Professional Documents
Culture Documents
1
فقد اتفق األصوليون على أنّه يجب البحث عن المر ّجح ألحد الدليلين المتعارضين ظاهرا،
و أنّه ال يصح العمل بأحدهما جزافا بدون مر ّجح ،فلو كان التعارض الحقيقي جائزا لما كان
للبحث عن الترجيح بين األدلة أية فائدة ليدفع بها التعارض.
الدليل السابع:وقوع التعارض الحقيقي بين األدلة الشرعية ال يخلو من احتماالت أربعة
كلها باطلة ،و هي:
1ـ أن يعمل المجتهد بالدليلين معا ،و هو جمع بين المتنافيين.
2ـ أن ال يعمل بهما ،فيكون وضعهما عبثا.
3ـ أن يعمل بأحدهما معيّنا ،و هو ترجيح من غير مر ّجح ،و قول بالهوى و التش ّهي و هو
باطل.
4ـ أن يكون المكلّف مطالبا بأحدهما دون اآلخر على سبيل التخيير ،و هو خالف
الفرض.
المذهب الثاني :و ذهب المعتزلة و بعض الشافعية و اختاره اآلمدي و نسبه إلى أكثر
الفقهاء إلى وقوع التعارض الحقيقي بين األدلة الشرعية ،و من أدلتهم:
الدليل األول :وجود المتشابهات في القرآن الكريم و السنة النبوية.
أن المتشابهات ـ لخفاء معانيها ـ تؤدي إلى اختالف األنظار و المدارك في فهمو معلوم ّ
معانيها و دالالتها ،و مع أن التوقّف فيها محمود إال ّ
أن االختالف فيها وقع حقيقة بين المسلمين،
أن االختالف الحقيقي موجودو قد وضعها الشرع قصدا ،و قد أدّت إلى االختالف فهذا يدل على ّ
بين نصوص الشريعة.
الدليل الثاني :ورود المتشابهات في األحكام الشرعية.
كما في حديث[الحالل بيّن و الحرام بيّن و بينهما أمور مشتبهة][رواه البخاري] ،و قد أدّت
أن االختالف فيالمتشابهات إلى االختالف بين المجتهدين ،و هذا ال ينكره أحد ،فد ّل ذلك على ّ
الشريعة واقع و هو يؤدي إلى التعارض بين األدلة.
الدليل الثالث :ثبوت االختالف بين الصحابة و التابعين و المجتهدين.
استدلّوا على وقوع التعارض الحقيقي بما نشأ بين الصحابة من اختالف ،و كذلك التابعين
و المجتهدين ،و هذا راجع إلى اختالف األدلة و تعارضها.
الدليل الرابع :االجتهاد المقصود للشرع يؤدي إلى االختالف و التعارض.
2
فقد أمر الشرع باالجتهاد في القضايا التي ليس فيها نص قطعي ،و معلوم ّ
أن هذا يؤدي إلى
االختالف،و حينها يظهر التعارض.
الدليل الخامس :وجود التعارض الذهني يدل على وجود التعارض الحقيقي.
فما دمنا أجزنا التعارض ذهنيا يستلزم وقوعه حقيقة بين النصوص الشرعية.
الدليل السادس :وجود التعارض في األدلة التبعية يدل على وجوده حقيقة بين النصوص
الشرعية.
فكما ّ
أن التعارض قد يحدث بين قياسين أو علتين أو مصلحتين ،فقياسا عليه يجوز أن يقع
بين النصوص الشرعية.
الدليل السابع :جواز تقليد العلماء يدل على وقوع التعارض الحقيقي بين النصوص
الشرعية.
أن المجتهد يتخيّر بين األدلة عند عدم قدرته على الترجيح حال تعارضها ،كذلكفكما ّ
المقلّد إذا تعارضت عنده أقوال المجتهدين تخيّر بينها ،و معلوم ّ
أن اختالف العلماء ال ينشأ إال
من تعارض األدلة في الواقع .
المذهب الثالث :و ذهب بعض فقهاء الشافعية و منهم البيضاوي و الشيرازي إلى جواز
التعارض في الظنيات دون القطعيات.
و قد استدلوا على جواز التعارض في األدلة الظنية بما استد ّل به أصحاب المذهب الثاني،
كما استدلوا على عدم إمكان التعارض بين األدلة القطعية بما استد ّل به أصحاب المذهب األول.
* خالصة الكالم و حوصلته في هذه المسألة:
إن النصوص الشرعية ليس فيها تعارض حقيقي ،و إنّما هو تعارض شكلي و صوري و ّ
ظاهري ،و الذي هو وهم في ذ هن المجتهد فقط ،و هذا يمكن دفعه و رفعه بأحد المسالك
المعروفة من جمع أو بيان الناسخ أو ترجيح ،و لذلك يرى بعض المحقّقين من العلماء ،مثل:
الدكتور وهبة الزحيلي و الدكتور خالد عبيدات ...أنّه يمكن وقوعه في األدلة بنوعيها القطعية و
ألن التعارض غير جار في األدلة نفسها ،و إنّما هو في نظر المجتهد فقط ،و عليهالظنيةّ ،
فأرجح األقوال و أقواها هو القول بانتفاء التعارض الحقيقي بين النصوص الشرعية ،و إثبات
التعارض الظاهري فقط ،و يمكن توجيه قول المثبتين للتعارض في النصوص الشرعية من
خالل وجهين اثنين:
الوجه األول:األدلة التي ساقها المثبتون للتعارض الحقيقي بين النصوص الشرعية ما هي
إال مجرد افتراضات عقلية محضة.
3
الوجه الثاني :لو قصد المثبتون التعارض من أدلتهم وقوع التعارض الظاهري فقط لكانت
في محله ،و لسلمت من االعتراضات ،و لقبلت دعواهم ،كما يقول الدكتور خالد عبيدات.
و قد جمع الدكتور محمد الحفناوي بين المذاهب الثالثة جمعا الئقا ،فقال[:يحمل كالم
القائلين بجواز أو وقوع التعارض بين األدلة الشرعية مطلقا أو في األدلة الظنية فقط على
التعارض بمعناه العام الصادق بالتنافي بين المطلق و المقيد ،و الخاص و العام ،و نحو ذلك ،كما
يحمل كالم المانع ين لجواز التعارض مطلقا أو في األدلة القطعية فقط على التعارض الخاص
الذي بمعنى التناقض أو التضاد.
[لالستزادة الرجوع إلى :المناهج األصولية في مسالك الترجيح بين النصوص الشرعية
للدكتور خالد عبيدات،التعارض و الترجيح عند األصوليين و أثرهما في الفقه اإلسالمي
للدكتور محمد الحفناوي].
5ـ طرق دفع التعارض الظاهري بين األدلة الشرعية:
لقد اتّفق علماء الشريعة من أصوليين و فقهاء و محدّثين على دفع و رفع التعارض
الظاهري بين األدلة الشرعية و مع اتفاقهم على ّ
أن ذلك يتم بأحد الطرق الثالثة المعروفة :الجمع
و النسخ و الترجيح ،إال أنّهم اختلفت أنظارهم ،و تباينت مناهجهم في ترتيب هذه الطرق عند
العمل ،و أيّها أولى بالتقديم من األخرى فكانوا على منهجين اثنين رئيسين و هما :منهج
الجمهور ،و منهج الحنفية.
أ ـ طرق دفع التعارض عند الجمهور ،وأدلتهم في ترتيبها:
*طرق دفع التعارض عند الجمهور :ذهب جمهور األصوليين و المحدّثين[غير الحنفية]
إلى أنّه إذا تعارض دليالن بحسب الظاهر عند المجتهد ،فعليه أن يتخلّص من هذا التعارض
باتباع الطرق اآلتية و بالترتيب:
1ـ الجمع :بين الدليلين المتعارضين إذا أمكن ذلك ،كأن يحمل العام على الخاص ،أو يحمل
المطلق على المقيّد.
*و من األمثلة على ذلك :ورد عن النبي صلّى هللا عليه و سلّم قوله[:إذا ذهب أحدكم إلى
الغائط فال يستقبل القبلة و ال يستدبرها[رواه أبو داود] ،و ورد عن ابن عمر رضي هللا عنه أنّه
قال[:دخلت على حفصة فجالت مني لفتة ،فرأيت النبيﷺ بين حجرين مستقبل القبلة][أخرجه
البخاري].
فالحديثان متعارضان غير أنّه يمكن الجمع بينهما ،بأن يحمل حديث النهي على غير البناء
ألنّه ال يشق فيه تجنّب االستقبال و االستدبار ،بخالف البنيان فقد يشق ،فيحل فعله كما فعل
رسول هللا ﷺ لبيان الجواز ،و بهذا يجمع بين الحديثين.
4
2ـ النسخ:إن علم المتأ ّخر و لم تقبل األدلة المتعارضة الجمع.
﴿والهذِينَ يُت ََوفه ْونَ ِمن ُك ْم َويَذَ ُرونَ أَ ْز َوا ًجا َو ِ
صيهةً *و من األمثلة على ذلك :قال هللا تعالىَ :
اج ۚ فَإِ ْن خ ََرجْ نَ فَ َال ُجنَا َح َعلَ ْي ُك ْم فِي َما فَ َع ْلنَ فِي أَنفُ ِس ِه هن ِمن
اج ِهم همتَا ًعا ِإلَى ْال َح ْو ِل َغي َْر إِ ْخ َر ٍ
ِّأل َ ْز َو ِ
﴿والهذِينَ يُت ََوفه ْونَ ِمن ُك ْم َو َيذَ ُرونَيز َح ِكي ٌم﴾ [البقرة ،]240:و قال هللا تعالىَ : َّللاُ َع ِز ٌ
هم ْع ُروفٍ ۗ َو ه
صنَ بِأَنفُ ِس ِه هن أَ ْربَعَةَ أَ ْش ُه ٍر َو َع ْش ًرا﴾ [البقرة.]234: أَ ْز َوا ًجا يَت ََربه ْ
أن عدتهافهاتان اآليتان متعارضتان حول عدة المتوفّى عنها زوجها ،فاآلية األولى تفيد ّ
أن عدتها أربعة أشهر و عشرة أيام ،و قد ذهب الجمهور إلى القول ّ
بأن سنة ،و اآلية الثانية تفيد ّ
اآلية األولى منسوخة بالثانية ،حيث لم يمكن الجمع بينهما.
3ـ الترجيح:بين األدلة المتعارضة.
أن رسول هللا صلّى هللا ّ
تزوج *و من األمثلة على ذلك:عن ابن عباس رضي هللا عنه ّ
ميمونة و هو محرم بماء يقال له سرف[فأعرس بها بذلك الماء][متفق عليه] ،و ورد عن يزيد
تزوجها بسرف و هو حالل[أخرجه مسلم]. أن النبي ﷺ ّبن األصم عن ميمونة ّ
تزوجها و هو محرم يعارض كونه ألن كونه ﷺ ّ أن بين الحديثين تعارضا ّ و الظاهر ّ
تزوجها و هو حالل ،و ال يمكن الجمع بينهما ،و لذلك ذهب جمهور العلماء إلى ترجيح الرواية ّ
الثانية ألنّها روتها صاحبة القصة على الرواية األولى ،و كذلك لموافقتها لقوله ﷺ[:ال َي ْن ِكح
المحرم و ال يُ ْن ِكح][أخرجه مسلم].
4ـ التخيير أو التوقّف.
ّ
الفصول][:إن الخبرين إذا وردا ،و ظاهرهما التعارض ،و قال أبو الوليد الباجي في[إحكام
لم يمكن الجمع بينهما بوجه ،و لم يُعلم التاريخ فيجعل أحدهما ناسخا و اآلخر منسوخا ،ر ِ ّجح
أحدهما على اآلخر بضرب من الترجيح].
*و م ّمن أيّد من المعاصرين منهج الجمهور الدكتور سيّد صالح عوض في كتابه[دراسات
في التعارض و الترجيح].
مالحظة ها ّمة :يقول األستاذ حسن بن عبد الحميد بن عبد الحكيم بخاري في كتابه[منهج
اإلمام الطحاوي في دفع التعارض بين النصوص الشرعية من خالل كتابه ـ مشكل اآلثار ـ ] بعد
أن ساق منهج جمهور األصو ليين في ترتيب طرق دفع التعارض بين النصوص الشرعية[:و
يقررونه
قرره جمهور األصوليين هو الذي عليه عمل المحدّثين ،و الذي ّ
هذا المنهج الذي ّ
بالترتيب نفسه عند ذكرهم لمختلف الحديث ،و بيان حكمه...و بذلك يتبيّن لنا اتفاق منهج جمهور
فرقاألصوليين مع المحدّثين في ترتيب طرق دفع التعارض بين األدلة الشرعية و أخطأ من ّ
بينهما ،و جعل المنهج المذكور ههنا خاصا بالمحدّثين ،و نسب إلى جمهور األصوليين القول
5
بتقديم الجمع ثم الترجيح ثم النسخ ،كما فعل ذلك بعض الدارسين المعاصرين[و ذكر في الهامش
بعض هذه األسماء :البرزنجي في التعارض و الترجيح ،و الحفناوي في التعارض و الترجيح،
و نافذ حماد في مختلف الحديث ،ثم بيّن ّ
أن الدكتور السوسوة في منهج التوفيق و الترجيح ذكر
المنهج على الصواب و و ّحد نسبته إلى المحدّثين و جمهور األصوليين] ،و ال أدري ما مأخذ
هذا التفريق و ما مستنده؟ على أنّني لم أقف على كالم ألحد من األصوليين يقتضي الذي ذكره
هؤالء].
* وأدلتهم في ترتيبها:و من أدلتهم على ذلك:
1ـ األصل في الدليل اإلعمال ال اإلهمال ،و إهمال أحد الدليلين يؤدي إلى النقص ،و
الشريعة ّ
منزهة عن النقص ،فكان البد من الجمع بينهما لتكون متوافقة ال متخالفة ،أ ّما الترجيح
فإنّه يؤدي إلى ترك العمل بأحد الدليلين مع ّ
أن إعماله ممكن.
2ـ إنّه عند تعارض البينتين يكون الحكم العمل بهما ،و الحكم بتوزيع المتنازع فيه بين
الخصمين ،فكذلك الحال عند تعارض األدلة ليعمل بكل منهما فيما يمكن أن يعمل فيه جمعا بين
الدليلين.
ب ـ طرق دفع التعارض عند الحنفية ،وأدلتهم في ترتيبها:
*طرق دفع التعارض عند الحنفية :ذهب جمهور الحنفية ما عدا عبد العزيز البخاري إلى
ترتيب طرق دفع التعارض كاآلتي:
المقرر في
ّ 1ـ النسخ 2 /ـ الترجيح 3 /ـ الجمع 4 /ـ العمل باألدنى 5 /ـ العمل باألصل
المسألة.
*و م ّمن أيّد من المعاصرين منهج الحنفية في ترتيب طرق دفع التعارض الدكتور بدران
أبو العينين في كتابه[أدلة التشريع المتعارضة و وجوه الترجيح بينها].
* وأدلتهم في ترتيبها:
1ـ ّ
إن العمل بالراجح و ترك المرجوح عند تعارض الدليلين موافق لما اتفق عليه العقالء.
2ـ اإلجماع على تقديم الراجح على المرجوح ،كما ادّعى ابن عبد الشكور الحنفي في
سلّم الثُبُوت].
كتابه[ ُم َ
3ـ ترك المرجوح عند مقابلة الراجح ال يعد إهماال للدليل ،فالمرجوح إذا قابل الراجح
تذهب عنه صفة كونه دليال.
4ـ ّ
إن الصحابة رضي هللا عنهم ر ّجحوا بين األحاديث المشكلة ،و من أمثلة ذلك:
6
ّ
يفيد[أن النبي ﷺ كان يصبح جنبا و هو أ ـ تقديمهم خبر أم سلمة رضي هللا عنها الذي
صائم] [رواه مسلم] على حديث أبي هريرة رضي هللا عنه[:من أصبح جنبا فال صيام
له][أخرجه البخاري].
ب ـ و قدّموا حديث عائشة و أم سلمة رضي هللا عنهما الذي يفيد[:وجوب الغسل من التقاء
الختانين من غير إنزال][أخرجه البخاري] على حديث أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه[:إنّما
الماء من الماء][أخرجه مسلم] ّ
ألن زوجات النبي ﷺ أعلم بهذه األمور.
*خالصة الكالم و حوصلته في هذه المسألة:
هذا و بعد استعراض أقوال و أدلة األصوليين في ترتيب طرق دفع التعارض ،فمن الفائدة
اإلشارة إلى ّ
أن بعض المعاصرين ،و منهم الدكتور عبد المجيد السوسوة في كتابه[منهج التوفيق
و الترجيح بين مختلف الحديث] ،و الدكتور خالد عبيدات في كتابه[المناهج األصولية في مسالك
الترجيح بين النصوص الشرعية] اختارا ترتيبا آخر مغايرا و هو:
1ـ النسخ 2 /ـ الجمع 3 /ـ الترجيح ،و استبعاد المسلك الرابع و هو ما اختلف فيه بين من
قال بالتوقّف أو التخيير أو التساقط باعتباره مسلكا نظريّا و ليس عمليّا.
ثم بعد ذلك بيّنا سبب اختيار هذا الترتيب ،و هي:
*إذا ثبت نسخ الدليل بنص شرعي ،فيكون منتهي الحجية ،و لم يعد صالحا لمعارضة
الدليل الناسخّ ،
ألن في إعمال الدليلين النا سخ مع المنسوخ معا نكون قد أعطينا الحجية لحديث
انتهت حجيته بكونه منسوخا.
*تقديم الجمع على الترجيح ألنّه بالجمع يعمل بالدليلين ،و إعمال الدليلين أولى من إهمال
أحدهما ،و أ ّما الترجيح بين األدلة فال يعمل إال بالراجح.
*و أ ّما تقديم الحنفية الترجيح على الجمع فهي موضع نقد و اعتراض من وجهين:
ـ ادّعاء اإلجماع على تقديم الترجيح على الجمع غير صحيح ،إذ الحنفية أنفسهم غير
مجمعين على ذلك ّ
ألن عبد العزيز البخاري يخالفهم في ذلك و يوافق الجمهور في تقديم الجمع
على الترجيح.
ـ و كذلك جمهور األصوليين يرون تقديم الجمع على الترجيح ،و عليه فال يعدّ رأي أكثرية
الحنفية إجماعا.
*يعمل بالترجيح إن تعذّر الجمع بين األدلة ،و هذا ما فعله الصحابة رضي هللا عنهم فقد
ر ّجحوا أخبار أ ّمهات المؤمنين على غيرهن عندما تعذّر العمل باألدلة معا.
7
*إلغاء القول بالتخيير أو التوقّف أو التساقط ،إذ للترجيح وجوه كثيرة ال تبقي مجاال للجوء
إلى إسقاط الدليلين أو التوقّف عنها أو التخيير بينها ،و ّ
أن القول بتساقطها أو التخيير بينها ما هو
إال كالم نظري ليس له أي أثر عملي.
أن قول العلماء بالتوقّف إن تعذّر الترجيح
ـ و لذلك يرى إمام الحرمين الجويني في برهانهّ :
إنّما هو مجرد افتراض ال يمكن حدوثه.
ـ و يقول الشاطبي في موافقاته[ :ال يوجد دليالن تعارضا بحيث أجمع المسلمون على
التوقّف فيهما].
[لالستزادة الرجوع إلى :منهج التوفيق و الترجيح بين مختلف الحديث و أثره في الفقه
اإلسالمي للدكتور عبد المجيد السوسوة ،و المناهج األصولية في مسالك الترجيح بين
النصوص الشرعية للدكتور خالد عبيدات ،منهج اإلمام الطحاوي في دفع التعارض بين
النصوص الشرعية من خالل كتابه[شرح مشكل اآلثار]لألستاذ حسن بخاري].
8