Professional Documents
Culture Documents
فوج2021 :
مجــــزوءة الديـــداكتــــيك
فالعمل بهذه المقاربة يحيلنا الى االبتعاد عن النظرة الضيقة للتعلم والتي كانت محصورة في المعرفة فقط،
وتمكين المتعلم من التقنيات والوسائل واالستراتيجيات التي تمكنه من تعبئه موارده ومهاراته وتسخير ما تعلمه في
حل وفهم وضعيات معاشة.
ومن المعلوم أن المقاربة بالكفايات هي مقاربة تربوية وديداكتيكية جديدة ومعاصرة ،تهدف إلى تسليح المتعلم
بمجموعة من الكفايات األساسية لمواجهة الوضعيات الصعبة والمركبة التي يصادفها المتعلم في واقعه الدراسي
أو الشخصي أو الموضوعي .تهدف هذه المقاربة التربوية المعاصرة إلى تكوين متعلم كفء ،يعرف كيف يستثمر
المعرفة ويوظفها ،ويعرف كيف ينمي تفكيره بطريقة مدمجة.
للوصول إلى هذه األهداف ولجعلها واضحة وراسخة ويمكن استثمارها من قبل المتعلم ،يجب أن تكون لهذه
التعلمات معنى وفائدة .وحتى تصبح عملية التعلم ذات داللة بالنسبة للمتعلم ،ال بد من جعله يستفيد من المعارف
المختلفة في معالجة واقعه المعيشي ،وإشعاره بفاعليتهـا فـي عـالج عمـل معقـد ،دلك بتفعيل وبإسهام مختلف المواد
في حل مشاكل معقدة ،ما يساعد المتعلم في قياس الفــرق بــين ما يعلم ،وما يجهل من أجل إيجاد حل لوضعية
معقـدة ] .[2وذلك بالعمل ضــمن استراتيجيات ديداكتيكية متأسسـة علــى وضعيات تعليمية/ديداكتيكية تحمل
المعنى والتعلم ].[3
إذن ،ما المقصود أوال بالوضعيات الديداكتيكية؟ وما هي عناصر ومكونات الوضعية الديداكتيكية؟ وكيف يمكن
تحقيق التعلم في ظل هذه الوضعيات؟ ومتى يمكننا الحديث عن الوضعيات الغير الديداكتيكية؟
مفاهيم أولية:
قبل الغوص في فحوى هذا البحث ،نجد أنفسنا ملزمين للتعرض لجهاز مفاهيمي يضم عددا من المفاهيم التي
تقوم عليها هذه االستراتيجية ،أهمها :الكفاية ،البيداغوجيا ،الديداكتيك.
الكفايةُ :يمكن تعريف الكفاية ،وعلى الرغم من كثرة تعريفاتها ,بأنها “قدرة الفرد سواء أكان تلميذا أم
ووضعيات مختلفة ،إنها قدرة
ّ أستاذا أم شخصا آخر ،على توظيف المعرفة المكتسبة ،توظيفا مالئما في سياق
تحولها إلى أداة إجرائية ] .[4بمعنى أن الكفاية في االصطالح التربوي هي أن ال تنفصل عن المعرفة ولكنها ّ
التعليمية/التعّلمية على إكساب المتعلّم مجموعة من الموارد (معارف
ّ العملية
ّ بوية ،ومن خالل
المؤسسة التر ّ
ّ تعمل
ومهارات وخبرات وقدرات ومواقف…) بحيث يكون قاد ار على إدماجها وتعبئتها من أجل تفعيلها وتوظيفها في
التكيف اإليجابي مع المشاكل والوضعيات التي
تمكنه من ّ
ومتجددة ،داخل وخارج المؤسسةّ ،
ّ متعددة
سياقات ّ
يواجهها]. [5
البيداغوجيا :من الصعب تعريف " البيداغوجيا " تعريفا جامعا ومانعا ،بسبب تعدد واختالف دالالتها
االصطالحية من جهة ،وبسبب تشابكها وتداخلها مع مفاهيم وحقول معرفية أخرى مجاورة لها من جهة أخرى.
ولعل هذا ما يبرر سعي كل من غاستون مياالري G. Mailaretوروبير الفون ,R. Lafonإلى استعمال
قاموس لغوي ،يحاول أن يغطي ميادين متعددة متداخلة فيما بينها تداخال شديدا.
نأخذ بوجهة نظر التي تميز في لفظ " بيداغوجيا " بين استعمالين ،يتكامالن فيما بينهما بشكل كبير ،وهما:
حقل معرفي ،قوامه التفكير في أهداف وتوجهات األفعال واألنشطة المطلوب ممارستها في وضعية ⚝
التربية والتعليم ،على الطفل والراشد.
نشاط عملي ،يتكون من مجموع الممارسات واألفعال التي ينجزها كل من المدرس والمتعلمين داخل ⚝
الفصل.
المدرس
الممارسات ،التي تتم داخل المؤسسة التعليمية ،بين ُ
المتمثل في مختلف ُ
إذن ,فھي ذلك النشاط العمليُ ،
والمتعلمين ،أي أن البيداغوجيا تعطي نمطا للتعليم في الميدان ،عبر نشاط عملي يتكون من مجموع تصرفات
المدرس والمتعلمين داخل القسم ،وبهذا يمكن تعريف البيداغوجيا ،باعتبارها اختيار طريقة ما
وإجراءات ومواقف ُ
في التدريس ،أو إجراءات وتقنيات معينة ،وتوظيفھا بارتباط مع وضعية تعليمية.
الديداكتيك :تنحدر كلمة التعليمية (ديداكتيك) ،من حيث االشتقاق اللغوي ،من أصل يوناني
درس أو ٌّ
علم، didactikosأو ،didaskineوتعني حسب قاموس روبير الصغير ٌّ " ،Le Petit Robert
" enseignerويقصد بها اصطالحا ،كل ما يهدف إلى التثقيف والتزود بالمعارف واألفكار والمعلومات بهدف
بناء الشخصية.
عرف محمد الدريج مفهوم الديداكتيك في كتابه " ،التدريس الهادف :من نموذج التدريس باألهداف إلى نموذج
التدريس بالكفايات"] ،[6بالدراسة العلمية لمحتويات التدريس وطرقه وتقنياته ،وألشكال تنظيم مواقف التعلم التي
يخضع لها التلميذ ،دراسة تستهدف صياغة نماذج ونظريات تطبيقية معيارية بقصد بلوغ األهداف المرجوة ،سواء
على المستوى العقلي أو االنفعالي أو الحسي الحركي .كما تتضمن البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف
المواد.
ومن هنا تأتي تسمية الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد ،أي خاصة بتعليم المواد الدراسية ،في مقابل
الديداكتيك العام الذي يهتم بمختلف القضايا التربوية ،بل وبالنظام التربوي برمته مهما كانت المادة الملقنة.
يتم إعداد هذه الوضعية من قبل المدرس داخل فضاءات المؤسسة التعليمية أو في محيطها االجتماعي
بتأطير من المدرسة حيث تندرج الوضعية الديداكتيكية في إطار المثلث الديداكتيكي (المدرس ،المتعلم ،المعرفة)
في ارتباط بأدوار هذا المثلث (النقل والتعاقد الديداكتيكيين) .إذ ال يمكن الحديث عن وضعية ديداكتيكية إال في
حضور األقطاب الثالث للمثلث الديداكتيكي ].[9
وفي هذا اإلطار يعمل االستاذ على الصياغة الجيدة للوضعية التعليمية الديداكتيكية ويكتفي بالمالحظة
والتوجيه والتقويم ،ويترك المجال للمتعلم لفك هذا اللغز .فيحدث لدى المتعلم التفاعل المستقل مع المعرفة مباشرة
ودون واسطة ،ولكي يحدث ذلك فإن األستاذ يتدخل ،او ال يتدخل (حسب الحاالت) ،إلعطاء معلومات إضافية
وبذلك يكون مشاركا في تفاعالت المتعلم مع المسائل التي يطرحها ،وهذا هو المغزى من الوضعية الديداكتيكية
].[10
فالوضعية الديداكتيكية تشتمل على شروط التعلم الجاد الذي يعطي الحرية التامة للمتعلم ،ويتيح له سبل
االكتساب بتوفير وسائل العمل ومن خالل هذه الوضعية يبني المتعلم معارفه بواسطة العالقات التفاعلية بينه
وبين محيطه .وهي مسألة يقوم االستاذ بإعدادها تمثل تحديا للمتعلم وتمكنه من الدخول في سيرورة تعليمية
نشيطة وبناءة ،تسمو بالمتعلم إلى مستوى معرفي أفضل.
.2مكونات الوضعية الديداكتيكية:
تصاغ الوضعية الديداكتيكية في مشكلة من طرف األستاذ تبعا للكفاءة المرصودة وتتضمن مجموعه من
المعلومات المترابطة والتي تتحدد في مهمة محددة من أجل أداء نشاط محدد ،وتكون ذات داللة .تدخل في
تركيبها مكونات أساسية وهي :السياق ،الدعامة او السند ،المهمة والتعليمة.
السياق :ويعبر عن المجال الذي يمارس فيه المتعلم أداءه للمهمة المراد إنجازها (سـياق تربـوي ،اجتماعي،
علمي.) ...
الدعامة او السند :تتمثل في مجموعة العناصر المادية التي توضع بين يدي المتعلم (السند ,الكتاب,
وبعد الوضعية.
نص مسألة ,الوسيلة ,صور ,)...وكذا مخطط اإلنجاز ُ
المهمة :وهي األنشطة التي يقوم بها المتعلم في مرحلة اإلنجاز ويمكن وصفها بالتنبؤ بالمنتوج المرتقب
(صـياغة نـص ،جمع أعداد ،توظيف مفاهيم .)...
التعليمة :وهي مجموعة توصيات العمل ،أو توجيهات المصرح بها والتي تتضمن مطالب محددة ،أي
المؤشرات التي سوف يستند إليها المتعلم ويحققها (معلومات معرفية ،أنظمة لغوية ،قواعد ،مفاهيم.) ...
تنقسم الوضعيات الديداكتيكية إلى ثالث وضعيات حسب وظائفها ] :[12وضعية – مشكلة ديداكتيكية،
وضعية إدماجية ثم وضعية تقويمية.
وضـــــعية – مشكلة ديداكتـــــيكــــية : Situation-problème
توضع لزعزعة المفاهيم والمعارف لدى المتعلم ،وتمكنه من اكتساب معارف جديدة في سياق تربوي أو
اجتماعي ،وتعتمد الممارسة واألداء .وتسهم في بناء تعلم مقصود .يعتبر أسلوب حل المشكلة أسلوبا فعاال يجعل
المتعلم يحرك فيه دهنه بهدف الوصول إلى حل أو إجابة أو اكتشاف .وال يكون الحل بمجرد تكرار واستحضار
لعمليات سابقة ،أي ال يجب أن تُحل اَليا بمجرد التذكر .بل يستلزم الحل استنفار الموارد ووضع الفرضيات
وتطبيقها والمصادقة عليها واتخاذ الق اررات ،ويعني هذا أن الحل ال يتم إال بالبحث والتقصي من خالل عمليات
معينة للتوصل إلى الحل المقصود [.]13
مميزاتها:
أن تكون المشكلة - :نابعة من محيط المتعلم وتعبر عن حاجته وموجهة إلى إضافة تعلم جديد في إطار سياق
معين (سوسيوثقافي ،مدرسي.)...
خطوات الحل:
-الشعور بالمشكلة :وهي أولى خطوات حل المشكالت ,يشعر المتعلم أنه أمام مشكلة معينة وهو المعني بحلها
ال غيره .وال تخلو هذه المشكلة من المحفز والصعوبة ,بحيث يحس بالحيرة إزاء هذه المشكلة التي أحدثت
رجة في تفكيره ,مما يؤدي به إلى تجنيد موارده ومكتسباته.
-وضع الفرضيات واقتراح الحلول :ويتم في هذا الجانب البحث عن المعلومات ثم جمعها وتصنيفها وتبويبها,
وبعد ذلك توضع الفرضيات المناسبة للحل .وتعتبر هذه الفرضيات بمثابه حلول مؤقتة ,يتم اختبارها وتجريبها.
-التحقق من الفرضيات :يتم في هذه المرحلة اختبار صحة الفرضيات عن طريق المالحظة والتجريب ويجب
أن تكون تلك المالحظة دقيقة ،وتحت جميع الظروف بحيث تستبعد الفرضيات الغير الصحيحة وتترك
المناسبة ذي الصلة الوثيقة بحل المشكلة.
-الوصول الى النتيجة والتعميم :بعد أن يتوصل المتعلم إلى الحل الصحيح ويتأكد من صحة جوابه .يتم بعد
ذلك تحليل النتائج وتكرار العملية أكثر من مرة لغرض المقارنة ،حينها تعتمد النتائج بصفة رسمية وتصبح
قابلة للتعميم على جميع الظواهر المشابهة لها.
: Situation d’intégration الوضــــــعية اإلدمـــــاجــــية
هي عائلة من الوضعيات مركبة إلنجاز مهمة في سياق معين ,تمتزج فيها نواتج التعلم لتحقيق كفاءة قاعدية
أو مرحلية أو نهائية (مسألة) ,وعليه فاإلدماج في المجال التعليمي هو الربط بين موضوعات دراسية مختلفة من
مجال معين او من مجاالت مختلفة .وهذه الوضعية تسمح بربط األنشطة ببعضها البعض (عرضيا وأفقيا),
ووظيفتها الوصول بالمتعلم إلى إدماج مختلف المكتسبات وإعطائها معنى .بحيث يسوغ المعلم بعناية الكفاءة المراد
الوصول إليها مع تحديده للتعلمات المراد إدماجها [.]14
مميزاتها:
-تكون ذات داللة حقيقية أو شبه حقيقية ,محسوسة ذات نفع بالنسبة للمتعلم ومرتبطة بواقع المتعلم.
-تركز على التعلمات التي يحتاجها المتعلم فعليا في حياته اليومية.
-إعداد المتعلم لمواجهة الصعوبات التي تعترضه والتي تعترض سبيله.
-تحث المتعلم على بناء التعلمات جديدة ,تتسم بالجدية.
-موجهة لتحقيق كفاءة مرصودة.
:Sitaution évaluationnelle الوضـــــــــــعية التــــقويـــــمية
تتحقق الوضعية التقويمية عندما تُـقترح وضعية مسألة جديدة بهدف تقويم قدرة المتعلم على إدماج التعلمات في
سياقات مختلفة ووفق معايير محددة .ويتم وفقها معرفة مدى تقدم المتعلم في مساره قصد إعطاء حكم وإتخاذ
الق اررات الصائبة بالنسبة للخطوات الالحقة ,ووضع استراتيجية للتصحيح والتعديل انطالقا من نوع الصعوبات
والتعثرات المشخصة .ويعتبر النجاح في حل هذه الوضعية المشكلة دليال على التمكن من الكفاية.
وحسب ،]15[ De Keteleالتقويم يعني’’ :جمع مجموعة من المعلومات المالئمة ) (pertinenceوالصحيحة
) (valideوالموثوقة ) (fiabilitéبشكل ٍ
كاف ،وفحص درجة المالءمة بين هذه المجموعة من المعلومات ومجموعة
المعايير المالئمة لألهداف المحددة في البداية أو المعدلة على طول الطريق ،بهدف إتخاذ قرار’’.
هي الوضعية التي يواجهها المدرس عند حله لمشكل ،الهدف منه ليس تعليم أية معرفة ،ويقدم G. Brousseau
كمثال على ذلك ،الوضعية التي يكون فيها الرياضي في مواجهة مشكل ليس الغرض منه تعليم أي مفهوم رياضي.
وهي وضعية قد يواجهها األستاذ خارج إطار التدريس .ويمكن القول أنها وضعية تنتفي فيها قصديه التعلم والتعليم.
تحدث الوضعيات الغير الديداكتيكية داخل أو خارج الفضاءات المدرسية يتعلم منها التالميذ لكن ليس بهدف
تحقيق هدف تعليمي ،ما دامت تحدث بعيدا عن التعاقد والنقل الديداكتيكيين ،كإنشاء مجلة أو تنظيم حفلة أو
التمرن على التمثيل المسرحي أو تنظيم حملة توعية...
مما يجعل تلك الوضعيات تتم بشكل تلقائي وعفوي ،ال تهدف إلى تحقيق كفايات تعليمية صريحة ومعلنة .هكذا
يتبين أن التعلم في الوضعيات الغير الديداكتيكية هي تعلمات واقعية حقيقية تطرحها الحياة اليومية والمهنية.
المحور :2التعلم في الوضعيات الديداكتيكية
يخضع التعلم وفق الوضعيات الديداكتيكية لــ" هندسة ديداكتيكية " .تحدد هذه الهندسة مدخالت ومخرجات
التعلم ،وفق ثالث عمليات رئيسية تعقلن العمليات التعليمية – التعلمية ,في إطار عالقات جدلية ,وهي :التخطي ــط,
التدبـ ــير والتقويـ ــم.
يتخد التخطيط الديداكتيكي مسا ار هندسيا ,تتحد من خالله أنواع هذا التخطيط :بعيد المدى ,متوسط المدى و
قريب المدى.
-فهم المستوى التعليمي للفصل الدراسي ،وذلك بالتحقق من المكتسبات السابقة لذى المتعلمين (معارف ,مهارات,
قدرات ,قيم.)...
-تحديد الفوارق الفردية بين المتعلمين.
⚝ التخطيط للتعلمات التكوينية:
-تحديد الكفاءات المستهدفة عبر مراحل زمنية (فصلية ,شهرية ,يومية.)...
-إرساء الموارد ,اختيار المحتويات ,الطرائق البيداغوجية ,الوسائل الديداكتيكية ...
-تجزيء المقرر الدراسي إلى مجزوءات أو وحدات دراسية...
-تحديد التقويمين التكويني واإلجمالي.
.1.2أنواع التخطيط الديداكتيكي:
التخطيط البعيد المدى :يعتمد على التخطيط الشامل ،أي أنه يتضمن توزيع المنھاج على مدار السنة
الدراسية ،وتتحد فيه المواد الدراسية ،ويتم من خالله تحليل ُمحتوى المنھاج الدراسي ،وكذا أھداف المقرر الدراسي.
التخطيط المتوسط المدى :يشمل ھذا النوع أو ھذا المستوى من التخطيط ،على وضع خطة متكاملة
لكل وحدة دراسية من المقرر الدراسي ،بما في ذلك األنشطة والفعاليات ،التي يمكن أن يمارسھا التالميذ ،والبد
-أن يكون التخطيط القصير المدى منسجما ومتوافقا مع التخطيط المتوسط ،وكذلك البعيد المدى ونابعا منه،
وهذا يتطلب من المدرس أن يحصر إھتمامه في وضع أھداف الدرس.
-أن يكون التخطيط القصير المدى قابال للتعديل ،مھتما بالجانب العقالني بين المدرس والتالميذ.
ويعني التدبير الديداكتيكي ,بناء وضعيات تعليمية-تعلمية تطبيقية في مدة معينة وتدبيرها في مستوى دراسي
معين أو ضمن مستويات دراسية مختلفة ,اعتمادا على مجموعة من الوثائق والبرامج الرسمية.
وعليه ينصب التدبير الديداكتيكي على تدبير الفصل الدراسي وتدبير التعلمات وفق مقاربات مختلفة .إذ يتطلب
من المدرس قدرات متعددة (تدبير التعلمات ,طريقة تقديم المادة التعليمية ,تحفيز المتعلمين ,طريقة طرح األسئلة,
أساليب التعزيز المعتمدة ,ضبط القسم ,طرق تنظيم األنشطة.)...
وال ينبغي أن يهمل األستاذ العناصر التالية ،بل عليه أخذها في الحسبان أثناء إعداد الوضعية التعليمية:
-المحتوى التعليمي (المعارف والمهارات واالتجاهات والمواقف) التي نرغب من المتعلم اكتسابها كنتيجة للعملية
التعليمية-التعلمية.
-المهمة المتوقع القيام بها بعد عملية التعلم والتي تعتبر دليال على تحقيق الكفاية .وتتجسد هذه المهمة من
خالل فعل مركب مرتبط بالسياق معين.
-الظروف أو الشروط الواجب توفرها في سياق المهمة المطلوبة والتي تشير بشكل ضمني إلى فئة الوضعيات
المرتبطة بالكفاية
-معيار األداء المطلوب ،وهو المعيار الذي في ضوئه يكون األداء مقبوال.
مراحل التدبــــــــــير الديداكتــــــــيــــكي:
إن تدبير وضعية ديداكت يكية يتم عبر عدة مراحل ,معرفة هذه المراحل من األولويات في كل بناء لمثل هذه
الوضعيات .ولقد وضع G. Brousseauخمس مراحل لبناء الوضعية الديداكتيكية [:]16
مرحلة الفعل:
يكون المتعلم في إطار وضعية يواجه فيها مسألة ،وفي بحثه عن الحل يقوم بأعمال يمكنها أن تؤدي إلى تكوين
مهارات .والمتعلم في مواجهته للمسألة يتوفر على نموذج يمكنه من تلقي المعلومات عن هذه الوضعية وتأويلها،
ويمكنه أن يعبر عن أفعاله وأن يبررها ،لكن مرحلة جدلية الفعل ال تتطلب ذلك.
مرحلة الصياغة:
في مواجهته للمسألة ،ينبغي على المتعلم أن يحدد المعلومات المالئمة بواسطة لغة اصطالحية يعرف قواعدها
أو ينشئها .فال يكفي أن تكون لديه الرغبة واإلمكانية في تعديل الوضعية التي تواجهه ،وإنما من واجبه أن يصف
نموذجا صريحا ويعرضه.
يتعلق األمر في هذه الحالة بتوضيح القواعد ،وضبط االصطالحات وتقديم الحجج والتبريرات ،إذ تتميز هذه
المرحلة بنوع من إثبات الصالحية.
مرحلة المأسسة:
وهي وضعية تؤدي إلى إعطاء البعد المؤسساتي للمعرفة الرياضياتية ،هذا البعد المستقل عن المعارف الجديدة،
حيث تتوفر إمكانية إعادة استثمار هذه المعرفة في مسائل أخرى .ينتج عن تفاعل العناصر الديداكتيكية ثالثة
أصناف من العالقات ،ترتبط بثالثة محاور األول يهم األستاذ والمعرفة يتعلق بالنقل الديداكتيكي ،والثاني يهم
األستاذ والمتعلم ويتعلق بالتعاقد الديداكتيكي ،والثالث يهم المتعلم والمعرفة ويتجلى في تمثالته للمعرفة.
مرحلة اإلستثمار:
يقوم التالميذ خالل هذه المرحلة بحل مسائل وتمارين متنوعة مستعملين في ذلك المفاهيم التي تمت مأسستها،
ويعملون على تطوير السلوكات ومعارف الفعل ,وإدماجها ووضعها رهن االختبار في وضعيات معقدة تسمح لهم
بتطوير مستوى التحكم في المكتسبات الجديدة.
:L’évaluation didactique .3التقـــــويـــــم الديداكتيـــــكي
هو عملية إجرائية يهدف التحقق من مدى اكتساب المتعلمين للكفايات المستهدفة واصدار أحكام على المتعلمين
و جميع مكونات المنظومة التربوية .وكذا المرجعيات البيداغوجية و الديداكتيكية .يهدف التقويم إلى قياس قدرات
ومهارات المتعلمين وفق وضعيات محددة ,تقتضي منهم استثمار مواردهم بغية حل المشكالت الواردة في تلك
الوضعيات .يحدد التقويم الديداكتيكي المعايير والمؤشرات وسبل الدعم والمعالجة ,وهو أنواع (تشخيصي ,تكويني
وإجمالي).
معيار المالئمة :مالئمة األجوبة مع الكفايات المستهدفة عامة ,ومعطيات الوضعيه خاصة.
معيار اإلنسجام :التماسك المنطقي (التسلسل المنطقي وتوظيف الروابط المنطقية.
معيار إستعمال أدوات المادة ( :معرفية ,منهجية ,لغوية.)...
معيار الدقة :يعني صحة األجوبة المقترحة في عالقتها مع الوضعية الديداكتيكية.
معيار الجودة :أن يكون حل الوضعية الديداكتيكية مكتمال وشامال لجميع عناصرها.
معيار اإلبداع :يتمثل في اقتراح أفكار شخصية جديدة لحل الوضعية الديداكتيكية.
يعتمد التقويم الكالسيكي على معيار اإلتقان ،في حين يستند تقويم الكفايات على معيار المالئمة (معيار الحد
األدنى).
) :(Critère minimalوهي التي يمكن تحقيقها من التصريح بأن الكفاية قد تم -معيار الحد األدنى
اكتسابها فعليا ,كمالئمة المنتوج للمطلوب واالستعمال السليم ألدوات المادة( .مثال :التحقق من مدى اكتساب
الكفاية المستهدفة)...
) :(Critère de perfectionnementوهي التي ال تعتبر أساسية ,فهي ال تؤخذ بعين -معيار اإلتقان
االعتبار إال إذا تحققت سابقاتها ,أي معايير الحد األدنى (مثال :خلو اإلنجاز من األخطاء سواء معرفية أو
منهجية أو لغوية أو شكلية.)...
خـــــــــــاتمـــــــــــــــة
المعول عليه هو طريقة تدبيرها وتعبئتها (…) لذلكّ يشكل أم ار ضروريا ،بل
لم يعد امتالك المعارف وحدها ّ
أصبحت المدرسة ملزمة بتنمية كفايات المتعّلمين بشكل يمكنهم من االستمرار في التعّلم الذاتي ،والتعّلم مدى
الحياة ،وبالتالي عليها أن تهدف إلى تعّلم مستديم وقابل للتحويل.
وهذا يتطلـب توظيــف بيــداغوجيا الكفـاءات التــي تعطــي أهميــة كبــرى للوضـعيات الديداكتيكية يكـون المـتعلم قـد
عايشـها أو سيعيشـها ,يعبــر الم ــتعلم ع ــن مس ــتوى الــتعلم ب ــأداء أو نش ــاط يك ــون قابــل للمالحظ ــة والقي ــاس ف ــي
وضعيات ديداكتيكية مختلفة ,يتعـرف مـن خاللها المتعلم علـى المكتسـبات الجديـدة ،ويحـاول إعـادة صـياغتها مـن
جديـد بتطبيقهـا على وضـعيات متنوعـة لتثبيتهـ .,سواء كـان دلـك فـي مجـال مفـاهيمي أو مجـال منهجـي(.)...
مـــــــــــــــراجـــــع
] [1خديجة واهمي ،المقاربة بالكفايات :مدخل لبناء المناهج التعليمية ،مجلة دفاتر التربية والتكوين ،العدد ،2مايو ،2010
(ص.)22 :
[2] X. Roegiers, Une pédagogie de l'intégration : compétences et intégration des acquis dans
l'enseignement. De Boeck Université, Paris-Bruxelles, 2000.
[3] Meirieu, Ph., Lutter contre « l’échec scolaire »: Pourquoi? Comment?, Paris, in Le café
pédagogique, 2008.
] [4العربي اسليماني ,التواصل التربوي :مدخل لجودة التربية والتعليم ،الدار البيضاء ،مطبعة النجاح الجديدة ،2005 ،ص .78
] [5عبد هللا مجاهد ,الكفايات والتربية على القيم واالختيار مفاهيمها ومرجعياتها في المنهاج التربوي من خالل الميثاق الوطني
للتربية والتكوين ،والكتاب األبيض ،مجلة علوم التربية ،العدد السابع واألربعون-مارس ،2011ص .25
] [6محمد الدريج ,التدريس الهادف :من نموذج التدريس باألهداف إلى نموذج التدريس بالكفايات ,ص29 :
] [7لحسن توبي ,بيداغوجيا الكفاءات واالهداف االندماجية ،مكتبة المدارس ،الطبعة ,1الدار البيضاء ,2006 ,ص115 :
] [8عبد اللطيف الفاربي واخرون ,معجم علوم التربية( ,المصطلحات البيداغوجيا والديداكتيك) دار الخطابي للطباعة والنشر,
الطبعة ,1المغرب ,1994 ,ص273 :
[9] G. Brousseau, La théorie des situations didactiques, La pensée Sauvage, Grenoble. 1998.
] , X. Roegiers [10مرجع سابق .ص.64 :
] [11لحسن توبي ,مرجع سابق .ص.119-118 :
[12] G. Brousseau, La théorie des situations didactiques en mathématiques, Éducation et
didactique, 5-1 | 2011.
] , X. Roegiers [13مرجع سابق .ص.124 :
]14[ X. ROEGIERS, Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université. 2003.
[15] De Ketele, J.-M., L'évaluation de la productivité des institutions d'éducation, Cahiers de la
Fondation Universitaire : Université et société, le rendement de l'enseignement universitaire, 1989.