You are on page 1of 16

‫األسلوب القصصي في القرآن الكريم‬

‫متهيد‬
‫مل يعتمد القرآن الكرمي أسلوباً واحداً إليصال رسالته إىل الناس‪ ،‬بل تعددت أساليبه وتنوعت‪ ،‬فهو حيناً يعتمد‬
‫أسلوب احلوار‪ ،‬وحيناً آخر يعتمد أسلوب ضرب املثل‪ ،‬وتارة يعتمد أسلوب الرتبية النفسية والتوجيه اخللقي‪ ،‬إىل‬
‫‪.‬غري ذلك من األساليب اليت ال ختفى على من تأمل وتدبر كتاب اهلل العزيز‬

‫واألسلوب القصصي من األساليب اليت اعتىن القرآن الكرمي هبا عناية خاصة؛ ملا فيها من عنصر التشويق‪،‬‬
‫‪:‬وجوانب االتعاظ واالعتبار‪ ،‬وقد خصصنا هذا اجلزء للحديث هذا األسلوب وذلك بالتطرق إىل‬
‫‪،‬مفهومه وانواعه ‪-‬‬
‫‪،‬خصائص قصص القرآن الكرمي ومميزاته ‪-‬‬
‫‪.‬اهداف قصص القرآن الكرمي ‪-‬‬
‫‪.‬ويف ختام هذا الفصل تطرقنا إىل بعض فوائد قصص القرآن الكرمي‬
‫أسلوب قصص القرآن الكريم‬

‫احلادثة املرتبطة باألسباب والنتائج يهفو إليها السمع ‪ ،‬فإذا ختللتها مواطن العربة يف أخبار املاضني كان حب‬
‫سردا ال جيمع العقل‬
‫االستطالع ملعرفتها من أقوى العوامل على رسوخ عربهتا يف النفس ‪ ،‬واملوعظة اخلطابية تسرد ً‬
‫أطرافها وال يعي مجيع ما يلقى فيها ‪ ،‬ولكنها حني تأخذ صورة من واقع احلياة يف احداثها تتضح أهدافها ‪،‬ويرتاح‬
‫املرء لسماعها ‪ ،‬ويصغى اليها بشوق وهلفة ‪ ،‬ويتأثر مبا فيها من عرب وعظات ‪ ،‬وقد أصبح أدب القصة اليوم فنًا‬
‫خاصا من فنون اللّغة وآداهبا‪ ،‬والقصص الصادق ميثل هذا الدور يف األسلوب العريب أقوى متثيل‪ ،‬ويصوره يف ابلغ‬ ‫ً‬
‫‪ .‬صورة ‪ :‬قصص القرأن الكرمي‬

‫مفهوم القصص‪:‬‬
‫‚ت أث ‚‚ره ‪ :‬أي تتبعت ‚‚ه ‪ ،‬والقص ‚‚ص مص ‚‚در ‪ ،‬ق ‚‚ال تع ‚‚اىل ‪ :‬‬
‫القص‚ ‪ :‬تتب ‚‚ع األث ‚‚ر ‪ .‬يق ‚‚ال ‪ :‬قصص ‚ ُ‬
‫فارت ‚‚دا على أثارمها قصص ‚‚ا ‪[‬الكه ‚‚ف‪ ]64 ‚:‬أي رجع ‚‚ا يقص ‚‚ان األث ‚‚ر ال ‚‚ذي ج ‚‚اءا ب ‚‚ه ‪ .‬وق ‚‚ال على‬
‫لسان أم موسى ‪ ‬وقالت ألخت‚ه قص‚يه ‪[ ‬القص‚ص‪ ]11 ‚:‬أي تتبعي أث‚ره ح‚ىت تنظ‚ري من يأخ‚ذه ‪.‬‬
‫والقص‚‚ص ك‚‚ذلك ‪ :‬األخب‚‚ار املتتبع‚‚ة ‪،‬ق‚‚ال تع‚‚اىل ‪ ‬إن ه‚‚ذا هلو القص‚‚ص احلق ‪[ ‬آل عم‚‚ران‪،]62 :‬‬
‫وقال ‪  :‬لقد ك‚ان يف قصص‚هم ع‚ربة ألوىل األلب‚اب ‪[ ‬يوس‚ف‪ 1]111 :‬والقص‚ة‚ ‪ :‬األم‚ر ‪ ،‬واخلرب ‪،‬‬
‫والشأن ‪ ،‬واحلال‪.‬‬
‫وقصص القرآن‪ :‬أخباره عن أحوال األمم املاضية ‪ ،‬والنب‚وات‚ الس‚ابقة ‪ ،‬واحلوادث الواقع‚ة‚ _ وق‚د‬
‫اشتمل القرآن على كثري من وقائع املاضي ‪ ،‬وتاريخ األمم ‪ ،‬وذكر البالد والديار ‪ .‬وتتبع آثار كل قوم‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬وحكى عنهم صورة ناطقة ملا كانوا عليه‪.‬‬
‫قال الشيخ حممد بن عثيمني‪ :‬القصص‚ والقص لغة ‪ :‬تتبع األثر‬
‫بعضا ‪.‬‬
‫ويف االصطالح ‪ :‬اإلخبار عن قضية ذات مراحل يتبع بعضها ً‬
‫وقص‚ ‚‚ص الق‚ ‚‚رآن أص‚ ‚‚دق القص ‚ ‚ص‚ لقول‚ ‚‚ه تع‚ ‚‚اىل ‪  :‬ومن أص‚ ‚‚دق من اهلل ح‚ ‚‚ديثًا ‪ ‬وذل ‚‚ك لتم ‚‚ام‬
‫مطابقتها للواقع ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مفردات الفاظ القران للراغب االصفهاني‪ ،‬تحقيق صفوان عدنان داوودي‪،‬ص‪671:‬‬
‫‪2‬‬
‫مباحث في علوم القرآن لمناع القطان‪،‬ص‪300:‬‬
‫وأحسن القص‚ص لقول‚ه تع‚اىل ‪  :‬حنن نقص علي‚ك أحس‚ن القص‚ص مبا أوحين‚ا إلي‚ك ه‚ذا الق‚رآن‪‬‬

‫[يوسف‪ ]3 :‬وذلك الشتماهلا على أعلى درجات الكمال يف البالغة وجالل املعىن ‪.‬‬

‫وأنفع القصص‚ لقوله تعاىل ‪  :‬لقد كان يف قصصهم عربة ألويل األلباب ‪ ‬وذلك لقوة تأثريه‚ا‚ يف‬
‫‪1‬‬
‫إصالح القلوب واألعمال واألخالق‬
‫عرف ال َقصص القرآينّ بأنّه‪ :‬حكايةُ األنباء‪ ،‬وممّا تنبغي‚ اإلشارة إليه ما يدخل يف تلك احلكايا من‬ ‫يُ َّ‬
‫لقوم كفروا أو ك ّذبوا باهلل‪،‬‬‫صص‪ ،‬ك َقصص األنبياء‚ ‪-‬عليهم السالم‪ ،-‬وما أُخرِب عنهم‪ ،‬أو ما حدث ٍ‬ ‫قَ ٍ‬
‫أو ما جاء يف ِذ ْكر املؤمنني من إكرام اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬هلم‪ ،‬أو ما جاء من أخبار الدُّنيا واآلخرة؛ إذ إ ّن‬
‫ص قرآينٌّ‪ ،‬باإلضافة إىل ما ورد يف حترمي اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬بعض األمور على‬ ‫ص ٌ‬ ‫ُك ّل ما ورد يف ذلك قَ َ‬
‫يك ِمن‬‫صصنا َعلَ َ‬‫ذين هادوا َحَّرمنا ما قَ َ‬ ‫َّ‬
‫(و َعلَى ال َ‬
‫وجل‪َ :-‬‬
‫‪-‬عز ّ‬‫السابقني من األقوام‚ املاضية‪ ،‬كقول اهلل ّ‬
‫َّ‬
‫قَبل) [يوسف‪]3 :‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫عديدة يف السياق‬ ‫القرآن الكرمي تتَّسم مبَ ٍ‬
‫عان‬ ‫ِ‬ ‫مادة ال َقصص اليت وردت يف‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أ ّن ّ‬
‫‪:‬القرآينّ‪ ،‬ومن تلك املعاين‬

‫اإلخبار‪ :‬فقد قال اهلل ‪-‬تعاىل‪( :‬فَجاءتْه إِح َدامُه ا مَتْ ِشي علَى استِحي ٍاء قَالَت إِ َّن أَيِب ي ْدع َ ِ‬
‫َجَر‬
‫كأْ‬‫وك ليَ ْج ِزيَ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ َُ ْ َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ف جَن و ِ‬ ‫‪.‬ما س َقيت لَنَا َفلَ َّما جاءه وقَ َّ ِ‬
‫ني) [القصص‪]25 ‚:‬‬ ‫ت م َن الْ َق ْوم الظَّالم َ‬‫ال اَل خَتَ ْ َ ْ َ‬‫ص قَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ص َعلَْيه الْ َق َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ ََْ‬
‫ب َو ُه ْم اَل يَ ْشعُُرو َن)‬ ‫ت بِِه َعن ُجنُ ٍ‬
‫صَر ْ‬
‫تتبُّع اآلثار!‪ :‬ك َقوله ‪-‬تعاىل‪( :-‬وقَالَت أِل ُختِ ِه قُ ِّ ِ‬
‫صيه َفبَ ُ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬
‫‪[.‬القصص‪]11 :‬‬
‫آد َم إِ ّما‬
‫وجل‪ -‬يف كتابه‪( :‬يا بَين َ‬ ‫لَفت االنتباه! إلى! األدلّة بالتالوة أو التأويل‪ :‬كما قال اهلل ّ‬
‫‪-‬عز ّ‬
‫وف َعلَي ِهم َوال ُهم حَي َزنو َن)‬
‫صو َ‚ن َعلَي ُكم آيايت فَ َم ِن اتَّقى َوأَصلَ َح فَال َخ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَأتَينَّ ُكم ُر ُس ٌل من ُكم َي ُق ّ‬
‫‪[.‬األعراف‪]35 :‬‬

‫‪1‬‬
‫أصول في التفسير للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص (‪.)53-52‬‬
‫َوحينا إِلَ َ‬
‫يك هـ َذا‬ ‫يك أَحسن ال َقص ِ مِب‬
‫ص اأ َ‬ ‫ص َعلَ َ َ َ َ‬ ‫البيان واإلعالم‪ ‚:‬ك َق ْول اهلل ‪-‬تعاىل‪( :-‬حَن ُن َن ُق ُّ‬
‫لني)؛[يوسف‪ ]3:‬أي نُبنّي لك‪ ،‬ونُعلمك مبا حدث قبلك من‬ ‫ِ‬ ‫ال ُقرآ َن وإِن ُك ِ ِ ِ ِ‬
‫نت من قَبله لَم َن الغاف َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬األحداث‬

‫أنواع القصص في القرآن الكريم‪!:‬‬


‫أنواع‪ ‚،‬وقد اختُلِف يف تقسيمها‪ ،‬وتفريعها‪ ،‬وبيان ذلك‬
‫وردت ال َقصص‚ يف ال ُقرآن الكرمي على ع ّدة ٍ‬
‫‪:‬آتياً‬
‫التقسيم األول‪ :‬قسمها الدكتور مناع القطان اىل ثالثة انواع يف كتابه "حبوث يف علوم القرأن"‬
‫‪ :‬وهي‬
‫الن!!وع األول! ‪ :‬قص‚‚ص األنبي‚‚اء‚ ‪ ،‬وق‚‚د تض‚‚من دع‚‚وهتم إىل ق‚‚ومهم ‪ ،‬واملعج‚‚زات ال‚‚يت أي‚‚دهم اهلل هبا‪،‬‬
‫وموق‚ ‚‚ف املعان‚ ‚‚دين منهم ‪ ،‬ومراح‚ ‚‚ل ال‚ ‚‚دعوة وتطوره‚ ‚‚ا وعاقب‚ ‚‚ة املؤم‚ ‚‚نني واملك‚ ‚‚ذبني ‪ .‬كقص‚ ‚‚ة ن‚ ‚‚وح ‪،‬‬
‫مجيع ‚‚ا‬
‫وإب ‚‚راهيم‪ ،‬وموس ‚‚ى ‪ ،‬وه ‚‚ارون ‪ ،‬وعيس ‚‚ى ‪ ،‬وحمم ‚‚د ‪ ،‬وغ ‚‚ريهم من األنبي ‚‚اء واملرس ‚‚لني ‪ ،‬عليهم ً‬
‫‪1‬‬
‫أفضل الصالة‚ والسالم‪‚.‬‬

‫الن !!وع الث !!اني ‪ :‬قص ‚‚ص ق ‚‚رآين يتعل ‚‚ق حبوادث غ ‚‚ابرة ‪ ،‬وأش ‚‚خاص مل تثبت ثب ‚‚وهتم ‪ ،‬كقص ‚‚ة ال ‚‚ذين‬
‫أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر املوت ‪ .‬وطالوت وجالوت ‪ ،‬وابين آدم ‪ ،‬وأه‚ل الكه‚ف ‪ ،‬وذي‬
‫‪2‬‬
‫القرنني ‪ ،‬وقارون ‪ ،‬وأصحاب السبت ‪ ،‬ومرمي ‪ ،‬وأصحاب األخدود ‪ ،‬وأصحاب الفيل وحنوهم‪.‬‬

‫النوع الثالث ‪ :‬قصص يتعلق باحلوادث اليت وقعت يف زمن رسول اهلل صلى اهلل عليه وس‚‚لم كغ‚‚زوة‬
‫ب‚ ‚‚در واُح ‚ ‚‚د يف س ‚ ‚‚ورة آل عم‚ ‚‚ران ‪ ،‬وغ‚ ‚‚زوة ح‚ ‚‚نني وتب‚ ‚‚وك يف التوب‚ ‚ ‚ة‚ ‪ ،‬وغ‚ ‚‚زوة األح‚ ‚‚زاب يف س‚ ‚‚ورة‬
‫‪3‬‬
‫األحزاب ‪ ،‬واهلجرة ‪ ،‬واإلسراء ‪ ،‬وحنو ذلك ‪.‬‬
‫قسم إىل‬‫أما التقسيم الثاين‪ ،‬فقد ذهب خليل بن عبد اهلل احلدري إىل أ ّن القصص يف ال ُقرآن تُ َ‬
‫النبوة‪ ،‬كالغزوات‪ ،‬حىت وإن كانت غيبيّة‚‬ ‫شاهدة؛ وهي اليت حدثت يف زمن ّ‬ ‫قصص ُم َ‬
‫ٌ‬ ‫األول‪:‬‬
‫نوعني؛ ّ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫مباحث في علوم القرآن لمناع القطان‪،‬ص‪301:‬‬
‫‪2‬‬
‫مباحث في علوم القرآن لمناع القطان‪،‬ص‪301‬‬
‫‪3‬‬
‫مباحث في علوم القرآن لمناع القطان‪،‬ص‪301:‬‬
‫قصص غيبيّة؛‚ ّإما ُمتعلِّقة باألنبياء‪ ،‬أو غري األنبياء‪ ،‬أو األ َُمم السابقة‪ ،‬أو الكالم‚‬
‫ٌ‬ ‫لِ َمن بَعدهم‪ ،‬والثاين‪:‬‬
‫تتنوع حبَسب‬
‫واجلن‪ ،‬أو أُمور غيبيّة ُمستقبَليّة‪ ،‬وهذه القصص ّ‬ ‫عن قصص غيبيّة‚ حاضرة‪ ،‬كاملالئكة‪ّ ‚،‬‬
‫القصة‪،‬‬
‫العرض السريع ألحداث ّ‬ ‫اهلدف منها‪ ،‬واملوضوع‚ الذي تُ ِّبينُه؛ فتكون أحياناً قصرية؛ من خالل َ‬
‫أو طويلة‪ ،‬كقصة نيب اهلل يوسف ‪-‬عليه السالم‪-‬؛ من خالل التفصيل فيها؛ إما مب ٍ‬
‫شهد واحد‪ ،‬أو يف‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ ّ‬
‫‪.‬ع ّدة سو ٍر وأجزاء‬ ‫‪1‬‬

‫خصائص ومميزات قصص القرآن الكريم!‬

‫القرآني‬
‫ّ‬ ‫صص‬ ‫خصائص ال َق َ‬
‫صص القرآينّ عن غريه من سائر القصص خبصائص يعلو هبا جاللةً وقداسةً‪ ,‬ويزداد هبا‬ ‫يتميز ال َق َ‬
‫وسم بأحسن القصص‚ يف قوله‬ ‫وتأثريا‪ ,‬وهبذه اخلصائص استحق أن يُ َ‬
‫وإعجازا‪ ,‬ويعظم هبا أمهية ً‬
‫ً‬ ‫بالغة‬
‫‪:‬تعاىل‪ ( :‬حنن نقص عليك أحسن القصص‚ ) [يوسف‪ .]3:‬فمن تلك اخلصائص‚‬

‫‪1‬‬
‫علي عبد الظاهر علي (‪ ،) 2017‬القصة المعلمة‪ :‬فن التدريس بالقصة (الطبعة االولى)‪ ،‬مصر‪ :‬دار عالم الثقافة ‪ ،‬صفحة ‪.45-43‬‬
‫الن ْقص‪،‬‬ ‫الربّانية‪ :‬وذلك من حيث املصدر؛ فهي َو ٌ‬
‫حي من عند اهلل ‪-‬تعاىل‪ ،-‬ال يأتيها‚ الباطل‪ ،‬وال َّ‬
‫اخلاصية باقيةٌ إىل قِيام الساعة‬
‫وهذه ّ‬
‫‪1‬‬

‫صيصة‚ من متيز وظهور‪ ..‬فإمنا أفردنا احلديث عنها لبيان املراد‬‫التكرار الهادف المعجز‪ :‬وملا هلذه اخلِ ِّ‬
‫وبيان مغازيه وأهدافه اليت تزيده مسوا ورفعة‪ِ ,‬‬
‫وبيان الكتب اليت ألفت‬ ‫بإطالق ( التكرار) يف القرآن‪ِ ,‬‬
‫‪.2‬خاصة يف بيان تلك الروعة القرآنية‬
‫الواقعية التاريخية ‪ :‬ونعين هبا أن كل ما يف قَصص القرآن الكرمي من أخبار األولني هي حقائق‬
‫تارخيية صادقة ال يصادمها عقل‪ ,‬وال خيالفها نقل‪ ,‬وسواءٌ يف تلك املصداقية ما كان من أخبار األنبياء‚‬
‫مع أقوامهم‪ ,‬وما كان من قبيل املعجزات وخوارق العادات‪ ,‬كانفالق البحر وكالم اهلدهد والنملة‪,‬‬
‫وليس فيها أي نوع من التناقض‚ أو االخرتاع‪ ,‬وال أي شكل من أشكال اخليال أو التصوير اجملرد عن‬
‫‪.3‬احلقيقة‪ ,‬وال أي صورة من صور الرمز أو اإلشارة‬
‫قومات‬ ‫قوماهتا األساسيّة؛ فال تتغرّي بتغرُّي احلياة‪ ،‬وتكون‚ ُمنضبِطةً مبُ ِّ‬
‫الثبات‪ :‬وذلك من حيث ثبات ُم ِّ‬
‫‪.4‬اإلسالم‬
‫‪:‬الشمولية المطلقة‪ :‬فقصص القرآن الكرمي شاملة من عدة جهات‬
‫‪..‬يف حصر النفوس املخاطبة ِ‬
‫وطباعها ووجهاهتا ومكامن شعورها ‪-‬‬
‫‪..‬يف تنويع األساليب‚ والوسائل‚ املالئمة‚ لكل جنس وطبقة ولون ‪-‬‬
‫‪..‬ومن حيث الزمن ؛ فالقصة تتحدث عن املاضي‚ واحلاضر واملستقبل‪-‬‬
‫ومن حيث مشولية موضوعاهتا ؛ فكما أنك جتد يف موضوعات القرآن الكرمي مشوالً‪ ..‬فكذلك جتد ‪-‬‬
‫يف قصص القرآن الكرمي مشوالً لكل تلك املوضوعات‚ ‪ ,‬من عقائد وعبادات وأخالق وآداب اجتماعية‬
‫‪.5‬واقتصادية وسلطانية وغري ذلك‬
‫كونها هادفة‪ :‬فالغاية األوىل من قصص القرآن الكرمي هي تأملها وأخذ العربة منها وتصحيح العقائد‬
‫واألخالق ‪ ,‬حىت ينصلح الفرد واجملتمع ‪ ,‬وليست الغاية قاصرةً على إمتاع النفوس بسماع قصص‬

‫‪ 1‬صالح الخالدي (‪ ،)1998‬القصص القرآني (الطبعة األولى)‬


‫‪ 2‬االستاذة امل عبد الجبار كريم الشرع‪ ،‬محاضرة لقسم علوم القرآن بجامعة بابل ‪،‬كلية العلوم االسالمية‬
‫‪ 3‬االستاذة امل عبد الجبار كريم الشرع‪ ،‬محاضرة لقسم علوم القرآن بجامعة بابل ‪،‬كلية العلوم االسالمية‬
‫‪4‬‬
‫)صالح الخالدي (‪ ،)1998‬القصص القرآني (الطبعة األولى)‬
‫‪5‬‬
‫االستاذة امل عبد الجبار كريم الشرع‪ ،‬محاضرة لقسم علوم القرآن بجامعة بابل ‪،‬كلية العلوم االسالمية‬
‫إظهار براعة أدبية جمردة عن هدف اإلصالح ‪ -‬كما هو احلال يف عامة‬
‫مسليِّة أو بطوالت خيالية ‪ ,‬أو َ‬
‫سردا تارخييًا جافا‪ ,‬كما هي مهمة املؤرخني‪ ,‬فالقرآن الكرمي‬
‫الفن القصصي ‪ -‬وليست الغاية أيضا ً‬‫ِّ‬
‫بكل ما فيه من قصص وغريها هو كتاب هداية وعربة بالدرجة األوىل‪ ,‬قال تعاىل ‪ ( :‬لقد كان يف‬
‫وتفصيل كل‬
‫َ‚‬ ‫تصديق الذي بني يديه‬
‫َ‬ ‫قصصهم عربةٌ ألويل األلباب‪ ,‬ما كان حديثا يفرتى ‪ ,‬ولكن‬
‫‪1‬‬
‫وهدى ورمحة لقوم يؤمنون)‚ [يوسف‪]3:‬‬‫شيء ‪ً ,‬‬

‫اإلعجاز القصصي ‪ :‬إن القصة متثل جزءًا ً‬


‫كبريا من القرآن الكرمي ‪ ,‬وبالتايل فهي كسائر القرآن يف‬
‫معجز ؛ فوجوه اإلعجاز اليت جتدها يف سائر القرآن‬ ‫مِس‬
‫كل خصائصه و َاته العامة ‪ ,‬ومن ذلك كونه ً‬
‫الكرمي جتدها يف القصص‚ ‪ ,‬لكن القصص يزيد على ذلك بوجوه أخرى من اإلعجاز متيزه عن غريه‪..‬‬
‫فمن تلك الوجوه‪ :‬التكرار اهلادف ؛ حيث جتد يف كل موطن من العرب واللطائف واإلشارات ما ال‬
‫جتده يف نفس القصة يف موطن آخر‪ ,‬ومن وجه آخر؛ حيث يعجز إنسان مهما أويت من البيان عن‬
‫الر َّكة أو‬
‫التنويع يف قصة واحدة بضروب من الفصاحة‪ ,‬دون أن تظهر عليه عالمات الضعف أو ِّ‬
‫التفكك أو التكلف‪ .‬ومنها‪ :‬إخباره عن قصص ماضية دارسة صدَّقها أهل الكتاب‪ .‬ومنها‪ :‬إخباره عن‬
‫قصص مستقبلة غيبية‪ ‚..‬منها ما صدقتها األيام‪ ,‬ومنها ما سيقع‪ ..‬وغري ذلك مما هو مبسوط يف مظانِّه‬
‫‪.2‬من كتب اإلعجاز‪ ...‬واهلل تعاىل أعلم‬

‫مميزات قصص القرآن الكريم‬

‫المميزات الدينية لقصص القرآن‬


‫صص القرآينّ‪ ،‬وبياهنا يف النقاط التالية‬
‫‪:‬تتع ّدد املُميّزات الدينيّة‚ لل َق َ‬

‫‪1‬‬
‫االستاذة امل عبد الجبار كريم الشرع‪ ،‬محاضرة لقسم علوم القرآن بجامعة بابل ‪،‬كلية العلوم االسالمية‬
‫‪ 2‬االستاذة امل عبد الجبار كريم الشرع‪ ،‬محاضرة لقسم علوم القرآن بجامعة بابل ‪،‬كلية العلوم االسالمية‬
‫ٍ‬
‫بصرية؛ إذ إ ّن القرآن اتَّبع يف ذلك أقوى ‪-..‬‬ ‫تعميق العقيدة يف النُّفوس املؤمنة؛‚ لتكون العقول على‬
‫ُ‬
‫األساليب إقناعاً؛ فالعقيدة هي الفقه األكرب الذي َد ّل على ركائز الشريعة الثابتة‪ ‚،‬كتوحيد األُلوهيّة‪،‬‬
‫همةً‬
‫واإلميان باليوم اآلخر‪ ،‬والرسالة السماويّة اخلالدة‪ ،‬فقد محلت ُك ّل تلك الركائز يف طيّاهتا قضايا ُم ّ‬
‫األول على اإلميان باهلل وتوحيده‪ ،‬واإلقرار ِحبكمته‪،‬‬
‫جاءت على هيئة ال َقصص اليت ر ّكزت يف املَقام ّ‬
‫‪.‬وعدله‪ ،‬وقُدرته‪ ،‬واإلخالص يف حبه‬ ‫َ‬
‫والسمو مبكانته‪ ،‬وتفضيله على املخلوقات‪ ،‬مع اإلشارة إىل أ ّن االرتقاء‪- ..‬‬‫النهوض باإلنسان‪ُّ ،‬‬
‫واحد؛ بل هو ُمتع ّدد اجلوانب؛ من خالل‬ ‫جانب ٍ‬ ‫السمو من ٍ‬ ‫فحسب على ُّ‬ ‫بالكيان اإلنساينّ ال يُر ّكز‬
‫ُ‬
‫قي‪،‬‬
‫الروحي‪ ،‬واخلُلُ ّ‬
‫ّ‬ ‫الرقي‬
‫بالروح‪ ،‬وباخلُلُق الرفيع‪ ،‬وبالنَّفس‚ البشريّة إىل أن تصل إىل ذروة ّ‬
‫االرتقاء ُّ‬
‫رج ّوة‪ ،‬والضالّة اليت‬
‫اجلماعي يف أعلى مستوياته‪ ،‬وتلك هي الغاية املَ ُ‬
‫ّ‬ ‫عزز االرتقاء‬‫والنفسي؛ فالقرآن يُ ّ‬
‫ّ‬
‫السوي‬
‫ّ‬ ‫‪...‬يبحث عنها اإلنسان‬

‫تنزل؛ سواءً على األُمم‪ ،‬أو اجلماعات‪ ،‬أو‪- ..‬‬‫أثر ال َقصص القرآينّ يف بيان أسباب اهلالك اليت تَ ّ‬
‫هائل؛ من خالل احلديث عن البَذخ‪ ،‬والرَّت ف‪ ،‬وال ُفجور‪،‬‬‫بشكل ٍ‬‫فصالً ٍ‬‫األفراد‪ ،‬وقد جاء ذلك ُم َّ‬
‫والذل‪ ،‬واخلذالن‪ ،‬والكثري من‬ ‫والسخريّة‪ُّ ،‬‬
‫واألخالقي‪ ،‬واالستكبار‪ُّ ،‬‬ ‫الفكري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والظلم‪ ،‬واإلبعاد‬
‫ّ‬
‫‪...1‬األسباب‬

‫متيُّزه عند املربّني؛ إذ يستطيعون صياغتَها مبا يتناسب ويتالءم مع شىّت املستويات الفكريّة‪- ،‬‬
‫ُ‬ ‫والتعليمية‪ُ ،‬مِم‬
‫هامهم‪ ،‬وهي متدُّهم بأداوت الرتبية الرئيسة؛ من التهذيب الذي‬
‫َ ّ‬ ‫م‬ ‫يف‬ ‫جناحهم‬ ‫من‬ ‫يزيد‬ ‫ا‬‫ّ ّ‬
‫املاضني‪ ،‬وسنّة اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬يف حياة األُمم‪ ،‬وما يطرأ من ٍ‬
‫أحوال يف‬ ‫الس به‪ ،‬ومن أخبار ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫متتلئ ِّ رَي‬
‫‪.2‬املجتمعات‬
‫ُ‬
‫االهتمام بالتديُّن‪ ،‬والرتكيز عليه؛ إذ إنّه ال ينفصل عن حياة اإلنسان العمليّة‪ ،‬وال يتزحزح ‪-‬‬
‫يتجزأ منه‬
‫‪.‬عن واقع مصري اإلنسان؛ وإمّن ا يرتبط به ارتباطاً أصيالً وثيقاً‪ ،‬وهو جزءٌ ال ّ‬

‫‪ 1‬أ ب فضل حسن عبّاس (‪1407‬هـ)‪ ،‬القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته (الطبعة األولى)‪ ،‬عمّان‪ :‬دار الفرقان‪ ،‬صفحة ‪ .11-10‬بتصرّ ف‬
‫‪2‬مناع القطان مباحث في علوم القرآن ص ‪.305‬‬
‫التفصيل يف األسباب املادية كما جاء التفصيل يف أسباب الرقي الروحي؛ ومها ِ‬
‫العاماَل ن ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪.1‬الرئيسيَّان الكتمال حياة اإلنسان‚ املؤمن‪ ،‬وإرشاده‪ ،‬وتوجيهه‬
‫ٍ‬
‫عديدة‪ ،‬ك َقصص ‪-‬‬ ‫تنوع ال َقصص القرآينّ‪ ،‬وكثرة ورودها يف القرآن الكرمي يف مواضع‬‫ُّ‬
‫النيب ‪-‬صلّى‬ ‫ِّ‬
‫تضم قَصصاً ُمتعلقة باألحداث اليت حدثت يف زمن ّ‬ ‫األنبياء واأل َُمم الغابرة؛ فهي ّ‬
‫اهلل عليه وسلّم‪ ،-‬وقَصصاً ُمتعلّقة بالغيبيّات‪ ،‬باإلضافة إىل وجود قَصص قصرية‪ ،‬ك َقصص‬
‫كقصة موسى‪ ،‬وعيسى‬ ‫السالم‪ ،-‬وقَصص طويلة‪ّ ،‬‬ ‫وشعيب‚ ‪-‬عليهم َّ‬‫األنبياء؛ هود‪ ،‬وصاحل‪ُ ،‬‬
‫توسطة الطُّول‪ّ ،‬‬
‫كقصة آدم‪ ،‬ونوح ‪-‬عليهما السالم‪،‚-‬‬ ‫‪-‬عليهما السالم‪ ،-‬وقَصص ُم ّ‬
‫‪2‬‬
‫وقصة‬
‫كقصة ابيَن ْ آدم‪ّ ،‬‬
‫وغريهم ‪ ،‬ومنها ما كان قَصصاً لغري األنبياء ‪-‬عليهم السالم‪ّ ،-‬‬
‫انسلخ من آيات اهلل‪ ،‬وغريها‪ ،‬وهناك نوعٌ آخر من ال َقصص‚‬
‫َ‬ ‫وقصة الذي‬
‫هاروت وماروت‪ّ ،‬‬
‫كقصة لقمان احلكيم مع‬
‫رجال صاحلون‪ّ ،‬‬‫اليت ال ميكن القول إ ّن أبطاهلا من األنبياء‪ ،‬بل هم ٌ‬
‫كقصة ّأم‬ ‫ٍ‬
‫ابنه‪ ،‬باإلضافة إىل نوع آخر يتمثّل بال َقصص اليت تكون ذات عالقة ب َقصص األنبياء‪ّ ،‬‬
‫‪3‬‬
‫وقصة ملكة سبأ مع سليمان ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬وغريها من ال َقصص‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬موسى‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫المميّزات التربوية للقصص القرآني‬
‫ُ‬
‫للقصة يف الرتبية‚ اإلسالمية‚ وظيفة‚ تربوية ال حيققها لون آخر من ألوان األداء اللغوي‪.‬‬

‫‪ 1‬أ ب فضل حسن عبّاس (‪1407‬هـ)‪ ،‬القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته (الطبعة األولى)‪ ،‬عمّان‪ :‬دار الفرقان‪ ،‬صفحة ‪ .11-10‬بتص ّرف‪.‬‬
‫‪ 2‬رنا أحمد عبدالحليم‪ ،‬جماليات المفارقة في القصص القرآني‪ ،‬عمّان‪ :‬وزارة الثقافة‪ ،‬صفحة ‪ .68-67‬بتص ّرف‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫صالح الخالدي (‪ 1419‬هـ)‪ ،‬القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث (الطبعة األولى)‪ ،‬دمشق‪ :‬دار القلم‪ ،‬صفحة ‪ ،29-28‬جزء ‪ .1‬بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫اسالم محمود دربالة في كتابه القصص في القرآن الكريم‬
‫آثارا نفسية وتربوية بليغة‪ ،‬حمكمة‪ ،‬بعيدة املدى‬ ‫ذلك أن القصة القرآنية متتاز مبيزات جعلت هلا ً‬
‫على مر الزمن‪ ،‬مع ما تثريه من حرارة العاطفة‚ ومن حيوية وحركية يف النفس‪ ،‬تدفع اإلنسان‚‬
‫‪.‬إىل تغيري سلوكه وجتديد عزميته حبسب مقتضى القصة وتوجييها وخامتتها‪ ،‬والعِ َرب ِة منها‬
‫‪ :‬عددها اسالم حممود دربالة يف كتابه القصص يف القرآن الكرمي اىل اربع مميزات وهي‬
‫تراخ‪ ،‬فتجعله دائم التأمل يف معانيها والتتبع‬ ‫‪ )1‬تشد القصة القارئ‪ ،‬وتوقظ انتباهه‪ ،‬دون توان‚ أو ٍ‬
‫ملواقفها‪ ،‬والتأثر بشخصياهتا وموضوعها حىت آخر كلمة فيها‪.‬‬
‫ذلك أن القصة تبدأ غالبًا‪ ،‬ويف شكلها األكمل‪ ،‬بالتنويه‚ مبطلب أو وعد أو اإلنذار خبطر‪ ،‬أو حنو‬
‫ذلك مما يسمى عقدة القصة‪ ،‬وقد ترتاكم‪ ،‬قبل الوصول إىل حل هذه العقدة‪ ،‬مطالب أو مصاعب‚‬
‫وانتباها‪ ،‬وتله ًفا على احلل أو‬
‫ً‬ ‫أخرى‪ ،‬تزيد القصة حب ًكا‪ ،‬كما تزيد القارئ أو السامع شوقًا‬
‫النتيجة‪.‬‬
‫ففي مطلع قصة يوسف مثالً‪ ،‬تعرض على القارئ ( رؤيا يوسف عليه السالم ) يصحبها وعد اهلل ‪،‬‬
‫على لسان أبيه ‪ ،‬مبستقبل زاهر ‪ ،‬ونَِعم من اهلل يسبغها على األسرة الفقرية‚ املتعثرة ‪ ،‬الداعية‚ إىل‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫وتتتابع املصائب‚ واملشكالت على بطل القصة ( يوسف عليه السالم ) ويتابع القارئ اهتمامه ينتظ‚‚ر‬
‫حتقيق وعد اهلل ‪ ،‬ويرتقب انتهاء هذه املصائب واملشكالت‚ بتلهف ‪.‬‬

‫تتعامل القصة القرآنية والنبوية‚ مع النفس البشرية يف واقعيتها الكاملة ‪ ،‬متمثلة يف أهم النماذج‬ ‫‪)2‬‬
‫اليت يريد القرآن إبرازها للكائن البشري ‪ ،‬ويوجه االهتمام إىل كل منوذج حبسب أمهيته ‪،‬‬
‫عرضا صادقًا يليق باملقام وحيقق اهلدف الرتبوي من عرضه ‪ ،‬ففي قصة يوسف يعرض‬ ‫فيُعرض ً‬
‫منوذج اإلنسان‚ الصابر على املصائب يف سبيل الدعوة إىل اهلل ( يف شخص يوسف ) ‪ ،‬ومنوذج‬
‫املرأة املرتفة تعرض هلا حبائل اهلوى فمأل قلبها احلب والشهوة ‪ ،‬ويدفعها إىل حماولة ارتكاب‬
‫اجلرمية ‪ ،‬مث إىل َسجن إنسان بريء خملص ‪ ،‬ال ذنب له إال الرتفع عن الدنايا واإلخالص‚‬
‫لسيده ‪ ،‬ومراعاة أوامر ربه‪ .‬ومنوذج إخوة يوسف ‪ :‬تدفعهم هواتف‚ الغرية‚ واحلسد واحلقد‬
‫واملؤامرة‚ واملناورة ومواجهة آثار اجلرمية والضعف واحلرية أمام هذه املواجهة ‪.‬‬
‫ومنوذج يعقوب ‪ :‬الوالد احملب امللهوف والنيب املطمئن املوصول ‪ .‬يعرض القرآن كل هذه‬
‫عرضا واقعيًا‚ نظي ًفا من غري إفحاش وال إغراء بفاحشة أو جرمية ‪ ،‬كما يفعل مؤلفو‬ ‫النماذج البشرية ً‬
‫رواد جاهلية القرن العشرين ‪ ،‬ذلك أن من أهم‬ ‫القصص اليت يسموهنا واقعية أو طبيعية‚ ‪ ،‬من ِ‬
‫عالجا واقعيًا ‪.‬‬
‫غايات القصة القرآنية ‪ :‬الرتبية‚ اخللقية عن طريق عالج النفس البشرية ً‬
‫فالقصة القرآنية ليست غريبة عن الطبيعة البشرية ‪ ،‬وال حملقة يف جو مالئكي‚ حمض ‪ ،‬ألهنا‬
‫عالج ا لواقع البشر ‪ ،‬وعالج الواقع البشري ال يتم إال بذكر جانب الضعف واخلطأ‬ ‫إمنا جاءت ً‬
‫على طبيعته‚ ‪ ،‬مث بوصف اجلانب اآلخر الواقعي‚ املتسامي الذي ميثل الرسل املؤمنون‚ ‪ ،‬والذي تؤول‬
‫إليه القصة‚ بعد الصرب واملكابدة واجلهاد واملرابطة ‪ ،‬أو الذي ينتهي عنده املطاف لعالج ذلك‬
‫عالجا ينهض باهلمم ‪،‬‬ ‫الضعف والنقص ‪ ،‬والرتدي البشري يف مهاوي الشرك أو محأة الرذيلة ‪ً ،‬‬
‫ويدفع بالنفس للسمو ‪ ،‬ما استطاعت ‪ ،‬إىل أعلى القمم ‪ ،‬حيث تنتهي القصة بانتصار الدعوة‬
‫اإلهلية ‪ ،‬ووصف النهاية اخلاسرة للمشركني الذي استسلموا إىل الضعف والنقص‚ ‪ ،‬ومل يستجيبوا‚‬
‫لنداء رهبم فيزكوا أنفسهم‪.‬‬
‫‪ )3‬تريب القصة القرآنية العواطف‚ الربانية وذلك ‪:‬‬
‫أ) عن طري‚ ‚ ‚‚ق إث‚ ‚ ‚‚ارة االنفع‚ ‚ ‚‚االت‚ ك‚ ‚ ‚‚اخلوف وال‚ ‚ ‚‚رتقب ‪ ،‬وكالرض‚ ‚ ‚‚ا واالرتي‚ ‚ ‚‚اح واحلب ‪ ،‬وك ‚ ‚‚التقزز‬
‫والكره ‪ ،‬كل ذلك يثار يف طيات القصة مبا فيه من وصف رائع ووق‚ائع مص‚طفاة ‪ ،‬فقص‚ة يوس‚ف مثالً‬
‫ت‚‚ريب الص‚‚رب والثق‚‚ة باهلل ‪ ،‬واألم‚‚ل يف نص‚‚ره ‪ ،‬بع‚‚د إث‚‚ارة انفع‚‚ال اخلوف على يوس‚‚ف ‪ ،‬مث االرتي‚‚اح إىل‬
‫استالمه منصب‚ الوزارة ‪.‬‬

‫ب) وعن طري‚‚ق توجي‚‚ه مجي‚‚ع ه‚‚ذه االنفع‚‚االت‚ ح‚‚ىت تلتقي عن‚‚د نتيج‚‚ة واح‚‚دة هي النتيج‚‚ة ال‚‚يت تنتهي‚‬
‫إليه‚‚ا القص ‚ة‚ ‪ ،‬فتواج‚‚ه مثالً محاس‚‚ة ق‚‚ارئ القص ‚ة‚ حنو يوس‚‚ف وأبي‚‚ه ‪ ،‬ح‚‚ىت يلتقي‚‚ا يف ش‚‚كر اهلل يف آخ‚‚ر‬
‫القصة ‪ ،‬ويوجه بُ ْغض الشر الذي صدر عن إخ‚‚وة يوس‚‚ف ح‚ىت يع‚‚رتفوا خبطئهم ويس‚‚تغفر هلم أب‚‚وهم يف‬
‫آخر القصة ‪ ،‬وهكذا …‬
‫ج) وعن طريق املشاركة الوجدانية حيث يندمج القارئ مع جو القصة العاطفي حىت يعيش‬
‫بانفعاالته مع شخصياهتا ‪ ،‬ففي قصة يوسف يعرتي القارئ خوف أو قلق عندما يراد قتل يوسف ‪،‬‬
‫وإلقاؤه يف اجلب ‪ ،‬مث تنسرح العواطف‚ قليالً مع انفراج الكربة عنه ‪ ،‬مث يعود القارئ إىل الرتقب‬
‫عندما يدخل يوسف دار ( العزيز ) وهكذا يعيش القارئ مع يوسف يف سجنه وهو يدعوا إىل‬
‫اهلل ‪ ،‬حىت يفرح بإنقاذه ‪ ،‬مث بتوليه وزارة مصر ‪ ،‬وبنجاة أبيه من احلزن ‪ ،‬وهو يف كل ذلك رسول‬
‫اهلل والداعية إىل دينه‪.‬‬
‫‪ )4‬متتاز القصة القرآنية باإلقناع الفكري مبوضوع القصة ‪.‬‬
‫أ) عن طريق اإلحياء ‪ ،‬واالستهواء والتقمص ‪ ،‬فلوال صدق إميان يوسف ملا صرب يف اجلب على‬
‫الوحشة ‪ ،‬وملا ثبت‚ يف دار امرأة العزيز على حماربة الفاحشة والبعد عن الزلل ‪ ،‬هذه املواقف‬
‫الرائعة توحي لإلنسان بأمهية‚ مبادئ بطل القصة وصحتها ‪ ،‬وتستهويه‚ صفات هذا البطل وانتصاره‚‬
‫بعد صرب ومصابره طويلة ‪ ،‬فيتقمص هذه الصفات حىت إنه لقلدها ولو مل يقصد إىل ذلك ‪ ،‬وحىت‬
‫ريد ُد بعض هذه املواقف ويتصورها ويسرتجعها من شدة تأثره هبا ‪.‬‬ ‫إنه لَ ّ‬
‫عن طريق التفكري والتأمل ‪ :‬فالقصص القرآين ال خيلو من حماورات فكرية ينتصر فيه احلق ‪،‬‬ ‫ب)‬
‫ويصبح مرموقًا حمفوفًا باحلوادث والنتائج اليت تثبت‚ صحته ‪ ،‬وعظمته يف النفس وأثره يف اجملتمع ‪،‬‬
‫حوارا يدور بينه وبني فتيني عاشا معه يف السجن فدعامها إىل‬ ‫وتأييد اهلل له ‪ .‬ففي قصة يوسف جند ً‬
‫توحيد اهلل ‪ .‬وقصة نوح كلها حوار بني احلق والباطل ‪ ،‬وكذلك قصة شعيب ‪ ،‬وصاحل وسائر‬
‫الرسل ‪ :‬حوار منطقي مدعوم باحلجة والربهان يتخلل القصة ‪ ،‬مث تدور الدوائر على أهل الباطل‬
‫منتصرا‚ يف نتيجة القصة‚ ‪ ،‬أو يهلك الباطل وأهله ‪ ،‬فيتظاهر اإلقناع العقلي املنطقي‚‬
‫ً‬ ‫ويظهر اهلل احلق‬
‫واإلثارة الوجدانية ‪ ،‬واإلحياء وحب البطولة ( االستهواء ) والدافع الفطري إىل حب القوة وتقليد‬
‫األقوياء ‪ ،‬تتظاهر كل هذه العوامل وتتضافر ‪ ،‬يؤيدها التكرار مرة بعد مرة ‪ ،‬فما أكثر تكرار‬
‫بعض قصص القرآن حىت تؤدي مبجموعها إىل تربية التصور الرباين للحياة وللعقيدة واليوم‚ اآلخر‬
‫وإىل معرفة كل جوانب الشريعة اإلهلية معرفة إمجالية وإىل تربية العواطف‚ الربانية من حب يف‬
‫اهلل ‪ ،‬وكراهية‚ للكفر ومحاسة لدين اهلل وحلماته ‪ ،‬ولرسل اهلل ‪ ،‬ووالء اهلل وانضواء حتت لوائه ‪،‬‬
‫وإىل السلوك املستقيم‚ وفق شريعة اهلل ‪ ،‬والتعامل‚ حسب أوامره ‪ ،‬وهبذا حتيط القصة‚ القرآنية نفس‬
‫الناشئ بالرتبية الربانية من مجيع جوانبها العقلية والوجدانية والسلوكية‬
‫أهداف قَصص القرآن الكريم!‬

‫كقصة‬
‫الوحي والرسالة؛ ويكون‚ ذلك من حيث إخبار القرآن الكرمي ب َقصص األنبياء‪ّ ،‬‬ ‫‪ -‬ثبات َ‬
‫دق يف الوقائع واألخبار‪ ،‬واليت‬ ‫وص ٍ‬
‫وإطناب‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫آدم‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬ونوح ‪-‬عليهم السالم‪ ،-‬وغريهم‪ ،‬بدقٍّة‪،‬‬
‫بقو ٍة سيطر َة القرآن امل َّنزل على ُك ّل ما َسبَقه‪ ،‬ومن حيث جالء احلقيقة اإلهليّة‪ ،‬والدعوة الربّانية‬
‫تفرض ّ‬
‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫ُ‬
‫رسلني ‪-‬عليهم السالم‪.-‬‬ ‫شوه األنبياء واملُ َ‬
‫الصور اليت تُ ّ‬
‫اليت دعا إليها اهلل ‪-‬تعاىل‪ ،-‬وانتفاء‚ ُك ّل ُّ‬

‫فسدين؛ بإيراد أدلٍّة على‬ ‫‪ -‬الدعوة إىل مكارم األخالق‪ ،‬واإلميان‪ ،‬وبيان عاقبة املتَّقني‪ ،‬وهالك امل ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫توحيد اهلل ‪-‬تعاىل‪ ،-‬وذلك من خالل األحداث‪ ،‬واألمثلة على ذلك كثرية‪ ،‬ومنها ما يُنبّه وحُي ّذر من‬
‫‪-‬عز‬
‫اتِّباع الشَّيطان وغوايته‚ لبَين آدم‪ ،‬وأ ّن العداوة بينهما قدميةٌ منذ َخلَ َق اهلل اخلَْل َق؛ فقد قال اهلل ّ‬
‫باس ُهما لِرُيِ َي ُهما‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخر َج أ ََب َوي ُكم م َن اجلَنَّة يَنزِعُ َع ُنهما ل َ‬
‫ِ‬
‫آد َم ال يَفتَننَّ ُك ُم الشَّيطا ُن َكما أ َ‬
‫وجل‪( :‬يا بَين َ‬
‫ّ‬
‫يث ال َترو َنهم إِنّا جعلنَا الشَّياطني أَولِياء لِلَّذين ال ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِتِ‬
‫َسوآ ما إِنَّهُ يَرا ُكم ُه َو َوقَبيلُهُ من َح ُ َ ُ‬
‫‪2‬‬
‫ؤمنو َن) ‪.‬‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫رحه‪ ،‬وتُداويه‪ ،‬ممّا يُعانيه يف‬ ‫ضم ُد ُج َ‬


‫النيب ‪-‬صلّى اهلل عليه وسلّم‪ -‬تُثبّت قلبه‪ ،‬وتُسلّيه‪ ،‬وتُ ِّ‬ ‫‪ُ -‬مواساة ّ‬
‫للنيب ‪-‬صلّى اهلل عليه وسلّم‪ -‬كثريةٌ‪،‬‬ ‫سبيل دعوته‪ ،‬وما يُعانيه من تكذيب قومه له‪ ،‬وآيات التسلية ّ‬
‫ؤاد َك َوجاءَ َك يف ه ِـذ ِه احلَ ُّق‬ ‫الرس ِل ما نُثَبِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص علَ َ ِ‬
‫ت بِه فُ َ‬‫ُ‬ ‫يك من أَنباء ُّ ُ‬ ‫(و ُكاًّل َن ُق ُّ َ‬
‫منها َق ْوله ‪-‬تعاىل‪َ :-‬‬
‫‪3‬‬
‫نني) ‪.‬‬ ‫وعظَةٌ و ِذكرى لِ ِ‬‫وم ِ‬
‫لمؤم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫‪ -‬تقرير اإلميان اجلازم باهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬يف النُّفوس‪ ‚،‬واإلميان برساالت أنبيائه‚ ‪-‬عليهم السالم‪،-‬‬
‫وحتقيق اإلخالص يف القلوب؛ فال َقصص ِعربةٌ للمؤمنني‪ ،‬وفيها ثباهُت م وصالحهم؛ فهم قدوةٌ للعالَ ِمني‬
‫‪4‬‬
‫يف َشىّت أحواهلم‪.‬‬

‫‪ 1‬أسامة محمد عبد العظيم حمزة (‪1418‬هـ)‪ ،‬القصص القرآني وأثره في استباط األحكام (الطبعة األولى)‪ ،‬عمّان‪ :‬دار الفتح‪ ،‬صفحة ‪.19-18‬‬
‫بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‬
‫‪ 4‬أحمد فريد (‪1429‬هـ)‪ ،‬تيسير المنان في قصص القرآن (الطبعة األولى)‪ ،‬الدمّام‪ :‬دار ابن الجوزي‪ ،‬صفحة ‪ .24-21‬بتصرّ ف‬
‫الوعظ والتذكري يف ال َقصص القرآينّ‪ ،‬باإلضافة إىل الرتهيب والرتغيب‪ ،‬والفوائد الفقهيّة‪،‬‬ ‫‪َ -‬‬
‫‪1‬‬
‫حال من األحوال‪.‬‬ ‫بأي ٍ‬‫واألحكام الشرعيّة‪ ،‬واألسرار اليت ال يستغين طالب العلم عنها ٍّ‬
‫تدل على‬‫تفكر الناس يف ال َقصص القرآينّ‪ ،‬واعتبا ِرهم بأحوال َمن َمضى قبلَهم‪ ،‬واآليات اليت ّ‬ ‫‪ُّ -‬‬
‫َلباب ما كا َن حديثًا يف ى ول ِ‬
‫ـكن‬ ‫ص ِهم ِعربةٌ أِل ُويِل األ ِ‬
‫ذلك كثريةٌ‪ ،‬ك َقوله ‪-‬تعاىل‪( :-‬لََقد كا َن يف قَص ِ‬
‫َ ُ رَت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫يء وه ًدى ورمحةً لَِقوم ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ؤمنو َن) [يوسف‪ ]11:‬وجتدر اإلشارة‬ ‫ُ‬ ‫فصيل ُك ِّل َش َ ُ َ َ َ‬ ‫صديق الَّذي بَ َ‬
‫ني يَ َديه َوتَ َ‬ ‫تَ َ‬
‫إىل أ ّن ال َقصص‚ القرآينّ جاء ليُح ّقق غايةً عُظمى‪ ،‬وهدفاً أمثل يتمثّل ببيان‚ دعوة األنبياء واملصلِحني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تكمن الرتبية‚ الدعويّة اإلهليّة لألنبياء‬ ‫وأساليبهم لع ّدة ٍ‬
‫إصالح‪ ،‬وجهاد‪ ،‬وجُم اهبة‪ ،‬ويف ذلك ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أقوام؛ من‬
‫واملرسلني ‪-‬عليهم السالم‪.2-‬‬

‫بعض فوائد قصص القرآن الكريم!‬

‫وللقصص القرآين فوائد جنمل أمهها فيما يأيت‪:‬‬

‫أحمد فريد (‪1429‬هـ)‪ ،‬تيسيرـ المنان في قصص القرآن (الطبعة األولى)‪ ،‬الدمّام‪ :‬دار ابن الجوزي‪ ،‬صفحة ‪ .24-21‬بتصرّ ف‬
‫‪1‬‬

‫‪ 2‬صالح الخالدي (‪ 1419‬هـ)‪ ،‬القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث (الطبعة األولى)‪ ،‬دمشق‪ :‬دار القلم‪ ،‬صفحة ‪ ،36-32‬جزء ‪ .1‬بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪-‬إيض‚‚اح أس‚‚س ال‚‚دعوة‚ إىل اهلل ‪ ،‬وبي‚‚ان أص‚‚ول الش‚‚رائع ال‚‚يت يبعث‚ هبا ك‚‚ل ن‚‚يب ‪  :‬وم‚‚ا أرس‚‚لنا من‬
‫قبلك من رسول إال نوحي إليه أنه ال إله إال أنا فاعبدون ‪[ ‬األنبياء ‪.]25 :‬‬

‫‪ -‬تثبيت قلب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقلوب األمة احملمدية على دين اهلل وتقوية ثقة‬
‫املؤمنني بنصرة احلق وجندة ‪ ،‬وخذالن البطل وأهله‪ ( :‬وكال نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به‬
‫فؤادك ‪ ،‬وجاءك يف هذه احلق وموعظة وذكرى للمؤمنني ) [هود‪. ]12 :‬‬
‫‪ -‬تصديق األنبياء السابقني وإحياء ذكراهم وختليد آثارهم ‪.‬‬
‫‪-‬إظهار صدق حممد صلى اهلل عليه وسلم يف دعوته مبا أخرب به عن أحوال املاضني عرب القرون‬
‫واألجيال ‪.‬‬
‫‪ -‬مقارعته أهل الكتاب باحلجة فيما كتموه من البينات واهلدى ‪ ،‬وحتديه هلم مبا كان يف كتبهم‬
‫قبل التحريف والتبديل ‪ ،‬كقوله تعاىل ‪  :‬كل الطعام كان حال لبين إسرائيل إال ما حرم إسرائيل على‬
‫نفسة من قبل أن تنزل التوراة ‪ ،‬قل فأتوا بالتوراة‚ فاتلوها إن كنتم صادقني ‪[ ‬آل عمران‪.]93 :‬‬
‫‪ -‬والقصص ضرب من ضروب األدب ‪ ،‬يصغى إليها السامع ‪ ،‬وترسخ عربه يف النفس ‪  :‬لقد‬
‫كان يف قصصهم عربة ألوىل األلباب ‪[ ‬يوسف‪.)1( ]111 :‬‬

‫‪ -11‬ترغيب املؤمنني يف اإلميان بالثبات عليه واالزدياد منه إذ علموا جناة املؤمنني السابقني وانتصار‬
‫من أمروا باجلهاد لقوله تعاىل‪(:‬فاستجبنا له وجنيناه من الغم وكذلك ننجي املؤمنني)‪.‬‬
‫‪ -12‬حتذير الكافرين من االستمرار يف كفرهم لقوله تعاىل ‪( :‬أو مل يسريوا يف األرض فينظروا كيف‬
‫كان عاقبة الذين من قبلهم دمر اهلل عليهم وللكافرين أمثاهلا) ‪.‬‬
‫‪ -‬إثبات رسالة النيب صلى اهلل عليه وسلم فإن أخبار األمم السابقة ال يعلمها إال اهلل عز وج‚‚ل لقول‚‚ه‬
‫تع‚‚اىل ‪( :‬تل‚‚ك من أنب‚‚اء الغيب نوحيه‚‚ا إلي‚‚ك م‚‚ا كنت تعلمه‚‚ا أنت وال قوم‚‚ك من قب‚‚ل ه‚‚ذا ) وقول‚‚ه‬
‫‪2‬‬
‫( أمل يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد ومثود والذين من بعدهم ال يعلمهم إال اهلل ) ‪.‬‬

‫‪ )( 1‬انظر مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان (‪)318-317‬‬


‫‪2‬‬
‫انظر أصول في التفسير للشيخ محمد بن صالح العثيمين (‪.)54-53‬‬

You might also like