Professional Documents
Culture Documents
الريشة الذهبية
التصال الباطني
كل ظاهر ظاهري موجود إل وله باطن في ظاهر الوجود ،والباطن أسأاس الظاهر الذي ل
يكون إل بكون الباطن .فالكون كونان في كون واحد ظاهر وباطن .معرفة الظاهر ل تعني
إدراك معرفة الباطن المعزول في عالمه الكوني الغير المدرك في وجوده ،إنه سأكنى العقل
يعرف بها الشأياء ،فهو مرآة الظاهر .والظاهر يعرف به الباطن ،فالباطن بنفسه باطن ،
والظاهر هو ظاهر للباطن ول يمكن التفريق بينهما إل إن توفر علم حقيقي مدرك في حقيقته
يبين صلة الظاهر بالباطن وأصل الواقع وأسأاس العدم في الوجود الكلي للكون ،و قد يخطأ
النسان إذا ما اعتمد على ظواهر الظاهر دون بحت جدي عن منابع أصول الباطن لثإبات
حقيقة الظاهر الظاهري أو الظاهر الباطني وما أعجب أمر النسان إذ ل يعجب في شأيء لم
يكن عجبا وجوديا يؤكده باطن الظاهر بأن هناك ما وراء كل ظاهر يسمى بالباطن .فالباطن
عالم ظاهر بالتصال الباطني يرى النسان عوالم العالم كله الكوني إذا ما تمكن بالعلم من
ذلك ،فما يراه المتصل بقوى الباطن يعتبر باطنيا لديه بينما الحقيقة أن ما يعرفه باطنيا ما
هو إل ظاهر ل يمكنه إدراكه إل باطنيا .فإذا ما عرف النسان شأيئا عن كون وجودي فإنه
يعرفه باطنيا دون أن تذكر المعرفة العلمية التي تطرح واقع الظاهر والباطن دون اتصال
باطني بل بانفراد علمي مفهوم في فهمه دون إدراكه في عالمه .وكل ما يعرفه النسان عن
كون موجود وجوديا ظاهريا يعرفه باطنيا ،بينما حقيقة ما عرفه ليست باطنية في وجودها
بل ظاهرية في كونها ،وأول مثل هو أن المتصل بالباطن قد يعيش عالما ثإانيا يحسبه أنه
.عالم وراء العالم بينما ذاك العالم الباطني ما هو إل صورة ثإانية لمكان معين فوق الرض
والصبغة الثانية هذه هي التي تجعل خطأ كل متصل إن لم يكن له علم ثإابت عن التصال
الباطني – وأول سأؤال يطرح هو ما التصال الباطني ؟ وكيف بالمكان البلوغ إليه ،ثإم ما
هي أخطاره وفوائده ؟ ولبد من إدخال علوم الدين في هذا المر ،لنه يشكل الكيفية الولى
بالنسبة للبالغين في علوم الباطن ،عرف النسان منذ بدايته أن هناك سأرا خفيا في
النسان ظاهرا في الحلم والخيال المتبني من كل ما في الطبيعة جاعل طبيعة ثإانية
متطورة أكثر من الظاهرية ،إل أنه لول الظاهر لما عرفت هذه الطبيعة الثانية والمسماة
بالباطن الكوني الباطني الظاهري ،إن الحلم هي أول منطلق للبحوث الباطنية ،والخيال
هو ثإاني منطلق للمعرفة الباطنية المتطورة بالظاهر .وأول ما يمكن أن نستدرج به
الفهم هو أن النسان يتخيل بعقله أشأياء كثيرة هي عالم صوري ناتج عما رآه النسان في
العالم الظاهري الذي يعيشه .إنما بالخيال يمكن للنسان أن يطور عالمه الخيالي فيصبح
واسأعا جميل أو قبيحا على حسب مستوى معرفة النسان واكتساباته العقلية .ونجد أن
الذي عاش في وسأط أرضي صحراوي ولم ير قط مكانا آخر مغايرا للمكان الذي يعيش
فيه ،فإنه يفقد قوة كبيرة عقلية خيالية ،وهذا يؤثإر كذلك في الحلم .فمثل شأخص
يعيش في مكان صحراوي ولم ير البحر الذي هو عكس مكان اسأتوطانه فإنه يتخيل البحر
وبصفة أخرى مغايرة للواقع الذي
6
عليه البحر ،فيصبح هذا الشخص يقارن تلل الرمل بأمواج البحر و هيجان الريح في
الصحراء بعاصفة بحرية هوجاء دون أن يتمكن من معرفة أصل البحر بالنسبة لرؤياه
.الحقيقية
إن أول ما يجب على النسان أن يمتاز به هو رؤية كل مل يمكن رؤيته مما في الطبيعة .
فكان السير في الرض من أول ما يهتم به النسان الراغب في تطوير قواه العقلية واكتساب
معرفة ثإانية تعرفه بواقعه الظاهري الذي يعيشه كل معلم للطرق الباطنية بأسأاليبها
وإمكانياتها المختلفة ،يرشأد بادي المر إلى معرفة ما يحيط بالنسان ،وإذا ما كان هناك
نقصان أو عدم إمكانية التجوال فإن من يرشأد إلى الطرق الصحيحة يظهر للراغب في
التصال الباطني أن يفتح مجال الخيال وذلك بصفة خاصة مدروسأة .فإن كان المتعلم لم ير
نمرا أو أسأدا بصفة نهائية ،فإن المعلم يأمره بأن يتخيل القط كبيرا حتى يصبح مثل للنمر،
وأسأد بنفس الطريقة الخيالية بتطوير الكلب صوريا حتى يصبح مرآة للسبع .وهكذا يتم
التصال العقلي بقواه الخيالية الصورية المتشابهة للصل بصفة تقريبية يمكن اسأتدراج كونية
خيالية للعالم الظاهري .ومن هذا المنطلق يكتسب النسان قوة عقلية صورية يمكن بها
.تغيير عوالم الخيال وذلك بتوسأيع مع جعل أشأياء تقريبية تعوض عن النقص الول
كأن النسان ل يمكنه السأتغناء عن الطبيعة بكل ما فيها من حيوان وأشأجار وجبال وأودية ،
وهذا المر قد ل يلحظه النسان ،ولكن إذا ما أراد تطوير اكتساباته العقلية يظهر له نقصانه
الحقيقي .إن هذا النقصان الصوري الطبيعي الذي نجده عند الكثير ،له أثإر فعال كذلك
بالنسبة للحلم .فالذي لم ير البحر مطلقا وبعدها يقال له إن في الرض مكانا فيه مياه كثيرة
تموج ومخيفة يتخيل هذا المر بمعنى كلمي ويحاول أن يرجعه صوريا ،وبالسأئلة يحاول
أن يجد الصورة الحقيقية للبحر .وفي حلمه إذا به يحلم بصفة غير حقيقية .ويظهر ذلك
عندما يروي مضمون حلمه وكأن البحر أصبح شأيئا آخر ل يدل على الواقع إل بصفة تقريبية
كان أصل قرابتها مما أعطي له عند الفهم .ولعل هذا المثل الحقيقي وبإمكاننا أن نتخذه مثل
له صبغة أخرى لفهم واقع الباطن ،محاولين قدر المكان إعطاء الفهم بالواقع الظاهري
بكلم مكتوب ،وكل كلم فمنطقه لن يكون إل صورة فكرية للواقع الباطني يحاول فيها
الباحث أن يتخيل الظواهر الباطنية كما يتخيل الذي لم ير البحر ،صورة تقريبة للبحر وذلك
بما أعطي له من فهم .فالباطن ل يعرف عن حقيقته إل إن كان هناك اتصال باطني يرى
النسان بنفسه عالما قد ل يكون متشابها بالعالم الظاهري .وأول فرق نوضحه هو الخيال
يتحكم فيه النسان بتغيير الواقع الصوري المعروف بالعالم الظاهري وإرجاعه صبغة لواقع
ثإان صوري خيالي في عالم العقل ل في العالم الباطني .أما الصورة الباطنية فل يتحكم فيها
النسان مطلقا إل بقوة جسدية إن توفرت ،واسأتعمل القدماء وسأائل كثيرة لجعل فرق مفهوم
بين الحلم والخيال والباطن .فالباطن عالم قد ل تكسوه صبغة عالمنا الظاهر لنا لذا يسمى
باطنا ،ولن له حقيقة أخرى ،وفيه مراحل كثيرة ودرجات يصعب البلوغ إليها .والحلم
7
قد يكون لها اتصال بالخيال كما أن الخيال يمكن أن يكون له اتصال بالواقع .أما الباطن فل
اتصال له بالحلم ول الخيال إل إن كان هناك اتصال باطني يصبح خيال باطنيا والحلم
.أحلم باطنية
إن الباطن مختلف ومنقسم إلى نوعين لكل منهما خاصيته ،ولكل هذا أهمية كبرى تتعلق
بالنسان ،لنه ل يمكنه أن يتطور حقيقة إل إن اكتسب معرفة ظاهرية أولوية ،وعلم هو
أصل للمعرفة الولى الظاهرية باكتساب معرفة ثإانية باطنية يكون بها البحث محكما
لمعرفة الحقيقة الغير المدركة كليا بالعقل .إن اختلط الفهم ل يؤدي أبدا إلى معرفة أصلية
واقعية يتم بها إدراك معالم الظاهر والباطن .والطرق الصلية يستعمل فيها التركيز
كوسأيلة أولى ،وذلك له أنواع مختلفة على حسب المكانيات المتوفرة لدى المعلم
.والراغب في التصال الباطني
وسأائل التركيز كثيرة ،وقبل تطوير قواها كانت تستعمل طريقة المعان والفرز التفكيري
وذلك بفهم الشأياء وكما هي في أصلها ،وفي هذه البداية يعطى للمتعلم أشأياء بسيطة ينظر
.إليها بإمعان وفرز تفكيري محاول التركيز لدخول العلم الباطني
إن التصال الباطني ليس بأمر سأهل يمكن البلوغ إليه ببساطة ،ولبد له من تمهيد أول يكون
فكريا اعتقاديا ،وذلك بإثإبات ما يعتقده النسان مما هو حق لزم إثإباته .ثإم لبد من قوانين
يجب اتباعها دون تغيير ،ووسأائل يجب اتخاذها بالتطبيق ،فالتصال الباطني عرفت له
تطبيقات مختلفة دينية أو غير دينية ،إل أن له فرقا كبيرا في كل الوجهين .ثإم إن في البداية
لبد للنسان أن يعرف أصول علم التصال الباطني وأسأس معرفته مع معرفة الخطأ
والصواب ،وحتى يتمكن الباحث من البلوغ إلى ما يسعى إليه دون أن يكون فريسة للشأياء
المتشابهة .إن الفرق كله كامن في القوة المستمدة من موارد مختلفة طبيعية ،وقوة أخرى لم
تكن طبيعية ،بل لها أصول وقد يجهلها النسان في البداية .لم يكن التصال الباطني شأيئا
جديدا ول اكتشافا خاصا بشخص معين أظهره للناس ،إنما كانت هناك بحوث منذ القديم
وطرق عرفت لها أهمية لوجود فعالية لها أثإر على النسان .وكانت أغلب الطرق هدفها
الول هو اكتساب قوة وسأيطرة كلية سأواء على النسان أو على قوى طبيعية .واختلف
الناس في الطرق جعل اختلفا مستمرا بينهم سأاق كثير المم إلى الحروب أو الصراع
الباطني المعروف منذ القديم .وحقا إن النسان ليظن أن الحرب ل تكون إل ظاهريا ،بينما
أغلب الحروب باطنية ترجع فعاليتها على الناس ظاهريا ،والذين يبحثون عن السلم ظاهريا
كان أولى أن يبحثوا عن السلم الباطني .إن المر لصعب للفهم ،ولكنه أمر واقعي باطني
يعرفه كل متصل بالباطن .إن الذين بإمكانهم تغيير القوى الطبيعية يمكنهم إشأعال نار حرب
ظاهرية ل يدرك أصلها من هو يعيش عيشة في نظره راضية .ول يمكن أن نقول إن كل
متصل بالباطن بإمكانه ترتيب فعالية لحرب ظاهرية .كما ل يمكن أن نعتقد أن كل من له
إمكانية قلب القوى المحيطة بالنسان يكون مجرما أو ملحدا ،بلى إن هناك طائفتين
متصارعتين يعرف بعضهما البعض .فالحرب الباطنية كانت قديما تسمى بحرب اللهة ،و
8
وكان السبب في ذلك وجود أشأخاص نسبوا لنفسهم اللوهية ،وكان الصراع بينهم سأعيا
لكسب أكثر قوة ممكنة من قوى الطبيعة .وهذا الصراع كان يجلب البلء على الناس ظاهريا
،لذا سأميت تلك الحروب بحرب اللهة ,كان يعتقد أن ل وجود لسأاس باطني له فعالية
ظاهرية ،وأن ما يحكى عن الذين اكتسبوا الكرامات ما هو إل خرافات أو أسأاطير .ولنفكر
قليل ،إن النسان يتحكم في جسمه بقوى عقله ويتحرك كيف يشاء ،وإذا ما طور النسان
.هذا التحكم بوسأائل مدروسأة ،فإن بإمكانه التحكم في أشأياء كثيرة محيطة به أو بعيدة عنه
وفي العصر الحديث تعرف عند أشأخاص كثيرين إمكانية التنويم المغناطيسي أو تحريك
أشأياء صغيرة من أنواع كثيرة ،ولو طوروا اكتسابهم ذلك ،فإن المر يصبح أكثر خطورة
وفعالية ،فهذا ما يسعى إليه الكثير ،وقد اعتمد القدماء على ما يسمى بتسخير الجان ،وذلك
للتمكن من السيطرة الكلية لما يسعون إليه .وكل المم عرفت طرقا ووسأائل خاصة قد تكاد
تكون مميتة يتم بها جلب القوى الطبيعية أو السأتيلء على قوى مناطق مختلفة في الرض .
وهذا كله يكون بواسأطة القوى العقلية الموجودة في النسان .لم يكن اكتشاف الجاذبية
الرضية أمرا حاليا كما يعتقد ،بل القدماء أيضا فكروا في ذلك واسأتنتجوا اسأتنتاجات كثيرة
وطبقت ،وبلغوا إلى قوة كبيرة بذلك .وما أكثر الطرق المستعملة لكتساب القوى الطبيعية ،
منها اليوغا والطرق المستعملة في فنون الحروب السأيوية ،وكذا التصوف الذي ل يمكن أن
تنكر سأطوته .والموضوع المهم في القول ليس ذكر وسأائل الطرق المستعملة مع بيان
أسأمائها الكثيرة ،بل الهدف من كل بحث هو إظهار حقيقة الصل الباطني ،ل يمكن أن
يعتبر الذي له هدف فعالية على الشأياء أنه قد تمكن من البلوغ إلى التصال الباطني ،
فإن الكثير اتصالهم ما هو إل اتصال بقوى الطبيعة دون التمكن من التصال الباطني الحقيقي
.قد نجد كتبا كثيرة تتحدث عن الباطن ولكنها ل تظهر واقعا أسأاسأيا يجعل فرقا بين
القوى المستعملة وإظهار التصال الذي يعتبر اتصال باطنيا حقيقيا .فالقدماء حاربوا
باطنيا وظاهريا واكتسبوا مل يمكن اكتسابه اليوم من قوة وسأيطرة ،وكانت البحوث الولى
تتركز حول ما في الطبيعة جميعا ودراسأة القوة مع البحث في النسان نفسه والعقل .
واختلطت المور منذ القديم حتى فقدت الصبغة الحقيقية لمعرفة الصل الثابت عن إمكانية
النسان وقوة إدراكه وبلوغ علومه ،ولكن الواقع لم يتغير ،والحقيقة باقية غير فانية حتى
ولو منعت من قبل الكثير ،فإنها تصل إلى من يسعى إليها .فالذين منعوا المعرفة والعلم ما
كانوا إل خائفين وأحبوا أن ينفردوا بما بلغوا إليه .فالتطبيقات عند الشعوب القديمة كان
ينفرد بها من يعتبر أصله من أصل إلهي كما كان يزعم الكثير .والدين كله لم يكن جاعل
فرق بين خاص وعام ،بل العلم للجميع .وكل من قال شأيئا عن الباطن إل ويقوله كلغز
يصعب حله ،ويقول إن العلم له أهله .كما أن أكثر الطرق تفرض فيها رياضة عقلية جسمية
صعبة ،وذلك بترك الطعام لمدة ،واختيار مكان للعزلة ،وما كان هذا إل تشويها للواقع
وانحرافا عن الصل .فالتصال الباطني ل يحتاج إلى مجهود مثل هذا ول إلى خلوة طويلة
، .ولكن له شأروط ،وشأروطه معقولة ،ل تدعو إلى شأيء مبهم أو نكر
9
فمعرفة القوى الطبيعة ل تغني شأيئا ،إنما تشكل مبدأ انحراف تام عن الصل الذي كاد يفقد
ول يعرف على حقيقته .إن أغلب الطرق موروثإة ،وكما فعل الولون ،كذلك فعل الخرون
دون سأعي إلى معرفة المعرفة الصلية .وإن قيل شأيء عن طريقة موضوعة يكون الرد أن
لها فعالية ،والفعالية هي التي غرت الكثير .إن أغلب الطرق كانت دراسأتها وترتيب وسأائلها
تبعا لكل أثإر يعثر عليه إما بحثا أو مصادفة .والعلم الحقيقي فليس فيه بحث أو مصادفة .بل
اتباع إلى أن يبلغ النسان إلى أكثر مما كان يسعى إليه ،إن التصال الباطني لم يكن موردا
للقوة التي يمكن للنسان اكتسابها ،بل وسأيلة للبلوغ إلى علوم ل يمكن الوصول إليها
.بالوسأائل الظاهرية ،أما القوة فلها أصل آخر ومورد يمكن السأتمداد منه
قوة الجسم لها أثإرها مما يعين على البلوغ والصعود الفكري العقلي .وطبقت طرق عديدة
تهتم بتطوير قوى جسم النسان ،ثإم بعد ذلك يعتمد على تقوية قوى التركيز وتوسأيع الخيال
وإدراك المباىء والحكام .وكل طريقة لها مبدأ توجيهي إل ويكون أصل النتائج محكما
على حسب المبدأ المعتقد فيه .ولنعطي مثل في هذا ،فالذي يسعى إلى اللوهية تكون نهايته
بأن يدعي بها .ومن كانت أهدافه هي الخلص الروحي ،فإنه يدعي بعد ذلك أنه يدرك
الروح ،ومن كان يسعى إلى القوة الجسمانية ،فإنه يقول إن العقل والجسم شأيء واحد
ل فرق بينهما ،أما الذين يسعون إلى التصال البشري اللهي ،فإنهم يقولون بعد ذلك إن
ا يحل في أجسامهم ،ولو ألقينا نظرة أولية على المشكل لفهمنا أن فيه اختلطا عظيما ،
ولنذكر أسأاس المشكل منذ البداية أنه إله ثإم اعتقد أن الروح لها خلص ثإم فكر أن العقل
والجسم سأواء ،ثإم ظن أنه أدرك أن له اتصال بالخالق .فالبحوث اختلفت في هذا ،
وكل هذه المبادىء تشكل قسما واحدا ،والقسم الثاني هو ديني ،ومن هنا ينطلق الصراع
الديني ضد العقائد كلها والتي ل تعتبر أن لها أصل ثإابتا علميا ظاهرا وباطنا .فالقسم الول
أسأاس العقائد نجد فيه صراعا في ما بينه ثإم ضد الدين ،أما القسم الثاني هو ديني فل
صراع فيه في ما بينه ،وصراعه مركز ضد العقائد وحدها .فكان الصراع ظاهريا
بالحروب الدينية ضد العقائد ،ثإم حرب ثإانية باطنية بين العقائد نفسها وضد الدين كذلك ،
فالدين يصحح العقائد بينما العقائد تغير الدين .الصراع الديني الباطني هو صراع وحرب
ضد التغيير .و صراع العقائد هو صراع ضد الدين من أجل البلوغ إلى التغيير .إن
التغيير أسأبابه بحث عن التصال بقوى الطبيعة لجل كسب قوى جسمانية وباطنية من
أجل السيطرة أو الخلود .بينما الدين يبعد عن ذلك ويدعو إلى عبادة الخالق دون جعل اتصال
إنساني إلهي مزعوم أو فرض إمكانية خلص الروح أو جمع قوى الجسم بالعقل .فالتصال
الباطني ينقسم إلى قسمين :ديني وعقدي ،وكلهما له تشابه بالخر يصعب فيه التمييز إن
لم يتوفر العلم من أجل ذلك ،فالشبه بين المعجزات والكرامات .لذا كان الذي له قوة من
الكرامات ل يثق بالمعجزات ،والقوة هي أسأاس غرور النسان .وإن أغلب من يسعى إلى
معرفة الباطن إنما يسعى إلى إدراك علوم يجعلها أسأاسأا لكتساب القوة .وإن كان السعي
هو من أجل هذا الهدف فإن الوسأيلة تكون صعبة للغاية ،وتشمل كل الطرق التعذيبية .
أما إن كان الهدف هو البلوغ إلى
10
العلم والحكمة فالمر مختلف .والخطوة الولى التي يخطوها النسان تجاه هذا المجال هي
أسأاس كل شأيء ،لن النتيجة تظهر الوسأيلة ،أما الغاية فمسألة أخرى فيها حكم الخطأ
.والصواب
11
الفصل الوأل
12
إن الفصل بين قواعد الختلط في المعرفة المتعلقة بالباطن لمر صعب ،لنه ل يطرح
مشكل حاليا ،بل مشاكل كثيرة أصلها من كل العقائد القديمة والتي ورثإها النسان اليوم .
وفي كل عصر إل ويثبت الخطأ ويحرف الصواب ،وكأن النسان ل يطمئن إل للنحراف ،
حتى لو عرفت أسأباب الختلف فإنه ل تعرف أسأباب النحراف ،ولسنا ندري لماذا يضرب
المثل بالفلسأفة بدل من أن يضرب بالرسأل والنبياء .لعل النسان يسعى إلى الخلص من
عبء ثإقيل يلزمه طاعة خالقه ،فيطمئن إلى التجمع البشري على المبدأ العلمي الديني أو
يسعى إلى نفيه بفرض أسأاس آخر متشابه يصعب على النسان أن يتبين الخطأ فيه ،لسأيما
إن وجدت قوة مغرية أو فعالية لها أثإر .وقد يقبل النسان النحراف والتغيير مادامت هناك
قوة يكسبها يسيطر بها أو يقضي بها أغراضه وحاجياته ،وقد صعب المر من قبل على كل
أولئك لما جاءهم العلم مظهرا للخطأ الذي كانوا عليه .فالعتقاد هو إثإبات الوضع وبه تكون
السيرة في الباطن ،وأهم شأيء في البداية هو إفراغ كل الفكار التي تبين للنسان أن ل
أسأاس لها من الصحة .كما يجب أن يغير النسان سأيرته بمحاولة اتخاذ سأيرة اسأتقامية ،
وهذا صعب في البداية ،واسأتعملت في الطرق المختلفة وسأيلة محو الفكار ،وذلك بتركيز
الفكرة بالعقل مع تخيل نار ملتهبة كأنها تحطم تلك الفكار الخبيثة .نجد أن الخيال هو
السأاس الول قبل الدخول إلى العالم الباطني .وتطوير الخيال قد يدوم أياما أو شأهورا وربما
.أ عواما وذلك على حسب المكانية التركيزية ،على حسب كل فرد
إن ما سأبق ذكره يوجب طرح السؤال عن كيفية تطوير الخيال .وعرف القدماء أن أول
شأيء وجب إدراكه هو الخيال ،وثإاني شأيء هو المنام ،وبهذين الثإنين يمكن التصال
الباطني ،وإن نسيا دور قوة الجسم وقوى العقل فإن التصال ل يتم إل بنسبة قليلة ،فقديما
كانت تروى الحكايات التي كانت لها فعالية وينصت إليها النسان فيتطور الخيال بصفة
مدروسأة تمكن تطوير الحلم وبها يتم الدخول بقوى العقل إلى العالم الباطني ،وهناك من
اعتمد على محو قوى الخيال والفكار ثإم محو الصور المسجلة في الدماغ حتى يتم الدخول
إلى الباطن بقوى العقل ،وهناك فرق بين الدخول إلى الباطن وبين التصال الباطني .فإن
الذين اعتمدوا على محو الفكار وقوى الحلم يدخلون الباطن بمعنى أنهم يعيشون فيه و
ل يشعرون بالجسم الظاهري ،والذين طوروا الخيال وقوى الحلم وتمكنوا من التصال
الباطني ،فإنهم ل يفقدون الشعور بالجسم الظاهري ويعيشون العالم الباطني بالنوم ل
باليقظة .إن هذا لهو الفرق الول وكل طريقة لها صبغتها وأصلها .إنما نشير إلى الذين
يعيشون الباطن بالطريقة الولى فإنهم ل يتمكنون من التصال الباطني في حالة صحو كامل
.وإدراك تام في اليقظة
بينما أهل الطريقة الثانية فإن بإمكانهم التصال بالباطن في حالة ارتياح ،ويمكنهم وضع
السأئلة وأخذ الجواب والعلوم الباطنية ،فالطريقة الولى تتطلب الخلوة المستمرة و العزلة
.عن الناس وشأروطا قد ل تقبل ،والطريقة الثانية تتطلب السأتقامة
13
لكل إنسان أهدافه ومتطلباته وأغراضه .فالمتدين له اتصال باطني خاص به ،وغير المتدين
له اتصال آخر متشابه بالول إل أنه ليس بالتصال الحقيقي .وقبل أن نذكر شأيئا عن المتدين
وغير المتدين ،لبد أن نذكر أن ممن دخلوا الخلوة أناسأا اعتزلوا الناس وأصروا على
الدخول إلى العالم الباطني بقوى العقل وذلك بوسأائل مختلفة وكثيرة ،فإن منهم من يقول إنه
رأى خالق كل شأيء .ومنهم من قال إنه متصل مع ا ،فهؤلء بدل من أن يتصلوا
بالباطن ،ظاهر أنهم اتصلوا بأشأياء أخرى أعمت لهم البصيرة .وما كان ذلك إل خطأ في
الطريقة المتبعة .فالطريقة لها الهمية كلها إذ بها تكون النتيجة .ولقد تسرب إلينا من كل
الطرق التي اسأتعملت من قبل كوسأيلة للتصال الباطني الجهلي دون سأابق علم ومعرفة ،
ولكل شأيء أثإر على النسان ،و هناك أشأياء كثيرة تستعمل حاليا تمكن الناس من
التصال الباطني اللشأعوري .وهذا التصال يشكل خطرا جسميا عليهم كما أنه يجعل
صراعا باطنيا صعبا على الذين يهتمون بالباطن وعلومه .أما أثإره على الناس فإنه يظهر
في تصرفاتهم و قلقهم وانزعاجهم و يفقدون صبغة المثل العليا ،وبالتصال الباطني
اللشأعوري يكثر الفساد والجرام .وكان الحكماء قديما ينصحون بعدم التخيل وكثرة
التفكير على غير هدى .ونظهر أن أبواب التصال الباطني الشعوري ما كانت مفاتيحها إل
النطلق في الخيال .لذا اعتبر الخيال أنه الطريقة الولى نحو التصال الباطني إن تميز
بطريقة محكمة توصل إلى الهدف الحقيقي .أما التخيل المجرد من كل معنى فما هو إل
.أسأاس لجلب كل مهلكة وشأر وعدم اسأتقامة
إن النسان يصعب عليه التجرد من الخيال ،ولكن ليكن خياله واقعيا وله أصل ،فإنه حينئذ
ل يصبح الخيال خيال ،بل تفكيرا صوريا فكريا يتم به تصحيح العتقاد ،وتصحيح العتقاد
أهم من تطوير الخيال ،ولتكن أفكارنا تستحق أن نحافظ عليها ،أما إن كانت خيالية غير
واقعية ،فإنه ليس من اللزم الحفاظ عليها ،بل وجب تحطيمها .فالخيال يتضارب مع بعضه
البعض ،وكان من يعلم الطرق الصحيحة للتصال الباطني يجلس أمامه من يسعى باحثا في
ذلك ،ويأمره بأن يغمض عينيه ويذكر ما يتخيل .فإن قال المتخيل مثل إنه رأى فأرا فإن
المعلم يأمره بأن يتخيل قطا هجم على الفأر فأكله ،ثإم بأن كلبا هجم على القط فقتله ،وجاء
نمر قتل الكلب ،ثإم سأبع قتل النمر ،ثإم يأتي دور نسر كبير يهجم على السأد من حين لخر
.إلى أن تمكن من السأد فقتله
لذا كان رمز التصال الباطني قديما هو النسر ،ونجد رسأمه في تماثإيل كثيرة عرفت عند
الشعوب القديمة ،واتخذ النسر إلها ،واعتبر على أنه غالب لكل حيوان مهما كان كبره ،فإن
لم يكف نسر واحد فنسور كثيرة ،وهذا العتقاد في ألوهية النسر كان مبدأ من لم
.يصحح اعتقاده وأصول أفكاره ،ومن هذا المثل يكون النحراف والتغيير للواقع الباطني
اسأتعملت النار كذلك لتصحيح العتقاد بتحطيم الفكار التي تعتبر أفكارا خبيثة ،وذلك
بتخيل ،أوراق كثيرة مكتوبة تلتهمها النار .أو بتخيل دار أو ديار أو حدائق التهمتها النيران ،
،والغرض هو محو الفكار التي تعتبر أنها حاجزا للتصاعد الفكري وتقوية للرغبات البشرية
14
ونعطي مثل لهذا هو أن المتعلم يقول لمعلمه إنه يتخيل دارا جميلة يسكنها فيقول المعلم تخيل
أن نارا تلتهمها واحترقت ،والبستان حولها جاءه إعصار فيه نار فحطمه .لهذا السبب
اعتبرت النار كذلك أسأاسأا للتطوير العقلي وعلى أنها غالبة على رغبات النسان ومحطمة لها
،وكانت قديما أغلب الشعوب تحرق أجساد الموتى من أجل طهارتها ،إل أن هذا مبالغة
وانحراف عن الحقيقة .لن واقع البحوث الصلية الباطنية ل تستلزم كل هذا ،واسأتعمل
الكثير وسأائل أخرى للتحطيم الخيالي بتخيل مركز على قوى الماء ،فتخيل النسان أن
المياه جاءت كثيرة كالطوفان وحطمت كل ما يتمناه ،فحصر قوى الخيال لزم و انطلق
الخيال يعتبر حاجزا يمنع التصال الباطني ،لن الخيال عالم صوري يعيشه العقل و ل
يحصره شأيء .فإن بقي النسان متجول في عالم الخيال ،فإنه لن يدخل أبدا عالم الباطن
الشعوري أو اللشأعوري بقوى الحلم .أما الوسأائل الدينية فلها خاصيتها في هذا الميدان .
إل أن هناك تشابها بين طرق العقائد والطريقة الدينية .وهذا التشابه هو أسأاس كل اختلط
واختلف بين الناس ،لن العقائد طرقها تكون أغلب أصولها من أسأس دينية منحرفة ومغيرة
ونعطي مثال لذلك على حسب ما اعتمد عليه كثير ممن أراد أن يبلغ إلى التصال الباطني
.وذلك باسأتعمال وسأائل الوراد الترتيبية لسورة الفاتحة من القرآن وهي هذه
يا حي يا قيوم أجب يا روقيائيل سأميعا مطيعا أنت وخدامك مذهب بحق الحمد ل )باسأم ا الرحمن الرحيم(
رب العالمين وبحق الحي القيوم وبحق سأيدنا محمد صلى ا عليه وسألم وبحرمة الملئكة الموكلين بقوائم
العرش أبجد )الرحمن الرحيم( يا رؤوف يا عطوف أجب يا جبريل عليه السلم أنت وخدامك أبيض بحق
الرحيم وبحق الرؤوف العطوف وبحق سأيدنا محمد عليه الصلة والسلم وبحرمة الملئكة الموكلين بقوائم
العرش هو زخ )مالك يوم الدين( يا مقلب القلوب والبصار ياسأمسمائيل سأميعا مطيعا أنت وخدامك أحمر
بحقمالك يوم الدين وبحق مقلب القلوب والبصار وبحق سأيدنا محمد صلى ا عليه وسألم و بحرمة الملئكة
الموكلين بقوائم العرش طيكل )إياك نعبد وإياك نستعين( يا سأريع يا قريب أجب يا ميكائيل سأميعا مطيعا أنت
وخدامك برقان بحق السريع القريب وبحق سأيدنا محمد صلى ا عليه وسألم و بحرمة الملئكة الموكلين
بقوائم العرش منسع )اهدنا الصراط المستقيم( يا قادر يا مقتدر أجب يا سأرفيائيل سأميعا مطيعا أنت وخدامك
شأمهروش وبحق اهدنا الصراط المستقيم وبحق القادر وبحق سأيدنا محمد صلى ا عليه وسألم وبحرمة
الملئكة الموكلين بقوائم العرش فصقر )صراط الذين أنعمت عليهم( يا عليم يا حكيم أجب يا عنيائيل سأميع
مطيعا أنت وخدامك زوبعة بحق الذين أنعمت عليهم وبحق العليم الحكيم وبحق سأيدانا محمد صلى ا عليه
وسألم وبحرمة الملئكو الموكلين بقوائم العرش شأتنثج )غير المغضوب عليهم ول الضالين( يا قاهر يا عزيز
أجب يا كسفيائيل سأميعا مطيعا أنا وخدامك ميمون بحق غير المغضوب عليهم ول الضالين وبحق القاهر
العزيز وبحق سأيدنا محمد صلى ا عليه وسألم وبحرمة الملئكة الموكلين بقوائم العرش ذضظغ أقسمت
عليكم يا ملئكة الروحانيين من العلويات والسفليات ويا خدام فاتحة الكتاب أجيبوا وأمدوني وأعينوني في
جميع أموري ألوحا ألوحا العجل العجل الساعة الساعة بحق السبع المثاني والقرآن العظيم وبحق السأرار
والبركات فيهما وبحق ما تعتقدونه من العظمة والبرهان وبحرمة سأيدنا محمد صلى ا عليه وسألم سأخر لي
.عبدك الرفرق الخضر إنك على كل شأيء قدير برحمتك يا أرحم الراحمين
15
كان الشيوخ المتصوفة يأمرون بقراءة هذه الترتيبات بعد صلة الصبح أو في الليل أو بعد كل
صلة .وقراءتها يوم الحد وذلك بتكرار الحمد ل رب العالمين اثإنتي عشرة وسأتمائة مرة ،
وتكرار الرحمن الرحيم يوم الثإنين تسع وسأتمائة مرة ،ويوم الثلثإاء تكرار مالك يوم الدين
اثإنتين وأربعين ومائتي مرة ،ويوم الربعاء إياك نعبد وإياك نستعين سأتا وخمسين وثإمانمائة
مرة ،ويوم الخميس تكرار الصراط المستقيم سأبعين ألف مرة ،ويوم الجمعة تكرار صراط
الذين أنعمت عليهم سأبعا وثإلثإين وثإمانمائة وألف مرة ،ويوم السبت تكرار غير المغضوب
.عليهم ول الضالين ثإلثإا وثإلثإين وأربعة آلف مرة
إن هذا في أول وهلة يبدو وكأنه دعاء يكون به الفتح التصالي الباطني ،بينما الحقيقة هي
غير ذلك ،لن في هذا الترتيب تغيرت سأورة الفاتحة وأصبحت مخلطة بأسأماء أخرى تعتبر
روحانية على حسب الدعاء ،ومن أجل التوضيح نظهر الكيفية التي قسمت بها سأورة
:الفاتحة في الرسأم التالي
4233 1837 70000 856 242 619 216 عدد تكرار اليات
في الرسأم ظاهر أن اليات القرآنية قسمت بطريقة مدروسأة ،وجمعت معها أسأماء لم يكن لها
من سألطان ،حتى ولو ذكر في هذا ما في القرآن ،فإن هذا الذكر يكون بتغيير ،أما الخدام
السبعة ما هم إل ملوك حكموا من قبل ،وعرفت لهم كرامات وقوة وسأيطرة ،والملئكة ل
دخل لهم في هذا ،وكذا حملة العرش الثمانية ،والنبي محمد صلى ا عليه وسألم ،ما كان
16
هذا إل تغييرا وإلحادا .أما الحروف المقسمة على أربعة في كل يوم فل تعني إل التصال
بقوى الطبيعة بالعناصر الربعة :الماء الهواء التراب والنار .وهذه الترتيبات عرفت لها
أهمية قصوى لوجود فعالية وتأثإير عند قراءتها وتكرار ما فيها بالعدد الخاص لكل شأيء ،
وقد يتم بها اتصال باطني مغير عن التصال الحقيقي ،وذلك لوجود أسأماء أشأخاص تذكر
بالتكرار ،وهذا النوع من الترتيبات هو الذي يؤدي إلى النحراف ،ولبد لنا أن نذكر هذا
حتى نتمكن من الفصل بين التصالين الباطنيين وإظهار حقيقة ثإابتة ،فهذه الترتيبات يعتمد
عليها الكثير ممن يرغبون في التصال الباطني ،وليفهم الوضع ،فإن من يكرر أسأماء
ليس لها من سألطان مبين ،فإنه يصبح مشركا بال بإدخال تلك السأماء مع آيات ا ،وهذا
يعتبر تغييرا كامل يجعل أسأاس الكفر ،وحقا قد تمكن الكثير من اتصال باطني غير
حقيقي بما رتب في ما ذكر .فالمهم هو أن هذا ل يؤدي إل إلى اتصال بقوى العقل مع
قوى الطبيعة ،وبهذا ل يمكن أبدا معرفة الحقيقة الباطنية لن المتصل ل يرى إل أشأخاصا
ذكر اسأمهم وكأنه ناداهم ،ولن قوى عقولهم مازالت باطنيا فإنهم يمدونه بقوة ل تزيده إل
كفرا وادعاء بما لم يكن صوابا ،كما اعتمد بعض الشيوخ عند تلقين الذكر بأن يأمروا
الراغب في التصال الباطني بقراءة سأورة الخلص من القرآن ،وذلك ألف مرة يوميا
دون أن يقول باسأم ا الرحمان الرحيم ،فهذا تغيير أيضا لن البسملة من القرآن وإن لم
تذكر فكأن ما قيل في السورة لم يكن من عند ا ،فالتصال الباطني المغير أسأاسأه هو
.تغيير أصول الدين
17
إن هذه السلسلة الذهبية اعتمد عليها الكثير لجل البلوغ إلى التصال الباطني ،وحتى لو ذكر
فيها اسأم ا والنبي عليه الصلة والسلم وكذا بعض الصحابة رضي ا عنهم والملئكة ،
فإن المر ل يخلو من وجود أشأخاص تذكر أسأمائهم ممن لم تكن للناس عليهم من حجة إل أن
كانت لهم كرامات أظهروها للناس وفتنوا بها .وهذه السلسلة كان المتصوفة يأمرون
بتكرارها سأبع مرات بعد كل صلة ،الذاكر بهذه الصفة إنما يذكر أسأماء ما كان لها من
سألطان ،فهي وسأيلة شأرك وعبادة للشأخاص دون البلوغ إلى عبادة ا ،وقد غرت الكثير
لن فيها فعالية ظاهرية ،وكان المتصوفة يحتفظون بها و يأمرون بأن ل يفشوها حتى ل
تصل إلى أيدي السفهاء ،ولكن هؤلء كانوا حسب الحكام الدينية هم السفهاء ،لنهم نشروا
ما لم ينزل به ا من سألطان ،فالوراد المرتبة من المشايخ لم تكن إل تغييرا للصول الدينية
،وطرق التصوف كثيرة ولم يكن أصل الموضوع إل إظهارا لنواع مختلفة كان المراد منها
التصال الباطني ،بينما هي ل توصل إل إلى اتصال بالشأخاص المذكورة أسأماؤهم دون
.اتصال حقيقي بالباطن
التصال الباطني نوعان ،الول أسأاسأه اسأتمداد من قوى الطبيعة أو قوى الشأخاص الذين
عرفوا بالكرامات ،والثاني ل أسأاس فيه لهذا ،وهوديني محض ل دخل لقوة فيه ،والظاهر
في القول أن التصال الباطني قبل أن يتمكن منه النسان لزم للجسم قوة ،و لجل هذا
الغرض نجد أن المتصوفة مثل يأمرون برياضة أسأاسأها السهر وقلة الطعام والعزلة ودخول
الخلوة يوميا ل يأكل فيها المريد شأيئا ،ونجد هذا المثل أيضا عند الهنود المطبقين لطرق
اليوغا ،وهم كذلك يستعملون نفس الشكل ويذكرون أسأماء أشأخاص نسبت لهم اللوهية
وعرفوا بقوة ظاهرية ،ونجد كذلك الصينيين يستعملون علم الحركات التعذيبية ليتمكنوا من
التصال الباطني ،وهذا كله كثير ومختلف ،والمهم فيه هو الشبه في التطبيق ،وكل
هؤلء المطبقين بعيدون كل البعد عن التصال الباطني الحقيقي الذي ل مشقة فيه ول
عناء ول عزلة ول تعذيب للجسم فأصحاب السأتمداد من قوى الطبيعة إن تمكنوا من اتصال
باطني ما ،فإنهم يقولون عن الباطن خلف ما يقوله المتدين المتصل كذلك .فالباطن فيه
قوتان تشكلن نوعين مخالفين في التصال ،إحدى القوتين تعتبر نورا والخرى ظلمات ،
فالمغير لصول الدين ل يتصل إل بقوى الظلمات الباطنية ،والمتدين يتصل بقوى النور
الباطنية ،وهكذا يتضح الفرق بين التصالين إن المتصل بقوى الظلمات يعتبر اتصاله
.الباطني اتصال خياليا واقعيا والمتصل بقوى النور يعتبر اتصاله الباطني حقيقيا واقعيا
إن التصال الباطني الخيالي الواقعي معناه تطوير الخيال واسأتوسأاط في الواقع ،يعيش فيه
النسان في قوته ويشعر كأنه يعيش واقعا له أصل ،بينما هو خيال يسمى بخيال الخيال ،
وهذا التصال تكمن فيه قوة يشعر بها النسان أن ا يحل في جسمه أو أنه شأبه ملك أو أن
الروح يمسكها أو كذلك كأن النسان والعقل شأيء واحد ،ويعتقد المتصل في هذا الحال أنه
على صواب مهما أنه تتوفر لديه قوة ظاهرية تسمى بالكرامات ،وهذه الكرامات ما هي إل
18
قوة مستمدة من أشأخاص توصلوا من قبل إلى اكتساب قوى اسأتخرجها القدماء بما سأعوا إليه
من تغيير في أصول الدين .فالتصال الخيالي الواقعي إنما معناه كامن في معرفة قوى
الخيال المنقسمة إلى ثإمانية أقسام ،يعيشها المتصل بقواه العقلية دون أن يتمكن من التصال
الحقيقي ،وتعتبر هذه القوة قوة دخانية سأميت كذلك لن الذين اسأتخر جوها يعتمدون في
تطبيقاتهم على المحروقات أو ما يسمى بالتباخير ،فهي دخانية بمعنى أنها خيالية كأن الدخان
يتشكل فتصبح له صبغة صورية حسية يشعر بها النسان ،فيعيش المتصل عالما صوريا
حسيا خياليا يشبه الواقع ،والقوة المكتسبة هي العزلة في ذلك لن المتصل يظن أنه لو لم يكن
على صواب لما كانت له قوة ،بينما القوة الظاهرية وهي الكرامات نجدها عند من يعبد
الصنام كذلك ،أو يستعمل طرقا تعذيبية ينال بها تلك القوة ،وفي الدين تسمى هذه الكرامات
بسحر لن أسأاسأها ومنطلقها تغيير لكل ما أنزل في الكتب المنزلة ،وإن كانت الشعوب الغير
المتدينة بالدين السألمي لها قوة وكرامات عند مطبقي الطرق المختلفة ،فلن هذه الشعوب
كان لها هي أيضا أسأاس ديني تغير عن أصله واتخذ صبغة أخرى تكتسب بها القوة ،ول
يمكن أن نقول إن الذي يظهر كأنه متدين فهو على صواب لن وجود التغيير و النحراف
:ينفي هذا ،أما الرسأم لقوى الخيال المتصل بها فهو هذا
.الدرجة الولى خيال عادي يكون بواسأطة التفكير الفكري الصوري -
الدرجة الثانية هي خيال فوق الخيال العادي لن المتخيل في هذه الحال ل يهتم بمن يكلمه -
.أو بما يحيط به
الدرجة الثالثة فوق الدرجة الثانية والولى ،لن الخيال تصبح صوره واضحة أكثر ،ونجد -
النسان في هذه الحال يعتزل الناس ويحب الخلوة وكأنه يحلم ،ويكثر عنده القلق و الحزن
.واليأس
الدرجة الرابعة منها يبدأ الختلط الفكري الصوري ،وكأنه المتخيل في هذه الدرجة يرى -
.أشأياء ل يراها الخرون ،ويسود وجهه وأعصابه تتوتر بسهولة
الدرجة الخامسة لها أهمية في الخلط الخيالي بالحلم ،لن البالغ إلى هذه الدرجة ينزعج -
كثيرا في أحلمه ،وتكثر عنده رؤية الشأباح ،ويخاف كثيرا من الظلم والرعد والبرق إلى
.غير ذلك ،ثإم يكثر عنده النسيان بصفة ملحوظة
الدرجة السادسأة هي أخطر ،لن البالغ إليها يصبح له اتصال بقوى الطبيعة أو يستمد من -
أشأخاص يراهم في الحلم ،وقد يعيش واقعا آخر وتصبح له طرق خاصة به ،يظن أنه
يكتسبها بينما هي تملى له ممن يتصل به باتصال قواه العقلية مع قوى عقل الشخص المتصل
.به
الدرجة السابعة ،يكون البالغ إليها يتحرك بقوة كامنة فيه قد اسأتمدها و ل تكون ظاهرية -
.بصفة يستعملها كما يشاء
أما الدرجة الثامنة فهي الدخول إلى الباطن باتصال كان منطلقه خيال فيصبح البالغ لهذه -
الدرجة ينال قوى ظاهرية يستعملها وليس لها أسأاس أصلي ،فالدرجة الثامنة هي المسماة
.بخيال الخيال ،لنه يكون فيها خلط صوري فكري بالحلم والخيال
أما الذين اعتمدوا في طرقهم على محو قوى الفكار وقوى الصور المسجلة في الدماغ ،فإن
تركيز تطبيقاتهم يكون اعتماده على منطلق تطبيقي بطريقة التحكم التنفسي ،كما هو معروف
في طرق اليوغا العقلية ،وذلك بأن ل يفكر المطبق في شأيء إل في التنفس ،وبعد سأتة أشأهر
قد يتمكن من اكتساب قوة أولى ظاهرية .أما صفة الصعود الفكري فمختلفة عن السابقة ،ول
يعتبر التصال في هذا الحال دخانيا بل هوائيا لن البالغ في هذا يشعر كأنه هواء أو يسبح في
21
الهواء .ولهذا النوع من التصال ثإماني درجات كذلك ،إل أنها قوتها تحرق بقوى الجسم
ويتم البلوغ إلى الدرجة الثامنة ،ومهما أن هذه الدرجة جامعة لكل درجات قوى الخيال فل
يخلو الوضع من أن يكون متشابها بالول .ويعتمد على النار في هذه المرحلة فتصبح
القوة نارية ل هوائية أو دخانية .أما ما يسمى بالقوة الترابية فإن النسان يشعر كأنه
بإمكانه أن يثير زلزال أو أن يحطم مكانا معينا في الرض أو بنيانا ،وقد بلغ إلى هذه
القوة كثير من الناس ممن عرفت لهم كرامات .أما القوة المائية فإن البالغ إليها يشعر كأنه
في بحر أو أن بإمكانه أن يتحكم في المياه بتهييج مياه الوديان .وقد عرف هذا كثيرا ،
فلنقسم ما ذكر ،فإن التصال الباطني الخيالي والواقعي أسأاسأه اتصال بقوى الطبيعة ،
:والرسأم التالي قد يعين على الفهم
الخيال
بقوى
الماء
الخيال
بقوى
التراب
فالخيال بقوى الدخان ينقسم إلى الربع قوات ،وهي العناصر الربعة الطبيعية .أنما قوات
العناصر الربعة فتنقسم إلى ثإلث فقط ،التصال الباطني الذي يكون أسأاسأه قوى دخانية
نجد أن القدماء هم الذين تمكنوا من البلوغ في درجاته واسأتعمال قواه الربع ،وذلك ظاهر
في نوعية الكرامات التي بلغوا إليها لنهم تمكنوا من السيطرة بواسأطة قوى طبيعية تظهر
فعاليتها على القوة المائية وذلك بتحريك الماء أو المشي فوقه ،كما ،تظهر فعالية القوة
الترابية بطي الرض ،وتظهر فعالية القوة النارية كالمشي على الجمر أو الدخول في وسأط
22
النار دون احتراق ،أما القوة الهوائية فكالطيران في الهواء ،وهذه مثل للكرامات التي تمكن
النسان من البلوغ إليها بواسأطة اتصال قوى العقل بقوى الطبيعة .وقد أظهرنا بهذا أن
الكرامات أسأاسأها قوى طبيعية تمكن النسان من اسأتعمالها بقوى العقل ،وكان الغرض قديما
من التصال الباطني هو جلب قوى الكرامات ،ولم يكن هدفه علما يؤخذ باطنيا ليفهم به ما
وجد من علم ظاهري .أما التصديق بوجود كرامات أو القوى السحرية ،فهذا أمر يخص
الباحث السائل نفسه ،ولكن بالمكان أن يرى النسان أشأياء من هذا النوع ،ويكفي التصال
بمن عرف بهذا ،وقد نقصت فعالية الكرامات كما قل أصحابها ،وذلك ناتج عن التغيير
الطبيعي ،إذ اللة هي التي احتلت مكان الجسم وانقلبت القوة على غير مل كانت عليه ،
والطرق التي عرفت لها صحة في فعاليتها لم يعد النسان يتحمل تطبيقاتها ول يقدر على
تحمل وسأائلها ،وذلك ناتج عن نقص في السأتمداد ،أما السأتمداد فمعناه هو أن يجلب
النسان إليه قوة يتمكن بها من دخول الباطن ،وقد نجد شأيوخا يلقنون الوراد للمريدين ،
وذلك معناه أنهم يمدونهم بقوة جلبوها هم كذلك من أشأخاص آخرين ،ويسمى هذا بالتلقين ،
وحقا تظهر فعالية عندما يتصل النسان بشيخ عرفت له قوة ،وتدخل أشأياء كثيرة على
النسان عندما يطبق ما يأمر به الشيخ ،وأول ما يشعر به النسان نوع من الثقل في الرأس
فيه لذة ،ويسمى هذا بالسكر العقلي ،فيصبح النسان تحت فعالية ذلك السكر ،ويعجبه ذلك ،
ل سأيما إن سأاعده التطبيق الذي يمارسأه بذلك الشعور ،وتدخل عليه أشأياء كثيرة عندما
يغمض عينيه ،وتتراءى له أوجه كثيرة ل يعرفها ،وتلك الوجوه ما هي إل وجوه الشأخاص
الذين تذكر أسأماءهم ،كما يظهر للسالك في هذا التصال وجه شأيخه ،وعندما يأمر الشيخ
المريد بتعظيمه ،فإذا فعل ذلك يصبح تحت سأيطرة شأيخه ويأمره بما يريده ،ثإم تضاف إليه
قوة أخرى أكثر مما كانت عليه ،ويسمى هذا بسلب العقول ،لن عقل المريد يسلب بسلب
قواه العقلية واسأتخارتها باسأتعمالها لجلب قوى أخرى ،وهذا المر شأيء واقعي ،وما على
السائل إل أن يتصل بالزوايا الكثيرة حتى يتبين صحة القول ،ولكن لتفادي كل تجربة ل
تؤدي إلى شأيء واقعي أصل ،فأنا نقول إن ذلك ما هو إل اسأتمداد من قوى بشرية اتصالية
بقوى الطبيعة التي ركزت لها قديما أصنام سأجنت فيها وسأخرت للنسان ،وحتى لو ظن
النسان أن الصنام ل أسأاس لها لنها كانت تعبد قديما ،فإن القول ل أسأاس له ،لن
الصنام مازال ييعتنى بها عند كثير من الشعوب ول يمكنهم السأتغناء عنها لن لها فعالية
ويشعرون بوجود قوة اسأتمدادية فيها ،ول يعني هذا أن المر يهم تلك الشعوب وحدها بل
يهم البشر كله ،لنها تضر به ،ولو تحطمت الصنام كلها والتماثإيل لتغير المر ،ثإم لن
.يبقى أثإر للتصال الباطني المزيف ولن تظهر كرامات أبدا
وصحة القول أن كل من كانت له كرامة ظاهرية يستعملها كيف شأاء ،ما كان أسأاسأها إل من
أصنام موجودة أو مبان أقامها القدماء ،وليكن حذر النسان عندما يسعى وراء بحث علمي
اتصالي بالباطن ،وإنا لنجد أنحاء العالم زوايا مختلفة من كل الجناس لها طرق كثيرة تجلب
إليها كثيرا من الناس وتفسد عقولهم فيطلبون العزلة ويتخلون عن كل شأيء ،فالتخدير العقلي
له أثإر فعال على النسان متى تم اتصال بقوى بشرية ورثإت قواها من قوى طبيعية ،و
23
التصال الحقيقي بالباطن ل يجلب للنسان قوة ما ،ول يفرض فيه التخلي عن الهل ول
العزلة الطويلة أو النحراف عن الحق وليس فيه اسأتمداد من قوى الصنام أو من قوى
بشرية أو قوى طبيعية ،ونجد نوعا آخر قد يؤدي إلى إمكانية التصال الباطني بصفة أخرى
لم تكن تتطلب من أصحابها مجهودات كثيرة ليصلوا إلى هدفهم ،وأسأاس هذا النوع هو حمل
طلسأم جعلت بدراسأة معينة ،وجمعت فيها قوة طبيعية مستمدة من أشأخاص وأصنام ،وهذه
الطلسأم يوفق قواها شأيخ امتاز بكرامات ،وعندما يحمل النسان هذا النوع من الطلسأم ،قد
يصل فعل بأشأياء أخرى ل توصل إلى التصال الباطني ،ونظهر نوعا من الطلسأم في
:الرسأم التالي كمثال فقط ،لن هذا النوع كثير وما زال يستعمل حاليا ،والطلسم هو هذا
قيل إن هذا الطلسم من كتبه و حمله نال القوة والنصرة و الفتوحات من الغيب والنطق
.بالغرائب والسأرار
اعتمد الكثير على هذا النوع من الطلسأم ،والهدف الول منها هو التصال الباطني ،وإذا
ما لحظنا الكيفية التي وضع بها الطلسم ،نجد أنه مركب بتغيير آية قرآنية جعلت حروفها
تتضارب في ما بينها ،وأضيفت الرقام في هذا هي حاملة للقوى الطبيعية المستمدة من
العناصر الربعة ،وجعل اسأم ملك في الوسأط واسأم محمد عليه الصلة والسلم بصفة مقلوبة
24
وهذا يعد تغييرا كامل فيه شأرك ،وحقا قد يمكن به التصال الباطني الخيال الواقعي كما
فسرناه ،إنما مجرد كتابة الطلسم ل تكفي ،لنه يجب على كاتبه أن تكون له قوة في جسمه
تعتبر قوة شأبه مغناطيسية لها فعالية ،وهي كامنة في النسان من بعد أن يتم له اتصال بقوى
أشأخاص معينين أو أصنام أو قوى طبيعية ،فالسر ليس في ما كتب ،بل في الكاتب .وفي
الدين يعتبر هذا تغييرا وإلحادا وشأركا بال ،وكل هذا يوصل إلى اتصال غير حقيقي ،أما
الطلسم فيسمى كذلك لوجود قوة فيه تستخرج بواسأطة التصال الباطني الذي أسأاسأه ظلمات ،
وقد يعتقد الناس أن هذا حق لوجود آية قرآنية فيه بينما هو تغيير للية ،أما الرقام فلها
فعاليتها وخاصيتها ،ويعطى لكل حرف عدد على حسب القوى ،والطلسم المذكور يحتوي
على عدد قوة سأورة الخلص من القرآن ثإابتة في ثإلثإمائة مرة ولهذا النوع دراسأة وقياس
واعتماد على الكواكب والبراج وليكون الفهم واضحا فأسأاس كل ظلمات ما هو إل تغيير لما
أنزل في كتاب ا ،والشعوب الخرى كذلك تعتمد على تغيير ،وبذلك يتم اكتساب قوة
ظاهرية تسمى بالكرامات ،لهذا ل نجد فرقا بين الشعوب الغير المتدينة وبين المتصوفة الذين
يعتقد أن أسأاس عملهم هو ديني ،وإذا ما بحثنا في أعمالهم وأقوالهم نجد التغيير واضحا ،
وبه ينالون ما نالوا من قوة أظهروها واعتبروها خارقة للعادة ،ولم يكن لهذه الشأياء أصل
.في الدين
إن التأمل والتركيز من أهم وسأائل البلوغ إلى التصال الباطني ،وقد اعتمد منذ القديم على
النظر على شأخص خص بالكرامات أو إلى صنم اعتبرت له قوة من أجل السأتمداد ،فالتأمل
هنا له أهمية لنه إن لم يكن أثإناء النظر ل تتم الفعالية .أما التركيز فإنه يكون فكريا بتركيز
قوى العقل على شأيء معين فيه رسأم أو طلسم عرفت له فعالية كذلك .وكان الشيوخ يأمرون
المريد بأن يتخيلهم ويركز فكره فيهم ،وبذلك يتم السأتمداد ،وكما نلحظ فالسأتمداد هو أهم
شأيء قبل البلوغ إلى مرحلة تطوير قوى العقل بتطوير قوى الخيال .أما لتطوير قوى
الحلم فقد اسأتعملت طرق شأتى منه صلوات و أوراد فيها أشأخاص ،كأن الذاكر يطلبهم
ليراهم في منامه ،وذلك لجل السأتمداد والرؤيا الباطنية .ومت كثرت هذه التطبيقات إل
لن البالغين في هذا الميدان كانوا ل يعلمون شأيئا كثيرا احتفاظا بما يكتسبون من قوة ،
والراغبون في التصال الباطني ما كان عليهم إل أن يجدوا طرقا خاصة بهم وذلك بالتجارب
والبحث ،وإذا ما اتصل أحد في البداية ،فإنه يتطور بسرعة لنه يأخذ معرفة التغيير من
الباطن ،وذلك بمعرفة القوى الطبيعية ،فيخلط بين الشأياء ويعطيها لمن يشاء ،وعند كل
المم ومنذ القديم ،لم يكن سأهل اتخاذ شأيخ معلم لجل البلوغ إلى الهدف ،فنجد أن كثيرا من
الناس كانوا يجلسون أمام المعابد والزوايا ينتظرون أن يقبلوا من الشيوخ ،ول يعطى لهم
شأيء حتى يصبحوا خداما يخدمون الشيخ المربي كما يقال ،ومثل هؤلء كمثل الذين اتخذوا
.الصنام من قبل آلهة فخدموها
25
إن التصال الباطني يستلزم أشأياء كثيرة وطرقا متعددة ،منها :الذكر ،وعرفت عندنا أذكار
كثيرة تسمى بالوراد ،وأغلبها ترتيبات مشايخ ،وهي عبارة عن قصائد شأعرية تكرر بعد
كل صلة ،ولم يكن لهذه الترتيبات من بينة ،وما اتخذها الناس إل لن أصحابها عرفوا
بكرامات ظاهرية ما كانت إل فتنة بينهم .أما الذكار بأسأماء ا الحسنى فنجد أنها تستعمل
كذلك بصفة مغيرة عن الصل ،ومثل من يقول ل إله إل ا ،بل يصبح إدماجا وخلطا
للحروف فيكون النطق )لـللله( ،وهكذا يدخل النسان ميدانا فيه تغيير دون شأعور منه ،
لسأيما الشيخ المربي يقول للمريد أن ل يهتم بأحد إل بشيخه ،ول يهتم بالنبي عليه السلم ،
لنه في ذاته ،وما كانت للنسان من ذات ،بل جسم فقط ،والذي يقول إن له ذاتا فإنما يعني
بأن ا يحل فيه ،وا سأبحانه وتعالى ل تعتبر له ذات إلهية ،بل هو ا ليس كمثله شأيء
وهو السميع البصير ،والذكر يستعمل كذلك عند الشعوب الغير المتدينة لنهم يعرفون أسأماء
ا الحسنى بلغتهم ،وذلك مما أنزل في الكتب المنزلة على لسان تلك الشعوب ،إل أنها
.حرفت عن أصلها كما هو الشأن في ذكرنا ،فالتغيير إذا هو أسأاس الخطأ والنحراف
يعتد في التصال الباطني على هيأة الجلوس كذلك ،و الجلوس له دور هام للبلوغ ،وقد
يستعمل الكثير هيآت جلوس متعبة ومؤلمة ،وذلك لقلب قوى الجسم حتى تتخذ قوى العقل
سأيرة أخرى ،وفي الجلوس أصل التصاعد الفكري أول والتطوير الخيالي ثإانيا ،أم الحلم
فسرها يكمن في طريقة النوم ،نجد أن لكل شأيء أثإرا على النسان وفعاليته ،و إذا لم تكن
.حركاته صحيحة ،فإنه لن يكون له اتصال حقيقي أبدا
إن التصال الباطني ليس اختياريا بل هو شأيء موجود له أصل في النسان ،والدليل على
وجوده هو وجود الخيال والحلم عند لنسان ،ويجهل النسان التصال الباطني لن الخيال
يمنعه من ذلك ،ولن الخيال هو ظاهر الباطن و الحلم هي باطن ظاهر الباطن .أما
التصال الباطني فهو باطن كل هذا ،أما الباطن فمسألة أخرى غير هذا كله ،وأبوابه قد
يجدها النسان مغلقة إذا لم يتمكن من فهم أصول العلم ،و الحقيقة في ما يسعى إليه ،
فالتصال الباطني هو اتصال قوى عقل النسان بالعقل نفسه ،والعقل يعيش العالم الباطني
ويوصل ما فيه للنسان بقوة صورية هي في النسان ،قد تظهر في الحلم أو في الخيال
اللإرادي ،والخيال اللإرادي مثله هو أن يكون النسان في مكان ما ويفكر بأن رآه قبل
ذلك ،فهذا اتصال باطني كان العقل في تجوال إدراكي أعطي به للرائي صورة ما رآه
.وعرف بأنه من قبل ،فالتصال الباطني ل يعني الدخول إلى الباطن بقوى العقل
والمفهوم الول في هذا ،هو أن التصال الباطني هو اتصال قوى العقل بالعقل نفسه ،أما
التصال الباطني فهو اتصال العقل بنفسه مع الباطن ،فهنا فرق كبير ،والرسأم التالي يظهر
:واقع الفهم
26
الحوأاس
الخيال الحلما
قوى العقل
إن قوى العقل تشمل الحواس والحلم والخيال ،وإن تطورت الحواس و الحلم والخيال
:تصبح قوى العقل قوة واحدة يمكن بها التصال بالعقل ،والرسأم التالي يظهر ذلك
27
وإذا ما تم اتصال قوى العقل بالعقل يصبح العقل له قوى جسم النسان ،لنه بعد هذا
التصال أصبح العقل شأامل لقوى الخيال والحلم والحواس ،وإذا توفر هذا التصال يصبح
العقل في حركة إدراكية للباطن .وتعطى للنسان في هذا الحال صورة لجسمه باطنيا مطابقة
لقواه الظاهرية ،وهنا يكمن دور الجسم الثاني للنسان إذ يصبح يتجول باطنيا ،والعقل هو
الذي يوصل للدماغ ما في الباطن بطريقة صورية مدركة ،ويبقى التصال تاما بين العقل
.والجسم الثاني للنسان ويشكلن الوسأط الباطني
28
فالعقل يمد كل المعلومات الباطنية إلى الجسم الثاني للنسان ،وهذا الخير يمدها للدماغ في
الجسم الظاهري ،والجسم الثاني للنسان ل دماغ فيه بل هو صورة فقط في عالم الباطن ،
وهو مظهر لحقيقة قوى الجسم الظاهري ،وقد يشعر المتصل بالباطن أنه عملق بينما هو
على حالته الطبيعية ،وإنما أصبحت قوى إحساسأه باطنية بعد التصال ،والجسم الثاني
الباطني قابل للكبر والصغر على حسب القوة التي يكتسبها النسان ،وقد ينسى المتصل
بالباطن نفسه ويعيش أجواء العالم الباطني فيرى ما فيه برؤيا الجسم الثاني ،عالما لم يكن
صوريا خياليا ،بل واقعا فوق الخيال ،وهو صورة مشابهة للظاهر ،في الباطن أماكن
.يتعرف عليها المتصل بصفة تدريجية ويدخلها كلما احتاج أن يعرف ما فيها
29
الباطن 4-
الحقيق
ي
إن الباطن الحقيقي شأامل للباطن الخيالي ولقوى الحلم وللخيال ،أما الباطن الخيالي فهو
تطور بقوة عقلية وأصبح كالحلم ،والمتصل بالبطن الخيال ل يمكننا أن نعتبره متصل
بالباطن ،والعلوم التي يأخذها ل تكون واقعية في واقعها ،بل واقعية في خيالها ،إنما
الفعالية تكون ظاهرية ،إن القوة سأبب الغراء والكرامات أسأاس الخطاء ،والنسان دائما
.كان يسعى إلى جلب القوة كيفما كان أصلها ،لن هدفه هو السيطرة
إن الخير دليل وجود الشر والليل دليل وجود النهار ،فالشر يعبر عن قوة شأريرة والليل يعبر
عن ظلمات ،كذا الخيال والحلم يعبران عن وجود باطن للظاهر ،وإن كان النسان ل
يصدق بوجود الباطن فإنه ل يمكنه أن يصدق بوجود بوجود الخيال ،لن النسان عندما
يفكر فإنه يتخيل كل ما يفكر فيه ،ول يمكنه أن يفكر دون قوة صورية في الدماغ ،تشبه
التصال الباطني بالخيال المدمج بالحلم ليصبح اتصال باطنيا ،وقد اعتمد الكثير على
،السهر لنه إدماج الخيال بالحلم،ولكن في هذا الحال ل يكون التصال إل بالباطن الخيالي
30
فالتصال الحقيقي ل يمكننا أن نبلغ إليه بقوة فارضة إجبارية للوصول ،بل هو شأيء
يسعى إليه الراغب فيه باحترام قوانينه وتلبية متطلباته وتطبيق أصوله ،أما الذي يعتمد
على تعذيب النفس فإنه ل يبلغ إل إلى اتصال باطني خيالي يكتسب به قوة ل يعرف مصدرها
الحقيقي ،والتصال بالباطن له نوعان آخران ،الول منهما هو أن ل تبتعد قوى العقل عن
الدماغ ،وبالخيال المطور بالطرق يمكن رؤية أشأياء كثيرة ،وهذه الشأياء ليست باطنية بل
هي متركزة في الدماغ نفسه يعرفها النسان بقوى العقل ل بالعقل أو الجسم الثاني ،وقد
تتصل قوى عقل النسان بقوة أخرى تتركز في الدماغ ،ويرى النسان صورا لم يرها من
قبل ،وهذا أيضا ليس اتصال تاما بل التحام قوة بقوى العقل ،أما النوع الثاني فهو الصلي
الثابت يشعر فيه النسان بأنه يبتعد بواسأطة قوى الجسم الثاني لمدة ،ثإم يدخل العالم
الباطني ويتصل به ،وبهذه الوسأيلة التصالية يعرف النسان الخطأ والصواب في ما يسعى
إليه ،ثإم يعرف الخيال وقوى الحلم ،ويعرف كذلك في نفس الوقت أصل التصال الباطني
الخيالي الواقعي ،فالتصال الباطني اتصالن :ظلمات ونور ،خير وشأر ،خيال وواقع
واقعي ،والتمييز بينهما صعب ،والطرق السأاسأية هي المظهرة للحقيقة ،وليكن بحث
النسان عن العلم قبل أن يبحث عن معرفة واقع التصال الباطني ،فالعلم وتصحيح
العتقاد هما أسأاس الطريقة الصحيحة ،وإن فكر النسان تفكيرا غير حقيقي ،فإن قوى
عقله تصبح لها سأيرة عكسية مضادة للصل ،وتكون السيرة الباطنية على حسب المنطلق
الفكري ،إن كل الناس لهم اتصال باطني شأعوري أو ل شأعوري بإرادة أو بغير إرادة
وبإدراك أو بغير إدراك ،ثإم صوريا أو فكريا حسيا أو شأعوريا ،على كل حال إن المر ل
يهم الباحث فقط بل يهم الناس جميعا ،لن النسان العادي كلما تخيل بفكره شأيئا فإن قوى
عقله تصبح لها سأيرة اتصالية بأشأياء مبهمة قد تكون في دماغه أو خارجه ،والكل
يعرف أن في بعض الحيان يفكر النسان في شأخص معين وإذا به يحضر ،ثإم إن كثيرا
يفكر في مصيبة يخاف أن يصاب بها ،وإذا به يصاب بما خاف منه ،وهذا كله اتصال
باطني ل شأعوري ،فالحدس دليل لوجود اتصال مباشأر بالشأياء بصفة مبهمة ،والتصال
يصبح معلوما مفهوما إذا ما طور النسان الحدس والخيال ،أما النوم فهو الوسأيلة
الكبرى لتصال النسان بالعالم الباطني ،لن قواه العقلية تصبح كلها متركزة في نفسها
ويتم بها التصال بالجسم الثاني للنسان ،والجسم الثاني فعالمه هو الباطن إما الخيالي أو
الواقعي ،وكل شأيء يرجع إلى أصله في سأيرته وانتقاله وعلومه المستوردة ،ويظهر
.ذلك في العتقاد
وليعتقد النسان ما هو صحيحا ،فإنه ل يمكن التصال باطنيا بخالق كل شأيء ،وما كان ا
ليكلم من بشر إل وحيا أو من وراء حجاب ،ولم يكن الحجاب معناه حجابا بشيء يكون
وراءه ا ،بل إن المعنى هو أن ا إن كلم من أحد من وراء حجاب فبطريقة غير مفهومة
ول مدركة ،وإذ قال ا سأبحانه وتعالى للبشر ألست بربكم قالوا بلى ،فهذا كلم بصفة غير
مدركة وهي مثل للحجاب .أما الوحي فشيء آخر يكلم به ا سأبحانه وتعالى من يوحى إليه
31
بطريقة مسموعة أو مفهومة .أما المسموعة فهي كلم دون وجود نطق إلهي بلسان بل وحيا
،والطريقة المفهومة تكون قوة يدرك فهمها بقوى الوحي وإدراك العقل ،والمتصل بالباطن
ل يمكن أن يقال عنه إنه يوحى إليه شأيء ،بل الباطن عالم خلقه ا وجعل فيه من كل شأيء
كما هو العالم الظاهري إنما مختلف ،في الظاهر نرى الشأياء كأشأياء مادية مثل ،وباطنيا
نرى نفس الشأياء ،ل كأشأياء مادية بل لها قوة وشأكلها صوري ،والجسم الثاني هو الذي
.يعيش ذلك العالم الباطني ،كما أن الجسم الظاهري يعيش العالم الظاهري
كانت للنسان منذ القديم أهداف وأغراض من التصال الباطني ،وكان من جملة تلك
الغراض معرفة خلط القوى الطبيعية من أجل اسأتغللها بالجسم ،وبالتصال الباطني رتبت
كل أصول العلم أو السحر ،والمتصل باطنيا إن كان اتصاله ظلمانيا فإنه يبحث دائما عن
اكتشاف منابع الظلمات ،ويبحث عن الكنوز المدفونة وتبديل المعادن ،إلى غير ذلك من كل
ما يرى فيه مصلحته ونزاهته بالسأتكثار ،كما أن أغلب المباني القديمة بنيت على حسب
هندسأة معمارية اسأتخرجت أصولها من الباطن كذلك ،فقديما كان الدور الول للتصال
الباطني أكثر مما ينقش على الحجر من معرفة أو مما يكتب في ألواح خشبية أو حجرية أو
طينية إلى غير ذلك .وأغلب العلوم كانت تؤخذ باطنيا يجعل بها مستخرجوها طرقا متعددة
وأصول قد تكون غير ثإابتة ،ولكن كان يعتقد فيها لوجود قوة يستمدها النسان ويشعر بها ثإم
يستعملها ،وبالطريقة الباطنية عرفت الطلسأم وترتيبات الجداول والوفاق وعرفت المراكز
الرضية التي تكمن فيها قوة كبيرة وبنيت فيها مدن أو معابد لجل اسأتعمال تلك القوة ،وإلى
حد الن مازالت نفس العتقادات والبحوث في هذا الميدان ،ول ننسى أن للتصال الباطني
دور هام في كل تطورات الشعوب وحضاراتهم ،لنه يعتمد عليه كوسأيلة أخرى فوق
المعرفة الظاهرية ويتم بها التصال بالموتى مثل في قواهم العقلية ،أو إرجاع أحداث سأبقت
أو اكتشافات لم يطلع عليها النسان ،ولو بحثنا في حياة كل الذين يستخرجون أسأس مصانع
آلية نجد أن لهم اتصال بشكل ما ،وقد وصف الفلسأفة بالتصال مع الموتى وأنهم كانوا
يرون نورا في خلوتهم ،وهذا شأيء معروف بالنسبة للمطلعين عليه ،فالكتشافات الهامة
التي بلغ إليها النسان اليوم لم تكن مجرد احتمال فطري أو أصل صدفة بل تمت باتصال
باطني يخفيه كل مكتشف ول يبدي شأيئا منه حتى ل يتمكن الخرون من البلوغ إلى ما بلغ
إليه أو معرفة المصدر الحقيقي ،فالباطن عالم لم يكن خاصية أمة دون أخرى ،بل مجاله
كان مفتوحا لكل راغب فيه ،إنما هذا العلم قد احتله من يسعى إلى التغيير و السيطرة من
رؤوس المم البالغين في هذا الميدان مبلغا ل ينكر أهميته ،والدين هو السأاس الول
المظهر لوجود حقيقة الباطن ،أما العقائد والطرق المختلفة ما هي إل مجال صراع عنيف ،
وتقلبات كثيرة يتم بها خلط المعرفة والصول الدينية ،فالمتدين وحده هو الذي بإمكانه
التصال بالباطن الحقيقي ،بينما الغير المتدين ل يتم له اتصال إل بالباطن الخيالي ،
والمتصل بالباطن بطريقة دينية أصلية ،فإنه يعيش واقعا ظاهريا فيه مشاكل الحياة كباقي
32
الناس وزيادة على الخرين فإنه يعيش واقعا ثإانيا باطنيا يجده في الظاهر من مشاكل وصراع
مع كل منحرف عن الدين يسعى إلى احتلل كل المواقع الباطنية ،وحتى لو لم يكن اتصال
الغير المتدين إل اتصال خياليا فإنا نجد أنه يمنع الطريق للمتدينين حتى ل يبلغ إلى هدفه ،
لنه كما ذكرنا من قبل هذا أن الخيال هو أول باب للدخول إلى العالم الباطني ،و الحروب
الباطنية عرفت منذ القديم بين المتدين والغير المتدين كما هي في الظاهر تماما بل أكثر واقعا
وفعالية ،لن للباطن فعالية قصوى على الواقع الظاهري ،والمتدينون اليوم قل منهم من له
إمكانية التصال الباطني ،وذلك لنهم انحرفوا عن الصول المظهرة للواقع الباطني ،وظن
كثير منهم أن الدين ل وجود لعلم الباطن فيه ،وما كانت الصعوبة إل لن الغير المتدينين
طوروا تطبيقاتهم في فترة قل فيها المتصلون بواسأطة الطرق الدينية ،واليوم إذا ما أراد
النسان الرجوع على علم كان عليه كمتدين فإنه يجد المر صعبا يتطلب أكثر مما كان
يتطلبه من قبل ،وليسهل المر فإنه يحتاج إلى تطوير تغييري لما هو عليه الحال اليوم من
ناحية هندسأية المباني واسأتقرار السكان ،لن المواقع الرضية التي تكمن فيه قوة تستمد منها
الظلمات قد لزم جعل أسأس فرقها يكون أصلها علما دينيا لتضعف المم الغير المتدينة ويفشل
تطبيق القوى الحتللية للعالم الباطني ،فالشعوب المتدينة نجدها تحت سأيطرة الشعوب الغير
المتدينة ،وما كان ذلك إل لوجودها تحت ضغط قوى باطنية طورتها الشعوب
الخرى وأرادت بتطبيقاتها محو الموارد السأتمدادية للدين وجعل الفتنة بين المسلمين ،
وإن أهم مورد للسأتمداد بالنسبة لكل المؤمنين فإنه الكعبة ،وكل متصل بالباطن نجده يثبت
وجود قوة من ظلمات يطبقها الغير المتدين ليجعلها مانعا محكما حتى ل يتمكن المتدين
من التصال الباطني الديني ،لن قوى عقل المتصل تصل أول إلى الكعبة ،ومنها يتم
التصاعد العقلي في الباطن ،وكل من تمكن في السير الباطني فإنه عند الجلوس يشعر بنفسه
كأنه يسير بقوة على أن يبلغ مكة ويرى الكعبة أمامه ويدخل من بابها ،ثإم يجد كهفين ومنهما
يكون الدخول إلى العالم الباطني ،وإذا ما كثرت القوة المضادة في الكعبة ،فإن المسلم
سأيفقد كل اتصال حقيقي ويضيع منه ما احتفظ به المسلمون من قبل وحاربوا من أجله ،لنه
من الصول الدينية ،فالدين هو الذي له الخاصية في التصال الباطني ،ولم يكن المر كما
يزعمه الكثير أن الدين ل مجال فيه لعلم باطني ،والذين يبتعدون عن الدين ويندمجون مع
هيآت مختلفة غير متدينة بالدين السألمي ،ما كان ابتعادهم هذا إل ابتعادا عن الحق وطلبا
للباطل ،ولو كانت وسأائل تلك الطرق صحيحة في معرفتها لتبعها من كان أولى بالعلم
والمعرفة ،فالنحراف الباطني ما هو إل انحراف ديني .أم الدين فإن علوم وسأائل اتصاليته
الباطنية ما زالت على أصلها ،ومازالت العلوم الباطنية ثإابتة في أسأسها ،حتى ولو كثرت
الشعوذة وطرق التصوف المختلفة ،فإن الواقع الديني ل يمكن تغييره ،وكل راغب في
التصال الديني ما عليه إل أن يبحث بوسأائله الخاصة ،ويصحح كل اعتقاد فكري حتى
.يتم الوصل
إن ما يجب علينا معرفته وإدراكه في فهمه بعلم ثإابت ،هو أن ا ليس كمثله شأيء وهو
33
السميع البصير ،فإن ا سأبحانه وتعالى ل يحل في جسم امرىء ما ،وليس للنسان اتصال
بال ل جزئيا ول نسبيا راجعا لقوة ،ول يدخل جسم نبي في جسم متصل بالباطن أبدا ،وإن
لم يثبت هذا العتقاد ويصبح إيمانا فل إمكانية باتصال باطني حقيقي ،وإن اعتقد أن ا
سأبحانه وتعالى يرى فإن المتصل بالباطن يكون اتصاله خياليا في قواه ويتصل بكل شأخص
ادعى اللوهية من قبل ،وتلتحم قواه بقوى الشخص ويدعي المتصل ما ادعى به الولون ،
ول يمكن العتقاد في خلص الروح ،بل خلص النفس حتى تدخل الجنة مطمئنة وترجع
إلى ربها راضية مرضية ،ول يمكن كذلك أن نعتبر أن العقل والجسم شأيء واحد ،وإن
اطمئن النسان إلى هذا ،فليكن جلوسأه اسأتقامة ،وليستقبل القبلة وليطبق ما أمر به ا ول
يذكر ا بشيء حتى يتعلم أصول الذكر ،وإنما قراءة القرآن هي الوسأيلة الولى للسير
الباطني ،بدل من أن نطور الخيال بصفة غير ثإابتة فإن القرآن تذكر فيه أوصاف للجنة ،
وبهذا يتمكن تطوير الخيال فيصبح حقيقة واقعية ،وليفكر النسان في السماوات والرض
.وإنها لم تخلق باطل ول عبثا وليستقم كما أمر
كل جلوس النسان أسأاسأه هو هدف اتصال باطني ،فإنه لزم أن يكون بصفة مستقيمة
وبترك العينين مفتوحتين لمدة حتى يمل الجسم بقوة أصلها راجع إلى منبع من عند ا يتلقاه
النسان باليمان بالغيب دون شأرط اليضاح واسأتفسار والدلة ،وبعد هذا يشعر النسان
بضغط في الجبهة كأنه قوة تريد أن تسد عينيه ،ففي هذا الحال فقط يمكن غمض العينين
.وتبدأ النطلقة نحو عالم مجهول لم يكن خياليا
إن الخيال لول حاجز للبلوغ ،لن النسان كلما اعتقد أن الواقع الباطني خيالي وغير حقيقي
،فإنه يبقى في عالم الخيال ول يخرج منه ،ومتى غير إدراك فهومه وأوسأع ميدان القدرة
اللهية فإن قوى العقل تصبح لها سأيرة تبتعد عن الواقع الخيالي وتدخل ميدان الحلم ،فإن
كان التطبيق كما ذكر فإن الحلم تكثر بصفة ملحوظة مزعجة وغير مزعجة وتنقطع بعد
ذلك لمدة ،فإذا انقطعت فليكن الجلوس اسأتمراريا لمدة أكثر مما كان المعتاد عليه .فتظهر
في البداية صور ل حركة فيها ،ول يكون ظهورها اسأتمراريا بل متقطعة ،وسأبب ذلك هو
أن قوى العقل تتصل وتنفصل لعدم وجود تحكم فيها ،وبعد أن يتحكم النسان في قواه العقلية
،فإن بإمكانه أن يصحح ما هو عليه ،فإذا ما ظهرت صورة ما وتمكن الباحث عن التصال
من تغييرها ،فإنها صورة لخيال ثإابت في الدماغ ،أما إن لم يستطع أن يغيرها وبقيت كما
ظهرت عليه ،فإن التصال قد تم ،وعندها تصبح للصور حركة وترى الكعبة ل وجود
لمبان بجوارها ،لن قوتها تغطيها فل تظهر ،ويتم السير الباطني بشعور إلى أن يدخل
النسان باب الكعبة ،ولن يعرف بعد كيف وصل إلى عالم مجهول لم يسبق له أن عرفه أو
.وصف له
34
إن المتصل بهذه الكيفية ل يفقد الشعور كما هو معروف ،بل يبقى بكامل وعيه ،وبإمكانه أن
.يتحدث مع أحد بجواره أو يملي عليه علما مستخرجا من الباطن
أم بالنوم فالبتعاد في الباطن أسأهل من اليقظة ،لنه بدل من أن يكون فقدان وعي عند
التصال ،فالنوم يحل محل فقدان الشعور ،وكل اتصال باطني بفقدان الشعور فإنه يعتبر
اتصال منحرفا عن التصال الحقيقي ،ومما يستخرجه النسان من علم باطني يمكن تطوير
القوى العقلية بطريقة حقيقية ،وذلك بمعرفة الخطأ والصواب في الطرق الخرى المطبقة
والغير الدينية ،أما المكانيات الباطنية فكثيرة ،والمهم فيها هو أن نذكر أن المتدين المتصل
بالباطن ل يمكنه أن يعرف الغيب أو يتنبأ به إل إن وجد علم دليل عليه ،فآنذاك ل يصبح
غيبا بل علما ،ول يمكنه كذلك أن يدخل بيتا دون أن يؤذن له باطنيا ،لنه كما تقام حدود ا
ظاهريا فإن وجوبها يأخذ نفس الصبغة باطنيا ،إل إن وجد هناك إذن من مسؤولين في
الباطن ،كما أن بالمكان أن يضر النسان أو أن يغير قوة موجودة في الباطن ،فالمتصل
المتدين ل يمكنه أن يفعل هذا مهما بلغت قوته إل إن أمر بذلك ،وحتى لو رفض فإنه يلزم
على ذلك دون أن يفكر في النتائج التي تأتي من بعد ،كما أنه ليس بإمكانه أن يستخرج
الكنوز التي يعثر عليها أو يدل أحدا آخر عليها ،ول يمكنه أن يستعمل كل قوة لغراضه
كجلب المال أو النتقام ،فالتصال الباطني الديني له حدود يتعلمها المتصل بطريقة باطنية
يتعلم بها حدود ا واتباع ما أنزل في الكتاب ،أما المتصل على غير حق ،فإنه يتصرف في
كل ما يصل إليه ويبلغ إليه من قوة ،وينبىء الناس بما يفعله الخرون في بيوتهم ،ويدل
على السارق أو القاتل ،بينما المتصل بالطريقة الدينية فإنه يملك أكثر من ذلك ول يبدي
منه شأيئا ،لن ا سأبحانه وتعالى له المر كله والقوة ،وكل ما يفعله المتصل على غير حق
فإنه سأيعاقب عليه ،أما المؤمن المتصل فإنه ل يفعل شأيئا خص به النبياء عليهم
السلم ،ول يسعى إلى سأيطرة أو حكم بل يسعى إلى العلم وخلص النفس وعبادة ا ،ول
يمكن للمتصل دينيا أن يمشي فوق الماء أو أن يطير في الهواء أو أن يستخرج كرامات مهما
.كان نوعها ،إل إذا أعطي قوة واسأتعملت دون إرادته بل بإرادة ا
قد سأعى كثير بوسأائل القوة للبلوغ إلى أهداف أخرى غير أهداف العلم ،ولم يكن الخلود في
متناول النسان بأي طريقة كانت ظاهرية أو باطنية ،وما كانت السأس الظاهرية إل سأعيا
للبلوغ إلى معرفة أسأباب الخلق بإمكانية الخلود ،ل يخلد النسان ل في الظاهر ول في
الباطن ،وقد اسأتعمل القدماء وسأائل كثيرة ابتغاء البلوغ إلى إمكانية الخلود بتطوير أسأس
التصال الباطني ،وذلك بجعل مبان ضخمة وأصنام متنوعة كثيرة سأجنت فيها كل قوة تمكن
النسان من البلوغ إليها ومعرفتها ،ولم يكن الباطن هو الباطن الذي يخوضون فيه ،بل
كانت مواطن قواهم كلها تتركز في الباطن الخيالي والذي له واقع صوري ل وجود للحقيقة
فيه بل للوهام فقط ،أوهام ليست فكرية بل قوة مستمدة من أرض الظلمات التي أسأست فيها
من قبل أعظم الوسأائل السحرية المركزة في الصنام والحجار والمباني الضخمة ،فالمتصل
35
بالباطن على غير حق تستقر قوى عقله في أرض محجوبة باطنية أصلها ظاهر وقواها جالبة
لقوى الظلمات ،وفي الظلمات نجد مسؤولين أيضا مكلفي بما يأخذه النسان من قوة أو
معرفة يمكن اسأتعمالها أو اسأتغللها ،إن الفرق بين التصالين واضح ،فالذي على حق وعلم
يكون اتصاله بنور ،والذي على غير حق يكون اتصاله بظلمات ،وكل اتصال بالظلمات
يكون اتصال واسأتمدادا من أرض الظلمات ،والتصال بقوى النور يكون من أرض
النور ومنها يكون النطلق التصالي بقوى العقل والجسم إلى كل عوالم الباطن
والتي ل حصر لعددها ،إنما إمكانية النسان هي التي تنحصر في ميدان أو باختصاص في
.شأيء
إن هذه الرض وجودها حقيقي فوق الرض ،اتصالها مباشأر باتصال مع قوى الكعبة ،
ومنها يتم التصال بمواطن العلوم الباطنية ،تتصل قوى العقل بقوى أرض النور ويتم بما
فيها من علم ثإم يرجع المتصل إلى التصال بالكعبة ،ومنها يصعد إلى عالم آخر يدرك باطنيا
بينما هو ظاهري ،يتم الباطن إلى ثإمانية مواطن علم يمكن التصال بها كلها إل أن الثمانية
شأاملة للسبعة مواطن الخرى ،لعلوم الباطن طريقة يستدرج بها الفهم ،والفهم
الصوري أصعب شأيء أما الفهم التفكيري فإن النسان المتصل يشعر أن أفكارا جديدة
يكتسبها وأسأئلة كثيرة يطرحها ،وقوى الحواس بالتصال تصبح قوة شأعورية أكثر مما
كانت عليه قبل التصال ،وإن كان التصال تاما فإن المتصل يشعر كأن أحدا أو قوة
تصحح جلوسأه ،ومن هنا يعرف الجلوس الصحيح ،ولكل موطن باطني اختصاص
علمي ،ومن المتصلين من
36
يختص بعلوم معينة ومنهم من يسعى إلى معرفة أصول العلم كلها دون إدراك حقيقتها لنها
كثيرة ،وإنما تكون لديه أسأس مميزة لكل علم ،ومما يجب على النسان الراغب في
التصال الباطني أن يتفاداه هو الغضب أثإناء الجلوس التصالي أو السأئلة الحادة أو الجدل
الذي ليس وراءه إل عدم اعتبار للعلم ،وإذا كان النسان ذا بساطة فإن المر سأهل وبالمكان
البلوغ ،وإذا ما أعطيت أوامر باطنية فلبد من تنفيذها لنها ل تكون أبدا فوق طاقة النسان
ول تحمل نفس إل وسأعها ،ويجب على المتصل بالباطن أن يقبل كل تغيير علمي ييعطى له ،
لن العلوم الباطنية في بدايتها تكون اسأتدراجا للمعرفة الحقيقية ،والنسان يصعب عليه أن
يبدل اعتقاده ،لذا فإنه يترك في اعتقاد معين خاطىء ،وبعد أن تعطى له علوم كثيرة تثبت
الخطأ ،فإن عليه بعد ذلك أن يقبل كل جديد ينفي اعتقادا قديما ،فالعلوم الباطنية ل يمكن أن
تعطى جملة ول يجب التسرع في السأئلة ،بل الصبر هو أول شأيء يجب على
النسان الباحث أن يمتاز به ،وإذا ما تم للمتصل أن يرحل بقوى العقل المتصلة بالجسم
الثاني في مواطن كثيرة ،فإنه يلزم عليه أن يترك نفسه هادئا كأنه يؤخذ إلى مكان معين ل
يعرفه ،أما إذا حاول أن يسير نفسه في البداية فإن التصال ينقطع ،ول يمكن للمتصل أن
يسير نفسه باطنيا إل إذا عرف كل مداخل ومخارج مواطن الباطن ،فحينها بإمكانه أن
يتصل بمسؤول في الباطن امتاز بعلم معين دون آخر ،وإذا تمكن النسان من الحركة الحرة
في الباطن فإنه ل يجب عليه أن يسعى إلى دخول الجنة باطنيا أو أن يبحث عن إمكانية
لذلك ،لن هذا ل يمكن كما ل يمكن البلوغ إلى السماوات والراضي السبع أو إلى سأدرة
المنتهى أو إلى ما وراء الكون الظاهري ،والعالم الباطني كله مستقر في حجاب أرضي
شأامل للصورة الكونية الواقعية والتي أعطيت للنسان علوم عنها ،وليعرف المتصل أنه ما
شأعر أنه صاعد في السماوات ،أن المر ليس واقعيا في واقعه ،بل تصاعده العقلي مستقر
في الحجاب الباطني فقط والذي فيه صورة للكون الظاهري .أما الصعود إلى السماوات فإنه
ل يمكن إل بالسأراء ،ويجب أن ل تختلط المور في هذا لن النسان العادي المتصل
بالباطن ل يمكن أن تكون درجته كدرجة النبياء وليكتفي بالعلم ليرشأد إلى الحقيقة ،و
ل يمكن أن يعتقد المتصل بالباطن أن ا سأبحانه وتعالى سأيكلمه أو يتصل به أو يخصه
برسأالة كمثل الرسأل عليهم السلم ،ول يمكن أن يقول إنه اختص بعلم دون الناس جميعا ،
لن ما بلغ إليه كل من تمكن من التصال ،ول يمكن أن يعتقد المتصل بالباطن حين
التصاعد العقلي أن ذاك تصاعد روحي ،بل إنه مجرد تصاعد قوى العقل بالجسم الثاني
في مواطن الباطن ،ول تعرف باطنيا الذات اللهية ،فهذه كلمة دخيلة ،بل ل أوصاف
وصف بها نفسه ،وعلى النسان أن يكتفي بذكر أسأمائه الحسنى ،أما أصول الذكر فإنها
تؤخذ باطنيا للمتصل الباحث عن التصاعد العقلي والبلوغ في مواطن العلوم الباطنية ،أما
النسان العادي فليكن دعاؤه بأسأماء ا الحسنى وقراءة القرآن دون اعتبار ترتيبات المشايخ
.والوراد التي ل توصل أبدا إل إلى الشأخاص الذين رتبوها
37
إن التصال الباطني أمر بسيط إذا لم يعقد النسان فكره واعتقاده ،ولم يسعى إلى شأيء آخر
دون العلم والمعرفة واتباع الصراط القويم ،فالمنطلق الفكري هو مفتاح التصال الباطني ،
وكل من ينطلق على اعتقاد أسأاسأه مثل أن النسان متصل بالخالق فإنه يسير في طريق
خيالي باطني ل يفيد شأيئا ،بل يجعل النسان في ميدان خلطي فكري اعتقادي تختلط فيه
الصور الباطنية والقوى المرتكزة في الجسم .والعلم هو وسأيلة للبلوغ ،فبالعلم يصل النسان
إلى العلم ،وبالعلوم الباطنية تكمل أصول العلوم الظاهرية فتصبح المعرفة حقيقية وثإابتة ،
ول يمكن أن يصدق النسان كل القوال حول العلم الباطني دون تمييز حقيقي مظهر لحقيقة
ذلك العلم المستخرج ،فإن للباطن دلئل تدل عليه ،نعطي منها ما يغني الباحث عن البحث
الذي يتناول جميع القوال أو الكتب الكثيرة ،إن التصال الباطني العلمي الديني له مظاهر
وظواهره ،على المتصل أن يتبينها لتفادي الخطأ الذي يصعب الخروج منه ،فعند اتصال
تظهر دائرة صفراء اللون واضحة ل تعتبر صورة خيالية لنها تبقى أمام الرؤيا الباطنية ،
وإذا فتحت العين تبقى الصورة ظاهرية ،ول يمكن لحد آخر أن يراها أبدا إل إذا توفرت
لديه قوة اتصالية بالباطن .وهذه الدائرة الصفراء اللون تشبه الشمس ،ول يمكن وضعها أو
السطرة عليها بل فيها قوة تتحكم في النسان المتصل وقد يخاف منها بادىء المر .وبعدها
تظهر دائرة بيضاء تشبهها وكأنها قمر .والدائرتان ل علقة لهما بالشمس والقمر وتعتبران
مثال لقوتين في الكون يتم السأتمداد منهما .وعلى المتصل أثإناء الجلوس أن سأاكنا ،وإذا
شأعر بقوة في الجسم فل يلزم عليه أن ينفذها .أما إذا أراد تنفيذها ،فإن التصال ينقطع
وتذهب القوة كذلك ويصعب التصال من بعد .ول يجب على النسان أن يبحث عن القوة بل
عليه أن يبحث عن العلم .إن المتصل بالباطن عندما يكتسب قوة في جسمه ويرى النور
المحيط بالشأياء ويعرف القوة الباطنية ،عليه أن يكسو بالنور كل شأيء يرى فيه ظلمات
ويصارع كل من اكتسب قوة الظلمات ،وإذا أعطيت له طلسأم وأوضاع كالجداول والوفاق
فإن عليه أن يستخرجها وينقلها كما هي في الباطن ثإم يحطمها بأسأماء من نور ويحرقها
لتنقص فعاليتها ،وبهذا يمكنه أن يبلغ كثيرا في المراحل الباطنية والتي لها ثإماني درجات .
والدرجة الثامنة توفر إمكانيات كبيرة لن بإمكان المتصل في هذا الحال أن يمتاز به في
الدرجات الخرى .وعلى المتصل في البداية أن ل يهتم بالتصال بقوى الطبيعة لن هذا
شأيء مضاد لما يسعى إليه ،وكل اتصال بقوى الطبيعة يعتبر ظلمات ويعرف بالسحر .
وبالتصال الباطني يكسى الجسد بنور قد يرى ظاهريا ول يكون ظهوره اسأتمراريا .إنما
يعبر عن وجود نور في الجسم .فالكثير يظن أنه يفقده إذا لم يبق ظاهريا ،وما تلك إل وسأيلة
.يعلم بها النسان بواسأطة العلوم الباطنية
إن العلم الباطني عالم آخر فيه قوانين وأحكام وفيه كفر وإيمان ،وسألم وحرب ،ونظامه قد
يكون مغايرا لنظام الظاهر ،ومكانة الناس فيه هي مخالفة لمكانتهم ظاهريا .وعلى النسان
أن يبحث عن عالم بإمكانه معرفته والدخول إليه لنه في متناول الجميع ممن يسعى إلى
38
معرفة الحق والسأتدلل به .أما الذين في قلوبهم زيغ ويسعون للفتنة فإنهم يخوضون في
عالم باطني آخر خصه ا لهم ليفسدوا فيه ،وهو متشابه ما فيه ،وكل من كلف فيه ما هم إل
أئمة الكفر غيروا ما كان عليه الدين في أصله .وليسأل كل متصل بالباطن من يتصل به
باطنيا من أشأخاص فإنهم إن أكثر السأئلة ينفرون .أما التصال الحقيقي فإن المتصل يسأل
عن كل شأخص يظهر أمامه ويطلب اسأمه .فإن كان نبيا فإن المتصل يسمع اسأم ذلك النبي
الذي أمامه ،ويشعر بقوة تشده إلى الرض ويأتيه خوف ول يستطيع التكذيب ،لن في
التصال بقوى النور وسأائل قوة هي للثإبات تتم بها السيطرة على المتصل حتى يعرف الحق
.فال سأبحانه وتعالى عندما يرسأل رسأول للناس فإنه يعطيه آيات أو معجزات لثإبات ما هو
عليه ،كذلك بالباطن فإن المتصل يؤخذ أخذا ويعذب باديء المر ويسمع القرآن يتلى حتى
يصدق أن اتصاله حق وما يبلغ إليه من علم هو حق ومطابق لما في القرآن ،ليصبح ما بلغ
إليه من معرفة فإنه يعيش عالما صوريا لوقائع في الدين يثبت بها تفسيرا أو علما ،وليس
على المتصل مسؤولية بلغ للناس ،لن ا سأبحانه وتعالى قد بلغهم بالرسأل ،ووجود
القرآن هو دعوى للسألم ،وما على المتصل إل أن يقول قوله بعلم دون خوف ،وكما قال
الناس بغير حق فحق القول لديه بأن يقول ما هو حق دون إجبار للتباع ،لن هذا أمر
بالمعروف ونهي عن المنكر ،فهو إجبار ديني .أما الذين لم يثبت لديهم أصل اتصالهم فإنهم
على خطأ فيما يقولون .إن الروح ليس له تصاعد باطني ،والنسان ليس له صلة بالخالق ،
والعقل ليس هو الدماغ والرض ليست كما هي ظاهريا ،بل هناك حقيقة أخرى يجهلها من
يأمن مكر ا ،وغذ ا هو خير الماكرين ،مكره بحق لنه جعل الحق ،وما الناس بسابقين
في شأيء وا يعلم ما يفعلون ،وإن كانت قد انتشرت كتب كثيرة كل ما فيها يدعو إلى تغيير
الصل الديني ،فإن من واجب كل متصل بالباطن الحقيقي أن ينشر معرفة وعلما أصله دين
.ولم تكن الشعوب الغير المتدينة هي المختصة بالعلوم الباطنية ،بل الدين السألمي شأامل
لكل معرفة وعلم ،وفيه ما يكفي من كل شأيء ويغني عن البحث بجهل في أشأياء مجهولة ،
وإن اتبعنا أهواء الناس سأنكون من الجاهلين .وا سأبحانه وتعالى يقول إن لو اتبع أهواء
الناس لفسدت السماوات والرض ،فكيف بنا نحن إذا اتبعنا أهواءهم ؟
إن موقع السماوات والرض لم تكن حقيقته كما ذكر أغلب المتصوفة ،أو مطبقي طرق
اليوغا أو نماذج العقائد كفلسفات المم الغير المتدينة جمعاء ،والفلسفة قديما كانت تعتبر
حقيقة التصال الباطني لن الفلسأفة كانوا كذلك يرون نورا في خلوتهم ،فالفلسأفة كانوا
أناسأا يدعون الناس لمبدأ مضاد لصول الدين ،ومثلهم كمثل الشعراء يتبعهم الغاوون ،ومن
يؤمن بالفلسأفة والشعراء فمثلهم كمثل الذي اسأتوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ،ذهب ا
بنورهم وتركهم في ظلمات ل يبصرون .وكل ما كان له اتصال على غير حق من الفلسأفة
والمتصوفة والشعراء كانوا يرون باطنيا نارا بدل من الدائرة الصفراء ،وتلك النار كما
هو شأأن النار ضوؤها كدائرة بين الصفرة والحمرة لها ألوان عشرة .وما كانت هذه الرؤيا
إل
39
إعلنا للمتصل أن اللوان العشرة من النار تعني مارج النار .ومعنى ذلك أن المتصل له
اتصال بالشيطان وعليه أن يرجع عما هو عليه ،وإذا لم يرجع النسان عما يسعى إليه ،فإنه
باطنيا يدخل في تلك اللوان العشرة ويشعر بحرارة كأنه دخل نارا ،وذلك دليل يعطى باطنيا
صوريا حتى يعرف المتصل من هذا النوع أن سأعيه ذلك قد يدخله إلى جهنم إذا لم يرجع إلى
الصواب ،لذا يقول المتصوفة إن الجسم يحترق بالذكر ويقول اليوغيون إن النار هي
المطهرة ،ولم يكن ذلك إل إظهارا لتباع خاطىء ،والمتبع المصر في ذلك يدخل عالما
يسمى باطنيا بالعالم الدخاني ،كأن تلك النار لها دخان ،فيعيش المتصل عالما باطنيا خياليا
كالدخان ،تتشكل فيه صور كلها بشعة ،ويقول المتصوفة إنهم يرون النبياء في صور بشعة
،وليجدوا حل لذلك بالفهم ،فإنهم قالوا إن النبي عليه السلم يظهر باطنيا بشع الصورة لنه
كمرآة بالنسبة للمتصل بالباطن ومعنى ذلك أن المتصل مذنب مخطىء مليء بالخبث ،وقالوا
إن هذا هو السبب في الرؤيا الصورية البشعة ،ولم يكن هذا صحيحا لن المتصل بالباطن
حقيقة فإنه يرى النبياء والرسأل عليهم السلم في أحسن صورة وتحيط بهم دائرة من نور
بين الصفرة والبياض ،وليكون المر واضحا فإن الذين يرون النبياء باطنيا في صورة
بشعة ما كان اتصالهم إل من ظلمات ويظهر لهم من ادعى النبوة ،وما كان نبي ليرى كما
ذكروه ،والمتصل بالباطن الحقيقي فإنه يرى الثإنين معا بادىء المر ،وذلك ليعلم أن هناك
تشابها ،وعليه أن يطمئن لما هو عليه ويثق بما يتعلمه ،ويؤتى أحسن تفسير ،كما أنه
تعرض عليه صور الفلسأفة القدماء وكذلك الشعراء ويتعرف على الصنام والمباني التي
كانت أهداف بنيانها سأحرا كالهرام ،ويتعلم الكثير من كل هذا ليعرف الحقيقة
والفرق بين اتصال الظلمات بالنسان وبين التصال الباطني بالنور ،والشعر كان قديما
وسأيلة اتصال باطني على حق ،وذلك بحفظ القصائد المرتبة وتكرارها وأعطي لذلك مثل
بالشعر كاليات ،لذا كان الناس من قبل يقولون إن النبياء شأعراء مجانين ،وذلك لنهم
كانوا يعرفون أن الشعر كان وسأيلة اتصال بالباطن إل أن ذلك التصال كان كله منحرفا
.عن الواقع الصلي للباطن
لم يكن النسان جرما صغيرا ينطوي فيه العالم كله ،ول يمكنه أن يسير العلم باتصال باطني
أو أن يزيد في رزق الخلق أو أن يغير مصير البشر ،أو يطوف الكون .ثإم إن ا سأبحانه
وتعالى ل يتجلى في شأيء كوني وجودي ظاهري أو باطني ،ول يظهر ا سأبحانه وتعالى
في الباطن جالسا على كرسأي أو عرش من نور ،ولم يكن ا سأبحانه وتعالى نورا يرى ،
ول يتشكل في أي صورة كانت من أجل الفهم ،بل تعالى ا عما يشرك الناس علوا كبيرا
،إن التصال بالباطن ل يعني التصال بال ول يعني الصعود بالروح في السماوات ،بل
الباطن عالم صوري شأامل للظاهر المعلوم لدى النسان ،وهذا العالم اسأتقراره فوق الرض
في الحجاب الثامن ،وعلى الباحث أن يميز ما يسعى إليه في بحثه عن التصال الباطني ،
وليظهر لنفسه هدفه للبلوغ لما يسعى إليه ،فإن كان الهدف هو اكتساب قوة فليعلم أن القوة ل
جميعا .وإن كان الهدف علما ودينا واسأتقامة فإن البواب مفتوحة ،وكل العلوم المستخرجة
40
من الباطن علوم كانت من قبل أعطيت للنبياء والرسأل عليهم السلم ،ويتعلمها المتصل
بالباطن عن طريق مسؤولين في الباطن بواسأطة فهوم صورية أو بعلم مكتوب ول يمكن
للمتصل أن يستخرج علوما لم تكن عند النبياء لنه ل يوحى إليه .وبهذا فإنه ل وجود لعلم
لدني معناه علم هو من عند ا مباشأرة ،ول يحق لكل متصل بالباطن أن يقول بأنه أوحي
،إليه بينما لم يوح إليه شأيء ،ومن أظلم ممن افترى على ا كذبا
إن التصال الباطني شأيء مخالف للرؤيا المسماة بالمشاهدة ،فالتصال يشعر النسان فيه
بالجسم الثاني يبتعد عن الجسم الظاهري ويجول في العالم الباطني .أما المشاهدة فهي رؤيا
يكون النسان أثإناءها جالسا مغمض العينين ويرى صورا معروضة عليه كمثل عرض على
شأاشأة ،ويتعلم بهذه الوسأيلة دون أن يكون للجسم الثاني دور في التجوال الباطني ،ولكن
المشاهدة هي أول المراتب قبل الدخول إلى العالم الباطني ،ولعل الرسأم التالي يؤدي معنى
:المراتب الولى المظهرة لمعنى القول
قوأى
التاصال
الباطني
الباطن
المشاهدة
41
الخيال
الح
لم
التافكير
الظاهر
قوأى
العقل
قوأى
الجسما
إن الحواس الخمس هي أسأاس تطوير قوى الجسم وقوى العقل ،ثإم إن قوى الجسم وقوى
العقل أسأاس تطوير التفكير ،والتفكير أسأاس تطوير الخيال و الحلم وهذا كله له علقة
بالجسم الظاهري للنسان ،وإذا تطور الجسم الباطني للنسان ،ومن قواه تكون المشاهدة ثإم
بتطوير المشاهدة يتم التصال بقوى العقل في الباطن ويتم التصال الباطني ،فالمشاهدة
تحتل مكان الخيال ،كما تطور الخيال يلزم تطوير الرؤيا بالمشاهدة حتى يتم التصال ،إل
أن تطوير المشاهدة ل يكون بالتفكير بل بالعلم لن الخيال مختلف عن المشاهدة هو أول
الطريق نحو الباطن ،فالجسم الظاهري للنسان له دور فعال لن به يتحرك الجسم الثاني
الباطني ،وعندما يتطور الجسم الباطني فإنه يحرك قوى الجسم الظاهري ،وإذا تطورا
.يكون اتصال بينهما وتقابل في قوتيهما فيتم التصال على أحسن وجه
أما إن كان خطأ في ما ذكرناه ،فإن المتصل بغير علم ل يتصل بالجسم الثاني الباطني الذي
هو صورة جسمه الظاهري ،بل يتصل بقوى عقل شأخص آخر هو كذلك ليس له اتصال
باطني ،وهكذا يكون الختلط في القوى ،لذا نهى النسان بأن ل يفعل شأيئا لم يكن له به
علم ،إن كل شأخص عاد لم يتمكن من تركيز قوى عقله فإن جسمه الباطني يجول في العالم
42
الباطني الخيالي ،ويجلب النسان على نفسه من كل شأر ،وذلك لوجود قوى في كل
شأيء ،وأما المستمسك بالدين فإن جسمه الباطني تكون له سأيرة اسأتقامية ،ولو لم يكن له
اتصال باطني يدركه بقوى العقل في مواطنه ،نجد بعض الحالت عند أشأخاص معينين
تدخل عليهم قوى عقل آخر وتلتحم بقوى أجسامهم ،فيصابوا بحالت جنونية وتغيرات
ظاهرية ،ويقال عنهم إن الجنة أصابتهم ،فذلك نتيجة تجوال باطني غير مركز بالجسم
الباطني ،ويعالج هؤلء بقوة يمكن بها معرفة الفصل بين قوى الجسمين الملتحمين ،
ويسمى الجسم الباطني جسما رغم أنه صورة للجسم الظاهري ،لنه بإمكانه الظهور
ظاهريا ،وكل متصل بالباطن إذا تطور في ما يصل غليه من علوم و معرفة عن القوى
الكامنة في الشأياء والطبيعة ،بإمكانه أن يصرع كل مصاب التحمت قواه الظاهرية بقواه
الباطنية ،وبإمكانه جعل أسأس باطنية تعين كل متصل بأن يكتسب علوما أخرى ،والسأس
الباطنية معناها قوة تركز في مناطق في الرض وتحتل مواقع القوى الرضية حتى ل
تصل إليها قوى مضادة لها ،ومنذ القديم والسحرة يضعون أصول طلسأم كثيرة ينشرونها
في كل مكان ظنا منهم أنه بالمكان السيطرة على قوى النور ،ونجد من جهة أخرى كل
متصل بالباطن متدين يضع قوى أخرى تضاد قوى الظلمات حتى تسيطر .وقد قل عدد
المتصلين بالباطن ممن لهم اتصال من نور .بينما كثر الذين لهم اتصال من ظلمات ،وهذا
يظهر كثرة النحراف ،وكل متصل له صلة مع كل المتصلين بالباطن المتدينين في أنحاء
العالم وتعاون في تركيز القوى إل أن أغلبهم ل تتوفر لديهم إمكانيات جعل مراكز قوية
تضاد المراكز الحالية والتي أسأاسأها قوى من ظلمات ،وكل هؤلء لهم الدرجة الثامنة في
التصال ،ول يمكنهم التجمع لن الدين ينهى عن تكوين أحزاب دينية تعزل مبادئها أو قواها
.أما من لهم الدرجة الخامسة فكثيرون ،ولكنهم في مراحل التطوير العلمي الديني
للقوى ،والدرجة الثالثة في التصال الباطني فقد اختص بها الكثير ،إل أن اتصالهم ليس
له فعالية قصوى يمكن بها تغيير شأيء ،فالوضع الحالي يحتاج إلى تطوير وتصحيح حتى
يتمكن كل متدين من التصال الباطني دون عناء ،لنه شأيء قد اختص به المسلمون ،وما
صعب المر إل لوجود فتنة علمية انتشارها يرجع إلى كل من كان يسعى لتغيير أصول
الدين .وقد اعتمد الناس على مبادىء فلسفية واعتقادات خالية من كل واقع حقيقي ،
فالمشكل أصله انحراف نحو الخطأ بالخطأ .وظن الكثير أن الدين ل يتوفر فيه كل الشروط
المتطلبة .فالشعوب الغير المتدينة تحاول السيطرة سأواء ظاهريا أو مبدئيا وتنتشر اعتقادات
قد يثق بها النسان ،لن هذه الشعوب أظهرت سأيطرة آلية ،والغلب يثق بالمظاهر ،
وعلماء الدين يعتبر قولهم خاليا من كل فائدة لنهم ل يعلمون كيفية صنع آلت ،أو يسعون
إلى تطوير الكتساب المادي ،فهذا موضوع آخر إل أن له صلة بواقع التصال الباطني
الديني ،وكل إنسان حر في اعتقاده ومبادئه لنه سأيسأل عن كل ذلك ،ووجوب العقاب
هو الذي أعطيت به حرية النسان ،فالنسان حر لنه سأيعاقب ومخير في اليمان أو الكفر
لن له وقتا يسير فيه دون اختيار أن كفر ،إن المتصل بالباطن بطريقة دينية ل يحاول أبدا
أن يغير شأيئا مما أثإبت ا سأبحانه وتعالى ،ول يحاول أن يسيطر أو أن يبدل ما بالناس
حتى يجعل بينهم محبة أو كراهية ،بل يعتمد على أصل العلم والمبادىء العتقادية الدينية
الصحيحة .وإن غير قوة من ظلمات إلى نور فإنه ل ينتظر جزاء أحد من الناس ،وهؤلء
كانوا دائما مجهولين ل يعرف عنهم شأيء لنهم ل يظهرون كرامات شأبه معجزات ،ول
43
يفتحون زوايا معزولة ،ول يجعلون طرقا دينية مختلفة عن بعضها البعض ،ثإم إنهم
ل يفرضون علما يعرفونه ،ول يأمرون بالعتقاد فيهم أو تخيل صورهم عند الجلوس ،ول
يعتبرون أنفسهم شأيوخا كالمتصوفة ، ،ول يذكر اسأمهم في سألسلة ،ول يستمدون من قوى
الطبيعة ،لهم خاصيتهم ويعرفون حدودهم ،ونذكر هذا عنهم لن العلوم الباطنية يتعلمون بها
.شأروط السأتقامة
فالتصال الباطني الديني وسأيلة علم دون لزوم تعذيب النفس أو شأرط العزلة ،وشأرطه
اليمان بالغيب ،وإقامة حدود ا والخضوع لوامره كلها ،وهذا شأرط ديني ،ولم يكن
التصال الباطني خيال أو وهما ،بل بالباطن يعرف الخيال ويعرف الباطن ،ويميز النسان
بين العقل وقوى العقل ،ويصحح ما بلغ إليه من كل معرفة وينبه على أخطائه ويرشأد على
الصواب ،وكل متدين إل ويتصل بالباطن ليكون على يقين ،ولكن وجود التحريف والتغيير
في الدين جعل التصال ينفقد .فالذكر له أصول ،والصلة لها طريقة صحيحة ،ومن يقول
إن النية أسأاس العتقاد حتى ولو كان العتقاد على غير صواب في شأيء فليبلغ لما نتكلم عنه
،فالصلة لها شأروط وقيم وتصحيح لحركاتها كلها إثإباتا لقوة موجودة في جسم النسان ،
وقراءة القرآن لها أصل أيضا ،لن القرآن له فعالية ولم يكن ا سأبحانه وتعالى عند حسن
ظن العبد به حتى يظن به العبد ما شأاء ،فل يمكن أن يظن به العبد ما شأاء ،فل يمكن أن
يظن النسان بال ما شأاء ،بل وجبت عبادة ا كما أمر ا ،ول يمكن أن نغير شأيئا من
أصول الدين ،ونقول إنما نيتنا حسنة ،فقد كانت نية القدماء أن الصنام تقربهم ل زلفى ،فما
أغنى عنهم ظنهم بال إذ ظنوا بما ظنوا أنه الحسنى ،وما كانت نيتهم لتنفعهم شأيئا وهم
مخطئون .إن ا طيب ل يقبل طيبا ،وا سأبحانه وتعالى يقول إنه ما يؤمن أكثر الناس بال
إل وهم مشركون ،قد بالغ الكثير في الشأياء ،وحسبوا أشأياء كثيرة هينة ،وهي عند ا
عظيمة .إن كل شأيء موجود إل وله فعالية على النسان ودون التغيير في أصول الدين نجد
موانع أخرى تمنع من التصال الباطني ،هي أشأياء يعتني بها النسان وتحيط به من كل
جانب تكمن فيها قوة مضادة للنور ،لن تلك الشأياء كانت أسأسا للظلمات ومستمدة منها
وجالبة لها ،يعتز بها النسان ويفتخر بها .يكثر منها ويسعى إليها ظنا أنها أشأياء تفيد ،ول
تفيد في شأيء إل في ما ليس فيه فائدة ،وما أعظم غرور النسان ترك الحضارة الدينية
الحقيقية واتبع حضارة مزيفة ،لن تغني شأيئا ،ومعرفتها المنطوية بها ل تظهر واقعا ول
تثبت أصل ول حقيقة ،لعل المشاكل كثيرة والوقت قصير ،ولعل النسان بإمكانه أن يسهر
من أجل المال ،ول يمكنه أن يسهر من أجل الدين .هل ل وجود لعسر في سأعي النسان
ويوجد عسر في الدين ،بلى إن المر واضح والواقع ظاهر ،يحب النسان المال حبا جما
وينقض للهو ،والغريب أنه ينتظر الخير من عند ا .إن التصال الباطني الديني ليس فيه
وسأيلة امتياز لجلب مال ،وما كان هدف أغلب الناس من البلوغ إلى التصال الباطني إل
لجل اكتساب قوة مسيطرة أو نيل كرامات أو جلب الخيرات بقضاء الحاجات .ونجد كل
متصوف كاتب عن الباطن شأيئا قليل إل ويأمر البالغ إلى سأر ما كتبه بأن يأمر الخادم
44
الروحاني بما يريد عندما يتم التصال به ،وليتساءل النسان الباحث عن الحقيقة من هم
الخدام ؟ مذهب ومرة والحمر وبرقان وشأمهروش والبيض وميمون .إن مثلهم كمثل عاد
وثإمود وفرعون وهامان ،كلهم أناس عرفوا بالكرامات والقوة وكلهم ممن كفر بال ،وكل
متصل بهم يمدونه بما كانت لهم قوة ويعينونه على الفساد ،ولو جمعنا ما قيل في ما ذكرنا
لوجدناه شأيئا كثيرا ،والمهم فيه هو أنه يطلب من الخدام الروحانيين مهام كثيرة وتصرفات
كتهزيم الجيوش وفتح الكنوز وتغوير المياه وطي الرض والطيران في الهواء ،ولو بحثنا
قليل في أسأماء ينطق بها الراغب في ذكر كمثل :شأمول ،سأار ،شأبهة ،هيدوكة ،بقرش ،
يغموك ،هالوك ،ديو ،شأاحر ،إلى ما هنالك من أسأماء ا الحسنى المغيرة في قواها ومما
أنزل في التوراة والنجيل والزبور ،وممن يعتبرون خداما روحانيين كذلك ،ويذكرون في
كتب عديدة بنوغيلن وأولد ميمون ،وبنو الحمر ،إلى غير ذلك مما يليق ذكره ،وما نذكر
هذا إل على سأبيل المثال ،فإن هؤلء الذين ذكرهم أمم عذبها ا سأبحانه وتعالى بما فعلت
لنها كانت تعتمد على السحر في أمورها ،وإذا تساءل النسان كيف يمكن تسخير هؤلء ،
فإن المر بسيط ،لن قوى عقل النسان تبقى باطنيا بعد الموت وتسخر بقوة باطنية يمكن
بها التحكم على تلك القوى العقلية ،أما المؤمن فإنه بعد موته ل يبقى له قوة عقلية في الباطن
يمكن تسخيرها أو اسأتعمالها ،ولو كان الذين ذكرت أسأماؤهم أحياء ممن اعتبروا روحانيين
لما تمكن أحد من تسخيرهم ،ونذكر كذلك مثال آخر يتم به اسأتحضار شأمس القراميد بنت
الملك البيض كما قيل ،ولجل هذا الغرض قيل إن من أراد اسأتحضارها يصوم ل تعالى
اثإني عشر يوما في موضع خال بعيد من الصوات والعمارة ول يفطر إل على خبز الشعير
وزيت العود ول يفارق الغتسال في كل يوم والبخور وقراءة العزيمة دبر كل صلة سأبعين
مرة ،وعندما تحضر بنت الملك البيض يتزوجها المتصل بها وتعطيه مال وتجعل له قبول
بين الناس ،ولو فكرنا في المر إذا ما أراد أناس كثيرون اسأتحضارها فهل سأيتزوجونها
أجمعون والذين اسأتحضروها من قبل تزوجوها أيضا فهل هي خالدة أم كيف المر ؟ قد يبدو
المر صعبا الفهم بينما من تمكن من التصال الباطني الديني ،فإنه يرى شأمس القراميد هذه
دون اسأتحضارها ،ولكن ل يتزوجها لنها صورة لمرأة عاشأت وماتت وبقيت قوى عقلها
في الباطن فقط وبالمكان التصال بها بقوة سأاجنة لقوى صورة جسمها وقوى عقلها ،
فالجسم الثاني للنسان بإمكانه أن يبقى في الباطن بعد موت صاحبه ودفن الجسم الظاهري،
لذا اعتبر القدماء أن النسان بإمكانه الخلود في عالم جميل ،وكأن العالم المقصود به القول
هو العالم الباطني ،ونلحظ أن في تطبيقات اليوغا يتخلى المطبق لتلك الطرق عن جسمه
ويدخل الباطن ليعيش فيه ،ونرجع إلى بنت البيض إذ يؤمر الراغب في الزواج منها
بالصلة وذكر عزيمة بعدها وهذا يظهر تماما ظاهرة دينية ،والذين وصلت إليهم هذه
المقالت عن الطهارة من أجل التصال بتلك المرأة ظنوا ذلك واقعا دينيا بينما لم يكن له
أصل في الدين ،فالصلة والصوم وقراءة القرآن ل يعني بها أصل أنها ظاهرة واقع ديني
شأامل ليمان ،لن تلك الظاهرة الدينية منحرفة عن الصل ومغيرة له ،وليكن الباحث ذا
45
حكمة ويجتنب هذا النوع من التطبيقات ،فإنها ل تفيد شأيئا ،بل تجلب كل شأر ،ول يجب
أن يكون الذكر بوسأائل شأاملة لكلم مفهوم ،أو أسأماء سأميت دون أن يون لها من
سألطان ،وأنواع الطرق من أجل التصال بالباطن كثيرة ،والخطأ فيها هو أن يعتمد
فيها على أشأخاص كيف ما كان نوعهم ،أما المتصل بالباطن بوسأائل دينية تثبت حقيقة
الطريقة العلمية فإنه ل يعتمد على معرفة النجوم أو المنازل للبراج أو سأيرة الكواكب ،ثإم
ل يعتمد على شأخص ليذكر اسأمه أو يسعى إلى اسأتحضار قوى أشأخاص ،والقرآن هو
الوسأيلة القصوى للبلوغ وفي قراءته أحكام وطريقة أصلية دينية دون تحريف أو نقصان
في اللفظ أو تعجيل عند القراءة ،وإذا تمكن النسان من قراءة القرآن بصفة محكمة فإنه
يرى نورا في الحروف وذلك أول دليل لبداية العلم والمعرفة ،وفتحا لطريق التصال
.الباطني
إن الباطن عالم باطني للعالم الظاهري ،واسأتقراره فوق الرض له ثإمانية حجب كل منها
تنقسم عنه ثإمانية مواطن باطنية ،والعدد الول أربع وسأتون موطنا يمكن الدخول فيها كلها ،
وفي هذه الحجب صورة واقعية للكون الغائب عن النسان ،ول يمكن اجتياز هذه الحجب
كلها والخروج من العالم الذي يعيش فيه النسان ،إن التصال الباطني ليس وسأيلة سأعي
وراء الخلود ،وأغلب المتصلين بواسأطة الطرق الغير الدينية يسعون إلى التنازلت بالموت
لجل إدراك قوى الحياة ليتمكنوا من الخلود الباطني ،وقد نجد من الراغبين من يعيش قرونا
بوسأائل تطبيقية ،ولكن في الحقيقة ل يمكن ذلك وحتى لو ظهر للناس أنه حي بعد مضي
قرون فإن معنى ذلك هو أن قوى العقل بإمكانها أن تبقى في الجسم وكأنها تعطي له حياة ،
بينما الحياة الحقيقية انفقدت ،وهذه الظاهرة غرت بكثير ممن اعتمدوا أن بالمكان تفادي
الموت بمعرفة ما وبتطبيقات محكمة عرفت منذ القديم ،والتصال الباطني الحقيقي ل وجود
فيه لهذا التنازل إلى قوى الموت أو تحدي أحكام ا الفارضة للموت في أجل مسمى ل تأخير
فيه ول تقديم /ولو كانت هذه الوسأائل صحيحة لعتمد عليها النبياء عليهم السلم ،ولطبقوا
الطرق المحكمة من أجل ذلك .إن النسان المتصل بالباطن ل يمكنه أن يخرج من الحجب
،لبلغ السماوات أو الراضي السبعة .وكما ذكرنا أن الحجب الثماني صورة لواقع الكون
46
لن المتصل يشعر كأنه يصعد إلى السماء ،ولكن في الواقع لم يخرج من الحجاب الكوني
الول من الرض ولم يتجاوز حدود الحجب الثمانية ،فالباطن وسأيلة علم فقط يعرف به
.أصل العلم المظهر لواقع الكون الذي وجب على النسان أن يعرفه
إن التخلي على الحواس وتطبيق الطرق التي تلتزم ذلك ل تفيد شأيئا ،لن الواقع خلف ما
يذكر أغلب الناس الذين اعتمدوا على أسأس عقائد لم يكن دينيا ،وقد أخطأ الذين ترجموا
فلسفات الغريق والهنود إلى العربية ،وكان الخطأ عظيما لما انتشرت العقائد وطبقت ،وما
جاء الدين السألمي إل لينفي العقائد ويحارب أصحابها المعتمدين عليها ،فأصبح
المثل يضرب بسقراط وفلسأفة اعتبروا من عظماء التاريخ ،ولم تكن لهم عظمة في
شأيء ول أهمية ،ونجد من الغرابة أن يضرب بهم المثل ول يضرب بالنبياء والرسأل
عليهم السلم ،فبدل أن يقول النسان قال النبي عليه السلم ،أو قال ا سأبحانه وتعالى ،
إذا به يقول قال فلن وقال الفيلسوف الفلني ،وهذه ليست مبادىء حكمة محكمة ،وكل
فيلسوف ما آمن بال واسأتسلم لوجه ا وأقر عبادة ا ،فإن كل أقواله تعتبر سأفاهة حتى ولو
ظهرت فيها أصالة في القول ،لنه ل يمكن أن يقول إنسان حكمة من غير ما قيل على
لسان النبياء عليهم السلم أو ما ذكر في كتب ا المنزلة ،وا سأبحانه وتعالى هو الذي
يؤتي الحكمة من يشاء ،فإن كانت مبادىء النسان يشملها اعتقاد في الفلسأفة والمشايخ ،
فإن اتصالهم الباطني ل يكون إل اتصال بألئك الذين يعتقد فيهم ،ومن كانت مبادىء
اعتقاده اقتداء بالحكمة الدينية ومثال للنبياء والرسأل عليهم السلم ،فإن التصال يتم
بمن جعل ا بحق وجعلهم أئمة يرشأدون لدين الحق ،وليكن الحذر شأديدا أن المر لم
يكن هينا وسأهل ،وكل اسأتصغار يؤدي إلى انحراف قد تكون نتائجه وخيمة ،فإن ا
سأبحانه وتعالى قد أظهر الحق ولزم التباع لما ثإبت في الدين ،ول يمكن أن نتخذ من
كفر بال أولياء أو نقول إنهم أهدى سأبيل ،أما من أصر على ما هو عليه من اعتقاد ،فإنه
لن يتمكن أبدا من البلوغ إلى شأيء له أهمية ،فالتصال الباطني الحقيقي لم تكن له شأروط
فوق طاقة النسان ،إنما شأروطه تصحيح العتقاد حتى يتم على أحسن وجه يأتي بعده
حسن الخلق ،إن الجلوس عند التصال الباطني يكون بطهارة ،وما ابع الناس طرق اليوغا
إل لنها ل تفرض طهارة كما يفرضها الدين ،وحتى لو لم تكن اليوغا تفرض طهارة ،
فإنه يفرض فيها أشأياء لم يكن لها أصل ثإابت كعدم الزواج والعزلة عن الناس والعتراف
بالطبقية .أما الدين فل فرق فيه بين أبيض وأسأود إل بالتقوى .والزواج لزم اعترافا لما
جعل ا بالحق ،وكذلك ل رهبانية في السألم .إن الفلسأفة لم يكونوا أنبياء أو مرسألين
حتى يعترف بأقوالهم ومبادئهم ،ولم يكونوا إل مغيرين لصول الدين ،ومعرفتهم ل تغني
عنهم شأيئا ،ويحشرون مع أتباعهم أنهم أئمة الكفر ل يعتمد عليهم إل من أحب الكفر
على اليمان ،فإن أول وسأائل الطرق الباطنية الصحيحة من أجل البلوغ على الحقيقة هي
أن يتفادى الراغب في التصال الباطني كل معرفة لم تكن علما من القرآن أو قول مما قاله
النبياء عليهم السلم ولبد أن ينسى الباحث عن أصول الدين كل
47
اسأم معرف بشخص لم تكن مبادئه دينا ول معرفته علما يرجع أصله إلى ما أثإبت ا سأبحانه
وتعالى في كتابه ،والقرآن هو مفتاح كل اتصال باطني ديني ،وكل ما ذكر فيه هو وسأيلة
تصحيح العتقاد ،وما دون القرآن فل يلزم ذكره أو السأتعانة به من أجل البلوغ على العلم
.والمعرفة الحقيقية
ول بد أن نذكر مثال آخر رتبه المشايخ من أجل البلوغ على التصال الباطني ،وذلك بذكر
اسأم ا الوهاب عشرين ألف مرة كل ليلة وثإمانية آلف كل يوم مدة أشأهر وأعوام بشرط
صيام الدهر ،ويقال إن بعد مدة ،يفتح باب للسالك ويشاهد أهل ا يقفون له وقوفا تاما ،
فيقال يا فلن أنت أحق بالمكان الفلني أن تكون فيه زاوية للمساكين يرد بحرك القوي
والضعيف ويشرب من ينبوعك كل محب زائر وينفتح بسرك كل صحيح وسأقيم ،ويباح لك
أيها الرجل بسر السأماء الحسنى ويفتح لك كنوز معادنها وجواهرها ،فتذكر كل مريد بما
يليق ويوصله على موله ،وتشرفه على المخازن الزكية فتأخذ منها ما يقوم بدائرتك ،
.وتمكن كل ضعيف ومحتاج بمواكب عنايتك ،فتكون صاحب المنع والعطاء
نلحظ في هذا كأن المتصل بهذه الطريقة يصبح مسؤول عن رزق الخلق يعطي منها ما شأاء
ويمنع منها ما شأاء ،ولو كانت للناس مخازن السماوات والرض لمسكوا ،ول يمكن أن
يعتقد هذا بأن بالتصال الباطني يمكن الزيادة والنقصان في الرزق ،أما العدد المرتب للذكر
فإنه ل أصل له في الدين ،بل على المتدين أن يذكر ا سأبحانه وتعالى كما علم ا دون
إدخال هدف من ذلك الذكر يكون دون العبادة ،إن هذه الترتيبات ل أسأاس لها من الصحة ،
فهي طرق التصوف التي شأوهت بأصول الدين ،والجاهل يحسبها من الدين لن فيها أسأماء
ا الحسنى ،فاليوغا أيضا تستعمل فيها أسأماء ا الحسنى المعروفة بالسريانية ،ولم يكن
مطبقوها على حق وهذا التغيير والتحريف بالترتيبات المذكورة شأيء نهي عنه في الدين
ومن أراد أن يذكر ا سأبحانه وتعالى فعليه أن يذكره دون إرغام لصيام الدهر أو العزلة أو
فرض لعدد فوق الطاقة ،فهذا النوع من الذكر الذي أظهرناه فيما ذكر ليس هدفه هو
عبادة ا بل هدفه هو البلوغ إلى مرتبة يكون فيها تصريف قوة ظنا أن بها يكون التحكم في
الرزق ،وأسأماء ا الحسنى لم تكن لها خاصية إل للدعاء بها ،ولم يكن لها خدام يسخرون
كما هو في الظن ،وكل شأخص يظهر أثإناء الذكر ما هو إل شأخص تخلق بأسأماء ا الحسنى
ونسبها إليه ،وهؤلء يعتقدون أنهم أجزاء من ا ،وسأبحان ا عما يشرك الناس ،فل يمكن
أن يظهر أحد حين الذكر بأسأماء ا الحسنى ،لن ا سأبحانه وتعالى ليس كمثله شأيء وهو
السميع البصير ،ول يمكن أن تذكر أسأماء ا الحسنى دون إرجاع نسبة الوصف إلى اسأم
ا ،فل يمكن أن نقول بالتكرار الوهاب ،الوهاب ،دون إثإبات اسأم ا الوهاب بإرجاعه إلى
اسأم ا ،فالذكر الصحيح هو أن نقول ا الوهاب ،وهذا لزم عند ذكر أسأماء ا الحسنى
كلها ،والمتصل بالباطن ل يلزمه الذكر عندما يغمض عينيه ،وإذا أراد الذكر فيلزمه أن
يفتح عينيه ،وبعد التمكن من التصال فإنه ل حاجة لتغميض العينين ،لن الرؤيا تصبح
مستمرة في كل الوقات وفي كل الحالت ،وبالتصال الباطني يكسى الجسم بنور أصفر من
الجهة اليمنى وبالنور البيض من الجهة اليسرى ،ويمكن بعد ذلك اسأتعمال القوتين في
48
مهام كثيرة تكون كلها ضدا للظلمات حتى ل تتطور .يرى النور باطنيا في أشأكال عديدة
كلها لها معان ترمز إليها ،فرؤية النور الزرق يعني دائما وجود قوة من ظلمات في
المكان الذي يرى فيه ،والنور الحمر يظهر دائما وجود قوة من ظلمات سأاجنة لشيء
معين أو لشأياء كثيرة .أما التحام النور الزرق والحمر فمعناه وجود قوة تؤدي إلى
جلب الدم كالحروب مثل أو الجرام ،والنور الخضر يعلن عن وجود القوة الخضراء
وهي قوة خبيثة أسأاسأها سأحر جمعت به قوى الطبيعة ،والنور البيض فإشأارة للدخول في
الباطن دون خوف من قوة أخرى مضادة ،والنور الصفر يعني نورا سأاجنا لقوى
.الظلمات ،وبقوى العقل يمكن تحريك ذلك النور لتغيير كل قوة خبيثة
49
النوأر
الصفر
اللوأن
النوأر
البيض
اللوأن
النوأر
الحمر
اللوأن
النوأر
الوأردي
اللوأن
النوأر
الخضر
اللوأن
النوأر
الزأرق
اللوأن
النوأر
البني
اللوأن
النوأر
السوأد
اللوأن
50
وعرفت هذه الرموز لنها تظهر باطنيا ،ويتشكل فيها النور في ثإماني قوات ضد الظلمات ،
وترى هذه الشأكال في الباطن وتتحرك بنفسها وتحرك بقوى العقل ،وهي سألح باطني
.يكون ضد كل قوة من ظلمات
ول وجود لقوات أخرى غيرها ،واسأتعملها المسلمون قديما في البنيان وكل حاجياتهم
الصنعية ،وهذه الرموز تختلف عن كل رمز في القوى إذ ل تحتاج إلى قوى العقل حتى
تكون فيها فعالية ،بل يكفي رسأمها والنور يلتحق بها ،ثإم إن فعاليتها ل تضمحل أبدا ،
ونظهر هذا حتى ل يعتمد المتصل بالباطن في البداية على ترتيب رموز لم تكن لها فعالية من
:نور بل من ظلمات ،ونعطي مثال للرموز التي أسأاسأها ظلمات هذه
53
54
إن هيئة الجلوس السابق إظهارها هي أول هيئة يمكن بها التصال بالباطن ،ولم تكن
اليوغا هي الخاصة بكل أنواع الحركات والجلوس ،بل الدين هو المظهر لسر كل حركات
النسان ،والدين هو أصل كل علم حقيقي وما طرق اليوغا إل تحريفا لقوى الجسم ولقوى
الطبيعة ،والسر ليس في الحركة أو في الجلوس ،بل السر كله في السأتمداد .فإن كان
الجسم اسأتمداده من نور فإن هيئة الجلوس أو الحركة توصل إلى اتصال باطني أسأاسأه نور
،أما إن كان السأتمداد من ظلمات فإن كل ما يفعله النسان يرجع أصله إلى ظلمات ،
،وبنفس الهيئة يمكن التصال بالظلمات والسأتمداد منها ،كما بالمكان السأتمداد من النور
على كل حال فإن الهيئة التي أظهرناها للجلوس الول ،فإنها ل تشمل تغييرا ول توصل إلى
خبيث ،بل هي هيئة جلوس خلق عليها آدم عليه السلم ،ول تستعمل هذه الهيئة للذكر بل
هدفها هو التصال بالباطن من أجل العلم والمعرفة الدينية الخالصة ،أما إن كان الهدف هو
الذكر فإن الهيئة الجلوسأية تكون كهيئة جلوس الصلة ،وكان المسلمون بعد انتهاء
الصلة يبقون في هيئة جلوس الصلة ويذكرون ا سأبحانه وتعالى بما تيسر من القرآن ،
وبعد ذلك يتخذون هيئة الجلوس الولى ويتم التصال بالباطن ،واتخاذ جلوس الصلة
لزم قبل الجلوس الول ،إذ بجلوس الصلة وقراءة القرآن أو الدعاء بأسأماء ا
الحسنى يكون النطلق لقوى العقل حتى يتم التصال بالباطن ،ول يمكن أن تعطى هيئة
الجلوس الول فعالية في البداية بل لبد من وقت كاف للسأتمداد ،ويكسى الجسم بالنور
اللزم من أجل التصال بالباطن ،وغمض العينين ل يكون إل في البداية ،أما بعد
التصال الول فل يلزم ذلك ،وفي الجلوس الصلة ل يغمض العينين ،فليتبين النسان
الباحث في هذا حتى ل يختلط المر ،ولول اختلطه لكان الناس على هدى من ربهم ،وما
اعتمدنا على إظهار هذا كله إل لن الناس اتجهوا اتجاها آخر لم يكن أصله دينيا ،وخلطوا
بين الحق والباطل ،وكان الدين أولى حكمة وأصالة في العلم وأثإبت معرفة وتطبيقا .إن
البلوغ إلى التصال الباطني الديني ل يتطلب شأروطا فوق طاقة النسان بل يكفي أن يطبق
الدين كما يجب ويستقيم النسان كما أمر ا .أما إذا كان قد سأبق له السأتمداد من قوى
الظلمات بجهالة ،فإن المر يصعب شأيئا ما وقد يصعب كثيرا في حالت معقدة من ناحية
قوى الجسم .وفي هذا الحال فإن مدة قراءة القرآن ل يجب أن تقل عن ثإلث سأاعات
واسأهر قليل .ول يمكن النوم بعد طلوع الفجر ،ثإم يلزم الغتسال بكثرة ،والكثار من ذكر
ا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ،وقراءة ما تيسر من القرآن في الفجر ،ويلزم
الوضوء لكل صلة ،وهذا كله من أصول الدين ،بالنسبة للذي يعرف أن لديه نقصانا في
التركيز والتأمل ،فإن من واجبه أن يجلس أكثر من خمس سأاعات يوميا حتى يتم له
السأتمداد من نور ،دون هذا فإن التصال الباطني ل يمكن أبدا ما دان الجسم اسأتمداده من
.ظلمات وقوى العقل راسأخة في قوى الخيال ودون قوى الحلم
إن كل ما يحيط بالنسان له فعالية وأثإر على قوى الجسم وقوى العقل .وقد تكون هذه الشأياء
55
مضادة لقوى النور ،ومانعة لتصاعد قوى العقل ،ول يمكن التصال بالباطن ول السأتمداد
من النور ،فإن البيت الذي يكثر فيه الثإاث ل يترك مجال لقوى العقل أن يكون لها تصاعد
يمكن به التصال ،والنسان المتدين إذا كانت صلته في بيته يتجه فيها قبلة وأمامه خزانة
أو مرآة ،فإن القوى الكامنة في الجسم يكون لها انعكاس عليه فل يكون السأتمداد بتلك
الطريقة إل من الظلمات بدل من النور ،إن الموانع كثيرة ،لذا نجد المتدين اليوم ل يبلغ إلى
شأيء يعتبر علما أو اسأتقامة ول يعرف شأيئا عن قوى النور وقوى الظلمات ،ول بد أن نقول
أن القدماء اسأتعملوا المرآة كوسأيلة لعبادة النفس وجلب القوة ،واسأتعملوا طرقا كثيرة كانت
تحريفا وتغييرا للدين وإلحادا في أسأماء ا ،ول يمكن للمصلي الذي يستقبل المرآة أن يقول
إنما العمال بالنيات ،فإن هذا اسأتهزاء واسأتصغار لوامر ا ،لن قوى الجسم تنعكس
على قوى العقل إذا اسأتقبلت المرآة ،والساجد فكأنما يسجد لنفسه ولم يسجد ل .وبالعلوم
الباطنية فإن أول شأيء يتعلمه النسان هو العلم عن القوى الكامنة في الشأياء والرموز
والطبيعة ،وكذلك القوى الكامنة في جسم النسان ،وإن لم يصدق النسان بوجود قوة في كل
شأيء ،فل فائدة من الصلة ول حاجة للتصال الباطني ،لن العبادة سأتصبح مكاء وتصدية
في هذا الحال ويصبح العلم ل فائدة فيه ول فرق بين الناس لنهم سأيكونون في جهل تام ،وقد
كان الناس من قبل أمة واحدة كلها في جهل إلى أن جاء النبيئون والمرسألون وأظهروا بما
أنزل عليهم واقع المر وصحة العبادة ،وما اختلف الناس إل من بعدما اسأتخرجت معرفة
أخرى دعواها نكران الحق ،وأهدافها البغي والعلو في الرض بغير الحق ،ولكن ا سأبحانه
.وتعالى شأديد المحال يحكم بين الناس يوم القيامة في ما هم فيه مختلفون
وما كانت العلوم المطروحة في هذا المجال جاعلة إجبار اليمان والعتقاد مع فرض التطبيق
،بل نحن في عالم تطرح فيه الفكار والعلوم كما تعرض السلع في السوق ،وكل يأخذ ما
يريد على حسب أهدافه وأغراضه ،فإن كان الهدف دينيا ،فإن شأروط الدين ظاهرة وهي
نفس الشروط للبلوغ في العلوم الدينية بالتصال الباطني .ومن كان هدفه البلوغ إلى قوة
معينة فعليه أن يختار من المعرفة ما طبقه الذين اختصوا بذلك ،ولن ينال أعز مما ناله
الولون ،فإنهم نالوا من القوة ما أصيبوا بأكثر منها ،ونعطي مثل للذين يسعون وراء القوة
بالتصال الباطني ،إذ يؤمر الراغب في ذلك أن يذكر اسأم ا القابض عشرة آلف مرة في
اليوم والليلة ،ول يأكل ذا روح أو ما خرج من روح لمدة عامين حتى يرفع عنه حجاب أهل
الدائرة الربانية ،ويأتيه ملك بكرسأي إن جلس عليه البالغ غليه ظهرت عليه آثإار القبض حتى
إنه لو نظر إلى طائر في الجو نظرة لخر ميتا ،ومن رفع صوته فوق صوته هلك ،ولو تكلم
على جبل لنفلق أو على بيت لقام ،وهناك من قال أنه لو ألقى سأره في جبال لدكت ولو ألقى
سأره في البحار لغارت وزالت ولو ألقى سأره فوق ميت لقام ،ما يظن هؤلء بال رب
العالمين ،ولعلهم يقولون إنهم سأينفخون في الصور فتقوم الساعة ،وا سأبحانه وتعالى
أرسأل الرسأل وأيدهم بمعجزات أظهروها بإذن ا ،ولم تكن لهم إرادة حرة في اسأتعمالها .
ولو كان المر كذلك لعذبوا كل من كفر دون حاجة إلى جهاد في سأبيل ا ،وكم من فئة من
56
المؤمنين غلبتها فئة من القوم الكافرين ،ولو كان لوط عليه السلم ذا قوة إرادية لعذب قومه
الذين كفروا وطغوا وأكثروا الفساد .وكم من قوة يحسب النسان أنه يملكها وحين تنفيذها ل
تنفذ ،لن ذلك كله قوة خيالية يسيطر عليها الحق متى ظهر ،وما هي إل قوة من ظلما تغر
بالنسان ،ويدليه الشيطان بغرور أن هناك ملكا ل يبلى وهناك خلودا ،والمتصل بالنور
يرى الشيطان ويعرف طرقه ووسأاوسأه ،حتى يحذر منه لنه عدو مبين ،ويلزم بما علم ا
.سأبحانه وتعالى لتفادي كل ما يوصل إلى الخطأ ويبعد عن الصواب
إن إمكانيات الباطن كثيرة ل يمكن حصرها في مقال .إنما الهم هو أن يعرف النسان ما
يفيده لتفادي كل خطأ يؤدي إلى تورط في مشاكل ل يمكن حصرها أيضا ويصعب الخروج
منها ،والسبب هو وجود قوات متضاربة في ما بينها ،ووجود أناس اهتموا بالباطن ويسعون
إلى تحطيم كل قوة من نور ،ولنعطي مثل بطرق اليوغا لنها معروفة ،فإن الخيط الفظي
الذي هو نور متصل من الجسم الظاهري إلى الجسم الثاني الباطني إذا ما انقطع بقوة أخرى ،
فإن المتصل ل يستطيع الرجوع على نفسه ول يمكنه دخول جسمه الظاهري بينما في
التصال الديني فإنه ل وجود لهذا الحادث لن الخيط بين الجسمين يكون أصفر ل يمكن
قطعه بأي قوة كانت ،فالباحث المتصل بالطرق الدينية ل يمكن أن يخاف من حادث باطني
ل يرجع إلى نفسه ،وإن الطرق الغير الدينية يسهل فيها الخروج من الجسم في البداية
ويصعب الرجوع إليه ،والعملية تؤلم كثيرا ،أما في الطريقة الدينية ل وجود للم في
الرجوع ويتم على أكمل وجه ،ثإم إن الجسم الظاهري يبقى فيه شأعور تام وإدراك دون دخول
إلى غيبوبة مستمرة .وهذا الفرق حقيقي يظهر المتياز الديني في التصال الباطني ،وبالنوم
يمكن البتعاد في الباطن كثيرا دون حاجة إلى الجلوس .أما في الطرق الغير الدينية فإن
التصال ل يمكن أن يكون تاما إل بالجلوس ،لذا يحتاج ذلك إلى اسأتمرارية لتماسأك القوى
الباطنية ،ويلحظ أن في التصال الباطني الديني يسهل الرجوع إلى الجسم مهما كانت
المسافة بين الجسم الظاهري والجسم الثاني للنسان ،فهناك قوة تحافظ على المتصل
بالطريقة الدينية ل تدخل عليه قوة تفقد صوابه أو تفقد وعيه ،واتصاله يكون دوما بمسؤولين
خصصوا لذلك يرشأدون كل متصل سأواء ظاهريا أو باطنيا ،وإذا ما تم التصال كما يجب
فإن المتدين بإمكانه أن ل ينام أياما ول يأكل فيها دون أن يحتاج إلى مجهود فوق الطاقة ول
يحاول أن يدفع عنه النوم ،بل تتوفر لديه قوة يشعر بها أن ل حاجة له بالنوم كما أن ل حاجة
له بالكل ،والمتصل ل يستعمل هذه الوسأائل ليستغني بها بل تستعمل عند الحاجة القصوى
بالنسبة للكل ،وعند الضرورة بالنسبة للسهر ،وقد يعيش النسان المتصل بعالم الباطن
عمره كله دون أن يتمكن من إتمام المواطن الباطنية ومعرفتها مع إدراك علومها ،كما أن
المتصل ل يسعى أبدا أن يزيد في عمره أو أن يجلب الموال أو أن يستخرج الكنوز مهما
كانت الضرورة ،ثإم إنه ل يسعى أن يؤذي بما كسبه قوة معطاة ،أو أن ينتقم لنفسه رغم أن
،المكانية موجودة ،ولكن هناك ظروف أخرى بأحكام شأرعية قد يتغير فيها المتصل
57
.ويصبح المر له صبغة أخرى تنفذ فيه من القوة ما يتمكن دفع كل خطر وضرر
إن المتصل بالطرق الغير الدينية يشعر دائما بألم في الجسم ،وقد يتغير وجهه وتصبح له
صورة بشعة إذا لم يتمكن من التحكم في قواه والقوى التي قد اتصل بها ،فهو مهدد في
أخطائه ،أما المتدين فإن أخطاءه في الجلوس ل تؤدي إلى ألم عضال ول إلى أوجاع في
الرأس ،ولبد أن نشير أن من سأبق له السأتمداد من الظلمات قد يجد صعوبة في بداية
التطبيق الديني ،لن النور الذي يتصل بقوى العقل والجسم يجد قوة أخرى مضادة كامنة في
المطبق ،فيصاب بألم في الرأس وقد ل ينام مرتاحا وتكثر رؤية الشأباح لديه أثإناء النوم ،
وهذا ل يطول كثيرا إنما حتى يطهر الجسم ويتم السأتمداد من النور بدل من الظلمات ،وكل
تأخر في التصال لدى الراغب يرجع سأببه إلى وجود قوة مضادة لم يتمكن المطبق للدين من
السيطرة عليها وطردها ،وإن كان المر طال رغم التطبيق أكثر من ثإلث سأنين فعلى
الباحث أن يهتم بأمره في هذا الحال ويبحث عن متصل بالباطن ،يكون بإمكانه أن يمد بدوره
قوى السأتمداد حتى تتم النطلقة .أما إن كان النسان عاديا لم يتورط في قوى خبيثة ،فإن
بعد البداية باتخاذ الجلوس الول يمكن التصال بالباطن في ظرف ل يقل أبدا عن ثإلث
أشأهر ،فيكون التصال في البداية تظهر فيه الصور كأنها تحت ضوء قمر ،وبعد ثإمانية
أشأهر تصبح الرؤيا الباطنية كأنها تحت نور الشمس ،وبعد خمس سأنين من التطبيق تصبح
الرؤيا الباطنية بنور أحمر قوي شأامل لللوان وكأن المتصل يرى الصور واضحة كما يرى
فيلما على شأاشأة ،وبإمكانه آنذاك أن يستخرج كل ما يحب ويرغب فيه من علم و معرفة ،
وقد تعلم وسأائل التعليم الصورية وقراءة الرموز ومعرفة أصول القوى الكامنة في الشأياء
وتقلباتها ،والكتابة تمكن إل إذا بلغ المتصل مرحلة كافية لمعرفة أصول الكلم المنطوق
والمكتوب ،والتي قانونها يختلف كثيرا عن النحو في أصوله المعروفة العادية ،وذلك تفاديا
لشرك نطقي قد يكون وراءه مفهوم آخر ،فإن كل ما يكتب عن طريق الباطن يكون له أصل
آخر يتم به التعبير عن أشأياء كثيرة تتطلب التأمل والفهم الموضح لها ،كما أن كل كاتب عـن
طريق الباطن ل يعتبر ما كتبه أنه راجع إليه ،بل راجع لعلوم دينية علمها ا سأبحانه وتعالى
للنبياء والرسأل عن طريق الوحي .والكاتب المتصل بالباطن ل يفكر أبدا في ما يكتب
ليصحح ظاهر الخطاء بل يرى ذلك مكتوبا باطنيا ،وما عليه إل أن ينقل ما يراه فيكتبه
ليظهر ظاهريا ،ول يمكن العتراف بالكاتب أبدا ول يخلد اسأمه ول ينسب إليه شأيء
مما يطلع عليه الناس ،بل العلم كله ل سأبحانه وتعالى ،والنبياء والرسأل عليهم السلم
أولى مكانة من المتصل بالباطن ،لذا ل وجود لعلم لدني نعتبره من عند ا مباشأرة ،
والتصال الباطني موجود منذ القديم في الدين ،ويمكن به اسأترجاع أصول الدين التي ل
يبلغ النسان إلى معرفتها عن طريق الكتب المنزلة رغم أنها موجودة فيها ،ولكن كثرة
التفسيرات هي التي تجعل حاجزا للفهم الصحيح ،وإذا قيل لماذا يأتي النبياء والرسأل
رغم أنه بالمكان اسأترجاع أصول الدين بواسأطة العلوم الباطنية ؟ فهذا أمر قد بحث
عن فهمه الكثير ،والحقيقة ترجع فيه إلى التغيير ،لن كلما تغيرت أصول الدين انحرف
أصل التطبيق ،ول
58
يمكن بذلك التصال بالباطن ،وحين ل يعرف الطريق الموصل للحقيقة يأتي النبياء والرسأل
عليهم السلم مجددين أصول الدين من جديد ،واليوم نحن كذلك في فترة من الغفلة
أضاعت الصول الحقيقية الموصلة للتصال الباطني ،إل أن البواب مازالت لم تسد
في أوجه الراغبين في العلم الديني ،وذلك سأببه وجود القرآن لم يغير ،وهو مفتاح كل
دخول باطني وكل اسأتمداد من نور ،ولكن كلما اتخذ القرآن مهجورا إل ويضعف النور
الكامن فيه .وإذا ما ضعف تقوت الظلمات وسأدت البواب ،وبعدها لن يتمكن أحد من
التصال الباطني مهما كان مجهوده واهتمامه وتطبيقه ،فإن السر ليس في التطبيق بل في
النور الذي أنزل للناس ،وإنه لخطر أن ل يهتم المؤمن بالباطن كما هو الخطر أن يهمل
أموره ظاهريا ،ول يتمكن أن نقول إن العلوم الباطنية ل وجود لها في الدين لن الباطن
عالم موجود فيه صورة الواقع الظاهري ،وكل قوة متركزة في الظاهر فإنها ل ترى
ظاهريا بل باطنيا ،لذا فالعلوم الباطنية موجودة لخذ العلم أول ولمضادة كل قوة خبيثة تهدد
المسلمين ،والعلوم الباطنية الدينية كلها ل نجد فيها أصل لعلوم التنجيم ول لكتابة الطلسأم أو
الجداول والوفاق ،ولكن فيه دراسأة قوى قد يظهرها المتصل كتابة ،ولكن بعد
دراسأتها ومعرفة قوتها الكامنة في الشيء والمهددة للنور ،فإن المتصل يحرقها حتى ل
تعتبر طلسأم أو تستنكر بجهالة ،وهذا كله يتعلمه المتصل بالباطن ويبينه إلى حسن
السيرة والتطبيق ،ويذكر بما ينسى حتى يتبع الهدى .فالتصال الباطني لم يكن أصله إل دينا
،ودليله أنه يرجع المتصل إلى اتباع ما في القرآن ويظهر أسأس الخطأ كما يعرف على
الصواب .إن في الطرق الباطنية حكمة وفي الباطن تعطى أمثلة صورية وقصص
حقيقية ل يعيش بها النسان خيال ول يحاول تنفيذا ،ومعرفة الحقيقة أولى من معرفة فيها
جهالة ،والمتصل بالباطن يستغني عن قراءة الكتب الكثيرة أو القصص المثيرة إل إذا أمر
بشيء معين وراءه حقيقة أخرى يعيشها باطنيا ،وكم من قصة كتبت وعند مراجعتها
باطنيا يجد المتصل أن لها واقعا آخر وصبغة أخرى .بالباطن يتم السأتمداد ومعرفة
كيفية قلب القوى التي أسأاسأها من ظلمات ،كما أنه بالمكان معالجة مرض ،ولكن ل
يمكن تسليط مرض على أحد ،إل إن كان هناك وافر علم و أحكام ،فل يسلط المرض بل
يضرب بالنور الشخص المعين ،ول يمكن إشأفاء مريض إل إذا كان هناك إذن من المؤولين
بالباطن ،كما أنه ل يمكن التدخل في شأؤون الناس بغير حق ،أما الموانع الباطنية الحالية
فلبد أن نذكرها حتى يتبين للباحث وضع الموقف في البداية .إن المدخل الباطني مدخل
واحد وهو كهف أول ل يعرف النسان على أنه كهف ،لن ظلما يكسوه وشأبه ضباب ،
ولكن النسان يشعر بأنه يسير سأيرة أمامية وكأنه دخل مكانا مخيفا ،فهذا الكهف هو فج
أول في الرض يتم به الدخول إلى الحجاب الرضي الول وذلك بقوى العقل والجسم
الباطني ،ولهذا الفج مسافة طويلة ،وبعد الخروج منه توجد سأبع فجاج أخرى تظهر كهوفا
في الجبال بعيدة ،ولكن الوصول إليها يتطلب معرفة قوى حاجزو لذلك يكون فيها
صراع بالعلم فقط ،وكل سأؤال يطرح ل بد من جواب يكون من القرآن ،وبعد الدخول إلى
59
السبعة كهوف يتم الخروج منها للدخول إلى الحجاب الرضي الثاني ،وكل الصور فيه
تظهر كأنها تحت ضوء القمر ،وبعد معرفة ما فيها يتم الخروج إلى الحجاب الثالث فتظهر
الشمس واضحة ،ثإم تختفي لتظهر الدائرة الصفراء ،ومن هنا ينطلق المتصل وقد تم له
التصال بالباطن ،أما قبل الدخول في الفج الول فالموانع التصالية كلها أسأاسأها أخطاء
.العتقاد
4
5 3
6 2
7
1
خط الحاجزأ
الفج
الول
إن الرسأم واضح ،والمتصل لبد له من رؤية الكعبة ،ول يوجد حولها شأيء إل شأخص
واحد وهو المسؤول الول ،يتعرف عليه المتصل بينما المسؤول يعرفه ،ومعه يتم التجول
الباطني العمر كله ،ويطلع المتصل على مواطن الباطن ،ويعلمه ما ل يمكن تعليمه ظاهريا
.إل بوجود نبي أو مرسأل
إن بين المتصوفة كان رجال لم يكونوا متصوفة بل مسلمين مطبقين لطرق الدين ،وكانوا
ينهون عن تطبيق ترتيبات المشايخ ،ونجد وصاياهم كثيرة في كتب عديدة ،ولكن المشكل
60
هو أن تلك الوصايا أخذت ونقلت وجعلت في كتب المتصوفة دون ذكر النهي عن تطبيق
الترتيبات ،فأصبح الناس يظنون أن الحق في ما كتب ،وكل من يتبع ترتيبا لذكر أخذ عن
شأيخ إل ويتم التصال بالشيخ فقط ثإم بالشيخ الذي أمد الشيخ ،وفي هذه الحالة ،فإن أول ما
يراه المتصل هو شأيخه ،ويأمر الشيخ بتركيز الصورة أمام المريد ويذكر أسأماء ا الحسنى
،وهذا ل يمكن أن يعتبر صحيحا لن الذاكر يصبح ذاكرا للشيخ الذي تركزت صورته أمامه
باطنيا ،فيصبح النسان مشركا بهذا التطبيق ،ويعتمد على الخيال في التصوف وتطويره ،
وذلك بتخيل صورة الشيخ دون التفكير في ما هو سأواه حتى يتم التصال ،إن هذا هو مجلبة
الخطار والخطاء ،والشيوخ في هذا الحال تضاف لهم قوة لنهم يعبدون ،ويعبدهم
.المريد الذي ل يعرف ما يريد
إن أعظم وسأيلة لمعرفة أصول العلم تكون بواسأطة العلوم الباطنية ،وبالرؤيا الباطنية يتمكن
النسان من رؤية حقيقية ما ل يراه ظاهريا ،والرؤيا الثالثة اسأتقرارها في الجبهة ،تكسو
الجبهة دائرة صفراء يتم بها التصال بالباطن ،والطرق الباطنية لم تكن حديثة ،بل كلها
طريقة دينية واحدة وذلك منذ القديم ،والمتصل بالباطن قد يفهم ل يمكن لنسان عادي أن
يفهمه ،فالتصاعد الفكري بقوى العقل يتيح فهما لصول الشأياء ومعرفة قواها الكامنة فيها ،
ونوم المتصل بالباطن مخالف لنوم إنسان عادي ،لنه ينام نوما محكما في الحركة يتم به
اسأتمرارية التصال ،وقد ينام نوما عميقا وبعد اليقظة يجد عنده فهما وحل لمشاكل كثيرة ،
كما أن بإمكان المتصل أن يعرف ما يفكر فيه الخرون إن كان سأوء ،فقوى العقل لها اتصال
بكل قوى العقول ،وكما هو معروف فإنه يمكن التصال بشخص بعيد ومكالمته بطريقة
فكرية صورية ،وقد يكون المتصل بالباطن نائما ويوقظه شأخص آخر يريد التصال معه ،
وهناك وسأائل كثيرة ومهام ،والمؤمن المتصل بالباطن ل يستحضر شأخصا بمعنى إظهاره .
أما الطرق الغير الدينية فإن مطبقيها يسعون إلى اسأتحضار قوى العقول لشأخاص أحياء أو
أموات ،كما أنهم يعتقدون على السأتمداد من قوى الكامنة في المقابر ،واسأتحضار صورة
شأخص ميت شأيء بالمكان علما ،والمتصل المتدين ل يفعل ذلك بنفسه ،بل يعينه على ذلك
المسؤولون في الباطن ،وإذا رفضوا ،فإن ذلك ل يمكن ،وكل التطبيقات الحرة ل تؤدي إل
.انفصال عن الحق وابتعاد عن الطريق القويم
إنه ل يمكن للمتصل بالباطن بالطريقة الدينية أن يرى ملكوت السماوات والرض ،
فالمتصوفة يقولون ما لم يكن حقا ويدعون بأن المتصل بالباطن إذا داوم على ذكر حتى
تمتزج عوالمه الحسية مع الذكر يسمع الهاتف الرباني يخاطبه بقوله فامنن أو أمسك بغير
حساب ،ثإم تتقدم بين يديه الكوان قائلة نحن بأمر ا عند أمرك فافعل بنا ما شأئت وخذ ما
شأئت ،إنه ل أسأاس لهذا ،ولنذكر إبراهيم عليه السلم إذ قال لربه رب ارني كيف تحيي
الموتى ،وذلك ليطمئن قلبه ،ونذكر كذلك سأليمان عليه السلم إذ قيل له هذا عطاؤنا فامنن أو
61
أمسك بغير حساب ،لم يكن هناك أسأاس لوجود القطاب والبدال أو النجباء ،بل المؤمنون
كلهم مسلمون ،ول يختص المؤمن بشيء اختص به النباء والرسأل عليهم السلم ،وما كان
لحد أن يسخر له الجن والنس ،ول يتشكل المؤمن في رهط أراده كأن يصبح فأرا أو
سأبعا ،وإن كان هذا عند شأخص فإنه سأحر كامل وظلمات تامة وكفر وشأرك بال ،
والمتصل بالباطن الديني فإنه يرى أن هؤلء كانوا في ضلل مبين ،والسحرة قديما
كانوا يغيرون صفاتهم ويتنقلون من جسم إنسان على جسم حيوان ،ولم يكن النبياء عليهم
السلم يتشكلون بمثل هذا ،ولم تظهر أية معجزة تثبت أن هذا له أصل ،وحقا أنه
بالمكان تغيير الخلق بعامل السحر ،وهذا شأيء معروف وما زال بالمكان عند الهنود
البالغين في تطبيقات اليوغا ،ويقول المتصوفة إن الذاكر إذا أراد شأيئا يكون في أسأرع
وقت ،ولم يكن هذا حتى من خاصية النبياء أنفسهم ،بل المر ل إذا أراد أمرا فإنه
يقول له كن فيكون ،وليتبين النسان في هذا ،فإن من يقول ما ذكرنا ما هو إل مستمد
من ظلمات وبعيد عن الهدى ودين الحق ،إن ا سأبحانه وتعالى كلم موسأى تكليما ،ول يكلم
من بشر إل وحيا أو من وراء حجاب ،وتلك خاصية النبياء ،فكيف أن يسمع الذاكر
الهاتف الرباني ويسمع كلم ا ،إن الذين يقولون إنهم بدلء وأخيار ما هم إل أناس اتبعوا
ما تتلو الشياطين على ملك سأليمان وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت .فإن
الذاكر بغير حق يدخل بقوى عقله أرض بابل وهي في حجاب وفيها من الخيال ما يجعل
النسان يشعر باللوهية ،وفيها من كل قوة سأحرية ما يغر النسان غرورا عظيما ،
ول ننسى دور الملكين هاروت وماروت .إن قوى السحر أنزلت عليهما ببابل ،وما يعلمان
من أحد حتى يقول إنهما فتنة ويتعلم منهما النسان ما يفرق به بين المرء وزوجه وما يضر
ذلك من أحد إل بإذن ا .وإن طرق التصوف كانت ضللة ،واتصالهم الباطني مخالف
للتصال الباطني الحقيقي الذي ل يمكن للمتصل فيه بأن يشعر أنه إله أو أنه ملك الرض ،
ول ينتظر أن تسخر له الرياح أو يرى ملكوت السماوات والرض ول يسعى أن يكلمه ا
سأبحانه وتعالى ،يتعلم من النبياء والرسأل عليهم السلم عن طريق الباطن خلف ما
يتعلمه الخرون من الملكين ببابل هاروت وماروت ،ثإم المتصل المتدين ل يهتم
بالرواح العلوية ول الرواح السفلية ،وما أسأهل التصال الباطني الديني ،يكفي للبالغ فيه
أن يتصل فيرى عالم الضللة وعالم الحق ،ويعرف كيف يكون السأتمداد ،وكذلك
أسأباب الشقاء ،ويتعلم أصول الذكر حتى ل يخسر نفسه ،إن التصال اتصالن :نور
وظلمات ،وليكن الباحث عاقل يسعى وراء ما هو معقول دون أن يتلفت إلى أقوال من لم
يبلغ إل إلى قوى سأحرية ضالة للنسان .إن طرق التصوف كثرت واتخذها النسان
وسأيلة عبادة دون التفكير فيها ،وذلك لسبب واحد هو ظن الناس أن ل وجود لتغيير مهما
أن المتصوفة يذكر ا ،ولكن الحقيقة غير ذلك ،لن الذكر له طرق محكمة ،وإذا كان فيه
تغيير يصبح السأتمداد من ظلمات ل من نور ،ولنعط مثل ،فإن في طرق التصوف
يأمر الشيخ المريد بقراءة سأورة الخلص دون البسملة فيها ،وهذا تحريف وتغيير لن
البسملة فيها حكمة القول أن السورة من عند ا ،وكلما تغير شأيء في قراءة القرآن إل
وينقلب كل شأيء في معناه ويصبح الذاكر مشركا بال بالنطق ،ويوجد مثل آخر لخلط اليات
62
وهو هذا :كما أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الرض فأصبح هشيما تذروه الرياح ،
وكان ا على كل شأيء مقتدرا هو ا الذي ل إله إل هو عالم الغيب والشهادة ،هو الرحمن
الرحيم ،يوم الزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم و ل شأفيع يطاع ،
عملت نفس ما أحضرت فل أقسم بالخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس
.والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشأقاق
إن المثل الذي ذكرناه اجتمعت فيه خمس آيات بخلط بينهم ،وبهذا الخلط يتم التغيير ،والذين
رتبوا هذا النوع من القراءة وجعلوها أورادا يذكرون خاصية كبيرة لمتخذيها ،والحقيقة أن
كل إدماج كهذا ل فصل فيه بين اليات يجلب على النسان ظلمات بدل من نور ،وهذا النوع
من الخلط كثير ،والهدف كله كان وسأيلة للتصال الباطني بغير حق وسأعيا وراء القوة ،
وكانت تستعمل هذه اليات الخمس لجل الختفاء .وكل قراءة للقرآن ل يجب أن يكون
وراءها سأعي لجلب قوة مستنكرة ،والقرآن وسأيلة ذكر لمن آمن بال ،والذاكر به يفيض
عليه نور مما في القرآن دون أن يحتاج على جلبه إليه بوسأائل التغيير .لهذا ل يمكن اتخاذ
ترتيبات المشايخ دون علم ،وعلى النسان أن يستمسك بالعروة الوثإقى التي ل انفصام لها ،
وعليه بقراءة القرآن دون إدخال ما لم يكن له به علم فيضل ،وبهذا يتم التصال الباطني
الديني ،ولبد أن نذكر أن الخطاء في حركات الصلة تؤدي لنفس المشكل السابق ذكره ،
وكذلك الخطاء في الوضوء ،وإذا اعتبر النسان عدم وجود الخطاء في ذلك فإن النور
ينفلت منه ،وحيث ل يوجد النور فإن الظلمات تحل مكانه فيصبح ذلك مانعا شأامل لسأس
التغيير .إن الباطن فيه خطان مختلفان أحدهما نور ،والخر ظلمات ،وفيهما تشابه يصعب
الفرق فيه ،وقوى الجسام كذلك مختلفة قد يكون اسأتمدادها من نور كما قد يكون اسأتمدادها
من ظلمات .فالمتصل بالباطن يقول خلف ما يقوله المتصل بالباطن الغير المتدين .لذا
يوجد الختلف في العلوم الموجودة ،والمتحدث عن مواطن الباطن لبد أن يتبين اتجاهه
هل إلى ظلمات أم إلى نور ،وهذا سأهل ،فالذي يرى الدائرة الصفراء فيها نور ويظهر
فيها شأخص كأن على وجهه لثام فإن اتصاله من نور ،ويرى الكعبة باسأتمرار ،والذي ل
يرى الدائرة الصفراء ويرى دائرة كأنها من نار ولها حرارة فإن اتصاله من ظلمات ،
.وعليه أن يغير اتجاهه بتغيير التطبيق وتصحيح العتقاد
63
الوحي
التصال
الموطن باتصال مع
بقوى الدرجة
الباطني قوى
الكرامات الثامنة
الثامن المعجزان
الدرجة
مقا
مقام
الخامس
الدائرة
النقباء
م
مقام الدرجة
ة
الصفرا الحجاب
الوألفيفيالحجاب
الثالث
الباطني
الباطني
الموأطن
الموأطن
النجباء
البدلء
الغو الرابعة
الولى
الثانإية
الثالثة الوأل
الثالث
الرضي
الرضي
ء
ث
الموأطن الباطني الخامس في
الحجاب الرضي الخامس
مقام
الولياء
إن المتصل بالباطن بالطريقة الدينية بإمكانه أن يصل إلى ثإماني درجات ،أما التاسأعة فل ،
وهناك حاجز بعده الوحي وقوى المعجزات ،وهذا للنبياء والرسأل عليهم والسلم ،ول
يمكن أبدا للمؤمن أن يدخل هذه القوة باطنيا ،لذا فإن المؤمن ل تعرف له كرامات ،
.والسأتمداد يكون من مثلث النور
أما الغير المتدين المستعمل للطرق المنحرفة فإن بإمكانه البلوغ إلى الدرجة التاسأعة في
الظلمات ،وبها ينال الكرامات ويدعي النبوة أو اللوهية ،وقد رتبنا في الرسأم السابق
توضيحا لخطى النور والظلمات ،والظلمات اسأتمدادها من مثلث الظلمات اتصال بأرض
الظلمات وببابل في آن واحد ،وأرض الظلمات تستمد منها الكرامات ،ومن أرض بابل
.تستمد قوى التغيير
إن التصوف كاليوغا ل يختلفان إل بوسأائل الذكر المغير عن أصول الدين ،واليوغا كذلك
تستعمل فيها وسأائل الذكر بأسأماء ا الحسنى باللغة السريانية ،وهي كذلك منحرفة عن
أصول الذكر الحقيقية ،وقد ذكرنا ما لزم ذكره في هذا الميدان لجعل الفرق بين قوى النور
وقوى الظلمات ،والفهم واضح ،فإن تغيير ما أنزل ا سأبحانه وتعالى هو أصل كل ظلمات
وأسأاس كل سأحر ،وبالتغيير واللحاد تكتسب القوة والكرامات الظاهرية ،وكل اتباع للحق
جالب للنور ومبعد للظلمات ،ولمعرفة أصول التغيير لبد من علم عن وسأائل اللحاد وطرقه
حتى يتبين للباحث الطريق الحقيقي الديني الذي لزم السير فيه .وإن الظلمات فيها قوى
تصارع أخرى من ظلمات وفيها تضارب بينها ،وكثير ممن بلغ إلى الدرجة التاسأعة في
الظلمات ول يمكنه الرجوع بعد ذلك أبدا حتى ولو جاءه نبي مرسأل .إن النسان ل يكلف أبدا
برزق العباد ،ول يفعل فيهم ما شأاء ،ثإم إن الحقيقة بعيدة كل البعد عن واقع الخيال ،
والتصال الباطني هو أسأاس للعلوم المثبتة لصول علوم الدين ،وبالباطن تعرف قوى
العقل ،ول يعرف العقل أبدا ول الروح ول سأر الحياة ،والذين في قلوبهم زيغ فإنهم يتخذون
ما تشابه في آيات ا ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويل ما أنزل ا سأبحانه وتعالى ،وعلى النسان
أن ل يأمن مكر ا ،فإن ا جعل للكافرين الشياطين تؤزهم أزا ،وجعل من القوة في
الظلمات من يجعل المتصل بها يشعر بأنه إله وبأن الكون ملك يديه ،وقوى الظلمات هي
أسأاس كل غرور ،وليحذر النسان مما يسعى إليه فإنه مسؤول عن كل أعماله ،وا سأبحانه
وتعالى لن يخلف وعده ،وإنه سأريع الحساب ،فمن كان يبتغي مرضاة ا فإن ا سأيهديه
سأبله ،ومن كان يريد غير ذلك فإن ا يضل من يشاء وهو فعال لما يريد ذو بطش شأديد ،
فالتصال الباطني الحقيقي له شأروط دينية لزمة ولبد من تصحيح العتقاد ،وليعرف
الباحث أن الخيال هو أول قوة من ظلمات ،وهو حاجز للبلوغ في الدين والتفقه فيه ،فالخيال
كل قواه متصلة بقوى عقل النسان بأرض بابل ،فالتخيل كثيرا بصفة مستمرة ل يؤدي إلى
خير أو يجلب نورا ،وليجتاز النسان الخيال ،عرفت طرق دينية منذ القديم أولها قراءة
65
القرآن وتخيل الجنة ،فهذا خيال واقعي على حق ،وأوصاف الجنة في القرآن ،وأول ما
يجب تفاديه هو تخيل ا سأبحانه وتعالى ،وليكن العتقاد أن ا ليس كمثله شأيء وهو
السميع البصير ،وبالطريقة الولى هذه يتطور الخيال تطويرا بليغا بالوسأائل المذكورة ويتم
اتصال لشأعوري في البداية بأرض النور والتي منها تستمد كل قوة من نور ،وهذه
الراضي هي في حجب ل يمكن إدراك موقعها إل بالتصال الباطني ،والمتصل بالطريقة
الدينية بإمكانه دخول أرض الظلمات دون أن يستمد منها ،وذلك لوجود مسؤولين باطنيا
يعينوه على المعرفة حتى يتبين أصل الضللة ،كما أم بالمكان الدخول إلى بابل لمعرفة
أصول السحر ،وذلك حتى ل يتبع النسان المتصل وسأائل تعود عليه بالشر ،ويعرف
المتصل أصل قوة كل آلة صنعا النسان ،وتسترجع له الحداث التاريخية التي تهم علميا
حتى يكون العتقاد صحيحا في كل شأيء ،فالوسأائل التصالية بالباطن هي الوسأائل الدينية
الصحيحة والتي ل تغيير فيها ،والذي لم يتصل بالباطن ولم يأته يقين يثبت صحة عمله ،فل
بد له من تصحيح اعتقاده ،ومن تصحيح العتقاد ،اعتقاد كل أصل علمي ديني ،فإن ا
سأبحانه وتعالى ل يرى ل في الظاهر ول في الباطن ول في المنام ،إن ا ليس كمثله شأيء
وهو السميع البصير ،ومن اتضح له القول فإن التصال الباطني سأهل ل يستلزم عزلة ول
دخول خلوة ول ترك زواج ول طعام ،ول داعي للجوء إلى معرفة أمم أخرى غير متدينة
تحاول جلب الناس إليها واتباع أهوائهم واسأتعمالهم ،فإن طرق الشعوذة كثيرة بينما الطريق
الديني واحد ،ول يمكن أن يعتبر فيه طرائق وطوائف متبعة لطرق مختلفة ،تجعل تفرقة في
الدين وانقساما شأيعا ،فيصبح كل حزب بما لديهم فرحين ،ول يمكن العتراف بأي شأيخ
كان ،فإن المؤمن المسلم لم يؤمر إل باليمان بال وبالرسأل وبما أنزل بالحق وباتباع
الصراط المستقيم ،ول يمكن الجدال مع أهل التغيير لنهم يجادلون بالدين وكأنهم على حق
فيما يفعلون ،هذا بالنسبة للباحث ،أما بالنسبة للمتصل بالباطن فإن بإمكانه أن يجيب كل
.ملحد بمطلق باطني
ولنرجع إلى الهم في القول لمعرفة أسأاس تطوير الخيال باتخاذ الجلوس ا لول و التركيز
على الدائرة الصفراء خياليا في البداية ،وبعدها فإنها تصبح واقعية لها حركتها بنفسها ،
وهذه طريقة سأهلة بالنسبة للذي بلغ خياله إلى درجة يصعب فيها التصال بقوى النور ،أما
إن كان النسان سأليما ومتدينا فإنه ل حاجة لذلك.إن التصال الباطني وسأيلة سأير قوى العقل
في عالم يعيشه العقل والجسم الثاني للنسان ،ولبد من تطوير الجسم الباطني ،فالجسم
الظاهري هو أسأاس تطوير قوى الجسم الظاهري ويتم التصال بالباطن ،فإن إمكانيات
تطوير قوى العقل تصبح لها مرتبة أخرى ،فالجسم الظاهري تكسوه قوى نور الدائرة
الصفراء ،والجسم الباطني تكسوه قوى نور الدائرة البيضاء ،وهذا كله في مراحل تطبيقية
لطرق دينية تعرف بعلوم باطنية ،وفي البداية تكون حركة الجسم الباطني بقوى الجسم
الظاهري مما يجعل في الحركة الباطنية تثاقل كبيرا ،ولكن بعد مدة تصبح للجسم الثاني
66
حركة باطنية ،ويكون التصال بين الجسمين بقوى العقل ،وكل إحساس الجسم الباطني
ظاهريا في الجسم الظاهري ،ومعنى ذلك أن الجسم الباطني ضرب باطنيا بقوى نور أو
ظلمات،فإن الحساس والشعور يكون بالجسم الظاهري ،وبعد تطوير القوى الباطنية في
الجسم الثاني بكيفية أخرى غير التي تم بها تطوير قوى الجسم الظاهري ،فإن الجسم الباطني
تصبح له سأرعة فائقة في التنقل وقوة في الصراع ضد الظلمات ،وهناك إمكانية أخرى يمكن
بها تطوير قوى الجسم الباطني فيصبح له جلوس حر مستمر ،بينما يكون الجسم الظاهري
منكبا على انشغالت أخرى تزيد امتيازا ثإالثا وذلك بالتصال الباطني الثاني بواسأطة الجسم
الباطني ويمكن دخول باطن آخر وعالم آخر مخالف للباطن الول ،وهكذا إلى ثإماني مراحل
يكون فيها الترحال من باطن إلى باطن بواسأطة أجسام باطنية ثإمانية ،والجسم الظاهري
شأامل لها ،وتصبح ألرؤيا الباطنية أكبر وضوحا والعلوم أكثر توسأعا وتفسيرا .فالباطن إذا
فيه ثإماني مراحل باطنية ،ولنعط مثل للفهم فإن النسان في المنام قد يحلم أنه يحلم ،فهذه
مراحل في قوتين دون الظاهر .
8
7
6
5
4
3
2
الوأل
الثالث
الرابع
الثاني
الخامس
السادس
السابع
الثامن
الباطن
الباطن
الباطن
الباطن العالما الباطني الوأل
9
67
بالمراحل الباطنية الثمانية يمكن معرفة الكون بصفة صورية دون التمكن أبدا من الدخول إليه
كما هو في واقعها ،فالباطن كله واقع صوري يمكن بع معرفة الكون دون الدخول إليه أو
الصعود إلى السماء ،فكل متصل يقول إنه صعد إلى السماوات فإنه مخطىء كل الخطأ ،لن
الواقع الكوني ل يعرف إل بالسأراء والمعراج ،وبعد معرفة المراحل الباطنية يمكن الدخول
بقوى الجسام الثمانية الباطنية مجتمعة في جسم باطني واحد إلى العالم الباطني الثاني ،
فالعالم الول شأامل للمراحل الثمانية والعالم الثاني شأامل أيضا لمراحل أخرى ثإمانية
.والعوامل الباطنية ثإمانية كما نظهرها هنا
العالم
الباطني
العالم الول العالم
الباطني الباطني
الثانإي الول
العالم العالم
الباطني . الباطني
الثالث السابع
العالم
العالم الباطني
الباطني العالم الساد
الرابع الباطني س
الخام
س العرش الوأل
وبعد البلوغ في هذا يمكن التصال بالعرش الول ثإم بالثاني إلى ثإمانية عروش فيها عوالم
باطنية ثإمانية ومراحل باطنية ثإمانية ومواطن باطنية ثإمانية ،والعروش بعوالمها الباطنية
:هي هذه
68
وبعد معرفة العروش
الثمانية في قواتها بالعوالم الباطنية الشاملة للمراحل و المواطن الباطنية ،يمكن
:الدخول إلى العالم الباطني المظهر للكرسأي ،والرسأم المظهر لذلك هو التالي
69
السماوات
و
الرض
الكرسي
إن هذه الرسأوم كلها واقع باطني ،والذي يعرفها فإنه ل يعني ذلك أنه بلغ إليها حقيقة ظاهرية
لن كل هذا ل يخرج فيه النسان المتصل بالباطن عن الحجاب الكوني الول الذي يوجد
.فوق الرض
وبعد هذا كله فإن المتصل يشعر بأنه رجع إلى الكعبة ولم يخرج منها أبدا ،وهذا يعني أن
الكعبة فيها سأر الكون كله وكأنها عالم كبير ،وبالباطن يتعلم النسان أنه لم يخرج إلى الواقع
المجهول ،ول يمكن الخروج إل بالسأراء والمعراج ،فهذا بالنسبة للمؤمن ،فكيف يقول
الذي يظنون أنهم بلغوا مبلغا في الباطن بالتصاعد الروحي المزعوم إلى العالم الواقعي
الكوني البعيد عن النسان ؟ إن العرش والكرسأي ل يعنيان شأيئا يجلس عليه خالق كل شأيء ،
تعالى ا عما يشرك الناس علوا كبيرا ،فإن الكرسأي كون وهو مركز اسأتوائي للعرش في
.الكون
أما الكعبة فإنها أسأاس كل اتصال باطني حقيقي بالطريقة الدينية ،ومنها يتم السأتمداد لكل
مستمد من قوى النور ،إن الباطن لن يعرف بمجرد الوصف ،بل وجب التصال الباطني
والدخول إليه حتى يتمكن النسان من المعرفة ،وقد يكون النسان متصل في البداية ثإم
ينفصل ،وإذا وقع عناك انفصال فإن التصال لم يكن نورا ،فالتصال بالنور ل يكون حتى
يقبل إيمان المرء ،وكل نتصل بالنور ل يمكنه أن يستخرج علوما باطنية مضادة لبعضها
70
البعض ،لن الدين واحد والحقيقة كذلك ،وإذا كان هناك تناقض بين اثإنين متصلين فإما
أحدهما متصل بالظلمات وإما قد يكون الفهم غير واضح نسبيا لحدهما ،لذا فاسأتخراج
العلوم الباطنية كتابة تمنع باطنيا إذا لم يكن المتصل ذا علم صحيح في الفهم والدراك
الفكري والصوري وفهم القوة كذلك ،وعندما يكون التصال الباطني معروفا في قواه
بمعرفة القوى الكامنة في الشأياء ،فإن المتصل يعرف الشأياء الخبيثة ويعرف أصول
الطلسأم وذلك بانقطاع النور ،والنور يرى باطنيا في حركته وتقلباته ،كما تصحح حركات
الصلة برؤيا باطنية مظهرة للنور الكامن في الجسم النسان .وإذا أخطأ المتصل مثل في
قراءة القرآن ،فإنه يرى أمامه نورا أزرق كالبرق معلنا خطأ في القراءة ،والنور البيض
يعلن عن وقوف لزم عند آية ،كما أن النور الحمر يعلن عن وجوب ربط بين آية وأخرى
عند قراءة القرآن .فالعلوم الباطنية لها أصل ثإابت في التعليم ،ومن واجب كل مؤمن أن
يبحث عن الكيفية الصحيحة حتى يتصل بالباطن ويزداد علما .فالتصال الباطني كان ميزة
كل المؤمنين منذ القديم ،ولم يكن التصال خاصية الذي يعرف القراءة والكتابة ،فالمي
أيضا يمكنه التصال حتى ولو لم يكن في اسأتطاعته أن يقرأ القرآن ،وبعد اتصاله يتعلم ما
يكفيه وما يلزمه دون زيادة .ونجد أيضا أن كل الجناس يمكنها التصال باطنيا إذا كان
هناك إسألم ،وفي هذا الحال فإن المخاطبة الباطنية تصبح بلغة أجنبية عن اللغة العربية ،
فكل لنسان يفهم ويخاطب بلغته وهذا في البداية فقط ،وبعد ذلك يعلم باطنيا ويؤمر بأن يتعلم
اللغة العربية ،وكل مخاطبة باطنية بالنسبة للذي يعرف اللغة العربية ل تقبل بلغة أخرى
،فالدارجة لغة مرفوضة رفضا تاما ،كذلك ترفض كل لغة لم يكن لها أصل ،واللغة العربية
هي أسأاس كل نطق باطني والكتابة كذلك ،وتعطى مهمات كثيرة للمتصل بالباطن كاسأتخراج
الطلسأم وحرقها مع جعل رموز من نور فوقها لتتحطم ،تستخرج الذكار باطنيا ،وإذا أراد
المتصل السهر كثيرا بصفة فوق الطاقة المحتملة فإن التصال ينقطع ويؤمر المتصل بالنوم ،
وكذلك إذا نام كثيرا فإنه يوقظ ،وقد يتحسن حال المتصل شأيئا فشيئا ،ويهدأ وتقل انفعالته
وينقص غضبه ،ولكن لكي يصل النسان إلى مرتبة عالية في هذا الميدان ،فإن عليه أن
يسعى سأعيا مشكورا ،ويحول أن يعرف ما لزم معرفته ويعتني بنفسه اعتناء دينيا ،والدين
شأروطه معروفة ،لذا ليس من اللزم ذكرها ،وكان من الواجب أن نذكر ما تشابه في الكلم
عن الباطن ونظهر الصل الثابت والذي ل تغيير له ،وقد يسعى النسان ول يبلغ إلى شأيء
لن سأعيه قد ل يكون حقيقيا من أجل علم ودين .فالتصال الباطني وسأيلة إعانة للمسلم
ووسأيلة معرفة أصول العبادة ،ثإم إنه وسأيلة تعليم من أجل طاعة ا ،ل من أجل معرفة ا
نفسه ،أو معرفة النفس نفسها ،فالنسان إنسان خلق من أجل العبادة ،وا سأبحانه وتعالى
.يأمر بعبادته ظاهريا وباطنيا .إن الملك ل
إنه ل توجد هناك سأورة من القرآن يمكن إعطاؤها من أجل البلوغ إلى التصال الباطني ،بل
القرآن كله لزمت قراءته ،ول يمكن كذلك أن نعين من أسأماء ا الحسنى أسأماء يكتسب بها
71
العلم أو القوة ،بل أسأماء ا الحسنى كلها لزم الدعاء بها ،وإنما هناك أصول الذكر جاعلة
الحد للتغيير ،والمتصل بالباطن قد يستغنى عن كل ما يكتب لنه يتعلم بالطرق الباطنية .أما
النسان الذي ل يمتاز بشيء ديني علمي صحيح ،فإن المر يهمه خاصة ،ولكي يوفق
النسان في أعماله فل بد له أن يسأل أهل الذكر إن كان ل يعلم ،فالفتنة اليوم فتنة حقيقية
شأملت كل الفتن ،وليس من السهل أن يتخذ النسان موقفا صارما أمام وضع ل يعرف
منهاجه ،والدين أخذ صبغة أخرى ملبوسأة ،وهذا شأيء لم يتوقعه المسلمون ،أئمة الدين
حاليا صعب عليهم المر ،ولم يستطيعوا حل للوضع لكثرة الجدل و المعرفة المنفكة عن
الصل ،وفي هذا الحال بقي على الباحث أن يسعى إلى حل واحد يمكن به معرفة حقيقة
وضع النسان اليوم ،وليعرف أن هناك إمكانية بالتصال الباطني لدراسأة كل زمان ومكان ،
وتستخرج منه الوسأائل اللزمة لمواجهة المشاكل الحديثة والمخالفة لمشاكل العصور السابقة
كلها .والدين له إمكانيته بالغة في كل عصر ،ولم يكن العصر الحالي وضعه شأيئا معجزا
للدين ،لن المتصل بالباطن قد يتصل بأرض أخرى مسكونة ومحجوبة عن النسان ،منها
أرض يسكنها بشر آخرون بلغوا في اللت ما ل يمكن لسكان الرض التي نعيش
على سأطحها أن يبلغ فيها إلى ما بلغ إليه البشر الخرون .وقد يطلع المتصل بالباطن على
أرض الجن لتكشف له حضارات أخرى ،وكل مجالتها وقوانينها فوق ما يحيط بنا من
قوانين .وهذا كان منذ القديم .أما نحن فمبلغنا في الصنع ما ه إل شأيء حديث هو في مجال
التطوير .فالواقع الديني يمنح كل متدين علوما و معرفة ثإابتة ل يحتاج بعدها أن
يسعى لمعرفة التطورات والتقلبات التي بلغ إليها النسان .والعلوم الدينية الباطنية
يستغنى بها عن كل معرفة لم يكن لها أصل ،والدين يعرف عن كل واقع ،وكل أسأاس
للمشاكل الحالية .إل أن بالباطن ل يعرف الغيب ،ول يعرف ما وراء الكون ول يعرف
خالق الكون ،فمجال العلم مفتوح وما وراءه فل ،وحيث ما كان النسان في الشرق أو في
الغرب فإن العلوم الباطنية الدينية واحدة ،لن القبلة واحدة ،وسأهل أن يتأكد النسان
من هذا ،وما أكثر المتصلين بالباطن في أنحاء العالم كله وطبقا للمبادىء الدينية السألمية
،ويترددون دائما في إظهار معرفتهم ،لن جل الناس اسأتغنى عن العلوم الدينية ،وكأن
النسان قد اختار مصيره اليوم .ولكن مهما أن هناك من يؤمن بال ويسعى إلى معرفة
الحقيقة فلبد من قبول الصراع ومواجهة كل معرفة فيها إلحاد وتغيير لصول الدين .إن
في بداية التصال بالباطن يشعر النسان كأن القلب في خفقان لمدة قصيرة ،وبعدها
يشعر النسان كأن برودة تنساب في الجسم كله ،ويشعر النسان كذلك برطوبة في الجلد
وإحساس غريب كأن أحدا يرقبه من كل مكان ،ويأتي خوف لن النسان يخاف المجهول ،
وكل مجهول ل يعطي الطمئنان ،وبعد هذا يذهب كل شأعور ،قد كملت القوة الولى ،
ومرة أخرى في الجلوس ل يشعر النسان بما شأعر به في البداية ،بل يشعر بقوة في جبهته
وكأن الرأس يمس بقوة مجهولة ،وقد يؤلم ذلك إذا وجدت في النسان قوة من ظلمات .
وهكذا يتم السير الباطني ،ومن شأعر بهذا فإن المر حقيقي وثإابت ومركز ،وبعد مدة من
الجلوس تظهر دائرة صفراء ،إنها أهم شأيء في البداية
72
إن مهمة النسان صعبة في الحياة ،وكل شأيء يدعوا إلى اللهو ،والمل يلهي ،وكأن الناس
اطمئنوا للحياة الدنيا ورضوا بها ،ولعل النسان الذي يفكر قد يجد حدودا للتفكير ،لن
الوسأائل الظاهرية ل تفتح مجال لتفكير واسأع يشمل ما يعرف النسان وما يجهله ،وكم
يستصغر النسان الكون لنه ل يعلم الواقع الحقيقي ،ويتجه ،تفكيره نحو كل ما هو خيالي
بعيد عن الحقيقة ،فالخيال قوة اتصالية بقوى الخيال تعيش في قوى عقل النسان دون أن
يترك لها مجال للفهم الحقيقي ،لكن لو طورنا الخيال ليصبح واقعا ل ندركه ،فإن التصال
.بالباطن يصبح سأهل وفي المتناول
إن الخيال حتى ولو كان خيال فإن له واقعا غيبيا وهو صورة لواقع مجهول .لذا فكل ما
يجعله النسان ويحاول أن يبلغ إليه من الصنع وترف ما هو إل سأعي لجعل جنة في
الرض ،فكان ما يصنعه النسان صورة لواقع في الجنة ،وإنما مجهول للنسان ،فالواقع
الغير المفهوم يصبح خيال ولكن يدل على الواقع ،لذا كان التصال المنحرف يسمى بالخيال
الواقعي ،يعيش فيه النسان كأنه يعيش العالم الصلي ،وكأنه في الجنة ،أما الجنة فل ترى
باطنيا ،وكل بالغ في العلوم الباطنية إذا عرف شأيئا عن الجنة فإنه يعرفه بصفة صورية دالة
على الواقع الحقيقي المجهول .فصورة الجنة في الرض منحرفة وغير مطابقة للواقع
الصلي ،لنه لو كان غير ذلك لصبحت الرض جنة ،وكل ما في الرض ما هو إل شأبه
منعكس لما هو في الجنة ،يتمتع فيه الكافر حتى ل يتمتع بعد ذلك أبدا .إن من واجب النسان
أن يسعى إلى الهدى ودين الحق ول يبغيهما عوجا ،وإن عليه أن يفرق بين الخيال.
والحقيقة ،فالتصال الباطني موجود ،والخيال نوع منحرف عن واقع التصال بالباطن
فالخيال عالم أيضا يدخله النسان بقوى العقل ،واليوم فإن أغلب الناس متصلون بالخيال في
واقع خيالي ل يمكن به معرفة الواقع الصلي ،ومن لم يحاول أن يخرج من الخيال فإنه
.سأيبقى فيه .ول يمكن أن تعرف الحقيقة بالخيال كما ل يعرف الخيال بالخيال
والذين قالوا إن الباطن ما هو إل خيال فما عليهم إل أن يتخيلوا أنهم بشرا ،لن هذا
بالمكان ،فالنسان يعيش واقعا خياليا ماديا يفسد فيه ،واو كان لذلك الواقع واقع أصلي لما
تمكن النسان من تغييره ،كذلك فإن الخيال بالمكان تغييره ،لن كل متخيل يتخيل ما شأاء ،
أما الواقع الباطني فإن النسان عندما يدخله ل يستطيع أن يغير فيه شأيئا ،وكل ما يظهر
للنسان المتصل بالباطن من صور أمام عينيه فهو واقع ل يمكن تغييره .لذا فالباطن شأيء
حقيقي ،وكل إنسان ينكر هذا الواقع الديني ما كان هدفه إل تغيير للحقيقة رغم أن الحقيقة ل
تتغير أبدا وأولئك يخافون أن تفوتهم نعمة لم يكون قادرين أن يعلموا بشروطها ،لن
شأروطها كلها دينية تجبر اليمان بالغيب ،وكثير ممن ل يصدق بواقع الحلم لن أحلمه
خيالية رغم أنها تكتسي صبغة من واقع اتصالي باطني يرشأد به النسان ليسعى بحثا وراء
الحقيقة الحقة وترك الحقيقة الزائفة ،فالخيال والحلم دليلن عن الباطن لن الباطن له شأبه
73
بهما ،عالمه صوري من صورة الواقع الذي يعيش فيه النسان .إن كل ما يرغب فيه
النسان من علم ويطرحه من سأؤال إل ويوجد له جواب باطني ،وما ل يوجد له جواب فإن
بالباطن تظهر حدوده ،لن معرفة النسان لها حدود ،كما توجد حدود لدراكه ،ول يظلم
النسان بقول مظهر للحقيقة ،إنما الحق له ظواهر كظلم ،وما أظلم من في الجهل لكنه ل
يرى في ما يفعل جهل لنه في جهل .إن الصواب يبقى صوابا ،والحق حقيقة مهما تكلف
المر ،والنسان يحب أن يعيش الوهم ،فهو في وهم مادام ل يهمه معرفة الوهم والفرق بين
الجهل والعلم والصواب والخطأ وبين النسان وخالقه ،لكن بالتصال الباطني يمكن معرفة
الجهل وإدراك العلم والفرق بين الخالق والمخلوق ،وبالباطن يتبين النسان أنه مخلوق ل
يوجد هناك اتصال بينه وبين خالقه ولم يكن جزء منه ،ول يدرك هذا بمجرد فهم وكلم ،بل
يدرك بقوة يشعر بها النسان ،وكان المتصل يمر بمراحل يفقد فيها توازنه أو يفقد فيها
شأعوره وإدراكه ،لن بالباطن يتعلم الحقيقة ويعيشها ،ويتعلم أن العقل شأيء والنسان شأيء
وبينهما صلة ويتعلم أن هناك فرقا بين الدماغ وقوى العقل ،وأن هناك قوة في كل شأيء
تجعل الشأياء أشأياء ،إن العلم أولى من الجهل ،والواقع خير من الخيال ولماذا ضاع الوقت
فيكل ما ل يفيد وترك معرفة أصل الفائدة ونموذج الحقيقة لم يكن كل قول في هذا المجال
دعوى ،بل إظهار لوجود واقع وخيال وإظهار لوجود أصل في الدين و تغيير في الصل ،
ولو بلغ إلينا كل أصول السحر القديمة لكان المر أخطر مما هو عليه ،ولكن وجود الدين في
كل العصور كان يجعل حدا للتغيير وانطلقا للحق ،ولكن النسان يعود لكل ما ينهي عليه
وهذا أسأاس المشكل ،لذا لم يتبين للناس أن هناك أمرين مختلفين متشابهين نور و ظلمات ،
والحذر ل يكفي إذا لم يتوفر العلم .والعلم ول يكون إذا لم يكن هناك عبادة ا .والعبادة لها
حقيقة وأصول ،وهذه الصول إذا ما غيرت فإن المعرفة الظاهرية ل تكفي ،ولو جمعنا
الكتب الكثيرة لوجدنا من كل تناقض فيها ولما تبين الطريق الحقيقي ،ودون أن نجمع شأيئا ،
فإن كتاب ا مازال موجودا ،فالحقيقة حية بين الناس ومن آيات ا منامهم بالليل والنهار ،
إن طهارة النفس تتطلب السأتقامة والسأتقامة أسأاس العبادة .وقد يصعب المر على النسان
إن لم تكن هناك قوة من عند ا ظاهرة في نور يستمد منه ،ونجد أن كل مستمد من نور له
اتصال بالباطن بإمكانه أن يوصل قوة من نور إلى شأخص آخر ليمكنه من تطوير قواه العقلية
حتى يتم له اتصال هو الخر .ونجد كذلك أن هناك تعونا باطنيا بين المتصلين ،ولسأيما
عندما يكون الهدف هو التغلب على قوة من ظلمات .وبإمكان الطفل أن يتصل بالباطن على
حسب مستواه العقلي وقواه الجسمية ،إل أن الطفل يسهل عنده التصال ،لن تفكيره خالي
من التعقيد ،بينما الرجل الذي يتجاوز عمره أربعين سأنة ،فإن التصال يصعب بكثير ،لنه
بقوى العقل في البداية الجلوس يرجع إلى صباه حتى يصل إلى فترة عمره ثإم يكون النطلق
وهذا يتطلب مدة .إن الرؤيا الباطنية اهتم بها القدماء أشأد اهتمام لهداف وأغراض مختلفة ،
والمتدين الحقيقي قد ل يهتم بالباطن إذا لم يكن يعرف وجوده ،وبالتطبيق الديني الصحيح
يفاجأ المتدين بالرؤيا الباطنية ،وأغلب الناس كان لهم هذا المر ،لن الكثير لما سأئلوا عن
74
وسأائلهم المعمول بها والتي كانت سأببا للبلوغ أجابوا بعدم وجود أية طريقة غير الصلة
وقراءة القرآن وأنهم فوجئوا بما بلغوا إليه .والتصال الباطني ل يحتاج إلى شأيخ مربي
،وقد يكون النسان بعيدا عن الماكن التي ينتشر فيها العلم ،وبالتطبيق الديني يتمكنوا من
التصال .ومن توضيحات الباطن ما يستخرج من علوم خاصة بالهندسأة المعمارية كأن
تكون البيوت مكعبة وأبوابها قبلة دون جعل طبقات عليها وهذا النوع من البيوت يكون جالبا
للنور بصفة قوية يسهل بها كل اتصال باطني كما أن القوى المتركزة فيها تضاد كل الظلمات
وهناك أشأياء أخرى مهمة لم يكن الموضوع خاصا بها حتى تذكر كلها ،إنما نشير إلى أن
صفة البنيان له أثإر كبير في ما يخص قوى النور ودون وجود نور في الماكن التي يعيش
فيها النسان ،فإن المر يكون صعبا بالنسبة للتصال بقوى الباطن ،فظاهر المر أن هناك
شأروطا دينية كاملة في ما يخص كل ما يخص النسان كاللباس كذلك فإن فيه قوة قد تعين
على جلب قوى النور أو تكون مانعة لها جالبة لقوى الظلمات ،واللباس البيض كان من
اختيار المسلمين منذ القديم .أما موضع الجلوس فشروطه هي نفس شأروط موضع الصلة ،
طهارة المكان ورقة الفراش وقلة الصوات المزعجة وخلو البيت من كل أثإاث جالب لقوى
الظلمات كالتماثإيل والرسأوم .وإذا لم يتمكن النسان من توفير ما هو لزم فإن البيت يكسى
.جداره داخليا برداء من ثإوب ل رسأوم فيه ،أما اللون ففيه حرية في الختيار
وبهذه الطريقة يصبح السأتمداد سأهل ويعم البيت نورا يرى باطنيا ،هذا يهم خاصة كل
باحث مبتدىء ،أما المتصل فإنه يرى النور الكامن في الشأياء وبإمكانه تغيير وضعها
لتغيير قواها .والتصال عند المتصل ل تصبح فيه شأروط المكان .أما الزمان فإنه ل يعرف
وقت للتصال بالباطن إل في البداية يكون الجلوس بعد الصلة أقوى ولسأيما بعد صلة
الليل .كما أن التصال يسهل بالجلوس بعد قراءة القرآن ،وإذا ما تم التصال فإن الوقات ل
تصبح فيها شأروطا .ولتطوير القوى الباطنية فإن المتصل يتعلم كل الوسأائل اللزمة من أجل
البلوغ في المعرفة والعلم .وإن لم يكن التصال الباطني فل وسأيلة لمعرفة قوى الظلمات ول
يمكن اكتشاف مراكزها ،فبالباطن يراها المتصل ويعرف فعاليتها وقوتها ويمكنه تغييرها
بوسأائل خاصة لم تكن مدروسأة بل متعلمة ،لن النسان ل يمكنه أن يعرف القوة المحطمة
لوقة أخرى دون علم إن لم يكن ظاهري ،فباطني ،وكل قوة من ظلمات متركزة في مكان
إل ويصعب ترحالها أو تحطيمها ،ول يمكن ذلك إل إذا توفرت هناك قوة من نور تقضي
عليها ،فإن لم تكن قوة شأخص واحد فيلزم اثإنين أو ثإلثإة أو أكثر من ذلك إذا اقتضى المر .
صرريع كذلك تلزم فيه شأروط ومعرفة قوى الظلمات .فالشأخاص الذين يصابون بخلط في وال ص
قوى العقل يمكن معالجتهم بعلم لطرق الصرع .هذا إن كان المر يتعلق بالقوة الكاسأية لجسم
النسان المصاب ووسأائل العلج مختلفة عن وسأائل الصرع ،فالعلج له وسأائله المعروفة
إل أن هناك علجات بالقوة الباطنية إن كان المرض قوة من ظلمات متركزة في الجسم ،
فالميدان واسأع في كل مجال ،وبالباطن يتعلم المتصل ما يمكن اختياره من الكل وما يجب
75
اجتنابه ،كما يتعلم النسان كيف ينفق حتى ل يسرف ،وتصحح حركاته وتصبح له شأخصية
.أخرى وأفكار أخرى وتصرفات قد تكون غريبة بالنسبة للذي ل يعلم شأيئا
لو فكر النسان فيما يحلمه لكتشف أشأياء كثيرة تهمه ،ولو اهتم بما يراه كل يوم لدرك كأن
كل شأيء يكلمه بأمثلة في كل ما يحيط به حتى يهتدي ويبحث عن الصواب ويتجنب الخطأ ،
لم يكن العقل دليل النسان حتى يسترشأد النسان بنفسه ،لن كل ما هو معروف إنما عرف
بما هو معروف وقد يكون فيه خطأ في المعرفة .لن يتمكن النسان أبدا أن يدرك حقيقة
الشأياء بالظن فقط على أنها أشأياء معرفتها معروفة بشيء معقول يتقبله العقل ،وما الشأياء
التي يتقبلها إل أشأياء تقبلت على حسب أهواء الناس ،أما إن وجد العلم فالمعرفة تصبح حقيقة
مدركة في الفهم حتى ولو لم يتقبلها النسان ،فأحكام ا سأبحانه وتعالى ل مجال فيها لعتبار
أنها معقولة يتقبلها العقل ،لذا فإن الناس ل يعتبرون أن أحكام ا أحكام ،لنهم ل يرون فيها
ما هو معقول على حسب الظن باتجاه نحو الصواب غير معقول في الحقيقة ،فأحكام ا هي
حكم على النسان أنه يحكم على حسب هواه ،إنه لبد من علم ثإابت لجل الثبات .ولو
وجهنا نظرنا إلى العصر الحديث لوجدنا أن النسان يتخبط في المعرفة باحثا عن العلم ،
وكأن بعض الشأياء ظهرت في صبغة جديدة ل يعرف فيها أصل في الدين ،ولكن هناك
المورد الباطني الذي عالمه شأامل لكل وضع قديم أو حديث ،لنه به يظهر واقع الشأياء ،
فكل ما فيه ظلمات فهو محرم ،وكل ما فيه نور فهو صواب ،ومعرفة القوة الكامنة في
الشأياء هي المظهرة لسأاس أصول العلم والمعرفة .ولو اعتمد المسلمون حاليا بالموارد
الباطنية لتمكنوا من تطوير كل ما يهمهم في عصرهم هذا ،ولكن المر فيه صعوبة ،لنه
يتطلب تغيير القوة ،والنسان لم يعد يهتم بما يهمه ،لذا فإن النسان ليست له أهمية ،وما
دفاعه عن مبادئه إل سأخافة في أعماقه ،ولعل الناس ل يعلمون أن ا سأبحانه وتعالى يعلم ما
يفعلون ،وكم من أشأياء يسأل عنها النسان من أخذ مكانة مرشأد في الدين إذا بالجواب يكون
أغلبه أن المر مشكل القرن العشرين ولم يرد عنه شأيء في الحديث ول في الدين .إن ظن
هؤلء أن ا سأبحانه وتعالى لم يكن عالما بأنه سأيكون عصر هو عصرنا ،بلى إن ا جعل
أصول أحكامه منتشرة بالمثل وبالظاهر والباطن .فالباطن نجد أنه تستخرج منه كل الحكام
وأن حلول لمشاكل كل العصور ،ولم يكن النسان بمعجز ل .وأحكام ا قائمة ظاهريا
وغيبيا ،والبشر جميعا إل وكل واحد له اتصال باطني ،فإما شأعوري بالنسبة للمتصل ،وإما
ل شأعوري بالنسبة لمن لم يتخذ السألم دينا ،وكل مسؤول في الباطن إل وله طرقا محكمة
يتم بها اللهام اللشأعوري ،لذا فإن النسان عندما يعمل سأوءا يشعر بأن هناك من يؤنبه في
أعماقه ،فالباطن فيه اسأتمرارية رسأالت ا وأحكامه في كل العصور ،وبالباطن نجد أن
كل اكتشافات النسان الظاهرة في الصنع اللي اتخذ بها الناس مصانع لعلهم يخلدون ،لم
يكن القرآن خاصا لعصر لم تكن فيه اكتشافات حتى يقول النسان إن أحكام ا لم توجه لنا
76
.على حسب عصرنا ،وما كان القائلون إل مقتسمين جعلوا القرآن عضين
77
78
إن الهمية العظمى كانت منذ القديم ول زالت تخص النسان نفسه ،وكل سأعي وراء الحق
إل وهو سأعي وراء النجاة والخلص ،ل خلص الروح كما يعتقد ،ول الخلص التصالي
بالخالق ،إن المر واضح أن التصال الباطني الديني لم يكن هدفه هو معرفة الروح
أو خلصها ،بل الهدف الول هو العلم الديني لتطهير النفس وخلصها من الشر ،حتى
ترجع إلى ربها راضية مرضية .ولم يكن الهدف هو معرفة النفس ،بل الهدف الثاني هو
السأتقامة .فالنفس ل تعرف ،والنسان لن يعرف نفسه ،لنه خلق ولم يشهده ا سأبحانه
وتعالى خلقه .إن المر مختلف ،فليتبين الفرق ،فإن ا سأبحانه وتعالى ل يحل في جسم
النسان ،فإن الناس جعلوا من عباد ا جزءاا ،وفرقوا دينهم فكانوا شأيعا ،واتخذوا من
التطبيقات ما لم يكن لهم عليها من علم أو بينة .إن مطبقي الطرق الغير الدينية ليقولون
على ا كذبا ،أنه يوحي إليهم علما لدنيا ،وأنه اصطفاهم كأنهم اتخذوا عند ا عهدا .
ومن أظلم ممن كذب على ا ،وقال إنه يكلمه في الباطن تكليما وأنه يراه في المنام
شأخصا .إن الذين نشروا معرفة لم يكن لها أصل ،قالوا بأنهم رأوا ملكوت السماوات
والرض وأن كراماتهم كانت دليل .وا سأبحانه وتعالى ضرب للناس مثل لعاد وثإمود ،
إذ كانوا أشأد الناس قوة وبطشا ،وضرب مثل بسحرة فرعون إذ أظهروا سأحرا مبينا .لم
يكن هناك تصاعدا باطنيا روحيا ،بل كل تصاعد باطني ما هو إل تطور قوى العقل
والحواس باتصال بالجسم الثاني للنسان ،والجسم الثاني هذا هو عند الخلق أجمع ،لن
العالم الباطني صورة للعالم الظاهري ،والجسم الباطني هو صورة للجسم الظاهري ،إنما
تكسوه قوة لها صلة بقوة الجسم الظاهري .إن المر بسيط للغاية على النسان الباحث أن
يتصل ليعرف الحقيقة من البداية إلى النهاية فيما يخص ادعاءات النسان .ولو كانت
التطبيقات القديمة صحيحة لما جاء النبياء والرسأل عليهم السلم .والنسان كله له
اتصال بالباطن سأواء بإرادة أو بغير إرادة ،وإنما المتصل فإنه يعرف ما يقال به باطنيا ،
والذي ليس له اتصال شأعوري ،فإن القول يصل إليه إلهاميا ل شأعوريا ،ويوم تزوج النفوس
تعلم كل نفس ما أحضرت .فالجسم الظاهري كأن فيه النفس الولى والجسم الباطني كأن
فيه النفس الثانية ،فواحدة ألهمها ا فجورها والخرى ألهمها تقواها والنفسين نفس واحدة
لها اتصال بين قسميها .لذا تزوج النفوس يوم القيامة لتعلم كل نفس ما أحضرت .آنذاك
يتبين النسان أن باطنيا كان يبلغ إليه العلم فيرفضه ،وظاهريا كان بين يديه العلم فرفضه
،إل الذين آمنوا وصدقوا بما عند ا ،فل حديث عليهم إذ ل خوف عليهم ول هم
يحزنون ،وكل ما يفعله النسان إل ويسأل عنه ،فالمفسد في الظاهر مفسد في الباطن ،وا
يأمر باجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن .فإن الذي يتخيل مواضع فحشاء فإنه
ينفذها بالجسم الباطني ،لذا لم يكن الخيال خيال بل شأيئا واقعيا باطنيا ،إن الخيال ل وجود له
كخيال لن ا سأبحانه وتعالى لم يجعل شأيئا عبثا ،وا إله في السماوات وفي الرض ،
في الظاهر والباطن ،ودليل هذا هو أن التصال الباطني موجود يعيش فيه النسان
بجسمه الباطني ،وإن كان النسان يبحث عن الروح فليعلم أن ا سأبحانه وتعالى
79
يقول أنه يتوفى النفس حين منامها ويأخذ الروح إليه ،وليفكر النسان في هذا المر لنه
يكون حيا عندما يكون نائما .وا يقول بأنه رفع الروح إليه ،وفي هذا حكمة ل يدركها إل
من كان له اتصال باطني ديني .ورغم كل ما ذكرنا فإن أبواب الباطن مغلوقة وإنما نقول أن
مفتاحها مودعة في القرآن وكأنها مفاتيح لبواب الجنة وللباطن الديني ثإمانية أبواب فيها
:ثإمانية أسأماء من أسأماء ا الحسنى ،ورسأم البواب هو هذا
وأبواب الباطن الظلماني سأبعة ،عدد أبواب جهنم ،لنها أبواب الدخول إلى عالم الشر
:وأصول معرفة السحر ،ورسأمها كما يلي
فيما يسمى بالخدام الروحانيين السبعة المعروفين عند من دخل هذه البواب ،والذين اعتمدوا
على التنجيم وعلم الحروف في قواها التي غيرت .ومن هؤلء الشأخاص المذكورة أسأماؤهم
:يتم التصال بقوى الكواكب وهي هذه
ومن أراد أن يبلغ إلى معرفة سأر ما ذكرناه عن الظلمات قيل إنه وجب عليه أن يصوم ل
تعالى أربعين يوما ل يأكل فيها روحا ول ما خرج من روح ويقرأ خللها العزيمة الدهروشأية
وقيل لماذا الصوم ل تعالى مهما أن هذا سأحر كان الرد أن كل شأيء بإذن ا .والشر من
.عند ا .ول ننسى أن الشيطان يغوي النسان بعزة ا وقد أذن له ا سأبحانه وتعالى
إن من لم يهتد إلى الحق فإنه يهتدي إلى الباطل .أما أبواب الخيال فخمسة يدخلها النسان إذا
:طور الخيال بالخيال الخيالي والبواب هي هذه
وفي أبواب الخيال قوى اسأتمدادية من أشأخاص خمسة طوروا قوى الخيال تطويرا بليغا من
.قوة ظلمانية .والخيال يتم السأتمداد من قوى الظلمات الثلثإية والمعروفة بمثلث الشيطان
مثلث
الشيطان
81
فالخيال اتصال بما يمليه الشيطان والخروج من الخيال معناه هو الخروج من سأيطرة
الشيطان ،والتصال الباطني هو هروب من الظلمات إلى النور ووسأائله الحقيقية هي دينية
.محضة وأسأاسأها الذكر بالقرآن والدعاء بأسأماء ا
إن الطريق طريقان :نور وظلمات ،إيمان وكفر ،والختيار واضح ،فمن شأاء فليؤمن ومن
شأاء فليكفر ،ومن أراد البلوغ إلى الحق فليذكر ا سأبحانه وتعالى كما أمر ا ول يشرك به
.أحدا ،ولم نجد غير هذا كوسأيلة لظهار الحقيقة
إن المتصل بالباطن يسمع قراءة القرآن مضبوطة في ألفاظها ،وذلك باطنيا ،ثإم إنه يرى
كيفية الصلة وكيفية الوضوء بصفة ثإابتة ل تغيير فيها .ومعنى هذا أن هناك تغيير في كيفية
الصلة والوضوء .إن النية إثإبات للفعل ،وإن كان الفعل شأرا فإن ا سأبحانه وتعالى يسأل
عنه ول يسأل عن النية ،وإنه ل يمكن أن ينوي النسان أنه يصلي ويستغني عن الصلة ،
لن العمل والقيام بالصلة إثإبات للنية قبل الصلة ،وحتى لو نوى النسان أنه يعبد ا ،ثإم
كان هناك تغيير في العبادة ،فإن العبادة تصبح شأركا بال ،ل عبادة له ،وهذا يظهر أن
الصلة إن وجد فيها تغيير في حركاتها فإن النور ل يتم ،وتصبح الصلة مكاء وتصدية .
فليتقبل النسان الحقيقة أن هناك ما وراء الظاهر وهو الباطن الذي يرى فيه النسان قيمة
أعماله ويرى المتصل قبل صلته هل وجهته إلى ا أم ل ،وكم من سأاجد ل يعرف وجهة
سأجوده ،لنه ل يدرك أن هناك نور في الجسم يتم به عمل النسان ،إن الباطن مرآة يرى
فيه النسان سأوء أعماله ول يرى فيه حسن أعماله حتى ل يزكي نفسه ويغتر بجهالة ،وإذا
رأى المتصل بالباطن ما يعمله من سأوء فإنه يتعلم كيف يغير وجهته الجهلية ،فالباطن
مدرسأة المؤمن ،وكما تعلم النبي عليه السلم بالوحي ،فإن المؤمن يتعلم بالباطن ،وكل
مدرسأة ل تهدي النسان إلى الرشأاد بما يتعلم فيها فإنها تكون مرتعا للفساد ،فالمدرسأة
الحقيقية يتعلم فيها النسان سأوء أعماله ويعرف فيها خبث نفسه ،والعلم هو الهدى ودين ،
ولم يكن هناك شأيء حقيقي غير هذا الواقع الديني ،وما انحراف الناس عن الحقيقة إل بعد
أن اختاروا ما بلغ إليهم من معرفة وفلسفات مغايرة للدين ،وما اتخذوها إل لن وراءها
ربح مادي فقط ،وحتى لو كان ظاهريا مدارس يحرض فيها على اتباع الدين ،فإن أصول
الدين ل تلقن عن طريق أئمة في الدين ،بل تلقن تحت سأيطرة أناس خذرتهم فلسفات الشعوب
الغير المتدينة فأصبحت العقائد هي أفيون الشعوب ،لن الذي قال بأن الدين أفيون الشعوب ،
جعل عقيدة كانت أفيونا للشعوب دون أن يشعر بها الناس ،لن حقيقتها مغطاة بسعي وراء
المادة وفرض للحرية المطلقة كان النسان ل يسأل عن شأيء ،والنسان مهما أنه لم
يبلغ إلى إعطاء نفسه الحياة ،ولم يكن من واجبه أن يقول أن الطبيعة خلقت نفسها ،وهذا
اسأتعجال ،وكل قول تلزمه دلئل توضحه ،ولو خلق النسان نفسه لقبل قوله ،ومهما ،أنه
ل يستطيع شأيئا ولن يستطيع شأيئا فإن عليه أن يتهم بالصمت تاركا الدين على أصله ،ونجد
82
الناس اليوم متعلقين منتظرين ما يقوله أصحاب الكتشافات كأنهم أولي وحي ،ينتظر الناس
أن يقال لهم إن هناك حل من أجل الخلود ،وحتى لو زعمنا أن أولئك المكتشفين سأيبلغون
إلى شأيء فإنهم لن يستطيعوا أم يوصلوا الخلق كله إلى ما بلغوا إليه ،والدليل ظاهر في
تصرفات الشعوب المتقدمة في المعرفة اللية ،إنها ل تعطي اكتشافاتها مجانا ،فعلى
النسان أن يهتم بنفسه ول يحمل الحكام مسؤولية ما هم فيه من مشاكل ،ولو اتبع الناس
الحق لفاضت عليهم الخيرات ولكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ،فالواقع إذا هو غير
ما يراه الناس ،ليهتم النسان بمشاكله فرديا وليدعوا ا أن يحلها وأن يجعل له مخرجا ،
فكلما سأعى النسان نحو المادة إل ويجعل خناق على الناس وعندما يبلغ إلى شأيء فيه ترف
إذا بهم يحملون المسؤولية على أحد آخر .وا يحملها عليهم ويزيدهم خناقا فوق خناق ،
ويرى الناس كأن الرض ظلمات من فوق ظلمات ،ذلك لنهم ل ينتظرون من ا شأيئا ،ثإم
إن ا سأبحانه وتعالى ل يزكيهم ول يكلمهم يوم القيامة ،ولم يكن كلم ا يوم القيامة بمعنى
أنه يرى ويكلم الناس ،بلى إن ا ل يرى ،ل في الحياة الدنيا ول في الخرة وكلم ا يكون
وحيا أو من وراء حجاب ،ولم يكن الحجاب معناه نور وراءه ا ،بل معنى ذلك أن ا
سأبحانه وتعالى يكلم الناس بصفة غير مدركة عند النسان ،وقد كلم ا سأبحانه وتعالى
الخلق قبل أن يخلقه وقال لهم ألست بربكم قالوا :بلى ،ذلك كلم لم يدركه النسان ،كذلك
كلم ا من وراء الحجاب ،فما بال الذين قالوا إنهم بالباطن يصلون إلى الحجاب ،ومما
ظنهم بال رب العالمين ،لعلهم وصلوا إلى مكان خيالي فيه ظلمات فوق ظلمات ،كذلك ا
يضل من يشاء ويهدي من يشاء ،فأما الذين اتبعوا الهدى فإنهم يقولون سأبحان ا ،ل ينبغي
لنا أن نتخذ من دون ا ملتحدا ،إن اللحاد في أسأماء ا ما هو إل اتصال برجال يزيدون
الناس رهقا ،وإن السماء ل تمس بالظاهر ول بالباطن ،وا سأبحانه وتعالى بالمرصاد لن
يعجزه النسان هربا ،وإن الناس ليسعون أن يهربوا من الرض إلى القمر أو إلى كواكب
أخرى ،بلى إنهم سأيبقون في الرض التي أفسدوا فيها ،منها أخرجهم ا ويميتهم فيها ثإم
يبعثهم منها مرة أخرى ،يومئذ لن يوجد مفر ،بل النسان مسؤول على نفسه لنه فردا ول
يغني الجمع شأيئا ،وقيل لرجل شأيخ أن العلماء بلغوا إلى القمر ونزلوا فيه ومن بعد سأيسكنوا
فيه ،فقال :ربما قد أفرط ا في ملكه ،بلى إن ا سأبحانه وتعالى رب العرش والكرسأي
خلق السماوات والرض ول يؤذه حفظهما وهو العلي العظيم ،ل يحيط الناس بشيء من
علمه إل بما شأاء ،وقد وعد أن من بحث في أقطار السماوات والرض بما أعطى
من سألطان فإنه يرسأل الباحثين شأواظا من نار ونحاس ول ينتصر الثقلن أليس ا بقادر
على أن يوهم النسان أنه بلغ إلى القمر الذي جعله ا نورا وجعل الشمس سأراجا ،ألم يكن
ا خير الماكرين ،ليفهم النسان أن وراء الواقع الذي يراه واقعا آخر ل يراه ،وليدرك أن
الملك ل وليذكر ا لن المر بيد ا .إن ا سأبحانه وتعالى جعل فوق الرض حجابا وهو
الحجاب الكوني الول ل يمكن الخروج منه ظاهريا ول باطنيا وهذا الحجاب يشبه
السراب ومنه يمكن الدخول إلى القطع الرضية المتجاورة والتي عددها تسعا وتسمى
.هذه بالقطار الرضية
83
إن ا سأبحانه وتعالى خلق سأبع سأماوات طباقا ومن الرض مثلهن ،والموضوع في هذا
موضوعا آخر ،وإن كان الذين لهم لباس ديني يؤمنون بما وصلت إليه الشعوب المتخلفة
علما والمتقدمة تقنيا فليقولوا للمسلمين أين الراضي السبع ؟ هل هي الكواكب أم في حجاب ؟
فإن قالوا إنها في حجاب ،فمعنى ذلك أن هناك حجب فإن كان الفهم كذلك فلبد أن هناك
بشرا آخرين يسكنون فيها ،ومعنى ذلك أيضا أن ل وجود لخلق في الكواكب ،ولكن ا
سأبحانه وتعالى بقول إنه خلق سأبع سأماوات طباقا ومن الرض مثلهن ،بمعنى أن الراضي
السبع فهي طباقا أيضا .أما الحجب الرضية فهي أقطار الرض وهي القطع المتجاورات ،
.ولم تكن هي القارات كما يزعم الكثير .إن ظاهر الفهم أن هناك فهما آخر غير مفهوم
وكيف يفهم ذلك بغير علم ؟ إن المر واضح ،هو أن ا سأبحانه وتعالى لم يظهر ذلك
84
ظاهريا حتى ل يصدق من يقول إنه بلغ في نلك ا وهبط فوق القمر ،ودليل المؤمن هو هذا
،فليسأل من يزعم علما عن الراضي السبع والتي خلقت طباقا مثل السماوات السبع ،ولم
يكن الموضوع هو هذا بل بالتصال الباطني تعرف الضللة ،إنما نشير أن الحجاب
الول فيه نور مثل السراب ،والفهم في هذا هو المصل إلى فهم سأر ضللة من زعم أنه
هبط فوق القمر ،فالحجاب الول ل يمكن اجتيازه ونحن في الرض وسأنبقى فيها إلى
.الموت ثإم نبعث لنقف أمام ا ويحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون
إن العلم الديني جد ،ولم يكن هزل ول خيال ،وكل من يدعي كرامة أو قوة فليواجه خالقه
الذي أنزل العلم دون شأتم النبياء ،لنهم ما قالوا إل ما أمروا به ،إن صراع النور
والظلمات لشيء مشهود .وقد قتل من قبل أصحاب الخدود .وجاء الطوفان فهلك قوم نوح
عليه السلم ،أما أصحاب الحجر فقد جاءتهم الصيحة ،وآل فرعون كانوا مغرقين ،وأمم
كثيرة أصيبوا بعذاب مبين .كذلك يرى المتصل بالباطن الديني ،ويرى ما ذكر في القرآن ،
مثال حيا صوريا ،فالمتصل بالباطن المستمد من النور يرى ما في القرآن ويقرأ ما في
القرآن ،وكل القصص التي يستخرجها ل تكون خيال بل واقعا حقيقيا يأخذ منه من كل مثل
حتى يعلم أن الحق من عند ا ،والنسان الذي يقرأ من القصص الخيالية فإنها تطور الخيال
فيصبح تطويره منعكسا عن التطوير الحقيقي ،ويصبح الدماغ مليئا بقوى الخيال ويصعب
بعدها اتصال بالحقيقة ،لذا فإن المؤمن وجب عليه أن يجتنب ما ليس فيه حكمة حتى يسلم
.من كل مشكل يؤدي به إلى الهزيمة
إنه ل داعي أن يمل الفكر بما ل يفيد ،فإن الفائدة فيما هو مفيد ،أظهر ا سأبحانه وتعالى
فائدته ،وأن من الفائدة أن يعرف النسان واقع الشأياء وحقيقتها حتى ل يضل فيشقى وينسى
أن على ا الرجعى ،ولن يكون للنسان ما تمنى ،ولن يخرق الرض ولن يبلغ الجبال
طول ،وإن الذين يقولون إنهم يخرقون الرض بالكرامات ،أو يكبروا حتى يصبحوا عمالقة
يبلغون طول الجبال ،ما كانت قوتهم إل خيال ويسمى ذلك سأحرا ،تسخر به أعين الناس
فيتخيل لهم أن النسان بإمكانه أن يمشي فوق الماء ،أو يطير في الهواء .إن تلك قوة فيها
إغراء .أما القوة الحقيقية فيظهرها ا سأبحانه وتعالى عند النبياء ،قوة ظاهرة في
المعجزات ولم يكن هناك كرامات .إن قوة الخيال هي قوى الظلمات ،وإن لم يكن السحر
قوة حقيقية ،وا سأبحانه وتعالى يقول إن ذلك خيال وضرب مثل بسحرة فرعون الذين
آمنوا بعدما تبين لهم الحق وبما علم ا بالقرآن فليعرف النسان أن قوة الخيال واقعي كما
يتخيل النسان المتصوف أنه دخل الجنة أو أن أحدا أعطاه شأيئا ملموسأا ،أل يشعر النسان
بالضرب عندما يحلم ؟ فالجسم الباطني له صلة بالجسم الظاهري ،وبهذا أل يمكن أن يكون
عالمنا هذا عالم فيه قوة خيالية واقعية ،يفسد فيه النسان حتى ل يفسد في ما هو حقيقي
واقعي ؟ أل يمكن أن نكون كمن يعيش حلما ظاهريا ؟ لعلنا نحن في باطن العالم الظاهري
85
:الحقيقي ،إن الخيال له خمس قوات في خمس درجات كلها من ظلمات
الخيال
الخيالي
5 قواه من
ظلمات
شاملة
قوى
4 خيال
كالماء
قوى
خيال
3 شبه
هواء
قوى
خيال
2 شبه
ضباب
الخيال
1 الدخانإي
إن البالغ إلى الدرجة الخامسة من قوى الخيال يسهل عليه التصال الباطني الظلماني ،ومن
هؤلء نجد من يدخل العالم الباطني الخيال وإذا قطع الخيط الذي يربط بين الجسم الباطني ،
فإنه يحرك الشأياء محاول أن يدخل في قواها فنجد أن كثيرا من المنازل عرفت في مختلف
أنحاء العالم بكونها بيوتا مسكونة بالقوى الشريرة وهذا صحيح ،كما أنه بالمكان أن يدخل
هؤلء التائهين في الباطن في أصنام يجعلوا أسأاس قواها ،أو يدخلون في قوى جسم شأخص
معين يريدون بذلك الرجوع إلى الجسم الظاهري .أما الرجوع إلى الجسم الظاهري فإنه ل
يمكن إذا وقع هذا للبالغين إلى تلك المكانية بأصل باطني قواه من ظلمات كما أن بإمكانهم
86
الدخول في جسم حيوان كالقطط أو الفعى إلى غير ذلك ،والمتصل بالنور فإنه ل يدخل
العالم الباطني الظلماني إل إذا بلغ إلى الدرجة الثامنة رغم أن بإمكانه اختيار ذلك منذ البداية
والمتصل بهذا الشكل من المسلمين فإنه يكون مستمدا من المثلث الذي أسأاسأه نور ،والغرض
من ذلك هو أنه يتخصص في تغيير قوى الظلمات وتحطيم قوى الجسام الباطنية التائهة في
العالم الباطني ،وهذا يتطلب قوة وعلما لذا المتصل ل يمكنه ذلك إل إذا باغ الدرجة الثامنة
من نور ،وكل قوة من ظلمات فإنها ل تغير إل بعلم ومعرفة ثإابتة لصول النور ،لن قوى
الظلمات إن مست بغير علم فإنها تؤذي ،وذلك ما نراه في كل مكان يصاب الناس بأمراض
أو منازل فيها قوى من ظلمات تؤذي سأاكنها ،وبالمكان تغيير تلك القوة ولكن بوجوب
التصال الباطني ،ودون التصال فإن المر صعب بمكانة ،وكل قوة من ظلمات تأخذ في
الباطن شأكل معينا لها ومظهرا لحقيقتها .وفي الباطن عالم الشأكال وعالم اللوان ،وعالم
القوى ،وعلم الجسام .كما أن فيه أماكن معينة لخذ العلم ،كمكان خاص بعلم الحساب
ومكان خاص بعلم الكتابة ،ومن كل مكان من المكنة العديدة تستخرج العلوم الباطنية ،
.وهذه العلوم كلها لها مسؤولين عليها ول يمكن أخذها إل بإذن
إن للباطن نظام فوق كل نظام ظاهري ،وبين الباطن الديني والباطن الخيالي يوجد حاجز ،
ومن الباطن من نور يمكن رؤية صورة العالم الظاهري الذي نعرفه ونعيش فيه ،هذا العالم
الذي مليء دخانا وأصواتا فليتصور النسان الناس فيه ،وهم في غفلة ،يلعبون ويضحكون .
إنه عالم ل داعي لرؤيته باطنيا ،بل يكفي ما يراه ظاهريا ،أما بالباطن فإنه يرى كامل ،
وقد يتخيل للمتصل أن بإمكانه أن يفنيه كامل لنه يكون في الباطن كعملق يرى الناس
كأنهم أشأياء صغيرة ،ولكن المؤمن ل يفكر في هذا لنه يدرك أن ذلك لم يكن بالمكان .
أما من كان في ظلمات فإنه يقول إن بإمكانه أن يطوي السماوات والرض كسجل الكتاب ،
ول يهم قوله لنه يقول كما قال الولون أنهم آلهة ،تشابهت أقوالهم و قلوبهم لنهم
يستمدون من ظلمات .ولم نكن لنهتم بأقوال هؤلء إل إظهارا للحقيقة الدينية ،فإن في
بداية الجلوس قد يشعر النسان بقوة مسيطرة ،وإذا حاول النسان تنفيذها فإن التصال
ينفقد ،وقبل التصال فإن النسان يشعر بقوى مختلفة يكون في أغلبها ارتجاف أو
سأخونة في الجسم ،وهذه الظاهرة معناها أن المتصل يمر بحجب الظلمات وهي قبل الباب
الول الباطني ،ثإم تظهر كذلك في بداية التصال بالباطن ظواهر كأن السمع تصبح فيه
قوة أخرى يسمع النسان الصوات البعيدة ،ثإم يكون الشم قويا ،وتتقوى قوة الذوق ،
وبعد ذلك تتم الرؤيا الولى الباطنية بعد أن تتقوى حاسأة العين ،وبعدما تتقوى حاسأة
اللمس ويتم بها التصال بالجسم الثاني للنسان ،وهكذا تكون المراحل الحقيقية ،وبعد
تطوير قوى الحواس الخمس ،ويتم التصال بقوى الحاسأة السادسأة ،وبعد هذا يتمكن
النسان من الدخول إلى العالم الباطني المليء بالشأجار وكأنها من نور وفيه جبال
وفجاج للتنقال وتوجد فيه فواكه يتناولها المتصل وكلها تزيد نورا في الجسم وقوة ،ويعيش
النسان عالما كما يعيش النسان الحلم ،وقد يستعجل النسان في البداية ليعرف كل
شأيء ولكنه يتعلم الصبر ،وإذا فعل المتصل سأوء أو
87
فاحشة ولم يستغفر فإن التصال ينقطع حتى يتوب ويرجع عما كان يفعله دون إصرار ،
وهكذا يكون التعليم عن طريق الباطن ،يشعر النسان كأنه صبي يربى من جديد ،ويتعلم
وكأن الناس أجمعين لم يعلموه شأيئا .ويدرك بعد ذلك أنه المي الحقيقي ل يعلم ما علم ا
.سأبحانه وتعالى
88
89
جسم النسان تكمن فيه قوى مختلفة تظهر باطنيا كنور يحيط الجسم بكامله وتختلف ألوانه في
البداية .أما بعد التصال بالباطن يصبح الجسم يكتسي قوتين فقط واحدة صفراء وأخرى
بيضاء .وقبل التصال يمكن فحص قوى جسم النسان الراغب في التصال فمدخن التبغ
نجد في دماغه قوة خضراء تسمى بالقوة الخبيثة ،والنسان كثير الزنا مثل نجد جسمه
تكسوه قوة سأوداء كدخان ،والمجرم تتركز في جسمه قوة زرقاء في لونها ،وهكذا تختلف
القوة على حسب اختلف أعمال النسان ،واختلف قوى الجسام ،وهذه القوى كلها موانع
تمنع النسان من الوصول إلى التصال بالباطن كما يصعب عليه كذلك التطبيق الديني ،وإذا
وجدت هذه القوى في الجسم فإن المر صعب لسأيما إذا اجتمعت كلها في الشخص ،ولبد
من تبديلها بقوة أخرى تكون من نور ،وعند التبديل فإن النسان يشعر بآلم وبقنط وقلق لن
قواه الجسمية الولى تتغير بقوة أخرى ثإانية من نور ،لذا فالقنوط قد يصاب به النسان عندما
يطبق الجلوس الول ،ولكن وجب عليه الصبر في هذا الحال لنها مراحل يمكن اجتيازها .
أما إذا لم يحاول النسان أن يماسأك قواه ويشد جلوسأه فإنه لن يبلغ أبدا إلى شأيء مهم ،
فالطريقة الدينية واحدة رغم أن فيها أقسام ،ومن هذه القسام ا لمتوازنة بينها ،نجد أن كل
قسم منها له نوع من التطبيق له فعالية مختلفة ،فالتطبيق بقوى الحركات له فعالية مختلفة
عن التطبيق بالذكر ،كما أن التطبيق التأملي مختلف في قواه عن التطبيقين السالفين ،فإن
كان الجسم هو الذي تكمن فيه قوى من ظلمات ،فإنه لبد من تطبيق قوى الحركات وذلك
بكثرة الصلة ،أما إن كان الدماغ هو المكسي بقوى الظلمات ،فإن التطبيق يكون تطبيقا
بالذكر وذلك بالدعاء بأسأماء ا الحسنى أو بكثرة قراءة القرآن ،وإن كانت قوى العقل
راسأخة في قوى الخيال فلبد من التأمل و التركيز ،فالتأمل أسأاسأه صحة العتقاد ،أما
التركيز فإن الوسأيلة الحقيقية هي تخيل الدائرة الصفراء بقوى الخيال حتى تصبح حقيقية
واقعية .وبعدها فإن الدائرة الصفراء ترى ظاهريا من وقت لخر وهذا دليل على أن القوة
تتركز بنور ،أما إذا لم تر ظاهريا فإن القوة الخيالية قوية ولبد من المثابرة ،وذلك بالسهر ،
فهذا لزم لوجود قوة من ظلمات لبد من تبديلها ،ولم يكن المسلمون قديما يعانون من هذا
المر شأيئا ،وذلك لن أئمة الدين كانت تتوفر لديهم قوى من نور متوفرة تفيض على كل
مصلي وراءهم .أم اليوم ،فإن المر مختلف ومن أراد البلوغ في هذا فإن عليه أن يعتمد
على إمكانياته التطبيقة حتى يصل بنفسه ،والعصر الحديث ل يوفر تماما شأروط الدين حتى
يسهل التصال .ومن العادات التي يلزم اتخاذها في البداية ،السأتيقاظ قبل طلوع الفجر ،
وهذا واجب ديني ،النوم في وقت مبكر ل يتجاوز التاسأعة ليل وبالمعنى الصح بعد صلة
العشاء ،كما أن الواجب كذلك عدم النوم بالنهار إل لضرورة كمرض ،وهذه الشروط هي
شأروط دينية يعرفها كل متدين ،لذلك ليس من الضروري عدها كلها ،وما ذكرنا هذا النوع
من يقول إن النوم بعد صلة الصبح مستحب وهذا غير صحيح ،لن الذي ينام في هذه الفترة
تكسوه قوى من ظلمات .وكثير كذلك قال إن النوم بالنهار لزم ،وهذا غير صحيح أيضا إل
في حالت إعياء أو مرض أو لجل غرض معين ،والمتصل بالباطن له سأيرة أخرى لسأيما
90
إذا تخصص في الصراع ضد الظلمات فنجده ينام بالنهار ليدخل موطنا باطنيا من الظلمات
وجب تحطيم ما فيه من قوة ،وفي الحقيقة فإنه ل يكون نائما ،والتصال الباطني بالنوم
مختلف عن التصال الباطني بالجلوس ن كما يوجد التصال بالجلوس في حالة شأبه نوم
فقط ،وإذا اسأتمر النسان في تطوير حالت التصالية فإنه يتمكن من أشأياء مذهلة في
الحقيقة كأن يبقى مستيقظا لمدة ل ينام فيها ،بينما الجسم الباطني نجده نائما في الباطن يعطي
الراحة للجسم بصفة تامة .ونعطي مثال لذلك ،فإن النسان عندما يحلم فإن الجسم
الظاهري يكون في حالة نوم ،بينما الجسم الباطني في حالة يقظة يتم به الحلم ،والمتصل
يصبح له عكس ذلك ينام الجسم الباطني ويبقى الجسم الظاهري في اليقظة ،ومن الشأياء
الممكنة أيضا فإن المتصل قد يكون جسمه الظاهري في حالة نوم بينما الجسم الباطني
يظهر ظاهريا في أماكن معينة ،فالسر إذا بين قوى الجسمين الظاهري والباطني ،وإذا
التحما وأصبحا جسما واحدا فإن المتصل تصبح له قوة كبيرة ،وهذه الحالت ينفذها
المتصل في مكان معزول ليتعلم فقط دون أن يظهر ذلك للناس ظاهريا ،وهذه التطبيقات كلها
أسأاسأية من المكانيات التي توفرها قوى النور ،والمجال واسأع ولكن الكلم محصور ،وما
ذكرنا هذا إل لن الناس يعتقدون أن الدين ليس فيه أسأرار تظهر قوى عقل النسان ،لذا
يتجهون إلى التطبيقات الخرى المغايرة ظنا منهم أنها تكتسي صبغة حقيقية ،والطريقة
الدينية أولى وأطهر من المكانيات مال يتوفر في التطبيقات الخرى ،وهذا كله لم يكن
كرامات بل إمكانيات موجودة يوفرها الدين للمؤمن المسلم المطبق للطرق الدينية المحكمة
دون تغيير ،والمتصل يمر بمراحل كثير مختلفة ومتنوعة وينتقل من مرحلة
لخرى حتى يبلغ إلى الدرجة الثامنة فيستقر في مرحلة اسأتقرارية تطويرية للعلم
والمعرفة ،أما طرق الجلوس فعديدة ل تستعمل إل للبالغ إلى الدرجة الثامنة حين
يكتسي الجسم قوة من نور كاملة .أما في البداية فل يمكن اتخاذ أنواع جلوس مختلفة
لوجود ظلمات في الجسم لم يقض عليها وتتطور بالخروج من هيئة الجلوس الولى ،
فالجلوس الول وجلوس الصلة أهم ما يعتمد عليه تطبيقيا في البداية .ونحذر من اتخاذ
جلوس آخر دون علم ويقين من وجود قوة في الجسم أصلها نور ل ظلمات ،و إذا تم
التصال فإن المشكل ل يبقى مشكل لوجود الحل ،إن النسان الذي لم يسبق له أن سأمع
بوجود التصال الباطني الحقيقي الديني ،ل نجد له من إرشأاد إل أن يلتجىء إلى الصول
الدينية ويطبقها كما هي و بشروطها ويعتمد على قراءة القرآن دون إدخال صفة أذكار
أخرى ،وبعد كل صلة وأداء واجباتها عليه أن يبقى في مكان صلته دون أن يقوم من
مجلسه ول يغير هيئة جلوس الصلة ،وعليه أن يقرأ القرآن في نفسه دون اللسان ودون أن
يكون ميلن في الجسم ل يمينيا ول شأماليا ول أماميا أو خلفيا ،ودون التفات أو حركة مثيرة
للعصاب ،ول يمكن تكليم أحد قبل إتمام ما تيسر قراءته ،كما هو الحال في الصلة
بالضبط ،وبعد هذا يتخذ الجلوس الول لمدة بغمض العينين ،وكل هذا لزم في البداية ،أما
بعد ذلك فالتصال يكون سأهل في كل مكان وبأي نوع من الجلوس ،والمشاهدة شأيء مخالف
للتصال الباطني ،لن المشاهدة معناها اتصال بالرؤيا المجردة والصور هي التي تعرض
على المتصل وهذا ليس بدخول على الباطن بالمعنى التصالي ،والمشاهدة ما هي إل
91
المرحلة الولى للتصال .أما التصال نفسه فدخول إلى العالم الباطني باتصال تام مع الجسم
الباطني وما يراه النسان بالمشاهدة فهو مخالف لما يراه بالتصال ،والنسان حتى ولو كان
أعمى فإن بإمكانه التصال بالباطن وتصبح عنده الرؤيا الثالثة ،إن المشاهدة اتصال باطني
بمعنى آخر ل دخل فيه لدور الجسم الثاني بصفة إجمالية ،لن الصور تظهر أمام المتصل
كأنها على شأاشأة ول يمكن الدخول إلى عالمها الصوري ويمكن بالمشاهدة وضع السأئلة
وأخذ الجواب إما صوريا أو مكتوبا بنور يرى ،وكل سأؤال يطرح للباطن فإنه ل يطرح
بنطق مسموع ،بل يطرح بكلم غير مسموع وهو فكري ،وقد يأخذ النسان الجواب قبل أن
يطرح السؤال وذلك لن المسؤولون في الباطن يعرفون كل ما فيه المتصل ،ويمك أن يجتمع
أفراد عديدون متصلون ،وبالمشاهدة يمكنهم أن يجمعوا علوما مختلفة على حسب مستوى
كل واحد منهم ،وتلك العلوم ل تنشر أبدا لنها تكون في مرحلة تطور ،ول ينشر علم باطني
إل بالدرجة الثامنة حيث يتمكن بها النسان أن يكتب أو يتكلم وفي نفس الوقت يكون متصل
بالباطن يرى قوة كل كلم يكتبه ويعرف فعاليته ،لذا فإن كل ما يكتب بواسأطة العلوم
الباطنية ل يخضع أبدا إلى قواعد النحو المعروفة ،لن الكتابة موجهة بضمان ترتيبي ينفلت
.به كل قول من كل قوة تكون جالبة للظلمات
وبإمكان المتصل بالمشاهدة أن يكتب علوما ويجمعها في كتب وتصبح خاصة به لنها وسأيلة
تطوير قواه ول تصلح لحد آخر ،إل إذا كانت فيها أحكام شأرعية ،وتعطى الدعية على
حسب ما يحتاج إليه المتصل ليصلح حاله الديني كما تعطى الذكار بصفة مرتبة على حسب
قوى المتصل ويرشأد كذلك في كل أمر يخصه ،ول يمكن أن يأمر أحدا بأن يذكر ا بصفة
أعطيت له لن ما أعطي له ل يهمه إل هو شأخصيا ،لذا فإن كل متصل بالباطن عندما يكون
في المراحل السبعة ل يمكنه أن يتدخل في مشكل آخر أو أن يحاول توجيهه لن ذلك ينقص
من قوى الجسم والعقل وقد ينفقد كل اتصال ،وسأبب ذلك أن المتصل لم يكتمل عنده مراحل
.العلم اللزمة معرفتها
إن المتصل بالباطن لن يكون ملكا فيه أبدا ولن يكون مسؤول عن شأيء لن المتصل يكون
تحت مسؤولية من جعله ا مسؤول في الباطن ،والذين قالوا إنهم ملكوا شأيئا في الباطن أو
كانوا مسؤولين عن شأيء فأولئك ما كان قولهم إل ضللة كان كنار أضمرت لم يكونوا
عالمين مدى خطورتها ولم يعرفوا أنها سأتحرق اعتقاد الناس وتغير اتجاههم ،وليكن النسان
الراغب في المعرفة أنه ل يوجد شأخص دخل العالم الباطني وحمل السيف الباطني الذي
بواسأطته يمكنه أن يملك أرواح الخلق حتى ينزعها منهم ،فإنه ل يصاب أحد إل بما كتب ا
سأبحانه وتعالى والموت والحياة بيد ا ،إنه ل وجود لسأاس قول منتشر بين الراغبين في
العلم يعتقد فيه أن المشايخ إذا لم يعطوا النور لحد فإنه ل سأبيل للبلوغ في الدين ول يكون
بالمكان التصال بالباطن ،كأنهم حراس على أبواب الباطن ل يمكن أن يدخلها أحد إل إذا
92
أدى واجبات لم تكن دينية بل مادية ،إن بإمكان النسان المتدين أن يتصل بالباطن ويصل
.إليه النور الذي أنزل ا دون حاجة إلى تأدية شأروط أخرى غير الشروط الدينية
إذا ما تمكن النسان من البلوغ إلى التصال الباطني فإن عليه أن ينتبه إلى العلوم الصورية
التي يتلقاها ،ومن المثلة أن المتصل قد يرى بالمشاهدة أو باطنيا أنه قد أعطي له سأيف أو
مال أو بيت ،فإن الفهم غير ملموس ول يظن أنه سأينال ذلك ظاهريا لن المعنى ما هو إل
علمي أو قوة فيها نور .وإن كثيرا ظنوا أن باطنيا وعدوا بمال ولم ينالوه ،وهذا أسأاسأه سأوء
فهم للعلم الصوري ،إنه يوجد فرق بين الظاهر والباطن ويوجد فرق بين الباطن الظاهري ،
وبين الباطن ،وهناك فرق بين الظاهر الظاهري الحقيقي وبين الباطن الخيالي .كما أنه
يوجد فرق بين الحجب الرضية الباطنية وبين الحجب الرضية الظاهرية ويوجد فرق أيضا
بين الحجب الباطنية والحجب الظاهرية ،وهذا كله يشكل العالم الظاهري الكوني الول .وقد
يرى شأيء بالباطن بينما هو ظاهري يرى باطنيا ،والظاهر الظاهري الحقيقي هو الجنة التي
شأملت السماوات والرض ،لهذا ل يمكن الخروج من الحجاب الكوني الول لن معناه هو
.الدخول إلى العالم الحقيقي الذي هو الجنة ،وحقيقة هذا كله تفهم باطنيا
ونفهم حقيقة الظاهر الذي نراه فلبد من معرفة الباطن ،وليتبين لنا كذلك أصل كل قوة كامنة
في الشأياء المحيطة بنا ،وأعطيت الهمية القصوى للعلوم الباطنية الدينية ،لن النسان إن
اكتفى بما يراه ظاهريا فإنه يكون كالعمى ل يرى القوة الكامنة في ما يحيط به ،ومعرفة
القوة لها أهمية لنها أسأاس حل المشاكل كلها ،وكأن الظلمات عدو ل يرى ،ول يمكن
معرفة الظلمات إل بالنور ،والمتصل بالباطن فإنه يرى الصراع الموجود بين
النور والظلمات ،لسأيما في عصرنا هذا الذي تتضارب فيه القوى ظاهريا فكيف ل
تتضارب باطنيا ،إن الواقع المجهول لدى النسان هو المخيف في الحقيقة .فالواقع
الباطني مجهول وفيه يكمن سأر حل كل ما هو معقد وغير مفهوم ،والتعليم بالباطن ل
يكون إل فكريا أو صوريا ،بل بقوة يشعر بها النسان حتى يتبين له الخطأ من الصواب ،
والمتصل كلما غير قوة من ظلمات إل ويشعر بسكينة واطمئنان ويخف عنه الوطأ ،وإن
بهذا ل نعرف أسأاسأا آخر لمشكل النسان إل وجود قوة من ظلمات اسأتخرجها النسان
نفسه ول يسأل عنها أحد آخر غيره ،وكل شأخص راغب في العلم الديني ولم يبلغ إلى
ما يسعى إليه فليعرف أن الحاجز ظلمات وعليه أن يهتم بنفسه حتى يغير ما به ،والمر إن
.اسأتمر على الحال الذي هو عليه الن فإن لن يؤدي إلى خير أبدا
التصال الباطني الديني ،ل يمكن للمؤمن أن يصل إلى كوكب من الكواكب ول يرسأو على
قمر ول يدخل شأمسا ،ول يمكن للجسم الثاني الباطني أن يستقر في موطن باطني بصفة ل
يرجع بعدها ،ورجوعه دائما رجوع إلى الجسم الظاهري والنتماء إليه ،ول يمكن لمؤمن
متصل بالباطن أن يدخل إلى جسم شأخص آخر إل إن كانت ضرورة حكم لذلك ،ول يمكنه
93
أن يصيب الناس بشر كما أنه ل يمكنه أن يأتي بخير للناس ،فالمر كله بيد ا ،لهذا يوجد
فرق كبير بين التصال بقوى الظلمات والتصال بقوى النور ،وليبلغ النسان إلى اتصال تام
من نور فلبد من وسأائل تكون أصل مستمدة من قوى النور ،فالجسم فيه مراكز تتركز فيها
إما الظلمات وإما النور ،وتكون مراكز السأتمداد في الجسم عند الولدة كلها نور ،والنسان
إن يكفر أو يطبق ما هو جالب للظلمات فإن أسأاس السأتمداد يتغير ،وإن تغير وطبقت طرق
أخرى جالبة للنور ،فإن مراكز السأتمداد في الجسم تتبدل وترجع نورا كما كانت ،
فالحتفاظ على قوى الجسم لتبقى على أصلها يستوجب الحتفاظ بالدين ،وأصوله ثإم أسأسه ،
فالسأس معناها التطبيق اعتناء بما يحيط بالنسان من كل شأيء ،وأصول الدين أسأاسأها العلم
الثابت عند التطبيق ،ومن يستصغر قوى الجسم وقوى العقل فإنه لن يبلغ إلى شأيء فيه أهمية
،ولم تكن عبادة ا سأبحانه وتعالى مجرد شأيء غير ثإابت بالكتفاء بالقول أو بالفعل دون
العلم واليمان بالغيب ،فالمصلي إن لم يتوفر في جسمه نور متركز فيه كامن راسأخ فإن
الفائدة من الصلة تقل ول تصبح لها أهمية وهذا ظاهر ومفهوم عندما يفكر النسان بأن
صلته لم تعطه شأخصية لبسة لباس الدين الحقيقي الذي هو التقوى ،ولبد أن نعرف بأمر
الواقع كما هو حتى وإن كان البلوغ صعبا ،إن قوى النور تحتاج إلى تطوير ،لن الظلمات
قد طورت وأصبحت تخنق المتدين وتمنعه من اتخاذ الطريق المستقيم ،إن الظلمات تمنع
العلم وهي أسأاس كل شأر منتشر ول يمكن مضادة قواها إل بالنور كما أن الكافر وجبت
محاربته بكل الوسأائل المعطاة في الدين ظاهرا وباطنا ،ول يجب على المؤمن بال أن يعتقد
أنه سأيبلغ في الدين دون جهاد وذلك بمحاربة تطهير النفس وتطهير كل ما يحيط به ،وليعتني
النسان بما هو حقيقي وصحيح له واقع وأصل في الدين ،إن المل يلهي الناس ،لذا
فالنسان في شأقاء ،ولو بحثنا في المر كله لعرفنا أن أسأاس مشكل النسان هو مشكل
ظلمات مضادة للنور ،ولكن ا سأبحانه وتعالى متم نوره ،ويهتدي لنوره من يشاء ،وهو
بكل شأيء عليم ،وما على المؤمن إل أن يعرف المر الواقع ليتبين له طريق الصواب ،
وكل ما نحتاج إليه في عصرنا هذا هو العلم ،ومهما أن الحقيقة أصيبت بتغيير ،فالباطن
مفتوح لكل مؤمن ،ولترجع الحقيقة حقيقة لبد من حقيقة أخرى حقيقة دالة على حقيقة
الحقيقة المغيرة ،لم يكن النسان ليعرف ما أصيب به إن لم يكن هناك إظهار لصل
المصائب وذلك بظاهر من عند ا وضعه في الباطن ،فالعلوم الباطنية موضوعة فبالباطن
ترى صوريا أو مكتوبة ،والباطن فيه كتب كأنها تكتب وحدها ويكفي نقل ما فيها ،وكل
عصر له كتاب فيه المشاكل وحلولها اعتمادا ورجوعا لما في الكتب المنزلة ،وكل متصل
بإمكانه أن يستخرج ما شأاء من علم على حسب مشكل عصره ،ول يختم كتاب إل ومن بعده
كتب ،كلها ترجع القول بارتباط نع ما في كتاب ا سأبحانه وتعالى .إن النسان له حقوق ،
وكل حقوقه إن لم تكن دينية فإنها ل تسمى حقوقا ،ول يسمع كلم طالب لحق إل إن كان في
ما يطالب به حق ديني صالح للصلح كل أمر ديني وأقام لحقوق ا اعترافا بأحكامه
وحدوده ،فل يمكن أن يلبي النسان رغبة في اسأتكثار من متاع الحياة الدنيا ويعتقد أن له
94
حقوق فيها ،لذا فإن الباطن ل تستخرج منه وسأائل تطويرية لصول المادة ،فالدين أهم
شأيء وإن سأعينا إلى إصلح أمر ديننا فإن ا سأبحانه وتعالى يصلح أمر دنيانا ،ول نذكر
هذا إل لوجوب تصحيح العتقاد ،لن العتقاد الصحيح هو الطريق الوحيد للبلوغ إلى ما
يسعى إليه النسان من خير من أجل الدين ،والواجب الول يوجب واجبا ثإابتا يتصرف به
النسان مبتعدا عن الخيال الذي هو حجاب يمنع كل اتصال باطني ،والذي لم يصحح اعتقاده
معتمدا على الصول الدينية ،فإن خياله يتسع في مجاله الخيالي ويصعب الخروج منه إلى
الواقع الظاهري كما يصعب الدخول إلى العالم الباطني ،ومن كان خياله خياليا ل واقع فيه
فإنه يقع في مشكل ل حقيقة فيه فتكثر الحلم التي لها صبغة أضغاث أحلم ،ورغم ذلك فإن
الحلم لها واقع حقيقي يلهم به ،للنسان مشكله الصلي أنه بين الواقع والخيال ،وأنه بين
الحلم والحقيقة وبين النوم واليقظة ،وبين الجنة والنار ،وبين الرحمة والعذاب ،وبين الكفر
.واليمان
إن النسان لبد له أن يظهر واقعه أمام الواقع ،والنسان في الحياة الدنيا من أجل هذا ،من
أجل حقيقته أمام ا ،وإنها لحقيقة ل تزوير فيها ،فحتى لو غيرت الحقيقة فإن حقيقة النسان
لم تغير بل تظهر حقيقته أنه إنسان مغير للحقيقة وجب له عقاب ،والتصال الباطني ما هو
إل وسأيلة لتكميل الدين هربا من عذاب ا ولجوء إلى رحمة ا ،ومن يدخل الباطن فليس
معنى ذلك أنه هرب من الواقع الذي يعيش فيه كما هو ظن الكثير ،أو أن خلص الروح
ممكن لن الباطن ما هو إل عالم مرتبط بالظاهر وواقعه الباطني متركز في الحجب
الرضية ،ليبتعد النسان عن الخيال وليطور معرفته بعلم و اعتقاد صحيحين حتى يتبين
الحق ويبطل الباطل ،إن الذين تحدثإوا عن الباطن بصفة معكوسأة مضادة لصل الواقع ما
أرشأدوا إل إلى الضللة ،وطوروا الخيال حتى أصبح خيال اعتقاديا حقا ،إنهم لمسؤولون
عما يفعلون ،والغريب هو أن الناس يستجيبون ،وإن قيل لهم قول الحق يقولون إنهم لم
يكونوا للحقيقة عالمين وأن من يقول شأيئا ضد ما يفعلون فعليه أن يأتي بسلطان مبين ،
والسلطان المبين فإن ا سأبحانه وتعالى يظهره في كل وقت وحين يعذب القائلين بما يصيبهم
به من مصائب ،فلم يعذبهم ا سأبحانه وتعالى إن كانوا صادقين ،ويظنون أنهم على حق
ويقين .إن المثل العلى في الدين أنه ل يعذب إل من أتى ا يوم القيامة بقلب سأليم ،إن
تطهير النفس واجب لمن أراد البلوغ في الدين ،وكل بلوغ في الدين يوصل إلى التصال
الباطني ،وتطهير النفس ما هو إل تطهير الحواس وصحة العتقاد ،لن الحواس أسأاس كل
جلب لقوى الملذات والشهوات ،ثإم إن رغبات النسان ونزوات النفس تسبب في تغيير
أصول صحة العتقاد ،وكل مانع للوصول إلى الحقيقة ما أسأاسأه إل مما في نفس النسان
لن كل ما يصاب به النسان فمن نفسه ،وكذلك فإن ا سأبحانه وتعالى ل يبدل ما بالناس
حتى يبدلوا ما بأنفسهم .وإذا ما كان المتصلون بالباطن الديني قد قالوا فلن الناس بدلوا
ما بأنفسهم وبدل ا ما بهم ،وليعلم النسان أن كل نفس ذائقة الموت ،لذا ل يمكن الخلود
بالوسأائل الباطنية ول يمكن الهروب من الموت ،إن النسان في هذه الرض له فيها مستقر
95
ومتاع إلى حين ،ولما جاء الهدى من عند ا بما أنزل من رسأالت إلى عباده ،فإن المر
لواقع ما له من دافع ،ويظهر ا سأبحانه وتعالى بعد ذلك للناس مستقرهم الحقيقي ،منهم
أصحاب الجنة ومنهم أصحاب السعير ،وليدبر النسان أمره مادام في الحياة الدنيا لن
وضعه الحقيقي هو بين الجنة والنار ،لهذا فإن النسان يصاب برحمة وبعذاب حتى
يظهر أمره في الحياة الدنيا فيخفف عنه عذاب الدنيا ويخرج منها ليدخل الجنة فليخلد
فيها ،والتصال الباطني لم يكن وسأيلة تغيير الحكم لجلب الرزق ،بل هو مورد علم فقط
يمكن به إصلح الوضع الديني ،وإن أصلح الدين فإن ا سأبحانه وتعالى يصلح المر
كله ،ولجل هذا الغرض وجب العلم وجوبا لوجوب خلص النسان من عذاب ا ومن كل
شأر ،ولجل البلوغ إلى العلم لبد من تطوير قوى النور وتغيير قوى الظلمات .إن القرآن
لم يغير في كلمه ولكن النور الذي أنزل فيه فإنه يضعف ،وأسأاس ضعف النور الكامن
في القرآن هو أنه اتخذ مهجورا وكلما هجر القرآن إل والنور يهجر النسان ،لذا وجبت
قراءة القرآن وكل نور أنزل للناس فإن اسأتقراره في النسان ومنه يؤخذ ،لذا لم يكن
المشايخ هم مركز النور حتى يعتقد فيهم فمن أراد التفقه في الدين فعليه بقراءة القرآن ،
ومن أراد معرفة العلوم الباطنية بالتصال الباطني فعليه بقراءة القرآن ،وكل قوى فيه حق
ما هو إل مما قيل في القرآن ،ول ينتمي قول الحق لبشر حتى ولو كتب ألف كتاب ،
ولهذا ل ا يمكن العتراف بقول الفلسأفة ول الشيوخ المتصوفة ول اليوغيين لنهم لم
يكونوا أنبياء مرسألين ،فالحقيقة عند ا الذي يعطي ويمنع ما شأاء ،وإن المؤمنين إخوة
بينهم فليتدارسأوا أمرهم وكما أمر ا سأبحانه وتعالى فلنفكر مثنى وثإلث ورباع ،ولنلقي
نظرة في ما حولنا في أي عالم نحن ؟ إنا في عالم فيه شأقاء ،وما سأبب الشقاء ؟ ألننا
أشأقياء ،أم لننا جلبنا على أنفسنا مورد كل شأقاء ؟ إن قوى الظلمات التفت حولنا وسأكنت
قلوبنا ،فنحن كما نحن وكأننا نتقدم نحو الوراء ،ولنرجع قليل إلى الوراء ،إن
المسلمين كان لهم التصال الباطني وما عرف المغيرون وجود التصال الباطني إل بعد
أن أظهره ا ،وذلك منذ وجد البشر فوق الرض ،ومنذ وجد النسان إل
والصراع بين النور والظلمات موجود ،إن كل حديث في هذا المجال ل يخص الرجل
وحده ،بل المرأة كذلك بإمكانها أن تتصل بالباطن ،إل أن دورها مخالف لدور
الرجل والعلوم التي تأخذها المرأة مختلفة كذلك ،فالمرأة يكون اتصالها بالمشاهدة فقط
ول يمكنها الدخول إلى الباطن أبدا ،والمشاهدة كما سأبق ذكره تظهر الصور فيها أمام
الرؤيا دون دخول للباطن ،وهناك حرمة باطنية كما هو الشأن في الظاهر ،فالمؤمن ل
يمكنه أن يرى باطنيا زوجة مؤمن آخر ،ول تنتهك الحرمات في الباطن ،بل هناك
حدود شأرعية دينية بالنسبة لكل متصل .إن المر في وضوحه ديني محض ،ومن يبتغي
.غير السألم دينا فلن يقبل منه وهو في الخرة من الخاسأرين