You are on page 1of 25

‫البيوإيتيقا‪..

‬‬
‫بين هول التقنية والتأطير الديني‪.‬‬

‫∗‬
‫د‪ .‬آمال عالوشيش‬
‫الكلمــات المفتاحيــة‪ :‬البيوتكنولوجيــا‪ -‬التقنيــة‪ -‬البيوإيتيقــا‪ -‬الديــن‪ -‬األخالقيــات‬
‫التطبيقية‬
‫ملخــص‪ :‬الهــدف مــن هــذه الورقــة البحثيــة هــو الوقــوف عنــد مفهــوم البيوإيتيقــا كفــرع‬
‫رئيســي مــن األخالقيــات التطبيقيــة التــي اســتدعتها البيوتكنولوجيــا‪ ،‬أي مختلــف‬
‫التطــورات التــي حصلــت فــي ميــدان الصحــة البشـرية بشــكل خــاص مــن خــال التقــدم‬
‫العلمــي الهائــل‪ ،‬ومختلــف مــا أفرزتــه مــن إشــكاليات أخالقيــة وقانونيــة لــم يعهــد بوســع‬
‫أبقـراط أن يســتوعبها مــن قبيــل االستنســاخ والقتــل الرحيــم وتحســين النســل واإلجهــاض‬
‫المتعمــد وإطالــة العمــر والتخصيــب االصطناعــي وغيرهــا‪ ،‬وتبيــان مواقــف الديانــات‬
‫المختلفــة منهــا علــى تعددهــا واتفاقهــا وتعارضهــا أحيانــا‪ ،‬مــع العلــم أن هــذا التقــدم مــس‬
‫الحيوان كما النبات‪.‬‬
‫ �‪Keywords: Biotechnology - Technology - Bioethics - Religion - Ap‬‬
‫‪plied Ethics‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪The purpose of this paper is to stand up to the concept of biocetics‬‬
‫‪as a major branch of applied ethics called by biotechnology, that is,‬‬
‫‪the various developments in the field of human health in particular‬‬
‫‪through the tremendous scientific progress and the various ethical and‬‬
‫‪legal problems that Hippocrates has not been able to comprehend.‬‬
‫‪Such as cloning, euthanasia, birth control, intentional abortions, pro-‬‬
‫‪longation of life, artificial fertilization, etc., and to indicate the posi-‬‬
‫‪tions of different religions on the various, sometimes conflicting and‬‬
‫‪agreed upon.‬‬
‫مقدمــة‪ :‬يتنــاول موضــوع هــذه الورقــة مقاربــة تنــدرج ضمــن مبحـ ٍ‬
‫ـث فلســفي معاصـ ٍـر بامتيــاز‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وهو البيوإتيقا (‪ )Bioéthics‬أو أخالق الحياة أو الطب أو البيولوجيا على اختالف‬
‫أستاذ محاضر‪ /‬قسم الفلسفة‪ /‬جامعة الجزائر‬ ‫∗‬

‫‪-127-‬‬
‫ـث أكبــر هــو األخالقيــات‬ ‫التّســميات أو التّرجمــات‪ ،‬وهــو مجــال يصــب بــدوره ضمــن مبحـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫التّطبيقيــة (‪ )Les éthiques appliquées‬أو الفكــر األخالقــي الجديــد‪ ،‬واّلــذي يعـ ّـد فــي‬
‫ّ‬
‫ـتجدات والتطـ ّـورات‬ ‫يكــون قــاد اًر علــى مســايرة المسـ ّ‬ ‫حقيقــة األمــر خطابـاً أخالقيـاً مــن شــأنه أن ُ‬
‫الصحة والحياة‪.‬‬ ‫المذهلة اّلتي وقعت في ميدان الطب و ّ‬
‫الســياق أن نقــف ولــو بعجالـ ٍـة عنــد روايــة ألــدوس هكســلي (‪-1894‬‬ ‫وجديـٌـر بالذكــر فــي هــذا ّ‬
‫‪ )1963‬اّلتــي صــدرت عــام (‪ )1932‬بعنـوان عالــم جديــد شــجاع (‪)Brave New World‬‬
‫أو عالــم رائــع جديــد وهــي روايــة مــن نــوع الخيــال العلمــي تــدور أحداثهــا حــول عالـ ٍم طغــى فيــه‬
‫وكل مــا هــو‬ ‫ٍ‬
‫النــاس‪ ،‬عالــم عقاقيــر وآالت انتفــت فيــه العاطفــة والجمــال ّ‬ ‫العلــم علــى حيــاة ّ‬
‫ٍ‬
‫شــاعر ّي‪ ،‬وتـ ّـم االســتغناء فيــه عــن الــزواج لصالــح أطفــال يتـ ّـم إنتاجهــم مــن خــال بيــوض فــي‬
‫خاصــة بــدالً عــن األرحــام‪ ،‬وبالتّالــي وصــل إلــى ضبــط حركــة الـوالدة بحيــث يمكــن لهــذه‬ ‫أنابيــب ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫البيــوض أن تلــد أكثــر مــن ســتين = طفــا بصفــات متطابقــة‪ ،‬عالـ ٌـم ينكــر االختــاف والتّفــاوت‬
‫الضغــط‬‫ليكــون ه ـؤالء متشــابهون ونســخ ًة عــن بعضهــم‪ ،‬عالـ ٌـم يحكمــه ّ‬ ‫الطبيعــي بيــن األف ـراد ُ‬
‫كل مــا‬
‫الجهــد المب ـ ُذول ليتحّقــق للمــرء ّ‬ ‫الفرديــة و ْ‬
‫ّ‬ ‫علــى األزرار أو إدارة المقابــض‪ ،‬ال المبــادرة‬
‫الســعادة المبرمجــة ســلفاً‪ ،‬وحيــث‬ ‫يتمنــى ويشــتهي‪ ،‬تــؤدي الحيــاة فيــه إلــى الملــل والروتيــن و ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماعيــة‬
‫ّ‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫بوظائ‬ ‫ـام‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الق‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫يك‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫نها‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـأس‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ث‬ ‫باع‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫لي‬ ‫ـيخوخة‬ ‫الشـ‬
‫الروايــة‬
‫الرحيــم حرقـاً ليتـ ّـم تحويلــه إلــى ســماد ‪ .‬لقــد حملــت هــذه ّ‬
‫‪1‬‬
‫وحينهــا يختــار المعنــي المــوت ّ‬
‫تتحكــم‬
‫تنبئـاً بمصيــر اإلنســان ومآلــه المريــب عندمــا ّ‬ ‫و‪-‬علــى ضــوء مــا حققتــه البيوتكنولوجيــا‪ّ -‬‬
‫ٍ‬
‫مجرد كائن مســتلب متشـّـيئ‬ ‫ـكل مر ٍ‬ ‫التقنية بشـ ٍ‬
‫ليتحول اإلنســان إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫عب في الواقع والعالقات‪،‬‬
‫يبة‪ .‬ناببيأنابي‬ ‫س ور ٍ‬ ‫توج ٍ‬
‫يعيش حالة ّ‬
‫ولعـ ّـل روايــة ‪ 1984‬لجــورج أورويــل (‪ )1903-1950‬اّلتــي نشــرت عــام ‪ّ 1949‬‬
‫تصنــف‬
‫ولكنهــا روايـ ٌة دســيوتوبية أي عــن مجتمــع قائــم علــى القمــع واالســتبداد علــى‬
‫فــي اإلطــار نفســه ّ‬
‫ـيؤول‬‫النظ ـرة التّنبئيــة لمــا سـ ُ‬
‫تعبــر عــن نــوٍع مــن ّ‬
‫عكــس اليوتوبيــا أو المدينــة الفاضلــة‪ ،‬حيــث ّ‬
‫الشــمولية اّلتــي ينتقدهــا بشـ ّـدة واســتخدام التّكنولوجيــا‬
‫إليــه مســتقبل العالــم‪ ،‬مــن هيمنــة األنظمــة ّ‬
‫من أجل طمس الحقائق وتغييرها‪ ،‬وهي بذلك رواية ثورية بامتياز ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫جمــة‬ ‫ٍ‬
‫أن اإلنســان فــي ظـ ّـل مــا أفرزتــه البيوتكنولوجيــا وضــع حــداً لتهديــدات ّ‬
‫مــن الواضــح إذاً ّ‬
‫الرغبــة‬
‫ضحيــة تلــك التّطبيقــات عندمــا ســكنته ّ‬
‫ّ‬ ‫كان يتعـ ّـرض لهــا‪ ،‬ولكــن فــي اآلن نفســه وقــع‬
‫الســيطرة علــى الطبيعــة البشـرّية والتّعالــي علــى الخالــق مــن منطلــق البحــث فــي‬
‫الجامحــة فــي ّ‬
‫الحية البشرّية وأسرار الهرم من أجل إطالة الحياة وغيرها من المسائل‪.‬‬ ‫الخلية ّ‬
‫أسرار ّ‬
‫أن اإلنســان قــد‬
‫تعددهــا بمــا فــي ذلــك اإلســام علــى ّ‬
‫الديانــات علــى ّ‬
‫الســياق‪ ،‬تتّفــق ّ‬
‫فــي هــذا ّ‬
‫ـأن الجســد فــي‬
‫للا تعالــى قــد خلقــه علــى شــاكلته أو صورتــه‪ ،‬وبـ ّ‬
‫ـأن ّ‬
‫ُخلــق فــي أحســن تقويـمٍ‪ ،‬وبـ ّ‬
‫كل‬
‫واقــع األمــر هــو عطيــة أو هبــة أي وديعــة وأمانــة ينبغــي المحافظــة عليهــا وصونهــا مــن ّ‬
‫ولكنهــا عرفــت بعــض المواقــف المتباينــة بخصــوص حــدود تلــك التّطبيقــات عنــد‬ ‫اعتــداء‪ّ ،‬‬
‫الســياق هــو‪ :‬هــل يمكــن‬ ‫الالّهوتييــن وكذلــك رجــال القانــون‪ ،‬و ّ‬
‫الس ـؤال اّلــذي نطرحــه فــي هــذا ّ‬
‫‪-128-‬‬
‫تأطيــر ســلطة التّقنيــة فــي مجــال التّعامــل مــع الجســد دينيـاً؟ أو بعبــارٍة أخــرى‪ :‬هــل مــن سـ ٍ‬
‫ـبيل‬
‫ـب مــن تطبيقــات البيوتكنولوجيــا‪ ،‬وفــي الوقــت ذاتــه تقــف أو تعتــرف بحـ ٍ‬
‫ـدود‬ ‫ـاق حياتيــة تعـ ّ‬‫ألخـ ٍ‬
‫دينيـ ٍـة؟ وبطــرٍح أكثــر بســاطة نقــول‪ :‬فــي ظـ ّـل التقـ ّـدم العلمــي الحاصــل فــي مياديــن علــوم الحيــاة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫يكــون التّعامــل مــع المــرض واأللــم والشــيخوخة والمــوت؟ وهــي لعمــري أســئل ٌة‬ ‫كيــف ينبغــي أن ُ‬
‫ـت واحـ ٍـد‪ .‬هــل ينبغــي أن‬ ‫يفتــرض أن تصــب مباش ـرة ضمــن منظومتــي العلــم والديــن فــي وقـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫البيولوجية أي للتّكنولوجيا‬ ‫تأطير ديني لألبحاث العلمية بخاص ٍ‬
‫ة‬ ‫ٍ‬ ‫إلى‬ ‫مسعى‬ ‫كل‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫جانب‬ ‫ي‬ ‫ننح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن العكس هو المطلوب؟‬ ‫ّ‬ ‫أم‬ ‫ة‬ ‫الحيوي‬
‫ّ‬
‫ـكالية‬
‫ســنحاول تدريجيـاً أن نقـ ّـدم مقاربـ ًة دينيـ ًة للبيوإيتيقــا عبــر تنــاول بعــض المســائل اإلشـ ّ‬
‫الرحيــم (‪ )Euthanasie‬واالستنســاخ (‪ )Clonage‬أو أطفــال األنابيــب‬ ‫مــن قبيــل المــوت ّ‬
‫النســل (‪ )Eugénisme‬وغيرهــا‪ ،‬واّلتــي تنضــوي فــي‬ ‫(‪ )fécondation in vitro‬وتحســين ّ‬
‫مجملهــا ضمــن موضــوع االعتــداء علــى الجســد أو االرتقــاء بــه بحســب الزاويــة اّلتــي ُيتنــاول‬
‫الموضوع من خاللها‪.‬‬
‫‪ -1‬ضبط مصطلحات البحث‬
‫أن البيوإيتيقــا مصطلــح قــد ظهــر فــي‬ ‫أ‪ -‬موضــوع البيوإيتيقــا‪ :‬فــي هــذا ّ‬
‫الســياق نشــير إلــى ّ‬
‫الواليــات المتّحــدة األمريكيــة عــام ‪ 1970‬علــى يــد عالــم الســرطان األمريكــي فــان بوتــر‬
‫رينسـلاي ر ‪ )2001-1911( Van Potter Rensselaer‬فــي مقــال لــه بعنـوان‪Bioeth� :‬‬
‫‪«  ics, the Science of Survival‬البيوإيتيقــا‪ ،‬علــم البقــاء علــى قيــد الحيــاة» واّلــذي‬
‫صـ�در فـ�ي العـ�د د ‪ 4‬مــن الدوريــة األمريكيــة «�‪Perspectives in Biology and Mede‬‬
‫‪ ،« cine‬ليعــاد نشـره فــي كتابــه اّلــذي ســيصدر الحقـاً فــي ‪ 1971‬والموســوم‪Bioethics : :‬‬
‫‪ Bridge to the Future‬معلنـاً مــن خاللــه تأســيس علـ ٍم جديـ ٍـد – علــم البقــاء‪ -‬يرمــي إلــى‬
‫ـف بيــن علــوم الحيــاة والبيولوجيــا والقيــم اإلنســانية (اإليتيقــا)‪ ،3‬وهــذا بســبب بــروز‬‫إقامــة تحالـ ٍ‬
‫األخالقيــة‬ ‫العلميــة والتّكنولوجيــة المعاص ـرة والثقافــة‬ ‫انفصـ ٍ‬
‫ـال وهــوٍة كبيريــن بيــن الثقافتيــن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ليعبر هذا الحقل عن انبثاق الوعي بهذه الحقائق الجديدة‪.5‬‬ ‫اإلنسانية الكالسيكية ‪ّ ،‬‬
‫‪4‬‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫وتوجسـاً علــى المســتقبل البشــري‪ ،‬وهــي مقاربــة تعـ ّـد‬
‫ّإنــه الوضــع اّلــذي بــات يشـ ّـكل تهديــداً ّ‬
‫الســلم اّلتــي نــادى بهــا بعــض الفالســفة المعاصريــن وإن‬ ‫فــي واقــع األمــر امتــداداً لمشــاريع ّ‬
‫اختلفت المنطلقات من أمثال اإلنجليزي المعاصر برتراند راسل (‪ )1970-1872‬واأللماني‬
‫المعاصر بدوره هانس يوناس (‪.)1993-1903‬‬
‫أن مســعى بوتــر كمــا يقــول ‪Guy Durand‬اتّخــذ فــي‬ ‫الســياق إلــى ّ‬ ‫وتجــدر اإلشــارة فــي هــذا ّ‬
‫ممــا جعــل‬
‫السياســة‪ّ ،‬‬
‫بالمجتمــع والبيئــة و ّ‬ ‫مجملــه منحــى شــمولياً وإيجابيـاً بمــا ّأنــه ربــط البيوإيتيقــا‬
‫ـات عــدة إلــى درجــة ّأنــه فــي مقـ ٍ‬
‫ـال لــه نشــر‬ ‫‪6‬‬ ‫هــذا المجــال بمقتضــى ذلــك منفتّحـاً علــى تخصصـ ٍ‬
‫ّ‬
‫عــام ‪ 1987‬عـ ّـزز الموقــف نفســه فــي مناداتــه بإيتيقــا كونيــة تعمــل علــى اســتمرار بقــاء اإلنســان‬
‫والكوكب وهو ما نسـ ّـميه اليوم أحيانا ﺒ‪« :‬الماكرو بيوإيتيقا» (‪ ،7)macrobioéthique‬غير‬
‫‪-129-‬‬
‫أن هـ�ذا المجـ�ال سـ ُ�يختزل ليتـ ّ�م تضييقـ�ه وحصـ�ره علـ�ى يـ�د أنـ�دري هيليغـ�ر ز �‪André Helle‬‬ ‫ّ‬
‫ـكالية‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫اإل‬ ‫ـائل‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫الم‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫مناق‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ـز‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ت‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الجامع‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫س‬‫ر‬‫ا‬ ‫للد‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫كح‬ ‫(‪)1979-1926‬‬ ‫‪gers‬‬
‫ّ‬
‫الطبية‪.8‬‬
‫ّ‬ ‫وتطبيقاتها‬ ‫تقدم العلوم البيولوجية‬
‫اّلتي يثيرها ّ‬
‫الد ارســات وبتأثيــر معهــد‬
‫عرفتهــا الكثيــر مــن الموســوعات و ّ‬ ‫النهايــة وكمــا ّ‬
‫والبيوإيتيقــا هــي فــي ّ‬
‫ـب والعــاج إجمــاالً‪،‬‬
‫وصحــة البشــر‪ ،‬وفــي عالــم الطـ ّ‬
‫ّ‬ ‫كينيــدي أصبحــت تتحـ ّـدد فــي مجــال الحيــاة‬
‫أهــم األقســام اّلتــي تعالجهــا كمــا يقــول ‪ Guy Durand‬والتــي تعــد‬ ‫ليتحقــق اإلجمــاع حــول ّ‬
‫الن ـواة المركزّيــة‪ ،‬وذلــك مــن قبيــل مســائل اإلجهــاض (‪ )avortement‬والتشــخيص‬ ‫بمثابــة ّ‬
‫اثيــة (‪ )conseil génétique‬والقتــل‬ ‫المبكــر (‪ )diagnostique prénatal‬واالستشــارة الور ّ‬
‫الرحيـ�م لألجنـ�ة( (‪ ،)euthanasie foetale‬واإلخصــاب االصطناعــي (�‪fécondation ar‬‬
‫ّ‬
‫‪ )tificielle‬واألم البديلــة (‪ )mère- porteuse‬واالستنســاخ والمســوخ (‪ )chimère‬وتعقيــم‬
‫النســل (‪،)eugénisme‬‬ ‫المعاقيــن (‪ ،)stérilisation des handicapés‬وتحســين ّ‬
‫واألبحــاث حــول الجينــوم‪ ،‬وعمليــات التّحويــل الجنســي(‪ )transsexualité‬والتّبــرع باألعضــاء‬
‫البش ـرّية (‪ )don d’organes‬وزرع أعضــاء الحي ـوان للبشــر (‪ ،)xénogreffe‬إلــى جانــب‬
‫الرحيــم‪ ،‬واإلص ـرار علــى مواصلــة‬ ‫مــرض فقــدان المناعــة المكتســبة أو الســيدا‪ ،‬أو القتــل ّ‬
‫ية‪ ،‬وتوقيــف العــاج‪ ،‬والمســاعدة علــى االنتحــار‪،‬‬ ‫ـجة بشـر ٍ‬
‫العــاج‪ ،‬والتّجــارب علــى أجنــة أنسـ ٍ‬
‫ّ‬
‫‪...‬‬
‫بالن ـواة المركزّيــة كمنــع الحمــل‬
‫عمــا أســماه بالمواضيــع الّلصيقــة ّ‬ ‫هــذا ناهيــك طبع ـاً ّ‬
‫يولوجية‬
‫ّ‬ ‫الكيميائية والبكتر‬
‫ّ‬ ‫(‪ )contraception‬والتّعذيب (‪ )torture‬واألبحاث حول األسلحة‬
‫وغيرهــا‪ ،‬باإلضافــة إلــى المواضيــع القريبــة واّلتــي ترتبــط بالفكــر األخالقــي العملــي مــن قبيــل‬
‫ّ‬
‫ـب وعالقــة األخــاق بالقانــون ومســائل أخــرى‬ ‫ـاب والطـ ّ‬ ‫داللــة المــرض والجســد البشــر ّي واإلنجـ‬
‫حادة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫من شأنها أن تثير نقاشات فلسفية ّ‬
‫‪9‬‬

‫ب‪ -‬مفهوم ال ّتقنية (‪ /)La technique‬الدين (‪)Religion‬‬


‫يعرفهــا معجــم الّلغــة العربيــة المعاصــر التّقنيــة أو التّقانــة هــي مــن مصــدر‬
‫لغـ ًة‪ -‬وكمــا ّ‬
‫الضبــط‪ ،‬كمــا تعنــي تطبيــق العلــم والهندســة لتطويــر‬ ‫ِ‬
‫تَقـ َـن وتعنــي اإلحــكام علــى وجــه الدقــة و ّ‬
‫فعاليــة اإلنســان‬
‫ـانية أو رفــع ّ‬
‫ظــروف اإلنسـ ّ‬ ‫اآلالت واإلجـراءات مــن أجــل تجويــد أو تحســين ال ّ‬
‫الصنائــع والفنــون واألســاليب المســتخدمة فــي مختلــف فــروع‬ ‫ٍ‬
‫مــن جهــة‪ 10‬مــا‪ ،‬وهــي علــم ّ‬
‫الصناعة ‪.‬‬‫ّ‬
‫أمــا اصطالحــاً فالتّقنــي فــي المعجــم الفلســفي لجميــل صليبــا هــو العملــي اّلــذي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النظــري المجـ ّـرد فــي حيــن التّقنــي صفــة‬
‫ّ‬ ‫ـث‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫للب‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ص‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫األخ‬ ‫ـذا‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ألن‬
‫ّ ّ‬ ‫ـي‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫العل‬ ‫ـن‬‫يختلــف عـ‬
‫معينــة‪ ،‬والعلــم وإن كانــت غايتــه‬
‫المعينــة لبُلــوغ نتائــج ّ‬
‫ّ‬ ‫للعمــل اّلــذي تطبــق فيــه بعــض الطــرق‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طلــب الحقيقــة لذاتهــا‪ ،‬إالّ ّأنــه يــؤدي إلــى ّأنــه يــؤدي أ الكشــف عــن طــر ٍق ّفنيــة جديــدة‪،‬‬
‫النتائــج الحاصلــة منهــا‬‫العلميــة وتســمى ّ‬
‫ّ‬ ‫والتّقنيــات هــي الطــرق المســتنبطة مــن المعرفــة‬
‫‪-130-‬‬
‫بتطبيقات العلوم‪.‬‬
‫بينمــا فــي المعجــم الفلســفي لمجمــع اللغــة العربيــة فهــي جملــة المبــادئ أو الوســائل‬
‫ـس علميـ ٍـة دقيقــة‪.11‬‬
‫اّلتــي تعيــن علــى إنجــاز شــيء أو تحقيــق غايـ ٍـة‪ ،‬وتُقــوم اليــوم علــى أسـ ٍ‬
‫الصناعــة‪ ،‬وأطلقهــا فالســفة‬
‫ّو ّ‬
‫ومعناهــا الفــن‬
‫األجنبيــة مــن أصـ ٍـل يونانــي وهــو ((‪techné‬‬‫ّ‬ ‫والكلمــة‬
‫ّ‬
‫النحــو مث ـاً صناعــة‪ .‬يقــول ابــن ســينا‪:‬‬ ‫اإلســام علــى العلــم أيض ـاً‪ ،‬فعـ ّـدوا المنطــق والفقــه و ّ‬
‫«الصناعــة فــي ُعــرف‬
‫ّ‬ ‫«العلــم الطبيعــي صناعــة نظريــة» (النجــاة ‪ .)158‬ويقــول التهانــوي‪:‬‬
‫حصولهــا علــى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ممــا يتوقــف ُ‬
‫العامــة هــي العلــم الحاصــل بمزاولــة لعمــل كالخياطــة والحياكــة‪ّ ،‬‬
‫فيكــون المقصــود منــه العلــم‪،‬‬
‫الخاصــة هــي العلــم المتعّلــق بكيفيــة الفعــل ُ‬ ‫ّ‬ ‫المزاولــة‪ ..‬وفــي عـ ْـرف‬
‫النحو (كشاف اصطالحات الفنون) ‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫سواء حصل بمزاولة العمل أوال‪ ،‬كعلم الفقه والمنطق و ّ‬
‫أمــا عــن الديــن فهــو بحســب موســوعة األديــان جملــة أوامــر ونواهــي يحظــر بعضهــا‬ ‫ّ‬
‫النظــر فــي هــذه‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫يم‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬‫و‬ ‫ى‪،‬‬‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ٍ‬
‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫بأع‬ ‫ـام‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫بالق‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫اآل‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫بعض‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ويأ‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫معي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أفعــاالً ّ‬
‫النواهــي يجــد ّأنهــا فــي جملتهــا جــاءت لخيــر البشــر وتحقيــق مصالحهــم‪ ،‬ودفــع‬ ‫األوامــر وتلكــم ّ‬
‫الســماوي منها‪ ،‬ومن هذا المنطلق يشــمل هذا التّعريف أي ٍ‬
‫دين كان‪،‬‬ ‫المفاســد عنهم وال ســيما ّ‬
‫الشــعائر اّلتــي تمارســها األق ـوام بدائي ـ ًة كانــت أو‬ ‫وهــو بذلــك‪ -‬أي الديــن‪ -‬تلــك المعتقــدات و ّ‬
‫متحضرة‪.13‬‬
‫ّ‬
‫أن هــذه التعريفــات تــكاد‬ ‫ـامي بأكثــر مــن تعريــف إالّ ّ‬ ‫ُعــرف الديــن فــي االصطــاح اإلسـ‬
‫ّ‬
‫الصــاح‪،‬‬ ‫ـي ســائق لــذوي العقــول باختيارهــم إيــاه إلــى ّ‬‫ٌ ّ‬ ‫تكــون متّحـ ً‬
‫ـدة فــي معناهــا‪ ،‬فهــو وضــع إلهـ‬ ‫ُ‬
‫ـق فــي‬
‫الرســول‪ ،‬كمــا ّأنــه يرشــد إلــى الحـ ّ‬
‫‪ّ 14‬‬‫وهــو يدعــو أصحــاب العقــول إلــى قبــول مــا هــو عنــد‬
‫الســلوك والمعامــات ‪ .‬طبع ـاً لــن نبحــث فــي هــذا المقــام عــن‬ ‫االعتقــادات وإلــى الخيــر فــي ّ‬
‫يهمنــا هــو التّصنيــف الــذي يقــوم بــه‬
‫أي شــيء مــن هــذا القبيــل‪ ،‬ومــا ّ‬ ‫أصــل الديــن ومصــدره أو ّ‬
‫أن هنــاك أديانـاً صحيحـ ًة موحــى بهــا وأخــرى أديانـاً أرضيـ ًة‬ ‫العلمــاء المســلمون عندمــا اعتبــروا ّ‬
‫وضعيـ ًة باطلــة‪ ،‬واألولــى هــي الموحــى بهــا مــن عنــد هللا تطلــب مــن معتنقيهــا أن يعبــدوا إلهـاً‬
‫واحــداً ال غيــر‪ ،‬وتأمرهــم بالتّحلــي باألخــاق الفاضلــة وتلزمهــم بجملـ ٍـة مــن العبــادات والطقــوس‬
‫الشعائر‪.15‬‬
‫و ّ‬
‫الحيويــة ينبغــي اإلشــارة‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬تجّليــات البيوتكنولوجيــا‪ :‬قبــل الحديــث عــن مظاهــر التّكنولوجيــا‬
‫ـب ومهنــة الطبيــب عرفــت منــذ العصــور األولــى والحضــارات القديمــة قيمـ ًة ومكانـ ًة‬ ‫إلــى أن الطـ ّ‬
‫البابليــة واّلتــي‬
‫ّ‬ ‫ال تضاهــى‪ ،‬وهــو مــا نجــده فــي شـريعة حمو اربــي (‪ 2100‬ق‪ .‬م) فــي الحضــارة‬
‫الطبيــة‪ ،‬اّلتــي تعمــل علــى حمايــة المريــض وتقـ ّـدس الحيــاة‬ ‫كل جوانــب الممارســة ّ‬ ‫شــملت ّ‬
‫البشـرية‪ ،‬وهــو التّقديــس ذاتــه اّلــذي نجــده فــي الحضــارة الفارسـّـية مــع الزرادشــيين واّلــذي تجّلــى‬
‫خاص في العناية بالمرأة الحامل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بشكل ّ‬
‫اليونانيــة وهــو مــا يظهــر مــن خــال‬
‫ّ‬ ‫ولعـ ّـل االهتمــام األوســع نجــده فــي الحضــارة‬
‫نصــوص أو قواعــد قســم إبق ـراط (‪ )serment d’Hippocrate‬اّلتــي عملــت علــى تحديــد‬
‫‪-131-‬‬
‫وضبــط أخالقيــات المهنــة‪ ،‬واّلتــي يـ ُـدور محتواهــا حــول المحافظــة علــى حقــوق المريــض وحياتــه‬
‫ـيحية اّلتــي‬ ‫ٍ‬
‫ـب اليهــودي لتدمــج الحقـاً مــع أخالقيــات المسـ ّ‬
‫ـاص‪ ،‬وقــد تفاعــل معهــا الطـ ّ‬ ‫بشــكل خـ ّ‬
‫أن المســيح ُعرف بقدرته‬ ‫ٍ‬
‫بخاصة و ّ‬
‫ّ‬ ‫األبوية على مرضاه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الســلطة‬
‫ُمنح فيها الطبيب نوعاً من ّ‬
‫على شفاء المرضى وإحياء الموتى‪.‬‬
‫أمــا فــي اإلســام فقــد بــرع األطبــاء المســلمون فــي هــذا المجــال أمثــال أبــي بكــر الـرازي‬
‫ّ‬
‫(‪ 266‬هــ‪ 840/‬م ‪ 313 -‬هــ‪ 925/‬م) وأبــو الحســن بــن علــي ابــن ســينا (‪ 370‬هــ‪ 980/‬م ـ‬
‫‪ 428‬هــ‪ 1037/‬م)‪ ،‬وغيرهمــا بعــد انفتاحهــم العلمــي بالتّرجمــة علــى الحضــارات األخــرى‪،‬‬
‫النبويــة‪ ،‬حيــث يقــوم‬
‫ـتمدة مــن الق ـرآن واّلســنة ّ‬
‫الطبيــة مسـ ّ‬
‫وكانــت آراؤهــم فــي مجــال الممارســة ّ‬
‫مجــد ال ـرازي فــي الواقــع علــى علمــه بالطــب العملــي – أي اإلكلينيكــي‪ -‬وخدمتــه فيــه‪ ،‬ومــا‬
‫ابتدعــه مــن تدويــن المشــاهدات والتّعليــق عليهــا‪ ،‬وهــو عمـ ٌـل لــم يســبق إليــه مــن قبــل وقــد جمــع‬
‫كل ذلــك فــي كتابــه الحــاوي‪ ،16‬فــي حيــن جمــع ابــن ســينا بيــن الطــب والفلســفة وبلــغ الغايــة فــي‬
‫ّ‬
‫كليهما‪.17‬‬
‫وعلــى امتــداد التّاريــخ وفتـرات التّنويــر وصـوالً إلــى عصرنــا ازداد تقـ ّـدم هــذا المجال‪-‬الطــب‪-‬‬
‫ـب ومهنــة الطبيــب اّلتــي باتــت‬ ‫ممــا انعكــس علــى أخالقيــات الطـ ّ‬ ‫شــأنه شــأن ســائر العلــوم‪ّ ،‬‬
‫المتنوعــة والتّحــرر مــن التّقاليــد‪ ،‬وهــو الوضــع اّلــذي أفــرز نظ ـرًة‬
‫ّ‬ ‫ـفية‬
‫متأثّ ـرًة بالمذاهــب الفلسـ ّ‬
‫ٍ‬
‫ـاص‬‫الديــن بشــكل خـ ّ‬ ‫ـدة للجســم البشــر ّي ولإلنســان علــى العمــوم ّ‬
‫ممــا انجـ ّـر عنــه انحســار ّ‬ ‫جديـ ً‬
‫واســتبعاد أحكامــه مــن خــال نظرتــه إلــى الجســد وحـ ُـدود التّعامــل معــه تجريبيــا‪ً ،‬وكمــا يقــول‬
‫اثيــة علــى ســبيل المثــال ال تنظــر إلــى‬‫الحيويــة للهندســة الور ّ‬
‫ّ‬ ‫الطبيــة‬
‫فوكويامــا فــإن التّقنيــات ّ‬
‫الماديــة اّلتــي‬ ‫ٍ‬ ‫اإلنســان كعمـ ٍـل منجـ ٍـز للخلــق اإللهـ‬
‫ـي‪ّ ،‬إنمــا كمجموعــة لسلســلة مــن األســباب ّ‬ ‫ّ‬
‫ـاك لمشــيئة هللا‪ ،‬ومنــه ميــل بعــض العلمــاء إلــى‬ ‫يمكــن للبشــر فهمهــا وتداولهــا‪ ،‬وفــي هــذا انتهـ ٌ‬
‫التحيــز غيــر المنطقــي اّلــذي يقــف فــي وجــه‬
‫ّ‬ ‫ـأن التّمســك بالعقيــدة يشـ ّـكل نوعـاً مــن‬ ‫االعتقــاد بـ ّ‬
‫ّ‬
‫ليخــوض فــي غمــاره‬ ‫السـؤال اإليتيقــي للواجهــة ُ‬ ‫ـي ‪ ،‬وتحديــداً لهــذه األســباب ُ‬
‫يعــود ّ‬
‫‪18‬‬
‫التّقــدم العلمـ‬
‫ّ‬
‫وتنوع المشــكالت اّلتي تطرحها‬ ‫السياســة‪ ،‬وذلك نظ اًر لتعّقد ّ‬ ‫الفالســفة ورجال الدين واألخالق و ّ‬
‫كل المجتمعات‪.‬‬ ‫تطبيقات البيوتكنولوجيا واّلتي تتّسم إجماالً بعموميتها في ّ‬
‫إن الحديــث عــن مظاهــر البيتكنولوجيــا أي التّكنولوجيــا الحيويــة وتجّلياتهــا يُقودنــا‬ ‫ّ‬
‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫آ‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫علي‬ ‫ـد‬
‫ـ‬ ‫ق‬ ‫تع‬ ‫ـي‬
‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫ص‬ ‫المتخص‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫العلمي‬ ‫ـاث‬‫ـ‬ ‫ح‬ ‫األب‬ ‫ـاالت‬
‫ـ‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ٍ‬
‫ـدد‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـوض‬ ‫إلــى الخـ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النباتــات وتحقيــق األمــن الغذائــي وتعزيــز‬ ‫كبيـرةٌ‪ ،‬مــن قبيــل التّجــارب اّلتــي تقــام مــن أجــل حمايــة ّ‬
‫ّ‬
‫اإلنتــاج الحيوانــي‪ ،‬وكذلــك التّقليــل أو الحـ ّـد مــن اســتخدام طاقــة البتــرول وتشــجيع اســتخدام‬
‫ّ‬
‫الطاقــات البديلــة والمتجـ ّـددة‪ ،‬إلــى جانــب اســتخدام األســمدة العضويــة بــدالً عــن المبيــدات‬
‫ـات أفضــل مقاومـ ٍـة للملوحــة والجفــاف واآلفــات‬ ‫واألســمدة الكيميائيــة‪ ،‬مــن أجــل إنتــاج نباتـ ٍ‬
‫المختلفــة‪ ،‬هــذا إلــى جانــب اســتعادة المخّلفــات وتدويرهــا وتحويلهــا حتّــى تتحـ ّـول إلــى قيمـ ٍـة‬
‫التلوث‪.19‬‬ ‫ٍ‬
‫السلوك أن يحافظ على البيئة من ّ‬ ‫مضافة‪ ،‬إذ من شأن هذا ّ‬
‫معدلـ ٍـة وراثي ـاً ذات نوعيـ ٍـة‬ ‫ٍ‬
‫الحيويــة مــن إنتــاج نباتــات ّ‬
‫ّ‬ ‫تمكنــت تقنيــات البيولوجيــا‬
‫لقــد ّ‬
‫‪-132-‬‬
‫ـات مقاومـ ٍـة للحش ـرات‪ ،‬ولبعــض األم ـراض‬ ‫أحســن وقيمـ ٍـة غذائيـ ٍـة أغنــى‪ ،‬مثــل إنتــاج نباتـ ٍ‬
‫النباتــات ذات الجــودة اإلنتاجيــة العاليــة فــي‬ ‫الفيروســية والفطريــة‪ ،‬وكذلــك تـ ّـم استنســاخ بعــض ّ‬
‫وتمكــن الباحثــون مــن تطبيــق بعــض التّقنيــات فــي المجــال الحيوانــي فــي‬ ‫خاصــة‪ ،‬كمــا ّ‬ ‫مـزارع ّ‬
‫ّ‬
‫زيــادة إنتــاج لبــن األبقــار عــن طريــق حقنهــا بهرمــون منتــج مــن خــال الهندســة الوراثيــة يعمــل‬
‫ـهيتها للعلــف‪ ،‬ويزيــد مــن إنتــاج البق ـرة الواحــدة مــن الحليــب‪ ،‬ونجــح العلمــاء فــي‬ ‫علــى فتــح شـ ّ‬
‫عــزل جيـ ٍـن مــن حيـوان الفــأر أمكــن إدخالــه إلــى األغنــام مــن جعــل صوفهــا يتســاقط تلقائيـاً مــن‬
‫ـات‬‫ات ومنتجـ ٍ‬ ‫دون الحاجــة إلــى حلقــه‪ ،..‬وتــم اســتخدام التّقنيــة الحيويــة فــي إنتــاج مســتحضر ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حيويـ ٍـة للتّحســين فــي صفــات األســماك عبــر التّعامــل المباشــر‬ ‫ـادات ّ‬
‫طبيعيـ ٍـة وأدويـ ٍـة طبيــة ومضـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مــع جــزيء ‪ DNA‬بــل وحتّــى إنتــاج أســماك ســلمون بوســعها مقاومــة البــرد والحيــاة فــي الميــاه‬
‫المتجمــدة‪ ،20‬كمــا وأســهمت تقنيــة اإلخصــاب عــن طريــق أنابيــب االختبــار مــن تحســين‬ ‫ّ‬
‫إنتاج لّلحوم‪.21‬‬‫صح ٍة وأكثر ٍ‬ ‫ّ‬ ‫أكثر‬ ‫ٍ‬
‫أجناس‬ ‫على‬ ‫الحصول‬ ‫و‬ ‫الالت‬ ‫الس‬
‫ّ‬
‫النباتيــة أمكــن إعــادة تشــجير‬ ‫فإنــه عــن طريــق مـزارع األنســجة ّ‬ ‫أمــا فــي مجــال البيئــة ّ‬ ‫ّ‬
‫النباتــي مــن المحافظــة علــى‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫ـي‬‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫الحي‬ ‫ـاخ‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫االستن‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫مك‬
‫ّ‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫‪،‬‬ ‫ـوي‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الح‬ ‫ع‬‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ن‬‫ّ‬‫الت‬ ‫ـان‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫وض‬ ‫الغابــات‬
‫النــادرة والمهـ ّـددة باالنقـراض‪ ،‬هــذا ناهيــك عــن إمكانيــة تخليــق بكتيريــا‬ ‫بقــاء الحيوانــات والطيــور ّ‬
‫للمركبــات البتروليــة والتهامهــا‪ ،‬إلــى جانــب اســتخدام ســالة‬ ‫ّ‬ ‫ـادة‬
‫تحمــل السـ ّـمية الحـ ّ‬ ‫قــادرة علــى ّ‬
‫مــن الفطــر اّلتــي تملــك قــدرًة عاليـ ًة علــى هضــم العديــد منهــا مــن أجــل مكافحــة ظواهــر تلـ ّـوث‬
‫تلوث البيئة البحرية بسبب البترول ّإبان حصول الحوادث‪.22‬‬ ‫المحيطات والبحار‪ ،‬أي مكافحة ّ‬
‫ـاالت مــن البكتيريــا مــن إعــادة اســتخدام ميــاه‬ ‫فضـاً عمــا تقــدم أمكــن بفعــل تربيــة سـ ٍ‬
‫ّ‬
‫الصحــي فــي أغ ـراض الــر ّي والز ارعــة‪ ،‬وأفلــح العلمــاء بفعــل التّقنيــات‬ ‫ّ‬ ‫الصــرف‬ ‫ّ‬ ‫المجــاري و‬
‫ـاالت نباتيـ ٍـة مقاومـ ٍـة لآلفــات الزراعيــة‪ ،‬والحصــول علــى أسـ ٍ‬
‫ـمدة‬ ‫الحيويــة أيضـاً مــن اســتنبات سـ ٍ‬
‫ّ‬
‫عضويـ ٍـة مــن شــأنها تحســين التّربــة وتالفــي أخطــار األســمدة الكيميائيــة‪ ،23‬كمــا أصبــح مــن‬
‫المتــاح إعــادة اســتخدام المخّلفــات (‪ )recyclage des matériaux‬كالقمامــة وغيرهــا فــي‬
‫النافعــة‪ ،24‬وهنــاك العديــد مــن المظاهــر األخــرى لهــذه التّطبيقــات فــي مجــاالت‬ ‫االســتعماالت ّ‬
‫ـنركز فــي‬
‫ـب والعــاج الجينــي وتشــخيص األمـراض وغيرهــا‪ ،‬وطبعـاً سـ ّ‬ ‫الصناعــة والطاقــة والطـ ّ‬ ‫ّ‬
‫الصحــة البشـرية‪ ،‬مــن قبيــل االستنســاخ‬ ‫ّ‬ ‫ـدان‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ـي‬
‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الحيو‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫التقن‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫تج‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫ق‬
‫ر‬ ‫الو‬ ‫ـذه‬ ‫هـ‬
‫بنوعيــه الجنســي والالّجنســي‪ ،‬وتقنيــة أطفــال األنابيــب وتجميــد البويضــة أو الجنيــن أو الحيـوان‬
‫المنوي‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ألن البيوتكنولوجيــا أمـ ّـدت كمــا تقـ ّـدم اإلنســان بوســائل تتيــح لــه التّحكــم فــي مصيـره كمــا هــو‬
‫و ّ‬
‫أن بإمكانــه أن يكتشــف‬ ‫فإنــه مــن هــذا المنطلــق تصـ ّـور ّ‬
‫الشــأن فــي تقنيــات اإلنجــاب وغيرهــا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫جميــع األس ـرار‪ ،‬مــن خــال محاولــة القضــاء علــى األلــم ال بعالجــه فحســب و ّإنمــا بتفــادي‬
‫التنبئــي (‪ )médecine prédictive‬اّلــذي‬ ‫األم ـراض المتسـ ّـببة فيــه عبــر مــا يعــرف بالطــب ّ‬
‫الصحــة أكثــر مــن ســعيه إلــى ترميمهــا‪ ،‬وهــو مــا تجّلــى بوضــو ٍح فــي‬
‫ّ‬ ‫يســعى إلــى الحفــاظ علــى‬
‫مشروع الجينوم البشري والخريطة الجينية ‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫‪-133-‬‬
‫أن مــن شــأن تطبيــق هــذه التّقنيــات أن يفــرز مخــاوف وهواجــس‬ ‫ـك فيــه ّ‬ ‫ممــا الشـ ّ‬ ‫ّ‬
‫خاصــة فــي ظـ ّـل المجتمعــات‬ ‫ٍ‬ ‫ـا‪،‬‬‫ـ‬ ‫ه‬ ‫عن‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫اج‬ ‫الن‬ ‫ـر‬‫ـ‬ ‫ط‬ ‫المخا‬ ‫ـض‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ـبب‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬
‫ـعة‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫أثــارت جـ ٍ‬
‫ـداالت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ماديـ ٍـة نفعيـ ٍـة وأداتيــة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ذات النظــم االقتصاديــة ال أرســمالية االحتكاريــة‪ ،‬اّلتــي تتبنــى فلسـ ٍ‬
‫ـفات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولعـ ّـل هــذا مــا يتّضــح بجــاء فــي العديــد مــن التّجــارب مثــل االستنســاخ اّلــذي يحــاول مــن خاللــه‬
‫بشر بغير التّضاعف الجنسي‪ ،‬أو في استخدامات األسلحة الجينية والميكروبيولوجية‬ ‫تخليق ٍ‬
‫ات فــي ظـ ٍ‬ ‫ـاس وحضــار ٍ‬ ‫ّ‬
‫ـرف قياســي‪ ،‬إلــى‬ ‫اّلتــي مــن شــأنها أن تعصــف أثنــاء الحــروب بأجنـ ٍ‬
‫ّ‬
‫ـأن الــذكاء محـ ّـدٌد جينيـاً أي ســلفا‪ ،‬أو ً‬ ‫االجتماعيــة اّلتــي تنجـ ّـر مــن االعتقــاد بـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫جانــب المشــاكل‬
‫إقصاء بعض الفئات بسب عمادها الوراثي اّلذي كشف عنه مشروع الجينوم البشر ّي‪.‬‬
‫ـدود دينيــة وأخالقيــة‬‫فــي هــذا الســياق كان البـ ّـد مــن تخليــق هــذا المجــال أي وضــع حـ ٍ‬
‫ّ‬
‫التحرريــة أي الموقــف‬ ‫ّ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫إيتي‬‫و‬ ‫البي‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ع‬‫نز‬ ‫ـث‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫ـاع‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫إج‬ ‫ـل‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫أن هــذا المســعى‬ ‫إالّ ّ‬
‫العلميــة تأطيـ اًر دينيـاً‬
‫ّ‬ ‫كل مســعى إلــى تأطيــر األبحــاث‬ ‫العلمانــي إلــى المنــاداة بضــرورة تنحيــة ّ‬
‫ماديــة العالــم والوجــود ‪ ،‬وبالتّالــي التّأســيس‬
‫‪26‬‬
‫ـذة بذلــك اتّجاه ـاً ينحــو نحــو التّأكيــد علــى ّ‬ ‫متّخـ ً‬
‫ـوة وتحـ ّـر اًر‪ ،‬أو جســد مــا بعــد الهوتــي باعتبــاره ‪-‬الجســد‪ -‬مرتع ـاً لّلــذة والمتعــة‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لجســد أكثــر قـ ً‬
‫وليكــون إنســان العصــر الحالــي إنســاناً فاوســتياً بامتيــاز يحتــال علــى الطبيعــة‬ ‫واالســتمتاع‪ُ ،‬‬
‫ويسعى دوماً لتجاوزها ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫ـب واألخــاق وبيــن‬ ‫أن هنــاك عالقـ ٌة وطيــدةٌ بيــن الطـ ّ‬ ‫هــذا‪ ،‬ونحــن نعتقــد مــن جهتنــا ّ‬
‫ـب والديــن‪ ،‬ويعـ ّـد اليهــود والمســيحيون مــن أوائــل مــن اهتــم بالفكــر األخالقــي فــي مجــال‬ ‫الطـ ّ‬
‫ّ‬
‫ـانية المت ازيــدة فيــه‪،‬‬
‫علــوم الحيــاة حيــث اســتنكروا تلــك التّجــاوزات والممارســات غيــر اإلنسـ ّ‬
‫فالكاثوليــك كان ـوا أكثــر تشـ ّـدداً علــى خــاف البروتســتانت اّلذيــن كان ـوا متفتحيــن أكثــر علــى‬
‫العلميــة‪ ،‬فــي حيــن اتّخــذ المســلمون علــى العمــوم موقف ـاً متحّفظ ـاً تجــاه غالبيــة‬ ‫ّ‬ ‫التّطــورات‬
‫المســائل‪ ،‬وذلــك علــى الرغــم مــن الطابــع العلمانــي أو الالئكــي اّلــذي ي ـراد فرضــه علــى‬
‫وصاية ٍ‬
‫دينية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬
‫البيوإيتيقا وبالتّالي رفض ّ‬
‫ـأن مفــرزات البيوتكنولوجيــا‬‫‪-4‬موقــف الديانــات مــن االستنســاخ‪ :‬يمكــن الجــزم مــن البدايــة بـ ّ‬
‫ظــف لتحســين شــروط الحيــاة‬ ‫والتّقنيــة فــي جميــع أشــكالها وتجّلياتهــا‪ّ ،‬إنمــا هــي وســيلة تو ّ‬
‫للا منحهــا اإلنســان مــن خــال قــوة العقــل اّلتــي‬ ‫الزاويــة فهــي نعمـ ٌة مــن ّ‬
‫ـانية‪ ،‬ومــن هــذه ّ‬
‫اإلنسـ ّ‬
‫ِ‬
‫وتتقصــى وتكشــف‪ ،‬وهــذا مــا جعــل المــرء ُيحــدث‬ ‫أتاحهــا لــه باعتبــاره ملكــة تســتطيع أن تبحــث‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫تحـّـوالً فــي الطبيعــة وفــي ذاتــه أيضـاً‪ ،‬وهــو مــا يظهــر بجــاء فــي تقنيــات االستنســاخ والهندســة‬
‫ـأن توظيــف مــا يحــرزه اإلنســان مــن‬ ‫فإننــا نســتطيع القــول بـ ّ‬
‫الســياق ّ‬
‫الجينيــة وغيرهــا‪ ،‬وفــي هــذا ّ‬
‫يقرر مشروعيتها وصالحيتها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اكتشافات وابتكارات وكيفية التّعاطي معها هو وحده اّلذي ّ‬
‫أن الديانــات علــى اختالفهــا ال تمنــع التّطــور العلمــي‬
‫مــن هــذا المنطلــق فنحــن نعتقــد ّ‬
‫ـانية‪ ،‬فيمنــع‬
‫أو تعيقــه‪ّ ،‬إنمــا تحــاول تخليقــه بجعلــه ي ارعــي قدســية الحيــاة واحتـرام الك ارمــة اإلنسـ ّ‬
‫ٍ‬
‫بالنظــر إلــى ّأنــه مجـ ّـرد أداة يمكــن‬
‫توســيل الجســد (‪ّ )instrumentalisation du corps‬‬
‫شروط أو حدود‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫استخدامها من غير‬
‫‪-134-‬‬
‫ضمــن هــذا اإلطــار تعـ ّـد تقنيــة االستنســاخ مــن التّقنيــات اّلتــي أثــار اكتشــافها‬ ‫ْ‬
‫واســتخدامها منــذ والدة النعجــة «دوللــي» عــام ‪ 1997‬بألمانيــا جــدالً واســعاً فــي أوســاط رجــال‬
‫الشــديد ورغبتــه فــي الخلــود‬
‫الديــن واألخــاق علــى حـ ّـد س ـواء‪ ،‬وقــد ّبينــت طمــوح اإلنســان ّ‬
‫النمســاوي هبــر النــت فــي ‪1902‬‬ ‫تنبــأ باالستنســاخ البشــر ّي هــو العالــم ّ‬
‫(‪ .)éternité‬و ّأول مــن ّ‬
‫ـيطبق يومـاً مــا ‪ ,‬وهــي التّقنيــة اّلتــي عرفــت بوادرهــا األولــى‬
‫‪28‬‬
‫النســخي سـ ّ‬ ‫أن التّكاثــر ّ‬
‫حيــن قــال ّ‬
‫النجــاح فــي استنســاخ‬ ‫فــي مطلــع خمســينيات القــرن الماضــي عندمــا حقــق العلمــاء بعــض ّ‬
‫بعض أصناف الضفدعيات (‪-29)Amphibiens‬‬
‫تؤديهــا فــي‬ ‫اف بجــدوى هــذه التّقنيــة باعتبــار الخدمــات الجليلــة اّلتــي ّ‬ ‫وهنــاك اعت ـر ٌ‬
‫العلميــة‬
‫ّ‬ ‫النســخي العلمــاء بكثيـ ٍـر مــن المعلومــات‬
‫ـزود التّوالــد ّ‬
‫الصحــة البش ـرّية‪ ،‬حيــث يـ ّ‬
‫ّ‬ ‫مجــال‬
‫العصبيــة‬
‫ّ‬ ‫ممــا قــد يدفــع باألبحــاث‬
‫الســرطانية والو ارثــة والمناعــة‪ّ ،‬‬
‫األساسـّـية عــن تمايــز الخاليــا ّ‬
‫ممــا غـ ّـم علــى العلمــاء حتّــى اآلن ‪ ،‬كمــا‬
‫‪30‬‬
‫النفســية قدمـاً نحــو األمــام مــن أجــل اكتشــاف الكثيــر ّ‬ ‫وّ‬
‫النســاء باعتبــاره قــاد اًر علــى اكتشــاف الكثيــر مــن الغمــوض عــن‬ ‫ـجعه بعــض أطبــاء أمـراض ّ‬ ‫يشـ ّ‬
‫المبكــر الــذي لــم تعــرف أســبابه‪ ،‬إلــى جانــب إمكانيــة الحصــول علــى وســيلةٍ‬ ‫أســباب اإلجهــاض ّ‬
‫ُ‬
‫الســرطانية‪ ،‬باإلضافــة إلــى‬ ‫ـدة لمنــع الحمــل وكــذا إيجــاد طريقــة لمنــع انقســام الخاليــا‬ ‫جديـ ٍ‬
‫ّ‬
‫استخدام الخاليا الجذعية٭ في عالج دمار المخ والجهاز العصبي وغيرها من اإلمكانات‪.31‬‬
‫ّ‬
‫وقــد اتّخــذت الكنيســة الكاثوليكيــة مــن هــذه التّقنيــة مــن منطلــق إمكانيــة تطبيقهــا علــى‬
‫اإلنســان منــذ البدايــة موقــف تحّفـ ٍـظ بــل ورفــض‪ ،‬ففــي وثيقــة «هبــة الحيــاة» اّلتــي أصدرتهــا عــام‬
‫ـاة بشـرّية خــارج الّلقــاء الجنســي بيــن الــزوج والزوجــة‪،‬‬ ‫‪ 1987‬رفضــت مبــدأ الحصــول علــى حيـ ٍ‬
‫كمــا أصــدرت «األكاديميــة الحبريــة مــن أجــل الحيــاة» (‪Pontificia Accademia Pro‬‬
‫األفــكار اّلتــي‬
‫‪ )vita‬عــام ‪ 1997‬وثيق ـ ًة رســمية بعن ـوان‪« :‬خواطــر عــن االستنســاخ» تناولــت بعــض‬
‫أساسية لفهم موضوع االستنساخ وتفاعله مع كرامة اإلنسان‪.32‬‬ ‫ّ‬
‫اعتُبرت‬

‫ولكنهــا‬
‫ـب والحيــاة ّ‬ ‫لــم ترفــض الكنيســة الكاثوليكيــة التّقــدم الحاصــل فــي ميــدان الطـ ّ‬
‫ـكل مــا مــن شــأنه أن يتجاهــل محدوديــة اإلنســان المخلــوق أمــام عظمــة‬ ‫وقفــت بالمرصــاد لـ ّ‬
‫الخالــق‪ ،‬وهــي لذلــك تطالــب باحت ـرام حيــاة اإلنســان والمحافظــة علــى كرامتــه منــذ الّلحظــة‬
‫كل أنواع االختبارات أو الممارســات‬ ‫األولى لتكوينه األمر اّلذي يجعلها ترفض بشـ ٍ‬
‫قطعي‪ّ 33‬‬
‫ّ‬
‫ـكل‬
‫أن‬
‫حيــة ‪ ،‬وحــول هــذه المســألة نضيــف ّ‬ ‫اّلتــي تعــد الجنيــن وســيل ًة أو مســتودعاً ألعضــاء ّ‬
‫الجنينيــة فــي مراحلهــا‬
‫ّ‬ ‫أن الخاليــا‬
‫الطبيــة كانــت سـّـباقة فــي إعــان ّ‬
‫ـامية للعلــوم ّ‬
‫ظمــة اإلسـ ّ‬ ‫المن ّ‬
‫بأنهــا عبــارة عــن‬
‫األولــى تتمتّــع بنفــس االحت ـرام اّلــذي لإلنســان الكامــل‪ ،‬وبالتّالــي فقــد قـ ّـررت ّ‬
‫ـداء علــى اإلنســان اّلــذي يجــب‬‫الخاليــا الباك ـرة إلنســان الغــد‪34،‬ومنــه فاالعتــداء عليهــا هــو اعتـ ٌ‬
‫كل أطوارها ‪.‬‬ ‫احترام حياته في ّ‬
‫لقــد خلــق هللا البشــر فــي نظــر اإليمــان المســيحي ليتكاثــروا ويتناســلوا ال ليتناســخوا‪،‬‬
‫ألن االستنســاخ يلغــي الغايــة مــن الخلــق‪ ،‬أي ّأنــه يلغــي الك ارمــة البش ـرية المرتبطــة باألصــل‬ ‫ّ‬
‫ـث بصــورة‬‫ٌ‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫وع‬ ‫ـب‬
‫ٌ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫تال‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـاخ‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫فاإلستن‬ ‫ـذا‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ول‬ ‫‪،‬‬ ‫للا‬
‫ّ‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫ص‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـذي‬
‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ّ ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ش‬ ‫الب‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫ئ‬ ‫للكا‬ ‫ـي‬‫ـ‬ ‫ه‬ ‫اإلل‬
‫ّ‬
‫‪-135-‬‬
‫تدخـاً مباشـ اًر‬
‫ويتدخــل ّ‬
‫ّ‬ ‫ويحولهــا مســخاً ليصبــح اإلنســان بذلــك فــأر مختبـ ٍـر‬ ‫للا تلــك‪ ،‬يشـ ّـوهها ّ‬ ‫ّ‬
‫للا للبشــر حتّــى يحققـوا مــن خاللــه غايــة‬
‫ّ‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫وض‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫المتكا‬‫و‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫الكا‬ ‫ـق‬
‫ـ‬ ‫ل‬ ‫الخ‬ ‫ـام‬
‫ـ‬ ‫ظ‬ ‫بن‬ ‫ر‬
‫ا‬
‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫وخط‬
‫‪35‬‬
‫الحب‬
‫ّ‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫مو‬ ‫بالن‬
‫ّ‬ ‫وجودهم‬
‫يعبــر عــن تسـّلط العلــم مــن طــرف مــن ال ديــن لــه‪،‬‬
‫ـإن االستنســاخ ّ‬ ‫أمــا فــي اإلســام فـ ّ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫النبــات إالّ فــي حــاالت نــادرٍة‪ ،‬واألدلــة علــى‬ ‫أو‬ ‫ان‬‫و‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الح‬ ‫أو‬ ‫ـان‬‫ـ‬ ‫س‬ ‫اإلن‬ ‫ـى‬‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫اء‬‫و‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫وهــو محـ ّـرم‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫التّحريم ثالثة هي‪:‬‬
‫ـكل عضـ ٍـو وظيفـ ًة مناســب ًة‪،‬‬
‫للا خلــق اإلنســان وجعــل لـ ّ‬
‫ألن ّ‬ ‫أوالً‪ -‬اإلستنســاخ خــاف الفطـرة‪ّ ،‬‬
‫لقولــه تعالــى‪ ﴿ :‬لقــد خلقنــا اإلنســان فــي أحســن تقويــم﴾ ســورة التيــن‪ -‬آيــة ‪ ،4‬و﴿اّلــذي خلــق‬
‫ٍ‬
‫كل شــيء خلقنــاه بقــدر﴾ ســورة القمــر‪ -‬آيــة ‪ّ ،49‬‬
‫ممــا‬ ‫فسـّـوى﴾ ســورة األعلــى‪ -‬آيــة ‪ ،2‬و﴿ ّإنــا ّ‬
‫أن إنتــاج نسـ ٍـخ مــن هــذا اإلنســان يــؤدي إلــى خلخلــة الطبيعــة واضطـراب نظامهــا اّلــذي‬
‫يعنــي ّ‬
‫محرم عقالً وشرعاً‪.‬‬
‫للا عليه‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫أوجدها ّ‬
‫أن القطــع المستنســخة وهــم‬ ‫ثاني ـاً‪ -‬يســتلزم االستنســاخ إفســاد ّ‬
‫النظــام الكونــي‪ ،‬وهــو مــا يعنــي ّ‬
‫أفـراد ال يملكــون المواصفــات الكاملــة الموجــودة فــي األصــل أي األفـراد الطبيعييــن‪ ،‬وبالتّالــي‬
‫فما كان ضرره أكثر من نفعه فهو حرٌام باتّفاق الفقهاء جميعاً‪.‬‬

‫ٍّ‬
‫الكونيــة‪ ،‬حيــث يعكــس رغب ـ ًة‬ ‫الشــياطين علــى الجامعــة‬ ‫ثالث ـاً‪ -‬يــؤدي االستنســاخ إلــى تس ـّلط ّ‬
‫ٍ‬
‫فــي تسـّلط اإلنســان علــى جســده وهــو مــا لــم يبحــه المولــى بشــكل مطلــق‪ ،‬ناهيــك عــن التّســلط‬
‫الشــيطان اّلــذي‬ ‫ط بإيحـ ٍ‬
‫ـاء مــن ّ‬ ‫علــى أجســاد اآلخريــن‪ ،‬واّلــذي يعـ ّـد هيمن ـ ًة صارخ ـ ًة وهــو تس ـّل ٌ‬
‫تنبغي مقاومته‪.36‬‬
‫كما ويمكن إيجاز مخاطر االستنساخ في ما يلي‪:‬‬
‫الســيادة على الحياة أي مشــاركة‬‫الســيطرة على الموت و ّ‬ ‫االدعاء و ّ‬‫‪ -‬ســقوط اإلنســان في شــرك ّ‬
‫أن ثمـرة اإلنجــاب ســتختفي باعتبارهــا‬
‫الخالــق‪ ،‬وهــو مــا يسـّـبب أزمـ ًة إيمانيـ ًة عميقـ ًة مــن منطلــق ّ‬
‫ـيكون الطفــل منتوج ـاً شــبيهاً‬ ‫نتيجــة حــب ومشـ ٍ‬
‫ـاركة واتّحـ ٍ‬
‫ـي بيــن األبويــن‪ ،‬وحينهــا سـ ُ‬‫ّ‬
‫ـاد روحـ‬ ‫ّ‬
‫هوية‪.‬‬ ‫أو‬ ‫باألصل ولكنه نسخة تماثلها بال كر ٍ‬
‫امة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبيعيــة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وكل عالقــات الق اربــة‬
‫‪ -‬يقضــي االستنســاخ علــى معانــي األمومــة واألبــوة والبنـ ّـوة ّ‬
‫طم مفهوم العائلة والوالدة‪.‬‬
‫كما يح ّ‬
‫ـق الحيــاة والمــوت مــن‬ ‫‪ -‬انعــدام احتـرام مبــدأ المســاواة بيــن البشــر عندمــا يتــم التّســلط علــى حـ ّ‬
‫اآلدميــة اّلتــي مــن‬
‫ّ‬ ‫طــرف الطبيــب‪ ،‬إلــى جانــب تحـّـول الجســد البشــر ّي إلــى مخــزٍن لقطــع الغيــار‬
‫ـس المبــدأ األخالقــي الكانطــي فــي كـ ْـون‬ ‫ممــا يمـ ّ‬‫شــأنها أن تحـ ّـل مــكان‪37‬األعضــاء المتلفــة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫اإلنسان غاية في ذاته ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلستنســاخ إذا مــا طبــق علــى البشــر ســيدخل أشــكاالً مــن التفّلــت لــم تعرفهــا البش ـرية مــن‬
‫‪-136-‬‬
‫األخالقية‪.38‬‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫معهود من اإلباحية‬ ‫قبل‪ ،‬وسيخلق نوعاً غير‬
‫‪ -5‬نقــل وزراعــة األعضــاء (‪ :)transplantation des organes‬وتعـ ّـد تقني ـ ًة قديم ـ ًة‬
‫أن المصريين القدامى عرفوا زرع األسنان وعنهم أخذها اليونانيون‬ ‫حيث أوضحت الحفريات ّ‬
‫الربــع الهجــري (‪ 10‬م)‪ ،‬كمــا عــرف‬ ‫والرومانيــون ليشــتهر بهــا األطبــاء المســلمون فــي القــرن ّا‬
‫الهنود عمليات زرع الجلد وإصالح األنف المتآكلة واألذن المقطوعة وذلك منذ ‪ 1700‬ســنة‬
‫يقودنــا ال محالــة إلــى الحديــث عــن‬ ‫قبــل الميــاد علــى األقــل ‪ ،‬والحديــث عنهــا‪ -‬هــذه التّقنيــة‪ُ -‬‬
‫‪39‬‬

‫أن التّقــدم التّقنــي جعــل‬ ‫الجســد باعتبــار البعــد األنتروبولوجــي اّلــذي يكتســيه‪ ،‬علــى الرغــم مــن ّ‬
‫األخالقيــة‪ ،‬وهــو الوضــع‬ ‫ّ‬ ‫ليحصــل علــى قيمـ ٍـة تجاريـ ٍـة بــدالً عــن قيمتــه‬
‫ُ‬ ‫منــه ســلع ًة ذات ثمـ ٍـن‬
‫الســياق نتســاءل هــل‬ ‫اّلــذي يتجّلــى بوضــو ٍح فــي تهريــب األعضــاء واالتّجــار بهــا‪ ،‬وفــي هــذا ّ‬
‫مشترك مع هللا؟‬
‫ٌ‬ ‫حق‬
‫وملك له فقط أم ّأنه ّ‬ ‫ٌ‬ ‫حق للمرء‬ ‫الجسد في اإلسالم ّ‬
‫أن األرجــح ّأنــه‬ ‫ٍ‬
‫السـؤال كانــت موضــوع اختــاف بيــن الفقهــاء‪ ،‬إالّ ّ‬ ‫اإلجابــة عــن هــذا ّ‬
‫ـترك بيــن الخالــق والمخلــوق أي بيــن هللا وعبــده بمعنــى حيــاة اإلنســان وجســمه‪ ،‬مــع‬ ‫ـق مشـ ٌ‬ ‫حـ ّ‬
‫ليتمكــن مــن‬
‫ألن حّقــه ســبحانه تقـ ّـرر فــي حيــاة المكّلــف وســامة جســده ّ‬ ‫ـق هللا تعالــى ّ‬ ‫تغليــب حـ ّ‬
‫ـق‬
‫الشــرعية‪ ،‬والجتمــاع جانــب هللا وجانــب العبــد فــي هــذا الحـ ّ‬ ‫تأديــة واجباتــه أي القيــام بالتكاليــف ّ‬
‫ـإن مــن يعتــدي عليــه فقــد عصــى هللا وآذى العبــد‪ ،‬بانتهــاك حرمتــه‪ ،‬ولذلــك يجــب القصــاص‬ ‫فـ ّ‬
‫فيكــون الحـ ّ‬
‫ـق‬ ‫ـق اإلنســان وتجــب الكّفــارة جبـ اًر لمــا فـّـوت مــن أمــر هللا‪ُ ،‬‬ ‫الديــة لمــا فــات مــن حـ ّ‬
‫أو ّ‬
‫فــي الحيــاة وفــي ســامة الجســد مــن الحقــوق المشــتركة بيــن هللا وعبــده ‪ .‬مــن هــذا المنطلــق‬
‫‪40‬‬

‫ـامية وموقــف الديانــات‬ ‫الشـريعة اإلسـ ّ‬ ‫سنتســاءل عــن مشــروعية نقــل األعضــاء وزراعتهــا فــي ّ‬
‫نصــا‬ ‫الســنة ّ‬‫الشــرعية أي فــي الكتــاب أو ّ‬ ‫األخــرى علــى حـ ٍـد سـواء‪ .‬إذ ال يوجــد فــي الّنصــوص ّ‬
‫صريحاً يعالج هذه المسألة‬
‫المفككــة وزرعهــا‬ ‫ّ‬ ‫إن إنتــاج وبيــع القطــع البش ـرية‬ ‫إن الواقــع المعيــش يشــير إلــى ّ‬
‫النمــو األســرع فــي‬ ‫الصناعــة اّلتــي ســتعرف ّ‬‫ظ ألن تصبــح ّ‬ ‫واســتخدامها بعــد بيعهــا‪ ،‬لديهــا حظــو ٌ‬
‫الســيارات‪ ،‬بــل‬ ‫العالــم‪ ،‬وهــي ســتُقوم مــن حيــث رقــم األعمــال بمنافســة صناعــة قطــع غيــار ّ‬
‫وستكون هناك مخازن لقطع الغيار في المستشفيات تماماً كما في المرائب ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ـاالت ضميرّيــة ذات حـ ّـد ٍة كبي ـرٍة‪،‬‬
‫يثيــر تقــدم الطــب فــي ميــدان زرع األعضــاء حـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أحيان ـاً‪ ،‬لــدى المريــض أو الجريــح‪ ،‬بالطبــع‪ ،‬ولكــن أيض ـاً لــدى الطبيــب اّلــذي يقــرر الـ ّـزرع‪,‬‬
‫ألنهــا ســتجعل مــن الكائــن البشــر ّي نفســه مــادة مــن‬
‫النتائــج الكار ّثيــة لهــذا العمــل فظيعــة للغايـ ًة ّ‬
‫وّ‬
‫النــدرة والمراهنــات‬ ‫تمي ـزه ّ‬
‫بيــن م ـو ّاد أخــرى‪ ,‬ليصبــح الجســد اإلنســاني موضوع ـاً جاه ـ اًز وحق ـاً ّ‬
‫الطبيــة‪ ،‬وســيضحى صــورة الجثّــة الموضــوع اّلــذي انتــزع العضــو منــه‪ :‬فهــي لــم تعــد تعتبــر‬ ‫ّ‬
‫ألنه انتزع منها ما كان يساهم في كيانه ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫إنسان‬

‫إن الجســد فــي هــذا المنظــور لــم يعــد يمثّــل تمامـاً وجــه الهويــة البشـرية‪ ،‬و ّإنمــا تجميعـاً‬
‫ّ‬
‫ألعضــاء وملكيــة ونوعـاً مــن عربـ ٍـة يســتخدمها اإلنســان‪ ،‬ويمكــن تبديــل مقطعهــا بقطـ ٍـع أخــرى‬

‫‪-137-‬‬
‫ـوي بيــن ّ‬
‫النســج‪ ،‬عندمــا تتوّفــر مــن‬ ‫مــن نفــس الطبيعــة‪ ،‬ش ـريطة أن توّفــر شــرط التّوافــق الحيـ ّ‬
‫الطبيــة والنفســانية‬
‫الشــروط ّ‬‫المعطــي وهــو علــى قيــد الحيــاة موافقــة‪ ،‬ومــن المتلقــي إرادة‪ ،‬وتكــون ّ‬
‫مجتمعة من أجل القيام بعملية زرع مواتية‪.‬‬
‫خاصـ ٍـة بنــزع األعضــاء مــن المتوفيــن‪ ،‬ويعـ ّـد‬ ‫ٍ‬
‫لقــد أحدثــت غالبيــة البــاد تش ـريعات ّ‬
‫يعبــر عنهــا وهــو علــى قيــد الحيــاة فــي أغلــب األحيــان فــي قلــب‬ ‫احت ـرام إرادة المتوفــي اّلتــي ّ‬
‫التّدابير المتّخذة‪ ،‬ومنها في فرنســا قانون ‪ CAILLAVET‬الصادر بتاريخ ديســمبر ‪1976‬‬
‫ألنــه وبفعــل الحداثــة تحـّـول الجســد مــن مجـ ّـرد قـ ٍ‬
‫ـدر يتلقــاه اإلنســان‬ ‫‪ .‬والواقــع فــي الحقيقــة أبشــع ّ‬
‫ويتكيــف مــع منطقــه‪ ،‬ويتعايــش باســتال ٍم مــع مــا يحملــه مــن حتميــة المــوت‬ ‫مــن الطبيعــة بسـ ٍ‬
‫ـلبية‬
‫ّ‬
‫يمكــن ابتــكاره وتعديــل قد ارتــه وتغييــر ســرعته وتفعيــل‬ ‫والشــيخوخة والهــرم والعجــز‪ ،‬إلــى كيـ ٍ‬
‫ـان ْ‬
‫جود أداؤه ‪.‬‬‫وي ّ‬
‫ويبتكر ُ‬ ‫وكأنه شيء ُينحت ُ‬ ‫إمكانياته‪ّ ،‬‬
‫المفككــة وزرعهــا واســتخدامها‬
‫ّ‬ ‫إن إنتــاج وبيــع القطــع البش ـرية‬
‫إن الواقــع المعيــش يشــير إلــى ّ‬
‫النمــو األســرع فــي العالــم‪ ،‬وهــي‬
‫الصناعــة اّلتــي ســتعرف ّ‬ ‫ظ ألن تصبــح ّ‬ ‫بعــد بيعهــا‪ ،‬لديهــا حظــو ٌ‬
‫ـتكون هنــاك‬‫الســيارات‪ ،‬بــل وسـ ُ‬
‫ســتُقوم مــن حيــث رقــم األعمــال بمنافســة صناعــة قطــع غيــار‪ّ 49‬‬
‫مخازن لقطع الغيار في المستشفيات تماماً كما في المرائب ‪.‬‬
‫ـاالت ضميرّيــة ذات حـ ّـد ٍة كبيـرٍة‪ ،‬أحيانـاً‪،‬‬ ‫يثيــر تقــدم الطــب فــي ميــدان زرع األعضــاء حـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النتائــج‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫ع‪,‬‬‫ر‬ ‫ـز‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـرر‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ـذي‬‫ـ‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ـب‬‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الطب‬ ‫ـدى‬‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ض‬ ‫أي‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ول‬ ‫ـع‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫بالط‬ ‫ـح‪،‬‬‫ـ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫الج‬ ‫أو‬ ‫لــدى المريــض‬
‫ألنهــا ســتجعل مــن الكائــن البشــر ّي نفســه مــادة مــن بيــن‬ ‫الكار ّثيــة لهــذا العمــل فظيعــة للغاي ـ ًة ّ‬
‫الطبيــة‪،‬‬
‫النــدرة والمراهنــات ّ‬ ‫تميـزه ّ‬ ‫مـو ّاد أخــرى‪ ,‬ليصبــح الجســد اإلنســاني موضوعـاً جاهـ اًز وحقـاً ّ‬
‫ألنــه‬
‫وســيضحى صــورة الجثّــة الموضــوع اّلــذي انتــزع العضــو منــه‪ :‬فهــي لــم تعــد تعتبــر إنســاناً ّ‬
‫انتزع منها ما كان يساهم في كيانه‪.50‬‬

‫إن الجســد فــي هــذا المنظــور لــم يعــد يمثّــل تمامـاً وجــه الهويــة البشـرية‪ ،‬و ّإنمــا تجميعـاً‬
‫ّ‬
‫ألعضــاء وملكيــة ونوعـاً مــن عربـ ٍـة يســتخدمها اإلنســان‪ ،‬ويمكــن تبديــل مقطعهــا بقطـ ٍـع أخــرى‬
‫ـوي بيــن ّ‬
‫النســج‪ ،‬عندمــا تتوّفــر مــن‬ ‫مــن نفــس الطبيعــة‪ ،‬ش ـريطة أن توّفــر شــرط التّوافــق الحيـ ّ‬
‫الطبيــة والنفســانية‬
‫الشــروط ّ‬ ‫المعطــي وهــو علــى قيــد الحيــاة موافقــة‪ ،‬ومــن المتلقــي إرادة‪ ،‬وتكــون ّ‬
‫مجتمعة من أجل القيام بعملية زرع مواتية‪.‬‬
‫خاصـ ٍـة بنــزع األعضــاء مــن المتوفيــن‪ ،‬ويعـ ّـد‬ ‫ٍ‬
‫لقــد أحدثــت غالبيــة البــاد تش ـريعات ّ‬
‫يعبــر عنهــا وهــو علــى قيــد الحيــاة فــي أغلــب األحيــان فــي قلــب‬ ‫احت ـرام إرادة المتوفــي اّلتــي ّ‬
‫التّدابيــر المتّخــذة‪ ،‬ومنهــا فــي فرنســا قانــون ‪ caillavet‬الصــادر بتاريــخ ديســمبر ‪.1976‬‬
‫‪51‬‬

‫ألنــه وبفعــل الحداثــة تحـ ّـول الجســد مــن مجـ ّـرد قـ ٍ‬


‫ـدر يتلقــاه اإلنســان‬ ‫والواقــع فــي الحقيقــة أبشــع ّ‬
‫ويتكيــف مــع منطقــه‪ ،‬ويتعايــش باســتال ٍم مــع مــا يحملــه مــن حتميــة المــوت‬ ‫مــن الطبيعــة بسـ ٍ‬
‫ـلبية‬
‫ّ‬
‫يمكــن ابتــكاره وتعديــل قد ارتــه وتغييــر ســرعته وتفعيــل‬ ‫والشــيخوخة والهــرم والعجــز‪ ،‬إلــى كيـ ٍ‬
‫ـان ْ‬
‫جود أداؤه ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫وي ّ‬
‫ويبتكر ُ‬ ‫وكأنه شيء ُينحت ُ‬ ‫إمكانياته‪ّ ،‬‬
‫‪-138-‬‬
‫نميــز بيــن مفاهيــم قــد تختلــط فــي ذهــن القــارئ نظـ اًر‬‫الســياق مــن المفيــد أن ّ‬
‫فــي هــذا ّ‬
‫ٍ‬
‫الداللــي مــن جهــة‪ ،‬وتداخــل اســتعماالتها مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬ونقصــد‬ ‫النتمائهــا إلــى نفــس الحقــل ّ‬
‫ـادي يملــك طـوالً‬‫ـكل مــا هــو مـ ّ‬
‫مفاهيــم الجســد والجســم والجثمــان والجثّــة وغيرهــا‪ ،‬فالجســم ُيقــال لـ ّ‬
‫وعرض ـاً وعمق ـاً أي قاب ـاً لالمتــداد‪ ،‬فــي حيــن ُيطلــق الجســد علــى البشــر ُّي فقــط أي علــى‬
‫أمــا الجثمــان فهــو جســم اإلنســان إذا لــم يبــرح األرض ومنــه‬ ‫ّ‬ ‫اإلنســان فقــط مــن دون غي ـره‪،‬‬
‫الرفات هو الحطام أي فتاته‪.53..‬‬ ‫فتخص اإلنسان‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫الميت‪ ،‬بينما الجثّة‬
‫جثمان ّ‬
‫إن التقــدم التّقنــي اّلــذي خضــع لــه الجســد مــن خــال ز ارعــة األعضــاء أحــدث تحـ ّـوالً فــي‬ ‫ّ‬
‫كيــان الكائــن‪ ،‬فلــم تعــد نهايتــه فــي نهايــة أعضائــه اّلتــي تواصــل حياتهــا مــن داخــل كائـ ٍـن آخــر‬
‫ـكل‪ ،‬بــل‬
‫أن الجــزء أبقــى مــن الـ ّ‬
‫ممــا يعنــي ّ‬
‫الزمــن يسـ ّـمى عمـ ٍاًر‪ّ ،‬‬
‫تــزرع فيــه لتمنحــه امتــداداً فــي ّ‬
‫ـكل عضـ ٍـو منــه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ـب مــن أزمنــة مختلفــة وأعمـ ٍ‬ ‫وأكثــر مــن ذلــك يحـ ّـدد الجســم كتركيـ ٍ‬
‫ـار متفاوتــة‪ ،‬لـ ّ‬ ‫ُ‬
‫الخاص‪.54‬‬
‫ّ‬ ‫ذاكرته وعمره‬
‫‪ -6‬الّتلقيــح االصطناعــي وأطفــال األنابيــب (‪insemination artificielle et bébé‬‬
‫‪ :)éprouvette‬يقــول تعالــى فــي ســورة المؤمنــون‪ ﴿ :‬ولقــد خلقنــا اإلنســان مــن سـ ٍ‬
‫ـالة مــن‬
‫طيـ ٍـن(‪ )12‬ثــم جعلنــاه فــي ق ـرٍار مكيـ ٍـن(‪ )13‬ثــم خلقنــا ّ‬
‫النطفــة علق ـ ًة فخلقنــا العلقــة مضغ ـ ًة‬
‫فخلقنــا المضغــة عظام ـاً فكســونا العظــام لحم ـاً ثــم أنشــأناه خلقــا آخــر فتبــارك هللا أحســن‬
‫ـامية قــد تـ ّـم فــي خمــس‬
‫الش ـريعة اإلسـ ّ‬ ‫أن خلــق اإلنســان فــي ّ‬
‫الخالقيــن(‪ ،﴾)14‬والمقصــود ّ‬
‫مراحل‪:‬‬
‫األولــى‪ -‬مرحلــة النطفــة وهــي اإلفـ ارزات اّلتــي تفرزهــا الخصيــة والبروســتاتا والحويصلــة المنويــة‬
‫األجنــة مــن الحيـوان المنــوي والبويضــة‬
‫ّ‬ ‫فــي جهــاز الرجــل‪ ،‬ويبــدأ هــذا المصطلــح عنــد علمــاء‬
‫النطفــة بثالثــة أط ـو ٍار‪ :‬طــور المــاء ّ‬
‫الدافــق‪ ،‬ثــم‬ ‫وينتهــي بطــور الحــرث أي االنغ ـراس‪ ،‬وتمــر ّ‬
‫الســالة وتعنــي الحي ـوان المنــوي اّلــذي يعتبــر ســالة تخــرج مــن مــاء الرجــل وتســتخرج‬ ‫طــور ّ‬
‫النطفــة أو األمشــاج واّلتــي تطلــق فــي علــم‬ ‫ـق مــن المــاء المهيــن ليقابــل مــاء المـرأة‪ ،‬فطــور ّ‬ ‫برفـ ٍ‬
‫األحيــاء علــى الخاليــا الجنســية كالحيـوان المنــوي والبويضــة قبــل أن تندمجــا لتكويــن الالّقحــة‪،‬‬
‫األجنــة مرحلــة االلتصــاق‬
‫ّ‬ ‫أمــا المرحلــة الثانيــة فهــي مرحلــة العلقــة‪ ،‬وهــي كمــا وصفهــا علمــاء‬ ‫ّ‬
‫الرابعــة وتعنــي فــي الّلغــة القطعــة مــن اللحــم قــدر‬
‫ّ‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫المرح‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫غ‬ ‫المض‬ ‫ل‬ ‫ـك‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫بين‬ ‫اس‪،‬‬‫ر‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫االن‬‫و‬
‫مــا يمضــغ ولــم ينضــج‪ ،‬وتصــف حالــة الجنيــن حيــث يشــبه لقمـ ًة ممضوعــة‪ ،‬فــي حيــن تســتغرق‬
‫الســابع‪ .‬أمــا‬
‫الســادس و ّ‬ ‫األجنــة األســبوع الخامــس و ّ‬
‫ّ‬ ‫مرحلــة تكـ ّـون العظــام والّلحــم عنــد علمــاء‬
‫تكــون بهــا حيــاة هــذا‬‫المرحلــة األخي ـرة فهــي اّلتــي تنفــخ فيهــا الـ ّـروح بأمــر هللا تعالــى واّلتــي ُ‬
‫ـص أصبعــه واإلمســاك بالحبــل السـ ّـري‬ ‫ـث يبــدأ الجنيــن بمـ ّ‬ ‫الجنيــن بعــد مضــي ‪ 120‬يومـاً‪ ،‬حيـ‬
‫ّ‬
‫الرحم وسماع األصوات ‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫والتقّلب في ّ‬
‫يصبــح الجنيــن بهــذا المعنــى يصبــح إنســاناً يعــد إجهاضــه جريم ـ ًة وانتهــاكاً لحقــوق‬
‫اء حصــل مــن المـرأة الحامــل‬ ‫ٍ‬
‫متعمــد‪ ،‬وسـو ٌ‬
‫ـق فــي الحيــاة إذا تـ ّـم بشــكل ّ‬ ‫اإلنســان األولــى وهــو الحـ ّ‬
‫بمساعدة خارجية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬
‫‪-139-‬‬
‫ـكل مــا مــن شــأنه أن‬ ‫ـض لـ ّ‬ ‫ضمــن هــذا اإلطــار وقفــت الكنيســة الكاثوليكيــة موقــف رفـ ٍ‬
‫الصــادرة عــن (مجمــع العقيــدة واإليمــان)‬ ‫ـس حيــاة الكائــن البشــر ّي وكرامتــه وذلــك فــي الوثيقــة‬ ‫يمـ ّ‬
‫ادع يســبب ّالهــاك لإلنســان وأن عصرنــا بحاجــةٍ‬
‫ّ‬ ‫أن العلــم بــا ضميـ ٍـر ر ٍ ّ‬ ‫ـدة ّ‬‫مؤكـ ً‬‫عــام ‪ّ ،1987‬‬
‫ـب مــن تقـ ّـد ٍم مذهـ ٍـل‪ ،‬ولهــذا كان‬ ‫ٍ‬
‫إلــى حكمــة أكثــر مــن األزمنــة الماضيــة نظـ اًر لمــا أحــرزه الطـ ّ‬
‫ـكل مطلــق باعتبــار ّأنهــا منــذ‬ ‫ـان منــذ لحظــة الحبــل األولــى بشـ ٍ‬ ‫كل إنسـ ٍ‬ ‫مــن الواجــب احتـرام حيــاة ّ‬
‫خاصــة معــه‪ ،‬وقــد عرضــت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ـف «عمــل هللا الخالــق»‪ ،‬وتبقــى أبــداً فــي عالقــة ّ‬ ‫بدايتهــا تستشـ ّ‬
‫ـأن‬
‫الكنيســة علــى اإلنســان المعاصــر تعليمهــا الثّابــت واألكيــد فــي المجمــع الفاتيكانــي الثانــي بـ ّ‬
‫«الحيــاة يجــب المحافظــة عليهــا منــذ الحبــل بهــا وبعنايـ ٍـة قصــوى‪ ،‬فاالستنســاخ واإلجهــاض‬
‫األجنــة ج ارئــم فظيعــة»‪ ،‬وعلــى ســبيل المثــال يعتبــر اســتعمال الجنيــن‬ ‫ّ‬ ‫واإلخصــاب وقتــل‬
‫البشــري كمـ ٍ‬
‫ـكل‬
‫ـق فــي مــا لـ ّ‬ ‫بالنســبة إلــى ك ارمــة كائـ ٍـن بشــر ّي لــه الحـ ّ‬ ‫ـار جنحــة ّ‬ ‫ـادة أو أداة اختبـ ٍ‬
‫األجنــة علــى قيــد الحيــاة بشـ ٍ‬
‫ـكل‬ ‫ّ‬ ‫ـخص بشــر ّي مــن احت ـرام‪ ،‬فالعمــل علــى إبقــاء‬ ‫ـود أو شـ ٍ‬ ‫مولـ ٍ‬
‫ـكل مطلــق‪ ،‬وإنتــاج‬ ‫ـات اختباريـ ٍـة وتجاريـ ٍـة ينافــي ك ارمــة اإلنســان بشـ ٍ‬ ‫طبيعــي أو فــي األنبــوب لغايـ ٍ‬
‫لهــو أمـٌـر ينافــي اآلداب‪ ،‬كمــا تنـ ّـدد‬ ‫ـادة بيولوجيـ ٍـة جاهـزٍ‬
‫ة‬ ‫ية معــدة لالســتغالل بمثابــة مـ ٍ‬ ‫أجنـ ٍـة بّشـر ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ث‬ ‫بح‬ ‫ٍ‬
‫ـرض‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫االصطنا‬ ‫ـاب‬ ‫ـ‬ ‫ص‬ ‫اإلخ‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـج‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫الن‬
‫ّ‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫المتعم‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫األجن‬
‫ّ‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫بق‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫الكني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫للا ولــو عــن غيــر قصــد وليصبــح سـ ّـيد‬ ‫ينصــب نفســه مقــام ّ‬ ‫الباحــث فــي مثــل هــذا المجــال ّ‬
‫الدفــاع عــن نفســها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مصيــر اآلخــر فيختــار مــن يحــي ومــن يمــوت لكائنــات غيــر قــادرة علــى ّ‬
‫ـب و ارثــي بالجينــات كأن تتـ ّـم محاولــة إخصــاب‬ ‫ناهيــك عمــا يمكــن أن ينجــر عــن ذلــك مــن تالعـ ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أجنـ ٍـة بش ـرية فــي أرحــام حيوانيــة أو تركيــب أرحــا ٍم‬ ‫ّ‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫أو‬ ‫ـي‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫حي‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫وآ‬ ‫ي‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫مشــيج بش‬
‫‪56‬‬
‫لجنين بشر ّي‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اصطناعية‬
‫ـكان أن نشــير إلــى موقــف بعــض الفالســفة واألطبــاء‬ ‫األهميــة بمـ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الســياق مــن‬ ‫فــي هــذا ّ‬
‫ـب الفرنســي المعاصــر فرانس ـوا داغونــي ‪François Dagognet‬‬ ‫أمثــال فيلســوف الطـ ّ‬
‫ّ‬
‫الرئيــس كان محاربــة‬ ‫الصناعــي ســببه ّ‬ ‫أن الّلجــوء إلــى اإلخصــاب ّ‬ ‫(م‪ ،)1924‬اّلــذي اعتبــر ّ‬
‫العقــم أي عالجــه والتّغلــب عليــه‪ ،‬وأكبــر العراقيــل اّلتــي تعتــرض هــذه التّقنيــة هــي موقــف‬
‫اعتداء يطال الكرامة البشرية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الكنيسة الكاثوليكية الرافض نظ اًر لما يلحق من‬
‫النســل مــن دون‬ ‫‪ -7‬تحســين الّنســل (‪ :)Eugénisme‬ال يمكــن الحديــث عــن تحســين ّ‬
‫الوقــوف عنــد ظاه ـرة التّعقيــم (‪ )Stérilisation‬اّلتــي تملــك جــذو اًر تاريخي ـ ًة‪ ،‬وهــو عمـ ُـل‬
‫ـكل مؤّقـ ٍ‬
‫ـت‬ ‫ج ارحــي يؤثّــر علــى الجهــاز التّناســلي ليفقــده صالحيــة اإلنجــاب عنــد الجنســين بشـ ٍ‬
‫ّ‬
‫ـاء لــدى الذكــور فــي حــال حصــول‬ ‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ص‬ ‫إخ‬ ‫ى‬ ‫ـم‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ـث‬‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫ـية‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫الجن‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫ب‬ ‫غ‬‫الر‬
‫ّ‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫ت‬ ‫يق‬ ‫ال‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫ه‬‫و‬ ‫ٍ‪،‬‬
‫م‬ ‫أو دائـ‬
‫ـوي حتــى ال‬‫ذلــك‪ ،‬ويتمثّــل عنــد الم ـرأة فــي قطــع الطريــق ‪ -‬قنــاة فالــوب‪ -‬أمــام الحي ـوان المنـ ّ‬
‫يصــل إلــى البويضــة‪ ،‬بينمــا عنــد الرجــل فيكــون بقطــع القنــاة ّ‬
‫الناقلــة أمــام الحيـوان المنــوي حتــى‬
‫السائل المنوي‪.57‬‬ ‫ال يخرج من الخصيتين إلى ّ‬
‫المؤكــد ّأنــه محـ ّـل تأييـ ٍـد فــي حــال معانــاة‬
‫ّ‬ ‫لــن نتوقــف عنــد التّعقيــم العالجــي إذ مــن‬
‫ّ‬
‫ـرض محـ ّـد ٍد يتطّلــب تعقيمــه شـريطة علمــه بذلــك وإبــداء موافقتــه الواعيــة‪ ،‬حيــث‬ ‫المريــض مــن مـ ٍ‬

‫‪-140-‬‬
‫صحيـ ٍـة خالصــة‪ّ ،‬إنمــا ســنقف عنــد التّعقيــم اّلــذي ُيجبــر عليــه صاحبــه‬
‫ُيلجــأ إليــه لدواعــي ّ‬
‫الشــأن فــي حــاالت التّطهيــر العرقــي‪ ،‬حيــث‬
‫اجتماعيــة أو سياسـّـية كمــا هــو ّ‬
‫ّ‬ ‫اقتصاديــة و‬
‫ّ‬ ‫ألسـ ٍ‬
‫ـباب‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معينــة مــن المجرميــن والمنحرفيــن جنســياً والمصابيــن بالتشـّـوهات واألمـراض‬ ‫يتّخــذ ضـ ّـد نوعيــة ّ‬
‫ويكــون غرضــه العقــاب‪،‬‬‫العقليــة‪ ،‬اّلتــي ُيخشــى انتقالهــا بالو ارثــة مــن اآلبــاء إلــى األبنــاء ‪ُ ،‬‬
‫‪58‬‬
‫ّ‬
‫كاّلــذي مارســته ألمانيــا فــي عهــد هتلــر وفق ـاً للتش ـريع األلمانــي اّلــذي صــدر فــي ‪ 4‬جويليــة‬
‫‪ ،1933‬وقانــون اإلخصــاء الطوعــي اّلــذي صــدر فــي ‪ ،196959‬وذلــك اّلــذي أباحتــه بعــض‬
‫التشريعات الحقاً‪.‬‬
‫الســياق حــول مــا اّلــذي يمكــن أن يحصــل فــي حــال تحـّـول‬‫ولنــا أن نتســاءل فــي هــذا ّ‬
‫ـودة‬
‫إن مثــل هــذا المجتمــع ســتموت بيــن أهلــه المـ ّ‬
‫أصحــاء أقويــاء وأذكيــاء؟ ّ‬
‫ّ‬ ‫المجتمــع كّلــه إلــى‬
‫الرحمــة واإليثــار بالتّأكيــد‪ ،‬ألن وجــود المعـ ّـوق والعاجــز والمتخّلــف وغيرهــم ّإنمــا هــي نمــاذج‬
‫وّ‬
‫تشتد قلوبنا ونجني الوبال على أنفسنا ‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫للا علينا فال ّ‬ ‫تذكرنا بنعم ّ‬ ‫بشرية ّ‬
‫الصبغــي ال تعتبــر أمـ اًر عالجيـاً‪ ،‬حيــث‬
‫ـل فــي الميـراث ّ‬ ‫التدخـ‬
‫أن بعــض محــاوالت ّ‬ ‫كمــا ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يكــون الهــدف منهــا إنتــاج كائنــات بش ـرية مختــارة وفق ـاً للجنــس أو لبعــض ّ‬
‫الصفــات المحـ ّـددة‬ ‫ُ‬
‫ـات فــي نظــر الكنيســة الكاثوليكيــة تنافــي ك ارمــة اإلنســان الشــخصية وكمالــه‬
‫ٌ‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫تالع‬ ‫ـي‬‫ـ‬ ‫ه‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫س ً‬
‫ا‬ ‫ـلف‬
‫ـ‬
‫اإلنسانية في المستقبل ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫ّ‬ ‫تبررها نتائج محتملة لخير‬ ‫وهويته‪ ،‬وال يجب أن ّ‬
‫«النغولية»‬‫يتسبب في نوٍع من ّ‬ ‫اثية من شأنه أن ّ‬ ‫أن التّالعب بالعوامل الور ّ‬ ‫ونضيف ّ‬
‫لــم يســبق لهــا مثيــل‪ ،‬وقــد كان القدمــاء يعتبــرون «نغ ـاً» مــن عاشــرت أمــه أكثــر مــن رجـ ٍـل‬
‫فإنــه‬ ‫أن لــه أكثــر مــن ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تبيــن اســتحالة ذلــك الحقـاً‪ّ ،‬‬ ‫أب‪ ،‬وإن ّ‬ ‫واحــد قبــل حملهــا‪ ،‬مفترضيــن بذلــك ّ‬
‫ـإن مــن تغريــه التكنولوجيــا‬ ‫«النغوليــة» ممكنــة‪ ،‬وبالتّالــي فـ ّ‬ ‫وبفضــل تلــك التّالعبــات أصبحــت ّ‬
‫يكون له نغول وليس أبناء حقيقيين ‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫يحسن نسله ينتهي به األمر بأن ُ‬ ‫بأن ّ‬
‫ـإن دعــاة التّحســين الجينــي فــي تبريــر هــذا االختيــار حســب‬ ‫الســياق فـ ّ‬ ‫ضمــن هــذا ّ‬
‫األلمانــي المعاصــر يورغــن هابرمــاس ‪( Jürgen Habermas‬م ‪ّ )1929‬إنمــا يســتندون إلــى‬
‫ـق فــي اختيــار صورتــه وتقويــم عيوبــه الجينيــة وبالتّالــي‬ ‫«الحريــة» اّلــذي يقـ ّـر بــأن للمــرء الحـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبــدأ‬
‫الحريــة‬
‫االنتقائيــة الممكنــة لآلبــاء و ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحريــة‬
‫ـارض بيــن ّ‬ ‫تحســين ذاتــه واالرتقــاء بهــا‪ ،‬هنــاك إذن تعـ ٌ‬
‫ـيكون عندئـ ٍـذ قـ َـد اًر جديــداً ُيفــرض‬ ‫ـات علــى أبنائهــم سـ ُ‬ ‫اإليتيقيــة لألبنــاء‪ ،‬ألن اختيــار اآلبــاء لتعديـ ٍ‬
‫ّ‬
‫يؤكــده هابرمــاس فــي قولــه‪ ..»:‬منــذ اليــوم اّلــذي يتصـّـور فيــه‬ ‫ّ‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ه‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫‪63‬‬
‫ـة‬‫علــى األجيــال القادمـ‬
‫ـاج يكفــي إعطــاءه شــكالً أو بحســب‬ ‫يتمنونــه لمولودهــم كإنتـ ٍ‬ ‫البالغــون اإلعــداد الو ارثــي اّلــذي ّ‬
‫خاصـاً بهــم‪ّ ،‬إنهــم يمارســون مــع «المنتــج» اّلــذي‬ ‫النهايــة «تصميمـاً» ّ‬ ‫تخيلهــم أن يتصـّـوروا لهــذه ّ‬ ‫ّ‬
‫تعديـاً علــى األســس‬ ‫ل‬ ‫ـك‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫ٍ‬
‫ـتعدادات‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ـذ‬
‫ـ‬ ‫خ‬ ‫بأ‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫د‬‫ّ‬‫الت‬ ‫ـكال‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫ـك‬‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫اث‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـم‬‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫تـ ّـم ّ‬
‫الت‬
‫ّ‬
‫ـخص آخــر‪ّ ،‬إنــه تعـ ٍـد مهمــا كان‬ ‫األخالقيــة لشـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫الحريــة‬
‫ـدية فــي العالقــة العفويــة مــع الـ ّذات و ّ‬ ‫الجسـ ّ‬
‫أن اإلنســان‬ ‫الحكــم عليــه‪ ،‬فهــم لــم يمــارس حتــى اآلن إالّ علــى األشــخاص‪ ، »..‬معنــى هــذا ّ‬
‫‪64‬‬

‫تكــون كرامتــه إالّ كك ارمــة‬ ‫طلــب لــن ُ‬ ‫ألن الطفــل تحــت ال ّ‬ ‫يتحمــل تبعــات اختيــاره ّ‬ ‫ـتقبلي لــن ّ‬ ‫المسـ‬
‫ّ‬
‫األجنة وتبضيعهم ‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫ّ‬ ‫ينجر عنه تشيييء‬ ‫ونحدد حاجياتنا منها وهو ما ّ‬ ‫نعدل فيها ّ‬ ‫اآللة اّلتي ّ‬
‫‪-141-‬‬
‫األجنــة ونعـ ّـدل‬
‫ّ‬ ‫ألننــا عندمــا نســتهلك‬
‫أمــا عــن مبــدأ «المســاواة» فســيتم خرقــه ال محالــة ّ‬ ‫ّ‬
‫ـب هــو‬ ‫ـ‬ ‫ت‬‫ر‬‫ا‬ ‫ت‬ ‫ـطها‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫أب‬
‫و‬ ‫ـاني‪،‬‬‫ـ‬ ‫س‬ ‫اإلن‬ ‫ـي‬‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫ئ‬ ‫الكا‬ ‫ـي‬
‫ـ‬ ‫ف‬ ‫فيهــا فــإن ذلــك ســينتهي حتمـاً بخلــق تراتبـ ٍ‬
‫ـات‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المعدليــن‪ ،‬األمــر اّلــذي يمكنــه أن يهـ ّـدد وحــدة الجنــس البشــري والمجتمــع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫وغ‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫المعد‬
‫ّ‬ ‫بيــن‬
‫ظ واإلمكانيــات ‪ ،‬وهــو مــا‬
‫‪66‬‬
‫يكــون ممكن ـاً إالّ علــى أســاس التّســاوي فــي الح ـ ّ‬ ‫ألن المجتمــع ال ُ‬ ‫ّ‬
‫الصعوبــة بمــكان احت ـرام خــط الفصــل مــا بيــن انتقــاء‬ ‫أكــد عليــه هابرمــاس فــي قولــه‪ ..»:‬مــن ّ‬ ‫ّ‬
‫العوامل الوراثية غير المرغوب فيها‪ ،‬والتّوسع ال ّذاتي بالعوامل المرغوب فيها‪. »..‬‬
‫‪67‬‬

‫الرحيــم (‪ :)Avortement et euthanasie‬يقصــد باإلجهــاض‬ ‫‪ -8‬اإلجهــاض والقتــل ّ‬


‫إســقاط الجنيــن قبــل أوانــه أي إلقــاءه وهــو الولــد الســقط ناقــص المــدة أو الخلقــة قبــل الموعــد‬
‫يكــون قابـاً للحيــاة‬
‫الطبيــة انطـراح محصــول الحمــل قبــل أن ُ‬ ‫الناحيــة ّ‬ ‫المحـ ّـدد للـوالدة‪ ،‬وهــو مــن ّ‬
‫يكــون إجهاض ـاً‬ ‫ـور فقــد ُ‬‫النقطــة‪ ،‬وهــو علــى ثــاث صـ ٍ‬ ‫علــى الرغــم مــن االختــاف فــي هــذه ّ‬
‫ـي أو تشـّـوٍه فــي ّ‬
‫الرحــم وهــو فــي‬ ‫طبيعيـاً أو تلقائيـاً يحصــل للحامــل بســبب خلـ ٍـل هرمونــي أو جينـ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يكــون إجهاضـاً عالجيـاً يتـ ّـم مــن أجــل إنقــاذ حيــاة المـرأة‬ ‫الســماء‪ ،‬وقــد ُ‬
‫هــذه الحالــة رحمــة مــن ّ‬
‫يكــون جنائي ـاً حيــن يتـ ّـم تفريــغ‬ ‫الحامــل فــي حــال شـ ّـكل الجنيــن خط ـ اًر علــى حياتهــا‪ ،‬وقــد ُ‬
‫ِ‬
‫طبــي بطريــق اســتخدام الـ ّـدواء أو العنــف مــن طــرف المـرأة‬ ‫محتويــات رحــم الحامــل ُدون مبـ ّـرٍر ّ‬
‫بتدخ ٍل خارجي‪.68‬‬‫أو ّ‬
‫ّ‬
‫ـق‬
‫ـإن ّأولهــا يتعّلــق بالحـ ّ‬‫الســياق فنحــن عندمــا نتحـ ّـدث عــن حقــوق اإلنســان فـ ّ‬
‫ضمــن هــذا ّ‬
‫كل الوســائل مهمــا كانــت‪،‬‬ ‫الطبيعــي المقـ ّـدس فــي الحيــاة واّلــذي أبــاح الفالســفة للمحافظــة عليــه ّ‬
‫ـق فــي المــوت‪ ،‬وهــو تطّلــع‬ ‫ٍ‬
‫ولكـ ّـن مفــرزات البيوتكنولوجيــا فرضــت بطريقــة مــا الحديــث عــن الحـ ّ‬
‫الميئــوس مــن شــفائهم‬‫الطبــي للمرضــى ُ‬ ‫أن الواقــع ّ‬ ‫وإن بــدا غيــر مشــروٍع للوهلــة األولــى إالّ ّ‬
‫ـكل عبثــي يبعــث علــى‬ ‫واّلذيــن تعمــل األجه ـزة الطبيــة االصطناعيــة علــى تمطيــط حياتهــم بشـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التّساؤل‪.‬‬
‫وقــد جعــل األطبــاء للمــوت الحقيقــي ثــاث م ارحــل‪ ،‬ففــي األح ـوال العاديــة يحــدث‬
‫ّ‬
‫الرئتــان عــن العمــل‪ ،69‬وفــي مرحلـ ٍـة‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫الق‬ ‫ـف‬
‫ـ‬‫ق‬‫ّ‬‫يتو‬ ‫المــوت اإلكلينيكــي فــي مرحلـ ٍـة أولــى‪ ،‬حيــث‬
‫المحمــل باألوكســجين إلــى المــخ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ثانيــة تمــوت خاليــا المــخ بعــد بضــع دقائــق مــن دخــول الــدم‬
‫ٍ‬
‫حيــة لمــدة تختلــف مــن عضـ ٍـو إلــى آخــر‪،‬‬ ‫وبعــد حــدوث هاتيــن المرحلتيــن تظـ ّـل خاليــا الجســم ّ‬
‫ـوي وهــو يمثّــل المرحلــة‬
‫نهايتهــا تمــوت هــذه الخاليــا فيحــدث مــا يسـ ّـمى بالمــوت الخلـ ّ‬ ‫وفــي‬
‫‪70‬‬
‫الثالثة‬
‫الميســر أو الحســن فــي واقــع األمــر عــن محاولــة تســهيل مــوت‬ ‫ويعبــر المــوت ُ‬
‫هــذا‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫المعالــج‪ ،‬كمــا قــد‬ ‫يقدمــه للطبيــب‬
‫ـح منــه ّ‬ ‫المريــض الميئــوس مــن شــفائه بنــاء علــى طلـ ٍ‬
‫ـب ملـ ّ‬ ‫ً‬
‫يكــون اقت ارح ـاً ّ‬
‫مقدم ـاً مــن الطبيــب نفســه‪ ،‬تحــت ذريعــة الحـ ّـد مــن آالمــه ومعاناتــه اّلتــي ال‬ ‫ُ‬
‫ممن ينوب عنه ‪ ،‬وهو على عدة أنواع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫يح من المريض أو ّ‬ ‫تُحتمل بطلب صر ٍ‬
‫‪71‬‬

‫ـات قاتلـ ٍـة مــن دواء المورفيــن أو الكــورار (‪)Curare‬‬


‫‪ -‬قتــل فعــال أو مباشــر يتــم بتقديــم جرعـ ٍ‬
‫ٌ ّ‬ ‫ٌ ّ ٌ‬
‫‪-142-‬‬
‫بنيــة القتــل‬
‫والباربتوريــات (‪ )Barbiturates‬أو غيرهــا مــن مشــتّقات الســيانيد (‪ّ )Cyanide‬‬
‫سامة‪.72‬‬‫وهي مو ّاد ّ‬
‫‪ -‬مســاعدة علــى القتــل (‪ )Aide au suicide‬ويقــوم بــه المريــض بنــاء علــى توجيهـ ٍ‬
‫ـات‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫�خص آخـ�ر‪ ،‬وقتـ ٌ�ل غيـ�ر مباشـ ٍ�ر( (�‪Euthanasie Indi‬‬ ‫يقدمهـ�ا لـ�ه شـ ٌ‬ ‫ومعلومـ�ات أو وسـ�ائل ّ‬
‫ـات مــن عقاقيــر مسـ ّـكنة مــن أجــل تهدئــة اآلالم المبرحــة‪،‬‬ ‫‪ )recte‬يتــم بإعطــاء المريــض جرعـ ٍ‬
‫ّ‬
‫للســيطرة علــى األلــم‪ ،‬وهــي‬
‫ّ‬ ‫ـات‬
‫ـ‬ ‫ع‬‫الجر‬ ‫ـادة‬
‫ـ‬ ‫ي‬
‫ز‬ ‫ـى‬
‫ـ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ـج‬
‫ـ‬ ‫ل‬ ‫المعا‬ ‫ـب‬‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الطب‬ ‫ـر‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ط‬ ‫يض‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ق‬‫الو‬ ‫ـرور‬ ‫ولكــن بمـ‬
‫النهايــة إلــى إحبــاط التّنفــس وت ارجــع عمــل عضلــة القلــب لتُفضــي‬ ‫الجرعــات اّلتــي تــؤدي فــي ّ‬
‫إلى الموت‪.73‬‬
‫ـال أو منفعــل (‪ )Euthanasie Passive‬ويتــم برفــض العــاج أو إيقافــه عــن‬ ‫‪ -‬قتــل غيــر فعـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫طريــق رفــع أجه ـزة التّنفــس االصطناعــي عــن المريــض اّلــذي ُحكــم علــى مــوت دماغــه فــي‬
‫ـب الحديــث كمــا تقـ ّـدم يعنــي مــوت خاليــا‬
‫ـإن المــوت فــي الطـ ّ‬
‫غرفــة اإلنعــاش ‪ ،‬ولإلشــارة فـ ّ‬
‫‪74‬‬

‫العصبيــة عــن العمــل‪ ،‬أو بعبــارٍة أخــرى مــوت خاليــا‬


‫ّ‬ ‫الدمــاغ اّلــذي يــؤدي إلــى توقــف الم اركــز‬
‫األساسية للحياة ‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫ّ‬ ‫التلقائي للوظائف‬ ‫المخ اّلذي يؤدي إلى التّوقف ّ‬ ‫ّ‬
‫النفــس‬
‫الطبيعيــة وهــو حفــظ ّ‬‫ّ‬ ‫أن هــذا المطلــب يتناقــض مــع ّأول الحقــوق‬ ‫مــن الواضــح ّ‬
‫الســنوات األخي ـرة ممارس ـ ًة علني ـ ًة وقانوني ـ ًة فــي‬ ‫والحيــاة مــن األذى‪ ،‬إالّ ّأنــه بــدأ يعــرف فــي ّ‬
‫أن بعــض المرضــى‬ ‫بعــض دول أوروبــا مثــل هولنــدا (‪ )2001‬وبلجيــكا (‪ )2002‬إلــى درجــة ّ‬
‫الميئــوس مــن حالهــم ارح ـوا يلجئــون إلــى القضــاء كمــا هــو حــال شــانتال ســبير(‪Chantal‬‬
‫‪ )Sébire‬عــام ‪ 2008‬فــي فرنســا اّلتــي كانــت تعانــي مــن ورٍم خبيــث علــى مســتوى العينيــن‬
‫شـ ّـوه وجههــا تمام ـاً‪ ،‬والشــاب فانســون هامبيــر (‪ )Vincent Humbert‬اّلــذي أصيــب فــي‬
‫ـير خطيـ ٍـر أدخلــه فــي غيبوبـ ٍـة نباتيـ ٍـة (‪ )état végétatif‬فقــد بموجبــه‬ ‫الدمــاغ إثــر حــادث سـ ٍ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ـت ســنوات فــي اإلنعــاش‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ظ‬ ‫لي‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫عا‬‫ّ‬‫الت‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ٍ‬
‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫أد‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫يم‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ك‬‫الحر‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ة‬‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫كل‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫االصطناعي‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن المطالبــة بحــق المــوت بك ارمـ ٍـة كمــا يحُلــو للبعــض تســميته يجعلنــا فــي مواجهــة سـؤ ٍ‬
‫ال‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ـق فــي المــوت‬ ‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ـد‬
‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫ك‬ ‫يم‬ ‫ـل‬‫ـ‬ ‫ه‬ ‫أي‬ ‫ـوت؟‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫بال‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫ب‬ ‫المطال‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ق‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـل‬‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـو‪:‬‬‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـي‬ ‫أنطولوجـ‬
‫حّقــا طبيعيـاً بــدوره يمكــن إد ارجــه فــي الئحــة حقــوق اإلنســان اّلتــي أعلــن عنهــا اإلعــان العالمــي‬
‫ّ‬
‫لحقوق اإلنسان؟‬
‫يجــوز قتــل المريــض‬ ‫ـح حيــث ال ُ‬‫فإنــه صريـ ٌ‬‫أمــا عــن موقــف الديانــات مــن هــذه المســألة ّ‬ ‫ّ‬
‫يكــون قــد‬
‫ـامية مهمــا كان مرضــه ومهمــا كانــت األســباب‪ ،‬ومــن يُقــوم بذلــك ُ‬ ‫ّ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫اإل‬ ‫يعة‬‫ر‬ ‫الشـ‬
‫فــي ّ‬
‫ـي فــي ذلــك صريــح‪ ﴿ :‬وال تقتلـوا ّ‬
‫النفــس اّلتــي حـ ّـرم‬
‫ّ‬
‫النــص القرآنـ‬ ‫اقتــرف جريمــة القتــل العمــد و ّ‬
‫النبويــة بدورهــا كانــت صريحــة‬ ‫ـق﴾ ســورة األنعــام‪ -‬اآليــة ‪ ،151‬ونصــوص ّ‬
‫الســنة ّ‬ ‫للا إالّ بالحـ ّ‬‫ّ‬
‫إن دماءكــم وأموالكــم وأعراضكــم‬ ‫ّ‬ ‫ـاس‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫الن‬
‫ّ ّ‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫أي‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـوداع‪»:‬‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫حج‬
‫ّ‬ ‫ـي‬
‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫عل‬ ‫للا‬
‫ّ‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ـه‬‫ـ‬ ‫ل‬‫قو‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫ث‬ ‫م‬
‫ح ـرام عليكــم كحرمــة يومكــم هــذا فــي شــهركم هــذا فــي بلدكــم هــذا» (صحيــح البخاري‪-‬كتــاب‬
‫‪-143-‬‬
‫«كل المســلم علــى المســلم‬
‫للا عليــه وسـّلم‪ّ :‬‬
‫الحــج‪ -‬بــاب خطبــة منــى‪ ،)300/1‬وقولــه صلــى ّ‬
‫حرام‪ ،‬ماله ودمه وعرضه» (صحيح مسلم‪ ،‬حديث رقم‪.)2564:‬‬
‫مادتــه (‪)62‬‬
‫الصحيــة فــي ّ‬‫الطبيــة و ّ‬
‫ـي لألخالقيــات ّ‬ ‫ـص الميثــاق اإلســامي العالمـ‬
‫وقــد نـ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشــرع‬ ‫الم َواطــن اّلتــي َّ‬
‫حددهــا ّ‬ ‫يجــوز إهدارهــا إال فــي َ‬ ‫أن لحيــاة اإلنســان ُحرمتهــا‪ ،‬وال ُ‬‫علــى ّ‬
‫يجــوز للطبيــب أن يســاهم فــي‬ ‫والقانــون‪ ،‬وهــذه جميعـاً خــارج نطــاق المهنــة ّ‬
‫الطبيــة تمامـاً‪ .‬وال ُ‬
‫الشــفقة‪ ،‬والســيَّما فــي الحــاالت اآلتيــة ممــا ُيعــرف بقتــل‬
‫إنهــاء حيــاة المريــض ولــو بدافــع ّ‬
‫المرحمة‪:‬‬
‫الع ْمد لمن يطُلب إنهاء حياته بملء إرادته ورغبته‪.‬‬
‫(أ) القتل َ‬
‫(ب) االنتحار بمساعدة الطبيب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫تهدد حياتهم أو ال تهددها‪.76‬‬ ‫الع ْمد للولدان المولودين بعاهات ِخلقية قد ّ‬ ‫(ج) القتل َ‬
‫نصــت المــادة (‪ )64‬مــن الميثــاق اإلســامي العالمــي‬ ‫أمــا بخصــوص اإلجهــاض فقــد ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصحيــة علــى ّأنــه ال يجــوز للطبيــب إجهــاض ام ـرٍأة حامــل إالّ إذا‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الطب‬
‫ّ‬ ‫ـات‬ ‫لألخالقيـ‬
‫يجــوز اإلجهــاض إذا لــم يكــن‬ ‫صحــة األم وحياتهــا‪ ،‬ومــع ذلــك ُ‬‫طبيــة تهــدد ّ‬ ‫اقتضــت ذلــك دو ٍاع ّ‬
‫صحــة األم بضـ ٍ‬
‫ـرر جســيمٍ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحمــل قــد أتــم أربعــة أشـ ٍ‬
‫أن اســتم ارره يهــدد ّ‬‫ـهر وثبــت بصــورة أكيــدة ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طبيــة ال يقـ ّـل عــدد أعضائهــا عــن ثالثــة‬‫علــى أن يتــم إثبــات هــذا األمــر بق ـرٍار مــن لجنــة ّ‬
‫أخصائــي ملـ ٌّـم بنوعيــة المــرض اّلــذي أوصــي مــن أجلــه بإنهــاء‬‫يكــون بينهــم ّ‬ ‫أخصائييــن‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫المؤكــدة اّلتــي تهــدد‬
‫ّ‬ ‫يوضحــون فيــه نــوع الخطــورة المذكــورة‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫تق‬ ‫ـداد‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫بإ‬ ‫ن‬‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫م‬‫و‬‫ق‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ـل‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫الح‬
‫يوضــح ذلــك‬‫ـتمر الحمــل وفــي حالــة التّوصيــة بضــرورة اإلجهــاض َّ‬ ‫صحــة األم فيمــا لــو اسـ ّ‬ ‫ّ‬
‫طية على ذلك ‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫وليها‪ ،‬ثم تؤخذ موافقتهم الخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫أو‬ ‫وزوجها‬ ‫يضة‬ ‫ر‬ ‫للم‬
‫أن اســتخدام أســاليب التّقنيــة الحيويــة مــن طــرف اإلنســان حتــى‬ ‫ممــا ســلف ّ‬‫يتبيــن لنــا ّ‬‫ّ‬
‫الماديــة بالنقــل أو الــزرع أو التّعديــل أو البيــع‬
‫ّ‬ ‫ـعادته‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـق‬ ‫ـ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ط‬ ‫ـرض‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫تع‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫يذّلــل العقب‬
‫للمســاس بك ارمــة الحيــاة اإلنســانية‪ ،‬ولعـ ّـل فنــون التّحكــم فــي ســالة اإلنســان عــن طريــق الو ارثــة‬
‫أبــرز مظهـ ٍـر عندمــا وعــدت بإمــكان برمجــة فروعــه ليتيــح للرجــل والمـرأة االرتبــاط عاطفيـاً مــن‬
‫دون خــوف‪ ،‬وهــو مــا يقــود ال محالــة إلــى االنح ـراف عــن األهــداف الكّليــة للحيــاة اإلنســانية‪،‬‬
‫أن التّقــدم الهائــل اّلــذي تــم إح ـ ارزه فــي مجــال علــوم الحيــاة مــن شــأنه أن يقضــي ويهـ ّـدد‬ ‫كمــا ّ‬
‫وحرياته ‪.‬‬ ‫ويمس بمبادئ توازن المجتمع ويؤثّر على حقوق اإلنسان ّ‬ ‫االجتماعية‬ ‫سّلم القيم‬
‫‪78‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تكــون‬
‫خاتمــة‪ :‬لقــد راهنــت البيوتكنولوجيــا علــى حيــاة اإلنســان مــن خــال الحــرص علــى أن ُ‬
‫ويمكــن أن نقــول مغامـرة أيضـاً مــن‬ ‫أفضــل وأرقــى‪ ،‬وهــو مــا جعــل تقنياتهــا تــزداد دقـ ًة وطموحـاً ْ‬
‫ـاداً‬
‫خــال مختلــف التّطبيقــات اّلتــي أفرزتهــا‪ ،‬وهــو األمــر اّلــذي أفــرز بــدوره جــدالً أخالقي ـاً حـ ّ‬
‫السياســة والقانــون ومــع األخــاق‬ ‫جعــل البيوإيتيقــا مجــاالً تتداخــل فيــه الفلســفة مــع الديــن و ّ‬
‫ألن بعــض تلــك التطبيقــات واألســاليب زعزعــت الكثيــر مــن القناعــات‬ ‫والعلــم‪ ،‬ونُقــول مغامـرة ّ‬
‫‪-144-‬‬
‫النسل وتعقيم المعاقين‬ ‫المني والبويضات والتّجارة باألعضاء وتحسين ّ‬ ‫واألعراف‪ ،‬مثل بنوك‬
‫ّ‬
‫الرحــم وغيرهــا ممـاّ نعتبـره تجــاو اًز خطيـ اًر‬ ‫الرحيــم واإلخصــاب خــارج ّ‬ ‫الرحــم المســتأجرة والمــوت ّ‬‫وّ‬
‫خاصــة ونحــن نعيــش فــي ظــل واقـ ٍـع عربــي وإســامي‬ ‫ـانية‪ّ ،‬‬ ‫ـس صميــم الحيــاة والك ارمــة اإلنسـ ّ‬‫يمـ ّ‬
‫ّ‬
‫ـكل اختراعاتــه‪ ،‬وفــي‬ ‫ـي وال ي ـزال مشــدوهاً ومنجذب ـاً لـ ّ‬ ‫كل مــا هــو غربـ‬
‫ال ي ـزال يســبح فــي فلــك ّ‬
‫ّ‬
‫ـفية عديــدة مثــل مفهــوم الـ ّذات‬ ‫الوقــت ذاتــه أســهم ذلــك التّقــدم فــي زعزعــة مفاهيــم وقضايــا فلسـ ّ‬
‫ـق والواجــب والعدالــة والوجــود والمصيــر‪ ،‬فوظيفــة األمومــة تـ ّـم امتهانهــا وطــرق اإلنجــاب‬ ‫والحـ ّ‬
‫الطبيعيــة تـ ّـم تجاوزهــا‪ ,‬وهــو ال محالــة وضـ ٌـع خطيـ ٌـر ال يمكــن تجاهلــه ويفــرض علينــا التّــروي‬
‫الشــرعية ونصوصــه القطعيـ ّة‪ ،‬األمــر اّلــذي‬ ‫كل جديـ ٍـد وافـ ٍـد بعرضــه علــى أصولنــا ّ‬ ‫فــي اســتيعاب ّ‬
‫يتطّلــب بــدوره اســتيعاب البعــد البيوتكنولوجــي لمســتقبل اإلنســان المعاصــر والقيــام عــن طريــق‬
‫ـإن مهمــة‬
‫االجتهــاد بنــوٍع مــن التّكييــف الشــرعي اّلــذي يحفــظ األصــول ويواكــب الجديــد‪ ،‬ولهــذا فـ ّ‬
‫أن الواقــع المعاصــر يشــهد هـّـوة بيــن نتائــج‬ ‫الفقهــاء عســيرة وشــاّقة ومســئولية كبــرى أيضـاً‪ ،‬إالّ ّ‬
‫الش ـرائع اّلتــي وإن اختلفــت‬ ‫ـص عليــه مختلــف ّ‬ ‫التّقــدم التّقنــي وتطبيقاتــه علــى اإلنســان ومــا تنـ ّ‬
‫األخالقيــة اّلتــي طرحتهــا‬
‫ّ‬ ‫فــي الفــروع إالّ ّأنهــا أجمعــت فــي مواقفهــا علــى أبــرز اإلشــكاليات‬
‫البيوتكنولوجيا‪.‬‬
‫‪)Endnotes(4‬‬

‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ 1‬‬

‫عد إلى رواية‪ :‬ألدوس هكسلي‪ ،‬عالم رائع جديد‪ ،‬ترجمة‪ :‬الشريف خاطر‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة األسرة‪،‬‬
‫‪.)1999‬‬

‫جورج أورويل‪ ،1984 ،‬ترجمة‪ :‬أنور الشامي‪( ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬ ‫‪ 2‬‬
‫‪ ،)2006‬ط‪.1‬‬

‫ ‪3‬‬ ‫‪Guy Durand . Introduction à la bioéthique Histoire, concepts et outils.‬‬


‫‪(Canada :Editions FIDES ,2005), p 18.‬‬

‫عمــر بوفتــاس‪ ،‬البيوإيتيقــا األخالقيــات الجديــدة فــي مواجهــة البيوتكنولوجيــا‪( ،‬المغــرب‪ :‬إفريقيــا‬ ‫‪ 4‬‬
‫الشرق‪ ،)2011 ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.14‬‬

‫ ‪5‬‬ ‫‪Gilbert Hottois. Qu’est ce que la bioétique ? (Paris : Editions J.‬‬


‫‪Vrin,2004), p 10.‬‬

‫ ‪6‬‬ ‫‪Gilbert Hottois. Qu’est ce que la bioéthique ? p 11.‬‬

‫ ‪7‬‬ ‫‪Guy Durand. Introduction à la bioéthique Histoire, concepts et ou-‬‬


‫‪tils, p 19.‬‬

‫‪-145-‬‬
‫ ‪8‬‬ ‫‪Ibid.‬‬

‫‪9 Guy‬‬ ‫‪Durand. Introduction à la bioéthique Histoire, concepts et ou-‬‬


‫‪tils, pp (146-148).‬‬

‫‪: http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar‬‬ ‫‪ 10‬‬

‫يوم ‪ 2017/09/15‬على الساعة‪17.45:‬‬

‫مجمــع اللغــة العربيــة‪ ،‬المعجــم الفلســفي‪( ،‬القاه ـرة‪ :‬الهيئــة العامــة لشــؤون المطابــع األميريــة‪،‬‬ ‫‪ 11‬‬
‫‪ ،)1983‬ص ‪.53‬‬

‫جميل صليبا‪ ،‬المعجم الفلسفي‪ ،‬الجزء ‪( ،1‬بيروت‪ :‬دار الكتاب اللبناني‪ ،)1982 ،‬ص‬ ‫‪ 12‬‬
‫ص(‪.)330-329‬‬

‫ســعدون محمــود الســاموك‪ ،‬موســوعة األديــان والمعتقــدات القديمــة‪ ،‬الجــزء األول‪-‬العقائــد‪،‬‬ ‫‪ 13‬‬
‫(عمان‪ :‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪ ،)2002 ،‬ط ‪ ،1‬ص ‪.18‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪ 14‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪ 15‬‬

‫محمــد كامــل حســين‪ ،‬الموجــز فــي تاريــخ الطــب والصيدلــة عنــد العــرب‪( ،‬طبــع علــى نفقــة حكومــة‬ ‫‪ 16‬‬
‫الجمهورية العربية الليبية‪ ،‬د‪ .‬ت)‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪ 17‬‬

‫فرانســيس فوكويامــا‪ ،‬مســتقبلنا بعــد البشــري عواقــب ثــورة التقنيــة الحيويــة‪ ،‬ترجمــة‪ :‬إيهــاب عبــد‬ ‫‪ 18‬‬
‫الرحيم محمد‪( ،‬أبو ظبي‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية‪ ،)2006 ،‬ط ‪ ،1‬ص ‪.117‬‬

‫تفيــدة ســيد أحمــد غانــم‪ ،‬مرجــع التكنولوجيــا الحيوية‪-‬المفاهيــم والتطبيقــات والقضايــا المعاصــرة‪-‬‬ ‫‪ 19‬‬
‫كتاب الطالب‪( .‬القاهرة‪ :‬المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية‪ ،)2004 ،‬ص ‪.46‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.47‬‬ ‫‪ 20‬‬

‫تفيدة سيد أحمد غانم‪ ،‬مرجع التكنولوجيا الحيوية‪-‬المفاهيم والتطبيقات والقضايا المعاصرة‪-‬‬ ‫‪ 21‬‬
‫كتاب الطالب‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪-146-‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫‪ 22‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪ 23‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪ 24‬‬

‫رجاء بن سالمة وآخرون‪ ،‬البيوطيقا‪ ،‬ص ص(‪.)38-37‬‬ ‫‪ 25‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪ 26‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.43‬‬ ‫‪ 27‬‬

‫اإلستنســاخ بيــن اإلســام والمســيحية‪ ،‬مقــاالت وأبحــاث ومقابــات لكبــار رجــال الديــن والمفكريــن‬ ‫‪ 28‬‬
‫والباحثين من مختلف األديان‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر اللبناني‪ ،)1999 ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.49‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪ 29‬‬

‫اإلستنساخ بين المسيحية واإلسالم‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪ 30‬‬

‫* ظهر المصطلح للمرة األولى عام ‪ 1908‬على يد عالم األنســجة الروســي ألكســندر ماكســمون‪،‬‬ ‫‪ 31‬‬
‫وهــي خاليــا موجــودة بشــكل طبيعــي فــي أغلــب األعضــاء الحيــة‪ ،‬تمتــاز بقدرتهــا علــى التّمايــز عبــر انقســاماتٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتخصصة‪.‬‬ ‫الناضجة و‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫متعددة إلى عدد هائل من أنواع الخاليا ّ‬ ‫خلوية ّ‬

‫اإلستنساخ بين اإلسالم والمسيحية‪ ،‬ص ‪.63‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪ 32‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪ 33‬‬

‫اإلستنساخ بين اإلسالم والمسيحية‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪ 34‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.177‬‬ ‫‪ 35‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص (‪..)97-98‬‬ ‫‪ 36‬‬

‫اإلستنساخ بين اإلسالم والمسيحية‪ ،‬ص ص(‪.)43-41‬‬ ‫‪ 37‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص(‪.)171-170‬‬ ‫‪ 38‬‬

‫أسامة السيد عبد السميع‪ ،‬نقل وزراعة األعضاء اآلدمية بين الشريعة والقانون‪ -‬دراسة‬ ‫‪ 39‬‬
‫مقارنة‪( ،‬مصر‪ :‬دار الكتب القانونية‪ ،)2010 ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.13‬‬

‫‪-147-‬‬
‫أسامة السيد عبد السميع‪ ،‬نقل وزراعة األعضاء اآلدمية بين الشريعة والقانون‪ -‬دراسة‬ ‫‪ 40‬‬
‫مقارنة‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫الصحيــة (‪،)Islamic Code of Health Ethics‬‬


‫الطبيــة و ّ‬
‫ـي لألخالقيــات ّ‬ ‫‪ 41‬الميثــاق اإلســامي العالمـ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صحــة العالميــة‪ ،‬المكتــب اإلقليمــي لشــرق المتوســط‪ ،‬فــي‪http://www. 2017/11/10:‬‬
‫منظمــة ال ّ‬
‫‪sehha.com/medical/IslamicCode‬‬

‫أسامة السيد عبد السميع‪ ،‬نقل وزراعة األعضاء اآلدمية بين الشريعة والقانون‪ -‬دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫‪ 42‬‬
‫ص ‪.43‬‬

‫‪ 43‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪ 44‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫أسامة السيد عبد السميع‪ ،‬نقل وزراعة األعضاء اآلدمية بين الشريعة والقانون‪ -‬دراسة‬ ‫‪ 45‬‬
‫مقارنة‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫‪ 46‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪ 47‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪ 48‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪49‬دافيــد لوبروتــون‪ ،‬أنتروبولوجيــا الجســد والحداثــة‪ ،‬ترجمــة‪ :‬محمــد عــرب صاصيــا‪( ،‬بيــروت‪ :‬المؤسســة‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،)1993 ،‬ط ‪ ،1‬ص ‪.222‬‬

‫‪ 50‬دافيد لوبروتون‪ ،‬أنتروبولوجيا الجسد والحداثة‪ ،‬ص ‪.224‬‬

‫‪ 51‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.225‬‬

‫‪ 52‬رجــاء بــن ســامة وآخــرون‪ ،‬البيوطيقــا‪ ،‬ترجمــة‪ :‬المنتصــر الحملــي‪ ،‬مصطفــى القلعــي‪ ،‬نبيــل فيــاض‪،‬‬
‫(دمشق‪ :‬دار بت ار للنشر والتوزيع‪ ،)2010 ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.26‬‬

‫‪ 53‬أنظــر‪ :‬الساســي الضيفــاوي وآخــرون‪ ،‬الديــن والجســد‪ ،‬أعمــال نــدوة علميــة محكمــة‪( ،‬تونــس‪ :‬كليــة اآلداب‬
‫والعلوم اإلنسانية بالقيروان‪.)2010 ،‬‬

‫‪ 54‬رجاء بن سالمة وآخرون‪ ،‬البيوطيقا‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪55‬طــه عثمــان أبــو بكــر المغاربــي‪ ،‬المســئولية الجنائيــة عــن األخطــاء الطبيــة فــي مجــال التوليــد‪( ،‬مصــر‪:‬‬
‫دار الفكر والقانون‪ ،)2014 ،‬ص ص(‪.)54-52‬‬

‫‪-148-‬‬
‫اإلستنساخ بين اإلسالم والمسيحية‪ ،‬مقاالت وأبحاث ومقابالت لكبار رجال الدين والمفكرين‬ ‫‪ 56‬‬
‫والباحثين من مختلف األديان‪ ،‬ص ص(‪.)88-84‬‬

‫طــه عثمــان أبــو بكــر المغاربــي‪ ،‬المســئولية الجنائيــة عــن األخطــاء الطبيــة فــي مجــال التوليــد‪،‬‬ ‫‪ 57‬‬
‫ص ‪.233‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.235‬‬ ‫‪ 58‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.236‬‬ ‫‪ 59‬‬

‫اإلستنســاخ بيــن اإلســام والمســيحية‪ ،‬مقــاالت وأبحــاث ومقابــات لكبــار رجــال الديــن والمفكريــن‬ ‫‪ 60‬‬
‫والباحثين من مختلف األديان‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫االستنساخ بين اإلسالم والمسيحية‪ ،‬ص ‪.88‬‬ ‫‪ 61‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.172‬‬ ‫‪ 62‬‬

‫رجاء بن سالمة وآخرون‪ ،‬البيوطيقا‪ ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪ 63‬‬

‫يورغــن هابرمــاس‪ ،‬مســتقبل الطبيعــة البشــرية نحــو نســالة ليبراليــة‪ ،‬ترجمــة‪ :‬جــورج كتــورة‪،‬‬ ‫‪ 64‬‬
‫مراجعة‪ :‬أنطوان هاشم‪( ،‬لبنان‪ :‬المكتبة الشرقية‪ ،)2006 ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.21‬‬

‫رجاء بن سالمة وآخرون‪ ،‬البيوطيقا‪ ،‬ص ‪.102‬‬ ‫‪ 65‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.103‬‬ ‫‪ 66‬‬

‫هابرماس‪ ،‬مستقبل الطبيعة البشرية نحو نسالة ليبرالية‪ ،‬ص‪.30‬‬ ‫ ‬


‫‪67‬‬

‫طه عثمان أبو بكر المغاربي‪ ،‬المسئولية الجنائية عن األخطاء الطبية في مجال التوليد‪ ،‬ص‬ ‫‪ 68‬‬
‫ص (‪.)221-210‬‬

‫أسامة السيد عبد السميع‪ ،‬نقل وزراعة األعضاء اآلدمية بين الشريعة والقانون‪-‬دراسة‬ ‫‪ 69‬‬
‫مقارنة‪ ،‬ص ‪.98‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.99‬‬ ‫‪ 70‬‬

‫لقمــان فــاروق حســن نانــه كــه لــي‪ ،‬المســئولية القانونيــة فــي العمــل الطبــي‪ -‬دراســة مقــارن بيــن‬ ‫‪ 71‬‬
‫القانون والشريعة‪( ،‬مكتبة زين الحقوقية واألدبية‪ ،‬الطبعة ‪ ،)2013 ،1‬ص ‪.123‬‬

‫‪-149-‬‬
‫‪ 72‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪ 73‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪,‬‬

‫‪ 74‬لقمــان فــاروق حســن نانــه كــه لــي‪ ،‬المســئولية القانونيــة فــي العمــل الطبــي‪ -‬دراســة مقــارن بيــن القانــون‬
‫والشريعة‪ ،‬ص‪.124‬‬

‫‪75‬جوخــة الريامــي‪ ،‬مفهــوم القتــل وإشــكالياته الطبيــة – دراســة فــي فلســفة األخــاق الطبيــة‪( ،‬القاهـرة‪ :‬الــدار‬
‫المصرية اللبنانية‪ ،)2006،‬ط‪ ،1‬ص‪.25‬‬

‫ ‪76‬‬ ‫‪http://www.sehha.com/medical/IslamicCode‬‬

‫ ‪77‬‬ ‫‪http://www.sehha.com/medical/IslamicCode‬‬

‫الشـرائع‪( ،‬مصر‪ :‬المكتبة األكاديمية‪،‬‬


‫‪78‬أحمد شــرف الدين‪ ،‬هندســة اإلنجاب والوراثة في ضوء األخالق و ّ‬
‫‪ ،)2001‬ط‪ ،1‬ص ‪.91‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪1‬بالعربية‪:‬‬ ‫‪1-‬‬

‫ ‪‬عمــر بوفتــاس‪ ،‬البيوإيتيقــا األخالقيــات الجديــدة فــي مواجهــة البيوتكنولوجيــا‪( ،‬المغــرب‪ :‬إفريقيــا‬
‫الشرق‪ ،)2011 ،‬ط‪.1‬‬

‫ ‪‬رجــاء بــن ســامة وآخــرون‪ ،‬البيوطيقــا‪ ،‬ترجمــة‪ :‬المنتصــر الحملــي‪ ،‬مصطفــى القلعــي‪،‬‬
‫نبيل فياض‪( ،‬دمشق‪ :‬دار بت ار للنشر والتوزيع‪ ،)2010 ،‬ط‪.1‬‬
‫ ‪‬اإلستنســاخ بيــن اإلســام والمســيحية‪ ،‬مقــاالت وأبحــاث ومقابــات لكبــار رجــال الديــن‬
‫والمفكرين والباحثين من مختلف األديان‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر اللبناني‪ ،)1999 ،‬ط‪.1‬‬
‫ ‪‬دافيــد لوبروتــون‪ ،‬أنتروبولوجيــا الجســد والحداثــة‪ ،‬ترجمــة‪ :‬محمــد عــرب صاصيــا‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،)1993 ،‬ط ‪.1‬‬
‫ ‪‬فرنســيس فوكويامــا‪ ،‬مســتقبلنا بعــد البشــري عواقــب ثــورة التقنيــة الحيويــة‪ ،‬ترجمــة‪:‬‬
‫إيهــاب عبــد الرحيــم محمــد‪( ،‬أبــو ظبــي‪ :‬مركــز اإلمــارات للد ارســات والبحــوث اإلســتراتيجية‪،‬‬
‫‪ ،)2006‬ط‪.1‬‬
‫ ‪‬طــه عبــد الرحمــن‪ ،‬سـؤال العمــل بحــث عــن األصــول العمليــة فــي الفكــر والعلــم‪( ،‬الــدار‬
‫البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪ ،)2012 ،‬ط ‪.1‬‬
‫ ‪‬أســامة الســيد عبــد الســميع‪ ،‬نقــل وزراعــة األعضــاء اآلدميــة بيــن الشــريعة والقانــون‪ -‬دراســة‬
‫مقارنة‪( ،‬مصر‪ :‬دار الكتب القانونية‪ ،)2010 ،‬ط‪.1‬‬

‫‪‬لقمــان فــاروق حســن نانــه كــه لــي‪ ،‬المســئولية القانونيــة فــي العمــل الطبي‪-‬دراســة مقــارن بيــن‬ ‫ ‬

‫‪-150-‬‬
‫القانون والشريعة‪( ،‬مكتبة زين الحقوقية واألدبية‪ ،‬الطبعة ‪.)2013 ،1‬‬

‫الشـرائع‪( ،‬مصــر‪:‬‬
‫ ‪‬أحمــد شــرف الديــن‪ ،‬هندســة اإلنجــاب والوراثــة فــي ضــوء األخــاق و ّ‬
‫المكتبة األكاديمية‪ ،)2001 ،‬ط‪.1‬‬
‫ ‪‬يورغن هابرماس‪ ،‬مســتقبل الطبيعة البشــرية نحو نســالة ليبرالية‪ ،‬ترجمة‪ :‬جورج كتورة‪ ،‬مراجعة‪:‬‬
‫أنطوان هاشم‪( ،‬لبنان‪ :‬المكتبة الشرقية‪ ،)2006 ،‬ط‪.1‬‬

‫‪-2‬باللغة األجنبية‪:‬‬

‫‪Guy Durand. Introduction à la bioéthique Histoire, concepts et outils.‬‬


‫‪(Canada :Editions FIDES ,2005).‬‬

‫‪Gilbert Hottois. Qu’est ce que la bioéthique ? (Paris : Editions‬‬ ‫‪J.‬‬


‫‪Vrin,2004).‬‬

‫‪Gilbert Hottois et Jean-Noël Missa. Nouvelle encyclopédie de‬‬


‫‪bioéthique . Médecine Environnement Biotechnologie. (Editions De‬‬
‫‪Boeck Université2001 -).‬‬
‫‪Corine Pelluchon. L’autonomie brisée. Bioéthique et philosophie.‬‬
‫‪(Paris : P.U.F, 2009). 1ère édition.‬‬
‫‪ -3‬معاجم وموسوعات‪:‬‬

‫ ‪‬مجمــع اللغــة العربيــة‪ ،‬المعجــم الفلســفي‪( ،‬القاه ـرة‪ :‬الهيئــة العامــة لشــؤون المطابــع األميريــة‪،‬‬
‫‪.)1983‬‬

‫ ‪‬جميل صليبا‪ ،‬المعجم الفلسفي‪ ،‬الجزء ‪( ،1‬بيروت‪ :‬دار الكتاب اللبناني‪.)1982 ،‬‬

‫ ‪‬ســعدون محمــود الســاموك‪ ،‬موســوعة األديــان والمعتقــدات القديمــة‪ ،‬الجــزء األول‪-‬العقائــد‪،‬‬


‫(عمان‪ :‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪ ،)2002 ،‬ط ‪.1‬‬

‫‪ -4‬ويبوغرافيا‪:‬‬

‫‪http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar‬‬

‫‪EMMANUEL HALAIS. L’euthanasie, à travers le cas de Vincent‬‬


‫‪Humbert, sur : http://www.institutdiderot.fr/category/les-publications-‬‬
‫‪de-linstitut-diderot.‬‬
‫‪http://www.sehha.com/medical/IslamicCode‬‬

‫‪-151-‬‬

You might also like