You are on page 1of 94

‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬

‫‪2‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬


‫ش ْرح ق ِ‬

‫التفريغ النصي لشرح قاعـ ــدة‬


‫َ َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫من لم يكف ِر الكا ِفر فهو ك ِافر‬

‫للشيخ اجملاهد‪:‬‬
‫َ َْ ََُ َ َ‬
‫أ ِبي بكر عمر القحطا ِني‬

‫ٍ‬
‫بقصف أمريكي بطائرةٍ مسّية يف مدينة دير الزور يف هرر ي القعدة‬ ‫قتل ‪-‬تقبله هللا‪-‬‬
‫من العام ‪ 1438‬هـ ‪ -‬أغسطس ‪ 2017‬م‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪3‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫امللجس اوأل‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‪ ،‬احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أهرف األنبياء واملرسلني‬
‫نبينا حممد عليه وعلى آله أفضل الصالة وأمت التسليم‪ .‬اللرم علمنا ما ينفعنا وانفعنا مبا علمتنا وزدان‬
‫حقا وارزقنا اتباعه‪ ،‬وأران الباطل ابط ًال وارزقنا اجتنابه‪،‬‬
‫علما ينفعنا اي رب العاملني‪ ،‬اللرم أران احلق ً‬
‫ً‬
‫وال جتعله ملتب ًسا علينا فـنضل‪.‬‬

‫حياكم هللا أيرا األحبة الكرام‪ ،‬وهذا وهللا من دواعي سروران أن يعقد مثل هذا االجتماع‬
‫لبحث بعض القضااي العلمية النازلة‪ ،‬واليت حصل حوهلا خالف كثّي واضطراب يف حتديدها وطبيعة‬
‫االستدالل هبا وبناء األحكام عليرا‪ ،‬وهي عدة مسائل نبدأ إن هاء هللا تعاىل أبمهرا واليسّي منرا‪،‬‬
‫وامليسور ال يسقط ابملعسور‪ ،‬فإن أسعف الوقت أبن نستوعب كل املسائل فاحلمد هلل‪ ،‬وإن مل‬
‫يسعف فنرجئ إن هاء هللا تعاىل هذا إىل جمالس أخرى‪.‬‬

‫كبّيا‪،‬‬
‫كما ال خيفاكم أيرا األحبة‪ ،‬املسألة اليت طرأت على الساحة وأخذت حيـًزا فكرااي ً‬
‫وحصل فيرا نوع خالف‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أصل الدين‬ ‫في‬ ‫هل‬ ‫اللج‬ ‫مسألة‪ :‬ما ُيسمى بـ ُحكم َ‬


‫العاذر ب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حكم العاير ابجلرل يف أصل الدين‪ ،‬وهذه مسألة انقسم فيرا الناس إىل فرق‪ ،‬منرم من غالت‬
‫فيرا‪ ،‬ومنرم من فرطت يف األخذ مبفرومرا ومعانيرا‪ ،‬واحلق ال هك أنه وسط بني الغايل فيه واجلايف‬
‫عنه؛ فنحن إن هاء هللا تعاىل أيرا األحبة نورد هذه املسألة ونبني الذ ندين هللا عز وجل فيه ‪-‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪4‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫اجترادا‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫والذ عليه اجلماعة‪ ،-‬واملسألة فيرا ما يسع االجتراد فيه‪ ،‬ومنرا ما ال نقبل فيه‬
‫قوال آخر‪ ،‬ويسوغ لإلمام أو من ينوب عنه أن يعزر فيه وأن حيتسب على املخالف فيه‪.‬‬ ‫يسع فيه ً‬

‫حق فيه‪ ،‬فيكتم ما يف نفسه‪ ،‬وال يسوغ له أن يظرره ما دام‬ ‫إن كان املخالف يرى أنه على ٍ‬
‫ٍ‬
‫بتفصيل إن هاء هللا تعاىل‪ ،‬ومساع األسئلة‬ ‫أنه مل يظرر احلق فيه بدالئله‪ ،‬فبالتايل طرح هذه املسألة‬
‫واإلهكاليات حول ما يطرح‪ ،‬هذا إبين هللا هو الذ سنصل به إىل نتيجة علمية اثبتة‪.‬‬

‫واملسألة ‪-‬وهلل احلمد‪ -‬هي ليست يف ياهتا جديدة‪ ،‬بل ألهنا ملا ظن أهنا جديدة حصل حوهلا‬
‫اإلهكال‪ ،‬ولكن إيا عرف أن هلذه املسألة أصلرا‪ ،‬وأن السلف ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬تكلموا فيرا؛ ف ٍ‬
‫عندئذ‬
‫يطمئن طالب العلم والباحث يف أنه يستند إىل مصدر موثوق‪ ،‬وهو ما كان عليه أهل العلم يف‬
‫القرون املفضلة‪.‬‬

‫فنستعني ابهلل عز وجل ونقول‪:‬‬

‫قبل الخوض في هذه املسألة ال بد من مقدمة‪:‬‬

‫لهي طبيعة مصدر االستدال في مسائل أصو الدين‪:‬‬

‫مصادر االستدالل يف مسائل أصول الدين‪ ،‬هذه اي إخوة قضية مرمة لفرم مجلة مسائل‬
‫االعتقاد‪ ،‬فحينما يقول أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪" :-‬مصادر االستدالل يف مسائل أصول الدين"‪،‬‬
‫إمنا يعنون به املصادر اليت يستند إليرا ويرجع إليرا وتعتمد يف بناء األحكام الشرعية يف مسائل‬
‫االعتقاد‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪5‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫وهي ‪-‬على سبيل اإلجياز‪ :-‬الكتاب والسنة بفرم الصحابة ‪-‬رضي هللا عنرم‪ ،-‬وإمجاع القرون‬
‫املفضلة‪ .‬فرذه ابختصار هي مصادر االستدالل يف مسائل أصول الدين‪ .‬وعّب عنرا ابن القيم ‪-‬‬
‫رمحه هللا‪ -‬يف نونيته بقوله‪:‬‬

‫قال الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحابـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة هم أولو العرفان‬ ‫الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلم قال هللا قال رسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوله‬
‫بـ ـ ــني الـ ـ ــرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول وبـ ـ ــني رأ ف ـ ـ ـالن‬ ‫ما العلم نص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبك للخالف س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفاهةً‬

‫فنحن اآلن نقر هذه املقدمة‪ ،‬وأن األصل يف فرم مسائل االعتقاد وابلتايل التعامل معرا يكون‬
‫وفقا للنصوص الشرعية وكالم السلف األوائل‪.‬‬
‫ً‬

‫وهذه الدعوى كل يدعيرا‪ ،‬كل من تكلم يف املسألة يذكر هذا‪ ..‬لكن هل تريدوننا أن نتحدث‬
‫بشكل واضح ظاهر؟ إيا أردت أن تعرف من األسعد هبذا اإلدعاء ومن املحقق فيه؛ فانظر إىل من‬
‫يستشرد به يف كالمه ويف تقريراته‪.‬‬

‫فحينما أنيت إىل هذا األصل من أصول االعتقاد (وهو قضية العاير ابجلرل) أو بصيغة أخرى‪:‬‬
‫"من مل يكفر املشركني"‪ ،‬جتد أن بعضرم ال يعدو كالم اإلمام حممد بن عبد الوهاب وأتباعه ‪-‬‬
‫مجيعا‪ ، -‬وال يستطيع أن خيرج من هذه احلقبة‪ ،‬فال حيتج وال يستند وال يستأنس وال‬
‫رمحرم هللا ً‬
‫يستشرد إال ب ـ ــ‪" :‬قال الشيخ حممد بن عبد الوهاب‪ ،‬قال الشيخ سلمان بن سحمان‪ ،‬قال الشيخ‬
‫عبد الرمحن بن حسن‪ ،‬قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرمحن بن حسن‪ ،‬قال إسحاق بن عبد‬
‫الرمحن‪ "...‬وأين إ ًيا االستشراد ابلقرآن!؟ ابلسنة!؟ بكالم األوائل‪!..‬؟ أكثر من يتكلم يف هذه‬
‫املسألة إيا سألته عن أبسط القضااي األصلية وتعريفرا من القرآن والسنة‪ ،‬ما يستطيع!‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪6‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫طبعا اي إخوة أان أحتدث معكم‪ ..‬هذه الفرتة الطويلة كلرا ترى كانت جتارب‪ ،‬مناظرات‪،‬‬
‫ً‬
‫ففعال تولدت قضية واحدة اثبتة عندهم وعند‬
‫حوارات‪ ،‬جلسنا مع اخلصوم املخالفني فيرا‪ً ،‬‬
‫متبوعيرم‪ ،‬وهي أنك حني تتجاوز إىل ما قبل حممد بن عبد الوهاب ‪-‬رمحه هللا‪ ،-‬املسألة تضيع‬
‫عندهم؛ فأان حني أقول‪ :‬صفة الكفر ابلطاغوت ما هي؟ فيقول‪" :‬قال الشيخ حممد بن عبد‬
‫الوهاب‪ ،"..‬فأقول‪ :‬ال‪ ،‬اتفقنا أان وإايك يف بداية اجمللس أننا ما حنتج بكالم أحد من أئمة الدعوة‬
‫النجدية ‪-‬على جاللترم وقدرهم‪ ..-‬ما هي صفة الكفر ابلطاغوت؟ فما يدر ما هي صفة الكفر‬
‫ابلطاغوت!‬

‫إذًا هذه إهكالية‪ ،‬هذه إهكالية عميقة ً‬


‫جدا‪ ،‬مسائل االعتقاد ما تستطيع تستدهلا‪!..‬؟ يعين‬
‫هو يقول‪" :‬صفة الكفر ابلطاغوت‪ :‬اعتقاد بطالن عبادة غّي هللا وبغضرا وتركرا وتكفّي أهلرا‬
‫ومعاداهتم"‪ ..‬طيب أان ال أطالبك اآلن بنص الشيخ حممد بن عبد الوهاب‪ ،‬أعطين هذه املسألة‬
‫جاهال هبا‬
‫من القرآن والسنة‪ ،‬وصفة الكفر ابلطاغوت وما يرتتب عليرا من آاثر وأحكام‪ ..‬يكون ً‬
‫وبتفاصيلرا‪ ،‬وهذه مسألة خطّية‪.‬‬

‫املشكلة‪ ..‬املشكلة أن بعضرم ال يصحح إسالم املعتقد ابلتقليد‪ ،‬فيقول أن أكثر العوام اليوم‬
‫ليسوا على اإلسالم‪ ..‬ملايا؟ قال‪" :‬ألهنم تلقوا إسالمرم على سبيل التقليد‪ ،‬ال على سبيل الّبهنة‬
‫طبعا هذه‬
‫واالستدالل‪ ،‬واملسائل األصولية االعتقادية ال يقبل فيرا إال معرفترا بوجررا ودليلرا"‪ً .‬‬
‫املسألة خالفية قدمية‪ ،‬لكن ليس هلا أثرها الذ اليوم تعامل به كثّي من من قلت بضاعته يف العلم‪.‬‬

‫مثال‪ :‬رجل منرم يكفر مبجرد الذهاب إىل دار الكفر م ً‬


‫طلقا‪ ،‬فقلنا له‪ :‬لعلك حتمل هذا على‬
‫من يذهب إىل بالدهم ويدخل يف حكمرم‪ ،‬كما أحملت إليه عبارة ابن حزم يف حماله؟ قال‪" :‬ال‪،‬‬
‫طلقا هو كافر"‪ ..‬أقول‪ :‬طيب‪ ،‬ما دليلك؟ املسألة هلا ارتباطرا‬
‫كل من يهب إىل دار الكفر م ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪7‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫مبوضوع اإلميان والكفر‪ ،‬ابألمساء واألحكام اليت هي أهم مسائل الداينة‪ ،‬كما قال هيخ اإلسالم‬
‫وابن رجب وغّيهم‪ ،‬أهم مسائل الداينة على اإلطالق مسائل األمساء واألحكام وهي أول مسألة‬
‫حصل فيرا اخلالف بني فرق املسلمني‪..‬‬

‫قلت‪ :‬ما دليلك على هذا املوضوع!؟ إخراج رجل من اإلسالم‪ ،‬واحلكم عليه ابخللود يف النار‪،‬‬
‫ما دليلك عليه!؟ قال‪" :‬قال ابن حزم‪ :‬ومن يهب إىل دار الكفر‪ "..‬أورد كالم ابن حزم الذ ال‬
‫يدل على ما يهب إليه‪ ..‬فقلت‪ :‬استداللك بكالم ابن حزم ال يصح من أوجه‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أن ابن حزم ‪-‬على أصلك‪ -‬كافر!! ملايا؟ ألنه يعذر ابجلرل يف أصل الدين‪،‬‬
‫ابن حزم يعذر ابجلرل يف أصل الدين وهذا من أخطائه‪ ،‬لكنه على كل حال يعذر‪ ..‬وهذا يف كتابه‬
‫"الفصل يف امللل واألهواء والنحل"‪.‬‬

‫اثنيًا‪- :‬على أصلك‪ -‬أنت مل حتقق التوحيد؛ ألنك اآلن قلدت‪ ،‬وأان طالبتك ابلدليل‪ ،‬فما‬
‫دليلك على إكفار هذا إال قول ابن حزم ؟ فرذه إهكالية علمية خطّية‪ ،‬وأنت ال تصحح إسالم‬
‫املقلد!‬

‫أصال مل يذكر هذا‪ ،‬وإمنا كان مراد ومفاد كالم ابن حزم أن من يهب ودخل‬
‫اثلثًا‪ :‬أن ابن حزم ً‬
‫يف حكمرم وطاعترم وأعاهنم على املسلمني‪ ..‬كما أوضحته عبارته وهي ظاهرة‪.‬‬

‫الشاهدًايًشيخي‪ :‬أن هذا كله أصل التخبط وموطن الغلط هو مايا؟ عدم االحتجاج بكالم‬
‫األوائل‪ ،‬كالم اإلمام الشيخ حممد بن عبد الوهاب وأصحابه ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬كالم جتد أن اخلصوم‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪8‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫كلرم يستدلون به‪ ،‬ألنه قد يكون فيه عبارات وإطالقات ويف مواطن يكون فيرا حترير وتقييد‪،‬‬
‫وهذا معروف ملن سّب ونظر يف كالمرم ورسائلرم ومصنفاهتم‪..‬‬

‫طيب ملايا أان أدخل يف هذا املضيق؟ أخرج إىل آفاق ورحاب كتاب هللا عز وجل وسنة نبيه‬
‫وكالم السلف األوائل‪ ..‬إال إيا كانت مسألة العذر ابجلرل ليست من أصل الدين! [إيا كان‬
‫االعتقاد] أبهنا من أصل الدين وهي ليست يف القرآن والسنة وال يف كالم السلف فرذا ينطبق على‬
‫أصحابه ما قاله أبو حممد بن حزم‪ :‬من ظن أنه يقع على الدين ما مل يقع عليه رسول هللا وال‬
‫أصحابه‪ ،‬فرو كايب‪ ،‬بل كافر ابإلمجاع‪.‬‬

‫اضحة ظاهرةً يف الكتاب والسنة‬


‫إيا كانت [حسب اعتقاده] من مسائل أصول الدين‪ ،‬ومل أتت و ً‬
‫وكالم السلف فرنا إهكالية‪ ،‬وإن كانت ظاهرةً واضحةً‪ ،‬فمن القصور العلمي يف حبث املسائل‬
‫والقضااي االحتجاج بكالم املتأخرين وترك كالم األوائل‪.‬‬

‫وإيا كان أهل العلم يكروا أن االحتجاج ابلسنة يف موط ٍن جاء فيه نص من القرآن قصور‪،‬‬
‫فكيف ابالحتجاج بكالم بعض العلماء وقد تواترت اآلايت والسنن وإمجاع السلف عليه!؟ فال‬
‫هك أن هذا ابلقصور أهبه وأوىل‪.‬‬

‫فرذه مقدمة ال بد من اعتبارها‪ ،‬وهي قضية حتديد مصادر االستدالل يف مسائل أصول الدين‪،‬‬
‫وأهنا منوطة ابلقرآن والسنة وإمجاع الصحابة وأصحاب القرون املفضلة‪ ،‬وأهنم كلرم ‪-‬ال هك‪-‬‬
‫تكلموا عن جممل وعموم مسائل االعتقاد‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪9‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ملاذاًأضعًهذا؟ ألنه يف حبثنا هذه القضية وتعاملنا معرا لن نتطرق إىل كالم أئمة الدعوة‬
‫النجدية إال على سبيل االستئناس يف آخر البحث‪ ،‬ورد دعوى اخلصوم حىت يف التعلق بكالم أئمة‬
‫الدعوة النجدية‪ ..‬فرذه املقدمة هي اليت تدفعنا إىل هذا؛ ألننا وجدان أن اجلميع حيتج بكالم الشيخ‬
‫حممد بن عبد الوهاب وأحفاده‪ ،‬ولكن إيا رجعنا إىل األصل‪ ،‬فقل من حيتج به‪.‬‬
‫ُ‬
‫املقدمة الثانية‪:‬‬

‫‪-‬وهي املتفرعة عن األوىل‪ -‬وهي مقدمة دقيقة‪ ،‬ال ينبغي لطالب علم أن يغفلرا‪ ،‬أهار إليرا‬
‫الشاطيب رمحه هللا يف "املوافقات" فنص على أن‪:‬‬

‫دائما أو أكثرًاي عند‬ ‫دليل ًأوًأ ٍ‬


‫صل ًالًخيلوًمنًثالثًأحوال‪ :‬أن يكون ً‬
‫معموال به ً‬ ‫‪-‬كل ً ٍ‬
‫السلف‪.‬‬

‫دائما أو يف أكثر أحواهلم‪ ..‬قال‪ :‬فال هك‬


‫يعين‪ :‬احلال يف هذا النص‪ ،‬أن السلف يعملون به ً‬
‫أن احلق والسنة الصحيحة يف اتباع هذا األصل وااللتزام هبذا الدليل‪.‬‬

‫مثل أكثر هعائر الدين‪ ،‬كالصلوات‪ ،‬والصيام‪ ،‬والنوافل‪ ،‬واجلراد‪ ،‬هذه وردت هبا نصوص‬
‫ومجيع السلف يعمل هبا على وفق مفرومرا الظاهر‪.‬‬

‫معموال به على ٍ‬
‫وجه‪ ،‬واألكثر أو الدائم أال يعمل به‪.‬‬ ‫‪-‬قال‪ً:‬احلالةًالثانية‪ :‬أو يكون ً‬

‫األكثر أو الدائم أال يعمل به‪ ،‬ميكن أن يعمل به يف بعض األوجه‪ ،‬لكن أكثر حاهلم وتعاملرم‬
‫أهنم ال يعملون مبقتضى أو بظاهر هذا النص أو هبذا األصل والدليل‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪10‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فمايا قال ‪-‬رمحه هللا‪-‬؟ قال‪ :‬فال هك أن السنة املتبعة والطريق السابلة هي يف اتباع أكثر ما‬
‫وجه فال هك أن التحر والتثبُّت وعدم اخلوض فيه هو األسلم‪.‬‬ ‫كانوا عليه‪ ،‬وأما ما يفعلونه يف ٍ‬

‫مثال قتل هارب اخلمر يف الرابعة‪ ،‬هذا جاء به النص ملا أمر‬
‫مثل هلذا بعضرم‪ ،‬فقال‪ :‬مثل ً‬
‫النيب ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬بقتل هارب اخلمر يف الرابعة ‪-‬هذا وارد يف السنن وأصله يف‬
‫الصحيح‪ ،-‬فقال اإلمام الرتمذ ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف علله يف آخر كتاب "اجلامع"‪ ،‬قال‪ :‬أمجع أهل‬
‫العلم على ترك العمل مبعناه‪.‬‬

‫رجال هرب اخلمر‬


‫أ أن قتل هارب اخلمر يف الرابعة غّي معمول به‪ ،‬هل مسعتم أن النيب قتل ً‬
‫يف الرابعة؟ ما يف أ من أحواله أو تصرفاته‪ ،‬هل مسعتم أن الصحابة قتلوه؟ هل التابعني؟ اتبعي‬
‫التابعني؟ إيًا أكثر أحوال السلف (من الصحابة والتابعني) على عدم العمل مبعىن أو بظاهر هذا‬
‫النص‪.‬‬

‫طبعا جاء من أهل العلم من قال‪ :‬أن هذا احلديث ميكن أن يعمل به يف ٍ‬
‫وجه‪ .‬نص على هذا‬ ‫ً‬
‫طوائف من السلف ومنرم ابن حزم وهيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحرما هللا‪ -‬وابن القيم وغّيهم‪،‬‬
‫يف أنه إيا عرف منه الفساد‪ ،‬كاملروج وحنوه‪ ،‬الذ يروج اخلمر ويدمن عليه وال ميكن أن يقلع عنه؛‬
‫فإنه جيوز لإلمام مصلحةً قتله‪ .‬وأن هذا النص على ظاهره لكن ال يعمل به يف كل حال‪.‬‬

‫إذًا احلق اآلن والسنة املتبعة والطريق السابلة على مقتضى نص الشاطيب هو مايا؟ يف اتباع‬
‫األكثر والغالب‪ ،‬ويف القليل ال‪ ،‬ال بد من حتوط ٍ‬
‫وحتر وتثبت‪ ،‬وإن مل تعمل به قد يكون أسلم؛ ألن‬
‫أحدا من السلف سبقك إىل هذا املفروم‬
‫األوىل أضبط‪ ،‬أنك تعمل مبا كان عليه وتطمئن إىل أن ً‬
‫وإىل العمل مبقتضاه‪ .‬وهذا معىن كالم اإلمام أمحد‪" :‬إايك أن تفيت يف مسألة ليس لك فيرا إمام"‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪11‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪-‬مثًذكرًاحلالةًالثالثة‪ :‬وهي أنه ال يعمل به [أ النص[ م ً‬


‫طلقا‪ ،‬فرذا ال هك أن احلق هو‬
‫حقا ويغفل عنه أصحاب النيب ﷺ والسلف‬
‫يف عدم العمل مبعناه وظاهره؛ ألنه ال ميكن أن يكون ً‬
‫وغّيهم‪ .‬ويكر لكل ٍ‬
‫حال أمثلة يطول سردها‪.‬‬

‫لكن هذه املقدمة الثانية (املتفرعة عن األوىل)‪ً،‬هتمناًكثرياًمنًحيث‪ً :‬‬

‫أنًحكمًالعاذرًابجلهلًيفًأصلًالدينًيرجعًإىلًمعىن‪" :‬من مل يكفر املشركني أو هك يف‬


‫كفرهم‪ "...‬أليس كذلك؟ الذين يقولون بكفر العاير ابجلرل‪ ،‬يقولون‪" :‬هو مل يكفر املشركني‪،‬‬
‫ومن مل يكفر املشركني فرو كافر"‪ ..‬فّيجعرا إىل هذه القاعدة‪ ،‬ويرجعرا إىل هذا الناقض اجملمع‬
‫عليه يف اجلملة؛ فإيا كانت [عندان[ هذه القاعدة أو هذا األصل وهو "من مل يكفر املشركني‪...‬إخل"‬
‫(وكما قلت لكم يف املقدمة األوىل) ال بد أن أستدهلا‪ ..‬ما هو دليل هذا األصل؟ ليس ألنه انقض‬
‫توارد عليه أهل العلم أنين أغفل أصله ودليله؛ ألنين إيا عرفت أصله ودليله ومناطه‪ ،‬اتضح يل كيف‬
‫أتعامل معه‪.‬‬

‫األمرًالثاين‪ً:‬أنينًأنظرًكيفًيتعاملًالسلفًمعًهذاًالناقض‪ً .‬‬
‫أوال‪ :‬هل السلف تعاملوا‬
‫معه أو ال؟ إيا تعامل معه السلف‪ ..‬إيا كان هذا انقض وأصل ال هك أن السلف سيعرفونه‪ ،‬وإيا‬
‫كانوا يعرفونه كيف يتعاملون معه؟ وكتبرم طافحة‪ ،‬كتب السلف مدونة ومعروفة‪ ،‬ك ـ"هرح أصول‬
‫االعتقاد" لاللكائي‪ ،‬وكذلك كتب "السنة" لعبد هللا ابن اإلمام أمحد‪ ،‬ولإلمام أمحد‪ ،‬وحملمد بن‬
‫نصر املروز ‪ ،‬وكتب "اإلميان"‪ ،‬وكتب "خلق أفعال العباد" للبخار ‪ ،‬وأيب عبيد القاسم بن سالم‬
‫وغّيهم من الكتب األوائل‪ ،‬و"الرد على بشر املريسي" للدارمي‪ ،‬و"الرد على اجلرمية"‪ ...‬وغّيهم‪،‬‬
‫كتب كثّية ومصنفات‪ ،‬وال تزال املكتبة اإلسالمية كل يوم تفجؤان بكتاب ومبصدر جديد مما دونه‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪12‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫سلف هذه األمة يف مسائل االعتقاد ويف الرد على اخلصوم‪ ..‬وهل هذه املسائل من مجلترا؟ هذا‬
‫ما سنتحدث عنه إن هاء هللا تعاىل‪.‬‬

‫فراتني املقدمتني حنب االلتزام هبما يف حبثنا‪ ،‬وكذلك االستناد إليرما يف كثّي من حتديد‬
‫األحكام يف بعض هذه اجملاالت‪.‬‬

‫موضوعا آخر‪ ،‬هل يف إهكال حول هذا؟‬


‫ً‬ ‫قبل أن نطرق‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬كالم الشاطيب‪ ،‬النقطة الثانية‪ ..‬كمثال هارب اخلمر‪ ،‬هذه فيرا نص هذه؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬جاء فيرا نص‪.‬‬

‫‪ -‬السائل‪ :‬وكيف أدلل على أن هذا النص مل يعمل به؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬قال اإلمام الرتمذ ‪ :‬أمجع أهل العلم على عدم العمل مبعناه‪ .‬زين‪ ،‬لكن إىل مايا‬
‫وجرك أهل العلم؟ وجروك إىل أنه ميكن أن يعمل به (وهذا هو الصحيح) إن رأى اإلمام فيه‬
‫مصلحة‪ ،‬لكن هذا الباب ال يطرق إال يف أضيق األحوال‪.‬‬

‫ضا‬
‫مثال آخر حىت أوضح هذا‪ :‬جاء يف صحيح مسلم من حديث ابن عباس ‪-‬وهذا يفك أي ً‬
‫إهكاال فقريًا يقع فيه كثّي من اإلخوة‪" :-‬أن النيب ﷺ مجع بني الظرر والعصر ابملدينة واملغرب‬
‫ً‬
‫خوف وال سفر"‪ .‬ويف رواية‪" :‬من غّي ٍ‬
‫خوف وال مطر"‪.‬‬ ‫والعشاء من غّي ٍ‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طيب‪ ،‬كم فعلرا النيب من مرة؟‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪13‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬مرة‪.‬‬

‫وات﴾‬
‫‪ -‬الشيخ‪ :‬مرة واحدة‪ .‬جيد‪ ،‬وعندان أصل‪﴿ :‬إن الصالة كانت على المؤمنني كت ًااب موق ً‬
‫[النساء‪ .]103:‬والنيب ﷺ صلى مجيع الصلوات يف أوقاهتا‪ ،‬ونقل لنا مرة واحدة أنه مجع حىت ال‬
‫حيرج أمته‪ ،‬مايا يستدعي هذا من الناظر وطالب العلم والفقيه واملتحر يف دينه؟ أال يفعل هذا إال‬
‫يف أقل أحواله؛ ألن السلف ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬قلما جيمعون إال كأن يكون يف جادة طريق‪ ،‬أو يكون‬
‫يف حالة ضرورية حرجة‪.‬‬

‫مثال كثّي اآلن من اإلخوة ‪-‬أو كل اإلخوة‬


‫بل وأبلغ من هذا [أنه يسبب االبتعاد عن سنة أقرب] ف ً‬
‫يف اجلبرات جيمعون‪ ،-‬طيب هل هذا هو السنة؟ الغوص يف هذا والبعد عن السنة هبذه الصورة‬
‫جعل اإلخوة يغفلون عن سنة هي أوفق وأقرب وهي اليت كان عليرا حال النيب ﷺ وهي صالة‬
‫اخلوف‪ ،‬كان النيب ﷺ يصلي اخلوف وكل صالة يف وقترا‪ ،‬لكن اآلن لو تسأل أكثر اإلخوة ال‬
‫يعرف ما هي صفة صالة اخلوف (وهي واردة يف أكثر من مثانية أوجه)‪ ،‬وتدفعه إىل العمل ٍ‬
‫بوجه‬
‫ورد يف ٍ‬
‫حالة اندرة‪ ،‬واألسلم ‪-‬وكما قال الشاطيب‪ -‬والطريق السابلة اليت عليرا السلف أال جيمع‪..‬‬
‫سافرا إال كأن تكون يف جادة الطريق كما كان النيب جيمع يف طرقه وسفره‪،‬‬
‫ال جتمع حىت لو كنت م ً‬
‫اندرا‪.‬‬
‫قليال ً‬
‫أو يف حالة ضرورية‪ ،‬ويكون ً‬

‫"قليال"‪!..‬؟ النيب مجع‪،‬‬


‫ـ"اندرا"‪ً ،‬‬
‫بعض اإلخوة حينما نناقشه يف هذا يقول‪" :‬من أين أتيت ب ـ ً‬
‫وهذا أصل اثبت‪ "!!..‬نقول‪ :‬هذا اي إخوة جرل بقواعد أصول الشرع الكلية‪ ،‬وقواعده العامة‪،‬‬
‫ومقدماته اليت يفرم على ضوئرا النص الشرعي‪ .‬فأان أرى النيب ﷺ يعمل ابلصالة يف وقترا يف كل‬
‫أحواله إال حال واحدة‪ ،‬مث أجرؤ وأطرق هذا الباب وأان ليس يل فيه سلف!؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪14‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫وهلذا ما جتدون أن أكثر أهل العلم قالوا مبوجب هذا النص‪ ،‬بل منرم من أتوله ومنرم من‬
‫محله على احتماالت؛ والصواب ما يهب إليه أهل العلم كابن سحنون وابن وهب والقفال‪ ،‬ورجحه‬
‫أيضا ابن حزم وهيخ اإلسالم وغّيهم‪ ،‬من أن اجلمع يكون يف صور اندرة يتحقق فيرا املعىن الذ‬
‫ً‬
‫من أجله مجع النيب ﷺ‪ ،‬وهو ما جاء يف صحيح مسلم‪" :‬لئال حيرج أمته"‪.‬‬

‫فإيا كانت الصالة يف وقترا ستحرج (ستوقع اإلنسان يف حرٍج)‪ ،‬فإنه ال حرج ويكون على‬
‫سبيل الندور والقلة‪ ،‬ال يكون على سبيل الكثرة واألصل‪ ،‬وهذا معىن كالم الشاطيب يف احلال الثانية‪:‬‬
‫وجه آخر‪،‬‬‫وجه ويكون الذ عليه عمل أكثر السلف أو دوامه على ٍ‬ ‫أن أييت نص يعمل به يف ٍ‬
‫فاألصل هو أن يعمل به يف الوجه اآلخر‪.‬‬

‫نشرع إن هاء هللا تعاىل بعد هاتني املقدمتني املرمتني إبين هللا يف فرم هذا الناقض‪.‬‬

‫وقبل اخلوض يف هذه املسألة‪:‬‬


‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫صورته‪:‬‬ ‫أصل الدين‬
‫العذر ِباللج ِهل في ِ‬
‫هو أن يرى أن التوحيد هو صرف العبادة هلل‪ ،‬وأن العبادة هي حمض حق هللا تعاىل‪ ،‬وأن من‬
‫صرف هذه العبادة لغّي هللا فرو مشرك كافر‪ ،‬إال ‪-‬وهذا هو األصل‪ ،-‬إال إن منعت موانع هرعية‬
‫من حلوق حكم الكفر به‪ ،‬كاإلكراه‪ ،‬فإن الرجل إيا سجد لصن ٍم م ً‬
‫كرها فإنه‪ ..‬هل يكفر؟‬

‫‪ -‬أخ‪﴿ :‬إال من أكره وقـلبه مطمئ ٌّن ابإلميان﴾ [النحل‪.]106:‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪15‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫قطعا‪ .‬وإيا سجد لصن ٍم خطأً؟‬


‫‪ -‬الشيخ‪﴿ :‬إال من أكره وقـلبه مطمئ ٌّن ابإلميان﴾‪ ،‬ال يكفر ً‬
‫هل يكفر؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬سقط عن أميت اخلطأ والنسيان‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬نعم‪ ،‬كما جاء يف صحيح البخار ‪ ،‬أن أنس ‪-‬رضي هللا تعاىل عنه‪ -‬كان يصلي‬
‫أمام ق ٍّب قد غفل عنه‪ ،‬فأهار إليه عمر‪ ،‬فقال‪ :‬القّب القّب‪ ..‬قال أنس‪ :‬فظننته يقول‪ :‬القمر القمر‪..‬‬
‫قال‪ :‬فرفعت بصر إىل السماء‪ .‬مث أرهده عمر إىل أن القّب أمامك‪ ،‬فكان أنس ال يعرف‪ ..‬فرذا‬
‫خطأ‪ ،‬وال يقول أحد أن أنس قد أهرك‪ .‬وكذلك األصل يف هذا حديث ما جاء يف الصحيح‪ ،‬أن‬
‫الرجل الذ قال "اللرم أنت عبد وأان ربك"‪.‬‬

‫صحيحا‪ ،‬فيقع يف‬


‫ً‬ ‫فاألصلًأنًاخلطأًمانع حىت يف مسائل أصول الدين‪ ،‬وهو أن يريد معىن‬
‫معىن ٍ‬
‫فاسد ال يدر عنه‪ .‬وليس هذا هو "عدم القصد" الذ حيتج به أهل اإلرجاء‪ ،‬الذين يقولون‪:‬‬
‫"هو فعل هذا‪ ،‬لكن ال يريد أنه يكفر"‪ ،‬ال هذا خيتلف‪ ،‬هذا عدم قصد غّي معتّب‪ ،‬لكن عدم‬
‫صحيحا فيقع يف ٍ‬
‫فعل خاطئ‪ .‬فإيا وقع يف هرك‬ ‫ً‬ ‫فعال‬
‫القصد هنا هو‪ :‬اخلطأ يف الفعل‪ ،‬وأن يريد ً‬
‫كرها أو ُمطئًا ال هك أنه ال يكفر‪.‬‬
‫م ً‬

‫كذلك عند العاير ابجلرل‪ ،‬يقول‪" :‬واجلرل عند مانع من موانع األهلية أو من موانع‬
‫جاهال فإين ال أكفره"‪.‬‬
‫التكليف‪ ،‬فإيا وقع يف الشرك ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪16‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫إ ًيا صورة الذ يعذر ابجلرل ما هي؟ يعرف التوحيد‪ ،‬ويعرف الشرك‪ ،‬ويرى أن كل من تلبس‬
‫ابلشرك فرو كافر مشرك إال من توفرت فيه املوانع‪ ،‬ومن املوانع عنده‪ :‬اجلرل‪ .‬هذه صورة العاير‬
‫ابجلرل‪.‬‬
‫ُ‬
‫لنعتقده‪:‬‬ ‫ندين َ‬
‫للا عز لجل ِبه‬ ‫الذي ُ‬

‫أنه ال أحد يعذر ابجلرل يف أصل الدين‪ ،‬وأن كل من تلبس ابلشرك والكفر األكّب‪ ،‬وكان هذا‬
‫من مسائل أصول الدين؛ فإنه ال يعذر فيه ٍ‬
‫جبرل وال بتأويل‪ ،‬لظرور حجة هللا عز وجل يف كتابه‬
‫أحدا جرله‪ ،‬والذ جيرل‬
‫ويف سنة نبيه‪ ،‬ولظرور كلمة اإلسالم ومعرفة اجلميع هبا؛ فرذا مما ال يسع ً‬
‫أصال‪ .‬وحبث هذه القضية يطول‪ ،‬ولكن هذا الذ‬
‫هبذا أو ال يدخل فيه فرو مل يدخل يف اإلسالم ً‬
‫ندين هللا عز وجل به وهذا الذ نعتقده‪.‬‬

‫دائما‬
‫دائما هو يف األول (وهو الذ وقع يف الشرك وتلبس به) موضوعنا ً‬ ‫فليس موضوعنا ً‬
‫وحمل خصومتنا مع املخالفني هو يف الثاين (الذ يعذر ابجلرل)‪ ..‬هو مل يتلبس ابلشرك‪ ،‬ومل يقع‬
‫فيه‪ ،‬وكما أوقفتكم على صورته (يعرف التوحيد‪ ،‬ومستسلم هلل عز وجل‪ ،‬ويقول أن كل من وقع يف‬
‫الشرك هو كافر مشرك‪ ،‬إال من توفرت فيه موانع ثبتت عند ابلشرع أهنا موانع‪ ،‬كاإلكراه واخلطأ‬
‫واجلرل)‪ ..‬فرذا ما املوقف الشرعي منه؟‬

‫وهو الذ حصلت يف اخلصومة‪ ،‬وأان أنصص على هذا؛ ألنه ال يشغب ويستكثر بعض الناس‬
‫حينما أتيت عند هذه القضية فيقول‪" :‬اي أخي‪ ،‬التوحيد هو أصل بعثة الرسل و‪"!!...‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪17‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫طيب اي أخي حنن نعرف هذا‪ ،‬وهلذا نكفر كل من وقع يف الشرك‪ ،‬اأاي كان‪ ،‬ونقتله‪ ،‬ال أتت‬
‫وتشغب علي هبذا؛ ليس هذا هو موطن االحتجاج أو االستدالل‪ ،‬أان أحتدث عن ما هو أبعد من‬
‫يلك‪ ،‬وهو الذ مل يكفره‪ ،‬ليس من تلبس ابلكفر ووقع فيه‪.‬‬

‫طيب ما دليلكم على كفر العاير ابجلرل؟ هو أنه مل يكفر املشركني‪ ،‬ومن مل يكفر املشركني‬
‫أو هك يف كفرهم؛ فرو كافر‪.‬‬

‫بالحديث عن هذا الناقض‬ ‫اللج ِهل‬ ‫إذا ال ُبد من ْأن َنسبق الحديث عن َ‬
‫العاذر ب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫لهذا اوأصل‪ ،‬لهو‪َ :‬من لم ُيك ِفر املشركين أل شك في كفرهم‪..‬‬

‫فنقول وابهلل تعاىل التوفيق‪:‬‬

‫أوال‪ :‬هذا األصل وهذا الناقض قد حتدث به السلف‪ ،‬واستعملوه يف مصنفاهتم ودواوينرم‪،‬‬
‫فاآلن اي إخوة نطمئن ‪-‬وهلل احلمد‪ -‬إىل أن السلف سبقوان إىل يكر هذا الناقض وإىل يكر هذا‬
‫األصل‪ ،‬وأهنم استعملوه يف أبواب اإلميان والكفر؛ فال هو من عندايت هيخ اإلسالم ابن تيمية وال‬
‫أيضا نرد به على املبطلني‬
‫مجيعا‪-‬؛ وهذا ً‬
‫من بدع كالم اإلمام حممد بن عبد الوهاب ‪-‬رمحرم هللا ً‬
‫الذين ال يعتّبون هبذا الناقض واألصل‪ ،‬يقول‪" :‬هذا من كالم هيخ اإلسالم حممد بن عبد‬
‫كثّيا هو والشيخ حممد بن عبد الوهاب‪ ،‬وهلذا نسب‬ ‫طبعا هيخ اإلسالم استعمله ً‬
‫الوهاب"‪ً ..‬‬
‫إليرما‪ ،‬ولكن سبقرما سلف هذه األمة‪ ،‬حتدثوا فيه وتعاملوا به وأجروا حكم الكفر على املخالفني‬
‫بناءً عليه‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪18‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فمنًأولًمنًذُكِرًأنهًحت ّدثًهبذاًالناقض ما رواه اإلمام عبد هللا بن أمحد يف كتابه "السنة"‬


‫عن سفيان بن عيينة إمام أهل مكة املتوىف سنة ‪198‬ه‪ ،‬فقد كانت الفتنة يف زمانه فتنة القول خبلق‬
‫القرآن‪ ،‬وكانت فتنة عمت فأصمت‪ ،‬وقوهلم كفر حمض؛ ألنه نسبة صفة من صفات هللا إىل احلدوث‬
‫وإىل أهنا ُملوقة حادثة‪ ،‬فسفيان بن عيينة مايا كان يقول؟‬

‫كان يقول‪" :‬القرآن كالم هللا غّي ُملوق‪ ،‬من قال‪ُ :‬ملوق‪ ،‬فقد كفر‪ ،‬ومن هك يف كفره‪،‬‬
‫فقد كفر"‪ .‬يعين الذ يشك يف كفر من يقول خبلق القرآن هو كافر مثله‪ ،‬وإن كان مل يقل بقوله‪،‬‬
‫لكنه مل يكفره؛ هو كافر مثله‪ .‬هذا استعمال هلذا الناقض‪.‬‬

‫كذلك رو عن أيب بكر بن عياش اإلمام املقرئ العابد‪ ،‬كان يتحدث عن املوضوع نفسه‬
‫حيث أورده الاللكائي يف "هرح أصول اعتقاد أهل السنة"‪ ،‬وكذلك حتدث عن هذا اإلمام سلمة‬
‫بن هبيب املكي ‪-‬من أئمة أهل السنة‪ ،-‬فقد أورد اخلطيب البغداد يف اترخيه وكذلك احلافظ‬
‫ابن حجر يف "هتذيب الترذيب" أن سلمة بن هبيب سئل عن ٍ‬
‫رجل يقال له احللواين‪ ..‬يقول‪:‬‬
‫"القرآن كالم هللا‪ ..‬لكن الذ يتوقف يف هذا ال أكفره وأتوقف فيه"‪ ،‬سئل عن احللواين فمايا قال‬
‫سلمة بن هبيب ملا سئل عن احللواين وعن مقالته؟ قال‪" :‬هذا يرمى يف احلش(‪ ،)1‬من مل يشرد‬
‫أيضا استعمال لإلمام سلمة بن هبيب (وهو من أصحاب القرون‬ ‫بكفر الكافر فرو كافر"‪ .‬فرذا ً‬
‫احتجاجا به‪.‬‬
‫ً‬ ‫املفضلة) هلذا الناقض و‬

‫وكذلك نقل عن أيب حامت الراز وعن أيب زرعة الراز وعن اإلمام أمحد‪ ..‬فقد أورد القاضي‬
‫أبو يعلى يف "طبقات احلنابلة" أن اإلمام مسدد بن مسرهد هيخ البخار ‪ ..‬تقرؤون يف صحيح‬
‫اإلمام البخار حينما يقول‪" :‬حدثنا مسدد"‪ ،‬وهذا أكثر هيوخ البخار الذين روى عنرم‪ ،‬وكان‬

‫(‪ )1‬الكنيف‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪19‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫على امسه ‪-‬رمحه هللا‪ -‬مسد ًدا‪ ،‬ومن الطرائف أن ما يذكره أصحاب التواريخ واملعاجم أن امسه –‬
‫جدا‪ ،-‬امسه مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن سرندل بن عرندل‪..‬‬ ‫طبعا امسه غريب ً‬ ‫ً‬
‫فرذا من التوافق الغريب الذ توارد عليه أجداده‪.‬‬

‫فاإلمام مسدد ‪-‬رمحه هللا‪-‬كان أحد هيوخ البخار ويف زمن اإلمام أمحد أرسل له رسالة‬
‫يسأله عن حكمه على القدرية والرافضة واملعتزلة واجلرمية‪ ،‬كانت رسالة عظيمة جليلة‪ ،‬فلما وصلت‬
‫لإلمام أمحد أجاب عليرا اإلمام أمحد ومسيت "رسالة اإلمام أمحد لمسدد"‪ ،‬أجاب فيرا اإلمام‬
‫أمحد‪ ،‬ومن مجلة ما أجاب فيه‪ :‬قال‪" :‬من قال‪ :‬القرآن ُملوق‪ ،‬فرو كافر‪ ،‬ومن مل يكفره فرو‬
‫كافر"‪ .‬وحتدث عن القدرية والرافضة‪ ،‬قال‪" :‬من مل يكفرهم‪ ،‬فرو كافر"‪ .‬ال يتحدث عنرم‪ ،‬فكفرهم‬
‫ظاهر جممع عليه‪ ،‬بل قال‪" :‬من مل يكفرهم‪ ،‬فرو كافر"‪.‬‬

‫إ ًيا إطالقات العلماء وتعاملرم هبذا الناقض له أصل‪ ،‬فنطمئن إىل أن أهل العلم األوائل يعرفون‬
‫بناء عليه؛ وابلتايل فإننا إيا كان األمر كذلك‪ ،‬ملايا خنرج من احليز‬
‫قطعا وحيكمون ً‬
‫هذا الناقض ً‬
‫الذ يستعمله السلف وأهل العلم‪ ..‬ملايا خنرج هذا الناقض من حيزهم!؟ لنتعامل ونفرمه على‬
‫وفق ما يفرمونه‪.‬‬

‫إذا احلديث عن من مل يكفر املشركني‪ً :‬‬


‫أوال‪ :‬أن السلف والعلماء املتقدمني يكروه ونصوا عليه‪،‬‬
‫وتعاملوا على وفقه‪.‬‬

‫أيضا على ما يكرانه)‪ً:‬هذا األصل كيف يهبنا إليه وكيف قلنا به؟‬
‫األصلًالثاينً(وهو ينبين ً‬
‫جدا‪ ،‬يقول فيرا‪ :‬أنه قد دخل على أصحاب‬
‫اإلمام ابن تيمية ‪-‬رمحه هللا‪ -‬له كلمة نفيسة مرمة ً‬
‫األئمة من الغلط يف فرم نصوص أئمترم من جنس ما دخل على األولني من الغلط يف فرم نصوص‬
‫الشرع‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪20‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ويعين هبذا هيخ اإلسالم‪ :‬جاءت نصوص هرعية يسميرا العلماء‪" :‬نصوص الوعيد"‪ ،‬هذه‬
‫النصوص جاءت مطلقةً‪ ،‬وتصف كل من قارف سبب هذا الوعيد حبكمرم‪ ،‬فجاء قول النيب ﷺ‪:‬‬
‫"لعن آكل الراب وموكله وكاتبه وهاهديه"‪ .‬وجاء‪" :‬لعن هللا هارب اخلمر"‪ ،‬ولعن الزاين‪ ،‬ولعن‬
‫السارق‪ ،‬ولعن الكايب‪ ،‬وجاء قول هللا عز وجل‪﴿ :‬ومن يـقتل مؤمنًا ُّمتـعم ًدا فجزاؤه جرنم خال ًدا‬
‫يما﴾ [النساء‪ .]93:‬كل هذه النصوص وما هو من‬ ‫فيرا وغضب اَّلل عليه ولعنه وأعد له عذ ًااب عظ ً‬
‫جنسرا يدخله أهل العلم يف قسم الوعيد العام‪ .‬فكيف تفرم؟‬

‫حصلًهناكًغلطًعندًبعصًالعلماءًواألولني‪ ،‬ماًهو؟ ينزلون حكم هذا النص على كل‬


‫ّ‬
‫طلقا‪،‬‬
‫من تلبس بسببه؛ فيقولون لشارب اخلمر أنت ملعون وفاسق؛ وابلتايل جيوزون لعن الفاسق م ً‬
‫وآكل الراب ملعون‪ ،‬والقاتل يف ظاهره أنه ال يغفر له وأنه خالد يف النار ُملد فيرا‪ ،‬فشاهبوا اخلوارج‬
‫يف بعض مقالترم‪ ،‬وهذا غلط‪.‬‬

‫احملقق ًونًمنًأهلًالسنةًواجلماعة على أن هذا من نصوص الوعيد العامة املطلقة اليت يسوغ‬
‫إطالقرا مع وجوب مراعاة توفر الشروط وانتفاء املوانع يف إنزال أحكامرا على األعيان‪.‬‬

‫فمثال‪ :‬جاء الشرع إبطالق لعن هارب اخلمر‪ ،‬ولكن ملا جيء برجل من أصحاب النيب وكان‬
‫يشرب اخلمر‪ ،‬فجلد‪ ،‬فقال رجل‪ :‬لعنه هللا ما أكثر ما يؤتى به‪ .‬فمايا قال النيب ﷺ؟ "ال تلعنه‪،‬‬
‫فإنه حيب هللا ورسوله"‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬اللعن جاء عا اما‪ ،‬يف ٍ‬


‫وعيد عام‪ ،‬ولكن ملا جاء هنا‪ ..‬يعين نظر [إىل حالة] معني‪ ،‬نفى‬
‫النيب ﷺ عنه هذا احلكم؛ ألنه قام به مانع مينع من حلوق احلكم به وهو أنه حيب هللا ورسوله‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪21‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫وهلذا يهب مجاهّي أهل العلم يف أن األصل أن الفاسق ال يلعن‪ ،‬ألنه قد يكون يف قلبه أنه‬
‫مانعا من حلوق حكم اللعن به‪ .‬إ ًيا ال جيوز لعن الفاسق‪.‬‬
‫حيب هللا ورسوله ويكون هذا ً‬

‫كذلك القاتل‪ ،‬قالوا القاتل األصل من حيث اإلطالق أن ينبه مستحق ألن خيلد به يف النار‪،‬‬
‫لكن جاءت النصوص الشرعية األخرى اليت تبني أن التوحيد و"ال إله إال هللا" مانعة من خلود‬
‫قاتال‪.‬‬
‫أصحاهبا يف النار‪ ،‬ولو كان صاحبرا ً‬

‫إذا هذا الفرم الدقيق ال بد منه‪ ،‬كما أنه ال بد منه يف النصوص الشرعية ال بد منه يف فرم‬
‫كالم العلماء‪ ..‬ألن هيخ اإلسالم مايا يقول؟ الغلط دخل‪ ،‬مثلما دخل على األولني يف فرم‬
‫نصوص الشرع‪ ،‬دخل على أصحاب األئمة يف فرم نصوص أئمترم‪ ..‬كيف هذا ابملثال؟‬

‫يسمعون أن بعض األئمة والعلماء يقول‪ :‬من قال كذا فرو كافر‪ ،‬ومن مل يكفره فرو كافر‪..‬‬
‫فيأيت مباهرة وحيتج هبذا اإلطالق على تكفّي املعني‪ .‬وهذا ليس بصواب‪ ،‬واألئمة أنفسرم مل يريدوا‬
‫هذا املعىن‪.‬‬

‫مثال‪ :‬اإلمام أمحد ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف رسالته لمسدد‪ ،‬ملا قال‪" :‬من قال القرآن ُملوق فرو كافر‪،‬‬
‫وملن مل يكفره فرو كافر" كيف تعامل معه؟ نظر إىل تصرفات أمحد ‪-‬رمحه هللا‪ -‬وعمله‪ ..‬هو اي‬
‫إخوة من الذ يقول القرآن ُملوق؟ من هو؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬املعتزلة‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬املعتزلة واجلرمية‪ ،‬وقد نقل ابن القيم ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف "الكافية الشافية" عن مخسمائة‬
‫من أهل العلم القول بكفر اجلرمية‪ ،‬فاجلرمية كفار من حيث الوصف واإلطالق بل يشبه كفرهم‬
‫بكفر اليرود والنصارى وأغلظ؛ وهلذا اإلمام أبو عبد الرمحن عبد هللا بن املبارك املروز ‪-‬رمحه هللا‪-‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪22‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ملا سئل عن حديث‪" :‬تفرتق هذه األمة على ثالث وسبعني فرقة‪ ،‬كلرا يف النار إال واحدة"‪ ،‬سئل‬
‫أصال مل يدخلوا يف اخلطاب‪ .‬هم خارجون من‬ ‫عن اجلرمية هل هم من هذه الفرق؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬هم ً‬
‫الثالث وسبعني كلرم‪- ..‬الحظ‪!-‬‬

‫فتكفّيهم أمر ظاهر معلوم‪ ،‬واإلمام أمحد يكفرهم ويكفر من مل يكفرهم (من حيث اإلطالق)‪،‬‬
‫اماما‪ ،‬فنجد‬
‫لكن إيا أردان التحرير ودقة املعىن وإنزال هذا احلكم على األعيان يتغّي أسلوب أمحد ً‬
‫أن اإلمام أمحد كان يرتحم على بعض اجلرمية!! ال على الذين مل يكفروهم بل على بعض اجلرمية‬
‫أنفسرم‪ ..‬مثل املعتصم‪ ،‬فقد كان من رؤوس اجلرمية‪ ،‬بل ابتلى وفرض هذه البدعة ودعا إليرا‬
‫وامتحن الناس فيرا‪ ،‬ولكن ملا قام بغزوته وجراده يف عمورية‪ ،‬وبلغ اإلمام أمحد قتاله لرفع راية‬
‫اإلسالم هناك قال‪ :‬اللرم إين قد غفرت له‪ ،‬فاغفر له‪.‬‬

‫وقصة فتح عمورية معروفة‪ ،‬وهي اليت قال فيرا أبو امام‪:‬‬

‫ف ــي ح ـ ــده ال ــح ـ ُّـد ب ــي ــن ال ــج ــد والل ــع ــب‬ ‫الس ــي ــف أص ـ ــدق أن ــب ـ ــاءً م ـ ـ ــن ال ــك ــت ــب‬
‫نظ ــم م ــن الشع ــر أو نـث ــر م ــن اخل ــط ــب‬ ‫ف ــت ــح الفـ ـت ــوح ت ــع ــال ــى أن يـ ـحـ ـي ــط ب ـ ـ ـ ــه‬

‫إىل آخر القصيدة املعروفة‪ ،‬ميدح هبا ويثين على فتح عمورية حينما استنجدت به املرأة ملا قالت‬
‫"وا معتصماه"‪.‬‬

‫وهذا يوجه كالم هيخ اإلسالم الذ قال فيه‪ :‬وأهل العلم واحملققني قد يرى فيمن قد يصدق‬
‫مانعا من إحلاق حكم الوعيد‬
‫وصفا من اإلميان واجلراد واحلرص على متابعة الرسول ما يكون ً‬
‫فيه ً‬
‫به‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪23‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫وهذا مثل تصرف اإلمام أمحد ‪-‬رمحه هللا‪ ،-‬فاإلمام أمحد ما كان يكفر بعض أعيان اجلرمية‪،‬‬
‫طيب هلون‪!..‬؟ وهو يقول‪" :‬من مل يكفرهم فرو كافر"‪!..‬؟ إ ًيا هذا من حيث اإلطالق‪ ،‬أما من‬
‫حيث التعيني وإنزال حكم على األعيان‪ ،‬فإهنم يراعون فيرا توفر الشروط وانتفاء املوانع‪ ،‬وهو ‪-‬‬
‫عاداي بل كفر ضرور )‪ ،‬كفر بعض أعياهنم‬
‫كفرا ً‬‫رمحه هللا‪ -‬كفر بعض أعيان اجلرمية (وكفرهم ليس ً‬
‫كما جاء يف كتاب "حبر الدم فيمن تكلم فيه اإلمام أمحد مبدح أو يم" ليوسف بن عبد اهلاد ‪..‬‬
‫فقد سئل عن أمحد بن أيب دؤاد فقال‪ :‬هذا كافر حالل الدم‪ .‬إ ًيا كفر بعض أعياهنم ومل يكفر‬
‫البعض اآلخر‪.‬‬

‫الشاهد‪ :‬اآلن لو أان استندت إىل القول املطلق لإلمام أمحد‪ ،‬مايا سأخرج به؟ كلرم كفار‬
‫والذ ال يكفرهم‪ ،‬بل قد يدخل اإلمام أمحد يف مجلة هذا‪- ..‬حاهاه رمحه هللا‪ .-‬الحظ يف التعامل‬
‫مع هذا اإلطالق‪.‬‬

‫طيب هل نقول‪" :‬غفر هللا لألئمة ‪-‬رمحرم هللا‪ ،-‬ملايا هذه اإلطالقات وملايا هذا االرتباك؟!"‬
‫نقول‪ :‬ال‪ ،‬بل يسوغ هذا اإلطالق؛ ألهنم (األئمة) كما قال أهل العلم جيارون يف إطالقاهتم نصوص‬
‫الوعيد العام اليت جاءت ابإلطالق‪ ،‬ولكن يف حكم املعني يتغّي احلال‪ ،‬كذلك األئمة‪ ،‬وخاصة أن‬
‫إطالقاهتم تكون يف املكفرات اليت ظررت يف زماهنم وعمت وطال املسلمني هررها وخطرها؛ فرم‬
‫يطلقون هذا اإلطالق من ابب تقبيح هذا الكفر والتحذير منه‪ ،‬حىت ال يبقى ٍ‬
‫ألحد جماًال للشك‬
‫كثّيا يف فرم النصوص‪ ،‬حىت أئمة الدعوة النجدية يطلقون‬
‫أو الرتدد أو التوقف‪ .‬وهذا سيخدمنا ً‬
‫بعض اإلطالقات‪ ،‬لكن عند التعيني جندهم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬يتوقفون‪.‬‬

‫منًأجلًهذا راعى بعض العلماء اإلطالق العام‪ ،‬لكن ً‬


‫بعضا منرم مل يستعمله‪ ،‬حىت يف‬
‫حديثه عن املعىن العام صار يقيد ويضبط خشية أن يفرم ٍ‬
‫بسوء أو ينسب إليه غلط‪ ..‬يعين بعض‬
‫العلماء من السلف األوائل يطلقون هذه اإلطالقات وبنفس الكفر الذ حتدث عنه الذين قالوا‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪24‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫"من مل يكفرهم فرو كافر" لكنًإبطالقًوتقييد‪ ،‬وليس بينرم اختالف‪ ،‬بل هو توافق مبعىن صحيح‬
‫مثال يف مسألة وأوسعرا حبثًا وكالمه‬
‫ولكن تنوعت العبارة مراعا ًة ل ـ‪[ ..‬الظروف يف زمنرم]‪ ،‬هو تكلم ً‬
‫عن هذه املسألة خبصوصرا‪ ،‬فيسرب فيرا ويطيل ويفحص وحيرر ويدقق ويؤصل ويفصل‪ ،‬بينما‬
‫رجل آخر من أهل العلم تكلم عن هذه املسألة عارضةً‪ ،‬فرو يطلق فيرا القول‪.‬‬

‫مثال كتاب "اإلميان" لإلمام أيب عبيد القاسم بن سالم‪ ،‬وهو ممن عاصر اإلمام أمحد ومن‬
‫ف ً‬
‫أئمة اإلسالم‪ ..‬بل من الطرائف اليت قرأهتا البارحة يف كتاب "الطبقات الشافعية الكّبى" للسبكي‪،‬‬
‫ملا يكر سّية أبو عبيد القاسم بن سالم يكر أن اإلمام حصلت بينه وبني اإلمام الشافعي مناظرة‪..‬‬
‫ومناظرات الشافعي كثّية ويف الغالب أنه ال يغلب‪ ،‬كل من انظره يرجع إىل قوله‪ ..‬قال اتج الدين‬
‫السبكي‪ :‬إال هذه املناظرة! انظر أبو عبيد القاسم بن سالم يف مسألة (القرء هل هو احليض أو‬
‫الطرر) وهي مسألة مشرورة معروف اخلالف فيرا بني أهل العلم‪ ،‬قال‪ :‬فأورد اإلمام الشافعي‬
‫موردا وال مصد ًرا يف االستدالل‪،‬‬
‫حبججه‪ ..‬واإلمام الشافعي صاحب "الرسالة" إيا أسرب ما يدع ال ً‬
‫رجال ‪-‬كما قال‬
‫يذهب بلب خصمه‪ ..‬قال‪ :‬فجاء أبو عبيد واهنال عليه ابالستدالالت وكان ً‬
‫علما‪ ،‬وكان أكّب من اإلمام أمحد‪ ..‬قال‪ :‬فانفض اجمللس‬
‫أحد أصحاب اإلمام أمحد‪ -‬كاجلبل‪ ،‬يعين ً‬
‫(ما أحد اقتنع)‪ ،‬وكل منرم يقول بقول صاحبه!!‬

‫[يعين] أبو عبيد قال يبدو أنه كالم اإلمام الشافعي هو األصوب (يف نفسه)‪ ،‬والشافعي يقول‬
‫وهللا كالم أبو عبيد وهللا أعلم أنه هو األصوب‪ ..‬يقول اتج السبكي‪ :‬وقلما تكون هذه لعاٍمل أمام‬
‫فعال أقنع الشافعي‪!..‬؟‬
‫الشافعي‪ .‬من هذا الذ ً‬

‫جدا‪ ،‬أثبترا يف كتابه "الرسالة" والذ نصر به مذهب أهل احلديث‬‫الشافعي عنده أصول قوية ً‬
‫يف طرق استنباطرم والقواعد اليت يستخرجون منرا األحكام ابألدلة يف موضوع األمر والنري والبيان‬
‫جدا‪ ،‬أنت بس تفتح‬
‫والعام واخلاص واملطلق واملقيد وغّيها‪ ،‬يف كتاب "الرسالة"‪ ،‬هو كتاب عظيم ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪25‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫وتقرأ وتتمتع ابألسلوب العريب الذ يتحدث به الشافعي‪ ،‬ليس أبسلوب املختصرات وال بطريقة‬
‫فعال كأنك أمام ديوان‬
‫املتون الفقرية املتأخرة‪ ،‬ال‪ ،‬كأنك أمام رجل من العرب ويتحدث إبسراب‪ً ،‬‬
‫صنفا أصالة يف أصول الفقه‪.‬‬
‫من دواوين األدب‪ ،‬وإن كان هو م ً‬

‫ومنًالطرائف ‪-‬حىت ال منلكم‪ ،-‬ملا كان اإلمام الشافعي مبكة كان اإلمام أمحد ‪-‬رمحه هللا‪-‬‬
‫معه صاحبه إسحاق بن راهويه إمام أهل خراسان يف الفقه‪ ،‬كانوا يهبوا إىل مكة ألخذ العلم عن‬
‫سفيان بن عيينة إمام أهل مكة‪ ،‬إسحاق بن راهويه وحيىي بن معني وأبو ثور واجلماعة‪ ..‬يقول‬
‫افتقدان أمحد يف جملس إسحاق‪ ،‬ما صار أييت‪ ،‬قلنا‪ :‬غفر هللا لإلمام أمحد يبدو أنه يتغيب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فجعلنا نبحث عنه‪ ،‬فوجدانه‪ ،‬قلنا‪ :‬وحيك اي أاب عبد هللا‪ ،‬قصدان مكة من بغداد‪ ،‬فزهدت يف‬
‫جمالس سفيان!؟ قال‪ :‬وهللا ما زهدت فيرا إال ملا هو خّي منرا‪ .‬قالوا‪ :‬وما ياك؟ قال‪ :‬رجل قرهي‬
‫وغدا أوقفكم عليه‪ .‬اإلمام‬
‫هاب‪ ،‬وجدته يف بعض سوار املسجد‪ ،‬ما رأيت مثل فقره وال علمه‪ً ،‬‬
‫أمحد هذه أول مرة يرى فيرا الشافعي‪..‬‬

‫فلما جاء من غد تركوا جملس سفيان بن عيينة ويهبوا إىل الشافعي ‪-‬رمحه هللا‪ ،-‬وإيا به يصلي‬
‫يف إحدى سوار مكة‪ ،‬فجلس‪ ،‬فقال أمحد إلسحاق‪ :‬انظره يف الفقه‪ ..‬فناظر الشافعي يف مسألة‬
‫جدا‪ ،‬فانبرر إسحاق‬
‫(عقار مكة‪ ،‬هل جيوز أتجّيه أو أنه ملك عام للمسلمني)‪ ..‬مسألة تطول ً‬
‫هبذا العلم الضخم الذ يورده الشافعي‪..‬‬

‫حادا يف املسائل الفقرية‪ ،‬الشاهد‪ :‬أنه وهو حيتد‬


‫أيضا‪ ،‬وكان ً‬‫وانقشه أبو ثور ‪-‬رمحه هللا‪ً -‬‬
‫يقول له اإلمام الشافعي وهو يتبسم‪ :‬اي أاب ثور‪ ،‬اإليناس قبل اإلبساس‪ ..‬قال أبو ثور‪ :‬وما هذا‬
‫أيضا!؟ يعين أتتينا بكلمات ما ندر وش هي‪..‬‬‫ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪26‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫الشافعي قرهي من صميم العرب‪ ،‬وكان قد نشأ يف (هذيل) وهي قبيلة من أهرر قبائل العرب‪،‬‬
‫وأهعاره مما تستشرد‪ ..‬وحىت أهل اللغة عدوا الشافعي حجة يف اللغة‪ ،‬ألنه نشأ من صميم العرب‪..‬‬

‫فقال‪ :‬وما اإليناس قبل اإلبساس؟ قال‪ :‬إن العرب قبل أن حتلب النوق تونسرا (يعين ميس‬
‫الضرع حىت يؤنسرا)‪ ،‬مث يبسرا [يقول‪ :‬بس‪ ..‬بس]‪ ،‬فيحلبرا‪ ..‬فأنت جزاك هللا خّي تريد أن تناظرين‬
‫هو آنسين‪ ،‬يعين ما أعرفك وجديد وتتحدث علي هبذه احلدة‪ !..‬يعين آنسين قبل أن تبسين‪..‬‬
‫‪-‬رمحه هللا رمحةً واسعة‪.-‬‬

‫فاإلمام أمحد ‪-‬رمحه هللا‪ -‬عجب لفقه الشافعي‪ ،‬فذهب إىل العراق وكان ينرى الناس عن قراءة‬
‫كتب أهل الرأ (يعين كتب أبو حنيفة ألهنا مبنية على الرأ وحنوها)‪ ،‬وكان يف بغداد بشر املريسي‬
‫رأس البدعة (املعتزلة)‪ ،‬وكان احملدثون يرابون من مناظرته‪ ،‬ألنه كان يو علوم واسعة‪ ،‬صاحب علوم‬
‫جدا‪ ..‬فكان ابن الزعفراين أييت لإلمام أمحد ويقول‪ :‬اي إمام‪ ،‬أال أتين لنا يف‬
‫ومعارف وثقافة عالية ً‬
‫قراءة كتب أيب حنيفة حىت نرد على هذا الرجل؟ صاحب رأ وصاحب ثقافة ما نستطيع أن نرد‬
‫عليه‪ ..‬قال‪ :‬ال‪ ،‬حىت أيتيكم الفىت املكي (يقصد الشافعي) فإنه قد واعدين‪.‬‬

‫وبشر املريسي متمرس يف بدعته وضالله وكان جملسه ميتلئ‪ ..‬قالوا‪ :‬فقدم الشافعي بغداد‬
‫واجتمع الناس حوله‪ ،‬فجاءه ابن الزعفراين وقال‪ :‬اي إمام‪ ،‬عندان هنا رجل خبيث امسه بشر املريسي‬
‫ما أحد يصمد له‪ ،‬ينقطع مناظروه كلرم‪ ،‬وإننا حنب أن تناظره أنت‪ .‬فقال الشافعي‪ :‬ال أفرغ‬
‫لذلك‪ ،‬لكن يف أ مسألة؟ قال‪ :‬أانظره يف مسألة الشاهد واليمني‪( .‬هذه مسألة قضائية)‪ ..‬بشر‬
‫املريسي يناظر يف كل هيء‪ ،‬مسائل فقرية‪ ،‬عقدية‪ ،‬حديثية‪ ،‬لغوية‪ ..‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬خذ هذا الكتاب‬
‫(كتاب الشاهد واليمني) اقرأه مث انظره به‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪27‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫داخال يف جملسه‪،‬‬ ‫يقول ابن الزعفراين‪ :‬فعكفت عليه‪ ،‬فلما جاء من ٍ‬


‫غد يهبت إىل بشر‪ ،‬فرآين ً‬
‫فقال‪ :‬جاءكم أهل احلديث (كاملسترزئ)‪ ..‬قال‪ :‬فتقدمت‪ ،‬فقلت‪ :‬أانظرك يف الشاهد واليمني‪.‬‬
‫الفا‪ ..‬قال‪ :‬انظر‪ .‬كان فيب قمة اجلرأة والقوة‪ ..‬قال‪ :‬فما زال يناظره‪ ،‬وابن‬
‫مرجورا ُم ً‬
‫ً‬ ‫ألن قوله كان‬
‫الزعفراين يظرر حبجته وبشر املريسي ينخفض حىت انقطع‪ ..‬يعين ما استطاع بشر املريسي أن‬
‫يتكلم‪ .‬فانبرر‪ ،‬والعامل كّبت‪ ،‬أول واحد خيصم بشر املريسي‪ ..‬فبشر املريسي قال‪ :‬هللا أكّب‪ ،‬وهللا‬
‫ما هذا بكالمك‪ ،‬هذا كالم رجل قد مسعته مبكة‪ .‬هذا العقل هذا أعرفه‪ ،‬هذا قد جلست معه‪..‬‬
‫إماما‪.‬‬
‫فعرف أنه اإلمام الشافعي‪ ..‬قال‪ :‬أعرفه يعين ما هو بكالمك يعين‪ ..‬فكان ‪-‬رمحه هللا‪ً -‬‬
‫فعلى قوة الشافعي أقنعه أبو عبيد ‪-‬رمحرما هللا‪ -‬ابملسألة‪..‬‬

‫نعود إىل أصل موضوعنا‪ ،‬وهو أن من أهل العلم من حيرر اإلطالق ومنرم من يطلقه‪ ،‬فأبو‬
‫جدا امسه "اإلميان" يتحدث فيه عن اإلميان‪ ،‬ولفظة‬
‫عبيد ‪-‬على إمامته وجاللته‪ -‬له كتاب عظيم ً‬
‫"املعتقد" أو "االعتقاد" طارئة حادثة‪ ،‬والسلف األوائل ما كانوا يسمون كتبرم املدونة يف علم‬
‫السنة" البن أيب عاصم اعرف أنه‬
‫ـالسنة‪ ،‬إيا رأيت كتاب امسه " ُّ‬
‫االعتقاد ابالعتقاد‪ ،‬بل يسموهنا بـ ُّ‬
‫السنة" لعبد هللا‪ ،‬يعين يف العقيدة ومسائل االعتقاد‪ ..‬ومنرم من يسمي مسائل االعتقاد‬
‫عقيدة‪ُّ " ..‬‬
‫كلرا ابإلميان‪ ،‬ومنرم من يسميرا ابلتوحيد‪ ،‬ك ـ"التوحيد" البن خزمية و"التوحيد" البن منده‬
‫وغّيهم‪ ..‬أما لفظة "االعتقاد" فري طارئة‪ ،‬ومن أهل العلم من يعتّبها ُمالفة لألوىل‪ ،‬ألهنا ميكن‬
‫أن يفرم منرا أن املعتقد ومسائل التوحيد حمصورة يف االعتقاد‪ ،‬وهذا غّي صحيح‪ ،‬فإيا نظرت يف‬
‫كتب التوحيد والسنة واإلميان جتد أهنا تتحدث يف االعتقاد وتتحدث يف اجلوارح وتتحدث يف‬
‫األقوال‪ .‬وهلذا عبارة السلف أوفق وأضبط‪" ..‬اإلميان‪ ،‬السنة‪ ،‬التوحيد"‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪28‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ولكن طرأ هذا مع كتاب "عقيدة أصحاب أهل احلديث" للصابوين ‪-‬رمحه هللا‪ -‬وهو يف القرن‬
‫اخلامس‪ ،‬مث كذلك تبعه الاللكائي يف "هرح أصول اعتقاد أهل السنة"‪ ،‬ولكن ال إهكال يف‬
‫االصطالح إيا كان املعىن واملؤدى صحيح‪ ،‬ولكن نقول األوىل‪.‬‬

‫علىًكلًحال‪" ،‬اإلميان" أليب عبيد القاسم بن سالم يتحدث فيه عن اجلرمية‪ ،‬فيقول ن ا‬
‫صا‪:‬‬
‫"وما رأيت أضل يف كفرهم (يعين يف كفر اجلرمية) من النصارى واليرود واملشركني"‪ .‬قال هم أضل يف‬
‫كفرهم من اليرود والنصارى واملشركني‪ ..‬قال‪" :‬وإين [الحظوا اآلن جاءت العبارة الشاهد] ألستجرل‬
‫من ال يكفرهم"‪.‬‬

‫قال‪ :‬الذ ال يكفرهم أحكم عليه ابجلرل‪ .‬هم أكفر من اليرود والنصارى واملشركني‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وأستجرل من ال يكفرهم‪ ..‬مث قال‪" :‬إال من ال يعرف كفرهم"‪ .‬فالذ ال يعرف كفرهم وحاهلم‬
‫أيضا أخرجه حىت من وصف اجلرل‪ .‬هذا مؤدى ومفاد كالمه‪.‬‬‫هذا ً‬

‫طيب العلماء قالوا‪ :‬من هك يف كفر اجلرمية فرو كافر‪!..‬؟ لكن هنا أبو عبيد ضبطه ألنه‬
‫يف موطن يستدعي هذا البحث‪.‬‬

‫كذلك اإلمام البخار له كتاب عظيم امسه "خلق أفعال العباد" يف الرد على القدرية واجلّبية‬
‫ألحد أن يعارضرا أو ينقضرا‪ ..‬يكر نفس النص‪ ،‬نقله يف كتاب‬ ‫لكن ابلسنة الثابتة اليت ما ميكن ٍ‬
‫"خلق أفعال العباد"‪" :‬ما رأيت يف الكفر أضل من اجلرمية‪ ،‬وإين ألستجرل من ال يكفرهم‪ ،‬إال‬
‫من ال يعرف كفرهم"‪ .‬فالحظ هنا التحرير‪.‬‬

‫كذلكًيف "هرح أصول االعتقاد" للاللكائي أليب حامت وأيب زرعة الراز ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬قالوا‪:‬‬
‫كفرا ينقل عن امللة‪ ،‬ومن مل يكفرهم بعد الفرم‪ ،‬فرو كافر"‪.‬‬
‫"من قال القرآن ُملوق‪ ،‬فرو كافر ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪29‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫الحظ أهنم اآلن قيدوا ما أطلق عند غّيهم‪ ..‬من مل يكفر بعد الفرم فرو كافر يعين بعد أن يفرم‬
‫حاهلم ويفرم حكم الشرع فيرم مث ال يكفرهم‪ ،‬فإنه عندئذ يكفر‪ .‬إ ًيا ضبط لنا ب ٍ‬
‫وصف واضح وهو‬
‫أن يفرم كفرهم وحكم الشرع فيه مث يتوقف يف كفرهم؛ فإن هذا هو الذ يكفر‪.‬‬

‫إذا فرذا األصل يف فرم "من مل يكفر املشركني" عند سلف هذه األمة‪ ،‬جتد أهنم يتعاملون‬
‫هبذا الناقض ‪-‬ابختصار‪ -‬ويطلقون الوعيد فيه‪ ،‬ومنرم من يقيده ابلفرم وإقامة احلجة‪ .‬هذا موجز‬
‫ألن السلف ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬يتعاملون هبذا الناقض‪ ،‬وجيب أن يكون فرمنا على وفق ما كانوا عليه‬
‫‪-‬رمحرم هللا‪.-‬‬

‫اآلن ندخل يف صلب املوضوع‪ ..‬فرذه املقدمات إبين هللا رصتصر لك املوضوع بشكل واضح‪..‬‬

‫اآلن‪:‬‬
‫ذه ُبهم‪ ..‬ما ُحك ُ‬
‫مه؟‬ ‫من لم ُي َكفر املُشركين أل شك في ُكفرهم‪ ،‬أل َ‬
‫صحح َم َ‬
‫ِِ‬
‫‪ -‬أخ‪ :‬كافر‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ما الدليل؟‬

‫هذا انقض يكره اإلمام حممد بن عبد الوهاب يف اثلث رسالته‪ ،‬وهو جممع عليه يف اجلملة‪،‬‬
‫لكن ما دليله؟ ما دليل كفر من مل يكفر املشركني؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬ألنه رد لكتاب هللا‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طيب‪ ،‬رد لكتاب هللا‪..‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪30‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬نقله سفيان بن عيينة‪..‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طيب لعلك تذكره‪ ..‬يف أحد يعرف دليل هذا الناقض؟ تفضل اي هيخ‪..‬‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬رد األدلة والنصوص‪ ...‬اليرود والنصارى هللا عز وجل حكم عليرم ابلكفر‪ ،‬فالذ‬
‫ما يكفر كأنه يكذب كالم هللا عز وجل‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طيب‪ ،‬جيد‪ ..‬يف كالم غّي هذا؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬قول هللا تعاىل‪﴿ :‬واَّلل حيكم ال معقب حلكمه﴾ [الرعد‪ .]41:‬هللا حكم على املشركني‬
‫والكفار‪ ،‬وهذا رد‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هذا رد‪ ،‬طيب يف قول آخر غّي هذا؟‬

‫اآلن اي إخوة هذا هو ضبط هذا املبحث هو أهم هيء يف جملسنا هذا‪ ،‬ضبطه وحتريره؛ ألنه‬
‫موطن الغلط وأصل الشبرة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اآلن نريد أن نعرف ما هو دليل هذا الناقض‪ ،‬لدليلي دعوى أحتاج أن أبرهن‬
‫عسيها‪ ،‬فحين أقو ‪ :‬هذا هو الدليل‪ ..‬ما الدليل على أن هذا هو الدليل؟ وأن هناك‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫حت ِمسة وأن تكون أصًل لهذا الناقض لدليًل عسيه‪ ،‬لقا بها أناس‪..‬‬‫أدلة م‬

‫مثال‪ :‬منرم من يقول أن دليل هذا الناقض "أن من مل يكفر املشركني مل يكفر ابلطاغوت‪،‬‬
‫ومن مل يكفر ابلطاغوت مل يصح إسالمه"‪ ،‬وهللا عز وجل يقول‪﴿ :‬فمن يكفر ابلطاغوت ويـؤمن‬
‫ابَّلل﴾ [البقرة‪ ،]256:‬وصفة الكفر ابلطاغوت هي تكفّي املشركني‪ ،‬وإيا مل يكفر املشركني فلم يكفر‬
‫دليال‪ ،‬وهو حمتمل‪.‬‬
‫ابلطاغوت"‪ .‬من الناس من جيعل هذا ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪31‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫منهمًمنًيقول‪ :‬ال‪ ،‬بل له مناط ودليل آخر‪ ،‬وهو‪" :‬أن هذا الذ ال يكفر املشرك هو جاهل‬
‫أصال‪ ..‬الذ جيرل التوحيد هو جاهل‪ ،‬فالشرع‬
‫ابلتوحيد‪ ،‬والذ جيرل التوحيد مل يدخل اإلسالم ً‬
‫جاء بتكفّي املشركني واحلكم عليرم ابلكفر‪ ،‬والذ ال يكفر املشركني‪ ...‬والشرك أوضح [من‬
‫الكفر]‪ ،‬فرو الذ بعثت له األنبياء وأنزلت فيه الكتب‪ ،‬والذ ال يكفر به جاهل ابلتوحيد‪،‬‬
‫أصال مل يدخل اإلسالم"‪ .‬هذا مناط آخر وهو حمتمل‪.‬‬
‫واجلاهل ابلتوحيد كافر ً‬

‫مناطًاثلث‪ :‬منرم من يقول‪" :‬أن هذا الذ ال يكفر املشرك يعتقده م ً‬


‫سلما‪ ..‬أليس كذلك؟‬
‫سلما فإنه يواليه؛ فيدخل يف كفر املواالة ألنه ال هك أن أ مسلم‬ ‫وال هك أنه إيا كان يعتقده م ً‬
‫ال بد أن يوايل املسلم ولو أبدىن صور املواالة وأبدىن هعبرا‪ ،‬فإيا كان يوايل هذا الكافر فإنه يدخل‬
‫يف قول هللا‪﴿ :‬ومن يـتـوهلم منكم فإنه منـرم﴾ [املائدة‪."]51:‬‬

‫هذا مناط اثلث حمتمل ألن يكون دليل هذا األصل ومناطًا له‪.‬‬

‫الرابع‪ً:‬منرم من يقول‪" :‬أن هذا تسمية للشرك ً‬


‫إسالما‪ ،‬وهذا ُمالف لوضع الشرع وتسميته‬
‫له‪ ،‬وُمالفة وضع الشريعة وتسميته‪ ..‬يعين هللا يسميه كذا‪ ،‬وأنت تسميه خبالف امسه؛ فإنك تكفر‬
‫بذلك"‪.‬‬

‫املناطًاخلامسًاملُحتَ ِمل‪ :‬هو "أن الذ ال يكفر املشركني هو راد حلكم هللا فيرم وجاحد له‪،‬‬
‫وجاحدا فإنه يكفر"‪.‬‬
‫ً‬ ‫وإيا كان ر ًادا‬

‫إيًا معنا اآلن مخس مناطات‪ ،‬من أين أتيت هبذه املناطات؟‬

‫هناًايًإخوةًطريقةًمهمةًجدا يذكرها أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬يف ابب القياس‪ ،‬وابب القياس‬
‫هو ابب االجتراد يف الفقه؛ يعين ال يستطيع أحد معرفة طرق االستنباط وال أصول االستدالل وال‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪32‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫قواعده املتوارد عليرا عند أهل العلم الستخراج األحكام إال من خالل معرفة القياس ومسالك‬
‫العلة‪ ،‬وهو أدق وأصعب أبواب أصول الفقه‪ ،‬ولكن أمهه‪.‬‬

‫أصالًملاذاًوضعًالعلماءًأصولًالفقه؟ ليضبط النص الشرعي‪ ،‬ولئال يكون محاه م ً‬


‫ستباحا‬
‫(كل من أراد أن حيتج ٍ‬
‫بقول احتج به‪ ،‬واستدل له)‪ ..‬فرناك قواعد وأصول اثبتة استقرائية أو نصية‪،‬‬
‫من خالهلا تتدرج وترتقي يف مراقي استنباط احلكم من النص على وفق القواعد املرسومة‪ ،‬فإن‬
‫حكما فقد أخطأت‪ ،‬ولو أصبت يف بعض‬‫خرجت من هذه القاعدة أو هذيت عنرا واستنبطت ً‬
‫احلكم‪.‬‬

‫هناك قواعد مسلمة اثبتة وطرق صحيحة الستنباط األحكام من نصوصرا واستخراجرا‪ ،‬هلا‬
‫مسالك كثّية وهي مسالك استنباط العلة (كما يسميرا أهل العلم)‪ ،‬فما هي؟‬

‫حنن اآلن عندان هذا احلكم (وهو كفر من مل يكفر املشركني) نبحث له عن مناط‪ ،‬نبحث له‬
‫عن دليل نرتب هذا احلكم عليه‪ ،‬وهناك عدة أدلة حمتملة‪ ..‬ما املناط الذ يصح ويصلح أن يكون‬
‫أصال هلذا الناقض (وهو كفر من مل يكفر املشركني)‪..‬؟‬
‫ً‬

‫هناكًآليةًوضعهاًاألصوليون‪ ،‬وهي موضوع معروف‪ ،‬وهي قضية رصريج املناط؛ يعين أان‬
‫أظرر هذه املناطات وأخرجرا‪ ،‬مث أنقحرا (وهو يسمى تنقيح املناط) فآخذ املناط الصاحل وأبعد‬
‫ما يشوهبا من املناطات غّي الصاحلة‪ ،‬مث بعد يلك أحققه‪ ..‬يعين أستخرج املناط مث أنقحه مث‬
‫أحققه‪ ،‬وابلتايل أرتب احلكم عليه‪ .‬يسميه بعض العلماء ‪-‬وهو أسرل‪ -‬موضوع السّب والتقسيم‬
‫الستخراج املناط وبناء احلكم عليه‪ ..‬ما هو السّب والتقسيم؟‬

‫يقول صاحب املراقي‪:‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪33‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أن حيص ـ ـ ـ ـ ـ ــر األوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف فيرــا ج ـامع‬ ‫والس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــّب وال ـتــقس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــم قس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم رابــع‬

‫"والسّب والتقسيم قسم رابع" يعين من أقسام مسالك العلة وكيف استخراج واستنباط األحكام‬
‫من النصوص‪" .‬أن حيصر األوصاف فيرا جامع" يعين جتمع كل األوصاف‪ ..‬حىت تصلح‬
‫طريقة السّب والتقسيم فيلزمك أن جتمع مجيع األوصاف‪.‬‬

‫وحنن حينما نظران لكل ما حيتج به املخالف ما وجدانهم خيرجون عن هذه األوصاف‪ ..‬كالم‬
‫أمحد احلازمي كله من أوله إىل آخره على هذا‪" ..‬الكفر ابلطاغوت‪ ،‬اجلرل ابلتوحيد‪ ،‬وأنه مو ٍال‬
‫أبدا‪.‬‬
‫للمشرك"‪ ،‬ال خيرج عن هذه الثالث ً‬

‫قال أهل العلم‪ :‬ويكفي يف االستقراء (وهو ما يبىن عليه السّب والتقسيم) غلبة الظن‪.‬‬

‫حكما غّي هذه املناطات اليت أوردانها‪ ،‬ومن‬


‫ما عندان أو ما نعرف أن هناك مناطًا يبنون عليه ً‬
‫خالل املشاهدة والتجربة واحملاورة واملناظرة خلصنا إىل هذا‪.‬‬

‫قال إيًا هرط السّب والتقسيم أن جتمع األوصاف وحتصرها كلرا‪ ،‬وهي املناطات املحتملة ألن‬
‫دليال للحكم‪..‬‬
‫تكون ً‬
‫أن حيص ـ ـ ـ ـ ـ ــر األوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف فيرــا ج ـامع‬ ‫والس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــّب وال ـتــقس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــم قس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم رابــع‬
‫فـ ـ ـم ـ ـ ــا بـ ـ ـق ـ ــي تـ ـ ـعـ ـ ـيـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ـ ــه مـ ـ ـتض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح‬ ‫وي ـ ـب ـ ـط ـ ـ ـل ال ـ ـ ــذ هل ـ ـ ــا ال يص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ــح‬

‫يعين أتخذها واحدة واحدة فتحررها وتضعرا على احملك وامليزان الشرعي‪ ،‬فإن صلحت فبرا‬
‫ونعمت‪ ،‬وإن ما صلحت تبطلرا مث تنتقل إىل املناط اآلخر‪ ..‬فما بقي منرا فرو الذ يتعني العمل‬
‫به والتعويل إليه واملصّي إليه‪ .‬وهذا مسوه السّب والتقسيم‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪34‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ما معىن التقسيم؟ هو أن جتمع األوصاف مث تسّبها (يعين امتحنرا)‪ ،‬وهللا أان فالن سّبته‪..‬‬
‫امتحنته‪ .‬امتحن هذه األوصاف ملا يصلح أن يكون مناطًا وملا ال يصلح‪.‬‬

‫إذاًقال العلماء‪ :‬السّب هو االختبار ملا يصلح للعلية وما ال يصلح هلا‪ .‬والعلية هي املناط‪..‬‬
‫املناط ما هو؟ هو الشيء املعلق عليه‪ .‬يقال‪ :‬أنطت العصا يف اجلدار يعين علقترا به‪ .‬هذا مناط‪.‬‬
‫(كثّيا ما أستشرد أبيب امام‪ ،‬لكن أكثر األصوليني‬
‫ونياط القلب يعين عروقه املعلقة به‪ ..‬أبو امام ً‬
‫يستشردون به) ملا قال‪:‬‬
‫وأول أر ٍ‬
‫ض مـ ـ ـ ـس جـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـد تـ ـ ـ ـراهبـ ـ ـ ـا‬ ‫بـ ـالد هب ـ ـ ـا نـ ـيـ ـط ـ ـ ـت عـ ـل ــي ام ـ ـ ـائـ ـمـ ـي‬

‫يعين علقت عليرا امائمي‪ً .‬‬

‫فإيا رأيت الفقراء ومسعترم يقولون‪" :‬مناط احلكم"‪ ..‬فرو الوصف أو العلة اليت بين عليرا‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬قبل أن خنوض يف موضوعنا بطريقة السّب والتقسيم‪ ،‬ندخل يف مسألة فقرية من ابب‬
‫املثال‪..‬‬

‫جاء يف الصحيحني من حديث أيب هريرة أن رجل أعرابيًا جاء إىل النيب ﷺ‪ ،‬فقال‪ :‬اي رسول‬
‫هللا‪ ،‬هلكت‪ .‬قال‪ :‬ما أهلكك؟ قال‪ :‬وطئت أو جامعت يف هنار رمضان‪ .‬جامعت زوجيت وأان‬
‫صائم‪ ..‬فبمايا حكم عليه النيب ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬؟ ابلكفارة املغلظة يعين عتق رقبة‪( ..‬ترى‬
‫هذا املوضوع مرم‪ ،‬اآلن صار يف عتق رقبة‪ ،‬ال عاد تغفلون هذا اجلانب)‪ ..‬عتق رقبة‪ ،‬فإن مل جيد‬
‫فصيام هررين متتابعني‪ ،‬فإن مل يستطع فإطعام ستني مسكينًا‪.‬‬

‫إيًا ما هو احلكم؟ احلكم ابلكفارة املغلظة‪.‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪35‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ما هو الوصف الذ بين عليه احلكم؟ لو قال رجل‪ :‬وهللا النيب بىن عليه احلكم ألنه أعرايب‪..‬‬
‫ألنه وهللا بدو ‪ ..‬وقال‪ :‬جاء يف النص وصف معتّب‪ ..‬قال‪" :‬جاء أعرايب"‪ ،‬واحلكم هنا حكم‬
‫ابلكفارة‪ ،‬إيًا احلكم مرتبط بكونه أعرايب‪!..‬‬

‫تصوروا اي إخوة‪ ،‬لو فتحنا هذا اجملال ستردر كل النصوص الشرعية‪ ،‬ال توجد جادة مستقيمة‬
‫الستنباط املناط‪..‬‬

‫وميكن أن يقول‪ :‬ال‪ ،‬بل ألنه جاء يف رواية أنه اثئر الرأس‪ ،‬ومن ابب العقوبة له ألنه اثئر الرأس‬
‫أعطاه الكفارة املغلظة‪ ..‬هل يصح أن يكون هذا مناطًا للحكم؟ ال يصلح‪ ،‬وابطل‪ ،‬وهواهد الشرع‬
‫كلرا ترفضه؛ ألن األعراب هم يف حكم احلاضرة من جرة األصل إال يف مسائل استثنوا فيرا وهي‬
‫(بيع احلاضر للباد ) وحنوها‪ ..‬وكذلك ثوران الرأس ال يرتتب عليه حكم‪ ،‬وإن كان يف األصل‬
‫رجال اثئر الرأس‪ ،‬قال‪" :‬أما‬
‫مكروها كما جاء يف موطأ اإلمام مالك بسند مرسل‪ :‬أن النيب رأى ً‬
‫ً‬
‫وجد هذا ما يسكن به هعره؟"‪ ..‬لكن ما يرتتب عليه أحكام مغلظة‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬هل ألنه انترك حرمة الشرر ابرتكابه أحد أسباب املفطرات؟ أو ألنه جامع؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬ألنه انترك حرمة الشرر‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬يعين معىن هذا الذ أيكل ويشرب عليه كفارة [مغلظة]‪ ،‬ألنه انترك حرمة‬
‫الشرر‪..‬؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬ألنه جامع يف هنار رمضان‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هل هو ألنه أفطر يف هنار رمضان إبحدى املفطرات؟ أو ألنه جامع فقط؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪36‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬ألنه جامع وأفطر‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬الوصفني صاحلني للحكم صحيح؟ يعين ممكن‪ ،‬حمتملني من حيث قوهتما‪..‬‬

‫وهلذا اختلف العلماء‪ ،‬فقال مالك بن أنس‪ :‬النيب رتب احلكم ال ألنه جامع‪ ،‬بل ألنه أفطر‬
‫يف هنار رمضان متعم ًدا‪ .‬فكل من أفطر يف هنار رمضان متعم ًدا عند مالك وأصحابه فإنه جيب‬
‫عليه الكفارة املغلظة‪ ،‬وبىن احلكم على هذا املناط‪.‬‬

‫أما مجرور أهل العلم وهم أبو حنيفة والشافعي وأمحد فقالوا أن هذا ال يصلح أن يكون مناطًا‬
‫للحكم وإمنا الصاحل هو كونه جامع‪.‬‬

‫أما مالك فألن عنده أصل (إحنا ما حنتاج أن نفرع عنه) يستند عليه يف قضية التنقيح‪ ،‬وهو‬
‫التنقيح ابلزايدة‪ ،‬فإيا كان هناك أوصاف حمتملة أيخذ الزائد من ابب االحتياط‪ ،‬وهذا غّي صحيح‬
‫يف بعض الصور‪.‬‬

‫الشاهد‪ :‬عندان اآلن أوصاف حمتملة ألن تكون مناطًا حلكم كفر من مل يكفر املشركني‪ ،‬فنحن‬
‫نريد أن ننقحرا أو نسّبها ونستخرج املناط الصاحل‪.‬‬

‫واضحة اي إخوة اآلن طريقة السّب والتقسيم؟ هبذا حنن أنمن على فكران من الغلط‪ ،‬آمن على‬
‫قوال ألنه فيه الغالبية األكثرية‪ ،‬أو ألنه هذا‪ ...‬ال‪ ،‬هبذه‬
‫قوال هوى‪ ،‬أو أراعي ً‬
‫فكر من أين أراعي ً‬
‫الطريقة أان أصون طريقة استخراج احلكم‪ ،‬وجبادة معروفة مطروقة عند أهل العلم اثبتة‪ ،‬أهبه ما‬
‫تكون ابملسائل الرايضية‪ ،‬ولكن اخلالف قد يكون يف صور بعض النوازل‪.‬‬

‫بطريقة السّب والتقسيم إبين هللا ميكن حتديد املناط وبناء احلكم عليه بسرولة‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪37‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬يف هيء اي هيخي؟‬

‫مثال‬
‫‪ -‬األخ‪ :‬يف هذه احلال هناك الواحد يصّي يف عنده اجتراد أكثر‪ ..‬يعين كلما يقرأ قول ً‬
‫ألحد العلماء حىت هو راح يطلع عن القول هذا‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬كيف يعين؟ ما فرمت؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬يعين يقصد اي هيخ هل االجتراد أبوابه مفتوحة يف كل مسألة؟ ما هي قاصرة على‬
‫مثال؟‬
‫فئة معينة ً‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ما وداان يف البالء واملصائب إال زعم االجتراد وادعاؤه‪ ،‬حىت الذين فتحوا ابب‬
‫االجتراد وأنه مفتوح لألمة يربطونه بشروط ثقال‪ ،‬فال جيوز ألحد أن يتكلم إال أن يكون عاملا‪،‬‬
‫حىت الذ يعرف‪ ،‬أهل العلم يكروا أنك إيا فقرت مذهب أمحد من أوله إىل آخره وعرفت أقواله‬
‫ما جيوز لك أنك تفيت ألنك مقلد‪ ،‬واملقلد ال جيوز له أن يفيت ابإلمجاع إال يف حاالت‪ ،‬وهي عند‬
‫انعدام اجملترد‪ ،‬حصل فيرا خالف على ثالثة أقوال يكرها ابن القيم يف "إعالم املوقعني"‪ ،‬لكن‬
‫األصل املقلد ما يفيت‪ ،‬وإن كان عاملا مبذاهب العلماء‪ ،‬لكن حىت يعرف طرق الـ]االستدالل[‪.‬‬

‫اإلمام علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬كما يكر ابن عبد الّب يف "جامع بيان العلم وفضله" دخل على‬
‫رجل يقص (قصاص)‪ ،‬فقال‪ :‬أتعرف الناسخ من القرآن من منسوخه؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬أتعرف‬
‫خاصه من عامه؟ قال‪ :‬أتعرف جممله من مبينه؟ مقيده من حمكمه؟ فقال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬اقعد حلاك‬
‫هللا‪ .‬وهناه وطرده من اجلامع‪.‬‬

‫ما جيوز له حىت يعرف هذه األوجه كلرا‪ ،‬لكن جتد هذا يطرق الشاي وهذا‪ ...‬حينما نقول‬
‫أصول الفقه‪ ..‬ما هي؟ هي طرقه اإلمجالية اليت يستدل هبا الفقيه‪ .‬فإيا ما كان يعرف هذه الطرق‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪38‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أصال مطلع عليرا‪ !!..‬وهلذا اي إخوة أكثر الذين يتحدثون يف هذه املسائل هم‬ ‫اإلمجالية وال هو ً‬
‫جيرلون أصول الفقه ومن أبعد الناس عنه‪ ،‬ما يعرفون ما هي طرق الفقه وال ما هي مآخذه وال ما‬
‫هي طرق استنباط الفقراء وال حتديد املناطات عندهم كيف يكون‪ ..‬جمرد أقوال يتناقلوهنا‪.‬‬

‫وهلذاًأانًقلتًلك‪ :‬إن ظفر أحدهم بكالم ألئمة الدعوة النجدية أحب إليه من أن يظفر‬
‫بسنة يف صحيح اإلمام البخار !! هذا واقع حاهلم‪ ،‬وأان ال أحتدث وهللا اي إخوة جتنـيًا أو نظرااي‪،‬‬
‫كثّيا منرم‪ ،‬جيرل أجبدايت هذه العلوم‬‫ال وهللا أان أحتدث بواقع‪ ،‬وأان جالست الكثّي منرم وانظران ً‬
‫أيضا يف مبحثنا‪ ..‬إيا مل تدرك بعض املسائل اللغوية قد رصفى عليك‬ ‫كعلوم اللغة وغّيها‪ ،‬وستأتينا ً‬
‫جدا‪.‬‬
‫مسائل يف األحكام مرمة ً‬

‫الشاهد‪ :‬أنتم معنا اي إخوة إن هاء هللا تعاىل؟ حنن نريد أن نستوعب حىت ال أييت أحد جبديد‪،‬‬
‫إ ًيا إبين هللا نشرع يف يكر املناطات احملتملة لبناء حكم من مل يكفر املشركني عليه‪ ،‬ونكمل إن‬
‫هاء هللا تعاىل بعد الصالة‪.‬‬

‫***‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪39‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫امللجس الثاني‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‪ ،‬احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أهرف األنبياء واملرسلني‬
‫نبينا حممد عليه وعلى آله أفضل الصالة وأمت التسليم‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫فنكمل أيرا األحبة ما بدأان به‪ ،‬يكران املناطات احملتملة اليت يكرها بعض الناس لتكون دلي ًال‬
‫أصال ألصل املستند كفر من مل يكفر املشركني‪ .‬فنحن اآلن أيرا األحبة ‪-‬من ابب التنبيه والتذكّي‪-‬‬
‫و ً‬
‫نتحدث عن األصل العام وهو كفر من مل يكفر املشركني‪ ،‬ال عن العاير ابجلرل؛ ألننا سنعلم يف‬
‫نتيجة هذا البحث العلمي أن الذ يعذر ابجلرل يف أصل الدين هو ال يدخل يف املعىن العام ملن‬
‫أمرا ورأى يلك ‪-‬وهذا إن هاء هللا تعاىل ما‬ ‫مل يكفر املشركني‪ ،‬وأن الذ أراد هبذا أهل العلم ً‬
‫سنفسره‪ ،-‬لكن حنن اآلن نتحدث عن هذا األصل العام وهو كفر من مل يكفر املشركني عموًما؛‬
‫فيدخل يف هذا النصارى واليرود وكذلك الطواغيت رؤوس الطواغيت وأئمة الردة وحنوهم‪ ،‬فاآلن‬
‫حديثنا عنرم‪ ،‬حنن نتحدث عن املناط ألن فرم حكم العاير ابجلرل ينبين على فرم هذا الناقض‪،‬‬
‫مث ننظر هل هو يلحق به أو ال‪ .‬فنحن اآلن نتكلم عن هذا الناقض اجملمع عليه يف اجلملة‪ ،‬ما‬
‫دليله‪ ،‬ما أصله‪ ،‬ما مناطه‪.‬‬

‫فرذا األصل اجملمع عليه يف اجلملة حصل االضطراب يف حتديد دليله وعلته‪ ،‬وهي اليت إبين‬
‫هللا نروم أن نعرفرا‪ ،‬وابلتايل نستطيع التعامل على وفقرا؛ ألن هنا قاعدة عامة أيرا األحبة‪ :‬أنً‬
‫الشريعةًأتيتًيفًأحكامهاًمباًينحصرًوينضبط‪ ،‬وخاصة يف مسائل اإلميان والكفر‪ ،‬مسائل األمساء‬
‫واألحكام‪ ،‬ألنه كما قال هيخ اإلسالم ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف "درء التعارض" واإلمام الشاطيب يف‬
‫"االعتصام" وغّيهم من أهل العلم‪ :‬أن مسائل اإلميان والكفر متلقاة عن السمع ال جمال للعقل‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪40‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فيرا‪ ..‬األمساء الشرعية كاإلميان والكفر والفسق والنفاق واإلسالم وحنوها‪ ..‬متلقاة (يعين مصدرها)‬
‫السمعيات‪ ،‬ال جمال للعقل فيرا‪.‬‬

‫يعين إيا رأيت الرجل حيكم ابلكفر أو ابإلميان بناءً على مقدمات منطقية أو نتائج عقلية‪،‬‬
‫فدائما ]إيا وجدت من يقول[‪" :‬إيا يلزم من هذا كذا‪،‬‬
‫هذا ما يوفق هلدى‪ ،‬بل هو للضاللة أقرب‪ً .‬‬
‫ويرتتب على هذا كذا‪ ،‬وهذا مبين على مقدمة‪ ،‬وال بد أهنا تؤول به إىل هذه النتيجة‪ "..‬كما يفعله‬
‫بعض املعاصرين‪ ،‬اعرف أن هذا خلو من سنة النيب ﷺ‪.‬‬

‫ني أو يف تكفّي ٍ‬
‫وصف‪ ،‬فتجنبه واحرتز منه؛ ألن هذه‬ ‫إيا مل تكن معك سنة اثبتة يف تكفّي ع ٍ‬
‫املسائل جماهلا السمع ال جمال للعقل فيرا إبطالق‪ ،‬فري حمضية‪ ،‬فال بد أن يكون االستناد فيرا‬
‫دائما على حمض السمع والنقل‪ ،‬يعين على حمض القرآن والسنة‪.‬‬
‫ً‬
‫وحنن من خالل التفاصيل سنتبني أن هذه االستدالالت العقلية يف احلكم على الناس ابلكفر‬
‫أو ابإلميان تنتج إىل أخطاء‪ ،‬تنتج إىل ٍ‬
‫تعد‪ ،‬كما سيظرر معنا إن هاء هللا‪.‬‬

‫فنقول وابهلل تعاىل التوفيق‪ً :‬‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بدأنا بأل مناط ُم َ‬
‫فر من لم ُيكفر املشركين‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫دليًل‬ ‫ن‬ ‫يكو‬ ‫وأن‬ ‫ل‬‫م‬‫ِ‬ ‫حت‬
‫َّ ُ‬ ‫َ َُْ‬
‫﴿ف َمن يكف ْر ِبالطاغ ِ‬
‫وت﴾‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬إ ًيا ما هو ترتيب االستدالل؟ ً‬

‫نرتب استدالهلم فنقول‪ :‬الرتتيب االستداليل هلم أهنم يقولون‪:‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪41‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬أن تكفّي املشركني من الكفر ابلطاغوت‪ .‬زين؟ هذه املقدمة األوىل‪.‬‬


‫‪ -‬املقدمة الثانية‪ :‬ومن مل يكفر ابلطاغوت‪ ،‬مل يؤمن ابهلل‪.‬‬
‫‪ -‬املقدمة الثالثة‪ :‬إيًا من مل يكفر املشركني هو كافر ألنه مل يكفر ابلطاغوت‪ .‬زين؟ هو كافر‬
‫ألنه مل يكفر ابلطاغوت‪.‬‬

‫فرم يقولون‪ :‬كفر من مل يكفر املشركني‪ ،‬ألهنم مل يكفروا ابلطاغوت‪ ،‬والذ هو هرط وهطر‬
‫يف صحة اإلسالم‪ .‬هذا هو الرتتيب االستداليل لقوهلم‪.‬‬

‫بعيدا عن اإلطالقات العامة‪ ،‬ألن املقام هنا مقام تفصيل وبسط؛ ما أفسد الوجود وخبط‬
‫واآلن ً‬
‫األيهان كما قال ابن القيم ‪-‬رمحه هللا‪ -‬إال اإلمجال فيما هو يف مقام التفصيل‪ ،‬واإلطالق فيما هو‬
‫يف مقام التقييد واإليضاح‪ ،‬وخاصة يف مسائل االعتقاد‪.‬‬

‫كفير أعيان املشركين (سنتحدث هل هذا املناط صالح أل ال‪ ،‬هذا‬ ‫نقو ‪ :‬هل َت ُ‬
‫ُ‬
‫مهم يا إخوة) هل تكفير أعيان املشركين‪ ..‬يعني إذا رجل تسب َ ِبالكفر (صار كافرا)‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تكفيره ب َ‬
‫فر بالطاغوت؟‬ ‫ِ‬ ‫الك‬ ‫في‬ ‫شرط‬ ‫ينه‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫هل‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬يف العموم؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ما معىن يف العموم؟ أان حددت‪ ،‬مل أقل هل هو من الكفر ابلطاغوت‪ ،‬قلت‪ :‬هل‬
‫هو هرط‪ ..‬يعين مبعىن آخر‪ :‬هل هو ركن ال يقوم الكفر ابلطاغوت إال به؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬ال‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬وما الدليل؟‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪42‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬ليس هرطًا‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ليس هرطًا‪ ،‬يعين تكفّي األعيان ليس من الكفر ابلطاغوت؟ يعين مبعىن أنه ركن‬
‫كافرا ابلطاغوت وهو مل يكفر أعيان املشركني؟‬
‫رجال ً‬
‫فيه؟ ليس ركنًا فيه بل مبعىن أنه ميكن أن يكون ً‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬نعم‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬يف قول آخر؟‬


‫ُ‬
‫فر بالطاغوت؟‬
‫ِ‬ ‫الك‬ ‫هذا يدفعنا إلى سؤا آخر‪ :‬ما صفة‬

‫الكفر ابلطاغوت هو هرط اإلسالم وهطره‪ ،‬فما صفته؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬أن تكفره وتعاديه‪ ..‬و‪ ..‬كما قال الشيخ [حممد بن عبد الوهاب]‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ [ضاح ًكا]‪ :‬كما قال الشيخ ‪-‬رمحه هللا‪.-‬‬

‫ال‪ ..‬هذا اسم هرعي‪ ،‬أليس كذلك؟ وحنن قلنا هي مسعية حمضة ال جمال للعقل فيرا‪ ،‬وهذا‬
‫اإلطالق فرم على غّي معناه؛ وهلذا ال حنب أن حنتج به‪ ،‬هللا عز وجل قال‪﴿ :‬وعلم آدم األمساء‬
‫كلرا﴾ [البقرة‪ .]31:‬قال اإلمام ابن حزم يف كتابه "اإلحكام يف أصول األحكام" وهو من أعظم كتب‬
‫األصول البن حزم ‪-‬رمحه هللا‪ ،-‬يكر أن األمساء الشرعية معروفة ومذكورة يف كتاب هللا وسنة‬
‫رسوله‪ ،‬والدليل أن هللا قال‪﴿ :‬وعلم آدم األمساء كلرا﴾‪ ،‬وال هك أن من أعظم األمساء ما يصح‬
‫به إسالمه ودينه وهو الكفر ابلطاغوت‪ ..‬فبالتايل ما هي صفة الكفر ابلطاغوت؟ وابلدليل‪..‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪43‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫اآلن‪﴿ ..‬قد كانت لكم أسوة حسنة يف إبـراهيم والذين معه إي قالوا لقومرم إان بـرآء منكم ومما‬
‫تـعبدون من دون اَّلل كفران بكم وبدا بـيـنـنا وبـيـنكم العداوة والبـغضاء﴾ [املمتحنة‪ .]4:‬امام الكفر‬
‫ابلطاغوت يف هذه اآلية‪ ،‬امام الكفر ابلطاغوت يف هذه اآلية‪ ،‬ولكن مل تنص على أهنا هرط يف‬
‫صحته؛ بدليل‪﴿ :‬وبدا بـيـنـنا وبـيـنكم العداوة والبـغضاء﴾‪ ..‬هل إبداء العدواة وإظرارها هرط يف‬
‫صحة الكفر ابلطاغوت أو هرط يف صحة اإلسالم؟‬

‫ال‪ ،‬بل هي واجب من واجباته والزم من لوازمه لكنرا ليست هرطًا فيه‪ ..‬يعين ميكن أن يكون‬
‫كفر ابلطاغوت من غّي إظرار العداوة‪.‬‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬اجتناب عبادة الطاغوت‪ ،‬فيكون الكفر ابلطاغوت‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬يعين مبجرد االجتناب؟ مبجرد اجتناب عبادته؟ ملايا؟ ما الدليل؟‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬يكره هللا‪ ..‬ال أحفظ اآلية القرآنية‪..‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬نعود على السؤال األول‪ :‬هل تكفّي أعيان املشركني هرط يف الكفر ابلطاغوت؟‬

‫دائما اي إخوة ال هتولنكم اإلطالقات اجلوفاء‪ ،‬وال احلماسة املندفعة اليت ال تستند إىل نص وال‬
‫ً‬
‫إىل تفصيل‪ ،‬املقام هنا ما يسع إال التحرير والنظر يف كتاب هللا عز وجل وسنة رسوله‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تكفير أعيان املشركين شرط في ِصحة الكفر بالطاغوت أل ُركن فيه؟‬
‫ُ‬ ‫هل‬

‫نقول‪ :‬ننظر ابلطريقة اليت نصبرا أهل العلم يف يلك‪ ،‬يكرها اإلمام الشوكاين وغّيه من‬
‫األصوليني‪ ،‬لكن أان أيكر لفظ الشوكاين ألنه أوضح يف املقصود‪ ،‬يكره يف "السيل اجلرار" ‪-‬رمحه‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪44‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫هللا‪ ،-‬قال‪ :‬والشرط ما يؤثر عدمه يف املشروط (يعين إيا انتفى الشرط انتفى املشروط) وال يؤثر وجوده‬
‫بدليل يدل على أن هذا هرط‪ ،‬أو صيغة تنبئ عنه"‪.‬‬ ‫يف وجوده‪( ،‬قال)‪" :‬وال يثبت إال ٍ‬

‫وهذا عليه اتفاق أهل األصول‪.‬‬

‫األحكام الشرطية هلا صيغرا‪ ،‬وهلا عباراهتا اليت تعرف هرطيترا منرا‪ ،‬فعندان يف األحكام‬
‫التكليفية‪ :‬الواجب‪ ،‬واحملرم‪ ..‬مثال‪ :‬الواجب ‪،‬كيف نعرف الواجب؟‬

‫أوال‪ :‬األمر املطلق يفيد الوجوب‪ ،‬إيا جاءك األمر‪﴿ :‬أقم الصالة﴾‬ ‫له دالالت‪ً ..‬‬
‫[اإلسراء‪ .]78:‬األصل الوجوب إىل أن أتيت قرينة تصرفه عن مقتضى وجوبه‪ .‬إيًا األمر املطلق غاية‬
‫ما يدل عليه مايا؟ الوجوب‪.‬‬

‫اسم املصدر الذ يتضمن معىن األمر‪﴿ :‬فضرب الرقاب﴾ [حممد‪ .]4:‬هذا أمر بضرب الرقاب‪،‬‬
‫إيًا هذا أمر بوجوب قتال املشركني‪.‬‬

‫له صيغ كثّية‪ ،‬حنو ثالثة عشر صغية‪.‬‬

‫االستحباب‪ ..‬له صيغ‪ ،‬مثال‪ :‬الفعل‪ ..‬فعل النيب ﷺ غاية ما يدل عليه االستحباب‪ ،‬إال أن‬
‫فعال مبيـنًا حلكم آية‪ ..‬كما أمر هللا‪﴿ :‬وأامُّوا احلج‬
‫اجبا‪ ،‬كأن يكون ً‬
‫أتيت قرينة تدل على كونه و ً‬
‫والعمرة َّلل﴾ [البقرة‪ .]196:‬النيب فسر احلج‪ ،‬فإ ًيا تفسّيه هنا واجب؛ ألنه بيان جململ آية‪.‬‬

‫جمردا عن القرائن‪ ،‬فإنه يدل على مايا؟ يدل على االستحباب‪ .‬كذلك قال‬
‫فعال ً‬
‫لكن إيا جاء ً‬
‫أهل العلم‪ :‬إيا وردت بلفظ "السنة"‪" ..‬من سنن الفطرة"‪ ..‬على خالف يف هذا كثّي‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪45‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫كذلك املكروه‪ ،‬كذلك‪ ...‬وكذلك الشرط‪ ،‬الشرط له صيغه ودالالته اليت يعرف هبا كباقي‬
‫األحكام الشرعية‪.‬‬

‫قال الشوكاين‪ :‬ومن الغلط إدخال ما هو واجب يف أحكام ما هو من الشروط‪.‬‬

‫يعين مثال‪ :‬من أساليب الشروط‪ :‬الفعل املعلق بصيغة الشرط‪﴿ :‬إن جتتنبوا كبائر ما تـنـرون‬
‫عنه نكفر عنكم سيئاتكم﴾ [النساء‪ ]31:‬هذا يسمى حكم هرطي‪ ..‬ملايا؟ ألنه مصدر بصيغة أو‬
‫حبرف هرطي‪﴿ ..‬إن جتتنبوا كبائر ما تـنـرون عنه﴾ جواب الشرط‪﴿ :‬نكفر عنكم سيئاتكم﴾‪.‬‬

‫‪ -‬أخ‪﴿ :‬إن تنصروا اَّلل ينصركم﴾ [حممد‪.]7:‬‬

‫أيضا مجلة هرطية وحكم هرطي‪ ،‬فال تنتظر نصر‬


‫‪ -‬الشيخ‪﴿ :‬إن تنصروا اَّلل ينصركم﴾ هذا ً‬
‫هللا عز وجل حىت تنصره‪ ،‬إن ما نصرت هللا ال تنتظر نصره‪.‬‬

‫كذلك‪" :‬ال صالة ملن ال وضوء له" هذا يفيد هرطية الوضوء‪ .‬داللة هرطية‪" ..‬ال صالة" نفي‬
‫لذات الصالة‪ ،‬ونفي الذات يعين نفي حلقيقته الشرعية‪ .‬وهكذا من الصيغ والدالالت اليت تفيد‬
‫معىن الشرط‪.‬‬

‫لكن حينما أتيت حبكم هو يف عداد الواجبات واللوازم وحنوها‪ ،‬وجتعله يف حكم املشروطات؛‬
‫فرنا يكون أصل اللبس والغلط‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫باوأمر بتكفير املشركين‪:‬‬
‫ِ‬ ‫جاءت‬ ‫التي‬ ‫اآليات‬ ‫اآلن‬ ‫نأخذ‬ ‫ف‬

‫‪﴿ -‬قد كانت لكم أسوة حسنة يف إبـراهيم والذين معه﴾ [املمتحنة‪ .]4:‬هذه اآلية ما تستطيع‬
‫أن تقول وهللا هذه هرط وهذه غّي هرط مبحض التحكم؛ ألهنا جاءت بتمام الكفر‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪46‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ابلطاغوت‪ ،‬ومن مجلترا‪ :‬إبداء العداوة‪ ..‬فإن قلت التكفّي هرط‪ ،‬وإبداء العداوة ليس‬
‫بشرط من خالل هذه اآلية فحسب؛ فرذا حتكم يفتقر لدليل‪.‬‬

‫إ ًيا هذه اآلية إمنا هي فعل غاية ما يدل عليه الوجوب واللزوم‪ ،‬ولكن ما ميكن أن يدل على‬
‫الشرطية مبجرد هذا الدليل‪.‬‬

‫ال أعبد‬ ‫‪﴿ -‬قل اي أيـُّرا الكافرون﴾‪ .‬هذا أمر بتكفّي املشركني‪﴿ ..‬قل اي أيـُّرا الكافرون‬
‫ما تـعبدون﴾ [الكافرون‪ .]2-1:‬هذا أمر‪ ..‬هل ميكن أن يفرم منه هرط؟ إبمجاع األصوليني‬
‫حكما هرطيًا من هذا األمر‪.‬‬
‫ما يفرم منه هرط‪ ،‬ما تستطيع أنك تستخرج ً‬
‫وغّيها من اآلايت اليت وردت‪ ،‬لن جتد يف كتاب هللا عز وجل بصيغة هرطية تدل على أن‬
‫تكفّي املشركني من ركن الكفر ابلطاغوت (يعين ركنًا فيه وهرطًا له)‪ ،‬ولكنك جتد يف كتاب هللا غّي‬
‫هذا‪.‬‬

‫صفة الكفر بالطاغوت يا إخوة مذكورة في كتاب للا صراحة‪ ،‬لبصيغة‬


‫ُ‬
‫لغوية لاضحة تسمى (بد اشتما )‪..‬‬

‫األنبياء بعثوا مبايا؟ ﴿ولقد بـعثـنا يف كل أم ٍة رس ًوال أن اعبدوا اَّلل واجتنبوا الطاغوت﴾‬
‫[النحل‪ .]36:‬اجتناب الطاغوت هو الكفر به‪ ،‬بل أبلغ منه‪ ،‬اجتناب الطاغوت هو أبلغ من‬
‫الكفر به؛ ألنه الكفر به وتركه وجمانبته‪.‬‬

‫﴿ولقد بـعثـنا يف كل أم ٍة رس ًوال أن اعبدوا اَّلل واجتنبوا الطاغوت﴾‪ ..‬ما هو اجتناب الطاغوت؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪47‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فائقا يف سورة الزمر‪ ،‬قال هللا تبارك وتعاىل‪﴿ :‬والذين اجتـنـبوا‬


‫الئقا ً‬
‫تفسّيا ً‬
‫هللا عز وجل يفسره ً‬
‫الطاغوت أن يـعبدوها وأانبوا إىل اَّلل هلم البشر ٰى ۚ فـبشر عباد﴾ [الزمر‪ .]17:‬فجعل هللا عز وجل‬
‫البشرى املطلقة ملن اجتنب الطاغوت أبن ال يعبدها‪ ،‬وهو مسلم متوجه إىل هللا عز وجل أبن هذا‬
‫له البشرى املطلقة‪.‬‬

‫يعين‪ :‬هناك طاغوت يعبد من دون هللا‪ ،‬وهناك رجل ما عبده‪ ،‬لكنه مل يكفره حل ٍال من‬
‫الحتمال‪ ،‬أل هيء مما هو من جنس يلك‪ ..‬هل يدخل يف مضمون ومعىن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لشبرة‪،‬‬ ‫األحوال‪..‬‬
‫خطاب هذه اآلية؟ نعم يدخل‪.‬‬

‫أقول‪ :‬طاغوت يعبد من دون هللا‪ ،‬وهناك رجل ما عبده‪ ،‬اجتنب عبادته‪ ،‬ومع يلك ما استظرر‬
‫تكفّيه‪ ،‬أو أنه توقف يف تكفّيه ملعىن من املعاين عنده‪ ..‬ابلنظر إىل ظاهر هذه اآلية ومفرومرا‪:‬‬
‫﴿والذين اجتـنـبوا الطاغوت أن يـعبدوها﴾ هل عبدها وال مل يعبدها؟ مل يعبدها‪ ،‬إ ًيا هو جمتنب هلا‪.‬‬

‫فمعىنًالكفرًابلطاغوتًبناءًعلىًمفهومًهذهًاآلية‪ :‬هو الكفر بطاغوتيته‪ ،‬وكذلك بعبادته‪..‬‬


‫يعلم أن هذا ابطل‪ ،‬وأن هذا من الكفر‪ ،‬وأنه ال ينبغي صرف العبادة لغّي هللا‪ ،‬وكذلك أال يصرف‬
‫نوعا من أنواع العبادة‪ ..‬ما معىن أن يكفر بطاغوتيته؟ يعين يعتقد بطالهنا‪ ..‬إ ًيا اعتقاد البطالن‬
‫إليه ً‬
‫هذا هرط‪ ،‬اعتقاد البطالن هذا هرط؛ ألن هللا عز وجل فسره هنا أبنه هو الكفر ابلطاغوت‪،‬‬
‫وكذلك اجتناب عبادته أبال يصرف له نوع من أنواع العبادة‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بشكل ظاهر متواتر‪ ..‬مثال‪:‬‬ ‫وإذاًالحظتم‪ :‬كل ٍ‬
‫نوع ميكن أن يصرف للطاغوت‪ ،‬بينه القرآن‬
‫الذ يصرف العبادة‪ ،‬يتوجه إىل الطاغوت بعبادة (والطاغوت هو جنس‪ ،‬يشمل كل ما عبد من‬
‫دون هللا سواءً من األصنام من حجارة‪ ،‬أو أعيان‪ ،‬إنسان أو حنوه‪ ..‬تفسّي ابن القيم معروف مشرور‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪48‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فيه) هذا الذ مل جيتنب الطاغوت له صور‪ ،‬وكل صورة يكرها القرآن بشكل ظاهر‪ ،‬ومل يذكر منرا‬
‫الذ مل يكفره‪ ..‬مثال‪:‬‬
‫ُ‬
‫يدعوه أل يستغيث‬ ‫الذي يصرف عبادة من أنواع العبادات لسطاغوت‪ ،‬كأن‬
‫به‪ ..‬هل دلت اوأدلة على كفر هذا؟‬

‫دلت األدلة على أن من يصرف العبادة (استغاثة أو دعاء‪ )..‬إىل طاغوت؟ القرآن كله أتى‬
‫هبذا‪﴿ ..‬ومن يدع مع اَّلل إ ٰهلًا آخر ال بـرهان له به فإمنا حسابه عند ربه ۚ إنه ال يـفلح الكافرون﴾‬
‫[املؤمنون‪ .]117:‬وغّيها من اآلايت اليت تبني كفر وهرك من يصرف عبادة إىل الطاغوت‪ ،‬فرذا‬
‫نوعا من أنواع العبادة مل جيتنبه ومل يكفر به‪.‬‬
‫يدل على أن الذ يصرف له ً‬

‫الذي يتحاكم إليه‪ ،‬هل اجتنب الطاغوت؟‬

‫مل جيتنب الطاغوت‪ ،‬ملايا؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬ألنه حتاكم إليه‪.‬‬

‫‪ -‬أخ آخر‪ :‬مل يتّبأ منه‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬وجاءت النصوص القرآنية طافحة هبذا‪﴿ ..‬أمل تـر إىل الذين يـزعمون أهنم آمنوا مبا‬
‫أنزل إليك وما أنزل من قـبلك يريدون أن يـتحاكموا إىل الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به﴾‬
‫[النساء‪ .]60:‬إ ًيا التحاكم إىل الطاغوت هو ضد الكفر به‪.‬‬

‫مث استدل مبا هئت من اآلايت الواردة يف كفر املتحاكم إىل غّي هريعة هللا عز وجل‪ ،‬كثّية‪..‬‬
‫﴿أم هلم هركاء هرعوا هلم من الدين ما مل أيين به اَّلل﴾ [الشورى‪﴿ ،]21:‬ومن مل حيكم مبا أنزل اَّلل‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪49‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فأ ٰولئك هم الكافرون﴾ [املائدة‪﴿ ،]44:‬ومن أحسن من اَّلل حك ًما لقوٍم يوقنون﴾ [املائدة‪.]50:‬‬
‫اآلايت واضحة ظاهرة‪.‬‬

‫مثل الذ يتوجه بعبادة‪ ،‬والذ يتحاكم إىل الطاغوت مل يكفر به بنص القرآن‪.‬‬

‫لالذي ُيناصر هذا الطاغوت؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬مل يكفر [ابلطاغوت]‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هاه هيخي‪ ،‬يكفر؟‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬يكفر‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬والدليل؟‬

‫‪ -‬أخ‪﴿ :‬ومن يـتـوهلم منكم‪[ ﴾..‬املائدة‪.]51:‬‬

‫اضحا يكر فيه اسم الطاغوت‪.‬‬


‫دليال و ً‬
‫‪ -‬الشيخ‪ :‬نريد ً‬

‫‪ -‬أخ آخر‪﴿ :‬الذين آمنوا يـقاتلون يف سبيل اَّلل ۖ والذين كفروا يـقاتلون يف سبيل الطاغوت﴾‬
‫[النساء‪.]76:‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬أحسنت‪﴿ ..‬والذين كفروا يـقاتلون يف سبيل الطاغوت﴾‪.‬‬

‫يعين هذا الذ يقاتل يف سبيله ويف نصرته هل كفر ابلطاغوت؟ مل يكفر ابلطاغوت؛ ألنه‬
‫مقاتل يف نصرته ويف سبيله‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪50‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫إ ًيا الذ يصرف له عبادة‪ ،‬الذ يتحاكم إليه‪ ،‬الذ يناصره‪ ..‬كل هؤالء نصص هللا عز وجل‬
‫عليرم يف الكفر‪ ..‬ملايا؟ ألهنم مل جيتنبوا عبادته‪ ،‬فرو مل يدخل يف معىن‪﴿ :‬والذين اجتـنـبوا الطاغوت‬
‫أن يـعبدوها﴾ مل يدخل يف معناه‪.‬‬

‫هل لردت آية في كفر من لم ُيكفر أعيان املشركين بهذه الصيغة لبهذا‬
‫القدر؟‬

‫ال‪ ،‬إ ًيا قضية تكفّي أعيان املشركني ال تدخل يف ركن الكفر ابلطاغوت؛ لعدم ورود النص‬
‫مثاال واقعيًا‪ :‬عبد هللا بن عبد العزيز‪ ..‬هذا رأس‬
‫الشرطي الظاهر كما ورد يف غّيها‪ .‬أضرب لكم ً‬
‫أيضا‪ ..‬إيا أردان أن حنقق هذه اآلية من حيث املعىن‬‫من رؤوس الردة وإمام يف الكفر والسفاهة ً‬
‫العام ‪-‬بعض الصور قد رصرج‪ ..-‬رجل من العوام البـله الذ ما يدر مايا يراد به‪ ،‬يتعبد هللا عز‬
‫وعا من‬‫وجل وموحد ومستسلم له بكل هرائعه‪ ،‬ما حتاكم إىل حماكمه الوضعية وال صرف إليه ن ً‬
‫أنواع العبادة وال انصره بكلمة وال بفعل‪ ،‬وهو جمتنب لعبادته متجه إىل هللا عز وجل‪ ..‬قلنا له‪ :‬اي‬
‫أخي‪ ،‬تكفر عبد هللا بن عبد العزيز؟ قال‪ :‬وهللا ما أدر عن عبد هللا بن عبد العزيز وال أدر‬
‫عن‪ ..‬ابلنظر إىل ظاهر هذه اآلية‪ :‬هل هو كافر؟ هل هو جمتنب للطاغوت؟ أو مؤمن هبا؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬جمتنب‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬جمتنب للطاغوت‪ ..‬ألنه هل يعبده؟‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬ال‪ ،‬وال يطيعه‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هل يناصره؟‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪51‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬ال‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هل يتحاكم إليه؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬ال‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬مل يصنع من هذا مما هو مناقض ملعىن االجتناب للطاغوت‪.‬‬

‫لكنه ما كفره‪ ،‬حىت مل يعتقد كفره‪ ،‬ما خطر على ابله‪ ..‬إما أنه ما خطر [على ابله]‪ ،‬يعين هو‬
‫أصال‪ ،‬أو أنه يرى أنه يقول‪" :‬ال إله إال هللا"‪ ،‬وهذا مينع [تكفّيه]‪ ..‬و"قتلته‬
‫غافل عن هذا احلكم ً‬
‫بعد أن قال ال إله إال هللا؟"‪ ..‬من جنس هذه الشبرات‪ ..‬لكنه مل يقع فيما هو مناقض الجتناب‬
‫الطاغوت واليت نص الشرع عليرا (وهي قضية‪ :‬العبادة‪ ،‬التحاكم‪ ،‬النصرة)‪ .‬جمتنب هلذه املناطات‬
‫‪-‬الحظ‪ -‬وكل مناط منرا تستطيع أن تكفر صاحبه وأنت مطمئن‪ ..‬ملايا؟ ألن الشريعة جاءت‬
‫بكفر مثل هذا بنصوص طافحة ظاهرة‪ ،‬لكن الذ ال يكفره ليس هذا اببه‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬هل ميكن أن يكفر هذا الذ ال يكفر عبد هللا بن عبد العزيز؟ نعم ميكن‪ ،‬لكن ليس‬
‫هذا من الباب بل من ابب آخر‪ .‬حنن فقط اآلن بينا أن تكفّي أعيان املشركني ليس ركنًا يف الكفر‬
‫ابلطاغوت أو هرطًا له‪ ،‬ولكنه من لوازمه وواجباته كما حكى هللا عز وجل عن أنبيائه ورسوله‬
‫وأصحابه‪ ..‬تكفّيهم والّباءة منرم ومعاداهتم ال هك أنه من امام الكفر ابلطاغوت‪ ،‬ولكن ما الذ‬
‫هو ركن يف الكفر ابلطاغوت أو هرط فيه؟‬

‫يفسره قول هللا عز وجل‪﴿ :‬والذين اجتـنـبوا الطاغوت أن يـعبدوها﴾‪ .‬فرذه صيغة بدل اهتمال‪،‬‬
‫يعين يشمل كل املعىن الذ يكر قبله‪ ..‬يعين الذ مل يعبدها اجتنب الطاغوت كله‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪52‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫هل هناك حالة يكفر فيها الرجل الذي ال ُيكفر ُمشركا؟‬

‫نعم‪ ..‬لكن ليس من ابب أنه مل يكفر ابلطاغوت‪ ،‬بل من ابب آخر‪ ،‬فما يصلح أن تقول‪:‬‬
‫"وهللا فالن كافر"‪ ..‬ملايا؟ "ألنه مل يكفر املشركني‪ ،‬فرو مل يكفر ابلطاغوت"‪ ..‬هذه الطريقة‬
‫االستداللية ابطلة؛ ألننا بينا أن املقدمة الثانية يف ترتيب استدالهلم (وهي أن تكفّي أعيان املشركني‬
‫ركن يف الكفر ابلطاغوت) بينا أن هذا غّي صحيح ابلشرع وبنص القرآن الذ يتضمن أعظم أوجه‬
‫البيان‪ ،‬ولو كان تكفّي املشركني هرط يف صحة اإلسالم والكفر ابلطاغوت جلاء كما جاء غّيه من‬
‫ظاهرا يف كتاب هللا عز وجل‪ ،‬والتكفّي ال يكون ابحملتمالت بل من املسائل‬
‫اضحا ً‬
‫نواقض الدين و ً‬
‫عموما‪.‬‬
‫اليقينية القطعية‪ .‬هذه قاعدة عند أهل العلم ً‬

‫إذاًخنر ًمنًهذاًبنتيةة‪ :‬وهي أن الكفر ابلطاغوت ليس ً‬


‫دليال يف كفر من مل يكفر املشركني‪.‬‬
‫بدليل آخ ٍر‬
‫حىت أزيل بعض اللبس‪ :‬هذا الناقض صحيح‪ ..‬الذ ال يكفر املشركني كافر‪ ،‬لكن ٍ‬
‫ليس هبذا الدليل؛ ألين إيا استعملت هذا الدليل قد أصيب يف تكفّي بعض الناس وقد أخطئ‪،‬‬
‫بناء عليه‪.‬‬
‫لكن إيا استعملت الدليل الصحيح ستصيب يف كل أحكامك إن هاء هللا تعاىل ً‬
‫إيًا هذا املناط املحتمل األول ال يصلح للعلية‪ ،‬ال يصلح ألن يكون مناطًا هلذا احلكم‪.‬‬

‫بقي الوصف الثاين‪..‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪53‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫الوصف الثاني ا ُمل َ‬


‫حت ِمل وأن يكون مناطا للحكم‪:‬‬

‫أنه جاهل بالتوحيد‪.‬‬

‫يقولون‪ :‬الذ مل يكفر أعيان املشركني هو جاهل ابلتوحيد‪..‬‬

‫تفضل‪..‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬ممكن نرد عليه بنفس األدلة األوىل (الثاين)‪..‬؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬حمتملة‪ ،‬يف الغالب أن كل ما يقال هنا يقال يف الذ يليه‪ ،‬لكن سآيت ابلذ يتميز‬
‫به الذ يليه‪ ،‬لن نكرر‪.‬‬

‫فيقول‪" :‬هذا جاهل ابلتوحيد‪ ،‬واجلاهل ابلتوحيد كافر"‪ .‬وهذا خطأ هنيع يف أبواب الكفر‬
‫واإلميان؛ ألنًهناكًفرقًعندًأهلًالعلمً‪-‬رمحهمًهللا‪ً -‬بنيًأنواعًالكفرًوأسبابه ً‪-‬الحظوا اي‬
‫إخوة‪ :-‬فرق عند أهل العلم بني أنواع الكفر وأسبابه‪.‬‬

‫ما الفرق بين أنواع الكفر لأسبابه؟‬

‫أنواع الكفر ً‪-‬كما أهار أهل العلم‪ -‬هي "البواعث الباطنية اليت حتمل على التلبس ابلكفر‬
‫فعال"‪ ،‬وهذا القول أو الفعل هو سبب الكفر‪.‬‬
‫قوال كان أو ً‬
‫ً‬

‫إذاًفاألنواع‪ً:‬هيًالبواعثًالباطنيّةًاليتًحتملًعلىًمقارفةًالكفر‪ً .‬‬

‫هيًاألقوالًواألعمالًاليتًدلًالشرعًعلىًكوهناً ُكفرا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أماًأسبابًالكفر‪ً:‬ف‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪54‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ابملثال يتضح املقال‪ :‬إبليس‪ ،‬ما حكمه؟ كافر‪ ،‬ما سبب كفره؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬رفض السجود آلدم‪.‬‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬أىب واستكّب‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬أىب واستكّب‪.‬‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬رفض السجود‪ ،‬يعين أىب واستكّب‪.‬‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬تكّب‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هذا كله نوع كفره‪ ،‬لكن ما السبب الذ كفر به؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬عصى هللا عز وجل عندما أمره ابلسجود‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬جيد‪..‬امتناعه عن السجود هو سبب الكفر؛ ألنه سبب ظاهر‪( ..‬قول أو فعل)‪،‬‬
‫لكن ما الذ بعثه على هذا الكفر؟ الكّب‪ ..‬الكّب (اإلابء) هو نوع الكفر وهو الذ حيمل على‬
‫ارتكاب سبب الكفر‪.‬‬

‫وهلذا ملا احتج أمحد بن إسحاق على كفر اترك الصالة‪ ،‬قالوا مبايا؟ احتجوا بقصة إبليس‪ ،‬أنه‬
‫امتنع عن جنس الصالة‪ ،‬فرو كفر من حيث السبب ألنه امتنع عن السجود‪ ،‬لكن ما الذ محله‬
‫على هذا؟ كّبه وإعراضه‪.‬‬

‫ةًمرتتّبةًعلىًاألسبابً ًوالًترتتّبًعلىًاألنواع‪ً .‬‬


‫األحكامًالشرعيّ ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪55‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أوضح هذا‪ :‬رجل دخل يف جراز أمين إبحدى الدول‪ ،‬فرو كافر‪ ..‬ملايا؟ مناصرة‪ .‬طيب‪ ،‬يف‬
‫امردا على‬
‫عنادا و ً‬
‫واحد داخل جيرل هبذا احلكم‪ ،‬وآخر دخل وهو يعرف هذا احلكم لكنه دخل ً‬
‫املوحدين‪ ..‬هذا جاهل وياك معاند‪ ،‬طيب ما سبب كفرهم؟ السبب واحد (املناصرة) ولكن‬
‫أنواعرما ُمتلفة‪ ..‬أما احلكم فيرتتب على مايا؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬على السبب‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬على السبب‪ ،‬ال على النوع‪ ..‬ملايا؟ ألن األنواع ال ميكن ضبطرا‪ ،‬وحنن قلنا أن‬
‫ٍ‬
‫منضبط أبين عليه احلكم‪.‬‬ ‫الشريعة يف أحكامرا أتيت مبا ينحصر وينضبط‪ ،‬ال بد من ٍ‬
‫وصف ظاه ٍر‬

‫أما اجلرل واإلعراض واالستكبار واإلابء واالمتناع‪ ..‬هذه كلرا أنواع ال يرتتب احلكم عليرا‪..‬‬
‫أان أقول‪ :‬فالن كافر‪ .‬ليش؟ ألنه انصر أعداء هللا عز وجل‪ ،‬وكفره [نوعه أنه] جاهل‪[ ..‬أو] كفره‬
‫إابء‪[ ..‬أو] كفره‪ ..‬حتدث أنت مبا تعرفه عنه من نوعه‪ ،‬لكن احلكم (قضائيًا وفتوى) يرتتب على‬
‫السبب‪.‬‬

‫[مثال] آخر‪ :‬رجل سجد لصنم وهو جاهل أبن السجود للصنم كفر‪ ،‬فسجد لصنم‪ ..‬ما‬
‫حكمه؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬مشرك‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬مشرك كافر‪ ،‬ملايا؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬سجد لصنم‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ليش ما كفرته ابجلرل؟‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪56‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬ألن أصل الفعل هو "سجد"‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬احلكم مرتبط مبايا؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬ابلسبب‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ابلسبب‪ ،‬لذلك نقول هلم‪ :‬جزاكم هللا خّي‪ ،‬تقولون الذ ال يكفر املشركني هو‬
‫جاهل ابلتوحيد‪ ..‬نقول‪ :‬هذا خالف جادة أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪-‬؛ ألن هذا تعليق للحكم‬
‫ابلنوع‪ ..‬إيا قال‪" :‬وهللا فالن مل يكفر املشركني فرو كافر ألنه جاهل ابلتوحيد"‪ ..‬نقول‪ :‬إيش هذا؟‬
‫هذه ليست طريقة أهل العلم يف بناء األحكام على أسباهبا‪ .‬هذا نوعه‪ ،‬لكن ما هو السبب الذ‬
‫قارفه؟ ما هو السبب الذ يبىن عليه احلكم ابلكفر؟‬

‫نوعا‪ ،‬لكن ال ميكن أن يكون سببًا‪،‬‬


‫ما يصلح أن يكون هذا سببًا مكفًرا‪ ،‬ميكن أن يكون ً‬
‫فحصر حكم التكفّي به حصر ملا ال طائل حتته‪.‬‬

‫واضحة اي إخوان هذه القضية؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬واضحة‪.‬‬

‫بناء على األسباب‪ ،‬ال يكون بناءً على األنواع‪..‬‬


‫‪ -‬الشيخ‪ :‬قضية أن احلكم ابلتكفّي يكون ً‬
‫األنواع ما هي؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬اإلابء‪ ،‬اجلرل‪...‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ال‪ ،‬حنن ضبطناها هللا يكتب أجركم‪..‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪57‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬البواعث الباطنية اليت حتمل على‪..‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هي البواعث الباطنية اليت حتمل صاحبرا على مقارفة السبب املكفر‪.‬‬

‫كفرا‪.‬‬
‫والسبب‪ :‬هو كل قول أو فعل دل الشرع على كونه ً‬
‫احلكم يرتبط مبايا؟ ابلسبب أم ابلنوع؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬ابلسبب‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مما ينحصر وينضبط‪ .‬والعلة ال بد كما حدها أهل العلم أن‬
‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ابلسبب؛ ألنه ً‬
‫ظاهرا منضبطًا يطرد احلكم ابطراده‪ .‬فكلما وجد هذا املناط وجد هذا احلكم‪.‬‬
‫وصفا ً‬
‫تكون ً‬

‫اثنيًا‪ :‬ألن البواعث أو األنواع هي بواعث ابطنية‪ ،‬ما ميكن حتديدها‪ ،‬وحنن مل نؤمر ابلتنقيب‬
‫أبدا‪ ..‬احلكم يرتتب على‬
‫والشق عن قلوب الناس‪ ،‬فبالتايل ال يصلح أن يرتتب عليرا احلكم ً‬
‫السبب‪.‬‬

‫مث بعد يلك ينظر يف نوع كفره‪ ،‬فرذا أمر آخر يعرف مبعرفة حال هذا الكافر‪ ..‬هل كفره من‬
‫ابب اإلعراض؟ هل كفره من ابب اجلرل؟ هل كفره من ابب االستكبار؟ وهكذا‪ ...‬هذه أنواع‬
‫حكما ال‬
‫أسبااب‪ ..‬يعين‪ :‬إيا وقع فيرا اإلنسان يكفر فيما بينه وبني هللا‪ ،‬لكن ً‬
‫كلرا لكنرا ليست ً‬
‫فعال‪.‬‬
‫قوال أو ً‬
‫ميكن أن أكفره إال بشيء يظرر منه ً‬

‫فالذ سجد لصنم ال أكفره ألنه جاهل‪ ،‬أكفره ألنه مايا؟ سجد للصنم‪ ،‬فما أقول‪" :‬وهللا‬
‫هو كافر ألنه جاهل ابلتوحيد"‪ ..‬ال‪ ،‬هو كافر ألنه سجد لصنم‪ .‬هذا هو السبب الظاهر‪ ،‬ميكن‬
‫فدائما ربط األحكام يكون أبسباب ظاهرة منضبطة‪.‬‬
‫جاهال‪ ،‬ميكن أنه يعرف؛ ً‬
‫أال يكون ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪58‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫هذا يدل إ ًيا على أن هذا املناط ال يصلح أن يكون صاحلًا لدليل كفر من مل يكفر املشركني‪.‬‬

‫هناك احتما ثالث أل مناط ثالث‪..‬‬

‫من يذكران به؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬أن هذا الذ مل يكفر املشركني‪ ..‬يعين أن هذا مسلم وهذا يعين أنه يوايل الكافر‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬أحسنت‪.‬‬

‫طبعا اي إخوة أان أحتدث هبذا‬


‫أيضا‪ً ..‬‬
‫إيًا هذا املناط الثالث احملتمل والذ يدندن حوله الكثّي ً‬
‫عن أمر واقعي‪ ،‬فكل اخلصوم حيتجون هبذا‪..‬‬

‫يقولون‪ :‬وأنه إذا لم يحكم بكفره‪ ،‬فهو حكم بإسًلمه‪ ،‬لإذا كان حكم بإسًلمه‬
‫فًل شك أنه ُيواليه للو بنوع من أنواع املواالة‪.‬‬

‫أيضا ال يصلح دلي ًال هلذا احلكم من وجرني‪..‬‬


‫ونقول‪ :‬وهذا املناط ً‬

‫املناط أهنم يقولون‪ :‬إيا مل يكفر املشرك‪ ،‬فرو حيكم إبسالمه‪ ،‬وإيا كان حيكم إبسالمه فال‬
‫هك أنه يواليه‪ ،‬وهللا عز وجل يقول‪﴿ :‬ومن يـتـوهلم منكم فإنه منرم‪[ ﴾..‬املائدة‪ .]51:‬يعين يكفرونه‬
‫ابملواالة‪ ،‬لكن هذا الرتتيب االستداليل هلم‪.‬‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬األمور تعرف بضدها‪..‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪59‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هذا مىت؟ إيا قلنا أن أحكام الكفر واإلميان مبناها على العقل والنظر‪ ،‬أما إيا قلنا‬
‫أن مبناها على السمعيات احملضة‪ :‬فنحتاج إىل نص‪ .‬هذه االستدالالت واإللزامات سيأيت معنا‬
‫ميزاهنا يف هرع هللا عز وجل‪.‬‬

‫فنقول‪ً:‬هذاًالًيصلحًألنًيكونًمناطاًيفًاحلكمًلوجهني‪ً :‬‬

‫الوجهًاألول‪ :‬أن هذا من ابب التكفّي ابلالزم‪ ..‬ما معىن هذا؟‬

‫يقول‪" :‬هذا الرجل كافر وإيا مل يكفره فإنه يلزم منه أن يواليه"‪ .‬هذا يسمى تكفّي ابلالزم‪.‬‬

‫والتكفريًابلالزمًمعروف كالم أهل العلم احملققني فيه‪ ،‬يكر هيخ اإلسالم يف "جمموع الفتاوى"‬
‫وتوسع فيرا يف "منراج السنة"‪ ،‬وكذلك اإلمام الشاطيب ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف "املوافقات"‪ ،‬والقاضي‬
‫أيضا يف كتاب "الشفا" يف فصل "حتقيق يف إكفار املتأولني من أهل القبلة"‬‫عياض ‪-‬رمحه هللا‪ً -‬‬
‫يكر هذا املوضوع وهو قضية التكفّي ابلالزم‪ ،‬والذ عليه احملققون من أهل العلم‪ :‬أن الزم املذهب‬
‫كفرا‪ ،‬فرل يقال أن فالن‬
‫أفعاال يلزم منرا ً‬
‫ليس بالزم‪ .‬مبعىن‪ :‬أن اإلنسان قد يقول أقو ًاال أو يفعل ً‬
‫قال الكفر أو وقع فيه؟ قول احملققني من أهل العلم‪ :‬أن الزم املذهب ليس بالزم‪.‬‬

‫وهلذاًقالًابنًحزم ‪-‬رمحه هللا‪ :-‬وإن تكفّي الناس مبا تؤول إليه أقواهلم من حمض الكذب يف‬
‫اخلصومة واإللزام ابلباطل‪ ،‬وغاية ما يدل عليه الالزم الفاسد فساد القول وتناقضه‪ ،‬ال يدل على‬
‫كفر صاحبه‪.‬‬

‫أضربًعلىًهذاًمثاالً‪ :‬اجلرمية قالوا‪ :‬أن اإلميان هو املعرفة‪ ،‬فإيا عرف اإلنسان احلق آمن‬
‫فيما بينه وبني ربه‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪60‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫مايا يلزم من هذا؟ يلزم من هذا القول إبميان إبليس وفرعون؛ ألهنم كلرم يعرفون احلق‪ ..‬ومع‬
‫يلك هل أحد من هؤالء نسب إىل القول إبميان فرعون وإبليس؟ ما أحد يلزمرم هبذا بل ينفونه‬
‫هم‪ ..‬يكفروهنم وحيذرون منرم وال أحد يستطيع أن يلزمرم هبذا القول‪ ،‬لكننا حنتج عليرم ابللوازم‬
‫من ابب أن قوهلم متناقض وفاسد‪ ،‬ال ميكن أن نقول‪ :‬أنت أيرا اجلرمي تقول إبميان فرعون‪..‬‬
‫سيقول‪ :‬أعوي ابهلل‪ ،‬مىت قلت!؟ أعوي ابهلل أن أقول مبثل هذا!‬

‫يقول ابن حزم‪ :‬فإيا كنت ستكفره هبذا فرو من ابب الكذب يف اخلصومة واإللزام ابلباطل‪،‬‬
‫خصمك ما يقول هذا‪ ،‬إمنا يقول أقو ًاال مل يشعر أبهنا تؤد إىل هذا الالزم‪ ،‬وإمنا غاية ما يدل عليه‬
‫هذا الالزم فساد امللزوم‪ ،‬وال يدل على كفر صاحبه أو أنه يتبىن هذا املذهب‪ .‬إال ‪-‬قال أهل العلم‪-‬‬
‫إال إيا عرف الالزم‪ ،‬فالتزمه‪.‬‬

‫حمي الدين بن عريب ‪-‬لعنه هللا‪ -‬حينما فسر هذا‪ ،‬قيل له‪ :‬وهل تكفر فرعون؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬من‬
‫أصال أنه كافر؟ فرعون مؤمن‪ ،‬أان ألتزم هبذا‪ ..‬قلنا‪ :‬إ ًيا حنن نلتزم بتكفّيك‪ ..‬ما يف إهكال‪.‬‬
‫قال ً‬

‫فإيا عرف صاحب القول الفاسد الالزم‪ ،‬فالتزمه فإنه يكفر بناءً على يلك‪ ،‬أما إيا مل يلتزمه‪..‬‬
‫فقال‪" :‬أان وهللا ما أوايل املشركني‪ ،‬معاي هللا أن أواليرم‪ ،‬أو أن أقول بذلك أو أن أسعى فيه!" فما‬
‫ميكن أن تكفره هبذا الالزم‪ ،‬لكن تبني بطالن قوله هبذا الالزم وال تكفره به؛ ألن التحقيق عند أهل‬
‫العلم أن الزم املذهب ليس بالزم‪.‬‬

‫وهلذاًقالًاإلمامًالشوكاين ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف "السيل اجلرار" ‪-‬وهذه قاعدة مطردة عند أهل‬
‫العلم ما يكفرون ابلالزم‪ ،-‬قال‪" :‬أن التكفّي ابإللزام من أعظم مزالق األقدام‪ ،‬فمن أراد املخاطرة‬
‫بدينه فعلى نفسه جىن"‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪61‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فالذ يكفر ابللوازم سيقع ‪-‬نعوي ابهلل‪ -‬يف لوازم ابطلة‪.‬‬

‫وأهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬كانوا يتعاملون هبذا‪..‬‬

‫أسألكمًأيهاًاألحبّة‪ :‬ما رأيكم إيا جاءكم رجل فقال‪ :‬فالن هذا يكفر الصحابة ومنرم العشرة‬
‫املبشرون ابجلنة ‪-‬سوى أيب بكر وعمر‪ ،-‬وينكرون السنة ويبطلون حد الرجم‪ ..‬هؤالء ما حكمرم؟‬

‫كفار هاه؟ طيب‪ ،‬هذا هو معتقد اخلوارج الذين خرجوا على علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬وعلى‬
‫مجاعة املسلمني‪ ،‬فمايا كان حكمرم؟‬

‫طبعا اختلف أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬يف احلكم عليرم‪ ،‬ولكن الصواب‪ :‬أهنم ليسوا بكفار‬
‫ً‬
‫على األعيان‪ ،‬وهذا الذ عليه عمل الصحابة والتابعني واألئمة األربعة‪ ،‬نعم هناك فرق منرم كافرة‬
‫مثل امليمونية‪ ،‬امليمونية هؤالء كفار ألهنم ينكرون قصة يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬من القرآن‪ ،‬ينكروهنا‬
‫ويقولون أن "فيرا قصة غرامية ومعاي هللا أن يكون القرآن فيه مثل هذه القصص"‪ !..‬فرؤالء كفار‬
‫أيضا اليزيدية من اخلوارج‪.‬‬
‫على األعيان‪ .‬منرم ً‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬الزيديني؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ال‪ ،‬يزيدية‪.‬‬

‫هؤالء هم قوم من العجم‪ ،‬يرون أن نبيًا يبعث هلم من العجم ويقاتلون به الناس‪ ،‬فرؤالء كفار‪،‬‬
‫هم طائفة تشعبت من اخلوارج‪ ..‬وهم طوائف كثّية‪.‬‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬األزارقة؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪62‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ال‪ ،‬األزارقة ليسوا بكفار على األعيان‪ ،‬هم رؤوس اخلوارج‪ ،‬لكن كيف كان تعامل‬
‫معرم الصحابة؟ كانوا جيلسون معرم يف جمالس العلم‪ ،‬ومناقشات ومناظرات وسؤال وجواب‪ ..‬مثل‬
‫ما أورده أبو بكر بن األنبار يف كتابه "الوقف واالبتداء"‪ ،‬كذلك رواه الطّباين يف معجمه الكبّي‪،‬‬
‫ويكره أبو العباس املّبد يف "الكامل" يف األدب‪ ..‬انفع بن األزرق رأس اخلوارج رأس األزارقة وجندة‬
‫احلرور ‪ ،‬قالوا ايهبوا بنا إىل هذا الرجل (يقصدون ابن عباس يف مكة) نسأله‪ ..‬أيتونه اخلوارج‬
‫وجيلسون ويسألون ويستفيدون منه‪ ،‬وال كان يكفرهم وال مينعرم‪.‬‬

‫فمرًة ‪-‬من الطرائف‪ -‬جاؤوا وإيا اببن عباس عند زمزم رضي هللا عنه (حّب األمة وترمجان‬
‫القرآن) مدليًا بقدميه على البئر والناس حوله يسألونه‪ ،‬فقال انفع لصاحبه‪ :‬قم بنا إىل هذا املجرتئ‬
‫على هللا وعلى دينه نسأله‪( ..‬كل هيء جييب عنه)!!‬

‫انظر ‪-‬أعوي ابهلل‪ -‬كيف هدة اخلوارج وغلوهم!‬

‫قال‪ :‬فوقف على ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬اي ابن عباس‪ ،‬ما أجرأك على هللا‪ ،‬أجتيب يف كل مسألة!؟‬

‫قال‪ :‬واألجرأ مين من يعرف احلق فيكتمه‪ ،‬أو من ال يعرف احلق فال يطلبه‪.‬‬

‫هذا أهد جرأة‪ ..‬أما أان حينما أفيت ابحلق الذ أعرفه من كالم هللا وكالم رسوله‪ ،‬فما أكون‬
‫اجرتأت‪..‬‬

‫فقال‪ :‬صدقت‪ .‬مث قال‪ :‬جئت أسألك عن مسائل‪ .‬قال‪ :‬اسأل ما بدا لك‪ .‬فبدأ انفع بن‬
‫األزرق يسأله عن لفظة يف القرآن‪ ،‬فيقول ابن عباس‪ :‬معناها كذا‪ ..‬فيقول‪ :‬وهل قالته العرب؟ فيأيت‬
‫ابن عباس بشاهد من كالم العرب‪ ..‬مئتني مسألة!! مئتني مسألة أوردها كلرا السيوطي يف كتابه‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪63‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫طبعا تعد من أعظم مسائل ابن عباس‪ ،‬ومن دقة فقره أييت ابملعىن وأييت أبهعار العرب‬
‫"اإلتقان"‪ً ،‬‬
‫عليه‪ ،‬كل معىن‪ ..‬مئتني هاهد يف جملس واحد!‬

‫فبدأ يسأل‪ ،‬فابن عباس ضجر ومل‪ ،‬قال‪ :‬فجعل يتململ ‪-‬رضي هللا عنه‪ ..-‬يعين من قسوته‬
‫وجالفته و‪ ..‬ففي األثناء جاء عمر بن أيب ربيعة الشاب الشاعر صاحب الغزل العذر ‪ ،‬فجلس‪،‬‬
‫فقال ابن عباس‪ :‬أنشدان اي عمر من هعرك‪ ..‬فأنشد عمر‪ ،‬قال‪:‬‬

‫أمن آل نع ٍم أنت ٍ‬
‫غاد فمبكر ‪...‬‬

‫يتحدث عن نعم وغزله بنعم‪ ..‬قصيدة طويلة أكثر من مئة بيت‪ ،‬وابن عباس يسمع‪ ،‬فنافع‬
‫غضب‪ ،‬قال‪ :‬وحيك اي ابن عباس‪ ،‬نضرب إليك أعناق املطي مث تزجران‪ ،‬فإن جاءك رجل هاب‬
‫سفرا‪ .‬قال‪ :‬أمل يقل كذا وكذا‬
‫سفرا تسمع إليه؟ قال ابن عباس‪ :‬ما مسعت وهللا ً‬
‫من قريش ينشدك ً‬
‫(يكر بيت من أبيات الشعر) ‪!..‬؟ فقال ابن عباس‪ :‬ال ما قال كذا‪ ،‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ..‬وإن هئت‬
‫أنشدتك إايها‪ ..‬أنشدت القصيدة كلرا‪ ،‬أان ألول مرة أمسعرا وأنشدها‪ ..‬وإن هئت أتيتك من‬
‫على آخرها إىل أوهلا‪ ..‬فقال‪ :‬أوتصنع هذا؟ قال‪ :‬أصنعه‪ .‬قال‪ :‬قل‪ ..‬فجاء ابن عباس يقول‬
‫القصيدة من اآلخر إىل األول‪ ..‬فعجب‪ ،‬فكّب انفع‪ ،‬وعلم أن هذا إمام للمسلمني ‪-‬رضي هللا عنه‬
‫وأرضاه‪.-‬‬

‫ًٍ‬
‫علىًكلًحال‪ً،‬الشاهد‪ :‬أن الصحابة حىت كانوا جيلسون مع اخلوارج ويسمعون منرم‪ ،‬وما‬
‫كانوا يكفروهنم أبعياهنم‪ ،‬بل علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬كان له قول صريح يف هذا ملا جاءه رجل وقال‪:‬‬
‫"إن احلكم إال هلل"‪ ..‬قال‪ :‬كلمة حق أريد هبا ابطل‪ ،‬إن لكم علينا ثالث‪ :‬أال مننعكم فيئًا‪ ،‬وال‬
‫مننعكم هذه املساجد‪ ،‬وأال نقاتلكم حىت تبدؤوان‪ .‬دليل على أهنم ليسوا بكفار‪ ،‬وعلى هذا عموم‬
‫أصحاب النيب ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬نقل عن البخار أنه يكفرهم ولكن هذا غّي صحيح‪،‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪64‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫وأصل غلطه أن اإلمام البخار بوب يف صحيحه ابب "استتابة املرتدين واخلوارج"‪ ،‬وليس يف هذا‬
‫أهنم كفار ألن أهل البدع يستتابون من بدعرم‪ ،‬مث إن البخار روى عن عمران بن حطان وهذا‬
‫هاعر اخلوارج ورأسرم وداعيترم‪ ،‬روى له يف صحيحه‪ ..‬عمران حطان الذ قال يف قاتل علي‪:‬‬

‫إال لـيـبـلـغ مـن ي الـعــرش رضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواان‬ ‫اي ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرب ـ ـ ــةً مـن تـقـ ٍـي م ـ ـ ـا أراد هب ـ ـ ـا‬
‫أوىف ال ـ ـ ـ ــّبي ـ ـ ـ ـة ع ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـد هللا م ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــزاان‬ ‫إين أليك ـ ـ ــره ي ـ ـ ــوًم ـ ـ ـ ـا ف ـ ـ ـ ـأحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـه‬

‫يقصد الذ قتل علي‪ ..‬مع يلك يرو له البخار يف صحيحه‪ ،‬على بدعته وضالله لكنه‬
‫ليس بكافر‪.‬‬

‫الذ يقول بكفرهم هم فقط‪ :‬القاضي أبو بكر بن العريب يف "هرح الرتمذ "‪ ،‬عبد القاهر‬
‫السبكي يف فتاواه‪ .‬فقط‪ .‬وبعض املعاصرين مثل‬
‫البغداد يف كتابه "الفرق بني الفرق"‪ ،‬تقي الدين ُّ‬
‫احلازمي ومجاعته‪.‬‬

‫الشاهد‪ :‬أن الصواب أن اخلوارج ليسوا بكفار‪ ،‬أورد القاضي عياض هذه املسألة‪ ،‬قال‪ :‬وهذه‬
‫من عضل املسائل ومشكالهتا (يعين قضية احلكم على اخلوارج) ولقد سئل أبو بكر الباقالين إمام أهل‬
‫األصول عن اخلوارج‪ ،‬هل هم كفار؟ فمايا قال؟ قال ‪-‬الحظوا دقة العبارة‪ :-‬هم قالوا أبقو ٍال تؤد‬
‫إىل الكفر ولكنرم مل يكفروا‪.‬‬

‫أقواهلم يلزم منرا الكفر‪ ..‬مثال‪ :‬هم يكفرون بعض العشرة املبشرين ابجلنة‪ ،‬مايا يلزم من هذا؟‬
‫أصال ما يصححون هذا النص‪ ،‬فما يقعون يف‬ ‫تكذيب النص الذ جاء بتبشّيهم ابجلنة‪ ،‬لكنرم ً‬
‫الكفر لكن أقواهلم تؤول إىل هذا الكفر؛ وهلذا أبو بكر الباقالين‪ ،‬حىت قاهلا اجلويين والقاضي عياض‬
‫قال‪" :‬فإن استباحة دماء املصلني املوحدين خطر‪ ،‬واخلطأ يف ترك ألف كافر أهون من سفك‬
‫حمجمة من دم مسلم واحد"‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪65‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫قال‪ :‬خطر‪ ،‬كيف نكفرهم وهم يشردون ابلتوحيد ويسلمون أبصول الرسالة وابلنبوات‬
‫وابملبعث وحنوه‪ ..‬لكنرم قالوا أقو ًاال تؤد إىل الكفر فالصواب أان ال نكفرهم‪.‬‬

‫نقولًحنن‪ً:‬والصواب‪ :‬أنه من حيث الطائفة ميكن أن يقال أهنا طائفة كفر (اخلوارج)‪ ،‬من‬
‫حيث أقواهلم و‪ ..‬لكن أعياهنم‪ ..‬ال يستلزم نزول هذا احلكم على مجيع أعياهنم؛ وهلذا هم يقاتلون‬
‫قتال الكفار‪ ..‬من جنس قتال الكفار فيقتل مدبرهم وجيرز على جرحيرم‪ ..‬لكن من حيث إجراء‬
‫هذا احلكم على أعياهنم كلرم فرذا ممنوع حىت يثبت أنه تلبس ابملكفر الظاهر‪ .‬أما من حيث‬
‫إطالق االسم على الطائفة فرذا ممكن‪ ،‬وقد أطلقه بعض الصحابة مثل أيب أمامة وأيب سعيد‬
‫وغّيهم‪.‬‬

‫أيضا أصل يكشف لك ابب يف احلكم على الطوائف‪ ،‬فحينما أقول هذه طائفة كفر ال‬
‫وهذا ً‬
‫يعين أن أكفر مجيع أعياهنا‪ ..‬ألن بعض الناس يقول‪" :‬إما طائفة كافرة واجلميع كفار أو إهنم ليسوا‬
‫كفار"‪ ..‬هذا غّي صحيح‪ ،‬هذه قسمة ضيزى‪ ،‬فرناك فيما هو بني يلك‪ ،‬طائفة كفر لكن ليس‬
‫مجيع أعياهنا كفار‪ ،‬واجلرمية كلرم كفار (هكذا طائفة)‪ ،‬لكن إيا جاءتين أعيان قد ال أكفرها‪..‬‬
‫أيضا‬
‫فال هتولنك قضية تكفّي الطوائف [من حيث] أنه يلزم تكفّي مجيع األعيان‪ .‬الشاهد أن هذا ً‬
‫ابب آخر ميكن يكون له جملس‪.‬‬

‫لكنًالشاهد‪- :‬الحظ‪ -‬امتنع أهل العلم من تكفّي اخلوارج ً‬


‫بناء على أن أقواهلم تؤول إىل‬
‫الكفر (يعين يلزم منرا)‪ ،‬وعادة أهل العلم واحملققني أهنم ال يكفرون ابلالزم‪ .‬إيًا هذا هو الوجه‬
‫األول لبيان أن مواالة املشركني ال يصلح أن يكون مناطًا يف تكفّي من مل يكفر املشركني ألن هذا‬
‫من ابب تكفّيه ابلالزم‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪66‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫الوجهًالثاين‪ :‬على سبيل االختصار‪ ..‬أنه حىت لو قلنا أن هذا فيه نوع مواالة‪ ،‬حىت لو قلنا‬
‫ستً‬
‫أن فيه نوع مواالة فإنه ال يصل إىل درجة الكفر من حيث‪ :‬أن املواالةً ُشعبًومراتب‪ً،‬ولي ً‬
‫كلًمواالةًتصلًإىلًدرجةًالكفرًأصالً‪ ..‬يعين ال يكون من املواالة كفر إال ما دل الدليل على‬
‫كفرا‪ ،‬كمن يناصرهم ويظاهرهم وكمن يعتقد صحة ما هم عليه‪ ،‬فرذا كفر وظاهر‪ ..‬لكن‬ ‫كونه ً‬
‫الذ يواليرم إما أبن يطيعرم أو يركن إليرم‪ ،‬أو مل يتبني له نوع كفرهم‪ ..‬هذا ال يدخل يف املواالة‬
‫املكفرة‪ ،‬ال يدخل يف املواالة املكفرة‪ ،‬ويف بعض صور التجسس ال يبلغ هبا صاحبرا إىل درجة‬
‫الكفر‪..‬‬

‫عندان اآلن يف احملكمة الرئيسية ليست كل صور التجسس حنكم عليرا ابملظاهرة‪ ،‬قد نقتله‬
‫ونقول ماله لورثته ليس فيئًا‪ ،‬وما قام به حاطب صورة من صور التجسس‪ ..‬لكن التجسس اليوم‬
‫مبعناه املعاصر أوسع‪ ،‬هو من صميم املظاهرة املكفرة‪ ،‬لكن يف بعض الصور وهو أن يكون مع‬
‫املسلمني ويتأول ويعطي كلمة أو كلمتني للكفار‪ ..‬ال حنكم بكفره‪ ،‬وحنن نقضي هبذا‪ ..‬ال حنكم‬
‫مطلقا‪ ..‬وإن كانت هناك مواالة؟ نعم هناك مواالة‪ ،‬لكن مل تصل إىل الشعب املكفرة اليت‬
‫بكفره ً‬
‫دل دليل ظاهر على كون هذه مواالة مكفرة‪.‬‬

‫فال يشغب أحد بعد يلك أبن من مل يكفر املشركني فرو مو ٍال هلم‪ ،‬ومن يواليرم فرو منرم!‬
‫هذا غّي صحيح‪ ،‬وال ميكن هبذا االستدالل عليه‪.‬‬

‫أيضا من خالله ننفي أن يكون هذا مناطًا صاحلًا للحكم‪.‬‬


‫إ ًيا هذا ً‬

‫بقي رابع وهو‪:‬‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬يقول‪ :‬تسمية الشرك إسالم‪.‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪67‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ُ‬
‫الرابع لهو‪ :‬تسمية الشرك إسًلم‪ُ ،‬يسمي املشرك ُمسسما لهذا ُملالف ملا‬
‫لضعته الشريعة؛ فيكفر بناء على ذلك‪.‬‬

‫أيكر أحد اإلخوة قال يل هذا ‪-‬أسأل هللا عز وجل أن يردينا وإايه‪ ،-‬فسألته سؤ ًاال‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫يعين الرجل إيا قال للمشرك‪" :‬مسلم"‪ ..‬أهو كافر؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قلت‪ :‬طيب وإيا قال للمسلم‪" :‬اي‬
‫كافر"‪..‬؟ هل يكفر؟ قال‪ :‬ال!‬

‫مسلما‪ !!..‬قال‪ :‬ال‪ ،‬هذا إيا قال‬


‫قلت ملايا؟ هذا يسمي مسلم مشرًكا وهذا يسمي مشرك ً‬
‫للمسلم‪" :‬اي كافر" بتأويل‪ ،‬ال يلحقه حكم الكفر‪ .‬قلت‪ :‬جيد‪ ،‬إيا قال للمشرك‪" :‬اي مسلم"‬
‫بتأويل فال يلحقه حكم الكفر!‬

‫انقضا‪ ،‬وإن كان هناك‬


‫أصال عده ً‬
‫أحدا من أهل العلم ً‬
‫أصال‪ ..‬ما أيكر أن ً‬
‫فما يدخل هذا ً‬
‫حديث ظاهر وهو حديث النيب ﷺ‪" :‬من قال ألخيه اي كافر‪ ،‬فقد ابء به أحدمها"‪ ،‬لكن هذا‬
‫احلديث ابإلمجاع ليس على ظاهره‪ ،‬وأهل العلم فيه على مخسة أقوال‪ ،‬منرم من قال‪ :‬إيا قال "اي‬
‫يدا له إىل‬ ‫كافر" م ا‬
‫ستحال لذلك‪ .‬ومنرم من قال‪ :‬إيا قال‪" :‬اي كافر" فإنه يكاد يعين يكون بر ً‬
‫دائما يكفر عموم املسلمني ال يسلم من الكفر يف الغالب‪ ،‬وهذا ظاهر ‪-‬نسأل‬
‫ً‬ ‫الكفر؛ ألن الذ‬
‫هللا العفو والعافية‪ .-‬ومنرم من قال‪" :‬إيا قال ألخيه اي كافر فقد ابء به أحدمها" يعين‪ :‬بذنب‬
‫التكفّي ال ابلكفر نفسه‪ .‬وغّيها من االحتماالت‪ ،‬لكن ليست على ظاهرها مطل ًقا‪.‬‬

‫أيضا ال يصلح ألن يكون مناطًا للحكم ابتداءً‪.‬‬


‫يعين هذا الوصف ً‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬بقي األخّي‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طي ـب‪ ،‬هنا نرجع إىل كالم صاحب املراقي‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪68‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فـ ـ ـم ـ ـ ــا بـ ـ ـق ـ ــي تـ ـ ـعـ ـ ـيـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ـ ــه م ـ ــتض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح‬ ‫وي ـ ـب ـ ـط ـ ـ ــل ال ـ ـ ــذ هل ـ ـ ــا ال يص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ــح‬

‫يعين ما بقي هو الذ يتعني العمل به‪ ..‬ملايا؟ ألن كلرا األوصاف هذه مل تصلح ألن يناط‬
‫هبا احلكم‪.‬‬

‫إذا ما بقي إال لاحد‪ ،‬لهو‪ :‬رد حكم للا عز لجل لجحده‪.‬‬

‫رد حكم هللا عز وجل وجحده‪ ..‬ما معىن هذا؟ يعين إيا قيل لك‪ :‬ما الدليل على كفر من مل‬
‫يكفر املشركني؟‬

‫الذ ال يكفر املشركني هل يكفر؟ نقول‪ :‬نعم يكفر‪ .‬طيب ما دليله؟‬

‫نص من القرآن والسنة دل على كفر من كذب خب ٍّب أو حك ٍم‪ ،‬فرو دليل هلذا‬
‫نقول‪ :‬كل ٍ‬
‫الناقض‪.‬‬

‫مثال‪ :‬قول هللا عز وجل‪﴿ :‬وما جيحد ِبايتنا إال الكافرون﴾ [العنكبوت‪ .]47:‬هذا دليل هلذا‬
‫الناقض‪.‬‬

‫مثال آخر‪ :‬قول هللا عز وجل‪﴿ :‬فمن أظلم ممن كذب على اَّلل وكذب ابلصدق إي جاءه ۚ‬
‫أليس يف جرنم مثـ ًوى للكافرين﴾ [الزمر‪ .]32:‬فالذ ال يكفر املشركني كافر ألنه راد حلكم هللا‬
‫وجاحد له‪.‬‬

‫واضح؟ هذا أصل‪ ..‬خالص انترى األمر هذا هو املتعني‪ ،‬ما أحد يقول ال‪ ،‬طيب ميكن يف‬
‫وصف آخر‪ ..‬خالص انترى‪ ،‬عند األصوليني يكفي يف هذا أبن يكون مناطًا صاحلًا‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪69‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أصال‪ ،‬لكن قبل هذا‪..‬‬


‫وأان اآلن سأبرهن أن هذا العلم نصوا على هذا ً‬
‫ُ‬
‫أبين كيف يكون رد الحكم لجحده هو املناط للحكم‪:‬‬

‫قال اإلمام ابن القيم ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف "بدائع الفوائد‪ ،‬اجمللد الرابع"‪ ،‬قال ‪-‬هذه قاعدة عامة‪:-‬‬
‫وقاعدة اجلحود‪ :‬أنه ال يكون إال بعد املعرفة واالعرتاف‪.‬‬

‫معناه‪ :‬أن يعرف أن حكم هللا فيه الكفر‪ ،‬مث ال يكفره‪ .‬يعرف أن حكم هللا فيه (يف هذا الرجل)‬
‫كافرا بناءً على هذا الناقض‪.‬‬
‫الكفر مث يقول‪" :‬وهللا مع يلك أان ال أكفره"‪ ..‬هذا الذ يكون ً‬
‫أما إيا قال لك‪" :‬ال وهللا اي أخي‪ ،‬حكم هللا ليس فيه الكفر‪ ،‬والدليل كذا وكذا‪ "..‬نقول‪:‬‬
‫هذا مل يقع فيه املناط‪ ،‬حىت لو مل يكفر الكافر عندان‪ ،‬هو مل يظرر له من وجه الشرع أنه كافر‪،‬‬
‫عموما‪،‬‬
‫فرذا مل يتحقق فيه املناط؛ وابلتايل ال يرتتب عليه احلكم‪ ..‬ألن هذه هي قاعدة اجلحود ً‬
‫جدا‪.‬‬
‫وهبذا يستطيع املسلم أن يتعامل هبذا الناقض‪ ..‬قاعدة واضحة ً‬

‫وحنن اآلن سنتطرق إىل تطبيقاهتا من ابب التقريب ‪-‬ال من ابب احلصر‪.-‬‬

‫لكننا اآلن نعرف أن كل ٍ‬


‫دليل ثبت فيه ابلشرع كفر من رد حكم الشرع أو كذبه يصلح أن‬
‫دليال هلذا الناقض‪ ،‬وهذه األدلة كثّية‪.‬‬
‫يكون ً‬

‫يعين الذ ال يكفر اليرود والنصارى هو كافر‪ ..‬ملايا؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬جحد‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ما هي اآلايت اليت جحدها؟‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪70‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬أخ‪﴿ :‬لقد كفر الذين‪[ ﴾...‬املائدة‪.]73:‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪﴿ :‬لقد كفر الذين قالوا إن اَّلل اثلث ثالث ٍة﴾‪﴿ .‬لقد كفر الذين قالوا إن اَّلل هو‬
‫المسيح ابن مرَي﴾ [املائدة‪ .]72:‬جحد حديث النيب ﷺ‪" :‬ال يسمع يب أحد من هذه األمة‬
‫يرود وال نصراين‪ ،‬مث ال يؤمن يب‪ ،‬إال أدخله هللا النار"‪ .‬كذب بقول هللا عز وجل‪﴿ :‬ومن يـبـتغ‬
‫غّي اإلسالم دينًا فـلن يـقبل منه وهو يف اآلخرة من اخلاسرين﴾ [آل عمران‪.]85:‬‬

‫هذا اآلن تكذيب هلذه النصوص الظاهرة املتواترة؛ فرو عندئذ كافر ألنه كذب‪ .‬إيا مل يتحقق‬
‫دائما وصفرا أن تكون طردية‪ ..‬ما‬
‫فيه هذا املناط ما ميكن أن يرتتب احلكم؛ ألن املناط‪ ..‬العلة ً‬
‫معىن طردية؟ يعين أينما وجدت يوجد احلكم‪ ،‬وأينما انعدمت انعدم احلكم‪ .‬هذا هو معىن طردية‬
‫العلة‪.‬‬

‫فرذا املناط مطرد‪ ،‬فمىت وجد؛ ينبين عليه احلكم‪ ،‬ومىت مل يوجد ما يرتتب عليه احلكم‪ .‬وسيأيت‬
‫تفسّيه من خالل التطبيقات بشكل موجز إن هاء هللا‪.‬‬

‫هل سبقنا أحد بهذا املناط؟‬

‫أصال الذ أخذ اإلمام حممد بن عبد الوهاب منه النص نفسه‪" :‬من مل يكفر املشركني‪،‬‬
‫نعم‪ً ،‬‬
‫أو هك يف كفرهم‪ ،‬أو صحح مذهبرم؛ كفر" هذا النص مستلرم أو مأخوي بنصه من كالم القاضي‬
‫عياض ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف كتاب "الشفا" يف اجمللد الثاين‪ ،‬يكر هذا النص‪ ..‬فمايا قال؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪71‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ً‬ ‫الحظ عبارته ‪-‬أنقلرا بنصرا إن هاء هللا تعاىل‪ ،-‬قال‪ :‬وقد زعم مثامة بن أهرس واجلاحظ‬
‫(‪)1‬‬

‫أن العامة (عوام الناس) والبله (البلراء واملغفلني) والنساء‪ ،‬ومقلدة اليرود والنصارى (يعين عوام اليرود‬
‫والنصارى) ال حجة هلل عليرم؛ إي ليس يف طباعرم ما ميكن معه االستدالل‪.‬‬

‫اجلاحظ عقليًا مايا قال؟ ‪-‬هوفوا اي إخوان العقل أين يصل بصاحبه‪ ..-‬املوضوع هذا ما فيه‬
‫جمال للعقل‪ ،‬املسألة نص حمض‪ ..‬فقال‪ :‬هؤالء ال يوجد يف طبائعرم ما ميكن معه االستدالل‬
‫والّبهنة ومعرفة احلق من الباطل‪ ،‬فإيًا ال حجة هلل [عليرم] وهم معذورون‪.‬‬

‫يقول القاضي عياض‪" :‬وقد حنى الغزايل ًحنو هذا‪ "..‬أبو حامد الغزايل يف كتابه "التفرقة بني‬
‫طبعا هذه املقالة الباطلة يستند إليرا كثّي من املعاصرين من املثقفني وحنوهم‪،‬‬
‫اإلسالم والزندقة"‪ً ،‬‬
‫مثل حممد العوضي ‪-‬إن كنتم تسمعون له‪ -‬وبعض هؤالء الذين يتحدثون يف توحيد الربوبية واآلايت‬
‫واملعجزات يتحدثون هبذا‪ ،‬وينفون عن الدين هذه الترمة هبذه احلجة العقلية اليت قد يكفرون هبا‪..‬‬

‫قال [القاضي عياض]‪ :‬وقد حنى الغزايل حنو هذا املنحى (أنه ما يكفر هؤالء)‪ ،‬قال القاضي‬
‫عياض‪ :‬وقائل هذا كله كافر ابإلمجاع على كفر من مل يكفر املشركني أو هك فيرم أو توقف؛ ألن‬
‫(اآلن بدأ يذكر الدليل) التوقيف واإلمجاع (التوقيف هو النص‪ ،‬الدليل) دال على كفرهم؛ ومن مل يكفرهم‬
‫فقد كذب التوقيف واإلمجاع وال يكذب هبما إال كافر‪.‬‬

‫فأيضا ‪-‬ابختصار‪ -‬ربط هذا احلكم ابلتكذيب واجلحود‪ ،‬يعين أنه يعرف حكم الشرع فّيده‬
‫ً‬
‫ويكذبه سواءً حبجج عقلية أو ابستدالالت ابطلة‪ ..‬وهو يعرف حكم الشرع فيه‪ ،‬مثل الذين يقولون‬

‫ومها من أئمة االعتزال‪ ،‬من أهل البدع‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪72‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫اليوم‪" :‬النصارى‪ ..‬ال نقول مسلمني‪ ،‬لكن ليسوا بكفار"‪ ..‬أنت كافر! انترى األمر‪ .،‬مكذب‬
‫لنص هرع ٍي ظاه ٍر واضح‪.‬‬
‫ٍ‬

‫فبالتايل أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬ربطوا هذا الناقض هبذا املناط‪ ،‬وهو اجلحود ورد حكم‬
‫الكتاب‪.‬‬

‫وعليه‪ :‬فإن من الطوائف واألعيان من ال يظرر فيه حكم الشرع‪ ،‬وإيا مل يظرر حكم الشرع‬
‫ٍ‬
‫ألحد‪ ،‬وابلتايل رتب عليه عدم تكفّيه‪ ،‬فما يتحقق فيه املناط‪ ..‬ما يدر أن حكم هللا فيه الكفر‬
‫مث يرده‪ ،‬هو ما يدر أن حكم هللا فيه كذا‪ ،‬بل قد يرى أن حكم هللا فيه خالف هذا‪ ..‬ومن مجلة‬
‫يلك العاير ابجلرل على أحوال نقررها إن هاء هللا اآلن‪.‬‬

‫اآلن هل هذا واضح‪..‬؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬واضح‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬مما يبني هذا ويفسره أكثر احلديث عن تطبيقاهتم‪ ،‬فنحن نطبق بقدر ظرور هذا‬
‫املناط‪.‬‬

‫دائما إيا أردت أن تطبق هذا الناقض‪ ،‬انظر إىل املناط‪ ..‬موجود؟ أجر عليه احلكم‪ ،‬ليس‬ ‫ً‬
‫موجودا؟ ما جتر عليه احلكم كائنًا من كان‪[ ..‬ال تقل] هو ظرر له‪ ،‬ما ظرر له‪ ،‬واضح أم غّي‬
‫ً‬
‫واضح‪ ..‬واحد يقول‪ :‬مرسي يقول كفره واضح‪ ..‬واحد يقول‪ :‬ال وهللا‪ ،‬مرسي كفره مو واضح‪..‬‬
‫ال تنظر إىل هذا‪ ،‬انظر إىل املناط نفسه‪ ..‬هبذا املوضوع يتجلى لك كيف تتعامل هبذا احلكم‪.‬‬

‫ولكن أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬بينوا هذا بصور وتطبيقات واضحة‪ ،‬وقبل هذه الصور‪..‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪73‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ُأبين أمرا ُم ًّ‬


‫هما يمكن أن ُيحتج به على هذا من كتاب عز لجل‪:‬‬

‫هللا تبارك وتعاىل قال يف [سورة النساء‪﴿ :]89-88:‬فما لكم يف المنافقني فئـتني واَّلل أركسرم‬
‫وُّدوا لو تكفرون‬ ‫مبا كسبوا ۚ أتريدون أن هتدوا من أضل اَّلل ۖ ومن يضلل اَّلل فـلن جتد له سب ًيال‬
‫كما كفروا فـتكونون سواءً ۖ فال تـتخذوا منـرم أولياء ح ٰىت يـراجروا﴾‪.‬‬

‫فاهلل عز وجل يعاتب الصحابة ألهنم اختلفوا فئتني يف احلكم على ٍ‬


‫طائفة‪ ،‬هل هم كفار أو‬
‫ليسوا بكفار‪ ،‬من هذه الطائفة اليت اختلف الصحابة فيرا؟ تذكرون اي إخوة؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬املنافقني‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬من هم املنافقني هؤالء؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬عبد هللا بن أيب بن سلول‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬عبد هللا بن أيب بن سلول‪ ..‬طيب‪.‬‬

‫هذه اآلية وردت يف أسباب نزوهلا أقوال‪ ،‬منرم من قال أنه عبد هللا بن أيب بن سلول ملا اخنذل‬
‫بثلث جيش أحد‪ ،‬بعض الصحابة قال هؤالء كفار وبعضرم قالوا ليسوا بكفا ٍر‪ ،‬فأنزل هللا اآلية‬
‫عتااب هلم‪ ..‬لكن هل هذا يصلح؟ هل االخنذال بثلث اجليش من معركة كفر أكّب‪..‬؟ هللا رجح يف‬
‫ً‬
‫اآلية كوهنم كفار‪﴿ :‬وُّدوا لو تكفرون كما كفروا﴾‪.‬‬

‫هناك سبب نزول آخر‪ ،‬رواه ابن جرير الطّب يف تفسّيه عن جماهد وغّيه‪ ،‬قال‪ :‬هم قوم‬
‫دخلوا اإلسالم وهاجروا إىل املدينة (أظرروا اإلسالم)‪ ،‬مث نكصوا على أعقاهبم ورجعوا إىل مكة‬
‫وأظرروا هبا الشرك‪ .‬يعين وقعوا يف الشرك‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪74‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫طيب‪ ،‬ما هو الشرك الذ يف مكة؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬عبادة األصنام‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬عبادة األصنام‪.‬‬

‫فاختلف الصحابة يف حكمرم‪ ،‬هل هم كفار وال ما هم بكفار‪ ..‬فعاتبرم هللا بذلك‪ ،‬كيف‬
‫رصتلفون فيرم!؟ مث يكر هللا كفرهم [املنافقني]‪ ،‬قال ابن جرير الطّب ‪ :‬وهذا هو الصواب‪ .‬قال والذ‬
‫يدل عليه من سياق اآلية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أنه نص على تكفّيهم‪ .‬وعبد هللا بن أيب بن سلول مل أيت نص يف تكفّيه يف الدنيا‪ ،‬إال‬
‫ً‬
‫بعد أن مات‪ ..‬وإال لكان أجر عليه حكم الكفار!‬

‫اثنيًا‪ :‬أن هللا عز وجل قال‪﴿ :‬فال تـتخذوا منـرم أولياء ح ٰىت يـراجروا﴾؛ إيًا هم قوم مبكة ليسوا‬
‫ابملدينة‪ ،‬وعبد هللا بن أيب بن سلول ابملدينة ليس مبكة‪.‬‬

‫طيب ملايا مساهم منافقني؟ ألهنم أظرروا اإلسالم ابتداءً‪ ،‬فاهلل حتدث عن حاهلم قبل كفرهم‪،‬‬
‫يعين ما يف إهكال من مسمى منافقني‪.‬‬

‫إذاًهل كان اختالف بعض الصحابة يف عدم كفرهم مبسوٍغ لتكفّيهم؟ هل كفر هللا الذين مل‬
‫يكفروهم؟ ال‪ ،‬بل عاتبرم هللا كيف ال تكفروهنم؟‬

‫أيضا حجج أخرى‪ ،‬لكن نعود إىل مناطنا حىت نضبطه من خالل صور واقعية أو صور‬ ‫وهناك ً‬
‫عملية من خالل استعماالت أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬هلذا الناقض‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪75‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫نقول‪:‬‬

‫الناظر لكًلم أهل العسم ‪-‬رحمهم للا‪ -‬يجد أنهم ُيقسمون من لم ُيكفر الكفار‬
‫عموما إلى أربعة أقسام‪:‬‬

‫القسمًاألول‪ :‬من توقف يف كفر من كفره معلوم من الدين ابلضرورة‪ ،‬مثل اليرود والنصارى‬
‫والبوييني ومن ال يدين بدين اإلسالم‪ ،‬فالذ يتوقف يف كفرهم ما حكمه؟ كافر‪ .‬ليش؟‬

‫‪ -‬اإلخوة‪ :‬كذب ابلقرآن‪ ،‬جحد آايت هللا‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬جحد النصوص‪.‬‬

‫اآلن هذا املناط ظاهر‪ ،‬كل من قال‪" :‬النصارى ليسوا بكفار" هذا كافر مباهرة‪ .‬ملايا؟ ألن‬
‫هذا املناط موجود ومتحقق‪ ،‬وهو أن نصوص القرآن دلت على كفرهم صراحةً‪ ،‬والذ ال يكفر‬
‫جاحد هلذا النص وراد حلكم هللا‪ .‬هذا القسم واضح‪.‬‬

‫من توقف يف كفر من كفره معلوم من الدين ابلضرورة‪ ،‬كفرعون واليرود والنصارى‪ ،‬ومن ال‬
‫يدين بدين اإلسالم كأيب ٍ‬
‫هلب وأيب ٍ‬
‫جرل وغّيهم‪ ..‬هؤالء كفرهم معلوم من الدين ابلضرورة‪ ،‬والذ‬
‫يتوقف فيرم كافر‪ ..‬ملايا؟ ألن املناط هنا أنه راد حلكم هللا جاحد بكالمه‪.‬‬

‫القسمًالثاين‪ً:‬من توقف يف كفر من دلت األدلة الشرعية القطعية على كفره‪ ،‬ولكنه ال يصل‬
‫مثال على الرافضة واحلكم‬
‫إىل مرتبة ما هو معلوم من الدين ابلضرورة‪ ..‬هو دون يلك‪ ،‬كاحلكم ً‬
‫على ابن عريب وطائفته‪ ،‬أو احلكم على عباد القبور من املنتسبني إىل اإلسالم؛ فاملتوقف يف كفر‬
‫هؤالء‪ ..‬من خالل النظر يف كالم أهل العلم واستعماالهتم يكفروهنم مبجرد التعريف‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪76‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫مبعىن‪ :‬أنه يبني له حكم الشرع‪ ،‬مبجرد التعريف الظاهر العام‪ ..‬اي أخي حكم الشرع كذا كذا‪،‬‬
‫قال‪" :‬مع يلك ال أكفرهم"؛ فرذا كافر‪ .‬مبجرد التعريف‪.‬‬

‫الحظ‪ :‬هنا فرق بني الذ ال يكفر املشركني من املنتسبني لإلسالم وبني الذ يعذر ابجلرل‬
‫اماما‪ ،‬وفرق بني الذ ال يكفر الرافضة أبقواهلم وبني من يعذرهم ابجلرل‪ ..‬وهناًأصلً‬
‫فرق [واضح] ً‬
‫اللبس‪" ..‬فالن ما يكفر الرافضة‪ ،‬إ ًيا هو كافر"‪ ..‬أهل العلم أطلقوا هذا‪ ،‬قد تقول‪ :‬كالم هيخ‬
‫اإلسالم أن من قال "اي علي" فرو كافر‪ ،‬ومن مل يكفره فرو كافر‪ ..‬نقول‪ :‬انتظر‪ ،‬هنا تتعامل‬
‫ابملقدمات اليت سلمنا هبا‪ ،‬العلماء يطلقون هذا‪ ،‬لكن عند التعيني ال‪ ،‬حيرر‪.‬‬

‫شيخًاإلسالمًماًك ّفرًبعضًأعيانًالرافضة‪ً ً،‬والصوابًعندانًأنًالرافضةًكفار‪ً،‬ولكنً‬


‫الذيًالًيُك ّفرهمًالًبدًمنًالنظرًيفًحاله‪ ،‬ال يؤخذ اإلطالق؛ ألن اإلطالق ‪-‬كما فسران‪ -‬أهل‬
‫العلم جيارون به النصوص الشرعية يف الوعيد العام‪ ..‬لكن يف إنزال هذا احلكم على األعيان ال‪،‬‬
‫يراعون فيه الشروط وانتفاء املوانع‪.‬‬

‫الذ ال يكفر الرافضة يقول‪" :‬هذا الذ يفعلونه ليس بكف ٍر‪ ،‬أو يقول‪ :‬أن هؤالء الذين‬
‫يعبدون القبور من الصوفية ليسوا بكفار‪ ،‬هؤالء إما جمتردون‪ُ ،‬مطؤون‪ ..‬ولكن ال يصلون إىل‬
‫الكفر وهؤالء كفرهم ليس ككفر قريش"‪ ..‬كما يقوله الصوفية‪..‬‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬مرات يقول اي هيخ‪ :‬مش كلرم‪ ،‬مثل الرافضة مش كلرم يعين كفار‪..‬؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هذا سنأيت عليه إن هاء هللا‪.‬‬

‫فرذا الذ يقول هذا القول يكفر بعد التعريف‪ ،‬ملايا قلنا بعد التعريف؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪77‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ابن عريب أهل العلم أكفروه‪ ،‬ملايا؟ ألنه يقول ابحللول واالحتاد‪ ،‬يرى أن هللا حل يف مجيع‬
‫خلقه‪ ،‬النصارى يقولون أن هللا حل يف عيسى‪ ،‬أما ابن عريب فيقول‪ :‬حل يف خلقه كلرم‪ ..‬كان‬
‫يقول‪" :‬سبحاين ما أعظم هاين"‪ ،‬ويسجد ويقول‪" :‬سبحان ريب األسفل"‪ ،‬ويقول‪" :‬ما يف اجلبة‬
‫إال هللا"‪ ،‬ويقول‪" :‬إن فرعون أخطأ حينما قال أان ربكم األعلى"‪ ..‬ليش أخطأ؟ ألنه حصر الربوبية‬
‫يف نفسه! ولو أنه قال‪ :‬اخللق كلرم أرابب‪ ،‬لصدق‪ !..‬قال‪" :‬ولو تركت قريش عبادة األصنام‪،‬‬
‫لرتكت من احلق بقدر ما تركت من األصنام"‪ ،‬وكالم ما يصدر إال من‪ ..‬حىت إبليس يستحي من‬
‫هذا الكفر‪.‬‬

‫فماذاًقالًالعلماء؟ رجل من األئمة امسه ابن املقر الشافعي اليمين‪ ،‬له كتاب امسه "احلجة‬
‫الدامغة لرجال الفصوص الزائغة"‪[ ..‬يقصد كتاب] "فصوص احلكم‪ ،‬البن عريب"‪ ،‬قال‪" :‬ومن تردد‬
‫يف كفر اليرود والنصارى وابن عريب وطائفته‪ ،‬فرو كافر"‪.‬‬

‫وقال هيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬وكفر هؤالء أعظم من كفر اليرود والنصارى واملشركني‪ ،‬ومن‬
‫هك يف كفرهم وتوقف فرو كافر مثلرم‪( .‬يعين الذ ال يكفر ابن عريب وطائفته)‪.‬‬

‫هذا من حيث اإلطالق العام‪ ،‬أما عند التحرير ‪-‬هوفوا اي إخوة‪ ،‬على ظرور كفر ابن عريب!‪-‬‬
‫مايا قال هيخ اإلسالم ابن تيمية؟‬

‫قال يف مواطن أخرى يف "جمموع الفتاوى‪ ،‬اجمللد الثاين" قال‪ :‬والذ ال يكفره‪ ،‬فإنه ال خيلو‬
‫من أن يتأول له وحيسن حاله ويّبره فرو من أئمترم‪ ،‬وكفره كفرهم (قال) ومنرم من حيسن الظن‬
‫هبم (يعتّبهم دراويش وأئمة) ومعه من اإلميان وحسن اتباع الشرع ما جيرل به احلكم على هؤالء‪،‬‬
‫قال‪ :‬فإن هذا ال بد أن يعرف حباهلم‪ ،‬ويعرف بدين اإلسالم فيرم (يعين حبكم الشرع فيرم) فإن أىب‬
‫بعد يلك فإنه يلحق هبم‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪78‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فمايا؟ رتب حكم الكفر على من توقف يف كفر ابن عريب الذ قال هذا الكفر كله‪ ،‬قال‪:‬‬
‫الذ ال يكفره ال بد أن يعرف أقواله وخيرج به عن جرالة احلال‪ ،‬وال بد أن يعرف حكم الشرع‬
‫فيه فيخرج عن جرالة احلكم‪ ،‬مث إيا توقف بعد يلك فإنه يكفر‪.‬‬

‫مبجرد التعريف‪ ،‬تقول‪ :‬اي أخي‪ ،‬ابن عريب قال ابحللول واالحتاد‪ ،‬واحللول واالحتاد كذا وكذا‪،‬‬
‫وهذا كفر أكّب ودل الشرع على أنه كفر‪[ ..‬فلو] قال‪" :‬وهللا مع يلك ال"‪[ .‬فيقال له] أنت كافر‪.‬‬

‫وال يشرتط يف هذا أنك أنت الذ تبلغه ابلنص‪ ،‬لكن إيا كان يف مظنة علم‪ ،‬يف مكان ميكن‬
‫معه العلم فرذا كايف يف احلكم بكفره‪.‬‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬ما يكفر‪ ،‬ال بد أن يعرف جبرالة احلال وجرالة احلكم‪ ،‬ما يكتفي جبرالة احلال‪..‬؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪[ :‬كالم] هيخ اإلسالم هنا من ابب التعريف العام‪ ،‬ألن هناك تعريف خاص وهو‬
‫إقامة احلجة وإزالة الشبرة وهذا سيأيت فيما بعد‪..‬‬

‫لكن التعريف العام‪ :‬فقط أن يعرف حبكمرم‪ ،‬مثل كالم هيخ اإلسالم عن النصّيية والذ‬
‫يتوقف يف كفرهم‪ ،‬أنه ال بد من معرفة حاهلم‪ ..‬وهلذا قال عن ابن عريب وطائفته‪ :‬وال يقف يف‬
‫كفرهم إال ملحد زنديق أو جاهل ضال‪( .‬مسلم لكنه جاهل ضال)‪.‬‬

‫فرذا القسم ملايا العلماء قالوا ال بد فيه من التعريف؟ املسألة رصضع لالجتراد‪ ،‬بعض العلماء‬
‫يقول‪" :‬وهللا هؤالء ما حيتاجون للتعريف‪ ،‬املسألة صارت ظاهرة"‪ ..‬طيّبًهذاًمرجعهًإىلًماذا؟ ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪79‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫ظرور املناط أو خفائه‪ ،‬أنت أيرا اجملترد الناظر يف هذا‪ ،‬إيا وجدت أن املناط هنا أهبه‬
‫ابلواضح الظاهر‪ ،‬ما حيتاج أنك توقف كل واحد وتعرفه‪ ،‬خالص كافر‪ ..‬إيا رأيت املناط واضح‪،‬‬
‫ما هو املناط؟‬

‫‪ -‬أخ‪ :‬رد النصوص‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬رد النصوص الشرعية‪.‬‬

‫إيا قيل‪ :‬هذا كفره ظاهر‪ ،‬يعين الذ ال يكفره هذا كفره واضح يف النصوص الشرعية‪ ،‬ما‬
‫حيتاج إىل أن يعرفه‪ ،‬إيا كان املناط ظاهر فإنه يرجع للحكم مباهرة ألن املناط موجود‪.‬‬

‫لكن يف هذا القسم الثاين‪ ،‬املناط يف بعض الصور قد خيفى وهلذا العلماء عوضوه ابلتعريف‬
‫اجملرد‪ ،‬بتعريف عام)‪ .‬وهذا التقسيم بناءً على القرب من املناط أو البعد منه‪.‬‬

‫القسمًالثالث‪ :‬من توقف يف كفر من كفره حمتمل لشبرة كمن توقف يف كفر بعض احلكام‬
‫املعاصرين‪ ،‬أو عذر ابجلرل يف أصل الدين؛ فإن هذا ال يكفر إال بعد إقامة احلجة وإزالة الشبرة‬
‫وكشف اللبس‪ ،‬فإن ظرر له أن حكم هللا فيرم الكفر مث توقف‪ ،‬فعندئذ يكفر‪.‬‬

‫أصال‪ ،‬ألن ياك كفره حمتمل‬


‫لكن إيا قال‪" :‬حكم الشرع فيه أنه ال يكفر" فرذا ال يكفر ً‬
‫(يعين فيه هبرة‪ ،‬تطرقه هبرة) بعض احلكام املعاصرين تطرقه بعض الشبه‪ ،‬جيوهرم وأجرزة أمنرم‬
‫تطرق تكفّي أعياهنم بعض الشبرة؛ فالذ يتوقف يف تكفّيهم نقول هنا‪ :‬أنه ال بد من إقامة احلجة‬
‫عليه‪ ،‬ألهنا مسائل دخلرا االهتباه‪ ،‬واملناط فيرا غّي ظاهر‪ ..‬يعين الذ ال يكفرهم ال يظرر فيه‬
‫فعال يف الغالب يستند إىل هبرات‪ ،‬إما أن يقول‪" :‬وهللا اي‬
‫أنه راد حلكم هللا عز وجل وكتابه‪ ،‬بل ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪80‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أخي هؤالء عندهم علماء أفتوا هلم‪ ،‬ويتأولون"‪ ..‬وهذه الشبرات ابطلة (من حيث األصل) لكنرا‬
‫مانعا للحكم بتكفّي الذ مل يكفرهم‪.‬‬‫تصلح أن تكون ً‬

‫دائما‪ ،‬عن الذ ال‬‫هم كفار‪ ..‬اي إخوة الحظوا‪ ،‬ال نتكلم عن األول‪ ،‬نتكلم عن الثاين ً‬
‫يكفره‪ ..‬فرذا ال يكون إال بعد إقامة احلجة وإزالة الشبرة وكشف اللبس‪ ،‬وهذه هي منزلة العاير‬
‫ابجلرل‪.‬‬

‫عندانًاآلنًصوراتن‪ً ً:‬‬

‫رجل يسجد لصنم‪ ..‬هناك رجالن‪ :‬واحد قال‪" :‬وهللا هذا الرجل ُمطئ‪ ،‬هو يقول "ال إله إال‬
‫أبدا‪ ،‬قريش وغّيهم كانوا يقولون أن األصنام‬
‫كفرا‪ ..‬هذا ليس كافرا ً‬
‫هللا"‪ ،‬وهذا خطأ‪ ،‬لكنه ال يكون ً‬
‫رصلق وترزق‪ ،‬أما هذا فال اي أخي‪ ،‬هو يتقرب به ويتزلف‪ ..‬يعين يتزلف به إىل هللا عز وجل‪ ،‬فرذا‬
‫كفرا"‪ ،‬وواحد آخر يقول‪" :‬هذا كفر أكّب ووقع يف الشرك‪ ،‬وهو مشرك إال إن توفرت‬ ‫خطأ‪ ،‬ليس ً‬
‫جاهال‪ "..‬حينما نقول اجلرل‪ ،‬هل هو‬‫كرها أو إن كان ُمطئًا أو إن كان ً‬
‫فيه املوانع‪ :‬إن كان م ً‬
‫مانعا‪..‬‬
‫مانع يف أصل الدين؟ ليس مبانع‪ ،‬لكن هو يعتّبه ً‬

‫أبدا‪ ،‬لدرجة أن األول يف القسم الثاين (يعرف‪ ،‬فإن أصر يكفر‪..‬‬


‫فاآلن هل احلالني مثل بعض؟ ً‬
‫يعرف بتعريف بسيط)‪ ،‬الثاين‪ :‬ال‪ ،‬هو ما خيتلف معك يف كونه ياك قد وقع يف الشرك والكفر‪،‬‬
‫إمنا خيتلف معك يف ابب أصويل يف موانع األهلية‪ ،‬فرو يدرج اجلرل يف املوانع األهلية‪ ،‬أنت تقول‬
‫أن اجلرل ليس من املوانع األهلية‪ ..‬أما هو فيستند إىل قول هللا‪﴿ :‬وما كنا معذبني ح ٰىت نـبـعث‬
‫رس ًوال﴾ [اإلسراء‪ .]15:‬ويتأول هذه اآلية‪.‬‬

‫نقول‪ :‬والتأولًهو‪ :‬وضع الدليل يف غّي موضعه‪ ،‬ل ٍ‬


‫شبرة أو لعدم فرم الداللة للنص‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪81‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫فرو اآلن يستند هبذا إىل أن اجلرل مانع من موانع األهلية‪.‬‬

‫موانع األهلية اي إخوة االختالف فيرا ليس كاالختالف يف أصل الدين‪..‬‬

‫مثال‪ :‬اإلكراه مانع من موانع األهلية‪ ،‬يعين مينع من أهلية الرجل للحكم‪ ،‬ما يكلف‪..‬والدليل؟‬

‫‪ -‬أخ‪﴿ :‬إال من أكره وقـلبه مطمئ ٌّن ابإلميان﴾ [النحل‪.]106:‬‬

‫كرها؟‬
‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طيب‪ ،‬ما حد اإلكراه؟ مىت يكون الرجل م ً‬

‫حصل خالف بني أهل العلم‪ ،‬مثال‪ :‬سعيد بن املسيب واحلسن البصر يقولون‪ :‬اإلكراه‬
‫كرها يقولون هذا كافر‪ .‬ملايا؟ ألن اإلكراه عندهم‬
‫ابلقول ال ابلفعل‪ .‬فالذ يسجد عندهم للصنم م ً‬
‫ابلقول ال ابلفعل‪.‬‬

‫أما مجرور أهل العلم فيقولون‪ :‬ال‪ ،‬هذا ليس بكافر‪ ،‬هذا مكره واإلكراه يصدق يف الفعل كما‬
‫يصدق يف القول‪.‬‬

‫طيب هل لسعيد بن املسيب واحلسن البصر أن يقولوا ألولئك‪ :‬أنتم ال تكفرون املشركني‪..‬؟‬

‫أبدا ألن أصل اخلالف يف موانع األهلية‪ ،‬يف حتديد معىن اإلكراه‪.‬‬
‫ال‪ ،‬ليس هلم يلك وال يسوغ ً‬

‫كذلكًالذيًيعذرًابجلهلًما خيالفك يف أصل الدين‪ ،‬هو يعرف توحيد هللا عز وجل‪ ،‬وهو‬
‫موحد ويقول‪" :‬كل من وقع يف الشرك كافر‪ ،‬لكن اجلرل عند مانع من موانع األهلية"‪.‬‬

‫فنقول‪ :‬هذا ابطل وهذه بدعة مكفرة‪ ،‬لكن ال يكفر صاحبرا حىت يعرف احلق؛ فإيا عرف‬
‫احلق مث بعد يلك عاند وامادى فعندئذ ميكن أن يكفر‪ ،‬لكن ليس حاله كحال األول الذ مل‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪82‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أصال‪ ..‬فال يشغب وال يرهب بعض الناس عليكم بقول‪" :‬وهللا هذا مل يكفر‬‫يكفر املشركني ً‬
‫دائما هبذا التنسيق غّي احملرر‪ ،‬غّي‬
‫املشركني‪ ،‬وتكفّي املشركني أصل يف توحيد هللا‪- "..‬الحظ‪ً -‬‬
‫املبني املصحوب بدالالته واستعماالت السلف له؛ وهذا هو أصل الضالل ومنشأ اخلبط واللبس‪،‬‬
‫فاهلل هللا اي إخوة يف معرفة هذا اجلانب‪..‬‬

‫نص ًسليمانًبنًسحمان وأئمة الدعوة النجدية‪ ..‬ول ـ[سليمان بن سحمان] رسالة يف‬
‫وهلذا‪ّ ً :‬‬
‫الطاغوت‪ ..‬أكثر الذين يتحدثون يف تكفّي أعيان املشركني وكوهنم مل يكفروا ابلطاغوت يستدلون‬
‫بكالم سليمان بن سحمان‪ ،‬سليمان بن سحمان له كتاب امسه "كشف األوهام وااللتباس" ‪-‬ولو‬
‫أن الالب توب فيه بطارية لنقلته بنصه‪ ،-‬لكن يقول يف "كشف األوهام وااللتباس" ‪-‬موجود يف‬
‫املكتبة الشاملة لسليمان بن سحمان‪ ،-‬ملا تكلم عن عباد القبور‪ ،‬قال‪ :‬وهؤالء مشركني وهركرم‬
‫ٍ‬
‫لشبرة عنده أو‬ ‫ظاهر وكفرهم واضح عيان‪ ..‬قال‪ :‬وميكن أن ميتنع بعض أهل العلم من تكفّيهم‬
‫خطأ أو حنوه فإن هذا ال يكفر‪ .‬صراحةً قال ال يكفر هذا‪ ..‬ملايا؟ ألنه امتنع ملان ٍع هو يراه هبرة‬
‫بتأويل‪ .‬قال‪ :‬فإنه ال يكفر ألنه قد اختلف أصحاب النيب ﷺ يف تكفّي بعض الطوائف كمانعي‬
‫بعضا‪ ،‬وال يسوغ تكفّيه ابإلمجاع القطعي‪.‬‬‫الزكاة وحنوهم ومل يكفر بعضرم ً‬

‫أصال ابطل ألن املناط ال بد من حتقيقه‬


‫طلقا‪ ،‬نقول‪ :‬هذا ً‬
‫فلرذا الذ يكفر العاير ابجلرل م ً‬
‫وهو أن يظرر أن حكم هللا فيه الكفر مث يرده وجيحده ويعاند‪ ،‬فيرتتب عليه احلكم‪.‬‬

‫فال ميكن أن يذكر الناقض بغّي يكر دليله وأصله ومناطه الذ يبىن عليه احلكم؛ ألنك إيا‬
‫عرفت مناطه وأصله ودليله ستعرف كيف تتعامل معه يف احلكم‪.‬‬

‫ٍ‬
‫اجتراد كمن ترك الصالة وحنوها‪ ،‬فرذا ما‬ ‫القسمًالرابع‪ :‬هو من توقف يف كفر من كفره حمل‬
‫فيه إهكال‪ ،‬ال يكفر املخالف ولو بعد املناظرة واحلجاج؛ ألهنا مسائل اجترادية‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪83‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫لكن يرمنا األقسام الثالثة األوىل‪ ،‬وهذه األقسام قد يكرهتا من ابب التقريب ال احلصر‪ ،‬ملايا؟‬
‫ملا يظرر فيه املناط الذ بنينا عليه احلكم أو خيفى منه‪ ،‬فكلما ظرر مناط كان إجراء احلكم أسرع‪،‬‬
‫وكلما كان أبعد كان إجراء احلكم أبعد‪.‬‬

‫فهذا ابختصار كالم أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬يف هذه املسألة‪ ،‬وهناك استشرادات تطول‬
‫وأخبار يف هذا املوضوع‪ ،‬لعلنا نقتصر إن هاء هللا تعاىل على ما أوردانه‪ ،‬ولكن أرجو إن هاء هللا‬
‫تعاىل أن يكون احلكم يف هذه املسألة واضح وهو قضية تكفّي من مل يكفر املشركني‪ ..‬دليله‪ ،‬وكيف‬
‫استعمله أهل العلم‪ ،‬ومناطه الذ مىت ما وجد وجد احلكم ومىت ما انعدم انعدم احلكم‪ ،‬وهو الذ‬
‫حددانه ووضحناه ونصصنا عليه أبنه‪ :‬اجلحد والتكذيب‪.‬‬

‫يعين مثال‪ :‬رجل قلت له‪ :‬مرسي كافر‪ .‬قال‪ " :‬ليس بكافر"‪ .‬طيب ليش ما هو بكافر؟ قال‪:‬‬
‫مثال بقصة يوسف وحنوها من القصص الباطلة اليت ال‬ ‫"وهللا اي أخي الرجل دخل متأوًال" وحيتج ً‬
‫يصلح االحتجاج هبا‪ ..‬فال يكفر‪ ،‬أن تقول‪" :‬وهللا أنت مل تكفر املشركني‪ ،‬فأنت كافر"‪ ..‬ال ما‬
‫جيوز هذا اإلطالق‪ ،‬ال بد أن تقام احلجة ويزال اللبس‪ ،‬تكشف الشبرة حىت يظرر املناط فيه‪ ..‬ما‬
‫هو املناط؟ يعين أن يتبني احلكم الشرعي فيه ويرده‪ ،‬أما إيا ما يزال هو يرى احلكم الشرعي فيه هو‬
‫عدم كفره؛ فرذا ال يكفر إال إيا ظررت عالمات وسيما وأحوال تدل على أنه معاند مصر‬
‫مستكّب‪.‬‬

‫ومنًالذيًلهًاحلقًيفًإجراءًهذاًاحلكمًعليه؟ املتأهل علميًا الذ يعرف احلكم ابألمارات‬


‫أيضا حيسن االنتباه له‪.‬‬
‫ويعرف احلكم ابلسيما والظواهر اليت يعرف هبا املعاند من املتبع‪ .‬وهذا أمر ً‬

‫وهناكًبعضًاملسائل احلجة فيرا ال تقوم إال مبجالس طويلة ومبناظرات وبكشف هبرة وإزالة‬
‫لبس‪ ..‬يعين أهل العلم ما حكمرم يف األهاعرة؟ من قدَي وحيكمون يف األهاعرة أبهنم يعين األصل‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪84‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أهنم قالوا أقو ًاال مكفرة‪ ،‬لكن ال يكفرون إال بعد إقامة احلجة‪ ،‬وهم مع يلك إىل اآلن‪ ،‬إىل اآلن ما‬
‫أحد يكفرهم أبعياهنم‪ .‬طيب‪ ،‬كل هذه السنني ما قامت عليرم احلجة؟ تقول‪ :‬نعم‪ ،‬ألهنا مسألة‬
‫دقيقة‪ ،‬ودخلرا لبس ودخلترا الشبرة‪.‬‬

‫فكذلك الذ يعذر ابجلرل يف أصل الدين‪ ،‬خاصةً إيا علمنا أن من العلماء من عذر ابجلرل‬
‫يف أصل الدين‪ ،‬ابن حزم الظاهر عذر ابجلرل يف أصل الدين كما جاء يف "الفصل يف امللل‬
‫واألهواء والنحل"‪.‬‬

‫نقولًومنًاملضحكاتًاملبكيات‪ :‬أان قلنا ألحدهم‪ :‬ابن حزم يـعذر ابجلرل‪ ،‬قال‪ :‬صحيح؟‬
‫قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬هذا كالمه‪ .‬قال‪" :‬إ ًيا كافر"! ظننت أنه سيتوقف‪ ،‬ولكن الرجل التزم! قلت‪ :‬طيب‪،‬‬
‫دائما ما يقولون‪ :‬قال‬
‫العلماء ما كفروه‪ ..‬قال‪" :‬هذا من ضالهلم"! قلت‪ :‬أئمة الدعوة النجدية ً‬
‫"أيضا هذا من ضالهلم"! قلت‪ :‬لكن املشكلة‬
‫اإلمام اجلليل العالمة الفحل حممد بن حزم‪ !!..‬قال‪ً :‬‬
‫أنك أخطأت‪ ،‬اآلن جيب أن تطرد يف التكفّي!‬

‫ألن ‪-‬الحظوا اي إخوة‪ -‬إيا أنت بنيت احلكم على ٍ‬


‫وصف ظاهر منضبط‪ ،‬وهو‪( :‬التكذيب‬
‫واجلحود) ما حتتاج إىل هذا التسلسل‪ ،‬هذا املناط أينما وجد يف رجل فأجر عليه احلكم‪ ،‬لكن‬
‫عندهم يلزم التسلسل‪ ..‬الذ ال يكفر فرو ال يكفر ابملشركني‪ ،‬والذ ال يكفره مل يكفر به؛ يعين‬
‫يلزم منه االطراد‪.‬‬

‫املشكلةًقرأتًمناظرة بني أبو مرَي املخلف الكوييت ‪-‬أحد الغالة‪ -‬وآخرين منرم حلمي‬
‫أصال ضال مضل‪ ،‬أص ًال‬
‫هاهم ‪-‬مصر ومن رؤوس الغالة‪ -‬يتناقشون يف هذا‪ ،‬فرو يقول‪" :‬أنت ً‬
‫أنت على أصلك يلزم أنك تطرد التكفّي وتسلسل فيه"‪ ..‬قال‪" :‬والتسلسل يف التكفّي أصل من‬
‫أصول الدين! ما يف إهكال"!!‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪85‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫وهذاًالقولًأش ّدًمنًقولًاملعتزلة‪ ،‬املعتزلة الوعيدية الذين يكفرون ابلكبّية‪ ،‬هذا القول أهد‬
‫منرم‪ ..‬تعرف ملايا؟ ألن املعتزلة كما يكر ابن امللطي الشافعي يف كتابه "التنبيه والرد على أهل‬
‫األهواء والبدع"‪ ،‬قال‪ :‬اختلف معتزلة بغداد عن معتزلة البصرة‪ ،‬فمعتزلة بغداد قالوا‪ :‬الذ ال يكفر‬
‫الكافر فرو كافر‪ ،‬والذ ال يكفر من مل يكفر الكافر فرو كافر‪ .‬فردت عليرم معتزلة البصرة‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ال‪ ،‬هذا خطأ‪ ..‬قال‪ :‬األول كافر‪ ،‬نعم‪ ،‬ألنه مل يكفر الكافر‪ ،‬أما الثاين (وهو من هك يف كفر‬
‫الكافر)‪ :‬فرذا هك طرأ على هك‪ ،‬وتوقف طرأ على توقف‪ ،‬فال يكفر به‪ .‬ألن الكفر ال بد فيه‬
‫من دليل ظاهر‪ .‬هؤالء املعتزلة يقولون هذا الكالم‪.‬‬

‫قال ابن امللطي الشافعي ‪-‬وهو من أئمة السنة‪ -‬قال‪" :‬وهذا قول حسن"‪ .‬قول املعتزلة هذا‬
‫حاال من هؤالء‬
‫هو الصحيح! يعين صارت أقوال املعتزلة الوعيدية الذين يكفرون ابلكبّية أفضل ً‬
‫الذين يتسلسلون ويطردون يف التكفّي ‪-‬نسأل هللا عز وجل العفو والعافية‪.-‬‬

‫حنن إن هاء هللا تعاىل يف هذا املقام نقتصر‪ ،‬ونسأل هللا عز وجل أن يكشف لنا وإايكم احلق‪،‬‬
‫وأن يبني لنا الصواب منه‪ ،‬وأيكركم أيرا األحبة‪ :‬من علم فيتكلم مبا علم ومن جرل فإنه يسأل أهل‬
‫العلم‪ ،‬يقول هللا عز وجل‪﴿ :‬فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تـعلمون﴾ [النحل‪.]43:‬‬

‫ودائماًايًإخوةًاالجرتاءًيفًهذهًاملوضوعات والتسرع فيرا وعدم التحرير والتدقيق والتحقيق‬


‫فيرا يود إىل نتائج‪ ..‬اإلنسان قد يتساهل يظن أن املسألة اآلن ليست هلا عواقب‪ ،‬أكفر يعين‪..‬‬
‫مسلما من دين هللا‪ ،‬حكمت‬ ‫لكن تذكر أن عواقبرا يوم القيامة حينما يؤتى بك وقد أخرجت ً‬
‫بكفره؛ وخاصة إيا علق بك منصب ولك نفوي فإنه جيب على اإلنسان أن يتحرى أ ااي كان؛ فكما‬
‫أن إدخال كافر يف اإلسالم عظيم‪ ،‬فكذلك إخراج مسلم من الكفر عظيم‪ ،‬وكما قال العلماء‪:‬‬
‫"واخلطأ يف ترك ٍ‬
‫ألف كافر أهون من اخلطأ يف سفك حمجمة من دم مسل ٍم واحد"‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪86‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫نسأل هللا عز وجل أن يوفقنا وإايكم لكل خّي وصاحل‪ ،‬هناك وهللا كالم يطول لكن إن هاء‬
‫هللا تعاىل نقتصر على هذا‪ ،‬نسأل هللا أن يوفقنا وإايكم اي رب العاملني‪.‬‬

‫اي إخوة فيما مضى‪ ،‬يعين أرجو املعذرة‪ ..‬العصر كنا جنلس‪ ،‬لكن فيما مضى أقصد يف املوضوع‬
‫الذ يكرانه‪ ،‬هل يف إهكال؟‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬نسأل عن طائفة معينة‪ ،‬مثل جبرة النصرة‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ال‪ ،‬الطوائف هذه ال تسألوين عنرا‪ .‬لكن فيما مضى‪ ،‬املوضوع يطول فيه مسائل‬
‫كثّية‪..‬‬

‫تفضل هيخ جريمان‪..‬‬

‫طبعا حكمه أنه يقتل‪ ،‬جيد؟‬


‫مثال مسألة سب هللا عز وجل‪ً ،‬‬
‫‪ -‬األخ‪ :‬اآلن اي هيخ ً‬

‫فرا‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ :‬كافر نعم‪ ،‬يقتل ك ً‬
‫‪ -‬األخ‪ :‬طيب الذ ما يكفر ساب هللا عز وجل؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هذا يدخل يف القسم الثاين‪ ..‬يعرف حبكمه فإن توقف بعد يلك (تعريف بسيط)‬
‫إن توقف يكفر‪.‬‬

‫أصال يعذر الساب‪ ..‬هو فرق بني من يقول‪" :‬هذا‬


‫وهذا معىن كالم أهل العلم‪ ،‬ألن ابن حزم ً‬
‫أصال ليس بكفر"‪ ..‬هذا كافر مباهرة‪ ،‬أما الذ يقول‪" :‬نعم‪ ،‬هذا كفر‪ ،‬لكنه جاهل"‪..‬‬‫السب ً‬
‫هذا تعرفه تعر ًيفا بسيطًا‪ ،‬فإن أصر يكفر‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪87‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬وإيا استتيب واتب وقتل‪ ،‬كيف يعامل‪..‬؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬إيا استتيب بعد سبه؟‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬إ ‪ ،‬استتيب بعد سبه‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هذا حمل خالف‪ ،‬هل يقتل ردة أو يقتل حداا‪ ..‬ولكن الصواب‪...‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬ايل ماهية عليه الدولة اآلن؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬الذ امشي عليه هو ما يهب إليه مالك ‪-‬رمحه هللا‪ -‬وأصحابه وهو أنه يرتك ألهله‬
‫[بعد قتله]‪ ،‬ألن هذا األمر موقوف على األمارات‪ ،‬فمن اتب وأظرر التوبة وحسن السّية فإنه جيرى‬
‫عليه حكم املسلمني‪ ،‬لكن اإلمام ومن ينوبه ما يصلون عليه وال‪ ..‬وماله يكون لورثته‪.‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬طيب وين يدفن اي هيخ؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬يعطى أهله‪ ،‬يدفنونه عند املسلمني‪ ،‬يدفنونه عند الكفار‪ ..‬ما علينا منرم‪ .‬ووجدان‬
‫أن هذا القول هو األوفق‪ ،‬يرتك ألهله ألهنم هم أعرف الناس به‪.‬‬

‫تفضل‪..‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬السؤال تقريبًا متعلق بسؤال األخ‪ :‬الذ ال يكفر الكافرين‪ ..‬يعين مثال‪ :‬رجل تكلم‬
‫مثال على وزير‪ ،‬أو على قائد ابجليش وكذا‪ ،‬يقول لك‪ :‬هذا رجل ما هو كافر‪ .‬هو يريد أن‬
‫معه ً‬
‫مثال ويدافع عنه‪ ،‬وهذا ظاهر من الكفار‪ ،‬فكيف تتعامل مع هذا الرجل الذ ال يكفر‬ ‫خيرج ً‬
‫الكافر؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪88‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أوال‪ :‬وقوع هذا يف الكفر (يف األسباب املكفرة)‪ ،‬ودليل الشرع على‬
‫‪ -‬الشيخ‪ :‬أنت توضح‪ً :‬‬
‫كفره‪ ،‬فإن أصر بعد يلك أو توقف‪ ،‬فإنه يكفر‪.‬‬

‫وخيتلف هذا ابختالف البلدان واألحوال‪ ،‬يعين النصّيية هنا كفرهم واضح ظاهر‪ ،‬والذ‬
‫مثال يف النظام السعود خيتلف؛‬ ‫طلقا‪ ،‬لكن احلكم ً‬ ‫يتوقف يف كفرهم بعد معرفة حاهلم يكفر م ً‬
‫أيضا ينبغي للمفيت‬
‫هناك فيه انتساب للملة ويف أحكام ابلشريعة‪ ..‬فرناك موطن هبرة ولبس‪ ،‬وهذا ً‬
‫أن يراعيه يف أحواله‪ .‬فرنا الذ يتوقف يف كفر بعض أفراد النظام بعد تعريفه حباله فال نتوقف يف‬
‫احلكم بكفره‪.‬‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬يعين هذا اإلنسان الذ توقف يف‪ ..‬يعين خاصة يف منطقة الراعي وما حوهلا‪..‬‬
‫املنطقة كلياهتا يعين على األغلب أميني‪ ،‬على األغلب يعين ال يقرأ وال يكتب‪ ،‬ال فاحتة ال حتيات‪،‬‬
‫وطبعا كلرم ما بيكفروا ال بشار وال بيكفروا النصّيية وال حىت‪ ..‬قسم منرم ال يكفر حىت اليرود‬
‫ً‬
‫والنصارى‪ ..‬وإحنا بنـعرفرم‪..‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬الحظ اي هيخي‪ ،‬هذه الدولة قامت يف ٍ‬


‫أرض غلب فيرا الشرك والكفر‪ ،‬والناس‬
‫أبعد ما يكونون عن أصل الدين وتوحيد رب العاملني‪ ،‬فاملقام اليوم مقام تعليم‪ ،‬مقام إقامة للحجة‪،‬‬
‫ضا‪.‬‬
‫فالذ اليوم يقع يف الكفر ما يكون له عذر أبنه وهللا جاهل‪ ،‬أو‪ ...‬ال يكون إال معر ً‬

‫فنحن كذلك‪ ،‬يعين حنن لو فتشنا عن أحوال الناس ابتلشنا [يعين تورطنا]‪ ..‬لو فتشنا عن‬
‫أحواهلم لوجدان أن كثّي من الناس اآلن ‪-‬نعوي ابهلل‪ -‬مفارق لدين هللا عز وجل‪ ،‬ولكن اليوم بعد‬
‫فرض احملاكم واألمر ابملعروف والنري عن املنكر والدورات الشرعية والدعوة إىل هللا عز وجل‪..‬‬
‫أيضا ظاهر‬
‫اجا‪ ،‬وهذا أمر ً‬‫اجا كما خرجوا منه من قبل أفو ً‬
‫عرف الناس التوحيد‪ ،‬ودخلوه فيه أفو ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪89‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫كثّيا‪ ،‬إال يف بعض املناطق النائية اليت ال تنتشر فيرا الدعوة‬


‫يعين ما عاد اآلن ترى اجلرل منتشر ً‬
‫وال تظرر‪ .‬فرنا املقام مقام تعليم‪.‬‬

‫هو إيا ثبت لنا أن الرجل ال يًكفر اليرود وال النصارى‪ ،‬اأاي كان هو كافر‪ ،‬لكن ال يستلزم أن‬
‫جترى عليه األحكام أو القتل وحنوه حىت نعلمه ونبني له‪.‬‬

‫أما الذين ال يكفرون بشار وحنوه‪ ،‬فرذا جير عليه ما جير على من توقف يف كفر ابن عريب‬
‫وطائفته‪ ،‬فإنه يعرف حباله‪ ،‬مث يعرف أبسباب الكفر من حيث الشرع‪ ،‬مث إيا توقف بعد يلك‬
‫وعاند فإنه يكفر‪.‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬سؤال اثين معليش‪ ،‬ابلنسبة إىل النصّيية‪ ،‬اآلن إحنا يف عندان إهكالية‪ :‬قسم منا‬
‫يقولون هم كفار أصليني وقسم يقول دخلوا اإلسالم وارتدوا‪ ..‬وهذا السؤال جاءان يف املعرد الشرعي‬
‫يف الفحص‪ ..‬فيعين إحنا إيش جناوب؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬طيب وإيش كان اجلواب الصحيح عند اإلخوة؟‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬إحنا كنا يف البداية جناوب كفار أصليني‪ ،‬بعدين مسعنا مبقولة عنك أنك تقول‬
‫مرتدين‪ ،‬فأخذان بقولك‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ [ضاح ًكا]‪ :‬هكذا بدون دليل وال‪...‬؟‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬هذا ايل حصل‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ما يسوغ اي هيخ‪..‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪90‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬األخ أبو هريرة قلت له‪ :‬هيك هيك‪ ..‬قال يل‪ :‬خالص‪ ،‬إيا كالم الشيخ أبو بكر‬
‫بيقول إنه مرتدين فيكون أقرب للصواب‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ال اي هيخ‪ ،‬ليس ألنه قلنا كذا‪ ،‬ال بد من معرفة التعليل‪.‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬ال يعين إنتو كلجنة وكذا‪..‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬اآلن هناك حصر خاطئ ملفروم الردة‪ ،‬الردة حينما عرفرا أهل العلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬أهنا‬
‫قطع اإلسالم ابلكفر‪ .‬أو اخلروج من اإلسالم بعد الدخول فيه‪.‬‬

‫فرذا حصر خاطئ ملفروم الردة‪ ،‬الردة تثبت ملن ميكن احلكم إبسالمه‪ ،‬مث يتبني كفره‪ ،‬فإن‬
‫هذا تثبت ردته‪.‬‬

‫أوضح هذا‪ :‬يعين اآلن حنن فسران قلنا الردة‪ :‬قطع اإلسالم ابلكفر‪ .‬يعين رجل جيرى عليه‬
‫حكم اإلسالم مث جيرى عليه حكم الكفر‪..‬‬

‫اآلن‪ ،‬رافضي أنت ما تعرف عنه‪ ،‬جلست معه يف جملس وهو يقول "أهرد أن ال إله إال هللا‬
‫أصال‪ ،‬بعد ساعتني جاءك واحد وقال‪:‬‬ ‫ويقرأ القرآن‪ ،‬ستحكم يف جملسك أبنه مسلم وأنت ما تعرفه ً‬
‫اي أخو جالس أنت مع هالرافضي‪ !!..‬قلت‪ :‬أعوي ابهلل رافضي!! قال‪ :‬إ نعم رافضي‪ ..‬مايا‬
‫ستحكم عليه اآلن؟ ابلكفر‪ ..‬صح؟ اآلن هذا احلكم ابلكفر جاء بعد حكمك عليه ابإلسالم‬
‫ألنه ينتسب إىل بعض الشعائر‪ ..‬زين؟‬

‫فأهل العلم راعوا هذه العملية‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا يعين أن كل طائفة أو ٍ‬


‫فرد ينتسب إىل اإلسالم ‪-‬‬
‫كافرا من أصله‪ ،-‬يقال له مرتد؛ ألنه ميكن أن يظرر اإلسالم يف بعض األحوال فـيظن‬
‫ولو كان ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪91‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫أصال مل يدخل اإلسالم‪،‬‬


‫أنه مسلم مث حيكم بكفره‪ ..‬فرذه العملية هي عملية ردة‪ ،‬وهو يف الظاهر ً‬
‫ابطال‪ ،‬لو امسًا‪ ،‬لكن مبا أنه‬
‫انتسااب ً‬
‫ً‬ ‫فرم حيكمون على كل طائفة انتسبت إىل اإلسالم ولو كان‬
‫أصال‪.‬‬
‫تدا ولو مل يدخل اإلسالم ً‬
‫ينتسب لإلسالم فإنه يكون مر ً‬

‫فليست الردة أبنه ال بد من أن يثبت له الدخول يف اإلسالم مث اخلروج منه‪ ،‬ال‪ ،‬هو يقطع‬
‫احلكم ابإلسالم إىل احلكم ابلكفر‪ .‬وعلى هذا أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪.-‬‬

‫النصّيية كم هلا؟ يف القرن الثاين‪ ..‬يعين ألف وثالمثائة سنة تقريبًا‪ ،‬ومع يلك كل العلماء إىل‬
‫زمن هيخ اإلسالم ابن تيمية حيكمون بردهتم‪ ،‬ما حيكمون بكفرهم‪ ..‬يعين بعضرم يظن أن هذه‬
‫أصال‪..‬‬
‫املسألة متفرعة عن أهنم متولدين عن آابء كفار‪ ،‬فرم كفار ً‬

‫تدا إيا‬
‫نقول‪ :‬هذا غّي صحيح‪ ،‬كما أن أبواه يرودانه وينصرانه وميجسانه‪ ،‬وكذلك جيعالنه مر ً‬
‫نشأ على نفس النشئة اليت هم عليرا من انتساب إىل بعض الشعائر والكفر معرا‪ .‬إ ًيا من يكفر‬
‫مع انتسابه إىل بعض الشعائر فرو مرتد‪ ،‬وهذا احلكم أغلظ‪.‬‬

‫هلذا فالنصّيية فرقة من فرق الباطنية‪ ،‬وأهل العلم حكموا على الباطنية ابلردة‪ ..‬الفاطميني‬
‫الذين حكموا مصر قرنني‪ ،‬أهل العلم صنفوا فيرم‪ ،‬ابن اجلوز صنف كتاب "النصر على مصر"‬
‫وحكم بردهتم‪ ،‬أبو حامد الغزايل كتب كتاب "فضائح الباطنية" وقال‪ :‬والصحيح يف النظر أن يسلك‬
‫هبم مسلك املرتدين ال الكفار األصليني‪ .‬فتقتل نساؤهم ورجاهلم‪.‬‬

‫وكذلك هيخ اإلسالم ملا حتدث عن النصّيية ومل يقل أهنم كفار‪ ،‬وكذلك الرافضة وعباد القبور‬
‫وغّيهم ممن ينتسبون لإلسالم كلرم جيرى عليرم حكم الردة‪ ،‬وأول من قال أهنم كفار أصليني هو‬
‫األمّي الصنعاين صاحب "سبل السالم" وقد خالف هبذا إمجاع األولني واآلخرين‪ ،‬وعبد اللطيف‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪92‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫بن عبد الرمحن بن حسن يف كتاب "مصباح الظالم" قال‪ :‬وقد أمجع العلماء على احلكم على‬
‫هؤالء ابلردة ال ابلكفر‪ ،‬وقد هذ الصنعاين وتبعه بعض أصحابنا‪.‬‬

‫يعين عبد هللا أاببطني‪ ،‬ومحد بن معمر من أئمة الدعوة النجدية‪ ،‬تبعوه على هذا القول‪ .‬وهذا‬
‫القول غّي صائب‪ ،‬والصحيح أن كل طائفة تنتسب إىل اإلسالم وتكفر فري مرتدة‪.‬‬

‫واملشكلة أن اإلخوة الذين يقولون هم كفار أصليني‪ ،‬نقول‪ :‬أنتم ما تلتزمون أبقوالكم‪ ،‬إيا كفار‬
‫أصليني مايا يعين‪..‬؟ يعين أنه على قول جيوز أخذ اجلزية منرم‪ ،‬وعلى الصحيح أنه جيوز مفاداهتم‬
‫إيا أسرانهم‪ ،‬وجيوز املن عليرم يعين أنخذ نصّييني ونقول روح ما عندان مشكلة‪ ..‬واإلخوة يقولون‪:‬‬
‫"أعوي ابهلل‪ ،‬هلون نرتكه!!" طيب هذا كافر أصلي عندك!‬

‫أما املرتد فال‪ ،‬ال يقبل منه إال الدخول يف اإلسالم أو القتل مباهرة‪ ،‬وهذا الذ عليه عموم‬
‫أهل العلم ‪-‬رمحرم هللا‪ -‬خالفًا ملا يكره البعض‪.‬‬

‫‪ -‬سائل‪ :‬هيخ‪ ،‬طيب تسىب نساء املرتدين؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬هذا حمل خالف‪ ،‬أبو حنيفة وهيخ اإلسالم‪..‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬هيخ اإلسالم قال‪ :‬هؤالء القوم أكفر من اليرود والنصارى‪ ،‬وال تؤكل يابئحرم‬
‫وتسىب نساؤهم‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬صحيح‪ ،‬هذا يف "الصارم املسلول"‪ ،‬أبو حنيفة وهيخ اإلسالم يذهبون إىل جواز‬
‫سيب املرتدات إيا امتنعن بطائفة ممتنعة‪ ،‬يعين إيا صرن يف دار حرب أو يف هوكة وقوة‪ ،‬أما إيا كانوا‬
‫يف بالد املسلمني (داخلرا) فإهنم يقتلون‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪93‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫لكن يهب الشافعي ومالك وأمحد إىل عدم سبيرن لعموم قول النيب ﷺ‪" :‬من بدل دينه‬
‫فاقتلوه"‪.‬‬

‫على كل حال ليست مسألتنا‪..‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬طيب اي هيخ‪ ،‬هل يتحاكم إىل احملاكم الطاغوتية وهو جمّب على هذا الشيء‪..‬‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ال‪ ،‬هذه املسألة حقيقة حتتاج إىل بسط‪ ،‬واألصل أن يعقد هلا جملس آخر‪ ،‬هذا‬
‫أيضا من املواطن اليت حصل فيرا اختالف واضطراب كبّي‪ ،‬وجيب التعامل معه وفق ما‬
‫موضوع ً‬
‫تعاملنا مع قضية العذر ابجلرل يف أصل الدين‪.‬‬

‫‪ -‬األخ‪ :‬طيب اي هيخ آخر هيء‪ ،‬أرض اجلزيرة إيش تصنيفرا؟ دار كفر وال دار إسالم؟‬

‫‪ -‬الشيخ‪ :‬ال‪ ،‬هذه دار كفر ابتفاق ما فيه إهكال‪ ،‬هي دار كفر؛ ألن الدار مرتبطة بظرور‬
‫األحكام فيرا‪ ،‬فاألحكام الظاهرة فيرا هي أحكام كفر (القوانني الوضعية وحنوها) فالبتايل هي دار‬
‫كفر بناءً على يلك‪.‬‬

‫***‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪94‬‬ ‫اع َد ِة َم ْن ل ْم ُيك ِف ِر الكا ِف َر ف ُهو كا ِفر‬
‫ش ْرح ق ِ‬

‫مت حبمد هللا وفضله‪..‬‬

‫خالصا متقبال‪ ،‬وانفعنا وانفع به‪ ،‬واجزان وكل من يساهم يف‬


‫اللرم اعف عنا‪ ،‬واجعل عملنا ً‬
‫نشره خّي اجلزاء‪ ..‬وتقبل اللرم الشيخ اجملاهد أيب بكر عمر القحطاين‪ ،‬وارض عنه‪ ،‬وأرضه‪ ،‬وارفع‬
‫درجته‪ ،‬وأعل منزلته واجزه عن اإلسالم واملسلمني خّي ما جتز به عبادك الصاحلني‪.‬‬

‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫االثنني‪ 7 ،‬هوال ‪ 1440‬هـ ‪ 10 -‬يونيو ‪ 2019‬م‬

You might also like