
والمضلِّل المش ِّوه للحقيقة .وقد وضع السيد المسيح
ُ المج ِّرب
بأنه ُ
يبال باإلصغاء إلى ُ
المج ِّرب ِ ثقته بالله بصورة كاملة وبال شروط ولم
وال حتى للحظة ،بل واصل طريق الثقة والطاعة واالتكال على هللا.
فلم يستطع الشيطان أن يدنو من قلبه.
]*[ القسيس الالهوتي األلماني ديتريش بونهوفر Dietrich Bonhoefferشخصية معروفة ،سجنه
هتلر في الثالثينيات من القرن الماضي لنضاله ضد الحكم النازي ،ومن ثم تم إعدامه الحقا.
الجنس والزواج في فكر اللـه 46
ويجب أن يكون هذا كله تحذيرا خطيرا لنا ،سواء كنا متزوجين أو
نأمل في الزواج .فيجب أن يكون هللا وحده األول في حياتنا ونعطي
األولوية له ،ال لشريك حياتنا وال ألوالدنا ،بل لله قبل كل شيء .فقد
ُ
تعلمت أنا وزوجتي من حياتنا الشخصية بأن عالقتنا سرعان ما
تفتر وتفقد حرارتها عندما ال يكون لله المكان األول والرئيسي في
عالقتنا الزوجية ،وعندما لم نلتفت إليه لالسترشاد حتى في األمور
الصغيرة .وكان هذا األمر يؤثر على أوالدنا أيضا ،فصاروا غير مطيعين
ُ
رأيت ومتشاجرين (حتى لو لم يكونوا على وعي بذلك) .وقد
السيناريو نفسه يحدث في عائالت كثيرة :فعندما يتباعد الزوجان
نفس ّيا في عالقتهما فسوف ينعكس هذا على أوالدهما بحيث يمكن
مالحظة عدم وجود االطمئنان واالستقرار النفسي على سلوك
األوالد .وفي حالتنا نحن – كما هو الحال مع الكثير من األزواج –
فبمجرد عودتنا أنا وزوجتي إلى هللا وسعينا إلى إعادة بناء عالقتنا
الزوجية ،تجاوب أوالدنا معنا وعاد االستقرار.
ِّين
ق الت ِ ان ،فخاطا مِ ْن َو َر ِ فعرفا أن َّ ُهما ُعريانَ ِ فا ْن َفتَحت أع ُينُهما َ
ب اإلل ِه وه َو َ
صوت ال ّر ِّ آدم وامرأ ُته وسمِ َع ُ وصنَعا ل ُهما مآز ِ َرَ . َ
ين ب اإلِل ِه بَ َ ج َّن ِة عِ ن َد المساءِ ،فا ْ َ يتمشى في ال َ َّ
ختبأا مِ ْن َوج ِه ال ّر ِّ
فأجاب
َ أنتأين َ وقال َله َ
َ ب اإلل ُه آد َمج َّنةِ .فنادَى ال ّر ُّ
جر ِ ال َ ش َ
فقال
َ ن اخت ُ
َبأت. ج َّنةَِ ،فخ ُ
ِفت وألنِّي ُعريا ٌ ك في ال َ عت صوتَ َ َسمِ ُ
ج َر ِة الّتي ن َّ
الش َ َ
أكلت مِ َ ن هل ك ُعريا ٌ ب اإلل ُه َم ْن َع َّر َف َ
ك أن َّ َ ال ّر ُّ
أعطيتني َ آدم المرأ ُة الّتي فقال ُ
َ ُل مِ نها
أن ال تأك َ
ُك ْ
أوصيت َ
َ
ب اإلل ُه
فقال ال ّر ُّ
َ ت. الشج َر ِة فأكَ ْل ُ
ن َّ
هي أعطتني مِ َ َكون َمعي َ
لِت َ
ح َّي ُة أغو ْتني فأك ْلتُ.
المرأ ُة ال َ
ت َ لِلمرأ ِة لِماذا َف َع ِ
لت هذا فأجابَ ِ
فأنت َملعونَةٌ مِ ْن ِ ت هذافع ْل ِ
ك َ ح َّي ِة ألن َّ ِ
ب اإلل ُه لِل َ فقال ال ّر ُّ
َ
زحفين
َ حوش ال َب ِّر .على بَطنِك تَ وجميع ُو ِ ِ جميع ال َبهائِمِ
ِ ين
بَ ِ
قيم َعداو ًة ُ و ُترابا ً تأك َ
المرأ ِة أ ُ
ين ََك وبَ َ ِك .بَين ِ ول أيّامِ حيات ِ ُلين ُط َ
بين وأنت تتَر َّق َ
ِ أس ب مِ ِ
نك ال ّر َ ِك ونسل ِها فه َو يتَر َّق ُ ين نسل ِ وبَ َ
وباألوجاع
ِ حين تَح َب َ
لين، َ ك
تع َب ِ
ِلمرأ ِة أزي ُد َ
وقال ل َ
َ ِب.
العق َ
مِ نْه َ
يك يسودُ. ك ،وه َو ع َل ِ يكون اشتيا ُق ُِ كنين .إلى َزو ِج ِ تَل َ
ِدين ال َب َ
ج َر ِة ن َّ
الش َ ت مِ َ ِك ،فأكَ ْل َ عت كال َم ا ْمرأت َك َسمِ َ وقال آلد َم ألن َّ َ
َ
تكون األرض َملعونَ ًة بِس َب ِب َ
ك. ُ ُل مِ نها
أن ال تأك َ
ُك ْ الّتي َ
أوصيت َ
49 الخطيئة األوليـة
وعوسجا ً
شوكا ً َ
ِكَ .
طول أيّامِ حيات َ
َ ك مِ نها
عام َ
ُل َط َ بِكَد َ
ِّك تأك ُ
ُل
ِك تأك ُ
ق جبين َالحقل تقتاتُ .ب ِ َع َر ِِ بلك ،ومِ ْن ُع ْش ِ
ت َ تن ِب ُ
فأنت ُت ٌ
راب، َ ك مِ نها أُخ ِْذ َ
ت. ك حتّى تَعو َد إلى األرض ألن َّ َ
خب َز َُ
تعودُ( .تكوين )19–7 :3 وإلى الت ِ
ُّراب ُ
وكذلك:
ئاس ِة
أصحاب ال ِّر َ
َ ب أعدا ًء مِ ْن َلحمٍ ودَمٍ ،بَ ْل َحن ال نُحار ِ ُ
فن ُ
والسيا َد ِة على هذا العا َلمِ ،عا َلمِ َّ
الظالمِ واألرواح ِّ لطان
ِ والس
ُّ
ِّ
الش ِّري َر ِة في األجوا ِء َّ
السما ِويَّةِ( .أفسس )12 :6
إن مثل هذه األسئلة تنهش بثقتنا بالله وبتوكلنا عليه وأيضا
بثقتنا باآلخرين وتجعلهما تتالشيان ،وبمجرد أن نبدأ بطرح هذه
األسئلة فمعناه أننا بالتأكيد لسنا بعيدين عن اقتراف الخطيئة.
غير أن اإليمان البسيط بالله يعني المسك بيده التي يمدها إلينا
والمضي في الطريق الذي يوجهنا إليه هو .ألن ثقتنا بالرب سوف
تساعدنا على أن نتبعه حتى لو كان طريقه يم ّر عبر الظالم أو اآلالم
الجنس والزواج في فكر اللـه 52
أو عبر طرق وعرة أو فوق صخور وصحاري .فإذا مسكنا بيد هللا فال
ضير علينا .ولكن بمجرد أن نتخلى عن هللا ونشكك فيه ،فسوف
ننحدر إلى اليأس .لذلك ،فالتحدي الصعب الذي أمامنا هو دائما:
التمسك بالله.
ُّ
سوع
ُ كان األبنا ُء ُشركا َء في اللَّحمِ والدَّمِ ،شاركَ ُهم يَ
َ ولما
َّ
قضي ب ِ َموتِ ِه على الّذي في ي ِد ِه
َ ِك في َطبيعت ِِهم ه ِذ ِه لِ َي
كذل َ
حيات ِِهموال َ ح ِّر َر الّ َ
ذين كانوا َط َ إبليس ،و ُي َ َ وت ،أي الم ِ
لطان َ
ُ ُس
المالئكَ َة ،بَ ْل
وت .جا َء ال ل ُيساعِ َد َ
الم ِ
ن َخو ًفا مِ َ
العبو ِديَّ ِة َ
في ُ
فكان ع َلي ِه ْ
أن ُيشاب ِ َه إخوتَ ُه في ك ِّ
ُل َ إبراهيم.
َ ل ُيساعِ َد نَ َ
سل
حيما أمينًا في خ َ
ِدم ِة هللاِ، رئيس كهنةٍَ ،ر ً َ يكون
َ شيءٍ ،حتَّى
فس ُه تألَّ َم بِالتَّجرِبَةِ،
عب ،ألن َّ ُه ه َو نَ ُ خطايا َّ
الش ِ ف ُيكَ ِّف َر َع ْن َ
بين( .عبرانيين )18–14 :2
ج َّر َ
الم َ
عين ُ فأمك َن ُه ْ
أن ُي َ
ح َد ُه تَ ْع ُب ُد» ب إ ِ َل ِه َ
ك تَ ْس ُ
ج ُد َوإِيَّا ُه َو ْ وبفضل كالم يسوع هذا« :لِل َّر ِّ
(متى )10 :4يسعنا التغلب أيضا على أكبر التجارب واإلغراءات
الشيطانية ،وعلى أفظع ساعات الظلمات .فهذا هو الس ّر .فيفقد
هنا الشيطان كل سلطان وهيمنة علينا ،وال تعود الخطيئة
األصلية تق ّيدنا.
الفصل الخامس
ح ِّريَّ ُة.
تكون ال ُ
ُ ب،
وح ال َّر ِّ
يكون ُر ُ
ُ ح ُ
يث وح ،و َ
ب ه َو ال ُّر ُ
فال َّر ُّ
ب ب ِ ُوجو ٍه مكشو َفةٍ،
ِس ُصو َر َة َمج ِد ال َّر ِّ
جميعا نَعك ُ
ً ونحن
ُ
وهي تَزدا ُد َمجدًا على
َ الصو َر ِة ذاتِها،
ِلك ّ ف َنتَح َّو ُل إلى ت َ
ح ٌد في
كان أ َ
وح . . . .وإذا َ
ب الذي ه َو ال ُّر ُ َمجدٍ ،ب ِ َف ِ
ضل ال َّر ِّ
زال ال َق ُ
ديم وها ه َو الجديدُ. خلي َقةٌ َ
جديدة ٌ َ سيح ،فه َو َ
ِ الم
َ
وهناك أكبر أمل لكل إنسان ،ولكل عالقة أو زواج وهو أن نعلم
بأن صورة هللا ،حتى لو كنا قد شوهناها وابتعدنا بأفعالنا عن هللا،
إال أن انعكاسا باهتا لصورته ما يزال باقيا فينا .فعلى الرغم من
فسادنا ،فإن هللا ال يريد لنا أن نفقد نصيبنا كمخلوقات مخلوقة
على صورته .لذلك أرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح – آدم الثاني –
ليقتحم قلوبنا ،بحسب ما يشهد عنه اإلنجيل:
53
الجنس والزواج في فكر اللـه 54
ِك
ب ذل َ َ
البش َر بِس َب ِ إنسان واح ٍد سا َد
ٍ الموت بِخطي َئ ِة
ُ فإذا كان
سوع
ُ أن تَسو َد الحيا ُة بواح ٍد ه َو يَ اإلنسان الواحدِ ،ف ِباألَولى ْ
ِّعم ِة وهِ َب َة ال ِب ِّر .فكما نالون َف َ
يض الن َ َ ِك الّ َ
ذين يَ سيح أو َلئ َ
ُ الم
َ
الك،جميعا إلى ال َه ِ
ً َ
البش َر َت
إنسان واح ٍد قاد ِ ٍ خطي َئ َة أن َ
َّ
فينالون الحيا َة.
َ البش َر جميعا ً
َ إنسان واح ٍد ُي َب ِّر ُر
ٍ ِك ب ِ ُّر
فكذل َ
ِك
ئين ،فكذل َ َ
البش ُر خاطِ َ إنسان واح ٍد صا َر
ٍ وكما أن َّ ُه ب ِ َم ِ
عص َي ِة
َ
البش ُر أبرا ًرا( .رومة )19–17 :5 إنسان واح ٍد يصي ُر
ٍ طاع ِة
بِ َ
فبفضل يسوع المسيح يمكن استعادة صورة هللا إلى كل رجل وإلى
كل امرأة وإلى كل عالقة.
وعندما تخور عزيمتنا أو نكتئب ،فيجب علينا أن نسعى إليه أكثر من
أي وقت مضى .وكل من يبحث عن هللا يجده .وهذا وعد .ويقول
هللا بلسان إرميا النبي:
َح َله.
الباب ُيفت ْ
َ وم ْن يَد ُّق
جدْ َ ، وم ْن يَط ُل ْ
ب يَ ِ َلَ ،
سأل يَن ْ
ْ فم ْن يَ
َ
(لوقا )10 :11
إن أعجوبة يوم الخمسين ،حينما نزل الروح القدس إلى األرض
بكامل القوة وبكامل المحبة ،يمكن لها أن تحدث في أي مكان في
العالم وفي أي زمان .ويمكن لها أن تحدث أينما يوجد ناس يصرخون:
]*[
ويمكن ل ،أيُّها اإلخو ُة؟!» (أعمال )37 :2
عم َ جب ع َلينا ْ
أن نَ َ «ماذا يَ ُ
لها أن تحدث أينما يكونون على استعداد لسماع الجواب العريق
ُل واح ٍد مِ نكُم باَسمِ للقديس بطرس الرسولُ « :توبوا ول َي َ
تع َّمدْ ك ُّ
وح ال ُقد ِ
ُس. . . .، َ سيح ،فتُغ َف َر خطاياكُم و ُي َ
نع َم عليكُم بال ُّر ِ ِ الم
سوع َ
َ يَ
يل الفاسدِ!» (أعمال َ 38 :2و )40 ج ِ خلَّصوا مِ ْن هذا ال ِ
تَ َ
]*[ مثلما صرخ الناس في يوم الخمسين سائلين رسل المسيح عن مشيئة هللا بعدما توجعت
قلوبهم وشعروا بأنهم مذنبون وخطأة بفضل تبكيت الروح القدس لضمائرهم.
57 اِسـتـعـادة صـورة اللـه
في الرب يسوع مثلما كانت ثقة يسوع في هللا اآلب .وعموما،
فإن كل ما عندنا هو خطايانا ،ولكن يجب أن نضع خطايانا
أمامه بثقة كاملة مثل ثقة األطفال المطلقة بأبيهم .عندئذ،
سوف ينعم علينا الرب بالمغفرة والتطهير وسالم القلب؛
11
وسوف تخلق هذه النعم فينا محبة ال يمكن وصفها.
فماذا يعني قول «أن نضع خطايانا أمامه بثقة كاملة؟» . . . .إن عملية
التحرر من قيود الخطيئة وإمكانية المصالحة تبدآن عندما نعترف
باالتهامات التي يوجهها ضميرنا إلينا .فعادة ما تعيش الخطيئة في
الظالم والخفية وتود البقاء هناك .ولكن عندما نُخرِج خطايانا التي
تثقل كاهلنا إلى النور ونعترف بها من دون أن نخبئ شيئا ،فسوف
نتط ّهر ونتحرر .والقصة التي تحكيها لنا دارلين – Darleneوهي من
إحدى معارفي – توضح ذلك ،فتقول دارلين:
]*[ كيبوتس هو تجمع سكني تعاوني وله عدة مواقع في إسرائيل ويضم جماعة من المزارعين
أو العمال اليهود الذين يعيشون ويعملون معا في الزراعة والصناعة ويتقاسمون مصاريف
المعيشة األساسية.
59 اِسـتـعـادة صـورة اللـه
ُ
فكرت باالنتحار. ُ
ابتليت باالكتئاب والحزن، وبعد أن
وكان لدي ألم مستمر في رأسي ومعدتي .وشعرت بأني في
علي الجنس؛ ولم يسعني
ّ طريقي إلى الجنون .لقد استحوذ
رؤية كيف يمكنني أن أواصل حياتي بدون رجل «يحبني».
فأخذت أنتقل من فتى آلخر؛ حتى كان اثنان منهم مرتبطين
بعالقة خطوبة مع فتيات أخريات .فانتابني اليأس ،وبكيت
لساعات طويلة بالس ّر .وبالرغم من أني كنت أحس بداخلي
وكأنني عاهرة إال أني حاولت أن أظهر لعائلتي وأصدقائي
شخصية سعيدة وواثقة. . . .
ما أعظم تلك النعمة عندما نتمكن من إيجاد شخص نثق فيه لنفتح
له قلوبنا ولنحادثه عن أعباء الذنوب التي في حياتنا! فحينما يفتح
المرء قلبه لشخص آخر فإن هذا األمر يمكن تشبيهه بفتح بوابة
قناة في َس ٍّد – فيجري الماء متدفقا إلى الخارج ،ويزول الضغط .فلو
كان االعتراف بالخطايا صادقا ومن القلب ألحدث إحساسا عميقا
باالرتياح ،ألنه الخطوة األولى على طريق الغفران .لكننا في النهاية
علينا المثول أمام هللا .فال مجال للهروب أو االختباء عنه كما فعل
آدم وحواء عندما َع َصياه .فلو كنا على استعداد للمثول أمام هللا في
نور ابنه يسوع المسيح ،لحرق الرب كل ذنوبنا وجعلها دخانا منثورا.
ومثلما وهب هللا الرجل األول والمرأة األولى سالما وفرحا في
جنة عدن ،فهكذا يسلّم هللا اآلن كل مؤمن مهمة الجهاد في سبيل
الخليقة الجديدة لملكوته المسالم .ولتنفيذ هذه المهمة علينا
قبول سيادة هللا في حياتنا ،وأن نكون على استعداد للمضي في
طريق يسوع بكامله ،أي بدءا بالمذود الوضيع في بيت لحم وانتهاء
ج ْل ُ
جلة .وهي مسيرة وضيعة جدا، على خشبة الصليب في جبل ال ُ
61 اِسـتـعـادة صـورة اللـه
ومتواضعة .غير أنها السبيل الوحيد الذي يؤدي إلى النور الكامل
وإلى األمل.
َ
وح األز ِل ِّ
ي فس ُه إلى هللا بال ُّر ِ سيح الّذي َق َّد َم نَ َ
ِ فما أولى د َُم َ
الم
الم ِّي َت ِة
األعمال َ
ِ نأن ُي َط ِّه َر َضمائِ َرنا مِ َ ُقربانًا ال َع َ
يب فيهِْ ،
الحي( .عبرانيين )14 :9
َ لِنَع ُب َّد هللاَ
فلو رضينا بوخز ضمائرنا ،ولو تحملنا مسؤولية الخيار الحياتي الباطل
الذي اتخذناه سابقا ومن ثم تبنا عنه ،ولو رحبنا بتأديب هللا لنا
وبرحمته ،فال يهم مدى انحرافنا أو درجة فسادنا الذي نحن عليه .ألن
الضمير الذي اعتاد على أن يكون عدوا لنا ،سوف يصبح في المسيح
صديقا لنا ،ويقوم بتوبيخنا كلما سقطنا في الخطيئة.
وعندما يواجه المرء (هو أو هي) الموت ،فسوف يتب ّين بوضوح
فيما إذا كان الشخص قد تغ ّير واختبر هذا الخالص الذي يقدمه
يسوع المسيح أو لم يختبره .فالذين كانوا بقرب شخص يحتضر
على فراش الموت ،أمكنهم رؤية األهمية البالغة للعالقة الروحية
لإلنسان مع هللا .ألنهم يعلمون بأن ما يشهدوه في نهاية األمر،
وعندما يسحب اإلنسان نَ َف َ
سه األخير ،فإن هذه العالقة هي الشيء
الوحيد الذي يتكل عليه اإلنسان ،والعنصر الوحيد الذي يلعب دورا
حاسما في الحصول على السالم الروحي أثناء النزاع األخير.
ويقول كذلك:
فضهُ،ب َر ُ
ج ُن ،فما مِ ْن شي ٍء يَ ِ خ َل َق هللاُ َ
حس ُ ُل ما َ
فك ُّ
والصال َة
َّ ألن كال َم هللا
حم ٍدَّ ،
ُل شي ٍء ب ِ َ جب َق ُ
بول ك ِّ بَ ْل يَ ُ
ُيق ِّد سا نِ ِه .
1تيموثاوس 5 – 4 :4
البشرِ ،فأُجازي
ِن مشاعِ َر َ ات ال ُق ِ
لوب وأم َتح ُ ح ُص ن َّي ِ
ب أف َ
أنا ال ّر ُّ
ثم َر ِة أعمالِهِ( .إرميا )10 :17
ب َحس ِ
ب ُط ُر ِقهِ ،ب ِ َ
حس ِ
اإلنسان ب ِ َ
64
65 الـجنـس والـ ّل ّـذة
عظيمة .غير أنه مثلما يقدر التمتّع باللذة على أن يق ّربنا من هللا فإنه
يقدر أيضا على أن يضلِّلنا ويأخذنا عن جادة الصواب ،حتى أنه يقدر
على أن يأتي بنا إلى الظلمات الشيطانية .فغالبا ما نميل إلى ما هو
سطحي ،ويفوتنا ما قد يهبه هللا من جبروت وقوة .وحينما نتعلق
يخص هللا ،وتفوتنا
ّ بشراهتنا في التل ُّذذ بحواسنا وملذاتنا ،ننسى ما
إمكانية تذ ّوق العمق والسمو الكامل إلرادته المقدسة.
ن اإليمان
ُّون َع ِ
ّاس يَرتد َ
عض الن ِ ح في َقولِ ِه َّ
إن بَ َ وح َصري ٌ
وال ُّر ُ
شيطانِ َّي ًة،
عاليم َ
َ حا ُمضلِّ َل ًة وتَ في األزمِ َن ِة األخي َرةِ ،ويَت َب َ
عون أروا ً
ن ابين اكَت َوت َضمائِ ُرهُم فماتَت ،يَن َه ْون َع ِ ِين كَ ّذ َ
لِقومِ ُمرائ َ
خ َل َقها هللا ل َيتنا َو َلها ويَ َ
حم َد ُه ن األطعِ َم ِة َ أنواع مِ َ
ِ وع ْن ال َّز ِ
واج َ
ح َق 1( .تيموثاوس )3–1 :4 وع َرفوا ال َ
ذين آمنوا َ ع َليها الّ َ
ُل شي ٍء
فاعملوا ك َّ
َ فإذا أكَلتُم أو َ
شرِبتُم ،أو َمهما َعمِ لتُم،
ل َِمج ِد هللاِ 1( .كورنثوس )31 :10
عون.
ِسق وال يَش َب َ
ُل ف ٍ َ
فانغ َمسوا في ك ِّ استَس َلموا إلى ال ُفجورِ،
(أفسس )19–17 :4
لن نكون قادرين على أن نعيش أمور هذه الدنيا بكل ملئها ما لم
نسلّم نفوسنا ،بما في ذلك حواسنا ،ونُ ِ
خضعها بكامل التوقير لله .لقد
رأيت أمثلة كثيرة كيف أن الناس الذين يركزون اهتمامهم في إمتاع
ُ
حواسهم تكون حياتهم ضحلة وبال هدف .فعندما تتحكم حواسنا
ظل
ّ فينا ،نَ َّ
تدم ُر نفسيا ونصاب بالحيرة وااللتباس .أما الحياة في
وتلمس ما هو أبدي في األحاسيس.
ُّ سيادة هللا ،فيمكننا فيها رؤية
وبفضله يسعنا إشباع أعمق اشتياق للقلب إلى ما هو أصيل ودائم.
الجنس والزواج في فكر اللـه 68
غير أنه حتى لو كانت العالقة ضمن إطار الزواج ،فينبغي هناك
أيضا وضع كل ما يخص موضوع العالقة الجنسية تحت سلطان
السيد المسيح ووصاياه الشريفة ،إذا أُريد له أن يثمر ثمارا طيبة.
فالتناقض بين الزواج الذي مركزه المسيح ،والزواج الذي مركزه
الجسد ،موصوف على أفضل وجه من قبل القديس بولس الرسول
في رسالته إلى أهل غالطية في اإلنجيل ،حيث يقول:
إن الذين ينظرون إلى الشهوة الجنسية كنظرتهم إلى رذيلتي النهم
والشراهة في مجال األكل ،ال يفهمون األهمية المتميزة الكامنة
الجنس والزواج في فكر اللـه 70
التزمت
ُّ عكس األمور غير الشريفة هو ليس
إن نقيض األمور الجنسية غير الشريفة والشهوانية الجنسية هو
خ ُلقي ،أو
التزمت ال ُ
ُّ ليس تكلُّف الحشمة واالستعفاف المفرط ،أو
التقوى الزائفة .فما أشد تحذير يسوع المسيح لنا من هذه األمور!
راؤون ُت َط ِّه َ
رون َ الم
ون ُ الويل لكُم يا ُم َعلِّمي َّ
الشريع ِة وال َف ّريس ّي َ ُ
حصلتُم ع َلي ِه حن ،وباط ُن ُهما ُم ِ
متلئ ٌ بِما َ والص ِ
َّ الكأس
ِ ظاهِ َر
باطن ال ِوعاءِ،
َ يسي األعمى َط ِّه ْر أ َّوال ً
ُّ والط َم ِع .أيُّها ال َف ِّر
َ َّهب
بالن ِ
الويل لكُم يا ُم َعلِّمي َّ
الشريع ِة ُ الظاهِ ُر مِ ث َل ُه طاه ًرا.
ف َيصي َر َّ
جميل
ّ راؤون أنتُم كال ُقبور ِ المب َي َّضةِ ،ظاه ُرها
َ الم
ون ُوال َف ّريس ّي َ
ِك، وباطِ نُها ُممتَلئ ٌ بعِ ظامِ الموتى وبك ِّ
ُل فسادٍ .وأنتُم كذل َ
صالحين وباطِ ُنكُم كُلُّ ُه رِياءٌ َ
وشرٌّ( .متى :23 َ ّاس تَظ َه َ
رون لِلن ِ
)28–25
ينبغي أن يكون فرحنا بكل ما تتل ّذذ به حواسنا صادقا ونابعا عن
قلب ح ّر وغير خاضع ألي إكراه .ويقول العالم الفرنسي باسكال
« :Pascalنجد العواطف بأوج حيويتها وعنفوانها عند من يريد
إنكارها ».فعندما يجري قمع الشهوة الجنسية باإلكراه الخلقي بدال
71 الـجنـس والـ ّل ّـذة
من تأديبها في داخل اإلنسان ،فما لها إال أن تجد ُسبال جديدة من
الكذب والتقنُّع واالنحراف ،كما يبين لنا ذلك اإلنجيل:
في زماننا الفاسد الذي ال يعرف العيب ،تزداد صعوبة تربية األوالد
على توقير بالغ الحس لله ولكل ما خلقه .لذلك ،يتحتم علينا أن
نبذل كل ما في وسعنا وأكثر من ذي قبل لتنشئة أوالدنا بالطريقة
التي تجعلهم أن يصيروا رجاال ونساء ملتزمين بحياة الطهر والنقاوة
والعفاف عندما يكبرون – سواء تزوجوا أو لم يتزوجوا.
أنقياء القلوب
دون هللاَ.
َ هنيئًا ألنقيا ِء ال ُق ِ
لوب ،ألن َّ ُهم ُيشاهِ
ه ِذ ِه ال ُوعو ُد و َه َبها هللاُ لنا ،أيُّها اإلخو ُة ،فلن َُط ِّه ْر أن ُف َ
سنا
ساعين إلى ال َق َ
داس ِة َ وح،س َد وال ُّر َ ُل ما ُيدن ِّ ُس ال َ
ج َ مِ ْن ك ِّ
الكامِ َل ِة في َمخا َف ِة هللاِ.
73
الجنس والزواج في فكر اللـه 74
فالقلب الوسخ وغير النقي وغير العفيف ال يقنع أبدا وال يشبع أبدا
وال يكتمل أبدا :فهو يريد دائما سرقة شيء ما لنفسه ،ورغم ذلك
تلطخ النفس و ُت ِ
فسد يظل يشتهي المزيد .ثم إن وساخة القلب ّ
الضمير ،و ُتحطم تماسك الحياة ،وتقود أخيرا إلى الموت الروحي.
خ ُذ
سيح ف َه ْل آ ُ
ِ الم
هي أعضا ُء َ َ أن أجسا َدكُم أما تَعر ِ َ
فون َّ
أم إنَّكُم
ل مِ نها أعضا َء امرأ ٍة زانِ َي ٍة ال ،أبدًا ْ
وأجع ُ
َ سيح
ِ الم
أعضا َء َ
ن اتَّح َد بامرأ ٍة زاني ٍة صا َر وإيَّاها َ
جسدًا وا ِحدًا أن َم ِ ال تَعر ِ َ
فون َّ
ح َدن اتَّ َ
ِن َم ِ جسدًا وا ِحدًا .ولك ْ االثنان َ
ِ قول يَصي ُر ِتاب يَ ُفالك ُ
خطي َئ ٍة ُل َ ن ال ِّزنى ،فك ُّ
حا وا ِحدًا .اه ُربوا مِ َ
ب صا َر وإيَّا ُه ُرو ًبال َّر ِّ
س ِدهِ .ولكِن ال ّزاني ج َ جةٌ َع ْن َ َغي ُر ه ِذ ِه يَرت ِك ُبها اإلنسان َ
هي خار ِ َ
وحَل ال ُّر ِ
ي هَيك ُأن أجسا َدكُم هِ َ س ِدهِ .أال تَعر ِ َ
فون َّ ِب إلى َ
ج َ ُيذن ُ
سكُم ،بَ ْل للهِ.ن هللاِ َفما أنتُم ألن ُف ُِس الذي فيكُم هِ َب ًة مِ َ ال ُقد ِ
جدوا هللاَ إ ًذا في أجسادِكم.
فم ِّ ه َو اشتَراكُم و َد َف َع ال َّث َ
منَ .
(1كورنثوس )20–15 :6
إن الذين يسعون إلى حياة العِ ّفة والنقاوة ال يحتقرون الجنس.
فإنهم ،وبكل بساطة ،متحررون من الخوف الذي يفرزه االحتشام
المتزمت والمفرط ،والخوف الذي تفرزه أيضا مظاهر الرياء الزائفة
ّ
والمق ِّززة .غير أنهم ال يفقدون أبدا التوقير نحو ِس ّر الجنس ،بل
ُ
يصونون أنفسهم منه إلى أن يدعوهم الرب للدخول إلى أرض الجنس
بواسطة الزواج.
الحل في كبت
ّ وبالنسبة إلى المسيحيين العزاب ،فال يكمن
المشاعر الجنسية؛ إذ ال يمكن الحصول على حياة العفاف والنقاوة
إال بتسليم المشاعر الجنسية للسيد المسيح تسليما كامال ووضع
األمر كله بيده واالنقياد إلرادته .وينطبق ذات األمر على الزواج .ففي
الزواج ،يعهد الشريكان القدسية الثمينة لموضوع الجنس أحدهما
إلى اآلخر .غير أن هذه النعمة ،بمعناها السامي ،ليست نعمة جاءت
من فضلهما هما ليهبها أحدهما إلى اآلخر ،بل نعمة هللا الذي خلقنا
ككائنات جنسية .وعليه ،فكلما استسلمنا للتجربة وإغواء إبليس –
ّ
بحق هللا ،الذي خلق حتى لو كانت مجرد في أفكارنا – اقترفنا ذنبا
77 أنـقـيــاء الـقـلـوب
الحقيقة ،فإنهما يتوقفان عليه .غير أننا ال نحصل على فضيلة النقاء
والوداعة بالوالدة؛ فينبغي الجهاد في سبيلهما باستمرار .فليس هناك
أروع من فضيلتي النقاء والوداعة من بين الفضائل التي ينبغي أن
يسعى إليها المسيحي.
ُ
فزعت من نافعين يؤدون مهامهم على أكمل وجه .وحيث
ُ
قمت بتهذيب جهودي ألخفي إحساسي تخلفي عن ال ُركَب،
العميق بعدم الثقة بالنفس ،األمر الذي استفحل حينها
وصار اضطراب ذهني .وبدال من البحث عن من هو حسن
ال ُ
خلق ألقتدي به ،توجهت نحو أولئك الذين كانوا في نظري
موهوبين روحيا ،وحاولت تقليدهم.
ّ
والكف عن االنشغال بالذات.
ِّيسين
َ ليق بال ِقد أما ال ِّزنى والف ْ
ِس ُق والفجو ُر على أنواعِ ها فال يَ ُ َّ
حتّى ذِك ُر أسمائِها .ال َسفا َه َة وال َسخا َف َة وال ه َ
َزل ،فهذا ال يَ ُ
ليق
حم ِد هللاِ( .أفسس )4–3 :5
َّسبيح ب ِ َ
ُ ل الت
بِكُم ،بَ ِ
َ
عرفت أن ال تتعلّق فضيلة العفاف بالمجال الجنسي فقط؛ فلو
ذهبت إلى النوم دون إطعامه ،فهذا أمر ينجس
َ جارك جائع ،ومن ثم
القلب .فلهذا السبب وضع المسيحيون األوائل كل ما كان يملكونه
في صندوق مشترك – مأكلهم ومشربهم ،وحاجياتهم ،وطاقاتهم،
وحتى نشاطاتهم الفكرية واإلبداعية – وتخلوا عن كل هذه األشياء
وقدموها لله .وألنهم كانوا قلبا واحدا وروحا واحدة وجعلوا كل شيء
عندهم مشتركا ،تمكنوا عندئذ كجماعة واحدة من خوض المعركة
مع شتى أنواع الشرور والفساد حتى النصرة.
ال شيء في الدنيا يحتاج إلى معونة وبركة هللا أكثر من العالقة
الزوجية .لذلك عندما يقترن رجل بامرأة ،يجب أن يكون لهما
الموقف نفسه الذي كان لموسى عندما جاء إلى العليقة التي
كانت تتوقد بالنار وهي ال تحترق ،فقد قال له هللا« :ا ِخ َل ْع نَع َل َ
يك
رض ُم َقدَّسة!» قائم فيه أ َ ٌ
ٌ المكان الَّذي أ َ َ
نت َ ن مِ ن رِج َل َ
يك ،فإ ِ َّ
(خروج )5 :3ويجب أن يكون موقفهما موقف التوقير لخالقهما
ولس ّر الزواج دائما.
ِ
لو كان اقتران الزوجين موضوعا تحت بركة هللا ،لتمكن الجنس
المرتبة من هللا تحقيقا وافيا :فالجنس مليء
من تحقيق وظيفته ُ
]*[
وس ّر خفي .وحاشا له أن يشابه تصرفا حيوانيا متعديا
رقة وسالم ِ
وشهوانيا ،ولكنه يخلق ويع ّبر عن رباط فريد من الحب السامي
والباذل للذات.
]*[ أي بمعنى تصرفات ساديّة التي هي شذوذ جنسي قائم على التّل ُّذذ بإحداث األلم لدى اآلخر
طل ًبا للته ُّيج الجنسي أو إلشباع الشهوة الجنسية.
الجنس والزواج في فكر اللـه 86
ج َم َع ُه هللا
ما َ
الفصل الثامن
يش ًة
أن تَعيشوا عِ َ
بْ ، جين في ال َّر ِّ ب إ َليكُم ،أنا َّ
الس َ فأط ُل ُ
وأن تكونواْ ليق بِالدَّع َو ِة الّتي دَعاك ُُم هللاُ إ َليها، تَ ُ
عضكُم ين .فاحتَمِ لوا بَ ُ وصبور ِ َ
َ عين و ُل َطفا َء
تواض َ
ِ ُم
عضا ب ِ َمح َّبةٍ ،واجت َِهدوا في ُ َ
المحاف َظ ِة على َوح َد ِة ال ُّر ِ
وح بَ ً
السالمِ .
َّ باطبِر ِ ِ
أفسس 3 – 1 :4
88
89 الـزواج في الـروح الـقـدس
]*[
يصف بيتر ريدَمان النظام اإللهي للزواج في كتابه «شهادة
اإليمان المسيحي »Confession of faithالذي أصدره في عام
1540م بأنه يتضمن ثالثة مستويات :المستوى األول هو زواج هللا
مع شعبه والمسيح مع كنيسته والروح القدس مع أرواحنا ،مثلما
حا وا ِحدًا1( ».
ب صا َر وإيَّا ُه ُرو ً ن اتَّ َ
ح َد بال َّر ِّ ِن َم ِ
يشهد اإلنجيل« :ولك ْ
كورنثوس )17 :6والمستوى الثاني هو حياة الجماعة لشعب هللا –
حيث يسود العدل فيما بينهم ويتحلّون بشركة في الروح والنفس.
قتصرة بين رجل واحد وامرأة
الم ِ
والمستوى الثالث هو الوحدة ُ
واحدة ،التي وصفها بأنها« :مرئية ومفهومة من قبل الجميع »،كما
ل أبا ُه وأ ُ َّم ُه وي َّت ِ
ح ُد بام َرأتِ ِه ج ُ ِك يَ ْت ُر ُ
ك ال َّر ُ يشهد لذلك اإلنجيل« :ولذل َ
14
سدًا واحدًا( ».أفسس )31 :5
ج َ
االثنان َ
ِ ف َيصي ُر
]*[ بيتر ريدَمان Peter Riedemannقسيس أوروبي من القرن السادس عشر كان ينتمي إلى
الحركة المسيحية اإلصالحية أنابابتست Anabaptistالتي انتشرت في بقاع كثيرة في أوروبا والقت
اضطهادا كبيرا هناك .وقد أصلحت تلك الحركة جوانب عديدة من الحياة المسيحية آنذاك وأرجعتها
إلى أصلها كما كانت في حياة الكنيسة الرسولية األولى ،نذكر منها :عدم حمل السالح ،ومعمودية
البالغين المؤمنين ،وعدم قبول الطالق ،والمقاسمة التامة في الجماعة المسيحية.
الجنس والزواج في فكر اللـه 92
الكنيس َة
َ سيح
ُ الم
ب َ جال ،أ ِح ُّبوا نِسا َءكُم مِ ث َلما أ َ
ح َّ أيُّها ال ِّر ُ
َفس ِه مِ ْن أجل ِها( .أفسس )25 :5
حى بِن ِ َ
وض َّ
لكوت هللاِ ومشي َئ َتهُ ،فيزي َدك ُُم هللاُ هذا كُلَّه.
َ فاَطلبوا أ َّوال ً َم
(متى )33 :6
خير ِ ص َل ٍة بَ َ
ين ال َ ؤمنين في نِير ٍ واحدٍ .أيُّ َِ ال تَق َترِنوا ب ِ َغير ِ ُ
الم
الظالمِ ؟ ( 2كورنثوس )14 :6 والش ِّر؟ وأيُّ عال َق ٍة لِلنُّور ِ ب ِ َّ
َّ
(وفي سفر عزرا إصحاح َ 9و 10نقرأ كيف أن النبي كان عليه أن
يَمثِل أمام هللا ويتوب توبة نصوحة بالنيابة عن جميع رجال شعب
إسرائيل الذين أخذوا يتزوجون نساء من أمم وثنية) .فتؤمن هذه
الكنائس من ناحية بأن كل من ينجذب حقا بروح المحبة والعدل
اللذين تمارسهما أي كنيسة مسيحية حقيقية لن يبقى «غريبا ».إال
أنها ترى من ناحية أخرى أن الزواج بين أحد أفرادها وشخص لم
ينجذب إلى حياة مجتمع الكنيسة وال إلى المبادئ األساسية لإليمان
سيفتقر إلى الوحدة الروحية الضرورية لرباط الزواج اآلمن.
ألجل َم ْن َق ِبلوا
ِ صلي ً
أيضا صلي ألجل ِِهم وح َدهُم ،بل أ ُ ِّ ال أ ُ ِّ
إجع ْل ُهم كُلَّ ُهم واحدًا ل َيكونوا واحدًا فينا ،أيُّها
كالم ُهم فآمنوا بيَ .
َ
أرس ْلتَني.
ك َ ن العا َل ُم أن َّ َ
فيك ،ف ُيؤمِ َ
َ ي وأنا اآلب مِ ث َلما َ
أنت ف َّ ُ
أعطيتَني ليكونوا واحدًا مِ ث َلما َ
أنت المج َد الّذي َأعطي ُت ُه ُم َ
وأنا َ
لتكون ِوح َد ُت ُهم كامِ َل ًة ويَعر ِ َف
َ وأنت ف َّ
ي َ فيهم
وأنا واحدٌ :أنا ِ
ك ُتح ُّب ُهم مِ ث َلما ُتح ُّبني( .يوحنا :17 أرس ْلتَني وأن َّ َ
ك َ العا َل ُم أن َّ َ
)23–20
إن مشيئة هللا لزرع الوحدة في صفوف الناس هي التي صنعت يوم
]*[
الخمسين وجاءت به إلى العالم .ذلك أنه بحلول الروح القدس،
ُوخ ْ
ِزت قلوب الناس ،فتابوا وتعمدوا .ولم تقتصر ثمار وحدتهم على
الجانب الروحي .فقد تأثرت أيضا المظاهر المادية والعملية لحياتهم،
بل حدثت فيها ثورة .فصارت الحاجيات ُتجمع و ُتباع ويؤتى بأثمانها
وتوضع عند أقدام الرسل .فقد أراد كل واحد فيهم أن يعطي كل ما
لديه بدافع المحبة .ومع ذلك لم يتعرض أي واحد منهم إلى الحاجة
]*[ يوم الخمسين أو يوم العنصرة هو يوم حلول الروح القدس على التالميذ في أورشليم وانبثاق
الكنيسة األولى بحياتها المشتركة.
95 الـزواج في الـروح الـقـدس
أو العوز ،بل تلقى كل منهم ما كان يحتاجه أو تحتاجه .ولم يقتطع
أحد أي شيء لنفسه ،سواء كانت أموال أو أمالك أو ممتلكات ،بل
تقاسموها ولم يبخلوا بشيء عن إخوانهم وأخواتهم وعن الناس
المتألمين في خارج الكنيسة .ولم تكن هناك قوانين أو مبادئ تحكم
هذه الثورة ،حتى أن يسوع نفسه لم ي ُقل لنا كيف يجب علينا تأديتها
ثم َن ُه على ال ُفقراءِ».
بالضبط ،سوى أنه قال« :ب ِ ْع ما تملِكُ ُه و َو ِّز ْع َ
(متى )21 :19وقد حصلت هذه الثورة فعال في يوم الخمسين :فقد
حد قلوب الذين آمنوا ،وفيما يلي
حل الروح القدس على الناس وو ّ
ّ
نرى كيف يشهد لنا اإلنجيل عن هذه الثورة:
مكان
ٍ َمعين كُلُّ ُهم في
َ مسون ،كانوا ُمجت
َ اليوم ال َ
خ ُ ولما جا َءَّ
عاص َفةٍَ ، ً
فمأل ِ السما ِء فجأة َد ِوي ٌّ كَر ِ ٍ
يح ن َّ واحدٍ ،فخ َر َج مِ َ
ألس َنةٌ كأنَّها مِ ْن نارٍ،
وظه َرت ل ُهم ِ يت الّذي كانوا فيهَِ . ال َب َ
ن .فاَمتَألوا ُل واح ٍد مِ ن ُهم لِسا ٌ س َمت وو َق َف على ك ِّ فاَن َق َ
غات َغير ِمون ب ِ ُل ٍ وح ال ُق ُد ِس ،وأخذوا يتكَلَّ َ ن ال ُّر ِ كُلُّ ُهم مِ َ
وكان
َ أن ينطِ ُقوا. ُل َغت ِِهم ،على َقدْ ر ِ ما َمنَح ُه ُم ال ُّر ُ
وح ال ُق ُد ُس ْ
حتُل أ ُ َّم ٍة تَ َ
ن ال َيهو ِد جا ُؤوا مِ ْن ك ِّ
ناس أتقيا ُء مِ َ ُ
شليم أ ٌَ في أُو ُر
ّاس وهُم في وت ،ا َ َ
جتم َع الن ُ الص ُ
ِك َّ َث ذل َ فلما حد َ
َّ السماءِ.
َّ
مون ب ِ ُل َغ ِتهِ.
سم ُع ُهم يتكَلَّ َ
كان يَ َ
َ ُل واح ٍد مِ ن ُهم
ألن ك َّ
حي َرةٍَّ ، َ
ن المتكَلِّ َ
مون كُلُّ ُهم مِ َ «أما ه ُؤال ِء ُ فاَحتاروا وتَ َع َّ
جبوا وقالواَ :
ُل واح ٍد مِ نّا ب ِ ُلغ ِة بَل ِدهِ؟ نَ ُ
حن مِ ْن سم ُع ُهم ك ُّ َ
فكيف يَ َ ليل؟
ج ِ ال َ
َّهرين وال َيهوديَّ ِة وكَ َّبدوك َّي َة
ِ بَرث َي َة وماديَ َة وعيال َم وما بَ َ
ين الن
نطس وآس َّي َة و َفريج َّي َة وبَمفيل َّي َة ومِ ْص َر ونَواحي ليب َّي َة
وب ُ َ
ب،
وع َر ٌ قيمون هُنا وكَرِيت ُّي َ
ون َ َ ون ُم
ِقيرين ،ورومان ُّي َ
َ المجا ِور ِة ل
مون ب ِ ُلغاتِنا على
سم ُع ُهم يَتكلَّ َ
ِك نَ َ
ومع ذل َ
َ يَهودٌ و ُد َ
خال ُء،
قول
ذهولين يَ ُ
َ العظيمةِ!» وكانوا كُلُّ ُهم حائ َ
ِرين َم أعمال هللاِ َ
ِ
الجنس والزواج في فكر اللـه 96
قولون
َ آخرين كانوا يَ
َ ِن
ِبعض« :ما َمعنى هذا؟» لك َّ بَ ُ
عض ُهم ل ٍ
ِرين« :أسكَ َر ْت ُه ُم ال َ
خم ُر». ساخ َ
وهنا علينا مرة أخرى أن ال ننسى أبدا اعتمادنا على إرشاد الروح
القدس ،فيقول اإلنجيل:
لو كانت عالقاتنا – ومن ضمنها عالقات الزواج – قائمة على مجرد
المشاعر المتبادلة أو على القيم المشتركة وليس على الروح القدس،
ألصبحت عرضة ألن يبتلعها الجنس والعواطف البحتة .فنحن البشر
99 الـزواج في الـروح الـقـدس
ال نقدر بحد ذاتنا على خلق الوحدة الروحية التي تجعل من قلبين
قلبا واحدا .وال نحصل على هذه الوحدة الروحية إال بعدما نسمح
لشيء أعظم منا أن يجتاح نفوسنا ويغ ّيرها كل ّيا.
ُل شيءٍ ،وتَرجو ُل شيءٍ ،و ُت َصد ُِّق ك َّ المح َّب ُة تَص َف ُ
ح َع ْن ك ِّ َ
المح َّب ُة ال تَ ُ
زول أبَدًا1( . ُل شيءٍَ . ُل شيءٍ ،وتَص ِب ُر على ك ِّ ك َّ
كورنثوس )8–7 :13
س ّر الزواج
ِ
الكنيس َة
َ سيح
ُ الم
ب َ جال ،أ ِح ُّبوا نِسا َءكُم مِ ث َلما أ َ
ح َّ أيُّها ال ِّر ُ
َفس ِه مِ ْن أجل ِها ،ل ُي َقد َ
ِّسها و ُي َط ِّه َرها بِما ِء حى بِن ِ َ
وض َّ
كنيس ًة َمجي َد ًة
َ ِسال وبِالكَل ِمةِ ،حتّى يَ ُز َّفها إلى نَ ِ
فس ِه ِ االغت
َّس ًة ال
ِك ،بَ ْل ُم َقد َ يب فيها وال تَ َ
ج ُّع َد وال ما أش َب َه ذل َ ال َع َ
ح ُّبوا نِسا َءهُم
أن ُي ِ
جال ْ
جب على ال ِّر ِ
ِك يَ ُ
يب فيها .وكذل َ
َع َ
ب نَ َ
فسهُ. ب امرأتَ ُه أ َ
ح َّ ح َّ
ون أجسا َدهُمَ .م ْن أ َمِ ث َلما ُيح ُّب َ
س َد ُه ،بَ ْل ُيغ ِّذي ِه ويَعتَني بِه فما مِ ْن أح ٍد ُيبغِ ُض َ
ج َ
سيح.
ِ الم
س ِد َ ج َ
حن أعضا ُء َ بالكنيسةِ .ونَ َُ سيح
ِ الم
اعتِنا َء َ
ح ُد بام َرأتِ ِه ف َيصي ُرل أبا ُه وأ ُ َّم ُه وي َّت ِج ُ
ك ال َّر ُ ِك يَ ْت ُر ُ
«ولذل َ
ظيم ،وأعني بِه ِس َّر
الس ُّر َع ٌ
سدًا واحدًا ».هذا ِّ
ج َ
االثنان َ
ِ
والكنيسةِ.
َ سيح
ِ الم
َ
100
101 س ّر الـزواج
ِ
ما أشد تفاهة رباط الزواج ،لو كان مجرد وعد أو عقد بين
للتحسن الذي يمكن له أن يطرأ على العائالت
ُّ اثنين من الناس! ويا
المعاصرة لو أن المسيحيين وفي كل مكان كانوا على استعداد
لوضع الوالء للمسيح ولمجتمع كنيسته قبل زيجاتهم!
ك
ريق« :يا س ِّيدُ ،أت َب ُع َ ل في َّ
الط ِ قال َله َر ُ
ج ٌ ِرونَ ،
وبَينَما هُم سائ َ
ِب أو ِج َرةٌ ،ول ُِطيور ِسوع« :لِل َّثعال ِ
ُ أينَما تَذه ُ
َب ».فأجابَ ُه يَ
بن اإلنسان فما َل ُه َم ِ
وض ٌع ُيس ِن ُد إليه وأما ا َ ُ ٌ
أعشاشَّ ، السما ِء
َّ
ل« :يا ج ُخ َر« :إِت َب ْعني!» فأجابَ ُه ال َّر ُلآ َج ٍ
سوع لِ َر ُ
ُ وقال يَ
َ رأسهُ». َ
تركسوع« :أ ُ ِ ُ فقال َله يَ
َ ِن أبي».
َب أ َّوال ً وأدف ُ
س ِّي ُد د َْعني أذه ُ
لكوت
ِ ش ْر ب ِ َم َب وبَ ِّ أنت ،فاَذه ْ
وأما َ نون َموتاهُمَّ . الموتى يَد ُف َ َ
هللاِ( ».لوقا )60–57 :9
كانت الزوجة بَتي متواضعة جدا إلى درجة أنها لم تذكر أي
شيء مطلقا عما قدّمته هي لزوجها ،لكن ،بالحقيقة ،فلوال
صالتها المستمرة وأمانتها ليسوع لما كان لزوجها هاري أن
يجد طريق العودة إلى هللا وإلى الكنيسة ،وإليها .فلذلك كانت
السنتان األخيرتان اللتان قضياها معا شهادة عن اإليمان وعن
القدرة الشافية للحب الخالي من المساومات .فما أكبر اختالف
هذا اإليمان عن ثقافة يومنا المعاصر ،حيث يظن الكثيرون أنه
كلما أزداد بناء الزواج على االستقاللية ،كان أكثر ثباتا ومتانة .بل
يذهب البعض إلى االعتقاد بأنه كلما كان الشريكان متحررين من
«قيود» االلتزام أحدهما باآلخر ،أصبحا أكثر سعادة .وهذا افتراض
زائف تماما .ألن الزواج ال يدوم إال إذا كان مؤسسا على الترتيب
اإللهي ،وعلى أساس محبته .فما لم يكن الزواج مبنيا على صخرة
105 س ّر الـزواج
ِ
]*[
اإليمان فسوف يكون مبنيا على الرمل.
ألن
بَّ ،ن لِل َّر ِّ ُن كما تَ َ
خض ْع َّ عن ألزواجك َّاخض ََ أيَّتُها النِّسا ُء،
الكنيسةِ ،وه َو
َ سيح رأْ ُس
َ الم
أن َ ل رأْ ُس المرأ ِة كما َّ ج َ
ال َّر ُ
الكنيس ُة
َ خض ُع س ُد ُه .وكما تَ َج َ
ي َ الكنيس ِة وهِ َ
َ ُمخلِّ ُص
ن في ك ِّ
ُل شيءٍ( .أفسس سيح ،ف ْلت َ
َخض ِع النِّسا ُء ألزوا ِج ِه َّ ِ ِلم
ل َ
)24–22 :5
تَ :ما ت مِ ْن كَال َمِ هَِ ،و َفكَّ َر ْ ِّساءَِ ».ف َل َّما َرأ َ ْت ُه ْ
اض َط َربَ ْ أ َ ْن ِ
ت ِفي الن َ
خا ِفي يَاال َل َها ا ْل َمال َُك« :ال َ تَ َح َّي ُة! َف َق َ سى أ َ ْن تَك َ
ُون َه ِذ ِه ال َّت ِ َع َ
ِين
ح َبل َ ت َس َت ْ ت ن ِْع َم ًة عِ ْن َد هللاَِ .وهَا أ َ ْن ِ
جدْ ِك َقدْ َو َ َم ْريَ ُم ألَن َّ ِ
ن ا ْل َع ِل ِّ
ي ُون َعظِ يماًَ ،وا ْب َ وعَ .ه َذا يَك ُ ِين ا ْبنا ً َو ُت َ
س ِّمي َن ُه يَ ُس َ َوتَلِد َ
ت ي دَا ُو َد أَبِيهَِ ،ويَ ْمل ُ
ِك َع َلى بَ ْي ِ ب اإل ِ َل ُه كُ ْر ِس َّ
ُيدْ َعىَ ،و ُي ْعطِ ي ِه ال َّر ُّ
وب إ ِ َلى األَبَدَِ ،وال َ يَك ُ
ُون ل ُِم ْل ِك ِه نِ َهايَةٌ». يَ ْع ُق َ
ت أ َ ْعر ِ ُف
ُون َه َذا َوأَنَا َل ْس ُ
ت َم ْريَ ُم لِ ْل َمال َِك« :كَ ْي َف يَك ُ َف َقا َل ْ
ِل َع َل ْي ِ
ك، ُس يَح ُّ وح ا ْل ُقد ُ اب ا ْل َمال َُك َو َق َ
ال َلها« :اَل ُّر ُ ج َ جال ً؟» َفأ َ َ
َر ُ
كَ ،فل ِ َذل َ َ
ْك ُّوس ا ْل َم ْو ُلو ُد مِ ن ِ ِك أ ْيضا ً ا ْل ُقد ُ ي ُت َظلِّ ُل ِ َو ُق َّو ُة ا ْل َع ِل ِّ
ح ْب َلى ي أ َ ْيضا ً ُ ُك هِ َ سي َبت ِات نَ ِ ن هللاَِ .و ُه َو َذا أَل َ
ِيصابَ ُ ُيدْ َعى ا ْب َ
ك ا ْل َمدْ ُع َّو ِة
ِس لِ ِت ْل َ
الساد ُ خ ِت َهاَ ،و َه َذا ُه َو َّ
الش ْه ُر َّ خو َ ش ْي ُ ن ِفي َ بِا ْب ٍ
ِن َلدَى هللاِ».
يءٌ َغ ْي َر ُم ْمك ٍ َعاقِراً ،ألَن َّ ُه َل ْي َس َ
ش ْ
َ َ َف َقا َل ْ
ت َم ْريَ ُمُ « :ه َو َذا أنَا أ َم ُة ال َّر ِّ
ب .لِ َيك ُْن ِلي كَ َق ْول َ
ِك».
َف َم َضى مِ ْن عِ ْن ِدهَا ا ْل َمال َُك( .لوقا )38–26 :1
ُل ُس ْل َط ٍ
ان ِفي َّ
الس َما ِء وع َوكَلَّ َم ُه ْم َقائِالًُ « :دف َِع إ ِ َل َّ
ي ك ُّ َف َت َق َّد َم يَ ُس ُ
يع األ ُ َممِ َو َع ِّمدُوه ُْم ب ِ ْ
اسمِ ضَ ،فا ْذ َه ُبوا َوتَ ْلمِ ُذوا َ
جمِ َ َو َع َلى األ َ ْر ِ
الجنس والزواج في فكر اللـه 108
ل رأْ ُس
ج َ
ل ،وال َّر ُ سيح رأْ ُس ال َّر ُ
ج ِ َ الم
أن َ ل ِكنِّي أُري ُد ْ
أن تَعرِفوا َّ
سيح 1( .كورنثوس )3 :11 الم ْ
ِ المرأةِ ،وهللا رأ ُس َ
وال يعني هذا أن الرجل «أرقى درجة» من المرأة؛ فتُب ّين لنا الحقيقة
أن المرأة – حواء – أُخِذت من الرجل عندما خلقها هللا في البدء ،ثم
إن الرجل يولد من المرأة؛ لذلك ،فإن كليهما يعتمد أحدهما على
اآلخر في كل جوانب الحياة:
ل مِ ْن دون
ج ُ
ل ،وال ال َّر ُ
ج ِ
دون ال َّر ُ
ِ ب ال تكون المرأ ُة مِ ْن
ففي ال َّر ُّ
ل تَل ِ ُد ُه المرأ ُة،
ج ُ
ل ،فال َّر ُ
ج ِ ت المرأ ُة مِ َ
ن ال َّر ُ المرأةِ .ألن َّ ُه إذا كانَ ِ
ن هللاِ 1( .كورنثوس )12–11 :11
ُل شي ٍء مِ َ
وك ُّ
ألقاها هللا على عاتقهم فهي ظاهرة يتميز بها زماننا المعاصر الشرير.
فيتمردن النساء على إزعاج وعناء الحمل وعلى آالم الوالدة ،ويتمرد
الرجال على عبء االلتزام بشؤون أوالدهم الذين ينجبونهم وعلى
عبء االلتزام بالمرأة التي تلدهم .ف ُيعتبر مثل هذا التمرد لعنة على
عصرنا الحاضر .وسوف يؤدي إلى انحراف أجيال المستقبل عن
الطريق السوي .فقد خلق هللا المرأة لتنجب األطفال ،وعلى الرجل
الحقيقي أن يحترم زوجته ويحبها أكثر من قبل بسبب دورها هذا.
ويوبِّخنا الرسول بطرس في اإلنجيل قائال:
المرأ َة
أن َفين َّ
مع نِسائِكُم عار ِ َ
جال ،عيشوا َ
وأنتُم ،أيُّها ال ِّر ُ
ريكات لكُم في
ٌ شن َ أضع ُف مِ نكُم ،وأكرِموه َّ
ُن ألن َّ ُه َّ َ ٌ
خلوقَم
عيق َص َلواتِكُم شيءٌ 1( .بطرس حياةَِ ،فال ُي َ
ِعم ِة ال َ
ميراث ن َ
ِ
)7 :3
الكنيس َة
َ سيح
ُ الم
ب َ جال ،أ ِح ُّبوا نِسا َءكُم مِ ث َلما أ َ
ح َّ أيُّها ال ِّر ُ
َفس ِه مِ ْن أجل ِها( .أفسس )25 :5
حى بِن ِ َ
وض َّ
فهذه المهمة ،أي بمعنى مهمة المحبة وبذل الذات ،هي في الواقع
مهمة كل رجل وكل امرأة سواء كانوا متزوجين أو عزابا.
]*[
وهو من أحد آباء الكنيسة األولى فقال: كما كتب ترتليان
]*[ ترتليان أو ترتليانوس ( Tertullianنحو –160نحو 220م) ،أمازيغي من والدة قرطاج في
تونس .واتسم بغزارة كتاباته المسيحية في زمان المسيحية األولى .وأول من كتب كتابات مسيحية
باللغة الالتينية .وكانت له أهميته في الدفاع عن المسيحية ،وكتب العديد من الكتب بهذا الشأن
سميت باألعمال الدفاعية .Apologetic Worksوقد سمي ترتليان «أبو المسيحية الالتينية» َو
«مؤسس الالهوت الغربي».
الفصل العاشر
عبرانيين 4 :13
112
113 ُقـدسـ ّية الـجـنـس
]*[ إن غاية هذا العقاب الشديد ،عقاب الحرم الكنسي ،من أجل أن يعود الرجل المذكور إلى جادة
ّ
الحق ،فيتوب لتخلص روحه.
الجنس والزواج في فكر اللـه 114
إن تقديم اإلنسان جسده إلى شخص آخر ُيعتبر تجربة مدهشة
ورائعة .وإن هزة الجماع التي هي ذروة االتحاد الجسدي تجربة
قوية وتهز الكيان ،ولها تأثير قوي على الروح .فنرى هنا أن اختبار
الجسد قوي لدرجة أنه يصعب تمييزه عن اختبار الروح .ويصل
الشخصان إلى ذروة بهجة الحب عندما يكون بينهما وئام متناغم
للقلب والجسد .وفي أثناء غمرة اتحادهما الكامل ،يجري رفعهما
من شخصيتهما وضمهما معا في أقرب وأعز عالقة ُوجدت .أما
في لحظة رعشة الجماع ف ُيكت َ
َسح الشخص كليا من فرط النشوة
وينغمر بها ،بحيث إن اإلحساس بأنه شخص مستقل يختفي
للحظة ،إذا جاز التعبير.
الزواج فالبد أن يكونا طبعا قا ِد َرين على التحدث بصراحة فيما بينهما
حتى عن أكثر األمور حرمة في الزواج .غير أنهما لن يفعال ذلك بدون
التوقير النابع من حب أحدهما لآلخر.
لو كان الزواج مؤسسا على السيد المسيح وعلى محبته وعلى
نقاوته ،لحصل الزوجان على عالقة صحيحة فيما بينهما على جميع
األصعدة .وعلينا هنا أن ننتبه لتحذير الرسول بولس:
إن الصالة مهمة جدا ولها دور حاسم في تصفية الخالفات التي تنشأ
في العالقة الزوجية .أما اتحاد شخصين جسديّا عندما ال يكون بينهما
وحدة في الروح فيعتبر رياء .إذ إنه انتهاك لرباط الحب.
وغير مهتم بمجرد إشباع نفسه ،فعليه أن يراعي حاجة المرأة في
معظم األحيان إلى وقت أطول مما يحتاجه الرجل للوصول إلى
الذروة ،وكذلك ،ومن بعد المجامعة ،وفي حال يكون الزوج قد
وصل الذروة وانتهى في حين زوجته لم تصل بعد ،فال يحق للزوج
أن ينام فرحا بينما ترقد زوجته مستيقظة بمشاعر كبيرة من
اإلحباط وخيبة األمل.
أن يكون على استعداد لإلمساك عنها ألجل صحة زوجته ،السيما
قبل الوالدة وبعدها .وباعتباري مرشدا اجتماعيا أُقدم المشورة
للمتزوجين ،فأوصي دائما باالمتناع عن المعاشرة أثناء مدة الطمث،
وأيضا لمدة ستة أسابيع في األقل قبل الوالدة .كما أوصي الزوجين
بأن يمتنعا ألطول فترة ممكنة بعد الوالدة لتتعافى األم جسديا
ونفسيا .ولما كان كل زوجين يختلفان عن غيرهما ،فمن الصعب
اقتراح إطار زمني محدد ،فما يهم هو المراعاة .فلو كان الزوج مراعيا
ح ّقا لظروف زوجته ،فسوف يرغب في ضبط نفسه باالمتناع ألطول
فترة ممكنة ،كما يوصي اإلنجيل:
ضرورة وجود وحدة الروح والنفس بين الزوجين دائما قبل االتحاد
الجسدي والمجامعة ،ومن المهم أيضا عندما يكون اإلمساك عن
المجامعة الجنسية أمرا ضروريا ،أن ال يصير ذلك سببا لفتور الحب
وبرود المشاعر .ويكتب الرسول بولس في اإلنجيل قائال:
حين،
ٍ َكما وإلى فاق بَين ُ ن اآل َ
خر ِ إال َّ على اتِّ ٍ ال يَم َتن ِْع أح ُدكُما َع ِ
ِلصالةُِ .ث َّم عودا إلى الحيا ِة ال َّزو ِج َّي ِة العا ِديَّ ِة لِئَال َّ
حتّى ت َت َف َّرغا ل َّ
إبليس 1( .كورنثوس
َ َّفس ،ف َت َقعوا في تَجرِبَ ِة ُيعو َزكُم َض ُ
بط الن ِ
)5 :7
َ
ين
ب ،فهذا َع ُ أيُّها األ َ ْوالَدُ ،أطيعوا والديكُم في ال َّر ِّ
ِلك أ َّو ُل َوص َّي ٍة يَرتَ ِب ُط بِها أباك وأ ُ َّم َ
ك »،ت َ َ واب« .أكر ِ ْم
الص ِ
َّ
ك في األرض ».وأنتُم ام َ طول أيَّ َُ ِتنال َ
خي ًرا وتَ َوع ٌد وه َو« :ل َ
ب َ أيُّها اآلبا ُء ،ال ُتثيروا َ
حس َب أ ْوال َ ِدك ُْم ،بَ ْل َربُّوهُم َغض َ
ب وتأدي ِبهِ.
وصايا ال َّر ِّ
أفسس 4 – 1 :6
لقد ح َّذر علماء النفس على مدى سنوات طويلة من آثار التفكك
األُسري ،وحاالت الحمل لدى المراهقات ،والعنف في البيوت ،وغيرها
من األمراض االجتماعية ،غير أن تحذيراتهم ذهبت أدراج الرياح .وها
نحن اآلن نجني حصادا مريرا .وكل هذه األمور تجعل األمر ملحا
بشكل غير مسبوق إلعادة اكتشاف القصد األصلي لله في خلقه
122
123 الـتربـيـة ونـعـمـة األوالد
19
للرجل والمرأة ،وفي مباركتهما بنعمة األوالد.
لكن يجب أن ال يأخذنا وعينا بعدم كفاءتنا إلى اليأس ،بل يجب
أن يجعلنا ندرك مدى اعتمادنا على النعمة اإللهية .فال يصلح لتربية
األطفال سوى البالغين الذين يقفون كاألطفال أمام نعمة هللا.
في حين أنهما في الواقع ليسا والدين حقيقيين – ال أبَّا حقيقي وال
يحسون بهذا الرياء حيثما يحصل،
ّ أما حقيقية! أما األطفال فسوف
َّ
وبعدها سوف يمتلكهم االستياء واالمتعاض والتمرد وهم يكبرون.
يسوع وموته وقيامته .فكل هذه األمور تؤثر في قلوب األطفال وهم
بعمر صغير ال يصدق ،وتوقظ فيهم حبا لله وليسوع.
بأنفسهم ،وأن يح ّولوا نظرهم إلى خارج نطاق عالمهم الصغير منذ
صباهم وأن ال يتقوقعوا حول الذات ،ويجب أن يتعلموا أن يحبوا
ويحترموا اآلخرين .فال يجوز أن ُيت َرك األطفال يتأرجحون في مزاج
نفسي متقلب ،ويتبعون كل نزوة أنانية بدون أي ضابط أو وازع
داخلي .فالتوجيهات الواضحة والحدود الثابتة للسلوك ضرورية
دائما .وفي الحقيقة ،فإن التأديب هو أعظم محبة يمكن تقديمها لهم،
كما يبين لنا اإلنجيل:
خض ُع باألَحرى س ِد ُيؤدِّبونَنا وكُنَّا نَهابُ ُهم ،أفال نَ َ كان آبا ُؤنا في ال َ
ج َ َ
قت َقصير ٍ َنال الحيا َة؟ هُم كانوا ُي َؤدِّبونَنا لِ َو ٍ وح لِن َ ألبينا في ال ُّر ِ
خيرِنا فنُشارِكُ ُه في وأما هللاُ ف ُيؤ ِّدبُنا لِ َ
َّ نون،
َحس َ وكما يَست ِ
ِن ك ُّ ْ
زن ،ال
ح ِ ساعت ِه باعِ ًثا على ال َُ ُل تَأ ٍ
ديب يَبدو في داستِه .ولك ْ َق َ
على ال َف َر ِح .إال َّ أن َّ ُه يَعو ُد فيما بَع ُد على الّ َ
ذين عانو ُه ب ِ َث َمر ِ ال ِب ِّر
والسالمِ ( .عبرانيين )11–9 :12
َّ
أما ممارسة اإلكراه مع األوالد وسحقهم روح ّيا فال ُيعتبران محبة أبدا.
من الطبيعي أننا يجب أن نكون متيقظين ضد التس ّيب .إال أن
رخاوة الطبع والميوعة لدى األطفال غالبا ما تكون ثمرة عواطف
غير سليمة بين أحد الوالدين والطفل التي تؤدي بدورها إلى تخريبه
داخليا .إذ تحجب مثل هذه العواطف السطحية الزائدة روح البراءة
والطفولة عن األطفال ،ألنها تع ّرض الطفل إلى رخاوة ذاك الشخص
البالغ الذي فق َد وضوح طريق السيد المسيح .فعلينا أن نحرص
دائما على أن يكون أطفالنا متحررين من مثل هذه الروابط الزائفة
وال نخ ّربهم بها.
وأشكر هللا أنا شخصيا على والدي الذي كان حازما جدا معنا
نحن األوالد ،كلما استدعت الضرورة .وأنا مثل بقية األوالد كنت
أتمرد في بعص األحيان على حزمه ،لكني كنت أعلم في قرارة نفسي
بأن حزمه كان عالمة من عالمات حبه لي .وقد غرس والدانا فينا
نحن األوالد ،ومنذ صغرنا ،أهمية الوصية الخامسة من وصايا هللا
العشر بشأن إكرام األب واألم .وكنا نعلم بأنه لو لم نحبهما ونكرمهما
131 الـتربـيـة ونـعـمـة األوالد
اآلخر فليس لديه ذلك ،ولكن تأتي ساعات يسلّم فيها جميع اآلباء
ويرفعون الراية البيضاء .وعندما يحصل ذلك ،فمن الضروري أن
يتواضع الزوجان ويطلبان المساعدة سواء كانت من صديق عزيز
أو من األقرباء أو من معلم تربوي أو من قسيس يثقان فيه أو
من مرشد أ ُ َسري .وبطبيعة الحال ،ينبغي أن يجري الحصول على
المساعدة التربوية بطريقة تطمئن الطفل الذي نحن بصدده وال
نجرحه – وال ينبغي أن تكون أيضا على حساب عالقة الوالدين مع
الطفل سواء كان ولدا أو بنتا .إال أننا نعلم علم اليقين بأن المصدر
الحقيقي للمعونة هو هللا ،ألنه في نهاية المطاف ،فإن أية معونة
بشرية ربما تصبح عقبة حتى لو جاءت من أفضل مرشد اجتماعي.
ويكتب والدي في هذا الشأن فيقول:
نقاوة الطفولة
لكوت
ِ األعظم في َم
ُ فل ،فه َو
الط ِ
ثل هذا ِّ َمن اَتَّ َ
ضع وصا َر مِ َ
يكون ق ِب َلني.
ُ وم ْن َق ِب َ
ل طِ فال ً مِ ث َل ُه باَسمي ماواتَ .
ِ الس
َّ
المؤمنين بي في ال َ
خطيئةِ، َ ح َد ه ُؤال ِء ِّ
الصغار ِ أوقع أ َ
َ َم ْن
ن كبيرٍ؟ و ُيرمى في
ح ٍ
ج ُر َط ْ خير ٌ َله ْ
أن ُيعلَّ َق في ُعنُق ِه ح َ ف َ
أعماق البحرِ.
ِ
متى 6 – 4 :18
إن
أقول لكُمَّ :
ُ أن تَحتقروا أحدًا مِ ْن هَؤال ِء َّ
الصغارِ. إيَّاكُم ْ
ِين وج َه أبي الّذي في
ُل ح ٍ
دون ك َّ
َ ماوات ُيشاهِ
ِ مالئِكَ َت ُهم في َّ
الس
ماوات( .متى )10 :18
ِ الس
َّ
عندما يولد أي طفل في هذا العالم ،فكأنّه يجلب معه هواء السماء
النقي والطاهر والعفيف .فعند ميالد أي طفل نشعر بأن شيئا من
حل علينا .فما أعظم بركة براءة
هللا قد ُولد ،وبأن شيئا من األبدية قد ّ
الطفل علينا!
133
الجنس والزواج في فكر اللـه 134
ونحتاج في هذا الصدد إلى أن يكون لدينا توقير أعظم واحترام أكبر
لمسألة الحمل والوالدة .فعندما ش َّبه يسوع المسيح األيام األخيرة
بمخاض الحمل وكذلك عندما ش َّبه مجيء العالم الجديد بالفرح
الهائل بوالدة مولود جديد بعد اآلالم والعذاب فلم يكن تشبيهه هذا
أمرا بال مغزى وبدون معنى .فعند كل حالة حمل وحينما ينتظر فيها
ّ
يتجلى ِس ّر سامٍ يستوجب التوقير .وسنلحق الوالدان مولودا جديدا،
ضررا روحيا بالغا كلما تكلمنا باستخفاف عن الحمل أو جعلناه
موضوعا للمزاح أو لفتنا انتباها زائدا إليه .غير أن الترقب الهادئ
والمتواضع سيطبع في نفوس األطفال توقيرا طبيعيا نحو نعمة هللا
الخاصة بمولود جديد.
أما المِ ثاليات األخالقية المتزمتة التي تصاحبها دائما التشكيك في
األطفال وعدم الثقة بهم ،فتفسد روح الطفولة عندهم .فال تكفي
الطاعة لوحدها أبدا .ألن الخضوع وحده ال يبني شخصية الطفل.
فمن ناحية ،ال يمكننا ترك األطفال غير محميين ليقعوا فريسة
شرور مختلفة تعترض طريقهم .ولكن من الناحية األخرى ،يجب
عدم إخماد عزيمتهم عن طريق انتقاد أخطائهم باستمرار .فال
تعني التربية الصحيحة تشكيل الطفل أو قمعه في قالب معين
بالنقد المستمر ،بل تعني تحفيز الولد أو البنت على اختيار الصح
بدال من الغلط.
دائم؛ أي بعبارة أخرى إنه يؤدي إلى الخطيئة .ونرى األهل الذين
يخ ّربون أوالدهم بالتدليل المفرط ،غالبا ما يخلطون بين المحبة
والمشاعر المفرطة ،ويظنون أنهم سيكسبون أوالدهم عن طريق
التعلُّق بهم عاطفيا ،ولكنهم يقومون في واقع األمر بعرقلة نموهم
إلى أشخاص راشدين سليمين نفسيا وذوي شخصيات مستقلة
لهم حرية االختيار .لذلك ،فإن تعامل اآلباء مع أطفالهم على أساس
يدل على أن اآلباء
ّ أنهم مجرد ممتلكات عاطفية تنتسب إلى األهل،
ينقصهم التوقير الالزم تجاه أطفالهم الذين لهم قيمة بحد ذاتهم
كبشر مخلوقين على صورة هللا.
ومن األمور السلبية المألوفة لدى األوالد األكبر سنا ،هي خصلة
قلة االحترام نحو أقرانهم ومعلميهم ووالديهم .وتظهر خصلة قلة
االحترام هذه بعدة أشكال .فعند الفتيان ،قد تتخذ شكل التباهي
بالرجولة بمعنى المغاالة بالعضالت (والتي هي في الغالب عملية
جبن ،وال ُتع َرض سوى عند تواجد اآلخرين) أو قد
تستُّر على ال ُ
تتخذ شكل عدم مراعاة مشاعر اآلخرين ،أو سلوك ينقصه االحترام
أو تصرفات ُمخ ِّربة .وقد ينظرون إلى الترنيم نظرة احتقار معتبريه
أمر يخص اإلناث ،وقد يسخرون من إشارات التعبير عن المحبة
لألطفال ّ
الرضع ،ثم إن كل ما هو ديني أو أخالقي يكون غالبا مع ّرضا
للهزء والسخرية من جانبهم .أما عند الفتيات فغالبا ما تظهر خصلة
قلة االحترام على شكل ثرثرة ونفاق فظيعين أو على شكل اغتياب
أو انطواء على الذات أو حساسية زائدة للنقد.
َ ُل َ
ين
س َ ج ِي ٍء َطاهِ رٌ .أ َّما عِ ْن َد ال َّن ِ ش ْ ين ،ك ُّ عِ ْن َد َّ
الطاهِ ر ِ َ
ن ُع ُقو َل ُه ْم ي ٍء َطاهِ رٍ ،بَ ْل إ ِ َّ
ش ِْينَ ،ف َما مِ ْن َ
َو َغ ْير ِ ا ْل ُم ْؤمِ ن َ
س ًة( .تيطس )15 :1 َو َض َمائِ َره ُْم أ َ ْيضا ً َقدْ َصا َر ْ
ت نَ ِ
ج َ
فلهذا السبب ،تبرز الحاجة الماسة إلى وجود أمثلة حية موثوق
بها لتكون قدوة للشباب ولألوالد عموما .أما واقع الحال فيرينا أن
األوالد يقضون وقتا أكثر من السابق لوحدهم؛ وأصبحت ظاهرة
143 نـقــاوة الـطـفـولــة
]*[
شائعة في طبقات المجتمع بتعدد أطيافها. أطفال المفاتيح
الصدف أن يطلق بعض الخبراء على أوالد اليوم
وليس من قبيل ّ
تسميات منها «الجيل المعزول» أو تصفهم الدراسات االجتماعية
بأوصاف منها :المنبوذون والمقطوعون والوحيدون.
]*[ أطفال المفاتيح latchkey kidsهم األطفال الذين يعودون من مدارسهم إلى منزل فارغ
بسبب عمل الوالدين أو أحدهما ،أو هم األطفال الذين ُيتركون عادة في المنزل لوحدهم في ظِ ّ
ل
نقص المراقبة األبوية أو غيابها.
الجنس والزواج في فكر اللـه 144
مركزيا في الحياة األسرية .والبد أن يتسنى لألوالد رؤية أمثلة ح ّية عن
حياة النقاوة والعِ َّفة ليس في والديهم فحسب ،بل في كل َم ْن يحيط
بهم أيضا ،سواء كان متزوجا أو عازبا.
َمال( .كولوسي
باط الك ِ
ي رِ ُ المح َّب َةِ ،
فه َ وال َب ُسوا َف َ
وق هذا كُلِّ ِه َ
)14 :3
فل في أ َّو ِ
ل طري ِقهِ ،فمتى شاخ ال يَبتَعِ ُد مِ نهُ( .أمثال الط َ َه ِّذ ِ
ب ِّ
)6 :22
كان في ال ِّر َ
ياض ِة ال َبدنِ َّي ِة َ ك بالتَّقوى ،فإذا َر ِّو ْض نَ َ
فس َ
ألن َلها ال َوع َد
خير ِ َّ ُل ال َخيرِ ،ففي التَّقوى ك ُّ عض ال َ بَ ُ
حدًا يَس َتخ ُِّف والمستق َب َلةِ . . . .ال تَد َْع أ َ
ُ الحاض َر ِة
ِ بالحيا ِة
نين في الكالمِ والت ََّص ُّر ِ
ف ك ،بَ ْل ك ُْن ُقد َو ًة ل ُ
ِلمؤمِ َ بِشباب ِ َ
والعفاف.
َ والمح َّب ِة واإليمان
َ
147
الجنس والزواج في فكر اللـه 148
ُتر ِّ
خص ظاهرة المواعيد الغرامية الدارجة
معنى االلتزام في العالقات
ينبغي أن نبتهج فعال حينما تكون هناك عالقات صداقة بريئة بين
الشباب والشابات ،وكذلك حينما تكون هناك فرص تعامل إيجابي
متبادل بينهم في حياتهم اليومية .أما مشاعر التخ ّوف التي تعترينا
من احتمالية فشل تلك العالقات البريئة فغالبا ما ال يكون لها أي
مبرر ،وهي عالمة تدل على عدم الثقة بهم .فالشباب بحاجة إلى
فرص للتواصل فيما بينهم في بيئة جماعية سليمة حيث يتسنى لهم
العمل معا أو التحدث عما يخالجهم من أفكار وصراعات أو الترنيم
أو االستجمام .أما لو حصل انقسام في جماعة الشباب إلى مجموعات
متكونة من اثنين – اثنين بينهما عالقات عاطفية أو تكوين تكتالت
حصرية ضمن الجماعة فهو أمر غير سليم بتاتا وال محل له هنا:
ألنه في مجتمعات الكنائس يجب على الشباب والشابات التع ّرف
بعضهم على بعض قبل كل شيء بصفة إخوة وأخوات في المسيح.
ويجب أن تكون لهم الحرية ليراهم الناس معا دون أن يتعرضوا ألي
نوع من النفاق أو التكهنات حول طبيعة صداقتهم .فالضغوط التي
تسببها مثل هذه األقاويل تخنق الحريات ،وتتلف وتش ّوه كل شيء
جميل في العالقة الشريفة.
إن عدم النضوج لدى بعض الشباب نراه يع ّبر عن نفسه من
خالل أن «يقع الشاب في حب» شابة (أو شابة في حب شاب) في
بادئ األمر ثم مع أخرى (أو آخر )،وهكذا ينتقل مثل النحلة التي
تنتقل من زهرة إلى أخرى .ومن الجدير بالذكر ،إن البحث عن
شخص مناسب أمر طبيعي جدا؛ إال أن ما ال تتسامح معه الكنيسة
وال ُتجيزه هو التكوين المتواصل لعالقات جديدة ثم إنهائها .أما
الموقف العشوائي لدى بعض الشباب أو الشابات في القفز من فتاة
149 إلى الـذيـن يـعـتزمـون الـزواج
إلى أخرى أو من شاب إلى آخر فال يمكن له أن يكون صحيحا أبدا .ألنه
يخدّر الضمير وير ِّ
خص معنى االلتزام في العالقات .وبالرغم من أن
موجات الجاذبية العاطفية المصاحبة لكل صداقة بين أي فتى وأية
فتاة هي أمر طبيعي جدا ،ولكن إن لم يتم إخضاعها للمسيح ،فقد
تسبب جراحات نفسية قد تستمر لمدى الحياة.
في السنوات األخيرة أزداد عدد اآلباء وعدد الكنائس التي تبحث
عن بدائل لظاهرة مواعيد الغرام الدارجة .ويحاول البعض – على
سبيل المثال – إحياء عادة «قديمة الطراز» تتضمن وضع مدة
تعارف وديَّة (كالخطوبة) التي تؤكد على مشاورات ومشاركات
أ ُ َسريّة ،وتركز على أوجه نشاط ُتثري الشخصية وتقوي ما فيها من
الجنس والزواج في فكر اللـه 150
ّ
وتفضل اآلن معاهد مختلطة كثيرة تأدية فعالياتها عناصر طيبة.
الدراسية بنطاق جماعي للتشديد على فعالية الجماعة ككل وعلى
جعة حقا.
تقدير مشاركة الفرد ضمن الجماعة .وهذه مؤشرات مش ِّ
ملتزمة كالخطوبة على سبيل المثال – وذلك للتأكُّد فيما إذا كان
حبهما مجرد لهبة قش من الجاذبية العاطفية أو هو شيء أسمى
من ذلك .ونقول هنا مرة أخرى بأن الجاذبية الجسدية والعاطفية
هي أمر طبيعي ،ولكنها ال تشكل أساسا كافيا ُيبنى عليه الزواج
وتأسيس أسرة ،وال يمكنها أبدا أن تكون عامال حاسما ُيعتمد عليه
إلقامة عالقة ملتزمة مؤبدة .فالعالقة التي ال تقوم سوى على هذه
األمور عالقة ضحلة ومصيرها التم ُّزق .ويجب أن يكون السؤال
الحقيقي دائما هو كاآلتي« :ماذا يريد هللا لحياتنا ومستقبلنا معا؟»
ذلك أن إرادته هي األساس المضمون.
ونرى ظاهرة الحكم على الناس على أساس المظهر (أو ما
يعرف بالتمييز المظهري) شديدة السيما لدى الشباب الذين
يعتزمون الزواج .فقد تنتقي الفتاة أكثرهم وسامة من حولها ،وقد
ينتقي الشاب أجمل فتاة في المجموعة ،ولكن ماذا عن عالقتهما
بعد عشر أو عشرين سنة من رحلة الحياة؟ هل يواظبان على حبهما
عندما يصير الرجل أصلعا ،أو عندما تصير المرأة بدينة أو تكسو
التجاعيد وجهها؟ مما ال شك فيه أن الجاذبية الجسدية جزء من أية
عالقة ،ولكنها ال يمكن أن تكون أساسا لعهد من الوالء والحب يطول
الجنس والزواج في فكر اللـه 152
ُ
عرفت السيدة روز Roseمنذ كانت صبية صغيرة .فعندما لقد
قابلت توم Tomووقعت في غرامه .وتوم هذا
ْ ْ
بلغت سن الرشد
ُمقعد يعاني من اختالل دماغي شديد ،وقد قضى حياته كلها في
كرسي متحرك ،ورغم ذلك تزوجا ،ولهما اآلن طفالن رائعان .فقد
كان توم في نظر روز أروع رجل في العالم .فربما ال يرى اآلخرون سوى
نواحي عجزه ،أما روز فرأت جمال نفسه.
عن أفراحهم وصراعاتهم ،ومع ذلك فما أزال أتأثر كثيرا في كل مرة
يأتيني أحد الشباب في ثقة ليفتح قلبه لي بما يم ّر به في حياته .ومنذ
تعمق ْ
كتبت لزوجتي امرأة تدعى كيت Kateتخبرها عن ُّ وقت قريب
عالقتها مع أحد الشباب ويدعى آندي Andyوهما من أفراد مجتمع
كنيستنا ويشتركان في نشاطات مجموعة الشباب الراشدين التي
عندنا .ولم يكونا شخصين متميزين ،ولكن عندما كانت عالقتهما
تنمو ُوهِ َبا عطية متم ّيزة ،أال وهي أساس رصين لسعيهما المشترك
إلى إقامة عالقة .فكتبت كيت لزوجتي تقول:
وفي الوقت الذي أخذ أحدنا في التع ّرف على اآلخر بشكل
أفضل ورؤية الصراعات الروحية لكل يوم وإخفاقاته لكل
جعه كذلك.
منا ،صار أيضا بمقدور أحدنا أن يوبّخ اآلخر ويش ّ
ونتيجة لذلك صار يحس كالنا بتق ّربه إلى هللا .وها أنا أرى اآلن
وبوضوح كيف أن العالقة ال تتأسس مرة واحدة وإلى األبد،
بل يجب أن ُتبنى يوميا – حجرة حجرة – وبإيمان ثابت .وأنا
الجنس والزواج في فكر اللـه 154
لكوت هللاِ ومشي َئ َتهُ ،فيزي َدك ُُم هللاُ هذا كُلَّه.
َ فاَطلبوا أ َّوال ً َم
(متى )33 :6
وال أريد أبدا من قولي هذا بأن يتخلى الشباب عن الزواج كما
فعل الرسول بولس؛ ألن الدعوة اإللهية إلى حياة العزوبة (ال َّت َبتُّل)
يحس بها اإلنسان في داخله .ولكن لو لم يكن الزواج هو
ّ يجب أن
من مشيئة هللا (وهذا يصعب تمييزه في أغلب األحيان) لوجب على
كل منا أن يكون على استعداد للتخلي عن الزواج ،مثلما يشجعنا
اإلنجيل على التضحية في سبيل المسيح:
َ
األعظمِ ،وه َو بح
أجل ال ِّر ِ
ِ خسار ًة مِ ْن ُل شي ٍء َ ب ك َّأحس ُ
ُ بَ ْل
ُل شي ٍء س ُ
رت ك َّ خ ِ سوع َربّي .مِ ْن أجل ِ ِه َ
َ سيح يَ
ِ َمعر ِ َف ُة َ
الم
سيح( .فيلبي )8 :3
َ الم
ح َ ُل شي ٍء نِفايَ ًة ألربَ َ س ُ
بت ك َّ ح َ
و َ
فعندما يقتحم نور الرب يسوع حياتنا ،نحصل على القوة الالزمة
الجنس والزواج في فكر اللـه 156
أما اآلن ومع اقتراب عرسنا أنا وهِ لين ،فنحمد هللا
الجنس والزواج في فكر اللـه 160
توضح لنا قصة َريّ وهِ لين األهمية القصوى لكل اثنين يعتزمان
الزواج ،في أن يأخذا قدرا كبيرا من الوقت ليصال إلى معرفة أحدهما
اآلخر على الصعيد الروحي قبل إجراء أية التزامات بينهما .فعندما
يسعى اثنان إلى الزواج ،فمن األولويات األساسية التي يجب
عليهما السعي ألجلها هي اكتشاف كل ما هو من هللا لدى اآلخر.
وهناك فيض من الفعاليات السليمة والمفيدة التي يتسنى لهما
أداءها لهذا الغرض :كالقراءة أو رحالت السير الطويلة أو تبادل
الزيارات األسرية أو االشتراك معا في شتى أنواع مشاريع الخدمات
المجتمعية الطوعية .أما المراسلة فيما بينهما ،فهي وسيلة طيبة
أيضا للتعرف على الطرفين بمستوى أسمى .على أن المراسلة في
بادئ األمر ،بحسب ما شهد ُته ،يجب أن ال يتخللها أية التزامات أو
عهود ،بل ينبغي أن تكون كما من أخ ألخته أو العكس (أي أخوة
بالمسيح ).والسبب هو أن الكالم عن مشاعر غزل الحب العاطفي
وانتماء أحدهما إلى اآلخر يعمل عمال معاكسا ويخ ّرب وال يعطي
أساسا للمستقبل .ألن كالما كهذا ليس له سوى التشويش على
فطنة اإلنسان التي يحتاجها للتمييز فيما إذا كان االلتزام واالقتران
المستقبلي هما من مشيئة هللا له حقا أو ال.
161 إلى الـذيـن يـعـتزمـون الـزواج
والزواج الذي يبدأ بضمير ُمث ّقل بخطيئة غير معترف بها هو
زواج بدون أساس رصين ،وال يمكن تصحيحه إال باالعتراف بالخطيئة
والتوبة .ألن سالمة الزواج تتوقف على نوعية التربة التي ينمو فيها.
فلو ُزر ِ َع في تربة العفاف واإليمان ،فسوف يحمل ثمرا صالحا وينال
بركة هللا.
أيها العزيزان ،حاوال فهم روح ّية ما أكتبه وليس حرفه .ول َي ْس َع كل
جئا إلى السيد المسيح
منكما إلى فهم ما في أعماق قلب اآلخر ،والت ِ
بثقة مطلقة اللتماس األجوبة لجميع تساؤالتكما .فلن يفشل السيد
المسيح في إرشادكما إرشادا واضحا أبدا.
الفصل الرابع عشر
مع المرأةِ،
ل َج ِ
حال ال َّر ُ
ُ فقال َله تالمي ُذ ُه« :إذا كانَت ه ِذ ِه
َ
قبل هذا سوع« :ال يَ ُ
ُ خير ٌ َله ْ
أن ال يتَز َّو َج ».فأجابَ ُهم يَ ف َ
ّاس َم ْن ي ل ُهم أن يَق َبلو ُه .ففي الن ِ الكالم إال َّ الّ َ ُ
ذين أعطِ َ َ
جع َل ُه ُم ُ
و َل َد ْت ُهم أ َّمها ُت ُهم عا ِج َ
وفيهم َم ْن َ
ِ ن ال َّز ِ
واج، زين َع ِ
لكوت
ِ أجل َم
ِ جون مِ ْن
َ وفيهم َم ْن ال يَت َز َّو
ِ ّاس هكذا،
الن ُ
أن يَق َبل فل َيق َب ْل».
فم ْن ق ِد َر ْ
ماواتَ .
ِ الس
َّ
164
165 أنـريـد الـجـنـس في ظِ ـلِّ اللـه أم بـدونـه؟
جئ ُ
ْت أما أنا ف ِ السار ِ ُق إال َّ ل َيسر ِ َق ويَقت َ
ُل ويَه ِد َمَّ . ال يَجي ُء ّ
ِتكون ل ُه ُم الحيا ُة ،بل مِ ل ُء الحياةِ( .يوحنا )10 :10 َ ل
فلو ثبتنا بصبر وأمانة فسوف يعيننا هللا .وال نقصد هنا بأنه يمكننا
حفظ أنفسنا بعفاف بفضل مجهودنا البشري .ألنه ال يمكننا
الحصول على التح ّرر والنصرة إال بفضل قوة الروح القدس ،ومن
خالل مساعدة األصدقاء الغيورين ومساعدة أفراد األسرة .كما
يوصينا اإلنجيل:
ين إن و َق َع أ َ
ح ُدكُم في َ
خطأ ٍ ،فأقيمو ُه أنت ُُم ال ُّروح ِّي َ يا إخ َوتيْ ،
أنت ً
أيضا لِلتَّجرِبَةِ. ك لِئَال َّ تَت ََع َّر َض َ داعةِ .وان َت ِب ْه لِن ِ
َفس َ وح ال َو َ
ب ِ ُر ِ
مون
تم َمل أثقالِكُم ،وبِهذا ُت ِّ
ح ِ عضكُم بَ ً
عضا في َ ساعِ دوا بَ ُ
سيح( .غالطية )2–1 :6
ِ الم
شريع ِة َ
َ ل بِ
العم َ
َ
الجنس والزواج في فكر اللـه 168
يحسون
ّ أما الذين ال يجدون شريكا للزواج ،وفي الوقت نفسه ال
بأية دعوة إلهية لهم للت َبتُّل من أجل المسيح ،فهناك خطر وقوعهم
في فخ االستياء المرير واالغتياظ النفسي .فلو بقي التش ّوق الشديد
يقسي
ّ للزواج بال تحقيق ،السيما على مدى طويل ،فيمكن له أن
القلب .عندئذ ليس هناك سوى نعمة هللا القادرة على حماية
النفس وترك هذه الفكرة – أي بمعنى التخلي عن الزواج والحصول
على سالم الروح في آن واحد.
ّ
التخلي عن األمنيات الشخصية ليست سهلة أبدا ،وأحيانا إن عملية
ُتلقي عبئا ثقيال للغاية على الشخص .ولكن عندما يتنازل العزاب
عن أمنياتهم وأحالمهم كليا في سبيل هللا ،فسوف يمأل الرب يسوع
الفراغ الذي قد يشكل عبئا عليهم .ألنهم سوف يتذكرون كيف اختتم
يسوع المسيح حياته على الصليب وسوف يحصلون عندئذ على
تحمل العزوبة كقربان له .أما الذين يستمرون في اشتياقهم
ُّ سرور في
]*[ في إشارة إلى اآلية التي قام بها يسوع المسيح في تكثير األرغفة الخمسة والسمكتين وإطعام
خمسة آالف شخص جائع بعد تعليمهم أشياء كثيرة( .راجع يوحنا )15–1 :6
171 أنـريـد الـجـنـس في ظِ ـلِّ اللـه أم بـدونـه؟
الظن هو من الشيطان.
ّ نظن أبدا أن هللا ال يحبنا .فمثل هذا
ّ ويجب أن ال
إن األلم مالك مقدس ،وهو يرينا الكنوز التي لوال األلم
لظلت مدفونة إلى األبد؛ فبفضل األلم أصبح كثير من الرجال
الجنس والزواج في فكر اللـه 172
وفي الرسالة نفسها وفي آية سابقة ،يشير الرسول بولس إلى بركة
أخرى للعزوبة :وهي التحرر من الرعاية والقلق على الزوج أو الزوجة
واألطفال ،خصوصا في أوقات الضيق .فيقول:
ِون
جون يَجد َ
َ ِن الّ َ
ذين يَتَز َّو فأنت ال ُتخطِ ُ
ئ ،ولك َّ َ ت وإذا تَ َز َّو ْ
ج َ
َمش َّق ًة في هُمومِ الحياةِ ،وأنا أُري ُد أن أُبعِ دَها َعنكُم1( .
كورنثوس )28 :7
ي الّتي ال ُم َ
عيل لها ،ف َرجاؤها على هللاِ، ح ّقاً ،وهِ َ األرم َل ُة َ
َ أما
َّ
تض َّر ُع إليه ليال ً ونها ًرا 1( .تيموثاوس )5 :5ُت َص ِّلي وتَ َ
وفي الكنيسة األولى في أورشليم ،تم تعيين األرامل لخدمة الفقراء أو
َت إليهن بمسؤوليات أخرى ،مثلما هو مدون في إحدى كتابات
ُع ِهد ْ
المسيحيين األوائل كما يلي:
من كل شيء ،ينبغي أن نتذكّر كلنا ،سواء كنا متزوجين أو عزابا ،أن
الفرح الروحي ورضا النفس نحصل عليهما عن طريق خدمة بعضنا
لبعض بروحية المؤازرة والتآخي والمجتمع األخوي .فنحن مدعوون
إلى محبة تعطي بال قيد أو شرط – وليس إلى محبة بخيلة يتصف
بها زواج مريح ،وال إلى محبة منغمسة باإلشفاق على ال ّذات التي
يعزل اإلنسان فيها نفسه عن اآلخرين.
ليب
الص َ
ل َّ سوع الّذي تَ َ
ح َّم َ َ ومك َِّملِهِ ،يَ
أس إيمانِنا ُ رين إلى َر ِ ناظِ َ
ج َل َس ْ
عن أجل ال َف َر ِح الّذي يَنتَظِ ُر ُه ،ف َِ خ ّفا ً بِالعارِ ،مِ ْنُمس َت ِ
ئين
ن الخاطِ َ ل مِ َ رش هللاِ .فكِّروا في هذا الّذي احت ََم َ مين َع ِ يَ ِ
َ
فوسكُم( .عبرانيين ضع َف نُ ُ العدا َو ِة لِئَال َّ تَيأسوا وتَ ُ
ثل ه ِذ ِه َ مِ َ
)3–2 :12
ونحن نعلم بأن أمد الحياة قصير على األرض ،وبأن العالم في هيئته
الحاضرة زائل ،كما يدعونا الرسول بولس لنتيقظ لهذا األمر في
اإلنجيل فيقول:
ُن الّ َ
ذين ل ُهم قص ُر .ف ْليك ِ أقول لكُم ،أيُّها اإلخو ُةَّ ،
إن ال َّز َ
مان يَ ُ ُ
بكون ،والّ َ
ذين َ بكون كأن َّ ُهم ال يَ
َ كأن ال نِسا َء ل ُهم ،والّ َ
ذين يَ نِساءٌ َّ
الجنس والزواج في فكر اللـه 176
ّ
يتجلى المسيح بأشد وضوحه كما كان يتجلى سابقا ولحد اآلن؟ فأين
فيجب علينا البحث عنه مع إخوتنا وأخواتنا المسيحيين .ويجب أن
ّ
يتجلى المسيح في وسطنا اليوم وكل يوم .وعالوة نصلي بحرارة لكي
على ذلك ،فيجب أن نصلي من أجل أن يهبنا هللا الشجاعة لنشهد
له أمام اآلخرين كما هو على حقيقته ،التي فيها ر ِ ّقة ووداعة وتواضع،
لكن فيها أيضا ّ
حق ووضوح وعدم مساومة .ويجب أن ال نضيف
أو نحذف أي شيء من إنجيله .فتلك الشهادة هي حقيقة القلب
المخلص والغيور على طريق الرب ال سواه ،وهي أيضا جوهر الخدمة
التي يقدمها العزاب.
الجزء الثالث :
الباطل
ِ روح
ُ
الذي يَ ُ
عيشه عص ُرنا
177
الفصل الخامس عشر
178
179 أنـريـد الـجـنـس في ظِ ـلِّ اللـه أم بـدونـه؟
لقد م ّرت خمسون سنة على بداية الثورة الجنسية ،والبد أن
تكون آثارها المدمرة واضحة للعيان لكل إنسان :فهناك المعاهرة
الواسعة االنتشار (أي تعدد الشركاء)؛ والمعدالت المرتفعة من
حاالت الحمل عند المراهقات؛ وتزايد حاالت االنتحار؛ وعشرات
الماليين من حاالت اإلجهاض؛ وتفشي األمراض الجنسية المعدية؛
واالستغالل الجنسي لألطفال؛ وتآكل األسرة والحياة األسرية؛ ونشوء
أجيال عديدة من األطفال بدون آباء:
إن عصرنا يقوم بتهويل أهمية الجنس على نحو فادح ومشين.
ومعيبة سواء
إذ يجري المبالغة التامة بمغزاه بصورة غير سليمة ُ
كان في أكشاك الجرائد والمجالت أو في الدكاكين الصغيرة أو على
رفوف السوبر ماركت والمراكز التجارية أو على مختلف الشاشات.
فلم يعد ُينظر إلى الحب بين الرجل والمرأة كشيء مقدس أو نبيل؛
فقد صار مجرد سلعة ُينظر إليها بالمعنى الحيواني كنزوة يتعذر
السيطرة عليها والبد من إشباعها.
]*[ الجنس اآلمن هو ممارسة النشاط الجنسي بطريقة تقلل من مخاطر اإلصابة باألمراض
المنقولة جنسيا.
الجنس والزواج في فكر اللـه 182
]*[ ا ِزدواجية الميول الجنسية Bisexualityهي توجه جنسي يميل فيها الشخص عاطفيا أو
جنسيا أو كليهما ألشخاص من جنسه ومن الجنس اآلخر أيضا.
]**[ المثلية الجنسية Homosexualityهي توجه جنسي يميل فيها الشخص عاطفيا أو جنسيا
أو كليهما ألشخاص من جنسه .أي بمعنى شهوة الجنس المماثل ،التي تسمى بالل ِواط – بين
والسحاق – بين امرأتين.
ِ رجلين –
183 أنـريـد الـجـنـس في ظِ ـلِّ اللـه أم بـدونـه؟
بوجه عام ،فالكثير مما ُيد ّرس اليوم باسم التثقيف الجنسي هو
شيء مر ّوع ،ويجب علينا – كمسيحيين – االحتجاج عليه .ألنه على
األغلب ليس أكثر من مجرد تدريس رسمي على عدم التوقير وعلى
الزنى وعلى التمرد على نظام هللا وترتيبه.
اللزوم عن الجنس .ألن تناول موضوع الجنس بأسلوب التط ُّرق إلى
الحقائق البيولوجية غالبا ما يسرق منه الس ّر اإللهي المقدس.
فأنتُم ،يا إخ َوتي ،دَعاك ُُم هللاُ لتَكونوا أحرا ًرا ،ولك ْ
ِن ال تَ َ
جعلوا
ل اخدُموا بَ ُ
عضكُم الجسدِ ،بَ ِ
َ وات
ش َه ِ ج ًة إلرضا ِء َ ح ِّريَّ َة ُ
ح َّ ه ِذ ِه ال ُ
المح َّبةِ( .غالطية )13 :5 بَ ً
عضا ب ِ َ
وح ال ُق ُد ِس الّذي
َل ال ُّر ِ
ي هَيك ُ أن أجسا َدكُم هِ َ فون َّأال تَعر ِ َ
سكُم ،بَ ْل للهِ 1( .كورنثوس ن هللا؟ َفما أنتُم ألن ُف ِفيكُم هِ َب ًة مِ َ
)19 :6
وح ال ُق ُد ِس الّذي
َل ال ُّر ِ
ي هَيك ُ أن أجسا َدكُم هِ َ فون َّأال تَعر ِ َ
سكُم ،بَ ْل للهِ 1( .كورنثوس ن هللا؟ َفما أنتُم ألن ُف ِفيكُم هِ َب ًة مِ َ
)19 :6
الظالمِ ونَحمِ ْل أعمال ََّ ب النَّها ُر .ف ْلن َْط َر ْح تَناهى الَّ ُ
ليل واق َت َر َ
لوك في النَّهارِ :ال َعربَ َد َة وال
الس ُ ليق ُّ الح النّورِ .لِنَس ُلك كما يَ ُِس َ
حسدَ( .رومة :13 ُسك َر ،وال ُفجو َر وال َف َ
حش ،وال خِصا َم وال َ
)13–12
189 أنـريـد الـجـنـس في ظِ ـلِّ اللـه أم بـدونـه؟
فال نحتاج إال أن نكون متواضعين جدا لنطلب منه ذلك .وعندما
يؤخذ أحد األشخاص بفكرة االنتحار ،فإن أهم شيء يمكننا أن
نفعله هو أن نُظهر له المحبة – وأن نذكِّره بأن كل واحد منا قد
خلقه هللا وبأنه مخلوق لكي يحيا في سبيل هللا ،وبأن كل واحد منا
لديه هدف إلنجازه.
]*[ المغايرة الجنسية – أو الجنس الغيري – هي ممارسة الجنس مع الجنس المغاير ،أي بين
رجل وامرأة ،والمثلية الجنسية – أو الجنس المثلي – هي بين رجلين أو بين امرأتين أي بمعنى
والسحاق.
ِ اللِّواط
191
الجنس والزواج في فكر اللـه 192
ّ
بالحق اإللهي ومن الواجب علينا باألحرى نحن الذين نؤمن
193 مـاذا عن الـمـثـلـيـة الـجـنـسـيـة؟
عين
سدِنا تاب ِ َج َوات َ
ش َه ِ عيش في َحن كُلُّنا مِ ْن هَؤال ِء نَ ُوكُنَّا نَ ُ
ب كَسائِر ِ بيعتِنا أبنا َء َ
الغ َض ِ َر َغباتِ ِه وأهوا َء ُه ،ولذل َ
ِك كُنَّا ب ِ َط َ
مع
ِق َمح َّب ِت ِه لنا أحيانا َ
حم ِت ِه وفائ ِ
واس ِع َر َ
ِن هللاَ ب ِ ِ َ
البشرِ .ولك َّ
الخالص.
َ سيح بَعدَما كُنّا أمواتًا ب ِ َزالّتِنا .ف ِبن َ
ِعم ِة هللا نِلت ُُم ِ الم
َ
(أفسس )5–3 :2
أنه يقبل كل منا ،إال أنه يحبنا كثيرا جدا لدرجة أنه ال يسمح ببقائنا
حى
كما نحن عليه .فهو يكره الش ّر الذي يستعبدنا ،حتى أنه ض ّ
بحياته ليخلِّصنا منه.
جالسا
ً وكان ُل َ
وط َ روب
الغ ِ الكان إلى سدو َم عِ ن َد ُ
ِ الم
َ فجا َء
المدينةِ ،فلَّما رآهُما قا َم لِلقائ ِِهما وسج َد ب ِ ِ
وجه ِه إلى باب
بِ ِ
يت عب ِدكُما وبِيتَا وا َ ْغ ِ
سال دي ،ميال إلى بَ ِ
وقال« :يا س ّي َ
َ األرض
ِفان َس َف َركُما ».فقاال« :ال ،بل
باح باك ًرا تَستأن ِ أرج َلكُما ،وفي َّ
الص ِ
يهما كثي ًرا حتى ماال إليه ودَخال ح ع َل ِ
بيت ».فأ َل َ
ح ِة نَ ُ في َّ
السا َ
أن يناما ل ل ُهما وليم ًة وخب َز فطي ًرا فأكال .و َق َ
بل ْ فعمِ َبَيتَهَ ،
يت مِ ْن جميعاُ ،ش َّبانًا ُ
وشيوخا ،وأحاطوا بال َب ِ ً جال سدو َم
جا َء ر ِ ُ
جالن اللَّ ِ
ذان دَخال ِ «أين ال َّر
َ ُل جهةٍ ،فنادوا ُل ً
وطا وقالوا لهُ: ك ِّ
إليهم
ضاجع ُهما ».فخرج ِ َ َك اللَّيل َة؟ أخرِج ُهما إلينا حتى نُ
بَيت َ
تفعلوا ُسو ًءا يا إخوتي .لي
وقال« :ال َ
َ الباب ورا َءه
َ َ
وأغلق ُل َ
وط
195 مـاذا عن الـمـثـلـيـة الـجـنـسـيـة؟
لك
كان َ
َ إن لك ً
أيضا هُنا؟ ْ «م ْن َ جالن ل ُل ٍ
وطَ : ِ وقال ال َّر
َ
آخرون في ه ِذ ِه المدينةِ ،فأخرِج ُهم
َ نون وبَ ٌ
نات وأقربا ُء أصهار ٌ وبَ َ
ألن َّ
الشكوى على أهل ِه َ
بلغت المكان َسنُهلِكُهَّ ،
ُ مِ نها .فهذا
ب فأرس َلنا لِنُهلِكَ ُهم».
سامع ال ّر ِّ
َ َم
]*[ نكاح المحارم أو زنا المحارم وهو االتِّصال الجنسي بين األقارب من المحارم ،أي بمعنى من
صلة قرابة رحم ،وهو حرام شرعا.
لهم ِ
]**[ البهيمية هي االتصال الجنسي بين اإلنسان والحيوان.
197 مـاذا عن الـمـثـلـيـة الـجـنـسـيـة؟
ام َرأَة ٌ
ِف ْ ك َف َت َت َن َّ
ج َس ب ِ َهاَ .وال َ تَق ِ يم ٍة َم ْض َ
ج َع َ َوال َ تَ ْ
ج َع ْل َم َع بَ ِه َ
يم ٍة لِ ِن َزائِ َها .إِن َّ ُه َفاح َ
ِشةٌ( .الويين )23 :18 َ
أ َما َم بَ ِه َ
ذاتها؟ فلو كان ظلم المثلية الجنسية وحده هو الشرير ،فماذا إذن
عن بقية الظلم الذي ذكره القديس بولس الرسول في الفقرة نفسها:
الزناة ،عباد األوثان ،الفاسقون . . . .إلخ.
هينون
َ وات ُقلوب ِ ِهم إلى ال ُفجور ِ ُي ِك أس َل َم ُه ُم هللاُ ب ِ َ
ش َه ِ لذل َ
وع َبدوا ِّ
الحق اإللهي َ ن
ل بَدَال ً مِ َ بِه أجسا َدهُم .اتَّ َ
خذوا الباطِ َ
ك إلى األب ِد آمين. ِق ،تَبا َر َ
ُون الخال ِ
خدَمو ُه مِ ْن د ِخلوق و َ
َ الم
َ
توات الدَّني َئةِ ،فاس َت ْب َد َل ْ َّ
الش َه ِ ولِهذا أس َل َم ُه ُم هللاُ إلى
ِك بيعي ،وكذل َ
ِّ صال َغي َر َّ
الط َ بيعي ال ِو
ِّ الط
صال َ
ِ نِسا ُؤهُم بال ِو
شه َو ًة
عض ُهم َب بَ ُ بيعي لِلنِّسا ِء وال َت َه َ
َّ الط
صال َّ
َ جال ال ِو
ك ال ِّر ُت َر َ
س ِهمِ جال ونالوا في أن ُف ِحشا َء بِال ِّر ِجال ال َف ْ
ل ال ِّر ُ وفع َ
َ عض. لِ َب ٍ
أن يَح َتفِظوا ب ِ َمعر ِ َف ِة
ِل ل َِضالل ِِهم .وألن َّ ُهم َر َفضوا ْ
جزا َء العاد َ
ال َ
ل هللا إلى فسا ِد ُعقول ِِهم يَقو ُدهُم إلى ك ِّ
ُل َع َم ٍ ُ هللاِ ،أس َل َم ُه ُم
ِن( .رومة )28–24 :1
شائ ٍ
إن ممارسات المثلية الجنسية باطلة دائما ،ألنها تشوه مشيئة هللا
دائما فيما يخص اإلنجاب والخلق .واألمر بكل بساطة هو أنه ال يوجد
أي سند في الكتاب المقدس يمكن استخدامه للدفاع بأي شكل من
األشكال عن هذه الممارسات 29.وينطبق هذا أيضا على الممارسات
حب ّية» مديدة الحياة .ألنه
التي تجري ضمن ما يسمونه بعالقة « ُ
حتى عالقات الزنى الغيرية التي قد ينظر الناس إليها كذلك بأنها
199 مـاذا عن الـمـثـلـيـة الـجـنـسـيـة؟
حب ّية وقد تكون طويلة األمد ،إال أن هذا ال يجعلها على ّ
حق. عالقة ُ
لقد نُ ِ
شر في اآلونة األخيرة عدد غزير من الكتب التي تجادل
بأن الكتاب المقدس ال يدين أبدا «الزواج» المثلي؛ وإنما يرفض
مجرد بعض التصرفات المثلية المعينة ،مثل :اغتصاب مثلي ،أو
عهارة مثلية ،أو جنس مثلي إباحي .وتجادل تلك الكتب بأن الكتاب
المقدس ال يدين في أي مكان االنجذاب المثلي بحد ذاته ،وال يدين
أيضا العالقات الملتزمة بين شخصين من الجنس نفسه وشخصين
راشدَين في نظر القانون وراغبين برضاهما في الدخول إلى عالقة
جنسية 30.غير أن ما فشلت تلك الكتب في أن تتذكّره هو هدف هللا
األصلي للجنس ونظامه األصلي للزواج ،أال وهو :اقتران رجل واحد
بامرأة واحدة اللذين يصيران «جسدا واحدا» لكي يصبح باإلمكان
خلق حياة جديدة لمولود جديد .وبكلمة أخرى ،فإن الحب الجنسي
كما يريده هللا أكبر من نطاق المشاعر الجياشة للجاذبية المتبادلة
أو عالقة شراكة على أساس الجاذبية–الجنسية .ألنه لو لم يتضمن
الزواج سوى هذين األمرين لجازت المصادقة أيضا على الزواجات
الجنس والزواج في فكر اللـه 200
]**[ ]*[
وعلى كل حال، وعالقات المحارم وتعدُّد العشاق. المفتوحة
ح ّب ّية» وطويلة األمد ،ولكن
فقد تكون هذه العالقات هي األخرى « ُ
ح ّب ّية وطويلة األمد ،فإن ذلك ال يجعلها
من الواضح أنه حتى لو كانت ُ
31
صحيحة وال كتابية.
وفي التكلم جهرا ضد مثل هذه الخطايا ،يجب أن نتذكر دائما أنه
بالرغم من أن الكتاب المقدس يدين سلوك المثلية الجنسية،
]*[ الزواج المفتوح Open Marriageهو ذلك الزواج الذي يسمح لكال الشريكين بممارسة
الجنس مع طرف ثالث بعلم الشريك اآلخر.
]**[ تعدُّد العشاق هي ظاهرة من إفرازات الحياة المعاصرة لعالقات الحب الفردية مع أكثر من
عشيق حيث تتضمن أيضا عالقة جنسية مع جميعهم من دون زواج وبعلم وبرضا جميع األطراف،
وتسمى باإلنكليزية .Polyamory
201 مـاذا عن الـمـثـلـيـة الـجـنـسـيـة؟
إال أنه ال يعطينا أبدا رخصة إلدانة الناس المتورطين فيها .ونحن
كمسيحيين ،ال يمكننا أن نؤيد إنكار الحقوق األساسية ألي إنسان
مهما كان السبب .ومن السهل جدا علينا أن ننسى أن الكتاب
المقدس لديه الكثير ليقوله عن خطايا الكبرياء والجشع والسخط
والزهو بالنفس وأكثر مما لديه عن المثلية الجنسية.
زان
خا وه َو ٍ أكتب إ َليكُم ْ
أن ال ُتخالِطوا َم ْن ُيدعى أ ً ُ اآلن
لكن َِ
ثل هذا أوثان أو شتَّا ٌم أو ِسكّير ٌ أو َس ّر ٌ
اق .فمِ ُ ٍ أو فا ِجر ٌ أو عاب ِ ُد
ِلطعامِ 1( .كورنثوس )11 :5 ل ال تَجل ِسوا َ
مع ُه ل َّ ج ِ
ال َّر ُ
جه»
ومن المهم أيضا أن نأخذ بنظر االعتبار الفرق بين الميول أو «التو ُّ
المثلي من جهة وبين الممارسة المثلية الجنسية كنهج حياتي فعال
من جهة أخرى .وفي الوقت الذي قد تنشأ الميول المثلية بسبب
مؤثرات نفسية أو بيئة اجتماعية بل ربما يكون سببه (بحسب رأي
بعض العلماء) تكوين وتركيب جيني وراثي ،إال أن اتخاذ المثلية
الجنسية كنهج حياتي فعال هو من اختيار الشخص نفسه .أما
جج بأن التقاليد أو األسرة أو الجينات هي التي تجعلنا ال حول
التح ُّ
لنا وال حيلة وتجعلنا عاجزين عن اختيار أن نكون في جانب الخطيئة
أو ضدها ،فهذا معناه إنكار لمفهوم حرية اإلرادة.
الجنس والزواج في فكر اللـه 202
متعمقة الجذور،
ّ جه هي حالة خاصة
إن المثلية الجنسية كتو ُّ
ويستحق الذين يصارعون ضدها ويرفضون االنصياع لها الشفقة
والمساعدة .لذلك ينبغي أن نكون دائما مستعدين لقبول الرجل
جه المثلية الجنسية في كنائسنا – من الذين
المبتَلي بتو ُّ
(أو المرأة) ُ
يصارعون ضدها – وأن نقف جنبا إلى جنب معه (أو معها) في
صراعه – بصبر وبمحبة ،لكن أيضا بكامل الوضوح الذي يرفض
التسامح مع استمرارية ارتكاب الخطيئة .وعالوة على ذلك ،فعلينا
تذكير أولئك المبتلين بالجاذبية المثلية بأن قيمتهم كبشر هي أكبر
من ميولهم الجنسية.
ُ
قمت بتقديم المشورة االجتماعية للكثير مِ َم ْن صارعوا لقد
إغواء المثلية الجنسية .وكان يبدو موقف الشخص في بعض األحيان
شهدت بحسب تجاربي في هذا الميدان أنه من
ُ ميؤوسا منه ،لكني
الممكن في الواقع مساعدتهم حتى لو كانوا مترسخين طويال في
نهج حياة المثليين .فهناك حقيقة تبقى سارية المفعول سواء اتخذ
الشخص المبتلي بالمثلية إجراءات لمقاومة التجربة أو لم يتخذ،
وهي كاآلتي :لو التجأ الشخص إلى الرب يسوع من كل قلبه لحصل
على العون والتح ّرر؛ أما لو كان منقسما في أعماق قلبه ،فلن ينفعه
أي شيء ليتحرر من قيود المثلية الجنسية حتى لو بذل أشجع
ينشل روح ّيا وسوف
ّ الجهود في مقاومة التجربة ،والنتيجة أنه سوف
يبقى مق ّيدا بها .ثم إن نظرة شهوانية واحدة تب ّين لنا أن الشخص
ليس عازما عزما أكيدا على اإلقالع عن الخطيئة – ويقول يسوع أن
مثل هذه النظرة ُتعد زنى في القلب .وعليه ،فال نحصل على تح ّرر
دائم إال بعد تصميم قاطع.
ُ
عرفت هاورد Howardوزوجته آن Annمنذ انضمامهما لقد
إلى كنيستنا قبل عقدين من الزمان ،لكني لم استوعب عمق صراع
هاورد استيعابا كامال إال في المدة األخيرة .فقد عامله عمه معاملة
سيئة في طفولته ،ولقي اإلهمال من أبيه المولع بعمله إلى درجة
اإلدمان ،وسخر منه أقرانه الطالب الفتقاره القابلية الرياضية ،األمر
يحس وهو يترعرع بعدم وجود َم ْن يفهمه واعتراه
ّ الذي أدى إلى أن
ضيق نفسي وإحساس بأنه شاذ وبعدم مالئمته للمكان الذي هو
فيه .وكم تمنى أن يجذب انتباه أبيه أو الرجال اآلخرين أو األوالد من
عمره .غير أنه ،وبمرور الوقت ،وفي منتصف مرحلة المراهقة ،أخذ
يمارس المثلية الجنسية بشكل فعلي .وبالرغم من أن هاورد ال يلوم
تربية أهله فيما يتعلق بالخيارات المنحرفة التي صنعها في حياته
الحقا ،إال أن قصته يجب أن تحذر كل أب وكل أم لما قد يحدث
عندما يشب األوالد دون التمتع بالدعم من قِبل أسرة ترعى أوالدها.
الجنس والزواج في فكر اللـه 204
ُ
بدأت أعبث مع الفتيان عندما كان عمري ست عشرة
يمض وقت طويل حتى سمحت للرجال الكبار
ِ اآلخرين .ولم
علي .وكانت هذه الممارسات الجنسية
ّ بأن «يجروا تجاربهم»
تثيرني كثيرا ،ولكنها كانت تخلف ورائها شعورا بذنب كبير.
ولم أكن قادرا على مصارحة أحد بكل ما كنت أم ّر به ،حتى
أني كذبت مرة على أبي عندما واجهني مباشرة وسألني إن
كان لدي مثل هذه المشاعر.
كانت آن على ّ
حق طبعا .ألنه بفضل نعمة هللا وحدها،
صرت قادرا على أن أرى كم كانت حاجتي شديدة إلى أن
ُ
أكون نظيفا عفيفا كليا ،وإلى أن أفتح قلبي بصورة واسعة
بشكل غير مسبوق ،وإلى أن أص ّ
حح كل فعل خاطئ أو كل
متأصل من الماضي .لقد رأيت كيف كانت
ّ موقف باطل
أحس بأن
ّ أنانيتي ترقد عند جذور مشكلتي .وأصبحت
عبوديتي للظالم أخذت تزول شيئا فشيئا.
إن التحرر الحقيقي ممكن لكل رجل ولكل امرأة ،إال أن األمر
متروك لنا :أنؤمن بهذه الحقيقة أم ال؟ أما اإلنجيل فيقول:
ِنكون أحرا ًرا .فاث ُبتوا ،إ ًذا ،وال تَعودوا إلى نِير ِ
َ ح َّر َرنا ل
سيح َ
ُ فالم
َ
العبو ِديَّةِ( .غالطية )1 :5
ُ
]*[
من الزمان تقريبا ،وردّا على فكرة تنظيم األسرة
قبل قرن
«الحديث »،كتب ايبرهارد آرنولد Eberhard Arnold
يقول« :تتمنى عائالتنا أن ُترزق بأكبر عدد من األوالد مما يشاء هللا.
جد قوة هللا الخال َّقة في اإلنجاب .ثم إننا نرحب بالعائالت الكبيرة
ونم ّ
33
باعتبارها واحدة من عطاياه العظيمة».
ماذا كان ايبرهارد آرنولد سيقول اليوم في عصر صار فيه منع
الحمل ممارسة مألوفة وماليين األ ِجنَّة ُيقتلون قانونيا كل عام قبل
والدتهم؟ فأين هي فرحتنا باألطفال وبالحياة العائلية؟ وأين هو
امتناننا بما يرزقنا هللا من عطايا؟ وأين هو توقيرنا للحياة ورحمتنا
على أولئك غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم؟ أما يسوع
]*[ يتضمن تنظيم األسرة استخدام وسائل منع الحمل المختلفة للحد من اإلنجاب أو
لتحديد النسل.
209
الجنس والزواج في فكر اللـه 210
فكم كنيسة تجيز قتل األجنّة بحجة دعم حقوق المرأة؟ إن
«التح ّرر» الجنسي في مجتمعات بالدنا قد زرع دمارا هائال .فهو تح ُّرر
والمتع .ويتجاهل
ُ زائف مبني على السعي األناني إلى إشباع الغرائز
وتحمل المسؤولية وما
ُّ التحرر الجنسي التأديب وضبط النفس
تجلبه هذه الفضائل من تحرر حقيقي .ووفقا لما يصفه أستاذ
الالهوت الجامعي األمريكي ستانلي هاورواز Stanley Hauerwas
فإن هذا التحرر الزائف يعكس «افتقارا حادّا في القناعة التي من
المفروض أن تشعر بضرورة توريث قيم ومبادئ صالحة إلى الجيل
35
الجديد . . . .فنحن راغبون في موتنا».
]*[ القتل الرحيم هو قتل المرضى باألمراض المستعصية بدعوى إراحتهم من األلم.
211 الـحرب الـخـفـ ّيـة – مـنـع الـحـمـل واإلجـهـاض
منع والدة حياة إنسان صغير جدا أو تدميرها قبل الوالدة .ثم إن
األطفال الذين كانوا سابقا ُيعتبرون أعظم بركة يهبها هللا ،صار ُينظر
إليهم اآلن نظرة ماديّة على أساس تكاليفهم :فهم ُيعتبرون اآلن مثل
«عبء» و «تهديد» لحرية وسعادة الفرد.
في الزواج الحقيقي هناك صلة وثيقة بين الحب الزوجي وإنجاب
حياة جديدة لمولود جديد .فيقول الكتاب المقدس:
فمن
فتح لكُمَ . الباب ُي ْ
َ جدواُ ،د ّقوا عطوا ،إط ُلبوا تَ ِ إسأ ُلوا ُت َ
َح َله( .متى
الباب ُيفت ْ
َ وم ْن يَد َُّق
جدْ َ ،
ب يَ ِوم ْن يَط ُل ْ
َلَ ،سأل يَن ْ
ْ يَ
)8–7 :7
فإذا كنا منفتحين على إرشاد هللا لنا ،فأنا على يقين بأنه سوف
يرينا الطريق.
سخرية بالله
إجهاض أي طفل ُ
إن عقلية منع الحمل ما هي سوى تجسيد لروح الموت التي
تجعل من الحياة الجديدة لمولود جديد غير مرحب بها في بيوت
كثيرة جدا .فتوجد اليوم حرب خف ّية تدور رحاها في كل بقعة من
بقاع العالم ،وهي حرب معادية للحياة .إذ يجري انتهاك الكثير من
األرواح الصغيرة وإبادتها .ومن بين التي لم يتم منعها من الدخول
إلى العالم عن طريق وسائل منع الحمل ،فهناك عدد مهول منها
يجري القضاء عليه بدون رحمة عن طريق اإلجهاض!
عينان
ِ نفسهُ:
ُ ب ،بل َسبعةٌ تَم ُقتُها ُناك ِس َّتةٌ ُيبغِ ُضها ال ّر ُّ
ه َ
وقلب
ٌ دان تَس ُف ِ
كان ال َّد َم البري َء، كاذب ،ويَ ِ
ٌ نتعاليتان ولِسا ٌ
ِ ُم
ساوئ ،وشاهِ ُد زور ٍ
ِ سرعان إلى َ
الم ِ وقدمان ُت
ِ يَز َر ُع أفكا َر َّ
الش ِّر،
ين اإلخوةِ( .أمثال )19–16 :6 يَنش ُر الكَذ َ
ِب ،و ُيلقي الخصا َم بَ َ
إن اإلجهاض يقضي على الحياة ويسخر من هللا الذي على صورته
جنين.
ُيخلق كل َ
أن تَخ ُر َج مِ َ
ن ال َّرحِمِ ك ،و َق َ
بل ْ ن اختَر ُت َ أن أُص ِّو َر َ
ك في ال َب ْط ِ َق َ
بل ْ
ُك نب ًّيا لأل ُ َممِ ( .إرميا )5 :1
وجعلت َ
َ كَ َّرست َ
ُك
باإلضافة إلى ذلك ،فإن مواهب الناس الفريدة قد تم التنبؤ بها وهم
ما يزالون في بطون أمهاتهم .وربما نجد أروع اآليات عن الجنين في
بشارة لوقا في اإلنجيل:
نين في بَطنِها،
ج ُ ك ال َ ُ
أليصابات سال َم َمريَ َم ،تح َّر َ فلما َسمِ َعت
َّ
َ
ُس ،ف َهت َفت بِأعلى َصوتِها: وح ال ُقد ِ ُ
ن ال ُّر ِ أليصابات مِ َ وامتألت
ِك! َم ْن أنا حتىُك ثَمر ُة بَطن ِك ابن ِ ومبا َر ّ ُمباركَةٌ ِ
أنت في النِّسا ِء ُ
ك حتى تَح َّر َ
ك َ
صوت َسالمِ ِ ي أ ُ ُّم َربّي؟ ما ْ
إن َسمِ ُ
عت تَجي َء إل َّ
ن الف َر ِح في بَطني( .لوقا )44–41 :1
نين مِ َ
ج ُ ال َ
هنا نرى جنينا وهو يوحنا المعمدان ،الذي كان بشيرا ليسوع
المسيح ،يتحرك في بطن أمه أليصابات كدليل العترافه بيسوع،
ح ِبلت به والدته السيدة مريم العذراء القديسة بقوة الروح
الذي َ
القدس مجرد قبل أسبوع أو أسبوعين من زيارة مريم العذراء
الجنس والزواج في فكر اللـه 216
ح ُلمِ
ب في ال ُ األمرَِ ،ظ َه َر َله َم ُ
الك ال َّر ِّ وبَينَما ه َو ُي َفكِّ ُر في هذا ْ
يم امرأ ًة خ َذ َم ْر َ خ ْف ْ
أن تأ ُ ابن داودَ ،ال ت َ ُ
يوسف َ وقال َله« :يا
َ
سوع،
َ وس َتل ِ ُد ابنا ً ُت ّ
سمي ِه يَ وح ال ُقد ِ
ُسَ ، ح ْبلى مِ َ
ن ال ّر ِ لكَ .ف َ
هي ُ َ
َث هذا كُلُّه لِ َيت َِّم ما حد َ خطاياه ُْمَ ».شع َب ُه مِ ْن َْ خلِّ ُص ألن َّ ُه ُي َ
الع ْذرا ُء ،ف َتل ِ ُد ا ْبنا ً ُيدْ عى
ل َ ح َب ُ
«ست ْ
َّبيَ :
ِسان الن ِّ ِ ب بل
قال ال َّر ُّ
َ
انوئيل »،أي هللاُ َم َعنا( .متى )22–20 :1
َ عِ ّم
أع ْن َتنِي.
ت َِكُ .من ُذ ُولِدْ ُ ت تَ َ
حت عِ نايَت َ ُمن ُذ ِوال َدتِي ُو ِ
ض ْع ُ
ح دائِماً( .مزمور )6 :71 ِك أ ُ َس ِّب ُ
ب ِ َفضل َ
]*[ كتاب ديداخي Didacheو ُيسمى أيضا «تعليم الرب لألمم بواسطة الرسل االثني عشر»
– يضم التعاليم األولى للكنيسة لتعليم المهتدين الجدد ،نحو سنة 100م.
217 الـحرب الـخـفـ ّيـة – مـنـع الـحـمـل واإلجـهـاض
عن هذا الموضوع أيضا حتى أنه يقول أن كل الذين يشتركون في
37
اإلجهاض «يفقدون إنسانيتهم كليا مع الجنين».
إن حياة اإلنسان مقدسة من الحمل إلى الموت .فلو آمنا بهذا
حقا ،لما وافقنا على اإلجهاض مطلقا مهما كانت األسباب؛ ولن يثنينا
عن موقفنا هذا حتى لو كانت من أكثر الحجج إقناعا سواء كانت
حجة التقليل من درجة «نوعية المعيشة» (الخاصة برفاهية األبوين)
أو التش ّوه الجسدي الشديد للطفل أو التخلّف العقلي للطفل .فمن
نحن لنقرر مصير الطفل وفيما إذا سترى روحه الصغيرة النور أو ال.
ألنه وفقا لفكر هللا فإن اإلعاقة الجسدية والعقلية يمكن أن ُتس َّ
خر
لمجد هللا ،كما يعلمنا يسوع المسيح في اإلنجيل:
الجنس والزواج في فكر اللـه 218
ريق ،رأى أعمى ُمن ُذ َمولِ ِدهِ .فسأ َل ُه تالمي ُذ ُه الط ِ وبَينَما ه َو في َّ
ل أم والدا ُه ،حتى ُولِ َد أعمى. يا ُم َعلِّ ُمَ ،م ْن أخطأ َ أهذا ال َّر ُ
ج ُ
أخطأ َ وال والدا ُه .ولك َّن ُه ُولِ َد أعمى ل َ ج ُ
سوع ال هذا ال َّر ُُ فأجاب يَ
َ
ل فيهِ( .يوحنا )3–1 :9 وهي تَ َ
عم ُ َ حتى تَظ َه َر ُقدر ُة هللاِ
كيف نتج ّرأ على أن نحكم ونقرر من هو المرغوب فيه ومن هو غير
فلنتأمل في جرائم الرايخ الثالث (وهي اإلمبراطورية
ّ المرغوب فيه؟
الثالثة التي كانت ألمانيا النازية من 1945 – 1933م) – حين كان
ُيسمح لألطفال الرضع من العرق النوردي «الصالحين» بأن تجري
تربيتهم في حضانات خاصة ،في حين كان المعاقون ذوو العاهات
خ ْل ِق ّية من األطفال الرضع واألوالد والبالغين يجري إرسالهم إلى
ال ِ
غرف الغاز السام – فهذه الجرائم يجب أن تصير تحذيرا كافيا لنا.
وكما يكتب ديتريش بونهوفر Dietrich Bonhoefferفيقول:
والحق إنه حتى عندما تكون حياة األم الحامل في خطر ،فليس
اإلجهاض ّ
حل أبدا .ففي نظر هللا تتساوى قدسية حياة كل من
الجنين واألم .أما اقتراف الشر «ليتسنى للخير أن يأتي» فهذا معناه
أننا نضع سيادة هللا وحكمته في قبضتنا:
219 الـحرب الـخـفـ ّيـة – مـنـع الـحـمـل واإلجـهـاض
ل َوبارٌَّ ،فماذا نَ ُق ُ
ول؟ أ َل َع َّ
ل هللاَ أن هللاَ عا ِد ٌ
ن َّ
إثمنا ُي َب ِّي ُ
كان ُ َف ْ
إن َ
ي.
شر ِ ٍّ ب َوعا َق َبنا؟ أنا أتَكَلَّ ُم مِ ْن َم ُ
نظور ٍ بَ َ ُون ظالِما ً إذا َغ َض َ
يَك ُ
ُن هللاُ عادِالًَ ،فك َ
َيف ُيم ِك ُن ُه ْ
أن يَحك َُم إن َل ْم يَك ِ
الط ْب ِع ال! ِلن َّ ُه ْ
ب ِ َّ
ب َعدَمِ
س َب ِ ص ُ
دق هللاِ ب ِ َ ولَ « :ل َقدْ تَ َع َّز َز ِ َع َلى العا َلمِ ؟ َل ِكن َ
َّك تَ ُق ُ
ل ُمدانا ً كَخاطِ ٍ
ئ؟» ِكَ .فل ِماذا َ
أظ ُّ ب َذل َ
س َب ِ صد ِقيَ ،و َقدْ تَ َم َّ
ج َد ب ِ َ ِ
خي ُر!» َي يَأت َ
ي ال َ ل َّ
الش َّر ،لِك ْ ِكَ « :ه ّيا بِنا نَ َ
فع ُ َوهَذا أش َب ُه ب ِ َقول َ
ون إنَّنِي
زع ُم َ
ِين يَ َ
عض ُه ْم ح َ َالم الَّذِي يَف َترِي في ِه َع َل َّ
ي بَ ُ َوه َو الك ُ
أ ُقو ُلهَُ .ف ُه ْم يَنا ُل َ
ون الدَّينُونَ َة الَّتِي يَس َت ِ
ح ُّقونَها( .رومة )8–5 :3
وفي مثل هذه المواقف العصيبة ،يجب على الزوجين أن يلتجئا إلى
صالة كنيستهم ،مثلما يوصي اإلنجيل:
س ِّب ْح
َل فيكُم َمسرورٌ؟ فل ُي َ ن؟ َفل ُي َص ِّ
ل .ه ْ َل فيكُم َمحزو ٌ
ه ْ
َنيس ِة
يوخ الك ََدع ُش َ َل فيكُم َم ّ
ريض؟ فل َيست ِ حم ِد هللاِ .ه ْ بِ َ
معفالصال ُة َ
َّ ب. ل ُي َصلُّوا ع َلي ِه ويَدهنو ُه بِال َّز ِ
يت باسمِ ال َّر ِّ
َب
كان ارتك َ
َ وإن
ْ ب ُيعافيهِ.
ريض ،وال َّر ُّ خلِّ ُص َ
الم َ اإليمان ُت َ
خطي َئ ًة َغ َف َرها َله( .يعقوب )15–13 :5 َ
]*[
بأن تكون الحياة الجنسية قد يطالب فالسفة األخالقيات
عفيفة عن طريق اإلصرار على العِ َّفة قبل الزواج وبعده .ولكن
سيكون حتى أفضل هؤالء الفالسفة مرائيا وظالما مالم يب ّين
بوضوح األساس الفعلي والعملي لمثل هذه المطالب ،حتى
أن اإلجهاض نفسه ال يمكننا انتقاده لو لم يكن هناك إيمان
بملكوت هللا .ألن نظام المجتمع بأكمله مندفع نحو التدمير
والهالك .وسوف تستمر ثقافتنا المعاصرة – المحسوبة
راقية – في ممارسة هذه المجزرة ما دامت مظاهر الفوضى
االجتماعية وغياب العدالة واإلنصاف باقية سائدة .فال يمكن
مكافحة قتل األطفال ما دامت الحياة الخاصة والعامة ظلّت
تحافظ على الوضع الفوضوي القائم على الصعيد االجتماعي.
ْ
تحدثت الكاتبة األمريكية من الطائفة األرثوذكسية عندما
فريدريكا ماثيوس – جرين Frederica Mathewes–Greenمع
جماعات من النساء كانت لهن حاالت إجهاض ،اكتشفت الكاتبة
جوابا أجمعت عليه تلك النساء بشأن السبب الكامن وراء اقترافهن
لإلجهاض ،أال وهو الضغط الناجم عن العالقات في كل حالة تقريبا.
دن الدعم واألمل،
دن اإلجهاض بل ُير ِ َ
فإن النساء – كما تقول – ال ُير ِ َ
وتردف فريدريكا قائلة:
ويل لنا لو صار تعاملنا في يوم من األيام فاترا وقاسي القلب مع
امرأة اقترفت إجهاض!
إن هللا يحب كل امرأة وكل جنين حبا متميزا جدا .فقبل كل
شيء ،فإن هللا أرسل ابنه الوحيد ،يسوع المسيح ،إلى األرض بهيئة
طفل ،من خالل رحم أم .ومثلما أشارت األم تيريزا قائلة أنه حتى
ج َبل هللا كل طفل
لو انقلبت األم على جنينها فلن ينساه هللا .فقد َ
براحة يديه ،ولديه خطة لحياة كل إنسان ،ال في الدنيا فحسب بل أيضا
في اآلخرة .أما بالنسبة إلى أولئك اليائسين بالدرجة التي تدفعهم إلى
عرقلة خطة هللا فنقول لهم مع األم تيريزا:
224
225 الـطـالق والـزواج الـثـاني
ساقط في الخطيئة .وأنه بفضل غفران هللا يمكن للمرء دائما أن يبدأ
من جديد ،حتى لو كانت بداية جديدة في زواج جديد.
أما اآلن فلم تعد قساوة القلب ُعذرا مقبوال بين تالميذ السيد
المسيح – أولئك المولودين من الروح القدس .فنرى أن النبي
موسى قال:
وقد فهم التالميذ هذا الكالم القاطع ليسوع فهما كامال ،كما يتضح
من تعقيبهم:
ويكتب أيضا:
ُ َ
َ
مات فإن
ْ جها ح ّيا، تَرتَ ِب ُط المرأة بِشريع ِة ال َّز ِ
واج ما دا َم َزو ُ
جا في ال َّر ِّ
ب1( . ِن َزوا ًح َّر ًة تت َز َّو ُج َم ْن تَشا ُء ،ولك ْ عاد ْ
َت ُ
كورنثوس )39 :7
227 الـطـالق والـزواج الـثـاني
المتصدِّع
الوفاء والمحبة هما العالج لرباط الزواج ُ
من الجدير بالذكر أنه حتى لو كان الرب يسوع يسمح بالطالق لسبب
الزنى أو الفحشاء ،إال أن ذلك يجب أن ال يكون أبدا نتيجة حتمية
أو ذريعة للزواج مرة ثانية .ألن محبة الرب يسوع المسيح تصالح
وتغفر .أما الذين يسعون إلى الطالق فسوف يحسون دائما بغصة
الجنس والزواج في فكر اللـه 228
السماويُّ ّاس َزالّت ِِهم ،يَغ ِف ْر لكُم أبوك ُُم َّ فإن كُنتُم تَغف َ
ِرون لِلن ِ ْ
ّاس زالّت ِِهم ،ال يَغ ِف ُر لكُم أبوك ُُم وإن كُنتُم ال تَغف َ
ِرون لِلن ِ زالّتِكُمْ .
السماويُّ زالّتِكُم( .متى )15–14 :6
َّ
إن المحبة الوف ّية لشريك الحياة ،لكن باألخص للسيد المسيح ،هي
المتصدِّع.
العالج الوحيد لرباط الزواج ُ
إن الزوجين ك ْ
ِنت وا ِيمي Kent & Amyاللذين يخدمان حاليا
معا كقسيسين ضمن كنيسة واحدة في والية كولورادو األمريكية،
كانا مرة أحدهما ُمطلّق من اآلخر .وكان وضعهما يائسا إلى أقصى
درجة يمكن أن يصل إليها زواج .ولكن ألنهما أبقيا الباب مفتوحا
أمام المسيح فقد تمكن أحدهما أن يعود إلى اآلخر ثانية .ويحكي لنا
ك ْ
ِنت قصته فيقول:
منذ اليوم األول ،كان زواجنا ينطوي على مشاكل هائلة ،وبدأنا
ثالث سنوات من االنحدار في دوامة من االضطراب الكلي.
ُ
وكنت أظن أن الزواج مجرد فرصة للتنزه معا واالستمتاع
معا .فلم يكن لدي أية فكرة عن العمل الشاق الذي يتطلّبه
كنت في
ُ ُ
أصبحت مجرد هيكل إنسان ،بل الزواج .وأخيرا
ُ
وحاولت القيام بجميع األمور بعض األحيان أحتقر الحياة.
«الروحية» التي ُيفترض أن يقوم بها المرء في ظروفي :مثل
قراءة الكتاب المقدس والصالة واستشارة اآلخرين .ولكن
229 الـطـالق والـزواج الـثـاني
ْ
بدت جميعها بال جدوى .فقد جئنا أنا وايمي من خلفيات
متناقضة تماما ،ولم نقدر أن نتفاهم رغم محاوالتنا المضنية.
بالنسبة أل ّ
ي أكبر من طاقتي ألتحمله وأتعامل معه .وبالرغم
من تعهداتنا للمسيح وأحدنا لآلخر ،فقد ضعنا كالنا تماما.
ُ
فرغت ولكن في وقت متأخر من إحدى الليالي ،وعندما
من العمل ،ش ّد نظري منظر القمر الساطع والنجوم المتأللئة
في كبد السماء .واختطف شيء ما قلبي ،وشعرت من جديد
أجهشت في البكاء.
ُ ثوان حتى
ٍ بجاللة هللا ورحمته .وما هي إال
وفي وسط كل آالمي ويأسي بدأت أشعر ربما ألول مرة في
حياتي بمعاناتي الحقيقية وبوضعي المزري من ناحية وبمحبة
هللا الواسعة غير المشروطة من ناحية أخرى .وبالرغم من
عدم وفائي بوعودي لله ولزوجتي ،إال أن هللا أكد لي بأنه كان
يتخل عني ولم يقطع أمله مني.
َّ ما يزال وف ّيا لي وبأنه لم
وكانت تلك الليلة نقطة تحول حقيقية في حياتي .فقد بدأ
شيء في داخلي يتغ ّير بفضل معجزة النعمة اإللهية.
بطبيعة الحال ،ال ينتهي كل صراع زوجي نهاية سعيدة مثلما حدث
مع الزوجين ك ْ
ِنت وا ِيمي .ففي كنيستي على سبيل المثال ،سبق
وأن حدث عدة مرات أن أحد الزوجين أصبح خائنا وطلّق شريكه
وهجر مجتمع الكنيسة وتزوج ثانية .وكان الشريك المتروك يقرر
في كل مرة تقريبا أن يبقى في مجتمع الكنيسة وف ّيا لعهد عضويته
في الكنيسة ولعهد الزواج .وعلى الرغم من أن هذا القرار يعتبر خيارا
مؤلما طبعا – ويكون األلم مضاعفا في حالة وجود أطفال – إال أنه
التتلمذ للمسيح .فلو التجأنا
ُ جزء من الثمن الباهظ الذي يقتضيه
لله ،فسوف يهبنا القوة على الثبات.
في هذا السؤال حكمة عميقة فهو يدخل في صلب الموضوع ويضع
يده على الجرح سواء كان للزواج الذي يحصل اليوم أو في السابق.
ويمكننا القول أن هذا السؤال يذكِّرنا ،وبكل بساطة ،بال َ
خيار الموجود
المدّعين بأننا تالميذ يسوع المسيح :فهل
أمام كل واحد منّا ،نحن ُ
نحن مستعدون ألن نتبع يسوع مهما كلّف األمر؟ ألم يحذرنا هو
نفسه من الثمن الذي ندفعه؟ فقد قال:
لو أخذ الزوجان هذا التحذير على محمل الجد ،فقد يسبب بينهما
انشقاقا ،ولكن سوف ُتصان قدسية رباط زواجهما حقا .فالموضوع
هنا ليس الزواج في حد ذاته فحسب ،بل أيضا رباط الوحدة السامية
233 الـطـالق والـزواج الـثـاني
األخ أو األ ُ ُ
خت ُ ن ،فل ُيفار ِ ْقَ .ل َ
يس إن فا َر َق َغي ُر المؤمِ ِ
ولكن ْ
ولكن هللاَ قد دَعانا فيَّ األحوال،
ِ ُمستَع َبدًا في مِ ِ
ثل ه ِذ ِه
ل؟
ج َ
صين ال َّر ُ
َ خلّ
المرأ ُة ،هل ُت َ كيف تع َل َ
مين أيَّتُها َ السالمِ .ألن َّ ُه َ
َّ
خلّ ُص َ
المرأ َة؟ ( 1كورنثوس ل ،هل ُت َ كيف تع َل ُم أيُّها ال َّر ُ
ج ُ أو َ
)16–15 :7
فكلما َظ َّ
ل الرجل وف ّيا لشريكة حياته (أو المرأة لشريك حياتها) –
بصرف النظر عن عدم وفاء ذاك الشريك – َقدَّم بذلك شهادة عن
هذه الوحدة السامية .فبوسع الوفاء األبدي لله ولكنيسته أن يجدد
ُ
رأيت أكثر من مرة كيف تمكن االلتزام الزوجي ويزرع أمال جديدا .وقد
وفاء شريك مؤمن أن ُيهدي شريكه غير المؤمن ويعيده إلى الرب
يسوع ،وإلى الكنيسة ،وإلى زواج رصين.
هذا تحذيرا لكل منا .فكم منا كان فاتر القلب أو غير محب لشريك
حياته بين حين وآخر؟ وكم آالفا من األزواج ،بدال من أن يحب بعضهم
بعضا ،يقتصر األمر على أنهم يتواجدون تحت سقف واحد؟ فليس
الوفاء الحقيقي مجرد عدم التورط في الزنى ،بل أنه يشترط أن يكون
هناك التزام قلبي وروحي أيضا بين الزوجين .وكلما افتقر الزوجان
إلى االلتزام أحدهما باآلخر وكان كل منهما يعيش حياة متوازية (ال
تؤدي إلى التالقي) ،أو كانت بينهما قطيعة ،فإن االنفصال والطالق
يقفان لهما بالمرصاد.
تطل
ّ ثم إن مهمة كل كنيسة هي محاربة روح الزنى حيثما
برأسها وتب ّين وجهها القبيح .وأنا ال أقصد هنا الزنى كمجرد فعل
جسدي؛ ففي الحقيقة والواقع ،فإن كل شيء في داخل الزواج يؤدي
إلى ضعف الحب أو الوحدة والوئام أو العفاف أو يعيق روح التوقير
المتبادلُ ،يعتبر زنى ،ألنه يغذي وينمي روح الزنى .ولهذا السبب
سمى هللا عدم إخالص شعب إسرائيل بالزنى (راجع مالخي :2 ّ
.)16–10
راؤون!
َ الم
ون ُ َّ
الشريع ِة وال َف ِّريس ُّي َ يل لكُم يا ُم َعلِّمي
ال َو ُ
والصع َتر ِ والك َُّم ِ
ون ،ولك َّنكُم َ نع
ن الن َْع ِالع ْش َر مِ َ
ون ُ ُت ُ
عط َ
دق ،وهذا والص َ
َّ دل وال َّرحم َة
الع َ
الشريعةَِ : أهم ما في َّ ُتهمِ َ
لون َّ
دون أن ُتهمِ لوا َ
ذاك. ِ عملوا بِه مِ ْن جب ع َليكُم ْ
أن تَ َ كان يَ ُ
ما َ
ن ال َب َ
عوضةِ ،ولك َّنكُم ميان! ُت َص ّف َ
ون الما َء مِ َ ُ أيٌّها القا َد ُة ُ
الع
ل( .متى )24–23 :23
الجم َ
َ تَب َتل َ
ِعون
الجنس والزواج في فكر اللـه 236
ث بَ ْع ُضنَا بَ ْعضا ً ح َّين ،لِ َن ُ خر ِ َُل َوا ِح ٍد مِ نَّا أ َ ْن يَ ْن َت ِب َه لِآل َ َو َع َلى ك ِّ
ح ُدك ُْمحةِ . . . .ا ْن َت ِب ُهوا أَال َّ يَ ْس ُق َط أ َ َ
الصالِ َ ال َّ ح َّب ِة َواأل َ ْع َم ِ
َع َلى ا ْل َم َ
بس ِّب َج ْذ ُر َم َرا َرةٍَ ،ف ُي َ ل بَ ْي َنك ُْم َ حتَّى ال َ يَتَأ َ َّص َ مِ ْن ن ِْع َم ِة هللاَِ ،
بَ ْل َب َل ًةَ ،و ُي َن ِّ
ج َس كَثِير ِ َ
ين مِ ْنك ُْم( .عبرانيين َ 24 :10و )15 :12
والصب ُر واللُّ ُ
طف َّ الم
والس ُ
َّ المح َّب ُة وال َف َر ُح
وح فه َو َ
ثم ُر ال ُّر ِ
أما ََّ
الح واألمانَ ُة( .غالطية )22 :5 والص َُّ
ِل بَنى
ل عاق ٍ
ج ٍ يكون مِ ْث َ
ل َر ُ ُ ل بِه
فم ْن سمِ َع كالمي هذا وعمِ َ
َ
ياح
ت ال ِّر ُ
يول و َه َّب ِ
الس ُ
وفاضت ُّ
ِ الم َط ُر
ل َ الص ْ
خرِ .فن َز َ بَي َت ُه على َّ
الصخرِ( .متى
أساس ُه على َّ
َ يت فما س َق َطَّ ،
ألن ِك ال َب ِ
على ذل َ
)25–24 :7
لو كان تعليم الرب يسوع بشأن الطالق والزواج الثاني يبدو صعبا،
فال يرجع ذلك سوى إلى أن الكثيرين في أيامنا هذه لم يعودوا يؤمنوا
بجبروت قدرة التوبة والمغفرة ودورهما في تغيير الحياة .وكذلك ألننا
نعد نؤمن بأن ما جمعه هللا يمكن بنعمته أن يظل متماسكا؛
لم ُ
ي ٍء ُم ْست ََطا ٌع عِ ْن َد للاَّ». ُل َ
ش ْ نعد نؤمن أيضا بقول يسوع« ،ك َّ
ولم ُ
فلو نظرنا إلى تعاليم الرب يسوع بشأن الطالق والزواج الثاني بهذا
اإليمان لرأينا أنه تعليم ينطوي على وعد عظيم ،وأمل كبير ،وقوة
مقتدرة .وإن ب ِ ّر هذا التعليم أعظم بكثير من ب ِ ّر تعليم األخالقيين
المتزمتين والفالسفة .إذ إنه ب ِ ّر الملكوت ،وهو تعليم مؤسس على
حقيقة القيامة والحياة الجديدة.
الفصل التاسع عشر
فلنسهر إذن
أعمال َّ
الظالمِ َ ب النَّها ُر .ف ْلن َْط َر ْح تَناهى الَّ ُ
ليل واق َت َر َ
لوك في النَّهارِ:
الس ُ
ليق ُّ الح النّورِ .لِنَس ُلك كما يَ ُ ونَحمِ ْل ِس َ
ال َعربَ َد َة وال ُسك َر ،وال ُفجو َر وال َف َ
حش ،وال خِصا َم وال
المسيح ،وال تَ َ
نشغِ لوا ِ سوع ََ سلَّحوا بال َّر ِّ
ب يَ حسدَ .بَ ْل تَ َ
َ
بالجس ِد إلِشباع َ
ش َهواتِه. َ
ِ
240
241 فـلـنـسهر إذن
وال تت َ
َش َّبهوا بِما في ه ِذ ِه الدُّنيا ،بل تَ َغ َّيروا بِتَجدي ِد ُعقولِكُم
رضيٌّ ،وما ه َو
ح ،وما ه َو َم ِ لِتَعرِفوا َمشي َئ َة هللاِ :ما ه َو صالِ ٌ
ل( .رومة )2 :12
كامِ ٌ
ِيس ا ْلكَ َه َن ِة الَّذِي َلنَاَ ،ل ْي َس َعا ِجزا ً َع ْن تَ َف ُّهمِ ن َرئ َ ِك أل َ َّ َذل َ
ن َل َها، ب الَّتِي نَت ََع َّر ُض نَ ْ
ح ُ َض َع َفاتِنَا ،بَ ْل إِن َّ ُه َقدْ تَ َع َّر َض لِل َّت َ
جار ِ ِ
إِال َّ أَن َّ ُه بِال َ َ
خطِ َّيةٍ( .عبرانيين )15 :4
ان
ح َاالم ِت َ ح َن َة ب ِ َص ْبرٍَ .فإِنَّهُ ،بَ ْع َد أ َ ْن يَ ْ
جتَا َز ْ ل ا ْلمِ ْ ُطوبَى ل َِم ْن يَ َت َ
ح َّم ُ
ح ِّبيهِ. ح َياةِ» الَّذِي َو َع َد ب ِ ِه ال َّر ُّ
ب ُم ِ ِيل ا ْل َ
َال «إ ِ ْكل َ
احَ ،س َين ُ
ج ٍب ِ َن َ
(يعقوب )12 :1
فما رأي هللا بِقلّة الحياء التي يتسم بها زماننا؟ نرى في الرواية
]*[
الشهيرة «اإلخوة كارامازوف» للكاتب فيودور دوستويفسكي
]*[ فيودور دوستويفسكي Dostoevsky Fyodorواحد من أكبر الكُتّاب الروسيين ومن أفضل
الكُتّاب العالميين.
الجنس والزواج في فكر اللـه 244
بأنه يذكرنا بما يلي« :لو لم يكن هللا موجودا لصار كل شيء ُمباحا».
أال نرى اآلن انفالت «كل شيء»؟ فمتى سنتوقف لكي نرى روح
التمرد المروعة الكامنة في حياتنا األثيمة؟ ومتى سنتذكر تحذيرات
هللا بشأن غضبه على الخطأة في نهاية األزمنة؟ ولنتذكر كالم القديس
بولس الرسول في اإلنجيل كاآلتي:
لنسأل هللا رحمته في يوم الحساب قبل فوات األوان .ولنسأله ليه ّز
ضمائرنا الم ّيتة وينقينا ويهبنا حياة جديدة.
أجل
ِ ج َن ُه مِ ْن
وس َ
َ ك يوحنَّا و َق َّي َد ُه
أمس َ َ ُسوكان هيرود ُ َ
ِليقول َله« :ال يَح ُّ
ُ كان
ألن يوحنَّا َ هيرو ِديَّ َة امرأ ِة أخي ِه فيل ُّب َسَّ ،
أن تَتَز َّو َ
جها( ».متى )4 –3 :14 ك َْل َ
جيئون
َ ين يَ
والصدُّوق ِّي َ
َ ن ال َف َّريس ّي َ
ين أن كثي ًرا مِ َ
حنَّا َّورأى يو َ
أنفقال َل ُهم« :يا أوال َد األفاعيَ ،م ْن علَّمكُم َْ إليه ل َيعتَمِ دوا،
ن على تَ ْوب ِتكُم. ب اآلتي؟ أ ْثمِ روا َ
ثم ًرا ُي َب ْرهِ ُ ن َ
الغ َض ِ تَه ُربوا مِ َ
(متى )8–7 :3
ئاس ِة
أصحاب ال ِّر َ
َ ب أعدا ًء مِ ْن َلحمٍ ودَمٍ ،بَ ْل َحن ال نُحار ِ ُ
فن ُ
والسيا َد ِة على هذا العا َلمِ ،عا َلمِ َّ
الظالمِ واألرواح ِّ لطان
ِ والس
ُّ
ِّ
الش ِّري َر ِة في األجوا ِء َّ
السما ِويَّةِ( .أفسس )12 :6
وم َث ُ
ل يسوع عن العذارى العشر بشأن يوم الحساب يجب أن َ
يكون تحذيرا وتحديا لنا كلنا .ألن يسوع ال يتحدث في هذا المثل عن
عالم ضال في جانب ،وعن كنيسة في الجانب اآلخر :ألن جميع النساء
العشرة في القصة عذارى ،وجميعهن يستعدن لمقابلته – العريس.
لذلك فهو يخاطب الكنيسة ،فتعالوا نتأمله معا:
ن
ح ُه َّ حم ْل َ
ن َمصابي َ ماوات َعش َر َعذارى َ
ِ الس ُ
لكوت َّ و ُيش ِب ُه َم
مس الت و َ
خ ٌ ن جاهِ ٍ
مس مِ ن ُه َّ وكان َ
خ ٌ َ ريس.
الع ِ
ن لِلقا ِء َ
ج َ
وخ َر ْ
هن
مع َّ
ذن َ ن ،وما أ َ
خ َ ح ُه َّ لت الجاهِ ُ
الت َمصابي َ ح َم ِ
ِالت .ف َ
عاق ٍ
ن َزيتًا في ِوعاءٍ.مع َمصابيح ِِه َّ ن َ خ ْذ َ ِالت ،فأ َ
وأما العاق َُزيتًاَّ .
يل َعالِصف اللَّ ِ
ِ ِمن .وعِ ن َد ن
جميعا ون َ ً سن
ريس ،فنَعِ َ وأبطأ َ َ
الع ُ
الع ْش ُر
العذارى َ ت َ فقام ِ
َ ن لِلقائِهِ! ج َ ريس ،فا َ ْ
خ ُر ْ الع ُ
ياح :جا َء َ
الص ُ
ِّ
ِالت :أعطينَنا من
الت لِلعاق ِ ن .فقا َل ِ
ت الجاهِ ُ ح ُه َّ وه َّيأْ َ
ن َمصابي َ
247 فـلـنـسهر إذن
ت العاق ُ
ِالتُ :ربَّما ال يكفي حنا تَنط ِف ُ
ئ .فأجابَ ِ ألن َمصابي َ َز ْي ِتك َّ
ُنَّ ،
ُن ج َتك َّ
ُن .وبَينَما ه َّ اعين واَشتر ِ َ
ين حا َ َ ُن ،فاَذ َه ْب َ
ن إلى ال َب ّي لنا َولك َّ
المستعِ د ُ
ّات مع ُه ُ ت َ ريس .فدَخ َل ْالع ُ ل َ
وص َ
شترينَ ،َ ٌ
ذاهبات ل َي
العذارىت َج َع ِ حين ر َ
ٍ الباب .وبَع َد
ُ رس وأ ُ َ
غلق الع ِ
مكان ُ ِ إلى
العريس:
ُ ن
َح لنا! فأجابَ ُه َّ لن :يا س ِّيدُ ،يا س ِّيدُ ،اَفت ْ األ ُ َ
خ ُر ف ُق َ
فون ُن :أنا ال أعر ِ ُفك َّ
ُن .فاَس َهروا ،إ ًذا ،ألنَّكُم ال تَعر ِ َ أقول لك َّ
ُ َّ
الحق
اع َة( .متى )13–1 :25 الس َ
اليو َم وال ّ
ومن أجل إظهار وتجسيد مشيئة هللا ،يجب على مجتمع الكنيسة
أوال أن يتخذ إجراءات عملية ملموسة لتأسيس «ثقافة جنسية
شريفة معاكسة لثقافة الفساد ».وتتطلب هذه جهودا ملتزمة
يك ّرس المسيحيون فيها أنفسهم في سبيلها .ولنعلم بأن برامج
العِ ّفة Chastity programsالتي تقدمها بعض الكنائس من
قبل األهالي أو القساوسة في سبيل زيادة وعي األوالد عن أمور
الجنس ليست كافية هي األخرى .وسوف تستمر العالقات الزوجية
والتشظي ما لم يَ ُقم مجتمع الكنيسة بتشكيل
ّ والعائالت بالتف ّرق
حياة متضامنة ومتكافلة في جميع نواحي الحياة وقائمة على قيم
ومبادئ مختلفة تماما .ويتعين على العائالت المسيحية جنبا إلى
جنب مع القساوسة أن يتع ّهدوا بأن يعيشوا حياتهم الشخصية
واالجتماعية على نقيض أساليب الحياة التي يعيشها العالم .فما
ن عالقات بعضنا مع بعض على أساس مختلف عن أساس لم نَ ْب ِ
العالقات التي في العالم لما كان لدينا الكثير لنحتج عليه أو لنقوله
عن الفساد المنتشر .فلو أردنا أن نكون جادين في السعي إلى حياة
العِ َّفة والنقاوة في هذا العالم ،لترتب علينا إذن كإخوة وكأخوات
249 فـلـنـسهر إذن
غير أننا نرى من ناحية أخرى أنه أينما يجر ِ العمل بمشيئة
ئ الناس فهمها ،وينظرون إليها وكأنها استفزاز،
س ْ
هللا ب ِ ِه َّمة عاليةُ ،ي ِ
مثلما يقول اإلنجيل:
تسامحا مع رسالة
ُ ولم تتمكن ألفا عام من جعل عالمنا الحاضر أكثر
يسوع المسيح عما كان عليه حال العالم في زمانه .ثم إن أولئك غير
الراغبين في قبول طريقه تراهم مستائين دائما وناقمين وانتقاميين
من نحو الذين يشهدون لهذا الطريق ،أما التصادم فهو أمر حتمي وال
مفر منه ،مثلما قال يسوع المسيح:
الجنس والزواج في فكر اللـه 250
لكن لو كنا نحن الذين ندعي بأننا من أتباع المسيح نخاف أن نعيش
وفقا لوصاياه خشية االضطهاد ،فمن سيعمل بها إذن؟ ولو لم تكن
مهمة الكنيسة جلب ظلمة العالم إلى نور المسيح ،فل َِم ْن تكون هذه
المهمة إذن؟
ب أ َ ْو تَ َ
ج ُّع ٌد شوبُ َها َع ْي ٌ ِيس ًة بَ ِه َّي ًة ال َ يَ ُ
س ِه كَن َ حتَّى يَ ُز َّف َها إلى نَ ْف ِ
َ
وب.ن ا ْل ُع ُي ِ خالِ َي ًة مِ َ
َّس ًة َ
ُون ُم َقد َ شاب ِ َه ٍة بَ ْل تَك ُ أ َ ْو أَيَّ ُة نَق َ
ِيص ٍة ُم َ
(أفسس )27 :5
ح َمل هو خروف صغير ويرمز هنا إلى يسوع المسيح الذي يرفع خطايا العالم مثلما شهد ]*[ ال َ
ل هللاِ الَّذِي
ح َم ُ
َ ا َ
ذ و
َ ه
ُ ‹ : ال
َ َ
ق َ
ف ِ،
ه ي َ
ل إ ً
ُ ِ ِ ْ ال ب ْ
ق م وع
َ س ي َّا
ن
َ ُ َ َ ُح و ي ر َ
ظ َ ن د
ِ َ
غ ْ
ل ا يفو
َِ « اإلنجيل: يف المعمدان يوحنا
َ
خطِ َّية ا ْل َعا َلمِ !› » (يوحنا )29 :1يَ ْر َف ُع َ
251 فـلـنـسهر إذن
ِيسوع« :هَنيئًا
َ قال ل
َ ين هذا الكال َم
دع ِّو َ
الم ُ
ح ُد َ
فلما سمِ َع أ َ
َّ
لكوت هللاِ!» فأجابَهُ« :أقا َم
ِ ل َِمن يَجل ُِس إلى المائِ َد ِة في َم
ل ّاسُ .ث َّم َ
أرس َ ن الن ِ ل َوليم ًة كبير ًة ،ودَعا إ َليها كثي ًرا مِ َ ج ٌ َر ُ
ُل شي ٍءين :تَعا َلوا ،فك ُّ
ِلمدع ِّو َ
ُ ساع َة ال َوليم ِة يَ ُ
قول ل َ خاد َِم ُه
أن
ب ْج ُ
حقال ً ويَ ِ
ت َ ُمه َّيأٌ! فاَعت َذ ُروا كُلُّ ُهمَ .
قال َله األ َّو ُل :إِشتَريَ ُ
خمس َة
يت َ وقال آ َ
خ ُر :إِش َت َر ُ َ أن تَع ُذ َرني.
نك ْ
َب ألرا ُه ،أرجو مِ َ
أذه َ
وقال
َ أن تَع ُذ َرني. ب ألُج ِّربَها ،أرجو مِ َ
نك ْ اآلن ذاهِ ٌ
دادين ،وأنا َ
َ َف
ج َع الخاد ُِم إلى ت اَمرأ ًة ،فال أق ِد ُر ْ
أن أجي َء .فر َ آخ ُر :تَز َّو ْ
ج ُ
وقال لِخادِمِ ه:
َ يت
ب ال َب ِ ب َر ُّ
ض َ جرىَ ،
فغ ِ َس ِّيد ِه وأخ َب َر ُه بِما َ
أُخ ُر ْج ُمسر ِ ًعا إلى َ
شوار ِ ِع المدين ِة وأز ِ َّقتِها وأدخ ِ
ِل ال ُف َقرا َء
جرى فقال الخاد ُِمَ :
َ ميان إلى هُنا.
َ والع
ُ رج
والع َ
ُ هين
والمش َّو َُ
ت بِه يا َس ِّيدي ،وبَ ِق َيت َمقاعِ ُد فار ِ َغةٌ .فأجابَ ُه َّ
الس ِّيدُ: أم ْر َ
ما َ
ُّخول حتّى ِ الناس بالدَ ُّروب وألزِمِ
قات والد ِ الط ُر ِأُخ ُر ْج إلى ُّ
ِك
ح ٌد مِ ْن أولئ َ أقول لكُمَ :لن يَ َ
ذوق َعشائي أ َ ُ يَمتَل َ
ئ بَيتي.
ين!» (لوقا )24–15 :14
دع ِّو َ
الم ُ
َ
252
دعوة إلى حياة العِ َّفة والنقاوة
بيان مشترك
لألبرشية الكاثوليكية الرومانية لوالية نيويورك
ولمجتمعات جماعة برودرهوف
22سبتمبر/أيلول 2014م
إذ إن شخص يسوع المسيح ،ابن هللا ،هو الذي كشف لنا ملء
ّ
الحق اإللهي ومحبته.
ُل
ك وك ِّ
ُل فِكر ِ َ
ك وك ِّ ُل نَ ِ
فس َ ُل َقل ِب َ
ك وك ِّ ك بِك ِّ
ب إل َه َ
ِب ال َّر َّ
فأح َّ
ك. ِب نَ َ
فس َ ِب َقري َب َ
ك مِ ثلما ُتح ُّ ُقدرت َ
ِك .والوص َّي ُة ال َّثانِي ُة :أح َّ
]*[ هناك نبذة عن جماعة برودرهوف The Bruderhofفي ُملحقات هذا الكتاب.
253
الجنس والزواج في فكر اللـه 254
لقد ُولِدنا نحن البشر لنحب بطهارة قلب .فحياة الطهارة والعِ َّفة
بين الناس – سواء في حالة الزواج أو العزوبة – هي مشيئة هللا،
وتجلب معها البهجة والسرور .إال ّ أن العِ َّفة تتطلب الوفاء واالستعداد
للتضحية بالذات .فقد قال يسوع المسيح:
ُل يومٍ
فس ُه ويَحمِ ْل َصلي َب ُه ك َّأن يَت َب َعني ،ف ْل ُين ِك ْر نَ َ
َم ْن أرا َد ْ
س َر وم ْن َ
خ ِ خس ُرهاَ ، خلِّ َص َ
حياتَ ُه يَ َ أن ُي َ ويَت َب ْعنيَ .م ْن أرا َد ْ
خلِّ ُصها ( .لوقا )24–23 :9
حياتَ ُه في َسبيلي ُي َ
الزواج ،فقد كتب البابا يوحنا بولس الثاني ،في وفيما يخص
ن اإللهية» كما يلي:
رسالته الرسولية عن «كرامة النساء ودعوت ُه َّ
منذ البدء ،لم يَدْ ُع هللا الرجل والمرأة ليعيشا مجرد جنبا
إلى جنب أو معا فحسب بل أيضا ليعيشا وبصورة تبادلية
«أحدهما في سبيل اآلخر . . . .».فعلى أساس مبدأ التعايش
المتبادل في «خدمة» اآلخر ضمن عالقة «االتحاد» الشخصية،
ترتقي في اإلنسانية عندئذ عملية التكامل بين ما هو ذكري
وما هو أنثوي ،وبتوافق مع مشيئة هللا.
)(Mulieris Dignitatem, no. 7
إن الرب يسوع المسيح يعلم جيدا بالتجارب وبمكايد إبليس التي
نخوضها ،فيهبنا التوجيه والقوة والنعمة للتغلب عليها .وفي الزواج
المسيحي ،تعكس الوحدة بين الزوج والزوجة الوحدة بين السيد
المسيح وكنيسته المقدسة .إذ تحصل وعود زواجهما المتبادلة
في حضور السيد المسيح وكنيسته .والزواج مقدس وال ُي ْف َ
س ُ
خ أي
بمعنى مؤبد .وقد حلَّت عليه بركة هللا والكنيسة ،وقد رأى الزوجان
هذه البركة بصيغة الخدمة المتبادلة بينهما والعيش الطاهر العفيف
جب أيضا .فاالثنان
ومن ِ
حد ُ
ثم إن الزواج ُم َو ِّ
والجمال وسرور القلبّ .
يصيران جسدا واحدا في نظر هللا .ويعرف الزوجان ّ
حق المعرفة –
َّان توقيرا وجدانيا للزواج – بأنّه من خالل الحب السامي
وعندما ُيكن ِ
وبذل النفس سيفتحان نفسيهما ليصيرا خالقين مع هللا لجلب
حياة جديدة ونفس جديدة إلى العالم .فكل طفل يولد لهما إنما هو
عطية إلهية مباركة باإلضافة إلى مسؤولية جديدة .ومن خالل المحبة
بين الوالدين يحصل األطفال على أول إحساس لمحبة هللا.
257 دعـوة إلى حـيـاة الـعِ ـ َّفـة والـنـقـاوة
إن السعي إلى التل ُّذذ الجنسي الذاتي بشتى أشكاله هو إهانة
لطهارة الزواج ،ومن الواجب التغلب عليه بمعونة هللا .إذ ُت ِ
فسد
البذاءة الجنسية العالقة الزوجية و ُتضعِ فها حينما يستخدم أحد
الزوجين (أو كالهما) اآلخر كمادة للجنس .ويعطينا القديس بولس
الرسول دليال واضحا على كل من الحياة الزوجية والحياة المسيحية
على ح ٍّد سواء ،فيقول:
والصب ُر واللُّ ُ
طف َّ الم
والس ُ
َّ المح َّب ُة وال َف َر ُح
وح فه َو َ ثم ُر ال ُّر ِ
أما ََّ
فاف( .غالطية )23–22 :5 والع ُ َ داع ُة
الح واألمانَ ُة وال َو َوالص َُّ
وهناك هبة إله َّية متميزة توهب لكل رجل أو امرأة يدعوهما هللا
ليعيشا حياة ال َّت َبتُّل والعزوبة في خدمة هللا وأخينا اإلنسان .ولو
أخذتنا الظروف أحيانا إلى حياة العزوبة دون أن نختارها ،لوجدنا
أنفسنا أمام تح ٍد متميز لنشهد للعِ َّفة والنقاوة وأيضا لخدمة اآلخرين.
ويحتاج هؤالء الرجال والنساء في مثل هذه الحالة إلى نعمة هللا وإلى
تف ُّهم ودعم كل المسيحيين لهم.
أفراد شعب هللا الحتضان قوة العِ َّفة والحشمة واآلداب والعيش
الشريف في حياتهم الجنسية.
]*[
فاالحتشام جزء متمم لضبط إن العِ َّفة تستلزم االحتشام.
النفس .وهو يستر أع ّز ما لدى اإلنسان .كما يعني رفض
كشف النقاب عما يجب أن يكون مستورا . . . .فيصون
االحتشام ِس ّري الشخصين وحبهما .ويشجع على الصبر
واالعتدال في عالقات الحب؛ ويطالب الزوج والزوجة بتنفيذ
ما َو َعداه من وفاء وعطاء كاملين أحدهما تجاه اآلخر. . . .
وباإلضافة إلى ذلك ،تحتاج العِ َّفة المسيحية إلى تنقية األجواء
االجتماعية .وتطالب وسائل اإلعالم أن تعطي برامجها أهمية
قصوى لمسألة االحتشام والتح ُّفظ . . . .وما ُيدعى بالتسامح
األخالقي فما هو سوى مفهوم مغلوط عن حرية اإلنسان؛ ثم
إن الشرط المسبق الضروري لتطوير الحرية الحقيقية هو أن
يتعلم المرء القيم األخالقية . . . .أما البشرى السا َّرة التي
يعلنها السيد المسيح فتعمل على تجديد حياة اإلنسان
الساقط وتجديد تقاليده بصفة مستمرة؛ فتحارب وتزيل اآلثام
والشرور المتدفقة من الجاذبية الموجودة دائما في الخطيئة.
وال ّ
تكف البشرى السا َّرة أبدا عن تنقية وتهذيب أخالق الناس.
ّ
تخلى ،وببساطة ،الكثير من الناس في يومنا هذا عن لقد
إمكانية العيش العفيف الشريف .فقد وقعوا في شراك
خرافة «التح ّرر» الجنسي ،وحاولوا التعايش مع ما يسببه
هذا التح ّرر من خيبات األمل ،وعندما تنهار عالقاتهم
يلتمسون أسبابا أخرى لتبرير فشلهم وإخفاقهم .ويعجزون
عن رؤية مدى روعة وعظمة نعمة العِ َّفة ووصية هللا بالحياة
العفيفة النقية . . . .فحيثما توجد كنيسة مخلصة – أي
بمعنى أية جماعة مسيحية تَع َّه َد أفرادها بأن يحيوا بعالقات
مخلصة وصادقة – تحصل على معونة وأمل لكل شخص
ولكل زواج فيها.
كتاب «الجنس والزواج في فكر اللـه» (ص )16 – 15
ثم إننا نأمل ونترجى هللا في صلواتنا بأن يفتح الناس قلوبهم
أينما كانوا إلى قوة المحبة الحقيقية القادرة على تغيير النفوس.
ونحن أيضا على دراية تامة بأننا لو فقدنا الشجاعة لجعل أفراد
كنائسنا تتواجه مع حقيقة السيد المسيح ولو توقفنا عن إلهامهم
لصارت جهودنا في سبيل األخالق ذات تأثير شبه معدوم .فالفكر
العفيف والجسد العفيف والنفس العفيفة من المتطلبات الرئيسية
لحياة السرور والسالم .وبالرغم من العقبات الموضوعة بسبب
انتشار المعايير األخالقية المتضعضعة إال ّ أن بناء تقاليد من الحياة
التق َّية التي يريدها هللا أمر ممكن .ويجب علينا أن ال ننسى أبدا أن
ي ٍء ُم ْست ََطا ٌع عِ ْن َد هللاِ» ُل َ
ش ْ هللا يريد مصلحة كل إنسان ،وأن «ك َّ
(مرقس .)27 :10آمين.
الـتـوقـيـع
يوهان كريـستوف آرنولد الكاردينال تيموثي دوالن
Johann Christoph Arnold Timothy Cardinal Dolan
كبير الـقـسـاوسة رئـيـس األساقفة في والية نيويورك
لـجـمـاعـة برودرهـوف ( الذي كان مرشحـا للـبـابـويـة )
عن المؤلف
يوهان كريستوف آرنولد Johann Christoph Arnold
261
الجنس والزواج في فكر اللـه 262
مع عظماء صانعي السالم في العالم أمثال مارتن لوثر كينغ ،واألم
تيريزا ،ودوروثي داي ،وسيزار تشافيز ،والبابا يوحنا بولس الثاني.
وقد شرع يوهان كريستوف آرنولد باالشتراك مع ضابط الشرطة
المشلول ستيفن ماكدونالد ،Steven McDonaldبتأسيس برنامج
يدعى «كسر الدائرة »Breaking the Cycleوهو برنامج يتعامل
مع طالب مئات المدارس الثانوية العامة لترويج المصالحة من
خالل المسامحة .وعمل أيضا كقسيس رسمي في مديرية الشرطة
المحلية.
الـمـؤلـف يـوهـان يـسـ ّلـم على الـبـابـا فـرنـسـيـس ويـقـدم إلـيـه نـسـخـة من كـتـاب «الـجـنـس والـزواج
في فـكر اللـه» قـبـل أن يـلـقـيـا كـلـمـتـهـمـا في مـؤتـمـر دولي بـيـن األديـان عن مـوضـوع الـزواج بـتـاريـخ
نـوفـمـبـر/تـشـريـن الـثـاني 2014م بـرعـايـة الـفـاتـيـكان
عن جماعة برودرهوف
THE BRUDERHOF
263
الجنس والزواج في فكر اللـه 264
وأيضا هنا:
www.plough.com/ar
www.bruderhof.com
www.youtube.com/user/BruderhofCommunities
www.facebook.com/PloughPublishing
المراجع
1 For a readable summary of current findings on the effects of
non–marital sex, read The Ring Makes All the Difference: The Hidden
Consequences of Cohabitation and the Strong Benefits of Marriage, by
Glenn T. Stanton (Chicago: Moody Publishers, 2011).
2 Christoph Friedrich Blumhardt and Johann Christoph Blumhardt,
Now Is Eternity (Farmington, PA: Plough, 1999), 28. Christoph Friedrich
Blumhardt (1842–1919) was a German pastor, author, and religious
socialist.
3 Thomas Merton, New Seeds of Contemplation (New York: New
Directions, 1972), 180.
4 Augustine of Hippo, Sermons, 75.7.
5 Friedrich E. F. von Gagern, Der Mensch als Bild: Beiträge zur
Anthropologie, 2nd ed. (Frankfurt am Main: Verlag Josef Knecht, 1955),
32. Von Gagern (b. 1914) was a German Catholic psychiatrist.
6 Friedrich Nietzsche, Thus Spake Zarathustra, trans. R. J.
Hollingdale (London: Penguin Books, 1961), 95.
7 Der Mensch als Bild, 33–34.
8 Dietrich Bonhoeffer, Ethics (New York: Macmillan, 1975), 19.
9 Der Mensch als Bild, 58.
10 Eberhard Arnold, Love and Marriage in the Spirit (Rifton, NY:
Plough, 1965), 152.
11 J. Heinrich Arnold, Discipleship (Farmington, PA: Plough,
1994), 42.
12 Eberhard Arnold, Innerland (Farmington, PA: Plough, 1999),
37.
13 Dietrich Bonhoeffer, The Cost of Discipleship (New York:
Macmillan, 1958), 95–96.
14 Cf. John J. Friesen, trsl. and ed., Peter Riedemann’s Hutterite
Confession of Faith (Scottdale, PA: Herald Press, 1999), 127.
15 Discipleship, 160–161.
16 Ernst Rolffs, ed., Tertullian, der Vater des abendländischen
Christentums: Ein Kämpfer für und gegen die römische Kirche (Berlin:
Hochweg, 1930), 31–32.
17 Jean Vanier, Man and Woman He Made Them (New York:
Paulist, 1994), 128.
18 Friedrich von Gagern, Man and Woman: An Introduction to the
Mystery of Marriage (Cork, Ireland: Mercier, 1957), 26–27.
265
19 I explore this theme in great depth in my book Why Children
Matter (Rifton, NY: Plough, 2012).
20 Johann Christoph Blumhardt and Christoph Friedrich
Blumhardt, Thoughts About Children (Rifton, NY: Plough, 1980), 29.
21 Thoughts About Children, 9.
22 Discipleship, 169.
23 Discipleship, 177–178.
24 Dietrich Bonhoeffer, The Martyred Christian: 160 Readings
(New York: Collier Macmillan, 1985), 170.
25 Eberhard Arnold, The Early Christians: In Their Own Words
(Farmington, PA: Plough, 1997), 15. الكتاب متوفر بالعربية بطبعة مختصرة
شهادة الكنيسة األولى:بعنوان
26 The Wall Street Journal, Dec. 10, 1993.
27 Numerous studies, including those conducted by Planned
Parenthood, conclude that teens who have been through a typical sex
education course have a much higher rate of sexual activity than those
who have not. For more information on teenage sexual activity contact:
Center for Parent/Youth Understanding, www.cpyu.org.
28 “Church report accepts cohabiting couples,” The Tablet, June
10, 1995.
29 See Andreas J. Kostenberger, God, Marriage and Family
(Wheaton, IL: Crossway Books, 2004), ch. 10 for an excellent, readable
summary of the biblical teaching on homosexuality.
30 Many also argue that since Jesus never spoke out against
committed same–sex relationships, they must not be sinful. Not only
is this an argument from silence (Jesus also never speaks out against
incest), but it ignores the fact that Jesus, as a faithful Jew, simply
assumed that marriage was between one man and one woman (Matt.
19:1–10). For a rigorous refutation of common contemporary objections
to the biblical teaching against homosexuality, see Robert A. J. Gagnon,
The Bible and Homosexual Practice: Texts and Hermeneutics (Nashville:
Abingdon, 2001).
31 Sherif Girgis, Robert P. George, and Ryan T. Anderson, What
is Marriage? Man and Woman: A Defense (New York: Encounter Books,
2012).
32 A beautifully written and honest book about what it means
to live with same–sex attractions is Wesley Hill’s Washed and Waiting:
Reflections on Christian Faithfulness and Homosexuality (Grand Rapids,
MI: Zondervan, 2010).
33 Eberhard Arnold, God’s Revolution (Farmington, PA: Plough,
1997), 135. ثورة هللا:الكتاب متوفر بالعربية بعنوان
34 I explore this more fully in Their Name Is Today: Reclaiming
266
Childhood in a Hostile World (Walden, NY: Plough, 2014). الكتاب متوفر
ا ِسمهم اليوم:بالعربية بعنوان
35 Stanley Hauerwas, Unleashing the Scripture: Freeing the Bible
from Captivity to America (Nashville: Abingdon, 1993), 131.
36 Mother Teresa, speech at National Prayer Breakfast, Washington
DC, February 3, 1994.
37 Michael J. Gorman, Abortion and the Early Church: Christian,
Jewish, and Pagan Attitudes in the Greco–Roman World (New York:
Paulist, 1982), 47–62.
38 Ethics, 164.
39 Innerland, 116–117.
40 Frederica Mathewes–Green, “Perspective,” The Plough 56
(Spring 1998), 33.
41 If divorce and remarriage are never justified, then why does
Jesus allow marital unfaithfulness as an exception? (Matt. 5:32; 19:9) He
may well have said this because Jewish law required a husband to divorce
an adulterous wife (e.g. Matt. 1:19). However, he does not say divorce is
always required in such a situation, nor does he apply this exception to
remarriage.
42 Why Marriage Matters, Third Edition: Thirty Conclusions from
the Social Sciences (New York: Institute for American Values, 2011).
267