You are on page 1of 15

‫فهوم الغربة واالغتراب عبر العصور األدبية لدى شعراء العربية‪:‬‬

‫"المي‬ ‫ِ‬ ‫صداه عند كث""ي ٍر من ال ُّ‬


‫المس""لمين على َم""دار التَّاريخ اإلس" ِّ‬ ‫ش"عراء ُ‬ ‫ظل مفهوم الغربة يتردَّد َ‬ ‫لقد َّ‬
‫ش "اعر المس""لِ ُم بالوحش""ة والغُرب""ة‪ ،‬فيع""زف على‬ ‫ت واقع "ةٌ يَ ْش "عر فيه""ا ال َّ‬ ‫كلَّم""ا حلَّت نكب "ةٌ‪ ،‬أو َ‬
‫وقع ْ"‬
‫صو ًرا حاله أو حال َّأمتِه إبَّان نَ ْكبة من النَّكبات‪ ،‬أو ُملِ َّمة من َّ‬
‫الملمات‪.‬‬ ‫أوتار ِشع ِره ُم ِّ‬
‫‪ ‬‬
‫الرؤي ""ة لمفه ""وم الغرب ""ة في ِش " ْعرنا‬
‫ونض ""رب هن ""ا أمثل""ةً نُ ""دلِّل به ""ا على امت ""داد ه ""ذه ال " ُّ"روح وه ""ذه ُّ‬
‫الرؤية الشعريَّة وال َفنِّية في ِّ‬
‫الشعر اإلسالمي‪.‬‬ ‫القديم؛ تأكي ًدا وتَمثيالً لهذه ُّ‬
‫‪ ‬‬
‫أبيات مالك بن الريب التَّميمي التي كتَبَها َي ْرثي به"ا ن ْف َس"ه‪ ،‬ويش""كو غربتَ""ه وه""و يَم"وت‬
‫ومن ذلك ُ‬
‫ص"حراء غريبً"ا وحي" ًدا‪ ،‬يق""ول مال"ك بن‬
‫غريبًا وحي ًدا؛ حيث ال يَراه أهلُه وال أبن""اؤه‪ ،‬ب"ل يف""رد في ال َّ‬
‫التميمي في قصيدته تلك‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫الريب‬
‫َي ُقولُو َن ال َت ْبعُ ْد َو ُه ْم يَ ْدفِنُونَنِي‪ ‬‬
‫الب ْع ِد إِالَّ َم َكانِيَا‪ ‬‬
‫َوأَيْ َن َم َكا ُن ُ‬
‫ف َن ْف ِسي َعلَى غَ ٍد‪ ‬‬ ‫غَ َداةَ غَ ٍد يَا ل َْه َ‬
‫ت ثَا ِويَا‪ ‬‬ ‫َجوا" َعنِّي َو َخلَّ ْف ُ‬ ‫إِذَا أَ ْدل ُ‬
‫يف َوتَالِ ٍد‪ ‬‬‫َصبح مالِي ِمن طَ ِر ٍ‬
‫ْ‬ ‫َوأ ْ َ َ َ‬
‫س َمالِيَا[‬ ‫لِغَْي" " ِري‪َ ،‬و َك""ا َن ال َْم" ُ‬
‫"ال بِ ""األ َْم ِ‬
‫‪ ]1‬‬
‫‪ ‬‬
‫"دادي الَّتي تح""دَّث فيه""ا عن غُربت""ه في بالد األن""دلُس بع""د أن ت" َ‬
‫"رك‬ ‫وك""ذلك قص""يدة ابن ُز َري""ق البغ" ِّ‬
‫للرزق ومات" غريبًا باألن"دلس بع"د أن ت"رك قص"يدة هي من عي"ون ال ِّش"عر الع"ربي‪ ،‬يق"ول‬ ‫بغداد طلَبًا ِّ‬
‫أجلِه‪:‬‬ ‫في َّأولِها ِ‬
‫َم به المرض وأقع َده‪ ،‬وشعر بِ ُد ِّنو َ‬ ‫مخاطبًا زوجته بعد أن أل َّ‬
‫ْل يُولِعُهُ‪ ‬‬ ‫ِِ ِ‬
‫الَ َت ْعذليه فَِإ َّن َ‬
‫العذ َ‬
‫س يَ ْس َمعُهُ‪ ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ًّ‬
‫قَ ْد ُقلْت َحقا‪َ ،‬ولَك ْن ل َْي َ‬
‫ت فِي ل َْو ِم ِه َحدًّا أ َ‬
‫َض َّر بِ ِه‪ ‬‬ ‫جاو ْز ِ‬
‫ََ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫َّرت أَن الل ْو َم َي ْن َفعُهُ‪ ‬‬ ‫ث قَد ْ‬ ‫ِم ْن َح ْي ُ‬
‫الرفْ َق فِي تَأْنِيبِ ِه بَ َدالً‪ ‬‬ ‫اسَت ْع ِملِي ِّ‬ ‫فَ ْ‬
‫وجعُ" ""هُ[‬
‫ْب ُم َ‬ ‫ض " "نَى ال َقل ِ‬ ‫ِم ْن َعذْلِ" " ِ"ه‪َ ،‬ف ْ"ه" َ"و ُم ْ‬
‫‪ ]2‬‬
‫‪ ‬‬
‫إلى أن يقول في بعض أبياتها‪:‬‬
‫اد لِي‬
‫أَ ْس" " " " " "َت ْو ِدعُ" اهللَ ِفي َب ْغ" " " " " " َد َ‬
‫قَ َم ًرا‪ ‬‬
‫"ك األَ ْز َرا ِر‬ ‫بِ" " " " " " ""ال َكر ِخ ِمن َفلَ" " " " " " " ِ‬
‫ْ ْ‬
‫َمطْلَعُهُ‪ ‬‬
‫َو َّد ْعتُهُ َوبُِودِّي ل َْو ُي َودِّعُنِي‪ ‬‬
‫"اة َوأَنِّي الَ أ َُودِّعُ " ""هُ[‬ ‫ص" " " ْفو الْحي " " ِ‬
‫َ ُ ََ‬
‫‪ ]3‬‬
‫‪ ‬‬
‫وهو على مدار القصيدة ي ْشكو حالَه‪ ،‬وي ِ‬
‫صف غربتَه بعي ًدا عن داره وأهله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬‬
‫الشعر العربي‪ ،‬نَ ِجد‬‫وعلى مستوى الغربة الشخصيَّة التي عبَّر عنها شعراء العربيَّة على مدار تاريخ ِّ‬
‫أبيات المتنبِّي التي يَ ْشكو فيها غربتَه بِ ِمصر بعد أ ْن َتر َك بالط سيف الدَّولة الحمداني‪ ،‬الذي ك""ان‬
‫بالنِّس""بة إلى المتنبِّي بِ َمثاب""ة البطَ""ل ال ""ذي يقتحم َّ‬
‫الملمات‪ ،‬ويُ ِّ‬
‫نكل باألع""داء‪ ،‬ثُم ه""ا ه""و ذا المتنبِّي‬
‫ض"ا من‬ ‫خفف بع ً‬ ‫صديق أو أنيس أو س"مي ٍر يُواس"يه ويُ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫صر دون‬‫ض مع غُربته وانفراده بِ ِم ْ‬ ‫المر ُ‬
‫يلم به َ‬‫ُّ‬
‫الح َّمى‪:‬‬ ‫ِ‬
‫هذه الغربة‪ ،‬يقول المتنبِّي ُمخاطبًا ُ‬
‫ت‪ ‬‬ ‫َّه ِر ِع ْن ِدي ُك ُّل بِْن ٍ‬ ‫ت الد ْ‬ ‫أَبِْن َ‬
‫ت ِم َن‬ ‫ْت أَنْ ِ‬ ‫"ف وص" " " " " " " " "ل ِ‬
‫فَ َك ْي " " " " " " " " َ َ َ‬
‫الز َح ِام‪ ‬‬ ‫َّ‬
‫َم َي ْب َق فِ ِيه‪ ‬‬ ‫ِ‬
‫َج َر ْحت ُم َج َّر ًحا ل ْ‬
‫س" " " َه ِام[‬
‫وف َوال ال ِّ‬ ‫س" " "ي ِ‬ ‫ِ‬
‫َم َك" ""ا ٌن لل ُّ ُ‬
‫‪ ]4‬‬
‫‪ ‬‬
‫"يدي يب""دأ القص""يدة ب" ِ"ذ ْكر غُربت""ه وبُع""ده عن أحبَّتِ""ه ‪ -‬في‬
‫"افورا اإلخش" َّ‬
‫وفي أبيات""ه ال""تي َهج""ا فيه""ا ك" ً‬
‫ف البال حزين‪:‬‬ ‫ويمر العيد وهو ِ‬
‫كاس ُ‬ ‫دولة الحمدانيِّين ‪ُّ -‬‬
‫ت يَا ِعي ُد‪ ‬‬ ‫ال عُ ْد َ‬ ‫ِعي ٌد‪ ،‬بِأَيَِّة َح ٍ‬
‫ض" " " " "ى؟ أ َْم أِل ْ"َم " " " " ٍر ِفي " " " " َ‬
‫"ك‬ ‫بِ َم" " " ""ا َم َ‬
‫تَ ْج ِدي ُد؟‪ ‬‬
‫أ ََّما األ َِحبَّةُ فَاْ َلب ْي َداءُ ُدو َن ُه ُم‪ ‬‬
‫"ك بِي " " ًدا ُدو َن َ"ه""ا بِي " " ُد[‬ ‫ت ُدونَ" " َ‬ ‫َفلَْي َ‬
‫‪ ]5‬‬
‫‪ ‬‬
‫أسيرا في أيدي األعداء‪ ،‬يُحيطون‬ ‫ِ‬ ‫على َّ‬
‫الفردي حينما يقع المسل ُم ً‬ ‫ِّ‬ ‫أن أعظم الغربة على المستوى‬
‫الزم""ان‪ ،‬لق""د وق""ع أب""و‬
‫هم الغرب""ة في المك""ان‪ ،‬وهم الغرب""ة في َّ‬ ‫"ل ج""انب‪ ،‬فيحم""ل َه َّم ْين‪َّ :‬‬
‫ب""ه من ك" ِّ‬
‫"يف الدول""ة راجيً""ا‬
‫أسيرا في أي""دي األع""داء‪ ،‬فكتب قص""يدته ال"تي يُخ""اطب فيه""ا س" َ‬ ‫الحمداني ً‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫فراس‬
‫وم ِّ‬
‫تذك ًرا أ َُّمه‪ُ ،‬مناجيًا إيَّاها في غربته‪:‬‬ ‫إيَّاه العمل على فَ ِّ ِ‬
‫َسر‪ُ ،‬‬
‫ك قيده وفدائه من األ ْ‬ ‫َ‬
‫َح ِملُ َها‪ ‬‬‫اد أ ْ‬ ‫يَا َح ْس َرةً َما أَ َك ُ‬
‫آخ ُر َها ُم ْز ِع ٌج َوأ ََّول َُها‪ ‬‬ ‫ِ‬
‫الش ِآم ُم ْف َر َدةٌ‪ ‬‬ ‫َعلِيلَةٌ بِ َّ‬
‫الع َدا ُم َعلِّلُ َها‪ ‬‬‫ات بِأَي ِدي ِ‬
‫بَ َ ْ‬
‫اء َها َعلَى ُح َر ٍق‪ ‬‬ ‫َح َش َ‬ ‫كأْ‬ ‫تُ ْم ِس ُ‬
‫وم" تُ ْش ِعلُ َها‪ ‬‬ ‫ِ‬
‫تُطْفُئ َها‪َ ،‬وال ُْه ُم ُ‬
‫ت َوأَيْ َن؟ أ َْو‬ ‫إِذَا اط َْم" " " " " " " " " " " " " " " " أَنَّ ْ‬
‫َت‪ ‬‬
‫َه َدأ ْ‬
‫َّت ل ََها ذُ ْك َرةٌ ُت َؤ ِّر ُق َها‪ ‬‬
‫َعن ْ‬
‫الر ْكبا َن ج ِ‬
‫اه َد ًة‪ ‬‬ ‫َل َعنَّا ُّ َ َ‬ ‫تَ ْسأ ُ‬
‫اد تُ ْم ِهلُ َها[‪ ]6‬‬ ‫بِأَ ْد ُم ٍع َما تَ َك ُ‬
‫‪ ‬‬
‫إلى أن يقول‪:‬‬
‫يَا أ َُّمتَا َه ِذ ِه َمنَا ِزلُنَا‪ ‬‬
‫َن ْت ُر ُك َها تَ َارةً َو ُن ْن ِزل َُها‪ ‬‬
‫يَا أ َُّمتَا َه ِذ ِه َم َوا ِر ُدنَا‪ ‬‬
‫َن َعلُّ َها تَ َار ًة َو َن ْن َهلُ َها‪ ‬‬
‫ب‪ ‬‬‫َسلَ َمنَا َق ْو ُمنَا إِلَى نُ َو ٍ‬ ‫أْ‬
‫أَيْس " " "ر َها فِي ال ُقلُ" " " ِ‬
‫"وب أَقَْتلُ َها[‬ ‫َ ُ‬
‫‪ ]7‬‬
‫‪ ‬‬
‫الهم والح""زن؛ فإنَّه""ا على المس""توى‬‫"ل ه""ذا ِّ‬‫"ردي تش" ِّ"كل ك" َّ‬
‫وإذا ك""انت الغرب "ةُ على المس""توى الف" ِّ‬
‫"المي م""ا ُس" ِّمي برث""اء الم" ُدن‪،‬‬
‫الن ْفس‪ ،‬وق"د ع""رف في الت"اريخ اإلس ِّ‬ ‫الجماعي تكون أش َّ"د وق ً‬
‫ْع"ا" على َّ‬ ‫ِّ‬
‫الشعراء عن النكبات ال""تي أص""ابت األ َُّمة اإلس""المية ِ‬
‫والم َحن‬ ‫عب َر أصحابُه من ُّ‬‫الشعر َّ‬‫وهو نوعٌ من ِّ‬
‫َ‬
‫عيش الغُرب""اء‪ ،‬وينك""ل بهم وت""راق دم""اؤهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الم ْخلص""ون يعيش""ون َ‬ ‫ت به""ا‪ ،‬فأص""بح أبناؤه""ا ُ‬‫التي حاقَ ْ‬
‫"دمر ال"بيوت‪ ،‬وته"دم المس"اجد‪ ،‬وتتك"الب النكب"ات القاس"ية والش"دائد‬ ‫وتُهتَك أعراض نس"ائهم‪ ،‬وتُ َّ‬
‫األمة‪ ،‬أو بطَ""ل من أبطاله""ا ك""ان يُمثِّل‬
‫عظيم من عظم""اء َّ‬
‫العظيم""ة على األ َُّمة‪ ،‬وك""ذلك عن""دما يُقت""ل ٌ‬
‫الرجاء‪.‬‬
‫لها أمالً‪ ،‬ويعقد عليه َّ‬
‫‪ ‬‬
‫ضا من األمثلة التي توضِّح جانِبًا من هذا الموضوع‪:‬‬
‫ونضرب هنا بع ً‬
‫أبيات لشمس الدِّين الكوفي بع"د ُس"قوط بغ"داد في أي"دي التَّت"ار‪ ،‬والَّتي يص"ف فيه"ا ح َ‬
‫"ال‬ ‫من ذلك ٌ‬
‫المس" ""لمين في بغ" ""داد وحوله" ""ا‪ ،‬وم" ""ا فع" ""ل التَّت" ""ار من س" " ٍ‬
‫"فك لل" ""دِّماء وتحري" " ٍ"ق لل" ""بيوت وال" ""دور‬
‫والمساجد‪ ،‬يَقول‪:‬‬
‫َّت َخط ُْب َها‪ ‬‬ ‫َما لِي َولِألَيَّ ِام َشت َ‬
‫َش ْملِي َو َخالَّنِي بِال ِخالَّنِي‪ ‬‬
‫ِ‬
‫ت الَ أ َْهلُ َها‪ ‬‬ ‫َصبَ َح ْ‬ ‫لمنَا ِز ِل أ ْ‬
‫َما ل َ‬
‫أ َْه ِلي َوال ِج َيرا ُن َها ِج َيرانِي‪ ‬‬
‫ين َع ِه ْد ُت ُه ْم َولِ ِع ِّز ِه ْم‪ ‬‬ ‫َّ ِ‬
‫أَيْ َن الذ َ‬
‫ان‪ ‬‬‫ذُالً تَ ِخ ُّر معاقِ ُد التِّيج ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫وم َم ِن اقْتَ َدى َف َعلَْي ِه ُم‪ ‬‬ ‫َكانُوا نُ ُج َ‬
‫ي ْب ِكي ال ُْه" " َدى و َش " "عائِر ا ِإليم" " ِ‬
‫"ان[‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫‪ ]8‬‬
‫‪ ‬‬
‫إلى أن يقول‪:‬‬
‫ْت أَبْ ِكي ِه ْم َوأَلْثِ ُم َو ْح َشةً‪ ‬‬ ‫َما ِزل ُ‬
‫لِجمالِ ِهم مَت َهدِِّم األَر َك ِ‬
‫ان‪ ‬‬ ‫ْ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫َحتَّى َرثَى لي ُك ُّل َم ْن الَ َو ْج ُدهُ‪ ‬‬
‫وج" " ِ‬
‫"دي‪َ ،‬والَ أَ ْش" " " َجانُهُ أَ ْش" " " َجانِي[‬ ‫َْ‬
‫‪ ]9‬‬
‫‪ ‬‬
‫المروعة‪ ،‬والَّتي مطلَعُها‪:‬‬
‫الرندي‪ ،‬في نَ ْكبة األندلس ِّ‬ ‫ِ‬
‫ومن ذلك قصيدة أبي البقاء ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ل ُك ِّل َش ْيء إِذَا َما تَ َّم ُن ْق َ‬
‫صا ُن‪ ‬‬
‫الع ْي ِ‬
‫ش‬ ‫يب َ‬‫فَالَ يُ َس " " " " " " " " " " " " " " " " َّر بِ ِط ِ‬
‫إِنْ َسا ُن‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫وفيها ي ِ‬
‫صف حال المسلمين في األندلس‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫َ‬
‫ْج ِز َيرةَ أ َْم ٌر الَ َع َز َ‬
‫اء لَهُ‪ ‬‬ ‫َد َهى ال َ‬
‫ُح ٌد َوا ْن َه َّد َث ْهالَ ُن‪ ‬‬ ‫َه َوى لَهُ أ ُ‬
‫الع ْي ُن ِفي ا ِإل ْسالَِم فَ ْار َت َزأ ْ‬
‫َت‪ ‬‬ ‫َص َاب َها َ‬ ‫أَ‬
‫حتَّى َخلَ ْ ِ‬
‫ار َو ُب ْل َدا ُن‪ ‬‬ ‫ت م ْنهُ أَقْطَ ٌ‬ ‫َ‬
‫ف‪ ‬‬ ‫ضاء ِمن أَس ٍ‬ ‫َتب ِكي ال ِ ِ‬
‫الب ْي َ ُ ْ َ‬ ‫ْحنيفيَّةُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْف َه ْي َما ُن‪ ‬‬ ‫اق ا ِإلل ِ‬ ‫َكما ب َكى لِِفر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلَى الدِّيَار م َن اإل ْسالَم َخاليَةً‪ ‬‬ ‫ِ‬
‫ت َول ََها بِال ُك ْف ِر عُ ْم َرا ُن‪ ‬‬ ‫قَ ْد أَ ْق َف َر ْ‬
‫س‬ ‫اج ُد قَ" " ْد ص " "ار ْ ِ‬ ‫ث الْمس " " ِ‬
‫ت َكنَ" ""ائ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َح ْي ُ َ َ‬
‫َما‪ ‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫صلْبَا ُن‪ ‬‬ ‫يس َو ُ‬ ‫فيه َّن إالَّ َن َواق ٌ‬
‫يب َت ْب ِكي َو ْه َي َج ِام َدةٌ‪ ‬‬ ‫َحتَّى ال َْم َحا ِر ُ‬
‫َحتَّى ال َْمنَابُِر َت ْرثِي َو ْه َي ِعي َدا ُن‪ ‬‬
‫ُس‪ ‬‬ ‫َع ْن َد ُك ْم َنبَأٌ ِم ْن أ َْه ِل أَنْ َدل ٍ‬ ‫أِ‬
‫يث ال َق ْوِم ُر ْكبَا ُن‪ ‬‬ ‫َف َق ْد سرى بِح ِد ِ‬
‫ََ َ‬
‫ض َع ُفو َن َو ُه ْم‪ ‬‬ ‫يث بِنَا ال ُْم ْستَ ْ‬ ‫َك ْم يَ ْستَ ِغ ُ‬
‫َق ْتلَى َوأَ ْس" " " " َرى فَ َم" " ""ا َي ْهَت" " " ُّ"ز إِنْ َس " " "ا ُن[‬
‫‪ ]10‬‬
‫‪ ‬‬
‫وفي رثاء قُرطبة يقول أبو عامر بن شهيد‪:‬‬
‫"ل بُ َك" ""اءُ‬ ‫فَلِ ِمثْ " " ِ"ل ُق ْرطُبَ " " ٍ"ة يَِق" " ُّ‬
‫َم ْن‪ ‬‬
‫َي ْب ِكي بِ َع ْي ٍن َد ْمعُ َها ُمَت َف ِّج ُر‪ ‬‬
‫ال اهللُ َع ْث َرةَ أ َْهلِ َها‪ ‬‬ ‫َد ٌار أَقَ َ‬
‫َفتََب ْر َب" " " " " " " " " " ُ"روا َو َتغَ َّربُ" " " " " " " " " ""وا‬
‫ص ُروا‪ ‬‬ ‫َوتَ َم َّ‬
‫‪ ‬‬
‫متحس ًرا على ما جرى لها‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫إلى أن يقول عن أهلها أيَّام نعمتها‬
‫ِ‬
‫صو ِر َها َو ُخ ُدو ِر َها‪ ‬‬ ‫يَا ط َيب ُه ْم بِ ُق ُ‬
‫صو ِر َها َتتَ َخد ُ‬
‫َّر‪ ‬‬ ‫َوبُ ُدو ِر َها بِ ُق ُ‬
‫ص ُر بَنِي أ َُميَّةَ َوافِ ٌر‪ ‬‬
‫ص ُر قَ ْ‬ ‫َوال َق ْ‬
‫ِمن ُك ِّل أَم ٍر وال ِ‬
‫ْخالَفَةُ أ َْو َف ُر‪ ‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ص بِ ُك ِّل َم ْن‪ ‬‬ ‫ْجام ُع األَ ْعلَى َيغَ ُّ‬ ‫ِ‬
‫َوال َ‬
‫َي ْتلُو َويَ ْس َم ُع َما يَ َشاءُ َو َي ْنظُُر‪ ‬‬
‫اق تَ ْش َه ُد أ ََّن َها‪ ‬‬ ‫َسو ِ‬
‫ك األ ْ َ‬ ‫َو َم َسالِ ُ‬
‫الَ يَ ْستَ ِق ُّل بِ َسالِ ِك َيها ال َْم ْح َش ُر‪ ‬‬
‫ت بِ َها َوبِأ َْه ِل َها‪ ‬‬ ‫ص َف ْ‬
‫يَا َجنَّةً َع َ‬
‫ت َوتَ" " " " " َد َّم ُروا[‬
‫َّوى َفتَ" " " " " َد َّم َر ْ‬
‫يح الن َ‬‫ِر ُ‬
‫‪ ]11‬‬
‫‪ ‬‬
‫توكل ُت ْب ِرز لنا جانِبًا ِمن غربة األ َُّمة حين يغيب القائ ُد ال""ذي ُّ‬
‫يلم اهلل‬ ‫الم ِّ‬
‫البحتري في َم ْقتل ُ‬
‫ِّ‬ ‫وقصيدة‬
‫البحتري في قصيدته‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫والم ْجد والتَّمكين‪ ،‬يقول‬ ‫وي ْعقد" به أل ِويَة النَّصر َ‬ ‫به َّ‬
‫الشمل‪َ ،‬‬
‫ص" " " " " " " ِر إِ ْذ ِري" " " " " " " َ"ع‬
‫ش ال َق ْ‬ ‫س َو ْح َ‬ ‫َم أَنْ َ‬‫َول ْ‬
‫ِس ْربُهُ‪ ‬‬
‫آذ ُر ْه‪ ‬‬‫ت أَطْالَ ُؤهُ وج ِ‬
‫ََ‬ ‫َوإِ ْذ ذُ ِع َر ْ‬
‫ت‪ ‬‬ ‫يل َف ُهتِّ َك ْ‬ ‫الر ِح ِ‬
‫يح ِف ِيه بِ َّ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ ْذ ص َ‬
‫ارهُ َو َستَائُِر ْه‪ ‬‬ ‫َستَ ُ‬‫َعلَى َع َج ٍل أ ْ‬
‫َم يُِق ْم بِ ِه‪ ‬‬ ‫َو َو ْح َشتُهُ َحتَّى َكأَ ْن ل ْ‬
‫أَنِيس ولَم تَحسن لِعي ٍن من ِ‬
‫اظ ُر ْه‪ ‬‬ ‫ٌ َ ْ ْ ُ ْ َْ ََ‬
‫ْخالَفَةُ طَ ْل َقةً‪ ‬‬ ‫ت فِ ِيه ال ِ‬ ‫َم تَبِ ْ‬
‫َكأَ ْن ل ْ‬
‫ْك يُ ْش ِر ُق َز ِاه ُر ْه‪ ‬‬ ‫بَ َشا َشُت َها َوال ُْمل ُ‬
‫اء َها‪ ‬‬ ‫ولَم تَجم ِع ُّ ِ ِ‬
‫الد ْنيَا إل َْيه َب َه َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ِ‬
‫ض َم َكاس ُر ْه‪ ‬‬ ‫ش غَ ٌّ‬ ‫الع ْي ُ‬
‫َو َب ْه َجَت َها َو َ‬
‫ث‬
‫ب َح ْي ُ‬ ‫ِ‬
‫ص" " " " " " ْع ُ‬
‫"اب ال َّ‬ ‫فَ" " " " " "أَيْ َن الْح َ"ج" " " " " ُ‬
‫ت‪ ‬‬‫َّع ْ‬
‫تَ َمن َ‬
‫بِ َه ْيبتِ َها أَبوابهُ وم َق ِ‬
‫اص ُر ْه‪ ‬‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬
‫َّاس فِي ُك ِّل َنوبة‪ٍ ‬‬ ‫َوأَيْ َن َع ِمي ُد الن ِ‬
‫َْ‬
‫آم ُر ْه‪ ‬‬ ‫َّه ِر فِي ِهم و ِ‬ ‫اهي الد ْ‬ ‫َتنوب‪ ,‬ونَ ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ت ِغ َّرة‪ٍ ‬‬ ‫تَ َخ َّفى لَهُ ُم ْغتَالُهُ تَ ْح َ‬
‫ت ُح ْم" ٌ"ر أَظَ ""افِ ُر ْه[‬ ‫َوأ َْولَى بِ َه""ا‪َ ,‬وال َْم" ْ"و ُ‬
‫‪ ]12‬‬
‫‪ ‬‬
‫ِّ‬
‫المتوك ُل من الخلف " ""اء العباس" " "يِّين المش " ""هود لهم باألي " ""ادي البيض " ""اء على‬ ‫وال غَ " " ْ"رو؛ فق " ""د ك " ""ان‬
‫الج ْهم في َم ْد ِحه‪:‬‬ ‫وخصوصا في ِم ْحنة َخلْق القرآن‪ ،‬يقول ُّ‬
‫علي بن َ‬ ‫ً‬ ‫المسلمين في عصره‪،‬‬
‫ض فِي َر ْج َف ٍة‪ ‬‬
‫قَ َام َوأ َْه ُل األ َْر ِ‬
‫ط فِ َيها ال ُْم ْقبِ َل ال ُْم ْدبُِر‪ ‬‬ ‫يَ ْخبِ ُ‬
‫ار َها‪ ‬‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫اء الَ نَ ُ‬ ‫في ف ْتنَة َع ْميَ َ‬
‫تَ ْخبُو َوالَ َم ْوقِ ُد َها َي ْفُت ُر‪ ‬‬
‫ارهُ‪ ‬‬
‫صُ‬ ‫ِّين قَ ْد أَ ْش َفى َوأَنْ َ‬ ‫َوالد ُ‬
‫أَيْ ِدي َسبَا َم ْو ِع ُد َها ال َْم ْح َش ُر‪ ‬‬
‫يف ُم ْسلِ ٍم ِم ْن ُه ُم‪ ‬‬ ‫ُك ُّل حنِ ٍ‬
‫َ‬
‫لِل ُك ْف ِر فيه َم ْنظٌَر ُم ْن َك ُر‪ ‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َس ٌير فَالَ‪ ‬‬ ‫إِ َّما قَتِيل أَو أ ِ‬
‫ٌ ْ‬
‫ُي ْرثَى لِ َم ْن ُي ْقتَ ُل أ َْو ُي ْؤ َس ُر‪ ‬‬
‫فَأ ََّم َر اهللُ إِ َم َام ال ُْه َدى‪ ‬‬
‫ص" " " " " " ُر[‬
‫ص" " " " " " ُرهُ َي ْن ُ‬
‫َواهللُ َم ْن َي ْن ُ‬
‫‪ ]13‬‬
‫‪ ‬‬
‫"تري األبي""ات الس""الفةَ الَّتي تص""ف‬
‫ول""ذا ك""ان َمقتلُ""ه محن "ةً عظيم""ة على المس""لمين‪ ،‬ق""ال فيه""ا البح" ُّ‬
‫عامة‪.‬‬
‫وباألمة َّ‬
‫َّ‬ ‫الوحشة والغربة التي حلَّت بأهل ِّ‬
‫الحق‬
‫‪ ‬‬
‫"ل‬
‫ت ف""ترة طويل""ة‪ ،‬فع" َ‬
‫"تمر ْ‬
‫ك""ذلك ع""انى المس""لمون م""ا ع""ا َن ْوا من ج" َّ"راء الح""روب الص""ليبيَّة ال""تي اس" َّ‬
‫بعض ال ُّ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫معب ًرا عن م""دى‬
‫ش"عراء ِّ‬ ‫ص" َفه ُ‬ ‫بالمس""لمين من َق ْت" ٍ"ل و َذبْح وتش""ريد م َّما و َ‬‫الصليبيُّون ما فعلوا ُ‬
‫بعض ش""عراء ذل""ك العص""ر‪،‬‬ ‫وعت" ِّ"وه وظُْلم""ه وطغيانِ""ه‪ ،‬يق""ول ُ‬
‫ص" ْولة الكف""ر ُ‬ ‫م""ا يُعاني""ه المس""لمون من َ‬
‫ِ‬
‫واص ًفا تلك الحال‪:‬‬
‫ض ْي ًما‪ ‬‬‫َح َّل ال ُك ْف ُر بِا ِإل ْسالَِم َ‬
‫أَ‬
‫ِ‬ ‫يطُ ُ ِ ِ‬
‫يب‪ ‬‬ ‫ول َعلَْيه للدِّي ِن النَّح ُ‬ ‫َ‬
‫اح‪ ‬‬ ‫فَح ٌّق َ ِ ِ‬
‫ضائ ٌع َوح ًمى ُمبَ ٌ‬ ‫َ‬
‫يب‪ ‬‬ ‫وسي ٌ ِ‬
‫اط ٌع و َد ٌم َ ِ‬
‫صب ُ‬ ‫ف قَ َ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َك ْم م ْن ُم ْسل ٍم أ َْم َسى َسليبًا‪ ‬‬
‫يب‪ ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َو ُم ْسل َمة ل ََها َح َر ٌم َسل ُ‬
‫َو َك ْم ِم ْن َم ْس ِج ٍد َج َعلُوهُ ِد ًيرا‪ ‬‬
‫يب‪ ‬‬ ‫صب َّ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫الصل ُ‬ ‫َعلَى م ْح َرابه نُ َ‬
‫أَتُ ْسبَى ال ُْم ْسلِ َم ُ‬
‫ات بِ ُك ِّل َثغْ ٍر‪ ‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ين إِذًا يَط ُ‬
‫يب‪ ‬‬ ‫ش ال ُْم ْسلم َ‬ ‫َو َع ْي ُ‬
‫اهلل لِ ِإل ْسالَِم َح ٌّق‪ ‬‬
‫أَما و ِ‬
‫َ َ‬
‫يب‪ ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يُ َداف ُع َع ْنهُ ُشبَّا ٌن َوش ُ‬
‫ص" " " " "ائِ ِر َح ْي ُ‬ ‫َف ُق" " " " ِ‬
‫ث‬ ‫"ل ل" " " " " َذ ِوي البَ َ‬
‫ْ‬
‫َكانُوا‪ ‬‬
‫َجيب" " " " ""وا اهلل ويح ُكم أ ِ‬
‫َجيبُ" " " " ""وا[‬ ‫ِ‬
‫َ َْ َ ُ‬ ‫أ ُ‬
‫‪ ]14‬‬
‫‪ ‬‬
‫والنَّم"اذج كث"يرة‪ ،‬ولكن ح ْس"بُنا م"ا ذ َك ْرن"ا من النَّم"اذج بيانً"ا له"ذا المفه"وم ال"ذي عبَّر عن"ه الق"رآن‪،‬‬
‫النبوة‪ ،‬وكذلك ما تاله من عصو ٍر أدبيَّة حتَّى العصر الحديث‪.‬‬ ‫كما عبَّر عنه شعراءُ عصر َّ‬
‫‪ ‬‬
‫مفهوم الغربة واالغتراب عند شعراء العصر الحديث‪:‬‬
‫لألمة اإلس""المية‪ ،‬وافتق""اد المس""لمين مك""انتَهم َّأمةً ش""هيدة على النَّاس‬ ‫"ط الحض""اري َّ‬ ‫راج""ع الخ" ِّ‬
‫م""ع تَ ُ‬
‫َت جاه ""د ًة أن تُعي""د األ َُّمة إلى الحي ""اة‬‫األمة ح""اول ْ‬‫بين أمم الع ""الم المعاص""ر‪ ،‬وبُ ""روز طائف" ٍ"ة من أبن ""اء َّ‬
‫الذل" ""ة واله" ""وان‪ ،‬وإلى التَّمكين بع" ""د‬ ‫الحقيقيَّة بع" ""د ف" " ٍ‬
‫"ترة من الجم" ""ود‪ ،‬وإلى الع" " َّ"زة اإليماني" ""ة بع" ""د ِّ‬
‫ت م""ع ظ""روف ال""دَّعوة‬ ‫"اب َه ْ‬
‫ت ه""ذه الطائف "ةُ المؤمن""ة ظروفً""ا تش" َ‬ ‫ض "عاف‪ ،‬م""ع ذل""ك كلِّه َ‬
‫واجه ْ‬ ‫االستِ ْ‬
‫ص "ورة‬
‫"راجعت الحي""اة فيه""ا عن ال ُّ‬
‫األول‪ ،‬فعاش""وا غَُرب""اء في أوط""انهم ال""تي ت" َ‬
‫اإلس""الميَّة في عه""دها َّ‬
‫وير ْونَها ماثلةً في كتاب اهلل تعالى‪ ،‬ومجتم""ع‬
‫الم ْثلَى التي تعيش في قلوبهم وصدورهم" ونفوسهم‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫األول‪.‬‬
‫المسلمين َّ‬
‫‪ ‬‬
‫"فات الم""ادَّة‪ ،‬وهرطق""ات"‬
‫ت علي""ه فلس" ُ‬‫"يطر ْ‬ ‫ك""ذلك عاش""ت ه""ذه الطَّائف""ة َ‬
‫عيش الغرب""اء في ع""ال ٍَم س" َ‬
‫فكري الغرب التَّائه‪ ،‬وأذنابه في ديار اإلسالم‪.‬‬ ‫والمتشدِّقين من ُم ِّ‬ ‫ِ‬
‫المتفلسفين ُ‬
‫‪ ‬‬
‫"دي إلى‬‫ت ه""ذه الطَّائف""ة غرب""اء عن""دما ألج "أَتْهم الظُّروف السياس "يَّة واالض""طهاد العقائ" ُّ‬ ‫ك""ذلك عا َش " ْ‬
‫ج""رة أوط" ""انِهم‪ ،‬فك" ""انَ ْ‬
‫ت غرب " "ةً أخ" ""رى‪ ،‬كم" ""ا عاش" ""وا غَُرب" ""اء وهم يَ ُجول" ""ون بُِقل" ""وبهم وعق" ""ولهم‬ ‫ِه ْ"‬
‫"يرا عنه"ا‪ ،‬ومنه"ا‬ ‫ت بُط"و ُن الكتب كث ً‬ ‫ص ْدر الحض"ارة اإلس"الميَّة ال"تي حفظَ ْ‬ ‫ونفوسهم وأفكارهم في َ‬
‫أن أم""ة عظيم "ةً ك""انت ِم ْلء َس" ْمع‬ ‫"مت ج""ريح وأ ًس "ى الذع‪ ،‬يش""هد َّ‬ ‫م""ا ال ي""زال م""اثالً للعي""ان في ص" ٍ‬
‫ِ‬
‫ص " " ِره‪ ،‬ولكنَّه " ""ا تَ ْحي " ""ا اآلن حال" " "ةً من التخلُّف والجم " ""ود‪ُ ،‬‬
‫والب ْع" ""د عن األَ ْخ" ""ذ ب" ""المنهج‬ ‫الع " ""الم وب َ‬
‫اإلسالمي كامالً‪.‬‬
‫ِّ‬
‫‪ ‬‬
‫ب ِمن ه"ذا المفه""وم في ال ِّش"عر اإلس""المي الح""ديث عن""د ُش" َعراء‬ ‫ِ‬
‫ونُشير هنا إش"ار ًة س""ريعة إلى ج"وان َ‬
‫النِّصف األول من القرن العشرين‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫البارودي و َن ْفيُه‪ ،‬وكذلك شوقي ونفيه إلى األندلس ‪ -‬سببًا لكثي ٍر من قص""ائدهما‬ ‫ِّ‬ ‫لقد كانت غُ ْربة‬
‫ِ‬
‫"ربي‬ ‫ح ""ول الغُ ْرب ""ة واالغ ""تراب؛ م َّما يع " ُّ"د بُ " ً‬
‫"ذورا للح ""ديث ح ""ول الغرب ""ة واالغ ""تراب في الش ""عر الع " ِّ‬
‫البارودي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫واإلسالمي الحديث‪ ،‬يقول‬
‫يب غُ ْربَةً‪ ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َك َفى ب َم َقامي في َس َرنْد َ‬
‫العالَئِ ِق‪ ‬‬
‫اب َ‬
‫ِ‬
‫ت بِ َها َعنِّي ثيَ َ‬ ‫َن َز ْع ُ‬
‫صطَبِ ْر َعلَى‪ ‬‬ ‫الع ِّز َفلْيَ ْ‬‫ومن رام َنيل ِ‬
‫ََ ْ َ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ضاي ِق‪ ‬‬ ‫لَِق ِاء ال َْمنَايَا َواقْت َحام ال َْم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ام َر َّن ْق َن َم ْش َربِي‪ ‬‬‫فَِإ ْن تَ ُك ِن األَيَّ ُ‬
‫وب الطََّوا ِر ِق‪ ‬‬ ‫َو َثلَّ ْم َن َحدِّي بِالْ ُخطُ ِ‬
‫فَ َما غََّي َرتْنِي ِم ْحنَةٌ َع ْن َخلِي َقتِي‪ ‬‬
‫َوالَ َح َّول َْتنِي َخ ْد َعةٌ َع ْن طََرائِِقي‪ ‬‬
‫س ُّرنِي‪ ‬‬ ‫ِِ ٍ‬
‫َولَكنَّني بَاق َعلَى َما يَ ُ‬
‫ض" " " " " " "ب أَ ْع" " " " " " " َدائِي وير ِ‬
‫ض" " " " " " "ي‬ ‫وي ْغ ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫َصادقي‪ ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَ‬
‫فَ َح ْس" " " " " " " " " " َرةُ ُب ْع" " " " " " " " " ِ"دي َع ْن َحبِ ٍ‬
‫يب‬
‫اد ٍق‪ ‬‬ ‫مص ِ‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َك َف ْر َحة ُب ْعدي َع ْن َع ُد ٍّو ُم َماذق‪ ‬‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬‬
‫إلى أن يقول‪:‬‬
‫ت َخالِ ًعا‪ ‬‬‫اس أَنَّنِي ُث ْر ُ‬‫ول أُنَ ٌ‬‫َي ُق ُ‬
‫َم تَ ُك ْن ِم ْن َخالَئِِقي‪ ‬‬ ‫ات ل ْ‬ ‫ص َف ٌ‬‫ْك ِ‬ ‫َوتِل َ‬
‫الع ْد ِل طَالِبًا‪ ‬‬‫ت بِ َ‬ ‫اديْ ُ‬ ‫ول ِ‬
‫َكنَّنِي نَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ْح َقائ ِق‪ ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت أ َْه َل ال َ‬ ‫ضُ‬ ‫اسَت ْن َه ْ‬
‫ضا اهلل َو ْ‬ ‫رَ‬
‫ت ُم ْن َك ًرا‪ ‬‬ ‫وف َوأَنْ َك ْر ُ‬‫ت بِمعر ٍ‬
‫أ ََم ْر ُ َ ْ ُ‬
‫"اب الْ َخالَئِ" " " ِ"ق[‬‫ْم ِفي ِرقَ" " " ِ‬ ‫"ك ُحك ٌ‬ ‫َوذَلِ" " " َ‬
‫‪ ]15‬‬
‫‪ ‬‬
‫كم""ا ك""ان َن ْف ُي ش""وقي باألن""دلس ومعاناتُ""ه الغرب "ةَ المكاني""ة والزمانيَّة‪ ،‬س""بَبًا لِم""ا ُس " ِّمي بأندلس "يَّات‬
‫شوقي‪ ،‬تلك القصائد التي َي ْعزف فيها على وتر الغربة واالغتراب‪ ،‬ويبكي حال األندلس ال" َّ"ذاهب‬
‫ويتأسى على حاله في غربتِه؛ يقول شوقي في سينِيَّته الشهيرة‪:‬‬ ‫َم ْج ُدها‪َّ ،‬‬
‫َّها ِر َواللَّْي ِل ُي ْن ِسي‪ ‬‬ ‫ف الن َ‬ ‫ا ْختِالَ ُ‬
‫الصبَا َوأَيَّ َام أُنْ ِسي‪ ‬‬‫اذْ ُك َرا لِي ِّ‬
‫اب‪ ‬‬ ‫ص َفا لِي ُمالَ َو ًة ِم ْن َشبَ ٍ‬ ‫وِ‬
‫َ‬
‫س‪ ‬‬ ‫ات َو َم ِّ‬ ‫ت ِمن تَص ُّور ٍ‬
‫ص ِّو َر ْ ْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ت‪ ‬‬‫وب َو َم َّر ْ‬ ‫الصبَا اللَّعُ ِ‬
‫ت َك ِّ‬ ‫ص َف ْ‬ ‫َع َ‬
‫َذةَ َخل ِ‬
‫ْس‪ ‬‬ ‫ِسنَةً ُحل َْوةً َول َّ‬
‫ْب‬ ‫ِ‬
‫"ل َس" " " "الَ ال َقل ُ‬
‫ص" " " " َر‪َ :‬ه" " " ْ‬
‫َو َس" " " "الَ م ْ‬
‫َع ْن َها‪ ‬‬
‫الز َما ُن ال ُْم َؤ ِّسي‪ ‬‬ ‫َسا ُج ْر َحهُ َّ‬ ‫أ َْو أ َ‬
‫ت اللَّيَالِي َعلَْي ِه‪ ‬‬ ‫ُكلَّما م َّر ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫س ي‪ ‬‬‫الع ْه ُد في الليَالي ُت َق ِّ‬ ‫َر َّق‪َ ،‬و َ‬
‫ت‪ ‬‬ ‫اخ ُر َرنَّ ْ‬ ‫مستطَار إِذَا البو ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ َْ ٌ‬
‫س‪ ‬‬‫ت َب ْع َد َج ْر ِ‬ ‫أ ََّو َل اللَّْي ِل‪ ،‬أ َْو َع َو ْ‬
‫لس ْف ِن فَط ٌ‬
‫ْن‪ ‬‬ ‫وع لِ ُّ‬ ‫ب فِي ُّ‬
‫الضلُ ِ‬ ‫ِ‬
‫َراه ٌ‬
‫س‪ ‬‬ ‫اع ُه َّن بَِن ْق ِ‬‫ُكلَّ َما ُث ْر َن َش َ‬
‫وك بَ ِخيالً‪ ‬‬ ‫يا ابنَةَ الي ِّم‪ ،‬ما أَب ِ‬
‫َ ْ َ َ ُ‬
‫س‪ ‬‬‫َما لَهُ ُمول ًَعا بِ َم ْن ٍع َو َح ْب ِ‬
‫ِِ‬
‫َّو‪ ‬‬‫َح َر ٌام َعلَى بَالَبِله الد ْ‬ ‫أَ‬
‫س؟‪ ‬‬‫ح َحالَ ٌل لِلطَّْي ِر ِم ْن ُك ِّل ِج ْن ِ‬ ‫ُ‬
‫َح ُّق بِاأل َْه ِل إِالَّ‪ ‬‬
‫ُك ُّل َدا ٍر أ َ‬
‫ب ِر ْج ِ‬
‫س‪ ‬‬ ‫يث ِم َن ال َْم َذ ِاه ِ‬
‫ِفي َخبِ ٍ‬
‫َن َف ِسي ِم ْر َج ٌل‪َ ،‬و َق ْلبِي ِش َراعٌ‪ ‬‬
‫وع ِسي ِري َوأ َْر ِسي‪ ‬‬ ‫ُّم ِ‬ ‫ِ‬
‫بِ ِه َما في الد ُ‬
‫‪ ‬‬
‫ج َدها ال َّ"ذاهب‪َ ،‬في ْ"زداد غُرب"ةً ف"وق غرب"ة؛ فه"ا هي آث ُ‬
‫"ار‬ ‫ثُم ها ه"و يتج َّ"ول في األن" َدلُس‪ ،‬ويت َّ‬
‫"ذكر َم ْ"‬
‫ت غريب""ة في ج" ِّ"و األن""دلس بع""د أن خ" َ"ر َجت من أي""دي المس""لمين‪ ،‬وظلَّت قص" ُ‬
‫"ورها‬ ‫"ار ْ‬‫ب""ني أميَّة ص" َ‬
‫الزاهر في هذه الدِّيار‪ ،‬يقول شوقي‪:‬‬ ‫اإلسالمي َّ‬ ‫الم ْجد‬ ‫ٍ‬
‫ِّ‬ ‫وآثارها شاهدةً في حسرة على َ‬
‫ِ‬
‫(م ْر َوا ُن) في ال َْم َشا ِر ِق َع ْر ٌ‬
‫ش‪ ‬‬ ‫أَيْ َن َ‬
‫ب ُك ْر ِسي؟‪ ‬‬ ‫ي َوفِي ال َْمغَا ِر ِ‬ ‫أ َُم ِو ٌّ‬
‫س ُه ْم َف َر َّد َعلَْي َها‪ ‬‬
‫ت َش ْم ُ‬ ‫َس ِق َم ْ‬
‫الرأْ ِي نَط ِ‬
‫ْس‪ ‬‬ ‫ب َّ‬ ‫ور َها ُك ُّل ثَاقِ ِ‬
‫نُ َ‬
‫س ِس َوى َها‪ ‬‬ ‫ت َو ُك ُّل َش ْم ٍ‬ ‫ثُ َّم غَابَ ْ‬
‫ت‬ ‫"ك َت ْبلَى‪َ ،‬و َت ْنطَ" " " " " " " " ِوي تَ ْح َ‬ ‫تِي" " " " " " " َ‬
‫س‪ ‬‬ ‫َر ْم ِ‬
‫ي) إِي " " " " " " " َ"وا ُن‬‫ظ (البُ ْحتُ" " " " " " " " ِر َّ‬ ‫َو َع" " " " " " " " َ‬
‫(كِ ْس َرى)‪ ‬‬
‫(ع ْب " " " " " ِ"د‬ ‫و َش" " " " " " َف ْتنِي ال ُقص" " " " " " ِ‬
‫ور م ْن َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫س )‪ ‬‬ ‫َش ْم ِ‬
‫طرفِي‪ ‬‬ ‫الب ْر ُق ْ‬ ‫ت َو َ‬ ‫ب ل َْي ٍل َس َريْ ُ‬ ‫ُر َّ‬
‫يح َع ْن ِسي‪ ‬‬ ‫وبِس ٍ‬
‫الر ُ‬ ‫ت َو ِّ‬ ‫اط طََويْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ْج ِز َيرة) بِالغَ ْر‪ ‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَنْ ِظ ُم َّ‬
‫الش ْر َق في (ال َ‬
‫س‪ ‬‬ ‫حزنًا لِ َد ْه ِ‬ ‫ب َوأَطْ ِوي البِالَ َد ْ‬ ‫ِ‬
‫س‪ ‬‬ ‫ف َد ْر ٍ‬ ‫فِي ِديا ٍر ِمن الْ َخالَئِ ِ‬
‫َ َ‬
‫س‪ ‬‬ ‫َو َمنَا ٍر ِم َن الط َوائف طَ ْم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الز ْي‪ ‬‬ ‫ف َّ‬ ‫ان ِفي َكنَ ِ‬ ‫ْجنَ ِ‬‫وربى َكال ِ‬
‫َ ًُ‬
‫"ون خض" " " " " ٍر‪ ،‬وفِي ذُرا ال َك" " " ""رمِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تُ " " " " ُ ْ‬
‫طَل ِ‬
‫ْس‪ ‬‬
‫َم َي ُر ْعنِي ِس َوى َث َرى ُق ْرطُبِ ٍّي‪ ‬‬ ‫لْ‬
‫َّه ِر َخ ْم ِسي‪ ‬‬ ‫ت فِ ِيه ِع ْب َرةَ الد ْ‬ ‫ل ََم َس ْ‬
‫ُصبِّ ُح ِم ْنهُ‪ ‬‬
‫يَا َوقَى اهللُ َما أ َ‬
‫س ي‪ ‬‬ ‫ْحيَا َما أ َُم ِّ‬ ‫ص ْف َوةَ ال َ‬
‫َو َس َقى َ‬
‫ت‪ ‬‬‫ض َكانَ ْ‬ ‫َق ْريَةٌ ال ُت َع ُّد فِي األ َْر ِ‬
‫ض أَ ْن تَ ِمي َد َو ُت ْر ِسي‪ ‬‬ ‫ك األ َْر َ‬ ‫تُ ْم ِس ُ‬
‫ت‪ ‬‬ ‫يط َوغَطَّ ْ‬ ‫احل الْم ِح ِ‬ ‫غَ ِشي ْ ِ‬
‫ت َس َ ُ‬ ‫َ‬
‫ْس‪ ‬‬ ‫اع َو َقل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الروم م ْن ش َر ٍ‬‫ِ‬
‫ُجةَ ُّ‬ ‫ل َّ‬
‫اط ِري ِفي َث َر َاها‪ ‬‬ ‫َّهر َخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الد ْ ُ‬ ‫َرك َ‬
‫س‪ ‬‬ ‫ْح َمى َب ْع َد َح ْد ِ‬ ‫ك ال ِ‬ ‫فَأَتَى ذَلِ َ‬
‫ور َو َم ْن فِي‪ ‬‬ ‫َفتجلَّ ْ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ت ل َي ال ُق ُ‬ ‫ََ‬
‫س‪ ‬‬ ‫الع ِّز فِي َمنَا ِز ِل ُق ْع ِ‬ ‫َها ِمن ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ف أ ََمان‪ ‬‬ ‫ِسنَةٌ ِم ْن َك ًرى َوطَْي ُ‬
‫ْب ِم ْن َ‬
‫ض" " " " " " " " " "الَ ٍل‬ ‫ص" " " " " " " " " " َحا ال َقل ُ‬
‫َو َ‬
‫س‪ ‬‬‫َو َه ْج ِ‬
‫يس‪ ‬‬ ‫َّار َما بِ َها ِم ْن أَنِ ٍ‬ ‫َوإِ َذا الد ُ‬
‫س[‬ ‫َوإِ َذا ال َق" " " " ْ"و ُم َم" " " ""ا ل َُه ْم ِم ْن ُم ِح ِّ‬
‫‪ ]16‬‬
‫‪ ‬‬
‫"ذكر في غربت""ه أه""ل وطَنِ""ه‪،‬‬
‫ص"ف حال""ه باألن""دلس‪ ،‬ويت" َّ‬ ‫وفي قص" ٍ‬
‫"يدة أخ""رى من أندلس"يَّات ش""وقي ي ِ‬
‫َ‬
‫"ذكر جم"ال مص"ر وم"ا" بِه"ا‬‫ويحن إليه"ا‪ ،‬ويت َّ‬
‫ُّ‬ ‫وما لَهم من ِّ‬
‫الشيَم وال ِّس"مات ال"تي يفتق"دها في غربت"ه‪،‬‬
‫ويحن إليه"ا‪ ،‬ويش""تاق م"ا‬
‫ُّ‬ ‫وأربُع‪ ،‬ال ي""زال وه""و في غربت""ه يس"تروح هواءه"ا وأجواءه""ا‪،‬‬
‫من مالعب ْ‬
‫ذكرها؛ يقول شوقي‪:‬‬ ‫فيها من ذكيَّات عاطرة ُي ْؤنِسه تَ ُّ‬
‫ُس‪ ‬‬‫ك بِأَنْ َدل ٍ‬ ‫آها لَنَا نَا ِز ِحي أَيْ ٍ‬ ‫ً‬
‫َوإِ ْن َحلَلْنَا َرفِي ًفا ِم ْن َر َوابِينَا‪ ‬‬
‫الوفَ ِاء لَهُ‪ ‬‬ ‫َر ْس ٌم َو َق ْفنَا َعلَى َر ْس ِم َ‬
‫َّم ِع‪َ ،‬وا ِإل ْجالَ ُل َيثْنِينَا‪ ‬‬ ‫يش بِالد ْ‬ ‫ِ‬
‫نَج ُ‬
‫ض أَ ْد ُم َع ُه ْم‪ ‬‬‫ال األ َْر ُ‬ ‫لِِف ْتيَ ٍة الَ َتنَ ُ‬
‫صلِّينَا‪ ‬‬‫َوالَ َم َفا ِر َق ُه ْم إِالَّ ُم َ‬
‫ودوا بِ ِدي ٍن فِ ِيه َم ْنَب َهةٌ‪ ‬‬ ‫س ُ‬ ‫َم يَ ُ‬ ‫ل َْو ل ْ‬
‫ت ل َُه ْم أَ ْخالَ ُق ُه ْم ِدينَا‪ ‬‬ ‫َّاس َكانَ ْ‬ ‫لِلن ِ‬
‫ت َع ْنهُ نُ ْس َختُهُ‪ ‬‬ ‫ل ََّما َنبَا الْ ُخ ْل ُد نَابَ ْ‬
‫(خي ِريًّا) َو(نَ ْس ِرينَا)‪ ‬‬ ‫تَماثُل الور ِد ِ‬
‫َ َ َْ‬
‫ت‪ ‬‬ ‫اء‪ُ ،‬كلَّ َما َن َث َر ْ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم َثنَ ً‬ ‫نَ ْسقي َث َر ُ‬
‫ت ِم ْن َها َم َراثِينَا‪ ‬‬ ‫ُد ُموعُنَا نُ ِظ َم ْ‬
‫ت عُيُو ُن َق َوافِينَا تُ َح ِّر ُكهُ‪ ‬‬ ‫اد ْ‬ ‫َك َ‬
‫ْن فِي الت ُّْر ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوك" " " " " " " " " " ْد َن يُ" " " " " " " " ""وقظ َ‬
‫السالَ ِطينَا‪ ‬‬ ‫َّ‬
‫ت َعلَى ِم َقة‪ٍ ‬‬ ‫ض ْ‬ ‫ص َر َوإِ ْن أَ ْغ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لَك َّن م ْ‬
‫ْد بِال َكافُو ِر تَ ْس ِقينَا‪ ‬‬ ‫َعين ِمن الْ ُخل ِ‬
‫ٌْ َ‬
‫ت تَ َمائِ ُمنَا‪ ‬‬ ‫َعلَى َج َوانِبِ َها َرفَّ ْ‬
‫ت َر َواقِينَا‪ ‬‬ ‫َو َح ْو َل َحافَاتِ َها قَ َام ْ‬
‫ت فِ َيها َمآ ِر ُبنَا‪ ‬‬ ‫ب َم ِر َح ْ‬ ‫ِ‬
‫َمالَع ٌ‬
‫ت فِ َيها أ ََمانِينَا‪ ‬‬ ‫َوأ َْربُ ٌع أَنِ َس ْ‬
‫اخ ِرنَا‪ ‬‬ ‫ود ِمن أَو ِ‬ ‫ومطْلَع لِ ٍ‬
‫سعُ ْ َ‬ ‫ََ ٌ ُ‬
‫ود ِم ْن أ ََوالِينَا‪ ‬‬ ‫ب لِج ُد ٍ‬
‫َو َمغْ ِر ٍ ُ‬
‫بِنَا َفلَ ْم نَ ْخ ُل ِم ْن َر ْو ٍح ُي َرا ِو ُحنَا‪ ‬‬
‫ادينَا[‬‫"ان يغَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص" " " " َر َو َريْ َح" " " ُ‬ ‫م ْن َب" " " ِّ"ر م ْ‬
‫‪ ]17‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪• • • • ‬‬
‫‪ ‬‬
‫"ط أص ""يل في خط ""وط ال ِّش "عر‬ ‫أن الكالم عن الغُ ْرب ""ة واالغتِ ""راب خ " ٌّ‬ ‫س""ريع نج ""د َّ‬ ‫من ه ""ذا الع ""رض ال َّ‬
‫"وي َش" ِه ْدنا ح""ديثًا عن الغرب""ة واالغ""تراب عن""د ش""عراء‬ ‫الع""ربي وأغراض""ه المتع""دِّدة؛ ففي العص""ر النب" ِّ‬
‫للرس ""ول ‪ -‬ص "لَّى اهلل علي ""ه وس "لَّم ‪ -‬جانبً ""ا أص ""يالً‪،‬‬ ‫س "ان بن ث ""ابت بِ َمراثي ""ه َّ‬
‫ومثَّل ح َّ‬
‫ه ""ذا العص ""ر‪َ ،‬‬
‫واضحا في هذا السبيل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ْمحا‬
‫ومل ً‬ ‫َ‬
‫‪ ‬‬
‫التميمي وابن ُز َري""ق‬
‫ِّ‬ ‫الفردي في قص""ائد مال""ك بن ال" َّ"ريب‬
‫ِّ‬ ‫كذلك وجدنا شعر الغربة على المستوى‬
‫"حا فيم""ا ُس" ِّمي ب ِش" ْعر‬
‫ملمح الغرب""ة واالغ""تراب واض ً‬
‫وج" ْدنا َ‬
‫"داني‪ ،‬كم""ا َ‬
‫البغ""دادي وأبي ف""راس الحم" ِّ‬
‫ومن س""ار على نهج""ه ِم َّمن رثى الم" ُدن‬ ‫الرندي في رثاء األن""دلس َ‬ ‫رثاء الم ُدن في قصيدة أبي البقاء ُّ‬
‫"دث للم""دن‬‫والحواضر اإلسالميَّة التي تقع فريسةً في أيدي األعداء؛ كما في مأساة قرطب""ة وم""ا ح" َ‬
‫ت تحت يد الصليبيِّين‪.‬‬ ‫وقع ْ‬
‫اإلسالميَّة التي َ‬
‫‪ ‬‬
‫ك"ذلك تب"دى ملمح الغرب""ة في رث""اء الشخص"يَّات اإلس""المية ال"تي تُع َق""د عليه"ا اآلم""ال كم""ا في رث""اء‬
‫ِّ‬
‫المتوكل للبحتري‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫البارودي في َم ْنفاه‪ ،‬وفي‬
‫ِّ‬ ‫ملمح الحديث عن الغربة في شعر‬
‫وصلْنا إلى العصر الحديث نجد َ‬
‫فإذا َ‬
‫أن َدلُسيَّات شوقي التي كتبها وهو يُعاني آالم الغربة والنفي باألندلس‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫وس" َ"ن ْع ِرض" في بقي""ة فص""ول الدراس""ة لمالمح َ‬
‫ومح""اور الغرب""ة في الش""عر اإلس""المي المعاص""ر؛ من‬
‫طرحا لِ َموضوع الغربة واالغتراب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫خالل تقديم عدد من النَّماذج الشعرية التي تُمثِّل كتاباتُها ً‬

‫[‪" ]1‬جمهرة أشعار العرب"‪ :‬القرشي‪ ،‬ص ‪.271 - 269‬‬


‫[‪" ]2‬الوسيلة األدبية"‪ :‬حسين المرصفي‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.166 - 165‬‬
‫[‪" ]3‬الوسيلة األدبية"‪ :‬حسين المرصفي‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.166 - 165‬‬
‫[‪" ]4‬ديوان المتنبي"‪ ،‬ص ‪.524 - 523‬‬
‫[‪" ]5‬ديوان المتنبي"‪ ،‬ص ‪.548‬‬
‫[‪" ]6‬ديوان أبي فراس الحمداني" ص‪.131‬‬
‫[‪" ]7‬ديوان أبي فراس الحمداني" ص‪.132‬‬
‫[‪" ]8‬فوات الوفيات"‪ :‬ابن شاكر الكتبي‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.233‬‬
‫[‪ ]9‬نفسه ص‪.234‬‬
‫[‪َ " ]10‬ن ْفح الطِّيب"‪ :‬المقري‪ ،‬ج ‪ 6‬ص ‪.232‬‬
‫[‪" ]11‬أعمال األعالم فيمن بويع قبل االحتالم"‪ :‬لسان الدين ابن الخطيب ص ‪.105‬‬
‫[‪" ]12‬ديوان البحتري"‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪.1048‬‬
‫[‪" ]13‬ديوان علي بن الجهم"‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫[‪" ]14‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"‪ :‬ابن تغري بردي‪ ،‬ج ‪ ،5‬ص ‪.152‬‬
‫[‪" ]15‬البارودي شاعر العصر الحديث"‪ :‬د‪ .‬شوقي ضيف‪ ،‬ص ‪.84 - 83‬‬
‫[‪" ]16‬الشوقيات"‪ :‬أحمد شوقي‪.‬‬
‫[‪" ]17‬الشوقيات"‪ :‬أحمد شوقي‪.‬‬

‫‪  ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ظاهرة العبث في الشعر العربي المعاصر‬ ‫‪‬‬


‫التصوير في الشعر العربي‬ ‫‪‬‬
‫الرثاء في الشعر العربي‬ ‫‪‬‬
‫الفخر والحماسة في الشعر العربي‬ ‫‪‬‬
‫الغربة واالغتراب في الشعر اإلسالمي‬ ‫‪‬‬
‫محاور الغربة واالغتراب في ديوان نقوش إسالمية (‪)1‬‬ ‫‪‬‬
‫تعريف الشعر بين القدماء والمحدثين‬ ‫‪‬‬
‫الخيال في الشعر‬ ‫‪‬‬
‫من شعر الغربة عن الوطن‬ ‫‪‬‬

‫(‪()2‬مقالة ‪ -‬موقع أ‪ .‬محمود مفلح)‬ ‫محاور الغربة واالغتراب في ديوان نقوش إسالمية‬ ‫‪‬‬
‫الغربة (‪()1‬مقالة ‪ -‬حضارة الكلمة)‬ ‫‪‬‬
‫غربة اإلسالم بين المسلمين ( قصيدة )(مقالة ‪ -‬حضارة الكلمة)‬ ‫‪‬‬
‫في زمان الغربة(مقالة ‪ -‬آفاق الشريعة)‬ ‫‪‬‬
‫زمن الغربة‪ ..‬النيل ال طعم له!(مقالة ‪ -‬ثقافة ومعرفة)‬ ‫‪‬‬
‫ِم(مقالة ‪ -‬موقع د‪ .‬زيد بن محمد الرماني)‬
‫السفر واالغتراب بين المدح والذ ِّ‪ON‬‬ ‫‪‬‬
‫االغتراب في الشعر اإلسالمي المعاصر (‪()PDF‬كتاب ‪ -‬مكتبة األلوكة)‬ ‫‪‬‬
‫قصيدة عن الغربة(مقالة ‪ -‬موقع أ‪ .‬محمود مفلح)‬ ‫‪‬‬
‫‪()2‬مخطوط‪ - N‬مكتبة األلوكة)‬ ‫مخطوطة كشف الكربة في وصف أهل الغربة (النسخة‬ ‫‪‬‬
‫المقامة السامرية (حديث الغربة)(مقالة ‪ -‬حضارة الكلمة)‬ ‫‪‬‬

‫رابط الموضوع‪https://www.alukah.net/literature_language/0/39911/#ixzz6Y8hUoUkD  :‬‬

You might also like