You are on page 1of 8

‫للتربية الفنية دور مهم في بناء شخصية الفرد فهي تساهم مع باقي المواد الدراسية في إعداد الفرد‬

‫المتكامل الشخصية وتمنحه قدرة لالستجابة للجمال أينما وجد وأينما كان ويؤكد الباحثون أهمية الفن‬

‫التربوية باعتباره القوى المهذبة لغرائز اإلنسان والمتسامية بها إلى المستويات الرفيعة فهو يهذب النفس‬

‫ويضمن نموا في الذوق واإلحساس بالجمال إلى جانب اكتساب المهارات الفنية ‪ ,‬ويعالج الفن في المدارس‬

‫على أساس انه مادة ممتعة وله دور كبير في التربية فالدارس للفن يتغير سلوكه وتتغير عاداته ويكون قادرا‬

‫على إدراك المعاني والقيم الجمالية في األشياء ‪ .‬والتربية الفنية تعد جوهر للتربية الوجدانية التي تغني‬

‫الشخص روحيا وتكمل اهتمامه الفكرية والعملية ‪ ,‬فتكمل شخصيته الفنية من خالل تنمية المفاهيم‬

‫السليمة للتذوق والمعايير الصحيحة لالستمتاع بكل حواسه ‪ ,‬وتعد التربية الفنية جزءا مكمال للعملية‬

‫التربوية والطف يجد في الفن خير متنفس ألحاسيسه وانفعاالته ‪ ,‬والمراهق يجد في الفن خير معبر‬

‫لطموحاته ورغباته الخيالية ‪ ,‬والبالغ يجد في الفن خير معبر ألفكاره وتكوين شخصيته المستقبلية ‪ ,‬ولذا‬

‫ينبغي أن يمارس التربية الفنية وفق آخر ما توصلت إليه األبحاث التربوية والنفسية التي تهتم بتعليم الفن‬

‫وال تبنى الشخصية المتكاملة للفرد إال من خالل تعلم كل مواد المعرفة والفهم المرتبطة بالفن حيث تبنى‬

‫عالقة سوية ومنسجمة مع بعضهما البعض وبهذا نستطيع أن نكون أشخاص متزنين عقليا وسيكولوجيا ‪.‬‬

‫فنظم التعليم في البلدان المتخلفة تستهدف في تعليمها تعليم األفراد المواد العلمية واآلبية وتفضيلها على‬

‫مادة التربية الفنية والجمالية او مواد الفن األخرى متجاهلة وظيفتها التي هي اكثر وظائف التربية أهمية ‪,‬‬

‫فالفن ال يحرزه أي شخص غير أصحابه الموهوبين فهو ال يخضع للمقاييس التي تبنى عليها القوانين‬

‫العلمية كما هو الحال في المواد العلمية بل هو موهبة يحصل عليها الفرد منذ والدته فإذن يكون الفن في‬

‫هذه الحالة ذا قيمة للمجتمع والدولة ‪ ,‬فالمجتمعات والدول المتقدمة تعتز وتفتخر بفنانيها وعلمائها وأدبائها‬

‫وشعرائها وقادتها وقد تكون الفنون التشكيلية والفنون العملية ذات فائدة ال تحصر لإلنسانية علما أننا اليوم‬

‫نجد التعليم لم يعمل على إطالق عنان الفن وإشاعته بين الناس ونتيجة لذلك لم نعثر على أناس من‬

‫المتخرجين من الجامعة مفعمين بالوعي الفني والذوق الجمالي ويدهم مزودة بالقدرة على الرسم المبتكر‬

‫يشهد العالم في وقتنا الحالي انفجارا ً معرفيا ً في شتى الميادين ‪ ،‬وثورة علمية وتقنية ( تكنولوجية ) لجعل‬

‫العلم والمعرفه ادوات وظيفيه في تطوير الحياة ‪ ,‬وهذا ما سهل حياة االنسان في كل مكان ‪ .‬ولما كانت‬
‫التربيه احدى االدوات االساسيه للتمنيه وسبيلها في الوقت الحاضر‪ ,‬فقد اصبحت التربيه وسيلة الدول‬

‫النلميه في مغادرة اوضاعها المتخلفة واقتفاء خطوات الدول المتقدمه لتحقيق نوع من التقدم في العلم‬

‫والتطور التقني ( التكنولوجي ) بما يضمن تطويرها اجتماعيا ً واقتصاديا ً وثقافيا ً ‪ ،‬وتضييق الهوة التي تفصل‬

‫بينها وبين الدول المتقدمه في هذا المجال عن طريق اهتمامها باعداد االجيال وتشكيلها وفق التغيرات‬

‫المختلفه التي تحدثها والتي ترغب في احداثها ) مما جعل النظره الى التربيه على انها عمليه مقصوده‬

‫لجعل العلم والمعرفه ادوات وظيفيه في نمو الناشيء وتكيفة لظروف المجتمع المتغيره ‪ .‬يضع نصب عينيه‬

‫تربيه الجيل الصاعد ) وهذا ما جعل التربيه تحتل موضعا ً مهما ً في حياة المجتمع ‪ ،‬بقدر ما تهيئه من‬

‫فرص النمو والتنشئه االجتماعيه لالجيال الجديده لتشارك مشاركه فعاله في حياته العامه ‪ ,‬وبهذا فأن‬

‫التربيه بالنسبه للمجتمع وسيله لبقائه واستمراره ( بل هي وسيله تقدمه وتطوره اذا ما اريد لهذا التقدم‬

‫والتطور ان يكون عميق الجذور متأصال ً في حياة االفراد ) ‪ .‬وهذا ما جعل التربيه موضع اهتمام اغلب دول‬

‫العالم المتقدمه منها والناميه ‪ ,‬وقد ترجم هذا االهتمام بالتعليم وباالخص التعليم النظامي وما يتصل به من‬

‫مؤسسات تعليميه ‪,‬بأعتباره افضل الوسائل لتحقيق غايات المجتمع واهدافه التي يفترض تحقيقها للوصول‬

‫بالمتعلمين الى مستوى المطلوب من الكفايات والمهارات ومتطلبات الحياة‪ .‬يقول احد المربين ( ان‬

‫اؤلئك الذين لديهم بصيره مباشره بالواقع يكونون غالبا ً عاجزين عن ترجمة بصائرهم الى اشكال فريده‬

‫‪,‬فثمة قدر كبير من التفكير يأخذ طريقه نحو صياغة العقل‪,‬وكلما ارتفع مثل هذا التفكير في مقياس‬

‫االبتكاريه واالصاله كان اكثر استعدادا ً للرجوع الى التصور الذهني ‪ .‬ويرى ( ارسطو ) الذاهب الى القول بأن‬

‫العمل الفني ليس مجرد نسخه للطبيعة او الحقيقه‪ ،‬بل انه جهة جديدة لها ‪ ,‬فهو يرى ان الشخص لم تكن‬

‫مهمته في تعلم الفن ان يدير مرأة في جميع االتجاهات ‪ ،‬بل في استطاعته ان يغير ويعدل في اشكاله او‬

‫يحذف جزءا ً منها أو يضيف اليها وفقا ً الغراضه الخالقه ‪ ,‬أن هذه الطريقة التلقينيه قد تحد من المواقف‬

‫الخالقه المكتشفه بدال ً من استثمارها بفطنه وبطريقة تربويه ونفسيه بحيث تأتي بأحسن النتائج بوجه عام ‪.‬‬

‫اليزال الهدف من تدريس التربيه الفنيه في المدارس هو تمكين الطالب في رسم االشياء على حقيقتها ‪،‬‬

‫ومما يجدر بنا ان ندركه هو ان هذه الطريقه المتعلقه باالنطباعات البصريه التساعد الطالب على اكتساب‬

‫مهارات تصويريه ابداعيه يكون قادرا ً على االبتكار بل يكتسب المهارات الفنيه التي تعينه على نقل‬

‫واستنساخ االشكال والنماذج كما هي في الطبيعه ‪ ،‬او كل ما يقوم به الطلبه من رسوم واعمال يدويه التعد‬
‫اعماال ً فنيه حره مميزه لشخصياتهم ‪ ,‬وال تعبر عنهم فهي أعمال تدرب عليها الطالب تدريبا ً أليا ً فتتخذ‬

‫عادة اشكاال ً غريبه عن اتجاهاتهم وانماطهم الطبيعيه وبالتالي تبعثر افكار الطالب الفطريه والذهنيه‬

‫والمنطقيه ‪ .‬ان طلبتنا على اختالف اعمارهم يتمتعون بقدرات عقليه خالقه وخبرات تمكنهم من االبتكار‬

‫واالبداع فيستطيعون تجاوز حدود تقليد الطبيعه ‪ ،‬ولهذا يفترض بمعلم او مدرس التربيه الفنيه عدم حمل‬

‫الطالب على نقل المالمح الثابته لالشياء الطبيعيه أو تمثيل االشياء تمثيال ً حقيقيا ً وجعله يعبر بدال ً عن‬

‫ذلك عن عالمه الخاص به ‪ ,‬بحيث يتمكن ان يعبر بواسطه الفن عن مشاعره وانفعاالته ليكون انعكاسا ً‬

‫لذلك المركب من الغرائز واالفكار في داخله ‪ ,‬الن الطالب يفكر ويالحظ وهو يرسم فعقله يربط ذاته باالشياء‬

‫ولديه قدره على استخدام تفكيره وخياله على نحو يكفل له الهيمنه على حل مايواجهه من مشكالت‬

‫فنيه‪,‬ويصبح اقدر على تمثيل مايقع في متناول حواسه تمثيال ً عقليا ً وليس بصريا ً ‪ .‬ويمكن القول ان‬

‫ملكات الطفل العقليه والحسيه تمكنه من ان يكون على جانب كبير من االستعداد للخلق الفني فيعمل‬

‫خياله على خلق انماط جديده داخل وسطه الذي يعيش فيه ويستخدم تفكيره ‪ ،‬وعندما ينتقل الطفل الى‬

‫المرحله الثانويه يحسن بالمدرس ان يوجهه الى اكساب قدره تخيليه لتحقيق موضوعات في نطاق مفهوم‬

‫جديدة عن البيئه تختلف عما كانت عليه في المرحله االبتدائيه ومنحه معرفه حسيه ملموسه حول‬

‫عالقات الخطوط وااللوان واالبعاد واالحجام وااليقاع واالنسجام وتصور الفن في اطار واسع بعيدا ً عما هو‬

‫اكاديمي ويكسبه سلوكا ً أخر ينسجم مع الطبيعه وعليه ان يحافظ على شخصية الطالب ونمطه الفني‬

‫الموروث أو المتأصل بحيث يستحضر وحدة الشعور لدى مروره من طفولته الى بلوغه الرشد‪ .‬أن المهمه‬

‫الرئيسيه لمدارس التربيه الفنيه هي ايجاد طريقه بصريه اخرى محسوسه في التفكير تصل الى اقصى درجه‬

‫في فعاليتها في خلق العمل الفني وهذه الطريقة تنمو لتصبح وحدة فريده في الحساسيه بلوغا ً للهدف الذي‬

‫نسعى اليه ‪ ,‬اال وهو خلق قدرة لدى الطالب لتصوير االشياء خياليا ً وبتصرف ويعطي العمل الفني حياة‬

‫وقيمه خاصة به فيحتوي على اشكال ورموز لها دالله نفسيه تعكس افكار التلميذ ومشاعره ويحدث ذلك من‬

‫خالل تفاعلة مع عناصر البيئه المتنوعه فتأتي اعماله على شكل صياغات جديده يسهم فيها عقله من‬

‫خالل تفكيره وادراكاته الحسيه ‪ .‬وبما أن أنماط التفكير لدى الطلبه متنوعه وتعزى ذلك لالعماق السقلي‬

‫جدا ً بعقل كل واحد منهم وهو شيء ثابت اليتغير من خالل تكوينهم الفسيولوجي الذي نرى فيه أجلى وأقيم‬

‫ما في االدراك االنساني من معوقات فبوسعنا أذن ان نوظف هذه االنماط الفكريه في ما يمكن أن يقوم به‬
‫الطالب من أبداعات فنيه ونستحيل رغباته ومطامحه وذكرياته الى اشكال تصويريه مختلفه ‪ ,‬قد تكون‬

‫رمزيه أو تجريديه او واقعيه او زخرفيه او هندسيه او مسرحيه الخ …‪ .‬تدخل فيها المضامين الواقعيه او‬

‫التدخل فالنشاط الفكري والتأثر الوجداني هما االساس في عمليه الخلق الفني لدى الطالب في هذه‬

‫المرحله ‪ ,‬الن الفكر هو مصدر االلهام واالبتكار‪ .‬علينا ان نوسع من هذا النشاط في معاهدنا وكلياتنا الفنيه‬

‫لكي يصبح الطالب قادرا على تمثيل ما يقع في متناول فكره وحسه تمثيال ً عقليا ً فريدا ً في نوعه ‪ ,‬وهذه‬

‫هي طريقة التفكير الصحيحه التي تؤازر عملية االبداع وتنمو لتصبح وحدة فريده في االحساس واالفكار‬

‫وبالتالي تكون اساسا ً لنشاط الطالب وتعبيرا ً عن شخصيته‪ .‬ظلت طرق تدريس الفنون في مدارسنا‬

‫ومعاهدنا وكلياتنا الفنيه معتمدة على نظريات واراء فلسفيه غربيه قديمه ‪ ,‬وقد قامت بعض هذه النظريات‬

‫على تفسير خاطيء للفن وغاياته النبيله وفق عملية محاكات الغير‪ ,‬أي الترديد الحرفي لموضوعات‬

‫الطبيعه المعتاده وحوادثها وأن ما يكشف عنه الموضوع الفني يجب ان يماثل بدقه ذلك االنموذج أو‬

‫الشخص او المنظر المنظر الطبيعي الموجود امامنا‪ ,‬والصوره الشخصيه تحاكي الشخص الذي تصوره وذلك‬

‫بتتبع تفاصيل وجهه بدقه ‪ .‬وعلى ذلك فأن اهم شيء في الفن هو المشابهه او المطابقه الحرفيه ‪ ,‬وأطلق‬

‫على هذه النظريه رسم المحاكاة البسيطه ‪ ,‬ويذهب انصار هذه النظريه الى القول ان العمل الفني يكون‬

‫في افضل حاالته عندما يكون اقرب شبها ً للحياة ‪ .‬وظلت طرق تدريس الفن في معاهد واكاديمية الفنون‬

‫الجميله في قطرنا تستند على اراء وتجارب الفنانين االوربيين المعروفين القدماء والجدد ‪ ,‬فظل تأثير‬

‫الطريقه االنطباعيه التي ظهرت في فرنسا في نهاية القرن التاسع عشر سائدة في المعاهد والكليات فترة‬

‫طويله وحتى وقتنا هذا وبقيت االساليب االوربيه في الفن مسيطرة على تفكير واذهان بعض اساتذة الفن‬

‫وطلبتهم ‪ ,‬وكذلك عند قلة من الناس الذين ينحصر اهتمامهم في التطلع الى االعمال الفنيه الغريبه ‪ ,‬وقد‬

‫حاول عدد من االساتذه أن يبنوا تدريسهم على مايعدة الفنانون االوربيون من تجارب حديثه ‪ ,‬ويرى هؤالء‬

‫االساتذه ان الطالب اليصبح فنانا ً اال اذا تعلم مباديء الفن الصحيحة التي يتبعها الفنانون الكالسيكيون او‬

‫االكاديميون وهم بذلك االعتقاد الخاطيء وجهوا النشاط الخالق والنشاط التذوقي لدى الطلبه الى التقليد‬

‫والترديد لالساليب الفنيه االوربيه وقد يكون من المفيد ان نقتبس وصف ( هربرت ري د ) الذي يقول ( ان‬

‫الرسم في احدى االكاديميات حتى لو استمر الى الشيخوخه لن يجعل من الطالب فنانا ً مبتكرا ً ‪ ,‬ذلك ان‬

‫العين تبعد كثيرا ً عن االصل لرسم جزء لوقت ما فمن المحتمل انه لم يكن يعرف ماكان يقوم بنسخه‬
‫عندما عندما ينتهي من عمله اكثر مما كان يعلم عندما بدأه)‪ .‬وقد ثبت ان طريقة المحاكاة وتقليد الطبيعه‬

‫لم تعد كافيه وال وافية في تدريس الفن ‪ ,‬النها تأخذ الجانب البصري فقط وتهمل الجوانب الذاتيه المتباينه‬

‫عند الطالب ‪ ,‬فهي تضيع افكار الطالب الفطريه وحقائقه الذهنيه والمنطقيه ويعبر الطالب عن واقع خارج‬

‫نطاق خبرته الخاصه وطبيعته الفنيه ‪ ,‬وفضال عن ذلك فهي تفتقر الى االصاله وانعدام المرونه في التعبير‬

‫عن الشكل والمضمون ‪ .‬فال يستطيع الطالب فيها أن يوفق بين ما يفكر به وبين حالته االنفعاليه وعواطفه‬

‫وال بين النظام المعتاد المتعلق بالجانب التقليدي اآللي للطبيعه وقوانينها‪ .‬ويعترض ( فيرون ) على‬

‫الطريقة المتبعه في أكاديميات الفنون في العالم يقوله ( أن الطلبه يتعلمون األصول الصحيحة للتصوير‬

‫ويكتسبون مقدرة تكنيكية ويدرسون الفن اليوناني والروماني وغيرهما من الفنون العالميه التي تعتمد على‬

‫التقليد والمحاكاة ثم ينتخبون إعماال باردة الحياة فيها ‪ ،‬وكان ذلكراجعا ً الى انهم هم أنفسهم لم يشعروا‬

‫بأنفعال شخصي عميق إثناء إبداعهم )‪ .‬ويقول ( تولستوي ) أيضا ( إن الفن ال يكون مبدعا ً إال إذا كان‬

‫الشخص قد أحس على طريقته الخاصة بالشعور الذي ينقله ال عندما ينقل إلى الناس شعور شخصي أخر )‬

‫وان التمييز بين الطالب الخالق المبتكر والطالب المقلد هو إن األول يعمل بقدرته التخيلية وبتفكيره‬

‫وبعقله وانفعاالته بينما الثاني يعمل بمهاراته المكتسبة ( الصنعة ) في وضع األلوان والخطوط وترتيب‬

‫اإلشكال وهذا ليس صعبا ً على أي شخص يجد نفسهراغبا ً في نقل وتقليد أشكال الطبيعة ويتدرب تدريبا ً‬

‫أليا على إتقان قواعد الرسم والنحت ويكتسب المهارات التقنية فيها‪ .‬أن ( وسيلة لتنميه سلوك الطالب‬

‫وتوجيها فنيا ً تربويا ً ‪ ,‬فهي ليست دراسة لمهارة حرفيه فقط ‪ ,‬ولكنها حماية لنشاط ذهني وبدني يشحذ‬

‫القدرات االبداعيه لدى الطالب من تنظيم ألفكاره واهتماماته ‪ ,‬وترتيبها وتخطيطها ‪ ,‬وابتكار في أساليب‬

‫تناوله للموضوعات الفنية بصورة خاصة ‪ ,‬والموضوعات الدراسية األخرى بصورة عامه )‪ .‬تعد التربية الفنية‬

‫وسيله لتطوير وتثقيف القوى المتميزة للمتعلم ألنها تعمل على تنمية قدراته الخاصة ‪ ,‬ومن اهتماماته‬

‫وميول فنيه وتوجيهها نحو تنظيمها في موضوعات فنيه مبتكره ‪ (,‬كما أكد المؤتمر الوطني للتطوير التربوي‬

‫والمنعقد في عمان ‪1987‬م إلى انه ينبغي إن تسعى التربية الفنية إلى بناء شخصيه فنيه تتسم باالصاله‬

‫وقدرتها على ‪ -1 :‬إيجاد أشكال ورموز فنيه جديدة لم تكن موجودة قبال ً ‪ -2 .‬استحداث وتطوير إشكال‬

‫رموز موجودة أصال وتوظيفها بعد تحديثها وتعديلها‪ -3 .‬إعادة استخدام رموز وإشكال كانت موجودة قبال ً‬

‫في تشكيالت مختلفة‪ .‬إن تعليم التربية الفنية لم يكن من حيث أهميته وتأثيراته ومؤثراته بمعزل عنه‬
‫باقي مواد الدراسة ‪ ,‬الن الحياة الواقعية خير وسيله للتربية ما كانت تالءم طبيعة التلميذ وتساير الحياة‬

‫الواقعية التي يحياها‪ .‬يالحظ اثرها في سلوكهم كمستوى يتطلع اليه فيرى مثال تطورا ملموسا من جانب‬

‫الطلبه في حسن اختيارهم للملبس او حسن تنظيمهم للمدرسه او القاعات الدراسيه او معامله بعضهم‬

‫البعض االخر او في تمسكهم بطابعهم الفني الخاص ببيئتهم المحليه او بوطنهم العربي بوجه عام‪ .‬وهذا ما‬

‫يجعل لمدرس التربيه الفنيه دورا مهما في العمليه التربويه ‪ ,‬الستطاعته استغالل كل الفرص في سبيل‬

‫تهيئة الظروف من اجل تكوين الخبرات والمهارات عند الطلبه فضال عن تمكنه من ( اجراء التغيرات في‬

‫االفراد وفي االتجاة الذي يمكنهم من التكيف مع ذواتهم ومجتمعهم ومتغيرات العصر الذي يعيشونه‪ .‬ان‬

‫تعليم التربيه الفنيه كغيرة من المواد المدرسيه االخرى التخلو من الصعوبات التي تعيق نموها وتحول دون‬

‫تحقيق اهدافها لذا فان التعرف على الصعوبات التي يواجهها مدرسو التربيه الفنيه ورسم الحلول المناسبه‬

‫لها ‪ ,‬يمثل غير شك بدايه لعمل تقويمي علمي يساعد كثيرا في تطوير تعليم التربيه الفنيه ‪ .‬كما ان‬

‫الوقوف على راي المدرسين في تحديد هذه الصعوبات وبمساهمتهم في تعيين هذه الصعوبات وسبل‬

‫معالجتها له ما يبرره خالل ممارستهم لتعليم مادة التربيه الفنيه وتمكينهم من التفكير بمقترحات وبدائل‬

‫لمواجهة تلك المعوقات ‪ .‬اظهرت البحوث والتجارب لدى دول العالم بان التربيه الفنيه تقوم بتحفيز عقول‬

‫الطالب نحو اإلبداع واالبتكار وتنميه قدراتهم الفنية وثمة صعوبات أخرى تتعلق بطرائق التعليم المتبعة ‪,‬‬

‫فنجد الدرس لم يؤد الغرض منه‪,‬بل ربما يؤدي إلى نفور المتعلمين من الدرس ‪ ,‬فقد يعود السبب إلى‬

‫المدرس الذي لم يستطيع إن يوصل المعلومات إلى المتعلمين ولم يستطيع التأثير فيهم ‪ .‬فالصعوبة إذن ال‬

‫تتجلى في النهج المدرسي ‪ ,‬وطريقة التعليم ‪ ,‬وإعداد المدرس وتدريبه فحسب ‪ ,‬وإنما قد تكمن أيضا في‬

‫أساليب التقويم ‪ ,‬واالختبارات التي يقوم بها مدرس المادة ‪ ,‬العتماده على أساليب تقليديه‪ .‬المسرح في‬

‫مفهومه وسيلة من وسائل الثقافة ‪ ،‬وعندما يتعامل مع الطفل البد من وجود النظرية التربوية إلى جانب‬

‫تقديم الجرعة الثقافية السهلة التي يتقبلها الطفل‪ .‬إضافة إلى أهم األمور المتعلقة بفن المسرح‪ .‬ونعني‬

‫التسلية البعيدة عن السطحية والهامشية في التعامل مع الطفل في مختلف مستوياته العمرية ‪ ،‬مع وجود‬

‫المخرج المتمكن والممثل القادر على إيصال أفكار الكاتب دون إقحام أو عملية قسرية في حياة الطفل‬

‫مما يجعله ينفر من هذا العالم الجميل‪ .‬إن تحديد عمر الطفل أمر ضروري لتقديم العمل المسرحي‪ ،‬ومن‬

‫الضروري أيضا في هذه الحالة مشاركة األطفال في العمل المسرحي مشاركة صميمية بعيدا ً عن الزجر‬
‫واإلكراه‪ ،‬وال بد إن يكون ذلك وفق تقديم عملي مدروس نابع من الضرورات العامة واألسس المهمة لبناء‬

‫المجتمع ‪ ,‬وعليه فان أول ما ينبغي إن نتحلى به في تعاملنا مع الطفل هو الصبر الطويل والجميل ألنه‬

‫مفتاحنا إلى النجاح ‪ ,‬فالطفل يحتاج إلى وقت أطول حتى يتقن ما يريد ويستوعبه ‪ ،‬مما يجعل اإلعمال‬

‫المخصصة لألطفال تكلف جهدا ً وعمال ً شاقين ومن حيث المبدأ ‪ ،‬فان الطفل يجب إن يفرح ويسعد‬

‫ويتحرك بحرية وعفوية ويضحك وعلى المسرح إن يحقق له ذلك ‪ .‬ولكن يجب إن ال يكون المسرح وسيلة‬

‫للتسلية والضحك فقط‪ ،‬فيفقد هدفه المرسوم والمرجو منه ‪ ،‬إن الفكاهة عنصر أساسي في مسرح الطفل ‪،‬‬

‫وهذا أمر طبيعي ومن الضروري إن يسعى له كل فنان أو كاتب مسرحي‪ .‬وان على المسرح إن يحقق له‬

‫ذلك بعيدا ً عن اإلسفاف والتهريج بحيث يصبح وسيلة للترفيه فقط وليس للتربية الصحيحة القويمة‪ .‬وعلى‬

‫هذا األساس ينادي خبير اليونسكو العربية ( زكي خفاجة ) بإقامة مسرح قومي يحقق من خالله وجود‬

‫المسرح الشامل كوسيلة تثقيفية تربوية‪ .‬إن المدرسة احد األماكن التي يجب االهتمام برعاية الطفل من‬

‫خاللها‪ ،‬فكما إن الطفل يتلقى المبادئ األولية للقراءة والحساب والعلوم األخرى ‪ ،‬وزرعها في ذاكرته عبر‬

‫مختلف المراحل الدراسية‪ ،‬لذا فان من الضروري تربية الطفل على حب المسرح وارتياده والمشاركة فيه‬

‫والتفاعل معه ‪ ،‬لكي نخلق منه أنسانا ذا ذوق رفيع يشعر بأهمية المسرح في حياته ومستقبله ‪ ،‬فيعمل‬

‫على احترامه ومتابعته والسعي نحو مشاهدة عروضه‪ .‬إن التعامل مع الطفل له خصوصيته‪ ،‬لذلك ال بد من‬

‫البحث والدراسة والتحري واكتشاف أفضل السبل والوسائل التربوية والنفسية الصحيحة لمخاطبة عقل‬

‫الطفل وتفكيره والوصول إلى مداركه وتفهم تطلعاته وما يرغب تحقيقه ‪ ،‬إن من الضروري إن يكون العمل‬

‫المسرحي المقدم لألطفال بعيدا ً عن التهويل والرعب والخوف والزجر والجبن واإلعمال الخارقة ‪ ،‬وان تكون‬

‫الشخصيات المجسدة في العمل المسرحي قريبة إلى نفسه ومرحلته الدراسية والعمرية وان يكون محببا ً له‬

‫في اإلقدام والشجاعة وحب الخير واإليثار ومساعدة اآلخرين واحترام اإلنسان ألخيه اإلنسان وحب العمل‬

‫والتفاني من اجل الوطن والدفاع عنه واالستماتة من اجله وتقديم العون والمساعدة ولمن يطلبها والتآلف‬

‫والتكاتف والتعاون لدرء الشر واالنتصار عليه وتحقيق مجتمع الخير والمحبة‪ .‬وان يتضمن العمل المسرحي‬

‫الرقص والغناء واإللحان المحببة لألطفال ذات التراكيب اللحنية البسيطة واعتماد األوزان الخفيفة السهلة‬

‫التوازن بين الكلمة والجملة الموسيقية الخفيفة األداء ‪ .‬إن تلحين أغاني األطفال أمر صعب ‪ ،‬وعليه فان‬

‫البساطة ال تعني الركاكة في اإللحان وال بد من النفاذ إلى جوهر الموضوع دون لف أو دوران أو مزركشة ‪ ،‬لذا‬
‫فان اقرب األلوان المسرحية إعجابا لألطفال هي المسرح االستعراضي والغنائي ومسرح العرائس والدمى‬

‫المليء بالبهجة والسرور‪ ,‬مما يخلق لدى األطفال حالة من التنفيس ثم التحريض لبلوغ الهدف المرسوم‬

‫في العمل المسرحي‪ .‬إن تقديم مسرحية لألطفال يعني الدقة في االختيار والدراسة المتأنية لهذا العمل‬

‫ويستوجب ذلك اختيار المكان بشكل سليم بعيدا ً عن مراكز االزدحام والعمل والضجيج والبد إن يتم ذلك من‬

‫خالل مسرحية لها القدرة على التعامل مع الطفل المتفرج‪ .‬وتأتي اللغة في مقدمة متاعب من يحاول‬

‫اقتحام هذا العالم الساحر الجميل من األدباء والكتاب ‪ ,‬فالكاتب المسرحي يقف حائرا ً أمام ما يريد أن‬

‫يوصله من آراء وأفكار ومشاهد لألطفال فبأي لغة يخاطبهم ويتفاعل معهم لغوياً‪ ،‬لذا فان على الكاتب إن‬

‫يختار اللغة العربية المبسطة التي يهمها األطفال بعيدا ً عن القوالب اللغوية الجامدة في جو مسرحي‬

‫يسوده الغناء والموسيقى فالطفل عنده االستعداد التام لتقبل اللغة العربية المبسطة والبعيدة عن المباشرة‬

‫ييسر للطفل التخاطب والتخلص من عيوب التشتت والتفنن باستخدام هذه اللغة يؤكد فيما ال بد منه‬

‫للطفل‪.‬‬

You might also like