Professional Documents
Culture Documents
1
مدخل �إلى علم الكالم
�سا�سلة مداخل العلوم
3
4
�سا�سلة مداخل العلوم
الفهرس
ّ
المقدمة 9........................................................................................
ّ
الدرس األول :ما هو علم الكالم؟ 13.......................................................
تعريف علم الكالم 15.............................................................................
ماهية علم الكالم 16..............................................................................
مو�ضوع علم الكالم 17.............................................................................
������
ّ
الكالميـة 59....................................... الدرس السابع :نماذج من المسائل
م�س�ألة التحكيم 61.................................................................................
مرتكب الكبرية 61.................................................................................
مفهوم الإميان 62..................................................................................
الق�ضاء والقدر 62..................................................................................
الت�شبيه والتنزيه 63................................................................................
������
ع�صمة الأنبياء64..................................................................................
حدوث القر�آن وقدمه 64...........................................................................
ّ
الدرس الثامن :متكلمو الشيعة (69.................................................. )1
�أئ ّمة ال�شيعة يف القرنني الأ ّولني 71.................................................................
�أبرز �أ�صحاب الأئ ّمةRيف القرن الأ ّول 73.....................................................
بع�ض متك ّلمي ال�شيعة يف القرن الثاين 75..........................................................
بع�ض متك ّلمي ال�شيعة يف القرن الثالث78..........................................................
ّ
الدرس التاسع :متكلمو الشيعة (83..................................................)2
7 متك ّلمو ال�شيعة يف القرن الرابع 85.................................................................
متك ّلمو ال�شيعة يف القرن اخلام�س 88..............................................................
متك ّلمو ال�شيعة يف القرن ال�ساد�س 90..............................................................
متك ّلمو ال�شيعة يف القرن ال�سابع 91................................................................
المقدمة
ّ
الحمد اهلل رب العالمين ،و�ص���لى اهلل على �س ّيدنا محمد و�آله الطيبين الطاهرين،
مّدقلا
وبعد.
م
ما زالت العلوم الإ�سالم ّية تحافظ على �أ�صالتها وحيو ّيتها ،رغم التحد ّيات الع�صر ّية
العلمي الهائل الذي �شهده القرن الأخير ،وما زال طالب العلوم ّ الكبيرة ،ورغم التط ّور
إ�سالمي ،وهم محتاجون في فهم ال�شريعة ،وفهم ّ الإ�س�ل�ام ّية ي�سعون لدرا�سة الفكر ال
عدد من العلوم الإ�سالم ّيةّ ،ما ي�ستدعي إ�س�ل�امي �إلى ٍ
ّ القر�آن الكريم ،وفهم التراث ال
�أن يبذلوا ق�صارى جهدهم ،و�أن يم�ضوا �سنين ًا من حياتهم في �سبيل هذا الهدف.
ال�ضروري ج ّد ًا وجود ما يق ّدم لمح ًة
ّ وبعد ات�س����اع نطاق هذه العلوم وت�ش ّعبها �أ�صبح من
كلي����ة عن العلوم الإ�س��ل�ام ّية ،بذك����ر مق ّدمات ك ّل علم ،وتاريخ و�أ�س����باب ن�ش����وئه ،وتط ّوره،
9 أهم �أبحاثه وكتب����ه والعلماء الم� ّؤ�س�س����ين له ،وم����دى الحاجة �إليه
والمنه����ج الم ّتب����ع في����ه ،و� ّ
واال�ستفادة منه ،وقد ا�صطلح على هذا النحو من المعرفة ا�سم :مداخل العلوم الإ�سالم ّية.
ونظ���ر ًا للحاجة العلمية والتعليمي���ة �إلى وجود كتاب م�س���تقل كمدخل لكل علم من
العلوم الإ�سالمية في حوزاتنا ومدار�سنا العلمية ،ت�ص ّدى مركز نون للت�أليف والترجمة
لإعداد هذا الكتاب؛ مدخل �إلى علم الكالم .لين�ض���م �إلى �سل�س���لة مداخل العلوم التي
ت�ضم حتى الآن ،الفل�سفة والفقه والأ�صول ،العرفان ،وعلم االجتماع .على �أمل التوفيق
لإكمال هذه ال�سل�س���لة لت�ض���م ما تبقّى من العلوم الإ�سالمية .وقد اعتمدنا في الإعداد
المتخ�ص�صة في مجالها .على
ِّ عدد من الم�ص���ادر والمراجع والت�أليف والتحقيق على ٍ
�أمل �أن يكون كتابنا هذا قد ملأ فراغ ًا علمي ًا وتعليمي ًا ،في �ساحتنا الإ�سالم ّية.
والحمدهلل رب العالمين
سلسلة
مداخل العلوم اإلسالمية
11
الدرس األوّل
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يذكر التعريف الأن�سب لعلم الكالم.
2.2يب ّين العالقة بين علم العقيدة وعلم الكالم.
3.3يحدّد �أهمية علم الكالم.
13
تعريف علم الكالم
لق���د جرت العادة في التع���رف على �أي علم من العلوم� ،أن يت���م تعريف هذا العلم
تعريف ًا يو�ضح حقيقة هذا العلم وحدوده .وقد ُع ّرف علم الكالم بتعريفات عدة ،منها:
- 1تعريف ابن ميثم البحراني« :العلم المتكفل ببيان �أ�صول الدين»(((.
- 2تعريف المال �صدرا :في �شرحه على �أ�صول على الكافي قال« :علم الكالم هو
مالكلا ملع وه ام
البح ��ث ع ��ن ذات اهلل و�صفاته و�أفعاله وعن �أحوال المعاد ب�أدلة ممزوجة من
العقل وال�شرع ،بمق ّدمات مقبولة عند الجمهور� ،أو م�سلمة عند الخ�صم»(((.
- 3وق���د �أورد ال�ش���هيد الثان���ي تعريف ًا له فقال« :واعل ��م �أنه عل ��م �إ�سالمي و�ضعه
المتكلمون لمعرفة ال�صانع و�صفاته العليا ،وزعموا �أن الطريق منح�صر فيه
وهو �أقرب الطرق»(((.
- 4وم���ن التعريفات التي تنقل من طريق �أهل ال�س���نّة م���ا عرفه ابن خلدون« :علم
الكالم هو علم يت�ضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد
عل ��ى المبتدعة المنحرفين في االعتقادات عن مذاهب ال�سلف و�أهل ال�سنة،
و�س ّر هذه العقائد الإيمانية هو التوحيد»(((.
الجرجاني ب�أنّه« :عل ٌم ُيبحث فيه عن ذات اهلل تعالى ،و�صفاته،
ّ - 5وكذل���ك ع ّرفه
15
((( ابن ميثم البحراني :قواعد المرام في علم الكالم� ،ص( 20–19بت�ص���رف ي�س���ير) ،الح�سيني �أحمد (تحقيق)،
قم ،مطبعة ال�صدر 1406 ،هـ ،ط.2
((( نقله ال�ش���يخ عبد الر�س���ول الغفار في حا�ش���ية كتابه (الكليني والكافي) عن المال �ص���درا في كتابه �ش���رح �أ�ص���ول
الكافي ،حا�شية� :ص .316الغفار ،عبد الر�سول :الكليني والكافي ،قم ،م�ؤ�س�سة الن�شر الإ�سالمي 1416 ،هـ ،ط.1
((( ال�شهيد الثاني ،زين الدين بن علي :حقائق الإيمان (مع ر�سالتي االقت�صاد والعدالة)� ،ص ،176الرجائي مهدي
(تحقيق) ،مطبعة �سيد ال�شهداء ،قم 1409 ،هـ ،ط.1
((( ابن خلدون ،عبد الرحمن :تاريخ ابن خلدون ،ج� ،1ص ،458دار �إحياء التراث ،بيروت ،ط.4
و�أح ��وال الممكنات م ��ن المبد�أ والمعاد على قانون الإ�س�ل�ام» .وقد �أدخل قيد
«قانون الإ�سالم» لإخراج الفل�س���فة الإله ّية من التعريف ،ف�إنّها تبحث عن ذلك
معتمدة على القواعد العقل ّية الفل�سف ّية.
يظه���ر من التعريف���ات التي �أوردها العلم���اء لهذا العلم� ،أنها ت���دور حول ماهية
واح���دة له ،و�إن اختلف���ت تعبيراتهم والتي ربما يكون اختالفها نا�ش���ئ ًا من تعدد
الم�ش���ارب واالتجاهات الفكرية له�ؤالء العلماء .فعل���م الكالم« :هو العلم الذي
يبحث فيه عن �إثبات �أ�صول الدين الإ�سالمي بالأدلة المفيدة لليقين بها»(((.
م���ن تعريف علم الكالم يتبين لنا مو�ض���وع العل���م ،وهو «�أ�صول الدين» :و�أ�ص���ول
الدين هي :التوحيد ،العدل ،النبوة ،الإمامة ،المعاد((( .وهو �أي� ً
ض���ا ما ي�ص���طلح عليه
�أغلب علماء الكالم ب�أن مو�ض���وع علم الكالم هو ذات اهلل و�ص���فاته و�أ�سما�ؤه و�أفعاله،
الدي���ن في مقابل
ولقد �س��� ّميت مو�ض���وعات ه���ذا العلم المذك���ورة في �أعاله ب�أ�ص���ول ِّ
الأح���كام القائمة على �أ�س���ا�س منه���ا والمبتنية عليها التي تعرف بف���روع الدين .وهذا
التق�س���يم للدين �إلى �أ�ص���ول وفروع م�أخوذ من تق�س���يمهم الدين �إل���ى معرفة وطاعة.
ويعنون بالمعرفة :العقيدة ،وبالطاعة :العمل.
ولأن العمل بطبيعته يقوم على المعرفة �س���ميت مفاهيم و�أحكام المعرفة ب�أ�ص���ول
الدين ،ومفاهيم و�أحكام الطاعة بفروع الدين .ون�ستطيع �أن نتبين فحوى هذا التق�سيم
من فهمنا للدين ب�أنه توجيه ل�سلوك الإن�سان في هذه الحياة.
17 كائن يخ�ض���ع �إلى بعدي���ن في حياته :البع���د الفطري ،والبع���د العملي.
والإن�س���ان ٌ
ف�أح���كام الدين التي �ش���رعت لتوجيه البعد النظري �س���ميت بالمعرف���ة لأنها عقيدة.
((( «مو�ض���وعات كتب �أ�ص���ول الدين في الأ�ص���ل هي� :إثبات ال�ص���انع و�ص���فاته ،وم�س���ائل العدلّ ،ثم النب ّوة والإمامة،
والمع���اد» .المظفر ،محمد ح�س���ن :دالئل ال�ص���دق لنه���ج الحق ،ج���� ،1ص ،22م�ؤ�س�س���ة �آل البيت Rلإحياء
التراث ،دم�شق 1422 ،هـ ،ط.1
والعقي���دة معرف���ة موطنها النظر (الفكر) .وتلك التي �ش���رعت لتوجي���ه البعد العملي
�سميت بالطاعة ،لأنها عمل ،والعمل طاعة .عن الإمام ال�صادق Qقال« :الإيمان
هو الإقرار بال ّل�سان َو َع ْق ٌد في القلب وعمل بالأركان»(((.
الحاجة إلى علم الكالم
ت�أتي الحاجة �إلى درا�س���ة هذا العلم و�أمثاله مما يو�ص���ل �إلى معرفة �أ�ص���ول الدين
من وجوب معرفة �أ�ص���ول الدين على كل �إن�س���ان توافرت فيه �شروط التكليف ال�شرعي
والإلزام الديني .ووجوب النظر في قواعد العقائد ومعرفتها وجوب عقلي.
وخال�ص ��ة الدلي ��ل :ه���و �أن يق���ال� :إن اهلل تعال���ى منعم على الإن�س���ان بنعم���ة الخلق
19
((( الطو�سي ،محمد بن الح�سن :التبيان في تف�سير القر�آن ،ج� ،3ص ،79ق�صير �أحمد (تحقيق) ،دار �إحياء التراث
العربي ،بيروت 1409 ،هـ ،ط.1
((( م.ن ،ج� ،2ص.470
((( ال�س���يوري ،المقداد :النافع يوم الح�ش���ر في �ش���رح الباب الحادي ع�ش���ر� ،ص ،19دار الأ�ضواء ،بيروت1996 ،م،
ط.2
((( �سورة الطالق ،الآية .12
((( بحار الأنوار ،ج.247 ،4
املفاهيم الرئي�سة
•عل���م الكالم ه���و العلم الذي يبح���ث فيه عن �إثبات �أ�ص���ول الدين الإ�س�ل�امي
بالأد ّلة المفيدة لليقين بها.
•� ّإن مه ّم���ة علم ال���كالم تتلخّ �ص في البحث حول م�س���ائل العقي���دة الحقّة عبر
�إيراد الأد ّلة والجمع ،ومناق�شة الآراء المخالفة و�إبطالها.
•ال ب ّد في الأد ّلة التي ي�س���تدلّ بها على �إثبات �أي �أ�ص���لٍ من �أ�ص���ول الدين �أو �أي
ق�ضية من ق�ضايا هذا العلم �أن تكون مفيدة لليقين.
�أ�سـئلـة الـدر�س
20
الدرس الثاني
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يعدّد الت�سميات التي �سمي علم الكالم بها.
2.2يب ّين الوجه في ت�سمية هذا العلم بهذه الت�سميات.
3.3يتع ّرف �إلى خ�صو�صية ت�سمية هذا العلم بعلم «�أ�صول الدين».
21
تمهيد
لقد ُذكرت لهذا العلم الباحث عن الم�س���ائل االعتقاد ّية ع ّدة �أ�س���ماء .ونالحظ � ّأن
ك ّل ت�سمي ٍة كان لها وجهها و�سببها .ونحن �سنذ ُكر هذه الت�سميات مع وجوهها:
علم الكالم
����������������
وهو �أ�شهر الت�سميات المتداولة لهذا العلم .وقد ُذكرت ع ّدة وجوه في �سبب ت�سمية
هذا العلم بعلم الكالم ،نذكر منها:
1ـ � ّإن العلماء المتق ّدمين كانوا ُي َعنوِنون ف�ص���ول �أبحاثهم بالكالم؛ فيقولون :كال ٌم
في التوحي���د ،كال ٌم في القدرة ،كالم في النب ّوة ،كال ٌم في العدل ،وهكذا ،فل ّما
كثر لفظ الكالم في هذا النحو من �أبحاثهم �س ّمي بعلم الكالم.
2ـ � ّإن م���ن يدر����س هذا العل���م ،ويتقنه وي�ستح�ض���ر قوانينه و�أد ّلته ،ي�ص���بح ماهر ًا
وبارع ً���ا في النقا�ش والمجادلة و�إفحام الخ�ص���م ،وبعبار ٍة �أخرى ت�ص���بح عنده
ق ّو ًة في الكالم مع الخ�ص���م في الأمور االعتقاد ّية والعقل ّية وال�ش���رع ّية ،في�س ّمى
متك ّلم ًا ،لت�ض ّلعه بهذا العلم.
3ـ � ّإن ق��� ّوة �أد ّل���ة ه���ذا العلم ـ مع مالحظة ما �س���ي�أتي في � ّأن ن�ش���وء ه���ذا العلم في
23 الأو�س���اط الإ�سالم ّية كان قبل الفل�س���فة ـ �صار ك�أنّه هو الكالم دون ما عداه من
ٍ
�ض���عيف كالم
العل���وم الأخرى ،وتقول العرب لل���كالم القوي عندما تقارن بين ٍ
قوي :هذا هو الكالم. وكالم ٍّ
ٍ
4ـ � ّإن �أ�شهر م�س�أل ٍة بحث عنها هذا العلم ،واختلفت فيها الآراء -ال �سيما في القرن
إلهي ،وه���ل � ّأن اهلل متك ّل ٌم؟ وهل � ّأن كالمه
���ري -هي معنى الكالم ال ّ الأ ّول الهج ّ
قدي��� ٌم �أم حادثٌ ؟ وا�ش���ت ّد النزاع كثير ًا في هذه الم�س���ائل بالتحديد بين الفرق
ٌ
معروف في الإ�س�ل�ام ّية ،ح ّتى كفّر بع�ض���هم بع� ًضا ،و�أريقت دما ٌء كثيرة ،بما هو
التاريخ با�سم (محنة القر�آن).
5ـ ل ّأن هذا العلم يبتنى على الأد ّلة القطع ّية التي تفيد اليقين ،فيكون �أ�ش��� ّد ت�أثير ًا
في القلب ،فك�أنّه يجرح القلب ويدميه ل�ش ّدة تغلغله به ،وعليه تكون هذه الت�سمية
م�شت ّق ًة من ال َك ْلم ـ ب�سكون الالم ـ �أي الجرح.
6ـ ل ّأن م�شايخ المعتزلة كانوا �أ�صحاب قرائح خ�صبة ،في ن�ض ّد القري�ض ،وارتجال
((( راجع :الإيجي ،عبد الرحمن بن �أحمد :المواقف� ،ص ،9دار الباز ،مكة المك ّرمة 0و�ش���م�س الدين ،مح ّمد جعفر:
درا�س���ات في العقيدة الإ�س�ل�ام ّية���� ،ص ،21-20دار التعارف ،بيروت 1406،هـ ،ط .3والح ّل���ي :نهاية المرام في
علم الكالم ،ج� ،1ص ،8عرفان فا�ضل(تحقيق) ،من�شورات م� ّؤ�س�سة الإمام ال�صادق ،Qقم1419 ،هـ ،ط.1
((( الإح�سائي ،ابن �أبي جمهور :ك�شف البراهين� ،ص ،67-66وجيه بن مح ّمد الم�س ّبح(تحقيق) ،من�شورات م� ّؤ�س�سة
�أ ّم القرى ،قم2001 ،م ،ط.1
علم العقائد
وهذه الت�سمية باعتبار � ّأن هذا العلم يبحث عن العقائد التي يعتنقها الإن�سان ،وقد
م ّر معنى العقيدة ،ف�س��� ّمي هذا العلم باعتبار مو�ض���وعاته ،وما يبحث عنه من م�سائل
ف�س ّمي بعلم العقائد.
وق�ضايا ترتبط بالمعتقد ،والعلم بهذه الق�ضايا عل ٌم بالعقائدُ ،
علم التوحيد والصفات
���م �أبحاثه ،وهوالجلي جد ًا � ّأن وجه الت�س���مية بهذا اال�س���م هو �أحد �أبرز و�أه ّ
وم���ن ّ
البح���ث عن توحيد اهلل �س���بحانه ،وعن �ص���فاته تعالى ،فكانت الت�س���مية للك ّل با�س���م
الجزء ،وهو متعارف ج ّد ًا في لغة العرب.
����������������
الفقه األكبر
الفقه في اللغة هو الفهم والمعرفة .وينبغي على الإن�سان �أن يعرف بالدرجة الأولى
�أمرين:
1ـ الأح���كام العمل ّية الفرع ّية :التي ت�ض���بط ك ّل �أعماله وت�ص��� ّرفاته ،وهي ما يطلق
عليها باال�صطالح (الفقه).
2ـ الم�سائل االعتقاد ّية :حيث � ّإن الأحكام العمل ّية تُبتنى على الم�سائل االعتقاد ّية،
أهم و�أ�ش���رف .لذلك �س��� ّميت الأحكام بالفقه الأ�ص���غر،فكانت هذه الم�س���ائل � ّ
و�سم ّيت الم�سائل االعتقاد ّية بالفقه الأكبر.
•� ّإن �أ�شهر كلمة متعارفة لهذا العلم (علم العقيدة) هي ت�سمية «علم الكالم».
•من �أهم �أ�س���باب ت�س���مية هذا العلم بعلم الكالمّ � ،أن �أ�ش���هر م�س�ألة بحث عنها
هذا العلم -وال �س���يما في القرن الهجري الأ ّول – هي م�س����ألة الكالم الإلهي،
ولذلك �س ّموا هذا العلم بذلك اال�سم.
•�س��� ّمي هذا العلم بعلم �أ�ص���ول ال ّدي���ن ل ّأن العلوم ال ّدينية م���ن الفقه والحديث
والتف�سير مبن ّية عليه.
�أ�سـئلـة الـدر�س
26
الدرس الثالث
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يب ّين �أهم ّية علم الكالم.
2.2ي�شرح الوظيفتين البنائية والدفاعية لعلم الكالم.
3.3يتب َّين �شرف علم الكالم ومرتبته بين العلوم.
27
ولعلا نيب هتبترمو مالكلا ملع ةّيّمهأ
((( الح ّلي ،العالمة الح�س���ن بن يو�سف ،نهاية المرام في علم الكالم ،ج� ،1ص ،13تحقيق :فا�ضل عرفان ،من�شورات
م� ّؤ�س�سة الإمام ال�صادق ،Qقم ـ �إيران ،ط .الأولى 1419هـ .
- 2الدفاعيّة:
لع��� ّل الدفاع ع���ن العقيدة هي الفائدة الأ�س���ا�س المرج ّوة من ه���ذا العلم ،ولأجلها
د ّون علم الكالم ،وات�س���عت مطالبه وما زالت كذلك ح ّتى ع�ص���رنا الحا�ضر .فن�صرة
إ�س�ل�امي الحني���ف ،والحفاظ على �إيم���ان ومعتقداتّ العقي���دة ،والدفاع عن الدين ال
الم�س���لمين ،والذود عنها بر ّد ال�شبهات ،ورفع الإ�ش���كاالت ،ودفع االعترا�ضات ،تعتبر
من �أهم الفوائد والآثار الطبية لعلم الكالم.
أ�ش���خا�ص يلقي ال�ش���يطان في �أفئدته���م ،وينفث على
ٍ فال يخلو ع�ص��� ٌر م���ن وجود �
فيوجهون ال�شبهات العوي�ص���ة حول الدين .وال تكون هذه ال�شبهات � اّإل فتن ًة �أل�س���نتهمّ ،
المعاند وتفحمه ،وتر ّد ال�شبه ،وبذلك ي�ستر�شد طالب الهداية ،وال يبقى له عذ ٌر
�أمام اهلل ب�أنّه لم يظهر له الحقّ � ،أو �أنّه لم يطّ لع على ما يفيده العلم واليقين في
المعتقد(((.
((( راجع :الإيجي ،المواقف� ،ص( .8ذكر في المق�صد الثالث خم�س فوائد).
وبالثان ��ي الظ ��نّ ،والأ ّول �أ�شرف .ومق ّدمات هذا الفنّ قطع ّي ٌة يقين ّية� ،إ ّما بديه ّية �أو
ك�سب ّية راجع ٌة �إليها ،فتكون براهينه �أوثق من غيره ،فيكون �أ�شرف» (((.
3ـ التعرّف �إلى مطالب ال�سعادة:
� ّإن الإن�س���ان خُ لق ال كغيره م���ن الحيوانات ،حيث �إنّه ُجع���ل مح ًال لخطاب اهلل ج ّل
وع�ل�ا ،وتكليف���ه بالأوامر والنواه���ي ،وما ذل���ك � اّإل لينال ال�س���عادة الأخرو ّي���ة والفوز
والر�ض���وان« ،وهذه �أعظ ��م الأمور و�أج� � ّل المطالب ،وال تح�صل ه ��ذه � اّإل من خالل
الإيمان باهلل تعالى ور�سله و�أو�صيائهم ،والإيمان باليوم الآخر ،والتع ّرف على هذه
الأمور ال يكون � اّإل عبر هذا العلم ،فهو �إذاً �أ�شرف العلوم»(((.
((( العالمة الح ّلي ،نهاية المرام في علم الكالم ،ج� ،1ص.7
((( م .ن( .بت�ص ّرف).
((( الإح�سائي ،ابن �أبي جمهور ،ك�شف البراهين� ،ص.69
وقد ذكر ج ّل هذه الأ�س���باب �ص���احب المواق���ف بعبار ٍة مخت�ص���ر ٍة ووافية ((( .كما
وذكرها العلاّ مة الح ّلي في نهاية المرام(((.
العلوم وا�ض���حة ج ّد ًا ،و�أنّه ال ب ّد �أن يكون مق ّدم ًا على �سائر العلوم ،و�سابق ًا عليها .وقد
ذكر العلاّ مة الح ّلي منزلته بما ّ
ن�صه:
«�إنّ مبادئ �سائر العلوم �إنّما تتب ّين فيه .ومعرفة ذي المبد�أ متو ّقف ٌة على معرفة
المبد�أ .فلهذا العلم تق ّدم بهذا االعتبار على غيره من �سائر العلوم.
ولأنّ �سب ��ب النج ��اة �إ ّنم ��ا هو معرفة هذا العلم ،وهذه الغاي ��ة �أكمل من ك ّل غاية،
فله ��ذا العل ��م تق� � ّدم على غي ��ره بح�سب غايت ��ه .ولأنّ معلومه �أ�شرف م ��ن ك ّل معلو ٍم
وجب تق ّدمه على جميع العلوم»(((.
33
•المه ّم���ة الأول���ى لعلم ال���كالم هي دفاعية وهي ن�ص���رة العقي���دة ،والدفاع عن
إ�سالمي الحنيف.
ّ ال ّدين ال
•المه ّم���ة الثانية لعلم الكالم تنوير ّي���ة ،ل ّأن االطالع على علم الكالم ،والتع ّرف
�إلى �أد ّلته ،يرفعان من م�س���توى الفهم الإيماني للإن�س���ان الم�س���لم بعيد ًا عن
االعتقاد الأولي ال�ساذج.
•يظهر �ش���رف علم الكالم من خالل االطالع عل���ى �أهم ّية هذا العلم ،والفائدة
�أ�سـئلـة الـدر�س
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يم ّيز بين علم الكالم والفل�سفة.
2.2ي�شرح �شبهة تحريم علم الكالم والرد عليها.
3.3يتع ّرف �إلى �ضرورة علم الكالم.
35
الفرق بين علم الكالم والفلسفة
بع���د مالحظة تعريف علم الكالم نجد � ّأن هن���اك مجموع ًة من العقائد والمباحث
الثابتة في الدين ،يعتنقها عالم الكالم (المتك ّلم) ،ويقوم بدور تثبيتها بالأد ّلة والدفاع
مالكلا ملع ةرورض
عنها قبال ك ّل من يحاول هدمها �أو الت�ش���كيك فيها .فهناك �إذ ًا مجموع ٌة من الحقائق
ل�ص���حة � ّأي فكر ٍة
ّ المق ّد�س���ة تكون هي المحور وهي الأ�س���ا�س .وقد جعلت هي المعيار
تطرح .وعلى �أ�سا�س هذا المعيار ُيدخلونها في الدين �أو ُيخرجونها عنه.
بينم���ا نجد الفيل�س���وف ال يعتنق � ّأي فكر ٍة م�س���بقة ،ولي�س عنده �ش���ي ٌء مق ّد ٌ�س قبل
الفل�سفي .فهو يدخل في البحث مج ّرد ًا عن � ّأي مق ّد�س �سابق ،وعن �أي ّ دخوله بالبحث
والمنطقي الذي يعتمد على المق ّدمات ّ العقلي
ّ عقي���د ٍة َقبل ّي ٍة .ولي�س بيده غير البرهان
اليقين ّية ال الظن ّية .وهذا البرهان هو المعيار والفيلق عنده.
والمنطقي لما يعتقد �أنّه
ّ العقلي
ّ وبعبار ٍة �أخرىّ � :إن المتك ّلم يحاول �إخ�ضاع البرهان
حق ،و�أنّه مق ّد�س� ،أي لعقيدته .فالبرهان مت�أخ ٌر عنده عن العقيدة ،بينما الفيل�س���وف ّ
ال يعتقد قبل البرهان ،بل يبرهن ّثم يعتقد ،ح ّتى لو لم تكن نتيجة البرهان م ّتفق ًة مع
37 �أهوائه وميوله.
ولع ّل هذا هو الفارق الأ�س���ا�س بين المتك ّلم والفيل�س���وف ،ومن���ه يعرف الفارق بين
علم الكالم والفل�سفة ،فالأ ّول عقيد ٌة ثابت ٌة ُيبحث عن براهينها ،والثاني براهين تثبت
عقيد ًة(((.
((( راجع� :شم�س الدين ،مح ّمد جعفر ،درا�سات في العقيدة الإ�سالم ّية� ،ص.23
ق���ال العلاّ مة الطباطبائي« :القيا�س ��ات الم�أخوذة في الأبح ��اث الكالم ّية جدلي ٌة
مر ّكب� � ٌة من مق ّدمات م�س ّلمة( :الم�شهورات والم�سلمات) ،لكون اال�ستدالل بها على
م�سائ ��ل م�س ّلم ��ة ،وما �أخ ��ذ في الأبحاث الفل�سف ّي ��ة منها قيا�ساتٌ برهان ّي� � ٌة ،يراد بها
�إثبات ما هو الحقّ ،ال �إثبات ما ُ�س ّلم ثبوتها ت�سليماً»(((.
وذك���ر في نف�س البحث قبل �أ�س���طرٍ �« :إنّ الفل�سفة تبحث بحث� �اً حقيق ّياً ،وتبرهن
الحقيقي
ّ عل ��ى م�سائ ��ل م�س ّلم ��ة ،بمق ّد ٍ
مات يقين ّي� � ٍة .والكالم يبح ��ث بحثاً �أع ّم م ��ن
واالعتباري ،وي�ستدل على م�سائل مو�ضوعة م�س ّلمة بمق ّدمات هي �أعم من اليقين ّية ّ
والم�س ّلمة ،فبين الفنّين �أبعد م ّما بين ال�سماء والأر�ض»(((.
((( الطباطبائي ،مح ّمد ح�س���ين :الميزان في تف�س���ير الميزان ،من�ش���ورات جماعة المد ّر�سين في الحوزة العلم ّية ،قم
المقد�سة ،1985 ،ط.1
((( 38م.ن� .ص.260
فام�س���كوا ،وتك ّلموا فيما دون العر����ش وال تك ّلموا فيما
ّ اهلل إلى � الكالم ���ى ه انت إذا � « قال:Q اهلل ((( ع���ن �أب���ي عبد
فوق العر�ش ،ف� ّإن قوم ًا تك ّلموا فيما فوق العر�ش فتاهت عقولهم ،حتّى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من
خلف���ه ،وين���ادى من خلفه فيجيب من بين يديه» .والتك ّلم فيما فوق العر�ش كناي ٌة عن التف ّكر في كنه ذاته و�ص���فاته
المجل�سي محمد الباقر :بحار الأنوار،ج� ،3ص� ،261إبراهيم الميانجي ،مح ّمد الباقر البهبودي(تحقيق)، ّ تعالى.
من�شورات م� ّؤ�س�سة الوفاء ،بيروت1983،م ،ط.2
((( ال�ص���دوق ،محمد بن علي :التوحيد� ،ص ،458ها�شم الح�س���يني الطهراني(ت�صحيح وتعليق) ،من�شورات جماعة
المد ّر�سين في قم المق ّد�سة ،قم ،ط.1
ق���ال الإم���ام �أب���و عب���د اهلل ال�ص���ادق« :Qيهل ��ك �أ�صح ��اب ال ��كالم ،وينج ��و
الم�سلمون� .إنّ الم�سلمين هم النجباء»(((.
خاطئ(((،
ٌ وال�ص���حيح � ّأن فهم هذا النوع من الروايات ب�أنّها تنهى عن علم الكالم
وهو نات ٌج عن عدم التد ّبر فيها ،وعن عدم مراجعة �سائر كلماتهم .Rف� ّإن للنهي
المذكور وجوه ًا واحتماالت يمكن �أن يحمل عليها:
خا�صةٍ :
- 1لطائفةٍ ّ
وهي التي ال تح�س���ن ال ُأ�س����س المتينة لعلم الكالم ،وال تدرك �أ�ص���ول الدين و�أد ّلته
وقوي .ف���ورد النهي خوف ًا عليهم من ال�ض�ل�ال واالنحراف وعدم �إظهار محكم ّب�ش���كل ٍ
مالكلا ملع ةرورض
الحجج الثابتة للخ�صم ،وحر� ًصا عليهم ،وخ�شية انحرافهم ،وهذا ال يعني حرمة علم
الكالم.
فق���د روي عن الإمام ال�ص���ادق�«Qأنّه نهى رج�ل ً�ا عن الكالم و�أم ��ر �آخر به،
فق ��ال ل ��ه بع� ��ض �أ�صحاب ��ه :جعلت فداك ،نهي ��تَ فالناً ع ��ن الكالم و�أم ��رت هذا به؟
فقال :هذا �أب�صر بالحجج ،و�أرفق منه»(((.
ق���ال ال�ش���يخ المفيد في ذيل هذه الرواي���ة « :فثبت �أنّ نه ��ي ال�صادقينLعن
ال ��كالم �إ ّنم ��ا كان لطائف� � ٍة بعينه ��ا ،ال تح�سن ��ه وال تهت ��دي �إلى طرق ��ه ،وكان الكالم
يف�سدها ،والأمر لطائف ٍة �أخرى به ،لأنها تح�سنه وتعرف طرقه و�سبله»(((.
- 2النهي كان عن �إثبات �أ�صولٍ غير حقّة:
ف� ّإن الأ�صول الحقّة عند �أهل البيت والع�صمة Rفح�سب .فعن يون�س بن يعقوب
39
���ت لأبي عبد اهلل« :Qجعل ��تُ فداك؛ �إ ّن ��ي �سمعتُك تنهى عن ال ��كالم وتقول:
قل ُ
((( م .ن.
((( ال�شهيد الثاني ،حقائق الإيمان� ،ص.178
((( المفيد ،محمد بن محمد النعمان ،ت�صحيح اعتقادات الإمام ّية� ،ص ،71ح�سين دركاهي(تحقيق) ،من�شورات دار
المفيد للطباعة والن�شر ،بيروت 1414 ،هـ ،ط.2
((( م .ن.
ويل لأ�صحاب الكالم يقولون هذا ينقاد وهذا ال ينقاد ،وهذا ين�ساق وهذا ال ين�ساق، ٌ
وهذا نعقله وهذا ال نعقله ،فقال �أبو عبد اهلل� :Qإنّما قلتٌ :
فويل لهم �إن تركوا
م ��ا �أق ��ول وذهب ��وا �إلى ما يريدون»((( .وف���ي رواي ٍة �أخرى« :ث ّم دعا حم ��ران بن �أعين
ومح ّم ��د ب ��ن ّ
الطيار ،وه�ش ��ام بن �سالم ،وقي� ��س الما�صر ،فتك ّلم ��وا بح�ضرته ،وتك ّلم
ه�شام بعدهم .ف�أثنى عليه ومدحه وقال له :مثلك من يكلم النا�س»(((.
- 3النهي عن ت�شبيه اهلل بخلقه وتج�سيده:
يخت�ص
ّ ق���ال ال�ش���يخ المفيد« :ف� ّأم ��ا النهي عن ال ��كالم في اهلل ع� � ّز وج ّل؛ ف�إ ّنم ��ا
بالنهي عن الكالم في ت�شبيهه بخلقه وتجويره في حكمه .و�أ ّما الكالم في توحيده
41
•يفترق علم الكالم عن الفل�س���فة ،ب� ّأن المتك ِّلم يعتقد بدين وفكر �سابقين يقوم
ب���دور الدفاع عنهم���ا بالمنطق والبره���ان ،بينما نجد الفيل�س���وف ال يعتنق � ّأي
فكر ٍة م�سبقة ويدخل البحث م�ستعين ًا بالبرهان.
حق .فالبرهان •يحاول المتك ّلم �إخ�ضاع البرهان العقلي والمنطقي لما يعتقد �أنّه ّ
مت�أخ ٌر رتب ًة عن اعتقاده .والفيل�سوف على العك�س من ذلك.
•� ّإن الفارق بين المتك ّلم والفيل�س���وف يم ِّثل في جوه���ره الفارق بين علم الكالم
�أ�سـئلـة الـدر�س
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يتع� � َّرف �إل ��ى وج ��ود عوام ��ل داخلي ��ة وخارجي ��ة لن�ش� ��أة عل ��م
الكالم.
2.2يتب ّين دور العوامل الداخلية لن�ش�أة علم الكالم.
3.3ي�شرح �أهمية دور �أهل البيت Rفي ن�ش�أة علم الكالم.
43
نشأة علم الكالم
� ّإن علم الكالم ك�سائر العلوم الإن�سان ّية ،ظاهر ٌة فكر ّي ٌة وعلم ّي ٌة ن�ش�أت بين الم�سلمين
(1مالكلا ملع ةأشننن
���روف وعوامل ع��� ّد ٍة ،ت�أتي �إن �ش���اء اهلل تعالى .وما يه ّمن���ا هو علم الكالم
���باب وظ ٍ
لأ�س ٍ
إ�س�ل�امي ،و�إن كانت ظاهرة ه���ذا العلم موجود ًة في الديان���ات الأخرى ،في مدار�س ّ ال
واحد من علماء هذه الديانات كتب ًا كالم ّي ًة. الديانة الم�سيح ّية واليهود ّية ،وقد �أ ّلف غير ٍ
لكن ما يه ّمنا من هذا البحث خ�صو�ص الكالم في مدر�سة �أهل البيت.R
جمي ��ع م ��ا �أ�سه ��ب المتك ّلمون من بعده ف ��ي ت�صنيفه وجمعه �إنّما ه ��و تف�صيل لتلك
الجم ��ل و�ش ��رح لتلك الأُ�ص ��ول .وروي عن الأئ ّمة Rم ��ن �أبنائه Rفي ذلك
أحب الوقوف عليه فطلب ��ه من مظانّه �أ�صاب منه م ��ا ال ي ��كاد يح ��اط به كثرة ,ومن � ّ
(((
الكثير الغزير الذي في بع�ضه �شفاء لل�صدور ال�سقيمة ولقاح للعقول العقيمة».
وق���ال اب���ن �أبي الحدي���د�« :إنّ �أ�ش ��رف العلوم ه ��و العلم الإله � ّ�ي ،لأنّ �ش ��رف العلم
ب�شرف المعلوم ،ومعلومه �أ�شرف الموجودات ،فكان هو �أ�شرف .ومن كالمهQ
اقتُب� ��س ،وعن ��ه ُنق ��ل ،ومن ��ه اب ُت ��دئ و�إلي ��ه ان ُته ��ي .ف� ��إنّ المعتزل ��ة ،الذين ه ��م �أ�صل
التوحي ��د والع ��دل و�أرباب النظر ومنهم تع ّلم النا�س هذا الفنّ ،تالمذته و�أ�صحابه،
لأنّ كبيره ��م «وا�ص ��ل ب ��ن عطاء» تلمي ��ذ �أبي ها�شم عبد اهلل ب ��ن مح ّمد بن الحنفية
و�أبو ها�شم تلميذ �أبيه و�أبوه تلميذه .و�أ ّما الأ�شعر ّية ف�إنّهم ينتمون �إلى �أبي الح�سن
أ�شعري وه ��و تلميذ �أبي عل ��ي الجبائي ،و�أبو علي عل ��ي ب ��ن �إ�سماعيل ب ��ن �أبي ب�شر ال ّ
47
�أح ��د م�شايخ المعتزل ��ة فالأ�شعر ّية ينتهون بالآخرة �إلى �أُ�ست ��اذ المعتزلة ومع ّلمهم،
(((
وهو علي بن �أبي طالب».
((( المرت�ضى ،علم الهدى :الأمالي ،ج� ،1ص ،103النع�ساني الحلبي مح ّمد بدر الدين (ت�صحيح وتعليق) ،من�شورات
مكتبة �آية اهلل العظمى المرع�شي النجفي1325 ،هـ ،ط.1
((( ابن �أبي الحديد� :شرح نهج البالغة ،ج� ،1ص ،17دار �إحياء الكتب العربية ،بيروت1378 ،هـ �ش ،ط.1
معارف العترة الطاهرة O
لقد �أُتيحت الفر�ص���ة للعترة الطاهرةRفي �آخر عهد الأمو ّيين و�أوائل حكومة
العبا�س��� ّيين ،في �شرح المعارف وتو�ضيح الحقائق وتربية ر ّواد الفكر ،و�إر�شاد الحكيم
أوحدي من النا�س ،والتلميح �إلى نكات عرفان ّية، �إلى دالئل وبراهين ال يقف عليها � اّإل ال ّ
ال يدركها � اّإل العارف المت�أ ّله.
وتلميحات عرفان ّي ٌة .كما
ٌ إ�ش���ارات كالم ّية
ٌ ففي �أدعية الإمام زين العابدين�Q
� ّأن ف���ي الأحاديث المرو ّية عن ال�ص���ادقين والكاظمينRكم ّي ًة هائل ًة من البحوث
إ�س�ل�امي ٍ
بوجه ّ الكالم ّي���ة ،والمناظ���رات العلم ّية التي �أ ّدت �إلى ن�ض���وج علم الكالم ال
49
•هن���اك نوع���ان م���ن العوامل التي �س���اهمت في ن�ش����أة عل���م ال���كالم :العوامل
الداخلية ،والعوامل الخارجية.
•المق�ص���ود من العوامل الداخلية لن�ش����أة علم الكالم ،جملة من العنا�صر التي
�س���اهمت في ت�أ�سي�س ال ّدين الإ�س�ل�امي ،ومنها :القر�آن الكريم ،ال�سنّة النبوية
ال�شريفة� ،أهل البيت .R
•� ّإن دور الق���ر�آن الكريم في �ش����أن عل���م الكالم يتج ّلى في احتوائه على �أ�ص���ول
�أ�سـئلـة الـدر�س
1.1عدّد ثالثة من الأ�سباب الداخليّة التي �ساعدت على ن�شوء علم الكالم.
2.2ا�شرح دور القر�آن الكريم في ن�ش�أة علم الكالم؟
3.3بيّن �أهمية دور النبي Pفي ن�ش�أة علم الكالم؟
50
4.4ا�شرح باخت�صار دور الإمام علي Qفي ن�ش�أة علم الكالم؟
الدرس السادس
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يتع ّرف �إلى وجود �أ�سبابٍ خارجية في ن�ش�أة علم الكالم.
2.2ي�شرح �أثر االحتكاك الثقافي مع ال�شعوب الأخرى.
3.3يتع ّرف �إلى بدايات الم�سائل الكالم ّية في الإ�سالم.
51
العوامل الخارجية لنشأة علم الكالم
بع���د الحديث عن العوامل الداخل ّية التي �أ ّدت �إلى ن�ش���وء عل���م الكالم نتحدث عن
العامل الثاني الذي �ساعد على ن�شوء هذا العلم والمتمثل بالعوامل الخارج ّية.
الحضاري
ّ الثقافي واللقاء
ّ االحتكاك
(2مالكلا ملع ةأشننن
الخارجي
ّ بيان العامل
خاتم للكتب ،ومهيمن عليها، عالمي ،ونب ّوة خاتم ٍةٍ ،
وكتاب ٍ ٍّ النبي Pبدينٍ
���ث ّ ُب ِع َ
53 وبث �شريعته الغ ّراء في ربوع الجزيرة العرب ّية في ب�ضع �سنين� ،إلى �أن م�ضى �إلى جوار ّ
ر ّبه ،وراية الإ�س�ل�ام خفّاق ٌة عالي ٌة ،يدين �أهلها بالتوحيد ،ويكافحون الثنوية ،وي�ؤمنون
بالحياة الأُخرو ّية ويعملون ب�سنن الإ�سالم وطقو�سه.
أح�س الم�سلمون بواجبهم بعد رحيله ،Pوهو ن�شر الإ�سالم وب�سطه في العالم وقد � ّ
ك ِّل��� ِه ودعوة جميع الب�ش���ر على مختلف قومياتهم �إلى االن�ض���واء تحت راية الإ�س�ل�ام،
بالحكمة والموعظة الح�س���نة ،ثم ك�س���ر الأ�ص���نام والأوثان بالجهاد المتوا�صل ،وبذل
النف�س والنفي�س في �س���بيله ،ح ّتى ت ُْ�ص���بِح الأجواء �ص���افي ًة ،والظروف ح��� ّرةً ،وترتفع
زرافات ووحدان ً���ا عن ٍ
طوع ورغب ٍة، ٍ العوائ���ق والموان���ع بغية دخول النا����س في دين اهلل
بالتو�سع،
ّ خوف وال رهب ٍة من طواغيت الع�صر .فقامت الدول الإ�سالمية المتعاقبة بال ٍ
المتح�ضرة والتي كانت تتم ّتع ـ وراء الآداب والفنون
ّ ون�شر الثقافة الإ�سالم ّية بين الأُمم
والعلوم وال�صناعات ـ بمناهج فل�سف ّية ،و�آراء كالم ّية ال يذعن بها الإ�سالم.
الح�ضاري ت�أثي ٌر بالغٌ ،عاد على الإ�سالم
ّ الثقافي واللقاء
ّ وقد كان في ذلك االحتكاك
والم�سلمين بالخير الكثير � ،اّإل � ّأن هذا االحتكاك لم يخ ُل عن م�ضاعفات ،وهي انتقال
انتقال األسر
و�أعان على ذلك �أم ٌر ثانٍ ؛ وهو انتقال ع ّدة من الأُ َ�س���ر �إلى العوا�ص���م الإ�س�ل�ام ّية،
فانتقلوا �إليها ب�آرائهم و�أفكارهم وعقائدهم الم�ض���ا ّدة للإ�س�ل�ام و�أُ�س�س���ه ،وكان بين
الم�سلمين من لم يتو ّرع في �أخذ هاتيك العقائد الفا�سدة ،نظراء :عبد الكريم ابن �أبي
العوج���اء ،وحماد بن عجرد ،ويحيى بن زي���اد ،ومطيع بن ايا�س ،وعبد اهلل بن المقفّع
�إلى غير ذلك بين غير متد ّرع �أو غير متو ّرع ،ف�أوجد ذلك قلق ًا ووح�ش ًة بين الم�سلمين.
الترجمات
�أ�ض���ف �إل���ى ذلك �أمر ًا ثالث ًا كان له الت�أثير الحا�س���م في ب�س���ط الإلح���اد والزندقة
وهو نقل الكتب الرومان ّية واليونان ّية والفار�س��� ّية �إلى اللغة العرب ّية دون نظار ٍة ورقاب ٍة، 54
وجعلها في متناول �أيدي النا�س ،وقد ذكر ابن النديم تاريخ ترجمة تلك الكتب فقال:
مح ّباً للعلوم ،ف�أمر ب�إح�ضار جماع ٍة من فال�سفة «كان خال ��د ب ��ن يزيد بن معاوية ِ
اليون ��ان ،م ّم ��ن كان ينزل مدينة م�صر ،و�أمره ��م بنقل الكتب في ال�صنعة من الل�سان
العربي ،وهذا �أ ّول نقل كان في الإ�سالم من لغ ٍة �إلى لغة ،ثمّ اليونان � ّ�ي والقبط � ّ�ي �إلى
الحجاج ،وكان �أمر الترجمة نقل الديوان وكان باللغة الفار�س ّية �إلى العرب ّية في �أ ّيام ّ
يتق ��دم بب ��طء� ،إل ��ى �أن ظهر الم�أمون ف ��ي �ساحة الخالفة ،فرا�سل مل ��ك الروم ي�س�أله
الإذن ف ��ي �إنف ��اذ ما يختار من العل ��وم القديمة المخزونة ،الم ّدخ ��رة في بالد الروم،
الحجاج بن مطر ،وابن ف�أج ��اب �إل ��ى ذلك بعد امتناع ،فبعث الم�أمون جماعة ،منهمّ :
المنجم ،فج ��ا�ؤوا بطرائف الكتب، بطري ��ق ،ومح ّم ��د ب ��ن �أحمد و الح�سين بن ��و �شاكر ّ
وغرائب الم�صنّفات في الفل�سفة والهند�سة وغيرهما»((( .ثم ذكر ابن النديم �أ�سماء
النقلة من اللغات المختلفة �إلى اللغة العرب ّية ،وجاء ب�أ�سماء كم ّية هائل ٍة ،ف�أخذوا ي�ص ّبون
(2مالكلا ملع ةأشننن
���مين في كتب الوثن ّيين والم�س���يح ّيين على ر�ؤو�س الم�سلمين ،وهم ما وجدوه من غثٍّ و�س ٍ
غير متد ّرعين وغير واقفين على جذور هذه ُ
ال�ش َبه ،مع �أ ّنها كانت تزعزع �أركان الإ�سالم.
((( ابن النديم� ،أبو الفرج محمد بن �أبي يعقوب :فهر�ست ابن النديم ،تحقيق (تجدد ر�ضا) ،طهران ،ط.1
ذلك نجاح ًا باهر ًا .وه�ؤالء المنا�ضلون هم ال�شيعة خ ّريجو مدر�سة �أهل البيت.R
فف���ي تلك الأج���واء الم�ش���حونة بالبحث والجدل ا�س���تفحل �أمر ال���كالم� ،أي العلم
الذب عن الإ�سالم.فكان الباحث عن المبد�أ و�أ�سماء اهلل تعالى و�صفاته و�أفعاله لغاية ّ
الفكري مع الت ّي���ارات الإلحاد ّية المتح ّدية
ّ وليد الحاجة ،ورهن ال�ص���راععل���م الكالم َ
للإ�س�ل�ام والم�س���لمين .ففي ه���ذه الظروف الع�ص���يبة قام �أه���ل البيتRبتربية
للذب عن الإ�س�ل�ام و�أُ�ص���وله والذود عن حريم جموع غفير ٍة من �أ�ص���حاب المواهبّ ، ٍ
الوالية ،في �ضوء العقل والبرهان ،ف�صاروا يناظرون ك ّل فرق ٍة و ِنحل ٍة ب�أمتن البراهين
أ�سلمها .وكان �أئ ّمة �أهل البيتRمتكفّلين بتدريبهم وتعليمهم كيف ّية مناظرتهم. و� ِ
((( �أبو الح�س���ن الأ�ش���عري :مقاالت الإ�سالميين واختالف الم�ص ّلين ،ج� ،1ص ،34ن�ش���رة محيي الدين عبد الحميد.
نق ًال عن ال�سبحاني في مقدمته على نهاية المرام في علم الكالم للعالمة الح ّل ّي� ،ص.15
���تاني�« :إنّ االختالف في الإمامة �أعظم خ�ل�اف بين الأُ ّمة� ،إذ ما ويقول ال�شهر�س ّ
�س ّل �سيفٌ في الإ�سالم على قاعد ٍة دين ّي ٍة مثل ما �س ّل على الإمامة في كل زمان»(((.
وال�صحيح � ّأن االختالف في الإمامة بعد �أيام الخلفاء ،و�إن �أ�صبح اختالف ًا كالم ّي ًا،
بن�ص من الر�سول الأكرم ،Pبينما فذهب �أتباع مدر�س���ة �أهل البيت�Rإلى �أنّها ٍّ
اختار �أتباع مدر�س���ة الخلفاء القول ب�أنّها بال�شورى ،ولم يكن يوم ارتحل الر�سولP
اختالف ًا في قاعد ٍة دين ّي ٍة ،وجدا ًال في م�س����أل ٍة كالم ّي ٍة ،بل كان جدا ًال �سيا�س���ي ًا مح� ًضا،
النبيRولفيف ًا من �ش���يعة الإمام وال يبتنى على قاعد ٍة دين ّي ٍة ،ل ّأن عل ّي ًا و�أهل بيت ّ
النبي .Pو�أ ّما Qكانوا بعيدين عن ال�س���قيفة وما جرى فيها ،م�شغولين بتجهيز ّ
(2مالكلا ملع ةأشننن
الأن�ص���ار فكانوا يرون �أنف�س���هم �أولى ب����إدارة الأُمور لأنّهم �آووا النبي Pون�ص���روه.
النبي Pوع�شيرته ،من دون �أن وكان المهاجرون يرون �أنف�سهم �أولى بها لأنّهم �أ�صل ّ
يبحث �أح ٌد من الفئتين عن القاعدة الدين ّية التي ينبغي �أن تبنى عليها الإمامة ،و�أنّها
هل هي التن�صي�ص� ،أو ال�شورى �أو غيرهما ،وما هو المالك فيها؟ بل كانت هذه الأُمور
من�ص���ة الخالفة وت���داول كرتها بين مغف���و ًال عنها يوم ذاك ،وكان الهدف هو ت�س���نّم ّ
�أبنائهم وع�ش���يرتهم .ح ّتى لو لم تكن حكومة الر�سول Pحكومة دين ّية وكان الر�سول
Pقائد ًا ب�شر ّي ًا مات عنها ،لقام المهاجرون والأن�صار بنف�س ذلك الجدال ،ول�سعى
ديني ،لما كان لالختالف ك ٌّل �إلى ج ّر النار �إلى قر�ص���ه .ولو كان النزاع على �أ�س���ا�س ّ
مجالٌ ،وكفتهم هتافات الر�سول Pفي بدء الدعوة ،ويوم ترك المدينة لغزوة تبوك،
وي���وم الغدير وغيره���ا من المواقف بالإ�ض���افة �إل���ى الأحاديث التي د ّل���ت على �إمامة
57 الأئ ّمة Rمن بعده.
((( ال�شهر�س���تاني� ،أبي الفتح محمد بن عبد الكريم :الملل والنحل ،ج� ،1ص ،24كيالني محمد �س���يد(تحقيق) ،دار
المعرفة ،بيروت ،ط.1
املفاهيم الرئي�سة
�ص���راع فكري
ٍ •� ّإن االحت���كاك الثقاف���ي بين الم�س���لمين وغيره���م� ،أ ّدى لظهور
بينهم ،و�ساهم هذا ال�صراع في �إيقاظ المف ّكرين الم�سلمين للم�ساهمة فيه.
•� ّإن عالمية ال ّدين الإ�س�ل�امي دفعت الم�سلمين �إلى اال�ستمرار في ن�شر الإ�سالم
وب�سطه في العالم بمختلف قوم ّياتهم.
•لعبت ترجم���ات الكتب الفل�س���فية وال ّدينية دور ًا في ب�س ِ
���ط الإلحاد والزندقة،
مما دفع الم�س���لمين �إلى محاولة الق�ض���اء عليها بك ّل الو�سائل؛ ومنها ال�صراع
�أ�سـئلـة الـدر�س
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يع� �دّد نب ��ذة من �أه ��م الم�سائ ��ل الكالمي ��ة التي كان ��ت مورد
خالف بين الم�سلمين.
2.2يب ّين المن�ش�أ والأ�صل لكل م�س�ألة كالمية خالفية.
3.3يحدِّد مفهوم الإيمان وعالقته بمفهوم العمل.
59
مسألة التحكيم
�أحد الخالفات البارزة التي ظهرت ،هي م�س�ألة التحكيم في وقعة �صفّين .والم�س�ألة
ديني ،وهو � ّأن يوم ذاك ،و�إن ا�ص���طبغت ب�ص���بغ ٍة �سيا�س���ي ٍة ،لكنها كانت على � ٍ
أ�س���ا�س ّ
ـيمالكلا لئاسملا نم
فر�ض���وا عليه �ص���يغة التحكيم ووثيقته ،وحتى ال ُمح ِّكم الذي ي�ش���ارك فيه مع مندوب
م
مرتكب الكبيرة
���ني
� ّإن الخ���وارج كان���وا يح ّب���ون الخليفتي���ن الأ ّول والثاني ،ويوافقون عثمان في �س ّ
عليQفقد كانوا م�ص��� ّدقيه �إلى ق�ض���ية ���ت �س���نين .و�أ ّما الإم���ام ّخالفت���ه �إلى �س ّ
ّ
المخطط ال عن رغب ٍة التحكيم � ،اّإل �أنّه ل ّما فُر�ض عليه التحكيم ،وقبل ا�ضطرار ًا بذلك
فيه ،خالفوه وو�صفوه باقتراف الكبيرة .وعندها ُطرحت �أ ّول م�س�أل ٍة كالم ّي ٍة؛ وهي :ما
حكم مرتكب الكبيرة؟ وكثر الكالم فيها �أ ّيام محاربة الخوارج مع الأمويين المعروفين
بحجة �أنّهم كفرةٌ؛
بالف�سق والفجور ،و�سفك الدماء وغ�صب الأموال ،فحاربهم الخوارج ّ
ال حرمة لدمائهم ،وال �أعرا�ضهم ،وال نفو�سهم القترافهم الكبائر.
وقد ت�ش ّعبت الآراء في حكم مرتكب الكبيرة:
.1فالخوارج قالوا� :إنّه كاف ٌر.
مفهوم اإليمان
كالمي �آخر وه���و :تحديد مفهوم
ٌّ وق���د انبث���ق من النزاع في مرتك���ب الكبيرة نزا ٌع
الإيم���ان ،وهل العمل داخ���ل في حقيقة الإيمان �أو ال ؟ فعلى ق���ول الخوارج والمعتزلة،
العمل مق ّوم للإيمان ،بخالفه على القول الآخر .وقد �صارت تلك الم�س�ألة ذات �أهم ّية
في الأو�ساط الإ�سالم ّية وانتهت �إلى م�س�ألة �أُخرى ،وهي زيادة الإيمان ونق�صه ب�صالح
الأعمال وعدمها.
التشبيه والتنزيه
قد تتفق اليهود ّية والإ�س�ل�ام في الأ�ص���ول العا ّمة للتوحيد والنب ّوة ،لكنهما يفترقان
الرب .فالتوراة ي�ص���ف الإله ب�ص���ورة ب�ش���رٍ وله �ص���ورة و�إذا عمل يتعب في �أو�ص���اف ّ
جذان
فيحتاج �إلى اال�س���تراحة ،ويقول« :فرغ اهلل في الي ��وم ال�ساد�س من عمله الذي عمل،
م
فا�ست ��راح في اليوم ال�سابع((( ،و�أ ّن ��ه يم�شي بين ريا�ض الجنّة وله نداء»(((� ،إلى غير
د�ست الأحبار ذلك م ّما ورد في العهد القديم من الت�ش���بيه والتج�س���يم والتمثيل .وقد ّ
كثير ًا من البدع بين الأحاديث ،العتماد الرواة على �أُنا�س نظراء :كعب الأحبار ،ووهب
بن منبه ،وتميم الداري وغيرهم.
ف�أ�ص���بحت م�س����ألة الت�ش���بيه وال�ص���فات ذات �أهم ّي ٍة كبرى ،ف ّرقت الم�س���لمين �إلى
طوائف ،وا�س���تفحل �أمرها بوجود روايات الت�شبيه والتج�سيم في ال�صحاح والم�سانيد،
ال�س���ذّج ،غير العارفين بد�س���ائ�س اليهود ومكرهم، التي عكف على روايتها المح ّدثون ُ
63
فح�سبوها حقائق راهنة .والخالف في تف�سير ال�صفات ما زال باقي ًا �إلى يومنا هذا.
أميني ،عبد الح�سين �أحمد :الغدير ،ج� ،7ص ،153دار الكتاب العربي ،بيروت1387 ،هـ ،ط.3
((( ال ّ
((( العهد القديم� ،سفر التكوين ،الإ�صحاح الأ ّول.
((( العهد القديم� ،سفر التكوين ،الإ�صحاح الأ ّول.
عصمة األنبياء
� ّإن �أبرز ما يفترق فيه القر�آن عن العهدين القديم والجديد هو م�س�ألة حياة
الأنبي���اء ،Rالذين و�ص���فهم اهلل �س���بحانه بقول���ه }ﭽﭾﭿﮀ
ﮁ{((( .وق���د ذك���ر من ق�ص�ص���هم ال�ش���يء الكثير ،وم���ع ذلك ال تجد فيه �ش���يئ ًا
يحط من مقامه���م .و�أ ّما التوراة والإنجيل (المح ّرفان) ،فقد جاءا يم����س كرامتهم �أو ّ
ّ
تم�س بكرامة اهلل �أ ّو ًال ،وكرامة �أنبيائه ثاني ًا ،فالأنبياء فيهما ي�شربونب�أ�ساطير خيال ّي ٍةّ ،
الخمر(((ويمكرون(((ويقترفون الزنا((( �إلى غير ذلك م ّما يندى لذكره الجبين ،ف�صار
ومف�صلٍ ،
وناف ّ مثبت ٍذلك �سبب ًا لطرح م�س�ألة الع�صمة بين الم�سلمين ،وانق�سموا بين ٍ
65
املفاهيم الرئي�سة
خالف ظهر بين الم�س���لمين ،و�ص��� ّيرهم فرقتين ،هو م�س����ألة التحكيم في •�أ ّول ٍ
وقعة �صفين .والم�س�ألة يوم ذاك ،و�إن ا�صطبغت ب�صبغ ٍة �سيا�س ّي ٍة ،لكنّها كانت
ديني ،وهو � ّأن الخوارج خالفوا عل ّي ًا Rوان�ش���قّوا عن جي�شه، أ�س���ا�س ّ
على � ٍ
بحجة � ّأن حكم اهلل في الباغي ،هو موا�ص���لة الح���رب والجهاد ح ّتى تفيء �إلى ّ
حكم اهلل.
كالمي �آخر وه���و :تحديد مفهوم ٌّ •انبث���ق من الن���زاع في مرتكب الكبي���رة نزا ٌع
67
الدرس الثامن
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يتع� � ّرف �إل ��ى بع� ��ض متك ّلم ��ي ال�شيعة م ��ن الق ��رن الأ ّول �إلى
القرن الثالث الهجريّ .
2.2يم ّيز دور �أهل البيت Rفي ت�أ�سي�س هذا العلم.
3.3يذكر عدداً من متك ِّلمي �أ�صحاب الأئمة.R
69
أئمة الشيعة في القرنين األ ّولين ّ
لقد �شغلت الم�سائل الكالم ّية مفكري الم�سلمين في القرنين الأ ّولين .وقام
الأئ ّمة Rبالر ّد على ال�شبهات المطروحة ،والدفاع عن العقيدة وم�سائلها.فهم
رغم �إق�صائهم عن منا�صبهم � ،اّإل �أنّهم كانوا المرجع للم�سلمين قاطبة ،ح ّتى الح ّكام
(1ةعيشلا ومّلكتممم
يخ�ص العقيدة والأحكام والخلفاء اعترفوا بف�ض���لهم وبكونهم المراجع العليا ف���ي ما ّ
و�سائر الأمور.
والمتت ّب���ع لكلمات الأئ ّمةRوخطبهم ومواقفهم يج���د الكثير من المواقف.وما
يه ّمن���ا هنا الم�س���ائل العقائد ّية ،التي كانوا المرجع فيه���ا ،وكانوا يبدون فيها الموقف
الح���ق وف�ص���ل الخطاب .ونهج البالغ���ة مليء بالكلم���ات التي يتع ّر�ض فيها لم�س���ائل
الإله ّي���ات((( .وم���ن مواق���ف الأئ ّمة نذكر ر�س���الة الإمام الح�س���ن المجتبى�Qإلى
الب�ص���ري الذي كتب �إلى الإمامQي�س����ألهّ �« :أما بعد ف�إ ّنك ��م مع�شر بني
ّ الح�س���ن
ها�شم ،الفلك الجارية في ال ّلجج الغامرة ،والأعالم الن ّيـرة ال�شاهرة� ،أو ك�سفينة
نوحQالتي نزلها الم�ؤمنون ،ونجا فيها الم�س���لمون ،كتبت �إليك يا ابن ر�س���ول
اهلل عند اختالفنا في القدر وحيرتنا في اال�ستطاعة ،ف�أخبرنا بالذي عليه ر�أيك ور�أي
71
�آبائك ،Rف� ّإن من ِع ْلم اهلل ع ّلمكم ،و�أنتم �شهداء على النا�س واهلل ال�شاهد عليكم
}ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ{(((.
((( الحظ مث ًال �إجابته عن الق�ض���اء والقدر ،بعد �أن �س����أله �ش���ي ٌخ عنهما :ال�صدوق ،التوحيد� ،ص ،381ونهج البالغة،
ج� ،4ص.69
((( �سورة �آل عمران ،الآية .34
ف�أجاب���ه الإمام الح�س���ن« :Qب�سم اهلل الرحم ��ن الرحيم ،و�ص ��ل � ّ
إلي كتابك،
ولوال ما ذكرته من حيرتك وحيرة من م�ضى قبلك �إذاً ما �أخبرتك� ،أ ّما بعد :فمن
ل ��م ي�ؤم ��ن بالقدر خي ��ره و�ش ّره و�أنّ اهلل يعلمه فقد كفر .وم ��ن �أحال المعا�صي على
�ص مغلوب� �اً ،ولم يهمل العباد �سدى اهلل فق ��د فج ��ر� .إنّ اهلل ل ��م ُي َط ْع مكرهاً ،ولم ُي ْع َ
م ��ن المملك ��ة ،بل هو المالك لم ��ا م ّلكهم والقادر على ما علي ��ه �أقدرهم ،بل �أمرهم
تخييراً ،ونهاهم تحذيراً ،ف�إن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها �صا ّداً ،و�إن انتهوا �إلى
مع�صية ف�شاء �أن يمنّ عليهم ب�أن يحول بينهم وبينها ،فعل ،و�إن لم يفعل فلي�س هو
ب�صـرهم وع ّرفهم ال ��ذي حملهم عليها جب ��راً ،وال �أُلزموها كرهاً ،بل منَّ عليهم ب�أن َّ
الأ�شتر.
((( الأبطح���ي ،مح ّم���د علي :تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجا�ش���ي ،ج� ،1ص ،201مطبعة فار�س1417 ،هـ
،ط.2
((( النجا�شي ،رجال النجا�شي� ،ص.175
((( ابن النديم ،فهر�ست ابن النديم� ،ص.276
ويلقب ��ه المخالف ��ون (�شيط ��ان الط ��اق) ،...ف�أ ّم ��ا منزلت ��ه في العل ��م وح�سن
الخاط ��ر ،ف�أ�شه ��ر وق ��د ن�س ��ب �إليه �أ�شياء ل ��م تثبت عندنا وله كت ��اب (افعل ال
تفع ��ل) ...،وله كتاب (االحتج ��اج في �إمامة �أمي ��ر الم�ؤمنين ،)Qوكتاب
كالم ��ه عل ��ى الخوارج ،وكت ��اب مجال�سه مع �أبي حنيف ��ة والمرجئة» ((( .وقال
اب���ن الندي���م« :وكان متك ّلم� �اً حاذق� �اً ،ول ��ه م ��ن الكت ��ب كت ��اب الإمام ��ة ،كتاب
المعرفة ،كتاب الر ّد على المعتزلة في �إمامة المف�ضول ،كتاب في �أمر طلحة
والزبير وعائ�شة»(((.
3ـ ه�ش ��ام ب ��ن الحك ��م :ق���ال اب���ن الندي���م« :ه ��و م ��ن متك ّلم ��ي ال�شيع ��ة الإمامية
الوالي ��ة((( وغيره ��ا .وع� � ّده ابن الندي ��م من متك ّلم ��ي الإمامية وق ��ال :ومن
الطاطري وكان �شيع ّياً ...وله من الكتب كتاب الإمامة ح�سن» (((. ّ القدماء
علي بن يقطين بن مو�س���ى« :مول ��ى بني ها�شم ،وقي ��ل مولى بني 8ـ الح�س���ن بن ّ
�أ�س ��د ،كان فقيه� �اً متك ّلم� �اً ،روى ع ��ن �أب ��ي الح�س ��ن والر�ض ��ا ،Lوله كتاب
م�سائ ��ل �أب ��ي الح�س ��ن مو�سى .(((Qوبم ��ا �أنّ �أبا الح�س ��ن الأ ّول توفي عام
183هـ ،والثاني توفي عام 203هـ ،فالرجل من متك ّلمي القرن الثاني و�أوائل
الق ��رن الثال ��ث وهو الذي �س� ��أل الإمام الر�ضاQب�أ ّن ��ه ال يقدر على لقائه
وقت« ،فع ّمن ي�أخذ معالم دينه؟ ف�أجاب الإمام :Qخذ عن يون�س في ك ّل ٍ
بن عبد الرحمن»(((.
اال�صبهاني�« :أ�صله من جرجان ،و�سكن �أ�صبهان، ّ 4ـ مح ّمد بن عبد اهلل بن مملك
جليل في �أ�صحابنا ،عظيم القدر والمنزلة .كان معتزل ّياً ورجع على يد عبد
الرحم ��ن ب ��ن �أحمد بن جبرويه ،Mله كتب منها :كتاب الجامع في �سائر
�أب ��واب الكالم الكبير ،وكتاب الم�سائل والجواب ��ات في الإمامة ،كتاب مواليد
الجبائي ( 235ـ 303هـ)»(((.
ّ الأئ ّمة ،Rكتاب مجال�سه مع �أبي علي
���كري�« :صاحب �أبي عي�سى ال ��و ّراق (مح ّمد 5ـ ثبي���ت ب���ن مح ّمد� ،أبو مح ّمد الع�س ّ
اطالع ب ��ن ه ��ارون) متك ّلم حاذق ،م ��ن �أ�صحابن ��ا الع�سكر ّيين ،وكان �أي�ض� �اً له ّ
بالحدي ��ث والرواية ،والفقه ،له كتاب تولي ��دات بني �أُم ّية في الحديث ،وذكر
الأحادي ��ث المو�ضوع ��ة ،ول ��ه الكت ��اب الذي يع ��زى �إلى �أبي عي�س ��ى الوراق في
نق�ض العثمان ّية له ،ودالئل الأئ ّمة.(((»R
79
80
•يب��� ّرز دور الأئ ّمة Rفي القرنين الأ ّولين في الر ّد على ال�ش���بهات الفكرية
والدفاع عن العقيدة وق�ضاياها.
•يم ّث���ل كتاب نهج البالغة وم���ا تركه �أمير الم�ؤمنين Rم���ن ٍ
تراث روائي،
م�صدر ًا كالم ّي ًا ها ّم ًا خ�صو� ًصا في ما يتع ّلق بم�سائل الإلهيات.
•ا�ستخدم الإمام زين العابدين � Rأ�سلوب الدعاء في ن�شر المعارف الحقّة.
•قام �أ�ص���حاب �أه���ل البيت Rبدور ها ّم ف���ي مواجهة العقائ���د المنحرفة
وتثبيت العقائد ال�صحيحة والأ�صيلة عبر �إلقاء الخطب و�إقامة المناظرات.
(1ةعيشلا ومّلكتممم
•لق���د م���دح �أه���ل البي���ت Rبع����ض متك ِّلم���ي �أ�ص���حابهم� ،إذ دع���ا الإمام
ال�صادق Rله�ش���ام بن الحكم فقال له«:ال تزال م�ؤ ّيداً بروح القد�س ما
ن�صرتنا بل�سانك».
•ق���ام ع���دد من �أ�ص���حاب �أه���ل البي���ت Rبت�أليف العدي���د م���ن الم�ؤ ّلفات
والم�صنّفات في علم الكالم والعقيدة.
�أ�سـئلـة الـدر�س
1.1كي���ف تعام���ل الأئمّ���ة Rم���ع ال�ش���بهات العقائديّ���ة؟ �أذك���ر نموذج ً���ا من
مواقفهم .R
�2.2أذكر �أ�سماء بع�ض �أبرز المتكلّمين ال�شيعة من القرن الأوّل �إلى القرن الثالث،
81
وتحدّث عن �أحدهم.
3.3لماذا مدح �أئمة �أهل البيت� Rأ�صحابهم؟
4.4عدِّ د ثالثة من الم�صنّفات الكالمية لأ�صحاب الأئمة .R
الدرس التاسع
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1.1يتعرّف �إلى بع�ض متكلّمي ال�شيعة من القرن الرابع
�إلى القرن ال�سابع الهجريّ .
2.2يالح���ظ ازدي���اد حرك���ة الت�ألي���ف في عل���م الكالم
والعقيدة.
83
3.3يحدِّ د مرحلة انتهاء المعتزلة وتيارهم الفكري.
متك ّلمو الشيعة في القرن الرابع
العماني ،الحذّاء ،فقيه
ّ علي بن �أبي عقيل :قال النجا�شي�« :أبو مح ّمد 1ـ الح�س����ن بن ّ
(المتم�سك بحبل �آل الر�سول)
ّ كتب في الفقه والكالم منها :كتاب متك ّلم ثق ٌة ،له ٌ
كتاب م�شهو ٌر في الطائفة ...وقر�أت كتابه الم�س ّمى :الك ّر والف ّر ،على �شيخنا �أبي ٌ
عب ��د اهلل المفي ��د ،Mوهو كتاب في الإمامة ،مليح الو�ضع»((( .وذكره ال�ش����يخ
(2ةعيشلا ومّلكتممم
ع ّرفه تلميذه النجا�شي بقوله« :حاز من العلوم ما لم يدانه فيه �أحد في زمانه،
و�سمع من الحديث ف�أكثر ،وكان متكلماً �شاعراً� ،أديباً ،عظيم المنزلة في العلم
و الدين و الدنيا ،و من كتبه الكالمية( :ال�شافي) في نق�ض المغني للقا�ضي
عب ��د الجبار ف ��ي ق�سم الإمامة ،وكتاب (تنزيه الأنبياء والأئ ّمة) ،و(الذخيرة)
في علم الكالم ،وغيرها من الر�سائل� ،شرح جمل العلم و العمل»(((.
الحلبي ( 374ـ 447هـ) :م�ؤ ّلف (تقريب المعارف) في ّ التقي بن
3ـ �أبو ال�ص�ل�اح ّ
الكالم.
���ي ( 385ـ 460ه���ـ)ُ :يع ّرفه الع ّالم���ة بقوله�« :شيخ
4ـ مح ّمد بن الح�س���ن الطو�س ّ
الإمام ّي ��ة ورئي� ��س الطائفة ،جليل القدر ،عظيم المنزلة ،ثقة ،عين� ،صدوق،
ع ��ارف بالأخب ��ار والرج ��ال و الفق ��ه و الأُ�ص ��ول ،و ال ��كالم والأدب ،وجمي ��ع
89 كتب كثي���ر ٌة منها :الجمل والعقود، الف�ضائ ��ل تنت�س ��ب �إليه»((( .وله في الكالم ٌ
الحلي ،ابن داوود :رجال ابن داوود� ،ص ،163مح ّمد �ص���ادق �آل بحر العلوم(تحقيق) ،مطبعة الحيدر ّية ،النجف
ّ (((
الأ�شرف1972 ،م،ط.1
الطبر�سي :م�ؤ ّلف تف�سير مجمع البيان (المتوفّى 548/هـ)
ّ 3ـ الف�ضل بن الح�سن
و له في تف�سيره بحوث كالمية مه ّمة.
4ـ الح�سين بن علي بن مح ّمد بن �أحمد (المتوفّى 552هـ) :المعروف بـ (�أبي الفتوح
الرازي) وكتابه المعروف بـ(رو�ض الجنان) م�شحون بالبحوث الكالم ّية. ّ
���دي (المتوفّى 573ه���ـ) :م�ؤ ّلف كتاب
5ـ قط���ب الدين �س���عيد بن هب���ة اهلل الراون ّ
(تهافت الفال�سفة) و جواهر الكالم في �شرح مق ّدمة الكالم.
6ـ �س���ديد الدين ال�شيخ محمود الحم�ص���ي (المتوفّى في �أواخر القرن ال�ساد�س):
م�ؤ ّلف (المنقذ من التقليد).
(2ةعيشلا ومّلكتممم
ال�ص���فدي :الواف���ي بالوف ّي���ات ،ج� ،4ص� ،118أحم���د الأرنا�ؤوط وترك���ي م�ص���طفى(تحقيق) ،دار �إحياء التراث،
ّ (((
بيروت� ،سنة 2000م ،ط.1
في الحوا�ض���ر الإ�س�ل�ام ّية .وقد تزامن هذا الو�ضع مع هجوم �شر�س من قبل الوثن ّيين
من الم�شرق الذين ج ّروا الويل و الدمار على الم�سلمين في الم�شرق الإ�سالمي ،وامت َّد
�سلطانهم �إلى بغداد و�أعقب ذلك انقرا�ض الدولة الع ّبا�س ّية.
وعلى الرغم من تلك الأو�ض���اع الع�ص���يبة ،كان للعلوم العقلية ن�ش���اط ملمو�س في
الأو�ساط ال�شيع ّية ،ونذكر من متكلمي ال�شيعة:
1ـ �س���ديد الدين بن عزيزة الحلي (المتوفّى حوالي 630هـ )� :س���الم بن محفوظ
بن عزيزة بن و�ش���اح� ،شيخ المتك ّلمين� ،س���ديد الدين ال�سوراوي ّ
الحلي ،و يقال
له� :سالم بن عزيزة.
((( ال�صدر ،ح�سن :ال�شيعة وفنون الإ�سالم� ،ص� ،75سليمان نيا(تقديم)1967 ،م ،ط.1
ال�شي ��خ .ويع� � ّد كتاب �شرح الإ�ش ��ارات من �أف�ضل الكت ��ب الدرا�س ّية في الحكمة
المة في ه ��ذا الم�ضمار« :كان �إل ��ى يومن ��ا هذا .و يكفي ف ��ي حقّه ما قاله الع ّ
ه ��ذا ال�شي ��خ �أف�ض ��ل �أهل ع�صره في العل ��وم العقل ّية والنقل ّي ��ة ،و له م�صنفات
كثي ��رة في العل ��وم الحكمية والأحكام ال�شرع ّية عل ��ى مذهب الإمامية ،و كان
�أ�ش ��رف م ��ن �شاهدن ��اه ف ��ي الأخ�ل�اق ـ ن� � ّور اهلل م�ضجعه ـ ق ��ر�أت علي ��ه �إله ّيات
ال�شفاء لأبي علي بن �سينا ،وبع�ض التذكرة في الهيئة»(((.
البحراني :المعروف بالعالم الر ّباني المب ّرز
ّ 4ـ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم
في جميع الفنون الإ�س�ل�ام ّية ال �س ّيما في الحكمة و الكالم والأ�سرار العرفان ّية.
(2ةعيشلا ومّلكتممم
اتفق���ت كلمة الجميع على �إمامته .ولد عام 636هـ وتوفي عام 696هـ .له كتاب
(قواع���د المرام ف���ي علم الكالم) المطبوع ،وله (�ش���رح نه���ج البالغة) الذي
الجويني ،وهو �شرح م�شحون بالمباحث ّ �صنّفه لل�ص���احب خواجة عطاء الملك
الكالم ّية و الحكم ّية والعرفان ّية ،فرغ منه عام 676هـ.
أ�سدي (648ـ 726هـ)� :شيخ الإ�سالم، 5ـ الح�سن بن يو�سف بن علي بن المط ّهر ال ّ
المجته���د الأكب���ر ،المتكلم الف���ذّ ،الباحث الكبي���ر ،جمال الدين �أبو من�ص���ور
المع���روف بالعلاّ م���ة الح ّلي ،وب�آية اهلل على الإط�ل�اق ،و بابن المط ّهر .ولد في
�شهر رم�ضان �سنة 648هـ و �أخذ عن والده الفقيه المتك ّلم البارع �سديد الدين
يو�س���ف ،و عن خاله �ش���يخ الإمام ّية المحقّق الح ّلي ،ال���ذي كان له بمنزلة الأب
ال�ش���فيق ،فحظي باهتمام���ه ورعايته ،والزم الفيل�س���وف الكبير ن�ص���ير الدين
93 الطو�سي م ّدةً ،وا�شتغل عليه في العلوم العقلية وبرع فيها وهو ال يزال في مقتبل ّ
عمره.
94
•ب���رز من المتك ّلمين ال�ش���يعة في الق���رن الرابع العديد م���ن المتك ّلمين ،منهم:
علي بن الح�س���ين بن مو�سى بن علي بن �أبي عقيل ،والح�س���ين بن ّ الح�س���ن بن ّ
وعلي بن و�صيف.بابويهّ ،
•برز في القرن الخام�س من العلماء ال�شيعة :ال�شيخ المفيد ،ال�شريف المرت�ضى،
الحلبي.
ّ �أبو ال�صالح
الني�سابوري ،الف�ضل
ّ •برز في القرن ال�س���اد�س من العلماء ال�شيعة :قطب ال ّدين
المازندراني. علي بن �شهر �آ�شوب
الطبر�سي ،مح ّمد بن ّ بن الح�سن
(2ةعيشلا ومّلكتممم
ّ ّ
الطو�سي ،وكمال
ّ •برز في القرن ال�س���ابع من ال�ش���يعة :الخواجه ن�ص���ير ال ّدين
البحراني.
ّ علي بن ميثم ال ّدين ميثم بن ّ
•ا�ستم ّرت مدر�س���ة �أهل البيت Rبتخريج المتكلمين ،بعد العلاّ مة الح ّلي:
مثل عب���د الرزاق الالهيجي ،ال�ش���هيد الثان���ي ،كمال ال ّدي���ن الأردبيلي ،وابن
يون�س النباطي العاملي ،وال�شيخ البهائي.
•من الكتب العقائدية الهامة (ك�شف المراد) للعلاّ مة الح ّلي الذي ُيع ُّد من �أهم
ال�شروح لكتاب (تجريد االعتقاد) لل�شيخ الطو�سي.
�أ�سـئلـة الـدر�س
�1.1أذكر بع�ض �أ�سماء المتكلّمين ال�شيعة في القرن الرابع �إلى القرن ال�سابع.
95
2.2تحدّث عن مكانة ال�شيخ المفيد .M
3.3تحدث عن كتاب (ك�شف المراد)؟ من �ألّفه؟ وما هي �أهم موا�ضيعه؟