You are on page 1of 7

‫الجمهوريـــــــــــــة الجزائريـــــــــــــة الديموقراطيـــــــــــــــــة الشعبيــــــــــــــــــــــة‬

‫وزارة التعليـــــــــــم العالـــــــــــــي و البحـــــــــــــث العلمـــــــي‬

‫جامعـــــــــــة الحاج لخضـــــــــر – باتنة‪-‬‬

‫تخصص‪ :‬لغة‬

‫مقـــــــــــياس‪ :‬األدب المقارن‬

‫الفــــــــــــــــــوج‪06 :‬‬

‫عنوان البحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــث‬

‫التراجيديــــــــــــــــــــــا‬

‫األستاذة‪:‬‬ ‫من إعداد‪:‬‬

‫صمادي‬ ‫مرازقة خولة‬ ‫‪-‬‬

‫‪2020/2021‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫المأساةـ‪ ‬هي شكل من العمل الفني الدرامي يهدف إلى تصوير مأس اة ق د تك ون مبني ة على قص ة تاريخي ة‪ ،‬أص ل‬
‫الكلم ة ه و من‪ ‬اليونانية‪ ‬الكالس يكية (‪ )τραγῳδία‬وتع ني حرفي ا ً "أغني ة الم اعز" ‪ ،‬نس بة إلى‬
‫طقوس‪ ‬مسرحية‪ ‬ودينية كان يتم فيها غناء الكورس مع التض حية بالم اعز في‪ ‬اليون ان‪ ‬القديم ة‪ .‬التراجيـدياـ عموم ا ً‬
‫تتعلق باستعراض أحداث من الحزن ونتيجة مؤسفة في النهاية‪ ،‬كما تنطبق هذه التس مية أيض ا ً في الثقاف ة الغربي ة‬
‫على وجه التحديد على شكل من أشكال‪ ‬الدراما‪ ‬التي حددها‪ ‬أرسطو‪ ‬اتسمت على جانب من الجدية والشهامة والتي‬
‫تنطوي على شخص عظيم يمر بظروف تعيسة‪( .‬تعريف أرسطو أيضا ً يمكن أن يش مل تغ ير األح وال من س يء‬
‫إلى جيد‪ ،‬ولكنه أرسطو يقول إن التغير من الجيد إلى السيء هو األفضل ألن هذا يؤدي إلى إثارة الشفقة والخوف‬
‫داخل متفرج)‪ .‬ووفقا ً ألرسطو أيضا ً فإن "هيكل العمل التراجي دي ال ينبغي أن يك ون بس يطا ب ل معق دا وأن يمث ل‬
‫الحوادث التي تثير الخوف والشفقة‪ ".‬ويرى أرسطو‪" ،‬أن التغير في الحال نحو التعاسة والمأس اة ال يع ود إلى أي‬
‫خلل أو عيب أخالقي‪ ،‬ولكن إلى خطأ من نوع ما‪ ".‬كما أنه عكس االعتقاد الخاطئ بأن هذه المأساة يمكن أن تنتج‬
‫من قبل سلطة عليا (على سبيل المثال القانون‪ ،‬اآللهة‪ ،‬المصير‪ ،‬أو المجتمع) ‪ ،‬بينما إذا ك ان س قوط شخص ية م ا‬
‫‪1‬‬
‫في هذه المحنة ناجم عن سبب خارجي‪ ،‬فإن‪ ‬أرسطو‪ ‬يصف ذلك بأنه "بلية" وليس مأساة‬

‫‪1‬‬
‫نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم ‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫تعريفها‪:‬‬

‫‪"   ‬التراجيديا‪ ‬هي‪ ‬محاكاة‪ ‬لفع ل ج اد كام ل ذي حجم معين ‪ ،‬في لغ ة منمق ة تختل ف طبيعته ا ب اختالف أج زاء‬
‫"‪ ‬المسرحية‪ ، " ‬و بواسطة أشخاص يؤدون الفعل ال عن طريق السرد ‪ ،‬و بحيث تؤدي إلي تطه ير " النفس‬
‫" عن طريق الخوف و الشفقة بإثارتها لمثل هذه االنفعاالت"‬

‫كم ا يعرفه ا‪ ‬أرس طو‪ ‬أو كم ا يع رف باس م " المعلم األول " بكتاب ه " عن‪ ‬الش عر‪ 1." ‬و ي ري‪ ‬أرس طو‬
‫أن‪ ‬المحاكاة‪ ‬نزعة فطرية تولد مع‪ ‬اإلنسان‪ ‬منذ نعومة أظف اره‪ ،‬و أن‪ ‬اإلنس ان‪ ‬ه و أك ثر‪ ‬الكائن ات الحية‪ ‬براع ة في‬
‫هذا المضمار‪ ،‬حيث إنه ينال تعليمه و معارفه في طفولته عن طريق‪ ‬المحاكاة‪ ، ‬و أن البش ر جميع ا يج دون متع ة‬
‫كبيرة في‪ ‬المحاكاة‪ . ‬كذلك نجد أن الكلمة التي استخدمها‪ ‬اإلغريق‪ ‬للداللة علي‪ ‬الش اعر‪ ‬هي ‪ Poietes‬و هي كلم ة‬
‫ال تع ني شخص ا يخل ق من ع دم‪ ،‬ب ل تع ني الش خص ال ذي يؤل ف و ي ركب و ينظم األج زاء ال تي نقله ا عن‬
‫طريق‪ ‬المحاكاة‪ . ‬و هذا يتطابق مع نظرية‪ ‬أفالطون‪ ‬بين األصل والصورة له‪ .‬و أن كل شيء‪ ‬بالحي اة‪ ‬ه و ص ورة‬
‫ألصل في السماء‪ .‬و معني هذا أن‪ ‬المحاكاة‪ ‬ليست نقال حرفيا و ال خلقا من العدم‪ ،‬بل نقل يتضمن تغييرا و إضافة‬
‫‪2‬‬
‫ذاتية ممن قام بها‪ .‬ألي جانب انها معني لصيق باإلنسان و أيضا تحمل معني اإلضافة واالبتكار‪.‬‬

‫في تعريف‪ ‬أرس طو‪ :‬هي‪ ‬محاك اة‪ ‬أي ح دث يث ير انفع ال األلم‪( ،‬وغالب ا ً م ا ينتهي ب الموت) حيث يك ون بط ل ه ذا‬
‫الحدث شخصا ً ذا مكانة عالية‪ ،‬وحيث تؤدي عاطفتا الخوف والش فقة إلى تطه ير النفس من ه ذه االنفع االت‪ .‬وق د‬
‫تحتوي في العصر الحديث على بعض العناصر الهزلية أو القص ص الثانوي ة‪ ،‬بقص د إظه ار التب اين‪ ،‬أو التف ريج‬
‫عن الت وتر الع اطفي‪ .‬اس تمدت المأس اة من الش عائر الديني ة القديم ة في بالد‪ ‬اليون ان‪ ، ‬أم ا المآس ي ال تي‬
‫كتبها‪ ‬إسخيلوس‪ ،‬ويوربيديس‪ ،‬و‪ ‬س وفوكليس‪ ،‬فق د ك انت تتس م بالط ابع األدبي أك ثر من اتس امها بالط ابع ال ديني‪.‬‬
‫وكانت‪ ‬المأساة في‪ ‬فرنسا‪ ‬إبان‪ ‬القرن ‪ ،17‬وبخاص ة في المس رحيات ال تي كتبه ا‪ ‬راس ين‪ ،‬وك ورني‪ ،‬ك انت تل تزم‬
‫بالوحدات الكالسيكية الثالث‪ ،‬وهي وحدة‪ ‬الزمن‪ ،‬ووحدة‪ ‬المكان‪ ،‬ووحدة‪ ‬الحدث‪ .‬وهو ما يتعارض مع‪ ‬المأساة‪ ‬في‬
‫األدب اإلنجليزي‪ ،‬كما في مسرحيات‪ ‬وليم شكسبير‪ .‬ولم يعد للمأساة بمفهومها التقليدي وجود في الوقت الحاض ر‪.‬‬
‫فالمأس اة عن د‪ ‬إبسن‪ ‬تع الج في الغ الب مش كالت اجتماعي ة وسياس ية‪ .‬ومن أش هر كت اب‪ ‬المأس اة‪ ‬في العص ر‬
‫الحديث‪:‬تشيكوف‪ ،‬وسترندنبرج‪ ،‬و يوجين أونيل‪ ،‬و ماكسويل أندرسون‪.‬‬

‫أجزاء‪ ‬التراجيديا‬
‫أكتملت‪ ‬التراجيديا‪ ‬و أص بحت فن ا أدبي ا متكمال و متم يزا خاص ة في عص ر ث الث الش عراء الكب ار " ‪ ‬يوربي دس‪" ‬‬
‫كانت تتألف من األجزاء األربعة التالية‪:‬‬

‫المقدمة‬
‫و تعرف ب "البرولوج "عبارة عن الجزء الذي يقع دخول‪ ‬الجوقة‪ ‬إلي‪ ‬األوركسترا‪ ‬ألول مرة و ك ان‪ ‬الك اتب‪ ‬به ذا‬
‫الج زء يمه د للموض وع ال ذي سيعرض ه في مس رحيته‪ ،‬و احيان ا ك انت تص اغ بص يغة‪ ‬المونولوجفيلقيه‪ ‬أح د‬
‫الشخصيات مثل ثالثية األوريستية‪ ‬أليسخيلوس‪ ، ‬حيث يبدأها حاجب القصر‪ ،‬و أحيان ا تك ون عب ارة عن ح وار "‬
‫‪3‬‬
‫ديالوج " بين أثنين من الممثلين‪ ،‬و قد أهتم‪ ‬يوربيدس‪ ‬بالمقدمة و طورها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فن الشعر ‪ ،‬أرسطو ‪ ،‬ترجمة د‪ /‬إبراهيم حمادة ‪ ،‬ص‪95:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم ‪ ،‬ص‪22‬‬
‫‪3‬‬
‫فن الشعر ‪ ،‬أرسطو ‪ ،‬ترجمة د‪ /‬إبراهيم حمادة ‪ ،‬ص‪127:‬‬
‫أغنية الجوقة‬
‫تنقسم أغنية‪ ‬الجوقة‪ ‬إلي قسمين‪:‬‬

‫أغنية المدخل و هي أول جزء كامل تلقيه الجوقة عند دخولها إلي‪ ‬األوركسترا‪ ‬ألول مرة في‪ ‬المسرحية‪، ‬‬ ‫‪.1‬‬
‫و ينظم هذا الجزء في أوزان راقصة سريعة‪ ،‬تالئم حركة أفراد‪ ‬الجوقة‪ ‬و هم يقومون‪ ‬بالرقص‪ ‬و اإلنشاد‬
‫معا‪.‬‬

‫‪ -2‬الفاصل اإلنشادي‪ :‬و هي أغاني‪ ‬الجوقة‪  ‬الكاملة التي تقوم بإنشادها بين الفصول‪ ،‬و لقد سميت بهذا االسم ألنه ا‬
‫عبارة عن أغان غير مصحوبة‪ ‬بالرقص‪ ، ‬و ال يدخل في نظمها التفعيل " األنابيستي " ‪.‬‬

‫و يأتي هذا الجزء أحيانا ‪-‬أغنية‪ ‬الجوقة‪ -‬ببداية المسرحية بالنسبة للتراجيديات التي تبدأ بأغنية‪ ‬الجوقةمباش رة‪ .‬أم ا‬
‫بالنس بة للتراجي ديات المحتوي ة علي مقدم ة ف إن دخ ول الجوق ة يك ون بع د المقدم ة مباش رة‪ .‬و ك انت‬
‫أغني ة‪ ‬الجوقة‪ ‬تتخل ل‪ ‬المس رحية‪ ‬من ب دايتها إلي نهايته ا " س واء ك انت بالمس رحية مقدم ة أو ال " حيث‬
‫تق وم‪ ‬الجوقة‪ ‬بإنش اد أغانيه ا ال تي تتف اوت في طوله ا‪ ،‬و في ارتباطه ا باألح داث التراجيدي ة وفق ا‬
‫لتطور‪ ‬الفن‪ ‬الدرامي‪ ،‬و و فقا التجاهات المؤلف نفسه‪ ،‬ذلك أن بعض الم ؤلفين ك ان يزي د من العنص ر الغن ائي و‬
‫بعضهم كان يحاول اختصاره إلي أدني حد ممكن‪ ،‬كم ا أن البعض ك ان يرب ط أغ اني‪ ‬الجوقة‪ ‬ب المواقف الدرامي ة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫أما البعض اآلخر فكان ال يهتم بإيجاد مثل هذا الترابط أو يفشل في إيجاده‪.‬‬

‫المشهد التمثيلي‬
‫يعد الج زء ال درامي‪ ‬بالتراجي ديا‪ ‬و يك ون عب ارة عن مقطوع ات من الح وار التم ثيلي ال ذي ي دور بين شخص يات‬
‫المسرحية‪ ،‬ليكشف للمشاهد عن أبعاد كل شخصية‪ ،‬و عن الصراع الدائر بينها‪.‬‬

‫عرف‪ ‬أرسطو‪ " ‬المشهد التمثيلي " بأنه جزء من‪ ‬التراجيديا‪ ‬يق ع بين أغني تين ك املتين من أغ اني‪ ‬الجوقة‪ . ‬و علي‬
‫هذا يمكن اعتبار " المشهد التمثيلي " بمثابة فصل من فصول المس رحية الحديث ة‪ ،‬و لم تكن‪ ‬التراجي ديا‪ ‬اإلغريقي ة‬
‫[‪]19‬‬
‫في أي عصر من عصورها تحتوي علي أكثر من خمسة من هذه " المشاهد التمثيلية "‪.‬‬

‫و في عهد‪ ‬أسخيلوس‪- ‬أول الكتاب الثالث‪ -‬كان المشهد التمثيلي بالتراجيديا عب ارة عن ح وار بين شخص ين فق ط‪،‬‬
‫بمع ني أن ه لم يكن يش ترك ممث ل ث الث ب الحوار ال دائر بين الشخص يتين إال بع د خ روج أح دهما‪ ،‬و لكن‬
‫بالنسبة‪ ‬لسوفوكليس‪ ‬ويوربيديس‪ ‬من بعده كان المشهد التمثيلي عب ارة عن ح وار بين ثالث شخص يات في المنظ ر‬
‫الواحد‪ .‬و لقد أضاق الممث ل الث الث ال ذي أدخل ه‪ ‬س وفوكليس‪ ‬عمق ا جدي دا للص راع ال درامي ال دائر‪ ،‬ألن ه بوس عه‬
‫االنضمام إلي طرف ضد اآلخر بناء علي موقف و سلوك كل منهما‪ ،‬بحيث يؤدي هذا بلورة الصراع و توض يحه‬
‫‪2‬‬
‫بأكثر مما لو كان التضاد بين طرفين فقط ال ثالث لهما‪ ‬‬

‫الخاتمة‬
‫بهذا الجزء يتم حل العقدة التي تكون قد بلغت ذروتها قبله بقليل‪ ،‬و به أيضا تخرج‪ ‬الجوقة‪ ‬من‪ ‬المسرح‪ ‬بعد انته اء‬
‫العرض المسرحي‪ ،‬و يكون هذا بمثابة إسدال الستار في‪ ‬المسرح‪ ‬الحديث في نهاية العرض المسرحي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ ‬نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم ‪ ،‬ص‪36‬‬
‫‪2‬‬
‫نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم ‪ ،‬ص‪37‬‬
‫و علي مؤلف‪ ‬التراجيديا‪ ‬بهذا الوقت أن يراعي تص اعد األح داث ح تى تص ل إلي ذروته ا‪ ،‬و أن يوج د له ا الح ل‬
‫المنطقي المناسب‪ ،‬كما كان عليه أن يوائم بين مشاهد‪ ‬الحوار‪ ‬واألغاني‪ ‬بحيث ال يطغي عنصر علي آخر‪ .‬ألنه إذا‬
‫زاد العنصر الغنائي علي الحد فقدت ال دراما حركته ا و تأثيره ا‪ ،‬و إذا انع دام العنص ر الغن ائي أو ق ل عن الح د‬
‫أص بحت‪ ‬التراجي ديا‪ ‬ثقيل ة الوط أة علي نفس المش اهد‪ ،‬و فق دت بالت الي جاذبيته ا ل دي جمه ور‪ ‬المس رح‬
‫‪1‬‬
‫اإلغريقي‪ ‬القديم‪ ‬‬

‫موضوعات التراجيديا‪:‬‬
‫استمد كتاب‪ ‬التراجيديا‪ ‬موض وعاتهم من‪ ‬األس اطير‪ ‬القديم ة وال تي ك انت تراث ا معروف ا لمواط نيهم‪ ،‬ألن‪ ‬المس رح‬
‫اإلغ ريقي‪ ‬ارتب ط من ذ ظه وره و نش أته‪ ‬بال دين‪ ‬والعقي دة‪ ، ‬له ذا لزام ا أن ترتب ط موض وعات التراجي ديا بالعقي دة‬
‫اإلغريقية متمثلة في ال تراث األس طوري‪ ،‬حيث أن األس اطير تع د عقي دة‪ ‬اإلغريق‪ . ‬تك ونت ه ذه‪ ‬األس اطير‪ ‬ع بر‬
‫العص ور و س اهم في ص نعها‪ ‬الش عراء‪ ‬واألدب اء‪ ، ‬و لم تعتم د علي لكتاب ة ب ل التناق ل الش فهي و‬
‫‪2‬‬
‫تصور‪ ‬اإلغريق‪ ‬أنفسهم‪.‬‬

‫اتس مت موض وعات‪ ‬األس اطير‪ ‬بالمأس اة والنهاي ات المأس اوية ال تي لحقت بأبطاله ا‪ ،‬ك ذلك أن‪ ‬ال دراما‪ ‬ارتبطت‬
‫ب التطهير‪ ،‬والتطه ير مرتب ط بالعقي دة من ناحي ة تطه ير النفس من ش رورها‪ ،‬و ه ذا يفس ر اتج اه‬
‫كتاب‪ ‬التراجيديا‪ ‬لي‪ ‬األساطير‪  ‬كواجهة للعقدية اإلغريقية كما يتصورها اإلغريقي القديم‪ .‬اعتقد اإلغري ق أن وق ائع‬
‫األس اطير ق د ح دثت بالفع ل بالماض ي الس حيق‪ ،‬له ذا ك انت حق ل خص ب للكت اب و ذل ك لتوافقه ا م ع ق انون "‬
‫الضرورة أو االحتمال "‪ ،‬كذلك إلي جانب أن شخصياتها تعد تاريخية أو شبه تاريخية‪.‬‬

‫ترتكز‪ ‬األساطير‪ ‬علي رؤية فلس فية حكيم ة لحي اة‪ ‬اإلنس ان‪ ، ‬و وج د الكت اب به ا حقال خص با فشخص ياتها تص لح‬
‫بأبعاده ا المتباين ة لتص وير الص راع في‪ ‬التراجي ديا‪ ، ‬حيث أن الشخص يات العادي ة ال تعطي التراجي ديا عم ق أو‬
‫صراع‪ .‬فالدراما‪ ‬ليست فكرة داخ ل ذهن اإلنس ان ال ينتج عنه ا تص رف معين ‪،‬ب ل هي س لوك و تص رف و فع ل‬
‫إنساني يظهر و ينمو و يتعدى حدود الذاتية فيؤثر في اآلخرين و يتحمل صاحبه تبعة تص رفه ألن ه واع و م درك‬
‫لما يفعل ‪ ،‬بل أنه يصر علي فعله إصرارا‪ .‬و يتمادى في الدفاع عنه بكل قوته حتى لو أدي ذلك إلي ص دام هال ك‬
‫م ع اآلخ رين‪ .‬أذا‪ ‬فالتراجي ديا‪ ‬ذات مغ زي أخالقي و ه دفها التطه ير المرتب ط‪ ‬بالعقي دة‪ ، ‬و ك ان ه ذا كل ه‬
‫‪3‬‬
‫محقق‪ ‬باألساطير‪.‬‬

‫لم تقتصر موضوعات‪ ‬التراجيديا‪ ‬علي عالم‪ ‬األساطير‪ ، ‬فهناك كتاب استمدوا موض وعاتهم من الحي اة المعاص ر ‪،‬‬
‫خاصة الجانب السياسي منها مث ل " الح روب م ع‪ ‬الف رس‪ ، " ‬خاص ة م ع خ روج‪ ‬اإلغريق‪ ‬منتص رين بع د حرب ا‬
‫‪4‬‬
‫طويلة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫التراجيديا‪  ‬تهدف إلي الحد من رغباتنا المتطرفة و نوازع الشر الكامنة في نفوسنا ‪ ،‬و هذا ال يأتي إال بهزها ه زا‬
‫من األعماق حتى ترق مشاعرنا ‪ ،‬و حتى نصبح أكثر رحمة و تعاطفا ‪ ،‬و أقل غلظ ة و قس وة ‪ ،‬و به ذه الطريق ة‬
‫تصبح دموعنا مطهرا لن وازع الش ر اآلثم ة ال تي تراودن ا بين الفي ة واألخ رى من أج ل التس لط علي اآلخ رين و‬
‫سحقهم ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم ‪ ،‬ص‪38:39‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم ‪ ،‬ص‪39‬‬
‫‪3‬‬
‫فن الشعر ‪ ،‬أرسطو ‪ ،‬ترجمة د‪ /‬إبراهيم حمادة ‪ ،‬ص‪130:‬‬
‫‪4‬‬
‫نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم ‪ ،‬ص‪42‬‬
‫أن‪ ‬التراجيديا‪  ‬تحاول جاهدة الحد من األنا المتسلطة والمتضخمة التي تدفع اإلنسان للغطرسة والتطرف ‪ .‬و ت رمي‬
‫إلي تحم ل اإلنس ان علي االع تراف لعقم الش ر ‪ ،‬و ع دم ج دوي التس لط ‪ ،‬و ال مش روعية الغ رور والتط رف ‪،‬‬
‫والفاجعة التي تح ل بالبط ل في‪ ‬التراجي ديا‪ ‬ذات مغ زي ‪ ،‬ألنه ا تس حق غ روره و تمح ق غطرس ته ‪ ،‬و هي ن ذير‬
‫بالتحول في شخصيته و يبشر بكشف الغمة عن بصره ‪ ،‬ألنه بعدها سيص بح أك ثر وض وحا في رؤيت ه ‪ ،‬و أك ثر‬
‫تعقال في أحكامه ‪.‬‬

‫التراجيديا‪  ‬ال تنتظر وقوع اإلثم كي تعالجه ‪ ،‬بل هي تتفق مع المثل القائل " الوقاي ة خ ير من العالج " ألنه ا تبغي‬
‫تطهير النفس مما قد ينتابها من نوازع الشر ال تي ال تك ون في الع ادة ق د ظه رت في الس لوك ‪ ،‬و مع ني ذل ك أن‬
‫التطهير عالج وقائي للمثالب و ليس عقارا لمقاومة المرض ‪.‬‬

‫قائمة المصادر و المراجع‪:‬‬


‫نظرية الدراما اإلغريقية ‪ ،‬د‪ /‬محمد حمدي إبراهيم‬ ‫‪-1‬‬
‫فن الشعر ‪ ،‬أرسطو ‪ ،‬ترجمة د‪ /‬إبراهيم حمادة‬ ‫‪-2‬‬

You might also like