You are on page 1of 32

‫المختصر‬

‫في العقيدة‬

‫رستم مهدي‬
‫‪2441‬ﻫ‪1212/‬م‬
‫المقدهٌ‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين‪،‬‬
‫سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد؛‬
‫فإن علم العقيدة من أكثر العلوم الإسلامية تأليفا فيه‪ .‬ولقد كثرت تأليفات‬
‫المتقدمين والمتأخرين في هذا العلم‪ ،‬من المتون المختصرة التي تنقل العقيدة‪ ،‬إلى‬
‫ال كتب الكلامية المطولة التي تدافع عن آراء‪ ،‬وترد على أخرى‪.‬‬
‫ولقد وصل كثير من المتون المختصرة إلى يومنا‪ ،‬إلا أن في بعضها مسائل‬
‫أنساها مر الزمان لا يحتاج إليها اليوم‪ ،‬وفي بعضها ما لا يناسب المبتدئ في هذا‬
‫العلم‪ ،‬وفي بعضها ترتيب يصعب معه جمع المعلومات في الذهن‪ .‬ومجرد اختصار‬
‫المتن لا يجعله مناسبا في البداية في كل عصر‪ .‬ولما رأيت الحاجة تمس إلى وضع‬
‫متن جديد في العقيدة يناسب روح العصر الحديث‪ ،‬استعنت بالله وألفت هذا‬
‫المختصر‪ ،‬وما توفيقي إلا بالله‪.‬‬
‫وهذا المتن له ميزات تجعله مختصرا مناسبا في يومنا‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ )1‬الترتيب الأنسب‪ .‬لم أسر على ترتيبات موجودة في ال كتب العقدية‪ ،‬بل‬
‫أتيت بترتيب أراه أنسب وأفضل لجمع المسائل في الذهن‪.‬‬
‫‪ )2‬عدم ذكر المسائل التي تذكر في كتب العقيدة مع أنها ليست من العقيدة‪.‬‬
‫‪ )3‬عدم ذكر المسائل التي لا حاجة إلى إحيائها اليوم‪ ،‬والتي العلم بها لا يفيد‬
‫كثيرا‪ ،‬والجهل بها لا يضر‪.‬‬
‫‪ )4‬الاكتفاء بالقدر المتفق عليه بين الفرق الإسلامية‪ ،‬وذلك لسببين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬إن هذا المتن ليس لطلاب العلم المبتدئين في علم العقيدة فقط‪ ،‬بل‬
‫وللمسلمين الذين لا يمكنهم التفرغ لطلب العلم أيضا‪ .‬فإذا قرأ أحدهم المسائل‬
‫المختلف فيها‪ ،‬ثم سمع فيها رأيا مختلفا عن أحد من المسلمين‪ ،‬ربما يؤدي هذا إلى‬

‫‪3‬‬
‫التشويش في ذهنه‪ ،‬والتنافر بينه وبين أخيه المسلم‪ .‬وأما إذا قرأ القدر المتفق عليه‬
‫لن يسمع فيه من المسلمين ما يخالفه‪ .‬فكان الاكتفاء بهذا القدر أنسب لهؤلاء‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬الطالب الذي يبدأ بتعلم العقيدة يجب عليه أن يعرف المسائل المتفق‬
‫عليها في هذا العلم أولا‪ .‬فإذا ذكرنا المسائل المختلف فيها في مثل هذا المتن‪ ،‬ربما‬
‫يظنها من قواطع الدين‪ ،‬وهذا يضره في مستقبل طلبه‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ولا أدعي ال كمال والتمام‪ ،‬وإن وفقت على ما أريد فهذا من فضل الله‪،‬‬
‫وإن كان دون ذلك فمن نفسي‪ .‬وأسأل الله أن يجعل هذا المتن مباركا‪ ،‬ومفيدا‪،‬‬
‫وأن يرضى عنه‪ ،‬و يعفو عن مواضع الخلل فيه‪.‬‬

‫تعريف العكيدً وهوضوع علن العكيدً‪ .‬إن العقيدة‪ ،‬والاعتقاد‪ ،‬والمعتقد ألفاظ‬
‫مترادفة‪ ،‬تفيد معنى واحدا‪ ،‬وهو عقد القلب على مبادئ إيمانا بها‪ ،‬وتوقيرا لها‪،‬‬
‫وقبولها كمبادئ الحياة‪.‬‬
‫وإن الإسلام يهتم بجانب العقيدة قبل كل جوانب؛ إذ بالعقيدة السليمة‬
‫يتعلق الحكم على الإنسان في الدنيا‪ ،‬وسعادته في العقبى‪ .‬فلذا قام النبي ﷺ‬
‫بتأصيل العقيدة في نفوس المسلمين‪ ،‬وتوطيدها في قلوبهم في مبدأ دعوته‪.‬‬
‫و يحتوي معظم الآيات المنزلة في بداية بعثته على حقائق عقدية لا بد منها‪.‬‬
‫وعلم العقيدة يبحث في ثلاثة جوانب رئيسية‪ ،‬جانب الإيمان بالله تعالى‪،‬‬
‫وجانب الإيمان بالأنبياء عليهم السلام‪ ،‬وجانب الإيمان بما جاؤوا به‪ .‬ودعا الله‬
‫سبحانه وتعالى عباده إلى الإيمان بنفسه‪ ،‬ونبيه‪ ،‬والدين الذي أنزله على نبيه‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ رو ِه‬ ‫َ َ ُ ْ ِه‬
‫ُشََُِّما اَ َو َُ‬
‫نَّ َٱ ِ ٍَِماَعػ ٍَئن َديِ‪ََٞ‬‬ ‫ِي َن َ‬
‫َنَ ٓ‬
‫ِ‬ ‫ٔر‬‫نُّ‬‫ِوَو‬ ‫ِ‬
‫ِٔه‬‫ض‬‫َِو َر ُ‬
‫لَّ َ‬
‫حيث قال‪﴿ :‬فَِٔمأٌِِ َٱ ِ‬
‫‪[ ﴾٨‬التغابن‪ ]8 :‬وعلم النبي ﷺ أمته تجديد إيمانهم في هذه الجوانب كل يوم كما‬
‫نبيا»‪.‬‬ ‫في أذكار الصباح والمساء‪« :‬رضيت بالله ربا‪ ،‬وبالإسلام دينا‪ ،‬وبمحمد ﷺ‬
‫‪4‬‬
‫فلأجل هذا‪ ،‬قسمت الكتاب أربعة أقسام‪ ،‬في الأقسام الثلاثة الأولى بيان‬
‫جوانب العقيدة الإسلامية الثلاثة‪ .‬وفي القسم الرابع ذكرت نواقض الإيمان حتى‬
‫يكون القارئ على حذر منها‪ ،‬ولا قوة إلا بالله‪.‬‬

‫رستم مهدي‬
‫‪ 22‬ربيع الأول‪1442 ،‬‬

‫‪5‬‬
6
‫الإيواى باللٌ تعالى‬
‫إن الإيمان بالله تعالى شرط لصحة الإيمان بالأنبياء وما جاؤوا به؛ إذ لم‬
‫يرسل نبي وما أنزلت شر يعة إلا لتبليغ حقوق الله تعالى أولا‪.‬‬
‫ول كي يصح إيمان المرء بالله‪ ،‬يجب عليه أن يعتقد في حقه تعالى أنه متصف‬
‫بصفات ال كمال كلها‪ .‬وصفات ال كمال كثيرة‪ ،‬إلا أنها ترجع إلى سبع صفات‪،‬‬
‫بمعنى أن الإنسان إذا آمن بها‪ ،‬كان مؤمنا باتصاف الله تعالى بكل صفات‬
‫ال كمال‪ .‬وهذه الصفات هي‪ :‬الوحدانية‪ ،‬والعلم‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والمراقبة‪،‬‬
‫والوحي‪ ،‬والتصرف‪ .‬وفيما يلي بيانها‪ ،‬ولا قوة إلا بالله‪.‬‬

‫صكٌ الوحدابيٌ‪ .‬الوحدانية هي اتصاف الله تعالى بالغنى الذاتي‪ ،‬والمخالفة‬


‫َ‬
‫نلص ٍَ ُر َ‪َ ٢‬لً َي َ ِِلَ‬‫نَّ َ ِه‬ ‫َنَّ َن َ َ‬
‫ح ٌر َ‪ِ َ ١‬ه ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫َْ َٔ ِه ُ‬ ‫الكاملة للحوادث‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬كو‬
‫َولًََيُ َ َ َ َ َ ُ ِه ُ ُ ُ ً َ َ ُ‬
‫ٔل‪َ٣‬ولًَيؾََِهۥَنفٔ َنحرَُۢ‪[ ﴾٤‬الإخلاص‪]4-1 :‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ ِه ُ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫والمتأمل هنا يجد أن الله تعالى ذكر أولا وحدانيته‪﴿ :‬كو َْ َٔ َنَّ َنحر َ‪،﴾١‬‬
‫ثم فسرها بشيئين‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ ِه‬ ‫ ِه‬
‫نَّ َنلص ٍَ ُر َ‪َ ٢‬لً َي َ ِِل َ َولً َيُ َ‬
‫ٔل‪ ﴾٣‬هو‬ ‫الأول‪ :‬هو استغناؤه عما سواه‪ُ ﴿ :‬‬

‫الصمد‪ ،‬لا يحتاج إلى شيء‪ ،‬ولم يولد‪ ،‬لا يحتاج في وجوده إلى موجد‪ ،‬ولم يلد‪،‬‬
‫لا يحتاج لبقاء وحدانيته إلى وارث أو معين‪.‬‬
‫ۥَن ُف ًٔ َن َ َ‬
‫ح ُرَُۢ‪﴾٤‬‬
‫َ َ َ ُ ِه ُ ُ‬
‫والثاني‪ :‬مخالفته للحوادث وسائر الموجودات‪﴿ :‬ولًَيؾََِه‬
‫وهذه السورة –كما ترى‪ -‬وصفت وحدانية الله بأوجز العبارات وأبلغها‪،‬‬
‫فلأجل هذا سميت ب «سورة التوحيد»‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫صكٌ العلن‪ .‬و يجب الإيمان بأن الله تعالى عالم بكل ما كان‪ ،‬وما يكون‪ ،‬وما‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ِه ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ ّ ُ َ ِه‬
‫َِفَ‬
‫هو كائن‪ .‬قال الله تعالى‪﴿ :‬كو َأعػي ٍِٔن َنَّ َٱِرِيِ ِؾً َونَّ َيػي ًَ ٌَِما ِ‬
‫َ‬ ‫َ ِه ُ ُ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ ِه َ َ‬
‫وََش ٍءَغي ِيًَ‪[ ﴾١٦‬الحجرات‪]16 :‬‬‫ِ‬ ‫ؾ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬‫َ‬‫نَّ‬‫َو‬ ‫ۡرض‬
‫ِۚ‬ ‫ِ‬ ‫َو ٌَِماَ ِِفَنۡل‬
‫ت َ‬‫نلطمَٰن َٰ ِ‬
‫ولا يتصور أن يكون الجاهل إلهاً‪ ،‬كما لا يتصور أن يكون الإله جاهلا؛ إذ‬
‫الجهل من أمارات القصور والنقص‪ ،‬فالذي يجهل أمرا‪ ،‬يجهله لقصور ونقص‬
‫في علمه‪ ،‬والقصور والنقص ينافيان الألوهية‪ ،‬تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا‪.‬‬
‫وعلم الله تعالى يفارق علم من سواه بشيئين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬هو أنه سبحانه يحيط بكل شيء ‪-‬وبجميع جوانبه‪ -‬علما‪ ،‬ولا يحتمل‬
‫َ‬
‫علمه سهوا فيما علمه‪ .‬وغيره يعلم بقدر ما شاء الله أن يعلم‪ ،‬قال الله تعالى‪َ ﴿ :‬يػي ًَُ‬
‫َ ٓ‬ ‫ ِه‬ ‫ََ َ َُ ََ ُ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ِيػٔن َبَِشءَ َ ٌَِّ َغِي ٍِِّوٓ َإَِل َٱ ِ ٍَِماَشِما ََ‬
‫ء ا﴾ [البقرة‪:‬‬ ‫ۡي َأيرِي ًِٓ َوٌِماَديفًَٓۖۡوَل َُي‬ ‫ٌِماَب‬
‫‪ ]255‬وكذلك يحتمل علم غيره سهوا‪ ،‬ووهما‪ ،‬وخطأ‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬هو أن الله تعالى عالم في الأزل‪ ،‬ولا يحتاج إلى تجديد العلم‪ ،‬والتعلم‬
‫المستمر ليبقى عالما‪ ،‬وغيره يكون عالما بعد جهل‪ ،‬و يحتاج بعد تعلمه إلى دوام‬
‫الممارسة ليبقى عالما‪.‬‬

‫صكٌ القدرً‪ .‬و يجب الإيمان بأن الله تعالى قادر على كل شيء‪ ،‬وأن جميع ما‬
‫َ ِه ُ َ َ َٰ ُ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫م ِه َ َ‬‫َ ِه ُ ُ‬
‫َكَ‬
‫ِ‬ ‫َلَع‬ ‫نَّ‬ ‫َو‬ ‫ِ‬
‫ۡرض‬ ‫َنلطمَٰن َٰ ِ‬
‫ت َونۡل ِۗ‬ ‫سواه في مل كه وتحت سيطرته‪َ ﴿ :‬و َِّ ِ َمي‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬
‫َشءََكرِيسَ‪[ ﴾١٨٩‬آل عمران‪]189 :‬‬

‫والقدرة الكاملة هي من أعظم صفات الألوهية؛ إذ العاجز يكون مسخرا‬


‫للقادر‪ ،‬والمسخر لا يصلح أن يكون إلها‪ ،‬بل كونه مسخرا من أشد أمارات‬
‫عبوديته‪ ،‬تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وتفارق قدرة الله تعالى قدرة من سواه بشيئين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬هو أن الله تعالى يحيط بقدرته كل شيء‪ ،‬ومن سواه ليس كذلك‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬هو أن الله تعالى قادر في الأزل‪ ،‬لا تفنى قدرته‪ ،‬ولا تضعف‪ ،‬ولا‬
‫يحتاج إلى مقومات لبقاء قدرته‪ ،‬ومن سواه قادر بإذنه‪ ،‬وقادر بعد أن كان‬
‫عاجزا‪ ،‬ومحتاج إلى مقومات لبقاء قدرته‪.‬‬
‫ومن مقتضى كونه قادرا على كل شيء‪ ،‬كونه مريدا‪ ،‬لا مضطرا‪ ،‬وإذا‬
‫نظرنا إلى الآيات التي تنص على مشيئة الله تعالى‪ ،‬وجدناها تنص على قدرته‬
‫ََ َ ََُ َ ُُ َ َ ٓ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِه ُ ُ‬
‫ٌَِما َيَشِما ُءاَ‬ ‫ۡرض َوٌِما َٱيٍِِٓما اََييق‬ ‫َونۡل ِ‬ ‫ت‬ ‫م ِه َ َ‬
‫َنلطمَٰن َٰ ِ‬ ‫أيضا‪ ،‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َِّ ِ َمي‬
‫َ َ‬ ‫م ِه َ َ‬ ‫ّ ِه ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ِه ُ َ َ َٰ ُ ّ َ‬
‫ۡرضَ‬‫ت َونۡل ِ ِۚ‬ ‫َنلطمَٰن َٰ ِ‬ ‫َك ََشءَ َكرِيس َ‪[ ﴾١٧‬المائدة‪ ]17 :‬وقال‪َِ َِّ ﴿ :‬مي‬ ‫ونَّ َلَع ِ‬
‫َ‬ ‫َنَ ُن َ‬
‫َ ُ ُ َ َ َ ٓ ُ َ َ ُ َ َ َ ٓ ُ َ َٰ ٗ َ َ َ ُ َ َ َ ٓ ُ رو‬
‫ٔر َ‪َ ٤٩‬نو َيُ َش ّوِ ُر ًَُٓ‬ ‫َييق ٌَِما َيشِماء ا َيٓب َل ٍَِ َيشِماء َإِندِما َويٓب َل ٍَِ َيشِماء‬
‫َ‬ ‫ُ َ ٗ َ ٗ َ َ َ ُ َ َ َ ٓ ُ َ ً ِه ُ َ‬
‫ذنس ُِماَِإَونَٰدِماَۖۡويزػوٌَََيشِماءَغلِيٍِما اَإُِّۥَغي ِيًَكرِيسَ‪[ ﴾٤٪‬الشورى‪]52-49 :‬‬

‫وجميع من سواه –لعجزهم‪ -‬يريدون بمنح الله إياهم الإرادة‪ ،‬ولقد صرح‬
‫َ‬
‫ون َإ ِهَلٓ َنن َي َ َشِمآءََ‬
‫ََ ََ ُٓ َ‬
‫القرآن بهذه الحقيقة حيث قال الله سبحانه وتعالى‪﴿ :‬وٌِما َتشِماء‬
‫ِ‬
‫ۡي َٳ‪[ ﴾١‬التكوير‪ ]29 :‬أي لا تشاؤون إلا بمنح الله إياكم الإرادة‬
‫َر روب َنى َعَٰيٍَ َ‬ ‫ ِه ُ‬
‫نَّ َ‬
‫ِ‬
‫والمشيئة‪.‬‬
‫ومنح الله عباده الإرادة والمشيئة من أعظم أمارات ربوبيته وألوهيته‬
‫سبحانه‪ ،‬كما أنه من أعظم أمارات عبودية عباده‪ .‬فلأجل هذا وصف الله نفسه‬
‫في الآية السابقة بالربوبية الكاملة بعد أن ذكر منحه عباده الإرادة والمشيئة‪.‬‬

‫صكٌ العدالٌ‪ .‬وكونه تعالى قادرا على كل شيء‪ ،‬لا يستلزم احتمال وقوع الظلم‬
‫منه‪ .‬بخلاف المعهود في كثير من البشر‪ ،‬من الذين رزقوا قدرة‪ ،‬وتجبروا على‬

‫‪9‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ ِه ِه َ َ‬
‫َنَّ ََل ََيظي ًُِ ٌَِدلِمال َذ ِهرةَ َِإَون َثمَ‬ ‫الضعفاء‪ ،‬وظلموهم‪ .‬قال الله تعالى‪﴿ :‬إِن‬
‫َ‬ ‫ ِه ُ َ‬ ‫َح َط َِ َٗةَيُ َض َٰ ِػف َٓ َ‬
‫يٍِماَ‪[ ﴾٤٠‬النساء‪]42 :‬‬ ‫ََِلُ َُّنر ًس َغ ِظ َٗ‬ ‫ِماَو َُيؤ ِ‬
‫تٌَ‬
‫ويتجلى عدله سبحانه في الآخرة أيضا‪ ،‬كما يتجلى في الدنيا‪ ،‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ ٗ‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫﴿ َوَُ َظ ُع َنل ٍَ َنَٰز َ‬
‫َِلَٔ ِم َنىلِ َيَٰ ٍَةَِفَل َعظي ًُ َنفصَ َشئَِماَِۖۡإَونََكن ٌَِدلِمالَ‬
‫يَ َنىلِط َع ِ‬ ‫ِ‬
‫َوك َ َٰ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َدس َدلَأثَي َِِماَٱ َِٓما ۗ َ‬ ‫َ ِه ّ َ‬
‫طب ِ ََ‬
‫ۡيَ‪[ ﴾٤٧‬الأنبياء‪]47 :‬‬ ‫َفَٱِِِماَح َٰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حيةٌَََِ‬
‫ووقوع ظلم من قادر‪ ،‬ينشأ من عجزه عن ضبط نفسه‪ .‬والله تعالى منزه عن‬
‫جميع أنواع العجز‪ ،‬فهو ‪-‬وإن كان قادرا على كل شيء‪ -‬لا يقع منه ظلم‪ ،‬ولا‬
‫يتصور أن يقع‪.‬‬

‫صكٌ المراقيٌ‪ .‬إن الله تعالى يراقب كل شيء‪ ،‬ولا يعزب عن مراقبته شيء‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫ ِه‬ ‫َ َ‬
‫َك ََشءَ َ ِهرؼ َٗ‬
‫ِييِما َ‪[ ﴾٥٢‬الأحزاب‪ ]52 :‬ويسمع كل‬ ‫قال الله تعالى‪َ ﴿ :‬وَكن ُ‬
‫َنَّ َٰ‬
‫َلَع ِ‬
‫َ‬
‫ََش َء َ َو ُْ َٔ ِه‬
‫َنلط ٍِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يعَ‬ ‫ۖۡ‬ ‫ما خفي وما جهر‪ ،‬ويرى كل ما دق وجل‪﴿ :‬ىي َص َن ٍِديِِّو‬
‫نۡلَ ِ ُ‬
‫ص‪[ ﴾١١َٞ‬الشورى‪]11 :‬‬

‫ول كن لا حاجة لله بآلات‪ ،‬أو جوارح مثل العين والأذن ليراقب خلقه؛‬
‫لأنه سبحانه ليس كمثله شيء‪ .‬ولقد بين الله هذا في الآية السابقة قبل ذكر اسمي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السميع والبصير‪﴿ :‬ىي َص َن ٍِديِِّو ََش َء ۖۡ﴾ أي لا حاجة له بالجوارح والآلات‬
‫ليراقب خلقه‪ ،‬ويسمع كلامهم‪ ،‬ويرى أعمالهم‪.‬‬

‫صكٌ الوحي‪ .‬ومن صفاته تعالى وحيه إلى خلقه‪ ،‬وليس المقصود هنا وحيه‬
‫الخاص فقط ‪-‬وهو وحيه إلى أنبيائه‪ -‬بل المراد بالوحي هو إجراؤه الاتصال مع‬
‫خلقه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫و يفارق وحيه تعالى إلى خلقه‪ ،‬إجراء غيره الاتصال بشيئين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬هو أن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى آلات الاتصال والمكالمة‪،‬‬
‫مثل اللسان‪ ،‬والحروف‪ ،‬والأصوات وغير ذلك‪ .‬فهو قد أوحى إلى أنبيائه بغير‬
‫تلك الوسائل‪ .‬وأما غيره‪ ،‬فهو عاجز عن إجراء الاتصال والمكالمة مع غيره إلا‬
‫بالآلات‪ ،‬والوسائل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬هو أن الله تعالى قادر على الوحي إلى جميع مخلوقاته‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫َرِماغِوَ َ ِِفَ‬ ‫هةِ َإ ّّن َ‬ ‫َ َ َٰٓ َ‬ ‫َ َ َ رو َ‬
‫ِِ‬ ‫جنسها‪ ،‬فهو قد أوحى إلى الملائكة‪ِ﴿ :‬إَوذ َكِمال َربم َل ِيٍله ِ‬
‫َ َٗ‬ ‫َ‬
‫ة ۖۡ﴾ [البقرة‪]22 :‬‬ ‫نۡل ِ‬
‫ۡرضَدي ِيف َ‬
‫ّ‬ ‫ ِه ٓ َ َ َ ٓ َ َ َ َ ٓ َ َ ٓ َ ُ‬
‫حيَِِما َإ ِ ََٰل َُٔحَ َ َونُّ ِهي ِ ِيَۧ ََ ٌَِ ََُۢ‬ ‫م َنٍِما َنو‬
‫وأوحى إلى الناس‪﴿ :‬إِنِما َنوحيِِما َإِِل َ‬
‫َ‬ ‫َ َٰ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َٓ َ‬
‫َوغ َ َٰ‬
‫ِيَسَ‬ ‫ِماط َ‬ ‫ٔب َ َونۡلض َي ِ‬ ‫َو َيػل ََ‬ ‫م َٰػِيو َِإَوضحق‬ ‫َل َإٱ َرَْٰ َ‬
‫ِيً َِإَوض َ‬ ‫بػ ِرها ِو َونوحيِِما َإ ِ َٰٓ ِ‬
‫َ‬
‫َ ُُ ٗ َ َ‬ ‫َ َ رو َ َ ُ ُ َ َ َ َٰ ُ َ َ ُ َ َ َٰ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫َل َكر َك َصص َََٰٰ ًَُٓ‬ ‫ٔراَ‪َ ١٦٣‬ورض َ‬ ‫ۥد َ‬
‫َز ُب َٗ‬ ‫وأئب َوئنص َوهسون َوضييمَا َوء ثيِِماَد و‬
‫َ ُ َ ُ ُ ٗ ِه َ ُ ُ َ َ َ َ َ ِه َ ِه ُ ُ َ َٰ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ِيٍِما َ‪﴾١٦٤‬‬ ‫َٔس َثؾي َٗ‬ ‫َل َىً َنلصصًٓ َغييم ا َوَ ًَ َنَّ َم‬ ‫غييم ٌََِ َؼيو َورض َ‬
‫[النساء‪]163 :‬‬
‫َ ِه‬ ‫َ َ َ َٰ َ رو َ‬
‫م َإ ََل َنُّ ِه‬
‫َنۡليَِما ِلَ‬
‫ِ‬
‫َنَّتِزِيٌَ َ‬
‫َِ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫وكذلك أوحى إلى الحيوانات‪﴿ :‬ونوَح َرب‬
‫ُ ُ ٗ َ َ ِه َ َ ِه َ ُ َ‬
‫سشٔنَ‪[ ﴾٦٨‬النحل‪]68 :‬‬ ‫ٔثِماَوٌََِنلشزسَِومٍِِماَيػ ِ‬ ‫بي َ‬
‫َ ٗ َ َ‬ ‫ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫َو َضل َٰ ًٍِماَ‬ ‫وأوحى سبحانه وتعالى إلى غير الأحياء أيضا‪﴿ :‬كيِِما َيَِِٰمار َن ِ‬
‫ِٔن َٱس َد‬
‫َٓ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َٰٓ َ ُ‬ ‫لَع َإٱ َرَْٰ َ‬ ‫ََ‬
‫ٌَِما َءكِ َ‬ ‫َيأۡرض َنٱي ِِع‬ ‫ِيً َ‪[ ﴾٦٩‬الأنبياء‪ ،]69 :‬وقال تعالى‪﴿ :‬وؼِيو‬ ‫َٰٓ ِ‬
‫ََ َ َٓ َ‬
‫ِِع﴾ [هود‪]44 :‬‬‫ويَٰطٍِما ُءَنكي ِ َ‬
‫وغير الله سبحانه وتعالى لا يقدر على إجراء الاتصال مع جميع أنواع‬
‫المخلوقات‪ ،‬وإن قدر على إجرائه مع بعضها‪ ،‬فبإذنه سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫صكٌ التصرف‪ .‬ومن ألوهيته سبحانه وتعالى تصرفه في مل كه‪ .‬ومن اتصف‬
‫بالصفات المذكورة إلى هنا‪ ،‬لا شك في تصرفه الكامل في خلقه‪ .‬فهو الذي‬
‫َ َ َ ُ ُ ِه َ َ ُ‬ ‫ ِه ُ ِه‬
‫َر َزكؾًَ‬ ‫نَّ َنَِي َديلؾً َثً‬ ‫يخلق ويرزق‪ ،‬والذي يميت و يحيي كما قال‪﴿ :‬‬
‫َ َٰ ُ ّ َ‬ ‫ُ َ َ ٓ ُ ِه َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ِه ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ًٌََََِش َء َِۚ‬ ‫ََيف َػو ٌَََِذى ِؾ‬ ‫يجؾًَ َث ِهًَ َُييِيؾًۖۡ َْو ٌَََُِشَكنِؾًٌَ‬ ‫ثً َي ٍِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۥَوثَ َع َٰ َ َٰ َ ِه ُ‬
‫حَٰ َِ ُّ َ‬‫ُضي َ‬
‫ۡشكٔنَ‪[ ﴾٤٠‬الروم‪]42 :‬‬ ‫َلَعٍِماَي ِ‬
‫وهو الذي يؤتي الملك و ينزعه‪ ،‬و يعز ويذل‪ ،‬و يجعل النهار والليل يتعاقبان‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫ ِه‬ ‫ُ‬
‫مَ‬ ‫و يخرج من الميت الحي‪ ،‬ومن الحي الميت كما قال‪﴿ :‬ك ِو َنلي ُٓ ِهً َمَٰي ِم َنل ٍُي ِ‬
‫ُ َ َ َ َ ٓ ُ َ َ ُ ُ َ ِه َ َ ٓ ُ َ ُ رو َ َ َ ٓ ُ َ ُ رو َ َ َ ٓ‬ ‫ُ‬
‫ٌَََتشِما ُءَۖۡ‬ ‫زنع َنلٍيم َمٍََِتشِماء َوثػِش ٌَََتشِماء َوثزِل‬ ‫ثؤ ِِت َنلٍيم ٌََ َتشِماء َوث ِ‬
‫َنِل َو َِف َنُّ ِه َِٓمار ََ ُ ُ ِه َ َ‬ ‫ُ ُ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ِه َ َ َ َٰ ُ ّ َ‬
‫َِفَ‬ ‫َوثٔى ِذ َنُِّٓمار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِذ‬ ‫ى‬ ‫ٔ‬ ‫ث‬‫َ‬ ‫ٰ‪١‬‬ ‫َ‬ ‫ِيس‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ء‬
‫َ‬ ‫ََش‬ ‫َك‬
‫بِيرِك َنۡل‪َۡۖ ٞ‬إُِم َلَع ِ‬
‫ُ َّ َ َ َ ّ ََ ُُ َ ََ ٓ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت َ‬ ‫َح ٌَ ََِ َنل ٍَ ّ‬ ‫َو َُّتس ُج َنى َ‬
‫ ِهنِلو َ‬
‫ٌََ َتشِما ُء َٱِغ‪َِٞ‬‬ ‫َحَۖۡوثسزق‬ ‫ِ‬ ‫َنى‬ ‫َِ‬ ‫ٌ‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫َنل‬ ‫ج‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫َّت‬ ‫َو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حِطِمابََٱ‪[ ﴾١‬آل عمران‪]27-26 :‬‬
‫َ‬
‫ُ َ ُّ ُ‬ ‫ُ َ ِه‬
‫َِفَ‬ ‫وهو الذي يصور الناس في أرحام أمهاتهم كما قال‪َ ْٔ﴿ :‬نَِي َيصِٔرؽً ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِ َ َ َ َ ٓ ُ َ ٓ َ َٰ َ ِه ُ‬
‫فَيشِماءاََلَإِلَّإَِلََْٔنىػشِيشَنۡلهِيًَ‪[ ﴾٦‬آل عمران‪]6 :‬‬ ‫نۡلرحِمامَني َ‬
‫وهو الذي يهدي عباده‪ ،‬ويشفيهم إذا مرضوا‪ ،‬و يطعمهم ويسقيهم‪ ،‬و يغفر‬
‫ِجًََ‬ ‫ٌَِما َ ُن ُ‬‫خطاياهم‪ ،‬كما قال على لسان خليله عليه السلام‪﴿ :‬كَ َِمال َنَفَ َس َءي ُجً ِه‬
‫َ‬ ‫َ ِه ُ َ ُ ّ ّ ٓ ِه َ ِه َ َٰ َ‬ ‫َ ُ َ َ َُٓ ُ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب َنىعي ٍِۡي َ‪َ٧٧‬‬ ‫عػ ُي ُرون َ‪َ ٧٥‬نُجً َوء ٱِماؤؽً َنۡلكرمٔن َ‪َ ٧٦‬فإِنًٓ َغر َو َ َِل َإَِل َر َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِإَوذ َ‬ ‫َُ ُ ُ ََ‬ ‫َ ِه‬ ‫َ ََ َ‬
‫َػ ُٓ َٔ َ‬ ‫ ِه‬
‫ت َػ ُٓ ََٔ‬ ‫َم ِسط‬ ‫ۡي َ‪َ ٧٩‬‬ ‫ِيَ َ‪َ ٧٨‬ونَِئَْ َيػػٍِ ِِن َويطلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ٓ‬‫َي‬ ‫ِن‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ي‬‫ِيَد‬ ‫نَ‬
‫ََل َ َدػ ٓ َ‬
‫ئَ يِت َئَمََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ ِه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ ِه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ٓ‬
‫ۡي َ‪َ َ ٧٫‬ونَِي َنغٍع َننَيغفِس ِ َ ِ ِ‬ ‫ۡي َ‪َ ٧٪‬ونَِي َي ٍِيت ِِن َثً َُيي ِ ِ‬ ‫يشفِ ِ‬
‫ِيََ‪[ ﴾٧٬‬الشعراء‪]82-75 :‬‬
‫ّ‬
‫نل ِ‬
‫إلى غير ذلك من أنواع التصرف‪ ،‬فله التصرف الكامل في خلقه‪َ .‬‬

‫‪12‬‬
‫واتصافه سبحانه وتعالى بهذه الصفات دليل على تفرده في الألوهية‪ ،‬فلا إله‬
‫إلا هو‪ ،‬ولا شر يك له في ألوهيته‪ ،‬ولا يجوز صرف نوع من أنواع العبادة إلى‬
‫غيره‪ .‬وكلمة التوحيد التي يقولها كل مسلم‪- ،‬وهي‪« :‬لا إله إلا الله‪ ،‬محمد رسول‬
‫الله»‪ -‬هي إعلان الخضوع لله الذي اتصف بهذه الصفات‪.‬‬

‫الإسيلٌ‬
‫‪ )1‬بأي شيء فسر الله سبحانه وتعالى وحدانيته في سورة الإخلاص؟‬
‫‪ )2‬ما الفرق بين علم الله تعالى وعلم خلقه؟‬
‫‪ )3‬ما الفرق بين قدرة الله تعالى وقدرة خلقه؟‬
‫‪ )4‬من مقتضى كونه سبحانه قادرا‪ ،‬كونه مريدا‪ ،‬لا مجبورا‪ .‬بين علاقة‬
‫الإرادة بالقدرة‪.‬‬
‫‪ )5‬تكلم عن عدله سبحانه‪ ،‬وبيِّن‪ :‬علام يدل الظلم؟‬
‫‪ )6‬اذكر الفرق بين مراقبته سبحانه وتعالى ومراقبة غيره‪.‬‬
‫‪ )7‬ما الفرق بين وحي الله إلى خلقه‪ ،‬وإجراء خلقه الاتصال مع بعضهم؟‬
‫‪ )8‬ما معنى تصرف الله سبحانه في خلقه؟‬
‫‪ )9‬هل تفيد هذه الصفات السبعة حصرا؟ ولماذا ذكرناها على الخصوص؟‬
‫‪ )12‬تكلم عن علاقة كلمة التوحيد بهذه الصفات‪.‬‬

‫‪13‬‬
14
‫الإيواى بالرسل عليهن ال س إ‬
‫لم‬
‫الرسول هو واسطة بين الله وعباده‪ ،‬يأخذ الشرائع من الله‪ ،‬ويبلغها عباده‪.‬‬
‫وهو صادق‪ ،‬منزه عن أن يتقول على الله‪ ،‬أو يزيد في الوحي أو ينقص منه شيئا‪.‬‬
‫َ َ ِه َ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ى َ‪َ َ ٢‬و ٌَِماَ‬‫َغ َٔ َٰ‬ ‫ى َ‪ٌَِ ١‬ما َطو َصِماحِيؾً َوٌِما‬ ‫َْ َٔ َٰ‬ ‫قال الله تعالى‪َ ﴿ :‬ونُّ ِهز ًِ َإِذ‬
‫َ‬
‫َٔح َ‪[ ﴾٤‬النجم‪ ]4-1 :‬وقال أيضا‪َ ﴿ :‬ولَٔ‬ ‫َوَح َيُ َ َٰ‬ ‫َْ َٔ َإ ِهَل َ‬
‫ُ‬
‫ى َ‪َ ٣‬إِن‬
‫َ ُ َ‬
‫َغَ َنل َٓ َٔ َٰٓ‬
‫ِ‬ ‫يِ ِػق ِ‬
‫دزََُِماٌَِِ ُّ َٱلِلٍَۡي َ‪ُ َ ٤٥‬ث ِهًَ َىَ َل َػػ َِِماٌَِِ ُّ َنل َٔعِۡيََ‬‫َََ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ِه َ َ َ َ َ َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫يو َ‪َۡ ٤٤‬ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِماو‬‫ك‬ ‫َنۡل‬ ‫ض‬ ‫علٔل َغييِِماَبػ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ََ‬
‫َ‬
‫زشِيََ‪[ ﴾٤٧‬الحاقة‪]47-44 :‬‬ ‫‪َ٤٦‬ػٍِماٌَِِؾًٌَََِنح ٍرَعَِّح َٰ ِ‬
‫والإيمان بالرسل عليهم السلام أهم شروط الإيمان بعد الإيمان بالله تعالى‪ .‬إذ‬
‫بهم يتعرف الناس على الله‪ ،‬وهم الذي يبلغون شرائعه عباده‪.‬‬
‫ولصحة الإيمان بالرسل والأنبياء شرطان‪:‬‬
‫الأول‪ :‬الإيمان بجميع الأنبياء والرسل الذين بعثهم الله تعالى من آدم عليه‬
‫السلام إلى محمد ﷺ‪ .‬وأما الإيمان ببعضهم دون بعض‪ ،‬فهو إيمان مردود عند‬
‫َ ُ ُ َ َ ُ َ ّ ُ ْ َ َ ِه‬ ‫ ِه‬ ‫ ِه ِه َ َ ُ ُ َ‬
‫ۡي َنَّ َِ‬ ‫َو ُر ُضيِِّو َويسِيرون َنن َيفسِكٔ َب‬ ‫لَِّ َ‬
‫الله تعالى‪﴿ :‬إِن َنَِيَ َيؾفسون َٱ ِ‬
‫َ ُ ُ َ َ َ ِه ُ ْ َ َ َ َٰ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ‬
‫ذزو َبۡي َذل ِمَ‬ ‫ِوَو َيلٔلٔن َُؤٌ َُِ َٱ ِ َيػضَ َ َوُؾف ُس َٱ ِ َيػضَ َوي ِسيرون َننَيج ِ‬ ‫َو ُر ُضيِّ‬
‫ِماَمٓي َِِٗماَ‪َ َ١٥١‬و ِهنَ َ‬
‫َ َ َ ٗ رو‬ ‫ُ ْ َ َ ُ ُ َ ُ َ َ ّٗ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ً‬
‫ِيََ‬ ‫ضبِيَلَ‪َ١٥٠‬نو َٰٓلهِمًََْنىكَٰفِسونَح َلِما اَونعجرُِماَل ِيكَٰفِسِيََغز َٱ ِ‬
‫ُ ُ َُ‬ ‫ََ َُُّ ْ َ َ َ َ ّ ُ َُْ َ َ َ‬ ‫َء ٌَ ُِٔ َْٱل ِهَّ َ‬
‫ٔرًْاَ‬ ‫َضٔف ََيُؤعِي ًِٓ َنر‬ ‫َِو ُر ُضيِِّو َولً َيفسِكٔ َبۡي َنحرَ ًٌَِِٓ َنو َٰٓلهِم‬ ‫ِ‬
‫ٗ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ ِه‬ ‫َ َ‬
‫يٍِما َ‪[ ﴾١٥٢‬النساء‪ ]152-152 :‬فسمى الله في الآية الأولى‬ ‫ح َ‬‫َر َِ‬ ‫َنَّ َغف َٗ‬
‫ٔرا ِه‬ ‫ُ‬ ‫َوَكن‬
‫الإيمان ببعض الرسل دون بعض كفرا بنفسه ورسله‪ ،‬وأكد هذا الحكم في الآية‬
‫ّٗ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫الثانية‪﴿ :‬ن ْو َٰٓلهمَْ ًَُنىكَٰف ُسون َ‬
‫َح َلَِما ا﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقولنا «الأنبياء والرسل الذين بعثهم الله تعالى» احتراز عن المتنبين الذين‬
‫يبعثهم الشيطان اللعين‪ ،‬فالإيمان بهم كفر‪ ،‬وال كفر بهم من شروط صحة‬

‫‪15‬‬
‫الإيمان‪ .‬ودعوى النبوة بعد بعثة محمد ﷺ كذب وتزوير‪ ،‬يجب ال كفر بها‪ .‬قال‬
‫ ِه ُ َ ِه َ َ َ‬ ‫ ِه َ َ ُ َ ِه ٌ َ َ ٓ َ َ ّ ّ َ ُ َ َ‬
‫َودِماع ًَََ‬ ‫َول َٰ ِ‬
‫ؾَ َرضٔل َنَّ ِ‬ ‫الله تعالى‪ٌِ﴿ :‬ما ََكن َُمٍ َر َأٱِما َنحرَ ٌََِ َرِرِماى ِؾً‬
‫َ‬ ‫ ِه ّ َ َ َ َ ِه ُ ُ ّ َ‬
‫ِيٍِماَ‪[ ﴾٤٠‬الأحزاب‪]42 :‬‬ ‫َنََّٱِؾ ِوََش ٍءَغي َٗ‬
‫نُّي ِ ِيَََۧۗوَكن َ‬
‫والإيمان بجميع الأنبياء شرط لصحة الإيمان‪ ،‬ول كن لا تشترط معرفة أسماء‬
‫جميع الأنبياء‪ ،‬وعددهم‪ ،‬بل الإيمان بمحمد ﷺ كاف لصحة الإيمان بجميع‬
‫الأنبياء قبله‪ .‬وهذا الإيمان الإجمالي كاف لإدخال المرء في حيز الإيمان‬
‫بالأنبياء‪ .‬وبعد هذا يتعين عليه الإيمان بالأنبياء المذكورين في القرآن ال كريم‪،‬‬
‫وأحاديث نبينا ﷺ بالتفصيل‪ ،‬كلما وقف على اسم أحدهم في هذين المصدرين‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬حب الأنبياء‪ ،‬وتوقيرهم‪ ،‬وتعزيرهم‪ .‬ليس الإيمان بالأنبياء والرسل‪،‬‬
‫تصديق نبوتهم‪ ،‬وما جاؤوا به فحسب‪ ،‬بل من شروط صحة الإيمان بهم حبهم‪،‬‬
‫وحب ما جاؤوا به من عند الله‪ ،‬وتوقيرهم وتوقير ما أتوا به من عند الله‪،‬‬
‫وتعزيرهم وتعزير ما يبلغونه عن الله‪ .‬والقرآن ال كريم يصرح هذه الحقيقة بأجلى‬
‫َ َ‬
‫َ ِه ُ ْ ِه َ ِه‬
‫َنَّاَإِنَ‬ ‫َِو َر ُض ِ‬
‫ِٔهِۖۡو َونعلٔ‬
‫ ِه‬
‫َنَّ َ‬ ‫َء ٌَُِٔ ْ َََل َُع َل ّر ُِمٔ ْ ََب َ‬
‫ۡي َيَ َر ِي‬ ‫يأ روي َِٓماَ ِهنَ َ‬
‫ِيَ َ‬ ‫صورتها‪َٰٓ ﴿ :‬‬
‫ت َنُّ ِه ّ‬ ‫ؾً َفَٔ َق َ‬ ‫َ َٰٓ َ رو َ ِه َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ٓ ْ َ َ َٰ َ ُ‬ ‫ ِه َ َ ٌ َ‬
‫بَ‬‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ٔ‬‫َص‬ ‫يع َغي ِيً َ‪َ ١‬يأيِٓماَنَِيَ َء ٌِٔ ََل َثسػػٔ َنصنث‬ ‫نَّ َض ٍِ‬
‫َ َ ََ َ َ ُ ُ ََ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََت َٓ ُسو ْ َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ظؾًَ َۡلِ َػ ٍض َنن ََتيع َنغمَٰيؾً َونُجً ََلَ‬ ‫زٓ ِس ََبػ ِ‬ ‫َِهۥ َٱِلىلٔ ِل َن ََ‬ ‫وَل‬
‫ِيَ َنٌجَ َ‬ ‫ ِه ْ َ َ ِه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ٔن َنص َن َٰ َع ًُٓ َغ َ‬ ‫ ِه ِه َ َ ُ رو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح َََ‬ ‫َنَ َ‬ ‫َر ُضٔ ِل َنََِّنو َٰٓلهِم‬ ‫ِِر َ‬ ‫تش ُػ ُسون َ‪َ ٢‬إِن َنَِيَ َيغظ‬
‫ ِه َ َٰ َ ُ ِه َ َ َ ٌ َ‬
‫َغ ِظ ٌ‬ ‫ ِه ُ ُ ُ َ ُ‬
‫يً َ‪[ ﴾٣‬الحجرات‪ ]3-1 :‬فانظر كيف‬ ‫ى َلًٓ ٌَغفِسة َونرس‬ ‫نَّ َكئبًٓ َل ِيجلٔ ا‬
‫جعل رفع الصوت فوق صوت النبي‪ ،‬والجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض من‬
‫أسباب حبوط الأعمال‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وكذلك صرح في آية أخرى أن شرط الإفلاح في الدنيا والآخرة هو الإيمان‬
‫َ َ ِه ُ ُ َ َ َ ُ ُ َ ِه َ ُ ْ رو َ ِه‬ ‫َ ِه َ َ ْ‬
‫َنَ ٓ‬
‫ِيَ‬ ‫َء ٌَ ُِٔ َٱِِّو َوغشروه َوَُصوه َونعيػٔ َنُّٔر‬ ‫بالأنبياء وتعزيرهم‪﴿ :‬فلَِيَ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫نُُش َل َ‬
‫ٌَ َػ ُّ ٓۥَن ْو َٰٓلهِمَْ ًَُنل ٍُفي ُِح َ‬
‫ٔن‪[ ﴾١٥٧‬الأعراف‪]157 :‬‬ ‫ِ‬
‫وبين في موضع آخر وظائف رسوله تجاه الناس‪ ،‬ووظائف الناس تجاه‬
‫ْ ِه‬ ‫ّ‬ ‫َوَُز ٗ‬ ‫َو ٌُبَ ّ ِ ٗ‬ ‫م َ َِٰ‬
‫َشٓ ٗر َ‬ ‫ ِه ٓ َ َ َ َٰ َ‬
‫ِيسا َ‪ِّ َ ٨‬لُؤٌُِِٔ َٱِلَّ ِ َ َو َر ُض ِ‬
‫ِٔه ِوَ‬ ‫ۡشا َ‬ ‫رسوله ﷺ‪﴿ :‬إِنِما َنرضيَٰ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫حٔهُ َٱُؾ َس ٗة َ‬‫َوت ُ َط ّي ُ‬
‫َوثُ َٔ ّك ُِسوهُ َ‬
‫َو ُع َػ ّش ُروهُ َ‬
‫صيَل َ‪[ ﴾٩‬الفتح‪ ]9-8 :‬ففي الآية الأولى‬ ‫َون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫وظائف النبي ﷺ وهي شهادته يوم القيامة‪ ،‬ودعوة الناس إلى دين الله بالتبشير‬
‫والإنذار‪ .‬وفي الآية الثانية وظائف الناس تجاه الله ورسوله‪ ،‬وهي الإيمان بهما‪،‬‬
‫وتعزير الرسول‪ ،‬ونصرته‪ ،‬وتوقيره‪ ،‬وتسبيح الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ثم هذا الأمر جار إلى يوم القيامة‪ ،‬وإن لم يكن رسول الله ﷺ بين أظهرنا‪.‬‬
‫فوجود شر يعته‪ ،‬وسننه اليوم كوجود ذاته فينا‪.‬‬
‫ومن وجوه توقير نبينا ﷺ‪ ،‬تجنب الإساءة إلى أزواجه اللائي سماهن الله‬
‫َونَز َن َٰ ُ‬
‫ر ُّۥَٓ‬ ‫طًٓۖۡ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َٰ‬
‫ ِه رو َ َ‬
‫ب َنوَل َٱِللٍؤٌِِ ِۡي ٌََِ َنُف ِ ِ‬‫أمهات المؤمنين‪ .‬قال الله تعالى‪﴿ :‬نُّ ِ َ‬
‫ُ‬
‫ًۗ﴾ [الأحزاب‪]6 :‬‬‫ن ِهٌ َه َٰ ُج ُٓ َ‬
‫ومن وجوه توقير الأنبياء عليهم السلام‪ ،‬تقديمهم على سائر الناس‪ ،‬مهما كان‬
‫قدرهم في العلم‪ ،‬والإمامة‪ ،‬والعبادة‪ ،‬والتقشف‪ .‬فمن كان نبيا فهو أجل ممن‬
‫ليس بنبي‪ ،‬وأرفع درجة منه‪ .‬إذ اختيار الله إياه للوحي عليه‪ ،‬وحمل النبوة خير‬
‫دليل على أفضليته عند الله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫الإسيلٌ‬
‫‪ ) 1‬هناك شرطان لصحة الإيمان بالأنبياء عليهم السلام‪ ،‬ما هما؟‬

‫‪17‬‬
‫‪ )2‬ولقد فارقنا النبي ﷺ منذ قرون‪ ،‬فكيف نحقق اليوم توقيره‪ ،‬وتقديمه على‬
‫سائر الناس؟‬
‫‪ )3‬اذكر بعض وجوه توقير الأنبياء عليهم السلام‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الإيواى يوا جاء بٌ اليبي هي عيد اللٌ‬
‫من ضرورة الإيمان بالله ورسوله‪ ،‬الإيمان بما أخبراه؛ إذ لا فائدة من مجرد‬
‫الإيمان بوجودهما بعد إنكار أوامرهما‪ ،‬ونواهيهما‪ .‬وإذا نظرنا إلى كتاب الله‪،‬‬
‫وجدناه يدعو الناس ‪-‬بصراحة وجزم‪ -‬إلى الإيمان بالأربعة‪ :‬الملائكة‪ ،‬وال كتب‪،‬‬
‫والشر يعة‪ ،‬والآخرة‪ .‬وفيما يلي بيان ذلك‪ ،‬ولا قوة إلا بالله‪.‬‬

‫الإيواى بالولإبكٌ‪ .‬إن الإيمان بوجود الملائكة مما دعا إليه القرآن ال كريم في غير‬
‫واحد من آياته‪ ،‬وجعل الإيمان بهم في بعضها شيمة الرسول ومن تبعه من‬
‫َ ُ ٌّ‬
‫َونل ٍُؤٌُِِٔنا َكَ‬ ‫ٔل َٱ ٍَِما ٓ َنُُش َل َإ َِلِّ ٌََِ ِه‬
‫َر ّبِّو َ‬ ‫َ َ َ ِه ُ ُ‬
‫المؤمنين‪ ،‬مثنيا عليهم‪﴿ :‬ء ٌَ َنلسض‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو ُك ُجيِّو َ‬
‫َو ُر ُضيِِّو ََل َُن َف ّس ُق ََب َ‬
‫ۡي َن َحرَ َ ٌَِّ رو‬ ‫ ِه َ َ َ َٰٓ َ‬
‫َر ُض َي ِّاِو َوكِمالٔ َ‬ ‫هجِِّو َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ء ٌَ َٱِلَِّ َوٌله ِ‬
‫مَنل ٍَ ِ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ِه َ َ َ‬
‫ص‪[ ﴾٢٨٥َٞ‬البقرة‪]255 :‬‬ ‫ض ٍِػِِماَونغػِِماَۖۡغفس ُمَربِِماَِإَوِل‬
‫وتوعد –في بعضها‪ -‬من نصب العداوة لأحد منهم‪ ،‬وسمى أعداءهم كافرين‬
‫َ َ َ َ‬
‫و َفَإ ِهن ِه َ‬ ‫َ‬ ‫َُُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ّٗ ّ ِه َ َ َ َٰٓ َ‬
‫َنََّ‬ ‫رۡبِيو َوٌِيهى َٰ َ ِ‬
‫لهِهجِِّوَورضيِِّوَو ِ‬ ‫اََّ َِوٌ‬
‫حيث قال‪ٌَََ﴿ :‬كن َغر َو ِ‬
‫َ ُ ّ ّ َ‬
‫كَٰفِ َ‬
‫سيََ‪[ ﴾٩٨‬البقرة‪]98 :‬‬‫ِ‬ ‫غر َوَى ِي‬
‫ومعنى الإيمان بالملائكة‪ ،‬الإيمان بوجودهم‪ ،‬وتوقيرهم؛ لأن الله جعل نصب‬
‫العداوة لهم كفرا‪ ،‬ول كي يصح الإيمان –وهو عكس ال كفر‪ -‬يجب تجنب كل‬
‫ما ينافي توقيرهم‪ ،‬ويدل على نصب العداوة لهم‪.‬‬
‫وأعاظم الملائكة أربعة‪ :‬جبر يل‪ ،‬وميكال‪ ،‬وإسرافيل‪ ،‬وعزرائيل سلام الله‬
‫عليهم‪ .‬فجبر يل رسول الله بينه وبين رسله وأنبيائه‪ .‬وميكال موكل بتدبير أمور‬
‫الطبيعة مثل إنزال المطر والثلج‪ ،‬وإسرافيل موكل ببدء يوم القيامة‪ ،‬وعزرائل‬
‫موكل بقبض أرواح البشر بأمر الله سبحانه وتعالى‪ ،‬صلوات الله وسلامه عليهم‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الإيواى بالكيب‪ .‬ولقد أنزل الله على بعض رسله كتبا فيها الشرائع والأحكام‪.‬‬
‫وهي مصادر رئيسية‪ ،‬يرجع إليها الناس ليتعلموا منها أوامر الله ونواهيه‪.‬‬
‫وال كتب المنزلة على الأنبياء‪ ،‬والتي نعرف أسماءها بالتفصيل‪ ،‬أربعة‪ ،‬وهي‬
‫بالترتيب‪ :‬التوراة‪ ،‬والزبور‪ ،‬والإنجيل‪ ،‬والقرآن‪ .‬أنزل الله التوراة على موسى‪،‬‬
‫والزبور على داود‪ ،‬والإنجيل على عيسى‪ ،‬والقرآن على محمد صلوات الله وسلامه‬
‫عليهم‪.‬‬
‫والثلاثة منها هي التي تحتوي على الشرائع والأحكام‪ ،‬وهي التوراة والإنجيل‬
‫والقرآن‪ ،‬ولأجل هذا كثر ذكر التوراة والإنجيل في القرآن ال كريم‪ .‬وأما الزبور‪،‬‬
‫فهو يحتوي على مواعظ‪ ،‬وأدعية‪ ،‬وأذكار شكر‪ ،‬وليس فيه أحكام وشرائع‪ .‬وكان‬
‫داود عليه السلام على شر يعة التوراة‪.‬‬
‫والمقصود هنا‪ ،‬التوراة والإنجيل اللذان أنزلا على موسى وعيسى عليهما‬
‫السلام‪ ،‬وأما التوراة والإنجيل الموجودان اليوم‪ ،‬فلا شك أنهما م َّ‬
‫حرفان‪ ،‬يجب‬
‫َ‬ ‫ََ ٗ‬ ‫ ِه‬
‫يلِما َيَي ُٔۥنَ‬
‫الإيمان بتحر يفهما‪ ،‬كما صرح به القرآن ال كريم‪ِ﴿ :‬إَون ٌَِِ ًُٓ َىفسِ َ‬
‫َ َٰ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫َو َيلٔلٔن َْ َٔ ٌَََِ‬ ‫ب‬ ‫ِت‬‫ه‬ ‫َنى‬ ‫َِ‬
‫َ َٰ َ َ ُ‬
‫ِماَْ َٔ ٌَ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َو‬ ‫ب‬ ‫ِت‬ ‫ه‬ ‫َنى‬ ‫ألطِنَ َج ًَُٓٱلىه َِتَٰب َّلِ َح َط ُئهُ ٌَ َ‬
‫َِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ ِه َ ُ َ‬ ‫ ِه َ ُ‬
‫ٔن‪[ ﴾٧٨‬آل‬ ‫َوًْ ََيػي ٍُ َ‬ ‫َِويَلٔلٔن َلَع َنَّ َِنىهزِب‬ ‫َِو ٌَِماَْ َٔ ٌََِ َغِِ ِر َنَّ‬ ‫غِِ ِر َنَّ‬
‫عمران‪]78 :‬‬

‫وأما القرآن ال كريم‪ ،‬فهو في حفظ الله عن التحر يف‪ ،‬قال الله سبحانه‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ ِه َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ ِه َ‬
‫وتعالى‪﴿ :‬إُِماََن ََُُ ِهشَُِّماَنَِن َسَِإَوُ ُ‬
‫[الحجر‪]9 :‬‬ ‫ِماَِهۥَىحَٰفِظٔنَ‪﴾٩‬‬ ‫ِ‬
‫والحاصل أن صحة الإيمان بال كتب‪ ،‬تتوقف على الإيمان بأن القرآن محفوظ‬
‫من التحر يف‪ ،‬وأن التوراة والإنجيل الموجودين اليوم قد حرف بعضهما‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الإيواى بال شرتعٌ‪ .‬هناك أمور متفق عليها بين جميع الأنبياء وأممهم‪ ،‬مثل توحيد‬
‫الله‪ ،‬وحسن الأعمال الصالحة من بر الوالدين‪ ،‬ومساعدة المحتاجين‪ ،‬وغير ذلك‪،‬‬
‫وقبح الأعمال السيئة من القتل بغير الحق‪ ،‬والزنى‪ ،‬والسرقة‪ ،‬والفر ية‪ ،‬وال كذب‪،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫وهناك أمور تغيرت حسب القوانين المنزلة‪ ،‬مثل كيفية الصلاة‪ ،‬والصوم‪،‬‬
‫والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وكيفية المعاملات المالية والأسر ية‪ .‬وهذه الأمور المتغيرة تسمى‬
‫َ‬ ‫َٗ‬ ‫ُ‬ ‫شر يعة‪ ،‬أو منهاجا‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ى ُ َّ َ َ َ‬
‫َُشغ َة َ َوٌِِ َٓ َٗ‬
‫ِمارِما ا َ َولَٔ‬ ‫ِك َرػيِِما ٌَِِؾً ِ‬
‫َٓ َ ُ َ َ ُ ْ‬ ‫ّ ُ ُ‬ ‫َ ٓ َ ِه ُ َ َ َ َ ُ ُ ِه ٗ َ َ ٗ َ َ‬
‫ٌََِما َ َء ثىَٰؾًۖۡ َفلضتيِلٔ َ‬ ‫َِلَيي َٔكً َ ِِف‬
‫ؾَ ِ‬ ‫َٰ‬
‫شِماء َنَّ َۡلػيؾً َنٌ َة َنَٰحِر َة َو ِ‬
‫ل‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِه َ ُ ُ َ ٗ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِيػِما َػ ُين ّيِئُؾً َٱ ِ ٍَِما َنِجً َػِيِّ ََّتجي ِفٔن َ‪﴾٤٨‬‬ ‫رػؾً ََج َ‬ ‫ت َإَِل َنَّ ِ َمس ِ‬ ‫نۡلير َٰ ِ ِۚ‬
‫ََ َ‬
‫َشِما ٓ َء ِه ُ‬
‫َنََّ‬ ‫[المائدة‪ ]48 :‬ولقد بين الله في هذه الآية سبب تغير الشرائع بقوله‪﴿ :‬ولٔ‬
‫َٓ َ ُ‬ ‫ّ ُ ُ‬ ‫َٗ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ ِه ٗ‬
‫ٌََِماَ َء ثىَٰؾ ًَۖۡ﴾‬ ‫ََِلَيي َٔكًَ ِِف‬
‫ؾ ِ‬‫ۡلػيؾًَنٌ َةَ َنَٰحِر َةَ َول َٰ ِ‬ ‫َ‬
‫ونعني بوجوب الإيمان بالشر يعة‪ ،‬وتحريم إنكارها‪ ،‬الأمور المعلومة بالضرورة‬
‫من الإسلام‪ ،‬والأحكام المتفق عليها‪ ،‬مثل وجوب الصلوات المكتوبة‪ ،‬وصيام‬
‫رمضان‪ ،‬والحج‪ ،‬والزكاة‪ ،‬وغير ذلك من الأمور التي لا تتعلق أحكامها بتغير‬
‫الزمان أو المكان‪ .‬وأما المسائل الفقهية المختلف فيها بسبب اجتهادات الفقهاء‬
‫المجتهدين‪ ،‬والأحكام المتغيرة حسب الزمان والمكان‪ ،‬فلا يعد إنكار مجتهد على‬
‫رأي مجتهد آخر فيها كفرا‪ ،‬كما لا يعد قبول رأيه إيمانا‪ .‬وإنما يسمى اجتهادا في‬
‫كلتا الحالتين‪.‬‬

‫الإيواى بالإخرً‪ .‬تظهر أهمية الإيمان بالآخرة من كثرة ذكرها في القرآن ال كريم‪.‬‬
‫حتى قرن القرآن بالإيمان بها إلى الإيمان بالله تعالى في بعض آياته‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ّ‬
‫ت َ ٌَََ‬ ‫َء ٌ َِِِٗما َ َونر ُزق َنْي ُّۥ ٌَ ََِ َنثل ِه ٍَ َر َٰ َِ‬ ‫ب َنر َػو َهَٰز َٱَ ًَ‬
‫ِل َ‬
‫﴿ِإَوذ َكِمال َإِٱرَٰهََِۧ ًَ َر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََُُُّ َ ٗ ُ َ‬ ‫َِونِلَٔ ِم َنٓأۡلدِس َكَ َِمال َ‬ ‫ ِه‬
‫ِيَل َث ِهً َنط َػ روسهُ َٓۥ َإ ِ ََٰلَ‬‫َو ٌَََؽف ََس َفأٌجِػّۥَكي َ‬ ‫ِِۚ‬
‫لَّ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫ء ٌَ ًٌََِِٓٱ ِ‬
‫َوبئ َصَنل ٍَ ِ ُ‬ ‫ ِه َ‬ ‫َ َ‬
‫ص‪[ ﴾١٢٦َٞ‬البقرة‪]126 :‬‬ ‫بَنُِّمارِ ِ‬ ‫غز ِ‬
‫ِماعَِِما رو‬ ‫َ َ ُ ْ َ َ ِه َ َ ُ‬
‫َنلنيَِماَ‬ ‫َِه َإَِل َحي‬ ‫والآخرة هي أشد ما ينكره مكذبو الأنبياء‪﴿ :‬وكِمالٔ ٌَِما ِ‬
‫ُ ِه‬ ‫َ َ‬ ‫ ِه ُ َ َ‬ ‫ُ َ ٓ ِه‬ ‫َو ََن َيِما َ َ‬ ‫َن ٍُ ُ‬
‫َو ٌَِما َل ًُٓ َٱِذَٰل ِم ٌََِ َغِي ٍم َإِن ًَْ َإَِلَ‬ ‫َوٌِما َُيٓي ِهِِما َإَِل َنلْس ا‬ ‫ٔت َ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ٔنٮ‪[ ﴾١‬الجاثية‪ ]24 :‬وهي أشد ما استغربه ال كفار‪ ،‬واستهزؤوا به‪﴿ :‬ٱَو َكِمالٔ َ‬ ‫َيظ روِ َ‬
‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ ٓ ْ َ َ َ َ ُ ِه ُ َ ٗ َ َ َ ِه َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ِظَٰ ًٍَِماََنءُِِماَل ٍَي ُػٔخٔن َ‪َ ٧٬‬ىلرَ‬ ‫ِمال َنۡل ِهولٔن َ‪َ ٧٫‬كِمالَََٔنءَِذ ٌَِجِِماَوكِِماَثس َٱِماَوغ َ‬ ‫ٌِدو ٌَِماَك َ‬
‫َ‬
‫س ُ ِه َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ٓ ِه ٓ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ َ ََُٓ َ َ‬
‫ػ‪َ ٞ‬نۡلوى ِۡي َ٭‪[ ﴾٧‬المؤمنون‪-81 :‬‬ ‫َو َء ٱِماؤُِماَهَٰز ٌََِ َؼيو َإِن َهَٰز َإَِل َن َٰ ِ‬ ‫وغِرُِماََنَ‬
‫‪]83‬‬

‫وللآخرة أربع مراحل رئيسية‪:‬‬


‫المرحلة الأولى هي القيامة‪ ،‬فهي نهاية الحياة الدنيو ية‪ ،‬وبداية الحياة‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ۡرضَ‬‫‪َ ٞ‬نۡل ِ‬ ‫الأخرو ية‪ ،‬وبها تبدل السماوات والأرض‪﴿ :‬ئَ َم َعيَ ِهرل َنۡلۡرض َغ‬
‫َ‬ ‫ْ ِه‬ ‫نلط َم َٰ َن َٰ ُ‬
‫ِمارِ‪[ ﴾٤٨‬إبراهيم‪ ]48 :‬وفي هذه المرحلة سيموت‬ ‫ح ِر َنىل ِهٓ َ‬ ‫َو َب َس ُزو َ َِّ ِ َنى َن َٰ ِ‬
‫ت ۖۡ َ‬ ‫َو ِه‬
‫َ‬ ‫الخلق عن آخرهم إلا من شاء الله‪ ،‬قال الله تعالى‪َ ﴿ :‬وُُف َخ َِف رو‬
‫َنلصٔرِ َف َصػِ ََ‬
‫قَ‬ ‫ِ ِ‬
‫ ِه َ َ ٓ ِه‬ ‫َ‬ ‫َنلط َم َٰ َن َٰ َ َ‬
‫ٌَََِف ِه‬
‫ٌَََشِما َء َُ‬
‫َنَّۖۡ﴾ [الزمر‪]68 :‬‬ ‫ََِفَنۡل ِ َ‬
‫ۡرضَإَِل‬ ‫تَوٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمرحلة الثانية هي مرحلة البعث‪ ،‬فبعد أن يصعق بهول القيامة من في‬
‫السماوات ومن في الأرض إلا من شاء ربنا‪ ،‬يبعث الله المكلفين من مرقدهم‪،‬‬
‫ُ َ َٰ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ون‪[ ﴾٦٨‬الزمر‪ ]68 :‬وهذه‬ ‫قال الله تعالى‪﴿ :‬ث ِهً َُفِخ َػِيِّ َندسى َفإِذ ًَْ َؼِيِمامَ َيِظس َ‬
‫َ‬
‫المرحلة مقدمة المرحلة الثالثة التي هي مرحلة الحساب‪ ،‬قال الله تعالى‪َ ﴿ :‬زع ًََ‬
‫ ِه َ َ َ ُ ٓ ْ َ ِه ُ َ ُ ْ ُ َ َ َٰ َ َ ّ َ ُ َ ُ ِه ُ ِه َ ُ َ ِه ُ ِه َ َ ُ َ َ َ‬
‫َوذَٰل َ‬
‫ِمَ‬ ‫نَِيَ َؽفسو َننَىََييػد أ َكو َٱَل َور ِّب َّليػُث َثً َّلنيؤن َٱٍِِماَغ ٍِيج اً‬
‫َ َ ِه َ‬
‫لَعَنَّ َِيطِ‪[ ﴾٧َٞ‬التغابن‪]7 :‬‬

‫‪22‬‬
‫والمرحلة الثالثة هي مرحلة الحساب‪ ،‬وفي هذه المرحلة يعلن جزاء الخلق‪،‬‬
‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ‬
‫َف ٌَِِؾً َدِماػِيَة َ‪َ ١٨‬فأ ِهٌِماَ‬ ‫وفيها يظهر السرور أو الحسرة‪﴿ :‬ئَ ٌَهِز َعػ َسطٔن ََل ََّت ََٰ‬
‫ّ َ َ ُ َّ َُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ ُ َ ُٓ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫قَ‬‫ٌَل َٰ ٍَ‬ ‫وِت َنِتَٰ َي ُّۥ َب ِ َي ٍِيِِِّو َػ َيلٔل َِْماؤ ُم َنك َس ُءو َنِتَٰي ِ َيّ َ‪َ ١٩‬إ ِ ِّن َظِِت َأ ِّن‬ ‫ٌَ َن ِ‬
‫ُُ ْ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َر ِهِة َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬
‫ََع ِِلَة َ‪َ ١٬‬ؼ ُػٔػ َِٓماَد ن َِية َ٭‪َُ ١‬كٔ َ‬ ‫ط َية َ‪ِِ َ ١٫‬ف ٍ‬ ‫َر ِ‬ ‫ِيشة ِه‬ ‫َِف َغ‬ ‫َ َ‬
‫حِطِمابِيَّ َ‪َ ١٪‬ػٓٔ ِ‬
‫َ َ ِه َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ ِه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ ْ َ ٓ َ ُۢ َ ٓ َ َ‬
‫ِماِهِوَ‬ ‫وِت َنِتَٰ َي ُّۥَبِشِ ٍَ ِ‬
‫ِماِلَةَِٮ‪َ ١‬ونٌِماٌََ َن ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َنۡل‬ ‫ِ‬
‫ِمام‬ ‫ي‬ ‫َنۡل‬ ‫َِف‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ج‬ ‫ف‬ ‫ونُشبٔ َِْ ِئَِب اَٱٍِِما َنضي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ِماط َي َةَ‬ ‫تَنىل ِ‬ ‫ػ َيلٔلَيَٰييت ِِنَلًَنوتَنِتَٰي ِ َيَّٯ‪َ َ١‬ولًَندرٌَِِماَح َِطِماب ََِيََّٰ‪َ١‬يَٰييج َِٓماََكُ ِ‬
‫ََ َ َ ّ ُ َ َ‬ ‫َع ِّن َ‬ ‫َ ٓ َ َ َٰ َ‬
‫ِماِلَ َّۜۡٲ‪َْ١‬يمَع ِِنَضيطَِٰ ِيَّٳ‪[ ﴾١‬الحاقة‪]29-18 :‬‬ ‫ٌَ ِ‬ ‫ٱ‪ٌَِ١‬ماَنغِن ِ‬
‫والمرحلة الرابعة هي مرحلة الجزاء‪ .‬ففي هذه المرحلة يجزى من آمن وعمل‬
‫َ َ َ َ ٗ‬ ‫صالحا بالجنة‪ ،‬و يجزى من كفر وعاش ظالما بالنار‪﴿ :‬ٱَ َ ََٰل َ‬
‫َض ّي ِ َئ َةَ‬ ‫ٌََ َنطب‬ ‫ِۚ‬
‫ ِه‬
‫ون َ‪َ َ ٧٫‬ونَ َ‬‫َ َ َٰ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫م َنَص َ‬
‫حَٰ ُ‬
‫ب َنُّ ِهِمارِ ًَْ َػِيِٓما َٰ ِِل‬
‫َ ٓ َ ُ ُ َ ُ ْ َ َٰٓ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ِيََ‬ ‫ونحَٰػت َٱِِّو َد ِػئَجّۥ َفأوله ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َ ُ ْ ِه َٰ َ َٰ ُ ْ َ َٰٓ َ َ َ َٰ ُ َ ِه ُ‬
‫َنۡلِةِ ًَْ َػِيِٓماَٰ َٰ ِِلون َ‪[ ﴾٧٬‬البقرة‪:‬‬ ‫ت َنولهِم َنصحب‬ ‫ء ٌَِٔ َوغ ٍِئ َنىصي ِح َِ‬
‫‪]82-81‬‬

‫فيجب الإيمان بهذه المراحل كلها‪ ،‬ولا يصح إيمان من أنكر شيئا منها‪.‬‬

‫الإسيلٌ‬
‫‪ )1‬ما المقصود بالإيمان بالملائكة؟‬
‫‪ )2‬من هم الملائكة الأربعة العظام؟‬
‫‪ )3‬ما هي ال كتب الأربعة؟ وعلى من أنزلت؟‬
‫‪ )4‬ما هي ال كتب التي فيها الشرائع وأحكام الحلال والحرام؟‬
‫‪ )5‬لماذا كثر ذكر التوراة والإنجيل دون الزبور في القرآن ال كريم؟‬

‫‪23‬‬
‫‪ )6‬ما هو الدليل من القرآن ال كريم على تحر يف أهل الكتاب كتابيهم‪،‬‬
‫وحفظ الله القرآن من التحر يف؟‬
‫‪ )7‬ما هو شرط صحة الإيمان بال كتب؟‬
‫‪ )8‬ما هي الشر يعة؟‬
‫‪ )9‬ما هي الحكمة المذكورة في القرآن من تبديل الله الشرائع؟‬
‫‪ )12‬ما المقصود بالشر يعة في وجوب الإيمان بها؟‬
‫‪ )11‬ما هي مراحل الآخرة الرئيسية بالترتيب؟‬

‫‪24‬‬
‫بواقض الإيواى‬
‫هناك أمور تنقض الإيمان وتبطله‪ ،‬و يجب على المسلم تجنبها ليحافظ على‬
‫إيمانه‪ .‬ولنذكر بعضها ليكون القارئ على حذر منها‪ ،‬ولا قوة إلا بالله‪.‬‬

‫بواقض الإيواى باللٌ تعالى‪:‬‬


‫‪ )1‬اعتقاد ما يخالف صفات ال كمال المذكورة في حقه سبحانه وتعالى‪ ،‬كأن‬
‫يعتقد المرء أن الله محتاج لأحد‪ ،‬أو لمكان‪ ،‬أو يشبه شيئا من مخلوقاته‪ ،‬أو هو‬
‫عاجز‪ ،‬أو مجبور‪ ،‬أو جاهل‪ ،‬أو غير ذلك مما ينافي صفات ال كمال المذكورة‪.‬‬
‫‪ )2‬اعتقاد الجنسية في حقه تعالى‪ ،‬كاعتقاد الرجولية‪ ،‬تعالى الله عن ذلك‬
‫علوا كبيرا‪.‬‬
‫‪ )3‬نسبة الولد أو الأقارب إلى الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ )4‬نسبة الألوهية –ولو مجازا‪ -‬إلى أحد غيره‪ ،‬كأن يقال في حق من يمهر‬
‫شيئا ما‪« :‬هو إله تلك المهنة» أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫‪ )5‬الكلمات الدالة على عدم الاحترام في حق الله تعالى‪ ،‬كأن يقال‪« :‬لن‬
‫أفعله وإن طلبه مني الله»‪ ،‬أو «يريد الله كذا وأريد أنا كذا»‪ ،‬أو قول المرء في‬
‫حق من يبغضه‪« :‬لماذا خلقه الله؟ لا فائدة من خلقه»‪ ،‬وما شابه تلك الجمل التي‬
‫لا يلفظها من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان بالله والتوقير له سبحانه‪.‬‬
‫‪ )6‬مشاهدة أفلام ومقاطع فيها السخر من الله تعالى‪ ،‬والضحك لها‪.‬‬

‫بواقض الإيواى بالإببياء عليهن ال سلإم‪:‬‬


‫‪ )1‬الإيمان ببعض الأنبياء وال كفر ببعضهم‪.‬‬
‫‪ )2‬تجويز النبوة بعد بعثة محمد ﷺ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ )3‬تفضيل غيرهم عليهم‪ .‬وهذا في التفضيل المطلق‪ ،‬وأما القول بأن غيره‬
‫أعلم منهم في أمر دنيوي ما‪ ،‬فهذا ليس بكفر‪.‬‬
‫‪ )4‬الكلمات الدالة على عدم الاحترام في حقهم‪ ،‬كأن يقال‪« :‬لن أفعله وإن‬
‫أمره النبي»‪ ،‬أو «يريد النبي كذا وأنا أريد كذا»‪.‬‬
‫‪ )5‬قول المرء لمن يزدر يه‪« :‬عقلك كعقل الإنسان الأول»‪ .‬ولا يخفى أن‬
‫أول الناس وأباهم آدم عليه السلام‪ .‬ول كن إذا عنى ب «الإنسان الأول» ما في‬
‫الأسطورة الدروينية لا يكفر‪ ،‬ول كنه يأثم لسخره من صاحبه‪.‬‬
‫‪ )6‬مشاهدة أفلام ومقاطع تسخر من أحد الأنبياء‪ ،‬والضحك لها‪.‬‬
‫‪ )7‬الاستغناء من سنة محمد ﷺ مطلقا‪ ،‬كأن يقال‪« :‬لا حاجة لنا بالسنة‪،‬‬
‫و يكفينا القرآن»‪ .‬وأما رد الفقهاء الأثار المرو ية حسب ضوابطهم وشروطهم في‬
‫أخذ المرو يات وتركها‪ ،‬فهذا أمر محمود لا غبار عليه‪.‬‬

‫بواقض الإيواى بالولإبكٌ عليهن ال سلإم‪:‬‬


‫‪ )1‬بغض أحد الملائكة ونصب العداوة له‪ .‬كأن يبغض المرء عزرائيل عليه‬
‫السلام‪.‬‬
‫‪ )2‬تسمية أحد الظلمة بعزرائيل‪.‬‬
‫‪ )3‬تشبيه الزانيات بالملائكة‪ .‬وأما تشبيه شخص عفيف بالملائكة قاصدا به‬
‫جماله‪ ،‬فهذه ليس بكفر‪.‬‬
‫‪ )4‬السخر من أحد الملائكة‪ ،‬ومشاهدة أفلام ومقاطع تسخر من أحدهم‪،‬‬
‫والضحك لها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫بواقض الإيواى بالكيب‪:‬‬
‫‪ ) 1‬دعوى تحر يف القرآن ال كريم‪ ،‬كدعوى الز يادة عليه أو النقص منه‪.‬‬
‫‪ ) 2‬دعوى سلامة التوراة والإنجيل الذين في أيدي أهل الكتاب اليوم من‬
‫التحر يف‪ .‬وتجويز العمل بما فيهما مطلقا‪.‬‬
‫‪ )3‬دعوى انتهاء صلاحية القرآن ال كريم في العصر الحديث‪.‬‬
‫‪ )4‬السخر من القرآن ال كريم أو من بعض آياته‪.‬‬
‫‪ )5‬رمي ما كتب عليه شيء من القرآن في أماكن قذرة عمدا‪.‬‬
‫‪ )6‬الشك في نزول القرآن ال كريم من عند الله‪ .‬والاعتقاد بأن محمدا ﷺ أتى‬
‫به من عنده لأسباب معينة‪.‬‬
‫‪ )7‬التلاعب بالقرآن بحمل آياته على معان لا تحتملها‪ ،‬معتمدا في ذلك على‬
‫هوى النفس‪ ،‬دون ما وضعه أهل العلم من القواعد العلمية في فهم آيات الله‪.‬‬
‫وأما تفاسير المذاهب والفرق العلمية المختلفة فليست من هذا القبيل‪.‬‬

‫بواقض الإيواى بال شرتعٌ‪:‬‬


‫‪ ) 1‬دعوى عدم صلاحية الشر يعة الإسلامية في العصر الحديث‪ .‬وهذا في‬
‫الأحكام التي لا تتغير بتغير الزمان‪ ،‬وأما ما يتغير بتغير الزمان‪ ،‬فدعوى عدم‬
‫صلاحيته في العصر الحديث ليست كفرا‪.‬‬
‫‪ )2‬السخر بحكم من أحكام الشر يعة‪ ،‬أو بعبادة من عباداتها‪.‬‬
‫‪ )3‬نفي فرضية العبادات التي تعلم فرضيتها من الدين بالضرورة‪ ،‬مثل‬
‫الصلوات المكتوبة‪ ،‬وصوم رمضان‪ .‬وكذا قول القائل‪« :‬ليست الصلاة مهمة‪ ،‬بل‬
‫المهم هو نظافة القلب»‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ )4‬جعل الشر يعة سبب التأخر‪ ،‬بأن يقال‪« :‬الغرب فتح الفضاء‪ ،‬ونحن ما‬
‫زلنا نركع ونسجد»‪ .‬وما شابه ذلك من الأقوال الدالة على سخافة صاحبها‪.‬‬
‫‪ )5‬أن يتمنى المرء حلية محرمات الشرع التي تعلم حرمتها بالضرورة‪ ،‬كالخمر‪،‬‬
‫والميسر‪ ،‬والزنى‪ ،‬والسرقة‪.‬‬
‫‪ )6‬التسو ية بين الإسلام والأديان الأخرى‪ ،‬أو تفضيل دين آخر على‬
‫الإسلام‪.‬‬

‫بواقض الإيواى بالإخرً‪:‬‬


‫‪ )1‬الشك في وقوع الآخرة‪ ،‬والقول‪« :‬الجنة والنار في الدنيا»‪ ،‬إلا أن يقصد‬
‫بالجنة نعيم الدنيا وبالنار شدائد الحياة‪ ،‬مع الإيمان بالجنة والنار في الآخرة‪ ،‬فإذا‬
‫قصد هذا المعنى لا يكفر‪.‬‬
‫‪ )2‬السخر من أحوال يوم القيامة‪ ،‬كأن يسخر المرء من فرار المرء من‬
‫أقاربه يوم القيامة‪ ،‬و يقول لصاحبه‪« :‬لا تخف البس لباسك الفلاني حتى‬
‫أعرفك وأساعدك يوم القيامة»‪ ،‬أو يقول‪« :‬أنا سوف أهرب إلى مكان فلاني‬
‫يوم القيامة»‪ ،‬أو غير ذلك مما لا يلفظه أحد في قلبه مثقال ذرة من الإيمان‪.‬‬
‫‪ )3‬السخر من إمهال الله الناس‪ ،‬كأن يقال‪« :‬لا تقلق‪ ،‬هناك وقت كاف‬
‫لقيام الساعة‪ ،‬ل كي نخوض ونلعب في الدنيا»‪ .‬والعياذ بالله‪.‬‬

‫وصدور هذه النواقض بالجد أو المزاح سواء‪ .‬قال الله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫ْ ِه‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ٔرةََثُنَ ّي ُئ ًَُٓٱ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َٰ ُ َ َ ُ َ ِه َ َ‬
‫َغيَيًٓ ُ‬
‫وَنض َجٓ ِش ُء ٓو َإِنَ‬
‫ِماَِفَكئب ِ ِٓ اًَك َِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َض َ‬
‫ِ‬ ‫﴿ُيزرَنلٍَٰفِلٔنَننَعزنل‬
‫َ َ ُ َ َ ُ ُ ِه ِه َ ُ ِه َ ُ ُ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ ِه َ َ ُ َ‬ ‫ ِه َ ُ‬
‫ب َكوَ‬ ‫نَّ َُم ِسجَ ٌَِما ََتزرون َ‪َ ٦٤‬وىهَِ َضأّلًٓ َِللٔىَ َإِنٍِما َنِِما ََنٔض َوُيػ ا‬
‫َؽ َفسثًُ َ َبػرََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ َ‬ ‫ُ ُ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َٰ‬ ‫َ ِه َ َ َ‬
‫ِٔهِو َنِجً َتطجٓ ِشءون َ‪ََ ٦٥‬ل َعػجزِروَ َكر‬ ‫نٱِلَِّ َوء يجِِّو َورض ِ‬
‫‪28‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُ‬ ‫َ ِه‬ ‫ٓ َ‬ ‫َُ ّ‬
‫ََغِمانفةَ ٌَِِؾً َنػزِب َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫إيمَِٰ ِؾً َإنَنػف َغ َ‬‫ٓ َ‬ ‫َ‬ ‫ ِه ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َغِمانِفَۢةَٱِأن ًُٓ ََكُٔ َُم ِسٌِۡي َ‪﴾٦٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ا ِ‬ ‫ِ‬
‫[التوبة‪ ]66-64 :‬سمى الله فعلتهم استهزاء وكفرا‪ ،‬ولم يقبل قولهم‪« :‬إنما كنا نخوض‬
‫ونلعب»‪.‬‬
‫و يحرم الجلوس مع الذين يستهزئون بشيء من الإسلام‪ ،‬و يعد هذا من‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ََ ُ‬
‫بَ‬ ‫َِف َنىهِت َٰ ِ‬ ‫مشاركتهم في فعلتهم‪ ،‬قال الله سبحانه وتعالى‪َ ﴿ :‬وكر َُ ِهشل َغييؾً ِ َ‬
‫َنَِّ َيُؾ َف ُس َٱ َِٓما َ َويُط َجٓ َشنُ َٱ َِٓما َفَ ََل ََعل ُػ ُرو ْ َ‬ ‫ ِه‬ ‫َ َ َ ُ َ َ‬
‫َح ِه ََٰ‬
‫ يِتَ‬ ‫ٌَ َػ ًُٓ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َء ي َٰ ِ‬
‫ت‬ ‫نن َإِذ َض ٍِػجً‬
‫يََ‬ ‫كَٰفِس َ‬ ‫َ ٓ ِه ُ ٗ ّ ُ ُ ِه ِه َ َ ُ ُ َ َٰ َ َ َ‬
‫نى‬ ‫َو‬ ‫ۡي‬ ‫ل‬ ‫ف‬‫َٰ‬‫ٍ‬ ‫َنل‬ ‫ِع‬‫ٌ‬‫ِما‬‫َر‬ ‫َنَّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫َ‬ ‫ً‬ ‫ٓ‬‫ي‬ ‫ِد‬ ‫ٌَ‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫إ‬‫َ‬ ‫ً‬ ‫ؾ‬ ‫ُ‬ ‫إ‬‫َ‬ ‫ِو‬ ‫ه‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫َغ‬ ‫ِيح‬ ‫ر‬ ‫ٔطٔ َِْف َ‬
‫َح‬
‫َُ ُ‬
‫َي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۗ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ِه َ َ ً‬
‫ِِفَرًََِٓجِيػِماَ‪[ ﴾١٤٠‬النساء‪]142 :‬‬

‫ومشاهدة أفلام من هذا القبيل والضحك لها‪ ،‬والاستمرار في المشاهدة عمدا‬


‫كالجلوس معهم‪ ،‬وإذا استمر المرء في الجلوس معهم‪ ،‬أو مشاهدة تلك المقاطع‪،‬‬
‫وغفل‪ ،‬ونسي أن عليه ترك ما هو عليه‪ ،‬يجب عليه الترك والمفارقة أول ما تنبه‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ َ ِه َ َ ُ ُ َ ٓ َ َ‬
‫َء يَٰجَِِِما َفأغسِضََ‬ ‫َِف‬
‫لنفسه‪ ،‬قال الله سبحانه وتعالى‪ِ﴿ :‬إَوذ َرأيت َنَِيَ ََئطٔن ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ِه َ ُ ُ ْ‬
‫َِإَوٌِما َيُنطِيَ ِهِم َ‬
‫َنلشي َطَٰ َُ َفَل َعل ُػر ََبػ ََرَ‬ ‫َغ‪ٞ‬ه ِو ِه‬
‫ِا‬ ‫ِيح‬ ‫َ‬
‫َِف َحر ٍ‬ ‫عًِٓ َح َٰ‬
‫ يِت ََئطٔ ِ‬
‫ّ َ َٰ َ َ َ ِ ِه‬
‫َنىظَٰي ِ َ‬
‫ٍۡيَ‪[ ﴾٦٨‬الأنعام‪]68 :‬‬ ‫ِ‬ ‫نَِنسىٌَعَنىلٔم‬
‫فيجب على المرء المسلم أن يقدر نعمة الإيمان حق قدره‪ ،‬وألا يخاطر بها‪،‬‬
‫ويسأل الله الحفظ على الدوام‪ ،‬وحسن الخاتمة‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬والحمد لله على توفيقه إياي إلى إتمام هذا المتن‪ ،‬وأفضل صلاته‪ ،‬وأتم‬
‫تسليمه على سيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله‪ ،‬وصحبه‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫‪29‬‬
32
‫الفهرس‬

‫المقدمة ‪3 .............................................................................................................‬‬

‫تعر يف العقيدة وموضوع علم العقيدة ‪4 ..............................................................‬‬

‫الإيمان بالله تعالى ‪7 .............................................................................................‬‬

‫صفة الوحدانية ‪7 ................................................................................................‬‬

‫صفة العلم ‪8 ........................................................................................................‬‬

‫صفة القدرة ‪8 ....................................................................................................‬‬

‫صفة العدالة ‪9 ....................................................................................................‬‬

‫صفة المراقبة ‪12 .................................................................................................‬‬

‫صفة الوحي ‪12 ..................................................................................................‬‬

‫صفة التصرف ‪12 ..............................................................................................‬‬

‫الإيمان بالرسل عليهم السلام ‪15 .........................................................................‬‬

‫الإيمان بما جاء به نبي من عند الله ‪19 ...............................................................‬‬

‫الإيمان بالملائكة‪19 .............................................................................................‬‬

‫‪31‬‬
‫الإيمان بال كتب ‪22 ............................................................................................‬‬

‫الإيمان بالشر يعة ‪21 ............................................................................................‬‬

‫الإيمان بالآخرة ‪21 .............................................................................................‬‬

‫نواقض الإيمان ‪25 ............................................................................................‬‬

‫نواقض الإيمان بالله تعالى ‪25 ............................................................................‬‬

‫نواقض الإيمان بالأنبياء عليهم السلام ‪25 ..........................................................‬‬

‫نواقض الإيمان بالملائكة ‪26 ...............................................................................‬‬

‫نواقض الإيمان بال كتب ‪27 ..............................................................................‬‬

‫نواقض الإيمان بالشر يعة ‪27 ..............................................................................‬‬

‫نواقض الإيمان بالآخرة ‪28 ...............................................................................‬‬

‫‪32‬‬

You might also like