You are on page 1of 251

‫الـجمهورية الـجزائرية الـديمقراطية الــشعبية‬

‫وزارة الـــتعليم العالي و الـــبحث الـــعلمي‬


‫جامعة عبد الحميد بن باديس ‪ -‬مستغانم‪-‬‬
‫كلية األدب العربي والفنون‬
‫قسم الدراسات اللغوية‬

‫رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه تخصص "اللسانيات التطبيقية وتعليمية اللغات"‬
‫الموسومة بـ ‪:‬‬

‫أثراملتغيرات السوسيولسانية في تعليمية اللغة العربية‬


‫‪ -‬إشراف‪:‬‬ ‫‪ -‬إعداد الطالب‪:‬‬
‫أ‪.‬د دمحم سع ــيدي‬ ‫مصطفى مصطفاوي‬

‫أعضاء جلنة ادلناقشة‪:‬‬


‫رئيسا‬ ‫جامعة مستغازل‬ ‫أستاذ التعليم العارل‬ ‫أ‪.‬د اعبيبلرل بن يشو‬
‫مشرفا كمقررا‬ ‫جامعة مستغازل‬ ‫أستاذ التعليم العارل‬ ‫أ‪.‬د دمحم سعيدم‬
‫عضوا‬ ‫اؼبركز اعبامعي النعامة‬ ‫أستاذ التعليم العارل‬ ‫أ‪.‬د أضبد جبليلي‬
‫عضوا‬ ‫اؼبركز اعبامعي مغنية‬ ‫أستاذ التعليم العارل‬ ‫أ‪.‬د إبراىيم مناد‬
‫عضوا‬ ‫جامعة تلمساف‬ ‫أستاذ التعليم العارل‬ ‫أ‪.‬د الغارل بن لباد‬
‫عضوا‬ ‫جامعة مستغازل‬ ‫أستاذ ؿباضر "أ"‬ ‫د‪ .‬منقور ميلود عبيد‬

‫السنة اجلامعية ‪ 2018 :‬م ‪ 2019 /‬م‬


‫اإلهداء‬
‫أىدي ىذا العمل إىل‪:‬‬

‫‪-‬اللذين ربياين وأدابين‪ ،‬وحتمال وعثاء احلياة من أجل رعاييت وتعليمي أان وإخويت‪،‬‬

‫والدي ووالديت أم ّد هللا يف عمرمها‪.‬‬

‫‪-‬إىل من كان ذلا فضل الصحبة يف رحاب ىذا البحث‪ ،‬شقيقة الروح ونسمتها‪ ،‬زوجيت الفاضلة‬

‫اليت كانت نعم العون والسند‪ ،‬واليت كانت وراء تذليل الصعاب‪ ،‬ورعاية األبناء‪.‬‬

‫‪-‬إىل ابنيت‪ ،‬مصدر عزمييت وإصراري ‪ :‬أمرية ورمي‪.‬‬


‫شكر وتقدير‬

‫احلمد هلل الذي وفّقين إلجناز ىذا البحث‪ ،‬والذي آمـ ــل أن يكون بداية حلياة مليئة‬
‫ابجل ّدية‪.‬‬

‫يطيب لنفسي‪ ،‬وحيلو لفؤادي أن أتقدم خبالص الشكر اجلزيل إىل من رسم يل طريق‬
‫النجاح ورعى ىذه الثمرة منذ كانت فكرة يف األذىان إىل غاية إخراجها يف ىذه‬
‫الصورة‪ ،‬األستاذ ادلشرف‪" ،‬أ‪.‬د دمحم سعيدي" الذي أدين لو بفضل التتلمذ يف ادلرحلة‬
‫الثانوية‪ ،‬وفضل اإلشراف على رسالة ادلاجستري أوال‪ ،‬ورسالة الدكتوراه اثنيا‪ ،‬فكان‬
‫ادلرشد وادلعلم والسند‪ ،‬وأشكر لو تلك التوجيهات والنصائح اليت كان ذلا األثر احلميد‬
‫على ىذه الرسالة‪.‬‬

‫كما أتقدم ابلشكر إىل السادة األساتذة األفاضل أعضاء جلنة ادلناقشة الذين سيقومون‬
‫بتقومي ىذا البحث‪.‬‬

‫كما أعرب عن امتناين وتقديري لزوجيت األستاذة بوزيدي رجاء ‪-‬أستاذة زلاضرة جبامعة‬
‫تلمسان على مساعدهتا ومساندهتا يل أثناء إجنازي ذلذا العمل‪..‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫إف دراسة الواقع االجتماعي كما يعكسو من فبارسات لغوية‪ ،‬تنعكس على الواقع‬
‫التعليمي كما يىبلفو من عيسر كشرخ لغويُت‪ ،‬لضركرة ملحة يقتضيها كاقع تعلم اللٌغة العربية يف‬
‫اؼبؤسسات الًتبوية اعبزائرية الذم ابت ييعاشل من الوىن كالضعف‪.‬‬

‫من خبلؿ ىذه الرؤية لواقع تعليم كتعلم اللٌغة العربية كما تيكابده العملية‬
‫التعليميٌة‪-‬التعلميٌة يف األقساـ‪ ،‬كطغياف ىجُت لغوم يًتكز أساسا يف العاميات كاللغات‬
‫األجنبية كما تيفرزه من متغَتات سوسيولسانية تيش ٌكل مادة التواصل بُت اؼبعلم كاؼبتعلم‪ ،‬بل‬
‫كحىت االستعماؿ اللغوم اؼبتدشل للٌغة العربية يف كتب تعليمها كتغليب أساليب اغبكي‬
‫كالعاميات فيها‪ ،‬كاف أحد أىم الدكافع للبحث كالدراسة يف عبلقة اؼبمارسات اللغوية يف‬
‫اجملتمع دبخرجات تعليمية اللٌغة العربية لدل تبلميذ مرحلة التعليم الثانوم‪.‬‬

‫ؽبذا السبب حاكلت من خبلؿ ىذا البحث اإلجابة عن التساؤؿ اعبوىرم‬


‫كاإلشكالية اآلتية ‪:‬‬

‫مامدى أتثري ادلتغريات السوسيولسانية‪ ،‬اليت أفرزىا الواقع السوسيولغوي للمجتمع‬


‫اجلزائري‪ ،‬على واقع تعلم اللّغة العربية؟‬

‫كتندرج ضمن ىذا التساؤؿ العاـ ؾبموعة من األسئلة الفرعية سبثلت فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬ماىي أىم ظبات الواقع السوسيولغوم يف اجملتمع اعبزائرم؟‬


‫‪ -‬ما مدل أتثَت اؼبتغَتات االجتماعية كاعبغرافية على تعلٌم اللٌغة العربية؟‬

‫~أ~‬
‫مقدمة‬
‫‪ -‬كيف ظهرت آاثر اؼبتغَتات السوسيولغوية يف يـبرجات تعليمية اللٌغة العربية يف مرحلة‬
‫التعليم الثانوم؟‬
‫كلئلجابة على ىذه التساؤالت العلمية‪ ،‬حاكلت قدر اإلمكاف جعل الدراسة‬
‫مؤسسة على معطيات علمية ككاقعية كأسس منهجية ؿباكال إظهار مواطن التأثر ابؼبتغَتات‬
‫السوسيولغوية على لغة اؼبتعلم‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬كاف اؽبدؼ معاينة األحداث كما ىي يف كاقع اؼبمارسات اللغوية يف اجملتمع‬
‫من جهة‪ ،‬ككاقع تعليم كتعلٌم اللٌغة العربية يف مرحلة التعليم الثانوم من جهة أخرل‪ ،‬فكاف‬
‫البحث هبذه اؼبعطيات يندرج ضمن حقلي تعليمية اللٌغة كعبلقتها ابللسانيات االجتماعية‬
‫كعلم االجتماع اللغوم‪.‬‬

‫كؼباٌ كانت فرضيات البحث العلمي مرتبطة كلصيقة إبشكاليتو كتساؤالهتا‪ ،‬فإف‬
‫قصي اغبقيقة من خبلؿ خطوات‬
‫إشكالية حبثنا ىذا ارتكزت على إجاابت مؤقتة تطلبت ت ٌ‬
‫إقباز ىذا البحث سبثلت فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬أسهمت ادلمارسات اللغوية النامجة عن البيئة اجلغرافية والتنشئة االجتماعية‬


‫والثقافية للمجتمع يف تشويو ادلنطوق اللغوي لدى ادلتعلمني‪.‬‬
‫كقد قيمت ابختيار عينة عشوائية من التبلميذ هبمع بينهم مستول الثالثة اثنوم‪ ،‬من‬
‫ثبلث اثنوايت من منطقة أكالد ميموف كىي إحدل أكرب دكائر كالية تلمساف كعُت اتلوت‬
‫كىي آخر دائرة يف كالية تلمساف يف اغبدكد مع كالية سيدم بلعباس‪ .‬اخًتت مستول السنة‬
‫الثالثة من التعليم الثانوم ألف تبلميذ ىذا اؼبستول يتميزكف ابلنيضج اللغوم كفعل اجتماعي‪،‬‬
‫أم أهنم ييتقنوف لغة التواصل دبا فيها من ؽبجات كتلوانت لغوية كلغات أجنبية‪.‬‬

‫~ب~‬
‫مقدمة‬
‫يتميز أفراد عينة البحث بوعي اتـ ؼبختلف اؼبمارسات اللغوية يف ؾبتمعهم‪ ،‬كيبلكوف‬
‫لغتهم التواصلية اػباصة ىي لغتهم األـ‪ ،‬كىم بذلك ليسوا دبنأل عن السلوكات اللغوية‬
‫اؼبتعددة احمليطة هبم‪ ،‬ابإلضافة لتعلٌمهم اللغة العربية الفصيحة ؼبدة ذباكزت العشر سنوات‬
‫على األقل‪.‬‬

‫كلعل أىم األسباب اليت دفعتٍت الختيار كدراسة ىذا اؼبوضوع ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬أنبية اؼبوضوع من حيث ٌ‬


‫تفرعاتو العلمية‪ ،‬فهو يبزج بُت حقلي التعليمية كعلم‬
‫الضعف اللغوم لدل اؼبتعلمُت يف اؼبدرسة‬
‫االجتماع اللغوم لتوصيف مظاىر ٌ‬
‫اعبزائرية‪ ،‬ككبل اغبقلُت يعتمداف على البحوث اؼبيدانية‪ ،‬فكاف حبثنا ميدانيا يف أساس‬
‫اؼبشكلة‪ ،‬كىو أتثَت الواقع االجتماعي كالثقايف كانعكاساتو اللغوية على تعلٌم اللغة يف‬
‫اؼبدرسة اعبزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬لقد كاف إقباز ىذا البحث دبثابة فرصة عملية لتطبيق بعض اؼبعارؼ النظرية كاؼبنهجية‬
‫يف حقل علم االجتماع الذم ييع ٌد من اىتمامايت إضافة إذل حقل التعليمية‪ ،‬فكانت‬
‫فرصة القياـ ابلبحث اؼبيداشل من خبلؿ االستعانة ابؼبنهج الوصفي أثناء التطرؽ إذل‬
‫كاقع اؼبمارسات اللغوية يف اجملتمع اعبزائرم ككصف العبلقات السوسيولغوية بُت‬
‫اللغات كاللهجات اؼبستعملة فيو‪ .‬مث كاف الوصف جليٌا ألفراد العينة كرصد بعض‬
‫مظاىر التغَت اللغوم كاؼبمارسات اللسانية كانعكاساهتا على لغة اؼبتعلمُت داخل‬
‫القسم‪.‬‬
‫كما استعنت دبجموعة من أدكات البحث اؼبيداشل على غرار اؼببلحظة العلمية‬
‫إلنشاء مدكنة تصف ظاىر اؼبمارسة اللغوية للمتعلمُت داخل القسم كاؼبقابلة مع األساتذة‬

‫~ت~‬
‫مقدمة‬
‫الستجبلء ككشف اغبقائق‪ ،‬مث ربليلها على ضوء اؼبقارابت السوسيولسانية‪ .‬كبناء على‬
‫تصورم لطبيعة الدراسة اقتضى األمر أف تكوف اػبطة يف الشكل اآليت ‪:‬‬
‫كزعت البحث على ثبلثة فصوؿ يتقدمها سبهيد‪ ،‬يتناكؿ ىذا األخَت بعض اؼبفاىيم‬
‫ٌ‬
‫خصصت‬
‫اؼبتعلقة حبقلي تعليمية اللغة كاللسانيات االجتماعية كعبلقتهما ببعضهما‪ .‬مث ٌ‬
‫للدراسة النظرية فصلُت‪ ،‬تناكؿ الفصل األكؿ مفهوـ التغَت اللغوم يف اجملتمع كنشأه الدرس‬
‫السوسيولساشل مث التطرؽ إذل أىم األبعاد االجتماعية كالثقافية يف التغَت اللغوم‪.‬‬
‫أما الفصل الثاشل فكاف لوصف الواقع السوسيولغوم كالنظاـ الًتبوم يف اعبزائر‪،‬‬
‫حاكلت فيو حصر ـبتلف اللغات كاللهجات كالتلوانت اللغوية الػيمش ٌكلة للخارطة اللسانية‬
‫اعبزائرية‪ .‬مث انتقلت إذل الدراسة التطبيقية‪ ،‬كاليت كانت يف الفصل الثالث‪ ،‬من خبلؿ ما‬
‫أسفر عنو النزكؿ إذل اؼبيداف من معطيات كاقعية‪ ،‬بدأهتا بوصف عينة الدراسة كؾبتمع‬
‫الدراسة‪ ،‬مث عرضت أىم األدكات كالتقنيات اإلجرائية اؼبنهجية اؼبعتمدة يف الدراسة‪ ،‬مث‬
‫عرضت مظاىر التأثٌر ابؼبتغَتات السوسيولسانية لدل اؼبتعلمُت داخل القسم من خبلؿ‬
‫مستوايت اللغة‪ ،‬الصوتية كالصرفية كالداللية كالًتكيبية‪ ،‬مع الًتكيز على بعض اؼبتغَتات‬
‫ىاما يف تعلم اللغة العربية كالبيئة اعبغرافية كالوضع‬
‫االجتماعية اليت اتضح أف ؽبا دكرا ٌ‬
‫االجتماعي كالثقايف ألسر اؼبتعلمُت ك جنسهم‪.‬‬
‫ضمنتها أىم النتائج اليت توصلت إليها يف ىذا‬
‫كيف األخَت أهنيت األطركحة خباسبة ٌ‬
‫البحث‪.‬‬
‫كقد ارتكز البحث على ؾبموعة من الدراسات السابقة‪ ،‬رغم قلة الدراسات اليت‬
‫التغَت اللغوم اغباصل يف اجملتمع بتعليمية اللغة العربية عموما كيف اؼبدرسة اعبزائرية‬
‫هتتم بعبلقة ٌ‬
‫خصوصا‪ .‬كما كرد يف ىذه الدراسات السابقة كاف عموما حوؿ التعددية اللغوية كاالزدكاجية‬

‫~ث~‬
‫مقدمة‬
‫اللغوية كالتداخل اللغوم ‪ ...‬كربطها ابلنظاـ الًتبوم أك اؼبدرسة عموما‪ .‬نذكر من بُت‬
‫الدراسات اليت حاكت كالمست جوانب مهمة ؼبوضوعنا ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬دراسة غبناف عواريب بعنواف "أثر التعددية اللغوية يف التعبَت الشفوم كالكتايب لدل‬
‫متعلمي اللغة العربية يف اؼبرحلة الثانوية‪-‬مدينة كرقلة عينة‪ ،"-‬كىي حبث مقدـ‬
‫كضحت‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه يف لسانيات اللغة العربية كتعليميتها جبامعة كرقلة‪ٌ .‬‬
‫فيها الباحثة أتثَت اللغة األـ كاللهجات اؼبتداكلة يف اجملتمع اعبزائرم ابلتعبَتين‬
‫الشفوم كالكتايب لتبلميذ اؼبدرسة اعبزائرية‪ ،‬حيث خلصت إذل أف التعدد اللغوم‬
‫لو أتثَت كاضح على اللغة اؼبكتوبة كاؼبنطوقة للمتعلمُت‪ .‬كتتفق ىذه الدراسة مع‬
‫موضوع حبثي يف عبلقة لغة احمليط اػبارجي للمتعلمُت‪ ،‬ال ػ يػمتٌسمة ابلتعدد اللغوم‪،‬‬
‫بلغتهم اؼبنطوقة كاؼبكتوبة داخل الفصل الدراسي‪.‬‬
‫‪-2‬دراسة اثنية للباحثة الزىرة بن عائشة عنواهنا "التعدد اللغوم كاالتصاؿ حبوض‬
‫اؼبتوسط‪-‬دراسة ميدانية لواقع التعدد اللغوم كاالتصاؿ لدل التلميذ اعبزائرم‬
‫أمبوذجا‪ "-‬كىي أطركحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه يف علم اجتماع االتصاؿ‬
‫جبامعة أيب بكر بلقايد بتلمساف خبلؿ السنة اعبامعية ‪ .2018-2017‬ىدفت‬
‫الباحثة بدراستها إذل معرفة الوضع اللغوم حبوض اؼبتوسط كالعبلقة بُت اللغة‬
‫كاالتصاؿ لدل التلميذ اعبزائرم‪ ،‬كما حاكلت كشف الدكر الذم يلعبو النظاـ‬
‫الًتبوم اعبزائرم يف فرض كضعية لغوية متعددة ضمن مشاريع خاصة‪ ،‬ربت‬
‫سياسة عامة‪ .‬كقد أظهرت نتائج دراستها كجود تفاعل كتداخل عدة عوامل يف‬

‫~ج~‬
‫مقدمة‬
‫تشكيل الواقع اللغوم لدل التلميذ اعبزائرم‪ ،‬من ؿبيطو األسرم‪ ،‬إذل كسائل‬
‫االتصاؿ كالتكنولوجيات اغبديثة إذل احمليط اؼبدرسي‪...‬‬

‫تتفق ىذه الدراسة مع حبثي يف جزئية أتثَت احمليط األسرم كاؼبتغَتات االجتماعية‬
‫احمليطة بو على لغة التلميذ يف ؿبيطو الدراسي‪.‬‬

‫‪ -3‬دراسات أخرل ابللغة اإلقبليزية‪ ،‬يصبعت يف كتاب بعنواف علم االجتماع اللغوم‬
‫كتدريس اللغة ‪،Sociolinguistics and Language Teaching‬‬
‫إبشراؼ ساندرا رل ماكام ‪ Sandra Lee MacKay‬كاننسي ىورنربقر‬
‫تطرقت معظم الدراسات اؼبنشورة فيو إذل‬ ‫‪ٌ .Nancy H. Hornberger‬‬
‫أىم اؼبتغَتات االجتماعية كاإلقليمية كعبلقتها بتدريس اللغات الرظبية‪ ،‬فاإلقبليزية‬
‫كغَتىا من اللغات تتغَت يف نطقها ككبوىا كمفرداهتا‪ ...‬كفقا لعوامل اجتماعية‬
‫كإقليمية‪ .‬ما يضع اؼبعلمُت يف مواجهة ىذه اؼبتغَتات اليت أثٌرت مسبقا على لغة‬
‫اؼبتعلمُت‪ .‬حيث كاف لزاما عليهم استثمار التلوانت اللغوية داخل الفصوؿ‬
‫الدراسية إلثراء العملية التعليمية‪ ،‬ألهنا نتاج ثقافات كىوايت أخرل‪ ،‬كالتفاعل‬
‫معها إبهبابية ييؤدم حتما إذل تطوير الكفاءات اللغوية كاألدبية للمتعلمُت‪.‬‬

‫ابإلضافة إذل الصعوابت اليت يتفق عليها معظم الباحثُت خبلؿ إقباز أطركحاهتم‪،‬‬
‫على غرار مشاكل النزكؿ إذل اؼبيداف كما يكتنفو من الصعوابت‪ ،‬كاجهتٍت إحدل الصعوابت‬
‫اؼبتعلقة ابفتقار حقل اللسانيات االجتماعية ؼبناىج حبث خاصة‪ ،‬ما استلزـ مٍت استعارة‬
‫بعض اؼبنهجيات من علوـ االجتماع كاألنثربولوجيا كاإلثنوغرافيا ألف البحث يف الواقع اللغوم‬
‫كاالجتماعي ابعبزائر من أعقد اؼبهاـ العلمية الرتباطو ابلواقع السياسي كاالثنوثقايف للببلد‪.‬‬

‫~ح~‬
‫مقدمة‬
‫ىذا كقد اعتمدت يف إقباز ىذا البحث على مكتبة متنوعة التخصصات كاجملاالت‬
‫من اللسانيات االجتماعية كعلم االجتماع كاألنثربولوجيا كالتعليمة‪ ،...‬كاف أنبها كتاب دليل‬
‫السوسيولسانيات لفلورايف كوؼباس بنسختيو اإلقبليزية كاؼبًتصبة إذل العربية‪.‬‬

‫كيف األخَت أضبد هللا كأشكره على توفيقي كعوشل يف إقباز ىذا البحث‪ ،‬كال أنسى‬
‫أف أشكر كل من ق ٌدـ رل يد العوف بداية ابؼبشرؼ على ىذا البحث األستاذ الدكتور‬
‫سعيدي دمحم‪ ،‬كأصدقائي الذين ق ٌدموا رل تسهيبلت خبلؿ مرحلة العمل اؼبيداشل يف‬
‫الثانوايت‪ ،‬مستشارم التوجيو اؼبدرسي كأساتذة مادة اللغة العربية‪ ،‬كالدكتورة بوزيدم رجاء‬
‫بقسم علم االجتماع جبامعة تلمساف‪ ،‬ككل من ق ٌدـ رل توجيها أك نصحا أك رأاي أانر رل بو‬
‫طريق البحث‪.‬‬

‫~خ~‬
‫مدخـل‬
‫تعليمية اللغة‬
‫واللسانيات الاجتماعية‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬

‫مدخل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬

‫أوال‪ :‬تعريف اللّغة‬


‫ييع ٌد مفهوـ اللٌغة من اؼبفاىيم األساسية عند أغلبية العلماء كالباحثُت‪ً ،‬حبيكم ارتباطو‬
‫دبختلف العلوـ كؾباالت البحث‪ ،‬كعلم النفس كعلم االجتماع كاألنثركبولوجيا ‪...‬إخل‪ ،‬حيث‬
‫تيعترب اللٌغة مظهران رئيسيا من مظاىر السلوؾ اإلنساشل‪ ،‬كىي ربمل عددا من اؼبعاشل كالرموز‬
‫فسر العديد من السلوكيٌات من ـبتلف النواحي العلمية‪ ،‬األدبية‪ ،‬الدينية‪ ،‬االجتماعية‪،‬‬
‫اليت تي ٌ‬
‫النفسية ‪...‬كنظرا لً ىشساعة موضوع اللٌغة سنكتفي بعرض ؾبموعة من التعاريف اليت زبدـ‬
‫منهجية البحث كأىدافو‪ ،‬كتيوضح اللٌغة كظاىرة اجتماعية كمدل أتثَت كجودىا يف اجملتمع‪.‬‬

‫جٍت للٌغة من التعريفات الشاملة كاليت سبق فيها غَته من العلماء حيث‬
‫تعريف ابن ٌ‬
‫ييع ػٌرفها بػ ػػ"أصوات ييعبػػٌر هبا كل قوـ عن أغراضهم"‪ .1‬كهبذا التعريف نستطيع اعتبار اللٌغة‬
‫سلوكا اجتماعيا كظاىرة اجتماعية شأهنا شأف الظواىر اليت يهتم هبا حقل علم االجتماع‪ ،‬أم‬
‫مرتبطة ارتباطا عضواي بوجود اإلنساف كاجملتمع‪.‬‬

‫كيف تعريف آخر للٌغة يػي ٍعلًمنا ابن خلدكف أب ٌف "اللٌغة يف اؼبتعارؼ عليو ىي عبارة‬
‫اؼبتكلم عن مقصود‪ ،‬كتلك العبارة فعل لساشل انشئ عن القصد إبفادة الكبلـ‪ ،‬فبلبد أف‬
‫تصَت ملكة متقررة يف العضو الفاعل ؽبا كىو اللٌساف‪ ،‬كىي يف كل أمة حبسب‬

‫‪ 1‬أبو الفتح عثماف بن جٍت‪ ،‬اػبصائص‪ ،‬ربقيق عبد اغبميد اؽبنداكم‪ ،‬منشورات دمحم علي بيضوف‪ ،‬دار الكتب‪،2001 ،‬‬
‫ص ‪.87‬‬
‫~ ‪~ 11‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫‪1‬‬
‫يتضح أ ٌف اللٌغة ىي كسيلة أساسية يستخدمها‬
‫اصطبلحاهتم" ‪ .‬من خبلؿ ىذا التعريف ٌ‬
‫األفراد لتحقيق أىدافهم اؼبختلفة‪.‬‬

‫كهبذا نستنج أف اللٌغة مفهوـ شاسع تبعا الختبلؼ اجملتمعات كأىداؼ أفرادىا‪،‬‬
‫يتم إالٌ ابللٌغة كاؼبعاشل كاألصوات اليت ربملها فهي‬
‫فاإلنساف اجتماعي بطبعو كاالجتماع ال ٌ‬
‫ظاىرة اجتماعية‪ ،‬صوتية‪ ،‬تركيبية‪.‬‬

‫"اللٌغة إذف‪ ،‬ىي مبط تنظَتم ييوجد فقط يف عقل صباعة اؼبتكلمُت كليس يف‬
‫إنتاجهم اللغوم‪ ،‬أم أنو ال ييبكن أف يكوف موجودان يف العادل الواقعي بشكل منفصل إالٌ يف‬
‫الكتب‪ ،‬هبذا ييبكن ألم ؾبموعة من األمباط اللغوية الشخصية أف تي ىك ٌوف فيما بينها لغة كمبطا‬
‫لغواي من اؼبمكن أف يكوف أساس التجمع جغرافيا ليكوف اجملموع مبطان جغرافيا‪ ،‬كمن اؼبمكن‬
‫أف تكوف ًعلٌة التجمع عامبلن اجتماعيا ما‪ ،‬ليكوف اجملموع ؽبجة اجتماعية‪ ،‬كابلتارل تتجمع‬
‫التجمعات اعبغرافية كاالجتماعية اػباصة تلك يف سبثيل نظرم أكرب كىو اللٌغة"‪ .2‬كهبذا ييع ٌد‬
‫الفرد يمنتجا للٌغة (اللٌغة خاصية إنسانية) كليس يمطوران ؽبا فقط‪ ،‬ىدفها نقل اؼبعلومات كربقيق‬
‫ـبتلف األىداؼ‪.‬‬

‫تيعترب اللٌغة كسيلة أساسية كذات فعالية تتحكم يف ربقيق أىداؼ الفرد كحاجاتو‪،‬‬
‫كال ينجح األمر إالٌ ضمن الرموز اليت اتفقت عليها اعبماعة‪ ،‬كنوع من التعاقد اللفظي‬
‫كالرمزم الذم يتخذ الطابع االجتماعي كتلعب اللٌغة دكرا أساسيا يف إغباؽ صفة اؼبدنية‬

‫‪ 1‬عبد الرضبن بن خلدكف‪ ،‬اتريخ العبلٌمة ابن خلدكف‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتاب اللبناشل‪ ،‬بَتكت‪ ،‬ص ‪.1056‬‬
‫‪2‬دمحم الشرقاكم‪ ،‬الفتوحات اللٌغوية ‪ :‬انتشار اللٌغة العربية ككالدة اللهجات يف القرف األكؿ اؽبجرم‪ ،‬ط‪ ،1‬طبعة دار‬
‫التنوير‪ ،‬بَتكت‪ ،‬القاىرة‪ ،‬تونس‪ ،2013،‬ص ‪.34‬‬
‫~ ‪~ 12‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫كاعبمعية‪ ،‬كلعل قصة ح ٌي بن يقضاف اؼبعركفة يذب ٌسد ىذا اؼبعٌت‪ ،‬حيث حُت يكتسبها الفرد‬
‫ييصبح قادرا على مشاركة اعبماعة تصوراهتا كفبيزاهتا‪.‬‬

‫"ييؤٌكد أنطواف مايي ‪ Antoine Meillet‬أ ٌف اللٌغة ظاىرة اجتماعية مستقلة عن‬
‫كجود األفراد كسابقة عليهم‪ ،‬فهي تفرض كجودىا على الفرد‪ ،‬حيث يكتسب من خبلؽبا‬
‫التصورات اعبمعية للجماعة كعن طريقها يتحقق لو الوعي اعبمعي"‪ .1‬فالوسط االجتماعي‬
‫اؼبطور األساسي للٌغة‪ ،‬حيث ترتبط بو كتتش ٌكل يف ظلٌو عن طريق الظركؼ‬ ‫ىو الراعي ك ٌ‬
‫اعبغرافية كاالجتماعية‪ ،‬كاالقتصادية كالثقافية كالسياسية اليت يعيش يف ًظلٌها يمتح ًٌدثوىا‪ .‬لًذا‬
‫أصبح من الضركرم إعطاء اللٌغة اؼبكانة كاألنبية اليت تليق هبا من خبلؿ السعي إذل تطويرىا‬
‫كنشرىا يف اجملتمع كأنساقو كىذا ما يػي ىع ّرب عنو ابلسياسة اللغوية كالتخطيط اللغوم‪ ،‬أحد أىم‬
‫ؾباالت اللسانيات االجتماعية‪.‬‬

‫أبهنا نظاـ من العبلمات اؼبتواضع‬


‫"لقد يعٌرفت اللٌغة منذ حوارل عقد كنصف العقد ٌ‬
‫عليها اعتباطا اليت تتٌسم بقبوؽبا للتجزئة كيتخذىا الفرد عادة كسيلة للتعبَت عن أغراضو‪،‬‬
‫كلتحقيق االتصاؿ ابآلخرين كذلك (بواسطة) الكبلـ‪ ،‬كالكتابة"‪ .2‬تيوجد عبلقة حتمية بُت‬
‫اللٌغة كاجملتمع ذبعل الفرد يبحث يؾبربا عن يسبل امتبلكها من أجل تشكيل أمباط ـبتلفة من‬
‫العبلقات االجتماعية‪ ،‬فهي أساس انتظاـ اغبياة االجتماعية‪ .‬فاللٌغة ضركرية للفرد كاجملتمع‬
‫ؤديها لً ًكليهما كللحياة عامة‪.‬‬
‫معا انطبلقا من الوظائف اليت تي ٌ‬

‫‪1‬ركم سي‪ .‬ىجماف‪ ،‬اللٌغة كاغبياة كالطبيعة البشرية‪ ،‬ترصبة كتقدصل ‪ :‬داكد أضبد السيد‪ ،‬ط‪ ،2‬عادل الكتب‪ ،‬القاىرة‪، ،‬‬
‫‪ ،2000‬ص ‪.26‬‬
‫‪ 2‬دمحم يونس‪ ،‬مدخل إذل اللٌسانيات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب اعبديد اؼبتحدة‪ ،2004 ،‬ص‪.26‬‬
‫~ ‪~ 13‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫كأيضا "يف تعريف عبد القاىر اعبرجاشل‪ ،‬حيث قاؿ أف اللٌغة عبارة عن نظاـ من‬
‫العبلقات كالركابط اؼبعنوية اليت تستفاد من اؼبفردات كاأللفاظ اللغوية بعد أف يسند بعضها‬
‫إذل البعض‪ ،‬كيعلق بعضها ببعض‪ ،‬يف تركيب لغوم قائم على أساس اإلسناد‪ ،‬كيسبثل "نظرية‬
‫النظم" ؾبمل جهود عبد القاىر اعبرجاشل‪ ،‬حيث جعل اللٌغة يف اعبانب النظرم‪ ،‬كالكبلـ يف‬
‫‪1‬‬
‫اعبانب التطبيقي كأطلق على األكؿ علم اللٌغة كالثاشل الوضع اللٌغوم‪".‬‬

‫"إ ٌف اللٌغة ىي ؾبموع الشركط اليت ذبعل بناء اللٌساف فبكنا كحظوظ ىذه الشركط‬
‫كبَتة لتكوف صاغبة مهما كاف اللٌساف‪ ،‬فاللٌغة كظيفة إنسانية‪ ،‬كظيفة مرتبطة ابعبنس كإذا‬
‫أمكن اكتساب لساف من األلسن‪ ،‬فذلك راجع على األقل جزئيا إذل الصبغة الفطرية للٌغة‪،‬‬
‫فكل طفل قادر –ابستثناء حالة العصفور الذىن‪ -‬على اكتساب لساف (أك عديد من‬
‫‪2‬‬
‫األٌلسن) مهما كاف‪".‬‬

‫"كقد ٌفرؽ فرديناند دكسوسَت ‪ Ferdinand De Saussure‬بُت اللٌغة اؼبلكة‬


‫‪ ،langage‬كاللٌغة اؼبعينة ‪ ،langue‬فاللٌغة اؼبلكة ىي اؼبقدرة الفطرية اليت سبييٌز اإلنساف عن‬
‫كتسب متجانس‪ٌ ،‬إهنا‬
‫اغبيواف‪ٌ ،‬أما اللٌغة اؼبعينة كالعربية أك االقبليزية أك الصينية فهي نظاـ يم ى‬
‫نظاـ من العبلمات قًوامو ارباد اؼبعٌت ابؼببٌت"‪" .3‬فقد توصل دكسوسَت ‪De Saussure‬‬
‫معمقة للٌغة إذل اكتشاؼ اؼبميزات اليت تتميز هبا كل من اللٌغة كالكبلـ بعد أف‬
‫بعد دراسة ٌ‬

‫‪ 1‬الزىرة بن عائشة‪ ،‬التعدد اللغوم كاالتصاؿ حبوض اؼبتوسط‪-‬دراسة ميدانية لواقع التعدد اللغوم كاالتصاؿ لدل التلميذ‬
‫اعبزائرم –أمبوذجا‪ -‬أطركحة دكتوراه يف علم االجتماع‪ ،2016-2017،‬جامعة تلمساف‪ ،‬ص ‪.47‬‬

‫‪ 2‬ركبَت مارتن‪ ،‬مدخل لفهم اللٌسانيات‪ ،‬ترصبة‪ :‬عبد القادر اؼبهربم‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬سبتمرب‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.67‬‬

‫‪ 3‬دمحم يونس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫~ ‪~ 14‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫كاف ينظر إليهما على أهنما شيء كاحد‪ ،‬فاللٌساف ىو النظاـ التواصلي الذم يبتلكو كل فرد‬
‫متكلم‪ ،‬أك مستمع مثارل ينتمي إذل ؾبتمع لغوم لو خصوصيات ثقافية كحضارية كالكبلـ ىو‬
‫التجسيد الفعلي كالواقعي للٌساف كزبتلف من شخص إذل آخر تبعا الختبلؼ البيئة كاؼبستول‬
‫الدراسي كاالجتماعي كالثقايف كاالقتصادم "‪.1‬‬

‫"كأيضيف بعد دكسوسَت ‪ De Saussure‬كخاصة من قًبل اللٌساشل الفرنسي‬


‫غوستاؼ غيوـ ‪ Gustave Guillaume‬طرؼ اثلث ىو‪ :‬اػبطاب كىو اجملموع‬
‫البلٌمتناىي للٌفيظات اؼبمكنة اليت ييبثٌل اغبديث فرعان منجزان منها‪ ،‬فيكوف اللٌساف إذف النظاـ‬
‫(كح ٍل ىقنىتً ًو)"‪.2‬‬
‫الكفيل بتوليد اػبطاب ى‬
‫كقد "أصبل جاكبسوف ركماف ‪ Roman Jackobson‬كظائف اللٌساف كىو‬
‫من أبرز اللسانيُت الذين اىتموا هبذا اؼبوضوع كىي كالتارل‪:‬‬

‫‪ ‬الوظيفة التبليغية‪:‬‬
‫كىي كظيفة اللساف األساسية‪ ،‬تتمثل يف نقل الفائدة كاػبرب كتندرج يف الغرض‬
‫األصلي من الكبلـ كىو التبليغ كالفهم كتشمل عناصر دكرة اػبطاب ككل‪.‬‬

‫‪ ‬الوظيفة التعبريية‪:‬‬
‫كتتمثل يف التعبَت عن األحاسيس‪ ،‬اؼبشاعر‪ ،‬كالعواطف كتتعلق ابلعبارات كالعناصر‬
‫سمى كذلك ابلوظيفة‬ ‫زبص موقف اؼبتكلم يف أتدية رسالتو‪ ،‬أك تبليغ خطابو كتي ٌ‬
‫اللغوية اليت ٌ‬
‫االنفعالية‪ ،‬كتظهر ىذه الوظيفة يشكل كاضح يف الشعر الوجداشل‪.‬‬

‫‪ 1‬بن زركؽ نصر الدين‪ ،‬دركس كؿباضرات يف اللٌسانيات العامة‪ ،‬ط‪ ،2‬كنوز اغبكمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.16-15‬‬

‫‪ 2‬ركبَت ماراتف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬

‫~ ‪~ 15‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫‪ ‬الوظيفة اخلطابية‪:‬‬
‫كىي اليت تتٌضح عندما ييوجو اػبطاب إذل اؼبرسل إليو أك اؼبخاطىب بفتح الطاء من‬
‫أجل التأثَت يف نفسو كدفعو إذل االنفعاؿ كالتجاكب مع اػبطاب لغواي‪ ،‬أك حركيا كذىنيا‬
‫كذلك بتوجيهو حبسب رغبة اؼبتحدث كمقاصده‪.‬‬

‫‪ ‬الوظيفة التوصيلية‪:‬‬
‫كىي تعكس الظركؼ اليت يتم فيها اػبطاب‪ ،‬كتتمثل يف تلك اؼبؤشرات أك العناصر‬
‫اللغوية اليت تيستعمل لتوصيل الكبلـ كللتأكد من استمراره كلفت انتباه السامع إذل أف‬
‫اػبطاب يصلو يف أحسن األحواؿ كأفضل الظركؼ كأف القناة اؼبوصلة للكبلـ على أحسن‬
‫كجو كمن أمثلة ذلك أدكات التنبيو أىظبعت‪ ،‬أىفهمت‪ ،‬مفهوـ‪ ،‬نعم‪ ،‬قلت ذلك أك كلمة‬
‫ألو‪...‬إخل‪.‬‬

‫‪ ‬الوظيفة اللّسانية‪:‬‬
‫كتيسمى أيضا الوظيفة التحقيقية‪ ،‬ىي كظيفة ذات طابع خاص‪ ،‬ذلك ألهنا تتعلق‬
‫ببنية النظاـ اللغوم ككصفو من الناحية الصورية التجريدية كتتمثل يف كبو اللٌغة‪ ،‬كصرفها‬
‫كنظاـ أصواهتا كتراكيبها كتيسمى ىذه الوظيفة ابللٌغة األجنبية ‪ Métalangage‬كتيظهر‬
‫ىذه الوظيفة مدل إدراؾ اؼبتكلم للوضع الذم يستعملو أثناء عملية التخاطب اليومي"‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪ ‬الوظيفة اجلمالية‪:‬‬
‫صور‬
‫"كييسميها جاكبسوف ‪ Jackobson‬الوظيفة الشعرية‪ ،‬ذلك ألف الشعر يي ٌ‬
‫اعبانب اعبمارل للٌغة أحسن تصوير دبا يشتمل عليو من موسيقى داخلية كخارجية كؿبسنات‬

‫‪ 1‬بن زركؽ نصر الدين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬

‫~ ‪~ 16‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫بديعية كصور بيانية"‪ .1‬يتضح أ ٌف اللٌغة كسيلة لًتصبة األفكار كاؼبشاعر‪ ،‬يتم بواسطتها‬
‫التواصل مع اآلخرين‪ ،‬اكتساب اؼبعارؼ كالقدرة على اإلبداع من خبلؿ االستمتاع ابلقراءة‪،‬‬
‫التدكين‪ ،‬التفكَت كالتخيٌل‪.‬‬

‫خصائص اللّغة‪:‬‬

‫تتميز اللغة بعدة خصائص نذكر منها اآليت‪:‬‬

‫"كوهنا عالمات‪:‬‬

‫عرؼ دكسوسَت ‪ De Saussure‬العبلمة "أبهنا اجملموع الناجم عن ارتباط الداؿ‬


‫ٌ‬
‫ابؼبدلوؿ" كيقصد بذلك ا ٌف العبلمة ليست لفظان ؾبرداى من معٌت‪ ،‬بل ىي لفظ يفهم منو عند‬
‫إطبلقو كال ييبكن الفصل بُت الداؿ كاؼبدلوؿ‪ .‬كالفرؽ بُت العبلمات القواعدية‪ ،‬كاؼبعجمية ا ٌف‬
‫األكذل يبكن حصرىا بعد االستقرار‪ ،‬أم اهنّا ؿبدكدة العدد‪ ،‬كينوب بعضها عن بعض للداللة‬
‫على و‬
‫معاف صرفية‪ ،‬أك كبوية معينة كذلك مثل أداة التعريف‪ ،‬اتء التأنيث‪ ،‬صيغة فاعل‪ٌ ،‬أما‬
‫اؼبعجمية فهي غَت ؿبدكدة العدد لدخوؿ عبلمات جديدة يف كل كقت ألهنا تشَت إذل أشياء‬
‫خارج اللٌغة‪ ،‬كىذه األشياء غَت متناىية كعادة ما تدكف اؼبعاجم اللغوية العبلمات اؼبعجمية‬
‫دكف القواعدية "‪. 2‬‬

‫‪ 1‬بن زركؽ نصر الدين ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪27.‬‬

‫~ ‪~ 17‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫"االعتباطية‪:‬‬

‫كلو كاف يف اللٌفظ ما يدؿ على معناه أك يف اؼبعٌت ما يتقضى أف يعرب منو بلفظ‬
‫معُت امبا ىو عمل اعتباطي عشوائي ال ىبضع ؼبنطق أك تعليل‪ ،‬كيف ىذا زبالف اللٌغة‬
‫الطبيعية الرموز اؼبعربة كإشارة الصليب اليت تدؿ على صلب اؼبسيح عند النصارل "‪.1‬‬

‫"كوهنا نظاما‪:‬‬

‫االعًتاؼ الذم كجهو دكسوسَت ‪ ،De Saussure‬عبلمات ٌيعرؼ اللٌغة أبهنٌا‬


‫أصوات دكف ذكر خاصية النظٌاـ يقوؿ «دكسوسَت» ا ٌف أخطاء مصطلحات ككل طرائقنا يف‬
‫تسَت أمور اللٌغة اؼبعنية إٌمبا تصدر عن افًتاض مقصود مضمونة ا ٌف ىناؾ جوىران يف الظاىرة‬
‫اللغوية‪ ،‬فاللٌغة العربية مثبل عي ليست ىي األربعة كثبلثُت صوات اليت تتألف منها‪ ،‬بل الطرائق‬
‫اؼبختلفة اليت توصف هبا تلك األصوات لتكوين كلمات كصبل ـبتلفة كفقا ألغراض اؼبتكلم‬
‫‪2‬‬
‫اػبطابية‪" .‬‬

‫"القابلية للتجزئة‪:‬‬

‫ييشَت اللًٌسانيوف عادة إذل نوعُت من التجزئة‪ :‬ذبزئة الًتاكيب إذل متفرقات‪ ،‬كىي‬
‫اؼبصرفات إذل أصوات كىي ما ييسمى ابلتجزئة الثانية‪.‬‬
‫اؼبس ّماة ابلتجزئة األكذل كذبزئٌة ٌ‬

‫‪1‬‬
‫بن زركؽ نصر الدين ‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪2‬‬
‫اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫~ ‪~ 18‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫اإلنتاجية‪:‬‬

‫من أىم اػبصائص اليت يسبيز اللٌغة البشرية عن لغات اغبيواانت‪ ،‬ما ييعرؼ ابإلنتاجية‬
‫اليت تعٍت أ ّف اؼبتكلمُت يستطيعوف أف ينطقوا بًتكيبات دل يسبق ؽبم أف ظبعوا هبا من قبل‬
‫كيعود ىذا جزئيا إذل الوضع السابق للٌغة‪ ،‬كجزئيا إذل استعماؿ اؼبتكلم‪ .‬أم أ ٌف ما تعارؼ‬
‫عليو أىل اللٌغة يقتصر فقط على كضع اؼبفردات كاألمباط أك اؼبناكيل الًتكيبية دكف اؼبقوالت‬
‫اليت يستخدموهنا اؼبتكلموف‪ ....‬كقد ربدت ابن مالك يف الشأف كأكد اؼبتكلمُت غَت مقيدين‬
‫يف كبلمهم دبا قيل سابقا‪ ،‬أم ليس عليهم أف وبفظوا كل اعبمل اليت قيلت قبلهم كي يصدؽ‬
‫علمهم‪ ،‬أهنم يتكلموف العربية بل عليهم أف يتقيدكا دبا كضعتو العرب يف اؼبفردات كاؼبركبات‬
‫اعبزئية فقط‪ ،‬أما اعبمل فبإمكاهنم أف يقولو منها ما يشاءكف كىو ما يعرؼ يف اللسانيات‬
‫‪1‬‬
‫اإلنتاجية أم إمكاف إحداث أك فهم صبل جديدة دل تنطق من قبل‪".‬‬

‫"النقل الثقايف‪:‬‬

‫إف بتنوع اللغات تتنوع الثقافات كيكتسب الطفل لغتو من احمليط الذم يعيش فيو‬
‫بغض النظر عن عرقو‪ ،‬أك اعبينات اليت يرثها من كالديو‪ ،‬فاؼبولود اإلقبليزم الذم يعيش يف‬
‫بيئة لغوية فرنسية سيتحدث الفرنسية كليس االقبليزية كال شك أنٌنا نقصد ىنا اللٌغة اؼبعيشة‬
‫كليس اللٌغة اؼبلكة ىي مقدرة موركثة كما سبقت اإلشارة‪ .‬فاللٌغة اؼبعنية تنتقل من فرد إذل‬
‫سمى ابلنقل الثقايف كىو عنصر مهم يف اكتساب‬
‫آخر ابلتعلم كليس ما كرثو كىذا ما يي ٌ‬

‫‪ 1‬دمحم يونس علي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.34‬‬

‫~ ‪~ 19‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫اللٌغة"‪ .1‬ىذا كتتنوع الثقافات أيضا بتنوع اللغات كيكتسبها الفرد من خبلؿ التعلم الذم‬
‫يفرضو عليو ؾبتمع اؼبنشأ‪ ،‬كالذم يعد نقبل ثقافيا‪.‬‬

‫عرب اللٌغة عن ثقافة اجملتمع كحضارتو‪ ،‬عن اترىبو كحاضره‪ ،‬عن فبيزاتو كخصوصياتو‬
‫تي ٌ‬
‫الثقافية كالفكرية على كجو اػبصوص‪ .‬فاللٌغة ربمل ثقافة اجملتمع الشفهية كاؼبكتوبة كلن يكوف‬
‫للمجتمع أم كجود حقيقي يف ظل غياب تلك الثقافة كذلك اؼبوركث اغبضارم‪ .‬كذلك‬
‫قبدىا رب ٌقق التواصل بُت أفراد اجملتمع الواحد‪ ،‬تعمل على توليد اتريخ مشًتؾ‪ ،‬األمر الذم‬
‫يعمل على توحيد أفراد اجملتمع‪ ،‬خاصة إذا كانت اللٌغة مشًتكة تفضي إذل نوع من كحدة‬
‫الشعور كالتفكَت لدل الناطقُت هبا‪ ،‬كتربطهم بركابط كثيقة‪ ،‬كتضمن ؽبم اغبياة اؼبشًتكة‪ .‬فهذا‬
‫االرتباط العضوم كاآلرل بُت اللٌغة كاجملتمع أصبح مهما للفرد بل كمعربا عن خصوصيتو اليت‬
‫ال يهقبل االقًتاب منها‪ ،‬ألهنا رمز من رموز ىويتو‪ ،‬يربدد انتماءه كربفظ لو حقوقو كتلزمو‬
‫بواجباتو‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬تعريف اللسانيات االجتماعية‬


‫قبد من أبرز الكتب اليت تناكلت موضوع اللٌغة الكتاب الشهَت "دركس يف‬
‫اللسانيات العامة" للعادل اللغوم فرديناند دكسوسَت ‪،Faerdinand De Saussure‬‬
‫ضمنو معظم أرائو كأفكاره‪ .‬ككاف ىدؼ دكسوسَت ‪ De Saussure‬ىو أتسيس علم‬
‫كقد ٌ‬
‫جديد ييعٌت بدراسة اللٌغة دراسة علمية دقيقة‪ ،‬فح ٌدد مفهومو للٌغة كقد ركز على دراسة كل ما‬
‫ىو خارج عن اللٌغة‪.‬‬

‫‪ 1‬دمحم يونس علي‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪،‬ص‪.35‬‬

‫~ ‪~ 20‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫تبٌت دكسوسَت ‪ De Saussure‬اؼبنهج البنيوم يف دراستو للٌغة كعلى الرغم من‬
‫ٌ‬
‫فعرفها أبهنا‪" :‬نتاج اجتماعي ؼبلكة الكبلـ‪ ،‬كؾبموعة‬
‫ذلك دل يستبعد الصفة االجتماعية للٌغة ٌ‬
‫من اؼبوضوعات يتبناىا الكياف االجتماعي لييم ٌكن األفراد من فبارسة ىذه اؼبلكة‪" 1".‬ك اللٌغة‬
‫كيعرفها أبهنا مؤسسة اجتماعية كمن أبرز فبيزات‬
‫ابلنسبة لو قبل كل شيء ؾبموعة أصوات‪ٌ ،‬‬
‫اللٌسانيات السوسَتية أهنا‪:‬‬

‫‪ ‬لسانيات كصفية تقف عند حدكد مبلحظة الظواىر اللغوية ككصفها‪.‬‬


‫‪ ‬لسانيات سانكركنية هتتم بوصف اللٌغة يف حالتها الثابتة‪.‬‬
‫‪ ‬لسانيات تيعطي األسبقية للمنطوؽ من اللٌغة على اؼبكتوب‪.‬‬
‫‪ ‬لسانيات هتتم ابلنسق اللغوم فبل قيمة للعنصر خارج النسق‪.‬‬
‫كقد بٌت دكسوسَت ‪ De Saussure‬مفهوـ النسق انطبلقا من قطيعة مع النزعة‬
‫اإلظبية ‪ Normalisme‬اؼبعركفة الكبلسيكية كاليت تزعم أ ٌف األشياء ربمل معها أظباءىا‬
‫كأ ٌف األفكار سابقة على التسمية كاالصطبلح كمن أشهر مبادئها "من ٌتعرؼ على األظباء‬
‫ٌتعرؼ على األشياء" كاعتمد دكسوسَت ‪ De Saussure‬مفهوـ العبلمة "‪"la signe‬‬
‫‪Le signifie/Le‬‬ ‫كاليت تقوـ على العبلقة بُت عنصرين نبا‪ :‬الداؿ كاؼبدلوؿ‬
‫‪ signifiant‬كاستنتج أ ٌف ىناؾ مبدأين أساسُت ييبلزماف العبلمة كنبا‪ :‬االعتباطية ككظيفة‬
‫‪2‬‬
‫الداؿ‪".‬‬

‫‪ 1‬فرديناند دكسوسَت‪ ،‬دركس يف اللسانيات العامة‪ ،‬ترصبة‪ :‬دمحم الشاكش‪،‬دمحم عجينة‪ ،‬صاحل قرمادم‪ ،‬الدار العربية للكتاب‬
‫‪،‬تونس‪ ،1985 ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 2‬علي آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالًتبية ‪ :‬اؼبقاربة ابلكفاءات كالتدريس ابؼبفاىيم‪ ،‬دار أيب رقراؽ للطباعة كالنشر‪،‬‬
‫ص‪.20‬‬

‫~ ‪~ 21‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫"إ ٌف كل لغة تستمد كجودىا كخصائصها من خبلؿ ارتباطها ببيئة اجتماعية معينة‪،‬‬
‫لذا ال يبكن عزؿ الظاىرة اللغوية بكل خصائصها كفبيزاهتا عن شركطها االجتماعية‪ ،‬كبناء‬
‫عليو أصبحت السوسيولسانيات من اؼبباحث اللٌسانية اغبديثة اليت تش ٌكل ابلنسبة للباحث‬
‫الديداكتيكي حقبل مرجعيا خصبا ؼبقاربة بعض الظواىر االجتماعية اؼبرتبطة ابللٌغة‪ ،‬فالباحث‬
‫الذم يشتغل يبحث تعليم كتعلٌم اللٌغة على ضوء معطيات سوسيولوجية هبد نفسو يف اذباه‬
‫أحباث تدرس الطابع اؼبتداخل للبنيات اللغوية كاالجتماعية كاؼبظهر العبلئقي يف تعليم اللٌغة‬
‫كتعلم اللٌغة‪ 1".‬كذلك "قبد جهود "كلياـ ليبوؼ" اللغوية كالنقدية لنظرية «دكسوسَت» اليت‬
‫أقببت علما جديدا أطلق عليو (علم اللٌغة االجتماعي) ترصبة ؼبصطلح‬
‫‪2‬‬
‫(‪".)sociolinguistique‬‬

‫من خبلؿ ما سبق‪ ،‬يبكننا تعريف علم اللٌغة االجتماعي على أنو دراسة عبلقة اللٌغة‬
‫ابجملتمع‪ ،‬فالباحث اللغوم يستعُت ابلوقائع االجتماعية لوصف الوقائع اللغوية‪ ،‬كابلتارل‬
‫يكوف اجملتمع األداة كاللٌغة اؽبدؼ اؼبنشود‪ .‬على غرار ذلك يوجد يف مقابل ىذا العلم علم‬
‫آخر من علوـ االجتماع يسمى علم االجتماع اللغوم الذم يستعمل الوقائع اللٌغوية كأدكات‬
‫لبلوغ الفهم اؼبعمق للوقائع االجتماعية‪ .‬أم أف اللٌغة ىي اليت سبثل أداة لبلوغ اؽبدؼ اؼبنشود‬
‫من كراء الدراسة كىو فهم أك كصف الوقائع االجتماعية‪.‬‬

‫‪ 1‬على آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالًتبية اؼبقاربة ابلكفاءات كالتدريس ابؼبفاىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪ 2‬عواريب حناف‪ ،‬أثر التعددية اللغوية يف التعبَت الشفوم كالكتايب لدل متعلمي اللغة العربية يف اؼبرحلة الثانوية ‪ -‬مدينة‬
‫كرقلةعينة‪ -‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه يف العلوـ اللغوية‪ -‬زبصص لسانيات اللغة العربية كتعليميتها‪ ،‬السنة‬
‫اعبامعية ‪،2016-2015‬ص‪.58-57‬‬
‫~ ‪~ 22‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫"يف نظر ركماف جاكوبسوف ‪ ،Roman Jackobson‬اجتماعيات اللٌغة ىي‬
‫‪Jushua‬‬ ‫جزء ال يتجزأ من اللٌسانة (اللسانيات) كيف نظر "جوشوا أ‪.‬فيشماف‬
‫‪ A.Fishman‬كمعاكنوه اجتماعيّات اللٌغة كاللسانة االجتماعية نبا بوجو عاـ علماف‬
‫مًتادفاف‪ ،‬على الرغم ا ّف اللسانة اجتماعية مندرجة يف أفاؽ علم االجتماع‪" 1".‬كال تبدك‬
‫القواميس اؼبختصة يف اؼبصطلح اللٌساشل ظاىرة من جانبها للحسم يف اؼبوضوع فعلى سبيل‬
‫اؼبثاؿ‪ ،‬نقر أهنا ا ّف اللسانة االجتماعية جزء من اللسانة اليت يتقاطع ميداهنا مع ميادين‬
‫اللسانة االثنية كاجتماعيات اللٌغة كاعبغرافية اللٌسانية كعلم العامية‪ ،‬أك تقرأ أيضا أ ّف من غَت‬
‫اؼبؤكد أف تكوف اللٌسانة االجتماعية علما حقيقيا‪ .‬أك تكوف قد كجدت أسسها كمناىجها‬
‫ك ٌأهنا ردبا ال تكوف سول ميداف ييدعى فيو علم االجتماع كاللٌسانة إذل التعاكف"‪ .2‬ذبمع‬
‫اللسانيات االجتماعية بُت الدراسات اللغوية كالدراسات االجتماعية كموضوعها ثنائية اللغة‬
‫كاجملتمع جبميع كقائعهما‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬تعريف تعليمية اللغات‬


‫"الديداكتيك لفظ أصلو من الكلمة اليواننية كتعٌت كل ما ىبتص ابلتدريس أك‬
‫كد ٌرس كلى ٌقن‪ ،‬كمنها اشتقت البلتنية لفظ‬
‫التعليم كمنها فعل ‪ didaskein‬كيعٍت ىعلٌم ى‬
‫‪ DOCEO‬ك‪ DISCIPULUS‬كمعناىا التخصص كمنها أيضا لفظ‬
‫‪ DOCILE‬كييطلق على الشخص القابل للتعلم كالقادر عليو‪ .‬كييقابلو يف العربية عدة‬

‫‪ 1‬جولييت غارمادم‪ ،‬اللٌسانة االجتماعية‪ ،‬ترصبة ‪:‬خليل أضبد خليل‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الطليعة‪ ،‬بَتكت‪ ،1990 ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫~ ‪~ 23‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫مصطلحات منها‪ ،‬علم التدريس‪ ،‬منهجية التدريس‪ ،‬علم التعليم‪ ،‬تعليمية‪ ،‬الًتبية اػباصة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ديداكتيك‪" ....‬‬

‫"كقد أدرج معظم الدارسُت اؼبهتمُت هبذا اغبقل حاليا بُت نوعُت أساسُت يتكامبلف‬
‫فيما بينهما بشكل كبَت كنبا الديداكتيك العاـ كالديداكتيك اػباص‪ٌ .‬أما الديداكتيك العاـ‬
‫فيهتم بكل ما هبمع بُت ـبتلف مواد التدريس أك التكوين‪ ،‬كذلك على مستول الطرائق‬
‫اؼبتبعة‪ ،‬كلعل ىذا ما هبعل ىذا الصنف من الديداكتيك يقتصر اىتمامو على ما ىو عاـ‬
‫كمشًتؾ يف تدريس صبيع اؼبواد‪ٌ .‬أما الديداكتيك اػباص‪ ،‬فيهتم دبا ىبص تدريس مادة من‬
‫مواد التكوين من حيث الطرائق كالوسائل كاألساليب اػباصة هبا كىكذا يػيمكن أف نتحدث‬
‫عن ديداكتيك اللٌغة كيعٍت بذلك كل ما يتعلق بتدريس مكوانت اللٌغة كالقراءة كالتعبَت‬
‫‪2‬‬
‫كالكتابة كغَتىا‪"...‬‬

‫"كلقد أصبحت الديداكتيك اآلف هتتم ابألقطاب األساسية للعملية التعليمية‪،‬‬


‫اؼبدرس‪ ،‬كاؼبتعلم‪ ،‬اؼبعرفة كتعمل على ربليل ـبتلف التفاعبلت بينهما كيبكن التمثيل لذلك‬
‫مدرس‬ ‫كما يلي‪:‬‬

‫مادة‬ ‫متعلم‬

‫‪1‬على آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالًتبية اؼبقاربة ابلكفاءات كالتدريس ابؼبفاىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.123‬‬

‫‪ 2‬جولييت غارمادم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫~ ‪~ 24‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫كينبغي أف أنخذ بعُت االعتبار كل أطراؼ العبلقة الديداكتيكية‪ ،‬كىي عبلقة نوعية‬
‫تتأسس من اؼبدرس كالتلميذ كاؼبعرفة يف ؿبيط تربوم معُت كزمن ؿبدد‪ ،1" ..‬كيف تعريف‬
‫آخر" ىي ؾبموع اػبطاابت اليت أنشئت حوؿ تعليم كتعلم اللٌغات سواء تعلٌق األمر بلغات‬
‫اؼبنشأ أك اللغات الثانية‪ ،‬كقد نشأت ديداكتيكا اللٌغات يف بدايتها مرتبطة ابللسانيات‬
‫طورت ؾباؿ‬
‫التطبيقية مهتمة بطرائق تدريس اللٌغات مث انفتحت على حقوؿ مرجعية ـبتلفة ٌ‬
‫البحث ديداكتيكا اللٌغات‪ .‬كمن بُت مستعملي عبارة ديداكتيكا اللٌغات يربز اذباىاف‬
‫يتمثبلف يف‪:‬‬

‫االجتاه ‪:1‬‬

‫ييعٌت دبيتولوجيا اللٌغات (ابؼبعٌت احملدد سابقا)‪ ،‬أم مادة تكميلية للٌسانيات التطبيقية‬
‫للجيل الثاشل‪.‬‬

‫االجتاه ‪:2‬‬

‫ييعٌت ابللٌسانيات التطبيقية للجيل األكؿ‪ ،‬أم مادة لتعليم اللٌغات‪ ،‬كتكوف ؾباال‬
‫للًتكيب بُت العبلقات اؼبختلفة للسانيات كالسيكولوجيا كالسوسيولوجيا كالبيداغوجيا أم‬
‫العبلقات بُت ىذه اؼبادة احملور كاؼبواد األساسية اليت تقوـ اعتمادا عليها ليست فريدة من‬
‫نوعها إذ قبد ؽبا مثيبل يف عبلقة اعبغرافيا ابعبيولوجيا كاالقتصاد‪ ،‬كعلم اؼبناخ علوـ البيئة‬
‫‪2‬‬
‫‪...‬إخل"‪" ..‬‬

‫"أما ابلنسبة اذل متغَتات العملية التعليمة اليت يهتم هبا الباحث يف ديداكتيكا‬
‫اللٌغات‪:‬‬

‫‪ 1‬على آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالًتبية اؼبقاربة ابلكفاءات كالتدريس ابؼبفاىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪ 2‬علي آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالديداكتيك‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2005 ،‬ص‪71‬‬

‫~ ‪~ 25‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫‪ .1‬اؼبعلم‪ ،‬احمليط االجتماعي‪ ،‬اؼبادة التعليمة‪ ،‬التدريس‪.‬‬
‫‪ .1‬اؼبتعلم‪ :‬من حيث االسًتاتيجيات اليت يكتسب هبا اللٌغة كاألخطاء اليت يرتكبها‬
‫كآليات فهم كاستيعاب اللٌغة كانتاجها‪.‬‬
‫‪ .2‬احمليط االجتماعي‪ :‬كابألخص عبلقة اللٌغة ابعبماعات كأساليب استعماؽبا يف اجملتمع‬
‫ككصفها ضمن لغات أخرل‪.‬‬
‫‪ .3‬اؼبادة التعليمية‪:‬‬
‫كقد اذبو البحث يف ىذا الصدد إذل النظرايت كاؼبقارابت اللٌسانية كقد اذبو البحث‬
‫يف ىذا الصدد إذل النظرايت كاؼبقارابت اللٌسانية كؿباكلة استثمارىا يف بناء كضعيات‬
‫ديداكتيكية لتدريس اللٌغات‪1".‬‬
‫عرفها أنطواف صيٌاح أبهنا "هتتم دبحتول التدريس‪ ،‬من حيث انتخاب اؼبعارؼ‬ ‫كيي ٌ‬
‫الواجب تدريسها‪ ،‬كمعرفة طبيعتها كتنظيمها‪ ،‬كبعبلقات اؼبتعلمُت هبذه اؼبعارؼ‪ ،‬من حيث‬
‫التحفيز‪ ،‬كاألساليب كاالسًتاتيجيات الناشطة كالفاعلة الكتساهبا كبنائها كتوظيفها يف اغبياة‬
‫‪2"...‬‬
‫"بناء على ما سبق تبُت أف ؾباالت البحث يف ديداكتيكا اللغات متعددة كمن مث فهناؾ‬
‫العديد من اؼبواضيع اليت سبكن اف تشغل الباحث الديداكتيكي كتشكل أساسا لفرضياتو كىي‬
‫تشمل عناصر ـبتلفة منها‪ :‬األىداؼ‪ ،‬اؼبتعلم‪ ،‬احملتوايت‪ ،‬الطرؽ‪ ،‬كيبكن تصنيفها حسب‬
‫األسئلة اليت يطرحها اؼبهتم بديداكتيكا اللٌغات كما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬علي آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالديداكتيك ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫‪ 2‬أنطواف صياح‪ ،‬تعليمية اللٌغة العربية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،2006 ،‬ص ‪.14‬‬
‫~ ‪~ 26‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬

‫الفئات‬ ‫األسئلة‬
‫‪ -‬اؽبيئات اؼبستهدفة‬ ‫‪ -‬من تعلم؟‬
‫‪ -‬األىداؼ اؼبتوخاة‪.‬‬ ‫‪ -‬ؼباذا تعلم؟‬
‫‪ -‬احملتوايت‪.‬‬ ‫‪ -‬ماذا نعلٌم؟‬
‫‪ -‬الفطرايت اؼبنهجيات كالبيداغوجيا اؼبتعددة‬ ‫‪ -‬كيف تعلم؟‬

‫كىكذا يهتم الباحث يف ديداكتيكا اللٌغات جبوانب مثل‪:‬‬

‫أثر العوامل االجتماعية على مستعملي اللٌغة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫أثر الوضع االجتماعية على مستعملي اللٌغة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الوضع االجتماعي ؼبستعملي اللٌغة كعبلقتو ابالقباز اللغوم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مستوايت اػبطاب كعبلقتها ابلفئات االجتماعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األكضاع اللغوية كغَت اللغوية كأمباط التواصل الشفوم كاؼبكتوب كما تؤيد بو اغبركات‬ ‫‪-‬‬
‫كاإليباءات كأمباط التبليغ كغَت اللغوم كعبلقة ذلك أبنظمة التعليم‪.‬‬
‫اؼبظاىر الثقافية كاغبضارية جملتمع لغوم معُت مثل االزدكاجية اللٌغوية كالتعددية كالقيم‬ ‫‪-‬‬
‫كالعادات كالتقاليد كاألعراؼ اؼبعرب عنها يف ؿبتول لغوم مقرر على التبلميذ يف‬
‫مرحلة دراسية معينة إذل غَت ذلك من اعبوانب اؼبتعددة‪ 1".‬كعليو فتعليمية اللغات‬
‫تعٍت استخداـ نتائج اللسانيات كاغبقوؿ اؼبعرفية ذات الصلة هبا من أجل دراسة‬
‫اؼبشكبلت اللغوية يف ؾباؿ تعليم اللٌغة‪.‬‬

‫‪ 1‬على آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالًتبية اؼبقاربة ابلكفاءات كالتدريس ابؼبفاىيم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص‪.58-57‬‬

‫~ ‪~ 27‬‬
‫مــدخــل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية‬
‫رابعا‪ :‬عالقة اللسانيات االجتماعية بتعليمية اللّغة‬
‫تتداخل اللسانيات االجتماعية كتعليمية اللغات‪ ،‬تبعا للعبلقة اؼبًتابطة بينهما من‬
‫منطلق علم اللٌغة االجتماعي يدرس اللٌغة ابعتبارىا تتجلى يف اجملتمع كتتناكؿ تعليمية اللٌغة‬
‫تعليم لغات ىذا اجملتمع‪ ،‬كابلتارل يتقاطع العلماف يف مواضيع كثَتة منها‪ :‬التغَت اللغوم‪،‬‬
‫الثقافة‪ ،‬التعدد اللغوم‪ ،‬االتصاؿ اللغوم‪ ،‬التنوع اللغوم‪ ،‬االزدكاجية اللغوية‪...‬‬

‫"كيقوؿ جاؾ ريتشاردز ‪ Jaque Richard‬أف العوامل االجتماعية يف تدريس‬


‫اللغات األجنبية تؤثر يف تصميم اؼبقررات‪ ،‬إف تدريس اللغات الثانية أك األجنبية حقيقة‬
‫حياتية يف كل بلداف العادل تقريبا‪ ،‬رغم أف الدكؿ تتفاكت كثَتا يف دكر اللغات األجنبية يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬كموقعها يف اؼبنهج‪ ،‬كالتقاليد كاػبربات التعليمية يف تدريس اللٌغة‪ ،‬كتوقعات أعضاء‬
‫اجملتمع من تعليم اللٌغة كتعلمها"‪" ،1‬كبشكل أكثر دقة يذكر عبدك الراجحي العبلقة اليت تربط‬
‫اللسانيات االجتماعية بتعليم اللٌغة‪ ،‬إذ يرتبط تعليم اللغات يف رأيو‪ ،‬بثقافة اجملتمع‪،‬‬
‫كأبعضائو‪ ،‬كأبنظمة االتصاؿ اؼبختلفة يف اجملتمع‪ ،‬كابلتنوع اللغوم يف اجملتمع‪ .2"...‬تيوجد‬
‫عوامل اجتماعية تيؤثر يف تعليمية اللٌغة كىذا ما ييوضح العبلقة اؼبًتابطة بُت ىذه االخَتة‬
‫كاللسانيات االجتماعية‪ ،‬من جهة قبد ظواىر اجملتمع كمشكبلتو تيؤثر يف تعليمية اللٌغة‪،‬‬
‫سواء من حيث بناء اؼبضموف‪ ،‬أك ربديد األىداؼ أك ربديد الفئة اؼبتعلمة كخصائصها‬
‫االجتماعية كالثقافية‪ ،‬فالعناصر االجتماعية ضركرية لتعليمية اللٌغة‪ .‬من جهة أخرل قبد أف‬
‫الثقافات كاالستخدامات اللغوية اؼبختلفة يف اجملتمع تيؤثر على العملية التعليمية‪ ،‬ابإلضافة إذل‬
‫اؼبظاىر الثقافية كاللغوية مثل االزدكاجية اللغوية كالثنائية اللغوية كقضااي التنوع كالتعدد اللغوم‪،‬‬
‫كالتغَت اللغوم كل ىذا من شأنو أف ييؤثر يف بناء مضموف تعليم اللغات كصناعة اؼبناىج‬
‫كتصميم اؼبقررات‪.‬‬

‫‪ 1‬جاؾ ريتشارز‪ ،‬تطوير مناىج تعليم اللٌغة‪ ،‬ترصبة‪ :‬انصر بن عبد الٌو بن غارل كصاحل بن انصر الشويرخ‪ ،‬النشر العلمي‬
‫للمطابع‪ ،‬جامعة اؼبلك سعود‪ ،‬اؼبملكة السعودية‪ 1428 ،‬ق‪ ،‬ص ‪.136-135‬‬
‫‪ 2‬عبده الراجحي‪ ،‬علم اللٌغة التطبيقي كتعليم العربية‪ ،‬دار اؼبعرفة اعبامعية‪ ،‬اإلسكندرية مصر‪ ،1996 ،‬ص ‪.25-24‬‬
‫~ ‪~ 28‬‬
‫الفصل األول‬
‫ألابعاد السوسيوثقافية‬
‫للتغيراللغوي‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول ‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫توطئة ‪:‬‬
‫يظهر التغَت اللغوم بصورة كاضحة يف سلوكاتنا اللغوية‪ ،‬نتيجة لتنوع الثقافات كتغَت‬
‫اجملتمعات‪ .‬وبدث التغَت اللغوم يف لغة ما على اؼبستوايت الصوتية كالصرفية كالًتكيبية‬
‫كالداللية إبيعاز من عوامل اجتماعية تتمثل يف تلك اليت اىتم بدراستها السوسيولسانيوف‬
‫الغربيوف ‪ :‬الطبقات االجتماعية‪ ،‬السن كاعبنس‪ ...‬كأخرل ثقافية تتعلق هبوية اعبماعات‬
‫اللسانية كما ييبيزىا من عادات كتقاليد كموركاثت ثقافية المادية‪.‬‬

‫ادلبحث األول ‪ :‬نشأة الدرس السوسيولساين‬


‫ييع ٌد حقل السوسيولسانيات أرضية خصبة‪ ،‬يشًتؾ فيها اللٌسانيوف كعلماء االجتماع‬
‫الذين ىسعوا بكل ما أيكتوا من تراكمات معرفية يف كبل اغبقلُت (اللسانيات كعلم االجتماع)‬
‫إذل كضع نظرية سوسيولسانية تيعٌت ابلبحث االجتماعي اللغوم‪ ،‬من خبلؿ دمج مقارابت‬
‫النظرية اللسانية بنظَتهتا االجتماعية‪ ،‬فنتج عن ذلك ؿباكالت متعددة "سبثلت يف اذباىُت‬
‫ٍت بفهم اؼبظاىر اللٌغوية للمجتمع"‪،1‬‬
‫ٍت بفهم اؼبظاىر االجتماعية للغة‪ ،‬كاآلخر‪ :‬يع ى‬
‫أحدنبا‪ :‬يع ى‬
‫كازداد التعقيد بتعقد اجملتمعات كالثقافات فبا أنتج ظواىر سوسيولسانية شاملة‪.‬‬

‫‪1‬نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬كبو أتسيس نظرية سوسيولسانية كربل ‪ :‬مقاربة بينية بُت ذباذابت احملتول كعقدية االنتماء‪،‬‬
‫ؾبلة األستاذ‪ ،‬العدد ‪ ،244‬اجمللد األكؿ‪ ،‬سنة ‪ ،2018‬ص‪.51‬‬
‫~ ‪~ 30‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫‪.1‬علم اجتماع لغوي أم لسانيات اجتماعية‪:‬‬
‫ؼباٌ حاكؿ اللٌسانيوف نقل اىتمامهم إذل ما كراء اغبدكد اليت كضعوىا لعلم اللسانيات‪،‬‬
‫ٌ‬
‫لدراسة العبلقة بُت االستعماالت اللٌغوية كالظواىر االجتماعية‪ ،‬كاف لزاما عليهم اغبفاظ على‬
‫اإلرث النظرم كالفلسفي للٌغة‪ ،‬كمن جهة أخرل فإف الًتاكم اؼبعريف لعلم االجتماع كاف‬
‫ضركراين كرصيد للباحث اللٌساشل‪.‬‬

‫نشر اللٌغوم األمريكي رالف فازلد ‪ Ralph Fasald‬كتابُت متكاملُت ؽبما‬


‫عنوانُت ـبتلفُت ‪ The sociolinguistics of society‬أم سوسيولسانيات اجملتمع‬
‫ك ‪ The sociolinguistics of langage‬أم سوسيولسانيات اللٌغة‪" ،‬كقد سعى‬
‫يف مقدمة الكتاب األكؿ إذل شرح ىذا التقسيم‪ :‬إف أحد القسمُت قد اعتمد اجملتمع نقطة‬
‫االنطبلؽ كاللٌغة كشكل اجتماعي كمدكنة‪ٌ ...‬أما القسم الكبَت اآلخر فينطلق من اللٌغة‪،‬‬
‫كتيع ٌد القول االجتماعية مؤثرة يف اللغة كتيساىم يف اإلحاطة بطبيعتها‪ ...‬الطريقة األخرل اليت‬
‫ييبكن أف ننظر هبا إذل ىذه التقسيمات ىي أف نىػ يع ٌد ىذا اعبزء بوصفو مكرسا لنوع خاص من‬
‫‪1‬‬
‫علم االجتماع كاعبزء الثاشل بوصفو ـبصصان للسانيات من كجهة نظر خاصة"‬

‫يرل ركماف جاكوبسوف ‪ Roman Jackobson‬أ ٌف علم اجتماع اللغة جزء ال‬
‫يتجزأ من اللٌسانيات‪" .2‬كيف نظر جوشوا أ‪.‬فيشماف ‪ Jushua A.Fishman‬كمعاكنوه‪،‬‬
‫اجتماعيات اللغة كاللسانة االجتماعية (اللسانيات االجتاعية) نبا بوجو عاـ علماف‬
‫مًتادفاف‪ ،‬على الرغم من أف فيشماف ‪ Fishman‬يوبدد أحياان اجتماعيات اللغة (علم‬
‫االجتماع اللغوم) بوصفها لسانة اجتماعية (لسانيات اجتماعية) مندرجة يف آفاؽ علم‬

‫‪ 1‬لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬ترصبة‪ :‬دمحم وبياتن‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬اعبزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪ 2‬يينظر جولييت غارمادم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫~ ‪~ 31‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫االجتماع"‪ .1‬فالتٌسميتاف بذلك‪ ،‬نبا كجهاف كجهاف لعملة كاحدة‪ ،‬يندرجاف ضمن حقوؿ‬
‫حبث علم االجتماع كتخصص علمي‪.‬‬

‫"كال تبدك القواميس اؼبتخصصة يف اؼبصطلح اللساشل جاىزة‪ ،‬من جانبها للحسم يف‬
‫اؼبوضوع‪ .‬فعلى سبيل اؼبثاؿ‪ ،‬نقرأ فيها أف اللسانة االجتماعية (اللسانيات االجتماعية) جزء‬
‫من اللسانة (اللسانيات) اليت يتقاطع ميداهنا مع ميادين اللسانة اإلثنية (اإلثنولسانيات)‬
‫كاجتماعيات اللغة (علم االجتماع اللغوم) كاعبغرافيا اللسانية كعلم العامية‪ ،‬أك نقرأ أيضا أ ٌف‬
‫من غَت اؼبؤكد أف تكوف اللسانة االجتماعية (اللسانيات االجتماعية) علما حقيقيا‪ ،‬أك أف‬
‫تكوف قد يكجدت أيسسها كمناىجها‪ ،‬كإهنا ردبا ال تكوف سول ميداف ييدعى فيو علم‬
‫االجتماع كاللسانة (اللسانيات) إذل التعاكف"‪ .2‬كلعل استبعاد فكرة استقبلؿ‬
‫السوسيولسانيات كعلم يتميز دبوضوعاتو كمناىجهو اؼبتفردة راجع إذل تقاطع مواضيعها مع‬
‫زبصصات كعلوـ أخرل عريقة كأكثر تراكما كغياب مناىج كمقارابت زبتص فقط ابلبحث‬
‫السوسيولساشل‪.‬‬

‫"لقد بُت أنطواف مايي ‪ Antoine Meillet‬يف العديد من النصوص الطابع‬


‫االجتماعي للغة أك ابألحرل قد ح ٌددىا بوصفها ظاىرة اجتماعية‪ .‬كىكذا اقًتح يف مقالو‬
‫اؼبشهور اؼبوسوـ بػ ػ ‪ :‬كيف تتغَت معاشل الكلمات؟‪ .‬ربديدا ؽبذه الظاىرة االجتماعية يمبينا يف‬
‫الوقت ذاتو كدكف غموض صدكره عن آراء عادل االجتماع إميل دكركاصل ‪Emile‬‬
‫‪.3"Durkheim‬‬

‫‪1‬جولييت غارمادم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪3‬لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫~ ‪~ 32‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كؼبا كانت اللغة ظاىرة اجتماعية كجب تدخل علم االجتماع كحقل معريف قائم‬
‫ٌ‬
‫بذاتو لدراسة جوانب موضوعها الذم اعتربه فرديناند دكسوسَت ‪Ferdinand De‬‬
‫‪" Saussure‬موضوع اللسانيات الوحيد كاغبقيقي يف ذاتو كلذاتو"‪.1‬‬

‫كيرل لويس جاف كالفي ‪ Louis Jean Calvet‬أنو ال يوجد سبييز بُت‬
‫اللسانيات العامة اليت هتتم إبنتاج نظرايت تتحكم يف بنية اللغات كتفسَتىا كبُت اللسانيات‬
‫االجتماعية اليت هتتم ابعبانب االجتماعي ؽبذه اللغات ‪ :‬أم أف اللسانيات االجتماعية ىي‬
‫اللسانيات‪.2‬‬

‫"إف الفرؽ بُت اللسانيات االجتماعية كعلم االجتماع اللغوم ىو فرؽ توكيد كذلك‬
‫يتعلق دبا إذا كاف الباحث أكثر اىتماما ابللغة أك اجملتمع"‪ .3‬أم أف الفصل يف قضية التسمية‬
‫كميوالتو‬
‫كقضية التصنيف جملاؿ السوسيولسانيات مرتبط ارتباطا كثيقا ابلباحث كتكوينو ي‬
‫كقدراتو‪ ،‬أم ما إذا كانت لديو مهارة أكثر يف ربليل الًتاكيب اللغوية أك الًتاكيب كالوقائع‬
‫عرؼ اللسانيات االجتماعية أبهنا "دراسة اللغة ابلنظر‬ ‫االجتماعية‪ .‬فصربم إبراىيم السيٌد‪ ،‬يي ٌ‬
‫إذل اجملتمع‪ ،‬كينقضي ىذا ضمنا أف علم اللغة االجتماعي جزء من دراسة اللغة‪ ،‬كأف قيمتو‬
‫عرؼ علم‬
‫تكمن يف إلقاء الضوء على طبيعة اللغة عامة كعلى خصائص اللغة عينها‪ ،‬كيي ٌ‬
‫االجتماع اللغوم أبنو دراسة اجملتمع ابلنظر إذل اللغة‪.4‬‬

‫‪1‬فرديناند دكسوسَت‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Louis Jean Calvet, La Sociolinguistique, Presse Universitaire de France,‬‬
‫‪paris, 1993, p20.‬‬
‫‪3‬دمحم األمُت مومٍت‪ ،‬مقدمات يف السوسيولسانيات ‪ :‬التأكيل االجتماعي للغة‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪ 4‬يينظر دمحم األمُت مومٍت ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫~ ‪~ 33‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كذبدر اإلشارة إذل أف ىذا االختبلؼ ليس اختبلفان يف العناصر‪ ،‬كإمبا ىو يف ؿبور‬
‫جلي بُت ىذين العلمُت بل قد يكوف من غَت اجملدم الفصل‬ ‫االىتماـ‪ ،‬فالتطابق كاضح ٌ‬
‫بينهما‪. 1‬‬

‫ككخبلصة يػ يؤكد فػلوريػاف كػوؼباس ‪ Floriane Coulmas‬يف كتابو دليل‬


‫السوسيولسانيات أ ٌف انفصاؿ اللسانيات االجتماعية عن علم االجتماع اللغوم ىو يف أحواؿ‬
‫كثَتة مظهرم كليس جوىرم‪ .‬كليس ىناؾ خط فاصل فبيٌز ككاضح بُت االثنُت‪ ،‬لكن ييوجد‬
‫بينهما ؾباالن كاسعان لبلىتمامات اؼبشًتكة‪. 2‬‬

‫‪.2‬العالقة بني اللغة واجملتمع عند أنطوان مايي ‪:Antoine Meillet‬‬


‫لقد أظهر أنطواف مايي ‪ )1936-1886( Antoine Meillet‬يف العديد‬
‫من النصوص اليت أنتجها أتثػره بعادل االجتماع الفرنسي إميل دكرك ػايػم ‪Emile‬‬
‫تتغَت‬
‫‪ ،)1917-1858( Durkeim‬حػيث بيػٌن يف مقالو اؼبشهور اؼبوس ػوـ بػ ػ ػ"كيف ٌ‬
‫معاشل الكلمات؟" الطابع االجتماعي للٌغة‪ .3‬فرغم تقدصل مايي ‪ Meillet‬يف عادل‬
‫اللسانيات على أنو تلميذ فرديناند دكسوسَت ‪ٌ ،Ferdinand De Saussure‬إال أنو‬
‫أخذ "يف االبتعاد عنو منذ أف نيشرت دركسو (دكسوسَت ‪ )De Saussure‬بعد كفاتو‪ ،‬كقد‬
‫صلًو التغيػٌر اللغوم عن الظركؼ اػبارجية اليت يتوقف‬ ‫بيػٌن مايي ‪ Meillet‬أ ٌف دكسوسَت بًىف ٍ‬
‫كحولوي بذلك إذل ذبريد ىو ابلضركرة غَت قابل للتفسَت"‪. 4‬‬
‫جرده من الواقع‪ٌ ،‬‬
‫عليها‪ ،‬قد ٌ‬

‫‪ 1‬يينظر ىدسوف‪ ،‬علم اللغة االجتماعي‪ ،‬ترصبة ‪ :‬ؿبمود عياد‪ ،‬مر أبوزيد‪ ،‬عادل الكتب‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1990 ،2‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 2‬يينظر فلورايف كوؼباس‪ ،‬دليل السوسيولسانيات‪ ،‬ترصبة ‪ :‬خالد األشهب كماجدكلُت النهييب‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ديسمرب ‪ ،2009‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 3‬يينظر لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 4‬لويس جاف كالفي‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫~ ‪~ 34‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫فقد كانت مواقف أنطواف ماييي ‪ Antoine Meillet‬يمناقضة ألفكار‬
‫دكسوسَت ‪ De Saussure‬يف النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪‬مسألة الثنائية ‪ :‬اآلنية ‪ synchronie‬كالزمانية ‪.diachronie‬‬


‫‪‬عبارة‪" :‬إف موضوع اللسانيات الوحيد ىو اللساف يف ذاتو كلذاتو"‪ 1‬فاالقرار ابلطابع‬
‫االجتماعي للغة الذم تبنػ ػ ػاه أنطواف مػ ػػايي ‪ Antoine Meillet‬يسػتل ػزـ‬
‫دراسة اللغة من الداخل كمن اػب ػ ػارج (أتثَت العوامل اػبارجية)‪ ،‬إضافة إذل أف‬
‫"تفسَت بنية اللغة كاف بواسطة التاريخ"‪ 2‬عنػ ػػد أنطواف م ػ ػػاي ػي ‪Antoine‬‬
‫‪ Meillet‬يف مقابل آلية كزمانية فػ ػ ػرديناند دكسوسَت ‪Ferdinand De‬‬
‫‪ Saussure‬كعمومان فقد أسهم مػ ػ ػػايػػي ‪ Meillet‬يف النػ ػظرية السوسيولسانية‬
‫‪3‬‬
‫ابستنباط نظ ػ ػرية اجتماعية يف دراسة اللغة‪ ،‬سبثلت أفكارىا فيما يلي‪:‬‬
‫‪‬اللغة لسيت ظاىرة بسيطة‪ ،‬كإمبا ىي مركبة من تداخل أساليب الطبقات‬
‫االجتماعية يف بيئة معينة (كلغة التجار‪ ،‬كالصناع‪ ،‬كالشارع‪ ،‬كاؼبكتب‪)....‬‬
‫‪‬التغيػػٌر ال ٌدالرل للكلمات نتيجة االقػ ػًتاض االجتماعي الذم وبدث بُت الطبقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬فبا ييكسب الكلمات ًظبلالن جديدة‪ ،‬كمنشأ التطور الدالرل من تطبيق‬
‫قاعدتُت متجادلتُت‪( :‬التعميم كالتخصيص)‪.‬‬
‫‪‬عملية التشكيل اللغوم ال تتأثر ابحمليط االجتماعي فحسب‪ ،‬بل تتأثر ابلتقدـ‬
‫اغبضارم العاـ لؤلمم كالسيما ابلنشاط االقتصادم كالتقن ػػي‪.‬‬
‫إف كصف اللغة كظاىرة اجتماعية جعل الدراسات السوسيولسانية تنػ ػػحى ع ػن‬
‫اللسانيات البنيوية السوسَتية (لسانيات دكسوسَت البنيوية)‪ ،‬كتتطور بصورة مػوازيػ ػة ؽبا‪،‬‬
‫خاصة مع مواقف اؼباركسيُت حوؿ اللغة‪.‬‬

‫‪1‬لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪2‬ينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪3‬يينظر نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.54-53‬‬
‫~ ‪~ 35‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫‪.3‬السوسيولسيانيات ادلاركسية‪:‬‬
‫"لقد كشفت لنا اغبقبة اؼباركسية اليت ابتدأ نفوذىا مع الثػ ػورة الػ ػركسية سنة ‪1917‬‬
‫عن مدل األثر السياسي يف كاقع الدراسات اللغوية يف ظل االرباد السوفيايت"‪ .1‬كقد ظهرت‬
‫فػي ى ػ ػذه الفًتة مقاربة اجتماعية أخرل للٌغة كاف ب ػ ػ ػوؿ الفػ ػارج ‪ ،Paul Lavargue‬صهر‬
‫ك ػارؿ مػ ػاركس ‪" Karl Marx‬بعد دراستو حوؿ مفردات اللٌغة الفرنسية‪ ،‬يمبينان أبف اللٌغة‬
‫ق ػ ػد تغيػٌرت يف ىذه الفًتة تغَتان ىػ ػائبل‪ ،‬رابطان ىذا التغَت ابألحداث السياسية"‪ .2‬ففي مقالو‬
‫اؼبوسوـ "اللغة الفرنسية قبل كبعد الثورة" ذكر بػ ػ ػوؿ الفػ ػارج ‪ Paul Lavargue‬أف اللغة‬
‫الكبلسيكية سقطت بسقوط اؼبلكية االقطاعية‪ ،‬كأف اللغة الركمانية اليت نشأت يف منابر‬
‫اجملالس الربؼبانية ستػدكـ مػادامت اغبكومة الربؼبانية‪ .3‬كؽبذا كاف لزامان على الباحثُت يف ىذه‬
‫اعبزئي ػة التحلٌي بنوع من اػبياؿ السوسيولوجي لتحليل الظاىرة اللغوية‪.‬‬

‫أخذ البحث السػوسيػولػساشل اؼباركسي يف التطور يف الفتػرة اؼبمتدة بيػن سنيت‬


‫‪ 1920‬ك‪ ،1950‬خاصة مع أحباث نيكوالم مار ‪-1934( Nikolai Marr‬‬
‫‪ )1864‬اؼبتعلقة ابؼبناطػق القػوقازيػ ػة كغَتىا‪ ،‬أين أبرز أثر الطبقات االجتماعية يف اللغة‪.4‬‬

‫لقد كضػ ػع مػ ػ ٌار ‪ Marr‬قبل كصوؿ الشيوعية إذل اغبكم‪ ،‬نظ ػرية اللغات‬
‫اليػ ػافثية ‪( Japhétique‬نسبة إذل ايفث اإلبن الثالث للنيب نوح عليو السبلـ)‪ ،‬كاليت‬
‫سييحاكؿ أف يػي ػطبػٌق عليها اؼباركسية‪ .5‬يعتقد م ػ ػار ‪ Marr‬بوجود أصل مشًتؾ عبػ ػميع‬
‫لغات العادل علما أف التواصل كاف قائما أكال علػ ػى اغبركات‪ ،‬مث ظهرت أربعة عناصر صوتية‬

‫‪ 1‬لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 3‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 4‬يينظر نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ 5‬يينظر لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫~ ‪~ 36‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫السحرة اؼبسيطرين على اغبكم أنذاؾ‪ ،1‬فبٌا‬
‫…‪ sal-ben-you-roch‬شكلت لغة ٌ‬
‫يػي ػؤكد منػ ػذ القدـ أف اللغة أداة السلطة كؽبا عبلقة كطيدة بتقسيم اجملتمع إذل طبقات‪.‬‬

‫كبعد ذلك أخذت اؼبقاطع الصوتية السالفة الذكر يف االئتبلؼ كالتحوؿ كالتزايد‬
‫لتيعطي اللغات اؼبختلفة للعادل اليت صنٌفها م ػ ػار ‪ Marr‬يف أربع مراحل متتالية تػي ػطابق‬
‫أكضاعان اجتماعية كاقتصادية ـبتلفة‪:‬‬

‫‪ ‬الصينية‪ ،‬اللغات االفريقية‪.‬‬


‫‪ ‬اللغات الفتية‪ ،‬األكقرية كالًتكية‪.‬‬
‫‪ ‬اللغات القوقازية كاغبامية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬اللغات اؽبندية‪-‬أكركبية كالسامية‬
‫عرب عن تطورىا الذم بدكره يعكس ظهور ؾبتمع‬
‫إف كل مرحلة من ىذه اؼبراحل تي ٌ‬
‫ما‪ ،‬ما يعٍت طبقات اجتماعية‪.‬‬

‫سمى ابلنظرية اؼبػ ػاري ػ ػة أك مدرسة‬


‫لقد أسفرت تلك األحباث عن ظهور ع ٌدة نظرايت صارت تي ٌ‬
‫مػ ػ ٌار ‪ Marr‬للسوسيولسانيات كييبكن إفراد أفكارىا دبا أييت ‪:3‬‬

‫‪ ‬يرل مػ ػار ‪ Marr‬أ ٌف منشأ اللغات كاحد حسب نظرية كحدة األصل‪.‬‬
‫‪ ‬التطور اللٌغوم يتم كفق نسق تراتيب كسلسلة ىرمية يمبلحظىة بوضوح‪.‬‬
‫‪ ‬مفهوـ كحدة األصل ٌأدل إذل ظهور نظرية اؼبرحلية‪ :‬اللغات تتحوؿ عرب مراحل‪.‬‬
‫‪ ‬تتطور بنية اللغة بفعل الصراع الطبقي االجتماعي كاالقتصادم‪.‬‬
‫‪ ‬ال يػ ػيورل أنبية ألصل اللغة‪ ،‬ككبوىا التقليدم‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ 2‬ينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪3‬يينظر ميلكا إيفيتش‪ ،‬اذباىات البحث اللساشل‪ ،‬ترصبة ‪ :‬سعد عبد العزيز مصلوح ككفاء كامل فايد‪ ،‬اجمللس األعلى‬
‫للثقافة‪ ،‬اؼبشركع القومي للًتصبة‪،‬ط‪ ،2‬مصر‪،2000 ،‬ص ‪.174-173-172-171‬‬
‫~ ‪~ 37‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫‪ ‬ال كجود للغات قومية‪ ،‬كإمبا اؼبوجود ىو أمباط لغات الطبقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬تنشأ اللغة ابلتمازج كالتزاكج بُت لغتُت متعايشتُت تنتصر فيها لغة الطبقة االجتماعية‬
‫اؼبهيمنة‪.‬‬
‫لقد القت النظرية اؼباري ػ ػة رفضان كامبلن من قبل اللسانُت البنيويُت‪ ،‬بوصفها نظرية‬
‫غَت علمية ال تتٌفق مع اغبقائق العلمية اؼبدعومة ابلواثئق كاألدلػٌة‪ .1‬كما كانت أفكاره موضوع‬
‫"جدؿ طويل من اؼباركسيُت أنفسهم‪ ،‬كالسيما فيما لو عبلقة دبفهوـ كحدة األصل اليت‬
‫تتعارض مع الفكر اؼباركسي كإف قيبلت بعض من تلك األفكار داخل االرباد السوفيايت"‪.2‬‬

‫‪.4‬سوسيولسانيات وليام البوف ‪:Willian Labov‬‬


‫الب ٌد أف أعماؿ األمريكي كل ػ ػياـ البػ ػوؼ ‪ William Labov‬كػ ػانت خطوة‬
‫ح ػاظبة من الناحية النظرية كاؼبنهجية ابذباه نشأة علم السوسيولسانيات‪ ،‬من خبلؿ كضعو‬
‫أيسسان كقواعد لبحوثو اؼبيدانية يف ىذا اجملاؿ‪ ،‬كاليت ضبطت كحددت ح ػيٌزان جغرافيا‪ ،‬يقوـ‬
‫بتحليل اؼبتغَتات الصوتية كاالجػتماعية‪ .3‬كما كاف يف دراستو حوؿ التغَت الصويت يف جزيرة‬
‫ميتػرتياس ‪ L’Ile de Marthas‬كعبلقػ ػتو ابلفئات العمرية كاعبماعات اؼبهنية‪ ،‬كاالثنية‬
‫كونة لتلك اعبزيرة‪ ،4‬كدراستو األخرل اليت أجراىا يف مدينة نيويورؾ "كنشرىا سنة ‪1966‬‬
‫اؼبػي ٌ‬
‫حوؿ التنضيد االجتماعي ‪ stratification sociale‬للػػحرؼ ‪ /r/‬يف احمل ػ ػبلت‬

‫‪ 1‬يينظر ميلكا إيفيتش‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.174‬‬


‫‪ 2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪3‬يينظر نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪4‬‬
‫‪William Labov, Sociolinguistique, traduction : Alain kihm, les édition de‬‬
‫‪miniuits, Paris, 1976, p45.‬‬
‫~ ‪~ 38‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫الكربل ؼبدينة نيػ ػويػ ػورؾ"‪ 1‬ككيف أف العوامل االجتماعية‪ ،‬كاعبماعات اؼبهنية كالطبقات‬
‫االجتماعية يف أحياء كربل ـبتلفة من اؼبدينة كاف ؽبا األثر الواضح يف طريقة نطقو‪ .2‬كىكذا‬
‫أصبحت سنوات السبعينيات من القرف اؼباضي منعطفان حاظبان يف ظهور علم‬
‫السوسيولسانيات "فظهرت ؾببلت كدكرايت يربػ ػيل ص ػراحة على اللسانيات االجتماعية أك‬
‫علم االجتماع اللغوم اليت أخذت تتبوأ مكانة ىامة كتيزعزع اؼبواقع اليت عيدّت هنائية"‪ .3‬كمن‬
‫أىم ىذه اؼبقاالت‪:‬‬

‫‪‬اللغة كالسياؽ االجتماعي ‪ langage and social context‬لصاحبو بيل ابكلر‬


‫جيقوليورل ‪.Peir Paolo Gigolioli‬‬
‫‪‬ؾبموعة مقاالت بعنواف السوسيولسانيات ‪ sociolinguistics‬ألصحاهبا ج‪.‬ب‬
‫برايد ‪ J.B Pride‬ك ج‪ .‬ىولس ‪.J. Hymes‬‬
‫‪an introduction to‬‬ ‫‪‬كتاب‪ :‬مقدمة يف السوسيولسانيات‬
‫‪ sociolinguistics‬لصاحبو بيًت ترادجيل ‪. Peter Tradgill‬‬
‫‪‬ؾبلة اللغة كاجملتمع ‪ language and society‬اليت أخذت يف الظهور سنة‬
‫‪.1972‬‬
‫‪International‬‬ ‫‪journal of the‬‬ ‫‪‬اجمللة الدكلية لعلم اجتماع اللغة‬
‫‪sociology of language‬اليت بدأت يف الظهور منذ سنة ‪.1974‬‬

‫‪ 1‬لويس جوف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Willaim Labov, Op cit, p96-97.‬‬
‫‪ 3‬لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫~ ‪~ 39‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كاف ىذا النشاط دبثابة النضاؿ العلمي من أجل التصور االجتماعي للغة الذم أشبر‬
‫فيما بعد العديد من الدراسات السوسيولسانية‪ ،‬اليت كجهت موضوع البحث يف بنية كتطور‬
‫اللغة يف السياؽ االجتماعي الذم تنشئة اعبماعة اللغوية‪.1‬‬

‫هبذا أصبحت السوسيولسانيات جزءان ال يتجزأ من اغبقل التطبيقي للسانيات‬


‫النظرية (اللسانيات التطبيقية)‪ .‬كأصبح الدرس السوسيولساشل ييعن ػػى بػالعبلقة بُت اللغة‬
‫كمستعملها من جهة كبُت اللغة كالبيئة االجتماعية كاعبغرافية من جهة أخرل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪William Labov, Op cit, p 258.‬‬
‫~ ‪~ 40‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫التغري اللغوي‬
‫ادلبحث الثاين ‪ :‬عوامل ّ‬
‫ييع ٌد فهم ظاىرة التغَت اللغوم كالتنبؤ ابلتغَتات اللغوية من أىم كظائف علماء‬
‫االجتماع اللغوم (السوسيولسانيوف) كمن أعقد حقوؽبم البحثية اليت ترتكز على افًتاضات‬
‫كتساؤالت ييبكن تلخيصها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬ما أسباب كآليات التغَت اللغوم؟‬
‫‪-‬ؼباذا يوبتفظ بعدد من التمايزات يف حُت تضيع أخرل؟‬
‫‪-‬ما ً‬
‫القول اليت تيقاكـ التغَت اللغوم؟‬
‫‪1‬‬
‫‪-‬ما اؼببادئ األساسية اليت ذبعل تنبؤات التغيَت يف اعبماعات اؼبنتقاة فبكنة؟‬

‫‪.1‬مفهوم التغري اللغوي‪:‬‬


‫أضحى حقل السوسيولسانيات من أعقد ؾباالت البحث اليت ترتكز على ظاىرة‬
‫التغَت اللغوم‪ ،‬كاليت تيعرب عن "كل تغيػٌر حاصل للٌغة‪ ،‬لفظيا كاف أك معنواي‪ ،‬صوتيا أك حرفيا‪.‬‬
‫أك ىو إحالة اللفظ عن حالو كصورتو إذل صور أخرل‪ ،‬بزايدة أك نقصاف أك تبديل‪ .‬أك ىو‬
‫مأخوذ من معٌت التغيَت يف الشعر‪ ،‬كم ً‬
‫عادلو يف اليواننية (ميتبلسموس‪،)Mitaplasmus ،‬‬ ‫ي‬
‫الشعرم الذم يػي ػ ػ ػراد بو ـبالفة القياس اللغوم‪ ،‬أك اإلتياف أبلفاظ‬
‫مأخوذ ىو اآلخر من اؼبعٌت ٌ‬
‫كحشية أك بربرية لضركرة شعرية"‪ .2‬كيرتبط التغَت اللغوم عادة ابلتغَتات اغباصلة يف اجملتمع‬
‫كاليت تيؤثر بدكرىا على أنساقو الثقافية كاالجتماعية (العادات‪ ،‬التقاليد كاألعراؼ‪" ،)...‬‬

‫‪1‬يينظر نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫~ ‪~ 41‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كىذا معناه أف التغَت اللغوم يبدأ عند فرد ما‪ ،‬أم على مستول الكبلـ‪ ،‬فإذا كجد ىذا‬
‫التجديد قب ػػوالن من اجملتمع‪ ،‬أصبح ًدبيضي الوقت عرفا لغواي سائدان"‪ .1‬كهبذا الصدد يػ ػيؤكد‬
‫لسنٌة النشوء كاالرتقاء"‪ ،2‬إذ‬
‫ماريو ابم ‪ Mario Pei‬أ ٌف "كل اللٌغات اغبية تتغَت مسايرة ي‬
‫أف طبيعة اللغة سبيل إذل التغَت عرب الزماف كاؼبكاف‪ ،‬كىذه اػباصية العاؼبية للٌغة تشكل األساس‬
‫يف كل تغَت لغوم‪.3‬‬

‫كييصيب التغَت اللغوم اللغة اؼبكتوبة كما ييصيب اللغة اؼبنطوقة رغم ؿباكالت‬

‫اجملتمعات العلمية يف الكثَت من البلداف االىتماـ ابللغة اؼبكتوبة كتقديبها على أهنا أيمبوذجان‬
‫للغة اؼبنطوقة كعدـ تشجيع االستعماالت اللغوية النحيلة كاجمل ٌددة نيطقان أك كتابة كذلك‬
‫الرظبي كما ىو‪ .‬كأيسندت ىذه اؼبهمة لؤلكاديبيات كاجملامع‬
‫للحفاظ على الوضع اللغوم ٌ‬
‫اللغوية على غرار األكاديبية الفرنسية‪ ،‬كأكاديبية ركاايؿ للغة االسبانية كؾبامع اللغة العربية يف‬
‫بعض البلداف العربية‪.4‬‬

‫التغري اللغوي ‪:‬‬


‫‪.2‬أسباب ّ‬
‫إف دراسة اللغة بعبلقتها مع اجملتمع يتطلب تشارؾ الكثَت من العلوـ االجتماعية‬
‫كاالنسانية كمنها ‪ :‬علم االجتماع كاألنثربولوجيا كعلم النفس االجتماعي‪ ...‬تتعاكف ىذه‬
‫العلوـ يف الكشف "عن اػبربات كالتنبيهات اليت يتعرض ؽبا الفرد يف سنُت عمره األكذل‪ ،‬حىت‬

‫‪ 1‬ؿبمود فهمي حجازم‪ ،‬علم اللغة العربية‪ ،‬دار غريب للطباعة كالنشر كالتوزيع‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 2‬نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 3‬يينظر ماريو ابم‪ ،‬أسس علم اللغة‪ ،‬ترصبة ‪ :‬أضبد ـبتار عمر‪ ،‬عادل الكتب‪ ،‬القاىرة‪ ،1998 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ 4‬يينظر فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174-173‬‬
‫~ ‪~ 42‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫اكتماؿ تشكيل شخصيتو يف اؼبستقبل عن طريق لغتو كسلوكو الكبلمي الكاشف عن‬
‫اإلمكاانت كاالستعدادات اؼبوركثة‪ ،‬كما وبصل ؽبا من تفاعل مع البيئة‪ ،‬يكتسب الفرد يف‬
‫أثنائػ ػو السلوؾ االجتماعي اؼببلئم للبيئة االجتماعية كالثقافية‪ ،‬كىذا يعٍت أهنا عملية تعلٌم‬
‫اجتماعي‪ ،‬ذبعل من الفرد اؼبتعلم عضوا يف أسرتو أك مؤسستو أك ؾبتمعو"‪ .1‬فييصبح بذلك‬
‫جلي على لغة أفراده‪ .‬كلعل ىذا يقودان إذل اغبديث عن اعبماعات‬
‫للنظاـ االجتماعي أتثَت ٌ‬
‫اللغوية اؼبكونة للمجتمع "ابعتبارىا صباعات بينها تفاىم لغوم ييبكن ربطو بعناصر اجتماعية‬
‫أخرل كمستول العيش كالسكن كالنشاط اؼبهٍت‪ ،‬إخل"‪ .2‬كؼباٌ كانت العناصر االجتماعية تتغَت‬
‫من صباعة ألخرل كمن فرد آلخر فبلبد أف تغَتىا ضرب من ضركب التغَت اللغوم ف ػ ػ ػ ػػ"اللغة‬

‫ىي ما بًو ى‬
‫كع ىربهي تتحقق التنشئة االجتماعية اليت تيدخل الفرد يف عبلقة مع اجملتمع‪ ،‬تيدرجو يف‬
‫عملية مزدكجة حيث ييعًتؼ لو هبوية عضو داخل اجملتمع كوبصل على اعًتاؼ مقابل قانوف‬
‫‪3‬‬
‫اعبماعة‪ .‬هبذا اؼبعٌت‪ ،‬فاللغة يرب ٌدد البنية الرمزية للجماعة‪".‬‬

‫إف ىذه العبلقة بُت اللغة كاؼبتغَتات اؼبختلفة للمجتمع‪ ،‬جعلت أسباب التغَت اللغوم متنوعة‬
‫قسمها كلياـ برايت ‪ William Bright‬يف مقالو "العوامل االجتماعية‬
‫كمتعددة‪ ،‬كقد ٌ‬
‫يف التغَت اللغوم" إذل نوعُت ‪:‬‬

‫‪1‬نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬مقارابت سوسيولسانية‪ ،‬الدار اؼبنهجية للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عماف‪-‬األردف‪،2016 ،‬‬
‫ص‪.101‬‬
‫‪2‬جلبَت غرانغيوـ‪ ،‬اللغة كالسلطة كاجملتمع يف اؼبغرب العريب‪ ،‬ترصبة ‪ :‬دمحم أسليم‪ ،‬أفريقيا الشرؽ‪ ،2011 ،‬ص ‪-156‬‬
‫‪.157‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.157‬‬
‫~ ‪~ 43‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫أ‪.‬أسباب ماكرو لغوية‪:‬‬

‫تتضمن ىذه العوامل اؼباكرك لغوية بنية اللغة بكاملها "كغالبان ما تكوف على كبو‬
‫قرارات إرادية كاعية‪ ،‬يتم إقرارىا مؤسسيا‪ ،‬كجزء من برانمج التخطيط اللغوم‪ ،‬فعندما تتصل‬
‫اللغات مع بعضها على مستول كاسع‪ ،‬مثل‪ :‬االسبانية كاالقبليزية يف الوالايت اؼبتحدة يبكن‬
‫أف تيصبح الثنائية اللغوية مشًتكة‪ ،‬كغالبان ما ينتج عن ذلك تغيَت شفوم بُت اللغتُت‪ ،‬كدخوؿ‬
‫اؼبقًتضات من لغة إذل أخرل‪ ،‬كاستيعاب البنيات النحوية يف تلك اليت تستند إليها قيمة‬
‫اجتماعية كاإلقبليزية مثبلن" ‪ .1‬كيف بعض اغباالت قد قبد إضافة إذل ذلك "حصر استعماؿ‬
‫اللغة االسبانية يف سياقات أضيق (مثل اؼبنزؿ)‪ ،‬إذل درجة االستغناء عن اإلسبانية يف بعض‬
‫اجملموعات‪ ،‬كالتحوؿ اللغوم التاـ كبو االقبليزية‪ ،‬كاؼبرحلة النهائية للتبلشي طبعان‪ ،‬ىي موت‬
‫اللغة"‪ .2‬كتيصبح لغة أخرل ‪ :‬إقبليزية كلكنها جديدة ‪-‬بفضل التغَت اللغوم‪ -‬اللغة الرظبية يف‬
‫االستعماؿ‪ ،‬كىي يف اغبقيقة لغة ىجينة عبارة عن خليط بُت االقبليزية كاالسبانية‪ ،3‬كذلك‬
‫معناتو أف ىنالك بيركز كضعية جديدة عند األشخاص متعددم اللغات‪ ،‬كتيعرؼ بوضعية‬
‫التداخل اللغوم ‪ Linguistic interference‬كتعٍت تطبيق نظاـ لغوم للغة ما يف‬
‫عرفها أكريل فينريتش ‪Uriel Weinreich‬‬ ‫أثناء الكتابة أك اؼبشافهة بلغة اثنية‪ ،‬كقد ٌ‬
‫أبهنا اكبراؼ عن القواعد اليت تضبط إحدل اللغتُت اللتُت يستعملها ثنائيو اللغة‪ ،‬نتيجة‬
‫لبلتصاؿ الذم يتم بُت اللغتُت‪.4‬‬

‫‪ 1‬حيدر غضباف‪ ،‬اللسانيات العربية ‪ :‬رؤل كآفاؽ‪ ،‬اعبزء الثالث‪ ،‬اللسانيات التطبيقية كاللغة العربية‪ ،‬عادل الكتب اغبديث‬
‫للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬األردف‪ ،2019 ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪ 2‬فلورايف كوماس ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ 3‬يينظر حيدر غضباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪ 4‬يينظر اؼبرجع نفسو ‪،‬ص ‪.205،206‬‬
‫~ ‪~ 44‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫ب‪.‬أسباب ميكرو لغوية‪:‬‬

‫على اؼبستول اؼبيكرك لغوم "ييبكن للتغَتات اللغوية أف تبدأ يف مستول فردم‪ ،‬أك‬
‫من طرؼ ؾبموعة صغَتة‪ ،‬مث يقع التقليد بعد ذلك من طرؼ آخرين يسندكف إليو قيمة‬
‫اجتماعية"‪ 1‬كيدؿ ىذا أف التغَت اللغوم يبدأ عند فرد ما‪ ،‬أم على مستول الكبلـ‪ ،‬فييصبح‬
‫كبلمان جديدان‪ ،‬قد ييبلقي قبوالن من اجملتمع كييصبح تقليدا أك يع ػرفان لغواين سػ ػائدان‪ ".‬فإذا درسنا‬
‫لغة فرد كاحد يبدك لنا أف التغَت حامبلن لقدر كبَت من العشوائية‪ ،‬لكن إذا أجرينا دراسة‬
‫إحصائية كمقارنة تتضمن متكلمُت متعددين‪ ،‬ضمن سياقات اجتماعية كاحدة كمتشاهبة‪،‬‬
‫كموقع جغرايف كاحد‪ ،‬فمن اؼبمكن اكتشاؼ بنيات منسجمة كاحدة للتغَت اللغوم"‪ ،2‬فما‬
‫قىبًلو اجملتمع من تغَتات لغوية جديدة أصبح مفيدان لبلستعماؿ كالتداكؿ‪ ،‬كتظهر بذلك‬
‫استعماالت لغوية جديدة قد ترقى مع مركر الزمن إذل مستوايت لغوية عليا‪ .‬كما رفضو‬
‫اجملتمع من تغيَتات قد ييصبح عبارة عن استعماالت لغوية شاذة تبقى ؿبصورة على صباعة‬
‫كبلمية ضيقة‪ .‬كاعبدير ابلذكر أف التغيَت اللغوم كتداكلو من طرؼ األفراد "يقع يف الغالب‬
‫يف اؼبفردات اؼبعجمية اعبديدة‪ ،‬أم يف البنية اللغوية‪ ،‬كالقليل كالنادر ما قبده يقع يف ؾبالػ ػ ػػي‬
‫الصوتيات كالنحو‪ ،‬كال يظهر التجديد فيها بوضوح‪ ،‬كظيهوره يف ؾباؿ البنية"‪.3‬‬

‫‪.3‬اللغة وادلتغريات االجتماعية ‪:‬‬


‫تتحكم يف التغَت اللغوم ؾبموعة من اؼبتغَتات اللغوية من جهة‪ ،‬كىي اؼبتغَتات اليت‬
‫ييبكن مبلحظتها يف سلوؾ اؼبتكلمُت يف اجملتمع كيسمح التحليل اللغوم حبصرىا كإظهارىا‪،‬‬

‫‪ 1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬


‫‪ 2‬حيدر غضباف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪205‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.206‬‬
‫~ ‪~ 45‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كمن جهة أخرل اؼبتغَتات االجتماعية‪ ،‬كىي كل اؼبتغَتات اليت يسمح التحليل‬
‫السوسيولوجي ابلتوصل إليها كتصنيفها‪ ،‬كإف البحث العلمي الذم يوباكؿ حصر ؾبموع ىذه‬
‫اؼبتغَتات (لغوية كانت أـ اجتماعية) ىو "شبرة نظرية لسانية يف اغبالة األكذل‪ ،‬كنظرية‬
‫سوسيولوجية يف اغبالة الثانية‪ ،‬كأف تعدد النظرايت ييع ٌقد اؼبشكلة"‪ .1‬كهبذا تيصبح ؿباكلة‬
‫الباحثُت غبصر ىذه اؼبتغَتات كالوقوؼ بدقة على درجة ترابطها شبو مستحيلة‪ .‬كسنقف ىنا‬
‫على أىم اؼبتغَتات اؼبتحكمة يف ظواىر التغَت اللغوم‪.‬‬

‫أ‪.‬ادلتغريات اللغوية ‪:‬‬

‫"إف اللغات تتغَت كتتطور دائمان‪ ،‬كلكن ىذا التغَت الدايكركشل‪ ،‬التارىبي ينضاؼ إليو‬
‫تغَت اثف ىو التغَت اآلشل‪ ،‬ييبكننا أف نيعاين دكمان يف صلب اللغة الواحدة تعايش أشكاؿ كصيغ‬
‫ـبتلفة ؼبدلوؿ كاحد‪ ،‬كىذه اؼبتغَتات ييبكن أف تكوف جغرافية‪ :‬اللغة الواحدة تينطق أبشكاؿ‬
‫ـبتلفة أك ييبكن أف يكوف ؽبا رصيد إفرادم يف أماكن ـبتلفة عن القطر"‪.2‬‬
‫إف اؼبشكل الكبَت يف حقل اللسانيات االجتماعية ىو عدـ القدرة على حصر ىذه‬
‫اؼبتغَتات اللغوية (كحىت االجتماعية)‪ ،‬كقد يصعب يف أحياف كثَتة التمييز بُت ما ىو لساشل‬
‫كما ىو اجتماعي‪.3‬‬

‫ك"وبصل التغَت اللغوم حينما تسمح صيغتاف لغويتاف ابلتعبَت عن نفس الشيء‪،‬‬
‫أم عندما ينطوم داالف على نفس اؼبدلوؿ كأف االختبلفات اؼبوجودة تضطلع بوظيفة أخرل‪،‬‬

‫‪1‬لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.80‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ 3‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫~ ‪~ 46‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫ىي الوظيفة األسلوبية أك االجتماعية"‪ .1‬فالتعبَت عن مدلوؿ اؼبرحاض يف اللغة الفرنسية‬
‫بدكاؿ ‪ les toilettes‬أك ‪ les petits coins‬أك ‪ WC‬مثبل ييصبح متغَتان‪ ،‬كقد‬
‫تشًتؾ يف نطق كل منها بنفس الطريقة فئات كشرائح ؾبتمعية معينة (رجاؿ‪ ،‬نساء‪ ،‬صغار‪،‬‬
‫كبار‪ ،‬سكاف اؼبدينة‪ ،‬سكاف الريف‪ ،‬طبقات ـبتلفة‪.)...‬‬

‫لعل أبرز األمثلة عن اؼبتغَتات اللغوية تلك اؼبتعلقة ابلتغَت الصويت‪ ،‬ىبتلف نطق‬
‫ك ٌ‬
‫بعض أصوات اللغة الواحدة من منطقة ألخرل كمن فئة ألخرل‪ .‬حيث اللغوم كلياـ البوؼ‬
‫‪ William Labov‬ىو أكؿ من يعٍت بدراسة التغَتات الصوتية بشكل علمي من خبلؿ‬
‫"دراستو كيفية أداء حركؼ اللُت ‪ semi-voyelles‬من قبل سكاف يقطنوف جزيرة تقع‬
‫يف عرض سواحل اؼباسشوست ‪ : Massachusetts‬نطق اؼبزدكج الصويت ‪ /ay/‬يف‬
‫كلمات مثل ‪ wine ، pride، whita،right‬أك ‪ wife‬كاؼبزدكج الصويت ‪ /aw/‬يف‬
‫كلمات مثل ‪ doubt ،out ،house :‬إخل"‪ .2‬لقد ال حظ البوؼ ‪ Labov‬أف ‪/a/‬‬
‫يتجو كبو االضمحبلؿ كاالختفاء يف لدل سكاف ىذه اعبزيرة كيبيل نطقو إذل االقًتاب من‬
‫حرؼ ‪ ./e/‬فيتساءؿ ؼباذا يبتعد سكاف ىذه اعبزيرة عن النطق السليم ؽبذا اغبرؼ يف‬
‫االقبليزية ! كرأل أنو من الضركرم دراسة ىذا التغَت الصويت دراسة دقيقة يف ضوء البيئة‬
‫االجتماعية كما يًتتب عنها من قول تيؤثر بعمق يف حياة اعبزيرة‪ .3‬اكتشف البوؼ‬
‫‪ Labov‬أف عوامل كالتوزيع اعبغرايف (أعلى اعبزيرة كأسفلها)‪ ،‬الزمر االجتماعية (صيادكف‪،‬‬

‫‪ 1‬لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ 3‬يينظر لويس جاف كالفي‪ ،‬علم االجتماع اللغوم‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫~ ‪~ 47‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫مزارعوف‪ ،)...‬األصل أك اإلثنية (اقبليزم‪ ،‬برتغارل‪ ،‬ىندم‪ )...‬كغَتىا ؽبا أتثَت أساسي يف‬
‫ىذا التغَت الصويت‪.‬‬

‫فاؼبتغَتات اللغوية‪ ،‬كالصوتية منها خاصة‪ ،‬ىي متنوعة كمتعددة ال ييبكن حصرىا‪،‬‬
‫تظهر يف اللغة اؼبنطقوقة خاصة‪ ،‬لكن أسباهبا متعلقة دبحيط يمتكلميها‪ ،‬لذلك فاألجدر ىو‬
‫البحث يف يمسبٌبات ىذه اؼبتغَتات اللغوية كاعتمادىا كوسيلة لذلك‪.‬‬

‫ب‪.‬ادلتغريات االجتماعية ‪:‬‬


‫يتميز اجملتمع‪ ،‬دبا وبويو من نيظم كأنساؽ تيشكلها الثقافة كالعادات كالتقاليد كالبيئة‬
‫اعبغرافية كاجملاؿ السكاشل‪ ،‬دبتغَتات اجتماعية كثقافية فبيىيًٌزة للجماعة اليت تيشكلو‪ .‬كاليت من‬
‫شأهنا التأثَت على السلوؾ اللساشل ؽبذه اعبماعة فبا ييؤدم إذل االختبلؼ كالتنوع يف طريقة‬
‫الكبلـ كاؼبمارسات اللغوية‪.‬‬

‫إ ٌف لكل متكلم موقعو يف اعبماعة كمكانتو يف اجملتمع‪ ،‬كإ ٌف ىناؾ تفاعبل مستمرا بُت‬
‫اللساف الذم يتميز خباصية اإلفراد كما وبويو اجملتمع من متغَتات ثقافية كؾبتمعية‪ ،‬زبتلف من‬
‫ؾبتمع آلخر كمن عادات كتقاليد ألخرل حسب اختبلؼ اجملتمعات كاألعراؽ‪ .‬كتيعد‬
‫اؼبتغَتات اؼبذكورة أدانه أساسية يف البحث السوسيولساشل ‪:‬‬

‫‪ ‬الثقافة ‪ :‬ستظل دراسة عبلقة اللغة دبحيطها اػبارجي بنفس أنبية دراستها كنظاـ يف‬
‫ذاتو كلذاتو على حد تعبَت دكسوسَت ‪ ،De Saussure‬فهي نظاـ ييشكل نسقا‬
‫معرفيا يقوـ على العبلقات االجتماعية‪" ،‬كمع تعاقب العقود كالقركف كما تشهده من‬
‫تراكمات ثقافية كربوالت اجتماعية كاترىبية كانفتاحات حضارية‪ ،‬انطبعت اللغة‬
‫~ ‪~ 48‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫ابلدرجة األكذل كردبا قبل سواىا‪ ،‬هبذه الًتاكمات كالتحوالت يف النظم كاآلفاؽ ال‬
‫سيما أف لكل ثقافة لغتها‪ ،‬حيث تتبادؿ اللغة كالثقافة أدكارنبا‪ ،،‬فقد كانت يف البدء‬
‫مصدرا للثقافة‪ ،‬كحدث بعد ذلك أف أصبحت الثقافة أساسا إلعادة خلق اللغة"‪.1‬‬
‫ترتبط الثقافة ابللغة يف عبلقة جدلية‪ ،‬فبل ييبكن أف يزبلق الواحدة بدكف كجود‬
‫األخرل‪.‬‬
‫‪ ‬السن‪ :‬كيعترب السن من اؼبتغَتات االجتماعية األساسية يف الدراسات‬
‫السوسيولسانية‪ ،‬كخاصة تلك اؼبتعلقة ابلتعدد كالتغَت اللغويُت كالتنوع اللهجي‪ ،‬حيث‬
‫أف فئة كبار السن ييعدكف من مصادر اغبفاظ على اللغات كاللهجات األصلية‪ ،‬من‬
‫خبلؿ احتفاظ الكثَت منهم ابػبصائص اللغوية األصيلة كالعريقة يف اجملتمعات‪ ،‬كيبكن‬
‫أيضا اعتبارىم اؼبعيار أك اؼبقياس للتغَت اللغوم‪ .‬فمثبل ؽبجة الكبار يف السن ىي‬
‫نقطة البداية اليت ييقاس استنادا إليها مدل التغَت كالتنوع اللغوم‪ ،‬كقد أثبتت‬
‫الدراسات السوسيولسانية اغبديثة أنبية ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬اجلنس‪ :‬فقد تبُت أف ىناؾ فركقا كاضحة بُت السلوؾ اللغوم السائد بُت اإلانث‬
‫كالذكور‪" ،‬فالذكور أقل حساسية من اإلانث‪ ،‬للضغوط االجتماعية كاىتماما‬
‫ابؼبظاىر‪ ،‬كاؼبودة ‪ ،La mode‬كاألزايء‪ ،‬كطرؽ نطق العبارات‪ ،‬كاإلانث يبلن دائما‬
‫إذل استعماؿ اػبصائص كالسمات اللغوية اليت تيقيٌم اجتماعيا أبهنا راقية‪ ...‬كقد كجد‬
‫الباحثوف يف اجملتمعات الغربية أف اإلانث أكثر استعماال للغة الفصيحة اليت تيعترب‬

‫‪1‬يينظر حسٍت ىنية‪ ،‬السياسة اللغوية يف اجملتمع اعبزائرم ‪ :‬دراسة ربليلية نقدية للنظاـ الًتبوم اعبزائرم‪ ،‬أطركحة دكتوراه‬
‫يف علم االجتماع الًتبوم‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬السنة اعبامعية ‪ ،2018/2017‬ص ‪.50-49‬‬
‫~ ‪~ 49‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫راقية اجتماعيا"‪ ،1‬أما يف اجملتمعات العربية‪ ،‬فإف اإلانث أكثر استعماال للخصائص‬
‫كالسمات اؼبميزة للغة أىل اؼبدينة حيث تيعترب ىذه األخَتة أرقى ؾبتمعيا‪.‬‬
‫‪ ‬البيئة اجلغرافية‪ :‬كييع ٌد ىذا اؼبتغَت مهما يف الدراسات السوسيولسانية للمجتمعات‬
‫اغبديثة خاصة العربية منها‪ ،‬فػ ػ ػػ"التقسيمات اعبغرافية للتجمعات السكانية أضحت‬
‫من أىم األبعاد كاؼبؤشرات اؼبميزة ػبصائص اعبماعات‪ ،‬كييبكننا يف ىذه اغبالة أف‬
‫نعتمد تقسيمات كثَتة‪ ،‬حسب البيئة اعبغرافية‪ ،‬كأكثر ىذه التقسيمات اعتمادا يف‬
‫البحوث كالدراسات يف ؾباالت العلوـ االجتماعية كأنبية ىو التقسيم التقليدم‪:‬‬
‫البادية‪ ،‬كالريف‪ ،‬كسكاف اؼبدف"‪ ...2‬كقديبا ميٌز علماء اللغة العرب بُت ؽبجات‬
‫اغبضر كالبدك كاألرايؼ‪ ،‬ككصفوا ؽبجات اغبضر ابؽبجينة اليت تتميز أبهنا مزيج‬
‫كخليط من لغات كؽبجات ـبتلفة على عكس ؽبجة البدك اليت تتميز ابحملافظة على‬
‫األصل كالفصاحة‪.‬‬

‫كقد أنتجوا دراسات كثَتة حوؿ التنوع اللهجي‪ ،‬كمدل أتثر اللغة بكوف‬
‫الفرد حضراي أك بدكاي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Kimberly L. GEESLIN and Avizia YIM LONG, Sociolinguidtics and‬‬
‫‪Second Language Aquisition, Learning to use language in context,‬‬
‫‪Routledge, London, P55.‬‬
‫‪2‬مارتيخن فيلنج كجوف نَتبوف كر‪ .‬ىارالد ابيُت‪ ،‬علم اللهجات الكمي اعبغرايف ‪ :‬تفسَت االختبلفات اللغوية جغرافيا‬
‫كاجتماعيا‪ ،‬ترصبة ‪ :‬مالك أضبد عساؼ‪ ،‬ؾبلة الثقافة العاؼبية (ملف العدد ‪ :‬نشوء كتطور اللغة)‪ ،‬اجمللس الوطٍت للثقافة‬
‫كالفنوف كاآداب‪ ،‬السنة الثبلثوف‪ ،‬سبتمرب‪ -‬أكتوبر ‪ ،2013‬ص‪.40‬‬
‫~ ‪~ 50‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫‪‬الوضعية االجتماعية‪ :‬كىو تقسيم اجملتمع إذل طبقات أك فئات‪ ،‬حسب حالتهم‬
‫االقتصادية أك مستواىم التعليمي كالثقايف‪ ،‬كالطبقة الغنية كالفقَتة كالعليا كالدنيا‬
‫كالعاملة‪ ....‬كزبتلف الدراسات يف ربديد معايَت تقسيم طبقات اجملتمع حسب نوع‬
‫الدراسة كىدفها‪ ،‬كابختبلؼ اجملتمعات كبيئتها اعبغرافية كالثقافية‪ .‬كىبتلف الباحثوف‬
‫يف طريقة ىذا التقسيم ابختبلؼ زبصصاهتم العلمية كاذباىاهتم البحثية‪ .‬كابعتبار أف‬
‫كتغَت لغة اؼبتعلم مرتبط‬
‫تعلم اللغة يتم يف عملية من التفاعل االجتماعي‪ ،‬فتنوع ٌ‬
‫ابلوضع االجتماعي ألسرتو‪ .‬فقد كجد الباحثوف يف حقل السوسيولسانيات كعلى‬
‫رأسهم كلياـ البوؼ ‪ William Labov‬يف دراستو الشهَتة لكيفيات حديث‬
‫أىارل مدينة نيويورؾ‪ ،‬أف ـبتلف طيرؽ كحاالت نطق اؼبتكلمُت تتوزع على كبو‬
‫يعكس اختبلؼ الوضعيات االجتماعية اليت يسبيزىم‪" ،‬فاألدسل موقعا ككضعا من الناس‬
‫يف السلمية الطبقية‪ -‬االجتماعية‪ ،‬ىم الذين وبظوف بفرصة أمل الستعماؿ أشكاؿ‬
‫اللغة اؼبعيار"‪ .1‬أم أف ذكم الدخل اؼبتدشل كالبسيط كاؼبصنفُت ضمن خانة الفقراء‬
‫يبيلوف الستعماؿ اللغة اؼبعيارية كىي لغة اػبطاب اليومي كلغة االعبلـ‪ .‬بينما كلما‬
‫ارتفعت الطبقة اجملتمعية‪ ،‬زاد استعماؿ الفصحى‪ ،‬كإف األفراد من الطبقات العليا‬
‫كالوسطى يبيلوف إذل استعماؿ ظبات لسانية من اللغة الفصحى‪ ،‬بشكل عاـ‪ .‬فقد‬
‫كجدت الدراسات عبلقات بُت الفئة االجتماعية اليت ينتمي إليها الفرد‪ ،‬كاألمباط‬

‫‪1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.861‬‬


‫~ ‪~ 51‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫اللسانية اليت يستعملها‪ .‬كييعترب ىذا اؼبتغَت يمهما لئلجابة عن تساؤالت على النحو‬
‫اآليت‪:‬‬

‫‪-‬ما ىي الفئة االجتماعية اليت يربدث التغَت اللغوم؟ ككيف يتم توسع ىذا التغَت؟‬

‫‪-‬ما ىي مربرات االقًتاض داخل اللغة الواحدة؟‪.‬‬

‫‪‬العامل السياسي‪ :‬ييركز ىذا العامل على اللغات االستعمارية األجنبية‪ ،‬اؼبستعملة تبعا‬
‫لذلك‪ ،‬كأثرىا يف اللغة العربية‪ .‬كمن جهة أخرل‪ ،‬أدل التحرر من التبعية‬
‫االستعمارية‪ ،‬كاالنقساـ يف الدكؿ العربية‪ ،‬إذل التباعد االجتماعي كالثقايف بُت البلداف‬
‫العربية االسبلمية‪ ،‬كىذا ما أصبح ييش ٌكل خطرا على اللساف العريب‪.‬‬

‫كربدث كضعيات لسانية‬


‫ىذه بعض العوامل االجتماعية اليت قد تيؤثر يف اللغة‪ ،‬ي‬
‫جديدة‪ ،‬كال يعٍت ىذا ابلضركرة استثناء عوامل أخرل‪ ،‬ك يدخوؿ تكنولوجيات االعبلـ‬
‫كاالتصاؿ على اجملتمعات كالتحوالت السياسية الناصبة عن اغبراؾ االجتماعي كاغبركب‪،‬‬
‫التحزب غبساب أحزاب األقليات يف بعض اجملتمعات‪ ،‬كاالنتماءات الدينية كالتحوالت‬
‫ك ٌ‬
‫االقتصادية‪ ،‬ك يولوج اؼبرأة ميداف الشغل‪ ،‬أك االنتقاؿ من بيئة ريفية زراعية إذل بيئة حضرية‬
‫صناعية كذبارية (النزكح الريفي يف األغلب)‪ ،‬كىي غالبا ما تيعيد تشكيل اػبريطة اللسانية‪.‬‬

‫‪.4‬الوضعيات السوسيولسانية‪:‬‬
‫يرتبط التغَت اللغوم يف اجملتمع بوضعيات سوسيولسانية كثَتة‪ ،‬كالتعدد اللغوم‬
‫كالثنائية اللغوية كاالزدكاجية اللغوية‪ ،‬كاللهجات‪ ،‬كتلوانت لغوية كثَتة‪.‬‬

‫~ ‪~ 52‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫أ‪.‬التعدد اللغوي‪:‬‬

‫يًتكب مصطلح التعدد اللغوم لغة من كلميت تعدد كاللغوم‪ ،‬فالتعدد يف اللغة‬
‫العربية مصدر‪ .‬فيقاؿ تع ٌدد‪ ،‬يتع ٌدد‪ ،‬تع ٌددان‪ ،‬أم صار عديدان‪ ،‬أم كثَتان ابؼبصطلح فيو إشارة‬
‫إذل العدد‪ .‬كييشَت ىذا إذل عدد من اللغات اؼبتكلمة يف اجملتمع‪ ،‬كيقابل مصطلح التعدد‬
‫اللغوم يف اللغة األجنبية مصطلحا‪ plurilinguisme :‬ك ‪multilinguisme‬‬
‫‪1‬‬
‫ييعرؼ التعدد اللغوم على أنو " استعماؿ أكثر من لغة كاحدة أك قدرة أبكثر من لغة"‬
‫كيظهر ذلك يف السلوكات اللغوية ألفراد اجملتمع لغة ككتابة‪.‬‬

‫كيصنف التعدد اللغوم عادة ابلثنائية اللغوية أك التعددية اللغوية‪ ،2‬أم استعماؿ‬
‫منظومتُت أك أكثر‪ ،‬من جانب اؼبتكلمُت يف متع ٌود كاحد"‪ 3‬فارتباط التعددية اللغوية ابلثنائية‬
‫اللغوية غالبان ىمىرده إذل أف احتماؿ كجود أشخاص ثنائيي اللغة يف اجملتمعات بقدر أحاديي‬
‫اللغة كارد بقوة‪ ،‬بينما ال يبكن تصور كجود ؾبموعة كبَتة من األشخاص الذين يستعملوف‬
‫‪4‬‬
‫أكثر من لغتُت بشكل اعتيادم‬

‫ب‪.‬الثنائية اللغوية‪:‬‬

‫ظهر مفهوـ الثنائية اللغوية يف سنوات الثمانينات يف كتاابت إيبانويل غوادم‬


‫‪ Emanuel Guadi‬لوصف كضعية لغوية كانت سائدة يف اليوانف أنذاؾ‪ ،‬حيث يوجد‬

‫‪ 1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪650‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.649‬‬
‫‪ 3‬جولييت غارمادم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪4‬يينظر فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.649‬‬
‫~ ‪~ 53‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫هبا مستوايف لغوايف ـبتلفاف دموتيكي ككثارفوسا‪ ،‬كقد أخذه ىذا األخَت من الكلمة اليواننية‬
‫القديبة ‪ diglottos‬كمعناىا استخداـ لغتُت عمومان‪.1‬‬

‫كقد شاع استعماؿ ىذا اؼبصطلح يف الدراسات اللغوية مع كتاابت اللغوم األمريكي‬
‫شارؿ فرجسوف ‪ ،Charles Ferguson‬الذم نشر حبثا يف ؾبلة اللغة األمريكية بعنواف‬
‫‪ diglossie‬الثنائية اللغوية كاليت كصفها "ابلوضع اؼبستقر نسبيان توجد فيو ابإلضافة إذل‬
‫اللهجات الرئيسية‪ ،‬لغة زبتلف عنها كىي مقننة بشكل متقن‪ ،‬كىذه اللغة دبثابة نوع راؽ‬
‫ييستخدـ كوسيلة للتعبَت عن أدب ؿبًتـ سواء أكاف ىذا األدب ينتمي إذل صباعة يف عصر‬
‫سابق أـ صباعة حضارية أخرل كيتم تعلم ىذه اللغة الراقية عن طريق الًتبية الرظبية كلكن ال‬
‫يستخدمها أم قطاع من اعبماعة يف أحاديثو االعتيادية‪.2‬‬

‫كىذا يعٍت أف الثنائية اللغوية ىي أسلوبُت ـبتلفُت من نفس اللغة يف ؾبتمع كاحد‬
‫نتيجة لتغَت لغوم انتج عن دخوؿ متغَتات سوسيولسانية على ىذه اللغة‪.‬‬

‫فالثنائية اللغوية عند فرجسوف ‪ Ferguson‬ىي مواجهة بُت بديلُت من ضركب‬


‫اللغة‪ ،‬تيرفع منزلة أحدنبا فييعبًت اؼبعيار‪ ،‬كييكتب بو األدب كالشعر كالفن‪ ،‬كييصبح اللغة العليا‪،‬‬
‫ط منزلة اآلخر كلكن تكوف لو األغلبية يف التداكؿ‪.3‬‬
‫كرب ٌ‬
‫كال تتح ٌدث بو إال اػباصة‪ ،‬ي‬

‫‪ 1‬يينظر الزىرة بن عائشة‪ ،‬التعدد اللغوم كاالتصاؿ حبوض اؼبتوسط‪ ،‬دراسة ميدانية لواقع التعدد اللغوم كاالتصاؿ لدل‬
‫التلميذ اعبزائرم أمبوذجا‪ ،‬أطركحة دكتوراه‪ ،‬جامعة تلمساف‪ ،2018-2017 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ ،76‬نقبل عن ‪ :‬علي القاظبي‪ ،‬العربية الفصحى كعامياهتا يف السياسة اللغوية‪ ،‬أعماؿ الندكة‬
‫الدكلية الفصحى كعامياهتا‪ ،‬اجمللس األعلى للغة العربية‪ ،‬اعبزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ 3‬يينظر لويس جاف كالفي‪ ،‬حرب اللغات كالسياسات اللغوية‪ ،‬ترصبة‪ :‬حسن ضبزة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بَتكت‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.70‬‬
‫~ ‪~ 54‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫فالثنائية اللغوية على حد اؼبفهوـ الذم جاء بو فرجسوف ‪ ،Ferguson‬ىي‬
‫تنافس لونُت لغويُت‪ ،‬ييستعمل كل منهما يف كضع ؿبدد كفق مقتضيات معينة يف اجملتمع‪.‬‬
‫كلكن ىنالك من "األلسنُت من يرل أف مفهوـ الثنائية اللغوية متنوع حسب اغباالت كالزمر‬
‫االجتماعية كمدل ترسيم اللغة كغَتىا"‪.1‬‬

‫يرل جوشوا فيشماف ‪ Jushua Fishman‬أف الثنائية اللغوية كاالزدكاجية‬


‫كجهاف لعملة كاحدة‪ ،‬إال أف الثنائية ؽبا صفة الفردانية كاالزدكاجية تتميز بصفة اعبماعة‬
‫فيقوؿ ‪" :‬ثنائية اللغة صفة فبيزة للتصرؼ اللغوم على اؼبستول الفردم‪ ،‬أما االزدكاجية‬
‫اللغوية فإهنا خاصية من خصائص التنظيم اللغوم على مستول اجملتمع‪ ،‬ثنائية اللغة ىي ظبة‬
‫االستخداـ اللغوم من قبل األفراد‪ ،‬بينما ازدكاجية اللغة كصف لتخصيص اجملتمع لوظائف‬
‫معينةػ للغات أك ؽبجات ـبتلفة"‪. 2‬‬

‫فقد حاكؿ فيشماف ‪ Fishman‬التفريق بُت االزدكاجية كالثنائية من منطق أف‬


‫الثنائية ظاىرة فردية خببلؼ الثنائية اليت يعتقد أبهنا ظاىرة اجتماعية تتميز ابإلشارة يف اجملتمع‬
‫كالتوزع اعبغرايف‪.‬‬

‫ت‪.‬االزدواجية اللغوية‪:‬‬

‫كرد يف اؼبعجم اؼبفصل يف علوـ اللغة أف "االزدكاجية اللغوية ىي حالة كجود لغتُت‬
‫ـبتلفُت عند شعب ما‪ ،‬كتكلم يهود أمريكا اللغتُت العربية كاالقبليزية"‪ .3‬فاالزدكاجية اللغوية‬

‫‪ 1‬نوارم سعودم أبوزيد‪ ،‬ؿباضرات يف اللسانيات التطبيقية‪ ،‬بيت اغبكمة للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬اعبزائر‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪ 2‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ 3‬دمحم التوقبي كركاجي األظبر‪ ،‬اؼبعجم اؼبفصل يف علوـ اللغة‪ ،‬مج‪ ،1‬دار الكتب العاؼبية‪ ،‬بَتكت‪ ،2001 ،‬ص‪.18‬‬
‫~ ‪~ 55‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫دل تعد ؾبرد ظاىرة فردية كما رآىا يعلماء من أمثاؿ فرجسوف ‪ Ferguson‬كفيشماف‬
‫‪ ،Fishman‬بل تعدت ذلك لتيصبح ظاىرة اجتماعية‪ ،‬حيث انتقد أندرم مارتيٍت‬
‫‪ André Martinet‬الرأم القائل بفردانية االزدكاجية اللغوية كاجتماعية الثنائية اللغوية‪،‬‬
‫حيث تساءؿ عن تصنيف ظاىرة كجود الفرنسية كاإلقبليزية كلسانُت يف ؾبتمع كاحد‪ ،‬يقصد‬
‫اجملتمع الكندم‪ .‬كما إذا كانت ىذه الوضعية اللسانية فعبل ثنائية لغوية‪.‬‬

‫اقًتح مارتيٍت ‪ Martinet‬أف يشمل مصطلح االزدكاجية اللغوية "كل الوضعيات‬


‫اليت يتعايش فيها مستوايف لغوايف أك لغتاف يف اجملتمع الواحد بُت الثنائية كاالزدكاجية"‪ ،1‬دكف‬
‫اغباجة إذل ىذا التصنيف بُت الثنائية كاالزدكاجية‬

‫لكن يبدك أف الفصل بُت الوضعيتُت اللسانيتُت أمر ال بد منو للضركرة اليت يقتضيها‬
‫منهج البحث اللساشل خاصة مع تداخل بعض اؼبفاىيم اؼبتعلقة ابلوضعيات السوسيولسانية‪،‬‬
‫فنيسمي ثنائية لغوية كل كضع يتعايش فيو مستوايف لغوايف للغة كاحدة‪ ،‬كنسمي ازدكاجية‬
‫لغوية كل كضع يتواجد بو لغتاف ـبتلفتاف‪ ،‬كىذا ما ذىب إليو "إميل بديع يعقوب كأكده يف‬
‫قولو ‪ :‬فاالزدكاجية اللغوية اغبقة‪ ،‬ال تكوف إال بُت لغتُت ـبتلفتُت‪ ،‬كما ىو اغباؿ بُت‬
‫الفرنسية كالعربية‪ ،‬أك األؼبانية كالًتكية‪ ،‬أما أف يكوف للعريب لغتاف إحدانبا عامية كاألخرل‬
‫عربية فصيحة‪ ،‬فذلك أمر ال ينطبق مفهوـ االزدكاجية عليو‪ ،‬إنو ابألحرل ضرب من الثنائية‬
‫اللغوية ‪. 2diglossie‬‬

‫‪1‬أندرم مارتيٍت‪ ،‬مبادئ يف اللسانيات العامة‪ ،‬ترصبة ‪ :‬سعدم زبَت‪ ،‬دار اآلفاؽ‪ ، ،‬اعبزائر‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪2‬يينظر الزىرة بن عائشة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪79‬‬
‫~ ‪~ 56‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫إذف فاالزدكاجية اللغوية ظاىرة توجد لدل الفرد كما توجد يف اجملتمع‪ ،‬لذا صنٌف‬
‫علماء اللغة االجتماعيُت االزدكاجية اللغوية إذل نوعُت فردية كاجتماعية‪.‬‬

‫ث‪.‬اللـ ـهجة ‪:‬‬

‫ييستعمل مصطلح اللهجة لل ٌداللة على "ؾبموعة من الصفات اللغوية اليت تنتمي إذل‬
‫بيئة خاصة‪ ،‬كيشًتؾ يف ىذه الصفات صبيع أفراد ىذه البيئة"‪ .1‬فَتتبط دائما مصطلح‬
‫اللهجة دبصطلح اللغة حيث ينطبق مفهومها على "تنوعات كتلوانت للٌغة كابألخص تلك‬
‫اليت تيوجد كتيستعمل يف أشكاؿ كأمكنة شبو منعزلة من العادل‪ .2"...‬فتنوعاهتا كتلوانهتا مرتبطة‬
‫بتنوع كتلوف اجملتمعات كالثقافات‪ ،‬كاستعماؽبا (اللهجة) يوبيلنا إذل "أم نوع لغوم ؿبلي أك‬
‫اجتماعي أك إثٍت‪ .‬كييبكن لبلختبلفات اللغوية اؼبرتبطة ابللهجة أف تػ ػ ػرد يف أم مستول‬
‫لغوم‪ ،‬كيتضمن ذلك النطق‪ ،‬كاالختبلفات يف النحو كالداللة كاالستعماؿ اللغوم‪ .‬كيبدك‬
‫التمييز بُت اللهجة كاللغة من الوىلة األكذل‪ ،‬ابلغ الوضوح ‪ :‬فاللهجات ىي أجزاء من‬
‫اللغة"‪.3‬‬
‫ترتبط اللهجة دبفاىيم سوسيوثقافية كاحمللي كاالجتماعي كاإلثٍت كالعرقي‪...‬كىو ما‬
‫ييؤكد أف يمتكلميها ينتموف إذل بيئة جغرافية مشًتكة كيتميزكف خبصائص سوسيوثقافية مشًتكة‬
‫فتكوف بذلك ىي لساهنم اؼبشًتؾ‪.‬‬

‫‪1‬ؾبدم كىبة ككامل اؼبهندس‪ ،‬معجم اؼبصطلحات العربية يف اللغة كاألدب‪ ،‬مكتبة لبناف‪ ،‬بَتكت‪ ،‬ط‪،1984 ،2‬‬
‫ص‪.320‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Peter Trudgill, Op cit, P 146.‬‬
‫‪3‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫~ ‪~ 57‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬النوع كمتغري سوسيولساين‬
‫شغلت ثنائيات الذكر كاألنثى‪ ،‬الرجل كاؼبرأة‪ ،‬الطفل كالبنت‪ ...‬قسطا كفَتا من‬
‫الفكر كالتدبر على مدار قركف من الزمن‪ ،‬كدل تقتصر على علم دكف اآلخر‪ .‬بل حبثت علوـ‬
‫كثَتة يف ؿبور ىذه االشكالية فعاينها "علماء اللغة‪ ،‬كاالجتماع كاألنثربولوجيا‪ ،‬كانضم إليهم‬
‫لعل ما زٌكى ىذه القضية ىو هنوض‬
‫علماء النفس كالًتبية‪ ،‬كاألسلوبية كالنقد األديب‪ ،...‬ك ٌ‬
‫حركات نسوية تسعى إذل إقامة اؼبساكاة بُت اعبنسُت‪.1‬‬

‫‪.1‬مفهوم اجلنس والنوع‪:‬‬


‫غالبان ما ييشَت أفراد اجملتمع يف أثناء حديثهم عن الرجاؿ كالنساء إذل أهنم اعبنس‬
‫اآلخر ‪.opposite sex‬‬

‫"إف مصطلح اعبنس اآلخر يتضمن أفٌ الرجاؿ كالسيدات ينتموف إذل ؾبموعتُت‬
‫منفصلتُت سبامان‪ ...‬إف األفراد الذكور كاإلانث يشًتكوف يف العديد من اػبصائص البيولوجية‪،‬‬
‫كل منهما على كبو طبيعي لديو ثبلثة كعشركف زكجان من الكركموزكمات‪ٌ ....‬إال أف أجساد‬
‫الذكور كأجساد اإلانث زبتلف يف بعض األشياء كاألخرل‪ .‬كىذه اػبصائص اؼبميزة اليت‬
‫تشمل االختبلفات الكركموزكمية‪ ،‬كالبناءات اعبنسية الداخلية كاػبارجية‪ ،‬كاإلنتاج اؽبرموشل‪،‬‬
‫كاالختبلفات الفسيولوجية األخرل‪ ،‬كاػبصائص اعبنسية الثانوية إمبا تدؿ على اعبنس"‪.2‬‬

‫‪ 1‬يينظر عيسى برىومة‪ ،‬اللغة كاعبنس‪ :‬حفرايت لغوية يف الذكورة كاألنوثة‪ ،‬دار الشركؽ للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عماف‪-‬‬
‫األردف‪ ،2002 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ 2‬إيبي س‪.‬كارتوف‪ ،‬علم اجتماع النوع مقدمة يف النظرية كالبحث‪ ،‬ترصبة ‪ :‬ىاشل طبيس أضبد عبده‪ ،‬اؼبركز القومي للًتصبة‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬القاىرة‪ ،2014 ،‬ص ‪.25‬‬
‫~ ‪~ 58‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كيستعمل علماء االجتماع مصطلحات "ربديد اعبنس" أك "فئة اعبنس" لوصف‬
‫العمليات اليت يبكن من خبلؽبا إضفاء اؼبعاشل االجتماعية على اعبنس البيولوجي‪ .‬فتحديد‬
‫اعبنس ييبكن أف وبدث بشكل بديهي يف اجملتمع ابستخداـ ؾبموعة من اؼبعايَت اؼبتفق عليها‬
‫اجتماعيان مثل األعضاء البيولوجية كالتناسلية اػبارجية‪ ،‬فتحديد اعبنس ىو قضية كاضحة‬
‫اؼبعادل‪.‬‬

‫كنظران لتباين السلوكات السوسيوثقافية بُت اعبنسُت‪ ،‬ظهر مفهوـ النوع الذم اتفق‬
‫عاؼبا االجتماع ريدجوم ‪ Redjway‬كظبيث لوفُت ‪ Smith Lovin‬على "أف النوع‬
‫نسق من اؼبمارسات االجتماعية‪ ،‬كىذا النسق ىبلق تباينات النوع كي ػيحافظ عليها كيعمل‬
‫على تنظيم عبلقات البلمساكاة على أساس ىذه التباينات"‪.1‬‬

‫كتيشَت عاؼبة االجتماع اؼبتخصصة يف دراسات النوع إيبي س‪.‬كارتػ ػوف ‪Emy‬‬
‫‪ S.Wartown‬أبف ىناؾ ثبلث ظبات مهمة للتعريف االجتماعي ؼبفهوـ النوع‪ ،‬هبب أف‬
‫تظل يف أذىاننا‪ ،‬أكال ‪ :‬إف النوع عملية بقدر ما ىو يف حالة اثبتة‪ ،‬فالنوع يينتج كيػػيػعاد‬
‫إنتاجو بصورة مستمرة‪ ،‬فهو ييبارس كييبثّل كال يتم التعبَت عنو فقط‪ ،‬اثنيا ‪ :‬إف النوع ليس ؾبرد‬
‫خاصية ترتبط ابألفراد‪ ،‬بل إنو وبدث على كل مستوايت البناء االجتماعي‪ ،‬فهو دبثابة نسق‬
‫من اؼبمارسات اؼبتشابكة كاؼبوجودة بصورة مستقلة عن األفراد‪ ،‬فهو ظاىرة متعددة اؼبستوايت‬
‫كفهمها ييب ٌكننا من فهم كيفية قياـ العبلقات االجتماعية‪ .‬اثلثا ‪ :‬إ ٌف تعريف النوع هبذه‬

‫‪ 1‬إيبي س‪.‬كارتوف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫~ ‪~ 59‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫الشاكلة ييشَت إذل أنبية يف تنظيم عبلقات البلمساكاة‪ ،‬ألف مسألة التمييز بُت اعبنسُت‬
‫ت ػيػػؤدم ابلضركرة إذل عدـ اؼبساكاة بينهما‪.1‬‬

‫‪.2‬مقارابت النوع والتغري اللغوي‪:‬‬


‫اعتربت الدراسات األكذل حوؿ اللغة كالنوع السلوؾ الكبلمي للنساء انقصان‪،‬‬
‫كاعتربت السلوؾ الكبلمي للرجاؿ أقول كأكثر امتيازان كمطلوابن‪ .‬فأسلوب النساء اػبطايب كاف‬
‫يينظر إليو كعبلمة للخضوع كإنكار الذات فكاف مرفوضان‪" ،2‬مث يف مرحلة اتلية ليوحظت قول‬
‫األساليب اليت بدأت تستعملها النساء أكثر فأكثر‪ ،‬كمت أحياانن تعميم فائق ؽبذه األساليب‪...‬‬
‫فمثبل يكصف األسلوب النسوم على أنو تعاكشل أكثر‪ ،‬بينما أسلوب الرجاؿ تنافسي أكثر"‪.3‬‬
‫فكانت ىذه االعتبارات كاالعتقادات صعبة الربىنة عليها كاختلفت نتائج الدراسات‬
‫كاألحباث كدل ترقى إذل درجة التعميم‪.‬‬

‫"انكب البحث يف اللسانيات‪ ،‬كالسوسيولوجيا‪ ،‬كاألنثربولوجيا كعلوـ‬


‫ٌ‬ ‫ككمرحلة اثنية‬
‫التواصل على الفركؽ الدقيقة يف السلوؾ الكبلمي للرجاؿ كالنساء يمنتًجان بذلك ترتيبان ألكضاع‬
‫‪4‬‬
‫كع ٌلو الذكور على‬
‫ي‬ ‫التحكم‬
‫ك‬ ‫القوة‬ ‫قضااي‬ ‫بقوة‬ ‫حضرت‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫أيض‬ ‫اؼبرحلة‬ ‫ىذه‬ ‫كيف‬ ‫األجناس"‬
‫كع ٌوضت نظرية النقص ‪ Deficit theory‬بنظرية التحكم كالسيطرة‬ ‫اإلانث ي‬

‫‪ 1‬إيبي س‪.‬كارتوف ‪،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Florian Coulmas and Others, The hand book of sociolinguistics, Blackwell‬‬
‫‪Publiching, London, 1998, p90.‬‬
‫‪ 3‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.273‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.274‬‬
‫~ ‪~ 60‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫‪ Dominance theory‬كمع أف األحباث كالدراسات كانت دائما تيركز على مبوذج‬
‫موحد للنوع إال أهنا كانت أتخذ دائما يف اغبسباف السياؽ‪ ،‬كأخذت بنيات القوة يف اجملتمع‬
‫بعُت االعتبار‪.1‬‬

‫كيف اؼبرحلة التالية كاف "الًتكيز على البعد االجتماعي للنوع‪ ...‬كقد مت الًتكيز على‬
‫االختبلفات يف الثقافات الفرعية كعلى األبعاد االجتماعية ‪ ...‬كمت اختزاؿ النقاش‪ ،‬بصفة‬
‫خاطئة يف دراسات النوع يف أسئلة بسيطة من قبيل‪ :‬ىل ييقاطع الرجاؿ النساء أكثر من‬
‫يتوخُت الصحة (اللغوية)‬
‫العكس؟ ىل ييسيطر الرجاؿ على مواضيع اغبديث؟ ىل النساء ٌ‬
‫بشكل فائق؟ ىل تستعمل النساء اللغة اؼبعيار أكثر من الرجاؿ؟"‪.2‬‬

‫كمع تبلور مقارابت النظرية البنائية الوظيفية يف علم االجتماع كاألنثركبولوجيا اتٌضح‬
‫أف النوع "ييفهم على أنو مقولة ىوية مطورة بشكل غَت مباشر‪ ،‬يمدؾبة يف تشكيل مقوالت‬
‫ىوية أخرل‪ ،...‬ال تفًتؽ أدكار النوع يف اؼبؤسسات كالسلوؾ التواصلي للرجاؿ كالنساء عن‬
‫كرب ٌُت عرب أنشطة ـبتلفة للنوع مرتبطة بسياقات‬
‫بعضها‪ ،‬فأدكار النوع تينتج‪ ،‬كييعاد إنتاجها‪ ،‬ي‬
‫خاصة يف التواصل"‪.3‬‬

‫ففي ىذه اؼبرحلة دل يعد التفريق بُت اعبنسُت على أساس النٌقص أك التحكم أك‬
‫السيطرة بينما أصبح النوع (رجاالن أك نساءان) عبارة أف سلوكات انصبة عن أدكار يف اجملتمع‬

‫‪1‬‬
‫‪Florian Coulmas and Others, Op cit, p90.‬‬
‫‪ 2‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.276-275‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.276‬‬
‫~ ‪~ 61‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫ىم الباحثُت ىو كيفية إهباد إطار نظرم ييب ًٌكنهم‬
‫تينتج كتيبلحظ كيسبيز كييعاد إنتاجها‪ .‬كأصبح ٌ‬
‫من النظر إذل النوع كمفهوـ ش ػمورل (‪ )Holistic‬كديناميكي يف استعماالتو اللغوية‪.1‬‬

‫فظهرت بذلك ؾبموعة من احملاكالت يف تفسَت الفركقات اللغوية اؼبتعلقة ابلنوع‬


‫االجتماعي‪ ،‬بعدما كاف االىتماـ كالًتكيز سائدين يف الفركقات البيولوجية بُت اعبنسُت‪.‬‬

‫أ‪.‬وليام البوف ‪:William Labov‬‬

‫"لقد كاف كلياـ البوؼ ‪ William Labov‬أكؿ من الحظ أنبية اعبنس‪ /‬النوع‬
‫اغبقيقي كمتغَت سوسيولساشل"‪ ،2‬كذلك من خبلؿ التغَت اللغوم اغباصل يف كبلـ السيدات‬
‫مقارنة ابلرجاؿ فقد ش ٌدد البوؼ ‪ Labov‬على أف النساء من كل الطبقات كاألعمار‬
‫تستعمل اؼبتغَتات األكثر معيارية خببلؼ نيظرائهن من الرجاؿ‪ .‬كدبا أف لغة النخبة ىي اؼبعيار‬
‫عادة فإ ٌف كبلـ النساء ب ػًػقربو من اؼبعيار يقتضي بذلك االكبراؼ عن لغة اجملموعة‪.3‬‬

‫فسر التغَت اللغوم بُت طبقات‬


‫يف دراساتو األكذل كاف البوؼ ‪ Labov‬ييضيف كيي ٌ‬
‫اجملتمع اؼبختلفة‪ ،‬كؽبذا استعار مفاىيم ىامة من علم االجتماع على غرار الطبقة االجتماعية‪،‬‬
‫السفلى (كخاصة النساء منها) تػيػقلٌد‬
‫النوع االجتماعي‪ ،‬اإلسقاط‪ ...‬فقد الحظ أف الطبقة ٌ‬

‫‪1‬‬
‫‪Florian Coulmas and others, Op cit, p 91.‬‬
‫‪ 2‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.275‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Florian Coulmas,Op cit, p 92.‬‬
‫~ ‪~ 62‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫العليا‪ ،‬كذلك من أجل اغبصوؿ على مكانة‬
‫لغة الطبقة الوسطى اليت تعترب لغتها ىي ي‬
‫اجتماعية أفضل‪.1‬‬

‫أما ابلنسبة للنوع االجتماعي‪ ،‬فقد كانت دراسات البوؼ ‪ Labov‬القديبة حوؿ‬
‫فسر األسباب الكامنة كراء ىذا التأثَت‪،‬‬
‫ربديد أثر النوع ‪ /‬اعبنس يف التغَت اللغوم‪ ،‬لكنو دل يي ٌ‬
‫حيث زعم "أف الوعي اؼبلحوظ للنساء ابالمتياز العارل يتوقف على موقعهن اػباص يف ؾبتمع‬
‫ما‪ ،‬ففي مناطق من اؽبند كإيراف‪ ،‬مثبلن‪ :‬حيث النساء ال ييسانبن يف اػبطاب العمومي‪،‬‬
‫قبدىن أقل ميوالن إذل استعماؿ لغة معيارية من الرجاؿ"‪.2‬‬

‫كعموما حاكؿ البوؼ ‪ Labov‬أف ييوفٌق بُت سؤالُت أساسُت ابرزين األكؿ‪ ،‬ؼباذا‬
‫الرجاؿ ىم من يستعملوف أكثر األنواع اللٌغوية البلمعيارية‪ ،‬كالثػ ػ ػان ػي‪ ،‬ؼباذا تكوف النساء‬
‫قائدات للتغَت اللغوم؟ ‪.‬‬

‫ب‪.‬بتري ترادجيل ‪:Peter Trudgill‬‬

‫"يشتغل بيًت ترادجيل ‪ Peter Trudgill‬ضمن إطار نظرم شبيو بذلك الذم‬
‫يشتغل ضمنو البوؼ ‪ ،Labov‬لكنو ييرك ػٌػز بصفة أقول على الدكاعي السوسيولوجية إلبراز‬
‫االختبلفات اؼببلحظة‪ ،‬اػباصة ابلنوع يف التغَت اللغوم"‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Florian Coulmas, Op-cit, p92.‬‬
‫‪ 2‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫~ ‪~ 63‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫لقد الحظ بيًت ترادجيل ‪ Peter Trudgill‬نفس مبلحظات كلياـ البوؼ‬
‫‪ William Labov‬اؼبتمثلة يف أف الرجاؿ ؽبم مواقف لغوية أقل معيارية من النساء‪،‬‬
‫كلغتهم زبتلف عن لغة النسػ ػػاء‪.1‬‬

‫فهو ييرجع استعماؿ النساء أشكاالن لغوية أكثر معيارية من الرجاؿ إذل "اؼبوقع‬
‫االجتماعي للنساء يف اجملتمع الذم ييع ٌد أقل أمنان من موقع الرجاؿ‪ ...‬كييبكن أف يكوف أكثر‬
‫ضركرة ابلنسبة للنساء أتمُت كضعهم االجتماعي كاإلشارة إليو لغواين"‪ 2‬كمواجهتم ل ػ ػ ػ"الشرط‬
‫الثقايف الذم قى ىسم العقل كاللغة كجعلهما للرجل‪ ،‬أما األنوثة فهي ؾبرد جسد يستقبل اللغة‪.‬‬
‫الرجل فك الشفرات كتفسَت‬
‫كىبضع ؽبا من جهة كييػرسل عبلمات صامتو كمشفرة لكي يتوذل ٌ‬
‫العبلمات"‪ .3‬فدائًمان ما يكوف ميل اؼبرأة إذل استعماؿ لغة اػبطاب اؼبتداكؿ العادم يف اجملتمع‬
‫ىو السمة األساسية‪ ،‬بينما تكوف الفصاحة كاإلابنة اللغوية عيبان ابلنسبة ؽبا كظبة أساسية يف‬
‫الرجاؿ‪.‬‬
‫لغة ٌ‬

‫كيعود تفريغ اعبسد األنثوم من اللغة البلمعيارية (اللغة العليا) كعزلو تقريبا من الفعل‬
‫كالتفاعل اللغوم‪ ،‬إذل "التصور الثقايف الذم يرل أف جسد اؼبرأة خاؿ من العقل‪ ،‬كىذا تصور‬
‫ثقايف عاؼبي‪ ،‬كنقرأ لدل الدامبراكيُت ىذا اؼبثل‪ :‬للنساء فساتُت طويلة كأفكار قصَتة"‪ .4‬إف‬

‫‪1‬‬
‫‪Peter Trudgill, Sociolinguistics: An introduction to language and society,‬‬
‫‪penguin books, London, 1995, p63.‬‬
‫‪2‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫‪ 3‬عبد هللا دمحم الغذامي‪ ،‬ثقافة الوىم (مقارابت حوؿ اؼبرأة كاعبسد كاللغة)‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص‪.64‬‬
‫‪4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫~ ‪~ 64‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫ىذا التفضيل للغة الرجاؿ على حساب لغة النساء ىو كليد الفكر اإلنساشل عرب يركامو‬
‫اؼبعرف ػي‪ .‬كإضافة إذل ذلك كلو يتم اغبكم على الرجاؿ من خبلؿ عملهم بينما يتم اغبكم‬
‫على النساء حبسب مظهرىن الذم يتضمن اللغة أيضا‪.1‬‬

‫إف االنغماس يف لغة ما كذبليها يف مواقف لغوية معينة‪ ،‬ىو ما حاكؿ فحصو عن‬
‫قرب بيًت ترادجيل ‪ ،Peter Trudgill‬حيث حلٌل اإلدراؾ الذايت اؼبرتبط ابلنوع‪ ،‬فالنساء‬
‫يبلن حسبو إذل اؼببالغة يف استعماؽبن الفعلي لؤلشكاؿ اؼبعيارية‪ ،‬بينما يبيل الرجاؿ إذل التقليل‬
‫من اإلخبار عن استعماؽبم اؼبعيارم‪ .2‬كهبذا كانت ؿباكالت ترادجيل ‪ Trudgill‬ترتكز‬
‫أساسا على رؤية اؼبفاضلة بُت اعبنسُت‪ ،‬حيث ظلت اؽبيمنة الذكورية على النوع االجتماعي‪،‬‬
‫كفي ٌسرت كل االختبلفات كالتباينات اللغوية على أساس فكرة يعليو الرجل كدكنية اؼبرأة‪.‬‬

‫ت‪.‬حبوث وتقاليد أخرى‪:‬‬

‫ييع ٌد عمل كلياـ البوؼ ‪ William Labov‬أىم إطار نظرم سوسيولوجي اىتم‬
‫ابلنوع اللغوم‪ ،‬حيث "ليس ىناؾ سبييز بُت اعبنس كالنوع‪ ،‬كغالبا ما يستعمل التصنيف‬
‫مفهوما للجنس ال يطرح مشكبل‪ ،‬فأغلب األعماؿ ال تكمن يف العبلقة بُت النوع كمتغَتات‬
‫سوسيولوجية أخرل‪ ،‬كفقط بعض الدراسات إذل جانب البوؼ ‪ Labov‬اىتمت ابلقيود‬
‫اللغوية موضوع البحث‪ ،‬كعلى العموـ دل تيستعمل مفاىيم سوسيولوجية كنظرايت إضافية‪.‬‬
‫كهتدؼ الدراسات بصفة عامة إما إذل كصف كتفسَت آليات التغَت اللغوم‪ ،‬أك كصف التنوع‬

‫‪ 1‬يينظر فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬


‫‪ 2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫~ ‪~ 65‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫اللغوم موضوع اؼببلحظة كإهباد أسبابو السوسيولوجية‪ ،‬كييعترب اعبنس‪ /‬النوع إذل جانب‬
‫الطبقة االجتماعية ( كأحياانن السن ) من أىم عوامل التنوع"‪ .1‬كذلك ما أكدتو ركبػ ػ ػن‬
‫الكوؼ ‪ Robin Lakoff‬من خبلؿ أتكيدىا على "أف كبلـ اؼبرأة يبدك أكثر أتداب من‬
‫كبلـ الرجل كأحد معادل التأدب يف الكبلـ ترؾ النقاش مفتوحا‪ ،‬كعدـ فرض الرأم‬
‫كالفكرة"‪ ،2‬إضافة إذل أف اعبيمل اؼبفتوحة يف كبلـ النساء ىي نتاج القلق كاالضطراب كعدـ‬
‫الثقة‪ .3‬فهذه الفركقات يف الكبلـ بُت اعبنسُت ما ىي إال ترصبة لبلختبلفات السوسيوثقافية‬
‫اليت من شأهنا التأثَت على لغة اؼبتحدثُت كإحداث التغَت اللغوم‪.‬‬

‫رٌكزت معظم ىذه الدراسات على "اللهجات اإلقبليزية يف البيئة اغبضرية مث بعد‬
‫ذلك تناكلت الدراسات لغات الفئات االجتماعية كالثقافية كالنوع كعبلقتها ابللغة اإلقبليزية‬
‫اؼبعيارية‪ ،‬خاصة إقبليزية األمريكيُت السود‪ ،‬إضافة إذل البحوث السوسيوصوتية يف الوالايت‬
‫اؼبتحدة األمريكية كبريطانيا كإيرلندا كأمريكا الوسطى"‪.4‬‬

‫اتفقت معظم الدراسات الوصفية اليت نيشرت على أنو ليس ىناؾ لغة ال تعرؼ‬
‫اختبلفا يف النوع على اؼبستول السوسيوصوايت‪ .‬كىذا االختبلؼ لو طبيعة تراتبية ‪ :‬فالنساء‬
‫يستعملن أشكاال لغوية أكثر معيارية من الرجاؿ الذين يستعملوف أمباطا لغوية أقل معيارية‪،‬‬
‫فييعترب النساء بذلك قائدات للتغَت اللغوم عادة‪ .‬كابؼبقابل يكجدت دراسات سوسيولسانية‬

‫‪ 1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.290-289‬‬


‫‪2‬عيسى برىومة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪ 3‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ 4‬فلوايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.290‬‬
‫~ ‪~ 66‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫أخرل أثبتت العكس‪ ،‬كدل تتفق مع سابقتها حيث أ ٌكدت أف الرجاؿ يستعملوف لغة أكثر‬
‫معيارية‪ ،‬كالرجاؿ ىم ال يػمج ٌددكف يف التغَت اللغوم‪ .1‬كنظرا ألنبية النوع االجتماعي يف‬
‫التغَتات اللغوية فقد أضحى متغَتا سوسيولسانيا مهما يف اؼبقارابت السوسيولسانية‪.‬‬

‫‪1‬يينظر فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬


‫~ ‪~ 67‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫ادلبحث الرابع ‪ :‬السوسيولسانيات والتعليمية‬
‫سعى اللسانيوف‪ ،‬كعلماء النفس‪ ،‬كعلماء الًتبية طواؿ الفًتة اؼباضية إذل ؿباكلة‬
‫تسهيل كتبسيط كيفية تدريس اللغة‪ .‬كقد حاكؿ البحث يف ىذا اجملاؿ تعزيز تطوير لغة‬
‫اؼبتعلمُت منذ فًتات الطفولة‪ .‬كنظرا لدكر الظركؼ اػبارجية يف عملية التنشئة اللغوية‪ ،‬انظم‬
‫علم االجتماع كاألنثركبولوجيا كالسوسيولسانيات إذل قائمة التخصصات كاجملاالت العلمية‬
‫اليت تيعٌت بفهم الظاىرة التعليمية‪ .‬كبفضل ىذا التعاكف أيثريت الدراسات الًتبوية كفيهمت‬
‫الظاىرة التعليمية من الداخل كمن اػبارج (داخل القسم كخارجو)‪.‬‬

‫إف اعتبار اللغة كواسم اجتماعي للجنس كالطبقة االجتماعية كاإلثنية‪ ،‬فضح‬
‫البلمساكاة التعليمية يف مسألة اكتساب كتعلم اللغات داخل القسم‪ ،‬فالقدرة اللغوية للتبلميذ‬
‫داخل القسم ترتبط أساسا بقدرهتم السوسيولسانية اليت " يزب ٌوؽبم التعامل مع األكضاع اللغوية‬
‫كربيل على معرفة االختبلفات األسلوبية اليت عادة ما تقتضي سجبل متنوعا‬ ‫يف اغبياة اليومية ي‬
‫ييبكن ألمباط ـبتلفة من األكضاع أف تستدعي أمباطا ـبتلفة من الوحدات اللغوية‪ ،‬إضافة إذل‬
‫قيم كمعتقدات"‪.1‬‬

‫تتحكم اؼبعايَت االجتماعية كالثقافية للمجتمع يف عملية التعلم‪ ،‬فهي تيرٌكز على‬
‫اؼبتعلم بوصفو عضوا يف اجملتمع‪ ،‬كتيساىم لدل كثَت من البلداف يف بناء اؼبقررات كاؼبناىج‬
‫الدراسية‪ .‬فاؼبؤسسة التعليمية عبارة عن بيئة اجتماعية ؽبا خصوصياهتا االجتماعية كالثقافية‬
‫من خبلؿ العبلقات االجتماعية اليت تنشأ بُت اؼبعلمُت كاؼبتعلمُت‪ ،‬اؼبعلمُت مع بعضهم‬

‫‪1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.844‬‬


‫~ ‪~ 68‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كاؼبتعلمُت مع بعضهم‪ .‬كلؤلسف فإف اؼبدرسة اعبزائرية "ال تراع يف مناىجها كموادىا التعليمية‬
‫قيم اجملتمع‪ ،‬فهي مدرسة بعيدة عن طموحات كمتطلبات اغبياة التعليمية العصرية"‪.1‬‬

‫تشمل القدرة السوسيولسانية اعبانب الشفوم للغة فهي تيركز على الكبلـ يف‬
‫السياؽ االجتماعي‪ ،‬اليت تتحوؿ بدكرىا إذل قدرة لغوية داخل األقساـ أك الفصوؿ الدراسية‪.‬‬
‫كلعل االذباه الوظيفي يف ؾباؿ الدراسات اللغوية كتعليميتها كاف أبرز اؼبقارابت النظرية اليت‬
‫اىتمت هبذا اجملاؿ‪.‬‬

‫"اذبو تعليم اللغة كبو الوظيفية كالنفعية كاالجتماعية‪ ،‬إذ ال فائدة من تعلم أم مادة‬
‫إذا دل يكن ؽبا نفع اجتماعي كفائدة للناشئ يف تفاعلو مع اجملتمع الذم وبيا فيو‪ .‬كما دامت‬
‫اللغة كسيلة اتصاؿ بُت األفراد كاعبماعات‪ ،‬فإف ؽبا كظيفة تيؤديها يف تسهيل عمليات‬
‫االتصاؿ‪ ،‬كنقل الفكر‪ ،‬كالتعبَت عن النفس"‪ .2‬فلم يعد تعليم اللغة اليوـ يعتمد على تلقُت‬
‫اؼبتعلم القواعد العامة للغة كإكسابو بنية لغوية قوية‪ ،‬كإمبا أضحى يهدؼ إذل ربقيق القدرة‬
‫اللغوية التواصلية بلغة سليمة‪.‬‬

‫فاؼبنحى الوظيفي يف الدراسات اللغوية ييرٌكز أساسا على اللغة اؼبنطوقة توافقا مع‬
‫اؼبنهج التواصلي‪ ،‬كالقدرة على التعبَت الشفوم داخل الفصوؿ الدراسية بلغة سليمة ىي ما‬
‫ييبىكننا من اغبكم على فاعلية العملية التعليمية التعلمية (كىو ما سنراه يف اعبانب التطبيقي‬
‫للدراسة)‪.‬‬

‫‪1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.157‬‬


‫‪2‬أضبد عبده عوض‪ ،‬مداخل تعليم اللغة العربية ‪ :‬دراسة مسحية نقدية‪ ،‬جامعة أـ القرل‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ص‪.77‬‬
‫~ ‪~ 69‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كسباشيا مع أساليب الًتبية اغبديثة كمناىج تعليم اللغات‪ ،‬فإف الفلسفة التعليمية‬
‫اعبديدة أصبحت تيركز على األسلوب التواصلي "كمراعاة القيم االجتماعية يف تعليمية اللغة‬
‫كوف اللغة ظاىرة اجتماعية‪ ،‬فلهذا يتطلب تعليمها كفق مناىج تنبع من‬
‫خصائصها"‪...1‬كلعل أىم العناصر اليت يسبثل حلقة الوصل بُت القيم االجتماعية كتعليمية‬
‫اللغة ىي ‪ :‬لغة البيئة أك احمليط‪ ،‬الكبلـ (اؼبشافهة) كالعملية التواصلية‪.2‬‬

‫‪.1‬لغة احمليط ‪:‬‬


‫ييفًتض أف لغة األفراد احمليطُت ابلطفل يف البيئة االجتماعية‪ ،‬تنتقل فطراي إليو‪،‬‬
‫"فاػبرج اللساشل األدسل (من ىذه البيئة) يكفي لييخوؿ للطفل تعلم اللغة"‪ .3‬فالبيئة‬
‫االجتماعية ىي اؼبورد األكؿ لتعلم اللغة‪ ،‬فاؼبتعلموف وبضركف إذل اؼبدارس كىم معبٌئُت دبعجم‬
‫لغوم يمكتسب فطراي من اجملتمع نتيجة انغماس لغوم غَت متعمد‪ ،‬حيث "أف اؼبهارة ال تنمو‬
‫كال تتطور إال يف بيئتها الطبيعية كىي البيئة اليت ال ييسمع فيها صوت أك لغة إال بتلك اليت‬
‫ييراد اكتساهبا"‪ .4‬كىذا ما يستدعي الوقوؼ أماـ دكر التفاعل االجتماعي داخل بيئة‬
‫اؼبتعلمُت يف التعلم اللغوم‪ .‬حيث ش ٌدد ىاليدم ‪ Halliday‬يف لسانياتو الوظيفية على أف‬
‫القدرة اللغوية لؤلطفاؿ تتشكل كلٌما تكاثرت كتنوعت أدكاره االجتماعية‪ ،‬كىذا التكاثر‬

‫‪1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.165‬‬


‫‪2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.166-165‬‬
‫‪3‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.845‬‬
‫‪4‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،167‬نقبل عن ‪ :‬عبد الرضبن اغباج صاحل‪ ،‬حبوث كدراسات يف اللسانيات العربية‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬ص‪.193‬‬
‫~ ‪~ 70‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫كالتنوع يتأتى من خبلؿ النشاط االجتماعي الدائم (مواقف كبلمية كؿباداثت متنوعة)‬
‫كاالتصاؿ الدائم‪.1‬‬

‫لقد متٌ التشديد كذلك على دكر التفاعل االجتماعي يف التعلم من خبلؿ نظرية‬
‫النشاط السوفياتية ‪ Soviet Activity Theory‬حيث افًتضت أف "األفراد يكتسبوف‬
‫اؼبعرفة كاؼبهارات عن طريق اؼبشاركة يف األنشطة مع أعضاء من الثقافة لدىم ذبربة كبَتة‪،‬‬
‫كلكي يكوف التعلم فعاٌال هبب أف يكوف النمو الفكرم للمتعلم يؿبتمبل يف فهم التحكم يف‬
‫اللغة كمعاشل اجتماعية للفكر"‪ .2‬فالتطور يف القدرة اللغوية حسب ىذه النظرية يتم يف‬
‫اؼبستول االجتماعي من خبلؿ االحتكاؾ مع األشخاص البالغُت‪ ،‬فتنتقل السَتكرة الذىنية‬
‫للتعلم من اؼبرحلة البسيكولوجية (قدرات ذىنية نفسية) إذل اؼبرحلة السوسيولوجية (التعلم عن‬
‫طريق التفاعل االجتماعي)‪.‬‬

‫‪.2‬الكالم (ادلشافهة)‪:‬‬
‫إف الًتكيز على اللغة الشفوية يف العملية التعليمية مرتبط ارتباطا كثيقا ابلبيئة‬
‫االجتماعية كالسلوكات الثقافية احمليطة ابؼبتعلمُت‪ .‬فاللغة كبلـ (مشافهة) قبل أف تكوف‬
‫كتابة‪ .‬كإف بدايتها لدل اؼبتعلمُت كانت يف بيئتهم االجتماعية‪ .‬كلقد أيغفل اعبانب‬
‫االجتماعي للمتعلمُت يف البيئة اؼبدرسية‪ ،‬فبل اؼبناىج الدراسية أخذت ىذا اعبزء بعُت‬
‫االعتبار كال اؼبعلمُت استطاعوا إهباد اػبلطة السحرية إلكساب اؼبتعلمُت لغة سليمة‪ .‬فالًتكيز‬
‫على اعبانب الكتايب للغة يف اؼبدارس ىو الغالب‪" ،‬فكثَت من اؼبناىج اليت غفلت ىذا‬
‫اعبانب االجتماعي اؼبهم يف عملية التعليم كانت نتائجها كخيمة كفشلت يف إكساب‬

‫‪1‬يينظر فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.846‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.846‬‬
‫~ ‪~ 71‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫اؼبتعلمُت اللغة اؼبراد تعليمها"‪ ،1‬فالكتاب اؼبدرسي الذم ييبثل اللغة اؼبكتوبة‪ ،‬مهم للتلقُت‬
‫مرة يتبُت أنو قاصر لوحده فهو "مفيد بنسبة معينة يف تعليم اللغة الكتابية‪ ،‬لكنو‬
‫كلكن يف كل ٌ‬
‫يف تعليم اللغة الشفوية يبدك قصوره كاضحا‪ .‬كقد ال يكوف من اؼببالغة القوؿ إف اغبضور‬
‫الضعيف للغة العربية يف االستعماؿ الشفوم يف ؾبتمع الناطقُت هبا لَتجع إذل اقتصار اؼبناىج‬
‫الًتبوية يف األغلب األعم على الكتاب الورقي‪ ،‬كعدـ استغبلؿ الوسائل السمعية دبا يكفي‬
‫إلكساب اؼبتعلمُت عادة التخاطب ابلعربية‪ .2‬فاالستعماؿ اللغوم داخل الفصوؿ الدراسية‬
‫غالبا ما ييهمل التخاطب الشفهي ابللغة اؽبدؼ (العربية الفصحى يف حالتنا)‪ ،‬كييغلب‬
‫اؼبكتوب على اؼبنطوؽ‪.‬‬

‫إف التغافل الدائم على التخاطب اؼبستمر ابللغة اؽبدؼ يف الفصوؿ‪ ،‬جعل‬
‫اؼبتععلمُت ال هبدكف الفرصة أبدا لتطوير مهاراهتم الكبلمية (التعبَت الشفوم)‪ ،‬فبا أضعف‬
‫قدرهتم التواصلية ابللغة اؽبدؼ‪.‬‬

‫‪.3‬التواصل ‪:‬‬
‫يدؿ مصطلح التواصل "على عملية نقل األفكار كالتجارب كتبادؿ اؼبعارؼ‬
‫كاؼبشاعر بُت الذكات كاألفراد كاعبماعات‪ .‬كقد يكوف ىذا التواصل ذاتيا شخصيا أك تواصبل‬
‫غَتاي‪ .‬كقد ينبٍت على اؼبوافقة أك على اؼبعارضة كاالختبلؼ‪ .‬كيفًتض التواصل أيضا –ابعتباره‬
‫نقبل كإعبلما‪ -‬مرسبل كرسالة كمستقببل كشفرة‪ ،‬يتفق على تسنينها كتشفَتىا كل من اؼبتكلم‬
‫كاؼبستقبل‪ ،‬كسياقا مرجعيا‪ ،‬كمقصدية الرسالة"‪ .3‬أما التواصل يف العملية التعليمية فهو تلك‬

‫‪1‬عواريب حناف كعيساشل عبد اجمليد‪ ،‬األسس االجتماعية لتعليمية اللغة العربية يف ضوء علم اللغة اغبديث‪ ،‬ؾبلة األثر‪،‬‬
‫العدد‪ ،20‬جواف ‪ ،2014‬ص‪.158‬‬
‫‪ 2‬دمحم األكراغي‪ ،‬اللسانيات النسبية كتعليم اللغة العربية‪ ،‬منشورات االختبلؼ كدار الماف الرابط‪ ،‬اعبزائر كالرابط‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.203‬‬
‫‪3‬صبيل ضبداكم‪ ،‬التواصل اللساشل كالسيميائي كالًتبوم‪ ،‬مكتبة اؼبثقف‪ ،‬ط‪ ،2015 ،1‬ص‪.09‬‬
‫~ ‪~ 72‬‬
‫للتغري اللّغوي‬
‫الفصل األول‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫العبلقة اليت تربط اؼبعلم ابؼبتعلم داخل الصف اؼبدرسي‪ ،‬كاالتصاؿ التعليمي ال يبدأ ابؼبرسل‬
‫(اؼبعلم) كينتهي عند اؼبستقبل (اؼبتعلم) كما يظن أغلب اؼبعلمُت‪" ،‬كلكنو يف صورتو الفعالة‬
‫يتم بشكل دائرم كيف ؾباؿ أمشل كأكسع يهتم بكل الظركؼ كاالمكانيات اليت يربيط ابلعملية‬
‫التعليمية ككل‪ ،‬كلذلك ييطلق على عملية االتصاؿ التعليمي أبكملها أحياان البيئة التعليمية‬
‫‪ Environment Learning‬أك موقف التعلم ‪ Learning situation‬ؼبا تتٌسم‬
‫بو من تفاعل مستمر بُت عناصرىا كمكوانهتا"‪.1‬‬

‫إ ٌف تبادؿ االتصاؿ كاألساليب اغبوارية بُت اؼبعلم كاؼبتعلم ضركرية للتمكن من اللغة‬
‫اؽبدؼ‪ ،‬فيجب أف يتبادال (اؼبعلم كاؼبتعلم) األدكار يف العملية التواصلية حبيث وبدث ذلك‬
‫بشكل تناكيب كتفاعلي أثناء العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪.‬‬

‫‪1‬عواريب حناف كعيساشل عبد اجمليد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.159‬‬


‫~ ‪~ 73‬‬
‫الفصل الثاين‬

‫الواقع السوسيولغوي‬
‫والنظام التربوي في الجزائر‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬

‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬


‫توطئة ‪:‬‬
‫ييع ٌد اجملتمع أكرب كحدة يف التحليل السوسيولوجي‪ ،‬فهو وبتوم على عدد من‬
‫اجملتمعات الصغَتة كالوحدات كاؼبؤسسات‪" .‬فكثَت من علماء االجتماع يعتربكف أف علم‬
‫االجتماع يتخذ من اجملتمع الوحدة األساسية يف التخليل أم أنو يهتم بدراسة اغبياة‬
‫‪1‬‬
‫عرؼ اجملتمع "أبنو صباعة بشرية تعيش على أرض ؿبددة لفًتة‬
‫االجتماعية يف عموميتها" ي ٌ‬
‫كي‬ ‫‪.‬‬
‫زمنية فتنشأ بينها ركابط اثبتة‪ ،‬تيشكل نظاما اجتماعيا يوبقق من خبللو األفراد غاايت‬
‫نوعية‪...‬كييستخدـ لفظ اجملتمع للداللة على كحدة اجتماعية مثل القبيلة أك الدكلة األمة‬
‫كاليت ؽبا مؤسساهتا السياسية كاالقتصادية كاألسرية"‪.2‬‬

‫فهذا اجملتمع‪ ،‬ىو حركة كاحتكاؾ كتفاعل بُت أفراده‪ ،‬يف سبيل ربقيق غاايهتم‬
‫الدنيوية‪ .‬كقد تتعدد األنظمة االجتماعية‪ ،‬خاصة كأف اجملتمع يبقى عبارة عن "بيئة مغلقة‬
‫مرتبة سلفا‪ ،‬يتجسد يف األرض (اإلقليم) كاللغة كالنظم‪ ،‬فضبل عن ؾبموعة من الرموز اؼبشًتكة‬
‫مثل العلم كالنشيد الوطٍت‪ ،‬ككفقا لذلك فإننا نيعرب يف الكثَت من اغباالت عن الدكلة‬
‫ابجملتمع"‪.3‬‬

‫كاجملتمع اعبزائرم‪ ،‬كذلك ىو كحدة بشرية متفاعلة كفق حدكد اترىبية كجغرافية‬
‫كسياسية‪ :‬رظبت شخصيتو االجتماعية كالثقافية عرب تطوره التارىبي‪ .‬فماذا عن أصولو‬
‫كجذكره اليت حددت شخصيتو كخصائصو؟‪.‬‬

‫‪1‬خالد حامد‪ ،‬اؼبدخل إذل علم االجتماع‪ ،‬جسور للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬اعبزائر‪ ،2008 ،‬ص‪.14‬‬
‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫~ ‪~ 75‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬

‫ادلبحث األول‪ :‬البنية االجتماعية والثقافية للمجتمع اجلزائري‬

‫‪.1‬النمو الدميغرايف‪:‬‬
‫إف اػبصاص كاؼبميزات االجتماعية كالثقافية للمجتمع اعبزائرم قد تصبح جلية من‬
‫خبلؿ التطرؽ اكال على أىم اػبصائص الديبغرافية اليت ييبٌت أساسا عليها اجملتمع اعبزائرم‪،‬‬
‫كهبذا تتجلى لنا مبلمح البنية االجتماعية كتتٌضح فبيزاهتا‪ .‬إف الزايدة يف عدد السكاف مثبل‪،‬‬
‫ىي إحدل اؼبؤشرات األساسية اليت يربدد تركيبة اجملتمع الثقافية كالفئوية‪ ،‬كالبنية االجتماعية‬
‫تبقى دائما مرىونة ابلًتبية كالتنشئة االجتماعية‪ ،‬اللذاف يلعباف دكرا أساسيا يف تنشئة األفراد‪،‬‬
‫كيينمي حسهم اؼبشًتؾ للرقي ابجملتمع‪ .‬إف التنوع السكاشل ىو ما ييشكل ىذه الصورة‬
‫االجتماعية للتنوع يف اجملتمع اعبزائرم‪.‬‬

‫ك قد تزايد "عدد السكاف يف فًتة الثمانينات‪ ،‬حيث أصبح اجملتمع اعبزائرم يتشكل‬
‫من جيلُت أساسيُت‪ ،‬جيل ما قبل االستقبلؿ كجيل ما بعد االستقبلؿ فظهرت بذلك‬
‫‪ ،Deux Algéries‬كاللتاف ستتصطدماف كتتصارعاف الحقا‪ ،‬كىذا ما حصل‬ ‫جزائرين‬
‫يف أحداث أكتوبر ‪ .1988‬ىل ييبكن اعتبار ىذه االصطدامات خاصة‪ ،‬انتفاضة الشباب‬
‫يف أكتوبر ‪ 1988‬عبارة عن رد فعل ؽبذه الفئة يف اجملتمع؟ أـ ىل ييبكن اغبديث عن ؿباكلة‬
‫ىؤالء الشباب يف الظهور كالتعبَت عن مواقفهم كفق طبيعتهم كخصوصياهتم؟إذف ىي سعي‬
‫إذل التأكيد على الطبيعة كاػبصوصية ؽبذه الفئة‪ ،‬كطموحاهتا"‪ .1‬جيل الثورة القدامى كجيل‬
‫الشباب اغبيوم اؼبتطلع إذل إثبات نفسو كظهوره‪ .‬كىذا ما حدث يف أحداث أكتوبر‬
‫‪ ،1988‬حيث تعترب ىذه األحداث دبثابة ردكد أفعاؿ ىؤالء الشباب نتيجة هتميشهم من‬

‫‪1‬حسٍت ىنية‪ ،‬السياسات اللغوية يف اجملتمع اعبزائرم‪ ،‬أطركحة دكتوراه يف علم االجتماع‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬السنة اعبامعية‬
‫‪ ،2017/2016‬ص‪ .92‬نقبل عن ‪.Hassan remaoun, l’Algérie histoire societe et culture‬‬
‫~ ‪~ 76‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫قبل اؼبعتمدين على الشرعية الثورية‪ ،‬ىذا ما يتجلى يف تلك االنتفاضة‪ ، ،‬كمن األسباب‬
‫الرئيسية اليت أدت إذل تلك االنتفاضة التزايد اؼبستمر لعدد السكاف بعد االستقبلؿ ‪.‬‬

‫لقد ذباكز عدد السكاف اعبزائر يف جانفي ‪ 38.7 ،2014‬مليوف نسمة فيها تيشَت‬
‫آخر اإلحصائيات إذل أف عدد اعبزائريُت ذباكز‪ 37‬مليوف نسمة ك‪ 900‬ألف ‪ ...‬حيث‬
‫توقعت دائرة الشؤكف االقتصادية كاالجتماعية التابعة لؤلمم اؼبتحدة‪ ...‬أف يرتفع عدد‬
‫السكاف يف اعبزائر ‪ ...‬إذل ‪ 46.5‬مليوف يف عاـ ‪ .... ،2025‬كما أف متوسط العمر لدل‬
‫السكاف ‪ ...‬سَتتفع إذل ‪ 27‬سنة عاـ ‪( 2018‬مقابل ‪ 17‬سنة يف عاـ ‪.1)1980‬‬

‫‪.2‬التغري االجتماعي ‪:‬‬


‫إف التزايد اؼبستمر يف عدد السكاف‪ ،‬كالذم يرمي بثقلو على األكضاع االجتماعية‪،‬‬
‫لو من اؼبسببات اؼبوضوعية اليت تعمل بدكرىا على تدشل األكضاع االجتماعية‪ ،‬فبا أدل إذل‬
‫التدىور العاـ يف الظركؼ االجتماعية كاؼبعيشية بصفة شاملة‪ ،‬كىو عكس ما كانت عليو‬
‫ظركؼ العيش غداة االستقبلؿ فل ٌما‪" :‬زاد عدد السكاف نتيجة توفر العناية الصحية كربسن‬
‫الظركؼ اؼبعيشية‪ ،‬السكن‪ ،‬التعليم‪ ،‬اػبدمات‪ ،‬كذلك يف إطار ـبططات الدكلة اؼبستقلة‬
‫للتنمية كالتحديث‪ ،‬حيث بلغت الزايدة السكانية ‪ 2‬مليوف ك‪ 47‬ألف نسمة‪ .‬الكبلـ ىنا‬
‫عن جيل االستقبلؿ الذم انؿ نصيبو من حظ اغبياة األفضل‪ ،‬فساعده ذلك على النمو‬
‫السريع يف ظركؼ إهبابية كقد أفرز ذلك اعبيل جيبلن جديدان ‪-‬متزاضبا‪ -‬كاف دبثابة العبء‬
‫الثقيل على الدكلة ؼبا أرادت مواجهة متطلباتو اؼبتزايدة كؿباكلة تلبية طموحاتو الكثيفة‪،‬‬
‫ٌ‬

‫‪1‬يينظر حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬


‫~ ‪~ 77‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫ككثافة نسمتو"‪ :1‬ما يػيمكن مبلحظتو ‪ ...‬ىو ذلك الوزف اؽباـ الذم تيشكلو األجياؿ‬
‫الصاعدة داخل اجملتمع كاجملتمع اعبزائرم الذم يعرؼ ربوالت سريعة كمتنوعة‪.2‬‬

‫لقد أدت التغَتات االجتماعية غلى ربوؿ يف قيم اجملتمع‪ ،‬كال شك يف ذلك ماداـ‬
‫عرجنا على نتائج ىذا التغَت‬‫الوسط اغبضرم (اؼبدينة) ىو مسرح تلك األحداث‪ ،‬أما إذا ٌ‬
‫اغباصل بسبب تلك األحداث‪ ،‬فسوؼ قبد أف الوضع قد ازداد سوءن‪ ،‬كاجملتمع اعبزائرم‬
‫تكبد األسوأ على اؼبستول اؼبعيشي خاصة على اؼبستول الديبغرايف اؼبضطرب‪ " :‬إف انشار‬
‫ظاىرة اإلرىاب يف العشرية األخَتة (سنوات التسعينات)‪ ،‬يف غالبية الًتاب الوطٍت‪ ،‬تراجع‬
‫عدد السكاف نتيجة اإلابدة اعبماعية كسياسية التقتيل‪ ،‬خاصة يف القرل كاألرايؼ‪ .‬كنتجت‬
‫عن ىذا أيضا حركة ىجرة داخلية كاسعة ككثيفة ابذباه اؼبدف من األرايؼ‪ ،‬كمن اؼبدف‬
‫الشمالية كالشرقية كالوسطى‪ ،‬ابذباه مدف اعبنوب‪ ...‬فبا سبٌب عدـ توازف يف البناء الديبغرايف‬
‫لبعض اؼبدف‪ ،‬غَت أف ىذه اغبركة توقفت كصاحبتها زايدة سكانية معتربة إثر استقرار‬
‫األكضاع األمنية كتوقف موجة العنف ‪ ...‬كيف نفس الوقت ت ػيؤكد الشواىد الكمية أف سكاف‬
‫اعبزائر يتوزعوف توزيعا غَت متساكم‪ ،‬حيث يًتكز معظمهم يف اؼبنطقة الشمالية‪ ،‬ككلما اذبهنا‬
‫جنواب البفضت الكثافة السكانية كذلك لقلة اؼبرافق اغبضارية كصعوبة اغبياة"‪.3‬‬

‫إف عدـ االستقرار كاالضطراب الديبوغرايف ككل ما يصحبو من ربوؿ يف الظركؼ‬


‫االجتماعية كالثقافية من ىجرة داخلية قصرية أك إدارية‪ ،‬كل ىذا يدعوان إذل التمعن كالتفكر‬
‫أكثر يف طبيعية اجملتمع اعبزائرم‪ ،‬من أجل ربديد أسباب تغَته السيوسيولوجي على‬

‫‪1‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.93-92‬‬


‫‪2‬يينظر إظباعيل قَتة كآخركف‪ ،‬مستقبل الديبقراطية يف اعبزائر‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1999 ،‬ص‪.201‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫~ ‪~ 78‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫اؼبستوايت االقتصادية كاعبغرافية كاللغوية حيث "إف اؼبركر من مبط معيشي ريفي بسيط‪ ،‬أين‬
‫يسود نظاـ عبلقات اجتماعية بسيطة (التضامن اآلرل على حد تعبَت إيبيل دكركاصل ‪Emile‬‬
‫‪ )Durkheim‬إذل نظاـ معيشي حضرم معقد‪ ،‬يف عبلقات اجتماعية معقدة‪ ،‬يتطلب‬
‫دكف شك التكيف معو‪ ،‬كتبٍت قيم جديدة كتصور جديد لعاملي الزماف كاجملاؿ‪ ،‬عبلقات مع‬
‫الغَت أساسها ركابط قرابية ككذا اعتبارات اعبَتة‪ ،‬الوظيفة‪.1".‬‬

‫إف كضعية التعايش بُت سكاف األرايؼ ك سكاف اؼبدف قد يكصفت من قبل‬
‫الباحثُت اعبزائريُت على أهنا تعايش للبٌت‪ ،‬كما يظبيت عملية اندماج سكاف الريف بسكاف‬
‫اؼبدينة كاختبلطهم مع بعضهم ابالقتبلع أك االجتذاب ‪... .Déracinement‬فبا جعل‬
‫اؼبدينة كاحيائها تتحوؿ إذل ؾبموعة من األحياء ذات الثقافة الريفية‪.2‬‬

‫سب ػػيٌز حضور الثقافة الريفية يف اجملاؿ اغبضرم للمجتمع اعبزائرم دبظاىر انعكست‬
‫سلبا على البنية االجتماعية كالثقافية‪ ،‬ما جعلها تتٌسم بعدـ االتػٌػزاف‪.‬‬

‫‪.3‬الفئات االجتماعية‪:‬‬
‫إف الوجود الطبقي يف اجملتمع اعبزائرم ليس مرتبطا ابلظركؼ االجتماعية‬
‫كاالقتصادية‪ ،‬فالفئات كالطبقات االجتماعية ىي نتاج آاثر اؼبستعمر الفرنسي حيث "ربوؿ‬
‫أغلب الشعب آنذاؾ إذل عماؿ بسطاء أك فبلحُت‪ ،‬رغم ذلك يػيمكن تقسيم البناء‬
‫االجتماعي كالطبقي إذل فئتُت رئيسيتُت األكذل‪ :‬تضم العماؿ كالفبلحُت كالعاطلُت عن العمل‬

‫‪1‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫~ ‪~ 79‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫سواء يف األرايؼ أك يف اؼبدف كىم األغلبية‪ ،‬كالفئة الثانية‪ :‬يسبثلها البورجوازية الصغَتة اليت‬
‫تتطلع إذل السيطرة على السلطة"‪.1‬‬

‫ككباكؿ ىنا أف نؤكد ماذكر سابقا‪ ،‬من خبلؿ بركز جزائرين يف الواجهة كنتيجة‬
‫ي‬
‫لتضاعف عدد السكاف كتتمثل ىذه اعبزائرين يف كاحدة سبثل جيل ما قبل االستقبلؿ كأخرل‬
‫سبثل جيل ما بعد االستقبلؿ‪ ،‬كقبد يف ىذا الصدد تدخبل للباحث يف علم االجتماع عبد‬
‫قسم اجملتمع اعبزائرم بدكره إذل فئتُت‪" :‬فئة العماؿ البسطاء كفئة‬
‫العارل دبلة الذم يي ٌ‬
‫البورجوازية الصغَتة الطاؿبة إذل السيطرة على السلطة‪ ،‬ترابط اؼبفهومُت يكوف بوصف جيل ما‬
‫قبل االستقبلؿ ابلطبقة الكادحة البسيطة بينما جيل ما بعد االستقبلؿ ىو امتداد جملموعة‬
‫الفئة البورجوازية الصغَتة ‪-‬الطموحة‪ -‬أما ؾبهودات الدكلة من أجل رفع مستول الطبقة‬
‫الكادحة فقد ابءت ابلفشل‪ ،‬حيث سبيزت تلك الفًتة ابتساع فجوة التفاكت االجتماعي بُت‬
‫الفئات"‪.2‬‬

‫كما ال هبب إنباؿ العامل االقتصادم الذم كاف عنصرا فعاال يف اؼبعادلة حبث‬
‫فاضل بُت الفئات يف اجملتمع يف تلك الفًتة‪ ،‬كامتلكت فئة الثركة على حساب أخرل‬
‫"كاعتماد اعبزائر اقتصاد السوؽ يف ظل النظاـ الرأظبارل‪ ،‬برزت بعض الفئات اليت استفادت‬
‫كدعمت كضعها الطبقي‪ ،‬كيف نفس الوقت تضررت فئات أخرل (العماؿ‬
‫من ىذا اؼبشركع ٌ‬

‫‪1‬عبد العارل دبلة‪ ،‬الدكلة اعبزائرية اغبديثة االقتصاد كاجملتمع كالسياسية‪ ،‬دار الفجر للنشر‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪2‬عنصر العياشي‪ ،‬سيوسيولوجية الديبقراطية كالتمرد يف اعبزائر‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪ ،1999 ،‬ص ‪.22‬‬
‫~ ‪~ 80‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫كالفبلحُت)"‪ .1‬فالطبقية الظاىرة يف اجملتمع اعبزائرم ىي إحدل انعكاسات كـبلفات‬
‫االستعمار الفرنسي للجزائر الذم داـ أكثر من مئة كثبلثُت سنة‪.‬‬

‫‪.4‬التنوع اإلثين‪:‬‬
‫بعد التعرض إذل فئات كطبقات اجملتمع اعبزائرم اؼبتولدة من الظركؼ االجتماعية‬
‫كاالقتصادية اليت يعيشها كاليت خلٌفها عموما االستعمار الفرنسي‪ ،‬كباكؿ أف نرصد تنوعات‬
‫تكوينو اإلثٍت‪ ،‬فنظران لؤلسباب اليت أدت إذل تنوعو السكاشل من جهة‪ ،‬أتثره بثقافة اؼبستعمر‬
‫الفرنسي كخاصة اللغة الفرنسية من جهة اثنية‪ ،‬كما تركتو األفعاؿ كاؼبمارسات االستيطانية‬
‫ؽبذا اؼبستعمر من آاثر يف بنية كتشكيلة الفئات اليت عايشت تلك الفًتة بشقيها االجتماعي‬
‫كالثقايف كخصة اعبانب اللغوم من ىذا األخَت‪ .‬إال أنو "من اؼبعركؼ أف اعبزائر تندرج ضمن‬
‫البلداف العربية اؼبتوسطة التجانس فهي ربتوم على تكوينات إثنية‪ ،‬نسبتها حوارل ‪ %20‬بُت‬
‫فئة عربية كأخرل بربرية يبتزج فيها العنصرين ابإلضافة إذل فئة فرنسية اللغة‪ ،‬غَت أف الغالبية‬
‫عربية اللساف"‪.2‬‬

‫نستقي من ىذا أف اػباصية االثنية يف اعبزائر تضرب جذكرا اترىبية يف اؼبنطقة كعلى‬
‫ف كبن اعبزائريُت‬
‫وص ي‬
‫أساسها تكوف ىذا اجملتمع بتنوعو السوسيولوجي كالسوسيولساشل‪ .‬فني ى‬
‫أبننا "موزاييك متنوع مرران من العهد النوميدم الفاخر إذل العهد الركماشل كالوندارل كالبيزنطي‬
‫اؼبار إذل العهد اإلسبلمي الباىر‪ ،‬إذل العهد الفرنسي اؼبدمر كإذل عهد ثورة نوفمرب كاالستقبلؿ‬

‫‪1‬عبد العارل دبلة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬


‫‪2‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع سابق‪ ،‬ص‪.96-95‬‬
‫~ ‪~ 81‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫الزاىر شعب كاحد"‪ .1‬ىذا ما خلص إليو األستاذ صاحل بلعيد مشَتان إذل يغبمة الدين‬
‫اإلسبلمي اليت ألقت بظبلؽبا على أفراد اجملتمع بصفة عامة مشبها ؽبم ابؼبهاجرين كاألنصار‬
‫فقاؿ‪" :‬إف تعاليم اإلسبلـ ىي اليت جعلت التخخي بُت األمازيغ كالعرب‪ ،‬ؾبتمعا كاحدا‪،‬‬
‫إخوة ابلتخخي الذم جسده الرسوؿ عليو الصبلة كالسبلـ بُت اؼبهاجرين كاألنصار"‪.2‬‬

‫إف صفة األخوة بُت األمازيغُت كالعرب ربت ظباء الدين االسبلمي اؼبوحد ؽبم‪،‬‬
‫جعل منهم يتشاركوف يف تشكيل ؾبتمع جزائرم موحد‪ ،‬يتميز بصفات كأخبلؽ الدين‬
‫االسبلمي فهم ملتفوف حوؿ مبادئ كمصَت مشًتؾ كرؤية دينية موحدة‪ ،‬لكننا لو ركزان يف‬
‫مسألة الظاىرة الدينية ابعبزائر‪ ،‬لبلحظنا كاكتشفنا أف انتشار الدين اإلسبلمي يف اجملتمع‬
‫يعم كل اعبزائر‪ ،‬لوال تواجد بعض األقليات الدينية األخرل‪ ،‬فإذل جانب‬
‫اعبزائرم كاف س ٌ‬
‫اعتناؽ "الغالبية الساحقة من اعبزائريُت الدين اإلسبلمي‪ ،‬ىناؾ أقليات مسيحية أغلبهم من‬
‫أصوؿ أكركبية السيما من الفرنيُت‪ ،‬إضافة إذل بعض اعبزائريُت الذين ربولوا من اإلسبلـ إذل‬
‫اؼبسيحية بفضل ضببلت التبشَت اليت برزت منذ القدـ كتفاقمت يف سنوات التسعينات من‬
‫القرف العشرين‪،‬حيث يًتكز كجودىم ابألخص يف منطقة القبائل ابإلضافة إذل األفارقة فبػٌن‬
‫يعتنق اؼبذىب الربكتستانيت من طلبة كالجئُت‪ ،‬لقد تعايش اليهود مع اؼبسلمُت أثناء كقبل‬
‫االحتبلؿ الفرنسي لكن عددىم تناقض بعد االستقبلؿ بسبب التضييق اؼبمارس عليهم من‬
‫طرؼ السلطة‪ ،‬قي ٌدر عددىم حبوارل ‪ ،100‬أغلبهم يف اعبزائر العاصمة كجباية‪ ،‬كما أف ىناؾ‬
‫الكثَت من األجانب الصينُت‪ ،‬فبن يؤمن ابلفكر اإلغبادم"‪ .3‬يظهر أف اجملتمع اعبزائرم ال‬

‫‪1‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.96‬‬


‫‪2‬صاحل بلعيد‪ ،‬يف اؽبوية الوطنية‪ ،‬دار األمل للطباعة كالنشر كالتوزيع‪ ،‬تيزم كزك‪ ،‬اعبزائر‪ ،2007 ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ 3‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.97-96‬‬
‫~ ‪~ 82‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫ييعاشل من مشاكل الطوائف الدينية بسبب اعتماد الدكلة اعبزائرية اإلسبلـ دين الدكلة‬
‫دستوراي‪ .1‬كما ال ييبكن اعتبار التوارؽ أك اؼبيزابيُت أك حىت القبائليُت أقليات عرقية أك إثنية‬
‫ألهنم يف األصل أمازيغ تشتتوا يف أرض اعبزائر‪.‬‬

‫‪1‬الدستور اعبزائرم‪ ،‬اؼبادة ‪ 02‬منو‪.‬‬


‫~ ‪~ 83‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬

‫ادلبحث الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي يف اجلزائر‬


‫عرج يف ىذا اؼببحث إذل‬
‫بعدما تطرقنا إذل خصوصيات كفبيزات اجملتمع اعبزائرم‪ ،‬سني ٌ‬
‫ؿباكلة تسليط الضوء على اػبصوصيات اللسانية كاؼبمارسات اللغوية‪ ،‬كما تعكسو من‬
‫مفارقات لغوية‪ ،‬ىي يف الواقع مايبيز اػبارطة اللغوية للمجتمع اعبزائرم‪ ،‬كاعبلي يف ىذا‬
‫الصدد أف اجملتمع اعبزائرم ىو ما كصفو األستاذ صاحل بلعيد ب ػ ػػاؼبوزاييك‪ ،‬فاػبارطة اللغوية يف‬
‫اعبزائر تشكلت من تنوعات كتلوانت لغوية تنبع من أصوؿ اجملتمع االجتماعية كالثقافية‪" .‬إف‬
‫ما ييلفت انتباىنا يف ؾبتمع كاجملتمع اعبزائرم‪ ،‬ىو تعقد كاقعو اللغوم نتيجة كجود لغات أك‬
‫كما نسميها عدة تنوعات كتلوانت لغوية ‪، Variétés linguistiques‬ككذلك بسبب‬
‫تشابك كتداخل عدد من اعبماعات اؼبشكلة لو‪ ،‬ككذلك من حيث اؼبمارسات اللغوية‬
‫اغبقيقية للناطقُت‪ ،‬كيبكننا ىنا أف نيشَت إذل ظواىر كالتعاقب اللغوم أم التناكب اللغوم‬
‫(‪ )Code switching‬كىي االنتقاؿ من لغة إذل أخرل أثناء الكبلـ أك الًتميز‬
‫‪ L’alternance Codique‬كاالقًتاض ‪.1"L’enupruent‬‬

‫من جهة أخرل‪ ،‬فإف الباحثة خولة طالب اإلبراىيمي رأت موضوع التلوف كالتعدد‬
‫األلسٍت من زاكية التناقض يف الثنائية اللغوية‪ ،‬حيث ييبلحظ أف الثنائية اللغوية تتحقق يف‬
‫اجملتمع اعبزائرم من خبلؿ القيم اليت يتبنٌاىا الناطقوف لكل لوف أك نوع لغوم يف السوؽ‬
‫اللغوية على حد قوؿ بيار بورديو ‪ ،Pierre Bourdieu‬كتظهر ىذه الثنائيات يف‬

‫‪1‬‬
‫‪A. Douri , Les malaises de la société Algerienne ; crise de langues et cise‬‬
‫‪d’idées, Casba éditions, Alger, p 7-8.‬‬
‫~ ‪~ 84‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫الشكل التارل‪( :‬عريب‪ ،‬أمازيغي) (عريب‪ ،‬فرنسي)‪( ،‬أمازيغي‪ ،‬فرنسي)‪ ،‬إذل جانب اللغة‬
‫العامية اليت تكوف إما عربية عامية أك عامية ـبتلطة ابلفرنسية أك ابألمازيغية‪.1‬‬

‫كهبذا يبكننا كضع اللغات اؼبنطوقة يف اعبزائر يف سلم تراتيب من حيث كثرة‬
‫االستعماؿ كقلتو‪" ،‬تتعايش يف اعبزائر عدة تنوعات كتلوانت لغوية أك ابألحرل عدة دكائر‬
‫لغوية‪ .‬إف الدائرة األكذل األكرب من حيث العدد كانتشارىا اعبغرايف‪ ،‬ىي اليت يكثر فيها‬
‫استعماؿ اللغة كاليت بفضلها يشًتؾ اعبزائريوف يف الرقعة اعبيوسياسية للعادل العريب‪ ،‬فالعربية‬
‫ىي السمة األساسية احملددة"‪.2‬‬

‫أما عن اؼبكلمُت كالناطقُت يف الدائرة الثانية كعددىم قليل‪ ،‬فػػإف "أىم اؼبناطق‬
‫الناطقة ابلرببرية يف اعبزائر ىي‪ :‬األكراس‪ ،‬جرجرة (القبائل)‪ ،‬اؽبقار‪ ،‬بٍت ميزاب كغرىم‪ ،‬كتضم‬
‫األكراس ككادم ميزاب كالقبائل جل السكاف الناطقُت ابلرببرية"‪ .3‬أما الدائرة األصغر كىي‬
‫األقل انتشارا يف اعبزائر فهي الفرنسية اليت تيع ٌد أكثر اللغات األجنبية بقاء كأتثَتا يف‬
‫مؤسسات الدكلة‪ ،‬األمر الذم جعلها ربضى دبنزلة متميزة يف اجملتمع اعبزائرم‪.4‬‬

‫يتضح فبا سبق أف الفئة اؼبتكلمة اؼبسيطرة على اػبارطة اللغوية اعبزائرية ىي فئة‬
‫الناطقُت ابللغة العربية كتليها الفئة الناطقة ابألمازيغية‪ ،‬مث أتيت فئة اؼبتكلمُت ابللغة الفرنسية‬
‫الذين ىم يف األصل ٌإما عرب أك أمازيغ‪ ،‬بسبب اكتساهبا أكتعلمها (اللغة الفرنسية) منذ‬
‫الفًتة االستعمارية يف اجملتمع اعبزائرم كىذا هبدؼ طمس اؽبوية اللغوية كالوطنية ألبناء اعبزائر‬

‫‪1‬يينظر إظباعيل قَتة كآخركف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.205‬‬


‫‪2‬خولة طالب اإلبراىيمي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪4‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫~ ‪~ 85‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫يف تلك الفًتة‪ .‬أما عن األىداؼ اػبفية كراء انتشار اللغة الفرنسية‪ ،‬يؤكد األستاذ صاحل بلعيد‬
‫أنو "إذا كانت الفرنسية ىي اؼبخرج الوحيد جملتمعنا‪ ،‬فلًم ال نعتمد اللغة اإلقبليزية ألهنا أكثر‬
‫تقدمان من الناحية العلمية‪ ،‬كمن ىنا يتبُت أف الصراع ليس يف اختيار اللغة‪ ،‬بقدر ما يكمن‬
‫يف كسب ؾباؿ اؽبيمنة للغة الفرنسية اليت تتدىور يف بلدان‪ ،‬كتتطلع دكما لتكوف لغة السيادة‪،‬‬
‫فالصراع اغباصل ىو فرانكفوشل يف اؼبقاـ األكؿ"‪.1‬‬

‫كلعل أىم الكتاب كاألدابء اعبزائريُت اؼبنتجُت ابللغة الفرنسية‪ ،‬ىم الذين كصفوا‬
‫اللغة الفرنسية أببشع األكصاؼ فػ ػكاف "األديب كاتب ايسُت (‪ )1989-1929‬يصف‬
‫اللغة الفرنسية أبهنا (إنساف ذئب) ككاف يقوؿ‪ :‬أكتب ابلفرنسية ألقوؿ للفرنسيُت‪ ،‬أان ال‬
‫أحبكم‪ ،‬ككاف األديب مالك حداد (‪ )1978-1927‬ييردد‪ :‬اللغة الفرنسية ىي منفام‬
‫األشد قسوة من منفام عن الوطن‪ ،‬كييردد أيضا‪ :‬إذل الفرنسية تيستعمر أركاحنا"‪ .2‬أما فيما‬
‫ىبص الناطقُت ابللغة العربية كالناطقُت ابللغة األمازيغية‪.‬‬

‫كيذكر مبارؾ بن دمحم اؼبيلي أبهنم من "بٍت عرين بن قيس بن عيبلف كىي قبيلة‬
‫مضربة كىم ساميوف عرب"‪ .3‬كيبقى أف نعلم أف األمازيغ ؽبم من الللهجات ما زبتلف يف‬
‫النطق كبعض اؼبفردات كلكنها تشًتؾ يف اؼبدلوؿ‪" ،‬كقد د ٌؿ التحليل اللغوم أف األمازيغية‪،‬‬

‫‪1‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،98‬نقبل عن ‪Hassan remaoun, l’Algérie histoire ; societe et‬‬
‫‪culture,‬‬
‫‪2‬عبد السبلـ اؼبسدم‪ ،‬العرب كاالنتحار اللغوم‪ ،‬دار الكتب اعبديد‪ ،2011 ،‬اعبزائر‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪3‬مبارؾ بن دمحم اؼبيلي‪ ،‬اتريخ اعبزائر يف القدصل كاغبديث ج‪ ، 1‬اؼبؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫~ ‪~ 86‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫مثل اعببايلية كالشلحية ىي ؽبجات قديبة متفرعة من كتلة لغوية كاحدة ىي كتلة اللغات‬
‫العربية"‪.1‬‬

‫لقد تبُت فيما ذيكر سابقا أف االرباد كالتبلحم بُت العرب األمازيغ يعود إذل فًتة‬
‫الفتح العريب‪ ،‬حيث أف "أبناء يعرب كأبناء مازيع قد صبع بينهم االسبلـ منذ بضعة عشر قران‬
‫مث دأبت تلك القركف سبزج ما بينهم يف الشدة كالرخاء‪ ،‬ك تيؤلف بينهم يف العسر كاليسر‬
‫كونت منهم يف أحقاب بعيدة عنصرا مسلما جزائراي أمو‬
‫كتيوحدىم يف السراء كالضراء‪ ،‬حىت ٌ‬
‫اعبزائر كأبوه اإلسبلـ‪ .‬كقد كتب أبناء يعرب كأبناء مازيغ آايت اربادىم على صفحات ىذه‬
‫القركف دبا أراقوا من دمائهم يف ميادين الشرؼ إلعادة كلمة هللا‪ ،‬كما أسالوا من ؿبابر يف‬
‫ؾبالس الدرس ػبدمة العلم‪ .‬فأم قوة فأم قوة بعد ىذا يقوؿ عاقل تستطيع أف تيفرقهم"‪.2‬‬
‫كأصبح كاضحا كل الوضوح يف الفًتة اؼبعاصرة أف اجملتمع اعبزائرم ىو جسم كاحد متماسك‪،‬‬
‫كال غرابة يف ذلك ما داـ البحوث أشارت إذل أف العرب كاألمازيغ أبناء عمومة‪ ،‬كىو ما‬
‫تفرؽ األمازيغ‬
‫شهد بو اؼبؤرخوف أنفسهم‪ ،‬كما إف قاـ اإلسبلـ يف منطقة مشاؿ إفريقيا حىت ٌ‬
‫إذل قبائل‪" ،‬بل تتوزع القبائل األمازيغية يف اعبزائر على مساحات كاسعة‪ ،‬حيث سكن اعبزائر‬
‫ثبلث قبائل ىي‪( :‬كتامة‪ ،‬عجيسة‪ ،‬أزداجو)"‪.3‬‬

‫كيتطرؽ اؼبؤرخ دمحم اؼبيلي إذل ربديد أماكن كمواطن تواجد ىذه القبائل فيذكر‪" :‬إف‬
‫كتامة سكنت مناطق الشرؽ اعبزائرم‪ ،‬كعجيسة كاف موطنها جباؿ تبة كأما أزداجو فقد كانت‬

‫‪1‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪ 99‬نقبل عن صاحل فركوس اتريخ اعبزائر ما قبل التاريخ إذل غاية الستقبلؿ‪.‬‬

‫‪2‬دمحم اؼبيلي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪3‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫~ ‪~ 87‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫بنواحي تلمساف ككىراف"‪ ،1‬فمن خبلؿ ىذه القبائل األمازيغية اؼبتنوعة يف األصل كاؼبختلفة يف‬
‫األظباء‪ ،‬توطن الدين االسبلمي موحدا بينها بتعاليمو اؼبقدسة كأخبلقو الكونية‪.‬‬

‫‪.1‬اللغات الرببرية‪ /‬األمازيغية‪:‬‬


‫مر بعدة حقب اترىبية كونت ىويتها كشكلت كياهنا يف العهد‬
‫اتريخ اعبزائر قدصل ٌ‬
‫القدصل‪ ،‬إذ دل تكن ىنالك دكلة تيعرؼ ابسم اعبزائر‪ ،‬إمبا كانت ىناؾ كأرض كموطن كبَت‬
‫يسمى ببلد الرببر يبتد من شرؽ ليبيا إذل أقصى حدكد اؼبغرب ك استنادا إؼبعرفة التارىبية يعترب‬
‫الرببر أكؿ قوـ سكنوا مشاؿ إفريقيا‪ ،‬فعمركا فيها زمنا طويبل كال يزالوف مستمرين غبد اآلف‪،‬‬
‫لكن ما يهمنا يف األمر ىو لغتهم اليت كانوا يتحدثوف هبا كاليت كانوا يسموهنا سباشغت‪ 2‬كؽبم‬
‫ؽبجات ـبتلفة‪ ،‬ككانت ؽبم كتابة خاصة هبم ال تزاؿ حركفها متداكلة غبد الساعة كىي‬
‫حركؼ التيفناغ‪ . 3‬كىي عبارة عن رموز زبتلف عن غَتىا من الكتاابت األخرل‪ ،‬ككانت‬
‫اغبركؼ اؼبستعملة يف اللغة الرببرية ‪ 10‬حركؼ فقط ألهنا كانت تفيد صبيع اؼبعاشل يف ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬تيكتب من الشماؿ إذل اليمُت كالعكس أل ٌف اإلنساف كاف ىبًتع على قدر حاجتو‪.4‬‬
‫ككلمة تيفناغ تعٍت اغبركؼ اؼبنزلة من عند اإللو‪ ،‬ألهنم كانوا يعتقدكف أبهنا ليست‬
‫من صنع البشر‪ .5‬ييذكر أف من ابتكر ىذه اغبركؼ ىم الطوارؽ‪ ،‬كىي من أقدـ األجبدايت‬
‫اليت عرفتها البشرية‪ ،‬ككانت معتمدة من طرؼ صبيع الرببر ما عدا بعض القبائل الشرقية دل‬

‫‪1‬حسٍت ىنية‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬


‫‪ 2‬يينظر مبارؾ بن دمحم اؼبيلي‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫‪3‬يينظر اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪4‬يينظر اؼبوسوعة اغبرة ‪ ، http://wikipedia.org‬مت االطبلع عليها يوـ ‪ 2018/08/29‬على الساعة ‪08.03‬‬
‫مساءا‪.‬‬
‫‪5‬يينظر مبارؾ بن دمحم اؼبيلي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫~ ‪~ 88‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫تكن تعتمد ىذه اغبركؼ كمنها قبيلة " الليبوكاؼبشوش " كذلك القًتاهبا من مصر كأتثرىا‬
‫ابلكتابة اؽبركغليفية‪.1‬‬
‫مرت هبا ىذه اؼبنطقة إال‬
‫كرغم اختبلؼ اغبمبلت االستعمارات كتعدد اغبركب اليت ٌ‬
‫أهنا ال تزاؿ ؿبافظة على لغتها ‪ ،‬مع بعض االختبلفات كذلك نتيجة للتقسيمات اغبدكدية‬
‫مرت هبا منطقة مشاؿ إفريقيا‪ ،‬فنجد (الشاكية‪ ،‬القبائل‪ ،‬بٍت ميزاب‪ ،‬الطوارؽ)‬
‫كالعرقية اليت ٌ‬
‫السكاف‪ ،‬أما بربر اؼبغرب فهم‬
‫كىم بربر اعبزائر الذين يشكلوف نسبة ‪ % 25‬من ؾبموع ٌ‬
‫السكاف‪ ،‬ك بربر ليبيا‬
‫(الريف‪ ،‬اتمزيغت‪ ،‬اتشلحيت ) كيشكلوف نسبة ‪ %40‬من إصبارل ٌ‬
‫السكاف‪ ،‬أما بربر تونس فهم قليلوف‪ ،‬قبد نسبتهم ‪5‬‬
‫(نفوسة ) كنسبتهم‪ % 20‬من إصبارل ٌ‬
‫‪ %‬كؽبجتهم (اتقبليت)‪.2‬‬
‫كيف عبلقة العرب ابألمازيغ‪ ،‬كييذكر عن أصل الرببر‪ ،‬كما ذيكر سابقا أهنم من أبناء‬
‫"بٍت عرين بن قيس بن عيبلف كىي قبيلة مضربة كىم ساميوف عرب"‪.3‬كانتشرت اللٌهجة‬
‫العداننية اليت ازبذت اسم اللغة العربية ابؼبغرب العريب عقودا قليلة بعد الفتح اإلسبلمي‪،‬‬
‫كذباكب معها الرببر األمازيغ‪ ،‬أكال ألهنا لغة اإلسبلـ الذين آمنوا بو‪ ،‬كاثنيا ألهنا ليست غريبة‬
‫عن لغتهم األمازيغية‪ ،‬كاستمر األمازيغ يف خدمة اللغة العربية إيباان منهم أبهنا لغتهم كال يوجد‬
‫ؽبا بديل‪ ،‬مث جاء بنو ىبلؿ فامتزجوا إبخواهنم األمازيغ‪ ،‬كىك ّونوا معهم اجملتمع العريب اؼبسلم‪،‬‬

‫‪1‬يينظر اؼبوسوعة اغبرة ‪ K http://wikipedia.org‬مت االطبلع عليها يوـ ‪ 2018/08/29‬على الساعة ‪08.03‬‬
‫مساءا‪.‬‬
‫‪2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪3‬مبارؾ بن دمحم اؼبيلي‪ ،‬اتريخ اعبزائر يف القدصل كاغبديث ج‪ ، 1‬اؼبؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫~ ‪~ 89‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫بل كانتشرت ؽبجات يبنية ظفارية كدليل ذلك طريقة نطق بعض اغبركؼ‪ ،‬على غرار نطق‬
‫‪1‬‬
‫القاؼ كافا يف جيجل كالغزكات‪ ،‬كنطق الغُت قافا يف البيض كاألغواط‪.‬‬

‫إالٌ أف من اؼبؤرخُت من يذىب إذل الفصل يف العبلقة القرابية بُت العرب كالرببر‬
‫كابلتارل فاالختبلؼ اللغوم بينهما مؤكد‪ .‬تتداكؿ اللغة األمازيغية يف العديد من اؼبناطق‬
‫اعبزائرية كلكنها تتواجد بشكل أساسي يف منطقة القبائل تيزم كزك كجباية كجباؿ األكراس‬
‫الشاكية كما يستخدمها الطوارؽ (أماريغ الصحراء) يف الصحراء الكربل‪.‬‬
‫ككانت تتداكؿ اللغة األمازيغية يف تراب اعبزائر حىت الغزك الفينيقي‪ ،‬كعلى الرغم من‬
‫انتشار ‪ %9‬من اللغة البونيقية كالبلتينية كالعربية فيما بعد‪ ،‬إال اف اللغة األمازيغية ظلت اللغة‬
‫احملورية يف اعبزائر حىت جاء الفتح االسبلمي كالغزك اؽببلرل‪.‬‬

‫‪.2‬العربية الرمسية‪ /‬العربية اجلزائرية‪:‬‬


‫ييؤكد الشيخ عبد اغبميد بن ابديس أف "اللغة العربية كاآلداب العربية ىي لساف‬
‫األمة اعبزائرية كلها‪ ،‬أما اللغة اؼبازيغية كما ييسميها فبل تيستعمل إال يف بعض النواحي القليلة‬
‫استعماال شفاىيا ؿبليا‪ .‬مث إف اللغة العربية ىي لغة الكتابة كاػبطابة كالتعليم"‪ .2‬فاللغة العربية‬
‫ىي لغة الًتبية كالتعليم يف اعبزائر كىي لغة التواصل كاؼبمارسات الدينية ألهنا لغة اإلسبلـ‬
‫الذم كاف منذ القدـ دين األمة‪.‬‬

‫‪ -1‬عثماف سعدم‪ ،‬اللغة العربية كاللهجات اؼبتفرعة عنها‪ :‬مقارنة بُت عامية اعبزائر قبل االستقبلؿ كبعده‪ ،‬مداخلة ضمن‬
‫أعماؿ الندكة الدكلية الفصحى ك العامية لغة التخاطب بُت التقريب ك التهذيب‪ ،‬اجمللس األعلى للغة العربية‪05-04 ،‬‬
‫يونيو ‪ ،2007‬منشورات اجمللس ‪ ،2008‬ص ‪.111‬‬
‫‪2‬دمحم اؼبيلي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫~ ‪~ 90‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫يذكر الشيخ البشَت اإلبراىيمي أف" لغة العرب‪ ،‬قطعة من كجود العرب‪ ،‬كميزة من‬
‫فبيزات العرب‪ ،‬كمرآة لعصورىم الطافحة ابجملد كالعلم كالبطولة كالسيادة‪ .‬فإذا حافظ الزقبي‬
‫على رطانتو‪ ،‬كدل يبغ هبا بديبل كحافظ الصيٍت على زمزمتو‪ ،‬فلم يرض عنها ربويبل‪ ،‬فالعريب‬
‫أكذل بذلك كأحق‪ ،‬ألف لغتو كانت ‪-‬يف كقت ما– لساف معارؼ البشر‪ ،‬ككانت ‪-‬يف زمن‬
‫ما‪ -‬ترصباف حضارتو‪ ،‬ككانت –يف كقت ما‪ -‬انقلة فلسفات الشرؽ كفنونو إذل الغرب‪،‬‬
‫ككانت ‪-‬يف كقت ما‪ -‬ىادية العقل الغريب الضاؿ إذل موارد اغبكمة يف الشرؽ‪ ،‬ككانت –يف‬
‫صبيع األكقات‪ -‬مستودع آداب الشرؽ كملتقى تيٌاراتو الفكرية‪ ،‬كمازالت صاغبة لذلك‪ ،‬لوال‬
‫عاؽ من األبناء قبلىا ك ضيم من لغات األقوايء اؼبفركضة دخل‬
‫غبار من اإلنباؿ عبلىا ك ه‬
‫عليها‪ ،‬كىي قىبل كبعد قبل شيء حاضنة اإلسبلـ‪ ،‬كدليلو إذل العقوؿ‪ ،‬كرائده إذل األفكار"‪.1‬‬
‫كمع ااتع انتشار االسبلـ يف منطقة شبو اعبزيرة العربية‪ ،‬بدأ اؼبسلموف توسيع رقعة‬
‫الببلد االسبلمية‪ ،‬فتوالت الفتوحات اإلسبلمية كعن طريقها انتشار اللغة العربية كبو اؼبناطق‬
‫الشرقية‪ .‬كيف عهد اػبليفة عثماف بن عفاف (هنع هللا يضر)‪ ،‬ربولت جيوش الفتح اإلسبلمي كبو ببلد‬
‫الرببر يف مشاؿ إفريقيا‪ ،‬كبدأت الغارات االسبلمية مع ابن أيب السرح سنة ‪ 27‬ىجرية "فهزـ‬
‫الرببر‪ ،‬كانتهت الغزكة بصلح مع بطريك أفريقيا على أتدية اعبزية للمسلمُت‪ .‬كقد عاد ابن أيب‬
‫السرح إذل أفريقيا مرة أخرل ككطد فيها اإلسبلـ كذلك يف سنة ‪33‬ىجرية"‪.2‬‬
‫كذبددت غارات الفتح االسبلمي كبو مشاؿ افريقياعن طريق الفاتح اؼبشهور عقبة‬
‫أسس مدينة‬
‫بن انفع سنة ‪670‬ـ‪ ،‬سبكن يف ىذه الغارة من التغلب على الرببر ك ىزمهم ك ٌ‬

‫‪ 1‬دمحم البشَت اإلبراىيمي‪ ،‬اآلاثر‪ ، ،‬دار الغرب اإلسبلمي‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،1997 ،3‬ص ‪.281‬‬
‫‪2‬‬
‫مت االطبلع يوـ ‪https://archive.org/details/rezk_2_3_barid_lite_201608.‬‬
‫‪ 2018/11/10‬على الساعة ‪.21.19‬‬

‫~ ‪~ 91‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫السنة كاصل غاراتو حىت كصل إذل اؼبغرب‬
‫القَتكاف كجامع القَتكاف اؼبشهور ‪ .‬كيف نفس ٌ‬
‫األقصى‪ ،‬كعند عودتو قتل من قبل اؼبلك كسيلة الرببرم يف مدينة بسكرة سنة ‪ ،677‬بعدىا‬
‫ذبددت غارات الفتح مع حساف بن نعماف سنة ‪689‬ـ حيث كاجو جيش اؼبلكة كاىنة اليت‬
‫كانت تسيطر على مشاؿ إفريقيا ك قتلها سنة ‪701‬ـ جبباؿ االكراس كهبذا سيطر العرب على‬
‫منطقة مشاؿ إفريقيا‪.1‬‬
‫مع عملييت األخذ كالرد اليت شهدهتا الفتوحات العربية يف منطقة مشاؿ إفريقيا‬
‫"استسلم الرببر كتقبلوا الدين اعبديد كتعلموا لغة الفاربُت إذل درجة اإلتقاف كعاش اجملتمع‬
‫اعبزائرم غبمة كاحدة‪ ،‬مسلما‪ ،‬متماس نكا بفضل تعاليم ىذا الدين اغبنيف الذم أزاؿ ال يفرقة‬
‫حدث امتزاج حضارم كسكاشل‪ ،‬استمر أكثر من ألف‬
‫بُت العريب كااألمازيغي ‪ ، ...‬فقد ى‬
‫عاـ نتح عنو تبادؿ تلقائي للسمات الثقافية ًدبخزكهنا الًتاثي اعبديد ك القدصل‪ ،‬أسفر عن إرث‬
‫مشًتؾ بُت صبيع اعبزائريُت العرب كاألمازيغ"‪.2‬‬
‫إذف فاجملتمع اعبزائرم‪ ،‬ىو ذلك اؼبزيج االجتماعي كالثقايف بُت العرب كاألمازيغ‪،‬‬
‫دينو اإلسبلـ‪ ،‬كقد فصل منذ القدـ يف انتمائو اللغوم‪ ،‬فهو يتكلم "اللغة العربية اليت تيعترب‬
‫كاحدة من أكثر طبسة لغات يمتكلمة يف العادل‪ ،‬حيث يتحدث هبا ما ييقارب ‪ 225‬مليوف‬

‫‪1‬يينظر ‪ www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid‬مت االطبلع عليو يوـ ‪ 2018/11/11‬على‬


‫الساعة ‪.23.15‬‬
‫‪2‬عبد اغبميد زكزك‪ ،‬اؼبرجعيات التارىبية للدكلة اعبزائرية اغبديثة‪ ،‬دار ىومة للطابعة كالنشر‪ ،‬بوزريعة‪ ،‬اعبزائر‪،2005 ،‬‬
‫ص‪.125‬‬

‫~ ‪~ 92‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫نسمة‪ ،‬كىي لغة رظبية ألكثر من ‪ 25‬دكلة مستقلة"‪ .1‬كقد اعًتفت اعبزائر منذ االستقبلؿ‬
‫عربت عنو يف‬
‫أبف اللغة العربية ىي اللغة الوطنية كىي لغة الدكلة‪ ،‬كاإلسبلـ دينها‪ ،‬ىذا ما ّ‬
‫كل الدساتَت اليت تعاقبت على اعبزائر اؼبستقلة‪ ،‬حيث انتهجت اعبزائر سياسة للتعريب عرب‬
‫مراحل كالقت حركة التعريب مواجهة أحياان مباشرة كأحياان أخرل غَت مباشرة من طرؼ‬
‫النخبة الفرانكفونية اعبزائرية‪. 2‬‬
‫كيف اغبقيقة "إف اللغة العربية الفصحى ليست اللغة األـ ابلنسبة لسكاف مشاؿ‬

‫أفريقيا‪ ،‬فهي ال تيسمع يف اغبياة اليومية كال أثناء اغبديث يف األسرة‪ ،‬بل يتعلمها التبلميذ يف‬

‫اؼبدارس‪ ،‬كتيع ٌد ؽبجاهتا دبثابة اللغات األـ"‪ .3‬لقد استطاعت اللغة العربية أف تفرض نفسها‬

‫على اعبزائريُت‪ ،‬حيث أصبحت لغة اػبطاب الرظبي كلغة االبداع األديب كالعلمي‪ ،‬كمتٌ ازباذىا‬

‫كمرد ذلك إذل ما تتميز بو ىذه اللغة من خصائص كقداستها‬


‫اللغة الوطنية كالرظبية للببلد‪ٌ ،‬‬

‫اؼبستمدة من قداسة اإلسبلـ‪ ،‬كتطورىا من حيث البناء اللفظي كالًتكييب كالدالرل‪ ،‬كىي لغة‬

‫حافظة لًتاث حضارم كثقايف ىائل‪ .‬فهذه ىي اللغة العربية الرظبية اليت يتكلمها اؼبثقفوف‬

‫كالكتاب كاألكادميوف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Lotfi Sayahi, Diglossia and language contact : Language variation and‬‬
‫‪change in north Africa, Cambridge university Press, United Kingdom, 2014,‬‬
‫‪p20.‬‬
‫‪ 2‬يينظر أضبد بن نعماف‪ ،‬كيف صارت اعبزائر مسلمة عربية‪ ،‬دار األمة‪ ،‬اعبزائر‪ ، 1993 ،‬ص‪.40‬‬
‫‪3Lotfi Sayah, Op cit, p21.‬‬
‫~ ‪~ 93‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫عرب عن ىوية اعبزائريُت‪ ،‬اؼبرتبطُت‬
‫كابؼبقابل‪ ،‬قبد اللغة العربية اعبزائرية‪ ،‬اليت "تي ٌ‬
‫جبزائريتهم‪ ،‬فلم يتنكركا للغتهم أك ييقللوا من شأهنا‪ ،‬بل ظلٌوا يستخدموهنا يف تواصلهم مع‬

‫غَتىم حىت كلو كاف استخدامهم ؽبا غَت سليم أك مشواب بعبارات أجنبية"‪.1‬‬

‫‪.3‬اللهجات اجلزائرية ‪:‬‬


‫يتميز اجملتمع اعبزائرم بتنوع تعبَتاتو اللٌسانية كفبارساتو اللغوية‪ ،‬حيث كجد نفسو‬
‫منساقا للنطق بلغة شفوية بسيطة يف تراكيبها كدالالهتا كىذا ىو أصلها‪ ،‬فهي "ال زبضع‬
‫لنظاـ كبوم معُت‪ ،‬شأهنا شأف اللهجات األمازيغية‪ ،‬لكن ارتباطها ابللغة العربية الفصحى‬
‫بقي مستمرا رغم تباعدىا أحياان على اؼبستول الصويت كحىت الدالرل‪ ،‬لذلك ظلت ىذه اللغة‬
‫العامية العربية منتشرة على كامل القطر اعبزائرم‪" ،‬ككلها ؾبرد ؽبجات تػيؤدم الوظيفة التبليغية‬
‫كالتعبَتية كالتواصلية"‪ .2‬كذكر كلمة – ؽبجات –كأحياان نقرأ ‪-‬عاميات –أك –دا ًرجات –‬
‫بصيغة اعبمع إمبا تدؿ على تنوع اللهجات ككثرهتا‪ ،‬كال ٌدليل أف ما نيبلحظو يف الواقع أف‬
‫منطقتُت متمايزتُت يف نفس البلد كردبا نفس اؼبنطقة‪ ،‬ال تنطقاف بعامية كاحدة بل تتعدد‬
‫اللهجات فيها أك العاميات يف كثَت من األحياف كإف كانتا متجاكرتُت جغرافيا‪.‬‬

‫يتحدث اعبزائريوف يف ىذا الصدد كاحدة من ؽبجات اللٌغة األمازيغية كلكن تظل‬
‫اللغة العربية ىي اللغة األكذل يف عبزائر على الرغم من اعتبار اللغة األمازيغية لغة كطنية مؤخرا‪.‬‬
‫كتتضمن اللغة‪/‬اللهجة األمازيغية اؼبستخدمة يف اعبزائر اآليت‪:‬‬

‫‪1‬عبد القادر فضيل‪ ،‬اللغة كمعركة اؽبوية يف اعبزائر‪ ،‬جسور للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2‬احملمدية‪ ،‬اعبزائر‪ ،2015 ،‬ص‪-42‬‬
‫‪.43‬‬
‫‪2‬خولة طالب اإلبراىيمي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص‪.18‬‬

‫~ ‪~ 94‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫يف الشمال‬
‫‪ ‬اللهجة القبائلية ‪:‬ك يتحدث هبا ‪ 5‬مبليُت شخص معظمهم يف منطقة القبائل‬
‫كاؼبناطق احمليطة هبا ك ذلك ؽبجرة القبائليُت خارج منطقة القبائل للجزائر كأكركاب‬
‫شخص‪.1‬‬ ‫كالذين يقدر عددىم ب ‪ 8‬مبليُت‬
‫‪ ‬الشاوية‪ :‬يتحدث هبا ‪ 4.000.000‬شخص يف جباؿ األكراس‪.‬‬
‫‪ ‬الشناوية‪ :‬يتحدث هبا ‪ 56.300‬شخص يف منطقة الظهرة خصوصا يف جبل‬
‫شنوة يف غرب اعبزائر فقط ابلقرب من كالية تيبازة ابإلضافة إذل مدينة شرشاؿ‬
‫كمدينة الشلف‪ ،‬كتيشبها ؽبجة بٍت مناصر اؼبستخدمة يف غرب ك جنوب منطقة‬
‫جبل شنوة ك يتحدث هبا ‪ 55.250‬شخص‪ ،‬كلذلك تعامل اللغتُت كلهجة‬
‫كاحدة‪.2‬‬
‫‪ ‬أمازيغية البليدة‪ :‬كتستخدـ يف كالية البليدة‪.‬‬
‫‪ ‬ذلجة مطماطة‪ :‬كتستخدـ يف بعض قرل منطقة الونشريس‪.‬‬
‫يف أقصى الشماؿ الغريب‪ :‬بٌت سنوس ك بٌت سعيد نبا ؽبجتا اللغة األمازيغية‬
‫اؼبستخدمتاف يف قرل ـبتلفة يف مدينة تلمساف‪.‬‬
‫يف الصحراء الكربل ذلجة تومزابت‪ :‬كتستخدـ يف منطقة مزاب‪.‬‬

‫‪1‬عبداجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬أثر اللغة الفرنسية على اللغة العربية ىف اعبزائر‪ ،‬مداخلة قدمت دبعهد البحوث‬
‫كالدراسات اإلفريقية‪ ،‬جامعة القاىرة ‪ ،‬أبريل ‪2015‬ـ‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.04‬‬

‫~ ‪~ 95‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫‪ ‬ذلجة توات وجورارا (كيطلق عليها موقع اثنولوج اسم" تزانتيت " كلكن ىذا االسم‬
‫‪1‬‬
‫ييستخدـ للداللة على معظم ؽبجات قبيلة زانتة)‪.‬‬
‫أما اللهجات العربية يف اعبزائر فتنوعها ال يقل عن تنوع ؽبجات اللغة األمازيغية‪،‬‬
‫كىي زبتلف من منطقة ألخرل‪ ،‬كقد صنٌفت اللهجات العربية يف اعبزائر إذل أربعة‬
‫أصناؼ ‪:‬‬
‫‪ -‬يف اؼبركز ‪ :‬ؽبجات خاصة ابعبزائر العاصمة كالوسط اعبزائرم‬
‫‪ -‬الشرؽ ‪ :‬ؽبجات خاصة ابلشرؽ القسنطيٍت‬
‫‪ -‬الغرب ‪ :‬ؽبجات القطاع الوىراشل‬
‫‪ -‬الصحراكم ‪ :‬ؽبجات مناطق اعبنوب اعبزائرم‪.2‬‬
‫لعل أىم أسباب اختبلؼ اللهجات العربية اعبزائرية يعود إذل عوامل جغرافية‬
‫كسياسية ‪ ...‬فاتساع الرقعة اعبغرافية للجزائر كؾباكرهتا لبلداف كثَتة شرقا كغراب كجنواب‪ ،‬جعل‬
‫من استعماؿ ؽبجة موحدة أمرا مستحيبل كغَت فبكن على االطبلؽ‪ ،‬فاالحتكاؾ الثقايف دبا‬
‫وبتويو من احتكاؾ لساشل أمر البد منو‪ ،‬نتيجة للموقع اعبغرايف الذم جعل اعبزائر تتموقع يف‬
‫مركز ربيط بو الكثَت من الدكؿ االفريقية اؼبختلفة الثقافات كاللغات‪.‬‬
‫كما أف العامل السياسي كالتارىبي اؼبتمثل يف االستعمار الفرنسي الذم داـ قرابة‬
‫‪ 132‬سنة ابعبزائر‪ ،‬كاف لو الدكر الكبَت يف تفرقة كعزؿ الكثَت من اؼبناطق جغرافيا كثقافيا‬
‫كاجتماعيا‪ ،‬ما أدل إذل ظهور ؾبتمعات صغَتة كصباعات بشرية ال تفصل بينها حدكد‬

‫‪1‬عبداجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.04‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Taleb-Ibrahimi Khaoula, De la créativité au quotidien, le comportement‬‬
‫‪langagier des locuteurs algériens, In De la didactique des langues à la‬‬
‫‪didactique du plurilinguisme, Lidilem, Université de Grenoble 3, p. 294-‬‬
‫‪295.‬‬
‫~ ‪~ 96‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫جغرافية‪ ،‬فبا أثرل التنوع يف اللهجات كاؼبمارسات اللغوية كالتعود عليها حىت أضحت دبثابة‬
‫اللغة األـ‪.‬‬

‫‪.4‬التعدد اللغوي يف اجلزائر‬


‫ييفضي مفهوـ التعدد اللغوم إذل استعماؿ أكثر من لغة كاحدة أك القدرة على‬
‫كوبيل مصطلح التعدد اللغوم‬ ‫اغبديث أبكثر من لغة‪ ،‬داخل ؾبتمع ما‪ .‬ي‬
‫‪" Multilinguisme‬سواء على استعماؿ اللغة أك على قدرة الفرد أك على الوضعية‬
‫اللغوية يف أمة كاملة أك جملتمع‪ .‬كمتعددم اللغة ىم الذين لديهم قدرة متساكية يف اللغات‪،‬‬
‫كاكتساهبا بشكل متزامن‪ ...‬كالتعريف الشائع للتعدد اللغوم ىو استعماؿ أكثر من لغة‬
‫كاحدة أك قدرة أبكثر من لغة"‪ 1‬كىو تقريبا اؼبعٌت الذم مت اإلشارة إليو من قًبل جوف ديبوا‬
‫‪ Jean Dubois‬يف قاموسو للسانيات "التعدد اللٌغوم‪ ،‬عندما ذبتمع أكثر من لغة يف‬
‫ؾبتمع كاحد‪ ،‬أك عند فرد كاحد ليستخدمها يف ـبتلف أنواع التواصل‪ ،‬كاؼبثاؿ اؼبشهور ىو‬
‫دكلة سويسرا حيث الفرنسية كاإليطالية كاألؼبانية ىي لغات رظبية هبا"‪ .2‬كمع ذلك فعلى‬
‫اؼبستول الفردم فإف التعدد اللغوم غالبا من ييصنٌف بشكل عاـ ربت الثنائية اللغوية‪ ،‬كىو‬
‫كذلك ماداـ من احملتمل أف"ييوجد أشخاص ثنائيو اللغة يف العادل أكثر من أحادم اللغة‪ ،‬فبل‬
‫ييبكن تصور كجود ؾبموعة كبَتة عن األشخاص الذين يستعملوف أكثر من لغتُت بشكل‬
‫اعتيادم فهناؾ ابلفعل‪ ،‬عدة أكضاع متعددة اللغة غنية يف العادل‪ ،‬كابلنسبة لتعاريف اؼبعيارية‬
‫للذين يصطلح عليهم بثنائي أك متعدد اللغة بشرط اغبصوؿ على قدرة متساكية يف اللغات‬
‫كاكتساهبا بشكل متزامن‪ ،‬أك استعماؽبا يف نفس السياؽ‪ ،‬غَت أف ىذا األمر أك التعبَت‬
‫نسيب"‪.3‬‬
‫أ‪.‬جوانب التعدد اللغوي‬

‫‪1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.650-649‬‬


‫‪ 2‬ابديس ؽبويبل كنور اؽبدل حسٍت‪ ،‬مظاىر التعدد اللغوم كانعكاساتو على تعليمية اللغة العربية‪ ،‬ؾبلة اؼبمارسات اللغوية‪،‬‬
‫جامعة بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،2014 ،30‬ص‪.103‬‬
‫‪3‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص ‪.649‬‬
‫~ ‪~ 97‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫‪ -‬اجتماعيا‪:‬‬

‫يينظر إذل التعدد اللغوم على أنو ظاىرة اجتماعية تؤثر يف اللغة الواحدة ذاهتا‪ ،‬كلعل‬
‫ىذا التعدد اللغوم اغباصل نتيجة ظركؼ اقتصادية كاجتماعية كسياسية مقصودة أحياان كيف‬
‫أحياف أخرل غَت مقصودة‪ ،‬فاللغة العربية تنافسها أثناء العملية التواصلية كاالبداعية لغات‬
‫لشعوب أخرل من مناطق ـبتلفة قريبة كبعيدة‪ ،‬فبا هبعل احملافظة عليها كالتحكم فيها أثناء‬
‫أدائها لدكرىا التواصلي أمرا صعبا‪ ،‬ال بد أف تستند ػبطط كدراسات كاسًتاتيجيات غبمايتها‪،‬‬
‫كمواقف سياسية تضفي عليها قيمتها كربوؿ دكف عزؽبا عن اللغات األخرل‪.‬‬

‫‪ -‬رمسيا‪:‬‬

‫يف "سنة ‪ 1997‬أصدرت اغبكومة اعبزائرية قوانُت سبنع اؼبوظفُت من التحدث‬


‫عبلنية أبم لغة غَت العربية‪ .‬كما أمرت اغبكومة إبصدار صبيع الكتب كإلقاء احملاضرات‬
‫ابلعربية كتدريج احملاضرات الفرنسية‪ ،‬كأمرت أف يكوف البث التليفزيوسل ابللغة العربية‪ ،‬حيث‬
‫يف نفس السنة قاؿ كزير الثقافة سليماف الشيخ أف اللغة الفرنسية ربتاج إذل التدريج ألهنا سبنع‬
‫اللغة العربية من الظهور كألهنا تقود اعبزائريُت بعيدا عن اللغة اإلقبليزية‪ ،‬لغة التجارة العاؼبية‬
‫‪1‬‬
‫كالكمبيوتر كالعلوـ"‬

‫"حبلوؿ عاـ ‪ 2007‬كانت عملية التعريب قد اكتملت أك أكشكت على الكماؿ‬


‫يف كل من كزارة العدؿ‪ ،‬كزارة الشؤكف الدينية‪ ،‬كمكاتب التسجيل يف اؼبباسل اإلدارية اعبزائرية‪.‬‬
‫كيضيف ابن رابح أبف عملية التعريب قد أثرت على التعليم ك لكن بدرجة أقل‪ .‬ككانت‬
‫الواثئق الرظبية للوزارات اليت دل تتأثر بشكل كامل أك جزئي بعملية التعريب تكتب ابللغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬كيتم منح نسخة مًتصبة إذل العربية عند اغباجة‪ .‬فبحلوؿ عاـ ‪" 2007‬تقلص‬

‫‪1‬عبداجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬أثر اللغة الفرنسية على اللغة العربية ىف اعبزائر‪ ،‬مداخلة قدمت دبعهد البحوث‬
‫كالدراسات اإلفريقية‪ ،‬جامعة القاىرة ‪ ،‬أبريل ‪2015‬ـ‪ ،‬ص‪.5‬‬

‫~ ‪~ 98‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫استخداـ اللغة الفرنسية يف عدد من اجملاالت العليا منذ العهد االستعمارم عندما شغلت‬
‫اللغة مواقع غَت ىامة يف اإلعبلـ كالتعليم كاغبكومة كاإلدارة"‪.1‬‬

‫إف عاـ ‪ 1962‬كاف دبثابة نقطة بداية "االنتقاؿ من اللغة الفرنسية إذل اللغة العربية‬
‫األدبية يف النظاـ التعليمي‪ ،‬كحبلوؿ عاـ ‪ 2007‬بدأ التعريب يؤثر يف التعليم االبتدائي ك‬
‫الثانوم‪ ،‬بينما ظل التعليم اعبامعي الفرنسي دليل على اؼبستول االجتماعي الراقي‪ ،‬ك مازالت‬
‫الفرنسية ىي اللغة اؼبستخدمة يف الدراسات العلمية"‪.2‬‬

‫ب‪.‬مظاىر التعدد اللغوي‪:‬‬

‫‪ ‬االزدواجية اللغوية‪:‬‬

‫ييبدم إبراىيم خليل رأيو عن اإلزدكاجية اللغوية كيقوؿ "ىي كجود لغة للكبلـ‬
‫اليومي أك ‪ Local Dialect‬اللهجة احمللية‪ ،‬كلغة أخرل ىي لغة الكتابة كاؼبخاطبات‬
‫الرظبية اؼبدكنة كاحملاضرات كاألحاديث كاػبطب الدينية"‪ ،3‬أم أف اؼبتكلم نفسو يتكلم يف‬
‫حياتو اليومية بلغتو‪ ،‬كلكنو عندما يقوـ بكتابة شيء فبا يقولو يلجأ إذل اللغة األخرل‪ .‬كقد‬
‫سموا لغة الكتابة اللغة الفصحى بينما ييطلقوف على لغة الكبلـ‬
‫اعتاد كثَتا من الناس أف يي ٌ‬
‫كصفا ييقلل من منزلتها كىو العامية‪ ،‬أك الدارجة‪.‬‬
‫تعرب االزدكاجية اللغوية عن كجود مستويُت يف اللغة العربية‪ :‬مستول الفصيحة‪،‬‬
‫كمستول الدارجة‪ ،‬أك مقاببلهتا مثل العامية كاللهجة (يف مفهوـ بعضهم مع أف األفضل‬

‫‪1‬عبداجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.05‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪3‬يينظر إبراىيم خليل‪ ,‬مدخل إذل علم اللغة‪ ،‬دار اؼبسَتة للنشر كالتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،2010 ،‬ص‪.71‬‬

‫~ ‪~ 99‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫زبصيص مصطلح اللهجة ؼبا يتعلق ابلنطق)‪ ،‬كما يتضمنو ىذا اؼبفهوـ من تباعد بل صراع يف‬
‫بعض اجملاالت كاألذىاف‪.1‬‬
‫من ىذه اؼبنطلقات يرل اللسانيوف كعلماء االجتماع أف الوضع اللغوم‬
‫بشماؿ إفريقيا صعب الدراسة‪ ٬‬كذلك لوجود لغة استعمارية مهيمنة كتتخذ شكبل رفيعا يف‬
‫ىذه اجملتمعات على حساب اللغة العربية األصل‪ .‬فتعرض مشاؿ إفريقيا للسيطرة االستعمارية‬
‫الفرنسية‪ ،‬أفرز تشعبا لغواي نتيجة السياسة االستعمارية اليت تدعي إعادة دمج الشعوب‬
‫ؼبواكبة اغبضارة العاؼبية‪.‬‬

‫فإقرار لغة اؼبستعمر لغة رظبية ‪ -‬كاليت بلغت حد اللغة األـ ‪ -‬أعطى جيبل مشبعا‬
‫هبذه اللغة ثقافة كأداب‪ .‬كقد ربوؿ ذلك فيما بعد إذل حركة ربررية معارضة للهيمنة‬
‫اإلستعمارية‪ ٬‬بعد فشل اؼبستعمر يف االستقطاب اإليديولوجي التاـ لذلك اعبيل‪.‬‬

‫كبعد زكاؿ االستعمار الفرنسي الذم خلف تركة كولونيالية‪ ،‬ذبلت يف صفوة‬
‫اؼبثقفُت‪ ٬‬دل تفلح يجل الدكؿ اؼبغاربية (تونس‪ -‬اؼبغرب‪ -‬اعبزائر) يف تعريب نظامها التعليمي‬
‫كاإلدارم بشكل اتـ‪ .‬لكنٌنا قبد موقفا مغايرا يف سوراي‪ ٬‬حيث عملت على ؿبو كل أثر‬
‫للوجود الكولونيارل‪ ٬‬بينما دافعت لبناف عن التعددية الثقافية اللغوية النتشار اؼبسيحية‬
‫داخلها‪.2‬‬

‫‪ 1‬يينظر عبد الرضبن بن دمحم القعود‪ ،‬االزدكاج اللغوم يف اللغة العربية‪ ،‬كمقالتاف مًتصبتاف إحدانبا‪ :‬أثر اللغة العربية على‬
‫نفسية العرب لشويب كاألخرل االزدكاج اللغوم لفرغيسوف‪ ،‬مكتبة اؼبلك فهد الوطنية‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪1417( ،1‬ق‪-‬‬
‫‪1997‬ـ)‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪2‬يينظر مراد ليماـ‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.‬‬
‫~ ‪~ 100‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫ففكرة اكتساب كتعلم لغة اؼبستعمر ال ٌدالة على مدل النجاح كالتفوؽ يف اغبياة‬
‫العملية‪ ٬‬ظلت لفًتات طويلة مسيطرة على أذىاف الناس يف اجملتمعات اؼبغاربية خصوصا‬
‫كالعربية عموما‪ .‬حيث ترسخت ىذه الفكرة ال شعوراي يف ذىن األفراد‪ .‬فإذل جانب النخبة‬
‫اليت تلقت تعليما دبدارس اؼبستعمر‪ ٬‬أثناء الفًتة االستعمارية‪ .‬طورت العامة كفاءاهتا موازاة مع‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬الثنائية اللغوية‪:‬‬

‫تظهر النائية اللغوية كجانب آخر من التعدد اللغوم‪ ،‬كييرادفها يف اللغة اإلقبليزية‬
‫مصطلح ‪ ،Bilingualism‬حيث "دل يسلم ىذا اؼبصطلح من الغموض كالتناقضات اليت‬
‫كقع فيها العلماء‪ ،‬فمنهم من ساكاىا ابالزدكاجية اللغوية"‪...1‬ككردت عدة تعريفات للثنائية‬
‫اللغوية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪"-1‬أف يتكلم الناس يف ؾبتمع ما لغتُت‪ .‬كىنا إشارة إذل نوع كاحد من أنواع الثنائية‪ ،‬كىو‬
‫الثنائية اجملتمعية‪ .‬كبذلك فإف التعريف ليس مكتمبل‪ ،‬حيث إنو ال يشَت إذل الثنائية‬
‫الفردية‪ ،‬أم الثنائية اؼبقصورة على الفرد‪.‬‬
‫‪-2‬إتقاف الفرد لغتُت‪ .‬بشرط اإلتقاف يف مفهوـ الثنائية اللغوية‪.‬‬
‫‪-3‬استعماؿ الفرد للغتُت" ‪. 2‬‬

‫‪1‬رقيعة عبد الكرصل‪ ،‬التعدد اللغوم مظاىره كانعكاساتو يف الواقع اللغوم اعبزائرم‪ ،‬ؾبلة علوـ اللغة العربية كآداهبا‪ ،‬جامعة‬
‫الوادم‪ ،‬اجمللد ‪ ،02‬العدد ‪ ،02‬ص‪.186‬‬
‫‪ 2‬دمحم علي اػبورل‪ ,‬اغبياة مع لغتُت ( الثنائية اللغوية )‪ ،‬الرايض‪ ،‬اؼبملكة العربية السعودية ‪ 1988،‬ـ‪ ,‬ص‪18 -17‬‬

‫~ ‪~ 101‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫"الثنائية اللغوية ىي استخداـ الفرد أك اعبماعة للغتُت أبية درجة من اإلتقاف‪ ،‬كألم‬
‫مهارة من مهارات اللغة‪ ،‬كألم ىدؼ من األىداؼ‪ ،‬فلغة أم دكلة تكوف ثنائية مع أم لغة‬
‫أك لغات أخرل زبتلف عنها نظاما كأصواات كإفرادا كتركيبا‪ ،‬ففي الواقع اللغوم اعبزائرم قبده‬
‫فبثبل يف اللغة العربية اليت تيكوف ثنائية مع اللغة الفرنسية كاألمازيغية كاالقبليزية‬
‫كاالسبانية‪...‬كغَتىم"‪ .1‬كىذا يعٍت أف الشخص الذم ييبكن أف يتحدث بلغتُت ىو ثنائي‬
‫اللغة‪ .‬فهو يبلك القدرة كاؼبهارة على االستماع كالتحدث كالقراءة كالكتابة بلغتُت ـبتلفتُت‪.‬‬

‫"تنشأ الثنائية اللغوية يف ظل ظركؼ متعددة منها‪ :‬اؽبجرة اعبماعية‪ ،‬الغزك‬


‫العسكرم‪ ،‬التزاكج‪ ،‬القومية‪ ،‬التعليم كالثقافة‪ ،‬التصنيع‪ ،‬انتشار الدين‪...‬اخل"‪.2‬‬

‫دلّت بعض الدراسات على أف ثنائي اللغة‪ ،‬يواجو مشكبلت عديدة يف مبوه‬
‫اللغوم‪ .‬كيرل البعض أف ثينائي اللغة لديو مفردات نشيطة كمفردات خاملة أقل عددا من‬
‫مفردات األحادم اللغة‪ ،‬ألف ثينائي اللغة‪ ،‬عليو أف وبفظ كلمتُت لكل معٌت‪.1‬‬

‫من خبلؿ ما سبق ًذكره‪ ،‬يتٌضح أف الثنائية اللغوية تعٍت كجود لغتُت متنافستُت يف‬
‫االستعماؿ تتمتعاف دبنزلة كاحدة من حيث الكتابة الرظبية كاالستعماؿ الرظبي‪ .‬أما االزدكاجية‬
‫الليغوية فهي كجود أكثر من مستويُت للغة يف ؾبتمع كاحد‪ ،‬مستول رظبي أك فصيح‪،‬‬
‫كمستول غَت رظبي أك عامي دارج‪ ،‬حبيث ييستخدـ كل مستول ألغراض كأىداؼ معينة‪.‬‬

‫ت‪.‬انعكاسات التعدد اللغوي على اجملتمع ‪:‬‬

‫‪1‬رقيعة عبد الكرصل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.187‬‬


‫‪ 2‬يينظر دمحم علي اػبورل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص‪62-60‬‬

‫~ ‪~ 102‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫ال شك يف أف اللغة العربية لغة كطنية كرظبية دستوراي يف كثَت من البلداف العربية‬
‫كاالسبلمية‪ ،‬ليس يف اعبزائر فقط‪ ،‬حيث أف العبلقة بُت نسق اللغة ك بينية اجملتمع متكاملة‪.1‬‬
‫كأصبح من اؼبػيسلّم بو عند اللغويُت‪ ،‬أف احتكاؾ اللغات ضركرة اترىبية‪ ،‬كىذا االحتكاؾ‬
‫ييؤدم إذل التداخل فيما بينها فبا يستدعي التأثَت كالتأثر‪ ،‬فلم تسلم أم لغة من االحتكاؾ‬
‫بلغات أخرل ؾباكرة‪ ،‬ككثَتا ما يلعب ىذا االحتكاؾ دكرا ىاما يف التطور اللغوم‪ ،‬كيًتتب‬
‫عليو نتائج بعيدة اؼبدل‪ ،‬إذل درجة أف بعض العلماء يذىبوف إذل القوؿ‪ ،‬أبنو ال توجد لغة‬
‫متطورة دل زبتلط بغَتىا‪.2‬‬

‫‪ -‬الصراع اللغوي‬

‫إف البناء الثقايف كاغبضارم لكل ؾبتمع ال ييبكن أف يتأسس خارج اللغة‪ ،‬ألف ىذه‬
‫األخَتة ىي الوعاء اغبامل لكل ذلك‪ ،‬تيؤدم اللغة ابإلضافة لكوهنا أداة يف اجملتمع كظيفة‬
‫التواصل‪ ،‬كظهور التعدد اللغوم يف ؾبتمع ما يدؿ على التعدد الثقايف‪ ،‬بل إف ىذا التعدد يف‬
‫اللغة داخل الثقافة اؼبتعددة‪ ،‬سيجعل من اللغات اؼبتعددة اؼبوجودة غَت قابلة كقادرة على‬
‫التعميم‪ ،‬بل زبضع ؼببدأ التخصيص‪ ،‬إذ تستعملها كل صباعة لنفسها‪ ،‬كما وبدث يف بعض‬
‫اؼبناطق الناطقة ابللغة األمازيغية اليت ال تتقن اللغة العربية‪ .‬إف االحتكاؾ بُت لغتُت‬
‫متجاكرتُت ال ينجر عنو كظيفة التواصل فقط‪ ،‬بل قد تنجر عنو بعض التجاذابت‬
‫كاالختبلالت يف السوؽ اللغوية‪ ،‬ذلك ألف قوة الليغات ليست متكافئة دائما‪ ،‬كمن مثىّ قد‬
‫تتباين قدرهتا على اؼبقاكمة‪ ،‬فاألؼبانية كالفرنسية مثبل‪ ،‬لغتاف قويتاف تستوايف يف القوة‪ ،‬كبينهما‬

‫‪1‬يينظر رمضاف عبدالوىاب‪ ،‬الصراع اللغوم أسبابو ك نتائجو‪ ،‬ؾبمع اللغة العربية على الشبكة العاؼبية‪ ،‬موقع كزارة الثقافة‬
‫كاالعبلـ السعودية‪ ،‬مت االطبلع عليو يوـ ‪ 2018/10/04‬على الساعة ‪.05.30‬‬
‫‪ 2‬يينظر رمضاف عبد التواب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.‬‬

‫~ ‪~ 103‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫اختبلفات لغوية كبَتة‪ ،‬فإذا ما تعرضتا للمنافسة كاالحتكاؾ‪ ،‬كانت اؼبنافسة بينهما‪ ،‬تكاد‬
‫تكوف ؿبصورة يف اؼبيداف االقتصادم كحده‪ ،1‬أما يف اعبزائر "فالصراع قوم كحاد بُت اللغة‬
‫العربية الرظبية كاللغة الفرنسية من جهة‪ ،‬كبُت اللغة العربية كاللهجات العامية من جهة أخرل‪،‬‬
‫ففي اغباضر قبد أف اللغة العربية تيواجو صراعا لغواي يف األقطار العربية مع عدة لغات‬
‫أجنبية‪ ،‬كما وبصل ؽبا يف اؼبغرب العريب مع اللغة الفرنسية‪ ...‬كبعد اقببلء الغبار –عن ىذا‬
‫الصراع‪ -‬تراءت لنا ىزيبة اللغة العربية‪ ،‬فإذا ما الحظنا اػبطاب االجتماعي سنجد العربية‬
‫الفصحى غائبة عن الوجود كأصبح االىتماـ هبا ضعيفا‪.2"...‬‬

‫يضع علماء اللغة للصراع اللغوم مراحل‪ ،‬يف كل مرحلة منها تظهر عوامل تساعد‬
‫على اكببلؿ اللغة اؼبقهورة‪ ،‬كتيؤدم إذل القضاء عليها‪:‬‬

‫ادلرحلة األوىل‪:‬‬

‫تطغى مفردات اللغة اؼبنتصرة‪ ،‬كربل ؿبل اللغة اؼبقهورة شيئا فشيئا كتكثر ىذه‬
‫الكلمات أك تقل تبعا للمقاكمة اليت تيبديها اللغة اؼبهزكمة‪ .‬فما حدث بُت لغة اإلقبليز‬
‫السكسوف إبقبلًتا‪ ،‬كلغة الفاربُت من الفرنسيُت النورمانديُت كاف خَت مثاؿ لذلك‪ ،‬إذ‬
‫خرجت اإلقبليزية اؼبنتصرة يف ىذه الصراع‪ ،‬كقد فقدت ما يقرب من نصف مفرداهتا‬
‫األصلية‪ ،‬كاستبدلت بو كلمات من اللغة النورماندية اؼبغلوبة‪ .3‬كذلك ىو الشأف ابلنسبة للغة‬

‫‪ -1‬يينظر اؼبرجع نفسو‪.‬‬


‫‪2‬رقيعة عبد الكرصل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.188‬‬
‫‪ 3‬يينظر رمضاف عبد التواب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.‬‬

‫~ ‪~ 104‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫العربية اؼبنتصرة على اللغة الرببرية‪. ،‬حيث حلت مكاهنا‪ ،‬كأخذت منها العديد من اؼبفردات‬
‫اؼبتداكلة إذل يومنا ىذا‪.‬‬

‫ادلرحلة الثانية‪:‬‬

‫تتغَت ـبارج األصوات‪ ،‬كيقًتب النطق هبا‪ ،‬من النطق أبصوات اللغة اعبديدة شيئا‬
‫فشيئا‪ ،‬حىت تيصبح على صورة تيطابق أك تيقارب الصورة اليت ىي عليها يف اللغة اؼبنتصرة‪،‬‬
‫كذلك أبف يتصرؼ اؼبغلوب تصرؼ الغالب يف النطق ابألصوات‪ ،‬فتتسرب بذلك أصوات‬
‫اللغة الغالبة إذل اللغة اؼبغلوبة‪ ،‬يف طريقة نطقها‪ ،‬كنربىا‪ ،‬كـبارجها‪ ،‬فينطق أىل اللغة اؼبغلوبة‬
‫ألفاظهم األصيلة‪ ،‬كما انتقل إذل لغتهم من كلمات دخيلة‪ ،‬متخذين نفس اؼبخارج‪ ،‬كنفس‬
‫الطريقة‪ ،‬اليت يسَت عليها النطق يف اللغة الغالبة‪ .‬كىذه اؼبرحلة تيعد أخطر مراحل الصراع‬
‫اللغوم‪ ،‬إذ يزداد فيها اكببلؿ اللغة اؼبغلوبة‪ ،‬كيشتد قرهبا من اللغة الغالبة‪.1‬‬

‫ادلرحلة الثالثة ‪:‬‬

‫تفرض اللغة اؼبنتصرة قواعدىا كقوانينها اللغوية اػباصة ابعبمل كالًتاكيب‪ ،‬كهبذا‬
‫تزكؿ معادل اللغة اؼبقهورة‪ ،‬كحينئذ تبدأ اللغة اؼبنتصرة‪ ،‬يف إحبلؿ استعاراهتا‪ ،‬كمعانيها اجملازية‪،‬‬
‫ؿبل األخيلة كاالستعارات كاؼبعاشل‪ ،‬للغة القديبة‪ ،‬اليت سبوت شيئا فشيئا‪ .‬إال أف النصر ال يتم‬
‫للغة من اللغات‪ ،‬إال بعد أمد طويل‪ ،‬قد يصل أحياان إذل أكثر من أربعة قركف‪ ،‬فالركماف‬
‫أخضعوا ببلد الغاؿ يف القرف األكؿ اؼبيبلدم‪ ،‬كلكن دل تتم الغلبة للغة البلتينية‪ ،‬إال يف القرف‬
‫الرابع‪.‬كيف كل صراع لغوم‪ ،‬ال تتم ىذه اؼبراحل دفعة كاحدة‪ ،‬كال زبتفي ؽبجة أك لغة‪ ،‬إال كقد‬
‫تركت بعض مفراداهتا أك تراكيبها كقواعدىا‪ ،‬أك أثرت أبم صورة من الصور‪ ،‬يف معاشل‬

‫‪1‬يينظر رمضاف عبد التواب‪ ،‬اؼبرجع السابق‪.‬‬


‫~ ‪~ 105‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫اؼبفردات للغة اعبديدة‪ ،‬كخباصة إذا كانت اللغتاف من فصيلة لغوية كاحدة‪ .‬كاػببلصة أنو مىت‬
‫اجتمعت لغتاف يف صعيد كاحد‪ ،‬فإنو ال مفر إطبلقا من أف تتأثر كل منهما ابألخرل‪ ،‬سواء‬
‫يف ذلك أتغلبت إحدانبا على األخرل‪ ،‬أـ بقيت كل كاحدة منهما جبوار أختها‪.1‬‬

‫‪ -‬التداخل اللغوي‬
‫ييشَت مفهوـ التداخل اللغوم يف أدبيات البحث اللساشل اليوـ إذل كضعيات تواصلية‬
‫لغوية ـبتلفة زبتلف فيها اللغة اؼبستعملة حسب الوضعية كالسياؽ أك اغباجات كالغاايت‪،2‬‬
‫كقد ظهر التداخل يف صبيع اؼبستوايت التحليلية للغة العربية ‪ :‬الصوتية كالنحوم كالداللية‬
‫كاؼبعجمية‪.‬‬

‫فعلى اؼبستول الصويت‪ ،‬ظهرت أصوات يف الكلمة العربية ال تنتمي إليها مثل صوت‬
‫حرؼ "‪ "g‬الذم يكوف يف كثَت من األحياف بديبل غبرؼ القاؼ "ؽ"‪ .‬كغَتىا من األصوات‬
‫اليت استبدلت‪ .‬أما على اؼبستول اؼبعجمي فقد دخلت الكثَت من األلفاظ إذل الوسط اللغوم‬
‫اعبزائرم‪ ،‬منها ما ىو عامي كمنها ما ىو أجنيب‪ ،‬كمن األمثلة على ذلك كلمات مثل ‪:‬‬
‫كوزينة‪ ،‬تيليفوف‪ ،‬بيتزيراي‪....‬أما على اؼبستول الًتكييب فقد ظهرت أمباط جديدة يف اللغة‬
‫العربية كبو ‪" :‬فبنوع التدخُت" بتقدصل اػبرب على اؼببتدأ‪ ،‬كعبارة "نفس الشيء" كالصواب‬

‫‪1‬يينظر اؼبرجع نفسو‪.‬‬


‫‪2‬قدكر نبيلة‪ ،‬التداخل اللغوم بُت العربية كالفرنسية كأثره يف تعليمية اللغة الفرنسية يف قسم اللغة العربية كآداهبا‪ ،‬ماجستَت‪،‬‬
‫جامعة قسنطينة‪، 2006/2005،‬ص ‪.36‬‬
‫~ ‪~ 106‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫"الشيء نفسو"‪...‬كىذه الصياغات إمبا تدؿ على التداخل الًتكييب بُت العربية كالفرنسية‪ .‬أما‬
‫دالليا‪ ،‬فقد خلق التعدد اللغوم الكثَت من اللبس‪ ،‬الذم أدل إذل سوء الفهم يف العملية‬
‫التواصلية‪ ،‬كاستعماؿ اؼبعلم لغة غَت لغة األـ للتلميذ‪ ،1‬كىذا ما سنتطرؽ إليو يف اعبانب‬
‫اؼبيداشل للدراسة بشكل أكثر كاقعية من خبلؿ النزكؿ إذل اؼبيداف‪.‬‬

‫‪ 1‬رقيعة عبد الكرصل‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.189-188‬‬


‫~ ‪~ 107‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬

‫ادلبحث الثالث ‪ :‬سياسة التعريب يف اجلزائر‬

‫‪.1‬مفهوم التعريب ‪:‬‬


‫عرب‪ :‬صبغ الكلمة بصبغة‬
‫كرد يف معجم العربية الكبلسيكية كاؼبعاصرة "مصدر ٌ‬
‫عربية عند نقلها بلفظها األجنيب إذل اللغة العربية مثل مناكرة من ‪ ،manoeuvre‬كنقل‬
‫كبلـ أجنيب إذل كبلـ عريب ييؤدم اؼبعٌت‪ ،‬كالنص الفرنسي من ترصبتو إذل العربية‪."1‬‬
‫اعتمدت اعبزائر سياسة للتعريب غداة استقبلؽبا‪ ،‬كذلك من أجل إحبلؿ اللساف‬
‫العريب يف التعليم كاغبياة اليومية‪ ،‬ؿبل اللغات األجنبية‪ .‬فػ ػػ"منذ سنوات بعيدة كاعبهود تيبذؿ‬
‫يف اعبزائر كاؼبغرب أيضان‪ ،‬من أجل التعريب بعد سنوات طويلة من االستعمار الذم ىدؼ‬
‫فيما ىدؼ إذل فىرنى ىسة اعبزائر‪ ،‬على اػبصوص"‪ .2‬فالوضع اللغوم للغة العربية يف اعبزائر‬
‫اليوـ‪ ،‬مرتبط أيبا ارتباط بتارىبها يف ـبتلف مراحل اعبزائر يف مقاكمة ما تعرضت لو من‬
‫حركب على اؽبوية الوطنية كيف مقدمتها اللغة العربية‪ ،‬كلعل االستعمار الفرنسي كاف ىداما‬
‫لوجود اللساف العريب‪ ،‬حيث "منعت إدارة االحتبلؿ استعماؿ اللغة العربية كجعلتو أجنبينا‬
‫كأصدرت تشريعات يعرؼ بقانوف األىارل ‪ Code de l’indigena‬فأغلقت دبقتضاىا‬
‫اؼبدارس القرآنية كالكتاتيب"‪ ،3‬كلكن ىذه اعبهود دل تيعط شبارىا مع ؾبتمع قرر اؼبقاكمة كطرد‬

‫‪1‬يوسف دمحم رضا‪ ،‬معجم العربية الكبلسيكية كاؼبعاصرة‪ ،‬مكتبة لبناف انشركف‪ ،‬لبناف‪ ،2006 ،‬ص‪.369‬‬
‫‪2‬عبد اجمليد عبد الرحيم اغباج أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -3‬ديدكح عمر‪ ،‬الصراع اللغوم يف اعبزائر أتزصل اؽبوية‪ )http://www.almarefh.net،‬الساعة‪،21:18 :‬‬
‫اتريخ االطبلع‪2018/08/12 :‬‬

‫~ ‪~ 108‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫االستعمار‪ .‬فمحاكلة التعريب ظلت متواصلة منذ االستقبلؿ كيف مقاكمة مستمرة‪ ،‬رغم‬
‫االنتصارات اؼبتوالية للفرانكفونية يف أقطار الشماؿ االفريقي‪ .‬كيف طليعتها اعبزائر‪.1‬‬
‫يذكر األستاذ عبد اؼبلك مراتض‪ ،‬أف التعريب يف العادل العريب تعريباف‪ :‬تعريب‬
‫اإلدارة كالتعامل اليومي‪ ،‬كىذه السَتة سائدة يف كل األقطار العربية دبا فيها اعبزائر حيث‬
‫تعطي كل الواثئق الرظبية (عقود اؼبيبلد‪ ،‬الوفاة‪ ،‬الزكاج‪ ،‬الدفًت العائلي‪ ،‬بطاقة التعريف‪ ،‬كل‬
‫العقود كاألحكاـ من اؼبوثقُت كاحملامُت كالقضاة‪ ،)...‬كتعريف العلوـ كالتكنولوجيا‪ ،‬كىذه‬
‫مسألة تعٍت العادل العريب كلو مشرقو كمغربو ما عدا سوراي اليت أقدمت على تعريب مراحل‬
‫تعليمها منذ دىر بعيد‪ ،‬كاسًتاحت‪ ...‬كعلى اؽبيئات اؼبكلفة ابلتعليم يف مراحلو الثبلث‪،‬‬
‫كاؼبؤسسات اللغوية أيضان‪ ،‬أف تبذؿ أقصى ما يبكن بذلو من أجل أف تيغذم اللغة العربية لغة‬
‫‪2‬‬
‫تدريس العلوـ يف كل مستوايت التعليم‪ ،‬كخصوصان يف مرحلة التعليم اعبامعي‬
‫إف كضع اللغة العربية يف اؼبغرب العريب بعامة‪ ،‬كيف اعبزائر خباصة‪ ،‬دل يشهد يوما‬
‫التحسن التاـ كاالىتماـ اعباد‪ ،‬كلكنها ليس من السوء على النحو الذم تتصوره النخبة يف‬
‫اؼبشرؽ العريب‪ .‬فالفرنكفونية دل تستطع أف تيسجل يف دكؿ اؼبغرب العريب ما تطمح إليو من‬
‫طمس اؽبوية كالثقافة العربية‪ ،‬ك"لو انتصرت حقان لكانت استطاعت أف سبحو اللغة العربية من‬
‫ىذه األقطار ؿبوان كامبلن‪ ،‬كقد أيتيح ؽبا أف تستعمرىا لفًتات متفاكتة أطوؽبا ما مكثتو يف‬
‫اعبزائر اليت ىيمنت عليها مائة كاثنُت كثبلثُت عامان‪ ،‬كذلك كما مكنت ىذه الفرنكوفونية‬
‫للغتها الفرنسية سبكينان اتمان يف بعض األقطار االفريقية اليت ازبذت من اللغة الفرنسية لغة رظبية‬
‫ؽبا بدكف حياء‪ ،‬فبا سيحكم عليها ابلتبعية الثقافية كالتخلف األبدم‪ ،‬فعلى الرغم من اعبهود‬

‫‪1‬يينظر عبد اجمليد عبد الرحيم اغباج أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.12-11‬‬
‫~ ‪~ 109‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫اؼبضنية اليت بذؽبا الفرنسيوف‪ ،‬كال يزالوف يبذلوهنا سران كعبلنية‪ ،‬لفرض لغتهم على أقطار‬
‫‪1‬‬
‫لعل ما أفسد على‬
‫اؼبغرب العريب فإف اللغة العربية ال تزاؿ ىي اللغة الرظبية فيها" ‪ .‬ك ّ‬
‫االستعمار الفرنسي خطتو‪ ،‬كخيب آمالو يف دحض اللغة العربية‪ ،‬أف لغة القرآف الكرصل الذم‬
‫تواتر بُت الناس ابغبفظ كالفهم يف الريف كالبدك‪ ،‬حاؿ دكف ربقيق مراده‪ ،‬فبا جعل دكؿ‬
‫اؼبغرب العريب كعلى رأسها اعبزائر يربافظ على معادل شخصيتها العربية كاإلسبلمية إذل حد‬
‫بعيد‪ ...‬كلوال اإلسبلـ‪ ،‬الندثرت مبلمح الشخصية االسبلمية لسكاف اعبزائر كاندثرت معها‬
‫اللغة العربية ‪...‬‬
‫من اؼبؤكد أف اؼبتكلمُت ابللغة الفرنسية ىم من شروبة اؼبثقفُت كاألكادميُت‪ ،‬فهم‬
‫النخبة‪ ،‬كييبثلوف اؼبؤسسات كاإلدارة اعبزائرية‪ ،‬غَت أف نفوذىم الثقايف مرتبط دبركر فًتة من‬
‫الزمن على سياسة التعريب‪ ،‬أك على األقل ليضعف‪ ،‬أتثَتىا يف اغبياة العامة مستقببلن‪،‬‬
‫كاإلعتقاد "أف الذين يعرفوف اللغة الفرنسية معرفة صحيحة‪ ،‬كييتقنوهنا اتقاان‪ ،‬ىم يف عامتهم‬
‫من اعبيل القدصل‪ ،‬أم فبن ذباكز سنهم الستُت كالسبعُت‪ ،‬كعلى أتثَت ىؤالء فإف عددىم‬
‫قليل‪ .‬أما الشباب يف عامتهم فهم إما معّربوف‪ ،‬كإما أف لغتهم الفرنسية ىزيلة كركيكة كال‬
‫ذباكز مستول فرنسية اػبدـ‪ ...‬كإال فأركشل شاعران أك ركائيان جزائراين بلغ اؼبستول األديب العاؼبي‬
‫إذا استثنينا ما ىو ابؽ من اعبيل القدصل أمثاؿ آسيا جبار‪ ،‬كدمحم ديب‪ ...‬كإذا كاف مستول‬
‫اللغة الفرنسية ضعف لدل الشباب يف اعبزائر ضعفان يبزؽ نياط الفرنكوفنيُت حزانن ككمدان‪ ،‬فبل‬
‫‪2‬‬
‫هبوز التمكُت غبضارة بلغة أجنبية ضعيفة"‪.‬‬

‫‪ 1‬عبداجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫~ ‪~ 110‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫لعل ذلك يرجع إذل أف اؼبدرسة اعبزائرية‪ ،‬لعبت دكرا مهما يف إضعاؼ مناىج تعلم‬
‫ٌ‬
‫اللغات األجنبية كمنها الفرنسية‪ ،‬كاالىتماـ أكثر ابللغة الوطنية من حيث تغليب اغبجم‬
‫دكر ىاـ يف إضعاؼ اللغة‬
‫الساعي يف تدريسها مقارنة ابللغات األجنبية‪ ،‬فاؼبدرسة كاف ؽبا ي‬
‫الفرنسية‪.‬‬
‫"إف اللغة الفرنسية يف اعبزائر‪ ،‬كبقية الشماؿ االفريقي‪ ،‬ليست ؾبرد لغة أجنبية‪ ،‬لقد‬
‫دخلت يف نسيج الشخصية اؼبغاربية‪ ،‬كابتت من لزكميات اغبياة اإلدارية كالثقافية‪ ،‬إف دل‬
‫تكن من أسس الشخصية الوطنية‪ .‬ىذا كضع قد ال يسر‪ ،‬كلكنو كضع قائم ينبغي تدبره‬
‫كالبحث عن حلوؿ لو"‪ ،1‬ىذا ليس معناه التحيز ضد اللغات األجنبية‪ ،‬كلكن ال بد من‬
‫توازانت لغوية يف بلد عريب تيرفرؼ فوؽ ظبائو راية اإلسبلـ‪.‬‬
‫كييضيف األستاذ مراتض قائبل‪" :‬كثَتان ما تػيتّهم اعبزائر‪ ،‬أك ييراد ؽبا أف تتحمل أكثر‬
‫فبا هبب أف تتحمل من العبء اغبضارم القومي‪ ،‬ككأف أمر العربية موكوؿ للجزائر كحدىا‬
‫لتنظر يف شأنو‪ ...‬فأف تيصبح العربية لغة العلوـ كالطب ليس أمران مستحيبلن‪ ،‬بل ىناؾ دكلة‬
‫عربية عمدت إذل تعريب كل ذلك منذ أكثر من نصف قرف‪ ،‬كدل يقتلها التخلف‪ ،‬كدل تسكن‬
‫أجساد مواطنيها األمراض‪ ،‬بل إف سكاهنا ال ييكابدكف من أم سوء يف األحواؿ الصحية‪ ،‬بل‬
‫ردبا يتمتعوف بصحة أجود فبن ازبذكا من الفرنسية أك اإلقبليزية لساانن لتدريس الطب‬
‫كالعلوـ‪ ...‬فاؼبسألة تتعلق ابلقرار السياسي‪ ،‬ال بكفاءة العربية أك عدـ كفاءهتا‪ ،‬يف ؾباؿ‬
‫العلوـ‪ .‬فهذه الكفاءة ال يطعن فيها إال مكابر أك حاقد‪ .‬ككبن نعلم أف الصهاينة أحيوا لغتهم‬
‫أبف بعثوىا من اؼبقابر فأمست يف ظرؼ قصَت لغة اإلعبلـ كالسياسة كالتعليم يف كل مراحلو‪،‬‬

‫‪1‬عبد اجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫~ ‪~ 111‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫كذلك على الرغم من أف العربية تدين يف كبوىا دينونة كاملة للعربية‪ ،‬كعلى الرغم أيضان من‬
‫أهنا دل تعط اإلنسانية شيئان من اغبضارة كما فعلت العربية"‪.1‬‬
‫إ ٌف اؼبشكلة الذم تيعانيها اللغة العربية يف ىذا العصر‪ ،‬أف الذين يشتغلوف عليها‪،‬‬
‫كىم يف عامتهم أدابء كلغويوف‪ ،‬ال ييلموف ابلعلوـ كال يعرفوف شيئان ذا ابؿ منها‪ ،‬كيف اؼبقابل‬
‫ااؼبتخصصوف يف لعلوـ األخرل ال يعرفوف من العربية العالية ما ييبكنهم من التفكَت هبا إذل‬
‫درجة إبداع اؼبعرفة هبا‪ ،‬كفيها‪.2‬‬
‫إف إؼباـ العلماء العرب ابللغة العربية إؼبامان كافيان ييتيح ؽبم اإلنتاج العلمي بواسطتها‪،‬‬
‫كالتعبَت عن نتائج أحباثهم بصورة كاضحة فبا ييسهل كييبسط النهل منها‪ ،‬فتيصبح بذلك اللغة‬
‫العربية يف مستول أم لغة عاؼبية‪...‬لغة علم كإبداع‪ .‬فاؼبشكلة ىاىنا ال تعود ػبلل يف نظاـ‬
‫اللغة العربية أك عدـ كفرة مفرداهتا‪ ،‬كلكنو يعود إذل يمتكلميها الذين يهبافنوىا إذل حد النٌكراف‬
‫أحياان‪.‬‬
‫"إف اعبزائر إذل اليوـ دل تنضم رظبيان إذل منطقة البلداف الفرنكوفونية اليت تقودىا‬
‫فرنسا‪ ،‬كىي اؼبنظمة اليت انضمت دكؿ عربية مشرقية إليها ال تعرؼ من الفرنسية شيئان‪...‬‬
‫كاعبزائر إذل اليوـ تيدرس صبيع العلوـ كالرايضيات يف كل مدارسها االبتدائية كالتكميلية‬
‫كالثانوية‪ ،‬ابللغة العربية"‪.3‬‬
‫كقد كانت للغويُت القدامى جهودكبَتة يف إخضاع الكلمات األعجمية لسنن‬
‫االشتقاؽ كالنطق العربيُت‪ ،‬تسهيبل لتداكؿ الكلمات اؼبعربة يف اللغة العربية‪ ،‬كدفعا ؼبا قد‬

‫‪ 1‬عبد اجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.14-13‬‬


‫‪ 2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫~ ‪~ 112‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫يوبسو اؼبستعملوف ؽبا من ىجنة‪ ،‬بدليل إبقاؤىم على األلفاظ اليت تيوافق أصواهتا نيطقا كىيئة‪.1‬‬
‫كذلك قصد مسايرهتا للتطورات العلمية كما ينتج عنها من مصطلحات قد تيشكل عائقا يف‬
‫لغة البحث العلمية‪.‬‬

‫‪.2‬واقع اللغة العربية بعد االستقالل ‪:‬‬

‫أ‪-‬مرحلة بُعيد االستقالل ‪)1965-1962( :‬‬

‫قبد من القوانُت الضامنة للهوية العربية اإلسبلمية للجزائر النصوص القانونية اليت‬
‫تشرع لعركبة اعبزائر منها‪:‬‬
‫اؼبادة الثالثة من الدستور اعبزائرم الصادر يف ‪ ، 1963‬كال تزاؿ ىذه اؼبادة بًتتيبها مستمرة‬
‫إذل اليوـ‪ ،‬كنصها" اللغة العربية ىي اللغة الوطنية كالرظبية‪ ، 2‬كقد كانت فًتة حكم الرئيس‬
‫أضبد بن بلو قصَتة جدا ككانت معادل التغيَت فيها غَت كاضحة خاصة كأف الشعب اعبزائرم‬
‫كاف يعيش فرحة االستقبلؿ األكذل‪ .‬كىي النقطة األصعب دائما ألهنا مرحلة التحوؿ‬
‫كاالنتقاؿ اعبذرم من مرحلة السيطرة إذل مرحلة اغبرية‪ .‬كرغم قصر ىذه اؼبدة إال أف الرئيس‬
‫األكؿ يف اعبزائر قاـ إبصبلحات ىامة جدا خاصة على اؼبستول التعليم‪ ،‬ركز على اؼبرحلة‬
‫االبتدائية ابلدرجة األكذل ألنو كاف يهدؼ إذل تنشئة جيل جديد غَت ذلك اعبيل‬
‫الفرانكفوشل‪ .‬ففي سنة ‪ 1963‬تقرر إدخاؿ اللغة العربية كمادة إجبارية للسنة األكذل بتوقيت‬

‫‪ 1‬يينظر إبراىيم أنيس‪ ،‬من أسرار اللغة‪ ،‬اؼبكتبة األقبلو مصرية‪ ،‬ط‪ ،3‬القاىرة‪ ،1966،‬ص‪.125‬‬
‫‪ 2‬الدستور اعبزائرم ‪.2000‬‬

‫~ ‪~ 113‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫‪ 10‬ساعات أسبوعيا من ‪30‬ساعة تعليم يف األسبوع‪ ،1‬على الرغم من تشبع الرئيس أضبد‬
‫بن بلو أنذاؾ ابلثقافة الفرنكفونية‪ ،‬إالٌ أنو عمل على ترسيخ اللغة العربية يف ىذا اجملتمع‬
‫اؼبستقل حديثا‪ ،‬كقبده يعتز بكل ما ىو عريب ك ىذا ما صرح بو يف مطار تونس يف ‪14‬‬
‫أبريل ‪ 1962‬قولو كبن عرب – كبن عرب – كقاؿ بصريح العبارة أبف اعبزائر عربية‬
‫مسلمة‪.2‬‬
‫ب‪-‬مرحلة (‪: )1978-1965‬‬

‫أكؿ ما "قاـ بو الرئيس ىوارم بومدين بعد توليو اغبكم يف ىذه اؼبرحلة‪ ،‬بعد‬
‫الرئيس أضبد بن بلة يف ‪19‬جواف ‪ 1965‬ؿباكال تغيَت ىذا البلد‪ ،‬ىو تعيُت أضبد طالب‬
‫اإلبراىيمي كزيرا للتعليم‪ ،‬كاإلبراىيمي"‪ ،3‬حيث كاف "متشبثا بكل ما ىو عريب إسبلمي‬
‫كمناىض لكل ما ىو فرنسي كأراد أف ييعطي للتعريب قيمة كربل‪ ،‬كأيضا أككل بعض اؼبهاـ‬
‫الرئيسية يف الدكلة إذل دمحم الصاحل وبياكم كىو أحد أعضاء صبعية العلماء اؼبسلمُت"‪.4‬‬
‫فسياسة الرئيس ىوارم بومدين كانت هتدؼ إذل جعل اؼبتشبعُت ابلثقافة العربية من النخبة‬
‫يف اؼبناصب الكربل كاغبساسة‪ ،‬على حساب اؼبفرنسُت‪ .‬ففي يوـ ‪ 26‬ابريل ‪1968‬ـ‪ ،‬ازبذ‬

‫مت ‪1 - Algérie ,politique linguistique d' arabisation , w.w.w.tlfq .ulaval .ca‬‬


‫االطبلع عليو يوـ ‪ 2018/10/12‬على الساعة ‪10.15‬‬

‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪.‬‬
‫‪3‬جفاؿ فتيحة‪ ،‬اللغة ك اؼبمارسة الدينية‪ ،‬دار ابن بطوطة للنشر ك التوزيع‪ ،‬األردف‪ ،2015 ،‬ص‪.45‬‬
‫‪4‬رايض الصيداكم ‪ ،‬صراعات النخب السياسية يف اعبزائر ‪،‬اغبزب ‪،‬اعبيش‪ ،‬الدكلة ‪ w.w.w.rezzgar.com ،‬مت‬
‫االطبلع عليو يوـ ‪ 2018/10/12‬على الساعة ‪.10.15‬‬

‫~ ‪~ 114‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫ىوارم بومدين قرارا حاظبا يهبرب فيو اؼبوظفُت بتعلم اللغة العربية الفصحى‪ ،1‬كإال قلت‬
‫حظوظهم يف إهباد عمل أم تفضيلهم على اؼبفرنسُت‪ .‬كهبذا قبد أف التعريب دل يقتصر على‬
‫ؾباؿ التعليم إمبا كاف ىذا القرار دبثابة خطوة ىامة لتعريب اإلدارة‪ .‬يف ديسمرب‪1969‬ـ ٌقرر‬
‫زبص ؾباؿ التعليم‬
‫كزير التعليم أف يقوـ إبصبلحات ىامة جدا يف الدكلة كىذه اإلصبلحات ٌ‬
‫كؿباكلة إرساء كل ما ىو عريب‪ .‬ففي سنة ‪ 1976‬أمر الرئيس ىوارم بومدين بكتابة‬
‫البلفتات كأظباء الشوارع ابللغة العربية كابلتارل فرض اللغة العربية على كافة اجملتمع كليس‬
‫فقط التعليم كاإلدارة ‪.‬كيف هناية سنة ‪ 1978‬تباطأ مشركع التعريب يف اعبزائر على إثر كفاة‬
‫الرئيس ىوارم بومدين‪ .‬ككخبلصة ييبكن القوؿ أف التعريب بلغ درجة كبَتة من األنبية ما دل‬
‫نقل أنو بلغ الذركة يف فًتة حكم الرئيس ىوارم بومدين كلكن ىذا ال يعٍت أهنو توقف بعده‪.‬‬

‫ت‪-‬مرحلة(‪: )1991-1989‬‬

‫ما كاصلو الرئيس الشاذرل بن جديد للتعريب ىو ما أراده بومدين‪ ،‬فكخطوة أكذل‬
‫منع الرئيس الشعب من ارتياد اؼبراكز الثقافية الفرنسية كذلك لتجنب التأثَت عليو ابلثقافة‬
‫الفرنسية كاحملافظة على العركبة‪ .‬كيف عهده كضع قانوف وبوم ‪ 36‬مادة هتدؼ إذل التعريب‬
‫الشامل لئلدارة كاعبامعة ‪ ،‬كأكد أف كل كثيقة يربرر يف اعبزائر بغَت اللغة العربية ك يكتبت بلغة‬
‫‪2‬‬
‫أخرل تكوف ابطلة كال قيمة ؽبا كهبب معاقبة مرتكبيها بغرامة مالية ضخمة ‪.‬‬

‫مت إنشاء األكاديبية اعبزائرية للغة العربية يف ‪19‬أكت ‪ ،1986‬كاليت اضطلع دكرىا‬
‫بتطوير اللغة العربية كاالرتقاء هبا إذل مصاؼ اللغات العاؼبية انتشارا كتوسعا‪ .‬ك قد كاف الرئيس‬

‫‪1‬األمر اؼبؤرخ ‪ 26‬أبريل ‪ 1968‬اؼبتضمن إجبارية معرفة اللغة العربية على اؼبوظفُت‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ 2‬يينظر جفاؿ فتيحة‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫~ ‪~ 115‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫الشاذرل بن جديد أىم داعم لقانوف التعريب‪ .‬فنجده كافق على القرار الذم ازبذه رئيس‬
‫الربؼباف أنذاؾ عبد العزيز بلخادـ‪ ،‬ابفتتاح جلساتو آبايت من القرآف الكرصل‪ ،‬كىو ما ييعطي‬
‫داللة كاضحة على أف نية السلطة يف النهوض ابللغة العربية‪ .‬كما شهدت مرحلة حكم‬
‫الرئيس الشاذرل بن جديد‪ ،‬توظيف أكذل دفعات اؼبتخرجُت اعبامعيُت من النظاـ التعليمي‬
‫اؼبعرب‪ ،‬فشهدت ىذه اؼبرحلة كالدة صراعات داخلية بُت اؼبعربُت اؼبتشبعُت ابلثقافة االسبلمية‬
‫ٌ‬
‫كاؼبفرنسُت اؼبتشبعُت ابلثقافة الغربية‪ ،‬فكاف ىذا أحد أىم األسباب أدت الصراع الثقايف يف‬
‫اعبزائر كالذم ترتبت عنو عشرية سوداء عاشها اجملتمع اعبزائرم يف فًتة التسعينات‪.1‬‬

‫ث‪-‬مرحلة (‪: )1999-1991‬‬

‫مرحلة حكم الرئيس اليامُت زركاؿ ‪:‬‬

‫ىذه الفًتة من حكم اليامُت زركاؿ أصعب فًتة شهدهتا اعبزائر اؼبستقلة‪ ،‬ؽبذا مت‬
‫زبفيف النقاش حوؿ عدة قضااي لتجنب اؼبشاكل كالنزاعات بُت اعبيش النظامي‬
‫كاإلسبلمويُت‪ ،‬إالٌ أف قضية التعريب كانت ال تزاؿ قائمة ‪ ،‬كقد ٌقرر الرئيس يف سنة ‪1993‬‬
‫إعطاء األكلياء حق االختيار بُت اللغة الفرنسية كاللغة اإلقبليزية ألبنائهم يف اؼبراحل اؼبتقدمة‬
‫من التعليم‪ ،‬كهبذا تكوف قد يكجهت للفرنسية ضربة قاضية يف اعبزائر ‪ .2‬كما قرر اجمللس‬
‫االنتقارل الوطٍت أف ييصوت ابإلصباع على قانوف التعريب كفرضو يف صبيع اؼبؤسسات التعليمية‬
‫كاإلدارية يف ‪ 16‬ديسمرب ‪ 1996‬ككل ىذا كاعبزائر يف حالة صراع بُت اإلسبلمويُت‬
‫كالسلطة‪.‬‬

‫‪ 1‬يينظر جفاؿ فتيحة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.47‬‬


‫‪2‬يينظر جفاؿ فتيحة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫~ ‪~ 116‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫مرحلة حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة‬

‫يف سنة ‪ 2005‬ازبذ رئيس اعبمهورية قرارا مها جدا خبصوص اؼبدارس اػباصة‬
‫‪ Les Écoles Privées‬إبدراج اللغة العربية ضمن مقرراهتا اليت كانت فرنسية ‪100%‬‬
‫كقاؿ أبف كل مؤسسة خاصة ال يكوف ضمن براؾبها اللغة العربية فهي ملغية‪ ،‬كهبذا تقرر‬
‫موقف بوتفليقة من اللغة العربية كالتعريب يف اعبزائر‪ ،‬مع العلم أنو ال ييبانع االطبلع على‬
‫الثقافات كاللغات دكف استثناء‪.‬‬

‫كيقوؿ رئيس اعبمهورية أبف اللغة الرظبية كالوحيدة يف اعبزائر ىي اللغة العربية‪ ،‬كهبذا‬
‫أيعيد التأكيد على أف ىذا البلد عريب كلغتو الرظبية ىي العربية كال هبوز ألم لغة أخرل أف‬
‫أتخذ مكاهنا‪ .‬كأف التعريب يف اعبزائر ما زاؿ دل يصل إذل مبتغاه كالسؤاؿ اؼبطركح ىو ىل‬
‫قبح التعريب يف اعبزائر حقا أـ فشل؟‬

‫~ ‪~ 117‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬

‫ادلبحث الرابع‪ :‬اللغة يف ادلنظومة التعليمية ابجلزائر‪.‬‬

‫‪.1‬اللغة العربية يف ادلؤسسات التعليمية‪:‬‬


‫ضمنت سياسة التعريب اؼبعتمدة من طرؼ السلطة اعبزائرية‪ ،‬بعد االستقبلؿ‪ ،‬للغة‬
‫العربية الفصحى االستحواذ على ـبتلف اجملاالت الرظبية كغَت الٌرظبية‪ ،‬كبفضل تفردىا‬
‫فعٌربت اإلدارة كالقضاء‪،‬‬
‫ابلشرعية الدستورية ابعتبارىا اللغة الرظبية الوحيدة يف الببلد‪ ،‬ي‬
‫كزبصصات العلوـ االجتماعية كاالنسانية يف اعبامعة اعبزائرية بعدما كانت مفرنسة‪ ،‬كىذا ما‬
‫أكده دستور ‪ 1963‬يف ديباجتو اليت تكررت فيها اإلشارة إذل القومية العربية يف أكثر من‬
‫كنصت اؼبادة اػبامسة على‪" :‬أف اللغة العربية ىي اللغة القومية للدكلة"‪.1‬‬
‫موضع‪ٌ ،‬‬

‫كتيشرؼ على احملافظة كاالىتماـ كالرقي ابللغة العربية يف اعبزائر ىيئتاف اتبعتاف‬
‫لرائسة اعبمهورية‪ ،‬اجمللس األعلى للغة العربية كاجملمع اعبزائرم للغة العربية‪.‬‬

‫كلعل إشارة كزير الثقافة األسبق أضبد طالب اإلبراىيمي إذل العبلقة الوطيدة بُت‬

‫ثقافة اجملتمع اعبزائرم كاللغة العربية‪ ،‬كانت خَت دليل لتبوئها مكانة مهمة بعد االستقبلؿ‪،‬‬

‫فقاؿ‪" :‬لكي نيعرب عن ىذه الثقافة بصدؽ‪ ،‬ال مفر من استعماؿ فقط اللغة العربية‪ ،‬فنحن‬

‫غَت لغتو ىو شعب ييغَت ركحو كنظرتو ؼبا‬


‫نتفق مع اللغويُت كاؼبؤرخُت أف الشعب الذم يي ٌ‬
‫حولو‪ ...‬فالتعبَت كالكبلـ بلغة أخرل‪ ،‬ال ييعرب عن أفكاران بلغة غَت لغتنا‪ ،‬إمبا ىو تفكَت آخر‬

‫‪ 1‬دستور ‪.1963‬‬
‫~ ‪~ 118‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫كيف الوقت ذاتو تفكَت يف أمور أخرل‪ ،...‬كمثل ىذا التصرؼ سيضر بصحة أك مستقبل‬
‫‪1‬‬
‫الشعوب"‪.‬‬

‫كيف ىذا السياؽ‪ ،‬يذكر اؼبفكر كالعبلمة العريب ابن خلدكف يف مقدمتو أف "لغات‬
‫أىل األمصار إمبا تكوف بلساف األمة أك اعبيل الغالبُت عليها‪ ،‬أك اؼبختلطُت ؽبا‪ ،‬كلذلك‬
‫كانت لغة األمصار العربية كلها ابؼبشرؽ كاؼبغرب ؽبذا العهد كلها عربية"‪.2‬‬

‫عمبل بتعليمات الدستور اعبزائرم لسنة ‪ ،1989‬يع ٌمم استعماؿ اللغة العربية ابتداء‬
‫من ‪ 16‬يناير ‪ ،1991‬استنادا كتطبيقا لقوانُت كأكامر سابقة تعود إذل سنة ‪ ،1966‬نذكر‬
‫منها األمر اؼبؤرخ ‪ 26‬أبريل ‪ ،1968‬اؼبتضمن إجبارية معرفة اللغة العربية على اؼبوظفُت‪،‬‬
‫ي‬
‫كاألمرية اؼبؤرخة ‪ 16‬أفريل ‪ 1976‬اؼبتضمنة تنظيم الًتبية كالتكوين‪ ،‬كالقانوف الصادر بتاريخ‬
‫ي‬
‫‪ 17‬جانفي ‪ 1984‬ؼبتضمن زبطيط ؾبموعة الدارسُت يف اؼبنظومة الًتبوية‪ ،‬كالقانوف الصادر‬
‫‪ 19‬أكت ‪ 1968‬اؼبتضمن إنشاء اجملمع اعبزائرم للغة العربية‪ ،‬كغَتىا من األكامر كالقوانُت‪.3‬‬

‫حظيت مؤسسات التعليم العاـ يف اعبزائر اؼبستقلة ابلسبق يف دخوؿ اللغة العربية‬
‫إليها مع هناية سنة ‪ .1962‬حيث تقرر تعميم تعليم اللغة العربية كمادة دراسية مستقلة‬

‫‪1‬‬
‫‪Ahmed Taleb Ibrahimi, De la décolonisation à la révolution culturelle,‬‬
‫‪1962-1972, 3eme édition, Alger, sned, 1981, p245.‬‬
‫‪ 2‬عبد الرضبن بن خلدكف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.379‬‬
‫‪ 3‬يينظر عز الدين مناصرة‪ ،‬اؼبسألة األمازيغية يف اعبزائر كاؼبغرب إشكالية التعددية اللغوية‪ ،‬دار الشركؽ كالتوزيع‪ ،‬ص ‪-25‬‬
‫‪.26‬‬
‫~ ‪~ 119‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫بذاهتا يف اؼبرحلة االبتدائية حبجم ساعي قي ٌدر ب سبع ساعات أسبوعيا‪ ،‬كطبس ساعات يف‬
‫مرحلة التعليم اؼبتوسط يف مقابل أربع ساعات يف مرحلة التعليم الثانوم‪.1‬‬

‫كيف خطوة جريئة كحاظبة يف من اتريخ اعبزائر اؼبستقلة حديثا‪ ،‬متٌ "التعريب الكلي‬
‫للمرحلة االبتدائية بداية من السنة الدراسية ‪ ،1969-1964‬عن طريق التعريب التدرهبي‪،‬‬
‫كقد مر ابؼبراحل اآلتية‪:‬‬

‫‪ ‬يف السنة الدراسية ‪ 1965-1964‬تعريب السنة األكذل ابتدائي‪.‬‬


‫‪ ‬يف السنة الدراسية ‪ 1968-1967‬تعريب السنة الثانية ابتدائي‪.‬‬
‫‪ ‬يف السنة الدراسية ‪ 1969-1968‬تعريب جزئي للسنة الثالثة‪ ،‬فقد بقيت‬
‫بعض اؼبواد (اغبساب كاؼبواد العلمية) ابللغة الفرنسية‪.‬‬
‫‪ ‬يف السنة الدراسية ‪ 1972-1971‬تعريب السنوات االبتدائية الرابعة‪،‬‬
‫اػبامسة كالسادسة كانتهى تعريبها حوارل سنة ‪.1974‬‬
‫كهبذا تكوف اللغة العربية قد ضمنت سيطرهتا الكلية على اؼبرحلة االبتدائية خبلؿ مدة‬
‫استمرت من ‪.2"1974-1964‬‬

‫أما يف اؼبراحل التعليمية األخرم‪ ،‬فقد امتد التعريب إليها بنفس الطريقة كالكيفية‬
‫اليت سبت يف اؼبرحلة االبتدائية‪ ،‬حيث شرع يف تعريب اؼبرحلة االبتدائية مع حلوؿ سنة‬

‫‪ 1‬يينظر رابح تركي‪ ،‬جهود اعبزائر يف تعريب التعليم العاـ كالتقٍت‪ ،‬ؾبلة الفيصل‪ ،‬اؼبملكة العربية السعودية‪ 1984 ،‬ص‬
‫‪.44‬‬
‫‪2‬الزىرة بن عائشة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫~ ‪~ 120‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫‪" ،1963‬فقد مت يف ىذه اؼبرحلة كذلك تعريب طبس عشرة متوسطة يف ـبتلف أكباء‬
‫الوطن‪ ...‬ابإلضافة إذل إنشاء أقساـ عديدة معربة يف عدد كبَت من اؼبتوسطات"‪.1‬‬

‫مث جاء الدكر على مرحلة التعليم الثانوم‪ ،‬كاليت مرت دبرحلتُت‪ ،‬بداية بتعريب‬
‫األقساـ األدبية‪ ،‬حيث يعٌربت اؼبواد األدبية كالفلسفة كالتاريخ كالًتبية كإدخاؿ مادة الًتبية‬
‫الوطنية‪ ،‬مث تلى ذلك تعريب األقساـ العلمية‪.‬‬

‫كابؼبوازاة مع ذلك‪ ،‬فقد أت ٌسس ؾبمع اللغة العربية‪ ،‬كصبعية كطنية للدفاع عن الذخَتة‬
‫الوطنية‪ ،‬قصد إدماج اللغة العربية يف علم الكمبيوتر كاألنًتنت‪ ،‬فتهاطلت الكتاابت‬
‫األكاديبية ابللغة العربية يف ـبتلف التخصصات‪ ،‬كقويت الصحف اؼبكتوبة ابللغة العربية‪،‬‬
‫كتنامت اللغة العربية شيئا فشيئا يف اإلعبلـ اؼبرئي كاؼبسموع‪.‬‬

‫كمن جهتو أكد السيد أبو بكر بن بوزيد كالذم شغل كزيرا للًتبية الوطنية لفًتة‬
‫طويلة "أف اللغة العربية ىي إحدل مكوانت اؽبوية الوطنية‪ ،‬كبصفتها اللغة الرظبية‪ ،‬فإهنا لغة‬
‫تعليم التخصصات كافة‪ ،‬كيف كل مراحل النظاـ التعليمي يف القطاع العاـ‪ ،‬كما يف القطاع‬
‫اػباص‪ ،‬كهبذه الصفة فإهنا ربظى دبركز تفضيلي ككل إجراء يهدؼ إذل تدعيمها كترقيتها‪،‬‬
‫يبثل عادة موضوع اىتماـ خاص‪ ،‬كتعبئة للموارد البلزمة كافة‪ ،‬كمتابعة دقيقة"‪.2‬‬

‫كضح بن بوزيد أيضا أف ـبتلف اإلجراءات اليت ازبذت من ذبديد للربامج‪،‬‬


‫كما ٌ‬
‫كالكتب الدراسية اعبديدة‪ ،‬كبرامج أتىيل كربسُت مستول أساتذة االبتدائي كاؼبتوسط‪ ،‬كرفع‬

‫‪ 1‬رابح تركي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫‪ 2‬الزىرة بن عائشة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫~ ‪~ 121‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫معامل اللغة العربية يف شهادة التعليم اؼبتوسط من ‪ 4‬إذل ‪ ،5‬عبلكة إذل زايدة ساعات تدريس‬
‫ىذه اللغة كانت كلها ؼبنح ىذه اللغة مركزا كمعاملة مفضلُت‪.1‬‬

‫أثبتت اعبزائر داخليا اىتماما منقطع النظَت ابللغة العربية من خبلؿ استصدار‬
‫مراسيم رائسية كقرارات كزارية زبدـ اللغة الرظبية للببلد‪ ،‬كيف مقابل ىذا كاف ينتظرىا عمل‬
‫شاؽ إلظهار اللغة العربية كأحد اؼبقومات األساسية للهوية الوطنية‪ .‬فقد كاف كزير الثقافة‬
‫اعبزائرم السابق أضبد طالب إبراىيمي‪ ،‬أكؿ اؼبطالبُت ابعتماد اللغة العربية لغة رظبية‬
‫ابليونيسكو‪ ،‬ككاف ذلك‪ ،‬كما يوبسب للرئيس األسبق ىوارم بومدين أنو أكؿ اؼبتكلمُت بلغة‬
‫الضاد أماـ اعبمعية العامة لؤلمم اؼبتحدة يف ببلد غَت ببلدىا‪ ،‬إال أف ىذا النضاؿ على‬
‫الصعيد الدكرل هبب أف يستمر من أجل إقرار اغبق السيادم للدكؿ‪ ،‬ابزباذ اإلجراءات‬
‫الضركرية للحفاظ على اللغات الوطنية كتعزيزىا كترقيتها‪.2‬‬

‫‪.2‬اللغة األمازيغية يف النظام الرتبوي‪:‬‬


‫ييؤكد الدستور اعبزائرم دبا طرأت عليو من تعديبلت‪ ،‬أف اللغة العربية ىي اللغة‬
‫الرظبية كالوطنية للببلد‪ ،‬كىذا ما زاد يف حدة اؼبطالبة ابالعًتاؼ ابللغة األمازيغية دستوراي‪،‬‬
‫كذبسد ذلك يف ؾبموعة من اؼبطالب كسلسلة من االحتجاجات العلنية كاليت كانت دائما‬
‫تصطدـ مع السلطة منذ االستقبلؿ إذل يومنا ىذا ‪ ،‬نذكر منها حالة سبرد منطقة القبائل يف‬
‫سنة ‪ 1963‬بقيادة حسُت آيت أضبد‪ ،‬كالربيع األمازيغي يف أفريل ‪ ،1980‬كاإلضراب عن‬

‫‪1‬‬
‫‪Boubekeur Benbouzid, La réforme de l’éducation en algérie, enjeux et‬‬
‫‪réalisation, Alger, Casaba édition, 2009, p53.‬‬
‫‪2‬يينظر رمزم منَت بلعلبكي كآخركف‪ ،‬اللغة كاؽبوية يف الوطن العريب‪ ،‬اؼبركز العريب للدراسات كالبحاث‪ ،‬ط‪ ،1‬بَتكت‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص ‪.146‬‬
‫~ ‪~ 122‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫الدراسة يف سنة ‪ ،1991‬كتكرار اإلضراب يف اؼبوسم الدراسي ‪،1995-1994‬‬
‫كمواجهات يف سنة ‪ 1998‬بعد اغتياؿ اؼبغٍت معطوب الوانس كغَتىا‪...‬‬

‫قادت النخبة اؼبتشبعة ابلثقافة الفرنكفونية ىذه االحتجاجات كتبنت مطلب ترسيم‬
‫اللغة األمازيغية كلغة كطنية‪ ،‬نذكر منها‪ ،‬األديب كاؼبؤرخ األنثربولوجي مولود معمرم‪ ،‬كأيرجع‬
‫سبب سبيز منطقة القبائل يف اعبزائر خصوصا كاؼبغرب الكبَت عموما بتبنيهها اؼبطالب‬
‫‪1‬‬
‫األمازيغية دكف غَتىا إذل حالة التثاقف مع الثقافة الفرنسية‪.‬‬

‫كذبدر اإلشارة يف ىذا السياؽ أف النخبة اؼبثقفة ثقافة فرنسية‪ ،‬ال يسبثل كلها الفئة‬
‫اؼبطالبة بًتسيم اللغة األمازيغية كلغة كطنية‪ ،‬فمنهم من صارت الفرنسية عقيدة لديهم‬
‫كأسلوب حياة‪ ،‬كييعرفوف ابلفانكوفيليُت ‪ les francophiles‬الذين قيل عنهم‪ :‬إهنم‬
‫يفتحوف مظبلهتم يف اعبزائر بسبب سقوط اؼبطر بباريس‪.2‬‬

‫ساىم االنفتاح الديبقراطي الذم عرفتو الببلد يف تنامي الصراعات السياسية كالثقافية‬
‫بُت السلطة اعبزائرية كالتيارات األمازيغية‪ .‬كما ساعدت اؼبتغَتات الدكلية يف خركج اؼبطالب‬
‫الليغوية كغَتىا إذل العلن‪ ،‬كتعززت ىذه اؼبطالب ابالعًتاؼ الرظبي للغة األمازيغية لغة كطنية‬
‫يف التعديل الدستورم لعاـ ‪ 2002‬يف النص ‪ ":‬اللغة العربية ىي اللغة الوطنية كالرظبية‪،‬‬
‫كسبازيغت ىي كذلك لغة الوطنية‪ ،‬تعمل الدكلة على ترقيتها كتطويرىا بكل تنوعاهتا اللسانية‬

‫‪1‬يينظر أضبد عزكز كدمحم خاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫~ ‪~ 123‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫اؼبستعملة عرب الًتاب الوطٍت"‪ ،1‬مع العلم أف اإلشارة إذل اؼبكوف األمازيغي بوصفو اثبتا من‬
‫ثوابت اؽبوية اعبزائرية كرد يف ديباجة الدساتَت اؼبتتالية من عاـ ‪ 1989‬إذل عاـ ‪.21996‬‬

‫كرس دستور ‪ 2002‬حق تواجد اللغة األمازيغية يف مؤسسات الدكلة الرظبية‬ ‫ٌ‬
‫كاؼبؤسسات التعليمية كاؼبؤسسات اإلعبلمية‪ ،‬كتسهر على تعميمها كترقيتها احملافظة السامية‬
‫للغة األمازيغية‪ ،‬كىي ىيئة اتبعة لرائسة اعبمهورية شأهنا شأف اجمللس األعلى للغة العربية‪،‬‬
‫ابإلضافة إذل عشرات من اعبمعيات كاؼبنظمات غَت اغبكومية الناشطة لتعميم استعماؽبا‬
‫كترقيتها‪.‬‬

‫ييذكر أ ٌف إدراج اللغة األمازيغية‪ ،‬يف قطاع التعليم العاـ بدأ منذ سنة ‪ ،1995‬كلغة‬
‫اختيارية يف مراحل التعليم اؼبتوسط كالثانوم‪ ،‬كقد مشلت ىذه العملية بعض اؼبناطق الناطقة‬
‫ابللغات األمازيغية كبجاية كتيزم كزك كابتنة كاعبزائر العاصمة كسطيف كأـ البواقي‪...‬‬

‫كعلى سبيل اؼبثاؿ بلغ عدد الكماليات كالثانوايت اليت تيدرس األمازيغية يف جباية‬
‫‪ 29‬إكمالية ك‪ 12‬اثنوية‪ ،‬كيف تيزم كزك ‪ 57‬إكمالية ك‪ 12‬اثنوية‪ ،‬كيف البويرة ‪ 28‬إكمالية‬
‫ك‪ 6‬اثنوايت كىذا يف اؼبوسم الدراسي ‪ ،1999-1998‬أما اجملموع العاـ للمؤسسات‬
‫الًتبوية اليت تيدرس اللغة األمازيغية آنذاؾ ‪ 160‬إكمالية ك‪ 36‬اثنوية‪.3‬‬

‫غَت أف حظوظ اللغة األمازيغية يف التعليم بدأت تقل يف السنوات البلحقة‪ ،‬لعدـ‬
‫االقتناع ابلفائدة من تدريسها‪ .‬فهي لغة ال ييبكنها أف تيصبح لغة علم كمعرفة أك لنقل مازاؿ‬

‫‪1‬دستور ‪ ،2002‬اعبريدة الرظبية‪ ،‬الرقم ‪.63‬‬


‫‪2‬يينظر أضبد عزكز كدمحم خاين‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪3‬يينظر زين الدين بوعشة‪ ،‬أزمة التعليم العارل يف اعبزائر كالعادل العريب‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اعبيل‪ ،‬بَتكت‪ ،2000 ،‬ص ‪.78-77‬‬
‫~ ‪~ 124‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫طعمت اػببلفات السياسية اغبادة داخل التيارات األمازيغية حوؿ حركؼ‬
‫أمامها الكثَت‪،‬كما ٌ‬
‫كتابتها‪ ،‬فمنهم من ييريد كتابتها كتعليمها ابغبرؼ البلتيٍت‪ ،‬كاآلخر ابغبركؼ العربية‪ ،‬كغَتىم‬
‫يرل ضركرة تعلمها حبركفها األصلية‪ ،‬ابإلضافة إذل اختبلؼ األمازيغيات كرغبة البعض‬
‫بتدريس اللغة القبائلية دكف غَتىا كىذا ما دل يقبلو بعض متكلمي اللهجات األمازيغية‬
‫األخرل‪.1‬‬

‫تيطالب النخبة األمازيغية برفع سقف اؼبطالب يف قضية اللغة‪ ،‬ابسم الديبقراطية‬
‫كالتعددية الثقافية كاللغوية‪ ،‬مقارنة الوضع يف اعبزائر ببلداف أخرل غربية متعايشة مع كضعية‬
‫التعددية الثقافية‪ ،‬كمتناسية خصوصيات اجملتمع اعبزائرم‪ .‬فالتباين جوىرم بُت الوضعُت‬
‫اؼبغاريب‪ ،‬اؼبتشبع ابلثقافة التقليدية‪ ،‬كالغريب اغبداثي‪ ،‬الذم يعيش حاليا ما بعد اغبداثة‪،‬‬
‫فالتعايش يف كسط متعدد الثقافات كاللغات ىو مسألة كعي أكثر منو مطالبة إبثبات‬
‫للوجود‪ ،‬فكثَت من دكؿ العادل خاصة اإلفريقية منها‪ ،‬عرفت تعددية لغوية‪ ،‬كتعًتؼ دساتَتىا‬
‫ابلتنوع‪ ،‬لكنها دل زبرج من دائرة التخلف‪.‬‬

‫يذكر الفيلسوؼ كاؼبفكر دمحم عابد اعبابرم يف كتابو حفرايت يف الذاكرة من بعيد‪،‬‬
‫أف شكول اؼبواطنُت يف اؼبناطق األمازيغية يف اعبزائر أك اؼبغرب دل تكن بسبب هتميش‬
‫األمازيغية أك إقصائها من اغبياة العامة الرظبية‪ ،‬كإمبا كانت شكواىم من انعداـ التنمية‪،‬‬
‫فاؼبغرب منقسم‪ ،‬يف رأم اعبميع‪ ،‬بُت مغرب انفع كآخر مهمش‪ ،‬فهناؾ اؼبركز كىنا اؽبامش‬
‫"اذىب إذل الريف كقمم جبالو كاألطلس ‪ ...‬كاسأؿ ما ينقصكم؟ ما ىي مطالبكم؟ كما ىي‬

‫‪ 1‬يينظر زين الدين بوعشة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬


‫~ ‪~ 125‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫مشاكلكم أان متأكد أبهنم سيشتكوف من سوء الطرقات كانعدامها كمن قلة اؼبدارس أك‬
‫بعدىا‪...‬إخل‪ ،‬بكل أتكيد لن قبد أم أحد يشتكي من شيء اظبو األمازيغية"‪.1‬‬

‫‪.3‬اللغات األجنبية يف مواجهة اللغة العربية يف ادلؤسسات التعليمية‪:‬‬


‫بعدما قبحت القول العظمى يف السيطرة على العادل اقتصاداي‪ ،‬ازدادت رغبتها يف‬
‫إحكاـ السيطرة عليو من خبلؿ تصدير مبوذجها الثقايف إليو‪ ،‬ما جعل اللغة العربية يف العادل‬
‫العريب عامة كاعبزائر خاصة تيواجو مصدرم ضغط إضافيُت‪:‬‬

‫"األكؿ آت من األمركة حبد ذاهتا‪ ،‬كالثاشل من مستعمر األمس على مستعمراتو‬


‫السابقة كمنها اعبزائر‪ ،‬كذلك إثر اؼبنافسة اليت فرضتها اللغة اإلقبليزية على لغتو يف عقر‬
‫داره"‪.2‬‬

‫ازدادت الرغبة األمريكية أكثر من أم كقت مضى يف تصدير مبوذجها الثقايف‪،‬‬


‫الذم تيعترب اللغة اإلقبليزية الوعاء اغبامل لو‪ .‬خاصة بعد هناية اغبرب الباردة‪ ،‬زكاؿ‬
‫اإليديولوجيا الشيوعية اؼبنافسة كاالنفتاح االقتصادم الذم فرضتو العوؼبة‪.‬‬

‫لقد لفت االنتشار السريع للغة اإلقبليزية اىتماـ العديد من اؼبفكرين كاألكادميُت‪،‬‬
‫فبا أدل إذل اختبلؼ الرؤل كاآلراء يف تفسَت ذلك‪:‬‬

‫‪1‬يينظر دمحم عابد اعبابرم‪ ،‬حفرايت يف الذاكرة من بعيد‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بَتكت‪ ،1997 ،‬ص ‪-233‬‬
‫‪.234‬‬
‫‪ 2‬رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫~ ‪~ 126‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫ييرجع جوشوا فيشماف ‪ Jusha Fishman‬تلك الظاىرة إذل كوف تلك اللغة‬
‫"ؿبايدة إيديولوجيا كثقافيا على الرغم من اؽبيمنة السياسية كاالقتصادية كالثقافية للوالايت‬
‫اؼبتحدة األمريكية‪ ،‬فهي ليست لغة مستعمر"‪.1‬‬

‫أما ركبرت فيليبسوف ‪ ،Robert Philipson‬فذىب يف مؤلفو الشهَت‬


‫اإلمربايلية اللغوية "إذل أف ذلك االنتشار قادتو عن دراية كتفكَت الدكؿ الكربل اؼبستعملة‬
‫للغة اإلقبليزية‪ ،‬كال سيما بريطانيا كالوالايت اؼبتحدة‪ ،‬كذلك عن طريق التعاكف الدكرل‬
‫كاؼبساعدات اؼبقدمة يف ؾباؿ تدريس اللغة اإلقبليزية"‪.2‬‬

‫إف سياسات التعاكف اؼبزعومة من طرؼ الوالايت اؼبتحدة األمريكية‪ ،‬كترسانتها‬


‫اإلعبلمية اليت عززهتا تكنولوجيا اإلعبلـ كاالتصاؿ كالعوؼبة‪ ،‬فتحت ؽبا اغبدكد لكل أنواع‬
‫التدفقات الثقافية على دكؿ العادل‪ ،‬كخاصة الدكؿ الضعيفة‪ ،‬فبا أكد كجود امربايلية لغوية‬
‫مكملة لبلمربايلية االقتصادية كالسياسية‪.‬‬

‫كىذا ما أ ٌكده اؼبستشار الثقايف السابق يف الرائسة األمريكية ديفيد ركثكوبف‬


‫‪" :David Rothcoph‬إنو ؼبن مصلحة الوالايت اؼبتحدة األمريكية اقتصاداي كسياسيا‬
‫أف تسهر على أنو إذ أبقى العادل لغة كاحدة‪ ،‬فلتكن اإلقبليزية‪ ،‬كأنو إذا توجو قبو معايَت‬
‫موحدة يف ؾباؿ االتصاؿ‪ ،‬األمن كالنوعية‪ ،‬فلتكن تلك اؼبعايَت أمريكية‪ ،‬كإذ كانت أجزاء‬

‫‪ 1‬رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬ص ‪.127‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.127‬‬
‫~ ‪~ 127‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫العادل اؼبختلفة مرتبطة من خبلؿ التلفزيوف‪ ،‬اؼبذايع كاؼبوسيقى‪ ،‬فإف الربامج هبب أف تكوف‬
‫أمريكية‪ ،‬كإذا هتيأت قيم موحدة‪ ،‬فلتكن قيما هبد فيها األمريكيوف أنفسهم"‪.1‬‬

‫كيف ىذا السياؽ ييؤكد برانر كاساف ‪ Bernard Kassan‬أف "اؽبيمنة االمربايلية‬
‫األمريكية ال ترتكز فقط على العوامل اؼبادية مثل االقتصاد كالقوة العسكرية‪ ،‬إهنا تتضمن‬
‫أيضا‪ ،‬كعلى كجو اػبصوص‪ ،‬التحكم ابلعقوؿ‪ ،‬أم ابؼبرجعيات الثقافية كالرموز الثقافية‪ ،‬كال‬
‫سيما العبلمات اللغوية‪ ،‬اللغة اإلقبليزية موجودة يف مركز نظاـ شامل‪ ،‬تيؤدم فيو دكرا فباثبل‬
‫لدكر الدكالر يف النظاـ النقدم الدكرل‪ ،‬فعلى غرار اؼبركز اؼبزدكج ابعتباره كسيلة تسوية كعملة‬
‫احتياطية دكلية مهيمنة للورقة اػبضراء اليت تسمح للوالايت اؼبتحدة أبف تعيش على حساب‬
‫بقية العادل‪ ،‬فإف حيازة اللغة اؼبفرطة التمركز سبنحها كضعية ريعية ىائلة "‪.2‬‬

‫إف اؽبيمنة الشاملة للغة اإلقبليزية على مظاىر اغبياة أبشكاؽبا يف العادل‪ ،‬أدت إذل‬
‫ضغط على الدكؿ العربية كمنها اعبزائر إلعطاء مزيد من االىتماـ للغات األجنبية كيف‬
‫مقدمتها اللغة اإلقبليزية‪.‬‬

‫كما ساىم يف ذلك الضغط على الدكؿ العربية كيف مقدمتها اعبزائر‪ ،‬صدكر تقارير‬
‫ثقافية كاقتصادية من ىيئة األمم اؼبتحدة تيؤكد على ضركرة التوجو اللغوم كبو االقبليزية ألهنا‬
‫اؼبعربة عن قيم العوؼبة‪ .‬فورد يف التقرير السنوم لربانمج األمم اؼبتحدة اإلمبائي حوؿ التنمية‬

‫‪ 1‬رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫~ ‪~ 128‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫البشرية لسنة ‪ 2002‬أف "القيم كالثقافة العربية ييبكن أف تكوف متناقضة مع قيم عادل يتجو‬
‫كبو العوؼبة"‪.1‬‬

‫كما ذىب تقرير البنك الدكرل يف فيفرم سنة ‪ ،2008‬اؼبعنوف إبصبلح التعليم يف‬
‫الشرؽ األكسط كإفريقيا الشمالية إذل "أف الربامج الدراسية‪ ،‬هبب أف تتغَت لتدريس زبصصات‬
‫أخرل‪ ،‬فاؼبنافسة الشديدة كالتغَتات التكنولوجية اؼبتسارعة‪ ،‬كلها تتطلب إمكاانت غبل‬
‫اؼبشاكل‪ ،‬كمن بينها اللغات األجنبية اليت ال ربظى أبم تشجيع يف مدارس اؼبنطقتُت اؼبشار‬
‫إليهما"‪.2‬‬

‫كدبا أف عصر العوؼبة‪ ،‬ابت يتميز ابلنمو اؼبتسارع للمعارؼ العلمية كالتكنولوجية‪،‬‬
‫أدل ذلك إذل تكتل الدكؿ يف ؾبموعات جيو اسًتاتيجية ذات أىداؼ اقتصادية كسياسية‬
‫مشًتكة‪ ،‬فالدعوات األجنبية لتكثيف تدريس اللغات أصبحت مقنعة‪ ،‬كال مفر من ذلك‪ ،‬إذ‬
‫أخذان ابغبسباف التخلف الذم تعيشو دكؿ العادل الثالث‪.‬‬

‫كرست السياسة التعليمية يف اعبزائر نظرة االنفتاح على‬


‫كاستجابة ؼبتطلبات العصر‪ٌ ،‬‬
‫العادل اػبارجي‪ ،‬من خبلؿ تشجيع تعلم اللغات األجنبية كالعمل على تطوير الثقافة اللغوية‬
‫ألبنائها‪ ،‬ككانت البداية اغبقيقية ؽبذا االىتماـ يف جلسة ؾبلس الوزراء اعبزائرم سنة ‪،2002‬‬
‫اليت ازبذت فيها ؾبموعة من اإلجراءات اؽبادفة إذل تطوير تعليم اللغات اعبنبية كتدعيمو‪.‬‬

‫‪1‬رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬ص ‪.129‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫~ ‪~ 129‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫أما ابلنسبة للغة الفرنسية‪ ،‬فقد عرؼ تدريسها يف اعبزائر عدة تعديبلت‪ ،‬ابعتبارىا‬

‫اللغة األجنبية األكذل يف اعبزائر‪ ،‬حيث تقرر تدريسها ابتداء من السنة الدراسية ‪-2004‬‬

‫‪ 2005‬يف مستول السنة الثانية ابتدائي بدال من السنة الرابعة‪ ،‬لكن ىذا القرار دل وبظ‬

‫بتأييد اؼبتخصصُت يف علوـ الًتبية‪ ،‬ؽبذا اعًتؼ أبو بكر بن بوزيد –كزير الًتبية الوطنية‬

‫األسبق‪ -‬بفشل اإلقحاـ اؼببكر للغة األجنبية قائبل‪" :‬إف إدخاؿ لغة أجنبية يف ىذا اؼبستول‬

‫من التعلم سبب يف اضطراابت جدية يف تعليم التبلميذ‪ ،‬الذين دل يتمكنوا بعد من التحكم‬

‫ابللغة العربية اليت شرعوا يف السنة الثانية بتعلمها‪ ،‬لذلك أجل تدريس اللغة الفرنسية إذل‬

‫السنة الثالثة ابتدائي‪ ،‬مث أكقف خبلؿ السنة ‪ 2006-2005‬قرار أتجيل إدخاؿ تدريس‬

‫اللغة الفرنسية إذل السنة الثالثة ابتداء من الدخوؿ اؼبدرسي ‪.1"2007-2006‬‬

‫شجعت ىذه القرارات الفرنكفونيُت لفتح رايض األطفاؿ كاؼبدارس كاؼبعاىد‬


‫كقد ٌ‬
‫كالثانوايت دبناىج فرنسية حبتة يف سنوات ‪.2000‬‬

‫مشل ىذا اإلصبلح اللغة اإلقبليزية كذلك‪ ،‬حيث تقرر تدريسها ابعتبارىا لغة أجنبية‬
‫اثنية ابتداء من السنة الثانية اؼبتوسط‪ ،‬بدال من الثامنة‪ ،‬كفضبل عن كل ما سبق‪ ،‬استحدث‬
‫فرع جديد على مستول التعليم الثانوم يتمثل يف قسم اللغات‪ ،‬الذم يهدؼ إذل تدعيم‬

‫‪1‬رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.130‬‬


‫~ ‪~ 130‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫اللغتُت اؼبشار إليهما‪ ،‬كاللتُت سبق للطالب بدراستهما إذل جانب لغة أجنبية أخرل ىبتارىا‬
‫ي‬
‫بنفسو‪.1‬‬

‫دل تسلم فرنسا من ىجوـ األمركة كعوؼبتها بسبلح اللغة االقبليزية‪ ،‬كمن أجل‬
‫التصدم النكماش اللغة الفرنسية‪ ،‬قادت فرنسا ضببلت داخلية كخارجية‪ ،‬ككانت لكل‬
‫كاحدة منها صلة ابللغة العربية يف اعبزائر‪.‬‬

‫على الصعيد الداخلي‪ ،‬قادت فرنسا نضاال مناقضا لنضاؽبا على الصعيد الدكرل‪،‬‬
‫الذم دافعت فيو على التنوع اللغوم‪ ،‬فقد شددت اػبناؽ على تعليم اللغة العربية ألبناء‬
‫اؼبهاجرين‪ ،‬كمعظمهم كما ىو معلوـ من اعبزائر‪ ،‬كال سيما يف الطورين االبتدائي كالثانوم‪،‬‬
‫حيث قلصت عدد اؼبعلمُت ابستمرار بزعم أف عدد الطلية الذين يرغبوف يف تعلم اللغة العربية‬
‫ضئيل جدا‪.2‬‬

‫أما ابلنسبة للمهاجركف الذين يرغبوف يف اغبصوؿ على اعبنسية الفرنسية‪ ،‬فإهنم‬
‫مطالبوف إبثبات نية االندماج ابجملتمع الفرنسي‪ ،‬كخَت دليل على ذلك تكلمم اللغة الفرنسية‬
‫أك فهمها‪ ،‬حبيث ييبكن للحكومة االعًتاض بقوانُت حاؿ عدـ ربقق ىذا الشرط‪.‬‬

‫كاؽبدؼ من كل ذلك ىو الرغبة طمس ىوية اعبزائريُت كابنائهم‪ ،‬كبعبارة أخرل‪ ،‬ما‬
‫تبحث عنو الدكلة – األمة من خبلؿ الثقافة اؼبوحدة ىو "التجانس اللغوم‪ ،‬تقارب اآلداب‪،‬‬
‫كتلقُت القيم اؼبشًتكة"‪.3‬‬

‫‪ 1‬رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬ص‪.131‬‬


‫‪ 2‬يينظر اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪133‬‬
‫~ ‪~ 131‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫أما على الصعيد اػبارجي‪ ،‬فعملت فرنسا على إعطاء اللغة الفرنسية خارج اغبدكد‬
‫دفعة جديدة‪ ،‬ال سيما دبستعمراهتا الفرنكفونية السابقة‪ ،‬خاصة أف ربط ىذه األخَتة ثقافيا‬
‫كلغواي بفرنسا‪ ،‬أعدت لو العدة قبيل االستقبلؿ كبعده‪ .‬فقد اعترب التعاكف شرطا أساسيان ؼبنح‬
‫الدكؿ احملتلة االستقبلؿ‪.1‬‬

‫فتحت سياسة التعاكف اػبارجي لفرنسا اجملاؿ إلنشاء ؾبموعة من اؼبنابر‪ ،‬اليت يسبثل‬
‫اللغة الرابط األساسي فيها بينها كبُت مستعمراهتا السابقة‪ ،‬نذكر منها مؤسبر كزراء التعليم‬
‫اؼبشًتكُت يف استعماؿ اللغة الفرنسية‪ ،‬مؤسبر كزراء الشباب كالرايضة للبداف اؼبستعملة للغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬عبلكة على القمتُت األىم‪ ،‬القمة الفرنسية اإلفريقية كقمة اؼبنظمة الفرنكفونية‪.2‬‬

‫كابلرغم أف اعبزائر ليست عضوا رظبيا يف اؼبنظمة الفرنكفونية‪ ،‬إال أف ىذه األخَتة‬
‫دائما ما تيوجو دعوات إذل الرئيس اعبزائرم غبضور قممها كسبنح أبناءىا منحا دراسية‪ .‬كلعل‬
‫ىذا االىتماـ بنشر الفرنسية يف اعبزائر‪ ،‬جعل اعبزائريوف الفرنكفونيُت ييسانبوف يف إثراء الثقافة‬
‫الفرنسية دبا يفوؽ إسهامات الدكؿ الفرنكفونية األخرل كلها‪ ،‬كلعل تعيُت الشاعرة اعبزائرية‬
‫اندية قندكز عضوة يف األكاديبية الفرنسية للعلوـ وبمل فضبل عن االعًتاؼ بقيمة الشاعرة‬
‫أبفعاؽبا يف إثراء الثقافة الفرنسية‪ ،‬مغازلة لبقية الفرانكفونيُت‪ .3‬فالسياسة اللغوية الفرنسية‬
‫أكلت أكلها يف اعبزائر منذ الفًتة االستعمارية‪ ،‬كما تفعلو فرنسا من اإلفراط ابالىتماـ بلغتها‬
‫داخل اعبزائر كالعمل على توسيع نشرىا‪ ،‬ما ىو إال من قبيل احملافظة على مكسب‪ .‬ألف‬
‫الفرنسية مازالت اؼبنافس القوم للعربية يف اعبزائر كغالبا ما تتغلب عليها رغم جهود التعريب‪.‬‬

‫‪ 1‬يينظر رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬ص ‪.134‬‬


‫‪2‬يينظر الزىرة بن عائشة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.206‬‬
‫‪ 3‬يينظر رمزم منَت بعلبكي‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫~ ‪~ 132‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر‬
‫كإلثبات ذلك يكفي أف نطٌلع على تعقيب الفرنسي بيار كوت ‪Pierre Cott‬‬
‫حوؿ ؿباضرة اعبزائرم دمحم البجاكم يف أكاديبية القانوف الدكرل ببلىام‪ ،‬لفهم األسباب اليت‬
‫تدفع بفرنسا إذل منح طلبة اللغة الفرنسية اؼبنح الدراسية‪ ،‬كتوجو قنواهتا اإلذاعية كالتلفزيونية‬
‫صوب مستعمراهتا القديبة‪.1‬‬

‫حيث رأل كوت ‪ Cott‬يف ما ىبص "ؿباضرة جباكم غنيمة للثقافة الفرنسية‬
‫كالتقليد القانوشل الفرنسي كالفرنكوفوشل إذ أانقة الطرح‪ ،‬اؼبراجع الوفَتة‪ ،‬بل اؼبستمدة حصراي‬
‫من النظرية الفرنكفونية‪ ،‬كل ذلك هبعل منها مسانبة عظيمة يف النضاؿ من أجل لغتنا‬
‫كثقافتنا‪ ،‬إف احملاضر دل ييلوح أبم شكل بعلم الفرنكفونية‪ ،‬لكنو خدمها بصورة أحسن"‪.2‬‬
‫فقد شهد شاىد من أىلها‪ ،‬على الدكر الذم ييؤديو اؼبثقفوف الفرنكفونيوف يف اؼبسانبة يف‬
‫إعبلء اللغة الفرنسية داخليا كخارجيا‪.‬‬

‫‪1‬الزىرة بن عائشة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.207‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Ibrahimi Taleb, Op cit, p 194.‬‬
‫~ ‪~ 133‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫آثاراملتغيرات السوسيولغوية‬
‫في تعلم اللغة العربية‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫توطئة‬
‫شك فيو أ ٌف اعبزائر بلد يتميز ابلتع ٌدد الثقايف كاللغوم‪ ،‬كىذا ما ينعكس على‬
‫فبٌا ال ٌ‬
‫اؼبمارسات اللغوية لؤلفراد داخل اجملتمع دبؤسساتو‪ .‬كاؼبدرسة ىي إحدل مؤسسات التنشئة‬
‫االجتماعية ألفراد ىذا اجملتمع‪ ،‬كىي ؾبتمع بدكرىا هبمع أفراد األسرة الًتبوية كالتعليمية الذين‬
‫ؤدكف أدكارىم كفقا ؼبيزاهتم كخصائصهم السوسيوثقافية كانتماءاهتم اعبغرافية‪ .‬كؼباٌ كانت‬ ‫يي ٌ‬
‫العملية التعليمية‪ -‬التعلمية ىي تفاعل عبلقات ‪ :‬اؼبدرس كاؼبتعلم‪ ،‬اؼبتعلم كاؼبعرفة (اللغة العربية)‬
‫كأخَتا اؼبدرس كاؼبعرفة (اللغة العربية) كتفسَتىا‪ ،1‬فإف ىذا التفسَت ال ييهمل أبم حاؿ من‬
‫األحواؿ الرأظباؿ االجتماعي كالثقايف للمتعلمُت كاؼبعلمُت على حد سواء‪ .‬كؽبذا فقد جاء ىذا‬
‫الفصل اؼبيداشل من البحث لييربز أثر اؼبتغَتات االجتماعية‪ ،‬اؼبتحكمة يف األداء اللغوم يف‬
‫تلوانت كتنوعات كتغيػٌرات لػغوية‪ ،‬يف لغة اؼبتعلمُت التعبَتية أثناء‬
‫اجملتمع كما يًتتٌب عنها من ٌ‬
‫حصص تدريس اللغة العربية‪ ،‬من خبلؿ الوقوؼ على بعض مواطن ىذه التغَتات كالتلوانت‬
‫اللغوية‪ ،‬كؿباكلة تفسَتىا ابالستعانة آبراء معلمي مادة اللغة العربية كوهنم أحد أىم الفاعلُت يف‬
‫تعليمية اللغة العربية‪.‬‬

‫‪1‬يينظر علي آيت أكشاف‪ ،‬اللسانيات كالديداكتيك ‪ :‬مبوذج النحو الوظيفي من اؼبعرفة العلمية إذل اؼبعرفة اؼبدرسية‪ ،‬اؼبرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫~ ‪~ 140‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ادلبحث األول ‪ :‬اإلجراءات ادلنهجية للدراسة‬

‫‪.1‬رلتمع الدراسة‪:‬‬
‫يتكوف ؾبتمع الدراسة من أساتذة كمتعلمي اللغة العربية يف الطور الثانوم‪ ،‬مستول‬
‫السنة الثالثة اثنوم‪ ،‬خبلؿ اؼبوسم الدراسي ‪ 2018/2017‬ـ‪ ،‬كقد اخًتت ىذا اؼبستول‬
‫ألف ىذه اؼبرحلة تيع ٌد حاسػمة يف تق ػييم اؼبعارؼ كاؼبؤىبلت اليت يتبنٌاىا النظاـ الًتبوم اعبزائرم‬
‫يف تنشئة األجياؿ‪ .‬حيث تي ٌتوج ىذه اؼبرحلة ابمتحاف شهادة البكالوراي الذم ييعترب النجاح فيو‬
‫الولوج إذل اؼبرحلة اعبامعية اليت تتٌسم ابلتوجو كبو التخصص العلمي الدقيق‪.‬‬
‫دبثابة مفتاح ي‬

‫تػيمثل مرحلة التعليم الثانوم‪ ،‬حبكم سن اؼبتعلمُت (‪ 18‬سنة على األقل) كبرامج‬
‫نمي مهارة التواصل بُت األفراد يف اجملتمع‪،‬‬
‫التعليم اؼبعتمدة فيها‪ ،‬مرحلة النضج اللغوم اليت تي ٌ‬
‫أم أف اؼبتعلم يبتلك يف ىذه اؼبرحلة من العمر لغة تواصلية مكتملة‪.‬‬

‫كألف البحث العلمي يتٌسم ابلوضوح كال ٌدقة يف ربديد اؼبػجاؿ اؼبػكاشل كالزماشل‬
‫تضم اثنويتُت كمنطقة عُت اتلوت‬
‫ؼبػجتمع الدراسة‪ ،‬فقد مت اختيار منطقة أكالد ميموف اليت ٌ‬
‫اليت تضم اثنوية كاحدة‪ ،‬بوالية تلمساف ميداان للدراسة اؼبيدانية‪.‬‬

‫أماٌ عن أسباب اختيار اؼبنطقة‪ ،‬فبً يحكم إقامة الباحث يف مدينة أكالد ميموف‬
‫كسهولة التواصل مع أساتذة الثانوايت الثبلثة كالتسهيبلت اؼبقدمة من طرؼ اإلدارة كطاقمها‬
‫البيداغوجي‪ ،‬كما أف التبلميذ اؼبتمدرسُت يتميزكف بتنوع أكضاعهم االجتماعية كاعبغرافية‬
‫(الريف كاغبضر) كتلوانهتم اللغوية كىم ييوفٌركف بذلك بيئة سوسيولغوية زبدـ تساؤالت‬
‫البحث كتيساىم بقدر كبَت يف ؿباكالت اإلجابة عنها‪.‬‬

‫~ ‪~ 141‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪-‬أوالد ميمون ‪:‬‬

‫تيعدٌ مدينة أكالد ميموف من أىم دكائر كالية تلمساف‪ ،‬تقع على الطريق الوطٍت‬
‫الرابط بُت كالية تلمساف ككالية سيدم بلعباس‪ .‬تبعد عن مدينة تلمساف بػ ‪ 31‬كيلومًت‬
‫كعن مدينة سيدم بلعباس حبوارل ‪ 60‬كم كعن سواحل كالية عُت سبوشنت بػ ‪ 80‬كم‪.1‬‬
‫فهي "تقع بُت كادم الشورل غراب ككادم سيدم أضبد الراجع شرقا كأرض قبائل نقاد كبٍت‬
‫كرايش جنواب كأرض قبائل بٍت كعزاف كأكالد العبدرل مشاال"‪ 2‬لبلدية أكالد ميموف اتريخ عميق‬
‫كحافل ذلك ما تدؿ عليو اؼبواقع األثرية الركمانية كاليت تعود إذل أكائل التواجد الركماشل يف‬
‫كبعدىا الموريسيار‬ ‫منطقة مشاؿ أفريقيا‪ ...‬حيث كانت تيسمى ألطافا ‪Altava‬‬
‫لعل اختيار الركماف القدامى ؼبنطقة أكالد ميموف دليل كشهادة على‬
‫‪ . Lamoricière‬ك ٌ‬
‫أنبية اؼبوقع االسًتاتيجي‪ .‬فاؼبنطقة متحصنة ابعبباؿ من اعبنوب كتنبسط على سهوؿ رائعة‬
‫اؼبنظر كالطبيعة‪ ،‬خصبة الًتبة ككافرة اؼبياه العذبة‪ .‬إف ىذه الًتكيبة الطبيعية أغرت عرب العصور‬
‫كل شعوب اؼبنطقة فتوالت القبائل على اإلقامة فيها كتبدلت التسميات إذل أف استقر األمر‬
‫على التسمية اغبالية‪ .3‬آخر اإلحصائيات (‪ )2015‬تشَت إذل كثافة سكانية متزنة تفوؽ‬
‫‪ 40000‬األربعُت ألف نسمة‪ ..‬يعيش السكاف احملليوف على نشاطات عدة فبلحية‬
‫(ابلدرجة األكذل) كذبارية (حبكم اؼبوقع اؽباـ للمدينة)مث صناعية (بنسبة ؿبدكدة على بضع‬
‫نشاطات قاعدية كمعاعبة اغببوب كربويلها ك‪ .)...‬مث ييغطي قطاع اػبدمات النسبة الباقية‬

‫‪ 1‬اؼبصدر ‪ :‬البطاقة التعريفية لبلدية أكالد ميموف‪ ،‬اجمللس الشعيب البلدم الكالد ميموف‪.‬‬
‫‪ 2‬بن سيفي عز الدين‪ ،‬اتريخ منطقة أكالد ميموف من خبلؿ بعض اؼبصادر الفرنسية‪ ،‬ؾبلة كلية الًتبية األساسية للعلوـ‬
‫الًتبوية كاالنسانية‪ ،‬جامعة اببل‪ ،‬العدد ‪ ،28‬آب ‪ ،2016‬ص ‪.62‬‬
‫‪3‬البطاقة التعريفية لبلدية أكالد ميموف‪ ،‬اجمللس الشعيب البلدم ألكالد ميموف‪.‬‬
‫~ ‪~ 142‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫من اليد العاملة‪ .1‬أصبحت أكالد ميموف تتميز بًتكيبة سكانية متنوعة خاصة يف الفًتة‬
‫األخَتة نظرا لتوسعها العمراشل‪ ،‬حيث شهدت نزكحا ريفيا للتقرب من مظاىر التحضر‬
‫كالرفاىية كؼبا اصبحت تتميز بو من خصائص اؼبدينة العصرية‪ ،‬كما شهدت نزكحا من اؼبدف‬
‫الكربل كتلمساف ككىراف كسيدم بلعباس نظرا لقيمة العقار اؼبتدنية نسبيا مقارنة مع قيمتو يف‬
‫اؼبدف الكربل‪.‬‬

‫‪-‬عني اتلوت ‪:‬‬

‫تبعد دائرة عُت اتلوت عن مدينة أكالدميموف حبوارل سبعة كيلومًتات كىي تتوسط‬
‫كالييت تلمساف كسيدم بلعباس‪ ،‬ؿباطة دبجموعة من التجمعات السكانية الريفية كالقرل ‪:‬‬
‫عُت النحالة‪ ،‬السعادنية‪ ،‬اتصبوت‪ ،‬عُت نكركؼ‪ ،‬اتغزكت‪ ...‬يغلب عليها النشاط الفبلحي‬
‫كالرعوم‪ .‬تتميز اجتماعيا ابلثقافة القبلية ‪.‬‬

‫‪.2‬عينة الدراسة‪:‬‬
‫بعد انتهاء عملية اؼبعاينة اليت ظبحت لنا ابنتقاء اجملموعة اؼبراد دراستها هبدؼ‬
‫عرؼ على أهنا "ؾبموعة فرعية من عناصر ؾبتمع حبث معُت"‪.2‬‬
‫تكوين عينة البحث‪ ،‬كاليت تي ٌ‬
‫حيث مشلت ‪ 21‬أستاذا ؼبادة اللغة العربية من الثانوايت الثبلثة موزعة كاآليت ‪:‬‬

‫‪-‬اثنوية بوضبيدم الطاىر أبكالد ميموف‪ 08 :‬أساتذة منهم ‪ 01‬متعاقد‪.‬‬

‫‪-‬اثنوية السعيد مسعود أبكالد ميموف‪ 07 :‬أساتذة‪.‬‬

‫‪ 1‬البطاقة التعريفية لبلدية أكالد ميموف‪ ،‬اجمللس الشعيب البلدم ألكالد ميموف‪.‬‬
‫‪2‬موريس أقبرس‪ ،‬منهجية البحث يف العلوـ االنسانية ‪ :‬تدريبات عملية‪ ،‬ترصبة ‪ :‬بوزيد صحراكم كآخركف‪ ،‬دار القصبة‬
‫للنشر‪ ،‬اعبزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.301‬‬
‫~ ‪~ 143‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪-‬اثنوية كيسي دمحم بعُت اتلوت‪ 06 :‬اساتذة منهم ‪ 01‬متعاقد‪.‬‬

‫كما مشلت عينة اؼببلحظة حوارل ‪ 227‬تلميذا‪ ،‬حيث اخًتان قسما علميا كآخر‬
‫أديب من كل اثنوية ككاف ؾبموع األقساـ ‪ 06‬أقساـ يتوزع تبلميذىا على النحو التارل ‪:‬‬

‫النسبة ادلئوية‬ ‫العدد‬ ‫الثانوايت‬


‫‪%38.32‬‬ ‫‪87‬‬ ‫اثنوية بوضبيدم الطاىر‪ -‬أكالد ميموف‬
‫‪%29.95‬‬ ‫‪68‬‬ ‫اثنوية السعيد مسعود‪-‬أكالد ميموف‬
‫‪%31.8‬‬ ‫‪72‬‬ ‫اثنوية كيسي دمحم‪ -‬عُت اتلوت‬

‫كلقد مت اختيار عينة الدراسة بطريقة قصدية (اختيارية)‪ ،‬كىي "اليت ينتقيها الباحث‬
‫بنفسو لتتناسب كتصنيفات معينة مثل اعبنس كالعمر‪ 1"...‬حيث قمنا ابنتقاء أفراد العينة دبا‬
‫ىبدـ أىداؼ الدراسة كبناء على معرفة كاستطبلع مسبق‪ .‬حيث اخًتان ؾبتمع الدراسة أكال‬
‫حسب اؼبعيار اعبغرايف كاالجتماعي‪ ،‬إذ يتمدرس يف اثنوية بوضبيدم الطاىر أبكالد ميموف‬
‫أبناء كسط مدينة أكالد ميموف كىي منطقة معركفة بطبيعتها الشبو حضرية كاستقطاهبا يف‬
‫السنوات األخَتة لنزكح بشرم فبا ش ٌكل تنوعا سكانيا‪ ،‬كبثانوية مسعود السعيد أبكالد‬
‫ميموف ابعتبار أغلب تبلمذهتا من سكاف البلدايت كالقرل اجملاكرة كالتابعة إقليميا لدائرة‬
‫أكالد ميموف‪ .‬كما أف أغلب تبلميذ اثنوية كيسي دمحم بدائرة عُت اتلوت ينحدركف من بيئة‬
‫ريفية ذبمع بُت ثقافة كاليتُت متجاكرتُت سيدم بلعباس كتلمساف‪.‬‬

‫‪1‬زيداف علي جامث‪ ،‬دراسات يف علم اللغة االجتماعي‪ ،‬بوستاؾ أنتارا‪ ،‬ماليزاي‪ ،1993 ،‬ص‪.33‬‬
‫~ ‪~ 144‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ىذا االختيار جعل العينة متجانسة من حيث فبيزاهتا كصفاهتا‪ ،‬نذكر من ىذه‬
‫الصفات ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تتشكل من اعبنسُت الذكور كاإلانث‬


‫‪ ‬ىبتلف أفراد العينة يف مستوايهتم االجتماعية كالثقافية ‪.‬‬
‫‪ ‬يبثل أفراد العينة منطقة تقارب بُت كاليتُت من كالايت اعبزائر كابلتارل‬
‫ثقافتُت‪.‬‬
‫سبت عملية صبع البياانت يف فًتة امتدت إذل ثبلثة أشهر‪ ،‬ما بُت إجراء اؼبقاببلت‬
‫مع أساتذة اللغة العربية ؼبعرفة مدل أتثَت اؼبتغَتات االجتماعية األساسية للدراسة (التفاكت‬
‫االجتماعي‪ ،‬البيئة اعبغرافية‪ ،‬اعبنس‪/‬النوع) على العملية التعليمية التعلمية ؼبادة اللغة العربية‪،‬‬
‫كبُت مبلحظة آاثرىا يف منطوؽ اؼبتعلمُت أثناء سَت حصص مادة اللغة العربية‪ .‬ككاف ذلك‬
‫خبلؿ األشهر اآلتية‪ :‬فيفرم ‪ /‬مارس ‪ /‬أفريل من سنة ‪.2018‬‬

‫‪.3‬منهج البحث ‪:‬‬


‫ييعترب اؼبنهج يف البحث العلمي مسألة جوىرية‪ ،‬حيث تعتمد صحة أم حبث‬
‫علمي‪ ،‬كبدرجة كبَتة‪ ،‬على اؼبنهج اؼبستعمل كالكيفية اليت استعمل كفقها لدراسة الواقع‪ .‬فهو‬
‫"الطريق اؼبؤدم إذل الغرض اؼبطلوب من خبلؿ دراسة اؼبصاعب كالعقبات‪ ،‬كيعٍت يف الفكر‬
‫العلمي اؼبعاصر الطريق اؼبؤدم إذل الكشف عن اغبقيقة يف العلوـ بواسطة طائفة من القواعد‬
‫كربدد عملياتو حىت يصل إذل نتيجة معلومة"‪ .1‬كىو أيضا‬
‫العامة اليت يهتيمن على سَت العقل ي‬

‫‪ 1‬اندية سعيد عيشور كآخركف‪ ،‬منهجية البحث يف العلوـ االجتماعية‪ ،‬مؤسسة حسُت راس اعببل للنشر كالتوزيع‪،‬‬
‫قسنطينة‪ ،‬اعبزائر‪ ،2017 ،‬ص‪.211‬‬
‫~ ‪~ 145‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كسيلة البحث العلمي يف الكشف عن اغبقيقة كالقوانُت اليت تسعى إذل إبرازىا كربقيقها‪.‬‬
‫عرفو عبد‬
‫ككثَتا ما تتوقف سبلمة نتائج الدراسات على صحة اؼبنهج كسبلمة اختياره‪ .‬كيي ٌ‬
‫الرضبن بدكم أبنو "الطريق اؼبؤدم إذل الكشف عن اغبقيقة يف العلوـ بواسطة طائفة من‬
‫كربدد عملياتو حىت يصل إذل نتيجة معلومة "‪.1‬‬
‫القواعد العامة اليت يهتيمن على سَت العقل ي‬

‫يتٌسم حبثنا ىذا ابلطابع الكيفي يف الدراسات االجتماعية‪ ،‬فباٌ يفرض علينا اختيار‬
‫منهج كأدكات حبث تتماشى مع الطابع الكيفي للدراسة‪ ،‬فػ ػ ػ ػػ"ادلناىج الكيفية هتدؼ يف‬
‫ينصب االىتماـ ىنا أكثر على حصر معٌت‬
‫ٌ‬ ‫األساس إذل فهم الظاىرة موضوع الدراسة‪ .‬كعليو‬
‫األقواؿ اليت مت صبعها أك السلوكات اليت سبت مبلحظتها"‪ ،2‬كىذا ىو ىدؼ دراستنا من‬
‫خبلؿ ؿباكلتنا ؼببلحظة السلوكات اللغوية للمتعلمُت كؿباكلة فهمها عن طريق البحث يف‬
‫يمسبٌبات انزايحها عن اللغة الفصحى (العليا) داخل القسم‪ .‬بينما هتدؼ "ادلناىج الكيفية‬
‫يف األساس إذل قياس الظاىرة موضوع الدراسة‪ .‬كقد تكوف ىذه القياسات من الطراز الًتتييب‬
‫(مثل ‪ :‬أكثر من كأقل من) أك عددية كذلك ابستعماؿ اغبساب"‪.3‬‬

‫كسباشيا مع متطلبات اؼبقاربة الكيفية للدراسة‪ ،‬ارأتينا استعماؿ ادلنهج الوصفي رغم‬
‫أنو ىبدـ اؼبقاربتُت (الكمية كالكيفية)‪ ،‬كحبكم دراستنا اليت تندرج ضمن الدراسات‬
‫األنثركبولوجية من خبلؿ استعانتنا ببعض اؼبعلومات كاؼبعطيات الثقافية كاالجتماعية عن‬

‫‪ 1‬مركاف عبد اجمليد مركاف ابراىيم‪ ،‬أسس البحث العلمي إلعداد الرسائل اعبامعية‪ ،‬مؤسسة الورؽ‪ ،‬ط‪ ،1‬عماف‪ ،‬األردف‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.68‬‬
‫‪2‬موريس أقبرس‪ ،‬منهجية البحث يف العلوـ االنسانية‪ ،‬تدريبات علمية‪ ،‬ترصبة ‪ :‬بوزيد صحراكم كآخركف‪ ،‬دار القصبة‬
‫للنشر‪ ،‬ط‪ ،2006 ،2‬ص‪.100‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫~ ‪~ 146‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫اعبماعة اليت ندرس لغتها (تبلميذ السنة الثالثة اثنوم)‪ ،‬خاصة كأنٌنا نيريد تفسَت معاشل‬
‫وضح أتثَت تلك اؼبعطيات الثقافية كاالجتماعية‬
‫الكلمات اؼبنطوقة من قبل اؼبتعلمُت بطريقة تي ٌ‬
‫عليها‪.1‬‬

‫"ال يعتمد اؼبنهج الوصفي‪ ،‬كما يظن البعض على ؾبرد كصف سطحي لظاىرة أك‬
‫قضية معينة‪ ،‬بل يتعدل ذلك إذل اكتشاؼ اغبقائق‪ ،‬كآاثرىا كالعبلقات اليت تتصل هبا‪،‬‬
‫كتفسَتىا‪ ،‬كالقوانُت اليت ربكمها‪ ،‬ككصف اؼبؤثرات كاجملاالت اليت تركت األثر فيها"‪.2‬‬
‫فبالوصف ييبكننا دراسة اعبوانب اؼبختلفة لظاىرة أك مشكلة أتثَت العوامل اعبغرافية‬
‫كاالجتماعية على سَت العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬فبل قيمة لوصف ال يوبدد حيثيات اغبالة‬
‫اؼبدركسة كظركفو‪ ،‬فما ىبضع للوصف ىبضع للتغَت‪ ،‬لذا فإف الوصف ينبغي أف يقًتف‬
‫ابلظركؼ كاألحواؿ كالشركط اؼبتصلة بو‪ .3‬فاؼبنهج الوصفي يتعدل حدكد كصف الظواىر‪،‬‬
‫إذل ؿباكلة فهمها كتفسَتىا استنادا ؼبا يوبيط هبا من يمؤثرات خارجية‪ ،‬كىو حاؿ موضوع‬
‫دراستنا اليت ترتكز على كصف كؿباكلة فهم كتفسَت مدل أتثَت اؼبتغَتات االجتماعية‬
‫كاعبغرافية على لغة اؼبتكلمُت يف الوسط التعليمي‪.‬‬

‫‪1‬يينظر مها دمحم فوزم معاذ‪ ،‬األنثركبولوجيا اللغوية‪ ،‬دار اؼبعرفة اعبامعية‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص‪.91-90‬‬
‫‪ 2‬عبد الرضبن حللي‪ ،‬اؼبدخل إذل منهجية البحث كفن الكتابة مع تطبيقات يف العلوـ الشرعية‪ ،‬مركز مباء للبحوث‬
‫كالدراسات‪ ،‬ط‪ ،1‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،2017 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪3‬يينظر عبد الرضبن حللي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫~ ‪~ 147‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪.4‬أدوات مجع البياانت‪:‬‬


‫اعتمدان يف الدراسة على تقنيتُت أساسيتُت معتمدتُت يف البحث اؼبيداشل يف ؾباؿ‬
‫العلوـ االجتماعية ‪ :‬اؼبقابلة مع أساتذة اللٌغة العربية يف الثانوايت اؼبذكورة ك اؼببلحظة العلمية‬
‫إلقباز اؼبدكنة اللغوية اػباصة ابلدراسة‪:‬‬

‫ادلقابلة ‪:‬‬

‫ك"ىي تقنية مباشرة تيستعمل من أجل مساءلة األفراد بكيفية منعزلة‪...‬للتقصي‬


‫العلمي كتيستعمل إزاء األفراد الذين مت سحبهم بكيفية منعزلة‪ ،‬غَت أهنا تيستعمل يف بعض‬
‫اغباالت إزاء اجملموعات من أجل استجواهبم بطريقة نصف موجهة كالقياـ بسحب عينة‬
‫كيفية هبدؼ التعرؼ بعمق على اؼبستجوبُت"‪ 1‬أك ىي "إجراء علمي للبحث ييستعمل عن‬
‫طريق االتصاؿ اؼبباشر من أجل اغبصوؿ على معلومات‪ ،‬كمن أجل ىدؼ معُت"‪ ،2‬أم أف‬
‫استعماؿ ىذه التقنية يهدؼ إذل لقاء اؼببحوثُت (أفراد العينة) كجها لوجو كتوجيو أسئلة‬
‫كسلوكاهتم كتصرفاهتم‬
‫تقصي اغبقيقة العلمية من خبلؿ إجاابهتم كإيباءاهتم ي‬
‫مباشرة ؽبم قصد ٌ‬
‫أثناء سَت اؼبقابلة‪ .‬كقد تكوف اؼبقابلة موجهة كيتٌخذ فيها الباحث دكر الػ يموجو كليس دكر‬
‫ال يػمسيطر‪ ،‬كما قد تكوف مفتوحة حيث يسمح ىذا النوع من اؼبقابلة ابؼبركنة كالتغيَت يف‬
‫ىيكلها كدليلها كتنفيذىا‪ .3‬كدبا أف خصوصية حبثنا تتطلب منا االقًتاب بشكل كبَت من‬

‫‪ 1‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.191‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Grawitz. M, Méthodes des sciences sociales, Edition Dalloz, 5ème édition,‬‬
‫‪France, 1989, p 695.‬‬
‫‪3‬يينظر سوتَتيوس سارانتاكوس‪ ،‬البحث االجتماعي‪ ،‬ترصبة ‪ :‬شحدة فارع‪ ،‬اؼبركز العريب لؤلحباث كدراسة السياسات‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬يناير ‪ ،2017‬ص ‪.468‬‬
‫~ ‪~ 148‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫أفراد العينة قصد معاينة أثر العوامل االجتماعية يف تعلم اللغة العربية‪ ،‬كاف لزاما علينا اعتماد‬
‫اؼبقابلة اؼبوجهة مع أفراد العينة (األساتذة) قصد توجيو أسئلتنا كفق ؿباكر البحث الثبلثة ‪:‬‬
‫أتثَت البيئة اعبغرافية للمتعلمُت‪ ،‬كالبيئة االجتماعية (التفاكت االجتماعي) كأخَتا جنس‬
‫اؼبتعلمُت‪.‬‬

‫ادلالحظة‪:‬‬

‫استخدمت ىذه التقنية يف ىذا البحث ابعتبارم عايشت بعض حصص مادة اللغة‬
‫ي‬
‫العربية بدعوة من أساتذة اؼبادة للوقوؼ على التغَتات اللغوية يف كبلـ كتعابَت اؼبتعلمُت أثناء‬
‫ىذه اغبصص فبا ييؤثر على سَت العملية التعليمية التعلمية‪ .‬كدبا أف تقنية اؼببلحظة تعتمد على‬
‫ربديد مظاىر السلوؾ االجتماعي كالثقايف –ككبن ىنا بصدد دراسة السلوؾ اللغوم‬
‫للتبلميذ‪ -‬الػ يػمراد دراستو فهي "من الطرؽ اؼبهمة كاألساسية يف صبع اؼبعلومات كاغبقائق من‬
‫اؼبيداف االجتماعي‪...‬كاالطٌبلع على معتقداهتم كمواقفهم كأغراضهم‪...‬كىي أتخذ أشكاال‬
‫عديدة ‪ :‬ابؼبشاركة أك من دكف مشاركة‪ ،‬مستًتة أك مكشوفة"‪ .1‬كمبلحظتنا ىنا من دكف‬
‫مشاركة‪ ،‬فبل ييبكننا تقمص دكر تلميذ السنة الثالثة اثنوم يف سننا ىذا‪ .‬كعليو فمبلحظتنا‬
‫كانت من خبلؿ اعبلوس يف آخر القسم كمتابعة كبلـ كلغة اؼبتعلمُت كتدكين بعض األمثلة‬
‫اليت تدعم إجاابت األساتذة عيٌنة اؼبقابلة‪.‬‬

‫‪1‬موريس أقبرس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬


‫~ ‪~ 149‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪.5‬إعداد شبكة ادلالحظة ‪:‬‬


‫ساعدان حضور حصص مادة اللغة العربية خبلؿ فًتة العمل اؼبيداشل للدراسة يف‬
‫إعداد شبكة اؼببلحظة‪ ،‬سبثٌلت يف تدكين مشاركات التبلميذ أفراد عيٌنة اؼببلحظة يف دفًت‬
‫اؼببلحظة‪ ،‬ترتكز أساسا على اصطياد ما ينطقو اؼبتعلموف‪ ،‬أثناء مشاركتهم يف حصص نشاط‬
‫اللغة العربية‪ ،‬كحصة األدب كالنصوص كحصة اؼبطالعة اؼبوجهة كحىت حصص التعبَت الكتايب‬
‫اليت تيدمج مع حصة اؼبطالعة اؼبوجهة يف األقساـ العلمية‪ ،‬كمقارنتو مع النطق الصحيح لبعض‬
‫الكلمات أك العبارات‪ .‬كاستعنٌا هبذه اؼببلحظات اللغوية لتربير اؼبسائل اؼبتعلقة بتأثَت البيئة‬
‫اػبارجية على منطوؽ اؼبتعلمُت من خبلؿ آراء األساتذة كإجاابهتم عن األسئلة اؼبدكنة يف‬
‫دليل اؼبقابلة (أنظر قائمة اؼببلحق)‪.‬‬

‫~ ‪~ 150‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ادلبحث الثاين ‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الصويت‬


‫لقد ظهرت يف لغة اؼبتعلمُت أثناء حديثهم ابللغة العربية الفصحى‪ ،‬سواء يف قراءاهتم‬
‫للنصوص أك مشاركاهتم لزمبلئهم أك مناقشتهم ؽبم أك ألستاذىم‪ ،‬مظاىر أتثٌور جلية‬
‫ابؼبمارسات اللغوية اؼبرتبطة بواقعهم اليومي اليت تتٌسم ابلتلوف كالتعدد اللغوم كاللهجي‪.‬‬
‫فكانوا يستعَتكف من كاقعهم االجتماعي‪ ،‬كما خلٌفو من آاثر لغوية انعكست على ألسنتهم‪،‬‬
‫أمباطا لغوية ـبتلفة سبثلت يف تغيَت كاستبداؿ ألصوات لغوية كربريف لؤلفعاؿ كصيغها كإفساد‬
‫للنظاـ الًتكييب للجملة‪ ،‬كما كظٌفوا أثناء حديثهم كلمات كمفردات من لغتهم األـ كاللغة‬
‫األجنبية أحياان‪...‬‬

‫‪.1‬عرض وحتليل نتائج شبكة ادلالحظة‪:‬‬


‫بعد تفريغ اؼبقاببلت كابالستناد إذل اؼببلحظة‪ ،‬تبُت أف الوسط أك البيئة اعبغرافية‬
‫اليت يعيش فيها اؼبتعلموف ؽبا دكر أساسي يف التأثَت على لغتهم داخل األقساـ‪ ،‬فهم‬
‫يستعَتكف ما أفرزتو بيئتهم من فبارسات لغوية‪.‬‬

‫لقد جاءت أجوبة األساتذة‪ ،‬يف احملور اؼبتعلق بتأثَت البيئة اعبغرافية على لغة‬
‫صرح ‪ 18‬أستاذا أف منطوؽ‬ ‫اؼبتعلمُت أثناء حصص اللغة العربية‪ ،‬تقريبا متشاهبو‪ ،‬حيث ٌ‬
‫اؼبتعلمُت الذين ينحدركف من القرل اجملاكرة ؼبدينيت أكالد ميموف كعُت اتلوت (عُت النحالة‪،‬‬
‫السعادنية‪ ،‬اتصبوت‪ ،‬بٍت صميل‪ )...‬أفضل بكثَت من أكلئك الذين يسكنوف يف اؼبدينتُت‬
‫(عُت اتلوت كأكالد ميموف)‪ .‬كىي إشارة إذل أف لغة أصحاب اؼبناطق الريفية تقًتب إذل اللغة‬
‫العليا (العربية الفصحى) مقارنة من لغة أصحاب اؼبدينة‪.‬‬

‫~ ‪~ 151‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫األصوات الساكنة ‪:‬‬ ‫تغري بع‬


‫أ‪ّ -‬‬

‫كمن بُت الظواىر الصوتية اليت ظهرت يف منطوؽ اؼبتعلمُت استبداؿ صوت مكاف‬
‫صوت آخر‪ ،‬حيث قاـ التبلميذ ابستبداؿ بعض حركؼ اللغة العربية الفصحى أبخرل‬
‫يمستعارة من ؽبجاهتم أك من اللغات األجنبية كالفرنسية‪.‬‬

‫كقد يكٌزعت مبلحظات تغَت بعض األصوات يف اعبدكؿ اآليت ‪:‬‬

‫الصوت البديل‬ ‫الصوت‬


‫التاء –ت‪-t- / -‬‬ ‫الثاء –ث‪-‬‬
‫‪-g- /‬‬ ‫ڦ‬ ‫القاؼ –ؽ‪-‬‬
‫الضاد –ض‪-d- / -‬‬ ‫الظاء –ظ‪-‬‬
‫الداؿ –د‪-d- / -‬‬ ‫الذاؿ –ذ‪-‬‬

‫الحظنا أف أغلبية اؼبتعلمُت من اثنوية بوضبيدم الطاىر أبكالد ميموف ينطقوف حرؼ‬
‫الثاء (ث) اتء (ت)‪ ،‬بينما ينطقوهنا آخركف كأغلبهم من اثنوية كيسي دمحم بعُت اتلوت‬
‫كاثنوية السعيد مسعود أبكالد ميموف بصورهتا األصلية خبلؿ‪.‬‬

‫كالثاء "صوت أسناشل مهموس رخو منفتح‪ ،‬كالتاء أسناشل لثوم مهموس شديد‬
‫(انفجارم) منفتح فيجمع بينهما قرب اؼبخرج‪ ،‬إذ أف ـبرج التاء يلي ـبرج الثاء كاالنفتاح يف‬
‫كل منهما ككل منهما يشًتؾ يف ـبرج األسناف إال الثاء أسنانية حبتة كالتاء أسنانية‬

‫~ ‪~ 152‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫لثوية‪...‬ىذا التقرب يف اؼبخرج‪ ،‬جعل اؼبتعلمُت ينطقوف ابلتاء بدؿ الثاء‪ ،‬كىو ربوؿ عرفتو‬
‫العامية منذ سنُت طويلة"‪.1‬‬

‫فقد كرد على لساف اؼبتعلمُت ىذا التغَت الصويت يف كلمات مثل ‪:‬‬

‫‪ ‬مث ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ مت‬
‫‪ ‬اثلثا‪/‬اثنيا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ اتلتا‪/‬اثنيا‬
‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ أتتر‬ ‫‪ ‬أتثر‬
‫حت‬ ‫‪ٌ ‬‬
‫حث ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٌ‬

‫من جهة أخرل استبدؿ حرؼ القاؼ (ؽ) ابلصوت ‪ /g/‬يف بعض اؼبواقف‬
‫التعبَتية للمتعلمُت بنسب متفاكتة يف أقساـ الثانوايت الثبلثة فكثَتا ما كنا نسمع عبارة ‪:‬‬

‫ق ـ ـ ـ ــال الشاعر ابل ػ ػ‪ً /g/‬عوض قال الشاعر ابل ػ ػ(ؽ)‪.‬‬

‫كالقاؼ (ؽ)‪ ،‬من أصوات اللغة العربية الفصحى اليت شهدت تغَتات متنوعة عرب‬
‫الزمن‪ ،‬حيث "طرأت على ىذا الصوت يف الببلد العربية‪ ،‬فهو يف كبلـ كثَت من أىل الشاـ‬
‫نبزة‪ ،‬فقد ركل لنا يف القدصل مثل ىذا النطق يف كلمة ‪ :‬القفز كاألفز‪ ،‬كما ينطق يف السوداف‬
‫كجنويب العراؽ –غينا‪ ،-‬فنسمعهم يتحدثوف عن –االستغبلؿ‪ -‬كىم يقصدكف بذلك ‪:‬‬
‫االستقبلؿ‪ ،‬كيف ؽبجة مصر كلمتاف من ىذه الظاىرة نبا ‪- :‬يً ٍغدر‪-‬كمشتقاهتا‪ ،‬بدال من –‬
‫يىػ ٍقدر‪... -‬كما ينطق صوت القاؼ صوات مزدكجا كاعبيم الفصيحة‪ ،‬يف بعض بلداف اػبليج‬
‫كالبحرين‪ ،‬إذ يقولوف مثبل –اعببلة‪ -‬بدال من –القبلة‪ ،-‬كما نسمعها يف مدينة الرايض‪،‬‬

‫‪1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.185-184‬‬


‫~ ‪~ 153‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫صوات مزدكجا كذلك غَت أنو مكوف من الداؿ كالزام‪ ،‬يف مثل –دزبلة‪ -‬يف –قبلة‪...-‬كىناؾ‬
‫أخَتا تطور للقاؼ‪ ،‬لدل كثَت من الفلسطينيُت‪ ،‬لنطقها كالكاؼ‪ ،‬فهم يقولوف مثبل ‪- :‬‬
‫كاؿ‪ -‬يف –قاؿ‪ -‬ك –كتلو‪ -‬يف –قتلو‪ -‬كغَت ذلك"‪.1‬‬

‫فنيطقت كلمات كثَتة ربوم حرؼ القاؼ (ؽ) ابلصوت ‪ /g/‬يف اغبديث الشفوم‬
‫للمتعلمُت على غرار ‪:‬‬

‫ق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاؿ ابلػ ػ ‪ /g/‬يف مقػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػابل قػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػاؿ‬

‫ق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالوا ابل ػ ػ ػ ػ ػ ػػ‪ /g/‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ قالوا‬

‫ل ػ ػػى ًحق ابلػ ػ ػػ‪ /g/‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ل ػ ػحق‬

‫متبلحقة ابؿ‪ /g/‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ متبلحقة‬

‫يعود إبداؿ صوت حرؼ القاؼ (ؽ) ابلصوت ‪ /g/‬لدل غالبية اؼبتعلمُت يف‬
‫الثانوايت اليت يسبثل ؾبتمع البحث إذل اللهجة العامية ألغلب اجملتمعات العربية حيث انتقل‬
‫إذل لغة اؼبتكلمُت داخل األقساـ‪ ،‬نتيجة للتداخل اللغوم بُت العاميات كاللغة العربية‬
‫الفصحى كتفشيه ػػا داخل اؼبدارس يف األنظمة الًتبوية‪.‬‬

‫كيسود نطق القاؼ (ؽ) هبذه الكيفية "عند أكثر أرايؼ اعبزائر إذ يقولوف ‪ ...‬كقد‬
‫حكي رل بعض اعبزائريُت أبف اللهجة اعبزائر العاصمة ىي النطق ابلقاؼ اللهوية (القاؼ‬
‫بصوهتا اؼبألوؼ) كأف القاؼ الطبقية ( القاؼ ابلصوت ‪)/g/‬توجد يف بعض مدف اعبنوب‬

‫‪ 1‬رمضاف عبد التواب‪ ،‬التطور اللغوم ‪ :‬مظاىره كعللو كقوانينو‪ ،‬مكتبة اػباقبي‪ ،‬ط‪ ،3‬القاىرة‪ ،1997 ،‬ص‪.29-28‬‬
‫~ ‪~ 154‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫"‪ ،1‬فهذا التغَت الصويت غبرؼ القاؼ (ؽ) ييبيز سكاف األرايؼ يف اعبزائر كمدف اعبنوب اليت‬
‫تتميز ىي أيضا ابلطابع الريفي يف أسلوب عيشها‪ .‬فقد ميٌز نطق القاؼ (ؽ) ابلصوت ‪/g/‬‬
‫كل أفراد عينة اؼببلحظة (تبلميذ الثانوايت الثبلثة)‪ ،‬كىذا راجع للميزة اليت يسبيٌز لساف سكاف‬
‫الغرب اعبزائرم إال ما شذ من بعض اؼبناطق‪ ،‬فالقاؼ يينطق بصورتو األصلية يف كسط اعبزائر‬
‫مثبل‪.‬‬

‫تواصل اؼبتعلموف مع أساتذة اللغة العربية يف اغبصص التعليمية مستبدلُت صوت‬


‫حرؼ الظاء (ظ) بصوت حرؼ الضاد (ض) أك العكس يف إجاابهتم عن أسئلة األساتذة أك‬
‫مناقشاهتم لبعضهم البعض أك حىت يف قراءهتم للنصوص يف نشاط القراءة ؼبوجهة‪ .‬فكانوا‬
‫ينطقوف كلمات مثل ‪:‬‬

‫الظاؼبوف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ الضاؼبوف‬

‫ظمأ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ضمأ‬

‫كأحياان العكس ‪:‬‬

‫ضرب ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ظرب‬

‫كضع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ كظع‬

‫كغَتىا من األمثلة‪ ،‬حيث يف كبل اغبالتُت ييبكن حدكث العكس‪ .‬فمن خبلؿ‬
‫تبُت أ ٌف اؼبتعلمُت يف اثنوايت أكالد ميموف ‪ 2‬كاثنوية كيسي دمحم بعُت اتلوت‬
‫مبلحظاتنا ٌ‬

‫‪ 1‬ـبتار نويرات كدمحم خاف‪ ،‬العامية اعبزائرية كصلتها ابلفصحى‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبزائرية‪ ،‬اعبزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.270‬‬
‫~ ‪~ 155‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ينطقوف الظاء (ظ) بشكلها الصحيح بنسبة أكرب من اثنوية بوضبيدم الطاىر أبكالد ميموف‬
‫أين ظهر اػبلط كاضحا كىذا راجع إذل أف النسبة الكبَتة من اؼبتمدرسُت يف الثانويتُت‬
‫األكلتُت من اؼبناطق الريفية اجملاكرة ؼبدينيت أكالد ميموف كعُت اتلوت بينما نسبة كبَتة من‬
‫اؼبتمدرسُت ابلثانوية الثالثة ىم من سكاف كسط مدينة أكالد ميموف اليت أصبحت قيطبا‬
‫صرح أحد اؼببحوثُت من األساتذة أف "شباب سكاف اؼبدينة يبيلوف‬
‫حضراي بشكل كبَت‪ .‬كقد ٌ‬
‫إذل نيطق حركؼ مثل الظاء (ظ)‪ ،‬الذاؿ (ذ)‪ ،‬الثاء (ث) ابلشكل الضاد (ض)‪ ،‬الداؿ(د)‪،‬‬
‫الثاء (ث) ألف ذلك ييعد حسبهم ميزة التحضر‪ ،‬كحبكم سنهم اؼبرتبط دبرحلة اؼبراىقة فهم‬
‫يبيلوف إذل التشبو بكل ما ىو حضرم كعلى رأسها أسلوب الكبلـ‪."...‬‬

‫كيرل أستاذ آخر أف اػبلط بُت الظاء (ظ) كالضاد (ض) يف ألسنة الناس أمر عادم فهو‬
‫يتعدل النطق إذل الكتابة‪ ،‬كييصيب اؼبعلمُت كاؼبثقفُت يف أحياف كثَتة‪ .‬كىو ال ييرجعو إذل‬
‫البيئة اعبغرافية سواء حضرية أك ريفية‪.‬‬

‫فرؽ بُت ىذين الصوتُت تفريقا كاضحا يف الرسم كالنطق كإمبا‬


‫لكن اؼبؤٌكد أف "العرب كانت تي ٌ‬
‫سبب اػبلط بينهما فساد اللغة"‪.1‬‬

‫تغَت حرؼ الذاؿ (ذ) نيطقا‪ ،‬حبرؼ الداؿ (د) يف الكثَت من اؼبواضع يف ألسنة‬
‫اؼبتعلمُت داخل القسم‪ ،‬فذاؿ اللغة العربية الفصحى أصبح داال (د) يف معظم الكلمات‬
‫اؼبنطوقة ‪ .‬فورد نطق بعض الكلمات كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬أستاذ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ أستاد‬

‫‪1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.186‬‬


‫~ ‪~ 156‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪ ‬ذلك ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ دلك‬
‫‪ ‬ىذه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ىده‬

‫إف التأثر ابللهجة العامية كاف سببا رئيسيا يف ربوؿ الذاؿ (ذ) إذل داؿ (د) يف‬
‫منطوؽ اؼبتعلمُت‪ ،‬لكن بعض اؼبتعلمُت يف اثنوايت أكالد ميموف ‪ 2‬كعُت اتلوت حافظوا‬
‫على نيطق ىذا اغبرؼ على سجيتو عكس تبلميذ اثنوية بوضبيدم الطاىر أبكالد ميوف‪.‬‬
‫ك دبا أف اغبرفُت –الذاؿ (ذ) كالداؿ (د)‪ "-‬منفتحاف ؾبهوراف متقارابف يف اؼبخرج‬
‫إذ‪ ،‬إف الذاؿ (ذ) ىبرج من بُت األسناف‪ ،‬فهو صوت أسناشل كأما الداؿ (د) فهو صوت‬
‫أسناشل لثوم ٌإال أهنما ىبتلفاف يف الشدة كالرخاكة ألف حرؼ الذاؿ (ذ) احتكاكي كحرؼ‬
‫الداؿ (د) شديد كانفجارم"‪ ،1‬فإف التقارب بينهما انجم عن طغياف العامية اليت غلٌبت‬
‫حرؼ الداؿ (د) على حرؼ الذاؿ (ذ) صوتيا‪ .‬كىبتفي كليا ىذا األخَت يف بعض اللهجات‬
‫كهلجة بٍت فتح يف كالية جيجل ابعبزائر حيث "ال كجود غبرؼ الذاؿ (ذ) يف يف ؽبجة بٍت‬
‫فتح يف جيجل كيف كثَت من اؼبناطق العربية إذ استعيض بصوت الداؿ يف صبيع اغباالت‬
‫تقريبا"‪.2‬‬

‫ب‪-‬حذف واخفاء اذلمزة ‪:‬‬

‫‪ 1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.184‬‬


‫‪ 2‬بلقاسم بلعرج‪ ،‬الدارجة اعبزائرية كصلتها ابلعربية الفصحى‪ ،‬دراسة لسانية للهجة بٍت فتح (جيجل)‪ ،‬مديرية النشر عبامعة‬
‫قاؼبة‪ ،2008 ،‬ص ‪.27‬‬
‫~ ‪~ 157‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫تتميز بعض اللهجات اعبزائرية خباصية إخفاء اؽبمزة أك حذفها (تسهيلها)‪ ،‬كىذا ما‬
‫الحظناه يف تعبَتات كأحاديث اؼبتعلمُت أتثرا ابلتغَتات اللغوية اليت تتٌسم هبا اللهجات‬
‫فحذفت اؽبمزة سباما أك استبدلت كاكا (ك) أك ايء (م) يف اؼبواقف التعليمية للغة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ي‬
‫العربية الفصيحة‪.‬‬

‫كمن األمثلة اليت كرد فيها اخفاء أك حذؼ اؽبمزة عند اؼبتعلمُت‪:‬‬

‫أضبد ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍح ػػمد‬

‫أي ػ ػ ػػن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ كيػ ػ ػ ػ ػػن‬

‫األكؿ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ لوؿ‬

‫األجر ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ الجر‬

‫إماـ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ يٍػماـ‬

‫أيك ػ ػػل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ايكل‬

‫ييذكر أف تطور اؽبمزة يف ؽبجات اؼبغرب العريب قد بلغ ح ٌدا أكرب فبا بلغو يف‬
‫اؼبشرؽ‪ ،‬ذلك ألف اؽبمزة اختفت من األصوات اللغوية ككادت زبتفي سباما من اللغة العربية‪.‬‬
‫فقد أشار كلياـ مارسي ‪- William Marçais‬يف كتابو أكالد إبراىيم (ص‪ -)6-5‬إذل‬
‫عوض بنصف حركة‪ :‬أم بواك (ك) أك بياء (م) كما يف‬
‫أف اؽبمزة إما تسقط سباما كإما تي ٌ‬
‫اللهجات الشرقية‪.1‬‬

‫‪ 1‬يينظر عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.191‬‬


‫~ ‪~ 158‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫إف ظاىرة سقوط اؽبمزة –ليس يف أكؿ الكلمة غالبا‪ -‬ىي من الظواىر اللغوية‬
‫الشائعة يف اللهجات العربية اؼبعاصرة‪ ،‬كما يف اللهجات العربية القديبة كذلك‪ ،‬كمن األمثلة‬
‫على ذلك‪ :‬بَت (بئر)‪ ،‬كايكل (أيكل)‪ ،‬كراس (رأس)‪ ،‬كيببل (يبؤل)‪ ،‬كيقرا (يقرأ)‪ ،‬كيس‬
‫(يىئًس)‪ ،‬كخطية (خطيئة)‪ ،‬كركس (رؤكس)‪ ،‬كفوس (فؤكس)‪ ،‬كعباية (عباءة)‪...‬ككبو ذلك‬
‫يف العربية الفصحى‪.1‬‬

‫كما يبدك أف "تسهيل اؽبمزة يف حقيقة األمر فونيم كاف يف حالة تغَت كتطور يف‬
‫‪2‬‬
‫عموـ اعبهة الغربية من شبو اعبزيرة العربية من طيء مشاال حىت ضبَت جنواب"‬

‫أضحت بذلك اؽبمزة سبتاز ابلثقل يف النطق يف معظم اللهجات العربية‪ ،‬كاليت‬
‫بدكرىا (اللهجات) تتأثر ابلبيئة االجتماعية كاعبغرافية ‪...‬فأيسقطت اؽبمزة كصوت يف‬
‫منطوؽ اؼبتعلمُت كيف العديد من اؼبواقف التعليمية‪-‬التعلمية‪.‬‬

‫ت‪-‬تفخيم األصوات‪:‬‬

‫" التفخيم ‪ Velarisation‬أثر ظبعي ينتج عن عوامل فسيولوجية متداخلة‪ ،‬ندرؾ‬


‫منها عاملُت مهمُت‪ .‬أكؽبما ‪ :‬ارتفاع مؤخر اللساف ذباه أقصى اغبنك ‪ the Velum‬أك‬
‫‪( the soft palate‬اغبنك اللُت)فيحدث تغَت يف التجويف الفموم‪ ،‬ؿبداث رنينا مسموعا‬

‫‪ 1‬يينظر عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.192‬‬


‫‪2‬دمحم الشرقاكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫~ ‪~ 159‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪ .Resonance‬اثنيها ‪( :‬على ما ييقاؿ) رجوع اللساف إذل اػبلف بصوره أسرع فبا وبدث‬
‫لو أثناء النطق ابألصوات اؼبرققة"‪.1‬‬

‫كتنقسم األصوات الصامتة من حيث التفخيم كالًتقيق إذل ثبلثة طوائف رئيسية ‪:‬‬

‫أصوات مفخمة بطبيعتها ‪ :‬كىي األصوات اؼبفخمة تفخيما كليا يف أم سياؽ تقع فيو‪،‬‬
‫أم بقطع النظر عما يسبقها أك يلحقها من أصوات‪ .‬كالتفخيم ابلنسبة ؽبذه األصوات جزء‬
‫ال يتجزأ من بنيتها‪ ،‬كبو تعرؼ حقيقتها كتنماز من سائر األصوات الصامتة‪ ،‬كتيشكل ؽبا‬
‫كياان خاصا هبا‪ .‬كىذه األصوات ىي ‪ :‬الصاد (ص) كالضاد (ض) كالطاء (ط) كالظاء‬
‫(ظ)‪ .‬كالتجاكز يف نطقها أك اػبطأ فيو ييفسد حقيقتها صوتيا كدالليا‪ ،‬فًتقيقها مثبل (خاصة‬
‫بُت الشباب كالنساء) إما جهبل بطبيعتها‪ ،‬أك نزكعا إذل ما يزعمونو من رقة كخفة يف األداء‬
‫ييعترب إساءة إذل لغتهم اليت كثَتا ما هبأركف ابلشكول منها‪ ،‬يف حُت أهنم األكذل كاألحق‬
‫بتوجيو الشكاية إليهم‪.2‬‬

‫األصوات البينية ‪" :‬كىي أصوات ؽبا حاالت من التفخيم كالًتقيق‪ .‬أك‪-‬قل‪ -‬إف تفخيمها‬
‫مكتسب مشركط ‪ :‬تكتسب تفخيمها من السياؽ الذم تقع فيو‪ ،‬كىذا االكتساب أيضا‬
‫مشركط يف حدكد خاصة‪ .‬ىذه األصوات ىي القاؼ كالغُت كاػباء"‪.3‬‬

‫األصوات ادلرققة ‪ :‬كىي كل بقية األصوات الصامتة‪ ،‬كأصلها الًتقيق‪ ،‬كلكن قد ييصيبها‬
‫التفخيم ابلسياؽ‪ .‬ففي اؼبثاؿ ‪ :‬ط ـ ــاب كت ـ ـ ــاب نيبلحظ عند النطق أ ٌف الباء (ب) األكذل‬

‫‪ 1‬كماؿ بشر‪ ،‬علم األصوات‪ ،‬دار غريب للطباعة كالنشر كالتوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،2000 ،‬ص‪.394‬‬
‫‪2‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.397-396‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.400‬‬
‫~ ‪~ 160‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫أصاهبا شيء من التفخيم يلوجود الطاء (ط) اؼبفخم تفخيما كليا يف حُت أف الباء (ب)‬
‫الثانية (يف تـ ـ ـ ــاب) ؿبتفظة بًتقيقها على األصل‪ ،‬النعداـ عامل التأثَت‪.1‬‬

‫ما الحظناه على اؼبتعلمُت يف مواقفهم التعليمية كيف كل الثانوايت ىو تفخيم‬


‫أصوات ال تيػ ىف ٌخم بطبيعتها‪ ،‬كترقيق أخرل ال تيرقق‪ .‬فأصاب األصوات فساد يف صورىا‬
‫كصفاهتا اغبقيقة‪ ،‬فتحولت األصوات الساكنة إذل أخرل زبتلف عنها‪ ،‬كمن األمثلة على‬
‫ذلك‪:‬‬

‫حرفا السني (س) والصاد (ص)‬

‫صفَت‬
‫يذكر سيبويو يف الكتاب أف "السُت (س)كالصاد (ص) يف اؽبمس كال ّ‬
‫كالرخاكة‪ ،‬فإمبا ىبرج الصوت إذل مثلو يف كل شيء إال اإلطباؽ"‪.2‬‬

‫"كقاؿ أيضا –سيبويو‪ -‬لوال اإلطباؽ لصارت ‪ ....‬الصاد (ص) سينا (س)‪،‬‬
‫فصوت الصاد (ص) ىو النظَت لصوت السُت (س)‪ ،‬مع فارؽ يف التفخيم كاإلطباؽ الناتج‬
‫عن نطق الصاد (ص)‪.3‬‬

‫في ًٌخمت السُت (س) كأصبحت صادا (ص) يف الكثَت من الكلمات كالعبارات‬
‫اؼبتداكلة داخل القسم من طرؼ اؼبتعلمُت‪ ،‬فنطقوا بدؿ ‪:‬‬

‫األعراس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ األعراص‬

‫‪1‬يينظر كماؿ بشر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.403‬‬


‫‪2‬سيبويو‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ربقيق كشرح ‪ :‬عبد السبلـ دمحم ىاركف‪ ،‬ج‪ ،4‬مكتبة اػباقبي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاىرة‪ ،1982 ، ،‬ص ‪.481‬‬
‫‪3‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪188‬‬
‫~ ‪~ 161‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫الكراسي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ الكراصي‬

‫سورة ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ص ػػورة‬

‫سَت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ صي ػػر‬

‫كرقًٌقت الصاد (ص) فأصبحت سينا (س) يف الكثَت من اؼبواقف التعليمية ‪:‬‬
‫ي‬

‫صوت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ سوت‬

‫صورة ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ سورة‬

‫صنديد ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ سنديد‬

‫صوـ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ سوـ‬

‫صار ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ سار‬

‫يرجع سبب ىذا التغَت كالتبادؿ بُت صويت السُت (س) كالصاد (ص) إذل اللهجة‬
‫العامية اليت يسبيز اؼبنطقة اعبغرافية الواقعة بُت مدينيت سيدم بلعباس كتلمساف‪ ،‬كىذا حاؿ‬
‫الكثَت من اللهجات اعبزائرية أين تيب ٌدؿ السُت (س) صادا (ص)‪ ،‬كما ىو اغباؿ يف‬
‫اللهجات الصحراكية اعبزائرية‪ ،‬ففي بسكرة مثبل ‪ :‬تػيػبدؿ السُت (س) زااي (ز) كصادا (ص)‪،‬‬
‫فتينطق كلمة مثل سرداب ابلزام (ز) يف الدراجة فييقاؿ زرداب ككذلك يف زعًت فتينطق سعًت‬
‫‪ .....‬كتيبدؿ صادا (ص) فييقاؿ‪ :‬الصوـ يف السوـ كالصور يف (السور)‪.1‬‬

‫‪1‬يينظر عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.189‬‬


‫~ ‪~ 162‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫حرفا التاء (ت) والطاء (ط) ‪:‬‬


‫استعمل اؼبتعلموف‪ ،‬يف كثَت من اؼبواقف الًتبوية‪ ،‬أثناء حديثهم ابللغة العربية‬
‫الفصحى يف حصص اللغة العربية التاء (ت) بدؿ الطاء (ط)‪ ،‬كقاموا من جهة أخرل بًتقيق‬
‫الطاء (ط) لتيصبح اتء (ت)‪ .‬كمن أمثلة ىذا التغيَت يف منطوقهم قوؽبم ‪:‬‬
‫‪ -‬اعطبار بدؿ اعتبار‬
‫‪ -‬األخبلؽ كالطربية بدؿ األخبلؽ كالًتبية‬
‫‪ -‬الًتيق إذل اجملهوؿ بدؿ الطريق إذل اجملهوؿ‬
‫‪ -‬التبقات الصوتية بدؿ الطبقات الصوتية‬
‫‪ -‬ترؼ اؼبقطع بدؿ طرؼ اؼبقطع‪.‬‬
‫كيعود تفخيم التاء (ت) كترقيق الطاء (ط) خاصة إذل الشباب كالنساء ألهنم يبيلوف‬
‫إذل ترقيق مثل ىكذا أصوات إما جهبل أك نزكعا إذل ما يزعمونو من رقة كخفة يف األداء‪.1‬‬
‫اؼبفخم للتاء (ت)‪ ،‬كالتاء (ت) كالطاء (ط)‬
‫كيف اللغة العربية "صوت الطاء (ط) ىو النظَت ٌ‬
‫من األصوات األسنانية اللثوية‪ٌ ،‬إال أهنما ىبتلفاف يف الصفات‪ ،‬فالتاء (ت) مهموس متفتح‬
‫كالطاء (ط) ؾبهور مفخم مطبق‪.2‬‬

‫إف حرؼ الطاء (ط) من األصوات اؼبفخمة كليٌا مثلها مثل الصاد (ص) كالضاد‬
‫(ض) كالطاء (ط) كالظاء (ظ)‪ ،‬كالتفخيم ابلنسبة ألصوات ىذه اغبركؼ جزء ال يتجزأ من‬
‫بنيتها‪ ،‬كبو تيعرؼ حقيقتها كسبتاز عن سائر األصوات الصامتة‪.3‬‬

‫‪1‬يينظر كماؿ بشر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.397-396‬‬


‫‪ 2‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫‪3‬يينظر اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫~ ‪~ 163‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫تتبدؿ ىذه األصوات أثناء نيطقها مرققة إذل نظائرىا من أصوات اغبركؼ اؼبرققة‪،‬‬
‫فتتحوؿ الصاد (ص) إذل سُت (س)‪ ،‬كالطاء (ط)إذل اتء (ت)‪ ،‬كالضاد (ض) إذل داؿ (د)‪،‬‬
‫ؤدم حتما إذل تغَت يف معاشل‬
‫كالظاء (ظ) إذل ذاؿ (ذ) ‪...‬كييعد ىذا خطأ يرتكبو اؼبتعلموف يي ٌ‬
‫كدالالت الكلمات فبا ييسبب خلبل يف العملية التعليمية التعلمية ؼبادة اللغة العربية‪.‬‬

‫كيطغى ىذا النوع من األخطاء على ؽبجاتنا العامية‪ ،‬فسلوكاتنا كمواقفنا اللغوية‬
‫الغنية دبثل ىذه اؼبظاىر‪ ،‬حيث ييفخم من الصوات ما ال ييفخم كييرقق منها ما ال ييرقق‪ ،‬كىذه‬
‫الظاىرة "‪-‬إبداؿ التاء (ت) طاء (ط)‪ -‬ىي خاصية صوتية لبعض اللهجات اعبزائرية‪،‬‬
‫حيث‪" :‬تيبدؿ الطاء (ط) داال (د)‪ .‬ييقاؿ فبلف مزيفط القلب كىو من مزيفت كييقاؿ‪ :‬مطر‬
‫يف (مًت) كليطر يف (لًت) كييقاؿ‪ :‬فدؽ يف فتق"‪.1‬‬

‫كىذا ما انعكس على مواقف تعلم التبلميذ كحديثهم ابللغة العربية الفصحى أثناء حصص‬

‫مادة اللغة العربية‪ .‬فاذبو بعض اؼبتعلمُت من االنفتاح إذل اإلطباؽ انطقُت التاء (ت) طاءن‬
‫(ط)‪.‬‬

‫فالتقارب بُت الطاء كالتاء من حيث اؼبخارج الصوتية‪ ،‬أحدث تغي ػػٌرا صوتيا بينهما‪،‬‬
‫كىو ما كاف يف كبلـ اؼبتعلمُت يف األقساـ‪.‬‬

‫حرف اجليم ‪:‬‬


‫نطق عدد قليل من تبلميذ اثنوية بوضبيدم الطاىر أبكالد ميموف حرؼ اعبيم (ج)‬
‫إبضافة صوت حرؼ الداؿ (د) قبلو فكػ ػػاف على شكل (دج) ‪.‬‬

‫‪ 1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪.188‬‬


‫~ ‪~ 164‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ىذا التبدؿ انجم عن ؽبجة بعض األفراد من ذكم األصوؿ العاصمية (اعبزائر‬
‫العاصمة) كبعض اؼبدف الوسطى (البليدة‪ ،‬اؼبدية‪ ،‬بومرداس‪ )...‬الذين أقاموا دبدينة أكالد‬
‫ميموف منذ سنوات الثمانينات ابعتبارىم كفاءات يعمالية يمستقطبة للعمل ابؼبركب العسكرم‬
‫لصناعة األلبسة العسكرية‪ .‬كانتقلت بعض شوائب ؽبجتهم إذل أبنائهم من اعبيل اغبارل الذين‬
‫بدكرىم نقلوىا إذل داخل قاعات الدركس‪.‬‬

‫من األمثلة على ذلك ‪:‬‬

‫ج ػ ػرار ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ دجرار‬

‫اؼبػػجاز ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ اؼبدجاز‬

‫اعبيل اعبديد ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ الدجيل الدجديد‬

‫إجراءات ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ إدجراءات‬

‫كيف اغبقيقة أف "اعبيم (ج) الفصيحة صوت مركب‪ ،‬اعبزء األكؿ منو صوت قريب‬
‫كوانف كحدة كاحدة كييوصف علميا‬
‫من الداؿ (د) كالثاشل صوت كاعبيم الشامية كلكنهما يي ٌ‬
‫أبنو صوت لثوم حنكي مركب (كقفة‪-‬احتكاكية) ؾبهور"‪.1‬‬

‫يبدك أف الناطقُت غبرؼ اعبيم (ج) ابلصوت اؼبركب (دج) ىم أكثر الناس سبلمة‬
‫يف نيطقو صوتيا‪ ،‬فهو صوت مركب ‪ affricate‬كرمزه الصويت يف اللغة االقبليزية ‪. /ʤ/‬‬
‫"كالصوت اؼبركب مكوف من كقفة متبوعة بصوت احتكاكي من موقع نطقي كاحد"‪.1‬‬

‫‪1‬كماؿ بشر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.311-310‬‬


‫~ ‪~ 165‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫تغريات يف الصوائت ‪: Vowels‬‬


‫ث‪ّ -‬‬

‫طرأت يف أحاديث اؼبتكلمُت من اؼبتعلمُت تغَتات كتب ٌدالت يف الصوائت كإطالة‬


‫اغبركات القصَتة كقًصر اغبركات الطويلة كتبدي ػ ػل حركة أبخرل أك حذفها كليا كاالبتداء‬
‫بساكن كغَتىا‪...‬كىذا راجع الستعماؽبم اػبواص الصوتية ؼبمارساهتم اللغوية يف بيئتهم‬
‫(اللهجة عموما)‪.‬‬

‫من األمثلة اليت أطاؿ اؼبتعلموف فيها اغبركة القصَتة ما يلي ‪:‬‬

‫‪ ‬نيسطر ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ نسطركا‬
‫‪ ‬بػ ػها ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ بػ ػيها‬
‫‪ ‬حك ػ ػػى لنا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ حكى لينا‬
‫‪ ‬ى ػػما ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ىوما‬
‫‪ ‬قاؿ لنا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ قالٌينا‬
‫‪ ‬نقوؿ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ نقولو‬
‫‪ ‬نقرأ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ نقراك‬
‫‪ ‬نػيبىػًٌُت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ نٍبينوا‬
‫‪ ‬مبشي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ مبشيو‬
‫غَت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ نٍغَتكا‬
‫‪ ‬ني ٌ‬
‫‪ ‬نستخلص ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ نٍستخلصوا‬
‫‪1‬‬
‫‪Adam Szczegielniak, Phonetics, The sounds of Language, Cengage‬‬
‫‪learning , London ,P21.‬‬
‫~ ‪~ 166‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫إف الزايدة يف مقياس صوت من أصوات اللُت ىو نوع من االنسجاـ الصويت الذم‬
‫يلعب دكرا ىاما يف معظم اللغات البشرية كىو ييعترب من التطورات اللغوية اغبديثة اليت تطرأ‬
‫على اللغات بصفة عامة‪.1‬‬

‫كيف حالتنا ىذه فإ ٌف نيطق اؼبتعلمُت يف اؼبواقف التعليمية للصوائت هبذا الشكل ىو‬
‫ضرب من أشكاؿ التأثر ابالستعماؿ العامي للغة كالذم منشأه البيئة االجتماعية كاعبغرافية‪،‬‬
‫كىو ظاىرة سلبية كتدخل يمفسد من لغة اؼبنشأ (اللغة األـ) على اللغة اؽبدؼ ‪Target‬‬
‫‪.Language‬‬

‫من جهة أخرل الحظنا أف اؼبتعلموف قاموا بتغيَتات صوتية سبثلت يف تقصَت‬
‫اغبركات الطويلة كاؼبشددة أك اؼبضعفة‪ ،‬إضافة إذل قلب اغبركات من متحركة إذل ساكنة‪ ،‬كمن‬
‫األمثلة على ذلك قوؽبم‪:‬‬

‫استمركا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍسٍت ىمير‬ ‫ٌ‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬ألنٌو ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ألنيو‬
‫‪ ‬تىػ ىقبٌلت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ تٍػ ىقٍبلت‬
‫‪ ‬سلٌ ىمت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ س ٍل ٍمت‬
‫‪ ‬ىعظىمة ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ىعظٍمة‬
‫ت‬ ‫‪ ‬ىش ًربت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍ‬
‫شربى ٍ‬

‫‪1‬يينظر عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.194‬‬


‫~ ‪~ 167‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫وهنا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ يٍ ٌس ٍمعوىا‬
‫مع ى‬
‫‪ ‬يى ٍس ي‬
‫ص يبوىا‬ ‫‪ ‬يىنصبوهنا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ يىػٍن ٍ‬
‫‪ ‬تفكرهتا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ تٍػ ىف ىك ٍرتٍػ ىها‬
‫ألهنا‬
‫‪ ‬ألنػٌػها ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍ‬
‫الحظنا من خبلؿ ىذه األمثلة أف التبلميذ أتثٌركا بشكل كاضح بلهجة بيئتهم أٌيبا‬
‫فحولوا حركات حركؼ الكلمات من أصوات متحركة إذل أصوات ساكنة مثلما وبدث‬
‫أتثر‪ٌ ،‬‬
‫يف اللهجات العامية اعبزائرية‪.‬‬

‫يػيتٌفق على أف اللغة العربية الفصحى ال تبدأ بًساكن يف صبيع حاالت ككضعيات‬
‫اعبملة‪ ،‬فهي تبدأ دبتحرؾ‪ ،‬أم حبرؼ صامت تتلوه فتحة أك ضمة أك كسرة‪.‬‬

‫لكن يبدك أف اؼبتعلمُت يف أقساـ كحصص اللغة العربية‪ ،‬ابتدأكا بًساكن يف ؾبمل‬
‫أحاديثهم‪:‬‬

‫‪ ‬ىأتثٌر ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍأتثر‬
‫‪ ‬يىنا ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍىنا‬
‫‪ ‬ىسب ٌسكو بو ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍسب ٍسكو بيو‬
‫‪ ‬يىكوف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ يٍكوف‬
‫‪ ‬يمنذ ذلك اغبُت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍمنذاؾ اغبُت‬
‫الشمس‬
‫‪ ‬الشمس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٌٍ‬
‫‪ً ‬حكاية ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍحكاية‬

‫~ ‪~ 168‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كزبتص بعض اللهجات العامية يف اللغة العربية ابالبتداء ابلساكن‪ ،‬كاللهجة العامية‬
‫اعبزائرية ؽبا نصيب من ذلك‪ ،‬حيث انتقل ىذا اػبلل الصويت إذل قاعات الدركس‪ ،‬كأفسد‬
‫لغة اؼبتعلمُت ككاف لو دكر يف عرقلة العملية التعليمية التعلمية ؼبادة اللغة العربية‪.‬‬

‫‪-2‬عرض وحتليل نتائج ادلقابالت‪:‬‬


‫أ‪ -‬أثر البيئة اجلغرافية على لغة ادلتعلمني ‪:‬‬

‫بعد تفريغ اؼبقاببلت كابالستناد إذل اؼببلحظة‪ ،‬تبُت أف الوسط أك البيئة اعبغرافية‬
‫اليت يعيش فيها اؼبتعلموف ؽبا دكر أساسي يف التأثَت على لغتهم داخل األقساـ‪ ،‬فهم‬
‫يستعَتكف ما أفرزتو بيئتهم من فبارسات لغوية‪.‬‬

‫لقد جاءت أجوبة األساتذة‪ ،‬يف احملور اؼبتعلق بتأثَت البيئة اعبغرافية على لغة‬
‫صرح ‪ 18‬أستاذا أف منطوؽ‬ ‫اؼبتعلمُت أثناء حصص اللغة العربية‪ ،‬تقريبا متشاهبو‪ ،‬حيث ٌ‬
‫اؼبتعلمُت الذين ينحدركف من القرل اجملاكرة ؼبدينيت أكالد ميموف كعُت اتلوت (عُت النحالة‪،‬‬
‫السعادنية‪ ،‬اتصبوت‪ ،‬بٍت صميل‪ )...‬أفضل بكثَت من أكلئك الذين يسكنوف يف اؼبدينتُت‬
‫(عُت اتلوت كأكالدميموف)‪ .‬كىي إشارة إذل أف لغة أصحاب اؼبناطق الريفية تقًتب إذل اللغة‬
‫العليا (العربية الفصحى) مقارنة من لغة أصحاب اؼبدينة‪.‬‬

‫يرل األساتذة أف البيئة الريفية ؽبا دكر كبَت يف احملافظة على بعض األصوات العربية‬
‫األصيلة كأصوات حركؼ الثاء (ث) كالظاء (ظ)‪ ،‬الذاؿ (ذ)‪ ،...‬نتيجة للطبيعة البدكية ؽبذه‬
‫اؼبناطق اليت ال تتطلب التزكيق يف الكبلـ كتليُت بعض اغبركؼ للتميز‪ .‬إضافة إذل أف‬
‫اؼبتعلمُت من ىذه البيئة (البيئة الريفية) الذين يبلغوف من العمر أكثر من ‪ 19‬سنة‪ ،‬وبفظوف‬

‫~ ‪~ 169‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫عرض اغبافظ (اؼبتعلم)‬


‫أجزاء من القرآف الكرصل ككبن نعلم أف عملية قراءة كحفظ القرآف تي ٌ‬
‫لعمليات تواصلية أكثر بلغة القرآف (اللغة العربية الفصحى) فبا يوب ٌسن إنتاجو اللغوم‪ .‬كىذا‬
‫ما أ ٌكدتو فاشباف ‪ Fathman‬من خبلؿ دراستها حوؿ تفوؽ اؼبتعلمُت يف بيئة لغة اؽبدؼ‬
‫(البيئة ىنا ىي اؼبسجد أك ال يكتٌاب أين يتم التواصل فقط بلغة القرآف سواء أثناء اغبفظ‬
‫كمل ٌقنهم) على اؼبتعلمُت يف سياؽ الفصوؿ يف‬
‫بصوت عاؿ أك التكرار اؼبتبادؿ بُت اغبافظُت ي‬
‫اؼبهارات الكبلمية‪.1‬‬

‫إف اؼبتعلمُت اؼبنتمُت إذل البيئة اغبضرية من سكاف كسط مدينة أكالد ميموف كييبثلهم‬
‫تبلميذ اثنوية بوضبيدم الطاىر‪ ،‬يبيلوف إذل التميز يف أحاديثهم حسب تعبَت أحد األستاذة‪،‬‬
‫فهم ييرققوف غالبا الثاء (ث) كالذاؿ (ذ) كالظاء (ظ)‪...‬كوهنم من سكاف اؼبدينة كيف نظرىم‬
‫ىذا السلوؾ اللغوم ىو ما وبفظ مكانتهم كأبناء للمدينة‪.‬‬

‫ب‪ -‬أثر الوضع االجتماعي واالقتصادي على لغة ادلتعلمني ‪:‬‬

‫لقد تبُت من خبلؿ اؼبقاببلت مع األساتذة‪ ،‬تركيزىم كتصروباهتم اؼبتكررة بوجود‬


‫عبلقة مهمة بُت اؼبستول االجتماعي كاالقتصادم لؤلسرة كسبلمة لغة اؼبتكلمُت من الناحية‬
‫الصوتية‪.‬‬

‫صرح ‪ 11‬أستاذا أبف اؼبتعلمُت الذين ينحدركف من أسر ميسورة اغباؿ (كىم‬ ‫ٌ‬
‫يعرفوهنم) ال ييولوف أنبية كبَتة لتعلم اللغة العربية‪ ،‬فهم ييرٌكزكف على اللغات األجنبية ألهنم‬
‫يركهنا دبثابة اؼبستقبل اقتصاداي‪ .‬كما أكد لنا ‪ 13‬منهم أف اؼبستول الثقايف للوالدين‪،‬‬

‫‪1‬يينظر دمحم الشرقاكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.225‬‬


‫~ ‪~ 170‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كاؼبقصود ىنا ابؼبستول الثقايف اؼبستول التعليمي لآلابء كاألمهات‪ ،‬لو دكر مهم يف اىتماـ‬
‫اؼبتعلمُت ابللغة العربية الفصحى‪ .‬فأبناء اؼبعلمُت كاألساتذة يتحكموف يف أصوات اللغة‬
‫العربية كييبيٌزكف بُت اغبركؼ كأصواهتا كال يقعوف يف أخطاء كتسهيل اؽبمزة ك كابداؿ بعض‬
‫األصوات أبخرل أك تفخيم ما ال ييفخم أك تغَت يف الصوائت كأصوات اللُت‪.‬‬

‫ت‪ -‬أتثري اجلنس يف لغة ادلتعلمني ‪:‬‬

‫تنقسم مستوايت اللٌغة عند كل فرد سواء ذكرا أك أنثى إذل أربعة مستوايت كتفاعلها‬
‫بشكل سليم يينتج لنا لغة فصيحة‪ .‬لكن تعلٌم أم لغة دبا يف ذلك اللٌغة العربية كإنتاجها‬
‫ىبضع‪ ،‬إضافة إذل ىذه اؼبستوايت‪ ،‬إذل عوامل أخرل متعلقة دبفهوـ اعبنس كالنوع‪ .‬حيث‬
‫عرؼ عادل االجتماع الربيطاشل أنتوشل جيدنز ‪ Antony Guidens‬اعبنس" على أنو‬ ‫ٌ‬
‫فركؽ بيولوجية أك عضوية بُت الرجاؿ كالنٌساء‪ ،‬بينما يتعلق النوع ابلفركؽ النفسية‬
‫كاالجتماعية كالثقافية بُت الذكور كاإلانث"‪ 1.‬كيف دراسات حوؿ جزر ماراتس فينيارد‬
‫كنيويورؾ ‪ ،Marthias Vinyard and New York‬اعترب كيلياـ البوؼ‬
‫‪" Labov William‬اعبنس عامبل من ضمن عوامل كثَتة مؤثرة يف تنوع السلوؾ اللغوم‬
‫كلتفسَت التنوع السوسيوصويت‪ ،‬استعمل اؼبفهوـ السوسيولوجي "لبلمتياز" مركزان على اؼبواقف‬
‫‪2‬‬
‫اللٌغوية كعامل نسيب الختيار حديث معُت منذ البداية"‪.‬‬

‫تبُت اختبلؼ ملحوظ بُت اعبنسُت يف تعلٌمهما للٌغة‬


‫من خبلؿ الدراسة اغبالية ٌ‬
‫العربية‪ ،‬كقد أ ٌكد ذلك فئة األساتذة من أفراد العينة‪ .‬حيث يتأثٌر تعلٌم اعبنسُت للٌغة العربية‬

‫‪ 1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.268‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.277‬‬
‫~ ‪~ 171‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كفق اػبصائص الصوتية كالنحوية كالداللية اؼبختلفة عن بعضها البعض‪" .‬فإف لغة النٌساء‪،‬‬
‫أقر ‪"-‬إيكرت"‪ Ikert‬ك"ماكونيل" ‪ –Makounil‬جينية (كراثية)‪ ،‬تعكس النزعة‬ ‫كما ٌ‬
‫احملافظة كالوعي ابالمتياز االجتماعي كطموح االرتقاء كغياب األماف‪ ،‬كالطواعية‪ ،‬كالتنشئة‪،‬‬
‫عرب لغة الرجاؿ عن‬
‫كالتعبَت العاطفي‪ ،‬كاالتصالية‪ ،‬كاغبساسية ذباه اآلخرين‪ ،‬كالتضامن‪ ،‬كتي ٌ‬
‫اػبشونة‪ ،‬كفقداف التأثَت كالتنافسية‪ ،‬كاالستغبللية كاؽبرمية كاؼبراقبة"‪ .1‬كقد ظهر ذلك األثر يف‬
‫ع ٌدة مستوايت منها الصويت‪ ،‬النحوم‪ ،‬كالدالرل‪ .‬كسنيرٌكز ىاىنا على األثر الصويت كالنطقي‪.‬‬

‫لقد أ ٌكد أفراد عينة اؼبقابلة من األساتذة أ ٌف خطاب اؼبتعلمة (األنثى) كمتكلٌمة‬
‫ابللٌغة العربية ىبتلف عن خطاب اؼبتعلم (ذكر)‪ .‬كقد ح ٌددكا االختبلفات أب ٌهنا غالبا ما تكوف‬
‫صوتية كنطقية‪ ،‬حيث مت اإلشارة إذل عنصر التنغيم كالتلوينات الصوتية الذم تستخدمو‬
‫اؼبتكلٌمات سواء حُت تقرأ نصا أك تسرد قصة ما‪ ،‬يفوؽ استخداـ اؼبت ٌكلمُت من الذكور‬
‫فسر ذلك العديد من‬ ‫كيبدك صوهتا عاطفيٌا ليٌنا‪،‬كأنٌو يسَت كفق نغمات موسيقية‪ .‬كقد ٌ‬
‫الباحثُت‪ ،‬حيث"يرل كامركف ‪ Cameron‬أف الرغبة يف التميز لدل النٌساء تدفعهن إذل‬
‫ترقيق أصواهتن بسبب عوامل فسيولوجية"‪ .2‬فاؼبرأة تستخدـ األصوات الرقيقة يف أغلب‬
‫حىت مع تلك اليت ال تظهر قيمتها الداللية إالٌ كىي مقركنة ابلتفخيم خاصة أصوات‬
‫األحياف ٌ‬
‫اإلطباؽ مثل‪ :‬تعويض الطاء (ط) ابلتاء (ت)‪ ،‬أك جعل مكاف الظاء (ظ) داال (د) أك زااي‬
‫اؼبفخمة رقيقة‪...‬إخل كما وبدث عند‬
‫(ز)‪ ،‬أك نطق الصاد (ص) سينا (س) كالراء (ر) ٌ‬
‫اؼبتكلمات استخداـ األصوات اؼبطاطية مثل‪ :‬مػ ػ ػ ػ ػػم‪ ،‬آآ إلظهار التفاعل مع اآلخر أثناء‬

‫‪ 1‬فلورايف كوؼباس‪ ،‬اؼبرجع السابق ‪،‬ص ‪.267‬‬


‫‪ 2‬عيسى برىومة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫~ ‪~ 172‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫الكبلـ كذلك ما أكدتو ىَتمشاف ‪ Hirshman‬قائلة‪ ...‬ىذه اػبصائص ليوحظت يف‬


‫اغبديث األنثوم – االنثوم أكثر من اغبديث األنثوم‪ -‬الذكرم‪ ...‬كفيما يتعلق ابضطراابت‬
‫فتبُت أ ٌف الذكور لديهم عيوب كبلمية كالتأأتة كالتلعثم تفوؽ ما لدل النٌساء‬
‫الكبلـ كعيوبو ٌ‬
‫خبمسة أضعاؼ‪ .1‬يًتاجع تعلٌم اللٌغة العربية عند اؼبتكلٌمُت كاؼبتكلٌمات بسبب ىذه‬
‫االختبلالت الصوتية كالنطقية حيث تيقفدىا طابعها كنغمتها‪ .‬كما الحظنا كأ ٌكد لنا‬
‫األساتذة يف أجوبتهم عن أسئلة اؼبقابلة‪ ،‬أثر آخر يتمثٌل يف أف اؼبتكلٌمات من اإلانث‬
‫يستخدمن النربة اػبافضة كاألداء النطقي يكوف بوتَتة سريعة نوعا ما مقارنة ابؼبتكلٌُت من‬
‫الذكور كقد يكوف ذلك تعبَتا عن ضعفها أك خجلها‪ .‬ابؼبقابل يبيل اؼبتكلٌموف من الرجاؿ‬
‫كالذكور إذل النطق من األنف‪ ،‬تعبَتا عن اغبزـ كاػبشونة‪ .‬كتتوافق مبلحظتنا مع ما ثىػبيت‬
‫علميا‪ .‬حيث "سبيل اؼبرأة يف اإللقاء كاألداء النطقي للكبلـ إذل السرعة النسبية كقواعد النرب‬
‫كطرائق توزيعو يف اعبملة كالعبارة‪ ،‬ككذلك اغباؿ يف موسيقى الكبلـ‪ ،‬كتًتاكح تردد نغمة‬
‫األساس عند الذكر العادم ما بُت ‪ 100‬ك‪ 200‬ذبذبة يف الثانية كيزيد تردد نغمة األنثى‬
‫العادية على ذلك بطبقة موسيقية كاحدة ‪ ،one octave‬أم يكوف ضعف تردد النغمة‬
‫األساس عند الذكر‪ ،‬كيبلغ اؼبعدؿ النمطي لًتدد صوت الذكر ‪ 120‬ذبذبة يف الثانية كصوت‬
‫األنثى ‪ 220‬ذبذبة يف الثانية‪ 2".‬كىذا األمر ي ػيؤثٌر سلبيا على فصاحة اؼبتعلٌمة فالتأشل‬
‫كإعطاء اغبركؼ حقها شرط اساسي يف اللٌغة العربية سواء من حيث اؼبخرج أك زمن النطق‪.‬‬

‫‪ 1‬يينظر عيسى برىومة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.125‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫~ ‪~ 173‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ادلبحث الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الصريف‬

‫‪.1‬عرض وحتليل نتائج شبكة ادلالحظة‪:‬‬

‫كردت أخطاء صرفية كثَتة يف يصبل اؼبتحدثُت من اؼبتعلمُت‪ ،‬طالت األظباء كاألفعاؿ‬
‫فحٌرفت صيغ األفعاؿ ككردت صيغ إظبية على كزف الدارجة‪ ،‬ككاف ذلك بسبب‬ ‫كاغبركؼ‪ .‬ي‬
‫أتثَت اللهجات االجتماعية العامية على كبلمهم‪.‬‬

‫أ‪-‬األمساء ‪:‬‬

‫"االسم ‪ :‬ىو الكلمة الدالة على معٌت يف نفسها غَت مقًتف بزماف‪ .‬مثل ‪ :‬ابب‪،‬‬
‫مسجد‪ ،‬مدرسة‪...‬ىبتص االسم بعبلمات يسبيٌزه عن قسيميو (الفعل كاغبرؼ)‪ ،‬كمعٌت ذلك ‪:‬‬
‫أف الكلمة اليت تقبل كاحدة من العبلمات اآلتية ىي اسم‪ .‬كىي ‪ :‬اعبر كالتنوين كأداة‬
‫التعريف كأداة النداء كاالسناد إليو"‪.1‬‬

‫نبدأ مبلحظاتنا دبا كرد من أخطاء على األظباء يف لغة اؼبتعلمُت داخل القسم‪.‬‬
‫جل ىذه األخطاء على نسق العامية الػ يػمتىكلٌمة يف بيئتهم االجتماعي ػ ػة‪ ،‬ففي‬
‫حيث كانت ٌ‬
‫مواقف حديثهم ابللغة العربية الفصحى فتداخلت الصيغ الصرفية لبلسم بُت العامية‬
‫كالفصحى‪ .‬من بُت ما كرد يف كبلـ اؼبتعلمُت من الصيغ ما يلي ‪:‬‬

‫‪1‬عبد اؽبادم الفضلي‪ ،‬ـبتصر النحو‪ ،‬دار الشركؽ للنشر كالتوزيع كالطباعة‪ ،‬ط‪ ،7‬جدة‪ ،‬اؼبملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫‪ ،1980‬ص‪.11-10‬‬
‫~ ‪~ 174‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫صيغتو النطقية‬ ‫نُطقو من ادلتعلمني‬ ‫االسم‬


‫فٍػ ىع ٍل‬ ‫ٍسطىٍر‬ ‫سطر‬
‫فٍػ ىع ٍل‬ ‫ٍش ىع ٍر‬ ‫ىشعر‬
‫فً ٍع ٍل‬ ‫ًش ٍع ٍر‬ ‫ًشعر‬
‫فٍػ ىع ٍل‬ ‫ٍضبى ٍل‬ ‫ىضبل‬
‫فٍػ يع ٍل‬ ‫ٍشغي ٍل‬ ‫يشغل‬
‫فٍػ ىع ٍل‬ ‫قٍ ىدر‬ ‫قى ىدر‬

‫كما طاؿ التغَت اللغوم يف لغة اؼبتعلمُت الضمائر‪ ،‬حيث استعمل اؼبتعلموف‬
‫الضمائر اؼبتصلة بكثرة مثلما وبدث يف العامية اعبزائرية اليت أفرزهتا الظركؼ االجتماعية‬
‫كالبيئية‪ ،‬ك" تيستعمل الضمائر يف الدارجة أقل فبا ىي يف الفصحى‪ ،‬كيرجع ذلك إذل‬
‫استعماؿ ضمَت كاحد للداللة على اؼبثٌت كاعبمع"‪.1‬‬

‫كمن األمثلة على ذلك ‪:‬‬

‫‪ ‬التاء (ت) للمفرد اؼبتكلم ‪ -‬قلت –شربت – تكلمت – سردت‪...‬‬


‫‪( ‬ان) للجمع اؼبتكلم – قلتينا – تكلمنا – حكينا – سردان‪....‬‬
‫‪ ‬التاء (ت) للمفرد اؼبخاطب‪:‬‬

‫‪ 1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.201‬‬


‫~ ‪~ 175‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪-‬قرات‬
‫‪-‬شربت‬
‫‪-‬رفضت‬
‫‪-‬تكلمت‬
‫‪-‬حافظت‬
‫‪-‬سردت‬
‫‪-‬أخطأت‬

‫‪ ‬كاك (ك) اعبماعة عبمع الغائب‪:‬‬


‫‪-‬قرأكا – قراكا‬
‫‪-‬استسلموا‬
‫‪-‬قبحوا‬
‫‪-‬قابلوا ‪...‬‬
‫‪ ‬اؼبفرد كاعبماعة الغائبوف ‪:‬‬
‫‪-‬يرفعوه‪ ،‬ينصبوه‪ ،‬هبركه‪...‬‬
‫‪-‬يرفعوىا‪ ،‬ينصبوىا‪ ،‬هبركىا‪...‬‬
‫كيف حالة اعبماعة ‪:‬‬
‫‪-‬أيخذكىم‬
‫‪-‬يسموىم‬

‫~ ‪~ 176‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كغَتىا من األمثلة اليت استعمل فيها اؼبتعلموف الضمائر اؼبتصلة بشكل صحيح‬
‫عموما‪ ،‬فالعامية اليت أثرت على لغة اؼبتكلمُت ىي يف اغبقيقة ؽبجة‪ ،‬كاللهجات العربية‬
‫اغبديثة إمبا نتجت جزئيا على األقل من التعديل اللغوم الذم ق ٌدمو العرب يف فتوحاهتم‬
‫اللغوية لتسهيل التواصل‪ .1‬كالتعديل غالبا ما يوبافظ على بعض اػبصائص العامة‪ ،‬كىذا ما‬
‫حدث للضمائر اؼبتصلة يف حالتنا ىذه‪.‬‬

‫أمػ ػ ػػا ابلنسبة للضمَت (ىم) ففي صيغتيو اؼبتصلة كاؼبنفصلة‪ ،‬فقد استيعمل للداللة‬
‫على اؼبثٌت كاعبمع معا‪ ،‬فبل ييبكن أحياان التفريق إف كاف اؼبتعلموف يقصدكف اؼبثٌت يف كبلمهم‬
‫أـ اعبمع‪.‬‬

‫كما جاء يف الػمثالُت التاليُت‪:‬‬

‫‪ ‬ىم ال ييريداف االستسبلـ‬


‫‪ ‬ىم ابنا نوح عليو السبلـ (ساـ كحاـ)‬
‫كغالبا ما حذؼ اؼبتعلموف الضمَت اؼبفرد اؼبتصل الغائب‪ ،‬حيث قاؿ أحد‬
‫اؼبتعلمُت ‪" :‬ألنو يبتلك خربة كاسعة يف ىذا اجملاؿ" عوض أف يقوؿ "ألنو يبلك خربة كاسعة‬
‫يف ىذا اجملاؿ"‪ .‬كلعل حذؼ الضمَت اؼبتصل الغائب من اؼبميزات األساسية للهجات‬
‫اعبزائرية خاصة يف منطقيت الوسط كاعبنوب اعبزائرم‪ .‬فييذكر أفٌ "ؽبذه اؽباء أحواؿ منها ما‬
‫بوه‪ ،‬فهي‬
‫علموه كضر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫تيلفظ فيها‪ ،‬كمنها ما يربذؼ فيها‪ ،‬كمنها ما ربذؼ فيها‪ ،‬فييقاؿ‪:‬‬

‫‪1‬يينظر دمحم الشرقاكم‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬


‫~ ‪~ 177‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫مذكورة ىنا ساكنة بعد كاك اعبماعة ‪ ،...‬كييقاؿ علموا كضربوا يف (علمو كضربو) فاؽباء‬
‫ؿبذكفة"‪.1‬‬

‫أماٌ ابلنسبة لؤلظباء اؼبوصولة كأظباء اإلشارة فقد تباين منطوؽ التبلميذ يف الثانوايت‬
‫الثبلثة بُت استعماؿ صحيح ؽبا كتغيَت لنيطقها‪ ،‬كمن األمثلة على ذلك‪.‬‬

‫‪-‬الذم ‪ :‬تداكؽبا الكثَت من اؼبتعلمُت "اللي"‪.‬‬

‫"اللي" اليت عوضت "الذم" ىي "من أكثر األلفاظ اؼبوصولة استعماال يف اللهجة‪،‬‬
‫كتدؿ على العاقل كعلى غَت العاقل‪ ،‬كما تدؿ على اؼبفرد كاؼبثٌت كاعبمع مذكرا كمؤنثا"‪.2‬‬

‫استخدـ اؼبتعلموف – االسم اؼبوصوؿ "اللي"‪ -‬يف مواقف تعليمية ـبتلفة للداللة‬
‫على اليت كالذم‪ ،‬كالذين‪ .‬كمن العبارات اليت تداكؽبا التبلميذ‪:‬‬

‫‪ o‬كاف ىي اللي نصبت اظبها ‪....‬‬


‫‪ o‬اؼبسلموف ىم اللي سيقودكف العادل‪.‬‬
‫‪ o‬اللي يقضي على صاحبو (اليأس)‪.‬‬
‫ىسلًمت أظباء اإلشارة من التشويو‪ ،‬الذم بدا أنو طاؿ مستوايت اللغة العربية يف‬
‫األقساـ الًتبوية‪ ،‬إذل حد بعيد‪ .‬فحاكت استعماالهتم اللغوية ألظباء االشارة اللغة العربية‬
‫الفصحى‪ .‬مثل ‪:‬ىذا‪ ،‬ذلك‪ ...‬مع تشويو صويت لبعض اغبركؼ كما ذكران يف اؼببحث‬
‫السابق‪.‬‬

‫‪ 1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬


‫‪ 2‬بلقاسم بلعرج‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫~ ‪~ 178‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ب‪-‬األفـ ـ ـعـ ــال ‪:‬‬

‫"الفعل ‪ :‬ىو الكلمة الدالة على معٌت يف نفسها مقًتف بزماف مثل جاء‪ ،‬يذىب‪،‬‬
‫انظر‪...‬كينقسم إذل ثبلثة أقساـ ىي ‪ :‬اؼباضي كاؼبضارع كاألمر"‪.1‬‬
‫حرؼ اؼبتعلموف األفعاؿ كصيغها بشكل كبَت يف كبلمهم أثناء حصص اللغة العربية‪،‬‬
‫ٌ‬
‫فظهرت صيغ جديدة على أكزاف اللهجة العامية اؼبتحدثة يف بيئتهم االجتماعية‪ .‬من األمثلة‬
‫على األفعاؿ الواردة يف كبلمهم ما يلي ‪:‬‬

‫‪1‬عبد اؽبادم الفضلي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬


‫~ ‪~ 179‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ادلالحظات‬ ‫الفعل ادلنطوق‬ ‫الفعل‬


‫نٍػبىػٍيػنيو‬ ‫نػيبىػوٌ ي‬
‫ُت‬
‫الزمنا‬ ‫يلزمنا‬
‫يٍتفعل‬ ‫لت‬
‫تٍػ ىقٍب ٍ‬ ‫قيبلت‬
‫يشربوىا‬ ‫يشربوهنا‬
‫يٍػٍتبلقىى‬ ‫يىلتى ًقي‬
‫يٍستسلموا‬ ‫يىستسلموف‬
‫نٍػ يقوليو‬ ‫وؿ‬
‫نىػ يق ي‬
‫وىا‬
‫يىػ ٌع ٍرفي ى‬ ‫يىػ ٍع ًرفي ى‬
‫وهنا‬
‫قيتلى ٍو ‪ /‬قيتلو‬ ‫قيلت لو‬
‫ت‬
‫ىك ّم ٍل ٍ‬ ‫أى ٍك ىم ٍل ي‬
‫ت‬
‫ٍشركب‬ ‫اشرب‬
‫نٍ ًد ييرك‬ ‫نقوـ‬
‫جا‬ ‫جاء‬
‫قالنٌا‬ ‫قاؿ لنا‬
‫كوؿ‬ ‫يكل‬
‫قٍػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ىػر‬ ‫إقرأ‬
‫ٍس ػ ػػمع‬ ‫إظبع‬

‫التغريات يف الفعل ادلضارع ‪:‬‬


‫كانت صياغة اؼبتعلمُت لؤلفعاؿ اؼبضارعة مرتبطة أبكزاف يمتأثرة ابؼبمارسات اللغوية‬
‫خارج البيئة اؼبدرسية‪ ،‬فقد صاغها التبلميذ بصيغ كثَتة من اللهجات العامية كالدارجة‪.‬‬

‫~ ‪~ 180‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كمن ىذه الصيغ قبد ‪:‬‬

‫فع ٍل"‬
‫‪-‬صيغة "يٍ ي‬

‫‪ ‬يٍ ٍشيرب‬
‫وؿ‬
‫‪ ‬نٍػ يق ٍ‬
‫‪ ‬يٍرقيد‬
‫‪ٍ ‬اي يكل‬
‫‪ ‬ي يكو ٍف‬
‫‪-‬صيغة "يىػ ٍف ىع ٍل" ‪:‬‬

‫صب‬
‫‪ ‬يىػٍن ٍ‬
‫ؼ‬‫‪ ‬يىػ ٍعىر ٍ‬
‫سمح‬
‫‪ ‬يٍ ٍ‬
‫لعب‬
‫‪ ‬يى ٍ‬
‫تغَتت حالتها االعرابية أك ابتدأت بساكن كىذا إفساد‬
‫إذل غَت ذلك من الصيغ اليت ٌ‬
‫للغة العربية‪.‬‬
‫سجلة على األفعاؿ اؼبنطوقة من طرؼ اؼبتعلمُت حذؼ اؽبمزة‬
‫كمن اؼببلحطات الػ يػم ٌ‬
‫يف ـبتلف األزمنة‪ .‬كقوؽبم ‪:‬‬

‫جػػاء‬ ‫عوض‬ ‫‪ ‬جػ ػ ػػا‬


‫قرأت‬ ‫عوض‬ ‫‪ ‬قٍريت‬

‫~ ‪~ 181‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫أكملت‬ ‫عوض‬ ‫كملت‬


‫‪ٌ ‬‬
‫أشرؼ‬ ‫عوض‬ ‫‪ٍ ‬شرؼ‬
‫أقر‬
‫ٌ‬ ‫عوض‬ ‫‪ٌ ‬قر‬
‫أيكل‬ ‫عوض‬ ‫‪ ‬ايكل‬
‫اشرب‬ ‫عوض‬ ‫‪ٍ ‬شيرب‬
‫أيضا ليوحظ على فئة كبَتة من اؼبتعلمُت أهنم يستبدلوف نوف األفعاؿ اػبمسة كنبزة‬
‫اؼبضارع بنوف يف بداية الفعل "كىي صيغة ألغلب اؼبمارسات اللغوية اللهجية يف اعبزائر‪...‬‬
‫حيث ال كجود لنوف األفعاؿ اػبمسة يف الدارجة‪ .‬كال ؽبمزة اؼبضارع كتيعوضها نوف يف أكؿ‬
‫الفعل"‪.1‬‬

‫كمن أمثلة ذلك يف حديث اؼبتعلمُت ما يلي‪:‬‬

‫ىظبع‬
‫أ ي‬ ‫يف‬ ‫‪ ‬نٍسمع‬
‫أيحلٌ يل‬ ‫يف‬ ‫‪ٍ ‬كبلٌ ٍل‬
‫كز‬
‫أير ي‬ ‫يف‬ ‫‪ٍ ‬نرٌكز‬
‫يفكر‬
‫أ ي‬ ‫‪ ‬نٍفكر يف‬
‫نستنتج‬ ‫‪ ‬ننستنتجوا يف‬
‫نػيبىػًٌ ي‬
‫ُت‬ ‫يف‬ ‫‪ ‬نٍػبىػٍيػنيوا‬
‫سمع‬
‫نى ي‬ ‫‪ ‬نٍسمعوا يف‬
‫كغَتىا من األمثلة‪.‬‬
‫التغَتات يف الفعل اؼباضي ‪:‬‬

‫‪ 1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.197‬‬


‫~ ‪~ 182‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫من التغَتات اليت طرأت على الفعل اؼباضي يف حديث بعض اؼبتعلمُت‪ ،‬صيغ على كزف "‬
‫فٍػ ىع ٍل"‪" ،‬فىػ ّع ٍل"‪ ،‬تٍػ ىف ىع ٍل" ‪...‬مثلما ىو موضح يف األمثلة األتية ‪:‬‬

‫‪ ‬قٍػبى ٍل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ قىبً ىل‬


‫‪ ‬قرأ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ قٍ ػ ػ ىػر‬
‫‪ٍ ‬كٍتػبىت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ىكتىػبىت (اتء التأنيث)‬
‫‪ ‬رٌك ٍز ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ رٌكىز‬
‫‪ ‬تٍقبٌل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ تقبٌل‬
‫‪ ‬تٍف ٌكر ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ تىف ٌكر‬
‫كغَتىا من الصيغ اليت ال ييبكن حصرىا‪ ،‬كىذه الصيغ تيقابلها الصيغ الصحيحة يف‬
‫الفصحى‪ ،‬إال أهنا شاهبا التحريف بفعل الظواىر اؼبؤثرة على العربية الفصحى‪.‬‬
‫التغريات يف فعل األمر‪:‬‬
‫ّ‬
‫فعل األمر‪" :‬كىو الفعل الداؿ على طلب إيقاع اغبدث‪ .‬كبو ‪ :‬أكتب‪،‬‬
‫اقرأ‪...‬كعبلمتو ‪ :‬ىي قبولو نوف التوكيد مع داللتو على الطلب كبو ‪( :‬اقرأف)‪ ،‬أك قبولو ايء‬
‫اؼبخاطبة مع داللتو على الطلب كبو (اقرام) فالفعل (اقرأ) يف اؼبثالُت فعل أمر لقبولو عبلمتو‬
‫اػباصة بو"‪.1‬‬
‫كقػ ػد كرد يف كبلـ اؼبتعلمُت فعل األمر بصيغتو اؼبعتادة مع بعض التشويو يف النطق‬
‫كحذؼ اؽبمزة يف أفعاؿ ؾ "اقرأ" أك "اجلس" عند توجيو اغبديث لزمبلئهم‪ ،‬لتيصبح "قر" أك‬
‫"خذ" لتيصبح "قوؿ" أك "خوذ"‪...‬‬
‫"جلس"‪ ،‬أك مد للصوت يف أفعاؿ مثل "قيل" أك ي‬
‫ٍ‬

‫‪1‬عبد اؽبادم الفضلي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.17-16‬‬


‫~ ‪~ 183‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كيف دراسة عن أثر التعدد اللغوم يف التعبَت لدل تبلميذ اؼبرحلة الثانوية‪ ،‬أ ٌكدت‬
‫عواريب حناف أف فعل األمر جاء على لساف أفراد عينتها بصيغتُت ‪:‬‬
‫"أ‪-‬بصيغة صروبة كما جاء يف قوؿ أحد أفراد العينة‪ :‬شويف دبعٌت أنظرم‪.‬‬

‫ب‪-‬بصيغة غَت صروبة‪ ،‬أم حبذؼ فعل األمر‪ ،‬كلكن غرض األمر كاضح مثل‪ :‬قاؿ أحد‬
‫أفراد العينة ٍدقًي ىقة أستاذة – أم انتظرم دقيقة من الوقت اي أستاذة"‪.1‬‬

‫كانت ىذه أىم التغَتات اؼببلحظة اليت طرأت على حديث اؼبتعلمُت داخل‬
‫األقساـ‪ ،‬كاليت صنفناىا ضمن اعبانب الصريف لدراسة اللغة‪.‬‬

‫‪.2‬عرض وحتليل نتائج ادلقابالت ‪:‬‬

‫أ‪-‬أثر البيئة اجلغرافية ‪:‬‬

‫صرح نسبة كبَتة من أساتذة اثنوايت كيسي دمحم بعُت اتلوت كاثنوية مسعود السعيد‬
‫ٌ‬
‫أبكالد ميموف أثناء إجاابهتم على أسئلة اؼبقابلة أف اؼبتعلمُت اؼبنحدرين من البيئة اعبغرافية‬
‫الريفية (كىم كثرة يف الثانويتُت اؼبذكورتُت)‪ ،‬ال ييرٌكزكف أثناء حديثهم ابللغة العربية الفصحى‪،‬‬
‫فهم غالبا ما يقعوف يف أخطاء ترتبط بتصريف األفعاؿ أك اغبديث بًصيغ اظبية على نسق‬
‫أقر نسبة أقل من األساتذة اؼبنتمُت‬
‫الدارجة اؼبكتسبة من بيئتهم الريفية‪ .‬من جهة أخرل ٌ‬
‫لثانوية بوضبيدم الطاىر أبكالد ميموف أف اؼبتعلمُت اؼبنتمُت ؽبذه الثانوية يتحكموف إذل حد‬
‫ما يف اؼبستول الصريف للغتهم‪ .‬كييرجع األساتذة سبب ىذا إذل أف تبلميذ ىذه الثانوية‬

‫‪1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.200‬‬


‫~ ‪~ 184‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ابألخص ينحدركف من أيسر متعلمة‪ ،‬حيث ع ٌدد أحد األساتذة أكلياء بعض التبلميذ يف‬
‫القسم العلمي الذين ينتموف إذل قطاع الًتبية كأساتذة يف األطوار الثبلثة (االبتدائي‪،‬‬
‫اؼبتوسط‪ ،‬الثانوم) أك كإداريُت يف نفس األطوار‪.‬‬

‫أرجع أحد األساتذة التحلي النسيب ابلقواعد الصرفية كالنحوية من قًبل اؼبتعلمُت‪،‬‬
‫إذل الدركس اػباصة اإلضافية اليت ييق ٌدمها بعض األساتذة يف أايـ العطل خاصة (اعبمعة‬
‫كالسبت)‪ ،‬كاليت تيعترب تقليدا قديبا نوعا ما ألبناء مدينة أكالد ميموف‪ .‬فالتبلميذ اؼبنحدركف‬
‫من قرل كبٍت صميل كاتصبوت كعُت النحالة كعُت نكركؼ كالسعادنية ال يستطيعوف االلتزاـ‬
‫ابغبضور إذل مدينة أكالد ميموف حىت يف أايـ العطلة األسبوعية بعد تعب التنقل اليومي‬
‫أسبوعا كامبل‪ ،‬على حد تعبَت إحدل األستاذات‪.‬‬

‫البيئة اعبغرافية أثٌرت بطريقة أك أبخرل على العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬فاؼبدينة‬
‫أبساليبها اغبضرية اغبديثة سانبت يف تعلٌم األفراد اللغة العربية‪ ،‬بينما عطٌلت نوعا ما البيئة‬
‫الريفية دبحدكدية خيارات تبلميذىا عملية التعلم‪.‬‬

‫كعن سؤالنا لؤلساتذة حوؿ سَت العملية التعليمية التعلمية ؼبادة اللغة العربية‪ ،‬أ ٌكد‬
‫فتذمر أحدىم بلغة كلغة تبلميذه ‪:‬‬
‫غالبيتهم أف الصعوابت تزداد يوما بعد يوـ يف تعلم العربية ٌ‬
‫"ما بقات لغة عربية يف الًتبية"‪ ،‬أم دل تعد ىناؾ لغة عربية يف اؼبدرسة‪ .‬ىو يقصد النظاـ‬
‫الًتبوم ككل الذم تساءلت إحدل اؼببحواثت (أستاذة) متهكمة "كماذا ننتظر من قطاع –‬
‫تقصد قطاع الًتبية‪ -‬تيريد كزيرتو تدريس اللغة العربية الفصحى ابلعامية"‪ .‬ىذه السخرية اليت‬

‫~ ‪~ 185‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫عربت عن تدشل مستول اللغة العربية الفصحى لدل التبلميذ‪ ،‬كتذمر دائم لؤلساتذة فبا يوبي‬
‫ٌ‬
‫أف ىناؾ خلبل يف تعليم كتعلم ىذه اؼبادة العلمية‪.‬‬

‫ب‪-‬أثر الوضع االجتماعي واالقتصادي ‪:‬‬

‫تبُت من اؼبقاببلت اليت أيجريت مع األساتذة‪ ،‬أف العبلقة بُت اؼبستول‬


‫لقد ٌ‬
‫االقتصادم كاالجتماعي ألسر اؼبتعلمُت كتعلم اللغة عبلقة كطيدة‪ .‬كألف األسرة ىي "الوحدة‬
‫االجتماعية األكذل يف اجملتمع‪ ...‬كىي أكؿ اجتماع تدعو إليو الطبيعة على حد تعبَت‬
‫الفيلسوؼ اليوانشل أرسطو‪...‬كىي اػبلية األكذل يف جسم اجملتمع كىي النقطة اليت يبدأ منها‬
‫التطور"‪ ،1‬فهي ال شك ؽبا أتثَت كبَت يف شخصية اؼبتعلمُت خاصة يف السنوات األكذل من‬
‫عمرىم‪ .‬فالظركؼ االقتصادية كاالجتماعية أثٌرت على لغة اؼبتعلمُت داخل األقساـ التعليمية‬
‫صرح األساتذة يف الثانوايت الثبلثة أف‬
‫يف اعبانب الصريف على حد قوؿ األساتذة اؼببحوثُت‪ٌ .‬‬
‫اؼبستول االجتماعي يمػ ىمثٌبل يف اؼبستول الثقايف كالتعليمي ألسر اؼبتعلمُت صنع فركقا كاضحة‬
‫بينهم‪ .‬فأبناء األسر ذات اؼبستول التعليمي اؼبرتفع أساتذة ك معلمُت كإداريُت ‪ ...‬ال يقعوف‬
‫يف األخطاء الصرفية كثَتا مقارنة ابألسر ذات اؼبستول التعليمي اؼبتدشل‪ ،‬كأبناء األسر اؼبيسورة‬
‫اغباؿ كذلك يوبسنوف التعامل مع اؼبستوايت الصرفية عند كبلمهم‪ ،‬مقارنة أببناء ذكم الدخل‬
‫اؼبتدشل‪ .‬ييعلل ذلك أحد األساتذة بقولو ‪" :‬ال ييوجد اآلف كاحد فاىم ما يٍػتىػبٌعش أبناءه منذ‬
‫الصغر" يف إشارة منو إذل أف اؼبتعلمُت تلىقوا تنشئة كمتابعة كالدية يف مراحل ما قبل االبتدائي‬
‫كاالبتدائي كاؼبتوسط أحياان‪ ،‬األمر الذم ش ٌكل ؽبم قاعدة لغوية الزالوا ؿبافظُت عليها‪ .‬لكن‬
‫اليأس كالتذمر من اغبالة اليت آلت إليها اللغة العربية الفصحى يف اؼبدارس كاان كاضحُت يف‬

‫‪ 1‬زينب ابراىيم العزيب‪ ،‬علم االجتماع العائلي‪ ،‬منشورات جامعة بنها‪ ،‬بنها‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫~ ‪~ 186‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫إجاابت اؼببحوثُت‪ ،‬فتجدىم عقب كل إجابة ييضيفوف ‪" :‬بصح ماكاف كالو‪" ،"...‬اغبالة ما‬
‫تعجبش‪" ،"...‬شوية بصح‪" ،"...‬مابقاتش‪."...‬‬

‫ت‪-‬أثر اجلنس ‪:‬‬

‫بناء على آراء أغلبية أفراد عينة اؼبقابلة (األساتذة) فإف اؼبتعلٌمات اإلانث يستخدمن‬
‫الضمائر بكثرة كىو دليل على التفاعل أثناء اغبديث عكس اؼبتعلمُت‪ .‬ييبلحظ كذلك‬
‫الًتدد ظبة أساسية تيستخدـ يف‬
‫كبتأكيد من أفراد عينة اؼبقابلة أثناء البحث اؼبيداشل‪ ،‬أ ٌف ٌ‬
‫اػبطاب األنثوم‪ ،‬فاؼبتعلمات رباكلن إمبلء حديثهن ابلصيغ التشكيكية (األفعاؿ الظنيٌة)‬
‫كاالحتمالية مثل‪ :‬يبكن‪ ،‬أظن‪ ،‬على ما أعتقد‪ ،‬أشعر بكذا‪ ...‬كتوافقا مع مبلحظاتنا‪،‬‬
‫أنفسهن بطريقة مًتددة أكثر من‬
‫ٌ‬ ‫"ذكرت ركبُت الكوؼ ‪ R. lakof f‬أف النٌساء يشرحن‬
‫الرجاؿ‪ ،‬كأف كثرة استخدامهن لؤلسئلة التذييلية ييعترب كاحدة من الصيغ اللٌغوية اؼبرتبطة‬
‫ابلًتدد‪ .‬كتبعا ؼبا قالتو ركبُت الكوؼ ‪ R. lakoff‬فإف األسئلة التٌذييلية تيقلٌل من قوة‬
‫اعبزـ كما يبدك من مقارنة اعبملتُت اآلتيتُت‪:‬‬

‫مشكلة الشرؽ األكسط صعبة اغبل‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫مشكلة الشرؽ األكسط صعبة اغبل‪ ،‬أليس كذلك؟ "‬

‫إ ٌف استخداـ تلك التعبَتات اليت ليس ؽبا عمل كظيفي يدعم احملتول كتيع ٌد من‬
‫اؼبكمبلت اليت ال جدكل منها كمن شأهنا إضعاؼ فصاحة اؼبتعلٌم مثل ‪ :‬أان أعٍت‪ ،‬أريد‬
‫ٌ‬
‫القوؿ‪ ،‬أليس ىو كذلك‪ ...‬كنستطيع تفسَت استخداـ اؼبتعلمات ؽبذا النوع من األسئلة أ ٌف‬

‫‪ 1‬أضبد ـبتار عمر‪ ،‬اللٌغة كاختبلؼ بُت اعبنسُت‪،‬ط‪ ،1‬عادل الكتب‪ ،1996 ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫~ ‪~ 187‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫اؼبرأة تشعر ابنعداـ األماف كاالطمئناف يف عادل الرجل‪ ،‬كما قد ييعترب مؤشرا من مؤشرات‬
‫هتذب اؼبرأة‪ ،‬كتركها ابب اغبوار مفتوحا للمخاطب‪ ،‬دكف أف ذبزـ يف أراءىا‪ .‬كاستخداـ ىذه‬
‫الًتدد يعمل على تشويو لغتها الفصحى‪.‬‬
‫اؼبعربة عن ٌ‬
‫الصيغ اللٌغوية ٌ‬

‫يستخدمن السؤاؿ القصَت يف طرح انشغاالهتم يف‬


‫ٌ‬ ‫لقد كجدان أف اؼبتعلٌمات كثَتا ما‬
‫مهن للغة العربية مقارنة ابؼبتعلٌمُت‬
‫فهم اؼبادة يف القسم‪ .‬األمر الذم من شأنو التأثَت على تعلٌ ٌ‬
‫الذم يبلكوف القدرة على طرح التساؤالت بكل حرية‪ .‬كتبعا لذلك افًتضت "ركبُت‬
‫الكوؼ"‪" R. lakof f‬أف استخداـ اؼبرأة للسؤاؿ القصَت يعكس شخصيتها كىو جزء من‬
‫عدـ أخذ اؼبرأة على ؿبمل من اعبد‪ ،‬ألف مثل ىذا االستخداـ للسؤاؿ يػ ػيؤكد أهنا ال تستطيع‬
‫أف تصدر قراران‪ ،‬كابلتارل عدـ الثقة هبا لتحمل اؼبسؤكلية"‪ .1‬كقد أ ٌكد أغلبية أفراد العينة من‬
‫األساتذة أ ٌف اؼبرأة يف أغلب األحياف ذبد صعوبة يف تكوين اعبمل دالليا بطريقة صحيحة‪،‬‬
‫فقد تيًتؾ اعبملة بدكف تتمة أك تقدـ اعبملة أبفكار متعددة دكف تناسق بينهم كتوافقا مع‬
‫مبلحظاتنا "تعزك فَتجينا ككلف ‪ F.Woolf‬اعبمل البسيطة لدل اؼبرأة إذل "أف شكل‬
‫اعبملة ال ييناسب اؼبرأة‪ ،‬ألف اعبمل من صنع الرجاؿ‪ ،‬كىي صبل ثقيلة جدا‪ ،‬منسقة ال تصلح‬
‫الستخداـ اؼبرأة‪ ،‬إف اعبمل ىي فعليا صناعة الرجل‪ ،‬فبل تستطيع اؼبرأة أف تيكيٌف أفكارىا‬
‫كخلجاهتا يف لغة صيغت كفقا غباجات الذكر"‪ .2‬كأتكيدا على نتائج الدراسة اغبالية " ييشَت‬

‫‪ 1‬عيسى برىومة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪127‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.134-133‬‬
‫~ ‪~ 188‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫يسربسن ‪ Yespersen‬أ ٌف اؼبرأة عادة ما تًتؾ اعبملة دكف أف تيتمها كإهنا سبيل إذل القفز‬
‫من فكرة إذل أخرل كأهنا قد تضع اعبمل جنبا إذل جنب بدكف رابطة "‪.1‬‬

‫إ ٌف اللٌغة العربية تتميٌز بببلغتها‪ ،‬كتقدصل اؼبرأة للجمل بطريقة مف ٌككة ؿباكلة إيصاؿ‬
‫أكثر من فكرة يف كقت كاحد‪ ،‬من شأنو التأثَت على سب ٌكنها من اللٌغة على اؼبستول الببلغي‪.‬‬
‫كىذا التأثَت ينطبق على اؼبتعلٌم حُت يعمد اذل حذؼ صيغة اعبمع من كبلمو كقد أ ٌكد أفراد‬
‫العينة على ذلك‪ .‬كيتوافق ذلك "مع ما أثبتتو عدد من التجارب كالدراسات اؼبيدانية من أف‬
‫الرجاؿ ييقلٌصوف أك وبذفوف يف كبلمهم صوت "‪ "s‬الداؿ على الغائب‪ ،‬أك اؼبلكية‪ ،‬أك‬
‫اعبمعية أكثر فبا يفعل النٌساء‪ ،‬األكالد ييضيفوف حرؼ اؿ "‪ "s‬إذل صيغة الفعل بصورة خاطئة‬
‫مع اؼبتكلم كاؼبخاطب كاعبمع ينتجوف نفيا مزدكجا يف كبلمهم العادم حوارل ‪ %30‬أكثر‬
‫من النٌساء‪ 2".‬كىذا األمر ييعد من القواعد األساسية للٌغة العربية كحذفو ييضعف صحة لغة‬
‫اؼبتكلٌم‪.‬‬

‫‪ 1‬أضبد ـبتار عمر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫~ ‪~ 189‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ادلبحث الرابع‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الرتكييب‬

‫‪.1‬عرض وحتليل نتائج شبكة ادلالحظة‪:‬‬


‫أ‪-‬مالحظات عن اجلملة اإلمسية والفعلية ‪:‬‬

‫من خبلؿ مبلحظاتنا لبلستعماالت اللغوية للمتعلمُت داخل القسم‪ ،‬تبُت أف ىناؾ‬
‫خلل تركييب يف نظاـ اعبملة لديهم‪ ،‬اظبية كانت أك فعلية مع انباؿ لئلعراب‪ .‬كغالبا ما‬
‫يستعمل التبلميذ يف األقساـ اعبملة االظبية أكثر من اعبملة الفعلية‪ ،‬بل قيلبت اعبملة الفعلية‬
‫اظبية يف كثَت من اؼبواقف التعليمية‪.‬‬
‫كمن األمثلة على استعماؿ اعبمل االظبية ذلك ‪:‬‬
‫‪ ‬النثر خاص ابألدابء كالشعر ابلفنانُت‬
‫‪ ‬اؼبثقف نتاع ىذا الزماف أحسن من اؼبثقف يف اؼباضي‬
‫‪ ‬اػباسبة اي أستاذ‬
‫‪ ‬إاثرة الغرائز‬
‫‪ ‬هتذيب النفس‬
‫‪....‬‬
‫جاءت اعبملة االظبية عند اؼبتعلمُت أكثر كضوحا كتداكال من اعبملة الفعلية‪ .‬حيث‬
‫أظهر التبلميذ ثقة كسرعة يف التجاكب مع األستاذ‪ ،‬كاندرا ما قبد أستاذا ييوقف اؼبتعلمُت‬
‫للتصحيح ؽبم‪.‬‬

‫~ ‪~ 190‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫أما ابلنسبة للجملة الفعلية‪ ،‬فليوحظ أف اؼبتعلمُت صاغوىا على شكل العامية يف‬
‫كثَت من األحياف رغم قلة تداكؽبا على ألسنتهم‪.‬‬

‫كمن أمثلة اعبملة الفعلية قوؽبم‪ :‬خرجانو من النص (أخرجناه من النص)‪ ،‬تقوؿ‬
‫الفكرة العامة‪ ،‬نشوفوا يف اػباسبة‪ ،‬أف يرفع اؼببتدأ‪....‬‬

‫كغَتىا من اعبمل الفعلية القليلة جدا‪ ،‬اليت يتعذر عليك أحياان فهمها حىت لو‬
‫كنت يمتتبعا لسياؽ اغبديث كاؼبناقشة داخل القسم‪ .‬كتيفهم اعبملة الفعلية يف كثَت من‬
‫األحواؿ عند قلبها إذل صبلة إظبية‪ ،‬فييق ٌدـ الفاعل على الفعل‪.‬‬

‫تقل يف أحاديث‬
‫ترل عواريب حناف يف دراستها السالفة الذكر أف "اعبملة الفعلية ٌ‬
‫التبلميذ يف القسم ‪...‬كما كاف منها صبلة فعلية قيلب إذل صبلة اظبية‪ ،‬أم ييقدموف الفاعل‬
‫على الفعل ‪ ...‬كىذا نظاـ اللهجة‪ ...‬إف ىذا النوع من اعبمل قليل‪ ،‬أك دبعٌت آخر فإف‬
‫اؼبتكلمُت يوبولونو إذل صبلة اظبية كلو كاف أحد أركاهنا فعبل فيقولوف‪ ( :‬األكالد يلعبوا) بدؿ (‬
‫يلعب األكالد)"‪.1‬‬

‫كيدعم ذلك بلقاسم بلعرج يف دراستو للهجة بٍت فتح فيقوؿ ‪ " :‬يتقدـ اؼبسند على‬
‫اؼبسند إليو يف اللهجة‪ ،‬كقد يتأخر كىو أمر ىبضع للعرؼ الكبلمي‪ ،‬كما ىبضع للمواقف‬
‫كللحاالت التقنية اليت قد يبر هبا اؼبتكلم‪ ،‬فينعكس ذلك على كبلمو‪ ،‬كقد أييت اؼبسند فعبل‬
‫أك اظبا‪ ،‬أك كصفا أك ما شابو ذلك‪.2‬‬
‫كمن األمثلة على قلب اعبملة الفعلية إذل إظبية يف لغة اؼبتعلمُت ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.205‬‬


‫‪ 2‬بلقاسم بلعرج‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.246‬‬
‫~ ‪~ 191‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫اجلملة الفعلية‬ ‫اجلملة االمسية‬


‫ييقرأ األدب يف اؼبنزؿ‬ ‫األدب ينقرا يف اؼبنزؿ‬
‫أييت العلم ابؼبمارسة‬ ‫العلم هبي ابؼبمارسة‬
‫ال ترتبط اؼبعرفة ابغبضور إذل اؼبدرسة‬ ‫اؼبعرفة مشي مرتبطة ابغبضور إذل اؼبدرسة‬
‫ال ييؤدم اؼبثقفوف دكرىم يف اجملتمع‬ ‫اؼبثقفوف ال ييؤدكف دكرىم يف اجملتمع‬
‫تينمي الفلسفة القدرة على التفكَت‬ ‫الفلسفة تينمي القدرة على التفكَت‬
‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬

‫ب‪-‬مالحظات عن احلركات اإلعرابية ‪:‬‬

‫أنبل اؼبتعلموف اإلعراب أثناء حديثهم ابللغة العربية يف األقساـ‪ ،‬بنفس ما وبدث‬
‫من إنباؿ لو –اإلعراب‪ -‬يف الدارجة كاللهجات العامية‪ ،‬فلم يلتزموا إطبلقا بعبلمات‬
‫اإلعراب إال اندرا‪ .‬كاإلعراب يف اللغة العربية ‪ " :‬ىو تغَت عبلمة آخر الكلمة إذل أخرل‬
‫بسبب تغَت العوامل الداخلة عليها‪...‬كلنتبُت معٌت اإلعراب أكثر أنخذ اؼبثاؿ التارل كىو كلمة‬
‫(زيد) يف اعبمل التالية ‪( :‬جاء زيد)‪..‬ك(رأيت زيدان) ك(مررت بز ً‬
‫يد)‪ .‬إف التصرؼ يف حركة‬ ‫ي‬
‫اغبرؼ األخَت لكلمة (زيد) من الضمة إذل الفتحة كمنها إذل الكسرة بسبب تغَت العوامل‬
‫الداخلة عليها كىي ‪( :‬جاء كرأيت كالباء) ىو اإلعراب‪ .‬كاإلعراب من أقدـ ظواىر اللغة‬
‫العربية اليت كرثتها عن السامية األصل كاحتفظت هبا‪ .‬كاغباجة إليو تتمثل بوضوح يف معرفة‬
‫موقع الكلمة يف اعبملة الذم يوبدد ؽبا كظيفتها كييعطيها معناىا اؼبقصود للمتكلم من الفاعلية‬

‫~ ‪~ 192‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كاؼبفعولية كاالبتداء كاالخبار كما إليها"‪ .1‬فاإلعراب ابختصار ىو تغَت يف اغبركة اػبَتة‬
‫للكلمة من نصب أك رفع أك جر‪.‬‬

‫أنبل اؼبتعلموف اإلعراب أثناء حديثهم يف حصص اللغة العربية‪ ،‬إال قليل منهم‪،‬‬
‫فغلبت حركة السكوف يف آخر الكلمات يف األفعاؿ كاألظباء كما ىو الشأف يف اللهجة‬
‫العامية كالدارجة‪ .‬ككانت ىذه عينة من كبلمهم ‪:‬‬

‫اجملتمع‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ؤثر الثقافة يف‬
‫‪ ‬تي ٍ‬
‫حاؿ‪.‬‬
‫‪ ‬ؼباذا ال نعربٍ ٍو ٍ‬
‫اجملاؿ‪.‬‬
‫‪ ‬يف ٍ‬
‫كبَت‪.‬‬
‫دكر ٍ‬‫عنده ٍ‬
‫العلم ٍ‬
‫‪ٍ ‬ىنا نقدركا نقولوا أف ٍ‬
‫كز‬
‫يسمع كمشي مر ٍ‬
‫يبكن يٍكوف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪‬‬
‫العلم‬
‫‪ ‬الثقافة ال تعٍت ٍ‬
‫فن‬
‫الشعر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪‬‬
‫تع ٌددت األمثلة اليت أنبل فيها اؼبتعلموف اإلعراب‪ ،‬إف دل نقل أف يج ٌل كلمات صبلهم عرفت‬
‫حركة إعرابية كاحدة يف آخرىا كىي السكوف‪.‬‬

‫ت‪-‬مالحظات حول أسلويب االستفهام والنفي ‪:‬‬

‫كرد أسلواب االستفهاـ كالنفي يف كبلـ اؼبتعلمُت بشكل كبَت‪ ،‬فاؼبوقف التعليمي‬
‫يتطلب ذلك‪ ،‬إذ اؼبتعلم ىو ؿبور العملية التعليمية كدكره فيها ىو البحث كالتفتيش عن‬

‫‪ 1‬عبد اؽبادم الفضلي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫~ ‪~ 193‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫اؼبعلومات فمن الطبيعي أف يسأؿ كثَتا بغرض ؿباكلة الفهم‪ ،‬فاالستفهاـ "ىو طلب الفهم‬
‫كالعلم ابلشيء"‪ .1‬أما النفي كىو "خبلؼ اإلثبات‪...‬كيدخل على األظباء كاألفعاؿ‪ ،‬كلو‬
‫أدكات ـبتصة بكل منهما كأخرل مشًتكة بينهما‪. 2"..‬‬

‫االستفهام ‪:‬‬

‫استعمل اؼبتعلموف لبلستفهاـ أدكات اللغة العربية الفصحى كػ ػ ػ ‪ :‬ؼب ػػاذا‪ ،‬أين‪،‬‬
‫كيف‪....‬كما استعملوا أدكات يمستعارة من لغة بيئتهم كبو ‪" :‬عبلش" ًعوض ؼباذا‪،‬‬
‫"كيفاش" أك "كاش" ًعوض كيف أك ما‪... ،‬كغَتىا‪.‬‬

‫كمن األمثلة على ذلك ‪:‬‬

‫‪-‬كاش أحواؿ العرب يف تلك الفًتة؟ أم ‪ :‬كيف ىي‪/‬كانت أحواؿ العرب يف تلك‬
‫الفًتة؟‬

‫‪-‬عبلش ما نعربكش عليها كيما ىاؾ؟ أم ‪ :‬ؼباذا ال نيعرب عنها ىكذا؟‬

‫‪-‬كيفاش نفرؽ بُت اؼبثقف كاؼبتعلم؟ أم ‪ :‬كيف نفرؽ بُت اؼبثقف كاؼبتعلم؟‬

‫اختلف أسلوب االستفهاـ يف لغة اؼبتعلمُت بُت استعماؿ ألدكات االستفهاـ‬


‫اػباصة ابللغة العربية الفصحى كأخرل يمستعارة من لغة البيئة االجتماعية كالثقافية‪ .‬تقوؿ‬
‫عواريب حناف يف دراستها "جاء االستفهاـ عند التبلميذ أبشكاؿ ـبتلفة ‪:‬‬

‫‪1‬عبد اؽبادم الفضلي‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.193‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.237‬‬
‫~ ‪~ 194‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪ -‬االستفهاـ ابستعماؿ أدكات االستفهاـ اػباصة ابللغة الفصحى‬


‫‪ -‬االستفهاـ ابستعماؿ أدكات اللهجة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬االستفهاـ عن طريق التنغيم "‬
‫تقصد عواريب حناف ابالستفهاـ عن طريق التنغيم أك النغمة "ذلك الذم ييستنتج‬
‫من نغمة الكبلـ اليت ييقابلها يف اللغة العربية الفصحى (ىل أك اؽبمزة)‪ ،‬كاستفهاـ النغمة شبيو‬
‫ابستفهاـ األداة فيو ما يطلب بو التصديق‪ ،‬كفيو ما ييطلب بو التصور كالتصديق"‪.2‬‬

‫كقد كرد ىذا النوع من االستفهاـ يف كبلـ عينتنا للمبلحظة‪ ،‬من خبلؿ قوؿ اؼبتعلمُت ‪:‬‬

‫كملنا أستاذ‪....‬؟ أم ‪ :‬ىل أهنينا أستاذ؟‬


‫‪ٌ -‬‬

‫‪-‬نكتبوا ‪.....‬؟ أم ىل نبدأ الكتابة؟‬

‫كغَتىا من األمثلة اليت صاحبتها حركات ىز الرأس أك انفتاح يف العينُت كغَتىا من اإليباءات‬
‫اليت تيعرب عن التساؤؿ‪.‬‬

‫النـ ـ ـفي‪:‬‬

‫استعمل اؼبتعلموف أدكات نفي‪ ،‬منها ما ىو خاص ابللغة العربية الفصحى كمنها‬
‫ما ىو يمتداكؿ يف اللهجات العامية‪ ،‬على غرار ‪" :‬م ػػا"‪" ،‬مازاؿ"‪" ،‬كالو"‪" ،‬ال"‪ ....‬كمن‬
‫بُت األمثلة على ذلك ‪:‬‬

‫‪ ‬مػػا نقلتش أم ‪ :‬ل ػػم أنقل‬

‫‪1‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.207‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫~ ‪~ 195‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫‪ ‬ما فهمتش أم ‪ :‬دل أفهم‬


‫تداكؽبا اؼبتعلموف كثَتا للنفي ككانت مقًتنة دائما بلواحق كحرؼ الشُت (ش)‪ ،‬كاستيعملت‬
‫للداللة على األداة "لػم"‪.‬‬
‫‪ ‬مازاؿ ما فهمتش أم ‪ :‬دل أفهم بعد‬
‫‪ ‬مازاؿ الوقت أم ‪ :‬دل ينتو الوقت‬
‫دلٌت "مازاؿ" كذلك على األداة "دل"‪ ،‬كمعناىا "دل يزؿ" أم "دل يربح" كتيستعمل يف‬
‫اللهجة العامية بكثرة‪ ،‬يذكر عبد اؼبالك مراتض أف العامة أفصح من اػبواص يف استعماؽبم‬
‫لؤلداة "مازاؿ" ألهنم يستعملوهنا ابؼبيم (ـ) –العامة‪ -‬بينما اػباصة يستعملوهنا ابلبلـ (ؿ)‬
‫فالعرب إذا قالت "الزاؿ" فهي تيريد ال ٌدعاء ال النفي‪ .1‬فاستعماؽبا من قًبل اؼبتعلمُت كاف‬
‫مقًتان دبعناىا "دل يزؿ"‪.‬‬
‫‪ ‬ما فهمنا كالو أم ‪ :‬دل نفهم شيئا‪.‬‬
‫‪ ‬كاين كلمات صحيحة كال كالو أم ‪ :‬ىل يوجد كلمات صحيحة أـ ال‪.‬‬
‫‪ ‬ما راجعت كالو البارح أم ‪ :‬دل أراجع شيئا الرارحة‪.‬‬
‫استعار اؼبتعلموف األداة "كالو" من لغة بيئتهم للتعبَت إما عن "الشيء" أك "ال"‪ .‬ك "تيستعمل‬
‫"كالو" للداللة على النفي اؼبطلق للشيء أم نفي كجود الشيء كلو كاف قليبل خاصة إذا‬
‫كانت إجابة عن سؤاؿ ما"‪ .2‬كما تيستعمل لتأكيد النفي‪.‬‬
‫‪ ‬ال (كحدىا)‬
‫‪ ‬ال ما فهمتش أم ‪ :‬ال دل أفهم‪.‬‬

‫‪ 1‬يينظر عبد اؼبالك مراتض‪ ،‬العامية اعبزائرية كصلتها ابلفصحى‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ 2‬عواريب حناف‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫~ ‪~ 196‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫أم ‪ :‬ليس لدم إجابة‪.‬‬ ‫‪ ‬ال إجابة‬


‫استعمل اؼبتعلموف أداة النفي "ال" بنسبة قليلة جدا يف القسم‪ .‬كردت على ألسنتهم‬
‫أثناء توجيو الكبلـ إليهم من أساتذهتم‪ ،‬فأجابوا إما ب ػ ػ ػ ػ ػ "ال" كحدىا عندما ال تتوفر لديهم‬
‫إجابة أك عند سؤاؽبم إف كانوا يعرفوف أمرا‪ .‬كسبقت أحياان اإلجابة لتوكيدىا كبو ‪( :‬ال دل‬
‫أفهم)‪ ،‬كأحياان كردت أبسلوب هتكمي يف مثل ‪( :‬ال إجابة) دبعٌت (ليس لدم إجابة)‪.‬‬

‫‪.2‬عرض وحتليل نتائج ادلقابالت‬


‫أ‪-‬أثر البيئة اجلغرافية واالجتماعية‪:‬‬

‫اتٌفق أفراد عينة اؼبقابلة من األساتذة ابإلصباع أف نظاـ اعبملة الًتكييب لدل اؼبتعلمُت‬
‫فرقوف بُت االسم‬
‫فصرح أحد أساتذة اثنوية كيسي دمحم بعُت اتلوت ‪" :‬تبلميذم ال يي ٌ‬
‫فاسد‪ٌ ،‬‬
‫كالفعل" كما استنكر آخر يف اثنوية مسعود السعيد أبكالد ميموف " يدرسوف اللغة العربية منذ‬
‫أف كانوا يف سن اػبامسة‪ ،‬األف يبلغوف من العمر عشرين سنة أك أكثر كال يستطيعوف تكوين‬
‫صبلة مفيدة"‪ .‬بينما دل نشهد مثل ىذه النظرة التشاؤمية عند بعض أساتذة اثنوية بوضبيدم‬
‫الطاىر أبكالد ميموف الواقعة كسط مدينة أكالدميموف‪ ،‬حيث ذكرت إحدل األستاذات أنو‬
‫يوجد من بُت اؼبتعلمُت من يكتبوف القصة كالشعر‪ ،‬كاستبشرت خَتا هبم‪ ،‬خاصة اإلانث‬
‫منهم‪ .‬ييذكر أف تبلميذ اثنوية بوضبيدم الطاىر ىم من أبناء اؼبدينة‪.‬‬

‫يعود غالبا ىذا الضعف يف األداء اللغوم لدل اؼبتعلمُت نتيجة لتأثَت العادات‬
‫اللغوية القديبة اؼبكتسبة من اللغة األـ (اللهجة العامية أك الدارجة غالبا) على العادات اللغوية‬
‫اعبديدة‪ ،‬كتيسمى ىذه الظاىرة ابلنقل اللغوم‪ ،‬كيدؿ النقل اللغوم سوسيولوجيا على تداخل‬

‫~ ‪~ 197‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫اللغات فيما بينها عن طريق االقًتاض‪" .1‬فتوظيف اؼبتعلم للغتو األـ يف تعلم اللغة اؽبدؼ‬
‫يظهر يف توظيفو ؼبعرفتو اللغوية السابقة هبدؼ تيسَت الفهم كاإلنتاج"‪ .2‬فالنقل اللغوم‬
‫ابلنسبة للمتعلمُت يف دراستنا ىذه إمبا يدؿ عن عجز يشكو منو اؼبتعلم يف قدرتو اللغوية‪.‬‬
‫‪Sociologie de‬‬ ‫لقد أكرد دمحم الشرقاكم يف كتابو علم االجتماع الًتبوم‬
‫‪ l’éducation‬تقرير كوؼباف ‪ ،Coulman‬كىو "تقرير أيقبز من طرؼ الربؼباف‬
‫األمريكي‪ ،‬للنظر يف أتثَت الوسط كاالنتماء االجتماعي لؤلطفاؿ يف عملية التوافق التعليمي‪،‬‬
‫كأظهر أف الوسط كاالنتماء اعبغرايف كاالجتماعي لؤلطفاؿ ييؤثر يف عملية ربصيلهم اللغوم‬
‫خاصة يف اؼبراحل الدراسية األكذل‪ ،‬كانتهى التقرير إذل تفوؽ أطفاؿ اؼبدف كالطبقات اؼبيسورة‬
‫من اجملتمع على أطفاؿ التجمعات السكنية الصغَتة كالفئات الفقَتة كاألقليات‪ ،‬كيرجع ذلك‬
‫إذل اإلرث الثقايف‪ ،‬بسبب كجود موسوعات علمية يف بيوهتم‪ ،‬إضافة إذل كوف الشفرة اللغوية‬
‫اؼبستعملة من طرؼ الفئات العليا كاؼبثقفة كثَتا ما زبتلف عن تلك اليت قبدىا عند الطبقات‬
‫االجتماعية الفقَتة"‪.3‬‬

‫ككاف ىذا ىو حاؿ عينتنا من اؼببلحظة (أقصد اؼبتعلمُت)‪ ،‬حيث عبأكا إذل‬
‫اسًتاتيجية النقل اللغوم أثناء حصص اللغة العربية لعدـ التكافؤ بُت مكتسباهتم اللغوية‬
‫الفصحى كرصيدىم من اللهجة العامية كالدارجة‪ ،‬ككرب حجم اؼبسافة بُت اؼبمارسات اللغوية‬

‫‪1‬يينظر التهامي اغباين‪ ،‬الصراع بُت اللهجات العربية كاللغة الفصحى من منظور اللسانيات التطبيقية‪ ،‬ؾبلة كلية الًتبية‬
‫األساسية للعلوـ الًتبوية كاالنسانية‪ ،‬جامعة اببل‪ ،‬العدد‪ ،34‬آب‪ ،2017‬ص‪.65‬‬
‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.75-74‬‬
‫~ ‪~ 198‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫العامية كاللغة العربية الفصحى‪ .‬فجاءت تراكيبهم اللغوية عبارة عن مزيج من صيغ لغوية‬
‫عامية تنتمي إذل بيئة خارجية‪.‬‬

‫من جهة أخرل رٌكز األساتذة اؼببحوثُت على اؼبستول الثقايف ألسر اؼبتعلمُت كدكره‬
‫يف بناء رصيد لغوم من اللغة العربية الفصحى‪ .‬يف سؤارل حوؿ مقارنة بُت مستول تبلميذ‬
‫اثنوايت اؼبقاطعة الثبلثة‪ ،‬أجاب أف أبناء اثنوية بوضبدم الطاىر أبكالد ميموف (نسبة الذين‬
‫ربصلوا على اؼبعدؿ ؼبادة اللغة العربية يف شهادة البكالوراي ‪ )%68‬معظمهم أبناء أسر ذات‬
‫فسر يف نظره تفوؽ‬
‫مستول تعليمي مرتفع (األكلياء ىم أساتذة‪ ،‬معلمُت‪ ،‬إداريُت‪ ،)...‬ما ٌ‬
‫ىذه الثانوية على اثنوية مسعود سعيد أبكالد ميموف (نسبة اؼبتحصلُت على اؼبعدؿ يف مادة‬
‫اللغة العربية ‪ )%34‬كاثنوية كيسي دمحم بعُت اتلوت (‪ .)%41‬اليت ينتمي متعلمونبا‬
‫(الثانويتُت) إذل أسر نشاطها اؼبهٍت غالبا ما يكوف الفبلحة أك تربية اؼبواشي‪ ،‬أك حرفيُت أك‬
‫عماؿ يوميُت‪ ،‬نظرا للبيئة اليت ينتموف إليها كمنطقة بٍت صميل كالبنياف كمرابح كالشورل‪،‬‬
‫كالسعادنية كاتصبوت كعُت نكركؼ ‪ ....‬فالرأظباؿ الثقايف لىعب دكرا حاظبا يف تعديل‬
‫‪Pierre‬‬ ‫السلوؾ اللغوم لدل اؼبتعلمُت حيث يرل عادل االجتماع بيار بورديو‬
‫‪ Bourdieu‬أ ٌف "قيمة رأس اؼباؿ اللغوم الذم يبتلكو كل فرد يف السوؽ الدراسي‪ ،‬ىي‬
‫مرتبطة ابلفاصل اؼبوجود بُت قدرة التحكم الرمزم يف اللغة كاؼبفركض من طرؽ اؼبدرسة‪،‬‬
‫كالذم وبصل عليو من الطبقة االجتماعية‪.1‬‬

‫‪ 1‬الزىرة بن عائشة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،274‬نقبل عن ‪Bourdieux Pierre, Les trois états du :‬‬
‫‪capital, In : Acte de recherche en sciences sociales, N30, Paris, 1979, P3.‬‬
‫~ ‪~ 199‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كيكوف بذلك للمستول الثقايف كاالجتماعي أتثَت على اللغة كتراكيبها النحوية‪،‬‬
‫كذلك من خبلؿ ما يكتسبو اؼبتعلموف من مهارات عرب مراحلهم العمرية من بيئتهم األسرية‬
‫كفق نظرية إعادة اإلنتاج اليت تبناىا بورديو ‪.bourdieu‬‬

‫ب‪-‬أثر اجلنس ‪:‬‬

‫أ ٌكد أغلبية أفراد العينة من األساتذة أ ٌف اؼبرأة يف أغلب األحياف ذبد صعوبة يف‬
‫تكوين اعبمل تركيبيا بطريقة صحيحة‪ ،‬فقد تيًتؾ اعبملة بدكف تتمة أك تقدـ اعبملة أبفكار‬
‫متعددة دكف تناسق بينهم كتوافقا مع مبلحظاتنا‪" ،‬تعزك فَتجينا ككلف ‪ F.Woolf‬اعبمل‬
‫البسيطة لدل اؼبرأة إذل "أف شكل اعبملة ال ييناسب اؼبرأة‪ ،‬ألف اعبمل من صنع الرجاؿ‪ ،‬كىي‬
‫صبل ثقيلة جدا‪ ،‬منسقة ال تصلح الستخداـ اؼبرأة‪ ،‬إف اعبمل ىي فعليا صناعة الرجل‪ ،‬فبل‬
‫تستطيع اؼبرأة أف تيكيٌف أفكارىا كخلجاهتا يف لغة صيغت كفقا غباجات الذكر"‪ .1‬كأتكيدا‬
‫على نتائج الدراسة اغبالية " ييشَت يسربسن ‪ Yespersen‬أ ٌف اؼبرأة عادة ما تًتؾ اعبملة‬
‫دكف أف تيتمها كإهنا سبيل إذل القفز من فكرة إذل أخرل كأهنا قد تضع اعبمل جنبا إذل جنب‬
‫بدكف رابطة "‪.2‬‬

‫إالٌ أف بعض األستاذات من أفراد عينة اؼبقابلة‪ ،‬أشرف إذل عكس ذلك سباما يف‬
‫القسم‪ ،‬حيث ييبلقُت التجاكب أكثر مع فئة اإلانث مقارنة بفئة الذكور‪ ،‬كأ ٌكدف أف لغة‬
‫اؼبتعلمات جيدة مقارنة بلغة الذكور‪ .‬كيف ؿباكلتنا التقصي عن ىذه اعبزئية‪ ،‬أجابنا أحد‬

‫‪ 1‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.134-133‬‬


‫‪ 2‬أضبد ـبتار عمر‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫~ ‪~ 200‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫األساتذة ‪" :‬أدل تيبلحظ عدد اإلانث يف األقساـ مقارنة ابلذكور‪ ،‬ثيلثي القسم إانث‪ ،‬خاصة‬
‫يف التخصص األديب‪ ،‬فمن الطبيعي أف يتجاكب اإلانث أكثر من الذكور"‪.‬‬

‫بدت لنا إجابة ىذا األستاذ منطقية‪ ،‬خاصة كأف اؼببلحظة جاءت من عند أستاذة‬
‫كىي من نفس جنس اؼبتعلمات‪ ،‬كنظرا لكثرة اإلانث مقارنة ابلذكور يف األقساـ‪.‬‬

‫~ ‪~ 201‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫ادلبحث اخلامس‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الداليل‬

‫‪.1‬عرض وحتليل نتائج شبكة ادلالحظة‪:‬‬


‫الحظنا استعماؿ اؼبتعلمُت يف اؼبواقف التعليمية مفردات مستعارة من اللهجة العامية‬
‫اؼبًتتبة عن االنتماءات االجتماعية كاعبغرافية كالقبلية كالكثَت من ىذه اؼبفردات تبدك غريبة‬
‫حىت يف سياؽ اعبملة‪ ،‬كمن األمثلة على ذلك‪:‬‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ أعتقد‪/‬أظن‬ ‫تبانلي‪/‬تبا ٌرل‬

‫الركمي‪/‬القاكرم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ األجنيب‪/‬األجنبية‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ يبشي‬ ‫يٍتمشى‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ كثَتا‬ ‫ٌبزاؼ‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ خاصيت‬ ‫نتاعي‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ لكن‬ ‫بصح‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ يـبطئ‬ ‫زالق‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ اليفهم‬ ‫ح ػ ػ ػػابس‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ البد أف‬ ‫الزـ‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ من اؼبفركض‬ ‫نورماؼبو‬

‫‪...‬‬

‫~ ‪~ 202‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫تفرد هبا اؼبتعلموف‪ ،‬حيث ع ٌقب أحد اؼبتعلمُت عن إجابة‬


‫كغَتىا من األمثلة اليت ٌ‬
‫زميلو ‪" :‬أنت راؾ زالق" دبعٌت "أنت ـبطئ"‪ ،‬كتيع ٌد كلمات مثل ‪ :‬زالق‪ ،‬حابس‪،‬‬
‫مفريٍت‪...‬مفردات دخيلة حىت على اللهجة العامية‪ ،‬كىي لغة الشباب اليوـ من صبيع شرائح‬
‫اجملتمع‪.‬‬

‫تيستعمل داخل األقساـ كلمات "بصح"‪ٌ " ،‬بزاؼ"‪" ،‬تبانلي"‪" ،‬نورماؼبو"‪...‬نظرا‬


‫لضركرهتا الداللية‪.‬‬

‫يكظٌفت مفردة "بصح" للداللة على االعًتاض أحياان‪ ،‬كأحياان على أتكيد الصحيح‪.‬‬
‫"بصح راؾ غالط يف االعراب"‪ ،‬فهي ىنا تعًتض على طريقة‬
‫كقوؿ إحدل اؼبتعلمات ‪ٌ :‬‬
‫إعراب زميلها‪ .‬كقوؿ آخر ‪" :‬نعم بصح"‪ ،‬إجابة لسؤاؿ األستاذ عن مدل صحة اإلجابة‬
‫اؼبقًتحة من متعلم آخر‪ ،‬أم "نعم‪ ،‬إجابتو صحيحة"‪.‬‬

‫كما استعملت كلمة "بزاؼ" كثَتا للداللة على لفظة "كثَتا"‪ ،‬فجاءت يف تدخل‬
‫أحد اؼبتعلمُت ‪" :‬فهمت‪ ،‬بصح مشي بزاؼ" أم "فهمت لكن ليس كثَتا"‪ .‬كقاؿ آخر‬
‫"بزاؼ علينا كل ىذه الدركس" أم "كثَتة علينا ىذه الدركس"‪.‬‬

‫انتقلت ىذه الكلمات إذل اللهجات اعبزائرية األخرل‪ ،‬فصران نسمع ىذه الكلمة يف الشرؽ‬
‫كالوسط كاعبنوب أحياان‪.‬‬

‫استعمل أفراد العينة مفردة "نتاع" أك "نتاع" للداللة على اؼبلكية‪ ،‬فتجدىم يي ٌرددكف ‪:‬‬
‫االجابة نتاعي أك اتعي‪ ،‬النقطة نتاعي‪ ،‬الفكرة نتاعي‪...‬‬

‫~ ‪~ 203‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫كتعٍت مفردة نتاعي أك اتعي‪ ،‬ملكي‪ ،‬أك ما ىبصٍت ‪ ،‬كأصلها من كلمة اؼبتاع‪ ،‬كاستبدلت‬
‫اؼبيم (ـ) نوان (ف) مع مركر الوقت‪ .‬ييفسرىا األستاذ عبد اؼبلك مراتض فيقوؿ ‪" :‬متاعي‪،‬‬
‫ملك خاص يب‪ ،‬كؼبا كاف اؼبتاع من اؼبمتلكات اػباصة للرحل يف الًتحاؿ فإهنم استعملوه‬
‫للداللة على االختصاص دبلك شيء من األشياء"‪.1‬‬

‫‪.2‬عرض وحتليل نتائج ادلقابالت‪:‬‬


‫أ‪-‬أثر البيئة اجلغرافية واالجتماعية ‪:‬‬

‫تبُت من اؼبقاببلت اليت أيجريت مع األساتذة‪ ،‬أف العبلقة بُت اؼبستول‬


‫لقد ٌ‬
‫االقتصادم كاالجتماعي ألسر اؼبتعلمُت كتعلم اللغة عبلقة كطيدة‪ .‬كألف األسرة ىي "الوحدة‬
‫االجتماعية األكذل يف اجملتمع‪ ...‬كىي أكؿ اجتماع تدعو إليو الطبيعة على حد تعبَت‬
‫الفيلسوؼ اليوانشل أرسطو‪...‬كىي اػبلية األكذل يف جسم اجملتمع كىي النقطة اليت يبدأ منها‬
‫التطور"‪ ،2‬فهي ال شك ؽبا أتثَت كبَت يف شخصية اؼبتعلمُت خاصة يف السنوات األكذل من‬
‫عمرىم‪ .‬فالظركؼ االقتصادية كاالجتماعية أثٌرت على لغة اؼبتعلمُت داخل األقساـ التعليمية‬
‫صرح األساتذة يف الثانوايت الثبلثة أف‬
‫يف اعبانب الصريف على حد قوؿ األساتذة اؼببحوثُت‪ٌ .‬‬
‫اؼبستول االجتماعي يم ىػمثٌبل يف اؼبستول الثقايف كالتعليمي ألسر اؼبتعلمُت صنع فركقا كاضحة‬
‫بينهم‪ .‬فأبناء األسر ذات اؼبستول التعليمي اؼبرتفع أساتذة ك معلمُت كاداريُت ‪ ...‬ال يقعوف‬
‫يف األخطاء الصرفية كثَتا مقارنة ابألسر ذات اؼبستول التعليمي اؼبتدشل‪ ،‬كأبناء األسر اؼبيسورة‬
‫اغباؿ كذلك يوبسنوف التعامل مع اؼبستوايت الصرفية عند كبلمهم‪ ،‬مقارنة أببناء ذكم الدخل‬

‫‪ 1‬عبد اؼبالك مراتض‪،‬اؼبرجع السابق‪،‬ص‪.33‬‬


‫‪ 2‬زينب ابراىيم العزيب‪ ،‬علم االجتماع العائلي‪ ،‬منشورات جامعة بنها‪ ،‬بنها‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫~ ‪~ 204‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫اؼبتدشل‪ .‬ييعلل ذلك أحد األساتذة بقولو ‪" :‬ال يوجد األف كاحد فاىم ما يٍػتىػبٌعش أبناءه منذ‬
‫الصغر" يف إشارة منو إذل أف اؼبتعلمُت تلىقوا تنشئة كمتابعة كالدية يف مراحل ما قبل االبتدائي‬
‫كاالبتدائي كاؼبتوسط أحياان‪ ،‬األمر الذم ش ٌكل ؽبم قاعدة لغوية الزالوا ؿبافظُت عليها‪ .‬لكن‬
‫اليأس كالتذمر من اغبالة اليت آلت إليها اللغة العربية الفصحى يف اؼبدارس كاان كاضحُت يف‬
‫إجاابت اؼببحوثُت‪ ،‬فتجدىم عقب كل إجابة ييضيفوف ‪" :‬بصح ماكاف كالو‪" ،"...‬اغبالة ما‬
‫تعجبش‪" ،"...‬شوية بصح‪" ،"...‬مابقاتش‪."...‬‬

‫ب‪-‬أثر اجلنس‪:‬‬

‫حسب تقييم األساتذة اؼببحوثوف ألسلوب اؼبتعلٌمات‪ ،‬اتضح أهنن يبلن إذل هتذيب‬
‫الكبلـ صوات كاختيارا للكلمات‪ .‬فهن يبلن إذل ذبنب النقاش مع اعبنس األخر‪ ،‬كذلك‬
‫بسبب رغبتهن يف عدـ خلق مواجهة‪ .‬إضافة إذل أهنن ييراعُت التقاليد االجتماعية اليت‬
‫تتطلب من اؼبرء أف يكوف أكثر أتداب كزبلقا‪.‬‬

‫فسران‬
‫يستخدمن ألفاظ اجملاملة اللطيفة مثل‪ :‬رائع‪ ،‬صبيل ‪ ...‬إخل‪ .‬كقد ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كما أهنن‬
‫أبفكارىن مثل‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫يستخدمن ألفاظ معينة إلقناع اآلخرين‬
‫ٌ‬ ‫ذلك ابنعداـ ثقة اؼبرأة بنفسها‪ ،‬كما‬
‫جيد‪ ،‬جيد جدان‪ ،‬مبهر‪...‬إخل كما الحظناه أ ٌف اؼبتعلمات غالبا ما يعمدان إذل إضافة كلمات‬
‫يضفن الدارجة عند‬
‫ٌ‬ ‫كتعابَت معيٌنة تيفقد اللٌغة العربية صباؽبا كقواعدىا‪ .‬كما أ ٌف اؼبتكلمات‬
‫يدعم صعوبة كبطىء‬ ‫تبُت ذلك من مبلحظات األساتدة كىذا ما ٌ‬ ‫اؼبشاركة يف القسم كقد ٌ‬
‫بلهن يف بناء ىوية لغوية فبيٌزة عن‬‫ً‬
‫مهن للٌغة العربية‪ .‬يف الكثَت من األحياف رغبة من ق ٌ‬
‫تعلٌ ٌ‬
‫اآلخرين حىت كإف كاف على حساب تعلٌم اللٌغة العربية‪.‬‬

‫~ ‪~ 205‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫أ ٌكد أغلبية أفراد العينة أ ٌف اؼبتعلٌمات من اإليناث أميل إذل ابتكار طرؽ حديثة للنطق‪.‬‬
‫عن التعبَتات اؼبعاصرة كيتوافق‬
‫كمن خبلؿ مبلحظاتنا للمتعلٌمُت كاؼبتعلٌمات اتضح ٌأهن ٌن تتبٌ ٌ‬
‫ذلك مع ما ذكره ىدسوف ‪ Hudson‬أف النٌساء سبيل كبو استخداـ التعبَتات ذات‬
‫اؼبكانة االجتماعية الراقية أكثر من الذكور الذين ينتموف إذل اػبلفية االجتماعية نفسها‪ ،‬كىي‬
‫نتيجة ؼبيل النٌساء إذل ازباذ مواقف أكثر إهبابية ذباه اللهجة اؼبتواضع عليها‪" ،1".‬كقد انتهى‬
‫جوشاف ‪Joeshen‬يف دراستو للفركؽ الصوتية بُت أفراد اعبماعة اللٌغوية اليت تضم اؼبنطقة‬
‫الفرنسية يف سويسرا إذل أف النٌساء أشد اتباعان لطريقة النطق اغبديث ‪ ...‬كعلٌل ذلك أبف‬
‫النٌساء ال يعشن جيلهن كحسب‪ ،‬بل يشاطرف األجياؿ الناشئة حياهتم بذلك‪ ،‬فهن أكثر من‬
‫الرجاؿ صلة ابلطفل كالفىت"‪ 2‬حيث اعتربت الدراسات اللٌسانية األسلوب اغبوارم لئلانث‬
‫يعرب عن مبوذج النقص كابؼبقابل اعتبار األسلوب اغبوارم للرجاؿ مبوذجان أقول كأكثر امتيازان‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مث توالت الدراسات كأصبح يينظر إذل األسلوب النًٌسوم تعاكشل أكثر‪ ،‬كأسلوب الرجاؿ‬
‫تنافسي أكثر‪.‬‬

‫البلمعيارية عند‬
‫تيع ٌد لغة النٌساء معيارية أكثر من الرجاؿ كيف مسألة تفسَت استخداـ ٌ‬
‫اؼبستمر "االمتياز‬ ‫الرجاؿ "اعتمد "تركدجيل" ‪Trudgill‬مفهوـ "البوؼ" ‪Labov‬‬
‫اػبفي"‪ :‬ابلنسبة إذل الرجاؿ ربقق اؼبتغَتات غَت اؼبعيارية كظيفة لعبلمات التضامن اؼبرتبطة‬
‫ببعض قيم اجملموعة مثل الذكورية كبعبارة أخرل‪ ،‬يقبض مفهوـ االمتياز اػبفي على الوظيفة‬
‫السوسيولوجية اػبفية للدكارج"‪" ،3‬كيف تفسَت ؼباذا تستعمل النٌساء أشكاال معيارية من‬

‫‪ 1‬عيسى برىومة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ 3‬عيسى برىومة‪ ،‬اؼبرجع السابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫~ ‪~ 206‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫الرجاؿ‪ ،‬يقرر "ترادجيل" ‪ Trudgill‬أف اؼبوقع االجتماعي للنساء يف ؾبتمعنا أقل أمنا من‬
‫موقع الرجاؿ ‪ ...‬كيبكن أف يكوف أكثر ضركرة ابلنسبة إذل النٌساء أتمُت كضعهم‬
‫االجتماعي‪ .‬كاالشارة إليو لغواي‪ ،‬ابإلضافة إذل ذلك يتم اغبكم على الرجاؿ فحسب عملهم‪،‬‬
‫بينما يتم اغبكم على النٌساء حبسب مظهرىنٌ الذم يتضمن اللٌغة أيضان‪ 1".‬سبيل اؼبرأة إذل‬
‫استخداـ الصيغ اؼبعيارية‪ ،‬كتيبالغ يف تصحيح القواعد النحوية‪ ،‬كقد أظهرت اؼببلحظات أ ٌف‬
‫ثن بصورة تتفق‬
‫أهنن يتح ٌد ٌ‬
‫يستخدمن لغة صحيحة كمعيارية أكثر من اؼبتعلٌمُت‪ ،‬ك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫اؼبتعلٌمات‬
‫يستعملن الصيغة اؼبعيارية الصحيحة‬
‫ٌ‬ ‫مع الشكل اؼبعيارم أكثر فبا يفعل اؼبتعلٌموف‪ .‬كالنٌساء‬
‫تبعيتهن أك ضعف اؼبكانة يف جوانب أخرل من حياهتن االجتماعية‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫من أجل تعويض‬

‫‪ 1‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.284‬‬


‫~ ‪~ 207‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫استنتاجات عامة‪:‬‬
‫لقد سجلت ؾبموعة من اؼببلحظات أثناء دراسيت ألثر اؼبتغَتات السوسيولسانية يف‬
‫تعليمية اللغة العربية‪ ،‬كقسمتها إذل مبلحظات زبص لغة اؼبتعلمُت يف أثناء اؼبوقف التعليمي‬
‫كأخرل حوؿ أتثَت البيئة اعبغرافية كاالجتماعية كالفركؽ اعبنسية من منظور األساتذة‪،‬‬
‫كخلصت إذل ؾبموعة من النتائج‪:‬‬

‫أ‪ -‬مالحظات ختص لغة ادلتعلمني ‪:‬‬


‫على ادلستوى الصويت ‪:‬‬
‫‪ ‬طرأت على األصوات الساكنة (الصوامت) يف لغة اؼبتعلمُت مظاىر صوتية كثَتة‪،‬‬
‫كاستبداؿ صوت مكاف صوت آخر‪ ،‬مثل تغَت صوت الثاء (ث) إذل التاء (ت) ك‬
‫القاؼ (ؽ) إذل الصوت ‪ /g/‬كالظاء (ظ) إذل الضاد (ض) كالذاؿ (ذ) إذل‬
‫الداؿ(د)‪.‬‬
‫‪ ‬أيخفيت اؽبمزة (ء) أك يحذفت سباما يف منطوؽ اؼبتعلمُت يف حصص تعلم اللغة‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪ ‬ليوحظ على لغة اؼبتعلمُت تفخيم يف بعض األصوات اؼبرققة كترقيق أخرل‪ ،‬كتفخيم‬
‫التاء (ت) فأصبح طاء (ط)‪ ،‬كترقيقو أحياان لييصبح اتء (ت)‪ ،‬كتفخيم غبرؼ السُت‬
‫(س) لييصبح صادا كالعكس يف الًتقيق‪.‬‬
‫‪ ‬يس ٌجل أيضا‪ ،‬تغَت يف الصوائت كأصوات اللُت‪ :‬كاالبتداء ابلساكن‪ ،‬كاؼبد أحياان‬
‫كاستبداؿ اغبركة أبخرل يف كثَت من اؼبواطن‪.‬‬

‫~ ‪~ 208‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫أما على ادلستوى الصريف‪ ،‬فقد الحظت ما يلي‪:‬‬


‫‪ ‬كركد الكثَت من الصيغ اإلظبية يف لغة اؼبتعلمُت على نفس صيغ اللغة العامية أك‬
‫الدارجة‪.‬‬
‫‪ ‬استعمل اؼبتعلموف أظباء اإلشارة اؼبدرجة يف اللغة العربية الفصحى‪ ،‬مع تشويو صويت‬
‫لبعض اغبركؼ كما ذكران سالفا‪ .‬أما ابلنسبة ألظباء اإلشارة‪ ،‬فتداكؿ اؼبتعلموف تقريبا‬
‫اسم إشارة كحيد مستعار من لغة احمليط "اللي"‪.‬‬
‫‪ ‬أما ابلنسبة لؤلفعاؿ فقد مت ربريف صيغتها من قبل اؼبتعلمُت كذلك من جراء أتثَت‬
‫اللغة األـ (العامية) كما أحدثتو من تغَت لغوم ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫أما من الناحية الرتكيبية ‪ :‬فقد سجلت مظاىر كثَتة للتغَت اللغوم‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬لقد تبُت لنا من خبلؿ تتبع تراكيب اعبملة للمتعلمُت أتثرىم الواضح لغاهتم العامية‪،‬‬
‫سواء يف إنتاجهم للجملة اإلظبية أك الفعلية‪.‬‬
‫‪ ‬تكاد تندثر اعبملة الفعلية يف تعبَتات اؼبتعلمُت‪ ،‬كما ظهر منها‪ ،‬قيلب إذل صبلة اظبية‪،‬‬
‫فهم ييقدموف الفاعل على الفعل متأثرين ابللغات األجنبية (الفرنسية كاالقبليزية)‪،‬‬
‫كاغبقيقة أف ىذا ىو حاؿ العاميات اعبزائرية‪.‬‬
‫‪ ‬أنبل اؼبتعلموف يف الكثَت من اؼبواقف التعليمية اغبركات اإلعرابية‪.‬‬
‫‪ ‬كرد كثَتا أسلواب االستفهاـ كالنفي‪ ،‬كذلك كنتيجة حتمية لواقع اللغة العربية داخل‬
‫القساـ التعليمية‪ ،‬فهي تيعترب ابلنسبة للكثَت منهم دبثابة اللغة الثانية‪.‬‬
‫~ ‪~ 209‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫وعلى ادلستوى الداليل ‪ :‬كظف أفراد العينة (أقصد اؼبتعلموف) كلمات كمفردات من لغتهم‬
‫األـ‪ ،‬كابللغة األجنبية يف موقف حديثهم ابللغة العربية لفصحى‪ ،‬بسبب ضعف الرصيد‬
‫عوض بو إال الرصيد اللغوم للغة األـ‪ ،‬كىي لغة اؼبيبلد اليت‬
‫اللغوم هبا‪ ،‬كدل هبد ما يي ٌ‬
‫يسبثلها اللغات العامية كاللهجات‪.‬‬
‫نستنتج يف األخَت أف التغَتات اللغوية الناذبة‪ ،‬كانت نتيجة سيطرة الدارجات العربية‬
‫كرثتها اؼبتغَتات االجتماعية كاعبغرافية للمجتمعات على لغة اؼبتعلم الشفوية‪ ،‬فقلما‬
‫اليت ٌ‬
‫يتحدث اؼبتعلم ابللغة العربية الفصحى يف بيئتو االجتماعية‪.‬‬

‫ت‪-‬مالحظات ختص أتثري ادلتغريات السوسيولسانية ‪:‬‬

‫تبُت من خبلؿ الدراسة اؼبيدانية أف تعلم اللغة العربية الفصحى‪ ،‬إضافة إذل كجود‬
‫مؤثرات تربوية كبيداغوجية مرتبطة ابلعبلقة التعليمي‪ -‬التعلمية داخل القسم‪ ،‬مرتبط‬
‫ارتباطا كاضحا ككثيقا ابلبيئة االجتماعية كاعبغرافية للمتعلمُت كنوعهم االجتماعي‪.‬‬

‫فغَتت من‬
‫‪ -‬البيئة االجتماعية ؽبا دكر أساسي يف توجيو اللغة الشفوية ألفراد اؼبتعلمُت‪ٌ ،‬‬
‫األصوات اللغوية‪ ،‬كأفسدت اعبانب الًتكييب كالنحوم كالصريف للمتعلمُت‪.‬‬
‫‪ -‬التنشئة االجتماعية كاف ؽبا دكر أساسي يف توجيو اللغة الشفوية للمتعلمُت‪ ،‬فاؼبتعلموف‬
‫الذين نشأكا يف بيئة أسرية ذات مستول تعليمي عارل‪ ،‬حافظوا على اللغة الشفوية‬
‫القريبة من اللغة العربية الفصحى‪ ،‬فانعكس ذلك على لغتهم اؼبنطوقة داخل الصف‬
‫حبيث جانبت الفصحى‪ .‬بينما اؼبتعلموف اؼبنتموف إذل أسر متدنية اؼبستول التعليمي‪،‬‬

‫~ ‪~ 210‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية‬

‫فنادرا ما ذبدىم يتحكموف يف اللغة العربية الفصحى‪ .‬نتيجة لئلنباؿ الًتبوم الثقايف‬
‫العاـ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك ىو اغباؿ ابلنسبة للمتعلمُت اؼبنتمُت إذل األسر اؼبيسورة اقتصاداي‪ ،‬قبدىم أكثر‬
‫اىتماما ابللغة العربية الفصحى نظرا لبلىتماـ الوالدم ابألبناء يف اؼبراحل األكذل من‬
‫عمرىم‪ ،‬مقارنة ابلفئات ذات اؼبستول االقتصادم اؼبتدشل‪ ،‬كاليت ال تيورل اىتماما كبَتا‬
‫يف االستثمار الًتبوم لؤلبناء‪.‬‬
‫‪ -‬الحظنا اختبلفا يف لغة اؼبتعلمات اإلانث مقارنة بلغة اؼبتعلمُت الذكور‪ ،‬فعلى عكس‬
‫ما جاءت بو اؼبقارابت النظرية الكبلسيكية للنوع االجتماعي كعبلقتو ابؼبمارسات‬
‫اللغوية‪ ،‬كانت لغة اإلانث أميل إذل اللغة العربية الفصحى من لغة الذكور‪ ،‬فبا دعم‬
‫اؼبقارابت اغبديثة اليت تيعيد االعتبار لؤلنثى ثقافيا‪.‬‬

‫~ ‪~ 211‬‬
‫خــادتة‬
‫خــادتة‪:‬‬

‫خادتة‬
‫بعد الدراسة النظرية كالتطبيقية لعبلقة الواقع السوسيولغوم يف اجملتمع اعبزائرم‪ ،‬كما ييفرزه‬
‫من متغَتات اجتماعية كلغوية‪ ،‬دبخرجات تعليمية اللغة العربية ألقساـ السنة الثالثة اثنوم يف‬
‫اؼبدرسة اعبزائرية‪ ،‬كخاصة أثر ىذه اؼبتغَتات على لغة اؼبتعلمُت‪ ،‬مت التوصل إذل ؾبموعة من النتائج‬
‫أنبها ‪:‬‬

‫‪ ‬بعد العرض النظرم الذم ىدؼ إذل تقصي أىم اؼبقارابت السوسيولسانية اليت زبدـ‬
‫الدراسة‪ ،‬ككضعها ضمن اإلطار الذم هبمع بُت حقلي السوسيولسانيات كالتعليمية‪ ،‬كاف‬
‫لزاما علينا االستعانة دبنهجية بعض اغبقوؿ العلمية اجملاكرة كعلم االجتماع كاألنثربولوجيا‪.‬‬
‫‪ ‬التغَت اللغوم ىو نتاج للواقع االجتماعي كاالقتصادم كالثقايف للمجتمع‪ ،‬الذم ييعد دبثابة‬
‫اؼبدرسة األكذل للتلميذ من خبلؿ األسرة‪ .‬فما يتعلمو وبملو معو إذل اؼبدرسة اليت هبب أف‬
‫تكوف ابلقوة الكافية لفرض مناىجها عليو‪ ،‬كإال فسيجد نفسو متخبطا بُت ىذا كذاؾ‪.‬‬

‫‪ ‬طرأت على لغة اؼبتعلمُت تغَتات لغوية على اؼبستول الصويت كالصريف كالًتكييب كالدالرل‪،‬‬
‫أثٌرت على تعلمهم للغة العربية الفصحى‪ ،‬فشوىتها من خبلؿ استبداؿ أصوات أبخرل‪،‬‬
‫كعدـ احًتاـ للصيغ االظبية كالفعلية‪ ،‬كانباؽبم للحركات اإلعرابية كعدـ التفريق بينها‪ ،‬كما‬
‫استعانوا دبفردات من ؽبجاهتم أك من اللغات األجنبية أثناء اؼبواقف التعليمية‪ ،‬ما ينم عن‬
‫غياب اؼبسؤكلية اللغوية كالًتبوية من جهة اؼبتعلمُت كاؼبعلمُت على حد سواء‪.‬‬
‫فغَتت من‬
‫البيئة االجتماعية ؽبا دكر أساسي يف توجيو اللغة الشفوية ألفراد اؼبتعلمُت‪ٌ ،‬‬ ‫‪‬‬
‫األصوات اللغوية‪ ،‬كأفسدت اعبانب الًتكييب كالنحوم كالصريف للمتعلمُت‪.‬‬

‫~ ‪~ 213‬‬
‫خــادتة‪:‬‬
‫‪ ‬التنشئة االجتماعية كاف ؽبا دكر أساسي يف توجيو اللغة الشفوية للمتعلمُت‪ ،‬فاؼبتعلموف‬
‫الذين نشأكا يف بيئة أسرية ذات مستول تعليمي عارل‪ ،‬حافظوا على اللغة الشفوية القريبة‬
‫من اللغة العربية الفصحى‪ ،‬فانعكس ذلك على لغتهم اؼبنطوقة داخل الصف حبيث جانبت‬
‫الفصحى‪ .‬بينما اؼبتعلموف اؼبنتموف إذل أسر متدنية اؼبستول التعليمي‪ ،‬فنادرا ما ذبدىم‬
‫يتحكموف يف اللغة العربية الفصحى‪ .‬نتيجة لئلنباؿ الًتبوم كالثقايف العاـ‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك ىو اغباؿ ابلنسبة للمتعلمُت اؼبنتمُت إذل األسر اؼبيسورة اقتصاداي‪ ،‬قبدىم أكثر‬
‫اىتماما ابللغة العربية الفصحى نظرا لبلىتماـ الوالدم ابألبناء يف اؼبراحل األكذل من‬
‫عمرىم‪ ،‬مقارنة ابلفئات ذات اؼبستول االقتصادم اؼبتدشل‪ ،‬كاليت ال تيورل اىتماما كبَتا يف‬
‫االستثمار الًتبوم لؤلبناء‪.‬‬

‫الحظنا اختبلفا يف لغة اؼبتعلمات اإلانث مقارنة بلغة اؼبتعلمُت الذكور‪ ،‬فعلى عكس ما‬ ‫‪‬‬
‫جاءت بو اؼبقارابت النظرية الكبلسيكية للنوع االجتماعي كعبلقتو ابؼبمارسات اللغوية‪،‬‬
‫كانت لغة اإلانث أميل إذل اللغة العربية الفصحى من لغة الذكور‪ ،‬فبا دعم اؼبقارابت‬
‫اغبديثة اليت تيعيد االعتبار لؤلنثى ثقافيا‪.‬‬

‫يف األخَت ذبدر اإلشارة إذل أف ىذه الدراسة ىي ؿباكلة لتسليط الضوء على الظركؼ‬
‫اػبارجية اليت تيؤثر يف العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬بعدما ركزت أغلب الدراسات يف ؾباؿ تعليمية‬
‫اللغات على نظرايت االكتساب اللغوم‪ ،‬كطرؽ التدريس كالتلقُت داخل اغبجرة التعليمية فبثلة‬
‫ابلعبلقة البيداغوجية بُت اؼبعلم كاؼبتعلم كاؼبادة التعليمية (اللغة)‪ .‬فاحمليط اػبارجي‪ ،‬دبا يكتنفو من‬
‫أبعاد اجتماعية كثقافية كاقتصادية كجغرافية كحىت رقمية أصبح ييؤدم دكرا مهما يف معادلة اؼبثلث‬
‫الديداكتيكي‪ ،‬لذلك كجب التكثيف من الدراسات اليت تيعٌت هبذا السياؽ‪.‬‬

‫~ ‪~ 214‬‬
‫قائمة ادلراجع‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬

‫ادلصادر وادلراجع‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬

‫أ‪ -‬العربية‪:‬‬
‫‪.1‬إبراىيم أنيس‪ ،‬من أسرار اللغة‪ ،‬اؼبكتبة األقبلو مصرية‪ ،‬ط‪ ،3‬القاىرة‪.1966،‬‬
‫‪.2‬إبراىيم خليل‪ ،‬مدخل إذل علم اللغة‪ ،‬عماف‪ :‬دار اؼبسَتة للنشر كالتوزيع ‪ 2010‬ـ‪-‬‬
‫‪ 1430‬ھ‪.‬‬
‫‪.3‬ابراىيم صاحل الفبلحي‪ ،‬ازدكاجية اللغة النظرية كالتطبيق‪ ،‬مكتبة اؼبلك فهد الوطنية‪ ،‬الرايض‪،‬‬
‫ط‪1417( ،1‬ق‪1996/‬ـ)‪.‬‬
‫‪.4‬أبو الفتح عثماف بن جٍت‪ ،‬اػبصائص‪ ،‬ربقيق عبد اغبميد اؽبنداكم‪ ،‬منشورات دمحم على‬
‫بيضوف‪ ،‬دار الكتب‪.2001 ،‬‬
‫‪.5‬أضبد بن نعماف‪ ،‬كيف صارت اعبزائر مسلمة عربية‪ ،‬دار األمة‪ ،‬اعبزائر‪. 1993،‬‬
‫‪.6‬أضبد عبده عوض‪ ،‬مداخل تعليم اللغة العربية ‪ :‬دراسة مسحية نقدية‪ ،‬جامعة أـ القرل‪،‬‬
‫ط‪.2000 ،1‬‬
‫‪.7‬أضبد ـبتار عمر‪ ،‬اللغة كاختبلؼ اعبنسُت‪ ،‬عادل الكتب‪ ،‬ط‪.1996 ،1‬‬
‫‪.8‬إظباعيل قَتة كآخركف‪ ،‬مستقبل الديبقراطية يف اعبزائر‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪.9‬أنطواف صياح‪ ،‬تعليمية اللٌغة العربية‪ ،،‬ط‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪.2006 ،‬‬
‫‪.10‬بلقاسم بلعرج‪ ،‬الدراجة اعبزائرية كصلتها ابلعربية الفصحى‪ ،‬دراسة لسانية للهجة بٍت فتح‬
‫(جيجل)‪ ،‬مديرية النشر عبامعة قاؼبة‪ ،‬اعبزائر‪.2008،‬‬
‫‪.11‬بن زركؽ نصر الدين‪ ،‬دركس كؿباضرات يف اللٌسانيات العامة‪ ،‬ط‪ ،2‬كنوز اغبكمة‪،‬‬
‫اعبزائر‪.2011 ،‬‬

‫~ ‪~ 215‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫‪.12‬جفاؿ فتيحة‪ ،‬اللغة كاؼبمارسة الدينية‪ ،‬دار ابن بطوطة للنشر ك التوزيع‪ ،‬األردف‪.2015 ،‬‬
‫‪.13‬صبيل ضبداكم‪ ،‬التواصل اللساشل كالسيميائي كالًتبوم‪ ،‬مكتبة اؼبثقف‪ ،‬ط‪.2015 ،1‬‬
‫‪.14‬حيدر غضباف‪ ،‬اللسانيات العربية رؤل كآفاؽ‪ ،‬اعبزء الثالث ‪ :‬اللسانيات التطبيقية كاللغة‬
‫العربية‪ ،‬عادل الكتب اغبديث للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬األردف‪.2019 ،‬‬
‫‪.15‬خالد حامد‪ ،‬اؼبدخل إذل علم االجتماع‪ ،‬جسور للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬اعبزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪.16‬خولة طالب اإلبراىيمي‪ ،‬اعبزائر كاؼبسألة اللغوية‪ ،‬عناصر من أجل مقاربة اجتماعية لغوية‬
‫للمجتمع اعبزائرم‪ ،‬ط‪ ، 2‬دار اغبكمة اعبزائر‪. 2007،‬‬
‫‪.17‬رمزم منَت بلعلبكي كآخركف‪ ،‬اللغة كاؽبوية يف الوطن العريب‪ ،‬اؼبركز العريب للدراسات‬
‫كالبحاث‪ ،‬ط‪ ،1‬بَتكت‪.2013 ،‬‬
‫‪.18‬رمضاف عبد التواب‪ ،‬التطور اللغوم ‪ :‬مظاىره كعللو كقوانينو‪ ،‬مكتبة اػباقبي‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫القاىرة‪.1997 ،‬‬
‫‪.19‬زيداف علي جامث‪ ،‬دراسات يف علم اللغة االجتماعي‪ ،‬بوستاؾ أنتارا‪ ،‬ماليزاي‪.1993 ،‬‬
‫‪.20‬زين الدين بوعشة‪ ،‬أزمة التعليم العارل يف اعبزائر كالعادل العريب‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اعبيل‪ ،‬بَتكت‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪.21‬سيبويو‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ربقيق كشرح ‪ :‬عبد السبلـ دمحم ىاركف‪ ،‬ج‪ ،4‬مكتبة اػباقبي‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫القاىرة‪ ،1982 ،،‬ص ‪.481‬‬
‫‪.22‬صاحل بلعيد‪ ،‬يف اؽبوية الوطنية‪ ،‬دار األمل للطباعة كالنشر كالتوزيع‪ ،‬تيزم كزك‪ ،‬اعبزائر‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪.23‬عبد اغبميد زكزك‪ ،‬اؼبرجعيات التارىبية للدكلة اعبزائرية اغبديثة‪ ،‬دار ىومة للطابعة كالنشر‬
‫بوزريعة‪ ،‬اعبزائر‪. 2005،‬‬
‫‪.24‬عبد الرضبن بن خلدكف‪ ،‬اتريخ العبلمة بن خلدكف‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتاب اللبناشل‪ ،‬بَتكت‪،‬‬
‫دت‪.‬‬
‫‪.25‬عبد السبلـ اؼبسدل‪ ،‬العرب كاالنتحار اللغوم‪ ،‬دار الكتب اعبديد‪ ،2011 ،‬اعبزائر‪.‬‬

‫~ ‪~ 216‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫‪.26‬عبد الرضبن حللي‪ ،‬اؼبدخل إذل منهجية البحث كفن الكتابة مع تطبيقات يف العلوـ‬
‫الشرعية‪ ،‬مركز مباء للبحوث كالدراسات‪ ،‬ط‪ ،1‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪.2017 ،‬‬
‫‪.27‬عبد العارل دبلة‪ ،‬الدكلة اعبزائرية اغبديثة االقتصاد كاجملتمع كالسياسية‪ ،‬دار الفجر للنشر‪،‬‬
‫مصر‪.2004 ،‬‬
‫‪.28‬عبد هللا دمحم الغذامي‪ ،‬ثقافة الوىم (مقارابت حوؿ اؼبرأة كاعبسد كاللغة)‪ ،‬اؼبركز الثقايف‬
‫العريب‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪.1998 ،‬‬
‫‪.29‬عبد اؼبالك مراتض‪ ،‬العامية اعبزائرية كصلتها ابلفصحى‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪،‬‬
‫‪ ،2012‬اعبزائر‪.‬‬
‫‪.30‬عبد اؽبادم الفضلي‪ ،‬ـبتصر النحو‪ ،‬دار الشركؽ للنشر كالتوزيع كالطباعة‪ ،‬ط‪ ،7‬جدة‪،‬‬
‫اؼبملكة العربية السعودية‪.1980 ،‬‬
‫‪.31‬عبده الراجحي‪ ،‬علم اللٌغة التطبيقي كتعليم العربية‪ ،‬دار اؼبعرفة اعبامعية‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫مصر‪.1996 ،‬‬
‫‪.32‬عز الدين مناصرة‪ ،‬اؼبسألة األمازيغية يف اعبزائر كاؼبغرب إشكالية التعددية اللغوية‪ ،‬دار‬
‫الشركؽ للتوزيع‪.‬‬
‫‪.33‬علي آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالًتبية اؼبقاربة ابلكفاءات كالتدريس ابؼبفاىيم‪ ،‬دار أيب‬
‫رقراؽ للطباعة كالنشر‪.2014 ،‬‬
‫‪.34‬علي آيت أكشاف‪ ،‬اللٌسانيات كالديداكتيك‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪.2005 ،‬‬
‫‪.35‬عنصر العياشي‪ ،‬سيوسيولوجية الديبقراطية كالتمرد يف اعبزائر‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪،‬‬
‫اعبزائر‪.1999 ،‬‬
‫‪.36‬عيسى برىومة‪ ،‬اللغة كاعبنس ‪ :‬حفرايت لغوية يف الذكورة كاألنوثة‪ ،‬دار الشركؽ للنشر‬
‫كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عماف‪-‬األردف‪.2002 ،‬‬
‫‪.37‬كماؿ بشر‪ ،‬علم األصوات‪ ،‬دار غريب للطباعة كالنشر كالتوزيع‪ ،‬القاىرة‪.2000 ،‬‬
‫‪.38‬مبارؾ بن دمحم اؼبيلي‪ ،‬اتريخ اعبزائر يف القدصل كاغبديث ج‪،1‬اؼبؤسسة الوطنية للكتاب‪.‬‬

‫~ ‪~ 217‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫‪.39‬ؾبدم كىبة ككامل اؼبهندس‪ ،‬معجم اؼبصطلحات العربية يف اللغة كاألدب‪ ،‬مكتبة لبناف‪،‬‬
‫بَتكت‪ ،‬ط‪.1984 ،2‬‬
‫‪.40‬دمحم األكراغي‪ ،‬اللسانيات النسبية كتعليم اللغة العربية‪ ،‬منشورات االختبلؼ كدار الماف‬
‫الرابط‪ ،‬اعبزائر كالرابط‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪.41‬دمحم البشَت اإلبراىيمي‪ ،‬اآلاثر‪ ،،‬دار الغرب اإلسبلمي‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪.1997 ،3‬‬
‫‪.42‬دمحم التوقبي‪ ،‬ركاجي األظبر‪ ،‬اؼبعجم اؼبفصل يف علوـ اللغة مج ‪ ،1‬دار الكتب العاؼبية‪،‬‬
‫بَتكت‪.2001 ،‬‬
‫‪.43‬دمحم الشرقاكم‪ ،‬الفتوحات اللٌغوية‪ ،‬انتشار اللٌغة العربية ككالدة اللهجات يف القرف األكؿ‬
‫اؽبجرم‪ ،‬ط‪ ،1‬طبعة دار التنوير‪ ،‬بَتكت‪ ،‬القاىرة‪ ،‬تونس‪.2013،‬‬
‫‪.44‬دمحم اؼبيلي‪ ،‬ابن ابديس كعركبة اعبزائر‪ ،‬كزارة الثقافة‪ ،‬اعبزائر عاصمة الثقافة العربية‪ ،‬اعبزائر‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪.45‬دمحم خاف كـبتار نويرات‪ ،‬العامية اعبزائرية كصلتها ابلفصحى‪ ،‬ديواف اؼبطبوعات اعبزائرية‪،‬‬
‫اعبزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪.46‬دمحم عابد اعبابرم‪ ،‬حفرايت يف الذاكرة من بعيد‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بَتكت‪،‬‬
‫‪.1997‬‬
‫‪.47‬دمحم علي اػبورل‪ ،‬اغبياة مع لغتُت ( الثنائية اللغوية )‪ ،‬الرايض‪ :‬اؼبملكة العربية السعودية‬
‫‪ 1408‬ھ‪ 1988 -‬ـ‪.‬‬
‫‪.48‬دمحم يونس‪ ،‬مدخل اذل اللٌسانيات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب اعبديد اؼبتحدة‪.2004 ،‬‬
‫‪.49‬ؿبمود فهمي حجازم‪ ،‬علم اللغة العربية‪ ،‬دار غريب للطباعة كالنشر كالتوزيع‪.‬‬
‫‪.50‬مركاف عبد اجمليد مركاف ابراىيم‪ ،‬أسس البحث العلمي إلعداد الرسائل اعبامعية‪ ،‬مؤسسة‬
‫الورؽ‪ ،‬ط‪ ،1‬عماف‪ ،‬األردف‪.2000 ،‬‬
‫‪.51‬مها دمحم فوزم معاذ‪ ،‬األنثركبولوجيا اللغوية‪ ،‬دار اؼبعرفة اعبامعية‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪.52‬اندية سعيد عيشور كآخركف‪ ،‬منهجية البحث يف العلوـ االجتماعية‪ ،‬مؤسسة حسُت راس‬
‫اعببل للنشر كالتوزيع‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬اعبزائر‪.2017 ،‬‬

‫~ ‪~ 218‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫‪.53‬نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬مقارابت سوسيولسانية‪ ،‬الدار اؼبنهجية للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫عماف‪-‬األردف‪.2016 ،‬‬
‫‪.54‬يوسف دمحم رضا‪ ،‬معجم العربية الكبلسيكية كاؼبعاصرة‪ ،‬مكتبة لبناف انشركف‪ ،‬لبناف‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫ب‪ -‬ادلرتمجة‪:‬‬
‫‪.1‬أندرم مارتيٍت‪ ،‬مبادئ يف اللسانيات العامة‪ ،‬ترصبة ‪ :‬سعدم زبَت‪ ،‬دار اآلفاؽ‪ ، ،‬اعبزائر‪.‬‬
‫‪.2‬إيبي س‪.‬كارتوف‪ ،‬علم اجتماع النوع مقدمة يف النظرية كالبحث‪ ،‬ترصبة ‪ :‬ىاشل طبيس أضبد‬
‫عبده‪ ،‬اؼبركز القومي للًتصبة‪ ،‬ط‪ ،1‬القاىرة‪.2014 ،‬‬
‫اّلل بن غارل كصاحل بن انصر‬ ‫‪.3‬جاؾ ريتشاردز‪ ،‬تطوير مناىج تعليم اللٌغة‪ ،‬تر‪ :‬انصر بن عبد ٌ‬
‫الشويرخ‪ ،‬النشر العلمي للمطابع‪ ،‬جامعة اؼبلك سعود‪ ،‬اؼبملكة السعودية‪1428 ،‬ق‪.‬‬
‫‪.4‬جلبَت غرانغيوـ‪ ،‬اللغة كالسلطة كاجملتمع يف اؼبغرب العريب‪ ،‬ترصبة ‪ :‬دمحم أسليم‪ ،‬أفريقيا الشرؽ‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪.5‬جولييت غارمادم‪ ،‬اللٌسانة االجتماعية‪ ،‬ترصبة‪ :‬خليل أضبد خليل‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الطليعة‪،‬‬
‫بَتكت‪.1990 ،‬‬
‫‪.6‬ركبَت مارتن‪ ،‬مدخل لفهم اللٌسانيات‪ ،‬تر‪ :‬عبد القادر اؼبهربم‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬سبتمرب‪.2007 ،‬‬
‫‪.7‬ركم‪.‬سي ىجماف‪ ،‬اللٌغة كاغبياة كالطبيعة البشرية‪ ،‬ترصبة كتقدصل داكد أضبد السيد‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫عادل الكتب‪ ،‬القاىرة‪.2000 ،،‬‬
‫‪.8‬سوتَتيوس سارانتاكوس‪ ،‬البحث االجتماعي‪ ،‬ترصبة ‪ :‬شحدة فارع‪ ،‬اؼبركز العريب لؤلحباث‬
‫كدراسة السياسات‪ ،‬ط‪ ،1‬يناير ‪.2017‬‬
‫‪.9‬فرديناند دكسوسَت‪ ،‬دركس يف اللسانيات العامة‪ ،‬تر‪ :‬دمحم الشاكش‪،‬دمحم عجينة‪ ،‬صاحل‬
‫قرمادم‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪.1985 ،‬‬
‫‪.10‬لويس جاف كالفي‪ ،‬حرب اللغات كالسياسات اللغوية‪ ،‬ترصبة ‪ :‬حسن ضبزة‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بَتكت‪.2008 ،‬‬

‫~ ‪~ 219‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
،‫ اعبزائر‬،‫ دار القصبة للنشر‬،‫ دمحم وبياتن‬: ‫ تر‬،‫ علم االجتماع اللٌغوم‬،‫لويس جاف كالفي‬.11
.2006
.1998 ،‫ القاىرة‬،‫ عادل الكتب‬،‫ ترصبة أضبد ـبتار عمر‬،‫ أسس علم اللغة‬،‫ماريو ابم‬.12
‫سعد عبد العزيز مصلوح ككفاء كامل‬: ‫ ترصبة‬،‫ اذباىات البحث اللساشل‬،‫ميلكا إيفيتش‬.13
.2000 ،‫ مصر‬،‫ اؼبشركع القومي للًتصبة‬،‫فايد اجمللس األعلى للثقافة‬
،2‫ ط‬،‫ القاىرة‬،‫ عادل الكتب‬،‫ مر أبوزيد‬،‫ ؿبمود عياد‬: ‫ تر‬،‫ علم اللغة االجتماعي‬،‫ىدسوف‬.14
.1990

:‫ األجنبية‬-‫ت‬
1- Abdelrezak Douri , Les malaises de la société
Algerienne ; crise de langues et cise d’idées, Casba
éditions, Alger.
2- Adam Szczegielniak, Phonetics ، The sounds of
Language, Cengage learning, London.
3- Ahmed Taleb Ibrahimi, de la décolonisation à la
révolution culturelle, 1962-1972, 3eme édition, Alger,
sned, 1981.
4- Boubakeur Benbouzid, la réforme de l’éducation en
algérien, enjeux et réalisation, Alger, casaba édition,
2009.
5- Florian coulmas, the handbook of sociolinguistics ،
blacwell publishing, london , 1998.

~ 220 ~
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
6- Grawitz. M ، Méthodes des sciences sociales ، Edition
Dalloz, 5ème édition, France ، 1989.
7- Lotfi Sayahi, Diglossia and language contact : Language
variation and change in north Africa, Cambridge
university Press, United Kingdom, 2014.
8- Peter Trudgill, Sociolinguistics ; an introduction to
language and society, Penguin books, London ، 1995.
9- Taleb-Ibrahimi Khaoula, De la créativité au quotidien,
le comportement langagier des locuteurs algériens, In
De la didactique des langues à la didactique du
plurilinguisme, Lidilem, Université de Grenoble 3.
10- William labov ، sociolinguistique ، traduction Alain
kihm ، les édition de miniuits ، paris ، 1976.

‫ الرسائل واألطروحات‬:‫اثنيا‬
‫دراسة ميدانية لواقع التعدد‬-‫ التعدد اللغوم كاالتصاؿ حبوض اؼبتوسط‬،‫ بن عائشة الزىرة‬.1
‫ أطركحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه‬-‫اللغوم كاالتصاؿ لدل التلميذ اعبزائرم –أمبوذجا‬
‫ جامعة ايب بكر‬،2016-2017 ‫ السنة اعبامعية‬-‫د زبصص علم االجتماع كاالتصاؿ‬،‫ـ‬.‫ؿ‬
.‫بلقايد تلمساف‬
‫ دراسة ربليلية نقدية للنظاـ الًتبوم‬: ‫ السياسة اللغوية يف اجملتمع اعبزائرم‬،‫ حسٍت ىنية‬.2
‫ السنة اعبامعية‬،‫ جامعة بسكرة‬،‫ أطركحة دكتوراه يف علم االجتماع الًتبوم‬،‫اعبزائرم‬
.2018/2017

~ 221 ~
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫‪ .3‬عواريب حناف‪ ،‬أثر التعددية اللغوية يف التعبَت الشفوم كالكتايب لدل متعلمي اللغة العربية يف‬
‫اؼبرحلة الثانوية ‪ :‬مدينة كرقلة عينة‪ ،‬أطركحة دكتوراه‪ ،‬جامعة قاصدم مرابح بورقلة‪ ،‬السنة‬
‫‪.‬‬ ‫اعبامعية ‪2016/2015‬‬
‫‪ .4‬قدكر نبيلة‪ ،‬التداخل اللغوم بٍت العربية كالفرنسية كأثره يف تعليمية اللغة الفرنسية يف قسم اللغة‬
‫العربية ك آداهبا‪ ،‬ماجستَت مرقونة يف اللغوايت‪ ،‬جامعة قسنطينة‪.2006/2005،‬‬

‫اثلثا‪ :‬اجملالت والدورايت وادلداخالت‬


‫‪ .1‬ابديس ؽبويبل كنور اؽبدل حسٍت‪ ،‬مظاىر التعدد اللغوم كانعكاساتو على تعليمية اللغة‬
‫العربية‪ ،‬ؾبلة اؼبمارسات اللغوية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد ‪.2014 ،30‬‬
‫‪ .2‬بن سيفي عز الدين‪ ،‬اتريخ منطقة أكالد ميموف من خبلؿ بعض اؼبصادر الفرنسية‪ ،‬ؾبلة كلية‬
‫الًتبية األساسية للعلوـ الًتبوية كاالنسانية‪ ،‬جامعة اببل‪ ،‬العدد ‪ ،28‬آب ‪.2016‬‬
‫‪ .3‬التهامي اغباين‪ ،‬الصراع بُت اللهجات العربية كاللغة الفصحى من منظور اللسانيات التطبيقية‪،‬‬
‫ؾبلة كلية الًتبية األساسية للعلوـ الًتبوية كاالنسانية‪ ،‬جامعة اببل‪ ،‬العدد‪ ،34‬آب‪.2017‬‬
‫‪ .4‬رابح تركي‪ ،‬جهود اعبزائر يف تعريب التعليم العاـ كالتقٍت‪ ،‬ؾبلة الفيصل‪ ،‬اؼبملكة العربية‬
‫السعودية‪.1984 ،‬‬
‫‪ .5‬رقيعة عبد الكرصل‪ ،‬التعدد اللغوم مظاىره كانعكاساتو يف الواقع اللغوم اعبزائرم‪ ،‬ؾبلة علوـ‬
‫اللغة العربية كآداهبا‪ ،‬جامعة الوادم‪ ،‬اجمللد ‪ ،02‬العدد ‪.02‬‬
‫‪ .6‬عبد الرضبن بن دمحم القعود‪ ،‬االزدكاج اللغوم يف اللغة العربية‪ ،‬كمقالتاف مًتصبتاف إحدانبا‪ :‬أثر‬
‫اللغة العربية على نفسية العرب لشويب كاألخرل “االزدكاج اللغوم لفرغيسوف‪ ،‬مكتبة اؼبلك‬
‫فهد الوطنية‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪1417( ،1‬ق‪1997-‬ـ)‪.‬‬

‫~ ‪~ 222‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫‪ .7‬عبداجمليد عبدالرحيم اغباج أضبد‪ ،‬أثر اللغة الفرنسية على اللغة العربية ىف اعبزائر‪ ،‬مداخلة‬
‫قدمت دبعهد البحوث كالدراسات اإلفريقية –جامعة القاىرة‪ ،‬كلية اآلداب –جامعة إفريقيا‬
‫العاؼبية‪ ،‬أبريل ‪2015‬ـ‪.‬‬
‫‪ .8‬عثماف سعدم‪ ،‬اللغة العربية ك اللهجات اؼبتفرعة عنها ‪ :‬مقارنة بُت عامية اعبزائر قبل‬
‫االستقبلؿ ك بعده‪ ،‬مداخلة ضمن أعماؿ الندكة الدكلية الفصحى ك العامية لغة التخاطب‬
‫بُت التقريب ك التهذيب‪ ،‬اجمللس األعلى للغة العربية‪ 05-04 ،‬يونيو ‪ ،2007‬منشورات‬
‫اجمللس ‪.2008‬‬
‫‪ .9‬عواريب حناف كعيساشل عبد اجمليد‪ ،‬األسس االجتماعية لتعليمية اللغة العربية يف ضوء علم‬
‫اللغة اغبديث‪ ،‬ؾبلة األثر‪ ،‬العدد‪ ،20‬جواف ‪.2014‬‬
‫‪ .10‬مارتيخن فيلنج كجوف نَتبوف كر‪ .‬ىارالد ابيُت‪ ،‬علم اللهجات الكمي اعبغرايف ‪ :‬تفسَت‬
‫االختبلفات اللغوية جغرافيا كاجتماعيا‪ ،‬ترصبة ‪ :‬مالك أضبد عساؼ‪ ،‬ؾبلة الثقافة العاؼبية‬
‫(ملف العدد ‪ :‬نشوء كتطور اللغة)‪ ،‬اجمللس الوطٍت للثقافة كالفنوف كاآداب‪ ،‬السنة الثبلثوف‪،‬‬
‫سبتمرب‪ -‬أكتوبر ‪.2013‬‬
‫‪ .11‬نعمة دىش فرحاف الطائي‪ ،‬كبو أتسيس نظرية سوسيولسانية كربل مقاربة بينية بُت‬
‫ذباذابت احملتول كعقدية اإلنتماء‪ ،‬ؾبلة األستاذ‪ ،‬العدد ‪ ،244‬اجمللد األكؿ‪ ،‬سنة ‪.2018‬‬

‫رابعا‪ :‬القوانني والدساتري‪:‬‬


‫‪ .1‬األمانة العامة للحكومة‪ ،‬دستور ‪ ،2002‬اعبريدة الرظبية‪ ،‬الرقم ‪ ،63‬اعبزائر‪،‬‬
‫‪.2008/11/16‬‬

‫~ ‪~ 223‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
03-02‫ معدؿ ابلقانوف‬1996 ‫ ديسمرب‬8 ‫ اؼبؤرخة يف‬76 ‫اعبريدة رقم‬، ‫ الدستور اعبزائرم‬.2
.2000‫ أبريل‬14 ‫ اؼبؤرخة يف‬2‫اعبريدة رقم‬. 2002 ‫ أبريل‬02 ‫اؼبمضي يف‬22

‫ ادلواقع االلكرتونية‬:‫خامسا‬
1. http://www.alfusha.net/t2781.html

2. www.arabrenewal.org
3. http://www.almarefh.net
4. www.azzman.com

5. www.rezzgar.com
6. http://ar.wikipedia.org/wiki
7. www.tlfq .ulaval .ca
8. www.elkhabar.com
9. www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid

~ 224 ~
‫ادلالحق‬
‫‪ -‬دليل ادلقابلة‬
‫‪ -‬بطاقة تعريفية لثانوية ويسي دمحم عني اتلوث‬
‫‪ -‬بطاقة فنية لثانوية ويسي دمحم عني اتلوث‬
‫‪ -‬بطاقة تعريفية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون‬
‫‪ -‬بطاقة فنية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون‬
‫‪ -‬بطاقة تعريفية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون‬
‫‪ -‬بطاقة فنية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون‬

‫~ ‪~ 226‬‬
‫مالحق‬

‫دليل ادلقابلة‬

‫احملور األول ‪ :‬أتثري البيئة اجلغرافية على تعلم اللغة العربية‬

‫‪ -1‬ىل تعتقد أف للمدينة أتثَت على التعلم عامة؟‬


‫‪ -2‬كما ىو اغباؿ ابلنسبة لسكاف األرايؼ؟‬
‫‪ -3‬ىل ذبد صعوبة يف التواصل مع أبناء اؼبدينة؟‬
‫‪ -4‬ىل يتكلم اؼبتعلموف من سكاف القرل اجملاكرة اللغة العربية الفصحى أثناء الدرس؟‬
‫‪ -5‬ىل ييشاركك التبلميذ الذين يسكنوف يف اؼبدينة اؼبناقشة أثناء الدرس؟‬

‫احملور الثاين ‪ :‬أتثري البيئة االجتماعية واالقتصادية‬

‫ىل يتجاكب معك أبناء أصدقائك األساتذة أثناء الدرس‪ ،‬إف كجدكا؟‬ ‫‪-6‬‬
‫كما ىو اغباؿ ابلنسبة ألبناء اؼبوظفُت يف القطاع العمومي؟‬ ‫‪-7‬‬
‫‪ -8‬ىل تتوقع قباح أبناء القرل يف شهادة البكالوراي؟‬
‫‪ -9‬ما نسبتهم مقارنة بساكٍت اؼبدينة؟‬
‫‪ -10‬ىل تظن أف الوضعية االقتصادية اؼبروبة لآلابء كفيلة بتوجيو اىتماـ التبلميذ كبو‬
‫الدراسة؟‬
‫‪ -11‬كما ىو اغباؿ ابلنسبة ؼبواد اللغات كاللغة العربية خباصة؟‬

‫دلــيل ادلقابلة ‪2/1‬‬

‫~ ‪~ 227‬‬
‫احملور الثالث ‪ :‬أتثري اجلنس على تعلم اللغة العربية‬

‫‪ -12‬ىل تيفضل العمل يف قسم بو ذكور أكثر أـ إانث أكثر؟‬


‫‪ -13‬ىل تعتقد أف اإلانث أذكى من الذكور؟‬
‫‪ -14‬ىل هتتم الفتيات دبادة اللغة العربية؟‬
‫‪ -15‬ىل يبيل الذكور للغات األجنبية؟‬
‫‪ -16‬ىل يزبطئ اإلانث كثَتا يف نيطق الكلمات؟‬
‫‪ -17‬ىل الذكور أبلغ من اإلانث لغواي؟‬

‫دلــيل ادلقابلة ‪2/2‬‬

‫~ ‪~ 228‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة تعريفية لثانوية ويسي دمحم عني اتلوث ‪2/1‬‬

‫~ ‪~ 229‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة تعريفية لثانوية ويسي دمحم عني اتلوث ‪2/2‬‬

‫~ ‪~ 230‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية ويسي دمحم عني اتلوث ‪3/1‬‬

‫~ ‪~ 231‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية ويسي دمحم عني اتلوث ‪3/2‬‬

‫~ ‪~ 232‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية ويسي دمحم عني اتلوث ‪3/3‬‬

‫~ ‪~ 233‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة تعريفية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون ‪2/1‬‬

‫~ ‪~ 234‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة تعريفية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون ‪2/2‬‬

‫~ ‪~ 235‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون ‪4/1‬‬

‫~ ‪~ 236‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون ‪4/2‬‬

‫~ ‪~ 237‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون ‪4/3‬‬

‫~ ‪~ 238‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية بومحيدي الطاىر أوالد ميمون ‪4/4‬‬

‫~ ‪~ 239‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة تعريفية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون ‪3/1‬‬

‫~ ‪~ 240‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة تعريفية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون ‪3/2‬‬

‫~ ‪~ 241‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة تعريفية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون ‪3/3‬‬

‫~ ‪~ 242‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون ‪4/1‬‬

‫~ ‪~ 243‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون ‪4/2‬‬

‫~ ‪~ 244‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون ‪4/3‬‬

‫~ ‪~ 245‬‬
‫ادلالح ـ ـ ــق‬

‫بطاقة فنية لثانوية مسعود السعيد أوالد ميمون ‪4/4‬‬

‫~ ‪~ 246‬‬
‫الفهرس‬
‫الفهرس‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪ ...........................................................................‬أ‬

‫مدخل‪ :‬تعليمية اللّغة واللسانيات االجتماعية ‪11 ...................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف اللّغة ‪11 ...........................................................‬‬

‫اثنيا‪ :‬تعريف اللسانيات االجتماعية ‪20 ..........................................‬‬

‫اثلثا‪ :‬تعريف تعليمية اللغات ‪23 .................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬عالقة اللسانيات االجتماعية بتعليمية اللّغة ‪28 .............................‬‬

‫للتغري اللّغوي ‪30 ............................‬‬


‫الفصل األول ‪ :‬األبعاد السوسيوثقافية ّ‬
‫توطئة ‪30 ......................................................................‬‬

‫ادلبحث األول ‪ :‬نشأة الدرس السوسيولساين ‪30 ..................................‬‬


‫‪ .1‬علم اجتماع لغوم أـ لسانيات اجتماعية‪31 ................................ :‬‬
‫‪ .2‬العبلقة لغة‪-‬ؾبتمع عند أنطواف مايي ‪34 ............. :Antoine Meillet‬‬
‫‪ .3‬السوسيولسيانيات اؼباركسية‪36 .............................................:‬‬
‫‪ .4‬سوسيولسانيات كلياـ البوؼ‪38 ...................... :Willian Labov‬‬
‫التغري اللغوي ‪41 .........................................‬‬
‫ادلبحث الثاين ‪ :‬عوامل ّ‬
‫‪ .1‬مفهوـ التغَت اللغوم‪41 ................................................... :‬‬
‫التغَت اللغوم ‪42 ................................................. :‬‬
‫‪ .2‬أسباب ٌ‬
‫‪248‬‬
‫الفهرس‬
‫‪ .3‬اللغة كاؼبتغَتات االجتماعية ‪45 ............................................ :‬‬
‫‪ .4‬الوضعيات السوسيولسانية‪52 .............................................. :‬‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬النوع كمتغري سوسيولساين ‪58 ..................................‬‬
‫‪ .1‬مفهوـ اعبنس كالنوع‪58 ................................................... :‬‬
‫‪ .2‬مقارابت النوع كالتغَت اللغوم‪60 ........................................... :‬‬
‫ادلبحث الرابع ‪ :‬السوسيولسانيات والتعليمية ‪68 .................................‬‬
‫‪ .1‬لغة احمليط ‪70 ........................................................... :‬‬
‫‪ .2‬الكبلـ (اؼبشافهة)‪71 ..................................................... :‬‬
‫‪.3‬التواصل ‪72 .............................................................. :‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي والنظام الرتبوي يف اجلزائر ‪75 ...................‬‬

‫توطئة ‪75 .................................................................... :‬‬

‫ادلبحث األول‪ :‬البنية االجتماعية والثقافية للمجتمع اجلزائري ‪76 ..................‬‬


‫‪ .1‬النمو السكاشل‪76 ........................................................ :‬‬
‫‪ .2‬التغَت االجتماعي ‪77 ..................................................... :‬‬
‫‪ .3‬الطبقات االجتماعية‪79 .................................................. :‬‬
‫‪ .4‬التنوع اإلثٍت‪81 .......................................................... :‬‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬الواقع السوسيولغوي يف اجلزائر ‪84 ................................‬‬

‫‪249‬‬
‫الفهرس‬
‫‪ .1‬اللغات الرببرية‪ /‬األمازيغية‪88 .............................................. :‬‬
‫‪ .2‬العربية الرظبية‪ /‬العربية اعبزائرية‪90 ........................................... :‬‬
‫‪ .3‬اللهجات اعبزائرية ‪94 ......................................................‬‬
‫‪ .4‬التعدد اللغوم يف اعبزائر ‪97 ................................................‬‬
‫ادلبحث الثالث ‪ :‬سياسة التعريب يف اجلزائر ‪108 .................................‬‬
‫‪ .1‬مفهوـ التعريب ‪108 .......................................................‬‬
‫‪ .2‬كاقع اللغة العربية بعد االستقبلؿ ‪113 .......................................‬‬
‫ادلبحث الرابع‪ :‬اللغة يف ادلنظومة التعليمية ابجلزائر‪118 ...........................‬‬
‫‪ .1‬اللغة العربية يف اؼبؤسسات التعليمية‪118 ....................................:‬‬
‫‪ .2‬اللغة األمازيغية يف النظاـ الًتبوم‪122 ...................................... :‬‬
‫‪ .3‬اللغات األجنبية يف مواجهة اللغة العربية يف اؼبؤسسات التعليمية‪126 .......... :‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولغوية يف تعلّم اللّغة العربية ‪140 ..............‬‬

‫توطئة ‪140 ....................................................................‬‬

‫ادلبحث األول ‪ :‬اإلجراءات ادلنهجية للدراسة ‪141 ...............................‬‬


‫‪.1‬ؾبتمع الدراسة‪141 ....................................................... :‬‬
‫‪ .2‬عينة الدراسة‪143 ........................................................ :‬‬
‫‪ .3‬منهج البحث ‪145 ...................................................... :‬‬

‫‪250‬‬
‫الفهرس‬
‫‪ .4‬أدكات صبع البياانت‪148 ................................................. :‬‬
‫‪ .5‬إعداد اؼبدكنة اللغوية ‪150 ................................................ :‬‬
‫ادلبحث الثاين ‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الصويت ‪151 .........‬‬
‫‪ .1‬عرض كربليل نتائج شبكة اؼببلحظة‪151 ................................... :‬‬
‫‪ .2‬عرض كربليل نتائج اؼبقاببلت‪169 .........................................:‬‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الصريف ‪174 .........‬‬
‫‪ .1‬عرض كربليل نتائج شبكة اؼببلحظة‪174 ................................... :‬‬
‫‪ .2‬عرض كربليل نتائج اؼبقاببلت ‪184 ........................................ :‬‬
‫ادلبحث الرابع‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الرتكييب‪190 ..........‬‬
‫‪ .1‬عرض كربليل نتائج شبكة اؼببلحظة‪190 ................................... :‬‬
‫‪ .2‬عرض كربليل نتائج اؼبقاببلت‪197 ..........................................‬‬
‫ادلبحث اخلامس‪ :‬آاثر ادلتغريات السوسيولسانية على ادلستوى الداليل ‪202 ........‬‬
‫‪ .1‬عرض كربليل نتائج شبكة اؼببلحظة‪202 ................................... :‬‬
‫‪ .2‬عرض كربليل نتائج اؼبقاببلت‪204 .........................................:‬‬

‫استنتاجات عامة‪208 ......................................................... :‬‬

‫خادتة ‪213 .......................................................................‬‬

‫قائمة ادلصادر وادلراجع ‪215 ......................................................‬‬

‫‪251‬‬
‫الفهرس‬
‫ادلالحق ‪227 ....................................................................‬‬

‫‪252‬‬
: ‫ادللخص‬

‫يتناكؿ البحث ابلدراسة كالتحليل أىم اؼبتغَتات السوسيولسانية اليت من شأهنا التأثَت اؼبباشر‬
‫ حيث ييشارؾ‬،‫كغَت اؼبباشر على تعلم اللغة العربية يف اؼبرحلة الثانوية من النظاـ الًتبوم اعبزائرم‬
‫اجملتمع كالواقع السوسيولغوم –حبكم أف اللغة ظاىرة اجتماعية ابمتياز على حد تعبَت‬
‫ يف إفراز تغَتات لغوية مباشرة أك غَت مباشرة ربمل بُت ثناايىا أتثَتا على مستول‬-‫دكسوسَت‬
.‫استيعاب اؼبتعلمُت لتعلم اللغة العربية‬

‫ اؼبتغَتات‬،‫ اللغة العربية‬،‫ التعليمية‬،‫ اللسانيات االجتماعية‬:‫الكلمات ادلفتاحية‬


.‫ اؼبتغَتات اللغوية‬،‫االجتماعية‬
Résumé :
L’étude vise à analyser les importants variables
sociolinguistiques, qui influencent directement ou indirectement
l’apprentissage de la langue arabe aux lycées. ou la participation
du société et du situation sociolinguistique –puisque la langue est
un phénomène sociale dans les mots de De Saussure- ont un rôle
dans le changement linguistique des élèves de terminal en classe.
Mots clés : sociolinguistique, didactique, langue arabe, variables
sociales, variables linguistiques.

Summary :

This study aims to analyse the effect of sociolinguistics


variables on Arabic language learning in secondary school.
Society and sociolinguistics real participate in changing talking
language of learners in the classroom, thus makes difficulties in
learning Arabic language.

Keys words : sociolinguistics, didactics, arabic language,


social varieties, linguistic varieties.

You might also like