Professional Documents
Culture Documents
وبالمقابل يستطيع المرء أن يحصي للترجمة كثيراً من السيّئات
وبالمقابل يستطيع المرء أن يحصي للترجمة كثيراً من السيّئات
من الثقافات 4األخرى مقابل االنصراف عن الرصين والعميق والمفيد ،وكذلك سوء الترجمات وضعفها وخيانتها لألصل لدرجة
أنها قد تزيف المضامين وتقدم للمتلقي ضروبا ً من األوهام واألباطيل من شأنها أن تشكل صورة مشوّ هة ُتبنى عليها فيما بعد
قناعات ومواقف ليس لها أساس ،وقد تتطور المسألة إلى درجة أن تصبح ً
آفة تاريخية يتوارثها اآلباء عن األجداد واألبناء عن
.اآلباء
والحق أن اإلجماع منعقد بين العارفين على أنه مع اتساع حركات الترجمة في العالم ،وازدياد عدد اللغات الداخلة في السباق
الترجمي ،ومع عدم توافر آليات (ميكانزم) ذات كفاية للضبط واإلشراف ،تسود يوميا ً الترجمات 4التجارية الرخيصة السريعة
وتتسابق على أبواب األسواق ونوافذ العرض ،بينما تقبع الترجمات 4الرصينة والدقيقة والمسؤولة خلف كشافات األضواء ،أو
.في عتمة الرفوف واألروقة ،ال يعبأ بها جمهور المتلقين ،هذا إذا علم بها أصالً
والمشكلة انه في صميم تكوين عملية الترجمة توجد أرضية قوية تزيّن للمترجم وتسهل له فرصة االنحراف إلى َع َرض
حرفيا ً ( traduttore traditoreاالستهواء وبهرج الزيف والطالء .وإذا كان اإليطاليون يقولون إن الترجمة تعني الخيانة
فالفرنسيون – على طريقتهم – أعطوا صورة أخرى طريفة إذ وصفوا الترجمات 4الزاهية بأنها الترجمات غير )،المترجم خائن
أي أن الترجمة إما أن تكون جميلة ولكن خائنة وإما أن تكون أمينة )،الجميالت الخائنات( les belles infidèllesالمخلصة
فهي بالضرورة قبيحة .وإنه اختيار صعب أمام المترجم بل إن هذا االختيار أشبه بهاجس يؤرق العاملين في مجال الترجمة في
كل لحظة من عملهم ويسبب لهذا العمل كدراً كثيراً ناتجا ً عن التردد والحيرة ،على حين ينبغي أن يكون عمل الترجمة انسيابيا ً
.ومتماسكا ً ليستطيع أن يفي برواء الينبوع األصلي وأن يحمل مسحة 4من بكارته وإغوائه
تتناول هذه الدراسة الترجمة تعريفا ونظريات فتصحح بعض المفاهيم الخاطئة ,وتركز على الترجمة العلمية أو المتخصصة
.فتعرض ألهم الصعوبات التي يعاني منها المترجم وذلك اعتمادا على خبرة صاحبها وعلى بعض الدراسات الحديثة
ما الترجمة؟
يمكن في الواقع تقسيم الترجمة إلى قسمين رئيسين ,الترجمة التحريرية والترجمة الشفهية .وتعرف الترجمة الشفهية بعدة أنواع
هي الترجمة الفورية ,والترجمة التتبعية ,والترجمة الثنائية .أما الترجمة التحريرية فيقصد بها ترجمة النصوص المكتوبة
بأنواعها ,وتتنوع الصعوبات فيها بتنوع النصوص المترجمة فهي تنقسم أيضا إلى قسمين رئيسين :الترجمة األدبية والترجمة
العلمية أو المتخصصة .وتعرف الترجمة التحريرية بأنواع كثيرة أهمها الترجمة الحرفية ,والترجمة الحرة أو بتصرف,
.والترجمة التفسيرية ,والترجمة الداللية ,والترجمة التواصلية
إن ما دعانا إلى هذا التوضيح الموجز ألهم أنواع الترجمة وطرقها هو ما الحظناه لدى كثير من الطالب والدارسين الذين
يخلطون بين نظريات الترجمة وطرقها ,والذين يطلقون على الترجمة الحرفية أو الحرة أو الداللية أو التواصلية مصطلح
نظريات الترجمة ,وهذا خطأ واضح ,فعندما نترجم نصا ما كلمة كلمة فإننا نستخدم الترجمة الحرفية ,وعندما ننقل المعنى
ونراعي الدالالت المعجمية والبنى النحوية فإننا نستخدم الترجمة الداللية ,وعندما نقوم بتحقيق المطابقة في التأثير على القارئ
.فإننا نستخدم الترجمة التواصلية ,فهذه يطلق عليها أنواع أو طرق الترجمة وال مجال للنظرية هنا
لقد مرت نظرية الترجمة منذ نشأتها إلى يومنا هذا بثالث مراحل :المرحلة ما قبل اللسانية التي دامت حتى مطلع القرن
العشرين ,والتي تميزت بمقاربة فقهلغوية وفلسفية كان يقوم بها مترجمون يرمون من ورائها إلى تعميق معرفتهم بعملهم
والتبحر فيه ,والمرحلة اللسانية التي دامت حتى الستينيات ,والتي تميزت بتحليل الظاهرة الترجمية تحليال علميا وبتمحيص
وقائعها على مستوى اللسان ,والمرحلة ما بعد اللسانية التي ابتدأت منذ سبعينيات القرن العشرين ,والتي تميزت بمحاولة
( التركيب بين المقاربتين السابقتين وبنظرية التواصل والنصية .وقد كانت المرحلة األخيرة رد منظري الترجمة وممارسيها
Fedrov ,على أطروحة اللسانيين أمثال فيدروف Ladmiralوالدميرال Seleskovitch ,وسيليسكوفيتش Nida,أمثال نايدا
التي تعتبر الترجمة ظاهرة لسانية ,وعلى ) Catfordوكاتفورد Mounin ,ومونان Vinay et Darbelnet ,وفيني وداربلنيه
Meschonnic)(1).وميشونيك Steiner ,وشتاينر Cary ,من أمثال كاري( أطروحة التجريبيين
ويمكن القول إننا نقترب في الوقت الحالي من نظرية فريدة وكلية في الترجمة ,وإن هذه الظاهرة المعقدة والمركبة تدفع ببعض
الباحثين إلى أن يفضلوا في دراساتهم العناصر اللسانية ,ويدفع بالبعض اآلخر إلى تفضيل المحتويات المعرفية ,ويدفع بسواهم
إلى تفضيل المظاهر اإليناسية ,ويدفع بغير هؤالء وأولئك إلى تفضيل الفروق والتلوينات األدبية ,وهلمجرا .وقد تمخض عن
ذلك عدة مناهج في الترجمة لخصها لنا كل من نيوبرت وشريف
في كتابهما المعنون الترجمة وعلوم النص ,وهذه المناهج هي :النقدي ,والعملي ,واللغوي ,ومنهج لغويات النص ,والثقافي
االجتماعي ,والحاسوبي ,واللغوي النفسي .وقد درس المؤلفان هذه المناهج دراسة نقدية ,وخلصا إلى القول" :يمكن لكل منهج
من هذه المناهج أن يساهم في بناء نظرية أكثر طموحا وأكثر مالءمة وتكامال حول الترجمة من دون أن يتخلى عن وجهة
.نظره الخاصة " ()2
و مع ذلك ,إننا نرى اآلن أن معظم منظري الترجمة الذين ينتمون إلى آفاق مختلفة ,ويتباينون في ما يستعملون من مصطلحات,
وما يضعون من تصنيفات ,يتفقون في الجوهر ,على اعتبار الترجمة ظاهرة واحدة وفريدة ,وإن تعددت وجوهها ,فهي في
:نظرهم ,نظرية
,أ -تتلخص في تحوير جوهر النص الذي يشتمل على عناصر داللية وأسلوبية
وليس غريبا أن يكون الباحثون الذين احتاروا في أمر هذه الظاهرة وتعقدها ,هم البادئون إلى تفكيكها ,وليس غريبا أيضاً ,أن
يحاول المختصون في علوم أخرى ,كاللسانيات واإليناسة بصفة عامة ,تحليل بعض جوانب هذه الظاهرة .إال أن علم الترجمة
.صار يحدد موضوعه ,وينشئ مناهجه الخاصة به ,مرتقيا ,بالتدريج ,إلى مرتبة تخصص علمي قائم بذاته traductologie
.وسوف نحاول في السطور التالية أن نعرض ألهم النظريات في الترجمة ,السيما النظرية اللغوية والنظرية التفسيرية
يعتبر كل من فيدروف وفيني وداربلنيه ومونان وكاتفورد كما ذكرنا من أوائل من دافع عن النظرية اللغوية في الترجمة التي
تفترض أن النص الذي يترجم يتكون من الكلمات ,وأن هذه الكلمات هي المادة الموضوعية الوحيدة التي تتوفر بين يدي
نسبة إلى سوسور( المترجم الذي يقوم عمله على ترجمة هذه الكلمات ,ويركز انتباهه على اللغة بمعناها السوسوري
Saussure).
يرى فيدروف أن عملية الترجمة عملية لغوية في المقام األول ,وأن كل نظرية في الترجمة يجب أن تدرج في عداد المواد
اللسانية .ويطالب فيني وداربلنيه بإدراج الترجمة في إطار اللسانيات ,ويقترحان سبع طرق للترجمة وهي االقتراض أو الدخيل,
والنسخ ,والترجمة الحرفية ,والتحوير ,والتكييف ,والتعادل ,والمالءمة أو التصرف ,ويميزان تمييزاً واضحا ً بين الفرنسية
واإلنجليزية .والواقع أن األسلوبية المقارنة التي يقترحانها هي مادة تلي الترجمة والتسبقها ,واليمكن بالتالي أن تكون طريقة
.لها
أن "الترجمة احتكاك بين اللغات ولكنها حالة قصوى من االحتكاك يقاوم فيها المتكلم ثنائي اللغة كل انحراف عن المعيار
اللغوي ,وكل تداخل بين اللغتين اللتين يتناوبهما" ,ويقترح أن "تدرس اللسانيات المعاصرة مسائل الترجمة بدال من أن تبقى
الترجمة وسيلة إيضاح لبعض المسائل اللسانية" .ويجيب مونان في الفصل الثاني عن السؤال التالي :هل الدراسة العلمية لعملية
الترجمة جزء من اللسانيات؟ 4وتبدأ إجابته بعرض الخالف بين المترجمين الذين يقولون إن الترجمة فن ال ينحصر داخل حدود
اللسانيات ,وبين اللسانيين الذين يدعون إلى اعتبار عملية الترجمة عملية لسانية في المقام األول ,ويتخذ موقفا توفيقيا بين
.الطرفين فيقر بأن الترجمة "فن كالطب ,ولكنها فن مبني على علم" ( )3هو علم اللسانيات
وأما كاتفورد فإنه يضع الترجمة في كتابه نظرية لغوية في الترجمة في إطارها الصحيح ,وذلك على مستويين :مستوى اللغة
الصرف ,ومستوى التعبير الكالمي .فهو يهتم على المستوى اللغوي الصرف بجميع مكونات النص ,من صوت وحرف وكلمة
وعبارة ,إال أنه يتجاوز ذلك إلى مستوى المعنى الذي تهدف إليه العبارة ,وقد توصل إلى نتيجة في غاية األهمية ,تضع الترجمة
بين حدين رئيسين :الحد األصغر ,وهو السمة ,والحد األكبر وهو المعنى ,يؤطرهما مفهوما التكافؤ والتناظر اللذان بدونهما ال
تبلغ عملية الترجمة درجة الكمال ,إال أن هذه العملية ليست نقال على المستويات المفرداتية والمعجمية بقدر ماهي "استبدال"
لنص كتب في لغة معينة بنص آخر كتب في لغة أخرى .يقول كاتفورد " :إنه من الضروري لنظرية الترجمة أن تستند إلى
.نظرية في المعنى .ومن دون نظرية كهذه تظل عدة مظاهر محددة وهامة في عملية الترجمة غير قابلة للمناقشة"()4
ومن الذين أكدوا على على أهمية نقل المعنى وضرورة إعطائه األولوية على سائر العناصر األخرى نايدا الذي ساهم في
تطوير نظرية المعادل الديناميكي ,حيث يرى أن طبيعة الترجمة تقوم على إعادة إنتاج الرسالة بأقرب معادل لها في لغة الهدف
وذلك في ما يتعلق بالمعنى واألسلوب ,ويعني بذلك أن يسعى المترجم إلى إيجاد معادل للنص األصلي وليس إلى إيجاد نص
Peterمطابق له ,ذلك ألن اللغات 4تختلف في وسائل تعبيرها ,واليمكن أن تتطابق تطابقا كامال .ويعتبر بيتر نيومارك
A Textbook ofأيضا من أنصار النظرية اللغوية بدفاعه عنها دفاعا قويا في كتابه المعنون كتاب في الترجمة Newmark
وقوله" :نترجم الكلمات 4ألن ليس هناك شيئ آخر نترجمه ,ال يوجد على الصفحات سوى الكلمات ,فقط Translation ,
.الغير"()5
ويرى نيومارك أن اهتمام نظرية الترجمة ينصب بشكل رئيس على طرائق الترجمة التي تناسب أكبر عدد ممكن من أنواع
نصوص الترجمة أو فئاتها ,وأنها تقدم لنا إطار عمل من المبادئ والقواعد المحددة والتلميحات لترجمة النصوص ولنقد
الترجمات ,أي أنها تقدم لنا خلفية لحل المشكالت المتعلقة بالترجمة .و تبين لنا النظرية أساليب الترجمة الممكنة وتقدم الحجج
المؤيدة أو المعارضة الستخدام ترجمة بدال من أخرى في سياق معين .ويضيف أن نظرية الترجمة تعنى بالخيارات
والقرارات ,وليس بآليات أي من اللغتين ,وتحاول تقديم أفكار مفيدة حول العالقة بين الفكرة والمعنى واللغة ,وحول المظاهر أو
الجوانب العالمية والثقافية والفردية للغة والسلوك ,أي فهم الثقافات ,وحول تفسير النصوص التي يمكننا توضيحها بل وحتى
استكمالها 4أو اإلضافة إليها عن طريق الترجمة .وهكذا نجد أن نظرية الترجمة تغطي مجاال واسعا وتحاول دائما أن تثبت
فائدتها ,وأن تعين المترجم بتحفيزه على الكتابة بشكل أفضل وعلى اقتراح النقاط المتفق عليها حول مشكالت الترجمة العامة,
"فاالفتراضات واألفكار حول الترجمة التنبع عادة إال من الممارسة ,كما يجب أال تطرح هذه المقترحات واألفكار دون أمثلة
.من نصوص أصلية مع ترجماتها"()6
ويقترح نيومارك عددا من المعايير واألولويات لتحليل النص مثل الغرض من النص أو نواياه ,ونوايا المترجم ,والقارئ وجو
النص ,ونوعية كتابة النص وسلطته ,ويذكر (ص ) 49-48المعايير التي يطبقها منظر الترجمة على ترجمة كل نوع من أنواع
النصوص ,ثم يقترح (ص ) 50طريقتين للترجمة تناسبان أي نص ,وهما "الترجمة االتصالية ,حيث يحاول المترجم أن يعطي
لقراء اللغة الهدف نفس التأثير الذي يعطيه األصل لقراء اللغة المصدر ,والترجمة الداللية ,حيث يحاول المترجم في حدود
.القيود النحوية والداللية للغة الهدف أن يعيد تقديم المعنى السياقي الدقيق للمؤلف" ,ويعقد بينهما مقارنة مطولة
ويبدو أن عدم دقة المصطلحات ووضوحها عند نيومارك ,وبخاصة عند محاولة التمييز بين الترجمة الداللية والترجمة
التواصلية جعلنا نصاب بالحيرة وصعوبة ما يقصده على وجه الدقة ,وأن أبرز ما يميز الترجمة التواصلية عن الترجمة الداللية
الذي سبقه في تبني هذا المبدأ .يرى نيومارك أن الترجمة التواصلية Kollerهو مبدأ "التأثير المعادل" ,موافقا في ذلك كولر
تحدث في قرائها أثرا يعادل األثر الذي يحدثه النص األصلي في قرائه ,وذلك من خالل مالحظة السياق الذي يدور عليه
المعنى األصلي ,بينما تهدف الترجمة الداللية إلى نقل البنى والدالالت المعجمية لأللفاظ من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف وهو
ما تقوم به المعاجم على اختالف أنواعها .و لتبسيط الفرق بين الترجمتين يقدم نيومارك مثاال بترجمة عبارة كتبت باللغة
) ( Hund Bissigerاأللمانية
فإننا نقدم ترجمة تواصلية " Beaware of dog ,فعندما نقول "احترس من الكلب ( Chien méchant ) ,أو باللغة الفرنسية
فإننا نترجم أو نعبر " Savage dogأو بـ" كلب متوحش " bites Dog thatبينما إذا ترجمنا العبارة نفسها &بـ " كلب يعض
دالليا .وعلى الرغم من أن الترجمة الداللية تعطي "معلومات أفضل ولكنها أقل فعالية وتأثيرا " من الترجمة التواصلية,
فالترجمة األولى للعبارة " أسلس أسلوبا وأكثر بساطة ووضوحا ً " بالنسبة إلى القارئ أو السامع من الترجمة الداللية (ص
.) 83وبشكل عام ,يعتقد نيومارك أن أغلب النصوص تتطلب ترجمة تواصلية ,ال داللية ,فمعظم الكتابات غير "األدبية"
والصحافة والمقاالت والكتب اإلعالمية والكتب الدراسية والتقارير والكتابة العلمية والتقنية والمراسالت غير الشخصية
والدعاية السياسية والتجارية واإلعالنات العامة والكتابات المقننة والقصص الجماهيرية ,كل هذه تشكل حسب اعتقاده مادة
نموذجية للترجمة التواصلية ,بينما تتطلب الكتابات اإلبداعية التي تكون لغة الكاتب أو المتكلم فيها أهم من محتوى كالمه -
سواء كانت فلسفية أو دينية أو سياسية أو علمية أو فنية أو أدبية -ترجمة داللية تكون قريبة ما أمكن إلى أبنية األصل المعجمية
.والنحوية( ص)92
الترجمة فن لكنها فن يقوم على العلم .ويرى البعض أن هذا العلم هو علم اللغة أو اللسانيات ,وأن من أوضح تطبيقات اللسانيات
الحاسوبية محاولة تطوير أداة لترجمة آلية ,وأننا نعيش اآلن بداية ثورة ستغير العالم :ستقربنا تكنولوجيا الترجمة اآللية بصورة
كبيرة من إيجاد نظام اتصاالت عالمي ,مع المحافظة 4في الوقت نفسه على ثراء التنوع اللغوي والثقافي وثرائه .وتتمثل أداة هذا
التحول في نظام الترجمة اآللي التزامني
تعتبر . ESITومن النظريات المهمة في الترجمة النظرية التفسيرية التي تدرس في المدرسة العليا للترجمة الفورية والتحريرية
النظرية التفسيرية الترجمة حلقة من سلسلة التواصل التي تقيم عالقة بين مؤلف النص األصل من جهة وقارئ النص المترجم
تتصف الترجمة التفسيرية بثالث مراحل ترد ضمن تسلسل " Marianne Lederer:من جهة أخرى .تقول ماريان لوديرير
اتفاقي تقريباً ,وغالبا ً ما تكون متداخلة وغير متتابعة ,ولكننا نستطيع تقديمها بشكل منفصل لتسهيل العرض :فهم المعنى –
تعريته من ألفاظه األصلية -إعادة التعبير" ( .) 8إن المرحلة المتوسطة ضرورية لتجنب المنامطة (الترجمة اللغوية) والمحاكاة
في المثال ( liberatedالترجمة الحرفية) .ومن األمثلة التي تسوقها لوديرير عن منامطة الكلمات والجمل كلمة
Behind every liberated woman, there is another woman who has to do the dirty work for her,
She always knows where hisحيث يؤدي عدم تعرية المعنى من ألفاظه األصلية إلى مشكلة في التعبير ,والجملة
shirts are
التي يؤدي فيها عدم تعرية المعنى من ألفاظه األصلية أيضا إلى الترجمة الحرفية .وترى لوديرير أن مسألة تعرية المعنى من
ألفاظه األصلية مسألة منهجية ,وأن الذين ال يدركون ضرورتها تصبح مهمتهم صعبة " :إما أنهم يكتبون ترجمتهم من دون أن
تفارق أعينهم النص األصل ,وإما أنهم اليصيغون جملتهم صياغة ذهنية قبل أن يسجلوها على الورق ,وتكون النتيجة أكثر
رعونة إذا عبروا عن فكرة متحررة كليا من غطائها اللفظي" .وتوضح لوديرير هذه النقطة بالجملة
) ( He starts screaming he didn't marry a woman who would ignore her house and children
التي أدت إلى عدد كبير من األخطاء ,وكان ينبغي من أجل التعبير عنها أن يتم فهمها بعيدا عن البنية اللغوية كما في الترجمة
:التالية
Il pousse les hauts cris en disant que sa femme abandonne ses enfants et son foyer et qu'il ne
إن المترجم يفسر كلمات 4النص األصلي من أجل فهم معناه ,ثم يعيد صياغته لينتج نصا ثانياs'est pas marié pour ça. ,
يكون تاثيره على القارئ الجديد هو نفس تأثير النص األول على قرائه .فإذا كان هدف الترجمة ,حسب النظرية اللغوية هو
القول ,فإنه حسب 4النظرية التفسيرية ,معنى القول":إن المعنى ,بسيطا كان أم معقدا ,هو الغاية التي تسعى اللغة إلى بلوغها,
.وهو العنصر الرئيس للعالقات بين البشر ,وهو أيضا الهدف الذي ترمي إليه الترجمة"()9
زد على ذلك أن النظرية اللغوية تعتبر أن النص وحدة مغلقة ذات بعد واحد .يتألف النص من مجموعة من الكلمات 4المتتالية
التي تعطي التراكيب التي تؤدي بدورها إلى الجمل .فالنص عبارة عن سلسلة من الجمل .وبالمقابل ,يؤخذ النص في النظرية
التفسيرية بديناميكيته ,أي باعتباره وحدة مفتوحة ذات أبعاد ثالثة :البعد األفقي (البعد األول) الذي تمنحه إياه النظرية اللغوية,
والبعد العمودي (البعد الثاني) المتمثل في ارتباط األفكار والحجج التي يعرضها ,والبعد العرضي (البعد الثالث) المتمثل في
عالقة النص بنصوص أخرى وفي انتمائه إلى نوع معين .وهكذا نجد أن موقف النظرية اللغوية من النص موقف وضعي ,فهي
تتخذه حقال لبحثها وتعتبره وحدة مغلقة بعيدة عن عين المراقب ومستقلة استقالال كليا عنه ,بعكس النظرية التفسيرية التي
تتطلب مشاركة 4المراقب القارئ في النص وذلك عن طريق تفسيرة لما وراء القول وتكيفه مع النص ,إذ ال وجود للنص
المكتوب من دون تدخل هذا القارئ المراقب الذي يستطيع إظهار المعنى من خالل التفسير ,والوجود للنص الذي سيكتبه إن لم
يأخذ بعين االعتبار القارئ الذي يتوجه إليه بدوره ,أي في بعده التواصلي .فالترجمة ال تتطلع إلى تحقيق المطابقة في التركيب
بين األصل وترجمته ,وإنما "إلى تحقيق المطابقة في التأثير على القارئ .و من أجل الحصول على هذه المطابقة "ال بد من
.تكيف ثقافي في الترجمة يسد الفوارق في رؤية العالم بين مجموعة قراء النص األصل وجمهور الترجمة الجديد" ()10
سبق أن قلنا إن الصعوبات في الترجمة تتنوع بتنوع النصوص المترجمة ,وإن النصوص تنقسم إلى قسمين :النصوص األدبية,
والنصوص العلمية أو المتخصصة .ينتج الفرق بين الترجمة األدبية والترجمة العلمية عن سببين رئيسين :االختالف بين
النصوص األدبية والنصوص العلمية ,واالختالف بين طبيعة عمل المترجم األدبي وغايته وطبيعة عمل المترجم العلمي
وغايته .فغاية 4المترجم األدبي غاية جمالية .أما المترجم العلمي فليست غايته غاية جمالية ,وتغلب على عمله الغاية وليس
الوسيلة ,إذ إنه يسعى إلى نقل المعلومات ,وإلى الموضوعية والتزام الدقة المتناهية واألمانة في التعبير عن الفكرة التي يريد
توصيلها ,مع مراعاة ترتيب عناصر النص بالطريقة التي رتبت فيها في األصل حتى لو تنافى ذلك مع جمال األسلوب ومنطق
اللغة التي ينقل إليها ,ويستخدم األرقام والرموز والمصطلحات والمختصرات التي تصيب الهدف بشكل مباشر .يجب أن تكون
لغة المترجم العلمي لغة علمية من حيث المبنى والمعنى ليتمكن من النقل من لغة إلى أخرى ,بل إن األمر يحتاج أحيانا إلى
التخصص في المادة التي ينقل منها وإليها ,أي إلى اإلطالع والبحث والتوثيق ,وهو ما قادتنا إليه طبيعة معظم النصوص
العلمية التي قمنا بترجمتها .فالمترجم ,مهما 4بلغت درجة ثقافته ,ال يمكن أن يكون متخصصا بجميع المواضيع ,لذا يجب عليه
أن يبحث عن المعلومات التي تنقصه بالتوثيق في المجال الذي يعالجه النص ,وفي لغتي األصل والهدف ,ليكتشف كيفية
الحديث عنه ,وليفهم ,بمعنى آخر ,النص األصل من جهة ,والمصطلحات والتراكيب الالزمة إلنتاج الترجمة من جهة أخرى.
ترى سيلفيا غاميرو بيريز أن النصوص المتخصصة تتميز أساسا 4باستعمال ما يسمى لغات التخصص ,وتحدد خمسة مستويات
من المهارات يجب أن يتمكن منها المترجم المحترف ,وهي معلومات حول المجال الموضوعاتي ,و امتالك المصطلحات4
الخاصة ,والقدرة على االستنتاج المنطقي ,والتعرف على أنواع النص وأجناسه ,والقدرة على اكتساب الوثائق .)11( .ويرى
البعض أنه يمكن الحصول على الوثائق من المصادر التالية :المختصرات ,والموسوعات ,ومختصرات دراسة األسلوب
وتحرير النصوص ,والمجالت العامة ,والمجالت المتخصصة ,ومجالت ملخصات األبحاث ,ومحاضر المؤتمرات,
.وأطروحات الدكتوراه والماجستير ,والتشاور مع المختصين ,وأنشطة المختصين()12
إن المترجم العلمي يواجه يوميا لغات متخصصة وكما هائال من المصطلحات ,ويحتاج إلى إيجاد أو وضع مقابل لها في اللغة
التي يترجم إليها ,ولهذا يتعين عليه االستعانة بالمعاجم العلمية المتخصصة من أجل التحقق من انتماء المصطلحات التي
يستخدمها إلى العلم الذي ينتمي إليه النص ,وقد تسعفه المعاجم 4والقواميس في ذلك وقد تخذله ,وربما يسأل أهل العلم
واالختصاص أو يضطر إلى وضع ما يقابلها .وإن لكل لغة علمية أو مختصة مصطلح وأسلوب خاصين بها ,فالمترجم العلمي
العربي يواجه في كثير من األحيان نصوصا حررها مختصون يستخدمون للحديث عن مجال تخصصهم أداة مفهومية يرون
أنها ضرورية لنجاح تحليلهم ,ويلجؤون أيضا إلى عبارة مختصة توفر للمعلومة العلمية الصرامة المطلوبة .ترى فائزة القاسم
أن المترجم إلى اللغة العربية يتعرف خالل مرحلة كتابة النص ثغرات معجمه 4فيلجأ إلى الخطوات التالية :العمل على النص
الذي يحاول فيه المترجم امتالك األدوات المفهومية ,وتحمل توقعات المتلقي األخير الذي يضيف فيه معلومات لتأمين وضوح
الرسالة ,ويعد بالغة تقنية تنم عن نظام متكامل من اإلحاالت الثقافية ليجعل الرسالة مفهومة لدى جمهور كبير ,ومسار المترجم
الذي يلجأ فيه إلى الصياغات الجديدة بطريقة النسخ عن األصل األجنبي ,وإلى استخدام مصطلحات اللغة الدارجة لتسمية مفاهيم
غير معروفة وابتداع المصطلحات مع مراعاة قوانين اللغة العربية الفصحى ,وإلى التأويل /الشرح ,والنحت ,والمنهجية
المناسبة التي تتضمن معرفة 4الموضوع ,واالستعداد للتحليل والتركيب ,والفهم الجيد للغة األجنبية ,وإجادة استخدام اللغة األم,
.وإنشاء بطاقات 4مصطلحية ()13
ومن البدهي أن سعي المترجم العلمي يحد كثيراً من حريته في التعامل مع النص ,ويطمس كل ما يدل على شخصيته .غير أن
التزام الدقة المتناهية شرط من شروط الترجمة العلمية .ويكفي البرهنة على ذلك أن نذكر النتائج التي قد تترتب على الترجمة
الخاطئة لبعض الرموز أو المصطلحات العلمية أو المعادالت الكيميائية أو الرياضية أو لطريقة تركيب دواء ما أو لطريقة
.تشغيل جهاز كهربائي ما
أما المترجم األدبي فإنه يتمتع بقدر كبير من الحرية في التعامل مع النص الذي يترجمه ,ويستطيع ,على الرغم من مراعاته
.الدقة واألمانة في الترجمة ,أن يحذف شيئا هنا ويضيف شيئا هناك البل أن يركب الكالم وفقا للغة وقواعدها ()14
إن المترجم األدبي والمترجم العلمي مدعوان دائما إلى أن يكونا وفيين أمينين للنص األصلي ,أي إلى تقديم نص مشابه ما
أمكن ,بحيث يتوهم قارئ الترجمة أنه أمام النص األصلي ال أمام ترجمته ,أي أمام تعبير تلقائي وواضح ,إذ إن الترجمة ,أو
غايتها هي إعفاء القارئ من قراءة األصل ,وهي أيضا العلم والفن الضروريان لتجاوز التناقض الكامن بين متطلبات األمانة
ومتطلبات الصياغة المبدعة ,بين نص النص وحرفيته من جهة وبين مغزاه وداللته وروحه من جهة ثانية .ولذلك فإن خيانة
المترجم األدبي ,ليست خيانة طوعية بقدر ما هي خيانة جبرية تفرضها طبيعة النص األدبي والشعري على وجه الخصوص,
وإنها قد تتكرر في كل نوع من األنواع األدبية ألنها تلتقي عند انطالقها من تجربة ذاتية مكثفة ,وظروف معينة ,وبيئة خاصة,
.وثقافة مميزة
و أما صعوبة ترجمة النصوص العلمية والمتخصصة فتكمن في موضوع التخصص ,والمصطلح ,وقواعد اللغة واألسلوب,
.فهي نصوص جافة تخلو من الجماليات والتنميق والزخرفة خشية ضياع المعنى
إن ترجمة المصطلح في غاية الصعوبة ألنها ليست محصورة فقط في ابتكاره ,وإنما أيضا في تعدد المصطلحات للمرجع
الواحد وذلك حسب 4نوعية النص العلمي والتقني الذي سنترجمه أوال ثم ألن هذه المصطلحات قد تكون في النص المصدر الذي
إلى العربية ,وفي االختيار بين Ordinateurوردت فيه مصطلحا مترجما من لغة أخرى ثانياً ,فكم من مرة ترددنا في ترجمة
"رتابة" و"منظملة" و "حاسب" 4و"حاسوب" و" كومبيوتر" .وكم من مرة شعرنا بأن الكلمات في بعض النصوص العلمية
مستهجنة ألنها هجينة بالفعل ,ألنها ألفاظ التينية كتبت بأحرف عربية تخلو كليا من أي معنى يتصل باللغة أو بالمادة التي نترجم
منها ,فقد باتت والدة المصطلح العلمي العربي رهينة بوجود المصطلح الغربي ,وأمسى تداول المصطلحات العربية والخطاب
العلمي بين المختصين مرتبطا بدرجة تمكن المتلقي من المصطلحات الغربية ومفاهيمها وهذا ينم عن أمرين اثنين " :أولهما أن
الجهاز المصطلحي العربي يكاد يكون غربيا في مفاهيمه وشبه عربي في صياغته ,وثانيهما أن مهمة الفكر العربي ظلت
منحصرة في محاولة استيعاب المفاهيم العلمية الغربية ونقلها إلى العربية في صورة قوائم مفردات جلها معرب تعريبا صوتيا
ال أقل وال أكثر"( ) 15وقد زادت المعاجم المتخصصة هذه المشكلة تعقيدا بسبب عدم شمولية هذا المعجم أو اختالفه مع معاجم4
أخرى في اعتماد المصطلح أو بسبب عدم شرح المصطلح وعدم اختيار المقابل المناسب 4له أو في تبنيه بعض الحلول الغريبة
وتهجين طرائق النقل الذي = aurique) ,ذهبيك( كالنسخ البنيوي الذي يقوم على تركيب لغوي الوجود له في اللغة العربية
يقوم على مزج طريقتين مختلفتين من أجل نقل المصطلح العلمي الواحد ,ومن ذلك مزج النسخ الداللي والتعريب اللفظي ,كما
) autooxydation. (16والنسخ الداللي وتوليد كلمة جديدة ,كما في :تأكسد ذاتي antichlore ,في :مضاد الكلور
وهو علم أساسي في التوصل إلى ترجمة Terminologie ,إننا نفتقر نحن العرب إلى دراسة تقوم على علم المصطلح
.صحيحة دقيقة تنير القارئ عوضا عن تضليله أو إرباكه السيما في ما يتعلق بالنصوص العلمية والمتخصصة
و سنستعرض هنا الصعوبات والعقبات التي ينبغي على المترجم العلمي أن يذللها في أثناء القيام بترجمة النصوص الطبية
أو AIDSبوصفها مثال عن كل العلوم والصعوبات التي تواجه المترجم أثناء عملية الترجمة .يمكن القول إن كلمات مثل إيدز
لم تعد مستهجنة في اللغة العربية ألننا أصبحنا Parkinsonأو مرض باركنسون Alzheimerأو ألزهايمر SARSسارس
نستعملها بشكل دائم ,لكن ذلك الينفي وجود كلمات ومصطلحات أخرى بعيدة كل البعد عن استعمالنا اليومي .و إننا نصطدم في
عالمنا العربي بمشاكل "نحت المصطلح" ,فلغة االختراع هي لغة المخترع ,لذا ينبغي علينا أن نبحث عن مقابل في لغتنا يحمل
.معنى المصطلح في اللغة األصلية
إن الطب مثال جزء من حياتنا اليومية ,ويستهوي الكثير من الناس ,لذلك فإن لغته تتطلب وضوحا تاما في المقام األول ألن
الطب يعني من هم غير متخصصين في العلوم الطبية أيضا .ولهذا نرى أن اللغة الطبية لغة اتصال فعالة ,ومحددة ,وتخلو من
كل التباس ,وتلبس فيها الكلمة لباسا ً معنويا ً واحداً .ومع ذلك ,نقع أحيانا على كلمات أو مصطلحات أو رموز غامضة
.ومستهجنة
و ال بد أن المتابع للعلوم الطبية قد الحظ أن لغتها فرنسية كانت أو عربية تقع اليوم تحت تأثير الغزو اإلنجليزي ،ألن هذه اللغة
أصبحت اليوم لغة االتصال العالمي ,لذلك نرى أن بعض المصطلحات العربية مأخوذة عن اللغة اإلنجليزية كليا ً أو جزئياً.
ونعتقد أن المترجم الذي يدرك كل اإلدراك متطلبات هذه النصوص يقوم بخطوة واحدة على طريق األلف ميل .لذا ينبغي عليه
قبل البدء بعملية الترجمة أن يقوم بالبحث والتمحيص كي يلم بكافة 4المصطلحات ,وأن يفرق في استعمال اللغة استنادا إلى
الجمهور فيستعمل المصطلحات 4العامة إذا كان جمهوره من العامة والمصطلحات 4المتخصصة إذا كان جمهوره من النخبة
.المتخصصة
ومهما كان المترجم عالما بأمور الطب إال أنه ليس طبيبا ً ,لذا ينبغي عليه أن يقوم ببحث شامل مع كل نص طبي يترجمه,
ويعتبر خائنا للنص المصدر إن لم يقم بذلك ,بسبب عدم معرفته بأمور الطب أو ألن تحصيله أقل في هذا المجال مما جاء في
النص المصدر .ويعاني المترجم أيضا من تعدد معاني الكلمة الواحدة ,وعدم توافق الكلمات المستخدمة والسياق ,واالستعمال
الخاطئ لبعض المرادفات ,واستعمال المختصرات الفرنسية أو اإلنجليزية من دون تفسيرها ,واستعمال كلمات علمية لم يرد
ذكرها في المعاجم المتخصصة ,وذلك ألن اللغة في تطور دائم وألن وتيرة اإلكتشافات أصبحت يومية ,وهناك كلمات مستحدثة
.تولد وأخرى تموت كل يوم
زد على ذلك أن المترجم يصطدم بعقبة المعاجم التي كثيرا ما تشبه لوائح كلمات ترد فيها المعاني األجنبية مقابلة للمعاني
العربية من دون شرح أو تفسير ,والتي ليست دائما محط تحديث وتطوير أو التي نقع فيها على ترجمة حرفية أو على نقل
.للمصطلحات األجنبية بحروف عربية ال يمت فيها اللفظ إلى العربية بشيئ أو على بعض األخطاء العلمية واإلمالئية ()17
وقد تناول محمد المناصف قوائم المصطلحات الواردة في المعجم الموحد لمصطلحات علم الصحة وجسم اإلنسان من خالل
قواعد اختيار المصطلح العلمي التالية :مقاييس االختيار اللغوية (تجنب االقتراض ,ومقاييس بنيوية ,وتجنب الكلمات 4العامية ),
ومقاييس داللية (تفضل الكلمة الدقيقة على المبهمة ,وتفضل من بين المترادفات أو القريبة من الترادف اللفظة التي يوحي
جذرها بالمفهوم بصفة أوضح ,وتتجنب تعدد الدالالت) ,ومقاييس اجتماعية -لغوية (االستعمال ,واحتكاك العامية بالفصحى,
.وجمالية اللفظ) ()81
Gérardولحل مسألة المصطلحات الطبية يمكن أيضا العودة إلى المعاجم القديمة كما جاء على لسان جيرار تروبو
أو اعتماد indigestion ,بينما كانت تعني في القديم Choléraالذي اقترح كلمة هيضة التي تعني في أيامنا هذه Troupeau
وأخيرا وهو الحل = arthrite) ,إلتهاب المفاصل( كلمتين كي نعني كلمة واحدة وذلك لعدم وجود جذر في هذه الكلمات أي
ويبقى أن اختيار الكلمات أو = thyroxinemie.األخير واألكثر شيوعا استعمال الكلمة عينها في اللغتين تيروكسينيميا
المصطلحات المناسبة ,وفك الرموز ,وتفسير المختصرات ال تمثل كل العقبات التي يصطدم بها المترجم أثناء الترجمة,
فاليكفي أن يعرف ماذا ينبغي عليه أن يقول بل عليه أن يعرف أيضا كيف يقوله ,فترجمة النصوص الطبية أو العلمية ممكنة,
بشرط أن تقوم على أسس كتابة النص الطبي ,وهذا األخير ليس سوى مثل عن كل العلوم والصعوبات التي يعاني منها المترجم
أثناء عملية الترجمة .وعلى الرغم من كل التطورات التي طرأت على ميدان الترجمة وتقنياته يبقى المترجم عنصرا ال يمكن
.االستغناء عنه فهو من يقوم بالخيار الصحيح والصياغة المطلوبة
إننا نرى في الترجمة فنا ,و علما ,وتطبيقا .فالترجمة موهبة ,وممارسة ,وحرفة ,وبحث .الترجمة فن وحرفة وهذا ما تؤكده
المقاالت والكتب العديدة التي تصدر باللغات العربية واألجنبية ,والتي تحمل عنوان "فن الترجمة" أو "حرفة الترجمة" .و قد
عدها بعض الكتاب فنا وحرفة في آن واحد ( .) 19الترجمة ,على حد قول الدكتور محمد عناني " ,فن تطبيقي" ,أي حرفة ال
تتأتى إال بالتدريب والمران والممارسة " ,استنادا إلى موهبة" ,وربما كانت لها جوانب جمالية وإبداعية ( ,)20ألن اإلبداع هو
أهم عنصر في الفن .وهذا يعني أنه ال يمكن ألستاذ في اللغة واألدب ,أو في كليهما ,أيا كان حظه من العلم بالفرنسية أو العربية
(بل أيا كانت معرفته بنظريات اللغة ) أن يخرج لنا نصا مقبوال مترجما عن إحدى اللغتين دون "ممارسة طويلة للترجمة" .فال
توجد في رأينا طرق مختصرة لإلجادة في الترجمة ,فال كتب المتخصصين التي أشرنا إلى بعضها هنا ,وال الكتب العامة ,وال
هذه الدراسة بمغنية عن الممارسة والخبرة .وأقصى ما نستطيع أن نفعله -نحن المدرسين والمترجمين -أن ننقل بعض علمنا
وخبراتنا إلى طالبنا ,وأن نقدم لهم بعض الحلول التي اهتدينا إليها أو اهتدى إليها جيلنا ,والتي سوف تمسها 4يد التعديل مع التقدم
والتطور الحضاري ,إذ ليس هناك حل وحيد صحيح أو ترجمة وحيدة صحيحة ,فالنص نفسه قد يترجم عدة مرات ,العتبارات
.متعددة منها رداءة بعض الترجمات ,وتطور العلوم اإلنسانية واللغوية ,والفائدة المضاعفة