Professional Documents
Culture Documents
تعد البنائية من أكثر النظرياتـ التربوية التي ينادي بها التربويون في العصر الحـديث ،وهي كما
سبق اتجاه فلسفي ،ولها اتصـال بعـدد مـن النظريـات ،لكنهـا تتميـز بكونـه تستلزم مشاركة الفـرد
الفاعلـة ،وتقـوم البنائيـة عـلى مبـدأين أساسـين هـما:
المبدأ األول:المعرفة ال تستقبل بجمود ،ولكنها تسـتقبل بفعاليـة إدراك الموضـوع؛ بمعنى أن األفكارـ
والحقائق ال توضعـ بين يدي الطلبة ،وعليهم بناء مفاهيمهم.
المبدأ الثاني:فعل المعرفة تكيفي من خالل تنظـيم العـالم التجريبـي ،وأننـا ال نجـد الحقيقة ،ولكننا نبني
تفسيرات لخبراتنا؛ أي بمعنى آخـر:ال نملـك معرفـة الحقيقـة دائما عن العالم المحيط ،لكن يمكن معرفة
ً
الخبرات. العالم المحيط من خالل
وترتكز النظرية البنائية على عدد مـن المبـادئ األساسـية ،وهـي عـلى النحـو اآلتي) زيتون2007،؛
جابر2006،؛...Brooks Brooks, 1993
معرفة المتعلم السابقة هي محور االرتكاز في عملية التعلم ،وذلك كـون المـتعلم يبني معرفته في
ضوء خبراته السابقة
إ ,أن المتعلم يبني معنى لما يتعلمه بنفسه بناء ذاتيا ،حيث يتشكل المعنى داخل بنيته المعرفية من
خالل تفاعل حواسه مع العالم الخارجي)البيئة الخارجية(مـن خـالل تزويده بمعلوماتـ تمكنه من
ربط المعلومات الجديـدة لديـه وبشـكل يتفـق مـع المعنى العلمي الصحيح.
أن التعلم ال يحدث ما لم يحدث تغيير في بنية الفرد المعرفية ،حيث يعاد تنظـيم األفكار
والخبرات الموجودة بها عند دخول معلومات جديدة.
,أ إن التعلم يحدث على أفضل وجه عندما يواجه الفرد المـتعلم مشـكلة أو موقفـا ً أو مهمة
حقيقية واقعية.
ال يبني معرفته بمعزل عن اآلخـرين ،بـل يبينهـا مـن خـالل التفـاوض االجتماعي معهم.
بناء التعلم على المفاهيم األولية)البحـث عـن الجـوهر(:فحيـنما نعـرض المفـاهيم األولية على
المتعلمين ،هنا يسعى المتعلمون إلى صنع المعنى بتجزئة الكـل وتكسـيره إلى أجزاء يستطيعون
ً
العمليـة رؤيتهاـ وفهمها ،والمتعلمون دائما ما يبـادرون في هـذه
غلى جعل المعلومات ذات معنى ،فهم يبنون العملية والفهم بدال ً من أن تصنع مـن أجلهم ،ومع
تجميع األنشطة المنهجية حـول مفـاهيم عريضـة ،يسـتطيعون اختيـار مداخلهم الفريدة في حل
المشكالت ،واستخدامها كانطالقة وتمهيـدـ لبنـاء اإلفهـام
الجديدة.
أدبيات البنائية تؤكد مبادئ البنائية بتوافر ما يأتي:
ال بد أن يتانسب (التعلم) مع حاجات األفرادـ المتعلمين و اهتماماتهم.ـ
يجب أن تكون أهداف التعليم وغاياته متطابقة مع أهداف األفراد المتعلمين(التالميذ (ة)).
يجب أن يتطابق المجال المعرفي و المهام في بيئة التعلم مع المجال المعرفيـ و المهام في
البيئة التي يجهزها األفراد المتعليمين.
أن يتقلص دور المعلم مقارنة بأدوارـ المتعلمين.
يجب أن يتم تبادل األفكارـ بين المتعلمين مع أقرانهم أو زمالئهم في المجموعة ,و ذلك من
خالل التفاوض و المفاوضة االجتماعية.
خصائص النظرية البنائية
تتجلي خصائص النظرية البنائية في المواقفـ التعليمية :
ال ينظرـ إلى المتعلم على أنه سلبي و مؤثر فيه ,و لكن ينظر إليه على أنه مسؤل مسؤلية مطلقة
عن تعليمه.
تستلزمـ عملية التعلم عمليات نشطة ,يكون للمتعلم دور فيها حيت تتطلب بناء المعنى.
المعرفة ليست خارج المتعلم ,و لكنها تبنى فردياـ و جماعيا فهي متغيرة دائما.
يأتي المعلم إلى المواقف التعليمية و معه مفاهيمه ,ليس فقط المعرفة الخاصة بموضوع معين ,و
لكن أيضا آرائه الخاصة بالتدريس و التعلم و ذلك بدوره يؤثر في تفاعله داخل الفصل.
التدريس ليس نقل المعرفة ,و لكنه يتطلب تنظيمـ المواقف داخل الفصل ,و تصميم المهام بطريقة
من شأنها أن تنمى التعلم .
المنهج ليس ذلك الذي يتم تعلمه ,و لكنه برنامج مهام التعلم و المواد و المصادر,ـ و التي منها
يبنى التعلمين معرفتهم.
تولد البنائية أراء مختلفة عن طريقـ التدريس و التعلم ,و كيفية تنفيذها في الفصل ,حتى تكون
متسقة مع المتطلبات العالمية للمناهج و التي تنص على أفكار المتعلمين سوفـ تتغيرـ مع اتساع
خبراتهم,ـ و هناك دورـ جوهريـ للمعلم في هذه العملية فالمعلم يمكنه أن يتفاعل مع المتعلم ,ويثير
األسئلة و يستند على التحديات الحالية و الخبرات.
األسس نظرية البنائية :
النظرية البنائية تقوم على األسس االتية :
تبني على التعلم و ليس على التعليم
تشجع و تقبل استقاللية و مبادرة المتعلمين
تجعل المتعلمين كمبدعين
تشجع البحث و االستقصاء للمتعلمين
تؤكد على حب االستطالع
تأخذ النموذج العقلي للمتعلم في الحسبان
تؤسس على مبادئ النظرية المعرفية
تعمل على استخدامـ المصطلحات المعرفية (التنبؤ-اإلبداع-التحليل)
تشجع المتعلمين على االشتراك في المناقشة مع المعلم أو فيما بينهم
تأخذ في االعتبار المعتقدات واالتجاهات للمتعلمين
تزودـ المتعلمين بالفرض المناسبة لبناء المعرفة الجديدة و الفهم من الخبرات الواقعية
مدخل:
شهد البحت التربويـ خالل العقدين الماضيين تحوال رئيسيا في رؤيته لعمليتي التعليم و التعلم ،و فحوى
ذلك هو التحول من التركيزـ على العوامل الخارجية التي تؤثر في تعلم المتعلم ،مثل :متغيرات
المعلم(شخصيته ،حماسه ،تعزيزه ،)...وبيئة التعلم ،و المنهج ،و مخرجات التعلم ،و غير ذلك من
العوامل ،إلي التركيز على العوامل الداخلية التي تؤثر في المتعلم ،و خاصة ما يجري داخل عقل المتعلم،
مثل :معرفته السابقة ،سعته العقلية ،نمط معالجته للمعلومات ،دافعيته للتعلم ،أنماط تفكيره ،أسلوب تعلمه
و أسلوبه المعرفي.ـ أي أنه تم االنتقال من "التعلم الكاذب أو السطحي" إلي ما يسمى ب"التعلم ذي معنى"،
أو "التوجه الحقيقي للتعلم".
وقدـ واكب ذلك التحول ظهور ما سمي بنظرية "البنائية" constructivismو إحاللها محل النظرية
السلوكية behaviorismو النظرية المعرفية cognitivismو يمكننا أن نقول :إن البحث عن معنى أو
تعريفـ محدد للبنائية constructivismيعد في حد ذاته إشكالية عويصة ...حيث نعلم أن المعاجم
الفلسفية و النفسية و التربوية قد خلت من إشارة لمادة البنائية ،باستثناء المعجم الدوليـ للتربية الذي عرفها
بما يفيد أنها " :رؤية في نظرية التعلم ،و نمو الطفل ،قوامها أن الطفل يكون نشطا في بناء أنماط التفكير
لديه ،نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة" .و بتعبير فلسفي فإن البنائية تمثل تفاعال أو لقاء بين كل
من التجريبية و الجبلية.