You are on page 1of 11

‫أ – مقدّ مة الدرس‪:‬‬

‫تتر ّكز حول النقاط التالية ‪:‬‬


‫‪ -‬تعريف الذاكرة حسب المعجم الفلسفي للمفك ر الالن د ‪ " :‬ال ذاكرة هي الوظيف ة‬
‫النفسانية التي تقتضي اعادة تركيب حالة واعية ماض ية على انه ا ماض ية اي‬
‫اننا تخطيناها في الوعي "‪.‬‬
‫‪ -‬تعريفات متع ّددة للذاكرة ‪:‬‬
‫‪ -1‬حسب الفالسفة القدماء ‪ " :‬هي القوة التي تستطيع حف ظ واع ادة م ا تعرّ فن ا‬
‫عليه من معلومات "‪.‬‬
‫‪ -2‬عند الفيزيولوجيين الجدد ‪ " :‬هي مجموعة وظائف دقيقة " مثل‪:‬‬
‫( التثبيت – التعرّ ف – النسيان – التحليل االولي ) ‪.‬‬
‫حيث نك ون ق درة اكتس بناها في الماض ي او الحاض ر ‪ ,‬بم ا ي و ّفر مه ارة‬
‫مساعدة لعمل الفكر‪ ,‬وكذلك لحل المشكالت والقدرة على التكييف ‪.‬‬
‫‪ -3‬حس ب " هي دغر" ‪ " :‬إنّ االنس ان ك ائن االبع اد فإ ّن ه يس قط المس تقبل في‬
‫الحاض ر ‪ ,‬وي دمج الماض ي بالحاض ر‪ ,‬فتك ون الديموم ة مس رح الت ذ ّكر‬
‫والتخيّل " ‪.‬‬
‫‪ -4‬حس ب " ديالي " ‪ " :‬ال ذكريات ليس ت ص وراً‪ ,‬انم ا هي حكم في الزم ان‬
‫على الصور االتية من الماضي " ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أنواع الذاكرة ‪:‬‬
‫الذاكرة بحسب الفالسفة وعلماء النفس لها ع ّدة أنواع ‪:‬‬
‫الذاكرة الحسية ‪ ,‬وهي الذاكرة اآلنية المباشرة والتي ترتبط بالحواس ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬ال ذاكرة قص يرة الم دى ‪ ,‬وهي ال تي تحف ظ المعلوم ات ل وقت قص ير ‪ ,‬ال‬
‫يمكن تجدي ده بدق ة بين ش خص واخ ر‪ ,‬ألن ه مرتب ط باالنتب اه والترك يز‬
‫والظروف المعرفية والنفسية ‪.‬‬
‫المتوس طة‪ ,‬وهي اق وى من القص يرة في الحف ظ والتث بيت ل وقت‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬ال ذاكرة‬
‫أطول ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال ذاكرة الطويل ة ‪ ,‬وهي ال ذاكرة ال تي تق وم بالوظ ائف من ت ذ ّكر وحف ظ‬
‫واسترجاع ‪.‬‬
‫ج‪ -‬وظائف عمل الذاكرة ‪:‬‬
‫االستالم ‪ :‬بحيث تستقبل الصور والمعلومات بصورة الية بحسب نشاطها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التعرف ‪ :‬بحيث تقوم الذاكرة ب التعرّ ف على ن وع المعلوم ة ال تي ت ّم اس تالمها‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫المنظم لكل نوع من الذكريات الحقا ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لكي ًتساعدها هذه المهمة على الترميز‬
‫التث&&بيت ‪ :‬ه ذا االج راء ه و عب ارة عن ترك يز ال ذكريات في مل ّف ات ض من‬ ‫‪-‬‬
‫منظم ودقيق ومرمّز ليس هل التع رف عليه ا الحق ا ً عن د‬ ‫تالفيف الذاكرة بشكل ّ‬
‫استدعائهاز‬
‫الحف&&ظ ‪ :‬وهي مرتبط ة ب التثبيت وهن ا يتم ادخاله ا بش كل نه ائي الى ال ذاكرة‬ ‫‪-‬‬
‫الطويلة ووضعها في المجال الذي يناسبها‪.‬‬
‫الت&&ذ ّكر واالس&&ترجاع ‪ :‬وهي من أب رز خص ائص ووظ ائف عم ل ال ذاكرة‬ ‫‪-‬‬
‫االنسانية الضرورية والتي تتخذ منها سمتها الخاصة وهي إمّا آلية تلقائية وإمّا‬
‫إرادية ‪.‬‬
‫النسيان ‪ :‬وهو أحد الوظائف االساسية المهمّة للذاكرة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫د‪ -‬العوامل المؤ ّثرة في تثبيت الذكريات ‪:‬‬

‫ح ّدد العلماء عاملين اساس يين لهم ا اث ر ب الغ في حف ظ وتث بيت ال ذكريات‬
‫هما‪:‬‬
‫العوامل الذاتية ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يؤكد الباحثون ومنهم " غوسدورف " إنّ ال ذاكرة هي فع ل يعكس شخص يتنا‬
‫كلها وباالخص ( مشاعرنا – ميولنا – قيمنا الشخصية ) ‪ ,‬فنحن ال نتذكر إسم‬
‫شخص أو رقم هاتفه ولو كرّ ره مرات عدة أمامنا ‪ ,‬أل ّنه لم يترك فينا أي أثر ‪.‬‬
‫لذا فانّ ميولنا ورغباتنا وثقافتنا تساعد بالفعل على تثبيت الذكريات‪ ,‬فالحاجات‬
‫تؤثر كثيراً في حفظ ال ذكريات ‪ ,‬وتك ون‬ ‫والهموم والقيم الواعية والغير واعية ّ‬
‫مرتبطة باالماكن والظروف التي حصلت فيها‪.‬‬

‫العوامل الموضوعية ‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫حسب رؤية " الغشطالت " ‪ ,‬فانّ الشكل‬
‫األفضل واألك ثر ت أثيراً في مس رح حياتن ا ه و ال ذي تثبّت ه ال ذاكرة ‪ ,‬فعن دما‬
‫منظمة الترتيب أفض ل من أن يحف ظ سلس لة‬ ‫نستمع الى نغمة او انشودة واحدة ّ‬
‫أصوات أو ت راكم أس طر ل ذا نحن نحف ظ بس رعة قص يدة موزون ة وال نحف ظ‬
‫قطعة نثرية ‪.‬‬

‫ﻫ ‪ -‬شروط االستذكار‪:‬‬

‫يح ّدد علماء النفس شرطين أساسيين إلتمام عملية االستذكار الطبيعي ة بع د‬
‫حفظ الذكريات ‪ ,‬هما ‪:‬‬

‫االنتباه والحاجة الى التع ّلم ‪ :‬فلكي نستطيع مذاكرة وتذ ّكر درس معين ‪ ,‬علين ا‬ ‫‪-‬‬
‫فهمه أوالً‪ ,‬وهذا الشرط االولي مرتبط باحساس داخلي هو الحاجة الى التعلّم ‪.‬‬
‫دور ال&&ترداد والتك&&رار ‪ :‬إنّ ت رداد درس او نظري ة لم رات ع دة باس تمرار‬ ‫‪-‬‬
‫يسهّل عملية التذ ّكر‪ ,‬وكذلك االكتساب‪.‬‬
‫و‪ -‬طرق التذ ّكر‪:‬‬

‫‪ -‬التذ ّكر التلقائي ‪ :‬ويعرّ ف بأنه تذ ّكر طبيعي تقوم به الذاكرة دائما ً ويف ترض ان‬
‫يكون تاماص‪ ,‬بحيث ال تغيب اية معلوم ة عن ص احبه‪ ,‬ويحت اج الى ظ روف‬
‫طبيعية عند الشخص جسديا ً وعصبيا ً ونفسيا ً وانعالي ا ً وعاطفي ا ً وفكري اً‪ ,‬وهن ا‬
‫تتر ّكز اهمية العامل الذاتي باالضافة الى العامل الموضوعي‪.‬‬
‫‪ -‬التذ ّكر االرادي ‪ :‬وهو يستوجب جهداً واضحا ً ينبع من ارادة االنس ان ورغبت ه‬
‫القوية في التذكر ‪ ,‬وله شروط‪:‬‬
‫‪ -1‬التأكد من مضمون وخطوات العمل الذي ن ّفذناه‪.‬‬
‫‪ -2‬الدقة في التتبع والعودة الى كل خطوة ‪.‬‬
‫‪ -3‬االستعانة بالذكاء القام ة الرب ط بين اج زاء ال ذكريات ال تي نس ترجعها في‬
‫عملية التركيب للوصول الى النتيجة الصحيحة ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬علي ذأن أتذكر أين وضعت مف اتيحي عن دما خ رجت من الس يارة‬
‫الى مكتبي ‪ ,‬وقبل أن أتأخر عن موعد اجتماع خارجي ‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬هذا التذ ّكر يحتاج الى تدريب من قبل الشخص بنفسه ‪ ,‬حتى يص بح‬ ‫‪-‬‬
‫مهارة لديه ‪.‬‬

‫ز‪ -‬مسألة حفظ الذكريات ‪:‬‬

‫يطرح الباحثون سؤاالً هاما ً هو‪ :‬اين تكمن الذكريات عن دما ال نف ّك ر به ا ؟‬


‫او عندما ال نحتاجها ؟‬
‫وهناك بالطبع اجابات عدة حول هذا التساؤل ‪:‬‬

‫النظرية المادية ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫‪ -‬تعود جذورها الى " أبقراط " و " جالينوس" اللّذين جعال الذكريات محفوظة‬
‫في تجاويف الدماغ ‪.‬‬
‫‪ " -‬ابن سينا " ‪ ,‬ميّز بين أنواع الذكريات فقال ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الذكريات المادية لالشكال وصورها تحفظ في المصوّ رة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المعاني والمفاهيم المنتزعة من االشياء واالفكار ‪ ,‬فإنها تحفظ في ال ذاكرة‬
‫الحقيقية ‪.‬‬
‫وكان " ابن س&&ينا " يم ّي ز بين ادراك المع اني الجزئي ة وادراك المع اني‬
‫الكلي ة‪ .‬وبرأي ه أنّ المع اني الكلي ة ال يمكن أن تحف ظ في ال دماغ ‪ ,‬ألنه ا من‬
‫طبيعة مجرّ دة ‪ ,‬بينما طبيعة الدماغ مادية وال يحفظ المعنى المجرد عن الم ادة‬
‫في وعاء مادي‪.‬‬
‫‪ -‬موقف " ريبو" ‪ ,‬رأى ان الذكريات تحفظ في ال دماغ على ش كل بق اي مادي ة‬
‫يمكن لالنطباعات الحاضرة ان توقظها‪ ,‬اي تعيدها الى منطقة الوعي الحاضر‬
‫الستخدامها في الحال‪.‬‬
‫وقد شبّه "ريبو" الذكريات بأثالم محفورة في الدماغ وعلى غ رار االس طوانة‬
‫التي تحفظ صوت الموسيقى ‪ ,‬وقال‪ :‬انها تتش ّكل عن د االنس ان ب التكرار ال ذي‬
‫يمارسه الفرد لحفظ اي صورة‪.‬‬
‫وتوصّل " ريبو" الى هذه النتيج ة من خالل دراس ات طبي ة خاص ة بمعالج ة‬
‫امراض الذاكرة ‪ ,‬ورأى انّ اي خلل دم اغي يمح و ال ذكريات المر ّك زة في ه ‪,‬‬
‫فتك ون ال ذاكرة مجموع ة ص ور بص رية ولمس ية وحركي ة وغيره ا‪ ...‬فهي‬
‫مردودة الى خصائص المادة الدماغية‪.‬‬

‫‪ -‬االبحاث الفيزيولوجية المعاص&&رة ‪ :‬ويمكن ضمّها الى نت ائج النظري ة المادي ة‬


‫ؤخراً الى نت ائج هام ة على ص عيد‬ ‫توص لت م ّ‬
‫ّ‬ ‫عن د "ريب&&و" واخ رين ‪ ,‬حيث‬
‫تحديد انشطة الذاكرة ‪ ,‬فقد اثبت االختب ار ان ال ذاكرة االنس انية تن ّفذ ع دداً من‬
‫المهمّات الحساسة التي تشبه عمل العق ل االص طناعي( المع الج االلي ) من ‪:‬‬
‫إستقبال وتنظيم وترميز وبرمجة وتصحيح واسترجاع ‪.‬‬
‫خالصة ‪ :‬تر ّكزت نتائج النظرية المادي ة التجريبي ة على تحدي د مع نى الت ذكر‬ ‫‪-‬‬
‫وعمل الذاكرة وموضع الذكريات وطريقة حفظها‪.‬‬
‫وقد القت هذه النظرية تأي داً واس عا ً من الفيزيولوج يين وعلم النفس المعاص ر‬
‫وأنصار المدرسة المعارفي ة ال تي تر ّك ز ج ّل اهتمامه ا على طاق ة ال دماغ في‬
‫الفهم والتحليل والحفظ والتذكر‪.‬‬

‫نقد النظرية المادية ‪ :‬اثبتت التجارب الجديدة انّ العطب الذي يص يب ال دماغ‬ ‫‪-‬‬
‫ال يدمّر الدماغ ‪ ,‬انما يعيد مرحليا ً عملية التذكر ‪.‬‬
‫حتى العادات فهي ليست حركات جسدية بحتة‪ ,‬إ ّنما هي عوامل ذهني ة لل وعي‬
‫تتر ّكز على الوظيفية التوليفية للوعي ‪.‬‬

‫كما أنه لم تتأكد بعض النتائج لالختبارات حول إستعادة الذكريات وظلّت غير‬
‫محددة ‪.‬‬

‫‪ -2‬النظرية الروحانية ( برغسون) ‪:‬‬


‫انتقد "برغسون" "ريب&&و" ومدرس ته المادي ة ‪ ,‬ألن ه لم يم ّي ز بين الع ادات‬
‫وال ذكريات حيث ق ال ‪ :‬أن ا أتعلم من خالل سلس لة من التك رارات قطع ة‬
‫شعرية عن ظهر قلب وهذه عادة ‪.‬‬
‫لكن عندما أذكر المراحل المرتبطة بفترة التعلّم مع خاصية كل واحدة منه ا‬
‫‪ ,‬فهذا يعني استذكار الذكريات ‪.‬‬
‫ويعرّ ف "برغسون" ال ذكريات بأنه ا لحظ ة فري دة في الع دد وفي الن وع ‪ ,‬ال‬ ‫‪-‬‬
‫اختزالية من مرحلة زمانيننا الملموس ‪.‬‬
‫العادة فعل يستعمل الماضي في الوقت الحاضر ‪ ,‬بينما الذاكرة هي حالة تأمّل‬ ‫‪-‬‬
‫ينبعث فيها الماضي ‪.‬‬
‫ويرى "برغسون" انّ الذكريات ليس ت س وى افك ار ‪ ,‬واألفك ار ال تحف ظ في‬ ‫‪-‬‬
‫وعاء مادي كالدماغ ‪.‬‬
‫ويرى أنّ ال ّدماغ ليس مستودع الذكريات بل مصفاة تمرّ عبرها ال ذكريات الى‬ ‫‪-‬‬
‫الحاضر‪ ,‬حسب الحاجة والضرورة ‪ ,‬وفي حالة اصابة الدماغ فانّ هذا االخير‬
‫يصبح عاجزاً عن القيام بدور المص فاة ‪ ,‬فتظه ر عندئ ذ ص عوبات في الت ذكر‬
‫االرادي ‪.‬‬
‫بما أنّ التذكر التلقائي يبقى قائما ً بعفويته فقد اس تنتج "برغس&&ون" ان ه ال تفق د‬ ‫‪-‬‬
‫الذكريات ‪ ,‬أي أ ّنه ليس هناك نسيان دائم‪ ,‬بل نسيان م ؤقت ‪ .‬يمكن أن نعت بره‬
‫صعوبة تذكر ‪.‬‬
‫كما أكد أنّ ذكرياتنا تحفظ بأكملها في الاّل وعي وتنتظر لحظة انبعاثها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫نقد نظرية "برغسون"‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫ش كك بعض الب احثين فيم ا رآه " برغس&&ون" ح ول بق اء ك ل ال ذكريات فين ا‪ ,‬رغم‬
‫صعوبات تذكرها‪ ,‬ألنّ ذلك لم يثبت بأدلة ملموسة‪ ,‬وألنهم اعتبروا انّ هذه المسألة ال‬
‫مجال لبرهنتها ‪ ,‬كما أنّ الذاكرة تضعف تدريجيا ً مع تق ّدم السنّ ‪.‬‬

‫‪ -3‬النظرية الظاهراتية عند هوسرل و ميرلوبونتي ‪:‬‬

‫ق ّدم الظاهراتيون رؤيتهم حول الذاكرة والذكريات ‪ ,‬فقالوا ‪:‬‬


‫إنّ الذكريات هي الفعل الدينامي الب ارز لل ذاكرة ‪ ,‬وليس ت مج رّ د حال ة‬ ‫‪-1‬‬
‫عابرة ‪ ,‬وهي ليست في ال ّدماغ وال في الالوعي او الوعي ‪.‬‬
‫نّ التعرّ ف على الذكريات يكون الفعل االكثر نفسانيا ً للذاكرة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عن دما نس تذكر يع ني انن ا نس تطيع التمي يز بين الماض ي والحاض ر‬ ‫‪-3‬‬
‫والمستقبل ‪ ,‬اي نقوم بتوليفة عقلية ‪.‬‬
‫االنس ان ال يت ذ ّكر بفع ل االس قاطات النفس ية الخاص ة ب ه ع بر مك ان‬ ‫‪-4‬‬
‫الحدث‪ ,‬بل عبر الزمن ايضاً‪.‬‬
‫‪ -5‬اذا كان ال يمكن حفظ ال ذكريات ‪ ,‬واذا ك انت ه ذه فعالً وليس ت مج رّ د‬
‫اثار مطبوعة من الماضي فينا‪ ,‬فهل يمكن اع ادة ت ركيب ال ذكريات من‬
‫ال شيء؟‬
‫والجواب انه ال يمكن ذلك ‪,‬بل ال ب ّد ان تس تعين ال ذاكرة بعوام ل نفس ية‬
‫او اجتماعية‪.‬‬
‫‪ -6‬الذكريات تتطوّ ر ألنها ت تر ّكب بت داخل التغ يرات الطارئ ة والمس تج ّدة‪,‬‬
‫فتصبح الذكريات غنية أكثر‪.‬‬
‫يقول " هالبفاكس " ‪ :‬إنّ الماضي ال يحفظ بل نبنيه من الحاضر بالمعرفة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫د‪ -‬الذاكرة الوجدانية ‪:‬‬

‫تط رح المدرس ة الرومنطقي ة ‪ ,‬وبعض علم اء النفس ‪ ,‬فك رة ال ذاكرة‬


‫مؤش ر عليه ا ‪ ,‬ه و حض ور الحادث ة الم ّ‬
‫ؤثرة‬ ‫ّ‬ ‫الوجداني ة او العاطفي ة‪ ,‬وأهم‬
‫عاطفي ا ً الى س احة ال وعي بس بب عام ل أو راب ط " تنبعث " مع ه ال ذكريات‬
‫المؤلم ة او المفرح ة من جدي د ‪ .‬حيث تت وارد الص ور بكثاف ة على ال ذاكرة‬
‫لتشكل عامل اكتئاب أو فرح ‪.‬‬
‫نقد النظرية الوجدانية ‪:‬‬
‫أشار بعض الن ّقاد ‪ ,‬الى انّ استرجاع حالة عاطفية معينة في الحاضر‪ ,‬ي ترافق‬ ‫‪-‬‬
‫دائما ً مع شعور آخر " االنفعال او الحسرة او الندم او البهجة "‪.‬‬
‫اي هناك عاطف ة جدي دة نظيفه ا في الحاض ر الى العاطف ة‪ ,‬وخاص ة العاطف ة‬ ‫‪-‬‬
‫االصلية‪.‬‬
‫ويقول " هنري ديالك&&روا " ‪ :‬االنفع ال يرتب ط بالحي اة وبالحاض ر ‪ ,‬فه و ر ّدة‬ ‫‪-‬‬
‫فعل حالية وخاصة وليست عامة‪.‬‬
‫ويقول "الشيليه " ‪ :‬فعن دما نت ذ ّكر االلم ال نش عر ب االلم‪ ,‬ألن ه يص بح مج رّ د‬ ‫‪-‬‬
‫ذكرى نعيها ونتكلّم عنها‪ ,‬ألننا نعترف انن ا نرج ع الى الماض ي وه و مختل ف‬
‫عن الحاضر ‪.‬‬
‫استنتاج& ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫ال مجال الثبات هذه النظرية التي تحاول اثبات ذاكرة عاطفي ة‪ ,‬ألنن ا في ح ال‬
‫قلنا بوجودها ‪ ,‬نكون ال زلنا مقيّدين بالالوعي‪ ,‬بحيث اننا ال نس تطيع التخلّص‬
‫من الماضي الذي يسيطر على لحظتنا الحاضرة‪.‬‬

‫ه‪ -‬نظرية الذاكرة االجتماعية عند " جانيه " ‪:‬‬


‫يطرح " جاني&&ه " انّ ال ذكريات تط رح وج ود االنس ان داخ ل مجتم ع معين‪,‬‬
‫حيث تلعب البيئة االجتماعية دوراً بارزاً في تش ّكل الذاكرة الفردية‪.‬‬
‫انتقد " جانيه " تفسير كل من ريبو وبرغسون حول حف ظ ال ذكريات ألنهم ا‬ ‫‪-‬‬
‫الحظ ا الج انب الف ردي(الشخص ي) من حي اة االنس ان ‪ ,‬وكأن ه ال ارتب اط‬
‫اجتماعي له ‪ ،‬ولم يهتما بالجانب االجتماعي الذي يطب ع ذاك رة الف رد بم ا في ه‬
‫من موروثات ‪.‬‬

‫يؤكد " جانيه " ب أن الف رد يحف ظ ال ذكريات كفع ل اجتم اعي تش اركي وليس‬ ‫‪-‬‬
‫عمال فردي ا منع زال عن الجماع ة ‪ ،‬وذاكرت ه ت روي م ا حفظ ه ك المجتمع ‪،‬‬
‫ويرفض أن تكون ذاكرته لمجرد السرد ‪.‬‬
‫كما كان يعتقد " جاني&&ه " أنّ االنس ان ال ذي يعيش وحي دا ال ذاك رة ل ه وه و‬ ‫‪-‬‬
‫ليس بحاجة لذاكرة ‪.‬‬

‫‪ -‬مداخلة ‪:‬‬
‫كان برغسون يعتقد عكس ذلك ‪ ،‬فهو ي رد ب القول ‪ " :‬االنس ان يعيش م ع ذكريات ه ‪،‬‬
‫وهو يفضل االحتفاظ بها لنفسه وال يرغب في سردها على اآلخرين ‪.‬‬
‫ر ّد " جاني&&ه " على ه ذه المالحظ ة ‪ :‬عن دما راح " روبنس&&ون ك&&روزو " ي دوّ ن‬
‫مذكراته في جزيرته النائية ‪ ،‬فأل ّنه كان يع ّد نفسه بالعودة يوما ما للعيش في مجتمع ه‬
‫وبين أقران ه ‪ ،‬وحينئ ذ س يقرأ عليهم ك ل م ا س جله من ذكريات ه ‪ ،‬وه ذا برأي ه دلي ل‬
‫واضح على أن الطابع األساسي للذاكرة هو الطابع االجتماعي ‪.‬‬

‫‪ -‬النسيان‪:‬‬

‫ما هو النسيان؟‬ ‫‪-‬‬


‫لماذا ننسى؟‬ ‫‪-‬‬
‫هل نحن ننسى؟‬ ‫‪-‬‬
‫هل هو حالة طبيعية او ال ارادية؟‬ ‫‪-‬‬
‫هل هو ضعف ذاكرة؟‬ ‫‪-‬‬
‫واخيراً‪ ,‬هل يوجد نسيان؟‬ ‫‪-‬‬

‫أ‪ -‬تحديد ‪:‬‬


‫‪ -‬يرى بعض علماء النفس أنّ النسيان هو خلل أو نقص أو ضعف في الق درة‬
‫على التذ ّكر ‪.‬‬
‫‪ -‬ويرى آخرون ‪ ,‬النسيان هو اختفاء مؤ ّقت أو نهائي للمعلوم ات وال ذكريات‬
‫التي عرفناها وعشناها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أنواع النسيان ‪:‬‬
‫هناك نوعان من النسيان ‪:‬‬
‫النسيان الس&&وي ‪ :‬ه و حال ة طبيعي ة تحص ل في عم ل ال ذاكرة ‪ ,‬حيث تهم ل‬ ‫‪-1‬‬
‫ذكري ات ‪ ,‬وتظه ر اخ رى محلّه ا ‪ .‬وربم ا يك ون ن وع من التو ّق ف اآللي عن‬
‫التفكير بأمر ما ‪.‬‬
‫النسيان المرضي (غير السوي) ‪ :‬وهو ناتج عن اسباب عضوية او نفس ية او‬ ‫‪-2‬‬
‫خلل في عمل الذاكرة بسبب التق ّدم بالسن ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫ليست الذاكرة نشاطا ً اليا ً منفصالً عن الشخصية ‪ ,‬ففي جميع مراحلها ( حف ظ‪,‬‬ ‫‪-‬‬
‫استعادة‪ ,‬معرفة) هي تعبير عن الشخصية الواقعي ة الح ّي ة ال تي تش ّد الماض ي‬
‫الى الحاضر لتحقق التكييف‪ ,‬فيه وفي المستقبل‪.‬‬
‫يقول " برادين " ‪ " :‬التذكر هو عمل العقل والخيال والذكاء البشري"‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اي هو عمل فكري وارادي‪ ,‬يعبّر بواسطته االنسان كليا ً عن نفسه‪ ,‬ويسهم في ه‬
‫الجسد (العادات) والحالة النفسية ‪ ,‬والبعد االجتماعي ‪.‬‬
‫ويقول الشاعر الفرنسي " أبولينار" ‪ " :‬األيام تمضي إّنما أنا باق"‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫" فالذاكرة هي الوسيلة الوحيدةالتي يشعر من خاللها االنسان انه يق اوم حتمي ة‬
‫مسيرة الزمن دائما ً نحو األمام " ‪.‬‬
‫ويقول " إيبسن " ‪ " :‬نحن بالفعل ‪ ,‬ال نملك إالّ ما قد أفلت م ّنا " ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اعداد األستاذة زينب ترحيني‬

You might also like