Professional Documents
Culture Documents
اﻟﺼﻴﻤﺮي
ّ ﻣﻴﺜﺎق ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺰﻫﺮة
إﻟـ ــﻰ
ﻣﺠﻠﺲ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب ـ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﺼﺮة
وﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت ﻧﻴﻞ درﺟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ
ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وآداﺑﻬﺎ
ﺑﺈﺷﺮاف
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر
ﻋﺪﻧﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺟﻤﻌـﺔ
٢٠٠٢م ١٤٢٣ﻫـ
اﻹﻫﺪاء
اﺷــﻬد ان اﻋــداد ﻫــذﻩ اﻟرﺳــﺎﻟﺔ ﺟــرى ﺗﺣــت اﺷــراﻓﻲ ﻓــﻲ ﻛﻠﯾـــﺔ اﻵداب
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺑﺻرة ،وﻫﻲ ﺟزء ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺣﺻول ﻋﻠـﻰ درﺟـﺔ ﻣﺎﺟﺳـﺗﯾر ﻓـﻲ
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وآداﺑﻬﺎ .
اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ :
اﻟﻤﺸﺮف :
أ .م .د ﻋﺪﻧﺎن ﻋﺒـﺪ اﻟﻜـﺮﻳﻢ
/ / ﺟﻤﻌﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ :
اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ :
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﺤﺴﻴﻦ اﻟﻤﺒﺎرك
رﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ
ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ـ
ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب
/ اﻟﺘﺎرﻳﺦ / :
إﻗرار ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
ﻧﺷﻬد اﻧﻧﺎ أﻋﺿﺎء ﻟﺟﻧـﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ،اطﻠﻌﻧﺎ ﻋﻠـﻰ ﻫـذﻩ اﻟرﺳـﺎﻟﺔ ،وﻗـد ﻧﺎﻗﺷـﻧﺎ
اﻟطـﺎﻟب ﻓﻲ ﻣﺣﺗوﯾﺎﺗﻬﺎ ،وﻓﯾﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗـﺔ ﺑﻬـﺎ ،وﻧﻌﺗﻘـد ﺑﺎﻧﻬـﺎ ﺟـدﯾرة ﺑـﺎﻟﻘﺑول ﻟﻧﯾـل
(. درﺟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وآداﺑﻬﺎ وﺑﺗﻘدﯾر)
اﻟﻤﺸﺮف ﻋﻀﻮ
اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ
ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب
ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ
ﻻ ﯾﺳــﻌﻧﻲ ﺑﻌــد ان أﻧﻬﯾــت ﻫــذا اﻟﺟﻬــد اﻟﻣﺗواﺿــﻊ إﻻ ان اﺷــﻛر اﻟﺑــﺎرئ ﺟــل وﻋــﻼ
اﻟﻣــﻧﻌم اﻷول اﻟــذي ﯾﻌﺟــز اﻟﻌﻘــل ﻋــن اﻹﺣﺎطــﺔ ﺑﺟﻣﯾــﻊ ﻧﻌﻣــﻪ ،وﯾﻛــل اﻟﻠﺳــﺎن ﻋــن ﺷــﻛرﻩ
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻫو أﻫل ﻟﻪ .
وأﺗﻘدم ﺑﺷﻛري اﻟﺟزﯾل إﻟـﻰ أﺳـﺗﺎذي اﻟﻔﺎﺿـل اﻟـدﻛﺗور ﻋـدﻧﺎن ﻋﺑـد اﻟﻛـرﯾم ﺟﻣﻌـﻪ ،
اﻟذي ﻛﺎن ﻟﻪ اﻟﻔﺿل اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﻘوﯾم ﻣﺎ اﻋوج ﻣن ﻫذا اﻟﺑﺣث ،ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﻗدﻣـﻪ ﻣـن
آراء ّﻗﯾﻣــﺔ وأﻓﻛــﺎر ّﺑﻧــﺎءة ،ﻛﺎﻧــت ﻟــﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑــﺔ ﻣﺷــﺎﻋل اﻟﻧــور اﻟﺗــﻲ ﯾﺳﺗﺿــﺎء ﺑﻬــﺎ ،وﯾﺳــﺎر
ﻋﻠﻰ ﻫداﻫﺎ .
ﻛﻣﺎ أﺗﻘدم ﺑﻔﺎﺿل اﻟﺷﻛر واﻟﻌرﻓﺎن إﻟﻰ ﻣﻘﺗداي ﻓـﻲ ﻣﺳـﯾرﺗﻲ اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ ﻋﻣـﻲ اﻟﻌزﯾـز
أﺑﻲ إﯾﻣﺎن اﻟذي ﻛﺎن اﻟﺳراج اﻟـذي أﺿـﻲء ﻣﻧـﻪ ،واﻟﻣﺻـدر اﻟـذي ﻣﻧـﻪ اﺳـﺗﻣد ﻋزﯾﻣﺗـﻲ ،
اﺳﺄل اﷲ ان ﯾﻣد ﻓﻲ ﻋﻣرﻩ وﯾوﻓﻘﻪ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ اﻟﺧﯾر واﻟﺻﻼح ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ واﻵﺧرة .
وﻛﻣﺎ أﺗﻘدم ﺑﺎﻟﺷﻛر واﻻﻣﺗﻧﺎن إﻟﻰ اﻷخ اﻟﻌزﯾز ﻟﯾث داود ﺳﻠﻣﺎن اﻟذي آزرﻧﻲ وﺷد
ﻋﻠﻰ ﯾدي ،وﻟم ﯾﺑﺧل ﻋﻠﻲ ﺑﻣـﺎ ﯾﻣﻠـك ﻣـن آراء ﺗﺻـب ﻓـﻲ ﺧدﻣـﺔ اﻟﺑﺣـث ،واﻗـدم ﺷـﻛري
ﻛــذﻟك إﻟــﻰ اﻷخ ﻣﻬﻧــد ﺣﺳــن اﻟﺷــﺎوي واﻷخ ﺷــﻔﯾﻊ واﻟــﻰ ﻛــل ﻣــن ﻣـّـد ﻟــﻲ ﯾــد اﻟﻌــون ﻣــن
اﻷﻫل واﻷﺻدﻗﺎء .
وﻻ أﻧﺳــﻰ ان اﻗــدم اﻟﺷــﻛر واﻟﻌرﻓــﺎن إﻟــﻰ اﻷﯾــدي اﻟﺗــﻲ ﺳــﻌت ﻓــﻲ إﯾﺻــﺎل ﻣﺻــﺎدر
اﻟﺑﺣث إﻟﻰ ﻣﺗﻧﺎول ﯾدي ،اﺳﺄل اﷲ ان ﯾوﻓﻘﻬم ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺻﻼﺣﻬم آﻣﯾن رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن.
واﺧﯾ ـ ار أﺗﻘــدم ﺑﺎﻟﺷــﻛر اﻟﺟزﯾــل إﻟــﻰ أﺳــﺎﺗذﺗﻲ ﻓــﻲ ﻗﺳــم اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،وﻛــذا إﻟــﻰ
اﻟﺳﺎدة اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﯾن ،راﺟﯾﺎ ﻣن اﷲ ان ﯾوﻓق اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻟﻣﺎ ﯾﺣب وﯾرﺿﻰ اﻧﻪ ﺳﻣﯾﻊ ﻋﻠﯾم .
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿـــــــوع
١ـ٥ اﻟﻣﻘدﻣـــﺔ
٧ـ١٣ اﻟﺗﻣﮭﯾـــد
٧ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت
٩ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت
١٠ اﺻل اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت
١١ اﻟدﻻﻟﺔ
اﻟﻔﺻل اﻷول
١٤ـ٦٠ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ
١٥ اﺳم اﻟﻔﺎﻋل
١٧ أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻔﺎﻋل
١٧ ﺻﯾﺎﻏﺗﻪ ﻣن اﻟﺛﻼﺛﻲ
٢٢ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﺳم اﻟﻔﺎﻋل ﻣن ﻏﯾر اﻟﺛﻼﺛﻲ
٢٢ ُﻣﻔِْﻌل
٢٤ َﺎﻋل
ُﻣﺗَ ﻔ ِ
٢٥ ﺗَﻌل
ُﻣْﻔ ِ
٢٥ ُﻣْﺳﺗَ ﻔِْﻌل ُوﻣﺗَ ﻔَﻌﱢـل
٢٨ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ
٢٩ ﻓَ ﻌﱠﺎل
٣٣ ﻓَُﻌول
٣٥ ﻓَِْﻌﯾل
٣٧ ِﻣﻔْﻌﺎل
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿـــــوع
٣٨ ﻓَُﻌﻠَﺔ
٣٩ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ
٤٠ أ َﻓْﻌل
٤٢ َﻌﯾل
ﻓْ
٤٥ ﻓَِﻌل
٤٦ ﻓَْﻌﻼن
٤٧ ﻓََﻌل
٤٨ ﻓَُﻌول
٤٩ أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول
٤٩ ﻣﻔﻌول
٥١ ُﻣَﻔْﻌل
٥٢ َﺎﻋل و ُﻣﻔَ ﻌﱠـل
ُﻣﻔ َ
٥٤ ْﺗَﻌل
ُﻣﻔ َ
٥٤ ُﻣْﺳﺗَ َﻔْﻌل
٥٧ اﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾل
٦١ـ ٩٣ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟدﻻﻟـﺔ اﻟﺻوﺗﯾـﺔ
٦٧ ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻧص ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺻوﺗﯾﺔ
٦٨ ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻠﻔظ اﻟﻣﻔرد
٧٤ ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗرﻛﯾب
٧٦ اﻟﺗﻼؤم واﻻﻧﺳﺟﺎم ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿــــوع
٧٩ اﻹﯾﻘﺎع اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻣن اﻟﻣﺣﺳﻧﺎت اﻟﻠﻔظﯾﺔ
٨٠ اﻟﺟﻧﺎس
٨٢ اﻟﺟﻧﺎس اﻟﺗﺎم
٨٣ اﻟﺟﻧﺎس اﻟﻧﺎﻗص
٨٤ اﻟﺟﻧﺎس اﻟﻣﺿﺎرع
٨٥ ﺟﻧﺎس اﻟﺗﺻﺣﯾف
٨٦ ﺟﻧﺎس اﻟﻌﻛس
٨٧ اﻟﺗوازن
٩٠ اﻟﺳﺟﻊ
٩٤ـ١٣٢ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻟﺪﻻﻟـﺔ اﻟﻤﺠﺎزﻳـﺔ
٩٥ أوﻻ :اﻟﻣﺟﺎز
٩٨ اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻌﻘﻠﻲ
١٠٦ اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻠﻐوي /اﻟﻣرﺳل
١٠٨ ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ
١١٧ ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﻻﺳﺗﻌﺎرة
١٢٦ راﺑﻌﺎ :اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ
١٣٣ـ١٣٨ اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
١٣٩ـ١٥٦ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ
اﻟﻣﻘدﻣﺔ
اﻟﺣﻣد ﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻧﻌم ،وﻟﻪ اﻟﺷﻛر ﻋﻠﻰ ﻣـﺎ اﻟﻬـم ،واﻟﺛﻧـﺎء ﺑﻣـﺎ ﻗـدم ،ﻣـن ﻋﻣـوم
ﻧﻌم اﺑﺗداﻫﺎ ،وﺳﺑوغ آﻻء أﺳداﻫﺎ ،وﺗﻣﺎم ﻣـﻧن أوﻻﻫـﺎ ،واﺷـﻬد ان ﻻ اﻟـﻪ إﻻ اﷲ ،وﺣـدﻩ
ﻻ ﺷ ـرﯾك ﻟــﻪ ،وان ﺳــﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣــدا ﻋﺑــدﻩ ورﺳــوﻟﻪ ،ﺻــﻠوات اﷲ وﺳــﻼﻣﻪ ﻋﻠﯾــﻪ وﻋﻠــﻰ آﻟــﻪ
اﻟطﺎﻫرﯾن وأﺻﺣﺎﺑﻪ اﻟﻣﻧﺗﺟﺑﯾن .
ﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻫـﻲ ﻟﻐـﺔ اﻟﻘـران اﻟﻛـرﯾم ،وﻋﻧـوان ﻫوﯾـﺔ اﻹﻧﺳـﺎن اﻟﻌرﺑـﻲ ،
ﻓﻘــد ﺗواﺻــل ﻋﻠﻣــﺎء اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ﻋﻠ ــﻰ اﻟﻌﻧﺎﯾــﺔ ﺑﻬــﺎ واﻟﺣﻔــﺎظ ﻋﻠﯾﻬ ــﺎ ،ﻓــﺄﻟّﻔوا ﻓــﻲ ذﻟــك اﻟﻛﺗ ــب
واﻟﻣﺟﻠدات ،ﻹرﺳﺎء ﻗواﻋدﻫﺎ ،وﺗﺛﺑﯾـت دﻋﺎﺋﻣﻬـﺎ ،وﺣﻣﺎﯾﺗﻬـﺎ ﻣـن اﻟﻠﺣـن واﻟﺧطـﺄ وﻣـن ﺛـم
اﻟﺗﺑذل واﻻﻧدﺛﺎر ،ﻓﻛﺎﻧت ﺑﺣوﺛﻬم ود ارﺳـﺎﺗﻬم ﻣﻧـﺎ ار ﻟﻸﺟﯾـﺎل اﻟﺗـﻲ ﺟـﺎءت ﺑﻌـدﻫم ،وﻣﻌﯾﻧـﺎ
ﺛراً ﯾﺳﺗﻘون ﻣﻧﻪ ﻋﻠوﻣﻬم .
وﻗــد ﺳــﺎر اﻟﻣﺣــدﺛون ﻋﻠــﻰ ﺧطــﻰ ﺳــﻠﻔﻬم اﻟﺻــﺎﻟﺢ ،ﻓﻛﺎﻧــت ﻟﻬــم ﺑﺣــوث ود ارﺳــﺎت
ّﻗﯾﻣــﺔ ،ﻻ ﯾﻧﻛ ــر ﻓﺿ ــﻠﻬﺎ ﻓــﻲ ﺧدﻣـ ــﺔ اﻟﻠﻐ ــﺔ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،وﻗ ــد ﺗﻘ ــدم اﻟﺑﺎﺣــث ﺧط ــوة ﻓ ــﻲ ﻫ ــذا
اﻟطرﯾــق ،طﻣﻌــﺎً ﻓــﻲ ﻧﯾــل ﻫــذا اﻟﺷــرف اﻟﻌظــﯾم ،ﻓﻛــرس ﻋﺻــﺎرة ﻓﻛ ـرﻩ ﻓــﻲ ﺧدﻣــﺔ اﻟﻠﻐــﺔ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،واﻋـﻼء ﺷﺄﻧﻬﺎ ،ﻓﻛـﺎﻧت دراﺳﺗﻪ ﺗﻧﺻب ﻋﻠﻰ ﺗﺑﯾﺎن اﻟدﻻﻻت اﻟﻛــﺎﻣﻧﺔ ﻟﻠﻣﺷـﺗﻘﺎت
ﻓــﻲ إطــﺎر ﺳــﯾﺎﻗﻬﺎ اﻟــذي اﺳــﺗﻌﻣﻠت ﻓﯾــﻪ ،ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ﺗﺣدﯾــداً .وﻛــﺎن ﺳــﺑب اﺧﺗﯾــﺎر
اﻟﺑﺎﺣث ﻟﻬذا اﻟﻛﺗﺎب ،ﻫو ﻟﺗواﻓرﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﻔﺻـﺎﺣﺔ ،ﻓﻠـم ﯾﺗـرك ﻏرﺿـﺎً
ﻣــن أﻏ ـراض اﻟﻛــﻼم إﻻ أﺻــﺎﺑﻪ ،وﻟــم ﯾــدع ﻟﻠﻔﻛــر ﻣﻣ ـ ار إﻻ وﻣﺿــﻰ ﻓﯾــﻪ ،وﻛــذﻟك ﻟــوﻓرة
ﻣﺎدﺗﻪ اﻟﻠﻐوﯾﺔ ،ﻋـﻼوة ﻋﻠـﻰ اﻧـﻪ ﻧـص إﺑـداﻋﻲ ﺗﺟﻠـت ﻓﯾـﻪ ﺧﺻـﺎﺋص اﻹﺑـداع اﻟﻔﻧـﻲ ﻛﺎﻓـﺔ
ﻓﻲ اﻷدب اﻟراﻗﻲ اﻟﻣﻣﺗﺎز ،ﻓﻘد روﻋـﻲ ﻓﯾـﻪ دﻗـﺔ اﺧﺗﯾـﺎر اﻷﻟﻔـﺎظ ،وﺟـودة ﺳـﺑﻛﻬﺎ ،ورﻗـﻲ
ﻣﺿــﻣوﻧﻬﺎ ،ﺣﯾــث اﺷــﺗﻣﻠت ﻋﺑﺎ ارﺗــﻪ ﻋﻠــﻰ دﻻﻻت راﺋﻌــﺔ ﺷــﻬد ﻟــﻪ ﻓﯾﻬــﺎ أرﺑــﺎب اﻟﻔﺻــﺎﺣﺔ
واﻟﺑﯾﺎن .
٢
أﻣــﺎ اﺧﺗﯾــﺎر اﻟﺑﺎﺣــث ﻟﻬــذا اﻟﻣوﺿــوع )أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت( ﻓﻛــﺎن ﺑﺗوﺟﯾــﻪ ﻣــن اﻷﺳــﺎﺗذة
اﻷﻓﺎﺿل ﻓـﻲ ﻗﺳـم اﻟﻠﻐـﺔ اﻟﻌرﺑﯾـﺔ ،ﺣﯾـث ﻛﺎﻧـت اﻟﻧﯾـﺔ ﻓـﻲ ﺑداﯾـﺔ اﻷﻣـر ﻫـﻲ د ارﺳـﺔ اﻷﺑﻧﯾـﺔ
اﻟﺻرﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ دراﺳﺔ دﻻﻟﯾﺔ ،ﻟﻛن ﺑﻌـد ﻣﻧﺎﻗﺷـﺔ اﻷﻣـر ﻣـﻊ أﺳـﺎﺗذة اﻟﻘﺳـم ﻛـﺎن
اﻟـرأي ﻫــو اﻻﻗﺗﺻــﺎر ﻋﻠــﻰ أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ﻓﻘــط ،ود ارﺳــﺗﻬﺎ دﻻﻟﯾــﺎً ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ﻓــﻲ
إطـﺎر ﺳـﯾﺎﻗﻬﺎ اﻟـذي اﺳـﺗﻌﻣﻠت ﻓﯾــﻪ ،ﻓﻛـﺎن ﻋﻧـوان اﻟﺑﺣـث ﻫــو ) أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺷـﺗﻘﺎت ﻓـﻲ ﻧﻬــﺞ
اﻟﺑﻼﻏﺔ ،دراﺳﺔ دﻻﻟﯾﺔ ( .
ﺧطﺔ اﻟﺑﺣث
أﻣــﺎ اﻟﺧطــﺔ اﻟﺗــﻲ اﺗﺑﻌﻬــﺎ اﻟﺑﺎﺣــث ﻓــﻲ ﺗﻧﺎوﻟــﻪ ﻟﻠﻣوﺿــوع ،ﻓﻘــد ﺗﺑــدو ﻟﻠﻘــﺎرئ اﻟﻛ ـرﯾم
وﻷول وﻫﻠﺔ اﻧﻬﺎ ﻣﺷـﺗﺗﺔ اﻷطـراف ،وﻟﻛﻧﻬـﺎ ﻓـﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﻬـﺎ ﻣﺗﻣﺎﺳـﻛﺔ ﯾﻛﻣـل ﺑﻌﺿـﻬﺎ اﻵﺧـر ،
ﺗﺑﻌﺎ ﻟزاوﯾﺔ اﻟﻧظر اﻟدﻻﻟﯾﺔ .
وﻗ ــد ّﺗﻛــو ن اﻟﺑﺣ ــث ﻣ ــن ﺗﻣﻬﯾ ــد ﺗﺿ ـّـﻣن اﻟﻛ ــﻼم ﻋﻠ ــﻰ أﻣـ ـرﯾن :اﻷول ﺗﺣ ــدث ﻓﯾ ــﻪ
اﻟﺑﺎﺣــث ﻋــن اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ﻓ ــﻲ اﻟﻠﻐــﺔ واﻻﺻ ـطﻼح ،ﺛــم ذﻛ ــر آراء اﻟﻌﻠﻣــﺎء واﺧــﺗﻼﻓﻬم ﻓ ــﻲ
ﺗﺣدﯾد اﺻﻠﻬﺎ .أﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻘد ﺗﺣدث ﻓﯾﻪ ﻋن اﻟدﻻﻟﺔ ﺑﺻورة ﻋﺎﻣـﺔ ،وﻧظـرة اﻟﻌﻠﻣـﺎء ﻟﻬـﺎ
،ودور اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ ﺗﺣدﯾدﻫﺎ .
ﺛم أﻋﻘﺑﻪ اﻟﺑﺎﺣـث ﺑﺛﻼﺛـﺔ ﻓﺻـول ،ﯾﻛﻣـل أﺣـدﻫﺎ اﻵﺧـر ،وﻛـل ﻓﺻـل ﻣﻧﻬـﺎ ﯾﺳـﻠّط
اﻟﺿــوء ﻋﻠــﻰ ﺟﻬــﺔ ﻣﻌﯾﻧــﺔ ﻣــن اﻟدﻻﻟــﺔ ،ﺗﺑﻌــﺎً ﻟزاوﯾــﺔ اﻟﻧظــر اﻟدﻻﻟﯾــﺔ .ﺛــم أﻋﻘﺑﻬــﺎ ﺑﺧﺎﺗﻣــﺔ
ﺿﻣت ﻛل ﻣﺎ ﺗوﺻل إﻟﯾﻪ اﻟﺑﺎﺣث وأﻛدﻩ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻪ .
ّ
ﻓﻛــﺎن ﻣوﺿــوع اﻟﻔﺻــل اﻷول ﻫــو اﻟﺣــدﯾث ﻋــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ودﻻﻻﺗﻬــﺎ داﺧــل
ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ ،أي دراﺳﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ داﺧل ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ اﻟـذي وردت ﻓﯾـﻪ ،ﺑـﺈﺑراز ﻣـﺎ ﺧﻔـﻲ ﻣـن دﻻﻻﺗﻬـﺎ
ﻓﻲ ﺳﯾﺎق اﻟﻧص .
٣
وﻗــد ﺿــم اﻟﻔﺻــل اﻟﺣــدﯾث ﻋــن اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ،واﺳــم اﻟﻣﻔﻌــول ،وأﺑﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ،
واﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،واﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾل ،ﻣن ﺧﻼل اﯾﺿﺎح ﻣﺎﻫﯾﺗﻬﺎ وﻋـرض آراء اﻟﻌﻠﻣـﺎء ﻓـﻲ
ﻛل ﺑﻧﺎء ﻣن أﺑﻧﯾﺗﻬـﺎ ،وﻣـن ﺛـم ﺗﺑﯾـﺎن دﻻﻟـﺔ ﻛـل ﺑﻧـﺎء ﻓـﻲ ﺿـوء ﻣـﺎ ﯾـذﻛر ﻣـن ﻧﺻـوص ،
ﻣن ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ .
أﻣﺎ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻘد ﻛﺎن ﻣدار اﻟﺣدﯾث ﻓﯾﻪ ﻋن اﻟدﻻﻟـﺔ اﻟﺻـ وﺗﯾﺔ ،وﻗـد ﺗﺿّـﻣن
اﻟﻔﺻـل اﻟﻛـﻼم ﻋﻠــﻰ دور اﻟﻘـدﻣﺎء ﻓـﻲ ﺑﺣــﺛﻬم ﻟﻠدﻻﻟـﺔ اﻟﺻـوﺗﯾﺔ ،وﺗﻧــﺑﻬﻬم ﻷﻫﻣﯾﺗﻬـﺎ ،ﻣــن
ﺧﻼل ﺣدﯾﺛﻬم ﻋن ﻓﺻﺎﺣﺔ اﻟﻠﻔظﺔ اﻟﻣﻔردة .ﺛم ﺗﺣدث اﻟﺑﺎﺣث ﻋـن اﻟﻣﺣﺎﻛـﺎة ودورﻫـﺎ ﻓـﻲ
اﻹﯾﺣــﺎء ﺑدﻻﻟــﺔ اﻟﻛﻠﻣــﺔ .ﺛــم ﺗﺣــدث ﻋــن ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺔ اﻟــﻧص ودورﻫــﺎ ﻓــﻲ اﻹﯾﺣــﺎء ﺑ ـﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ،
وﯾﻘﺻــد ﺑﺎﻟﻣوﺳ ــﯾﻘﻰ ﻫﻧــﺎ ﺗﻧ ــﺎﻏم أﺻـ ـوات اﻟﺣــروف ﻓ ــﻲ اﻟﻛﻠﻣ ــﺔ أو أﺻ ـوات اﻟﻛﻠﻣ ــﺎت ﻓ ــﻲ
اﻟﺗرﻛﯾب .
أﻣــﺎ اﻟﻔﺻــل اﻟﺛﺎﻟــث ﻓﻛــﺎن ﻣﺧﺻﺻــﺎً ﻟﻠﺣــدﯾث ﻋــن اﻟدﻻﻟــﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾــﺔ ،ﻓﻘــد ﺗﺣــدث
اﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل ﻋن اﻟﻣﺟﺎز ﺑﻔرﻋﯾﻪ اﻟﻌﻘﻠـﻲ واﻟﻣرﺳـل ودورﻩ ﻓـﻲ إﺛـراء اﻟدﻻﻟـﺔ .ﺛـم
ﺗﺣدث ﻋن اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﻓوﺿﺢ ﻣﺎﻫﯾﺗﻪ ،ودورﻩ ﻓﻲ اﻹﯾﺣـﺎء ﺑـﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣـن ﺧـﻼل إﺛـﺎرة ﻣﺷـﺎﻋر
اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ .ﺛــم ﺗﺣــدث اﻟﺑﺎﺣــث ﻋــن اﻻﺳــﺗﻌﺎرة وﺑــﯾن ﻣﺎﻫﯾﺗﻬــﺎ وﻣــن ﺛــم ﻗﯾﻣﺗﻬــﺎ اﻟدﻻﻟﯾــﺔ ﻓــﻲ
اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻛﻼﻣﻲ ،ﺛم ﺗﺣـدث ﻋن اﻟﺗﺷﺧﯾص ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﺎرة وﻣﺎ ﻟـﻪ ﻣن دور ﻣـﻬم ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻟﯾـﺔ
اﻟﺻ ــورة اﻻﺳــﺗﻌﺎرﯾﺔ وﻗﯾﻣﺗﻬــﺎ اﻟدﻻﻟﯾ ــﺔ .واﺧﯾ ـراً ﺗﺣ ــدث اﻟﺑ ــﺎﺣث ﻋــن اﻟﻛﻧ ــﺎﯾﺔ ،وﺑــﯾّن ﻣــﺎ
ﻋﻣﺎ ﺧﻔـﻲ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ .
ﯾﻧطـوي ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ ،وﻋن دورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ّ
وﻓــﻲ اﻟﺧﺎﺗﻣــﺔ أورد اﻟﺑﺎﺣــث أﻫــم اﻷﺷــﯾﺎء اﻟﺗــﻲ ﺗوﺻــل إﻟﯾﻬــﺎ واﻷﺷــﯾﺎء اﻟﺗــﻲ اﻗرﻫــﺎ
وأﻛدﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻪ .
٤
ﻟﻘــد ﺳــﺎر اﻟﺑﺎﺣــث ﻋﻠــﻰ ﻣــﻧﻬﺞ ﻣوﺣــد ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﺑﺣــث ،وﻫــو ذﻛ ــر اﻟﻣوﺿــوع
وﺑﯾﺎن ﻣﺎﻫﯾﺗﻪ ،ﺛم اﻟرﺟوع إﻟﻰ آراء اﻟﻌﻠﻣﺎء و إﺷﺎراﺗﻬم إﻟﯾﻪ ،ﺛم ﺑﯾـﺎن أﻫﻣﯾﺗـﻪ ﺛـم
اﻟﺗﻣﺎس اﻟﺷﺎﻫد ﻣن ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ وﺗﺣﻠﯾﻠﻪ دﻻﻟﯾﺎً .
أﻣــﺎ اﻟﻣــﻧﻬﺞ اﻟــذي اﺗﺑﻌــﻪ اﻟﺑ ــﺎﺣث ﻓــﻲ اﻟﻔﺻ ــل اﻷول ﻣــن ﻫــذا اﻟﺑﺣــث ،ﻓﻬــو
ﻣـ ــﻧﻬﺞ ﻓرﺿـ ــﺗﻪ طﺑﯾﻌ ـ ــﺔ اﻟﻔﺻـ ــل ،ﻻن اﻟﺑ ـ ــﺎﺣث ﺣـ ــﺎول ان ﯾﺿ ـ ــﻊ ﻓﯾـ ــﻪ ﺗﺄﺻـ ــﯾﻼ
ﻟﻠﻣﺷـﺗﻘﺎت ،ﻟﻛــﻲ ﯾﻛــون اﻟﻘــﺎرئ ﻋﻠــﻰ ﻣﻌرﻓــﺔ ﺗﺎﻣــﺔ ﺑﻬــﺎ ،ﻓﻛــﺎن اﻟﻣــﻧﻬﺞ ﺑــﺎن ﯾــذﻛر
اﻟﺑﻧﺎء ﺑﺷﻲء ﻣـن اﻟﺗﺑﯾـﺎن ،ﺛـم ﯾﻠـﺗﻣس إﻟﯾـﻪ اﻟﺷـﺎﻫد أو اﻟـﻧص ﻣـن ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،
ﺛم ﺑﻌد ذﻟك ﯾﺑّـﯾن وزن اﻟﺑﻧـﺎء ،ﺛـم اﻟﻛﻠﻣـﺎت اﻟﺗـﻲ وردت ﺑﻬـذا اﻟـوزن ﻓـﻲ اﻟـﻧص ،
ﺛم ّﯾﺑﯾن ﻧوﻋﻬـﺎ ،واﻷﺻـل اﻟـذي اﺷـﺗﻘت ﻣﻧـﻪ ،وﺑﻌـد ذﻟـك ﯾﺑّـﯾن اﻟدﻻﻟـﺔ اﻟﻣﺳـﺗﻔﺎدة
ﻣن اﻟﻧص .
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻠﯾن اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻟﺛﺎﻟث ﻓﻘد ﯾﺗﺻور اﻟﻘﺎرئ اﻟﻛرﯾم ان اﻟﺑﺎﺣـث ﻗـد ﺣـﺎد
ﻋن اﻟﻣـﻧﻬﺞ اﻟـذي اﺗﺑﻌـﻪ ﻓـﻲ اﻟﻔﺻـل اﻷول ،ﻻﻧـﻪ ﯾـرى ﺗﻐﯾﯾـ ار واﺿـﺣﺎ ﻓـﻲ ﻣﻧﻬــﺞ
اﻟﺗﺣﻠﯾــل اﻟــدﻻﻟﻲ ،ﻟﻛـ ْـن ﻟﻠﺑ ــﺎﺣث ﻣﺑر ارﺗــﻪ ﻓــﻲ ﻋﻣﻠــﻪ ﻫــذا ،ﻣــن ذﻟــك ان طﺑﯾﻌ ــﺔ
اﻟﻔﺻـﻠﯾن اﻟﺛـﺎﻧﻲ واﻟﺛﺎﻟـث ﻻ ﺗﻘﺗﺿـﻲ ذﻛـر وزن اﻟﺑﻧـﺎء وﻧــوﻋﻪ واﺻـﻠﻪ اﻟـذي اﺷﺗــق
ﻣﻧـﻪ ،ﻻن ذﻛــر ﻫـذﻩ اﻷﺷـﯾﺎء ـ ﻓـﻲ أرﯾـﻪ ـ ﯾﺳـﺑب ﻧــوﻋﺎً ﻣـن اﻟﺳـﺂﻣﺔ واﻟﻣﻠـل ﻟــدى
اﻟﻘـﺎرئ ،ﺑﺳــﺑب اﻟﺗﻛـرار اﻟﻣﻣــل ﻟﻬــذﻩ اﻟﻌﺑـﺎرات ،ﻋــﻼوة ﻋﻠــﻰ ان طﺑﯾﻌــﺔ اﻟﻔﺻــل
اﻷول ﻫﻲ اﻟﺗﻲ اﻗﺗﺿت ﻫـذا اﻟﺗﻔﺻﯾل ﻟﻠﻐـرض اﻟذي ذﻛر .
٥
اﻟﺗﻣﻬﯾد
اﻟﻣﺷﺗﻘـﺎت
ان ﻟﻐـﺎت اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ،وﻟﻛل ﻟﻐﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻣﯾزﻫﺎ وﯾﺟﻌﻠﻬﺎ اﻛﺛـر ﺑرﯾﻘـﺎ
ٕواﺷﻌﺎﻋﺎ ﻋن ﺳﺎﺋر اﻟﻠﻐﺎت ،وﯾﻌد اﻻﺷﺗﻘﺎق ﻣن اﺑرز ﻣﺎ ﺗﻣﯾـزت اﻟﻌرﺑﯾـﺔ ،وﻫـو ﺳـر ﻣـن
أﺳرارﻫﺎ وطﺎﻗﺔ ﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﯾﻬـﺎ ،ووﺳـﯾﻠﺔ ﻣـن وﺳـﺎﺋل ﻧﻣوﻫـﺎ وﺗطورﻫـﺎ .ﻓﻬـو ﯾﺗـﯾﺢ ﻟﻬـﺎ ﻣواﻛﺑــﺔ
اﻟﺗطــور اﻟــذي ﺗﻣ ــر ﺑــﻪ ﺳــﺎﺋر اﻟﻠﻐ ــﺎت ﻓــﻲ اﻟﻌــﺎﻟم ،ﻣــن ﺧ ــﻼل ﻣــﺎ ﯾوﻓـ ـرﻩ ﻟﻬــﺎ ﻣــن ﺻــﯾﺎﻏﺔ
أﻟﻔـﺎظ ﻛﺛﯾرة ﻟﻣﻌﺎن ﻣﺗﻌددة ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن ﻣﺎدﺗﻪ اﻷﺻل .
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﻐوي
واﻟﻣﺗﺗﺑــﻊ ﻟﻬــذﻩ اﻟﻠﻔظــﺔ ﻓــﻲ اﻟﻣﻌــﺎﺟم اﻟﻌـ ـرﺑﯾﺔ ﺗﺗﺑﻌــﺎ زﻣﻧﯾــﺎ ،ﯾ ــرى اﻧــﻪ ﻟــم ﯾط ـ أر ﻋﻠــﻰ
ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ أي ﺗﻐﯾﯾر ﯾـذﻛر ،ﻓﻘـد ﺟـﺎء ﻓـﻲ اﻟﺻـﺣﺎح ﻟﻠﺟـوﻫري ) واﻻﺷـﺗﻘﺎق اﻷﺧـذ
ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم وﻓــﻲ اﻟﺧﺻــوﻣﺔ ،ﯾﻣﯾﻧــﺎ وﺷــﻣﺎﻻ ﻣــﻊ ﺗــرك اﻟﻘﺻــد () ،(١وﻗــﺎل اﺑــن ﻓــﺎرس ) :
ﯾﻘــﺎل اﺷــﺗق ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم وﻓــﻲ اﻟﺧﺻــوﻣﺎت ،اﺧــذ ﯾﻣﯾﻧــﺎ وﺷــﻣﺎﻻ ﻣــﻊ ﺗــرك اﻟﻘﺻــد ،ﻛﺄﻧــﻪ
ﯾﻛ ــون ﻣـ ـرة ﻓ ــﻲ ﻫ ــذا اﻟﺷـ ــق وﻣـ ـرة ﻓــﻲ ﻫ ــذا () ،(٢وﻗ ــﺎل اﻟزﻣﺧﺷ ــري ):اﺷ ــﺗق ﻓ ــﻲ اﻟﻛ ــﻼم
واﻟﺧﺻ ــوﻣﺔ اﺧ ــذ ﯾﻣﯾﻧ ــﺎ وﺷﻣـ ــﺎﻻ وﺗ ــرك اﻟﻘﺻ ــد … واﺷﺗـ ــق اﻟطرﯾ ــق ﻓ ــﻲ اﻟﻔـ ــﻼة ﻣﺿ ــﻰ
ﻓﯾﻬﺎ ،(٣)(..وورد ﻓﻲ ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ) اﺷﺗﻘﺎق اﻟﺷﻲء ﺑﻧﯾﺎﻧﻪ ﻣن اﻟﻣرﺗﺟل ،واﺷﺗﻘـﺎق اﻟﻛﻼم
اﻷﺧــذ ﻣﻧــﻪ ﯾﻣﯾﻧــﺎ وﺷﻣــﺎﻻ ،واﺷﺗﻘ ــﺎق اﻟﺣــرف ﻣــن اﻟﺣــرف أﺧــذﻩ ﻣﻧــﻪ () ،(٤وﻗــﺎل اﻟﻔﯾــروز
٧
آﺑـﺎدي ) :اﻻﺷــﺗﻘﺎق :اﺧـذ ﺷــق اﻟﺷـﻲء واﻷﺧــذ ﻓـﻲ اﻟﻛــﻼم وﻓـﻲ اﻟﺧﺻــوﻣﺔ ﯾﻣﯾﻧـﺎ وﺷــﻣﺎﻻ
)(١
. واﺧذ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺔ (
ﻧــرى ﻣﻣــﺎ ﺗﻘــدم ان أﺻــﺣﺎب اﻟﻣﻌــﺎﺟم ﻗــد ﺳــﻠﻛوا طرﯾﻘــﺎ واﺣــدا ﻓــﻲ ﺗﺣدﯾــد اﻟﻣﻌﻧــﻰ
اﻟﻣﻌﺟﻣ ــﻲ ﻟﻼﺷ ــﺗﻘﺎق ،وﯾﻌﻠ ــل أﺣـ ــد اﻟﺑ ــﺎﺣﺛﯾن ذﻟ ــك ،ﺑ ــﺎن أﺻ ــﺣﺎب اﻟﻣﻌـ ــﺎﺟم ﻛ ــﺎﻧوا ﻣ ــن
اﻟﻣﺣــﺎﻓظﯾن ﻓﺟﻌﻠ ـوا ﯾﺄﺧــذون اﻟﻠﻐ ــﺔ ﺑﻌﺿــﻬم ﻋــن ﺑﻌــض اﻛﺛ ــر ﻣﻣــﺎ ﯾﺄﺧــذوﻧﻬﺎ ﻋــن أﺑﻧــﺎء
)(٢
ﻋﺻورﻫم .
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻻﺻطﻼﺣﻲ
ﻟﻘد اﺧﺗﻠف اﻟﻠﻐوﯾون واﻟﻧﺣوﯾون ﻓـﻲ ﺗﺣدﯾـد اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻻﺻـطﻼﺣﻲ ﻟﻼﺷـﺗﻘﺎق ،وﻗـد
ﺗﺟﻠــﻰ ذﻟــك واﺗﺿــﺢ ﻣــن ﺧ ــﻼل اﻟﺗﻌرﯾﻔــﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ اﻟﺗــﻲ روﯾــت ﻋــﻧﻬم ﻓــﻲ ﻛﺗ ــب اﻟﻠﻐــﺔ
واﻟﻧﺣو ،وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ طﺎﺋﻔﺔ ﻣن آراء ﻫؤﻻء اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻻﺷﺗﻘﺎق :
ﻓﻘــد روي ﻋــن اﻟزﺟــﺎج اﻧــﻪ ﯾــزﻋم ) ان ﻛــل ﻟﻔظﺗــﯾن اﺗﻔﻘﺗــﺎ ﺑــﺑﻌض اﻟﺣــروف ،وان
ﻧﻘﺻــت ﺣــروف إﺣــداﻫﻣﺎ ﻋــن ﺣــروف اﻷﺧ ــرى ،ﻓــﺎن إﺣــداﻫﻣﺎ ﻣﺷــﺗﻘﺔ ﻣــن اﻷﺧــرى().(٣
وﻗد ﻋرف اﻟرﻣـﺎﻧﻲ اﻻﺷﺗﻘﺎق ﺑﻘـوﻟﻪ ) :اﻗﺗطﺎع ﻓرع ﻣن اﺻل ﯾدور ﻓﻲ ﺗﺻﺎرﯾﻔﻪ اﻷﺻل
() ،(٤وذﻛـر أﺑـو اﻟﺑﻘـﺎء اﻟﻌﻛﺑـري اﻧـﻪ ﻗﯾـل ان اﻻﺷـﺗﻘﺎق ) اﺧــذ ﻛﻠﻣـﺔ ﻣـن أﺧـرى ﺑﺗﻐﯾﯾـر ﻣــﺎ
ﻣــﻊ اﻟﺗﻧﺎﺳــب ﻓــﻲ اﻟﻣﻌﻧــﻰ ()،(٥وﻗ ــﺎل اﻟرﺿــﻲ اﻻﺳــﺗرﺑﺎذي ) :اﻻﺷﺗ ــﻘﺎق ﻫــو ﻛــون إﺣــدى
اﻟﻛﻠﻣﺗ ــﯾن ﻣ ــﺄﺧوذة ﻣ ــن اﻷﺧ ــرى ،أو ﻛوﻧﻬﻣ ــﺎ ﻣ ــﺄﺧوذﺗﯾن ﻣ ــن اﺻ ــل واﺣ ــد () ،(٦وذﻛ ـ ــر
اﻟﺷرﯾف اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ان اﻻﺷﺗﻘﺎق ﻫو) ﻧـزع ﻟﻔـظ ﻣـن آﺧـر ﺑﺷـرط ﻣﻧﺎﺳـﺑﺗﻬﻣﺎ ﻣﻌﻧـﻰ وﺗرﻛﯾﺑـﺎ
٨
وﻣﻐﺎﯾرﺗﻬﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺻــﯾﻐﺔ () ،(١وروى اﻟﺳــﯾوطﻲ ﻋــن ﺷــرح اﻟﺗﺳــﻬﯾل اﻧــﻪ اﺧ ــذ ﺻــﯾﻐﺔ ﻣــن
أﺧ ــرى ﻣــﻊ اﺗﻔﺎﻗﻬﻣــﺎ ﻣﻌﻧــﻰ وﻣ ــﺎدة أﺻــﻠﯾﺔ وﻫﯾﺋــﺔ ﺗرﻛﯾــب ﻟﻬــﺎ ،ﻟﯾــدل ﺑﺎﻟﺛﺎﻧﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻣﻌﻧــﻰ
اﻷﺻل ،ﺑزﯾﺎدة ﻣﻔﯾدة ،ﻻﺟﻠﻬﺎ اﺧﺗﻠﻔﺎ ﺣروﻓﺎ وﻫﯾﺋﺔ ().(٢
وﯾﺑـدو ﻣن ﻫـذﻩ اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ان اﻟﻌﻠﻣـﺎء ﻟم ﯾﺗﻔﻘوا ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾـد ﻣﻔﻬوم ﺛﺎﺑت ﻟﻼﺷـﺗﻘﺎق
،وﻟﻛــن آراءﻫــم ﺟﻣﯾﻌﻬــﺎ ﻛﺎﻧــت ﺗــدور ﺣــول ﻗطــب واﺣــد ،وﺗﺻــب ﻓــﻲ ﻣﺿــﻣون واﺣــد ،
وﻫو اﺧذ ﺑﻧﯾﺔ ﻣن أﺧرى ﻣﻊ ﺗﻐﯾﯾر ﻣﺎ ،وﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ .
وﻗد اﺳﺗطﺎع أﺣد اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ان ﯾﺟﻣﻊ ﻫذﻩ اﻵراء وﯾﺧرج ﻣﻧﻬـﺎ ﺑﺗﻌرﯾـف
ﻟﻼﺷﺗﻘﺎق ﯾﻛـﺎد ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻬـﺎ ﺟﻣﯾﻌـﺎ ،ﺣﯾـث ﻗـﺎل ) :واﻻﺷـﺗﻘﺎق اﺧــذ ﻛﻠﻣــﺔ أو اﻛﺛــر ﻣـن
أﺧـرى ،ﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺑﯾن اﻟﻣـﺄﺧوذ واﻟﻣﺄﺧوذ ﻣﻧﻪ ﻓـﻲ اﻷﺻــل اﻟﻠﻔظـﻲ واﻟﻣﻌﻧـوي ﻟﯾـدل ﺑﺎﻟﺛــﺎﻧﯾﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺻـﻠﻲ ﻣﻊ زﯾﺎدة ﻣﻔﯾـدة ﻻﺟﻠﻬﺎ اﺧﺗﻠﻔت ﺑﻌض ﺣروﻓﻬﺎ أو ﺣرﻛﺎﺗﻬﺎ أو ﻫﻣـﺎ
)(٣
. ﻣﻌﺎ (
ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت
ﻟﻘد اﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت وآراءﻫم ﻛﺂﻻﺗﻲ :
ﻓﺎﻟﻣﺷﺗق ﻋﻧد اﻟﻧﺣوﯾﯾن ﻣﺎ ﯾرادف اﻟﺻﻔـﺔ وﯾﻌﻣل ﻋﻣـل اﻟﻔﻌـل ،وﻫـو ﯾﻧﺣﺻـر ﻓـﻲ
اﻟﺻ ــﻔﺎت اﻟﺧﻣﺳ ــﺔ اﻟﻣﻌروﻓ ــﺔ وﻫ ــﻲ اﺳـ ــم اﻟﻔﺎﻋ ــل ،واﺳـ ــم اﻟﻣﻔﻌ ــول ،وأﺑﻧﯾ ــﺔ اﻟﻣﺑـ ــﺎﻟﻐﺔ ،
واﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،واﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾل .وﻗد ﺧﺻوﻫﺎ ﺑﻬذا ،ﻻن اﻟﻣﺷﺗق ﻋﻧدﻫم ﻣﺎ دل ﻋﻠﻰ
ذات ﻣﺑﻬﻣــﺔ وﺣــدث ،وﻹﺑﻬــﺎم اﻟــذات ﻓﯾﻬــﺎ ﻻﺑــد ان ﯾﺟــري اﻟﻣﺷــﺗق ﻋﻠــﻰ ﻣوﺻــوف ﯾﻌــﯾن
ﻫذﻩ اﻟذات ،وﻣن ﺛم ﯾﺗﺣﻣل ﺿﻣﯾ ار أو ﯾرﻓﻊ اﺳﻣﺎ ظﺎﻫ ار ).(٤
٩
أﻣــﺎ اﻟﺻــرﻓﯾون ﻓﯾــرون ان اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ﻫــﻲ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ،واﺳــم اﻟﻣﻔﻌــول ،وأﺑﻧﯾــﺔ
)(١
اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ،واﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،واﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾل ،واﺳﻣﺎ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن .
وأﻣــﺎ اﻟﻠﻐوﯾــون ﻓﺎﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ﻋﻧــدﻫم ﺗﺄﺧــذ ﻧطﺎﻗــﺎ أوﺳــﻊ ،ﻓﻬــﻲ ﺗظ ــم ﺗﻘﺎﻟﯾــب اﻟﻛﻠﻣــﺔ
اﻟﻣ ــﺄﺧوذة ﻣ ــن اﻟﺻـ ـواﻣت اﻟﺛـ ــﻼﺛﺔ ،ﺑطرﯾﻘ ــﺔ اﻻﺷ ــﺗﻘﺎق اﻟﻛﺑﯾ ــر) ،(٢وﻛ ــذﻟك ﺗﺗﺳـ ــﻊ ﻟﺗﺷ ــﻣل
ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ﻣن أﺳﻣﺎء اﻷﻋﯾﺎن ،ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻬم ﻓـﻲ ﺑﻌـض اﻟﺟواﻣـد اﻧﻬـﺎ ﻣﺷـﺗﻘﺔ
أﯾﺿﺎ ،ﻛﺎﻟﺧﯾل ﻣن اﻟﺧﯾﻼء ،واﻹﻧﺳﺎن ﻣن اﻹﻧس …).(٣
اﺻـل اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت
أﻣــﺎ اﻟﺑﺣــث ﻓــﻲ اﺻــل اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ،ﻓﻘــد ﻧــﺎل اﻫﺗﻣﺎﻣــﺎ ﻛﺑﯾ ـ ار ﺑــﯾن ﻋﻠﻣ ــﺎء اﻟﻌرﺑﯾــﺔ،
اﻟﻘـدﻣﺎء ﻣــﻧﻬم واﻟﻣﺣــدﺛﯾن ،ﺑـﯾن ﻗﺎﺋــل ﺑﺎﻟﻣﺻــدر أﺻــﻼ )وﻫـم اﻟﺑﺻـرﯾون( ،وﻗﺎﺋــل ﺑﺎﻟﻔﻌــل
أﺻﻼ )وﻫـم اﻟﻛوﻓﯾـون( ،وﻟﻛـل طﺎﺋﻔـﺔ ﻣـﻧﻬم أدﻟـﺔ وﻣﺑـررات ﺗﺳـﻧد آراءﻫـم ،وﻗـد اﻓـرد اﺑـن
أﻻ ﻧﺑﺎري ﻓﻲ إﻧﺻﺎﻓﻪ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ذﻟك ).(٤
وان اﻟﺑﺣـث ﻓــﻲ اﺻــل اﻟﻣﺷـﺗﻘﺎت ﻫــو ﺑﺣــث ﻋﻘـﯾم آﺛــر اﻟﺑﺎﺣــث ﻋـدم اﻟﺧــوض ﻓﯾـﻪ
ﻟﻣﻼﺣظﺔ ﻋدم اﻟﻔﺎﺋدة ﻣن ذﻟك .
وﺳﯾﻘﺗﺻــر اﻟﺑﺣــث ﻓــﻲ د ارﺳ ــﺗﻪ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ﻓــﻲ ﺿ ــوء رؤﯾــﺔ اﻟﻧﺣــﺎة ﻟﻬ ــﺎ أي
اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺧﻣﺳﺔ وﻫﻲ اﺳـم اﻟﻔﺎﻋل ،واﺳم اﻟﻣﻔﻌول ،وأﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ،واﻟﺻـﻔﺔ اﻟﻣﺷـﺑﻬﺔ
،واﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾل .
) _ (١ﯾﻧظر اﻟﺧﺻﺎﺋص ﻻﺑن ﺟﻧﻲ١٣٥ /٢ :ـ ،١٣٦واﻟﻣزﻫر، ٢٤٧/١:وأﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻرف ﻓﻲ ﻛﺗﺎب ﺳﯾﺑوﯾﺔ.٢٤٧
) _ (٢ﯾﻧظر اﻟﺧﺻﺎﺋص ،١٣٦ /٢ :واﻟﻣزﻫر. ٣٤٧ /١ :
) _ (٣ﯾﻧظر أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻرف ﻓﻲ ﻛﺗﺎب ﺳﯾﺑوﯾﻪ. ٢٤٦ :
)_ (٤ﯾﻧظر اﻹﻧﺻﺎف ﻣﺳﺎﻟﺔ ) ، ٢٣٥ /١ (٢٨واﻻﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠل اﻟﻧﺣو ﻟﻠزﺟﺎﺟﻲ ، ٥٦ :ودﻗﺎﺋق اﻟﺗﺻرﯾف
ﻻﺑن ﺳﻌﯾد اﻟﻣؤدب ، ٤٤ :وارﺗﺷﺎف اﻟﺿرب ﻷﺑﻲ ﺣﯾﺎن اﻻﻧدﻟﺳﻲ ١٣ /١ :ـ ، ١٤وﻣﺳﺎﺋل ﺧﻼﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺣو :
٧٢وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ،واﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻرﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﻌر ﻟﺑﯾد ﺳﻠﯾﻣﺔ ﺟﺑﺎر . ١١٤:
١٠
اﻟدﻻﻟـﺔ
ان ﺣـدﯾث اﻟﻌﻠﻣــﺎء ﻋــن اﻟدﻻﻟــﺔ ﻗــد اﺳـﺗوﻓﻰ اﻟﻛــﻼم ﻋﻠــﻰ ﻧظرﯾﺎﺗﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻣظﺎﻧﻬــﺎ)،(١
ﻓﻘد اﻫﺗم ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺣدﺛون ﺑﻬذا اﻟﻌﻠم ،ﻓﻌرﻓـوﻩ ﺑﺎﻧـﻪ اﻟﻌﻠـم اﻟـذي ﯾـدرس اﻟﻣﻌﻧـﻰ ،أو
ذﻟـك اﻟﻔـرع ﻣـن ﻋﻠـم اﻟﻠﻐـﺔ اﻟـذي ﯾــدرس اﻟﺷـروط اﻟواﺟـب ﺗوﻓرﻫـﺎ ﻓـﻲ اﻟرﻣـز ،ﺣﺗـﻰ ﯾﻛــون
ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ ﺣﻣل اﻟﻣﻌﻧﻰ ).(٢
وﻗد ﺗﻧﺑﻪ اﻟﻘدﻣﺎء إﻟـﻰ ﻫـذا اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻓـﻲ ﻛﻼﻣﻬـم ﻋﻠـﻰ اﻟدﻻﻟـﺔ ،وﻗـد اﻧﺣﺻـر ﺑﺣـث
اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻧد اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﯾن ﻛﺎﻟﻔﺎراﺑﻲ ،واﺑن ﺳـﯾﻧﺎ ،واﻟﻐ ازﻟـﻲ ﻋﻠـﻰ اﻟدﻻﻟـﺔ اﻟﻠﻔظﯾـﺔ ،
وﺗﻌ ـرﯾﻔﻬم ﻟﻬــﺎ ﯾﺗﺑــﻊ ﻋــن ﻛﺛــب ﻣﻔﻬــوم ارﺳــطو ،ﻓﺎﻟدﻻﻟــﺔ ﺑﻧظــرﻫم ﺗﺗﻧــﺎول اﻟﻠﻔظــﺔ واﻷﺛــر
اﻟﻧﻔﺳـﻲ ،أي ﻣــﺎ ﯾﺳـّـﻣﻰ أﯾﺿــﺎ ﺑﺎﻟﺻــورة اﻟذﻫﻧﯾــﺔ .وﻣــن ﺗﻌﻣــﯾم اﺑــن ﺳــﯾﻧﺎ ﻟﻠــدﻻﻟﺔ اﻟﻠﻔظﯾــﺔ
ﻋﻠــﻰ ﻛــل اﻟﻌﻼﻗــﺎت ،ﻟﻔظﯾــﺔ ﻛﺎﻧــت أم ﻏﯾــر ﻟﻔظﯾ ــﺔ اﺻــﺑﺢ ﺗﻌرﯾــف اﻟ ــدﻻﻟﺔ ،ﻛﻣــﺎ ﯾﻧﺳــﺑﻪ
اﻟﻣﺗﺎﺧرون إﻟﻰ اﺑن ﺳﯾﻧﺎ ﻧﻔﺳﻪ ) ﻓﻬم أﻣـر ﻣـن آﺧـر ( أي ان ﻓﻬـم اﻷﻣــر اﻷول اﻟـدال ،
ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻓﻲ اﻟذﻫن ﻓﻬم اﻷﻣر اﻟﺛـﺎﻧﻲ وﻫو اﻟﻣدﻟول ..وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎن اﻟــدﻻﻟﺔ ﺗﻔﺳـر ﺑﻌﻼﻗـﺔ
ذﻫﻧﯾﺔ ﺑﯾن ﺻورﺗﯾن ).(٣
وﻛ ــذﻟك ﻓﻘ ــد ﻋ ــرف اﻟﺷـ ـرﯾف اﻟﺟرﺟ ــﺎﻧﻲ اﻟدﻻﻟ ــﺔ ﺑﻘوﻟ ــﻪ ) :ان اﻟدﻻﻟ ــﺔ ﻫ ــﻲ ﻛـ ــون
اﻟﺷﻲء ﺑﺣﺎﻟﻪ ﯾﻠزم ﻣن اﻟﻌﻠم ﺑـﻪ ،اﻟﻌﻠـم ﺑﺷـﻲء آﺧـر ،واﻟﺷـﻲء اﻷول ﻫـو اﻟـدال ،واﻟﺛـﺎﻧﻲ
ﻫو اﻟﻣدﻟول ().(٤
) _ (١ﯾﻧظر ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ اﺣﻣد ﻣﺧﺗﺎر ﻋﻣر ١١ :وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ،وﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻧد اﻟﻌرب ﻋﺎدل ﻓﺎﺧوري ٧ :وﻣﺎ
ﺑﻌدﻫﺎ ،واﻟﻠﻐﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﺳﯾﺎق ﺟون ﻻ ﯾﻧز ٣٢ :ـ ، ٣٣وﻣﻔﺎﺗﯾﺢ أﻻ ﻟﺳﻧﯾﺔ ﺟورج ﻣوﻧﺎن ١١٩ :ـ ، ١٢٨واﻟﻛﻠﻣﺔ
دراﺳﺔ ﻟﻐوﯾﺔ د .ﺣﻠﻣﻲ ﺧﻠﯾل . ٣٠ :
) _ (٢ﯾﻧظر ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ ﺑﯾﺎر ﻏﯾرو ٥ :ـ ، ١٠وﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ اﺣﻣد ﻣﺧﺗﺎر. ١١ :
) _ (٣ﯾﻧظر ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻧد اﻟﻌرب ٧ :ـ . ١١
) _ (٤اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت . ٥٥ :
١١
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻫﺗﻣﺎم ﻋﻠم اﻟدﻻﻟﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟرﻣوز وأﻧظﻣﺗﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻣﺎ ﻛـﺎن ﻣﻧﻬـﺎ
ﺧﺎرج ﻧطﺎق اﻟﻠﻐﺔ ،ﻓﺎﻧﻪ ﯾرﻛـز ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐـﺔ ﻣـن ﺑـﯾن أﻧظﻣـﺔ اﻟرﻣــوز ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫـﺎ ذات أﻫﻣﯾـﺔ
ﺧﺎﺻــﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳــﺑﺔ ﻟﻺﻧﺳــﺎن ،وﻟﻣــﺎ ﻛــﺎن ﻣﺳــﻠﻣﺎ ان اﻟﻧﺷــﺎط اﻟﻛﻼﻣــﻲ ذا اﻟدﻻﻟــﺔ اﻟﻛﺎﻣﻧــﺔ ،ﻻ
ﯾﺗﻛون ﻣن ﻣﻔردات ﻓﺣﺳب ٕ ،واﻧﻣﺎ ﻣن أﺣـداث ﻛﻼﻣﯾـﺔ أو اﻣﺗـدادات ﻧطﻘﯾـﺔّ ،ﺗﻛـون ﺟﻣـﻼ
ﺗﺗﺣــدد ﻣﻌﺎﻟﻣﻬــﺎ ﺑﺳــﻛﺗﺎت أو وﻗﻔ ــﺎت أو ﻧﺣــو ذﻟــك ،ﻓــﺎن ﻋﻠ ــم اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻻ ﯾﻘــف ﻓﻘ ــط ﻋﻧــد
ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔردة ،ﻻن اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ وﺣـدات ﯾﺑﻧـﻲ ﻣﻧﻬـﺎ اﻟﻣﺗﻛﻠﻣـون ﻛﻼﻣﻬـم
،وﻻ ﯾﻣﻛــن اﻋﺗﺑــﺎر ﻛــل ﻣﻧﻬــﺎ ﺣ ــدﺛﺎ ﻛﻼﻣﯾــﺎ ﻣﺳــﺗﻘﻼ ﻗﺎﺋﻣــﺎ ﺑذاﺗــﻪ ) ،(١ﻓﺎﻟﻠﻔظــﺔ ﻣﺗــﻰ ﻣﺛﻠــت
أﻣﺎﻣﻧـ ــﺎ ﺑدﻻﻟــﺔ ﻣﻌﯾﻧــﺔ ﻣ ــﻊ ﺑﻘــﺎء دﻻﻻﺗﻬــﺎ اﻷﺧ ــرى ،ﺟ ـّـرت وراءﻫــﺎ ﺟﺣﻔــﻼ ﻣــن اﻟ ــدﻻﻻت
اﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ ،وظﻼل اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط ﺑﻬﺎ ﺑﻌرى وﺛﯾﻘﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬـﺎ إﻻ
ﻣن ﺧﻼل اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي وردت ﻓﯾﻪ ).(٢
ان ﻟﻠﺳ ــﯾﺎق دو ار ﺑ ــﺎر از ﻓ ــﻲ إﺟ ــﻼء اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ ..ﻓﻬ ــو اﻟ ــذي ﯾﺧﻠ ــص اﻟﻛﻠﻣ ــﺎت ﻣ ــن
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺗراﻛﻣﺔ ﻓﻲ ذﻫن اﻹﻧﺳﺎن ) ،(٣وﺑذﻟك ﯾﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ .
ﻛﻣــﺎ ان اﻟﻠﻔظــﺔ ﺗﺣﻣــل ـ إﻟــﻰ ﺟﺎﻧــب دﻻﻟﺗﻬــﺎ اﻟذاﺗﯾــﺔ ـ طﺎﻗــﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾــﺔ ﻻ ﯾﻣﻛــن
اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﻬﺎ إﻻ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺳﯾﺎق ،ﻓﺗﻛﺗﺳـب اﻟﻛﻠﻣـﺔ اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻻﻧﻔﻌـﺎﻟﻲ اﻟـذي ﯾﻛـون ﻟـﻪ
اﻷﺛر اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ).(٤
١٢
زاوﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻫﻲ زاوﯾﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺣﻲ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ) .(١وﻣن اﺑرز ﻫذﻩ
اﻟﻧﺻوص ) ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ( ﻟﻺﻣﺎم ﻋﻠﻲ اﺑن أﺑﻲ طـﺎﻟب )ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم( ﺣﯾث ﺟﺎءت
أﻟﻔـﺎظﻪ وﻗد ﺷﺣﻧت ﺑطﺎﻗﺔ اﯾﺣﺎﺋﯾﺔ ﺗﻌﺑﯾرﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ،ﻓﺄﺛﺎرت ﻓﺟـوة ذﻫﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﻧﺳﺎق
اﻟﻠﻐوﯾﺔ ،ﻣﻌﺗﻣدا ﺑذﻟك ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،وﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﻣوروث وﺧﺑرات وﺗﺟﺎرب
ﺗﺳﺎﻋدﻩ ﻓﻲ اﻟوﺻول ﻗدر اﻹﻣﻛﺎن إﻟﻰ اﻟﻔﻛرة اﻟﺗﻲ ﯾرﯾد اﻹﻣﺎم إﯾﺻﺎﻟﻬﺎ ).(٢
١٣
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
اﺳم اﻟﻔﺎﻋـل
اﺳــم اﻟﻔـ ــﺎﻋل :ﻫــو اﻻﺳ ــم اﻟ ــذي ﯾﺻ ــﺎغ ﻟﻠدﻻﻟ ــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺣـ ــدث وﻣــن ﻗـ ــﺎم ﺑ ــﻪ)،(١
وﯾﺻــﺎغ ﻣ ــن اﻟﻔﻌ ــل اﻟﻣﺑﻧ ــﻲ ﻟﻠﻣﻌﻠــوم ﻋﻠ ــﻰ أوزان ﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ اﺷ ــﻬرﻫﺎ )ﻓﺎﻋــل ( ﻧﺣ ــو ﻗـ ــﺎﺋم ،
وﺟــﺎﻟس … ..ﻓﻘ ــﺎﺋم ﯾــدل ﻋﻠــﻰ اﻟﻘﯾــﺎم وﻓﺎﻋﻠــﻪ ،وﻛــذﻟك ﺟــﺎﻟس اﻟــذي ﯾــدل ﻋﻠــﻰ اﻟﺟﻠــوس
وﻣن ﻗﺎم ﺑﻪ .
وﻗد اﺧﺗﻠـف اﻟﻌﻠﻣـﺎء ﻓﯾﻣـﺎ ﯾـدل ﻋﻠﯾـﻪ اﺳـم اﻟﻔﺎﻋـل ،ﻓﻘـد ذﻫـب أﻛﺛـرﻫم إﻟـﻰ اﻧـﻪ
ﯾـدل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟدد واﻟﺣدوث) ،(٢وذﻫب ﺑﻌض ﻣﻧﻬم إﻟﻰ اﻧﻪ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑوت) ،(٣ﻗﺎل ﻋﺑد
اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ) :ان ﻣوﺿوع اﻻﺳـم ﻋﻠـﻰ ان ﯾﺛﺑــت ﺑـﻪ اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻟﻠﺷـﻲء ﻣـن ﻏﯾــر ان
ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺗﺟددﻩ ﺷﯾﺋﺎ ﺑﻌد ﺷـﻲء ،ﻓـﺈذا ﻗﻠـت ) :زﯾـد ﻣﻧطﻠـق( ﻓﻘـد اﺛﺑـت اﻻﻧطـﻼق ﻓﻌـﻼ ﻟـﻪ
ﻣن ﻏﯾر ان ﺗﺟﻌﻠﻪ ﯾﺗﺟدد وﯾﺣدث ﻣﻧﻪ ﺷﯾﺋﺎ ﻓﺷﯾﺋﺎ ،ﺑل ﯾﻛـون اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻓﯾـﻪ ﻛـﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓـﻲ
ﻗوﻟــك ) :زﯾــد طــوﯾل وﻋﻣــرو ﻗﺻــﯾر ( ،ﻓﻛﻣــﺎ ﻻ ﯾﻘﺻــد ﻫﺎﻫﻧــﺎ ان ﺗﺟﻌــل اﻟطــول واﻟﻘﺻــر
ﯾﺗﺟدد وﯾﺣدث ،ﺑل ﺗوﺟﺑﻬﻣﺎ وﺗﺛﺑﺗﻬﻣﺎ ﻓﻘط وﺗﻘﺿﻲ ﺑوﺟودﻫﻣـﺎ ﻋﻠـﻰ اﻹطـﻼق ،ﻛـذﻟك ﻻ
)(٤
. ﺗﺗﻌرض ﻓﻲ ﻗوﻟك ) :زﯾد ﻣﻧطﻠق( ﻻﻛﺛر ﻣن إﺛﺑﺎﺗﻪ ﻟزﯾد (
وﻗــد ﯾﻛــون ﻋﺑــد اﻟﻘــﺎﻫر اﻟﺟرﺟــﺎﻧﻲ ﺑــﺎﻟﻎ ﻓــﻲ ﻣﺳــﺎﻟﺔ ﺛﺑــوت اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل إﻟــﻰ درﺟــﺔ
رﻗﯾــﻪ إﻟــﻰ ﺛﺑــوت اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ ،إذ ان دﻻﻟــﺔ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻋﻠــﻰ اﻟﺣــدث ﻻ ﺗﺧﻠــو ﻣــن
ّ
ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺑوت ،وﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ ﺛﺑـوت اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ .
وﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎن اﺳم اﻟﻔﺎﻋل ﻣﺷﺑﻬﺎ ﻟﻠﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع ﻟﻔظﺎ وﻣﻌﻧﻰ ـ أﻣﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻠﻔظ
ﻓﯾﺷــﺑﻬﻪ ﻓــﻲ ﺗﺗــﺎﺑﻊ ﺣرﻛﺎﺗــﻪ وﺳــﻛﻧﺎﺗﻪ ،وأﻣــﺎ ﻣــن ﺣﯾــث اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻓﯾﺷــﺑﻬﻪ ﻓــﻲ دﻻﻟﺗــﻪ ﻋﻠــﻰ
اﻟﺣﺎل واﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ـ ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺷﺑﻪ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻛﺎن اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع داﻻً ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟـدد
) _(١ﯾﻧظر اﻟﻣﻘﺗﺿب ﻟﻠﻣﺑرد ،٩٩/١:وﺷرح اﻟﻣﻔﺻل ﻻﺑن ﯾﻌﯾش، ٨٥ ،٧٩ / ٦ :واﻻﺷﺗﻘﺎق ﻋﺑد اﷲ اﻣﯾن.٢٤٧
) _(٢ﯾﻧظر اﻟﺧﺻﺎﺋص ﻻﺑن ﺟﻧﻲ ، ١٠٣/٣ :واﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻣﻔﺻل ﻻﺑن اﻟﺣﺎﺟب ، ٦٤٤/١ :واوﺿﺢ
اﻟﻣﺳﺎﻟك ﻻﺑن ﻫﺷﺎم اﻷﻧﺻﺎري ، ٢١٦/ ٣ :اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت . ١٥ :
) _(٣ﯾﻧظر دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ،١٣٣،١٣٤ :واﻟﺑﺣر اﻟﻣﺣﯾط ﻷﺑﻲ ﺣﯾﺎن اﻷﻧدﻟﺳﻲ . ٤١/١:
) _(٤دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز. ١٣٤، ١٣٣ :
١٥
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
واﻟﺣدوث ـ وﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺣدوث اﻟﺗﻐﯾﯾر ـ ﻛﺎن ﻻﺑد ان ﯾدل اﺳم اﻟﻔﺎﻋل ﻋﻠـﻰ ﺷـﺊ ﻣـن دﻻﻟـﺔ
اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺿﺎرع ،ﻓﻛﺎﻧت دﻻﻟﺔ اﺳم اﻟﻔﺎﻋل ﻋﻠـﻰ اﻟﺗﺟـدد واﻟﺣـدوث ،وﺑﻬـذﻩ اﻟدﻻﻟـﺔ ﺗﻣﯾـز
اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻋــن اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ ،وﻛــذﻟك ﻓــﺎن دﻻﻟﺗــﻪ ﻋﻠــﻰ اﻟﺛﺑــوت ﻣﯾزﺗــﻪ ﻋــن اﻟﻔﻌــل
اﻟﻣﺿﺎرع ،ﻓﺎﺳم اﻟﻔﺎﻋل ﯾﻘﻊ وﺳـطﺎ ﺑـﯾن اﻟﻔﻌــل واﻟﺻـﻔﺔ اﻟﻣﺷـﺑﻬﺔ ،ﻓﻬـو أدوم واﺛﺑــت ﻣـن
اﻟﻔﻌل ،وﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ ﺛﺑـوت اﻟﺻﻔــﺔ اﻟﻣﺷـﺑﻬﺔ ،إذ ان ﻟﻔظـﺔ )ﻗـﺎﺋم( أدوم واﺛﺑـت ﻣـن
ﻟﻔظــﺔ )ﯾﻘــوم( ،وﻟﻛــن ﺛﺑوﺗﻬــﺎ ﻻ ﯾرﻗــﻰ إﻟــﻰ ﺛﺑــوت ) اﺣﻣــر ،أو طوﯾــل ،أو دﻣــﯾم ( ﻓﺎﻧــﻪ
ﯾﻣﻛن اﻻﻧﻔﻛﺎك ﻋن اﻟﻘﯾﺎم إﻟﻰ اﻟﺟﻠوس أو ﻏﯾرﻩ ،وﻟﻛن ﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﻧﻔﻛﺎك ﻋن اﻟطول أو
اﻟدﻣﺎﻣﺔ أو اﻟﻘﺻر. (١)...
ﻧﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺗﻘدم إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ - :
.١دﻻﻟــﺔ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻋﻠــﻰ اﻟﺣــدوث ﺗﻣﯾ ـزﻩ ﻋــن اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗــدل ﻋﻠــﻰ
اﻟﺛﺑوت ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻧﻘول ) :ﻓﻼن ﺟﺎﻟس( ﻓﺎن ﺣدث اﻟﺟﻠوس ﻏﯾـر ﺛﺎﺑـت ،ﻓﻘـد ﺗﺗﻐﯾـر ﺣﺎﻟـﺔ
ﻓﻼن إﻟﻰ ﺷﺊ آﺧر ،ﻛﺄن ﯾﻛون اﻟﻣﺷﻲ أو اﻟﻧوم .
.٢دﻻﻟــﺔ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻋﻠــﻰ اﻟﺛﺑــوت ﺗﻣﯾ ـزﻩ ﻋــن اﻟﻔﻌــل اﻟﻣﺿــﺎرع اﻟــذي ﯾــدل ﻋﻠــﻰ
اﻟﺗﺟــدد واﻟﺣــدوث ،وﻫــذا اﻟﺛﺑــوت اﻟــذي ﻓــﻲ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻫــو ﺛﺑــوت ﻧﺳــﺑﻲ ﻻ ﯾرﻗــﻰ إﻟــﻰ
ﺛﺑوت اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ .
ﻓــﺈذا أرﯾ ــد ﺗﺣ ــوﯾل اﻟﺻ ــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ ﻣ ــن اﻟدﻻﻟ ــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺛﺑـ ــوت إﻟــﻰ اﻟدﻻﻟ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ
اﻟﺣــدوث ،ﺣوﻟـت إﻟـﻰ اﺳـم ﻓﺎﻋـل ،ﻓﺗﻘــول ﻓـﻲ)ﺣﺳـن( ﺣﺎﺳــن اﻵن أو ﻏــدا وﻫـذا ﻣطّ ــرد
ِك ﻓــﻲ ﻛــل ﺻــﻔﺔ ﻣﺷــﺑﻬﺔ) ،(٢وﺟــﺎء ﻓــﻲ اﻟﻛﺷ ــﺎف ﻓــﻲ ﺗﻔﺳﯾ ــر ﻗ ــوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟ ــﻰ :ﻓ
َﻠَﻌﻠﱠ ـ َـك ﺗَ ــﺎرٌ
)) َ
ِق ِﺑـِـﻪ َﺻُْـدرَك(() ) ،(٣ﻓـﺎن ﻗﻠـت :ﻟـم ﻋـدل ﻋـن ﺿـﯾق إﻟــﻰ
إِﻟَﯾ َـك َو َﺿـﺂﺋٌ
ـوﺣﻰ ْ
ـض َﻣـﺎ ﯾُ َ
َْﺑﻌ َ
ﺿـﺎﺋق ؟ ﻗﻠـت :ﻟﯾــدل ﻋﻠـﻰ اﻧـﻪ ﺿــﯾق ﻋـﺎرض ﻏﯾـر ﺛﺎﺑــت ﻻن رﺳـول اﷲ )ﺻــﻠﻰ ﺍ
١٦
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﺻﯾﺎﻏﺗﻪ ﻣن اﻟﺛﻼﺛﻲ
ﯾﺻــﺎغ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻣــن اﻟﻔﻌــل اﻟﺛﻼﺛــﻲ اﻟﻣﺟــرد ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )ﻓﺎﻋــل( ،وﯾﻛﺛــر ﻫــذا
ﻓَﻌل( اﻟﻣﺗﻌدي).(١
ﻓَﻌَل( اﻟﻼزم واﻟﻣﺗﻌدي ،و) ِ
اﻟﺑﻧﺎء ﻣن ) َ
وﻗد ﺟﺎء ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﺣﺎﻓﻼ ﺑﺷﺣﻧﺎت دﻻﻟﯾﺔ راﺋﻌﺔ أﺳﻬﻣت وﺑﺷـﻛل
ﻛﺑﯾر ﻓﻲ إﺑراز دﻻﻟﺔ اﻟﻧص .
ﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم ﻋﻠــﻲ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ ( ﻣــن ﻛــﻼم ﻟــﻪ ﯾﺻــف ﻓﯾــﻪ اﻟــذﯾن ﯾــرون اﻟﻣــوﺗﻰ وﻻ
ﻏﯾـر
ﺷـدﻫﺎ ،ﺳـﺎﻟﻛ ٌﺔ ﻓـﻲ ِ
ﻋـن ُر ِ
ﺣظﻬـﺎ ،ﻻﻫﯾــ ٌﺔ ْ
ﻋـن ِ
ﻓﺎﻟﻘﻠوب ﻗﺎﺳﯾـ ٌﺔ ْ
ُ ﯾﻌﺗﺑرون ﺑﻬـم )) :
ﻣﺿﻣﺎرِﻫﺎ (( ).(٢
ﻓَﺎﻋــل( ،ﻫــﻲ )ﻗﺎﺳــﯾﺔ ،وﻻﻫﯾــﺔ ،وﺳــﺎﻟﻛﻪ( ،
ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﺛــﻼث ﻛﻠﻣــﺎت ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ ) ِ
وﻫﻲ ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻔﺎﻋل وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣﺟرد )ﻗﺳﺎ ،ﻟﻬﺎ ،ﺳﻠك( .
ﻧﻼﺣ ــظ ﻋﻠ ــﻰ اﻟ ــﻧص دﻗ ــﺔ اﻟﺳ ــﺑك وﺣﺳ ــن اﻟﺻ ــﯾﺎﻏﺔ وﺟ ــودة اﻟﻣﺿ ــﻣون ،ﻓﻬﻧ ــﺎك
ﻋﻼﻗــﺔ واﺿــﺣﺔ ﺑــﯾن اﻟــﻧظم اﻟﻣﺗﻧﺎﺳــق ﻟﻠﻔﻘ ـرات وﺑــﯾن اﻟﺗرﺗﯾــب اﻟﻣﻧطﻘــﻲ ﻟﻸﺣــداث ،إذ ان
ﻣــن اﻟﻣﻌــروف ان اﻟﻠﻬــو ﻫــو ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﻐﻠظــﺔ اﻟﻘﻠــب وﻗﺳــوﺗﻪ ،وان ﺳــﻠوك اﻹﻧﺳــﺎن طرﯾــق
اﻟﺑﺎطــل ودﺧوﻟ ــﻪ اﻟﻧــﺎر ،ﻣ ــﺎ ﻫــو إﻻ ﻧﺗﯾﺟ ــﺔ ﻹﻓ ارطــﻪ ﺑﺎﻟﻣﻠ ــذات اﻟدﻧﯾوﯾــﺔ وﻧﺳ ــﯾﺎن اﻟﻌﻘ ــﺎب
اﻷﺧروي .
وﯾﺳــﺗﻔﺎد ﻣــن ﻗوﻟ ــﻪ )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ ( )ﻓــﺎﻟﻘﻠوب ﻗﺎﺳ ــﯾﺔ ﻋــن ﺣظﻬ ــﺎ( ان ﻗﻠــوب ﻫ ــؤﻻء
أﺻــﺑﺣت ﻗﺎﺳــﯾﺔ ﻻﺣــظ ﻟﻬــﺎ ﻣــن ﺣــس اﻟﺛ ـواب ،وﻗﺳــوة اﻟﻘﻠــب إﻧﻣــﺎ ﻫــﻲ ﻣﺗﺄﺗﯾــﺔ ﻣــن ﻛﺛ ـرة
اﻟذﻧوب اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺗرﻓﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن .وﯾدل ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ( )ﻻﻫﯾﺔ ﻋن رﺷـدﻫﺎ ،ﺳـﺎﻟﻛﺔ ﻓـﻲ
) -(١ﯾﻧظر ﺷرح اﺑن ﻋﻘﯾل ، ١٣٤ /٣ :واﻻﺷﺗﻘﺎق ﻋﺑد اﷲ أﻣﯾن ، ٢٤٧ :واﻟﻣدﺧل اﻟﻰ ﻋﻠم اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف
ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻋﺗﯾق. ٨٤ :
) -(٢ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻻﺑن أﺑﻲ اﻟﺣدﯾد. ٢٦٢ / ٦ :
١٧
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻏﯾــر ﻣﺿــﻣﺎرﻫﺎ( ﻋﻠــﻰ ان ﻫــذا اﻹﻧﺳــﺎن اﺻــﺑﺢ ﻏــﺎﻓﻼ ﻋــن ﻣﺻــﻠﺣﺗﻪ ،وﻋﻣــﺎ ﯾﻧﻔﻌــﻪ وﻣــﺎ
ﯾﺿ ـرﻩ ،ﻓــﻼ ﯾﺳــﺗطﯾﻊ رؤﯾــﺔ اﻷﺷــﯾﺎء ﻋﻠــﻰ ﺣﻘﯾﻘﺗﻬــﺎ ،ﺑﺳــﺑب اﻟ ـرﯾن اﻟــذي ﻏﺷــﻲ ﻗﻠﺑــﻪ ،
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ( )) :اﻋﻠم ان ﻟﻛل ظﺎﻫر ﺑﺎطﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺛﺎﻟﻪ ،ﻓﻣﺎ طﺎب
ﻓﻲ ﻫـذا اﻟـﻧص ﻛﻠﻣﺗـﺎن ﻋﻠـﻰ زﻧـﺔ )ﻓﺎﻋـل( ﻫﻣـﺎ )ظـﺎﻫر ،وﺑـﺎطن( وﻫﻣـﺎ ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ
ﯾدل اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ان ﻟﻛﻠﺗﺎ ﺣـﺎﻟﺗﻲ اﻹﻧﺳـﺎن اﻟظـﺎﻫرة ﻣـن أﺣواﻟـﻪ أﻣـ ار ﺑﺎطﻧـﺎ ﯾﻧﺎﺳـﺑﻬﺎ
ﻣــن أﺣواﻟــﻪ ،واﻟﺣﺎﻟﺗــﺎن اﻟظﺎﻫرﺗــﺎن ﻫﻣــﺎ ﻣﯾﻠــﻪ إﻟــﻰ اﻟﻌﻘــل وﻣﯾﻠــﻪ إﻟــﻰ اﻟﻬــوى ،ﻓﺎﻹﻧﺳــﺎن
اﻟﻣﺗﺑــﻊ ﻟﻣﻘﺗﺿــﻰ ﻋﻘﻠــﻪ ﯾــرزق اﻟﺳــﻌﺎدة واﻟﻬﻧــﺎء واﻟﻔــوز ،ﻓﻬــذا اﻟــذي طــﺎب ظــﺎﻫرﻩ وطــﺎب
ﺑﺎطﻧــﻪ ،واﻣــﺎ اﻟﻣﺗﺑــﻊ ﻟﻣﻘﺗﺿــﻰ ﻫ ـواﻩ وﻧﻔﺳــﻪ اﻷﻣــﺎرة ﺑﺎﻟﺳــوء اﻟﺗــﻲ ﺗﺳــﻌﻰ وراء اﻟﺷــﻬوات
)(٢
. واﻟﻣﻠذات ﻓﺳوف ﯾﺟد اﻟﺷﻘﺎء واﻟﻬوان ،وﻫذا ﻫو اﻟذي ﺧﺑث ظﺎﻫرﻩ وﺧﺑث ﺑﺎطﻧﻪ
وﻋﺑر اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ( ﺑـ)ﻣﺎ( ﻻن اﻟﻣﻘﺎم ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺣدﯾث ﺣول اﻷﺧﻼق وﻣﺎ
ﺗﻧطــوي ﻋﻠﯾــﻪ اﻟﺿــﻣﺎﺋر ،ﻓﻣــﺎ طــﺎب ﻣــن ﻫــذﻩ اﻷﺧــﻼق واﻟﻣﻠﻛــﺎت ﯾطﯾــب ﺑﺎطﻧــﻪ ،ﯾﻌﻧــﻲ
ﺛﻣرﺗﻪ ،وﻫﻲ اﻟﺳـﻌﺎدة ،وﻛـذﻟك اﻟﻌﻛـس .ﻓﻛﺄﻧﻣـﺎ ﺻـﺎرت ﺣﺎﻟـﺔ اﻹﻧﺳـﺎن اﻟﺑﺎطﻧـﺔ اﻧﻌﻛﺎﺳـﺎ
١٨
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
اﻟﺷﺎﻫد ﻫو
َ وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ( )) :اﺗﻘوا ﻣﻌﺎﺻﻲ اﷲ ﻓﻲ اﻟﺧﻠوات ،ﻓﺎن
ﯾﺗﺿــﻣن اﻟــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﯾن ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )ﻓﺎﻋــل( ﻫﻣــﺎ )اﻟﺷــﺎﻫد ،واﻟﺣ ــﺎﻛم( ،وﻫﻣــﺎ ﻣــن
أوﻻ :ﯾـدل اﻟــﻧص ﻋﻠــﻰ ﻋﻠـم اﷲ وأﺣﺎطﺗــﻪ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﺑﻛــل ﺷـﺊ ،ﻓﻬــو اﻟﻣطﻠــﻊ ﻋﻠــﻰ
ﺧﻔﺎﯾﺎ اﻷﻣور ،وﯾﻌﻠم اﻟﺳر وﻣـﺎ ﺗﺧﻔـﻲ اﻟﺻـدور ،ﻓﺟـدﯾر ﺑﺎﻹﻧﺳـﺎن ان ﯾﺗﻘـﻲ اﷲ ﺳـﺑﺣﺎﻧﻪ
ﻓﻲ ﺳرﻩ ٕواﻋﻼﻧﻪ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻌﺑـد ﻣﺗﻘﯾـﺎ اﷲ ﻓـﻲ ﺳـرﻩ ﻓﻣـن ﺑـﺎب أوﻟـﻰ ان ﯾﻛـون ﻣﺗﻘﯾـﺎ ﻓـﻲ
إﻋﻼﻧﻪ .
ﺛﺎﻧﯾــﺎ :ﯾ ــدل اﻟ ــﻧص ﻋﻠ ــﻰ ﻋ ــدل اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌ ــﺎﻟﻰ ،ﻓﻬ ــو اﻟﺷ ــﺎﻫد ﻋﻠ ــﯾﻬم وﻫ ــو
اﻟﺣﺎﻛم ﺑﯾﻧﻬم ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺷﺎﻫد ﻫو اﻟﺣﺎﻛم اﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋﻣن ﯾﺷﻬد ﻋﻧدﻩ .
ـدﻋﺎء
وﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ ( :ﻓـ))ـﺎﻋﻣﻠوا واﻟﻌﻣـ ُـل ﯾُرﻓــﻊ ُ ،واﻟﺗوﺑـ ُﺔ ﺗﻧﻔــﻊ ُ ،واﻟـ ُ
اﻷﻗﻼم ﺟﺎرﯾ ٌﺔ (().(٢
اﻟﺣﺎل ﻫﺎدﺋ ٌﺔ ،و ُ
ﯾُﺳﻣﻊ ُ ،و ُ
ﻓﻲ اﻟﻧص ﻛﻠﻣﺗﺎن ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )ﻓﺎﻋل( ﻫﻣﺎ )ﻫﺎدﺋﺔ ،وﺟﺎرﯾﺔ( ،وﻫﻣﺎ ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﺳـم
اﻟﻔﺎﻋل ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣﺟرد )ﻫدأ ،وﺟرى( .
ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن اﻟﻧص أﻣور ﻣﻧﻬﺎ :
اﻷول :ﯾدل اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ان ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﺷﺄة ﻗﺻـﯾرة ،وزاﺋﻠـﺔ ،واﻧـﻪ
ﻻﺑد ﻣﻔﺎرﻗﻬﺎ ،وراﺣل ﻋﻧﻬﺎ .
اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾﻠﺣظ ﻓـﻲ اﻟـﻧص اﻟـدﻋوة إﻟـﻰ اﻟﻌﻣـل اﻟﺻـﺎﻟﺢ ،ﻣـﺎ دام ﻫﻧـﺎك ﻣﺗﺳـﻊ
ﻟﻺﻧﺳــﺎن ﯾﻘﺑــل ﻓﯾــﻪ اﻟﻌﻣــل ،و ﺗﻧﻔــﻊ ﻓﯾــﻪ اﻟﺗ ــوﺑﺔ ،ﯾﺳﻣ ــﻊ ﻣﻧــﻪ اﻟــدﻋﺎء ،وﻛــل ﻫــذا ﻣﺗﻌﻠــق
١٩
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﺑﺎﻟﻘﯾـد اﻟﻣذﻛور وﻫو ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ) :واﻷﻗـﻼم ﺟﺎرﯾـﺔ ( ،أي اﻋﻣﻠـوا ﻣـﺎدام اﻟﺗﻛﻠﯾـف
ﺑﺎﻗﯾﺎ ،واﻟﻣﻼﺋﻛﺔ اﻟﺣﻔظﺔ ﯾﻛﺗﺑون أﻋﻣﺎل اﻟﻌﺑﺎد .
اﻟﺛﺎﻟــث :ﯾ ــدل ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :واﻟﺣــﺎل ﻫﺎدﺋــﺔ( ان ﺣ ــﺎل اﻹﻧﺳــﺎن ﻓــﻲ ﻫــذﻩ
اﻟﻧﺷﺄة ﻫﺎدﺋﺔ ﺳﺎﻛﻧﺔ ،ﻟﯾس ﻓﯾﻬﺎ ﻣن أﻫـوال اﻟﻘﯾﺎﻣـﺔ ﻣـن ﺗﻠـك اﻷﻣـور اﻟﻔظﯾﻌـﺔ ﻧﺣـو ﺗطـﺎﯾر
اﻟﺻﺣف ،وﻧطق اﻟﺟوارح ،وﻋﻧف اﻟﺳﯾﺎق إﻟﻰ اﻟﻧﺎر .
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﻲ ﺻﻔﺔ أﻫل اﻟﺑﯾـت )ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :ﻻ ﯾﺧـﺎﻟﻔون
ﻧﺎطق (().(١
وﺻﺎﻣت ٌ
ٌ ﺻﺎدق ،
ٌ ﺷﺎﻫد
اﻟدﯾن وﻻ ﯾﺧﺗﻠﻔون ﻓﯾﻪ ،ﻓﻬو ﺑﯾﻧﻬم ٌ
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص أرﺑﻊ ﻛﻠﻣﺎت ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )ﻓﺎﻋل( ﻫﻲ )ﺷﺎﻫد ،وﺻـﺎدق ،و ﺻـﺎﻣت
،وﻧــﺎطق( ،وﻫــﻲ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل وﻣﺷــﺗﻘﺔ ﻣــن اﻟﻔﻌــل اﻟﺛﻼﺛــﻲ )ﺷــﻬد ،وﺻــدق ،
وﺻﻣت ،وﻧطق(.
ﻧﻠﻣــس ﻓــﻲ اﻟﻧ ــص دﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻋﺻــﻣﺔ أﻫــل اﻟﺑﯾــت )ﻋﻠــﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ،ﻓﻘ ــوﻟﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ
ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :ﻓﻬــو ﺑﯾــﻧﻬم ﺷــﺎﻫد ﺻــﺎدق( ﯾــدل ﻋﻠــﻰ اﻧﻬــم ﯾطﺑﻘوﻧــﻪ ﺑﻛــل ﺣــذاﻓﯾرﻩ ،ﻓﯾﺄﺧــذون
ﺑﺣﻛﻣــﻪ ﻛﻣــﺎ ﯾﺄﺧــذ ﺑﺣﻛــم اﻟﺷــﺎﻫد اﻟﺻــﺎدق .وﯾــدل ﻗوﻟــﻪ )ﺻــﺎﻣت ﻧــﺎطق( ﻋﻠــﻰ ان اﻟــدﯾن
ﺑﯾﻧﻬم ﻧﺎطق ،ﻻﻧﻪ ﻻ ﯾﻧطق ﺑﻧﻔﺳﻪ ،ﺑل ﻻﺑد ﻟﻪ ﻣـن ﻣﺗـرﺟم ،وﻫـم )ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ( ﺗـراﺟم
اﻟوﺣﻲ ،وﻣﻧﺑﻊ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،ﻋﻧﻬم ﯾؤﺧـذ اﻟﻌﻠـم ،وﺑﻬـم ﯾﻘﺗـدى ﺑﺎﻟﻌﻣـل ،ﻓﻬـم ﯾطﺑﻘـون اﻟﻘـرآن
ﺑﻛل ﺣذاﻓﯾرﻩ ،وﻻ ﻧﻐﺎﻟﻲ إن ﻗﻠﻧﺎ اﻧﻬم اﻟﻘـران اﻟﻧـﺎطق ،ﻻن أﻋﻣـﺎﻟﻬم ﻣطﺎﺑﻘـﺔ ﻟﻣـﺎ ﺟـﺎء ﺑـﻪ
اﻟﻘـران اﻟﻛـرﯾم ﻣــن أﺣﻛـﺎم وﺗﻌــﺎﻟﯾم ،ﻓﺎﻟــدﯾن ﻓـﯾﻬم ﺻــﺎﻣت ﻓــﻲ اﻟﺻـورة ،وﻫــو ﻓــﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘــﺔ
اﻧط ــق اﻟﻧ ــﺎطﻘﯾن ،ﻻن اﻷواﻣ ــر واﻟﻧـ ـواﻫﻲ واﻵداب وﻛ ــل ﻣ ــﺎ ﺟ ــﺎء ﺑ ــﻪ اﻟﻘـ ـران ﻣ ــن أﺣﻛ ــﺎم
ﻣوﺟودة وﻣطﺑﻘﺔ ﻓﯾﻬم ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﯾﻬم .
وﻻ ﯾﺧﻔــﻰ ﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻟﻛﻠﻣــﺎت )ﺷــﺎﻫد ،وﺻــﺎدق ،وﺻــﺎﻣت ،وﻧــﺎطق( ﻣــن دﻻﻟــﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑوت ،وﻫو ﺛﺑوت اﻗﺗﺿﺎﻩ اﻟﺳﯾﺎق .
٢٠
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
وﻣﻣـﺎ ﯾﻘــوي اﻟﻘــول ﺑدﻻﻟــﺔ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻋﻠـﻰ اﻟﺛﺑــوت ﻣﺟﯾﺋــﻪ ﻓــﻲ اﻟﻘـران اﻟﻛـرﯾم داﻻ
طَﻌ ٍـﺎم
ﱠﺻَﺑِر َﻋﻠَـﻰ َ
وﺳﻰ ﻟَن ﻧ ْ
ْﺗُمَﯾﺎ ُﻣ َ
ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑوت واﻟدوام ،ﻣن ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ِٕ َ )) :وا ْذ ﻗُﻠ ْ
اﺣٍد(() ،(١ﺣﯾث ﺗوﺣﻲ ﻟﻔظﺔ )واﺣد( ﺑﺎﻟدﻻﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟﺛﺑـوت واﻻﺳـﺗﻣرار ،إذ ﯾـراد ﺑﺎﻟواﺣـد
َو ِ
)ﻣﺎ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف وﻻ ﯾﺗﺑدل ،وﻟو ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋدة اﻟرﺟل أﻟوان ﻋدة ﯾداوم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻛل ﯾـوم وﻻ
ﯾﺑدﻟﻬﺎ ﻗﯾل :ﻻ ﯾﺄﻛل ﻓﻼن إﻻ طﻌﺎﻣﺎ واﺣدا وﯾراد ﺑﺎﻟوﺣدة ﻧﻔﻲ اﻟﺗﺑدل واﻻﺧﺗﻼف(). (٢
ْن
ﺗُﺳﻘَﻰ ِﻣ ْـن َﻋـﯾٍ
ﺎﻣﯾًﺔ * ْ
ﺗَﺻﻠَﻰ ﻧَﺎراً َﺣ َِ
وﻣﻧﻪ أﯾﺿﺎ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﻧﺎر ْ )):
)(٦
،ﺣﯾــث ﺗــدل ﻟﻔظــﺔ )ﺣﺎﻣﯾــﺔ( ﻋﻠــﻰ ﺷــدة ﻫــذﻩ اﻟﻧــﺎر واﺳــﺗﻣرار دﯾﻣوﻣﺗﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ َآﻧِﯾـ ٍـﺔ((
اﻟﻛﺎﻓرﯾن ،أﻣﺎ ﻟﻔظﺔ)آﻧﯾﺔ( ﻓﺗـدل ﻋﻠـﻰ ان أﻫـل ﻟظـﻰ ﯾﺳـﻘون ﻣـن ﻫـذﻩ اﻟﻌـﯾن ذات اﻟﺣـ اررة
اﻟﻣﺗﻧﺎﻫﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟدوام واﻟﺛﺑوت .
٢١
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
أﻣــﺎ ﺻــﯾﺎﻏﺔ اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل ﻣــن ﻏﯾــر اﻟﺛﻼﺛــﻲ ﻓﺗﻛــون ﺑﺈﺑــدال ﺣــرف ﻣﺿــﺎرﻋﻪ ﻣﯾﻣــﺎ
ﻣﺿﻣوﻣﺔ وﻛﺳر ﻣﺎ ﻗﺑل اﻵﺧر) .(١وأﺑﻧﯾﺔ اﺳـم اﻟﻔــﺎﻋل ﻣـن ﻏﯾـر اﻟﺛــﻼﺛﻲ اﻟﺗـﻲ وردت ﻓـﻲ
ﻧﻬ ــﺞ اﻟﺑﻼﻏ ــﺔ ﻛﺛﯾـ ـرة ،ﻟﻛ ــن ﻟ ــﯾس ﻣوﺿ ــوع اﻟد ارﺳ ــﺔ إﺣﺻ ــﺎء اﻷﺑﻧﯾ ــﺔ واﻟﺗﻘﻌﯾ ــد ﻟﻬ ــﺎ ٕواﻧﻣ ــﺎ
اﻟﻐرض ﻣن اﻟدراﺳﺔ ﺗﺑﯾﺎن دﻻﻟـﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ داﺧـل اﻟﺳﯾــﺎق اﻟﻣﺳـﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﯾـﻪ ،واﻫـم ﻫـذﻩ اﻷﺑﻧﯾـﺔ
ُﻣﻔِْﻌل
اﺳﺗﻌﻣل اﻹﻣﺎم ﻫذا اﻟﺑﻧـﺎء ﺑﻛﺛرة ﻓﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ،ﻣـن ذﻟـك ﻗوﻟـﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( :
ْﺟٌﺢ
وﻣﻌـﺎدُﻣـﻧ ِ
ٌ اﻟﻣﻌـﺎد ،زٌادُ ْﻣﺑﻠِ ــﻎٌ
ُ اﷲ ﺑﺗﻘوى اﷲ اﻟﺗـﻲ ﻫـﻲ اﻟـزُاد وﺑﻬـﺎ
ﻋﺑﺎد ِ
أُوﺻﯾﻛم َ ))
(().(٢
ﯾﺣــوي اﻟــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﯾن ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )ُﻣ ِﻔﻌــل( ﻫﻣــﺎ)ﻣﺑﻠــﻎ ،وﻣــﻧﺟﺢ( ،وﻫﻣــﺎ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ
ﯾﺷﯾر اﻟﻧص إﻟﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﻘوى اﻟﺗﻲ ﻫﻲ اﻟطرﯾق إﻟـﻰ رﺿـﺎ اﷲ ﺳـﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﻟﻰ ،
ﻓﻬــﻲ اﻟ ـزاد اﻟــذي ﯾوﺻــل اﻹﻧﺳــﺎن إﻟــﻰ ﻣﺑﺗﻐــﺎﻩ ﻓــﻲ ﺳــﻔرﻩ إﻟــﻰ اﻵﺧ ـرة ،وﯾﺻــﺎدف ﻋﻧــدﻩ
اﻟﻧﺟﺎح واﻟﻔوز .وﻛﻼم اﻹﻣﺎم ﻫﻧﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ ،ﻓﺎﻟﺣـدث اﻟـذي ﻓـﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗـﯾن )ﻣﺑﻠـﻎ
،وﻣﻧﺟﺢ( ﻫو ﺣدث ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺛﺑوت ،وﻫو ﺛﺑوت اﻗﺗﺿﺎﻩ اﻟﺳﯾﺎق .
) – (١ﯾﻧظر اﻟﻛﺗـﺎب ، ٢٨٢/٤ :واﻟﻣﻘﺗﺿب ٧٤/١ :ـ ،٧٧وﺷـرح أﻻ ﺷﻣوﻧﻲ ، ٣٥٤/ ٢ :وﺷـرح اﺑن ﻋﻘﯾل٣ :
، ١٣٧/وﺷرح اﻟﺗﺻرﯾﺢ ، ٧٩/٢ :وﻋﻣدة اﻟﺻرف ﻛﻣﺎل إﺑراﻫﯾم. ٨٣ :
) – (٢ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ . ٢٥٠ /٧ :
٢٢
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﯾﺗﺟﻠـﻰ ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﺗﻌـﺎدل ﻣوﺿــوﻋﻲ ﺑــﯾن طــرﻓﯾن ﻣﺗﻘـﺎﺑﻠﯾن ،اﻟﻬــﻼك واﻟﺣــب ﻣــن
ﺟﻬﺔ ،واﻟﻬﻼك واﻟﺑﻐض ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﺑﺎﻟﻘﯾد اﻟﻣذﻛور وﻫو اﻹﻓراط ﻓﻲ اﻟﺣب ،وﻫذا
اﻟﺗﻼزم ﺑﯾن اﻟﺣـب واﻟﻬـﻼك ،واﻟـﺑﻐض واﻟﻬـﻼك ﯾﺟﻌﻠﻧـﺎ ﻧﺟـزم ﺑـﺎن ﻫـذا اﻟﺣـب أو اﻟـﺑﻐض
ﻟﯾـس ﻣن اﻷﻋراض اﻟﺗﻲ ﺗطـ أر وﺗزول ٕ ،واﻻ ﻟﻣـﺎ ﺗرﺗـب ﻋﻠﯾـﻪ اﻟﻬـﻼك ٕ ،واﻧﻣـﺎ ﻫـو وﺻــف
ﺛﺎﺑــت ﻻن اﻟﺣﻛــم ﺛﺎﺑــت ﻣــﺎدام اﻟﻣوﺿــوع ﻣوﺟــودا ،ﻓﺈﺧﺑــﺎر اﻹﻣــﺎم ﻋــن ﻫــﻼك ﻫــؤﻻء ﻫــو
ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟواﻗﻌـﺔ ﻻ ﻣﺣﺎﻟـﺔ ،ﻓـﻼ ﯾﺧﺗﻠـف اﺛﻧـﺎن ﻓـﻲ ان اﻟﻬـﻼك ﻻ ﯾﻠﺣـق
إﻻ ﻣن ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻏﯾر ﻫدى ،وﻫذا ﻫو اﻟﻣﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻗول اﻹﻣﺎم ،إذ ﯾﻘول )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ(
٢٣
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
:ان اﻟﺣــب وان ﻛــﺎن ﻣﺳــﺗﺣوذا ﻋﻠــﻰ ﻗﻠــوﺑﻛم ﻋﻠــﻰ ﻧﺣــو اﻟﺛﺑــوت ،إﻻ ان ﺗﻘﯾﯾــدﻩ ﺑــﺎﻹﻓراط
ﯾﺟــر إﻟــﻰ اﻟﻬﻠــﻛﺔ ،وﻛــذا اﻟﺣــﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳــﺑﺔ إﻟــﻰ اﻟــﺑﻐض ﻓﺎﻧــﻪ ﯾﺧــرج اﻹﻧﺳــﺎن ﻋــن اﻟﺻ ـواب
واﻟرﺷـد إﻟﻰ اﻟﻐـﻲ واﻟﻌﻣﻰ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎﻧﻪ ﻣن اﻟﻬﺎﻟﻛﯾن ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ .
ﺗَﻔﺎﻋـل
ُﻣ ِ
ان دﻻﻟـﺔ ﻫــذﻩ اﻟﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــرﻓﯾﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺷــﺎرﻛﺔ واﺿــﺣﺔ وﺟﻠﯾــﺔ ،وﺗﻌﻧــﻲ اﻟﻣﺷــﺎرﻛﺔ
اﻗﺗﺳﺎم اﻟﻔﺎﻋﻠﯾﺔ واﻟﻣﻔﻌوﻟﯾﺔ ،واﻻﺷﺗراك ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﻌﻧﻰ).(١
وﻗد ﺟﺎء ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻗﻠﯾﻼ ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻣن ذﻟك ﻗول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ( ﻓـﻲ
)(٢
. وﺻف ﺣﺎل اﻟدﻫر )) :ﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺔ أﻣورﻩ ،ﻣﺗظﺎﻫرة أﻋﻼﻣﻪ ((
ﻓﻲ ﻫذا اﻟـﻧص ﻛﻠﻣﺗـﺎن ﻋﻠـﻰ زﻧـﺔ )ﻣﺗﻔﺎﻋـل( ﻫﻣـﺎ )ﻣﺗﺷـﺎﺑﻬﺔ ،وﻣﺗظـﺎﻫرة ( ،وﻫﻣـﺎ
ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻔﺎﻋل ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد )ﺗﺷﺎﺑﻪ ،وﺗظﺎﻫر( .
ﻧﻠﻣــس ﻓــﻲ اﻟــﻧص اﻟﻧظ ـرة اﻟﻌﻣﯾﻘــﺔ واﻟرؤﯾــﺔ اﻟﺑﻌﯾــدة اﻟﺗــﻲ اﻣﺗــﺎز ﺑﻬــﺎ اﻹﻣــﺎم ،ﺣﯾــث
وﺻف اﻟدﻫر ﺑﺎن أﻣورﻩ ﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺔ ،ﻻﻧﻪ ـ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن ﻗﺑـل ـ ﯾرﻓـﻊ أﻧﺎﺳـﺎ وﯾﺿـﻊ آﺧـرﯾن ،
وﯾﻐﻧــﻲ ﻣــن ﻛــﺎن ﻓﻘﯾ ـ ار ،وﯾﻔﻘ ــر ﻣــن ﻛــﺎن ﻏﻧﯾــﺎ … ﻓﻛــذﻟك ﻫ ــو ﻓــﻲ ﻛــل زﻣــﺎن ،أﻓﻌﺎﻟ ــﻪ
ﻣﺗﺷ ــﺎﺑﻬﺔ ﻻ ﺗﺛﺑ ــت ﻻﺣ ــد وﻻ ﺗ ــدوم .واﻧﻣ ــﺎ وﺻ ــف اﻟدﻫـ ــر ﺑﻬ ــذﻩ اﻷوﺻ ــﺎف ﻋﻠ ــﻰ ﺟﻬ ــﺔ
اﻟﻣﺟﺎز ،ﻓﻠﯾس ﻫو اﻟذي ﯾﻐﻧﻲ وﯾﻔﻘر واﻧﻣﺎ اﻟﻔﺎﻋل ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻫو رب اﻟدﻫر .
) – (١ﯾﻧظر اﺳم اﻟﻔﺎﻋل واﻟﻣﺷﺑﻬﺎت ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻘران اﻟﻛرﯾم ﻫﺎدي ﻋﻠﻲ ﻫوﯾدي. ٧٤– ٧٠ :
) – (٢ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ . ٢٠٩ / ٩ :
٢٤
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ْﺗَﻌـل
ُﻣﻔ ِ
وﯾﺻﺎغ ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎﺟزة واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ وﯾﻛون ﻟﻠﺗﺳﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﺳﻌﻲ إﻟﯾﻪ ،وﯾـﺄﺗﻲ
ﻟﻼﺗﺧﺎذ واﻟﺗﺻرف).(١
وﻗد ورد ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻗﻠﯾﻼ ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻣن ذﻟك ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ( )) :
)(٢
. أﯾﻬﺎ اﻟﻧﺎس اﺳﺗﺻﺑﺣوا ﻣن ﺷﻌﻠﺔ ﻣﺻﺑﺎح واﻋظ ﻣﺗﻌظ ((
ﻓﻲ اﻟﻧص ﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠـﻰ زﻧـﺔ )ﻣﻔﺗﻌـل( ﻫـﻲ )ﻣـﺗﻌظ( ،وﻫـﻲ ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﺳـم اﻟﻔﺎﻋـل ،
وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد )اﺗﻌظ( .
ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻧص ﺣﻘﯾﻘﺔ واﺿﺣﺔ ﯾوﺟﻬﻬﺎ اﻹﻣـﺎم إﻟـﻰ اﻟﻧـﺎس وﻫـﻲ طﻠـب اﻟﻌﻠـم ﻣـن
ﻣﻧﺎﺑﻌﻪ اﻷﺻـل ،ﺣﯾـث أﻣـرﻫم ﺑطﻠـب اﻟﻌﻠـم ﻣـن )ﺷـﻌﻠﺔ ﻣﺻـﺑﺎح واﻋـظ( ،أي ﻣـن إﻧﺳـﺎن
ﺣﺎﻣل ﻟﻠﻌـﻠم ،وﻟﻛن ﻗﯾد ﻫذا اﻟطـﻠب ﺑﺎن ﯾﻛون ﻫذا اﻟﻌـﺎﻟم ﻋـﺎﻣﻼ ﺑﻌﻠﻣـﻪ ﻣﺗﻌظـﺎ ﻓـﻲ ﻧﻔﺳـﻪ
،ﻻن ﻣن ﻟم ﯾﺗﻌظ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻪ ﻓﺑﻌﯾد ان ﯾﺗﻌظ ﺑﻪ ﻏﯾرﻩ ،وذﻟـك ﻻن اﻟﻘﺑـول ﻻ ﯾﺣﺻـل ﻣﻧـﻪ
ـﺎس
اﻟﻧـ َ
ون ﱠ ،واﻷﻧﻔــس ﺗﻛــون ﻧــﺎﻓرة ﻋﻧــﻪ ،وﯾﻛــون داﺧــﻼ ﻓــﻲ ﺣﯾــز ﻗوﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ )) :أَﺗَ ـﺄُُْﻣر َ
ْﻔُﺳْﻛُم(().(٣
ْﺳوَن أَﻧ َ
ِﺎﻟﺑﱢِر َوﺗَﻧَ ْ
ﺑْ
ُﻣﺳﺗَ ﻔِْﻌل ُ ،وﻣﺗَﻔَﻌﱢـل
وﯾ ــدﻻن ﻋﻠـ ــﻰ اﻟطﻠـ ــب واﻟﻣطﺎوﻋ ــﺔ ) ،(٤واﻟﻣﺑﺎﻟﻐـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ اﻟﺷ ــﻲء ،وﻗـ ــد ورد ﻫـ ــذان
اﻟﺑﻧــﺎءان ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑ ــﻼﻏﺔ ﻓــﻲ ﻣواﺿــﻊ ﻗﻠﯾﻠــﺔ ،ﻣﻧﻬــﺎ ﻗ ــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ ( …)) :
ﻣﺗﻐوﺛﺎ(().(٥
أﻗوم ﻓﯾﻛم ﻣﺳﺗﺻرﺧﺎ ،وأﻧﺎدﯾﻛم ّ
٢٥
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻓـ ــﻲ اﻟﻧ ـ ــص ﻛﻠﻣﺗـ ــﺎن ﻋﻠـ ــﻰ زﻧـ ــﺔ )ﻣﺳـ ــﺗﻔﻌل( ،و) ﻣﺗﻔﻌـ ــل( ،ﻫﻣـ ــﺎ)ﻣﺳﺗﺻـ ــرﺧﺎ( ،
و)ﻣﺗﻐوﺛﺎ( ،وﻫﻣﺎ ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻔــﺎﻋل وﻣﺷﺗﻘــﺗﺎن ﻣـن اﻟﻔﻌــل اﻟﺛــﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾـد )اﺳﺗﺻـرخ
وﺗﻐوث( .
ّ ،
ﺗدل اﻟﻛﻠﻣﺗﺎن اﻟﻣذﻛورﺗﺎن آﻧﻔﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻧص ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﻌﺎﻧـﺎة اﻟﺗـﻲ واﺟﻬﻬـﺎ اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ( ﻣـﻊ أﺻـﺣﺎﺑﻪ ،ﺣﯾـث ﺗـدل ﺻـﯾﻐﺔ )ﻣﺳـﺗﻔﻌل( ﻋﻠـﻰ اﻟطﻠـب واﻹﻟﺣـﺎح واﻟﻛﺛـرة ﻓﯾـﻪ
واﻟﺗﺄﻛﯾــد ﻋﻠﯾــﻪ .ﻓﺎﻟﻣﺳﺗﺻــرخ ﻫــو اﻟــذي ﯾطﻠــب اﻟﻧﺻ ـرة ﻣ ـرة ﺑﻌــد أﺧــرى ،وﻛــذﻟك ﺻــﯾﻐﺔ
)ﻣﺗﻔﻌل( اﻟﺗﻲ ﺗدل ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺷﻲء ﺑﻛﺛرة ﻣﻊ ﺷدة وﻋﻧﺎء ،أي اﻧـﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( طﻠـب
اﻟﻧﺻرة واﻟﻌون ﻣن اﺻﺣﺎﺑﺔ ﻣرة ﺑﻌد أﺧرى ،وﻟﻛﻧﻪ ﻟم ﯾﺟد ﻣن ﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾـﻪ ﻻﻧﻬـم ﺻـﻣوا
ﻋن اﻟﺳﻣﻊ ،وﺷﻐﻠﺗﻬم ﺣﯾﺎﺗﻬم اﻟدﻧﯾﺎ ﻋن ذﻛر اﻵﺧرة .
وﻗﺎل )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :واﺣـب اﻟﻌﺑــﺎد اﻟـﻰ اﷲ اﻟﻣﺗﺄﺳـﻲ ﺑﻧﺑﯾـﻪ ،اﻟﻣﻘـﺗص ﻻﺛـرﻩ
(().(١
ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟــﻧص ﻛﻠﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )ﻣﺗﻔﻌــل( ﻫــﻲ )اﻟﻣﺗﺄﺳــﻲ( ،وﻫــﻲ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﺳــم
ﺗﺄﺳﻰ( .
اﻟﻔﺎﻋل ،وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد ) ّ
ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن اﻟﻧص أﻣور أﻫﻣﻬﺎ :
اﻷول :ﯾــدل اﻟــﻧص ﻋﻠــﻰ ﻋﺻــﻣﺔ اﻟﻧﺑــﻲ )ﺻــﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴــﻪ ﻭﺁﻟــﻪ( ،وﻫــﻲ ﻋﺻــﻣﺔ
ﻣطﻠﻘــﺔ ﻓــﻲ اﻷﻣــور اﻟدﯾﻧﯾــﺔ واﻟدﻧﯾوﯾــﺔ ٕ ،واﻻ ﻟﻣــﺎ ﺟﻌــل اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ اﻟﺗﺄﺳــﻲ ﺑــﺎﻟﻧﺑﻲ واﻟﺳــﯾر
ﻋﻠﻰ طرﯾﻘﻪ ﻗﯾدا ﻟﺣﺑﻪ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﻟﻠﻌﺑﺎد .ﻓﻠو ﻛﺎن اﻟﻧﺑﻲ )ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟـﻪ( ﯾﺻـدر ﻋﻧـﻪ
اﻟﺧطﺄـ وﺣﺎﺷﺎﻩ ﻋن ذﻟك ـ ﻟﻣﺎ أﻣر اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ اﻟﻌﺑﺎد ﺑﺎﻟﺗﺄﺳﻲ ﺑﻪ ،واﻟﺳﯾر ﻋﻠـﻰ طرﯾﻘـﻪ ،
ٕواﻻ ﻟﻛـﺎن ظﻠﻣــﺎ ﻣﻧــﻪ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﺑﺣــق ﻋﺑــﺎدﻩ .واﻟـذي ﻻرﯾــب ﻓﯾــﻪ ان اﻟﺗﺄﺳــﻲ ﺑــﺎﻟﻧﺑﻲ واﻟﺳــﯾر
ﻋﻠﻰ طرﯾﻘـﻪ إﻧﻣـﺎ ﻫـو ﻋﻠـﻰ ﺟﻬـﺔ اﻟـدوام واﻟﺛﺑـوت ،وﻫـو ﺛﺑـوت اﻗﺗﺿـﺎﻩ ﺳـﯾﺎق اﻟـﻧص .إذ
٢٦
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ان اﻟدﻻﻟﺔ اﻻﻟﺗزاﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺣـب اﷲ ﺗﻌـﺎﻟﻰ ﻟﻠﻌﺑـد ﺗﻘﺗﺿـﻲ ان ﯾﻛـون اﷲ ﺳـﺑﺣﺎﻧﻪ ارﺿـﯾﺎ ﻋـن
ذﻟــك اﻟﻌﺑــد ،وﻻ ﯾﻛــون ذﻟــك إﻻ ﺑﻣواظﺑــﺔ ذﻟــك اﻟﻌﺑــد واﺳــﺗﻣ اررﻩ وﺛﺑﺎﺗــﻪ ﻋﻠــﻰ طﺎﻋــﺔ رﺑــﻪ ،
واﻟﺗﺄﺳـﻲ ﺑــﺄﺧﻼق ﻧﺑﯾــﻪ ،أﻣـﺎ إذا ﺣــدث وطـ أر ﺗﻐﯾﯾــر ـ أي ان اﻟﻌﺑـد ﻣــﺎل ﻟﻬـواﻩ وﺷــﻬوﺗﻪ ،
ﺛﺎﻧﯾــﺎ :ﯾﺗﺟﻠــﻰ ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﺣــب اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻟﻌﺑــﺎدﻩ ،ﻟﻛــن ﻫــذا اﻟﺣــب ﻟــﯾس ﻋﻠــﻰ
درﺟــﺔ واﺣــدة ،واﻧﻣــﺎ ﻫــو ﻣﺗﻔــﺎوت ﺑــﯾن اﻟﻌﺑــﺎد ،ﻓــﺎﺣﺑﻬم إﻟﯾــﻪ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻋﺑــد ﺟﻌــل اﻟﻧﺑــﻲ
)ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ( أﺳوة ﻟﻪ ﻓﻲ ﻛل أﻣـورﻩ اﻟدﯾﻧﯾـﺔ ،واﻟدﻧﯾوﯾـﺔ ،واﺗﺑـﻊ اﺛـرﻩ .ﻓﻬـذا اﻟﻘﯾـد
ﯾﺗﺿــﺢ ﻣﻣــﺎ ﺗﻘــدم ان ﻫــﺎﺗﯾن اﻟﺑﻧﯾﺗــﯾن )ﻣﺳــﺗﻔﻌل( ،و)ﻣﺗﻔﻌــل( وان ﻛﺎﻧﺗــﺎ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ
اﺳــم اﻟﻔﺎﻋــل إﻻ اﻧﻬﻣــﺎ ﻻ ﯾﺧﻠ ـوان ﻣــن دﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺛﺑــوت ،إذا اﻗﺗﺿــﻰ اﻟﺳــﯾﺎق ذﻟــك ،
٢٧
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ
أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ﻣــن اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت اﻟﻣﻠﺣﻘــﺔ ﺑﺎﺳــم اﻟﻔــﺎﻋل ،ﺗــﺄﺗﻲ ﻟﻠدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ
واﻟﻛﺛ ـرة ﻓــﻲ اﻟﺣــدث اﻟﻣﻧﺳــوب إﻟــﻰ اﻟــذات ﻋﻠــﻰ وﺟــﻪ اﻟﺗﻐﯾــر واﻟﺣــدوث .ﻓــﺈذا أرﯾــد ﺗﺄﻛﯾــد
اﻟﻣﻌﻧﻰ وﺗﻘوﯾﺗﻪ واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﯾﻪ ،ﺣول ﻣن اﺳم اﻟﻔﺎﻋل إﻟﻰ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ).(١
وﻓــﻲ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ أوزان ﻋدﯾــدة ﻟﻠﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ)ّ ، (٢
ﻛﻔﻌــﺎل ،وﻣﻔﻌــﺎل ،وﻓﻌــول ..وﻟﻛــل ﺑﻧــﺎء
ﻣﻧﻬﺎ دﻻﻟﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن ﻏﯾـرﻩ ﻣن اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻷﺧرى) ،(٣ﻓدﻻﻟﺔ ﻛﻠﻣـﺔ ﺿـﺣﺎك ﻟﯾﺳـت ﻫـﻲ
اﻟدﻻﻟـ ــﺔ ﻧﻔﺳ ــﻬﺎ ﻟﻛـ ــﻠﻣﺔ ﺿ ــﺣﻛﺔ ،ﻓﺎﻟﺿ ــﺣﺎك ﻣـ ــدح ،واﻟﺿ ــﺣﻛﺔ ذم) ،(٤ﻓﺎﻟﺿ ــﺣﻛﺔ ﻫ ــو
)اﻟرﺟل اﻟﻛﺛﯾر اﻟﺿﺣك ﯾﻌﺎب ﻋﻠﯾﻪ ().(٥
ﺻﯾﺎﻏﺗﻬﺎ
وﺗﺻــﺎغ أﺑﻧﯾ ــﺔ اﻟﻣﺑ ــﺎﻟﻐﺔ ﻣ ــن اﻟﻔﻌــل اﻟﺛـ ــﻼﺛﻲ اﻟﻣﺟــرد ،وﻗـ ــد ورد ﺑﻧﺎؤﻫــﺎ ﺑﻘﻠـ ــﺔ ﻣ ــن
اﻟﻣزﯾـد )اﻓﻌـل( ﻧﺣو )دراك ،وﻣﻌطـﺎء ،وﺳﻣﯾـﻊ ،وﻧذﯾـر( ﻣن )ادرك ،وأﻋطﻰ ،واﺳـﻣﻊ
،واﻧـذر() .(٦وﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑـﺎﻟﻐﺔ اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑـﻼﻏﺔ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
) _ (١ﯾﻧظر اﻟﻣﻘﺗﺿب ، ١١٣/٢ :وﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ، ٢٠٢/٢ :وأوﺿﺢ اﻟﻣﺳﺎﻟك. ٢١٩/٣ :
) _ (٢ﯾﻧظر اﻟﻣزﻫر ﻟﻠﺳﯾوطﻲ. ٢٤٣/٢ :
) _ (٣ﯾﻧظر أدب اﻟﻛﺎﺗب ﻻﺑن ﻗﺗﯾﺑﺔ ، ٢٢٥ :واﻟﻔروق ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻷﺑﻲ ﻫﻼل اﻟﻌﺳﻛري. ١٢،١٣ :
) _ (٤ﯾﻧظر اﻟﻣﺧﺻص ﻻﺑن ﺳﯾدة. ١٤٤/٢ :
) _ (٥ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻣﺎدة )ﺿﺣك( . ٥١٤/٢ :
) _ (٦ﯾﻧظر ارﺗﺷﺎف اﻟﺿرب ﻷﺑﻲ ﺣﯾﺎن اﻷﻧدﻟﺳﻲ ، ١٩١/٣ :وﺷرح اﻟﻣراح ﻟﻠﻌﯾﻧﻲ. ١٢٦ :
٢٨
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ّﻓﻌـﺎل
وﻫـذا اﻟﺑﻧﺎء ﻫو ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺑــﺎﻟﻐﺔ اﻟﻛﺛﯾـرة اﻟـورود ﻓـﻲ اﻟﻌرﺑﯾـﺔ) ،(١وﺗﻛــون اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻣن ﺗﻛرار وﻗوع اﻟﻔﻌل ﻣرة ﺑﻌد ﻣـرة ،ﻗـﺎل أﺑـو ﻫـﻼل اﻟﻌﺳـﻛري ) :إذا ﻓﻌـل
وﺻﺑﺎر(). (٢
اﻟﻔﻌل وﻗﺗﺎ ﺑﻌد وﻗت ،ﻗﯾل ّﻓﻌﺎل ﻣﺛل ﻋﻼّم ّ ،
وﻗــد اﺧﺗﻠــف اﻟﻌﻠﻣــﺎء ﻓــﻲ اﺻــل ) ّﻓﻌــﺎل( ،ﻫــل ﻫــﻲ ﻟﻠﺻــﻧﺎﻋﺔ أم ان اﻷﺻــل ﻓﯾﻬــﺎ
اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ؟
ﻓﻘد ذﻫب ﺑﻌﺿﻬم إﻟﻰ ان اﻷﺻل ﻓـﻲ دﻻﻟـﺔ ) ّﻓﻌـﺎل( ﻫـو اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ،ﺛـم ﻧﻘﻠـت إﻟـﻰ
اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﺗﻛرار ﻟﻠﺣدث ،ﻗﺎل اﻟﻣﺑرد ) :وذﻟك ﻗوﻟك ﻟﺻـﺎﺣب اﻟﺛﯾـﺎب ﺛّـواب
،وﻟﺻ ــﺎﺣب اﻟﻌط ــر ﻋطّ ــﺎر … ٕواﻧﻣ ــﺎ اﺻ ــل ﻫ ــذا ﻟﺗﻛـ ـرار اﻟﻔﻌ ــل ،ﻛﻘوﻟ ــك :ﻫ ــذا رﺟ ــل
ﺿ ـّـراب ،ورﺟ ــل ﻗﺗّ ــﺎل ،أي ﯾﻛﺛ ــر ﻫ ــذا ﻣﻧ ــﻪ ..ﻓﻠﻣ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــت اﻟﺻ ــﻧﺎﻋﺔ ﻛﺛﯾـ ـرة اﻟﻣﻌﺎﻧ ــﺎة
ﻟﻠﺻﻧف ،ﻓﻌﻠوا ﺑﻪ ذﻟك ،وان ﻟم ﯾﻛن ﻣﻧﻪ ﻓﻌل ﻧﺣو :ﺑزاز ،وﻋطّﺎر ().(٣
وﻗ ـ ــد ذﻫ ـ ــب اﻟـ ــﺑﻌض اﻵﺧ ـ ــر ﻣـ ــﻧﻬم إﻟـ ــﻰ ﻋﻛـ ــس ذﻟـ ــك ،ﻓ ـ ــذﻫب أﺑـ ــو ﺑﻛ ـ ــر ﺑـ ــن
طﻠﺣﺔ)(٤إﻟﻰ ان ) ّﻓﻌـﺎل ﻟﻣن ﺻﺎر ﻟﻪ ﻛﺎﻟﺻﻧﺎﻋﺔ() ،(٥وﺗﺎﺑﻌﻪ ﻓﻲ ﻫـذا اﻟـرأي ﻣن اﻟﻣﺣـدﺛﯾن
اﻟــدﻛﺗور ﻓﺎﺿــل اﻟﺳــﺎﻣراﺋﻲ ﺣﯾــث ﻗ ــﺎل ) :وﻧﺣــن ﻧــذﻫب ﻣــذﻫب اﺑــن طﻠﺣــﺔ ،ﻓﻧــرى ان
ﻻﻧـﺎ ﻧــرى ان اﻷﺻـل ﻓـﻲ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ﻫـو
ّﻓﻌﺎﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣ ﻧﻘول ﻋن ّﻓﻌﺎل ﻓﻲ اﻟﺻـﻧﻌﺔ ّ ،
اﻟﻧﻘل ﻣن ﺷﺊ إﻟﻰ آﺧر ().(٦
وﻫذا رأي ﻣرﺟوح وﻏﯾر ﻣﻘﺑول ﻓﻲ ﻧظر اﻟﺑﺎﺣـث ،وﯾﻣﻛـن إﺛﺑـﺎت ذﻟـك ﺑﻌـدة أﻣـور
ﻣﻧﻬﺎ :
) _ (١ﯾﻧظر اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ ﻻﺑن ﻓﺎرس ، ٢٢٤ :وﺷرح اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ ، ٨٥/٢ :واﻟﻣزﻫر. ٢٤٣/٢ :
) _ (٢اﻟﻔروق ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ. ١٢ :
) _ (٣اﻟﻣﻘﺗﺿب ، ١٦١ /٣ :وﺗﺎﺑﻌﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟرأي اﻟرﺿﻲ اﻻﺳﺗرﺑﺎذي ﻓﻲ ﺷرح اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ ٨٤ /٢ :ـ . ٨٥
) _ (٤وﻫو أﺑو ﺑﻛر ﻣﺣﻣد ﺑن طﻠﺣﺔ ﺑن ﻣﺣﻣد اﻷﻣوي اﻻﺷﺑﯾﻠﻲ )ت ٦١٨ﻫـ ( .
) _ (٥ﯾﻧظر ارﺗﺷﺎف اﻟﺿرب ، ١٩١ / ٣ :وﻫﻣﻊ اﻟﻬوا ﻣﻊ ﻟﻠﺳﯾوطﻲ. ٨٨/٥ :
) _ (٦ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ . ١٠٨ :
٢٩
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
اﻷول :ﻟ ــو ﻛــﺎن اﻷﺻــل ﻓــﻲ ) ّﻓﻌــﺎل( ﻫــو اﻟﺻــﻧﻌﺔ ﻟﻛــﺎن ذﻟــك ﺧــﻼف اﻟﻣﻧطــق ،
ﻓﺎﻟطﺣـﺎن ﻟﻣــﺎذا ﺳــﻣﻲ ﺑــذﻟك ؟
ّ ﻓـﺎﻟﻣﻌروف ان اﻟﻔﻌــل ﻫــو اﻷﺻـل واﻟﺗﺳــﻣﯾﺔ ﻻﺣﻘــﺔ ﻋﻠﯾــﻪ ،
أﻻن ﻫـ ــذا ﻫ ــو اﺳ ــم ﺻ ــﻧﻌﺗﻪ ،أم ﻻن اﻟﻧـ ــﺎس ﻋرﻓ ــوﻩ ﺑ ــذﻟك اﻟﻔﻌـ ــل ﻋﻠ ــﻰ وﺟ ــﻪ اﻟﺣ ــدوث
واﻟﺗﺟدد واﻟﺗﻛرار ،ﻓوﺻﻔوﻩ ﺑﺎﻧﻪ طﺣﺎن ،ﻓﯾﺳﺗدل ﺑذﻟك ﻋﻠﻰ ان اﻷﺻل ﻫو اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓـﻲ
اﻟﻔﻌل ﺛم ﻧﻘل إﻟﻰ اﻟﺻﻧﻌﺔ .
اﻟﺛﺎﻧﻲ :ان اﻟﻘول ﺑـﺎن اﻷﺻـل ﻓـﻲ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ﻫـو اﻟﻧﻘـل ﻣـﺎ ﻫـو إﻻ إﺟﺣـﺎف ﺑﺎﻟﻠﻐـﺔ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،واﻧﺗﻘﺎص ﻣن ﺷﺎﻧﻬﺎ ،ﻻن ﻫـذا ﯾﻌـد ﻧﻘﺻـﺎ ﯾﻧﺳـب إﻟﯾﻬـﺎ ،وﻣﺛﻠﺑـﺔ ﺗؤﺧـذ ﻋﻠﯾﻬـﺎ ،
وﻛﯾ ــف ﯾﻛـ ــون ذﻟـ ــك وﻫـ ــﻲ ﻟﻐـ ــﺔ اﻟﻘ ـ ـران ،ﻓﻠـ ــم ﺗـ ــرد ﻫـ ــذﻩ اﻟﺻـ ــﯾﻐﺔ ﻓـ ــﻲ اﻟﻘ ـ ـران اﻟﻛ ـ ـرﯾم إﻻ
ﻟﻠﻣﺑﺎﻟﻐﺔ) ،(١ﻓﺎﻟﻘران اﻟﻛرﯾم ﻫو اﺑرز دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ان اﻷﺻل ﻓﻲ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻫـو اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ
وﻟﯾس ﻏﯾرﻫﺎ .
اﻟﺛﺎﻟــث :ﻟﻘــد اﻟﺗــﺑس اﻷﻣــر ﻋﻠــﻰ اﻟــدﻛﺗور اﻟﺳــﺎﻣراﺋﻲ ﻓــﻲ ﻗوﻟــﻪ ﺑــﺎن اﻷﺻــل ﻓــﻲ
اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ إﻧﻣﺎ ﻫو اﻟﻧﻘل ،ﻓﻘوﻟﻪ ﻫـذا ﻣﺑﻧـﻲ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ رآﻩ ﻣـن ﺗﺷـﺎﺑﻪ ﺑـﯾن اﻟﺻـﯾﻎ ﻟـﯾس إﻻ .
وﻗــد ﻓﺎﺗــﻪ اﻻﻟﺗﻔــﺎت إﻟــﻰ ان ﻓــﻲ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ اﻟﻛﺛﯾــر ﻣــن ﻫــذا اﻟﻧــوع ﻣــن اﻟﺗﺷــﺎﺑﻪ ﺑــﯾن اﻟﺻــﯾﻎ ،
وﻫذا اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻷﺑﻧﯾﺔ ﻫو ﻣﻣﺎ ﺗﻣﯾزت ﺑﻪ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر ﺳﻣﺔ ﻣن ﺳﻣﺎت ﻧﻣوﻫـﺎ
وﺗطورﻫﺎ ،وﺳﻧورد ﺑﻌﺿﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺑﻧﯾﺔ :
ﻓُﻌﺎل .١
ـ ﻣﺻدر اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟدال ﻋﻠﻰ ﺣﺎل أو ﺻوت ﻧﺣو :ﺳﻌﺎل ،وﻧﺑﺎح.
ﻓَﻌل( ﻧﺣو :ﺷﺟﺎع .
ـ ﺻﻔﺔ ﻣﺷﺑﻬﺔ ﻣن ) ُ
ﻓِﻌﺎل .٢
ـ ﻣﺻدر اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟدال ﻋﻠﻰ اﻣﺗﻧﺎع ﻧﺣو :إﺑﺎء ،وﻧﻔﺎر .
ـ أﺣد أوزان ﺟﻣوع اﻟﺗﻛﺳﯾر ﻧﺣو :ﻗﺻﺎع ،وذﺋﺎب .
٣٠
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
.٣ﻓُُﻌول
.٤ﻓََﻌـل
ﻓَرح .
ﻓَﻌَل( ﻧﺣو َ :
ـ ﻣﺻدر اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ وزن ) ِ
.٥ﻓُْﻌـل
ْ .٦ﻓِﻌـﻠﺔ
اﻟ ارﺑــﻊ :إﻧﻧــﺎ ﻟــو ﻗﻠﻧــﺎ ﺑﻬــذا اﻟ ـرأي وﻫــو ان اﻷﺻــل ﻓــﻲ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ اﻟﻧﻘــل ،ﻋﻧــد ذﻟــك
ﯾﺟــب ﻋﻠﯾﻧــﺎ اﻹﻗ ـرار ﺑﻧظرﯾــﺔ اﻻﺻــطﻼح واﻟﻣواﺿــﻌﺔ ،ﻓﯾﺟــب ان ﯾﻛــون ﻗــد وﺻــﻠﻧﺎ ﻣــن
طرﯾــق اﻟــرواة ﺧﺑــر ﯾؤﯾــد ﻫــذا اﻟ ـرأي ،أي ان ﻣﺟﻣوﻋــﺔ ﻣــن اﻟﻌﻠﻣــﺎء اﺻ ـطﻠﺣوا ﻋﻠــﻰ ﻧﻘــل
ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻣن اﻟﺻﻧﻌﺔ أو ﻏﯾرﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻛﻣﺎ ﻫـو اﻟﯾـوم ﻓـﻲ اﻟﻣﺟـﺎﻣﻊ اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ ،ﻟﻛـن
ﺷــﯾﺋﺎ ﻣــن ﻫــذا ﻟــم ﯾﺣــدث ،ﻓﻠــم ﯾﺻــﻠﻧﺎ أي ﺧﺑــر ﻣــن اﻟــرواة ﯾؤﯾــد ﻫــذﻩ اﻟﻧظرﯾــﺔ ،وﻣــن ﺛــم
ﻓــﺎن اﻟﻘ ــول ﺑﺎﻟﻧﻘــل ﻫ ــو ﻗــول ﺿ ــﻌﯾف ،وﻻ ﯾؤﺧــذ ﺑ ــﻪ ،وﺑــذﻟك ﻓ ــﺎن اﻷﺻــل ﻓ ــﻲ ﺻ ــﯾﻐﺔ
) ﻓّـﻌﺎل( ﻫو اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ،وﻛـذﻟك ﻫو اﻟﺣﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺑﻘـﯾﺔ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ .
٣١
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ر ﻓ ــﻲ ﻧﻬ ــﺞ اﻟﺑ ــﻼﻏﺔ ،وﻣ ــن ذﻟ ــك ﻗ ــول اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ
وﻗــد ورد ﺑﻧ ــﺎء ) ّﻓﻌــﺎل( ﻛﺛﯾ ـ ا
ﻏواﻟــﺔ
ﺿــرارة .. ،أﻛـــﺎﻟﺔ ّ
ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﻛ ــﻼم ﻟــﻪ ﯾﺻــف ﻓﯾ ــﻪ اﻟــدﻧﯾﺎ ،ﻗ ــﺎل ..)) :ﻏـّــرارة ّ
)(١
. ((..
ﻓـﻲ اﻟـﻧص أرﺑـﻊ ﻛﻠﻣـﺎت ﻋﻠـﻰ زﻧـﺔ ) ّﻓﻌـﺎل( وﻫـﻲ ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ،وﻣﺷـﺗﻘﺔ ﻣـن
ﺿر ،واﻛل ،وﻏﺎل( .
ﻏر ،و ّ
اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣﺟرد ) ّ
ﯾﺳﺗﺷــف ﻣــن اﻟــﻧص ان اﻟــدﻧﯾﺎ ﺗﻐ ــر اﻟﻣﺗﻣﺳ ــك ﺑﻬــﺎ ،ﻓﺗﺗ ـزﯾن ﻟــﻪ وﺗﻐوﯾــﻪ ﺑروﻧﻘﻬ ــﺎ
وزﺧرﻓﻬــﺎ ،ﻓﻣــﺎ ان ﺗــﺗﻣﻛن ﻣﻧــﻪ وﺗﺣﻛــم ﺑﻘﺑﺿــﺗﻬﺎ ﻋﻠﯾــﻪ ،ﻓــﻲ ذﻟــك اﻟوﻗــت ﺗﻛﺷــف ﻟــﻪ ﻋــن
ﻧﻘﺎﺑﻬــﺎ ،وﺗظﻬــر ﻟــﻪ وﺟﻬﻬــﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘ ـﻲ ،ﻓﺗﻛــون ﻛــﺎﻟوﺣش اﻟﻛﺎﺳــر اﻟــذي ﯾﺗ ـرﺑص ﺑﻔرﯾﺳــﺗﻪ
ﻻﻓﺗراﺳﻬﺎ ،ﻓﻼ ﯾﻧﺎل اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧﻬﺎ ﺳوى اﻵﻻم ،ﺑﻔﻘد اﻷﺣﺑـﺔ واﻷﻋـزاء ،وﻛﻣـﺎ ﻧﺎﻟـت ﻣـن
أﺣﺑﺗﻪ ﺳﺗﻧﺎل ﻣﻧﻪ ،ﻻن ﻫذا ﻫو دﯾدﻧﻬﺎ ،وﻫذﻩ ﻫﻲ ﻓﻌﺎﻟﻬﺎ .
وﻗــﺎل اﻹﻣـ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﻣ ــن ﻛـ ــﻼم ﻟــﻪ ﯾﺻ ــف ﻓﯾ ــﻪ اﻟﻌﺑــد اﻟﺻ ــﺎﻟﺢ اﻟﻣطﯾ ــﻊ ﷲ
ﻛﺷﺎف ﻋﺷوات ،ﻣﻔﺗﺎح ﻣﺑﻬﻣﺎت ،دﻓّﺎع ﻣﻌﺿﻼت ،دﻟﯾل ﻓﻠوات (().(٢
ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ّ ..)) :
ﯾﺳـﺗﻔﺎد ﻣــن اﻟـﻧص ان اﻷﯾﻣــﺎن درﺟـﺎت ،وﻫــذﻩ درﺟـﺔ ﻣــن درﺟﺎﺗـﻪ ،ﺣﯾــث ﯾﺻــﺑﺢ
اﻟﻌﺑد راﺳﺦ اﻷﯾﻣﺎن ﺑﺎﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﻟﻰ ،وﺑﺎﻟﺗـﺎﻟﻲ ﻓﺎﻧـﻪ ﯾــرى اﻷﻣـور ﻋﻠـﻰ ﺣﻘﯾﻘﺗﻬـﺎ ،ﻻ
ﯾﻠﺗــﺑس ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﻏﺎﻣﺿــﻬﺎ ،ﻓوﺻــﻔﻪ اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﺑﺎﻧــﻪ )ﻛﺷــﺎف ﻋﺷ ـوات( ،أي اﻧــﻪ
ﻛﺛﯾــر اﻟﻛﺷــف ﻋ ــن اﻷﻣــور اﻟﻣﺑﻬﻣ ــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗﻠﺗ ــﺑس ﻋﻠــﻰ اﻟﻧ ــﺎس ،واﻟﺗــﻲ ﺗﻛ ــون ﺳــﺑﺑﺎ ﻓ ــﻲ
ﺧﻼف اﻟﻛﺛﯾرﯾن ﻣﻧﻬم .ووﺻـﻔﻪ ﺑﺎﻧـﻪ )دﻓـﺎع ﻣﻌﺿـﻼت( أي اﻧـﻪ ﻛﺛﯾـر اﻟـدﻓﻊ ﻟﻠﻣﻌﺿـﻼت
واﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﯾﺑﺗﻠﻰ ﺑﻬﺎ اﻟﻧﺎس .
٣٢
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
وﻛﻣﺎ وﺻف اﻟﻌﺑـد اﻟﺻﺎﻟﺢ ،ﻓﺎﻧﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( وﺻف اﻟﻌﺑـد اﻟﻌﺎﺻﻲ ﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ
ﺧﺑــﺎط ﺟﻬــﺎﻻت ،ﻋــﺎش
،اﻟﻣط ــﯾﻊ ﻟﻬـ ـواﻩ ﻓــﻲ اﻟﺣﻛــم ﺑــﯾن اﻟﻌﺑــﺎد ،ﻗــﺎل .. )) :ﺟﺎﻫــل ّ ،
)(١
. رﻛّﺎب ﻋﺷوات ((
ﯾﺣـوي اﻟــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﯾن ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ ) ّﻓﻌــﺎل( ﻫﻣـﺎ )ﺧﺑــﺎط ،ورﻛــﺎب( ،وﻫﻣــﺎ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ
اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣﺟرد )ﺧﺑط ،ورﻛب(.
ﯾﻠﻣس ﻓﻲ اﻟﻧص ﺻـورة ذﻟـك اﻹﻧﺳـﺎن اﻟﺟﺎﻫـل ،اﻟـذي ﻧﺻـب ﻧﻔﺳـﻪ ﻗﺎﺿـﯾﺎ ﯾﺣﻛـم
ﺑــﯾن اﻟﻌﺑــﺎد ،وﻗــد رﻛــن إﻟــﻰ ﻫ ـواﻩ ﻓــﻲ ﺣﻛﻣــﻪ ﺑﯾــﻧﻬم ،وﺗــوﻣﺊ اﻟﻛﻠﻣﺗــﺎن )ﺧﺑــﺎط ،ورﻛــﺎب(
إﻟ ــﻰ ﻛﺛـ ـرة وﻗوﻋ ــﻪ ﻓ ــﻲ اﻟﺧط ــﺄ ،وﻋـ ــدم ﻣﺟﺎﻧﺑﺗ ــﻪ ﻟﻠﺻـ ـواب ،ﺣﯾ ــث ﻟ ــم ﯾﻌﺗﻣ ــد ﻓ ــﻲ أﻗ ـ ـواﻟﻪ
واﺣﻛﺎﻣـﻪ ﻋﻠــﻰ اﺻــل ﺛﺎﺑــت ،أو ﻗﺎﻋـدة ﺻــﺣﯾﺣﺔ ،وﻻ ﯾــدري ﻣﺎﻟــﻪ ﻣﻣـﺎ ﻋﻠﯾــﻪ ،ﻓﻛﺛﯾـ ار ﻣــﺎ
ﯾرﻛــب اﻷﻣ ــور اﻟﻣﻠﺗﺑﺳــﺔ ،وﻻ ﯾﺗ ـواﻧﻰ ﻓــﻲ إﺻــدار اﻟﻘ ـ اررات واﻷﺣﻛــﺎم ﺣﺳــب ﻫـ ـواﻩ ،وﻣــﺎ
ﺗﻘﺗﺿﯾﻪ ﻧﻔﺳﻪ .
ﻓَُﻌـول
وﻫـذا اﻟﺑﻧـﺎء ﻣن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺑـﺎﻟﻐﺔ اﻟﺗﻲ ذﻛـرﻫﺎ اﻟﻌﻠﻣـﺎء) ،(٢وﯾﺻـﺎغ ﻣـن ) َ
ﻓَﻌـ َـل( اﻟـﻼزم
واﻟﻣﺗﻌ ــدي) ،(٣ﻟﻠـ ــدﻻﻟﺔ ﻋﻠ ــﻰ ﻣ ــن ﻛﺛـ ــر ﻣﻧ ــﻪ اﻟﻔﻌـ ــل ودام ﻋﻠﯾـ ــﻪ) .(٤وﯾﺳ ــﺗوي ﻓﯾـ ــﻪ اﻟﻣ ــذﻛر
)(٥
. واﻟﻣؤﻧث ﻧﺣو :رﺟـل ﺻﺑور ،واﻣـرأة ﺻﺑور ،ﺷﻛـور ،ﻏﻔـور …
وﯾرى ﺑﻌض اﻟﻘـدﻣﺎء ان ﻫذا اﻟﺑﻧـﺎء ﻣﻧﻘــول ﻣـن أﺳـﻣﺎء اﻟـذوات ،ﻓـﺎن اﺳـم اﻟﺷـﻲء
)(٦
اﻟذي ﯾﻔﻌل ﺑﻪ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ )ﻓﻌـول( ﻏﺎﻟﺑـﺎ ﻛﺎﻟوﺿوء ،واﻟوﻗود ،واﻟﺳﺣور ،واﻟﺑﺧور…
٣٣
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
وﻗد ذﻫب إﻟﻰ ﻫذا اﻟـرأي ﻣن اﻟﻣﺣدﺛﯾن اﻟدﻛﺗور ﻓﺎﺿل اﻟﺳﺎﻣراﺋﻲ ﺑﻘـوﻟﺔ ) :وﻣـن
ﻫﻧﺎ اﺳﺗﻌﯾر اﻟﺑﻧﺎء إﻟﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻧﻘول ):ﻫو ﺻﺑور( ﻛـﺎن اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻧـﻪ ﻣـﺎدة ﺗﺳﺗﻧﻔــذ
ﻓــﻲ اﻟﺻــﺑر وﺗﻔﻧــﻰ ﻓﯾ ــﻪ ،ﻛــﺎﻟوﻗود اﻟــذي ﯾﺳــﺗﻬﻠك ﻓــﻲ اﻻﺗﻘــﺎد ،وﯾﻔﻧــﻰ ﻓﯾــﻪ ،وﻛﺎﻟوﺿــوء
)(١
. اﻟذي ﯾﺳﺗﻧﻔد ﻓﻲ اﻟوﺿوء… (
وﻫذا اﻟرأي ﻏﯾر ﻣﻘﺑول ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ) ،(٢واﻟـرأي اﻟـراﺟﺢ ﻫـو ان اﻷﺻـل ﻓـﻲ ﻫـذا
اﻟﺑﻧﺎء إﻧﻣﺎ ﻫو اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ .
وﻗد ورد ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑـﻼﻏﺔ ،ﻣﻧﻬﺎ ﻗول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ
٣٤
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﯾﺻـور اﻟـﻧص ﺣﺎﻟــﺔ اﻹﻧﺳـﺎن اﻟﻣــؤﻣن اﻟﻣﺗﻘـﻲ اﻟﻌـﺎرف ﻟﺣــق اﷲ ﺳـﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﻟﻰ ،
ﻓﻘوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ( ) :ﻓـﻲ اﻟﻣﻛـﺎرﻩ ﺻـﺑور( ،ﯾﻌﻧـﻲ اﻧـﻪ ﺷـدﯾد اﻟﺻـﺑر ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ ﯾﺻـﯾﺑﻪ
ﻣ ــن اﻟ ــﺑﻼء ،ﻻ ﯾﺗﺿ ــﺟر وﻻ ﯾﻌﺗ ــرض ﻋ ــل ﺣﻛ ــم اﷲ وﻗﺿ ــﺎﺋﻪ ،ﻓ ــﻼ ﺗﺣرﻛ ــﻪ اﻟﺧط ــوب
اﻟطﺎرﻗﺔ ،واﻟﻣﻠﻣﺎت اﻟﺻﻌﺑﺔ ٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﺑﻘﻰ ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻗوي اﻷﯾﻣﺎن ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻋﻠـﻰ ﯾﻘـﯾن ﺑـﺎن
ذﻟك اﻟﺑـﻼء ﻟم ﯾﺻﺑـﻪ إﻻ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻗﺗﺿـﺎﻫﺎ اﻟﺑــﺎري ﺟــل وﻋـﻼ .أﻣـﺎ ﻗوﻟـﻪ) :وﻓـﻲ اﻟرﺧـﺎء
ﺷﻛور( ﻓﯾﻌﻧﻲ اﻧـﻪ ﻛﺛﯾـر اﻟﺷـﻛر ﷲ ﺳـﺑﺣﺎﻧﻪ ،ﻓـﻲ ﻣواﺿـﻊ اﻟﻧﻌﻣـﺔ ،ﻓﻛﻠﻣـﺎ ﺷـﻛر اﷲ أﯾﻘـن
اﻧﻪ ﻋﺎﺟز ﻋن اﻟﺷﻛر اﻟذي ﯾﻠﯾق ﺑﺎﻟذات اﻟﻣﻘدﺳﺔ .
ﻓَِْﻌﯾـل
وﻫــذا اﻟﺑﻧــﺎء ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ،وﯾﺻــﺎغ ﻣــن اﻟﻔﻌــل اﻟــﻼزم واﻟﻣﺗﻌــدي) ،(١ﻟﻠدﻻﻟــﺔ
ﻋﻠــﻰ ﻣــن ﺻــﺎر ﻣﻧــﻪ اﻷﻣــر ﻛﺎﻟطﺑﯾﻌــﺔ) ،(٢ﻧﺣــو رﺣــﯾم ،وﻋﻠــﯾم ،وﺳــﻣﯾﻊ ،وﺑﺻــﯾر ، ..
وﯾـرى اﻟدﻛﺗور اﻟﺳﺎﻣراﺋﻲ ان ﻫذا اﻟﺑﻧـﺎء ﻣﻧﻘـول ﻣـن )ﻓﻌﯾــل( ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﺻـﻔﺔ اﻟﻣﺷـﺑﻬﺔ إذ
ﯾﻘـول ) :ان ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻣﻧﻘول ﻣـن )ﻓﻌﯾــل( اﻟـذي ﻫــو ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﺻـﻔﺔ اﻟﻣﺷـﺑﻬﺔ ..وﺑﻧـﺎء
)ﻓﻌﯾ ــل( ﻓــﻲ اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ ﯾ ــدل ﻋﻠــﻰ اﻟﺛﺑــوت ﻓﯾﻣــﺎ ﻫــو ﺧﻠﻘــﺔ او ﺑﻣﻧزﻟﺗﻬــﺎ ،ﻛطوﯾــل ،
وﻗﺻﯾر ..وﻫو ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻷﻣـر وﺗﻛـ اررﻩ ﺣﺗـﻰ اﺻـﺑﺢ ﻛﺄﻧـﻪ ﺧﻠﻘـﺔ ﻓـﻲ
ﺻـﺎﺣﺑﻪ ،وطﺑﯾﻌـﺔ ﻓﯾـﻪ ،ﻛﻌﻠـﯾم ،أي ﻫــو ﻟﻛﺛـرة ﻧظـرﻩ ﻓـﻲ اﻟﻌﻠــم وﺗﺑﺣـرﻩ ﻓﯾـﻪ اﺻـﺑﺢ اﻟﻌﻠــم
ﺳﺟﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻲ ﺻﺎﺣﺑﻪ ،ﻛﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﯾﻪ ().(٣
)(٤
ﻟﻘد ﺑﯾﻧﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺑق ﻋدم ﺻﺣﺔ ﻫـذا اﻟـرأي ،أي اﻟﻘـول ﺑﺎﻟﻧﻘـل ﻓـﻲ أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ
،وﻗد أﺛﺑﺗﻧﺎ ذﻟك ﺑﻌدة أﻣور ،وﻟﻌل اﻟﻣﻘﺎم ﻫﻧﺎ ﯾﻘﺗﺿـﻲ إﺿـﺎﻓﺔ أﻣـر آﺧـر ،وﻫـو ان ﺑﻧـﺎء
)ﻓﻌﯾ ــل( ﻓــﻲ اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ ﺑﻌﯾــد ﻓــﻲ دﻻﻟﺗ ــﻪ ﻛــل اﻟﺑﻌــد ﻋــن )ﻓﻌﯾ ــل( اﻟــذي ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ
اﻟﻣﺑـﺎﻟﻐﺔ ،وﻟﻛل ﺑﻧـﺎء ﻣﻧﻬﺎ دﻻﻟﺗﻪ اﻟﺗـﻲ ﺗﻣﯾـزﻩ ﻋـن ﻏﯾـرﻩ ،وﻻ ﺟــﺎﻣﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣـﺎ ﺳـوى اﻟﺗﺷـﺎﺑﻪ
وﺳر ﻣن أﺳرارﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﻣر ﺳﺎﺑﻘﺎ .
ﻓﻲ اﻟﺑﻧﯾﺔ ،وﻫذا ﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌرﺑﯾﺔ ّ
٣٥
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﺛم إﻧﻧﺎ ﻟو ﻗﻠﻧﺎ ﺑﻬذا اﻟـرأي ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ان ﻧﻔﺳر ﻗـول اﻟدﻛﺗور اﻟﺳﺎﻣراﺋﻲ ﻓـﻲ ﻟﻔظـﺔ
)ﻋﻠــﯾم( ) :ﻫــو ﻟﻛﺛـ ـرة ﻧظ ـرﻩ ﻓــﻲ اﻟﻌ ــﻠم وﺗﺑﺣ ـرﻩ ﻓﯾــﻪ اﺻــﺑﺢ اﻟﻌﻠــم ﺳــﺟﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗــﺔ ﻓــﻲ ﺻــﺎﺣﺑﻪ
ﻛﺎﻟطﺑﯾﻌــﺔ ﻓﯾــﻪ () ،(١ﻛﯾــف ﯾﻣﻛــن ان ﻧﻔﺳــر ﻫــذا اﻟﻘــول ﺑﺈﺳــﻧﺎدﻩ إﻟــﻰ اﷲ ﺟــل وﻋــﻼ وﻫــو
)اﻟﻌﻠﯾم( ،ﻓﻛﯾف ﻧﺳﻧد اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة وﺗﻛرار اﻷﻣر إﻟﻰ اﻟذات اﻟﻣﻘدﺳﺔ .
أﻣﺎ ﻣﺎ ورد ﻣن ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،ﻓﻛـﺎن ﻓـﻲ ﻣواﺿـﻊ ﻣﻧﻬـﺎ ﻗـول اﻹﻣـﺎم
)ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﻣــن ﻛــﻼم ﻟــﻪ ﻓ ـﻲ ﺻــﻔﺎت اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﻟﻰ ،ﻗــﺎل .. )) :ﺑﺻـــﯾر ﻻ
)(٢
. ﯾوﺻف ﺑﺎﻟﺣﺎﺳﺔ ،رﺣﯾم ﻻ ﯾوﺻف ﺑﺎﻟرﻗﺔ (( ..
ﻓ ــﻲ اﻟ ــﻧص ﻛﻠﻣﺗ ــﺎن ﻋﻠ ــﻰ زﻧ ــﺔ )ﻓﻌﯾ ــل( ﻫﻣ ــﺎ )ﺑﺻ ــﯾر ،ورﺣ ــﯾم( ،وﻫﻣ ــﺎ ﻣ ــن أﺑﻧﯾ ــﺔ
ﯾــدل ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :ﺑﺻــﯾر ﻻ ﯾوﺻــف ﺑﺎﻟﺣ ــﺎﺳﺔ( اﻧــﻪ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻻ ﯾﻌــزب
ﻋﻧــﻪ ﺷ ــﺊ ﻣــن اﻟﻣﺑﺻـ ـرات وأﺣواﻟﻬ ــﺎ ،أو ان ﯾﻛ ــون ﺑﻣﻌﻧ ــﻰ ﻣﺑﺻــر ﻟﻸﺷ ــﯾﺎء اﻟﻣﺑﺻـ ـرات
ﻣــدرك ﻟﻬــﺎ ،وﻻ ﺣﺎﺳــﺔ وﻻ ﺟﺎرﺣــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻛــل واﺣــد ﻣــن اﻟﻘــوﻟﯾن ،ﻻن اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻟــﯾس
ﺑﺟﺳـم ﺗﻌــﺎﻟﻰ ﻋﻣــﺎ ﯾﺻــﻔون .وﯾــدل ﻗوﻟـﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :رﺣــﯾم ﻻ ﯾوﺻــف ﺑﺎﻟرﻗــﺔ( اﻧــﻪ
ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﻣﻧﻌم ﻋﻠﻰ ﻋﺑﺎدﻩ ﺑﻛل ﻣـﺎ ﻫـو ﺧﯾـر ﻟﻬـم ،ﻻن ﻟﻔظـﺔ اﻟرﺣﻣـﺔ ﻣـن ﺻـﻔﺎﺗﻪ ﺳـﺑﺣﺎﻧﻪ
٣٦
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ِﻣَﻔْﻌـﺎل
وﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﺗـدل ﻋﻠﻰ ﺗﻛـرار وﻗـوع اﻟﺣـدث واﻟﻣداوﻣـﺔ ﻋﻠﯾـﻪ
،ﺑﺣﯾث ﯾﺻﺑﺢ ﻛﺎﻟﻌﺎدة ﻓﻲ ﺻﺎﺣﺑﻪ) .(١وﺳﻣﻊ ﺻﯾﺎﻏﺗﻪ ﻣن اﻟﻼزم واﻟﻣﺗﻌدي ﻧﺣو ﻣﻧﺣﺎر
،وﻣطﻌﺎن ،وﻣﻬذار .(٢)...
وذﻫب ﺑﻌض اﻟﻘـدﻣﺎء إﻟـﻰ ان ﻫـذا اﻟﺑﻧـﺎء ﻟﻣـن ﺻـﺎر ﻟـﻪ ﻛﺎﻵﻟـﺔ) .(٣وﻗـد ﺗﺑﻧـﻰ ﻫـذا
اﻟرأي ﻣـن اﻟﻣﺣـدﺛﯾن اﻟـدﻛﺗور ﻓﺎﺿـل اﻟﺳـﺎﻣراﺋﻲ ﺑﻘوﻟـﻪ ) :وﻧﺣـن ﻧـذﻫب إﻟـﻰ ﻫـذا اﻟﻣـذﻫب
أﯾﺿ ــﺎ ،ﻻن اﻷﺻ ــل ﻓ ــﻲ اﻟﻣﺑـ ــﺎﻟﻐﺔ اﻟﻧﻘـ ــل ..ﻓﺎﻷﺻ ــل ﻓ ــﻲ ) ِﻣَﻔْﻌـ ــﺎل( ان ﯾﻛـ ــون ﻟﻶﻟ ــﺔ ،
ﻛﺎﻟﻣﻔﺗــﺎح ،وﻫ ــو آﻟ ــﺔ اﻟﻔــﺗﺢ ،واﻟﻣﻧﺷ ــﺎر ،وﻫـ ــو آﻟ ــﺔ اﻟﻧﺷــر ..ﻓﺎﺳ ــﺗﻌﯾر إﻟ ــﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐ ــﺔ ،
ﻓﻌﻧـدﻣﺎ ﻧﻘــول :ﻫــو ﻣﻬــذار ،ﻛـﺎن اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻧــﻪ ﻛﺄﻧــﻪ آﻟـﺔ ﻟﻠﻬــذر .(٤)( ..وﻫــذا اﻟـرأي ﻏﯾــر
ﻣﻘﺑول ﻟﻸدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ذﻛرﻧﺎﻫﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ).(٥
أﻣﺎ ﻣﺎ ورد ﻣن ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓـﻲ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ(
ﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ ﻓﻲ وﺻف أﻫل ﺑﯾت اﻟﻧﺑﻲ )ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺁﻟـﻪ( ﻗـﺎل )) :أوﻟﺋـك ﻣﺻـﺎﺑﯾﺢ
اﻟﻬدى ،واﻋﻼم اﻟﺳرى ،ﻟﯾﺳوا ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﯾﯾﺢ ،وﻻ اﻟﻣذاﯾﯾﻊ اﻟﺑذر .(٦)(( ..
ﻓــﻲ اﻟ ــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﺎن ﻫﻣ ــﺎ )ﻣﺳــﺎﯾﯾﺢ ،وﻣ ــذاﯾﯾﻊ( وﻫﻣــﺎ ﺟﻣـ ــﻊ وﻣﻔردﻫﻣــﺎ )ﻣﺳ ــﯾﺎح ،
وﻣــذﯾﺎع( ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ ) ِ ْﻣﻔﻌــﺎل( ،وﻫﻣــﺎ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ،وﻣﺷــﺗﻘﺗﺎن ﻣــن اﻟﻔﻌــل اﻟﺛﻼﺛــﻲ
)ﺳﺎح ،وذاع( .
) _ (١ﯾﻧظر اﻟﻣﻘﺗﺿب ، ١١٣،١١٤/٢ :أدب اﻟﻛﺎﺗب ، ٢٥٥ :واﻟﺻﺎﺣﺑﻲ. ٢٢٤ :
) _ (٢ﯾﻧظر ﺷرح اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ ، ١٧٩ /٢ :واﻟﻣزﻫر، ٢٤٣/٢ :واﻟﻣﻬذب ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺻرف ﻫﺎﺷم طﻪ ﺷﻼش. ٢٦٢ :
) _ (٣ﯾﻧظر اﻟﻛﻠﯾﺎت ﻷﺑﻲ اﻟﺑﻘﺎء اﻟﻌﻛﺑري ، ٣٩٨ :وارﺗﺷﺎف اﻟﺿرب. ١٩١/٣ :
) (٤ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ . ١١٢ :
) (٥ﯾﻧظر ﺻﻔﺣﺔ ،١٣و ١٤ﻣن ﻫذا اﻟﺑﺣث .
) _ (٦ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ. ١١٠ / ٧ :
٣٧
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﯾﺳﺗدل ﻣن اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻋﺻـﻣﺔ أﻫـل اﻟﺑﯾـت )ﻋﻠـﻬﻢ ﺍﻟﺴـﻼﻡ(،ﻓﺎﻷﻣـﺎم ﯾﺻـﻔﻬم ﺑـﺄﻧﻬم
اﻟﻬداة اﻟذﯾن ﯾﻬﺗدى ﺑﻬم ،وﯾؤﺧـذ ﺑـرأﯾﻬم ،ﻷﻧﻬـم ﺧﯾـرة اﷲ ﻣـن ﺧﻠﻘـﻪ .ﺛـم ﺑﻌـد ذﻟـك ﯾﻧﻔـﻲ
ﻋﻧﻬم اﻟﺻﻔﺎت اﻟذﻣﯾﻣﺔ إذ ﯾﻘـول ) :ﻟﯾﺳوا ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﯾﯾﺢ ،وﻻ اﻟﻣذاﯾﯾﻊ( ،واﻟﻣﺳﯾﺎح ﻫو اﻟـذي
ﯾﺳــﯾﺢ ﺑــﯾن اﻟﻧــﺎس ﻓــﻲ اﻟﻔﺳ ــﺎد واﻟﻧﻣــﺎﺋم ،أﻣــﺎ اﻟﻣــذﯾﺎع ﻓﻬــو اﻟــذي إذا ﺳﻣ ــﻊ ﻟﻐﯾ ـرﻩ ﺑﻔﺎﺣﺷــﺔ
ﺗــﻧﻘص ﻣــن ﺷــﺎﻧﻪ ،أذاﻋﻬــﺎ ﺑــﯾن اﻟﻧــﺎس وﻧــوﻩ ﺑﻬــﺎ ،وﺗﻠــك اﻷﻓﻌــﺎل ﺑﻌﯾــدة ﻛــل اﻟﺑﻌــد ﻋــن
أﺧﻼق أﻫل ﺑﯾت اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﯾﻬم).(١
ﻓَُﻌـﻠَﺔ
وﻫ ــذا اﻟﺑﻧــﺎء ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ) ،(٢وﯾــﺄﺗﻲ ﻟﻠ ــدﻻﻟﺔ ﻋﻠــﻰ ﺻــﻔﺔ ﻣــن ﻛﺛ ــر ﻣﻧــﻪ اﻟﻔﻌــل ،
وﻟُﻣزة ،ﻟﻠﻛﺛﯾر اﻟﺿﺣك ،واﻟﻬﻣز ،واﻟﻠﻣز).(٣
وﻫﻣزة َ ،
ﺿَﺣﻛَﺔ َُ ،
ُ وﺻﺎر ﻟﻪ ﻛﺎﻟﻌﺎدة ﻧﺣو :
وﻗد ورد ﻫذا اﻟﺑﻧـﺎء ﻗﻠـﯾﻼ ﻓـﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ وﻣﻧـﻪ ﻗـول اﻹﻣـﺎم)ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )):وذﻟـك
)(٤
زﻣﺎن ﻻ ﯾﻧﺟو ﻓﯾﻪ إﻻﻛل ﻣؤﻣن ﻧَُ َوﻣﺔ ،ان ﺷﻬد ﻟم ﯾﻌرف ،وان ﻏﺎب ﻟم ﯾﻔﺗﻘد((
ﻓﻲ اﻟﻧص ﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠـﻰ زﻧـﺔ )ﻓﻌﻠـﺔ( ﻫـﻲ)ﻧوﻣـﺔ( ،وﻫـﻲ ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ،وﻣﺷـﺗﻘﺔ
ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣﺟرد )ﻧﺎم( .
ﯾﺳﺗدل ﻣن اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻧـوع ﻣن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،وﺟودﻩ ﻛﻌدﻣﻪ ،وﻫـو اﻟﻣؤﻣن اﻟﺧﺎﻣـل
اﻟـذﻛر ،اﻟﻘﻠﯾـل اﻟﺷـر اﻟـذي إذا ﺣﺿـر ﻟـم ﯾﻌـرف ،وان ﻏـﺎب ﻟـم ﯾﻔﺗﻘـدﻩ أﺣـد ،ﻫـذا اﻟﻧـوع
ﻣن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻫو اﻟذي ﯾﻧﺟو ﻓﻲ ذﻟك اﻟزﻣﺎن ﻋﻠﻰ ﺣد ﻗول اﻹﻣﺎم .
٣٨
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
) _ (١ﯾﻧظر ﺷرح اﻟﻣﻔﺻل ﻻﺑن ﯾﻌﯾش ، ٨٢ /٦ :وﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ، ٢٠٥ /٢ :وﺷرح اﺑن اﻟﻧﺎظم ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻔﯾﺔ :
، ١٧٢وﺷرح اﻟﺗﺻرﯾﺢ ، ٨٠/٢ :واﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺻوﺗﻲ ﻟﻠﺑﻧﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﺻﺑور ﺷﺎﻫﯾن. ١١٧ :
) _ (٢ﺷذا اﻟﻌرف ﻓﻲ ﻓن اﻟﺻرف اﺣﻣد اﻟﺣﻣﻼوي . ٧٥ :
) _ (٣ﯾﻧظر ﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ . ٢٠٥ /٢ :
) _ (٤ﯾﻧظر ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ ٧٦ :ـ . ٩٢
٣٩
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻓﻌﻠ ــﻰ ﻫ ــذا ﻻ ﯾ ــرى اﻟدﻛﺗـ ــور اﻟﺳ ــﺎﻣراﺋﻲ ان ﯾﺣﻛ ــم ﺑ ــﺎﻟﺛﺑوت ﻋﻣوﻣ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ اﻟﺻ ــﻔﺔ
اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ ﺑــل اﻷوﻟــﻰ اﻟﺗﻔﺻــﯾل) ،(١واﻋطــﺎء ﻛــل ﺑﻧــﺎء اﻟدﻻﻟــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗﻣﯾ ـزﻩ ﻋــن ﻏﯾ ـرﻩ ﻣــن
اﻷﺑﻧﯾﺔ ،وﻫذا ﻫو ﻋﯾن اﻟﺻواب .
أﻣــﺎ أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ اﻟﺗــﻲ وردت ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،ﻓﺳــوف ﻧــذﻛرﻫﺎ ﺣﺳــب
ﻗوﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑوت ،وﻛﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
أَ َﻓْﻌـل
ﻓَﻌـل( اﻟـﻼزم ،وﯾﻛـون ﻓﯾﻣـﺎ
وﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻـﻔﺔ اﻟﻣﺷـﺑﻬﺔ ،وﯾﺻـﺎغ ﻣـن ) ِ
دل ﻋﻠﻰ ﻟــون ﻧﺣـو :اﺣﻣـر ،وازرق ،أو ﺣﻠﯾـﺔ وﯾﻘﺻـد ﺑﺎﻟﺣﻠﯾـﺔ اﻟﻌﻼﻣـﺔ اﻟظــﺎﻫرة ﻟﻠﻌــﯾن
ﻧﺣو :أﻏﯾد ،وأﻫﯾف ،وأﻛﺣل ،أو ﻋﯾـب ﻣـن اﻟﻌﯾــوب اﻟظﺎﻫ ـرة ﻧﺣـو :أﻋﻣـﻰ ،واﻋـور
،واﺣول).(٢
)(٣
إﻟـﻰ ﺗﻌـﺎور )أ َﻓﻌـل( و) ِﻓﻌـل( ﻓـﻲ ﻫـذﻩ اﻟـدﻻﻻت ،أي اﻧـﻪ ﻗـد وﻗد ذﻫـب اﻟﻘـدﻣﺎء
ﯾـدﺧل ) ِﻓﻌل( ﻋﻠﻰ )أﻓﻌل( ﻓﻲ اﻟﻌﯾوب اﻟظــﺎﻫرة واﻟﺣﻠـﻲ ﻧﺣـو :ﺷ ِـﻌث ،واﺷـﻌث ،وﺣِـدب
،واﺣدب ، ..ﻗﺎل ﺳﯾﺑوﯾﻪ ) :أﻣﺎ اﻷﻟـوان ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ أﻓﻌـل … وﻗـد ﯾﺑﻧـﻰ ﻋﻠـﻰ اﻓﻌـل
ﻓَﻌـل َ ﯾَﻔﻌـل( … وذﻟـك ﻣـﺎ ﻛـﺎن داء او ﻋﯾﺑـﺎ ،ﻻن اﻟﻌﯾـب ﻧﺣـو اﻟـداء
وﯾﻛون اﻟﻔﻌل ﻋﻠـﻰ ) ِ
)(٤
. ﻓﻔﻌﻠوا ذﻟك ﻛﻣﺎ ﻗﺎﻟوا اﺟرب ،واﻧﻛد …(
وﻗــد ﯾــدﺧل )اﻓﻌــل( ﻋﻠــﻰ ) ِﻓﻌــل( ،ﻛﻣــﺎ ﻓــﻲ وﺟــر ـ أي ﺧــﺎن ـ وﻫــو ﻣــن اﻟﻌﯾــوب
اﻟﺑﺎطﻧﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﯾﺎس ) ِﻓﻌل( وﺟر ،وأوﺟر ،وﻣﺛﻠﻪ ﺣﻣق ،واﺣﻣق).(٥
وﻟــم ﯾــذﻫب اﻟــدﻛﺗور ﻓﺎﺿــل اﻟﺳــﺎﻣراﺋﻲ إﻟــﻰ ﻫــذا اﻟ ـرأي ،ﺑــل ﻛــﺎن ﯾــرى ان ) ِﻓﻌــل(
ﯾﺑﻧﻰ ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋراض واﻟﻬﯾﺟﺎﻧﺎت ،وﻣﺎ ﯾﻛـرﻩ ﻣن اﻷدواء واﻟﻌﯾوب اﻟﺑﺎطﻧﺔ ،ﺣﯾث
٤٠
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻗﺎل ) :ﻏﯾر اﻧﻲ ﻻ اذﻫب إﻟﻰ ﻣﺎ ذﻛـرﻩ ﺳﯾﺑوﯾﻪ ﻣن ﻧﺣو ﺣﻣـق واﺣﻣـق ،وﺟرب واﺟرب
،اﻧﻬﻣﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ واﺣد ،وان ﻛﺎن أﺻﺣﺎب اﻟﻣﻌﺟﻣﺎت ﯾذﻫﺑون إﻟﻰ ذﻟك أﯾﺿﺎ ،واﻧﻣـﺎ أرى
ان ﻟﻛــل ﻣﻧﻬﻣــﺎ ﻣﻌﻧــﻰ وﻗﺻــدا ،ﻓﺑﻧــﺎء ) ِﻓﻌــل( ﯾﺧﺗﻠــف ﻋــن )أﻓﻌــل( ﻓــﻲ ﺟﻣﻠــﺔ أﻣــور ﻣﻧﻬــﺎ
اﻧﻪ ﻋرض ﻏﯾر ﺛﺎﺑـت ،وان ﻓﯾﻪ ﻫﯾﺟﺎ ،واﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﯾـوب اﻟظﺎﻫرة().(١
وﻗد ﺟﺎء ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء )اﻓﻌل( ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﺑدﻻﻟﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﻋرف ﺑﻬـﺎ ﻛﻣـﺎ ﻓـﻲ ﻗـول
اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :ﻓﻼ ﺗﻧﻔروا ﻣن اﻟﺣق ﻧﻔﺎر اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣن اﻷﺟرب (().(٢
وردت ﻓﻲ اﻟﻧص ﻛﻠﻣـﺔ ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )أﻓﻌـل( ﻫﻲ )اﻷﺟرب( ،وﻫـﻲ ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﺻـﻔﺔ
اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ )ﺟرب( .
اﻟﻣﺗﺄﻣــل ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﯾﺟــد ﺻــورة راﺋﻌــﺔ ﯾرﺳــﻣﻬﺎ اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﻟﻠﺣــق وﻛﯾﻔﯾــﺔ
ﺗﻌـﺎﻣل اﻟﻧﺎس ﻣﻌﻪ ،ﺣﯾث ﯾﺻورﻩ ﺑﺻورة اﻷﺟرب اﻟذي ﯾﻧﻔر ﻣﻧﻪ اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟذي ﻟﯾس ﺑﻪ ﻋﻠـﺔ
،ﺧﺷﯾﺔ ان ﺗﺻﯾﺑﻪ ﻋدوى ذﻟك اﻟﻣرض ،ﻫﻛذا ﯾﻧﻔر اﻟﻧﺎس ﻣن اﻟﺣـق ﺧﺷﯾﺔ اﻟﺗﻌرض ﻟﻸذى ،
وﻻ ﯾﺧﻔﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ اﻷﺟرب ﻣن دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑـوت ،وﻫــو ﺛﺑــوت ﻋﻠـﻰ وﺟـﻪ اﻟـدوام ﻻ ﯾطـ أر
ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣدوث ،ﻛﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺣق ﻓﺎﻧﻪ ﺛﺎﺑت ﻻ ﯾط أر ﻋﻠﯾﻪ ﺗﻐﯾﯾر .
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :طﺑﯾـب ّدوار ﺑطﺑـﻪ ،ﻗـد اﺣﻛـم ﻣراﻫﻣـﻪ ،وأﺣﻣـﻰ
ﻣواﺳﻣﻪ ،ﯾﺿﻊ ذﻟك ﺣﯾث اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﻪ ﻣن ﻗﻠوب ﻋﻣـﻲ ،وآذان ﺻـم ،واﻟﺳـﻧﺔ ﺑﻛـم ،
ﻣﺗﺑﻊ ﺑدواﺋﻪ ﻣواﺿﻊ اﻟﻐﻔﻠﺔ وﻣواطن اﻟﺣﯾرة (().(٣
ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﺛــﻼث ﻛﻠﻣــﺎت ﻫــﻲ ) ﻋﻣـٌـﻲ ،وﺻٌــم ،وﺑﻛٌــم( وﻫــﻲ ﺟﻣــوع ﻣﻔردﻫــﺎ )أﻋﻣــﻰ ،
واﺻــم ،واﺑﻛ ــم( ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )أﻓﻌــل( ،وﻫــﻲ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ ،وﻣﺷــﺗﻘﺔ ﻣــن اﻟﻔﻌـ ــل
اﻟﺛﻼﺛﻲ )ﻋﻣﻲ ،وﺻم ،وﺑﻛم (.
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﯾﺷﯾر اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( إﻟﻰ ﻧﻔﺳـﻪ ،ﺣﯾـث ذﻛـر اﻧـﻪ ﯾﻌـﺎﻟﺞ ﻣـن
ﯾﺣﺗــﺎج إﻟﯾــﻪ ،وﻫــم أوﻟــو اﻟﻘﻠــوب اﻟﻌﻣــﻲ ،واﻵذان اﻟﺻــم ،واﻷﻟﺳــﻧﺔ اﻟــﺑﻛم ،وﻫــذا ﺗﻘﺳــﯾم
ﺻـﺣﯾﺢ ﺣﺎﺻـر ،ﻻن اﻟﺿـﻼل وﻣﺧﺎﻟﻔــﺔ اﻟﺣـق ﯾﻛـون ﺑﺛﻼﺛـﺔ أﻣــور :أﻣـﺎ ﺑﺟﻬـل اﻟﻘﻠــب ،
٤١
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
أو ﺑﻌ ــدم ﺳــﻣﺎع اﻟﻣ ـواﻋظ واﻟﺣﺟــﺞ ،أو ﺑﺎﻹﻣﺳــﺎك ﻋــن ﺷــﻬﺎدة اﻟﺗوﺣﯾــد وﺗــﻼوة اﻟــذﻛر).(١
وان اﻟﺣﻛــم ﻋﻠــﻰ ﻫــؤﻻء ﺑﺎﻟﺿــﻼل ﻟــﯾس إﻻ ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻻﻓﻌــﺎﻟﻬم ﻫــذﻩ ،واﻟﺗــﻲ ﻫــﻲ ﻋﻠــﻰ وﺟــﻪ
اﻟﺛﺑوت واﻻﺳﺗﻣرار .
ﻓَِﻌﯾـل
وﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ اﻟﻛﺛﯾرة اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﯾﺻﺎغ ﻣن
) ُﻓﻌل( اﻟﻼزم ،ﻗﺎل اﻟرﺿﻲ ) :اﻟﻐﺎﻟب ﻣن ﺑﺎب ُﻓﻌل ﻓﻌﯾل () ،(٢وﯾﺄﺗﻲ ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻟﻠـدﻻﻟﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑوت ﻓﻲ اﻷوﺻﺎف اﻟﺧﻠﻘﯾﺔ ،أو اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،ﻧﺣو :طوﯾل ،وﻗﺻﯾر ،وﺧطﯾب ،
وﻓﻘﯾـﻪ) ،(٣وﻗد ﯾﺷـﺎرك) ِﻓﻌل( ﻓﻲ اﻟـدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻌﺎرﺿﺔ أو اﻟوﻗﺗﯾـﺔ) ،(٤ﻧﺣـو ﺳـﻘﯾم
،وﻣرﯾض .
وﻗد ورد ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻛﺛﯾ ار ﻓﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ،وﻣن ذﻟك ﻗـول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ(
)) :ان اﻟﻘـرآن ظـﺎﻫرﻩ أﻧﯾق ،وﺑﺎطﻧﻪ ﻋﻣﯾـق ،ﻻ ﺗﻔﻧـﻰ ﻋﺟﺎﺋﺑـﻪ ،وﻻ ﺗﻧﻘﺿـﻲ ﻏراﺋﺑـﻪ
(().(٥
ﻓــﻲ اﻟ ــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﺎن ﻋﻠ ــﻰ زﻧــﺔ )ﻓﻌﯾ ــل( ﻫﻣ ــﺎ )أﻧﯾ ــق ،وﻋﻣﯾ ــق( ،وﻫﻣــﺎ ﻣ ــن أﺑﻧﯾ ــﺔ
اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ )أﻧق ،وﻋﻣق( .
ﯾﺳــﺗﻔﺎد ﻣــن اﻟــﻧص ﻓــﻲ اﻻﺳــﺗدﻻل ﻋﻠــﻰ اﻧــﻪ ﻻ ﯾﻧﺑﻐــﻲ ﺣﻣــل ﺟﻣﯾــﻊ ﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻟﻘـ ـرآن
ﻋﻠﻰ ظﺎﻫرﻩ ،ﻓﻛم ﻣن ظﺎﻫر ﻓﯾﻪ ﻏﯾر ﻣراد ،ﺑل اﻟﻣراد أﻣر آﺧـر ﺑﺎطن ﯾﻣﻛن ﻓﻬﻣـﻪ ﻣـن
اﻟﻘـراﺋن اﻟﻠﻔظﯾـﺔ أو اﻟﺣﺎﻟﯾـﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘـﺔ ﺑـﺎﻟﻧص اﻟﻘرآﻧـﻲ ،ﻓـﺈذا ﻣـﺎ ﺣﻣﻠﻧـﺎ اﻟﻘ ـران ﻋﻠـﻰ ظــﺎﻫرﻩ
ﺣﻛﻣﻧﺎ ﺣﻛﻣﺎ ﺑﺎطﻼ ﻋﻠﻰ ﻛل أﻋﻣـﻰ ﻓـﻲ ﻫـذﻩ اﻟﻧﺷـﺄة ،ﺑﺎﻧـﻪ ﺳﯾﺣﺷـر ﯾـوم اﻟﻘﯾﺎﻣـﺔ أﻋﻣـﻰ ،
َﺿ ﱡـل َﺳـﺑِﯾﻼً (()،(٦
َﻋﻣـﻰ َوأ َ
اﻵﺧَ ِـرة أ َْ
َﻋﻣـﻰ ﻓَُﻬَـو ِﻓـﻲ ِ
ـﺎن ِﻓـﻲ َﻫ ِــذِﻩ أ َْ
َ َوﻣـن َﻛ َ ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ )) :
٤٢
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
وﻫــذا ﻓــﻲ ظــﺎﻫرﻩ ظﻠــم ﻣــن اﷲ ﺗﻌــﺎﻟﻰ ﻟﻌﺑــﺎدﻩ ،وﺣﺎﺷــﺎﻩ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ان ﯾظﻠــم أﺣــدا ،أﻣــﺎ إذا
ﺳﺑرﻧﺎ ﻏور ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ ،ﻓﺳﻧرى ان اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻷﻋﻣﻰ ﻫﻧﺎ أﻋﻣﻰ اﻟﺑﺻﯾرة ،وﻟﯾس أﻋﻣﻰ
اﻟﺑﺻر ،إذن ﻫﻧﺎك آﯾﺎت ﺗﺳﺗوﺟب ان ﯾﻘـف ﻋﻧـدﻫﺎ اﻹﻧﺳـﺎن وﯾﺗﺄﻣـل اﻟﻣـراد ﻣﻧﻬـﺎ وﯾﺗﺄوﻟـﻪ
،وﻫذا ﻣوﻛول ﻟﻠراﺳﺧﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻠم ﻓﻬم اﺟدر اﻟﻣﺧﻠوﻗﯾن ﺑﻬذا اﻷﻣر .
وﻗ ــﺎل اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ ( ﻓ ــﻲ ﺻ ــﻔﺎت اﷲ ﺳ ــﺑﺣﺎﻧﻪ )) :ﻟطﯾـــف ﻻ ﯾوﺻـــف
ﺑﺎﻟﺧﻔﺎء ،ﻛﺑﯾر ﻻ ﯾوﺻف ﺑﺎﻟﺟﻔﺎء (().(١
ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﺎن ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )ﻓﻌﯾــل( ﻫﻣــﺎ )ﻟطﯾــف ،وﻛﺑﯾــر( ،وﻫﻣــﺎ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ
اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ )ﻟطف ،وﻛﺑر( .
ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ) :ﻟطﯾف ﻻ ﯾوﺻف ﺑﺎﻟﺧﻔﺎء ( ﻋدة أﻣور ﻣﻧﻬﺎ :
اﻷول :ﯾــدل اﻟــﻧص ﻋﻠــﻰ ان اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻻ ﯾُ ــرى ﻟﻌــدم ﺻــﺣﺔ رؤﯾــﺔ ذاﺗــﻪ ،ﻓﻠﻣــﺎ
ﺷﺎﺑﻪ اﻟﻠطﯾف ﻣن اﻷﺟﺳﺎم ﻓﻲ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ رؤﯾﺗﻪ ،اطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﻟﻔـظ )اﻟﻠطﯾـف( إطﻼﻗـﺎ ﻟﻠﻔـظ
اﻟﺳﺑب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺑب .
اﻟﺛــﺎﻧﻲ :ﯾـ ــدل اﻟﻧـ ــص ﻋﻠ ــﻰ اﻧــﻪ ﺳ ــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻟطﯾ ــف ﺑﻌﺑ ــﺎدﻩ ،ﻛﻣــﺎ ﻗـ ــﺎل ﻓ ــﻲ اﻟﻛﺗ ــﺎب
اﻟﻌزﯾز ،أي ﯾﻔﻌل اﻷﻟطﺎف اﻟﻣﻘرﺑﺔ ﻟﻬم ﻣن اﻟطﺎﻋﺔ ،اﻟﻣﺑﻌدة ﻟﻬم ﻋن اﻟﻣﻌﺻﯾﺔ .
اﻟﺛﺎﻟــث :ﯾ ـراد ﻣــن ﻗوﻟــﻪ اﻧــﻪ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻟطﯾــف ﺑﻌﺑــﺎدﻩ ،اﻟدﻻﻟ ــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻧــﻪ ﯾــرﺣﻣﻬم
وﯾرﻓق ﺑﻬم .
أﻣــﺎ ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ ( ) :ﻛﺑﯾــر ﻻ ﯾوﺻــف ﺑﺎﻟﺟﻔــﺎء( ،ﻓﯾﺳــﺗدل ﺑـﻪ ﻋﻠــﻰ ﺗﻧزﯾــﻪ
اﻟﺑـﺎرئ ﺟــل وﻋـﻼ ﻋﻣــﺎ ﺗـدل ﻋﻠﯾــﻪ ﻟﻔظـﺔ )ﻛﺑﯾــر( إذا اﺳـﺗﻌﻣﻠت ﻓــﻲ اﻷﺟﺳـﺎم ،ﻓــﯾﻠﻣس ﻓــﻲ
وﺻف اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﺑﺎﻧﻪ )ﻛﺑﯾر( ،ﻋظﻣﺔ ﺷﺎﻧﻪ وﺟﻼل ﺳﻠطﺎﻧﻪ .
وﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﻛ ــﻼم ﻟــﻪ ﻓــﻲ ﺻــﻔﺎت اﷲ ﺗﻌــﺎﻟﻰ )) :ﻗرﯾــب ﻣــن
٤٣
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﺎن ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )ﻓﻌﯾــل( ﻫﻣــﺎ )ﻗرﯾــب ،وﺑﻌﯾــد( وﻫﻣــﺎ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ
اﻷول :ﯾﻛﺷــف اﻟﻧ ــص ﻋــن وظﯾﻔــﺔ ﻋﻘﺎﺋدﯾــﺔ ﻣﻬﻣــﺔ ،وﻫــﻲ اﻹﺣﺎطــﺔ اﻟﻣطﻠﻘــﺔ ﷲ
ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﻟﻰ ﺑــﺎﻟﻣوﺟودات ،ﻓــﻼ ﯾﺣــدﻩ زﻣ ــﺎن ،وﻻ ﯾﺣﺟﺑــﻪ ﻣﻛــﺎن ،واﻧﻣــﺎ ﻫــو ﻣﺣــﯾط
ﺑﺎﻟزﻣــﺎن واﻟﻣﻛــﺎن ،وﻻ ﺗﺧﻔــﻰ ﻋﻠﯾــﻪ ﺧﺎﻓﯾــﺔ ﻓــﻲ اﻟﺳــﻣﺎء وﻻ ﻓــﻲ اﻷرض ،وﻫــو ﺑﻛــل ﺷــﺊ
ﻋﻠﯾم .
اﻟﺛـﺎﻧﻲ :ﯾــدل ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :ﻗرﯾــب ﻣــن اﻷﺷــﯾﺎء ﻏﯾــر ﻣﻼﻣــس( ﻋﻠــﻰ ان
ِﯾـب
ﻗرﺑﻪ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﻣن اﻷﺷﯾﺎء إﻧﻣﺎ ﻫو ﻗرب ﻣﻌﻧوي ،ﻻﻧﻪ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﻟﯾس ﺑﺟﺳـم )) ﻓ َِـﺈﻧﱢﻲ ﻗَر ٌ
اﷲ ﻣن اﻷﺷﯾﺎء ﻫو ﻗرب أزﻟﻲ ،ﻻ ﯾوﺻـف ﺑـﺎﻟزوال ،واﻧﻣـﺎ ﻫـو ﻣـﻼزم ﻟﻬـﺎ أﺑـدا ،وﻏﯾـر
اﻟﺛﺎﻟــث :ﯾــدل ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :ﺑﻌﯾــد ﻣﻧﻬــﺎ ﻏﯾــر ﻣﺑــﺎﯾن( ان ﺑﻌــدﻩ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ
وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋن اﻷﺷﯾﺎء إﻧﻣﺎ ﻫو اﻧﺗﻔﺎء اﺟﺗﻣﺎﻋـﻪ ﻣﻌﻬـﺎ ،ﻻﻧـﻪ ﻟـﯾس ﺑﺟﺳـم ،ﻓـﻼ ﯾطﻠـق ﻋﻠﯾـﻪ
اﻟﺑﯾﻧوﻧﺔ ،وذﻟك ﻛﻣﺎ ﯾﺻـدق ﻋﻠـﻰ اﻟﺑﻌﯾـد ﺑﺎﻟوﺿـﻊ ،ﯾﺻـدق ﻋﻠـﻰ اﻟﺑﻌﯾـد ﺑﺎﻟـذات اﻟـذي ﻻ
٤٤
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻓَِﻌـل
وﻫــذا اﻟﺑﻧــﺎء ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ اﻟﻛﺛﯾ ـرة اﻻﺳــﺗﻌﻣﺎل ﻓــﻲ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ) ،(١وﯾــﺄﺗﻲ
ﻟﻠدﻻﻟـﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻌﺎرﺿـﺔ اﻟطﺎرﺋـﺔ ،ﻏﯾـر اﻟ ارﺳـﺧﺔ) ،(٢ﻣﻣـﺎ ﯾﺣﺻـل وﯾﺳــرع زواﻟـﻪ.
دو ،وﻋـٍـم ﻣـن
ﻓَﻌـل( اﻟـﻼزم ﻟﻠدﻻﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻷدواء اﻟﺑﺎطﻧـﺔ ﻧﺣـو :وﺟـﻊ ،و ٍ
وﯾﺻﺎغ ﻣـن ) ِ
ﻋﻣــﻲ ﻗﻠﺑ ــﻪ ،وﻟﻠدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻌﯾــوب اﻟﺑﺎطﻧــﺔ ،ﻧﺣــو :ﻧﻛــس ،وﺷــﻛس ،وﻟﻠدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ
اﻟﻬﯾﺟﺎﻧﺎت واﻟﺧﻔﺔ ﻧﺣو :أﺷر ،وﺑطر ،وﻓرح ،وﻗﻠق ،وﺣﻣس).(٣
وﻗد ورد ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﻗﻠﯾـﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑـﻼﻏﺔ ،وﻣﻧﻬـﺎ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ
)(٤
. ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :ﯾﺎ أﺧﺎ ﺑﻧﻲ أﺳد ،اﻧك ﻟﻘﻠق اﻟوﺿﯾن ((
واﻟوﺿـ ــﯾن ﻫـ ــو )ﺑط ـ ــﺎن ﻣﻧﺳـ ــوج ﺑﻌﺿـ ــﻪ ﻋﻠـ ــﻰ ﺑﻌـ ــض ،ﯾﺷـ ــد ﺑـ ــﻪ اﻟ ـ ــرﺣل ﻋﻠـ ــﻰ
اﻟﺑﻌـﯾر().(٥
ﺗظﻬــر ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﻛﻠﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ ) ِﻓﻌ ــل( ﻫــﻲ)ﻗ ــﻠِق( ،وﻫــﻲ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــﻔﺔ
ﻗﻠِق( .
اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ ) َ
ﯾﻠﻣـس ﻓـﻲ اﻟﻧــص ﺻـورة راﺋﻌـﺔ رﺳـﻣﻬﺎ اﻹﻣـﺎم ﻟﻺﻧﺳـﺎن اﻟـذي ﯾﻛــون ﻣﺿـطرﺑﺎ ﻓـﻲ
أﻓﻌﺎﻟﻪ وأﻣورﻩ ،ﻻ ﯾﺛﺑت ﻋﻠﻰ أﻣـر أو ﻓﻌــل ﻣـن أﻓﻌﺎﻟـﻪ ،ذﻟـك ان اﻟوﺿـﯾن إذا ﺻـﺎر ﻗﻠﻘـﺎ
اﺿطرب اﻟﻘﺗب أو اﻟﻬودج ،وﻣـن ﺛـم ﻓـﺎن اﻟـذي ﻓـوق اﻟﻬـودج ﻻ ﯾـﺄﻣن ﻣـن اﻟﺳـﻘوط ﻋـن
ظﻬرﻩ ،ﻓﻬذا اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﯾﺻـﻔﻪ اﻹﻣـﺎم ،ﻻ ﯾﻠﺑـث ﺣﺗـﻰ ﺗﻘـودﻩ ﺣﺎﻟﺗـﻪ ﻫـذﻩ إﻟـﻰ اﻟﺳـﻘوط
ﻓﻲ اﻟﻬﺎوﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻬوي اﻟذي ﻛﺎن ﻫودﺟﻪ ﻗﻠﻘﺎ .
) _ (١ﯾﻧظر أدب اﻟﻛﺎﺗب ، ٤٦٧ :ودﯾوان اﻷدب ، ٢٤٥ /٢ :واﻟﻣﻧﺻف ﻻﺑن ﺟﻧﻲ ، ٣٣٣ /١ :واﻟﺻﺎﺣﺑﻲ:
، ٢٢٤وﺷرح اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ. ٧٢ /١ :
) _ (٢ﯾﻧظر ﺷرح اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ ، ٧٢ /١ :واوﺿﺢ اﻟﻣﺳﺎﻟك ، ٢٤٣ /٣ :وﺷرح اﻟﺗﺻرﯾﺢ. ٧٨/٢ :
) _ (٣ﯾﻧظر اﻟﻛﺗﺎب ١٧ /٤ :ـ ، ٢١أدب اﻟﻛﺎﺗب ، ٤٦٧ :واﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ، ٢٢٤ :واﻟﻣﺧﺻص.١٤١ / ١٤ :
) _ (٤ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ. ٢٤١ /٩ :
) _ (٥ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻣﺎدة )وﺿن( . ٩٤٤ /٣ :
٤٥
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻓَْﻌـﻼن
ﻓَﻌــل(
وﻫذا اﻟﺑﻧـﺎء ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ اﻟﻛﺛﯾـرة اﻟـورود ﻓـﻲ اﻟﻌرﺑﯾـﺔ ،وﯾﺻـﺎغ ﻣـن ) ِ
اﻟـ ــﻼزم ﻟﻠدﻻﻟ ـ ــﺔ ﻋﻠـ ــﻰ اﻻﻣـ ــﺗﻼء واﻟﺧﻠـ ــو ،ﻧﺣـ ــو :رﯾ ـ ــﺎن ،وﺷـ ــﺑﻌﺎن ،وﻋطﺷـ ــﺎن ،وﺟوﻋـ ــﺎن ،
)(١
. وﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣ اررة اﻟﺑﺎطن ،ﻧﺣو :ﻏﺿﺑﺎن ،وﻟﻬﻔﺎن ،وﺛﻛﻼن
وﻗد ذﻫب اﻟﻘدﻣﺎء إﻟﻰ ﺗﻌﺎور ﺑﻧﺎء ) ِﻓﻌـل( ،و) ْﻓﻌـﻼن( وﻛـذﻟك )أﻓﻌـل( ،و) ْﻓﻌـﻼن( ﻓـﻲ
ﻫذﻩ اﻟدﻻﻻت ،أي ﻗد ﯾدﺧل ) ِﻓﻌل( ﻋﻠﻰ )ﻓﻌﻼن( ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻣـﺗﻼء وﺣـ اررة اﻟﺑـﺎطن ،
ﻧﺣ ــو :ﺻ ــد وﺻ ــدﯾﺎن ،وﻋط ــش وﻋطﺷ ــﺎن ،وﻛ ــذﻟك ﯾ ــدﺧل )أﻓﻌـ ــل( ﻋﻠ ــﻰ )ﻓﻌ ـ ــﻼن( ﻓـ ــﻲ
اﻟــدﻻﻻت اﻟﻣـذﻛورة ،ﻛــﺎﻫﯾم وﻫﯾﻣــﺎن ،واﺷــﯾم وﺷــﯾﻣﺎن ،وﻗــد ﯾﻧــوب )ﻓﻌــﻼن( ﻋــن ) ِﻓﻌــل(
ﻧﺣو :ﻏﺿﺑﺎن ،واﻟﻘﯾﺎس ﻏﺿب ،إذ اﻟﻐﺿب ﻫﯾﺟﺎن).(٢
وﻟم ﯾذﻫب اﻟدﻛﺗور اﻟﺳﺎﻣراﺋﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻘدﻣﺎء ،واﻧﻣﺎ ﻛﺎن ﯾرى ان ﻟﻛـل
ﺑﻧﺎء ﻣﻧﻬﺎ دﻻﻟﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن ﻏﯾرﻩ ،وﯾﺗﻣﺛل ﻫذا ﺑﻘوﻟـﻪ ) :أﻣـﺎ ﻣـﺎ ذﻛـرﻩ أﻫـل اﻟﻠﻐـﺔ ﻣـن
اﻧﻪ ﻗـد ﯾـدﺧل ) ِﻓﻌـل( أو )أﻓﻌـل( ﻋﻠـﻰ )ﻓﻌـﻼن( ،ﻓـﺎﻧﻲ ﻻ أراﻩ ،ﻓـﺎن ﺟرﺑـﺎن ﻟـﯾس ﺑﻣﻌﻧـﻰ
اﺟــرب … ان ﺟرﺑــﺎن وﺻــف ﻋــﺎرض ﻛﻣــﺎ ﺗﻘــول :ﺣﺻــل ﻟــﻪ اﻟﺟــرب وﻧﺣــوﻩ ﻋطﺷــﺎن ،
)(٣
. وﺟوﻋﺎن ..واﻣﺎ اﺟرب ﻓﻬو ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑوت …(
ﻣــن ذﻟــك ﻧﺧﻠــص إﻟــﻰ ان ﺑﻧــﺎء )ﻓﻌــﻼن( ﯾــدل ﻋﻠــﻰ اﻟﺣــدوث واﻟطــروء ،ﻓــﺎﻟﻌطش
ﻟﯾس ﺛﺎﺑﺗﺎ ،وﻛذﻟك اﻟﺷﺑﻊ واﻟﺟوع واﻧﻣﺎ ﯾزول .
وﻗد ورد ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻓـﻲ ﻣواﺿـﻊ ﻗﻠﯾﻠـﺔ ﻓـﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،ﻣﻧﻬـﺎ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﯾﺻف ﻓﯾﻪ ﺟﻣﻌﺎ ﻣن اﻟﻌﺑﺎد اﻟذﯾن ﻏض أﺑﺻﺎرﻫم ذﻛر اﻟﻣرﺟﻊ ،واراق دﻣـوﻋﻬم
) _ (١ﯾﻧظر اﻟﻛﺗﺎب ٢١/٤ :ـ ، ٢٣أدب اﻟﻛﺎﺗب، ٤٦٦ :واﻟﻣﺧﺻص ، ١٤١ /١٤ :وﺷرح اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ. ١٤٤ /١ :
) _ (٢ﯾﻧظر اﻟﻛﺗﺎب ، ١٩/ ٤ :وﺷرح اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ. ١٤٦ /١ :
) _ (٣ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ. ٩٤ :
٤٦
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟــﻧص ﻛﻠﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ )ﻓﻌ ــﻼن( ﻫــﻲ )ﺛﻛــﻼن( وﻫــﻲ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــﻔﺔ
اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ )ﺛﻛل( .
ﯾﺻور اﻟﻧص ﻫؤﻻء اﻟﻧﺧﺑﺔ ﻣن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،ﻓﺣﺎﻟﻬم ﻛﺣﺎل اﻟﺛﻛﻼن اﻟذي ﻓﻘد ﻋزﯾ از
ﻋﻠﯾــﻪ ،ﺣﺎﻟﺗــﻪ اﻟﺣــزن واﻷﻟــم واﻟﺑﻛــﺎء ،أﻣــﺎ ﻫــؤﻻء ﻓﻣــﺎ ﯾﺑﻛ ـون إﻻ ﺗوﻗــﺎ ﻟﻣﻼﻗــﺎة ﺧــﺎﻟﻘﻬم ،
وﻟﯾس ﺧوﻓﺎ ﻣن اﻟﻣوت .
ﻓََﻌـل
وﻫــذا اﻟﺑﻧــﺎء ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ اﻟﻘﻠﯾﻠــﺔ اﻟــورود ﻓــﻲ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،وﯾﺻــﺎغ ﻣــن
ﻓَﻌل( ﻧﺣو :ﺣﺳن ،وﺑطل).(٢
اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ ) ُ
وﻗد ورد ﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻓـﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ﻓـﻲ ﻣواﺿـﻊ ﻗﻠﯾﻠـﺔ ،ﻣﻧﻬـﺎ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ ﻓﻲ ﺻﻔﺎت اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﻗﺎل …)) :اﻷﺣد ﻻ ﺑﺗﺄوﯾل ﻋدد ((). (٣
ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﻛﻠﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ ) َﻓﻌــل( ﻫــﻲ )أﺣ ــد( وﻫــﻲ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ اﻟﺻــﻔﺔ اﻟﻣﺷــﺑﻬﺔ
وﺣد ( .
وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ ) َ
٤٧
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
أﻣــﺎ ﺧﺎرﺟــﺎ واﻣــﺎ ذﻫﻧــﺎ ،ﺑﺗــوﻫم أو ﺑﻔــرض اﻟﻌﻘــل ،ﻓﯾﺻــﯾر اﻧﺿــﻣﺎﻣﻪ ﻛﺛﯾ ـ ار ،واﻣــﺎ اﻷﺣــد
ﻓﻛﻠﻣﺎ ﻓرض ﻟﻪ ﺛﺎﻧﯾﺎ ﻛﺎن ﻫو ﻫو ﻟم ﯾزد ﻋﻠﯾﻪ ﺷﺊ ().(١
ﻓَُﻌـول
ﻓَﻌل( اﻟﻼزم) ،(٢ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ
وﻫذا اﻟﺑﻧﺎء ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،وﯾﺻﺎغ ﻣن ) َ
ﻣن دام ﻣﻧﻪ اﻟﻔﻌل ،ﻧﺣو :وﻗور ،وﻛؤد .(٣)..
وﻗــد ورد ﻫــذا اﻟﺑﻧــﺎء ﻓــﻲ أﻣــﺎﻛن ﻗﻠﯾﻠــﺔ ﻓــﻲ ﻧﻬ ــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ﻣﻧﻬــﺎ ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ
ﻓـﻲ ﻫـذا اﻟــﻧص ﻛﻠﻣـﺔ ﻋﻠـﻰ زﻧــﺔ )ﻓﻌـول( ،ﻫــﻲ )ﺟﻣـوح( ،وﻫـﻲ ﻣــن أﺑﻧﯾـﺔ اﻟﺻــﻔﺔ
اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ )ﺟﻣﺢ( .
ﺗﺻور ﻛﻠﻣﺔ )ﺟﻣوح( اﻟﺣدث ﻣﺎﺛﻼ ﻟﻠﻌﯾﺎن ،ﺣﯾث ﻧـرى ﻫـذا اﻟطـود اﻟﻌظـﯾم ﯾﻧﻬـﺎر أﻣـﺎم
ﻫذا اﻟﻌﺿو اﻟﺻﻐﯾر اﻟﺿﻌﯾف ،ﻓﻼ ﯾﻘوى ﻋﻠﻰ ﺻﯾﺎﻧﺗﻪ ،وﻻ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن ﺣﻣﺎﯾﺗﻪ ،وان ﺗرﻛﯾز
اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻋﻠﻰ ﻫـذﻩ اﻟﺟﺎرﺣـﺔ ﻣـن ﻗﺑﯾـل اﺳﺗﺻـﻼح اﻷرض اﻟﻛﻧـود ﺑﻘﻠـﻊ ﻣﻔﺎﺳـدﻫﺎ ،
ﻓﺻﻼح اﻟﻠﺳـﺎن ﻣﻘدﻣـﺔ ﻟﺻـﻼح اﻟـﻧﻔس ،ﺗﻧﻣـو ّﺑﻧﻣـوﻩ وﺗﻔﺳـد ﺑﻔﺳـﺎدﻩ ،ﻓـﺈذا ﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻓﺎﺳـدا أﻟﻘـﻰ
ﺑﺻــﺎﺣﺑﻪ ﻓــﻲ اﻟﻬﻠﻛــﺔ ،وأذاﻗــﻪ ﻋــذاب اﻟﺣرﯾــق .وﯾﻼﺣــظ ان ﻫــذﻩ اﻟﺻــﯾﻐﺔ أﻓــﺎدت اﻟدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ
اﻟﺛﺑوت واﻟدوام ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺗرن ﺑزﻣﺎن دون آﺧر .
) _ (١اﻟﻣﯾزان ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘران اﻟﺳﯾد ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن اﻟطﺑﺎطﺑﺎﺋﻲ . ٥٤٣ / ٢٠ :
) _ (٢ﯾﻧظر اﻻﺷﺗﻘﺎق ﻋﺑد اﷲ أﻣﯾن. ٢٦٥ :
) _ (٣ﯾﻧظر اﻟﻛﺗﺎب. ٣١/٤ :
) _ (٤ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ. ٢٨/ ١٠ :
٤٨
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
اﺳم اﻟﻣﻔﻌـول
اﺳـم اﻟﻣﻔﻌــول :ﻫــو اﻻﺳـم اﻟــذي ﯾﺻــﺎغ ﻟﻠدﻻﻟـﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺣــدث وﻣـن وﻗــﻊ ﻋﻠﯾــﻪ)،(١
)(٢
. ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺟدد واﻟﺣدوث
وﻗــد ﻻ ﯾﺧﻠــو اﺳــم اﻟﻣﻔﻌــول ﻣــن دﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺛﺑــوت اﻟــذي ﯾﻘﺗﺿــﯾﻪ اﻟﺳــﯾﺎق ﻛﻣــﺎ
ﺳﯾﺗﺿﺢ ذﻟك ﻻﺣﻘﺎ .
ﺻﯾﺎﻏﺗﻪ
ﯾﺻﺎغ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ﻣن اﻟﺛﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )ﻣﻔﻌول( ﻧﺣو :ﻣﺿروب ،وﻣﻛﺗـوب ،
وﻣﺄﺳ ــور ،وﻣﻘﻬ ــور… ﻣ ــن ﺿ ــرب ،وﻛﺗ ــب ،وأﺳ ــر ،وﻗﻬ ــر … ،وﯾﺻ ــﺎغ ﻣ ــن ﻏﯾ ــر
اﻟﺛـﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ زﻧﺔ ﻣﺿﺎرﻋﻪ اﻟﻣﺑﻧــﻲ ﻟﻠﻣﺟﻬـول ،ﺑﺈﺑــدال ﺣــرف اﻟﻣﺿـﺎرﻋﺔ ﻣﯾﻣـﺎ ﻣﺿـﻣوﻣﺔ
)(٣
. ،وﻓﺗﺢ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻻﺧر
أﻣﺎ أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻬﻲ ﻛﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
َﻣُﻔْﻌـول
وﯾﺑﻧــﻰ ﻣــن اﻟﻔﻌــل اﻟﺛﻼﺛــﻲ ﻟﻠدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻣــن وﻗــﻊ ﻋﻠﯾــﻪ اﻟﺣــدث ،وﻗــد ورد ﻫــذا
اﻟﺑﻧـﺎء ﻛﺛﯾـ ار ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،ﻣــن ذﻟــك ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( )) :ﻓﻛــل ﻣــن رﺟــﺎ
ُﻋـرِف رﺟﺎؤﻩ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻪ ـ إﻻ رﺟـﺎء اﷲ ـ ﻓﺎﻧـﻪ ﻣـدﺧول ،وﻛـل ﺧــوف ﻣﺣﻘــق ـ إﻻ ﺧـوف
)(٤
. ﻣﻌﻠول ((
ٌ اﷲ ـ ﻓﺎﻧﻪ
) _ (١ﯾﻧظر اﻟﻛﺗﺎب ، ٣٤٨ /٤ :واﻟﻣﻘﺗﺿب ، ١٠٠/١ :واﻟﺗﻛﻣﻠﺔ ﻷﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ٥٠٧ :وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ،
واﻟﻣﻧﺻف ، ٢٧٨ /١ :وﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ، ٢٠٣ /٢ :واوﺿﺢ اﻟﻣﺳﺎﻟك. ٢٣٢ /٣ :
) _ (٢ﯾﻧظر ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ ، ٥٩ :واﻟﻣرﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻲ رﺿﺎ . ٨٥ /١ :
) _ (٣ﯾﻧظر اﻟﻣﻘﺗﺿب ، ١٠٠ /١ :واﻟﺗﻛﻣﻠﺔ ٥٨١ :ـ ، ٥٨٢وﺷرح اﻟﻣراح. ١٣٠، ١٢٩ :
) _ (٤ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ. ٢٢٦ / ٩ :
٤٩
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﻛﻠﻣﺗﺎن ﻋﻠﻰ زﻧـﺔ )ﻣﻔﻌـول( ،ﻫﻣـﺎ )ﻣـدﺧول ،وﻣﻌﻠـول( ،وﻫﻣـﺎ ﻣـن
وﻋل ( .
أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ ) دﺧل ّ ،
اﻷول :ﯾــدل ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :ﻓﻛــل ﻣــن رﺟــﺎ ﻋــرف رﺟــﺎؤﻩ ﻓــﻲ ﻋﻣﻠــﻪ إﻻ
رﺟﺎء اﷲ ﻓﺎﻧﻪ ﻣدﺧول( ﻋﻠﻰ ان ﻛل رﺟﺎء ﻛﺎﻧت وﺟﻬﺗﻪ ﻟﻐﯾر اﷲ ﻫو رﺟـﺎء ﻣﻌﯾـب ،ﻻن
رﺟﺎء اﻟﻣﺧﻠوق دون اﻟﺧﺎﻟق ﻋﯾب ،وﻗﻠﺔ ﻓﻬم ،وﺳوء ظن ﺑﻘدرة اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﻋظﻣﺗﻪ .
اﻟﺛـــﺎﻧﻲ :ﯾ ــدل ﻗوﻟ ــﻪ )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ) :وﻛ ــل ﺧ ــوف ﻣﺣﻘ ــق إﻻ ﺧ ــوف اﷲ ﻓﺎﻧ ــﻪ
ﻣﻌﻠــول( ﻋﻠــﻰ ان ﻛــل ﺧــوف ﺣﺎﺻــل ﺣﻘﯾﻘــﺔ ،ﻓﺎﻧــﻪ ﻣــﻊ ﻫـذا اﻟﺣﺻــول واﻟﺗﺣﻘــق ﻣﻌﻠــول ،
ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺧوف اﻟﺻرﯾﺢ ،إﻻ ﺧوف اﷲ وﺣدﻩ وﺗﻘواﻩ وﻫﯾﺑﺗﻪ وﺳـطوﺗﻪ وﺳـﺧطﻪ ،ذﻟـك ﻻن
اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺧﺎف ﻣن اﻟﻌﺑد اﻟﻣﺧﻠوق ﺳرﯾﻊ اﻻﻧﻘﺿﺎء واﻟـزوال ،أﻣـﺎ اﻷﻣـر اﻟـذي ﯾﺧـﺎف
ﻣن اﻟﺑـﺎرئ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻼ ﻏﺎﯾﺔ ﻟـﻪ ،وﻻ اﻧﻘﺿـﺎء ﻟﻣﺣـذورﻩ) .(١وﺑﺎﻟﺗـﺎﻟﻲ ﻓـﺎن ﺧـوف اﻟﻌﺑـﺎد ﻣـن
اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻻ ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ زﻣن ﻣن اﻷزﻣﻧﺔ ،ﺑل ﻫـو ﺧـوف ﻋﻠـﻰ وﺟـﻪ اﻟـدوام واﻟﺛﺑـوت
.
)(٢
. اﻟﻘول ﻓﯾﻪ ((
ِ ﺑﺣﺳن
ِ ﻣﻔﺗون
ٍ وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ُ )) :رّب
ﻓـﻲ ﻫــذا اﻟـﻧص ﻛﻠﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ زﻧـﺔ )ﻣﻔﻌــول( ،ﻫـﻲ )ﻣﻔﺗــون ( ،وﻫــﻲ ﻣـن أﺑﻧﯾــﺔ اﺳــم
اﻟﻣﻔﻌول ،وﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ )ﻓﺗن( .
ﺗﺗﺟﻠ ــﻰ ﻓ ــﻲ اﻟﻧـ ــص وظﯾﻔ ــﺔ أﺧﻼﻗﯾ ــﺔ ﯾطرﺣﻬ ــﺎ اﻹﻣ ــﺎم ،وﻫ ــﻲ اﻻﺑﺗﻌ ــﺎد ﻋ ــن ﺻ ــﻔﺔ
اﻟﻌﺟب ،واﻟﺗﺧـﻠﻲ ﻋﻧﻬﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟذﻣﯾﻣﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗﺑﻌـد اﻹﻧﺳﺎن ﻋـن اﻟطرﯾـق
اﻟﻘوﯾم ،ﻓطﺎﻟﻣﺎ ﻓﺗن اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﺛﻧﺎء ﻋﻠﯾﻬم ،ﻓﯾﻘﺻـر اﻟﻌـﺎﻟم ﻓـﻲ اﻛﺗﺳـﺎب اﻟﻌﻠـم اﺗﻛـﺎﻻ ﻋﻠـﻰ
٥٠
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﺛﻧﺎء اﻟﻧﺎس ﻋﻠﯾﻪ ،وﯾﻘﺻر اﻟﻌﺎﺑـد ﻓـﻲ ﻋﺑﺎدﺗـﻪ اﺗﻛـﺎﻻ ﻋﻠـﻰ ﺛﻧـﺎء اﻟﻧـﺎس ﻋﻠﯾـﻪ ..ﻓﻔـﻲ ﺗﻠـك
اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺑﺗﻌد اﻹﻧﺳﺎن ﻋن داﺋرة اﻟﻌطف اﻹﻟﻬﻲ ،ﻓﯾﺟرﻩ ﻋﻣﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﻬﻼك اﻟﻣﺣﻘق .
ُﻣَﻔْﻌـل
وﯾﺻﺎغ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد ﺑﺎﻟﻬﻣزة ) أﻓْﻌل( ،وﻗد ﺟـﺎء ﻫـذا اﻟﺑﻧـﺎء ﻓـﻲ ﻗـول
)(١
. ﻋﺎﻟﻣﻬ ﺎ ُﻣﻠَْﺟم ،وﺟﺎﻫﻠﻬﺎ ُﻣَﻛْرم ((
اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( .. )) :ﺑﺄرض ُ
ﻓﻲ اﻟﻧص ﻛﻠﻣﺗﺎن ﻋﻠﻰ زﻧﺔ ) ُﻣَﻔﻌل( ﻫﻣـﺎ )ﻣﻠﺟـم ،وﻣﻛـرم( ،وﻫﻣـﺎ ﻣـن أﺑﻧﯾـﺔ اﺳـم
اﻟﻣﻔﻌول ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد ) اﻟﺟم ،واﻛرم( .
ﯾ ــدل ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ) :ﻋﺎﻟﻣﻬــﺎ ﻣﻠﺟــم( ﻋﻠــﻰ ان ﻣــن ﻋ ــرف ﺻــدق ﻣﺣﻣ ــد
)ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ( وآﻣـن ﺑـﻪ ،وﺳـﺎر ﻋﻠـﻰ ﺷـرﯾﻌﺗﻪ وﻣﻧﻬﺎﺟـﻪ ،ﯾﻛـون ﻓـﻲ ﺗﻘﯾـﺔ وﺧـوف
ﻓــﻲ ﺗﻠــك اﻷرض ،ﻻ ﯾﺳــﻌﻪ إﻻ اﻟﺳــﻛوت .وﯾــدل ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :ﺟﺎﻫﻠﻬــﺎ ﻣﻛــرم(
ﻋﻠــﻰ ان ﻣــن ﺟﺣــد ﻧﺑــوة اﻟﺧــﺎﺗم )ﺻــﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴــﻪ ﻭﺁﻟــﻪ( ،وﻟــم ﯾــؤﻣن ﺑﻣــﺎ ﺟــﺎء ﺑــﻪ ،وﺳــﺎر
وﻗ ــﺎل اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( واﻋظـ ــﺎ )) :اﻵن ﻋﺑــــﺎد اﷲ ،واﻟﺧﻧــــﺎق ﻣﻬﻣـــل ،
٥١
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ﯾﻛﺷف اﻟﻧـص ﻋن وظﯾﻔﺔ ﻋﻘﺎﺋدﯾـﺔ ﺗﺗﻣﺛـل ﺑﺎﻟﺗـذﻛﯾر ﺑﻌﺎﻗﺑـﺔ اﻹﻧﺳـﺎن ،واﻧـﻪ ﻣـﺎ ﻣـن
ﻣﺧﻠوق إﻻ وﻣﻔﺎرق ﻫذﻩ اﻟدﻧـﯾﺎ اﻟﻔﺎﻧﯾﺔ ،وﻟﻛن ﻛل ﻓـﻲ اﺟﻠـﻪ ،ﻓـﺈذا ﻋـرف ﻫـذا ،ﻓـﺎﻷﺣرى
ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ان ﯾﺑﺎدر إﻟﻰ ﻋﻣل اﻟﺧﯾر ﻟﯾﻔوز ﺑرﺿـﺎ اﷲ ﺟـل وﻋـﻼ ،ﻓﻘوﻟـﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( :
)اﻵن واﻟﺧﻧ ــﺎق ﻣﻬﻣ ــل( أي اﻋﻣـ ــﻠوا اﻵن واﻧ ــﺗم ﻣﺧﻠّ ــون ،ﻣﺗﻣﻛﻧ ــون ﻟ ــم ﯾﻌـ ــﻘد اﻟﺣﺑ ــل ﻓ ــﻲ
أﻋﻧﺎﻗﻛم .أﻣﺎ ﻗوﻟـﻪ ) :واﻟـروح ﻣرﺳـل( ﻓﺎﻟﻣ ـراد ﺑـﻪ ان أرواﺣﻛـم ﻟـم ﺗﻘـﺑض ﺑﻌـد ،ﻓـﺎﻋﻣﻠوا
ﻗﺑــل ان ﺗﻘــﺑض أرواﺣﻛــم ،وﺗﻐــل أﻋﻧــﺎﻗﻛم ﺑﺣﻠــول اﻷﺟــل ،وﻋــدم ﻗﺑ ــول اﻟﻌﻣــل ،ﻟﺳــﻘوط
اﻟﺗﻛﻠﯾف ،ﻓﻌﻧدﻫﺎ ﻻ ﺗﻧﻔﻊ اﻟﺗوﺑﺔ وﻻ ﺗﻔﯾد اﻟﻧداﻣﺔ .
ﻔﺎﻋل ُ ،وﻣﻔَﻌﱠـل
ُﻣ َ
ﻓﺎﻋـل( ،
ﻔﺎﻋـل( :ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ،وﯾﺻﺎغ ﻣن اﻟﻔﻌـل اﻟﺛﻼﺛـﻲ اﻟﻣزﯾـد ) َ
)ُﻣ َ
أﻣﺎ )ُﻣﻔﻌﱠل( ﻓﯾﺻﺎغ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد ﺑﺎﻟﺗﺿﻌﯾف ) ّﻓﻌل( .
وﻗــد ورد ﻫـ ــذان اﻟﺑﻧ ــﺎءان ﺑﻘﻠ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﻧﻬ ــﺞ اﻟﺑﻼﻏ ــﺔ ،ﻣ ــن ذﻟــك ﻗـ ــول اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ
وﻣؤﺟـل(
ﻔﺎﻋـل( ،و)ُﻣﻔﻌﱠـل( ،ﻫﻣـﺎ ) ﻣﻌﺎﺟـل ّ ،
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﻛﻠﻣﺗﺎن ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )ُﻣ َ
ﻋﺎﺟل ،و ّاﺟل(.
َ ،وﻫﻣﺎ ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد )
ﯾﺳــﺗدل ﻣ ــن اﻟ ــﻧص ﻋﻠــﻰ ان ﻛ ــل ﻣ ــن ﺣﺿـ ـرﻩ اﻟﻣــوت ،وﺟ ــﺎءت ﻣﻧﯾﺗ ــﻪ ،ﯾطﻠ ــب
َﻫُم َاﻟْﻣْـوُت
ـﺂء أََﺣـدُ
َﺣﺗﱠـﻰ إِذَا َﺟ َ اﻟرﺟﻌﻰ ،واﻹﻋﺎدة إﻟﻰ اﻟـدﻧﯾﺎ ،وﻫـذا ﻣـن ﻗوﻟـﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ )) :
ْت(() ،(٢ﻓﻬذا ﺳؤال اﻻﻧظﺎر ﻟﻣن ﻋوﺟل
ﺗَرﻛ ُ
ِﯾﻣﺎ َ
َﻋﻣُل َﺻﺎﻟِﺣﺎً ﻓَ
ون * َﻟَﻌﻠﱢﻲ أ َْ
َﺎل َرﱢب ْارُِﺟﻌ ِ
ﻗَ
،أﻣــﺎ ﻣــن ّاﺟــل ﻓﺎﻧــﻪ ﯾﻌﻠــل ﻧﻔﺳــﻪ ﺑﺎﻟﺗﺳــوﯾف ﻓــﻲ اﻟﺗوﺑــﺔ ،ﻣﻐﺗ ـ ار ﺑﻣــﺎ ﻫــو ﻋﻠﯾــﻪ ﻣــن ﺻــﺣﺔ
٥٢
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
وﻛﺛرة ﻓﻲ اﻷﻣوال واﻷوﻻد ،وﻟﻛن ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣطـﺎف ﯾﻔﺎﺟﺋـﻪ اﻷﺟـل ،وﺗﺄﺗﯾـﻪ اﻟﻣﻧﯾـﺔ وﻫـو
ﻋﻠﻰ اﻗﺑﺢ ﺣﺎل .
ﻣﺳـﻬدا ،
وﻗﺎل اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :واﷲ ﻟـﺋن أﺑﯾـت ﻋﻠـﻰ ﺣﺳـك اﻟﺳـﻌدان ّ
واﺟـر ﻓــﻲ اﻷﻏــﻼل ﻣﺻـﻔّدا ،اﺣــب اﻟـّـﻲ ﻣـن ان أﻟﻘــﻰ اﷲ ورﺳــوﻟﻪ ﯾــوم اﻟﻘﯾﺎﻣــﺔ ظﺎﻟﻣــﺎ
ﻟﺑﻌض اﻟﻌﺑﺎد (().(١
ﻣﻔﻌــل( ،ﻫﻣــﺎ )ﻣﺳــﻬدا ،وﻣﺻــﻔدا( وﻫﻣــﺎ ﻣــن أﺑﻧﯾــﺔ
ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﻛﻠﻣﺗــﺎن ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ ) ّ
ﺳﻬ ّ د ،وﺻﻔّد( .
اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد ﺑﺎﻟﺗﺿﻌﯾف )
ﯾﺳـﺗﻔﺎد ﻣـن اﻟـﻧص ﻓـﻲ اﻻﺳـﺗدﻻل ﻋﻠـﻰ ﻋداﻟــﺔ اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ،ﻓﻬـو ﯾﻘﺳــم
ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻧﻪ ﻟو ﻗﺿﻰ ﻟﯾﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺳك اﻟﺳﻌدان ـ ذﻟك اﻟﻧﺑﺎت ذو اﻷﺷـواك ـ ﯾﻼﻗـﻲ ﻣـن
اﺛ ـرﻩ اﻵﻻم ،او ﯾﺟــر ﻓ ــﻲ اﻷﻏــﻼل ﻣﻘﯾ ــدا ،أﻫــون ﻋﻠﯾ ــﻪ ﻣــن ان ﯾﻠﻘ ــﻰ اﷲ ورﺳــوﻟﻪ ﯾ ــوم
اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ وﻓﻲ ﻋﻧﻘﻪ ﺣق ﻟﺑﻌض اﻟﻌﺑﺎد .
وﻗـﺎل اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :وﻻ ﺗـﺄﻣن ﻋﻠــﻰ ﻧﻔﺳـك ﺻــﻐﯾر ﻣﻌﺻـﯾﺔ ،ﻓﻠﻌﻠــك
اﻻﺳــﺗﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟــذﻧب ﻣﻬﻣــﺎ ﻛــﺎن ﺻــﻐﯾ ار وﺗﺎﻓﻬــﺎ ،ﻓﻠﻌــل ﺳــﺧط اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﯾﻛــون ﻓــﻲ ذﻟــك
اﻟــذﻧب او ﺗﻠــك اﻟﻣﻌﺻــﯾﺔ ،اﻟﺗــﻲ ﻫــﻲ ﺻــﻐﯾرة ﻓــﻲ ﻧظــر اﻹﻧﺳــﺎن ،وﻟﻛﻧﻬــﺎ ﻓــﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﻬــﺎ
ﺗﻌﺗﺑـر ﻛﺑﯾـرة ﻷﻧﻬــﺎ ﻣﻌﺻـﯾﺔ ﻟﺟﺑــﺎر اﻟﺳـﻣﺎوات واﻷرض .واﻟﻌــذاب اﻟـذي ﯾﺗرﺗــب ﻋﻠـﻰ ﻫــذﻩ
اﻟﻣﻌﺻﯾﺔ ﻟﯾس ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻌذاب اﻟدﻧﯾوي اﻟذي ﯾط أر وﯾزول ،ﺑل ﻫو ﻋذاب اﺑدي ﻣﺳﺗﻣر
داﺋم ﻻ اﻧﻘطﺎع ﻟﻪ وﻻ زوال .
٥٣
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ْﺗَﻌـل
ُﻣﻔ َ
وﯾﺻــﺎغ ﻣــن اﻟﻔﻌــل اﻟﺛﻼﺛــﻲ اﻟﻣزﯾــد ﺑــﺎﻟﻬﻣزة واﻟﺗــﺎء )اﻓﺗﻌــل( .وﻗــد ورد ﻫــذا اﻟﺑﻧــﺎء
ﻗﻠــﯾﻼ ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،ﻣــن ذﻟــك ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﻛــﻼم ﻟــﻪ ﻓــﻲ ذم أﻫــل
ُﻣْﺳﺗَ َﻔْﻌـل
وﯾﺑﻧﻰ ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛـﻲ اﻟﻣزﯾـد ﺑـﺎﻟﻬﻣزة واﻟﺳـﯾن واﻟﺗـﺎء )اﺳـﺗﻔﻌل( .وﻗـد ﺟـﺎء ﻫـذا
اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﻋدﯾدة ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑـﻼﻏﺔ ،وﻣﻧﻬﺎ ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :اﻟﻠﻬـم
أﻧـــت اﻟﺻـــﺎﺣب ﻓـــﻲ اﻟﺳـــﻔر ،وأﻧـــت اﻟﺧﻠﯾﻔـــﺔ ﻓـــﻲ اﻷﻫـــل ،وﻻ ﯾﺟﻣﻌﻬﻣـــﺎ ﻏﯾـــرك ،ﻻن
ﺳﺗَﺻﺣب ﻻ ﯾﻛون ُﻣﺳﺗَﺧﻠَﻔﺎ (( ).(٢
َ ﺳﺗَﺻﺣﺑﺎ ،و ُاﻟﻣ
َ ُاﻟﻣﺳﺗَﺧﻠَف ﻻ ﯾﻛون ُﻣ
ـﺗَﻔﻌل( ،ﻫﻣـﺎ )ﻣﺳـﺗﺧﻠف ،وﻣﺳﺗﺻـﺣب( ،وﻫﻣـﺎ
ﻓﻲ اﻟـﻧص ﻛﻠﻣﺗـﺎن ﻋﻠـﻰ زﻧـﺔ )ُ ْﻣﺳ َ
ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد ) اﺳﺗﺧﻠف ،واﺳﺗﺻﺣب( .
٥٤
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ان ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴ ـﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :ﻻن اﻟﻣﺳــﺗﺧﻠف ﻻ ﯾﻛــون ﻣﺳﺗﺻــﺣﺑﺎ…( ،ﻫــو
ﻗـول ﻣﻧطﻘـﻲ ﺻــﺣﯾﺢ ،ﻻن ﻣـن ﯾﺳﺗﺻــﺣب ﻻ ﯾﻛـون ﻣﺳـﺗﺧﻠﻔﺎ ،ﻓﺎﻧــﻪ ﻣﺳـﺗﺣﯾل ان ﯾﻛــون
اﻟﺷــﻲء اﻟواﺣــد ﻓــﻲ ﻣﻛــﺎﻧﯾن ﻣﻘﯾﻣــﺎ وﺳــﺎﺋ ار ﻓ ــﻲ اﻟوﻗــت ﻧﻔﺳــﻪ ،وﺗﻛــون ﻫــذﻩ اﻟﻣﺳــﺎﻟﺔ ﻓ ــﻲ
اﻷﺟﺳﺎم ،ﻻن اﻟﺟﺳم اﻟواﺣد ﻻ ﯾﻛون ﻓﻲ ﺟﻬﺗﯾن ﻓﻲ وﻗت واﺣد ،ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﻟﯾس ﺑﺟﺳـم ،
وﻫــو اﻟﺑــﺎرئ ﺟــل وﻋــﻼ ،ﻓﺎﻧــﻪ ﻓــﻲ ﻛــل ﻣﻛــﺎن ،واﻟﻣـراد إﺣﺎطﺗــﻪ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﺑﻛــل ﺷــﺊ وﻧﻔــوذ
ﻛﻠﻣﺗﻪ وﻗﺿﺎﺋﻪ).(١
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :وﺧﻠـف ﻟﻛـم ﻋﺑـرا ﻣـن آﺛـﺎر اﻟﻣﺎﺿـﯾن ﻗـﺑﻠﻛم ﻣـن
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﻛﻠﻣﺗـﺎن ﻋﻠـﻰ زﻧـﺔ )ﻣﺳـﺗﻔﻌل( ،ﻫﻣـﺎ )ﻣﺳـﺗﻣﺗﻊ ،وﻣﺳﺗﻔﺳـﺢ( ،وﻫﻣـﺎ
ﻣن أﺑﻧﯾﺔ اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ،وﻣﺷﺗﻘﺗﺎن ﻣن اﻟﻔﻌل اﻟﺛﻼﺛﻲ اﻟﻣزﯾد )اﺳﺗﻣﺗﻊ ،واﺳﺗﻔﺳﺢ( .
ﯾﻛﺷف اﻟﻧص ﻋن وظﯾﻔﺔ أﺧﻼﻗﯾـﺔ ،وﻫـﻲ ﻋـدم اﻟﺗﻌﻠـق ﺑﺎﻟـدﻧﯾﺎ ،ووﺟـوب اﻻﺗﻌـﺎظ
ﺑﺄﺧﺑـﺎر اﻷﻣـم اﻟﺳــﺎﻟﻔﺔ وﻣـﺎ ﺟــرى ﻋﻠﯾﻬـﺎ ،ﺣﯾـث ﯾﻘــول اﻹﻣـﺎم :ان اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﺧﻠّـف ﻟﻛــم
ﻋﺑـ ار ﻣـن اﻟﻘـرون اﻟﺳــﺎﻟﻔﺔ ،ﻣﻧﻬـﺎ ﺗﻣـﺗﻌﻬم ﺑﻧﺻــﯾﺑﻬم ﻣـن اﻟـدﻧﯾﺎ وزﯾﻧﺗﻬــﺎ ﺛـم ﻓﻧـﺎءﻫم ،وﻣﻧﻬــﺎ
ﻓﺳــﺣﺔ أﺟﻠﻬــم وطــول أﻋﻣــﺎرﻫم ،وﻣــدة إﻣﻬ ــﺎﻟﻬم ﻓــﻲ ﺣﯾــﺎﺗﻬم اﻟــدﻧﯾﺎ ،ﺛــم ﻛﺎﻧــت ﻋ ــﺎﻗﺑﺗﻬم
اﻟﻬﻠﻛــﺔ .ﻓﺎﻟﺟــدﯾر ﺑﺎﻹﻧﺳــﺎن ان ﯾــﺗﻌظ ﺑﻣــﺎ ورد ﻣــن أﺧﺑــﺎر ﻫــذﻩ اﻷﻣــم وﯾﺗــزود ﻣــن اﻟــدﻧﯾﺎ
ﻟﺳﻔرﻩ اﻷﺧروي ﺑﺎﻟزاد اﻟذي ﯾﻧﺎل ﺑﻪ رﺿﺎ اﷲ ﺟل وﻋﻼ .
ﻧﺧﻠص ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﺻـوص اﻟﺗـﻲ ﺳـﺑﻘت ان اﺳـم اﻟﻣﻔﻌـول ﻗـد ﯾـدل ﻋﻠـﻰ اﻟﺛﺑـوت
إﻟﻰ ﺟﺎﻧب دﻻﻟﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺣدوث ،واﻟﺳﯾﺎق ﻫو اﻟذي ﯾﺣدد إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧت دﻻﻟﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠـﻰ
اﻟﺣـدوث أو اﻟﺛﺑـوت .وﻣﻣـﺎ ﯾﻘـوي ﻫـذا اﻟﻘـول ﻣﺟـﻲء اﺳـم اﻟﻣﻔﻌـول داﻻ ﻋﻠـﻰ اﻟﺛﺑـوت ﻓـﻲ
٥٥
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
ـﯾن * ِﻓــﻲ
ﺎب َاﻟْﯾِﻣـ ِ
َﺻـ َـﺣ ُ
ـﯾن َﻣــﺂ أ ْ
ﺎب َاﻟْﯾﻣـ ِ
َﺻـ َـﺣ ُ
َوأ ْ اﻟﻘـرآن اﻟﻛـرﯾم ،ﻣــن ذﻟــك ﻗوﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ )) :
ُوب (() ،(١وﻛــذﻟك ﻗوﻟــﻪ
ﱠﺳـﻛ ٍ
ـﺂء ﻣ ْ
ُود * َ َوﻣـ ٍ
ـود * َوِظـ ﱟـل ْﻣﱠﻣــد ٍ
ﱠﻧﺿ ٍ
ـﺢ ﻣ ُ
طَﻠـ ٍ
ـود * َو ْ
ﱠﺧ ُﺿـ ٍ
ِﺳْـدٍر ﻣ ْ
ـــور *
ـــت َاﻟْْﻣُﻌﻣـ ِ
ـــور * َوَاﻟْْﺑﯾـ ِ
ْﺷـ ٍ ق ﻣﱠﻧ ُ
ـــطُور * ِﻓــــﻲ َر ﱟ
ﱡﺳـ ٍ ـــﺎب ﻣ ْ
ـــور * َ ِوﻛﺗَ ـ ٍ
ﺗﻌ ــﺎﻟﻰ ))َ :واﻟطﱡ ـ ِ
ور (() ،(٢وﻛ ــذﻟك ﻗــوﻟﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ َ َ )) :وَﺟﻌﻠَْﻧــﺎ اﻟ ﱠ
ﺳـَـﻣ َﺂء َﺣـ ِـر َاﻟْﻣْﺳـُـﺟ ِ
َواﻟْﺑْ ْف َاﻟْْﻣرﻓُــوِع *
ﺳــﻘ ِ
َواﻟ ﱠ
)(٣
. ﱠﺣﻔُوظﺎً((
َﺳﻘْﻔﺎً ﻣْ
ﻓﻘـد ﺟــﺎء اﺳـم اﻟﻣﻔﻌــول ﻓــﻲ اﻵﯾـﺎت اﻟﻛرﯾﻣــﺔ داﻻ ﻋﻠــﻰ اﻟـدوام واﻻﺳــﺗﻣرار ،ﻓﻠﻔظــﺔ
)ﻣﻣدود( ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻧﻪ داﺋم ﺑﺎق ﻻ ﯾزول ) ،(٤وﻟﻔظﺔ ﻣﺳﻛوب ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻧﻪ ﺟﺎر ﺑﺻـورة
داﺋﻣﺔ ﻣﺳﺗﻣرة ).(٥
٥٦
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
اﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾـل
اﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾل :ﻫو اﻻﺳم اﻟذي ﯾﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )أﻓﻌـل( ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ان ﺷﯾﺋﯾن ﻗد
اﺷﺗرﻛﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﺎ ،وزاد أﺣدﻫﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧر ﻓﯾﻬﺎ ).(١
ان ﯾﻛون اﻟﻔﻌل ﻣﺗﺻرﻓﺎ ،ﻓﻼ ﯾﺷﺗـق ﻣن ﻧﻌم ،وﺑﺋس ﻟﻠﻣدح واﻟذم .٢
،أو ﻟﯾس أو ﻋﺳﻰ .
ان ﯾﻛــون ﻗــﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻔــﺎوت ،ﻓــﻼ ﯾﺷــﺗق ﻣــن اﻷﻓﻌــﺎل اﻟﺗــﻲ ﻻ ﺗﻔــﺎوت .٣
ﻓﯾﻬﺎ ﻧﺣو :ﻣﺎت ،و ﻓﻧﻲ ،ﻓﻼ ﯾﻘﺎل ﻫو أﻓﻧﻰ ،وأﻣوت .
وﻗــد اﻗﺗﺻــر اﻟﻣﺣــدﺛون ﻋﻠــﻰ ﻫــذﻩ اﻟﺷــروط اﻷرﺑﻌــﺔ ﻓــﻲ ﺻــﯾﺎﻏﺔ اﺳــم اﻟﺗﻔﺿــﯾل ،
وﻫﻲ اﻟﺗﻲ اﻧﺗﻬﻰ إﻟﯾﻬـﺎ ﻣﺟﻣـﻊ اﻟﻠﻐـﺔ اﻟﻌرﺑﯾـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻘـﺎﻫرة) ،(٣أﻣـﺎ اﻟﺷـروط اﻷﺧـرى ،واﻟﺗـﻲ
ذﻛرﻫــﺎ اﻟﺻــرﻓﯾون اﻟﻘــدﻣﺎء ،ﺑــﺎن ﯾﻛــون اﻟﻔﻌــل ﻣﺛﺑﺗــﺎ ﻏﯾــر ﻣﻧﻔــﻲ ،وﯾﻛــون ﺗﺎﻣــﺎ ،وﻏﯾــر
ﻣﺑﻧــﻲ ﻟﻠﻣﺟﻬــول) ،(٤ﻓﻠــم ﯾﻘرﻫــﺎ اﻟﻣﺟﻣــﻊ ،واﻗﺗﺻــروا ﻋﻠــﻰ اﻟﺷــروط اﻷرﺑﻌــﺔ اﻟﺳــﺎﺑﻘﺔ ﻓــﻲ
ﺻﯾﺎﻏﺔ اﺳم اﻟﺗﻔﺿﯾل .
) _ (١ﯾﻧظر دﻗﺎﺋق اﻟﺗﺻرﯾف اﺑن ﺳﻌﯾد اﻟﻣؤدب ، ٢٣٣ :وﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ. ٢١٢ / ٢ :
) _ (٢ﯾﻧظر اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻣﻔﺻل ، ٦٥٣ /١ :وﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ. ٢١٢/٢ :
) _ (٣ﯾﻧظر اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺻوﺗﻲ ﻟﻠﺑﻧﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ١١٨ :ـ . ١١٩
) _ (٤ﯾﻧظر ﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ. ٢١٢ /٢ :
٥٧
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
وﻗــد ورد اﺳــم اﻟﺗﻔﺿــﯾل ﻛﺛﯾ ـ ار ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،وﻣــن ذﻟــك ﻗــول اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ
((). (١
ﺗظﻬر ﻓﻲ اﻟﻧص ﺛﻼث ﻛﻠﻣﺎت ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )أﻓﻌل( ﻫﻲ )اﻋﻠم ،أﺧـوف ،واﻗـرب( ،
اﻷول :ﯾدل ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ) :ﻫـم اﻋﻠـم ﺧﻠﻘـك( ﻋﻠـﻰ اﻧﻬـم ﯾﻌﻠﻣـون ﻣـن ﺗﻔﺎﺻـﯾل
ﻣﺧﻠوﻗﺎﺗﻪ ،وﺗدﺑﯾراﺗﻪ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻌﻠﻣـﻪ ﻏﯾـرﻫم ،وﻻ ﯾﻌﻧـﻲ ﺑـﻪ اﻧﻬـم ﯾﻌﻠﻣـون ﻣـن ﻣﺎﻫﯾﺗـﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ ﻣـﺎ ﻻ
ﯾﻌﻠﻣﻪ اﻟﺑﺷر ،ﻓﻛﻣﺎ ﯾﻘﺎل :وزﯾر اﻟﻣﻠك اﻋﻠم ﺑﺎﻟﻣﻠك ﻣن اﻟرﻋﯾﺔ ،ﻟﯾس اﻟﻣراد اﻧﻪ اﻋﻠم ﺑﻣﺎﻫﯾﺗﻪ
اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾدل ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ) :أﺧوﻓﻬم ﻟك( ﻋﻠﻰ اﻧﻬم اﻛﺛـر ﺧﻠـق اﷲ ﺧوﻓـﺎ ﻟـﻪ ،
ﻻن ﻗوﺗﻲ اﻟﺷﻬوة واﻟﻐﺿب ﻣرﻓوﻋﺗﺎن ﻋﻧﻬم ،وﻫﻣﺎ ﻣﻧﺑﻊ اﻟﺷر وﺑﻬﻣﺎ ﯾﻘﻊ اﻟطﻣﻊ واﻹﻗدام ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﻌﺎﺻﻲ ،وﻛذﻟك ﻓﺎن ﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﺷﺎﻫد اﻟﺟﻧﺔ واﻟﻧـﺎر ﻋﯾﺎﻧـﺎ ،ﻓﯾﻛـون أﺧـوف ﻻﻧـﻪ ﻟـﯾس اﻟﺧﺑـر
ﻛﺎﻟﻌﯾﺎن .
اﻟﺛﺎﻟث :وﻻ ﯾراد ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ) :وأﻗرﺑﻬم ﻣﻧك( اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘرب اﻟﻣﻛﺎﻧﻲ
،ﻻﻧـ ــﻪ ﺗﻌـ ــﺎﻟﻰ ﻣﻧ ـ ـزﻩ ﻋـ ــن اﻟﻣﻛـ ــﺎن واﻟﺟﻬـ ــﺔ ،ﺑـ ــل اﻟﻣ ـ ـراد ﻫـ ــو ﻛﺛ ـ ـرة اﻟﺛ ـ ـواب ،وزﯾـ ــﺎدة اﻟﺗﻌظـ ــﯾم
واﻟﺗﺑﺟﯾل).(٢
٥٨
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
٥٩
أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول
وﻗد ﺟﺎءت ﻫﺎﺗﺎن اﻟﻠﻔظﺗﺎن ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﺗﺣﻣـﻼن دﻻﻟـﺔ اﻟﺗﻔﺿـﯾل ،وذﻟـك ﻓـﻲ
ﺷر ﻣﻧﻪ(().(١
وﻓﺎﻋل اﻟﺷر ،ﱞ
ُ ﺧﯾر ﻣﻧﻪ ،
ﻓﺎﻋل اﻟﺧﯾر ٌ ،
ُ ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :
ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟ ـﻧص ﻛﻠﻣﺗــﺎن دﻟﺗــﺎ ﻋﻠــﻰ اﻟﺗﻔﺿــﯾل ﻫﻣــﺎ )ﺧﯾــر ،وﺷــر( وﻫﻣــﺎ ﻋﻠــﻰ زﻧــﺔ
وﺻــف اﻹﻣــﺎم ﻓﺎﻋــل اﻟﺧﯾــر ﺑﺎﻧــﻪ ﺧﯾــر ﻣــن اﻟﺧﯾــر ،وﻓﺎﻋــل اﻟﺷــر ﺑﺄﻧــﻪ أﺳ ـوأ ﻣــن
اﻟﺷر ،واﻗﺑﺢ ﻣﻧﻪ ،ﻣﻊ ان )ﻓﺎﻋل اﻟﺧﯾر إﻧﻣﺎ ﻛـﺎن ﻣﻣـدوﺣﺎ ﻻﺟـل اﻟﺧﯾـر ،وﻓﺎﻋـل اﻟﺷـر
إﻧﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻣــذﻣوﻣﺎ ﻻﺟـل اﻟﺷـر ،ﻓـﺈذا ﻛـﺎن اﻟﺧﯾــر واﻟﺷـر ﻫﻣـﺎ ﺳــﺑب اﻟﻣـدح واﻟــذم ـ وﻫﻣــﺎ
اﻷﺻـل ﻓـﻲ ذﻟـك ـ ﻓﻛﯾـف ﯾﻛــون ﻓﺎﻋﻠﻬﻣـﺎ ﺧﯾـ ار وﺷـ ار ﻣﻧﻬﻣـﺎ ؟ وﺟـواب ذﻟـك ﻫـو ان اﻟﺧﯾـر
واﻟﺷر ﻟﯾﺳﺎ ﻋﺑﺎرة ﻋن ذات ﺣﯾﺔ ﻗﺎدرة ،واﻧﻣﺎ ﻫﻣﺎ ﻓﻌﻼن ..ﻓﻠو ﻗطﻊ اﻟﻧظر ﻋن اﻟذات
اﻟﺣﯾــﺔ اﻟﻘــﺎدرة اﻟﺗــﻲ ﯾﺻــدران ﻋﻧﻬــﺎ ،ﻟﻣــﺎ اﻧﺗﻔــﻊ أﺣــد ﺑﻬﻣــﺎ ،وﻻ اﺳﺗﺿــر ،ﻓــﺎﻟﻧﻔﻊ واﻟﺿــر
إﻧﻣﺎ ﯾﺣﺻﻼن ﻣن اﻟﺣﻲ اﻟﻣوﺻوف ﺑﻬﻣﺎ ،ﻻ ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻋﻠـﻰ اﻧﻔرادﻫﻣـﺎ ،ﻓﻠـذﻟك ﻛـﺎن ﻓﺎﻋـل
٦٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾـﺔ
ان اﻷﻟﻔــﺎظ اﻟﺗــﻲ ﯾطﻠﻘﻬــﺎ اﻹﻧﺳــﺎن ،ﻟﯾﺳــت أﺻ ـواﺗﺎ ﻣﺣﺿــﺔ ،واﻧﻣــﺎ ﻫــﻲ أﺻ ـوات
داﻟــﺔ) )،(١ﻓﺎﻷﻟﻔــﺎظ أﺻ ـوات ذات ﺟــرس() ) ،(٢ﻧﺗﺧــذﻫﺎ ﻛوﺳــﯾﻠﺔ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾــر ﻋــن اﻟــدﻻﻻت أو
اﻟﺧواطر اﻟﺗﻲ ﺗﺟول ﺑﺄذﻫﺎﻧﻧﺎ().(٣
وﻟﻸﻟﻔــﺎظ دور ﻛﺑﯾــر ﻓــﻲ إﻧﺷــﺎء اﻟدﻻﻟــﺔ ،ﻣــن ﺧــﻼل ﻣــﺎ ﯾﺛﯾ ـرﻩ ﺑﻌﺿــﻬﺎ ﻣ ـن إﯾﺣــﺎء
وﺗﺧﯾﯾل ﻓﻲ ذﻫن اﻟﺳﺎﻣﻊ .ﻓﻘد ﺗﺛﯾر اﻟﻠﻔظﺔ ـ إﻟـﻰ ﺟﺎﻧـب دﻻﻟﺗﻬـﺎ اﻟﻌرﻓﯾـﺔ ـ دﻻﻻت ﺟﺎﻧﺑﯾـﺔ
ﯾﻛـون ﻟﻬﺎ وﻗـﻊ ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻧﻔـس اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﻣﻧﻔردة أو ﻣﺗﺂﻟﻔﺔ ﻣﻊ اﻷﻟﻔﺎظ اﻷﺧرى).(٤
وﻗ ــد ﺗﻧﺑ ــﻪ اﻟﻘ ــدﻣﺎء إﻟ ــﻰ اﻟدﻻﻟ ــﺔ اﻟﺻ ــوﺗﯾﺔ ،واﻗ ــروا ﺑﺄﺛرﻫ ــﺎ ﻓ ــﻲ اﺳ ــﺗدﻋﺎء اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ
واﻹﯾﺣـ ــﺎء ﺑ ــﻪ ،و)ان ﻟ ــم ﯾﺣ ــددوا ﻟﻺﻓﺻ ــﺎح ﻋﻧ ــﻪ ﻋﺑـ ــﺎرة ﻛ ــﺎﻟﺗﻲ ﻧﺳ ــﺗﺧدﻣﻬﺎ ﻓ ــﻲ ﻋﺻـ ـرﻧﺎ
اﻟﺣﺎﺿ ــر() ،(٥ﻓﻘـ ــد ﺗﻌرﺿـ ـوا ﻟ ــذﻟك ﻣ ــن ﺧـ ــﻼل ﺣ ــدﯾﺛﻬم ﻋ ــن ﻓﺻ ــﺎﺣﺔ اﻟﻠﻔظ ــﺔ اﻟﻣﻔ ــردة ،
ﻓوﺻﻔوﻫﺎ ﺑﺎﻟﺟزاﻟﺔ واﻟﺳﻼﺳﺔ ،واﻟطﻼوة وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷوﺻﺎف ،ﺣﯾـث وﺟـدوا ان ﻓـﻲ
اﻷﻟﻔﺎظ ﻗﯾﻣﺎ ﺗﺄﺛﯾرﯾﺔ ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ،ﺗرﺗﺑط ﺑﺟرس اﻟﻛﻠﻣـﺎت ﻣﻔـردة وﻣرﻛﺑـﺔ ،ﻓﺗﻛـون اﻷﻟﻔـﺎظ ﻓـﻲ
ذاﺗﻬﺎ ﺣﺳﻧﺔ وﺗﻛون ﻗﺑﯾﺣﺔ ،وﻗد ﺟﻌﻠوا اﻟذوق واﻟﺣ ّـس اﻟﻣرﻫـف ﻓﯾﺻـﻼ ﻓـﻲ اﺳـﺗﺟﻼء ﻫـذا
اﻟﺣﺳــن واﻟﻘــﺑﺢ .ﻗــﺎل أﺑــو ﻫــﻼل اﻟﻌﺳــﻛري ) :وﺷــﻬدت ﻗوﻣــﺎ ﯾــذﻫﺑون إﻟــﻰ ان اﻟﻛــﻼم ﻻ
ﯾﺳﻣﻰ ﻓﺻﯾﺣﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺟﻣﻊ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻧﻌوت ﻓﺧﺎﻣﺔ وﺷدة وﺟزاﻟﺔ().(٦
٦٢
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
وﻗـد اﺷـﺗرط اﻟﺧطﯾـب اﻟﻘزوﯾﻧـﻲ ﻓـﻲ ﻓﺻـﺎﺣﺔ اﻟﻠﻔــظ اﻟﻣﻔـرد ،ﺧﻠوﺻـﻪ ﻣـن اﻟﻛ ارﻫــﺔ
ﻓــﻲ اﻟﺳ ــﻣﻊ )ﺑــﺎن ﺗﻣ ــﺞ اﻟﻛﻠﻣــﺔ ،وﯾﺗﺑـ ـ أر ﻣــن ﺳ ــﻣﺎﻋﻬﺎ ،ﻛﻣــﺎ ﯾﺗﺑـ ـ أر ﻣــن ﺳ ــﻣﺎع اﻷﺻـ ـوات
اﻟﻣﻧﻛرة ،ﻓﺎن اﻟﻠﻔـظ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻷﺻوات ،ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺳﺗﻠذ اﻟﻧﻔـس ﺳﻣﺎﻋﻪ ،وﻣﻧﻬـﺎ ﻣـﺎ ﺗﻛ ـرﻩ
ﺳﻣﺎﻋﻪ () ،(١وﻗﺎل اﻟﻌﻠوي ) :اﻧﺎ ﻧراﻫم ﻓﻲ أﺳﺎﻟﯾب ﻛﻼﻣﻬم ﯾﻔﺿﻠون ﻟﻔظﺔ ﻋﻠـﻰ ﻟﻔظـﺔ ،
وﯾؤﺛرون ﻛﻠﻣـﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻣـﺔ ،ﻣـﻊ اﺗﻔﺎﻗﻬﻣـﺎ ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﻧـﻰ ،وﻣـﺎ ذاك إﻻ ﻻن أﺣــدﻫﻣﺎ اﻓﺻـﺢ
ﻣن اﻷﺧرى ،ﻓدل ذﻟك ﻋﻠﻰ ان ﺗﻌـﻠق اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ ،إﻧﻣﺎ ﻫو ﺑﺎﻷﻟﻔـﺎظ اﻟﻌذﺑﺔ واﻟﻛﻠم اﻟطﯾﺑﺔ
().(٢
وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﻟﻔﺎظ ﻓﻲ ﺑﻧﺎﺋﻬﺎ اﻟﻠﻐوي ،ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺿرب ﻣن اﻟﺗﺄﻟﯾف ﻓـﻲ اﻟـﻧﻐم ،ﻓﻘـد
اﻫــﺗم اﻟﻘــدﻣﺎء ﺑﺿــﺑط ﺑﻧــﺎء اﻷﻟﻔــﺎظ ،ﻣــن ﺧــﻼل اﻧﺳــﺟﺎﻣﻬﺎ اﻟﺻــوﺗﻲ اﻟــذي ﯾﻛــون ﻧﺗﯾﺟــﺔ
ﻟــﺗﻼؤم أﺟ ـراس اﻟﺣــروف ﻓــﻲ اﻟﻠﻔظــﺔ اﻟواﺣــدة ،وﺗــﻼؤم اﻟﻠﻔظــﺔ ﻣــﻊ أﺧواﺗﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺳــﯾﺎق ،
وﻛــﺎن اﻟﺿــﺎﺑط ﻓــﻲ ﻫــذا ﻫ ــو اﻟﺣـ ّـس ،ﻗــﺎل اﻟرﻣ ــﺎﻧﻲ ) :واﻣــﺎ اﻟﺣﺳــن ﺑﺗــﺄﻟﯾف اﻟﺣــروف
ﺣس ،وﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟﻠﻔـظ ،ﻓﺎن اﻟﺧروج ﻣن اﻟﻔـﺎء إﻟـﻰ اﻟـﻼم ،
اﻟﻣﺗﻼﺋﻣﺔ ،ﻓﻬو ﻣـدرك ﺑﺎﻟ ّ
اﻋــدل ﻣــن اﻟﺧــروج ﻣــن اﻟــﻼم إﻟــﻰ اﻟﻬﻣـزة ،ﻟﺑﻌــد اﻟﻬﻣ ـزة ﻣــن اﻟــﻼم () ،(٣وﻗ ــﺎل أﯾﺿــﺎ ) :
واﻟﻔـﺎﺋدة ﻣن اﻟﺗﻼؤم ﺣﺳن اﻟﻛﻼم ﻓﻲ اﻟﺳﻣـﻊ ،وﺳﻬوﻟﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻠﻔظ ،وﺗﻘﺑل اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻟـﻪ ﻓـﻲ
اﻟ ــﻧﻔس ،ﻟﻣ ــﺎ ﯾ ــرد ﻋﻠﯾﻬ ــﺎ ﻣ ــن ﺣﺳ ــن اﻟﺻ ــورة ،وطرﯾ ــق اﻟدﻻﻟ ــﺔ () ،(٤وﻛ ــﺎن اﺑ ــن ﺳ ــﻧﺎن
اﻟﺧﻔﺎﺟﻲ ﻓﻲ ﺣدﯾـﺛﻪ ﻋن ﻓﺻـﺎﺣﺔ اﻟﻠﻔظـﺔ ،ﯾــرى ان ﻣـن اﻟواﺟـب ان ﯾﻛـون ﺗـﺄﻟﯾف اﻟﻠﻔظـﺔ
ﻣـ ــن ﺣـ ــروف ﻣﺗﺑﺎﻋـ ــدة اﻟﻣﺧـ ــﺎرج) ،(٥وان ﯾـ ـ ـراﻋﻰ ﺗرﺗﯾـ ــب اﻷﺻ ـ ـوات ﻓـ ــﻲ ﺗـ ــﺄﻟﯾف اﻟﻠﻔظـ ــﺔ
واﻧﺳﺟﺎﻣﻬﺎ) .(٦وﻗـد واﻓـﻘﻪ اﻟﻌﻠوي ﻓﻲ ذﻟك إذ ﻗﺎل ) :اﻧﻪ ﻻﺑد ﻣن ﻣراﻋﺎة أﻣور ﻓﻲ ﺗﺄﻟﯾف
٦٣
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﻛﻠﻣ ــﺔ ﻟﺗﻛ ــون ﻓﺻـ ــﯾﺣﺔ ،أوﻟﻬ ــﺎ :ان ﻻ ﺗﻛـ ــون ﺗﻠ ــك اﻷﺣ ــرف ﻣﺗﻧـ ــﺎﻓرة ﻓ ــﻲ ﻣﺧﺎرﺟﻬـ ــﺎ ،
ﻓﯾﺣﺻل اﻟﺛﻘل ﻣن اﺟل ذﻟك … ().(١
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺗﻼؤم اﻟﻠﻔظﺔ واﺗﺳﺎﻗﻬﺎ ﻣﻊ أﺧواﺗﻬـﺎ ﻓـﻲ اﻟﺳـﯾﺎق ،ﺣﯾـث ﺗﻠﻌـب ﺳﻼﺳـﺔ
اﻷﻟﻔـﺎظ وﺳﻬوﻟﺔ ﻧطـق اﻟﻠﺳﺎن ﻟﻣﺧﺎرﺟﻬﺎ دو ار أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ اﺳﺗﺣﺳﺎن اﻟﻌﺑﺎرة ،ﻗﺎل اﻟﺟﺎﺣظ
) :وأﺟــود اﻟﺷــﻌر ﻣــﺎ رأﯾﺗــﻪ ﻣــﺗﻼﺣم اﻷﺟ ـزاء ﺳــﻬل اﻟﻣﺧــﺎرج ،ﻓــﺗﻌﻠم ﺑــذﻟك اﻧــﻪ ﻗــد اﻓــرغ
إﻓ ارﻏــﺎ واﺣــدا ،وﺳــﺑك ﺳــﺑﻛﺎ واﺣــدا ،ﻓﻬــو ﯾﺟــري ﻋﻠــﻰ اﻟﻠﺳــﺎن ﻛﻣــﺎ ﯾﺟــري ﻋﻠــﻰ اﻟــدﻫﺎن
() ،(٢وﯾرى اﻵﻣدي ان ) ﺣﺳن اﻟﺗﺄﻟﯾف وﺑراﻋﺔ اﻟﻠﻔظ ﯾزﯾد اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻛﺷوف ﺑﻬﺎء وﺣﺳﻧﺎ
وروﻧﻘﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻛﺄﻧﻪ ﻗد اﺣدث ﻓﯾﻪ ﻏراﺑﺔ ﻟم ﺗﻛن ،وزﯾﺎدة ﻟم ﺗﻌﻬد () ،(٣وﯾـرى اﺑـن اﻷﺛﯾـر
ان ﻫﻧﺎك أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻓﻲ ﺗﺄﻟﯾف اﻟﻛﻼم ﻣن اﻟﻧظم واﻟﻧـﺛر ﺣﯾـث ﻗـﺎل ) :
وﺣﻛ ــم ذﻟــك ﺣﻛــم اﻟﻶﻟ ــﺊ اﻟﻣﺑــددة ،ﻓﺈﻧﻬــﺎ ﺗﺗﺧﯾــر وﺗﻧﺗﻘــﻰ ﻗﺑــل اﻟﻧظ ــم () ،(٤ﻓﻬــو ﯾ ــرى ان
اﺗﺳﺎق اﻟﻛﻠﻣـﺔ ﻣـﻊ ﻣـﺎ ﯾﺟﺎورﻫـﺎ ﻣـن اﻟﻛﻠﻣـﺎت ،ﻫـو اﻟــذي ﯾﻛﺳـﺑﻬﺎ ﻗﯾﻣـﺔ اﻟﺣﺳـن واﻟﻘـﺑﺢ ﻓـﻲ
اﻟﺗرﻛﯾــب ،أي ان ﻣــرد اﻟﺣﺳــن واﻟﻘــﺑﺢ ﻫــو ﻫ ــذا اﻟــﻧﻐم اﻟــذي ﺗﺣدﺛــﻪ اﻟﻠﻔظــﺔ ﺣــﯾن ﺗﺟــﺎور
أﺧواﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق .
ﻣـن ذﻟـك ﻧـرى ان ﻓﺻــﺎﺣﺔ اﻟﻛﻠﻣـﺔ وﻗﯾﻣﺗﻬـﺎ اﻟذاﺗﯾـﺔ ،ﺗﻛﺗﺳــب أﻫﻣﯾﺗﻬـﺎ ﻣـن اﻟطﺑﯾﻌــﺔ
اﻟﻧﻐﻣﯾــﺔ ﻷﺻ ـواﺗﻬﺎ ،ﻣــن ﺧــﻼل اﻻﻧﺳــﺟﺎم اﻟﺻــوﺗﻲ اﻟﻧــﺎﺗﺞ ﻣــن ﺗــﺂﻟف أﺻ ـواﺗﻬﺎ ،وﻛــذﻟك
ﺗﻛﺗﺳب اﻟﻛﻠﻣﺔ أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل اﺗﺳﺎﻗﻬﺎ وﺗﻼؤﻣﻬﺎ ﻣﻊ ﺳﺎﺋر اﻷﻟﻔﺎظ اﻷﺧرى ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق
،ﻓﺗﻛﺳب اﻟﻛﻼم ﻧﻐﻣﺎ وﻣوﺳﯾﻘﻰ ﺗﻬش ﻟﻪ اﻟﻧﻔوس ،وﺗﺻﻐﻲ ﻟﻪ اﻷﺳﻣﺎع .
وﯾذﻫب اﻟدﻛﺗور ﻋﺑد اﷲ اﻟطﯾب إﻟـﻰ )ان اﻟﻔﺻـﺎﺣﺔ ﺑـﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻻﺻـطﻼﺣﻲ اﻟﻘـدﯾم
ﻛـﺎن ﯾ ـراد ﺑﻬـﺎ رﻧــﯾن اﻷﻟﻔــﺎظ … وﻛﺛﯾـ ار ﻣــﺎ ﻛــﺎن اﻷواﺋـل ﯾﺳــﺗﻌﻣﻠون ﻟﻔظـﺔ اﻟﺟ ازﻟـﺔ وﯾﻌﻧــون
٦٤
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺑﻬــﺎ رﻧــﯾن اﻟﻠﻔــظ () ،(١وﻫــذا اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻫــو اﻟﻣ ـراد ﻓﯾﻣــﺎ ﯾطﻠﻘــﻪ اﻟﻣﺣــدﺛون ﻋﻠــﻰ وﻗــﻊ أﺻ ـوات
اﻟﻛﻠﻣﺔ ٕواﯾﺣﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﯾﺻطﻠﺣون ﻋﻠﯾﻪ ﺑـ)ﺟرس اﻟﻠﻔظﺔ( .
وﯾﺳــﻬم اﻟﺟ ــرس ﻓــﻲ اﻹﻓﺻــﺎح ﻋــن دﻻﻟ ــﺔ اﻟﻠﻔظــﺔ ،ﻣــن ﺧ ــﻼل ﻣــﺎ ﺗﻧطــوي ﻋﻠﯾ ـﻪ
أﺻـواﺗﻬﺎ ﻣــن إﯾﺣــﺎء ﺑــﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﻣﺣﺎﻛــﺎة ﻷﺣداﺛــﻪ ،ﻓﻠــﯾس ﺛﻣــﺔ ﻓــﺎرق ﺑــﯾن اﻟﻘــﯾم اﻟﺻــوﺗﯾﺔ
ﻟﻸﻟﻔــﺎظ ودﻻﻻﺗﻬــﺎ ) ،ﻓﻠﻸﻟﻔــﺎظ ﻣــن ﺣﯾــث ﻫــﻲ أﺻـوات اﺛــر ﻣوﺳــﯾﻘﻲ ﺧــﺎص ﯾــوﺣﻲ إﻟــﻰ
اﻟﺳﻣﻊ ﺑﺗﺄﺛﯾرات ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﻣـﺎم اﻻﺳـﺗﻘﻼل ﻋـن ﺗـﺄﺛﯾرات اﻟﻣﻌﻧـﻰ () ،(٢وﯾﺿـﻔﻲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻠﻔظــﺔ
ذاﺗـﻬﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺳﻼﺳﺔ واﻟﺣﺳن ،وﺑﺎﻟﺗــﺎﻟﻲ ﯾـؤدي إﻟـﻰ وﺿـوح اﻟﻘﯾــﻣﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾرﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ أطﻠـق
ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻛــﺎة اﻟﺻــوﺗﯾﺔ ) وﻫــﻲ اﻻﺗﺟــﺎﻩ ﺑﺎﻟﻛﻠﻣــﺎت إﻟــﻰ ان ﺗﺣــدث أﺻــداء ﻟﻠﻣﻌﻧــﻰ ﻋــن
طرﯾق ﻧطق اﻟﺻوت اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻻﺣرف اﻟﻛﻠﻣﺔ ().(٣
وﻟــم ﯾﻐﻔــل اﻟﻘــدﻣﺎء ﻣﺳــﺄﻟﺔ ﻣﺣﺎﻛ ــﺎة اﻷﻟﻔــﺎظ ﻟﻣﻌﺎﻧﯾﻬــﺎ ،ﻓﻘــد أﻛــدوا اﻟ ـرﺑط ﺑــﯾن وﻗ ــﻊ
اﻟﻠﻔظﺔ وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧـﻪ ﻣـن ﻣوﺳـﯾﻘﻰ وﺑـﯾن دﻻﻻﺗﻬـﺎ اﻹﯾﺣﺎﺋﯾـﺔ ،ﻓﻘـد ﺗﺗﺑـﻊ اﺑـن ﺟﻧـﻲ ظـﺎﻫرة
ﻣﺣﺎﻛـﺎة اﻟﻠﻔــظ ﻟﻠﻣﻌﻧــﻰ واﻹﯾﺣــﺎء ﺑـﻪ ،ﻓﺗﺣــدث ﻓــﻲ ﺑــﺎب )اﻣﺳـﺎس اﻷﻟﻔــﺎظ أﺷــﺑﺎﻩ اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ(
ﺑﺈﺣﺳــﺎس ﻧﺎﻓ ــذ وذوق ﻋﻣﯾــق ،ﺣﯾــث ﻗ ــﺎل ) :اﻧﻬــم ﻗــد ﯾﺿــﯾﻔون إﻟــﻰ اﺧﺗﯾــﺎر اﻟﺣــروف
وﺗﺷﺑﯾﻪ أﺻواﺗﻬﺎ ﺑﺎﻷﺣـداث اﻟﻣﻌﺑـر ﻋﻧﻬـﺎ ﺑﻬـﺎ ﺗرﺗﯾﺑﻬـﺎ ،وﺗﻘـدﯾم ﻣـﺎ ﯾﺿـﺎﻫﻲ أول اﻟﺣـدث ،
وﺗــﺄﺧﯾر ﻣــﺎ ﯾﺿــﺎﻫﻲ آﺧ ـرﻩ ،وﺗوﺳــﯾط ﻣــﺎ ﯾﺿــﺎﻫﻲ أوﺳــطﻪ ،ﺳــوﻗﺎ ﻟﻠﺣــروف ﻋﻠــﻰ ﺳــﻣت
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻘﺻود واﻟﻐرض اﻟﻣطﻠوب ،وذﻟك ﻗوﻟﻬم :ﺑﺣث ،ﻓﺎﻟﺑﺎء ﻟﻐﻠظﻬﺎ ﺗﺷﺑﻪ ﺑﺻوﺗﻬﺎ
ﺧﻔﻘ ــﺔ اﻟﻛ ــف ﻋﻠ ــﻰ اﻷرض ،واﻟﺣ ــﺎء ﺗﺷ ــﺑﻪ ﻣﺧﺎﻟ ــب اﻷﺳ ــد ،وﺑـ ـراﺛن اﻟ ــذﺋب وﻧﺣوﻫ ــﺎ إذا
ﻏ ــﺎرت ﻓ ــﻲ اﻷرض ،واﻟﺛـ ــﺎء ﻟﻠﻧﻔـ ــث ،واﻟﺑـ ــث ﻓ ــﻲ اﻟﺗ ـ ـراب ،وﻫ ــذا أﻣ ــر ﺗ ـ ـراﻩ ﻣﺣﺳوﺳ ــﺎ
ﻣﺣﺻﻼ () ،(٤وﻗﺎل ﻛذﻟك ) :ﻓﺎن ﻛﺛـﯾ ار ﻣـن ﻫـذﻩ اﻟﻠﻐـﺔ وﺟدﺗـﻪ ﻣﺿـﺎﻫﯾﺎ ﺑﺄﺟ ـراس ﺣروﻓـﻪ
أﺻـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوات اﻷﻓﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎل اﻟﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ﻋﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻋﻧﻬ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ،أﻻ ﺗـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراﻫم ﻗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻟوا ﻗﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم
) _ (١اﻟﻣرﺷد إﻟﻰ ﻓﻬم أﺷﻌﺎر اﻟﻌرب د .ﻋﺑد اﷲ اﻟطﯾب. ٤٥٨ /٢ :
) _ (٢اﻟﺗوﺟﯾﻪ اﻷدﺑﻲ طﻪ ﺣﺳﯾن وآﺧرون. ١٣٨ :
) _ (٣ﻣن أﺳرار اﻹﺑداع ﺳﺎﻣﻲ ﻣﻧﯾر. ٢٨ :
) _ (٤اﻟﺧﺻﺎﺋص ١٦٤ /٢ :ـ ١٦٥
٦٥
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻓـﻲ اﻟﯾـﺎﺑس ،وﺧﺿـم ﻓــﻲ اﻟرطـب ،وذﻟـك ﻟﻘـوة اﻟﻘــﺎف وﺿـﻌف اﻟﺧـﺎء ،ﻓﺟﻌﻠـوا اﻟﺻــوت
اﻷﻗوى ﻟﻠﻔﻌل اﻷﻗوى ،واﻟﺻوت اﻷﺿـﻌف ﻟﻠﻔﻌـل اﻷﺿـﻌف() ،(١وﻗـد روى اﻟﺳـﯾوطﻲ ان
أﺣدﻫم ﻛﺎن ﯾدﻋﻲ ﻣﻌـرﻓﺔ دﻻﻟﺔ اﻷﻟﻔـﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ ﻣن وﻗﻌﻬـﺎ ﺣﯾـث ) ﺳـﺋل ﻣـﺎ ﻣﺳـﻣﻰ
اﻻدﻏﺎغ ،وﻫو ﺑﺎﻟﻔﺎرﺳﯾﺔ اﻟﺣﺟر ،ﻓﻘﺎل أﺟـد ﻓﯾﻪ ﯾﺑﺳﺎ ﺷـدﯾدا واراﻩ اﻟﺣــﺟر () ،(٢إذ ) ان
ﻟﻠﺣــرف ﻓــﻲ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ إﯾﺣـ ًـﺎء ﺧﺎﺻــﺎ ،ﻓﻬــو ان ﻟــم ﯾﻛــن ﯾ ــدل دﻻﻟــﺔ ﻗﺎطﻌــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻌﻧــﻰ ،
ﯾـ ــدل دﻻﻟ ــﺔ اﺗﺟ ــﺎﻩ ٕواﯾﺣ ــﺎء ،وﯾﺛﯾ ــر ﻓ ــﻲ اﻟ ــﻧﻔس ﺟـ ـوا ﯾﻬﯾ ــﺊ ﻟﻘﺑ ــول اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ ،وﯾوﺟ ــﻪ إﻟﯾ ــﻪ
وﯾــوﺣﻲ ﺑــﻪ() .(٣وﺗﻛ ــون ﻫــذﻩ اﻟﻣﺣﺎﻛ ــﺎة ﻋﻠــﻰ ﻣﺳــﺗوﯾﯾن :ﻣﺳــﺗوى اﻟﻠﻔــظ اﻟﻣﻔــرد ،وﻣﺳــﺗوى
اﻟﺗرﻛﯾب ،واﻟﻣﻘﺻود ﻣن اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻌﺑﺎرة أو اﻟﺟﻣﻠﺔ .ﻓﺎﻟﺻورة اﻷوﻟﻰ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت
ذات اﻷﺻـ ـوات اﻟﺗ ــﻲ ﻫ ــﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑ ــﺔ اﻟﺻ ــدى واﻟﻣﺣﺎﻛ ــﺎة اﻟﻣﺑﺎﺷـ ـرة ﻷﺻـ ـوات اﻟﻣ ــدﻟوﻻت أو
اﻟﻣﻌ ــﺎﻧﻲ ،وﻣﺛ ــﺎل ذﻟ ــك ) ﻗﻬﻘﻬ ــﺔ ﻟﺻ ــوت اﻟﺿ ــﺣك ،وﻗﻌﻘـ ــﻌﺔ ﻟﺻ ــوت اﻟﺳ ــﻼح ،وﻗـ ــوﻗﺄ
ﻟﺻوت اﻟدﺟﺎج …( ،وﻟﻛـن اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺑﺎرات واﻟﺟﻣـل ﻣـن ﺷــﺎﻧﻪ
ان ﯾﻣــﻧﺢ اﻟﺗرﻛﯾــب ﻛﻠــﻪ ﺳﻣ ــﺎت ﺻــوﺗﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧــﺔ ،وان ﯾﺧ ــﻠق ﺟ ـوا ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺎ ﺧﺎﺻــﺎ ﯾ ــوﺣﻲ
ﺑﺎﻟﺻورة اﻟﻣراد اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﻬﺎ ،وﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﻗرﯾﺑﺔ ﻣﻠﻣوﺳﺔ .
أﻣﺎ اﻟﺻورة اﻟﺛﺎﻧﯾـﺔ ﻟﻠﻣﺣﺎﻛــﺎة ﻓﺗﻛـون ﺑـﺎن ﯾﻌﻣـد اﻟﻛﺎﺗـب إﻟـﻰ إﯾـراد ﻋﺑـﺎرة ﻣؤﻟﻔـﺔ ﻣـن
ﻛﻠﻣ ــﺎت ذات ﺻ ــﻔﺎت ﺻ ــوﺗﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧ ــﺔ ،ﻣرﺗﺑ ــﺔ ﺗرﺗﯾﺑ ــﺎ ﻣوﺳ ــﯾﻘﯾﺎ ﺧﺎﺻ ــﺎ ،ﺑﺣﯾ ــث ﺗﺣ ــﺎﻛﻲ
ﺻــوت اﻟﻣــدﻟول أو اﻟﺷــﻲء اﻟــذي ﯾــدور اﻟﻛــﻼم ﺣوﻟــﻪ ،وﻻ ﯾﺷــﺗرط ﻓــﻲ اﻟﻛﻠﻣــﺎت ﻫﻧــﺎ ان
ﺗﻛــون ﻣﺣﺎﻛﯾــﺔ أو ﻣﻘﻠــدة ﻷﺻ ـوات اﻟﻣــدﻟول ،واﻧﻣــﺎ ﯾﺷــﺗرط ﻓــﻲ اﻟﻌﺑــﺎرة ﻛﻠﻬــﺎ ان ﺗﺻــﺎغ
ﺻــﯾﺎﻏﺔ ﻟﻔظﯾ ـﺔ ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺔ ،ﺗﻧﺎﺳــب اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻗ ــوة وﺿــﻌﻔﺎ ،وﺗ ـواﺋم اﻷﺣــداث اﻟﺟﺎرﯾــﺔ ﻓــﻲ
اﻟﻣوﻗف ﺑﺄﺟﻣﻌﻪ).(٤
ﻣوﺳﯾﻘﯾﺔ اﻟﻧص ودﻻﻟﺗﻬﺎ اﻟﺻوﺗﯾﺔ
٦٦
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
٦٧
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ان ﻛــل ﻟﻔظــﺔ ﺗﺣﻣــل ﻓــﻲ طﺑﯾﻌــﺔ ﺻــﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﻧﻐﻣــﺎ وﻣوﺳــﯾﻘﻰ ،ﻧﺎﺗﺟــﺎ ﻋــن ﺟــرس
أﺻواﺗﻬﺎ ،ﯾﻣﯾزﻫﺎ ﻋن ﻏﯾرﻫﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن واﻟﻘﺑول ،ﻓـﺎﻟﺟرس ﯾﻌﺗﺑـر )ﺧﺻﯾﺻـﺔ ذاﺗﯾـﺔ
ﻣﺣﺳوﺳﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻠﻔظﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﺗﺑﺎﯾن أﺟراس ﺣروﻓﻬـﺎ اﻟﺗـﻲ ﺑﻧﯾـت ﻋﻠﯾﻬـﺎ ،وﺗﺷـﻛل
ﻫذﻩ اﻟﺣروف ﻓﻲ اﺋﺗﻼﻓﻬﺎ وﺗﻧﺎﻓرﻫـﺎ ﻧﻐــم اﻷﻟﻔـﺎظ وﻗﯾﻣﻬـﺎ اﻟﺣﺳـﯾﺔ () ،(١ﻓﺟـرس اﻟﻠﻔظـﺔ ﻫــو
اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻰ اﻟداﺧﻠﯾــﺔ أو وﺣ ــﻲ اﻷﺻ ـوات اﻟﻣﻔــردة اﻟ ــذي ﯾﻧﺷــﺎ ﻣــن ﺗــﺄﻟﯾف أﺻ ـوات ﺣروﻓﻬــﺎ
وﺣرﻛﺎﺗﻬﺎ ،وﻣدى ﺗواﻓق ﻫذﻩ اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ ﻣﻊ دﻻﻟﺔ اﻟﻠﻔظﺔ).(٢
وﻗـ ــد ﻻﺣ ــظ اﻟﻘدﻣـ ــﺎء ان اﻟطﺑﯾﻌ ــﺔ اﻟﻧﻐﻣﯾ ــﺔ ﻟﻠﺻـ ـوت ﺗﻠﻌ ــب دو ار ﻣﻬﻣ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺣﺳ ــن
اﻟﻠﻔظـﺔ وﺳﻼﺳـﺗﻬﺎ ﻣــن ﺟﻬـﺔ ،وﻓــﻲ ﻧﻘـل دﻻﻟﺗﻬــﺎ اﻹﯾﺣﺎﺋﯾـﺔ وﻣــﺎ ﺗﺣﻣﻠـﻪ ﻣــن ظـﻼل ﻟﻠﻣﻌﻧــﻰ
أﺣﺳـت ﺑـﺄﺛرﻩ ﻓـﻲ ﺑﻧـﺎء اﻷﻟﻔـﺎظ ،
ﻣن ﺟﻬـﺔ أﺧـرى ،ﻓﻘـد ﻋﻧﯾـت اﻟﻌـرب ﺑﺟـرس اﻷﺻـوات و ّ
ﻓﻣﺎ اﺳﺗﺳﻬﻠﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻧطق ﻛﺛر ﻓﻲ أﺑﻧﯾﺔ ﻛﻼﻣﻬﺎ).(٣
ان ﻟﺟــرس اﻟﻠﻔظــﺔ دﻻﻟ ــﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾــﺔ ﺗﺷــﯾﻊ ﻓ ـﻲ اﻟــﻧﻔس ﻣﻧﺎﺧــﺎ ﺗﺧﯾﯾﻠﯾــﺎ ﺧﺎﺻــﺎ ﯾﺗﻣﺷــﻰ
وﺣـرﻛﺔ اﻟﻧﻔس اﻟﺷـﻌورﯾﺔ ،ﻟﻛـ ّـن إدراك اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻹﯾﺣـﺎﺋﻲ ﯾﺧﺗﻠـف ﻣـن ﻓـرد ﻻﺧـر ،ﺑﻣﻌﻧـﻰ
ان ﻟﻔظﺔ ﻣﺎ ﻗد ﺗﺛﯾر ﻓﻲ ﻧﻔس ﺳﺎﻣﻊ ﻣﻌﯾن ﻣـﺎ ﻻ ﺗﺛﯾـرﻩ ﻣـن اﻟظـﻼل واﻹﯾﺣـﺎءات ﻓـﻲ ﻧﻔـس
ﺳﺎﻣﻊ آﺧر ،وﻻ ﺷك ان ﻫذﻩ اﻟﻠﻔظﺔ ﻗد اﻛﺗﺳﺑت ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻹﯾﺣﺎﺋﻲ ﻣن ﺗﺟﺎرب ذﻟك اﻟﻔــرد
أو ﻣــن طﺑﯾﻌــﺔ ﻣ ازﺟــﻪ ،ﻓﺻــﺎرت ﺗﻌﻧــﻲ ﻋﻧــدﻩ ﺑﺟﺎﻧــب ﻣﻌﻧﺎﻫــﺎ اﻷﺻــﻠﻲ ﻣــﺎ ﻻ ﺗﻌﻧــﻲ ﻋﻧــد
ﻏﯾرﻩ).(٤
٦٨
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
وان ﻟﻠﺟــرس ﻗﯾﻣــﺔ ﺣﺳــﯾﺔ ﻓــﻲ اﻷﻟﻔــﺎظ و)ﻧوﻋــﺎ ﻣــن اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻰ ﯾــوﺣﻲ إﻟــﻰ اﻷذﻫــﺎن
ﺑﻣﻌﻧ ــﻰ ﻓ ــوق اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ اﻟ ــذي ﺗـ ــدل ﻋﻠﯾ ــﻪ اﻷﻟﻔ ــﺎظ () ،(١وﻗـ ــد أﺻ ــطﻠﺢ رﯾﺗﺷ ــﺎردز اﻟﺻ ــورة
اﻟﺳ ــﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠﺟـ ــرس وذﻟ ــك ﻓ ــﻲ ﻗـ ــوﻟﻪ ) :وﯾﻧ ــدر ان ﺗﺣ ــدث اﻻﺣﺳﺎﺳ ــﺎت اﻟﻣرﺋﯾ ــﺔ ﻟﻠﻛﻠﻣـ ــﺔ
ﺑﻣﻔردﻫ ــﺎ ،إذ ﺗﺻ ــﺣﺑﻬﺎ أﺷ ــﯾﺎء ذات ﻋـ ــﻼﻗﺔ وﺛﯾـ ــﻘﺔ ﺑﻬ ــﺎ ،ﺑﺣﯾ ــث ﻻ ﯾﻣﻛ ــن ﻓﺻ ــﻠﻬﺎ ﻋﻧﻬ ــﺎ
ﺑﺳ ــﻬوﻟﺔ ،واﻫ ــم ﻫ ــذﻩ اﻷﺷ ــﯾﺎء )اﻟﺻ ــورة اﻟﺳ ــﻣﻌﯾﺔ( ،أي وﻗـ ــﻊ ﺟ ــرس اﻟﻛﻠﻣ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ اﻷذن
اﻟﺑﺎطﻧ ــﺔ أو أذن اﻟﻌﻘ ــل () ،(٢ﻓﻘـ ــد ﯾﺳ ــﺗطﯾﻊ اﻹﻧﺳـ ــﺎن ﺗﺣﺳ ــس دﻻﻟ ــﺔ اﻟﻛﻠﻣـ ـﺔ ﻣ ــن وﻗﻌـ ــﻬﺎ
اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺷﻌر ان ﻧﻐﻣﺔ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻣـﺎ اﺳـﺗﻌﻣﻠت ﻓﯾـﻪ ﻣـن اﻟـدﻻﻻت ،
وﻟﻬ ــذا ﯾﻼﺣـ ــظ ﻓ ــﻲ ﻛﺛـ ــﯾر ﻣ ــن اﻟﻧﺻ ــوص ﻣ ارﻋ ــﺎة ﻟﻠطﺑﯾﻌ ــﺔ اﻟﺻ ــوﺗﯾﺔ ﻟﻠﻔظ ــﺔ ،إذ ﺗﻧﺳ ــﺟم
ﺑﻌض اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻊ ﺳـﯾﺎق دون آﺧـر) .(٣إذ ان اﻟﻣﻧﺷـﺊ ﺣـﯾن ﯾـؤﺛر ﻟﻔظـﺎ ﻋﻠـﻰ آﺧـر ﯾرادﻓـﻪ
ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻩ ،ﻓﺎﻧﻪ ﺑذﻟك ﯾﺳﺗﻐل ﻣﺎ) ﻟﻸﻟﻔﺎظ ﻣن ﻗـوة ﺗﻌﺑﯾرﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾؤدي ﺑﻬﺎ ﻓﺿـﻼ ﻋـن
ﻣﻌﺎﻧﯾﻬــﺎ اﻟﻌﻘﻠﯾــﺔ ﻛــل ﻣــﺎ ﺗﺣﻣــل ﻓــﻲ أﺣﺷــﺎﺋﻬﺎ ﻣــن ﺻــور ﻣــدﺧرة وﻣﺷــﺎﻋر ﻛﺎﻣﻧــﺔ ،ﻟﻔــت
ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻟﻔﺎ ﺣول ذﻟك اﻟﻣﻌﻧﻰ ().(٤
ٕواذا ﻛﺎﻧــت اﻟﻧﺻــوص اﻟﻣﺑدﻋــﺔ واﻟﺟﯾــدة ﻫــﻲ اﻟﺗــﻲ ﺗﻛﺷــف اﻟﺳــﺗﺎر ﻋﻣــﺎ ﻛﻣــن ﻓــﻲ
اﻷﻟﻔــﺎظ ﻣــن دﻻﻻت ٕواﯾﺣــﺎءات وظــﻼل ﻣﻌــﺎﻧﻲ ،ﺑﺟرﺳــﻬﺎ اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ اﻟﻧــﺎﺗﺞ ﻣــن اﺋــﺗﻼف
أﺻواﺗﻬﺎ ،ﻓﺎن ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻫو ﻣـن اﺑـرز اﻟﻧﺻـوص اﻟﺗـﻲ أﺗﻘـن ﻓﯾﻬـﺎ اﺳـﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻔظـﺔ ،
وﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻓﻲ طﯾﺎﺗﻬﺎ ﻣن دﻻﻻت .
ﻗـﺎل اﻹﻣـﺎم ﻋﻠـﻲ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻓـﻲ وﺻـف اﻟﻔﺗﻧـﺔ )) :ﺛـم ﯾــﺄﺗﻲ ﺑﻌـد ذﻟـك طــﺎﻟﻊ
٦٩
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ان ﻛﻠﻣﺗــﻲ )اﻟرﺟــوف( و)اﻟزﺣــوف( ﻓﯾﻣــﺎ ﺗﺣﻣﻼﻧــﻪ ﻣــن دﻻﻟــﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾــﺔ ﻧﺎﺗﺟــﺔ ﻋــن
ﻣوﺳــﯾﻘﻰ أﺻـ ـواﺗﻬﻣﺎ ،ﺗﺟﻌ ــﻼن اﻟﺳــﺎﻣﻊ ﯾﺗﺧﯾ ــل ﻣ ــدى ﺿـ ـراوة ﻫــذﻩ اﻟﻔﺗﻧ ــﺔ وﺷ ــدﺗﻬﺎ ،وﻣ ــﺎ
ﺳﯾﺻ ــﺎﺣﺑﻬﺎ ﻣ ــن أﺣ ــداث ﻣﻬـ ــوﻟﺔ .ﻓ ــﺎن ﺻ ــوت )اﻟ ـ ـراء( اﻟﻣﻛ ــرر اﻟﻣﺟﻬ ــور ﻣ ــﻊ ﺻ ــوت
)اﻟﺟﯾم( اﻟﻣﺟﻬور اﻟﺷدﯾد ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ )اﻟرﺟوف( ﻣﺿﺎﻓﺎ إﻟﯾﻬﻣﺎ ﺻوت )اﻟزاي( اﻟﺻﻔﯾري ﻓﻲ
ﻛﻠﻣﺔ )اﻟزﺣوف( ﻫذﻩ اﻷﺻوات ﺗوﺣﻲ ﺑﺟرﺳﻬﺎ اﻟﻌﻧﯾف إﻟـﻰ ﻣـﺎ ﻓـﻲ ﻫـذﻩ اﻟﻔﺗﻧـﺔ ﻣـن اﻟﺷـدة
واﻟﻐﻠظـﺔ واﻟﻌﻧــف ،وﻻ ﯾﺧﻔـﻰ ﻣـﺎ ﻓـﻲ ﺻـوت اﻟﻣـد )اﻟـواو( ﻣـن دﻻﻟـﺔ ﻣوﺣﯾـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗـﯾن
اﻟﺳﺎﺑﻘﺗﯾن ،ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺷﺑﺎع اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ اﻟذي ﯾﻧﺷط ﺑﻪ اﻟذﻫن ،ﻓﯾرﺳم ﺻورة ﻣﻌﺑرة ﺗﺣﺎﻛﻲ
اﻟﻣوﻗف اﻟذي أراد اﻹﻣﺎم وﺻﻔﻪ.
وﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﯾﺻــف ﻗــدرة اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ … )) :وﻛــﺎن ﻣــن اﻗﺗـــدار
ﺟﺑروﺗﻪ وﺑدﯾﻊ ﻟطﺎﺋف ﺻﻧﻌﺗﻪ ،ان ﺟﻌل ﻣن ﻣﺎء اﻟﺑﺣر اﻟزاﺧـر اﻟﻣﺗـراﻛم اﻟﻣﺗﻘﺎﺻـف ،
ﯾﺑﺳﺎ ﺟﺎﻣدا (().(١
ﻧﻠﻣــس ﻓــﻲ ﻛﻠﻣــﺔ )اﻟﻣﺗﻘﺎﺻــف( ﻣوﺳــﯾﻘﻰ ﻋﺎﻟﯾــﺔ ،ﺟــﺎءت ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﺟــرس أﺻ ـوات
اﻟﻛﻠﻣــﺔ واﺋ ــﺗﻼف ﻣﺧﺎرﺟﻬ ــﺎ ،ﺣﯾــث ﯾﻬﯾ ــﺊ ﻫ ــذا اﻟﺟ ــو اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ اﻟﺻ ــﺎﺧب ﻟـ ــرﺳم ﺻ ــورة
ﻣﺗﺧﯾﻠــﺔ ﻓــﻲ اﻟذﻫ ــن ﺗﺻــف ﺣﺎﻟــﺔ اﻟﻣــﺎء اﻟﻬــﺎﺋﺞ ﻋﻧــدﻣﺎ ﯾﺻــطدم ﺑﺎﻟﺻــﺧور ،ﻣﺣــدﺛﺎ ذﻟــك
اﻟﺻــوت اﻟﻣﻌــروف ،ﻓﺻــوت )اﻟﻘــﺎف( اﻻﻧﻔﺟــﺎري ﻣــﻊ ﺻــوت اﻟﻣــد )اﻷﻟــف( اﻟــذي ﯾــوﻓر
ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾــﺔ ،ﻫــذان اﻟﺻــوﺗﺎن ﺑﺟرﺳــﻬﻣﺎ ﯾوﺣﯾــﺎن ﺑﺻ ـوت ارﺗﻔــﺎع أﻣ ـواج اﻟﻣــﺎء ،أﻣــﺎ
ﺻـ ــوت )اﻟﺻـ ــﺎد( اﻻﺣﺗﻛـ ــﺎﻛﻲ ﻣـ ــﻊ ﺻـ ــوت )اﻟﻔ ـ ــﺎء( اﻟﻣﻬﻣ ـ ــوس ،ﻓﺎﻧﻬﻣـ ــﺎ ﯾوﺣﯾـ ــﺎن ﺑذﻟ ـ ــك
اﻟﺻوت اﻟذي ﯾﺟﺳد ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻘوط اﻟﻣﺎء واﺻطداﻣﻪ ﺑﺎﻟﺻﺧور .
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﻲ وﺻف اﻟﻔﺗﻧـﺔ …)) :ﻣرﻋﺎد ﻣﺑراق ،ﻛﺎﺷـﻔﺔ ﻋـن
٧٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ان ﺟــرس أﺻـوات ﻛﻠﻣﺗــﻲ )ﻣرﻋــﺎد ،وﻣﺑـراق( ﯾﺧﻠـق ﺟـوا ﻣوﺳــﯾﻘﺎ ﻣؤﺛ ـ ار ،ﯾﺻــور
ﺣﺎﻟــﺔ اﻟﻔﺗﻧــﺔ واﻟﺟــو اﻟﻣﺣــﯾط ﺑﻬــﺎ ،ﻓﺻــوت )اﻟ ـراء( اﻟﻣﻛــرر اﻟﻣﺟﻬــور ﻣــﻊ ﺻــوت )اﻟــدال(
اﻻﻧﻔﺟﺎري ﻓﻲ ﻛﻠﻣـﺔ )ﻣرﻋـﺎد( ﯾوﺣﯾﺎن ﺑﺻوت ﻗﻌﻘﻌﺔ اﻟﺳـﻼح ،وﺻوت اﺿطراب ﺣواﻓر
اﻟﺧﯾــل ﻋﻧــدﻣﺎ ﺗﺿــرب اﻷرض .أﻣــﺎ ﻛﻠﻣــﺔ )ﻣﺑ ـراق( ﻓﻧﺟــد ان ﺻــوت )اﻟﺑ ــﺎء( اﻻﻧﻔﺟــﺎري
اﻟﻣﺟﻬور ﻣﻊ ﺻوت )اﻟـراء( اﻟﻣﺟﻬور ،ﯾﻬﯾﺋﺎن ﺟوا ﻣوﺳﯾﻘﯾﺎ ،ﯾﺣﻣل اﻟذﻫـن ﻋﻠﻰ ﺗﺻور
ذﻟـك اﻟﺿوء اﻟذي ﯾـرى ﻋﻧد اﺻطدام اﻟﺳﯾوف ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﺑﻌض .
وﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﯾﺻــف ﻟﺳــﺎن ﺣــﺎل اﻟﻣــوﺗﻰ … )) :وﺗﻬــدﻣت ﻋﻠﯾﻧــﺎ
وﻗـد ﯾــؤﺛر اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﺑﻌـض اﻷﺑﻧﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺑﻌــض ،ﻟﻣـﺎ ﻓﯾﻬــﺎ ﻣــن دﻻﻟــﺔ
إﯾﺣﺎﺋﯾﺔ ﺗﻘوي اﻟﻣﻌﻧﻰ وﺗﻌﺿدﻩ ،وﻣـن ﻫـذﻩ اﻷﺑﻧﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ ﻛﺛـر ورودﻫـﺎ ﻋﻧـد اﻹﻣـﺎم ،أﺑﻧﯾـﺔ
ﺟﻣــوع اﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت ،اﻟﺗــﻲ ﺗﺣﻣــل ﻓــﻲ طﺑﯾﻌــﺔ ﺻــﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﺟ ـوا ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺎ ﻣوﺣﯾــﺎ ،ﯾﻣﯾزﻫــﺎ ﻋــن
ﻏﯾرﻫﺎ ،وﯾﻣﻛّن اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻣن اﺳﺗﺷﻔﺎف اﻟدﻻﻻت وظﻼل اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾط ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺔ .
ﺳﻣﺎﻋﺎ( ذات ﻣوﺳﯾﻘﻰ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﺳرﯾﻌﺔ ،ﻧﺗﺟت ﻣـن ﺟـرس أﺻـواﺗﻬﺎ ،
ﺟﺎءت ﻛﻠﻣﺔ ) ّ
ﺣﯾــث ان اﺟﺗﻣــﺎع ﺻــوت )اﻟﺳــﯾن( اﻟﻣﻬﻣــوس ﻣــﻊ ﺻــوت اﻟﻣــد )اﻷﻟــف( ﻗــد ﻫﯾــﺄ ﺻــورة
٧١
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣﺗﺧﯾﻠﺔ ﻋن ﻫـؤﻻء اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟذﯾن اﺧﺗﺎرﻫم اﷲ ﺟـل وﻋﻼ ،ﻟﺗﺻدﯾق ﻛﻠﻣﺗﻪ وﺣﻣـل رﺳﺎﻟﺗﻪ ،
ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺿﺎﻓﻪ اﻟﺗﺿﻌﯾف ﻣـن دﻻﻟـﺔ أﺿـﻔت ﻋﻠـﻰ اﻟﻛـﻼم ﻣـن اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ﻣـﺎ ﯾﻧﺎﺳـب
ﻓﻌل اﻟﻣﻘﺻودﯾن ﺑﺎﻟﻛﻼم ،ﻣن اﺳﺗﻌدادﻫم اﻟـداﺋم ﻟﺗﺄدﯾـﺔ ﻣطﺎﻟﯾـب اﻟرﺳـﺎﻟﺔ ،واﻟـدﻋوة إﻟﯾﻬـﺎ
ﺑﺷﺗﻰ اﻟوﺳﺎﺋل ،وﻟو اﺳﺗﻌﻣل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻟﻔظﺔ )ﺳﺎﻣﻌﯾن( ﺑدﻻ ﻣـن )ﺳـﻣﺎﻋﺎ( ،
ﻟﺧف ذﻟك اﻷﺛـر اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ اﻟﻣﻧﺷود ،وﻓﻘد اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺑﻌﺿﺎ ﻣن دﻻﻟﺗﻪ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ .
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻓـﻲ ﻣﻌـرض ﺣـث أﺻـﺣﺎﺑﻪ ﻋﻠـﻰ اﻟﺟﻬـﺎد )):اﺳـﺗﻌدوا
إﻟــﻰ ﻗــوم ﺣﯾــﺎرى ﻋــن اﻟﺣــق ﻻ ﯾﺑﺻـروﻧﻪ ،وﻣــوزﻋﯾن ﺑــﺎﻟﺟور ﻻ ﯾﻌــدﻟون ﻋﻧــﻪ ،ﺟﻔــﺎة
ﻋن اﻟﻛﺗﺎب ،ﻧﻛب ﻋن اﻟطرﯾق (().(١
ﻧﻼﺣـظ ﻓﻲ ﻛﻠﻣـﺔ )ﺣﯾـﺎرى( وﻫـﻲ ﻣـن ﺟﻣـوع اﻟﻛﺛـرة ،وﻣﻔردﻫـﺎ )ﺣﺎﺋــر( ذﻟـك اﻷﺛـر
اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ اﻟ ارﺋ ــﻊ اﻟــذي ﺟ ــﺎء ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﺗـ ـواﻟﻲ ﺻــوﺗﻲ اﻟﻣ ــد ،ﻣﻣــﺎ أﻋط ــﻰ اﻟﻛﻠﻣــﺔ ﻗ ــوة ﻓ ــﻲ
اﻟﺗﻌﺑﯾــر واﻹﯾﺣــﺎء ﻋــن ﻫــؤﻻء اﻟﻘــوم اﻟــذﯾن ﯾﺳــﺗﻌد ﻟﻘﺗــﺎﻟﻬم ،واﻟﻣﺳــﯾر إﻟــﯾﻬم ،ﻓﻬــم ﻟﺷ ــدة
ﺿــﻼﻟﻬم واﺿــطراب ﺣــﺎﻟﻬم ،ﻻ ﯾﺑﺻــرون طرﯾــق اﻟﺣــق رﻏــم وﺿــوح ﺟــددﻩ .أﻣــﺎ ﻛﻠﻣــﺔ
)ﺟﻔـ ــﺎة( ﻓﺗﺛﯾ ــر ﻓ ــﻲ اﻟ ــﻧﻔس دﻻﻟـ ــﺔ ﻣوﺣﯾ ــﺔ ﻧﺎﺗﺟ ــﺔ ﻋ ــن وﻗـ ــﻊ أﺻـ ـواﺗﻬﺎ ،ﻓﺻ ــوت )اﻟﺟ ــﯾم(
اﻟﻣﺟﻬور اﻟﺷدﯾد ،وﺳﻌﺔ ﺻـوت اﻟﻣـد ﯾﻬﯾﺋـﺎن ﺟـوا ﻣوﺳـﯾﻘﯾﺎ ﯾﻠﻘـﻲ ﺑظﻼﻟـﻪ ﻋﻠـﻰ اﻟﺻـورة ،
ﻓﯾﻠﻣس ﻓﯾﻬﺎ ﻏﻠظﺔ اﻷﻋراب وﺳﻔﻪ ﻋﻘوﻟﻬم .
وﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻓــﻲ وﺻــف اﻟﻔﺗﻧــﺔ )) :ﺗـــرد ﻋﻠــﯾﻛم ﻓﺗﻧــﺗﻬم ُﺷ ْـــوﻫﺎً
ﻣﺧﺷﯾﺔ (().(٢
ّ
ﻓﻛﻠﻣ ــﺔ )ﺷـ ــوﻫﺎ( ﻣ ــن ﺟﻣ ــوع اﻟﻛﺛـ ـرة وﻣﻔردﻫ ــﺎ )ﺷ ــوﻫﺎء( ،وﻻ ﯾﺧﻔ ــﻰ ﻣ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﻫ ــذﻩ
اﻟﺻــﯾﻐﺔ ﻣ ــن دﻻﻟ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ،ﻣ ــن ﺧـ ــﻼل ﻣ ــﺎ ﺗوﺣﯾــﻪ ﻣ ــن ﺟـ ــرس أﺻـ ـواﺗﻬﺎ ،وﻣ ــﺎ
ﺗﺿ ــﻔﯾﻪ ﻣ ــن ﺟـ ــو ﻣ ــوﺣﻲ ،ﻓﺻ ــوت )اﻟﺷ ــﯾن( اﻻﺣﺗﻛ ــﺎﻛﻲ اﻟ ــذي ﯾـ ــوﺣﻲ ﺑﺎﻟﺿوﺿ ــﺎء ﻣ ــﻊ
٧٢
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺻوت اﻟﻣـد اﻟطوﯾل )اﻟـواو( ﻣﺿﺎﻓﺎ إﻟﯾﻬﻣﺎ ﺻوت )اﻟﻬﺎء( اﻟﻣﻬﻣوس اﻟذي ﯾــوﺣﻲ ﺑﺎﻟﺗﻌـب
واﻹرﻫﺎق ،ﻫذﻩ اﻷﺻوات ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ّﻫﯾﺄت ﻣﻧﺎﺧﺎ ﺗﺧﯾﯾﻠﯾﺎ ﯾﺻـور ﺷـدة ﻫـذﻩ اﻟﻔﺗﻧـﺔ ،وﻣـدى
ﺿراوﺗﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻟﺷدﺗﻬﺎ ﻻ ﯾﻛﺎد ﯾﺳﻠم ﻣﻧﻬﺎ أﺣد .
وﻣن ﺗﺄﻣل ﻣوﺳـﯾﻘﻰ ﻫـذﻩ اﻟﻠﻔظـﺔ )ﺷــوﻫﺎ( ،وﻋﻧـدﻣﺎ ﺗﻘــرع أﺻـواﺗﻬﺎ اﻟﺳـﻣﻊ ،ﺗرﺳـم
ﻓﻲ اﻟذﻫن ﺻورة ﻣﺗﺧﯾﻠﺔ ﺗﺻـور اﻷﻣـر ﺟﻠﯾـﺎ ظـﺎﻫ ار ﻟﻠﻌﯾـﺎن ،ﺣﺗـﻰ ﻛﺄﻧـﻪ ﯾﺳﻣــﻊ وﯾـرى ﻣـﺎ
ﯾﺣــدث ﻓﯾﺳــﻣﻊ ﻣــن وﻗــﻊ أﺻ ـواﺗﻬﺎ ،ﺻــوت ﺗﻠــك اﻟرﯾ ــﺎح اﻟﺗــﻲ ﺗﻬــب ﻋﻠــﻰ ﺟﺛــث اﻟﻘﺗﻠــﻰ
اﻟﻬﺎﻣدة ،واﻟدﯾﺎر اﻟﺧرﺑﺔ .
وﻗ ــﺎل اﻹﻣـ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴـ ــﻼﻡ( ﯾﺻ ــف اﻟﻣ ــؤﻣﻧﯾن ،وﯾﻌﻧ ــﻲ ﺑﻬ ــم أﻫـ ــل ﺑﯾ ــت اﻟﻧﺑ ــﻲ
)ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ( )) :أوﻟﺋك ﻣﺻﺎﺑﯾﺢ اﻟﻬـدى ،واﻋـﻼم اﻟﺳـرى ،ﻟﯾﺳـوا ﺑﺎﻟﻣﺳـﺎﯾﯾﺢ
ان ﻛﻠﻣﺗـ ــﻲ )اﻟﻣﺳـ ــﺎﯾﯾﺢ( ،و)اﻟﻣـ ــذاﯾﯾﻊ( ﻣـ ــن ﺻـ ــﯾﻎ اﻟﺟﻣ ـ ــوع اﻟﺗـ ــﻲ ﺗ ـ ــوﺣﻲ ﺑـ ــﺎﻟﻛﺛرة
واﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ،وﻫــﻲ ﻛﺛــرة ﻧﺎﺑﻌــﺔ ﻣــن ﺟــرس أﺻ ـوات اﻟﻛﻠﻣــﺔ ،وﻣــﺎ ﺗﺣدﺛــﻪ ﻣــن ﻧﻐــم ﻣوﺳــﯾﻘﻲ
ﻧــﺎﺗﺞ ﻋ ــن ﺗ ـ ـواﻟﻲ ﻣﻘطﻌ ــﯾن ط ــوﯾﻠﯾن ﻣﻐﻠﻘ ــﯾن ،ﻓﺗ ــوﺣﻲ ﺑﻛﺛـ ـرة أوﻟﺋـ ــك اﻟ ــذﯾن ﯾﺳ ــﯾﺣون ﻓ ــﻲ
اﻷرض ﺑﺎﻟﻔﺳــﺎد ٕ ،واﺷــﺎﻋﺔ اﻟﻧﻣــﺎﺋم واﻷﺣﻘــﺎد ﺑــﯾن اﻟﻧــﺎس ،وﻗــد ﻧﻔــﻰ اﻹﻣــﺎم ﻫــذﻩ اﻟﺻــﻔﺎت
ﻋـن أﻫـل اﻟﺑﯾــت ،واﺳـﺗﺑﻌد ان ﺗﺻــدر ﻋـن ﻣــﺛﻠﻬم ،ﻻن أﺧﻼﻗﻬـم ﻫــﻲ أﺧـﻼق رﺳــول اﷲ
ق َﻋِظ ٍﯾم(().(٢
ﱠك َﻟَﻌﻠَﻰ ُﺧﻠُ ٍ
)ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ( اﻟذي ﻗﺎل ﻓﯾﻪ رب اﻟﻌزة )) َوإِﻧ َ
ﻣن ذﻟـك ﻧـرى ان اﻹﻣـﺎم ﻛـﺎن ﺣرﯾﺻـﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﻌﻧﺎﯾـﺔ ﺑﺎﺧﺗﯾـﺎر اﻷﻟﻔـﺎظ ذات اﻟﺟـرس
اﻟﻣوﺣﻲ ،ﻓﻬو ﯾﺧﺗﺎر اﻷﻟﻔـﺎظ اﻟﺗﻲ ﺗـوﻓر اﻟﺟو اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ اﻟﻣﻼﺋم ،واﻟﻣﻧﺳﺟم ﻣـﻊ اﻟﺣـدث
أو اﻟﻣوﺿـوع اﻟــذي ﯾﺻــورﻩ ،ﻓﻬــو ﯾﺧﺗــﺎر اﻷﻟﻔــﺎظ اﻟﺗــﻲ ﺗﻣﺗــﺎز ﺑــﺎﻟﺟرس اﻟﻘــوي واﻟﻌﻧﯾــف ،
٧٣
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻓﻲ وﺻف اﻷﺣـداث اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﺎز ﺑﺎﻟﻘـوة واﻟﺷدة ،ﻟﯾﻬﯾﺊ ﻧﻐـﻣﺎ ﻣوﺳﯾﻘﯾﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﺣدث
اﻟﻣوﺻــوف .وﻛــذﻟك ﻧ ـراﻩ ﯾﻛﺛــر ﻣــن أﺻ ـوات اﻟﻣــد ﻓــﻲ اﻟﻣوﺿــوﻋﺎت اﻟﺗــﻲ ﺗﺳــﺗوﺟب ان
ﯾﻘف ﻋﻧدﻫﺎ اﻹﻧﺳﺎن ،وﯾﺗﺄﻣل ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﻬﺎ .
ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗرﻛﯾب
وﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗـﻲ ﺗﺗـﺄﻟف ﻣـن ارﺗﺑـﺎط اﻷﻟﻔـﺎظ ﺑﻌﺿـﻬﺎ ﺑـﺑﻌض ،واﺗﺳـﺎﻗﻬﺎ
ﺑﺣﯾــث ﺗﺷــﻛل ﺑﻣﺟﻣوﻋﻬــﺎ اﻹﯾﻘ ــﺎع اﻟﻌــﺎم ﻟﻠﺟﻣﻠــﺔ ،وﻣــدى ﺗواﻓ ــق ﻫــذا اﻹﯾﻘــﺎع ﻣــﻊ ﺣرﻛــﺔ
اﻟــﻧﻔس واﻟدﻻﻟــﺔ اﻹﯾﺣﺎﺋﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ ﯾﺗﺿــﻣﻧﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺟ ــو اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ اﻟــذي ﺗﺣدﺛــﻪ اﻷﻟﻔ ــﺎظ ﻋﻧــد
اﻟﻧطق ﺑﻬﺎ ،ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أﻫم اﻟﻣﻧﺑﻬﺎت اﻟﻣﺛﯾـرة ﻟﻼﻧﻔﻌـﺎﻻت اﻟﺧﺎﺻـﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳـﺑﺔ ،ﻛﻣـﺎ ان ﻟـﻪ
إﯾﺣﺎءا ﻧﻔﺳﯾﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻟدى اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ).(١
وﻗد ﻋﺎﻟﺞ اﻟﻘدﻣﺎء ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻌﺑـﺎرة ﻓﻲ أﺑواب ﻋدة ،وﺗﺣت ﻋﻧـﺎوﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔـﺔ ،ﻣـن
،واﻟرﻗ ــﺔ ،واﻟﺟ ازﻟ ــﺔ ،واﻟط ــﻼوة .(٢)..ﻣﻣ ــﺎ ﯾ ــدل ﻋﻠ ــﻰ ﻣﻛﺎﻧ ــﺔ اﻷﻟﻔ ــﺎظ ﻋﻧ ــدﻫم ،وﻋﻠ ــﻰ
إدراﻛﻬم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن ﻧﻐم اﻟﻠﻔظﺔ وﻣﻌﻧﺎﻫﺎ .ﻗﺎل أﺑو ﻫـﻼل اﻟﻌﺳﻛري ) :ﻓــﺈذا ﻛـﺎن
اﻟﻛﻼم ﻗـد ﺟﻣﻊ اﻟﻌذوﺑﺔ واﻟﺟزاﻟﺔ واﻟﺳﻬوﻟﺔ واﻟرﺻﺎﻧﺔ ،ﻣـﻊ اﻟﺳﻼﺳﺔ واﻟﻧﺻﺎﻋﺔ ،واﺷـﺗﻣل
ﻋﻠـﻰ اﻟروﻧــق واﻟطــﻼوة ،وﺳــﻠم ﻣــن ﺣﯾ ــف اﻟﺗــﺄﻟﯾف ،وﺑﻌــد ﻋــن ﺳــﻣﺎﺟﺔ اﻟﺗرﻛﯾــب ،وورد
ﻋﻠــﻰ اﻟﻔ ــﻬم اﻟﺛﺎﻗــب ﻗﺑﻠــﻪ وﻟــم ﯾ ــردﻩ () ،(٣وﻗ ــﺎل اﻟﻌ ــﻠوي ) :ﻓﺎﻷﻟﻔــﺎظ ﻓــﻲ ﺳــﻬوﻟﺔ ﺗرﻛﯾﺑﻬــﺎ
. ) _ (١اﻷﺳس اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﺟﯾد ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد٣٨ :
) _ (٢ﯾﻧظر ﻋﯾﺎر اﻟﺷﻌر ، ١٤ :واﻟﻌﻣدة ﻻﺑن رﺷﯾق ، ١٢٨ / ١ :وﺳر اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ ٥٥ :وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ،واﻟﻣﺛل
اﻟﺳﺎﺋر ١٤١ /١ :ـ . ١٤٥
) _ (١اﻟﺻﻧﺎﻋﺗﯾن. ٧١ :
٧٤
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
وﻋﺛورﺗﻪ ،وﺳﻼﺳﺗﻪ ووﻋورﺗﻪ ،ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻷﺻـوات ﻓـﻲ طﻧﯾﻧﻬـﺎ وﻟـذة ﺳـﻣﺎﻋﻬﺎ ،وﻟﻬـذا ﻓﺎﻧـﻪ
ﻣــن أﺑـ ـواب اﻟﺑــدﯾﻊ .ﻓﻣ ــﺎ ﺟــﺎءوا ﺑ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﺣــدﯾﺛﻬم ﻋ ــن ﻫ ــذﻩ اﻷﺑـ ـواب ﯾﺷــﻬد ﺑ ــﺄﻧﻬم اوﻟﻌـ ـوا
ﺑﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗرﻛﯾب ،وﻋدوﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﻼم اﻟﻣﻧﺛـور ﺧﺎﺻـﺔ ﻣﻘﯾﺎﺳـﺎ ﺟﻣﺎﻟﯾـﺎ ﻟـﻪ دور ﻛﺑــﯾر ﻓـﻲ
ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻧـص وﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ) ،(٢إذ ان أﺳـرع ﻧـواﺣﻲ اﻟﺗـﺄﺛﯾر ﻓـﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘـﻲ ﺗﻌــود ﻓـﻲ
اﻟدرﺟــﺔ اﻷﺳ ــﺎس إﻟــﻰ ﻣــﺎ ﯾﺣﻣﻠــﻪ اﻟــﻧص ﻣــن ﻣوﺳــﯾﻘﻰ ،ﺗطــرب ﻟﻬــﺎ اﻵذان ،وﺗﻬــش ﻟﻬــﺎ
اﻟﻧﻔــوس .إﻻ ان اﻹﯾﻘــﺎع اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ ﻟــﯾس ﺣﺎﺟــﺔ ﻧﻔﺳــﯾﺔ ووﺳــﯾﻠﺔ إطـراب وﺣﺳــب ،وﻟﻛﻧــﻪ
أوﻻً :اﻧﺳﺟﺎم اﻷﻟﻔﺎظ وﺗـﺂﻟف أﺻـواﺗﻬﺎ ،وﻗـد ﺑﺣﺛـﻪ اﻟﻘـدﻣﺎء ﺗﺣـت ﻋﻧـوان ﻓﺻـﺎﺣﺔ
اﻷﻟﻔــﺎظ ﻣﻔــردة وﻣﺟﺗﻣﻌــﺔ ،ﺑﺣﯾــث ﺗﺟــري ﺣروﻓﻬــﺎ ﺑﺳــﻬوﻟﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻠﺳ ــﺎن ،وﺗﺧﻠــو ﻣــن
ﺛﺎﻧﯾــﺎً :اﻹﯾﻘ ــﺎع اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ اﻟــذي ﯾﻧﺷ ــﺄ ﻣــن وﺟ ــود ﺑﻌــض اﻟﻣﺣﺳــﻧﺎت اﻟﺑدﯾﻌﯾــﺔ ﻓــﻲ
اﻟﺗرﻛﯾب .
٧٥
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ان ﺗرﻛﯾب اﻷﻟﻔـﺎظ واﺳـﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓـﻲ ﺳـﯾﺎق اﻟﻌﺑﯾـر اﻷدﺑـﻲ ﺧﺎﺻـﯾﺔ ﻓﻧﯾـﺔ ،ﺣﯾـث ان
اﻟﻘﯾﻣــﺔ اﻟذاﺗﯾــﺔ ﻟﻠﻔــظ ﺗﻛﺗﺳــب أﻫﻣﯾﺗﻬــﺎ ﻣــن ﺧــﻼل اﺗﺳــﺎﻗﻬﺎ ،وﺗﻼؤﻣﻬــﺎ ﻣــﻊ ﺳــﺎﺋر اﻷﻟﻔــﺎظ ،
ﻓﺗﻛﺳب اﻟﻛﻼم ﻧﻐﻣﺎ ﺗﻬش ﻟﻪ اﻟﻧﻔوس).(١
وﻗد ﺷﻐف اﻟﻌـرب ﺑﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻷﻟﻔـﺎظ وﺟﻣﺎل وﻗﻌـﻬﺎ ،ﺑﺟﻌل اﻟﻛﻠﻣﺔ وﺣدة ﻣﻧﺳـﺟﻣﺔ
ﺗﺧف ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺳــﺎن وﯾﻌــذب ﻧطﻘﻬـﺎ ﻓـﻲ اﻟﺳـﻣﻊ ،ﻣـن ﺧــﻼل اﺟﺗﻬـﺎدﻫم ﻓـﻲ ﺗﺧﻠﯾﺻـﻬﺎ ﻣﻣـﺎ
ﯾﻔﻘدﻫﺎ اﻟﺗﻼؤم واﻻﻧﺳﺟﺎم ﺑﯾن ﺣروﻓﻬﺎ وﺣرﻛﺎﺗﻬﺎ .وﻛذﻟك ﺣرﺻوا ﻋﻠﻰ ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻌﺑﺎرات
،ﺑ ــﺎن ﺗﻛ ــون اﻷﻟﻔ ــﺎظ ﻓ ــﻲ داﺧﻠﻬ ــﺎ ﻣﻧﺳ ــﺟﻣﺔ ﻏﯾ ــر ﻣﺗﻧ ــﺎﻓرة ﯾﻧطﻠ ــق ﺑﻬ ــﺎ اﻟﻠﺳ ــﺎن ﻓ ــﻲ ﯾﺳ ــر
وﺳﻬوﻟﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺷﻌر ﺑﺛﻘل وﻫو ﯾﻧﺗﻘل ﻣن ﻟﻔظ إﻟﻰ آﺧر).(٢
وﻣﻣــﺎ ﻻﯾﻣﻛــن إﻧﻛــﺎرﻩ ،ان ﻧظــم اﻷﻟﻔــﺎظ ﻣــﻊ ﺑﻌﺿــﻬﺎ ،واﺧﺗﯾــﺎر اﻟﻣ ــوﻗﻊ اﻟﻣﻧﺎﺳــب
ﻟﻛــل ﻟﻔظــﺔ ﻣﻧﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺟﻣﻠــﺔ ﯾﻛﺳــﺑﻬﺎ ﺗــﺄﺛﯾ ار اﻛ ــﺑر ﻓــﻲ اﻟﻧﻔ ــس ،ﻛﻣــﺎ ان ﻟﻠطﺑﯾﻌــﺔ اﻟﻧﻐﻣﯾــﺔ
ﻟﺻــﯾﻐﺔ اﻟﻠﻔظــﺔ أﺛـ ار ﻓــﻲ ﻗﯾﻣﺗﻬــﺎ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾــﺔ وﺗﺄﺛﯾرﻫــﺎ ﻓــﻲ ﻧﻔــس اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ،ﻣــن ﺣﯾــث إﺣ ــداث
اﻟﺗﺧﯾﯾــل اﻟﻣﻧﺎﺳــب اﻟــذي ﯾﺗﻣﺎﺷــﻰ وﻣوﺳــﯾﻘﻰ أﺻ ـواﺗﻬﺎ) .(٣ﻓﻣــن اﻟﺛﺎﺑــت ﻓــﻲ ﻣﺟــﺎل اﻟدﻻﻟ ــﺔ
اﻹﯾﺣﺎﺋﯾﺔ ﻟﻺﯾﻘـﺎع اﻟﻣوﺳـﯾﻘﻲ ﻟﻸﻟﻔـﺎظ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫـﺎ ﺻـو ار ذﻫﻧﯾـﺔ ﺳـﻣﻌﯾﺔ ،ﺗﻌـد ﻣـن اﻟﻣﻧﺑﻬـﺎت
اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻓ ــﻲ إﺛ ــﺎرة اﻻﻧﻔـ ــﻌﺎل اﻟﻣﻧﺎﺳ ــب ﻓ ــﻲ ﻧﻔـ ــس اﻟﻣﺗﻠـ ــﻘﻲ ،وﻫ ــﻲ ﺑﺎﻹﺿ ــﺎﻓﺔ إﻟ ــﻰ دﻻﻟﺗﻬ ــﺎ
اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻛل ﻟﻔظـﺔ ،ذات دﻻﻟﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾﺔ ﺗﺷـﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﻧﻔس ﻣﻧــﺎﺧﺎ ﺗﺧﯾﯾﻠﯾـﺎ ﺧﺎﺻـﺎ
ﯾﺗﻣﺎﺷــﻰ وﺣ ــرﻛﺔ اﻟــﻧﻔس وذﺑــذﺑﺗﻬﺎ اﻟﺷــﻌورﯾﺔ ،وﯾﻧﺳــﺟم ﻣــﻊ إﯾﻘ ــﺎﻋﺎت ﻣوﺳــﯾﻘﺎﻫﺎ اﻟداﺧﻠﯾــﺔ
وأﻧﻐﺎﻣﻬﺎ).(٤
٧٦
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
وﺟــﺎء اﺧﺗﯾــﺎر اﻹﻣــﺎم ﻋﻠــﻲ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( واﻧﺗﻘــﺎءﻩ ﻟﻸﻟﻔ ــﺎظ ذات اﻹﯾﺣــﺎء اﻟﻧﻔﺳــﻲ
واﻟوﻗــﻊ اﻟﺧــﺎص ﻓــﻲ ﻛﺛﯾــر ﻣــن اﻟﻣواﺿــﻊ ﻓــﻲ ﻧﻬ ــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،وﻣﻣــﺎ ﯾﻧﺎﺳــب اﻟﻣﻘــﺎم ﻗ ــوﻟﻪ
)ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﯾﺻــف ﺷ ـواﻫد ﻗــدرة اﻟﺑــﺎري ﻋــز وﺟــل ) :ﻓﻣـــن ﺷـــواﻫد ﺧﻠﻘـــﻪ ،ﺧﻠـــق
اﻟﺳﻣﺎوات ﻣوطَدات ﺑﻼ ﻋﻣد ﻗﺎﺋﻣﺎت ﺑﻼ ﺳﻧد ،دﻋﺎﻫن ﻓﺎﺟﺑن طﺎﺋﻌﺎت ﻣذﻋﻧﺎت ،ﻏﯾر
ﻣﺗﻠﻛﺋﺎت وﻻ ﻣﺑطﺋﺎت (().(١
ﻧﻼﺣـظ ﻓﻲ اﻟﻧص ﺟـوا إﯾﺣﺎﺋﯾﺎ ﺟـﺎء ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻬذا اﻟﺗﻛرار اﻟﻣﻠﺣـوظ ﻟﺻـوت )اﻟطـﺎء(
وﺻــوت اﻟﻣ ــد )اﻷﻟــف( اﻟــذي ﯾــوﺣﻲ ﺑﺟرﺳــﻪ اﻟطوﯾــل إﻟــﻰ اﻟﻌظ ــﻣﺔ واﻟﺳــﻣو واﻻرﺗﻔــﺎع ،
ﺣﯾث ان اﺟﺗﻣﺎع ﻫذﻩ اﻷﺻوات ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻌطﻲ اﻟﻧص إﯾﺣـﺎء ﺑﺎﻟﺧﺿـوع واﻟطﺎﻋـﺔ
اﻟﻣطﻠﻘــﺔ ﷲ ﺟــل وﻋــﻼ .وﻻ ﯾﺧﻔــﻰ ﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻟــﻧص ﻣــن ﺳــﻬوﻟﺔ ﻓــﻲ اﻟﻧطــق ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟــﺗﻼؤم
أﻟﻔﺎظﻪ واﻧﺳﺟﺎﻣﻬﺎ .
وﻗﺎل اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ ﯾﺻف ﻓﯾﻪ اﻟﻣـوت )) :أﻻ ﻓﺎذﻛروا ﻫـﺎدم
وﻣﻛـدر
وﻗﺎل )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( واﺻﻔﺎ اﻟﻣـوت أﯾﺿﺎ )) :ﻓﺎن اﻟﻣوت ﻫـﺎدم ﻟـذاﺗﻛم ّ ،
ﯾﻠﻣــﺢ ﻓــﻲ اﻟــﻧص اﻻﺧﺗﯾــﺎر اﻟدﻗﯾ ــق ﻟﻸﻟﻔــﺎظ ذات اﻹﯾﺣــﺎء اﻟﻧﻔﺳــﻲ اﻟﻣؤﺛ ــر واﻟوﻗــﻊ
اﻟﺧــﺎص ،ﻓﻛــل ﻟﻔظــﺔ ارﺗﺑطــت ﺑدﻻﻟ ــﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾــﺔ ﺧﺎﺻــﺔ ﻋﻧــد اﻟﻔــرد ،ﻣــن ﺧ ــﻼل ﺟرﺳــﻬﺎ
اﻟﺻــوﺗﻲ ،ﺣﯾــث ﯾــوﻓر ﻫــذا اﻟﺗﻛ ـرار اﻟﻣﻠﺣــوظ ﻟﺻــوت اﻟﻣــد )اﻷﻟــف( ﺟـوا ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺎ ﻫﺎدﺋــﺎ
ﺗــذﻋن ﻟــﻪ اﻟﻘﻠــوب ،وﺗﺧﺷــﻊ ﻟــﻪ اﻟﻧﻔــوس ،ﻋــﻼوة ﻋﻠــﻰ ﺗﻛـرار ﺻــوﺗﻲ )اﻟــدال( ،و)اﻟﺑــﺎء(
٧٧
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﻠــذﯾن ﯾﺧدﺷــﺎن اﻟﺳــﻣﻊ ﺑﺟرﺳــﻬﻣﺎ اﻟﻘــوي ،ﻫــذﻩ اﻷﺻ ـوات ﻣﺟﺗﻣﻌــﺔ ﺧﻠﻘــت ﻣﻧﺎﺧــﺎ ﺗﺧﯾﯾﻠﯾــﺎ
ﯾﺣﻣــل اﻟﺳــﺎﻣﻊ ﻋﻠــﻰ ﺗﺻــور ﺣﺎﻟــﺔ اﻹﻧﺳــﺎن ﻋﻧــدﻣﺎ ﯾﺣــل ﺑــﻪ اﻟﻣــوت ،ﻓﻬــو ﻛﺎﻟﻧــﺎﺋم اﻟــذي
أﯾﻘﺿﻪ ﺻوت ﺷدﯾد ﻧﻘر ﺳﻣﻌﺔ ،ﻓﺟﻌﻠﻪ ﯾﺳﺗﯾﻘظ ﻣن أﺣﻼﻣﻪ وﯾواﺟﻪ اﻟواﻗﻊ .
ان اﻧﺗﻘﺎء اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣوﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑـر ﻋن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذاﺗﻲ واﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺷﻌورﯾﺔ ،ﻫـو
ﻣــن أﻫ ــم اﻷﺷــﯾﺎء اﻟﺗــﻲ ﺗﻣ ــﯾز اﻟﻔــن اﻷدﺑــﻲ اﻟﻧــﺎﺟﺢ ،ﻓﻠﺟﻣــﺎل اﻟﻠﻔظــﺔ وﺗﻘﺑــل اﻟــﻧﻔس ﻟﻬــﺎ
ﻋﻼﻗــﺔ وﺛﯾ ــﻘﺔ ﺑﺟرﺳــﻬﺎ وﻣــﺎ ﺗﺣﻣﻠــﻪ ﻣــن دﻻﻟــﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾــﺔ ﻣؤﺛـ ـرة) ،(١إذ ان اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻰ اﻟﻠﻔظﯾــﺔ
اﻟﻧـﺎﺗﺟﺔ ﻣن ﺗﻣوﺟﺎت اﻷﺻوات وﻣﻘـدار ﺗرددﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻧص ،ﻫـﻲ ﺑـﻼ ﺷــك اﻓﺿـل وﺳـﺎﺋل
اﻻﻧﺗﻔــﺎع ﺑﺎﻷﺻ ـوات ﻓــﻲ ﻓــن اﻷدب .وﻻن ﻫــذا اﻻﻧﺳــﺟﺎم اﻟﺻــوﺗﻲ ﻫــو اﻛﺑ ــر ﻋﺎﻣــل ﻓــﻲ
اﻹﯾﺣــﺎء ﺑــذﻟك اﻟﺟــزء ﻣــن اﻟﻌﺎطﻔــﺔ واﻟﺷــﻌور اﻟــذي ﻻ ﯾﻣﻛــن ان ﺗﺣﯾــﻰ اﻟﺗﺟــﺎرب اﻷدﺑﯾــﺔ
ﺑدوﻧــﻪ) ،(٢ﺣﯾــث ) ان اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻰ ﺗــﻼزم اﻟﺗﻌﺑﯾــر اﻟﻌ ــﺎطﻔﻲ ،وﻛﻠﻣ ــﺎ اﺑﺗﻌــد اﻟﻧﺛــر ﻋــن روح
اﻟﻌﺎطﻔﺔ ﺿﻌف ﺣظـﻪ اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ ().(٣
وﻟﻘد ﺟﺎء ﻛﻼم اﻹﻣـﺎم ﻋﻠﻲ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻓـﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ﻣﺗـواﻓ ار ﻋﻠـﻰ ﻋﺎطﻔـﺔ
ﻣﺷﺑوﺑﺔ ،ﻓﺎﻹﻣﺎم ﻓـﻲ ﻧﻬﺟـﻪ ﯾﺻـدر ﻋـن رؤﯾـﺔ ﻛوﻧــﯾﺔ ﺷـﺎﻣﻠﺔ ﻣﺣﺎورﻫـﺎ ﺛـﻼث ﻣوﺿـوﻋﺎت
ﻻ اﻧﻔﺻ ــﺎل ﻋﻧﻬ ــﺎ ،ﻫ ــﻲ اﷲ واﻟﻌ ــﺎﻟم واﻹﻧﺳ ــﺎن ،وﻗ ــد ﺑ ــدا اﻹﻣ ــﺎم ﻓ ــﻲ ﺻ ــﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﻣ ــﻧﻔﻌﻼ
ﺻﺎدﻗﺎ ،ﻟﻣﺎ اﻧطوت ﻋﻠﯾﻪ ﻧﻔﺳﻪ ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺣﺎور).(٤
ﯾﻘـول اﻷﺳﺗـﺎذ ﺻﺑﺣﻲ اﻟﺻﺎﻟﺢ ) :واﻣﺎ ﻋﺎطﻔﺔ ﻋﻠﻲ ﻓﺛﺎﺋرة ﺟﯾﺎﺷﺔ ﺗﺳـﺗﻣد دواﻓﻌﻬـﺎ
ﻣن ﻧﻔﺳﻪ اﻟﻐﻧﯾﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻻت ،وﻋﻘﯾدﺗﻪ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣـق ،ﻓﻣـﺎ ﺗﻛﻠـم إﻻ وﺑـﻪ ﺣﺎﺟـﺔ إﻟـﻰ
اﻟﻛ ــﻼم ،وﻣــﺎ ﺧطــب إﻻ وﻟ ــدﯾﻪ ﺑﺎﻋ ــث ﻋﻠــﻰ اﻟﺧط ــﺎﺑﺔ ،واﻧﻣــﺎ ﺗﺗﺟﻠــﻰ رﻫ ــﺎﻓﺔ ﺣﺳــﻪ ﻓــﻲ
اﺳ ــﺗﻌﻣﺎﻟﻪ اﻷﻟﻔـ ــﺎظ اﻟﺣ ــﺎدة … ﺑﺗـ ـرادف ﺑ ــﯾن اﻟﻔﻘـ ـرات وﺗﺟ ــﺎﻧس ﺑ ــﯾن اﻷﺳ ــﺟﺎع ،وﺣـ ــرص
واﺿﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻐم واﻹﯾﻘﺎع ().(٥
٧٨
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻹﯾﻘﺎع اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ ظﺎﻫرة أﺻﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐـﺔ اﻟﻌرﺑﯾـﺔ ،ﻛﻣـﺎ ﻓـﻲ ﺳـﺎﺋر اﻟﻠﻐـﺎت ،وﻗـد
ﺷــﻣل اﻟﻧﺛــر واﻟﺷــﻌر ،وﻫــو ذو ﻗﯾ ــﻣﺔ ﺧﺎﺻــﺔ ﻣــن ﺣﯾــث اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ اﻟﺗــﻲ ﯾــوﺣﻲ ﺑﻬــﺎ ،ﻓﻬــو
وﺳﯾﻠﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻹﯾﺣﺎﺋﻲ ﻻﻧﻪ ﻟﻐﺔ اﻟﺗوﺗر واﻻﻧﻔﻌﺎل).(١
واﻹﯾﻘﺎع اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺗﻛرار ﺣروف أو أﺻوات أو أﻟﻔﺎظ ﺑﻌﯾﻧﻬﺎ ،وﺑﻣـﺎ ان
ﻟﻛــل ﺣــرف أو ﺻــوت ﻧﻐﻣــﺎ ﺧﺎﺻــﺎ ﺑــﻪ ،ﻓﺗﻛ ـ اررﻩ ﯾﺟــذب اﻻﻧﺗﺑــﺎﻩ ،وﯾﻌــزز دﻻﻟــﺔ اﻟــﻧﻐم ،
وﯾؤﻟف ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟﺻوﺗﻲ اﻟﻣﺣﺑب).(٢
وﻟﻣــﺎ ﻛــﺎن اﻹﯾﻘــﺎع اﻟﻣﺗ ـوازن اﻟﻣﻧﺳــﺟم ﯾﺷــد اﻟــﻧﻔس إﻟﯾــﻪ ،وﯾﺷــوﻗﻬﺎ وﯾﺟﻌﻠﻬــﺎ اﻛﺛــر
ﻗﺑــوﻻ ﻟﻠﻔــن اﻟﻘــوﻟﻲ اﻟﻣﺗــوﻓر ﻋﻠﯾــﻪ ،ﻋــن طرﯾــق ﺧﻠــق ﺟــو ﻣوﺳــﯾﻘﻲ ﺗﻧﺳــﺎب ﻣﻌــﻪ اﻟــﻧﻔس
وﺗطرب ﻟﻪ اﻷذن ،وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺎد ار ﻋﻠـﻰ ﺗﻧظـﯾم ﺣرﻛﺗﻬـﺎ اﻟﺷـﻌورﯾﺔ وﻓـق ذﺑـذﺑﺎت إﯾﻘﺎﻋـﻪ ،
ﻓﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ ان ﯾﻛـون اﻟﻔـن اﻟﻘـوﻟﻲ اﻟﻣوﻗﻊ اﺳﻬـل ﺣﻔظﺎ واﺛﺑـت ﻓﻲ اﻟذﻫن ﻣن ﻏﯾرﻩ).(٣
وﻗد اﻟﺗﻔت اﻟﻘـدﻣﺎء إﻟـﻰ ﻫـذا اﻟﻧـوع ﻣـن اﻟﻣوﺳـﯾﻘﻰ اﻟﻠﻔظﯾـﺔ ،وذﻛـروا ان اﻟﻌـرب ﻗـد
اﻫﺗﻣت ﺑﺈﺑـراز ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻧﺛر ﻣن ﺧﻼل ﻣوازﻧـﺔ اﻟﻛــﻼم واﻻﻫﺗﻣـﺎم ﺑﺎﻟﻣﺻـﺎرﯾﻊ ،ﻣـن ﺣﯾـث
اﻟطول واﻟﻘﺻر ،وﻛذﻟك اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺳﺟﻊ وﺗﺷﺎﺑﻪ ﺣروف اﻷﺟزاء).(٤
ﻓﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻧﺛرﯾـﺔ ﯾﺗﺣﻘـق ﻣـن ﺧـﻼل ﺗـواﻓر اﻟﻛـﻼم ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺣﺳـﻧﺎت
اﻟﻠﻔظﯾــﺔ ،ﻛــﺎﻟﺗوازن واﻟﺳــﺟﻊ واﻟﺟﻧــﺎس وﻏﯾرﻫــﺎ ،ﻓﺟﻣﯾــﻊ ﻫــذﻩ اﻟﻔﻧــون ﺗرﺗﻛــز ﻋﻠــﻰ ﺗﻛ ـرار
ﺣروف أو أﺻوات أو أﻟﻔـﺎظ ،ﺑﻘﺻـد ﺗﻘوﯾـﺔ اﻟﻣﻌـﺎﻧﻲ واﺑرازﻫـﺎ وﻟﻔـت اﻟﻧظـر إﻟﯾﻬـﺎ ،إذ ان
٧٩
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻹﯾﻘــﺎع اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ أداة ﻟﺗﻌزﯾ ـز اﻟﻣﻌﻧــﻰ ،ﻛﻣــﺎ اﻧــﻪ وﺳــﯾﻠﺔ ﻣــن وﺳــﺎﺋل اﻟﺗﻌﺑﯾــر اﻟﻔﻧــﻲ اﻟﺗــﻲ
ﻟﻬﺎ اﻟدور اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ).(١
ٕواذا ﻛــﺎن اﻟﻘــدﻣﺎء ﯾــرون ﻓــﻲ ﻫــذﻩ اﻟﻣﺣﺳــﻧﺎت اﻟﺑدﯾﻌﯾــﺔ ﺟﻣــﺎﻻ وﻣوﺳــﯾﻘﺎ ﺗطــرب ﻟــﻪ
اﻵذان ،وﺗﻬش ﻟﻪ اﻟﻧﻔوس ،وﻟـﻪ ﻗﯾﻣـﺔ ﻣﻠﺣوظـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺗـﺄﺛﯾر ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘـﻲ ،ﻓـﺎﻧﻬم ﯾـرون
ان ﺗﻛ ــون ﻫــذﻩ اﻟﻣﺣﺳــﻧﺎت ﻛــﺎﻟﺣﻠﻲ ،ﯾــروق ﻣﻧﻬــﺎ اﻟﻘﻠﯾــل ،ﯾــﺄﺗﻲ ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم إذا اﺳــﺗدﻋﺎﻩ
اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻻ ان ﯾؤﺗﻰ ﺑﻪ ﻣوﺿوﻋﺎ ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﻛﺎﻧﻪ).(٢
وﻟﻣــﺎ ﻛــﺎن اﻹﻣــﺎم ﻋﻠــﻲ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ذا ﺷﺧﺻــﯾﺔ ﻣﻧطوﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻓﻛــر ﯾﺣﻣــل ﻗــﯾم
اﻹﺳﻼم اﻟﻌظﯾﻣﺔ وﯾﺳـﻌﻰ إﻟﻰ ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ وﻧﺷـرﻫﺎ ،واﻟﺗﻲ ﺳﺧر ﻟﻬﺎ ﺟﻣﯾﻊ إﻣﻛﺎﻧﺎﺗﻪ اﻟذﻫﻧﯾـﺔ
واﻟﺟﺳــدﯾﺔ ،ﻛــﺎن أدﺑــﻪ ﻣﺗــﺄﺛ ار ﺑــﻧﻣط ﺷﺧﺻــﯾﺗﻪ ،ﺣﯾــث ﺟــﺎءت أﻟﻔﺎظــﻪ ﺗﺣﻣــل ﻓــﻲ طﯾﺎﺗﻬــﺎ
ﻋﻧﺎﺻر ﻣوﺳﯾﻘﯾﺔ وﻓرت ﺟوا ﺧﺎﺻﺎ ﺳﺎﻋد ﻋﻠـﻰ ﺗﺣﻘﯾـق اﻷﺛـر اﻟـذي ﯾﺳـﻌﻰ إﻟﯾـﻪ اﻹﻣــﺎم ،
وﻣــن ﻫ ــذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻــر اﻟﻣوﺳــﯾﻘﯾﺔ ،اﻟﺟﻧــﺎس ،واﻟﺗ ـوازن ،واﻟﺳــﺟﻊ ،واﻟﺗــﻲ ﺳــﯾﻌرض ﻟﻬــﺎ
اﻟﺑﺎﺣث ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺗﻔﺻﯾل ان ﺷﺎء اﷲ .
اﻟﺟﻧﺎس
اﻟﺟﻧـﺎس :ﻫو) ﺗﺷـﺎﺑﻪ اﻟﻠﻔظـﯾن ﻓـﻲ اﻟﻧطـق ،واﺧﺗﻼﻓﻬﻣـﺎ ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﻧـﻰ () ،(٣وﻫـو )
ﻣــن اﻟﺣﻠــﻲ اﻟﻠﻔظﯾــﺔ واﻷﻟ ـوان اﻟﺑدﯾﻌﯾــﺔ اﻟﺗــﻲ ﻟﻬــﺎ ﺗــﺄﺛﯾر ﺑﻠﯾــﻎ ،ﺗﺟــذب اﻟﺳــﺎﻣﻊ وﺗﺣــدث ﻓــﻲ
ﻧﻔﺳـ ــﻪ ﻣ ــﯾﻼ إﻟ ــﻰ اﻹﺻ ــﻐﺎء واﻟﺗﻠ ــذذ ﺑﻧﻐﻣﺗ ــﻪ اﻟﻌـ ــذﺑﺔ ،وﺗﺟﻌ ــل اﻟﻌﺑ ــﺎرة ﻋﻠ ــﻰ اﻷذن ﺳ ــﻬﻠﺔ
ﻣﺳﺗﺳﺎﻏﺔ ،ﻓﺗﺟد ﻣن اﻟﻧﻔس اﻟﻘﺑول ،وﺗﺗﺄﺛر ﺑﻪ أي ﺗﺄﺛـﯾر ،وﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﻠب اﺣﺳن ﻣوﻗﻊ
() ) ،(٤وﻻﺷ ــك ان اﻟﺗﺟ ــﺎوب اﻟﻣوﺳ ــﯾﻘﻲ اﻟﺻ ــﺎدر ﻣ ــن ﺗﻣﺎﺛ ــل اﻟﻛﻠﻣ ــﺎت ﺗﻣ ــﺎﺛﻼ ﻛ ــﺎﻣﻼ أو
٨٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻧﺎﻗﺻـﺎ ﺗطـرب ﻟـﻪ اﻷذن وﺗﻬﺗـز ﻟـﻪ أوﺗــﺎر اﻟﻘﻠـوب () ،(١إذ ان ﻫــذا اﻟﻧـوع ﻣـن اﻟﺑـدﯾﻊ وﺛﯾــق
اﻟﺻﻠﺔ ﺑﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻷﻟﻔـﺎظ ،ﻓﻬو ﻟﯾس إﻻ ﺗﻔﻧﻧﺎ ﻓﻲ طرق ﺗردﯾـد اﻷﺻوات ﻓﻲ اﻟﻛـﻼم ﺣﺗـﻰ
ﯾﻛــون ﻟــﻪ ﻧﻐــم وﻣوﺳــﯾﻘﻰ) ،(٢ﺣﯾــث اﻧــﻪ ﻗــﺎﺋم ﻋﻠــﻰ ﺗﻛ ـرار اﻟوﺣــدات اﻟﺻــوﺗﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺎﺛﻠــﺔ ﻓــﻲ
اﻟﺳﯾﺎق.
وﻗد ﺗﻧﺑﻪ اﻟﻘدﻣﺎء إﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﻠﺟﻧﺎس ﻣن ﻗﯾﻣﺔ دﻻﻟﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﺎ ﯾﺣدﺛـﻪ ﻓـﻲ اﻟﻛـﻼم ﻣـن
ﺟــو ﻣوﺳــﯾﻘﻲ ،ﺣﯾــث اﻧﻬــم ﯾــرون )ان ﺗﺷــﺎﺑﻪ أﻟﻔــﺎظ اﻟﺗﺟﻧــﯾس ﯾﺣــدث ﺑﺎﻟﺳــﻣﻊ ﻣــﯾﻼ إﻟﯾــﻪ ،
ﻓـﺎن اﻟﻧﻔـس ﺗﺗﺷوق إﻟﻰ ﺳﻣـﺎع اﻟﻠﻔظﺔ اﻟواﺣـدة إذا ﻛﺎﻧت ﺑﻣﻌﻧﯾﯾن ،وﺗﺗوق إﻟـﻰ اﺳـﺗﺧراج
اﻟﻣﻌﻧﯾـﯾن اﻟﻣﺷــﺗﻣل ﻋﻠﯾﻬﻣــﺎ ذﻟــك اﻟﻠﻔــظ ،ﻓﺻــﺎر ﻟﻠﺗﺟﻧــﯾس وﻗــﻊ ﻓــﻲ اﻟﻧﻔــوس وﻓــﺎﺋدة ()، (٣
وﯾرى اﻟدﻛﺗور ﻋﺑد اﷲ اﻟطﯾب ان اﻟﻘدﻣﺎء ﻛﺎﻧوا ﯾطﻠﺑون اﻟﻣﺟﺎﻧﺳﺔ ﻣن اﺟل اﻟﺟرس وﺣدﻩ
،وﻟذﻟك ﻛﺎﻧوا اﺣرص ﻋﻠﻰ ﻣزاوﺟﺔ اﻟﻛﻠﻣﺎت وﺗﻛرار اﻟﺣروف واﻟﺣرﻛﺎت).(٤
ﻣــن ﻫــذا ﻧﺟــد ﻋﻧــﺎﯾﺗﻬم ﻣوﺟﻬــﺔ إﻟــﻰ ﺗردﯾــد اﻟــﻧﻐم اﻹﯾﻘــﺎﻋﻲ ﻧﻔﺳــﻪ ،ﻣﻣــﺎ ﯾــؤدي إﻟــﻰ
ﺗﻬﯾﺋﺔ ﺟو ﻣوﺳﯾﻘﻲ ﺗطرب ﻟﻪ ﻧﻔس اﻟﻌرﺑﻲ وﺗﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ أذﻧﻪ).(٥
ان اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺎس ﺗﺗﻣﺛل ﺑﺎﻋﺗﻣـﺎدﻩ ﻋﻠـﻰ ﺑﻧﯾـﺔ ﺗﺣﻘـق ﻗـوة اﻟﺗﻌﺑﯾـر ،ﺧـﻼل
اﺻطداﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺑدأ اﻟذي ﯾـرى ان ﻟﻛل ﻣﻔﻬـوم ﻣﻧطوﻗﺎ واﺣـدا ﻻ ﻏﯾر ،إذ ﯾﺗﻘﺎرب اﻟﻠﻔظـﺎن
اﻟﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺻـوﺗﻲ ،ﺣﺗـﻰ ﯾﺗـوﻫم اﻧـﻪ أﻣــﺎم ﻣﻌﻧـﻰ ﻣﻛـرر أو ﻟﻔــظ ﻣـردد ﻻ
ﯾﺟﻧﻰ ﻣﻧﻪ ﻏﯾـر اﻟﺗطوﯾـل واﻟﺳـﺂﻣﺔ ،ﻓـﺈذا ﻣـﺎ اﻋﻣـل ﻓﻛ ـرﻩ ﺗوﺻـل إﻟـﻰ ﻏﺎﯾـﺔ ﻫـذﻩ اﻟﺑﻧﯾـﺔ أو
ﻫذا اﻟﻠﻔـظ ،ﻓﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ أﻣـﺎم ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺳﺗﺣدث ﯾﻐﺎﯾر ﻣﺎ ﺳﺑﻘﻪ ﻛل اﻟﻣﻐﺎﯾرة).(٦
٨١
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻧﺧﻠص ﻣن ﻫذا إﻟﻰ ان اﻟﺟﻧﺎس ﻫو ﺿرب ﻣن ﺿروب اﻟﺗﻛرار اﻟﻣؤﻛد ﻟﻠﻧﻐم ﻣن
ﺧﻼل اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ اﻟﻛﻠﻲ أو اﻟﺟزﺋﻲ ﻓـﻲ ﺗرﻛﯾـب اﻷﻟﻔـﺎظ ،ﻓﺎﺧﺗﯾـﺎر اﻷدﯾـب ﻟﻣﺗواﻟﯾـﺎت اﻷﻟﻔـﺎظ
اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺛر ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗردﯾـد اﻟﺻـوﺗﻲ ،إﻧﻣـﺎ ﻫـو ﺧﻠــق ﻣواءﻣـﺔ ﺗﻌﺑﯾرﯾـﺔ ﺑـﯾن اﻟﻠﻔـظ ودﻻﻟﺗـﻪ ﻓـﻲ
اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ،ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾﺛﯾرﻩ اﻟﺟرس ﻣن اﻧﺳﺟﺎم ﺑﯾن ﻧﻐم اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ اﻟﻠﻔظـﻲ وﻣدﻟوﻟـﻪ ﻋﻠـﻰ
اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق) .(١وﻻ ﺷك ان ﻣﺛل ﻫذا اﻷﺳﻠوب ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ﯾﺗطﻠـب اﻟﻣﻬـﺎرة واﻟﺑ ارﻋـﺔ
،وﻗد ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﯾﻪ إﻻ اﻷدﯾب اﻟذي وﻫب ﺣﺎﺳﺔ ﻣرﻫﻔﺔ ﻓﻲ ﺗذوق اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻠﻔظﯾﺔ .
وﯾﺄﺗﻲ اﻟﺟﻧﺎس ﻋﻠﻰ أﻧواع ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﻗـد ﺟـﺎءت اﻏﻠﺑﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،ﺣﯾـث
وظﻔﻬﺎ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﺑطرﯾﻘﺔ أﺛرت اﻟﻧص ،واﻏﻧﺗﻪ ﺑﺎﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ .وﻣـن أﻧـواع
ورد اﻟﺟﻧــﺎس اﻟﺗــﺎم ﻓــﻲ ﺗﻛ ـرار ﻛﻠﻣــﺔ )ﺷــﺎﺧص( وﺗﻌﻧــﻲ اﻷوﻟــﻰ اﻟ ارﺣــل اﻟــذي ﺣــﺎن
وﻗت ﺳﻔرﻩ ،ﺟـﺎء ﻓﻲ اﻟﻠﺳـﺎن ) :ﻧﺣن ﻗد اﺷﺧﺻﻧﺎ أي ﺣﺎن ﺷﺧوﺻﻧﺎ() ،(٤وﺗﻌﻧﻲ اﻟﺛﺎﻧﯾـﺔ
) _ (٢ﯾﻧظر ﺟرس اﻷﻟﻔﺎظ ، ٢٨٤ :واﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ ﻣﺎﻫر ﻣﻬدي ﻫﻼل . ٧٥ :
) _ (٣ﻣﻌﺟم اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑدوي طﺑﺎﻧﺔ ، ١٥٥/ ١ :و ﺟواﻫر اﻟﺑﻼﻏﺔ ٣٩٦ :ـ . ٣٩٧
) _ (٤ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ . ٢٧٥ /٨ :
. ) (١و ) _ (٢ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻣﺎدة )ﺷﺧص(٢٨١ /٢ :
) _ (٣ﯾﻧظر اﻟﺗﻠﺧﯾص ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻘزوﯾﻧﻲ . ٣٩٠ :
٨٢
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﻣﺗطﻠــﻊ اﻟﻣﺗﻠﻬــف إﻟــﻰ أﻣــر ادﻫﺷــﺔ ،ﻓﺎﻟﺷــﺎﺧص ﻓــﻲ اﻟﻠﺳــﺎن ﻫــو اﻟــذي )إذا ﻓــﺗﺢ ﻋﯾﻧﯾــﻪ
وﺟﻌل ﻻ ﯾطرف().(١
وﻫــو اﻟــذي ﯾﻛــون ﻓﯾــﻪ اﻟﻠﻔظــﺎن اﻟﻣﺗﺟﺎﻧﺳــﺎن ﻣﺧﺗﻠﻔــﯾن ﻓــﻲ أﺣ ــد ﺣروﻓﻬﻣــﺎ ،وﯾﻛــون
اﻻﺧﺗﻼف إﻣـﺎ ﻓـﻲ اﻟﺣـرف اﻷول أو ﻓـﻲ اﻟوﺳـط أو ﻓـﻲ اﻟﺣـرف اﻷﺧﯾـر) .(٢وﻗـد ورد ﻫـذا
اﻟﻧـوع ﻣــن اﻟﺟﻧــﺎس ﻛﺛﯾـ ار ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،ﻓﻣﻣــﺎ اﺧﺗﻠــف ﻓﯾـﻪ اﻟﺣــرف اﻷول ﻗــول اﻷﻣــﺎم
)ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﻛــﻼم ﻟــﻪ ﯾوﺻــﻲ ﺑﺎﻟﺗﻘ ــوى … )) :دﻋــﺎ إﻟﯾﻬــﺎ اﺳــﻣﻊ داع ،ووﻋﺎﻫــﺎ
ﻓﻘد وﻗﻊ اﻟﺟﻧﺎس ﺑـﯾن اﻟﻛﻠﻣﺗـﯾن ) داع ،و واع ( ،وﻣﺛﻠـﻪ ﻗوﻟـﻪ )ﻋﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻣـن
ﻛـﻼم ﻟﻪ ﯾﺻف ﻓﯾﻪ أﻫـل اﻟﺑﯾت )ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :إﻟـﯾﻬم ﯾﻔـﻲء اﻟﻐــﺎﻟﻲ ،وﺑﻬـم ﯾﻠﺣـق
اﻟﺗﺎﻟﻲ(().(٤
وﻣﺛﻠﻪ ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﯾﺻف اﻟدﻧﯾﺎ )) :ﻏرارة ﺿـرارة ،ﺣﺎﺋﻠـﺔ زاﺋﻠـﺔ ،ﻧﺎﻓــدة
ﺑﺎﺋـدة (().(٥
٨٣
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻓﻘ ــد وﻗ ــﻊ اﻟﺟﻧ ــﺎس ﺑ ــﯾن ﻛﻠﻣﺗ ــﻲ )ﻏـ ـ اررة( ،و)ﺿـ ـ اررة( ،وﺑ ــﯾن ﻛﻠﻣﺗ ــﻲ )ﺣﺎﺋﻠ ــﺔ( ،
و)زاﺋﻠﺔ( ﻓﻲ أول ﺣرف ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺔ .
وﻫو اﻟذي ﯾﺧﺗﻠف ﻓﯾﻪ اﻟﻠﻔظﺎن ﺑﺣرف أو ﺣرﻓﯾن ﻣﻊ ﺗﻘﺎرب اﻟﻣﺧرج) ،(١وﻗد ﯾﺄﺗﻲ
ﻫذا اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﺣرف اﻷول ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺔ ،أو ﻓﻲ وﺳطﻬﺎ ،أو ﻓﻲ آﺧرﻫﺎ .
وﻣﻣــﺎ ورد ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ﻣــن اﺧــﺗﻼف اﻟﻠﻔظــﯾن ﻓــﻲ اﻟوﺳــط ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ
ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻓــﻲ وﺻــف اﻟﻘﺑــور ..)) :ﻗــد ﺑﻧــﻲ ﺑــﺎﻟﺧراب ﻓﻧﺎؤﻫــﺎ ،وﺷــﯾد ﺑــﺎﻟﺗراب ﺑﻧﺎؤﻫــﺎ ،
ﻓﻘــد وﻗــﻊ اﻟﺟﻧــﺎس ﺑــﯾن ﻛﻠﻣﺗــﻲ )ﻣﻘﺗــرب( و)ﻣﻐﺗــرب( ﻓــﻲ وﺳــط اﻟﻛﻠﻣــﺔ ،ﻓﻧ ــﻼﺣظ
ﻗـرب ﻣﺧرج )اﻟﻘﺎف( ـ وﻫو ﻣن أﻗﺻﻰ اﻟﻠﺳﺎن ـ ﻣن ﻣﺧرج )اﻟﻐﯾن( اﻟذي ﯾﻛـون ﻣـن أول
اﻟﻔم).(٣
أﻣﺎ ﻣﺎ وﻗﻊ اﻻﺧـﺗﻼف ﻓﯾـﻪ ﺑـﯾن اﻟﻠﻔظـﯾن ﻓـﻲ آﺧـر اﻟﻠﻔظـﺔ ﻓﻣﻧـﻪ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﯾـﻪ
اﻟﺳﻼم( ﻓﻲ وﺻف اﻟﻣﺗﻘﯾن )) :اﻟﺧﯾر ﻣﻧﻪ ﻣﺄﻣول ،واﻟﺷر ﻣﻧﻪ ﻣﺄﻣون (().(٤
وﻗﻊ اﻟﺟﻧﺎس ﺑﯾن ﻛﻠﻣﺗﻲ )ﻣﺄﻣول( و )ﻣﺄﻣون( ﻓـﻲ آﺧـر اﻟﻛﻠﻣـﺔ ،وﻻ ﯾﺧﻔـﻰ
ﻣﺎ ﺑﯾن ﺻوﺗﻲ )اﻟﻼم( و)اﻟﻧون( ﻣن ﺗﻘﺎرب ﻓﻲ اﻟﻣﺧرج .
٨٤
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
واﻟـ ــذي ﻻ ﺷ ـ ــك ﻓﯾـ ــﻪ ان ﻫ ـ ــذا اﻟﻘ ـ ــرب ﺑـ ــﯾن ﻣﺧـ ــﺎرج اﻟﺣ ـ ـرﻓﯾن ﻓـ ــﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗ ـ ــﯾن
اﻟﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺗﯾن ﻗد أﻋطﻰ اﻟﻛﻼم وﻗﻌﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﻣﺎ زاد ﻣن ﺛـراء اﻟﻣوﺳـﯾﻘﻰ اﻟﻧﺛرﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ
ﺑدورﻫﺎ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إﺑراز ﻣﺎ ﻟﻠﻧص ﻣن دﻻﻻت إﯾﺣﺎﺋﯾﺔ .
)اﻟﺗﺻﺣﯾف ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻧﺎﺳب ﻣن اﻟﺧط() ،(١وﺣدﻩ اﺑن اﻷﺛﯾـر ﺑﻘوﻟـﻪ ) :ان ﺗﻛـون
اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوزن ،ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﯾب ﺑﺣرف واﺣد ﻻ ﻏﯾرﻩ ().(٢
وﻗد ورد ﻫـذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺟﻧﺎس ﻓﻲ ﻣواﺿـﻊ ﻛﺛﯾـرة ﻓـﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،وﻣﻧﻬـﺎ
ﻗول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم( واﻋظﺎ )) :وﻋﻠﯾﻛم ﺑﻛﺗﺎب اﷲ ،ﻓﺎﻧـﻪ اﻟﺣﺑـل اﻟﻣﺗــﯾن ،
واﻟﻧور اﻟﻣﺑﯾن ،واﻟﺷﻔﺎء اﻟﻧﺎﻓﻊ ،واﻟري اﻟﻧﺎﻗﻊ (().(٣
ﺣﯾث ﺟﺎء اﻟﺗﺻﺣﯾف ﺑﯾن )اﻟﺗﺎء( و)اﻟﺑﺎء( ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗـﯾن )اﻟﻣﺗـﯾن( و)اﻟﻣﺑـﯾن(
،وﻛ ــذﻟك ﺟ ــﺎء اﻟﺗﺻ ــﺣﯾف ﺑ ــﯾن ﺣرﻓ ــﻲ )اﻟﻔ ــﺎء( و )اﻟﻘ ــﺎف( ﻓ ــﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗ ــﯾن )اﻟﻧ ــﺎﻓﻊ(
و)اﻟﻧﺎﻗﻊ( .
٨٥
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
وﻫو)ان ﺗﻌﻛس اﻟﻛــﻼم ﻓﺗﺟﻌـل اﻟﺟــزء اﻷﺧﯾـر ﻣﻧـﻪ ﻣـﺎ ﺟﻌﻠﺗـﻪ ﻓـﻲ اﻟﺟـزء اﻷول() ،(١وﻗـد
ﺳﻣﺎﻩ اﻟﻘزوﯾﻧﻲ ﺑﺟﻧﺎس اﻟﻘﻠب) ،(٢وﯾرى اﺑن اﻷﺛﯾر ان ﻫذا اﻟﻧوع ﻣـن اﻟﺟﻧـﺎس )ﻟـﻪ ﺣـﻼوة وﻋﻠﯾـﻪ
روﻧق ،وﻗد ﺳﻣﺎﻩ ﻗداﻣﺔ ﺑن ﺟﻌﻔر اﻟﺗﺑدﯾل) ،(٣وذﻟـك اﺳـم ﻣﻧﺎﺳـب ﻟﻣﺳـﻣﺎﻩ ،ﻻن ﻣؤﻟـف اﻟﻛـﻼم
ﯾــﺄﺗﻲ ﺑﻣــﺎ ﻛــﺎن ﻣﻘــدﻣﺎ ﻓــﻲ ﺟــزء ﻛﻼﻣــﻪ اﻷول ﻣــؤﺧ ار ﻓــﻲ اﻟﺛــﺎﻧﻲ ،وﺑﻣــﺎ ﻛــﺎن ﻣــؤﺧ ار ﻓــﻲ اﻷول
ﻣﻘدﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ().(٤
وﻗــد ﺟــﺎء ﻫــذا اﻟﻧــوع ﻣــن اﻟﺟﻧــﺎس ﻓــﻲ ﻣواﺿــﻊ ﻛﺛﯾـرة ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،وﻣﻣــﺎ ﯾﻧﺎﺳــب
اﻟﻣﻘﺎم ﻗول اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﻲ وﺻف اﻟﻣﺗﻘﯾن ..)) :ان ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻐـﺎﻓﻠﯾن ﻛﺗـب ﻓـﻲ
ان ﻫــذا اﻟﺗﻛـ ـرار ﻟﻸﻟﻔ ــﺎظ ﻓ ــﻲ اﻟ ــﻧص ﯾﺿ ــﻔﻲ ﻋﻠﯾ ــﻪ اﯾﻘﺎﻋ ــﺎ ﻣوﺳ ــﯾﻘﯾﺎ ﯾﺻ ــور ﺣﺎﻟ ــﺔ ﻫ ــذا
اﻹﻧﺳــﺎن اﻟﻣــؤﻣن ،ﻓﻬــو ﻻ ﯾـ ـزال ذاﻛ ـ ار اﷲ ﺳ ــﺑﺣﺎﻧﻪ ،ﺳ ـواء ﻛ ــﺎن ﺟﺎﻟﺳــﺎ ﻣ ــﻊ اﻟﻐــﺎﻓﻠﯾن أو ﻣ ــﻊ
اﻟذاﻛرﯾن ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻣﻊ اﻟﻐﺎﻓﻠﯾن ذﻛـر اﷲ ﺑﻘﻠﺑـﻪ ،واذا ﻛﺎن ﻣـﻊ اﻟذاﻛرﯾن ذﻛـرﻩ ﺑﻘﻠﺑـﻪ وﻟﺳﺎﻧﻪ.
وﻣﺛﻠــﻪ ﻗــول اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﯾﺻــف اﻟﻔﺗﻧــﺔ )) :واﷲ ﻟﺗﺑﻠــﺑﻠن ﺑﻠﺑﻠــﺔ … ﺣﺗــﻰ
ﺟــﺎء اﻟــﻧص ﯾﺻــف ﺣﺎﻟــﺔ اﻟــدﻣﺎر واﻟﺧ ـراب اﻟﺗــﻲ ﺳــوف ﺗﺣــدﺛﻬﺎ ﻫــذﻩ اﻟﻔﺗﻧــﺔ ،ﻓﺎﺳــﺗطﺎع
ﺑطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻘدﯾم واﻟﺗﺄﺧﯾر ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ ان ﯾﺧﻠق اﯾﻘﺎﻋﺎ ﻧﻐﻣﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻛرار اﻷﺻوات ،واﻟـذي
وﻓر ﺑدورﻩ دﻻﻟﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾﺔ ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﺣدث اﻟذي أراد اﻹﻣﺎم وﺻﻔﻪ.
٨٦
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﺗـوازن
ﻫ ــو ) ان ﺗﻛ ــون أﻟﻔ ــﺎظ اﻟﻔواﺻ ــل ﻣ ــن اﻟﻛـ ــﻼم اﻟﻣﻧﺛ ــور ﻣﺗﺳ ــﺎوﯾﺔ ﻓ ــﻲ اﻟـ ــوزن()،(١
و)ﻟﻠﻛــﻼم ﺑــذﻟك طــﻼوة وروﻧــق ﺳــﺑﺑﻪ اﻻﻋﺗــدال ،ﻻﻧــﻪ ﻣطﻠــوب ﻓــﻲ ﺟﻣﯾــﻊ اﻷﺷــﯾﺎء ٕ ،واذا
ﻛﺎﻧت ﻣﻘﺎطﻊ اﻟﻛﻼم ﻣﻌﺗدﻟﺔ وﻗﻌت ﻓﻲ اﻟـﻧﻔس ﻣوﻗـﻊ اﻻﺳﺗﺣﺳـﺎن() ،(٢وﻣﺗـﻰ ﻛـﺎن اﻟﻣﻧﺛـور
ﺧﺎرﺟــﺎ ﻋﻠــﻰ ﻫــذا اﻟﻣﺧــرج ،ﻛــﺎن ﻣﺗﺳــق اﻟﻧظ ــﺎم رﺷــﯾق اﻻﻋﺗــدال) .(٣وﻗــد ﺳــﻣﺎﻩ ﺑﻌــض
)(٤
ﺑـ ـ)اﻻزدواج( ﻗــﺎل أﺑــو ﻫــﻼل اﻟﻌﺳــﻛري ) :ﻻ ﯾﺣﺳــن ﻣﻧﺛــور اﻟﻛــﻼم وﻻ ﯾﺣﻠــو اﻟﻘــدﻣﺎء
ﺣﺗﻰ ﯾﻛون ﻣزدوﺟﺎ ،وﻻ ﺗﻛـﺎد ﺗﺟـد ﻟﺑﻠﯾـﻎ ﻛﻼﻣـﺎ ﯾﺧــﻠو ﻣـن اﻻزدواج ،وﻟـو اﺳـﺗﻐﻧﻰ ﻛــﻼم
ﻋـن اﻻزدواج ﻟﻛـﺎن اﻟﻘـران ،ﻻﻧـﻪ ﻓـﻲ ﻧظﻣـﻪ ﺧـﺎرج ﻣـن ﻛـﻼم اﻟﺧﻠـق ،وﻗـد ﻛﺛـر اﻻزدواج
ﻓﯾﻪ().(٥
واﻟﺗوازن ﻟون ﻣن أﻟوان اﻹﯾﻘـﺎع اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ اﻟﻣﻌﺟب ،ﻓﻬو ﯾﻘـوم ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎدل ﻓﻘرات
اﻟﻛﻼم وﺟﻣﻠﻪ ﻣن ﺣﯾث اﻹﯾﻘـﺎع واﻟوزن) ،(٦وﻣن ﺛم ﻓﻬو ﯾﻘـوم ﻋﻠﻰ ﺗﻛـرار اﻟﺑﻧـﻰ اﻟﺻـرﻓﯾﺔ
ﺑﺻـورة ﻣﺗﻧﺎﺳﻘﺔ ،ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻧـص روﻧﻘﺎ وﺣﺳـﻧﺎ ﺗﺳﯾﻐﻪ اﻷذن وﺗﻘﺑل ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻧﻔس .
وﻗد ﺗواﻓر ﻛﻼم اﻹﻣﺎم ﻋﻠـﻲ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻓـﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻫـذا اﻟﻧـوع ﻣـن
اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻰ اﻟﻠﻔظﯾــﺔ ،ﻓﻘ ــد ﺟــﺎءت ﺧطﺑــﻪ ورﺳ ــﺎﺋﻠﻪ وأﻗواﻟــﻪ اﻟﻘﺻــﯾرة ازﺧ ـرة ﺑﺎﻟﻣوازﻧــﺔ ﺑــﯾن
ﻓﻘـراﺗﻬﺎ ،ﻓﻣن ذﻟك ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛـﻼم ﻟﻪ ﯾﺻف ﻓﯾﻪ ﺣﺎﻟـﺔ اﻟﻣـوﺗﻰ )) :
) _ (١اﻟﻣﺛل اﻟﺳﺎﺋر ، ٤١٤ / ١ :وﯾﻧظر اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ ،٣٤٤ :واﻟطراز. ٣٨/٣ :
) _ (٢اﻟﻣﺛل اﻟﺳﺎﺋر ٤١٤ / ١ :ـ . ٤١٥
) _ (٣اﻟطراز . ٣٨ /٣ :
) _ (٤اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺑﯾﯾن ، ١١٦ / ٢ :وﺳر اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ. ٢٠١ :
) _ (٥اﻟﺻﻧﺎﻋﺗﯾن . ٢٨٥ :
. ) _ (٦ﯾﻧظر اﻷﺳس اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑﻼﻏﺔ ، ٦٤ :و ﺗﻣﻬﯾد ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻟﺣدﯾث١٠٥ :
) _ (٧ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ . ٢٢٨ / ٧ :
٨٧
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻓﻘــد ﺟــﺎء اﻟﺗ ـوازن ﺑــﯾن ﻛﻠﻣﺗــﻲ )ﺣﻠﻣــﺎء( و)ﺟﻬــﻼء( وﻫﻣــﺎ ﺟﻣــﻊ وﻣﻔردﻫﻣــﺎ)ﺣﻠــﯾم(
و)ﺟﺎﻫــل( ،واﻟﻣﻼﺣــظ ان اﻹﻣــﺎم اﺳــﺗﻌﻣل ﻛﻠﻣــﺔ )ﺟﻬــﻼء( واﻋــرض ﻋــن ﻛﻠﻣــﺔ)ﺟﻬ ّ ــﺎل(
اﻟﺗــﻲ ﻓﯾﻬــﺎ ﻣــن اﻟﻣﺑ ــﺎﻟﻐﺔ ﻣــﺎ ﯾﺿــﻔﻲ ﻋﻠــﻰ اﻟﻛﻠﻣــﺔ دﻻﻟــﺔ أﻗــوى ﻓــﻲ وﺻــف اﻟﺟﻬــل ،ﻟﻛــن
اﻹﻣﺎم آﺛر اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻛﻠﻣﺔ )ﺟﻬﻼء( طﻠﺑﺎ ﻟﻠﺗوازن اﻟﺻوﺗﻲ ،واﻟﻧﻐم اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ .
وﻣﺛﻠﻪ أﯾﺿﺎ ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :اﻟﺣﻣد ﷲ ﻏﯾـر ﻣﻘﻧـوط ﻣـن رﺣﻣﺗـﻪ ،
وﻻ ﻣﺧﻠو ﻣن ﻧﻌﻣﺗﻪ ،وﻻ ﻣﺄﯾوس ﻣن ﻣﻐﻔرﺗﻪ ،وﻻ ﻣﺳﺗﻧﻛف ﻋن ﻋﺑﺎدﺗﻪ (().(١
ﻓﻘ ـ ــد وازن اﻹﻣ ـ ــﺎم ﺑـ ــﯾن ﻛﻠﻣـ ــﺔ )ﻣﻘﻧـ ــوط( ،وﻛﻠﻣـ ــﺔ )ﻣﺧﻠـ ــو( ،وﻛﻠﻣـ ــﺔ )ﻣـ ــﺄﯾوس( ،
ﻓﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ زﻧﺔ )ﻣﻔﻌـول( ) ،وﻟم ﯾﻣﻛﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻔــﻘرة اﻟراﺑﻌـﺔ ﻣـﺎ أﻣﻛﻧـﻪ ﻓـﻲ اﻷوﻟـﻰ
ـﺗَﻔﻌل( وﻫــو وان ﻛــﺎن ﺧﺎرﺟــﺎ ﻋــن اﻟ ــوزن
،ﻓﻘ ــﺎل )وﻻﻣﺳــﺗﻧﻛف( ﻓﺟــﺎء ﺑﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ وزن )ُ ْﻣﺳـ َ
ﻓﺎﻧﻪ ﻏﯾر ﺧﺎرج ﻋن اﻟﻣﻔﻌوﻟﯾﺔ ،ﻻن )ﻣﺳﺗﻔﻌل( ﻣﻔﻌول ﻓـﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ() ،(٢ﻻﻧـﻪ أﺣـد أﺑﻧﯾﺗـﻪ
.
وﻣﺛــل ذﻟــك ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( … )) :وﺣــذرﻛم ﻋــدوا ﻧﻔــذ ﻓــﻲ اﻟﺻــدور
ﻧﺟﯾﺎ (().(٣
ﺧﻔﯾﺎ ،وﻧﻔث ﻓﻲ اﻵذان ّ
ﻓﻘد وﻗـﻊ اﻟﺗوازن ﺑﯾن ﻛﻠﻣﺗﻲ )ﺧﻔﯾﺎ( و)ﻧﺟﯾﺎ( ،وﻻ ﯾﺧﻔﻰ ﻣـﺎ ﻓـﻲ اﻟﻌﺑـﺎرة ﻣـن ﺣﺳـن
وﺟﻣــﺎل ،ﻓﻠــو اﺳــﺗﻌﻣل اﻹﻣ ــﺎم ﻛﻠﻣــﺔ )ﻣﻧﺎﺟﯾــﺎ( ﺑــدﻻ ﻣــن )ﻧﺟﯾــﺎ( ﻟﻣــﺎ ﻛــﺎن ﻟﻬــﺎ ذﻟــك اﻟوﻗــﻊ
اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ ،وﻟﻣﺎ أدت اﻷﺛر اﻟذي ﯾﻧﺷدﻩ اﻹﻣﺎم .
وﻣــن اﻟﺗﻣــﺎس اﻟﻣوازﻧــﺔ ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻓــﻲ ﺻــﻠﺔ اﻟــرﺣم .. )) :ﻧﺣــن
٨٨
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺣﯾـ ــث وﻗ ـ ــﻊ اﻟﺗ ـ ـوازن ﺑـ ــﯾن ﻛﻠﻣـ ــﺔ )ﻣـ ــﺄﺟورون( وﻛﻠ ـ ــﻣﺔ )ﻣـ ــﺄزورون( اﻟﺗـ ــﻲ اﺻـ ــﻠﻬﺎ
)ﻣــوزورون( ﻣــن اﻟــوزر ،ﻓﻘــد ﺧــﺎﻟف اﻟﻘﯾــﺎس وﺟــﺎء ﺑــﺎﻷﻟف ﻟﯾﺣــﺎذي ﻛﻠﻣــﺔ ) ﻣــﺄﺟورون(
طﻠﺑﺎ ﻟﻠﺗوازن اﻟﺻوﺗﻲ .
وﻣﺛﻠــﻪ ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( )) :ﯾــﺎ أﺷــﻌث ان ﺻــﺑرت ﺟــرى ﻋﻠﯾــك اﻟﻘــدر
وأﻧت ﻣﺄﺟور ،وان ﺟزﻋت ﺟرى ﻋﻠﯾك اﻟﻘدر وأﻧت ﻣﺄزور (().(١
وﻗد ﺟﺎء ﻣﺛل ﻫـذا ﻓـﻲ ﻛـﻼم رﺳـول اﷲ )ﺻـﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺁﻟـﻪ( ﻛﻘوﻟـﻪ )) :ارﺟﻌـن
ﻣﺄزورات ﻏﯾر ﻣﺄﺟـورات(( ،وﻣﺛﻠﻪ ﻗـوﻟﻪ )ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺁﻟـﻪ( ﻋﻧـدﻣﺎ ﻛــﺎن ﯾﻌـوذ اﻟﺣﺳـن
واﻟﻣﻼﺣظ ان اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﯾﻛﺛـر ﻣـن إﯾـراد اﻟﺗـوازن ﺑـﯾن اﻟﺟﻣـل اﻟﻘﺻـﺎر ،
وذﻟــك ﺗﻛﺛﯾﻔــﺎ ﻟﻌﻧﺻــر اﻹﯾﻘــﺎع اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻲ ﻓــﻲ اﻟﻌﺑــﺎرة .وﻣﻣــﺎ ﯾزﯾــد اﻟــﻧص روﻧﻘــﺎ وﺟﻣــﺎﻻ
وﯾﺟﻌﻠﻪ اﻛﺛر ﻗﺑوﻻ ﻣﺟﻲء اﻟﻔﻘرات اﻟﻣﺗوازﻧﺔ ﻣﻘﺗرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺳﺟﻊ ،ﻓﻣن ذﻟك ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ
٨٩
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﯾﺻف اﻟـدﻧﯾﺎ )) :أﻻ وﻫـﻲ اﻟﻣﺗﺻـدﯾﺔ اﻟﻌﻧـون ،واﻟﺟﺎﻣﺣـﺔ اﻟﺣـرون ،واﻟﻣﺎﺋﻧـﺔ
ﻓﻘــد ﺟــﺎءت اﻟﻔﻘ ـرات ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟــﻧص ﻣﺗوازﻧــﺔ ﻣﺳــﺟوﻋﺔ ،ﻣﻣــﺎ أﺿــﻔﻰ ﻋﻠﯾــﻪ ﻧﻐﻣــﺎ
وﻣوﺳﯾﻘﻰ ،ﺟﻌﻠﻪ اﻛﺛر ﻗﺑوﻻ وﺗﺄﺛﯾ ار ﻓﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ .
اﻟﺳﺟـﻊ
ّ
ﻫــو) ﺗواطــؤ اﻟﻔواﺻــل ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم اﻟﻣﻧﺛــور ﻋﻠــﻰ ﺣــرف واﺣــد () ،(٢وﻫــو ﻣــن اﻗــدم
ﻓﻧــون اﻟﻧﺛــر اﻟﻔﻧــﻲ ﻋﻧــد اﻟﻌ ــرب ،وﻣــن أﻛﺛرﻫــﺎ ﺗــداوﻻ واﺳــﺗﻌﻣﺎﻻ ﻋﻠــﻰ اﻟﺳــﻧﺔ اﻟﺑﻠﻐــﺎء).(٣
واﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺳﺟـﻊ إﻧﻣﺎ ﻫو اﻻﻋﺗـدال ﻓﻲ ﻣﻘﺎطـﻊ اﻟﻛﻼم ،واﻻﻋﺗدال ﻣطﻠـوب ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ
اﻷﺷﯾﺎء ،وﻫو ﻣﻘﺻـد ﻣن ﻣﻘﺎﺻد اﻟﻌﻘـﻼء ،ﯾﻣﯾل إﻟﯾﻪ اﻟطﺑـﻊ وﺗﺗﺷوق إﻟﯾﻪ اﻟﻧﻔس).(٤
وﻻ ﯾﻘف اﻷﻣر ﻓﻲ اﻟﺳﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗدال ﻓﻲ ﻓواﺻﻠﻪ أو ﺗواطؤﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺣرف
ﺳﺟﺎﻋﺎ ﻓﯾﺄﺗﻲ
واﺣد ،وﻟو ﻛﺎن اﻷﻣـر ﻛذﻟك ﻻﺳﺗطﺎع أي أدﯾب ﻣن اﻷدﺑﺎء ان ﯾﻛون ّ
ﺑﺄﻟﻔـﺎظ ﻣﺳﺟوﻋﺔ ﻛﯾﻔﻣﺎ اﺗﻔـق ،وﻟﯾس اﻷﻣـر ﻛذﻟك ،إﻧﻣﺎ ﯾﺟب ان ﺗﻛون اﻷﻟﻔﺎظ
اﻟﻣﺳﺟوﻋﺔ ﺣﻠوة اﻟﻣذاق ،رطﺑﺔ طﻧﺎﻧﺔ ،ﺻﺎﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻣﺎع ..طﯾﺑﺔ رﻧﺎﻧﺔ ،ﺗﺷﺗﺎق
إﻟﻰ ﺳﻣﺎﻋﻬﺎ اﻷﻧﻔس ،وﯾﻠـذ ﺳﻣﺎﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻵذان ،ﻣﺟﻧﺑﺔ ﻋن اﻟﻐﺛﺎﺛﺔ واﻟـرداءة ،وﻧﻌﻧﻲ
ﺑﺎﻟﻐﺛﺎﺛﺔ واﻟرداءة ان اﻟﺳﺎﺟﻊ ﯾﺻـرف ﻧظرﻩ إﻟﻰ ﻣؤاﺧﺎة اﻷﺳﺟﺎع وﺗطـﺎﺑق اﻷﻟﻔﺎظ ،وﯾﻬﻣل
رﻋـﺎﯾﺔ ﺣﻼوة اﻟﻠﻔـظ وﺟـودة اﻟﺗرﻛﯾب وﺣﺳﻧﻪ ،ﻓﻌﻧد ﻫذا ﺗﻣﺳﻪ اﻟرداءة () ،(٥وﻧﻘل ﻋن اﺑن
أﺑﻲ اﻹﺻﺑﻊ ﻗوﻟﻪ):وﻻ ﺗﺟﻌل ﻛﻼﻣك ﻛﻠﻪ ﻣﺑﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺟﻊ ﻓﺗظﻬر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻛﻠﻔﺔ وﯾﺗﺑﯾن
ﻓﯾﻪ اﺛـر اﻟﻣﺷﻘﺔ ،وﺗﺗﻛﻠف ﻻﺟل اﻟﺳﺟﻊ ارﺗﻛﺎب اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺳﺎﻗط واﻟﻠﻔظ اﻟﻧﺎزل …
٩٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﺻرف ﻛل اﻟﻧظر إﻟﻰ ﺗﺟوﯾـد اﻷﻟﻔـﺎظ وﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،واﺟﺗﻬد ﻓﻲ ﺗﻘوﯾم اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ …
ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟﻣﺗﻘدﻣون ﻻ ﯾﺣﺗﻔﻠون ﺑﺎﻟﺳﺟﻊ ﺟﻣﻠﺔ ،وﻻ ﯾﻘﺻدوﻧﻪ إﻻ ﻣﺎ أﺗت ﺑﻪ اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ
ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻛﻼم ،واﺗﻔق ﻣن ﻏﯾر ﻗﺻد وﻻ اﻛﺗﺳﺎب ،واﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻛﻠﻣﺎﺗﻬم ﻣﺗوازﻧﺔ
وأﻟﻔـﺎظﻬم ﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ ،وﻣﻌـﺎﻧﯾﻬم ﻧﺎﺻﻌﺔ ،وﻋﺑﺎراﺗﻬم راﺋﻌـﺔ ،وﻓﺻوﻟﻬم ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ ،وﺟﻣـل
ﻛﻼﻣﻬم ﻣﺗﻣﺎﺛﻠﺔ ،وﺗﻠك طـرﯾﻘﺔ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ )ﺭﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﻪ( وﻣن اﻗﺗﻔﻰ أﺛرﻩ ﻣن ﻓرﺳﺎن
اﻟﻛﻼم ().(١
وﻛــﺎن اﻟﺗـزام اﻟﻌــرب ﻟﻠﺳــﺟﻊ ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﻠﻣوﺳــﯾﻘﻰ اﻟﻛﺎﻣﻧــﺔ وراء ﻫــذا اﻟﻧظــﺎم ﻣــن ﺧــﻼل
اﻟﺳــﻣﺎت اﻟﺗــﻲ ﯾﺗﻣﯾــز ﺑﻬــﺎ ،واﻟﺗــﻲ ﺗﻌطــﻲ ﻟﻠــﻧص ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺔ وﻟﻸﻟﻔــﺎظ رﻧﯾﻧــﺎ ،ﺗﻠﻘــﻲ ﺑﺄﺛرﻫــﺎ
ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ) .(٢ﺣﯾــث ان اﺗﻔــﺎق أﻟﻔــﺎظ اﻟﻔﻘ ـرات اﻟﻣﺳــﺟوﻋﺔ ﻓــﻲ اﻟــوزن اﻹﯾﻘــﺎﻋﻲ ،ﻣــﻊ
اﺗﻔﺎﻗﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟﺣـرف اﻷﺧﯾـر ،ﯾﺗـﯾﺢ ﻟﻠﻛـﻼم رﻛﯾـزة ﻧﻐﻣﯾـﺔ ﺗﺗﻛـرر ﻣـن وﻗـت ﻻﺧـر ،ﻓﺗﺣـدث
ﻓﯾﻪ ﺗوازﻧﺎ ﻣوﺳﯾﻘﯾﺎ) ، (٣ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻼم روﻧﻘﺎ وﯾزﯾدﻩ ﺑﻬ ًـﺎء ،وﯾﺷـﻘق ﻣﻧـﻪ ﺻ ا
ـور ﺟدﯾـدة
ﺗﺣﻣل أطﯾﺎﻓﺎ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻷﺧﯾﻠﺔ واﻟﻌواطف).(٤
وﻟﻘــد ﻛــﺎن اﻟﺳــﺟﻊ ﻣــن اﺑــرز اﻟﻌﻧﺎﺻــر اﻟﻣوﺳــﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗــﻲ ﻣﯾــزت ﻛــﻼم اﻹﻣ ــﺎم ﻋﻠــﻲ
)ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ،ﻓﺟﻣﯾﻊ ﺧطﺑﻪ ورﺳﺎﺋﻠﻪ وأﻗواﻟﻪ اﻟﻘﺻﯾرة ﻣﺷﺗﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣـن ﻓﻧـون
اﻟﺑدﯾﻊ .
ﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﯾﺻـف ﻣﺻـﯾر أﻫـل اﻟـدﻧﯾﺎ )) :اﻋﻠﻣـوا ﻋﺑـﺎد اﷲ إﻧﻛـم
وﻣــﺎ اﻧــﺗم ﻓﯾــﻪ ﻣــن ﻫـــذﻩ اﻟــدﻧﯾﺎ ﻋﻠــﻰ ﺳــﺑﯾل ﻣــن ﻗــد ﻣﺿــﻰ ﻗﺑﻠـــﻛم ،أﺻــﺑﺣت أﺻـواﺗﻬم
ﻫﺎﻣــــدة ،ورﯾـــﺎﺣﻬم راﻛــــدة ،وأﺟﺳـــﺎدﻫم ﺑﺎﻟﯾـــﺔ ،ودورﻫـــم ﺧﺎﻟﯾـــﺔ ،وآﺛـــﺎرﻫم ﻋﺎﻓﯾـــﺔ ،
٩١
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﻘﺑـور
اﻷﺣﺟﺎر اﻟﻣﺳﻧدةَ ،و َ
َ اﻟﺻﺧور و
َ اﻟﻣﻣﻬدة
ِ ق
اﻟﻣﺷﯾدة واﻟﻧﻣﺎر ِ
ِ ﺑﺎﻟﻘﺻور
ِ ﻓﺎﺳﺗﺑدﻟوا
اﻟﻼطﺋ َﺔ اﻟﻣﻠﺣدةَ .(١)(( ...
ﺗﻣﯾــز اﻟــﻧص ﺑﻣوﺳــﯾﻘﻰ ﻫﺎدﺋــﺔ ﻏﻣرﺗــﻪ ،وأﺿــﻔت ﻋﻠﯾــﻪ ﺟ ـوا إﯾﺣﺎﺋﯾــﺎ ﯾﺻــور ﺣﻘﯾﻘــﺔ
ﻛوﻧﯾــﺔ ﺛﺎﺑﺗــﺔ ،وﻫــﻲ اﻟﻔﻧــﺎء ،ﻓﺟﻣﯾــﻊ ﻣــن ﻓــﻲ ﻫــذﻩ اﻟــدﻧﯾﺎ ﻣﺻــﯾرﻩ إﻟــﻰ اﻟﻬــﻼك واﻟﻣ ــوت .
وﻫــذﻩ اﻟﻣوﺳــﯾﻘﻰ ﻣﻧﺑﻌﻬــﺎ اﻟﺳﺟ ــﻊ اﻟــذي ﺟــﺎء ﻓــﻲ ﻓﻘ ـرات اﻟﻛــﻼم ،ﻓﻘــد وﻗ ــﻊ ﺑــﯾن اﻟﻛﻠﻣﺗــﯾن
)ﻫﺎﻣ ــدة( و) ارﻛـ ــدة( وﻛ ــذﻟك وﻗـ ــﻊ اﻟﺳ ــﺟﻊ ﻓ ــﻲ اﻟﻛﻠﻣ ــﺎت )ﺑﺎﻟﯾ ــﺔ ،وﺧﺎﻟﯾ ــﺔ ،وﻋﺎﻓﯾ ــﺔ( وﻓ ــﻲ
اﻟﻛﻠﻣ ــﺎت )اﻟﻣﺷ ــﯾدة ،واﻟﻣﻣﻬ ــدة ،واﻟﻣﺳ ــﻧدة ،واﻟﻼطﺋ ــﺔ ،واﻟﻣﻠﺣ ــدة( ،ان ﻫـ ــذا اﻟﺗﻛـ ـرار
اﻟﻧﻐﻣﻲ اﻟذي وﻓرﻩ اﻟﺳـﺟﻊ أﺿـﻔﻰ ﻋﻠـﻰ اﻟـﻧص ﺳﻼﺳـﺔ وروﻧﻘـﺎ ،وﺳـﺎﻋد ﺑﺷـﻛل ﻛﺑﯾـر ﻓـﻲ
ﺗوﺿﯾﺢ اﻟدﻻﻻت اﻹﯾﺣﺎﺋﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻧص ،ﻓﺟـﺎءت ﺗﻘـرر ﺣﻘﯾﻘـﺔ ﻣﺻـﯾر اﻹﻧﺳـﺎن ،
وﻫﻲ اﻟﻣوت اﻟذي ﺳوف ﯾﺣرﻣﻪ ﻣن ﺟﻣﯾﻊ ﻣﻠذاﺗﻪ اﻟدﻧﯾوﯾﺔ .
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﯾرﺛﻲ ﻣﺣﻣد ﺑن أﺑﻰ ﺑﻛـر )) :ﻓﻌﻧـد اﷲ ﻧﺣﺗﺳـﺑﻪ وﻟـدا
ﻧﺎﺻﺣﺎ ،وﻋﺎﻣﻼ ﻛﺎدﺣﺎ ،وﺳﯾﻔﺎ ﻗﺎطﻌﺎ ،ورﻛﻧﺎ داﻓﻌﺎ … (().(٢
وﻗﻊ اﻟﺳﺟــﻊ ﻓـﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗـﯾن )ﻧﺎﺻـﺣﺎ( و)ﻛﺎدﺣـﺎ( ،وﻛـذﻟك ﻓـﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗـﯾن )ﻗﺎطــﻌﺎ( و
)داﻓﻌﺎ( .
وﻗ ــﺎل اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻓــﻲ وﺻــف رﺳ ــول اﷲ )ﺻــﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴــﻪ ﻭﺁﻟــﻪ( )) :
أرﺳﻠﻪ ﺑﺣﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ،وﻣوﻋظﺔ ﺷﺎﻓﯾﺔ ،ودﻋـوة ﻣﺗﻼﻓﯾﺔ ،اظﻬـر ﺑﻪ اﻟﺷراﺋﻊ اﻟﻣﺟﻬوﻟـﺔ
،وﻗﻣﻊ ﺑﻪ اﻟﺑدع اﻟﻣدﺧوﻟﺔ ،وﺑﯾّن ﺑﻪ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﻌﺿوﻟﺔ … (().(٣
ﻓﻘد وﻗﻊ اﻟﺳﺟﻊ ﻓـﻲ اﻟﻛﻠﻣـﺎت )ﻛﺎﻓﯾـﺔ ،وﺷـﺎﻓﯾﺔ ،وﻣﺗﻼﻓﯾـﺔ( ،وﻛـذﻟك وﻗـﻊ اﻟﺳـﺟﻊ
ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت )اﻟﻣﺟﻬوﻟﺔ ،واﻟﻣدﺧوﻟﺔ ،واﻟﻣﻌﺿوﻟﺔ (.
وﻣﺛﻠــﻪ ﻗــول اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻓــﻲ وﺻــف اﻟﻣﺗﻘــﯾن )) :ﻗﻠــوﺑﻬم ﻣﺣزوﻧــﺔ ،
وﺷرورﻫم ﻣﺄﻣوﻧﺔ ،وأﺟﺳﺎدﻫم ﻧﺣﯾﻔﺔ ،وﺣﺎﺟﺎﺗﻬم ﺧﻔﯾﻔﺔ ،واﻧﻔﺳﻬم ﻋﻔﯾﻔﺔ (().(٤
٩٢
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺻوﺗﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺣﯾث وﻗـﻊ اﻟﺳﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﻛﻠﻣﺗﯾن )ﻣﺣزوﻧﺔ ،وﻣﺄﻣوﻧﺔ( وﻛذﻟك ﻓـﻲ اﻟﻛﻠﻣــﺎت )ﻧﺣﯾﻔـﺔ
،وﺧﻔﯾﻔﺔ ،وﻋﻔﯾﻔﺔ( .
ﯾﻠﺣظ ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻧﻬـﺎ ﺗـواﻓرت ﻋﻠـﻰ ﻋﻧﺎﺻـر ﻣوﺳـﯾﻘﯾﺔ ﻛـﺎن ﻟﻬـﺎ اﻟـدور
اﻟﻣﻬــم ﻓــﻲ إﺑـراز دﻻﻻت اﻟــﻧص اﻹﯾﺣﺎﺋﯾــﺔ ،وﻣــن اﺑــرز ﺗﻠــك اﻟﻌﻧﺎﺻــر اﻟﺳــﺟﻊ اﻟــذي ﺑﻧــﻲ
ﻋﻠﻰ ﺗوازن ﻓﻘراﺗﻬﺎ .
وﺑﺻـورة ﻋﺎﻣـﺔ ﯾﺗﻣﯾــز اﻟﺳـﺟﻊ ﻓـﻲ ﻛــﻼم اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﺑﺎﻧـﻪ ﻏﺎﻟﺑــﺎ ﻣـﺎ ﯾــﺄﺗﻲ
ﻓﻲ اﻟﻔﻘرات اﻟﻘﺻﯾرة .وﻫو اوﻋر اﻟﺳﺟﻊ ﻣذﻫﺑﺎ ،ﻟﺻﻌوﺑﺔ إدراﻛﻪ ووﻋورة ﻣذﻫﺑـﻪ ،وﺑﻌـد
ﺗﻧﺎوﻟﻪ) .(١ﻛﻣﺎ ان ﻫذا اﻟﻧـوع ﻣن اﻟﺳﺟﻊ ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻛــﻼم روﻧﻘـﺎ وﺟﻣـﺎﻻ ،ﻟﻘـرب ﺗـوارد
اﻟﻔﺎﺻﻠﺗﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻣﻊ ،ﻓـ)ﻛﻠﻣﺎ ﻗﻠّت اﻷﻟﻔﺎظ ﻛﺎن اﺣﺳن ﻟﻘرب اﻟﻔواﺻـل اﻟﻣﺳـﺟوﻋﺔ ﻣـن
ﺳﻣـ ــﻊ اﻟﺳ ــﺎﻣﻊ() ،(٢ﻟ ــذﻟك ﻓ ــﺎن ﻫ ــذا اﻟﻧ ــوع ﻣ ــن اﻟﺳ ــﺟﻊ ﻻ ﯾﺗﻬﯾ ــﺄ إﻻ ﻟﻣ ــن ﺑﻠ ــﻎ اﻟ ــذروة ﻓ ــﻲ
اﻟﻔﺻــﺎﺣﺔ واﻟﺑﯾــﺎن .وﻗــد أﺷــﺎر اﻟﻌﻠــوي إﻟــﻰ اﻟﺳــﺟﻊ اﻟﻘﺻــﯾر ﻋﻧــد اﻹﻣــﺎم ﺑﻘوﻟــﻪ ) :وﻫــو
اﻛﺛـر ﻣــﺎ ﯾﻛــون ﻓـﻲ اﻟﻛﺗــب واﻟﻣـواﻋظ واﻟﺧطـب ..وﻫــو أﺿــﯾق ﻣﺳـﺎﻟك اﻟﺗﺳــﺟﯾﻊ ﻛﻣــﺎ ﻣــر
ﺑﯾﺎﻧﻪ ،وﻟﻛﻧﻪ ﻏﯾر ﺿﯾق ﻋﻠﯾﻪ ﻟﻣﺎ أوﺗﻰ ﻣن ﻛﻧــوز اﻟﺑــﻼﻏﺔ ﻣـﺎ ان ﻣﻐﺎﻟﻘـﻪ ﻟﯾﺻـﻌب ﻋﻠـﻰ
اﻛﺛر اﻟﺧﻠق ﻓﺗﺣﻬﺎ().(٣
وﻣن اﻟﺗﻣـﺎس اﻟﺳـﺟﻊ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ... )) :وﺑـﺎدروا اﻷﻋﻣـﺎل ﻋﻣـرا
ﻧﺎﻛﺳﺎ ،أو ﻣرﺿﺎ ﺣﺎﺑﺳﺎ ،أو ﻣوﺗﺎ ﺧﺎﻟﺳﺎ .(٤)((..
وﻓــر اﻟﺳــﺟﻊ اﻟﻣﺑﻧــﻲ ﻋﻠــﻰ ﺗ ـوازن اﻟﻔﻘ ـرات اﻟﻘﺻــﯾرة ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟــﻧص ﺟ ـوا ﻣوﺳــﯾﻘﯾﺎ
ﻣوﺣﯾــﺎ ،ﻓﺗﻛـرار ﺻــوت )اﻟﺳــﯾن( اﻟﻣﻬﻣــوس ﻓــﻲ اﻟﻛﻠﻣــﺎت اﻟﻣﺳــﺟوﻋﺔ )ﻧﺎﻛﺳــﺎ ،وﺣﺎﺑﺳــﺎ ،
وﺧﺎﻟﺳﺎ( ﯾﻬﯾﺊ ﻣوﺳﯾﻘﻰ ﻫﺎدﺋـﺔ وﺳرﯾﻌﺔ ﺗﺻور ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻘﺿﺎء ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن وﺳــرﻋﺔ ﺣﻠـول
اﺟﻠﻪ .
٩٣
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
اﻟـدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ
ﯾرى اﻟﻠﻐوﯾون ان ﻟﻛل ﻟﻔظ ﻣن اﻷﻟﻔﺎظ دﻻﻟﺔ )ﻣرﻛزﯾﺔ( ،وﻫﻲ اﻟﻘدر اﻟﻣﺷﺗرك ﻣن
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﯾﺗﻔـق ﺣوﻟﻪ ﺟﻣﯾـﻊ اﻟﻧــﺎس ،واﻟـذي ﯾﺳـﺟل ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﺟـم ﻓﯾطﻠـق ﻋﻠﯾـﻪ اﻟﻣﻌﻧـﻰ
اﻟﻣﻌﺟﻣـ ــﻲ ،وﻟ ـ ــﻪ ﺑﺟﺎﻧ ـ ــب ذﻟ ـ ــك دﻻﻟـ ــﺔ أو دﻻﻻت ﻫﺎﻣﺷ ـ ــﯾﺔ ،وﺗﻠ ـ ــك اﻟ ـ ــدﻻﻻت ﺗﺧﺗﻠ ـ ــف
ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻷﻓراد واﻟﺛﻘﺎﻓﺎت واﻟﻌﺻور ،واﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ ـ ﻋﻧدﻫم ـ ﻫﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل دﻻﻻﺗﻬﺎ
اﻟﻬﺎﻣﺷــﯾﺔ) .(١ﻓﺎﻷدﯾــب ﻻ ﯾﺗﻘﯾــد ﺑﺎﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻟــدﻻﻻت اﻷﺻــﻠﯾﺔ ﻟﻸﻟﻔــﺎظ واﻟﺗراﻛﯾــب ،واﻧﻣــﺎ
ﯾﺗﺟﺎوزﻫﺎ ،ﻣوﺳﻌﺎ اﻟﻣﺟﺎل ﻟﺧﯾﺎﻻﺗﻪ ورؤاﻩ ،إذ اﻧﻪ ﯾدرك اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺧـﻼل إﺣﺳﺎﺳـﻪ ﺑﻬـﺎ
،وﻟذا ﻓﻬو ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ دﻻﻻت وﻣﻌﺎﻧﻲ ﺟدﯾدة).(٢
اﻟﻣﺟـﺎز أوﻻ:
) ﯾﻌــد اﻟﻣﺟــﺎز وﺳــﯾﻠﺔ ﻓﻧﯾــﺔ ﻻﺛ ـراء اﻟدﻻﻟــﺔ ،وﺗﺣﻘﯾــق اﻟﻘــوة اﻟﺗﻌﺑﯾرﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻣﺳــﺗوى
اﻟﺗرﻛﯾب() ،(٣وﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾﻔـﻪ ﺑﺎﻧـﻪ )اﻟﻠﻔـظ اﻟﻣﺳـﺗﻌﻣل ﻓـﻲ ﻏﯾـر ﻣـﺎ وﺿـﻊ ﻟـﻪ ﻓـﻲ اﺻـطﻼح
اﻟﺗﺧﺎطب ،ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣـﻊ ﻗرﯾﻧـﺔ ﻣﺎﻧﻌـﺔ ﻣـن إرادة اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟوﺿـﻌﻲ .واﻟﻌﻼﻗـﺔ ﻫـﻲ اﻟﻣﻧﺎﺳـﺑﺔ
ﺑﯾن اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺟﺎزي).(٤
واﻓﺿــل ﻣــن ﻋ ــرف اﻟﻣﺟــﺎز ﻣــن اﻟﻘــدﻣﺎء ﻋﺑــد اﻟﻘــﺎﻫر اﻟﺟرﺟــﺎﻧﻲ ﺑﻘوﻟــﻪ ) :واﻣــﺎ
اﻟﻣﺟﺎز ﻓﻛل ﻛﻠﻣﺔ أرﯾـد ﺑﻬﺎ ﻏﯾر ﻣﺎ وﻗﻌـت ﻟﻪ ﻓﻲ وﺿﻊ واﺿـﻌﻬﺎ ،ﻟﻣﻼﺣظـﺔ ﺑـﯾن اﻟﺛـﺎﻧﻲ
٩٥
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
واﻷول() ،(١وﻗـﺎل أﯾﺿﺎ :ﻫـو)ﻛـل ﻛﻠﻣـﺔ ﺟـزت ﺑﻬـﺎ ﻣـﺎ وﻗﻌــت ﻟـﻪ ﻓـﻲ وﺿـﻊ اﻟواﺿـﻊ إﻟـﻰ
ﻣـﺎ ﻟـم ﺗوﺿـﻊ ﻟـﻪ ﻣــن ﻏــﯾر ان ﺗﺳـﺗﺄﻧف ﻓﯾﻬـﺎ وﺿـﻌﺎ ،ﻟﻣﻼﺣظــﺔ ﻣـﺎ ﺗﺟـوز ﺑﻬـﺎ إﻟﯾـﻪ وﺑــﯾن
اﺻﻠﻬﺎ اﻟذي وﺿﻌت ﻟﻪ ﻓﻲ وﺿﻊ واﺿﻌﻬﺎ().(٢
واﻟﻣﺟﺎز ﻣن اﺣﺳن اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺑﯾﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬـدي إﻟﯾﻬـﺎ اﻟطﺑﯾﻌـﺔ ،ﻹﯾﺿـﺎح اﻟﻣﻌﻧـﻰ
ﺣﺳــﯾﺔ ﺗﻛــﺎد ﺗﻌرﺿــﻪ ﻋﻠــﻰ ﻋﯾــﺎن اﻟﺳ ــﺎﻣﻊ ،ﻟﻬــذا
،إذ ﺑــﻪ ﯾﺧــرج اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻣﺗﺻــﻔﺎ ﺑﺻــﻔﺔ ّ
ﺷــﻐﻔت اﻟﻌــرب ﺑﺎﻟﻣﺟــﺎز ،وآﺛـ ـرﺗﻪ ﻋﻠــﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘــﺔ ﻓــﻲ اﻻﺳــﺗﻌﻣﺎل ﻟﻣﯾﻠﻬــﺎ إﻟــﻰ اﻻﺗﺳــﺎع ﻓــﻲ
اﻟﻛ ــﻼم ،واﻟــﻰ اﻟدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻛﺛـ ـرة ﻣﻌــﺎﻧﻲ اﻷﻟﻔ ــﺎظ ،وﻟﻣــﺎ ﻓﯾــﻪ ﻣــن اﻟدﻗــﺔ ﻓــﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾ ــر ،
ﻓﯾﺣﺻل ﻟﻠﻧﻔس ﺑﻪ ﺳرور وأرﯾﺣﯾﺔ).(٣
وﻟﻬــذا ﯾﻛــﺎد ﯾﺟﻣــﻊ اﻟــذﯾن ﺗﻌرﺿ ـوا ﻟد ارﺳــﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘــﺔ واﻟﻣﺟــﺎز ﻋﻠــﻰ ان اﻟﻣﺟــﺎز أﺑــدا
اﺑﻠﻎ ﻣن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ﺧﯾﺎل وﺟﻣﺎل وﺗﺻـوﯾر) .(٤ﻗـﺎل اﺑـن رﺷـﯾق ) :اﻟﻣﺟـﺎز ﻓـﻲ
ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻛﻼم اﺑﻠﻎ ﻣن اﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ ،واﺣﺳـن ﻣوﻗﻌـﺎ ﻓـﻲ اﻟﻘﻠـوب واﻷﺳـﻣﺎع () ،(٥وﻗـﺎل اﺑـن
اﻷﺛـﯾر ) :اﻋـﻠم ان اﻟﻣﺟﺎز أوﻟﻰ ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓـﻲ ﺑـﺎب اﻟﻔﺻــﺎﺣﺔ واﻟﺑﻼﻏـﺔ ،
ﻻﻧﻪ ﻟو ﻟم ﯾﻛن ﻛذﻟك ﻟﻛﺎﻧت اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ اﻷﺻل أوﻟﻰ ﻣﻧـﻪ ،وﻟﯾس اﻷﻣــر ﻛـذﻟك ،
ﻻﻧــﻪ ﻗــد ﺛﺑ ــت وﺗﺣﻘــق ان ﻓﺎﺋــدة اﻟﻛ ــﻼم اﻟﺧطــﺎﺑﻲ ﻫــو إﺛﺑــﺎت اﻟﻐــرض اﻟﻣﻘﺻــود ﻓــﻲ ﻧﻔــس
اﻟﺳﺎﻣﻊ ﺑﺎﻟﺗﺧﯾﯾل واﻟﺗﺻوﯾر ،ﺣﺗﻰ ﯾﻛﺎد ﯾﻧظر إﻟﯾﻪ ﻋﯾﺎﻧﺎ () ،(٦وﻗﺎل اﻟﻌﻠـوي ) :إذا ﻋــﺑر
ﻋـن اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﺑــﺎﻟﻠﻔظ اﻟــدال ﻋﻠــﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘــﺔ ﺣﺻـل ﻛﻣــﺎل اﻟﻌﻠــم ﺑــﻪ ﻣــن ﺟﻣﯾــﻊ وﺟوﻫــﻪ ٕ ،واذا
ﻋﺑر ﻋﻧﻪ ﺑﻣﺟﺎزﻩ ﻟم ﯾﻌـرف ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ اﻟﻛﻣﺎل ،ﻓﯾﺣﺻل ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺎز ﺗﺷوق إﻟـﻰ ﺗﺣﺻـﯾل
) _ (٢) ، (١أﺳرار اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ٣٢٥ :ـ . ٣٢٦
) _ (٣ﯾﻧظر ﺟواﻫر اﻟﺑﻼﻏﺔ. ٢٩٠ :
) _ (٤اﻟﺻور اﻟﺑﯾﺎﻧﯾﺔ. ٢٢٢ :
) _ (٥اﻟﻌﻣدة. ١٧٨ / ١ :
) _ (٦اﻟﻣﺛل اﻟﺳﺎﺋر. ١٣٦ /١ :
٩٦
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
اﻟﻛﻣ ــﺎل ،ﻓــﻼ ﺟــرم ﻛﺎﻧــت اﻟﻌﺑــﺎرة ﺑﺎﻟﻣﺟــﺎزات اﻗ ــرب إﻟــﻰ ﺗﺣﺳــﯾن اﻟﻛــﻼم وﺗﻠطﯾﻔــﻪ ()) .(١
ﻓﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺑﺗداﻋﻬﺎ ﻻﯾﻣﻛن إدراك ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧــﻬﺎ واﻟﺗﺻـوﯾر
اﻟﻠﻔـظﻲ ﻟﻬﺎ ،واﻟﻣﺟﺎز ﺧﯾـر وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ذﻟك ،ﺑﻣﺎ ﯾﺿـﻔﯾﻪ ﻣـن ﻗـراﺋن وﻣـﺎ ﯾﺿـﻔﯾﻪ
ﻣن ﻋﻼﻗﺎت ﻟﻐـوﯾﺔ ﺟدﯾدة ﺗوازن ﺑﯾن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻷﻟﻔﺎظ().(٢
ﻓ ــﻼ ﺷ ــك ان ﻟﻠﻣﺟ ــﺎز أﺛـ ـرﻩ اﻟﻛﺑﯾ ــر ﻓ ــﻲ ﺗوﺿ ــﯾﺢ اﻟﻔﻛ ـ ـرة أو اﻟﺗﺟرﺑ ــﺔ ،وﻓ ــﻲ ﺗـ ـزﯾﯾن
اﻟﺻ ــورة اﻟﺗ ــﻲ ﯾﻌﺑـ ــر ﺑﻬ ــﺎ ﻋ ــن اﻟﺗﺟرﺑ ــﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﺟ ــﺎز ﻫ ــو اﻷداة اﻟﻛﺑ ــرى ﻣ ــن ادواة اﻟﺗﻌﺑﯾ ــر
اﻷدﺑـﻲ ،ﻻﻧـﻪ ﻓــﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗـﻪ ﻣــﺎ ﻫـو إﻻ ﺗﺷــﺑﯾﻬﺎت ،وأﺧﯾﻠـﺔ ،وﺻــور ﻣﺳـﺗﻌﺎرة ،واﺷــﺎرات ،
ﺗرﻣز إﻟﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣﺟردة ﺑﺎﻷﺷﻛﺎل اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ).(٣
ﻓﺎﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﺟﺎزي ﯾﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺻـورة ظــﻼﻻ وأﻟواﻧـﺎ ﺷـﺗﻰ ،ﺣﺗـﻰ ﯾﺟﻌﻠﻬـﺎ ﺗﻛــﺎد
ﺗﻧطق ﺑﻣﺎ ﺷﺣﻧﻬﺎ ﺑﻪ اﻷدﯾب ﻣن إﯾﺣﺎءات وﻋواطف وأﺧﯾﻠﺔ .
وﻟﻘــد ﻗــﺎس اﺑــن اﻷﺛﯾــر اﻷﻟﻔــﺎظ ﺑﻣــدى إﯾﺣﺎﺋﻬــﺎ وأﺛﺎرﺗﻬــﺎ ﻟﺧﯾــﺎل اﻟﺳــﺎﻣﻊ ،ورأى ان
اﻹﯾﺣــﺎء ﯾﺗﺣﻘــق ﻟﻠﻔــظ اﻟﺣﻘﯾﻘــﻲ ،ﻛﻣــﺎ ﯾﺗﺣﻘــق ﻟﻠﻔــظ اﻟﻣﺟــﺎزي) ،(٤إﻻ ان اﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻷﻟﻔــﺎظ
ﻓﻲ ﻣﻌﺎن ﻣﺟﺎزﯾـﺔ ﻫـو اﻟـذي ﯾﻛﺳـﺑﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟﻐﺎﻟـب ﺗﻠـك اﻹﯾﺣـﺎءات واﻟظـﻼل ،ﻛﻣـﺎ اﻧـﻪ ﻫـو
اﻟذي ﯾﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾك ﺧﯾﺎل اﻟﺳــﺎﻣﻊ ٕ ،واﺛــﺎرة اﻷﺣﺎﺳـﯾس واﻻﻧﻔﻌـﺎﻻت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔـﺔ
)(٥
. ﻋﻧدﻩ
واﻟﻧﻔس اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣوﻟﻌﺔ ﺑﻛل ﻣﺎ ﻫـو ﺟﻣﯾل ،ﻟذﻟك ﺗرى ان اﻟذاﺋـﻘﺔ اﻷدﺑﯾﺔ ﺗﺿـﯾق
ﺑﺎﻟﺻور اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ اﻟﻔﺟـﺔ اﻟﺳﺎذﺟﺔ ،أﻣـﺎ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺟﺎزي ﻓﯾﻛﺳب اﻟﺻور اﻷدﺑﯾﺔ روﻧﻘـﺎ ،
وﯾﻛﺳوﻫﺎ ﺟﻣﺎﻻ ورﻓﻌﺔ ،ﻓﺗﻧﺟذب إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻧﻔوس ،وﻫـو إﻟـﻰ ﺟﺎﻧـب ذﻟـك ﯾﻔـﺗﺢ آﻓﺎﻗـﺎ واﺳـﻌﺔ
ﻓـﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾـر أﻣـﺎم اﻷدﯾـب ،ﯾﺳـﺗطﯾﻊ ﻓﯾﻬـﺎ ﺧﯾﺎﻟـﻪ ان ﯾﺻـول وﯾﺟـول ،ﺑﺣﯾـث ﺗﻛـون أﻣﺎﻣـﻪ
٩٧
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﻋـدة وﺳــﺎﺋل ﯾﺳـﺗطﯾﻊ ان ﯾﻌــﺑر ﺑﻬـﺎ ﻋــن اﻟﺗﺟرﺑــﺔ اﻟواﺣـدة ،وﯾﺻــور ﺑﻬـﺎ اﻟﻔﻛ ـرة اﻟواﺣــدة ،
ﻓﯾﻧطﻠـ ــق ﺧﯾﺎﻟـ ــﻪ ﻻ ﺗﺣـ ــدﻩ ﺣ ـ ــدود ،ﻓﯾﺻـ ــور اﻟﻣﻌﻘـ ــول ﻣﺣﺳوﺳـ ــﺎ ،واﻟﻣﻧظـ ــور ﻣﺳـ ــﻣوﻋﺎ ،
واﻟﻣﺳﻣوع ﻣﻧظو ار ،وﻛل ذﻟك ﻋﻧﺎﺻر إﯾﺣﺎء ﯾﺳﺗﻐﻠﻬﺎ اﻷدﯾب اﻟﻣﺑدع ﻓﻲ ﻧﻘل ﻋﺎطﻔﺗﻪ أو
ﺗﺟرﺑﺗــﻪ إﻟــﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ،ﻓﺗﺷــﺗرك ﻛــل ﺣ ـواس اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ﻓــﻲ ﺗﻠﻘــﻲ اﻟﺻــورة اﻟﺗــﻲ ﯾﻘــدﻣﻬﺎ إﻟﯾــﻪ
اﻷدﯾب اﻟﻣﺑدع).(١
وﻗــد اﺳــﺗطﺎع اﻹﻣــﺎم ﻋﻠــﻲ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﺧ ــﻼل اﻟﻣﺟــﺎز ان ﯾﺻــور اﻷﺑﻌــﺎد
اﻟﻧﻔﺳــﯾﺔ واﻷﻓﻛــﺎر اﻟﺗــﻲ ﻛ ــﺎن ﯾرﻣــﻲ إﻟﯾﻬــﺎ ،ﺑﺷــﻛل ﯾﺣﻘــق ﻋﻧﺻــر اﻟﺗــﺄﺛﯾر واﻻﻧﻔﻌــﺎل ﻟــدى
اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ،ﻣــن إﺛ ــﺎرة اﻟــﻧﻔس أو اﻟﻬــﺎب اﻟﻌـ ــﺎطﻔﺔ أو إذﻛ ــﺎء اﻟﺷــﻌور ﻓ ــﻲ ﺣــﺎﻟﺗﻲ اﻟﺗرﻏﯾ ــب
واﻟﺗﻧﻔﯾر ،وﻛﺎن اﻹﻣﺎم ﻓـﻲ ﻛـل ذﻟـك ﯾﺗـوﺧﻰ رﺻـﺎﻧﺔ اﻷﻟﻔـﺎظ ،ودﻗـﺔ ﺳـﺑﻛﻬﺎ وﺻـﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ،
وﻋــﻼوة ﻋﻠــﻰ ذﻟــك ﻓﺈﻧﻬــﺎ ﺟــﺎءت ﺗﺣﻣ ــل ﻣﻌﻬــﺎ ﻋﻧﺻــر اﻻﺑﺗﻛــﺎر واﻟدﻫﺷــﺔ ،اﻟــذي ﯾﺄﺧ ــذ
ﺑﻣﺷـﺎﻋر اﻟﻣﺗــﻠﻘﻲ وﯾﺳــﺗوﻟﻲ ﻋﻠــﻰ أﺣﺎﺳﯾﺳــﻪ ﺑﺈﺛــﺎرة اﻻﻧﻔﻌــﺎل اﻟﻣﻧﺎﺳــب ﻓــﻲ ﻧﻔــس اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ،
ﻓﺧرﺟت ﻣﺟﺎزاﺗﻪ ﺗﻌﺑر ﻋن ﺣﺎﻻت ﺷﻌورﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺛﻬﺎ ﻓﻲ ﺧطﺑﻪ ورﺳﺎﺋﻠﻪ وﺣﻛﻣﻪ .
واﻟﻣﺟــﺎز ﻧوﻋــﺎن ﻋﻘﻠــﻲ وﻟﻐــوي ،ﻓــﺎﻟﻌﻘﻠﻲ ﻣــﺎ اﺳــﺗﻔﯾد ﻋــن طرﯾــق اﻟﻌﻘــل ٕواﯾﺣــﺎءات
اﻟﻔطرة ،واﻟﻠﻐوي ﻣﺎ اﺳﺗﻔﯾد ﻋن طرﯾق اﻟﻠﻐﺔ وﻣدرﻛﺎت اﻟﻠﺳﺎن).(٢
اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻌﻘـﻠﻲ
ﻫو إﺳﻧﺎد اﻟﻔﻌل أو ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻩ ـ ﻣن اﺳم اﻟﻔﺎﻋل واﺳم اﻟﻣﻔﻌول ـ إﻟـﻰ ﻏﯾـر ﻣـﺎ ﻫـو ﻟـﻪ
ﻓﻲ اﻟظﺎﻫر ﻣن اﻟﻣﺗﻛﻠم ،ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻗرﯾﻧﺔ ﺗﻣﻧﻊ ﻣن ان ﯾﻛون اﻹﺳﻧﺎد إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو ﻟﻪ).(٣
وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣﺟﺎز ﯾﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ﺑﺣﻛم اﻟﻌﻘل ،ﻓﯾﺛﯾر اﻹﺣﺳﺎس ﺑطرﯾﻘـﺔ اﺳـﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ،
وﯾﻬـز اﻟﺷﻌور ﺑﻧﺗﺎﺋﺞ إرادﺗﻪ ،ﻓﺎﻷﻟﻔـﺎظ ﻟم ﺗﻧﻘل ﻋن اﺻﻠﻬﺎ اﻟﻠﻐوي ﻓدﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ذاﺗﻬﺎ ﺑذاﺗـﻬﺎ ،
واﻟﻛﻠﻣﺎت ﻟم ﺗﺟﺗز وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﺻل إﻟﻰ ﻣﻘﺎرب ﻟﻪ أو ﻣﺷﺎﺑﻪ ،واﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﺷـﻌر ﺑﻬذا اﻟﻣﺟﺎز
٩٨
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﻋــن طرﯾــق اﻟﺗرﻛﯾــب ﻓــﻲ اﻟﻌﺑــﺎرة واﻹﺳــﻧﺎد ﻓــﻲ اﻟﺟﻣﻠــﺔ ،ﻓﻬــو ﻣﺳــﺗﻧﺑط ﻣــن ﻫﯾــﺄة اﻟﺟﻣﻠــﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻣﺳﺗﺧرج ﻣن ﺗرﻛﯾب اﻟﻛﻼم اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﻲ ،دون اﻟﻧظر إﻟـﻰ ﻟﻔـظ ﻣﻌـﯾن أو ﺻـﯾﻐﺔ
ﻣﻧﻔردة) .(١ﻗﺎل ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ) :وﻣﺗﻰ وﺻﻔﻧﺎ ﺑﺎﻟﻣﺟﺎز اﻟﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻛـﻼم ،ﻛـﺎن
ﻣﺟــﺎ از ﻣــن طرﯾــق اﻟﻣﻌﻘــول دون اﻟﻠﻐ ــﺔ ،وذﻟــك ان اﻷوﺻــﺎف اﻟﻼﺣﻘــﺔ ﻟﻠﺟﻣــل ﻣــن ﺣﯾــث
ﻫـﻲ ﺟﻣــل ﻻ ﯾﺻـﺢ ردﻫـﺎ إﻟـﻰ اﻟﻠﻐـﺔ ،وﻻ وﺟـﻪ ﻟﻧﺳـﺑﺗﻬﺎ إﻟـﻰ واﺿـﻌﻬﺎ ،ﻻن اﻟﺗــﺄﻟﯾف ﻫـو
إﺳﻧـﺎد ﻓﻌل إﻟﻰ اﺳم ،أو اﺳم إﻟﻰ اﺳم ،وذﻟك ﺷـﻲء ﯾﺣﺻل ﺑﻘﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠم ().(٢
أﻣﺎ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻬﻲ ﻛﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
أوﻻ .اﻟﺳـــﺑﺑﯾﺔ :وﻫــﻲ ﻓﯾﻣ ــﺎ ﺑﻧــﻲ ﻟﻠﻔﺎﻋــل واﺳــﻧد ﻟﻠﺳــﺑب .وذﻟــك ﻛﻘــول اﻹﻣ ــﺎم
ﺣﯾــث اﺳــﻧد ﻓﻌــل اﻷﻣــر واﻟزﺟــر ﻟﻠﻘ ـران اﻟﻛ ـرﯾم ،ﻟﻣــﺎ ﻛــﺎن ﺧﺎﻟﻘــﻪ وﻫــو اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ
آﻣ ار ازﺟـ ار ﺑـﻪ ،ﻓﺟﻌﻠـﻪ آﻣـ ار و ازﺟـ ار ،ﻛﻣـﺎ ﻧﻘـول ﺳـﯾف ﻗﺎﺗـل واﻧﻣـﺎ اﻟﻘﺎﺗـل اﻟﺿـﺎرب ﺑـﻪ .
وﺟﻌﻠـﻪ )ﺻـﺎﻣﺗﺎ ﻧﺎطﻘـﺎ( ﻻﻧـﻪ ﻣـن ﺣﯾــث ﻫـو ﺣـروف وأﺻـوات ﺻـﺎﻣت ،إذ ﻛــﺎن اﻟﻌــرض
ﯾﺳ ــﺗﺣﯾل أن ﯾﻛ ــون ﻧﺎطـ ــﻘﺎ ﻻن اﻟﻧط ــق ﺣرﻛ ــﺔ اﻷداة ﺑﺎﻟﻛـ ــﻼم ،وﻫ ــو ﻣ ــن ﺣﯾ ــث ﺗﺿ ــﻣﻧﻪ
اﻹﺧﺑﺎر واﻷﻣر واﻟﻧﻬﻲ واﻟﻧداء ،وﻏﯾـر ذﻟـك ﻣـن أﻗﺳـﺎم اﻟﻛـﻼم ﻛﺎﻟﻧـﺎطق ،ﻻن اﻟﻔﻬـم ﯾﻘـﻊ
ﻋﻧدﻩ).(٤
وﻣﻧﻪ أﯾﺿـﺎ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( …)) :وﻗـد ﺗرﺑﻌـت اﻷﻣـور ﺑﻬـم ﻓـﻲ ظـل
٩٩
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﺣﯾث ﺟﻌل اﻟﺳﻠطﺎن ﻗﺎﻫ ار ،واﻟﻌـز ﻏﺎﻟﺑـﺎ ،واﻟﻣﻌـروف ان اﻟﺳـﻠطﺎن ﯾﻘــﻬر ﻓﯾـﻪ أو
اﻧﻪ ﺳﺑب اﻟﻘﻬر ،وﻛذﻟك اﻟﻌز ﻓﻬو ﺳﺑب اﻟﻐﻠﺑﺔ .
وﻣﻧــﻪ أﯾﺿــﺎ ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( )) :اﻟﻠﻬــم ّأﯾﻣــﺎ ﻋﺑـٍـد ﻣــن ﻋﺑـ ِـﺎدك ﺳــﻣﻊ
ﻣﻘﺎﻟﺗَﻧﺎ اﻟﻌﺎدﻟﺔ ﻏﯾر اﻟﺟﺎﺋرة ،واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓـﻲ اﻟـدﯾن واﻟـدﻧﯾﺎ ﻏﯾـر اﻟﻣﻔﺳـدة ،ﻓـﺄﺑﻰ ﺑﻌـد
ﺳــﻣﻌﻪ ﻟﻬــﺎ إﻻ اﻟﻧﻛــوص ﻋــن ﻧﺻــرﺗك ،واﻹﺑطــﺎء ﻋــن إﻋـــزاز دﯾﻧــك ،ﻓﺎﻧــﺎ ﻧﺳﺗﺷــﻬدك
ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺄﻛﺑر اﻟﺷﺎﻫدﯾن ﺷﻬﺎدة …(().(١
ﻓﻘــد أراد اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﺑﻘوﻟــﻪ )ﻣﻘﺎﻟﺗﻧــﺎ اﻟﻌ ــﺎدﻟﺔ( اﻟﻣﺳــﺗﻘﯾﻣﺔ ،وﯾﻘﺻــد ﺑﻬــﺎ
اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﻣﺣﺎرﺑﺔ أﻋداء اﻹﺳﻼم ،ﺑﺗﺣطﯾم اﻟﺷر واﻟﻔﺳﺎد ،و)اﻟﺟﺎﺋرة( ﻧﻘﯾض اﻟﻌﺎدﻟﺔ ،
أي اﻟﻣﻧﺣرﻓﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﻘﺎﻟـﺔ اﻟﻌﺎدﻟـﺔ ﻏﯾر اﻟﺟﺎﺋرة واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻏــﯾر اﻟﻣﻔﺳـدة اﻟﺗـﻲ ﻫـﻲ اﻟﺧــروج
ﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ أﻫل اﻟﺿﻼل واﻟﻔﺳﺎد ،ﻫﻲ ﺳﺑب ﻓﻲ إﻋـزاز اﻟدﯾن واﻋﻼء ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن .
وﻗــد وظــف اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( اﻟﻣﺟــﺎز ﻫﻧــﺎ ﻛــﻲ ﯾﺻــور ﻫ ــذﻩ اﻷﺣــداث ﺑﻬــذﻩ
اﻟﺻــورة اﻟﻣﺛﯾ ـرة ،ﺗﻧﺑﯾﻬــﺎ ﻟﻠﺿــﻣﺎﺋر وﺗوﺟﯾﻬــﺎ ﻟﻠﻌﻘــول ٕواﺛــﺎرة ﻟﻠﻧﻔــوس ،وﻛــﺄن ﻣﻬﻣﺗــﻪ ﻫــﻲ
إذﻛـﺎء اﻟﺣﻔﯾظﺔ ﻓﻲ ﻧﻔـوس أﺻﺣﺎﺑﻪ ﻟﺗﻼﻓﻲ اﻟﺗﻘﺻـﯾر اﻟﻣﺗﻌﻣـد ﻓـﻲ اﻟﻘﺗــﺎل ﻣـن اﺟــل ﻧﺻـرة
اﻟﺣق).(٢
ﺛﺎﻧﯾــﺎ .اﻟﻣﻛﺎﻧﯾــﺔ :وﻫــﻲ ﻓﯾﻣــﺎ ﺑﻧــﻲ ﻟﻠﻔ ــﺎﻋل واﺳــﻧد ﻟﻠﻣﻛــﺎن .وذﻟــك ﻛﻘــول اﻹﻣــﺎم
)ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ ﯾﺻف ﻓﯾﻪ ﻟﺳـﺎن ﺣـﺎل اﻟﻣـوﺗﻰ )) … وﺗﻬـدﻣت ﻋﻠﯾﻧـﺎ اﻟرﺑـوع
وﯾﻌﻧــﻲ ﺑﺎﻟﺻــﻣوت اﻟﻘﺑــور ﺣﯾــث ﺟﻌﻠﻬــﺎ ﺻــﻣوﺗﺎ ﻷﻧﻬــﺎ اﻟﻣﻛــﺎن اﻟــذي ﯾﺣــوي ﺟﺛــث
اﻟﻣوﺗﻰ اﻟﻬﺎﻣدة اﻟﺻﺎﻣﺗﺔ .
١٠٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﺛﺎﻟﺛــﺎ .اﻟﻔﺎﻋﻠﯾــﺔ :ﻓﯾﻣــﺎ ﺑﻧـﻲ ﻟﺑﻧــﺎء ﻣــن اﻷﺑﻧﯾــﺔ واﺳـﻧد إﻟــﻰ اﻟﻔﺎﻋــل اﻟﺣﻘﯾﻘــﻲ وﻗــد
ﺟﺎء ذﻟك ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ آﻻﺗﯾﺔ :
َﻌﯾـل :وﺟﺎء ﻓـﻲ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :ﻓـﺄﻋﯾﻧوﻧﻲ ﺑﻣﻧﺎﺻـﺣﺔ ﺧﻠﯾـﺔ
ﻓٍْ
ﻣن اﻟﻐش ﺳﻠﯾﻣﺔ ﻣن اﻟرﯾب (().(١
ﻓﺎﻟﻣـراد ﻣن ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )ﺧﻠﯾﺔ ﻣن اﻟﻐش( ،أي ﺧﺎﻟﯾـﺔ ،أﻣﺎ ﻗــوﻟﻪ )ﺳـﻠﯾﻣﺔ
ﻣن اﻟرﯾب( ﻓﺎﻟﻣراد ﺳﺎﻟﻣﺔ .
وورد ﻣﺛﻠﻪ ﻓﻲ ﻗـوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛـﻼم ﻟﻪ ﻓﻲ ﺻـﻔﺔ اﻟﻧﺑـﻲ )ﺻـﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴـﻪ
ﻭﺁﻟـــﻪ( ﻗـ ــﺎل ...)) :ﻓﻬـــو اﻣﯾﻧـــك اﻟﻣـــﺄﻣون ،وﺷـــﻬﯾدك ﯾـــوم اﻟــــدﯾن ،وﺑﻌﯾﺛـــك ﻧﻌﻣــــﺔ ،
ورﺳوﻟك ﺑﺎﻟﺣق رﺣﻣﺔ (().(٢
ﻓﻘوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( )وﺷــﻬﯾدك ﯾــوم اﻟــدﯾن( ﯾﻌﻧــﻲ ﺑــﻪ ﺷــﺎﻫدك ،وﻗــد ﺟــﺎء ﻫــذا
ِـك َﻋﻠَـﻰ
ِﯾد َوِﺟﺋْﻧَـﺎ ﺑ َ
ِﺷـﻬ ٍ
ﱠـﺔ ﺑ َ
ْف إِذَا ِﺟﺋْﻧَﺎ ِﻣن ُﻛ ﱢـل أﻣ ٍ
اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ ﻗول اﻟﺑﺎري ﻋز وﺟل )) ﻓَﻛَﯾ َ
ُﻻء َﺷﻬِﯾداً(().(٣
َﻫـؤ ِ
اﻟﺻدور َﺧّﻔِﯾﺎ
ِ وﻣن ذﻟك ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( …)) :وﺣذّرﻛم ﻋدوا ﻧﻔ َذ ﻓﻲ
َﺟﯾﺎ (().(٤
وﻧﻔث ﻓﻲ اﻵذان ﻧِّ
َ ،
ﻓﻘــول اﻹﻣــﺎم )ﻧﻔــذ ﻓــﻲ اﻟﺻــدور ﺧﻔﯾــﺎ( ﯾﻌﻧــﻲ ﺧﺎﻓﯾــﺎ ،وﻗوﻟــﻪ ) وﻧﻔــث ﻓــﻲ اﻵذان
َﺟﯾﺎً(()،(٥أي ﻣﺗﻧﺎﺟﯾن.
ﻠَﺻواْ ﻧِّ
ﺗَﯾﺄ َُﺳواْ ِﻣﻧْﻪُ َﺧ ُ
ﻧﺟﯾﺎ( ﯾﻌﻧﻲ ﻣﻧﺎﺟﯾﺎ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ )):ﻓَﻠَﻣﱠﺎ ْاﺳ ْ
١٠١
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وﻣﻧﻪ أﯾﺿﺎ ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :ﺣﺗﻰ ﺑﻌث اﷲ ﻣﺣﻣدا )ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ
ﻓﻘوﻟـﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )ﺷـﻬﯾدا( ﯾﻌﻧـﻲ اﻧـﻪ ﯾﺷــﻬد ﻋﻠـﻰ اﻷﻣـﺔ ﺑﻣـﺎ ﻓﻌﻠﺗـﻪ ﻣـن طﺎﻋــﺔ
وﻋﺻــﯾﺎن ،وﻗوﻟــﻪ)ﺑﺷ ــﯾ ار( ﯾﻌﻧــﻲ اﻧ ــﻪ ﻣﺑﺷــر ﻟﻠﻣ ــؤﻣﻧﯾن ﺑﺣﺳــن اﻟﻌﺎﻗﺑ ــﺔ واﻟﻔــوز ﺑرﺿ ــﺎ اﷲ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻣﺎ ﻗوﻟﻪ )ﻧذﯾ ار( ﻓﯾﻌﻧﻲ ان اﻟرﺳـول )ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟـﻪ( ﺟـﺎء ﻣﻧـذ ار ﻟﻠﻧـﺎس ﻣـن
وﻗـد ﺟـﺎء ﻣﺛﻠـﻪ ﻓـﻲ ﻗوﻟـﻪ )ﻋﻠﯾـﻪ اﻟﺳــﻼم( )) :وأﻧـت ﻣـن وراء ذﻟــك وﻟـﻲ اﻹﻋطــﺎء
واﻟﻣﻧـﻊ (().(٢
واﻟــوﻟﻲ ﻫــو اﻟــذي ﯾﺗــوﻟﻰ أﻣــور ﻏﯾ ـرﻩ واﻟﻣـ ـراد ﻫﻧــﺎ ان اﷲ ﯾﺗــوﻟﻰ أﻣــور ﻋﺑــدﻩ ،ﻓــﻼ
ـﺎب َ ُوﻫـَـو
إِن َوﻟِﱢﯾـَــﻲ اﻟﻠﱠ ــﻪُ اﻟﱠ ـِـذي َﻧـ ﱠـز َل اﻟِْﻛﺗَ ـ َ
ﯾﻛﻠ ــﻪ إﻟــﻰ ﻧﻔﺳــﻪ ﻟﺣظ ــﺔ ﻋــﯾن ،ﻗــﺎل ﺗﻌ ــﺎﻟﻰ )) :ﱠ
ﯾن(().(٣
ﺎﻟِﺣ َ
اﻟﺻ ِﺗَوﻟﱠﻰ ﱠ
َﯾ َ
أَ َﻓْﻌـل :وﺟـﺎء ﻓـﻲ ﻗـول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :واﻟﺣـق أوﺳـﻊ اﻷﺷـﯾﺎء ﻓـﻲ
واﻟﻣـراد ان اﻹﻧﺳــﺎن ﻋﻧــدﻣﺎ ﯾﺻــف اﻟﺣــق واﻟﻌــدل أو ﯾــذﻛر ﺣﺳــﻧﻪ ووﺟوﺑــﻪ ،ﯾﺟــدﻩ
واﺳﻌﺎ ﻓﻲ اﻟوﺻف ﺑﺎﻟﻠﺳﺎن أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻌل واﻟﺗطﺑﯾق ﻓﺎﻧﻪ ﺿﯾق .
١٠٢
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وورد ﻣﺛــل ﻫــذا ﻓــﻲ ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( )) :ﻓـــﺎن اﷲ ﺗﻌــــﺎﻟﻰ ﯾﺳـــﺎﺋﻠﻛم ﻣﻌﺷـــر
ﻋﺑﺎدﻩ ﻋن اﻟﺻﻐﯾرة ﻣن أﻋﻣﺎﻟﻛم واﻟﻛﺑﯾرة ،واﻟظﺎﻫرة واﻟﻣﺳﺗورة ،ﻓﺎن ﯾﻌذب ﻓﺎﻧﺗم اظﻠم
،وان ﯾﻌف ﻓﻬو اﻛرم (().(١
ﻓﻘـوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )ﻓﺎن ﯾﻌـذب ﻓﺎﻧﺗم اظﻠم( ،ﯾـراد ﺑﻪ ﻓـﺎﻧﺗم اﻟظـﺎﻟﻣون ،أي ان
ﯾﻌــذﺑﻛم اﷲ ﺑــذﻧوﺑﻛم ﻓــﺎﻧﺗم اﻟظــﺎﻟﻣون ﻻﻧﻔﺳــﻛم ،وﻛــذﻟك ﻗ ــوﻟﻪ )ﻓﻬــو اﻛــرم( ﯾﻌﻧــﻲ ان اﷲ
ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ان ﯾﻌف ﻋن ﺟرﻣﻛم وﯾﻐﻔر ﻟﻛم ذﻧوﺑﻛم ﻓﺎﻧﻪ اﻟﻛرﯾم وﻫذﻩ ﻫﻲ ﺻﻔﺗﻪ .
وﻣﺛﻠﻪ ﻗول اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻟرﺟل ﻛﺎن ﻗد زﻫد ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ واﻋـرض ﻋـن ﺟﻣﯾـﻊ
ﻣﻠذاﺗﻬﺎ )) :أﺗرى اﷲ اﺣل ﻟك اﻟطﯾﺑﺎت ،وﻫو ﯾﻛـرﻩ ان ﺗﺄﺧـذﻫﺎ ! أﻧـت أﻫـون ﻋﻠـﻰ اﷲ
ﻣن ذﻟك (().(٢
وأﻫـون ﻫﻧـﺎ ﺑﻣﻌﻧـﻰ ﻫــﯾن ،ﻓﺎﻟﺑﺷـر أﻫــون ﻋﻠـﻰ اﷲ ﻣــن ان ﯾﺣـل ﻟﻬـم أﻣ ـ ار ﻣﺟﺎﻣﻠــﺔ
واﺳﺗﺻﻼﺣﺎ ﻟﻠﺣﺎل ﻣﻌﻬم ،وﻫو ﯾﻛرﻩ ﻣﻧﻬم ﻓﻌﻠﻪ .
ﻓََﻌـــل :وﺟــﺎء ﻓــﻲ ﻗــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( )) :وﻛــﺎن ﻣــن اﻗﺗــدار ﺟﺑروﺗــﻪ
وﺑـــدﯾﻊ ﻟطـــﺎﺋف ﺻــﻧﻌﺗﻪ ،ان ﺟﻌـــل ﻣــن ﻣــﺎء اﻟﺑﺣــر اﻟزاﺧـــر اﻟﻣﺗـراﻛم اﻟﻣﺗﻘﺎﺻــف ﯾﺑﺳــﺎ
ﺟﺎﻣدا (().(٣
واﻟﻣ ـ ـراد ﺑﻘوﻟ ــﻪ )ﯾﺑﺳ ــﺎ( أي ﯾﺎﺑﺳـ ــﺎ ) ،واﻟﯾ ــﺑس ﺑﺎﻟﺗﺣرﯾ ــك اﻟﻣﻛ ــﺎن ﯾﻛـ ــون رطﺑ ــﺎ ﺛـ ــم
ﯾﺑس().(٤
١٠٣
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
راﺑﻌــﺎ .اﻟﻣﻔﻌوﻟﯾـــﺔ :وذﻟــك ﻓﯾﻣــﺎ ﺑﻧــﻲ ﻟﺑﻧــﺎء ﻣــن اﻷﺑﻧﯾــﺔ واﺳــﻧد إﻟــﻰ اﻟﻣﻔﻌــول ﺑــﻪ
اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،وﻗد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ آﻻﺗﯾﺔ :
ﻓﻌﯾــل :وﻗــد ﺟـﺎء ذﻟــك ﻓـﻲ ﻗــول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻣــن ﻛـﻼم ﻟــﻪ ﯾﺻـف ﻓﯾــﻪ
رﺳــول اﷲ )ﺻـــﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴـــﻪ ﻭﺁﻟـــﻪ( )) :ﯾﺑــــﺎدر ﺑﻬـــم اﻟﺳـــﺎﻋﺔ ان ﺗﻧــــزل ﺑﻬـــم ،ﯾﺣﺳـــر
إِﻟَﯾ َـك
))ﯾﻧْﻘَﻠِ ْـب ْ
واﻟﻣراد ﺑـ)اﻟﺣﺳﯾر( اﻟﻣﺣﺳور ،وﺑـ)اﻟﻛﺳﯾر( اﻟﻣﻛﺳـور .ﻗـﺎل ﺗﻌـﺎﻟﻰَ :
ﺎﺳﺋﺎً َوَﻫُو َﺣِﺳٌﯾر(().(٢
َﺻر َﺧ ِ
اﻟﺑَُ
وﻣﺛﻠــﻪ ﻗ ــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( )) :وﻧﺷـــﻬد ان ﻻ اﻟـــﻪ ﻏﯾـــرﻩ ،وان ﻣﺣﻣـــدا
واﻟﻣـ ـراد ﺑ ـ ـ)اﻟﻧﺟﯾ ــب( اﻟﻣﻧﺗﺟ ــب ،و)اﻟﺑﻌﯾ ــث( اﻟﻣﺑﻌ ــوث إﻟ ــﻰ اﻟﺣ ــق ﺑﺎﻟﻬ ــدى ودﯾ ــن
اﻟﺣق.
وﻣﺛﻠ ـﻪ ﻗ ــول اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( )) :اﻟﻬـــواء ﻣــن ﺗﺣﺗﻬــﺎ ﻓﺗﯾـــق ،واﻟﻣــﺎء ﻣــن
ﻓوﻗﻬﺎ دﻓﯾق(().(٤
وﯾرﯾــد اﻹﻣــﺎم ﺑﻘوﻟ ــﻪ ) اﻟﻬ ـواء ﻣــن ﺗﺣﺗﻬ ــﺎ ﻓﺗﯾــق( اﻧــﻪ ﻣﻔﺗ ــوق ﻣﻧﺑﺳــط ،واﻣــﺎ ﻗوﻟ ــﻪ
١٠٤
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
َﺎﻋــــل :وﺟ ــﺎء ﻓ ــﻲ ﻗ ــول اﻻﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( )) :وﻣـــن ﻟـ ّــﺞ وﺗﻣـــﺎدى ﻓﻬـــو
ﻓِ
وﯾﻌﻧﻲ ﺑـ)اﻟـراﻛس( ﻫﻧـﺎ اﻟﻣرﻛـوس ،وﯾـرى اﺑـن أﺑـﻲ اﻟﺣدﯾـد ان ﻫـذﻩ اﻟﻠﻔظـﺔ ﺟـﺎءت
ﻋﻠــﻰ ﺑﺎﺑﻬــﺎ ﻓﺗــدل ﻋﻠــﻰ اﻟﻔﺎﻋــل ،وﻛــذﻟك ﺗــدل ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻔﻌــول ﻗــﺎل ) :وﻋﻧــدي ان اﻟﻠﻔظــﺔ
ﻋﻠــﻰ ﺑﺎﺑﻬــﺎ ﯾﻌﻧــﻲ ﻣــن ﻟــﺞ ﻓﻘــد رﻛــس ﻧﻔﺳــﻪ ،ﻓﻬــو اﻟ ـراﻛس وﻫــو اﻟﻣرﻛــوس ،ﯾﻘ ـﺎل رﻛﺳــﻪ
وارﻛﺳـﻪ ﺑﻣﻌﻧﻰ ،واﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌزﯾــز ﺟــﺎء ﺑـﺎﻟﻬﻣز )) :واﷲ ارﻛﺳـﻬم ﺑﻣـﺎ ﻛﺳـﺑوا (() ،(٢أي
ﻓَُﻌـﻠَﻪ :وﺟﺎء ﻓﻲ ﻗول اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( )) :ﻓﺎﻧﺗم ﻏرض ﻟﻧﺎﺑل و َاُﻛﻠَﺔ ﻵﻛل
اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻠﻐوي
وﻫــو اﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻔظــﺔ اﻟﻣﻔــردة ﻓــﻲ ﻏﯾــر ﻣــﺎ وﺿــﻌت ﻟــﻪ ﻓــﻲ اﺻــطﻼح اﻟﺗﺧﺎطــب
ﻟﻌﻼﻗﺔ)،(٥ﻣﻊ ﻗرﯾﻧﺔ ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻣن إرادة اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺻﻠﻲ) .(٦وﯾﻘﺳم اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻠﻐوي إﻟﻰ :
١٠٥
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻣرﺳل
وﻫو ﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻓﯾـﻪ اﻷﻟﻔـﺎظ ﻓـﻲ ﻏﯾـر ﻣﻌﻧﺎﻫـﺎ اﻷﺻـﻠﻲ ،ﻟﻣﻼﺣظـﺔ ﻋﻼﻗـﺔ ﻏﯾـر
اﻟﻣﺷﺎﺑﻬﺔ ﻣﻊ ﻗرﯾﻧﺔ داﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋدم إرادة اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟوﺿﻌﻲ) ).(١وﺳﻣﻲ ﻣرﺳﻼ إﻣﺎ ﻻطﻼﻗﻪ
ﻻطﻼﻗــﻪ ﻋــن اﻟﺗﻘﯾﯾــد ﺑﻌﻼﻗــﺔ واﺣــدة ﻣﺧﺻﺻ ــﺔ ،واﻣــﺎ ﻻﻧــﻪ ارﺳــل ﻋــن دﻋــوى اﻻﺗﺣ ــﺎد
اﻟﻣﻌﺗﺑرة ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﺎرة اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺣﺎد ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺗﻌﺎر ﻣﻧﻪ واﻟﻣﺳﺗﻌﺎر ﻟﻪ().(٢
)وﻣﻬﻣــﺔ اﻟﻣﺟــﺎز اﻟﻣرﺳــل ﻣﻬﻣــﺔ ﻟﻐوﯾــﺔ ،ﻓــﺎﻟﻠﻔظ ﻫــو اﻟﻠﻔــظ ،واﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻟــذﻟك اﻟﻠﻔــظ
ﻟﻐــﺔ اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻧﻔﺳــﻪ ،أﻻ اﻧــﻪ ﻓــﻲ دﻻﻟﺗــﻪ اﻟﺛﺎﻧوﯾــﺔ ﺣﯾﻧﻣــﺎ ﯾ ـراد ﺑــﻪ اﻟﻣﺟــﺎز ﻧﺟــدﻩ ﻗــد اﻧﺗﻘــل
ﺑﺗطور ذﻫﻧﻲ ،وﺑﺗﺻور ﻣﺗﺑﺎدر إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق ،ﻓﻬو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ﻟم ﯾﺗﻐﯾـر ﻣﻌﻧـﺎﻩ
اﻟﺣﻘﯾﻘــﻲ ،واﻧﻣــﺎ ﺑﻘ ــﻲ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﻫــو ﻋﻠﯾــﻪ ،وﻗــد ﻛﺎﻧــت اﻟﻘـ ـرﯾﻧﺔ ﻫــﻲ اﻟﺻــﺎرﻓﺔ ﻋــن ﻫــذا
اﻟﻣﻌﻧﻰ إﻟﻰ ﺳـواﻩ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﺟﺎزي ،ﺳـواء ﻛﺎﻧت اﻟﻘـرﯾﻧﺔ ﺣﺎﻟﯾﺔ أو ﻣﻘﺎﻟﯾﺔ ().(٣
أﻣــﺎ ﻋﻼﻗــﺎت اﻟﻣﺟــﺎز اﻟﻣرﺳــل اﻟﺗــﻲ وردت ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ واﻟﺗــﻲ ﺟــﺎءت ﺑﺄﻟﻔــﺎظ
اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ :وذﻟك ﻓﯾﻣﺎ إذا ذﻛر ﻟﻔظ اﻟﺳﺑب وارﯾد اﻟﻣﺳﺑب ،ﻧﺣو ﻗول اﻻﻣﺎم
ّ أوﻻ .
) _ (١ﯾﻧظر ﺟواﻫر اﻟﺑﻼﻏﺔ ، ٢٩٢ :وﻣﻌﺟم اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ. ٣٠٤/ ١ :
) _ (٢اﻟﺻور اﻟﺑﯾﺎﻧﯾﺔ. ٢٣٢ :
) _ (٣أﺻول اﻟﺑﯾﺎن اﻟﻌرﺑﻲ . ٥١ :
) _ (٤ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ. ٥٩ / ١٩ :
١٠٦
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﻗﺎل اﻟرﺿﻲ ) :وﻣﻌﻧﻰ ذﻟـك ان ﻣـﺎ ﯾﻧﻔﻘـﻪ اﻟﻣـرء ﻣـن ﻣﺎﻟـﻪ ﻓـﻲ ﺳـﺑﯾل اﻟﺧﯾـر واﻟﺑـر
ٕوان ﻛﺎن ﯾﺳﯾ ار ،ﻓـﺎن اﷲ ﺗﻌـﺎﻟﻰ ﯾﺟﻌـل اﻟﺟـزاء ﻋﻠﯾـﻪ ﻋظﯾﻣـﺎ ﻛﺑﯾـ ار ،واﻟﯾـدان ﻫﺎﻫﻧـﺎ ﻋﺑـﺎرة
ﻋــن اﻟﻧﻌﻣﺗــﯾن ،ﻓﻔــرق )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﺑــﯾن ﻧﻌﻣــﺔ اﻟﻌﺑــد وﻧﻌﻣــﺔ اﻟــرب ﺗﻌــﺎﻟﻰ ذﻛ ـرﻩ ﺑﺎﻟﯾ ــد
اﻟﻣﺧﻠوﻗﯾن أﺿﻌﺎﻓﺎ ﻛﺛﯾرة ،إذ ﻛﺎﻧت ﻧﻌم اﷲ اﺻـل اﻟـﻧﻌم ﻛﻠﻬـﺎ ،ﻓﻛـل ﻧﻌﻣـﺔ إﻟﯾﻬـﺎ ﺗرﺟـﻊ ،
ﺛﺎﻧﯾﺎ .اﻋﺗﺑﺎر ﻣـﺎ ﯾﻛـون :وذﻟـك ﻓﯾﻣـﺎ إذا أطﻠـق اﺳـم اﻟﺷـﻲء ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ ﯾـؤول إﻟﯾـﻪ
ﻛﻘول اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﻲ وﺻﯾﺗﻪ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺣﺳن )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :ﻻ ﺗـدﻋون إﻟـﻰ
ﻓﻘول اﻻﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )واﻟﺑـﺎﻏﻲ ﻣﺻـروع( ﯾﻌﻧـﻲ اﻧـﻪ ﺳـوف ﯾﺻـرع ،ﺑﺳـﺑب
ﺛﺎﻟﺛﺎ .اﻟﺟزﺋﯾـﺔ :وذﻟـك ﻓﯾﻣـﺎ إذا ذﻛـر ﻟﻔـظ اﻟﺟـزء وأرﯾـد ﻣﻧـﻪ اﻟﻛـل ،ﻛﻘـول اﻹﻣـﺎم
)ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :ﻛـم ﻣـن ﺻـﺎﺋم ﻟـﯾس ﻟـﻪ ﻣـن ﺻـﯾﺎﻣﻪ إﻻ اﻟﺟـوع واﻟﺿـﻣﺎ ،وﻛـم ﻣـن
ﻓﻘول اﻹﻣﺎم ) ﻛم ﻣن ﻗـﺎﺋم ( ﯾرﯾـد ﺑـﻪ ﻛـم ﻣـن ﻣﺻـﻠﻲ ﻓـذﻛر اﻟﻘﯾـﺎم اﻟـذي ﻫـو ﺟـزء
١٠٧
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﺛﺎﻧﯾﺎً :اﻟﺗﺷﺑﯾـﻪ
اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ) ﻓــن واﺳــﻊ ﻣــن ﻓﻧــون اﻟﻛــﻼم ﯾــدل ﻋﻠــﻰ ﺧﺻــب اﻟﺧﯾــﺎل وﺳـ ّـﻣوﻩ وﺳــﻌﺗﻪ
وﻋﻣﻘﻪ() ،(١وﻫو ﻓن أﺻﯾل ﻋﻧد اﻟﻌرب ،ﺟرى ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬم ،وﺗﻧﺎوﻟﺗﻪ أﺷـﻌﺎرﻫم ،واﻧﺑﻧـت
ﻋﻠﯾﻪ ﺧطﺑﻬم ،وﻟو ﻗﯾل اﻧﻪ اﻛـﺛر ﻛﻼﻣﻬم ﻟم ﯾﺑﻌد) .(٢وﻗد ﻋدﻩ ﺑﻌﺿﻬم )ﻣـن أﻋﻠـﻰ أﻧـواع
اﻟﺑﻼﻏــﺔ وأﺷــرﻓﻬﺎ() ،(٣ﻓﻬــو )ﻟــون ﻣــن أﻟ ـوان اﻟﺗﻌﺑﯾــر اﻟﻣﻣﺗــﺎز اﻷﻧﯾــق ،ﺗﻌﻣــد إﻟﯾــﻪ اﻟﻧﻔــوس
وﻟﻠﺗﺷــﺑﯾﻪ ﺗﻌرﯾﻔ ــﺎت ﻛﺛﯾـ ـرة وردت ﻓ ــﻲ ﻛﺗــب اﻟﺑﻼﻏﯾ ــﯾن اﻟﻘ ــداﻣﻰ ،إﻻ ان ﻛ ــل ﻫ ــذﻩ
اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ﺗدور ﻓﻲ ﺟوﻫرﻫﺎ ﺣول ﻣﺿﻣون واﺣد ،وﻫو ان اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ ﻫـو ﻋﻘـد ﻣﻘﺎرﻧـﺔ ﺑـﯾن
طرﻓﯾﯾن ،ﻣﺷﺑﻪ وﻣﺷﺑﻪ ﺑﻪ ،ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﺟﻣـﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣـﺎ) .(٥ﻓـﻧﺣن ﺣـﯾن ﻧﻌﻣـد إﻟـﻰ ﺗﺷـﺑﯾﻪ ﺷـﻲء
ﺑﺷــﻲء إﻧﻣــﺎ ﻧﻌﻘــد ﺑﯾﻧﻬﻣــﺎ ﻧوﻋــﺎ ﻣــن اﻟﻣﻘﺎرﻧــﺔ ﻓــﻲ اﻟظــﺎﻫر ،وﻫــﻲ ﻣﻘﺎرﻧــﺔ ﻻ ﺗﻬــدف إﻟــﻰ
ﺗﻔﺿﯾل أﺣد اﻟﺷﯾﺋﯾن ،واﻧﻣﺎ ﺗرﻣﻲ إﻟﻰ وﺻف أﺣدﻫﻣﺎ ﺑﻣﺎ اﺗﺻف ﺑﻪ اﻵﺧر).(٦
١٠٨
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
واﻻﺳﺗﻌﺎرة ،وﻏﯾرﻫﻣﺎ ﻣن ﻣﺣﺎﺳن اﻟﻛﻼم داﺧﻠﺔ ﺗﺣت اﻟﻣﺟﺎز() ،(١ﺛـم زاد اﻟـدﻟﯾل وﺿـوﺣﺎ
ﻋﻠﻰ ﺟﻌل اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﻣن اﻟﻣﺟﺎز ﺑﻘوﻟـﻪ ) :واﻣـﺎ ﻛـون اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ داﺧـﻼ ﺗﺣـت اﻟﻣﺟـﺎز ،ﻓـﻼن
اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﻬﯾن ﻓﻲ اﻛﺛـر اﻷﺷـﯾﺎء ،إﻧﻣـﺎ ﯾﺗﺷـﺎﺑﻬﺎن ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﺑـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺳـﺎﻣﺣﺔ واﻻﺻـطﻼح ﻻ
ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ () ،(٢وﻫو ﺑﻬذﯾن اﻟﻧﺻﯾن ﯾﺟﻌل اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﻛﻠﻪ ﻣﺟﺎ از .
وﻣ ــﻧﻬم أﯾﺿ ــﺎ اﺑ ــن اﻷﺛﯾ ــر اﻟ ــذي ﯾﻌـ ــد اﻟﺗﺷ ــﺑﯾﻪ ﻣﺟ ــﺎ از ﻣطﻠﻘ ــﺎ ،ﻟوﺟـ ــود اﻟﻣﺷ ــﺎﺑﻬﺔ
اﻟﺣﺎﺻ ــﻠﺔ ﺑ ــﯾن اﻟﻣﺷ ــﺑﻪ واﻟﻣﺷ ــﺑﻪ ﺑ ــﻪ ،إذ ﺗﻛﻠ ــم ﻋ ــن ﻫـ ــذﻩ اﻟﻔﻛ ـ ـرة ﻓ ــﻲ أﺛﻧ ــﺎء ﺣدﯾﺛ ــﻪ ﻋ ــن
اﻻﺳﺗﻌﺎرة ،ﺣﯾث ﻗﺎل ) :واﻟذي اﻧﻛﺷف ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻧظر اﻟﺻﺣﯾﺢ ان اﻟﻣﺟﺎز ﯾﻧﻘﺳم ﻗﺳـﻣﯾن ،
ﺗوﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﻛﻼم وﺗﺷﺑﯾﻪ().(٣
وﻣــﻧﻬم أﯾﺿــﺎ اﻟﺣﻣــوي ،اﻟــذي ﯾــرى ان )اﻟﻣﺟــﺎز ﺟــﻧس ﯾﺷــﺗﻣل ﻋﻠــﻰ أﻧ ـواع ﻛﺛﯾ ـرة
ﻛﺎﻻﺳﺗﻌﺎرة ،واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ،واﻷرداف ،واﻟﺗﻣﺛﯾل ،واﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣﺎ ﻋـدل ﻓﯾـﻪ ﻋـن
اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﺔ ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣراد().(٤
وﺑﻬ ــذا ﻧﺧﻠــص إﻟ ــﻰ ان اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ﻫــو ﻧـ ــوع ﻣــن أﻧـ ـواع اﻟﻣﺟ ــﺎز ،ورﻛ ــن ﺛﺎﺑــت ﻣ ــن
أرﻛﺎﻧﻪ .
و) ﻟﻠﺗﺷﺑﯾﻪ روﻋﺔ وﺟﻣﺎل ،وﻣوﻗﻊ ﺣﺳن ﻓﻲ اﻟﺑﻼﻏﺔ ،وذﻟك ﻻﺧراﺟﻪ اﻟﺧﻔﻲ إﻟﻰ
اﻟﺟﻠــﻲ ٕ ،وادﻧﺎﺋــﻪ اﻟﺑﻌﯾــد ﻣــن اﻟﻘرﯾــب ،ﯾزﯾــد اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ رﻓﻌــﺔ ووﺿــوﺣﺎ ،وﯾﻛﺳــﺑﻬﺎ ﺟﻣ ــﺎﻻ
وﻓﺿﻼ ،وﯾﻛﺳوﻫﺎ ﺷرﻓﺎ وﻧﺑـﻼ ،ﻓﻬو ﻓن واﺳـﻊ اﻟﻧطﺎق ،ﻓﺳﯾﺢ اﻟﺧطو ،ﻣﻣﺗد اﻟﺣـواﺷﻲ
،ﻣﺗﺷﻌب اﻷطراف ،ﻣﺗوﻋر اﻟﻣﺳﻠك ،ﻏﺎﻣض اﻟﻣدرك ،دﻗﯾـق اﻟﻣﺟرى().(٥
وﻗــد ﺗﻛﻠــم اﺑــن اﻷﺛﯾــر ﻋــن ﻓﺎﺋــدة اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ وﺟﻌﻠﻬــﺎ ﻗﺎﺋﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ )إﺛﺑــﺎت اﻟﺧﯾ ــﺎل ﻓــﻲ
اﻟﻧﻔس ﺑﺻورة اﻟﻣﺷﺑﻪ ﺑﻪ أو ﺑﻣﻌﻧﺎﻩ ،وذﻟك اوﻛد ﻓﻲ طرﻓـﻲ اﻟﺗرﻏﯾـب ﻓﯾـﻪ واﻟﺗﻧﻔﯾـر ﻋﻧـﻪ ،
١٠٩
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
أﻻ ﺗـرى اﻧـك إذا ﺷـﺑﻬت ﺻـورة ﺑﺻـورة ﻫـﻲ اﺣﺳـن ﻣﻧﻬـﺎ ،ﻛـﺎن اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻣﺛﺑﺗـﺎ ﻓـﻲ اﻟـﻧﻔس
ﺧﯾﺎﻻ ﺣﺳﻧﺎ ﯾدﻋو إﻟﻰ اﻟﺗرﻏﯾب ﻓﯾﻬﺎ ،وﻛذﻟك إذا ﺷﺑﻬﺗﻬﺎ ﺑﺻورة ﺷﻲء اﻗﺑﺢ ﻣﻧﻬـﺎ ،ﻛـﺎن
ذﻟك ﻣﺛﺑﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻔس ﺧﯾﺎﻻ ﻗﺑﯾﺣﺎ ﯾدﻋو إﻟﻰ اﻟﺗﻧﻔﯾر ﻋﻧﻬﺎ ().(١
وﻗد ﺗﺣدث ﺑﻌض اﻟﻧﻘـﺎد اﻟﻣﺣـدﺛﯾن ﻋـن أﻫﻣﯾـﺔ اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ ،وﻣـﺎ ﯾـوﻓرﻩ ﻣـن ﺧﯾـﺎل ﻓـﻲ
إﺛﺎرة اﻹﺣﺳـﺎس وﺗﺣرﯾـك اﻟﻣﺷـﺎﻋر ﻓـﻲ ﻧﻔـس اﻟﻣﺗﻠﻘـﻲ ،ﺣﯾـث ﻗـﺎل ) :وﻣـﺎ اﺑﺗـدع اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ
ﻟرﺳم اﻷﺷﻛﺎل واﻷﻟوان ،ﻓﺎن اﻟﻧﺎس ﯾؤﺛرون اﻷﺷﻛﺎل واﻷﻟوان ﻣﺣﺳوﺳﺔ ﺑذاﺗﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﺗراﻫﺎ
،واﻧﻣــﺎ اﺑﺗــدع ﻟﻧﻘــل اﻟﺷــﻌور ﺑﻬــذﻩ اﻷﺷــﻛﺎل واﻷﻟـوان ﻣــن ﻧﻔــس إﻟــﻰ ﻧﻔــس() .(٢ﻓﻬــو ﯾﺷــﯾر
إﻟـﻰ أﻫﻣﯾـﺔ ان ﯾﻛــون اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ﻣﻌﺑـ ار ﻋـن اﻟــﻧﻔس ﺑﺈﺛـﺎرة اﻹﺣﺳـﺎس ،وﺗﺣرﯾــك ﻣـﺎ ﻛﻣـن ﻣــن
ﻣﺷﺎﻋر ،ﻓﺎﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﻪ ﻫـو ) ان ﺗطﺑـﻊ ﻓـﻲ وﺟـدان ﺳـﺎﻣﻌك وﻓﻛـرﻩ ﺻـورة واﺿـﺣﺔ
ﻣﻣﺎ اﻧطﺑﻊ ﻓﻲ ذات ﻧﻔﺳك ().(٣
وﻟﻬ ــذا ﻓﺎﻟﺗﺷ ــﺑﯾﻪ ﻣﺣﺎوﻟ ــﺔ ﺑﻼﻏﯾ ــﺔ ﺟ ــﺎدة ﻟﺻ ــﻘل اﻟﺷ ــﻛل وﺗط ــوﯾر اﻟﻠﻔ ــظ ،وﻣﻬﻣﺗ ــﻪ
ﺗﻘرﯾب اﻟﻣﻌﻧﻰ إﻟﻰ اﻟذﻫـن ﺑﺗﺟﺳﯾدﻩ ﺣﯾﺎ ،وﻣن ﺛم ﻓﻬو ﯾﻧﻘل اﻟﻠﻔظ ﻣـن ﺻـورة إﻟـﻰ ﺻـورة
أﺧرى ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟذي ﯾرﯾدﻩ اﻟﻣﺻور).(٤
ان اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ﻋﻧﺻــر أﺳﺎﺳــﻲ ﻓــﻲ ﺗرﻛﯾــب اﻟﺟﻣﻠــﺔ ،وﻻ ﯾــﺗم اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻟﻣ ـراد إﻻ ﺑــﻪ ،
ﻓﺎﻟﻧص اﻷدﺑﻲ اﻟﻣﻣﺗـﺎز ﻻﯾﻘﺻـد إﻟـﻰ اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ ﺑوﺻـﻔﻪ ﺗﺷـﺑﯾﻬﺎ ﻓﺣﺳـب ،ﺑـل ﺑوﺻـﻔﻪ ﺣﺎﻟـﺔ
ﻓﻧﯾــﺔ ﺗﺑﻧــﻰ ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﺿــرورة اﻟﺻــﯾﺎﻏﺔ واﻟﺗرﻛﯾــب ،ﻓﻬــو وان ﻛــﺎن ﻋﻧﺻ ـ ار أﺳﺎﺳــﯾﺎ ﯾﻛﺳ ــب
اﻟﻧص روﻋﺔ واﺳﺗﻘﺎﻣﺔ وﺗﻘرﯾب ﻓﻬم ،إﻻ اﻧـﻪ ﯾﺑــدو ﻋﻧﺻـ ار ﺿـرورﯾﺎ ﻻداء اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟﻣ ـراد
ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟوﺟـوﻩ ،ﻻن ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺑﯾـﻪ ﺗﻣﺛـﯾﻼ ﻟﻠﺻـورة ٕ ،واﺛﺑﺎﺗـﺎ ﻟﻠﺧـواطر ،وﺗﻠﺑﯾــﺔ ﻟﺣﺎﺟـﺎت
اﻟﻧﻔس).(٥
وﻗد ﺟﺎءت ﺗﺷﺑﯾﻬﺎت اﻻﻣﺎم ﻣﺷﺣوﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎطﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬـز اﻟﻣﺷـﺎﻋر وﺗﺟﻌـل اﻟﻛـﻼم
ﻣوﺣﯾﺎ ،ﻻ ﯾﻛﺎد ﯾﻧﻘر ﺣﺑﺎت اﻟﻘﻠوب ﺣﺗﻰ ﯾؤﺛر ﻓﯾﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻓﻧﯾﺔ وﻧﻔﺳﯾﺔ ﻋﺟﯾﺑﺔ .
١١٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ان اﺧﺗﯾــﺎر اﻻﻣــﺎم ﻷﻟﻔــﺎظ ﺗﺷــﺑﯾﻬﺎﺗﻪ ﻫــو اﻟــذي اﻛﺳــﺑﻬﺎ ﻫــذا اﻟﺗــﺄﺛﯾر ﻓــﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ،
ﻓﺟﺎءت ﺗﺷﺑﯾﻬﺎﺗﻪ ) ﺷدﯾدة اﻻﺋﺗﻼف ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن أطراﻓﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗﺑﺎﻋـد أﺟﻧﺎﺳـﻬﺎ ،
ﺑﺳب ﻣﺎ أﺿﯾف ورﻛـ ّب واﻟّف ﺣﺗﻰ ﺗواﻓﻘت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﺑﻬﺎ ﺧﻠﻘت ﻣـن ذﻟـك اﻟﺻـﻬر
واﻟﺗرﻛﯾــب ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﺟدﯾــدة ﺛ ـرة ﻟــم ﯾﻘــﻊ ﺑﺎﻟﺣﺳــﺑﺎن اﻟﺗﻠﻔــت إﻟﯾﻬــﺎ ﻻﻋﺗﯾــﺎد اﻟﻧــﺎس ﻋﻠﯾﻬــﺎ وﺷــدة
إﻟﻔﺗﻬم ﻟﻬﺎ).(١
وﻣــن ﺗﺷــﺑﯾﻬﺎت اﻹﻣ ــﺎم ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﻛ ــﻼم ﻟــﻪ ﻋــن اﻟﺧ ــﻼﻓﺔ ﻗــﺎل )) :
ﺗﻘﺣم (().(٢
ﻓﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ﻛراﻛب اﻟﺻﻌﺑﺔ ،ان اﺷﻧق ﻟﻬﺎ ﺧرم ،وان اﺳﻠس ﻟﻬﺎ ّ
ﺷــﺑﻪ اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( اﻟﻣﺗﺻــدي ﻟﻠﺧﻼﻓــﺔ ﺑ ارﻛــب اﻟﻧﺎﻗــﺔ اﻟﺻــﻌﺑﺔ ،اﻟﺗــﻲ ﻟــم
ﺗرﻛ ــب وﻟ ــم ﺗ ـّـروض ،إن ﺟـ ـذب راﻛﺑﻬ ــﺎ أرﺳ ــﻬﺎ ﺑﺎﻟزﻣ ــﺎم ورﻓﻌ ــﻪ ﺧ ــرم اﻧﻔﻬ ــﺎ ،وان اﺳ ــﻠس
ﺗﻘﺣــم ﻓــﻲ اﻟﻣﻬﺎﻟــك ،ﻓﺄﻟﻘﺗــﻪ ﻣــن ﻋﻠــﻰ ظﻬ ــرﻫﺎ ،وﻫــذا ﻫــو اﻟوﺟــﻪ ﻓــﻲ اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ،
زﻣﺎﻣﻬــﺎ ّ
ﻓﺎﻟﺧﻠﯾﻔﺔ إن اظﻬر اﻟﻐﻠظﺔ ﻣﻊ اﻟرﻋﯾﺔ واﺧـذ أﻣورﻫم ﺑﺎﻟﺣزم واﻟﺷدة ،ﻓﻘـد ﺣـﺑﻬم ووﻻءﻫـم ،
وﻟــم ﯾــﺄﻣن ﻏ ــدرﻫم ٕ ،وان ﺗــرك ﻟﻬــم زﻣــﺎم اﻷﻣ ــور واﻫﻣــل اﻻﻫﺗﻣ ــﺎم ﺑﺄوﺿــﺎﻋﻬم ،وأﺣ ـوال
ﻓﻘد ﺑذﻟك اﺣﺗراﻣﻬم
ﻣﻌﯾﺷﺗﻬم ،ﻓﺗـرك اﻟﺣﺑل ﻋﻠﻰ ﻏﺎرﺑﻪ ،وﻟم ﯾﻬﺗم إﻻ ﺑﻣﻠذاﺗﻪ وﺷﻬواﺗﻪ َ ،
،وﻟم ﯾﺄﻣن ﺧروﺟﻬم ﻋن طﺎﻋﺗﻪ.
وﻗﺎل اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ ﻓﻲ ذﻛـر أﻫـل اﻟﺑﺻـرة )) :واﷲ ﻻ أﻛـون
) وﻣﺳــﺗﻣﻊ اﻟﻠ ــدم ﻛﻧﺎﯾــﺔ ﻋــن اﻟﺿــﺑﻊ ،ﺗﺳﻣ ــﻊ وﻗــوع اﻟﺣﺟــر ﺑﺑــﺎب ﺟﺣرﻫــﺎ ﻣــن ﯾ ــد
اﻟﺻﺎﺋـد ،ﻓﺗﻧﺧذل ،وﺗﻛـف ﺟوارﺣﻬﺎ إﻟﯾﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ ﯾـدﺧل ﻋﻠﯾـﻬﺎ ﻓﯾرﺑطﻬﺎ() ،(١ﯾﻘـول )ﻋﻠﻴـﻪ
١١١
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻻ أﻛــون ﻣﻘ ـ ار ﺑﺎﻟﺿــﯾم اﺳــﻣﻊ اﻟﻧــﺎﻋﻲ ،ﻓــﻼ ﯾﻛــون ﻋﻧــدي ﻣــن اﻟﺗﻐﯾﯾــر واﻹﻧﻛــﺎر
ﻟــذﻟك إﻻ ان اﺳــﻣﻌﻪ واﺣﺿــر اﻟﺑــﺎﻛﯾن ﻋﻠــﻰ ﻗــﺗﻼﻫم ،ﻓــﺎﻛون ﺑــذﻟك ﻛﺣــﺎل اﻟﺿــﺑﻊ اﻟﺗــﻲ
ﺗﻧﺧذل وﺗﻛف ﻓﻲ ﺟﺣرﻫﺎ ﻋﻧد ﺳﻣﺎﻋﻬﺎ وﻗﻊ اﻟﺣﺟر ﺑﺑﺎب ﺟﺣرﻫﺎ ﻣن ﯾد ﺻﺎﺋدﻫﺎ .
وﻗﺎل اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻣـن ﻛـﻼم ﻟـﻪ ﻓـﻲ ﺣـث أﺻـﺣﺎﺑﻪ ﻋﻠـﻰ اﻟﻘﺗـﺎل )) :اﻟـراﺋﺢ إﻟـﻰ
ﯾﻠﻣ ــس ﻓ ــﻲ اﻟ ــﻧص اﻟﺗﺣﺿ ــﯾض ﻋﻠ ــﻰ أﻣ ــر اﻟﺟﻬ ــﺎد واﻟ ــدﻋوة إﻟﯾ ــﻪ ،وﻋﻠ ــو ﻣﻧزﻟ ــﺔ
اﻟﻣﺟﺎﻫــد وﺣﺳــن ﻋﺎﻗﺑﺗــﻪ ،ﻓﻘــد ﺟﻌــل اﻻﻣــﺎم اﻟ ـراﺋﺢ إﻟــﻰ اﻟﺟﻬــﺎد راﺋﺣــﺎ إﻟــﻰ اﷲ ﺗﻌــﺎﻟﻰ ،
وﻛﯾــف ﺗﻛــون ﻋﺎﻗﺑــﺔ ﻣــن اﻗﺑــل إﻟــﻰ اﷲ ﺑﻘﻠﺑــﻪ واﻋــﺎرﻩ ﺟﻣﺟﻣﺗــﻪ ،اﻻ ﻧﯾــل اﻟﺳــﻌﺎدة واﻟﻧﻌــﯾم
اﻟــداﺋم .وﻗــد ﺷــﺑﻪ اﻻﻣــﺎم ﻫــذا اﻹﻧﺳــﺎن اﻟــذي اﻗﺑــل ﻋﻠــﻰ اﷲ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ﻓﻧــﺎل اﻟﺛـواب واﻟﻧﻌــﯾم
ﺑﺎﻟﺿـﻣﺂن اﻟـذي ﯾــرد اﻟﻣـﺎء ،واﻟﺟـﺎﻣﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣــﺎ ﻫـو اطﻣﺋﻧــﺎن اﻟﻧﻔــس ﺑﺑﻠـوغ اﻟﻣ ـراد ﺑﻌـد ﻋﻧــﺎء
وﻣﺷﻘﻪ .
وﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ردا ﻋﻠﻰ ﺷﺧص ﺳﺄﻟـﻪ ﻋن ﺳﺑب ﻋدم ﻣطﺎﻟﺑﺗﻪ ﺑﺣﻘﻪ
ﻓﻲ اﻟﺧﻼﻓﺔ ﻗﺎل )) :وﻣﺟﺗﻧﻲ اﻟﺛﻣرة ﻟﻐﯾر وﻗت إﯾﻧﺎﻋﻬﺎ ﻛﺎﻟزارع ﺑﻐﯾر أرﺿـﻪ ،ﻓـﺎن اﻗـل
ﯾﻘوﻟوا ﺣرص ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠك ،وان اﺳﻛت ﯾﻘوﻟوا ﺟزع ﻣن اﻟﻣوت (().(٣
ﯾدل ﻫذا اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺣﻛﻣﺔ اﻻﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻣن ﺧﻼل رؤﯾﺗـﻪ اﻟﺳـدﯾدة
ﻓﻲ ﻫذا اﻷﻣر ،ﺣﯾث ﺑﯾّن اﻧﻪ ﻟﯾس ﻫذا اﻟوﻗت ﻫـو اﻟوﻗـت اﻟﻣﻧﺎﺳـب ﻟطﻠـب ﻫـذا اﻷﻣـر ،
ﻓﺻور ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ اﻟـذي ﺳـﺎﻗﻪ ،ﻓﻘـﺎل ان ﻣﺟﺗﻧـﻲ اﻟﺛﻣـرة ﻗﺑـل ان ﺗـدرك
ﻻ ﯾﻧﺗﻔ ــﻊ ﺑﻣ ــﺎ اﺟﺗﻧ ــﺎﻩ ،ﻛﻣ ــن زرع ﻓ ــﻲ ﻏﯾ ــر أرﺿ ــﻪ ﻻ ﯾﻧﺗﻔ ــﻊ ﺑ ــذﻟك اﻟ ــزرع ،ﻓﻠﻣ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــت
١١٢
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
اﻟظروف ﺑﻌد وﻓﺎة اﻟرﺳول )ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ( ﻏﯾر ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻬذا اﻷﻣـر ،آﺛـر
اﻻﻣﺎم اﻟﺳﻛوت وﺗرك اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﻣر إﯾﺛﺎ ار ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ .
وﻗــﺎل اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﻓــﻲ ﻛﺗــﺎب ﻟــﻪ إﻟــﻰ ﻣﻌﺎوﯾــﺔ )) :واﻧـــك إذ ﺗﺣـــﺎوﻟﻧﻲ
اﻷﻣور وﺗراﺟﻌﻧﻲ اﻟﺳطور ،ﻛﺎﻟﻣﺳﺗﺛﻘل اﻟﻧﺎﺋم ﺗﻛذﺑﻪ أﺣﻼﻣﻪ ،واﻟﻣﺗﺣﯾر اﻟﻘﺎﺋم ﯾﺑﻬﺿﻪ
ﻣﻘﺎﻣﻪ ،ﻻ ﯾدري اﻟﻪ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ أم ﻋﻠﯾﻪ (().(١
ﻗﺎل واﻧك ﻓﻲ ﻣﻧـﺎظرﺗﻲ وﻣﻘـﺎوﻣﺗﻲ ﺑـﺎﻷﻣور اﻟﺗـﻲ ﺗﺣﺎوﻟﻬـﺎ ،واﻟﻛﺗـب اﻟﺗـﻲ ﺗﻛﺗﺑﻬـﺎ ،
ﻛﺎﻟﻧــﺎﺋم ﯾــرى أﺣﻼﻣــﺎ ﻛﺎذﺑــﺔ ،أو ﻛﻣــن ﻗــﺎم ﻣﻘﺎﻣــﺎ ﺑــﯾن ﯾــدي ﺳــﻠطﺎن ،أو ﺑــﯾن ﻗــوم ﻋﻘــﻼء
ﯾﻌﺗذر ﻋن أﻣر ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻪ ،ﻗد أﺛﻘﻠﻪ ذﻟك اﻟﻣﻘـﺎم وارﺑﻛـﻪ ،ﻓﻬـو ﻻ ﯾـدري ﻫـل ﯾﻧطـق ﺑﻛـﻼم
ﻟﻪ أم ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﯾﺗﺣﯾر وﯾﺗﺑﻠد ،وﯾدرﻛﻪ اﻟﻌﻲ واﻟﺣﺻر).(٢
وﻗﺎل اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :ﻓﺎن اﻟﻌﺎﻣل ﺑﻐﯾر ﻋﻠم ﻛﺎﻟﺳﺎﺋر ﻋﻠﻰ ﻏﯾر طرﯾـق
،ﻓﻼ ﯾزﯾدﻩ ﺑﻌدﻩ ﻋن اﻟطرﯾـق اﻟواﺿـﺢ إﻻ ﺑﻌـدا ﻣـن ﺣﺎﺟﺗـﻪ ،واﻟﻌﺎﻣـل ﺑـﺎﻟﻌﻠم ﻛﺎﻟﺳـﺎﺋر
ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾق اﻟواﺿﺢ ،ﻓﻠﯾﻧظر ﻧﺎظر أﺳﺎﺋر ﻫو أم راﺟﻊ (().(٣
ﯾﺳﺗﺷــف ﻣــن اﻟــﻧص اﻟدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ أﻫﻣﯾــﺔ اﻟﻌﻠــم وطﻠﺑــﻪ ،ودورﻩ ﻓــﻲ ﺗﻧظــﯾم ﺣﯾــﺎة
اﻹﻧﺳﺎن ،ﺣﯾـث ﯾﺷـﺑﻪ اﻻﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( اﻹﻧﺳـﺎن اﻟﻌﺎﻣـل ﺑﻐﯾـر ﻋﻠـم ﺑﺎﻟﺷـﺧص اﻟـذي
ﯾﺳ ــﯾر ﻋﻠ ــﻰ ﻏﯾ ــر طرﯾ ــق وﯾﺗ ــرك اﻟﺳـ ــﯾر ﻋﻠ ــﻰ اﻟطرﯾ ــق اﻟواﺿ ــﺢ ،ﻓ ــﻼ ﯾزﯾ ــدﻩ ﺑﻌ ــدﻩ ﻋ ــن
اﻟطرﯾـق اﻟواﺿـﺢ إﻻ ﺑﻌـدا ﻋـن ﺣﺎﺟﺗـﻪ وﻣطﻠﺑـﻪ اﻟـذي ﯾﺑﺗﻐـﻲ ،أﻣـﺎ اﻹﻧﺳـﺎن اﻟﻌﺎﻣـل ﺑـﺎﻟﻌﻠم
ﻓﯾﺷﺑﻬﻪ اﻻﻣﺎم ﺑﺎﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﺳﯾر ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾق اﻟواﺿـﺢ ،ﻓﻬـو ﻋﻠـﻰ ﺑﺻـﯾرة ﻣـن أﻣـرﻩ
،وﻛل ﺧطوة ﯾﺧطوﻫﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟطرﯾق ﺗزﯾدﻩ ﻗرﺑﺎ ﻣن ﻏﺎﯾﺗﻪ وﻣﺑﺗﻐﺎﻩ .
١١٣
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وﻣن ﻛـﻼم ﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﯾﺧﺎطـب ﺑﻪ اﻟﻣﻛﻠﻔﯾن ﻛﺎﻓﺔ ،ﻗﺎل ..)) :ﻛﺄﻧﻛم
ﻟﻘد ﺧﺎطب اﻻﻣﺎم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص طﺎﺋﻔـﺔ ﻣـن اﻟﻧـﺎس اﻟـذﯾن ﻏـرﺗﻬم ﺣﯾـﺎﺗﻬم اﻟـدﻧﯾﺎ ،
ﻓﺄطﺎﻋوا أﻫواءﻫم اﻟﻣﺿﻠﺔ ،ورﻛﻧوا إﻟﻰ أﻧﻔﺳﻬم اﻷﻣﺎرة ﺑﺎﻟﺳوء ،ﻓﻛﺎﻧوا ﻋﺑﯾـدا ﻻﻫـواﺋﻬم و
أﻧﻔﺳــﻬم .ﺣﯾــث ﺷــﺑﻬﻬم اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﺑــﺎﻟﻧﻌم اﻟﺗــﻲ ﯾﻘودﻫــﺎ راﻋﯾﻬــﺎ إﻟــﻰ اﻟﻣرﻋــﻰ
اﻟــوﺑﻲ واﻟﻣﺷــرب اﻟــدوي ،ﻓﻬــﻲ ﻻ ﺗ ﻌﻠــم ان ﻣــﺎ ﺗﺄﻛــل وﺗﺷــرب ﻣﺿـّـر ﺑﻬــﺎ ،ﺛــم أردف ﻫــذا
اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﺑﺂﺧر أﻗوى ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬم ،ﻓﺷﺑﻪ ﻫذﻩ اﻟﻧﻌم ﺑﺎﻟﻧﻌم اﻟﻣﻌﻠوﻓﺔ ﻟﻠﻣدى اﻟﺗـﻲ
ﻻ ﺗﻌـرف ﻣــﺎذا ﯾـراد ﺑﻬــﺎ )،واﻧﻣـﺎ ﻗــﺎل ذﻟـك ﻻﻧﻬــﺎ إذا اﺗﺑﻌـت أﻣﺛﺎﻟﻬــﺎ ﻛـﺎن اﺑﻠــﻎ ﻓـﻲ ﺿــرب
اﻟﻣﺛل ﺑﺟﻬﻠﻬﺎ ﻣن اﻹﺑل اﻟﺗﻲ ﯾﺳﯾﻣﻬﺎ راﻋﯾﻬﺎ ().(٢
ﻧﻼﺣــظ ﻣــن اﻟﻧﺻــوص اﻟﺳــﺎﺑﻘﺔ ﻣﺟــﻲء اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ﻋﻧــد اﻻﻣــﺎم ﻣﺷــﺗﻣﻼ ﻓــﻲ ﺑﻌــض
ﻧﺻوﺻﻪ ﻋﻠﻰ اﻷطراف اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻠﺗﺷﺑﯾﻪ ،اﻟﻣﺷﺑﻪ ،واﻟﻣﺷﺑﻪ ﺑـﻪ ،وأداة اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ ،ووﺟــﻪ
اﻟﺷﺑﻪ) .(٣وﻗد ﯾﺣذف وﺟـﻪ اﻟﺷﺑﻪ وأداة اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ،وﻋﻧدﺋذ ﯾطـﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﺳم )اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ اﻟﺑﻠﯾﻎ(
وﯾﻌــد ﻫــذا اﻟﻧــوع ﻣــن اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ﻣــن أرﻗــﻰ أﻧ ـواع اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ،وﯾــرى اﻟﺑﻼﻏﯾــون اﻟﻣﺗــﺎﺧرون اﻧــﻪ
أﻗـوى ﻓـﻲ اﻟدﻻﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﻌﻧــﻰ وﻗـد ﯾطﻠﻘـون ﻋﻠﯾـﻪ اﺳــم اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ اﻟﻣؤﻛـد) ،(٤إذ ﯾﻼﺣـظ اﻧــﻪ
ﯾﺣدث ﺗﻼﺣﻣﺎ وﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻻﻧدﻣﺎج ﺑﯾن اﻟﻣﺷﺑﻪ واﻟﻣﺷﺑﻪ ﺑـﻪ ﺑﻌـد ﺣـذف أداة اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ ووﺟـﻪ
اﻟﺷﺑﻪ .
١١٤
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وﻗــد ﺟــﺎء ﻫــذا اﻟﻧــوع ﻣــن اﻟﺗﺷــﺑﯾﻪ ﻛﺛﯾ ـ ار ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،ﻣــن ذﻟــك ﻗــول اﻻﻣــﺎم
)ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﻛــﻼم ﻟــﻪ ﻓــﻲ وﺻــف اﻟــدﻧﯾﺎ ﻗــﺎل )) :أﻻ وﻫــﻲ اﻟﻣﺗﺻــدﯾﺔ اﻟﻌﻧــون ،
ﯾﻠﻣس ﻓﻲ اﻟﻧص دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻻﺑﺗﻌـﺎد ﻋـن ﺑﻬـﺎرج اﻟـدﻧﯾﺎ وزﺧرﻓﻬـﺎ وﻣﻠـذاﺗﻬﺎ
اﻟزاﺋﻠــﺔ ،ﺣﯾــث ﯾرﺳــم اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﺻــورة واﻓﯾ ــﺔ ﻟﺣﻘﯾﻘــﺔ ﻫ ــذﻩ اﻟﺣﯾــﺎة اﻟــدﻧﯾﺎ ﻣــن
ﺧــﻼل اﻟﺗﺷــﺑﯾﻬﺎت اﻟﺗــﻲ ﺳــﺎﻗﻬﺎ ﺑﺻــورة ﻣﺗﺗﺎﻟﯾــﺔ ،ﻓﺧــرج اﻟــﻧص ﯾﺣﻣــل دﻻﻟــﺔ ﻣوﺣﯾــﺔ ﻣــؤﺛرة
ﻓـﻲ ﻧﻔــس اﻟﻣﺗﻠﻘـﻲ ،ﻓﻔــﻲ ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ) أﻻ وﻫــﻲ اﻟﻣﺗﺻــدﯾﺔ اﻟﻌﻧـون( ﯾﺷــﺑﻪ اﻟــدﻧﯾﺎ
ﺑﺎﻟﻣرأة اﻟﻔﺎﺟرة اﻟﺗﻲ ﺗﻌرض ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟرﺟﺎل ﺗرﯾد اﻟﻔﺎﺣﺷﺔ ﻓﻣﺎ ازﻟـت ﺗﺗـزﯾن ﻟﺳـﺎﻛﻧﯾﻬﺎ ،
وﺗﻣﻧﯾﻬم وﺗرﻏﺑﻬم ﺑﻣﻠذاﺗﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ إذا ﺗﻌﻠﻘوا ﺑﻬﺎ ﻧﺳوا ذﻛـر اﻵﺧـرة وﻛـﺎﻧوا ﻣـن اﻟﺧﺎﺳـرﯾن ،
أﻣــﺎ ﻗوﻟ ــﻪ ) واﻟﺟﺎﻣﺣــﺔ اﻟﺣ ــرون( ﻓﺷــﺑﻬﻬﺎ ﺑﺎﻟداﺑ ــﺔ ذات اﻟﺟﻣــﺎح ،وﻫ ــﻲ اﻟﺗــﻲ ﻻ ﯾﺳ ــﺗطﺎع
رﻛوﺑﻬــﺎ ﻻﻧﻬــﺎ ﺗﻌﺛــر ﺑﺻــﺎﺣﺑﻬﺎ ﻓﺗرﻣﯾــﻪ ﻓــﻲ اﻟﻣﻬﺎﻟــك .أﻣــﺎ ﻗوﻟــﻪ )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ) :واﻟﻣﺎﺋﻧــﺔ
اﻟﺧؤون( ﻓﺷﺑﻬﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣرأة اﻟﻛﺎذﺑﺔ اﻟﺧﺎﺋﻧﺔ ،ﻓﻼ ﯾؤﻣن ﻏدرﻫﺎ وﻻ ﺗؤﻣن ﺧﯾﺎﻧﺗﻬﺎ .
وﻣـن ﻛـﻼم ﻟـﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﯾﺣـث ﻓﯾـﻪ أﺻـﺣﺎﺑﻪ ﻋﻠــﻰ اﻟﺟﻬـﺎد ﻓـﻲ ﺳـﺎﺣﺔ اﻟﺣــرب
ﻗﺎل )) :ان اﻟﻣوت طﺎﻟب ﺣﺛﯾث ،ﻻ ﯾﻔوﺗﻪ اﻟﻣﻘﯾم وﻻ ﯾﻌﺟزﻩ اﻟﻬﺎرب (().(٢
ﺷﺑﻪ اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( اﻟﻣوت ﺑﺎﻟطﺎﻟب اﻟﺣﺛﯾث ﻧﺣو اﻟﺷﻲء ،اﻟﻣﺳرع ﻓﻲ ﻧﯾﻠﻪ
،ﻓــﻼ ﯾﻣﻛــن ﻷي إﻧﺳــﺎن ان ﯾﻬــرب ﻣــن اﻟﻣــوت إذا ﺟــﺎء اﺟﻠــﻪ .وﻗــد ﻛــﺎن ﻟﻠﺗﺷــﺑﯾﻪ اﻟﺑﻠﯾــﻎ
اﻟدور اﻟﻣﻬم ﻓﻲ اﻟﻧﻬوض ﺑﻬذﻩ اﻟﺻورة ﺑﺟﻌل طرﻓﯾﻬﺎ ﻛﺄﻧﻬﻣﺎ ﺷﻲء واﺣد .
وﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﻣــن ﻛــﻼم ﻟــﻪ ﯾﺻــف ﻓﯾــﻪ اﻟﺗﻘــوى … )) :ﻟــم ﺗﺑــرح
ﻋﺎرﺿﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣم اﻟﻣﺎﺿﯾن ﻣﻧﻛم ،واﻟﻐﺎﺑرﯾن ،ﻟﺣﺎﺟﺗﻬم إﻟﯾﻬﺎ ﻏدا (().(١
١١٥
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﺷﺑﻪ اﻻﻣﺎم اﻟﺗﻘوى ﺑﺎﻟﻣرأة اﻟﻌﺎرﺿﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗوم ،ﻓرﻏب ﻓﯾﻬﺎ ﻣن رﻏـب وزﻫـد
ﻓﯾﻬﺎ ﻣن زﻫد .
ﻟﻘــد ﺟــﺎءت ﺗﺷــﺑﯾﻬﺎت اﻻﻣــﺎم ﺣﺎﻓﻠــﺔ ﺑﺎﻟﻣﺷــﺎﻋر واﻷﺣﺎﺳــﯾس اﻟﺗــﻲ ﻛــﺎن ﻟﻬــﺎ اﻟــدور
اﻟﻛﺑﯾـر ﻓــﻲ إﯾﺻـﺎل اﻟﻔﻛـرة اﻟﺗـﻲ أراد اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( إﯾﺻـﺎﻟﻬﺎ ،واﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ اﻟﺗــﻲ أراد
اﻟﺗﻌﺑﯾــر ﻋﻧﻬــﺎ .وﻗــد ﻋﻛﺳــت ﻫــذﻩ اﻷﻓﻛــﺎر اﻟﺣﺎﻟــﺔ اﻟﻧﻔﺳــﯾﺔ ﻟﻺﻣــﺎم ،واﻟﺗــﻲ ﻛﺎﻧــت ﺗــﻧم ﻋــن
ﻣﺷـﺎﻋر ﺻــﺎدﻗﺔ ﺗﻧــﺑض ﺑــﺎﻟﺣرص ﻋﻠــﻰ اﻹﺳـﻼم واﻟﻣﺳــﻠﻣﯾن ،ﻓﻛﺎﻧــت ﺗﺷــﺑﯾﻬﺎﺗﻪ ﻏﺎﯾــﺔ ﻓــﻲ
اﻹﺑداع ،وﻓﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﯾﺣﺎء واﻟﺗﺻوﯾر .
ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﻻﺳﺗﻌـﺎرة
اﻻﺳــﺗﻌﺎرة :ﻫــﻲ ﻟــون ﻣــن أﻟـوان اﻟﻣﺟــﺎز اﻟﻠﻐــوي ،إذ ﺗﻘــوم ﻋﻠــﻰ اﺳــﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻔظــﺔ
ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻷﺻﻠﻲ ،ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣﺷﺎﺑﻬﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن اﻷﺻﻠﻲ واﻟﻣﺟﺎزي ،ﻣﻊ ﻗرﯾﻧﺔ
ﺻﺎرﻓﺔ ﻋن إرادة اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺻﻠﻲ).(٢
ﻟﻘ ــد ﺗﻌ ــرض اﻟﻘ ــدﻣﺎء ﻟد ارﺳ ــﺔ ﻣﻔﻬ ــوم اﻻﺳ ــﺗﻌﺎرة ،وﻗ ــد اﺧﺗﻠﻔـ ـوا ﻓ ــﻲ ﻓﻬﻣﻬ ــم ﻟﻬ ــﺎ ،
وﺗﺣدﯾـدﻫم ﻟﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ ،ﻟﻛﻧﻬم وﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻟم ﯾﺧرﺟوا ﻋن اﻹطـﺎر اﻟﻌــﺎم ﻟﻣﻔﻬـوم اﻻﺳـﺗﻌﺎرة
١١٦
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
،إذ ﻧظــروا إﻟﯾﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ اﻧﻬــﺎ ﻋﻣﻠﯾــﺔ ﻧﻘــل اﻟﻠﻔظــﺔ أو اﻟﻛﻠﻣــﺔ ﻣــن ﻣﻌﻧــﻰ إﻟــﻰ آﺧــر ﻟﻠﺑﯾــﺎن
واﻹﯾﺿﺎح).(١
وﻗــد ﺗوﺿــﺢ ﻣﻔﻬــوم اﻻﺳــﺗﻌﺎرة ﻋﻠــﻰ ﯾــد ﻋﺑــد اﻟﻘــﺎﻫر اﻟﺟرﺟــﺎﻧﻲ اﻟــذي ﻋــدّﻫﺎ ﻣــن
اﻟﻣﺟﺎز اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ .
واﻻﺳــﺗﻌﺎرة ﺻــورة ﻣــن ﺻــور اﻟﺗوﺳــﻊ اﻟﻣﺟــﺎزي ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم ،إذ ﺗﺣﻘــق ﻛﺛﯾ ـ ار ﻣــن
اﻷﻏراض اﻟﺗﻲ ﯾرﯾدﻫﺎ اﻷدﯾب ﻓـﻲ ﺻـﻧﺎﻋﺔ اﻟﻛـﻼم ،ﺣﺗـﻰ ﻟﺗﻌـد ﻣـن أﻫـم أﻋﻣـدة اﻟﻛـﻼم ،
وﻋﻠﯾﻬــﺎ اﻟﻣﻌــول ﻓــﻲ اﻟﺗوﺳــﻊ واﻟﺗﺻــرف ،وﺑﻬــﺎ ﯾﺗوﺻــل إﻟــﻰ ﺗ ـزﯾﯾن اﻟﻠﻔــظ وﺗﺣﺳــﯾن اﻟــﻧظم
واﻟﻧﺛ ــر ،وﺗﺣﻘﯾـ ــق اﻷﻏـ ـ ـراض اﻟﺗـ ــﻲ ﻻ ﯾﺳـ ـﺗطﯾﻊ اﻷدﯾـ ــب ﺑﻠوﻏﻬـ ــﺎ ﺑﺎﻟﺣﻘﯾﻘـ ــﺔ أو اﻟﺗﺷـ ــﺑﯾﻪ ،
وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن ﻓﻧون اﻟﺑﯾﺎن).(٢
ان اﻟﺻــورة اﻻﺳــﺗﻌﺎرﯾﺔ ﻟــون ﻣــن أﻟـوان اﻟرﻣــز ﻟﻣــﺎ ﺗوﺣﯾــﻪ ﻣــن ﻣﻌﻧــﻰ ﻏﯾــر اﻟﻣﻌﻧــﻰ
اﻟظـﺎﻫر) ، (٣ﻓﻬﻲ ﺻﯾﻐﺔ ﻣن ﺻﯾﻎ اﻟﺷﻛل اﻟﻔﻧﻲ ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎﻻﺗﻪ اﻟﺑـﻼﻏﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ّ ،
ﺗﺣﻣـل
اﻟــﻧص ﻣــﺎ ﻻ ﯾﺑــدو ﻣــن ظــﺎﻫر اﻟﻠﻔــظ أو ﺑــداﺋﻲ اﻟﻣﻌﻧــﻰ ،واﻧﻣــﺎ ﺗؤﻟــف ﺑــﯾن ﻫــذا وﻫــذا ﻓــﻲ
ﻋﻣﻠﯾــﺔ إﺑــداع ﺟدﯾــدة ﺗﺿــﻔﻲ ﻋﻠــﻰ اﻟﻠﻔــظ إطــﺎر اﻟﻣروﻧــﺔ واﻟﻧﻘــل واﻟﺗوﺳــﻊ ،وﺗﺿــﯾف إﻟــﻰ
اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻣﻣﯾـزات ﺧﺎﺻــﺔ ،وﺗﺿــﻊ أﻣــﺎم اﻟﺳـﺎﻣﻊ ﺻــورة ﻣرﺋﯾــﺔ ﺗﻧــﺑض ﺑﺎﻟﺣرﻛــﺔ واﻟﺣﯾوﯾــﺔ ،
ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﻬــذا اﻟﻧﻘــل اﻟــذي ﻗــد دل ﻋﻠــﻰ ﻣﻌﻧــﻰ آﺧــر ،ﻻﯾﺗــﺎﺗﻰ ﻣــن ﺧــﻼل واﻗﻌــﻪ اﻟﻠﻐــوي).(٤
ﻓﺎﻻﺳﺗﻌﺎرة ﻫﻲ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟﻣﻊ اﻟذﻫن ﺑواﺳـطﺗﻬﺎ أﺷـﯾﺎء ﻣﺧﺗﻠﻔـﺔ ﻟـم ﺗوﺟـد ﺑﯾﻧﻬـﺎ ﻋﻼﻗـﺔ
ﻣن ﻗﺑل) ،(٥ﻓﻬﻲ اﻷداة اﻟرﺋﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﺗرﺗﺑط اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﺗﻐﺎﯾرة).(١
) _ (٢ﯾﻧظر اﻟﺣﯾوان، ٢٨٠/٢:وﻗواﻋد اﻟﺷﻌر ﺛﻌﻠب،٤٧ :واﻟوﺳﺎطﺔ ﻟﻠﺟرﺟﺎﻧﻲ،٤١:واﻟﻧﻛت ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘران.٧٩
) _ (٣ﻋﻠم اﻟﺑﯾﺎن ، ١٩٥ :وﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺑﯾﺎن ﻋﺑد اﻟرزاق أﺑو زﯾد. ١٢٥ :
) _ (٤ﺗﻣﻬﯾد ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻟﺣدﯾث. ٢٣٢ :
) _ (١ﯾﻧظر أﺻول اﻟﺑﯾﺎن اﻟﻌرﺑﻲ. ١٠٦ :
) _ (٢اﻟﺧﯾﺎل ﻣﻔﻬوﻣﺎﺗﻪ ووظﺎﺋﻔﻪ ﻋﺎطف ﺟودة ﻧﺻر. ٢٨١ :
١١٧
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وﻗــد ﺑ ــﯾن ﻋﺑ ــد اﻟﻘ ــﺎﻫر اﻟﺟرﺟ ــﺎﻧﻲ أﻫﻣﯾــﺔ اﻻﺳ ــﺗﻌﺎرة وﻗﯾﻣﺗﻬ ــﺎ اﻟدﻻﻟﯾ ــﺔ ﻓ ــﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾ ــر
اﻟﻛﻼﻣــﻲ ،وذﻟــك ﺑﻘوﻟــﻪ ) :وﻣــن اﻟﻔﺿــﯾﻠﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌــﺔ ﻓﯾﻬــﺎ اﻧﻬــﺎ ﺗﺑــرز ﻫــذا اﻟﺑﯾــﺎن أﺑــدا ﻓــﻲ
ﺻــورة ﻣﺳــﺗﺟدة ﺗزﯾــد ﻗــدرﻩ ﻧــﺑﻼ ،وﺗوﺟــب ﻟــﻪ ﺑﻌــد اﻟﻔﺿــل ﻓﺿــﻼ ،واﻧــك ﻟﺗﺟــد اﻟﻠﻔظــﺔ
اﻟواﺣدة ﻗد اﻛﺗﺳﺑت ﻓﯾﻬﺎ ﻓواﺋد ،ﺣﺗﻰ ﺗراﻫﺎ ﻣﻛـررة ﻓـﻲ ﻣواﺿـﻊ ،وﻟﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻛـل واﺣـد ﻣـن
ﺗﻠــك اﻟﻣواﺿــﻊ ﺷــﺎن ﻣﻔــرد ،وﺷــرف ﻣﻧﻔــرد ،وﻓﺿــﯾﻠﺔ ﻣرﻣوﻗــﺔ ،وﻣــن ﺧﺻﺎﺋﺻــﻬﺎ اﻟﺗــﻲ
ﺗـذﻛر ﺑﻬﺎ وﻫﻲ ﻋﻧـوان ﻣﻧﺎﻗﺑﻬـﺎ ،اﻧﻬـﺎ ﺗﻌطﯾـك اﻟﻛﺛﯾـر ﻣـن اﻟﻣﻌـﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﯾﺳـﯾر ﻣـن اﻟﻠﻔـظ …
ﻓﺎﻧ ــك ﻟﺗـ ــرى ﺑﻬ ــﺎ اﻟﺟﻣـ ــﺎد ﺣﯾ ــﺎ ﻧﺎطﻘـ ــﺎ ،واﻷﻋﺟ ــم ﻓﺻـ ــﯾﺣﺎ ،واﻷﺟﺳ ــﺎم اﻟﺧـ ــرس ﻣﺑﯾﻧـ ــﺔ ،
ﺟﻠﯾﺔ …ان ﺷﺋت أرﺗك اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻠطﯾﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻣن ﺧﺑﺎﯾـﺎ اﻟﻌﻘـل
اﻟﺧﻔﯾﺔ ﺑﺎدﯾﺔ ّ
واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ّ
ﻛﺄﻧﻬـﺎ ﻗــد ﺟﺳــﻣت ﺣﺗــﻰ أرﺗﻬـﺎ اﻟﻌﯾــون() ،(٢ﻓــﺎﻟﺗﻌﺑﯾر اﻻﺳــﺗﻌﺎري ﻓـﻲ ﻧظــر ﻋﺑــد اﻟﻘــﺎﻫر ﻫــو
ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗزﯾد اﻷﺳﻠوب ﺟﻣﺎﻻ وروﻧﻘﺎ ،واﻷﻓﻛﺎر وﺿوﺣﺎ ورﻓﻌﺔ .
واﻻﺳﺗﻌﺎرة ﻋﻧﺻر ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺻـورة اﻟﺗـﻲ ﺗﺻـدر ﻋـن ﺧﯾـﺎل
ﺧﺻب ،وﻻ ﻏرو ﻓﺎن ﻫذﻩ اﻟﺻﻠﺔ اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن اﻟﺧﯾﺎل واﻻﺳﺗﻌﺎرة) ،(٣ﺟﻌﻠت ﻣـن اﻟﺻـورة
اﻻﺳـﺗﻌﺎرﯾﺔ ذات دﻻﻟـﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾـﺔ ﺗﺳـﻣو ﻋﻠــﻰ دﻻﻟـﺔ ﺻـور اﻟﺗﺷـﺑﯾﻬﺎت ،ﻓﺎﻻﺳـﺗﻌﺎرة ـ وﻫــﻲ
ﻧوع ﻣـن اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ وﯾﺻـدق ﻋﻠﯾﻬـﺎ ﻣـﺎ ﯾﺻـدق ﻋﻠﯾـﻪ ﻣـن ﺟﻬـﺔ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،ﻓﻬـﻲ ﺗﺷـﺑﯾﻪ ﺣـذف
أﺣـد طرﻓﯾـﻪ واﻷداة ـ ﺗﻌﻧـﻲ إﻟﻐــﺎء ﻟﻣﺣدودﯾـﺔ اﻟﺻــور اﻟﺗﺷـﺑﯾﻬﯾﺔ ،وﺗﺟــﺎو از ﻟﺗﻠـك اﻟﻔواﺻــل
ﺑﯾن اﻷﺷﯾﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﻔﺎﻋل واﻻﻧدﻣﺎج ،إذ ﺗﺣﻣل اﻟﺳﺎﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﺧﯾـل ﺻـورة ﺟدﯾـدة
ﺗﻧﺳﯾك روﻋﺗﻬﺎ ﻣﺎ ﺗظﻣﻧﻪ اﻟﻛﻼم ﻣن ﺗﺷﺑﯾﻪ ﺧﻔﻲ ﻣﺳﺗور).(٤
١١٨
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﻓﺎﻻﺳﺗﻌﺎرة إذن أﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻣﺎ ﻣن اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﻟﻣـﺎ ﯾﺣﺻـل ﻓﯾﻬـﺎ ﻣـن ﺗﻔﺎﻋـل وﺗـداﺧل ﺑـﯾن
اﻟدﻻﻻت ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻻ ﯾﺣدث ﺑﻧﻔس اﻟﺛـراء ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ،ﺑﺣﯾث ﺗوﺣـﻲ ﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ ان ط ـرﻓﻲ
اﻟﺻـورة اﻻﺳــﺗﻌﺎرﯾﺔ اﺗﺣــدا ﺣﺗـﻰ اﺻﺑــﺢ اﻟﻣﺳــﺗﻌﺎر ﻟـﻪ ﻛﺄﻧــﻪ اﻟﻣﺳــﺗﻌﺎر ﻣﻧـﻪ ﻧﻔﺳــﻪ) ،(١ﻓﻬــﻲ
اﻷداة اﻟرﺋﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗـرﺗﺑط ﺑواﺳـطﺗﻬﺎ اﻷﺷـﯾﺎء اﻟﻣﺗﻐـﺎﯾرة وﻏﯾـر اﻟﻣرﺗﺑطـﺔ ،ﻓ ـ)ﺗﺟﻌـل اﻟﺷـﻲء
ﻏﯾرﻩ ،واﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﯾﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻧﻪ ﻛﻐﯾرﻩ() ،(٢إذ اﻧﻬﺎ ) أﻗوى ً
إﯾﺣﺎء ﻣن اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ ﻟﻣـﺎ ﺗﺗﺿـﻣﻧﻪ
ﻣن ﺳﻌﺔ اﻟدﻻﻟﺔ وﻗوة اﻟﺗﺻوﯾر().(٣
وﻗـد ﻛﺎﻧت اﻻﺳﺗﻌﺎرة ﻣن اﺑرز اﻟﺻور اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ ،واﻛﺛرﻫﺎ دوراﻧﺎ ﻓﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ
،وﻗد ﻛﺎن ﻟﻠﻣﺷﺗﻘﺎت اﻟﺣظ اﻷوﻓـر ﻓـﻲ اﺳـﺗﻌﺎرات اﻻﻣـﺎم ،ﻣـن ذﻟـك ﻗوﻟـﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ(
ﻣـن ﻛــﻼم ﻋـن اﻟــدﻧﯾﺎ ﻗــﺎل ..)) :ﺻـﺎدﻓﺗﻣوﻫﺎ ﺟــﺎﺋﻼ ﺧطﺎﻣﻬــﺎ ،ﻗﻠﻘــﺎ وﺿــﯾﻧﻬﺎ ،ﻗــد ﺻــﺎر
ﺣراﻣﻬﺎ ﻋﻧد أﻗوام ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺳدر اﻟﻣﺧﺿود ،وﺣﻼﻟﻬﺎ ﺑﻌﯾد ﻏﯾر ﻣوﺟود (().(٤
ﻫــذﻩ اﺳــﺗﻌﺎرة ﻟطﯾﻔــﺔ ،ذات ﺑﻌــد ذﻫﻧــﻲ ﻋﻣﯾــق ،إذ ﺟﻌــل اﻹﻣــﺎم اﻟــدﻧﯾﺎ ﻛﺎﻟداﺑــﺔ ،
ﻓﺟﻌﻠﻬﺎ ﺟﺎﺋﻠﺔ اﻟﺧطﺎم ،ﻗﻠﻘـﺔ اﻟوﺿﯾن ،ﺣﯾث ذﻛّر أﺻﺣﺎﺑﻪ ﺑﺎﻧﻬم ﺻﺎدﻓوﻫﺎ وﻗد ﺻـﻌﺑت
ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﻠﯾﻬﺎ وﻻﯾﺔ ﺣق ﻛﻣﺎ ﺗﺳﺗﺻﻌب اﻟﻧﺎﻗﺔ ﻋﻠـﻰ راﻛﺑﻬـﺎ إذا ﻛﺎﻧـت ﺟﺎﺋﻠـﺔ اﻟﺧطـﺎم ،ﻻ
ﯾﻣﻛــن ﻟراﻛﺑﻬــﺎ اﻟﺳــﯾطرة ﻋﻠــﻰ زﻣﺎﻣﻬــﺎ ،ﻗﻠﻘــﺔ اﻟوﺿــﯾن ،ﻻ ﯾﺛﺑــت ﻫودﺟﻬــﺎ ﺗﺣــت راﻛﺑﻬــﺎ ،
ﻓﻣﺎ ﯾﻠﺑث ﺣﺗﻰ ﯾﻬوي ﻣن ﻋﻠﻰ ظﻬرﻫﺎ ،ﻓﺗﻠﻘﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﻬﺎﻟك .
وﻗـﺎل اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻓــﻲ ﺻــورة أﺧـرى )) :وﻟﻘــد ﻧزﻟــت ﺑﻛــم اﻟﺑﻠﯾــﺔ ﺟــﺎﺋﻼ
١١٩
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﯾﻠﻣس ﻣن اﻟﻧﺻﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن اﻟدﻋـوة إﻟـﻰ ﺗــرك اﻟـدﻧﯾﺎ وﻋـدم اﻟﺗﻣﺳـك ﺑﻬـﺎ واﻻﻏﺗـرار
ﺑﻧﻌﯾﻣﻬــﺎ وﻣﻠــذاﺗﻬﺎ اﻟزاﺋﻠــﺔ ،ﻓﻬــﻲ ﻻ ﺗﺛﺑــت ﻻﺣــد ،وﻟــو ﺛﺑﺗــت ﻻﺣــد ﻟﺛﺑﺗــت ﻻوﻟﯾــﺎء اﷲ ﻓــﻲ
أرﺿﻪ .
وﻗﺎل اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﺧﻠـق اﻷرض )) :ﻛﺑس اﻷرض ﻋﻠـﻰ ﻣـور
ﻣﺳﺗﻔﺣﻠﺔ ،وﻟﺟﺞ ﺑﺣﺎر زاﺧرة ،ﺗﻠﺗطم اواذي أﻣواﺟﻬﺎ … وﺗرﻏـو زﺑـدا ﻛـﺎﻟﻔﺣول
ِ أﻣواج
ﻋﻧد ﻫﯾﺎﺟﻬﺎ ،ﻓﺧﺿـﻊ ﺟﻣـﺎح اﻟﻣـﺎء اﻟﻣـﺗﻼطم ﻟﺛﻘـل ﺣﻣﻠﻬـﺎ … ﻓﺎﺻـﺑﺢ ﺑﻌـد اﺻـطﺧﺎب
أﻣواﺟﻪ ﺳﺎﺟﯾﺎ ﻣﻘﻬورا ،وﻓﻲ ﺣﻛﻣﺔ اﻟذل ﻣﻧﻘﺎدا أﺳﯾرا (().(١
ﯾﺻـور اﻟــﻧص ﻋظﻣــﺔ اﻟﺧــﺎﻟق وﻗدرﺗــﻪ وﺑـدﯾﻊ ﺻــﻧﻌﺗﻪ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ ،ﺣﯾــث ﺑــﯾن اﻟــﻧص
ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺧﻠق اﻷرض ﺑﺄﺳﻠوب رﻓﯾﻊ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدﻗﺔ واﻟرﺻﺎﻧﺔ ،وذﻟك ﺑﺄﺳﻠوب ﻣﺟﺎزي ﺑدﯾﻊ
،ﺣﯾـث وظــف اﻻﻣــﺎم اﻻﺳـﺗﻌﺎرة ﻟﺗﺻــوﯾر ﻫــذا اﻟﻣﺷــﻬد ،ﻓﻘـﺎل )ﻛــﺑس اﻷرض ﻋﻠــﻰ ﻣــور
أﻣ ـواج ﻣﺳــﺗﻔﺣﻠﺔ ،وﻟﺟــﺞ ﺑﺣــﺎر ازﺧ ـرة ،ﺗﻠــﺗطم اواذي أﻣواﺟﻬــﺎ … وﺗرﻏــو زﺑــدا ﻛــﺎﻟﻔﺣول
ﻋﻧد ﻫﯾﺎﺟﻬﺎ( ،ﻓﻬذﻩ ﺻورة ﺗﻧطق ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﻬﺎ ،ﻓﺗﺻور اﻟﺣدث ﻛﺎﻟﻣﺷـﺎﻫد ﻟﻠﻌﯾـﺎن ،أﻻ
ﺗ ـراﻩ ﻛﯾ ــف ﺟﻌ ــل اﻷﻣـ ـواج ﻣﺳ ــﺗﻔﺣﻠﺔ ﺗرﻏ ــو رﻏ ــﺎء اﻹﺑ ــل ﻋﻧ ــد ﻫﯾﺎﺟﻬــﺎ .أﻣ ــﺎ ﻗوﻟ ــﻪ )ﻋﻠﻴ ــﻪ
ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ) :ﻓﺧﺿ ــﻊ ﺟﻣـ ــﺎح اﻟﻣ ــﺎء اﻟﻣ ــﺗﻼطم ﻟﺛﻘ ــل ﺣﻣﻠﻬ ــﺎ … ﻓﺎﺻ ــﺑﺢ ﺑﻌ ــد اﺻ ــطﺧﺎب
أﻣواﺟــﻪ ﺳــﺎﺟﯾﺎ ﻣﻘﻬــو ار ،وﻓــﻲ ﺣﻛﻣــﺔ اﻟ ــذل ﻣﻧﻘــﺎدا أﺳــﯾ ار ( ،أﻣــﺎ ﻓــﻲ ﻫ ــذﻩ اﻟﺻــورة ،ﻓﻘــد
ﺟﻌــل اﻻﻣــﺎم ﻟﻠﻣــﺎء ﺟﻣﺎﺣــﺎ ،ووﺻــﻔﻪ ﺑﺎﻟﺧﺿــوع ﺑﻌــد اﻟﺣﺎﻟ ــﺔ اﻟﺗــﻲ ﻛــﺎن ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﻣــن اﻟﻬــﯾﺞ
واﻻﺻطﺧﺎب ،ﻓﺟﻌﻠﻪ ﻣﻧﻘـﺎدا أﺳﯾ ار ،وﺳﺎﺟﯾﺎ ﻣﻘﻬو ار ،ﻓﻬذﻩ ﻛﻠﻬﺎ اﺳﺗﻌﺎرات دﻗﯾﻘﺔ روﻋﻲ
ﻓﯾﻬﺎ اﺧﺗﯾﺎر اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻼﺳﺗﻌﺎرة .
١٢٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وﻗﺎل اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( واﻋظـﺎ )) :وﻟﯾﺧزن اﻟرﺟل ﻟﺳﺎﻧﻪ ،ﻓﺎن ﻫذا اﻟﻠﺳـﺎن
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﻲ وﺻـف اﻟﻔﺗــن )) :ﻓﺗــن ﻛﻘطــﻊ اﻟﻠﯾــل اﻟﻣظﻠـم …
ﻓﻘد ﺷﺑﻪ اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( اﻟﻔﺗـن ﺑﺎﻹﺑل ،ﻓﺟﻌﻠﻬـﺎ ﻣزﻣوﻣـﺔ ﻣرﺣوﻟـﺔ ،أي ﺗﺎﻣـﺔ
اﻷدوات ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻵﻻت ،ﻛﺎﻹﺑل اﻟﺗﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ رﺣﻠـﻬﺎ وزﻣﺎﻣﻬﺎ وﻗد اﺳﺗﻌدت ﻻن ﺗرﻛـب .
وﯾﻠﺣــظ ﻣــن اﻟﻧﺻــوص اﻟﺳــﺎﺑﻘﺔ ان اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﯾﺳــﺗﻘﻲ اﻛﺛــر اﺳــﺗﻌﺎراﺗﻪ
ﻣـن واﻗــﻊ اﻟﺑﯾﺋــﺔ اﻟﺻـﺣراوﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺧﺻــوص ﻣــﺎ ﯾﺗﺻـل ﺑﺎﻹﺑــل ﻣﻧﻬــﺎ ،وﻟﻌـل ﺳــﺑب اﺧﺗﯾــﺎر
اﻻﻣﺎم ﻟﻺﺑـل ﻫـو ﻟﺷـدة ﻗرﺑﻬـﺎ إﻟـﻰ اﻟﻧـﺎس ،وﻛﺛـرة ﺗرددﻫـﺎ ﻋﻠـﻰ أﻋﯾـﻧﻬم ،ﻓﻌﻧـدﻣﺎ ﯾـرد ﻫـذا
اﻟﻣﺷﻬد اﻟذي ﻛﺎن ﻗد أﻟﻔﻪ اﻟﻌرﺑﻲ ﻟرﺳم ﺻورة ﻣﺎ ،ﻛﺎن اﻟﻣﺗوﻗـﻊ ان ﺗﺧـرج ﺑﺎﻫﺗـﺔ ﺳـﺎذﺟﺔ
،ﻻﻧﻬــﺎ ﻣﺳــﺗﻘﺎة ﻣــن اﻟﻣــﺄﻟوف اﻟﻣﺷــﺎﻫد ،وﻟﻛــن اﻟــذي ﺣﺻــل ﻫــو اﻟﻌﻛــس ،ﻓﻘــد ﺟــﺎءت
اﻟﺻــور اﻻﺳــﺗﻌﺎرﯾﺔ ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ﺑــﺎرزة ﻣوﺣﯾــﺔ ﺗﺣﻣــل اﻟﻛﺛﯾــر ﻣــن اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ اﻟﺟدﯾــدة
واﻟﻣؤﺛرة اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺄﻟﻔﻬﺎ اﻟﻌرﺑﻲ .
١٢١
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ٕواذا ﻛﺎﻧــت اﻻﺳــﺗﻌﺎرة اﻟﺟﯾــدة ﻫ ــﻲ اﻟﺗــﻲ ﺗﻣﺗﻠــك اﻟﻘ ــدرة ﻋﻠــﻰ ﺧﻠــق دﻻﻻت ﺟدﯾ ــدة
وﻣؤﺛرة ﻣن ﺻور ﻣﺄﻟوﻓﺔ وﻣﻌﺗﺎدة ،ﻓﺎن ﻣن ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ ﺗﺟﺳﯾم اﻷﻣور اﻟﻣﻌﻧوﯾـﺔ ،وذﻟـك
ﺑﺈﺑرازﻫﺎ ﻟﻠﻌﯾﺎن ﻓﻲ ﺻورة ﺷﺧوص ،وﺧﻠﻊ اﻟﺻﻔﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ .
واﻟﺗﺷﺧﯾص ﻟون ﻣن أﻟوان اﻟﺗﺧﯾﯾل )ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺧﻠﻊ اﻟﺣﯾﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﻣواد اﻟﺟﺎﻣـدة أو
اﻟظواﻫر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟوﺟداﻧﯾﺔ ().(١
وﻟـم ﯾﻐﻔــل اﻟﻘــدﻣﺎء اﻹﺷــﺎرة إﻟـﻰ ﻫــذا اﻟﻣوﺿــوع ،وان ﻟــم ﯾﻌرﻓـوﻩ ﺑﻣــﺎ ﻫــو ﻣﺻــطﻠﺢ
ﻋﻠﯾــﻪ ﺣــدﯾﺛﺎ ،ﻓﻘــد ﺑــﯾن ﻋﺑــد اﻟﻘــﺎﻫر اﻟﺟرﺟــﺎﻧﻲ ﻣــﺎ ﻟﻠﺗﺷــﺧﯾص ﻣــن دور ﻣﻬــم ﻓــﻲ ﺟﻣﺎﻟﯾــﺔ
اﻟﺻورة اﻻﺳﺗﻌﺎرﯾﺔ وﻗﯾﻣﺗﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ ،وذﻟك ﺑﻘوﻟﻪ ) :ﻓﺎﻧك ﻟﺗـرى ﺑﻬـﺎ اﻟﺟﻣـﺎد ﺣﯾـﺎ ﻧﺎطﻘـﺎ ،
واﻷﻋﺟـم ﻓﺻـﯾﺣﺎ ،واﻷﺟﺳـﺎم اﻟﺧـرس ﻣﺑﯾﻧـﺔ ،واﻟﻣﻌـﺎﻧﻲ اﻟﺧﻔﯾـﺔ ﺑﺎدﯾـﺔ ﺟﻠﯾـﺔ … ان ﺷــﺋت
أرﺗك اﻟﻣﻌـﺎﻧﻲ اﻟﻠطﯾﻔـﺔ اﻟﺗـﻲ ﻫـﻲ ﻣـن ﺧﺑﺎﯾـﺎ اﻟﻌﻘـل ،ﻛﺄﻧﻬـﺎ ﻗـد ﺟﺳـﻣت ﺣﺗـﻰ رأﺗﻬـﺎ اﻟﻌﯾـون
…().(٢
وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺗﺷﺧﯾص وﺳﯾﻠﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻟدﻻﻟﺔ واﺛراء اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻓﻘد ﻛﺛر ﻓﻲ
اﻟــدﻻﻻت اﻟﺗــﻲ ﻓﻘــدت ﻗــدرﺗﻬﺎ ﻋﻠــﻰ اﻟﺗــﺄﺛﯾر ﻓــﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ،ﻻﻋﺗﯾــﺎد اﻟﻧــﺎس ﻋﻠﯾﻬــﺎ ،وذﻟــك
ﺑﺈﻋﺎدة ﺻﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﻣن ﺟدﯾـد وﺗﻘـدﯾﻣﻬﺎ ﺑﺻـور ذات دﻻﻻت ﺟدﯾـدة ﺗﻧـﺑض ﺑﺎﻟﺣﯾـﺎة ،ﻓﺗ ارﻫـﺎ
ﺷﺎﺧﺻﺔ ﺣﯾﺔ ﺗﻧﺑﻪ اﻷﺣﺎﺳﯾس وﺗوﻗظ اﻟﺷﻌور .
وﻗــد ورد اﻟﺗﺷــﺧﯾص ﺑﺎﻻﺳــﺗﻌﺎرة ﻓــﻲ ﻣواﺿــﻊ ﻛﺛﯾ ـرة ﻓــﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ وﻣﻧﻬــﺎ ﻗــول
اﻹﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﻓ ــﻲ وﺻ ــف اﻟﻣ ــوت )) :أﻻ ﻓـــﺎذﻛروا ﻫـــﺎدم اﻟﻠـــذات ،وﻣـــﻧﻐص
١٢٢
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ان ﻣوﺿوع اﻟﻣوت ﻫو ﻣن اﻟﻣواﺿﯾﻊ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺎدﻫﺎ اﻟﻧـﺎس وأﻟﻔوﻫـﺎ ﺣﺗـﻰ
اﺻــﺑﺢ ﻋﻧــدﻫم ﺷــﯾﺋﺎ طﺑﯾﻌﯾــﺎ ،ﻟــﯾس ﻟــﻪ أي ﺗــﺄﺛﯾر ﻓــﻲ ﻧﻔوﺳــﻬم ،وﻗــد ﺟــﺎء اﻟــﻧص ﯾﺻــور
اﻟﻣـوت ﺑﻬﯾﺋــﺔ ﻣرﻋﺑــﺔ ﺗﻬــز اﻟﻧﻔــوس ،وﺗــوﻗظ اﻷذﻫــﺎن ،ﻓﻘــد ﺟــﺎء ﺑﻬﯾﺋــﺔ اﻟظــﺎﻟم اﻟﻣﺗﺟﺑــر ،
اﻟذي ﯾطﯾﺢ ﺑﺎﻟﻧﻔوس ﻗﺗﻼ ،وﺑﺎﻷﻣوال ﻧﻬﺑﺎ وﺳﻠﺑﺎ ،ﻓﻼ ﯾﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء إﻻ دﻣرﻩ وﺳـﺣﻘﻪ
.
وﻗد ﺟﺎء ﻣﺛل ﻫـذا اﻟﻣﻌﻧـﻰ أﯾﺿـﺎ ﻓـﻲ ﻗوﻟـﻪ )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( )) :ﻓـﺎن اﻟﻣـوت ﻫـﺎدم
ﻟذاﺗﻛم ،وﻣﻛدر ﺷﻬواﺗﻛم ،وﻣﺑﺎﻋد طﯾﺎﺗﻛم ،زاﺋر ﻏﯾر ﻣﺣﺑوب ،وﻗرن ﻏﯾر ﻣرﻏوب ،
وواﺗر ﻏﯾر ﻣطﻠوب (().(١
ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟــﻧص ﻧﻼﺣــظ ان اﻟﺗﺷــﺧﯾص ﻗــد أﻟﻘــﻰ ﺑظﻠــﻪ ﻋﻠــﻰ اﻟﺻــورة اﻻﺳــﺗﻌﺎرﯾﺔ ،
ﻓظﻬر اﻟﻣوت ﺑﻬﯾﺋﺔ ﺷﺧص ﻣﻧﺑوذ ﻏﯾر ﻣرﻏوب ﻓﯾﻪ .
وﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﻣﻌﻧــﻰ أﯾﺿــﺎ ﻗــﺎل اﻹﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( )) :ﻓﻣــن اﻟﻔﻧــﺎء ان اﻟــدﻫر
ﻣوﺗر ﻗوﺳﻪ ،ﻻ ﺗﺧطﻲء ﺳﻬﺎﻣﻪ … آﻛل ﻻ ﯾﺷﺑﻊ ،وﺷﺎرب ﻻ ﯾﻧﻘﻊ (().(٢
ﯾﺻور اﻟﻧـص اﻟدﻫـر ﺑﺻورة ﺷﺧص ﻧﻬـم ،ﻓﯾﺻﻔﻪ ﺑﺎﻧـﻪ آﻛـل ﻻ ﯾﺷﺑــﻊ ،وﺷـﺎرب
ﻻ ﯾــروى ،ﻓﻬــو ـ ﻟرﻣﯾــﻪ ﺳــﻬﺎم اﻟﻣﻧﯾــﺔ ،واﺧــذﻩ اﻟﺻــﺣﯾﺢ واﻟﺳــﻘﯾم ،واﻟﺻــﻐﯾر واﻟﻛﺑﯾــر ـ
ﻛﺎﻵﻛ ــل اﻟ ــذي ﻻ ﯾﺷ ــﺑﻊ ،واﻟﺷ ــﺎرب اﻟ ــذي ﻻ ﯾ ــروى ،وﻛ ــﺄن اﻟ ــﻧص ﯾ ــوﺣﻲ إﻟ ــﻰ اﻟﻧ ــﺎس
ﺑﺿــرورة اﻻﺗﻌــﺎظ واﻻﻋﺗﺑــﺎر ﺑﻬــذا اﻟﻣﻌﻧــﻰ ،ﻓــﺎﻟﻣوت اﻟــذي ﻧــﺎل ﻣﻣــن ﺳــﻠف ﻣــن اﻵﺑــﺎء
واﻷﺟداد ﻻﺑد ﺳﯾﻧﺎﻟﻬم ﻋﻣﺎ ﻗرﯾب .
١٢٣
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وﻣن ﺻور اﻟﺗﺷﺧﯾص اﻻﺳﺗﻌﺎري ﻗول اﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻓـﻲ وﺻـف اﻟـدﻧﯾﺎ :
)) وﺣري إذا أﺻﺑﺣت اﻟدﻧﯾﺎ ﻟﻪ ]اﻹﻧﺳﺎن[ ﻣﻧﺗﺻرة ،ان ﺗﻣﺳﻲ ﻟﻪ ﻣﺗﻧﻛرة (().(١
ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟــﻧص ﺗظﻬــر ﻛﻠﻣــﺔ )اﻟــدﻧﯾﺎ( وﻗــد ﺑﺛــت ﻓﯾﻬــﺎ اﻟﺣﯾــﺎة ،واﺗﺻــﻔت ﺑﺎﻟﺻــﻔﺎت
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗظﻬر ﺑﺻﻔﺔ اﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﻘدم اﻟﻌون واﻟﻧﺻـرة ﻟﻺﻧﺳـﺎن وذﻟـك ﺑﻘوﻟـﻪ
)ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ) :أﺻـﺑﺣت ﻟـﻪ ﻣﻧﺗﺻـرة( .أﻣـﺎ ﻗوﻟـﻪ )ﺗﻣﺳـﻲ ﻟـﻪ ﻣﺗﻧﻛـرة( ،ﻓﺗظﻬـر ﺑﺻـﻔﺔ
واﻟذي ﯾرﯾد اﻻﻣﺎم ﻗوﻟـﻪ ان ﻫـذﻩ اﻟـدﻧﯾﺎ وان اﻧﺗﺻـرت ﻟﻺﻧﺳـﺎن ﻓـﻲ ﻓﺗـرة ﻣـن ﻓﺗـرات
ﺣﯾﺎﺗﻪ ،ﻓﺄﻋطﺗﻪ اﻟﻣﺎل واﻟﺟﺎﻩ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻧﻌم ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻﺑـد ان ﯾـﺄﺗﻲ وﻗـت ﻋﻠﯾﻬـﺎ ﻓﺗظﻬـر
ﻟﻪ وﺟﻬﻬﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،ﻓﺗﺟرﻋﻪ ﻣن آﻻم اﻟﻣـرض وﻓﻘـد اﻷﺣﺑـﺔ ،وﻓـﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾـﺔ ﺗﺳـﻠﺑﻪ ﻛـل ﻣـﺎ
أﻋطﺗﻪ ،ﻓﯾﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ﻛﻣﺎ دﺧل إﻟﯾﻬﺎ أول ﻣرة .
وﻗﺎل اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( ﻓـﻲ وﺻـف اﻟـدﻧﯾﺎ أﯾﺿـﺎ )) :ﻓﺎﺣـذروا اﻟـدﻧﯾﺎ ،ﻓﺈﻧﻬـﺎ
ﯾظﻬر اﻟﺗﺷﺧﯾص اﻻﺳﺗﻌﺎري ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص وﻗد ﺧﻠﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺻورة طﺎﺑﻊ اﻟﺣﯾوﯾـﺔ
،ﺣﺗــﻰ ﺑــدت ﻣﺗﺻــﻔﺔ ﺑﺻــﻔﺎت إﻧﺳــﺎﻧﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ ،ﻛﺎﻟﻐــدر واﻟﺧــداع ،واﻹﻋطــﺎء واﻟﻣﻧ ــﻊ .
وﯾﻠﻣﺢ ﻣن اﻟﻧص اﻟدﻋـوة إﻟﻰ ﺿرورة اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋـن اﻟـدﻧﯾﺎ وﻣﻠـذاﺗﻬﺎ ،واﻻﻗﺗﺻـﺎر ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ
ﯾﻧﻔﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ آﺧرﺗﻪ .
وﻟــو اﻟﻘﯾﻧــﺎ ﻧظ ـرة ﻓﺎﺣﺻــﺔ ﻋﻠــﻰ اﺳــﺗﻌﺎرات اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( وﺟــدﻧﺎﻩ ﯾﺳــﺗﻌﻣل
اﻷﻟﻔــﺎظ اﻟﻣوﺿــوﻋﺔ ﻟﻸﻣــور اﻟﻣﺣﺳوﺳــﺔ ﻓــﻲ اﻟدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻷﻣــور اﻟﻣﻌﻧوﯾــﺔ ـ وﻫــذا ﻫــو
١٢٤
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
أﺳﻠوب اﻟﻘران اﻟﻛـرﯾم ـ ﻣﺳـﺗﻔﯾدا ﺑـذﻟك ﻣـن اﻟطــﺎﻗﺔ اﻹﯾﺣﺎﺋﯾـﺔ ﻟﻬـذﻩ اﻟﻛﻠﻣـﺎت ،ﺣﯾـث ﺗﺟﻌـل
اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﯾﺣس ﺑـﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻛﻣـل إﺣﺳـﺎس ،وﺗﺻـور اﻟﻣﺷـﻬد ﻟﻠﻌـﯾن وﺗﻧﻘـل اﻟﺻـوت ﻟـﻸذن ،
وﻫذا ﻫو اﻟﺳّـر ﻓـﻲ ﺟﻣـﺎل اﻟﺗﻌﺑﯾـر اﻻﺳـﺗﻌﺎري ﻓـﻲ ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،ﻓﺎﻹﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ(
دﻗﯾـق ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺗﻲ ﺗوﺣﻲ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣـراد ،ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟﻌـﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن.
راﺑﻌﺎ :اﻟﻛﻧـﺎﯾﺔ
اﻟﻛﻧﺎﯾــﺔ :ﻫــﻲ ﻟﻔــظ ﯾﺳــﺎق ﻟﻠدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻻزم ﻣﻌﻧــﺎﻩ ،وﻻ ﯾ ـراد ﻟذاﺗــﻪ).(١ﻓﻬــذا اﻟﻠﻔــظ
وان ﻛــﺎن ﯾﻣﻛــن ان ﯾ ـراد ﺑــﻪ ﻣﻌﻧــﺎﻩ اﻟﺣﻘﯾﻘــﻲ ،إﻻ ان اﻟﻣـراد ﻣــن ﻫــذا اﻟﺗﻌﺑﯾــر ﻫــو ﻣــﺎ ﯾــدل
ﻋﻠﯾﻪ ذﻟك اﻟﻠﻔظ ،وﻫو اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﻌﯾد اﻟذي ﯾﻔﻬم ﻣن ﻗراﺋن اﻟﺳﯾﺎق .
١٢٥
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
)(١
ﻟﻣﻔﻬــوم اﻟﻛﻧﺎﯾــﺔ ،ﻓﻛ ــﺎن ﻟﻬــم ﻓﯾﻬــﺎ ﻣﺑﺎﺣ ــث ﻗﯾﻣــﺔ ،ﺣﯾ ــث وﻗــد ﺗﻌــرض اﻟﻘ ــدﻣﺎء
ﺗﺣــدﺛوا ﻋــن ﺑﻼﻏﺗﻬــﺎ وﺣﺳــن ﻣوﻗﻌﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم ،وﻣــﺎ ﻟﻬــﺎ ﻣــن اﺛــر ﻓــﻲ ﺗﻔﺧــﯾم اﻟﻣﻌﻧــﻰ
وﺗوﻛﯾــدﻩ ،وﻗــد ﺗﺑﺎﯾﻧــت ﺗﻌرﯾﻔــﺎت اﻟﻛﻧﺎﯾــﺔ ﻋﻧــدﻫم ،ﻓﻠــم ﯾﺗﻔﻘ ـوا ﻋﻠــﻰ ﺗﺣدﯾــد ﻣﻔﻬــوم ﻣوﺣــد
ﻟﻠﻛﻧﺎﯾﺔ ،إﻻ ان ﻫذﻩ اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻟم ﺗﺑﺗﻌـد ﻓـﻲ ﻣﺿـﻣوﻧﻬﺎ ﻋـن داﺋـرة اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟﻠﻐـوي ﻟﻠﻛﻧﺎﯾـﺔ
وﻫو ) ان ﺗﺗﻛﻠم ﺑﺷﻲء وﺗرﯾد ﻏﯾرﻩ ().(٢
وﻗد ﺗوﺿﺣت ﻣﻌﺎﻟم اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ واﺳﺗﻘر ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﯾد ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ وذﻟـك
ﺑﻘوﻟــﻪ ) :اﻟﻣ ـراد ﺑﺎﻟﻛﻧﺎﯾــﺔ ان ﯾرﯾــد اﻟﻣــﺗﻛﻠم إﺛﺑــﺎت ﻣﻌﻧــﻰ ﻣــن اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ ،ﻓــﻼ ﯾــذﻛرﻩ ﺑــﺎﻟﻠﻔظ
اﻟﻣوﺿوع ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ،وﻟﻛن ﯾﺟﻲء إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ ﻫو ﺗﺎﻟﯾﻪ وردﻓﻪ ﻓـﻲ اﻟوﺟـود ،ﻓﯾـوﻣﺊ ﺑـﻪ
إﻟﯾﻪ ،وﯾﺟﻌﻠﻪ دﻟﯾﻼ ﻋﻠﯾﻪ ().(٣
ﻋد اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺟﺎز ،ﻓﻘد ذﻫب اﻛﺛر ﻋﻠﻣـﺎء اﻟﺑﯾـﺎن ﻣـن اﻟﻘـدﻣﺎء
أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ ّ
إﻟﻰ ﻋدﻫﺎ ﻧوﻋﺎ ﻣن أﻧواع اﻟﻣﺟﺎز).(٤
وﻣن ﻫؤﻻء اﺑـن اﻷﺛﯾـر ،اﻟـذي ﻋــدﻫﺎ ﺟ ًـزء ﻣـن اﻻﺳـﺗﻌﺎرة ،وذﻟـك ﺑﻘــوﻟﻪ ) :واﻣـﺎ
اﻟﻛﻧﺎﯾ ــﺔ ﻓﻬ ــﻲ ﺟ ــزء ﻣ ــن اﻻﺳ ــﺗﻌﺎرة ،وﻛ ــذﻟك اﻟﻛﻧﺎﯾ ــﺔ ،ﻓﺈﻧﻬ ــﺎ ﻻﺗﻛ ــون إﻻ ﺑﺣﯾ ــث ﯾط ــوى
اﻟﻣﻛﻧــﻲ ﻋﻧــﻪ ،وﻧﺳــﺑﺗﻬﺎ إﻟــﻰ اﻻﺳــﺗﻌﺎرة ﻧﺳــﺑﺔ ﺧــﺎص إﻟــﻰ ﻋــﺎم () .(٥وﻗــد ذﻫــب إﻟــﻰ ذﻟــك
أﯾﺿﺎ ﯾﺣﯾﻰ اﺑن ﺣﻣزة اﻟﻌﻠوي ،وذﻟك ﺑﻘوﻟﻪ ) :اﻋﻠم ان اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ واد ﻣن أودﯾﺔ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،
ورﻛن ﻣن أرﻛﺎن اﻟﻣﺟﺎز () ،(٦وﻗﺎل أﯾﺿﺎ ) :ان اﻟﻌـدول ﻋـن اﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ إﻟـﻰ اﻟﻣﺟـﺎز ،ﻗـد
ﯾﻛون ﻻﻣر ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ وﺣدﻩ ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻌﺑر ﻋن ﻗﺿﺎء اﻟوطر ﻣن اﻟﻧﺳﺎء ﺑـﺎﻟوطء
) _ (٢ﯾﻧظر اﻟﻌﻣدة ، ٣٠٢ / ١:ودﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز ، ٥٢ :واﻟﻣﺛل اﻟﺳﺎﺋر، ٦٠ /٣واﻟطراز . ٣٣٩ /٣ ، ٣٩٦ /١:
) _ (٣ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻣﺎدة ) ﻛﻧﻰ (. ٣٠٦/ ٣ :
) _ (٤دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز. ٥٢ :
) _ (٥اﻟطراز. ٣٧٥/ ١ :
) _ (١اﻟﻣﺛل اﻟﺳﺎﺋر . ٦٥ / ٣
) _ (٢اﻟطراز . ٣٦٤ /١
١٢٦
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
،وﻋن اﻻﺳﺗطﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺎﺋط ،وﯾﺗرك ﻟﻔظ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﺳﺗﺣﻘﺎ ار وﺗﻧزﻫﺎ ﻋن اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻪ ،ﻟﻣـﺎ ﻓﯾـﻪ
ﻣن اﻟﺑﺷﺎﻋﺔ واﻟﻐﻠظ ،وﻗـد ﻧـزﻩ اﷲ ﺗﻌـﺎﻟﻰ ﻛﺗﺎﺑـﻪ اﻟﻛـرﯾم وﺧطﺎﺑـﻪ اﻟﺷـرﯾف ﻋـن ﻣﺛـل ﻫـذﻩ
اﻷﻣور ،وﻋدل إﻟﻰ اﻟﻣﺟﺎزات اﻟرﺷﯾﻘﺔ ﻟﻣﺎ ذﻛرﻧﺎﻩ ().(١
واﻟــذي ﯾﻔﻬــم ﻣــن ﻫــذا اﻟﻘــول ان اﻟﻛﻧﺎﯾــﺔ ﺑﻧظ ـرﻩ ﻫــﻲ ﺟــزء ﻣــن اﻟﻣﺟــﺎز وﻧــوع ﻣــن
أﻧواﻋﻪ .
أﻣــﺎ اﻟﻣﺣــدﺛون ،ﻓﻘــد ذﻫــب أﻛﺛــرﻫم إﻟــﻰ ﻋــد اﻟﻛﻧﺎﯾــﺔ ﺿ ـرﺑﺎ ﻣــن اﻟﻣﺟــﺎز) ،(٢ﻗــﺎل
اﻟدﻛﺗور ﺷﻔﯾﻊ اﻟﺳﯾد ) :ﯾﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ ان اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ ﺗﺷﺎرك اﻟﻣﺟﺎز ﻓﻲ ﻛوﻧﻬـﺎ ﻧﻣطـﺎ ﻣـن اﻟﺗﻌﺑﯾـر
ﯾــؤدي اﻟﻣﻌﻧــﻰ أداء ﻏﯾــر ﻣﺑﺎﺷــر ،وﺗﺷــﺎرﻛﻪ أﯾﺿــﺎ ﻓــﻲ وﺟــود ﻋﻼﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻟﺛــﺎﻧﻲ
ﻟﻠﻌﺑﺎرة وﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻷول ،وﻗد ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻷﻣرﯾن ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺎﺣﺗﺳﺎﺑﻬﺎ ﺿرﺑﺎ ﻣﻧﻪ
،وﻋدم اﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ ﺑوﺻﻔﻬﺎ أﺳﻠوﺑﺎ ذا ﺧﺎﺻﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ().(٣
ﻓﺎﻟﻛﻧﺎﯾﺔ ﻫﻲ ﺿرب ﻣن اﻟﻣﺟﺎز وﻟﯾﺳت ﺗﻌﺑﯾ ار ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ،ﻣﺎ دام اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣراد ﻣﻧﻬﺎ
ﻟﯾس ﻣﺎ ﯾـدل ﻋﻠﯾـﻪ ظـﺎﻫر اﻟﻠﻔـظ ،واﻧﻣـﺎ ﻫـو ﻣﻌﻧـﻰ آﺧـر ﺑﻌﯾـد ﯾﻬـدي إﻟﯾـﻪ اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟﻠﻐـوي
ﻟظﺎﻫر اﻟﻠﻔظ ،ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗرﺑط ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،وان ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﻐوي اﻟـذي ﯾـدل ﻋﻠﯾـﻪ اﻟﻠﻔـظ
ﯾﻣﻛــن ان ﯾ ـراد ﺑــﻪ اﻟﺣﻘﯾﻘــﺔ ،إذ اﻟﻣــدار ﻓــﻲ ﻫــذا ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻟﻣﻘﺻــود ،وﻫــو اﻟﻣﻌﻧــﻰ
اﻟﺑﻌﯾد ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﯾﻪ ظﺎﻫر اﻟﻠﻔظ).(٤
ان اﻷدﯾب ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻛﻧﺎﺋﻲ ﻻ ﯾرﯾـد إﻻ اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟﻣـراد ﻧﻘﻠـﻪ إﻟـﻰ اﻟﻣﺗﻠﻘـﻲ
،وذﻟك ﺑﺈﺛﺎرة اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻣﻧﺎﺳـﺑﺔ ﻓـﻲ ﻧﻔـس اﻟﻣﺗﻠﻘـﻲ ،ﻟـذﻟك ﻓﻬـو ﻻ ﯾﻘﺻـد ﺑﻬـذا اﻟﺗﻌﺑﯾـر
١٢٧
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
اﻟدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘ ــﻲ )اﻟﻘرﯾــب( ،واﻧﻣــﺎ ﯾﻘﺻــد اﻟدﻻﻟ ــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻟﻣﺟ ــﺎزي
)اﻟﺑﻌﯾد( .وﺑﻬذا اﻟوﺟﻪ ـ أي ﺑﺈرادة اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺑﻌﯾد ـ ﺗﺷﺎرك اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎز .
وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎن اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻛﻧﺎﺋﻲ ﯾﺟﺳد اﻟﻣﻌﻧوﯾﺎت واﻟﻣﺟردات ﺑﺻـورة ﻣﺎدﯾـﺔ
ﻣﺣﺳــﺔ ﻛــﺎﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻣﺟــﺎزي ﺗﻣﺎﻣــﺎ ،وﻫــذا اﻟﺗﺟﺳــﯾد ﻟﻠﻣﻌــﺎﻧﻲ ادﻋــﻰ ﻟﺗﺄﻛﯾــدﻫﺎ ورﺳــوﺧﻬﺎ ﻓــﻲ
اﻟﻧﻔس ،ﻣن ذﻟك ﻧﺧﻠص اﻟﻰ ان اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ ﻫﻲ ﻧوع ﻣن أﻧواع اﻟﻣﺟﺎز .
ان اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻛﻧﺎﺋﻲ أﻗوى ﻓﻲ أداء اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣراد ﻣن اﻟﺗﻌﺑﯾـر اﻟﺻـرﯾﺢ ،وذﻟـك اﻧـﻪ
ﯾﺗﺿــﻣن إﯾـرادا ﻟﻬــذا اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻣﻘروﻧــﺎ ﺑﺎﻟــدﻟﯾل ﻋﻠﯾــﻪ) .(١ﺣﯾــث )ان ﻛــل ﻋﺎﻗــل ﯾﻌﻠــم إذا رﺟــﻊ
إﻟﻰ ﻧﻔﺳﻪ ان إﺛﺑﺎت اﻟﺻﻔﺔ ﺑﺈﺛﺑﺎت دﻟﯾﻠﻬﺎ واﯾﺟﺎﺑﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻫو ﺷﺎﻫد ﻓﻲ وﺟودﻫﺎ ،آﻛـد واﺑﻠـﻎ
ﻓﻲ اﻟدﻋوى ﻣن ان ﺗﺟﻲء إﻟﯾﻬﺎ ﻓﺗﺛﺑﺗﻬﺎ ﻫﻛـذا ﺳـﺎذﺟﺎ ﻏﻔـﻼ .وذﻟـك ﻻﻧـك ﻻ ﺗـدﻋﻲ ﺷـﺎﻫد
اﻟﺻــﻔﺔ ودﻟﯾﻠﻬ ــﺎ إﻻ واﻷﻣــر ظ ــﺎﻫر ﻣﻌــروف () ،(٢ﻓ ـ ـ)اﻟﺻــورة اﻟﻛﻧﺎﺋﯾ ــﺔ ﺗوﻟــد إﻗﻧﺎﻋ ــﺎ اﻛﺑ ــر
ﺑــﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟــذي ﺗﺷــﯾر إﻟﯾــﻪ ،ﺑﺗوﻛﯾــدﻩ وﺗﻘرﯾـرﻩ ﻓــﻲ ﻧﻔــس اﻟﺳــﺎﻣﻊ ،ﻻن اﻟــﻧﻔس ﯾﻛــون ﺗﻘﺑﻠﻬــﺎ
ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﻲ أﺳرع وآﻛـد إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺷﻔوﻋﺔ ﺑﺎﻟﺷﺎﻫد واﻟدﻟﯾل ().(٣
وﻣﻣـﺎ ﯾﻧﺑﻐــﻲ اﻹﺷـﺎرة إﻟﯾــﻪ ان اﻟﺗﻌﺑﯾـر اﻟﻛﻧــﺎﺋﻲ ﯾرﻓــﻊ ﻣـن ﻗﯾﻣــﺔ اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟﺑﻌﯾــد اﻟــذي
ﯾﺷـﯾر إﻟﯾــﻪ ﻓــﻲ ﻧظـر اﻟﻣﺗﻠﻘــﻲ ،وﯾﻌﻣــل ﻋﻠـﻰ ﺗوﻛﯾــدﻩ ﻓــﻲ ﻧﻔﺳـﻪ واﻻﻋﺗـزاز ﺑــﻪ وﺗﻔﺧﯾﻣــﻪ).(٤
وﻗد أﺷﺎر إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋﺑد اﻟﻘـﺎﻫر اﻟﺟرﺟـﺎﻧﻲ ﺑﻘوﻟـﻪ :ان اﻟﺻـﻔﺔ إذا ﻟـم ﺗﺄﺗـك ﻣﺻـرﺣﺎ
ﺑــذﻛرﻫﺎ ،ﻣﻛﺷــوﻓﺎ ﻋــن وﺟﻬﻬــﺎ ،وﻟﻛــن ﻣــدﻟوﻻ ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﺑﻐﯾرﻫــﺎ ،ﻛــﺎن ذﻟــك أﻓﺧــم ﻟﺷــﺎﻧﻬﺎ ،
واﻟطف ﻟﻣﻛﺎﻧﻬﺎ ،ﻛذﻟك إﺛﺑﺎت اﻟﺻﻔﺔ ﻟﻠﺷﻲء ﺗﺛﺑﺗﻬﺎ ﻟﻪ إذا ﻟم ﺗﻠﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﺳـﺎﻣﻊ ﺻـرﯾﺣﺎ ،
وﺟﺋت إﻟﯾﻪ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﺗﻌرﯾض واﻟﻛﻧﺎﯾﺔ ،واﻟرﻣز واﻹﺷﺎرة ،ﻛﺎن ﻟﻪ ﻣن اﻟﻔﺿـل واﻟﻣزﯾـﺔ
وﻣن اﻟﺣﺳن واﻟروﻧق ﻣﺎ ﻻ ﯾﻘل ﻗﻠﯾﻠﻪ ،وﻻ ﯾﺟﻬل ﻣوﺿﻊ اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﻓﯾﻪ ().(٥
١٢٨
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
وﻻ رﯾب ﻓﻲ ان اﻟﺗﻌﺑﯾـر اﻟﻛﻧـﺎﺋﻲ أﻗـوى ﺗـﺄﺛﯾ ار ٕواﯾﺣ ًـﺎء ﻣـن اﻟﺗﻌﺑﯾـر اﻟﺻـرﯾﺢ ،ﺣﯾـث
ﺗﺗﺟﻠﻰ ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾـر اﻟﻛﻧـﺎﺋﻲ ﻓـﻲ اﻧـﻪ ﻻ ﯾﻘـود اﻟﻣﺗﻠﻘـﻲ إﻟـﻰ اﻟﻐـرض ﻣﺑﺎﺷـرة ،ﻣﺛﻠﻣـﺎ
ﺗﻔﻌل اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﺻرﯾﺣﺔ ،واﻧﻣﺎ ﯾﺑرز ﻟﻪ ﺟﺎﻧﺑـﺎ ﻣـن اﻟﻣﻌﻧـﻰ ،وﯾﺧﻔـﻲ ﻋﻧـﻪ ﺟﺎﻧﺑـﺎ
آﺧر ،وﻫو ﺑﻬذا اﻟﺷﻛل ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﯾﻌرﺿﻪ.
وﺑذﻟك ﯾظﻬر اﻷﺛر اﻟﺟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻸﺳﻠوب اﻟﻛﻧﺎﺋﻲ ،ﻓﻲ ﺟﻣﺎل ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻪ ﻣن اﻟﻣﻠﻛـﺎت ،
وﻣـﺎ ﯾﺳـﺗﺛﯾر ﻣـن اﻷذواق .ﻓﺎﻟﻣﺗﻌــﺔ اﻟﻔﻧﯾـﺔ ﻓـﻲ ﺗﺣﺻـﯾل اﻟﻔﺎﺋــدة واﻟﺗـﻲ ﺗﺣﺻـل ﺑﻌـد إﻋﻣــﺎل
اﻟﺧﺎطر ،واﺳﺗﺛﺎرة اﻟﺗﻔﻛﯾر ،ﻓﺎن اﻟﻔﺎﺋدة ﺑﻬﺎ اﻋظم ،وﺑﻘﺎء أﺛرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻔوس أطول).(١
وﻗ ــد ﺳ ــﻠك اﻻﻣ ــﺎم )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﺴ ــﻼﻡ( ﻓ ــﻲ ﻧﻬ ــﺞ اﻟﺑﻼﻏ ــﺔ أﺳ ــﻠوب اﻟﻘـ ـران اﻟﻛـ ـرﯾم ﻓ ــﻲ
ﻣﺧﺎطﺑــﺔ اﻟﻧــﺎس ،ﻓﻛــﺎن ﺣرﯾﺻــﺎ ﻛــل اﻟﺣــرص ﻋﻠــﻰ إﯾﺻــﺎل ﻣﻔﺎﻫﯾﻣــﻪ إﻟــﻰ اﻟﺟﻣﯾــﻊ دون
ﺟرح اﻟﻌواطف ،أو ﺧدش اﻟﻣﺷﺎﻋر ،أو اﺷﻣﺋزاز اﻟﻧﻔوس ،وﻛﺎن اﻟطرﯾق إﻟﻰ ذﻟك ﻫـو
اﻷﺳــﻠوب اﻟﻛﻧــﺎﺋﻲ ،ﺑﻣــﺎ ﯾﻣﺗﻠــك ﻣــن ﻗــدرة ﻋﻠــﻰ اﻟﺗﻌﺑﯾــر اﻟﻣــوﺣﻲ واﻟﻣﻬــذب ،واﻟﻣﺣﺎﻓظــﺔ
ﻋﻠﻰ اﻷدب اﻟراﻗﻲ اﻟﻣﻣﺗﺎز).(٢
ﻗﺎل اﻻﻣـﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ( واﻋظـﺎ )) :ﻋﺑـﺎد اﷲ اﻵن ﻓـﺎﻋﻣﻠوا واﻷﻟﺳـن ﻣطﻠﻘـﺔ،
اﺟﻠـﻪ وﯾﺣــل ﺑــﻪ اﻟﻣـوت ﯾﻌﺗﻘــل ﻟﺳــﺎﻧﻪ ﻓـﻼ ﯾﺳــﺗطﯾﻊ اﻟﻧطــق .وﻗوﻟـﻪ )واﻷﺑــدان ﺻــﺣﯾﺣﺔ( ﻻن
اﻹﻧﺳــﺎن إذا ﻣــرض ﻻ ﯾﻣﻛﻧــﻪ اﻟﻘﯾــﺎم ﺑﻌﺑﺎداﺗــﻪ ﻋﻠــﻰ وﺟﻬﻬــﺎ اﻟﺻــﺣﯾﺢ ،ﻓــﻼ طﺎﻗــﺔ ﻟــﻪ ﻋﻠــﻰ
ﺗﺣﻣل ﻣﺷﺎﻗﻬﺎ .وﻗوﻟﻪ )واﻷﻋﺿﺎء ﻟدﻧﺔ( أي ﻟﯾﻧﺔ طرﯾﺔ ،ﻻن اﻹﻧﺳـﺎن إذا ﻛﺑـر ﺑـﻪ اﻟﺳـن ،
١٢٩
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
واﺻﺑﺢ ﺷﯾﺧﺎ أو ﻫرﻣﺎ ﯾﺑﺳت أﻋﺿﺎءﻩ ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛﻧﻪ اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺳﻬوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺷـﺑﺎب
.وﻗوﻟـﻪ )واﻟﻣﻧﻘﻠـب ﻓﺳـﯾﺢ ،واﻟﻣﺟـﺎل ﻋـرﯾض( ،أي اﻋﻣﻠـوا ﻓـﻲ أﯾـﺎم اﻟﺷـﺑﺎب ﻣـﺎ دام اﻟوﻗـت
واﻷﺟل ﻓﻲ ﻣﻬﻠﺔ .
وﻗــﺎل اﻻﻣــﺎم )ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﺳــﻼم( ﻣــن ﻛــﻼم ﻟــﻪ ﻓــﻲ وﺻــف اﻟﻔﺗﻧــﺔ )) :ﻣرﻋــﺎد ﻣﺑ ـراق ،
..)):ﺣﺗﻰ إذا ارﺗوى ﻣن آﺟن ،واﻛﺗﻧز ﻣن ﻏﯾر طﺎﺋل ،ﺟﻠس ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﻗﺎﺿﯾﺎ (().(٤
١٣٠
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﻛﻧّﻰ اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﺑﻘوﻟـﻪ ) :وارﺗـوى ﻣـن آﺟـن( واﻻﺟـن ﻫـو اﻟﻣـﺎء اﻟﻣﺗﻐﯾـر
ﻟوﻧﺎ واﻟﻣﺳﺗﻛرﻩ طﻌﻣﺎ ،واﻟذي ﻻ ﯾﺳﺗﺳﺎغ ﺷرﺑﻪ ،ﻛﻧّﻰ ﺑﻬذا اﻟﻘول ﻋن اﻟﺑدع واﻟﺟﻬﺎﻻت ،
واﻟﺧراﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﺣﻔظﻬﺎ ﻫذا اﻟﺟﺎﻫل اﻟﻣﻐرور ،إذ ﺣﻔظ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺻﻔﺣﺎت واﻟﻣﺟﻠـدات اﻟﺗـﻲ
ﻻ طﺎﺋل ﻣﻧﻬﺎ ،ﺛم ﺟﻠس ﯾﻘﺿﻲ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺑﻣﺎ ﯾﻣﻠﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻫواﻩ .
وﻗﺎل اﻻﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ ﻓـﻲ ذم أﺻـﺣﺎﺑﻪ اﻟﻣﺗﺧـﺎذﻟﯾن ﻋـن اﻟﻘﺗـﺎل :
)) أﯾﻬﺎ اﻟﻧﺎس اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺔ أﺑداﻧﻬم ،اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ أﻫواؤﻫم ،ﻛﻼﻣﻛم ﯾوﻫﻲ اﻟﺻم اﻟﺻﻼب ،
وﻓﻌﻠﻛم ﯾطﻣﻊ ﻓﯾﻛم اﻷﻋداء (().(١
ّﻛﻧـﻰ اﻻﻣـﺎم )ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴــﻼﻡ( ﺑﻬـذا اﻟـﻧص ﻋـن ﺗﻔــرق أﺻـﺣﺎﺑﻪ ،وﻋـدم ﺗوﺣـد اﻟﻛﻠﻣــﺔ
ﺑﯾﻧﻬم ،ﻓﻠذﻟك ﯾرى ﻟﻬم ﻗوة وﺷﺟﺎﻋﺔ وﺑﺎﺳﺎ ﻓﻲ اﻷﻗوال ،اﻣﺎ ﻓﻌﻠﻬم ﻓﯾﻔﺻـﺢ ﻋـن ﺿـﻌﻔﻬم
وﺗﺧﺎذﻟﻬم ،وﻋﺟزﻫم ﻋن ﻧﺻرة اﻻﻣـﺎم ،ﺑﺳـﺑب اﺧـﺗﻼف أﻫـواﺋﻬم ،وﺗﻔـرق ﺷـﻣﻠﻬم ،ﻓﻬـم
رﺟﺎل أﻗوال ﻻ رﺟﺎل أﻓﻌﺎل .
وﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﻲ ذم أﺻﺣﺎﺑﻪ أﯾﺿﺎ ﻗﺎل )) :إﻧﻛم واﷲ ﻟﻛﺛﯾـر ﻓـﻲ
ﻛﺛﯾرون ﻓﻲ أﯾﺎم اﻟرﺧﺎء واﻷﻣن ،أﻣﺎ ﻋﻧد اﻟﺷـداﺋد واﻟﻣﻠﻣـﺎت وﻓـﻲ اﻟﺣـروب ،ﻓﻬـم ﻗﻠﯾﻠـون
.
وﻗﺎل اﻹﻣﺎم)ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣن ﻛﻼم ﻟﻪ ﻓﻲ وﺻف اﻟرﺳول وأﻫل ﺑﯾﺗﻪ )ﺻﻠﻰ ﺍ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ( )) :ﺷﺟرﺗﻪ ﺧﯾر اﻟﺷﺟر ،أﻏﺻﺎﻧﻬﺎ ﻣﻌﺗدﻟﺔ ،وﺛﻣﺎرﻫﺎ ﻣﻬﺗدﻟﺔ (().(٣
١٣١
اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﻓﻘوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ) :أﻏﺻﺎﻧﻬﺎ ﻣﻌﺗدﻟـﺔ( ﻛﻧﺎﯾـﺔ ﻋـن ﻋـدم اﺧـﺗﻼﻓﻬم ﻓـﻲ اﻷﻣـور
ﻛﺎﻓــﺔ ،ﺳـ ـواء اﻟدﯾﻧﯾ ــﺔ ﻣﻧﻬ ــﺎ أو اﻟدﻧﯾوﯾ ــﺔ ،ﻓﻬ ــم ﯾﺳ ــﯾرون ﻋﻠ ــﻰ ﻧﻬ ــﺞ واﺣ ــد وﻣﺑ ــدا واﺣ ــد ،
وﯾﻧﻬﻠون ﻣن ﻋﯾن واﺣدة ،ﻓﺎﻟطرﯾق واﺣد ،واﻟﻬدف واﺣد وﻫو إﻋﻼء ﻛﻠﻣﺔ ﻻ اﻟـﻪ إﻻ اﷲ
.أﻣﺎ ﻗوﻟﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ) :ﺛﻣﺎرﻫﺎ ﻣﻬﺗدﻟﺔ( ﻓﻛﻧﺎﯾﺔ ﻋن ﺳـﻬوﻟﺔ اﺟﺗﻧـﺎء اﻟﻌﻠـم ﻣـﻧﻬم ،ﻓﻬـم
ﺑــﺎب ﻣدﯾﻧــﺔ ﻋﻠــم اﻟرﺳــول ،وﻋﻠﻣﻬــم ﺷــﺎﻣل ﻟﺟﻣﯾــﻊ اﻟﻧــﺎس ﻏﯾــر ﻣﻘﺗﺻــر ﻋﻠــﻰ ﻓﺋــﺔ ﻣﻌﯾﻧــﺔ
دون أﺧرى ) ،ﻓﻣن أراد اﻟﻌﻠم ﻓﻠﯾﺄت اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣن ﺑﺎﺑﻬﺎ().(١
ان ﻣــن ﯾﻣﺗﻠــك ذوﻗــﺎ ﻓﻧﯾــﺎ وﺣﺳــﺎ ﻣرﻫﻔــﺎ ،وﯾﺗﺄﻣــل ﻓــﻲ ﻛﻧﺎﯾــﺎت اﻻﻣــﺎم ﯾــدرك اﻧﻬــﺎ ﻗــد
ﺣﻘﻘــت أﻏ ارﺿــﻬﺎ ﻓــﻲ اﻟﺗــﺄﺛﯾر واﻹﯾﺣــﺎء ،واﻟﺳــر ﻓــﻲ ذﻟــك ان اﻻﻣــﺎم ﻛــﺎن دﻗﯾﻘــﺎ ﻓــﻲ اﺧﺗﯾــﺎر
ﻟﯾﺣﻣﻠــﻪ اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ
أﻟﻔﺎ ظــﻪ وﻋﺑﺎ ارﺗــﻪ ،ﺣﯾــث ﺗــوﺧﻰ ﻣﻧﻬــﺎ ﻣــﺎ ﯾــرى ﻓﯾــﻪ ﻗــوة ووﺿــوﺣﺎ وﺟﻣــﺎﻻ ّ ،
واﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾرﯾد ﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﺧرﺟت أﻟﻔﺎظﻪ وﻋﺑﺎراﺗﻪ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟرﺻﺎﻧﺔ واﻟﺳﺑك
طﯾﺎﺗﻬﺎ أﻓﻛﺎ ار ﺳﺎﻣﯾﺔ ،ﺗﺣﻘـق اﻟﺗـﺄﺛﯾر ﻓـﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘـﯾن ،ﺣﯾـث ان ﻏﺎﯾـﺔ
واﻟوﺿوح ،وﺗﺣﻣل ﻓﻲ ّ
ﻣﺎ ﯾﺳﻌﻰ اﻻﻣﺎم إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﻫو اﻟﺗﺄﺛﯾر واﻹﻗﻧﺎع ﺑﺎﻟﻔﻛرة أو ﺑﺻدق اﻹﺣﺳﺎس ،وﺑذﻟك اﺗﺳم
ﻛﻼﻣﻪ ﺑﻘوة اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﻗﻠوب اﻟﻣﺗﻠﻘﯾن .
) _ (٢ﯾﻧظر ﺑﺣﺎر اﻷﻧوار ﻟﻠﻌـﻼﻣﺔ اﻟﻣﺟﻠﺳﻲ ، ٣٠٣/ ٤٠ ، ١٨٨ / ٣٨ :و وﺳﺎﺋل اﻟﺷﯾﻌﺔ ﻟﻠﺣر اﻟﻌﺎﻣﻠﻲ:
، ٣٤ / ٢٧و ﻣﻧﺎﻗب آل أﺑﻲ طﺎﻟب .٣٤ /٢
١٣٢
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
اﻟﺧﺎﺗﻣـﺔ
ﻟﻘد َﻣ ﱠن اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣث ﺑﺎﻟﺗوﻓﯾق واﻟﻌون ،ﻓﺎﺗم ﻫذا اﻟﺟﻬد
اﻟﻣﺗواﺿﻊ ،اﻟذي ﻗد ﺣوى ﻣﺎدة ﺗﺗﺿﻣن اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص ﻣن ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ
ٕواظﻬﺎر ﺑﻌض ﻣﺎ ﻛﻣن ﻣن دﻻﻻﺗﻬﺎ ،أﻣﺎ إظﻬﺎر ﺟﻣﯾﻊ دﻻﻻﺗﻬﺎ ﻓﻬذا أﻣر ﺧﺎرج ﻋن
ﻗدرة اﻟﺑﺎﺣث وﻣﻘﺗﺿﻰ ﻋﻘﻠﻪ اﻟﻘﺎﺻر .
وﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺑﺎﺣث وأﻛدﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻪ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
.٢ان اﻷﺻل ﻓﻲ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻫو اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ وﻟﯾس اﻟﻧﻘل ،ﻛﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﺑﻌض ،
وﻗد اﺛﺑت اﻟﺑﺎﺣث ذﻟك ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺑﺣث وﻧﺻوﺻﻪ .
.٣ان أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ﻟﯾﺳت ﻋﻠﻰ درﺟﺔ واﺣـدة ﻣن اﻟﺛﺑوت ،ﺑل ﻫﻲ
أﻗﺳﺎم ﻓﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻔﯾد اﻟﺛﺑوت واﻻﺳﺗﻣرار ،وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻫو دون ذﻟك ،وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ
اﻷﻋراض ،أي ﻋدم اﻟﺛﺑوت ،وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺣدوث واﻟطروء ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ان
ﯾﺣﻛم ﻋﻠﻰ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺑﻬﺔ ﺑﺎﻟﺛﺑوت ﻋﻣوﻣﺎ ،ﺑل اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻔﺻﯾل ،واﻋطﺎء ﻛل
ﺑﻧﺎء اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻷﺑﻧﯾﺔ .
١٣٤
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
.٤ان اﺳم اﻟﻣﻔﻌول ﻗد ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺑوت إﻟﻰ ﺟﺎﻧب دﻻﻟﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺣدوث ،
واﻟﺳﯾﺎق ﻫو اﻟذي ﯾﺣدد ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت دﻻﻟﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣدوث أو اﻟﺛﺑوت .
.٦ﻟﻘد وﺿﺢ اﻟﺑﺎﺣث ﻣن دراﺳﺗﻪ ﻟﻠﻣﺷﺗﻘﺎت اﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟدﻻﻟﺔ
اﻟﺻوﺗﯾﺔ ﻟﻸﻟﻔﺎظ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟظﺎﻫرة ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ،واﻟﺗﻲ ﺑدورﻫﺎ ﺗﻬﯾﺊ ﺟوا
ﯾوﺣﻲ ﺑدﻻﻟﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ اﻟذي اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻓﯾﻪ ،وان ﻫﻧﺎك ﻣوردﯾن ﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻛﻼم
ﻫﻣﺎ :
ﯾﻘرع ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﻌﺿﺎ ،ﻓﯾﻧﺗﺞ ﻋن ﺗﻧﺎﻏم ﻗرﻋﻬﺎ ﺳﻠم ﻣوﺳﯾﻘﻲ ،ﯾوﺣﻲ إﻟﻰ اﻷذﻫﺎن ﺑﻣﻌﻧﻰ
ﻓوق اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﺗدل ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻠﻔظﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ان ﻧﺳﻣﯾﻪ ﺑـ)ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﻠﻔظ اﻟﻣﻔرد(
.
اﻟﺗرﻛﯾب ﻓﻲ اﻟﻔﻘرات واﻟﺟﻣل ،أي اﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﻟف ﻣن ارﺗﺑﺎط اﻷﻟﻔﺎظ ﺑﻌﺿﻬﺎ
ﺑﺑﻌض ،ﺣﯾث ﺗﻘرع اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣﻔردة اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣﻔردة اﻟﻣﺟﺎورة ﻟﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻻﺣﻘﺎ ،ﻓﯾﻧﺗﺞ
ﻋن ذﻟك ﺟوا ﻣوﺳﯾﻘﯾﺎ ﻟﻪ اﺛر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻧﺳﺟﺎﻣﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺣدث أو اﻟﻣﺷﻬد اﻟﻣراد وﺻﻔﻪ .
١٣٥
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
)ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻛﺎن دﻗﯾﻘﺎ ﺑﺎﺧﺗﯾﺎر أﻟﻔﺎظﻪ ،ﻓﻘد ﻛﺎن ﯾﺗوﺧﻰ اﺧﺗﯾﺎر اﻷﻟﻔﺎظ ذات اﻟﺟرس
اﻟﻣوﺣﻲ ،واﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘق ﺟوا إﯾﺣﺎﺋﯾﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب وﯾﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﺣدث أو اﻟﻣوﺿوع اﻟذي
ﯾﺻورﻩ ،وﻛذﻟك ﻓﻘد ﯾؤﺛر اﻹﻣﺎم ﺑﻌض اﻷﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ،ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن دﻻﻟﺔ إﯾﺣﺎﺋﯾﺔ
ﺗﻘوي اﻟﻣﻌﻧﻰ وﺗﻌﺿدﻩ ،وﻣن ﻫذﻩ اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺛرت ﻋﻧد اﻹﻣﺎم ﻫﻲ أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺟﻣوع ،
اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل ﻓﻲ طﺑﯾﻌ ﺔ ﺻﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﺟوا ﻣوﺳﯾﻘﯾﺎ ﯾﻣﯾزﻫﺎ ﻋن ﻏﯾرﻫﺎ ،وﯾﻣﻛّن اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﻣن
اﺳﺗﺷﻔﺎف اﻟدﻻﻻت وظﻼل اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾط ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺔ .
.٨ﻟﻘد ﺗوﺻل اﻟﺑﺎﺣث إﻟﻰ ان ﻣوﺳﯾﻘﻰ اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻧﺛري إﻧﻣﺎ ﺗﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ ﻣرﺗﻛزﯾن
ﻫﻣﺎ :
١٣٦
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
.١٠ﻟﻘد ﺟﺎءت ﺗﺷﺑﯾﻬﺎت اﻹﻣﺎم )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﺷﺎﻋر واﻷﺣﺎﺳﯾس ،
وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺄﻟﻔﺎظ اﻟﻣﺷﺗﻘﺎت ،ﻓﻘد ﺣرص اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر اﻷﻟﻔﺎظ ذات
اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻧﻔﺳﻲ ،واﻟﺗﻲ ﺗﺳﻬم وﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻧﻘل اﻟﻔﻛرة اﻟﺗﻲ أراد اﻹﻣﺎم إﯾﺻﺎﻟﻬﺎ
واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ أراد اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﻬﺎ .وﻗد ﻋﻛﺳت ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻟﻺﻣﺎم ،
واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻧم ﻋن ﻣﺷﺎﻋر ﺻﺎدﻗﺔ ﺗﻧﺑض ﺑﺎﻟﺣرص ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،
ﻓﻛﺎﻧت ﺗﺷﺑﯾﻬﺎﺗﻪ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺑداع واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﯾﺣﺎء واﻟﺗﺻوﯾر .
.١٣ﻟﻘد اﺗﺑﻊ اﻹﻣﺎم أﺳﻠوب اﻟﻘران اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻟﻠﺻور اﻻﺳﺗﻌﺎرﯾﺔ ،
ﻣن ﺧﻼل اﺧﺗﯾﺎرﻩ ﻟﻸﻟﻔﺎظ ،ﻓﻬو ﯾﻌﺑر ﻋن اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣور اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ
اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣوﺿوﻋﺔ ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣور اﻟﺣﺳﯾﺔ ،ﻣﺳﺗﻔﯾدا ﺑذﻟك ﻣن اﻟطﺎﻗﺔ اﻹﯾﺣﺎﺋﯾﺔ
١٣٧
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
ﻟﻬذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺎت ،ﺣﯾث ﺗﺟﻌل اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﯾﺣس ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻛﻣل إﺣﺳﺎس ،وﻫذا ﻫو اﻟﺳر ﻓﻲ
ﺟﻣﺎل اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻻﺳﺗﻌﺎري ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ .
.١٥ﻟﻘد ﺳﻠك اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( أﺳﻠوب اﻟﻘران اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ ﻣﺧﺎطﺑﺗﻪ
اﻟﻧﺎس ،ﻓﻛﺎن ﺣرﯾﺻﺎ ﻛل اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ إﯾﺻﺎل ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻪ إﻟﻰ اﻟﺟﻣﯾﻊ ،دون ﺟرح
اﻟﻌواطف ،أو ﺧدش اﻟﻣﺷﺎﻋر ،أو اﺷﻣﺋزاز اﻟﻧﻔوس ،وﻛﺎن اﻟطرﯾق إﻟﻰ ذﻟك ﻫو
اﻷﺳﻠوب اﻟﻛﻧﺎﺋﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻣﺗﻠك ﻣن ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻹﯾﺣﺎء ،واﻟﺳر ﻓﻲ ذﻟك ان اﻹﻣﺎم ﻛﺎن
دﻗﯾﻘﺎ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر أﻟﻔﺎظﻪ وﻋﺑﺎراﺗﻪ ،ﺣﯾث ﺗوﺧﻰ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾرى ﻓﯾﻪ ﻗوة ووﺿوﺣﺎ وﺟﻣﺎﻻ
،ﻟﯾﺣﻣﻠﻪ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾرﯾد ﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .
١٣٨
.٢أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺻرف ﻓﻲ ﻛﺗﺎب ﺳﯾﺑوﯾﻪ ،د .ﺧدﯾﺟﺔ اﻟﺣـدﯾﺛﻲ ،ﻣﻛﺗﺑـﺔ اﻟﻧﻬﺿـﺔ ،
.٤اﺛر اﻟﻘران ﻓـﻲ ﺗطـور اﻟﻧﻘـد اﻟﻌرﺑـﻲ إﻟـﻰ آﺧـر اﻟﻘـرن اﻟراﺑـﻊ اﻟﻬﺟـري
ﻣﺣﻣد زﻏﻠول ﺳﻼم ،دار اﻟﻣﻌﺎرف ﺑﻣﺻر ،د.ت .
.٥أدب اﻟﻛﺎﺗب ،ﻻﺑن ﻗﺗﯾﺑﺔ ،ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺣﻣد ﻣﺣﯾـﻲ اﻟـدﯾن ﻋﺑـد اﻟﺣﻣﯾـد ،ﻣطﺑﻌـﺔ
.٨أﺳرار اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺑﯾﺎن ،ﻋﺑد اﻟﻘـﺎﻫر اﻟﺟرﺟـﺎﻧﻲ ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻫــ .رﺗﯾـر
.٩اﻷﺳس اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑﻼﻏـﺔ اﻟﻌرﺑﯾـﺔ ،ﻣﺟﯾـد ﻋﺑـد اﻟﺣﻣﯾـد ﻧـﺎﺟﻲ ،
.١٠أﺳس اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ ﻋﻧد اﻟﻌرب ،د .اﺣﻣد اﺣﻣد ﺑـدوي ،دار ﻧﻬﺿـﺔ ﻣﺻـر
١٤٠
.١١اﻷﺳــﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺻــوﺗﯾﺔ ﻓــﻲ اﻟﻧظرﯾــﺔ واﻟﺗطﺑﯾــق ،د .ﻣــﺎﻫر ﻣﻬــدي ﻫــﻼل ،
ﻣﺟﻠﺔ آﻓـﺎق ﻋرﺑﯾـﺔ ،ﻛـﺎﻧون اﻷول ،اﻟﻌـدد اﻟﺛـﺎﻧﻲ ﻋﺷـر ،اﻟﺳـﻧﺔ اﻟﺳـﺎﺑﻌﺔ ﻋﺷـر ،
.١٩٩٢
.١٢اﺳم اﻟﻔﺎﻋل واﻟﻣﺷﺑﻬﺎت ﺑـﻪ ﻓـﻲ اﻟﻘـران اﻟﻛـرﯾم دراﺳـﺔ ﻟﻐوﯾـﺔ ،ﻫـﺎدي
.١٥اﻻﺷﺗﻘﺎق ،ﻋﺑد اﷲ أﻣﯾن ،ﻣطﺑﻌﺔ ﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗﺄﻟﯾف واﻟﺗرﺟﻣﺔ واﻟﻧﺷرــ اﻟﻘـﺎﻫرة ،
.١٨أﺻول اﻟﺑﯾﺎن اﻟﻌرﺑﻲ ،رؤﯾـﺔ ﺑﻼﻏﯾـﺔ ﻣﻌﺎﺻـرة ،د .ﻣﺣﻣـد ﺣﺳـﯾن ﻋﻠـﻲ
ﻛﻣــﺎل اﻟــدﯾن أﺑــو اﻟﺑرﻛــﺎت اﻻﻧﺑــﺎري ،ﺗﺣﻘﯾــق ﻣﺣﻣــد ﻣﺣﯾــﻲ اﻟــدﯾن ﻋﺑــد اﻟﺣﻣﯾــد ،
اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﺑﻣﺻر )د.ت(.
١٤١
.٢٠أوﺿــﺢ اﻟﻣﺳــﺎﻟك إﻟــﻰ أﻟﻔﯾــﺔ اﺑــن ﻣﺎﻟــك ،اﺑــن ﻫﺷــﺎم اﻷﻧﺻــﺎري ،ﺗﺣﻘﯾــق
ﻓﺧر اﻟدﯾن ﻗﺑﺎوة ،دار اﻟﺟﯾل ـ ﺑﯾروت ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ١٩٧٩ ،م .
.٢١اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻣﻔﺻل ،ﻷﺑﻲ ﻋﻣرو ﻋﺛﻣﺎن ﺑـن ﻋﻣـر اﻟﻣﻌـروف ﺑـﺎﺑن
.٢٢اﻹﯾﺿﺎح ﻓﻲ ﻋﻠل اﻟﻧﺣـو ﻷﺑـﻲ اﻟﻘﺎﺳـم اﻟزﺟـﺎﺟﻲ ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻣـﺎزن اﻟﻣﺑـﺎرك ،
د .ﻋﺑــد اﻟﺣﻣﯾــد ﻫﻧــداوي ،ﻣؤﺳﺳــﺔ اﻟﻣﺧﺗــﺎر ﻟﻠﻧﺷــر واﻟﺗوزﯾــﻊ ،اﻟطﺑﻌــﺔ اﻷوﻟــﻰ ،
١٩٩٩م .
.٢٤ﺑﺣﺎر اﻷﻧوار ،ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ اﻟﻣﺟﻠﺳﻲ ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوﻓﺎء ،ﺑﯾروت ﻟﺑﻧـﺎن ١٤٠٤ ،ﻫــ
.
.٢٥اﻟﺑﺣــر اﻟﻣﺣــﯾط ،ﻷﺑــﻲ ﺣﯾــﺎن اﻷﻧدﻟﺳــﻲ ،ﻣﻛﺗﺑــﺔ وﻣطــﺎﺑﻊ اﻟﻧﺻــر اﻟﺣدﯾﺛــﺔ ،
.٢٦اﻟﺑدﯾﻊ ﻓﻲ ﺿوء أﺳﺎﻟﯾب اﻟﻘـران ،د .ﻋﺑـد اﻟﻔﺗـﺎح ﻻﺷـﯾن ،دار اﻟﻣﻌـﺎرف ـ
وﻫب اﻟﻛﺎﺗب ،ﺗﺣﻘﯾق د .اﺣﻣد ﻣطﻠوب ،و د .ﺧدﯾﺟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﻲ ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻌﺎﻧﻲ ،
ﺑﻐداد ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٦٧ ،م .
١٤٢
ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﻟﺧﺎﻟق ،ﻛﻠﯾـﺔ اﻟﺗرﺑﯾـﺔ ،ﺟﺎﻣﻌـﺔ طﻧطـﺎ ،دار اﻟﻣﻌرﻓـﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾـﺔ ،
١٩٨٩م .
اﻟﻌﺎﻣﻠﻲ ،ﻣﻛﺗب اﻹﻋﻼم اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻗم ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٤٠٩ ،ﻫـ .
.٣١اﻟﺗﺻوﯾر اﻟﻔﻧـﻲ ﻓـﻲ اﻟﻘـران اﻟﻛـرﯾم ،ﺳـﯾد ﻗطـب ،دار اﻟﻣﻌـﺎرف ،اﻟﻘـﺎﻫرة
١٩٦٣م .
.٣٣اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﺑﯾﺎﻧﻲ رؤﯾﺔ ﺑﻼﻏﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ،د .ﺷﻔﯾﻊ اﻟﺳـﯾد ،دار اﻟﻔﻛـر اﻟﻌرﺑـﻲ
اﻷوﻟﻰ )د.ت(
.٣٦اﻟﺗﻛﻣﻠﺔ ،ﻻﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﺎرﺳـﻲ ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻛـﺎظم ﺑﺣـر اﻟﻣرﺟـﺎن ،ﻣطـﺎﺑﻊ ﻣدﯾرﯾـﺔ
١٤٣
اﻟﺧطﯾب ،ﺿﺑطﻪ وﺷـرﺣﻪ ﻋﺑـد اﻟـرﺣﻣن اﻟﺑرﻗـوﻗﻲ ،اﻟﻣطﺑﻌـﺔ اﻟرﺣﻣﺎﻧﯾـﺔ ﺑﻣﺻـر ،
اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ١٩٣٢م .
.٣٨ﺗﻣﻬﯾد ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻟﺣدﯾث ،روز ﻏرﯾـب ،دار اﻟﻣﻛﺷـوف ،ﺑﯾـروت ـ ﻟﺑﻧـﺎن ،
.٣٩اﻟﺗوﺟﯾـــﻪ اﻷدﺑـــﻲ ،طـــﻪ ﺣﺳـــﯾن ،واﺣﻣـــد أﻣـــﯾن ،وﻋﺑـــد اﻟوﻫـــﺎب ﻋـــزام ،د.
.٤٢ﺟــوﻫر اﻟﻛﻧــز ،ﻻﺑــن اﻷﺛﯾــر اﻟﺣﻠﺑــﻲ ،ﺗﺣﻘﯾــق ﻣﺣﻣــد زﻏﻠــول ﺳــﻼم ،ﻣﻧﺷــﺎة
.٤٤ﺧزاﻧﺔ اﻷدب وﻏﺎﯾﺔ اﻷرب ،ﻻﺑن ﺣﺟﺔ اﻟﺣﻣوي ،اﻟﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺧﯾرﯾﺔ ،ﻣﺻـر
.٤٥اﻟﺧﺻﺎﺋص ،أﺑو اﻟﻔﺗﺢ ﻋﺛﻣـﺎن ﺑـن ﺟﻧـﻲ ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻣﺣﻣـد ﻋﻠـﻲ اﻟﻧﺟـﺎر ،دار
١٤٤
.٤٧دراﺳﺎت ﻓﻲ ﻋﻠـم اﻟﻠﻐـﺔ ﻛﻣـﺎل ﻣﺣﻣـد ﺑﺷـر ،ﻣطـﺎﺑﻊ دار اﻟﻣﻌـﺎرف ﺑﻣﺻـر ،
.٤٨دﻗـﺎﺋق اﻟﺗﺻـرﯾف ،ﻟﻠﻘﺎﺳـم ﺑـن ﻣﺣﻣـد ﺑـن ﺳـﻌﯾد اﻟﻣـؤدب ،ﺗﺣﻘﯾـق د .اﺣﻣــد
ﻧﺎﺟﻲ اﻟﻘﯾﺳﻲ ،و د .ﺣﺎﺗم ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺿﺎﻣن ،و د .ﺣﺳـﯾن ﺗـورال ،ﻣطﺑﻌـﺔ اﻟﻣﺟﻣـﻊ
اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻌراﻗﻲ ١٩٨٧ ،م .
.٤٩دﻻﺋــل اﻹﻋﺟــﺎز ﻓــﻲ ﻋﻠــم اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ ،ﻋﺑــد اﻟﻘــﺎﻫر اﻟﺟرﺟــﺎﻧﻲ ،وﻗــف ﻋﻠــﻰ
ﺗﺻــﺣﯾﺢ طﺑﻌــﻪ وﻋﻠــق ﺣواﺷــﯾﻪ اﻟﺳــﯾد ﻣﺣﻣــد رﺷــﯾد رﺿــﺎ ،دار اﻟﻣﻌرﻓــﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋــﺔ
واﻟﻧﺷر ،ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ١٩٨١ ،م .
.٥٠دﻻﻟــﺔ اﻷﻟﻔــﺎظ ،د .إﺑ ـراﻫﯾم أﻧــﯾس ،ﻣطﺑﻌــﺔ ﻟﺟﻧــﺔ اﻟﺑﯾــﺎن اﻟﻌرﺑــﻲ ،اﻟطﺑﻌــﺔ
.٥١دﻻﻟﺔ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﺗطورﻫـﺎ ،د .ﻣـراد ﻛﺎﻣـل ،ﻣﻌﻬـد اﻟدراﺳـﺎت اﻟﻌرﺑﯾـﺔ
.٥٣اﻟدﻻﻟﺔ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻠﻐوﯾﯾن ﻋواطف ﻛﻧوش ﻣﺻطﻔﻰ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب ،
١٤٥
.٥٥دور اﻟﻛﻠﻣــﺔ ﻓــﻲ اﻟﻠﻐــﺔ ،ﺳــﺗﯾﻔن اوﻟﻣــﺎن ،ﺗرﺟﻣــﺔ د .ﻛﻣـﺎل ﺑﺷــر ،اﻟﻣطﺑﻌــﺔ
.٥٦دﯾوان اﻷدب ،أﺑو إﺑراﻫﯾم إﺳﺣﺎق ﺑن إﺑراﻫﯾم اﻟﻔﺎراﺑﻲ ،ﺗﺣﻘﯾق اﺣﻣـد ﻣﺧﺗـﺎر
ﻋﻣــر ،ﻣراﺟﻌــﺔ د .إﺑــراﻫﯾم أﻧــﯾس ،اﻟﻬﯾﺋــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻟﺷــؤون اﻟﻣطــﺎﺑﻊ اﻷﻣﯾرﯾـــﺔ ،
اﻟﻘﺎﻫرة ١٩٧٥ ،م .
.٥٧اﻟـــدﯾوان ﻓـــﻲ اﻟﻧﻘـــد واﻷدب ﻋﺑـــﺎس ﻣﺣﻣـــود اﻟﻌﻘـــﺎد ٕ ،واﺑـــراﻫﯾم ﻋﺑـــد اﻟﻘـــﺎدر
.٥٨رﺳــﺎﻟﺗﺎن ﻓــﻲ اﻟﻠﻐــﺔ ،أﺑــو اﻟﺣﺳــن ﻋﻠــﻲ ﺑــن ﻋﯾﺳــﻰ ﺑــن ﻋﻠــﻲ ﺑــن ﻋﺑــد اﷲ
اﻟرﻣﺎﻧﻲ ،ﺗﺣﻘﯾق إﺑراﻫﯾم اﻟﺳﺎﻣراﺋﻲ ،دار اﻟﻔﻛر ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ـ ﻋﻣﺎن ،اﻟطﺑﻌـﺔ
اﻷوﻟﻰ ١٩٨٤ ،م .
اﻟﺣﻠﺑــﻲ ،ﺷــرح وﺗﺻــﺣﯾﺢ ﻋﺑــد اﻟﻣﺗﻌــﺎل اﻟﺻــﻌﯾدي ،ﻣﻛﺗﺑــﺔ وﻣطﺑﻌــﺔ ﻣﺣﻣــد ﻋﻠــﻲ
ﺻﺑﯾﺢ وأوﻻدﻩ ١٩٦٩ ،م .
.٦١ﺷرح اﺑن ﻋﻘﯾل ،ﺑﻬﺎء اﻟدﯾن ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻋﻘﯾل اﻟﻣﺻري اﻟﻬﻣداﻧﻲ ،ﺗﺣﻘﯾق
ﻣﺣﻣد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،دار اﻟﻔﻛر ـ ﺑﯾروت ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ١٩٨٥،م.
.٦٢ﺷرح أﻟﻔﯾﺔ اﺑن ﻣﺎﻟك ﻻﺑن اﻟﻧـﺎظم ﺗﺻـﺣﯾﺢ وﺗﻧﻘـﯾﺢ ﻣﺣﻣـد ﺳـﻠﯾم ،ﻣطﺑﻌـﺔ
١٤٦
.٦٣ﺷرح اﻻﺷﻣوﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻟﻔﯾﺔ اﺑن ﻣﺎﻟـك ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻣﺣﻣـد ﻣﺣﯾـﻲ اﻟـدﯾن ﻋﺑـد
اﻟﺣﻣﯾد ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ ،ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٥٥ ،م .
.٦٤ﺷــرح اﻟﺗﺻــرﯾﺢ ﻋﻠـــﻰ اﻟﺗوﺿــﯾﺢ ،اﻟﺷــﯾﺦ ﺧﺎﻟـــد ﺑــن ﻋﺑــد اﷲ اﻷزﻫـــري ،
.٦٥ﺷـــرح ﺷـــﺎﻓﯾﺔ اﺑـــن اﻟﺣﺎﺟـــب ،اﻟﺷـــﯾﺦ رﺿـــﻲ اﻟـــدﯾن ﻣﺣﻣـــد ﺑـــن اﻟﺣﺳـــن
اﻻﺳﺗرﺑﺎذي ،ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺣﻣد ﻧور اﻟﺣﺳن ،وﻣﺣﻣد اﻟزﻓزاف ،وﻣﺣﻣـد ﻣﺣﯾـﻲ اﻟـدﯾن
ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ١٩٧٥ ،م .
.٦٦ﺷــرح ﻛﺗــﺎب اﻟﻛﺎﻓﯾــﺔ ﻓــﻲ اﻟﻧﺣــو ،اﻟﺷــﯾﺦ رﺿــﻲ اﻟــدﯾن اﻻﺳــﺗرﺑﺎذي ،دار
.٦٧ﺷرح اﻟﻣراح ﻓﻲ اﻟﺗﺻرﯾف ،ﺑدر اﻟدﯾن ﻣﺣﻣـود ﺑـن اﺣﻣـد اﻟﻌﯾﻧـﻲ ،ﺗﺣﻘﯾـق
.٦٨ﺷرح اﻟﻣﻔﺻل ،اﺑن ﯾﻌﯾش ،إدارة اﻟطﺑﺎﻋﺔ اﻟﻣﻧﯾرﯾﺔ ،ﻣﺻر )د.ت( .
.٦٩ﺷرح ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ،ﻻﺑن أﺑﻲ اﻟﺣدﯾد ،ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺣﻣـد أﺑـو اﻟﻔﺿـل إﺑـراﻫﯾم ،
دار إﺣﯾﺎء اﻟﻛﺗب اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻋﯾﺳﻰ اﻟﺑﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑﻲ وﺷرﻛﺎؤﻩ )د.ت( .
.٧٠اﻟﺻﺎﺣﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ ،أﺑو اﻟﺣﺳن اﺣﻣـد اﺑـن ﻓـﺎرس ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻣﺻـطﻔﻰ
اﻟﺷوﯾﻣﻲ ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ أ .ﺑدران ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ،ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ١٩٦٣ ،م .
وﻋﻠــق ﻋﻠﯾــﻪ وﻗﺎﺑــل ﻧﺻوﺻــﻪ ﻣﺣﻣــد ﺣﺳــن ﺷــﻣس اﻟــدﯾن ،دار اﻟﻛﺗــب اﻟﻌﻠﻣﯾــﺔ ،
ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٨٧ ،م .
١٤٧
.٧٢اﻟﺻﺣﺎح ﻹﺳﻣﺎﻋﯾل ﺑن ﺣﻣﺎد اﻟﺟـوﻫري ،ﺗﺣﻘﯾـق اﺣﻣـد ﻋﺑـد اﻟﻐﻔـور ﻋطّـﺎر ،
.٧٤ﺻــﻔوة اﻟﺗﻔﺎﺳــﯾر ،ﻣﺣﻣــد ﻋﻠــﻲ اﻟﺻــﺎﺑوﻧﻲ ،دار اﻟﻘ ـران اﻟﻛــرﯾم ،ﺑﯾــروت ،
.٧٥اﻟﺻﻧﺎﻋﺗﯾن ،ﻷﺑﻲ ﻫﻼل اﻟﻌﺳﻛري ،ﺗﺣﻘﯾق ﻣﻔﯾد ﻗﻣﺣﺔ ،دار اﻟﻛﺗـب اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ
.٧٦اﻟﺻــور اﻟﺑﯾﺎﻧﯾــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻧظرﯾــﺔ واﻟﺗطﺑﯾــق ،د .ﺣﻔﻧــﻲ ﻣﺣﻣــد ﺷــرف ،دار
.٧٧اﻟﺻـورة اﻟﻔﻧﯾـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺗـراث اﻟﻧﻘـدي واﻟﺑﻼﻏـﻲ ،د .ﺟـﺎﺑر ﻋﺻــﻔور ،دار
اﻟﺗﻧوﯾر ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ،ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ١٩٨٣ ،م .
.٧٨اﻟﺻورة اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓـﻲ اﻟﻣﺛـل اﻟﻘرآﻧـﻲ ،دراﺳـﺔ ﻧﻘدﯾـﺔ ﺑﻼﻏﯾـﺔ ،د .ﻣﺣﻣـد
ﺣﺳﯾن ﻋﻠـﻲ اﻟﺻـﻐﯾر ،ﺷـرﻛﺔ اﻟﻣطـﺎﺑﻊ اﻟﻧﻣوذﺟﯾـﺔ ،دار اﻟرﺷـﯾد ﻟﻠﻧﺷـر ،ﺑﻐـداد ،
١٩٨١م .
ﺣﻣــزة ﺑـــن ﯾﺣﯾــﻰ ﺑـــن إﺑـــراﻫﯾم اﻟﻌﻠــوي ،اﻟﯾﻣﻧـــﻲ ،دار اﻟﻛﺗــب اﻟﺧدﯾوﯾـــﺔ ،ﻣطﺑﻌـــﺔ
اﻟﻣﻘﺗطف ،ﻣﺻر ١٩١٤ ،م .
.٨٠طـــرق ﺗﻧﻣﯾـــﺔ اﻷﻟﻔـــﺎظ ﻓـــﻲ اﻟﻠﻐـــﺔ ،د .إﺑـــراﻫﯾم أﻧـــﯾس ،ﻣطﺑﻌـــﺔ اﻟﻧﻬﺿـــﺔ
١٤٨
.٨١اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻔﺻﺣﻰ ﻧﺣو ﺑﻧﺎء ﻟﻐـوي ﺟدﯾـد ،د .ﻫﻧـري ﻓﻠـﯾش ،ﺗرﺟﻣـﺔ ﻋﺑـد
اﻟﺻﺑور ﺷﺎﻫﯾن ،دار اﻟﻣﺷرق ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﺑﯾروت ١٩٨٦ ،م .
.٨٢ﻋﻠـــم اﻟﺑﯾـــﺎن دراﺳـــﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾـــﺔ ﻓﻧﯾـــﺔ ،د .ﺑـــدوي طﺑﺎﻧـــﺔ ،ﻣﻛﺗﺑـــﺔ اﻻﻧﺟﻠـــو
.٨٣ﻋﻠــم اﻟدﻻﻟــﺔ ،اﺣﻣــد ﻣﺧﺗــﺎر ﻋﻣــر ،ﻣﻛﺗﺑــﺔ دار اﻟﻌروﺑــﺔ ﻟﻠﻧﺷــر واﻟﺗوزﯾــﻊ ،
.٨٤ﻋﻠــم اﻟدﻻﻟــﺔ ﺑﯾــﺎر ﻏﯾــرو ،ﺗرﺟﻣــﺔ اﻧط ـوان أﺑــو زﯾــد ،ﻣﻧﺷــورات ﻋوﯾــدات ،
ﻓــﺎﺧوري ،دار اﻟطﻠﯾﻌــﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋــﺔ واﻟﻧﺷــر ،ﺑﯾــروت ـ ﻟﺑﻧــﺎن ،اﻟطﺑﻌــﺔ اﻷوﻟــﻰ ،
١٩٨٥م .
.٨٦ﻋﻠم اﻟدﻻﻟـﺔ ،ﻛﻠـود ﺟرﻣـﺎن و رﯾﻣـون ﻟـوﺑﻼش ،ﺗرﺟﻣـﺔ اﻟـدﻛﺗورة ﻧـور اﻟﻬـدى
ﻟوﺷن ،دار اﻟﻔﺎﺿل ﻟﻠﺗﺄﻟﯾف واﻟﺗرﺟﻣﺔ واﻟﻧﺷر ،دﻣﺷق ١٩٩٤ ،م .
.٨٧اﻟﻌﻣدة ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺳن اﻟﺷﻌر وآداﺑﻪ وﻧﻘدﻩ ،ﻷﺑـﻲ ﻋﻠـﻲ اﻟﺣﺳـن ﺑـن رﺷـﯾق
اﻟﻘﯾرواﻧﻲ اﻻزدي ،ﺣﻘﻘﻪ وﻓﺻـﻠﻪ وﻋﻠـق ﻋﻠﯾـﻪ ﻣﺣﻣـد ﻣﺣﯾـﻲ اﻟـدﯾن ﻋﺑـد اﻟﺣﻣﯾـد ،
دار اﻟﺟﯾل ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ واﻟطﺑﺎﻋﺔ ،ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ،اﻟطﺑﻌـﺔ اﻟراﺑﻌـﺔ ١٩٧٢ ،م
.
.٨٨ﻋﻣـدة اﻟﺻـرف ،ﻛﻣـﺎل إﺑـراﻫﯾم ،ﻣطﺑﻌـﺔ اﻟزﻫـراء ـ ﺑﻐـداد ،اﻟطﺑﻌـﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾــﺔ ،
١٩٥٧م .
١٤٩
.٨٩ﻋﻧﺎﺻر اﻷداء اﻟﺑﯾـﺎﻧﻲ ﻓـﻲ ﺧطـب اﻟﺣـرب ﻓـﻲ ﻧﻬـﺞ اﻟﺑﻼﻏـﺔ ،ﻧﺟـﻼء
رﺳﺎﻟﺔ( .
ﻋﺑد اﻟﺣﺳﯾن ﻋﻠﯾوي ،ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻛوﻓﺔ ) ٍ
.٩٠ﻋﯾﺎر اﻟﺷﻌر ،ﻣﺣﻣد ﺑن اﺣﻣد ﺑـن طﺑﺎطﺑـﺎ اﻟﻌﻠـوي ،ﺗﺣﻘﯾـق د .طـﻪ اﻟﺣـﺎﺟري
.٩١اﻟﻔروق ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ،أﺑو ﻫﻼل اﻟﻌﺳﻛري ،ﺗﺣﻘﯾق ﺣﺳﺎم اﻟدﯾن اﻟﻘدﺳـﻲ ،دار
.٩٢اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ ﻣﻔﻬوﻣﻬـﺎ وﺑﻣـﺎ ﺗﺗﺣﻘـق ،د .ﺗوﻓﯾـق ﻋﻠـﻲ اﻟﻔﯾـل ،ﺣوﻟﯾـﺎت ﻛﻠﯾـﺔ
.٩٣ﻓﻘــﻪ اﻟﻠﻐــﺔ وﺧﺻــﺎﺋص اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،ﻣﺣﻣــد اﻟﻣﺑــﺎرك ،دار اﻟﻔﻛــر ،ﺑﯾــروت ،
.٩٤اﻟﻔن واﻷدب ﺑﺣث ﻓـﻲ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾـﺎت واﻷﻧـواع اﻷدﺑﯾـﺔ ،ﻣﯾﺷـﺎل ﻋﺎﺻـﻲ ،
١٩٤٥م .
.٩٦ﻓـــن اﻟﺗﺷـــﺑﯾﻪ ،ﻋﻠـــﻲ اﻟﺟﻧـــدي ،ﻣطﺑﻌـــﺔ ﻧﻬﺿـــﺔ ﻣﺻـــر ،اﻟطﺑﻌـــﺔ اﻷوﻟـــﻰ ،
١٩٥٢م.
.٩٧ﻓــﻲ اﻟﺑﻧﯾــﺔ واﻟدﻻﻟــﺔ رؤﯾــﺔ ﻟﻧظــﺎم اﻟﻌﻼﻗــﺎت ﻓــﻲ اﻟﺑﻼﻏــﺔ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،د.
١٥٠
.٩٨ﻓﻲ ﻋﻠـم اﻟﺑﯾـﺎن ،د .ﻋﺑـد اﻟـرزاق أﺑـو زﯾـد زاﯾـد ،ﻣﻛﺗﺑـﺔ اﻻﻧﺟﻠـو اﻟﻣﺻـرﯾﺔ ،
.١٠٠ﻗواﻋد اﻟﺷﻌر ،أﺑو اﻟﻌﺑﺎس اﺣﻣد ﺑن ﯾﺣﯾﻰ ﺛﻌﻠب ،ﺗﺣﻘﯾق وﺗﻘدﯾم وﺗﻌﻠﯾـق د.
.١٠١ﻗواﻋد اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ ،ﻻﺳل آﺑر ﻛروﻣﺑﻲ ،ﺗرﺟﻣـﺔ د .ﻣﺣﻣـد ﻋـوض ﻣﺣﻣـد ،
دار اﻟﺷؤون اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ،ﺑﻐداد ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ١٩٨٦م.
.١٠٢اﻟﻛﺎﻣــل ﻓــﻲ اﻟﻠﻐــﺔ واﻷدب واﻟﻧﺣــو واﻟﺗﺻــرﯾف ،ﻷﺑــﻲ اﻟﻌﺑــﺎس اﻟﻣﺑــرد ،
ﺗﺣﻘﯾــق اﺣﻣــد ﻣﺣﻣــد ﺷــﺎﻛر ،ﻣطﺑﻌــﺔ ﻣﺻــطﻔﻰ اﻟﺑــﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑــﻲ ،ﻣﺻــر ،اﻟطﺑﻌــﺔ
اﻷوﻟﻰ ١٩٣٧ ،م .
.١٠٣ﻛﺗـﺎب ﺳــﯾﺑوﯾﻪ ،أﺑـو ﺑﺷـر ﻋﻣــرو ﺑـن ﻋﺛﻣــﺎن ﺑـن ﻗﻧﺑـر ،ﺗﺣﻘﯾــق وﺷـرح ﻋﺑــد
اﻟﺳﻼم ﻫﺎرون ،ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﺑﯾروت )د.ت( .
.١٠٤ﻛﺗــﺎب اﻟﺷــﻔﺎء .اﻟﺧطﺎﺑــﺔ ،ﻷﺑــﻲ ﻋﻠــﻲ اﻟﺣﺳــﯾن ﺑــن ﻋﺑــد اﷲ ﺑــن ﺳــﯾﻧﺎ ،
١٥١
.١٠٧اﻟﻛﻠﯾﺎت ،ﻷﺑﻲ اﻟﺑﻘﺎء أﯾوب ﺑن ﻣوﺳﻰ اﻟﺣﺳﯾﻧﻲ اﻟﻌﻛﺑري ،ﻗﺎﺑﻠـﻪ ﻋﻠـﻰ ﻧﺳـﺧﺔ
ﺧطﯾـــﺔ واﻋـــدﻩ ﻟﻠطﺑـــﻊ ووﺿـــﻊ ﻓﻬﺎرﺳـــﻪ د .ﻋـــدﻧﺎن دروﯾـــش ،وﻣﺣﻣـــد اﻟﻣﺻـــري ،
ﻣﻧﺷورات وزارة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻹرﺷﺎد اﻟﻘوﻣﻲ ،دﻣﺷق ١٩٧٥ ،م .
.١٠٨اﻟﻠﺑﺎب ﻓـﻲ ﻋﻠـل اﻟﺑﻧـﺎء واﻹﻋـراب ،أﺑـو اﻟﺑﻘـﺎء ﻣﺣـب اﻟـدﯾن ﻋﺑـد اﷲ ﺑـن
اﻟﺣﺳــﯾن ﺑــن ﻋﺑــد اﷲ ،ﺗﺣﻘﯾــق ﻏــﺎزي ﻣﺧﺗــﺎر طﻠﯾﻣــﺎت ،دار اﻟﻔﻛــر ـ دﻣﺷــق ،
اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٩٥ ،م .
.١٠٩ﻟﺳــﺎن اﻟﻌــرب ،أﺑـو اﻟﻔﺿــل ﺟﻣــﺎل اﻟــدﯾن ﻣﺣﻣـد ﺑــن ﻣﻛــرم ﺑــن ﻣﻧظــور ،دار
.١١٠ﻟﻐﺔ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ )ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم( ﻓﻲ ﻧﻬﺞ اﻟﺑﻼﻏﺔ ،دراﺳـﺔ وﺻـﻔﯾﺔ ،
ﻋﻠﻲ ﻓرﺣﺎن ﺟواد اﻟﻛردي ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎدﺳﯾﺔ )رﺳﺎﻟﺔ( .
.١١١اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﺳﯾﺎق ،ﺟون ﻻﯾﻧز ،ﺗرﺟﻣﺔ د .ﻋﺑﺎس ﺻﺎدق اﻟوﻫﺎب ،
.١١٣اﻟﻣﺛــل اﻟﺳــﺎﺋر ﻓــﻲ أدب اﻟﻛﺎﺗــب واﻟﺷــﺎﻋر ،ﺿــﯾﺎء اﻟــدﯾن اﺑــن اﻷﺛﯾــر ،
ﺗﺣﻘﯾق اﺣﻣد اﻟﺣوﻓﻲ ،ﺑـدوي طﺑﺎﻧـﺔ ،ﻣﻧﺷـورات دار اﻟرﻓـﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟرﯾـﺎض ،اﻟطﺑﻌـﺔ
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ١٩٨٣ ،م .
.١١٤ﻣﺟــﺎز اﻟﻘ ـران ﺧﺻﺎﺋﺻــﻪ اﻟﻔﻧﯾــﺔ وﺑﻼﻏﺗــﻪ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،د .ﻣﺣﻣــد ﺣﺳــﯾن
ﻋﻠﻲ اﻟﺻﻐﯾر ،دار اﻟﺷؤون اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ـ ﺑﻐداد ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٩٤م .
١٥٢
.١١٦اﻟﻣدﺧل إﻟﻰ ﻋﻠم اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف ،د .ﻋﺑـد اﻟﻌزﯾـز ﻋﺗﯾـق ،دار اﻟﻧﻬﺿـﺔ
.١١٨اﻟﻣرﺷــد إﻟــﻰ ﻓﻬــم أﺷــﻌﺎر اﻟﻌــرب وﺻــﻧﺎﻋﺗﻬﺎ ،د .ﻋﺑــد اﷲ اﻟطﯾــب ،
وﺿــﺑطﻪ وﻋﻠــق ﺣواﺷــﯾﻪ ﻣﺣﻣــد آﺑــو اﻟﻔﺿــل إﺑـراﻫﯾم ،دار اﺣﯾــﺎء اﻟﻛﺗــب اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،
ﻋﯾﺳﻰ اﻟﺑﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑﻲ )د.ت( .
.١٢٢ﻣﻌﺟــم اﻟﺑﻼﻏــﺔ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،د .ﺑــدوي طﺑﺎﻧــﺔ ،ﻣﻧﺷــورات ﺟﺎﻣﻌــﺔ ط ـراﺑﻠس ،
.١٢٣ﻣﻌﺟم اﻟﻘراءات اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ،د .ﻋﺑد اﻟﻌﺎل ﺳﺎﻟم ﻣﻛرم ،د.اﺣﻣـد ﻣﺧﺗـﺎر ﻋﻣـر
١٥٣
.١٢٤ﻣﻌﺟم ﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻠﻐﺔ ،ﻷﺑﻲ اﻟﺣﺳﯾن اﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ،ﺗﺣﻘﯾق ﻋﺑد اﻟﺳـﻼم
ﻫﺎرون ،ﻣطﺑﻌﺔ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺑﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑﻲ ﺑﻣﺻر ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ١٩٧٠ ،م .
.١٢٦ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻠوم ،أﺑو ﯾﻌﻘوب ﯾوﺳف ﺑن أﺑﻲ ﺑﻛـر ﺑـن ﻣﺣﻣـد ﺑـن ﻋﻠـﻲ اﻟطـﺎﺋﻲ
اﻟﺳﻛﺎﻛﻲ ،ﺿﺑطﻪ وﻛﺗـب ﻫواﻣﺷـﻪ وﻋﻠـق ﻋﻠﯾـﻪ ﻧﻌـﯾم زرزور ،دار اﻟﻛﺗـب اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ
ﺑﯾروت ـ ﻟﺑﻧﺎن ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٨٣ ،م .
.١٢٧اﻟﻣﻘﺗﺿب ﻷﺑـﻲ اﻟﻌﺑـﺎس اﻟﻣﺑـرد ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻣﺣﻣـد ﻋﺑـد اﻟﺧـﺎﻟق ﻋظﯾﻣـﺔ ،دار
.١٢٨ﻣن أﺳرار اﻹﺑداع اﻟﻧﻘدي ﻓﻲ اﻟﺷﻌر واﻟﻣﺳـرح ،د .ﺳـﺎﻣﻲ ﻣﻧﯾـر ﻋـﺎﻣر
.١٣٠ﻣﻧﺎﻫﺞ ﺗﺟدﯾد ﻓـﻲ اﻟﻧﺣـو اﻟﺑﻼﻏـﺔ واﻟﺗﻔﺳـﯾر واﻷدب ،أﻣـﯾن اﻟﺧـوﻟﻲ ،
.١٣١اﻟﻣﻧﺻــف ،ﺷــرح ﻷﺑــﻲ اﻟﻔــﺗﺢ ﻋﺛﻣــﺎن ﺑــن ﺟﻧــﻲ ﻟﻛﺗــﺎب اﻟﺗﺻــرﯾف ﻟﻠﻣــﺎزﻧﻲ ،
ﺗﺣﻘﯾق إﺑراﻫﯾم ﻣﺻطﻔﻰ ،وﻋﺑد اﷲ أﻣﯾن ،ﻣطﺑﻌﺔ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺑﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑﻲ ﺑﻣﺻر
،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٥٤ ،م .
١٥٤
ﻣﺣﻣــد اﻟﺣﺑﯾــب ﺑــن اﻟﺧوﺟــﺔ ،دار اﻟﻛﺗــب اﻟﺷــرﻗﯾﺔ ،اﻟﻣطﺑﻌــﺔ اﻟرﺳــﻣﯾﺔ ـ ﺗــوﻧس
١٩٦٦،م .
.١٣٣ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي ﺑﯾن اﻟﺗراث وﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺣدﯾث ،د .ﻋﻠـﻲ زوﯾـن
،دار اﻟﺷؤون اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،آﻓﺎق ﻋرﺑﯾﺔ ،ﺑﻐـداد ،اﻟطﺑﻌـﺔ اﻷوﻟـﻰ ١٩٨٦ ،م
.
د .ﻋﺑد اﻟﺻﺑور ﺷﺎﻫﯾن ،ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﯾروت ١٩٨٠ ،م .
.١٣٥اﻟﻣﻬــذب ﻓــﻲ ﻋـــﻠم اﻟﺗﺻــرﯾف ،د .ﻫﺎﺷــم طـــﻪ ﺷــﻼش )وآﺧـــرﯾن( ،ﺑﯾــت
.١٣٦اﻟﻣوازﻧﺔ ﺑﯾن أﺑﻲ ﺗﻣﺎم واﻟﺑﺣﺗري ،أﺑو اﻟﻘﺎﺳم اﻟﺣﺳن ﺑن ﺑﺷر اﻻﻣـدي ،
ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺣﻣد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﺑﯾروت ،اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ١٩٤٤ ،م .
.١٣٧ﻣوﺳــﯾﻘﻰ اﻟﺷــﻌر ،إﺑ ـراﻫﯾم أﻧــﯾس ،ﻣطﺑﻌــﺔ ﻟﺟﻧــﺔ اﻟﺑﯾــﺎن اﻟﻌرﺑــﻲ ،اﻟطﺑﻌــﺔ
.١٤٠اﻟﻧﻘــد اﻷدﺑــﻲ اﻟﺣــدﯾث ،د .ﻣﺣﻣــد ﻏﻧﯾﻣــﻲ ﻫــﻼل ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓــﺔ ،ﺑﯾــروت ـ
١٥٥
.١٤١ﻧﻘــد اﻟﺷــﻌر ﻗداﻣــﺔ ﺑــن ﺟﻌﻔــر اﻟﺑﻐــدادي ،ﺗﺣﻘﯾــق ﻛﻣــﺎل ﻣﺻــطﻔﻰ ،ﻣطﺑﻌــﺔ
.١٤٢اﻟﻧﻘد اﻟﻠﻐوي ﻋﻧد اﻟﻌرب ﺣﺗﻰ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘـرن اﻟﺳـﺎﺑﻊ اﻟﻬﺟـري ،ﻧﻌﻣـﺔ
.١٤٣اﻟﻧﻘد واﻟﺑﻼﻏﺔ ،د .ﻣﻬـدي ﻋـﻼم )وآﺧــرﯾن( ،اﻟﻣطﺑﻌـﺔ اﻷﻣﯾرﯾـﺔ ﺑﺎﻟﻘــﺎﻫرة ،
١٩٥٧م .
.١٤٤اﻟﻧﻛت ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘـران ،أﺑـو اﻟﺣﺳـن ﻋﻠـﻲ ﺑـن ﻋﯾﺳـﻰ اﻟرﻣـﺎﻧﻲ ،ﺿـﻣن
ﺛﻼث رﺳـﺎﺋل ﻓـﻲ إﻋﺟـﺎز اﻟﻘـران ،ﺗﺣﻘﯾـق ﻣﺣﻣـد ﺧﻠـف اﷲ ،وﻣﺣﻣـد زﻏﻠـول ،دار
اﻟﻣﻌﺎرف ﺑﻣﺻر ) .د.ت(
.١٤٥اﻟﻧﻬﺎﯾـﺔ ﻓـﻲ ﻏرﯾـب اﻟﺣـدﯾث واﻷﺛــر ،ﻻﺑـن اﻷﺛﯾـر ،ﺗﺣﻘﯾـق طـﺎﻫر اﺣﻣــد
اﻟ ـراوي ،وﻣﺣﻣــود ﻣﺣﻣــد اﻟطﻧــﺎﺣﻲ ،دار إﺣﯾــﺎء اﻟﻛﺗــب اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،ﻋﯾﺳــﻰ اﻟﺑــﺎﺑﻲ
اﻟﺣﻠﺑﻲ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٦٣ ،م .
.١٤٦ﻧﻬــﺞ اﻟﺑﻼﻏــﺔ ،ﺿــﺑط ﻧﺻــﻪ واﺑﺗﻛــر ﻓﻬﺎرﺳــﻪ اﻟﻌﻠﻣﯾــﺔ د .ﺻــﺑﺣﻲ اﻟﺻــﺎﻟﺢ ،
ﻋﺑد اﻟﻣﺗﻌﺎل ﺳﺎﻟم ﻣﻛرم ،دار اﻟﺑﺣوث اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ١٩٧٩ ،م .
.١٤٨وﺳﺎﺋل اﻟﺷﯾﻌﺔ ،ﻟﻠﺣر اﻟﻌﺎﻣﻠﻲ ،ﻣؤﺳﺳﺔ آل اﻟﺑﯾت ،ﻗم ١٤٠٩ ،ﻫـ .
١٥٦