Professional Documents
Culture Documents
ملخص
يھ دف البح ث إل ى التع رف عل ى فلس فة األش كال الرمزي ة وعالقتھ ا ب الحكم الجم الي عن د
سوزان النجر التي تناولت األعمال الفنية وسماتھا الخاصة بوصفھا وس يلة رمزي ة للمعرف ة ،وق د
ذھب الباحثان إلى محاولة رصد أصول فلسفة األشكال الرمزي ة عن د أرنس ت كاس يرر ال ذي رأى
أن الرمز يعد بمثابة الطاقة الفكرية التي بواس طتھا يص بح مض مون مع ين م ن ال دالالت الفكري ة،
مرتبطا بعالمات حسية وواقعية متطابقة ،وفي ضوء ذلك فقد تم تناول مدى ت أثير فلس فة األش كال
الرمزية على فلسفة الف ن عن د النج ر ،وموقفھ ا م ن وظيف ة الف ن وعالقت ه ب الرمز ،وم ن الص ورة
الفنية وعالقتھا بالوجدان البشري ضمن سياقات الحكم الجمالي.
الكلمات المفتاحية :الرمز ،األشكال الرمزية ،الفن ،الحكم الجمالي ،الوجدان.
Abstract
The research seeks to study Susanne Langer’s Philosophy of
Symbolic Figures and its relation to Aesthetic Judgment; as she focuses
on artworks and its distinguished features as a symbolic mean for
’knowledge. The two researchers attempted observing Ernst Cassirer
sorigins of the philosophy of symbolic figures; where the symbol
becomes the intellectual energy that forms a specific content of
intellectual indicators, which is connected to identical sensual and
realistic signs. In the light of that, the researchers studied Langer’s work
on the effect of symbolic figures on the philosophy of art, and its position
1336ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
in relation to the function of art and its connection to the symbol; in
addition to the artistic image and the human affection within the contexts
of aesthetic judgment.
Keywords: The Symbol, Symbolic Figures, Art, The Aesthetic
Judgment, The Affection.
المقدمة
تعد الفيلسوفة سوزان النجر ) (1) (1975 - 1895 Suzane K. Langerمن األسماء
الالمعة في الفلسفة المعاصرة في الواليات المتحدة األمريكية ،فال يمكن تجاوز ما قدمته من
دراسات وأبحاث فلسفية حول الفن ،وقد اعتقدت النجر أن كل الفنون تقوم على إبداع أشكال
تعبيرية ،ومع أن اإلنسان قد يحاول أن يعبر عن أفكاره بأحسن صورة ممكنة إال أن إعطاء القيمة
التعبيرية ألية فكرة يختلف تماما عن إعطاء التعبير للوجدان ،فالغرض النھائي للفن ھو تحقيق
تأثيرات نوعية معينة لھا قدرة على التعبير.
وبدخول الرمز إلى الفلسفة المعاصرة ،فقد شرعت األبواب أمام آفاق جديدة لم يعھدھا الفكر
الفلسفي ،وبدأ االھتمام بدراسة الرمز طبقا لعالقته بعدد من الظواھر اإلنسانية مثل اللغة والقرابة
والنسب والزواج ،ثم انتقل االھتمام بالرمز من دائرة المعرفة إلى دائرة الحضارة ،وتعد دراسات
أرنست كاسيرر في ھذا المجال ،وآراؤه حول فلسفة األشكال الرمزية ،من الدراسات المتقدمة
التي أسس من خاللھا لمحاوالت فھم طبيعة اإلنسان واألنظمة اللغوية والفنية والميثولوجية التي
تمثل وسيطا رمزيا يواجه به الكائن البشري الكون وما حوله ،لتصبح ھذه األشكال مع مرور
الزمن نتاج تفاعل بين عالم اإلنسان وعالم الواقع ،وكان لفلسفة األشكال الرمزية عند كاسيرر
أثرھا في فلسفة الفن عند النجر ،التي بلورت ومن خالل تلك السياقات الرمزية ،موقفھا من
وظيفة الفن وعالقته بالرمز ،ومن الصورة الفنية وعالقتھا بالوجدان البشري ضمن سياقات
الحكم الجمالي ،حيث رأت أن الفن رمز والعمل الفني صورة رمزية ،وبالتالي ھو إبداع أشكال
قابلة لإلدراك الحسي بحيث تكون معبرة عن الوجدان البشري أو الحياة الباطنية من خالل ما
تشتمل عليه من إمكانات رمزية ،وفي ضوء ذلك جاء ھذا البحث للوقوف على مرتكزات فلسفة
األشكال الرمزية عند كاسيرر وعالقتھا بالحكم الجمالي عند سوزان النجر.
) (1ولدت سوزان النجر في مدينة نيويورك عام 1895م من أبوين ألمانيي األصل ،ودرست في )رادكليف( حيث
حصلت على الماجستير ثم الدكتوراه ،واستھلت حياتھا العملية مدرسة في الجامعات األمريكية ،تأثرت بآراء
الفيلسوف )ارنست كاسيرر( ،وقد تنوع إنتاجھا الفلسفي بين المنطق والفلسفة العامة وعلم الجمال وفلسفة الفن
وعلم اللغة ،ومن مؤلفاتھا :تطبيق الفلسفة 1930م ،أفق جديد في للفلسفة 1942م ،مقدمة في المنطق الرمزي
1953م ،الوجدان والصورة 1953م ،تأمالت في الفن 1959م ،وغيرھا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1338ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
على الخبرة الحسية ،فإن عملية التصور عند كاسيرر قد استحالت إلى م ا يطل ق علي ه الرمزي ة أو
التمثيل الرمزي.
ويمكن القول بصفة عامة أن ھناك دائما طريقة معينة يج ري عل ى أساس ھا التمثي ل الرم زي
للعمل الفني" ،وھذه الطريقة تقابل واحدا من النظم الثالثة الرمزية التي تخلق وتشكل ثالثة نماذج
من الواقع الموضوعي تقابلھا على التوالي ثالث وظائف رمزية:
وظيف ة التعبي ر :الع الم ال ذي تخلق ه ھ ذه الوظيف ة ھ و ع الم األس طورة الب دائي .وھن ا تخ تلط −
العالمات أو اإلشارات بمدلولھا وتمتزج الرموز بما ترمز إليه.
وظيف ة الح دس :وت تم باس تعمال اللغ ة العادي ة الت ي تخل ق أش كال ع الم اإلدراك الع ادي .إنھ ا −
الوظيفة التي تشكل وتخلص وتصوغ عالم الحي اة الجاري ة .وبھ ذه الص فة يمك ن التميي ز ب ين
بعض الصفات الدائمة التي تحدد لنا أنواع الج واھر وب ين الص فات األخ رى العرض ية .كم ا
يمكن التمييز بين الموضوعات وصفاتھا أو بين األش ياء وبعض ھا .وفلس فة أرس طو تق دم لن ا
طريقة في التفكير في األشياء سابقة على المرحلة العلمية ھي طريقة التمثيل الرمزي.
الوظيفة التصويرية :ھذه الوظيفة تخلق وتشكل عالم العلوم ،وھ و ع الم أق رب إل ى أن يك ون −
نسقا من العالقات وليس مجرد نسق من الجواھر وصفاتھا .فالجزء ال يرد إلى الكل ،بل ان ه
يرد إلى مبدأ تنظيمي بحيث تنتظم الجزئيات بحس ب نظ ام مع ين أو سلس لة مح ددة" )زي ادة،
1988م ،ص635ـ .(637
لقد اقترح كاسيرر دراسة الرموز دراسة تكوينية لمختلف األشكال الرمزية ،أو دراسة اللغ ة
والفن األسطورة والعل م بحس ب تطورھ ا الت اريخي ،وذل ك ألن الرم ز يع د بمثاب ة الطاق ة الفكري ة
الت ي بواس طتھا يص بح مض مون مع ين م ن ال دالالت الفكري ة مرتبط ا بعالم ات حس ية وواقعي ة
متطابقة ،وقد وضح كاسيرر الفرق بين الرم ز والعالم ة" ،وألن العالم ة ،تغط ي ظ واھر ووق ائع
عدي دة ،ثقافي ة واجتماعي ة وحيواني ة وص ناعية ،ف ان كاس يرر يمي ز ب ين ن وعين م ن العالم ات،
عالم ات بوص فھا إش ارة ،وعالم ات دال ة تمث ل ،ف ي نظ ره ،العالم ات الرمزي ة الحقيقي ة"
) ،(Cassirer,1957,p.357ويمك ن الق ول أن فلس فة األش كال الرمزي ة ف ي تحليلھ ا للتك وين
واالستمرارية والتجديد ،قد اختلفت بش كل كل ي ع ن الط رح البني وي القائ ل بالقطيع ة واالنفص ال،
وذلك حينما تجاوزت النظرة الفلسفية لكاسيرر ،تلك الثنائية الحادة والتقابلية الصورية التي وقع ت
فيھا البنيوية ،عندما قدمت التزامن على التعاقب والدال على المدلول والشكل على المضمون.
لقد رفض كاسيرر ضمن فلسفته الجمالية النظرة التقليدية التي كان ت ت رى ب أن الف ن ص ورة
طبق األصل عن الواقع الخارجي ،وذھب إلى أن النشاط الفني يقوم على تمثيل الواقع ف ي ص ورة
مرك زة ،وج اء رفض ه لتل ك النظ رة التقليدي ة ألنھ ا "تحي ل النش اط الفن ي كل ه إل ى عملي ة وص ف
للطبيعة أو تقليد للعالم التجريب ي ) ،(Cassirer, 1954, p180ويج ب أال تك ون مھم ة الف ن ھن ا
ھ و التقلي د أو المحاك اة الواقعي ة الت ي تخل و م ن اإلب داع ،وإنم ا خل ق أش كال يتجل ى فيھ ا الط ابع
الشخصي المميز لھا عن غيرھا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1340ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
وتحدث كاسيرر عن الرموز السيموطيقية في فلسفة األش كال الرمزي ة ،وذھ ب إل ى أن الف ن
ھو "مظھر من مظاھر الحض ارة البش رية ،وأن اإلنس ان ل يس مج رد حي وان ن اطق ،ب ل ھ و أوال
وبالذات حي وان رام ز ،أو حي وان ص انع للرم وز ،وليس ت الرم وز البش رية مج رد مجموع ة م ن
الدالالت أو العالمات التي تشير إلى بعض المعاني أو األفكار أو التصورات ،بل ھو شبكة معق دة
من األشكال أو الصور التي تعب ر ع ن مش اعر اإلنس ان وانفعاالت ه وآمال ه ومعتقدات ه ،وتبع ا ل ذلك
فإن كاسيرر قد ذھب إلى أن فطرة اإلنسان أوس ع م ن دائ رة العق ل الخ الص ،وأن مكان ة الف ن ف ي
مض مار الحض ارة البش رية إنم ا ترج ع إل ى كون ه لغ ة م ن اللغ ات الرمزي ة العدي دة الت ي ح اول
اإلنسان اصطناعھا في فھمه للعالم" )إبراھيم1966 ،م ،ص ،(278السيما وأن اإلنسان يسبح ف ي
ھالة من الرموز المحيطة به والتي تؤثر على وعيه وتفكيره بما تحمله من مضامين ودالالت.
ويرى كاسيرر أنه ال يمكن الفصل بين شكل العمل ومضمونه" ،فاألشكال ليست فقط وسائل
وتقنيات إلعادة إنتاج فكرة من األفكار وإنما ھي جزء أساسي من اإلبداع الفني ،والذين يرفضون
قدرة وقوة الخي ال الفن ي ،إنم ا ينك رون ف ي الواق ع الط ابع الرم زي للف ن ،ويج ب اإلق رار بالط ابع
المحايث لرمزية الفن وليس بطابعه المتعالي ،وإذا كان الفن حسب شلينغ ھو )التعبير النھائي ع ن
الالنھائي( وإذا كان الفن عند ھيغل ھو )التعبير عن المطلق( ،ف ان م ا يج ب البح ث عن ه ف ي الف ن
ليس الالمتناھي وال المطلق وإنما العناصر البنيوية األساسية لخبرتنا الحسية ذاتھا ،في الخط وط،
في الرسم ،في اإلشكال المعمارية والموسيقية ،إن ھذه العناصر تتمت ع بحض ور دائ م ،إنھ ا مرئي ة
وملموسة" ).(Cassirer, 1954, pp.221-222
لقد شكل الفن ـ بوص فه ج زءا ال يتج زأ م ن حي اة اإلنس ان وخبرت ه وتجربت ه ـ أح د اإلش كال
األساسية لفلسفة األشكال الرمزية عند كاس يرر ،حي ث درس ه م ن منظ ور ت اريخي ورم زي ،ول م
يت ردد ف ي أن يقرب ه م ن "س ائر األش كال الرمزي ة األخ رى ،فيق رر أن ه ل يس مج رد نس خ لحقيق ة
جاھزة معدة من ذي قبل ،بل ھو واحد من تلك السبل العديدة المؤدية إلى تكوين نظرة موض وعية
إل ى األش ياء وإل ى الحي اة البش رية" )إب راھيم1966 ،م ،ص ،(282ل ذلك فق د أخ ذت األش كال
الرمزي ة الت ي اب دعھا اإلنس ان ممي زات عدي دة ومختلف ة ،إال أن م ا يميزھ ا عل ى وج ه التحدي د
والتخص يص ،تل ك العالق ة الش ائكة ب ين الثب ات والتغي ر ،ب ين المحافظ ة والتح رر ،ب ين التقلي د
والتجديد ،وكل ذلك يأتي لخلق مقومات اإلبداع.
وي رى )إيك و( "أن كاس يرر يماث ل النظري ة الكانتي ة للمعرف ة معي دا تأويلھ ا ليجع ل المتع الي
أكثر تاريخية وثقافية بنظرية سيميائية ،فالعمل الترميزي الذي يمارس في لغة الكالم ،وك ذلك ف ي
الفن والعلم واألسطورة ،ال يھدف إلى تسمية عالم معروف من قبل ب ل إل ى انت اج ش روط معرفت ه
نفسھا ،فالرمز ليس تغليفا عرضيا بحتا للفكر ،بل ھو عنصره الضروري واألساسي ،وتبع ا ل ذلك
فكل فكرة دقيقة وجادة ال تجد سندھا الثاب ت إال ف ي الرمزي ة والس يميائية الت ي تعتم د عليھ ا ،وإل ى
جانب ع الم م ن الرم وز اللغوي ة والتص ورية يوج د ع الم م ن األش كال خلقت ه األس طورة أو الف ن،
وھناك فوارق بين أش كال رمزي ة مختلف ة ذات طبيع ة إم ا تص ورية أو حدس ية خالص ة ،لك ن ھ ذه
الفوارق تجتمع كلھا تحت صنف الرمزي ـ السيميائي" )إيكو2005 ،م ،ص.(326
إن التجربة الجمالية تقتضي الدخول ف ي المنح ى ال ديناميكي والحرك ي لإلش كال الت ي تش كل
مصدرا للمتعة النظرية ،وعند االنتقال م ن الجم ال الطبيع ي إل ى الفن ي فإنن ا ف ي الواق ع ننتق ل م ن
ع الم األش ياء الحي ة إل ى ع الم اإلش كال الحي ة ،حي ث ي رتبط المتلق ي باالنس جام وتناس ق األش كال
واألل وان ،وي رى كاس يرر أن الجمي ل ل يس محايث ا وال مباش را للش يء ،وھ و ال يمك ن تحدي ده
باالنطباع فقط ،وإنما نحدده بنشاط الفكر أيضا ،وھذه العملية ليست ذاتية محضة وإنما ھي عملي ة
ضرورية إلدراك الواقع الموضوعي.
وال يلغي كاسيرر أھمية األشكال الفنية في كل ثقافة ،حيث تظھ ر ك ل تجرب ة فني ة ف ي ش كل
معين" ،فالرسم يبين شكل األشياء مرئيا ،والفن الدرامي يعكس اإلشكال العميقة لحياتنا النفسية أو
الباطنية ،وأن إعط اء ش كل لعاطف ة م ن عواطفن ا أو ش عور م ن مش اعرنا ،ھ و تحويلھ ا إل ى حال ة
ح رة ونش طة ،وف ي األث ر الفن ي للفن ان ،ف ان ق وة العاطف ة ذاتھ ا تتح ول إل ى ق وة تش كيلية"
).(Cassirer, 1954, p212
وإذا كان كاسيرر قد تعامل مع األسطورة على أنھا بنيه رمزية قائمة بذاتھا وال تشير إلى ما
ھو خارج ذاتھا فانه قد وصف م ا تتناول ه بأن ه "تجس يد للتعبي ر ع ن المش اعر اإلنس انية ،وبالت الي
فإنھا لغة رمزية من المشاعر تعبر عن وحدة تواصل التجربة .لكن الحقيقة الت ي توج د ف ي مص ل
ھذه اللغة الرمزية ،تكون ذاتية ونفسية وتواص ل التجرب ة .نمط ا م ن االعتق اد وال ذي ق د تك ون ل ه
الوظيفة المھمة من الناحية اإلنسانية واالجتماعية التي تتعلق بتكوين توازن داخلي وبإقامة عالق ة
عن الذات والنظام االجتماعي من خالل األس طورة" )رايت ر1992 ،م ،ص ،(42وب ذلك فق د ح دد
الفن بأنه إبداع أشكال رمزية تأخذ وظيفتھا في التعبير عن الوجدان البشري وان عالم اإلنس ان ق د
يتحدد بطريقة جوھرية من خالل تلك األشكال.
.2وظيفة الفن وعالقته بالرمز عند سوزان النجر
اتخذت النجر من آراء كاسيرر الرمزية مرتكزاً أساسيا ً في تحديد موقفھا من الف ن ،ففس رت
الفن تفسيراً رمزي اً ،وذل ك حينم ا وص فته بأن ه نش اط م ن األنش طة الرمزي ة الت ي أب دعھا اإلنس ان
للتعبي ر م ن خاللھ ا ع ن مكنون ات الوج دان البش ري ،حي ث تعامل ت م ع الف ن عل ى أن ه رم ز وأن
العمل الفني صورة رمزية ،وطبق ت ھ ذا المفھ وم ف ي البداي ة عل ى ف ن الموس يقى ،منطلق ة م ن أن
التع رف عل ى الف ن ك أداة للبص يرة البش رية م ن ش أنه أن يف تح الطري ق لفھ م الحل ول الخاص ة
بالمشكالت المتعلقة بالوجود البشري السيما أن ه يرس خ التق دم الحض اري ،وي ؤثر ف ي المس تويات
الفردية مجسداً بذلك الوجدان في موضوع أو عمل فني نستطيع تأمله إدراكه.
وترى النجر في ھذا الصدد أن الفن يعد أعظم أداة للتطور بسبب:
الفن يجعل الوجدان واضحاً ،ويعطينا ما ھو موضوعي حيث يمكن تأمله وفھمه. أ.
ب .إن المعرف ة العملي ة والمتش ابھة ألي ف ن تم دداً بأش كال للوج دان ال واقعي ،كم ا تم دنا اللغ ة
بأشكال الخبرة الحسية والمالحظة الواقعية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1342ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
ج .إن الف ن ھ و تربي ة األحاس يس لك ي ت رى الطبيع ة ف ي ص ورة معبّ رة" )النج ر،1984 ،
ص.(40
إن النجر تركز على أن الفن ھو إبداع ألشكال قابلة لإلدراك الحسي ،وھذه األشكال قد ت أتي
أحيان ا ً خيالي ة غي ر ملموس ة ،مم ا يتطل ب م ن المت ذوق ق درة عالي ة عل ى التأم ل واإلدراك ،ويع د
"األساس الذي تبني عليه النجر نظريتھا في الفن ھو التمي ز ب ين اإلش ارة والرم ز ،وب ين الرم وز
االستداللية والرموز التمثيلي ة ..ب ل ت ذھب ف ي التمي ز ب ين أبع د م ن ذل ك ح ين تمي ز ب ين اإلنس ان
والحي وان ،عل ى أس اس أن اإلنس ان حي وان رام ز يبتك ر الرم وز ويس تخدمھا ..فض الً ع ن ذل ك،
نظرتھ ا إل ى اللغ ة بوص فھا رمزي ة اس تداللية ل يس ف ي مق دورھا أن تعب ر ع ن الوج دان والحي اة
الباطنية .على ھذا يكون الفن ھو السبيل الوحيد للتعبير عما ال يمك ن التعبي ر عن ه بواس طة اللغ ة"
)حكيم1986 ،م ،ص.(10
وقد عرضت النجر من خالل كتابھا )الوجدان والص ورة( آرائھ ا ف ي فلس فة الف ن .إذ مي زت
ب ين الرم ز الفن ي والف ن كرم ز معتب رة "أن الرمزي ة الجمالي ة تختل ف ع ن الرمزي ة العام ة ،وان
الرم ز ق د يس تخدم ف ي الف ن دون أن يك ون ھن اك ف ن رم زي ،ف الفن الرم زي ال ذي ھ و ص ورة
للوج دان ل يس رم زا فحس ب ،وإنم ا ي ؤدي أكث ر م ن الوظيف ة الرمزي ة ،الن العم ل الفن ي معب ر
بالطريقة التي تكون بھا القضايا معبرة كصياغة لفكرة أو مفھوم ،فنظرية النج ر ف ي عل م الجم ال
ترتكز في النھاي ة عل ى الرم ز ال ذي يمك ن أن يطب ق عل ى الف ن" )حك يم1986 ،م ،ص11ـ ،(12
وھذا النھج في النقد الفني والذي تتبناه النج ر ،ق د انح در ف ي ج وھره م ن خ الل المثالي ة األلماني ة
عند كل من كانت وشيلنغ وھيجل ،والت ي أث رت ف ي فلس فة كاس يرر الجمالي ة ،لكن ه يمك ن وص ف
كانتية )النجر( بأنھا تنتمي إلى الكانتية الجديدة .
إن النجر قد انطلقت م ن نزع ة ش كلية ذات مض امين فكري ة وجمالي ة ف ي تعاملھ ا م ع الف ن،
وذل ك حينم ا وص فته بأن ه إب داع أش كال قابل ة ل إلدراك الحس ي يمك ن لھ ا التعبي ر ع ن مكنون ات
الوجدان البشري ،وھذا يعود العتقادھا بان الفن ليس محاكاة ،ألن "نظرية المحاكاة تؤك د العالق ة
بين الفن والتجربة اإلنسانية خارج مجال الفن ،فالفن إما أن يكون مرآة للحياة ،وإما أن ينھ ل منھ ا
ويحاول إيضاحھا ،أما النزعة الشكلية فتعارض ذلك تماما .الفن إذن ليس محاكاة للواقع ،وإما ھ و
عالم قائم بذاته .والنجر تؤكد على ذلك م رة وم رات ح ين ت رى أن الف ن يتمي ز بالغيري ة والغراب ة
وانه مكتف بذاته ..ألنه شكل مبدع ،أو رمز مبدع لم يكن له وجود من قبل" )استولنتز1974 ،م،
ص ،(195وما التماثل الذي ينطبع في عقل المتأمل لمضامين الص ورة والموض وع الجم الي ،إال
من خالل ما يفرضه الطابع الجمالي للشكل.
وتتفق رؤية النج ر للطبيع ة الش كلية المرتبط ة بالعم ل الفن ي م ع وجھ ة نظ ر )ش يللر( ال ذي
يرى أن العمل الفني ھو شكل يمكن تأمله وإدراكه ،وتصر النجر على النزعة التشكيلة للف ن ،ألن
ما يدرك منه من قبل المتلقي وما يمكن إبداعه من قب ل الفن ان ھ و الش كل ،وھ ذا الموق ف الجم الي
الذي توصلت إليه النجر ناجم عن دراستھا المتعمقة لش تى أن واع الفن ون كالص ور والس يمفونيات
والرقص وغيرھا ،في محاولة للوقوف على المرتكزات الجمالية لألعمال الفنية.
إن العمل الفني عند النجر رمز مجازي ،وكل إسقاط رمزي ھو تحول ،وھي ت رى "أن ك ل
ما يدرك ف ي الف ن كص ورة معب رة إنم ا ي درك كش كل ،ف االختالف ب ين الص ورة واألش ياء الفعلي ة
اخ تالف وظيف ي ،وال يمك ن المماثل ة ب ين فرداني ة العم ل الفن ي وبع ض العملي ات الحيوي ة أو
العضوية ألن فرداني ة العم ل الفن ي ھ ي واقعي ة ،فم ا ن راه ف ي الف ن ھ و ش يء م ا معط ى للبص ر،
وبذلك ف إن الص ورة تك ون وھم اً ،وعلي ه يك ون الش كل ھ و الش يء ال ذي يب دو ،وال يمك ن وص ف
الصورة المجردة بأنھا أنموذج فني ،أما األش كال فإم ا أن تك ون تجري دات فارغ ة ،أو أنھ ا تح وي
مض موناً ،وألش كال الفني ة معب رة منطقھ ا وذات معن ى خ اص" )حك يم1986 ،م ،ص 16ـ ،(17
لكن األعمال الفنية من وجھة نظر النجر يمكن لھا أن تجرد األبعاد الخاصة بالعالم من حولن ا م ن
خالل عملية تجري د لألص وات واألش كال والحرك ات ،وذل ك حت ى ال ن درك ھ ذه األبع اد بوض وح
تام.
وي رى )بيف ورد( أن فلس فة النج ر الجمالي ة ح ول العم ل الفن ي ق د ج اءت عل ى نظ ريتين
منفصلتين" :األول ى ،ت رى فيھ ا أن العم ل الفن ي ھ و تعبي ر ع ن معرف ة الفن ان الخاص ة بالوج دان
البشري ،ھذا معناه أن المعرفة تسقط ف ي العل م الفن ي ،والعم ل الفن ي ھ و رم ز لھ ذا الوج دان ،أم ا
النظ رة األخ رى ،فھ ي الت ي ت رى فيھ ا النج ر أن األعم ال الفني ة تجع ل األبع اد الخاص ة بالحي اة
مدركة" )حكيم1986 ،م ،ص ،(21ولعل النجر حينما ربطت العمل الفني بمعرفة الفنان الخاصة
بالوجدان ،وحينما تعامل ت م ع العم ل الفن ي عل ى أن ه م درك ،أرادت ف ي واق ع الح ال التميي ز ب ين
عمل الفنان ف ي إنت اج ھ ذه الص ورة المعب رة ،وعم ل المت ذوق ف ي محاولت ه إدراك الص ورة الفني ة
نفسھا بطرق عديدة ومتباينة.
بما أن النجر قد تعاملت م ع الف ن عل ى أن ه رم ز مب دع ،فق د رفض ت التعام ل مع ه عل ى أن ه
محاكاة ،لذلك ال يمكن أن يكون ھناك ترابط بين الفن والبيئة ،فالمحاكاة عندھا ھي "وسيلة إلع ادة
إبداع ھذه األبعاد في الموضوع الذي يجد فيه الفنان المعنى العاطفي" ).(Langer, 1957, p6.
إن الفن عند النجر ال يمكن له أن يكون محاكاة ،لكن يمكن وصفه بأنه واقعي وله وھم أول ي
يمكن أن يتحق ق م ن خالل ه عنص ر اإليھ ام" ،الھ دف م ن اإليھ ام ف ي الف ن ھ و أن يج رد العنص ر
الحسي من الشكل فيبدع رؤية مشاركة ،فال يكون ھناك سوى الش كل ال ذي ھ و موض وع للرؤي ة.
واالختالف بين الفنون يمكن أن يفسر عن طريق ال وھم األول ي ،ال ذي يختل ف م ن ف ن إل ى آخ ر"
) ،(Langer, 1957, p31واختالف الفن عن الطبيعة يؤكد حقيقة أن الف ن ال يمك ن ل ه أن يك ون
تقلي داً أو محاك اة للطبيع ة ،فالفن ان حت ى وإن ارت بط فن ه ب الواقع إنم ا يتج اوز إب داعيا ً ھ ذا الواق ع
ويسمو عليه مبدعا ً بذلك عالما ً آخر.
وتب دي النج ر اعتراض ات أخ رى تتعل ق برفض ھا لنظري ة المحاك اة ،وذل ك حينم ا تتع رض
"إلى التمثيل كما أخذ به أفالطون وأرسطو .حين نظرا إلى العمل الفني كوظيفة اجتماعية ،ت رتبط
بالصورة أو التمثال أو القصيدة أو الدراما ،وظيفة توجيه عقل الم درك إل ى ش يء م ا وراء العم ل
الفني ،وال ذي يطل ق علي ه الموض وع أو الح دث المتمث ل ،وق د يؤخ ذ عل ى أن ه ي دفع الفن ان إلب داع
العم ل الفن ي ،...وت رى النج ر أن اإليق اع الخ اص بالح دث ال درامي ال يجع ل ال دراما محاك اة ،ال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1344ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
ب المعنى الع ادي ،وال حت ى ب المعنى األرس طي ،كم ا أن ه يجع ل منھ ا اعتق اداً ف ي الحي اة العملي ة"
)حكيم1986 ،م ،ص.(27
وكما رفضت النجر القول بأن الفن ھو محاكاة للطبيعة ،فإنھا رفضت أيضا القول بأن الف ن
انفعال وتوضح ذلك بالقول" :عندما أقول أن العمل الفني معب ر ف أي ن وع م ن التعبي ر اقص د؟ أن
كلمة تعبير لھا معنيان ،األول :ھو التعبير عن ال نفس ،والث اني ھ و التعبي ر بمعن ى تمثي ل الفك رة،
واألثر الذي عن طريقه يتم تمثيل الفكرة ھو الرم ز ،والتعبي ر ال ذي ھ و تمثي ل للفك رة يك ون ع ن
طريق الفن ،وعن طريق الصورة المعبرة التي نراھا فيه ،وھ و يتش ابه م ع التعبي ر المنطق ي م ن
حيث أن كال من ھذين التعبيرين تتكون صورته من مجموعة من العناصر تدخل مع بعض ھا ف ي
عالقات ھذه العناصر تعبر منطقيا كما تعبر الصورة المنطقية نفسھا عن مجموع العالقات الكائنة
بين العناصر المختلفة والمتباينة التي تتكون منھا الصورة" ).(Langer, 1953, p82
ونظرا لتشابه العالقات بين الصورة الفنية والصورة المنطقية فإن النجر تربط بينھما،
وبذلك يأخذ التعبير سياقه المنطقي من حيث الشكل والعالقة والترابط ،وليس السياق
السيكولوجي ،ألنه عندئذ سيكون عرضا لما يشعر به الفنان" ،وألن الفن يختلف عن المنطق فإن
للصورة الفنية منطقھا الخاص ومن ناحية أخرى فإن التعبير عن النفس إن ھو إال رد فعل لما ھو
واقع ،أو ھو موقف حاضر ،أو حدث ،بمعنى أن ھذا التعبير يعبر أساسا عن الخبرة الفعلية.
بينما التعبير الرمزي في الفن يمتد بمعرفتنا إلى ما وراء المجال الخاص بالخبرة الواقعية مثل
ھذا النوع من التعبير يختلف تماما عن التعبير عن النفس وقد يسمى التعبير التصوري"
) ،(Langer, 1953, p 240وھناك أنماط من المحسوسات يقابلھا صور من المشاعر ،والفن
ھو نمط من األنماط المعبرة عن الجانب الشعوري الذاتي عند اإلنسان الذي ال يمكن للغة
المنطقية أن تعبر عنه أحيانا.
.3الصورة الفنية وعالقتھا بالوجدان البشري عند النجر
تشترك جميع الفنون بصفة أساسية إذ أنھا تعد أش كاالً معب رة ع ن الوج دان البش ري ،ويكم ن
غرضھا الرؤيوي في فھم جوھر الحياة الخاصة بالوج دان ناقل ة إمكاني ة الش عور بالحي اة ال ذي ق د
يتجس د م ن خ الل الف ن الرم زي ال ذي يحم ل مض امين ت رتبط ب الفكر اإلنس اني وبذائق ة الفن ان
الجمالية.
وبما أن الفن يعبر عن طبيع ة الوج دان البش ري ،فإن ه م ن الض روري أن ن درك طبيع ة ھ ذا
الوجدان المرتبط بالفن ارتباطا ً وثيقاً ،فقد تناولت النجر الوجدان محاول ة تحدي د مفھ وم خ اص ل ه
رغم أنه نمط ديناميكي معق د" ،فف ي الوق ت ال ذي رأى في ه بع ض الفالس فة أن الوج دان ال عقل ي،
رأت النجر أن الوجدان يمكن أن يكون عقليا ً ويص بح ك ذلك ،عن دما يوض ع أو يص بح موض وعيا ً
من خالل الفن .فالفن ھو الذي يوضع الوجدان عندئذ يمكن أن نتأمله ونفھمه وندركه ...والوج دان
كم ا تعرّف ه النج ر ھ و م ا يمك ن أن نش عر ب ه ..ابت داء م ن اإلحس اس الطبيع ي ،األل م ،الراح ة
واالبتھ اج ..إل ى غي ر ذل ك م ن عواط ف معق دة وت وترات عقلي ة" )حك يم1986 ،م ،ص ،(37ف ال
تنفصل أھمية الجانبين الوجداني والعقل ي ع ن بعض ھما ،ولك ن الجان ب الوج داني يب دو ف ي العم ل
الفني ـ من وجھة نظر النجر ـ كصفة مدركة يمكن لھا أن تحقق طابعا ً تعبيريا ً.
ولم تغفل النجر ضمن فلسفتھا الجمالية الحديث عن الصورة الفني ة Artistic Imageالت ي
تعبر في الفن عن الوجدان البشري" ،وإذا كانت الصورة الفنية صوراً معب رة ،ف ذلك ألنھ ا رم وز
تش ير إل ى مع ان ،ال مج رد عالم ات عل ى أش ياء ،أو اس تجابة تلقائي ة لموق ف حاض ر أو لم ؤثر
واقع ي ،ب ل ھ و ش كل رم زي يوس ع م ن دائ رة معرفتن ا ،ويمت د بھ ا إل ى م ا وراء مج ال خبرتن ا
الواقعية أو دائرة تجربتنا الحالية" )إبراھيم1966 ،م ،ص (314متخذاً م ن الص ورة الفني ة وس يلة
للتعبير عن الوجدان البشري ،من خالل تلك األشكال المدركة إدراك ا ً حس ياً ،فالص ورة الفني ة ھ ي
ص ورة حي ة ديناميكي ة وھ ي تختل ف ع ن الص ورة االس تداللية وتتص ف باحتوائھ ا عل ى المعن ى
والتعبير والوضوح.
إن جمال الشكل في الفن يرتبط بجم ال الص ورة ال ذي يرج ع ھ و ب دوره إل ى جم ال التعبي ر،
فالص ورة الفني ة وم ن خ الل وض وحھا وحال ة التعبي ر ل ديھا ،تع زز م ن إمكاني ة انتباھن ا للمعن ى
ومستوى تأثرنا به ،مفسحة بذلك المجال لحالة من االستقالل الخاص التي تحق ق للص ورة إمكاني ة
إدراكھا إدراكا ً شموليا ً مباشراً.
وتميز النج ر ب ين ن وعين م ن الص ور" ،األول ى :الص ور االس تداللية ،وھ ي اس تخدام اللغ ة
استخداما استدالليا والثانية الصورة المعبرة ،وھي الت ي يمك ن لھ ا أن تعب ر ع ن المف اھيم المعق دة،
ف الفن يختل ف ع ن العم ل االس تداللي ف ي نقط ة البداي ة أي الح دس المنطق ي ،ويختلف ان أيض ا ف ي
العمليات العقلية ،وعليه تختلف مشكلة التجريد تماما في كل بعد من ھذه اإلبع اد ،وإدراك الص ور
يكون بالح دس ،ھن اك ف رق ب ين الح دس المنطق ي ب اإلدراك الكل ي للجش طالت" )حك يم1986 ،م،
ص ،(44لذلك تطلق النجر على الصور الفني ة تس مية )الص ور العض وية( ،وھ ي ص ورة معب رة
من خالل حيويتھا ودينامكيتھا ،بينما تصف الصورة االستداللية بأنھا صورة نظامية ال يمك ن لھ ا
أن تعبر عن العمليات الديناميكية المعقدة التي يعبر عنھا الفن من خالل صور متحركة.
إن النجر تتخذ من الحدس وسيلة لإلدراك الصوري ،وھي تنظر إلى الحدس بوصفه النشاط
العقلي األساسي الذي ينتج الفھم المنطقي أو الداللي ،وإذا جمعنا ك ل الوظ ائف الخاص ة بالح دس،
فإننا سنجد أن المعرفة الحدسية ھي جوھريا:
إدراك العالقات في عموميتھا. أ.
ب .إدراك المغزى أو المعنى.
ج .إدراك األشكال ،أو الرؤية التجريبية.
د .إدراك األمثل ة" )النج ر1984 ،م ،ص ،(38فالبع د ال وظيفي للف ن عن د النج ر يكم ن ف ي أن ه
يجس د الوج دان ويعطي ه ش كال ،ومعرف ة ھ ذا الوج دان وكيفي ة اش تغاله تكم ن ف ي اش تغال
الحدس ،الذي يعد الفعل العقلي األساسي الذي تعتمده كل أنواع المعرفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1346ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
إن النج ر ق د وص فت الص ورة الفني ة بأنھ ا ص ورة ديناميكي ة حيوي ة ،وذل ك ألنھ ا تع رض
جوھر الحياة لتبدو بوضوح أنھا محملة بالوجدان معطية االنطب اع بالحيوي ة ،وت رى أن ه "إذا ك ان
الوجدان بطبيعته عمليات حيوية ،فإن أية صورة واضحة له سيكون لھا نفس الشكل الحيوي ،ذلك
الذي ينبع من العمق ...إن الصورة التي يبدعھا العقل ھي عملية حية ،والتح ول األس اس ف ي الف ن
يجيء من الشعور بالنشاط للنوعية المدركة حسياً ،ھذه نوعية الحياة أو ما يطلق عليه الحيوية ف ي
الفن" )حكيم1986 ،م ،ص.(47
وبما أن النجر تعاملت مع العمل الفن ي عل ى ان ه رم ز ،فان ه يمك ن ل ه أن يش ارك م ع بع ض
الكيانات األخرى في التشابه المنطقي كونه يشكل ص ورة رمزي ة ذات مف اھيم داللي ة ال يمك ن لھ ا
أن تدرك إال من خالل عالقتھا بصورة أخرى تتشابه معھا بنائيا ،ويأتي تأكيد النجر عل ى رمزي ة
الفن وذلك الن الرمز يع د األداة الرئيس ة ف ي إب داعات البش ر ،ل ذلك يع د الف ن رم زا مب دعا ،وھ ذا
الموقف يذكرنا بموقف ھيجل من الفن الرمزي ،حينما وصفه بأن ه "إب داع فن ي يرم ي ف ي آن مع ا
إل ى ع رض ذات ه ف ي خصوص يته وإل ى التعبي ر ع ن م دلول الموض وع الممث ل وح ده ،وإن ك ان
يرتبط به ،بحيث أن تلك الوجوه واألشكال تنتصب كأحجيات مطلوب حلھا عن طريق البحث عن
المضمون الحقيقي للموضوع ،عن مدلوله الدقيق والخصوصي" )ھيغل1979 ،م ،ص ،(32وأية
محاول ة لفھ م ھ ذا وتفس ير رم وزه تتطل ب دراس ة وتحلي ل المقوم ات االجتماعي ة والحض ارية،
ومحاولة استيعاب عناصر الثقافة وتفاعلھا مع نسق الرموز السائد في المجتمع اإلنساني.
وترى النج ر أن ه رغ م ص عوبة إب داع الف ن الرم زي ،إال أن "التعبي ر الخ اص ب ه ق د يعط ي
للفنان حرية في اإلبداع ،فلكي نعبر عن كل وجدانه ثم نشكله ،يجب أن يك ون الفن ان ح راً ف ي ك ل
األح وال .إن الوج دان المعب ر عن ه ف ي العم ل الفن ي ل يس ھ و وج دان الفن ان الخ اص ،وإنم ا ھ و
الوجدان البشري ،فالفنان يعبر عما يعرف من حقيقة ھذا الوجدان ،فما يميز العمل الفن ي كص ورة
رمزي ة ،ھ و كون ه ص ورة معب رة ،ولھ ذا ف إن النج ر تعط ي أھمي ة كب رى للتعبيري ة ف ي األعم ال
الفنية ،التي ال بد وأن تعبر من خالل الرموز عن أفكار الفنان ،فالغرض النھ ائي للف ن ھ و تحقي ق
تأثيرات نوعية معينة لھا قيمة تعبيرية" )حكيم1986 ،م ،ص35ـ .(36
إن الفن عند النجر ليس انفعاال أو وصفا ً لالنفعال ،بل ھو تعبير وتصوير لالنفعال مع إنك ار
إمكانية أن يكون العمل الفني مجرد تعبي ر ع ن ذات الفن ان ،فلك ل فن ان طريقت ه ف ي التعبي ر الفن ي
الذي ال يكون تعبيراً عن حاالت وجدانية خاصة بقدر م ا ھ و تعبي ر ع ن الوج دان البش ري" ،ذل ك
ألن الوظيفة األولى للفن إنما ھي إحالة الوجدان إلى حقيقة موضوعية ،بحيث يكون في وس عنا أن
نتأمل ه وندرك ه ،والوج دان ال ذي تقص ده النج ر ھن ا ل يس وج دان الفن ان الخ اص ولك ن الوج دان
البش ري .فالفن ان ال يك ون فنان ا ً بس بب وجدان ه الخاص ة ،ولك ن ع ن طري ق فاعلي ة تعرف ه عل ى
األش كال الرمزي ة للوج دان وميل ه إل ى إس قاط ھ ذه المعرف ة االنفعالي ة ف ي مث ل ھ ذه األش كال
الموضوعية" )حكيم1986 ،م ،ص ،(54فلكل فنان طريقته في فھم الوجدان البشري وفي التعبير
عنه باستخدام الرمز ،حيث يصبح من األھمي ة النظ ر إل ى األعم ال الفني ة وإل ى س ماتھا الخاص ة،
وليس إلى الشخصية التي عبرت عنھ ا ،فل يس م ن الض روري أن تب دو حال ة الفن ان النفس ية وق ت
إبداع العمل الفني في عمله ،وحتى نتوصل إلى اإلدراك الجمالي للعمل الفني ينبغي استكش اف م ا
ھو باطن في العمل ذاته.
.4الحكم الجمالي والنقد الفني عند النجر
تنطل ق النج ر ف ي فلس فتھا الجمالي ة م ن نظ رة موض وعية ،إذ تؤس س حكمھ ا الجم الي عل ى
نزعة شكلية حيث تحكم على العمل الفني من خالل الصفات الكامن ة في ه ،فق د ذھب ت إل ى أن الف ن
صورة معبرة ،وأن الجمال في العمل الفني يتبلور من خالل إمكانات ه التعبيري ة وكلم ا ك ان العم ل
الفني معبراً كان جميالً" ،لھذا ف إن نظ رة النج ر مرتبط ة بالنظري ة الش كلية ،الت ي تعط ي اھتمام ا ً
للشكل وللصورة الفنية ،فضالً عن ذلك فإنھا تبدي اھتماما ً أعظم بالمشاھد ،على اعتبار أن ه وح ده
القادر على إدراك ھذا الشكل وتذوقه .وقد كشفت النظرية الشكلية بالفعل ع ن ق يم عج زت نظري ة
المحاكاة وغيرھا من طرق النقد عن إدراكھا ،ولما كان ت ص حة أي ة نظري ة ف ي الف ن تتوق ف إل ى
حد كبير على فائدتھا في تحليل أعمال خاصة ،فإن النزعة الشكلية التي لھا ف ي ھ ذا الص دد مكان ة
رفيعة" )حكيم1986 ،م ،ص ،(96وبذلك فإن شكل الفن يجب أن يحمل مضمونا ً له قدرة تعبيري ة
ذات معن ى ،فاألش كال الفني ة إم ا أن تك ون أش كال تجري دات فارغ ة ال تحم ل مض مونا ً وال يمك ن
وصفھا بأنھا فن على اإلطالق.
لق د ح ذرت النج ر م ن خط ورة تقي يم الف ن بمق اييس غي ر فني ة ،وطالب ت المت ذوق أو الرائ ي
للعمل الفني أن يؤسس عالقة مباشرة مع المنجز وليس مع الفنان ،وفي ض وء ذل ك ربط ت الحك م
الجمالي بمفھومھا عن الفن الذي لم يخرج عن كونه صورة معبرة ع ن الوج دان البش ري ،فإب داع
العمل الفني من وجھة نظر النجر "يعتمد بالضرورة على رغب ة مبدع ه ف ي أن ينش ئ ھ ذا العم ل
بحيث يكون معبراً عن فكرة الوجدان ،فإذا استطاع ذلك كان عمالً فنيا ً ناجحاً ،وإذا لم يستطع كان
عمالً فاشالً بمعنى أنه لم يستطع التعبير عنه .ذلك آلن فشل الشاعر ،على سبيل المثال ،إنما يكون
فشالً تعبيريا ً" ).(Langer, 1957, p109
وبما أن الحكم الجمالي يأتي نتيج ة إلدراك عقل ي ي رتبط بمب دأ الض رورة ،ف إن النج ر تؤك د
أھمية االھتم ام بالعم ل الفن ي ذات ه عن د الحك م ،وبالت الي ال ب د وأن ي أتي حكمھ ا بالض رورة حكم ا ً
موض وعيا ً الرتك ازه ف ي تقي يم الف ن عل ى الت ذوق الفن ي ،وف ي ض وء تناولھ ا لمفھ وم )الوح دة
العضوية( في الفن الذي انحدر من تنظيرات )كولرودج( ،ذھبت النج ر إل ى أن الوح دة العض وية
تتحق ق عن دما يك ون ك ل عنص ر موج ود ف ي العم ل الفن ي عنص راً ض رورياً ،فالعم ل الفن ي عن د
النج ر عم ل حي وي ل ه كي ان خ اص" ،وم ا يمي ز األعم ال الفني ة عن د النج ر ھ و جمالھ ا المعب ر،
فالشكل الجميل ھو الشكل المعبر لما يكمن في باطنه من وجدان ،فالتعبير يمثل ھذا االتجاه الق وي
في تفسير الفن بوصفه ظ اھرة ذات معن ى ،فالجم ال ل يس متطابق ا ً م ع م ا ھ و ع ادي ،أن ه ص ورة
معبرة ،ويص بح حك م القيم ة ھن ا ھ و التح دث ع ن العم ل الفن ي وح ده ،وك ان الجم ال موج ود ف ي
العمل الجيد ،وغير موجود في األعمال الرديئة ،فالجمال ينبع من االتساق أو االنسجام طبقا ً لمب دأ
الوح دة ف ي التن وع ،ف أجزاء العم ل الفن ي تتض افر إلب راز العم ل حي ث تعم ل عل ى تك وين الش كل
تكوينا ً بنائيا ً" )حكيم1986 ،م ،ص99ـ ،(100لتحقق بذلك المعنى من خالل الصورة الكلية الت ي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1348ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
ھو جوھر كل الفنون البصرية ،وبذلك يصبح التذوق الفني تذوقا ً خالصا ً لالنفعاالت الجمالية الت ي
تحققھا العالقات وتركيبات الخطوط واأللوان ،ويصبح الش كل الفن ي ش كالً معب راً وظيفت ه إعط اء
األشكال تجسيداً جديداً بعد أن يحررھا من تجسيداتھا العادية.
وبما أن الرمزية قد تجسدت ضمن شتى مظاھر النشاط البشري ،فإن ه ال ب د م ن التس ليم ب أن
اإلنسان يتحرك ضمن عالم من المعاني الذي تتوالد في ه األش كال الرمزي ة ،والت ي ي رتبط إدراكھ ا
بم دى فاعلي ة العق ل البش ري ،وھ ذا الط ابع الرم زي ي نعكس ب دوره عل ى تفس ير النج ر للفن ون
الس معية والبص رية وحكمھ ا الجم الي عليھ ا ،ف الفن يبل ور ك ل نش اط اجتم اعي ،وھ و يع د س جال
صادقا لوجدان الناس ووعيھم بصفة عامة .وتبين النجر بعضا ً من ھذه الحقائق:
.1إن األعمال الفنية ،الصورة ،التمثال ،البناء ،القصيدة ،الرواية المسرحية ،أو الموسيقى ،إنم ا
ھي رموز مفردة لمعان عاطفية حيوية ومعقدة.
.2ليس ھناك أي معان اصطالحية متحدة معا ً بحيث تكون ھذا الرمز ،وتبني معناه لمن يدركه.
.3إن اإلدراك الفن ي ،عندئ ذ ،يب دأ دائم ا ً بح دس للمعن ى الكل ي ،ويزي د ھ ذا الح دس ع ن طري ق
التأمل كموضوع تعبيري للصورة التي تصبح ظاھرة.
.4إن المعنى الخاص بالفن الرمزي ال يمكن إعادة صياغته في المقال .وكل التعبيرات الرمزية
تستخدم كصيغة لما يراد التعبير عنه ،وھذا يعني أن التعريف على الشكل ھو الفع ل األس اس
للتجريد ،الذي ھو أحد أھم الوظائف الخاصة بالحدس" )النجر1984 ،م ،ص.(39
لق د رك زت النج ر ف ي دراس اتھا الجمالي ة عل ى الموس يقى إذ تعامل ت معھ ا عل ى أنھ ا لغ ة
رمزي ة ،تجع ل الزم ان مس موعا ً وتجع ل ش كله واس تمراره محسوس اً ،وھ ي تتح رك ف ي مج ال
الديمومة الخالص الذي يختلف عن الوقت المستخدم في الحياة العادية ،وقد حاول ت النج ر تطبي ق
مفھومھا عن الفن ـ بأنه إبداع أشكال معبرة ع ن الوج دان البش ري وقابل ة ل إلدراك الحس ي ـ عل ى
الموس يقى قب ل ك ل الفن ون األخ رى ،ونظ رت إل ى الموس يقى بوص فھا "ف ن ال تمثيل ي حت ى ف ي
نتاجاتھا الكالسيكية ،وذلك ألنھا تقدم لنا شكالً خالصا ً من البناءات النغمية التي ليس لھ ا موض وع
أو مضمون محدد وبالتالي فھي ال تعبر ع ن مش اعر معين ة ،وتص ر النج ر ب أن الموس يقى رم ز،
أنھا فن الصورة الواضحة ،والتي تك ون وظيفتھ ا التعبي ر المنطق ي ،وھ ي ف ن ال اس تداللي ،وھ ي
ليست لغة ،وإنما تعبر عما ال يمك ن أن يعب ر عن ه م ن خ الل الكلم ات ،فھ ي بن اءات نغمي ة تحم ل
تشابھا منطقيا ً محكم ا ً للص ورة الخاص ة بالوج دان البش ري ،كأش كال النم و ،الص راع ،االنح الل،
االنتش ار وغي ر ذل ك" )حك يم1986 ،م ،ص71ـ ،(72فالموس يقى تعب ر ع ن األش كال الحيوي ة
الخاصة بالخبرة تعبيرا منطقيا ،وھذه األشكال ھي أشكال حرة تشبه الوجدان.
إن وصف الموسيقى بأنھا لغة رمزية يأتي من أن لھا طابعھا الرمزي الخاص بھ ا وال ذي ال
يحم ل أي ة دالالت ثابت ة ،مم ا يجعلھ ا أكث ر اللغ ات طالق ة ومرون ة وقابلي ة للتش كل وق درة عل ى
التعبي ر" .إن النج ر تنظ ر إل ى الفن ون عام ة ،والموس يقى خاص ة عل ى أنھ ا ص ياغة لالنفع االت،
فالموس يقى ال تثي ر االنفع االت وھ ي ليس ت ل ذة حس ية س ارة ،لھ ذا ف إن النج ر ت رفض التفس ير
السيكولوجي للموس يقى وأنھ ا تعب ر ع ن ال نفس ،أو أنھ ا تنق ل رس الة معين ة ،لكنھ ا ت رى أن فك رة
التعبير عن النفس قد امتدت في أفكار الفالسفة من روسو إل ى كيركيج ار إل ى كروتش ة وغي رھم،
حيث نجد عندھم االعتقاد بأن الموسيقى تقوم بدور االنفعاالت ،وجوھرھا ھو التعبير عن ال نفس"
)حكيم1986 ،م ،ص.(81
ويمكن وصف الموسيقى بأنھا فن تجريدي ذلك ألنھا ف ن الش كل الخ الص ،وت رى النج ر أن
كل الفنون العظيمة ھي فنون تجريدية ألنھا تعتمد الرمز ،ويكمن التجريد في الموسيقى من خ الل
اعتمادھ ا األنم اط النغمي ة التجريدي ة ذات األش كال الخالص ة ف ي عملي ة التعبي ر ع ن المعن ى،
فالتجري د ف ي الف ن ھ و عام ل مھ م م ن عوام ل اإلدراك والفھ م ،ل ذلك ف إن النج ر "ال ت رى ف ي
الموسيقى مجرد منبه يولد بعض االستجابات الوجدانية ،بل ھي ترى فيھا لغة رمزية ال تخلو م ن
معان أو دالالت .وليس معن ى ھ ذا أن ال ص لة عل ى اإلط الق ب ين ف ن الموس يقى م ن جھ ة ،وب ين
حياتنا الوجدانية من جھة أخرى ،وإنما كل ما ھنالك أن الموسيقى ھي بمثابة التعبير المنطقي ع ن
تلك االستجابات الوجدانية أو عن ھذه الحي اة العاطفي ة" )إب راھيم1966 ،م ،ص ،(321ف ال يمك ن
تجاھل تلك االستجابات الموجودة في الموس يقى ،فللموس يقى الق درة عل ى التعبي ر عم ا يعتم ل ف ي
دواخلنا من توترات ترتبط بحركة الوجود.
إن الموس يقى عن د النج ر ھ ي رم ز ال يخل و م ن مع ان أو دالالت منطقي ة ،ل ذلك رفض ت
التسليم بأنھا لغة لكونھا تشكل ضربا من المعرفة غير اللفظية ،وقد رفضت التفسيرات الت ي ت رى
في الموسيقى أنھا ص ورة م ن ص ور اإلحس اس المف رح ،أو أنھ ا مظھ ر م ن مظ اھر التعبي ر ع ن
النفس" ،إن الموسيقى عند النجر تقدم انفعاالت أصيلة ،فيكفي الفنان أن يتمثل التجربة في خاطره
ويعانيھا في وجدانه ال أن يعيشھا ،فالموسيقى قد ال تشير إلى الوجدان فقط ،وإنم ا يوض ح طبيعت ه
المعق دة الت ي ال يمك ن للغ ة توض يحھا ،وب ذلك ف إن الموس يقى تع د تمث يالً رمزي ا ً للحي اة االنفعالي ة
الخاصة بالكائنات البشرية ،مفسحة عن حقيقة حياة الوجدان التي تتكشف من خالل فك رة المس افة
الطبيعية التي تصفھا النجر بأنھا الخبرة الخاصة بالفھم من خالل الرم ز لم ا ل م يك ن واض حا ً م ن
قبل" )حكيم1986 ،م ،ص ،(81فالموسيقى تعبر عن حياة باطنية معقدة وديناميكية من خالل لغ ة
تعبيرية تقوم على التجريد والرمز ،مما يھيئ لھا ك ل أس باب االس تقالل وبالت الي التأس يس الفعل ي
لحالة االختالف في التذوق.
إن آلية تذوق الموسيقى تحقق لكل متذوق إمكانية خاصة في ملء الصورة بالمض مون ال ذي
يتفق مع ثقافته وميوله الوجداني ة " ولم ا كان ت أش كال الوج دان البش ري أكث ر توافق ا م ع األش كال
الموس يقية منھ ا م ع األش كال اللغوي ة ،فل يس ب دعا أن ت تمكن الموس يقى م ن الكش ف ع ن طبيع ة
مشاعرنا بتفصيل وصدق ال عھد لنا بھما في اللغة العادي ة ،ول يس ب دعا أيض ا أن ي نجح كثي ر م ن
الموسيقيين في تعريفنا بأغوار النفس البشرية" ).(Langer, 1958, p198
إن العالقة الداخلية بين الفنون تبدو مختلفة ،وذلك ألن الوھم األولي لف ن م ا ق د يص بح وھم ا ً
ثانويا ً في فن آخر ،وھو يستند ف ي ذل ك عل ى طبيع ة الوظيف ة اإلدراكي ة لألعم ال الفني ة" ،وجمي ع
الفنون التشكيلية تبدع فراغا ً بصرياً ،وھذا الفراغ يختلف تماما ً عن الفراغ الذي نعيش فيه ونعرفه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1350ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
عن طريق النظر واللمس .الفراغ ف ي الفن ون التش كيلية ،م ن ناحي ة أخ رى ،ف راغ مرئ ي خ الص،
كما أن ھناك أنماط عديدة من الفراغ الواقعي ،وھذا ما يميز الفنون التش كيلية بعض ھا ع ن بع ض.
ويصبح الھدف من التصوير ھو أن يجع ل الف راغ مرئي ا ً واس تمراره محسوس اً ،بينم ا يق دم لن ا ف ن
النحت صورة للفراغ المحيط بن ا وبأجس امنا الطبيعي ة" )حك يم1986 ،م ،ص ،(20لتخل ق الفن ون
على اختالف أنواعھا توتراً تفرضه طبيعة البناءات الديناميكي ة ،وھ ذا الت وتر يتش ابه ف ي ج وھره
مع التوتر الموجود في الطبيعة" ،إن الف ن التش كيلي ،مثل ه مث ل األعم ال الفني ة األخ رى ،يع رض
العالق ة الداخلي ة لم ا يطل ق علي ه الت وترات Tensionsأي العالق ات الخاص ة بالكت ل ،األبع اد،
واتجاھات الخطوط ،ھذه العناصر تساھم في صنع توترات فراغية" )حكيم1986 ،م ،ص.(38
لق د فص لت النج ر الف ن ع ن الحي اة ووض عت ل ه حيات ه الخاص ة" ،فم ثالً رفض ت أن تجع ل
الدراما تمثيالً للحياة ورفضت أن تقيس الفن بمقياسھا .فالخط أ التراجي دي ال ذي يق ع في ه البط ل ال
يقدم ألغراض أخالقية وإنما ألغراض بنائية ،وال نقص ال ذي يق ع في ه البط ل ل يس س وى عنص راً
فني اً ،فھ ذا ھ و الس بب ال ذي م ن أجل ه يعم ل ف ي انس ياب بمف رده ،إذ المنب ع الحقيق ي للمتع ة ف ي
التراجيديا اليونانية ينبع من إدراك الصور المبدعة والمعب رة كك ل ،وال ذي يحق ق إمكاني ة الكش ف
أو رؤية المعنى الكلي للعالم ،فعدد قليل من الن اس ي دركون لم اذا تك ون التراجي ديا منبع ا ً لإلش باع
العميق ،وذلك ألنھم يرون البطل وھو يقوم بدورھم على مسرح الحياة" )حك يم1986 ،م ،ص89
ـ .(90
وفي ضوء ذلك فإن مبادئ الحي اة ت ؤثر ف ي مب ادئ الف ن عن د النج ر ،وأن ھن اك تش ابھا ً ب ين
المبادئ المؤسسة للصورة في األشكال الخاصة ب الفن ،وھ ذا ال يعن ي أن الف ن والحي اة متش ابھان،
وأن الفن محاكاة وتقليد للواقع ،فالعم ل الفن ي ل ه اس تقالله وواقعيت ه الخاص ة المختلف ة ع ن نوعي ة
الحياة الفعلية ،إن الفن حينما يبدع صوراً حية ديناميكية ،إنما يتخذ من فن الحركة مرتكزاً أساس يا ً
كون ه يمك ن إدراك ه إدراك ا ً حس ياً ،ويع د ف ن ال رقص أوض ح مث ال عل ى ذل ك" ،ف الرقص ھ و ف ن
الصورة المتحركة ذلك ألن الرقص كفن ليس مجرد أشياء معطاة مث ل المك ان ،الجاذبي ة ،الجس م،
القابلية للحركة ،القوة الفردية ،بل ھناك عوام ل أخ رى مس اعدة مث ل :الض وء ،الص وت ،غي ر أن
ھذا كله يختفي ،وما يجعل فن الرقص أكثر كماالً ،ھي تلك األشياء التي نراھا ،فالرقص ليس ھ و
األشياء المعطاة فعالً ،وإنما المدركة فنيا ً .فالرقص إنم ا ھ و ص ورة قابل ة ل إلدراك الحس ي وتعب ر
عن الوجدان البشري ،فاإليقاعات والترابطات تعبر معا ً عن تعقيد وثراء الحياة الباطنية لإلنس ان،
إنھا تيار الخبرة المباشرة ،إنھا الحياة كم ا يش عر بھ ا األحي اء" )حك يم1986 ،م ،ص ،(48وب ذلك
فإن الرقص يعد تجسيداً لخصائص داخلية وذاتية لكنھ ا جمعي ة ف ي الوق ت نفس ه ،حي ث يعب ر ع ن
مفاھيم وأفكار تتجاوز قدرة الفرد على التعبير عنھا بوسائل فكرية عقلية.
إن ال رقص ال درامي يع د ب ذلك تجس يداً أو خلق ا ً للواق ع بفعاليت ه وديمومت ه ذاتھ ا الت ي تح دث
بشكل ملموس ،وھو إذ يمسرح الواقع إنما يعمل على تعميق قراءته وتفعيل الوعي ،لتقديم صورة
جمالية ،حيث يقدم المعنى أو ينتجه في وعي المشاھد عبر سلسلة من الحركات المتحول ة الت ي ق د
تب دو أحيان ا ذات ط ابع غرائب ي ،وت رى النج ر أن ال رقص ال درامي ھ و "حرك ة أو نس ق حرك ي
فصل نفسه عن الحركة في عمومھ ا بحك م تكوين ه ،إذ يكتس ب ھويت ه الفني ة داخ ل س ياق الع رض
ليتميز بذلك عن الحركة العادية" )كاي1999 ،م ،ص ،(137فمن خالل الحركات المعبرة يحمل
الرقص الدرامي دالالت تساعد على احتواء تاريخ اإلنس انية ،ب ل يص بح طاق ة معب رة ع ن فلس فة
حياتية يتالزم فيھا المظھر الخارجي مع المضمون ،وبذلك فإن النجر تتعامل مع الرقص بوص فه
تعبيراً عن موضوعات معرفية خاصة بأبناء الجنس البشري ترتبط بوجدانھم ،وھذا التعبي ر يأخ ذ
أبعاده النفسية الممثلة للفكرة.
لقد أرادت النجر من خالل نزعتھا الشكلية أن تثبت رؤيتھ ا الفلس فية وحكمھ ا الجم الي عل ى
الفن ،ولكن ھذه النزعة تعرضت إلى آراء نقدية متفاوتة في مستوياتھا بين جوانب سلبية وإيجابي ة
على حد سواء ،وتكمن مزاياھا اإليجابية في أنھا قد جعلت م ن الف ن عالم ا ً قائم ا ً بذات ه ،مم ا جع ل
أصحابھا يبدعون ما ھو أعظم من الحياة ذاتھا ،ويؤكد )اس تولنتز( "أن النزع ة الش كلية ق د ھ دفت
إل ى تربي ة ال ذوق الفن ي ،لك ن قص ورھا يكم ن ف ي تعريفھ ا للف ن بأن ه ش كل ،فض الً ع ن ذل ك ف إن
الشكل المعبر و)االنفعالي الجمالي( يتركان دون تحليل ،وال تق دم مع ايير لالھت داء إليھ ا تجريبي اً،
فھذه النظرية ال تقدم لنا معاني محددة لما ھو جيد أو رديء في الفنون ،فال يوج د معي ار ج وھري
يمكن تطبيقه على الفنون جميعھا" )استولنتز1974 ،م ،ص ،(197ومن المالحظ أن فلسفة النجر
قد أكدت على القيمة الحضارية للفن ،وعلى ض رورة تربي ة الوج دان لتنظ يم جوان ب حي اة الف رد،
لذلك فقد ركزت فلسفتھا الجمالية عل ى إظھ ار العالق ة الوثيق ة ب ين الش كل والوج دان ،ول م تتوق ف
مھمة الفن عندھا على التعبير عن ذات اإلنس ان وبع ض المش اعر المعين ة الت ي عاناھ ا ف ي حيات ه
الوجدانية الخاصة ،وإنما امتدت نحو التعبير عن بعض المع اني العميق ة بطريق ة رمزي ة ال يمك ن
أن تحققھا أية وسيلة أخرى من وسائل التعبير.
نتائج البحث
أسفر البحث عن عدد من النتائج ھي:
.1ركزت فلسفة األشكال الرمزية عند كاسيرر على الوظيفة التي تؤديھا األشكال ،بما فيھا
األشكال الفنية ،ومما يميز الرمز عند كاسيرر ھو أنه يخلق ارتباطات معينة بين اإلشارات
الحسية والمعاني ،وفي ضوء ذلك رأت النجر أن الفن رمز والعمل الفني صورة رمزية،
فالفن ھو إبداع أشكال قابلة لإلدراك الحسي لتعبر بذلك عن الوجدان البشري أو الحياة
الباطنية من خالل إمكاناتھا الرمزية.
.2اقترح كاسيرر دراسة الرموز دراسة تكوينية لمختلف األشكال الرمزية ،أو دراسة اللغة
والفن واألسطورة والعلم بحسب تطورھا التاريخي ،وذلك ألن الرمز يعد بمثابة الطاقة
الفكرية التي بواسطتھا يصبح مضمون معين من الدالالت الفكرية ،مرتبطا بعالمات حسية
وواقعية متطابقة ،بينما اعتقدت النجر أن كل الفنون تقوم على إبداع أشكال تعبيرية ،ومع
أن اإلنسان قد يحاول أن يعبر عن أفكاره بأحسن صورة ممكنة إال أن إعطاء القيمة
التعبيرية ألية فكرة يختلف تماما عن إعطاء التعبير للوجدان ،فالغرض النھائي للفن ھو
تحقيق تأثيرات نوعية معينة لھا قدرة على التعبير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
1352ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ "......
.3تح دث كاس يرر ع ن الرم وز الس يموطيقية ف ي فلس فة األش كال الرمزي ة ،ورف ض النظ رة
التقليدية التي كانت ترى بأن الفن صورة طبق األصل عن الواق ع الخ ارجي ،وذھ ب إل ى أن
النش اط الفن ي يق وم عل ى تمثي ل الواق ع ف ي ص ورة مرك زة ،وأن ه ال يمك ن الفص ل ب ين ش كل
العم ل ومض مونه ،وإذا كان ت التجرب ة الجمالي ة عن د ك ل م ن كاس يرر والنج ر ق د اقتض ت
ال دخول ف ي المنح ى ال ديناميكي والحرك ي لإلش كال بوص فھا مص درا للمتع ة النظري ة ،ف إن
األس اس ال ذي بن ت علي ه النج ر نظريتھ ا ف ي الف ن ھ و التميي ز ب ين اإلش ارة والرم ز ،وب ين
الرموز االستداللية والرموز التمثيلية.
.4حدد كاسيرر مفھوم الف ن بأن ه إب داع أش كال رمزي ة تأخ ذ وظيفتھ ا ف ي التعبي ر ع ن الوج دان
البشري وأن عالم اإلنسان قد يتحدد بطريقة جوھرية من خالل تلك األشكال ،ونتيجة لتأثرھا
بآراء كاسيرر فقد فسرت النجر الفن تفسيراً رمزيا ً.
.5انطلقت النجر في تعاملھ ا م ع الف ن م ن نزع ة ش كلية ذات مض امين فكري ة وجمالي ة ،وذل ك
حينم ا وص فته بأن ه إب داع أش كال قابل ة ل إلدراك الحس ي يمك ن لھ ا التعبي ر ع ن مكنون ات
الوجدان البش ري ،ألن م ا ي درك من ه م ن قب ل الرائ ي وم ا يمك ن إبداع ه م ن قب ل الفن ان ھ و
الشكل ،وھذا الشكل قد يأتي أحيانا ً خيالي غير ملموس ،مما يتطلب من المت ذوق ق درة عالي ة
على التأمل واإلدراك.
.6رفض ت النج ر الق ول ب أن الف ن ھ و محاك اة للطبيع ة ،ورفض ت أيض ا التعام ل مع ه بوص فه
انفعال ،بل ھو تعبير وتصوير لالنفعال ،ورأت أنه يعبر عن طبيعة الوج دان البش ري ،وم ن
الض روري أن ن درك طبيع ة ھ ذا الوج دان الم رتبط ب الفن ارتباط ا ً وثيق اً ،وف ي الوق ت ال ذي
رأى فيه بعض الفالسفة أن الوجدان ال عقلي ،رأت النجر أن الوجدان يمكن أن يك ون عقلي ا ً
ويصبح كذلك ،عندما يوضع أو يصبح موضوعيا ً من خالل الفن.
.7الصورة الفنية عند النجر صورة ديناميكية حيوي ة ،ألنھ ا رم وز تش ير إل ى مع ان ،ال مج رد
عالمات على أشياء ،أو استجابة تلقائية لموقف حاض ر أو لم ؤثر واقع ي ،م ن خ الل الت أثير
ال ذي تخلق ه األش كال المدرك ة إدراك ا ً حس ياً ،وتتخ ذ النج ر م ن الح دس وس يلة ل إلدراك
الصوري ،وھي تنظر إلى الحدس بوصفه النشاط العقلي األساسي الذي ين تج الفھ م المنطق ي
أو الداللي.
.8تكمن وظيفة الفن عند النجر في أنه يجسد الوجدان أو يموضعه ويعطيه شكال ،ومعرف ة ھ ذا
الوجدان وكيفي ة اش تغاله تكم ن ف ي اش تغال الح دس ،ال ذي يع د الفع ل العقل ي األساس ي ال ذي
تعتمده كل أنواع المعرف ة ،وق د أك دت النج ر عل ى رمزي ة الف ن وذل ك ألن الرم ز يع د األداة
الرئيسة في إبداعات البشر ،ولم تفصل بين الفن والحياة ،إذ ترى أن مب ادئ الحي اة ت ؤثر ف ي
مبادئ الفن ،وأن ھناك تشابھا ً بين المبادئ المؤسسة للصورة في األشكال الخاصة بالفن.
.9يقوم الحكم الجم الي عن د النج ر عل ى نزع ة ش كلية ،حي ث ي تم الحك م عل ى العم ل الفن ي م ن
خالل الصفات الكامنة فيه ،وفي ضوء ذل ك ح ذرت النج ر م ن خط ورة تقي يم الف ن بمق اييس
غي ر فني ة ،وطالب ت المت ذوق أو الرائ ي للعم ل الفن ي أن يؤس س عالق ة مباش رة م ع المنج ز
وليس مع الفن ان ،وق د أنك رت إمكاني ة أن يك ون العم ل الفن ي مج رد تعبي ر ع ن ذات الفن ان،
فلكل فنان طريقته في التعبير الفني الذي ال يكون تعبيراً عن حاالت وجدانية خاصة بقدر م ا
ھو تعبير عن الوجدان البشري.
.10انعك س الط ابع الرم زي عل ى تفس ير النج ر للفن ون الس معية والبص رية وحكمھ ا الجم الي
عليھا ،فالفن يبلور كل نشاط اجتماعي ،وھو يعد سجال صادقا لوجدان الناس ووعيھم بص فة
عامة ،وقد طبقت النجر مفھومھا عن الفن من خالل:
ف ن الموس يقى :اھتم ت النج ر بالموس يقى قب ل ك ل الفن ون األخ رى ألنھ ا تعب ر ع ن أ.
األش كال الحيوي ة الخاص ة ب الخبرة تعبي را منطقي ا ،فھ ي لغ ة رمزي ة تجع ل الزم ان
مسموعا ً وتجعل شكله واستمراره محسوساً ،وھي تتحرك في مجال الديمومة الخ الص
الذي يختلف عن الوقت المستخدم في الحياة العادية.
ب .الفن التشكيلي :رأت النجر أن الرسم يبين شكل األش ياء مرئي ا ،وإعط اء ش كل لعاطف ة
م ن عواطفن ا يحولھ ا إل ى حال ة ح رة ونش طة ،وتتح ول ق وة العاطف ة ذاتھ ا إل ى ق وة
تشكيلية ،وجميع الفنون التشكيلية تب دع فراغ ا ً بص ريا ً مرئي ا ،وھن اك أنم اط عدي دة م ن
الفراغ الواقعي ،وھذا ما يميز الفنون التشكيلية بعضھا عن بعض .ويص بح الھ دف م ن
التص وير ھ و أن يجع ل الف راغ مرئي ا ً واس تمراره محسوس اً ،بينم ا يق دم لن ا ف ن النح ت
ص ورة للف راغ المح يط بن ا وبأجس امنا الطبيعي ة لتخل ق الفن ون عل ى اخ تالف أنواعھ ا
توتراً يشابه التوتر الموجود في الطبيعة.
ج .الفن الدرامي :رأت النجر أن الفن الدرامي يعك س اإلش كال العميق ة لحياتن ا النفس ية أو
الباطني ة ،ورفض ت أن تك ون ال دراما تمث يالً للحي اة ،فالخط أ التراجي دي ال ذي يق ع في ه
البطل ال يقدم ألغراض أخالقية وإنما ألغ راض بنائي ة ،وال نقص ال ذي يق ع في ه البط ل
ليس سوى عنصراً فنياً ،والمنبع الحقيقي للمتعة في التراجيديا اليونانية ينب ع م ن إدراك
الص ور المبدع ة والمعب رة كك ل الدراك المعن ى الكل ي للع الم ،ك ذلك نظ رت النج ر
للرقص الدرامي بوصفه حركة أو نس ق حرك ي فص ل نفس ه ع ن الحرك ة ف ي عمومھ ا
بحك م تكوين ه ،إذ اكتس ب ھويت ه الفني ة داخ ل س ياق الع رض ليتمي ز ب ذلك ع ن الحرك ة
العادي ة ،وق د ش كل تعبي راً ع ن موض وعات معرفي ة خاص ة بأبن اء الج نس البش ري
ارتبطت بوجدانھم ،وھذا التعبير أخذ أبعاده النفسية الممثلة للفكرة.
)References (Arabic & English
− Alshibani, Abed Alkader Faheem. (2008). General Semotics-
Concepts and Principals, Algeirs, Seedi Belabas.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 2016 ،(7)30
"...... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "فلسفة األشكال الرمزية وعالقتھا بـ1354