Professional Documents
Culture Documents
فكيف يتأتى القيام بتحويل ديداكتيكي يجعل ممارسات الفالسفة للتفلسف أفعاالً قابلة للتعليم
والتعلم؟
يقترن الحديث عن التمارين الفلسفية باألهداف األساسية التي رسمها الفالسفة وهم يعلمون
الفلسفة أو يؤسسون نظرية بيداغوجية لتعليمها .يقول كانط بهذا الصدد« :الفلسفة هي مجرد
فكرة عن علم ممكن ،ليست معطاة بصفة مشخصة في أي مكان ،بل علينا أن نسعى إلى االقتراب
منها بطرق مختلفة إلى أن نكشف السبيل المؤدي إليها والذي تخفيه الحساسية ،وأن ننجح
بالقدر الذي تسمح به وضعيتنا كبشر في جعل النسخة المفتقدة لحد اآلن مشابهة لألصل .وإلى
ذلك الحين ال يمكن للمرء إال أن يتعلم التفلسف ،أي أن يمارس موهبة العقل ،متبعا ً مبادئه
ومطبقا ً كل ذلك على بعض المحاوالت المتوفرة ،ولكن دائما ً مع االحتفاظ للعقل بحقه في أن
يفحص تلك المحاوالت في أصولها وأن يؤكدها أو يرفضها».
إن مراهنة التعليم الفلسفي ،عند كانط ،على تعلم التفلسف يمكن باألساس في ممارسة موهبة
العقل وتطبيق مبادئه على المحاوالت المتوفرة ،وهذا يعني أن فعل التفلسف ال يتم من فراغ ،بل
إنه ينطلق من قراءة نصوص فلسفية تتيحها المحاوالت التي يوفرها تاريخ الفلسفة ،دون
التعامل مع تلك النصوص باعتبارها تقدم معرفة جاهزة ،ألن «من يعلم التفلسف – يقول كانط -
ال يلقن تالمذته األفكار المطلقة وال يقوم مقام الوصي على عقولهم ،بل يرشدهم إلى طريق العمل
والتفكير الشخصي ،بحيث ال يكون التراث الفلسفي أمامه إال كتظاهرة من تظاهرات تاريخ
استخدام العقل وبمثابة موضوعات لترويض الموهبة الفلسفية» .وانطالقا ً من ذلك ينبغي
اإلقرار بأن التدريس ليس نشاطا ً لإلنتاج أو التواصل بالمعنى الذي يفيد النقل ،بل إن «التدريس
– كما يرى هيدغر – ال يعني شيئا ً آخر سوى ترك اآلخرين يتعلمون» .غير أنه «ال يمكن ألي
واحد منا – كما يرى شيلينغ -أن يصل إلى تعلم التفلسف دون تمرين ،بقدر ما ال يمكننا أن
نتفلسف بشكل طبيعي مثلما نفكر طبيعيا ً».
من خالل هذا التصور الفلسفي للتعليم كتمرين مستمر على التفكير الفلسفي يمكن بلورة
االستنتاجات التالية:
أ – إن الفلسفة ليست معرفة جاهزة بل هي ،قبل كل شيء ،نشاط للتفكير ،وهذا يعني القول
بضرورة التمارين الفلسفية ،خصوصا ً حينما يتعلق األمر بتدريس الفلسفة كمادة مدرسية.
ب – الفلسفة إبداع ذاتي ،وفي األساس الفردي إلبداعها تكمن إحدى أسباب مراهنة التعليم
الفلسفي على مبدأ التعلم الذاتي لتعلم التفلسف والتمرين عليه.
ج – إن اإلبداع والتميز في تفلسف الفالسفة ينبغي أن يؤخذ بعين االعتبار في تعلم التفلسف
كفعل بيداغوجي تنخرط فيه جماعة الفصل الدراسي من خالل جعله ممارسة فردية تقود المتعلم
إلى االنخراط في ذلك الفعل واالقتناع بالقيام به ،ذلك وكما يقول فرانسوا ليوطار« ،إننا أمام
مسؤولية أعمق من تعويد التلميذ على التفكير لوحده ،بل جعل ذلك مبدءاً أخالقيا ً بالنسبة إليه».
إن القول بأن الفلسفة ال تقدم معرفة بل تفكيراً ال يجب أن يفهم كتقليل من أهمية المضمون
المعرفي في الدرس الفلسفي ،بما في ذلك ما يتضمنه ذلك الدرس من تمارين ،بقدر ما يفيد كون
الفلسفة ال تمنح معارف جاهزة يتعين اكتسابها بصورة مباشرة وكأنها حقائق نهائية ،بل ينبغي
إقامة عالقة تفكير وتفلسف مع ذلك المحتوى ،علما ً بأنه ال يتأتى يبين حركية الفكر إال في
ارتباطه بالمحتويات التي يطبق عليها وينتج ذاته بواسطتها.
وإذا كان «السؤال في الفلسفة أهم من الجواب» كما يرى كارل ياسبرز ،K.Jaspersفإن هذا ال
يعني حصر نشاط التفلسف في عملية التساؤل دون توقف ،ألن ذلك من شأنه أن يدخل الفكر في
متاهة تجعله يقع في موقف كسول يكتفي بطرح األسئلة دون عناء البحث إليجاد أجوبة عنها.
وقد وضع هؤالء بحوثا ً ودراسات مطولة انعكست Hعلى مناهجهم الدراسية تحسنا ً مضطرداً..
ومن هذه النتاجات الحسنة كان اعتماد التمارين الفلسفية كوسيلة تعليمية بعد اختبارهم
لفاعليتها في تنشيط تعلم الفلسفة.
والتمارين هي تطبيقات صفية وال صفية متنوعة يمكن استخدامها بما يخدم أهداف المقرر ويلبي
حاجات المعلمين.
وتسهم التمارين في اكتساب المتعلم قدرات وكفايات محددة من خالل إنتاجها لوضعيات تعليمية
واختبارية تخدم األهداف النهائية بطريقة مبسطة نوعا ً ما ،وتفيد المعلم في تقييم أداء المتعلم
ومكتسباته إن على مستوى الفهم الفلسفي ومن ثم التفلسف ام على مستوى إنتاج كتابة فلسفية
فضالً عن البعد اآلخر المتمثل بامتالك المتعلم لناحية فهم وتطبيق المفهمة واألشكلة والمحججةH
في سياق العملية التعليمية لمادة الفلسفة.
وقد يطرح البعض إشكالية أن من شأن التمارين الفلسفية (من حيث أنها مقننة) أن تحدّ من
مفعلة للعملية
حرية المعلم وهامش اإلبداع لديه ،ولكن الجواب هو أن التمارين كأنشطة ّ
التعليمية تغني تدريس الفلسفة وتعطيها طابعا ً تطبيقيا ً ينقلها من الموقع التنظيري إلى الموقع
التطبيقي ال ُمعاش.
وذلك كله في سبيل الوصول بالمتعلمين إلى اكتساب الكفايات والقدرات المستهدفة في المنهج
ومنها القدرة على التفكير واالكتشاف .يقول بياجيه في هذا السياق« :الهدف الرئيسي للتربية
تكرار ما فعلته األجيال السابقة ،وخلف أفراد
ٍ هو خلق أفراد قادرين على فعل أشياء جديدة ال
يتميزون باإلبداع واالبتكار واالكتشاف».
خالصة القول أن التمارين الفلسفية تساعد المتعلمين على التفاعل مع وضعيات فلسفية ،بعدما
كانت محورية المعلم وسيادة الطريقة التلقينية تحوالن دون وصول المتعلم إلى هذا المصاف،
وكما يقول ميشال توزي أن «على المعلم أن ال يسأل نفسه ماذا أقول للطالب؟ بل أن يتساءل ما
المهام التي سأوكلهم بها بحيث يضحون قادرين – مثالً – على فهم نص فلسفي أو استخراج
إشكاليته أو إجراء مقارنة بين آراء فيلسوفٍ وآخر» ،باإلضافة إلى ما هي التمارين أو الطرائق
أو التقنيات التي تتالئم مع هذا الدرس أو هذه الوحدة التعليمية؟
إذن فالمطلوب من المتعلمين ليس أن يتعرفوا فحسب على تفكير الفالسفة بل أن يفكروا هم
ً
كتابة فلسفية ذلك أن تعامل المتعلمين مع النصوص بأنفسهم تفكيراً فلسفيا ً وأن يكتبوا بأنفسهم
الفلسفية يعرفهم على التفكير الفلسفي من حيث هو تفكير يقطع مع البداهات العامة واألحكام
المسبقة ويطرح إشكاليات يسعى إلى حلها بكيفية منهجية.
حيث أن المطلوب من المتعلم أن يفكر ويكتب فلسفيا ً – كما سبق وأن أوردنا – فإن على المعلم
ً
وأشكلة ومحاججة.. أن ُيعنى بتمكينه من التعامل مع النص والموضوع الفلسفيين فهما ً
ندربه
ينسق بينها في مقال متكامل إن لم ّ
ولكن كيف يمكن للمتعلم أن يمتلك كل ّ هذه القدرات وأن ّ
صصة لهذا الغرض؟ على ذلك تدريجيا ً في حصص مخ ّ
التعرف على
ّ يتدرب على
إنّ ما يقوم به المتعلم بمساعدة معلمه في ال ّدروس العادية ها ّم ،فهو ّ
كيفية طرح الكاتب لإلشكالية وعلى أطروحته وما إلى ذلك ...غير أن تع ّدد المها ّم التي على
النص
ّ المعلم أن ينجزها خالل ال ّدرس الواحد وضغط البرنامج وعدد التالميذ ونوعية التعامل مع
فعالة في صياغة اإلشكالية كسند لل ّدرس ...كل ّ هذا يح ّد من فرصة مشاركة المتعلم مشاركة ّ
بنفسه صياغة سليمة ،أو تحديد األطروحة بنفسه بكيفية دقيقة إذ عادة ما يقوم بذلك واحد من
التالميذ ،أو حتى المعلم هو نفسه في حالة تع ّثر تالميذه.
صة أسبوعية مع نصف تالميذ الفصل لتدريبهم على القدرات من هنا جاءت فكرة تخصيص ح ّ
الجزئية التي تقتضيها الكتابة الفلسفية .فما هي أه ّم هذه القدرات؟ ما هي التمارين التي يمكن
اعتمادها لتدريب التالميذ عليها؟
-االنتقال من الكلمة ذات الدّ اللة العا ّمة notionوهي عادة داللة ضبابية إلى المفهومH
conceptالذي يتح ّدد ويتد ّقق دائما ً داخل إشكالية ما وضمن مسار حجاجي ما.
-الكشف عن شبكة العالقات بين المفاهيم في ال ّنص الفلسفي م ّما يساعد على الكشف عن كيفية
خاصة إذا علمنا أنّ المفهومH
ّ تعامل الكاتب مع المشكل المطروح وعن أطروحته ورهاناته.
النص.
ّ الفلسفي ال تتح ّدد داللته إالّ ضمن منظومة المفاهيم الواردة في
الرياضي.
-تمييز الحجاج الفلسفي عن البرهان ّ
-تمييز الحجاج الفلسفي عن الحجاج السفسطائي.
النص.
ّ -استخالص مكاسب
-تنسيب أطروحة.
ينظم دروسه بحيث يكون ما يقوم به في حصص التدريب تدقيقا ً للمهارات المستخدمة فيّ -1
الحصص العادية ،وما يقوم به في الحصص العادية تدعيما ً لتلك المهارات.
- 2يختار نصوصه وتمارينه بكل ّ د ّقة بحسب أهداف دقيقة ّ
يخطط لها سلفا ً.
- 4يجب أن تكون األسئلة المطروحة على التالميذ مدروسة بحسب األهداف التي يريد األستاذ
أن يح ّققها.
أ – عمل فردي :الطلب من كل متعلم ان يختار على حدة اثنتان من التعاريف التي يعتبرها أكثر
مالءمة من غيرها لتحديد المفهوم ،مفهوم التفلسف هنا ،ثم اثنتان من التعاريف التي يعتبرها
األقل مالءمة ،األبعد عن المفهوم Hقيد الدرس .ثم على المتعلم أن يقوم بتبرير خياراته لجهة
كتابي معلّل.
ّ القبول ولجهة الرقص من خالل مبادرته إلى إنتاج
ب – عمل مجموعات صغيرة :تتكون كل مجموعة من تلميذين إلى خمسة .يطلب منهم توضيح
خياراتهم لبعضهم البعض ومناقشة التعليالت والحجج التي استندوا إليها في إنتاجهم الكتابي.
والمقصود من هذه الخطوة الثانية ليس وضع المتعلمين في وضعية إقناع بعضهم البعض
بخياراتهم وبحجيتهم ،بل المقصود تفهم كل متعلم لوجهات نظر اآلخر ،بحيث يغتني تصوره
للمفهوم Hبتصورات اآلخرين وآرائهم.
ج – عمل جماعي :يستحسن استخدام اللوح إذ يفترض أن يقوم المعلم بجمع الحجج والكلمات
المحورية المختلفة والمتمايزة في عمود أول .ثم يطلب من المتعلمين ،وكل بدوره أن يبادروا
إلى تصنيف الحجج أو المصطلحات الرئيسية في عمود ثان شرط عدم تكرار حجج أو كلمات
محورية متشابهة تمت مناقشتها في المجموعة الصغيرة .ثم يعمد المعلم أخيراً إلى توضيح
ومناقشة ما كتب على اللوح مع المتعلمين وذلك بقصد اعتماد خصائص أساسية محددة للمفهومH
قيد البحث.
هـ – خالصة شاملة :يتوجب على المعلم في نهاية التمرين أن يقدّم للمتعلمين خالصة تربط
خصائص المفهوم Hقيد البحث بموقعه من التفلسف ،من الحقب المعرفية والنزعات والمذاهب
الفلسفية ،كما يفترض به أن يبين للمتعلمين عالقة هذا المفهوم Hببعض اإلشكاليات ،ببعض أوجه
التساؤل المختلفة والمتنوعة حول المفهوم Hالواحد .وليس المقصود باألشكلة في التمرين تمرس
المتعلمين برصد اإلشكاليات وصياغتها ،فهذه المهارة يمكن أن تكون موضوعا ً لتمارين أخرى،
بل جل ما يطمح إليه هذا التمرين هو أن يكون المعلم قادراً على تنبيه ذهن المتعلمين إلى ما
تقدمه الحلول واإلجابات الفلسفية المختلفة من غنى وإثراء في خصائص المفهوم Hقيد البحث،
فاالختالفات المشاهدة عند الفالسفة حول المفهوم الواحد ليست خالفات أو صراعات عقائدية بل
هي ركيزة تتأسس عليها الرؤية التكاملية األبعاد للمفهوم Hالواحد.
النص؟
ّ · ما هو الرأي الذي يناقشه الكاتب في
· ما منشأه؟
الرأي آخر؟
· هل يكتفي الكاتب بمقابلة هذا ّ
· كيف يناقش هذا الرأي؟
· أل ّية غاية؟
النص
ّ ثم يستثمر المعلم نتائج هذه المقارنة في بيان الكيفية التي يجب أن يعامل بها التالميذ
الفلسفي في التحليل.
صا
النص والتعبير عنها بكيفية سليمة ،بإمكان المعلم ان يختار ن ّ
ّ Àبالنسبة إلى تحديد إشكالية
مصحوبا ً بأسئلة تساعد اإلجابة عليها على تحقيق هذا الغرض .مثالً:
النص؟
ّ · ما هو السؤال الذي يجيب عنه
· ما هي اإلجابة المستبعدة؟
· ما هي المسلّمات الضمنية ّ
للسؤال؟
النص؟
ّ · ما هو هدف الكاتب من كتابة هذا
نص سبينوزا «هل نعرف الجسد؟» ،السؤال المطروح هو« :كيف هي عالقة مثالً ،بال ّنسبة إلى ّ
ال ّنفس بالجسد؟» ،إجابة الكاتب هي« :النفس والجسد وجهان الحقيقة واحدة» ،اإلجابة
المستبعدة هي« :النفس والجسد جوهران متمايزان» ،ضمنيات السؤال «اإلنسان نفس
وجسد» ،رهانات الكاتب هي «الكشف عن مدى جهلنا بالجسد وبيان مستطاعه ومدى دوره في
تحديد ماهية اإلنسان» .واإلشكالية هي إذن :إذا سلمنا بأنّ اإلنسان نفس وجسد ،فكيف هي
العالقة بينهما؟ هل هي عالقة انفصال قد يؤدّي اإلقرار بها إلى تجاهل مستطاع الجسد ومدى
دوره في تحديد ماهية اإلنسان؟ أم أنّ ال ّنفس والجسد وجهان لحقيقة واحدة كما يذهب إلى ذلك
وأي النتائج يمكن أن تنجم عن هذا اإلقرار؟
النص من «علم األخالق»؟ ّ ّ سبينوزا في هذا
نص ُيطلب من التالميذ وضع سطر تحت الروابط المنطقية يمكن االشتغال على ّ Àبالنسبة إلى ّ
الروابط المنطقية فيه واستخالص نوعية العالقات التي تع ّبر عنها :استنتاج ،استدراك ،لزوم،ّ
الروابط في األشكلة والمفهمة والحجاج. تض ّمن ،تقابل ...واستنتاج دور هذه ّ
Àبالنسبة إلى االنتقال من الكلمة ذات الدّ اللة العا ّمة notionإلى المفهوم conceptيمكن
تدريب التالميذ على تجاوز ال ّداللة العا ّمة للكلمات وهي عادة داللة ضبابية وذات طابع عفوي إلى
داللة العا ّمة لكلمة وينتهي إلى مفهوم Hمح ّدد لها في إطار معالجة إشكالية ما لتحقيق هدف ما
الحرية).
ّ نص سبينوزا عن(مثالً ّ
نص
Àبالنسبة إلى الكشف عن شبكة العالقات بين المفاهيم في النص الفلسفي يمكن اعتماد ّ
يطلب من التالميذ تب ّين العالقات التي تربط بين المفاهيم فيه سواء أكانت عالقات تقبل أو لزوم
أو تماهي إلخ ...واستنتاج دور هذه العالقات في بلورة أطروحة الكاتب مثالً.
الرياضي يمكن االشتغال على برهان رياضي Àبالنسبة إلى تمييز الحجاج الفلسفي عن البرهان ّ
النص
ّ الرياضي والحجاج فيونص يتض ّمن حجاجا ً فلسفياً ،يطلب من التالميذ تأ ّمل البرهان ّ
ّ
الفلسفي واستخالص الفروق بينهما ،ث ّم تقارن االستخالصات وتصاغ في شكل مذ ّكرة تأليفية.
نص
ونفس الشيء بين الحجاج الفلسفي والحجاج السفسطائي ،على أنّ التمرين قد يت ّم من خالل ّ
السفسطة ،أوموجهة ضدّ ّ
ألفالطون ألسباب تمليها طبيعة الفلسفة األفالطونية بما هي فلسفة ّ
من خالل المقارنة بين قياس فلسفي يحرص على أن يكون منطقيا ً وقياس سفسطائي ليس له من
المنطق سوى ال ّظاهر.
Àبالنسبة إلى أشكال الحجاج الفلسفي يمكن تحقيق ذلك من خالل نصوص لفالسفة مختلفين
تتض ّمن أنماطا ً مختلفة من الحجاج.
Àبالنسبة إلى المكاسب والحدود يمكن اعتماد نصوص مصحوبة بأسئلة تساعد التالميذ – مثالً
سلبية ،المعرفية أو العملية ،التي يمكن أن تنجم عن
– على استخالص النتائج اإليجابية أو ال ّ
تبني األطروحة.
«يتميز الفن عن الحرفة ،فالفن نشاط حر في حين أن الحرفة نشاط ارتزاقي ،فإننا نعتبر األول
كما لو كان غير قادر على تحقيق غايته (نجاحه) إال بوصفه لعباً ،أي كنشاط شاق وممتع في حد
خال في حد ذاته من المتعة ومتعب وغير جذاب إال بماذاته .أما الثاني فنعتبره شغالً ،أي كنشاط ٍ
يؤدي إليه من نتائج (كالحصول على األجرة مثالً بعد العمل) ،ومن ثم يمكن أن يكون مفروضا ً
على اإلنسان بصورة إلزامية».
«إيمانويل كانط»
-الهدف :بناء قدرة المتعلم على فهم النص الفلسفي واستخراج األطروحة واإلشكالية والحجج.
-األسئلة:
النص األول« :وكنت أبغي ذلك أن أوجه النظر إلى منفعة الفلسفة وأن أبين أنه ما دامت تتناول
كل ما يستطيع الذهن اإلنساني أن يعرفه ،فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من األقوام
المتوحشين والهمجيين ،وأن حضارة األمم وثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح
فيها ،ولذلك فإن أجل نعمة ينعم هللا بها على بلد من البالد هو أن يمنحه فالسفة حقيقيين .وكنت
أبغي أن أبين فوق هذا أنه بالنسبة إلى األفراد ،ليس فقط من النافع لكل إنسان أن يخالط من
يفرغون لهذه الدراسة ،بل إن األفضل له قطعا ً أن يوجه انتباهه إليها وأن يشتغل بها ،كما أن
استعمال المرء عينيه لهداية خطواته واستمتاعه عن هذه الطريق بجمال اللون والضوء أفضل
بال ريب من أن يسير مغمض العينين مسترشداً بشخص آخر.»...
«ديكارت»
النص الثاني« :إن كل من يريد حقا ً أن يصبح فيلسوفاً ،يجب عليه أن يعود إلى ذاته ولو مرة في
حياته ،وأن يحاول في داخل ذاته قلب جميع المعارف المسلم بها إلى حد اآلن ،وأن يحاول بعد
ذلك إعادة بنائها من جديد .إن الفلسفة – الحكمة – هي على نحو ما أمر يهم شخص الفيلسوف
نفسه .فالفلسفة يجب أن تتشكل بوصفها خاصة به ،بحيث تكون هي حكمته الخاصة به.
ومعرفته التي وإن كانت تنزع نحو الكونية ،فإنها يجب أن تكون مكتسبة من طرفه ،وأن يكون
بمقدوره وتبريرها انطالقا ً من بدايتها وفي كل مرحلة من مراحلها باالعتماد على حدوسه
المطلقة .وما دمت قد اتخذت قرار السعي نحو هذه الغاية – وهو القرار الذي يمكنه وحده أن
يقودني إلى الحياة وإلى التناول الفلسفي بشكل أوسع وأرحب – فإنني بذلك أكون قد اعترفت في
الوقت نفسه بفقر فيما يخص المعرفة .وعندئ ٍذ يصبح جليا ً أنه يجب علي أوالً ،أن أسأل نفسي
كيف يمكنني أن أجد منهجا ً يكون كفيالً بمنحي الطريقة التي سأتبعها للوصول إلى المعرفة
الحقة.
-األهداف:
– 3حدد التغير الحاصل في مقاربة المسألة بين تفسير وحجج النص األول وتفسير وحجج
النص الثاني.
«تشكل الفلسفة بدون شك ( )...رغبة في المعرفة وفي الحكمة وحبالهما .ويمكن لنا أن نقبل
الفكرة التي تقول« :إن الشخص الذي يطرح سؤاالً فلسفيا ً ما يريد من وراء ذلك ،التوصل إلى
المعرفة ،ولكن سؤاالً مثل ،أين توجد المحطة؟» ال يبدو إجماالً أنه سؤال فلسفي ،لماذا؟ ألن
ممارسة الفلسفة تستوجب بالفعل قصدية حاضرة في السؤال ذاته ( )...وال يمكن ألي سؤال أن
يكون في ذاته فلسفيا ً بدون هذه القصدية (.)...
إن السؤال الفلسفي يفترض مسبقا ً شكا ً في الجواب باعتباره معرفة ،ال بمعنى أن الجواب ذاته
«يمكن احتماالً» أن يخضع للشك ،كأن نجد أن المجيب يرتبك وأن الجواب ينقصه الوضوح
الكافي .إن الشك هنا شك قبلي ( )...ويجب أن نعطي لهذا الشك القبلي كل معانيه :إن السؤال
الفلسفي – الذي قلنا سابقا ً إنه يتخذ المعرفة كموضوع له – يفترض في الواقع أن المعرفة
مستحيلة أو على األقل أن هناك معرفة مزعومة ،معرفة ليست في الواقع معرفة.
والنتيجة هي أن السؤال الفلسفي – باعتباره سؤاالً – ال يمكن أن يطرح على الشخص الذي
يعرف ،أي من يمتلك المعرفة .إن الفلسفة هي قبل كل شيء شك في امتالك المعرفة .وهذا ما
يظهره جيداً الحوار األفالطوني ،حيث نجد سقراط يسأل الذين يقدمون أنفسهم ( )...كممتلكين
للمعرفة ،ويظهر الغياب الفعلي للمعرفة لديهم ( )...إن اإلنسان الذي يطرح عليه السؤال
الفلسفي هو ذاك الذي يعتقد بأنه يمتلك المعرفة ،والسؤال الفلسفي يحطم هذا االعتقاد البديهي.
ويبدو أن نمط التساؤل الفلسفي يشكل خاصية أساسية أخرى ،فهو تساؤل وليس مجرد سؤال.
إن السؤال المنفرد ال يكفي وحده لكي يشكل سؤاالً فلسفياً ،إذ يجب على السؤال الفلسفي أن
يكرر ،ال بمعنى تكرار نفس السؤال ( )...بل بمعنى تكرار سؤال آخر ينتمي إلى نفس التساؤل
الفلسفي ( )...ما هو الطابع العام للجواب الفلسفي؟
يجب على هذا الطابع العام أن يصدر عما سبق قوله عن التساؤل الفلسفي .أوالً يجب على
الجواب أن يقدم ذاته كمعرفة ما دام موضوع السؤال الفلسفي هو المعرفة .بعد ذلك يجب أن
يكون مرتبطا ً بالشك الذي يكون في اآلن نفسه قبليا ً وشامالً على الدوام لكل ما سيقال ،أي لهذه
المعرفة التي سيحملها الجواب بالضبط وأخيراً يجب أن يتمفصل بشكل دقيق وبرهاني ،ما دام
السؤال الفلسفي غير منعزل ،وما دام التساؤل الفلسفي يقتضي استعادته باستمرار حتى يتم
التوصل إلى مبدأ أول .إن الطابع العام للجواب الفلسفي ،إذن ،هو أن يظهر في شكل ما يسمى
عادة بالخطأ ب ( )...ويجب أن نؤكد على أنه ال يمكن أن يوجد خطاب واحد بدون تنوع
الخطابات الفلسفية ( )...وال يمكن ألي خطاب أن يكون منعزالً .إن الخطاب يحمل دائما ً إجابة ما.
بهذا المعنى ،ال يوجد خطاب فلسفي واحد ،بل توجد خطابات فلسفية عديدة.
P.U.F. pp.56-67
-هدف التمرين:
· األسئلة:
ها إن الناس جميعا أو يكادون ،يتفقون على إكساب كل ما هو نفسي سمة عامة تعبر عن جوهره
ذاته ،وهذا أمر غريب .هذه السمة الفريدة ،التي يتعذر وصفها ،بل هي ال تحتاج إلى وصف ،هي
الوعي .فكل ما هو واع نفسي ،وعلى عكس ذلك فكل ما هو نفسي واع .وهل ينكر أمر على هذا
وصح لنا ماهية الحياة
القدر من البداهة ؟ ومع ذلك فلنقر بأن هذا األسلوب في النظر قلما ّ
النفسية إذ أن التقصي العلمي يقف ههنا حسيرا ،وال يجد للخروج من هذا المأزق سبيال)...( .
فكيف ننكر أن الظواهر النفسية خاضعة خضوعا كبيرا للظواهر الجسد ُية ،وأنها على عكس ذلك
تؤثر فيها تأثيرا قويا ؟ إن أرتج األمر على الفكر البشري ،فقد أرتج عليه يقينا في هذه المسألة،
وقد وجد الفالسفة أنفسهم مضطرين إليجاد مخرج ،إلى اإلقرار على األقل بوجود مسارات
عضوية موازية للمسارات النفس ّية ومرتبطة بها ارتباطا يعسر تفسيره ( )...وقد وجد التحليل
النفسي مخرجا من هذه المصاعب إذ رفض رفضا قاطعا إن يدمج النفسي في الواعي .كال،
فليس الوعي ماهية الحياة النفسية ،وإنما هو صفة من صفاتها ،وهي صفة غير ثابتة ،غيا ُبها
أكثر بكثير من حضورها.
( )...ولكن بقي علينا أيضا أن ندحض اعتراضا .فرغم ما ذكرناه من أمور يزعم فريق من
الناس أنه ال بجدر بنا أن نعدل عن الرأي القائل بالتماهي بين النفسي والواعي ،إذ أن المسارات
النفس ّية الني تسمى ال واعية قد ال تكون سوى مسارات عضوية موازية للمسارات النفسية.
ومن ث ّم فكأنّ القضية التي نروم حلها لم تعد إال مسألة تعريف ال طائل تحتها ( )...فهل من باب
الصدفة المحض أننا لم نصل إلى إعطاء الحياة النفسية نظرية جامعة متماسكة إال بعد أن غ ّيرنا
تعريفها ؟
وفوق هذا علينا أن نتج ّنب االعتقاد بأن التحليل النفسي هو الذي جدد نظرية الحياة النفسية هذه
)...(.فقد كان مفهوم الالشعور يطرق منذ أمد طويل باب علم النفس ،وكانت الفلسفة كما كان
األدب يغازالنه ،ولكن العلم لم يكن يعرف كيف يستخدمه .لقد تبنى التحليل النفسي هذه الفكرة،
وأوالها كل عنايته وأفعمها بمضمون جديد .ولقد عثرت البحوث التحليل ّية النفس ّية على
خصائص للحياة النفس ّية الالواعية لم تكن قبل ذلك متوقعة ،وكشفت بعض القوانين التي تتحكم
فيها .ولسنا نقصد من ذلك أن سمة الوعي قد فقدت من قيمتها في نظرنا .فما زال الوعي النور
الوحيد الذي يسطع لنا ويهدينا في ظلمات الحياة النفسية .ولما كانت معرفتنا ذات طبيعة
مخصوصة ،فان مهمتنا العلمية في مجال علم النفس ستتمثل في ترجمة المسارات الالواعية إلى
مسارات واعية حتى نسد بذلك ثغرات إدراكنا الواعي.
فرويد
النص:
ّ خطوات مقترحة لطرح األسئلة وتحليل
.1تحديد إشكالية النص :السؤال الضمني الذي يمثل النص ككل إجابة عنه.
خاتمة
ال يمكن القول أن التمارين الفلسفية – بما هي أنشطة تفكيرية تساعد المتعلمين على التفلسف
وعلى الكتابة الفلسفية – يمكن تحديدها بأنماط أو أشكال نهائية .فكما أوردنا في مقدمة بحثنا أن
المعلم المبدع يستطيع أن يطوع التمارين طبقا ً الحتياجات المتعلمين التي قام بتشخيصها ،ربما ال
يتعارض مع المقرر منهجيا ً .فليس التمرين الفلسفي «خلطة» جاهز ًة بل هو إفادة مما سبق
آلخرين إنجازه وإعداده من ناحية ،وهو إبداع وابتكار من ناحية أخرى.
وعلى الرغم من ضرورة استخدام المعلم للتمارين وسواها من األنشطة في كافة مجاالت التعليم
ً
رحابة في وضعه للتمارين أو األسئلة الحجاجية ً
متعة ومجاالً أكثر الفلسفي ،إال أن المعلم يجد
أكثر من سواها وهنا نود اقتراح مجموعة من التمارين الحجاجية لخدمة المعلم من خالل األسئلة
الهادفة التالية:
وضح من خالل الحجج التالية أين يبدو عدم التماسك المنطقي .ويقدم مجموعة من الحجج.
ّ –1
– 2من أجل إبطال المغالطات المنطقية :أبرز خطأ البرهان في هذين القياسين.
– 3من أجل التعرف على صنف الحجة المستعملة يطلب من التلميذ ربط الحجة التالية بما
يناسبها من أنواع الحجج في العمود المقابل.
– 4من أجل «مقارعة الحجة بالحجة من نفس الطبيعة» يطلب من التلميذ أن يقوم باالعتراض
على حجج مقترحة.
– 5من أجل «تفنيد الحجة بتغيير طبيعتها القيمية» يطلب من التلميذ أن يفنذ الحجج التالية
بواسطة بعض الحجج من طبيعة أخالقية.
– 6تمرين من أجل التدرب على تقديم الحجج المناسبة لكل أطروحة عن طريق تقديم أطروحة
مع ّينة ويليها مجموعة من الحجج يطلب من التلميذ أن يختار من بينها ما يدعم الحجة.
كما ونستفيد من صاحب كتاب «الحجاج في درس الفلسفة» الصادر عن دار أفريقيا الشرق عام
2006اقتراحه ثمانية أنماط من التمارين في الحجاج الفلسفي يهدف كل واحد منها لهدف
جزئي محدد.
-النمط األول يهدف إلى فهم داللة ومعنى «إقامة الحجة الفلسفية» عن طريق لعبة التناقضات
بين الحجج الفلسفية وغير الفلسفية.
-النمط الثاني هدفه إقامة الحجة على الشك عن طريق االنطالق من رأي ثم إقامة الحجة على
رفضه كأطروحة بهدف وضعه محل سؤال .وهذا مثال« :أعرف الواقع بواسطة الحواس» لكن
«الحواس تخدعنا» إذن هل معرفة الواقع بواسطة الحواس ممكنة؟.
-النمط الثالث هو االشتغال على الحجج عن طريق اكتشاف تناقض الحجة منطقيا ً أو معارضتها
بحجة من نفس طبيعتها أو من طبيعة مختلفة.
-النمط السادس هدفه تدريب المتعلم على تفكيك النص إلى سلسلة من اإلثباتات والوقوف عند
تمفصالته من خالل إجراءاته المنطقية التي تربط بين تلك اإلثباتات والتي تؤدي إلى استخراج
األطروحة وتحديد حججها.
-النمط الثامن يهدف إلى تعلم قراءة نص فلسفي في جانبه الحجاجي أي تحديد جهازه التلفظي
وبنيته وأهداف حججه وإستراتيجياتها.
أال تساعد مثل هذه التمارين في تحسين تفكير التلميذ؟ تفكيره الذي هو مشكلة تعليمنا األولى..